2293 - وعن ثوبان: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صلى على جنازة فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان، القيراط مثل أحد» رواه أحمد ومسلم (1) .
2294 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها واتبعها حتى تدفن كان له قيراطان من أجر، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع كان له من الأجر قيراط مثل أحد» رواه مسلم وقد تقدم (2) نحوه من حديثه في باب فضل الصلاة على الميت وفي الباب أحاديث.
[4/35] باب حمل الجنازة والسير بها والرفق بها
2295 - عن ابن مسعود قال: «من اتبع جنازة فيحمل بجوانب السرير كلها فإنه من السنة ثم إن شاء فليتطوع وإن شاء فليدع» رواه ابن ماجه وأبو داود الطيالسي والبيهقي (3) بإسناد ضعيف قال في "التلخيص": من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: الدارقطني في العلل: اختلف في إسناده على منصور بن المعتمر.
2296 - وفي الباب عن أبي الدرداء رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (4) .
2297 - وفي العلل (5) لابن الجوزي مرفوعًا عن ثوبان وأنس وإسنادهما
_________
(1) مسلم (2/654) (946) ، أحمد (5/276، 283، 284) .
(2) تقدم برقم (2242) .
(3) ابن ماجه (1/474) (1478) ، أبو داود الطيالسي (1/44) ، البيهقي (4/19) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (9/320) .
(4) ابن أبي شيبة (2/481) .
(5) رقم (1499) من حديث أنس، وليس في المطبوع حديث ثوبان، وعزاه إليه الحافظ في "التلخيص".(2/740)
ضعيفان.
2298 - وحديث أنس أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1) مرفوعًا بلفظ: «من حمل جوانب السرير الأربع كفَّر الله عنه أربعين كبيرة» انتهى كلام "التلخيص".
2299 - وأخرج الترمذي (2) عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من تبع جنازة وحملها ثلاث مرار فقد قضي ما عليه من حقها» وقال الترمذي: هذا حديث غريب، ورواه بعضهم بهذا الإسناد ولم يرفعه.
2300 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كسر عظم ميت ككسره حيًا» رواه أحمد وأبو داود (3) بإسناد على شرط مسلم.
2301 - ولابن ماجه (4) مرفوعًا عن أم سلمة: «كسر عظيم الميت ككسر عظم الحي في الإثم» وإسناده حسن، قال في "الخلاصة": وصححه ابن حبان.
[4/36] باب ما جاء في الإسراع بها من غير رَمَل
2302 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أسرعوا بالجنازة فإن كانت صالحة قربتوها إلى الخير وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم» رواه
_________
(1) الطبراني في "الأوسط" (6/99-100) .
(2) الترمذي (3/359) (1041) .
(3) أحمد (6/58، 100، 105، 168، 200، 264) ، أبو داود (3/212) (3207) ، وهو عند ابن ماجه (1/516) (1616) ، ومالك (1/238) (563) ، وابن حبان (7/437-438) (3167) .
(4) ابن ماجه (1/516) (1617) .(2/741)
الجماعة (1) .
2303 - وعن أبي موسى قال: «مرت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنازة تمخض مخض الزق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: القصد» رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي (2) وفي إسناده ضعف.
2304 - وعن أبي بكرة قال: «لقد رأيتنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنا لنكاد نرمل بالجنازة رملًا» رواه أحمد والنسائي وأبو داود والحاكم (3) .
2305 - وعن ابن مسعود قال: «سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المشي خلف الجنازة قال: ما دون الخَبَب فإن كان خيرًا يعجل إليه وإن كان غير ذلك فبعدًا لأهل النار، الجنازة متبوعة ولا تتبع ليس معها من يقدمها» رواه أبو داود وضعفه والترمذي (4) . ورواه ابن ماجه (5) مختصرًا مقتصرًا على قوله «الجنازة متبوعة» وضعّفه البخاري، وابن عدي والترمذي والنسائي والبيهقي وغيرهم وفي رواية الترمذي: «وإن كان شرًا فلا يبعد إلا أهل النار» .
_________
(1) البخاري (1/442) (1252) ، مسلم (2/651) (944) ، أبو داود (3/205) (3181) ، النسائي (4/41، 42) ، الترمذي (3/335) (1015) ، ابن ماجه (1/474) (1477) ، أحمد (2/240، 280، 488) .
(2) أحمد (4/403، 406) ، ابن ماجه (1/474) (1479) ، البيهقي (4/22) .
(3) أحمد (5/26) ، النسائي (4/42، 43) ، أبو داود (3/205) (3182) , الحاكم (3/503) .
(4) أبو داود (3/206) (3184) ، الترمذي (3/332) (1011) ، وهو عند أحمد (1/394، 415، 419، 432) .
(5) ابن ماجه (1/476) (1484) .(2/742)
2306 - وعن محمود بن لَبِيد عن رافع قال: «أسرع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تقطعت نعالنا يوم مات سعد بن معاذ» أخرجه البخاري في "تاريخه" (1) .
2307 - وعن ابن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره» أخرجه الطبراني بإسناد حسن وقد تقدم (2) في باب المبادرة إلى تجهيز الميت.
2308 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني وإن كانت غير ذلك قالت: يا ويلها! أين تذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الثقلين -أو قال الإنسان- ولو سمع الإنسان لصعق» أخرجه البخاري والنسائي (3) .
[4/37] باب المشي أمام الجنازة وبعدها والركوب معها
2309 - عن ابن عمر: «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة» رواه الخمسة والدارقطني، وابن حبان وصححه (4) ، وصححه ابن المنذر وابن حزم وأعله النسائي وطائفة بالإرسال ورجح البيهقي الموصول.
_________
(1) التاريخ "الكبير" (7/402) .
(2) تقدم برقم (2150) .
(3) البخاري (1/442، 443، 464) (1251، 1253، 1314) ، النسائي (4/41) ، وهو عند أحمد (3/41، 58) .
(4) أبو داود (3/205) (3179) ، النسائي (4/56) ، الترمذي (3/329، 330) (1007، 1008، 1009) ، ابن ماجه (1/475) (1482) ، أحمد (2/8، 122) ، الدارقطني (2/70) ، ابن حبان (7/317) (3045) .(2/743)
2310 - وعن جابر بن سَمُرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتبع جنازة ابن الدَحْداح ماشيًا ورجع على فرس» رواه الترمذي (1) ، وقال: حسن صحيح، وفي رواية لأحمد ومسلم والنسائي (2) : «أتي بفرس معرور فركبه حين انصرفنا من جنازة ابن الدحداح ونحن نمشي حوله» .
2311 - وعن المغيرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الراكب يمشي خلف الجنازة والماشي كيف شاء منها، والطفل يصلى عليه» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد والنسائي، وفي رواية لأبي داود: «والماشي يمشي خلفها وأمامها وعن يمينها ويسارها، وقريبًا منها» وصححه ابن حبان والحاكم وقد تقدم (3) في الصلاة على السقط.
2312 - وعن ثوبان قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة فرأى ناسًا ركبانًا فقال: ألا تستحيون؟! إن ملائكة الله على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب» رواه الترمذي وابن ماجه (4) بإسناد ضعيف، وقال الترمذي: حديث ثوبان قد روي عنه موقوفًا. قال محمد: الموقوف أصح، انتهى.
2313 - وعنه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بدابة وهو مع الجنازة فأبى أن يركب فلما انصرف أتي بدابة فركب فقلت له: فقال: إن الملائكة كانت تمشي فلم
_________
(1) الترمذي (3/334) (1014) .
(2) أحمد (5/90، 102) ، مسلم (2/664) (965) ، النسائي (4/85) ، وهو عند أبي داود (3/205) (3178) ، وابن حبان (16/112) (7158) .
(3) تقدم برقم (2216) .
(4) الترمذي (3/333) (1012) ، ابن ماجه (1/475) (1480) ، وهو عند الحاكم (1/508) .(2/744)
أكن لأركب وهم يمشون، فلما ذهبوا ركبت» رواه أبو داود (1) وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح. و «الدحداح» بدالين مهملتين وحاءين مهملتين و «مُعْرَوْر» بضم الميم وفتح الراء أي: عُرْيان.
[4/38] باب نهي النساء عن اتباع الجنائز
وما يكره معها من الصوت والنار
2314 - عن أم عطية قالت: «نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود (2) .
2315 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «قبرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميتًا فلما فرغنا انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانصرفنا معه، فإذا نحن بامرأة مقبلة فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أخرجك يا فاطمة من بيتك؟ قالت: أتيت يا رسول الله أهل هذا البيت فرحمت إليهم ميتهم وعزيتهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لعلك بلغت معهم الكُدَى، فقالت: معاذ الله! وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر، فقال: لو بلغت معهم الكُدَى فذكر تشديدًا في ذلك قال: فسألت ربيعة بن سيف عن الكُدَى فقال: القبور فيما أحسب» أخرجه أبو داود والنسائي (3) ، قال المنذري في "الترغيب والترهيب": ربيعة هذا من أهل مصر فيه مقال لا يقدح في حسن الإسناد، وضعّفه
_________
(1) أبو داود (3/204) (3177) .
(2) البخاري (1/429) (1219) ، مسلم (2/646) (938) ، أبو داود (3/202) (3167) ، وهو عند ابن ماجه (1/502) (1577) ، وأحمد (6/408) .
(3) أبو داود (3/192) (3123) ، النسائي (4/27) ، وهو عند أحمد (2/168، 223) وابن حبان (7/450-451) (3177) ، والحاكم (1/529) .(2/745)
بربيعة صاحب "العواصم" وقال فيه: حديث منكر تفرد به ربيعة، قال البخاري وأبن يونس: عنده مناكير، وضعفه الحافظ عبد الحق الأزدي عندما روى له هذا الحديث، وقال: ابن حبان لا يتابع ربيعة على هذا، ولم يخرج له أحد من أهل الصحيح وأما النسائي والدارقطني فجعلاه حسن الحديث، قلت: حسن الحديث هو الذي لا يحتمل التفرد بالمنكرات، وإنما أراد في غير هذا الحديث، فأما في هذا فقد خالف ما تواتر في أحاديث الشفاعة في خروج الموحدين، وخالف الحديث الصحيح: «نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا» متفق على صحته انتهى. من "العواصم" فتضعيف صاحب العواصم. لهذا الحديث لأجل ما فيه من التشديد، وهو قوله: «لو بلغتها ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك» وأما كونه دالًا لنهي النساء عن اتباع الجنائز فهو شاهد لما في الباب.
2316 - وعن ابن عمر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تتبع جنازة معها رانّة» رواه أحمد وابن ماجه (1) بإسناد فيه أبو يحيى القتّات وفيه مقال.
2317 - وعن أبي بردة قال: «أوصى أبو موسى حين حضرته الوفاة: فلا تتبعوني بمجمر قالوا: أو سمعت فيه شيئًا؟ قال: نعم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه ابن ماجه (2) بإسناد فيه مجهول.
2318 - وعن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تتبعوا الجنازة
_________
(1) أحمد (2/92) ، ابن ماجه (1/504) (1583) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (12/402) ، والبيهقي (4/64) .
(2) ابن ماجه (1/477) (1487) .(2/746)
بصوت ولا نار» أخرجه أبو داود (1) وفي إسناده رجلان مجهولان.
قوله: «رانّة» بالراء المهملة بعد الألف نون مشددة هي المصوتة، و «المجمر» كمنبر الذي يوضع فيه الجمر.
[4/39] باب ما جاء في التابع للجنازة لا يقعد حتى توضع
2319 - عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها، فمن اتبعها فلا يجلس حتى توضع» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (2) ولفظ أبي داود: «إذا اتبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع» قال: روى هذا الحديث الثوري عن سهيل عن أبي هريرة قال فيه: «حتى توضع في الأرض» ورواه أبو معاوية عن سهيل: «حتى توضع في اللحد» قال أبو داود: وسفيان أحفظ من أبي معاوية، انتهى.
2320 - وقد ورد ما يخالف ذلك عن عبادة بن الصامت قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اتبع جنازة لم يقعد حتى توضع في اللحد، فعرض له حبر من اليهود فقال له: إنا هكذا نصنع يا محمد! قال: فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خالفوهم واجلسوا» أخرجه أبو داود والترمذي (3) وقال: غريب وفي إسناده بشر بن رافع وليس بالقوي، وقال البزار: لين. وهذا الحديث لا يصلح لمعارضة ما قبله.
_________
(1) أبو داود (3/203) (3171) ، وهو عند أحمد (2/528) .
(2) البخاري (1/441) (1248) ، مسلم (2/660) (959) ، أبو داود (3/203) (3173) ، النسائي (4/44) ، الترمذي (3/360) (1043) ، أحمد (3/25، 41) .
(3) أبو داود (3/204) (3176) ، الترمذي (3/340) (1020) ، وهو عند ابن ماجه (1/493) (1545) .(2/747)
[4/40] باب ما جاء في القيام للجنازة إذا مرت ونسخه
2321 - عن ابن عمر عن عامر بن ربيعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع» رواه الجماعة (1) ، وفي رواية لها (2) : «إذا رأى أحدكم جنازة، فإن لم يكن ماشيًا معها فليقم حتى يخلفها أو تخلفه أو توضع قبل أن تخلفه» .
2322 - وعن جابر قال: «مرت بنا جنازة فقام لها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقمنا معه فقلنا: يا رسول الله! إنها جنازة يهودي فقال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها» رواه البخاري ومسلم (3) وقال «إنها جنازة يهودية، فقال: إن الموت فزع، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا» وفي رواية له (4) : «جنازة يهودي» .
2323 - وعن سهل بن حُنَيف وقيس بن سعد قالا: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرت به جنازة فقام فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: أليست نفسًا» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي (5) .
_________
(1) البخاري (1/440) (1245) ، مسلم (2/659) (958) ، أبو داود (3/203) (3172) ، النسائي (4/44) ، الترمذي (3/360) (1042) ، ابن ماجه (1/492) (1542) ، أحمد (3/446، 447) .
(2) مسلم (2/660) (958) ، أحمد (3/445) .
(3) البخاري (1/441) (1249) ، ومسلم (2/660) (960) ، وهو عند أبي داود (3/204) (3174) ، وأحمد (3/319) ، والنسائي (4/45) .
(4) مسلم (2/660) (960) .
(5) البخاري (1/441) (1250) ، مسلم (2/661) (961) ، النسائي (4/45) .(2/748)
2324 - وعن علي: «أنه ذكر القيام للجنازة حتى توضع، فقال علي: قام النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قعد» رواه النسائي والترمذي وصححه (1) ، ولمسلم (2) من حديثه بلفظ: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام ثم قعد» وفي رواية له (3) : «رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فقمنا وقعد فقعدنا، يعني في الجنازة» وفي "الموطأ" (4) من حديثه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم للجنازة ثم جلس بعد» ولأبي داود (5) بمعناه ورجال إسناده ثقات وللبيهقي (6) : «قام النبي - صلى الله عليه وسلم - للجنازة حتى توضع وقام الناس معه ثم قعد بعد ذلك وأمرهم بالقعود» ولابن حبان (7) بلفظ: «كان يأمرنا بالقيام في الجنازة ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس» وعزا هذا اللفظ صاحب "المنتقى" إلى أحمد (8) .
* * *
_________
(1) النسائي (4/77) (1999) ، الترمذي (3/361) (1044) ، وهو عند ابن ماجه (1/493) (1544) .
(2) مسلم (2/661) (662) .
(3) مسلم (2/662) (662) ، وهي عند أحمد (1/131)
(4) مالك في "الموطأ" (1/232) (551) .
(5) أبو داود (3/204) (3175) .
(6) البيهقي (4/27) .
(7) ابن حبان (7/326-327) (3056) .
(8) أحمد (1/82) .(2/749)
أبواب الدفن وأحكام القبور
[4/41] باب النهي عن الدفن في الثلاثة الأوقات
2325 - عن عقبة بن عامر قال: «ثلاث ساعات نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين تقوم قائمة الظهيرة حتى تزول الشمس، وحين تَضَيّف الشمس للغروب» وفي رواية: «حين تَضَيّف للغروب حتى تغرب» رواه الجماعة (1) .
[4/42] باب ما جاء في تعميق القبر وتوسيعه واللحد
وما جاء في الشيء يلقى تحت الميت في القبر
2326 - عن هشام بن عامر قال: «شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد، فقلنا: يا رسول الله! الحفر علينا لكل إنسان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: احفروا واعمقوا وأحسنوا وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر، فقالوا: فمن نقدم يا رسول الله؟ قال: قدموا أكثرهم قرآنًا، وكان أبي ثالث ثلاثة في قبر واحد» رواه النسائي والترمذي (2) بمعناه، وصححه قال في "التلخيص": وحديث «احفروا وأوسعوا
_________
(1) مسلم (1/568) (831) ، أبو داود (3/208) (3192) ، النسائي (4/82) ، الترمذي (3/348) (1030) ، ابن ماجه (1/486) (1519) ، أحمد (4/152) ، وقد تقدم برقم (626) .
(2) النسائي (4/80) ، الترمذي (4/213) ، أبو داود (3/214) (3215) ، ابن ماجه (1/497) (1960) ، أحمد (4/19، 20) .(2/750)
وأعمقوا» أحمد وأصحاب السنن الأربعة من حديث هشام بن عامر واختلف فيه على حميد بن هلال.
2327 - ورواه أحمد وأبو داود والبيهقي (1) من حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - على القبر يوصي الحافر: أوسع من قبل رجليه أوسع من قبل رأسه» وإسناده صحيح، انتهى.
2328 - وعن عامر بن سعد قال: «قال سعد: ألحدوا وانصبوا على اللبن نصبًا كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (2) .
2329 - وعن أنس قال: «لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان رجل يلحد وآخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا ونبعث إليهما فإيهما سبق تركناه، فأرسل إليهما فسبق صاحب اللحد فلحدوا له» رواه أحمد وابن ماجه (3) ، قال الحافظ: وإسناده حسن وقال في "الخلاصة": إسناده صحيح.
2330 - رواه أحمد والترمذي (4) من حديث ابن عباس وبين أن الذي كان يضرح هو أبو عبيده وأن الذي كان يلحد هو أبو طلحة، وفي إسناده ضعف.
_________
(1) أحمد (5/408) ، أبو داود (3/244) (3332) ، البيهقي (5/335) .
(2) أحمد (1/169، 173، 184) مسلم (2/665) (966) ، النسائي (4/80) ، ابن ماجه (1/496) (1556) .
(3) أحمد (3/139) ، ابن ماجه (1/496) (1557) .
(4) أحمد (1/8، 292) ، وهو عند ابن ماجه (1/520) (1628) ، وأبي يعلى (1/31) (22) .(2/751)
2331 - ورواه ابن ماجه (1) من حديث عائشة نحو حديث أنس وإسناده ضعيف وله من طريق أخرى عن هشام عن أبيه عنها.
2332 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللحد لنا، والشق لغيرنا» رواه الخمسة (2) وقال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفي نسخة صحيحة من الترمذي: حديث ابن عباس حديث حسن غريب، انتهى. قال في "التلخيص": وفي إسناده عبد الأعلى بن عامر وهو ضعيف، وصححه ابن السكن وقد روي من غير حديث ابن عباس.
2333 - رواه ابن ماجه وأحمد والبزار والطبراني (3) من حديث جرير به كذا، وفيه عثمان بن عمير وهو ضعيف، لكن رواه أحمد والطبراني من طرق زاد أحمد (4) في رواية بعد قوله: «لغيرنا أهل الكتاب» .
2334 - وعن ابن عباس قال: «جعل في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - قطيفة حمراء» رواه الترمذي (5) وقال: حديث حسن.
_________
(1) ابن ماجه (1/497) (1558) .
(2) أبو داود (3/213) (3208) ، النسائي (4/80) ، الترمذي (3/363) (1045) ، ابن ماجه (1/496) (1554) .
(3) ابن ماجه (1/496) (1555) ، أحمد (4/357، 359) ، الطبراني في "الكبير" (2/317، 318) .
(4) أحمد (4/362) .
(5) الترمذي (3/365) (1048) ، وهو عند مسلم (2/665) (967) ، والنسائي (4/81) ، وأحمد (1/228، 355) ، وابن حبان (14/599) .(2/752)
2335 - وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال: «الذي لحد قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو طلحة، والذي ألقي القطيفة تحته شُقْران مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال جعفر: وأخبرني ابن أبي رافع قال: سمعت شُقْران يقول: أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبر» رواه الترمذي (1) وقال: حديث شقران حديث حسن غريب.
[4/43] باب من أين يُدْخَل الميت قبره وما يقال عند ذلك
والحثي في القبر
2336 - عن أبي إسحاق السَّبيعي قال: «أوصى الحارث أن يصلي عليه عبد الله بن يزيد فصلى عليه وأدخله القبر من قبل رجلي القبر وقال: هذا من السنة» رواه أبو دواد وسعيد في "سننه" (2) وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في "التلخيص" ورجال إسناده رجال الصحيح.
2337 - واختلفت الروايات في كيفية إدخاله - صلى الله عليه وسلم - القبر، فروى الشافعي والبيهقي (3) من حديث ابن عباس بإسناد صحيح كما في "الخلاصة": «أنهم سلَّوه سلًا من جهة رجلي القبر» .
2338 - وروى البيهقي (4) من حديث ابن مسعود: «أنهم أدخلوه من جهة القبلة» وهي رواية ضعيفة كما بينه البيهقي.
_________
(1) الترمذي (3/365) (1047) .
(2) أبو داود (3/213) (3211) ، وهو عند البيهقي في السنن "الكبرى" (4/54) .
(3) الشافعي (1/215) ، البيهقي (4/54) .
(4) البيهقي (4/54) .(2/753)
2339 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه كان إذا وضع الميت في القبر قال: باسم الله وعلى ملة رسول الله» رواه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي وأخرجه ابن حبان (1) وصححه وأعله الدارقطني بالوقف، وعند النسائي والحاكم (2) بلفظ: «إذ وضعتم موتاكم في القبور فقولوا: باسم الله» واختلف في رفعه ووقفه وله شواهد وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال في "الخلاصة": تفرد به همام بن يحيى وهو ثقة فتكون زيادة مقبولة.
2340 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلى على جنازة ثم أتى قبر الميت فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثًا» رواه ابن ماجه (3) قال الحافظ في "التلخيص": ورجاله ثقات، ورواه ابن أبي داود من هذا الوجه، وحكم عليه بالصحة. وفي نسخه من "التلخيص": وإسناده ظاهر الصحة.
2341 - وعن عامر بن ربيعة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على عثمان بن مظعون وأتى القبر فحثى عليه ثلاث حثيات من التراب، وهو قائم» رواه الدارقطني (4) ، قال البيهقي: إسناده ضعيف. وأخرجة البزار (5)
_________
(1) أبو داود (3/214) (3213) ، الترمذي (3/364) (1046) ، ابن ماجه (1/494) (1550) ، أحمد (2/69، 127) ، ابن حبان (7/375) (3109) .
(2) الحاكم (1/520) ، وهو عند أحمد (2/27، 40، 59، 69، 127) ، وابن حبان (7/376) (3110) .
(3) ابن ماجه (1/449) (1565) .
(4) الدارقطني (2/76) ، وهو عند البيهقي (3/410)
(5) البزار (1 / 396 - 397 كشف) (843)(2/754)
2342 - وله شاهدٌ من حديث جعفر بن محمد عن أبيه مرسلًا وزاد ابن ماجه (1) : أن الحثي كان من قبل رأسه.
[4/44] باب تسنيم القبر ورشه بالماء وجعل علم يعرف به
وكراهية البناء والكتابة عليه
2343 - عن سفيان التَّمار: «أنه رأى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مُسنَّمًا» رواه البخاري في "صحيحه" (2) .
2344 - وعن القاسم قال: «دخلت على عائشة فقلت: يا أمّاه! اكشفي لي عن قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه، فكشفت له عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطن العرصة الحمراء» رواه أبو داود (3) قال في "الخلاصة": بإسناد صحيح والحاكم (4) بزيادة: «فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقدمًا، وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعمر رأسه عند رجلي النبي - صلى الله عليه وسلم -» وقال: هذا حديث صحيح الإسناد.
2345 - وللبيهقي (5) عن جابر: «ورفع قبره - صلى الله عليه وسلم - من الأرض قدر شبر»
_________
(1) لم نجده من حديث عامر بن ربيعة، وهو من حديث أبي هريرة السابق
(2) البخاري (1/468) (1325) .
(3) أبو داود (3/215) (3220) .
(4) الحاكم (1/524) .
(5) البيهقي (3/411) .(2/755)
وصححه ابن حبان.
2346 - وعن أبي الهيَّاج الأسدي عن علي قال: «أبعثك على ما بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تدع تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه (1) .
2347 - وعن ثمامة بن شُفَيٍّ: «أن فضالة أمر بتسوية قبر فسوي، ثم قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بتسويتها» أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي (2) .
2348 - وعن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلًا: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصيات» رواه الشافعي (3) عن شيخه إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلًا، قال في "الخلاصة": وإسناده ضعيف.
2349 - وأخرج البيهقي (4) عن جابر: «أن بلالًا رش على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالماء رشًا» وفي إسناده الواقدي لا يحتج به، وقد روى سعيد بن منصور (5) أن الرش على القبر كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وورد الأمر بالرش عند البزار.
2350 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علَّم قبر عثمان بن مَظَعون بصخرة»
_________
(1) مسلم (2/666) (969) ، أبو داود (3/215) (3218) ، النسائي (4/88) ، الترمذي (3/366) ، أحمد (1/89، 96، 111، 128) .
(2) مسلم (2/666) (968) ، أبو داود (3/215) (3219) ، النسائي في "الكبرى" (1/653) .
(3) الشافعي (1/360) .
(4) البيهقي (3/411) .
(5) ذكره في "التلخيص" (2/133) .(2/756)
رواه ابن ماجه وابن عدي والطبراني في "الأوسط" (1) من حديث أنس وفي إسناده ضعف والحاكم في "المستدرك" بإسناد فيه الواقدي.
2351 - وعن المطلب بن عبد الله بن حَنْطَب قال: «لما مات عثمان بن مَظَعون وهو أول من مات بالمدينه من المهاجرين أخرج بجنازته يدفن فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يأتي بحجر، فلم يستطع حمله، فقام إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحسر عن ذارعيه، قال المطلب: قال الذي يخبرني كأني أنظر إلى بياض ذارعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حسر عنهما ثم حملها فوضعها عند رأسه، وقال: أعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي» رواه أبو داود (2) وقال الحافظ في "التلخيص": وإسناده حسن ليس فيه إلا كثير بن زيد، راويه عن المطلب وهو صدوق، انتهى. والمبهم هو صحابي لا يضر إبهامه.
2352 - وعن جابر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه» رواه أحمد ومسلم، والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه ولفظه: «نهى أن يجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ» وفي لفظ النسائي: «نهى أن يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص أو يكتب عليه» قال في "التلخيص": وأخرجه ابن ماجه وابن حبان والحاكم (3) من حديث جابر وهو في
_________
(1) ابن ماجه (1/498) (1561) ، ابن عدي (6/68) ، الطبراني في "الأوسط" (4/169) ، الحاكم (3/209) .
(2) أبو داود (3/212) (3206) .
(3) أحمد (3/295، 339، 399) ، مسلم (2/667) (970) ، النسائي (4/86) ، أبو داود (3/216) (3225) ، الترمذي (3/368) (1052) ، ابن ماجه (1/498) (1562) ، ابن حبان (7/435-436) (3165) ، الحاكم (1/525) .(2/757)
مسلم بدون ذكر الكتابة. وقال الحاكم: الكتابة على شرط مسلم، وهي صحيحة غريبة.
[4/45] باب من يدخل قبر المرأة
وما جاء في ستر القبر حال مواراتها
2353 - عن أنس قال: «شهدت زينب (*) بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تدفن وهو جالس على القبر، فرأيت عينيه يدمعان، فقال: هل منكم من أحد لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا، قال: فانزل في قبرها فنزل في قبرها» رواه أحمد والبخاري (1) ولأحمد (2) عن أنس: «أن رُقَية لما ماتت قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يدخل القبر رجل قارف الليلة أهله فلم يدخل عثمان بن عفان القبر» .
2354 - وعن أبي إسحاق: «أن عبد الله بن بُدَيل صلى على الحارث الأعور.. وفيه: لم يدعهم يمدون على القبر ثوبًا وقال: هكذا السنة» رواه الطبراني (3) وفي رواية لابن أبي شيبة (4) قال: «إنما هو رجل» ولسعيد بن منصور (5) : «إنما يصنع هذا بالنساء» .
2355 - وقد روى البيهقي (6) من حديث ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ستر
_________
(1) أحمد (3/126) ، البخاري (1/432، 450) (1225، 1277) .
(2) أحمد (3/229، 270) .
(3) عزاه له الحافظ في "التلخيص" (2 / 260)
(4) ابن أبي شيبة (3/326) ، وهو عند البيهقي (4/54) .
(5) لعله في سننه، وأخرجه البيهقي (4/ 54)
(6) البيهقي (4/54) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لفظ الحديث "شهدنا بنتًا للنبي"، ولم يذكر أنها زينب، إلا في رواية أحمد بعد هذا الحديث على أنها رقية.(2/758)
على قبر سعد بن معاذ حين دفن» بإسناد ضعيف.
قوله: «زينب» بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيح أنها أم كلثوم. قوله: «يقارف» بالقاف بعدها ألف ثم راء مهملة ثم فاء أي لم يجامع تلك الليلة.
[4/46] باب آداب الجلوس في المقبرة والمشي فيها
وتحريم القعود على القبر
2356 - عن البراء بن عازب قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولم يلحد بعد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة وجلسنا معه» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري والنسائي وابن ماجه (1) ورجاله رجال الصحيح.
2357 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (2) .
2358 - وقد تقدم (3) قريبًا النهي عن القعود على القبور ووطئها.
2359 - وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن أمشي على
_________
(1) أبو داود (3/213، 4/239، 240) (3212، 4753، 4754) ، النسائي (4/78) ، ابن ماجه (1/494) (1549) .
(2) مسلم (2/667) (971) ، أبو داود (3/217) (3228) ، النسائي (4/95) ، ابن ماجه (1/499) (1566) ، أحمد (2/311، 389) .
(3) تقدم برقم (2355) من حديث جابر.(2/759)
جمرة أو سيف أو أخصف نعلي برجلي أحبُّ إليَّ من أن أمشي على قبر» رواه ابن ماجه (1) بإسناد جيد.
2360 - وعن عمرو بن حزم قال: «رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - متكئًا على قبر فقال: لا تؤذ صاحب هذا القبر أو لا تؤذه» رواه أحمد (2) قال في "الفتح": إسناده صحيح.
2361 - وعن بَشِير بن الخَصاصية: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يمشي في نعلين بين القبور فقال: يا صاحب السِّبْتِيَّتَين! ألقهما» رواه الخمسة إلا الترمذي وسكت عنه أبو داود والمنذري وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وصححه (3) ، ورجال إسناده ثقات إلا خالد بن سمير فإنه يهم، في "الكاشف" وثقه النسائي.
قوله: «السِّبْتِيَّتَين» هما النعلان المحلوقة الشعر من الجلود المدبوغة.
[4/47] باب جواز الدفن ليلًا
2362 - عن ابن عباس قال: «مات إنسان كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوده فمات بالليل فدفنوه ليلًا فلما أصبح أخبروه فقال: ما منعكم أن تعلموني؟ قالوا: كان الليل فكرهنا، وكانت ظلمة أن نشق عليك، فأتى قبره فصلى عليه» رواه البخاري ومسلم وابن ماجه (4) ، قال البخاري: «ودفن أبو بكر ليلًا» .
_________
(1) ابن ماجه (1/499) (1567) .
(2) ملحق "المسند" (39/476) .
(3) أبو داود (3/217) (3230) ، النسائي (4/96) ، ابن ماجه (1/499) (1568) ، أحمد (5/83، 84، 224) ، ابن حبان (7/441) (3170) ، الحاكم (1/529) .
(4) البخاري (1/421) (1190) ، ابن ماجه (1/490) (1530) .(2/760)
2363 - وعن عائشة قالت: «ما علمنا بدفن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعنا صوت المساحي من آخر الليل ليلة الأربعاء» رواه أحمد (1) .
2364 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا» أخرجه ابن ماجه (2) وأصله في مسلم (3) لكن زجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه.
2365 - وعن جابر قال: «رأى ناس نارًا في المقبرة فأتوها فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبر يقول: ناولوني صاحبكم، وإذا هو الذي كان يرفع صوته بالذكر» رواه أبو داود (4) وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده ثقات إلا محمد بن مسلم الطائفي ففيه لين، وقد وثق وأخرج له مسلم.
و «المسحاة» آلة من حديد يُجرف بها الطين.
[4/48] باب الدعاء للميت بعد دفنه
2366 - عن عثمان قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل» رواه أبو داود والحاكم (5) وصححه البزار، وقال: لا يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه.
_________
(1) أحمد (6/63، 242، 274) .
(2) ابن ماجه (1/487) (1521) .
(3) مسلم (2/651) (943) .
(4) أبو داود (3/201) (3164) .
(5) أبو داود (3/215) (3221) ، الحاكم (1/526) .(2/761)
2367 - وأما ما أخرجه الطبراني (1) من حديث أبي أمامة: «إذا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نصنع بموتانا، قال: إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم على قبره التراب فليقم أحدكم على رأس قبره ثم يقول: يا فلان بن فلان! فإنه يقول أرشدنا يرحمك الله، ولكن لا تشعرون، فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله رباً، وبالإسلام دينًا وبالقرآن إمامًا فإن منكرًا ونكيرًا يأخذ كل واحد بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا ما يُقْعدنا عند من لقن حجته، فقال رجل: يا رسول الله! فإن لم يعرف أمه؟ قال: تنسبه إلى أمه حواء يا فلان بن حواء» فهو حديث لا يصح، قال ابن القيم في كتاب "الروح": إنه حديث يضعف، وقال أحمد: ما رأيت أحدًا يفعله إلا أهل الشام. وقال المقبلي في "المنار": لا يشك الحديثي بل العاقل أن ألفاظ ذلك الحديث تدل على وضعه، انتهى. وقال في "الهدي النبوي": هذا حديث لا يصح رفعه، انتهى.
[4/49] باب النهي عن اتخاذ المساجد والسرج في المقبرة
2368 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» متفق عليه (2) .
2369 - وعن ابن عباس قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وحسنه الترمذي، مع
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (8/249) .
(2) تقدم برقم (924) .(2/762)
أن في إسناده أبا صالح باذام مولى أم هانئ وهو ضعيف. ورواه ابن حبان في "صحيحه" (1) ، وقد تقدم في باب المواضع المنهي عن الصلاة فيها وأبواب المساجد أحاديث من ذلك.
[4/50] باب الصدقة عند الموت
2370 - عن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: أن تَصَدَّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا» رواه البخاري ومسلم (2) .
2371 - وعن أبي سعيد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لأن يتصدق المرء في حياته وصحته بدرهم خير له من أن يتصدق عند موته بمائة» رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" (3) .
2372 - وعن أبي الدرداء قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مثل الذي يعتق عند موته كمثل الذي يهدي إذا شبع» رواه أبو داود والترمذي وصححه (4) ، وفي
_________
(1) أبو داود (3/218) (3236) ، النسائي (4/94) ، الترمذي (2/136) (320) ، أحمد (1/229، 287، 324، 337) ، ابن حبان (7/452، 453) (3179، 3180) ، وهو عند ابن ماجه (1/502) (1575) ، والحاكم (1/530) .
(2) البخاري (2/515) (1353) ، مسلم (2/716) (1032) ، وهو عند أبي داود (3/113) (2865) ، والنسائي (5/68) ، وأحمد (2/231، 250) .
(3) أبو داود (3/113) (2866) ، ابن حبان (8/125) (3334) .
(4) أبو داود (4/30) (3968) ، الترمذي (4/435) (2123) .(2/763)
صحيح ابن حبان (1) : «مثل الذي يتصدق عند موته مثل الذي يهدي بعدما يشبع» .
[4/51] باب وصول القرب المهداة إلى الميت
2373 - عن عبد الله بن عمرو: «أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة، وأن هشام بن العاص نحر حصته خمسين وأن عمرًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك» رواه أحمد (2) ، قال في مجمع الزوائد: وفي إسناده الحجاج بن أرطاة وهو مدلس.
2374 - وعن أبي هريرة: «أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أبي مات ولم يوص أفينفعه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (3) .
2375 - وعن عائشة: «أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن أمي أُفتُلتت نفسُها وأراها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر أن أتصدق عنها؟ قال: نعم» متفق عليه (4) .
2376 - وعن ابن عباس «أن رجلًا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أمي توفيت أينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم، قال: فإن لي مخرفًا فأنا أشهدك أن قد تصدقت
_________
(1) ابن حبان (8/126) (3336) .
(2) أحمد (2/181) .
(3) أحمد (2/371) ، مسلم (3/1254) (1630) ، النسائي (6/251) ، ابن ماجه (2/906) (2716) .
(4) البخاري (1/467، 3/1015) (1322، 2609) ، مسلم (2/696، 3/1254) (1004) ، أحمد (6/51) .(2/764)
به عنها» رواه البخاري والترمذي وأبو داود والنسائي (1) .
2377 - وعن الحسن عن سعد بن عُبادة: «أن أمه ماتت فقال: يا رسول الله! إن أمي ماتت فأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء، قال الحسن: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجه (2) ورجال النسائي ثقات.
2378 - وهذه الأحاديث لا يعارضها حديث أبي هريرة مرفوعًا: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي (3) لأن هذه القرب المهداة إلى الميت من إخوانه المؤمنين قامت الأدلة على وصولها إليه، وليست من عمله والمراد بحديث: «إذا مات الإنسان انقطع عمله» أي عمل نفسه لا عمل غيره المهدى له فلم يدل حديث أبي هريرة على عدم وصول عمل المهدى للميت، فالمنقطع عن الميت عمله والواصل إلى الميت ثواب عمل غيره، وكذلك من استدل بقوله تعالى: ((وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)) [النجم:39] على عدم وصول ثواب القرب المهداة للميت يقال له أفادت الآية أنه لا يملك الإنسان إلا سعيه الذي سعاه
_________
(1) البخاري (3/1013) (2605) ، الترمذي (3/56) (669) ، أبو داود (3/118) (2882) ، النسائي (6/252) ، وهو عند أحمد (1/370) .
(2) أحمد (5/284، 6/7) ، النسائي (6/250، 255) ، أبو داود (2/130) (1681) .
(3) مسلم (3/1255) (1631) ، أبو داود (3/117) (2880) ، الترمذي (3/660) (1376) ، وهو عند النسائي (6/251) ، أحمد (2/372) .(2/765)
لنفسه، وأما سعي غيره فهو ملك لساعيه فإن شاء بذله لغيره وإن شاء بقاه لنفسه.
2379 - وقد تقدم (1) حديث معقل بن يسار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرءوا على موتاكم يس» رواه أبو دواد وابن ماجه وأحمد ولفظه: «يس قلب القرآن لا يقرأها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له، واقرأوها على موتاكم» وأخرج الحديث النسائي وابن حبان وصححه، والحاكم وصححه، وضعفه الدارقطني وأعله ابن القطان بالاضطراب.
[4/52] باب التعزية وأجر الصبر
2380 - عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة» رواه ابن ماجه (2) ورجاله ثقات، وقيس أبو عمارة وثقه ابن حبان وأورد الحديث في "التلخيص" وسكت عنه، وقال السيوطي في تعقباته: أخرجه ابن ماجه وحسنه النووي، وقال البيهقي في "شعب الإيمان": هو أصح شيء في الباب، انتهى.
2381 - وعن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من عزى مصابًا فله مثل أجره» رواه ابن ماجه والترمذي (3) وغَرَّبه وهو حديث ضعيف، أطال الكلام عليه الحافظ.
_________
(1) تقدم برقم (2149) .
(2) ابن ماجه (1/511) (1601) .
(3) ابن ماجه (1/511) (1602) ، الترمذي (3/385) (1073) .(2/766)
2382 - وروى الترمذي (1) عن أبي فروة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من عزى ثكلا كسي بردًا في الجنة» وقال: حديث غريب.
2383 - وعن الحسين بن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة فيذكرها وأن تقادم عهدها فيحدث له ذلك استرجاعًا إلا حدد الله له تبارك وتعالى عند ذلك فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب» رواه أحمد وابن ماجه (2) بإسناد ضعيف.
2384 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» رواه الجماعة (3) .
2385 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله ما لعبدي المؤمن إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» رواه البخاري (4) .
2386 - وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: «لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاءت التعزية سمعوا قائلًا يقول: إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفًا من كل هالك ودركًا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم
_________
(1) الترمذي (3/387) (1076) .
(2) أحمد (1/201) ، ابن ماجه (1/510) (1600) .
(3) البخاري (1/430، 438) (1223، 1240) ، مسلم (2/637) (926) ، أبو داود (3/192) (3124) ، الترمذي (3/314) (988) ، النسائي (4/22) ، ابن ماجه (1/509) (1596) ، أحمد (3/130، 143، 217) .
(4) البخاري (5/2361) (6060) ، وهو عند أحمد (2/417) .(2/767)
الثواب» رواه الشافعي بإسناد لا يحتج به. ورواه الحاكم في "مستدركه" (1) وصححه وإسناده ضعيف؛ لأن في إسناده عباد بن عبد الصمد (*) .
2387 - وعن أم سلمة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرًا منها، قالت: فلما توفي أبو سلمة قالت من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: ثم عزم الله لي فقلتها: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها، قالت: فتزوجت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه (2) .
2388 - وعن أسامة بن زيد قال: «كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبيًا لها أو أن ابنًا لها في الموت فقال للرسول: ارجع إليها وأخبرها أن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب» أخرجاه (3) .
2389 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا له حجابًا من النار، أو دخل الجنة» رواه البخاري (4) .
_________
(1) الشافعي (1/361) ، الحاكم (3/59) ، وهو عند البيهقي (4/60) .
(2) أحمد (6/309، 317، 321) ، مسلم (2/631، 632) (918) ، ابن ماجه (1/509) (1598) .
(3) سيأتي برقم (2407) .
(4) رواه البخاري (1/464) معلقًا باب ما قيل في أولاد المسلمين.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف: "ورواه الحاكم في مستدركه وصححه وإسناده ضعيف لأن في إسناده عباد بن عبد الصمد"، لكن عباد بن عبد الصمد ليس في إسناد حديث جابر المذكور معنا في الباب، وإنما هو في سند حديث أنس، وهو بمعنى حديث جابر، وهو في "المستدرك" بعد حديث جابر. وقد رواه الحاكم في "مستدركه" عن أنس وصححه.(2/768)
2390 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة إلا دخل الجنة بفضل رحمته إياهم» رواه البخاري والنسائي (1) .
2391 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تَحِلَّة القسم» وفي رواية: «فيلج النار إلا تحلة القسم» أخرجاه (2) ، وفي رواية: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لنسوة من الأنصار: لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبهم إلا دخلت الجنة، فقالت امرأة منهن: أو اثنان يا رسول الله؟ قال: أو اثنان» رواه مسلم (3) وقد روي متواترًا.
2392 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قدم ثلاثة لم يبلغوا الحنث كانوا له حصنًا حصينًا من النار، قال أبو ذر: قدمت اثنين، وقال أبي بن كعب سيد القراء: قدمت واحدًا، قال: وواحد ولكن إنما ذلك عند الصدمة الأولى» أخرجه الترمذي (4) وغرَّبه وأعله (5) .
2393 - وعن معاوية بن قرّة عن أبيه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عزى رجلًا في ابن له ثم قال: أيما كان أحب إليك أن تمتع به عمرك أو لتأتي إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك؟ قال: يا نبي الله! بل يسبقني إلى باب الجنة
_________
(1) البخاري (1/421، 465) (1191، 1315) ، النسائي (4/24) .
(2) البخاري (1/421) (1193) ، مسلم (4/2028) (2632) .
(3) مسلم (4/2028) (2632) .
(4) الترمذي (3/375) (1061) ، وهو عند ابن ماجه (1/512) (1606) ، وأحمد (1/429) .
(5) حديث ابن مسعود أعله الترمذي بعدم سماع أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود من أبيه. اهـ. مؤلف.(2/769)
فيفتحها لي أحب إليَّ» رواه النسائي وابن حبان في "صحيحه"، ورواه أحمد (1) ورجاله رجال الصحيح.
2394 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان له فرطان من أمتي أدخله الله بهما الجنة، فقالت عائشة: فمن كان له فرط من أمتك؟ قال: ومن كان له فرط يا موفقة! قالت: فمن لم يكن له فرط من أمتك؟ قال: فأنا فرط أمتي لن يصابوا بمثلي» رواه الترمذي (2) ، وقال: هذا حديث حسن غريب.
2395 - وحديث أبي هريرة المتقدم (3) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما لعبدي المؤمن إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» رواه البخاري شاهد لحديث الفرط الواحد ونعم الشاهد.
2396 - وعن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مات ولد العبد قال الله تعالى للملائكة: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسموه ببيت الحمد» رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في "صحيحه" (4) .
قوله: «عزم الله لي» أي خلق لي عزمًا.
_________
(1) النسائي (4/118) ، ابن حبان (7/209) ، أحمد (5/34) .
(2) الترمذي (3/376) (1062) ، وهو عند أحمد (1/334) .
(3) تقدم برقم (2388) .
(4) الترمذي (3/341) (1021) ، ابن حبان (7/210) (2948) ، وهو عند أحمد (4/415) .(2/770)
[4/53] باب مشروعية صنع طعام لأهل الميت وتحريم الذبح فوق القبر
2397 - عن عبد الله بن جعفر قال: «لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم» رواه الخمسة (1) إلا النسائي وحسنه الترمذي وصححه ابن السكن، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
2398 - وقد أخرجه أحمد والطبراني (2) من حديث أسماء بنت عميس.
2399 - وعن جرير بن عبد الله البجلي قال: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة» رواه أحمد وابن ماجه (3) بإسناد صحيح، ومعنى ذلك أنهم كانوا يعدون الاجتماع عند أهل الميت بعد دفنه وأكل الطعام عندهم نوعًا من النياحة لما في ذلك من التثقيل عليهم ومخالفة السنة مع شغلتهم.
2400 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا عَقْرَ في الإسلام» رواه أحمد وأبو داود (4) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح، قال عبد الرزاق: كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة في الجاهلية.
[4/54] باب ما جاء في البكاء على الميت
2401 - عن جابر قال: «أصيب أبي يوم أحد فجعلت أبكي فجعلوا ينهوني ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينهاني فجعلت عمتي فاطمة تبكي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: تبكين أو
_________
(1) أبو داود (3/195) (3132) ، الترمذي (3/323) (998) ، ابن ماجه (1/514) (1610) ، أحمد (1/205) ، الحاكم (1/527) .
(2) أحمد (6/370) ، الطبراني (24/143-144) ، وهو عند ابن ماجه (1/514) (1611) .
(3) أحمد (2/204) ، ابن ماجه (1/514) (1612) .
(4) أحمد (3/197) ، أبو داود (3/216) (3222) .(2/771)
لا تبكين ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعوه» متفق عليه (1) .
2402 - وعن ابن عباس قال: «ماتت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبكت النساء فجعل عمر يضربهن بسوطه فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: مهلًا يا عمر! ثم قال: إياكنَ ونَعِيق الشيطان، ثم قال: إنه مهما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل ومن الرحمة وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان» رواه أحمد (2) بإسناد فيه علي بن زيد وهو من رجال مسلم، وقد وثق وقال ابن علية: فيه لين. وقال الذهبي: أحد الحفاظ.
2403 - وعن ابن عمر قال: «اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود فلما دخل عليه وجده في غشية فقال: قد قضى؟ فقالوا: لا يا رسول الله! فبكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رأى القوم بكاءه بكوا، قال: ألا تسمعون أن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم» .
2404 - وعن أسامة بن زيد قال: «كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبيًا لها في الموت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب، فعاد الرسول فقال: إنها أقسمت لتأتينها قال: فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام معه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل قال: فانطلقت معهم فرفع إليه الصبي ونفسه تَقَعقَع
_________
(1) البخاري (1/420) (1187) ، مسلم (4/1918) (2471) ، أحمد (3/298) .
(2) أحمد (1/237، 335) .(2/772)
كأنها في شَنَّة ففاضت عيناه، فقال سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء» متفق عليهما (1) ، وفي رواية: «في قلوب من يشاء من عباده» وللنسائي وأبي داود نحوه وهذه أتم.
2405 - وعن عائشة: «أن سعد بن معاذ لما مات حضره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر قالت: فوالذي نفسي بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي» رواه أحمد (2) وسكت عنه في "التلخيص".
2406 - وعن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم من أحد سمع نساء من بني عبد الأشهل يبكين على هلكاهنَّ فقال: لكن حمزة لا بواكي له، فجئن نساء الأنصار يبكين على حمزة عنده، فاستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ويحهن أنتن هاهنا تبكين حتى الآن مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم» رواه أحمد وابن ماجه (3) بإسناد فيه أسامة بن زيد الليثي (4) وقد أخرج له مسلم.
2407 - وعن جابر بن عَتِيك: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غُلِب، فصاح به فلم يجبه فاسترجع وقال: وغلِبنا عليك يا أبا الربيع! فصاح النسوة وبكين، فجعل ابن عَتِيك يسكتهن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
_________
(1) الحديث الأول أخرجه البخاري (1/439) (1242) ، ومسلم (2/636) (924) ، وابن حبان (7/431) ، والحديث الثاني أخرجه البخاري (1/431، 5/2141،، 6/2435، 2453، 2686) (1224، 5331، 6228، 6942) ، ومسلم (2/635) (923) وأبو داود (3/193) (3125) ، وابن ماجه (1/506) (1588) ، وأحمد (5/205) ، وابن حبان (2/208) .
(2) أحمد (6/141) .
(3) أحمد (2/84، 92) ، ابن ماجه (1/507) (1591) .
(4) في الأصل: أبو أسامة بن زيد الليثي.(2/773)
دعهن فإذا وجب فلا تبكينَّ باكية، قالوا: وما الوجب يا رسول الله؟ قال: الموت» رواه أبو داود والنسائي، وأحمد وابن حبان، والحاكم ومالك في "الموطأ" (1) ، وفي رواية للنسائي (2) : «دعهن يبكين ما دام بينهن» وهو مختصر من حديث طويل.
[4/55] باب ما جاء من النهي عن النياحة وضرب الوجه
وشق الجيوب ونشر الشعر والبكاء المصحوب معه رفع الصوت
2408 - عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوا الجاهلية» رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي (3) .
2409 - وعن أم عطية قالت: «أخذ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا ننوح» أخرجاه (4) .
2410 - وعن أبي أمامة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن الخامشة وجْهها والشاقة جَيْبها والداعية بالويل والثبور» رواه ابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" (5) .
_________
(1) أبو داود (3/188) (3111) ، النسائي (4/13) ، أحمد (5/445) ، ابن حبان (7/461، 462) (3189، 3190) ، الحاكم (1/503) ، مالك في "الموطأ" (1/233-234) (554) .
(2) النسائي (6/52) .
(3) البخاري (1/436، 3/1297) (1235، 3331) ، مسلم (1/99) (103) ، الترمذي (3/324) (999) ، النسائي (4/20) ، وهو عند ابن ماجه (1/504) (1584) ، وأحمد (1/386، 432، 442، 456، 465) ، وابن حبان (7/419) (3149) .
(4) البخاري (1/440) (1244) ، مسلم (2/645، 646) (936) ، وهو عند النسائي (7/149) ، وأحمد (6/408) .
(5) ابن ماجه (1/505) (1585) ، ابن حبان (7/427) (3156) .(2/774)
2411 - وعن أبي بُرْدة «وَجِع أبو موسى وَجَعًا فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فصاحت امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئًا، فلما أفاق قال: أنا بريء مما برئ منه النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برئ من الصَّالقة والحالقة والشاقة» أخرجاه (1) ، وفي رواية لمسلم (2) : «أغمي على أبي موسى فأقبلت امرأته ثم أفاق فقال: ألم تعلمي وكان يحدثها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أنا بريء ممن حلق وصَلَق وخَرَق» .
2412 - وعن المغيرة بن شعبة قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنه من نيح عليه يعذب بما نيح عليه» .
2413 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه» .
2414 - وعن عائشة قالت: «إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه» متفق على هذه الأحاديث الثلاثة (3) .
2415 - ولأحمد ومسلم (4) عن ابن عمر عن أبيه (5) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
_________
(1) البخاري (1/436) (1234) ، مسلم (1/100) (104) .
(2) مسلم 1/100) (104) .
(3) الحديث الأول أخرجه: البخاري (1/434) (1229) ، ومسلم (2/643) (933) ، وأحمد (4/252) ، والحديث الثاني أخرجه: البخاري (1/432) (1226) ، ومسلم (2/641) (928) ، وأحمد (1/42، 2/38، 134) ، والحديث الثالث أخرجه: البخاري (1/432) (1226) ، ومسلم (2/642) (929) ، وأحمد (6/138) .
(4) أحمد (1/50) ، مسلم (2/639) (927) ، عن ابن عمر عن أبيه.
(5) في الأصل: عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.(2/775)
«إن الميت يعذب في قبره بما نيح عليه» .
2416 - وعن أبي مالك الأشعري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركوهن: الفخر بالأحساب والطَّعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سِرْبال من قطِران ودرع من جَرَب» رواه أحمد ومسلم (1) .
2417 - وعن أبي سعيد قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النائحة والمستمعة» أخرجه أبو داود (2) بإسناد ضعيف، قال في "التلخيص": حديث لعن النائحة والمستمعة وفي نسخة لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رواه أحمد (3) من حديث أبي سعيد باللفظ الثاني واستنكره أبو حاتم في العلل.
2418 - ورواه الطبراني والبيهقي (4) من حديث عطاء عن ابن عمر.
2419 - ورواه ابن عدي (5) من حديث الحسن عن أبي هريرة وكلها ضعيفة.
2420 - وعن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الميت يعذب ببكاء الحي، إذا قالت النائحة: وا عضداه، واناصره، واكاسياه: جُبِذَ الميت، وقيل له: أنت عضدها
_________
(1) أحمد (5/344) ، مسلم (2/644) (934) .
(2) أبو داود (3/193) (3128) .
(3) أحمد (3/65) ، وهو عند البخاري في "التاريخ" (1/66) .
(4) البيهقي (4/63) .
(5) ابن عدي (5/29) .(2/776)
أنت ناصرها، أنت كاسيها» رواه أحمد والحاكم (1) وصححه وأخرجه الترمذي (2) وحسنه ولفظه: «ما من ميِّت يموت فيقوم باكيهم فيقول: وا جبلاه وا سيدّاه، أو نحو ذلك إلا وكل ملكان يَلْهَزَانه: أهكذا كنت؟!» .
2421 - وعن النعمان بن بشير قال: «أُغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أُخته عمرة تبكي: وا جبلاه واكذا، واكذا، تعدد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئًا إلا قيل لي: أنت كذلك؟» زاد في رواية: «فلما مات لم تبك عليه» رواه البخاري (3) .
2422 - وعن أنس قال: «لما ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة: واكرب أبتاه، فقال: ليس على أبيك كرب بعد اليوم، فلما مات قالت: يا أبتاه جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل أنْعاه، فلما دفن قالت فاطمة: أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التراب» رواه البخاري (4) .
2423 - وعنه أن أبا بكر: «دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه ووضع يديه على صدغيه فقال: وانبيَّاه وا خليلاه واصفيَّاه» رواه أحمد (5) .
2424 - وعن جابر قال: «أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد عبد الرحمن بن عوف
_________
(1) أحمد (4/414) ، الحاكم (2/511) .
(2) الترمذي (3/326) (1003) .
(3) البخاري (4/1555) (4019، 4120) .
(4) البخاري (4/1619) (4193) .
(5) (6/31) لكن من حديث عائشة.(2/777)
فانطلق به إلى ابنه إبراهيم فوضعه في حجره فبكى، فقال له عبد الرحمن: أتبكي؟ ألم تكن نهيت عن البكاء، قال: لا، ولكني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان» وفي الحديث كلام أكثر من هذا أخرجه الترمذي (1) وقال: هذا حديث حسن.
قوله: «إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه» الظاهر والله أعلم أن المراد أنه يتألم ببكاء أهله، ويتوجع، لا أنه يعاقب بذنب الحي، فقد قال تعالى: ((وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)) [الأنعام:164] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «السفر قطعة من العذاب» مما يؤيد التأويل المذكور، وحمله بعضهم على ما إذا كان أمرهم الميت بالبكاء أو كان من سنته وطريقته والله أعلم.
[4/56] باب ما جاء من النهي عن سب الأموات والكف عن مساويهم
2425 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا» رواه أحمد والبخاري والنسائي (2) .
2426 - وروى الترمذي (3) عن المغيرة نحوه لكن قال: «فتؤذوا الأحياء» .
2427 - وعن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تسبوا موتانا فتؤذوا أحيانا» رواه أحمد والنسائي (4) .
_________
(1) الترمذي (3/328) (1005) .
(2) أحمد (6/180) ، البخاري (1/470، 5/2388) (1329، 6151) ، النسائي (4/53) .
(3) الترمذي (4/353) (1982) ، وهو عند أحمد (4/252) .
(4) أحمد (1/300) ، النسائي (8/33) .(2/778)
2428 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اذكروا محاسن أمواتكم وكفوا عن مساويهم» رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في "صحيحه" (1) ، وهذه الأحاديث الخاصة بالأموات وسيأتي إن شاء الله أحاديث النهي عن الغيبة في كتاب الجامع وهي شاملة للحي والميت.
[4/57] باب استحباب زيارة القبور وما يقال عند ذلك
2429 - عن بُرَيْدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزوروها فإنها تذكر الآخرة» رواه الترمذي (2) وصححه وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي (3) بلفظ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيد إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرًا» .
2430 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة» رواه أحمد (4) ورواته محتج بهم في الصحيح.
2431 - وعن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كنت نهيتكم زيارة
_________
(1) أبو داود (4/275) (4900) ، الترمذي (3/339) (1019) ، ابن حبان (7/290) (3020) ، وهو عند الحاكم (1/542) .
(2) الترمذي (3/370) (1054) .
(3) مسلم (2/672) (977) ، أبو داود (3/332) (3698) ، النسائي (8/311) .
(4) أحمد (3/38) .(2/779)
القبور، فزوروا القبور فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة» رواه ابن ماجه (1) قال المنذري في "الترغيب والترهيب": بإسناد صحيح.
2432 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي» أخرجه مسلم (2) وفي رواية لأبي داود والنسائي (3) : «أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبر أمه فبكى وأبكى من دونه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: استأذنت ربي عز وجل أن أستغفر لها فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور» .
2433 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى المقبرة فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» رواه أحمد ومسلم والنسائي (4) .
2434 - ولأحمد (5) من حديث عائشة مثله وزاد: «اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم» .
_________
(1) ابن ماجه (1/501) (1571) ، وهو عند الحاكم (1/531) ، وابن حبان (3/261) مطولًا.
(2) مسلم (2/671) (976) .
(3) أبو داود (3/218) (3234) ، النسائي (4/90) ، وهو عند ابن حبان (7/440) ، وابن ماجه (1/501) (1572) ، وأحمد (2/441) .
(4) أحمد (2/300، 375، 408) ، مسلم (1/218) (249) ، النسائي (1/93-95) ، وهو عند ابن ماجه (2/1439) (4306) ، وأبي داود (3/219) (3237) .
(5) أحمد (6/76، 111، 180) ، وهو عند مسلم (2/669) (974) ، وابن ماجه (1/493) (1546) ، والنسائي (4/93) ، ولم يذكر مسلم والنسائي زيادة: «اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم» .(2/780)
2435 - وعن بُرَيْدَة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر يقول قائلهم: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه (1) .
2436 - وعن ابن عباس قال: «مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال: السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالإثر» رواه الترمذي (2) وحسنه.
2437 - وفي حديث عائشة الطويل: «أتاني جبريل فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم قالت: قلت: كيف أقول يا رسول الله؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لا حقون» أخرجه مسلم والنسائي (3) .
[4/58] باب ما جاء في زيارة النساء للقبور
2438 - عن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن زوارات القبور» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه، وابن حبان في "صحيحه" (4) .
_________
(1) أحمد (5/353، 359) ، مسلم (2/671) (975) ، ابن ماجه (1/494) (1547) ، وهو عند النسائي (4/94) ، وابن حبان (7/445) (3173) .
(2) الترمذي (3/369) (1053) .
(3) مسلم (2/669-670) (974) ، النسائي (7/73-74) جزء من حديث طويل.
(4) أحمد (2/337، 356) ، ابن ماجه (1/502) (1576) ، الترمذي (3/371) (1056) ، ابن حبان (7/452) (3178) .(2/781)
2439 - وعن عبد الله بن أبي مُلَيْكَة: «أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر فقلت لها: يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن، فقلت لها أليس كان نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن زيارة القبور؟ قالت: نعم كان نهى عن زيارة القبور ثم أمر بزيارتها» رواه الأثرم في "سننه" وابن ماجه والحاكم مختصرًا (1) .
2440 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج» أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي والبزار وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم (2) وفي إسناده أبو صالح مولى أم هانئ وهو ضعيف.
2441 - وعن عائشة قالت: «كيف أقول يا رسول الله؟ قال: قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ... الخ» أخرجه مسلم والنسائي تقدم (3) قريبًا.
2442 - وقد أخرج البخاري (4) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بامرأة تبكي عند القبر فقال: اتقي الله واصبري قالت: إليك عني» .
[4/59] باب ما جاء في زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -
2443 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من أحد يسلم عليَّ إلا رد الله
_________
(1) ابن ماجه (1/500) مختصرًا، الحاكم (1/532) ، والبيهقي (4/78) .
(2) تقدم برقم (927، 2372) .
(3) تقدم برقم (2440) .
(4) تقدم برقم (2387) .(2/782)
عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام» رواه أحمد وأبو داود (1) وقال المنذري: في إسناده أبو صَخْر حُمَيد بن زياد وقد أخرج له مسلم في "صحيحه"، وقد أُنكر عليه شيء من حديثه وضعفه يحيى بن معين مرَّة ووثقه أخرى، انتهى. وسيأتي هذا الحديث إن شاء الله تعالى في كتاب الجامع، قال الحافظ: هذا الحديث أصح ما ورد في هذا الباب.
2444 - وعن رجل من آل حاطب عن حاطب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي» أخرجه الدارقطني (2) بإسناد فيه مجهول.
2445 - ولابن عمر عند الدارقطني نحوه، وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" وابن عدي في كامله (3) بإسناد ضعيف، وله شواهد.
2446 - وقد تقدم (4) في أبواب الجمعة حديث أوس بن أوس وفيه: «أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» رواه الخمسة وابن حبان في "صحيحه" والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري.
2447 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من زار قبري وجبت له شفاعتي»
_________
(1) أحمد (2/527) ، أبو داود (2/218) (2041) وهو عند البيهقي (5/245) ، والطبراني في "الأوسط" (9/130) .
(2) الدراقطني (2/278) (192) .
(3) الدارقطني (2/278) (193) ، ابن عدي في "الكامل" (2/382) ، وهو عند البيهقي (5/246) ، والطبراني في "الكبير" (12/406) ، و"الأوسط" (3/351) .
(4) تقدم برقم (1905) .(2/783)
أخرجه الدارقطني (1) بإسناد فيه موسى بن هلال العبدي قال أبو حاتم: مجهول العدالة، ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" من طريقه، وقال: إن صح الخبر فإن في القلب من إسناده، وأخرجه البيهقي وقال العقيلي: لا يصح حديث موسى ولا يتابع عليه ولا يصح في هذا الباب شيء. وقال أحمد: لا بأس به، وقد تابعه عليه مسلم بن سالم عند الطبراني من طريقه، وقد صحح الحديث ابن السكن، وعبد الحق وتقي الدين السبكي.
2448 - وأخرج ابن عدي والدارقطني وابن حبان (2) عن ابن عمر مرفوعًا: «من حج ولم يزرني فقد جفاني» وفي إسناده النعمان بن شبل وثقه عمران بن موسى وضعفه غيره وله شواهد ضعيفة والجميع بعضها يقوي بعضًا، وعليه عمل المسلمين في جميع الأمصار ويعدون ذلك من أفضل الأعمال.
[4/60] باب ما جاء من النهي بالمرور بقبور الظالمين
وديارهم ومصارعهم
2449 - عن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه لما وصلوا الحجر ديار ثمود: لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين
_________
(1) الدارقطني (2/278) (194) ، البيهقي في "الشعب" (3/490) ، وهو عند ابن عدي في "الكامل" (6/351) .
(2) ابن عدي في "الكامل" (7/14) ، والدارقطني في "العلل" كما في "الدر المنثور" (1/425) ، وابن حبان في "المجروحين" (3/73) .(2/784)
فلا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم» رواه البخاري ومسلم (1) وفي رواية (2) : «لما مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحجر قال: لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين ثم قنَّع رأسه وأسرع في السير حتى أجاز الوادي» .
[4/61] باب ما جاء في جواز نقل الميت
أو نبشه لغرض صحيح
2450 - عن جابر قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي فأخرجه فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه» وفي رواية: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي بعد ما أدخل حفرته فأمر به فأخرج فوضعه على ركبته فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه والله أعلم وكان كسى عباسًا، قال سفيان: فيرون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ألبس عبد الله قميصه مكافأة بما صنع» رواه البخاري (3) .
2451 - وعن جابر قال: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتلى أحد أن يردوا إلى مصارعهم وكانوا نقلوا إلى المدينة» رواه الخمسة وصححه الترمذي (4) .
_________
(1) البخاري (1/167، 4/1609، 1737) (423، 4158، 4425) ، مسلم (4/2285) (2980) ، أحمد (2/9، 58، 72، 74) .
(2) البخاري (3/1237، 4/1609) (3200، 4157) ، مسلم (4/2286) (2980) ، أحمد (2/66) .
(3) البخاري (1/453) (1285) .
(4) أبو داود (3/202) (3165) ، النسائي (4/79) ، الترمذي (4/215) (1717) ، ابن ماجه (1/486) (1516) ، أحمد (3/308) .(2/785)
2452 - وعن جابر قال: «دفن مع أبي رجل فلم تطب نفسي حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدةٍ» رواه البخاري والنسائي (1) ، ولمالك في "الموطأ" (2) : «أنه سمع من غير واحد يقول: إن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ماتا بالعقيق فحملا إلى المدينة ودفنا بها» وروى سعيد في "سننه": «أن معاذ بن جبل أخرج رجلًا دفن بغير كفن فغسل وكفن وحنط ثم صلى عليه» .
* * *
_________
(1) البخاري (1/454) (1287) ، النسائي (4/84) .
(2) مالك (1/232) .(2/786)
خاتمة كتاب الجنائز
[4/62] باب ما جاء في عذاب القبر
2453 - عن عائشة قالت: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عذاب القبر فقال: نعم عذاب القبر حق قالت: فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر» أخرجاه (1) .
2454 - وعن ابن عباس قال: «مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قبرين فقال: أما إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى أما أحدهما فيمشي بالنميمة وأما الآخر فلا يستتر من بوله قال: فدعا بعسيب رطب فشقه باثنتين ثم غرس على هذا واحدًا وعلى هذا واحدًا، ثم قال: لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي (2) .
2455 - وعن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الموتى يعذبون في قبورهم حتى إن البهائم تسمع أصواتهم» رواه الطبراني في "الكبير" (3) وإسناده حسن.
2456 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لولا أن تدافنوا لدعوت الله أن يُسمعكم عذاب القبر» رواه مسلم (4) .
_________
(1) البخاري (1/462) (1306) ، مسلم (1/411) (586) ، وهو عند النسائي (3/56) ، أحمد (6/174) .
(2) تقدم برقم (144) .
(3) الطبراني في "الكبير" (10/200) .
(4) مسلم (4/2200) (2868) ، وهو عند النسائي (4/102) ، وأحمد (3/103، 111، 114) .(2/787)
2457 - وعن عائشة قالت: «قلت: يا رسول الله! تبتلى هذه الأمة في قبورها؟ فكيف بي وأنا امرأة ضعيفة؟ قال: ((يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ)) [إبراهيم:27] » رواه البزار (1) ورواته ثقات.
2458 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أحدكم إذا مات، عُرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال: هذا مقعدك حين يبعثك الله يوم القيامة» أخرجه الجماعة إلا أبا داود (2) ، والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدًا.
2459 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يتبع الميت ثلاثْ: أهله وماله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي (3) .
2460 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن العبد إذا وضع في لحده وتولى عنه أصحابه إنه يسمع قرع نعالهم» أخرجه أبو داود والنسائي (4) وهو للبخاري ومسلم (5) بلفظ: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب
_________
(1) كما في "كشف الأستار" (1/410) .
(2) البخاري (1/464، 3/1184) (1313، 3068) ، مسلم (4/2199) (2866) ، النسائي (4/106، 107) ، الترمذي (3/384) (1072) ، ابن ماجه (2/1427) (4270) ، أحمد (2/16، 50، 113، 123) .
(3) البخاري (5/2388) (6149) ، مسلم (4/2273) (2960) ، الترمذي (4/589) (2379) ، وهو عند النسائي (4/53) ، وأحمد (3/110) ، وابن حبان (7/374) (3107) .
(4) أبو داود (3/217) (3231) ، النسائي (4/96) .
(5) البخاري (1/448، 462) (1273، 1308) ، مسلم (4/2200) (2870) أحمد (3/126) .(2/788)
عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا، أتاه ملكان فيقعدانه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل - لمحمد - فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقول له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدًا في الجنة، وأما الكافر والمنافق، فيقولان: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيه، فيقال: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين» .
2461 - وعن أبي إسحاق قال: قال سليمان بن صُرَد لخالد بن عُرْفُطَة أو خالد لسليمان: «أما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من قتله بطنه لم يعذب في قبر؟ فقال أحدهما لصاحبه: نعم» رواه الترمذي وقال: حسن غريب، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (1) ، وقال: خالد بن عُرْفُطَة من غير شك. وعرفطة بضم العين المهملة والفاء جميعًا بعدهما طاء مهملة.
2462 - وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مسلم يموت يوم الجمعة، إلا وقاه الله فتنة القبر» رواه الترمذي (2) وقال: حديث غريب، وليس إسناده بمتصل، وذكر السيوطي في أبياته التثبيت أن الترمذي حسن هذا الحديث، ولم أجد ذلك في نسختي من الترمذي.
2463 - وقد أخرج الترمذي وابن ماجه (3) عن المقدام بن معد يكرب قال:
_________
(1) الترمذي (3/377) (1064) ، ابن حبان (7/195) (2933) ، وهو عند النسائي (4/98) ، والطبراني في "الكبير" (4/189، 190، 191) ، وأحمد (4/2623، 5/292) .
(2) تقدم برقم (1982) .
(3) الترمذي (4/187) (1663) ، ابن ماجه (2/935) (2799) ، وهو عند أحمد (4/131) .(2/789)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج باثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه» وقال الترمذي: حسن غريب، وقال ابن ماجه: «يغفر له من أول دفعة من دمه، ويحلى حلية الإيمان بدل» .
قوله: «ويوضع على رأسه تاج الوقار» قال القرطبي: وقع في جميع نسخ الترمذي وابن ماجه ست وهي في متن الحديث سبع، انتهى.
* * *(2/790)
[5] كتاب الزكاة
[5/1] باب الحث عليها والتشديد في منعها
2464 - عن ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذًا إلى اليمن، قال: إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن أطاعوك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم» وفي لفظ للبخاري: «صدقة من أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» رواه الجماعة (1) .
2465 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمى الله عليه في نار جهنم، فيجعل صفائح يكوى بها جنباه وجبهته، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها، إلا بطح له بقاع قرقر كأوفر ما كانت تستن عليه، كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى
_________
(1) البخاري (2/505، 529، 544، 4/1580) (1331، 1389، 1425، 4090) ، مسلم (1/50، 51) (19) ، أبو داود (2/104) (1584) ، النسائي (5/2-3، 55) ، الترمذي (3/21) (625) ، ابن ماجه (1/568) (1783) ، أحمد (1/233) .(2/791)
الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها إلا بطح له بقاع قرقر كأوفر ما كانت، فتطأه بأظلافها وتنطحه بقرونها ليس فيها عَقْصًا ولا جلحًا، كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، قالوا: فالخيل يا رسول الله؟ قال: الخيل في نواصيها الخير أو قال: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، ثلاثة هي: لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر، فأما التي هي له أجر: فالرجل يتخذها في سبيل الله، ويعُدُّها له فلا يغيب شيئًا في بطونها إلا كتب الله له أجرًا، ولو دعاها في مرج فأكلت من شيء إلا كتب الله له أجرًا، ولو سقاها من نهر كان له بكل قطرة يغيبها في بطونها أجر، حتى ذكر الأجر في أبوالها وأروائها، ولو استنّت شرفًا أو شرفين كتب الله له بكل خطوة تخطوها أجرًا، وأما الذي هي له ستر فالرجل يتخذها تكرمًا وتجملًا ولا ينسى حق ظهورها وبطونها في عسرها ويسرها، وأما التي هي عليه وزر فالذي يتخذها أشرًا وبطرًا وبَذْخًا ورياء الناس، فذلك الذي هي عليه وزر، قالوا: فالحمر يا رسول الله؟ قال: ما أنزل علي فيها شيء، إلا هذه الآية الجامعة الفاذة: ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًا يَرَهُ)) [الزلزلة:7-8] » رواه أحمد
ومسلم (1) وفي لفظ لمسلم (2) : «ما من صاحب ذهب ولا فضة» وأخرج البخاري و"الموطأ" (3) منها ذكر الخيل والحمر ولم
_________
(1) أحمد (2/262، 383) ، مسلم (2/682) (987) .
(2) مسلم (2/680) (987) .
(3) البخاري (2/835، 3/1050، 1332) (2242، 2705، 3446) ، مالك في "الموطأ" (2/444) (958) .(2/792)
يذكرا الفصل الأول وأخرج البخاري (1) أيضًا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «تأتي الإبل على صاحبها خير ما كانت إذا لم يعط فيها حقها تطأه بأظلافها، وكذا تنطحه بقرونها، قال: ومن حقها أن تحلب على الماء، قال: ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يعار، فيقول: يا محمد! فأقول: لا أملك شيئًا، فقد بلغت» وفي أخرى للبخاري (2) : «من أتاه الله مالًا، فلم يؤد زكاته مُثِّل له ماله شجاع أقرع له زبيبتان تطوقه يوم القيامة، ثم يؤخذ بلهزمتيه -يعني: شدقيه- ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك، ثم تلا: ((وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ)) [آل عمران:180] » .
2466 - وعن أبي هريرة قال: «لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله تعالى؟ فقال أبو بكر: والله لأُقاتلنَّ من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها، قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق» أخرجه الجماعة إلا ابن ماجه (3) ، وفي رواية (4) : «عقالًا كانوا يؤدونه» .
_________
(1) البخاري (2/508) (1337) .
(2) البخاري (2/508، 4/1663) (1338، 4289) .
(3) البخاري (2/529) (1388) ، مسلم (1/51) (20) ، أبو داود (2/93) (1556) ، النسائي (5/14، 6/5، 6، 7/78) ، الترمذي (5/3) (2607) ، أحمد (1/19، 47، 2/528) .
(4) البخاري (6/2657) (6855) ، مسلم (1/51) (20) النسائي (7/77) .(2/793)
2467 - وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله» أخرجاه (1) .
2468 - ولهما والنسائي (2) من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي، وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله» .
2469 - وعن بَهْز بن حكيم عن أبيه عن جده: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من أعطى الزكاة مؤتجرًا» وفي رواية: «مؤتجرًا بها فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عَزْمةٌ من عزمات ربنا ليس لآل محمد منها شيء» رواه أبو داود والنسائي والحاكم، وصحح إسناده وأخرجه أحمد البيهقي (3) ، وقال يحيى بن معين: إسناده صحيح إذا كان من دون بَهْز ثقة. وقال أحمد: إسناده صالح، وقال صاحب "البدر المنير" بعد ذكر الحديث: لا أعلم له علة غير بَهْز، والجمهور على ثوثيقه كما قاله النووي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولا أعلم خلافًا بين أكثر الأئمة في عدالة بَهْز بن حكيم.
_________
(1) تقدم برقم (551) .
(2) تقدم برقم (553) .
(3) أبو داود (2/101) (1575) ، النسائي (5/15-16، 25) ، الحاكم (1/554) ، أحمد (5/2، 4) ، البيهقي (4/105) ، وهو عند ابن خزيمة (4/18) (2266) .(2/794)
قوله: «كرائم أموالهم» كرائم الأموال: خيارها ونفائسها، وما يكرم على أصحابها وتعز عليهم. قوله: «قاع قَرْقَر» القاع المكان المستوي من الأرض الواسع «القرقر» الأملس و «العقصاء» الشاة الملتوية القرنين وإنما ذكرها لأن العقصاء لا تؤلم بنطحها كما تؤلم غير العقصاء: و «الجلحاء» الشاة التي لا قرن لها، والظلف للشاة كالحافر للفرس، والوزر الإثم والثقل. والاستنان الجري. «والشَّرَف» الشوط والمدى. قوله: «أشرًا وبطرًا» الأشر بفتح الهمزة المرح واللجاج، «والبطر» بفتح الموحدة والطاء المهملة هو الطغيان عند الحق. «والبذخ» بفتح الموحدة والذال المعجمة بعدها خاء معجمة التطاول والفخر وقيل الأشر البطر. «واليعار» صوت الشاة. «والرغاء» للإبل كاليعار للشاة. «شجاع أقرع» الشجاع الحية والأقرع صفته بطول العمر؛ لأن من طال عمره تمزق شعر رأسه فهو أخبث وأشد شرًا، «زبيبتان» هما الزبدتان في الشدقين يقال تكلم فلان حتى زبدت شفاه أي خرج الزبد عليها ومنه الحية ذو الزبدتين وقيل هما النكتتان السوداوان فوق عينيه. «واللهزمتان» عظمان ناتئان في اللحيين تحت الأذنين وقيل مضغتان تحتهما.
[5/2] باب صدقة المواشي السائمة
2473 - عن أنس: «أن أبا بكر كتب له لما وجهه إلى البحرين هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتي أمر الله تعالى رسوله، فمن سألها من المسلمين على وجهها فليُعْطَها، ومن سأل فوقها فلا يُعط، في أربعة وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم، في كل خمس شاة، فإذا بلغت خمس وعشرين إلى خمسًا وثلاثين، ففيها بنت مخاض أنثى، فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر، فإذا بلغت(2/795)
ستًا وثلاثين إلى خمس وأربعين، ففيها بنت لبون أنثى، فإذا بلغت ستًا وأربعين إلى ستين، ففيها حقَّة طروقة الجمل، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين، ففيها جذعة، فإذا بلغت ستًا وسبعين، ففيها بنت لبون، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة، ومن لم يكن له إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها. وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين، ففيها شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة، ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلاثمائة، ففي كل مائة شاة.
فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من الأربعين شاة، فليس فيه صدقة إلا أن يشاء ربها، ولا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، ولا يخرج في الصدقة هَرِمة، ولا ذات عَوار إلا أن يشاء المصدق، وفي الرِّقة ربع العشر فإن لم يكن إلا تسعين ومائة، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها، ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة، فإنه تقبل منه الحقة وتجعل معها شاتين إذا استيسرتا له أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليس عنده حقة وعنده الجذعة، فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده وعنده بنت مخاض، فإنها تقبل منه بنت مخاض ويعطى معها عشرين درهمًا أو شاتين، ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده وعنده بنت لبون، فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، فإن لم يكن عنده بنت(2/796)
مخاض على وجهها، فإنها تقبل منه وليس معه شيء» رواه البخاري (1) قال الحميدي: في عشرة مواضع من كتابه بإسناد واحد مقطعا، ورواه أبو داود بغير هذا السياق، والنسائي بمعناه وصححه ابن حبان (2) وغيره، وقال ابن حزم: كتاب في غاية الصحة.
2471 - وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «في كل أربعين من الإبل السائمة بنت لبون، من أعطى مؤتجرًا» الحديث تقدم (3) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي وإسناده صحيح.
2472 - وعن معاذ بن جبل قال: «بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعًا أو تبيعة، ومن كل أربعين مُسِنَّة، ومن كل حالم دينارًا، أو عِدْله معافريا» رواه الخمسة (4) غير أن ابن ماجه لم يذكر الحالم وحسنه الترمذي وأشار إلى اختلاف في أصله وصححه ابن حبان والحاكم، وقال ابن عبد البر: إسناده متصل صحيح ثابت.
_________
(1) البخاري مُفرقاً في عدة مواضع (2/525، 526، 527، 528، 880، 1131، 6/2551) (1380، 1382، 1383، 1385، 1386، 1387، 2355، 2939، 6555) .
(2) أبو داود (2/96-97) (1567) ، النسائي (5/18-22) ، ابن حبان (8/57) (3266) ، ابن ماجه (1/575) (1800) ، أحمد (1/11) .
(3) تقدم قريبًا برقم (2468) .
(4) أبو داود (2/101، 102) (1576، 1577، 1588) ، النسائي (5/26) ، الترمذي (3/20) (623) ، ابن ماجه (1/576) (1803) ، أحمد (5/230، 233، 247) ، ابن حبان (11/244) (4886) ، الحاكم (1/555) .(2/797)
2473 - وفي حديث عمرو بن حزم الطويل في الديات: «في كل ثلاثين باقورة تبيع جذع أو جذعة، وفي كل أربعين باقورة بقرة» وسيأتي (1) إن شاء الله.
2474 - وعن علي: «ليس في البقر العوامل صدقة» رواه أبو داود والدارقطني (2) وصححه ابن القطان ورجح الحافظ وقفه.
قوله: «بنت مخاض وابن مخاض» بميم مفتوحة بعدها خاء معجمة آخره ضاد معجمة هي التي استكملت السنة الأولى ودخلت في الثانية، ثم هي ابنة مخاض وابن مخاض إلى آخر الثانية سمي بذلك لأن أمه من المخاض الحوامل، والمخاض اسم للحامل لا واحد له من لفظه. قوله: «بنت لبون وابن لبون» هما من الإبل ما استكمل السنة الثانية ودخل في الثالثة وهو كذلك إلى تمامها سمي بذلك لأن أمه ذات لبن. قوله: «حِقَّة» هي بكسر الحاء وتشديد القاف جمعه حقاق وهي ما استكملت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة وهي كذلك إلى تمامها. قوله: «جَذَعة» بفتح الجيم والذال المعجمة هي التي عليها أربع سنين ودخلت في الخامسة. قوله: «سائمة» السائمة من الغنم الراعية غير المعلوفة. قوله: «هَرِمة» الهرمة بفتح الهاء وكسر الراء الكبيرة الطاعنة في السن. «ذات عوار» بفتح العين المهملة العيب وقد تضم. قوله: «الرِّقة» بكسر الراء وتخفيف القاف هي الدراهم المضروبة من الوَرِق، والهاء فيها عوض عن الواو المحذوفة وقيل هي الفضة الخالصة وإن لم تضرب.
_________
(1) سيأتي برقم (4812) .
(2) جزء من حديث طويل عند أبي داود (2/99) (1572) ، الدارقطني (2/103) ، وهو عند ابن خزيمة (4/20) ، والبيهقي (4/116) .(2/798)
[5/3] باب ما نهي عن أخذه وما لا يجوز للمصدق أخذه وما يأخذه
2475 - عن رجل يقال له سِعرَ عن مصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نأخذ شافعًا، والشافع التي في بطنها ولد» أخرجه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري والحافظ في "التلخيص" ورجال إسناده ثقات أخرجه أحمد والنسائي (1) .
2476 - وعن سُوَيد بن غَفَلَة قال: «أتانا مصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمعته يقول: أنا في عهدي أن لا آخذ من راضع لبن، ولا نفرق بين مجتمع، ولا نجمع بين مفترق. وأتاه رجل بناقة كَوْماء، فأبى أن يأخذها» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والدارقطني والبيهقي (2) وفي إسناده هلال بن خباب قال في "الكاشف": ثقة.
2477 - وعن عبد الله بن معاوية الغاضري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من فعلهن طعم طعم الإيمان: من عبد الله وحده وشهد أن لا إله إلا هو وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه كل عام ولم يعط الهرِمَة ولا الدّرِنة ولا المريضة ولا الشَّرَط اللئيمة ولكن من وسط أموالكم فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره» رواه أبو داود والطبراني (3) وجوّد إسناده.
_________
(1) أبو داود (2/103) (1581، 1582) ، أحمد (3/414) ، النسائي (5/32) .
(2) أحمد (4/315) ، أبو داود (2/102) (1579، 1580) ، النسائي (5/30) ، الدارقطني (2/104) ، البيهقي (4/101) .
(3) أبو داود (2/103) (1582) ، الطبراني في الصغير (1/334) (555) .(2/799)
2478 - وقد تقدم (1) في الحديث الطويل ذكر الهرمة وذات العوار.
2479 - وتقدم (2) حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذًا قال: «إياكم وكرائم أموالهم» متفق عليه.
2480 - وعن أبيّ بن كعب قال: «بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصدقًا فمررت برجل فلم أجد عليه في ماله إلا ابنة مخاض فأخبرته أنها صدقته فقال: ذاك مالا لبن فيه ولا ظَهْر، وما كنت لأقرض الله ما لا لبن فيه ولا ظهر، ولكن هذه ناقة فتية سمينة عظيمة فخذها، فقال: ما أنا بآخذ ما لم أومر به، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منك قريب فإن أحببت أن تأتيه، فتعرض عليه ما عرضت عليّ، فإن قبله منك قبلته وإن رده عليك رددته، قال: فإني فاعل فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض علي، حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ذاك الذي عليك، وإن تطوعت بخير قبلناه منك وآجرك الله فيه، قال: فخذها، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبضها ودعا له بالبركة» أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم (3) .
2481 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم» رواه أحمد (4) ، ولأبي داود (5) : «لا
_________
(1) تقدم برقم (2473) .
(2) تقدم برقم (2467) .
(3) أحمد (5/142) ، أبو داود (2/104) (1583) ، الحاكم (1/556) ، وهو عند البيهقي (4/96) .
(4) أحمد (2/184) ، وهو عند الطيالسي (1/299) (2264) .
(5) أبو داود (2/107) (1591) ، البيهقي (4/110) .(2/800)
تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم» وسكت عنه أبو داود والمنذري وفي إسناده ابن إسحاق معنعنًا.
2482 - وعن عمران بن حصين عند أحمد وأبي داود والنسائي والترمذي وابن حبان (1) وصححاه مثل حديث الباب.
2483 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا جَلَبب ولا جَنَب» رواه أحمد وأبو داود (2) من طريق ابن إسحاق.
2484 - ورواه بقية أهل السنن وابن حبان (3) من رواية الحسن عن عمران بن حصين، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: الذي عندي أن الحسن سمع من عمران، وخالفه في ذلك علي بن المديني وأبو حاتم الرازي.
2485 - وعن سُمَرة بن جُنْدب قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع» رواه أبو داود (4) وإسناده لين.
قوله: «الغاضري» هو بالغين والضاد المعجمتين. قوله: «الدّرِنة» بفتح الدال المهملة بعدها راء مكسورة ثم نون هي الجرباء. قوله: «الشَّرَط اللئيمة» الشرط بفتح الشين المعجمة والراء هي صغار المال وشراره، واللئيمة: البخيلة باللبن. قوله: «لا جَلَب» أي تصدق الماشية في موضعها، ولا تجلب إلى المصدق، و «لا جنب» ، أن يكون
_________
(1) أحمد (4/429، 439، 443) ، أبو داود (3/30) (2581) ، النسائي (6/111) ، الترمذي (3/431) (1123) ، ابن حبان (8/61) (3267) .
(2) أحمد (2/216) ، أبو داود (2/107) (1591) .
(3) تقدم قريبًا برقم (2485) .
(4) أبو داود (2/95) (1562) ، الدارقطني (2/127) ، وهو عند البيهقي (4/146) .(2/801)
المصدق بأقصى مواضع أصحاب الصدقة فتجنب إليه فنهوا عن ذلك، وفي الباب أحاديث.
[5/4] باب ما جاء في الرقيق والخيل والحمر
2486 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه» رواه الجماعة (1) ولأبي داود (2) : «وليس في الخيل والرقيق زكاة إلا زكاة الفطر» ولأحمد ومسلم (3) : «ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر» وقال في "الخلاصة": إن في سند زيادة مسلم انقطاع وهي عند الدارقطني (4) وغيره بإسناد متصل صحيح كما قال ابن القطان.
2487 - وعن عمر «وجاءه ناس من أهل الشام، فقالوا: إنّا قد أصبنا أموالًا خيلًا ورقيقًا نحب أن تكون لنا فيها زكاة وطَهور، قال: ما فعله صاحباي قبلي فأفعله واستشار أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيهم علي، فقال علي: هو حسن إن لم تكن جزية راتبة يؤخذون بها من بعدك» رواه أحمد (5) قال في "مجمع الزوائد":
_________
(1) البخاري (2/532) (1394، 1395) ، مسلم (2/675) (982) ، أبو داود (2/108) (1595) ، النسائي (5/35) ، الترمذي (3/23) (628) ، ابن ماجه (1/579) (1812) ، أحمد (2/242، 249، 254، 407، 410، 477) .
(2) أبو داود (2/108) (1594) .
(3) أحمد (2/420) ، مسلم (2/676) (982) .
(4) الدارقطني (2/127) .
(5) أحمد (1/14) ، وهو عند الحاكم (1/557) ، والدارقطني (2/137) ، والبيهقي (4/118) .(2/802)
ورجاله ثقات.
2488 - وعن أبي هريرة قال: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحمير فيها زكاة، فقال: ما جاءني فيها شيء إلا هذه الآية الفاذة: ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًا يَرَهُ)) [الزلزلة:7-8] » رواه أحمد (1) .
2489 - وقد تقدم (2) في حديث أبي هريرة الطويل معناه، رواه مسلم.
2490 - وسيأتي (3) حديث علي مرفوعًا: «قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق» رواه أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد وابن ماجه من حديث الحارث عن علي قال البخاري: كلاهما عندي صحيح.
[5/5] باب زكاة الذهب والفضة
2491 - عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرِّقَة من كل أربعين درهمًا درهمان، وليس في تسعين ومائة شيء فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي (4) من حديث عاصم بن حمزة عن علي، ورواه ابن ماجه (5) من
_________
(1) أحمد (2/423) .
(2) تقدم برقم (2468) .
(3) سيأتي بداية الباب الآتي.
(4) أحمد (1/92، 145) ، أبو داود (2/101) (1574) ، الترمذي (3/16) (620) ، النسائي (5/37) .
(5) ابن ماجه (1/570) (1790) ، وهو عند أحمد (1/121، 132، 146) ، والدارقطني (2/98) .(2/803)
حديث الحارث عن علي، قال البخاري: كلاهما عندي صحيح يحتمل أن يكون أبو إسحاق سمعه منهما، وقال الدارقطني: الصواب وقفه على علي.
2492 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون دينارًا، وحال الحول عليها ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك، وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول» رواه أبو داود (1) قال في "بلوغ المرام": وهو حسن وقد اختلف في رفعه.
2493 - وللترمذي (2) عن ابن عمر: «من استفاد مالًا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول» والراجح وقفه، انتهى.
2494 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس فيما دون خمس أواق من الوَرِق صدقة، وليس فيما دون خمس من الإبل صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة» رواه أحمد ومسلم (3) .
2495 - وقد تقدم (4) في حديث أنس الطويل: «وفي الرِّقَة ربع العشر، فإن لم يكن إلا تسعين ومائة، فليس فيها صدقة إلا إن يشاء ربها» رواه البخاري.
_________
(1) أبو داود (2/100) (1573) ، أحمد (1/148) مختصرًا، البيهقي (4/137) .
(2) الترمذي (3/25، 26) (631، 632) ، وهو عند البيهقي (4/103) .
(3) أحمد (3/296) ، مسلم (2/675) (980) .
(4) تقدم برقم (2473) .(2/804)
2496 - وله (1) من حديث أبي سعيد: «ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة، وليس فيما دون خمس أواق من الوَرِق صدقة» .
قوله: «الرِّقَة» هي الدراهم المضروبة من الوَرق والهاء فيها بدل من الواو المحذوفة، والرقيق: اسم يقع على العبيد والإماء، والأوقية: أربعون درهمًا، والدرهم الخالص من الفضة، والدينار: مثقال، والمثقال: درهم وثلاثة أسباع درهم.
[5/6] باب ما جاء في زكاة الحلي
2497 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مَسْكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: أتعطين زكاة هذه؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسوّرك الله بهما يوم القيامة بسوار من نار؟ قال: فخلعتهما، فألقتهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقالت: هما لله ورسوله» رواه أبو داود (2) وقال في "الخلاصة": وإسناده صحيح، وقال في "بلوغ المرام": وإسناده قوي، وصححه الحاكم من حديث عائشة وأخرجه الترمذي (3) من حديث عمرو بن شعيب أيضًا بلفظ: «أن امرأتين أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي أيديهما سواران من ذهب، فقال لهما: أتؤديان زكاته؟ قالتا: لا، فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتحبان أن يسوركما الله بسوار من نار؟ قالتا: لا، قال: فأديّا زكاته» وقال الترمذي: لا يصح في الباب شيء.
2498 - وعن أم سلمة: «أنها كانت تلبس أوضاحًا من ذهب، فقالت: يا
_________
(1) سيأتي برقم (2513) .
(2) أبو داود (2/95) (1563) ، وهو عند النسائي (5/28) .
(3) الترمذي (3/29) (637) ، وأحمد (2/204)(2/805)
رسول الله! أكنز هو؟ قال: إن أديت زكاته فليس بكنز» رواه أبو داود والدارقطني وصححه الحاكم (1) .
2499 - وعن عائشة قالت: «دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى في يدي فتخات من وَرِق، فقال: ما هذا يا عائشة؟ فقلت: صنعتهن أتزين لك بهن يا رسول الله، قال: أتؤدين زكاتهن؟ فقلت: لا، أو ما شاء الله، قال: هو حسبك من النار» أخرجه أبو داود والدارقطني والحاكم (2) وصححه وقال في "التلخيص": إسناده على شرط الصحيح.
2500 - وقد أخرج الدارقطني (3) من حديث عمرو بن شعيب عن عروة عن عائشة أنها قالت: «لا بأس بلبس الحلي إذا أعطى زكاته» قال في "البدر المنير": وإسناده صحيح.
2501 - وعن أسماء بنت يزيد قالت: «دخلت أنا وخالتي على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلينا أسورة من ذهب فقال لنا: أتعطيان زكاته؟ قالت: فقلنا: لا، قال: أما تخافان أن يسوركما الله أسْورة من نار أديا زكاته» رواه أحمد (4) بإسناد حسن.
قوله: «مسكة» المسكة محركة، واحدة المسك وهي أسورة من قرن أو عاج، فإذا
_________
(1) أبو داود (2/95) (1564) ، الدارقطني (2/105) ، الحاكم (1/547) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (23/281) ، والبيهقي (4/140) .
(2) أبو داود (2/95) (1565) ، الدارقطني (2/105) ، الحاكم (1/547) .
(3) الدارقطني (2/107) .
(4) أحمد (6/461) .(2/806)
كان من غير ذلك أضيفت إليه. قوله: «فَتَخَات» بالخاء المعجمة جمع فتخة وهي حلقة لا فص لها تجعلها المرأة في أصابع رجليها وربما وضعتها في يدها.
[5/7] باب زكاة الزروع والثمار
2502 - عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فيما سقت الأنهار والغيم العشور، وفيما سقي بالسانية نصف العشور» رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود (1) وقال: «الأنهار والعيون» .
2503 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثريًا العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر» رواه الجماعة إلا مسلمًا (2) ، لكن لفظ النسائي وأبي داود وابن ماجه «بَعْلًا» بدل «عَثريًّا» .
2504 - وعن أبي موسى الأشعري ومعاذ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهما: لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة: الشعير، والحنطة، والزبيب، والتمر» رواه الطبراني والحاكم (3) ، قال البيهقي: رواته ثقات وهو متصل. وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
2505 - قال في "التلخيص": وروى الدارقطني (4) من حديث موسى بن
_________
(1) أحمد (3/341) ، مسلم (2/675) (981) ، النسائي (5/41) ، أبو داود (2/108) (1597) .
(2) البخاري (2/540) (1412) ، أبو داود (2/108) (1596) ، النسائي (5/41) ، الترمذي (3/32) (640) ، ابن ماجه (1/581) (1817) .
(3) الحاكم (1/558) ، البيهقي (4/125) .
(4) الدارقطني (2/96) .(2/807)
طلحة عن عمر: «إنما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة في هذه الأربعة فذكرها» قال أبو زرعة: موسى عن عمر مرسل.
2506 - وروى ابن ماجه والدارقطني (1) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «إنما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب» زاد ابن ماجه: «والذرة» وإسناده واهٍ لأنه من رواية محمد بن عبد الله العَرْزَمي وهو متروك، والراوي عن العَرْزَمي ضعيف.
2507 - وروى البيهقي (2) من طريق مجاهد قال: «لم تكن الصدقة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا في خمسة» فذكرها.
2508 - ومن طريق الحسن قال: «لم يفرض النبي - صلى الله عليه وسلم - الصدقة إلا في عشرة، فذكر الخمسة المذكورة والإبل والبقر والغنم والذهب والفضة» .
2509 - وعن الشّعبي قال: «كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل اليمن إنما الصدقة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب» قال البيهقي: هذه المراسيل طرقها مختلفة، وهي تؤكد بعضها بعضًا ومعها حديث أبي موسى، انتهى كلام "التلخيص".
قوله: «السانية» هو البعير الذي يستسقى به الماء من البئر، ويقال له: الناضح. «والعثري» بفتح العين المهملة والثاء المثلثة وراء مكسورة هو الذي يشرب بعروقه من ماء السيل، «والنَّضح» بفتح النون وسكون الضاد المعجمة والحاء المهملة أي السانية
_________
(1) ابن ماجه (1/580) (1815) ، الدارقطني (2/94) .
(2) روى هذه الآثار البيهقي في السنن الكبرى (4/129) .(2/808)
«والبعل» بفتح الموحدة وسكون المهملة، الأشجار التي تشرب بعروقها.
[5/8] باب بيان القدر الذي تجب الزكاة فيه وجواز الخرص
وما نهي عن أخذه ومالا زكاة فيه
2510 - عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» رواه الجماعة (1) وفي لفظ لأحمد ومسلم والنسائي (2) : «وليس فيما دون خمسة أوسق من تمر ولا حب صدقة» ولمسلم (3) في رواية: «من ثمر» بالثاء المثلثة.
2511 - وعن جابر مثل حديث أبي سعيد أخرجه مسلم (4) .
2512 - وعن أبي هريرة أخرجه أحمد والدارقطني (5) .
2513 - وعن عمرو بن حزم أخرجه البيهقي (6) .
2514 - وعن أبي سعيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس فيما دون خمسة أوساق زكاة، والوَسق ستون مختومًا» وفي رواية: «ستون صاعا» رواه أحمد وأبو داود وإسناده منقطع، ورواه أحمد وابن ماجه بإسناد ضعيف، وقال في "الخلاصة": رواه
_________
(1) البخاري (2/529، 540) (1390، 1413) ، مسلم (2/673، 674) (979) ، أبو داود (2/94) (1558) ، النسائي (5/17) ، الترمذي (3/22) (626) ، أحمد (3/30، 60) .
(2) مسلم (2/674) (979) ، أحمد (3/97) ، النسائي (5/39) .
(3) مسلم (2/675) (979) .
(4) تقدم برقم (2497) .
(5) أحمد (2/403) .
(6) البيهقي (4/121) .(2/809)
الدارقطني في "سننه" وابن حبان في "صحيحه" (1) من رواية عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد وهو متصل صحيح كالشمس.
2515 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه، ثم يُخيِّر يهودَ يأخذونه بذلك الخرص أو يدفعونه إليهم بذلك الخرص لكي تحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمار وتفرق» رواه أحمد وأبو داود وفي إسناده اختلاف وانقطاع ورواه الدارقطني (2) بإسناد متصل.
2516 - وعن عتَّاب بن أَسيْد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم» رواه الترمذي وابن ماجه (3) وفي لفظ لأبي داود والترمذي (4) قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرص العنب كما نخرص النخل أو نأخذ زكاته زبيبًا كما نأخذ صدقة النخل تمرًا» قال في "بلوغ المرام": رواه الخمسة وفي إسناده انقطاع وحسنه الترمذي وقال: غريب.
2517 - وعن سهل بن أبي حَثْمَة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا خرصتم
_________
(1) أحمد (3/59، 83) ، أبو داود (2/94) (1559) ، ابن ماجه (1/586) (1832) ، الدارقطني (2/98، 99) ، ابن حبان (8/76) (32) ، وابن خزيمة (4/38) (2310) .
(2) أحمد (6/163) ، أبو داود (3/263) (3413) ، الدارقطني (2/134) .
(3) الترمذي (3/36) (644) ، ابن ماجه (1/582) (1819) ، وهو عند ابن حبان (8/73) (3278) ، والبيهقي (4/121) .
(4) أبو داود (2/110) (1603، 1604) ، الترمذي (3/36) (644) ، وهو عند ابن حبان (8/74) (3279) ، وابن خزيمة (4/41) (2316) ، والحاكم (3/687) ، والدارقطني (2/132) ، والنسائي (5/109) .(2/810)
فدعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم (1) وقال: وله شاهد متفق على صحته فذكره، انتهى.
2518 - وقد روي في الصحيح (2) عن أبي حُمَيد: «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرص حديقة امرأة بنفسه» وفي الحديث قصة.
2519 - وعن أبي أمامة بن سَهْل بن حُنَيْف عن أبيه قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجُعْرُور ولون الحُبِيق أن يؤخذا في الصدقة» أخرجه أبو داود (3) وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح، وفي رواية للنسائي (4) عن سهل بن حنيف: «في الآية التي قال الله عز وجل: ((وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ)) [البقرة:267] قال هو الجُعْرور ولون الحُبيق، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يؤخذ في الصدقة الرذالة» رواه النسائي بإسناد رجاله رجال الصحيح إلا عبد الجليل بن حميد وهو صدوق.
2520 - وللترمذي (5) في تفسير الآية نحوه وقال: حسن صحيح غريب
_________
(1) أبو داود (2/110) (1605) ، النسائي (5/42) ، الترمذي (3/35) (643) ، أحمد (3/448، 4/2، 3) ، ابن حبان (8/75) (3280) ، الحاكم (1/560) ، وهو عند ابن خزيمة (4/42) ، وابن أبي شيبة (2/414) ، والبيهقي (4/123) .
(2) البخاري (2/539) (1411) ، مسلم (4/1785) (1392) ، أحمد (5/424) .
(3) أبو داود (2/110) (1607) ، وهو عند ابن خزيمة (4/39) .
(4) النسائي (5/43) ، وهو عند الحاكم بمعناه (1/559) ، والطبراني في "الكبير" (6/76) ، والدارقطني (2/131) .
(5) الترمذي (5/218) (2987) .(2/811)
من حديث البراء.
2521 - وعن عطاء بن السائب قال: «أراد عبد الله بن المغيرة أن يأخذ من أرض موسى بن طلحة من الخضروات صدقة، فقال له موسى بن طلحة: ليس لك ذلك إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول ليس في ذلك صدقة» رواه الأثرم في "سننه" (1) مرسلًا.
2522 - وقد أخرج الدارقطني والحاكم (2) من حديث معاذ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيما سقت السماء العشر، والبَعْل والسيل العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر، يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب، فأما القثاء والبطيخ والرمّان والقضب والخضروات فقد عفا عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» قال في "بلوغ المرام": وإسناده ضعيف، انتهى. وأما الحاكم فقال: صحيح الإسناد وذكر له شاهداً بإسناد صحيح.
2523 - وعن معاذ: «كتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخضروات فكتب ليس فيها شيء» أخرجه الترمذي (3) وقال: هذا الحديث ليس بصحيح، وللحديث شواهد يقوي بعضها بعضًا.
2524 - ويؤيدها حديث معاذ المتقدم (4) : «لا تأخذ الصدقة إلا من هذه
_________
(1) عزاه له في "التلخيص" (2/321) .
(2) الدارقطني (2/97) ، الحاكم (1/558) ، الطبراني في "الكبير" (20/151) (314) .
(3) الترمذي (3/30) (638) .
(4) تقدم برقم (2324) .(2/812)
الأربعة» أخرجه الحاكم والبيهقي والطبراني.
2525 - وما أخرجه الطبراني في "الكبير" (1) عن عمر قال: «إنما سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة في هذه الأربعة» وقال: رجاله رجال الصحيح.
قوله: «الجُعْرور» بجيم مضمومة فعين ساكنة ثم راء مضمومة بعدها واو ساكنة ثم راء هو التمر الرديء «والحُبيق» : بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة، وسكون التحتية بعدها قاف هو التمر الرديء، «والرذالة» : بضم الراء بعدها ذال معجمة هو التمر الذي قد أخذ منه جيده، «والبعل» : هو ما شرب من النخيل بعروقه من الأرض من غير سقي سماء ولا غيرها.
[5/9] باب ما جاء في العسل
2526 - عن أبي سيَّارة المُتَعي قال: «قلت: يا رسول الله! إن لي نحْلًا، قال: فأدِّ العشور، قال: قلت: يا رسول الله! احم لي جبلها قال: فحمى لي جبلها» رواه أحمد وابن ماجه، وأخرجه أبو داود والبيهقي (2) بإسناد منقطع، وقال ابن عبد البر: لا تقوم بهذا حجة.
2527 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «جاء أحد بني هلال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعشور نحله فسأله أن يحمى له وادي سلبة فحمى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك الوادي فلما وُلي عمر كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب يسأله عن ذلك فكتب إليه عمر إن أدى ما كان يؤديه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) تقدم برقم (2325) .
(2) أحمد (4/236) ، ابن ماجه (1/584) (1823) ، البيهقي (4/126) .(2/813)
من عشور نحله فاحم له سَلَبه، وإلا فإنما هو ذباب غيب يأكله من شاء» وفي رواية: «إن شبابة بطن من فهم» فذكر نحوه وقال: «من كل عشر قِرَب قربة» أخرجه أبو داود والنسائي (1) وفي إسناده صَدَقة بن عبد الله ضعفه أحمد ويحيى بن معين وغيرهما، وقال البخاري: هو مرسل. وقال النسائي: صَدَقة ليس بشيء وهذا حديث منكر، ولابن ماجه (2) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ من العسل العشر» وفي إسناده أسامة بن زيد وهو ضعيف قال ابن معين: ليس بشيء وقال الترمذي: ليس بثقة.
2528 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «في العسل في كل عشرة أزْقاق زق» أخرجه الترمذي (3) بإسناد ضعيف وقال الترمذي: لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب كثير شيء وقال البخاري: ليس في زكاة العسل شيء يصح، وقال ابن المنذر: ليس في وجوب صدقة العسل حديث يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا إجماع فلا زكاة فيه، وقال الشافعي: الحديث في أن في العسل العشر ضعيف وفي ألا يؤخذ منه العشر ضعيف.
_________
(1) أبو داود (2/109) (1600) ، النسائي (5/46) .
(2) ابن ماجه (1/584) (1824) .
(3) الترمذي (3/24) (629) .(2/814)
أبواب إخراج الزكاة
[5/10] باب المبادرة إلى إخراجها وكراهة تأخيرها
2529 - عن عقبة بن الحارث قال: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر فأسرع ودخل البيت فلم يلبث أن خرج فقلت: أو قيل له: فقال كنت خلفت في البيت تبرًا من الصدقة فكرهت أن أُبيّته فقسمته» رواه البخاري (1) وفي رواية له (2) : «فأمرت بقسمته» .
2530 - وعن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما خالطت الصدقة مالًا قط إلا أهلكته» رواه الشافعي والبخاري في تاريخه والحميدي (3) وزاد قال: «يكون قد وجب عليك في مالك صدقة فلا تخرجها فيُهلك الحرام الحلال» .
[5/11] باب ما جاء في تعجيل الزكاة
2531 - عن علي: «أن العباس بن عبد المطلب سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك» رواه الخمسة إلا النسائي (4) ، وفي رواية
_________
(1) البخاري (2/519) (1363) .
(2) البخاري (1/291، 408) (813، 1163) ، وهذه الرواية عند النسائي (3/84) ، وأحمد (4/7) .
(3) الشافعي في "مسنده" (1/99) ، البخاري في "التاريخ" (1/180) ، الحميدي (1/115) (237) ، وهو في "مسند الشهاب" (2/10) (781) .
(4) أبو داود (2/115) (1624) ، الترمذي (3/63) (678) ، ابن ماجه (1/572) (1795) ، أحمد (1/104) .(2/815)
الترمذي (1) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر: إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول» وقال: حسن صحيح، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد. والدارقطني والبيهقي (2) وقد اختلف في إسناده ورجح أبو داود والدارقطني إرساله وشهد له ما أخرجه البيهقي (3) من حديث علي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إنا كنا احتجنا فأسْلَفَنا العباس صدقة عامين» ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاع.
2532 - وعن أبي هريرة قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على الصدقة فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد وعباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا فقد احتبس أدرعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهو علي ومثلها معها، ثم قال: يا عمر! أما شعرت إن عمَّ الرجل صنو أبيه» رواه أحمد ومسلم (4) والبخاري (5) وليس فيه ذكر عمر ولا ما قيل له في العباس، وفي رواية للبخاري: «فهي علي صدقة ومثلها معها» .
قوله: «أعتاده» جمع عتاد بفتح العين المهملة بعدها فوقية وبعد الألف دال مهملة آلة الحرب من سلاح ودواب وغيرها.
_________
(1) الترمذي (3/63) (679) .
(2) الحاكم (3/375) ، الدارقطني (2/123) ، البيهقي (4/111) .
(3) البيهقي (4/111) .
(4) أحمد (2/322) ، مسلم (2/676) (983) ، وهو عند أبي داود (2/115) ، والنسائي (5/33) .
(5) البخاري (2/534) (1399) .(2/816)
[5/12] باب في زكاة مال اليتيم
2533 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس فقال: ألا من ولي يتيمًا له مال فليتجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة» أخرجه الترمذي والدارقطني (1) وإسناده ضعيف.
2534 - وله شاهد مرسل عند الشافعي (2) .
2535 - وحديث معاذ (3) : «خذها من أغنيائهم وضعها في فقرائهم» شامل له.
[5/13] باب أخذ الزكاة من العين وجواز القيمة للعذر
وما جاء في زكاة التجارة
2536 - عن معاذ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له حين بعثه إلى اليمن: «خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الإبل والبقر من البقر» أخرجه أبو داود (4) وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط الشيخين إن صح سماع عطاء من معاذ فإني لا أتقنه. وقال البيهقي في "خلافياته": رواته ثقات وقال عبد الحق: عطاء بن يسار لم يدرك معاذًا.
_________
(1) الترمذي (3/32) (641) ، الدارقطني (2/109، 110) ، وهو عند الطبراني في "الأوسط" (1/298) .
(2) الشافعي (1/92) .
(3) تقدم برقم (2284) .
(4) أبو داود (2/109) (1599) ، الحاكم (1/456) ، وهو عند ابن ماجه (1/580) (1814) ، والدارقطني (2/99) ، والبيهقي (4/112) .(2/817)
2537 - وعن أبيض بن حَمّال: «أنه كلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصدقة حين وفد عليه فقال: يا رسول الله! إنما زرعنا القطن وقد تبددت سبا ولم يبق فيهم إلا قليل بمأرب فصالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سبعين حُلّة من المعافر كل سنة فلم يزالوا يؤدونها حتى قبض النبي - صلى الله عليه وسلم -» أخرجه أبو داود (1) .
2538 - وللدار قطني والبيهقي (2) من حديث أبي ذر بأسانيد فيها مقال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته» ، قال في "الخلاصة": وأخرجه الحاكم (3) بإسنادين صحيحين، وقال: هذان الإسنادان صحيحان على شرط الشيخين. «والبز» بفتح الباء والزاي كذا رواه وصرح بالزاي الدارقطني.
2539 - وعن سَمُرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع» رواه أبو داود والدارقطني (4) بإسناد فيه مقال، وقال عبد الغني: مقارب. وحسنه غيره.
[5/14] باب لا تجب زكاة في مال حتى يحول عليه الحول في يد مالكه
2540 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من استفاد مالًا فلا زكاة عليه حتى
_________
(1) أبو داود (3/164) (3028) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (1/277) (806) .
(2) الدارقطني (2/100، 101، 102) ، البيهقي (4/147) ، وهو عند ابن أبي شيبة (2/428) ، وأحمد (5/179) .
(3) الحاكم (1/545) (1431، 1432) .
(4) تقدم برقم (2488) .(2/818)
يحول عليه الحول» رواه الترمذي (1) والراجح وقفه.
2541 - ولأبي داود (2) من حديث علي: «إذا كان لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وفيه وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول» رواه أبو داود وأحمد والبيهقي. قال في "بلوغ المرام": وهو حسن وقد اختلف في رفعه وفي "التلخيص" حديث علي لا بأس بإسناده والآثار تعضده فيصلح للحجة.
[5/15] باب تفرقة الزكاة في بلدها وما يقال عند دفعها
2542 - عن أبي جُحَيفة قال: «قدم علينا مصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها في فقرائنا فكنت غلامًا يتيمًا فأعطاني منها قلوصًا» رواه الترمذي (3) وحسنه.
2543 - وعن عمران بن حصين: «أنه استعمل على الصدقة فلما رجع قيل له أين المال قال: أو للمال أرسلتني؟ أخذناه من حيث كنا نأخذه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضعناه حيث كنا نضعه» رواه أبو داود وابن ماجه (4) وسكت عنه أبو داود والمنذري وفي إسناده إبراهيم بن عطاء وهو صدوق، وبقية الإسناد رجال الصحيح.
_________
(1) تقدم برقم (2496) .
(2) تقدم برقم (2495) .
(3) الترمذي (3/40) (649) ، وهو عند ابن خزيمة (4/66، 74) (2362، 2379) ، والطبراني في "الكبير" (22/109) .
(4) أبو داود (2/115) (1625) ، ابن ماجه (1/579) (1811) .(2/819)
2544 - وعن معاذ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى اليمن قال له: خذها من أغنيائهم وضعها في فقرائهم» أخرجاه (1) .
2545 - وحديث أَبيض بن حَمَّال (2) فيه دليل على جواز صرف الزكاة في غير بلدها وله شواهد محلها شروح الحديث.
2546 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا: اللهم اجعلها مغنمًا ولا تجعلها مغرمًا» رواه ابن ماجه (3) بإسناد ضعيف.
2547 - وللنسائي (4) من حديث وائل بن حُجْر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «في رجل بعث بناقه حسنة في الزكاة اللهم بارك فيه وفي إبله» .
2548 - وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صلِّ عليهم، فأتاه أبو أوفى بصدقته فقال: اللهم صلِّ على آل أبي أوفى» متفق عليه (5) وهي امتثال لقوله تعالى: ((وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)) [التوبة:103] » .
_________
(1) تقدم برقم (2467) من حديث ابن عباس.
(2) تقدم برقم (2540) .
(3) ابن ماجه (1/573) (1797) .
(4) النسائي (5/30) .
(5) البخاري (2/544، 4/1529، 5/2333، 2339) (1426، 3933، 5973، 5998) ، مسلم (2/756) (1078) ، أحمد (4/353، 354، 355، 381، 383) ، وهو عند أبي داود (2/106) (1590) ، والنسائي (5/31) ، وابن ماجه (1/572) (1796) .(2/820)
[5/16] باب براءة رب المال بالدفع إلى السلطان مع العدل والجور
وأنه إذا ظلم بزيادة لم يحتسب به عن شيء
2549 - عن أنس: «أن رجلًا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله، قال: نعم، إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها إلى الله ورسوله، فلك أجرها وإثمها على من بَدّلها» مختصر لأحمد (1) وسكت عنه في "التلخيص".
2550 - وعن ابن مسعود: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله! فما تأمرنا؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم» متفق عليه (2) .
2551 - وعن وائل بن حُجْر قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجل يسأله: فقال: أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعونا حقنا ويسألون حقهم فقال: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حُمّلتم» رواه مسلم والترمذي وصححه (3) .
2552 - ولأبي داود (4) من حديث جابر بن عَتِيك مرفوعًا: «سيأتيكم ركب مبغضون فإذا أتوكم فرحبوا بهم وخلوا بينهم وبين ما يبغون فإن عدلوا
_________
(1) أحمد (3/136) .
(2) البخاري (3/1318) (3408) ، مسلم (3/1472) (1843) ، أحمد (1/384، 428، 433) .
(3) مسلم (3/1474، 1775) (1846) ، الترمذي (4/488) (2199) .
(4) أبو داود (2/105) (1588) .(2/821)
فلأنفسهم وإن ظلموا فعليها وأرضوهم فإن تمام زكاتكم رضاهم» وفي الباب أحاديث.
2553 - وعن بشير بن الخصاصية قال: «قلنا: يا رسول الله! إن قومًا من أصحاب الصدقة يعتدون علينا فنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا، فقال: لا» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري ولا بأس بإسناده وأخرجه عبد الرزاق (1) .
[5/17] باب سمة المواشي إذا تنوعت
2554 - عن أنس قال: «غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة» أخرجاه (2) ولأحمد وابن ماجه (3) «دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يسم غنمًا في آذانها» .
2555 - وعن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال لعمر: «إن في الظَّهْر ناقة عمياء فقال: أمن نعم الصدقة أو من نعم الجزية؟ قال أسلم: من نعم الجزية، وقال: إن عليها مِيْسَم الجزية» رواه الشافعي (4) .
2556 - والوسم المنهي عنه هو الذي في الوجه. فقد أخرج أبو داود (5)
_________
(1) أبو داود (2/105) (1586) ، عبد الرزاق (4/15) .
(2) البخاري (2/546) (1431) ، مسلم (3/1674) (2119) .
(3) أحمد (3/169، 171، 259) ، ابن ماجه (2/1180) (3565) ، وهذا اللفظ هو عند البخاري (5/2106) ، ومسلم أيضاً (3/1674) (2119) .
(4) الشافعي في "المسند" (1/99) .
(5) أبو داود (3/26) (2564) .(2/822)
مرفوعًا من حديث جابر النهي عن الوسم في الوجه، وعند مسلم (1) مرفوعًا لعن من فعل ذلك من حديثه.
_________
(1) مسلم (3/1673) (2116) ، وهو عند الترمذي (4/210) (1710) ، وابن خزيمة (4/146) (2551) .(2/823)
أبواب الأصناف الثمانية
قوله تعالى: ((إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ... )) الخ [التوبة:60]
2557 - عن زياد بن الحارث الصدائي قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعته فأتاه رجل فقال: أعطني من الصدقة، فقال رسول الله: إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى يحكم فيها، فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك» رواه أبو داود (1) وفي إسناده الإفريقي.
[5/18] باب ما جاء في الفقير والمسكين والغني والمسألة
2558 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس المسكين الذي تَرُدّه التمرة والتمرتان ولا اللقمة واللقمتان إنما المسكين الذي يتعفف اقرأوا إن شئتم ((لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافًا)) [البقرة:273] » وفي لفظ: «ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن به فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس» متفق عليهما (2) .
2559 - وعن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسألة لا تحل إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه
_________
(1) أبو داود (2/117) (1630) ، وهو عند الدارقطني (2/137) ، والبيهقي (4/173) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/17) ، والطبراني في "الكبير" (5/262) .
(2) باللفظ الأول: عند البخاري (2/537، 4/1651) (1406) ، مسلم (2/719) (1039) ، أحمد (2/395، 457، 505) ، وباللفظ الثاني: البخاري (2/538) (1409) ، مسلم (2/719) (1039) ، أحمد (2/260، 316، 393) .(2/824)
والترمذي وحسنه (1) .
2560 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى منها لغني» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (2) ، وقال ابن الجوزي: رجال إسناده ثقات، انتهى وصححه الحاكم وأُعل بالإرسال.
2561 - وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحل الصدقة لغني إلا لذي مِرَّة سويّ» رواه الخمسة إلا ابن ماجه والنسائي وحسنه الترمذي (3) .
2562 - وهو لهما من حديث أبي هريرة وأخرجه الحاكم (4) وصححه ولأحمد الحديثان.
2563 - وعن قَبيصَة بن مُخَارِق الهلالي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تَحمَّل حَمالة فحلَّت له المسألة، حتى يقضيها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة، حتى يصيب قِوامًا من عيش، ورجل أصابته فاقة، حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: قد
_________
(1) جزء من حديث طويل عند أحمد (3/114، 126) ، أبو داود (2/120) (1641) ، ابن ماجه (2/740) (2198) .
(2) أحمد (3/56) ، أبو داود (2/119) (1636) ، ابن ماجه (1/590) (1841) ، الحاكم (1/566) ، وهو عند ابن خزيمة (4/69، 71) (2368، 2374) ، والدارقطني (2/121) .
(3) أبو داود (2/118) (1643) ، الترمذي (3/42) (652) ، أحمد (2/164، 192) من حديث عبد الله بن عمرو.
(4) ابن ماجه (1/589) (1839) ، النسائي (5/99) ، الحاكم (1/565) ، أحمد (2/389) .(2/825)
أصابت فلانًا فاقة فحلت له المسألة، حتى يصيب قِوامًا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها سحتًا» رواه مسلم وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان (1) .
2564 - وعن عبد الله بن عديّ بن الخِيار أن رجلين أخبراه أنهما أتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألانه من الصدقة، فقلَّب فيهما البصر، رآهما جلدين، فقال: «إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغني، ولا قوي مكتسب» رواه أحمد وقواه وأبو داود والنسائي (2) ، وقال أحمد: هذا أجود إسناد وفي رواية: ما أجوده من حديث.
2565 - وعن الحسن بن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «للسائل حق، وإن جاء على فرس» رواه أحمد وأبو داود (3) بإسناد ضعيف.
2566 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (4) وسكت عنه أبو داود والمنذري
_________
(1) مسلم (2/722) (1044) ، أبو داود (2/120) (1640) ، ابن خزيمة (4/65) (2361) ، ابن حبان (8/190) (3396) ، وهو عند النسائي (5/89) ، وأحمد (5/60) .
(2) أحمد (4/224) ، أبو داود (2/118) (1633) ، النسائي (5/99) ، وهو عند الدارقطني (2/119) ، والبيهقي (7/14) ، وعبد الرزاق (4/109) ، وابن أبي شيبة (2/424) ، والطبراني في "الأوسط" (3/137) .
(3) أحمد (1/201) ، أبو داود (2/126) (1665) ، وهو عند ابن أبي شيبة (2/353) ، وأبي يعلى (12/154) (6784) ، والطبراني في "الكبير" (3/130) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1/191) (285) ، والبخاري في "التاريخ" (8/416) .
(4) أحمد (3/7، 9) ، أبو داود (2/116) (1628) ، النسائي (5/98) ، وهو عند ابن خزيمة (4/100) (2447) ، والدارقطني (2/118) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/20) .(2/826)
ورجال إسناده ثقات.
2567 - وعن سهل بن الحنظلية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم، قالوا: يا رسول الله! وما يغنيه؟ قال: ما يُغدّيه أو يعشيه» رواه أحمد وأبو داود بدون تخيير وابن حبان وصححه (1) .
2568 - وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سأل وله ما يغنيه جاءت يوم القيامة خُدُوشًا أو كدوشًا في وجهه، قالوا: يا رسول الله! وما غناه؟ قال: خمسون درهمًا أو حسابها من الذهب» رواه الخمسة وأبو داود (2) وقال: «أو قيمتها من الذهب» وابن ماجه والترمذي وحسنه.
2569 - وعن سَمُرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن المسألة كدّ يكدّ بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطانًا أو في أمر لا بد منه» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه وابن حبان في "صحيحه" (3) ، وقال أبو داود: «كدوح» .
2570 - وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لأن يغْدو
_________
(1) أحمد (4/180) ، أبو داود (2/117) (1629) ، وهو عند ابن حبان (2/302، 8/187) (545، 3394) ، والطبراني في "الكبير" (6/96) .
(2) أبو داود (2/116) (1626) ، النسائي (5/97) ، الترمذي (3/40) (650) ، ابن ماجه (1/589) (1840) ، أحمد (1/388، 441، 466) ، وهو عند الحاكم (1/565) ، وأبي يعلى (9/138) .
(3) أبو داود (2/119) (1639) ، النسائي (5/100) ، الترمذي (3/65) (681) ، ابن حبان (8/181، 190) (3386، 3397) ، وهو عند أحمد (5/10، 19) .(2/827)
أحدكم فيحتطب على ظهره فيتصدق منه ويستغني به عن الناس خير له من أن يسأل رجلًا أعطاه أو منع» متفق عليه (1) .
2571 - وعنه أيضًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سأل الناس أموالهم تكثرًا فإنما يسأل جمرًا فليستقل أو ليستكثر» رواه مسلم (2) .
2572 - وعن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم» أخرجاه (3) ، وفي رواية لهما (4) : «لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم» .
2573 - وعن عائذ بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من عرض عليه من هذا الرزق شيء من غير مسألة ولا إشراف فليتوسع به في رزقه وإن كان غنيًا فليوجهه إلى من هو أحوج إليه منه» رواه أحمد والطبراني والبيهقي (5) ، قال المنذري: وإسناد أحمد جيد قوي.
2574 - وعن خالد بن عدي الجهني قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من بلغه معروف عن أخيه من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه» رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في "الكبير"، قال في "مجمع
_________
(1) البخاري (2/535، 730) (1401، 1968) ، مسلم (2/721) (1042) ، أحمد (2/243، 257) .
(2) مسلم (2/720) (1041) ، وهو عند ابن ماجه (1/589) (1838) ، وأحمد (2/231) .
(3) مسلم (2/720) (1040) ، وهو عند أحمد (2/15، 88) .
(4) البخاري (2/536) (1405) ، مسلم (2/720) (1040) .
(5) أحمد (5/65) ، الطبراني (18/19) .(2/828)
الزوائد": ورجال أحمد رجال الصحيح وقال المنذري: رواه أحمد بإسناد صحيح وابن حبان في "صحيحه" والحاكم وقال: صحيح الإسناد (1) .
2575 - وعن عمر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي العطاء فأقول أعطه من هو أفقر مني إليه، فقال: خذه إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ومالا فلا تتبعه نفسك» متفق عليه (2) ، (*) وفي لفظ لمسلم (3) : «خذه فتموله وتصدق به» .
2576 - وعن أبي موسى الأشعري أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ملعون من يسأل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هُجْرًا» رواه الطبراني (4) ورجاله رجال الصحيح إلا شيخه يحيى بن عمر بن صالح وهو ثقة وفيه كلام.
2577 - وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يسأل بوجه الله إلا الجنة» رواه أبو داود (5) وغيره ولا بأس بإسناده.
2578 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سأل بالله فأعطوه ومن دعاكم فأجيبوه ومن صنع إليكم معروفًا
_________
(1) أحمد (4/220) ، أبو يعلى (2/226) (925) ، الطبراني في "الكبير" (4/196، 248) ، ابن حبان (8/195-196) (3404) ، الحاكم (2/71) .
(2) البخاري (2/536، 6/2620) (1404، 6744) ، مسلم (2/723) (1045) ، أحمد (1/40) .
(3) مسلم (2/723) (1045) ، وهي عند أحمد (1/17) .
(4) عزاه إليه الهيثمي في "المجمع" (3/103) .
(5) أبو داود (2/127) (1671) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم نجده عند البخاري، والذي عند البخاري من حديث عمر هو ما تقدم قريبًا: من أن النبي أعطاه وقال: "إذا جاءك من هذا المال شيء ... ".(2/829)
فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه» رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال: صحيح الإسناد على شرط الشيخين (1) .
2579 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أخبركم بشر الناس؟ رجل يسأل بالله ولا يعطى» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب والنسائي وابن حبان في "صحيحه" (2) .
قوله: «مدقع» بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر القاف هو الفقر الشديد الملصق صاحبه بالدقعاء وهي الأرض لا نبات فيها. «والمفظع» بضم الميم وسكون الفاء وكسر الظاء المعجمة فعين مهملة هو الشديد الشنيع الذي جاوز الحد. قوله: «أو لذي دم» هو الذي يتحمل دية لغيره. قوله: «خدوشًا» بضم الخاء المعجمة جمع خدش وهو خمش الوجه بظفر أو حديد أو نحوهما. «وكدوش» بضم الكاف والدال المهملة وبعد الواو شين معجمة جمع كَدْش وهو الخدش. قوله: «هجرًا» بضم الهاء وسكون الجيم أي ما لم يسأل أمرًا قبيحًا لا يليق، ويحتمل أنه أراد ما لم يسأل سؤالًا بكلام قبيح.
[5/19] باب العاملين عليها والمؤلفة قلوبهم
2580 - عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها أو رجل اشتراها بماله أو غارم أو غاز في سبيل الله أو
_________
(1) أبو داود (4/328) (5109) ، النسائي (5/82) ، ابن حبان (8/199) (3408) ، الحاكم (2/73) .
(2) الترمذي (4/182) (1652) ، النسائي (5/83) ، ابن حبان (2/367، 368) (604، 605) .(2/830)
مسكين تصدق عليه منها فأهداها لغني» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم وأعل بالإرسال والرفع من الثقة زيادة مقبولة، قال في "التلخيص": وقد صححه جماعة وقد تقدم (1) هذا الحديث.
2581 - وعن بسر بن سعيد أن ابن السعدي المالكي قال: «استعملني عمر على الصدقة فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لي بعمالة فقلت: إنما عملت لله، فقال: خذ ما أعطيت فإني عملت على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فَعَمّلني فقلت مثل قولك، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أعطيت شيئًا من غير أن تسأل فكل وتصدق» متفق عليه (2) .
2582 - وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم: «أنه والفضل بن عباس انطلقا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ثم تكلم أحدنا فقال: يا رسول الله! جئنا لتُؤمِّرنا على هذه الصدقات فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة ونؤدي إليك ما يؤدي الناس، فقال: إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد وإنما هي أوساخ الناس» مختصر لأحمد ومسلم (3) وفي لفظ لهما (4) : «لا تحل لمحمد ولا لآل محمد» .
2583 - وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملًا موفَّرًا طيّبة نفسه حتى يدفعه إلى الذي أمر له به
_________
(1) تقدم برقم (2563) .
(2) مسلم (2/723) (1045) ، أحمد (1/52) .
(3) أحمد (4/166) ، مسلم (2/752-753) (1072) .
(4) مسلم (2/754) (1702) ، أحمد (4/166) .(2/831)
أحد المتصدقين» متفق عليه (1) .
2584 - وعن أنس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يسأل شيئًا على الإسلام إلا أعطاه فأتاه رجل فسأله فأمر له بشيء كثير بين جبلين من شاء الصدقة قال: فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة» رواه أحمد (2) بإسناد صحيح.
2585 - وعن عمرو بن تَغْلب: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي بمال أو بشيء فقسمه فأعطاه رجالًا وترك رجالًا فبلغه أن الذي ترك عتبوا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فوالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل والذي أدع أحب إليَّ من الذي أعطي ولكن أعطي أقوامًا لما أرى في قلوبهم من الجزَع والهَلَع وأكِل أقوامًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير منهم عمرو بن تغلب، فوالله ما أحب أن لي بكلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُمْر النَّعم» رواه أحمد والبخاري (3) .
[5/20] باب الرقاب والغارمين
2586 - قد سبق (4) حديث زياد بن الحارث الصدائي وفيه: «أن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو، فجزَّأها ثمانية أجزاء
_________
(1) البخاري (2/521، 2/789، 815) (1371، 2141، 2194) ، مسلم (2/710) (1023) ، أحمد (4/394) .
(2) أحمد (3/108، 175، 259، 284) ، وهو عند مسلم (4/1806) (2312) .
(3) أحمد (5/69) ، البخاري (1/312) (881) .
(4) تقدم برقم (2560) .(2/832)
فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك» رواه أبو داود بإسناد فيه الإفريقي
2587 - وروى أحمد والبخاري (1) عن ابن عباس أنه قال: «لا بأس أن يعتِق الرجل من زكاة ماله» .
2588 - وعن البراء قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: دلَّني على عمل يقربني من الجنة ويبعدني من النار؟ فقال: أعتق النّسمة وفك الرقبة قال: يا رسول الله! أو ليسا واحدًا؟ قال: لا، عتق النّسمة أن تفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها» رواه أحمد والدارقطني (2) وفي "مجمع الزوائد": رجاله ثقات.
2589 - وعن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة كلهم حق على الله عونهم: الغازي في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح المتعفف» رواه الخمسة إلا أبا داود (3) وقال الترمذي: حسن صحيح.
2590 - وعن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: لذي فقر مُدْقع، أو لذي غرم مُفْظِع، أو لذي دم مُوْجِع» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه
_________
(1) علقه البخاري (2/534) باب قول الله وفي الرقاب، ووصله أبو عبيد في كتاب الأموال (1784) .
(2) أحمد (4/299) ، الدارقطني (2/135) ، وهو عند ابن حبان (2/98) ، والحاكم (2/236) ، والبيهقي (10/272) .
(3) النسائي (6/15، 61) ، الترمذي (4/184) (1655) ، ابن ماجه (2/841) (2518) ، أحمد (2/251، 437) ، وهو عند ابن حبان (9/339) (4030) ، والحاكم (2/174) .(2/833)
والترمذي وحسنه وقد تقدم (1) .
2591 - وتقدم (2) أيضًا حديث أبي سعيد وفيه: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها أو رجل اشتراها بماله أو غارم أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى منها لغني» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم.
2592 - وتقدم (3) حديث قَبِيصة بن مخارق الهلالي قال: «تحملت حَمَالة فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسأله فيها فقال: أقم بنا حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ثم قال: يا قَبِيصة! إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حَمَالة فحلّت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتى يصيب قِوامًا من عيش أو قال سِداد من عيش ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقة فحلَّت له المسألة حتى يصيب قِوامًا من عيش أو قال سِدادًا فما سواهن من المسألة يا قَب~يصة سحت» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
[5/21] باب سبيل الله وابن السبيل
2593 - قد تقدم (4) حديث أبي سعيد: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة:
_________
(1) تقدم برقم (2562) .
(2) تقدم برقم (2563) .
(3) تقدم برقم (2566) .
(4) تقدم برقم (2563) .(2/834)
لعامل عليها أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى منها لغني» رواه أبو داود وفي لفظ (1) : «لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله وابن السبيل، أو جار فقير يتصدق عليه فيهدى لك أو يدعوك» .
2594 - وعن ابن لاسٍ الخُزاعي قال: «حملنا النبي - صلى الله عليه وسلم - على إبل من الصدقة إلى الحج» رواه أحمد وابن خزيمة والحاكم والبخاري تعليقًا (2) قال الحافظ: ورجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق.
2595 - وعن أم مَعْقِل الأسدية: «أن زوجها جعل بَكْرًا في سبيل الله وأنها أرادت العمرة فسألت زوجها البكر فأبى، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له فأمره أن يعطيها، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الحج والعمرة في سبيل الله» رواه أحمد (3) ولأبي داود والنسائي والترمذي وابن ماجه (4) نحوه بإسناد ضعيف ولأبي داود (5) أيضًا من حديثها: «قالت لما حجّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حجّة الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو مَعْقِل في سبيل الله وأصابنا مرض وهلك أبو مَعْقِل وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغ من حجه
_________
(1) هذا اللفظ عند أبي داود (2/199) (1637) ، والبيهقي (7/22) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1/281) .
(2) أحمد (4/221) ، ابن خزيمة (4/73) (2377) ، الحاكم (1/612) ، البخاري تعليقاً (2/534) .
(3) أحمد (6/405) .
(4) أبو داود (2/204) (1988) ، النسائي في الكبرى (2/472) (4227) ، الترمذي (3/276) (939) ، ابن ماجه (2/996) (2993) .
(5) أبو داود (2/204) (1989) .(2/835)
جئته فقال: يا أم مَعْقِل ما منعك أن تخرجي؟ فقالت: كان لنا جمل نحج عليه فأوصى به أبو مَعْقِل في سبيل الله، قال: فهلا خرجت عليه، فإن الحج من سبيل الله» وفي إسناده ابن إسحاق.
2596 - وله شاهد صحيح عن ابن عباس قال: «أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج فقالت امرأة لزوجها: أحججني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما عندي ما أحجك عليه فقالت: أحججني على جملك فلان، قال: ذلك حبس في سبيل الله عز وجل، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله، وإنها سألتني الحج معك فقلت ما عندي ما أحجك عليه، قالت: أحججني على جملك فلان، فقلت: ذلك حبس في سبيل الله، فقال: أما إنك لو أحججتها عليه لكان في سبيل الله» رواه أبو داود وابن خزيمة في "صحيحه" (1) .
[5/22] باب جواز أكل الغني من الصدقة المهداة له ممن تحل له
2597 - قد تقدم (2) حديث أبي سعيد: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة وفيه أو مسكين تصدق عليه منها فأهدى منها لغني» رواه أحمد وأبو داود.
2598 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بلحم تصدق به على بَريْرَة فقال: هو عليها صدقة ولنا هدية» وفي رواية قال: «أهدت بَريْرَة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لحمًا تصدق
_________
(1) أبو داود (2/205) (1990) ، ابن خزيمة (4/361) (3077) ، وهو عند الحاكم (1/658) ، والبيهقي (6/164) ، والطبراني في "الكبير" (12/207) .
(2) تقدم برقم (2563) .(2/836)
به عليها فقال هو لها صدقة ولنا هدية» أخرجاه (1) .
2599 - وهو لهما (2) من حديث عائشة بأتم من هذا.
2600 - وسيأتي (3) قريبًا حديث أم عطية وحديث جُوَيرية في الباب الثالث.
[5/23] باب حكم هدايا العمال وما زاد على رزقهم
وحكم من طلب العمالة
2601 - عن أبي حُمَيد السّاعدي قال: «استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من الأزد يقال له ابن اللِّتْبِيَّة على الصدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي إلي قال فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولّاني الله فيأتي فيقول هذا لكم وهذا هديَّة أهديت إليّ أفلا جلس في بيت أبيه أو أمَّه حتى تأتيه هديته إن كان صادقًا، والله لا يأخذ أحد منكم شيئًا بغير حقه إلا لقي الله بحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحدًا منكم لقي الله يحمل بعيرًا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه يقول: اللهم هل بلغت؟» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود (4) .
2602 - وعن بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من استعملناه على عمل فرزقناه
_________
(1) البخاري (2/910) (2438) ، مسلم (2/755) (1074) .
(2) سيأتي برقم (3632) .
(3) سيأتي برقم (2612، 2613) .
(4) البخاري (2/917، 6/2446، 2559) (2457، 6260، 6578) ، مسلم (3/1463) (1832) ، أبو داود (3/134) (2946) .(2/837)
منه رزقًا فما أخذ بعد فهو غلول» رواه أبو داود (1) وسكت عنه والمنذري ورجاله ثقات.
2603 - وعن عدي بن عُمَير الكندي قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطًا فما فوقه كان غلولًا يأتي به يوم القيامة، قال: فقام إليه رجل أسود من الأنصار كأني أنظر إليه، فقال: يا رسول الله! أقبل عني عملك، فقال: ومالك؟ قال: سمعتك تقول كذا وكذا، قال: وأنا أقوله ألا من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهى» أخرجه مسلم وأبو داود (2) .
2604 - وعن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنا والله لا نولي هذا العمل أحدًا سأله أو حرص عليه» أخرجاه (3) .
[5/24] باب تحريم الصدقة على بني هاشم ومواليهم دون موالي أزواجهم
2605 - عن أبي هريرة قال: «أخذ الحسن بن علي تمرة من الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كَخْ كَخْ ارم بها أما علمت إنا لا نأكل الصدقة» متفق عليه (4) ، ولمسلم (5) : «إنا لا تحل لنا الصدقة» .
_________
(1) أبو داود (3/134) (2943) ، وهو عند الحاكم (1/563) ، وابن خزيمة (4/70) (2369) .
(2) مسلم (3/1465) (1833) ، أبو داود (3/300) (3581) .
(3) البخاري (6/2614) (6730) ، مسلم (3/1456) (1733) .
(4) البخاري (2/542، 3/1118) (1420، 2907) ، مسلم (2/751) (1069) ، أحمد (2/409) .
(5) مسلم (2/751) (1069) ، أحمد (2/444، 476) .(2/838)
2606 - وعن عبد المطلب بن ربيعة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس» وفي رواية: «وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد» رواه مسلم (1) .
2607 - وعن جُبَير بن مطعم قال: «مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: يا رسول الله! أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا، ونحن وهم بمنزلة واحدة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما بنو الملطب وبنو هاشم واحد» رواه البخاري (2) .
2608 - وعن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلًا على الصدقة من بني مخزوم فقال لأبي رافع اصحبني فإنك تصيب منا قال: لا حتى آتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسأله فأتاه فسأله فقال: إن الصدقة لا تحل لنا وأن مولى القوم من أنفسهم» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان (3) .
2609 - وعن أم عطية واسمها نُسَيبة قالت: «بعث إلى نُسَيبة بشاة فأرسلت إلى عائشة منها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل عندكم من شيء قالت: لا، إلا ما
_________
(1) تقدم برقم (2585) .
(2) البخاري (3/1142، 1290، 1545) (2971، 3311، 3989) .
(3) أبو داود (2/122) (1650) ، النسائي (5/107) ، الترمذي (3/46) (657) ، أحمد (6/10، 390) ، ابن خزيمة (4/57) (2344) ، ابن حبان (8/88) (3293) .(2/839)
أرسلت به نُسَيبة من تلك الشاة التي بعثت إليها من الصدقة، قال: إنها بلغت محلها» وفي أخرى: «قالت: بعث إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة من الصدقة فبعثت إلى عائشة منها بشيء» إلى تمام الحديث أخرجاه (1) .
2610 - وعن جُوَيرية بنت الحارث: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها فقال: هل من طعام قالت: لا والله إلا عظم من شاة أعطيتها مولاتي من الصدقة، قال: قرّبيه فقد بلغت محلها» رواه أحمد ومسلم (2) .
[5/25] باب صدقة الفطر
2611 - عن ابن عمر قال: «فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (3) .
2612 - وعن أبي سعيد قال: «كنا نخرج زكاة الفطر صاعًا من طعام أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر أو صاعًا من أقِط، أو صاعًا من زبيب» أخرجاه (4) ،
_________
(1) البخاري (2/524) (1377) ، مسلم (2/756) (1076) .
(2) أحمد (6/429، 430) ، مسلم (2/754) (1073) .
(3) البخاري (2/547) (1432، 1433) ، مسلم (2/677) (984) ، أبو داود (2/112) (1611، 1612) ، النسائي (5/48) ، الترمذي (3/61) (676) ، أحمد (2/66، 137) ، وهو عند ابن ماجه (1/584) (1826) .
(4) البخاري (2/548) (1435) ، مسلم (2/678) (985) .(2/840)
وفي رواية: «كنا نخرج زكاة الفطر إذا كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من طعام أو صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من زبيب أو صاعًا من أقِط، فلم نزل كذلك حتى قدم علينا معاوية المدينة فقال: إني لأرى مُدّين من سمراء الشام تعدل صاعًا من تمر فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد: فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه» رواه الجماعة (1) غير أن البخاري لم يذكر كلام أبي سعيد «فلا أزال ... الخ» ، ولم يذكر ابن ماجه التخيير.
2613 - وللنسائي (2) من حديث أبي سعيد قال: «فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر صاعًا من طعام أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر أو صاعًا من أقِط» وللدارقطني (3) من حديثه قال: «ما أخرجنا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا صاعًا من دقيق أو صاعًا من تمر أو صاعًا من سُلْت أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من أقِط» وذكر أبو داود (4) الدقيق في "سننه" وقال: هو وهم من ابن عيينة.
2614 - وقد روى ذلك ابن خزيمة (5) من حديث ابن عباس قال ابن أبي
_________
(1) البخاري (2/548) (1437) ، مسلم (2/678) (985) ، أبو داود (2/113) (1616) ، الترمذي (3/59) (673) ، النسائي (5/51) ، ابن ماجه (1/585) (1829) ، أحمد (3/23) .
(2) النسائي (5/51) (2511) .
(3) الدارقطني (2/146) (33) .
(4) أبو داود (2/113) (1618) .
(5) ابن خزيمة (4/88) (2415) .(2/841)
حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: منكر، ابن سيرين لم يسمع من ابن عباس.
2615 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث مناديًا ينادي في فجاج مكة: ألا أن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم ذكر أو أنثى حر أو عبد صغير أو كبير مُدَّان من قمح أو سواه صاع من طعام» وفي نسخة: «مُدّان من البر» رواه الترمذي (1) وقال: حديث حسن غريب.
2616 - وللحاكم (2) من حديث ابن عباس مرفوعًا: «صدقة الفطر مُدَّان من قمح» .
2617 - وأخرج نحوه الدارقطني (3) من حديث عُصَمة بن مالك بإسناد ضعيف.
2618 - وأخرج أبو داود والنسائي (4) عن الحسن مرسلًا: «فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الصدقة صاعًا من تمر أو من شعير أو نصف صاع من قمح» .
2619 - وأخرج سفيان الثوري في "جامعه" (5) عن علي مرفوعًا بلفظ: «نصف صاع بر» .
2620 - وعن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل
_________
(1) الترمذي (3/60) (674) ، وهو عند الدارقطني (2/141)
(2) الحاكم (1/569) .
(3) الدارقطني (2/149) (49) .
(4) أبو داود (2/114) (1622) ، النسائي (5/50) .
(5) وهو عند الدارقطني (2/152) موقوفاً.(2/842)
خروج الناس إلى الصلاة» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (1) .
2621 - وعن ابن عباس قال: «فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرّفث، وطُعْمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات» رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني وصححه (2) ، قال في "الخلاصة": قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري وهو كما قال لا كما رد صاحب "الإمام" و"الإلمام" عليه.
قوله: «من طعام» الطعام قيل هو البر وقيل أعم منه لما أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد قال: «وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقِط والتمر» . قوله: «من سمراء الشام» هي بفتح السين وسكون الميم مع المد القمح الشامي و «الأقِط» بفتح الهمزة وكسر القاف هو لبن يابس غير منزوع الزبد. و «السُلْت» بضم السين المهملة وسكون اللام بعدها مثناة فوقية نوع من الشعير.
[5/26] باب صاع النبي - صلى الله عليه وسلم -
2622 - عن إسحاق بن سليمان الرازي قال: «قلت لمالك بن أنس أبا عبد الله، كم قدر صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: خمسة أرطال وثلث بالعراقي أنا حزرته قلت: أبا عبد الله خالفت شيخ القوم! قال: من هو؟ قلت: أبو حنيفة يقول: ثمانية أرطال،
_________
(1) البخاري (2/548) (1438) ، مسلم (2/679) (986) ، أبو داود (2/111) (1610) ، الترمذي (3/62) (677) ، النسائي (5/54) ، أحمد (2/67، 154، 157) .
(2) أبو داود (2/111) (1609) ، ابن ماجه (1/585) (1827) ، الدارقطني (2/138) ، الحاكم (1/568) .(2/843)
فغضب غضبًا شديدًا ثم قال لجلسائنا يا فلان هات صاع جدك، يا فلان هات صاع عمك، يا فلان هات صاع جدتك، فاجتمعت آصع فقال: ما تحفظون في هذا؟ فقال: هذا حدثني أبي عن أبيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: هذا حدثني أبي عن أخيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال الآخر: حدثني أبي عن أمه أنها أدت بهذا الصاع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال مالك: أنا حزرت هذه فوجدتها خمسة أرطال وثلثًا» رواه الدارقطني والبيهقي (1) بإسناد جيد.
قوله: «حزرته» بالحاء المهملة بعدها زاي ثم راء أي قدرته.
_________
(1) الدارقطني (2/151) ، البيهقي (4/170-171) .(2/844)
[6] كتاب الخُمُس
2623 - عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العجماء جَرْحها جبار، والمعدن جبار، وفي الرِّكاز الخمس» رواه الجماعة (1) .
2624 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في كنز وجده رجل في خَرِبة: إن وجدته في قرية مسكونة فعرِّفه، وإن وجدته في قرية غير مسكونة ففيه، وفي الركاز الخمس» أخرجه ابن ماجه قال الحافظ: بإسناد حسن، وأخرجه الشافعي من حديث عمرو بن شعيب أيضًا، ورواه أبو داود (2) بنحوه.
2625 - وأما حديث بلال بن الحارث: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ من المعادن القَبَليِّة الصدقة» رواه أبو داود (3) وفي لفظ «أنه أقطع بلال بن الحارث المزني المعادن القَبَليِّة، وأخذ منها الزكاة» فمما لا يثبت الاحتجاج بمثله، وخمس الغنائم سيأتي إن شاء الله في الجهاد، ومصرف الخمس من في الآية، قوله تعالى: ((وَاعْلَمُوا
_________
(1) البخاري (2/545، 830) (1428، 2228) ، مسلم (3/1334، 1335) (1710) ، أبو داود (4/196) (4593) ، الترمذي (3/34، 661) (642، 1377) ، النسائي (5/44، 45) ، ابن ماجه (2/839) (2509) ، أحمد (2/239، 254، 274، 285) .
(2) الشافعي (1/96) ، أبو داود (2/136) (1710) ، وهو عند الحاكم (2/74) ، والبيهقي (4/155) ، والحميدي (2/272) (597) .
(3) أبو داود (3/173) (3061) .(2/845)
أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ)) [لأنفال:41] الخ.
قوله: «القَبَليِّة» منسوبة إلى قَبَل، بفتح القاف والباء ناحية من ساحل البحر.
[6/1] باب صدقة التطوع وإخفائها وأفضليتها
لا سيما على الزوج والأقارب وفضل الطيب منها
2626 - عن حارثة بن وهب قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تصدقوا فيوشك الرجل يمشي بصدقته فيقول الذي أُعطيها: لو جئتنا بالأمس قبلتها منك، فأما الآن فلا حاجة لي فيها، فلا يجد من يقبلها» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي (1) .
2627 - وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، ثم لا يجد أحدًا يأخذها» أخرجاه (2) .
2628 - وعن عدي بن حاتم قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» وفي رواية: «فإن لم تجد فبكلمة طيبة» أخرجاه (3) .
2629 - وعن أبي هريرة قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» فذكر الحديث وفيه: «رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق
_________
(1) البخاري (2/512، 517) (1345، 1358) ، مسلم (2/700) (1011) ، النسائي (5/77) ، وهو عند أحمد (4/306) .
(2) البخاري (2/513) (1348) ، مسلم (2/700) (1012) .
(3) جزء من حديث طويل عند البخاري (2/514) (1351) ، مسلم (2/703) (1016) ، والرواية عند البخاري (2/512) (1347) ، مسلم (2/703) (1016) .(2/846)
يمينه» أخرجاه (1) .
2630 - وعن عُقْبة بن عامر قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس» رواه ابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، ورواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (2) .
2631 - وعن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما مسلم كسى مسلمًا ثوبًا على عرى كساه الله من خضر الجنة، وأيما مسلم أطعم مسلمًا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى مسلمًا على ظمأ أسقاه الله الرحيق المختوم» رواه أبو داود (3) بإسناد فيه أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن الدالاني أثنى عليه غير واحد، وتكلم فيه غير واحد.
2632 - وعن حكيم بن حِزام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غني، ومن يستعفف يعفه الله» أخرجاه واللفظ للبخاري (4) .
2633 - وعن أبي هريرة قال: «قيل: يا رسول الله! أي الصدقة أفضل؟ قال: جَهْد المقُل، وابدأ بمن تعول» أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة وابن
_________
(1) البخاري (1/234) (629) ، مسلم (2/715) (1031) .
(2) ابن حبان (8/104) (3310) ، الحاكم (1/576) ، أحمد (4/147) ، ابن خزيمة (4/94) (2431) .
(3) أبو داود (2/130) (1682) ، وهو عند البيهقي (4/185) ، وأبي يعلى (2/360) .
(4) البخاري (2/518) (1361) ، مسلم (2/717) (1033) .(2/847)
حبان والحاكم (1) .
2634 - وعنه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تصدقوا فقال رجل: يا رسول الله! عندي دينار؟ قال: تصدق به على نفسك، قال: عندي آخر؟ قال: تصدق به على خادمك؟ قال: عندي آخر؟ قال أنت أبصر به» رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم (2) .
2635 - وعن عائشة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئًا» أخرجاه (3) .
2636 - وعن أبي سعيد الخدري قال: «جاءت زينب امرأة ابن مسعود فقالت: يا رسول الله! إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حليّ، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدق به عليهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم» رواه البخاري (4) .
_________
(1) أبو داود (2/129) (1677) ، ابن خزيمة (4/99، 102) (2444، 2451) ، ابن حبان (8/134) ، الحاكم (1/574) ، وهو عند أحمد (2/358) .
(2) أبو داود (2/132) (1691) ، النسائي (5/62) ، ابن حبان (10/47) (4235) ، الحاكم (1/575) ، وهو عند أحمد (2/251، 471) ، والطبراني في "الأوسط" (8/237) .
(3) البخاري (2/517، 521، 522، 728) (1359، 1370، 1372، 1959) ، مسلم (2/710) (1024) .
(4) البخاري (2/531) (1393) .(2/848)
2637 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي بعثني بالحق لا يعذب الله يوم القيامة من رحم اليتيم وأَلان له في الكلام، ورحم يتمه وضعفه، ولم يتطاول على جاره بفضل ما آتاه الله، وقال: يا أمة محمد، والذي بعثني بالحق لا يقبل الله صدقة رجل وله قرابة محتاجون إلى صلته ويصرفها إلى غيرهم، والذي نفسي بيده لا ينظر الله إليه يوم القيامة» رواه الطبراني (1) ورواته ثقات وعبد الله بن عامر الأسلمي، قال أبو حاتم: ليس بالمتروك.
2638 - وعن سلمان بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان وابن خزيمة في "صحيحيهما"، والحاكم وقال: صحيح الإسناد وغيرهم (2) .
2639 - وعن أبي أيوب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح» رواه أحمد (3) .
2640 - وهو للطبراني وابن خزيمة في "صحيحه" والحاكم (4) من حديث
_________
(1) الطبراني في "الأوسط" (8/346) .
(2) أحمد (4/17، 18، 214) ، ابن ماجه (1/591) (1844) ، الترمذي (3/46) (658) ، النسائي (5/92) ، ابن حبان (8/132-133) (3344) ، ابن خزيمة (4/77) (2385) ، الحاكم (1/564) .
(3) أحمد (5/416) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (4/138، 173) .
(4) الطبراني في "الكبير" (25/80) ، ابن خزيمة (4/78) (2386) ، الحاكم (1/564) .(2/849)
أم كلثوم بنت عقبة وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم، وسيأتي أحاديث صلة الرحم إن شاء الله تعالى في كتاب الجامع.
2641 - وعن عوف بن مالك قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبيده عصًا وقد علق رجل قِنْوَ حِشْف، فجعل يطعن في ذلك القِنو، فقال: لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب من هذا، إن رب هذه الصدقة يأكل حشفًا يوم القيامة» رواه النسائي (1) وفي رواية أبي داود (2) قال: «دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبيده عصًا وقد علق رجل ... » وذكر الحديث، وقال تعالى: ((لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)) [آل عمران:92] وقال تعالى: ((أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ)) [البقرة:267] وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (3) .
2642 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جمع مالًا حرامًا، ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر، وكان أجره عليه» رواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (4) .
2643 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبق درهم مائة ألف درهم، فقال رجل: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: رجل له مال كثير أخذ من
_________
(1) النسائي (5/43) .
(2) أبو داود (2/111) (1608) .
(3) ابن خزيمة (4/109) (2467) ، ابن حبان (15/177) (6774) ، وهو عند ابن ماجه (1/583) (1821) ، وأحمد (6/23) ، والحاكم (2/313) .
(4) ابن خزيمة (4/110) (2471) ، ابن حبان (8/11، 153) (3216، 3367) ، وهو عند الحاكم (1/548) .(2/850)
عرضه مائة ألف درهم تصدق بها، ورجل ليس له إلا درهمان، فأخذ أحدهما فتصدق به» رواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحه" واللفظ له، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم (1) .
قوله: «عرضه» بضم العين المهملة وبالضاد المعجمة، أي: جانبه. قوله: «الكاشح» هو المضمر العداوة.
[6/2] باب فيمن دفع صدقته إلى رجل ظنه من أهلها
فانكشف غير ذلك أجزأه
2644 - عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال رجل لأتصدقن الليلة بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق فأصبحوا يتحدثون تُصِّدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد على سارق؛ لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون تُصدِّق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، فقال: لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون تُصدِّق على غني، فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعل زانية وعلى غني، فأتى فقيل: أما صدقتك فقد قبلت أما الزانية فلعلها تستعف به من زناها، ولعل السارق أن يستعف به عن سرقته، ولعل الغني أن يعتبر فينفق مما آتاه الله عز وجل» متفق عليه (2) ، وفي رواية لأحمد (3) : «إن ذلك الرجل من بني إسرائيل»
_________
(1) النسائي (5/59) ، ابن خزيمة (4/99) (2443) ، ابن حبان (8/135) (3347) ، الحاكم (1/576) .
(2) البخاري (2/516) (1355) ، مسلم (2/709) (1022) ، أحمد (2/322) .
(3) أحمد (2/350) .(2/851)
وللطبراني (1) : «إن الله قد قبل صدقتك» .
2645 - وعن معن بن يزيد قال: «أخرج أبي دنانير يتصدق بها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فقال: لا والله ما إياك أردت فجئت فخاصمته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن» رواه البخاري وأحمد (2) .
[6/3] باب ما جاء في الرجل يتصدق بجميع ماله
2646 - عن عمر بن الخطاب قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أبقيت لأهلك؟ فقلت: مثله، فأتى أبو بكر بكل ماله» رواه أبو داود والترمذي وصححه، والحاكم وقواه البزار (3) .
2647 - وعن جابر: «أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بصدقة من ذهب، فقال: خذها فهي صدقة وما أملك غيرها، فأعرض عنه» رواه أبو داود وابن حبان والحاكم (4) .
2648 - وسيأتي (5) في كتاب العتق حديث الذي أعتق الستة الأعبد.
_________
(1) "مسند الشاميين " (3315) .
(2) البخاري (2/517) (1356) ، أحمد (3/470) .
(3) أبو داود (2/129) (1678) ، الترمذي (5/614) (3675) ، الحاكم (1/574) .
(4) جزء من حديث طويل عند أبو داود (2/128) (1673، 1674) ، ابن حبان (8/165) (3372) ، الحاكم (1/573) ، وهو عند ابن خزيمة (4/98) (2441) .
(5) سيأتي برقم (4088) في كتاب الوصايا من حديث عمران بن حصين.(2/852)
[6/4] باب نهي المتصدق أن يشتري ما تصدق به
2649 - عن عمر بن الخطاب قال: «حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه وظننت أن يبيعه برخص فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لا تشتره ولا تَعُدْ في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه» متفق عليه (1) .
2650 - وما تقدم (2) من حديث أبي سعيد في حل الصدقة لرجل اشتراها بماله فلا يعارض هذا؛ لأن هذا خاص بصدقة الرجل نفسه، وذلك عام لصدقته وصدقة غيره.
2651 - وما أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي (3) : «أن امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كنت تصدقت على أمي بوليدة وإنها ماتت وتركت تلك الوليدة قال وجب أجرك ورجعت إليك بالميراث» فلا يعارض حديث عمر لخصوصه بالميراث.
[6/5] باب الصدقة على البهائم
2652 - سيأتي (4) إن شاء الله في باب نفقة البهائم حديث أبي هريرة
_________
(1) البخاري (2/542، 925) (1419، 2480) ، مسلم (3/1239) (1620) ، أحمد (1/25، 40) .
(2) تقدم برقم (2563) .
(3) مسلم (2/805) (1149) ، أبو داود (2/124، 3/116) (1656، 2877) ، الترمذي (3/54) (667) ، النسائي في "الكبرى" (4/67) من حديث بريدة.
(4) سيأتي برقم (4715) .(2/853)
مرفوعًا: «إن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: في كل كبد رطبة أجر» متفق عليه.
2653 - وحديث سُراقة: «في ذات كل كبد حرّى أجر» رواه أحمد والضياء في المختارة (1) .
_________
(1) سيأتي برقم (4716) .(2/854)
[7] كتاب الصيام
[7/1] باب ما جاء في فضل الصوم
2654 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني صائم، والذي نفس محمد بيده لخُلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه» رواه البخاري واللفظ له ولمسلم (1) ، وفي رواية للبخاري (2) : «يترك طعامة وشرابه وشهوته من أجلي الصوم لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشرة أمثالها» .
2655 - وعن سهل بن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن في الجنة بابًا يقال له: الرّيان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد» أخرجاه والنسائي والترمذي (3) وزاد: «ومن دخله لم
_________
(1) البخاري (2/673) (1805) ، مسلم (2/807) (1151) ، وهو عند النسائي (4/163، 164) ، وأحمد (2/516) ، وهو مختصر عند أبي داود (2/307) (2363) ، وابن ماجه (1/539) (1691) ، والترمذي (3/136) (764) .
(2) البخاري (2/670) (1795) .
(3) البخاري (2/671) (1797) ، مسلم (2/808) (1152) ، النسائي (4/168) ، الترمذي (3/137) (765) .(2/855)
يظمأ أبدًا» ولابن خزيمة في "صحيحه" (1) نحوه.
2656 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اغزُوا تغنموا، وصوموا تصحوا، وسافروا تستغنوا» رواه الطبراني في "الأوسط" (2) ، قال المنذري: ورواته ثقات.
2657 - وعنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصيام جنّة، وحصن حصين من النار» رواه أحمد (3) بإسناد حسن.
2658 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصيام جنة يستجنّ بها العبد من النار» رواه أحمد (4) بإسناد حسن.
قوله: «الرفث» المراد به هنا الفحش ورديء الكلام و «الجُنّة» بضم الجيم هي ما يجنك ويسترك ويقيك مما تخاف والمراد أن الصوم يستر صاحبه من الوقوع في المعاصي و «الخُلُوف» بضم الخاء المعجمة وضم اللام، هو تغير رائحة الفم من الصوم وسئل سفيان بن عيينة عن قوله تعالى: «كُلُ عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي» ، فقال: إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عز وجل عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى إلا الصوم، فيتحمل الله ما بقي عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة، وقال بعض العلماء: إنما خص الصوم والجزاء بنفسه عز وجل، وإن
_________
(1) ابن خزيمة (3/199) (1902) ، ابن ماجه (1/525) (1640) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (8/174) .
(3) أحمد (2/402) .
(4) أحمد (3/341، 396) .(2/856)
كانت العبادات كلها له وجزاؤها منه؛ لأن جميع العبادات التي يتقرب بها العباد إلى الله عز وجل من صلاة وحج وصدقة وتبتل واعتكاف ودعاء وقربان وهدى أو غير ذلك من أنواع العبادات قد عبد المشركون بها آلهتهم ولم يسمع أن طائفة من طوائف المشركين في الأزمان المتقادمة عَبَدَت آلهتها بالصوم ولا تقربت إليها به ولا دانتها به ولا عرف الصوم في العبادات إلا من جهة الشرع، فلذلك قال الله عز وجل: الصوم لي، أي لم يشاركني فيه أحد ولا عبد به غيري وأنا أجزي به على قدر اختصاصه بي وأنا أتولى الجزاء عليه بنفسي لا أَكِلُه إلى أحد من ملك مقرب أو غيره.
[7/2] باب وجوب الصوم بالرؤية وما جاء في صوم يوم الشك
والنهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين
2659 - عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمّ عليكم فاقدروا له» أخرجاه هما والنسائي وابن ماجه (1) ، وفي لفظ: «الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» رواه البخاري (2) ، وفي لفظ: «أنه ذكر رمضان فضرب بيده، فقال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا، ثم عقد إبهامه في الثالثة، صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمّ عليكم فاقدروا ثلاثين» رواه مسلم (3) ، وفي رواية أنه قال:
_________
(1) البخاري (2/672، 674) (1801، 1807) ، مسلم (2/760) (1080) ، النسائي (4/134) ، ابن ماجه (1/529) (1654) ، وهو عند أحمد (2/145) .
(2) البخاري (2/674) (1808) ، وهي لأبي داود (2/297) (2320) .
(3) مسلم (2/759) (1080) .(2/857)
«إنما الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» رواه مسلم وأحمد (1) .
2660 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» رواه البخاري ومسلم (2) ، وقال: «فإن غبي عليكم فعدّوا ثلاثين» وفي لفظ: «صوموا لرؤيته، فإن غمي عليكم فعدوا ثلاثين» رواه أحمد (3) ، وفي لفظ: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، فإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يومًا» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه والنسائي (4) ، وفي لفظ: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فعدوا ثلاثين، ثم أفطروا» رواه أحمد والترمذي وصححه (5) .
2661 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحاب فكملوا العدة ثلاثين، ولا تستقبلوا الشهر استقبالًا» رواه أحمد والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والترمذي (6)
_________
(1) مسلم (2/759) (1080) ، أحمد (2/5، 13) .
(2) البخاري (2/674) (1810) ، مسلم (2/762) (1081) .
(3) أحمد (2/415، 454، 456) .
(4) أحمد (2/259، 263، 281، 287) ، مسلم (2/762) (1081) ، ابن ماجه (1/530) (1655) ، النسائي (4/133) .
(5) أحمد (2/438، 497) ، الترمذي (3/68) (684) ، وهي عند ابن حبان (8/239) (3459) .
(6) أحمد (1/226) ، النسائي (4/135) ، ابن خزيمة (3/204) (1912) ، ابن حبان (8/356-357) (3590) ، الحاكم (1/587) ، الترمذي (3/72) (688) .(2/858)
بمعناه وصححه، وفي لفظ للنسائي (1) : «فأكملوا العدة عدة شعبان» وفي لفظ: «لا تقدموا الشهر بيوم ولا يومين إلا أن يكون شيئًا يصومه أحدكم، ولا تصوموا حتى تروه، فإن حال دونه غمامة فأتموا العدة ثلاثين، ثم أفطروا» رواه أبو داود (2) .
2662 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقدموا رمضان بيوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه» أخرجاه (3) .
2663 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحفظ من هلال شعبان ما لا يتحفظ من غيره، يصوم لرؤية رمضان فإن غم عليه عد ثلاثين يومًا ثم صام» رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وقال: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان وصححه الحافظ (4) .
2664 - وعن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة» رواه أبو داود والنسائي (5) .
_________
(1) النسائي (4/153) .
(2) أبو داود (2/298) (2327) .
(3) البخاري (2/676) (1815) ، مسلم (2/762) (1082) ، وهو عند أبي داود (2/300) (2335) ، الترمذي (3/69) (685) ، النسائي (4/149) ، ابن ماجه (1/528) (1650) ، أحمد (2/477، 513) .
(4) أحمد (6/149) ، أبو داود (2/298) (2325) ، الدارقطني (2/156) ، ابن حبان (8/228) (3444) ، وهو عند ابن خزيمة (3/203) (1910) ، الحاكم (1/585) .
(5) أبو داود (2/298) (2326) ، النسائي (4/135) ، وهو عند ابن خزيمة (3/203) (1911) ، وابن حبان (8/238) (3458) .(2/859)
2665 - وعن عمَّار بن ياسر قال: «من صام يوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم محمدًا - صلى الله عليه وسلم -» رواه الخمسة إلا أحمد وصححه الترمذي وهو للبخاري تعليقًا وقال الدارقطني: إسناده حسن ورجاله ثقات، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين (1) .
[7/3] باب الصوم والفطر بالشهادة
2666 - عن ابن عمر قال: «تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه» رواه أبو داود والدارقطني وقال: تفرد به مروان بن محمد عن ابن وهب وهو ثقة وأخرجه الدارمي وابن حبان والحاكم (2) وصححاه، وصححه ابن حزم.
2667 - وعن عكرمة عن ابن عباس قال: «جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت الهلال قال الحسن في حديثه: يعني هلال رمضان، فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال: نعم، قال: يا بلال، أذن في الناس فليصوموا غدًا» رواه الخمسة إلا أحمد وصححه ابن خزيمة وابن
_________
(1) أبو داود (2/300) (2334) ، النسائي (4/153) ، الترمذي (3/70) (686) ، ابن ماجه (1/527) (1645) ، البخاري تعليقاً (2/674) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم الهلال فصوموا، والدارقطني (2/157) ، والحاكم (1/585) ، وهو عند ابن حبان (8/351) ، وابن خزيمة (3/204) .
(2) أبو داود (2/302) (2342) ، الدارقطني (2/156) ، الدارمي (2/9) (1691) ، ابن حبان (8/231) (3447) ، الحاكم (1/585) .(2/860)
حبان (1) ورجح النسائي إرساله، ورواه أبو داود (2) أيضًا من حديث حَمَّاد بن سلمة عن سماك عن عكرمة مرسلًا بمعناه وقال: «فأمر بلالًا فنادى في الناس أن يقوموا وأن يصوموا» ولم يذكر القيام إلا حماد بن سلمة وأخرج الحديث الحاكم (3) وصححه.
2668 - وعن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بالله لأهلّ الهلال أمْسِ عشية فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس أن يفطروا» رواه أحمد وأبو داود (4) وسكت عنه المنذري ورجاله رجال الصحيح، وفي رواية لأبي داود (5) : «وأن يغدوا إلى مصلّاهم» .
2669 - وعن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب: «أنه خطب في اليوم الذي يُشكّ فيه فقال: ألا إني جالست أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وسألتهم، وإنهم حدثوني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وأنسكوا لها، فإن غُم عليكم فأتموا ثلاثين يومًا، فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا» رواه أحمد والنسائي (6) ولم يقل: «مسلمان» .
_________
(1) أبو داود (2/302) (2340) ، النسائي (4/132) ، الترمذي (3/74) (691) ، ابن ماجه (1/529) (1652) ، ابن خزيمة (3/208) (1923) ، ابن حبان (8/229-230) (3446) ، وهو عند الدارقطني (2/158) .
(2) أبو داود (2/302) (2341) .
(3) الحاكم (1/103) .
(4) أحمد (4/314) ، أبو داود (2/301) (2339) .
(5) أبو داود (2/301) (2339) .
(6) أحمد (4/321) ، النسائي (4/132، 133) .(2/861)
2670 - وعن الحارث بن حاطب أمير مكة قال: «عهد إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ننسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما» رواه أبو داود والدارقطني (1) وقال: هذا إسناد متصل صحيح.
2671 - وعن أبي عمير بن أنس بن مالك عن عمومة له من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن ركبًا جاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم أن يفطروا، وإذا أصبحوا يغدون إلى مصلاهم» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه ابن المنذر وابن السَّكَن وابن حزم ورواه ابن حبان في "صحيحه" (2) .
[7/4] باب وجوب نية الصوم من الليل
2672 - عن ابن عمر عن حفصة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من لم يُجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له» رواه الخمسة (3) إلا أن النسائي قال: «من لم يجمع الصيام قبل طلوع الفجر فلا يصوم» وفي أخرى له (4) : «من لم يبيِّت الصيام قبل الفجر فلا صيام له» وفي أخرى (5) : «لا
_________
(1) أبو داود (2/301) (2338) ، الدارقطني (2/167) .
(2) أبو داود (1/300) (1157) ، النسائي (3/180) ، ابن ماجه (1/529) (1653) ، ابن حبان (8/237) (3456) ، وهو عند الدارقطني (2/170) ، وعبد الرزاق (4/165) ، وأحمد (5/58) ، وابن أبي شيبة (2/319) .
(3) أبو داود (2/329) (2454) ، النسائي (4/196، 197) ، الترمذي (3/108) (730) ، ابن ماجه (1/542) (1700) ، أحمد (6/287) .
(4) النسائي (4/196) (2331، 2332) .
(5) النسائي (4/197) (2336، 2337) .(2/862)
صيام لمن لم يجمع قبل الفجر» وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان وصححاه (1) مرفوعًا وقال الحاكم في "الأربعين": صحيح على شرط الشيخين وفي "المستدرك" صحيح على شرط البخاري وصححه مرفوعًا البيهقي والدارقطني والخطابي وعبد الحق وابن الجوزي وقال الترمذي والنسائي وأبو حاتم: الترجيح وقفه، وقال الخطابي: أسنده عبد الله بن أبي بكر والزيادة من الثقة مقبولة.
2673 - وعن عائشة قالت: «دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فقال: هل عندكم من شيء؟ فقلنا: لا، فقال: إني إذًا صائم، ثم أتانا يوم آخر، فقلنا: أُهدي لنا حيس، فقال: أرئنيه، فلقد أصبحت صائمًا فأكل» رواه الجماعة إلا البخاري (2) واختلفوا في ألفاظه وفي رواية لمسلم (3) : «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا لعائشة قالت فقلت: يا رسول الله! ما عندنا شيء، قال: فإني صائم، قالت: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهديت لنا هدية أو جاءنا زَوْرٌ، فلما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: يا رسول الله! أهدي لنا هدية أو جاءنا زَوْرٌ وقد خبأت لك شيئًا قال ما هو؟ قلت: حيس، قال: هاتيه فجئت به فأكل ثم قال: قد كنت أصبحت صائمًا» وفي رواية للنسائي (4) في آخره: «فقلت: يا رسول الله! دخلت علي وأنت صائم ثم أكلت حيسًا، قال: نعم يا عائشة إنما منزلة من صام في غير رمضان أو في غير قضاء في التطوع بمنزلة رجل أخرج صدقة من ماله فجاد منها بما شاء فأمضاها،
_________
(1) ابن خزيمة (3/212) (1933) ، وهو عند البيهقي (4/213) ، والطبراني في "الكبير" (23/209) ، والدارقطني (2/172) .
(2) مسلم (2/809) (1154) ، أبو داود (2/329) (2455) ، الترمذي (3/111) ، النسائي (4/195) ، ابن ماجه (1/543) (1701) ، أحمد (6/207) .
(3) مسلم (2/808) (1154) .
(4) النسائي (4/194) .(2/863)
وبخل بما بقي فأمسكه» وفي رواية للترمذي (1) : «دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: هل عندكم من شيء، فقلت: لا، فقال: إني صائم» وفي أخرى (2) : «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتيني، فيقول: أعندكم غداء، فأقول: لا، فيقول: إني صائم، قالت: فأتانا يومًا، فقلت: يا رسول الله! قد أهديت لنا هدية، قال: وما هي قلت حيس، قال: إني أصبحت صائمًا ثم أكل» .
قوله: «حيس» بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية بعدها سين مهملة طعام يُتخذ من التمر والإقط والسمن وقد يجعل عوض الإقط الدقيق كما في "النهاية"، وأما حديث سلمة بن الأكوع والربيع الآتي (3) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلًا من أسلم أن أذّن في الناس إذ فرض صوم يوم عاشوراء ألا كل من أكل فليمسك، ومن لم يأكل فليصم» أخرجاه فيخص بمثل هذه الصورة.
[7/5] باب الصبي يصوم إذا طاق للتمرين
وحكم من وجب عليه الصوم في أثناء الشهر أو اليوم
2674 - عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ قالت: «أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة عاشوراء إلى قرى الأمصار التي حول المدينة من كان أصبح صائمًا فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه، فكنا بعد ذلك نصومه ونصوم صبياننا الصغار منهم ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم
_________
(1) الترمذي (3/111) (733) ، وهي عند النسائي (4/195) .
(2) الترمذي (3/111) (734) ، والدارقطني (2/176) .
(3) انظر الحديث الآتي.(2/864)
من الطعام أعطيناه إياها حتى يكون عند الإفطار» أخرجاه (1) .
2675 - وعن سفيان بن عبد الله بن ربيعة قال: «حدثنا وفدنا الذين قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسلام ثقيف قال: وقدموا عليه في رمضان وضرب عليهم قبة في المسجد فلما أسلموا صاموا ما بقي عليهم من الشهر» رواه ابن ماجه (2) ورجال إسناده فيهم الثقة والصدوق ومن لا بأس به وفيه عنعنة محمد بن إسحاق.
2676 - وعن عبد الرحمن بن مسلمة عن عمه: «أن أسلم أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: صمتم يومكم هذا، قالوا: لا، قال: فأتموا بقية يومكم واقضوا» رواه أبو داود (3) .
_________
(1) البخاري (2/692) (1859) ، مسلم (2/798) (1136) .
(2) ابن ماجه (1/559) (1760) .
(3) أبو داود (2/327) (2447) ، وهو عند أحمد (5/409) ، والنسائي (2/160) (2850) .(2/865)
أبواب ما يبطل الصوم وما يكره وما يستحب
[7/6] باب ما جاء في الحجامة
2677 - عن رافع بن خَدِيج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفطر الحاجم والمحجوم» رواه أحمد والترمذي وابن حبان والحاكم (1) وصححاه.
2678 - وعن شداد بن أوس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم في رمضان، فقال: أفطر الحاجم والمحجوم» رواه الخمسة وصححه أحمد وابن خزيمة وابن حبان (2) وصححه أيضًا البخاري وعده السيوطي من الأحاديث المتواترة.
2679 - وعن الحسن عن مَعْقل بن سنان الأشجعي قال: «مرّ عليّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أحتجم في ثمان عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، فقال: أفطر الحاجم والمحجوم» رواه أحمد (3) وفي إسناده مقال، قال أحمد: أصح حديث في هذا الباب حديث رافع بن خديج، وقال ابن المديني: أصح شيء في هذا الباب حديث ثوبان وشداد.
_________
(1) أحمد (3/465) ، الترمذي (2/144) (774) ، ابن حبان (8/306) (3535) ، الحاكم (1/591) ، وهو عند ابن خزيمة (2/377) (1964) .
(2) أبو داود (2/308) (2369) ، النسائي في "الكبرى" (2/218) ، ابن ماجه (1/537) (1681) ، أحمد (4/123، 124) ، ابن حبان (8/303-304) (3534) ، الحاكم (1/592، 593) .
(3) أحمد (3/474) .(2/866)
2680 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم» رواه أحمد والبخاري (1) ، وفي لفظ: «احتجم وهو محرم صائم» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي (2) وصححه، وفي أخرى له (3) : «احتجم ما بين مكة والمدينة وهو محرم صائم» ولأبي داود (4) : «احتجم صائمًا محرمًا» .
2681 - وعن ثابت البناني أنه قال لأنس بن مالك: «أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لا، إلا من أجل الضعف» رواه البخاري (5) .
2682 - وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال في الصيام والحجامة للصائم إبقاءً على أصحابه ولم يحرمهما» رواه أحمد وأبو داود (6) .
2683 - وعن أنس قال: «أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أفطر هذا ثم رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد في الحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم» رواه الدارقطني (7) ، وقال: رواته
_________
(1) أحمد (1/215) ، البخاري (2/685) (1836) ، واللفظ للبخاري.
(2) أبو داود (2/309) (2373) ، ابن ماجه (1/537) (1682) ، الترمذي (3/146) (775) .
(3) الترمذي (3/147) (777) ، وهي عند أحمد (1/222) .
(4) أحمد (1/248، 286) .
(5) البخاري (2/685) (1838) .
(6) أحمد (5/363) ، أبو داود (2/309) (2374) .
(7) الدارقطني (2/182) ، وهو عند البيهقي (4/268) .(2/867)
كلهم ثقات ولا أعلم له علة، وقال في "الفتح": رواته كلهم من رجال البخاري.
2684 - وقد أخرج الترمذي (1) من حديث أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة والقيء والاحتلام» .
2685 - وأخرجه أبو داود (2) عن رجل من الصحابة ولعله أبو سعيد والحديث وإن كان لا يحتج به فله شواهد.
2686 - وقد أخرجه البزار (3) من حديث ابن عباس بإسناد من صحيح أحدهما وقال في "مجمع الزوائد": ظاهرهما الصحة.
[7/7] باب ما جاء في القيء والاكتحال
2687 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقى عمدًا فليقض» رواه الخمسة إلا النسائي وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وأخرجه ابن حبان والدارقطني (4) وصححه الحاكم على شرطهما وأعله أحمد وقواه الدارقطني وقال البخاري: لا أراه محفوظًا، قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يصح إسناده، وقال في "الخلاصة": قد صححه ابن حبان، وقال الدراقطني: رواته كلهم ثقات، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال عبد الحق: رجاله كلهم ثقات ولفظ أبي داود: «من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء ومن استقى فليقض» .
2688 - وعن مَعْدان بن أبي طلحة أن أبا الدرداء حدثه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاء فأفطر فلقيت ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد دمشق فقلت: إن أبا الدرداء حدثني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاء فأفطر، قال: صدق وأنا صببت له وَضوءَه» أخرجه أبو داود والترمذي بمعناه وقال في "التلخيص": أخرجه أحمد وأصحاب السنن الثلاث وابن الجارود وابن حبان والدارقطني والبيهقي وابن مندة والحاكم (5) من حديث معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء. قال ابن مندة: إسناده صحيح متصل وتركه الشيخان لاختلاف في إسناده، وقال الترمذي: جوده حسين المعلم وهو أصح شيء في هذا الباب، قال الترمذي: وكذا قال أحمد، وهو محمول على القيء عمدًا وصحح الحديث الحاكم، وقال ابن مندة: إسناده
_________
(1) الترمذي (3/97) (719) ، وهو عند ابن خزيمة (3/233) ، وعبد بن حميد (1/297) ، والبيهقي (4/220) .
(2) أبو داود (2/310) (2376) .
(3) كما في "كشف الأستار" (1/478- 479) .
(4) أبو داود (2/310) (2380) ، الترمذي (3/98) (720) ، ابن ماجه (1/536) (1676) ، أحمد (2/498) ، ابن حبان (8/284-285) (3518) ، الدارقطني (2/184) ، الحاكم (1/589) .
(5) تقدم برقم (348) .(2/868)
متصل صحيح، وأخرجه أبو داود والنسائي ومال صاحب "الإلمام" إلى تصحيحه.
2689 - وعن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه أمر بالإثمد المُرَّوح عند النوم وقال: ليتقه الصائم» رواه أبو داود والبخاري في تاريخه (1) بإسناد فيه مقال، وقال ابن معين: حديث منكر.
_________
(1) أبو داود (2/310) (2377) ، البخاري في التاريخ (7/398) ، والطبراني في "الكبير" (20/341) .(2/869)
2690 - وعن أنس قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم قال: نعم» أخرجه الترمذي (1) وقال: إسناده ليس بالقوي ولا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب شيء.
2691 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اكتحل في رمضان وهو صائم» رواه ابن ماجه (2) بإسناد ضعيف، قال الترمذي: لا يصح فيه شيء، وقال في "الخلاصة": ليس فيه إلا بقيَّة بن الوليد، وقد اختلف في الاحتجاج به، وأخرج له مسلم في الشواهد والحق أنه ثقة في نفسه لكنه يدلس عن الكذابين وقد عنعن في هذا الحديث عن ثقة.
2692 - وعن أبي رافع قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتحل بالإثمد وهو صائم» رواه الطبراني في "الكبير" (3) وقال في "مجمع الزوائد": من رواية حبان عن محمد بن عبد الله بن أبي رافع وقد وثقا وفيهما كلام كثير.
2693 - وعن بَرْيرة مولاة عائشة قالت: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكتحل بالإثمد وهو صائم» رواه الطبراني في "الأوسط" (4) قال في "مجمع الزوائد": وفيه جماعة لم أعرفهم.
_________
(1) الترمذي (3/105) (726) .
(2) ابن ماجه (1/536) (1678) .
(3) الطبراني في "الكبير" (1/317) ، وهو عند ابن عدي في "الكامل" (2/428) ، والبيهقي (4/262) .
(4) الطبراني في "الأوسط" (7/81) (6911) .(2/870)
[7/8] باب ما جاء من النهي عن المبالغة في الاستنشاق للصائم
وما جاء في المضمضة والغسل والسواك له
2694 - عن عاصم بن لَقِيط بن صَبِرة قال: «قلت: يا رسول الله! أخبرني عن الوضوء قال أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» أخرجه أصحاب السنن (1) وقال الترمذي: حسن صحيح وصححه أيضًا ابن خزيمة.
2695 - وعن عمر قال: «هششت يومًا فقبلت وأنا صائم فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: اليوم صنعت أمرًا عظيمًا فقبلت وأنا صائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو تمضمضت بماء وأنت صائم؟ فقلت لا بأس بذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففيم؟» رواه أحمد وأبو داود وقال: فمه موضع ففيم، وأخرجه النسائي وقال: منكر، وقال البزار: لا نعلمه يروى عن عمر إلا من هذا الوجه وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم (2) .
2696 - وعن رجل من الصحابة قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصب الماء على رأسه من الحر وهو صائم» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (3) برجال الصحيح.
_________
(1) تقدم برقم (246) .
(2) أحمد (1/21، 52) ، أبو داود (2/311) (2385) ، النسائي في "الكبرى" (2/198) ، ابن حبان (8/313) (3544) ، ابن خزيمة (1999) ، الحاكم (1/596) ، وهو عند الدارمي (2/22) (1724) .
(3) أحمد (3/475) ، أبو داود (2/307) (2365) ، النسائي في "الكبرى" (2/196) ، وهو عند الحاكم (1/598) ، والبيهقي (4/242) ، ومالك (1/294) .(2/871)
2697 - وعن عامر بن ربيعة قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يستاك وهو صائم مالا أعد ولا أحصي» أخرجه أحمد وأبو داود بإسناد حسن وعلقه البخاري (1) وحسنه الترمذي والحافظ.
2698 - وأما الحديث المتفق عليه (2) من حديث أبي هريرة: «لَخُلُوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك» فلا يعارضه لأن الخلوف يقع من خلوِّ المعدة والسواك لا يزيله.
2699 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من خير خصال الصائم السِّواك» رواه ابن ماجه (3) بإسناد ضعيف وقال ابن حبان: لا يصح، انتهى. والعمل على هذا عند أهل العلم لا يرون بالسواك للصائم بأسًا وما يروى من الأحاديث عند الدارقطني وغيره مما يخالف ذلك فلا يصح منه شيء.
قوله: «هَشِشت» بشينين معجمتين هش في الأمر يهش إذا مالت نفسه إليه وفرح به. قوله: «الخُلُوف» قال القاضي عياض: هو بضم الخاء المعجمة وأكثر المحدثين يفتحون خاءه وهو خطأ وعده الخطابي في غلطات المحدثين.
[7/9] باب من أكل وشرب ناسيًا
2700 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي وهو صائم
_________
(1) أحمد (3/445) ، أبو داود (2/307) (2364) ، والبخاري معلقاً (2/682) باب السواك الرطب، الترمذي (3/104) (725) .
(2) تقدم برقم (2657) .
(3) ابن ماجه (1/536) (1677) .(2/872)
فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» رواه الجماعة إلا النسائي (1) وفي لفظ الترمذي: «فإنما هو رزق الله ساقه الله إليه» وقال: حسن، وفي لفظ للدارقطني (2) : «إذا أكل الصائم ناسيًا أو شرب ناسيًا، فإنما هو رزق ساقه الله إليه، ولا قضاء عليه» ، وقال: إسناد صحيح رواته ثقات وفي لفظ (3) : «من أفطر يومًا من رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة» قال الدارقطني: تفرد به ابن مرزوق وهو ثقة عن الأنصاري وللحاكم (4) : «من أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة» قال في "بلوغ المرام": وهو صحيح.
[7/10] باب التحفظ للصائم من الغيبة واللغو وما يقول إذا شُتِمَ
2701 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئد ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم والذي نفس محمد بيده لخُلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وللصائم فرحتان: يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه» متفق عليه (5) .
2702 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس له حاجة أن يدع طعامه وشرابه» رواه الجماعة إلا مسلمًا
_________
(1) البخاري (2/682، 6/2455) (1831، 6292) ، مسلم (2/809) (1155) ، أبو داود (2/315) (2398) ، الترمذي (3/100) (721) ، ابن ماجه (1/535) (1673) ، أحمد (2/425، 491، 513) .
(2) الدارقطني (2/178) (27) .
(3) الدارقطني (2/178) (28) .
(4) الحاكم (1/595) .
(5) تقدم برقم (2657) .(2/873)
والنسائي (1) وفي رواية للبخاري (2) : «الزور والجهل» .
2703 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابَّك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم» رواه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم (3) .
[7/11] باب الرخصة في القبلة للصائم إذا أمن على نفسه
2704 - عن حفصة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل وهو صائم» أخرجه مسلم (4) .
2705 - وعن أم سلمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبّلها وهو صائم» متفق عليه (5) .
2706 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم ولكنه كان أملككم لإربه» رواه الجماعة إلا النسائي (6) ، وفي لفظ: «كان
_________
(1) البخاري (2/673) (1804) ، أبو داود (2/307) (2362) ، الترمذي (3/87) (707) ، ابن ماجه (1/539) (1689) ، أحمد (2/452) .
(2) البخاري (5/2251) (5710) ، وهي عند أحمد (2/505) .
(3) ابن حبان (8/255-256) (3479) ، ابن خزيمة (1996) ، الحاكم (1/595) .
(4) مسلم (2/778) (1107) ، وهو عند ابن ماجه (1/538) (1685) ، وأحمد (6/286)
(5) البخاري (1/122، 2/681) (316، 1828) ، مسلم (1/243) (296) ولم يذكر موضع الشاهد، أحمد (6/320) .
(6) البخاري (2/680) (1826) ، مسلم (2/777) (1106) ، أبو داود (2/311) (2382) ، الترمذي (3/107) (729) ، ابن ماجه (1/538) (1684، 1687) ، أحمد (6/98، 266) .(2/874)
يقبل في رمضان وهو صائم» رواه أحمد ومسلم (1) .
2707 - وعن عمر بن أبي سلمة: «أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: أيقبل الصائم؟ فقال: سَل هذه لأم سلمة فأخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك فقال: يا رسول الله! قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال له: أما والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له» رواه مسلم (2) .
2708 - وعن أبي هريرة: «أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المباشرة للصائم فرخص له، وأتاه آخر فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخ وإذا الذي نهاه شاب» رواه أبو داود (3) وسكت عنه هو والمنذري والحافظ في "التلخيص" وفي إسناده أبو العَنْبَس، قال في "الهدي": تركوه، وقال في "التقريب": مقبول.
2709 - قلت: وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو (4) بمعنى حديث أبي هريرة، وأخرجه أحمد والطبراني في "الكبير" (5) وفيه ابن لهيعة ذكره في "مجمع الزوائد" وقال: حديث ابن لهيعة حسن.
2710 - وقد تقدم (6) قريبًا حديث عمر: «قلت: يا رسول الله! صنعت اليوم أمرًا عظيمًا قبّلت وأنا صائم، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو تمضمضت بماء
_________
(1) أحمد (6/130) ، مسلم (2/778) (1106) .
(2) مسلم (2/779) (1108) .
(3) أبو داود (2/312) (2387) .
(4) في الأصل: عبد الله بن عمر.
(5) أحمد (2/185، 220) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(6) تقدم برقم (2698) .(2/875)
وأنت صائم، قلت: لا بأس بذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ففيم» رواه أحمد وأبو داود، وقال: فمه وصححه ابن خزيمة.
قوله: «العنبس» بعين مهملة بعدها نون معجمة بعدها موحدة فسين مهملة.
[7/12] باب الصائم يصبح جنبًا من جماع وغيره
قال تعالى: ((أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ)) [البقرة:187] .
2711 - وعن عائشة: «أن رجلًا قال: يا رسول الله! تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم فقال: لست مثلنا يا رسول الله! قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (1) .
2712 - وعن عائشة وأم سلمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح جنبًا من جماع غير احتلام في رمضان ثم يصوم» متفق عليه (2) .
2713 - وعن أم سلمة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبًا من جماع لا حلم ثم لا يفطر» أخرجاه (3) ، وزاد مسلم: «ثم لا يقضي» .
_________
(1) أحمد (6/67، 156) ، مسلم (2/781) (1110) ، أبو داود (2/312) (2389) ، وهو عند ابن حبان (8/365-366) (3492) ، والنسائي في "الكبرى" (2/195، 6/462) ، والبيهقي (4/214) .
(2) البخاري (2/679) (1825) ، مسلم (2/780، 781) (1109) ، أحمد (6/34، 36، 184، 266، 308) ، وهو عند الترمذي (3/149) (779) ، وأبي داود (2/312) (2388) .
(3) انظر التخريج السابق.(2/876)
2714 - وقد رجحت أحاديث هذا الباب على حديث أبي هريرة: «من أصبح جنبًا فلا صوم له» أخرجاه (1) والآية الكريمة مشاهدة لها فإن المجامع آخر جزء من الليل يلزم ضرورة من طلوع الفجر وهو جنب وقد ذكر لأبي هريرة حديث أم سلمة وعائشة فقال: هما أعلم، سمعت ذلك من الفضل ولم أسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -.
[7/13] باب حكم المجامع في نهار رمضان
2715 - عن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلكت يا رسول الله! فقال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا في رمضان، فقال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا قال: لا، ثم جلس فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعَرَق من تمر، قال: تصدق بهذا، قال: فهل على أفقر مني، فما بين لا بَتَيها أهل بيت أحوج إليه منا، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه، وقال: اذهب فأطعمه أهلك» رواه الجماعة (2) ، وفي رواية لهما (3) : «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه تمر والعرق المكتل الضخم، قال: أين السائل؟ قال: أنا قال: خذ هذا فتصدق به» وفي رواية (4) : «بعرق تمر وهو
_________
(1) مسلم (2/779) (1109) ، ابن ماجه (1/543) (1702) ، الإمام مالك (1/290) (639) ، أحمد (2/248، 286، 8130) ، ابن حبان (8/261، 270) (3486، 3499) .
(2) البخاري (2/918، 5/2053، 2281، 6/2468) (2460، 5053، 5812، 6332، 6333) ، مسلم (2/781) (1111) ، أبو داود (2/313) (2390) ، النسائي في "الكبرى" (2/213) ، الترمذي (3/102) (724) ، ابن ماجه (1/543) (1671) ، أحمد (2/281) .
(3) البخاري (2/684) (1834) .
(4) البخاري (2/684) (1835) ، مسلم (2/782) (1111) .(2/877)
الزنبيل» ، وفي أخرى (1) : «أن رجلًا أفطر في رمضان فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينًا فقال: لا أقدر فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعَرَق تمر فقال: خذ هذا فتصدق به فقال: يا رسول الله! ما أجد أحدًا أحوج مني فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه ثم قال: كله» وفي رواية للنسائي وابن ماجه (2) : «أطعمه عيالك» ، ولابن ماجه (3) : «أعتق رقبة قال: لا أجدها، قال: صم شهرين متتابعين، قال: لا أطيق، قال: أطعم ستين مسكينًا ... »
إلخ، وفي رواية لأبي داود وابن ماجه وأبي عوانة في "صحيحه" والدارقطني (4) : «وصم يومًا مكانه» وفي رواية للموطأ (5) : «وصم يومًا مكان ما أصبت» ووقع في رواية للدارقطني (6) : «هلكت وأهلكت» .
2716 - وعن عائشة: «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه احترق، فقال: مالك؟ قال: أصبت أهلي في رمضان فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكتل يدعى العرق فقال: أين المحترق؟ قال: أنا، قال: تصدق بهذا» وفي رواية قال: «وطئت امرأتي في رمضان
_________
(1) بهذا اللفظ عند أبي داود (2/313) (2392) ، والنسائي في "الكبرى" (2/211، 212) ، وابن حبان (8/295) (3526) .
(2) النسائي في "الكبرى" (2/212) (3117) ، ابن ماجه (1/543) (1671) ، وعند أحمد (2/241) ، وابن حبان (8/293) (3524)
(3) ابن ماجه (1/543) (1671) ، وأحمد (2/208) .
(4) أبو داود (2/314) (2393) ، ابن ماجه (1/543) (1671) ، الدارقطني (2/190، 210) (24، 51) .
(5) مالك في "الموطأ" (1/297) (658) ، وهي عند البيهقي (4/227) ، والشافعي في المسند (1/105) عن سعيد بن المسيب مرسل.
(6) الدارقطني (2/209) ، البيهقي (4/227) .(2/878)
نهارًا، وفي رواية تصدق بهذا فقال: يا رسول الله! أعلى غيرنا؟ فوالله إنا لجياع ما لنا شيء، قال: فكلوه» أخرجاه (1) ، ولأبي داود (2) : «فأتى بعرق فيه عشرون صاعًا» .
[7/14] باب كراهية الوصال
2717 - عن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الوصال، فقالوا: إنك تفعله فقال: إني لست كأحدكم، إني أظل يطعمني ربي ويسقيني» متفق عليه (3) .
2718 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والوصال فقيل إنك تواصل فقال: إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فاكلفوا من العمل ما تطيقون» متفق عليه (4) .
2719 - وعن عائشة قالت: «نهاهم عن الوصال رحمة لهم، فقالوا: إنك تواصل فقال: إني لسك كهيئتكم إني يطعمني ربي ويسقيني» متفق عليه (5) .
2720 - وعن أبي سعيد أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تواصلوا فأيكم أراد أن يُواصل فليواصل حتى السحر، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله! قال: لست كهيئتكم إني أبيت لي مُطْعم يطعمني وساق يسقيني» رواه البخاري وأبو
_________
(1) البخاري (2/683، 6/2501) (1833، 6436) ، مسلم (2/783) (1112) .
(2) أبو داود (2/314) (2395) .
(3) البخاري (2/678، 693) (1822، 1861) ، مسلم (2/774) (1102) ، أحمد (2/21، 23، 102، 112، 128، 143، 153) ، وهو عند أبي داود (2/306) (2360) .
(4) البخاري (2/694) (1865) ، مسلم (2/774) (1103) ، أحمد (2/231، 237، 244، 253، 257، 261، 281، 315، 345، 377، 418، 496، 516) .
(5) البخاري (2/693) (1863) ، مسلم (2/776) (1105) ، أحمد (6/242، 258) .(2/879)
داود (1) .
2721 - وعن أنس قال: «واصل النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر شهر رمضان فواصل ناس من المسلمين فبلغه ذلك فقال: لو مدّ لنا الشهر لواصلنا وصالًا يَدَع المتعمقون تعمقهم إنكم لستم مثلي أو قال: لست مثلكم، إني أظل يطعمني ربي ويسقيني» أخرجاه (2) .
2722 - وفي رواية لأحمد (3) من حديث بشير بن الخصاصية: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الوصال وقال: إنما يفعل ذلك النصارى» وأخرجه الطبراني وسعيد بن منصور وعبد بن حميد، قال في "الفتح": بإسناد صحيح.
[7/15] باب كراهية صوم المرأة تطوعًا بغير إذن زوجها
2723 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه» رواه البخاري (4) ، وهو لمسلم (5) من رواية أخرى، ولأبي داود (6) في هذه الرواية في غير رمضان وللترمذي (7) : «لا تصم المرأة وزوجها شاهد يومًا في غير
_________
(1) البخاري (2/693، 694) (1862، 1866) ، أبو داود (2/307) (2361) ، وهو عند أحمد (3/8، 30، 87، 96) .
(2) البخاري (6/2645) (6814) ، مسلم (2/776) (1104) ، أحمد (3/124، 200، 253) .
(3) أحمد (5/225) ، الطبراني في "الكبير" (2/44) ، عبد بن حميد (1/159) (429) .
(4) البخاري (5/1993) (4896) .
(5) مسلم (2/711) (1026) .
(6) أبو داود (2/330) (2458) .
(7) الترمذي (3/151) (782) ، وهو عند ابن ماجه (1/560) .(2/880)
رمضان إلا بإذنه» وقال: حديث حسن صحيح.
2724 - وأخرجه الحاكم (1) من حديث أبي سعيد فقال: حدثنا علي بن حمّاد حدثنا مُسَدد بن قطن حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: «جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن عنده فقالت: يا رسول الله! إن زوجي صفوان بن المُعَطِّل يضربني إذا صليت، ويُفَطِّرني إذا صمت، ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، قال: وصفوان عنده، قال: فسأله عما قالت، فقال: يا رسول الله! أما قولها: يضربني إذا صليت، فإنها تقرأ سورتين نهيتها عنهما، فقال: - صلى الله عليه وسلم - لو كانت سورة واحدة لكفت الناس، قال: وأما قولها: يفطرني إذا صمت، فإنها تنطلق فتصوم، وأنا رجل شاب فلا أصبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ: لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها، وأما قولها: إني لا أصلي حتى تطلع الشمس، فإنا أهل بيت قد عُرف لنا ذلك لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس، قال: فإذا استيقظت فصلِّ يا صفوان» وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه وأخرجه أبو داود (2) ، قلت: وأعلَّه البزار بأن الأعمش مدلس وقد عنعنه وتعقبه الحافظ في "الفتح" بأن أبا داود صرح بالتحديث بين الأعمش وأبي صالح.
[7/16] باب فضل إطعام الصائم الطعام
2725 - عن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من فطَّر
_________
(1) الحاكم (1/602) .
(2) أبو داود (2/330) (2459) ، وهو عند ابن حبان (4/354) ، والبيهقي (4/303) ، وأبي يعلى (2/398) (1174) ، وأحمد (3/80) .(2/881)
صائمًا كان له مثل أجره غير إنه لا ينقص من أجر الصائم شيء» رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (1) ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
2726 - وعن أم عمارة الأنصارية: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها فقدّمت إليه طعامًا، فقال: كلي، فقالت: إني صائمة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى يفرغوا أو ربما قال: حتى يشبعوا» رواه الترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح وسيأتي (2) قريبًا.
[7/17] باب الصائم إذا دعي
2727 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا دعي أحدكم إلى الطعام وهو صائم فليقل: إني صائم» وفي رواية: «إذا دعي أحدكم إلى الطعام فليجب فإن كان مفطرًا فليطعم، وإن كان صائمًا فليصل قال هشام يريد فليدع لهم» رواه مسلم وأبو داود (3) .
_________
(1) الترمذي (3/171) (807) ، النسائي في "الكبرى" (2/256) ، ابن ماجه (1/555) (1746) ، ابن حبان (8/216) (3429) ، والدارمي (2/14) (1702) .
(2) سيأتي برقم (2733) .
(3) مسلم (2/805) (1150) ، أبو داود (2/331) (2461) ، وهو عند أحمد (2/242) ، والرواية الثانية عند مسلم (2/1054) (1431) ، أبو داود (2/331) (2460) ، والنسائي في "الكبرى" (2/243) .(2/882)
2728 - ولمسلم (1) من حديث جابر نحوه وقال: «فإن شاء طعم وإن شاء ترك» ، وللترمذي: «فليجب فإن كان صائمًا فليصل يعني الدعاء» وقال: حسن صحيح.
2729 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من نزل بقوم فلا يصومنّ إلا بإذنهم» أخرجه الترمذي (2) وقال: حديث ضعيف منكر لا نعرف أحدًا من الثقات رواه غير هشام بن عروة.
2730 - وعن أم عمارة بنت كعب الأنصاري: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها، فقدمت إليه طعامًا، فقال لها: كلي، فقالت: إني صائمة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل طعامه حتى يفرغوا، وربما قال: حتى يشبعوا» رواه الترمذي (3) وقال: حسن صحيح، وفي رواية ليلى عن مولاتها (4) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصائم إذا أكل عنده المفاطير صلت عليهم الملائكة» وفي أخرى (5) : نحو الأولى ولم يذكر فيها «حتى يفرغوا أو يشبعوا» أخرجه الترمذي (6) ، وقال: حسن صحيح، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (7) .
_________
(1) مسلم (2/1054) (1430) ، وهو عند ابن ماجه (1/557) (1751) ، وأحمد (3/392) ، والنسائي في "الكبرى" (4/140) .
(2) الترمذي (3/150) (780) ، وأحمد (2/489، 507) .
(3) الترمذي (3/156) (789) ، وهو عند ابن ماجه (1/560) (1763) .
(4) الترمذي (3/153) (785) ، وهو عند أحمد (6/365، 439) (27106، 27512) .
(5) الترمذي (3/153) (784) ، وهي عند ابن ماجه (1/556) (1748) .
(6) الترمذي (3/154) (786) ، وهي عند أحمد (6/365، 439) (27105، 27513) .
(7) ابن خزيمة (2139، 2140) ، ابن حبان (8/216-217) (3430) .(2/883)
2731 - وسيأتي (1) إن شاء الله تعالى في باب أن صوم التطوع لا يلزم بالشروع حديث: «الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر» .
[7/18] باب تعجيل الإفطار وتأخير السحور والحث عليه
2732 - عن عمر (2) قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغابت الشمس، فقد أفطر الصائم» متفق عليه (3) ، وفي رواية للترمذي (4) : «فقد أفطرت» وقال: حسن صحيح، وفي رواية لأبي داود (5) : «إذا جاء الليل من هاهنا، وذهب النهار من هاهنا» زاد في رواية (6) : «فقد أفطر الصائم» .
2733 - وللبخاري (7) من حديث عبد الله بن أبي أوفى: «إذا رأيت الليل أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم» ولمسلم (8) من حديثه: «إذا غابت الشمس من هاهنا، وجاء الليل من هاهنا، فقد أفطر الصائم» .
2734 - وعن سهل بن سعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزال الناس بخير ما
_________
(1) سيأتي برقم (2863) .
(2) في الأصل: ابن عمر.
(3) البخاري (2/691) (1853) ، مسلم (2/772) (1100) ، أحمد (1/28، 35، 48) من حديث عاصم بن عمر عن عمر بن الخطاب.
(4) الترمذي (3/81) (698) .
(5) أبو داود (2/304) (2351) .
(6) أبو داود (2/304) (2351) ، وهي عند أحمد (1/54) .
(7) البخاري (2/685، 691) (1839، 1854، 1855) .
(8) مسلم (2/772) (1101) .(2/884)
عجلوا الفطر» متفق عليه (1) .
2735 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقول الله عز وجل: إن أحب عبادي إليَّ أعجلهم فطرًا» رواه أحمد والترمذي (2) وقال: حسن غريب (3) .
2736 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزال الدين ظاهرًا ما عجل الناس الفطر لأن اليهود والنصارى يؤخرون» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (4) .
2737 - وعن سهل بن سعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم» رواه ابن حبان في "صحيحه" (5) .
2738 - وعن مالك بن عامر أبي عطية قال: «دخلت على عائشة أنا ومسروق فقلت: يا أم المؤمنين! رجلان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة قالت: أيهما الذي
_________
(1) البخاري (2/692) (1856) ، مسلم (2/771) (1098) ، أحمد (5/331، 334، 336، 337، 339) ، وهو عند الترمذي (3/82) (699) ، وابن ماجه (1/541) (1697)
(2) في الأصل: البخاري.
(3) أحمد (2/237، 239) ، الترمذي (3/83) (700) ، وهو عند ابن حبان (8/275) (3507) .
(4) أبو داود (2/305) (2353) ، النسائي في "الكبرى" (2/253) ، ابن ماجه (1/542) (1698) ، ابن خزيمة (2060) ، ابن حبان (8/273، 277) (3503، 3509) ، وهو عند أحمد (2/450) ، والبيهقي (4/237) ، وأبو يعلى (10/378) ، والطبراني في "الكبير" (1/54) .
(5) ابن حبان (8/277) (3510) ، وهو عند الحاكم (1/599) .(2/885)
يعجل الإفطار ويعجل الصلاة قال: قلنا عبد الله بن مسعود، قالت: كذا كان يصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وفي رواية: والآخر أبو موسى، رواه مسلم والترمذي وصححه والنسائي (1) ، وفي رواية لمسلم (2) : «فقال لها مسروق رجلان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلاهما لا يألو عن الخير أحدهما يعجل المغرب والإفطار والآخر يؤخر المغرب والإفطار، فقالت: من يعجل المغرب والإفطار؟ قال: عبد الله، فقالت: هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع» وللنسائي (3) نحوه وقال: «الصلاة موضع المغرب» .
2739 - وعن أبي ذر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور» رواه أحمد (4) بإسناد فيه مجهول.
2740 - وعن أنس عن زيد بن ثابت قال: «تسحرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان قدر ما بينهما، قال: خمسين آية» أخرجاه (5) ، وفي رواية للترمذي (6) : «قدر قراءة خمسين آية» وقال: حسن صحيح.
_________
(1) مسلم (2/771) (1099) ، الترمذي (3/83) (702) ، وهو عند أبي داود (2/305) (2354) ، والنسائي (4/143) .
(2) مسلم (2/772) (1099) .
(3) النسائي (4/144) .
(4) أحمد (5/147) .
(5) البخاري (1/210، 381، 2/678) (550، 551، 1083، 1821) ، مسلم (2/771) (1097) ، وهو عند الترمذي (3/84) (703) ، والنسائي (4/143) ، وأحمد (5/186) .
(6) الترمذي (3/84) (704) ، وهي عند ابن ماجه (1/540) (1694) ، وأحمد (5/182، 185) .(2/886)
2741 - وعن عبد الله بن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمنعنَّ أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن أو قال ينادي بليل ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم، وليس الفجر أن يقول هكذا: وجمع بعض الرواة كفيه، حتى يقول هكذا ومد إصبعه السبابتين» وفي رواية: «هو المعترض وليس المستطيل» أخرجاه (1) ولأبي داود (2) نحوه.
2742 - وعن سَمُرة بن جُنْدَب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا، حتى يستطير هكذا يعني معترضًا» أخرجه مسلم والترمذي (3) .
2743 - وعن طَلْق بن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كلوا واشربوا فلا يهيدنّكم الصادع المُصْعِد حتى يعرض لكم الأحمر» أخرجه الترمذي (4) وقال: حسن غريب.
2744 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تسحروا فإن في السحور بركة» رواه الجماعة إلا أبا داود وصححه الترمذي (5) .
_________
(1) البخاري (1/224، 5/2030، 6/2647) (596، 4992، 6820) ، مسلم (2/768-769) (1093) ، وهو عند ابن ماجه (1/541) (1696) ، والنسائي (4/148) ، وأحمد (1/386، 392، 435) .
(2) أبو داود (2/303) (2447) .
(3) مسلم (2/769) (1094) ، الترمذي (3/86) (706) ، وهو عند أبي داود (2/303) (2346) ، والنسائي (4/148) ، وأحمد (5/13) .
(4) الترمذي (3/85) (705) ، وهو عند أبي داود (2/304) (2348) ، وابن خزيمة (3/211) (1930) .
(5) البخاري (2/678) (1823) ، مسلم (2/770) (1095) ، الترمذي (3/88) (708) ، النسائي (4/141) ، ابن ماجه (1/540) (1692) ، أحمد (3/99، 215، 229، 243، 258، 281) ، وهو عند ابن حبان (8/245) (3466) ، وابن خزيمة (3/213) (1937) .(2/887)
2745 - وعن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن فصلًا بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر» رواه مسلم والترمذي وصححه، وأبو داود والنسائي (1) .
2746 - وله (2) من حديث عبد الله بن الحارث عن رجل من الصحابة قال: «دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتسحّر فقال: إنها بركة أعطاكم الله إيَاها فلا تدعوه» .
2747 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يديه فلا يدعه حتى يقضي حاجته» رواه أبو داود (3) وسكت عنه هو والمنذري.
2748 - وعن أبي الزبير قال: «سألت جابراً عن الرجل يريد الصيام والإناء على يده ليشرب فيسمع النداء قال جابر: كنا نتحدث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ليشرب» رواه أحمد (4) قال في "مجمع الزوائد": وإسناده حسن.
[7/19] باب مشروعية الإفطار بالتمر والدعاء عنده
2749 - عن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر على رطبات قبل أن
_________
(1) مسلم (2/770) (1096) ، الترمذي (3/89) (709) ، أبو داود (2/302) (2343) ، النسائي (4/146) ، وهو عند أحمد (4/197، 202) ، وابن حبان (8/254) (3477) ، وابن خزيمة (3/215) (1940) ، والبيهقي (4/236) ، وأبو يعلى (13/322) (7337) .
(2) النسائي (4/145) .
(3) أبو داود (2/304) (2350) .
(4) أحمد (3/348) .(2/888)
يصلي، فإن لم يكن رطبات فتمرات، فإن لم يكن تمرات حسى حَسَوات من ماء» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه (1) .
2750 - وعن سلمان بن عامر الضبيّ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهوره» رواه الخمسة وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه (2) .
2751 - وعن معاذ (3) بن زُهْرَة بلغه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أفطر قال: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت» رواه أبو داود (4) مرسلًا بإسناد حسن.
2752 - وأسنده الدارقطني (5) من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف.
2753 - وعن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أفطر قال: ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله» رواه أبو داود والنسائي والدارقطني (6) وقال: إسناد حسن.
_________
(1) أحمد (3/164) ، أبو داود (2/360) (2356) ، الترمذي (3/79) (696) .
(2) أبو داود (2/305) (2355) ، النسائي في "الكبرى" (2/254) ، الترمذي (3/46) (658) ، ابن ماجه (1/542) (1699) ، أحمد (4/17، 18) ، ابن حبان (8/281) (3514) ، الحاكم (1/597) .
(3) معاذ بن زهرة الضبي أبو زهرة تابعي، روى عنه حصين بن عبد الرحمن. اهـ "خلاصة".
(4) أبو داود (2/306) (2358) ، وهو عند البيهقي (4/239) .
(5) الدارقطني (2/185) ، والطبراني في "الكبير" (12/146) .
(6) أبو داود (2/306) (2357) ، النسائي في "الكبرى" (2/255، 6/82) ، الدارقطني (2/185) ، وهو عند الحاكم (1/584) ، والبيهقي (4/239) .(2/889)
2754 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله تعالى فوق الغمام، يقول الرب تعالى: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين» رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (1) وسيأتي إن شاء الله في كتاب الجامع.
2755 - وعن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «للصائم عند فطره دعوة ما ترد» رواه البيهقي وابن ماجه (2) بإسناد ضعيف.
[7/20] باب ما جاء في الفطر والصوم في السفر
2756 - عن عائشة: «أن حمزة (3) بن عمرو الأسلمي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أأصوم في السفر؟ -وكان كثير الصيام- فقال: إن شئت فصم وإن شئت فأفطر» رواه الجماعة (4) .
2757 - ولمسلم (5) من حديث حمزة بن عمرو: «أنه قال: يا رسول الله! أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هي رخصة من
_________
(1) أحمد (2/445) ، الترمذي (5/578) (3598) ، ابن خزيمة (3/199) (1901) ، ابن حبان (8/214-215) (3428) .
(2) ابن ماجه (1/557) (1753) ، وهو عند الحاكم (1/583) .
(3) معاذ بن زهرة الضبي أو زهرة تابعي، روى عنه حصين بن عبد الرحمن. اهـ خلاصة.
(4) البخاري (2/686) (1841) ، مسلم (2/789) (1121) ، أبو داود (2/316) (2402) ، النسائي (4/187) ، الترمذي (3/91) (711) ، ابن ماجه (1/531) (1662) ، أحمد (6/46، 193، 202، 207) .
(5) مسلم (2/790) (1121) .(2/890)
الله تعالى فمن أخذ بها فحسن، ومن أحبّ أن يصوم فلا جناح عليه» ولأبي داود (1) : «أيّما صادفني هذا الشهر -يعني رمضان- وأنا أجد قوة ... » وذكر معناه قال في "التلخيص": وهي رواية صحيحه صححها الحاكم.
2758 - وعن أبي الدرداء قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان في حرِّ شديد حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن رواحة» متفق عليه (2) إلا أن البخاري قال: «في بعض أسفاره» ، ولم يقل: «في شهر رمضان» . (*)
2759 - وعن جابر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فرأى زحامًا ورجل قد ظُلِّل عليه فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم، فقال: ليس من البر الصوم في السفر» .
2760 - وعن أنس قال: «كنا نسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم» متفق عليهما (3) .
2761 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة ومعه عشرة آلاف وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة فسار بمن معه من
_________
(1) أبو داود (2/316) (2403) .
(2) البخاري (2/686) (1843) ، مسلم (2/790) (1122) ، أحمد (5/194، 6/444) ، وهو عند ابن ماجه (1/531) (1663) ، وأبي داود (2/317) (2409) .
(3) الحديث الأول عند البخاري (2/687) (1844) ، مسلم (2/786) (1115) ، أحمد (3/299، 317، 319، 352، 398) ، وهو عند أبي داود (2/317) (2407) ، والنسائي (4/175) ، والحديث الثاني عند البخاري (2/687) (1845) ، مسلم (2/787، 788) (1118) ، وهو عند أبي داود (2/316) ، ومالك (1/295) (652) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف: "متفق عليه إلا أن البخاري قال في بعض أسفاره ولم يقل: "في شهر رمضان". نقول: وكذلك أيضًا الإمام أحمد لم يذكر شهر رمضان، وكذلك أبو داود وابن ماجه.(2/891)
المسلمين إلى مكة يصوم ويصومون حتى إذا بلغ الكُدَيد وهو ما بين عُسْفان وقُدَيْد أفطر وأفطروا» أخرجه البخاري وأحمد ومسلم (1) بمعناه ولم يذكر عشرة آلاف ولا تاريخ الخروج.
2762 - وعن أبي سعيد وجابر قالا: «سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيصوم الصائم ويفطر المفطر فلا يعيب بعضهم على بعض» رواه مسلم (2) .
2763 - وعن أبي سعيد قال: «سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة ونحن صيام قال: فنزلنا منزلًا فقال: إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم فكان رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر ثم نزلنا منزلًا آخر فقال: إنكم مُصَبِّحو عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا فكان عزمة فأفطرنا ثم لقد رأيتنا نصوم بعد ذلك مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (3) .
2764 - وعن جابر بن عبد الله: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغَمِيم فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر إليه الناس ثم شرب فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام قال: أولئك العصاة، أولئك العصاة» وفي لفظ فقيل له: «إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينتظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب» رواه
_________
(1) البخاري (2/686، 3/1079، 4/1558) (1842، 2794، 4027) ، أحمد (1/334) ، مسلم (2/784) (1113) .
(2) مسلم (2/787) (1117) ، وهو عند النسائي (4/189) .
(3) أحمد (3/35) ، مسلم (2/789) (1120) ، أبو داود (2/316) (2406) .(2/892)
مسلم (1) .
2765 - وعن أنس بن مالك الكعبي: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة» رواه الخمسة وحسنه الترمذي (2) .
2766 - وعن جابر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ برجل في ظل شجرة يُرش عليه الماء فقال: ما بال صاحبكم؟ قالوا: يا رسول الله! صائم، قال: إنه ليس من البر أن تصوموا في السفر، وعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها» رواه النسائي (3) وحسنه ابن القطان.
2767 - ويؤيد فضيلة الفطر في السفر حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته» رواه أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان، قال في "مجمع الزوائد": رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح والبزار والطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن وقد تقدم (4) في باب وجوب القصر من كتاب الصلاة.
2768 - وعن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من لم يقبل رخص الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة» رواه أحمد والطبراني في "الكبير"
_________
(1) مسلم (2/785) (1114) .
(2) أبو داود (2/317) (2408) ، النسائي (4/180) ، الترمذي (3/94) (715) ، ابن ماجه (1/533) (1667) ، أحمد (3/94، 4/347) .
(3) النسائي (4/176) (2258) .
(4) تقدم برقم (1830) .(2/893)
(1) قال في "مجمع الزوائد": وإسناده حسن.
2769 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه» رواه الطبراني في "الكبير" والبزار (2) ، قال في "مجمع الزوائد" ورجالهما ثقات، انتهى.
2770 - وقد ورد في الصحيح (3) : «إذا مرض العبد أو سافر يقول الله: اكتبوا لعبدي ما كان يعمل وهو صحيح مقيم» انتهى. فإذا سافر في رمضان كتب له صوم رمضان ثم إذا قضاه كتب له صوم القضاء فلا يكون في الصوم في السفر زيادة فضل.
[7/21] باب من شرع في الصوم ثم أفطر من يومه
2771 - عن جابر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغَميم فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر إليه الناس ثم شرب فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام فقال: أولئك العصاة، أولئك العصاة! وفي لفظ فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينتظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب» رواه مسلم وقد تقدم (4) قريبًا.
_________
(1) أحمد (2/71) ، وهو عند عبد بن حميد (1/265) . ...
(2) الطبراني في "الكبير" (11/323) ، وهو عند ابن حبان (2/69) (354) .
(3) البخاري (3/1092) (2834) عن أبي موسى.
(4) تقدم برقم (2767) .(2/894)
2772 - وللبخاري نحوه من حديث ابن عباس وقد تقدم (1) قبل هذا الباب.
2773 - وعن أبي سعيد قال: «أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نهر من ماء السماء والناس صيام في يوم صائف مشاة ونبي الله - صلى الله عليه وسلم - راكب على بغلة له فقال: اشربوا أيها الناس قال: فأبوا قال: إني لست مثلكم إني أيسركم إني راكب: فأبوا فثنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخذه فنزل فشرب الناس وما كان يريد الشرب» رواه أحمد (2) .
[7/22] باب ما جاء في الفطر لمن يريد السفر قبل خروجه من بلده
2774 - عن ابن عباس قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان إلى حنين والناس مختلفون فصائم ومفطر فلما استوى على راحلته دعا بإناء من لبن أو ماء فوضعه على راحلته أو راحته ثم نظر الناس فقال: المفطرون للصوام: أفطروا» رواه البخاري وأبو داود والنسائي (3) (*) ، وفي رواية للبخاري (4) عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح» انتهى. قلت: وهو والصواب لأن غزوة حنين ليست في رمضان
2775 - وعن محمد بن كعب قال: «أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرًا قد رحلت له راحلته، ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل فقلت له: سنة فقال: سنة ثم ركب» رواه الترمذي (5) بإسناد ضعيف وصححه ابن العربي
_________
(1) تقدم برقم (2764) .
(2) أحمد (3/46) .
(3) بهذا اللفظ عند البخاري (4/1558) (4028) .
(4) البخاري (4/1558) (4028) .
(5) الترمذي (3/163) (799) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
اللفظ للبخاري، وعند أبي داود (2404) ، والنسائي (4/184) ولكن بألفاظ مختلفة، ولم يذكر في رواية النسائي وأبي داود غزوة حنين بل الفتح، وهما أقرب لحديث ابن عباس المتقدم قريبًا.(2/895)
وسكت عنه في "التلخيص".
2776 - وعن عُبَيد بن جُبَير قال: «ركبت مع أبي بَصْرَة الغِفاري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفينة من الفسطاط (1) في رمضان فرفع ثم قرب غداه ثم قال: اقترب فقلت: ألست بين البيوت؟ فقال أبو بَصْرَة: أرغبت عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟» رواه أحمد وأبو داود (2) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله ثقات، وفي رواية (3) : «فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة، قال: اقترب قلت: ألست ترى البيوت؟ قال أبو بَصْرَة: أترغب عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فأكل» .
[7/23] باب جواز الفطر للمسافر إذا دخل بلدًا ولم يعزم على الإقامة فيه
وحكم من أدركه رمضان وهو في بلد الإقامة
2777 - عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غزا غزوة الفتح في رمضان وصام، حتى إذا بلغ الكُدَيد الماء الذي بين قَديد وعُسْفان أفطر، فلم يزل مفطرًا حتى انسلخ الشهر» رواه البخاري (4) وكان الفتح لعشر بقين من رمضان كما في الصحيح.
2778 - وعن سلمة بن المُحَبَّق قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت له حمولة يأوي إلى شِبْع، فليصم رمضان حيث أدركه» وفي رواية قال: «من أدركه
_________
(1) قوله: من الفسطاط بضم الفاء وكسرها فسكون السين: المدينة التي فيها مجمع الناس، ويقال: لمصر والبصرة الفسطاط. تمت "فتح الودود".اهـ.
(2) أحمد (6/398) ، أبو داود (2/318) (2412) .
(3) أبو داود (2/318) (2412) ، وهو عند ابن خزيمة (2040) .
(4) بهذا اللفظ عند البخاري (4/1558) (4026) ، وقد تقدم الحديث بألفاظ أخرى.(2/896)
رمضان في السفر ... » وذكر معناه أخرجه أبو داود (1) وفي إسناده عبد الصمد بن حبيب الأزدي العودي، قال يحيى بن معين: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه وليس بمتروك، وقال يحيى: من كبار الضعفاء، وقال البخاري: لين الحديث ضعفه أحمد. قال البخاري أيضًا: عبد الصمد بن حبيب منكر الحديث ذاهب الحديث، ولم يعد البخاري هذا الحديث شيئًا.
قوله: «حمولة» بالضم هي الأحمال والشبع بكسر الشين المعجمة وإسكان الباء الموحدة اسم لما يشبع وبالفتح المصدر.
[7/24] باب حكم من لا تستطيع الصيام والحامل والمرضع
2779 - عن ابن عباس قال: «رخص للشيخ الكبير أن يفطر، ويطعم كل يوم مسكينًا ولا قضاء عليه» رواه الدارقطني والحاكم وصححاه (2) .
2780 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «لما نزلت هذه الآية ((وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)) [البقرة:184] كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى أنزلت الآية التي بعدها فنسختها» رواه الجماعة إلا أحمد (3) .
2781 - وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بنحو حديث سلمة وفيه «ثم أنزل الله: ((فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)) [البقرة:185] فأثبت الله تعالى صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وثبت الإطعام للكبير
_________
(1) أبو داود (2/318) (2410، 2411) .
(2) الدارقطني (2/205) ، الحاكم (1/606) .
(3) البخاري (4/1638) (4237) ، مسلم (2/802) (1145) ، أبو داود (2/296) (2315) ، النسائي (4/190) ، الترمذي (3/162) (798) .(2/897)
الذي لا يستطيع الصيام» مختصر لأحمد وأبي داود (1) وقد اختلف في إسناده.
2782 - وعن عطاء: «سمع ابن عباس يقرأ: ((وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)) [البقرة:184] قال ابن عباس ليست بمنسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا» رواه البخاري (2) .
2783 - وعن أنس بن مالك الكعبي (3) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصوم» رواه الخمسة وفي لفظ: «وعن الحبلى والمرضع» وحسنه الترمذي وفي جامع الأصول وفي رواية لأبي داود (4) : «رخص للشيخ والحبلى إذا خافتا على ولديهما» (5) .
[7/25] باب قضاء رمضان وأحكامه
2784 - عن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن قضاء رمضان، فقال: إن شاء فرّق، وإن شاء تابعه» رواه الدارقطني (6) ، وقال البيهقي: حديث لا يصح،
_________
(1) أحمد (5/233، 246) ، وأبو داود (1/138-139، 140) (506، 507) ، وهو عند ابن خزيمة (381، 382، 383) .
(2) البخاري (4/1638) (4235) .
(3) صحابي نزل البصرة له ثلاثة أحاديث اهـ خلاصة.
(4) الذي في أبي داود من حديث ابن عباس ما لفظه: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين) قال: كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام أن يفطروا ويطعما كل يوم مسكينًا والحبلى والمرضع إذا خافتا، قال أبو داود يعني على أولادهما.
(5) تقدم برقم (2768) .
(6) الدارقطني (2/193) .(2/898)
وخالفة ابن الجوزي فصححه، وقال في "التلخيص": في إسناده سفيان بن بشر تفرَّد بوصله.
2785 - قال: ورواه (1) عطاء بن عبيد بن عمير مرسلًا. قلت: وإسناده ضعيف.
2786 - ورواه (2) من حديث عبد الله بن عمرو، وفي إسناده الواقدي ووثقه ابن لهيعة.
2787 - ورواه (3) من حديث محمد بن المنكدر قال: «بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن تقطيع شهر رمضان، فقال: ذلك إليك أرأيت لو كان على أحدكم دين فقضاء الدرهم والدرهمين ألم يكن قضاء فالله أحق أن يعفو» وقال: هذا إسناد حسن لكنه مرسل، وقد روي موصولًا ولا يثبت.
2788 - ونقل البخاري (4) عن ابن عباس أنه احتج على الجواز بقوله تعالى: ((فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)) [البقرة:184] ووجهه أنه مطلق يشمل التفريق والتتابع، انتهى.
2789 - وعن عائشة قالت: «نزلت: ((فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)) [البقرة:184] متتابعات فسقطت متتابعات» رواه الدارقطني (5) ، وقال: إسناده صحيح.
_________
(1) الدارقطني (2/193) ، وهو عند عبد الرزاق (4/234) .
(2) الدارقطني (2/194) (76) .
(3) الدارقطني (2/194) (77) .
(4) البخاري (2/688) باب متى يقضي قضاء رمضان.
(5) الدارقطني (2/192) (60، 61) .(2/899)
2790 - وعن أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يقطعه» رواه الدارقطني (1) وحسنه ابن القطان وضعفه غيره.
2791 - وعن عائشة قالت: «كان يكون على الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان وذلك لمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه الجماعة (2) .
2792 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «في رجل مرض في رمضان فأفطر ثم صح ولم يصم حتى أدركه رمضان آخر فقال: يصوم الذي يدركه ثم يصوم الشهر الذي أفطر فيه ويطعم كل يوم مسكينًا» رواه الدارقطني (3) عن أبي هريرة وضعفه وقال البيهقي في "خلافياته": لا يصح مرفوعًا، وقال في "سننه": ليس بشيء في إسناده متر وكان قال: وروي موقوفًا على أبي هريرة بإسناد صحيح.
2793 - وروى الترمذي (4) عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مات وعليه صيام شهر فليصم عنه مكان كل يوم مسكينًا» وإسناده ضعيف قال الترمذي: والصحيح أنه عن ابن عمر موقوفاً.
2794 - وعن ابن عباس قال: «إذا مرض الرجل في رمضان ثم مات ولم
_________
(1) الدارقطني (2/191، 192) .
(2) البخاري (2/689) (1849) ، مسلم (2/802، 803) (1146) ، أبو داود (2/315) (2399) ، النسائي (4/150، 191) ، الترمذي (3/152) (783) ، ابن ماجه (1/533) (1669) ، أحمد (6/124، 131، 179) .
(3) الدارقطني (2/197) .
(4) الترمذي (3/96) (718) ، وهو عند ابن ماجه (1/558) (1757) .(2/900)
يطعم أطعم عنه ولم يكن عليه قضاء وإن نذر قضاه عنه وليّه» رواه أبو داود (1) وصححه الحافظ وأخرجه البيهقي وعبد الرزاق (2) موصولًا وعلقه البخاري (3) ، وقال عبد الحق في "أحكامه": لا يصح في الإطعام شيء مرفوعًا، وكذا قال في "الفتح".
2795 - وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك رمضان وعليه من رمضان شيء لم يقضه لم يتقبل منه، ومن صام تطوعًا وعليه من رمضان شيء لم يقضه فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه» رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" (4) ، وقال في "مجمع الزوائد": وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح، وذكر في "مجمع الزاوئد" في موضع آخر وقال: هذا حديث حسن.
[7/26] باب ما جاء في الصوم عن الميت
2796 - عن ابن عباس: «أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن أمي ماتت وعليها صوم نذر فأصوم عنها؟ قال: أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدى ذلك عنها؟ قالت: نعم، قال: فصومي عن أمك» أخرجاه (5) ، وفي رواية
_________
(1) أبو داود (2/315) (2401) .
(2) البيهقي (4/254، 257) ، عبد الرزاق (4/240) .
(3) لم نجده في "الصحيح "
(4) أحمد (2/352) ، الطبراني في "الأوسط" (3/321) .
(5) البخاري (2/690) (1852) ، مسلم (2/804) (1148) .(2/901)
لهما (1) : «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إن أمي قد ماتت وعليها صوم شهر فأقضيه عنها؟ قال: نعم، فدين الله أحق أن يقضى» وفي رواية لأحمد والنسائي وأبي داود (2) : «أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله نجاها أن تصوم شهرًا، فأنجاها الله فلم تصم حتى ماتت فجاءت قرابة لها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك، فقال: صومي عنها» .
2797 - وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» متفق عليه (3) ، وفي رواية للبزار (4) : «فليصم عنه وليه إن شاء» قال في "مجمع الزوائد": وإسناده حسن.
2798 - وعن بريدة قال: «بينا أنا جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أتته امرأة، فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت، فقال: وجب أجرك وردها عليك بالميراث، قالت: يا رسول الله! إن كان عليها صوم شهر، أفأصوم عنها؟ قال: صومي عنها، قالت: إنها لم تحج قط، أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي (5) وصححه، ولمسلم (6) في رواية: «صوم شهرين» .
_________
(1) البخاري (2/690) (1852) ، مسلم (2/804) (1148) .
(2) أحمد (1/216، 338) ، النسائي (7/20) ، أبو داود (3/237) (3308) ، وهو عند ابن خزيمة (2054) .
(3) البخاري (2/690) (1851) ، مسلم (2/803) (1147) ، أحمد (6/69) ، وهو عند أبي داود (2/315) (2400) ، والنسائي في "الكبرى" (2/175) .
(4) كما في "كشف الأستار" (1/481 - 482) .
(5) أحمد (5/359) ، مسلم (2/805) (1149) ، أبو داود (3/116) (2877) ، الترمذي (3/54) (667) .
(6) مسلم (2/805) (1149) .(2/902)
[7/27] باب ما جاء فيمن أفطر ظانًا دخول الليل فبدت الشمس
2799 - عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «أفطرنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم غيم، ثم طلعت الشمس، قيل لهشام: أفأمروا بالقضاء؟ قال: وبد من قضاء» رواه البخاري وأبو داود (1) .
2800 - وفي "الموطأ" (2) : «أن عمر أفطر ذات يوم في رمضان في يوم ذي غيم ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس، فجاء رجل فقال: يا أمير المؤمنين طلعت الشمس، فقال عمر: الخطب يسير وقد اجتهدنا» قال مالك: يريد بقوله «يسير» القضاء فيما نرى والله أعلم خِفَّةُ مؤنته ويسارته يقول: نصوم يومًا مكانه.
[7/28] باب التشديد فيمن أفطر لغير عذر
2801 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أفطر يومًا من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضه صوم الدهر كله وإن صامه» أخرجه الترمذي (3) وقال: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأخرجه أبو داود (4) ولم يذكر المرض «ولا كله وإن صامه» وأخرجه البخاري (5) تعليقًا قال: ويذكر عن أبي هريرة رفعه وقال: من
_________
(1) البخاري (2/692) (1858) ، أبو داود (2/306) (2359) ، وهو عند ابن ماجه (1/535) (1674) ، وأحمد (6/346)
(2) مالك (1/303) (670) .
(3) الترمذي (3/101) (723) .
(4) أبو داود (2/314) (2396) .
(5) البخاري (2/683) باب إذا جامع في رمضان.(2/903)
غير عذر ولا مرض، وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" والنسائي (1) وابن ماجه والبيهقي، وفي إسناد الجميع يزيد بن المطوس عن أبيه. قال البخاري: لا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا! وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به.
2802 - وأخرج البيهقي (2) عن ابن مسعود موقوفًا: «من أفطر يومًا من رمضان متعمدًا، لم يقضه أبدًا طول الدهر» ومثل ذلك لا يقال من قبيل الرأي.
2803 - وعن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «بينا أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلًا وعرًا فقالا: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل فإذا أنا بأصوات شديدة فقلت: ما هذه الأصوات؟ فقالوا: هذه عواء أهل النار ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم، تسيل أشدَاقهم دمًا، قال: قلت من هؤلاء؟ قال: الذين يفطرون قبل تحلة صومهم» الحديث رواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (3) ، وهو مختصر من حديث طويل.
قوله: «قبل تحلة صومهم» معناه يفطرون قبل وقت الإفطار.
_________
(1) ابن خزيمة (1987) ، النسائي في "الكبرى" (2/244، 245) ، ابن ماجه (1/535) (1672) ، وهو عند أحمد (2/386، 442، 458، 470) .
(2) البيهقي (4/228) .
(3) ابن خزيمة (1986) ، ابن حبان (16/536) (7491) ، وهو عند الحاكم (1/595، 2/228) ، والبيهقي (4/216) ، والطبراني في "الكبير" (8/155-156، 157) .(2/904)
أبواب صوم التطوع
[7/29] باب الصوم في سبيل الله تعالى وفي السفر
2804 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من عبد يصوم في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفًا» متفق عليه واللفظ لمسلم (1) .
2805 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام يومًا في سبيل الله حرمه الله على النار سبعين خريفًا» رواه الترمذي من رواية ابن لهيعة، وقال: غريب، وأخرجه النسائي (2) بإسناد حسن.
2806 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر» رواه النسائي (3) بإسناد فيه: يعقوب بن عبد الله القمِّي، وجعفر بن أبي المغيرة القمِّي قال في "التقريب": صدوقان يهمان.
[7/30] باب صوم ست من شوال
2807 - عن أبي أيوب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان وأتبعه
_________
(1) البخاري (3/1044) (2685) ، مسلم (2/808) (1153) ، أحمد (3/26، 59، 83) ، وهو عند الترمذي (4/166) (1623) ، والنسائي (4/173) ، وابن ماجه (1/547) (1717) .
(2) الترمذي (4/166) (1622) ، النسائي (4/172) ، وهو عند أحمد (2/300، 357) ، وابن ماجه (1/548) .
(3) النسائي (4/198) .(2/905)
ستاً من شوال فذلك صيام الدهر» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي (1) .
2808 - وهو لأحمد (2) من حديث جابر.
2809 - وعن ثوبان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة ((مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)) [الأنعام:160] » رواه ابن ماجه (3) .
2810 - وله شاهد عند البزار (4) من حديث أبي هريرة بطرق رجال بعضها رجال الصحيح، وقال المنذري في حديث ثوبان: أخرجه ابن ماجه والنسائي (5) ولفظه: «جعل الله الحسنة بعشرة أمثالها، شهرًا بعشرة أشهر، وستة أيام بعد الفطر تمام السنة» وابن خزيمة في "صحيحه"، ولفظه وهو رواية للنسائي (6) قال: «صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة» وابن حبان في "صحيحه" (7) ولفظه: «من صام رمضان وستًا من شوال فقد صام السنة» .
_________
(1) مسلم (2/822) (1164) ، أبو داود (2/324) (2433) ، الترمذي (3/132) (759) ، ابن ماجه (1/547) (1716) ، أحمد (5/417، 419) .
(2) أحمد (3/344) .
(3) ابن ماجه (1/547) (1715) ، وهو عند أحمد (5/280) .
(4) كما في "كشف الأستار" (1/495- 496) .
(5) النسائي في "الكبرى" (2/162) .
(6) ابن خزيمة (3/298) (2115) ، النسائي في "الكبرى" (2/163) .
(7) ابن حبان (8/398) (3635) .(2/906)
[7/31] باب ما جاء في عشر ذي الحجة ويوم عرفة
2811 - عن حفصة قالت: «أربع لم يكن يدعهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صيام عاشوراء والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة» رواه أحمد والنسائي (1) .
2812 - وأخرجه أبو داود (2) عن بعض أزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء» .
2813 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء» أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي (3) .
2814 - وعن عائشة قالت: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صائمًا في العشر قط» رواه مسلم والترمذي (4) من طريقين قال في أحدهما وهذا أصح وأوصل إسنادًا، انتهى. ورواه أبو داود (5) وأسقط منه لفظة «في» .
_________
(1) أحمد (6/287) ، النسائي (4/220) (2416) ، وهو عند ابن حبان (14/332) (6422) .
(2) أبو داود (2/325) (2437) ، وهو عند النسائي (4/220) (2417) ، وأحمد (6/288) .
(3) تقدم برقم (2040) .
(4) مسلم (2/833) (1176) ، الترمذي (3/129) (756) ، وهو عند أحمد (6/42) .
(5) أبو داود (2/325) (2439) ، وهو عند ابن ماجه (1/551) ، وأحمد (6/124، 190) ، وابن حبان (4/288، 8/372) (1441، 3608) .(2/907)
2815 - وعن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (1) ولفظ مسلم: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم عرفة فقال: يكفر السنة الماضية والباقية، وسئل عن صوم يوم عاشوراء، فقال: يكفر السنة الماضية، وسئل عن صوم يوم الإثنين، فقال: ذاك يوم وُلدت فيه أو بُعثت فيه أو أنزل عليَّ فيه» وفي رواية للترمذي (2) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده والسنة التي قبله» وحسنه الترمذي.
2816 - وعن أبي هريرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم عرفة بعرفات» رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه ابن خزيمة والحاكم (3) على شرط البخاري واستنكره العقيلي.
2817 - وعن أم الفضل «أنهم شكوا في صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة فأرسلت إليه بلبن فشرب وهو يخطب الناس بعرفة» متفق عليه (4) .
_________
(1) مسلم (2/818، 819) (1162) ، أبو داود (2/321، 322) (2425، 2426) ، النسائي في "الكبرى" (2/150، 151، 152، 153) ، ابن ماجه (1/551، 553) (1730، 1738) ، أحمد (5/295، 296، 304، 310) .
(2) الترمذي (3/124، 126) (749، 752) .
(3) أبو داود (2/326) (2440) ، النسائي في "الكبرى" (2/155) ، ابن ماجه (1/551) (1732) ، أحمد (2/304، 446) ، ابن خزيمة (2101) ، الحاكم (1/600) .
(4) البخاري (2/597، 598، 701، 5/2127، 2134) (1575، 1578، 1887، 5282، 5313) ، مسلم (2/791) (1123) ، أحمد (6/339، 340) ، وهو عند أبي داود (2/326) (2441) ، والترمذي (3/124) (750) .(2/908)
2818 - وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه الترمذي (1) .
[7/32] باب صوم شهر محرم وعاشوراء
والتوسيع فيه على العيال والأهل
2819 - عن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل أي الصيام بعد رمضان أفضل، قال: شهر الله المحرم» رواه الجماعة إلا البخاري (2) .
2820 - وعن علي: «أنه سمع رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قاعد، فقال: يا رسول الله! أي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان، قال: فصم المحرم، فإنه شهر الله فيه يوم تاب الله فيه على قوم ويتوب فيه على قوم» رواه الترمذي (3) وحسنه.
2821 - وعن عائشة قالت: «كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، فلما فرض رمضان قال: من شاء صامه، ومن شاء تركه» متفق عليه (4) .
_________
(1) أبو داود (2/320) (2419) ، النسائي (5/252) ، الترمذي (3/143) (773) ، أحمد (4/152) ، وهو عند ابن خزيمة (2100) ، وابن حبان (8/368) (3603) .
(2) تقدم برقم (1473) .
(3) الترمذي (3/117) (741) ، وهو عند أحمد (1/154) .
(4) البخاري (2/578، 670، 704، 3/1393 4/1637) (1515، 1794، 1897، = = 1898، 3619، 4232، 4234) ، مسلم (2/792) (1125) ، أحمد (6/29، 50، 162، 243، 244، 248) ، وهو عند أبي داود (2/326) (2442) ، والترمذي (3/127) (753) ، وابن ماجه مختصرًا (1/552) (1733) ، وابن حبان (8/385) (3621) ، وابن خزيمة (2080) .(2/909)
2822 - وعن سلمة بن الأكوع: «قال أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أسلم أن أذن في الناس أن من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء» أخرجاه (1) .
2823 - وعن علقمة: «أن الأشعث بن قيس دخل على عبد الله وهو يطعم يوم عاشوراء فقال: يا أبا عبد الرحمن! إن اليوم يوم عاشوراء فقال: قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان ترك، فإن كنت مفطرًا فاطعم» أخرجاه (2) .
2824 - وعن ابن عمر: «أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامه والمسلمون قبل أن يفرض رمضان، فلما فرض رمضان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن يوم عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه، وكان ابن عمر لا يصومه إلا أن يوافق صيامه» .
2825 - وعن أبي موسى قال: «كان يوم عاشوراء يومًا تعظمه اليهود
_________
(1) البخاري (2/679، 705، 6/2651) (1824، 1903، 6837) ، مسلم (2/798) (1135) ، وهو عند النسائي (4/192) ، وأحمد (4/50) ، وابن حبان (8/384) (3619) ، وابن خزيمة (2092) .
(2) البخاري (4/1637) (4233) ، مسلم (2/794) (1127) ، وهو عند أحمد (1/455) ، وابن خزيمة (2081) ، والنسائي في "الكبرى" (2/158) .(2/910)
وتتخذه عيدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صوموه أنتم» وفي رواية: «كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيدًا ويلبسون نساءهم حليّهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صوموه أنتم» .
2826 - وعن ابن عباس قال: «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، فقال: أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه» متفق على هذه الأحاديث (1) .
2827 - وعن ابن عباس قال: «ما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام يومًا يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم ولا شهرًا إلا هذا الشهر يعني رمضان» أخرجاه (2) .
2828 - وعن أبي قتادة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صيام يوم عاشوراء،
_________
(1) حديث ابن عمر أخرجه: البخاري (2/669، 4/1637) (1793، 4231) ، ومسلم (2/792، 793) (1126) ، وأحمد (2/57، 143) ، وأبو داود (2/326) (2443) ، وابن ماجه (1/553) (1737) ، وابن حبان (8/386، 387) (3622، 3623) ، وابن خزيمة (2082) وحديث أبي موسى أخرجه: البخاري (2/407) (1901) ، ومسلم (2/796) (1131) ، وأحمد (4/409) ، وحديث ابن عباس أخرجه: البخاري (2/704، 3/1244، 1434، 4/1722) (1900، 3216، 3727، 4403) ، ومسلم (2/795، 796) (1130) ، وأحمد (1/291، 310) ، وأبو داود (2/326) (2444) ، وابن ماجه (1/552) (1734) .
(2) البخاري (2/705) (1902) ، مسلم (2/797) (1132) ، وهو عند النسائي (4/204) ، وأحمد (1/222، 313، 367) ، وابن خزيمة (2086) .(2/911)
فقال: يكفر السنة الماضية» رواه مسلم وغيره (1) ، والترمذي من حديثه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» .
2829 - وعن ابن عباس قال: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصوم يوم عاشوراء يوم العاشر» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح (2) .
2830 - وعنه: «لما صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء وأمر الناس بصيامه، قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، قال: فإذا كان في العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه مسلم وأبو داود (3) ، وفي لفظ: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لأن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع يعني يوم عاشوراء» رواه أحمد ومسلم (4) وفي رواية (5) : «وقد سأله رجل فقال: أخبرني عن صوم يوم عاشوراء، فقال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح اليوم التاسع صائمًا، قال: هكذا كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يصومه؟ قال: نعم» وفي رواية لأحمد (6) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود وصوموا قبله يومًا وبعده يومًا» وفي إسنادها محمد بن أبي ليلى وفيه كلام.
2831 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من وسع على عياله
_________
(1) تقدم برقم (2818) .
(2) الترمذي (3/128) (755) .
(3) مسلم (2/797) (1134) ، أبو داود (2/327) (2445) .
(4) أحمد (1/224، 344) ، مسلم (2/798) (1134) ، وهي عند ابن ماجه (1736) .
(5) مسلم (2/797) (1133) .
(6) أحمد (1/241) ، وهو عند ابن خزيمة (2095) .(2/912)
وأهله يوم عاشوراء أوسع الله عليه سائر سنة» رواه البيهقي (1) من طرق عن جماعة من الصحابة قال البيهقي: هذه الأسانيد وإن كانت ضعيفة فهي إذا ضم بعضها إلى بعض أخذت قوة، وقال العراقي في "أماليه": لحديث أبي هريرة طرق صحح بعضها ابن ناصر الحافظ. قال في "المقاصد": له طريق عن جابر على شرط مسلم أخرجها ابن عبد البر في "الاستذكار" من رواية أبي الزبير عنه وهي أصح طرقه.
2832 - وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل شهر حرام لا ينقص ثلاثين يومًا وثلاثين ليلة» رواه الطبراني في "الكبير" (2) . قال في "مجمع الزوائد": ورجاله رجال الصحيح.
[7/33] باب ما جاء في صوم شعبان والأشهر الحرم
2833 - عن أم سلمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يصوم من السنة شهرًا تامًا إلا شعبان كان يصله برمضان» رواه الخمسة (3) وحسنه الترمذي واللفظ لأبي داود، ولفظ الترمذي: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان» وقال في "الشمائل": إسناده صحيح، ولفظ ابن ماجه: «كان يصوم شهر شعبان ورمضان» .
2834 - وعن عائشة قالت: «لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم أكثر من شعبان كان
_________
(1) البيهقي في "الشعب" (3/366) (3795)
(2) وهو عند ابن عدي في "الكامل" (4/305) .
(3) أبو داود (2/300) (2336) ، النسائي (4/150) ، الترمذي (3/113) (736) ، وفي "الشمائل" (1/247) ، ابن ماجه (1/528) (1648) ، أحمد (6/300، 311) .(2/913)
يصومه كله» وفي لفظ: «ما كان يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان، كان يصومه إلا قليلًا بل كان يصومه كله» وفي لفظ: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهرًا أكثر منه صيامًا في شعبان» متفق على ذلك كله (1) .
2835 - وعن أنس قال: «سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الصوم أفضل بعد رمضان، فقال: شعبان» رواه الترمذي (2) بإسناد ضعيف وقال: غريب.
2836 - وعن أسامة قال: «قلت: يا رسول الله! لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم في شعبان، قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر يرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» أخرجه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة (3) .
2837 - وعن عمران بن حصين: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: هل صمت من سَرَر هذا الشهر؟ قال: لا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإذا أفطرت رمضان فصم يومين مكانه» متفق عليه (4) ، وفي رواية لهم (5) : «من سرر شعبان» .
_________
(1) البخاري (2/695) (1868، 1869) ، مسلم (2/810، 811) (1156) ، أحمد (6/107، 143، 153، 165، 242) .
(2) الترمذي (3/51) (663) .
(3) النسائي (4/201) ، أبو داود (2/325) (2436) ، وهو عند أحمد (5/201) .
(4) البخاري (2/700) (1882) ، مسلم (2/820، 821) (1161) ، أحمد (4/428، 432، 434) .
(5) البخاري (2/700) (1882) ، مسلم (2/820) (1161) ، أحمد (4/443) .(2/914)
2838 - وعن رجل من باهلة قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله! أنا الرجل الذي أتيتك عام الأول، فقال: مالي أرى جسمك ناحلًا، فقال: يا رسول الله! ما أكلت طعامًا بالنهار ما أكلته إلا بالليل، قال: من أمرك أن تعذب نفسك؟ قلت: يا رسول الله! إني أقوى، قال: صم شهر الصبر ويومًا بعده، قلت: إني أقوى، قال: صم شهر الصبر ويومين بعده، قلت: إني أقوى، قال: صم شهر الصبر وثلاثة أيام بعده، وصم أشهر الحرم» رواه أحمد وابن ماجه (1) وهذا لفظه. رواه أبو داود (2) عن مُجيبة (3) الباهلية عن أبيها أو عمها: «أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انطلق فأتاه بعد سنة، وقد تغيرت حالته وهيئته، فقال: يا رسول الله! أما تعرفني؟ قال: ومن أنت؟ قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام أول، قال: فما غيرك، وقد كنت حسن الهيئة؟ قال: ما أكلت طعامًا منذ فارقتك إلا بليل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلم عذبت نفسك؟ ثم قال: صم شهر الصبر ويومًا من كل شهر، قلت: زدني فإن بي قوة، قال صم يومين، قلت: زدني قال: صم ثلاثة أيام، قلت: زدني، قال: صم من المحرم واترك، صم من المحرم واترك، صم من المحرم واترك، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها» ولم يتكلم في الحديث إلا من جهة الاختلاف المذكور وهو لا يضر.
[7/34] باب الحث على صوم الإثنين والخميس
2839 - عن عائشة قالت: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتحرى صيام الإثنين
_________
(1) أحمد (5/28) ، ابن ماجه (1/554) (1741) .
(2) أبو داود (2/322) (2428) .
(3) مجيبة بضم أوله وكسر الجيم الباهلي عن عمه وعنه ضريب بن نفير قاله الثوري. اهـ "خلاصة". فقد اختلف في مجيبة هل هو اسم لمذكر أو لمؤنث. اهـ(2/915)
والخميس» رواه الخمسة إلا أبا داود (1) .
2840 - فإنه رواه (2) من حديث أسامة بن زيد وأخرجه ابن حبان وصححه وقال الترمذي: حسن غريب
2841 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعرض الأعمال كل إثنين وخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» رواه أحمد والترمذي (3) وقال: حديث حسن غريب ولابن ماجه (4) معناه.
2842 - ولأحمد وأبي داود والنسائي (5) نحوه من حديث أسامة وفي إسناده مجهول.
2843 - وأصله في صحيح مسلم (6) من حديث أبي هريرة أيضًا مرفوعًا بلفظ: «تعرض الأعمال في كل إثنين وخميس فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئًا إلا امرأً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا» .
2844 - وعن حفصة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم ثلاثة أيام من
_________
(1) الترمذي (3/121) (745) ، النسائي (4/202، 203) ، ابن ماجه (1/553) (1739) ، أحمد (6/89، 106) ، ابن حبان (8/404-405) (3643) ، وابن خزيمة (2116) .
(2) أبو داود (2/325) (2436) ، وهو عند أحمد (5/200، 208) .
(3) أحمد (2/329) ، الترمذي (3/122) (747) .
(4) ابن ماجه (1/553) (1740) .
(5) تقدم برقم (2839) .
(6) مسلم (4/1987) (2565) .(2/916)
الشهر: الإثنين والخميس والإثنين من الجمعة الأخرى» رواه أبو داود والنسائي (1) وسكت عنه أبو داود والمنذري.
2845 - وعن أبي قتادة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم الاثنين، فقال: ذلك يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (2) .
2846 - وعن أم سلمة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر أولها الإثنين والخميس» رواه النسائي وأبو داود (3) سكت عنه هو والمنذري.
[7/35] باب صوم أيام البيض
وما جاء في صيام ثلاثة أيام من كل شهر غيرها
2847 - عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاثة فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة» رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن حبان وصححه (4) ، ولفظ النسائي والترمذي وحسنه قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نصوم من الشهر ثلاث أيام البيض ثلاثة عشرة وأربع عشرة
_________
(1) أبو دواد (2/328) (2451) ، النسائي (4/203) ، وهو عند أحمد (6/287) .
(2) جزء من حديث طويل عند أحمد (5/296) ، ومسلم (2/819، 820) (1162) ، وأبو داود (2/322) (2425، 2426) .
(3) النسائي (4/203) ، أبو داود (2/328) (2452) .
(4) أحمد (5/150، 152، 162، 177) ، النسائي (4/222، 223) ، الترمذي (3/134) (761) ، ابن حبان (8/414، 415) (3655، 3656) ، وهو عند ابن خزيمة (2128) .(2/917)
وخمس عشرة» .
2848 - وأخرجه أيضًا النسائي وابن حبان وصححه (1) من حديث أبي هريرة.
2849 - ورواه النسائي (2) أيضًا من حديث جرير مرفوعًا قال الحافظ وإسناده صحيح.
2850 - وعن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (3) .
2851 - وقد تقدم (4) حديث ابن عباس: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر» رواه النسائي.
2852 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم من الشهر السبت والأحد والإثنين ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس» رواه الترمذي وحسنه (5) .
2853 - وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صام كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر، فأنزل الله تصديق ذلك ((مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ
_________
(1) النسائي (4/222) ، ابن حبان (8/410) (3650) ، وهو عند أحمد (2/336، 346) .
(2) النسائي (4/221) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (2/333، 356) ، وأبي (13/492) (7504) .
(3) تقدم برقم (2848) .
(4) تقدم برقم (2809) .
(5) الترمذي (3/122) (746) .(2/918)
أَمْثَالِهَا)) [الأنعام:160] اليوم بعشرة» رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه (1) .
2854 - وعن ابن مسعود قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر» رواه أصحاب السنن وصححه ابن خزيمة (2) .
2855 - وعن أبي هريرة قال: «أوصاني خليلي بصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام» رواه مسلم (3) .
2856 - وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله» أخرجاه (4) .
[7/36] باب أفضل الصيام صيام داود عليه السلام
2857 - عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صم في كل شهر ثلاثة أيام قلت: إني أقوى من ذلك فلم يزل يرفعني حتى قال: «صم يومًا وأفطر يومًا، فإنه أفضل الصيام وهو صوم أخي داود عليه السلام» أخرجاه (5) ، وفي رواية
_________
(1) ابن ماجه (1/545) (1708) ، الترمذي (3/135) (762) ، وهو عند النسائي (4/219) ، وأحمد (5/145) .
(2) أبو داود (2/328) (2450) ، النسائي (4/204) ، الترمذي (3/118) (742) ، ابن خزيمة (2129) ، وهو عند أحمد (1/406) ، وابن حبان (8/403) (3641) .
(3) تقدم برقم (1492) .
(4) إحدى الروايات لحديث عبد الله بن عمرو وهي عند البخاري (2/698) (1878) ، ومسلم (2/814) (1159) .
(5) وروي هذا الحديث بروايات مختلفة مضت بعضها وستأتي بعضها قريبًا والحديث برواياته عند البخاري (1/387، 2/697، 698، 699، 3/1256، 1257، 5/1995، 2272) = = (1102، 1874، 1875، 1876، 1877، 1878، 1879، 3236، 3237، 3238، 4903، 5783) ، ومسلم (2/812، 813، 814، 815، 816، 817) (1159) ، وأبو داود (2/322، 327) (2427، 2448) ، والنسائي (4/209، 210، 211، 212، 213، 214، 215، 216، 217) ، وأحمد (2/187، 188، 189، 194، 198، 199، 200) .(2/919)
لمسلم (1) : «صم أفضل الصيام عند الله صوم داود عليه السلام كان يصوم يومًا ويفطر يومًا» .
[7/37] باب الصائم المتطوع أمير نفسه
2858 - عن أبي جُحَيْفة قال: «آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا، فقال: كُل فإني صائم، فقال: ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل، فلما كان من الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال: نم فنام، ثم ذهب يقوم فقال: نم، فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن فصليا، فقال له سلمان: أن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدق سلمان» رواه البخاري والترمذي وصححه واللفظ له (2) .
2859 - وعن عائشة قالت: «أُهدي لحفصة طعام وكنا صائمتين فأفطرنا، ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: يا رسول الله! إنا أهديت لنا هدية واشتهيناها
_________
(1) مسلم (2/817) (1159) ، وقد تقدمت قريبًا من هذه الرواية (1482) .
(2) البخاري (2/694، 5/2273) (1867، 5788) ، الترمذي (4/608) (2413) ، وهو عند ابن حبان (2/23-24) (320) ، وابن خزيمة (2144) .(2/920)
فأفطرنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لاعليكما صوما مكانه يومًا آخر» رواه أبو داود (1) بإسناد ضعيف.
2860 - وعن أم هانئ: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها فدعا بشراب فشرب ثم ناولها فشربت فقالت: يا رسول الله! إني كنت صائمة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر» رواه أحمد والترمذي (2) وفي إسناده مقال، وفي رواية لأحمد (3) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب شرابًا فناولها لتشرب، فقالت: إني صائمة ولكني كرهت أن أرد سؤرك، فقال: إن كان قضاء من رمضان فاقضي يومًا مكانه، وإن كان تطوعًا، فإن شئت فاقضي، وإن شئت فلا تقضي» ولأبي داود (4) : «قالت: كنت قاعدة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتي بشراب فشرب منه، ثم ناولني فشربت، فقلت: إني أذنبت فاستغفر لي، فقال: وما ذاك؟ قالت: كنت صائمة فأفطرت، فقال: أمن قضاء كنت تقضيه؟ قالت: لا، قال: فلا يضرك» وفي إسناده مقال.
2861 - وأخرج الدارقطني عن عائشة: «أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يدخل على بعض أزواجه فيقول: هل من غداء؟ فإن قالوا: لا، قال: فإني صائم» وقال: هذا إسناد صحيح.
_________
(1) أبو داود (2/330) (2457) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/247) ، والترمذي (3/112) (735) ، وأحمد (6/263) .
(2) أحمد (6/341، 342) ، الترمذي (3/109) (732) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/250، 251) ، والدارقطني (2/174) .
(3) أحمد (6/424) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/250)
(4) هذه الرواية للترمذي (3/109) (731) ، والتي عند أبي داود بمعناه (2/329) .(2/921)
2862 - وقد تقدم (1) في باب وجوب نية الصوم من الليل ما يشهد لما في الباب وهو حديث عائشة، رواه الجماعة إلا البخاري وفيه: «دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا، فقال: إني إذاً صائم، ثم أتانا يومًا آخر، فقلنا: أهدي لنا حيس، فقال: أرينيه، فلقد أصبحت صائمًا فأكل» .
[7/38] باب جامع لما نهي عن صومه
2863 - عن محمد بن عباد بن جعفر قال: «سألت جابرًا: أنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم الجمعة؟ قال: نعم» متفق عليه (2) ، ولأحمد ومسلم (3) : «قال: نعم ورب هذا البيت» وللنسائي (4) : «ورب الكعبة» وللبخاري (5) في رواية: «أن يُفرد بصوم» .
2864 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو وبعده يوم» رواه الجماعة إلا النسائي (6) ولمسلم (7) : «لا تخُصُّوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين
_________
(1) تقدم الحديث برواياته برقم (2676) .
(2) البخاري (2/700) (1883) ، مسلم (2/801) (1143) ، أحمد (3/312) .
(3) أحمد (3/296، 312) ، مسلم (2/801) (1143) .
(4) النسائي في "الكبرى" (2/141) .
(5) البخاري (2/700) (1883) بلفظ: «أن ينفرد بصوم» .
(6) البخاري (2/700) (1884) ، مسلم (2/801) (1144) ، أبو داود (2/320) (2420) ، الترمذي (3/119) (743) ، ابن ماجه (1/549) (1723) ، أحمد (2/458، 495) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/142) (2756، 2757) .
(7) مسلم (2/801) (1144) .(2/922)
الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم» . ولأحمد (1) : «يوم الجمعة يوم عيد فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا يومًا قبله أو بعده» .
2865 - وعن جُوَيْرِيَة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها في يوم جمعة وهي صائمة فقال: أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غدًا؟ قالت: لا، قال: فأفطري» رواه أحمد والبخاري وأبو داود (2) .
2866 - ولأحمد (3) من حديث جُنَادة الأزدي، وللنسائي نحوه بإسناد لا بأس به.
2867 - وأما ما رواه الترمذي (4) من حديث ابن مسعود قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم من غرة كل شهر ثلاثة أيام وقلما يفطر يوم الجمعة» وقال: حسن غريب، وصححه ابن عبد البر، فهو محمول على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصله بيوم.
2868 - وعن الصَّمَّاء بنت بُسْر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب أو لحاء شجر فليمضغه» رواه الخمسة وحسنه الترمذي وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (5) ،
_________
(1) أحمد (2/303، 532) .
(2) أحمد (6/324، 430) ، البخاري (2/701) (1885) ، أبو داود (2/321) (2422) .
(3) أحمد (4/62) ولم يذكر موضع الشاهد، النسائي في "الكبرى" (2/145، 146) ، وهو عند الحاكم (3/704) .
(4) الترمذي (3/118) (742) ، وهو عند النسائي (4/204) ، وابن حبان (8/406) (3645) ، وأحمد (1/406) ، وابن ماجه (1/549) (1725) مختصرًا، وابن خزيمة (2129) .
(5) أبو داود (2/320) (2421) ، النسائي في "الكبرى" (2/143) ، الترمذي (3/120) = = (744) ، ابن ماجه (1/550) (1726) ، أحمد (6/368) ، ابن خزيمة (3/317) (2164) ، الحاكم (1/601) .(2/923)
وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، قال في "بلوغ المرام": ورجاله ثقات إلا أنه مضطرب وقد أنكره مالك، وقال أبو داود: هو منسوخ، وقال في "التلخيص": ولا يتبين وجه النسخ فيه.
2869 - وعن أم سلمة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم من الأيام السبت ويوم الأحد وكان يقول: هما يوم عيد المشركين وأنا أريد أن أخالفهم» أخرجه النسائي وصححه ابن خزيمة وهذا لفظه، وصححه الحاكم (1) .
2870 - وقد تقدم (2) حديث عائشة: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم يوم من الشهر: السبت والأحد والإثنين ومن الشهر الآخر: الثلاثاء والأربعاء والخميس» رواه الترمذي وحسنه وهو مؤيّد لمن جمع بين الأحاديث بأن النهي متوجه إلى الإفراد ومن ضم إليه يومًا قبله أو بعده فلا كراهة في صومه.
2871 - وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صام من صام الأبد» متفق عليه (3) .
_________
(1) النسائي في "الكبرى" (2/146) ، ابن خزيمة (3/318) (2167) ، الحاكم (1/602) ، وهو عند ابن حبان (8/381) (3616) .
(2) تقدم برقم (2855) .
(3) هذه الرواية عند البخاري (2/698) (1876) ، مسلم (2/814، 815) (1159) ، أحمد (2/164، 188، 190، 199، 212) ، وهي عند ابن ماجه (1/544) (1706) ، والنسائي (4/206، 213، 214) ، وانظر حديث رقم (2860) .(2/924)
2872 - وعن أبي قتادة قال: «قيل: يا رسول الله! كيف بمن صام الدهر؟ قال: لا صام ولا أفطر، أو لم يصم ولم يفطر» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه (1) .
2873 - وعن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا وقبض كفه» رواه أحمد وابن حبان وابن خزيمة والبيهقي (2) ، ولفظ ابن حبان: «ضيقت عليه جهنم هكذا وعقد تسعين» وأخرجه البزار والطبراني بإسناد قال في "مجمع الزوائد" رجاله رجال الصحيح.
2874 - ومما يؤيد تحريم صوم الدهر ما أخرجه البخاري ومسلم (3) أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: «ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»
2875 - وقد تقدم (4) حديث أبي هريرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم عرفة بعرفات» رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه ابن خزيمة والحاكم.
2876 - وتقدم (5) حديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب» رواه
_________
(1) تقدم برقم (2818، 2853) .
(2) أحمد (4/414) ، ابن حبان (8/349) (3584) ، ابن خزيمة (3/313) (2154، 2155) ، البيهقي (4/300) ، البزار (1040، 1041) ، الطبراني في "الأوسط" (3/83) .
(3) البخاري (5/1949) (4776) ، مسلم (2/1020) (1401) .
(4) تقدم برقم (2819) .
(5) تقدم برقم (2821) .(2/925)
الخمسة إلا ابن ماجه وصححه الترمذي.
2877 - وعن أبي سعيد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنه نهى عن صوم يومين، يوم الفطر ويوم النحر» متفق عليه (1) ، وفي لفظ لأحمد والبخاري (2) : «لا صوم في يومين» ولمسلم (3) : «لا يصح الصيام في يومين» .
2878 - وعن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام يوم الأضحى والفطر» أخرجه مسلم و"الموطأ" (4) .
2879 - وعن عائشة قالت: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يومين يوم الفطر ويوم الأضحى» أخرجه مسلم (5) .
2880 - وعن كعب بن مالك: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه وأوس بن حَدَثان أيام التشريق مناديًا إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن وأيام منى أيام أكل وشرب» رواه أحمد ومسلم (6) .
2881 - وعن سعد بن أبي وقاص قال: «أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أنادي أيام
_________
(1) البخاري (2/702) (1890) ، مسلم (2/800) (827) ، أحمد (3/34) .
(2) أحمد (3/51، 71) ، البخاري (2/703) (1893) .
(3) مسلم (2/799) (827) .
(4) مسلم (2/799) (1138) ، مالك في "الموطأ" (1/300) (665) ، وهو عند ابن حبان (8/363) (3598) .
(5) مسلم (2/800) (1140) .
(6) أحمد (3/460) ، مسلم (2/800) (1142) .(2/926)
منى إنها أيام أكل وشرب ولا صوم فيها، يعني أيام التشريق» رواه أحمد والبزار (1) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجالهما رجال الصحيح.
2882 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم خمسة أيام في السنة: يوم الفطر، ويوم الأضحى، وثلاثة أيام التشريق» رواه الدارقطني (2) بإسناد ضعيف.
2883 - وعن عائشة وابن عمر قال: «لم يرخص في أيام التشريق أن يُصَمن إلا لمن لم يجد الهدي» رواه البخاري (3) ، وله (4) عنهما أنهما قالا: «الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة، فإن لم يجد هديًا ولم يصم، صام أيام منى» .
2884 - وعن نُبَيْشَة الهذلي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله» رواه مسلم (5) وفي النهي عن صوم أيام التشريق لغير المتمتع الذي لم يجد الهدى عدة أحاديث.
2885 - وعن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا انتصف شعبان، فلا تصوموا» رواه الخمسة (6) واستنكره أحمد وصححه ابن حبان، وفي رواية
_________
(1) أحمد (1/169، 174) ، البزار (1067) كشف الأستار) .
(2) الدارقطني (2/212) (34) ، وهو في مسند الحارث (1/433) (348) ، وأبو يعلى (7/149) (4117) .
(3) البخاري (2/703) (1894) .
(4) البخاري (2/703) (1895) .
(5) تقدم برقم (2045) .
(6) أبو داود (2/300) (2337) ، النسائي في "الكبرى" (2/172) ، الترمذي (3/115) (738) ، ابن ماجه (1/528) (1651) ، أحمد (2/442) .(2/927)
للترمذي (1) وصححها، «إذا بقي نصف شعبان فلا تصوموا» وقد تقدم أحاديث النهي عن صوم أواخر شعبان ويوم الشك.
[7/39] باب ما جاء في الاعتكاف
2886 - عن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل» .
2887 - وعن ابن عمر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان» متفق عليهما (2) ، ولمسلم (3) قال نافع وقد أراني عبد الله المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
2888 - وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان فلم يعتكف عامًا، فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين» رواه أحمد والترمذي وصححه (4) .
_________
(1) الترمذي (3/115) (738) .
(2) الحديث الأول عند البخاري (2/713) (1921) ، مسلم (2/830) (1172) ، أحمد (6/92، 168، 232، 279) ، وهو عند أبي داود (2/331) (2462) ، والترمذي (3/157) (790) ، والحديث الثاني عند البخاري (2/713) (1922) ، مسلم (2/830) (1171) ، أحمد (2/133) ، وهو عند أبي داود (2/332) (2465) .
(3) مسلم (2/830) (1171) ، وهو عند ابن ماجه (1/564) (1773) .
(4) أحمد (3/104) ، الترمذي (3/166) (803) ، وهو عند ابن حبان (8/423) (3664) ، وابن خزيمة (3/346) (2226، 2227) ، والحاكم (1/605) .(2/928)
2889 - ولأحمد وأبي داود وابن ماجه (1) هذا المعنى من رواية كعب.
2890 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه وإنه أمر بخبأ فضرب لما أراد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان فأمرت زينب بخبائها، فضرب وأمرت غيرها من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبائها فضرب فلما صلى الفجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى الأخبية فقال: آلبر تُرِدن؟ فأمر بخبائه فقُوِّض وترك الاعتكاف في شهر رمضان واعتكف العشر الأواخر من شوال» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) ، لكن له (3) منه: «كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر، ثم دخل معتكفه» وفي رواية للبخاري (4) : «في العشر الأول من شوال» .
2891 - وعن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان إذا اعتكف طرح له فراشه ويوضع له سريره وراء اسطُوانة التوبة» رواه ابن ماجه (5) ورجاله ثقات.
2892 - وعن عائشة: «أنها كانت تُرجِّل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي حائض وهو
_________
(1) أحمد (5/141) ، أبو داود (2/331) (2463) ، ابن ماجه (1/562) (1770) ، وهو عند ابن حبان (8/422) (3663) ، وابن خزيمة (3/346) (2225) .
(2) البخاري (2/715، 718، 719) (1928، 1936، 1940) ، مسلم (2/831) (1172) ، أبو داود (2/331) (2464) ، النسائي (2/44) ، ابن ماجه (1/563) (1771) ، أحمد (6/84) .
(3) الترمذي (3/157) (791) .
(4) وهي عند مسلم (2/831) (1172) وأبي داود (2/331) (2464) .
(5) ابن ماجه (1/564) (1774) ، وهو عند ابن خزيمة (3/350) (2336) ، والبيهقي (5/247) .(2/929)
معتكف في المسجد، وهي في حجرتها يناولها رأسه، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إذا كان معتكفًا» متفق عليه (1) ، وليس في البخاري لفظ: إنسان.
2893 - وعنها أيضًا قالت: «إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارّة» . (*)
2894 - وعن صفية بنت حُييّ قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتكفًا فأتيته أزوره ليلًا فحدثته، ثم قمت لأنقلب، فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد» متفق عليهما (2) .
2895 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمر بالمريض وهو معتكف، فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه» رواه أبو داود (3) بإسناد فيه مقال، قال الحافظ والصحيح عن عائشة من فعلها أخرجه مسلم (4) وغيره.
2896 - وعنها قالت: «السنة على المعتكف أن لا يعود مريضًا، ولا يشهد
_________
(1) البخاري (2/714) (1925) ، مسلم (1/244) (297) ، أحمد (6/81، 104، 235، 262، 264) ، وهو عند الترمذي (3/167) (804) ، وأبو داود (2/332) (2467، 2468) ، وابن ماجه (1/565) (1776) .
(2) الحديث الأول أخرجه: مسلم (1/244) (297) ، أحمد (6/81) ، ابن ماجه (1/565) (1776) ، والحديث الثاني أخرجه: البخاري (2/715، 717، 3/1130، 1195، 5/2296) (1930، 1933، 1934، 2934، 3107، 5865) ، مسلم (4/1712) (2175) ، أحمد (6/337) ، وهو عند أبي داود (2/333، 4/298) (2470، 2471، 4994) ، وابن ماجه (1/566) (1779) .
(3) أبو داود (2/333) (2472) .
(4) سيأتي قريبًا.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
حديث عائشة "إن كنت لأدخل البيت" -من فعلها- ليس عند البخاري، وقد ذكره المصنف بعد هذا الحديث وقال: "قال الحافظ والصحيح عن عائشة من فعلها أخرجه مسلم وغيره" فالحديث ليس عند البخاري.(2/930)
جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع» رواه أبو داود (1) ولا بأس برجاله إلا أن الراجح وقف آخره، قاله في "بلوغ المرام".
2897 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه» رواه الدارقطني (2) وقال برفعه أبو بكر السوسي وغيره لا يرفعه وقال في "بلوغ المرام": رواه الدارقطني والحاكم والراجح وقفه أيضًا، انتهى. ورواه الحاكم مرفوعًا وقال: صحيح الإسناد.
2898 - وعن حذيفة أنه قال لابن مسعود: «لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، أو قال: في مسجد جماعة» رواه سعيد في "سننه" (3) .
2899 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتكف مع بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم، فربما وضعت الطشت تحتها من الدم» رواه البخاري (4) ، وفي رواية: «اعتكفت معه امرأة من أزواجه، وكانت ترى الدم والصفرة والطشت تحتها وهي تصلي» رواه أحمد والبخاري وأبو داود (5) .
_________
(1) أبو داود (2/333) (2473) .
(2) الدارقطني (2/199) ، الحاكم (1/605) .
(3) وهو عند البيهقي (4/316) بمعناه.
(4) البخاري (1/118) (303) .
(5) أحمد (6/131) ، البخاري (1/118، 2/716) (304، 1932) ، أبو داود (2/334) (2476) ، وهي عند ابن ماجه (1/566) ، والنسائي في "الكبرى" (2/260) .(2/931)
2900 - وعن ابن عمر رضي الله عنه أن عمر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال: فأوف بنذرك» متفق عليه (1) ، وزاد البخاري (2) : «فاعتكفت ليلة» .
قوله: «قوّض» بالقاف والضاد المعجمة بينهما واو أي نقض.
[7/40] باب ما جاء في فضل قيام رمضان والاجتهاد في العشر الأواخر
وفضل قيام ليلة القدر وما يدعى به فيها وأي ليلة هي
2901 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان أيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» أخرجاه (3) .
2902 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صعد المنبر فقال: «آمين آمين آمين، فقيل: يا رسول الله! إنك صعدت المنبر فقلت: آمين آمين آمين، فقال: إن جبريل أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله،
_________
(1) البخاري (2/714، 718) (1927، 1938) ، مسلم (3/1277) (1656) ، أحمد (1/37، 2/20) ، وهو عند أبي داود (3/242) (3325) ، والترمذي (4/112) (1539) ، والنسائي (7/21) ، وابن ماجه (1/563) (1772) .
(2) البخاري (2/718) (1937) .
(3) البخاري (1/22، 2/672، 709) (38، 1802، 1910) ، مسلم (1/523) (760) ، وهو عند أبي داود (2/49) (1372) ، وابن ماجه (1/420، 526) (1326، 1641) ، والنسائي (4/157) ، والترمذي (3/67) (683) ، وأحمد (2/232، 241، 385، 473، 503) .(2/932)
قل: آمين، فقلت: آمين» رواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (1) .
2903 - ورواه الحاكم من حديث كعب بن عُجْرة وسيأتي (2) في كتاب الجامع في بر الوالدين.
2904 - وأخرجه ابن حبان من حديث الحسن بن مالك بن الحُوَيرث عن أبيه عن جده، وسيأتي (3) في كتاب الجامع في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
2905 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر» متفق عليه (4) ، ولأحمد ومسلم: «كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها» .
2906 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه الجماعة (5) (*) .
2907 - وعن عائشة قالت: «يا رسول الله! أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» رواه الخمسة إلا أبا داود وصححه الترمذي والحاكم (6) ، وفي رواية لابن ماجه: «أرأيت إن وافقت ليلة
_________
(1) ابن خزيمة (3/192) (1888) ، ابن حبان (3/188) (907) ، وهو عند أبي يعلى (10/328) (5922) .
(2) سيأتي برقم (6210) .
(3) سيأتي برقم (6466) .
(4) تقدم برقم (1466) .
(5) تقدم برقم (2904) .
(6) الترمذي (5/534) (3513) ، النسائي في "الكبرى" (4/407، 6/218، 219) ، ابن ماجه (2/1265) (3850) ، أحمد (6/171، 182، 183، 208، 258) ، الحاكم (1/712) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
بهذا اللفظ ليس عند ابن ماجه، والذي عند ابن ماجه "من صام رمضان" فقط، وقد استثناه المجد ابن تيمية في "المنتقى"، راجع "النيل" (3/260) .(2/933)
القدر» .
2908 - وعن ابن عمر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين، أو قال: تحروها ليلة سبع وعشرين يعني ليلة القدر» رواه أحمد (1) بإسناد صحيح.
2909 - وعن ابن عباس: «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله إني شيخ كبير عليل يشق علي القيام، فأمرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر، فقال: عليك بالسابعة» رواه أحمد والطبراني في "الكبير" (2) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد رجال الصحيح، والمراد بالسابعة إما لسبع مضين أو لسبع بقين.
2910 - وعن معاوية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة القدر قال: «ليلة سبع وعشرين» رواه أبو داود (3) وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح.
2911 - وعن زِرّ بن حُبَيش قال: «سمعت أبي بن كعب يقول: وقيل له: إن عبد الله بن مسعود قال: من قام السنة أصاب ليلة القدر فقال أبي: والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان يحلف ما يستثني، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي
_________
(1) أحمد (2/27، 157) ، وهو عند البيهقي (4/311) ، وعبد بن حميد (1/253) (793) ، والطيالسي (1/257) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/91) .
(2) أحمد (1/240) ، الطبراني في "الكبير" (11/311) ، وهو عند البيهقي (4/312) .
(3) أبو داود (2/53) (1386) ، وهو عند ابن حبان (8/436) (3680) ، والطبراني في "الكبير" (19/349) (813) ، والبيهقي (4/312) .(2/934)
الليلة التي أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقيامها هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه (1) .
2912 - وعن ابن عباس: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة» رواه ابن خزيمة (2) .
2913 - ولأحمد (3) من حديث عبادة: «لا حر فيها ولا برد» قال في "مجمع الزوائد" رجاله ثقات.
2914 - وعن أبي سعيد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتكف العشر الأُوَل من رمضان، ثم اعتكف العشر الأواسط في قبة تركية على سُدَّتها حصير، فأخذ الحصيرة بيده فنحاها في ناحية القبة، ثم أطلع رأسه يكلم الناس فدنوا منه، فقال: إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة، ثم أعتكف العشر الأواسط، ثم أنبئت فقيل إنها في العشر الأواخر، فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف، فاعتكف الناس معه وقال: إني أريتها ليلة وتر، وأراني أسجد في صبيحتها في ماء وطين فأصبح من ليلة إحدى وعشرين وقد قام إلى الصبح، فمطرت السماء فوكف المسجد، فأبصرت الطين والماء فخرج حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه ورَوثة أنفه فيها الطين والماء،
_________
(1) أحمد (5/130، 131) ، مسلم (1/525) (762) ، أبو داود (2/51) (1378) ، الترمذي (3/160، 5/445) (793، 3351) .
(2) ابن خزيمة (3/331) (2192) ، وهو عند الطيالسي (1/349) (2680) .
(3) أحمد (5/324) .(2/935)
وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر» متفق عليه (1) ؛ لكن لم يذكر في البخاري اعتكاف العشر الأول.
2915 - وعن عبد الله بن أُنيس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رأيت ليلة القدر ثم أنسيتها وأراني أسجد صبيحتها في ماء وطين، قال: فمطرنا في ليلة ثالث وعشرين فصلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانصرف، وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه» رواه أحمد ومسلم (2) .
2916 - وعن أبي بَكرة أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «التمسوها في تسع بقين أو سبع بقين أو خمس بقين أو ثلاث بقين أواخر ليلة، قال: وكان أبو بكر يصلي في العشرين من رمضان صلاته في سائر السنة، فإذا دخل العشر اجتهد» رواه أحمد والترمذي وصححه (3) .
2917 - وعن أبي نَضرة عن أبي سعيد في حديث له: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج على الناس فقال: يا أيها الناس إنها كانت أبينت لي ليلة القدر وإني خرجت لأخبركم بها فجاء رجلان يَحْتقّان معهما الشيطان فنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر من رمضان، التمسوها في التاسعة والخامسة والسابعة، قال: قلت: يا أبا سعيد! إنكم أعلم بالعدد منا فقال: أجل نحن أحق بذاك منكم، قال: قلت: ما
_________
(1) البخاري (2/710، 713، 716) (1914، 1923، 1931) ، مسلم (2/824، 825، 826) (1167) ، أحمد (3/24، 60) ، وهو عند أبي داود (2/52) (1382) ، والنسائي (3/79) .
(2) أحمد (3/495) ، مسلم (2/827) (1168) .
(3) أحمد (5/36، 39، 40) ، الترمذي (3/160) (794) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/273) ، وابن خزيمة (3/324) (2175) ، والحاكم (1/604) ، وابن حبان (8/442) (3686) .(2/936)
التاسعة والخامسة والسابعة؟ قال: إذا مضت واحدة وعشرون، فالتي تليها اثنان وعشرون فهي التاسعة، فإذا مضت ثلاثة وعشرون فالتي تليها السابعة، فإذا مضت خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة» رواه أحمد ومسلم (1) وفي نسخ من مسلم لفظ عشرين منصوبة، في الأربعة المواضع.
2918 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى» رواه أحمد والبخاري وأبو داود (2) ، وفي رواية: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هي في العشر في سبع مضين أو سبع بقين يعني ليلة القدر» رواه البخاري (3) ، وفي رواية له (4) : «تسع مضين أو في سبع» .
2919 - وعن ابن عمر: «أن رِجَالًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر» أخرجاه (5) ، ولمسلم (6)
_________
(1) أحمد (3/10) ، مسلم (2/826) (1167) ، وهو عند أبي داود (2/52) (1383) ، وابن حبان (8/420) (3661) ، والنسائي في "الكبرى" (2/274) .
(2) أحمد (1/231، 279، 360، 365) ، البخاري (2/711) (1917) ، أبو داود (2/52) (1381) .
(3) البخاري (2/711) (1918) .
(4) البخاري (2/711) (1918) .
(5) البخاري (1/388، 2/709) (1105، 1911) ، مسلم (2/822) (1165) ، وهو عند أحمد (2/5) .
(6) مسلم (2/823) (1165) .(2/937)
قال: «أري رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرى رؤياكم في العشر الأواخر، فاطلبوها في الوتر منها» .
2920 - وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» رواه مسلم والبخاري (1) ، وقال: «في الوتر من العشر الأواخر» .
قوله: «يحتقان» بالحاء المهملة بعدها مثناة فوقية ثم قاف مشددة أي يختصمان.
* * *
_________
(1) البخاري (2/710) (1913، 1915، 1916) ، مسلم (2/828) (1169) ، وهو عند الترمذي (3/158) (792) ، وأحمد (6/50، 56، 73، 204) .(2/938)
[8] كتاب الحج
[8/1] باب وجوب الحج والعمرة وثوابهما
2921 - عن أبي هريرة قال: «خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا، فقال رجل: أفي كل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم» رواه أحمد ومسلم والنسائي (1) .
2922 - وعن ابن عباس قال: «خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أيها الناس كتب عليكم الحج، فقال الأقرع بن حابس: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال: لو قلتها لو جبت، ولو وجبت لم تعملوا بها، ولم تستطيعوا أن تعملوا بها، الحج مرة فمن زاد فهو تطوع» رواه الخمسة إلا الترمذي، وللبيهقي معناه وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما (2) .
2923 - وفي الباب عن أنس عند ابن ماجه (3) بإسناد قال الحافظ رجاله
_________
(1) أحمد (2/508) ، مسلم (2/975) (1337) ، النسائي (5/110-111) ، وهو عند ابن حبان (9/18، 19) (3704، 3705) ، والدارقطني (2/281) ، والبيهقي (4/326) .
(2) أبو داود (2/139) (1721) ، النسائي (5/111) ، ابن ماجه (2/963) (2886) ، أحمد (1/255، 290، 352، 370، 371) ، البيهقي في "المعرفة" (3/471) ، الحاكم (2/322) .
(3) ابن ماجه (2/963) (2885) .(2/939)
ثقات.
2924 - وعن أبي رَزِين العقيلي: «أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن فقال: حج عن أبيك واعتمر» رواه الخمسة (1) وصححه الترمذي، وقال أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثًا أجود من هذا ولا أصح منه.
2925 - وعن جابر مرفوعًا: «الحج والعمرة فريضتان» رواه ابن عدي (2) بإسناد ضعيف.
2926 - وأخرجه الحاكم والبيهقي (3) من حديث زيد بن ثابت، وقالا: الأصح وقفه عليه.
2927 - وعنه قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: يا رسول الله! أخبرني عن العمرة أواجبة هي؟ قال: لا، وأن تعتمر خير لك» رواه أحمد والترمذي (4) وحسنه وفي نسخة صحيحة من الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، قال في "بلوغ المرام": والراجح وقفه انتهى.
_________
(1) أبو داود (2/162) (1810) ، النسائي (5/111، 117) ، الترمذي (3/269) (930) ، ابن ماجه (2/970) (2906) ، أحمد (4/10، 11، 12) ، وهو عند ابن حبان (9/304) (3991) ، وابن خزيمة (4/345) (2040) ، والحاكم (1/654) .
(2) ابن عدي في "الكامل" (4/150) ، وهو عند البيهقي (4/350) .
(3) الحاكم (1/643) ، البيهقي (4/351) ، الدارقطني (2/284) .
(4) أحمد (3/316، 357) ، الترمذي (3/270) (931) ، وهو عند الدارقطني (2/285، 286) ، والبيهقي (4/349) ، وأبو يعلى (3/443) .(2/940)
2928 - وقد روي موقوفًا على ابن عباس بإسناد صحيح. رواه الترمذي (1) .
2929 - وعن عائشة قالت: «قلت: يا رسول الله! هل على النساء جهاد؟ قال: نعم عليهن جهاد ولا قتال فيه: الحج والعمرة» رواه أحمد وابن خزيمة في "صحيحه" وابن ماجه واللفظ له (2) ، وقال في "المنتقى": إسناده صحيح، وقال في "بلوغ المرام": إسناده صحيح وأصله في الصحيح، انتهى. ولفظه في البخاري (3) من حديث عائشة أيضًا قالت: «قلت: يا رسول الله! ترى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد؟ فقال: لكن أفضل الجهاد حج مبرور» .
2930 - وعن أبي هريرة قال: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله وبرسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا، قال: ثم حج مبرور» متفق عليه (4) .
2931 - وعن عمر بن الخطاب قال: «جاء رجل فقال: يا محمد ما الإسلام قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتعتمر وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء وتصوم
_________
(1) لم نجده في الترمذي.
(2) أحمد (6/75، 165) ، ابن خزيمة (4/359) (3074) ، ابن ماجه (2/968) (2901) .
(3) البخاري (2/553، 658، 3/1026) (1448، 1762، 2632) ، وهو بهذا اللفظ عند النسائي (5/114) ، وأحمد (6/79) ، وابن حبان (9/15) (3702) .
(4) البخاري (1/18، 2/553) (26، 1447) ، مسلم (1/88) (83) ، أحمد (2/264، 268، 287) ، وهو عند الترمذي (4/185) (1658) ، والنسائي (5/113) ، وابن حبان (1/365-366) (153) .(2/941)
رمضان وذكر باقي الحديث قال: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» رواه الدارقطني، وقال: هذا إسناد صحيح ثابت، ورواه أبو بكر الجَوزَقي في كتابه المخرج على الصحيحين، وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1) .
2932 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» رواه الجماعة إلا أبا داود (2) .
[8/2] باب وجوب الحج فورًا مع الاستطاعة
2933 - عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعجلوا إلى الحج يعني الفريضة فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له» رواه أحمد (3) .
2934 - وعنه عن الفضل أو الفضل عنه: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتعرض الحاجة» رواه أحمد وابن ماجه (4) وفي إسناده إسماعيل بن خليفة العبسي أبو إسرائيل وهو
_________
(1) الدارقطني (2/282) ، ابن خزيمة (1/3) (1) ، وهو ابن حبان (1/397-398) (173) ، والبيهقي (4/349) .
(2) البخاري (2/629) (1683) ، مسلم (2/983) (1349) ، النسائي (5/115) ، الترمذي (3/272) (933) ، ابن ماجه (2/964) (2888) ، أحمد (2/246،) ، وهو عند مالك في "الموطأ" (1/346) (767) ، وابن حبان (9/8، 9) (3695، 3696) ، وابن خزيمة (4/131) .
(3) أحمد (1/313) ، وهو عند البيهقي (4/340) .
(4) أحمد (1/214، 355) ، ابن ماجه (2/962) (2883) ، وهو عند البيهقي (4/340) ، والطبراني في "الكبير" (18/287، 288) .(2/942)
صدوق ضعيف الحفظ، قال ابن عدي: غاية ما يرويه يخالفه فيه الثقات، وقال في "الكاشف": ضعيف.
2935 - وعن علي مرفوعًا: «من ملك زادًا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا، وذلك لأن الله تعالى قال في كتابه: ((وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)) [آل عمران:97] الآية» رواه الترمذي (1) وقال: غريب، قلت وقد طال الكلام في تضعيف هذا الحديث وأورد له الحافظ طرقًا يصير مجموعها من قسم الحسن لغيره، وقال الدارقطني والعقيلي: لا يصح في هذا الباب شيء.
2936 - وروى سعيد في "سننه" (2) أن عمر بن الخطاب قال: «لقد هممت أن أبعث رجالًا إلى هذه الأمصار فلينظروا كل من كان له جِدَة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين» .
2937 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قيل: يا رسول الله! ما السبيل؟ قال: الزاد والراحلة» رواه الدارقطني (3) وصححه الحاكم على شرطهما قال في "الخلاصة": والأمر كما قال، انتهى، ورجح الحافظ إرساله.
2938 - وأخرجه الترمذي (4) من حديث ابن عمر وحسنه وفي إسناده
_________
(1) الترمذي (3/176) (812) .
(2) وهو عند البيهقي بمعناه (4/334) .
(3) الدارقطني (2/216، 218) ، الحاكم (1/609) .
(4) الترمذي (3/177) (813) ، وهو عند ابن ماجه (2/967) (2896) .(2/943)
ضعف ولفظه: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة» .
2939 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الزاد والراحلة يعني قوله: ((مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)) [آل عمران:97] » رواه ابن ماجه والدارقطني (1) ، قال في "التلخيص": وسنده ضعيف وقد روي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وطرقها كلها ضعيفة، وقال أبو بكر بن المنذر: لا يثبت الحديث في ذلك مسندًا والصحيح من الروايات رواية الحسن مرسلة.
[8/3] باب وجوب الحج على الشيخ الكبير الذي لا يستطيع أن يركب وصحته عنه وعن الميت إذا كان قد وجب عليه
2940 - عن ابن عباس قال: «كان الفضل رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءت امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم، وذلك في حجة الوداع» متفق عليه (2) .
2941 - وعن علي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءته امرأة شابة من خثعم فقالت: إن أبي كبير وقد أفند وأدركته فريضة الله الحج ولا يستطيع أداءها، فيجزئ عنه أن
_________
(1) ابن ماجه (2/967) (2897) ، الدارقطني (2/218) .
(2) البخاري (2/551، 657، 4/1598، 5/2300) (1442، 1755، 4138، 5874) ، مسلم (2/973) (1334) ، أحمد (1/251، 359) ، وهو عند أبي داود (2/161) (1809) ، والنسائي (5/118، 119) .(2/944)
أؤديها عنه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم» رواه أحمد والترمذي وصححه والبيهقي (1) ورجاله ثقات.
2942 - وعن عبد الله بن الزبير قال: «جاء رجل من خثعم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي أدركه الإسلام وهو شيخ كبير لا يستطيع ركوب الرحل والحج مكتوب عليه أفأحج عنه؟ قال: أنت أكبر ولده قال: نعم، قال أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان يجزئ ذلك عنه؟ قال: نعم، قال: فاحجج عنه» رواه أحمد (2) .
2943 - وللنسائي (3) من حديث ابن عباس نحوه، وقال: «فدين الله أحق بالوفاء مكان فاحجج عنه» .
2944 - وقد رواه أحمد (4) عن ابن الزبير عن سودة قال في "التلخيص" وإسناده صالح.
2945 - وعن ابن عباس: «أن امرأة من جُهَيْنَة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها، قال: نعم، حجي عنها، أرأيتِ لو كان على أمك دين أكنت قاضية؟ اقضوا الله فإنه أحق بالوفاء» رواه البخاري (5) ، وللنسائي معناه (6) ، وفي رواية لأحمد والبخاري (7) : جاء رجل
_________
(1) أحمد (1/75، 76، 156) ، الترمذي (3/232) (885) ، البيهقي (4/329) .
(2) أحمد (4/3، 5) ، وهو عند النسائي (5/117، 120) .
(3) النسائي (5/118) (2640) .
(4) أحمد (6/429) .
(5) البخاري (6/2668) (6885) .
(6) النسائي (5/118) (2640) .
(7) أحمد (1/239، 345) ، البخاري (6/2464) (6321) ، وهو بهذا اللفظ عند النسائي (5/116) ، وابن حبان (9/306) (3993) ، وابن خزيمة (4/346) (3041) .(2/945)
فقال: «إن أختي نذرت أن تحج» .
2946 - وعنه قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: إن أبي مات وعليه حجة الإسلام أفأحج عنه؟ قال: أرأيت لو أن أباك ترك دينًا عليه أقضيته عنه؟ قال: نعم. قال: فاحجج عن أبيك» رواه الدارقطني (1) والاختلاف محمول على تعدد القصة.
2947 - وعن أنس بن مالك قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي مات ولم يحج حجة الإسلام فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت تقضيه عنه؟ قال: نعم، قال: فإنه دين عليه فاقضه» رواه البزار والطبراني في "الأوسط" و"الكبير" (2) ، قال في "مجمع الزوائد": وإسناده حسن.
[8/4] باب ما جاء في ركوب البحر للحج والعمرة
2948 - عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يركب البحر إلا حاجًا أو معتمرًا أو غازيًا في سبيل الله عز وجل فإن تحت البحر نارًا وتحت النار بحر» رواه أبو داود (3) وقال: رواته مجهولون، وقال الخطابي: ضعفوا إسناده، وقال البخاري: ليس هذا الحديث بصحيح.
_________
(1) الدارقطني (2/260) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (1/38) (100) ، و"الكبير" (1/258) .
(3) أبو داود (3/6) (2489) ، وهو عند البيهقي (6/18) .(2/946)
2949 - وقد رواه سعيد في "سننه" والبزار (1) عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا بإسناد ضعيف.
2950 - وعن أبي عمران الجَوني عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من بات فوق بيت ليس له إجّار فوقع فمات برئت منه الذمة ومن ركب البحر عند ارتجاجه فمات برئت منه الذمة» رواه أحمد (2) بإسناد ضعيف.
قوله: «إجّار» بهمزة مكسورة بعدها جيم مشددة آخره راء مهملة هو الحائط ونحوه، ولأبي داود (3) : «ليس له حجار» .
2951 - قال في "التلخيص": تنبيه: هذا الحديث -يعني حديث ابن عمر- يعارضه حديث أبي هريرة المتقدم (4) في أول هذا الكتاب في سؤال الصيادين: «إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء» ولم ينكر عليهم.
2952 - وروى الطبراني في "الأوسط" (5) من طريق قتادة عن الحسن عن سمرة قال: «كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يتجرون في البحر» .
[8/5] باب ما جاء من النهي أن تسافر المرأة للحج وغيره إلا ومعها محرم
2953 - عن ابن عباس أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يقول: «لا يخلوَّن رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا
_________
(1) البزار (2/265) (1668- كشف الأستار) .
(2) أحمد (5/79) .
(3) أبو داود (4/310) (5041) عن عبد الرحمن بن علي يعني ابن شيبان عن أبيه.... به.
(4) تقدم برقم (1) .
(5) الطبراني في "الأوسط" (3/331-332) ، و"الصغير" (1/197) .(2/947)
رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: فانطلق فحج مع امرأتك» .
2954 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسافر المرأة ثلاثة إلا ومعها ذو محرم» متفق عليهما (1) .
2955 - وعن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين أو ليلتين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم» متفق عليه (2) .
وفي لفظ: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرًا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو زوجها أو ابنها أو أخوها أو ذو محرم» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي (3) .
2956 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لامرأة تسافر مسيرة
_________
(1) الحديث الأول عند البخاري (2/658، 3/1094، 5/2005) (1763، 2844، 4935) ، مسلم (2/978) (1341) ، أحمد (1/222، 346) ، وهو عند ابن ماجه (2/968) (2900) ، وابن حبان (9/72) ، وابن خزيمة (4/137) (2529) ، والحديث الثاني عند البخاري (1/368، 369) (1036، 1037) ، مسلم (2/975) (1338) ، أحمد (2/13، 19، 143) ، وهو عند أبي داود (2/140) (1727) ، وابن حبان (6/435، 440) (2722، 2730) .
(2) البخاري (1/400، 2/659، 702) (1139، 1765، 1893) ، مسلم (2/976) (827) ، أحمد (3/34، 71) .
(3) مسلم (2/977) (1340) ، أبو داود (2/140) (1726) ، الترمذي (3/472) (1169) ، ابن ماجه (2/968) (2898) ، أحمد (3/54) ، وهو عند ابن حبان (6/433) (2719)(2/948)
يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها» متفق عليه (1) ...
... ...
... ...وفي رواية (2) «مسيرة يوم» ، وفي رواية (3) «مسيرة ليلة» ، وفي رواية (4) : «لا تسافر امرأة مسيرة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم» رواهن أحمد ومسلم.
2957 - وقد جاء في رواية لأبي داود والحاكم والبيهقي (5) من حديث أبي هريرة بلفظ: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر بريدًا إلا ومعها ذو محرم منها» .
[8/6] باب في المرأة الموسرة يمنعها زوجها السفر إلى الحج
2958 - عن ابن عمر: «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها زوجها في الحج قال: ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها» رواه الطبراني في
_________
(1) البخاري (1/369) (1038) ، مسلم (2/977) (1339) ، أحمد (2/236) ، وهو عند أبي داود (2/140) (1724) ، والترمذي (3/473) (1170) ، ومالك في "الموطأ" (2/979) (1766) ، وابن حبان (6/435) (2725) ، وابن خزيمة (4/134) (2523) .
(2) مسلم (2/977) (1339) ، أحمد (2/423، 437، 445، 506) ، وهي عند ابن ماجه (2/968) (2899) وابن حبان (6/437) (2726) ، وابن أبي شيبة (3/386) .
(3) مسلم (2/977) (1339) ، أحمد (2/340، 493) ، وهي عند أبي داود (2/140) (1723) ، وابن حبان (6/439) (2728) وابن خزيمة (4/135) (2525) ، والحاكم (1/609) ، والبيهقي (3/139) .
(4) مسلم (2/977) (1339) ، أحمد (2/347) .
(5) أبو داود (2/140) (1725) ، الحاكم (1/610) ، البيهقي (3/139) ، وهي عند ابن حبان (6/438) (2727) ، وابن خزيمة (4/135) (2526) .(2/949)
الصغير و"الأوسط" (1) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجاله ثقات، وقال في "الخلاصة": في إسناده مجهول وهو العباس بن محمد بن شافع، انتهى.
2959 - وحديث: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (2) عموم مخصوص بهذا الحديث على أنه لا معصية هنا في طاعة الزوج والتخلف عن الحج بعد نهي الشارع عن حجها بغير إذنه.
[8/7] باب فيمن حج عن غيره ولم يكن قد حج عن نفسه
2960 - عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلًا يقول: لبيك عن شُبْرُمَةَ، قال: من شبرمة؟ قال أخ لي أو قريب لي، قال: حججت عن نفسك قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم عن شبرمة» رواه أبو داود وابن ماجه وصححه وابن حبان (3) وقال في "الخلاصة": إسناده على شرط مسلم، وقال البيهقي: إسناده صحيح ورجح أحمد وقفه، ورجح رفعه عبد الحق وابن القطان، وفي لفظ لابن
_________
(1) الطبراني في "الصغير" (1/349) ، و"الأوسط" (4/296) ، وهو عند الدارقطني (2/223) .
(2) أخرجه أحمد (1/131) من حديث علي، وأخرجه أحمد (1/409) ، وعبد الرزاق (2/383) من حديث عبد الله بن مسعود، وأخرجه الحارث في مسنده (2/632) (602) ، وأحمد (5/66) ، والطبراني في الكبير (18/165، 170) ، والأوسط (4/321) من حديث عمران بن حصين، وأخرجه ابن أبي شيبة (6/545) مرسلًا عن الحسن.
(3) أبو داود (2/162) (1811) ، ابن ماجه (2/969) (2903) ، ابن حبان (9/299) (3988) ، وهو عند ابن خزيمة (4/345) (3039) ، والدارقطني (2/268) ، والبيهقي (4/336) ، والشافعي في "المسند" (1/110، 364) ، وابن أبي شيبة (3/194) ، والطبراني في "الصغير" (1/377) ، و"الكبير" (12/42) ، و"الأوسط" (2/118، 3/7، 4/382) .(2/950)
ماجه (1) : «اجعل هذا عن نفسك ثم احجج عن شبرمة» وفي لفظ للدارقطني (2) : «هذه عنك وحج عن شبرمة» .
[8/8] باب ما جاء في حج الصبي والعبد
2961 - عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي ركبًا بالروحاء فقال: من القوم؟ فقالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: رسول الله، فرفعت إليه امرأة صبيًا فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (3) .
2962 - وعن السائب بن يزيد قال: «حج بي أبي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين» رواه أحمد والبخاري والترمذي وصححه (4) .
2963 - وعن جابر قال: «حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم» رواه أحمد وابن ماجه (5) بإسناد ضعيف، والترمذي (6) من حديث جابر قال: «كنا إذا حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنا نلبي
_________
(1) انظر التخريج السابق.
(2) الدارقطني (2/269) .
(3) أحمد (1/219، 244، 288، 343، 344) ، مسلم (2/974) (1336) ، أبو داود (2/142) (1736) ، النسائي (5/120، 121) .
(4) أحمد (3/449) ، البخاري (2/658) (1759) ، الترمذي (3/265، 4/463) (925، 2161) .
(5) أحمد (3/314) ، ابن ماجه (2/1010) (3038) ، وهو عند ابن أبي شيبة (3/242) ، والبيهقي (5/156) ، وابن عدي في "الكامل" (1/433) .
(6) الترمذي (3/266) (927) .(2/951)
عن النساء والصبيان» وقال: حديث غريب، وضعفه ابن القطان، وقد أجمع أهل العلم أن المرأة لا يلبي عنها غيرها.
2964 - وعن محمد بن كعب القُرَظي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيَّما صبي حج به أهله فمات أجزأ عنه فإن أدرك فعليه الحج، وأيما رجل مملوك حج به أهله فمات أجزأ عنه، فإن أدرك فعليه الحج» رواه عبد الله بن أحمد (1) عن أبيه مرسلًا.
2965 - ولابن أبي شيبة والبيهقي (2) من حديث ابن عباس بلفظ: «أيما صبي لم يبلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى» قال في "بلوغ المرام": ورجاله ثقات إلا أنه اختلف في رفعه والمحفوظ أنه موقوف، انتهى. وقد أخرجه مرفوعًا الحاكم (3) وقال: على شرطهما وصححه ابن حزم، وغاية ما تكلم فيه أنه تفرد برفعه محمد بن المِنْهال وهو ثقة حافظ روى له الشيخان وأبو داود والنسائي، فلا يضر تفرده وأيضًا قد تابعه عليه بقَيَّة كما في "البدر المنير" ويؤيد رفعه ما عند ابن أبي شيبة (4) عن ابن عباس بلفظ: «قال: احفظوا عني ولا تقولوا» قال ابن عباس: وهو ظاهر في الرفع، وذكر حديث ابن عباس في "مجمع الزوائد" وقال: أخرجه الطبراني في "الأوسط" (5) ورجاله
_________
(1) أبو داود في "المراسيل" (134) ، وابن أبي شيبة (3/354) (14871) .
(2) ابن أبي شيبة (3/355) ، البيهقي (4/325) ، وهو عند ابن خزيمة (4/349) (3050) .
(3) الحاكم (1/655) .
(4) ابن أبي شيبة (3/355) (14875) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/257) .
(5) الطبراني في "الأوسط" (3/140) (2731) .(2/952)
رجال الصحيح.
[8/9] باب مواقيت الإحرام للحج والعمرة وجواز التقديم عليها
2966 - عن ابن عباس قال: «وقَّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحُلَيْفة، ولأهل الشام الجُحْفة، ولأهل نجد قُرن المنازل، ولأهل اليمن يَلَملَم، قال: فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك حتى أهل مكة يُهِلُّون منها» متفق عليه (1) .
2967 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قَرْن، قال ابن عمر: وذكر لي ولم أسمع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ويهل أهل اليمن من يلملم» متفق عليه (2) ، زاد أحمد (3) في رواية: «وقاس الناس ذات عِرْق بقرن» .
2968 - وعنه قال: «لما فتح هذان المصران أتوا عمر بن الخطاب فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حد لأهل نجد قرنًا وأنه حَوِر عن طريقنا وإنا إن أردنا أن نأتي قرنًا شق علينا، قال: فانظروا حَذْوها من طريقكم، قال: فحد لهم ذات عِرْق» رواه البخاري (4) .
_________
(1) البخاري (2/555) (1454) ، مسلم (2/838) (1181) ، أحمد (1/238، 249) .
(2) البخاري (2/554) (1453) ، مسلم (2/839-840) (1182) ، أحمد (2/9، 11، 78، 140) .
(3) أحمد (2/3) .
(4) البخاري (2/556) (1458) .(2/953)
2969 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل العراق ذات عرق» رواه أبو داود والنسائي (1) وسكت عنه أبو داود والمنذري وقال في "خلاصة البدر": إسناده صحيح وقال في "التلخيص": هو من رواية القاسم عنها تفرد به المعافى بن عمران عن أفلح عنه والمعافى ثقة، انتهى. وأصله في صحيح مسلم من حديث جابر إلا أن راويه شك في رفعه فروى أبو الزبير قال: سمعت جابرًا سئل عن المَهَلَّ فقال: «أحسبه رفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: مهل أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الأخرى الجحفة ومهل أهل العراق ذات عرق ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلملم» رواه مسلم (2) وهو لأحمد وابن ماجه (3) مرفوعًا من غير شك وفي إسنادهما مقال وفي ذات عرق أحاديث يقوي بعضها بعضًا.
2970 - وقد أخرج أحمد وأبو داود والترمذي (4) وحسنه عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل المشرق العقيق» وقد اعترض على الترمذي في تحسينه حديث ابن عباس هذا، لأن في إسناده يزيد بن أبي زياد الكوفي قال في الكاشف: صدوق ردئ الحفظ لين ولم يترك، انتهى، وقد أخرج حديثه أهل السنن ومسلم مقرونًا بآخر وللحديث علة أخرى هي أن شيخ يزيد هو محمد بن علي بن عبد الله بن عباس لا نعلم له سماعًا من جده والعقيق أبعد من ذات عرق.
2971 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمر في ذي القعدة إلا التي
_________
(1) أبو داود (2/143) (1739) ، النسائي (5/125) .
(2) مسلم (2/841) (1183) .
(3) أحمد (3/333، 336) ، ابن ماجه (2/972) (2915) .
(4) أحمد (1/344) ، أبو داود (2/143) (1740) ، الترمذي (3/194) (832) .(2/954)
اعتمر مع حجته عمرته من الحديبية ومن العام المقبل من الجِعِرّانة حيث قسم غنائم حنين وعمرته مع حجته» .
2972 - وعن عائشة قالت: «نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المُحَصَّب فدعا بعبد الرحمن بن أبي بكر فقال: اخرج بأختك من الحرم فتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت فإني أنتظركما هاهنا، قالت: فخرجنا فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة فجئنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في منزله في جوف الليل فقال: هل فرغت؟ فقلت: نعم، فأذَّن في أصحابه بالرحيل فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة» متفق عليهما (1) ، إلا أن لفظ البخاري: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يردف عائشة ويُعمِرَها من التنعيم» .
2973 - وعن أم سلمة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أهلّ من المسجد الأقصى بحجة أو عمرة غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه أحمد وأبو داود (2) بلفظ: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أو وجبت له الجنة» ورواه ابن ماجه (3) بدون ذكر الحجة وقال: «كانت له كفارة لما قبلها من الذنوب» وإسناده حسن، وأخرج الحديث ابن حبان في "صحيحه" (4) ولفظه قال: «سمعت النبي
_________
(1) الحديث الأول عند البخاري (2/630، 631، 4/1525) (1687، 1688، 3917) ، مسلم (2/916) (1253) ، أحمد (3/134، 245، 256) ، والحديث الثاني عند البخاري (2/633) (1694) ، مسلم (2/875) (1211) ، أحمد (6/122) .
(2) أحمد (6/299) ، أبو داود (2/143) (1741) .
(3) ابن ماجه (2/999) (3002) .
(4) ابن حبان (9/13-14) (3701) .(2/955)
- صلى الله عليه وسلم - يقول: من أهلّ من المسجد الأقصى بعمرة غفر له ما تقدم من ذنبه قال: فركبت أم حكيم من بيت المقدس حتى أهلت بعمرة» وقال ابن كثير: في حديث أم سلمة اضطراب.
2974 - وقد روى الحاكم في "المستدرك" (1) بإسناد على شرط الشيخين عن علي إتمام الحج والعمرة في قوله تعالى: ((وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ)) [البقرة:196] بأن تحرم لهما من دُوَيرة أهلك.
2975 - وقد روي مرفوعًا من حديث أبي هريرة عند ابن عدي والبيهقي (2) ، وقال البيهقي: في رفعه نظر والمعروف أنه من قول علي.
[8/10] باب ما جاء في دخول مكة بغير إحرام لعذر
2976 - عن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل يوم الفتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام» رواه مسلم والنسائي (3) .
2977 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المِغْفَر فلما نزعه جاءه رجل فقال ابن خَطَل متعلق بأستار الكعبة قال: اقتلوه»
_________
(1) الحاكم (2/303) ، وهو عند البيهقي (4/341) ، وابن أبي شيبة (3/125) ، وابن الجعد في "مسنده" (1/26) .
(2) ابن عدي (2/120) ، البيهقي (5/30) .
(3) مسلم (2/990) (1358) ، النسائي (5/201، 8/211) ، وهو عند ابن حبان (9/37) (3722) ، وابن ماجه (2/942) (2822) ، وأبو داود (4/54) (4076) ، والترمذي (4/196، 225) (1679، 1735) ، وأحمد (2/363، 387) .(2/956)
قال مالك: ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ محرمًا. رواه أحمد والبخاري (1) .
2978 - وقد روى عن ابن عباس بلفظ: «لا يدخل أحد مكة إلا محرمًا» وأخرج نحوه البيهقي بإسناد جيد قاله في "التلخيص" ثم قال ورواه ابن عدي (2) مرفوعًا من وجهين ضعيفين.
[8/11] باب ما جاء في أشهر الحج وكراهة الإحرام به قبلها
2979 - عن ابن عباس قال: «من السنة ألا تحرم للحج إلا في أشهر الحج» رواه البخاري تعليقًا ووصله ابن خزيمة والحاكم والدارقطني (3) .
2980 - وله (4) عن ابن عمر قال: «أشهر الحج: شَوَّال وذو القعدة وعشرون من ذي الحجة» .
_________
(1) أحمد (3/109، 164، 231، 232، 240) ، البخاري (2/655، 3/1107) (1749، 2879) ، وهو عند مسلم (2/989) (1357) ، وأبي داود (3/60) (2685) ، والنسائي (5/200) ، والترمذي (4/202) (1693) ، وأما قول مالك: «ولم يكن يومئذ محرم» فهي عند أحمد (3/109، 185) ، والبخاري (4/1561) (4035) ، ومالك في "الموطأ" (1/423) (946) ، وابن خزيمة (4/355) (3063) ، والدارمي (2/101) ، والبيهقي (5/177) .
(2) ابن عدي في "الكامل" (6/273) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/263) .
(3) علقه البخاري (2/565) باب قول الله تعالى: الحج أشهر معلومات، ووصله ابن خزيمة (4/162) (2596) ، والحاكم (1/616) ، والدارقطني (2/233) ، والبيهقي (4/343) .
(4) علقه البخاري (2/565) باب قول الله تعالى: الحج أشهر معلومات، ووصله ابن جرير الطبري في "التفسير" (2/259) ، والحاكم (2/303) ، والدارقطني (2/226) ، والبيهقي (4/342) ، والشافعي (1/121) ، وابن أبي شيبة (3/221) .(2/957)
2981 - وللدار قطني (1) مثله عن ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير.
2982 - وعن أبي هريرة قال: «بعثني أبو بكر فيمن يؤذن يوم النحر بمنى لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، ويوم الحج الأكبر يوم النحر» رواه البخاري (2) .
2983 - وعن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فقال: أي يوم هذا؟ فقالوا: يوم النحر، قال: هذا يوم الحج الأكبر» رواه البخاري تعليقًا ووصله الدارقطني والطبري ورواه أبو داود وابن ماجه (3) .
2984 - وعن علي قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن يوم الحج الأكبر فقال: يوم الحج الأكبر يوم النحر» رواه الترمذي (4) من طريق محمد بن إسحاق عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وراه من طريق أخرى موقوفًا عن علي (5) وقال هذا أصح من حديث محمد بن إسحاق لأنه روي من غير وجه ولا نعلم أحدًا رفعه إلا ما يروى عن محمد بن إسحاق، وقد تقدم (6) قريبًا ما يخالف
_________
(1) الدارقطني (2/226) .
(2) بهذا اللفظ عند البخاري (3/1160) (3006) ، وأبو داود (2/195) (1946) ، وهوعند مسلم (2/982) (1347) دون قوله: «ويوم الحج الأكبر يوم النحر» .
(3) علقه البخاري (2/620) ، ووصله أبو داود (2/195) (1945) ، وابن ماجه (2/1016) (3058) ، والبيهقي (5/139) ، والحاكم (2/361) .
(4) الترمذي (3/291) (957) .
(5) الترمذي (3/291) (957) .
(6) انظر رقم (2977) .(2/958)
ذلك من جواز الإحرام من دويرة الأهل.
[8/12] باب جواز العمرة في جميع السنة
2985 - عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة» رواه الجماعة إلا الترمذي (1) فرواه (2) من حديث أم مَعْقِل، وفي رواية للحاكم (3) : «تعدل حجة معي» وقال: صحيح على شرط الشيخين.
2986 - وقد تقدم (4) في الزكاة حديث ابن عباس مرفوعًا وفيه: «ما يعدل حجك؟» فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تعدل حجة معي عمرة في رمضان» رواه أبو داود وابن خزيمة في "صحيحه"، وفي لفظ مسلم (5) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لامرأة من الأنصار يقال لها أم سِنان: ما منعك أن تحجي معنا؟ قالت: لم يكن لنا إلا ناضحان فحج أبو ولدها وابنها على ناضح وترك لنا ناضحًا تنضح عليه، قال: فإذا جاء رمضان فاعتمري فإن عمرة في رمضان تعدل حجة» وفي رواية لمسلم (6) : «تعدل حجة أو حجة معي» قال المنذري: روى البخاري في "صحيحه" كما روى مسلم.
_________
(1) البخاري (2/631، 659) (1690، 1764) ، مسلم (2/917) (1256) ، أبو داود (2/205) (1990) ، النسائي (4/130) ، ابن ماجه (2/996) (2994) ، أحمد (1/308) .
(2) تقدم حديث أم معقل برقم (2598) .
(3) الحاكم (1/658) .
(4) تقدم برقم (2599) .
(5) مسلم (2/917) (1256) ، وهي عند البخاري (2/659) (1764) .
(6) مسلم (2/917) (1256) ، وهي عند البخاري (2/631) (1690)(2/959)
2987 - وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر أربع عمر إحداهن في رجب» رواه الترمذي (1) وصححه.
2988 - وقد روى البخاري (2) عن عائشة أنها سمعت ابن عمر يقول: «اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع عمر إحداهن في رجب قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهد وما اعتمر في رجب قط» .
2989 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر عمرتين عمرة في ذي القعدة وعمرة في شوال» رواه أبو داود (3) ورجاله رجال الصحيح.
2990 - ورواه الشافعي (4) عن علي: «في كل شهر عمرة» وقد تقدم (5) في باب مواقيت الإحرام عمرته - صلى الله عليه وسلم - في أشهر الحج.
[8/13] باب ما يصنع من أراد الإحرام من الغسل والطيب
ونزع المخيط ومن أين أهلّ النبي - صلى الله عليه وسلم -
2991 - عن زيد بن ثابت: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تجرد لأهلاله واغتسل» رواه
_________
(1) الترمذي (2/180) بمعناه، وهو بهذا اللفظ عند الترمذي (3/275) (937) من حديث ابن عمر.
(2) البخاري (2/630، 4/1552) (1685، 4007) ، مسلم (2/917) (1255) .
(3) أبو داود (2/205) (1991) .
(4) الشافعي (1/113) ، وعنه البيهقي (4/344) ، وهو عند ابن أبي شيبة (3/129) .
(5) تقدم برقم (2974) من حديث أنس.(2/960)
الترمذي وحسنه وقد تقدم (1) هذا الحديث وبقية الأحاديث في أبواب الغسل فارجع إليه.
2992 - وعن ابن عباس يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن النفساء والحائض تغتسل وتحرم وتقضي المناسك كلها غير ألا تطوف بالبيت» رواه أبو داود والترمذي (2) بإسناد فيه مقال.
2993 - وعن عائشة قالت: «كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - عند إحرامه بأطيب ما أجد» وفي رواية: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يحرم تطيب بأطيب ما يجد ثم أرى وَبيصَ الدهن في رأسه ولحيته بعد ذلك» أخرجاه (3) .
2994 - وعن ابن عمر في حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وليحرم أحدكم في إزارٍ ورداء ونعلين فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين» رواه أحمد (4) كما في "المنتقى"، وقال في "الخلاصة": رواه أبو عوانة في "صحيحه" من رواية ابن عمر بلفظ: «وليحرم» (5) فاستفده فلم أجده إلا بعد
_________
(1) تقدم برقم (453) .
(2) أبو داود (2/144) (1744) ، الترمذي (3/282) (945) ، وهو عند أحمد (1/363) ، والطبراني في "الأوسط" (6/312) .
(3) البخاري (2/558، 5/2214، 2216) (1465، 5579، 5584) ، مسلم (2/848) (1190) .
(4) أحمد (2/34) ، وهو عند ابن خزيمة (4/163) (2601) ، ابن الجارود (1/111) (416) .
(5) هامش في الأصل: يعني بزيادة الواو لأن الذي في الخلاصة ذكره أولًا بغير واو. تمت مؤلف رحمه الله(2/961)
سنين، انتهى.
2995 - وعن ابن عمر قال: «بيداكم هذه التي تكذبون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها ما أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من عند المسجد يعني مسجد ذي الحليفة» متفق عليه (1) ، وفي لفظ: «ما أهل إلا من عند الشجرة حين قام به بعيره» أخرجاه (2) ، وللبخاري (3) «أن ابن عمر كان إذا أراد الخروج إلى مكة ادهن بدهن ليس له رائحة طيب، ثم يأتي مسجد ذي الحليفة فيصلي ثم يركب فإذا استوت به راحلته قائمة أحرم، ثم قال: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل» .
2996 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر ثم ركب راحلته فلما علا على جبل البيداء أهلَّ» رواه النسائي وأبو داود (4) ورجال إسناده رجال الصحيح إلا أشعث بن عبد الملك الحُمْراني وهو ثقة.
2997 - وعن جابر «أن إهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذي الحليفة حين استوت به راحلته» رواه البخاري (5) وقال: رواه أنس وابن عباس.
2998 - وعن سعيد بن جبير قال: «قلت لا بن عباس (6) عجبًا لاختلاف
_________
(1) البخاري (2/559) (1467) ، مسلم (2/843) (1186) ، أحمد (2/10، 28، 66، 154) ، وهو عند أبي داود (2/150) (1771) ، والترمذي (3/181) (818) ، والنسائي (162) .
(2) مسلم (2/843) (1186) .
(3) البخاري (2/563) (1479) .
(4) النسائي (5/127، 162) ، أبو داود (2/151) (1774) ، وهو عند أحمد (3/142، 207) .
(5) البخاري (2/552) (1444) .
(6) وحديث ابن عباس هذا ما أحسنه من حديث يجتمع به شمل الأحاديث المختلفة.(2/962)
أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في إهلاله فقال: إني لأعلم الناس بذلك إنما كان منه حجة واحدة فمن هناك اختلفوا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجًا فلما صلى في مسجده بذي الحُليفة ركعتيه أوجب في مجلسه، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه فسمع منه ذلك أقوام فحفظوا عنه ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل فأدرك ذلك منه أقوام فحفظوا عنه وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون إرسالًا فسمعوه حين استقلت به ناقته ثم مضى فلما على شرف البيداء أهل فأدرك ذلك أقوام فقالوا: إنما أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين علا على شرف البيداء، وايم الله لقد أوجب في مصلاه وأهل حين استقلت به راحلته وأهل حين علا على شرف البيداء» رواه أحمد وأبو داود (1) وفي إسناده مقال، وهو للنسائي والترمذي وابن ماجه (2) مختصرًا بلفظ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل في دبر الصلاة» قال الترمذي: حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وخالفه البيهقي فقال ضعيف.
[8/14] باب الاشتراط في الإحرام
2999 - عن ابن عباس أن ضباعة بنت الزبير: «قالت: يا رسول الله! إني امرأة ثقيلة، وإني أريد الحج فكيف تأمرني أهل، فقال: أهلي واشترطي أن مَحِلِّي حيث حبستني قال فأدركت» رواه الجماعة إلا البخاري (3) ، ولمسلم عن ابن عباس نحوه
_________
(1) أحمد (1/260) ، أبو داود (2/150) (1770) ، الحاكم (1/620) ، البيهقي (5/37) .
(2) النسائي (5/162) ، الترمذي (3/182) (819) ، وهي عند أحمد (1/285) ، والدارمي (2/52) ، والبيهقي (5/37) ، والطبراني في "الكبير" (11/434) .
(3) مسلم (2/868) (1208) ، أبو داود (2/151) (1776) ، النسائي (5/167، 168) ، الترمذي (3/278) (941) ، ابن ماجه (2/980) (2938) ، أحمد (1/337، 352) .(2/963)
ولأبي داود والترمذي والنسائي: «أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إني أريد الحج أفأشترط؟ قال: نعم، قالت: كيف أقول قال: قولي لبيك اللهم لبيك مَحِلِّي من الأرض حيث حبستني» واللفظ للنسائي وصححه الترمذي وأعل بالإرسال.
3000 - وعن عائشة قالت: «دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ضباعة بنت الزبير فقال لها: لعلك أردت الحج قالت: والله ما أجدني إلا وجعة، فقال لها: حجي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني وكانت تحت المقداد بن الأسود» متفق عليه (1) .
3001 - وعن عكرمة عن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب قالت: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أحرمي وقولي: إن محلي حيث حبستني، فإن حبست أو مرضت فقد حللت من ذاك بشرطك على ربك عز وجل» رواه أحمد وابن خزيمة (2) وفي الباب أحاديث.
[8/15] باب ما جاء من التخيير بين التمتع
والقران والإفراد وبيان أفضلها
3002 - عن عائشة قالت: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل قالت: وأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج وأهل به ناس معه، وأهل معه
_________
(1) البخاري (5/1957) (4801) ، مسلم (2/867، 868) (1207) ، أحمد (6/164)
(2) أحمد (6/419) ، وهو عند ابن ماجه (2/980) (2937) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن ضباعة.(2/964)
ناس بالعمرة والحج وأهل ناس بعمرة، وكنت فيمن أهل بعمرة» متفق عليه (1) .
3003 - وعن عمران بن حصين قال: «نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى، ففعلناها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينزل قرآن يحرمه حتى مات، ولم ينه عنها» متفق عليه (2) ، ولأحمد ومسلم (3) : «نزلت آية المتعة في كتاب الله يعني متعة الحج وأمرنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج ولم ينه عنها حتى مات» .
3004 - وعن عبد الله بن شقيق: «أن عليًا كان يأمر بالمتعة، وعثمان كان ينهى عنها، فقال عثمان: كلمه، فقال علي لقد علمت أنا تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عثمان: أجل ولكنا كنا خائفين» رواه أحمد ومسلم (4) .
3005 - وعن ابن عباس قال: «أهل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعمرة وأهل أصحابه بالحج فلم يحل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من ساق الهدي من أصحابه وحل بقيتهم» رواه أحمد ومسلم (5) وفي رواية لأحمد والترمذي (6) وحسنها: «تمتع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان» كذلك وأول من نهى عنها معاوية.
3006 - وعن حفصة أم المؤمنين قالت: «قلت: يا رسول الله! ما شأن
_________
(1) البخاري (2/567، 4/1600) (1487، 4146) ، مسلم (2/873) (1211) ، أحمد (6/191) ، وهو عند أبي داود (2/152) (1779) .
(2) البخاري (4/1642) (4246) ، مسلم (2/900) (1226) ، أحمد (4/429) .
(3) أحمد (4/436) ، مسلم (2/900) (1226) ، وهي عند النسائي في "الكبرى" (6/300) .
(4) أحمد (1/61، 97) ، مسلم (2/896) (1223) .
(5) أحمد (1/240) ، مسلم (2/909) (1239) ، وهو عند أبي داود (2/160) (1804) ، والنسائي (5/181) .
(6) أحمد (1/292، 313، 314) ، الترمذي (3/184) (822) .(2/965)
الناس حلوا ولم تحل من عمرتك؟ قال: إني قلدت هدبي ولَبَّدت رأسي فلا أَحل حتى أحل من الحج» رواه الجماعة إلا الترمذي (1) .
3007 - وعن ابن عمر قال: «تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحُليفة، وبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، وتمتع الناس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي معه ومنهم من لم يهد فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للناس: من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر ويحلل ثم يهل للحج وليهد فمن لم يجد هديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فطاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة فاستلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أشواط من السبع، ومشى أربعة أطواف ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلم فانصرف إلى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف ثم لم يتحلل من شيء حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف في البيت ثم حل من كل شيء حرم منه وفعل مثلما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهدى وساق الهدي» متفق عليه (2) .
_________
(1) البخاري (2/568، 608، 616، 5/2213) (1491، 1610، 1638، 5572) ، مسلم (2/902) (1229) ، أبو داود (2/161) (1806) ، النسائي (5/136، 172) ، ابن ماجه (2/1012) (3046) ، أحمد (6/283، 285) .
(2) البخاري (2/607) (1606) ، مسلم (2/901) (1227) ، أحمد (2/139) ، وهو عند النسائي (5/151) ، وأبي داود (2/160) (1805) .(2/966)
3008 - وعن القاسم عن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل بالحج» أخرجاه (1) ولمسلم (2) : «أنه - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج» وفي رواية لهما (3) : «خرجنا ولا نذكر إلا الحج» وعن ابن عمر قال: «أهللنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج مفردًا» رواه أحمد ومسلم (4) .
3009 - وعن أنس قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي بالحج والعمرة جميعًا يقول: لبيك حجًا وعمرة» متفق عليه (5) (*) .
3010 - وعنه قال: «خرجنا نصرخ بالحج فلما قدمنا مكة أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نجعلها عمرة وقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها عمرة ولكن سقت الهدي وقرنت بين الحج والعمرة» رواه أحمد (6) .
3011 - وعن عمر بن الخطاب قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بوادي العقيق يقول: أتاني الليلة آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة
_________
(1) تقدم هذا اللفظ قريبًا من حديث عروة عن عائشة (2694) .
(2) مسلم (2/875) (1211) ، وهي عند أبي داود (2/152) (1777) ، وابن ماجه (2/988) (2964) ، والنسائي (5/145) ، وفي "الكبرى" (2/343) (3695) ، والترمذي (3/183) (820) ، وأحمد (6/36) عن القاسم عن عائشة به.
(3) البخاري (1/113، 117، 2/611) (290، 299، 1623) ، مسلم (2/873) (1211) ، وهي ابن ماجه (2/988) (2963) عن القاسم عن عائشة به.
(4) أحمد (2/97) ، مسلم (2/904) (1231) .
(5) مسلم (2/905) (1232) ، أحمد (3/99) ، وهو عند أبي داود (2/157) (1795) ، والنسائي (5/150) ، وابن ماجه (2/989) (2968، 2969)
(6) أحمد (3/148، 266) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
حديث أنس لم نجده بهذا اللفظ عند البخاري، ولم يعزه إليه المزي في التحفة (1/208) (781) . والذي عند البخاري (2/562) (1476) من طريق أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه قال: صلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونحن معه بالمدينة الظهر أربعًا والعصر بذي الحليفة ركعتين ثم بات بها حتى أصبح ثم ركب حتى استوت به على البيداء حمد الله وسبح وكبر ثم أهل بحج وعمرة وأهل الناس بهما فلما قدمنا أمر الناس فحلوا حتى كان يوم التروية أهلوا بالحج قال: ونحر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدنات بيده قيامًا وذبح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة كبشين أملحين". وقد عزاه للصحيحين ابن القيم في "الزاد" (2/115) .(2/967)
في حجة (1) » رواه أحمد والبخاري وابن ماجه وأبو داود (2) .
وفي رواية للبخاري (3) : «وقل عمرة وحجة» .
3012 - وعن مروان بن الحكم قال: «شهدت عثمان وعليًا وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلما رأى ذلك علي أهلَّ بهما: لبيك بعمرة وحجة وقال: ما كنت لأدع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - بقول أحد» رواه البخاري والنسائي (4) .
3013 - وعن الصُّبَي (5) ابن مَعْبَد قال: «كنت رجلًا نصرانيًا فأسلمت فأهللت بالحج والعمرة فسمعني زيد بن صَوْحان وسلمان بن ربيعة وأنا أهل بهما فقالا: لهذا أضل من بعير أهله، فكأنما حُمل علي بكلمتهما جبل، فقدمت على عمر بن الخطاب فأخبرته فأقبل عليهما فلامهما وأقبل عليَّ وقال: هديت لسنة نبيك» رواه أحمد وابن ماجه والنسائي (6) ، وأخرج نحوه أبو داود (7) وسكت عنه هو والمنذري
_________
(1) في الأصل: وقل حجة في عمرة.
(2) أحمد (1/24) ، البخاري (2/556، 823) (1461، 2212) ، ابن ماجه (2/991) (2976) ، أبو داود (2/159) (1800) ، وهو عند ابن حبان (9/99) (3790) ، وابن خزيمة (4/169) (2617) .
(3) البخاري (6/2673) (6911) .
(4) البخاري (2/567) (1488) ، النسائي (5/148) ، وهو عند أحمد (1/135) ، والدارمي (2/96) (1923) .
(5) صبي بن معبد التغلبي بمثناة مخضرم عن عمر وعنه أبو وائل وإبراهيم النخعي، انتهى خلاصة.
(6) أحمد (1/14، 25، 34، 37، 53) ، ابن ماجه (2/989) (2970) ، النسائي (5/146، 147) .
(7) أبو داود (2/158) (1798، 1799) .(2/968)
ورجال إسناده رجال الصحيح.
3014 - وعن سراقة بن مالك قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، قال: وقرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع» رواه أحمد (1) بإسناد ضعيف.
3015 - لكن يشهد له ما سيأتي (2) في فسخ الحج من حديث ابن عباس عند أحمد ومسلم وأبى داود والنسائي بلفظ: «أن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة» .
3016 - وعن البراء بن عازب قال: «لما قدم علي من اليمن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وجدت فاطمة قد لبست ثيابًا صبغيًا وقد نضحت البيت بنضوح فقالت: مالك إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر أصحابه فحلوا، قال: فقلت لها: إني أهللت بإهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: كيف صنعت؟ قلت: أهللت بإهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فإني قد سقت الهدي وقرنت، فقال لي: انحر من البدن سبعًا وستين أو ستًا وستين، وأمسك لنفسك ثلاثة وثلاثين، أو أربعًا وثلاثين، وأمسك لي من كل بدنة منها بضعة» رواه أبو داود والنسائي (3) ، وفي إسناده يونس بن أبي إسحاق السَّبِيعي وثقه ابن معين، وقال أحمد: حديثه مضطرب، وقال أبو حاتم: لا يحتج به.
_________
(1) أحمد (4/175) .
(2) سيأتي برقم (3039) .
(3) أبو داود (2/158) (1797) ، النسائي (5/157) .(2/969)
قوله: «الصبي» بضم الصاد المهملة، وفتح الموحدة بعدها تحتية قال في "التقريب": صُبَي بالتصغير ثقة مخضرم نزل الكوفة من الثانية وقال في "الكاشف": وثق. قوله: «نضحت» بالنون بعدها ضاد معجمة ثم حاء مهملة، والنضوح ضرب من الطيب وفي الكلام تقدير محذوف تقديره فأنكر عليها صبغ ثيابها ونضح بيتها بالطيب، فقالت ... إلخ، وفي مسلم فأنكر ذلك عليها، قالت: أمرني أبي بهذا.
[8/16] باب إدخال الحج على العمرة
3017 - عن نافع قال: «أراد ابن عمر الحج عام حجة الحرورية في عهد ابن الزبير فقيل له: إن الناس كائن بينهم قتال فنخاف أن يصدوك فقال: لقد كان لكم في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة إذًا أصنع كما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشهدكم أني قد أوجبت عمرة ثم خرج حتى إذا كان بظهر البَيْداء قال: ما شأن الحج والعمرة إلا واحدًا، إني قد جمعت حجة مع عمرتي وأهدى هديًا مقلدًا اشتراه بقُدَيد، وانطلق حتى قدم مكة فطاف بالبيت وبالصفا ولم يزد على ذلك، ولم يحل من شيء حرم منه حتى يوم النحر فحلق ونحر ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول قال: هكذا صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» متفق عليه (1) .
3018 - وعن جابر قال: «أقبلنا مهلين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحج مفرد وأقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كنا بَسِرف عَرَكَت حتى إذا قدمنا مكة طفنا بالكعبة والصفا والمروة فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحل منا من لم يكن معه هدي، قال: فقلنا:
_________
(1) البخاري (2/591، 611) (1559، 1622) ، مسلم (2/903، 904) (1230) ، أحمد (2/54، 64، 151) .(2/970)
حِلٌ ماذا؟ قال: الحل كله، فواقعنا النساء، وتطيبنا، بالطيب ولبسنا ثيابنا وليس بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال ثم أهللنا يوم التروية ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عائشة فوجدها تبكي، فقال: ما شأنك؟ قالت: شأني أني قد حضت وقد حل الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن، فقال: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وبالصفا والمروة ثم قال: قد حللت من حجك وعمرتك جميعًا، فقالت: يا رسول الله! إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت، قال: فاذهب بها يا عبد الرحمن فاعمرها من التنعيم وذلك ليلة الحَصْبة» متفق عليه (1) .
قوله: «عركت» بفتح العين المهملة والراء أي حاضت.
[8/17] باب من أحرم بما أحرم به فلان
3019 - عن أنس قال: «قدم عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: بما أهللت يا علي؟ قال: أهللت يإهلال كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لولا أن معي الهدي لأحللت» متفق عليه (2) .
3020 - ورواه النسائي (3) من حديث جابر «وقال: فقال لعلي: بما أهللت
_________
(1) مسلم (2/881) (1213) ، أحمد (3/364) ، وهو عند أبي داود (2/154) (1785) ، والنسائي (5/164) .
(2) البخاري (2/564) (1483) ، مسلم (2/914) (1250) ، أحمد (3/185) ، وهو عند الترمذي (3/290) (956) ، وابن حبان (9/89) (3776) .
(3) النسائي (5/157) .(2/971)
قال: قلت اللهم إني أهل بما أهل به النبي - صلى الله عليه وسلم -» وللبخاري (1) عن جابر: «أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقيم على إحرامه» وفي رواية له (2) نحو حديث أنس قال: «فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فاهد وامكث حرامًا كما أنت» .
3021 - وعن أبي موسى قال: «قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو منيخ بالبطحاء فقال: بما أهللت قلت أهللت بإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: سقت من هدي؟ قلت: لا، قال: فطف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل، قال: فطفت بالبيت وبالصفا والمروة ثم أتيت امرأة من قومي فمشطتني وغسلت رأسي» متفق عليه (3) . وفي لفظ: «قال: كيف قلت حين أحرمت، قال: قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -» وذكره أخرجاه (4) ، وفي رواية لهما (5) : «فقال أحسنت» .
[8/18] باب التلبية وصفتها وأحكامها
3022 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك، لا شريك لك وكان عبد الله يرفع مع هذا لبيك لبيك
_________
(1) البخاري (2/564، 885) (1482، 2371) .
(2) علقه البخاري (2/564، 4/1582) (1483، 4095) ، وهو عند مسلم موصولًا (2/883) (1216) ، والنسائي (5/178) ، وأحمد (3/317) .
(3) البخاري (2/564) (1484) ، مسلم (2/895) (1221) ، أحمد (1/39) .
(4) البخاري (4/1579) (4089) ، مسلم (2/896) (1221) .
(5) البخاري (2/616، 636) (1637، 1701) ، مسلم (2/894) (1221) ، أحمد (4/393، 395) .(2/972)
وسعديك الخير بيديك والرغباء إليك والعمل» متفق عليه (1) .
3023 - وعن جابر قال: «أهل النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر التلبية مثل حديث ابن عمر قال: والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي - صلى الله عليه وسلم - يسمع فلا يقول له شيئًا» رواه أحمد وأبو داود ومسلم بمعناه (2) .
3024 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في تلبيته: لبيك إله الحق لبيك» رواه أحمد وابن ماجه والنسائي، وابن حبان والحاكم (3) .
3025 - وعن السائب بن خلَّاد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي يرفعون أصواتهم بالإهلال والتلبية» رواه الخمسة وقال الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" وقال الحاكم: إسناده
_________
(1) البخاري (2/561، 5/2213) (1474، 5571) ، مسلم (2/841، 842) (1184) ، أحمد (2/3، 28، 34، 41، 43، 47، 48، 53، 77، 79، 120، 131) ، وهو عند أبي داود (2/162) (1812) ، وابن ماجه (2/974) (2918) ، والنسائي (5/160) ، والترمذي (3/187، 188) (825، 826) ، وزيادة ابن عمر عند الجميع إلا البخاري.
(2) أحمد (3/320) ، أبو داود (2/162) (1813) ، والذي عند مسلم (2/886) (1218) ، وأحمد (3/320) هو حديث جابر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عند أبي داود (2/182) (1905) ، وابن ماجه (2/1022) (3074) ، وابن حبان (9/253) (3944) .
(3) أحمد (2/476) ، ابن ماجه (2/974) (2920) ، النسائي (5/161) ، ابن حبان (9/109) (3800) ، الحاكم (1/618) ، وهو عند ابن خزيمة (4/172) (2623، 2624) ، والشافعي في "المسند" (1/122) .(2/973)
صحيح (1) .
3026 - ورواه بعضهم عن خلاد بن السائب عن زيد بن خالد مرفوعًا ولا يصح قال في "الخلاصة": قلت: أخرجه كذلك ابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم (2) ، انتهى. وفي رواية أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «كن عجّاجًا ثجّاجًا والعج التلبية، والثج: نحر البدن» رواه أحمد (3) .
3027 - وقد أخرج الترمذي وابن ماجه والحاكم وابن خزيمة في "صحيحه" والبيهقي (4) عن أبي بكر الصديق «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل أي الحج أفضل قال: العجّ والثجّ» قال الترمذي: غريب وفيه انقطاع وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
3028 - وعن خزيمة بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان إذا فرغ من تلبيته
_________
(1) أبو داود (2/162) (1814) ، النسائي (5/162) ، الترمذي (3/191) (829) ، ابن ماجه (2/975) (2922) ، أحمد (4/55، 56) ، وهو عند مالك (1/334) (736) ، والدارمي (2/53) ، وابن حبان (9/111-112) (3802) ، وابن خزيمة (4/173) (2625، 2627) عن السائب بن خلاد عن أبيه خلاد بن السائب.
(2) ابن ماجه (2/975) (2923) ، ابن حبان (9/112-113) (3803) ، الحاكم (1/619) ، وهو عند أحمد (5/192) ، وابن خزيمة (4/174) (2628) عن السائب بن خلاد عن زيد بن خالد الجهني، وقال ابن حبان: سمع هذا الخبر خلاد بن السائب من أبيه، ومن زيد بن خالد الجهني، ولفظاهما مختلفان، وهما طريقان محفوظان. اهـ.
(3) أحمد (4/56) عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن السائب بن خلاد.
(4) الترمذي (3/189) (827) ، ابن ماجه (2/975) (2924) ، الحاكم (1/620) ، ابن خزيمة (4/175) (2631) ، البيهقي (5/42) .(2/974)
سأل الله عز وجل رضوانه والجنة واستعاذ برحمته من النار» رواه الشافعي والدارقطني (1) وفي إسناده مقال لأن في إسناده إبراهيم بن أبي يحيى ضعيف وقال أحمد لا أرى به بأسًا، عن عمارة بن خزيمة عن ثابت عن أبيه وقد تابع إبراهيم عبد الله بن عبد الله الأموي وقال القاسم بن محمد «كان يستحب للرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه الدارقطني (2) .
3029 - وعن الفضل بن العباس قال: «كنت رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة» رواه الجماعة (3) .
3030 - وعن ابن عباس قال: يرفع الحديث «أنه كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر» رواه الترمذي (4) وصححه، وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد تكلم فيه جماعة من الأئمة.
قوله: «العج» قال في "الخلاصة": العج رفع الصوت بالتلبية «والثج» نحر البدن وقد ورد ذلك في حديث مرفوع، انتهى.
_________
(1) الشافعي (1/123) ، الدارقطني (2/238) ، وهو عند البيهقي (5/46) ، والطبراني في "الكبير" (4/85) ، وابن عدي في "الكامل" (4/59) .
(2) الدارقطني (2/238) ، وهو عند البيهقي (5/46) .
(3) البخاري (2/605) (1601) ، مسلم (2/931) (1281) ، أبو داود (2/163) (1815) ، النسائي (5/268) ، الترمذي (2/260) (918) ، ابن ماجه (2/1011) (3040) ، أحمد (1/210، 211، 212، 214) ، وهو عند ابن حبان (9/113) (3804) ، وابن خزيمة (4/279) (2881) .
(4) الترمذي (2/261) (919) ، وهو عند ابن خزيمة (2697) .(2/975)
[8/19] باب ما جاء في فسخ الحج إلى العمرة
3031 - عن جابر قال: «أهللنا بالحج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة فكبر علينا ذلك وضاقت به صدورنا فقال يا أيها الناس أحلوا فلولا الهدي معي فعلت كما فعلتم قال: فأحللنا حتى وطئنا النساء وفعلنا كما يفعل الحلال، حتى إذا كان يوم التروية، وجعلنا مكة بظهر أهللنا بالحج» متفق عليه (1) ، وفي رواية: «أهللنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحج خالصًا لا يخالطه شيء فقدمنا مكة لأربع ليال خلت منذ ذي الحجة فطفنا وسعينا ثم أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نحل، وقال: لولا هدي لحللت ثم قام سُراقة بن مالك فقال: يا رسول الله! أرأيت متعتنا هذه لعامنا أم للأبد فقال: بل هي للأبد» رواه البخاري وأبو داود ولمسلم معناه (2) .
3032 - وعن أبي سعيد قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نصرخ بالحج صراخًا فلما قدمنا مكة أمرنا أن يجعلها عمرة إلا من ساق الهدي فلما كان يوم التروية ورحنا إلى منى أهللنا بالحج» رواه أحمد ومسلم (3) .
3033 - وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: «خرجنا محرمين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من كان معه هدي فليقم على إحرامه ومن لم يكن معه هدي فليحلل، فلم
_________
(1) البخاري (6/2681) (6933) ، مسلم (2/884) (1216) ، أحمد (3/302) .
(2) البخاري (2/885، 6/2642) (2371، 6803) ، أبو داود (2/155) (1787) ، مسلم (2/883) (1216) ، وهو عند ابن ماجه (2/992) (2980) ، والنسائي (5/178) .
(3) أحمد (3/5، 71، 75) ، مسلم (2/914) (1247، 1248) ، وهو عند ابن حبان (9/103) (3793) .(2/976)
يكن معي هدي فحللت وكان مع الزبير هدي فلم يحلل» رواه مسلم وابن ماجه (1) ، ولمسلم (2) في رواية: «قدمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهلين بالحج» .
3034 - وعن الأسود عن عائشة قالت: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا نرى إلا أنه الحج فلما قدمنا تطوفنا بالبيت وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -: من لم يكن ساق الهدي أن يحل فحل من لم يكن ساق ونساؤه لم يسقن فأحللن قالت عائشة: فحضت فلم أطف بالبيت وذكرت قصتها» متفق عليه (3) .
3035 - وعن ابن عباس قال: «كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ويجعلون المحرم صفر ويقولون إذا برأ الدّبَر وعفا الأثر وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر فقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا: يا رسول الله! الحل كله؟ قال: الحل كله» متفق عليه (4) .
3036 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده هدي فليحل الحل كله فإن العمرة قد دخلت في الحج إلى يوم القيامة»
_________
(1) مسلم (2/907) (1236) ، ابن ماجه (2/993) (2983) ، وهو عند النسائي (5/246) ، وأحمد (6/350، 351) .
(2) مسلم (2/908) (1236) .
(3) البخاري (2/566) (1486) ، مسلم (2/877) (1211) ، أحمد (6/253، 266) ، وهو عند أبي داود (2/154) (1783) ، والنسائي (5/177) .
(4) البخاري (2/567، 3/1393) (1489، 3620) ، مسلم (2/909) (1240) ، أحمد (1/252) ، وهو عند النسائي (5/180) .(2/977)
رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (1) .
3037 - وعنه أيضًا «أنه سأل عن متعة الحج فقال: أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع وأهللنا، فلما قدمنا مكة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة وأتينا النساء ولبسنا الثياب، وقال: من قلد الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج وإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة فقد تم حجنا وعلينا الهدي كما قال تعالى: ((فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ)) [البقرة:196] إلى أمصاركم» رواه البخاري (2) .
3038 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بات بذي الحليفة حتى أصبح ثم أهل بحج وعمرة وأهل الناس بهما فلما قدمنا أمر الناس فحلوا حتى كان يوم التروية أهلوا بالحج، قال: ونحر النبي - صلى الله عليه وسلم - بدنات بيده قيامًا وذبح بالمُدية كبشين أملحين» رواه أحمد والبخاري وأبو داود (3) .
3039 - وعن ابن عمر قال: «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة وأصحابه مهلين بالحج
_________
(1) أحمد (1/236، 341) ، مسلم (2/911) (1241) ، أبو داود (2/156) (1790) ، النسائي (5/181) .
(2) البخاري (2/570) (1497) .
(3) أحمد (2/268) ، البخاري (2/562) (1476) ، أبو داود (2/157، 3/95) (1796، 2794) .(2/978)
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من شاء أن يجعلها عمرة إلا من كان معه الهدي، قالوا: يا رسول الله! أيروح أحدنا إلى منى وذكره يقطر منيًا قال: نعم، وسطعت المجامر» رواه أحمد (1) قال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد رجال الصحيح.
3040 - وعن الربيع بن سَبْرة عن أبيه قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان بعُسْفان قال له سُراقة بن مالك المِدْلجي: يا رسول الله! اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم فقال: إن الله عز وجل قد أدخل عليكم في حجتكم عمرة فإذا قدمتم فمن تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حل إلا من كان معه هدي» رواه أبو داود (2) وسكت عنه هو والمنذري ورجاله رجال الصحيح.
3041 - وعن البراء بن عازب قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قال: فأحرمنا بالحج فلما قدمنا مكة قال: اجعلوا حجكم عمرة قال: فقال الناس: يا رسول الله! قد أحرمنا بالحج كيف نجعلها عمرة قال: انظروا ما آمركم به فافعلوا فردوا عليه القول، فغضب ثم انطلق حتى دخل على عائشة وهو غضبان فرأت الغضب في وجهه، فقالت: من أغضبك أغضبه الله، فقال: وما لي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا أتبع» رواه أحمد وابن ماجه وأبو يعلى (3) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجاله رجال الصحيح وهو من الأحاديث في الفسخ التي صححها أحمد وابن القيم.
_________
(1) أحمد (2/28) .
(2) أبو داود (2/159) (1801) ، وهو عند الدارمي (2/72) .
(3) أحمد (4/286) ، ابن ماجه (2/993) (2982) ، أبو يعلى (3/233) (1672) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6/56) .(2/979)
3042 - وعن ربيعة بن عبد الرحمن عن الحارث بن بلال عن أبيه قال: «قلت: يا رسول الله! فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ قال: بل لنا خاصة» رواه الخمسة إلا الترمذي (1) ، قال أحمد: حديث بلال بن الحارث عندي ليس بثبت ولا أقول به ولا نعرف هذا الرجل -يعني الحارث بن بلال- وقال في رواية أبي داود: ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة.
3043 - ويشهد لما قاله قوله - صلى الله عليه وسلم -: في حديث جابر (2) : «بل هي للأبد» ، وقال ابن القيم في "الهدي": نحن نشهد بالله أن حديث الحارث بن بلال هذا لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قوله: «إذا برأ الدبر» بفتح الدال المهملة والموحدة هو الجرح في ظهر البعير الواقع من الحمل عليه فإنه كان يبرأ عند انصرافهم من الحج، وعفا الأثر أي اندرس أثر الإبل وغيرها في سيرها وقيل أثر الدبر المذكور.
* * *
_________
(1) أبو داود (2/161) (1808) ، النسائي (5/179) ، ابن ماجه (2/994) (2984) ، أحمد (3/469) ، وهو عند الحاكم (3/593) .
(2) تقدم حديث جابر برقم (3034) .(2/980)
أبواب ما يتجنبه المحرم وما يباح له
[8/20] باب ما يتجنبه من اللباس
3044 - عن ابن عمر قال: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يلبس المحرم فقال: لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا البُرْنُس ولا السراويل ولا ثوبًا مسه وَرْس ولا زعفران ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين» رواه الجماعة (1) وفي رواية لأحمد (2) قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: على هذا المنبر» وذكر معناه. وفي رواية للدار قطني (3) : «أن رجلًا نادى في المسجد ماذا يترك المحرم من الثياب» .
3045 - وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين» رواه أحمد والبخاري والنسائي والترمذي وصححه (4) ، وفي رواية لأحمد
_________
(1) البخاري (1/62، 143، 2/559، 653، 654، 5/2184، 2186، 2187) (134، 359، 1468، 1741، 1745) ، مسلم (2/834، 835) (1177) ، أبو داود (2/165) (1823، 1824) ، النسائي (5/131، 132) ، الترمذي (3/194) (833) ، ابن ماجه (2/977) (2929) ، أحمد (2/ 4، 8، 29، 54، 77) ، وهو عند مالك (1/324، 325) (707، 708) .
(2) أحمد (2/32) .
(3) الدارقطني (2/230) ، وهو عند أحمد (2/34) .
(4) أحمد (2/119) ، البخاري (2/653) (1741) ، النسائي (5/133، 135) ، الترمذي (3/194) (833) ، وهو عند أبي داود (2/165) (1825، 1826) .(2/981)
وأبي داود (1) : «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى النساء في الإحرام عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب» ولأبي داود والحاكم (2) : «ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألون الثياب معصفرًا أو خزًا أو حليًا، أو سراويل أو قميصًا» وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وللبخاري ومسلم (3) في رواية: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلبس المحرم ثوبًا مصبوغًا بزعفران أو ورس، وقال: من لم يجد نعلين فليلبس خفَّين وليقطعهما أسفل من الكعبين» .
3046 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يجد نعلين فليلبس خفَّين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس سروايل» رواه أحمد ومسلم (4) .
3047 - وعن ابن عباس قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب بعرفات: من لم يجد إزارًا فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين» متفق عليه (5) ، وفي رواية للترمذي (6) وقال: حسن صحيح، «المحرم إذا لم يجد الإزار فليلبس
_________
(1) أحمد (2/22) ، أبو داود (2/166) (1827) .
(2) أبو داود (2/166) (1827) ، الحاكم (1/661) ، والبيهقي (5/52) .
(3) البخاري (5/2198، 2199) (5509، 5514) ، مسلم (2/835) (1177) ، وهي عند النسائي (5/129) ، وابن ماجه (2/977) (2930) ، ومالك في "الموطأ" (1/325) (709) ، وأحمد (2/56، 59، 66، 73) .
(4) أحمد (3/323، 395) ، مسلم (2/836) (1179) .
(5) البخاري (2/654،5/2186) (1744، 1746، 5467) ، مسلم (2/835) (1178) ، أحمد (1/215، 221، 279، 285) ، وهو عند ابن ماجه (2/977) (2931) ، والنسائي (5/132، 133) .
(6) الترمذي (3/195) (834) .(2/982)
السراويل، وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين» وفي رواية لأبي داود (1) : «السراويل لمن لم يجد الإزار والخف لمن لم يجد النعلين» وفي رواية لأحمد (2) : «من لم يجد إزارًا ووجد سراويل فليلبسها، ومن لم يجد نعلين ووجد خفين فليلبسهما قلت: ولم يقل ليقطعهما، قال: لا، هكذا» رواه أحمد وتمسك به على جواز لبس الخف من غير قطع والسراويل بغير فتق وخالفه الجمهور عملًا بالحديث المقيد بالقطع.
3048 - وعن عائشة قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن محرمات، فإذا جاوزوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من ورائها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفنا» رواه أبو داود وابن ماجه وابن خزيمة (3) .
3049 - وله (4) من حديث أسماء بنت أبي بكر نحوه وصححه الحاكم.
3050 - وعن سالم: «أن عبد الله بن عمر كان يقطع الخفين للمرأة المحرمة، ثم حدثته حديث صفية بنت أبي عبيد أن عائشة حدثتها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد رخص للنساء في الخفين فترك ذلك» رواه أبو داود (5) بإسناد فيه ابن إسحاق إلا أنه لم يعنعن.
قوله: «البرنس» قُلُنْسوة طويلة كان الزهاد يلبسونها في صدر الإسلام. قوله: «لا
_________
(1) أبو داود (2/166) (1829) .
(2) أحمد (1/228) .
(3) أبو داود (2/167) (1833) ، ابن ماجه (2/979) (2935) ، ابن خزيمة (4/203) (2691) ، وهو عند أحمد (6/30) ، والبيهقي (5/48) ، والدارقطني (2/294، 295) .
(4) ابن خزيمة (4/203) (2690) ، الحاكم (1/624) .
(5) أبو داود (2/166) (1831) ، وهو عند أحمد (2/29، 6/35) ، والبيهقي (5/52) .(2/983)
تنتقب» النقاب: الخمار الذي يستر على الأنف أو تحت المحاجر. قوله: «القفازين» بضم القاف وتشديد الفاء وبعد الألف زاي: ما تلبسه المرأة في يديها يغطي أصابعها وكفها عند معاناه شيء وهو لليد كالخف للرجل وقال في "غريب الجامع": هو شيء يعمل لليدين يحشى بقطن ويكون له أزرار يُزرّر بها على الساعد من البرد تلبسه المرأة في يديها وقيل يغطى بهما الكفان والأصابع وقيل هو ضرب من الحلي. قوله: «جلبابها» الجلباب: الملحفة.
[8/21] باب ما يصنع من أحرم في قميص وجواز تظلل المحرم من الحر أو غيره وما جاء من النهي عن تغطية الرأس حال الإحرام
3051 - عن يَعْلى بن أميَّة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه رجل متضمخ بطيب فقال: يا رسول الله! كيف ترى في رجل أحرم في جبة بعدما تضمخ بطيب فنظر إليه ساعة فجاءه الوحي ثم سُرِّي فقال: أين الذي سألني عن العمرة آنفًا؟ فالتُمس الرجل فجيء به فقال: أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات، وأما الجبة فانزعها ثم اصنع في العمرة كما تصنع في حجك» متفق عليه (1) ، وفي رواية لهم (2) : «وهو متضمخ بالخَلُوق» وفي رواية لأبي داود (3) : «فقال له: اخلع جبتك فخلعها من
_________
(1) البخاري (2/557، 4/1573، 1906) (1463، 4074، 4700) ، مسلم (2/836) (1180) ، أحمد (4/222) .
(2) البخاري (2/634) (1697) ، مسلم (2/836) (1180) ، أحمد (4/224) ، وهي عند أبي داود (2/164) (1819) ، والنسائي (5/142) (2709) .
(3) أبو داود (2/164) (1820) .(2/984)
رأسه» وفي رواية للبخاري (1) : «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجِعرّانة قد أهل بعمرة وهو مصفر لحيته ورأسه وعليه جبة فقال: يا رسول الله! أحرمت بعمرة وأنا كما ترى قال: انزع عنك الجبة واغسل عنك الصفرة» .
قوله: «الخَلُوق» هو بالخاء المعجمة ضرب من الطيب أحمر أو أصفر.
3052 - وعن أم الحُصَين قالت: «حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالًا أحدهما آخذ بخطام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة» وفي رواية: «حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع فرأيته حين رمى جمرة العقبة وانصرف وهو على راحلته ومعه بلال وأسامه أحدهما يقود به راحلته والآخر رافع ثوبه على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - يظله من الشمس» رواهما أحمد ومسلم (2) .
3053 - وعن ابن عباس: «أن رجلًا أوقَصَته راحلته وهو محرم فمات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اغسلوه بماء وسِدر وكفنوه في ثوبه ولا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (3) .
_________
(1) وهي عند مسلم (2/837) (1180) ، والنسائي (5/142) (2710) ، وأبي داود (2/165) (1822) .
(2) أحمد (6/402) ، مسلم (2/944) (1298) ، وهو عند أبي داود (2/167) (1834) ، والنسائي (5/269) ، وابن حبان (9/265، 10/427) (3949، 4564) ، وابن خزيمة (4/202) (2688) .
(3) تقدم برقم (2208) .(2/985)
[8/22] باب جواز حمل المحرم السلاح بالحرم وكراهة شهرته
3054 - عن البراء قال: «اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يَدَعوه يدخل مكة حتى قاضاهم لا يدخل مكة سلاحًا إلا في القراب» .
3055 - وعن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج معتمرًا فحال كفار قريش بينه وبين البيت فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل ولا يحمل سلاحًا عليهم إلا سيوفًا، ولا يقيم إلا ما أحبوا فاعتمر من العام المقبل فدخلها كما كان صالحهم فلما أن أقام بها ثلاثة أيام أمروه أن يخرج فخرج» رواهما أحمد والبخاري (1) ، وفي رواية لأبي داود (2) : «صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الحديبية صالحهم ألا يدخلوها إلا بجلبّات السلاح فسألته: ما جلبات السلاح؟ فقال: القراب» بما فيه قال في "جامع الأصول": وهو طرف من حديث طويل أخرجه البخاري ومسلم (3) وهو مذكور في كتاب الغزوات.
3056 - وعن ابن جُبير قال: «كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدميه فلزقت قدمه بالركاب فنزلت ونزعتها وذلك بمنى، فبلغ الحجاج فجاء يعوده فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك؟ فقال ابن عمر: أنت أصبتني قال:
_________
(1) الحديث الأول عند أحمد (4/298) ، والبخاري (2/655، 690، 4/1551) (1747، 2552، 4005) ، والحديث الثاني عند أحمد (2/124) ، والبخاري (2/961، 4/1552) (2554، 4006) .
(2) أبو داود (2/167) (1832) .
(3) البخاري (2/959) (2551) ، مسلم (3/1409، 1410) (1783) ، أحمد (4/291) ، والنسائي في "الكبرى" (5/168) .(2/986)
وكيف؟ قال: حملت السلاح في يوم لم يكن يحمل فيه وأدخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم» رواه البخاري (1) وفي رواية له (2) : «دخل الحجاج على ابن عمر وأنا عنده فقال: كيف هو؟ قال: صالح من أصابك، قال: أصابني من أمر بحمل السلاح في يوم لا يحل فيه حمله. يعني الحجاج» .
[8/23] باب منع المحرم من ابتداء الطيب دون استدامته
3057 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يلبس المحرم ثوبًا مسّه وَرْس ولا زَعفران» مختصر من حديث أخرجه الجماعة، وقد تقدم (3) .
3058 - وقال - صلى الله عليه وسلم - في المحرم الذي مات «لا تحنطوه» وقد تقدم (4) في كتاب الجنائز.
3059 - وعن عائشة قالت: «كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت» أخرجاه (5) ، وفي رواية للبخاري (6) : «بأي شيء طيبت النبي - صلى الله عليه وسلم - عند إحرامه؟ قالت: بأطيب الطيب» وفي أخرى له (7) : «بأطيب ما أقدر عليه قبل أن يحرم ثم يحرم» . (*)
_________
(1) البخاري (1/328) (923) .
(2) البخاري (1/328) (924) .
(3) تقدم برقم (3047) .
(4) تقدم برقم (2208) .
(5) البخاري (2/624) (1667) ، مسلم (2/846) (1189) .
(6) وهي عند مسلم (2/847) (1189) ، والنسائي (5/137) ، وأحمد (6/38) .
(7) وهي عند مسلم (2/847) (1189) ، وأحمد (6/161) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
الروايتان الأخيرتان لمسلم وليستا للبخاري، وهي عند البخاري (5/2216) بلفظ: "كنت أطيب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند أحرامه بأطيب ما أجد"، ونص اللفظين عند مسلم.(2/987)
3060 - وعن عائشة قالت: «كأني أنظر وَبِيص الطيب في مفرق النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم» متفق عليه (1) ، وقال البخاري: «مفارق» ولمسلم والنسائي وأبي داود (2) «وبيص المسك في مفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم» .
3061 - وعن عائشة قالت: «كنا نخرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة فنضمد جباهنا بالسُّكِّ المطيب عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا ينهانا» رواه أبو داود (3) وسكت عنه هو والمنذري ولا بأس بإسناده.
3062 - وعن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ادهن بزيت غير مقتت وهو محرم» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي (4) وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث فرقد السبخي (5) عن سعيد بن جبير، وقد تكلم يحيى بن سعيد في فرقد وقد رواه
_________
(1) البخاري (1/105، 2/558، 5/2213) (268، 1464، 5574) ، مسلم (2/847، 848) (1190) ، أحمد (6/124، 128، 130، 175، 186، 212، 224، 250، 254، 264، 280) ، وهو عند ابن ماجه (2/977) (2928) ، والنسائي (5/139) .
(2) مسلم (2/849) (1190) ، النسائي (5/138) ، أبو داود (2/145) (1746) ، وهو عند أحمد (6/245) .
(3) أبو داود (2/166) (1830) ، وهو عند أحمد (6/79) .
(4) أحمد (2/25، 29، 59، 72، 126، 145) ، ابن ماجه (2/1030) (3083) ، الترمذي (3/294) (962) ، وهو عند ابن خزيمة (4/185) (2652) ، وأخرجه البخاري (2/588) (1464) موقوفاً على ابن عمر من رواية منصور بن المعتمر عن سعيد بن جبير «كان ابن عمر يدهن بالزيت» .
(5) فرقد بن يعقوب السبخي بفتح المهملة والموحدة وكسر المعجمة بعدها، البصري أبو يعقوب الزاهد عن أنس وسعيد بن جبير وعنه الحمادان تكلم فيه القطان وغيره وقال أحمد رجل صالح وقال البخاري: في حديثه مناكير، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة اهـ. خلاصه.(2/988)
عنه الناس، انتهى.
قوله: «السك» بضم السين وتشديد الكاف نوع من الطيب والوبيص اللمعان. قوله: «غير مقتت» أي غير مطيب والقت تطييب الدهن بالريحان.
[8/24] باب جواز حلق شعر الرأس لمن تؤذيه
هوام رأسه وعليه الفدية
3063 - عن كعب بن عُجْرة قال: «كان بي أذى من رأسي فحملت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقمل تتناثر على وجهي فقال: ما كنت أرى الجُهْد قد بلغ منك ما أرى! أتجد شاة؟ قلت: لا، فنزلت الآية: ((فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)) [البقرة:196] قال: هو صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، نصف صاع طعاماً لكل مسكين» متفق عليه (1) ، وفي رواية: «أتى عليَّ رسول الله زمن الحديبية فقال: كأن هوام رأسك تؤذيك؟ فقلت: أجل قال: فاحلقه واذبح شاة، أو صم ثلاثة أيام، أو تصدق بثلاثة آصع من تمر بين ستة مساكين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (2) ، وله (3) في رواية: «فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين فرقًا من زبيب أو نسك شاة فحلقت رأسي، ثم نسكت،
_________
(1) البخاري (2/645، 4/1642) (1721، 4245) ، مسلم (2/861) (1201) ، أحمد (4/241، 242) ، وهو عند ابن ماجه (2/1028) (3079) .
(2) أحمد (4/242) ، مسلم (2/861) (1201) ، أبو داود (2/172) (1857) ، وهي عند الترمذي (3/288) .
(3) أبو داود (2/172) (1860) .(2/989)
وللحديث ألفاظ والفَرَق ثلاثة آصع وهذه القصة سبب نزول قوله تعالى: ((فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ)) [البقرة:196] .
[8/25] باب ما جاء في الحجامة للمحرم وغسل رأسه
3064 - عن عبد الله بن بُحَينَة قال: «احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم بلحى جمل من طريق مكة في وسط رأسه» متفق عليه (1) .
3065 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم» أخرجاه (2) ، وأخرجه أبو داود (3) بلفظ: «احتجم وهو محرم في رأسه من داء كان به» وأخرجه النسائي.
3066 - وعن عبد الله بن حُنَين: «أن ابن عباس والمِسْوَر بن مَخْرمة اختلفا بالأبواء، فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه وقال المِسْوَر: لا يغسل المحرم رأسه فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري فوجدته يغتسل بين القَرْنَين وهو مستر
_________
(1) البخاري (2/652، 5/2156) (1739، 5373) ، مسلم (2/862) (1203) ، أحمد (5/345) ، وهو النسائي (5/194) ، وابن ماجه (2/1152) (3481) ، وابن حبان (9/268) (3953) .
(2) البخاري (2/685، 5/2155) (1836، 5370) ، مسلم (2/862) (1202) ، وهو عند أبي داود (2/167) (1835) ، والترمذي (3/198) (839) ، والنسائي (5/193) ، وابن ماجه (2/1029) (3081) ، وأحمد (1/215، 221، 283، 286، 292، 315، 332، 351، 372) .
(3) أبو داود (2/167) (1836) ، وهو عند البخاري (5/2156) (5374) ، وأحمد (1/236، 259، 372، 374) ، وابن حبان (9/266) (3950) .(2/990)
بثوب فسلمت عليه فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حُنَين أرسلني إليك ابن عباس يسألك كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل وهو محرم قال: فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال لإنسان يصب الماء اصبب فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر فقال: هكذا رأيته - صلى الله عليه وسلم - يغتسل» رواه الجماعة إلا الترمذي (1) ، وفي رواية للبخاري وغيره (2) : «فرجعت إليهما فأخبرتهما فقال المِسْور لابن عباس: لا أماريك أبدًا» الأبواء موضع معروف، القَرْنَين أي قرني البئر.
[8/26] باب ما جاء في الكحل للمحرم وترك التزيين
3067 - عن نُبيه بن وهب: «أن عمر بن عبيد الله اشتكى عينيه وهو محرم فأراد أن يكحلهما فنهاه إبان بن عثمان وأمره أن يضمدها بالصبر وحدثه عن عثمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يفعله» أخرجه مسلم والترمذي (3) وقال حسن صحيح، وفي رواية لمسلم (4) قال: «خرجنا مع أبان بن عثمان حتى إذا كنا بملل اشتكى عمر بن عبيد الله عينيه فلما كان بالرَّوحاء اشتد وجعه فأرسل إلى أبان بن عثمان وهو أمير الموسم ما يصنع بهما قال: أضمدها بالصبر فإني سمعت عثمان يحدث ذلك عن
_________
(1) البخاري (2/653) (1743) ، مسلم (2/864) (1205) ، أبو داود (2/168) (1840) ، النسائي (5/128) ، ابن ماجه (2/978) (2934) ، أحمد (5/418، 421) .
(2) وهي عند مسلم (2/864) (1205) ، وأحمد (5/421) ، وابن حبان (9/264) (3948) ، وابن خزيمة (4/184) .
(3) مسلم (2/863) (1204) ، الترمذي (3/287) (952) ، وهو عند أحمد (1/59، 65، 68) .
(4) مسلم (2/863) (1204) ، وهي عند أبي داود (2/168) (1838، 1839) .(2/991)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وأخرج النسائي (1) منه المسند فقط، قال: «للمحرم إذا اشتكى عينيه أن يضمدها بالصبر» .
3068 - وعن ابن عمر «أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: من الحاج يا رسول الله؟ قال: الشعث التفل» رواه الترمذي (2) بإسناد فيه إبراهيم بن يزيد الخوزي (3) ، تُكُلِّم فيه من قِبَل حفظه.
[8/27] باب ما جاء في المحرم يضرب غلامه تأديبًا
3069 - عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجاجًا حتى إذا كنا بالعَرْج نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلنا، فجلست عائشة إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم - وجلست إلى جنب أبي وكانت زمالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزمالة أبي بكر واحدة مع غلام لأبي بكر فجلس أبو بكر ينتظر أن يطلع عليه فطلع عليه وليس معه بعيره، فقال له أبو بكر: أين بعيرك؟ قال: أضللته البارحة، قال أبو بكر: بعير واحد تضله وطفق يضربه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبسم ويقول: انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع، وما يزيد على ذلك وتبسم» رواه أبو داود وابن ماجه (4) بإسناد فيه محمد بن إسحاق وقد عنعن وقد تقدم الكلام فيه.
_________
(1) النسائي (5/143) .
(2) الترمذي (5/225) (2998) ، وهو عند ابن ماجه (2/967) (2896) ، والبيهقي (5/58) .
(3) إبراهيم بن يزيد الخوزي بضم المعجمة وسكون الواو وكسر الزاي مولى عمر بن عبد العزيز المكي عن طاووس وعطاء، وعنه وكيع ومروان بن معاوية، قال أحمد: متروك، مات سنة إحدى وخمسين ومائة اهـ. خلاصته.
(4) أبو داود (2/163) (1818) ، ابن ماجه (2/978) (2933) ، وهو عند أحمد (6/344) .(2/992)
قوله: «زمالة» الزمالة البعير الذي يحمل الرجل عليه زاده وأداته وما يركبه.
[8/28] باب ما جاء في نكاح المحرم وحكم وطئه
3070 - عن عثمان بن عفان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يَنْكِح المحرم ولا يُنْكَح ولا يخطب» رواه الجماعة إلا البخاري (1) وليس للترمذي «ولا يخطب» .
3071 - وعن ابن عمر: «أنه سئل عن امرأة أرادوا أن يزوجوها رجلًا وهو خارج من مكة فأراد أن يعتمر أو يحج فقال: لا تتزوجها وأنت محرم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه» رواه أحمد (2) بإسناد فيه أيوب بن عتبة وفيه مقال، وقد وثق.
3072 - وقد روى مالك في "الموطأ" أو الدارقطني (3) عن عمر «أن رجلًا محرمًا تزوج بامرأة ففرق بينهما» .
3073 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو محرم» رواه الجماعة (4) ، وفي رواية للبخاري (5) : «تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو محرم وبني بها
_________
(1) مسلم (2/1031) (1409) ، أبو داود (2/169) (1841، 1842) ، الترمذي (3/199) (840) ، النسائي (5/192، 6/88) ، ابن ماجه (1/632) (1966) ، أحمد (1/64، 69) .
(2) أحمد (2/115) ، وهو عند الدارقطني (3/260) .
(3) مالك في "الموطأ" (1/349) (773) ، الدارقطني (3/260) .
(4) البخاري (2/652) (1740) ، مسلم (2/1031، 1032) (1410) ، أبو داود (2/169) (1844) ، النسائي (5/191) ، الترمذي (3/201، 202) (842، 843، 844) ، ابن ماجه (1/632) (1965) ، أحمد (1/245، 266، 285، 286، 330، 336، 346، 354، 360) .
(5) البخاري (4/1553) (4011) ، وأحمد (1/359) .(2/993)
وهو حلال» .
3074 - وعن يزيد (1) بن الأصم عن ميمونة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها حلالًا وبنى بها حلالًا وماتت بسرف فدفناها في الظلة التي بنى بها» رواه أحمد والترمذي (2) ، ولمسلم وابن ماجه (3) «تزوجها وهو حلال قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس» ولأبي داود (4) : «قالت: تزوجني ونحن حلالان بسرف» .
3075 - وعن أبي رافع: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة حلالًا وبنى بها حلالًا وكنت الرسول بينهما» رواه أحمد والترمذي (5) وقال حديث حسن، وقال أبو داود (6) قال ابن المسيب: وهِمَ ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم، انتهى. وقد رجح بعضهم رواية أبي رافع لأنه السفير وصاحب القصة وهو أخبر وأعرف من غيره، ويؤيده رواية ميمونة نفسها، وقال أبو حاتم في "صحيحه": قول ابن عباس وهو محرم أراد به داخل الحرم لا أنه كان محرمًا.
3076 - وعن يزيد بن نعيم: «أن رجلًا من جذام جامع امرأته وهما محرمان فسألا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اقضيا نسكًا وأهديا هديًا» رواه أبو داود مرسلًا
_________
(1) في الأصل: بريدة.
(2) أحمد (6/333) ، الترمذي (3/203) (845) .
(3) مسلم (2/1031) (1411) ، ابن ماجه (1/632) (1964) .
(4) أبو داود (2/169) (1843) ، وأحمد (6/335) .
(5) أحمد (6/392) ، الترمذي (3/200) (841) .
(6) أبو داود (2/169) (1845) .(2/994)
(1) ، قال الحافظ: ورجاله ثقات.
3077 - وعن عمر وعلي وأبي هريرة: «أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج فقالوا ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجتهما ثم عليهما حج قابل والهدي، قال: وقال علي وإذا أهلا بالحج من عامٍ قابلٍ تفرقا حتى يقضيا حجتهما» رواه مالك في "الموطأ" بلاغًا وأسنده البيهقي (2) من حديث عطاء عن عمر وفيه إرسال.
3078 - وعن ابن عباس: «أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة» رواه مالك في "الموطأ" والبيهقي (3) .
[8/29] باب ما جاء في قتل صيد البر، وقوله تعالى:
((فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ)) [المائدة:95] الآية
3079 - عن جابر قال: «جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الضبع يصيبه المحرم كبشًا وجعله من الصيد» رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم في "المستدرك" وابن حبان والدارقطني (4) وصححه عبد الحق والترمذي وقال: سألت عنه البخاري فصححه،
_________
(1) أبو داود في "المراسيل" - صلى الله عليه وسلم - (147) (140) ، ومن طريقه البيهقي (5/166) .
(2) مالك في "الموطأ" (1/381) (854) ، البيهقي (5/167) .
(3) مالك في "الموطأ" (1/384) (858) ، البيهقي (5/168) .
(4) أحمد (3/297، 318، 322) ، أبو داود (3/355) (3801) ، الترمذي (3/207، 4/252) (851، 1791) ، النسائي (5/191، 7/200) ، ابن ماجه (2/1078) (3236) ، الحاكم (1/622) ، ابن حبان (9/278) (3965) ، الدارقطني (2/246) ، ابن خزيمة (4/182) (2645) عند الجميع بلفظ: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار قال: «سألت جابر بن = = عبد الله عن الضبع، أصيد هو؟ قال: نعم، قلت آكلها؟ قال: نعم، قلت: أشيء سمعت من رسول الله؟ قال: نعم» . إلا أبو داود فلفظه: عن عبد الرحمن بن أبي عمار عن جابر بن عبد الله قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع، فقال: هو صيد، ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم» . وباللفظ الذي ذكره المصنف عند ابن ماجه (2/1030) (3085) ، وابن خزيمة (4/182) (2646) بزيادة «كبشاً نجدياً» ، وابن أبي شيبة (3/254) . وهي عند ابن حبان (9/277) (3964) ، بلفظ: «سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع، فقال: هي صيد، وفيها كبش» .(2/996)
وقال البيهقي: حديث جيِّد يقوم به الحجة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
3080 - وعن عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم في بيض النعام في كل بيضة صيام يوم» رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي (1) ، قال عبد الحق: لا يسند من وجه صحيح وفي إسناد أبي داود رجل لم يسم.
3081 - وأخرج الدارقطني والبيهقي (2) من حديث كعب بن عُجْرة بإسناد ضعيف «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في بيض نعامة أصابه المحرم بقيمته» .
3082 - وعن محمد بن سيرين قال: «قال رجل لعمر: أجريت أنا وصاحب لي فرسين فسبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبيًا ونحن محرمان فماذا ترى؟ فقال لرجل جنبه: تعال حتى نحكم أنا وأنت، قال: فحكما عليه بعنز، فولى الرجل وهو يقول: هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلًا فحكم معه، فسمع عمر قول الرجل، فدعاه فسأله هل تقرأ سورة المائدة؟ فقال: لا، فقال: هل
_________
(1) أبو داود في "المراسيل" (138) ، الدارقطني (2/249، 250) ، البيهقي (5/207) .
(2) الدارقطني (2/247) ، البيهقي (5/208) .(2/996)
تعرف هذا الرجل الذي حكم معي؟ فقال: لا، فقال: لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربًا، ثم قال: إن الله عز وجل يقول في كتابه: ((يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ)) [المائدة:95] وهذا عبد الرحمن بن عوف» رواه مالك في "الموطأ" (1) عن عبد الملك بن قريب وهو ثقة عن محمد بن سيرين.
3083 - وروي في "الموطأ" (2) عن ابن الزبير «أن عمر قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعَنْز، وفي الأرنب بعَناق، وفي اليربوع بجَفْرة» رواه الشافعي (3) عن عمر بسند صحيح.
3084 - وعن الأجلح بن عبد الله عن ابن الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في الضبع إذا أصابه المحرم كبش، وفي الظبي شاة، وفي الأرنب عَناق، وفي اليربوع جَفْرة، قال: والجفرة هي أنثى قد أرتعت» رواه الدارقطني (4) وصحح وقفه.
3085 - وأخرجه البيهقي وأبو يعلى (5) وقالا: عن جابر عن عمر رفعه، وقال ابن معين: الأجلح ثقة، وقال ابن عدي: صدوق، وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه.
قوله: «الثُغْرة» هي في الأصل ثغرة النحر التي بين الترقوتين «والثنية» الموضع
_________
(1) مالك في "الموطأ" (1/414) (932) ، والبيهقي (5/180) .
(2) مالك في "الموطأ" (1/414) (931) .
(3) الشافعي (1/226) .
(4) الدارقطني (2/246) .
(5) البيهقي (5/183) ، أبو يعلى (1/179) (203) .(2/997)
المرتفع وثغرته موضع منفرج فيه. قوله: «جَفْرة» قال في "التلخيص": الجفرة بفتح الجيم هي الأنثى من ولد الضأن التي بلغت ستة أشهر وفصلت عن أمها.
[8/30] باب نهي المحرم أن يأكل لحم صيد البر
وما صيد لأجله أو أعان عليه
3086 - عن الصَّعْب بن جَثّامة الليثي: «أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًا وهو بالأبواء أو بوُدّان فرده عليه فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم» متفق عليه (1) ، ولأحمد ومسلم (2) : «لحم حمار وحش» .
3087 - وفي راوية للنسائي (3) عن ابن عباس: «أن الصَّعب بن جَثّامة أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل حمار وحش يقطر دمًا وهو محرم، وهو بقُدَيد فردها عليه» .
3088 - وعن زيد بن أرقم: «وقال له ابن عباس يستذكره: كيف أخبرتني عن لحم صيد أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو حرام؟ فقال: أهدي له عضو من لحم صيد فرده، وقال: إنا لا نأكله! إنا حرم» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (4)
_________
(1) البخاري (2/649، 909، 917) (1729، 2434، 2456) ، مسلم (2/850) (1193) ، أحمد (4/38، 72) ، وهو عند الترمذي (3/206) (849) ، والنسائي (5/183) ، وابن ماجه (2/1032) (3090) .
(2) أحمد (4/37، 71) ، مسلم (2/851) (1193) .
(3) النسائي (5/184) ، وهي عند مسلم بمعناه (2/851) (1194) .
(4) أحمد (4/367) ، مسلم (2/851) (1195) ، أبو داود (2/170) (1850) ، النسائي (5/184) .(2/998)
وفي رواية له (1) «هل علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهدي إليه عضو صيد فلم يقبله، فقال: إنا حرم؟ قال: نعم» وفي أخرى له (2) «إنا حرم لا نأكل الصيد» .
3089 - وعن علي عليه السلام: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي ببيض النعام، فقال: إنا قوم حرم أطعموه أهل الحل» رواه أحمد والبزار (3) وفي إسناده علي بن زيد وفيه مقال، وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح.
3090 - وعن عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي قال: «كنا مع طلحة ونحن حرم فأهدي لنا طير، وطلحة راقد فمنا من أكل ومنا من تورع فلم يأكل، فلما استيقظ طلحة وفق (4) من أكله، وقال: أكلناه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد ومسلم والنسائي (5) .
3091 - وعن عمير بن سلمة الضمري عن البهزي: «أنه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد مكة حتى إذا كان في بعض وادي الروحاء وجد الناس حمار وحشي عقيرًا فذكروه للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أقرّوه حتى يأتي صاحبه، فأتى البهزي وكان صاحبه فقال: يا رسول الله! شأنكم هذا الحمار فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر فقسمه في الرفاق وهم محرمون، قال: ثم مررنا حتى إذا كنا بالأثاية بين الرويثة والعرج إذا
_________
(1) النسائي (5/184) ، وهو عند أحمد (4/369، 371) .
(2) النسائي (5/184) (2820) ، وأحمد (4/71، 72) من حديث ابن عباس عن الصعب بن جثامة.
(3) أحمد (1/100) ، البزار (3/128) (914) .
(4) في الأصل: وقف.
(5) أحمد (1/161، 192) ، مسلم (2/855) (1197) ، النسائي (5/182) ، وهو عند ابن حبان (9/284) (3972) ، وابن خزيمة (4/178) (2638) ، والبيهقي (5/188) ، وأبي يعلى (2/9) (635) .(2/999)
ظبي حاقف في ظل وفيه سهم فزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلًا يقف عنده لا يُريبه أحد من الناس حتى يجاوزوه» رواه أحمد والنسائي ومالك في "الموطأ" (1) . وفي رواية أحمد (2) : «فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا أن يقف عنده حتى يجيز الناس عنه» والحديث قال في "الفتح": صححه ابن خزيمة وغيره.
3092 - وعن أبي قتادة قال: «كنت جالسًا مع رجال من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في منزل في طريق مكة ورسول الله أمامنا والقوم محرمون وأنا غير محرم عام الحديبية فأبصروا حماراً وحشيًا وأنا مشغول أخصف نعلي فلم يؤذنوني وأحبوا لو أني أبصرته فالتفت فأبصرته فقمت إلى الفرس فأسرجته ثم ركبت ونسيت السوط والرمح فقلت لهم: ناولوني السوط والرمح، فقالوا: والله لا نعينك عليه فغضبت فنزلت فأخذتهما ثم ركبت فشددت على الحمار فعقرته ثم جئت به وقد مات فوقعوا فيه يأكلونه ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم فرحنا وخبأت العضد معي فأدركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألناه عن ذلك، فقال: هل معكم منه شيء؟ فقلت: نعم، فناولته العضد فأكلها وهو محرم» متفق عليه واللفظ للبخاري (3) ، ولهم في رواية (4) : «هو حلال فكلوه» ولمسلم (5) : «هل أشار إليه إنسان أو أمره بشيء؟
_________
(1) أحمد (3/418) ، النسائي (5/182) ، مالك في "الموطأ" (1/351) (781) ، وهو عند ابن حبان (11/511-512) (5111) .
(2) أحمد (3/452) .
(3) البخاري (2/647، 908) (1725، 1726، 2431) ، مسلم (2/851) (1196) ، أحمد (5/301) ، وهو عند الترمذي (3/205) (848) ، والنسائي (5/185) .
(4) البخاري (2/648) (1727) ، مسلم (2/851) (1196) .
(5) مسلم (2/853، 855) (1196) ، وهي عند ابن حبان (9/278-279، 286) (3966، 3974) .(2/1000)
قالوا: لا، قال: كلوه» وللبخاري (1) : «هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها وأشار إليها؟ قالوا: لا، قال: فكلوا ما بقي من لحمها» وفي رواية لهما (2) : «إنما هي طعمة أطعمكمها الله» .
3093 - وعنه قال: «خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية فأحرم أصحابي ولم أحرم فرأيت حمارًا فحملت عليه فاصدته فذكرت شأنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكرت أني لم أكن أحرمت وإني إنما اصطدته لك، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يأكلوه ولم يأكل منه حتى أخبرته أني اصطدته له» رواه أحمد وابن ماجه (3) ، قال في "المنتقى": بإسناد جيد، قال أبو بكر النيسابوري وابن خزيمة والدارقطني قوله «إني اصطدته لك وإنه لم يأكل منه» لا أعلم أحدًا قاله في هذا الحديث غير معمر.
3094 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صيد البر لكم حلال وأنتم حُرُم ما لم تصيدوه أو يصد لكم» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، ورواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي (4) وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين،
_________
(1) البخاري (2/648) (1728) ، وهي عند مسلم (2/854) (1196) .
(2) البخاري (2/1067، 5/2091) (2757، 5172، 5173) ، مسلم (2/852) (1196) ، وهي عند أبي داود (2/171) (1852) ، والترمذي (3/204) (847) ، والنسائي (5/182) ، وأحمد (5/301) ، وابن حبان (9/287) (3975) .
(3) أحمد (5/304) ، ابن ماجه (2/1033) (3093) ، ابن خزيمة (4/180) (2642) ، الدارقطني (2/291) .
(4) أبو داود (2/171) (1851) ، النسائي (5/187) ، الترمذي (3/203) (846) ، أحمد = = (3/362، 387، 389) ، ابن خزيمة (4/180) (2641) ، ابن حبان (9/283) (3971) ، الحاكم (1/621، 649) ، الدارقطني (2/290) ، البيهقي (5/190) ، وهو عند ابن الجارود (1/115) (437) ، والشافعي (1/186) .(2/1001)
انتهى. وقال الشافعي هذا أحسن حديث روي في هذا الباب وأقيس.
قوله: «أقرّوه» أي اتركوه، «الرفاق» : جمع رفقة، «والأثاية» بضم الهمزة وكسرها بعدها ثاء مثلثة وبعد الألف تحتية موضع بين الحرمين فيه مسجد نبوي أو بئر دون العرج. قوله: «حاقف» الحاقف الرابض في حقف من الرمل. قوله: «لا يريبه» أي لا يزعجه.
[8/31] باب ما جاء في الجراد
3095 - عن أبي هريرة قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حج أو عمرة فاستقبلنا رِجل من جراد فجعلنا نضربه بأسياطنا وقِسِّينا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلوه فإنه من صيد البحور» رواه الترمذي (1) بإسناد ضعيف، وفي رواية أبي داود (2) قال أبو هريرة: «أصبنا سربًا من جراد فكان الرجل منا يضرب بسوطه وهو محرم فقيل له: إن هذا لا يصلح فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنما هو من صيد البحر» وفي أخرى (3) : «الجراد من صيد البحر» وإسنادهما ضعيف.
3096 - ويشهد له حديث أنس عند ابن خزيمة (4) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
_________
(1) الترمذي (3/207) (850) ، وهو عند ابن ماجه (2/1074) (3222) ، وأحمد (2/306، 364، 374، 407) .
(2) أبو داود (2/171) (1854) .
(3) أبو داود (2/171) (1853) ، وهي عند البيهقي (5/207) .
(4) ابن ماجه (2/1073) (3221) .(2/1002)
«الجراد نثرة الحوت من البحر» وأخرج حديث أنس الترمذي (1) في باب الدعاء على الجراد وفيه وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنها نثرة حوت في البحر» وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وضعفه لأن في إسناده موسى بن إبراهيم التيمي وقال فيه: هو كثير الغرائب والمناكير.
3097 - ويشهد له حديث ابن عمر عند أحمد وابن ماجه (2) : «أحلت لنا ميتتان ودمان: فأما الميتتان فالجراد والحوت» وإسناده ضعيف لكن قد صححه موقوفًا الدارقطني وأبو زرعة وأبو حاتم، وقال الحافظ في "التلخيص": الرواية الموقوفة هي في حكم المرفوع؛ لأن قول الصحابي أحل لنا كذا وحرم علينا كذا مثل قوله أُمرنا بكذا أو نهينا عن كذا، فيحصل الاستدلال بهذه الرواية لأنها في معنى المرفوع. انتهى وقد روي هذا الحديث من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم مرفوعًا وجنح إلى تصحيحه من هذه الطريق الشيخ تقي الدين في الإمام.
3098 - والمراد أن هذا الحديث دليل على أن الجراد من صيد البحر لتحليل ميتتها، إذ ميتتة البحر حلال بدليل حديث أبي هريرة مرفوعًا في البحر «هو الطهور ماؤه والحل ميتته» رواه أهل السنن وصححه الأئمة وقد تقدم (3) في أول هذا الكتاب، ومجموع ما في الباب يصلح للاستدلال على أن الجراد من صيد البحر وأن المحرم إذا قتله فلا جزاء فيه ومن أوجب فيه الجزاء من الصحابة فلعله لم يبلغه الحديث.
_________
(1) الترمذي (4/269) (1823) .
(2) تقدم برقم (72) .
(3) تقدم برقم (1) .(2/1003)
قوله: «رِجْل جراد» الرجل بالكسر للراء وسكون الجيم أي قطعة من الجراد. قوله: «نثرة حوت» النثرة العَطسة كما في "غريب جامع الأصول".
[8/32] باب ما جاء في صيد الحرم وشجره
3099 - عن أبي هريرة قال: «لما فتح الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مكة قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنها لم تحل لأحد كان قبلي، وإنما أُحلت لي ساعة من نهار وإنها لا تحل لأحد بعدي، فلا يُنَفَّر صيدها ولا يختلى خلالها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين، فقال العباس إلا الإذخر فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا، فقال: إلا الإذخر» متفق عليه (1) ، وفي لفظ لهم (2) : «لا يعضد شجرها بدل قوله لا يختلي خلاها شوكها» .
3100 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرام لا يعضد شوكه ولا يختلى خلاه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا لمعرف، فقال العباس: إلا الإذخر فإنه لا بد منه فإنه للقبور وللبيوت، فقال: إلا الإذخر» متفق عليه (3) .
3101 - وعن عطاء «أن غلامًا من قريش قتل حمامة من حمام مكة فأمر ابن
_________
(1) البخاري (1/53، 2/857) (112، 2302) ، مسلم (2/988) (1355) ، أحمد (2/238) .
(2) البخاري (6/2522) (6486) ، مسلم (2/989) (1355) ، أحمد (2/238) ، وهو عند أبي داود (2017) .
(3) البخاري (1/452، 2/651، 736، 3/1164) (1284، 1736، 1984، 3017) ، مسلم (2/986) (1353) ، أحمد (1/253) .(2/1004)
عباس أن يهدى عنه بشاة» رواه الشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي (1) من طرق.
[8/33] باب ما يقتل من الدواب في الحرم والإحرام
3102 - عن عائشة قالت: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل خمس فواسق في الحل والحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور» متفق عليه (2) .
3103 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور» رواه الجماعة إلا الترمذي (3) ، وفي لفظ لأحمد ومسلم والنسائي (4) : «خمس لا جناح على من قتلهن في الحرم والإحرام: الفأرة والعقرب والغراب والحدَيَا والكلب العقور» .
3104 - وعن ابن مسعود: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر محرمًا بقتل حية بمنى» رواه مسلم (5) .
_________
(1) الشافعي (1/366) ، ابن أبي شيبة (3/326) ، البيهقي (5/156، 205) ، وصححه الألباني في الإرواء (1056) .
(2) البخاري (2/650، 3/1204) (1732، 3136) ، مسلم (2/857) (1198) ، أحمد (6/33، 87، 122، 164، 203) ، وهو عند الترمذي (3/197) (837) ، والنسائي (5/188) ، وابن ماجه (2/1031) (3087) .
(3) البخاري (3/1205) (3137) ، مسلم (2/858، 859) (1199) ، أبو داود (2/169) (1846) ، النسائي (5/187) ، ابن ماجه (2/1031) (3088) ، أحمد (2/54، 56، 138) .
(4) أحمد (2/32) ، مسلم (2/857) (1199) ، النسائي (5/190) .
(5) مسلم (4/1755) (2235) ، وهو عند أحمد (1/420) .(2/1005)
3105 - وعن ابن عمر: «وسئل ما يقتل الرجل من الدواب وهو محرم فقال: حدثتني أحد نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب والحدأة والغراب والحية» رواه مسلم (1) ، وفي رواية له (2) قال: «وفي الصلاة» .
3106 - ولمسلم (3) من حديث عائشة تقييد الغراب بالأبقع.
3107 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خمس كلهن فاسقة يقتلهن المحرم ويقتلن في الحرم: الفأرة والعقرب والحية والكلب العقور والغراب» رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" (4) ، وفي إسناده ليث بن أبي سليم وهو ثقة لكنه مدلس.
3108 - ورد الأمر بقتل غير هذه كالسبع العادي عند أبي داود وأحمد والترمذي (5) وحسنه من حديث أبي سعيد ولفظه عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقتل المحرم السبع العادي» وقد اعترض على الترمذي في تحسينه لهذا الحديث لأن في إسناده
_________
(1) مسلم (2/858) (1200) .
(2) مسلم (2/858) (1200) .
(3) مسلم (2/856) (1198) ، وهو عند أحمد (6/97، 203، 250) ، وابن ماجه (2/1031) (3087) ، والنسائي (5/188، 208) .
(4) أحمد (1/257) ، البزار (1097- كشف) ، الطبراني في "الكبير" (11/177، 230) ، وأبو يعلى (4/317) (2428) .
(5) أبو داود (2/170) (1848) ، أحمد (3/3) ، الترمذي (3/198) (838) ، وهو عند ابن ماجه (2/1032) (3089) .(2/1006)
يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف.
3109 - والذئب والنمر عند ابن خزيمة وابن المنذر (1) من حديث أبي هريرة.
3110 - وروى أبو داود في "المراسيل" (2) من حديث سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقتل المحرم الذئب» ووصله الدارقطني (3) من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف.
[8/34] باب تفضيل مكة على سائر البلاد
3111 - عن عبد الله بن عدي بن الحَمْراء: «أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو واقف بالحَزْوَرَة في سوق مكة والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إليَّ ولولا أني أخرجت منك ما خرجت» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه وقال: «وأحب أرض الله إلى الله» وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (4) .
3112 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكة: «ما أطيبك من بلد وأحبك إلى ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك» رواه الترمذي
_________
(1) ابن خزيمة (4/190) (2666) .
(2) أبو داود في "المراسيل" (138) ، وهو عند ابن أبي شيبة (3/412) ، والبيهقي (5/210) ، وعبد الرزاق (4/444) (8384) .
(3) الدارقطني (2/232) .
(4) أحمد (4/305) ، ابن ماجه (2/1037) (3108) ، الترمذي (5/722) (3925) ، ابن حبان (9/22) (3708) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/479) ، والحاكم (3/8، 489) ، والدارمي (2/311) (2510) ، وعبد بن حميد (1/177) ،(2/1007)
وصححه (1) .
3113 - وعن عبد الله بن الزبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي» رواه أحمد وابن حبان والبيهقي (2) وحسنه النووي وقال ابن جماعة: رواه أحمد بإسناد على شرط الصحيح، وصححه ابن عبد البر.
3114 - وعن جابر رفعه: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» رواه أحمد قال في "التلخيص" وإسناده صحيح إلا أنه اختلف فيه على عطاء، انتهى. وقال المنذري: رواه أحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين، وقد تقدم (3) في أبواب المساجد وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب النذر والحزورة: بفتح الحاء المهملة بعدها زاي معجمة ثم واو ثم راء مهملة ثم هاء بوزن قسورة موضع بمكة.
[8/35] باب ما جاء في فضل المدينة والصبر على لأوائها
وشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن يموت بها
3115 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يصبر على لأواء المدينة
_________
(1) الترمذي (5/3926) (3926) ، وهو عند ابن حبان (9/23) (3709) ، والحاكم (1/661) ، والطبراني في "الكبير" (10/267، 270) .
(2) تقدم برقم (1645) .
(3) تقدم برقم (1644) .(2/1008)
وشدتها أحد من أمتي إلا كنت له شفيعًا يوم القيامة أو شهيدًا» رواه مسلم والترمذي وغيرهما (1) .
3116 - وعن أبي سعيد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يصبر أحد على لأوائها إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة إذا كان مسلمًا» رواه مسلم (2) .
3117 - وعن سعد بن أبي وقاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص، أو ذوب الملح في الماء» رواه مسلم (3) .
3118 - وعن جابر بن عبد الله قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي» رواه أحمد (4) ورجاله رجال الصحيح، وابن حبان في "صحيحه" (5) بلفظ: «من أخاف أهل المدينة أخافه الله» .
3119 - وعن عبادة بن الصامت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل» رواه الطبراني في "الأوسط" (6) بإسناد جيد. قوله: «اللأواء»
_________
(1) مسلم (2/1004) (1378) ، الترمذي (5/722) (3924) ، وهو عند ابن حبان (9/56) (3740) ، وأحمد (2/287، 343) .
(2) مسلم (2/1002) (1374) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/487) ، وأبي يعلى (2/455) (1266) ، وأحمد (3/58) .
(3) مسلم (2/992) (1363) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/486) ، وأبي يعلى (2/58) (699) ، وأحمد (1/184) .
(4) أحمد (3/354، 393) .
(5) ابن حبان (9/55) (3738) .
(6) الطبراني في "الأوسط" (4/53) .(2/1009)
مهموز هي شدة الضيق.
3120 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن يموت بها» رواه الترمذي، وقال حسن صحيح، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه" (1) .
3121 - وعن الصُّمَيتَة امرأة من بني ليث أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من استطاع منكم ألا يموت إلا في المدينة فليمت بها فإنه من يمت بها يشفع له أو يشهد له» رواه ابن حبان في "صحيحه" (2) .
3122 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة» رواه البخاري ومسلم (3) .
[8/36] باب حرم المدينة وتحريم صيده وشجره
3123 - عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المدينة حرم ما بين عَيْر إلى ثَوْر» مختصر من حديث متفق عليه (4) ، ومن حديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في
_________
(1) الترمذي (5/719) (3917) ، ابن ماجه (2/1039) (3112) ، ابن حبان (9/57) (3741) ، وهو عند أحمد (2/74، 104) .
(2) ابن حبان (9/58) (3742) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/488) ، والطبراني في "الكبير" (24/331) .
(3) البخاري (2/666) (1786) ، مسلم (2/994) (1369) ، وهو عند أحمد (3/142) ، وأبي يعلى (6/273) (3578) .
(4) البخاري (6/2482) (6374) ، مسلم (2/994، 1147) (1370) ، أحمد (1/81) ، وهو عند الترمذي (4/438) (2127) ، وأبو داود (2/216) (2034) ، والنسائي في "الكبرى" (2/486) .(2/1010)
المدينة «لا يختلي خلاها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا لمن أشاد بها ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال ولا يصلح أن تقطع فيها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره» رواه أحمد وأبو داود (1) ورجاله رجال الصحيح.
3124 - وعن عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة وإني دعوت في صاعها ومدها بمثل ما دعا إبراهيم لأهل مكة» متفق عليه (2) .
3125 - وعن أبي هريرة قال: «حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مابين لابَتَي المدينة وجعل اثني عشر ميلًا حول المدينة حمًى» متفق عليه (3) .
3126 - وعنه في المدينة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - «يحرم شجرها أن يخبط أو يعضد» رواه أحمد (4) ويشهد له الأحاديث الآتية.
3127 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرف على المدينة فقال: «اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثلما حرم إبراهيم مكة، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم» متفق عليه (5) ، وللبخاري (6) عنه قال: «المدينة حرم من كذا إلى كذا لا يقطع شجرها ولا يحدث فيها حدث، من أحدث فيها حدثًا فعليه لعنة الله
_________
(1) أحمد (1/119) ، أبو داود (2/216) (2035) .
(2) البخاري (2/749) (2022) ، مسلم (2/991) (1360) ، أحمد (4/40) .
(3) البخاري (2/661) (1770) ، مسلم (2/1000) (1372) ، أحمد (2/236، 279، 487) ، وهو عند الترمذي (3921) وقوله «وجعل اثني عشر ميلاً حول المدينة حمى» عند مسلم وأحمد.
(4) أحمد (2/256) .
(5) البخاري (5/2069، 2340) (5109، 6002) ، مسلم (2/993) (1365) ، أحمد (3/159) .
(6) البخاري (2/661) (1768) .(2/1011)
والملائكة والناس أجمعين» .
3128 - ولمسلم (1) عن عاصم الأحول قال: «سألت أنسًا أحرّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة؟ قال: نعم، هي حرام ولا يختلى خلاها فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» .
3129 - وعن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني حرمت المدينة فهي حرام ما بين زميها أن لا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح، ولا يختبط فيها شجر إلا لعلف» رواه مسلم (2) .
3130 - وله (3) من حديثه (*) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لا بتيها، لا يقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها» .
3131 - وعنه (*) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المدينة حرام ما بين حرميها وحماها، كلها لا يقطع شجرة إلا أن يعلف منها» رواه أحمد (4) بإسناد فيه ابن لهيعة، وحديثه حسن.
3132 - وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عظاهها أو يقتل صيدها» رواه أحمد ومسلم (5) .
_________
(1) مسلم (2/994) (1366) ، وهو بمعناه عند البخاري (6/2665) (6876) .
(2) جزء من حديث طويل عند مسلم (2/1001) (1374) ، والنسائي في "الكبرى" (2/485) ، وأحمد (3/34) من حديث أبي سعيد.
(3) مسلم (2/992) (1362) ، وهو عند عبد بن حميد (1/325) من حديث سفيان عن أبي الزبير عن جابر.
(4) أحمد (3/336، 393) من حديث جابر بن عبد الله.
(5) أحمد (1/181، 184) ، مسلم (2/992) (1363) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" = = (2/486) ، وعبد بن حميد (1/81) ، وابن أبي شيبة (7/295) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/191) ، والبيهقي (5/197) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف: "وله من حديثه"، أي لمسلم من حديث أبي سعيد، والحديث هو لجابر بن عبد الله. ثم في الحديث الذي بعده قال: "وعنه"، والحديث أيضًا عن جابر، فينتبه لهذا.(2/1012)
3133 - وعنه: «أن سعدًا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدًا يقطع شجرًا أو يخبطه فسلبه، فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد عليهم غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم، فقال: معاذ الله أن أرد شيئًا نفلنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى أن يرد عليهم» رواه أحمد ومسلم (1) .
3134 - وعن سليمان بن أبي عبد الله قال: «رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلًا يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلبه ثيابه فجاءوا إليه فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم هذا الحرم وقال: من رأيتموه يصيد فيه شيئًا فلكم سلْبه فلا أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن إن شئتم أعطيكم ثمنه أعطيتكم» رواه أحمد وأبو داود (2) وقال فيه: «من أخذ الصيد فيه فليسلبه ثيابه» وقال في "الخلاصة": رجال إسناده ثقات، وأخرجه الحاكم وصححه، وفي إسناده سليمان المذكور، قال أبو حاتم: ليس بمشهور ولكن يعتبر بحديثه، وقال الذهبي: تابعي وثق.
قوله: «أشاد بها» أي رفع صوته بتعريفها أبدًا. قوله: «لابتي المدينة» اللابتان الحرتان واحدتهما لابة بتخفيف الموحدة وهي الحرة، والحرة الحجارة السود والخبط ضرب الشجر ليسقط الورق «العضد» القطع. قوله: «مازميها» المازم بهمزة بعد الميم وكسر الزاي قيل الجبل وقيل المضيق بين جبلين أي ما بين جبليها. قوله: «إلا
_________
(1) أحمد (1/168) ، مسلم (2/993) (1364) .
(2) أحمد (1/170) ، أبو داود (2/217) (2037) ، وهو عند الحاكم بمعناه (1/662) .(2/1013)
لعلف» بإسكان اللام مصدر علفت وبفتحه اسم للحشيش والتبن والشعير. قوله: «عضاها» العضاة بالقصر وكسر العين المهملة، وتخفيف الضاد المعجمة شجر فيه شوك واحدتها عضاهية وعضهة. قوله: «نفلنيه» أي أعطانيه.
[8/37] باب ما جاء في صيد وَجّ
3135 - عن محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي عن أبيه عن عروة بن الزبير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن صيد وَجّ وعضاهه حرم محرم لله عز وجل» رواه أحمد وأبو داود والبخاري في "تاريخه" (1) ولفظه: «إن صيد وَجّ حرام» وفي إسناده محمد بن عبد الله الطائفي ليس بالقوي، في حديثه نظر، وقال البخاري: لا يتابع عليه وذكر أباه وأشار إلى هذا الحديث وقال: لا يصح حديثه، وسكت عن الحديث أبو داود وحسنه المنذري ونقل الذهبي عن الشافعي تصحيحه، والجلال عن أحمد تضعيفه، وقال النووي في "شرح المهذب": إسناده ضعيف، قال: وقال البخاري: لا يصح، قال في "التلخيص": وَجّ بفتح الواو وتشديد الجيم أرض الطائف، وقيل: واديها، وقيل: كل الطائف.
[8/38] باب دخول مكة المشرفة ومناسك الحج
3136 - عن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل مكة دخل من الثنية العليا التي بالبطحاء وإذا خرج خرج من الثنية السفلى» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) .
_________
(1) أحمد (1/165) ، أبو داود (2/215) (2032) ، البخاري في التاريخ (1/140) ، وهو عند البيهقي (5/200) ، والحميدي (1/34) (63) .
(2) البخاري (2/571) (1500، 1501) ، مسلم (2/918) (1257) ، أبو داود (2/174) = = (1866) ، النسائي (5/200) ، ابن ماجه (2/981) (2940) ، أحمد (2/14، 21، 29، 59، 142) .(2/1014)
3137 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاء مكة دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها» وفي رواية: «دخل عام الفتح من كَداء التي بأعلى مكة» متفق عليهما (1) .
وروى الثاني أبو داود (2) وزاد: «دخل في العمرة من كُدى» ولمسلم (3) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج من طريق الشجرة ويدخل من طريق المعرس» وللبخاري (4) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج إلى مكة يصلي في مسجد الشجرة، فإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي وبات حتى يصبح» .
3138 - وعن عائشة قالت: «دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح من كداء التي بأعلى مكة» وفي رواية: «دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها» رواهما البخاري ومسلم (5) . وأخرج الترمذي الرواية الثانية وقال: حسن صحيح.
_________
(1) الرواية الأولى عند البخاري (2/571) (1502) ، مسلم (2/918) (1258) ، وهو عند أبي داود (2/174) (1869) ، والترمذي (3/209) (853) ، وابن خزيمة (2/77) (959) ، والنسائي في "الكبرى" (2/476) ، والرواية الثانية عند البخاري (2/572، 4/1562) (1503، 4039) ، ومسلم (2/919) (1258) ، وابن خزيمة (2/78) (960) .
(2) أبو داود (2/174) (1868) ، وهي عند أحمد (6/58، 201) .
(3) مسلم (2/918) (1257) ، وهو عند البخاري (2/556) (1460) ، وأحمد (2/29) .
(4) البخاري (2/556، 638) (1460، 1705) هذه الرواية والتي قبلها إحدى الروايات لحديث ابن عمر السابق، وليست رواية لحديث عائشة.
(5) مكرر ما قبله.(2/1015)
قوله: «الثنية العليا» هي العقبة التي ينزل منها إلى باب المعلى مقبرة أهل مكة وهي الحجون بفتح الحاء وضم الجيم، والثنية السفلى هي التي عند باب الشبيكة بقرب شعب الشاميين. قوله: «من كداء» بفتح الكاف والمد هي الثنية العليا. قال أبو عبيدة: لا يصرف. قوله: «ودخل في العمرة من كدى» بضم الكاف والقصر هي الثنية السفلى، والأكثر عل أن العليا بالفتح والمد والسفلى بالقصر والضم.
[8/39] باب رفع اليدين عند رؤية البيت والدعاء عند ذلك
3139 - عن جابر: «وسئل عن الرجل يرى البيت يرفع يده فقال: قد حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن يفعله» رواه أبو داود والنسائي والترمذي (1) بإسناد ضعيف.
3140 - وعن ابن جريج قال: «حدثت عن مِقْسم عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ترفع الأيدي في الصلاة وإذا رأيت البيت وعلى الصفا والمروة وعشية عرفة وبجمع وعند الجمرتين وعلى الميت» .
3141 - وعن ابن جريج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال: اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا، وتكريمًا ومهابة، وزد من شرفه وكرمه
_________
(1) أبو داود (2/175) (1870) ، النسائي (5/212) ، الترمذي (3/210) (855) ، وهو عند ابن خزيمة (4/209) (2704) ، والبيهقي (5/73) ، والطيالسي (1770) ، والدارمي (2/95) (1920) .(2/1016)
ممن حجه واعتمره تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا وبرًا» رواهما الشافعي في "مسنده" (1) وإسنادهما لا يحتج به قال البيهقي: إسناده منقطع، وقال ابن الصلاح: مرسل معضل، وقال في "التلخيص" بعد أن تكلم على ضعف حديث ابن جريج، قال الشافعي: ليس في رفع اليدين عند رؤية البيت شيء فلا أكرهه ولا أستحبه.
[8/40] باب طواف القدوم وأحكامه
3142 - عن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خبّ ثلاثًا ومشى أربعًا وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة، رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحجر إلى الحجر ثلاثًا ومشى أربعًا» وفي رواية: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أشواط بالبيت ويمشي أربعة» متفق عليهن (2) .
3143 - وعن يعلى بن أمية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف مُضْطبعًا وعليه برد»
_________
(1) الحديث الأول عند الشافعي (1/125) ، والبيهقي (5/72) ، والطبراني في "الكبير" (11/385) ، وهو عند ابن أبي شيبة (1/214) (2450) من طريق آخر عن ابن عباس، والحديث الثاني عند الشافعي (1/125) .
(2) الرواية الأولى أخرجها: البخاري (2/584، 593) (1538، 1562) ، ومسلم (2/920) (1261) ، والنسائي (5/230) ، وأحمد (2/98) ، والرواية الثانية أخرجها: البخاري (2/581) (1527) ، مسلم (2/921) (1262) ، وابن ماجه (2/983) (2950) ، وأبو داود (2/179) (1891) ، والنسائي (5/229) ، وأحمد (2/40، 59، 71، 75، 100، 114، 123، 155، 157) والرواية الثالثة أخرجها: البخاري (2/584) (1537) ، ومسلم (2/920) (1261) ، وأحمد (2/125) ، وأبو داود (2/179) (1893) ، والنسائي (5/229) (2941) .(2/1017)
رواه الخمسة (*) (1) وصححه الترمذي إلا أن لفظ أبي داود: «مضطبعًا ببرد أخضر» ولأحمد (2) : «لما قدم مكة طاف بالبيت وهو مضطبع ببرد له حضرمي» .
3144 - وعن ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه اعتمروا من الجِعِرّانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت إباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى» رواه أحمد وأبو داود (3) وسكت عنه هو والمنذري والحافظ في "التلخيص" ورجاله رجال الصحيح وصحح حديث الاضطباع النووي في شرح مسلم.
3145 - وعنه لما قال: «لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حُمِّى يثرب فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم» متفق عليه (4) وأخرج نحوه أبو داود (5) وزاد «قال ابن عباس وكانت سنة» .
3146 - وعنه قال: «رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجه وعمره كلها وأبو بكر
_________
(1) أبو داود (2/177) (1883) ، الترمذي (3/214) (859) ، ابن ماجه (2/984) (2954) .
(2) أحمد (4/222، 223، 224) .
(3) أحمد (1/306، 371) ، أبو داود (2/177) (1884) ، وهو عند البيهقي (5/79) ، والطبراني في "الكبير" (12/62) .
(4) البخاري (2/581، 4/1553) (1525، 4009) ، مسلم (2/923) (1266) ، أحمد (1/290، 294، 306) .
(5) أبو داود (2/178، 179) (1886، 1889) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم أجده عند النسائي، واللفظ الأول ليس عند أحمد. وقال صاحب "المنتقى": رواه ابن ماجه والترمذي وصححه، وأبو داود وقال: "ببرد له أخضر" وأحمد ولفظه "لما قدم مكة، طاف بالبيت، وهو مضطبع ببرد له حضرمي"، وهذا هو الترتيب الصحيح، وقد استثنى النسائي ابنُ حجر في "بلوغ المرام" وقال: رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي.(2/1018)
وعمر والخلفاء» رواه أحمد (1) من طريق ابن معاوية عن ابن جريج عن عطاء عنه وسكت عنه في "التلخيص" وقال في "الخلاصة": متفق عليه بنحوه من رواية ابن عمر.
3147 - وعن عمر قال: «فيم الرملان الآن والكشف عن المناكب وقد أطَّا الله الإسلام ونفى الكفر وأهله؟ ومع ذلك لا ندع شيئًا كنا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبزار والحاكم (2) . وأصله في البخاري (3) بلفظ: «ما لنا وللرمل إنما كنا رأينا المشركين وقد أهلكهم الله تعالى؟ ثم قال: شيء صنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا نحب أن نتركه» .
3148 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه» رواه الخمسة إلا الترمذي (4) وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
قوله: «خب» الخبب بفتح المعجمة والموحدة بعدها موحدة أخرى هي إسراع المشي مع تقارب الخطى وهو كالرمل. قوله: «مضطبعًا» الاضطباع: أن يدخل الرجل إزاره تحت إبطه الأيمن ويرد طرفه على منكبه الأيسر ويكون منكبه الأيمن مكشوفًا.
_________
(1) أحمد (1/225) .
(2) أحمد (1/45) ، أبو داود (2/178) (1887) ، ابن ماجه (2/984) (2952) ، البزار (1/392) (268) ، الحاكم (1/624) ، وهو عند ابن خزيمة (4/211) ، البيهقي (5/79) ، وأبي يعلى (1/168) (188) .
(3) البخاري (2/582) (1528) .
(4) أبو داود (2/207) (2001) ، النسائي في "الكبرى" (2/460) ، ابن ماجه (2/1017) (3060) ، الحاكم (1/648) ، وهو عند ابن خزيمة (4/305) (2943) .(2/1019)
قوله: «قذفوها» أي طرحوا أطرافها.
[8/41] باب ما جاء في استلام الحجر الأسود وتقبيله وما يقول عند ذلك
3149 - عن ابن عباس قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل الحجر الأسود ويسجد عليه» رواه الحاكم (1) وقال: صحيح الإسناد.
3150 - وأخرجه ابن خزيمة والدارمي والبزار (2) وغيره من حديث عمر وفي إسناده مقال.
3151 - وأخرجه الشافعي والبيهقي (3) عن ابن عباس موقوفًا وللدارقطني (4) من حديثه قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الركن اليماني ويضع خده عليه» وإسناده ضعيف.
3152 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يأتي هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق بها يشهد لمن استلمه بحق» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم (5) .
_________
(1) الحاكم (1/625) .
(2) ابن خزيمة (4/213) (2714) ، الدارمي (2/75) (1865) ، البزار (1/332) (215) .
(3) الشافعي (1/126) ، البيهقي (5/74) .
(4) الدارقطني (2/290) ، وهو عند أبي يعلى (4/472) (2605) ، وعبد بن حميد (1/215) .
(5) أحمد (1/247، 266، 291، 307، 371) ، ابن ماجه (2/982) (2944) ، الترمذي (3/294) (961) ، ابن خزيمة (4/220) (2735) ، ابن حبان (9/25) (3712) ، الحاكم (1/627) ، وهو عند الدارمي (2/63) .(2/1020)
3153 - وله شاهد من حديث أنس عند الحاكم (1) (*) .
3154 - وعن عمر: «أنه كان يقبل الحجر الأسود ويقول: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك» رواه الجماعة (2) .
3155 - وعن ابن عمر سئل عن استلام الحجر فقال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمه ويقبله» رواه البخاري (3) .
3156 - وعن نافع قال: «رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده ثم قبل يده وقال: ما تركته منذ رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله» متفق عليه (4) .
3157 - وعن ابن عباس قال: «طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع على بعير
_________
(1) عزاه له الحافظ في "الفتح" (4 / 260) ، ولم نجده
(2) البخاري (2/579، 582، 583) (1520، 1528، 1532) ، مسلم (2/925) (1270) ، أبو داود (2/175) (1873) ، النسائي (5/227) ، الترمذي (3/214) (860) ، ابن ماجه (2/981) (2943) ، أحمد (1/16، 26، 34، 46، 54) ، وهو عند ابن حبان (9/130) (3821) ، وابن خزيمة (4/212) (2711) ، وابن أبي شيبة (3/342) ، والطيالسي (1/11) (50) ، وعبد الرزاق (5/72) ، والطبراني في "الصغير" (1/117) (171) ، و"الأوسط" (2/201) ، والحميدي (1/7) (9) .
(3) البخاري (2/583) (1533) ، وهو عند النسائي (5/231) (2946) ، والترمذي (3/215) (861) ، والبيهقي (5/74) ، وأحمد (2/152) .
(4) البخاري (2/582) (1529) ، مسلم (2/924) (1268) ، أحمد (2/108) ولفظ البخاري: «ما تركت استلام هذين الركنين في شدة ولا رخاء منذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلمهما» .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم أجده بهذا المعنى من حديث أنس عند الحاكم لكن عزاه إليه الحافظ في الفتح (4/260) ، لكن أخرج الحاكم (1/456) عن أنس حديثا بلفظ: "الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة"، وأخرج نحو حديث ابن عباس عند عبد الله بن عمرو، وأبي سعيد الخدري، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم.(2/1021)
يستلم الركن بالمحجن» متفق عليه (1) ، وفي لفظ: «طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر» رواه أحمد والبخاري (2) .
3158 - وعن أبي الطفيل عامر ين واثِلة قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت ويستلم الحجر بمِحجن معه ويقبل المحجن» رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه (3) .
3159 - وعن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبل وهلل وكبر» رواه أحمد (4) بإسناد فيه راوٍ لم يسم.
3160 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني آدم» رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وابن خزيمة في "صحيحه" (5) إلا أنه قال: «أشد بياضًا من
_________
(1) البخاري (2/582) (1530) ، مسلم (2/926) (1272) ، أحمد (1/304) ، وهو عند أبي داود (2/176) (1877) ، والنسائي (5/233) ، وابن ماجه (2/983) (2948) ، وابن حبان (9/138) ، وابن خزيمة (4/240) (2780) .
(2) أحمد (1/264) ، البخاري (2/583، 588، 5/2029) (1534، 1535، 1551، 4987) ، وهي عند النسائي (5/233) ، وابن خزيمة (4/215) (2722) .
(3) مسلم (2/927) (1275) ، أبو داود (2/176) (1879) ، ابن ماجه (2/983) (2949) .
(4) أحمد (1/28) .
(5) الترمذي (3/226) (877) ، ابن خزيمة (4/219) (2733) ، وهو عند أحمد (1/307، 329، 373) ، والنسائي مختصراً (5/226) .(2/1022)
الثلج» . والمحجن: بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الجيم بعدها نون هي عصا محنية الرأس.
[8/42] باب استلام الركنين اليمانيين
3161 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن مسح الركن اليماني والركن الأسود يُحط الخطايا حطًا» رواه أحمد والنسائي (1) وفي إسناده عطاء بن السائب وهو ثقة لكنه اختلط ورواه الترمذي (2) بلفظ: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن مسحهما كفارة للخطايا» ورواه الحاكم (3) وقال صحيح الإسناد، ورواه ابن خزيمة في "صحيحه" (4) ، ولفظه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مسحهما يُحط الخطايا» ورواه ابن حبان في "صحيحه" (5) بلفظ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: مسح الحجر والركن اليماني يحط الخطايا حطًا» ، وقال المنذري: بعد أن ساق هذه الروايات رووه كلهم عن عطاء بن السائب عن عبد الله.
3162 - وعنه قال: «لم أر النبي - صلى الله عليه وسلم - يمس من الأركان إلا اليمانيين» رواه
_________
(1) أحمد (2/89) ، النسائي (5/221) (2919) .
(2) الترمذي (3/292) (959) ، وهو عند أبي يعلى (10/52) (5687) .
(3) الحاكم (1/664) .
(4) ابن خزيمة (4/218، 227) (2729، 2730، 2753) ، وهو عند البيهقي (5/80) ، والطيالسي (1/258) (1899) ، وأبي يعلى (5688، 5689) ، وأحمد (2/3) ، والطبراني في "الأوسط" (5/191) .
(5) ابن حبان (9/11) (3698) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (12/389) ، وعبد بن حميد (1/263) (831) بزيادة «زحاماً» .(2/1023)
الجماعة إلا الترمذي (1) .
3163 - لكن له (2) من حديث ابن عباس بمعناه.
3164 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان لا يدع أن يستلم الحجر والركن اليماني في كل طوافه» رواه أحمد وأبو داود (3) وفي إسناده عبد العزيز بن أبي روّاد قال في الكاشف ثقة مرجىء عابد، انتهى. ووثقه ابن معين وأبو حاتم وقال ابن عدي في حديثه مالا يتابع عليه قال في "التلخيص" بعد أن ذكر حديث ابن عمر متفق عليه بألفاظ ليس فيها في كل طوافه وهي عند أبي داود والنسائي (4) بلفظ: «كان يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوافه» وللحاكم (5) بلفظ: «كان إذا طاف بالبيت مسح أو قال استلم الحجر والركن اليماني في كل طوافه» انتهى.
3165 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استلم الركن اليماني قبّله» رواه البخاري في "تاريخه" (6) .
_________
(1) البخاري (2/583) (1531) ، مسلم (2/924) (1267) ، أبو داود (2/175) (1874) ، النسائي (5/232) ، ابن ماجه (2/982) (2946) ، أحمد (2/89، 114، 120) .
(2) الترمذي (3/213) (858) ، وهو عند مسلم (2/925) (1269) ، وأحمد (1/246، 332، 372) .
(3) أحمد (2/18) ، أبو داود (2/176) (1876) ، وهو عند ابن خزيمة (4/216) .
(4) أبو داود (1876) ، والنسائي (5/231) .
(5) الحاكم (1/626) .
(6) البخاري في التاريخ (1/289) .(2/1024)
[8/43] باب مشروعية الطواف على اليمين من وراء الحِجْر
وما جاء أن الحِجْر كله ليس من البيت
3166 - عن جابر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا» رواه مسلم والنسائي والترمذي (1) وصححه: «لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة دخل المسجد فاستلم الحجر ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا» .
3167 - وعن عائشة قالت: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحجر: أمِنَ البيت هو قال: نعم قلت: فلم لم يدخلوه في البيت، قال: إن قومك قصرت بهم النفقة، قالت: فما شأن بابه مرتفع قال فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا ولولا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الحجر في البيت وأن ألصق بابه بالأرض» متفق عليه (2) ، وفي رواية قال: «كنت أحب أن أدخل البيت أصلي فيه فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فأدخلني الحجر فقال لي صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت فإنما هو قطعة من البيت، ولكن قومك استقصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه الترمذي (3) .
3168 - وعن عائشة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لولا أن قومك
_________
(1) مسلم (2/893) (1218) ، النسائي (5/228) ، الترمذي (3/211) (856) ، أحمد (6/176) .
(2) البخاري (2/573، 6/2646) (1507، 6816) ، مسلم (2/973) (1333) .
(3) أبو داود (2/214) (2028) ، النسائي (5/219) ، الترمذي (3/225) (876) ، أحمد (6/92) .(2/1025)
حديثو عهد بجاهلية، أو قال بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها من الحجر» رواه مسلم (1) ، وله (2) عنها قالت: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض وجعلت لها بابين، بابًا شرقيًا وبابًا غربيًا، وزدت فيه ستة أذرع من الحجر فإن قريشًا اقتصرتها حيث بنت الكعبة» ، وله (3) من حديث الحارث بن عبد الله عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن قومك اقتصروا من بنيان البيت ولولا حدْثان عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه فأراها قريبًا من سبعة أذرع» .
3169 - وعن عطاء قال: «لما احترق البيت زمن يزيد حين غزاها أهل الشام فكان من أمره ما كان، تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم يريد أن يجريهم على أهل الشام، فلما صدر الناس قال: يا أيها الناس أشيروا عليَّ في الكعبة أنقضها ثم أثني بناها أو أصلح ما وَهَى منها، قال ابن عباس: فإني قد وفق لي رأي فيها أرى أن يصلح ما وهي منها وتدع بيتًا أسلم الناس عليه وأحجارًا أسلم الناس عليها، وبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ابن الزبير لو كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجده فكيف بيت ربكم إني مستخير ربي ثلاثًا ثم عازم على أمري فلما مضى الثلاث أجمع رأيه على أن ينقضها فتحاماه الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء، حتى صعده رجل فألقى منه حجارة فلما لم يره الناس أصابه
_________
(1) مسلم (2/969) (1333) .
(2) مسلم (2/969) (1333) .
(3) مسلم (2/971) (1333) ، وهو عند ابن خزيمة (4/223، 337) (2741، 3023) .(2/1026)
شيء تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض فجعل ابن الزبير أعمدة فستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه وقال ابن الزبير إني سمعت عائشة تقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لولا أن الناس حديثو عهد بكفر وليس عندي من النفقة ما يقويني على بنائه لكنت أدخلت فيه من الحجر خمسة أذرع ولجعلت لها بابًا يدخل منه الناس وبابًا يخرجون منه قال: فأنا اليوم أجد ما أنفق ولست أخاف الناس قال: فزاد فيه خمسة أذرع من الحجر حتى أبدا أُسَّا نظر الناس إليه فبنى عليه البناء وكان طول الكعبة ثمانية عشر ذراعًا فلما زاد فيه استقصره، فزاد في طوله عشرة أذرع وجعل له بابين أحدهما يدخل منه والآخر يخرج منه فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك يخبره بذلك ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة فكتب إليه عبد الملك إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء أما ما زاد في طوله فأقره وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه وسد الباب الذي فتحه، فنقضه وأعاده إلى بنائه» رواه مسلم (1) .
[8/44] باب الطهارة والستر للطواف
وذكر الله تعالى في الطواف وترك اللغو
3170 - عن عائشة «أن أول ما بدا به النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت» متفق عليه (2) .
3171 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الطواف حول البيت
_________
(1) مسلم (2/970) (1333) .
(2) البخاري (2/584، 591) (1536، 1560) ، مسلم (2/906) (1235) .(2/1027)
مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير» رواه الترمذي وصححه ابن السكن وابن خزيمة وابن حبان (1) وقال الترمذي: وقد روى موقوفًا وقد أطال الحافظ في "التلخيص" الكلام على هذا الحديث ونقل ما قيل في تضعيفه وردها وأورد له طرقًا منها ما أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2) أوائل سورة البقرة مرفوعًا من حديث ابن عباس قال: «قال الله تعالى لنبيه: ((وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)) [الحج:26] والطواف مثل الصلاة وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه النطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير» وصحح إسناده، قال الحافظ: وهو كما قال، فإنهم ثقات انتهى.
3172 - وللنسائي (3) عن طاووس عن رجل أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الطواف بالبيت صلاة فإذا طفتم فأقلوا الكلام» قال في "التلخيص": وهذه الرواية صحيحه. انتهى.
3173 - وله (4) عن ابن عمر موقوفًا: «أقلوا من الكلام في الطواف فإنما أنتم في صلاة» وله حكم الرفع؛ لأنه لا يقال من قبيل الاجتهاد.
3174 - وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحائض تقضي المناسك كلها إلا
_________
(1) الترمذي (3/293) (960) ، ابن خزيمة (4/222) (2739) ، ابن حبان (9/143) (3836) ، وهو عند الحاكم (1/630) ، وأبي يعلى (4/467) .
(2) الحاكم (2/293) .
(3) النسائي (5/222) (2922) ، وفي "الكبرى" (2/406) ، وهو عند عبد الرزاق (5/495) ، وأحمد (4/64، 5/377) .
(4) النسائي (5/222) (2923) ، وهو عند البيهقي (5/85) ، والشافعي (1/127) .(2/1028)
الطواف» رواه أحمد (1) .
3175 - وابن أبي شيبة (2) بإسناد صحيح من حديث ابن عمر وزاد: «بعد إلا الطواف وبين الصفا والمروة» وأخرج هذه الزيادة الطبراني (3) .
3176 - وعنها قالت: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نذكر إلا الحج حتى جئنا سرف فطمثت فدخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي فقال: مالك لعلكِ نُفِسْت؟ فقالت: نعم، فقال: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» متفق عليه (4) ، ولمسلم (5) في رواية: «فاقضي ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسل» .
3177 - وعن أبي بكر الصديق عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يطُوف بالبيت عريان» متفق عليه وأخرجه أحمد (6) قال في مجمع الزوائد: ورجاله رجال الصحيح.
3178 - وأخرجه أيضًا البخاري (7) مرفوعًا من حديث علي. (*)
_________
(1) أحمد (6/137) ، وهو عند الترمذي (3/281) (945) ، وابن أبي شيبة (3/296) (14363) .
(2) ابن أبي شيبة (3/296) (14364) .
(3) الطبراني في "الأوسط" (6/282) .
(4) البخاري (1/117) (299) ، مسلم (2/873) (1211) ، أحمد (6/273) .
(5) مسلم (2/873) (1211) .
(6) أحمد (1/3) (4) .
(7) الترمذي (5/276) (3092) ، الدارمي (2/94) (1919) ، الحاكم (3/54) ، أحمد (1/79) ، أبو يعلى (/351) (452) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف: "وأخرجه البخاري أيضًا من حديث علي" ثم ذكر قول الحافظ: إنه متفق عليه من حديث أبي هريرة. وهو من حديث علي عند أحمد والحاكم والترمذي -انظر التخريج- بلفظ: "سألنا عليًّا رضي الله عنه ثم بأي شيء بعثت يعني يوم بعثه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع أبي بكر رضي الله عنه في الحجة قال: بعثت بأربع لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عهد فعهده إلى مدته، ولا يحج المشركين والمسلمون بعد عامهم هذا".
واللفظ الذي عند أحمد (2/299) عن أبي هريرة قال: كنت مع علي بن أبي طالب أنادي بالمشركين فكان علي إذا صحل صوته أو اشتكى حلقه أو عيي مما ينادي ناديت مكانه قال: فقلت لأبي: أي شيء كنتم تقولون قال: كنا نقول: "لا يحج بعد العام مشرك فما حج بعد ذلك العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن، ومن كان بينه وبين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مدة". وهو بهذا اللفظ عند ابن حبان (9/128) .
والمتفق عليه هو حديث أبي هريرة، فقط، وقد ذكر الحافظ في الفتح (1/466) أن أحمد أخرجه من حديث أبي بكر نفسه، وأخرجه أحمد (1/3) .(2/1029)
3179 - وقال ابن حجر: متفق عليه (1) من حديث أبي هريرة ذكره في تخريج "الكشاف".
3180 - وعن عبد الله بن السائب قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول بين الركن اليماني والحجر: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» رواه أحمد وأبو داود وقال «بين الركنين» وأخرجه أيضًا النسائي وصححه ابن حبان والحاكم على شرط مسلم (2) .
3181 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وكل به يعني الركن اليماني سبعون ملكًا، فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا: آمين» رواه ابن ماجه (3) وفي إسناده إسماعيل بن عياش وفيه مقال وفي إسناده أيضًا هشام بن عمار وهو ثقة تغير بآخره.
3182 - وعنه أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من طاف بالبيت سبعًا ولا يتكلم إلا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، محيت عنه عشر سيئات وكتبت له عشر حسنات ورفع له بها عشر درجات»
_________
(1) البخاري (1/144، 2/586، 3/1160، 4/1586، 1709) (362، 1543، 3006، 4105، 4378، 4379، 4380) ، مسلم (2/982) (1347) ، أحمد (2/299) من حديث أبي هريرة أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمره عليها النبي ثم ذكره.
(2) أحمد (3/411) ، أبو داود (2/179) (1892) ، النسائي في "الكبرى" (2/403) ابن حبان (9/134) (3826) ، الحاكم (1/625، 2/304) ، وهو عند ابن خزيمة (4/215) (2721) ، والبيهقي (5/84) .
(3) ابن ماجه (2/985) (2957) .(2/1030)
رواه ابن ماجه (1) بالإسناد الأول وقال في "التلخيص": إسناده ضعيف.
3183 - وعن عائشة قالت: «قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما جعل الطواف بالبيت والصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله تعالى وحده» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (2) وصححه ولفظه: «إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله تعالى وقال حسن صحيح.
3184 - وعن محمد بن المنكدر عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من طاف بالبيت أسبوعًا لا يلغو فيه كان كعدل رقبة يعتقها» رواه الطبراني في "الكبير" (3) قال في "مجمع الزاوئد": ورجاله ثقات.
[8/45] باب الطواف راكبًا لعذر وما نهي عنه من الطواف برجل
يقاد بخيط أو نحوه
3185 - عن أم سلمة: «أنها قدمت وهي مريضة فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة» رواه الجماعة إلا الترمذي (4) .
_________
(1) ينظر السابق، فهو نفس الحديث.
(2) أحمد (6/64، 75، 138) ، أبو داود (2/179) (1888) ، الترمذي (3/246) (902) ، وهو عند الدارمي (2/71) (1853) ، وابن خزيمة (4/222، 279) (2738، 2882) ، والحاكم (1/630) ، والبيهقي (5/145) .
(3) الطبراني في "الكبير" (20/360) ، وهو عند الحاكم (3/517) ، وابن أبي شيبة (3/123) (12664) ، والبخاري في التاريخ (8/35) ، وابن عدي في "الكامل" (2/200) .
(4) البخاري (1/177، 2/585، 589، 4/1839) (452، 1540، 1552، 4572) ، مسلم (2/927) (1276) ، أبو داود (2/177) (1882) ، النسائي (5/223) ، ابن ماجه (2/987) (2961) ، أحمد (6/290، 319) ، وهو عند ابن حبان (9/139) (3830) ، وابن خزيمة (4/238) (2776) ، وأبي يعلى (12/410) (6976) ، وعبد الرزاق (5/68) ، ومالك في "الموطأ" (1/370) (826) .(2/1031)
3186 - وعن جابر قال: «طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبيت وبالصفا والمروة في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمِحْجن لأن يراه الناس وليشرف ويسألوه، فإن الناس غشوه» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (1) وليس لأبي داود «ويستلم الحجر بمحجن» .
3187 - وعن عائشة قالت: «طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع حول الكعبة على بعير يستلم الركن كراهية أن يصرف عنه الناس» رواه مسلم (2) .
3188 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة وهو مشتكي فطاف على راحلته كلما أتى على الركن استلم الركن بمحجن فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين» رواه أحمد وأبو داود (3) بإسناد ضعيف.
3189 - وعن ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف في حجة الوداع على
_________
(1) أحمد (3/317، 333) ، مسلم (927) (1273) ، أبو داود (2/176) (1880) ، النسائي (5/241) ، و"الكبرى" (2/413) ، وهو عند ابن خزيمة (4/239) (2778) ، والشافعي (1/127) ، والبيهقي (5/100) ، ولم يذكر الجميع «يستلم الحجر بمحجن» وهي عند مسلم (2/926) (1273) في رواية.
(2) مسلم (2/927) (1274) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/401) ، والبيهقي (5/100) .
(3) أحمد (1/214) ، أبو داود (2/177) (1881) .(2/1032)
بعير يستلم الركن بمحجن» رواه مسلم (1) .
3190 - وعن أبي الطفيل قال: «قلت لابن عباس أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبًا، أسنة هو فإن قومك يزعمون أنه سنة؟ قال: صدقوا وكذبوا قلت: وما قولك صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثر عليه الناس يقولون هذا محمد هذا محمد حتى خرج العواتق من البيوت قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يضرب الناس بين يديه فلما كثروا عليه ركب، والمشي والسعي أفضل» رواه أحمد ومسلم (2) .
3191 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يطوف بالكعبة بزمام أو غيره فقطعه» وفي رواية: «يقود أنسانًا بخزامة في أنفه فقطعها النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أمره أن يقوده بيده» رواه البخاري (3) وأخرج النسائي (4) الرواية الثانية وله (5) أيضًا: «مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل يقود رجلًا بشيء ذكره في يده فتناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فقطعه» وفي أخرى له (6) : «مرَّ بإنسان ربط يده إلى إنسان بسير أو خيط أو بشيء غير ذلك
_________
(1) تقدم برقم (3160) .
(2) أحمد (1/297، 311، 369) ، مسلم (2/921) (1264) ، وهو عند أبي داود (2/177) (1885) ، وابن حبان (9/153-154) (3845) ، وابن خزيمة (4/239) (2779) .
(3) البخاري (2/586، 6/2465) (1542، 6324) .
(4) النسائي (5/221) ، وهي عند البخاري (6/2465) (6325) ، وأبي داود (3/235) (3302) ، وأحمد (1/364) (3442) ، وابن حبان (9/140) (3831) ، والحاكم (1/631) .
(5) النسائي (5/222) .
(6) النسائي (7/18) ، وهي عند البخاري (2/586) (1541) ، وأحمد (1/364) (3443) ، وابن حبان (9/141) (3832) ، وابن خزيمة (4/227) (2751) .(2/1033)
فقطعه ثم قال: قده بيدك» .
[8/46] باب ما جاء في طواف النساء مع الرجال
3192 - عن ابن جُرَيج قال: «أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء من الطواف مع الرجال قال: كيف منعهن وقد طاف نساء رسول الله مع الرجال قال: قلت: أبعد الحجاب أو قبله قال: لقد أدركته بعد الحجاب قلت: كيف يخالطهن الرجال قال: لم يكن يخالطهن كانت عائشة تطوف حَجْرة من الرجال لا تخالطهم فقالت امرأة انطلقي نستسلم بأم المؤمنين قالت: انطلقي عنك وأنت وكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال ولكنهن كن إذا دخلوا البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال، وكنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهي مجاورة في حرف ثبير قلت: وما حجابها، قال: هي في قبّة تركيّة لها غشاء وما بيننا وبينها غير ذلك، ورأيت عليها درعًا موردًا» رواه البخاري (1) .
قوله: «حَجْرة» بفتح الحاء أي ناحية وقد تقدم حديث أم سلمة في الباب الأول عند الجماعة إلا الترمذي (2) : «طوفي من وراء الناس وأنت راكبة» .
[8/47] باب ركعتي الطواف والقراءة فيهما واستلام الركن بعدهما
_________
(1) البخاري (2/585) (1539) .
(2) تقدم برقم (3188) .(2/1034)
3193 - عن جابر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما انتهى إلى مقام إبراهيم قرأ ((وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً)) [البقرة:125] فصلى ركعتين فقرأ فاتحة الكتاب و ((قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)) [الكافرون:1] ، و ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) [الإخلاص:1] ثم عاد إلى الركن فاستلمه ثم خرج إلى الصفا» رواه أحمد والنسائي مرفوعًا واللفظ له (1) ، ورواه مسلم (2) على شك في وصله وإرساله وللبخاري (3) تعليقًا عن إسماعيل بن أمية قال: «قلت للزهري: يجزئ المكتوبة من ركعتي الطواف قال السنة أفضل لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - أسبوعًا إلا صلى ركعتين» .
3194 - وفي المتفق عليه (4) من حديث ابن عمر «أنه - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من طوافه صلى ركعتين» .
3195 - ولمسلم (5) من حديث جابر: «أنه صلى - صلى الله عليه وسلم - لما صلى بعد الطواف ركعتين تلا قوله تعالى: ((وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً)) [البقرة:125] » .
[8/48] باب السعي بين الصفا والمروة
3196 - عن حبيبة بنت أبي بحراة قالت: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف
_________
(1) أحمد (3/320) ، النسائي (5/236) .
(2) مسلم (2/886) (1218) ، وهو عند ابن حبان (9/253-254) (3944) ، وأبي داود (2/182) (1905) ، وابن ماجه (2/1023) (3074) .
(3) البخاري (2/586) باب إذا وقف في الطواف.
(4) البخاري (2/588، 593) (1547، 1564) ، مسلم (2/906) (1234) ، أحمد (2/85) .
(5) مسلم (2/886) (1218) ، وهو جزء من حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -.(2/1035)
بين الصفا والمروة والناس بين يديه وهو وراءهم يسعى حتى أرى ركبته من شدة السعي يدور به إزاره وهو يقول: اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي» رواه أحمد والشافعي (1) وغيره من حديث صفية بنت شيبة عن حبيبة وفي إسناده عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف، وقد وثقه ابن حبان وقال: يخطئ.
3197 - وعن صفيّة بنت شيية: «أن امرأة أخبرتها أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الصفا والمروة يقول: كتب عليكم السعي فاسعوا» رواه أحمد (2) قال في "مجمع الزوائد": في إسناده موسى بن عبيدة وهو ضعيف.
3198 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو» رواه مسلم وأبو داود (3) .
3199 - وعن جابر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: طاف وسعى رمل ثلاثًا ومشى أربعًا ثم قرأ: ((وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً)) [البقرة:125] فصلى سجدتين وجعل المقام بينه وبين الكعبة ثم استلم الركن ثم خرج فقال: إن الصفا والمروة من شعائر الله أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل
_________
(1) أحمد (6/421) ، الشافعي (1/372) ، وهو عند ابن خزيمة (4/232) (2764) ، والحاكم (4/79) ، الدارقطني (2/255، 256) ، والبيهقي (5/98) ، والطبراني في "الكبير" (24/225، 226) .
(2) أحمد (6/437) ، وهو عند ابن خزيمة (4/233) (2765) .
(3) مسلم (3/1405-1406) (1780) ، أبو داود (2/175) (1872) ، وهو عند أحمد (2/538) ، وابن خزيمة (4/230) (2758) .(2/1036)
القبلة فوحد الله وكبره وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة حتى انصَبّت قدماه في بطن الوادي حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا» رواه مسلم، ولأحمد والنسائي (1) معناه، قال النووي ووقع في بعض نسخ مسلم: «حتى إذا انصَبّت قدماه في بطن الوادي سعى» انتهى. وهذه الزيادة لفظ «سعى» لا بد منها وقد ذكرها الحميدي في الجمع بين الصحيحين وفي "الموطأ" وغيره وقال: عياض على الرواية الأولى سقطت لفظة: «رمل» ، ولا بد منها، انتهى، وثبتت هذه في "جامع الأصول" في حديث جابر الطويل وعزاها إلى مسلم.
قوله: «يدور إزاره» أي يدور إزاره بركبته من شدة السعي. وقوله: «إن الله كتب عليكم السعي» دليل وجوبه ويدل له أيضًا حديث جابر عند مسلم (2) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لنا: خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه» وفي رواية للنسائي (3) : «يا أيها الناس خذوا عني مناسككم» بلفظ: الأمر ولمسلم (4) : «ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة. قوله: «أبدأ بما بدأ الله» بصيغة الأمر عند النسائي وصححه ابن حزم والنووي
_________
(1) جزء من حديث جابر الطويل وسيأتي قريباً تخريجه.
(2) مسلم (2/943) (1297) ، وهو عند ابن خزيمة (4/277) (2877) ، وأبي داود (2/201) (1970) ، وأبي يعلى (4/111) ، وأحمد (3/318، 337، 378) .
(3) النسائي (5/270) .
(4) مسلم (2/928) (1277) ، وهو عند البخاري (2/635) (1698) ، وابن خزيمة (4/235) من حديث عائشة رضي الله عنها.(2/1037)
في شرح مسلم ورواية مسلم بلفظ: الخبر ولأحمد ومالك والترمذي وأبو داود وغيره نبدأ بالنون. قوله: «صعد» بكسر العين.
[8/49] باب النهي عن التحلل بعد السعي إلا للمتمتع إذا لم يسًق الهدي وبيان متى يتوجه المتمتع إلى منى ومتى يحرم بالحج
3200 - عن عائشة قالت: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فمنّا من أَهلَّ بالحج ومنّا من أَهلَّ بالعمرة ومنّا من أَهلَّ بالحج والعمرة، وأَهَّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحج فأما من أهل بالعمرة فأحلوا حين طافوا بالبيت وبالصفا والمروة وأما من أهل بالحج أو بالحج والعمرة فلم يحلوا إلى يوم النحر» .
3201 - وعن جابر: «أنه حج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ساق البدن معه وقد أهلوا بالحج مفردًا فقال لهم: أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمرة وقصروا ثم أقيموا حلالًا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا الحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة فقالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج فقال: افعلوا ما آمركم ولكن لا يحل مني حرام حتى يبلغ الهدي محله ففعلوا» متفق عليهما (1) ، وفي رواية لمسلم (2) : «فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة» .
3202 - وعنه قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أحللنا أن نحرم إذا توجهنا
_________
(1) الحديث الأول تقدم برقم (3005) ، والحديث الثاني عند البخاري (2/568) (1493) ، مسلم (2/884) (1216) ، أحمد (3/317) .
(2) مسلم (2/884) (1216) .(2/1038)
إلى منى فأهللنا من الأبطح» رواه مسلم (1) .
3203 - وعن معاوية قال: «قَصّرت رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند المروة بمشقص» متفق عليه (2) ، ولأحمد (3) : «أخذت من أطراف شعر النبي - صلى الله عليه وسلم - في أيام العشر بمشقص وهو محرم» وهي رواية شاذة منكرة قد أطال الكلام عليها في الهدي.
3204 - وعن ابن عمر: «أنه كان يحب إذا استطاع أن يصلي الظهر بمنى من يوم التروية وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بمنى» رواه أحمد (4) وهو في "الموطأ" (5) موقوفًا على ابن عمر ولأحمد (6) في رواية: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى خمس صلوات» .
3205 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر يوم التروية والفجر
_________
(1) مسلم (2/882) (1214) ، وهو عند أحمد (3/318، 378) ، وابن خزيمة (2794) .
(2) البخاري (2/617) (1643) ، مسلم (2/913) (1246) ، أحمد (1/292) (4/95، 96) ، وهو عند أبي داود (2/159) (1802) ، والنسائي (5/244) .
(3) أحمد (4/92) ، وهو عند النسائي (5/245) (2989) .
(4) أحمد (2/129) .
(5) مالك في "الموطأ" (1/400) (897) .
(6) أحمد (1/296) ، وهو عند الدارمي (2/77) (1871) ، والطبراني في "الكبير" (11/399) = = وابن خزيمة (4/247) (2799) ، والحاكم في المستدرك (1/632) ، إلا أنه من حديث ابن عباس، وهي إحدى الروايات للحديث الذي سيأتي، وليس لهذا الحديث.(2/1039)
يوم عرفة بمنى» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم (1) .
3206 - وأخرج ابن خزيمة والحاكم (2) عن ابن الزبير قال: «من سنة الحج أن يصلي الإمام الظهر وما بعدها والفجر بمنى ثم يغدو إلى عرفة» .
3207 - وعن أنس قال: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر يوم التروية بمنى والعصر يوم النفر بالأبطح» متفق عليه (3) .
3208 - وفي حديث جابر قال: «لما كان يوم التروية حين توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس وأمر بقبّة من شَعَر فضُربت له بنمرة فسار النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تشك قريش أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له
_________
(1) أحمد (1/297) ، أبو داود (2/188) (1911) ، الترمذي (3/227) (879) ، ابن ماجه (2/999) (3004) ، وهو عند أبي يعلى (4/315) ، والطبراني في "الكبير" (11/164) .
(2) ابن خزيمة (4/247) (2800، 2801) ، الحاكم (1/632) ،
(3) البخاري (2/596، 626) (1570، 1674) ، مسلم (2/950) (1309) ، أحمد (3/100) ، وهو عند أبي داود (2/188) (1912) ، والترمذي (3/296) (964) ، والنسائي (5/249) ، وابن حبان (9/155) (3846) ، وابن خزيمة (4/246) (2796، 2797) ، وأبي يعلى (7/106-107) (4053) الجميع عن عبد العزيز بن رفيع قال: «سألت أنس بن مالك رضي الله عنه، قلت: أخبرني عن شيء عقلته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أين صلّى الظهر والعصر يوم التروية، قال: بمنى، قلت: فأين صلّى العصر يوم النفر قال بالأبطح، ثم قال: افعل كما يفعل أمراؤك» .(2/1040)
بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصوى فرُحِلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» مختصر من مسلم (1) .
قوله: «لا يحل مني حرام» بكسر الحاء من يحل أي لا يحل مني ما حرم. قوله: «قصرت» أي أخذت، والمشقص بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح القاف بعدها صاد مهملة هو نصل عريض يرمى به الوحش وقيل هو الطويل من النصال وليس بعريض. قوله: «يوم التروية» بفتح المثناة وسكون الراء وكسر الواو وتخفيف الياء هو اليوم الذي قبل يوم عرفة. ويوم النفر بفتح النون وسكون الفاء. قوله: «بنمرة» بفتح النون وكسر الميم وسكونها هي موضع جنب عرفات وليست منها وقال في منحة الغفار أن نمرة من عرفة واستدل لذلك بحديث ابن عمر الآتي لقوله فيه: وهي منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة، ونقل عن القاموس مثل ذلك والمشعر الحرام جبل بالمزدلفة والقَصْوى بفتح القاف ناقته - صلى الله عليه وسلم -. قوله: «فرحلت» بتخفيف الحاء المهملة أي جعل عليها الرحل.
[8/50] باب المسير من منى إلى عرفة والوقوف بها وأحكامه وفضله
3209 - عن محمد بن أبي بكر بن عوف قال: «سألت أنسًا ونحن غاديان
_________
(1) جزء من حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم مفرقاً بعدة روايات، وهو عند مسلم (2/886-891) (1218) ، وأبي داود (2/182-185) ، وابن ماجه (2/1022-1027) (3074) ، والدارمي (2/67-70) (1850) ، وابن حبان (9/253-258) (3944) ، والبيهقي (5/6-9) .(2/1041)
من منى إلى عرفات عن التلبية كيف كنتم تصنعون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كان يلبي الملبي فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه» متفق عليه (1) ، وفي رواية قال: «قلت لأنس غداة عرفة ما تقول في التلبية هذا اليوم؟ قال: سرت هذا المسير مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فمنَّا المكبر ومنَّا المهلل لا يعِيب أحدنا على صاحبه» رواه البخاري ومسلم والنسائي (2) .
3210 - وعن ابن عمر قال: «غدونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى إلى عرفات فمنا الملبي ومنا المكبر» وفي رواية: «منا المكبر ومنا المهلل فأما نحن فنكبر قلت: والله لعجبًا منكم، كيف لم تقولوا له ماذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه مسلم (3) وأبو داود (4) إلى قوله: «ومنا المكبر» .
3211 - وعن خزيمة بن ثابت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من تلبيته سأل
_________
(1) البخاري (1/330، 2/597) (927، 1576) ، مسلم (2/933) (1285) ، أحمد (3/110، 240) ، وهو عند النسائي (5/250) (3000) ، وابن حبان (9/156-157) (3847) ، والدارمي (2/79) (1877) ، والشافعي (1/229) ، وابن أبي شيبة (3/375) ، والإمام مالك في "الموطأ" (1/337) (745) .
(2) مسلم (2/934) (1285) ، النسائي (5/251) (3001) ، وهو عند أحمد (3/147) ، وابن ماجه (2/1000) (3008) بمعناه.
(3) مسلم (2/933) (1284) ، وهو عند أحمد (2/30) .
(4) أبو داود (2/163) (1816) ، وهو عند النسائي (5/250) (2998، 2999) ، وأحمد (2/3، 22) ، وابن خزيمة (4/249) (2805) .(2/1042)
الله رضوانه والجنة واستعاذ برحمته من النار» رواه الشافعي (1) بإسناد ضعيف.
3212 - وعن ابن عمر قال: «غدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى حين صلَّى الصبح في صبيحة يوم عرفة حتى أتى عرفة (2) فنزل بنمرة وهي منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُهَجِّرًا فجمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح فوقف على الموقف من عرفة» رواه أحمد وأبو داود (3) بإسناد رجاله ثقات.
3213 - وعن عائشة قالت: «كان قريش ومن دان بدينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحُمْس وكانت سائر العرب يقفون بعرفة فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي عرفة فيقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله عز وجل: ((ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ)) [البقرة:199] » رواه الجماعة (4) .
3214 - وعن عروة بن مُضَرِّس بن أَوْس بن حارثة قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت: يا رسول الله! إني جئت من جبل طيء أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من حَبْل إلا وقفت عليه فهل لي من
_________
(1) الشافعي في "المسند" (1/123) ، وفي الأم (2/157) ، وهو عند الدارقطني (1/238) ، والبيهقي (5/46) ، والطبراني في "الكبير" (4/85) ، وابن عدي في "الكامل" (4/59) .
(2) عرفة وعرفات موضع اهـ لسان.
(3) أحمد (2/129) ، أبو داود (2/188) (1913) .
(4) البخاري (4/1643) (4248) ، مسلم (2/893) (1219) ، أبو داود (2/187) (1910) ، النسائي (5/254) ، الترمذي (3/231) (884) ، ابن ماجه (2/1004) (3018) ، وهو عند ابن خزيمة (4/353) ، وابن حبان (9/169) (3856) .(2/1043)
حج؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلًا أو نهارًا فقد تم حجة وقضى تفثه» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم والدارقطني (1) وابن العربي على شرطهما وأخرجه أيضًا ابن حبان وقال أبو داود: «أكللت مطيتي» وفي رواية للنسائي (2) : «من أدرك جمْعًا مع الإمام والناس حتى يفيض منها فقد أدرك الحج ومن لم يدرك مع الناس والإمام فلم يدركه» وأنكر هذه الرواية العقيلي، ولأبي يعلى في "مسنده" (3) : «ومن لم يدرك جمعًا فلا حج له» .
3215 - وعن عبد الرحمن بن يعمر الديلي: «إن ناسًا من أهل نجد أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف بعرفة فسألوه فأمر مناديًا فنادى الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم وأردف رجلًا ينادي بهن» رواه الخمسة وابن حبان والحاكم (4) وصححه وقال الترمذي: «الحج عرفات ثلاثًا» وقال هذا حديث حسن صحيح وأخرجه البيهقي، ولفظ أبي داود قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بعرفة فجاء
_________
(1) أبو داود (2/196) (1950) ، النسائي (5/263، 264) ، الترمذي (3/238) (891) ، ابن ماجه (2/1004) (3016) ، أحمد (4/15، 261) ، ابن حبان (9/161) (3850) .
(2) النسائي (5/263) (3040) .
(3) أبو يعلى (2/245) (946) .
(4) أبو داود (2/196) (1949) ، النسائي (5/246) ، الترمذي (3/237) (889) ، ابن ماجه (2/1003) (3015) ، أحمد (4/309، 310) ، ابن حبان (9/203) (3892) ، الحاكم (2/305) ، وهو عند ابن خزيمة (4/257) (2822) .(2/1044)
ناس أو نفر من نجد فأمروا رجلًا فنادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف الحج؟ فأمر رجلًا فنادى: الحج يوم عرفة ومن جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع تمَّ حجه» وفي رواية له (1) : «الحج عرفات، الحج عرفات أيام منى ثلاث فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ومن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج» .
3216 - وعن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «نحرت هاهنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (2) . ولابن ماجه وأحمد (3) أيضًا نحوه وفيه «وكل فجاج مكة طريق ومنحر» .
3217 - وعن أسامة بن زيد قال: «كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفات فرفع يده يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى» رواه النسائي (4) بإسناد رجاله رجال الصحيح.
_________
(1) الرواية عند الترمذي (5/214) (2975) .
(2) إحدى روايات حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي وهي عند أحمد (3/320، 326) ، مسلم (2/893) (1218) ، أبو داود (2/187، 193) (1907، 1936) ، وهو عند ابن خزيمة (4/283) (2890) .
(3) ابن ماجه (2/1013) (3048) ، أحمد (3/326) ، وهو عند أبي داود (2/193) (1937) ، وابن خزيمة (4/242) (2787) ، والدارقطني (2/79) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1/309) (1004) ، والطبراني في "الأوسط" (3/290) (3183) .
(4) النسائي (5/254) ، وهو عند ابن خزيمة (4/258) (2824) ، وأحمد (5/209) .(2/1045)
3218 - وفي مسلم (1) من حديث جابر: «أنه - صلى الله عليه وسلم - وقف بعرفة راكبًا» .
3219 - وهو متفق عليه (2) من حديث أم الفضل.
3220 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير» رواه أحمد (3) قال في "مجمع الزوائد": ورجاله موثقون انتهى. وأخرجه الترمذي (4) ولفظه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» وإسناد حديث عمرو بن شعيب ضعيف وله شواهد ضعيفة. وروى صاحب "الخلاصة" عن الترمذي أنه حسّن حديث عمرو بن شعيب وهو كما قال ذكره الترمذي في كتاب الدعوات من طريق محمد بن أبي حميد لقبه حماد وقال: حديث حسن غريب، ومحمد بن أبي حميد ليس بالقوي عند أهل الحديث.
3221 - وعن سالم بن عبد الله بن عمر «أن عبد الله بن عمر جاء إلى الحجاج بن يوسف يوم عرفة حين زالت الشمس وأنا معه فقال: الرواح: إن كنت تريد السنة فقال هذه الساعة؟ قال: نعم، قال سالم: فقلت للحجاج إن كنت تريد
_________
(1) تقدم برقم (3211) .
(2) تقدم برقم (2820) .
(3) أحمد (2/210) .
(4) الترمذي (5/572) (3585) .(2/1046)
أن تصب السنة فأقصر الخطبة وعجل الصلاة، فقال عبد الله بن عمر: صدق» رواه البخاري والنسائي (1) .
3222 - وعن جابر قال: «راح النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الموقف بعرفة فخطب الناس الخطبة الأولى، ثم أذن بلال ثم أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة الثانية ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان ثم أقام بلال فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر» رواه الشافعي والبيهقي (2) وقال: تفرد به إبراهيم بن يحيى وفيه مقال.
3223 - وفي حديث جابر الطويل عند مسلم (3) أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب ثم أذن بلال ليس فيه خطبة ثانية، وفي رواية مسلم أيضًا: أن الخطبة كانت ببطن الوادي، قال في "التلخيص" وحديث مسلم أصح ويترجح بأمر معقول وهو أن المؤذن قد أمر بالإنصات للخطبة كغيرة فكيف يؤذن ولا يبقى للخطبة معه فائدة.
3224 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا وغبرًا ضاحين جاءوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، فلم ير يومًا أكثر عتقًا من النار من يوم عرفة» رواه أبو يعلى والبزار وابن حبان في "صحيحه" (4) .
_________
(1) البخاري (2/597) (1577) ، النسائي (5/252، 254) .
(2) الشافعي (1/32) ، البيهقي (5/114) .
(3) تقدم برقم (3211) .
(4) أبو يعلى (4/69) (2090) ، البزار (1128) ، ابن حبان (9/164) (3853) .(2/1047)
3225 - وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو يتجلى ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء» رواه مسلم والنسائي وابن ماجه (1) .
3226 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن هذا اليوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له» رواه أحمد بإسناد صحيح وابن خزيمة في "صحيحه" (2) .
قوله: «ونحن غاديان» أي ذاهبان، ونمرة موضع بأصل الجبل عند الصخرة على يمين الذاهب إلى عرفات. قوله: «مهجرًا» بتشديد الجيم المكسورة: هو السير في هاجرة النهار أي نصفه عند اشتداد الحر. قوله: «أكللت» أي أعييت. قوله: «حبل» بفتح الحاء المهملة وإسكان الموحدة أحد حبال الرمل وهو ما اجتمع واستطال وارتفع. وقوله: «قضى تفثه» أي أتى بما عليه من المناسك وأصل التفث الوسخ والقذر وقال في "التلخيص": التفث إذهاب الشعث قاله النضر بن شميل. قوله: «ضاحين» هو بالضاد المعجمة والحاء المهملة أي بارزين للشمس غير مستترين منها.
[8/51] باب الدفع إلى مزدلفة يمر منها إلى منى وما يتعلق بذلك
3227 - عن أسامة بن زيد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أفاض من عرفات
_________
(1) مسلم (2/982) (1348) ، النسائي (5/251-252) ، ابن ماجه (2/1003) (3014) ، وهو عند ابن خزيمة (4/259) (2827) ، والدارقطني (2/301) ، والطبراني في "الأوسط" (9/64) .
(2) أحمد (1/329) ، ابن خزيمة (4/260) (2823) ، وهو عند أبي يعلى (4/330) (2441) ، والطبراني في "الكبير" (12/232) .(2/1048)
كان يسير العَنَق فإذا وجد فجوة نصَّ» متفق عليه (1) .
3228 - وعن الفضل بن عباس وكان رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في عشية عرفة وغداة جمع حين دفعوا: «عليكم السكينة وهو كافُّ ناقته حتى دخل محسرًا وهو من منى، وقال: عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة» رواه أحمد ومسلم (2) .
3229 - وفي حديث جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصوى حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا فدفع قبل أن تطلع الشمس حتى أتى بطن محسرًا فحرك قليلًا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها حصى الخذف، رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر» رواه مسلم (3) .
3230 - وعن أسامة بن زيد قال: «دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة حتى إذا
_________
(1) البخاري (2/600، 3/1093) (1583، 2837) ، مسلم (2/936) (1286) ، أحمد (5/210) ، وهو عند أبي داود (2/191) ، والنسائي (5/258) ، وابن ماجه (2/1004) (3017) .
(2) أحمد (1/210، 213) ، مسلم (2/931) (1282) ، وهو عند النسائي (2/258) ، وابن حبان (9/184) (3872) ، وابن خزيمة (4/265) (2843) .
(3) تقدم برقم (3211) .(2/1049)
كان بالشعب نزل فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء فقلت: الصلاة يا رسول الله! قال: الصلاة أمامك فركب، فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ، فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء ولم يصل بينهما» أخرجاه (1) وللحديث ألفاظ وروايات أخر.
3231 - وعن عمر قال: «كان في الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثَبير فخالفهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأفاض من قبل طلوع الشمس» رواه الجماعة إلا مسلمًا (2) لكن في رواية أحمد وابن ماجه: «أشرق ثَبِير كيما نُغِير» .
3232 - وعن عائشة قالت: «كانت سودة امرأة ضخمة ثبطة فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تفيض من جمع بليل فأذن لها» متفق عليه (3) .
3233 - وعن ابن عباس قال: «أنا ممن قدَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المزدلفة في ضعفة أهله» رواه الجماعة (4) .
_________
(1) تقدم برقم (1855) .
(2) البخاري (2/604، 3/1394) (1600، 3626) ، أبو داود (2/194) (1938) ، النسائي (5/265) ، الترمذي (3/242) (896) ، ابن ماجه (2/1006) (3022) ، أحمد (1/39، 42، 50، 54) ، وهو عند ابن حبان (9/173) (3860) ، وابن خزيمة (4/271) (2859) .
(3) البخاري (2/603) (1596) ، مسلم (2/939) (1290) ، أحمد (6/94، 98، 133، 164، 213) ، وهو عند النسائي (5/262) ، وابن ماجه (2/1007) (3027) ، وابن حبان (9/174) (3861) ، وابن خزيمة (4/274) (2869) .
(4) البخاري (2/603) (1594) ، مسلم (2/941) (1293) ، أبو داود (2/194) (1939) ، النسائي (5/261) ، الترمذي (3/240) (893) ، ابن ماجه (2/1007) (3026) ، أحمد (1/221، 222) .(2/1050)
3234 - ولهما (1) من حديث ابن عباس قال: «بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - في الثقل أو قال في الضعفة من جمع بليل» .
3235 - وعن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن لضعفة الناس من المزدلفة أن يفيضوا بليل» رواه أحمد (2) .
3236 - وعن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوضع في وادي محسر وأمرهم أن يرموا مثل حصى الخذف» رواه الخمسة وصححه الترمذي (3) .
3237 - وعن ابن عباس وأسامة بن زيد قالا: «لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى جمرة العقبة» أخرجاه (4) .
3238 - ولهما (5) نحوه من حديث الفضل وكان رديفه - صلى الله عليه وسلم - وأخرجه الترمذي وصححه ولأبي داود والنسائي من حديث الفضل نحوه.
3239 - وعن عبد الله بن مسعود أنه قال: «وهو بجمع سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المقام: لبيك اللهم لبيك» أخرجه مسلم والنسائي (6) .
_________
(1) البخاري (2/657) (1757) ، مسلم (2/941) (1293) ، وهو عند الترمذي (3/239) (892) ، وأحمد (1/245، 334) .
(2) أحمد (2/33) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/429) .
(3) أبو داود (2/195) (1944) ، النسائي (5/258) ، الترمذي (3/234) (886) ، ابن ماجه (2/1006) (3023) ، أحمد (3/301، 332، 367، 391) .
(4) البخاري (2/559، 605) (1469، 1602) .
(5) تقدم برقم (3032) .
(6) مسلم (2/932) (1283) ، النسائي (5/265) ، وهو عند أحمد (1/374) .(2/1051)
قوله: «العنق» بفتح المهملة والنون هو السير الذي بين الإبطاء والإسراع نصب على المصدر. قوله: «فجوة» بفتح الفاء وسكون الجيم المكان المتسع. قوله: «نصَّ» بفتح النون وتشديد الصاد المهملة أي أسرع. قوله: «حصى الخذف» بخاء معجمة مفتوحة وذال معجمة ساكنة وقد قدرت بحبة الباقلا. قوله: «جدًا» أي إسفارًا بليغًا. قوله: «محسر» بكسر السين المهملة قبلها حاء مهملة. قوله: «أشرق» بفتح الهمزة فعل أمر من الإشراق أي ادخل في الشروق. قوله: «ثبير» بفتح المثلثة وكسر الموحدة وسكون تحتية بعدها راء مهملة هو أعظم جبال مكة. قوله: «كيما نغير» أي ندفع. قوله: «ثبطة» بفتح المثلثة وكسر الموحدة بعدها طاء مهملة خفيفة أي ثقيلة الحركة لعظم جسمها. قوله: «أوضع» أي أسرع.
[8/52] باب رمي جمرة العقبة يوم النحر وأحكامه
3240 - عن جابر قال: «رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فإذ زالت الشمس» رواه مسلم والنسائي وابن ماجه والترمذي وحسنه والبخاري تعليقًا (1) .
3241 - وعنه قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر ويقول: لتأخذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه» رواه أحمد ومسلم والنسائي (2) .
_________
(1) مسلم (2/945) (1299) ، النسائي (5/270) ، ابن ماجه (2/1014) ، الترمذي (3/241) (894) ، ورواه البخاري تعليقًا (2/621) باب رمي الجمار، وهو عند أبي داود (2/201) (1971) ، والدارمي (2/85) (1896) ، وأحمد (3/319، 341، 399) .
(2) تقدم برقم (3211) .(2/1052)
3242 - وعن ابن مسعود «أنه انتهى إلى الجمرة الكبرى فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ورمى بسبع وقال: هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة» متفق عليه (1) ولمسلم (2) في رواية: «جمرة العقبة» وفي رواية لهما (3) : «رمى عبد الله بن مسعود جمرة العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة» وفي رواية لأحمد (4) : «أنه انتهى إلى جمرة العقبة فرماها من بطن الوادي بسبع حصيات وهو راكب يكبر مع كل حصاة، وقال: اللهم اجعله حجًا مبرورًا وذنبًا مغفورًا، ثم قال: هكذا يقول الذي أنزلت عليه سورة البقرة» وفي رواية للترمذي والنسائي (5) : «لما أتى عبد الله جمرة العقبة استبطن الوادي واستقبل الكعبة وجعل يرمي الجمرة على حاجبه الأيمن ثم رمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم قال: والذي لا إله غيره من هاهنا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة» وقال الترمذي: حسن صحيح.
3243 - وعن ابن عباس قال: «قدّمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغيلمة بني عبد المطلب على جمرات لنا من جمع فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول: أُبَيْنيَ لا ترموا حتى
_________
(1) البخاري (2/622) (1661، 1662) ، مسلم (2/943) (1296) ، أحمد (1/415) ، وهو عند أبي داود (2/201) (1974) ، والنسائي (5/273) (3071) .
(2) مسلم (2/943) (1296) .
(3) البخاري (2/622) (1663) ، مسلم (2/942) (1296) .
(4) أحمد (1/427) .
(5) الترمذي (3/245) (901) ، النسائي (5/274) ، وهو عند ابن ماجه (2/1008) (3030) ، وأحمد (1/432) .(2/1053)
تطلع الشمس» رواه الخمسة وصححه الترمذي وصححه ابن حبان (1) وحسنه الحافظ في "الفتح"، ولفظ الترمذي «قدم ضعفة أهله وقال: لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» .
3244 - وعن عائشة قالت: «أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت وأفاضت وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني عندها» رواه أبو داود والحاكم والبيهقي (2) ورجاله رجال الصحيح وقال في "بلوغ المرام": إسناده على شرط مسلم.
3245 - وعن عبد الله مولى أسماء عن أسماء: «أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي فصلت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر قلت: لا فصلت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر فقلت: لا فصلت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت: فارتحلوا فارتحلنا ومضينا حتى رمت الجمرة ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها فقلت لها: يا هنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا قالت: يا بني إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن للظَعَن» متفق عليه (3) .
_________
(1) أبو داود (2/194) (1940) ، النسائي (5/271-272) ، الترمذي (3/240) (893) ، ابن ماجه (2/1007) (3025) ، أحمد (1/234، 311، 326) ، ابن حبان (9/181) (3869) ، وهو عند ابن أبي شيبة (3/233) ، والطيالسي (1/361) ، والحميدي (1/221) (465) .
(2) أبو داود (2/194) (1942) ، الحاكم (1/641) ، البيهقي (5/133) ، وهو عند الدارقطني (2/276) .
(3) البخاري (2/603) (1595) ، مسلم (2/940) (1291) ، أحمد (6/347، 351) ، وهو عند ابن خزيمة (4/280) (2884) ، والبيهقي (5/133) ، والطبراني في "الكبير" (24/100) = = والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/216) .(2/1054)
3246 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث به مع أهله إلى منى يوم النحر فرموا الجمرة مع الفجر» رواه أحمد (1) وأصله في الصحيح وقد تقدم (2) في الباب الذي قبل هذا.
3247 - وعنه قال: «قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة العقبة وهو على راحلته هات ألقط لي فلقطت حصيات من حصى الخذف فلما وضعتهن في يده قال: بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين» رواه النسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرطهما (3) .
3248 - ولمسلم (4) من حديث جابر «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمرة بمثل حصى الخذف» .
3249 - ولمسلم (5) أيضًا من حديث الفضل بن عباس مرفوعًا: «عليكم بحصى الخذف التي يرمى به الجمرة» .
_________
(1) أحمد (1/320، 352) ، وهو عند الطيالسي (1/356) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/215) ، والطبراني في "الكبير" (11/430) ، وابن عدي في "الكامل" (4/24) .
(2) تقدم برقم (3236) .
(3) النسائي (5/268) ، ابن ماجه (2/1008) (3029) ، ابن حبان (9/183) (3871) , الحاكم (1/637) ، وهو عند أبي يعلى (4/357) (2472) ، وأحمد (1/215، 347) ، وابن خزيمة (4/274) .
(4) مسلم (2/944) (1299) ، وهو عند ابن خزيمة (4/277) (2875) ، والنسائي (5/274) ، والترمذي (3/242) (897) .
(5) تقدم برقم (3231) .(2/1055)
3250 - وعن ابن عباس رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لما أتى إبراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض. وقال ابن عباس: الشيطان ترجمون، وملة أبيكم إبراهيم تتبعون» رواه ابن خزيمة في "صحيحه" والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح على شرطهما (1) .
3251 - وعن أبي سعيد قال: «قلنا: يا رسول الله! هذه الجمار التي نرمي كل سنة فنحسب أنها تنقص قال: ما تقبل منها رفع ولولا ذلك رأيتموها مثل الجبال» رواه الطبراني في "الأوسط"، والحاكم وقال: صحيح الإسناد (2) .
قوله: «الجمرة» أي العقبة وهي الكبرى. قوله: «لتأخذوا» قد تقدم ضبطه. قوله: «لعلي لا أحج بعد حجتي هذه» فيه إشارة إلى توديعهم وإعلانهم بقرب وفاته - صلى الله عليه وسلم - ولهذا سميت حجة الوداع. قوله: «سورة البقرة» خصها بالذكر لأن معظم أحكام الحج فيها. قوله: «أغيلم» نصبه على الاختصاص وهو تصغير أغلمة بسكون الغين وكسر اللام جمع غلام كما في "النهاية". قوله: «على حمرات» بضم الحاء المهملة والميم جمع حمرة وحمر جمع حمار. قوله: «يلطخ» بفتح الياء التحتية والطاء المهملة وبعدها حاء مهملة هو الضرب اللين على الظهر ببطن الكف. قوله: «أبيني» بضم الهمزة وفتح الباء الموحدة وسكون ياء التصغير بعدها نون مكسورة ثم ياء النسب المشددة، وقال في
_________
(1) ابن خزيمة (4/315) ، الحاكم (1/638) ، وهو عند البيهقي (5/153) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (2/209) ، الحاكم (1/650) ، وهو عند الدارقطني (2/300) .(2/1056)
"النهاية": الأبيني بوزن الأعيمي تصغير الأبني بوزن الأعمى وهو جمع ابنٍ. قوله: «أفاضت» أي ذهبت. قوله: «يا هنتاه» بفتح الهاء والنون وقد تسكن النون بعدها مثناة فوقية آخرها هاء ساكنة أي يا هذه. قوله: «ما أُرانا» بضم الهمزة بمعنى الظن، وفي رواية لمسلم (1) «لقد غلسنا» و"للموطأ" (2) «لقد جئنا بغلس» ولأبي داود (3) : «إنا رمينا الجمرة بليل» قوله: «الظعن» بضم الظاء المعجمة جمع ظعينة وهي المرأة في الهودج ثم أطلق على المرأة مطلقًا.
[8/53] باب النحر والحلق والتقصير وما يباح عندهما
3252 - عن أنس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر ثم قال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (4) ، وفي رواية لهما (5) : «أنه أعطى الشق الأيسر أم سُلَيم» .
3253 - وعن المِسْوَر بن مَخْرَمة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك» رواه البخاري (6) .
3254 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم اغفر
_________
(1) مسلم (2/940) (1291) ، وهي عند البيهقي (5/133) .
(2) مالك في "الموطأ" (1/391) (874) .
(3) أبو داود (2/195) (1943) ، وهي عند ابن خزيمة (4/280) (2884) .
(4) أحمد (3/111، 208) ، مسلم (2/947) (1305) ، أبو داود (2/203) .
(5) مسلم (2/947) (1305) ، وهي عند أبي يعلى (5/227) .
(6) البخاري (2/643) (1716) .(2/1057)
للمحلقين، قالوا: يا رسول الله! والمقصرين، قال: اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: يا رسول الله! والمقصرين، قال: اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: يا رسول الله! والمقصرين، قال: والمقصرين» متفق عليه (1) .
3255 - ولمسلم (2) من حديث أم الحصين: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثًا وللمقصرين مرة واحدة» .
3256 - وعن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبَّد رأسه وأهدى فلما قدم مكة أمر نساءه أن يحللن قلن مالك أنت لم تحلل؟ قال: إني قلدت هديي ولبَّدت رأسي فلا أحل حتى أحل من حجتي وأحلق رأسي» رواه أحمد (3) .
3257 - وأصله في الصحيح (4) من حديث حفصة قالت: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع قالت حفصة: فما يمنعك أن تحل؟ قال: إني لبَّدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر هديي» وفي رواية لهما (5) قالت: «قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك؟ قال: إني قلدت هديي
_________
(1) البخاري (2/617) (1641) ، مسلم (2/946) (1302) ، أحمد (2/231) ، وهو عند ابن ماجه (2/1012) (3043) .
(2) مسلم (2/946) (1303) ، وهو عند ابن أبي شيبة (3/220) ، وأحمد (6/402، 403) ، والطبراني في "الكبير" (25/158) .
(3) أحمد (2/124) .
(4) الحديث تقدم برقم (3009) ، وهو بهذه الروايات عند البخاري (4/1597) (4137) ، مسلم (2/902) (1229) .
(5) البخاري (2/608) (1610) ، مسلم (2/902) (1229) .(2/1058)
ولبدت رأسي فلا أحل حتى أحل من الحج» وفي رواية لهما (1) : «فلا أحل حتى أنحر» .
3258 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس على النساء الحلق إنما على النساء التقصير» رواه أحمد وأبو داود والدارقطني (2) وحسنه الحافظ في "بلوغ المرام"، وقوى إسناده البخاري في "تاريخه"، وأبو حاتم في "العلل"، وأخرجه ابن السكن في "سننه الصحاح".
3259 - وعنه قال: «إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء، فقال رجل والطيب؟ فقال ابن عباس أما أنا فقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضمخ رأسه بالمسك، أفطيب ذلك أم لا» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجه (3) قال في "البدر المنير": وإسناده حسن كما قال المنذري، وقد قيل إن فيه انقطاعًا.
3260 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء» رواه أحمد وأبو داود والدارقطني والبيهقي (4) وفي إسناده ضعف. وفي رواية لأحمد (5) : «فقد حل لكم الطيب والثياب
_________
(1) البخاري (2/568، 616، 5/2213) (1491، 1938، 5572) مسلم (2/902) (1229) .
(2) أبو داود (2/203) (1984، 1985) ، الدارقطني (2/271) ، وهو عند الدارمي (2/89) (1905) ، والبيهقي (5/104) ، والطبراني في "الكبير" (12/250) .
(3) أحمد (1/234، 334) ، النسائي (5/277) ، ابن ماجه (2/1011) (3041) .
(4) أحمد (6/143) ، أبو داود (2/202) (1978) ، الدارقطني (2/276) ، البيهقي (5/136) ، وهو عند ابن خزيمة (4/302) (2937) .
(5) أحمد (6/143) .(2/1059)
وكل شيء إلا النساء» ومدار هذه الروايات على الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف ومدلس.
3261 - وعن عائشة قالت: «كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يحرم ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك» متفق عليه (1) ، وللنسائي (2) : «طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحرمه حين أحرم ولحله بعد ما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت» .
[8/54] باب الإفاضة من منى للطواف
3262 - عن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى» متفق عليه (3) .
3263 - وفي حديث جابر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف إلى المنحر فنحر، ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر» مختصر من مسلم (4) وقد جمع بين الحديثين بأنه - صلى الله عليه وسلم -: صلى الظهر مرتين منفردًا ثم إمامًا.
3264 - وعن ابن عباس وعائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخر طواف الزيارة إلى
_________
(1) تقدم برقم (3062) .
(2) النسائي (5/137) .
(3) مسلم (2/950) (1308) ، أحمد (2/34) ، وهو عند أبي داود (2/207) ، والنسائي في "الكبرى" (2/460) ، وابن حبان (9/195، 197) (3885، 3883) ، وابن خزيمة (4/304) (2941) .
(4) تقدم برقم (3211) .(2/1060)
الليل» رواه الترمذي (1) قال: حديث حسن، ولأبي داود (2) «أخر الطواف يوم النحر إلى الليل» ، ورواه البخاري تعليقًا.
3265 - وقد تقدم (3) حديث ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه» رواه الخمسة إلا الترمذي، وصححه الحاكم.
[8/55] باب ما جاء أن من أخَّر طواف الزيارة يوم النحر
حتى أمسى يصير حُرُمًا
3266 - عن أم سلمة قالت: «كانت ليلتي التي يصير فيها إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مساء يوم النحر فصار إلي فدخل علي وهب بن زَمْعَة وآخر معه من آل أبي أمية متقمصين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوهب هل أفضت؟ قال: لا يا رسول الله، قال: انزع عنك القميص قال: فنزعه من رأسه ونزع صاحبه قميصه من رأسه ثم قال: ولم يا رسول الله قال: إن هذا اليوم قد أرخص لكم فيه إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا يعني من كل شيء إلا النساء، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا بهذا البيت صرتم حرمًا كهيئتكم قبل أن ترموا حتى تطوفوا به» رواه أبو داود والحاكم والبيهقي (4) وقد تكلم العلماء في هذا الحديث وقالوا: إنه من رواية ابن إسحاق وفيه مقال، قال
_________
(1) الترمذي (3/262) (920) ، ورواه البخاري تعليقًا (2/617) باب الزيارة يوم النحر، وهو عند ابن ماجه (2/1017) (3059) .
(2) أبو داود (2/207) (2000) ، وهو عند أحمد (1/288، 6/215) .
(3) تقدم برقم (3151) .
(4) أبو داود (2/207) (1999) ، الحاكم (1/665) ، البيهقي (5/136) ، وهو عند ابن خزيمة (4/312) (2958) ، والطبراني في "الكبير" (23/412) ، وأحمد (6/295) .(2/1061)
البيهقي: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال به وقال النووي: يكون هذا منسوخًا، انتهى. قلت قد قال به عروة بن الزبير.
3267 - وله شاهد عند أحمد ورجاله ثقات في "مجمع الزوائد" عن أم قيس بنت مِحْصن قالت: «خرج من عندي عكاشة بن مِحْصن في نفر من بني أسد متقمصين عشية يوم النحر ثم رجعوا إليَّ عشاء وقمصهم على أيديهم يحملونها فقلت أي عكاشة ما لكم خرجتم متقمصين ورجعتم قمصكم على أيديكم تحملونها؟ قالوا: خيرًا يا أم قيس كان هذا يوم رخص لنا فيه إذا نحن رمينا الجمرة حللنا من كل ما أحرمنا منه إلا ما كان من النساء حتى نطوف بالبيت فإذا أمسينا ولم نطف صرنا حرمًا كهيئتنا قبل أن نرمي الجمرة» رواه أحمد والطبراني (1) ورجال أحمد ثقات.
[8/56] باب ما جاء في تقديم النحر والحلق والرمي
والإفاضة بعضها على بعض وما جاء في من طاف أكثر من أسبوع
3268 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمرة فقال: يا رسول الله! حلقت قبل أن أرمي قال: ارم ولا حرج، وأتاه آخر فقال: إني ذبحت قبل أن أرمي قال: ارم ولا حرج وأتاه آخر فقال: إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي قال ارم ولا حرج» وفي رواية عنه: «أنه شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم النحر فقام إليه رجل فقال: كنت أحسب أن كذا قبل كذا ثم قام آخر فقال: كنت أحسب أن كذا قبل كذا، حلقت قبل أن أنحر نحرت قبل أن أرمي وأشباه ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - افعل ولا حرج لهن كلهن فما سئل يومئذ عن شيء إلا قال افعل ولا حرج» متفق عليهما (2) . ولمسلم في رواية (3) : «فما سمعته يسأل يومئذ عن أمر مما ينسى المرء أو يجهل من تقديم بعض الأمور قبل بعضها وأشباهها إلا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: افعل ولا حرج» .
3269 - وعن علي رضي الله عنه قال: «جاء رجل، فقال: يا رسول الله! حلقت قبل أن أنحر،
_________
(1) أحمد (6/295) ، الطبراني في "الكبير" (18/23) ، وهو عند البيهقي (5/137) .
(2) الرواية الأولى عند البخاري (1/43، 58) (83، 124) ، مسلم (2/949) (1306) ، أحمد (2/192، 210) ، وهي عند أبي داود (2/211) (2014) ، وابن ماجه مختصرًا (2/1014) (3051) ، ومالك (1/421) ، والرواية الثانية عند البخاري (2/619) (1650) ، مسلم (2/949) (1306) .
(3) مسلم (2/948) (1306) ، وهي عند أحمد (2/217) ، والدارقطني (2/251) .(2/1062)
قال: انحر ولا حرج، ثم أتاه آخر فقال له: يا رسول الله! أفضت قبل أن أحلق، فقال: احلق أو قصر ولا حرج» رواه أحمد (1) وفي لفظ للترمذي (2) وصححه: «قال: إني أفضت قبل أن أحلق، فقال: احلق ولا حرج، قال: وجاء آخر فقال: يا رسول الله! إني ذبحت قبل أن أرمي قال: ارم ولا حرج» .
3270 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له في الذبح والحلق والرمي والنفر والتقديم والتأخير، فقال: لا حرج» متفق عليه (3) ، وفي رواية للبخاري وأبي
_________
(1) أحمد (1/76، 156) ، وهو عند ابن أبي شيبة (3/287، 7/287) .
(2) الترمذي (3/232) (885) ، وهو عند أبي يعلى (1/413) (544) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/235) .
(3) البخاري (2/615، 618) (1634، 1647) ، مسلم (2/950) (1307) ، أحمد (1/258، 269) .(2/1063)
داود وابن ماجه والنسائي (1) «سأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح، فقال: اذبح ولا حرج وقال: رميت بعد ما أمسيت فقال: افعل ولا حرج» وفي أخرى للبخاري (2) : «قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - زرت قبل أن أرمي قال: لا حرج، قال: حلقت قبل أن أذبح قال: لا حرج، قال: ذبحت قبل أن أرمي قال: لا حرج» .
3271 - وعن أسامة بن شريك قال: «خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجًا فكان الناس يأتونه فمن قائل: يا رسول الله! سعيت قبل أن أطوف وأخرت شيئًا أو قدمت شيئًا فكان يقول لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم له فذلك الذي حَرِج وهلك» أخرجه أبو داود (3) وسكت عنه هو والمنذري.
3272 - وعن سعد بن مالك قال: «طفنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمنا من طاف سبعًا ومنا من طاف ثمانيًا ومنا من طاف أكثر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا حرج» رواه أحمد (4) وفي إسناده الحجاج بن أرطاة قال في "مجمع الزوائد": وحديثه حسن.
_________
(1) البخاري (2/615، 618) (1636، 1648) ، أبو داود (2/203) (1983) ، ابن ماجه (2/1013) (3050) ، النسائي (5/272) ، وهو عند ابن خزيمة (4/308) (2950) ، والبيهقي (5/142) ، وابن أبي شيبة (7/287) ، وأحمد (1/328) ، وابن حبان (9/188) (3876) .
(2) البخاري (2/615، 6/2454) (1635، 6289) ، وهي عند الدارقطني (2/254) .
(3) أبو داود (2/211) (2015) ، وهو عند ابن خزيمة (4/237) (2774) ، وابن حبان (2/236) .
(4) أحمد (1/184) .(2/1064)
[8/57] باب الخطبة في منى يوم النحر وتعليم المناسك فيها
3273 - وعن الهرماس (1) قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب على ناقته العَضْباء يوم الأضحى بمنى» رواه أحمد وأبو داود (2) وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده ثقات.
3274 - وعن أبي أمامة قال: «سمعت خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى يوم النحر» رواه أبو داود (3) بإسناد رجاله ثقات.
3275 - وعن عبد الرحمن بن معاذ التميمي قال: «خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بمنى ففتحت أسماعنا حتى كنا نسمع ما يقول ونحن في منازلنا فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار فوضع إصبعيه السبابتين في أذنيه ثم قال: «بحصى الخذف ثم أمر المهاجرين فنزلوا في مقدم المسجد وأمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد ثم نزل الناس بعد ذلك» رواه أبو داود والنسائي (4) بمعناه ورجاله ثقات.
3276 - عن أبي بكرة قال: «خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر فقال: أتدرون أي يوم هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى، قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى، قال: أي بلد
_________
(1) بكسر أوله ومهملتين هو الهرماس بن حبيب التميمي عن أبيه عن جده، وعنه النضر بن شميل لا غير، قال أبو حاتم: شيخ اهـ خلاصة.
(2) تقدم برقم (2032) .
(3) تقدم برقم (2033) .
(4) تقدم برقم (2034) .(2/1065)
هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال: أليس البلدة قلنا: بلى، قال فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم ألا هل بلغت قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد فليبلغ الشاهد الغائب فرب مُبلَّغ أوعى من سامع فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعدكم رقاب بعض» رواه أحمد والبخاري (1) وزاد في كتاب العلم «وأعراضكم» .
3277 - وزادها أيضًا (2) في كتاب الحج من حديث ابن عباس وهذه الأحاديث قد تقدمت في كتاب العيدين وإنما أعدناها هنا لما فيها من مشروعية الخطبة يوم النحر في منى.
3278 - وقد أخرج الحاكم والبيهقي (3) عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس قبل يوم التروية بيوم وأخبرهم بمناسكهم وقال الحاكم صحيح الإسناد.
[8/58] باب اكتفاء القارن لنُسُكَيه بطواف واحد
3279 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قرن بين حجته وعمرته أجزأه لهما طواف واحد» رواه أحمد وابن ماجه (4) وفي لفظ للترمذي (5) وقال: حسن غريب، «من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد
_________
(1) تقدم برقم (2035) .
(2) تقدم برقم (1987) .
(3) الحاكم (1/632) ، البيهقي (5/111) ، وهو عند ابن خزيمة (4/245) (2793) .
(4) أحمد (2/67) ، ابن ماجه (2/990) (2975) .
(5) الترمذي (3/284) (948) .(2/1066)
منهما حتى يحل منهما جميعًا» .
3280 - وعن عروة عن عائشة قالت: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا، فقدمت وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إليه فقال: اَنْقَضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة قالت: ففعلت، قلما قضيت الحج أرسلني مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت فقال: هذه مكان عمرتك قالت: فطاف الذي كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت بين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا» متفق عليه (1) .
3281 - وعن طاووس عن عائشة: «أنها أهلت بالعمرة فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت فنسكت المناسك كلها وقد أهلت بالحج فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النفر يسعك طوافك لحجك وعمرتك فأبت فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج» رواه أحمد ومسلم (2) .
3282 - وعن مجاهد عنها: «أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك» رواه مسلم (3) .
_________
(1) البخاري (2/563، 590، 4/1596) (1481، 1557، 4134) ، مسلم (2/870) (1211) ، أحمد (6/177) ، وهو عند أبي داود (2/153) (1781) ، والنسائي (5/165-166) .
(2) أحمد (6/124) ، مسلم (2/879) (1211) ، من طريق ابن طاوس عن أبيه عن عائشة.
(3) مسلم (2/880) (1211) .(2/1067)
3283 - وعن جابر قال: «لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا، طوافه الأول» رواه مسلم (1) .
3284 - وعنه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن الحج والعمرة فطاف لهما طوافًا واحدًا» أخرجه الترمذي والنسائي (2) وقال الترمذي حديث حسن.
[8/59] باب المبيت بمنى ليالي منى ورمي الجمار في أيامها
3285 - وذكر الترخيص للعباس والرعاء، وما جاء أن منى مباح لمن سبق إليه وقد تقدم (3) حديث عبد الرحمن بن يعمر «أيام منى ثلاث فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه» رواه الخمسة مرفوعًا وصححه الترمذي.
3286 - وعن عائشة قالت: «أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عند الأولى وعند الثانية فيطيل القيام ويتضرع ويرمي الثالثة لا يقف عندها» رواه أبو داود وابن حبان والحاكم (4) .
_________
(1) مسلم (2/883، 2/930-931) (1215، 1279) ، وهو عند أبي داود (2/180) (1895) ، والنسائي (5/244) ، وفي "الكبرى" (2/462) ، وابن ماجه (2/990) ، وأحمد (3/317) ، وابن حبان (9/127) (3819) ، وأبي يعلى (4/12) (2012) .
(2) الترمذي (3/283) (947) ، النسائي (5/226) .
(3) تقدم برقم (3218) .
(4) أبو داود (2/201) (1973) ، ابن حبان (9/180) (3868) ، الحاكم (1/651) ، وهو عند أحمد (6/90) ، وابن خزيمة (4/311، 317) ، والبيهقي (5/148) ، وأبي يعلى (8/187) (4744) ، والدارقطني (2/274) .(2/1068)
3287 - وعن ابن عباس قال: «رمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمار حين زالت الشمس» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي (1) وحسنه.
3288 - وأخرج نحوه مسلم في "صحيحه" (2) من حديث جابر.
3289 - وعن ابن عمر قال: «كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا» رواه البخاري وأبو داود (3) .
3290 - ويؤيد ذلك ما تقدم (4) من حديث جابر في الصحيح: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى يوم النحر ضحىً ورمى بعد ذلك بعد الزوال» .
3291 - وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رمى الجمار مشى إليها ذاهبًا وراجعًا» رواه الترمذي (5) وصححه، وفي لفظ له عنه: «أنه كان يرمي الجمرة يوم النحر راكبًا وسائر ذلك ماشيًا ويخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك» ورواه أحمد (6) .
3292 - وعن قدامة بن عبد الله قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمار على ناقته ليس ضرب ولا طرد ولا إليك إليك» أخرجه الترمذي والنسائي (7) وزاد:
_________
(1) أحمد (2/248، 290، 328) ، ابن ماجه (2/1014) (3054) ، الترمذي (3/243) (898) .
(2) تقدم برقم (3211) .
(3) البخاري (2/621) (1659) ، أبو داود (2/201) (1972) ، البيهقي (5/148) .
(4) تقدم برقم (3211) .
(5) الترمذي (3/244) (900) ، وهو بنحوه عند أبي داود (2/200) (1969) ، والدارقطني (2/274) ، وأحمد (2/138) .
(6) أحمد (2/114) .
(7) الترمذي (3/247) (903) ، النسائي (5/270) ، وهو عند الحاكم (1/638، 4/552) ، والدارمي (2/87) (1901) والبيهقي (5/101) ، والشافعي (1/370) ، وابن أبي شيبة = = (3/233) ، والطيالسي (1/190) (1338) ، وأحمد (3/413) ، وعبد بن حميد (1/140) (357) ، والطبراني في "الكبير" (19/38) .(2/1069)
«على ناقة له صهباء» .
3293 - وعن ابن عباس قال: «استأذن العباسُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له» متفق عليه (1) (*) .
3294 - ولهم (2) مثله من حديث ابن عمر (*) .
3295 - وعن سالم عن ابن عمر «أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم يتقدم فيُسْهِل فيقوم مستقبل القبلة طويلًا ويدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الوسطى ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل فيقوم مستقبل القبلة، ثم يدعو ويرفع يديه ويقوم طويلًا، ثم يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها، ثم ينصرف ويقول: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله» رواه أحمد والبخاري (3) .
3296 - وعن عاصم بن عدي: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص لرعاة الإبل في
_________
(1) ابن ماجه (2/1019) (3066) من حديث ابن عباس.
(2) البخاري (2/589، 621) (1553، 1658) ، مسلم (2/953) (1315) ، أحمد (2/19، 22، 28، 88) ، وهو عند أبي داود (2/199) (1959) ، وابن ماجه (2/1019) (3065) ، والنسائي في "الكبرى" (2/462) ، والدارمي (2/102) (1943) ، وابن حبان (9/201) ، وابن خزيمة (4/311) (2957) . من حديث ابن عمر.
(3) أحمد (2/152) ، البخاري (2/623) (1664) ، وهو عند ابن حبان (9/199) (3887) ، والنسائي (5/276) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم أجده من حديث ابن عباس، إلا عند ابن ماجه، كما هو في التخريج، وهو من حديث ابن عمر في "الصحيحين"، وقد ذكره ابن حجر في "البلوغ" عن ابن عمر، ولم يذكر ابن عباس.(2/1070)
البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ثم يرمون الغداة، ومن بعد الغد ليومين ثم يرمون يوم النفر» رواه الخمسة وصححه الترمذي والحاكم (1) ، وفي رواية لأبي داود والنسائي (2) : «رخص للرعاء أن يرموا ويدعوا يومًا» قال الترمذي: وهكذا روى ابن عيينة والحديث الأول أصح من حديث ابن عيينة ولفظ الحديث الأول في الترمذي: «رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر فيرمونه في أحدهما قال مالك: أظنه قال: في الأول منهما ثم يرمون يوم النفر» وهذا حديث حسن صحيح.
3297 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص للرعاء أن يرموا بالليل وأية ساعة شاءوا من النهار» رواه الدارقطني (3) وإسناده ضعيف.
3298 - وقد رواه البزار عن ابن عمر بإسناد حسن والحاكم والبيهقي (4) (*) .
3299 - وعن سعيد بن مالك قال: «رجعنا من الحجة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) أبو داود (2/202) (1975) ، النسائي (5/273) (3069) ، الترمذي (3/289) (955) ، ابن ماجه (2/1010) (3037) ، أحمد (5/450) ، الحاكم (1/652) ، وهو عند ابن خزيمة (4/320) (2979) ، والدارمي (2/86) (1897) .
(2) أبو داود (2/202) (1976) ، النسائي (5/273) (3068) ، وهو عند الترمذي (3/289) (954) ، ابن ماجه (2/1010) (3036) ، أحمد (5/450) ، ابن حبان (9/200) (3888) ، وابن خزيمة (4/319، 320) (2976، 2978) .
(3) الدارقطني (2/276) .
(4) البزار (2/32) (1139-كشف الأستار) ، البيهقي (5/151) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم نجده عند الحاكم، وعزاه إليه الحافظ في التلخيص (2/263) ، وقال صاحب "الهداية في تخريج أحاديث البداية" (5/415) : "ورواه البزار والبيهقي من حديث ابن عمر ... وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي، وحديثه حسن في الشواهد والمتابعات كهذا، ولذلك حسنه الحافظ، وإن وهم في عزوه إلى الحاكم" اهـ.(2/1071)
وبعضنا يقول: رميت بسبع حصيات وبعضنا يقول: رميت بست ولم يعب بعضهم على بعض» رواه أحمد والنسائي (1) ورجاله رجال الصحيح.
3300 - وأخرج (2) نحوه من حديث ابن عباس.
3301 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الاستجمار توٌّ ورمي الجمار توٌّ والسعي بين الصفا والمروة توٌ والطواف توٌ وإذا استجمر أحدكم فليستجمر بتو» رواه مسلم (3) .
3302 - وعن عائشة قالت: «قلت: يا رسول الله! ألا نبني لك بمنى بيتًا يظلك من الشمس؟ فقال: لا، إنما هو مباح لمن سبق إليه» رواه الخمسة إلا النسائي (4) ، وقال الترمذي: حديث حسن.
قوله: «يتحَين» أي: يراقب الوقت المطلوب. قوله: «توٌ» أي وتر.
[8/60] باب الخطبة أوسط أيام التشريق
3303 - عن سَرّاء بنت نَبْهان قالت: «خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الرءوس فقال: أي يوم هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، قال: أليس أوسط أيام التشريق» رواه أبو داود (5) بإسناد حسن وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله ثقات، وفي رواية:
_________
(1) أحمد (1/168) ، النسائي (5/275) (3077) .
(2) النسائي (5/275) (3078) .
(3) مسلم (2/945) (1300) .
(4) أبو داود (2/212) (2019) ، الترمذي (3/228) (881) ، ابن ماجه (2/1000) (3006، 3007) ، أحمد (6/187، 206) .
(5) أبو داود (2/197) (1953) ، وهو عند ابن خزيمة (4/318) (2973) ، والبيهقي = = (5/151) ، والطبراني في "الكبير" (24/307) ، و"الأوسط" (3/47) ، والبخاري في التاريخ (3/287) .(2/1072)
«أنه خطب أوسط أيام التشريق» .
3304 - وعن ابن أبي نَجيح عن أبيه عن رجلين من بني بكر قالا: «رأينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب بين أوسط أيام التشريق ونحن عند راحلته وهي خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي خطب بمنى» رواه أبو داود (1) وسكت عنه هو والمنذري والحافظ في "التلخيص" ورجاله رجال الصحيح.
3305 - وعن أبي نَضْرة قال: «حدثني من سمع خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في أوسط أيام التشريق فقال: يا أيها الناس إلا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى أبلغت؟ قالوا: بلِّغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد (2) قال في "مجمع الزوائد" ورجاله رجال الصحيح.
قوله: «سراء» بفتح السين وتشديد الراء، والمد وقيل القصر بنت نبهان صحابية لها حديث واحد. قوله: «يوم الرءوس» بضم الراء والهمزة وهو اليوم الثاني في أيام التشريق سمى بذلك لأنهم كانوا يأكلون فيه رءوس الأضاحي.
[8/61] باب نزول المُحَصِّب إذا نفر من منى
3306 - عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم
_________
(1) أبو داود (2/197) (1952) ، وهو عند البيهقي (5/151) .
(2) أحمد (5/411) .(2/1073)
رقد رقدة بالمحصب ثم ركب إلى البيت فطاف به» رواه البخاري (1) .
3307 - وعن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء ثم هجع هجعة ثم دخل مكة وكان ابن عمر يفعله» رواه أحمد وأبو داود والبخاري بمعناه (2) .
3308 - وعن الزهري عن سالم: «أن أبا بكر وعمر وابن عمر كانوا ينزلون الأبطح قال الزهري وأخبرني عروة عن عائشة أنها لم تكن تفعل ذلك، وقالت: إنما نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان منزلًا أسمح لخروجه» رواه مسلم (3) .
3309 - وعن عائشة قالت: «نزول الأبطح ليس بسنة إنما نزل فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج» .
3310 - وعن ابن عباس قال: «التحصيب ليس بشيء إنما هو منزل نزله النبي - صلى الله عليه وسلم -» متفق عليهما (4) .
_________
(1) البخاري (2/624، 626) (1669، 1675) ، وهو عند الدارمي (2/77) (1873) ، وابن حبان (9/195-196) (3884) ، وابن خزيمة (2/79، 4/321) (962، 2980) ، والنسائي في "الكبرى" (2/467) ، والبيهقي (5/160) .
(2) أحمد (2/110، 124) ، أبو داود (2/210) (2012، 2013) ، وهو عند أبي يعلى (10/60) ، والبيهقي (5/160) ، وعند البخاري بمعناه (2/627) (1679) .
(3) مسلم (2/951) (1311) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/468) .
(4) الحديث الأول أخرجه: البخاري (2/626) (1676) ، مسلم (2/951) (1311) ، أحمد (6/41، 207، 230) ، وابن حبان (9/208) (3896) ، وابن خزيمة (4/323، 324) (2987، 2988) ، وابن ماجه (2/1019) (3067) ، وأبي داود (2/209) (2008) = = والترمذي (3/264) (923) ، والحديث الثاني أخرجه: البخاري (2/626) (1677) ، ومسلم (2/951) (1312) ، وأحمد (1/221) ، والترمذي (3/263) (922) ، والحميدي (1/232) (498) ، وابن خزيمة (4/324) (2989) ، والبيهقي (5/160) ، وأبي يعلى (4/286) (2397) ، والطبراني في "الكبير" (11/167) .(2/1074)
3311 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من الغد يوم النحر وهو بمنى نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر يعني بذلك المحصَّب وذلك أن قريشًا وكنانة تحالفت على بني هاشم وبني عبد المطلب ألا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود (1) ، وفي رواية لهم (2) أنه قال: «منزلنا غدًا إن شاء الله مع خيف بني كنانة.
قوله: «المحصب» هو مكان متسع بين جبلين إلى منى أقرب من مكة سمي بذلك لكثرة ما به من الحصى من جرّاء السيول ويسمى بالأبطح، وخيف بين كنانة. قوله: «هجع هجعة» أي اضجع ونام. قوله: «أسمح لخروجه» أي أسهل.
[8/62] باب ما جاء في دخوله - صلى الله عليه وسلم - الكعبة
3312 - عن عائشة قالت: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عندي وهو قرير العين طيب النفس ثم رجع إلي وهو حزين فقلت له: فقال: إني دخلت الكعبة وودت أني لم أكن فعلت إني أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي» رواه الخمسة
_________
(1) البخاري (2/576) (1513) ، مسلم (2/952) (1314) ، أبو داود (2/210) (2011) ، وهو عند ابن خزيمة (4/322) ، وابن ماجه (2/981) (2942) ، وأحمد (2/237، 540) .
(2) البخاري (2/576، 3/1408، 4/1561، 6/2719) (1512، 3669، 4034، 7041) ، مسلم (2/952) (1314) ، وهي عند أحمد (2/263، 353) .(2/1075)
إلا النسائي وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم (1) ، ولفظ أبي داود: «قالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها وهو مسرور ثم رجع وهو كئيب فقال: إني دخلت الكعبة ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي» .
3313 - وعن أسامة بن زيد قال: «دخلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت فجلس فحمد الله وأثنى عليه وكبر وهلل ثم قام إلى ما بين يديه من البيت فوضع صدره عليه وخده ويديه ثم هلل وكبر ودعا ثم فعل ذلك بالأركان كلها ثم خرج فأقبل على القبلة وهو على الباب فقال: هذه القبلة هذه القبلة مرتين أو ثلاثًا» رواه أحمد والنسائي (2) ورجاله رجال الصحيح.
3314 - وعنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج فلما خرج ركع قبل البيت ركعتين، وقال: هذه القبلة» رواه مسلم (3) .
3315 - وللبخاري (4) نحوه من حديث ابن عباس.
3316 - وعن ابن عمر قال: «دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم، فلما فتحوا كنت أول من ولج، فلقيت
_________
(1) أبو داود (2/215) (2029) ، الترمذي (3/223) (873) ، ابن ماجه (2/1018) (3064) ، أحمد (6/137) ، ابن خزيمة (4/333) (3014) ، الحاكم (1/653) .
(2) أحمد (5/209، 210) ، النسائي (5/219، 220) ، وهو عند ابن خزيمة (4/329) .
(3) مسلم (2/968) (1330) .
(4) تقدم برقم (915) .(2/1076)
بلالًا فسألته هل صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم بين العمودين اليمانيين» زاد في رواية: «قال ابن عمر: فذهب عني أسأله كم صلى» وفي رواية: «فقلت: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة قال: نعم، ركعتين بين الساريتين اللتين عن يسارك إذا دخلت ثم خرج فصلى في وجه الكعبة ركعتين» وفي رواية: «إن ذلك كان يوم الفتح» وفي رواية: «أين صلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: صلى بين ذينك العمودين المقدمين وكان البيت على ستة أعمدة شطرين صلى بين العمودين من الشطر المقدم وجعل باب البيت خلف ظهره واستقبل بوجهه الذي يستقبلك حين تلج البيت بينه وبين الجدار» وفي أخرى: «قال: أخبرني بلال وعثمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى في جوف الكعبة بين العمودين اليمانيين» هذه روايات البخاري ومسلم (1) .
3317 - وعن عبد الرحمن بن صفوان قال: «لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة انطلقت فوافقته وقد خرج من الكعبة وأصحابه قد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسطهم» رواه أحمد وأبو داود (2) ، وفي إسناده مقال.
_________
(1) البخاري (1/189، 3/1089، 4/1562، 1598) (482، 483، 2826، 4038، 4139) ، مسلم (2/966، 967) (1329) ، وهو عند أحمد (2/33، 55، 120) ، وابن حبان (5/598، 7/477، 478) (2220، 3202، 3203) ، وابن خزيمة (4/330، 331) ، وابن ماجه (2/1018) (3063) ، والنسائي (5/217) ، وأبي داود (2/213، 214) (2023، 2024، 2025) بروايات مختلفة، وقد تقدم برقم (914) .
(2) أحمد (3/431) ، أبو داود (2/181) (1898) ، وهو عند ابن خزيمة (4/334) (3017) ، والبيهقي (5/92) .(2/1077)
3318 - وعن إسماعيل بن أبي خالد قال: «قلت لعبد الله بن أبي أوفى: أدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمرته قال: لا» متفق عليه (1) .
قوله: «الحطيم» هو ما بين الركن والباب وقيل ما بين الباب إلى المقام وقيل غير ذلك.
[8/63] باب ما جاء في ماء زمزم
3319 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ماء زمزم لما شرب له» رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني والحاكم (*) (2) وصححه المنذري وابن عيينة والدمياطي وحسنه الحافظ.
3320 - وعن عائشة «أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحمله» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه البيهقي والحاكم وصححه (3) .
3321 - وعن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى السقاية فاستسقى، فقال العباس: يا فضل اذهب إلى أمك فأتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشراب من عندها
_________
(1) البخاري (2/580) (1523) ، مسلم (2/968) (1332) ، أحمد (4/355) ، وهو عند أبي داود (2/182) (1902) .
(2) أحمد (3/357، 372) ، ابن ماجه (2/1018) (3062) ، وهو عند البيهقي (5/148) ، وابن أبي شيبة (3/274) ، والطبراني في "الأوسط" (1/259، 9/26) .
(3) الترمذي (3/295) (963) ، البيهقي (5/202) ، الحاكم (1/660) ، وهو عند أبي يعلى (8/139) (4683) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
حديث جابر لم نجده عند الدارقطني والحاكم، وقد عزاه الشوكاني في النيل (3/445) إليهما، ولم يعزه الشيخ الألباني في الإرواء (4/320) إليهما وهو عندهما من حديث ابن عباس، وسيأتي قريبا.(2/1078)
فقال: اسقني فقال: يا رسول الله! إنهم يجعلون أيديهم فيه، قال: اسقني فشرب ثم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها، فقال: اعملوا فإنكم على عمل صالح، ثم قال: لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل يعني على عاتقه وأشار إلى عاتقه» رواه البخاري (1) .
3322 - وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن آية ما بيننا وبين المنافقين لا يتضلعون (2) من ماء زمزم» رواه ابن ماجه والدارقطني والحاكم (3) وسكت عنه في "التلخيص".
3323 - وعنه (*) قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ماء زمزم لما شرب له إن شربته تستشفي شفاك الله، وإن شربته يشبعك الله أشبعك الله، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله، وهي هزمة جبريل وسقيا الله إسماعيل» رواه الدارقطني والحاكم وأحمد والبيهقي وابن ماجه والخطيب (4) وصححه المنذري والدمياطي وحسنه الحافظ لتعدد طرقه، وروى الدارقطني (5) «وإن شربته مستعيذًا أعاذك الله فكان ابن عباس
_________
(1) البخاري (2/589) (1554) ، وهو عند ابن خزيمة (4/306) (2946) ، وابن حبان (12/214) (5392) ، والحاكم (1/648) .
(2) أي: لا يملئون أضلاعهم منه. اهـ..
(3) ابن ماجه (2/1017) (3061) ، الدارقطني (2/288) ، الحاكم (1/645) ، وهو عند البيهقي (5/147) ، وعبد الرزاق (5/113) ، والطبراني في "الكبير" (10/314، 11/124) ، والبخاري في "التاريخ" (1/157) .
(4) الدارقطني (2/289) ، الحاكم (1/646) .
(5) هذا لفظ الحاكم (1/646) ، والذي عند الدارقطني (2/288) قول ابن عباس فقط.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
حديث ابن عباس لم نجده عند أحمد وابن ماجه، ولعل المصنف وهم في حديث ابن عباس هذا وحديث جابر المتقدم أول الباب، وجعل تخريجهما واحدا، والصحيح أن حديث جابر أخرجه ابن ماجه وأحمد، ولم يخرجه الدارقطني والحاكم، وحديث ابن عباس، أخرجه الدارقطني والحاكم، ولم يخرجه أحمد وابن ماجه، انظر الإرواء (4/320، 329) (1123، 1126) ، وكذلك "التلخيص" فإنه ذكر هذا الحديث وفصل فيه (2/268-269) رقم (1076) .(2/1079)
إذا شرب ماء زمزم قال: اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ورزقًا واسعًا وشفاء من كل داء» وفي إسناده الجارودي (1) وهو صدوق وفي إسناده محمد بن هشام المروزي قال الخطيب: لا يعرف.
3324 - وأخرج مسلم (2) من حديث أبي ذر في ذكر زمزم مرفوعًا «أنها مبارك إنها طعام طُعْم» .
3325 - وفي رواية للطبراني (3) من حديث ابن عباس وصححها ابن حبان «طعام طعم وشفاء سقم»
3326 - وعن ابن عباس قال: «سقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من زمزم فشرب وهو قائم» وفي رواية: «واستسقى وهو عند السقاية فأتيته بدلو» زاد في رواية: «قال: فحلف عكرمة ما كان يؤمئذ إلا على بعير» أخرجاه (4) .
_________
(1) اسمه محمد بن حبيب. انتهى مؤلف.
(2) مسلم (4/1919-1922) (2473) ، وهو عند ابن حبان (16/77-82) (7133) ، وأحمد (5/174) .
(3) الطبراني في "الكبير" (11/98) ، و"الأوسط" (4/179، 8/112) ، بلفظ: «خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، وفيه طعام من الطعم، وشفاء من السقم....» ، وهو عند البخاري في التاريخ موقوفًا عن ابن عباس (7/150) ، وهو عند الطبراني في "الصغير" (1/186) (295) ، والبيهقي (5/147) ، والطيالسي (1/61) ، وابن عدي (6/299) ، عن أبي ذر مرفوعًا.
(4) الرواية الأولى أخرجها: البخاري (5/2130) (5294) ، ومسلم (3/1601، 1602) (2027) وابن حبان (9/145-146، 12/139) (3838، 5319) ، والنسائي (5/237) = = وأحمد (1/287، 342، 369) ، والرواية الثانية أخرجها: مسلم (3/1602) (2027) ، وأحمد (1/220، 243، 249) ، وابن حبان (12/140) (5320) ، والرواية الثالثة أخرجها: البخاري (2/590) (1556) ، وهي عند ابن ماجه (2/1132) (3422) بلفظ: «فذكرت ذلك لعكرمة، فحلف بالله ما فعل» .(2/1080)
قوله: «هزمة جبريل» الهزمة بفتح الهاء وسكون الزاي والميم المفتوحة هو أن تغمز موضعًا بيدك أو رجلك فصير فيه حفرة، وفي "الدر النثير": زمزم هزمة جبريل أي ضربها برجله فنبع الماء.
[8/64] باب طواف الوداع وما جاء من الرخصة للحائض في تركه
3327 - عن ابن عباس قال: «كان الناس ينصرفون من كل وجه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه (1) وفي رواية: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» متفق عليه (2) ، وفي رواية لأبي داود (3) : «حتى يكون آخر عهدهم الطواف بالبيت» .
_________
(1) أحمد (1/222) ، مسلم (2/963) (1327) ، أبو داود (2/208) (2002) ، ابن ماجه (2/1020) (3070) ، وهو عند الدارمي (2/99) (1932) ، وابن حبان (9/208) (3897) ، وابن خزيمة (4/327) (3000)
(2) البخاري (2/624) (1668) ، مسلم (2/963) (1328) ، أحمد (1/226، 348) بمعناه، وهو عند ابن خزيمة (4/327) (2999) ، والنسائي في "الكبرى" (2/466) ، والشافعي (1/131، 373) ، وابن أبي شيبة (3/218) (13600) .
(3) انظر السابق.(2/1081)
3328 - وعنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف بالبيت إذا كانت قد طافت طواف الإفاضة» رواه أحمد (1) .
3329 - وعن عائشة قالت: «حاضت صفية بنت حَيَيّ بعد ما أفاضت قالت فذكرت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك فقال: أحابستنا هي؟ قلت: يا رسول الله! إنها قد أفاضت وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة، قال: فلتنفر إذًا» متفق عليه (2) وله طرق وألفاظ.
3330 - وعن ابن عمر قال: «من حج البيت فليكن آخر عهده بالبيت إلا الحُيّض رخص لهن النبي - صلى الله عليه وسلم -» أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح، وصححه الحاكم (3) .
3331 - وعن أم سلمة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو بمكة وأراد الخروج ولم تكن أم سلمة طافت بالبيت وأرادت الخروج، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون ففعلت ذلك ولم تصل
_________
(1) أحمد (1/370) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (11/110) .
(2) البخاري (4/1598) (4140) ، مسلم (2/964) (1211) ، أحمد (6/82) ، وهو عند ابن حبان (9/213) (3903) ، والنسائي في "الكبرى" (2/464) ، والشافعي (1/131) ، ومالك (1/412) .
(3) الترمذي (3/280) (944) ، الحاكم (1/642) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/466) ، وابن خزيمة (4/328) (3001) ، وابن حبان (4/327) (9/210) (3899) ، والدارقطني (2/277) .(2/1082)
حتى خرجت» أخرجاه (1) وقد تقدم في الحيض حكم المرأة إذا حاضت أو نفست في الحج في باب ما جاء أن الحائض والنفساء تفعل مناسك الحج كلها غير أن لا تطوف بالبيت.
[8/65] باب ما جاء أن من خرج حاجًا أو معتمرًا فمات
كتب له أجر الحاج أو المعتمر
3332 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من خرج حاجًا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرًا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة» رواه أبو يعلى (2) من رواية محمد بن إسحاق وبقية إسناده ثقات، ومحمد بن إسحاق قال في "الكاشف": حديثه فوق الحسن وقد صححه جماعة، وقال في "المغني": محمد بن إسحاق صدوق قوي الحديث إمام لا سيما في السير، وقال في "التقريب": صدوق وسيأتي هذا الحديث في كتاب الجهاد.
[8/66] باب ما يقول من قدم من حج أو غيره أو أراد سفرًا
وما جاء في توديع المسافر
3333 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده»
_________
(1) البخاري (2/587) (1546)
(2) أبو يعلى (11/238) (6357) ، وهو عند الطبراني في "الأوسط" (5/282) .(2/1083)
متفق عليه (1) ، ولمسلم (2) : «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة، أو أوفى على ثنية أو فَدْفَد كبر ثلاثًا» وفي رواية: مرتين، وأخرجه "الموطأ" وأبو داود (3) وفي رواية الترمذي (4) عِوَض: «ساجدون، سائحون» وقال: حسن صحيح.
3334 - وعن أبي موسى قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيها الناس أَرْبِعوا على أنفسكم إنكم ليس تدعون أصمّ ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا وهو معكم» أخرجاه (5) ، وأخرجه الترمذي (6) بلفظ: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة فلما قفلنا أشرفنا على المدينة فكبر الناس تكبيرة رفعوا بها أصواتهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن ربكم تبارك وتعالى ليس بأصم ولا غائب هو بينكم وبين رحالكم» وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، ولأبي داود (7) معناه.
_________
(1) البخاري (2/637، 3/1091، 4/1510، 5/2346) (1703، 2833، 3890، 6022) ، مسلم (2/980) (1344) ، أحمد (2/5، 15، 21، 38، 63، 105) .
(2) مسلم (2/980) (1344) .
(3) مالك في "الموطأ" (1/421) (942) ، أبو داود (3/88) (2770) ، وهو عند ابن حبان (6/424) (2707) ، و، والنسائي في "الكبرى" (5/236) .
(4) الترمذي (3/285) (950) .
(5) البخاري (3/1091، 4/1541، 5/2346، 6/2437، 2690) (2830، 3968، 6236، 6952) ، مسلم (4/2076) (2704) ، أحمد (4/417)
(6) الترمذي (5/509) (3461) ، وهي عند ابن خزيمة (4/149) (2563) ، والنسائي في "الكبرى" (4/398، 6/97، 142) .
(7) أبو داود (2/87) (1526) .(2/1084)
3335 - وعن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر حمد الله تعالى وسبح وكبر ثلاثًا ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إني أسألك في سفرنا هذا البِّر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطو لنا بعد الأرض، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في الأهل والمال وإذا رجع قالهن وزاد فيهن آيبون تائبون عابدون لربنا ساجدون» رواه مسلم والترمذي (1) بعد قوله: «في الأهل، اللهم أصحِبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا وكان يقول إذا رجع إلى أهله آيبون إن شاء الله تائبون عابدون لربنا حامدون» .
3336 - وعن عبد الله بن سَرْجِس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر وكآبة المنقلب ومن الحَوْر بعد الكَوْر ودعوة المظلوم وسوء المنظر في الأهل والمال» ومن الرواة من قال في أوله: «اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر» رواه مسلم والنسائي (2) ، وفي رواية الترمذي (3) وقال: حسن صحيح «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر يقول: اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل،
_________
(1) مسلم (2/978) (1342) ، الترمذي (5/501) (3447) ، وهو عند أبي داود (3/33) (2599) ، وابن حبان (6/413) (2696) ، وابن خزيمة (4/141) (2542) ، وأحمد (2/144) .
(2) مسلم (2/979) (1343) ، النسائي (8/272) ، وهو عند ابن خزيمة (4/138) (2533) ، وأحمد (5/82، 83) ، وابن ماجه (2/1279) (3888) .
(3) الترمذي (5/497) (3439) .(2/1085)
اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر» .
3337 - وعن علي رضي الله عنه: «أنه لما وضع رجله على الركاب قال: باسم الله فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا منقلبون ثم قال: الحمد لله ثلاث مرات ثم قال: الله أكبر ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك فقال يا أمير المؤمنين مم ضحكك؟ قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع كما صنعت ثم ضحك فقلت من أي شيء ضحكت يا رسول الله؟ قال: إن ربك يعجب من عبده إذا قال اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب غيرك» أخرجه الترمذي (1) وقال: حسن غريب ولأبي داود (2) : «يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري» وكذا في نسخة من الترمذي وقال: حسن صحيح.
3338 - وعن أنس قال: «جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أريد السفر فزودني، قال: زودك الله التقوى: قال: زدني، قال: وغفر لك ذنبك، قال: زدني بأبي أنت وأمي؟ قال: ويسر لك الخير حيثما كنت» أخرجه الترمذي (3) وقال: حسن غريب وفي نسخة حسن صحيح.
_________
(1) الترمذي (5/501) (3446) .
(2) أبو داود (3/34) (2602) ، وهو عند أحمد (1/97، 128) ، وابن حبان (6/415) (2698) ، والحاكم (2/108) ، والنسائي في "الكبرى" (5/248، 6/129) ، وأبي يعلى (1/439) .
(3) الترمذي (5/500) (3444) ، وهو عند ابن خزيمة (4/138) (2532) ، والحاكم (2/107) ، والدارمي (2/372) .(2/1086)
3339 - وعن أبي هريرة: «أن رجلًا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أريد السفر فأوصني؟ قال: عليك بتقوى الله والتكبير على كل شَرِف، فلما ولَّى الرجل قال: اللهم اطو له البعيد وهون عليه السفر» رواه الترمذي (1) وقال: حسن غريب.
3340 - وعن ابن عمر: «قال لرجل أراد السفر هلم أودعك كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يودعنا، أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، قل قبلت ورضيت فقال الرجل: قبلت ورضيت ثم قال: قل مثلما قلت لك ففعل» رواه الترمذي (2) وقال: حسن صحيح غريب، وفي رواية له (3) : «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ودع رجلًا أخذ بيده فلا يدعها حتى يكون الرجل هو الذي يدع يد النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: أستودع الله دينك وأمانتك وآخر عملك» ، وقال الترمذي: غريب.
3341 - وعن خولة بنت حكيم قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من نزل منزلًا ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله» رواه مسلم و"الموطأ" والترمذي وصححه (4) .
_________
(1) الترمذي (5/500) (3445) .
(2) الترمذي (5/499) (3443) ، وهو عند ابن خزيمة (4/137) ، والحاكم (1/610، 2/106) ، والنسائي في "الكبرى" (5/250، 6/130) ، وأبي داود (3/34) (2600) ، وأحمد (2/7، 25، 38، 136) .
(3) الترمذي (5/499) (3442) .
(4) مسلم (4/2080) (2708) ، مالك في "الموطأ" (2/978) (1763) ، الترمذي (5/496) (3437) ، وهو عند ابن خزيمة (4/150) ، والنسائي في "الكبرى" (6/144) ، وأحمد (6/377، 378) .(2/1087)
قوله: «شرف البيدا» الشرف ما ارتفع من الأرض. قوله: «هلم» يعني تعال وأقبل. قوله: «آيبون» آب يئوب إذا رجع والسرايا جمع سرية وهي طائفة من العسكر ينفذ في الغزو. قوله: «أوفى على ثنية» أي: أشرف وأطلع، والثنية المرتفع من الأرض كالنشز الرابية، وهي العقبة في الجبل، وقيل: طريق بين جبلين، فدفد هي الأرض المستوية «مقرنين» أي: مقتدرين عليه سائحون أي صائمون ومنه قوله تعالى: ((الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ)) [التوبة:112] وإنما قيل للصائم سائح؛ لأن الذي يسيح في الأرض متعبدًا يذهب ولا زاد له فحين يجد الزاد يطعم والصائم يمضي نهاره ولا يطعم شيئًا فشبه به. قوله: «وعثًا» هو التعب والمشقة. قوله: «كآبة المنظر وسوء المنقلب» الكآبة الحزن، والمنقلب المرجع وذلك أن يعود من سفره حزينًا كئيبًا، أو يصادف ما يحزنه في أهل ومال، والمنظر من أهله وماله. قوله: «الحور بعد الكور» الحور النقصان، والكور بالراء المهلمة: الزيادة من تكوير العمامة يعني من الانتقاص بعد الزيادة والاستكمال ويروى الكون بالنون مصدر كان يكون كونًا من كان التامة أي التغيير بعد الثبات والاستقرار. قوله: «دينك وأمانتك» جعل دينه من الودائع لأن السفر يصيب فيه المشقة والتعب والخوف فيكون ذلك سببًا لإهمال بعض الأمور المتعلقة بالدين فدعا له بالمعونة والتوفيق فيها، وأما الأمانة هاهنا فهي أهل الرجل وماله ومن يخلفه. قوله: «خواتيم عملك» خواتيم العمل آخره جمع خاتمة. قوله: «كلمات الله التامة» وصف كلماته تعالى بالتمام إذ لا يجوز أن يكون شيئًا من كلامه ناقصًا، ولا فيه عيب كما يكون في كلام الآدميين وقيل معنى التمام هاهنا أن ينتفع بها المتعوذ من الآفات.(2/1088)
[8/67] باب الفوات والإحصار وأحكامهما
3342 - عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصاري قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى، قال: فذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة فقالا: صدق» رواه الخمسة وحسنه الترمذي وأخرجه أيضًا ابن خزيمة والحاكم والبيهقي (1) . وفي رواية (2) : «وعليه الحج من قابل» وفي رواية لأبي داود (3) : «من عرج أو كسر أو مرض» وفي رواية لأحمد (4) : «من حبس بكسر أو مرض» .
3343 - وعن ابن عمر (5) كان يقول: «أليس حسبكم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن حبس أحدكم طاف بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يحل من كل شيء حتى يحج عامًا قابلًا فيهدي أو يصوم إن لم يجد هديًا» رواه البخاري والنسائي (6) .
3344 - وفي رواية للبخاري (7) من حديثه ابن عباس (8) قال: «قد أحصر النبي - صلى الله عليه وسلم - فحلق وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عامًا قابلًا» .
_________
(1) أبو داود (2/173) (1862) ، النسائي (5/198) ، الترمذي (3/277) (940) ، ابن ماجه (2/1028) (3077) ، أحمد (3/450) ، الحاكم (1/642، 657) ، البيهقي (5/220) .
(2) أبو داود (2/173) (1862) .
(3) أبو داود (2/173) (1863) .
(4) في رواية المروذي كما في "نيل الأوطار" (5/173) .
(5) في الأصل: وعن ابن عباس.
(6) البخاري (2/642) (1715) ، النسائي (5/169) ، وهو عند الترمذي مختصرًا (3/279) (942) ، وأحمد (2/33) عن الزهري عن سالم كان ابن عمر يقول ... وساقه.
(7) البخاري (2/642) (1714) عن عكرمة قال قال ابن عباس رضي الله عنهما: قد أحصر.. ثم ساقه.
(8) في الأصل: من حديثه.(2/1089)
3345 - وعن عمر بن الخطاب «أنه أمر أبا أيوب صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهناد بن الأسود حين فاتهما الحج فأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة، ثم يرجعا حلالًا، ثم يحجا عامًا قابلًا ويهديا، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله» رواه "الموطأ" والبيهقي (1) .
3346 - وعن ابن عمر أنه قال: «من حبس دون البيت لمرض، فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت» رواه "الموطأ" (2) من طريق ابن شهاب عن سالم عنه.
3347 - وعن ابن عباس أنه قال: «لا حصر إلا حصر العدو» رواه الشافعي في "مسنده" والبيهقي (3) بإسناد صحيح وصحح الحافظ إسناده.
3348 - وعن عائشة قالت: «دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فقالت: يا رسول الله! إني أريد الحج وأنا شاكية! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: حجي واشترطي إن محلي حيث حبستني» متفق عليه (4) ، وفي رواية لهما: «حجي واشترطي وقولي: مَحِلي حيث حبستني» .
3349 - وفي رواية من حديث ابن عباس وقال: حسن صحيح «قالت: يا رسول الله! إني أريد الحج أفأشترط؟ قال: نعم، قالت: كيف أقول؟ قال:
_________
(1) مالك (1/362) (806) ، البيهقي (5/220) .
(2) مالك (1/361) (805) ، وهو عند البيهقي (5/219) ، والشافعي (1/124) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/252) .
(3) الشافعي (1/367) ، البيهقي (5/219) .
(4) تقدم برقم (3003)(2/1090)
قولي لبيك اللهم لبيك محلي من الأرض حيث تحبسني» وفي رواية للنسائي: «فإن لك على ربك ما استثنيت» وقد تقدم (1) حديث عائشة وما في معناه في باب الاشتراط في الإحرام وإنما أعدناه هنا لكونه من أحاديث الإحصار.
3350 - وعن المِسْوَر في حديث عمرة الحديبية والصلح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من قضية الكتاب قال لأصحابه: «قوموا فانحروا ثم احلقوا» رواه أحمد والبخاري وأبو داود (2) وللبخاري (3) عن المسور «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك» .
3351 - وعنه قال: «قلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الهدي فأشعره بذي الحليفة وأحرم منها بالعمرة وحلق بالحديبية في عمرته وأمر أصحابه بذلك ونحن في الحديبية قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك» رواه أحمد (4) .
3352 - وعن ابن عباس قال: «إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ فأما من حبسه عدو وغير ذلك فإنه حل ولا يرجع، وإن كان معه هدي وهو محصر إن كان لا يستطيع أن يبعث به، وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي
_________
(1) تقدم برقم (3002) .
(2) جزء من حديث طويل في صلح الحديبية، وهو عند أحمد (4/330) ، البخاري (2/974-979) (2581) ، أبو داود (3/85) (2765) .
(3) البخاري (2/643) (1716) .
(4) أحمد (4/327) .(2/1091)
محله» رواه البخاري (1) ، وقال: قال مالك وغيره ينحر هديه ويحلق في أي موضع كان ولا قضاء عليه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه نحروا وحلقوا وحلوا من كل شيء قبل الطواف وقبل أن يصل الهدي إلى البيت، ثم لم يذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أحدًا أن يقضوا شيئًا، ولا يعودوا له والحديبية خارج الحرم.
قوله: «من كُسر» بضم الكاف وكسر السين، وعرج، بفتح العين المهملة والراء أي أصابه شيء في رجله وليس بخلقة فإذا كان خلقة قيل عرج بكسر الراء. قوله: «بالتلذذ» بالمعجمتين وهو الجماع. قوله: «عدو» بفتح العين المهملة وضم الدال وفي رواية: عذر بضم العين بعدها ذال معجمة ساكنة آخره راء مهملة.
* * *
_________
(1) البخاري تعليقًا (2/643) باب من قال ليس على المحصر بدل، وكلام مالك أيضًا في "الموطأ" (1/360) (800) .(2/1092)
أبواب الهدايا
[8/68] باب ما جاء في إشعار البدن وتقليد الهدي
3353 - عن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا ناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيسر وسلت الدم عنها وقلدها نعلين ثم ركب راحلته فلما استوت به على البيداء أهل بالحج» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (1) ، وفي رواية لأبي داود (2) : «ثم سلت الدم بيده» وفي رواية (3) : «بإصبعه» وللنسائي (4) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشعر بدنه من الجانب الأيمن وسلت الدم عنها وقلدها» .
3354 - وعن المسور بن مخرمة قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة في بضع عشرة مائه من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة» رواه أحمد والبخاري وأبو داود (5) .
_________
(1) أحمد (1/280، 339، 347) ، مسلم (2/912) (1243) ، أبو داود (2/146) (1752) ، النسائي (5/172، 174) ، وهو عند ابن حبان (9/314) (4002) .
(2) أبو داود (2/146) (1753) .
(3) أبو داود (2/146) (1753) .
(4) النسائي (5/172) ، وهي بمعنى قريب من هذا عند الترمذي (3/249) (906) ، وابن ماجه (2/1034) (3097) ، وأحمد (1/216) ، وابن خزيمة (4/153) (2575) .
(5) أحمد (4/323) ، البخاري (2/608، 4/1531) (1608، 3944) ، أبو داود (2/146، 3/85) (1754، 2765) .(2/1093)
3355 - وعن عائشة قالت: «فتلت قلائد بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أشعرها وقلدها ثم بعث بها إلى البيت فما حرم عليه شيء كان له حلالًا» متفق عليه (1) .
3356 - وعنهما «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى مرة إلى البيت غنمًا فقلدها» رواه الجماعة (2) .
قوله: «أشعرها» الإشعار: هو أن يكشط جلد البَدَنَة حتى يسيل الدم ثم يسلته فيكون ذلك علامة كونها هديًا. قوله: «قلائد بدن رسول الله» زاد البخاري في روايته: «من عِهْن كان عندي» .
[8/69] باب النهي عن إبدال الهدي المعين
3357 - عن ابن عمر قال: «أهدى عمر نجيبًا فأعطي بها ثلاثمائة دينار فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إني أهديت نجيبًا فأعطيت بها ثلاثمائة دينار فأبيعها وأشتري بثمنها بدنًا، قال: لا، انحرها إياها» رواه أحمد وأبو داود والبخاري في "تاريخه" وابن حبان وابن خزيمة في "صحيحيهما" (3) .
قوله: «نجيبًا» النجب من الإبل القوي الخفيف السريع.
_________
(1) البخاري (2/608، 609، 814) (1609، 1612، 2192) ، مسلم (2/957، 958، 959) (1321) ، أحمد (6/78، 85، 216) ، وهو عند أبي داود (2/147) ، والترمذي (3/251) (908) ، والنسائي (5/171-175) ، وابن ماجه (2/1034) .
(2) البخاري (2/609) (1614) ، مسلم (2/958) (1321) ، أبو داود (2/146) (1755) ، النسائي (5/173) ، ابن ماجه (2/1034) (3096) ، أحمد (6/42) .
(3) أحمد (2/145) ، أبو داود (2/146) (1756) ، البخاري في التاريخ (2/230) ، ابن خزيمة (4/292) (2911) .(2/1094)
[8/70] باب البقرة والبدنة عن سبع شياة
3358 - عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه رجل فقال: إن عليَّ بدنة وأنا موسر ولا أجدها فأشتريها فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبتاع سبع شياة فيذبحهن» رواه أحمد وابن ماجه (1) ورجاله رجال الصحيح، وقد أعل بعدم سماع عطاء من ابن عباس.
3359 - وعن جابر قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة» متفق عليه (2) ، وفي رواية قال: «نحرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة» رواه مسلم (3) ، وفي رواية لأبي داود (4) عنه: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «البقرة عن سبعة والجزور عن سبعة» وفي رواية لمسلم (5) : «كنا نتمتع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - البقرة عن سبعة نشترك فيها» وفي لفظ: «قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اشتركوا في الإبل والبقر كل سبعة في بقرة» رواه البرقاني على شرط
_________
(1) أحمد (1/311، 312) ، ابن ماجه (2/1048) (3136) .
(2) مسلم (2/955) (1318) ، أحمد (3/292) .
(3) مسلم (2/955) (1318) ، وهي عند أبي داود (3/98) (2809) ، والترمذي (3/248، 4/89) (904، 1502) ، وابن ماجه (2/1047) (3132) ، ومالك (2/486) (1032) ، وأحمد (3/293، 301، 363) ، وابن حبان (9/317) (4006) ، وابن خزيمة (4/288) (2901) .
(4) أبو داود (3/98) (2808) ، وهي عند أحمد (3/335) .
(5) مسلم (2/956) (1318) ، وهي عند أبي داود (3/98) (2807) ، والنسائي (7/222) ، وابن خزيمة (4/288) (2902) ، وأحمد (3/304، 318) .(2/1095)
الصحيحين وفي رواية قال: «اشتركنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج والعمرة كل سبعة منا في بدنه، فقال رجل لجابر: نشترك في البقر ما نشترك في الجزور، فقال: ما هي إلا من البدن» رواه مسلم (1) .
3360 - وعن حذيفة قال: «شرك النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجته بين المسلمين في البقر عن سبعة» رواه أحمد (2) ، قال في "مجمع الزاوئد": ورجاله ثقات.
[8/71] باب ما جاء في ركوب الهدي
3361 - عن أنس قال: «رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يسوق بدنه فقال: اركبها، قال: إنها بدنة! قال: اركبها ثلاثًا» متفق عليه (3) .
3362 - وعن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يسوق بدنة فقال: اركبها، فقال: إنها بدنة! فقال: اركبها، قال: إنها بدنة! قال: اركبها، ويلك في الثانية أو الثالثة» أخرجاه (4)
وللبخاري (5) قال: «لقد رأيت راكبها يساير النبي - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) مسلم (2/955) (1318) ، وهي عند ابن خزيمة (4/287) (2900) .
(2) أحمد (5/405) .
(3) البخاري (2/606، 3/1012، 5/2280) (1605، 2603، 5807) ، مسلم (2/960) (1323) ، أحمد (3/173، 231، 275، 276) ، وهو عند النسائي (5/176) (2800) ، والترمذي (3/254) (911) .
(4) البخاري (2/606، 3/1012، 5/2280) (1604، 2604، 5808) ، مسلم (2/960) (1322) ، وهو عند ابن حبان (9/326) (4016) ، وابن ماجه (2/1036) (3103) ، وأبي داود (2/147) (1760) ، والنسائي (5/176) (2799) ، وأحمد (2/254) .
(5) البخاري (2/610) (1619) وهي عند ابن ماجه (2/1036) (3104) .(2/1096)
والنعل في عنقها» ولمسلم (1) نحوه، وقال فيه: «بدنة مقلدة» .
3363 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يسوق بدنة قد أجهده المشي، فقال: اركبها، قال: إنها بدنة! قال: اركبها، وإن كانت بدنة» رواه أحمد والنسائي (2) وقد روي هذا الحديث من طرق ضعفها الحافظ في "الفتح".
3364 - وعن جابر «أنه سئل عن ركوب الهدي، فقال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: اركبها بالمعروف إذا لجيت إليها حتى تجد ظهرًا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (3) .
3365 - وعن علي «أنه سئل يركب الرجل هديه، فقال: لا بأس به قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمر بالرجال يمشون فيأمرهم بركوب هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ولا تتبعون شيئًا أفضل من سنة نبيكم» رواه أحمد (4) ، قال في "الفتح": إسناده صالح، وقال في مجمع الزوائد: في إسناده محمد بن عبد الله بن أبي رافع وثقه ابن حبان وضعفه جماعة.
_________
(1) مسلم (2/960) (1322) .
(2) أحمد (3/106) ، النسائي (5/176) (2801) ، وهو عند ابن أبي شيبة (3/359) (14923) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/161) ، وأبي يعلى (6/434) .
(3) أحمد (3/317، 324، 325، 348) ، مسلم (2/961) (1324) ، أبو داود (2/147) (1761) ، النسائي (5/177) ، وهو عند أبي يعلى (4/141، 144) ، وابن خزيمة (4/189) .
(4) أحمد (1/121) .(2/1097)
[8/72] باب الهدي يعطب قبل محله
3366 - عن أبي قُبَيْصَة ذويب ابن حلجان قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث معه بالبدن، ثم يقول: إن عطب منها شيء فخشيت عليها موتًا فانحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم اضرب به صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه (1) .
3367 - وعن ناجِية الخزاعي (2) وكان صاحب بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قلت كيف أصنع بما عطب من الإبل قال: انحره واغمس نعله في دمه واضرب صفحته وخلِّ بين الناس وبينه فليأكلوا» رواه الخمسة إلا النسائي وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم في هدي التطوع، انتهى. وأخرجه أيضًا ابن حبان والحاكم (3) .
3368 - وعن هشام بن عروة عن أبيه «أن صاحب هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله! كيف أصنع بما عطب من الهدي؟ قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كل
_________
(1) أحمد (4/225) ، مسلم (2/963) (1326) ، ابن ماجه (2/1036) (3105) ، وهو عند ابن خزيمة (4/154) (2578) .
(2) هو ناجية بن كعب أو ابن جندب بن كعب الأسلمي الخزاعي صحابي اسمه ذكوان وعنه مجزأة بن زاهر. قال ابن أبي حاتم: مات زمن معاوية. اهـ.
(3) أبو داود (2/148) (1762) ، الترمذي (3/253) (910) ، ابن ماجه (2/1036) (3106) ، أحمد (4/334) ، ابن حبان (9/331) (4023) ، الحاكم (1/616) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/454) (4137) ، وابن خزيمة (4/154) (2577) .(2/1098)
بدنة عطبت من الهدي فانحرها ثم ألق قلائدها في دمها، ثم خل بين الناس وبينها يأكلونها» رواه مالك في "الموطأ" (1) ولم يسم الرجل وهو ناجية شيخ عروة.
[8/73] باب الأكل من دم القران والتمتع والتطوع
3369 - في حديث جابر الطويل: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثة وستين بدنة بيده، ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها» رواه أحمد ومسلم (2) .
3370 - وعنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج ثلاث حجج، حجتين قبل أن يهاجر وحجة بعدما هاجر ومعها عمرة فساق ثلاثًا وثلاثين بدنة، وجاء عليَّ من اليمن ببقيتها فيها جمل لأبي لهب في أنفه بُرَة من فضة فنحرها، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كل بدنة ببضعة فذبحت وشرب من مرقها» رواه الترمذي وقال: غريب، وابن ماجه (3) وقال: «جمل لأبي جهل» .
3371 - وعن عائشة قالت: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذي القعدة ولا نرى إلا الحج، فلما دنونا من مكة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن معه هدي إذا طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يحل، قالت: فدخل علينا يوم النحر
_________
(1) مالك في "الموطأ" (1/380) (851) ، وقد سماه الدارمي (2/90) (1909) .
(2) تقدم برقم (3211) .
(3) الترمذي (3/178) (815) ، ابن ماجه (2/1027) (3076) .(2/1099)
بلحم بقر، فقلت: ما هذا، فقيل نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه» متفق عليه (1) وهو دليل على جواز الأكل من دم القران؛ لأن عائشة كانت قارنة على الصحيح من الأقوال.
قوله: «برة» بضم الباء الموحدة وفتح الراء المخففة هي حلقة تجعل في أنف البعير.
[8/74] باب ما جاء في تجليل الهدي والصدقة باللحوم
والجلود والجلال والنهي عن بيعها
3372 - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنة وأتصدق بلحومها وجلودها وجلالها وأن لا أعطي الجازر منها شيئًا وقال: نحن نعطيه من عندنا» متفق عليه (2) .
3373 - وعن أبي سعيد أن قتادة بن النعمان أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تبيعوا لحوم الهدي والأضاحي وكلوا وتصدقوا واستمتعوا بجلودها ولا تبيعوها، وإن أطعمتم من لحومها شيئاً فكلوا أنى شئتم» رواه أحمد (3) قال في "مجمع الزوائد": إنه مرسل صحيح الإسناد.
_________
(1) البخاري (2/611، 614، 3/1079) (1623، 1633، 2793) ، مسلم (2/876) (1211) ، أحمد (2/219، 273) ، وهو عند مالك (1/393) (881) .
(2) البخاري (2/613) (1629، 1630، 1631) ، مسلم (2/954) (1317) ، أحمد (1/123، 132) ، وهو عند أبي داود (2/149) (1769) ، وابن ماجه (2/1035) (3099) ، وابن حبان (9/329، 330) ، وابن خزيمة (4/295، 296) ، والنسائي في "الكبرى" (2/456) .
(3) أحمد (4/15) .(2/1100)
3374 - وعن نافع «أن ابن عمر كان يجلل بدنه القباطي والأنماط والحلل، ثم يبعث بها إلى الكعبة فيكسوها إياها» وفي رواية: «أن مالكًا سأل عبد الله بن دينار: ما كان عبد الله بن عمر يصنع بجلال بدنه حين كست الكعبة هذه الكسوة؟ فقال: كان يتصدق بها» أخرجه "الموطأ" (1) .
[8/75] باب من جاء أن من بعث بهدي لم يحرم عليه شيء بذلك
3375 - عن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهدي من المدينة فأفتل قلائد هديه ثم لا يجتنب شيئًا مما يجتنبه المحرم» رواه الجماعة (2) ، وفي رواية: «أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة أن ابن عباس قال: من أهدى هديًا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه، فقالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس أنا فَتَلت قلائد هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ثم قلدها بيده، ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء أحله الله له حتى نحر الهدي» أخرجاه (3) ، وفي رواية لهما (4) : «ثم أشعرها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقلدها وبعث بها إلى البيت، فما حرم عليه شيء كان له حلالًا» وفي رواية لهما (5) : «كنت أفتل القلائد للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فيقلد الغنم ويقيم في أهله حلالًا» وللحديث ألفاظ.
_________
(1) مالك في "الموطأ" (1/379) (849) .
(2) تقدم برقم (3358) .
(3) البخاري (2/609) (1613) ، مسلم (2/959) (1321) ، وهو عند مالك (1/340) (754) .
(4) البخاري (2/609) (1612) ، مسلم (2/957) (1321) .
(5) البخاري (2/609) (1615) ، مسلم (2/958) (1321) .(2/1101)
3376 - وقد ورد ما يعارض هذا الحديث فأخرج أحمد والبزار (1) من حديث جابر قال: «كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقدَّ قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه، وقال: إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتُشْعر على مكان كذا فلبست قميصي ونسيت، فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي» وقال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد ثقات، وفي طريق أخرى قال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وللنسائي (2) من حديث جابر «أنهم كانوا إذا كانوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بعثوا بالهدي فمن شاء أحرم ومن شاء ترك» .
* * *
_________
(1) أحمد (3/400) ، البزار (1107-كشف الأستار) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/264) .
(2) النسائي (5/174) ، وفي "الكبرى" (2/363) .(2/1102)
أبواب الأضاحي وأحكامها
[8/76] باب الحث على الأضحية وما جاء في وجوبها وعدمه
3377 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما عمل ابن آدم يوم النحر عملًا أحب إلى الله من إهراق دم، وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وأن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسًا» رواه ابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن غريب والحاكم وقال: صحيح الإسناد (1) .
3378 - وعن زيد بن أرقم قال: «قلت أو قالوا: يا رسول الله! ما هذه الأضاحي؟ قال: سنة أبيكم إبراهيم. قالوا: مالنا منها؟ قال: بكل شعرة حسنة، قالوا: والصوف؟ قال: بكل شعرة من الصوف حسنة» رواه أحمد وابن ماجه وقال الحاكم: صحيح الإسناد (2) .
3379 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من وجد سعة، فلم يضح فلا يقربن مصلانا» رواه احمد وابن ماجه (3) قال في "بلوغ المرام": صححه
_________
(1) ابن ماجه (2/1045) (3126) ، الترمذي (4/83) (1493) ، الحاكم (4/246) .
(2) أحمد (4/368) ، ابن ماجه (2/1045) (3127) ، الحاكم (2/422) ، وهو عند عبد بن حميد (1/112) (259) ، والطبراني في "الكبير" (5/197) .
(3) أحمد (2/321) ، ابن ماجه (2/1044) (3123) ، الحاكم (2/422، 258) ، وهو عند الدارقطني (4/285) .(2/1103)
الحاكم؛ لكن رجح الأئمة غيره وفقه، وقال في "الفتح": رجاله ثقات؛ لكن اختلف في رفعه ووقفه.
3380 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أنفقت الوَرِق في شيء أفضل من نَحِيرة في يوم عيد» رواه الدارقطني والطبراني في "الكبير" (1) ، قال في "مجمع الزوائد": فيه إبراهيم بن يزيد الخُوزي وهو ضعيف.
3381 - وعن مِخْنف بن سُلَيم قال: «كنا وقوفًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة فسمعته يقول: يا أيها الناس إن على كل بيت في كل عام أضحية وعتيرة أتدرون ما العتيرة هي التي تسمونها الرجبية» رواه الترمذي وقال: حسن غريب، وأبو داود والنسائي (2) بإسناد ضعيف.
3382 - وعن جُنْدب البَجَلي عنه - صلى الله عليه وسلم -: «من كان ذبح قبل أن يصلي، فليذبح مكانها أخرى، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله» متفق عليه (3) .
3383 - ولأحمد ومسلم (4) من حديث جابر، «فتقدم رجال فنحروا وظنوا
_________
(1) الدارقطني (4/282) ، الطبراني في "الكبير" (11/17) ، وهو عند البيهقي (9/260) ، وابن عدي في "الكامل" (1/227) .
(2) الترمذي (4/99) (1518) ، أبو داود (3/93) (2788) ، النسائي (7/167) ، وهو عند ابن ماجه (2/1045) (3125) ، وأحمد (4/215، 5/76) ، والبيهقي (2/260) ، والطبراني في "الكبير" (20/310، 311) .
(3) سيأتي برقم (3430) .
(4) سيأتي برقم (3431) .(2/1104)
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نحر، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان نحر بأن يعيدوا بنحر آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبي - صلى الله عليه وسلم -» .
3384 - ومن حديث أنس مرفوعًا «من كان ذبح قبل الصلاة فليعد» متفق عليه (1) وستأتي هذه الثلاثة الأحاديث في باب وقت الذبح (2) وإنما ذكرناها هنا لدلالتها على وجوب الأضحية للأوامر التي فيها ويؤيد ذلك قوله تعالى ((فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)) [الكوثر:2] .
3385 - ويدل لمن قال بعدم الوجوب حديث جابر قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عيد الأضحى، فلما انصرف أتى بكبش فذبحه فقال: باسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (3) وقال: حديث غريب من هذا الوجه، وقال: المطلب بن عبد الله بن حنطب يُقال: إنه لم يسمع من جابر، وقال أبو حاتم الرازي: يشبه أن يكون أدركه.
3386 - وعن علي بن الحسين عن أبي رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين، فإذا صلى وخطب الناس أتى بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية، ثم يقول: اللهم هذا عن أمتي جميعًا من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ، ثم يؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه، ويقول: هذا عن محمد وآل محمد فيطعمهما جميعًا المساكين ويأكل هو وأهله منهما،
_________
(1) سيأتي برقم (3432) .
(2) سيأتي هذا الباب برقم [8/83] .
(3) أحمد (3/356، 362) ، أبو داود (3/99) (2810) ، الترمذي (4/100) (1521) .(2/1105)
فمكثنا سنين ليس لرجل من بني هاشم ما يضحي قد كفاه الله المؤنة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والغُرم» رواه أحمد والطبراني في "الكبير" والبزار (1) وقال في "مجمع الزوائد": إسناد أحمد والبزار حسن، ولأحمد وابن ماجه والحاكم نحوه وسيأتي (2) في باب التضحية بالخصي.
3387 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: باسم الله، اللهم تقبل من محمد ومن أمة محمد ثم ضحى» رواه مسلم (3) .
قوله: «أملحين» الأملح الذي فيه سواد وبياض، قاله في "التلخيص" وقال في "غريب جامع الأصول": كبش أملح إذا كان بياضه أكثر من سواده، وقيل: هو النقي البياض. قوله: «أقرنين» أي: لكل واحد منها قرنان.
[8/77] باب ما يتجنبه في العشر من أراد التضحية
3388 - عن أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره» رواه الجماعة إلا البخاري (4) ، وفي رواية لمسلم والترمذي وصححه أبو داود والنسائي (5) : «من كان
_________
(1) أحمد (6/391) ، الطبراني في "الكبير" (1/311، 312) ، البزار (9/318-319) (3867) .
(2) سيأتي برقم (3413) .
(3) سيأتي برقم (3422) .
(4) أخرجه بهذا اللفظ مسلم (3/1565) (1977) ، والترمذي (4/102) (1523) ، والنسائي (7/211، 212) ، وابن ماجه (2/1052) (3150) ، أحمد (6/289، 301، 311) .
(5) وبهذا اللفظ عند مسلم (3/1566) (1977) ، وأبي داود (3/94) (2791) .(2/1106)
له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة، فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي» .
قوله: «ذبح» بكسر الذال أي حيوان يذبحه ومنه قوله تعالى: ((وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)) [الصافات:107] .
[8/78] باب ما جاء أن البقرة عن سبعة والبعير عن عشرة
وبيان السن التي تجزئ في الأضحية وما لا يجزئ
3389 - عن ابن عباس قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفره فحضر الأضحى فذبحنا البقرة عن سبعة والبعير عن عشرة» رواه الخمسة إلا أبا داود وحسنه الترمذي (1) .
3390 - وعن رافع بن خديج: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم فعدل عشرًا من الغنم ببعير» أخرجاه (2) وسيأتي إن شاء الله أن الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت.
3391 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن» رواه جماعة إلا البخاري والترمذي (3) .
_________
(1) الترمذي (3/249، 4/89) (905، 1501) ، النسائي (7/222) ، ابن ماجه (2/1047) (3131) ، أحمد (1/275) .
(2) البخاري (2/881) (2356) ، مسلم (3/1558) (1968) ، وهو عند الترمذي (4/153) (1600) ، والنسائي (7/191) ، وابن ماجه (2/1048) (3137) ، وأحمد (4/140) .
(3) مسلم (3/1555) (1963) ، أبو داود (3/95) (2797) ، النسائي (7/218) ، ابن ماجه (2/1049) (3141) ، أحمد (3/312، 327) .(2/1107)
3392 - وعن البراء بن عازب قال: «ضحى خال لي يقال له أبو بُرْدَةَ قبل الصلاة فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاتك شاة لحم، فقال: يا رسول الله! إن عندي داجنًا جذعة من المعز، قال: اذبحها ولا تصلح لغيرك، ثم قال: من ذبح قبل الصلاة، فإنما يذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصلاة، فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين» متفق عليه (1) .
3393 - وعن أبي هريرة قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: نعم أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن» رواه أحمد والترمذي (2) وقال: غريب، وقد روي موقوفًا وسكت عنه في "التلخيص" وضعفه ابن حزم وقال في "الخلاصة": وفي بعض نسخ الترمذي: حسن، انتهى. وفي الترمذي في نسخة صحيحة وهي نسخة سماعي المقروءة على مشايخي ما لفظه: قال أبو عيسى: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب، وفي الباب عن ابن عباس وأم بلال ابنة هلال عن أبيها وجابر وعقبة بن عامر ورجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، انتهى.
3394 - وعن أم بلال بنت هلال عن أبيها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يجوز الجذع من الضأن ضحية» رواه أحمد وابن ماجه (3) ورجال إسناده فيهم الثقة والصدوق والمقبول، وقد أعل الحديث بجهالة الراوية له أم محمد بن أبي يحيى عن أم بلال وأم بلال صحابية.
_________
(1) البخاري (5/2109، 2112) (5225، 5236) ، مسلم (3/1552) (1961) ، أحمد (4/297) .
(2) أحمد (2/444) ، الترمذي (4/87) (1499) .
(3) أحمد (6/368) ، ابن ماجه (2/1049) (3139) .(2/1108)
3395 - وعن مجاشع بن سليم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: «إن الجذع توفي بما توفي منه الثنية» رواه أبو داود وابن ماجه (1) ، وفي إسناده عاصم بن كليب، قال أحمد: لا بأس به، وقال أبو حاتم الرازي: صالح، وأخرج له مسلم.
3396 - وعن عقبة بن عامر قال: «ضحينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجذع من الضأن» رواه النسائي (2) ورجاله ثقات.
3397 - وعنه قال: «قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الصحابة ضحايا فصارت لعقبة جذعة فقلت: يا رسول الله! أصابني جذعة فقال: ضح بها» متفق عليه (3) . وفي رواية للجماعة إلا أبا داود (4) «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنمًا يقسمها على صحابته ضحايا فبقي عتود فذكره للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ضح به أنت» .
3398 - وفي رواية للبيهقي (5) بإسناد صحيح عن عقبة بن عامر قال: «أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنمًا أقسمها ضحايا فبقي عتود منها فقال: ضح بها أنت ولا رخصة فيها لأحد بعدك» .
قوله: «إلا مسنة» المسنة الثنية من الإبل والبقر والغنم فما فوقها، قوله: جذع
_________
(1) أبو داود (3/96) (2799) ، ابن ماجه (2/1049) (3140) .
(2) النسائي (7/219) .
(3) البخاري (5/2110) (5227) ، مسلم (2/1556) (1965) ، أحمد (4/144) ، وهو عند النسائي (7/218) .
(4) البخاري (2/807، 884) (2178، 2367) ، مسلم (3/1555) (1965) ، الترمذي (4/88) (1500) ، النسائي (7/218) ، ابن ماجه (2/1048) (3138) ، أحمد (4/149) .
(5) البيهقي (9/270) .(2/1109)
ضأن: الجذع من الضأن ما تم له سنة وهو الصحيح، وقيل ستة أشهر وقيل سبعة أشهر وقيل ثمانية، وقيل عشرة. قوله: «داجنًا» الداجن مايعلف في البيت من الغنم والمعز. قوله: «يوفي» أي يجزئ كما تجزئ الثنية. قوله: «عتودًا» بفتح العين المهملة وضم الفوقية وسكون الواو وهي ما رعي وقوي وأتى عليه حول من ولد المعز.
[8/79] باب ما يستحب من الأضاحي وما نهي عنه
3399 - عن أبي أمامة بن سهل قال: «كنا نسمّن الأضحية وكان المسلمون يسمنون» رواه البخاري (1) .
3400 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «دم عَفْراء أحب إلى الله من دم سوداوين» رواه أحمد والحاكم والبيهقي (2) بإسناد لا يحتج به ونقل عن البخاري أن رفعه لا يصح.
3401 - وعن أبي سعيد قال: «ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبش أقرن فحيل يأكل في سواد ويمشي في سواد وينظر في سواد» رواه أحمد والترمذي وصححه الترمذي وابن حبان (3) ، وقال صاحب "الاقتراح": هو على شرط مسلم.
_________
(1) أخرجه البخاري معلقًا (5/2111) باب في أضحية النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين، ويذكر سمينين، ووصله أبو نعيم في "المستخرج" انظر الفتح (10/10) .
(2) أحمد (2/417) ، الحاكم (4/252) ، البيهقي (9/273) ، وهو في مسند الحارث (1/473) .
(3) أحمد (3/8) ، الترمذي (4/85) (1496) ، ابن حبان (13/223) (5902) ، وهو عند أبي داود (3/95) (2796) ، والحاكم (4/253) ، وابن ماجه (2/1046) (3128) ، والنسائي (7/220) .(2/1110)
3402 - وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «خير الأضحية الكبش» أخرجه الترمذي (1) بإسناد ضعيف وقال: غريب.
3403 - وقال في "الخلاصة": وقد رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم والبيهقي (2) من رواية عباية، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولفظ حديث عباية: «خير الأضحية الكبش الأقرن» .
3404 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين» رواه أبو داود (3) ، وفي رواية للبخاري ومسلم (4) : «بكبشين أملحين» ، وفي رواية: «أقرنين» وفي رواية لأحمد (5) «سمينين» ولأبي عوانة في "صحيحه": «ثمينين» .
3405 - وعن عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد، فأتي به ليضحى به، فقال لها: يا عائشة هلمي المدية،
_________
(1) الترمذي (4/98) (1517) ، وهو عند ابن ماجه (2/1046) ، والطبراني في "الكبير" (8/163، 164) ، وابن عدي في "الكامل" (5/380) بلفظ: «خير الكفن الحلة، وخير الضحايا الكبش الأقرن» .
(2) أبو داود (3/199) (3156) ، ابن ماجه (1/473) (1473) ، الحاكم (4/254) ، البيهقي (3/403) بلفظ: «خير الكفن الحلة، وخير الأضحية الكبش الأقرن» إلا ابن ماجه فله «خير الكفن الحلة» فقط.
(3) سيأتي برقم (3423) .
(4) سيأتي برقم (3423) .
(5) هذه الرواية لأحمد من حديث عائشة وأبي هريرة (6/136، 220، 225) ، وابن ماجه (2/1043) (3122) ، والحاكم (4/253) .(2/1111)
ثم قال: اشحذيها بحجر ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه، ثم قال: باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد، ثم ضحى» رواه مسلم وأبو داود (1) وقال: اشحثيها بالثاء المثلثة بدل الذال المعجمة.
3406 - وعن علي رضي الله عنه قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن وألا نضحي بمقابَلَة ولا مدابَرَة ولا شرقاء ولا خرقاء» وفي رواية: «والمقابلة ما قطع طرف أذنها والمدابرة ما قطع من جانب الأذن والشرقاء المشقوقة والخرقاء المثقوبة» رواه الترمذي (2) ، وقال: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولأبي داود (3) نحوه، وفي رواية للخمسة (4) وصححها الترمذي: قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضحى بأعضب القرن والأذن» قال قتادة: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال: العضب: النصف فأكثر من ذلك ولم يذكر ابن ماجه قول قتادة.
3407 - وعن البراء بن عازب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أربع لا يجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكبيرة التي لا تنقى» رواه الخمسة وصححه الترمذي، وأخرجه ابن حبان
_________
(1) مسلم (3/1557) (1967) ، أبو داود (3/94) (2792) ، أحمد (6/78) .
(2) الترمذي (4/86) (1498) ، الحاكم (4/249) .
(3) أبو داود (3/97) (2804) ، وهو عند النسائي (7/216، 217) ، وأحمد (1/108، 149) ، وابن ماجه مختصرًا (2/1050) (3145) .
(4) أبو داود (3/98) (2805، 2806) ، النسائي (7/217) ، الترمذي (4/90) (1504) ، ابن ماجه (2/1051) (3145) ، أحمد (1/127، 137، 150) ، وهو عند ابن خزيمة (4/293) (2913) ، والحاكم (1/640، 4/248) .(2/1112)
والحاكم (1) وصححه البيهقي وصححه النووي، وقال أحمد: ما أحسنه من حديث، وفي رواية الترمذي (2) : «العجْفاء التي لا تنقى» .
3408 - وعن يزيد ذو مصر قال: «أتيت عتبة بن عبد السُّلَمي قلت: يا أبا الوليد إني خرجت ألتمس الضحايا فلم أجد شيئًا يعجبني غير ثرْماء فكرهتها، فما تقول؟ قال: هلا جئتني بها، فقلت: سبحان الله تجوز عنك ولا تجوز عني، قال: نعم إنك تشك، وأنا لا أشك، إنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المصْفرة، والمستأصلة، والبخْقاء، والمشيعة، والكسراء، فالمصفرة التي يستأصل أذنها حتى يبدو صماخها، والمستأصلة التي استأصل قرنها من أصله، والبخقاء التي تبخق عينها، والمشيعة التي لا تتبع الغنم عجفًا وضعفًا، والكسراء الكسير» رواه أحمد وأبو داود والبخاري في "تاريخه"، وأخرجه الحاكم (3) وقال: إسناده صحيح وسكت عنه أبو داود والمنذري.
3409 - وعن أبي سعيد قال: «اشتريت كبشًا أضحي به فعدا الذئب فأخذ الألية، قال: فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ضح به» رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي (4)
_________
(1) أبو داود (3/97) (2802) ، الترمذي (4/85) (1497) ، النسائي (7/214، 215) ، ابن ماجه (2/3144) (1050) ، أحمد (4/284، 289، 300) ، ابن حبان (13/240، 245) (5919، 5922) ، الحاكم (1/640، 4/248) ، البيهقي (9/274) ، وهو عند ابن خزيمة (4/292) (2912) ، ومالك في "الموطأ" (2/482) (1024) .
(2) الترمذي (4/85) (1497) .
(3) أحمد (4/185) ، أبو داود (3/97) (2803) ، البخاري في التاريخ (8/330) ، الحاكم (4/250) .
(4) أحمد (3/32، 78، 86) ، ابن ماجه (2/1051) (3146) ، البيهقي (9/289) .(2/1113)
بإسناد ضعيف.
قوله: «عفراء» هي البيضاء. قوله: «فحيل» : الفحيل: هو الذي يشبه الفحولة في نبله وعظم خلقه ويقال: هو المنجد في ضرابه، والمراد في الحديث أنه اختار الفحل على الخصي «والأملح» قد سبق ضبطه وهو الأكثر بياضه من سواده، «والمدية» السكين «واشحذيها» أي: حدديها بالمِسن وغيره. قوله: «بمقابلة» المقابلة: هي التي قطع من مقدم أذنها قطعة فتركت معلقة فيها كأنها زنمة، والمدابرة هي التي فعل بها ذلك من مؤخر أذنها واسم الجلدة فيها الإقبالة والإدبارة والشرقاء مشقوقة الأذن كما فسر في الرواية «والخرقاء» التي في أذنها خرق وهو ثقب مستدير. قوله: «بأعضب القرن» العضباء المشقوقة الأذن أو المكسورة القرن. قوله: «العجفاء» العجف بالتحريك الهزال والضعف، «والثرماء» التي سقطت ثنيتها، «والمصفرة» المستأصلة أذنها قطعًا سميت بذلك؛ لأن صماخها صفر من الأذن أي خلا والصماخ ثقب الأذن ويكتب بالسين والصاد لغتين «والبخقاء» هي التي ذهب بصرها والعين باقية والمشيعة هي التي لا تتبع الغنم من الهزال والضعف، فهي إذًا تمشي وراءها فكأنها تشيعها.
[8/80] باب التضحية بالخصي
3410 - عن أبي رافع قال: «ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين مَوْجُوَّيَنِ خصيين» رواه الحاكم وأحمد (1) ، قال في "مجمع الزوائد": وإسناده حسن.
3411 - وعن عائشة قالت: «ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبشين سمينين
_________
(1) أحمد (6/8) .(2/1114)
عظيمين أملحين أقرنين موجوين» رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي والحاكم (1) وفي إسناده مقال.
3412 - وأخرجه الحاكم وصححه عن جابر وأخرجه أيضًا أبو داود والبيهقي (2) من رواية جابر أيضًا، قال في "الخلاصة": بإسناد لا بأس به.
3413 - وعن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوين، فذبح أحدهما عن أمته لمن شهد بالتوحيد وشهد له بالبلاغ، وذبح الآخر عن محمد وآل محمد» رواه ابن ماجه (3) بإسناد فيه مقال قال في "التلخيص": الموجوين المنزوعي الأنثيين.
[8/81] باب ما جاء إن الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت الواحد
3414 - عن أبي أيوب الأنصاري قال: «كان الرجل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحي عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس فصاروا كما ترى» رواه ابن ماجه والترمذي (4) وقال: حديث حسن صحيح.
3415 - وعن الشعبي عن أبي سَرِيحة قال: «قال حملني أهلي على الجفاء بعدما علمت من السنة كان أهل البيت يضحون بالشاة والشاتين والآن يبخلنا جيراننا»
_________
(1) أحمد (6/136، 220، 225) ، ابن ماجه (2/1043) (3122) ، البيهقي (9/273) ، الحاكم (4/253) ، من حديث عائشة وأبي هريرة.
(2) الحاكم (1/639) ، أبو داود (3/95) (2795) ، البيهقي (9/268) .
(3) هذا لفظ ابن ماجه (2/1043) (3122) ، وقد تقدم تخريجه قبل هذا من حديث عائشة وأبي هريرة.
(4) ابن ماجه (2/1051) (3147) ، الترمذي (4/91) (1505) .(2/1115)
رواه ابن ماجه (1) بإسناد صحيح.
3416 - وقد تقدم (2) حديث مِخْنف بن سُلَيم مرفوعًا: «يا أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وسيأتي إن شاء الله قريبًا.
3417 - وعن جابر بن عبد الله «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بكبشين أقرنين أملحين عظيمين موجوين فأضجع أحدهما فقال باسم الله والله أكبر اللهم عن محمد وآل محمد، ثم أضجع الآخر فقال: باسم الله والله أكبر عن محمد وعن أمة محمد من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ» رواه أبو يعلى (3) قال في "مجمع الزوائد": وإسناده حسن.
3418 - وقد تقدم (4) «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بشاة عن أمته جميعًا وشاة عنه وعن أهل بيته» .
[8/82] باب التسمية والتكبير على الذبح والمباشرة له
3419 - عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد فأتي به ليضحي به، فقال لها: يا عائشة هلمي المدية، ثم قال:
_________
(1) ابن ماجه (2/1052) (3148) ، وهو عند البيهقي (9/269) ، وعبد الرزاق (4/383) ، والطبراني في "الكبير" (3/182) .
(2) تقدم برقم (3384) .
(3) أبو يعلى (3/327) (1792) ، وهو عند عبد بن حميد (1/347) (1146) .
(4) تقدم برقم (3416) .(2/1116)
اشحذيها على حجر ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه قال: باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد، ثم ضحى» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (1) .
3420 - وعن أنس قال: «ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين أقرنين، فرأيته واضعًا قدمه على صفاحهما يسمي ويكبر فذبحهما بيده» رواه الجماعة (2) .
3421 - وعن جابر قال: «ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عيد بكبشين فقال حين وجههما: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم منك ولك عن محمد وأمته» رواه ابن ماجه وأبو داود والبيهقي (3) ، وزاد أبو داود في أوله: «ذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين موجوين، فلما وجههما قال: إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض على ملة إبراهيم حنيفًا إلى تمامه وقال: وأنا من المسلمين» وزاد في آخره: «باسم الله والله أكبر ثم ذبح» قال المنذري: وفي إسناده محمد بن إسحاق وقد تقدم
_________
(1) تقدم برقم (3408) .
(2) البخاري (5/2113، 2114) (5238، 5245) ، مسلم (3/1556، 1557) (1966) ، أبو داود (3/95) (2794) ، النسائي (7/220) ، الترمذي (4/84) (1494) ، ابن ماجه (2/1043) (3120) ، أحمد (3/99، 115، 170، 183، 189، 211، 214، 222، 255، 279) ، وهو عند ابن حبان (13/221) .
(3) ابن ماجه (2/1043) (3121) ، أبو داود (3/95) (2795) ، البيهقي (9/287) ، وهو عند الحاكم (1/639) ، والدارمي (2/103) (1946) .(2/1117)
الكلام عليه، وفي إسناده أيضًا أبو عياش قال في "التلخيص": لا يعرف، وقال في "خلاصة البدر" بعد ذكر الحديث: رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد حسن، انتهى. وفي رواية للترمذي (1) : «شهدت الأضحى بالمصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قضى خطبته نزل عن منبره فأتي بكبش فذبحه بيده وقال: باسم الله والله أكبر هذا عني وعن من لم يضح من أمتي» ، قال الترمذي: غريب.
3422 - وفي حديث جندب بن سفيان أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله» متفق عليه وسيأتي (2) بتمامه إن شاء الله تعالى.
[8/83] باب نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى
3423 - قال الله تعالى: ((فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ)) [الحج:36] قال البخاري (3) : «قال ابن عباس: صواف: قيامًا» .
3424 - وعن ابن عمر «أنه أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها فقال: «ابعثها قيامًا مقيدة سنة محمد - صلى الله عليه وسلم -» متفق عليه (4) .
3425 - وعن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة
_________
(1) تقدمت هذه الرواية برقم (3388) .
(2) سيأتي برقم (3430) .
(3) أثر ابن عباس علقه البخاري (2/612) باب نحر البدن قائمة.
(4) البخاري (2/612) (1627) ، مسلم (2/956) (1320) ، أحمد (2/3، 139) ، وهو عند أبي داود (2/149) (1768) ، وابن حبان (13/224) ، وابن خزيمة (4/285) (2893) ، والنسائي في "الكبرى" (2/453) .(2/1118)
اليسرى قائمة على ما بقي من قوائهما» رواه أبو داود (1) وسكت عنه هو والمنذري، ورجاله رجال الصحيح.
3426 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر سبع بدن قيامًا» رواه البخاري (2) .
قوله: «صواف» جمع صافة أي مصطفة في قيامها، وللحاكم (3) من وجه آخر عن ابن عباس في قوله صواف، صوافن أي: قيامًا على ثلاث قوائم معقولة، وهي قراءة ابن مسعود، والصوافن: جمع صافنة، وهي التي رفعت إحدى يديها بالعقل.
[8/84] باب وقت الذبح والأمر بالإعادة لمن ذبح قبل الصلاة
3427 - عن جندب (4) بن سُفْيان البجلي: «أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أضحى قال: فانصرف فإذا هو باللحم وذبائح الأضحى فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها ذبحت قبل أن يصلي فقال: من كان ذبح قبل أن يصلي أو نصلي فليذبح مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله» متفق عليه (5) .
3428 - وعن جابر قال: «صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر بالمدينة فتقدم
_________
(1) أبو داود (2/149) (1767) .
(2) البخاري (2/612) (1626) من حديث أنس بن مالك.
(3) الحاكم (4/260) .
(4) هو جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي له ثلاثة وأربعون حديثًا روى عنه الحسن وابن سيرين وأبو مجلز، مات بعد الستين. اهـ خلاصة.
(5) البخاري (1/334، 5/2095، 2114، 6/2456) (942، 5181، 5242، 6297) ، مسلم (3/1551) (1960) ، أحمد (4/312، 313) ، وهو عند النسائي (7/214، 224) ، وابن ماجه (2/1053) (3152) .(2/1119)
رجال فنحروا وظنوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نحر، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان نحر أن يعيد بنحر آخر ولا ينحر حتى ينحر النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد ومسلم (1) .
3429 - وعن أنس قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر: «من كان ذبح قبل الصلاة فليعد» متفق عليه (2) ، وللبخاري (3) : «من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين» .
3430 - وعن البراء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء» متفق عليه (4) .
قوله: «قبل أن يصلي» في رواية لمسلم (5) ، «قبل أن يصلي» أو نصلي ويدل للثانية. قوله: «ومن لم يكن ذبح حتى صلينا» .
3431 - وأخرج الطحاوي (6) من حديث جابر وصححه ابن حبان «أن رجلًا ذبح قبل أن يصلي النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهى أن يذبح أحد قبل الصلاة» .
3432 - وعن سليمان بن موسى عن جُبَير بن مُطْعم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
_________
(1) أحمد (3/294، 324) ، مسلم (3/1555) (1964) .
(2) البخاري (1/325، 334، 5/2110، 2114) (911، 941، 5229، 5241) ، مسلم (3/1554، 1555) (1962) ، أحمد (3/113، 117) ، وهو عند النسائي (7/223) .
(3) البخاري (5/2109) (5226) .
(4) تقدم برقم (3395) .
(5) مسلم (3/1551) (1960) .
(6) الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/172) ، ابن حبان (13/230) (5909) ، وهو عند أحمد (3/364) ، وأبي يعلى (3/316) (1779) .(2/1120)
«كل أيام التشريق ذبح» رواه أحمد (1) وهو للدارقطني (2) من حديث سليمان بن موسى عن عمر بن دينار وعن نافع بن جبير عن جبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، والحديث أخرجه أيضًا ابن حبان في "صحيحه" والبيهقي (3) وذكر الاختلاف في إسناده وقال في الهدي حديث جبير بن مطعم منقطع ولا يثبت وصله وذكر حديث جبير بن مطعم في "مجمع الزوائد" وقال: رجاله موثقون، ولفظه عن جبير بن مطعم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل عرفات موقف وارفعوا عن عرنة، وكل مزدلفة موقف وارفعوا عن محسر، وكل فجاج منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح» رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" (4) إلا أنه قال: «وكل فجاج مكة منحر» انتهى. وذكر الحديث في "مجمع الزوائد" في موضع آخر، وقال: رجال أحمد وغيره ثقات.
[8/85] باب ما جاء في الرفق بالأضحية وصفة النحر ومكانه
3433 - عن ابن عباس «أن رجلًا أضجع شاة يريد أن يذبحها وهو يحد شفرته فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أتريد أن تميتها موتتان، هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها» رواه الحاكم (5) من رواية حماد بن زيد عن عاصم عن عكرمة عنه، ورواه عبد الرزاق (6) عن معمر عن عاصم عن عكرمة مرسلًا.
_________
(1) أحمد (4/82) .
(2) الدارقطني (4/284) .
(3) ابن حبان (9/166) (3854) ، البيهقي (5/295) .
(4) أحمد (4/82) ، البزار (8/363-364) (3444) ، الطبراني في الكبير (2/138) (1583) .
(5) الحاكم (4/257، 260) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (11/332) .
(6) عبد الرزاق في مصنفه (4/493) .(2/1121)
3434 - وعن غرفة (1) بن الحارث الكندي قال: «شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع وأتى بالبدن، فقال: ادعوا لي أبا الحسن؟ فدعى له، فقال: خذ بأسفل الحربة ففعل، وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأعلاها ثم طعنا بها البدن» رواه أبو داود (2) ، قال المنذري: وأخرجه أحمد ومسلم في غير "صحيحه"، وابن السكن.
3435 - وعن نافع قال: «كان ابن عمر ينحر في المنحر قال عبيد الله منحر النبي - صلى الله عليه وسلم -» وفي رواية: «أن ابن عمر كان يبعث بهديه من آخر الليل حتى يدخل به منحر النبي - صلى الله عليه وسلم - مع حجاج فيهم الحر والمملوك» رواه البخاري (3) وفي رواية له (4) : «أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يذبح وينحر بالمصلى» ولأبي داود والنسائي (5) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يذبح أضحيته بالمصلى وكان ابن عمر يفعله» وفي أخرى للنسائي (6) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر يوم أضحى بالمدينة وقد كان إذا لم تنحر ذبح بالمصلى» .
3436 - وقد تقدم (7) حديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «نحرت هاهنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم» رواه أحمد ومسلم وأبو داود ولابن ماجه
_________
(1) بضم الغين المعجمة وإسكان الراء المهملة بعدها فاء. اهـ مؤلف.
(2) أبو داود (2/149) .
(3) الرواية الأولى عند البخاري (2/611، 5/2111) (1624، 5231) ، والرواية الثانية عند البخاري (2/612) (1625) .
(4) البخاري (5/2111) (5232) .
(5) أبو داود (3/99) (2811) ، النسائي (7/213) ، أحمد (2/108) .
(6) النسائي (7/213) .
(7) تقدم برقم (3219) .(2/1122)
وأحمد ونحوه وفيه: «وكل فجاج مكة طريق ومنحر» .
3437 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عرفة كلها موقف ومنى كلها منحر» رواه البزار (1) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجاله ثقات والنحر خاص بالإبل، وأما البقر والشاء فالمشروع ذبحها.
3438 - ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري: «قلنا: يا رسول الله! إنا لننحر الإبل ونذبح البقر والشاء فنجد في بطونها الجنين فنلقيه أم نأكله، قال: كلوه إن شئتم، فإن ذكاته ذكاة أمه» رواه الترمذي وأبو داود (2) قال: «الناقة» بدل «الإبل» وإن كان الحديث فيه مقال فقد قال في "التلخيص" إن له طرقًا تنتهض بها الحجة.
3439 - قلت وقد تقدم (3) ما يدل على ذلك مثل حديث «فأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه» وهو في مسلم من حديث عائشة.
3440 - وأما حديث جابر: «نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه في حجته بقرة» رواه مسلم (4) فلعله تجوز بالنحر عن الذبح.
3441 - ويدل لذلك ما أخرجه أبو داود (5) عن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذبح عمن اعتمر من نسائه بقرة» .
_________
(1) كما في "المجمع" (3/558) .
(2) سيأتي برقم (5609) .
(3) تقدم برقم (3408) .
(4) مسلم (2/956) (1319) .
(5) أبو داود (2/145) (1751) .(2/1123)
[8/86] باب الأكل والإطعام من الأضحية
وجواز ادخار لحمها ونسخ النهي عنه
3442 - عن عائشة قالت: «دف أهل أبيات من أهل البادية حضرة الأضحى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ادخروا ثلاثًا ثم تصدقوا ما بقي فلما كان بعد ذلك قالوا: يا رسول الله! إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم، ويحملون منها الودك؟ فقال: وما ذاك؟ فقالوا: أنهيت أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث، فقال: إنما نهيتكم من أجل الدافة فكلوا وادخروا وتصدقوا» متفق عليه (1) .
3443 - وعن جابر قال: «كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث منى، فرخص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كلوا وتزودوا» متفق عليه (2) «وادخروا» رواه مسلم والنسائي (3) .
3444 - عن سلمة بن الأكوع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثلاث وفي بيته منه شيء، فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله! كما فعلنا في عامنا الماضي، قال: كلوا وأطعموا وادخروا، فإن ذلك العام كان بالناس جهد، فأردت أن تعينوا فيها» متفق عليه (4) .
_________
(1) مسلم (3/1561) (1971) ، أحمد (6/51) ، وهو عند أبي داود (3/99) (2812) ، والنسائي (7/235) .
(2) البخاري (2/614) (1632) ، مسلم (3/1562) (1972) ، أحمد (3/317، 378) .
(3) مسلم (3/1562) ، النسائي (7/233) ، وهو بهذا اللفظ عند أحمد (3/388) ، ومالك (2/484) .
(4) البخاري (5/2115) (5249) ، مسلم (3/1563) (1974) ، وابن حبان (13/253) .(2/1124)
3445 - وعن ثوبان قال: «ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أضحيته، ثم قال: يا ثوبان أصلح لي لحم هذه، فلم أزل أطعمه منه حتى قدم المدينة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (1) .
3446 - وعن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا أهل المدينة لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاث فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لهم عيالًا وحشمًا وخدمًا، فقال: كلوا وأطعموا واحبسوا وادخروا» رواه مسلم (2) وللنسائي (3) : «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إمساك الأضحية فوق ثلاث، ثم قال: كلوا وأطعموا» .
3447 - وعن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث ليتسع ذو الطول عن من لا طول له، فكلوا ما بدا لكم وأطعموا وادخروا» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه واللفظ له (4) .
قوله: «دف» بفتح الدال المهملة وتشديد الفاء، أي: جاءوا الدافة بتشديد الفاء قوم يسيرون جميعًا سيرًا خفيفًا. قوله: «حضرة الأضحى» بفتح الحاء وضمها وكسرها وبعدها ضاد ساكنة. قوله: «أن تعينوا» بالعين المهملة من الإعانة ووقع عند مسلم أن تفشوا فيهم بدل تعينوا بالفاء والشين المعجمة، أي: يشيع لحم الأضاحي في الناس وينتفع به المحتاجون، والجهد بفتح الجيم المشقة والفاقة. قوله: «حشما» الحشم بالحاء المهملة والشين المعجمة هم اللائذون بالإنسان لخدمته والقيام بأمره.
_________
(1) أحمد (5/277، 281) ، مسلم (3/1574) (1975) ، أبو داود (3/100) (2814) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/458) .
(2) مسلم (3/1562) (1973) .
(3) النسائي (7/236) ، وهو عند أحمد (3/23، 85) .
(4) أحمد (5/350، 355) ، مسلم (3/1563) (1977) ، الترمذي (4/94) (1510) واللفظ له.(2/1125)
[8/87] باب من أذن في انتهاب الأضحية
3448 - عن عبد الله بن قرط أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر وقرب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس بدنات أو ست فنحرهن فطفقن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ بها فلما وجبت جنوبها قال كلمة خفيفة لم أفهمها فسألت بعض من يليني ما قال؟ قال: قال: من شاء اقتطع» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان في "صحيحه" (1) .
قوله: «يوم القر» بفتح القاف وتشديد الراء هو اليوم الذي يلي يوم النحر سمي بذلك؛ لأن الناس يقرون فيه بمنى وهو يوم النفر الأول. قوله: «يزدلفن» أي يقتربن. قوله: «فلما وجبت» أي: سقطت.
* * *
_________
(1) أحمد (4/350) ، أبو داود (2/148) (1765) ، النسائي في "الكبرى" (2/444) ، ابن حبان (7/51) (2811) ، وهو عند الحاكم (4/246) ، وابن خزيمة (4/294) (2917) ، والطبراني في "الأوسط" (3/44) .(2/1126)
[9] كتاب العقيقة وسنة الولادة
3449 - عن سلمان بن عامر الضبي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مع الغلام عقيقت، فأهريقوا عنه، وأميطوا عنه الأذى» رواه الجماعة إلا مسلمًا (1) .
3450 - وعن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل غلام رهين بعقيقته يذبح عنه يوم سابعه، ويُسمَّى فيه، ويُحلق رأسه» رواه الخمسة (2) وصححه الترمذي والحاكم وعبد الحق، وقال البخاري في صحيحه (3) : إن الحسن سمع حديث العقيقة من سمرة.
3451 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عن الغلام شاتان مكافاتان، وعن الجارية شاة» رواه احمد والترمذي (4) وصححه، وفي لفظ: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نعق عن الجارية شاة، وعن الغلام شاتين» رواه أحمد وابن
_________
(1) البخاري (5/2082) (5154) ، أبو داود (3/106) (2839) ، النسائي (7/164) ، الترمذي (4/97) (1515) ، ابن ماجه (2/1056) (3164) ، أحمد (4/17، 18، 214، 215) ، وهو عند الدارمي (2/111) (1967) .
(2) أبو داود (3/106) (2837، 2838) ، النسائي (7/166) ، الترمذي (4/101) (1522) ، ابن ماجه (2/1056) (3165) ، أحمد (5/7، 17، 22) ، وهو عند الدارمي (2/111) (1969) ، والحاكم (4/264) .
(3) البخاري (5/2083) (5155) .
(4) أحمد (6/31) ، الترمذي (4/96) (1513) ، وهو عند ابن حبان (12/126) (5310) .(2/1127)
ماجه (1) .
3452 - وعن أم كُرْز الكَعْبِيّة «أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة، فقال: نعم عن الغلام شاتان، وعن الأنثى واحدة، ولا يضركم ذكرانًا كن أو إناثًا» رواه أحمد والترمذي وصححه، والنسائي وابن حبان والحاكم والدارقطني (2) وله طرق عند الأربعة والبيهقي، كذا قال في "التلخيص".
3453 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن نفسه بعدما بعث نبيًا» رواه البزار والطبراني في "الأوسط" (3) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجال الطبراني رجال الصحيح خلا الهيثم بن جميل وهو ثقة، وشيخ الطبراني أحمد بن مسعود الخياط المقدسي ليس هو في "الميزان"، انتهى. وأخرج حديث أنس البيهقي أيضًا وقال: حديث منكر، وقال النووي: حديث باطل.
3454 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة، فقال: لا أحب العقوق، وكأنه كره الاسم، فقالوا: يا رسول الله! إنما نسألك عن أحدنا يُولد له، فقال: من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل
_________
(1) أحمد (6/158، 251) ، ابن ماجه (2/1056) (3163) .
(2) أحمد (6/381، 422) ، الترمذي (4/98) (1516) ، النسائي (7/165) ، ابن حبان (12/128) (5312) ، الحاكم (4/265) ، أبو داود (3/105) ، ابن ماجه (2/1056) (3162) .
(3) الطبراني في "الأوسط" (1/298) (994) ، البيهقي (9/300) ، ابن عدي في "الكامل" (4/133) ، الضياء في "المختارة" (5/204-205) (1832، 1833) .(2/1128)
عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (1) ، وقال المنذري: في إسناده عمرو بن شعيب وفيه مقال.
3455 - وعنه عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بتسمية المولود يوم سابعه، ووضع الأذى عنه والعق» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب (2) .
3456 - وعن بُرَيدة الأسلمي قال: «كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة، ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الإسلامُ كُنَّا نذبح شاة، ونحلق رأسه، ونلطخه بزعفران» رواه أبو داود والنسائي وأحمد (3) (*) وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال في "التلخيص": إسناده صحيح.
3457 - وقد أخرج نحوه ابن حبان وصححه وابن السكن وصححه (4) من حديث عائشة.
3458 - وعن ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا» رواه أبو داود والنسائي (5) وقاله: «بكبشين كبشين» وصححه عبد الحق وابن دقيق العيد وابن خزيمة وابن الجارود، ورجح أبو حاتم إرساله.
_________
(1) أحمد (3/182) ، أبو داود (3/107) (2842) ، النسائي (7/162-163) ، وهو عند ابن أبي شيبة (5/114) ، وعبد الرزاق في "مصنفه" (4/330) ، والحاكم (4/265)
(2) الترمذي (5/132) (2832) .
(3) أبو داود (3/107) (2843) ، الحاكم (4/266) .
(4) ابن حبان (12/122) (5308) .
(5) أبو داود (3/107) (2841) ، النسائي (7/165) ، ابن الجارود (1/229) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم نجده بهذا اللفظ عند أحمد والنسائي، والذي عند أحمد (5/355، 361) ، والنسائي (7/164) ، من حديث بريدة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "عق عن الحسن والحسين".(2/1129)
3459 - وأخرج نحوه ابن حبان والحاكم (1) من حديث أنس (*) وزاد: «يوم السابع وسماهما، وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى» .
3460 - وعن أبي رافع أن حسن بن علي «لما ولد أرادت أمه فاطمة أن تعق عنه بكبشين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تعقي عنه، ولكن احلقي شعر رأسه، فتصدقي بوزنه من الورق، ثم ولد حسين فصنعت مثل ذلك» رواه أحمد والبيهقي (2) وفي إسناده ابن عقيل وفيه مقال، وقال البيهقي: إنه تفرد به، وذكر في "مجمع الزوائد": حديث أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث المذكور، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الكبير" وهو حديث حسن.
3461 - وعن علي رضي الله عنه قال: «عق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن بشاة، وقال: يا فاطمة! احلقي رأسه، وتصدقي بوزن شعره فضة، فوزناه فكان وزنه درهمًا أو بعض درهم» رواه الترمذي والحاكم (3) .
3462 - وقال في "الخلاصة": حديث «أنه - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين» رواه ابن حبان والحاكم والبيهقي (4) من رواية عائشة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
3463 - وعن أبي رافع قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن في أذن الحسين حين
_________
(1) ابن حبان (12/125) (5309) .
(2) أحمد (6/392) ، البيهقي (9/304) ، الطبراني في "الكبير" (1/310، 3/30) .
(3) الترمذي (4/99) (1519) ، الحاكم (4/265) .
(4) ابن حبان (12/127) (5311) ، والحاكم (4/264) ، البيهقي (9/299) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم نجده عند الحاكم من حديث أنس، وهذه الزيادة هي من حديث عائشة بمعنى حديث أنس، وهي عند الحاكم، وابن حبان.(2/1130)
ولدته فاطمة بالصلاة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (1) وصححه الحاكم، وقال الحسن: قال في "التلخيص": ومداره على عاصم بن عبد الله وهو ضعيف.
3464 - وعن أنس «أن أم سُلَيم ولدت غلامًا، قال: فقال لي أبو طلحة: احفظه، حتى تأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه به وأرسلت معه بتمرات، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - فمضغها، ثم أخذها من فيه فجعلها في فيّ الصبي، وحنكه به وسماه عبد الله» متفق عليه (2) .
3465 - وعن سهل بن سعد قال: «أتي بالمنذر بن أبي أسيد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين ولدته، فوضعه على فخذه وأبو أسيد جالس، فلهى النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء بين يديه، فأمر أبو أسيد بابنه فاحتمل من فخذه، فاستفاق النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أين الصبي؟ فقال أبو أسيد: قلبناه يا رسول الله، قال: ما اسمه، قالوا: فلان، قال: ولكن سمه المنذر» متفق عليه (3) .
قوله: «كل غلام رهين بعقيقته» قال الخطابي: اختلف الناس في معنى هذا، فذهب أحمد ابن حنبل إلى أن معناه إذا مات وهو طفل، ولم يعق عنه لم يشفع لأبويه، وقيل: إن المعنى إن العقيقة لازمة لا بد منها، فشبه لزومها للمولود بلزوم الرهن للمرهون في يد المرتهن، وقيل: إنه مرهون بالعقيقة بمعنى أنه لا يسمى ولا يحلق شعره
_________
(1) أحمد (6/9) ، أبو داود (4/328) (5105) ، الترمذي (4/97) (1514) ، الحاكم (3/197) ، وهو عند البيهقي (9/305) ، والطبراني في "الكبير" (1/315) (931) .
(2) البخاري (5/2082) (5153) ، مسلم (3/1689) (2144) ، أحمد (3/175، 212، 287) .
(3) البخاري (5/2289) (5838) ، مسلم (3/1692) (2149) .(2/1131)
إلا بعد ذبحها، وبه صرح صاحب "المشارق" و"النهاية". قوله: «مكافِأتان» بكسر الفاء بعدها همزة، قال: النووي: هكذا صوابه عند أهل اللغة، والمحدثون يقولونه بفتح الفاء، قال أبو داود في "سننه": أي مستويتان أو متقاربتان. قوله: «حنَّكه» بالحاء المهملة المفتوحة بعدها نون مشددة، والتحنيك: أن يمضغ المحنك التمر أو نحوه، حتى يصير مائعًا ثم يفتح فم المولود ويضعه فيه. قوله: «أسيد» بفتح الهمزة وقيل تضم. قوله: «فلهى» روي بفتح الهاء وكسرها مع الياء، ومعناه: اشتغل. قوله: «فاستفاق» أي: فرغ مما اشتغل به. قوله: «قلبناه» أي: رددناه.
[9/1] باب ما جاء في الأسماء والكنى
3466 - عن أبي الدرداء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنكم تُدْعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسنوا أسماءكم» أخرجه أبو داود (1) عن عبد الله بن أبي زكريا ولم يسمع من أبي الدرداء.
3467 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحب الأسماء إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن» أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود (2) .
_________
(1) أبو داود (4/287) (4948) ، وهو عند ابن حبان (13/135) (5818) ، والدارمي (2/380) (2694) ، والبيهقي (9/306) ، وأحمد (5/194) ، وابن الجعد في "مسنده" (1/360) ، وعبد بن حميد (1/101) .
(2) مسلم (3/1682) (2132) ، الترمذي (5/132، 133) (2833، 2834) ، أبو داود (4/287) (4949) ، وهو عند ابن ماجه (2/1229) (3728) ، والدارمي (2/380) (2695) .(2/1132)
3471 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أخنع اسم عند الله(2/1133)
رجل تسمى ملك الأملاك» زاد في رواية: «لا مالك إلا الله قال سفيان: مثل شاه شاه، قال أحمد: سألت أبا عمرو عن أخنع، فقال: أوضع» رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي (1) ، وزاد: «يوم القيامة» بعد قوله: «عند الله» ، وقال الترمذي: حسن صحيح، ولمسلم (2) : «أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا مَلِكَ إلا الله» وقال جماعة من أهل الحديث: ومثله أن يتسمى الرجل بقاضي القضاة أو حاكم الحكام لأنه خاص بالله تعالى.
3469 - وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسمين غلامك يسارًا ولا رباحاً ولا نجيحًا ولا أفلح، فإنك تقول أثَمَّ هو؟ فيقال: لا» أخرجه مسلم والترمذي، وقال: حسن صحيح (3) .
3470 - وعن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأنهين أن يسمى رافع وبركة ويسار» رواه الترمذي (4) وقال: حسن غريب، وفي نسخة: غريب.
3471 - وعن عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغير الاسم القبيح» رواه الترمذي (5) .
3472 - وعن أبي هريرة: «أن زينب بنت أبي سلمة كان اسمها بَرَّة، فقيل: تزكي نفسها فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب» أخرجاه (6) .
3473 - وعن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير اسم عاصية وسماها جميلة» رواه مسلم والترمذي (7) .
3474 - وعن عائشة قالت: «قلت: يا رسول الله! كل صواحبي لهن كنى، قال: فاكتني بابنك عبد الله بن الزبير، فكانت تكنى أم عبد الله» أخرجه أبو داود (8) وسكت عنه هو والمنذري.
3475 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي» أخرجاه (9) .
3476 - وعن علي رضي الله عنه قال: «يا رسول الله! أرأيت إن ولد بعدك ولد أسميه محمدًا وأكنيه بكنيتك؟ قال: نعم. فكانت رخصة لي» رواه الترمذي (10)
_________
(1) البخاري (5/2292) (5852، 5853) ، مسلم (3/1688) (2143) ، أبو داود (4/290) (4961) ، الترمذي (5/134) (2837) ، أحمد (2/244) ، ابن حبان (13/147) (5835) .
(2) مسلم (3/1688) (2143) ، أحمد (2/315) .
(3) مسلم (3/1685) (2137) ، الترمذي (5/133) (2836) ، وهو عند ابن حبان (13/150) (5838) ، وأبي داود (4/290) (4958) ، وأحمد (5/7، 10، 21) .
(4) الترمذي (5/133) (2835) .
(5) الترمذي (5/135) (2839) .
(6) البخاري (5/2289) (5839) ، مسلم (3/1687) (2141) ، وهو عند ابن ماجه (2/1230) (3732) ، وابن حبان (13/144) (5830) .
(7) مسلم (3/1686) (2139) ، الترمذي (5/134) (2838) ، وهو عند أبي داود (4/288) (4952) ، وأحمد (2/18) ، وابن حبان (13/135، 136) (5819، 5820) ، والطبراني في "الكبير" (24/212) .
(8) أبو داود (4/293) (4970) ، وهو عند أحمد (6/186، 260) ، والحاكم (4/309) ، وأبي يعلى (7/473) (4500) .
(9) البخاري (1/52) (110) ، مسلم (3/1684) (2134) ، وهو عند ابن ماجه (2/1230) (3735) ، وأبي داود (4/291) (4965) .
(10) الترمذي (5/137) (2843) .(2/1134)
وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه أبو داود (1) بلفظ: «أرأيت إن ولد لي بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: نعم» .
3477 - وعن عائشة قالت: «جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إني ولدت غلامًا فسميته محمدًا وكنيته أبا القاسم، فَذُكِرَ لي أنك تكره ذلك، فقال: ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي، أو ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي» رواه أبو داود (2) وقال المنذري: غريب.
[9/2] باب ما جاء في الفرع والعتيرة ونسخهما
3478 - عن مخنف بن سليم قال: «كنا وقوفًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفات فسمعته يقول: يا أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة، هل تدرون ما العتيرة؟ هي التي تسمونها الرجبية» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه أبو داود والنسائي (3) بإسناد ضعيف. قال أبو بكر المعافري: حديث مخنف ضعيف لا يحتج به.
3479 - وعن أبي رزين العقيلي أنه قال: «يا رسول الله! إنا كنا نذبح في رجب ذبائح فنأكل منها ونطعم من جاءنا، فقال: لا بأس بذلك» رواه أحمد
_________
(1) أبو داود (4/292) (4967) ، وهو عند الحاكم (4/309) ، والبيهقي (9/309) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/335) ، وابن أبي شيبة (5/263) ، وأحمد (1/95)
(2) أبو داود (4/292) (4968) ، وهو عند البيهقي (9/309) ، والطبراني في "الصغير" (1/32) (16) .
(3) تقدم برقم (3384) .(2/1135)
والنسائي والبيهقي وأبو داود، وصححه ابن حبان (1) بلفظ: «أنه قال: يا رسول الله! إنا كنا نذبح في الجاهلية ذبائح في رجب فنأكل منها ونطعم من جاءنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا بأس بذلك» .
3480 - وعن الحارث بن عمرو «أنه لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع قال: فقال رجل: يا رسول الله! الفرائع والعتائر؟ فقال: من شاء فَرَع ومن شاء لم يَفرَع، ومن شاء عتر، ومن شاء لم يُعتر في الغنم أضحية» رواه أحمد والنسائي والبيهقي والحاكم وصححاه (2) .
3481 - وعن نُبَيشة الهذلي قال: «قال رجل: يا رسول الله! إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب، فما تأمرنا؟ قال: اذبحوا لله في أي شهر كان وبروا لله عز وجل وأطعموا، قال: فقال رجل: يا رسول الله! إنا كنا نَفْرع فرعاً في الجاهلية فما تأمرنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: في كل سائمة من الغنم فرع تعذوه غنمك حتى إذا استحمل ذبحته فتصدقت بلحمه على ابن السبيل فإن ذلك هو الخير» رواه الخمسة إلا الترمذي (3) وصححه ابن المنذر، وقال النووي: أسانيده صحيحة.
_________
(1) أحمد (4/12، 13) ، النسائي (7/171) ، البيهقي (9/312) ، وهو عند الدارمي (2/110) (1965) ، والطبراني في "الكبير" (19/207) ، وابن أبي شيبة (5/120) ، ابن حبان (13/210) (5891) .
(2) أحمد (3/485) ، النسائي (7/168) ، البيهقي (9/312) ، الحاكم (4/258) .
(3) أبو داود (3/104) (2830) ، النسائي (7/169، 170) ، ابن ماجه (2/1057) (3167) ، أحمد (5/75، 76) .(2/1136)
3482 - وعن عائشة قالت: «أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفرعة من كل خمسين واحدة» وفي رواية: «من كل خمسين شاة» رواه أبو داود والحاكم والبيهقي (1) . قال النووي: بإسناد صحيح.
3483 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا فرع ولا عتيرة، والفرع أول النتاج كان ينتج لهم فيذبحونه والعتيرة في رجب» متفق عليه (2) ، وفي لفظ: «لا عتيرة في الإسلام ولا فرع» رواه أحمد (3) ، وفي لفظ: «نهى عن الفرع والعتيرة» رواه أحمد والنسائي (4) .
3484 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا فرع ولا عتيرة» رواه أحمد (5) (*) ويشهد له حديث أبي هريرة، وقال في "التلخيص": قد ورد الأمر بالعتيرة في أحاديث كثيرة وصحح ابن المنذر فيها حديثًا، وساق البيهقي منها جملة والجمع بينهما وبين حديث أبي هريرة أن المراد نفي الوجوب لا فرع واجب ولا عتيرة
_________
(1) الرواية الأولى عند البيهقي (9/312) ، وعبد الرزاق في "مصنفه" (4/340) ، والرواية الثانية عند أبي داود (3/105) (2833) ، والبيهقي (9/312) ، وأخرجه الحاكم (4/263) بلفظ: «في كل خمسة واحدة» .
(2) البخاري (5/2083) (5156، 5157) ، مسلم (3/1564) (1976) ، وهو عند أبي داود (3/105) (2831) ، وابن ماجه (2/1058) (3168) ، والنسائي (7/167) ، والترمذي (4/95) (1512) ، وأحمد (2/279، 409) .
(3) أحمد (2/229)
(4) أحمد (2/409) ، النسائي (7/167) .
(5) وهو عند ابن ماجه (2/1058) (3169) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم نجده عند أحمد من حديث ابن عمر، والحديث أخرجه أحمد عن أبي هريرة وقد تقدم، وليس عن ابن عمر، وقد نبه على هذا الشوكاني في "النيل" (3/509) فالحديث عند ابن ماجه من حديث ابن عمر، وليس عند أحمد، كما ذكره الهيثمي في المجمع (4/32) .(2/1137)
واجبة، قاله الشافعي.
قوله: «عتيرة» بفتح العين المهملة وكسر التاء الفوقية وسكون التحتية بعدها راء هي ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من رجب، ويسمونها الرجبية. قوله: «الفرائع» جمع فرع بفتح الفاء والراء ثم عين مهملة ويقال فيها الفرعة هو أول نتاج البهيمة، كانوا يذبحونه ولا يملكونه رجاء البركة في الأم وكثرة نسلها، وجاء في تفسيره في البخاري ومسلم وغيرهما أنه أول نتاج الإبل كانوا يذبحونه لآلهتهم. قوله: «حتى إذا استحمل» أي استحمل للحجيج إذا قدر الفرع على أن يحمله من أراد الحج تصدق بلحمه على ابن السبيل.(2/1138)
[10] كتاب البيع
[10/1] باب ما جاء في فضل الاكتساب بالبيع وغيره
وطلب الحلال وتجنب الحرام
3485 - عن رفاعة بن رافع: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور» رواه البزار وصححه الحاكم (1) .
3486 - وعن ابن عمر قال: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الكسب أفضل؟ قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور» رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" (2) ، قال المنذري: ورواته ثقات.
3487 - وعن المقدام بن معدي كرب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، فإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده» رواه البخاري (3) وغيره.
_________
(1) البزار كشف الأستار (2/83) (1257) ، الحاكم (2/12) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (2/232) .
(3) البخاري (2/730) (1966) ، البيهقي (6/127) ، والبغوي (8/5) (2026) .(3/1139)
3488 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أحدًا فيعطيه أو يمنعه» رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي (1) .
3489 - وعن الزبير بن العوام قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن يأخذ أحدكم أحبله، فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه» رواه البخاري (2) .
3490 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: ((يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)) [المؤمنون:51] وقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)) [البقرة:172] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك» رواه مسلم والترمذي (3) وحسنه إلا أن مسلماً لم يذكر الملبس.
_________
(1) مالك (2/998) (1815) ، البخاري (2/535، 538، 730، 836) (1401، 1410، 1968، 2245) ، مسلم (2/721) (1042) ، الترمذي (3/64) (680) ، النسائي (5/93، 96) ، وهو عند ابن حبان (8/182) (3387) ، وأحمد (2/295) .
(2) البخاري (2/535، 730، 836) (1402، 1969، 2244) ، وهو عند أحمد (1/164) ، وأبي يعلى (2/36) (675) ، والطبراني في "الكبير" (1/124) .
(3) مسلم (2/703) (1015) ، الترمذي (5/220) (2989) ، وهو عند الدارمي (2/389) (2717) ، والبيهقي (3/346) ، وعبد الرزاق في المصنف (5/19) ، وأحمد (2/328) ، وابن الجعد في "مسنده" (1/296) .(3/1140)
3491 - وعن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «طلب الحلال واجب على كل مسلم» رواه الطبراني في "الأوسط" (1) ، وقال المنذري: وإسناده حسن.
3492 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أكل طيبًا وعمل في سنة وأمن الناس بوائقه دخل الجنة، قالوا: يا رسول الله! إن هذا في أمتك اليوم كثير، قال وسيكون في قرون بعدي» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب، والحاكم وقال: صحيح الإسناد (2) .
3493 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت» رواه ابن حبان في "صحيحه" (3) .
3494 - وعن كعب بن عجرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم ودم نبتا على سحت، النار أولى به، يا كعب بن عجرة الناس غاديان فغاد في فكاك نفسه فمعتقها وغاد موبقها» رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في "صحيحه" (4) ، وسيأتي إن شاء الله في كتاب الأطعمة.
3495 - وعن أبي بكر الصديق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يدخل الجنة جسد
_________
(1) الطبراني في "الأوسط" (8/272) .
(2) الترمذي (4/669) (2520) ، الحاكم (4/117) ، وهو عند الطبراني في "الأوسط" (4/25) .
(3) ابن حبان (5/9) (1723) ، وهو عند الحاكم (4/141، 468) ، والدارمي (2/409) ، وأحمد (3/321) .
(4) الترمذي (2/512) (614) ، ابن حبان (12/378) ، وهو عند الطبراني في الصغير (1/262، 374) ، و"الكبير" (19/105، 135، 141، 145) .(3/1141)
غذي بحرام» رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في "الأوسط" (1) ، قال البيهقي: قال المنذري: وبعض أسانيده حسن.
[10/2] باب ما جاء في صدق التاجر وأمانته
والنهي عن الكذب والحلف والغش والبخس في الكيل والميزان
3496 - عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «التاجر الأمين الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين» رواه الترمذي (2) وقال: حديث حسن.
3497 - ورواه ابن ماجه (3) عن ابن عمر ولفظه: «التاجر الأمين الصدوق المسلم مع الشهداء يوم القيامة» .
3498 - وعن رفاعة بن رافع قال: «خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون، فقال: يا معشر التجار فاستجابوا ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه، فقال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارًا إلا من اتقى الله وبر وصدق» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه في "سننه"،
_________
(1) أبو يعلى (1/84، 85) (83، 84) ، الطبراني في "الأوسط" (6/113) ، البزار (1/105) (43) ، وهو عند ابن عدي في "الكامل" (5/297) .
(2) الترمذي (3/515) (1209) ، وهو عند الدارقطني (3/7) (18) ، والدارمي (2/322) (2539) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1/299) .
(3) ابن ماجه (2/724) (2139) ، وهو عند الدارقطني (3/7) (17) ، والبيهقي (5/266) ، والطبراني في "الأوسط" (7/243) .(3/1142)
والحاكم وقال: صحيح الإسناد (1) .
3499 - وعن عبد الرحمن بن شبل قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن التجار هم الفجار، قالوا: يا رسول الله! أليس قد أحل الله البيع، قال: بلى ولكنهم يحلفون فيؤتمنون ويحدثون فيكذبون» رواه أحمد بإسناد جيد والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد (2) .
3500 - وعن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قال: فقرأها ثلاث مرات، فقلت: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة (3) وقال: «المسبل إزاره، والمنان عطاه، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» .
3501 - وعن واثلة بن الأسقع قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج إلينا وكنا تجارًا، وكان يقول: يا معشر التجار إياكم والكذب» رواه الطبراني في "الكبير" (4) بإسناد لا بأس به.
3502 - وعن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الحلف منفقة
_________
(1) الترمذي (3/515) (1210) ، ابن ماجه (2/726) (2146) ، الحاكم (2/8) ، وهو عند ابن حبان (11/277) (4910) ، والبيهقي (5/266) ، والطبراني في "الكبير" (5/43، 44) .
(2) أحمد (3/428، 444) ، الحاكم (2/8) ، وهو عند عبد بن حميد (1/129) (314) ، والبيهقي (5/266) .
(3) تقدم برقم (801) .
(4) الطبراني في "الكبير" (22/56) .(3/1143)
للسلعة ممحقة للكسب» رواه البخاري ومسلم وأبو داود (1) وقال: «ممحقة للبركة» .
3503 - ولمسلم والنسائي وابن ماجه (2) من حديث قتادة: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إياكم وكثرة الحلف في البيع، فإنه ينفق ثم يمحق» .
3504 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا» رواه مسلم (3) .
3505 - وعن ابن مسعود قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار» رواه الطبراني في "الكبير" و"الصغير" بإسناد جيد وابن حبان في "صحيحه" (4) .
3506 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللًا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس، من غشنا فليس منا» رواه مسلم وابن ماجه والترمذي (5) .
_________
(1) البخاري (2/735) (1981) ، مسلم (3/1228) (1606) ، أبو داود (3/245) (3335) ، وهو عند النسائي (7/246) (4461) ، وأحمد (2/235، 242، 413) ، وابن حبان (11/271) (4906) ، والبيهقي (5/265) ، وأبي يعلى (11/347، 366) (6460، 6480) .
(2) مسلم (3/1228) (1607) ، النسائي (7/246) (4460) ، ابن ماجه (2/745) ، وهو عند أحمد (5/297، 301) ، والبيهقي (5/265) .
(3) مسلم (1/99) (101) .
(4) الطبراني في "الكبير" (10/138) ، والصغير (2/37) ، ابن حبان (2/326، 12/369) (567، 5559) ، وهو عند الشهاب القضاعي (1/175، 229) .
(5) مسلم (1/99) (102) ، ابن ماجه (2/749) (2224) ، الترمذي (3/606) (1315) = = وهو عند ابن حبان (11/270) (4905) ، وأحمد (2/242) ، وأبي داود (3/272) (3452) .(3/1144)
3507 - وعن ابن عباس قال: «لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة كانوا من أخبث الناس كيلًا، فأنزل الله عز وجل ((وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)) [المطففين:1] فأحسنوا الكيل بعد ذلك» رواه ابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" (1) .
3508 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحاب الكيل والوزن: «إنكم قد وليتم أمرًا فيه هلكت الأمم السالفة قبلكم» رواه الترمذي والحاكم (2) وقال: صحيح الإسناد، وتعقبه المنذري بأن في إسناده حسين ين قيس متروك، وصحح الترمذي وقفه على ابن عباس.
3509 - وفي حديث ابن عمر: «ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤمنة، وجور السلطان عليهم» رواه ابن ماجه والبزار والبيهقي (3) .
3510 - وللحاكم (4) نحوه من حديث بريدة، وقال: صحيح على شرط مسلم.
_________
(1) ابن ماجه (2/748) (2223) ، ابن حبان (11/286) (4919) ، وهو عند الحاكم (2/38) ، والبيهقي (6/32) ، والطبراني في "الكبير" (11/371) .
(2) الترمذي (2/521) (1217) ، الحاكم (2/36) ، وهو عند البيهقي (6/32) ، والطبراني في "الكبير" (11/214) ، وابن عدي في "الكامل" (2/353) .
(3) تقدم برقم (2100) .
(4) الحاكم (2/136) .(3/1145)
[10/3] باب ما جاء في التساهل والتسامح والإقالة في البيع
3511 - عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى» رواه البخاري والترمذي (1) وقال: حسن صحيح، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «غفر الله لرجل كان قبلكم سهلًا إذا باع سهلًا إذا اشترى سهلًا إذا اقتضى» .
3512 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء» رواه الترمذي وقال: غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد (2) .
3513 - وعن حذيفة وأبو مسعود وعقبة بن عامر، قال حذيفة: «أتى الله بعبد من عبادة آتاه الله مالًا، فقال له: ماذا عملت في الدنيا؟ قال: ولا يكتمون الله حديثًا، قال: يا رب آتيتني مالًا فكنت أبايع الناس، وكان من خلقي الجواز فكنت أتيسر على الموسر وانظر المعسر، فقال الله عز وجل: أنا أحق منك تجاوزًا عن عبدي، فقال عقبة بن عامر الجهني وأبو مسعود: هكذا سمعناه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه مسلم (3) موقوفًا على حذيفة ومرفوعًا عن عقبة وأبو مسعود (4) ، وقد أخرجه
_________
(1) البخاري (2/730) (1970) ، الترمذي (3/610) (1320) ، وهو عند ابن ماجه (2/742) (2203) ، وابن حبان (11/267) (4903) ، وأحمد (3/340) ، والبيهقي (5/357) .
(2) الترمذي (3/609) (1319) ، الحاكم (2/64) ، وهو عند أبي يعلى (11/112) .
(3) مسلم (3/1195) (1560) .
(4) في الأصل: وابن مسعود.(3/1146)
البخاري ومسلم (1) مرفوعًا عن حذيفة في جملة حديث آخر فقال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن رجلًا كان ممن قبلكم أتاه الملك يقبض روحه، فقال: هل عملت من خير؟ قال: ما أعلم، قيل له انظر قال: ما أعلم شيئًا غير أني كنت أبايع الناس في الدنيا، فأنظر الموسر وأتجاوز عن المعسر، فأدخله الله الجنة» .
3514 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أقال مسلمًا بيعته أقال الله عثرته» رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في "صحيحه" (2) وزاد: «يوم القيامة» ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما، وصححه ابن حزم.
3515 - وعن أبي شريح قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أقال أخاه بيعًا، أقال الله عثرته يوم القيامة» رواه الطبراني في "الأوسط" (3) ورواته ثقات.
[10/4] باب ما جاء في الشبهات
3516 - عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: وأهوى النعمان بإصبعه إلى أذنه: «إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله تعالى محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح
_________
(1) البخاري (3/1272) (3266) ، مسلم (3/1195) (1560) .
(2) أبو داود (3/274) (3460) ، ابن حبان (11/405) (5030) ، الحاكم (2/52) ، وهو عند ابن ماجه (2/741) (2199) ، وأحمد (2/252) .
(3) الطبراني في "الأوسط" (1/273) .(3/1147)
الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» متفق عليه (1) ، ولهم في رواية (2) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهة فمن ترك ما يشتبه عليه من الإثم كان لما استبان أترك، ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان، والمعاصي حمى الله من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه» .
3517 - وعن عطية السعدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين، حتى يدع ما لا بأس به حذرًا لما به البأس» رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وابن ماجه والحاكم (3) وقال: صحيح الإسناد.
3518 - وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليصيب التمرة، فيقول: لولا أني أخشى أنها من الصدقة لأكلتها» متفق عليه (4) .
3519 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دخل أحدكم على
_________
(1) البخاري (1/28) (52) ، مسلم (3/1219) (1599) ، أحمد (4/269) ، وهو عند ابن ماجه (2/1318) (3984) .
(2) البخاري (2/723) (1946) ، مسلم (3/1221) (1599) ، أحمد (4/275) ، وهو قريب من هذا المعنى عند أبي داود (3/243) ، والترمذي (3/511) (1205) .
(3) الترمذي (4/634) (2451) ، ابن ماجه (2/1409) (4215) ، الحاكم (4/355) ، وهو عند البيهقي (5/335) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1/176) (484) ، والقضاعي في "مسنده" (2/74، 75) (909، 910) ، والبخاري في "التاريخ" (5/158) .
(4) البخاري (2/725، 857) (1950، 2299) ، مسلم (2/752) (1071) ، أحمد (3/119، 132، 184) ، وهو عند أبي داود (2/123) (1652) ، وابن حبان (8/90) (3296) .(3/1148)
أخيه المسلم فأطعمه طعامًا فليأكل من طعامه ولا يسأل عنه، وإن سقاه شرابًا فليشرب من شرابه ولا يسأل عنه» رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" (1) وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي ضعفه الجمهور وقد وثق، قال في "مجمع الزوائد": وبقية رجال أحمد رجال الصحيح.
3520 - وعن أنس بن مالك قال: «إذا دخلت على مسلم لا يتهم فكل من طعامه واشرب من شرابه» ذكره البخاري في "صحيحه" (2) .
3521 - وعن النواس بن سمعان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس» رواه مسلم (3) .
3522 - وعن وابصة بن معبد قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أريد ألا أدع شيئًا من البر والإثم إلا سألت عنه، فقال لي: أدن يا وابصة فدنوت منه حتى مست ركبتي ركبته، فقال: يا وابصة أخبرك بما جئت تسأل عنه؟ قلت: يا رسول الله! أخبرني قال: جئت تسأل عن البر والإثم، قلت: نعم، فجمع أصابعه الثلاث فجعل ينكت بها في صدري، ويقول: يا وابصة استفت قلبك البر ما اطمأنت إليه
_________
(1) أحمد (2/399) ، الطبراني في "الأوسط" (3/50) ، وهو عند الحاكم (4/140) ، وأبي يعلى (11/239) ، والدارقطني (4/258) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/222) ، وابن الجعد في "مسنده" (1/435) ، وابن عدي في "الكامل" (6/309) .
(2) علقه البخاري (5/2079) ، ووصله ابن أبي شيبة (5/131) (24433) .
(3) مسلم (4/1980) (2553) ، وهو عند ابن حبان (2/123) (397) ، والحاكم (2/17) ، والترمذي (4/597) (2389) ، والدارمي (2/415) (2789) ، والبيهقي (10/192) ، وابن أبي شيبة (5/212) ، وأحمد (4/182) .(3/1149)
النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك» رواه أحمد (1) بإسناد حسن.
3523 - وعن عقبة بن الحارث «أن امرأة سوداء جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فزعمت أنها أرضعتهما، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأعرض عنه وتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: كيف وقد قيل؟! وكانت تحت أبي إهاب التيمي» رواه البخاري (2) .
3524 - وعن أبي ثعلبة الخشني قال: «قلت: يا رسول الله! أخبرني ما يحل لي وما يحرم علي؟ قال: البر ما سكنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس، ولم يطمئن إليه القلب، وإن أفتاك المفتون» رواه أحمد (3) ، قال المنذري: بإسناد جيد.
3525 - وعن الحسن بن علي قال: «حفظت من النبي - صلى الله عليه وسلم - دع ما يريبك إلى مالا يريبك» رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان في "صحيحه" (4) ، وقال
_________
(1) أحمد (4/228) ، وهو عند أبي يعلى (3/161، 162) (1586، 1587) ، والدارمي (2/320) (2533) ، وفي "مسند الحارث" (1/201) (60) .
(2) البخاري (1/45، 2/724، 934) (88، 1947، 2497) ، وهو عند ابن حبان (10/32) (4218) ، والنسائي في "الكبرى" (3/430) ، والدارقطني (4/177) ، والدارمي (2/209) (2255) ، وابن أبي شيبة (3/497) .
(3) أحمد (4/194) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (22/219) .
(4) أحمد (1/200) ، الترمذي (4/668) (2518) ، النسائي (8/327) ، ابن حبان (2/498) (722) ، وهو عند ابن خزيمة (4/59) ، الحاكم (2/15، 16، 4/110) والدارمي (2/319) (2532) ، والبيهقي (5/335) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (3/117) ، والطيالسي (1/163) ، وأبي يعلى (12/132) (6762) ، والطبراني في "الكبير" (3/75، 76) .(3/1150)
الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه ابن حبان.
3526 - ورواه الطبراني (1) بنحوه من حديث واثلة بن الأسقع وزاد فيه، قبل «فمن الورع» قال: «الذي يقف عند الشبهة» .
3527 - وعن أبي أمامة قال: «سأل الرجل النبي - صلى الله عليه وسلم - ما الإثم؟ قال: إذا حاك في نفسك شيء فدعه، قال: فما الإيمان؟ قال إذا ساءتك سيئتك، وسرتك حسنتك، فأنت مؤمن» رواه أحمد (2) بإسناد صحيح.
3528 - وعن عائشة قالت: «كان لأبي بكر الصديق غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يومًا يمشي بشيء، فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: أتدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته، فلقيني فأعطاني لذلك هذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه» رواه البخاري (3) .
* * *
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (22/81) ، وهو عند أبي يعلى (13/476-477) (7492) .
(2) أحمد (5/251) .
(3) البخاري (3/1395) (3629) .(3/1151)
أبواب ما يجوز بيعه وما لا يجوز
[10/5] باب ما جاء في بيع النجاسة وآلة المعصية وما لا نفع فيه
3529 - عن عائشة قالت: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا، فقال: حرمت التجارة في الخمر» أخرجاه (1) .
3530 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الخمر: «إن الذي حرم شربها حرم بيعها» رواه مسلم و"الموطأ" (2) .
3531 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله حرم الخمر وثمنها، وحرم الميتة وثمنها، وحرم الخنزير وثمنه» رواه أبو داود (3) .
_________
(1) البخاري (1/175، 2/734، 775، 4/1651، 1652) (447، 1978، 2113، 4266، 4267، 4268، 4269) ، مسلم (3/1206) (1580) ، وهو عند أبي داود (3/280، 281) (3490، 3491) ، والنسائي (7/308) ، وابن ماجه (2/1122) (3382) ، والدارمي (2/332، 333) (2569، 2570) ، وأحمد (6/46، 100، 127، 186، 190، 278) ، وابن حبان (11/318) (4943) .
(2) مسلم (3/1206) (1579) ، مالك في "الموطأ" (2/846) (1543) ، وهو عند ابن حبان (11/317) (4942) ، والنسائي (7/307) ، والدارمي (2/156) (2103) ، والشافعي (1/283) ، وأبي يعلى (4/462) (2590) ، وأحمد (1/244، 323) ، والطبراني في "الكبير" (10/339) .
(3) أبو داود (3/279) (3485) ، وهو عند الدارقطني (3/7) ، والطبراني في "الأوسط" (1/43) .(3/1152)
3532 - وعن جابر أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول عام الفتح وهو بمكة: «إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله! أرأيت شحوم الميتة! فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس، فقال: لا، هو حرام، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومهما جملوه فباعوه فأكلوا ثمنه» رواه الجماعة (1) .
3533 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله اليهود حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، فإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم ثمنه» رواه أحمد وأبو داود (2) ورجال إسناده ثقات.
3534 - وعن أبي جحيفة: «أنه اشترى حجامًا فأمر فكسرت محاجمه، وقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا ومؤكله، ولعن المصورين» رواه البخاري (3) وقال المناوي: ووهم صاحب "المنتقى" فعزاه لمسلم.
_________
(1) البخاري (2/779) (2121) ، مسلم (3/1207) (1581) ، أبو داود (3/279) (3486) ، النسائي (7/177، 309) ، الترمذي (3/591) (1297) ، ابن ماجه (2/732) (2167) ، أحمد (3/324، 326) .
(2) أحمد (1/247، 293، 322) ، أبو داود (3/280) (3488) ، وهو عند ابن حبان (11/312) ، والطبراني في "الكبير" (12/200) .
(3) البخاري (2/780، 5/2219) (2123، 5601، 5617) ، وهو عند أبي داود (3/279) ، وأحمد (4/308، 309) ، وابن حبان (11/313، 13/162) (4939، 5852) ، وأبي يعلى (2/190) (890) .(3/1153)
3535 - وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن» رواه الجماعة (1) .
3536 - وعن ابن عباس قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، وقال: إن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابًا» رواه أحمد وأبو داود (2) ورجاله ثقات.
3537 - وعن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب والسنور» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (3) ، وللنسائي (4) من حديثه قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد» وقال النسائي: منكر، وقال في "فتح الباري": رجاله ثقات، لكن طعن في صحته انتهى. وقال الترمذي: لا يصح إسناده، وفي "التلخيص": رجاله ثقات، وتعقبه المناوي بأن في إسناد الحديث من لا يحتج به،
_________
(1) البخاري (2/779، 797، 5/2045، 2172) (2122، 2162، 5031، 5428) ، مسلم (3/1198) (1567) ، أبو داود (3/267، 279) (3428، 3481) ، النسائي (7/189، 309) ، الترمذي (3/439، 575) (1133، 1276) ، ابن ماجه (2/730) (2159) ، أحمد (4/118، 119، 120) ، وهو عند ابن حبان (11/562) (5157) ، والشافعي (1/141، 220) ، ومالك (2/656) .
(2) أحمد (1/278، 289) ، أبو داود (3/279) (3482) ، وهو عند أبي يعلى (4/468) ، والبيهقي (6/6) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/52) .
(3) أحمد (3/ 339، 349، 386) ، مسلم (3/1199) (1569) ، أبو داود (3/278) (3479) ، وهو عند ابن حبان (11/314) ، والحاكم (2/39) ، وابن الجارود (1/149) ، والترمذي (3/577) (1279) .
(4) النسائي (7/309) ، وهو عند الدارقطني (3/73) .(3/1154)
وأخرج حديث جابر أحمد (1) بلفظ: «نهى عن ثمن الكلب إلا الكلب المعلم» .
3538 - وقد روي من حديث أبي هريرة عند الترمذي (2) بسند ضعيف بلفظ: «نهى عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد» وقال الترمذي: حديث لا يصح.
3539 - وعن جابر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الهر وثمنه» رواه الترمذي (3) ، وقال: حديث غريب، وفي رواية أبي داود (4) : «نهى عن ثمن الهر» وأخرجه ابن حبان والحاكم وقال: صحيح، ورده الذهبي وقال: إن عمر بن زيد الصنعاني أحد رواته، وقال ابن حبان: تفرد بالمناكير.
3540 - وعن ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن فأرة وقعت في سمن فماتت، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ألقوها وما حولها وكلوه» رواه البخاري (5) وزاد أحمد والنسائي (6) : «في سمن جامد» .
3541 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وقعت الفأرة في السمن، فإن كان جامدًا فألقوها وما حولها، وإن كان مائعًا فلا تقربوه» رواه أحمد
_________
(1) أحمد (3/317) ، وهو عند الدارقطني (3/73) .
(2) الترمذي (3/578) (1281) .
(3) الترمذي (3/578) (1280) ، الحاكم (2/40) ، وهو عند ابن ماجه (2/1082) (3250) ، والدارقطني (4/290) .
(4) أبو داود (3/278، 356) (3480، 3807) ، وهي عند أحمد (3/297) .
(5) البخاري (1/93، 5/2105) (233، 5218) ، وهو عند أبي داود (3/364) (3841) ، والنسائي (7/178) (4258) ، والترمذي (4/256) (1798) ، وأحمد (6/329، 335) .
(6) النسائي (7/178) (4259، 4260) ، أحمد (6/330) .(3/1155)
وأبو داود (1) ، وحكم عليه البخاري بالوهم، والصواب عن ابن عباس عن ميمونة.
3542 - وقد أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (2) من حديث أبي هريرة أيضًا بلفظ: «وكلوه وإن كان ذائبًا فلا تقربوه» .
قوله: «جملوه» أي أذابوه.
[10/6] باب النهي عن بيع فضل الماء
3543 - عن إياس بن عبد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: نهى عن بيع فضل الماء» رواه الخمسة إلا ابن ماجه (3) وصححه الترمذي، وقال القشيري: هو على شرط الشيخين.
3544 - وعن جابر بن عبد الله قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع فضل الماء» رواه مسلم والنسائي (4) .
3545 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ» أخرجه مسلم والبخاري (5) .
_________
(1) أحمد (2/232، 265، 490) ، أبو داود (3/364) (3842) .
(2) ابن حبان (4/237، 238) (1393، 1394) من حديث أبي هريرة، ولكن اللفظ الذي ذكره المصنف هو من حديث ميمونة (4/234) (1392) .
(3) أبو داود (3/278) (3478) ، النسائي (7/307) ، الترمذي (3/571) (1271) ، أحمد (3/417، 4/138) ، والحديث عند ابن ماجه (3/828) (2476) ، وابن حبان (11/328) (4952) .
(4) مسلم (3/1197) (1565) ، النسائي (7/306) ، وهو عند ابن ماجه (2/828) (2477) ، وأحمد (3/338، 339، 356) ، وابن حبان (11/329) (4953) .
(5) سيأتي برقم (3881) .(3/1156)
[10/7] باب النهي عن ثمن عسب الفحل
3546 - عن ابن عمر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن عسب الفحل» رواه أحمد والبخاري والنسائي وأبو داود (1) .
3547 - وعن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع ضراب الجمل» رواه مسلم والنسائي (2) .
3548 - وعن أنس «أن رجلًا من كلاب سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفحل فنهاه، فقال: يا رسول الله! إنا نطرق الفحل فنكرم فرخص له في الكرامة» رواه الترمذي (3) ، وقال: هذا حديث حسن غريب.
قوله: «عسب الفحل» بفتح العين وسين ساكنة بعدها موحدة هو ماء الفحل والفحل الذكر من كل حيوان.
[10/8] باب النهي عن بيع أم الولد والولا والقينات والغنائم
3549 - عن ابن عمر قال: «نهى عن بيع أمهات الأولاد، فقال: لا تباع ولا توهب ولا تورث، يستمتع بها ما بدا له، فإذا مات فهي حرة» رواه مالك والبيهقي (4) وقال: رفعه بعض الرواة فوهم، وقال الدارقطني: الصحيح وقفه على عمر.
_________
(1) أحمد (2/14) ، البخاري (2/797) (2164) ، النسائي (7/310) ، أبو داود (3/267) (3429) ، والترمذي (3/572) (1273) ، وابن حبان (11/560) (5156) .
(2) مسلم (3/1197) (1565) ، النسائي (7/310) ، وهو عند ابن حبان (11/560) (5155) .
(3) الترمذي (3/573) (1274) ، وهو عند النسائي (7/310) ، والبيهقي (5/339) .
(4) سيأتي برقم (4201، 4202) .(3/1157)
3550 - وعن جابر قال: «كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد والنبي - صلى الله عليه وسلم - حي لا نرى بذلك بأسًا» رواه النسائي وابن ماجه والدارقطني (1) ، وصححه ابن حبان، وسيأتي إن شاء الله بقية الأحاديث في هذا الباب في كتاب العتق في باب ما جاء في أم الولد، وهذا القدر يكفي في المحتاج إليه هنا.
3551 - وعن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الولا وعن هبته» رواه الجماعة (2) .
3552 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الولا لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب» رواه الحاكم (3) من طريق الشافعي عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف وصححه ابن حبان والحاكم وأعله البيهقي، وقال: أوجهه كلها ضعيفة، وقال صاحب "البدر المنير": إلا حديث عبد الله بن أبي، فإن إسناد كل رجاله ثقات لم يعثر عليه البيهقي، ولا أحد من مصنفي الأحكام، أخرجه ابن جرير الطبري في "التهذيب" وغيره.
3553 - وعن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تبيعوا القينات المغنيات ولا تشتروهن ولا تعلموهن، ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام، وفي
_________
(1) سيأتي برقم (4203) .
(2) البخاري (2/896، 6/2482) (2398، 6375) ، مسلم (2/1145) (1506) ، أبو داود (3/127) (2919) ، النسائي (7/306) ، الترمذي (3/537، 4/437) (1236، 2126) ، ابن ماجه (2/918) (2747، 2748) ، أحمد (2/9، 79، 107) ، وهو عند مالك (2/782) ، وابن حبان (11/324، 325) .
(3) الحاكم (4/379) ، ابن حبان (11/326) (4950) ، والشافعي في المسند (1/338) .(3/1158)
مثل هذا نزلت: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ)) [لقمان:6] » رواه الترمذي (1) وقال: غريب.
3554 - وعن أبي سعيد قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شراء الغنائم حتى تقسم» رواه الترمذي (2) ، وقال: حسن غريب.
3555 - وعن أبي هريرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغنائم حق تقسم» رواه أحمد وأبو داود (3) وفي إسناده رجل مجهول، وله شاهد سيأتي في الباب الذي بعد هذا.
[10/9] باب النهي عن بيع الغرر
3556 - عن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر» رواه الجماعة إلا البخاري (4) .
3557 - وعن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تشتروا السمك في الماء، فإنه غرر» رواه أحمد (5) واختلف في رفعه ووقفه، ورجح الدارقطني وأحمد وقفه.
_________
(1) الترمذي (3/579، 5/345) (1282، 3195) ، وهو عند أحمد (5/264) ، والطبراني في "الكبير" (8/212، 214) .
(2) الترمذي (4/132) (1563) ، وهو عند الدارقطني (3/15) ، والبيهقي (5/338) ، وعبد الرزاق في المصنف (8/76) .
(3) أحمد (2/387) ، أبو داود (3/252) (3369) .
(4) مسلم (3/1153) (1513) ، أبو داود (3/254) (3376) ، النسائي (7/262) ، الترمذي (3/532) (1230) ، ابن ماجه (2/739) (2194) ، أحمد (2/436، 439) .
(5) أحمد (1/388) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (9/321) ، والبيهقي (5/340) ، وأبي نعيم في الحلية (8/214) .(3/1159)
3558 - وعن ابن عمر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع حبل الحبلة» رواه أحمد ومسلم والترمذي (1) ، وفي رواية: «عن بيع حبل الحبلة وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ما في بطنها ثم تحمل الذي نتجت» . رواه أبو داود (2) وفي لفظ: «كان أهل الجاهلية يبتاعون لحوم الجزر إلى حبل الحبلة، وحبل الحبلة أن تنتج الناقة ما في بطنها ثم تحمل الذي نتجت، فنهاهم - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك» متفق عليه (3) ، وفي لفظ البخاري (4) : «كانوا يبتاعون الجزور إلى حبل الحبلة فنهاهم - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك»
3559 - وعن شهر بن حوشب عن أبي سعيد قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع، وعن بيع ما في ضروعها إلا بكيل وعن شراء العبد وهو آبق، وعن شراء المغانم حتى تقسم، وعن شراء الصدقات حتى تقبض، وعن ضربة الغائص» رواه أحمد وابن ماجه والبزار والدارقطني (5) وضعف في "بلوغ المرام" إسناده، وأخرج الترمذي (6) منه شراء المغانم وحسّنه.
_________
(1) أحمد (1/56، 2/5، 10، 63) ، مسلم (3/1153) (1514) ، الترمذي (3/531) (1229) ، وهو عند الطبراني في "الأوسط" (8/73) ، وابن ماجه (2/740) (2197) ، والنسائي (7/293) ، وأبو يعلى (10/22) ، وأبو داود (3/255) (3380) .
(2) أبو داود (3/255) (3381) .
(3) البخاري (3/1395) (3630) ، مسلم (3/1154) (1514) ، أحمد (2/15) .
(4) البخاري (2/785) (2137) .
(5) أحمد (3/42) ، ابن ماجه (2/740) (2196) ، الدارقطني (3/15) ، وهو عند عبد الرزاق (8/76) ، وابن أبي شيبة (4/311) ، وأبي يعلى (2/345) .
(6) الترمذي (4/132) (1563) .(3/1160)
3560 - وعن ابن عباس قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المغانم حتى تقسم» رواه النسائي (1) .
3561 - وعنه قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تباع تمر حتى تطعم أو صوف على ظهر أو لبن في ضرع أو سمن في لبن» رواه الدارقطني والطبراني في "الأوسط" (2) . وأخرجه أبو داود في "المراسيل" (3) لعكرمة وهو الراجح.
3562 - وأخرجه (4) أيضًا موقوفًا على ابن عباس بإسناد قوي ورجحه البيهقي، وأخرجه ابن السكن مرفوعًا في "سننه الصحاح".
3563 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع المضامين والملاقيح» رواه البزار (5) وفي إسناده ضعف.
3564 - وعن أبي سعيد قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الملامسة والمنابذة في البيع والملامسة: لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ولا يقلبه، والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر بثوبه، ويكون ذلك بيعهما من غير نظرٍ ولا تراض» متفق عليه (6) .
_________
(1) النسائي (7/301) ، وهو عند الدارقطني (3/68) .
(2) الدارقطني (3/14) ، الطبراني في "الأوسط" (4/101) ، و"الكبير" (11/338) ، وابن عدي في "الكامل" (5/65) ، والبيهقي (5/340) .
(3) أبو داود في "المراسيل" (183) ، وهو عند الدارقطني (3/15) (45) .
(4) أبو داود في "المراسيل" (182) ، وهو عند الدارقطني (3/15) (43) .
(5) البزار (2/87) (1267-كشف الأستار) .
(6) البخاري (5/2191) (5482) ، مسلم (3/1152) ، أحمد (3/95) ، وهو عند أبي داود (3/254، 255) ، والنسائي (7/260) ، وابن ماجه (2/733) (2170) .(3/1161)
3565 - وعن أنس قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمحاظرة والمنابذة والملامسة والمزابنة» رواه البخاري (1) .
قوله: «أن تنتج» بضم أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه على صيغة المجهول والفاعل الناقة. قوله: «الجزور» بفتح الجيم وضم الزاي هو البعير ذكرًا كان أو أنثى. قوله: «ضربة الغائص» المراد أن يقول الغائص لغيره، ما أخرجته في هذه الغوصة فقد بعته منك بكذا، فنهى عنه لما فيه من الغرر. قوله: «المضامين» هو ما في بطون الإبل والملاقيح ما في ظهور الجمال.
[10/10] باب ما جاء في بيع المضطر والمدبر
3566 - عن علي قال: «سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يده ولم يؤمر بذلك، قال الله عز وجل: ((وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)) [البقرة:237] ويبايع المضطر، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المضطر، وعن بيع الغرر وبيع الثمرة قبل أن تدرك» رواه أحمد وأبو داود (2) ، قال الخطابي: وفي إسناده رجل مجهول.
3567 - وعن جابر قال: «أعتق رجل عبدًا عن دبر، ولم يكن له مال غيره فدعا به النبي - صلى الله عليه وسلم - فباعه» متفق عليه وسيأتي (3) إن شاء الله في العتق.
_________
(1) البخاري (2/768) (2093) ، والحاكم (2/66) .
(2) أحمد (1/116) ، أبو داود (3/255) (3382) .
(3) سيأتي برقم (4188) .(3/1162)
[10/11] باب النهي عن الاستثناء في البيع إلا أن يكون معلومًا
3568 - عن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المحاقلة والمزابنة والمخابرة والثنيا إلا أن يعلم» رواه الخمسة إلا ابن ماجه (1) وصححه الترمذي، ولمسلم (2) من حديث جابر أيضًا بلفظ: «نهى عن بيع الثنيا» .
قوله: «الثنيا» بضم المثلثة وسكون النون المراد به الاستثناء في البيع نحو أن يبيع الرجل شيئًا ويستثني بعضه فإن كان معلومًا جاز، وسيأتي إن شاء الله تفسير المحاقلة والمزابنة في بابه.
[10/12] باب النهي عن بيعتين في بيعة
3569 - عن أبي هريرة قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة» رواه أحمد والنسائي والترمذي (3) وصححه وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وفي لفظ لأبي داود (4) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا» وفي إسناده ضعف.
3570 - وعن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صفقتين في صفقة» رواه أحمد وقال: قال سماك هو الرجل يبيع
_________
(1) أبو داود (3/262) (3404، 3405) ، النسائي (7/296) ، الترمذي (3/585، 605) (1290، 1313) ، أحمد (3/313، 364) ، وهو عند ابن ماجه مختصرًا (2/762) (2266) .
(2) مسلم (3/1175) (1536) .
(3) أحمد (2/432، 475، 503) ، النسائي (7/295) ، الترمذي (3/533) (1231) ، وهو عند ابن حبان (11/347) (4973) .
(4) أبو داود (3/274) (3461) ، وهو عند ابن حبان (11/348) (4974) ، والحاكم (2/52) .(3/1163)
فيقول: هو نسي بكذا، وهو نقد بكذا، قال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد ثقات وأخرجه البزار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" (1) .
[10/13] باب النهي عن بيع العربون
3571 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع العربان» رواه أحمد والنسائي وأبو داود ومالك في "الموطأ" (2) بإسناد منقطع ووصله ابن ماجه (3) بإسناد ضعيف، ورواه البيهقي (4) موصولًا من غير طريق مالك، قال في "الخلاصة": ورواه أبو مصعب الزهري عن مالك عن جد أبي ربيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهذا إسناد جيد فاستفده انتهى. وقال في "التلخيص" (5) : ذكر مالك أن المراد أن يشتري الرجل العبد أو الأمة أو يكتري ثم يقول الذي اشترى أو اكترى أعطيك دينارًا أو درهمًا على أن أخذت السلعة فهو من ثمن السلعة، وإلا فهو لك وكذا فسره عبد الرزاق.
قوله: «العربان» بضم العين المهملة وسكون الراء ثم موحدة مخففة، ويقال فيه عربون بضم العين والباء.
_________
(1) أحمد (1/398) ، و"الأوسط" (2/169) ، البزار (5/384) (2017) ، وهو عند ابن حبان (3/331، 11/399) ، وابن خزيمة (1/90) .
(2) أبو داود (3/283) (3502) ، مالك في "الموطأ" (2/609) (1271) ، وهو عند ابن ماجه (2/738) (2192) .
(3) ابن ماجه (2/739) (2193) .
(4) البيهقي (5/342) .
(5) "التلخيص" (2/17) .(3/1164)
[10/14] باب تحريم بيع العصير إلى من يتخذه خمرًا
وكل بيع أعان على معصية
3572 - عن أنس قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبايعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له» رواه الترمذي وابن ماجه (1) قال في "التلخيص": ورواته ثقات، انتهى. وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
3573 - ولأحمد من حديث ابن عباس نحوه وأخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: صحيح الإسناد (2) .
3574 - وعن ابن عمر قال: «لعنت الخمرة على عشرة وجوه: لعنت الخمرة بعينها وشاربها وساقيها وبايعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها» رواه أحمد وابن ماجه (3) ولأبي داود (4) نحوه بإسناد جيد ولم يقل «عشرة» ولم يقل «آكل ثمنها» وصحح الحديث ابن السكن، وفي إسناده عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أمير الأندلس قال في "التقريب": مقبول
_________
(1) الترمذي (3/589) (1295) ، ابن ماجه (2/1122) (3381) ، وهو عند الطبراني في "الأوسط" (2/93)
(2) أحمد (1/316) ، ابن حبان (12/178) (5356) ، الحاكم (2/37، 4/161) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (12/233) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1/229) .
(3) أحمد (2/25، 71، 97) ، ابن ماجه (2/1121) (3380) ، وهو عند أبي يعلى (9/441) ، والطبراني في الصغير (2/45) (753) .
(4) أبو داود (3/326) (3674) ، وهو عند أبي يعلى (9/431) .(3/1165)
وسيأتي إن شاء الله في كتاب الأشربة.
3575 - وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حبس العنب أيام القطاف حتى يبيعه ممن يتخذه خمرًا فقد تقحم النار على بصيرة» رواه الطبراني (1) بإسناد حسن.
[10/15] باب النهي عن بيع ما لا يملكه البائع حال البيع وما جاء في الرجل يبيع سلعته من رجلين فهو للأول منهما
3576 - عن حكيم بن حزام قال: «قلت: يا رسول الله! يأتيني الرجل فيسألني عن البيع ليس عندي أبيعه ثم أبتاعه من السوق، قال: لا تبع ما ليس عندك» رواه الخمسة (2) وقال الترمذي: حسن صحيح وابن حبان في صحيحه، والبيهقي وقال: حسن متصل، وفي رواية للترمذي (3) : «نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أبيع ما ليس عندي» .
3577 - وعن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك» رواه الخمسة إلا ابن ماجه فإن له «ربح ما لم يضمن، وبيع ما ليس عندك» وقال الترمذي: حسن صحيح وصححه ابن خزيمة والحاكم ورواه الخمسة أيضًا من حديث عمرو بن
_________
(1) الطبراني في "الأوسط" (5/294) (5356) .
(2) أبو داود (3/283) (3503) ، النسائي (7/289) ، الترمذي (3/534) (1232) ، ابن ماجه (2/737) (2187) ، أحمد (3/402، 434) ، البيهقي (5/339) .
(3) الترمذي (3/534) (1233) .(3/1166)
شعيب عن أبيه عن جده باللفظ الأول وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم (1) .
3578 - وعن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما، وأيما رجل باع بيعين من رجلين فهو للأول منهما» رواه الخمسة (2) ولم يذكر ابن ماجه فصل النكاح وحسنه الترمذي وصححه أبو زرعة وأبو حاتم والحاكم.
[10/16] باب النهي عن بيع الدين بالدين
وجوازه بسعر يومه ممن هو عليه
3579 - عن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الكالي بالكالي» رواه الدارقطني (3) ، وصححه الحاكم على شرط مسلم وضعفه غيره وقال أحمد: ليس في هذا الباب حديث صحيح إنما أجمع على أنه لا يجوز بيع دين بدين.
3580 - وعن ابن عمر قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير فقال: لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء» رواه الخمسة (4) وصححه الحاكم، وفي لفظ
_________
(1) سيأتي برقم (3630) .
(2) أبو داود (2/230) (2088) ، النسائي (7/314) ، الترمذي (3/418) (1110) ، ابن ماجه (2/738) (2190) ، أحمد (5/8، 11، 12، 18) ، الحاكم (2/41، 190، 191) ، وهو عند الدارمي (2/187) ، والبيهقي (7/139) ، والطبراني في "الكبير" (7/202) .
(3) الدارقطني (3/71) ، وهو عند الحاكم (2/65) ، والبيهقي (5/290) ، وابن عدي في "الكامل" (6/335) .
(4) أبو داود (3/250) (3354، 3355) ، النسائي (7/281، 283) ، الترمذي (3/544) (1242) ، ابن ماجه (2/760) (2262) ، أحمد (2/33، 59، 83، 139، 154) ، = = الحاكم (2/50) ، وهو عند ابن حبان (11/287) ، وهو عند الدارمي (2/336) ، والبيهقي (5/285، 315) .(3/1167)
أحدهم (1) : «أبيع بالدنانير وآخذ مكانها الورق وأبيع بالورق وآخذ مكانها الدنانير» .
قوله: «الكاليء بالكاليء» مهموز هو بيع النسية بالنسية وقيل بيع الدين بالدين. قوله: «بالبقيع» بالباء الموحدة ووقع عند البيهقي في رواية «بقيع الغرقد» .
[10/17] باب النهي عن شراء شيء وبيعه قبل قبضه
وما جاء من النهي عن البيع قبل الكيل
3581 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا بعت طعامًا فلا تبعه حتى تستوفيه» رواه أحمد ومسلم (2) .
3582 - عن أبي هريرة قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشترى الطعام ثم يباع حتى يستوفى» رواه أحمد ومسلم (3) ، ولمسلم (4) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله» .
3583 - وعن حكيم بن حزام قال: «قلت: يا رسول الله! إني أشتري بيوعًا فما يحل لي منها وما يحرم علي؟ قال: إذا اشتريت شيئًا فلا تبعه حتى تقبضه» رواه أحمد والطبراني في "الكبير" (5) وفي إسناده المعلى بن خالد الواسطي، وثقه ابن
_________
(1) هذه الرواية عند الترمذي (1242) ، وأحمد (2/83) .
(2) أحمد (3/392) ، مسلم (3/1162) (1529) .
(3) أحمد (2/329، 337) ، مسلم (3/1162) (1528) .
(4) مسلم (3/1162) (1528) .
(5) أحمد (3/402) ، الطبراني في "الكبير" (3/196، 197) ، النسائي (7/286) ، ابن حبان (11/361) .(3/1168)
حبان وضعفه موسى بن إسماعيل وقد أخرج النسائي بعضه.
3584 - وعن ابن عمر قال: «ابتعت زيتًا في السوق فلما استوجبته» وفي رواية لأبي داود: «فلما استوفيته لقيني رجل فأعطاني به ربحًا حسنًا فأردت أن أضرب على يد الرجل فأخذ رجل من خلفي بذراعي فالتفت فإذا زيد بن ثابت فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع السلعة حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم» رواه أحمد وأبو داود واللفظ له، والدارقطني والحاكم وابن حبان وصححاه (1) .
3585 - وعن ابن عمر قال: «كانوا يتبايعون الطعام جزافًا على السوق فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه حتى ينقلوه» رواه الجماعة إلا الترمذي وابن ماجه (2) وفي لفظ للصحيحين (3) «حتى يحولوه» وفي رواية لهما (4) : «كنا زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - نبتاع الطعام، فبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه» وفي رواية (5) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث عليهم من
_________
(1) أحمد (5/191) ، أبو داود (3/282) (3499) ، الدارقطني (3/13) ، الحاكم (2/46) ، ابن حبان (11/360) (4984) .
(2) البخاري (2/759) (2059) ، مسلم (3/1161) (1527) ، أبو داود (3/281) (3494) ، النسائي (7/287) ، أحمد (2/15، 21) .
(3) البخاري (2/750، 751، 6/2513) (2024، 2030، 6460) بلفظ: «حتى يؤووه إلى رحالهم» ، مسلم (3/1161) (1527) بلفظ: «حتى يحولوه» .
(4) مسلم (3/1160) (1527) ، أبو داود (3/281) (3493) ، النسائي (7/287) ، أحمد (2/112) ، مالك (2/641) (1312) .
(5) البخاري (2/747) (2017) ، أحمد (2/135) .(3/1169)
يمنعهم أن يبيعوه حيث يشتروه، حتى ينقلوه» وللجماعة إلا الترمذي (1) : «من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه» ولأبي داود والنسائي (2) : «نهى أن يبيع أحد طعامًا اشتراه حتى يستوفيه» .
3586 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه، قال ابن عباس ولا أحسب كل شيء إلا مثله» رواه الجماعة إلا الترمذي (3) ، وفي لفظ الصحيحين (4) : «من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله» .
3587 - وعن جابر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري» رواه ابن ماجه والدارقطني، والبيهقي (5) وفي إسناده ابن أبي ليلى.
3588 - وعن عثمان قال: «كنت أبتاع التمر من بطن من اليهود يقال لهم بني قينقاع وأبيعه بربح فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا عثمان إذا ابتعت فاكتل وإذا
_________
(1) البخاري (2/750، 751) (2026، 2029) ، مسلم (3/1161) (1526) ، أبو داود (3/281) (3492) ، النسائي (7/285) ، ابن ماجه (2/749) (2226) ، أحمد (2/46، 59، 73، 79، 108) ، وهو عند ابن حبان (11/354) (4979) ، ومالك (2/640) .
(2) أبو داود (3/281) (3495) ، النسائي (7/285) ، وهي عند البخاري (2/747) (2017) .
(3) البخاري (2/751) (2028) ، مسلم (3/1159) (1525) ، أبو داود (3/281) (3497) ، النسائي (7/285) (4600) ، ابن ماجه (2/749) (2227) ، أحمد (1/215، 221، 270، 285، 368) ، والحديث عند الترمذي (3/586) (1291) .
(4) مسلم (3/1160) (1525) ، أبو داود (3/281) (3496) ، النسائي (7/285) (4597) .
(5) ابن ماجه (2/750) (2228) ، الدارقطني (3/8) ، البيهقي (5/316) ، وهو عند عبد بن حميد في "مسنده" (1/322) .(3/1170)
بعت فكل» رواه أحمد والبخاري تعليقًا (1) للسند منه، وقال البيهقي: روي موصولًا من أوجه إذا ضم بعضها إلى بعض قوي، وفي "مجمع الزوائد": إسناده حسن.
3589 - ويؤيده ما تقدم (2) في حديث أبي هريرة: «من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله» وفسر الاكتيال بالكيل وقيل هو الاستيفاء.
[10/18] باب ما جاء في التفريق بين ذوي الأرحام
3590 - عن أبي أيوب قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة» رواه أحمد والترمذي وحسنه والدارقطني، والحاكم وصححه (3) ، قال في "بلوغ المرام": وفي إسناده مقال لكن له شاهد.
3591 - وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: «أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما وفرقت بينهما فذكرت ذلك له فقال: ادركهما فارتجعهما ولا تبعهما إلا جميعًا» رواه أحمد (4) ، قال الحافظ: ورجال إسناده ثقات وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم والطبراني وابن القطان وفي رواية
_________
(1) أحمد (1/62، 75) ، وعلقه البخاري (2/748) باب «الكيل على البائع والمعطي» .
(2) تقدم برقم (3585) .
(3) أحمد (5/412، 414) ، الترمذي (3/580، 4/134) (1283، 1566) ، الدارقطني (3/67) ، الحاكم (2/63) ، البيهقي (9/126) .
(4) أحمد (1/97، 126) ، البيهقي (9/127) ، ابن الجارود (1/148) ، والحاكم (2/63، 136) ، والدارقطني (3/65) (249) ، والبيهقي (9/127) .(3/1171)
للترمذي وابن ماجه (1) : «وهب لي النبي - صلى الله عليه وسلم - غلامين أخوين فبعت أحدهما فقال لي: يا علي ما فعل غلامك؟ فأخبرته فقال: رده رده» وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
3592 - وعن عبادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يفرق بين الأم وولدها، قيل إلى متى؟ قال: حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية» رواه الدارقطني وضعفه والحاكم وصححه (2) .
3593 - وعن أبي موسى قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فرق بين الوالدة وولدها (3) وبين الأخ وأخيه» رواه ابن ماجه والدارقطني (4) وقال في شرح "المنتقى": لا بأس بإسناده، انتهى. وقال المنذري: في إسناده إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وقد ضعف.
3594 - وعن علي: «أنه فرق بين جارية وولدها فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ورد البيع» رواه أبو داود وأعله بالانقطاع والدارقطني والحاكم (5) وصحح إسناده ورجحه البيهقي لشواهده.
_________
(1) الترمذي (3/580) (1284) ، ابن ماجه (2/755) (2249) ، أحمد (1/102) ، والدارقطني (3/66) (250) ، والطيالسي (1/26) (185) .
(2) الدارقطني (3/68) ، الحاكم (2/64) ، البيهقي (9/128) .
(3) حديث أبي موسى هذا لفظه: «من فرق بين الوالدة وولدها» كما في "الترغيب والترهيب" و"الجامع الصغير"، ووقع في "المنتقى": «بين الوالد وولده» . تمت مؤلف.
(4) ابن ماجه (2/756) (2250) ، الدارقطني (3/67) ، وهو عند أبي يعلى (13/226) .
(5) أبو داود (3/63) (2696) ، الدارقطني (3/66) ، الحاكم (2/63، 136) ، البيهقي (9/126) .(3/1172)
3595 - وعن سلمة بن الأكوع «أنه جيء إلى أبي بكر في غزاة بالسبي وفيهم امرأة من فزارة ومعها ابنة لها من أحسن العرب وأجمله، قالت سلمة فنفلني أبو بكر ابنتها فلم أكشف لها ثوبًا حتى قدمت المدينة، ثم بت فلم أكشف لها ثوبًا فلقيني النبي - صلى الله عليه وسلم - في السوق فقال: يا سلمة هب لي المرأة فقلت: يا رسول الله! لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبًا فسكت وترك حتى إذا كان من الغد لقيني في السوق فقال يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك، فقلت: هي لك يا رسول الله، قال: فبعث بها إلى مكة وفي أيديهم أسارى من المسلمين ففداهم بتلك المرأة» مختصر من حديث أحمد ومسلم وأبي داود (1) .
[10/19] باب ما جاء من النهي أن يبيع حاضر لباد
3596 - عن ابن عمر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد» رواه البخاري والنسائي (2) .
3597 - وعن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» رواه الجماعة إلا البخاري (3) .
_________
(1) أحمد (6/46، 51) ، مسلم (3/1375) (1755) ، أبو داود (3/64) (2697) ، وهو عند ابن حبان (11/200) (4860) ، والطبراني في "الكبير" (7/14) ، وابن ماجه (2/949) (2846) .
(2) البخاري (2/758) (2051) ، النسائي (7/256) (4497) ، وهو عند أحمد (2/42) .
(3) مسلم (3/1157) (1522) ، أبو داود (3/270) (3442) ، النسائي (7/256) ، الترمذي (3/526) (1223) ، ابن ماجه (2/734) (2176) ، أحمد (3/307، 312، 386، 392) ، وهو عند ابن حبان (11/335) (4960) ، وأبي يعلى (4/123) (2169) .(3/1173)
3598 - وعن أنس قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد وإن كان أخاه لأبيه وأمه» متفق عليه (1) ، ولأبي داود والنسائي (2) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبيع حاضر لباد وإن كان أباه وأخاه» .
3599 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تلقوا الركبان، ولا بيع حاضر لباد، وقيل لابن عباس ما قوله لا يبع حاضر لباد، قال: لا يكون له سمسارًا» رواه الجماعة إلا الترمذي (3) ، وليس عند أبي داود تلقي الركبان.
[10/20] باب النهي عن النجش وتلقي الركبان
3600 - عن أبي هريرة قال «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد ولا تناجشوا ولا يبع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفي ما في إنائها» متفق عليه (4) وسيأتي.
3601 - وعن ابن عمر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النجش» متفق عليه (5) ،
_________
(1) البخاري (2/758) (2053) ، مسلم (3/1158) (1523) .
(2) أبو داود (3/269) (3440) ، النسائي (7/256) .
(3) البخاري (2/757، 758، 795) (2050، 2055، 2154) ، مسلم (3/1157) (1521) ، أبو داود (3/269) (3439) ، النسائي (7/257) ، ابن ماجه (3/735) (2177) ، أحمد (1/368) .
(4) البخاري (2/752، 758، 970) (2033، 2052، 2574) ، مسلم (2/1033) (1413) ، أحمد (2/238) .
(5) البخاري (2/753، 6/2554) (2035، 6562) ، مسلم (3/1156) (1516) ، أحمد (2/7، 63، 156) ، وهو عند ابن حبان (11/342) (4968) ، ابن ماجه (2/734) (2173) ، والنسائي (7/258) ، والشافعي (1/172) ، وأبي يعلى (10/171) .(3/1174)
وأخرجه النسائي و"الموطأ" (1) وزادوا: «النجش: أن تعطيه بسلعته أكثر من ثمنها، وليس في نفسك اشتراؤها فيقتدي بك غيرك» .
3602 - وعن ابن مسعود قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تلقي البيوع» متفق عليه (2) .
3603 - وعن أبي هريرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتلقى الجلب فإن تلقاه إنسان فابتاعه فصاحب السلعة فيها بالخيار إذا ورد السوق» رواه الجماعة إلا البخاري (3) .
3604 - وعن ابن عمر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تلقي البيوع» أخرجاه (4) ، ولهما (5) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تلقوا السلع حتى يهبط بها إلى السوق» .
3605 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تلقوا الركبان ولا يبع حاضر لباد» أخرجاه وقد تقدم (6) .
_________
(1) مالك في "الموطأ" (2/684) (1367) .
(2) البخاري (2/759) (2056) ، مسلم (3/1156) (1518) ، أحمد (1/430) ، وهو عند ابن ماجه (2/735) (2180) ، والترمذي (3/534) (1220) ، وابن أبي شيبة (7/298) ، وعبد الرزاق (8/201) ، وابن حبان (11/333) (4958) .
(3) مسلم (3/1157) (1519) ، أبو داود (3/269) (3437) ، النسائي (7/257) ، الترمذي (3/524) (1221) ، ابن ماجه (2/735) (2178) ، أحمد (2/284، 403، 487-488) .
(4) البخاري (2/759) (2056) ، مسلم (3/1156) (2057) ، أحمد (2/20، 63) .
(5) البخاري (2/759) (2057) ، أبو داود (3/269) (3436) ، الدارمي (2/332) (2567) ، أحمد (2/7، 63، 91) .
(6) تقدم برقم (3602) .(3/1175)
[10/21] باب النهي عن بيع الرجل على بيع أخيه وسومه إلا في المزايدة
3606 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبع بعضكم على بيع بعض» أخرجاه (1) ، وفي رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبع أحدكم على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له» رواه أحمد (2) ، وللنسائي (3) : «لا يبع أحدكم على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يبتاع أو يذر» قال في "المنتقى": وفيه بيان أنه أراد بالبيع الشراء.
3607 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يسوم على سومه» وفي لفظ: «لا يبع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه» أخرجاه (4) ، وفي رواية لهما (5) : «ولا يزيدن على بيع أخيه» .
3608 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - باع قدحًا وحلسًا فيمن يزيد» رواه أحمد والترمذي والنسائي وأبو داود (6) بلفظ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نادى على قدح
_________
(1) البخاري (2/759) (2056) ، مسلم (2/1032) (1412) ، وهو عند ابن ماجه (2/733) ، وأبي داود (3/269) (3436) .
(2) أحمد (2/21) ، وهو عند البخاري (5/1975) (4848) ، ومسلم (2/1032، 3/1154) (1412) ، والنسائي (6/73) ، والترمذي (3/587) (1292) .
(3) النسائي (7/258) .
(4) البخاري (2/971) (2577) ، مسلم (2/1033) (1413) ، أحمد (2/124، 427، 457، 462) .
(5) البخاري (2/970) (2574) ، مسلم (2/1033) (1413) .
(6) أحمد (3/100، 114) ، الترمذي (3/522) (1218) ، النسائي (7/259) (4508) ، أبو داود (2/120) (1641) .(3/1176)
وحلس لبعض أصحابه، فقال رجل: هما علي بدرهم ثم قال آخر هما علي بدرهمين» وحسنه الترمذي، وقال: لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان عن أبي بكر الحنفي عنه وأعله ابن القطان بجهل حال أبي بكر الحنفي، ونقل عن البخاري أنه قال: لم يصح حديثه.
قوله: «حلسا» بكسر الحاء المهملة وسكون اللام كساء رقيق يكون تحت برذعة البعير قاله الجوهري والحلس البساط أيضًا.
[10/22] باب ما جاء في البيع بغير إشهاد
3609 - عن عمارة بن خزيمة أن عمه حدثه وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه ابتاع فرسًا من أعرابي فاستتبعه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقض ثمن فرسه فأسرع النبي - صلى الله عليه وسلم - المشي وأبطأ الأعرابي فطفق رجال يعترضون الأعرابي يسامونه بالفرس، لا يشعرون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابتاعه، فنادى الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن كنت مبتاعًا هذا الفرس فابتعه وإلا بعته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: حين سمع نداء الأعرابي: أوليس قد ابتعته؟ قال الأعرابي: لا والله ما بعتك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بلى قد ابتعته، فطفق الأعرابي يقول: هلم شهيدًا، فقال خزيمة: أنا أشهد أنك قد ابتعته، فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - على خزيمة بم تشهد؟ قال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل شهادة خزيمة بشهادة رجلين» رواه أحمد والنسائي وأبو داود ورجال إسناده ثقات وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1) .
_________
(1) أحمد (5/215) ، النسائي (7/301) ، أبو داود (3/308) (3607) ، الحاكم (2/21) ، وهو عند البيهقي (7/66) ، والطبراني في "الكبير" (22/379) (946) .(3/1177)
[10/23] باب ما يدخل في المبيع
3610 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ابتاع نخلًا بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع ومن ابتاع عبدًا فما له للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع» رواه الجماعة (1) .
3611 - وعن عبادة بن الصامت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن ثمن النخل لمن أبرها، إلا أن يشترط المبتاع وقضى أن مال المملوك لمن باعه إلا أن يشترط المبتاع» رواه ابن ماجه وعبد الله بن أحمد في المسند (2) وفي إسناده انقطاع، قال في "التلخيص": وروي «أن رجلًا ابتاع نخلًا من آخر واختلفا، فقال: المبتاع: أنا أبرته بعدما ابتاع، وقال البائع: أنا أبرته قبل البيع، فتحاكما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقضى بالثمرة لمن أبر منهما» رواه البيهقي في "المعرفة" (3) من طريق الشافعي من مرسل عطاء وعزاه ابن الطلاع في "الأحكام" إلى "الدلائل" للأصيلي مسندًا عن ابن عمر، انتهى.
قوله: «بعد أن تؤبر» التأبير التشقيق والتلقيح ومعناه شق طلع النخلة الأنثى ليذر فيها شيء من طلع النخلة الذكر، وقال في "الفتح": لا يشترط في التأبير أن يؤبره
_________
(1) البخاري (2/768، 968) (2090، 2567) ، مسلم (3/1172، 1173) (1543) ، أبو داود (3/268) (3433) ، الترمذي (3/546) (1244) ، النسائي (7/297) ، ابن ماجه (2/746) (2211) ، أحمد (2/6، 9، 54، 82، 102) ، وهو عند مالك (2/617) ، وابن حبان (11/290) (4923) .
(2) ابن ماجه (2/746) (2213) ، وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه (5/326) .
(3) (4/318) .(3/1178)
أحد بل لو تأبر بنفسه، لم يختلف الحكم عند جميع القائلين به.
[10/24] باب النهي عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها
وعن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخابرة
3612 - عن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمبتاع» رواه الجماعة إلا الترمذي (1) ، وفي لفظ: «نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه (2) .
3613 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تبتاعوا الثمار حتى يبدو صلاحها» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (3) .
3614 - وعن جابر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر حتى يطيب، ولا يباع شيء منه إلا بالدراهم والدنانير إلا العرايا» رواه البخاري (4) .
_________
(1) البخاري (2/766) (2082) ، مسلم (3/1165) (1534) ، أبو داود (3/252) (3367) ، النسائي (7/262) ، ابن ماجه (2/746) (2214) ، أحمد (2/7، 62) ، وهو عند مالك (2/618) .
(2) مسلم (3/1165) (1534) ، أبو داود (3/252) (3368) ، الترمذي (3/529) (1226، 1227) ، النسائي (7/270) ، أحمد (2/5) .
(3) أحمد (2/363) ، مسلم (3/1167) (1538) ، النسائي (7/263) ، ابن ماجه (2/747) (2215) .
(4) البخاري (2/764، 839) (2077، 2252) ، وهو عند مسلم (3/1167، 1176) (1536) ، وأحمد (3/360) .(3/1179)
3615 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد» رواه الخمسة إلا النسائي وابن حبان والحاكم (1) وصححاه، وقال الترمذي: حسن غريب.
3616 - وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمرة حتى تزهو، وقيل وما هو زهوها؟ قال: تحمار وتصفار» وفي رواية: «قالوا: وما تزهي؟ قال: تحمر، وقال: إذا منع الله الثمرة بما تستحل مال أخيك» أخرجاه (2) ، وقوله: «إذا منع الله الثمرة» مدرج من قول أنس ورفعه خطأ، قاله الدارقطني.
3617 - وقد ثبت مرفوعًا من حديث جابر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو بعت من أخيك ثمرها فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا بم تأخذ مال أخيك بغير حق» رواه مسلم وفي رواية له «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح» وسيأتي (3) إن شاء الله تعالى في باب وضع الجوائح.
3618 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تبتاعوا الثمر حتى
_________
(1) أبو داود (3/253) (3371) ، الترمذي (3/530) (1228) ، ابن ماجه (2/747) (2217) ، أحمد (3/221، 250) ، ابن حبان (11/369) (4993) ، الحاكم (2/23) ، وهو عند الدارقطني (3/47) ، والبيهقي (5/301) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/24) ، وابن أبي شيبة (4/501) ، وأبي يعلى (6/396) .
(2) البخاري (2/766) (2083) ، مسلم (3/1190) (1555) ، أحمد (3/115) ، والرواية الثانية عند البخاري (2/766، 768) (2086، 2094) ، مسلم (3/1190) (1555) ، والنسائي (7/264) ، وأبي يعلى (6/456) (3851) ، والشافعي (1/143) ، ومالك (2/618) .
(3) سيأتي برقم (3626) .(3/1180)
يبدو صلاحه، ولا تبتاعوا الثمر بالتمر» رواه مسلم والنسائي (1) .
3619 - وعن جابر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخابرة» وفي لفظ بدل «المعاومة» «وعن بيع السنين» متفق عليه (2) ، وفي رواية للنسائي (3) : «نهى عن المزابنة والمحاقلة والمخاضرة والمخابرة، وقال: المخاضرة بيع التمر قبل أن يزهو، والمخابرة بيع الكيس بكذا وكذا صاعًا، والكيس ما جمع من طعام أو غيره كالصبرة» .
3620 - وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه» وفي رواية: «حتى يطيب» وفي رواية: «حتى يطعم» متفق عليه (4) .
3621 - وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع المحاقلة والمزابنة والمخابرة وأن يشتري النخل حتى يشقه والإشقاة أن يحمر أو يصفر أو يؤكل منه شيء، والمحاقلة أن يباع الحقل بكيل من الطعام معلوم، والمزابنة أن يباع النخل بأوساق من التمر، والمخابرة الثلث أو الربع وأشباه ذلك» أخرجاه (5) .
3622 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المحاقلة، والمخاضرة، والملامسة،
_________
(1) مسلم (3/1168) (1539) ، النسائي (7/263) .
(2) البخاري (2/764) (2077) ، مسلم (3/1175) (1536) ، أحمد (3/313، 364، 392) ، وهو عند أبي داود (3/262) (3404) ، والنسائي (7/296) ، والترمذي (3/605) (1313) ، وابن ماجه مختصرًا (2/747) (2218) .
(3) النسائي (7/38) .
(4) تقدم برقم (3617) .
(5) البخاري (2/766) (2084) ، مسلم (3/1175) (1536) .(3/1181)
والمنابذة» رواه البخاري (1) .
قوله: «المحاقلة» قد اختلفت في تفسيرها فقيل ما تقدم في الحديث وقيل بيع الطعام في سنبله والحقل الحرث وموضع الزرع وقيل عن جابر أن المحاقلة أن يبيع الرجل الرجل الزرع بمائة فرق من الحنطة وقيل هو بيع الزرع قبل أن يبدو صلاحه أو بيعه في سنبله. قوله: «المزابنة» بالزاء والموحدة والنون وقد فسرت بما في الحديث وقيل بيع العنب بالزبيب كما في الصحيحين، وفي البخاري (2) عن ابن عمر «أن المزابنة أن يبيع التمر بكيل إن زاد فلي وإن نقص فعلي» وفي مسلم (3) عن نافع: «المزابنة بيع ثمر النخل بالتمر كيلًا وبيع العنب بالزبيب كيلًا أو يبيع الزرع بالحنطة كيلًا» . قوله «المعاومة» هي بيع الشجر أعوامًا كثيرة وهي مشتقة من العام كالمشاهرة من الشهر وقيل اكترى الأرض سنين وكذلك بيع السنين هو أن يبيع ثمر النخل لأكثر من سنة في عقد واحد، وذلك لأنه بيع غرر لكونه بيع ما لم يوجد، والمخابرة ستأتي إن شاء الله تعالى في كتاب المساقاة. قوله: «حتى يشقه» بضم أوله ثم شين معجمة ثم قاف، وفي رواية للبخاري (4) : «يشقح» واشقاح النخل احمراره واصفراره، كما في الحديث والعلة في تحريم ذلك أما مظنة الربا أو الغرر.
_________
(1) البخاري (2/768) (2093) .
(2) البخاري (2/760) (2064) ، ومسلم (3/1171) (1542) ، وأحمد (2/5) .
(3) مسلم (3/1171) (1542) ، والبخاري (3/760، 763) (2063، 2073) .
(4) البخاري (2/766) (2084) ، وهي عند مسلم (3/1175) (1536) ، وأبي داود (3/253) (3370) ، وأحمد (3/319، 361) .(3/1182)
[10/25] باب ما جاء في وضع الجوائح
3623 - عن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع الجوائح» رواه أحمد والنسائي وأبو داود (1) ، وفي لفظ لمسلم (2) : «أمر بوضع الجوائح» وفي لفظ قال: «إن بعت من أخيك تمرًا فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟» رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه (3) ، وفي رواية للنسائي (4) : «من باع تمرًا فأصابته جائحة، فلا يأخذ من أخيه شيئًا علام يأكل أحدكم مال أخيه المسلم» .
* * *
_________
(1) أحمد (3/309) ، النسائي (7/265) (4529) ، أبو داود (3/254) (3374) ، وهو عند الحاكم (2/47) ، وأبي يعلى (4/99) .
(2) مسلم (3/1191) (1554) ، وهو عند ابن حبان (11/407) (5031) ، والشافعي (1/145) .
(3) مسلم (3/1190) (1554) ، أبو داود (3/276) (3470) ، النسائي (7/264) ، ابن ماجه (2/747) (2219) ، وهو عند ابن حبان (11/410، 411) (5034، 5035) ، والدارقطني (3/30، 31) ، والحاكم (2/42) ، والدارمي (2/328) .
(4) النسائي (7/265) (4528) ، وهو عند الطبراني في "الأوسط" (7/34) .(3/1183)
أبواب الشروط في البيع
[10/26] باب ما يجوز منها وما لا يجوز على العموم
3624 - عن عمرو بن عوف المزني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحًا حرم حلالًا، أو أحل حرامًا، والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا وأحل حرامًا» رواه الترمذي (1) وصححه، وقد أنكر على تصحيحه؛ لأن راويه كثير بن عبد الله وهو ضعيف، وكأنه صححه لكثرة طرقه.
3625 - وقد صححه ابن حبان من حديث أبي هريرة وليس في إسناده كثير وصححه الحاكم على شرطهما، وقد رواه أحمد وأبو داود والدارقطني (2) مرفوعًا، وقد علقه البخاري جازمًا به في الإجارة (3) .
[10/27] باب اشتراط منفعة المبيع وما في معناها
3626 - عن جابر «أنه كان يسير على جمل له قد أعيا فأراد أن يسيبه. قال: فلحقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاني وضربه فسار سيرًا لم يسر مثله، فقال: بعنيه، فقلت لا، ثم قال: بعنيه، فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي» متفق عليه (4) ، وفي لفظ مسلم:
_________
(1) الترمذي (3/634) (1352) ، وهو عند الحاكم (4/113) ، وابن ماجه (2/788) (2353) .
(2) ابن حبان (11/488) (5091) ، والحاكم (4/113) ، وأبو داود (3/304) (3594) ، والدارقطني (3/27) ، وأحمد (2/366) من حديث أبي هريرة.
(3) علقه البخاري (2/794) باب أجر السمسرة.
(4) الحديث بطرقه ورواياته عند البخاري (2/810، 968، 3/1083) (2185، 2569، 2805) ، ومسلم (3/1221، 1222، 1223، 1224) ، وأحمد (3/372، 392، 399) .(3/1184)
«فلما بلغت أتيته بالجمل فنقدني ثمنه، ثم رجعت فأرسل في أثري، فقال: أتراني ماكستك لأخذ جملك، خذ جملك ودراهمك» والحديث طويل له طرق وألفاظ وفيه الاختلاف في قدر القيمة، ففي رواية للشيخين: «أربعة دنانير وزاده قيراطًا» ، وله في رواية قال: «بعنيه باوقية، قلت: لا، ثم قال: بعنيه باوقية فبعته، واستثنيت حملانه إلى أهلي» وفي رواية للبخاري: «أوقية ذهب» وفي أخرى: «بمائتي درهم» وفي رواية: «احسبه قال بأربع أواقي» وفي أخرى: «بعشرين دينارًا» قال البخاري وقول الشعبي بوقية أكثر، وفي رواية لمسلم أيضًا قال: «بعنيه، قلت: فإن لرجل علي أوقية ذهب فهو لك بها، قال: قد أخذته فلما قدمت المدينة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبلال: أعطه أوقية من ذهب وزده، قال: فأعطاني أوقية من ذهب وزادني قيراطًا» وفي رواية له أيضًا: «فبعته بخمس اواقي» وفي رواية: «فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بأواق من ذهب فقال: أعطوها جابرًا، ثم قال: استوفيت الثمن؟ قلت: نعم، قال الثمن والجمل لك» وفي رواية لهما: «اشترى النبي - صلى الله عليه وسلم - مني بعيرًا بوقيتين ودرهم أو درهمين» وفي رواية: «بثمان مائة درهم» وفي أخرى: «بعشرين دينارًا» .
قوله: «أعيا» الإعياء التعب والعجز عن السير. قوله: «حملانه» بضم الحاء المهملة: أي الحمل عليه. قوله: «أتراني» بضم المثناة الفوقية: أي تظنني. قوله: «ماكستك» المماكسة هي المكالمة في النقص من الثمن، وقد عارض هذا الحديث حديث النهي عن الثنيا وعن بيع وشرط، واختلف في الجمع بينهما، فقيل لأحمد يصح الشرط وحديث بيع الثنيا فيه إلا أن يعلم ذلك وهذا منه، فقد علمت الثنيا فصح البيع وحديث النهي عن بيع وشرط فيه مقال مع احتمال أنه أراد الشرط المجهول وهذا أظهر الأقوال اقتصرت في هذا المختصر عليه.(3/1185)
[10/28] باب النهي عن جمع شرطين في بيع
3627 - عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك» رواه الخمسة إلا ابن ماجه (1) فإن له (2) منه «ربح ما لم يضمن، وبيع ما ليس عندك» ، قال الترمذي: حسن صحيح وصححه ابن خزيمة والحاكم، وأخرجه ابن حبان والحاكم (3) بلفظ: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع» .
3628 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم (4) ، وأخرجه في "علوم الحديث" من رواية أبي حنيفة عن عمرو المذكور بلفظ: «نهى عن بيع وشرط» ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في "الأوسط" (5) وهو غريب قاله الحافظ.
قوله: «سلف وبيع» قال أحمد: هو أن يقرضه قرضًا، ثم يُبايعه عليه بيعًا يزداد عليه، وهو فاسد لأنه إنما أقرضه على أن يحابيه في الثمن. قوله: «شرطًا في بيع» قال البغوي: هو أن يقول بعتك هذا العبد بألف نقدًا وبألفين نسيئة. قوله: «ربح ما لم
_________
(1) أبو داود (3/283) (3504) ، النسائي (7/288، 295) ، الترمذي (3/535) (1234) ، أحمد (2/178) ، وهو عند البيهقي (5/339-340) .
(2) ابن ماجه (2/737) (2188) .
(3) ابن حبان (10/161) (4321) ، الحاكم (2/21) .
(4) مكرر ما قبله.
(5) أخرجه بهذا اللفظ الطبراني في "الأوسط" (4/335) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
الحديث مكرر ما قبله، والحديث الذي عند أصحاب السنن هو عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقد كرره المصنف هنا بعد حديث عبد الله بن عمرو بن العاص على أنهما حديثان مختلفان، وذكرهما في موضع سابق على أنهما حديثان مختلفان، وهما حديث واحد. وقد ذكره الشوكاني في "النيل" (3/554) وقال بعد ذِكْر حديث عبد الله بن عمرو: وهو عند هؤلاء كلهم من حديث عَمْرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والله أعلم.(3/1186)
يضمن» أي: لا يجوز أن يأخذ ربح سلعة لم يضمنها مثل أن يشتري متاعًا ويبيعه إلى آخر قبل قبضه من البائع، فهذا البيع باطل وربحه لا يجوز؛ لأن المبيع في ضمان البائع الأول، وليس في ضمان المشتري منه لعدم القبض. قوله: «لا تبع ما ليس عندك» قد تقدم في بابه.
[10/29] باب شرط العتق على المشتري وصحة العقد مع الشرط الفاسد
3629 - عن عائشة «أنها أرادت أن تشتري بريرة للعتق فاشترطوا ولاها فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اشتريها وأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق» متفق عليه (1) ولم يذكر البخاري لفظة: «أعتقيها» ، وفي رواية للبخاري (2) : «دخلت على بريرة وهي مكاتبة، فقالت: اشتريني فأعتقيني، قلت: نعم، فقالت: لا يبيعوني حتى يشترطوا ولائي، قلت: لا حاجة لي فيك، فسمع بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بلغه، فقال: ما شأن بريرة، فذكرت عائشة ما قالت، فقال: اشتريها فأعتقيها وليشترطوا ما شاءوا، أو قالت: فاشتريتها فأعتقتها واشترط أهلها ولاءها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق وإن اشترطوا مائة شرط» ولمسلم معناه (3) ، وفي رواية لهما واللفظ للبخاري (4) : «قالت: جاءتني بريرة، قالت: كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام
_________
(1) البخاري (2/543، 6/2470) (1422، 6339) ، مسلم (2/1144) (1504) ، أحمد (6/172، 175) .
(2) البخاري (2/905، 971) (2426، 2576) .
(3) مسلم (2/1411) (1504) ، وهذه الرواية عند الدارقطني (3/23) ، والبيهقي (10/339) .
(4) البخاري (2/759، 903، 672) (2060، 2421، 2422، 2579) ، مسلم (2/1142) (1504) ، أحمد (6/81، 271) ، وهو بمعناه عند النسائي (6/164، 7/305) ، والترمذي (4/436) (2124) ، وابن ماجه (2/842) .(3/1187)
أوقية فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أعدها لهم، ويكون ولاءك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم: فأبوا عليها فجاءت من عندهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فقالت: إني قد عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق، ففعلت، ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق» ولمسلم (1) :
«اشتريها فأعتقيها، واشترطي لهم الولاء» .
3630 - وعن ابن عمر «أن عائشة أرادت أن تشتري جارية تعتقها، فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا يمنعك ذلك، فإن الولاء لمن أعتق» رواه البخاري والنسائي وأبو داود (2) .
3631 - وعن أبي هريرة قال: «أرادت عائشة أن تشتري جارية تعتقها فأبى أهلها إلا أن يكون الولاء لهم، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا يمنعك ذلك، فإنما الولاء لمن أعتق» رواه مسلم (3) .
_________
(1) مسلم (2/1142) (1504) ..
(2) البخاري (2/760، 904، 6/2483) (2061، 2423، 6376) ، النسائي (7/300) ، أبو داود (3/126) (2915) ، وهو عند مسلم (2/1141) (1504) ، والشافعي (1/204، 338) ، وأحمد (2/113) .
(3) مسلم (2/1145) (1505) ، وهو عند ابن حبان (10/92) ، والنسائي في "الكبرى" (3/195) .(3/1188)
قوله: «بريرة» بفتح الباء الموحدة ورائين بينهما تحتية بوزن فعيلة.
[10/30] باب اشتراط السلامة من الغبن
3632 - عن ابن عمر قال: «ذكر رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع في البيوع، فقال: من بايعت، فقل: لا خلابة» متفق عليه (1) .
3633 - وعن أنس: «أن رجلًا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبتاع وكان في عقدته يعني في عقله ضعف، فأتى أهله النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله! احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف، فدعاه ونهاه وقال: يا نبي الله إني لا أصبر على البيع، فقال: إن كنت غير تارك للبيع، فقل: ها وها ولا خلابة» رواه الخمسة وصححه الترمذي (2) .
3634 - وعن ابن عمر: «أن منقذًا سفع في رأسه في الجاهلية مأمومة فخبلت لسانه، فكان إذا بايع يخدع في البيع، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بايع وقل: لا خلابة، ثم أنت بالخيار ثلاثًا، قال ابن عمر: فسمعته يبايع ويقول: لا خلابة لأخذ به» رواه الحميدي في "مسنده" (3) ، قال: حدثنا سفيان عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن
_________
(1) البخاري (2/745، 848، 851، 6/2554) (2011، 2276، 2283، 6563) ، مسلم (3/1165) (1533) ، أحمد (2/44، 61، 72، 80، 84، 107، 116) ، وهو عند ابن حبان (11/432، 433) ، وأبي داود (3/282) (3500) ، والنسائي (7/252) ، والإمام مالك في "موطأه" (2/685) (1368) .
(2) أبو داود (3/282) (3501) ، النسائي (7/252) ، الترمذي (3/552) (1250) ، ابن ماجه (2/788) (2354) ، أحمد (3/217) .
(3) الحميدي في "مسنده" (2/292) (662) ، الحاكم في مستدركه (2/26) ، والدارقطني (3/54) (217) .(3/1189)
عمر فذكره. ورواه البخاري في "تاريخه" والحاكم في "مستدركه" من حديث محمد بن إسحاق وصرح فيه بسماع ابن إسحاق.
3635 - وعن محمد بن يحيى بن حبان قال: «هو جدي منقذ بن عمر وكان رجلًا قد أصابته أمه في رأسه فكسرت لسانه، وكان لا يدع على ذلك التجار فكان لا يزال يغبن، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: إذا أنت بايعت فقل: لا خلابة، ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال إن رضيت فأمسك، وإن سخطت فارددها على صاحبها» رواه البخاري في "تاريخه" وابن ماجه والدارقطني (1) .
قوله: «لا خلابة» بكسر المعجمة وتخفيف اللام، قال في "التلخيص": الخلابة الخداع ومنه برق خالب لا مطر فيه. قوله: «في عقدته» العقدة العقل كما فسرت في نفس الحديث وفي "التلخيص": العقدة الرأي، وقيل: هي العقدة في اللسان. قوله: «سفع» بالسين المهملة ثم الفاء ثم العين المهملة أي ضرب، والمأمومة هي التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة الرقيقة التي على الدماغ.
[10/31] باب خيار المجلس
3636 - عن حكيم بن حزام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيعان بالخيار ما لم يفترقا أو قال حتى يفترقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعتهما، وإن كذبا وكتماً محقت بركة بيعهما» متفق عليه (2) .
_________
(1) البخاري في "التاريخ" (8/17) ، ابن ماجه (2/789) (2355) ، الدارقطني (3/55) .
(2) البخاري (2/732، 733، 743، 744) (1973، 1976، 2004، 2008) ، مسلم (3/1164) (1532) ، أحمد (3/402، 403، 434) ، وهو عند أبي داود (3/273) = = (3459) ، وابن حبان (11/368) (4904) ، والنسائي (7/247) ، والترمذي (3/548) (1246) ، والدارمي (2/325) .(3/1190)
3637 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر وربما قال: أو يكون بيع خيار» وفي لفظ: «إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يفترقا، وكان جميعًا أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع» متفق عليه واللفظ لمسلم (1) ، وفي لفظ لمسلم (2) : «كل بيعين لا بيع بينهما حتى يفترقا إلا البيع الخيار» وفي لفظ لهما (3) : «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار من بيعه ما لم يفترقا أو يكون بيعهما عن خيار، فإن كان بيعهما عن خيار فقد وجب» . قال نافع: وكان ابن عمر إذا بايع رجلًا فأراد ألا يقيله قام فمشى هنية ثم رجع.
3638 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيع والمبتاع بالخيار حتى يفترقا إلا أن تكون صفقة خيار ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وحسنه الترمذي وأخرجه البيهقي
_________
(1) البخاري (2/742، 743، 744) (2001، 2003، 2005، 2006، 2007) ، مسلم (3/1163) (1531) ، وهو عند أبي داود (3/272، 273) (3454، 3455) ، والترمذي (3/547) (1245) ، والنسائي (7/248) ، وابن ماجه (2/736) (2181) ، ومالك في "الموطأ" (2/671) ، وأحمد (2/4، 9، 54، 73، 119) .
(2) مسلم (3/1164) (1531) .
(3) البخاري (2/744) ، مسلم (3/1163) (1531) .(3/1191)
والدارقطني وابن خزيمة (1) ، وفي لفظ (2) : «حتى يتفرقا من مكانهما» .
3639 - وأخرجه أبو داود وابن ماجه (3) من حديث أبي برزة بإسناد رجاله ثقات.
3640 - وعن ابن عمر قال: «بعت من أمير المؤمنين عثمان مالًا بالوادي مما له بخيبر، فلما تبايعنا رجعت على عقبي حتى خرجت من بيته خشية أن يرادني البيع، وكانت السنة أن المتبايعين بالخيار حتى يفترقا، فلما وجب بيعي وبيعه، ورأى أني قد غبنته فإني سقته إلى أرض ثمود بثلاث ليال وساقني إلى المدينة بثلاث ليال» رواه البخاري (4) .
3641 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيعان بالخيار ما لم يفترقا» رواه الترمذي (5) وقال: حسن غريب. (*)
* * *
_________
(1) أبو داود (3/273) (3456) ، النسائي (7/251) ، الترمذي (3/550) (1247) ، أحمد (2/183) .
(2) الدارقطني (3/50) ، والبيهقي (5/271) .
(3) أبو داود (3/273) (3457) ، ابن ماجه (2/736) (2182) ، وهو عند البيهقي (5/270) ، الدارقطني (3/6) .
(4) البخاري (2/745) (2010) .
(5) لم نجده بهذا اللفظ، وهو فيه بلفظ آخر (1248) ، وانظر الملحق
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
الحديث لم نجده عند الترمذي بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة، وهو فيه من حديث أبي هريرة بلفظ: "لا يتفرقن بيع إلا عن تراض"، وهو عند الترمذي (3/551) (1248) ، وأبي داود (3/273) (3458) ، وقال الترمذي: حديث غريب.
والحديث بلفظ قريب مما ذكره المصنف عند ابن أبي شيبة (7/289) ، والطيالسي (1/334) ، وأحمد (2/311) ، والطبراني في "الصغير" (1/279) (908) .(3/1192)
أبواب الربا
[10/32] باب التشديد في تحريمه
3642 - عن جابر قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء» رواه مسلم (1) .
3643 - وللبخاري نحوه من حديث أبي جحيفة وقد تقدم (2) في باب ما جاء في بيع النجاسة.
3644 - وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا الذي رأيته في النهر قال: آكل الربا» رواه البخاري (3) هكذا في البيوع مختصرًا.
3645 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله! وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف
_________
(1) مسلم (3/1219) (1598) ، وهو عند أبي يعلى (3/377) (1849) .
(2) تقدم برقم (3537) .
(3) البخاري (2/734) (1979) .(3/1193)
المحصنات الغافلات المؤمنات» رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والنسائي (1) .
3646 - وعن ابن مسعود: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه» رواه الخمسة وصححه الترمذي (2) ، وزاد النسائي: «أذا علموا ذلك ملعونون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة» وأخرج الحديث أيضًا ابن حبان والحاكم وصححاه وأخرجه بالزيادة التي ذكرها النسائي أحمد وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (3) .
3647 - وعن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «درهم ربا يأكله الرجل، وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية» رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" و"الكبير" (4) قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد رجال الصحيح.
3648 - وعن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الربا ثلاثة وسبعون بابًا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم» رواه الحاكم
_________
(1) البخاري (3/1017، 6/2515) (2615، 6465) ، مسلم (1/92) (89) ، أبو داود (3/115) (2874) ، النسائي (6/257) ، وهو عند ابن حبان (12/371) .
(2) أبو داود (3/244) (3333) ، الترمذي (3/512) (1206) ، ابن ماجه (2/764) (2277) ، أحمد (1/393، 394، 402، 453) ، وهو عند ابن حبان (11/399) (5025) ، وأبي يعلى (9/79، 235) (5146، 5344) .
(3) النسائي (8/147) ، أحمد (1/409، 430، 464) ، أبو يعلى (9/157) (5241) ، ابن خزيمة (4/8) (2250) ، ابن حبان (8/44) (3252) ، وهي عند عبد الرزاق (3/144، 6/269، 8/315) ، والطيالسي (1/53) ، والحاكم (1/545) ، والبيهقي (9/19) .
(4) أحمد (5/225) ، الطبراني في "الأوسط" (3/125) ، و"الكبير" كما في المجمع (4/120) ، وهو عند الدارقطني (3/16) .(3/1194)
وصححه على شرطهما، ورواه ابن ماجه مختصرًا، ورواه البيهقي من طريق الحاكم وقال: هذا إسناد صحيح والمتن منكر (1) .
3649 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الربا بضع وسبعون بابًا، والشرك مثل ذلك» رواه البزار (2) ورواته رواة الصحيح.
3650 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من بخاره» قال أبو عيسى: أصابه من غباره، أخرجه أبو داود والنسائي، وابن ماجه (3) وهو رواية الحسن عن أبي هريرة، واختلف في سماعه عنه والجمهور على أنه لم يسمع منه.
[10/33] باب ما يقع فيه الربا
3651 - عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منهما غائبًا بناجز» متفق عليه (4) ، وفي لفظ: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير
_________
(1) الحاكم (2/43) ، ابن ماجه مختصرًا (2/764) (2275) ، البيهقي في "الشعب" (4/394) (5519) ، وهو عند عبد الرزاق (8/314) ، والطبراني في "الكبير" (7/158) .
(2) البزار (5/318) (1935) ، وهو عند عبد الرزاق (8/315) .
(3) أبو داود (3/243) (3331) ، النسائي (7/243) ، ابن ماجه (2/765) (2278) ، وهو عند الحاكم (2/13) ، والبيهقي (5/276) ، وأبي يعلى (11/105، 114) (6233، 6241) ، وأحمد (2/494) .
(4) البخاري (2/761) (2068) ، مسلم (3/1208) (1584) ، أحمد (3/73) ، وهو عند النسائي (7/278) ، والترمذي (3/542) (1241) ، والشافعي (1/139) ، وعبد الرزاق (8/122) ، وأبي يعلى (2/517) .(3/1195)
بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مِثلًا بمِثل، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربا، الآخذ والمعطي فيه سواء» رواه أحمد والبخاري (1) وفي لفظ: «لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق، إلا وزنًا بوزن، مِثلًا بمِثل، سواءً بسواءٍ» رواه أحمد ومسلم (2) .
3652 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالذهب وزنًا بوزن، مثلًا بمثل، والفضة بالفضة وزنًا بوزن، مثلًا بمثل» رواه أحمد ومسلم والنسائي (3) .
3653 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «التمر بالتمر، والحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلًا بمثل، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربا، إلا ما اختلفت ألوانه» رواه مسلم (4) .
3654 - وعن فضالة بن عبيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنًا بوزن» رواه مسلم والنسائي وأبو داود (5) .
3655 - وعن أبي بكرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الفضة بالفضة، والذهب بالذهب إلا سواء بسواء، وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا، ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا» أخرجاه (6) .
_________
(1) أحمد (3/49، 97) ، وهو عند مسلم (3/1211) (1584) .
(2) أحمد (3/9، 47) ، مسلم (3/1209) (1584) .
(3) أحمد (2/261، 437) ، مسلم (3/1212) (1588) ، النسائي (7/278) .
(4) مسلم (3/1211) (1588) ، وهو عند النسائي (7/273) .
(5) مسلم (3/1214) (1591) ، النسائي (7/279) ، أبو داود (3/249) (3351، 3352، 3353) ، وهو عند الترمذي (3/556) (1255) ، وأحمد (6/19، 22) .
(6) البخاري (2/762) (2071) ، مسلم (3/1213) (1590) ، وهو عند النسائي (7/280) = = وابن أبي شيبة (4/498) ، وأحمد (5/38، 49) .(3/1196)
3656 - وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالورق ربا إلا ها وها، والبر بالبر ربا إلا ها وها، والشعير بالشعير ربا إلا ها وها، والتمر بالتمر ربا إلا ها وها» متفق عليه (1) ، وفي رواية للبخاري و"الموطأ" (2) قال مالك بن أوس بن الحدثان البصري: «أنه التمس صرفًا بمائة دينار قال: فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراضينا حتى اصطرف مني، وأخذ الذهب فقلبها في يده، ثم قال: حتى يأتيني خازني من الغابة وعمر بن الخطاب يسمع، فقال عمر: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذهب بالورق ربا إلا هاوها، والبر بالبر ... » الحديث.
3657 - وعن عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (3) ولأبي داود (4) نحوه وزاد
_________
(1) البخاري (2/750، 760) (2027، 2062) ، مسلم (3/1209) (1586) ، أحمد (1/24، 45) ، وهو عند أبي داود (3/248) (3348) ، ابن ماجه (2/757) (2253) ، والنسائي (7/273) .
(2) البخاري (2/761) (2065) ، مالك في "الموطأ" (2/636-637) (1308) ، وهو عند مسلم (3/1209) (1586) ، والترمذي (3/545) (1243) .
(3) أحمد (5/314، 320) ، مسلم (3/1211) (1587) ، النسائي (7/274) ، ابن ماجه (2/757) (2254) ، وهو عند ابن حبان (11/393) (5018) ، والدارقطني (3/24) .
(4) أبو داود (3/248) (3349) .(3/1197)
«وأمرنا أن نبيع البر بالشعير، والشعير بالبر يدًا بيد كيف شئنا» .
3658 - وعن معمر بن عبد الله قال: كنت أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الطعام بالطعام مثلًا بمثل، وكان طعامنا يومئذ الشعير» رواه أحمد ومسلم (1) .
3659 - وعن أنس وعبادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما وزن مثل بمثل إذا كان نوعًا واحدًا أو ما كيل فمثل ذلك، فإن اختلف النوعان فلا بأس به» رواه الدارقطني (2) وسكت عنه في "التلخيص" وفي إسناده الربيع بن صبيح وثقه أبو زرعة وغيره وضعفه جماعة.
3660 - وعن أبي سعيد وأبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «استعمل رجلًا على خيبر فجاءهم بتمر جنيب، فقال: أكل تمر خيبر هكذا، فقال: لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تفعل بع الجميع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبًا، وقال في الميزان مثل ذلك» رواه البخاري ومسلم (3) ، وقال: «وكذلك الميزان» .
3661 - وعن أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الربا في النسية» وفي
_________
(1) أحمد (6/400) ، مسلم (3/1214) (1592) ، وهو عند الدارقطني (3/24) ، والبيهقي (5/283) ، وابن حبان (11/385) (5011) ، والطبراني في "الكبير" (20/447) ، و"الأوسط" (1/105) .
(2) الدارقطني (3/18) .
(3) البخاري (2/767، 808، 4/1550، 6/2675) (2089، 2180، 4001، 6918) ، مسلم (3/1215) (1593) ، وهو عند النسائي (7/271) ، والدارقطني (3/17) ، والدارمي (2/335) ، والإمام مالك في "الموطأ" (2/623) (1292) .(3/1198)
رواية: «إنما الربا في النسية» وفي أخرى: قال: «لا ربا فيما كان يدًا بيد» رواه البخاري ومسلم والنسائي (1) .
3662 - وعن أبي المنهال قال: «سألت زيد بن أرقم والبراء بن عازب عن الصرف، فكل واحد منهما يقول: هذا خير مني، وكلاهما يقول: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الذهب بالورق دينًا» وفي رواية: قال أبو المنهال: «باع شريك لي ورقًا بنسية إلى الموسم وإلى الحج فجاء إلي فأخبرني، فقلت: هذا أمر لا يصلح، قال: قد بعته في السوق فلم ينكر علي أحد، قال: فأتيت البراء بن عازب فسألته، فقال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نبيع هذا البيع، فقال: ما كان يدًا بيد فلا بأس به، وما كان نسية فهو ربا، وأتيت زيد بن أرقم فإنه أعظم تجارة مني فأتيته فسألته، فقال: مثل ذلك» أخرجاه (2) .
قوله: «لاتشفوا» بضم أوله وكسر الشين المعجمة وتشديد الفاء، أي: لا تفضلوا. قوله: «بناجز» بالنون والجيم والزاي، أي: لا تبيعوا مؤجلًا بحال. قوله: «إلا ما
_________
(1) الرواية الأولى عند البخاري (2/762) (2069) ، مسلم (3/1217) (1596) ، النسائي (7/281) ، وعبد الرزاق في المصنف (8/117) ، وأحمد (5/204، 206) ، والرواية الثانية عند مسلم (3/1218) (1596) ، والنسائي (7/281) ، وابن ماجه (2/758) (2257) ، والدارمي (2/336) ، والشافعي (1/180) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/64) ، وأحمد في المسند (5/200، 208) ، والرواية الثالثة عند مسلم (3/1218) (1596) .
(2) باللفظ الأول عند البخاري (2/762) (2070) ، ومسلم (3/1212) (1589) ، وأحمد (4/289، 368) ، واللفظ الثاني عند البخاري (3/1433) (3724) ، ومسلم (3/1212) (1589) ، والنسائي (7/280) .(3/1199)
اختلفت ألوانه» أي: أجناسه. قوله: «هاء وهاء» بالمد فيهما وفتح الهمزة وحكى القصر بغير همزة ومعناه: أن يقول كل واحد من البيعين هاء فيعطيه ما في يده، وقيل معناه: خذ وأعط. قوله: «جنيب» بفتح الجيم وكسر النون وسكون التحتية آخره موحدة، قيل هو: الطيب، وقيل: الصلب، وقيل: المخلوط بغيره. قوله: «الجمع» بفتح الجيم وسكون الميم وهو التمر المخلوط بغيره كأن يخلط الطيب بالردي.
[10/34] باب ما جاء في اشتراط العلم بالتساوي بين الربويين
وإن صحب أحدهما غيره
3663 - عن جابر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم كيلها بالكيل المسمى من التمر» رواه مسلم والنسائي (1) .
3664 - وعن فضالة بن عبيد قال: «اشتريت قلادة يوم خيبر باثني عشر دينارًا فيها ذهب وخرز ففصلتها، فوجدت فيه أكثر من اثني عشر دينارًا فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا تباع حتى تفصل» رواه مسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه (2) .
... وفي رواية لأبي داود (3) قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر بقلادة فيها ذهب
_________
(1) مسلم (3/1162) (1530) ، النسائي (7/269، 270) ، وهو عند الحاكم (2/44) ، والشافعي (1/145) ، والطبراني في "الأوسط" (6/14) .
(2) مسلم (3/1213) (1591) ، النسائي (7/279) ، أبو داود (3/249) (3352) ، الترمذي (3/556) (1255) ، وهو عند أحمد (6/21) ، والطبراني في "الكبير" (18/302) .
(3) أبو داود (3/249) (3351) ، والدارقطني (3/3) ، والبيهقي (5/293) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/72) ، وابن أبي شيبة (4/285) .(3/1200)
وخرز ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو سبعة دنانير، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا حتى تميز بينه وبينه، فقال: إنما أردت الحجارة» وفي رواية للبخاري (1) (*) : «التجارة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا حتى تميز بينهما، قال: فرده حتى ميز بينهما» وفي رواية للنسائي (2) : «أصبت قلادة يوم خيبر فيها ذهب وخرز فأردت أن أبيعها، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: افصل بعضها من بعض ثم بعها» .
3665 - وعن ابن عمر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة، أن يبيع الرجل تمر حائطه إن كان نخلًا بتمر كيلًا، وإن كان كرمًا أن يبيعه بزبيب كيلًا، وإن كان زرعًا أن يبيعه بكيل طعام، نهى عن ذلك كله» متفق عليه (3) ، ولمسلم (4) في رواية: «عن كل تمر بخرصه» .
3666 - وعن سعد بن أبي وقاص قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن اشترى الرطب بالتمر فقال لمن حوله: أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم، فنهى عن ذلك» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن المديني وابن حبان والحاكم وابن خزيمة (5) .
_________
(1) الحديث ليس في البخاري، وانظر "الملحق"
(2) النسائي (7/279) (4574) .
(3) البخاري (2/768) (2091) ، مسلم (3/1172) (1542) ، أحمد (2/123) ، وهو عند أبي داود (3/251) (3361) ، وابن ماجه (2/761) (2265) ، والنسائي (7/270) .
(4) مسلم (3/1171) (1542) .
(5) أبو داود (3/251) (3359) ، النسائي (7/268، 269) ، الترمذي (3/528) (1225) ، ابن ماجه (2/761) (2264) ، أحمد (1/175، 179) ، ابن حبان (11/378) ، الحاكم (2/38) ، وهو عند الشافعي (1/147) ، ومالك في "الموطأ" (2/624) (1293) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف: "وفي رواية للبخاري" والبخاري لم يرو الحديث أصلا ولعله خطأ، والصحيح أن هذه الرواية تابعة لرواية أبي داود السابقة وهي جزء منها، إلا أن أبا داود قال في آخره: (وقال ابن عيسى: أردت التجارة، قال أبو داود: وكان في كتابه: الحجارة) ، والله أعلم، وأخرجه أيضًا أبو عوانة (3/386) (5416) إلا أنه قال "الحجارة".(3/1201)
[10/35] باب الرخصة في بيع العرايا
3667 - عن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة، بيع التمر بالتمر إلا أصحاب العرايا فإنه قد أذن لهم» رواه أحمد والترمذي (1) وزاد فيه «وعن بيع العنب بالزبيب وعن كل تمر بخرصه» .
3668 - وعن سهل بن أبي حثمة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر بالتمر، ورخص في العرايا أن يُشترى بخرصها يأكلها أهلها رطبًا» متفق عليه (2) ، وفي لفظ: «نهى عن بيع التمر بالتمر، وقال: ذلك الربا وتلك المزابنة إلا أنه رخص في بيع العرية النخلة والنخلتين يأخذها أهل البيت بخرصها تمرًا يأكلونها رطبًا» متفق عليه (3) .
3669 - وعن جابر قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أذن لأهل العرايا أن يبيعوها بخرصها يقول: الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة» رواه أحمد والشافعي وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم (4) .
_________
(1) أحمد (4/140) ، الترمذي (3/596) (1303) ، وهو عند البخاري (2/839) (2254) ، ومسلم (3/1170) (1540) .
(2) البخاري (2/764) (2079) ، مسلم (3/1170) (1540) ، أحمد (4/2) ، وهو عند النسائي (7/268) ، وابن حبان (11/377) (5002) ، وأبي داود (3/251) (3363) ، والشافعي (1/144) .
(3) البخاري (2/764) (2079) ، مسلم (3/1170) (1540) واللفظ لمسلم.
(4) أحمد (3/360) ، ابن خزيمة (4/110) (2469) ، ابن حبان (11/381) (5008) ، الحاكم (1/578) (1523) ، البيهقي (5/311) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/30) .(3/1202)
3670 - وعن زيد بن ثابت: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العرايا أن تباع بخرصها كيلًا» رواه أحمد والبخاري (1) ، وفي لفظ لمسلم (2) : «رخص في العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمرًا يأكلونها رطبًا» وفي لفظ آخر: «رخص في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غير ذلك» أخرجاه (3) ، ولأبي داود (4) : «بالتمر والرطب» .
3671 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق» متفق عليه (5) .
قوله: «العرايا» قد اختلف في تفسيره فقال مالك العرية أن يعري الرجل النخلة أي يهبها له أو يهب له تمرها ثم يتأذى بدخوله عليه فيرخص الموهوب له للواهب أن يشتري رطبها منه بتمر يابس. وقيل العرية النخلة للرجل في حائط غيره فيكره صاحب النخل الكثير دخول الآخر عليه فيبيعها منه بخرصها تمرًا وقيل إن العرايا نخل كانت توهب للمساكين فلا يستطيعون أن ينتظروا بها فرخص لهم أن يبيعوها بما شاءوا من التمر وقيل غير ذلك.
_________
(1) أحمد (5/188) ، البخاري (2/765، 839) (2080، 2251) .
(2) مسلم (3/1169) (1539) .
(3) البخاري (2/763) (2072) ، مسلم (3/1168) (1539) .
(4) أبو داود (3/251) (3362) .
(5) البخاري (2/764، 839) (2078، 2253) ، مسلم (3/1171) (1541) ، أحمد (2/237) ، وهو عند النسائي (7/268) ، والترمذي (3/595) (1301) ، والشافعي (1/144) ، ومالك (2/630) (1285) .(3/1203)
[10/36] باب الرجوع في الكيل إلى مكيال أهل المدينة
وفي الوزن إلى ميزان أهل مكة
3672 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المكيال مكيال أهل المدينة والوزن وزن أهل مكة» رواه أبو داود والنسائي والبزار وصححه ابن حبان والدارقطني (1) وقال في "الخلاصة": إسناده صحيح، وفي رواية لأبي داود (2) : «وزن المدينة ومكيال مكة» قال الدارقطني والأول هو الصحيح.
[10/37] باب ما جاء في بيع اللحم بالحيوان، وما جاء في جواز التفاضل والنسية في غير المكيل والموزون
3673 - عن سعيد بن المسيب: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع اللحم بالحيوان» رواه مالك في "الموطأ" والشافعي وأبو داود (3) مرسلًا ووصله الدارقطني (4) عن سهل بن سعد وضعفه وله شاهد قوي.
3674 - وعن سمرة بن جندب: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسية» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن الجارود (5) .
_________
(1) أبو داود (3/246) (3340) ، النسائي (5/54) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (12/392) ، وعبد بن حميد (1/256) .
(2) أبو داود (3/246) (3340) .
(3) مالك (2/655) ، الشافعي في الأم (3/81) ، أبو داود في المراسيل (1/21) ، وهو عند الحاكم (2/41) ، والبيهقي (5/296) ، الدارقطني (3/71) .
(4) الدارقطني (3/70) .
(5) أبو داود (3/250) (3356) ، النسائي (7/292) ، الترمذي (3/538) (1237) ، ابن ماجه (2/763) (2270) ، أحمد (5/12، 19، 21، 22) ، ابن الجارود (1/156) (611) .(3/1204)
3675 - وروى عبد الله بن أحمد (1) مثله من رواية جابر بن سمرة وقال البخاري: حديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسية رواه الثقات عن ابن عباس موقوفًا وعن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا انتهى.
3676 - وأخرجه الحاكم (2) من حديث الحسن عن سمرة بلفظ: «نهى عن بيع الشاة باللحم» وقال: صحيح الإسناد ورواته عن آخرهم ثقات، وقد احتج البخاري برواية الحسن عن سمرة وصححه البيهقي أيضًا.
3677 - وعن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى عبدًا بعبدين» رواه الخمسة (3) وصححه الترمذي ولمسلم والترمذي والنسائي (4) من حديثه أيضًا: «إنه جاء عبد فبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - على الهجرة ولم يشعر أنه عبد فجاء سيده يريده فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - بعنيه واشتراه بعبدين أسودين» .
3678 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى صفية بسبعة أرؤس من دحية الكلبي» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه (5) .
_________
(1) عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/99) .
(2) الحاكم (2/41) ، البيهقي (5/296) .
(3) بهذا اللفظ عند أبي داود (3/250) (3358) ، وأحمد (3/372) ، وابن الجارود (1/156) .
(4) مسلم (3/1225) (1602) ، الترمذي (3/540، 4/151) (1239، 1596) ، النسائي (7/150، 292) ، وهو بهذا اللفظ عند ابن ماجه (2/958) (2869) ، وابن حبان (10/415، 11/401) (4550، 5027) ، والشافعي (1/140) ، وأحمد (3/349) .
(5) أحمد (3/123، 246) ، مسلم (2/1045) (1365) ، ابن ماجه (2/763) (2272) ، وهو عند أبي داود (3/153) (2997) .(3/1205)
3679 - وعن عبد الله بن عمرو قال: «أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أبعث جيشًا على إبل كانت عندي قال: فحملت الناس عليها حتى نفدت الإبل وبقيت بقية من الناس قال: فقلت: يا رسول الله! الإبل قد نفدت وقد بقيت بقية من الناس لا ظهر لهم، فقال: ابتع إبلًا بقلائص من الإبل الصدقة إلى محلها حتى ينفد هذا البعث، فكنت ابتاع البعير بقلوصين وثلاث قلائص من إبل الصدقة إلى محلها حتى نفد ذلك البعث، فلما جاءت إبل الصدقة أداها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد وأبو داود والدارقطني مختصرًا والحاكم (1) وقال: صحيح على شرط مسلم ولفظ أبي داود: «كان يأخذ البعير ببعيرين إلى إبل الصدقة» وقوى الحافظ في "الفتح" إسناده، وقال الخطابي: في إسناده مقال وفي إسناده محمد بن إسحاق، وقد رواه البيهقي في "سننه" (2) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
3680 - وروى الشافعي في "مسنده" عن علي بإسناد منقطع: «أنه باع جملًا يدعى عصيفير بعشرين بعيرًا إلى أجل» رواه مالك في "الموطأ" (3) .
3681 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يصلح الحيوان اثنان بواحد نسية ولا بأس به يدًا بيد» رواه الترمذي وحسنه (4) .
_________
(1) أحمد (2/171، 216) ، أبو داود (3/250) (3357) ، الدارقطني (3/70) ، الحاكم (2/65) .
(2) الدارقطني (3/69) ، ومن طريقه البيهقي (5/287-288) عن عمرو بن شعيب به.
(3) الشافعي (1/141) ، مالك في "الموطأ" (2/652) (1330) ، وهو عند عبد الرزاق (8/22) ، والبيهقي (5/288، 6/22) .
(4) الترمذي (3/539) (1238) ، وهو عند أبي يعلى (4/158) (2223) ، وأحمد (3/380، 382) .(3/1206)
[10/38] باب النهي عن بيع العينة
3682 - عن ابن عمر قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلًا لا ينزعه حتى تراجعوا دينكم» رواه أبو داود (1) وفي إسناده مقال ولأحمد (2) من حديثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاءً فلا يرفعه حتى يرجعوا إلى دينهم» قال في "بلوغ المرام": ورجاله ثقات وصححه ابن القطان وأعله في "التلخيص" بأن الأعمش مدلس ولم يذكر سماعه من عطاء وقد روى حديث النهي عن العينة من طرق يقوي بعضها بعضًا.
3683 - وروى الدارقطني (3) بإسناد فيه مقال: «أن امرأة دخلت على عائشة فقالت: يا أم المؤمنين إني بعت غلامًا من زيد بن أرقم بثمان مائة درهم نسية وإني ابتعته منه بستمائة نقدًا، فقالت لها: بئس ما اشتريت وبئس ما شريت إن جهاده مع رسول الله قد بطل إلا أن يتوب» انتهى.
قوله: «العينة» بكسر العين المهملة، ثم ياء تحتية ساكنة ثم نون هي أن تبيع من
_________
(1) أبو داود (3/274) (3462) .
(2) أحمد (2/28، 84) ، وهو عند أبي يعلى (10/29) (5659) ، والطبراني في "الكبير" (12/433) .
(3) الدارقطني (3/52) ، وهو عند البيهقي (5/330، 331) ، وعبد الرزاق (8/184-185) ، وابن الجعد (1/80) (451) .(3/1207)
رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها منه وسميت عينة لحصول النقد لصاحب العين وذلك أن العين هو المال الحاضر، والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه من فوره ليصل به إلى مقصوده. قوله: «ذلًا» بضم الذال المعجمة وكسرها أي صغارًا ومسكنة.
* * *(3/1208)
أبواب العيوب
[10/39] باب وجوب تبيين العيب
3684 - عن عقبة بن عامر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المسلم أخو المسلم لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعًا وفيه عيب إلا بينه له» رواه ابن ماجه وأحمد والدارقطني والحاكم وقال: صحيح على شرطهما والطبراني (1) ، وحسّن في "الفتح" إسناده وذكره البخاري في ترجمة باب.
3685 - وعن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل لأحد أن يبيع شيئًا إلا بين ما فيه، ولا يحل لأحد يعلم ذلك إلا بينه» رواه أحمد وابن ماجه والحاكم في "المستدرك" (2) وفي إسناده مقال.
3686 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر برجل يبيع طعامًا فأدخل يده فيه فإذا هو مبلول فقال: من غشنا فليس منا» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي (3) .
3687 - وعن العداء بن خالد بن هوذة قال: «كتب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا هذا ما اشترى العداء بن خالد من محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى منه عبدًا أو
_________
(1) ابن ماجه (2/755) (2246) ، أحمد (4/158) ، الحاكم (2/10) ، الطبراني في "الكبير" (17/317) ، البيهقي (5/320) .
(2) أحمد (3/491) ، الحاكم (2/12) ، وابن ماجه (2/755) (2247) بلفظ: «من باع عيبًا لم يبينه، لم يزل في مقت الله، ولم تزل الملائكة تلعنه» ، وهو بهذا اللفظ عند الطبراني في "الكبير" (22/54، 65) .
(3) تقدم برقم (3509) .(3/1209)
أمة لا داء ولا غايلة ولا خبثة بيع المسلم على المسلم» رواه ابن ماجه والترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب، وأخرجه أيضًا ابن الجارود وعلقه البخاري (1) .
قوله: «العداء» بفتح العين المهملة وتشديد الدال. قوله: «لا داء» أي الداء الذي لم يطلع عليه. قوله: «وغايلة» قيل المراد الإباق، وقيل المراد أن يحتال بحيلة يسلب بها ماله. قوله: «ولا خبثة» بكسر المعجمة وبضمها وسكون الموحدة بعدها مثلثة، قيل المراد: الأخلاق الخبيثة كاباق، وقيل هي الدنيّة، وقيل الحرام وقيل غير ذلك.
[10/40] باب ما جاء أن الخراج الحاصل من المبيع
يكون لمن عليه الضمان
3688 - عن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن الخراج بالضمان» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم وابن القطان (2) وضعفه البخاري وأبو داود وقد رواه الدارقطني من غير الطريق الضعيفة وقال: حسن صحيح، وفي رواية لأحمد وأبي داود وابن ماجه (3) : «أن رجلًا ابتاع غلامًا
_________
(1) ابن ماجه (2/756) (2251) ، الترمذي (3/520) (1216) ، ابن الجارود (1/256) (1028) ، وعلقه البخاري (2/731) باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا، وهو عند الدارقطني (3/77) ، والبيهقي (5/328) ، والطبراني في "الكبير" (18/12) .
(2) أبو داود (3/284) (3508) ، النسائي (7/254) ، الترمذي (3/581) (1285، 1286) ، ابن ماجه (2/754) (2242) ، أحمد (6/49، 237) ، ابن حبان (11/299) ، ابن الجارود (1/159) ، الحاكم (2/19) ، الدارقطني (3/53) ، البيهقي (5/321) ، وهو عند الشافعي (1/189) ، وابن أبي شيبة (4/373) ، وأبي يعلى (8/30، 55) .
(3) أحمد (6/80) ، أبو داود (3/284) (3510) ، ابن ماجه (2/754) (2243) ، وهي عند الحاكم (2/18) .(3/1210)
فاستغله ثم وجد به عيبًا فرده بالعيب فقال البائع: غلّة عبدي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الغلة بالضمان» .
قوله: «الخراج» هو الدخل والمنفعة الحاصل من المبيع أي الخراج يكون لمن يلزمه الضمان لو تلفت العين.
[10/41] باب ما جاء في المصرّاة
3689 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر» متفق عليه (1) ، وللبخاري وأبى داود (2) : «من اشترى غنمًا مصراة فاحتلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ففي حلبتها صاع من تمر» وفي رواية لمسلم (3) : «إذا اشترى أحدكم لقحة مصراة أو شاة مصراة فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، أما هي وإلا فليردها وصاعًا من تمر» وفي رواية للجماعة إلا البخاري (4) : «من اشترى مصراة فهو منها بالخيار ثلاثة أيام إن شاء أمسكها وإن شاء ردها ومعها صاعًا من تمر لا سمراء» وفي رواية لمسلم والبخاري تعليقًا (5) :
_________
(1) البخاري (2/755) (2041، 2043) ، مسلم (3/1155) (1515) ، أحمد (2/242، 410، 420) ، وهو عند أبي داود (3/270) (3443) ، والنسائي (7/253) ، ومالك (2/683) .
(2) البخاري (2/756) (2044) ، أبو داود (3/270) (3445) .
(3) مسلم (3/1159) (1524) ، وأحمد (2/317) .
(4) مسلم (3/1159) (1524) ، أبو داود (3/270) (3444) ، النسائي (7/254) ، الترمذي (3/553) (1252) ، ابن ماجه (2/753) (2239) ، أحمد (2/248) .
(5) مسلم (3/1158) (1524) ، والبخاري (2/755) (2041) تعليقًا بقوله: «وقال بعضهم عن ابن سيرين صاعًا من طعام وهو بالخيار ثلاثًا» .(3/1211)
«ورد معها صاعًا من طعام» قال البخاري: والتمر أكثر. وعن أبي عثمان النهدي قال: قال عبد الله: من اشترى محفلة فردها فليرد معها صاعًا» رواه البخاري والبرقاني (1) وزاد «من تمر» .
3690 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من باع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها مثل أو مثلي لبنها قمحًا» رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي (2) وفي إسناده جميع بن عمير مختلف فيه.
3691 - وفي رواية لأحمد (3) قال الحافظ بإسناد صحيح عن رجل من الصحابة: «صاعًا من طعام أو صاعًا من تمر» .
قوله: «محفلة» بضم الميم وفتح الحاء المهملة والفاء المشددة من التحفيل وهو التجميع. قوله: «لا تصروا الإبل» بضم أوله وفتح الصاد المهملة وضم الراء المشددة من صريت اللبن في الضرع إذا جمعته. قوله: «لقحة» هي الناقة الحلوب.
[10/42] باب النهي عن التسعير والاحتكار
3692 - عن أنس قال: «غلى السعر في المدينة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الناس: يا رسول الله! غلى السعر فسعر لنا، فقال: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل ولا يطلبني أحد بمظلمة في دم ولا مال» رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي وأخرجه أيضًا الدارمي والبزار وأبو
_________
(1) البخاري (2/759) (2056) وزيادة «من تمر» عند البخاري (2/755) (2042) .
(2) أبو داود (3/271) (3446) ، ابن ماجه (2/753) (2240) ، البيهقي (5/319) .
(3) أحمد (4/314) .(3/1212)
يعلى (1) وقال: إسناده ليس بذاك، وقال ابن حزم: لا يصح، قال الحافظ: وإسناده على شرط مسلم وصححه أيضًا ابن حبان.
3693 - وعن أبي هريرة قال: «جاء رجل فقال: يا رسول الله! سعر، فقال: بل أدعو الله ثم جاء آخر فقال: يا رسول الله! سعر، فقال: بل الله يخفض ويرفع» رواه أحمد وأبو داود (2) وقال في "التلخيص": وإسناده حسن.
3694 - ولابن ماجه والبزار والطبراني في "الأوسط" (3) من حديث أبي سعيد نحو حديث أنس وإسناده حسن أيضًا.
3695 - وللبزار (4) من حديث علي نحوه.
3696 - وعن سعيد بن المسيب عن معمر بن عبد الله العدوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحتكر إلا خاطئ» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي (5) وقال:
_________
(1) أبو داود (3/272) (3451) ، الترمذي (3/605) (1314) ، ابن ماجه (2/741) (2200) ، أحمد (3/156، 286) ، الدارمي (2/324) (2545) ، أبو يعلى (5/245، 6/444) (2861، 3830) ، ابن حبان (11/307) (4935) ، وهو عند البيهقي (6/29) ، والطبراني في "الكبير" (1/261) (761) .
(2) أحمد (2/337) ، أبو داود (3/272) (3450) .
(3) ابن ماجه (2/742) (2201) ، الطبراني في "الأوسط" (6/110) ، وهو عند أحمد (3/85) .
(4) البزار (1263-كشف الأستار) .
(5) أحمد (3/453، 6/400) ، مسلم (3/1228) (1605) ، أبو داود (3/271) (3447) ، الترمذي (3/567) (1267) ، وهو عند ابن حبان (11/308) (4936) ، وابن ماجه (2/728) (2154) ، والدارمي (2/323) (2543) ، وعبد الرزاق (8/203) .(3/1213)
حسن صحيح.
3697 - وعن معقل بن يسار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقًا على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة» رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" (1) ، قال في "مجمع الزوائد": في إسناده زيد بن مرة أبو المعلى ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله رجال الصحيح، وفي رواية للطبراني (2) : «كان حقًا على الله أن يقذفه في معظم النار» .
3698 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ» رواه أحمد والحاكم (3) وفي إسناده أبو معشر وهو ضعيف وقد وثق.
3699 - وعن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس» رواه ابن ماجه (4) عن يحيى بن حكيم، قال حدثنا أبو برك الحنفي قال: حدثنا الهيثم بن رافع حدثني أبو يحيى المكي عن فروخ مولى عثمان عن عمر، قال المنذري في الترغيب والترهيب هذا إسناد جيد متصل، ورواته ثقات، وقد أنكر على الهيثم روايته هذا الحديث مع كونه ثقة، انتهى. وقال في "الكاشف" في ترجمة الهيثم: صدوق أنكر حديثه في الحكرة
_________
(1) أحمد (5/27) ، والطبراني في "الكبير" (20/210) (480) ، و"الأوسط" (8/285) ، وهو عند الطيالسي (1/125) (928) ، والبيهقي (6/30) .
(2) الطبراني في "الكبير" (20/210) (480) ، و"الأوسط" (8/285) ، والطيالسي (1/125) .
(3) أحمد (2/351) ، الحاكم (2/14) .
(4) ابن ماجه (2/729) (2155) ، وهو عند أحمد (1/21) ، والطيالسي (1/11) (55) .(3/1214)
وقال في ترجمة أبي يحيى المكي يقال فيه مصدع، انتهى. وقال في ترجمة مصدع المذكور مصدع أبو يحيى المعرقب الأعرج صدوق، وقال في "التقريب": أبو يحيى المكي يقال مصدع وإلا فهو مجهول، وقال في مصدع بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه أبو يحيى الأعرج المعرقب مقبول من الثالثة ورمز "التقريب" و"الكاشف" فوق اسمه لمسلم والأربعة، وقال في "المغني" أبو يحيى المكي عن فروخ مولى عثمان في الاحتكار يجهل والخبر منكر، وفي الباب أحاديث وإن كانت ضعيفة فالمجموع ينتهض على تحريم الاحتكار.
قوله: «إلا خاطئ» الخاطئ بالهمز العاصي الآثم. قوله: «بعظم» بضم العين المهملة وسكون الظاء المعجمة أي مكان عظيم من النار. قوله: «محكرة» بضم الحاء المهملة وسكون الكاف هي حبس السلع عن البيع.
[10/43] باب النهي عن كسر سكة المسلمين إلا من بأس
3700 - عن عبد الله بن عمرو المازني قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم في "المستدرك" (1) وزاد: «نهى أن تكسر الدراهم فتجعل فضة وتكسر الدنانير فتجعل ذهبًا» وضعفه ابن حبان ولعل وجه الضعف كون في إسناده محمد بن فضالة بفتح الفاء والضاد المعجمة الأزدي الحمصي البصري المعبر للرؤيا، قال المنذري: لا يحتج بحديثه، وقال في "الكاشف": ضعفوه.
_________
(1) أحمد (3/419) ، أبو داود (3/271) (3449) ، ابن ماجه (2/761) (2263) ، الحاكم (2/36) ، وهو عند البيهقي (6/33) ، وابن أبي شيبة (4/535) ، والطبراني في "الأوسط" (3/49) .(3/1215)
[10/44] باب اختلاف المتبايعين
3701 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فالقول ما يقول صاحب السلعة أو يترادان» وفي رواية: «أو يتتاركان» رواه الخمسة (1) وصححه الحاكم وابن السكن وفي الحديث كلام كثير في تضعيفه وله طرق والعمل عليه عند أهل العلم وزاد فيه ابن ماجه: «والمبيع قائم بعينه» ولأحمد (2) في رواية «والسلعة كما هي» وللدارقطني (3) عن أبي وائل عن عبد الله قال: «إذا اختلف البيعان والمبيع مستهلك فالقول قول البائع» ورفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
3702 - ولأحمد والنسائي (4) عن أبي عبيدة: «وأتاه رجلان تبايعا سلعة فقال هذا: أخذت بكذا وكذا، وقال هذا: بعت بكذا وكذا، فقال أبو عبيدة: أتى عبد الله في مثل هذا فقال: حضرت النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا فأمر البائع أن يستحلف ثم يخير المبتاع إن شاء أخذ وإن شاء ترك» .
[10/45] باب ضمان درك المبيع
3703 - عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من وجد عين
_________
(1) أبو داود (3/285) (3511، 3512) ، النسائي (7/302) ، الترمذي (3/570) (1270) ، ابن ماجه (2/737) (2186) ، أحمد (1/466) (4445) ، وهو عند ابن الجارود (1/159) (625) ، والحاكم (2/52) ، والدارقطني (3/20) .
(2) أحمد (1/466) (4446) .
(3) الدارقطني (3/21) (70) .
(4) أحمد (1/4446) (4442) ، النسائي (7/303) .(3/1216)
ماله عند رجل، فهو أحق به، ويتبع البيع من باعه» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (1) وفي لفظ: «إذا سرق من الرجل متاع أو ضاع منه فوجده بيد رجل بعينه، فهو أحق به ويرجع المشتري على البائع بالثمن» رواه أحمد وابن ماجه (2) وفيه سماع الحسن من سمرة، وقد اختلف فيه وبقية الإسناد رجاله رجال الصحيح، وقد رواه أبو داود من طرق أخرى.
[10/46] باب السَّلَم
3704 - عن ابن عباس قال: «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال: من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم» رواه الجماعة (3) وللبخاري (4) : «من أسلف في شيء» .
3705 - وعن عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله بن أوفى قالا: «كنا نصيب المغانم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يأتينا أنباط من أنباط الشام، فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب» وفي رواية: «والزيت إلى أجل مسمى، قيل: أكان لهم زرع أو لم
_________
(1) أحمد (5/10) ، أبو داود (3/289) (3531) ، النسائي (7/313) ، وهو عند الدارقطني (3/28) ، والبيهقي (6/51) ، والطبراني في "الكبير" (7/207) .
(2) أحمد (5/13) ، ابن ماجه (2/781) (2331) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/165) ، والطبراني في "الكبير" (7/185) .
(3) البخاري (2/781) (2124) ، مسلم (3/1226) (1604) ، أبو داود (3/275) (3463) ، النسائي (7/290) ، الترمذي (3/602) (1311) ، ابن ماجه (2/765) (2280) ، أحمد (1/217، 222) ، وهو عند الشافعي (1/139) ، وأبي يعلى (4/296) (2407) ، والطبراني في "الكبير" (11/130) .
(4) البخاري (2/781) (2125) .(3/1217)
يكن، قال: ما كنا نسألهم عن ذلك» رواه أحمد والبخاري (1) وفي رواية للخمسة إلا الترمذي (2) : «كنا نسلفهم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر في الحنطة والشعير والزيت والتمر وما نراه عندهم» ورواية أبي داود: «إلى قوم ما هو عندهم» .
3706 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أسلف في شيء، فلا يصرفه إلى غيره» رواه أبو داود وابن ماجه (3) وفي إسناده عطية العوفي، قال المنذري: لا يحتج بحديثه.
3707 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أسلف شيئًا فلا يشترط على صاحبه غير قضاه» وفي لفظ: «من أسلف في شيء، فلا يأخذ إلا ما أسلف فيه أو رأس ماله» رواهما الدارقطني (4) . (*)
3708 - وعن ابن عمر قال: «إن رجلًا أسلف في نخل، فلم يخرج تلك السنة شيئًا فاختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: بم تستحل ماله؟ اردد عليه ماله، ثم قال: لا تسلفوا في النخل حتى يبدو صلاحه» رواه أبو داود (5) وفي إسناده مجهول.
_________
(1) أحمد (4/380) ، البخاري (2/782، 784) (2128، 2129، 2136) ، وهو عند أبي داود (3/275) ، وعبد الرزاق (8/8) ، وابن حبان (11/295) (4926) .
(2) أبو داود (3/275) (3464، 3465) ، النسائي (7/289، 290) ، ابن ماجه (2/766) (2282) ، أحمد (4/354) ، وهي عند البخاري (2/782) (2127) .
(3) أبو داود (3/276) (3468) ، ابن ماجه (2/766) (2283) .
(4) اللفظ الأول عند الدارقطني (3/46) من حديث ابن عمر، واللفظ الثاني عند الدارقطني (3/45) من حديث أبي سعيد الخدري وهو رواية لحديث أبي سعيد المتقدم قبل هذا.
(5) أبو داود (3/276) (3467) ، وهو عند أحمد (2/144) ، وابن عدي في "الكامل" (7/301) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
المصنف عزا اللفظين لحديث ابن عمر، ولم نجد اللفظ الثاني من حديث ابن عمر، وقد خرجه الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء (5/222) (1385) ، لأن ابن ضويان عزاه لابن عمر، فنبه على ذلك وقال: "فإنما هو عند الدارقطني من حديث أبي سعيد" اهـ. أي بهذا اللفظ.(3/1218)
3709 - وعن عبد الله بن سلام: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - باع إلى زيد تمرًا معلومًا إلى أجل معلوم بثمانين مثقالًا من الذهب» رواه الطبراني (1) قال في "مجمع الزوائد": ورجاله ثقات ولابن ماجه طرق منه.
3710 - وعن عائشة قالت: «قلت: يا رسول الله! إن فلانًا قدم له بز من الشام، فلو بعثت إليه فأخذت منه ثوبين نسية إلى ميسرة فبعث إليه فامتنع» رواه الحاكم والبيهقي (2) ، وقال الحافظ: رجاله ثقات. (*)
3711 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى من يهودي إلى ميسرة» رواه الترمذي والنسائي والحاكم (3) من طريق عكرمة عن عائشة وفيه قصة، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري. (*)
3712 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعامًا من يهودي إلى أجل ورهنه درعًا من حديد» وفي لفظ: «توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير» رواه البخاري (4) وترجم عليه باب الرهن في السلم.
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (5/222) ، وهو عند ابن حبان (1/521-524) (288) ، والحاكم (3/700) .
(2) الحاكم (2/28) ، البيهقي (6/25)
(3) الترمذي (3/518) (1213) ، النسائي (7/294) ، الحاكم (2/28) ، وهو عند أحمد (6/147) .
(4) البخاري (2/729، 783، 841) (1962، 2133، 2256) ، وهو عند مسلم (3/1226) ، وابن حبان (13/264) (5938) ، واللفظ الثاني عند البخاري (3/1068، 4/1620) (2759، 4197) ، وابن حبان (13/262) (5936) ، وأحمد (6/237) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
الحديثان هما لقصة واحد، ولفظه عن عائشة قالت: "كان على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثوبان قطريان غليظان فكان إذا قعد فعرق ثقلا عليه، فقَدِم بزّ من الشام لفلان اليهودي فقلت: لو بعثت إليه فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرة فأرسل إليه فقال: قد علمت ما يريد إنما يريد أن يذهب بمالي أو بدراهمي، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كذب قد علم أني من أتقاهم لله وآداهم للأمانة" جميعهم من طريق عكرمة عن عائشة، ولفظ "اشترى من يهودي إلى ميسرة" لم أجده عند أيٍ منهم.(3/1219)
3713 - وأخرج أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي (1) وصححه مثله من حديث ابن عباس، وقال صاحب "الاقتراح": هو على شرط البخاري.
3714 - ووقع لابن حبان (2) عن أنس: «أن قيمة الطعام كانت دينارًا» .
3715 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السلف في الحيوان» رواه الحاكم والدارقطني (3) وفي إسناده إسحاق بن إبراهيم بن حوين وهاه ابن حبان.
قوله: «ابن أبزى» بالموحدة والزاي بوزن أعلى الخزاعي من صغار الصحابة. قوله: «أنباط» جمع نبيط قوم من العرب اختلطت لسانهم بلسان العجم.
* * *
_________
(1) أحمد (1/361) ، النسائي (7/303) ، ابن ماجه (2/815) (2439) ، الترمذي (3/519) (1214) ، وهو عند الدارمي (2/327) (2582) ، وابن أبي شيبة (4/272) ، والطبراني في "الأوسط" (6/83) .
(2) ابن حبان (13/263) (5937) .
(3) الحاكم (2/65) ، الدارقطني (3/71) .(3/1220)
[11] كتاب القرض
[11/1] باب فضله وحسن النية في القضاء
3716 - عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مسلم يقرض مسلمًا قرضًا مرتين إلا كان كصدقتهما مرة» رواه ابن ماجه (1) بإسناد لا يقوم به حجة وصوَّب الدارقطني وقفه وأخرجه ابن حبان في صحيحه، والبيهقي (2) مرفوعًا وموقوفًا.
3717 - ولابن ماجه (3) من حديث أنس مرفوعًا: «الصدقة بعشرة أمثالها والقرض بثمانية عشر» وفي إسناده مقال.
3718 - وعن البراء بن عازب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من منح منيحة لبن أو ورق أو هدى زقاقًا كان له مثل عتق رقبة» رواه أحمد والترمذي (4) وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه".
3719 - وعن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل قرض صدقة» رواه الطبراني (5) ، قال المنذري: وإسناده حسن.
_________
(1) ابن ماجه (2/812) (2430) .
(2) ابن حبان (11/418) (5040) ، البيهقي (5/353) .
(3) ابن ماجه (2/812) (2431) .
(4) أحمد (4/296) ، الترمذي (4/340) (1957) ، ابن حبان (11/494) (5096) ، عبد الرزاق (2/484) .
(5) الطبراني في "الصغير" (1/246) (402) ، و"الأوسط" (4/17) ، وهو عند ابن عدي في "الكامل" (2/143) .(3/1221)
3720 - وفي الباب أحاديث ويشد عضدها حديث أبي هريرة عند مسلم (1) مرفوعًا «من نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان في عون أخيه» .
3721 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أخذ من أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله» رواه البخاري وابن ماجه (2) وغيرهما، وقد تقدم في كتاب الجنائز أحاديث من ذلك.
قوله: «من منح منيحة من ورق» قال الترمذي: إنما يعني به قرض الدرهم. وقوله: «هدى زقاقًا» إنما يعني به هداية الطريق وهو إرشاد السبيل.
[11/2] باب جواز قرض الحيوان ورد مثله، أو أحسن منه
3722 - عن أبي هريرة قال: «استقرض النبي - صلى الله عليه وسلم - سنًا فأعطى سنًا خير من سنه، وقال: خياركم أحاسنكم قضاء» رواه أحمد والترمذي (3) وصححه، وهو في الصحيح بأتم من هذا وسيأتي (4) في الباب الذي بعد هذا.
3723 - وعن أبي رافع قال: «استلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بكرًا فجاءته إبل الصدقة
_________
(1) مسلم (4/2074) (2699) ، وهو عند ابن ماجه (1/82) (225) ، وأبي داود (4/287) (4946) ، والترمذي (4/34، 326) (1425، 1930) ، وأحمد (2/252، 500، 514) .
(2) تقدم برقم (2161) ، وهو عند أحمد (2/361، 417) .
(3) أحمد (2/476، 509) ، الترمذي (3/607) (1316) .
(4) سيأتي قريبًا برقم (3728) .(3/1222)
فأمرني أن أقضي الرجل بكرة فقلت إني لم أجد في الإبل إلا جملًا خيارًا رباعيًا، فقال: أعطه إياه فإن من خير الناس أحسنهم قضاء» رواه الجماعة إلا البخاري (1) .
3724 - وعن أبي سعيد قال: «جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يتقاضاه دينًا كان عليه فأرسل إلى خولة بنت قيس فقال لها: إن كان عندك تمرًا فأقرضينا حتى يأتينا تمر فنقضيك» مختصر لابن ماجه (2) ورجال إسناده ثقات.
[11/3] باب جواز الزيادة عند الوفاء والنهي عنها
وعن الهدية التي لأجل القرض
3725 - عن أبي هريرة قال: «كان لرجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء من الإبل فجاء يتقاضاه، قال: أعطوه، فطلبوا سنه فلم يجدوا إلا سنًا فوقها، فقال: أعطوه، فقال: أوفيتني أوفاك الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن خيركم أحسنكم قضاء» متفق عليه (3) .
3726 - وعن جابر قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان لي عليه دين فقضاني وزادني» متفق عليه (4) .
_________
(1) مسلم (3/1224) (1600) ، أبو داود (3/247) (3346) ، النسائي (7/291) ، الترمذي (3/609) (1318) ، ابن ماجه (2/767) (2285) ، أحمد (6/390) ، مالك في "الموطأ" (2/680) .
(2) ابن ماجه (2/810) (2426) .
(3) البخاري (2/809، 843) (2182، 2263) ، مسلم (3/1225) (1601) ، أحمد (2/377، 393) .
(4) تقدم برقم (1506، 3629) .(3/1223)
3727 - وعن أنس: «وسئل عن الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدي إليه هدية، فقال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أقرض أحدكم قرضًا فأهدي إليه أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك» رواه ابن ماجه (1) بإسناد ضعيف.
3728 - وعن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أقرض أحدكم فلا يأخذ هدية» رواه البخاري في "تاريخه" (2) .
3729 - وعن أبي بردة بن أبي موسى قال: «قدمت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام فقال لي: إنك بأرض فيها الربا فائش، فإذا كان على الرجل حق فأهدي إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت، فلا تأخذه فإنه ربا» رواه البخاري في "صحيحه" (3) .
3730 - وعن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل قرض جر منفعة فهو ربا» قال الحافظ: رواه الحارث بن أبي أسامة (4) وإسناده ساقط.
3731 - وله شاهد ضعيف عن فضالة بن عبد الله عند البيهقي (5) .
3732 - وآخر موقوف عن عبد الله بن سلام عند البخاري (6) . انتهى.
_________
(1) ابن ماجه (2/813) (2432) ، وهو عند البيهقي (5/350) .
(2) لم نجده، وعزاه إليه في "النيل"، ولم يعزه في "السيل الجرار" (3/143) إلا إلى ابن ماجه.
(3) البخاري (3/1388) (3603) .
(4) مسند الحارث (1/500) (437) .
(5) البيهقي (5/350) .
(6) تقدم قريبًا برقم (3732) .(3/1224)
ووهم إمام الحرمين والغزالي فصححاه.
قوله: «أحاسنكم» جمع حسن. قوله: «بَكرا» بفتح الموحدة هو الفتى من الإبل. قوله: «رباعيًا» بفتح الراء وتخفيف الموحدة هو الذي مضى له ست سنين ودخل في السابعة. قوله: «سن» جمل له سن معين. قوله: «أو حمل قت» بفتح القاف وتشديد التاء المثناة، هو اليابس من النبات المتخذ علفًا للبهائم.
* * *(3/1225)
[12] كتاب الرهن
3733 - عن أنس قال: «رهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - درعًا له عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيرًا لأهله» رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه (1) .
3734 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعامًا من يهودي إلى أجل ورهن درعًا من حديد» وفي لفظ: «توفي ودرعه مرهون عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير» أخرجاهما (2) .
3735 - ولأحمد والنسائي وابن ماجه (3) مثله من حديث ابن عباس، وقال صاحب "الاقتراح" هو على شرط البخاري.
3736 - وعن أبي هريرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: يركب الرهن بنفقته ويشرب لبن الدر إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يشرب ويركب النفقة» رواه البخاري والترمذي (4) ، وقال حسن صحيح، ولفظه: «الظهر يركب بنفقته، إذا كان مرهونًا ولبن الدر يشرب بنفقته، إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب
_________
(1) أحمد (3/133، 208) ، البخاري (2/729) (1693) ، النسائي (7/288) ، ابن ماجه (2/815) (2437) .
(2) تقدم برقم (3715) .
(3) تقدم برقم (3716) .
(4) البخاري (2/888) (2376، 2377) ، الترمذي (3/555) (1254) ، وهو عند أحمد (2/472) ، وابن ماجه (2/816) (2440) ، وابن حبان (13/261) (5935) .(3/1226)
النفقة» ولأبي داود (1) معناه، وقال: «يحلب مكان يشرب» وفي لفظ لأحمد (2) : «إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها ولبن الدر يشرب وعلى الذي يشرب نفقته» وللدار قطني والحاكم (3) وصححه: «الرهن مركوب ومحلوب» ورجح الدارقطني والبيهقي وقفه.
3737 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه» رواه الشافعي والدارقطني وقال: هذا إسناد حسن متصل، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البيهقي وابن حبان في "صحيحه" (4) ، وأخرجه ابن ماجه (5) من طريق أخرى، وصحح أبو داود والبزار والدارقطني إرساله عن سعيد بن المسيب، وقال في "بلوغ المرام": رجاله ثقات إلا أن المحفوظ عند أبي داود وغيره إرساله.
قوله: «لا يغلق الرهن» قال مالك (6) في "تفسيره": إن من رهن الرهن وفيه فضل عما رهن فيه فيقول المرتهن إن لم تأتني بحقي إلى أجل كذا فهو لي، ويقول الراهن: هو لك أن لم آتك إلى الأجل، وهو الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يصح فإن جاء به صاحبه بما فيه بعد الأجل فهو له, انتهى.
_________
(1) أبو داود (3/288) (3526) .
(2) أحمد (2/228) .
(3) الدارقطني (3/34) (136) ، الحاكم (2/67) .
(4) الشافعي (1/148) ، الدارقطني (3/33) ، الحاكم (2/58) ، البيهقي (6/39) ، ابن حبان (13/258) (5934) .
(5) ابن ماجه (2/816) (2441) .
(6) الإمام مالك في "الموطأ" (2/728) .(3/1227)
[13] كتاب الحوالة والضمان
[13/1] باب وجوب قبول الحوالة على الملي والنهي عن المطل
3738 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مطل الغني ظلم، وأذا أتبع أحدكم علي ملي فليتبع» رواه الجماعة (1) ، وفي لفظ لأحمد (2) : «ومن أحيل على مليّ فليحتل» .
3739 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مطل الغني ظلم وإذا أحلت على ملي فاتبعه» رواه ابن ماجه (3) ورجاله رجال الصحيح، إلا إسماعيل بن توبة وهو صدوق.
3740 - وعن جابر قال: «توفي رجل منا فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم أتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا يصلي عليه وخطى خطوة فقال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران، فانصرف فتحملهما أبو قتادة فأتيناه، فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منهما الميت، قال: نعم، فصلى عليه»
_________
(1) البخاري (2/799، 845) (2166، 2270) ، مسلم (3/1197) (1564) ، أبو داود (3/247) (3345) ، النسائي (7/316، 317) ، الترمذي (3/600) (1308) ، ابن ماجه (2/803) (2403) ، أحمد (2/315، 465) ، وهو عند ابن حبان (11/435، 487) ، والإمام مالك (2/674) (1354) .
(2) أحمد (2/463) ، وهو عند البيهقي (6/70) ، وابن أبي شيبة (4/489) ، وأبي يعلى (11/229) (6344) .
(3) ابن ماجه (2/803) (2404) ، وهو عند الترمذي (3/600) (1309) ، وأحمد (2/71) .(3/1228)
رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم (1) .
3741 - ومعناه في البخاري من حديث أبي هريرة تقدم (2) في كتاب الجنائز، وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه من قضاء فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه وإلا قال: صلوا على صاحبكم فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى المؤمنين من أنفسهم فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه» متفق عليه. وفي رواية للبخاري (3) : «من مات ولم يترك وفاء ... » وقد تقدم من ذلك أحاديث في كتاب الجنائز.
قوله: «فليتبع» بالياء فالمثناة من فوق الخفيفة قال الخطابي: وأصحاب الحديث يشددون التاء وهو غلط.
[13/2] باب ما جاء في الكفالة بالحدود
وما جاء في حل عرض الواجد الماطل
3742 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا كفالة في حد» رواه البيهقي (4) بإسناد ضعيف.
3743 - وعن عمرو بن الشريد عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليّ
_________
(1) أحمد (3/296) ، أبو داود (3/247) (3343) ، النسائي (4/65) ، وفي "الكبرى" (1/637) (2089) ، ابن حبان (3/334) (3064) ، الحاكم (2/58) ، واللفظ لأحمد (3/330) .
(2) تقدم برقم (2165) .
(3) البخاري (6/2476) (6350) .
(4) البيهقي (6/77) ، وهو عند ابن عدي في "الكامل" (5/22) .(3/1229)
الواجد يحل عرضه وعقوبته» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم (1) ، وقال: صحيح الإسناد.
قوله: «ليّ» بتشديد الياء المطل.
[13/3] باب ما جاء أن الممضمون عنه إنما يبرأ بأداء الضامن
لا بمجرد الضمانة
3744 - عن جابر قال: «توفي رجل فغسلناه وحنطناه» الحديث السابق بتمامه وفيه ثم قال بعد ذلك يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - بيوم «ما فعل الديناران؟ قال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد، فقال: قد قضيتهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الآن بردت عليه جلده» رواه أحمد بإسناد حسن والحاكم والدارقطني وقال الحاكم: صحيح الإسناد. ورواه أبو داود وابن حبان في صحيحه باختصار وقد تقدم (2) في كتاب الجنائز.
_________
(1) أحمد (4/222، 388، 389) ، أبو داود (3/313) (3628) ، النسائي (7/316) ، ابن حبان (11/486) (5089) ، الحاكم (4/115) ، وهو عند ابن ماجه (2/811) (2427) ، والطبراني في "الكبير" (7/318) ، والبخاري في "التاريخ" (4/259) .
(2) تقدم برقم (2157) .(3/1230)
[14] كتاب التفليس
[14/1] باب ملازمة الملي وإطلاق المعسر والتيسير عليه
وإنظاره والوضع عنه
3745 - عن عمرو بن الشريد عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليّ الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته» رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وعلقه البخاري وصححه ابن حبان وحسن في "الفتح" إسناده، وقد تقدم قريبًا (1) وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الأقضية، وقال أحمد: قال وكيع: عرضه شكايته، وعقوبته حبسه.
3746 - وعن أبي سعيد قال: «أصيب رجل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثمار إبتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصدقوا عليه فتصدق الناس عليه ولم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذوا ما وجدتم فليس لكم إلا ذلك» رواه الجماعة إلا البخاري (2) . وقال تعالى: ((وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ)) [البقرة:280] .
3747 - وعن أبي قتادة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه» رواه مسلم (3)
_________
(1) تقدم قريبًا برقم (3746) .
(2) مسلم (3/1191) (1556) ، أبو داود (3/276) (3469) ، النسائي (7/265) ، الترمذي (3/44) (655) ، ابن ماجه (2/789) (2356) ، أحمد (3/36، 58) .
(3) مسلم (3/1196) (1563) .(3/1231)
وغيره، ورواه الطبراني في "الأوسط" (1) بإسناد صحيح، وقال فيه: «من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة وأن يظله الله تحت ظل عرشه فلينظر معسرًا» .
3748 - وعن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم فقالوا: عملت من الخير شيئًا؟ قال: لا، قالوا: تذكر، قال: كنت أداين الناس فآمر فتياني أن ينظروا المعسر ويتجاوزوا عن المعسر، قال: قال الله تجاوزوا عنه» رواه البخاري ومسلم واللفظ له: وقد تقدم (2) في كتاب البيع.
3749 - وعن بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «من أنظر معسرًا فله كل يوم صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فأنظره بعد ذلك فله كل يوم مثلاه صدقة» رواه أحمد والحاكم (3) ، وقال: صحيح على شرطهما.
3750 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أنظر معسرًا أو وضع له، أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله» رواه الترمذي (4) وقال: حديث حسن صحيح.
3751 - ولابن ماجه نحوه من حديث أبي اليسر، وأخرجه الحاكم (5) وقال: صحيح على شرط مسلم.
_________
(1) الطبراني في "الأوسط" (5/32) .
(2) تقدم برقم (3516) .
(3) أحمد (5/351، 360) ، الحاكم (2/34) ، وهو عند ابن ماجه (2/808) (2418) .
(4) الترمذي (3/599) (1306) ، وهو عند أحمد (2/359) ، والطبراني في "الأوسط" (1/270) .
(5) ابن ماجه (2/808) (2419) ، الحاكم (2/33) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (19/166)(3/1232)
[14/2] باب من وجد سلعته عند مفلس فهو أحق بها
3752 - عن الحسن عن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من وجد متاعه عند مفلس بعينه، فهو أحق به» رواه أحمد وأبو داود (1) وحسن إسناده في الفتح.
3753 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك ماله بعينه عند رجل أفلس أو إنسان قد أفلس، فهو أحق به من غيره» رواه الجماعة (2) وفي لفظ: «قال في الرجل الذي يعدم إذا وجد عنده المتاع ولم يفرقه أنه لصاحبه الذي باعه» رواه مسلم والنسائي (3) وفي لفظ لأحمد (4) : «أيما رجل أفلس، فوجد رجل عنده ماله، ولم يكن اقتضى من ماله شيئًا، فهو له» .
3754 - وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقتض الذي باعه من ثمنه شيئًا، فوجد متاعه بعينه فهو أحق به، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء» رواه مالك في "الموطأ" وأبو داود (5) وهو مرسل وقد أسنده أبو داود من وجه آخر وسيأتي، ووصله البيهقي أيضًا وضعفه تبعًا لأبي داود.
_________
(1) أحمد (5/10) .
(2) البخاري (3/846) (2272) ، مسلم (3/1193) (1559) ، أبو داود (3/286) (3519) ، النسائي (7/311) ، الترمذي (3/562) (1262) ، ابن ماجه (2/790) ، أحمد (2/258، 385، 410، 413، 468) ، الإمام مالك في "الموطأ" (2/678) .
(3) مسلم (3/1193) (1559) ، النسائي (7/311) (4677) .
(4) أحمد (2/525) .
(5) مالك (2/678) ، أبو داود (3/286) (3520) .(3/1233)
3755 - ورواه أبو داود وابن ماجه (1) من رواية عمر بن خلدة، وقال: «أتينا أبا هريرة في صاحب لنا قد أفلس، فقال: لأقضين فيكم بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به» وصححه الحاكم والطريق الأخرى التي رواها أبو داود وهي من رواية إسماعيل بن عياش عن الحارث الزبيدي وهو شامي وإسماعيل قوي في الشاميين.
[14/3] باب ما جاء في الحجر على المدين وبيع ماله
في قضاء دينه أو قطعه للغرماء
3756 - عن كعب بن مالك: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجر على معاذ ماله وباعه في دين كان عليه» رواه الدارقطني والبيهقي والحاكم وصححه (2) .
3757 - وعن عبد الرحمن بن كعب قال: «كان معاذ بن جبل شابًا سخيًا، وكان لا يمسك شيئًا فلم يزل يدان حتى أغرق ماله كله فأتى غرماؤه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فطلب معاذ من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسأل غرماءه أن يضعوا أو يؤخروا فأبوا فلو ترك لأحد من أجل أحد لترك لمعاذ لأجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم ماله كله في دينه حتى قام معاذ بغير شيء» رواه أبو داود وعبد الرزاق وسعيد في "سننه" (3) مرسلًا قال عبد الحق: المرسل أصح، قال ابن الطلاع في "الأحكام":
_________
(1) أبو داود (3/287) (3523) ، ابن ماجه (2/790) (2360) ، الحاكم (2/58) ، وهو عند الشافعي (1/329) ، والدارقطني (3/29) .
(2) الدارقطني (4/230) ، البيهقي (6/48) ، الحاكم (2/67، 4/113) ، والطبراني في "الأوسط" (6/105) .
(3) أبو داود في "المراسيل" (172) ، عبد الرزاق (8/268) .(3/1234)
هو حديث ثابت.
3758 - وعن أبي سعيد قال: «أصيب رجل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تصدقوا عليه فتصدق عليه الناس ولم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لغرمائه: خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك» رواه مسلم وغيره، وقد تقدم (1) قريبًا.
[14/4] باب الحجر على المبذر
3759 - عن عروة بن الزبير قال: «اشترى عبد الله بن جعفر أرضًا سبخة فبلغ ذلك عليًا فعزم أن يسأل عثمان الحجر عليه، فجاء عبد الله بن جعفر إلى الزبير فذكر له ذلك، فقال الزبير: أنا شريكك، فلما سأل علي عثمان الحجر على عبد الله، قال: احجر على من كان شريكه الزبير» رواه الشافعي في "مسنده"، والبيهقي (2) بإسناد حسن وأبو عبيد (3) في كتاب "الأموال" وابن حزم. ومن جملة ما استدل به على جواز الحجر على السفيه والمبذر: قوله تعالى: ((وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ)) [النساء:5] قال في "الكشاف": والسفهاء المبذرون أموالهم الذين ينفقونها فيما لا ينبغي ولا يدي (4) لهم بإصلاحها وتمييزها ولا التصرف فيها، والخطاب للأولياء وأضاف الأموال إليهم لأنها من جنس ما يقيم الناس معائشهم.
3760 - واستدل أيضًا بردهص صدقة الرجل الذي تصدق بأحد ثوبيه،
_________
(1) تقدم قريبًا برقم (3749) .
(2) الشافعي في "المسند" (1/384) ، البيهقي (6/61) .
(3) في الأصل: أبو عبيد الله.
(4) أي: لا طاقة.(3/1235)
أخرجه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان (1) من حديث أبي سعيد.
3761 - وبحديث جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رد البيضة على من تصدق بها ولا مال له غيرها، رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة (2) .
3762 - وبحديث الرجل الذي أعتق له عبد عن دبر ولا مال له غيره، فباعه النبي - صلى الله عليه وسلم - متفق عليه وسيأتي (3) إن شاء الله في كتاب العتق.
[14/5] باب بيان السن الذي يعامل فيها من بلغ إليها
3763 - عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: «حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتم بعد الاحتلام، ولا صمات يوم إلى الليل» رواه أبو داود (4) بإسناد فيه مقال، قال المنذري: وقد روي هذا الحديث من رواية جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وليس فيها شيء يثبت، انتهى.
3764 - وعن ابن عمر قال: «عرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني، وعرضت يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني» رواه
_________
(1) أبو داود (2/128) (1675) ، النسائي (3/106) ، الترمذي (2/385) (511) ، ابن ماجه مختصرًا (1/353) (1113) ، ابن حبان (6/250) (2505) ، ابن خزيمة (3/150) (1799) ، وهو عند الحاكم (1/573) ، والشافعي (1/64) ، وأحمد (3/25) ، وأبي يعلى (2/279) (994) ، ولم يذكر ابن ماجه والترمذي موضع الشاهد.
(2) تقدم برقم (2650) .
(3) سيأتي برقم (4188) .
(4) أبو داود (3/115) (2873) ، وهو عند البيهقي (6/57) ، والطبراني في "الصغير" (1/169) ، و"الأوسط" (1/95) .(3/1236)
الجماعة (1) وزاد ابن حبان في "صحيحه" (2) بعد قوله: لم يجزني: «ولم يرني بلغت» وزاد بعد قوله فأجازني: «ورأى أني قد بلغت» .
3765 - وعن عطية قال: «عرضنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم قريظة فكان من أنبت قتل ومن لم ينبت خلى سبيله، فكنت ممن لم ينبت فخلى سبيلي» رواه الخمسة وصححه الترمذي، وابن حبان والحاكم على شرطهما (3) ، قال الحاكم: وهو كما قال، انتهى. وفي لفظ لأحمد والنسائي (4) : «فمن كان محتلمًا أو أنبتت عانته قتل ومن لا ترك» .
3766 - وعن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم» والشرخ الغلمان الذين لم ينبتوا، رواه الترمذي وصححه (5) .
3767 - وقد تقدم (6) في الصلاة حديث عائشة مرفوعًا: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق»
_________
(1) البخاري (2/948، 4/1504) (2521، 3871) ، مسلم (3/1490) (1868) ، أبو داود (3/137، 4/141) (2957، 4406) ، النسائي (6/155) ، الترمذي (4/211) (1711) ، ابن ماجه (2/850) (2543) ، أحمد (2/17) .
(2) ابن حبان (11/30) (4728) ، والدارقطني (4/115) ، والبيهقي (6/55) .
(3) أبو داود (4/141) (4404، 4405) ، النسائي (6/155) ، الترمذي (4/145) (1584) ، ابن ماجه (2/849) (2541) ،أحمد (4/310، 5/311) ، ابن حبان (11/104، 109) ، الحاكم (4/430) .
(4) أحمد (4/341، 5/372) ، النسائي (6/155) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/217) .
(5) الترمذي (4/145) ، وهو عند أبي داود (3/54) (2670) ، وأحمد (5/12، 20) ، وابن أبي شيبة (6/485) ، والطبراني في "الكبير" (7/216) .
(6) تقدم برقم (571) .(3/1237)
رواه أبو داود وغيره.
3768 - وحديث: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة تقدم (1) أيضًا في الصلاة.
قوله: «ولا صمات» الصمات السكوت، أي: لا يصمت يوم تام. قوله: «فلم يجزني» المراد بالإجازة الإذن بالخروج للقتال من أجازه إذا أمضاه وأذن له. قوله: «شرخهم» بفتح الشين المعجمة وسكون الراء المهملة بعدها خاء معجمة قد تقدم في تفسيره في الحديث.
[14/6] باب ما يحل لولي اليتيم من ماله بشرط العمل والحاجة
3769 - عن عائشة في قوله تعالى: « ((وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ)) [النساء:6] مكان قيامه عليه» ، (*) وفي لفظ: «أنزلت في ولي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلح ماله إن كان فقيرًا أكل منه بالمعروف» أخرجاهما (2) .
3770 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني فقير ليس لي شيء ولي يتيم، فقال: كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل» رواه الخمسة إلا الترمذي (3) ، وسكت عنه أبو داود وأشار المنذري إلى أن في إسناده عمرو بن شعيب وفي سماع أبيه من جده مقال، وقال في
_________
(1) تقدم برقم (735) .
(2) باللفظ الأول عند البخاري (4/1669) (4299) ، مسلم (4/2316) (3019) ، وباللفظ الثاني عند البخاري (3/1017) (2614) ، مسلم (4/2315) (3019) .
(3) أبو داود (3/115) (2872) ، النسائي (6/256) ، ابن ماجه (2/907) (2718) ، أحمد (2/186، 215) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لفظ الرواية الأولى "عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) قالت: أنزلت في ولي اليتيم أن يصيب من ماله إذا كان محتاجا بقدر ماله بالمعروف"، ولفظ المصنف ناقص.(3/1238)
"الفتح": إسناده قوي.
قوله: «متأثل» المتأثل: بمثناة ثم مثلثة مشددة بينهما همزة هو المتأخذ والتأثل اتخاذ أصل المال حتى كأنه عنده قديم واثله كل شيء أصله.
[14/7] باب ما جاء في مخالطة الولي لمال اليتيم في الطعام والشراب
والنهي عن أكل ماله بالباطل
3771 - عن ابن عباس قال: «لما نزلت: ((وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [الأنعام:152] عزلوا أموال اليتامى حتى جعل الطعام يفسد واللحم ينتن فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت ((وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ)) [البقرة:220] فقال: فخالطوهم» رواه أحمد والنسائي وأبو داود والحاكم وصححه (1) .
3772 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات: قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والنسائي، وقد تقدم (2) قريبًا، وقال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)) [النساء:10] .
* * *
_________
(1) أحمد (1/325) ، النسائي (6/256) ، أبو داود (3/114) (2871) ، الحاكم (2/306) .
(2) تقدم برقم (3648) .(3/1239)
[15] كتاب الصلح وأحكام الجواز
[15/1] باب جواز الصلح عن المعلوم بالمجهول والتحليل منهما
3773 - عن أم سلمة قالت: «جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مواريث بينهما قد درست ليس بينهما بينة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنكم تختصمون إلى رسول الله، وإنما أنا بشر ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه، وإنما أقطع له قطعة من نار يأتي بها اسطامًا في عنقه يوم القيامة، فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لأخي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما، ثم توخيا الحق، ثم استهما، ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وفي رواية لأبي داود: «وإنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل عليَّ فيه» وسكت عنه أبو داود والمنذري وفي إسناده مقال، وأصله في "الصحيح"، وسيأتي (1) في كتاب الأقضية إن شاء الله.
3774 - وعن عمرو بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرام حلالًا أو أحل حرامًا» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي (2) وصححه، وأنكر عليه لأن رواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ضعيف جدًا وكأنه صححه لكثرة طرقه.
_________
(1) سيأتي برقم (6018) .
(2) تقدم برقم (3627) .(3/1240)
3775 - وقد صححه ابن حبان من حديث أبي هريرة وأخرجه الحاكم (1) من حديث أبي هريرة وقال: على شرطهما وأخرج له الحاكم شاهدين عن أنس وعائشة، وذكر الحافظ ابن كثير في "إرشاده" أن أبا داود روى الحديث عن أبي هريرة بإسناد حسن.
3776 - وعن جابر «أن أباه قتل يوم أحد شهيدًا وعليه دين فاشتد الغرماء في حقوقهم، قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألهم أن يقبلوا ثمر حايطي ويحللوني فأبوا فلم يعطهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حايطي وقال: سنغدو عليك، فغدا علينا حين أصبح فطاف في النخل ودعا في ثمرها فجذذتها فقضيتهم وبقي لنا من ثمرها» وفي لفظ: «أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقًا لرجل من اليهود فاستنظره جابر فأبا أن ينظره فكلم جابر النبي - صلى الله عليه وسلم - فشفع إليه فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلم اليهودي ليأخذ ثمر نخله بالذي له فأبا فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - النخل فمشى فيها ثم قال لجابر: جذ له فأوف الذي له فجذه بعدما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأوفاه ثلاثين وثقًا وفضلت سبعة عشر وسقًا» رواهما البخاري (2) .
3777 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت عند مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلل منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات
_________
(1) تقدم برقم (3628) .
(2) اللفظ الأول أخرجه: البخاري (2/843، 919) (2265، 2461) ، واللفظ الثاني أخرجه: البخاري (2/844) (2266) ، وأبو داود (3/118) (2884) ، وابن ماجه (2/813) (2434) .(3/1241)
صاحبه فحمل عليه» رواه البخاري وأحمد والترمذي (1) وصححه وقال: «من مال أو عرض» .
قوله: «ألحن بحجته» أي أفطن وقيل أبلغ، وقد ورد في الصحيح كذلك أي أحسن إيرادًا للكلام. قوله: «قطعة» بكسر القاف أي طائفة. قوله: «اسطاما» بضم الهمزة وسكون السين المهملة هي الحديدة التي تسعر بها النار. قوله: «توخيا» بفتح الواو والخاء أي اقصدا الحق فيما تصنعان من القسمة قوله: جذذتها الجذاذ الصرام.
[15/2] باب الصلح عن دم العمد بأكثر من الدية وأقل
3778 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل متعمدًا دفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا أخذوا الدية، وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة، وذلك عقل العمد وما صولحوا عليه فهو لهم وذلك تشديد العقل» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه (2) .
قوله: «خلفة» أي: حاملة.
[15/3] باب ما جاء في وضع الخشب في جدار الجار
وإن كره وما جاء في تحريم الضرار
3779 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمنع جار جاره أن يغرز
_________
(1) البخاري (2/865، 5/2694) (2317، 6169) ، أحمد (2/435، 506) ، الترمذي (4/613) (2149) ، وهو عند ابن حبان (16/361) (7361) .
(2) أحمد (2/183، 217) ، ابن ماجه (2/877) (2626) ، الترمذي (4/11) (1387) ، وهو عند أبي داود مختصرًا (4/173) (4506) .(3/1242)
خشبة في جداره ثم يقول أبو هريرة: مالي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم» رواه الجماعة إلا النسائي (1) ، وقال الترمذي: حسن صحيح.
3780 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضُر ولا ضِرار وللرجل أن يضع خشبه في حائط جداره وإن اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع» رواه أحمد وابن ماجه، والبيهقي والطبراني وعبد الرزاق (2) .
3781 - ورواه الحاكم (3) من رواية أبي سعيد الخدري، وقال: صحيح على شرط مسلم، وقال ابن الصلاح: حسن، وحسنه أيضًا النووي. قال أبو داود: وهو أحد الأحاديث التي يدور عليها الفقه، وقال البيهقي: تفرد به عثمان بن محمد عن الدراوردي قال في "مختصر البدر المنير": قلت لا بل تابعه عليه عبد الملك بن معاذ النصيبي فرواه عن الدراوردي كما أفاده ابن عبد البر في "تمهيده" و"استذكاره"، انتهى.
3782 - وعن أبي صرمة (4) مالك بن قيس الأنصاري شهد بدرًا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ضار مسلمًا ضاره الله، ومن شاق مسلمًا شق الله عليه» رواه
_________
(1) البخاري (2/869) (2331) ، مسلم (3/1230) (1609) ، أبو داود (3/314) (3634) ، الترمذي (3/635) (1353) ، ابن ماجه (2/783) (2335) ، أحمد (2/230، 240، 463) ، وهو عند الإمام مالك (2/745) ، وابن حبان (2/270) (515) .
(2) أحمد (1/313) ، ابن ماجه (2/783، 784) (2337، 2339، 2341) ، البيهقي (6/69) ، الطبراني في "الكبير" (11/302) ، أبو يعلى (4/397) ، واللفظ لأحمد.
(3) الحاكم (2/66) ، الدارقطني (3/77) .
(4) بكسر الصاد المهملة. المؤلف.(3/1243)
أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه، هكذا لفظ الحديث في "بلوغ المرام" ولفظ الترمذي وأبي داود (1) : «من ضار ضار الله به ومن شاق شق الله عليه» .
3783 - وعن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ملعون من ضار مؤمنًا أو مكر به» رواه الترمذي (2) وقال: حديث غريب.
3784 - وعن سمرة بن جندب: «أنه كان له عضة نخل في حائط رجل من الأنصار قال ومع الرجل أهله وكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى به الرجل ويشق عليه فطالب إليه أن يناقله فأبى فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك، فطلب إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعه فأبى فطلب إليه أن يناقله فأبى قال فهبه لي ولك كذا وكذا أمرًا رغبه فيه فأبى، فقال: أنت مضار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأنصاري: اذهب فاقلع نخله» رواه أبو داود (3) من حديث الباقر عن سمرة، وقد قيل: إنه لم يسمع منه ورجاله رجال الصحيح.
3785 - وعن عكرمة بن سلمة بن ربيعة «أن أخوين من بني المغيرة أعتق أحدهما أن لا يغرز خشبة في جداره فلقيا مجمع بن يزيد الأنصاري ورجالًا كثيرًا قالوا: نشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبًا في جداره، فقال الحالف: أي أخي: قد علمت أنك مقضي لك علي وقد حلفت فاجعل أسطوانًا دون جداري ففعل الآخر فغرز في الإسطوان خشبة» رواه أحمد وابن
_________
(1) أبو داود (3/315) (3635) ، الترمذي (4/332) (1940) ، وهو عند ابن ماجه (2/785) (2342) ، وأحمد (3/453) ، والطبراني في "الكبير" (22/330) .
(2) الترمذي (4/332) (1941) .
(3) أبو داود (3/315) (3636) .(3/1244)
ماجه (1) وفي إسناد الحديث عكرمة وهو مجهول.
قوله: «خشبة» بصيغة الجمع والإفراد روايتان.
3786 - وفي رواية للبيهقي (2) من حديث ابن عباس: «إذا سأل أحدكم جاره أن يدعم جذوعه على حايطه فلا يمنعه» .
قوله: «أكتافكم» بالتاء الفوقية.
[15/4] باب في الطريق إذا اختلفوا فيه كم يجعل
3787 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع» رواه الجماعة إلا النسائي (3) ، وفي لفظ لأحمد (4) : «إذا اختلفوا في الطريق رفع من بينهم سبعة أذرع» .
3788 - وعن عبادة بن الصامت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الرحبة تكون في الطريق ثم يريد أهلها البنيان فيها فقضا أن يترك للطريق سبعة أذرع وكانت تلك الطريق تسمى الميتاء» رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (5) وله شواهد يقوي بعضها بعضًا.
_________
(1) أحمد (3/479، 480) ، ابن ماجه (2/783) (2336) .
(2) البيهقي (6/69) .
(3) البخاري (2/874) (2341) ، مسلم (3/1232) (1613) ، أبو داود (3/314) (3633) ، الترمذي (3/637) ، ابن ماجه (2/784) (2338) ، أحمد (2/474، 495) ، ابن حبان (11/456) (5067) .
(4) أحمد (2/228) .
(5) أخرجه عبد الله في زوائد المسند (5/326، 327) .(3/1245)
قوله: «ميتاء» بميم مكسورة تحتانية ساكنة بعدها فوقية ومد بوزن مفعال من الإيتان والميم زائدة وهي أعظم الطرق التي يكثر مرور الناس فيها، وقيل: الطريق الواسعة، وقيل: العامرة.
[15/5] باب إخراج ميازيب المطر إلى الشارع
3789 - عن عبد الله بن عباس قال: «كان للعباس ميزاب على طريق عمر فلبس ثيابه يوم الجمعة وقد كان ذبح للعباس فرخان، فلما وافى الميزاب صب ماء بدم الفرخين فأمر عمر بقلعه، ثم رجع وطرح ثيابه ولبس ثيابًا غير ثيابه ثم جاء فصلى الناس، فأتاه العباس فقال: والله إنه للموضع الذي وضعه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال عمر للعباس: وأنا أعزم عليك لما صعدت على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففعل ذلك العباس» رواه أحمد وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال هو خطأ، ورواه البيهقي من طريق أخرى ضعيفة، ورواه الحاكم في "المستدرك" بإسناد ضعيف، ورواه أبو داود في "المراسيل" (1) .
* * *
_________
(1) أحمد (1/210) ، البيهقي (6/66) ، الحاكم (3/374) ، أبو داود في "المراسيل" (406) .(3/1246)
[16] كتاب الشركة والمضاربة
3790 - عن أبي هريرة رفعه أن الله تعالى يقول: «أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما» رواه أبو داود وصححه الحاكم (1) .
3791 - وعن السائب بن أبي السائب: «أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: كنت شريكي في الجاهلية، فكنت خير شريك لا تداريني ولا تماريني» رواه أبو داود وابن ماجه ولفظه: «كنت شريكي، ونعم الشريك كنت لا تداري ولا تماري» وأخرجه أيضًا النسائي والحاكم وصححه (2) ، وفي لفظ لأبي داود وابن ماجه (3) : «أن السائب المخزومي كان شريك النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة فجاء يوم الفتح فقال: مرحبًا بأخي وشريكي لا تداري ولا تماري» .
3792 - وعن أبي المنهال أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب: «كانا شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسية فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه وما كان نسية فردوه» رواه أحمد (4) ، ورواه البخاري (5) بلفظ: «ما كان يدًا بيد فخذوه، وما
_________
(1) أبو داود (3/256) (3383) ، الحاكم (2/60) ، وهو عند الدارقطني (3/35) ، والبيهقي (6/78) .
(2) أبو داود (4/260) ، ابن ماجه (2/768) (2287) ، وهو عند أحمد (3/425) ، والنسائي في الكبرى (3791) .
(3) وهو بهذا اللفظ عند الحاكم (2/69) ، البيهقي (6/78) ، وابن أبي شيبة (7/410) ، وأحمد (3/425) ، والطبراني في الكبير (7/139) .
(4) أحمد (4/371) .
(5) البخاري (2/884) (2365) ، وانظر حديث رقم (3665) .(3/1247)
كان نسية فردوه» رواه أحمد، انتهى. واستدل به على جواز تفريق الصفقة.
3793 - وعن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: «اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر. قال: فجاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشيء» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه (1) بإسناد منقطع، وهو حجة في شركة الأبدان.
3794 - وفي البخاري (2) عن زهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - «وجيء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح رأسه ودعا له بالبركة، وكان يبتاع فيلقاه ابن عمر وابن الزبير فيقولان له: أشركنا، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد دعا لك بالبركة فيشركهم» .
3795 - وعن رويفع بن ثابت قال: «إن كان أحدنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليأخذ نضو أخيه على أن له النصف مما يغنم ولنا النصف، وإن كان أحدنا ليطير له النصل والريش والآخر القدح» رواه أحمد وأبو داود بإسناد ضعيف، ورواه النسائي بإسناد رجاله ثقات (3) .
3796 - وعن حكيم بن حزام صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالأ مقارضة يضرب له به أن لا تجعل مالي في كبد رطبة، ولا تحمله في بحر ولا تنزل به بطن مسيل فإن فعلت شيئًا من ذلك فقد ضمنت مالي» رواه الدارقطني والبيهقي (4) ، قال في "بلوغ المرام": ورجاله ثقات.
_________
(1) أبو داود (3/257) (3388) ، النسائي (7/57، 319) ، ابن ماجه (2/768) (2288) .
(2) البخاري (2/885) (2368) .
(3) أحمد (4/108) ، أبو داود (1/9) (36) ، النسائي (8/135) ولم يذكر موضع الشاهد، والطبراني في "الكبير" (5/28) .
(4) الدارقطني (3/63) ، البيهقي (6/111) .(3/1248)
3797 - وقال مالك في "الموطأ" (1) عن يعلى بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن جده: «أنه عمل لعثمان على أن الربح بينهما» وهو موقوف صحيح.
3798 - وعن صهيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاث فيهن البركة، البيع إلى أجل والمقارضة وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع» رواه ابن ماجه (2) بإسناد ضعيف، وفي الباب آثار كثيرة دالة على أن الصحابة كانوا يتعاملون بالمضاربة من غير نكير فكان ذلك إجماعًا منهم على الجواز.
قوله: «النضو» هو المهزول من الإبل، والنصل حديدة السهم، والريش هو الذي يكون على السهم، والقدح بكسر القاف السهم قبل أن يراش وينصل.
_________
(1) مالك في "الموطأ" (2/688) ، والبيهقي (6/111) .
(2) ابن ماجه (2/768) (2289) .(3/1249)
[17] كتاب الوكالة
[17/1] باب ما يجوز التوكيل فيه من العقود وإيفاء الحقوق
وإخراج الزكوات وإقامة الحدود
3799 - عن أبي هريرة قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على الصدقة» الحديث متفق عليه (1) .
3800 - وعن أبي رافع «أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: استلف من رجل بكرًا فقدم عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فقال: لا أجد إلا خيارًا، فقال: أعطه إياه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاء» رواه الجماعة إلا البخاري (2) .
3801 - وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل عليهم» متفق عليه (3) .
3802 - وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملًا موفورًا طيبة به نفسه، حتى يدفعه إلى الذي أمر به أحد المتصدقين» متفق عليه (4) .
3803 - وعن أبي هريرة في حديث طويل في الحدود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «واغد
_________
(1) تقدم برقم (2535) .
(2) تقدم برقم (3726) .
(3) تقدم برقم (2551) .
(4) تقدم برقم (2586) .(3/1250)
يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها» متفق عليه وسيأتي (1) إن شاء الله بتمامه.
3804 - وعن علي قال: «أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحومها وجلودها واجلتها» متفق عليه وقد تقدم (2) .
3805 - وعن أبي هريرة قال: «وكلني النبي - صلى الله عليه وسلم - في حفظ زكاة رمضان» رواه البخاري (3) .
3806 - عن عقبة بن عامر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنمًا يقسمها على أصحابه ضحايا» رواه الجماعة إلا أبا داود (4) .
3807 - وعن سليمان بن يسار «أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: بعث أبا رافع مولاه ورجلًا آخر من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث وهو بالمدينة قبل أن يخرج» رواه مالك في "الموطأ" والشافعي (5) هكذا: أي مرسلًا، ووصله أحمد والترمذي، والنسائي وابن حبان (6) عن سليمان عن أبي رافع، وقد أعل الحديث ابن عبد البر
_________
(1) سيأتي برقم (4867) .
(2) تقدم برقم (3375) .
(3) البخاري (2/812، 3/1194، 4/1914) (2187، 3101، 4723) ، وهو عند ابن خزيمة (4/91) (2424) ، والنسائي في "الكبرى" (6/238) .
(4) تقدم برقم (3400) .
(5) مالك في "الموطأ" (1/348) ، الشافعي في "المسند" (1/180، 254) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/270) مرسلًا عن سليمان بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(6) ووصله أحمد (6/392) ، والترمذي (3/200) (841) ، والنسائي في "الكبرى" (3/288) ، وابن حبان (9/438) (4130) ، من طريق سليمان بن يسار عن أبي رافع به، وقد تقدم برقم (3010) .(3/1251)
بالانقطاع وتعقب في ذلك.
3808 - وعن جابر قال: «أردت الخروج إلى خيبر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقًا، فإن ابتغا منك آية فضع يديك على ترقوته» رواه أبو داود وصححه وأخرجه الدارقطني وحسن في "التلخيص" إسناده وعلق البخاري طرفًا منه في آخر كتاب الخمس (1) .
قوله: «آية» أي علامة. قوله: «ترقوته» بفتح المثناة من فوق وضم القاف وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق وهما ترقوتان من الجانبين.
3809 - وعن يعلى بن أمية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعًا وثلاثين بعيراً فقال له: العارية مؤداة يا رسول الله قال: نعم» رواه أحمد وأبو داود (2) وقال فيه: «قلت يا رسول الله عارية مضمونة، أو عارية مؤداة؟ قال: بل عارية مؤداة» وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في "التلخيص"، وقال في "بلوغ المرام":صححه ابن حبان وسيأتي قريبًا، وقال ابن حزم إنه أحسن ما ورد في هذا الباب.
[17/2] باب من وكل في شراء شيء فاشترى بالثمن أكثر منه
وتصرف في الزيادة
3810 - عن عروة بن أبي الجعد البارقي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه دينارًا
_________
(1) أبو داود (3/314) (3632) ، الدارقطني (4/154) ، البيهقي (6/80) ، وعلق البخاري طرفًا منه (3/1133) .
(2) أحمد (4/222) ، أبو داود (3/297) (3566) ، ابن حبان (11/22) (4720) ، وهو عند الدارقطني (3/39) ، والنسائي في "الكبرى" (3/409) .(3/1252)
ليشتري له به شاة فاشترى له به شاتين فباع أحدهما بدينار وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه ولو كان اشترى التراب لربح فيه» رواه الخمسة إلا النسائي (1) وقد أخرجه البخاري (2) في ضمن حديث لم نسق لفظه، وقال في "الخلاصة": أخرجه البخاري في "صحيحه" مرسلًا وأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح.
3811 - وعن حكيم بن حزام: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: بعثه ليشتري له أضحية بدينار فاشترى أضحية وربح فيها دينارًا فاشترى أخرى مكانها فجاء بالأضحية والدينار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ضح بالشاة وتصدق بالدينار» رواه الترمذي (3) وأعله بالانقطاع، ولأبي داود (4) من حديث أبي الحصين عن شيخ من أهل المدينة عن حكيم: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معه بدينار ليشتري له به أضحية فاشترى كبشًا بدينار، وباعه بدينارين فاشترى أضحية بدينار فجاء بها وبالدينار الذي استفضل من الأخرى، فتصدق به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعا له أن يبارك له في التجارة» وفي إسناده مجهول.
_________
(1) أبو داود (3/256) (3384، 3385) ، الترمذي (3/559) (1258) ، ابن ماجه (2/803) (2402) ، أحمد (4/375) ، الدارقطني (3/10) .
(2) البخاري (3/1332) (3443) عن ابن عيينة عن شبيب بن غرقدة قال سمعت الحي يحدثون عن عروة.... ثم ذكره.
(3) الترمذي (3/558) (1257) .
(4) أبو داود (3/256) (3386) ، الدارقطني (3/9) .(3/1253)
[17/3] باب من وكل في التصدق بشيء فتصدق
به الوكيل على ولد الموكل
3812 - عن معن بن يزيد قال: «كان أبي خرج بدنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته بها فقال: والله ما إياك أردت بها فخاصمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لك ما نويت يا يزيد ولك يا معن ما أخذت» رواه أحمد والبخاري وقد تقدم (1) في الصدقات.
* * *
_________
(1) تقدم برقم (2648) .(3/1254)
[18] كتاب الإجارة والمساقاة والمزارعة
أبواب الإجارة
[18/1] باب ما يجوز الاستيجار عليه من السعي المباح
3813 - عن عائشة في حديث الهجرة: «واستأجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلًا من بني الديل هاديًا خريتًا، والخريت الماهر في الهداية وهو على دين كفار قريش وأمناه فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث فارتحلا» رواه أحمد والبخاري (1) .
3814 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله نبيًا إلا رعا الغنم، فقال أصحابه: وأنت يا رسول الله؟ قال: نعم: كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة» رواه أحمد (*) والبخاري وابن ماجه (2) ، قال بعض رواته: يعني شاة بقيراط، وقال آخر: قراريط اسم موضع.
3815 - وعن سويد بن قيس قال: «جلبت أنا ومخرمة العبدي بزًا من هجر، فأتينا به مكة فجاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي فساومنا سراويل فبعناه وثمة رجل يزن بالأجر، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: زن وأرجح» رواه الخمسة وصححه الترمذي (3) .
_________
(1) أحمد (6/198) ، البخاري (2/790، 3/1417) (2144، 2145، 3691) .
(2) البخاري (2/789) (2143) ، ابن ماجه (2/727) (2149) .
(3) تقدم برقم (784) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
الحديث لم نجده عند أحمد من حديث أبي هريرة، وهو بمعنى قريب من هذا من حديث جابر (3/326) ، وحديث جابر في "الصحيحين" البخاري (3225) ، ومسلم (2050) .(3/1255)
3816 - وعن رافع بن رفاعة قال: «نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الأمة إلا ما عملت بيديها، وقال: هكذا بإصبعه نحو الخبز والغزل والنفش (1) » رواه أحمد وأبو داود (2) ورجاله ثقات.
3817 - وقد رواه أبو داود (3) من حديث أبي هريرة بدون الاستثناء وما بعده.
قوله: «الديل» بكسر الدال حي من عبد القيس.
[18/2] باب ما جاء في كسب الحجام
3818 - عن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كسب الحجام ومهر البغي وثمن الكلب» رواه أحمد (4) برجال الصحيح، ورواه الحازمي في "الناسخ والمنسوخ" (5) بلفظ: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ومن السحت مهر البغي وأجرة الحجام» .
3819 - وعن رافع بن خديج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كسب الحجام خبيث ومهر البغي خبيث وثمن الكلب خبيث» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه (6) ،
_________
(1) بالنون والفاء، قال في "النهاية": هو ندف القطن والصوف.
(2) أحمد (4/341) ، أبو داود (3/267) (3426) .
(3) أبو داود (3/266) (3425) ، وهو عند البخاري (2/797، 5/2045) (2163، 5033) ، والدارمي (2/351) (2620) ، وأحمد (2/287، 347، 382، 437، 454) ، وابن حبان (11/562) (5158) .
(4) أحمد (2/299، 332، 347، 415، 500) .
(5) "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" رقم (281) .
(6) أحمد (3/464، 465) ، أبو داود (3/266) (3421) ، الترمذي (3/574) (1275) ، = = وهو عند الدارمي (2/351) (2621) .(3/1256)
وللنسائي (1) : «شر المكاسب ثمن الكلب وكسب الحجام ومهر البغي» ولمسلم (2) من حديث رافع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كسب الحجام خبيث» .
3820 - وعن محيصة بن مسعود «أنه كان له غلام حجام فزجره النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كسبه، فقال: ألا أطعمه أيتامًا لي؟ قال: لا قال: أفلا أتصدق به، قال: لا، فرخص له أن يعلفه ناضحه» رواه أحمد ومالك وابن ماجه (3) ، قال في "الفتح": رجاله ثقات، ولأبي داود والترمذي (4) وحسنه: «أنه استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إجارة الحجام فنهاه عنها، ولم يزل يسأله حتى قال: اعلفه ناضحك أو أطعمه رقيقك» وصححه ابن حبان، وقال العقيلي: إسناده صالح.
3821 - ولأحمد (5) من حديث جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن كسب الحجام، فقال: أطعمه ناضحك» قال في "مجمع الزوائد": ورجاله رجال الصحيح.
3822 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم حجمه أبو طيبة وأعطاه صاعين من طعام وكلم مواليه فخفوا عنه» متفق عليه (6) ، وفي لفظ لأحمد
_________
(1) النسائي (7/190) .
(2) مسلم (3/1199) (1568) .
(3) أحمد (5/435، 436) ، مالك (2/974) (1756) ، ابن ماجه (2/732) (2166) .
(4) أبو داود (3/266) (3422) ، الترمذي (3/575) (1277) ، ابن حبان (11/557) (5154) ، والشافعي (1/190) .
(5) أحمد (3/307، 381) .
(6) البخاري (2/769، 796) (2096، 2157) ، مسلم (3/1204) (1577) ، أحمد (3/174، 182) ، وهو عند أبي داود (3/266) (3424) .(3/1257)
والبخاري (1) : «دعا غلامًا منا فحجمه، فأعطاه أجرة صاعًا أو صاعين، وكلم مواليه أن يخفوا عنه من ضربته» .
3823 - وعن ابن عباس قال: «احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجرة، ولو كانت سحتًا لم يعطه» رواه أحمد والبخاري (2) ، ولمسلم (3) : «حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد لبني بياضة، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أجره، وكلم سيده فخفف عنه من ضربته» ولو كان سحتًا لم يعطه النبي.
قوله: «البغي» بفتح الموحدة وكسر المعجمة وتشديد الياء هي الزانية. قوله: «أبو طيبة» بفتح الطاء المهملة، وسكون التحتية بعدها موحدة واسمه نافع وقد حمل النهي عن كسب الحجام على الكراهة جمعًا بين الأحاديث وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أعطى أجره علم أنه حكم عليه بخبث مكسبه من غير تحريم.
[18/3] باب ما جاء في أخذ الأجرة على القرب
3824 - عن عبد الرحمن بن شبل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اقرأوا القرآن ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به» رواه أحمد قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد ثقات وأخرجه أيضًا البزار (4) .
_________
(1) أحمد (3/282) ، البخاري (2/797) (2161) ، وهو عند مسلم (3/1205) (1577) .
(2) أحمد (1/316، 324، 351) ، البخاري (2/741، 796) (1997، 2159) ، وهو عند أبي داود (3/266) (3423) .
(3) مسلم (3/1205) (1202) ، أحمد (1/365) .
(4) أحمد (3/428، 444) ، وهو عند أبي يعلى (3/88) (1518) ، وابن أبي شيبة (2/168) (7742) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/18) ، والبيهقي (2/17) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1/129) (314) ، والطبراني في "الأوسط" (3/86) .(3/1258)
3825 - وعن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اقرأوا القرآن واسألوا الله به، فإن من بعدكم قوماً يقرأون القرآن يسألون الناس به» رواه أحمد والترمذي (1) ، وقال: حديث حسن.
3826 - وعن أبي بن كعب قال: «علمت رجلًا القرآن فأهدى إليَّ قوسًا، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن أخذتها أخذت قوسًا من نار فرددتها» رواه ابن ماجه والبيهقي (2) وقال: منقطع وله طرق، قال ابن القطان: لا يثبت منها شيء.
3827 - وعن عبادة بن الصامت قال: «علمت ناسًا من أهل الصفة الكتابة والقرآن فأهدى إليَّ رجل منهم قوسًا، فقلت: ليس بمال وأرمي عليها في سبيل الله عز وجل لآتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلأسألنه فأتيته، فقلت: يا رسول الله أُهدي إلي قوسًا ممن كنت أعلمه الكتابة والقرآن، وليست بمال، وارمي عليها في سبيل الله، فقال: إن كنت تحب أن تطوق طوقًا من نار فاقبلها» رواه أبو داود (3) ، وفي إسناده المغيرة بن أبي زياد أبو هاشم الموصلي اختلف الأئمة في توثيقه وتضعيفه.
3828 - قال في "التلخيص": ورواه الدارمي (4) بسنده على شرط مسلم
_________
(1) أحمد (4/436، 439، 445) ، الترمذي (5/179) (2917) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (18/166، 167) .
(2) ابن ماجه (2/730) (2158) ، البيهقي (6/125) .
(3) أبو داود (3/264) (3416) ، وهو عند ابن ماجه (2/730) (2157) ، وأحمد (5/315) ، والحاكم (2/48) ، والبيهقي (6/125) .
(4) وهو عند البيهقي (5/126) .(3/1259)
من حديث أبي الدرداء لكن شيخه عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل لم يخرج له مسلم، وقال فيه أبو حاتم: ما به بأس؛ لكن قال دحيم: حديث أبي الدرداء ليس له أصل.
3829 - وعن عثمان بن أبي العاص أنه قال: «يا رسول الله اجعلني إمام قومي، فقال: أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا» رواه الخمسة وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وقد تقدم (1) في الأذان.
3830 - وعن ابن عباس «أن نفرًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مروا بما فيهم لديغ، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق، فإن في الماء رجلًا لديغًا أو سليمًا؟ فانطلق رجل منهم يقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرًا حتى قدموا إلى المدينة فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله» رواه البخاري (2) .
3831 - وعن أبي سعيد قال: «انطلق نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيوفهم، فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا شيء ينفعه فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا: يا أيها
_________
(1) تقدم برقم (703) .
(2) البخاري (5/2166) (5405) ، وهو عند ابن حبان (11/546) (5146) ، والدارقطني (3/65) .(3/1260)
الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحدكم من شيء فقال: بعضهم إني والله لأرقى ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلًا، فصالحوه على قطيع من غنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين، فكأنما نشط من عقال، فانطلقنا نمشي وما به قلبه، قال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فنذكر له الذي كان فننظر الذي يأمرنا فقدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وما يدريك أنها رقية ثم قال: قد أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم بسهم، وضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه الجماعة إلا النسائي واللفظ للبخاري (1) ، وللدارقطني (2) بعد قوله: «وما يدريك أنها رقية قلت يا رسول الله شيء ألقي في روعي» .
3832 - وعن خارجة عن عمه «أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أقبل راجعًا من عنده، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال أهله: إنا قد حدثنا أن صاحبكم هذا قد جاء بخير فهل عندكم شيء يداويه؟ قال: فرقيته بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام كل يوم مرتين، فبرأ فأعطوني مائتي شاة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فقال: خذها فلعمري من أكل برقية باطل فلقد أكلت برقية حق» رواه أحمد والنسائي
_________
(1) البخاري (2/795، 5/2169) (2156، 5417) ، مسلم (4/1727، 1728) (2201) ، أبو داود (3/265، 4/14) (3418، 3900) ، الترمذي (4/399) (2064) ، ابن ماجه (2/729) (2156) ، أحمد (3/2، 10، 44) ، وهو عند ابن حبان (13/476) ، والنسائي في "الكبرى" (6/254، 255) .
(2) الدارقطني (3/64) .(3/1261)
وأبو داود وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح إلا خارجة، وقد وثقه ابن حبان، وأخرجه أيضًا ابن حبان والحاكم وصححاه (1) .
3833 - وعن سهل بن سعد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني وهبت نفسي لك، فقامت قيامًا طويلًا فقام رجل فقال يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال - صلى الله عليه وسلم - هل عندك من شيء تصدقها إياه فقال ما عندي إلا إزاري هذه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك، فالتمس شيئًا، فقال: ما أجد شيئًا، فقال: التمس ولو خاتماً من حديد، فالتمس فلم يجد شيئًا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل معك شيء من القرآن فقال: نعم، سورة كذا وسورة كذا، يسميها له فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد زوجتكما بما معك من القرآن» أخرجاه (2) ، ولمسلم (3) : «زوجتكها تعلمها من القرآن» وفي رواية لأبي داود (4) : «علمها عشرين آية وهي امرأتك» ولأحمد (5) : «قد أنكحتكها على ما معك
_________
(1) أحمد (5/210) ، النسائي في "الكبرى" (6/255) ، أبو داود (3/266، 4/13) (3420، 3896) ، ابن حبان (13/475) (6111) ، الحاكم (1/747) ، وابن أبي شيبة (5/48) .
(2) البخاري (4/1920، 5/1956، 1969، 1972) (4742، 4799، 4833، 4839) ، مسلم (2/1040) (1425) ، وهو عند أبي داود (2/236) (2111) ، وابن حبان (9/403) (4093) ، والنسائي (6/113، 123) ، الترمذي (3/421) (1114) ، والشافعي (1/247) ، وأحمد (5/336) ، والإمام مالك في "الموطأ" (2/526) .
(3) مسلم (2/1041) (1425) .
(4) أبو داود (2/236) (2112) ، والنسائي في "الكبرى" (3/313) من حديث أبي هريرة.
(5) أحمد (5/330) ، والنسائي (6/91) .(3/1262)
من القرآن» .
قوله: «لديغ» بدال مهملة وآخرها غين معجمة هو اللسيع وزنًا ومعنى والسليم هو اللديغ. قوله: «تضيفوهم» بفتح الضاد مع المشددة المعجمة وبكسرها مع التخفيف روايتان. قوله: «لأرقي» بكسر القاف. قوله: «جعلًا» بجيم مضمومة وعين مهملة ساكنة وهو ما يعطى على عمل. قوله: «يتفل» بضم الفاء وكسرها هو نفخ معه قليل ريق. قوله: «نشط» بضم النون وكسر الشين المعجمة أي حل من عقال والعقال الحبل. قوله: «وما به قلبه» بفتح القاف واللام أي علة. قوله: «قال الذي رقى» بفتح القاف.
[18/4] باب النهي عن أن يكون النفع والأجر مجهولان
وجواز استيجار الأجير بطعامه وكسوته
3834 - عن أبي سعيد قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن استيجار الأجير حتى يبين له أجره، وعن النجش واللمس وإلقاء الحجر» رواه أحمد (1) قال في "مجمع الزوائد": ورجاله رجال الصحيح، إلا أن إبراهيم النخعي لم يسمع من أبي سعيد فيما أحسب، انتهى.
3835 - وعنه قال: «نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان» رواه الدارقطني والبيهقي (2) ، وفي إسناده هشام أبو كليب، قال ابن القطان والذهبي: لا يعرف، وقال مغلطاي: هو ثقة وذكره ابن حبان في الثقات.
3836 - وعن عتبة بن النُدر (3) قال: «كنا
_________
(1) أحمد (3/59، 68، 71) .
(2) الدارقطني (3/47) ، البيهقي (5/339) ، وهو عند أبي يعلى (2/301) (1024) .
(3) بضم النون وتشديد الدال المهملة.(3/1263)
عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ (طس) حتى بلغ قصة موسى فقال: إن موسى أجر نفسه ثمان سنين أو عشر سنين على عفة فرجه وطعام بدنه» رواه أحمد وابن ماجه (1) بإسناد ضعيف.
قوله: «قفيز الطحان» هو أن يطحن الطعام والأجرة جزء منه مطحونًا.
[18/5] باب الاستيجار على العمل مياومه
أو مشاهرة أو معاومة أو معاددة
3837 - عن علي عليه السلام قال: «جعت مرة جوعًا شديدًا فخرجت لطلب العمل في عوالي المدينة فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدرًا فظننتها تريد بله فقاطعتها كل ذنوب على تمرة فمدت ستة عشر ذنوبًا حتى مجلت يداي ثم أتيتها فعدت لي ستة عشرة تمرة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فأكل معي» رواه أحمد بسند جوده الحافظ، وابن ماجه بسند صححه ابن السكن (2) .
3838 - وعن أنس قال: «لما قدم المهاجرون من مكة إلى المدينة قدموا وليس بأيديهم شيء فكانت الأنصار أهل الأرض والعقار فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم نصف ثمار أموالهم كل عام ويكفوهم العمل والمؤنة» أخرجاه (3) ، قال البخاري (4) : وقال ابن عمر: «أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر بالشطر فكان ذلك على عهد
_________
(1) ابن ماجه (2/817) (2444) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (17/135) .
(2) أحمد (1/135) ، ابن ماجه (2/818) (2447) .
(3) البخاري (2/926) (2487) ، مسلم (3/1391) (1771) ، وهو عند ابن حبان (14/192) (6282) ، والبيهقي (6/116) .
(4) البخاري (2/246) باب إذا استأجر أرضًا فمات أحدهما.(3/1264)
النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر» ولم يذكر أن أبا بكر وعمر جددا الإجارة بعدما قبض النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قوله: «ذنوبًا» الذنوب الدلو العظيمة وقيل لا تسمى ذنوبًا إلا إذا كان فيها ماء. قوله: «ومجلت» بكسر الجيم أي غلظت وتنفطت وبفتح الجيم غلظت فقط.
[18/6] باب استحقاق الأجرة بإيفاء العمل والمبادرة بها وضمان المتعاطي
3839 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله عز وجل ثلاثة أنا خصيمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته: رجل أعطا بي ثم غدر، ورجل باع حرًا وأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفا منه ولم يوفه أجره» رواه أحمد والبخاري (1) .
3840 - وعن أبي هريرة في حديث له عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يغفر لأمته في آخر ليلة من رمضان قيل يا رسول الله أهي ليلة القدر قال: لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله» رواه أحمد والبزار (2) بإسناد ضعيف.
3841 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه (3) ، وقال
_________
(1) أحمد (2/358) ، البخاري (2/776، 792) (2114، 2150) ، وهو عند ابن حبان (16/333) (7339) ، وابن ماجه (2/816) (2442) ، وأبي يعلى (11/444) (6571) .
(2) أحمد (2/292) .
(3) أبو داود (4/195) (4586) ، النسائي (8/52) ، ابن ماجه (2/1148) (3466) ، وهو عند الحاكم (4/236) ، والدارقطني (4/215، 216) ، وابن عدي في "الكامل" (5/115) .(3/1265)
أبو داود: هذا لم يروه إلا الوليد بن مسلم، لا ندري أصحيح هو أم لا، ورواه النسائي مسندًا ومنقطعًا.
3842 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» رواه ابن ماجه (1) من رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقد وثق، وقال ابن عدي: أحاديثه حسان، وهو ممن احتمله الناس وصدقه بعضهم، وهو ممن يكتب حديثه، انتهى. وبقية رواته ثقات.
3843 - وروي عن أبي هريرة نحوه، رواه أبو يعلى (2) وغيره.
3844 - ورواه الطبراني في "الأوسط" (3) من حديث جابر قال المنذري: وبالجملة فهذا المتن يكتسب قوة بكثرة طرقه والله أعلم.
3845 - وعن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من استأجر أجيرًا فليسلم له أجرته» رواه عبد الرزاق منقطعًا ووصله البيهقي (4) من طريق أبي حنيفة.
[18/7] باب المساقاة والمزارعة
3846 - عن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من
_________
(1) ابن ماجه (2/817) (2443) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1/433) (744) من حديث ابن عمر.
(2) أبو يعلى (12/34-35) (6682) ، والبيهقي (6/120، 121) ، وابن عدي في "الكامل" (4/179) من حديث أبي هريرة.
(3) الطبراني في الصغير (1/43) (34) من حديث جابر.
(4) عبد الرزاق (8/235) ، ووصله البيهقي (6/120) ، وهو عند أحمد (3/59، 68، 71) ، وأخرجه النسائي (7/31) ، وأبو داود في "المراسيل" (181) موقوفًا على أبي سعيد.(3/1266)
تمر أو زرع» رواه الجماعة (1) .
3847 - وعنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ظهر على خيبر سألته اليهود أن يقرهم بها على أن يكفوه عملها، ولهم نصف الثمرة، فقال لهم: نقركم بها على ذلك ما شئنا فقروا بذلك حتى أجلاهم عمر» متفق عليه (2) ، ولمسلم وأبي داود والنسائي (3) : «دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعملوها من أموالهم ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شطر ثمرتها» .
3848 - وعن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عامل يهود خيبر على أن نخرجهم متى شئنا» رواه أحمد والبخاري (4) بمعناه.
3849 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دفع خيبر أرضها ونخلها مقاسمة على النصف» رواه أحمد وابن ماجه (5) بإسناد رجاله رجال الصحيح، إلا
_________
(1) البخاري (2/820) (2203، 2204) ، مسلم (3/1186) (1551) ، أبو داود (3/262) (3408) ، النسائي (7/53) ، الترمذي (3/666) (1383) ، ابن ماجه (2/824) (2467) ، أحمد (2/17، 22، 37) .
(2) البخاري (2/798، 824، 3/1149) (2165، 2213، 2983) ، مسلم (3/1187) (1151) ، أحمد (2/149) .
(3) مسلم (3/1187) (1551) ، أبو داود (3/263) (3409) ، النسائي (7/53) .
(4) أحمد (2/149) ، البخاري (2/973) (2580) .
(5) أحمد (1/250) ، ابن ماجه (2/824) (2468) ، الدارقطني (3/37، 38) ، أبو يعلى (4/230) (2341) من طريق الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس، وهو عند أبي داود (3/263) (3410، 3411) ، وابن ماجه (1820) من طريق برقان عن ميمون بن مهران عن مقسم عن ابن عباس بنحو اللفظ الأول.(3/1267)
إسماعيل بن توبة وهو صدوق.
3850 - وعن أبي هريرة قال: «قالت الأنصار للنبي - صلى الله عليه وسلم - اقسم بيننا وبين إخواننا النخل، قال: لا فقالوا: تكفونا العمل ونشرككم في الثمرة، فقالوا: سمعنا وأطعنا» رواه البخاري (1) .
3851 - عن طاووس: «أن معاذ بن جبل أكرى الأرض على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان على الثلث والربع فهو يعمل به إلى يومك هذا» رواه ابن ماجه (2) بإسناد منقطع، وقال البخاري (3) : قال قس بن مسلم عن أبي جعفر: «ما بالمدينة أهل بيت هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع، وزارع علي وسعد بن مالك وابن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة وآل أبي بكر وآل علي وآل عمر» .
[18/8] باب ما نُهي عنه من المزارعة
3852 - عن رافع بن خديج قال: «كنا أكثر الأنصار حقلًا فكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك، وأما الورق فلم ينهنا» أخرجاه (4) ، وفي لفظ: «كنا أكثر الأرض مزدرعًا كنا نكري الأرض بالناحية منها تسمى لسيد الأرض قال فربما تصاب ذلك وتسلم
_________
(1) البخاري (2/819، 969) (2200، 2570) .
(2) ابن ماجه (2/823) (2463) .
(3) علقه البخاري (2/820) باب المزارعة، والأثر وصله عبد الرزاق (8/100) ، وابن أبي شيبة (4/378) .
(4) البخاري (2/970) (2573) ، مسلم (3/1183) (1547) ، ابن ماجه (2/821) (2458) .(3/1268)
الأرض فنهينا فأما الذهب الورق فلم تكن يومئذ» رواه البخاري (1) ، وفي لفظ قال: «إنما كان الناس يؤاجرون عل عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بما على الماذيانات وإقبال الجداول وإشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم وهذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كرى إلا هذا، فلذلك زجر عنه فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به» رواه مسلم وأبو داود والنسائي (2) ، قال في "بلوغ المرام": وفيه بيان لما أجمل من المتفق عليه من إطلاق النهي عن كرى الأرض، انتهى. وفي رواية لأحمد والبخاري والنسائي (3) عن رافع قال: «حدثني عماي أنهما كانا يكريان الأرض على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ينبت على الأربعاء وشيء يستثنيه صاحب الأرض قال: فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك» وفي رواية لأحمد (4) عن رافع: «أن الناس كانوا يكرون المزارع في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالماذيانات وما يسقي الربيع وشيء من التبن فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كرى المزارع لهذا ونهى عنها» .
3853 - وعن ثابت بن الضحاك: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة» رواه مسلم (5) .
3854 - وعن أسيد بن حضير قال: «كان أحدنا إذا استغنى عن أرضه أو افتقر إليها أعطاه بالنصف والثلث والربع ويشترط ثلاث جداول والقصارة وما
_________
(1) البخاري (2/819) (2202) .
(2) مسلم (3/1183) (1547) ، أبو داود (3/258) (3392) ، النسائي (7/43) ، ابن حبان (11/604) (5196) .
(3) أحمد (4/142) ، البخاري (2/826) (2220) ، النسائي (7/42) .
(4) أحمد (3/463، 4/142) .
(5) مسلم (3/1184) (1549) .(3/1269)
يسقي الربيع وكان يعمل فيه عملًا شديدًا، ونصيب فيها منفعة فأتانا رافع بن خديج فقال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمر كان لكم فيه نفعًا، وطاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرًا لكم نهاكم عن الحقل» رواه أحمد وابن ماجه (1) ، ولأبي داود (2) : «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمر كان لكم فيه نفعًا» إلخ، ورجال إسناده رجال الصحيح.
3855 - وعن جابر قال: «كنا نخابر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فنصيب من القصرى ومن كذا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان له أرض فليزرعها أو ليحرثها أخاه وإلا فليدعها» رواه أحمد ومسلم (3) .
3856 - وعن سعد بن أبي وقاص: «إن أصحاب المزارع في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يكرون مزارعهم بما يكون على السواقي، وما سعد بالماء مما حول النبت، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاختصموا في بعض ذلك فنهاهم أن يكروا بذلك، وقال: اكروا بالذهب والفضة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (4) وسكت عنه أبو داود والمنذري، وقال في "الفتح": رجال إسناده ثقات إلا أن محمد بن عكرمة المخزومي لم يرو عنه إلا إبراهيم بن سعد، قال في "المنتقى": وما ورد من النهي المطلق عن المخابرة والمزارعة يحمل على ما فيه مفسدة كما بينته هذه الأحاديث أو يحمل على
_________
(1) أحمد (3/464) ، ابن ماجه (2/822) (2460) ، وهو عند ابن حبان (11/606) (5198) ، والنسائي (7/33، 34) .
(2) أبو داود (3/260) (3398) .
(3) أحمد (3/312) ، مسلم (3/1177) (1536) .
(4) أحمد (1/178، 182) ، أبو داود (3/258) (3391) ، النسائي (7/41) ، وهو عند أبي يعلى (2/133) (811) .(3/1270)
اجتنابها ندبًا واستحبابًا فقد جاء ما يدل على ذلك.
3857 - فروى عمرو بن دينار قال: «قلت: لطاووس لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها، فقال: إن أعلمهم يعني ابن عباس أخبرني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنها، وقال: لأن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليها خراجًا معلومًا» رواه أحمد والبخاري وابن ماجه وأبو داود (1) .
3858 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحرم المزارعة، ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض» رواه الترمذي وصححه (2) .
3859 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت له أرض فليزرعها أو ليحرثها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه» أخرجاه (3) .
قوله: «الماذيانات» بذال معجمة مكسورة بعدها مثناة تحتية ثم ألف ثم نون ثم ألف ثم مثناة فوقية وهي ما ينبت على حافة النهر ومسايل الماء وليست عربية. قوله:
_________
(1) أحمد (1/234، 281، 349) ، البخاري (2/825) (2217) ، ابن ماجه (2/821، 823) (2456، 2462، 2464) ، أبو داود (3/257) (3389) ، وهو عند مسلم (3/1184) (1150) ، والنسائي (7/36) من طريق حماد بن زيد عن عمرو بن دينار قال كان طاووس يكره أن يؤاجر أرضه بالذهب والفضة، ولا يرى بالثلث والربع بأسًا، فقال له مجاهد: اذهب إلى ابن رافع بن خديج، فاسمع حديثه عن أبيه، فقال: لو أعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه لم أفعله، ولكن حدثني من هو أعلم منه ابن عباس.... ثم ذكر الحديث.
(2) الترمذي (3/668) (1385) ، وهو عند ابن حبان (11/602) (5195) ، والطبراني في "الكبير" (11/13) ، وابن عدي في "الكامل" (4/12) .
(3) البخاري (2/825) (2216) ، مسلم (3/1178) (1544) ، وهو عند ابن ماجه (2/820) (2452) .(3/1271)
«وإقبال الجداول» بفتح الهمزة وسكون القاف وتخفيف الموحدة أي أوائل الجداول والجداول السواقي جمع جدول وهو النهر الصغير. قوله: «فيهلك» بكسر اللام. قوله: «زجر عنه» مبني للمجهول. قوله: «الأربعاء» جمع ربيع وهو النهر الصغير. قوله: «القصارة» هو ما يبقى من الحب في السنبل مما لا يتخلص بعدما يداس. قوله: «الحقل» بفتح الحاء المهملة وإسكان القاف هو الزرع. قوله: «وما سعد» بفتح السين وكسر العين المهملتين قال في "الدر النثير": والسعيد النهر جمع سعد وما سعد من الماء أي ما جاء سيحًا لا يحتاج إلى داليه.
* * *(3/1272)
[19] كتاب الوديعة والعارية
3860 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ضمان على مؤتمن» رواه الدارقطني (1) . قال الحافظ: في إسناده ضعف.
3861 - وعنه عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أودع وديعة، فليس عليه ضمان» رواه ابن ماجه (2) بإسناد ضعيف.
3862 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» رواه أبو داود والترمذي (3) ، وحسنه الحاكم وصححه واستنكره أبو حاتم الرازي.
3863 - وعن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» رواه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي (4) ، وقال الترمذي:
_________
(1) الدارقطني (3/41) ، البيهقي (6/289) .
(2) ابن ماجه (2/802) (2401) .
(3) أبو داود (3/290) (3535) ، الترمذي (3/564) (1264) ، الحاكم (2/53) ، وهو عند الدارقطني (3/35) ، والدارمي (2/343) ، والبيهقي (10/271) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (4/360) .
(4) أحمد (5/8، 12، 13) ، أبو داود (3/296) (3561) ، الترمذي (3/566) (1266) ، ابن ماجه (2/802) (2400) ، الحاكم (2/55) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (3/411) (5783) ، والدارمي (2/342) (2596) ، وابن أبي شيبة (4/316) .(3/1273)
حديث حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري.
3864 - وعن يعلى بن منية قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعًا، قلت يا رسول الله: أعارية مضمونة، أو عارية مؤداة، قال: بل عارية مؤداة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان (1) .
3865 - وعن صفوان بن أمية: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعار منه أدرعًا يوم حنين فقال: أغصب يا محمد؟ قال: بل عارية مضمونة، قال: فضاع بعضها، فعرض عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يضمنها، فقال: أنا اليوم في الإسلام أرغب» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الحاكم (2) .
3866 - وأخرج (3) له شاهدًا ضعيفًا عن ابن عباس.
3867 - وعن أنس بن مالك قال: «كان فزع بالمدينة واستعار النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا من أبي طلحة يقال له المندوب فركبه، فلما رجع قال: ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرًا» متفق عليه (4) .
_________
(1) تقدم برقم (3812) .
(2) أحمد (3/400) ، أبو داود (3/296) (3562، 3563، 3564) ، النسائي (3/409، 410) ، الحاكم (2/54) .
(3) الحاكم (2/54) .
(4) البخاري (2/926، 3/1038، 1049، 1051، 1084، 5/2294) (2484، 2665، 2702، 2707، 2806، 5858) ، مسلم (4/1803) (2307) ، أحمد (3/170، 180، 261، 274، 291) ، وهو عند أبي داود (4/297) (4988) ، والترمذي (4/198، 199) (1685، 1686) ، والنسائي في "الكبرى" (5/254) (8821) ، وابن ماجه (2/926) (2772) ، وابن حبان (13/115) (5798) ، وأبي يعلى (5/336) (2962) .(3/1274)
3868 - وعن أنس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعار قصعة فضاعت فضمنها لهم» أخرجه الترمذي (1) .
3869 - وله من حديث أبي أمامة: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبة الوداع: «العارية مؤداة، والزعيم غارم، والدين مقضي» وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان (2) .
3870 - وعن ابن مسعود قال: «كنا نعد الماعون على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - عارية الدلو والقدر» رواه أبو داود (3) وسكت عنه وحسنه المنذري.
3871 - وعن عائشة: «أنها قالت وعليها درع قطري ثمن خمس دراهم: كان لي منهن درع على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فما كانت امرأة تقين بالمدينة إلا أرسلت إليَّ تستعيره» رواه أحمد والبخاري (4) .
3872 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد عليها بقاع قرقر تطأه ذات الظلف بظلفها وتنطحه
_________
(1) الترمذي (3/641) (1360) ، وهو عند الطبراني في "الأوسط" (8/163) ، وابن عدي في "الكامل" (3/427) .
(2) الترمذي (4/433) (2120) ، ابن حبان (11/491) (5094) ، وهو عند أبي داود (3/296) (3565) ، وابن أبي شيبة (4/316، 529) ، وأحمد (5/267) ، والدارقطني (3/40) .
(3) أبو داود (2/124) (1657) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6/522) ، والطبراني في "الكبير" (9/207، 208) ، والبيهقي (6/88) .
(4) البخاري (2/926) (2485) ، وهو عند الطبراني في الأوسط (4/119) ، والبيهقي (6/88) .(3/1275)
ذات القرن ليس فيها يومئذ جما ولا مكسورة، قلنا: يا رسول الله وما حقها؟ قال: إطراق فحلها وإعارة دلوها، ومنحتها وحلبها، وحمل عليها في سبيل الله» رواه أحمد ومسلم (1) .
قوله: «وإن وجدناه لبحرًا» إن هي النافية إي ما وجدناه إلا بحرًا. قوله: «درع» الدرع قميص المرأة. قوله: «قطري» بكسر القاف وسكون الطاء المهملة بعدها راء نسبة إلى القطر وهي ثياب غليظة. قوله: «تقين» بالقاف والتحتانية المشددة أي تزين.
* * *
_________
(1) أحمد (3/321) ، مسلم (2/685) (988) ، وهو عند النسائي (5/27) ، وابن حبان (8/47) (3255) ، والدارمي (1/462) (1616) .(3/1276)
[20] كتاب إحياء الموات
3873 - عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحيا أرضًا ميتة فهي له» رواه أحمد والترمذي (1) وصححه، وفي لفظ لأحمد وأبي داود (2) (*) : «من أحاط حائطًا على أرض فهي له» .
3874 - وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحاط حائطًا على أرض فهي له» رواه أبو داود وصححه ابن الجارود وذكره ابن السكن في "سننه" الصحاح (3) .
3875 - وعن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحيا أرضًا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق» رواه أحمد وأبو داود والنسائي، والترمذي وحسنه (4) ، وقال: روي مرسلًا. قال الحافظ: وهو كما قال، واختلف في صحابيه فقيل جابر، وقيل عائشة، وقيل عبد الله بن عمر، والراجح الأول.
_________
(1) أحمد (3/338، 381) ، الترمذي (3/663) (1379) ، وهو عند ابن حبان (11/616) .
(2) أحمد (3/381) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/268) ، وعبد بن حميد (1/330) من طريق اليشكري عن جابر.
(3) أبو داود (3/179) (3077) ، وهو عند أحمد (5/12، 21) ، والطيالسي (1/122) (906) ، والبيهقي (6/148) ، وابن الجارود في "المنتقى" (1/254) ، والطبراني في "الكبير" (7/208، 209) .
(4) أبو داود (3/178) (3073) ، النسائي في "الكبرى" (3/405) ، الترمذي (3/662) (1378) ، أبو يعلى (2/252) (957) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم أجد هذه الرواية عند أبي داود، قال الشيخ الألباني في الإرواء (6/10-11) (1554) : "وإنما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث سمرة فقط من رواية الحسن البصري عنه ... " اهـ، ثم ذكر أن أحمد رواه، فالحديث ليس عند أبي داود من حديث جابر أصلا لا بهذا اللفظ ولا باللفظ الأول.(3/1277)
3876 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أعمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق بها» رواه أحمد والبخاري (1) .
3877 - وعن أسمر بن مضرس قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعته فقال: من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له، قال: فخرج الناس يتعادون يتخاطون» رواه أبو داود وصححه الضياء في "المختارة" (2) .
[20/1] باب النهي عن منع فضل الماء وبيان القدر الذي يستحقه
حافر البئر من الأرض
3878 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ» متفق عليه (3) ، ولمسلم (4) : «لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ» وللبخاري (5) : «لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا فضل الكلأ» زاد ابن حبان في "صحيحه" (6) : «فيهزل المال ويجوع العيال» .
_________
(1) أحمد (6/120) ، البخاري (2/823) (2210) .
(2) أبو داود (3/177) (3071) ، وهو عند البيهقي (6/142) ، والطبراني في "الكبير" (1/280) (814) .
(3) البخاري (2/830) (2226) ، مسلم (3/1198) (1566) ، أحمد (2/244، 463) ، وهو عند أبي داود (3/277) (3473) ، والترمذي (3/572) (1272) ، وابن ماجه (2/828) (2478) ، ومالك (2/744) (1427) ، وابن حبان (11/329-330) (4954) ، والنسائي في "الكبرى" (3/407) (5774) ، وأبي يعلى (11/131) (6257) .
(4) مسلم (3/1198) (1566) .
(5) البخاري (2/830، 6/2554) (2227، 6561) ، أحمد (2/273، 309) .
(6) ابن حبان (11/332) (4956) .(3/1278)
3879 - وعن عائشة قالت: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تمنع نقع البئر» رواه أحمد وابن ماجه (1) .
3880 - ويشهد له ما أخرجه أهل السنن (2) من حديث إياس بنحوه وصححه الترمذي.
3881 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بفلاة يمنعه ابن السبيل» زاد في رواية: «يقول الله اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك» أخرجاه وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وسيأتي (3) بتمامه في كتاب الأقضية والأحكام.
3882 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من منع فضل مائه أو فضل كلأه منعه الله عز وجل فضله يوم القيامة» رواه أحمد (4) وفي إسناده محمد بن أسد الخزاعي وهو ثقة وقد ضعفه بعضهم لكن حديث أبي هريرة المتقدم في الصحيح وغيره يشهد له.
3883 - وعن عبادة بن الصامت «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بين أهل المدينة في النخل ألا يمنع نقع بئر، وقضى بين أهل البادية ألا يمنع فضل ماء
_________
(1) أحمد (6/139، 268) ، ابن ماجه (2/828) ، وهو عند ابن حبان (11/331) (4955) ، والحاكم (2/70) ، والبيهقي (6/152) ، وابن أبي شيبة (4/352) .
(2) تقدم برقم (3546) .
(3) سيأتي برقم (4620) .
(4) أحمد (2/179) ، وهو عند الطبراني في "الصغير" (1/74) ، و"الأوسط" (2/45) .(3/1279)
ليمنع به الكلأ» رواه عبد الله بن أحمد في المسند (1) .
3884 - وعن عبد الله بن مغفل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حفر بئرًا فله أربعون ذراعًا عطنًا لماشيته» رواه ابن ماجه (2) بإسناد ضعيف وضعفه ابن الجوزي.
قوله: «فضل ماء» هو ما زاد على الحاجة. قوله: «الكلأ» بفتح الكاف واللام مقصور هو النبات رطبه ويابسه، والمعنى أن يكون حول البئر كلأ ليس عنده ماء غيره ولا يمكن أصحاب المواشي رعيه إلا إذا مكنوا من سقي بهائمهم من تلك البئر، لئلا يتضرروا بالعطش بعد الرعي فيستلزم منعهم من الماء منعهم من الرعي. قوله: «نقع البئر» أي الماء الفاضل فيها عن حاجة صاحبها.
[20/2] باب الناس شركاء في ثلاث
وتقديم كفاية الأعلى فالأعلى في الشرب
3885 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمنع الماء والنار والكلا» رواه ابن ماجه (3) بإسناد صحيح.
3886 - وعن بعض الصحابة قال: «غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعته يقول: الناس شركاء في ثلاث: الكلأ والماء والنار» رواه أحمد وأبو داود (4) ، وفي لفظ لهما (5) : «المسلمون شركاء في ثلاثة: في الماء والكلأ والنار» . (*)
_________
(1) عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/326) .
(2) ابن ماجه (2/831) (2486) ، وهو عند الدارمي (2/353) (2626) .
(3) ابن ماجه (2/826) (2473) .
(4) هذا وهمٌ، تابَع فيه المؤلفُ الحافظَ في "البلوغ"، فليس عندهما بلفظ "الناس. ."، وهي رواية شاذة
(5) أحمد (5/364) ، أبو داود (3/278) (3477) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
بهذا اللفظ "الناس شركاء" لم أجده عند أحمد وأبي داود، قال الألباني في "الإرواء" (6/7) "وهو بهذا اللفظ شاذ لمخالفته للفظ الجماعة "المسلمون" فهو المحفوظ، لأن مخرج الحديث واحد، ورواية الجماعة أصح. وهم الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، فأورد الحديث في بلوغ المرام باللفظ الشاذ، من رواية أحمد وأبي داود، ولا أصل له عندهما البتة، فتنبه" وقد أورده في "التلخيص" (3/65) على الجادة، وهو باللفظ الشاذ هذا عند أبي عبيد في "كتاب الأموال" (ص271 رقم 729) تفرد بها يزيد بن هارون.(3/1280)
3887 - ورواه ابن ماجه (1) من حديث ابن عباس وزاد: «وثمنه حرام» وإسناده ضعيف وقد صححه ابن السكن.
3888 - وعن عبادة بن الصامت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في شرب النخل من السيل أن الأعلى يشرب قبل الأسفل ويترك الماء إلى الكعبين ثم يرسل الماء إلى الأسفل الذي يليه وكذلك حتى تنقضي الحوايط أو يفنى الماء» رواه ابن ماجه والبيهقي والطبراني (2) بإسناد منقطع.
3889 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في سيل مهزور أن يمسك حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل» رواه أبو داود وابن ماجه (3) بإسناد فيه مقال، وقال الحافظ في "الفتح": إن إسناده حسن، وقال في "الخلاصة": إسناده حسن.
3890 - وصححه الحاكم (4) من حديث عائشة وفيه قصة الزبير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للزبير: «اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدار» رواه الجماعة من حديث الزبير وسيأتي (5) إن شاء الله في باب النهي عن الحكم في حال الغضب.
_________
(1) ابن ماجه (3/826) (2472) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (11/80) ، وابن عدي في "الكامل" (4/209) .
(2) ابن ماجه (2/830) (2483) ، البيهقي (6/154) ، عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/326) .
(3) أبو داود (3/316) (3639) ، ابن ماجه (2/830) (2482) .
(4) الحاكم (2/71) .
(5) سيأتي برقم (6009) .(3/1281)
قوله: «مهزور» بفتح الميم وسكون الهاء بعدها زاي مضمومة ثم راء وهو وادي بني قريظة بالحجاز وقيل غير ذلك.
[20/3] باب الحمى لدواب بيت المال من غير إضرار المسلمين
3891 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حمى النقيع للخيل خيل المسلمين» رواه أحمد وابن حبان (1) .
3892 - وعن الصعب بن جثامة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حما النقيع وقال: لا حمى إلا لله ورسوله» رواه أحمد وأبو داود (2) وللبخاري (3) منه: «لا حمى إلا لله ورسوله، وقد بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمى النقيع وأن عمر حما الشرف والربذة»
3893 - وعن أسلم مولى عمر «أن عمر استعمل مولًا له يدعا هنيًا على الحمى فقال يا هنيا اضمم جناحك على المسلمين واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مستجابة وأدخل رب الصريمة، ورب الغنيمة، وإياي ونعم ابن عوف ونعم ابن عفان فإنهما أن تهلك ماشيتهما، يرجعان إلى نخل وزرع ورب الصريمة ورب الغنيمة أن تهلك ماشيتهما، يأتيني ببنيه يقول: يا أمير المؤمنين أفتاركهم أنا لا أبا لك فالماء والكلأ أيسر علي من الذهب والورق، وايم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتهم، إنها لبلادهم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام، والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شيئًا»
_________
(1) أحمد (2/155، 157) ، ابن حبان (10/538) (4683) .
(2) أحمد (4/37، 38، 71) ، أبو داود (3/180) (3083، 3084) ، وهو عند ابن حبان (10/539) (4684) ، الحاكم (2/70) .
(3) البخاري (2/835) (2241) .(3/1282)
رواه البخاري (1) .
3894 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضرر ولا ضرار» رواه أحمد وابن ماجه (2) .
3895 - وله (3) من حديث أبي سعيد مثله وهو في "الموطأ" (4) مرسل وقد تقدم الكلام عليه.
3896 - وتقدم (5) حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ضار مسلمًا ضاره الله ومن شاق مسلمًا شق الله عليه» رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
قوله: «النقيع» بالنون موضع معروف. قوله: «الشرف» بفتح المعجمة، وبعدها راء ثم فاء موضع معروف، والربذة: بفتح الراء والموحدة بعدها ذال معجمة موضع معروف بين مكة والمدينة. قوله: «هنيا» بضم الهاء وفتح النون وتشديد التحتية. قوله: «الصريمة» تصغير صرمة وهي ما بين العشرين إلى الثلاثين من الإبل أو من العشر إلى الأربعين منها.
[20/4] باب ما جاء في إقطاع المعادن
3897 - عن ابن عباس قال: «أقطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلال بن الحارث المزني معادن القبلية، جلسيها، وغوريها، وحيث يصلح الزرع من قدس ومن لم يعطه حق
_________
(1) البخاري (3/1113) (2894) ، مالك في "الموطأ" (2/1003) (1822) .
(2) تقدم برقم (3783) .
(3) تقدم برقم (3784) .
(4) مالك في "الموطأ" (2/745) ، الشافعي (1/224) من حديث عمرو بن يحيى المازني عن أبيه.
(5) تقدم برقم (3785) من حديث أبي صرمة.(3/1283)
مسلم» رواه أحمد وأبو داود (1) بإسناد فيه مقال، وقال في "الخلاصة": قال الشافعي: ليس هو مما يثبت عند أهل الحديث، وخالف الحاكم وقال: صحيح.
3898 - وعن أبيض بن حمال: «أنه وفد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستقطعه الملح الذي بمأرب فقطعه له فلما أن ولى قال رجل من المجلس أتدري ما أقطعت له إنما أقطعت له الماء العد قال: فانتزعه منه، قال وسأله عما يحمي من الأراك فقال: ما لم تنله أخفاف الإبل» رواه أبو داود والترمذي (2) وحسنه، وصححه ابن حبان وضعفه ابن القطان.
3899 - وعن بهيسة (3) قالت: «استأذن أبي النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل يدنو منه ويلتزمه ثم قال يا نبي الله ما الشيء الذي لا يحل منعه قال: الماء، قال يا نبي الله ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال الملح، قال يا نبي الله ما الشيء الذي لا يحل منعه، قال: أن تفعل الخير خير لك» رواه أحمد وأبو داود (4) وأعله عبد الحق وابن القطان بأنها لا تعرف، قال في "التلخيص": وقد ذكرها ابن حبان وغيره في الصحابة.
_________
(1) أحمد (1/306) ، أبو داود (3/173) (3062) .
(2) أبو داود (3/174) (3064) ، الترمذي (3/664) (1380) ، ابن حبان (10/351) (4499) ، وهو عند ابن ماجه (2/827) (2475) ، والنسائي في "الكبرى" (3/405، 406) ، والدارقطني (3/76) ، والبخاري في "التاريخ" (2/59) .
(3) في الأصل: نهية.
(4) أحمد (3/480، 481) ، أبو داود (2/127، 3/277) (1669، 3476) ، وهو عند الدارمي (2/349) (2613) ، والبيهقي (6/150) ، وأبي يعلى (13/126-127) (7177) ، والطبراني في "الكبير" (22/312، 24/206) .(3/1284)
3900 - ولابن ماجه (1) من حديث عائشة أنها قالت: «يا رسول الله! ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ قال: الملح والماء والنار» والحديث إسناده ضعيف وللحديث شواهد.
قوله: «القبلية» منسوبة إلى قبل بفتح القاف والموحدة ناحية من ساحل البحر بينها وبين المدينة خمسة أيام. قوله: «جلسيها» بفتح الجيم وسكون اللام وكسر السين المهملة بعدها ياء النسب والجلس كل مرتفع من الأرض. قوله: «وغوريها» بفتح الغين المعجمة وسكون الواو وكسر الراء نسبة إلى غور. قوله: «من قدس» بضم القاف وسكون الدال المهملة، بعدها سين مهملة وهو الموضع المرتفع الذي يصلح للزرع. قوله: «العد» بكسر العين المهملة، وتشديد الدال الدايم الذي لا انقطاع لمادته، وجمعه اعداد وقيل العدّ ما يجمع ويعد وروده.
[20/5] باب إقطاع الأراضي والماء والدُّور
3901 - عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «كنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رأسي وهو مني على ثلثي فرسخ» متفق عليه (2) .
3902 - وعن ابن عمر قال: «أقطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزبير حضر فرسه وأجر الفرس حتى قام ثم رمى بسوطه فقال: أقطعوه حيث بلغ السوط» رواه أحمد وأبو داود (3) بإسناد فيه مقال.
_________
(1) ابن ماجه (2/826) (2474) .
(2) سيأتي برقم (4507) .
(3) أحمد (2/156) ، أبو داود (3/177) (3072) ، وهو عند الطبراني في "الأوسط" (4/305) ، والبيهقي (6/144) .(3/1285)
3903 - وفي الصحيح (1) من حديث أسماء بنت أبي بكر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع الزبير أرضًا من أموال بني النضير بخيبر» .
3904 - وعن عمرو بن حريث قال: «خط لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دارًا بالمدينة بقوس وقال: أزيدك أزيدك» رواه أبو داود (2) وسكت عنه هو والمنذري وحسن إسناده الحافظ.
3905 - وعن وائل بن حجر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطعه أرضًا بحضرموت وبعث معاوية ليقطعها إياه» رواه أبو داود والترمذي وصححه، وصححه أيضًا ابن حبان (3) .
3906 - وعن عروة بن الزبير أن عبد الرحمن بن عوف قال: «أقطعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا فذهب الزبير إلى آل عمر فاشترى نصيبه منهم، فأتى عثمان فقال: إن عبد الرحمن بن عوف زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطعه وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، وإني اشتريت نصيب آل عمر، فقال عثمان: عبد الرحمن بن عوف جائز الشهادة له وعليه» رواه أحمد (4) .
3907 - وعن أنس قال: «دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار ليقطع لهم البحرين
_________
(1) البخاري (3/1149) (2982) .
(2) أبو داود (3/173) (3060) ، وهو عند البيهقي (6/145) ، وأبي يعلى (3/45) (1464) ، وفي الآحاد والمثاني (714) .
(3) أبو داود (3/173) (3058) ، الترمذي (3/665) (1381) ، وهو عند الدارمي (2/347) ، والبيهقي (6/144) ، وأحمد (6/399) ، والطبراني في "الكبير" (22/9) (4) .
(4) أحمد (1/192) .(3/1286)
فقالوا: يا رسول الله! إن فعلت فاكتب لإخواننا من قريش بمثلها، فلم يكن ذلك عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنكم سترون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني» رواه أحمد والبخاري (1) .
قوله: «حضر فرسه» بضم الحاء المهملة، وإسكان الضاد المعجمة، وهو العدو. وقوله: «أثرة» بفتح الهمزة والمثلثة هو من الاستيثار، وهو إخبار بما سيكون بعده - صلى الله عليه وسلم - من استيثار الملوك.
3908 - وفي الباب أحاديث فعند أبي داود (2) «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع صخر بن أبي العلية البجلي الأحمسي ماء لبني سليم لما هربوا عن الإسلام وتركوا ذلك الماء» .
3909 - وعن سبرة بن معبد الجهني: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نزل في موضع المسجد تحت دومة فأقام ثلاثًا ثم خرج إلى تبوك وأن جهينة لحقوه بالرحبة فقال لهم: من أهل ذي المروة فقالوا: بنو رفاعة من جهينة، فقال: قد أقطعتها لبني رفاعة فاقسموها» رواه أبو داود (3) .
3910 - وأخرج أيضًا (4) عن قبلة بنت مخرمة قالت: «قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقدم صاحبي يعني حريث بن حبان وافد بكر بن وائل فبايعه على الإسلام
_________
(1) أحمد (3/111، 167، 182) ، البخاري (2/837، 838، 3/1154) (2247، 2248، 2992) ، وهو عند ابن حبان (16/264) (7275) ، وأبي يعلى (6/326) (3649) ، والحميدي (2/503) ، والبيهقي (6/145) ، وابن الجارود (1/253) (1013) .
(2) أبو داود (3/175) (3067) .
(3) أبو داود (3/176) (3068) .
(4) أبو داود (3/177) (3070) .(3/1287)
عليه وعلى قومه ثم قال: يا رسول الله! اكتب بيننا وبين بني تميم بالدهناء ألا يتجاوزوها إلينا أحد، إلا مسافر أو مجاور، فقال: اكتب لهم يا غلام بالدهناء، فلما رأيته قد أمر له بها شخص بي وهي وطني وداري، فقلت: يا رسول الله! إنه لم يسألك السوية من الأرض إذ سألك، إنما هذه الدهناء عندك مقيد الجمل ومرعى الغنم ونساء بني تميم وابناها وراء ذلك، فقال: أمسك يا غلام صدقة المسكينة المسلم أخو المسلم يسعهما الماء والشجر ويتعاونان على الفتان أي الشيطان» وأخرجه الترمذي مختصرًا (1) .
3911 - ومنها ما أخرج البيهقي والطبراني (2) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة أقطع الدور وأقطع ابن مسعود فيمن أقطع» قال الحافظ: وإسناده قوي.
[20/6] باب الجلوس في الطرقات المتسعة للبيع وغيره
3912 - عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والجلوس في الطرقات، فقالوا: يا رسول الله! ما لنا من مجالسنا بد، نتحدث فيها فقال: أما إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقها، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» متفق عليه (3) .
_________
(1) الترمذي (5/120) (2814) .
(2) أخرجه الشافعي (1/381) ، والبيهقي (6/145) مرسلًا، ووصله الطبراني في "الكبير" (10/222) .
(3) البخاري (2/870، 5/2300) (2333، 5875) ، مسلم (3/1675، 4/1704) (2121) ، أحمد (3/36، 47، 61) ، وهو عند أبي داود (4/256) (4815) ، وابن حبان (2/356) (595) ، وأبي يعلى (2/441-442) (1247) .(3/1288)
3913 - وزاد أبو داود (1) من حديث أبي هريرة: «إرشارد السبيل وتشميت العاطس إذا حمد» .
3914 - وزاد الطبراني (2) من حديث ابن عمر: «وإعانة الملهوف» . (*)
3915 - وزاد البزار (3) من حديث ابن عباس: «وأعينوا على الحمولة» .
3916 - وزاد الطبراني (4) من حديث سهل بن حنيف: «وذكر الله» .
3917 - وعن الزبير بن العوام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لأن يحمل أحدكم حبلًا فيحتطب ثم يجيء فيضعه في السوق فيبيعه ثم يستغني فينفقه على نفسه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه» رواه أحمد (5) .
3918 - وأصله في الصحاح بلفظ: «لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه» وقد تقدم (6) .
[20/7] باب من وجد دابة قد سيبها أهلها رغبة عنها
3919 - عن عبد الله بن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن الشعبي أن
_________
(1) أبو داود (4/256) (4816) .
(2) لم نجدها في المطبوع من معاجمه. وعزاه إليه الحافظ في "الفتح" (5 / 113)
(3) البزار (2019- كشف الأستار) .
(4) الطبراني (6/87) (5592) .
(5) بهذا اللفظ عند أحمد (1/164، 167) .
(6) تقدم برقم (3491) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
هذه الزيادة لم نجدها عند الطبراني، وهي عند أبي داود (4/256) (4817) من حديث عمر، وليس ابن عمر كما ذكر المصنف، بلفظ "وتغيثوا الملهوف، وتهدوا الضال"، وقد عزاها الحافظ إلى الطبراني في الفتح (5/113) ، ثم كرر هذه الرواية في الفتح (11/11) ولم يعزها إلى الطبراني، وإنما عزاها لأبي داود، وهو بلفظ قريب من هذا عند ابن حبان (597) من حديث البراء.(3/1289)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من وجد دابة قد عجز عنها أهلها أن يعلفوها فسيبوها فأحياها فهي له، فقال عبيد الله: فقلت له: عمن هذا، فقال: عن غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود والدارقطني (1) وعبيد الله بن حميد وقد وثق.
3920 - وعن الشعبي يرفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ترك دابة بمهلكة فأحياها رجل فهي لمن أحياها» رواه أبو داود (2) وفي إسناده عبيد الله بن حميد والشعبي لقي جماعة من الصحابة، فلا يضر إرساله الحديث.
قوله: «بمهلكة» بضم الميم وفتح اللام اسم لمكان الإهلاك وهي قراءة الجمهور في قوله تعالى ((مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ)) [النمل:49] وقرأ حفص بفتح الميم وكسر اللام.
_________
(1) أبو داود (3/287) (3524) ، الدارقطني (3/68) .
(2) أبو داود (3/288) (3525) ، البيهقي (6/198) ، ابن أبي شيبة (6/540) .(3/1290)
[21] كتاب الغصب والضمانات
[21/1] باب ما جاء في تحريمه والتشديد فيه والنهي عن جده وهزله
3921 - عن أبي بكرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يوم النحر بمنى «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا» متفق عليه (1) .
3922 - وعن السائب بن يزيد عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادًا ولا لاعبًا، وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها عليه» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، وأخرجه البيهقي (2) وقال: إسناده حسن.
3923 - وعن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه» رواه الدارقطني (3) بإسناد ضعيف، لكن له طرق وشواهد.
3924 - وقال في "الخلاصة" (4) : ورواه البيهقي في "خلافياته" من رواية أبي حميد الساعدي وعبد الله بن السائب عن أبيه عن جده، وقال: إسناده حسن.
_________
(1) تقدم برقم (2035) .
(2) أحمد (4/221) ، أبو داود (4/301) (5003) ، الترمذي (4/462) (2160) ، البيهقي (6/92، 100) ، وهو عند الحاكم (3/739) ، والطبراني في "الكبير" (22/241) ، والطيالسي (1/184) .
(3) الدارقطني (3/25، 26) .
(4) (2/88) .(3/1291)
3925 - وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: «حدثنا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يسيرون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري، ولا بأس بإسناده.
3926 - ويشهد لصحته حديث النعمان بن بشير عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل الرجل أن يروع مسلمًا» رواه الطبراني في "الكبير" قال المنذري: رواته ثقات.
3927 - ورواه البزار من حديث ابن عمر بلفظ: «لا يحل لمسلم أو مؤمن أن يروع مسلمًا» وستأتي (1) إن شاء الله في كتاب الجامع في باب مستقل.
[21/2] باب ما جاء في غصب العقار
3928 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ظلم شبرًا من الأرض طوقه الله من سبع أرضين» متفق عليه (2) ، وفي رواية للبخاري (3) : «قيد شبر» .
3929 - وعن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من اقتطع شبرًا من الأرض ظلمًا طوقه الله إياه يوم القيامة بسبع أرضين» متفق عليه (4) وفي لفظ
_________
(1) ستأتي هذه الأحاديث في كتاب الجامع باب النهي عن ترويع المسلم [38/4] .
(2) هذا لفظ أحمد (6/259) .
(3) البخاري (2/866، 3/1167) (2321، 3023) ، مسلم (3/1231) (1612) ، أحمد (6/64، 79، 252) .
(4) البخاري (2/866، 3/1168) (2320، 3026) ، مسلم (3/1230، 1231) (1610) ، أحمد (1/187، 188، 189، 190) ، وهو عند ابن حبان (7/468، 11/567) ، والترمذي (4/28) (1418) ، والدارمي (2/347) (2606) ، وأبي يعلى (2/248) (949) .(3/1292)
لأحمد (1) : «من سرق» .
3930 - وعن أبي هريرة: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اقتطع شبرًا من الأرض بغير حقه طوقه الله من سبع أرضين» رواه أحمد (2) بإسنادين أحدهما صحيح، ومسلم (3) إلا أنه قال: «لا يأخذ أحد شبرًا من الأرض بغير حقه إلا طوقه الله إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة» .
3931 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أخذ من الأرض شيئًا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين» رواه أحمد والبخاري (4) .
3932 - وعن الأشعث بن قيس: «أن رجلًا من كندة ورجلًا من حضرموت اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في أرض باليمن فقال الحضرمي: يا رسول الله اغتصبها هذا وأبوه، فقال الكندي: أرضي يا رسول الله ورثتها من أبي، فقال الحضرمي: يا رسول الله استحلفه أنه ما يعلم أنها أرضي وأرض والدي اغتصبها أبوه فتهيأ الكندي لليمين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه لا يقتطع عبد أو رجل بيمينه مالًا إلا لقي الله يوم يلقاه وهو أجذم، فقال الكندي: هي أرضه وأرض والده» رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" (5) وفي إسناده محمد بن سلام المسيحي له غرايب
_________
(1) أحمد (1/188) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (1/149) ، وعبد الرزاق (10/114) ، ومعمر بن راشد في "جامعه" (11/10) .
(2) أحمد (2/387، 388، 432) ، وهو عند ابن حبان (11/566) (5161، 5162) .
(3) مسلم (3/1231) (1611) .
(4) أحمد (2/99) ، البخاري (2/866، 3/1168) (2322، 3024) .
(5) أحمد (5/212) ، الطبراني في "الكبير" (1/233) .(3/1293)
وبقية رجاله رجال الصحيح وهذا الحديث قد أخرجه أبو داود (1) بنحو ما هنا.
3933 - وأخرجه مسلم والترمذي من حديث وائل بن حجر، وسيأتي (2) إن شاء الله في كتاب الأقضية.
قوله: «يطوقه الله» بضم أوله على المبني للمجهول. قوله: «من سبع أرضين» بفتح الراء ويجوز إسكانها أي يكلف بنقل ما ظلم منها في يوم القيامة إلى المحشر ويكون كالطوق في عنقه وقيل معناه أنه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين فيكون كل أرض في تلك الحالة طوقًا في عنقه.
[21/3] باب ما جاء فيمن غصب أرضًا وزرع فيها
3934 - عن رافع بن خديج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته» رواه الخمسة إلا النسائي (3) وحسنه الترمذي، وقال البخاري: هو حديث حسن.
3935 - وعن عروة بن الزبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحيا أرضًا فهي له وليس لعرق ظالم حق، قال ولقد أخبرني الذي حدثني هذا الحديث أن رجلين اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - غرس أحدهما نخلًا في أرض الآخر فقضى لصاحب الأرض بأرضه وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها، قال ولقد رأيتها وإنها
_________
(1) أبو داود (3/221، 312) (3244، 3622) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (3/488) .
(2) سيأتي برقم (6049) .
(3) أبو داود (3/261) (3403) ، الترمذي (3/648) (1366) ، ابن ماجه (2/824) (2466) ، أحمد (4/141) ، وهو عند ابن أبي شيبة (4/492) ، والطيالسي (1/129) .(3/1294)
لتضرب أصولها بالفؤوس وإنها لنخل عم» رواه أبو داود والدارقطني وقال في "الخلاصة" ذكره البخاري تعليقًا في "صحيحه" (1) بغير إسناد.
3936 - ورواه أبو داود (2) بإسناد على شرط الصحيح من رواية سعيد بن زيد، ورواه الترمذي أيضًا وقال: حسن غريب، انتهى. وفي رواية لأبي داود (3) (*) «أن رجلين اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في أرض غرس أحدهما فيها نخلًا والأرض للآخر فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأرض لصاحبها، وأمر صاحب النخل بخرج نخله وقال: ليس لعرق ظالم حق» قال في "بلوغ المرام": وإسناده حسن.
قوله: «لعرق ظالم» بالتنوين وبه جزم الأزهري وابن فارس وغيرهما وغلط الخطابي من رواه بالإضافة. قوله: «عم» بضم المهملة، وتشديد المهملة أي تامة في طولها والتفافها جمع واحدها عميمة.
[21/4] باب ما جاء فيمن غصب شاة فذبحها وطبخها
3937 - عن عاصم بن كليب: «أن رجلًا من الأنصار أخبره قال: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء وجيء بالطعام فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا فنظر آباؤنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلوك لقمة في فمه ثم قال: أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها فقالت المرأة يا رسول الله إني أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة فلم أجد فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة أن أرسل بها إلي بثمنها فلم
_________
(1) أبو داود (3/178) (3074) ، الدارقطني (3/35) ، البيهقي (6/99) .
(2) تقدم برقم (3878) .
(3) هذا لفظ الدارقطني (3/35) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
الرواية الثانية لم نجدها عند أبي داود، والحافظ ذكرها بالمعنى مختصرة في "البلوغ" وقد ذكر المصنف قبل هذه الرواية نص الحديث، وهي قريبة للفظ الدارقطني. فهي مكررة لما سبق من حديث عروة بن الزبير.(3/1295)
يوجد فأرسلت إلى امرأته فأرسلت إلي بها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطعميه الأسارى» رواه أحمد وأبو داود والدارقطني (1) وفي لفظ له (2) : «ثم قال إني لأجد لحم شاة ذبحت بغير إذن أهلها فقالت يا رسول الله أخي وأنا من أعز الناس عليه ولو كان خيرًا منها لم يغير علي وعلي أن أراضيه بأفضل منها فأبى أن يأكل منها وأمر بالطعام للأسارى» وفي إسناده عاصم بن كليب قال ابن المديني: لا يحتج به إذا انفرد وقال أحمد لا بأس به، وقال أبو حاتم صالح وقد أخرج له مسلم.
قوله: «يلوك» اللوك إدارة الشيء في الفم.
[21/5] باب ما جاء في ضمان القيمي بمثله
3938 - عن أنس قال: «أهدت بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه طعامًا في قصعة فضربت عائشة القصعة بيدها فألقت ما فيها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: طعام بطعام وإناء بإناء» رواه الترمذي (3) وصححه ورواه البخاري (4) من حديثه بلفظ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادمها بقصعة فيها طعام فكسرت القصعة فضمنها وجعل فيها الطعام وقال: كلوا ودفع
_________
(1) أحمد (5/293) ، أبو داود (3/244) (3332) ، الدارقطني (4/285) (54) ، البيهقي (5/335) .
(2) الدارقطني (4/286) (55) .
(3) الترمذي (3/640) (1359) .
(4) البخاري (2/877) (2349) ، وهو بمعناه عند البخاري (5/2003) (4927) ، وأبي داود (3/297) (3567) ، والترمذي (3/640) (1359) ، والنسائي (7/70) ، والدارمي (2/343) ، وأحمد (3/263) ، وأبي يعلى (6/455) .(3/1296)
القصعة الصحيحة للرسول وحبس المكسورة» .
3939 - وعن عائشة أنها قالت: «ما رأيت صانعة طعامًا مثل صفية أهدت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إناء من طعام فما ملكت نفسي أن كسرته فقلت يا رسول الله ما كفارته فقال: إناءٌ كإناءٍ وطعام كطعام» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (1) وحسن في "الفتح" إسناده.
[21/6] باب ما جاء في جناية العجماء
3940 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العجماء جرحها جبار» متفق عليه (2) .
3941 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرجل جبار» رواه أبو داود (3) بإسناد فيه سفيان بن حسين قبل إنه انفرد به، قال الخطابي وقد تكلم الناس في هذا الحديث فقيل إنه غير محفوظ وسفيان بن حسين معروف بسوء الحفظ انتهى. وقد استشهد به البخاري وأخرج له مسلم في المقدمة ولم يحتج به واحد منهما.
3942 - وعن حِرام بن محيصة «أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حايطًا فأفسدت فيه فقضى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أن على أهل الحوايط حفظها بالنهار وأن ما
_________
(1) أحمد (6/148) ، أبو داود (3/297) (3568) ، النسائي (7/71) .
(2) تقدم برقم (2626) .
(3) أبو داود (4/196) (4592) ، وهو عند الدارقطني (3/152) ، والبيهقي (8/343) ، والطبراني في "الصغير" (2/39) ، و"الأوسط" (5/156) ، وابن عدي في "الكامل" (3/415) .(3/1297)
أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي والدارقطني وابن حبان وصححه والحاكم والبيهقي و"الموطأ" والشافعي (1) ، وقال: أخذنا به لثبوته واتصاله ومعرفة رجاله، انتهى. وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وقد ذكر في "التلخيص" الاختلاف على الزهري.
3943 - وعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من وقف دابة في سبيل من سبل المسلمين أو في سوق من أسواقهم فأوطأت بيد أو رجل فهو ضامن» رواه الدارقطني وقال في "الجامع الكبير": رواه البيهقي (2) وضعفه.
قوله: «جبار» بضم الجيم أي هدر. قوله: «الرجل» بكسر الراء وسكون الجيم أي لا ضمان فيما جنت الدابة برجلها. قوله: «ضامن على أهلها» أي مضمون.
[21/7] باب دفع الصائل وإن أدى إلى قتله
وأن المصول عليه إذا قتل فهو شهيد
3944 - عن أبي هريرة قال: «جاء رجل فقال يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي قال: فلا تعطه مالك، قال: أرأيت إن قاتلني قال قاتله، قال أرأيت إن قتلني قال فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته قال فهو في النار»
_________
(1) أحمد (4/295، 5/435، 436) ، أبو داود (3/298) (3569) ، ابن ماجه (2/781) (2332) ، النسائي في "الكبرى" (3/411) ، الدارقطني (3/155) ، ابن حبان (13/354) (6008) ، الحاكم (2/55) ، البيهقي (8/341، 342) ، مالك في "الموطأ" (2/747) (1435) ، الشافعي (1/195) .
(2) الدارقطني (3/179) (285) ، البيهقي (8/344) .(3/1298)
رواه مسلم وأحمد (1) وفي لفظ (2) قال: «يا رسول الله أرأيت إن عدى على مالي قال أنشد الله، قال فإن أبوا علي قال قاتل فإن قُتلت ففي الجنة وإن قَتلت ففي النار» قال في المنتقى وفيه من الفقه أن يدفع بالأسهل فالأسهل انتهى.
3945 - وعن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل دون ماله فهو شهيد» متفق عليه (3) ، وفي لفظ: «من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد» رواه أبو داود والنسائي والترمذي (4) وصححه.
3946 - وعن سعيد بن زيد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد» رواه أبو داود والترمذي وصححه (5) .
[21/8] باب ما جاء أن الدفع لا يلزم المصول عليه ويلزم الغير مع القدرة وما جاء في أحكام الفتن
3947 - عن عبد الله بن حبان قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تكن فتن
_________
(1) مسلم (1/124) (140) .
(2) أحمد (2/339، 360) ، النسائي (7/114) .
(3) البخاري (2/877) (2348) ، مسلم (1/124) (141) ، أحمد (2/163) ، وهو عند الترمذي (4/29) (1419) ، والنسائي (7/115) .
(4) أبو داود (4/246) (4771) ، النسائي (7/115) (4088) ، الترمذي (4/29) (1420) ، وهو عند عبد الرزاق (10/113) ، وأحمد (2/193، 194) .
(5) أبو داود (4/246) (4772) ، الترمذي (4/30) (1421) ، وهو عند النسائي (7/116) ، وأحمد (1/190) ، وابن ماجة مختصرًا (2/861) (2580) ، وابن حبان (7/467) (3194) .(3/1299)
فكن فيها عبد الله المقتول ولا تكن القاتل» أخرجه ابن أبي خيثمة والدارقطني (1) .
3948 - وأخرج أحمد (2) نحوه عن خالد بن عرفطة.
3949 - وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما يمنع أحدكم إذا جاء من يريد قتله أن يكون مثل ابني آدم القاتل في النار والمقتول في الجنة» رواه أحمد ولأبي داود نحوه (3) .
3950 - وعن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الفتنة: «كسروا فيها قسيكم وقطعوا أوتاركم واضربوا بسيوفكم الحجارة فإن دخل على أحدكم بيته فليكن كخير ابني آدم» رواه الخمسة إلا النسائي وأخرجه ابن حبان (4) وصححه القشيري في "الاقتراح" على شرط الشيخين، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
3951 - وعن سعد بن أبي وقاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي قال أرأيت إن دخل على بيتي فبسط إلي يده ليقتلني قال كن كابن آدم» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (5) وحسنه وسكت عنه أبو داود والمنذري، وفي إسناده حسين بن
_________
(1) لم أجده في الدارقطني، وأخرجه الداني في "الفتن" (1/231) .
(2) أحمد (5/292) ، وهو عند الحاكم (4/562) ، والطبراني في "الكبير" (4/189) .
(3) أحمد (2/100) ، أبو داود (4/100) (4260) ، وهو عند أبي يعلى (10/100) ، والطبراني في "الأوسط" (2/283) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (5/291) .
(4) أبو داود (4/100) (4259) ، الترمذي (4/490) (2204) ، ابن ماجه (2/1310) (3961) ، أحمد (4/416) ، ابن حبان (13/297) (5962) .
(5) أحمد (1/185) ، أبو داود (4/99) (4257) ، الترمذي (4/486) (2194) ، وهو عند أبي يعلى (2/95) (750) ، والطبراني في "الأوسط" (8/294) .(3/1300)
عبد الرحمن الأشجعي وقد وثقه ابن حبان.
3952 - وعن أبي ثعلبة الخشني وقد سئل عن قوله تعالى: ((عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ)) [المائدة:105] قال: «أما والله لقد سألت عنها خبيرًا سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ائتمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر حتى إذا رأيتم شحًا مطاعًا وهوى متبعًا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع عنك العوام فإن من ورائكم أيامًا الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلًا يعملون مثل عملكم» رواه الترمذي وحسن إسناده، وقال في بعض النسخ: إسناده صالح وأبو داود (1) وزاد: «خمسين رجلًا منكم» .
3953 - وعن ابن عمر أو ابن عمرو قال: «شبك النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابعه وقال: كيف أنت يا عبد الله بن عمرو إذا بقيت في حثالة قد مرجت عهودهم وأمانتهم واختلفوا فصاروا هكذا، قال فكيف يا رسول الله؟ قال: تأخذ ما تعرف وتدع ما تنكر وتقبل على خاصتك وتدعهم وغوائهم» رواه البخاري. قال الحميدي: وليس هذا الحديث في أكثر النسخ، انتهى. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2) في آخر قتال البغاة وقال على شرطيهما ولم يخرجا سياقه. انتهى.
3954 - وعن أبي ذر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «كيف أنت إذا رأيت حجارة الزيت قد غرقت بالدم؟ قلت ما خار الله لي ورسوله قال: عليك بمن نت منه
_________
(1) الترمذي (5/257) (3058) ، أبو داود (4/123) (4341) ، وهو عند ابن حبان (2/108-109) (385) ، والحاكم (4/358) ، وابن ماجه (2/1330) (4014) ، والبيهقي (10/91) ، والطبراني في "الكبير" (22/220) (587) .
(2) البخاري (1/182) (466) ، الحاكم (2/171) .(3/1301)
قلت يا رسول الله أفلا آخذ سيفي فأجعله على عاتقي قال: شاركت القوم إذاً، قلت: فما تأمرني قال: تلزم بيتك قلت: فإن دخل على بيتي قال: إن خشيت أن ينهرك شعاع السيف فألق ثوبك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه» رواه أبو داود وابن ماجه وسكت عنه المنذري ورواه الحاكم في جهاد البغاة وقال على شرطهما (1) .
3955 - وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ستكون فتن القاعد فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي إليها الا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ومن كان له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه قال: فقال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض قال: يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع النجاة، اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت، قال فقال الرجل: يا رسول الله أرأيت لو أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين فضربني رجل بسيفه أو بسهم فقتلني، قال: يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار» رواه مسلم (2) ولأبي داود (3) نحوه إلى قوله: «فيدق على حده بحجر» ولم يذكر ما بعد ذلك.
3956 - ولأبي داود (4) من حديث ابن مسعود وبعض حديث أبي بكرة وزاد: «قتلاها كلهم في النار» .
_________
(1) أبو داود (4/101) (4261) ، ابن ماجه (2/1308) (3958) ، الحاكم (2/169) ، وهو عند ابن حبان (15/78) ، وابن أبي شيبة (7/448) ، وأحمد (5/149، 163) .
(2) مسلم (4/2212) (2887) .
(3) أبو داود (4/99) (4256) .
(4) أبو داود (4/99) (4258) .(3/1302)
3957 - وعن معقل بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العبادة في الهرج كهجرة إلي» رواه مسلم والترمذي (1) .
3958 - وعن المقداد قال: «وايم الله لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن السعيد لمن جنب الفتن ولمن ابتلي فصبر فواها» رواه أبو داود (2) وسكت عنه هو والمنذري.
3959 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا» رواه مسلم والترمذي وحسنه (3) .
3960 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل، ولا يدري المقتول في أي شيء قتل! قيل: وكيف ذاك؟ قال: إذا كان أمراءكم خياركم، وأغنياؤكم سمحاؤكم، وأمركم شورى بينكم، فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كانت أمراءكم شراركم، وأغنياؤكم بخلاءكم، وأمركم إلى نسائكم، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها» رواه الترمذي (4) ، وقال: هذا
_________
(1) مسلم (4/2268) (2948) ، الترمذي (4/489) (2201) ، وهو عند ابن حبان (13/289) (5957) ، وابن ماجه (2/1319) (3985) ، والبخاري في "التاريخ" (6/351) .
(2) أبو داود (4/102) (4263) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (20/252) .
(3) مسلم (1/110) (118) ، الترمذي (4/487) (2195) ، وهو عند ابن حبان (15/96) (6704) ، وأبي يعلى (11/396) (6515) ، وأحمد (2/303، 372، 523) .
(4) الترمذي (4/529) (2266) .(3/1303)
الحديث غريب لا نعرفه إلا من حديث صالح المزي، وصالح المزي في حديثه غرائب تفرد بها ولا يتابع عليها وهو رجل صالح. انتهى.
3961 - وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليأتين على أمتي ما أُتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان فيهم من أتى أمه علانية ليكونن في أمتي من يصنع ذلك وإن بني إسرائيل تفرقت على اثنين وسبعين ملة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلها في النار إلا ملة واحدة، قالوا من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي» رواه الترمذي (1) وقال: حديث حسن غريب.
3962 - ولأبي داود (2) من حديث معاوية نحوه وقال: «سبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة» وزاد في رواية (3) «أنه سيخرج في أمتي أقوام يتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله» انتهى. وذكر في "المقاصد" حديث الترمذي وقال: حسن صحيح، وروى عن أبي هريرة وسعد وابن عمر وأنس وجابر وغيرهم.
3963 - وقال السيوطي في الدرر المنتثرة حديث: «تفترق الأمة على ثلاث وسبعين فرقة» ، أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم وابن حبان والبيهقي (4)
_________
(1) الترمذي (5/26) (2641) .
(2) أبو داود (4/198) (4597) ، أحمد (4/102) .
(3) أبو داود (4/198) (4597) ، أحمد (4/102) .
(4) أبو داود (4/197) (4596) ، الترمذي (5/25) (2640) ، الحاكم (1/47، 217) ، ابن حبان (14/140، 15/125) (6247، 6731) ، وهو عند ابن ماجه (2/1321) (3991) ، وأحمد (2/332) ، وأبي يعلى (10/317) .(3/1304)
وصححوه من حديث أبي هريرة وغيره، انتهى.
3964 - وعن سلمة بن الأكوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سل علينا السيف فليس منا» رواه مسلم (1) .
3965 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حمل علينا السلاح فليس منا» أخرجاه (2) .
3966 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا» رواه مسلم (3) .
3967 - وعن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتلته جاهلية» رواه مسلم والنسائي (4) .
3968 - ولأبي داود (5) من حديث جبير بن مطعم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل عصبية وليس منا من مات
_________
(1) مسلم (1/98) (99) ، وهو عند أحمد (4/46، 54) ، وابن حبان (10/448) (4588) ، والدارمي (2/315) (2520) ، وابن أبي شيبة (5/556) .
(2) البخاري (6/2520، 2591) (6480، 6659) ، مسلم (1/98) (98) ، أحمد (2/3، 16، 53، 142، 150) ، وهو عند ابن حبان (10/450) (4590) ، وابن ماجه (2/860) (2576) ، والنسائي (7/117) ، وابن أبي شيبة (5/555) ، وأبي يعلى (10/196) .
(3) تقدم برقم (3507) .
(4) مسلم (3/1478) (1850) ، النسائي (7/123) ، وهو عند ابن حبان (10/440) ، والطبراني في "الكبير" (2/163) ، والطيالسي (1/177) .
(5) أبو داود (4/332) (5121) ، وابن عدي في "الكامل" (3/146) .(3/1305)
على عصبية» .
3969 - وعن الأحنف بن قيس قال: قال أبو بكرة سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال: إنه قد أراد قتل صاحبه» أخرجاه (1) ، وفي رواية لهما (2) «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» وفي أخرى (3) : «إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح فهما على جروحهم فإذا قتل أحدهما صاحبه دخلاها جميعًا» .
3970 - وعن أبي موسى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فهما في النار قيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال: أراد قتل صاحبه» رواه النسائي (4) .
قوله: «حثالة الحثالة» ما سقط من قشر الشعير والأرز والتمر وكل ذي قشر إذا بقي وحثالة الدهر نفله وكأنه الردي من كل شيء. قوله: «يبهرك» الباهر الذي يغلب العين ويغشي بصرها. قوله: «الهرج» هو الاختلاف والفتن وقد فسر في بعض
_________
(1) البخاري (6/2594) (6672) ، مسلم (4/2213) (2888) ، وهو عند أبي داود (4/103) (4268) ، والنسائي (7/125) ، وأحمد (5/43، 46، 51) .
(2) البخاري (1/20، 6/2520) (31، 6481) ، مسلم (4/2214) (2888) ، وهو عند النسائي (7/125) ، وابن حبان (13/319) .
(3) مسلم (4/2214) (2888) ، ابن ماجه (2/1311) (3965) ، وابن أبي شيبة (7/480) ، وأحمد (5/41) .
(4) النسائي (7/124) ، وهو عند ابن ماجه (2/1311) (3964) ، وأحمد (4/410، 418) .(3/1306)
الأحاديث بالقتل. قوله: «فواها» كلمة يقولها المتأسف على الشيء أو المتعجب منه. قوله: «كما يتجارى الكلب» التجاري تفاعل من الجري وهو الوقوع في الأهواء الفاسدة والتداعي تشبيهًا بجري الفرس، والكلب داء معروف يعرض للكلب إذا عض حيوانًا عرض له أعراض ردية فاسدة قاتلة فإذا تجارى بالإنسان وتمادى به هلك. قوله: «القذة» هي ريشة السهم وجمعها قذذ. قوله: «عمية» العمية بتشديدتين الضلالة والجهالة وهي فعيلة من العمى فقتلته بكسر القاف حالة القتل أي فقتلته قتل جاهلي. قوله: «عصبية» التعصب المحاماة والمدافعة عن الإنسان لغرض.
[21/9] باب ما جاء في كسر أواني الخمر
3971 - عن أنس عن أبي طلحة قال: «يا رسول الله إني اشتريت خمرًا لأيتام في حجري فقال: اهرق الخمر واكسر الدنى» رواه الترمذي والدارقطني (1) ورجال إسناده ثقات وأصله في صحيح مسلم (2) .
3972 - وأخرجه أحمد وأبو داود (3) من حديث أنس قال الترمذي وهو أصح.
3973 - وعن ابن عمر قال: «أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن آتيه بمدية وهي الشفرة فأتيته بها فأرسل بها فارهفت ثم أعطانيها وقال اغد علي بها ففعلت فخرج
_________
(1) الترمذي (3/588) (1293) ، الدارقطني (4/265) ، الطبراني في "الكبير" (5/99) .
(2) مسلم (3/1573) (1983) .
(3) أحمد (3/119، 180) ، أبو داود (3/326) (3675) ، الترمذي (3/589) (1294) ، أبو يعلى (7/105) (4051) .(3/1307)
بأصحابه إلى أسواق المدنية وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام، فأخذ المدية منى فشق ما كان من تلك الزقاق بحضرته، ثم أعطانيها وأمر الذين كانوا معه أن يمضوا معي ويعاونوني، فأمرني أن آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته، ففعلت فلم أترك في أسواقها زقًا إلا شققته» رواه أحمد (1) قال في "مجمع الزوائد": رواه أحمد بإسنادين في أحدهما أبو بكر بن أبي مريم، وقد اختلط وفي الآخر أبو طعمة، وقد وثقه محمد بن عبد الله بن عمار، وبقية رجاله ثقات.
3974 - وعن عبد الله بن أبي الهذيل قال: «كان عبد الله يحلف بالله إن الذي أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حرمت الخمر، أن تكسر دنانه وأن يلقى من التمر والزبيب» رواه الدارقطني (2) بإسناد رجاله ثقات.
* * *
_________
(1) أحمد (2/132) ، وهو عند الطبراني في "مسند الشاميين" (2/354) ، وأبو نعيم في "الحلية" (6/104) .
(2) الدارقطني (4/253) .(3/1308)
[22] كتاب الشفعة
3975 - عن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» رواه أحمد والبخاري (1) وفي لفظ: «إنما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل ما لم يقسم» رواه أحمد والبخاري وأبو داود وابن ماجه (2) ، وفي لفظ للترمذي (3) وصححه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» .
3976 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قسمت الدار وحدت فلا شفعة فيها» رواه أبو داود وابن ماجه (4) بمعناه، ورجال إسناده ثقات.
3977 - وعن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة في كل شركة لم يقسم ربعة أو حايط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به» رواه مسلم والنسائي وأبو داود (5) وفي لفظ لمسلم (6) : «الشفعة في كل شرك في الأرض أو ربع أو حايط» وفي رواية
_________
(1) أحمد (3/399) ، البخاري (2/770، 787، 884) (2100، 2101، 2138، 2364) .
(2) أحمد (3/296) ، البخاري (2/770، 883، 6/2558) (2099، 2363، 6575) ، وهو عند أبي داود (3/285) (3514) ، وابن ماجه (2/835) (2499) ، وابن حبان (11/588) (5184) .
(3) الترمذي (3/652) (1370) .
(4) أبو داود (3/286) (3515) ، وابن ماجه (2/834) (2497) بمعناه.
(5) مسلم (3/1229) (1608) ، النسائي (7/320) ، أبو داود (3/285) (3513) .
(6) مسلم (3/1229) (1608) .(3/1309)
للطحاوي (1) : «قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل شيء» قال الحافظ: ورجاله ثقات.
3978 - وعن جابر مرفوعًا: «لا شفعة إلا في ربع أو حائط» رواه البزار (2) . قال الحافظ: بإسناد جيد.
3979 - ورواه البيهقي (3) عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا: «لا شفعة إلا في دار أو عقار» .
3980 - وعن عبادة بن الصامت: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والدور» رواه عبد الله بن أحمد في "المسند" والطبراني في "الكبير" (4) من رواية إسحاق عن عبادة ولم يدركه وما تقدم يشهد له.
3981 - وعن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «جار الدار أحق بالدار من غيره» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه (5) .
3982 - وعن الشريد بن سويد قال: «قلت: يا رسول الله أرض ليس لأحد فيها شرك، ولا قسم إلا الجوار، فقال: الجار أحق بسقبه ما كان» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه (6) وفي إسناده مقال.
_________
(1) الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/126) .
(2) عزاه له الحافظ في "التلخيص" (3/55) .
(3) البيهقي (6/109) .
(4) عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/326) ، البيهقي (6/109) .
(5) أحمد (5/8، 12، 13، 18) ، أبو داود (3/286) (3517) ، الترمذي (3/650) (1368) ، وهو عند البيهقي (6/106) ، وابن أبي شيبة (4/518) ، والطبراني في الكبير (7/196) .
(6) أحمد (4/388، 389، 390) ، النسائي (7/320) ، ابن ماجه (2/834) (2496) .(3/1310)
3983 - وعن عمرو بن الشريد قال: «وقفت على سعد بن أبي وقاص فجاء المسور بن مخرمة ثم جاء أبو رافع مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا سعد ابتع مني بيتي في دارك فقال سعد: والله ما ابتاعها فقال المسور: والله لتبتاعها فقال سعد والله ما أزيد على أربعة آلاف منجمة، أو مقطعة، قال أبو رافع لقد أعطيت بها خمسمائة دينار ولولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الجار أحق بصقبه، ما أعطيتكها بأربعة آلاف وأنا أعطي بها خمسمائة دينار فأعطاها إياه» رواه البخاري (1) .
3984 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «جار الدار أحق بالدار» رواه النسائي وصححه ابن حبان (2) وله علة.
3985 - وعن جابر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها، وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحدة» رواه الخمسة إلا النسائي (3) وحسنه الترمذي، وقال في "بلوغ المرام": رجاله ثقات.
3986 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الشفعة كحل عقال» رواه ابن ماجه (4) والبزار (5) وزاد: «ولا شفعة لغائب ولا صغير» وإسناده ضعيف جدًا،
_________
(1) البخاري (2/787، 6/2559) (2139، 6576) .
(2) ابن حبان (11/585) (5182) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/122) ، والطبراني في "الأوسط" (8/118) ، وعلقه الترمذي (3/650) .
(3) أبو داود (3/286) (3518) ، الترمذي (3/651) (1369) ، ابن ماجه (2/833) (2494) ، أحمد (3/303) .
(4) ابن ماجه (2/835) (2500) ، وهو عند البيهقي (6/108) .
(5) عزاه إليه في "التلخيص" (3/56) .(3/1311)
لا يحتج بمثله.
3987 - وقد أخرج الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" (1) عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصبي على شفعته حتى يدرك فإن أدرك، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك» وإسناده ضعيف.
قوله: «بسقبه» السقب بفتح السين المهملة والقاف وبعدها موحدة وبالصاد المهملة بدل السين قال في "الدر النثير": الصقب هو القرب والملاصقة، انتهى، وأحاديث شفعة الجار المطلقة تحمل على المقيدة. قوله: «ينتظر بها» مبني للمفعول.
_________
(1) الطبراني في "الصغير" (2/94) (844) ، و"الأوسط" (6/185) (6140) ، البيهقي (6/108) .(3/1312)
[23] كتاب اللقطة
3988 - عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بتمرة في الطريق فقال لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها» أخرجاه (1) قال في "المنتقى": وفيه إباحة المحقرات في الحال.
3989 - وعن عياض بن حمار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من وجد لقطة فليشهد ذوي عدل وليحفظ عقاصها ووكائها ثم لا يكتم ولا يغيب فإن جاء ربها فهو أحق بها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء» رواه الخمسة إلا الترمذي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود (2) .
3990 - وعن زيد بن خالد الجهني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يأوي الضالة إلا ضال ما لم يعرفها» رواه أحمد ومسلم (3) .
3991 - وعنه قال: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اللقطة الذهب والورق فقال: اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة
_________
(1) تقدم برقم (3521) .
(2) أبو داود (2/136) (1709) ، النسائي في "الكبرى" (3/418) ، ابن ماجه (2/837) (2505) ، أحمد (4/161) ، ابن حبان (11/256) (4894) ، ابن الجارود (1/169) (671) .
(3) أحمد (4/117) ، مسلم (3/1351) (1725) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (3/417) ، والبيهقي (6/191) ، والحاكم (2/73) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/134) ، والطبراني في "الكبير" (5/258) .(3/1313)
عندك فإن جاء طالبها يوماً من الدهر فأدها إليه، وسأله عنه ضالة الإبل، فقال: مالك ولها دعها فإن معها حذاها وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها، وسأله عن الشاة فقال: خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب» متفق عليه (1) ولم يقل أحمد الذهب والورق، وفي لفظ لمسلم (2) : «فإن جاء صاحبها فعرف عقاصها وعددها ووكائها فأعطها إياه وإلا فهي لك» .
3992 - وعن أبي بن كعب قال: «وجدت صرة فيها مائة دينار فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: عرفها حولاً فلم أجد من يعرفها فقال: احفظ عددها ووعائها ووكائها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها، قال: فاستمتعت بها فلقيته بعد ذلك بمكة» رواه البخاري (3) وفي رواية من حديث أبي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عرفها فإن جاء أحد يخبرك بعدتها ووعائها ووكائها فأعطها إياه وإلا فاستمتع بها» مختصر من حديث أحمد ومسلم والترمذي (4) .
_________
(1) البخاري (1/46، 2/836، 855، 856، 858) (91، 2243، 2295، 2296، 2297، 2304) ، مسلم (3/1349) (1722) ، أحمد (4/115) ، وهو عند أبي داود (2/125) (1704) ، وابن حبان (11/250، 252) ، وابن ماجه (2/836) (2504) ، والترمذي (3/655) (1372) ، والإمام مالك (2/757) .
(2) مسلم (3/1349) (1722) ، وهو عند ابن حبان (11/255) .
(3) البخاري (2/855، 859) (2294، 2305) .
(4) أحمد (5/126، 127) ، مسلم (3/1350) (1723) ، الترمذي (3/658) (1374) ، وهو عند أبي داود (2/134) (1701) ، وابن ماجه (2/837) (2506) ، وابن حبان (11/253، 254) (4891، 4892) .(3/1314)
[23/1] باب ما جاء في التقاط الشيء اليسير
واللقطة من مال المعاهد
3993 - عن جابر قال: «رخص لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به» رواه أحمد وأبو داود (1) وقد تكلم في إسناده.
3994 - وعن يعلى بن مرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من التقط لقطة يسيرة حبلاً أو درهماً أو شبه ذلك فليعرفها ثلاثة أيام فإن كان فوق ذلك فليعرفها ستة أيام» رواه أحمد والبيهقي والطبراني (2) وزاد: «فإن جاء صاحبها وإلا فليتصدق بها» وفي إسناده عمرو بن عبد الله بن يعلى وقد ضعف، وقال ابن رسلان: ينبغي أن يكون هذا الحديث معمولاً به؛ لأن رجال إسناده ثقات، وليس فيه معارضة للأحاديث الصحيحة بتعريف سنة؛ لأن التعريف سنة هو الأصل المحكوم به عزيمة، وتعريف الثلاثة رخصة للملتقط اليسير.
3995 - وقد روى عبد الرزاق (3) عن أبي سعيد «أن علياً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بدينار وجده في السوق فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: عرفه ثلاثاً ففعل، فلم يجد أحداً يعرفه، فقال: كله» قال في "التلخيص": وقد رواه أبو داود (4) من طريق بلال بن يحيى العبسي عن علي بمعناه، وإسناده حسن، قال في "الخلاصة": وقد رواه أبو
_________
(1) أبو داود (2/138) (1717) ، وهو عند البيهقي (6/195) ، وابن عدي في "الكامل" (6/354) .
(2) أحمد (4/173) ، البيهقي (6/195) ، الطبراني في "الكبير" (22/273) (700) .
(3) عبد الرزاق في "المصنف" (10/142) ، وهو عند أبي يعلى (2/332) (1073) .
(4) أبو داود (2/137) (1715) ، البيهقي (6/194) من طريق سعد بن أوس عن بلال بن يحيى العبسي عن علي به.(3/1315)
داود (1) من رواية سهيل بن سعد عنه بإسناد جيد.
3996 - وعن المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل ذوناب من السباع ولا الحمار الأهلي، ولا اللقطة من مال معاهد إلا أن يستغني» رواه أبو داود (2) وقال المنذري: ذكره الدارقطني وأشار إلى غرابته.
[23/2] باب ما جاء في لقطة الحاج ولقطة مكة
3997 - عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى لقطة الحاج» رواه مسلم وأحمد (3) .
3998 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في مكة: «لا تحل لأحد بعدي ولا ينفر صيدها، ولا يختلى خلاها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد» متفق عليه (4) .
3999 - وعن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرام لا يعضد شوكه، ولا يختلى خلاه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا لمعرف» أخرجاه (5) .
_________
(1) أبو داود (2/138) (1716) من طريق أبي حازم عن سهل بن سعد أخبره أن علي ثم ذكر القصة.
(2) أبو داود (3/355) (3804) ، الدارقطني (4/287) ، وهو عند البيهقي (9/332) ، وأحمد (4/130) .
(3) أحمد (3/499) ، مسلم (3/1351) (1724) ، وهو عند أبي داود (2/139) (1719) ، وابن حبان (11/259) (4896) ، والنسائي في الكبرى (3/417) ، والبخاري في "التاريخ" (5/241) .
(4) تقدم برقم (3102) .
(5) تقدم برقم (3103) .(3/1316)
[24] كتاب الهبة والهدية
4000 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تهادوا تحابوا» رواه البخاري في الأدب المفرد وأبو يعلى (1) بإسناد حسن.
4001 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تهادوا فإن الهدية تسل السخيمة» رواه البزار (2) بإسناد ضعيف.
4002 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة» متفق عليه (3) وللترمذي (4) من حديثه: «تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر، ولا تحقرن جاره لجارتها ولو بفرسن شاة» وقال: حديث غريب، وفي إسناده أبو معشر واسمه نجيح مولى بني هاشم، قال الترمذي: قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه.
[24/1] باب ما جاء في قبولها والنهي عن ردها وافتقارها إلى القبول
وما جاء في الهدية المقابلة لشفاعة
4003 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو دعيت إلى كراع لأجبت،
_________
(1) البخاري في "الأدب المفرد" (594) ، أبو يعلى (11/9) (6148) ، وهو عند البيهقي (6/169) ، وابن عدي في "الكامل" (4/104) .
(2) البزار (1937-كشف الأستار) .
(3) البخاري (2/907، 5/2240) (2427، 5671) ، مسلم (2/714) (1030) ، أحمد (2/264، 307، 432، 493) .
(4) الترمذي (4/441) (2130) .(3/1317)
ولو أهدي إليَّ ذراع لقبلت» رواه البخاري (1) .
4004 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو أهدي إلي كراع لقبلت، ولو دعيت عليه لأجبت» رواه أحمد والترمذي وصححه (2) .
4005 - وعن خالد بن عدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من جاءه من أخيه معروف من غير إشراف ولا مسئلة فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه» رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في "الكبير" (3) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد رجال الصحيح.
4006 - وعن عبد الله بن بسر قال: «كانت أختي ربما تبعثني بالشيء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تطرفه إياه فيقبله مني» وفي لفظ: «كانت تبعثني إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالهدية فيقبلها» رواهما أحمد والطبراني في "الكبير" (4) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجالهما رجال الصحيح.
4007 - وعن أم كلثوم بنت أبي سلمة قالت: «لما تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي من مسك ولا أرى النجاشي إلا قد مات ولا أرى هديتي إلا مردودة، فإن ردت علي فهي لك قالت: وكان كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وردت عليه هديته فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك وأعطى أم سلمة
_________
(1) البخاري (2/908، 5/1985) (2429، 4883) ، وهو عند أحمد (2/424، 479، 481) ، وابن حبان (12/102) (5291) ، والنسائي في "الكبرى" (4/140) .
(2) أحمد (3/209) ، الترمذي (3/623) (1338) ، وهو عند ابن حبان (12/103) (5292) .
(3) تقدم برقم (2577) .
(4) باللفظ الأول عند أحمد (4/188) ، وباللفظ الثاني عند أحمد (4/189) .(3/1318)
بقية المسك والحلة» رواه أحمد والطبراني (1) وقد تكلم في إسناده.
4008 - وعن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية فقد أتى بابًا عظيمًا من أبواب الربا» رواه أحمد وأبو داود (2) وفي إسناده مقال، وقد تقدم من ذلك حديث في كتاب القرض.
قوله: «السخيمة» بالسين المهملة المفتوحة فخاء معجمة فمثناة تحتية هي الحقد. قوله: «فرسن شاة» بكسر الفاء وسكون الراء، وكسر السين آخره نون هو من البعير بمنزلة الحافر من الدابة وفي "الدر النثير" الفرسن: عظم قليل اللحم وهو خف البعير كالحافر للدابة ويستعار للشاة والذي للشاة هو الظلف. قوله: «تطرفه إياه» بالطاء المهملة والراء بعدها فاء هو المال المستحدث والغريب من الثمرة كما في "القاموس".
[24/2] باب ما جاء في قبول هدايا الكفار والإهداء إليهم
4009 - عن علي قال: «أهدى كسرى للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقبل منه وأهدى له قيصر فقبل منه وأهدت له الملوك فقبل منها» رواه أحمد والترمذي والبزار (3) وسكت عنه في "التلخيص" وقد حسنه الترمذي. قال في شرح "المنتقى": وفي إسناده ثور بن أبي فاختة وهو ضعيف.
4010 - وعن بلال المؤذن وكان يتولى نفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «انطلقت حتى
_________
(1) أحمد (6/404) ، الطبراني في "الكبير" (25/81) (205) ، وهو عند الحاكم (2/205) ، والبيهقي (6/26) .
(2) أحمد (5/261) ، أبو داود (3/291) (3541) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (8/238) .
(3) أحمد (1/96، 145) ، الترمذي (4/140) (1576) ، البزار (3/29) (778) .(3/1319)
أتيته يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا أربع ركائب مناخات عليهن أحمالهن فاستأذنت فقال لي أبشر فقد جاءك الله بقضائك قال: ألم تر الركاب المناخات الأربع قلت بلى فقال إن لك رقابهن وما عليهن فإن عليهن كسوة وطعاماً أهداهن إلي عظيم فدك، فاقبضهن واقض دينك ففعلت» مختصرًا لأبي داود (1) .
4011 - وعن أنس: «أن أكيدر دومة: أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبة سندس» أخرجاه (2) .
4012 - وعنه: «أن ملك ذي يزن أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة أخذها بثلاثة وثلاثين بعيرًا فقبلها» رواه أبو داود (3) والأحاديث في هذا الباب كثيرة عند الشيخين وغيرهما.
4013 - وعن عبد الرحمن بن علقمة الثقفي قال: «قدم وفد ثقيف على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعهم هدية فقال: هدية أم صدقة فإنها إن كانت هدية فإنما يبتغي به وجه رسول الله وقضاء الحاجة وإن كانت صدقة فإنما يبتغى بها وجه الله عز وجل فقالوا: لا بل هدية فقبلها منهم وقعد معهم يسألهم ويسألونه حتى صلى الظهر والعصر» رواه النسائي (4) .
_________
(1) أبو داود (3/171) (3055) ، وهو عند ابن حبان (14/261-263) (6351) ، والطبراني في "الكبير" (1/363-364) (1119) .
(2) البخاري (2/922، 3/1187) (2473، 3076) ، مسلم (4/1916) (2469) ، وهو عند ابن حبان (15/511) (7038) ، والنسائي في "الكبرى" (5/471) ، وأحمد (3/206) .
(3) أبو داود (4/44) (4034) ، وهو عند الحاكم (4/208) ، والدارمي (2/304) (2494) ، وأبي يعلى (6/142) (3418) ، وأحمد (3/221) ، والطبراني في "الأوسط" (8/355) .
(4) النسائي (6/279) ، وفي "الكبرى" (4/135) ، والبخاري في "التاريخ" (5/250) .(3/1320)
4014 - وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: «أتتني أمي راغبة في عهد قريش وهي مشركة فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - اصلها؟ قال: نعم» متفق عليه (1) ، زاد البخاري (2) : «قال ابن عيينة فأنزل الله فيها: ((لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ)) [الممتحنة:8] ومعنى راغبة طامعة تسألني شيئًا» .
4015 - وعن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: «قدمت قتيلة بنت عبد العزى بن سعد على ابنتها أسماء بهدايا ضباب وإقط وسمن وهي مشركة فأبت أسماء أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها فسألت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله ((لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ)) الآية، فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها» رواه أحمد (3) .
4016 - وأخرجه الحاكم (4) من حديث عبد الله بن الزبير وفي إسنادهما مصعب بن ثابت، ضعفه أحمد وغيره ووثقه ابن حبان.
4017 - وعن عياض بن حمار «أنه أهدى للنبي - صلى الله عليه وسلم - هدية أو ناقة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - آسلمت قال: لا، قال: إني نهيت عن زبْد المشركين» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ابن خزيمة (5) .
_________
(1) البخاري (2/924، 3/1162، 5/2230) (2477، 3012، 5634) ، مسلم (2/696) (1003) أحمد (6/344، 347، 355) ، أبو داود (2/127) (1668) ، ابن حبان (2/197) (452) .
(2) البخاري (5/2230) (5633) .
(3) أحمد (4/4) .
(4) الحاكم (2/527) ، الطيالسي (1/228) (1639) .
(5) أحمد (4/162) ، أبو داود (3/173) (3057) ، الترمذي (4/140) (1577) ، وهو عند ابن الجارود في المنتقى (1/280) (1110) ، وابن أبي شيبة (6/516) ، والطيالسي (1/146) = = والطبراني في "الكبير" (17/364) .(3/1321)
4018 - وأخرج موسى بن عقبة (1) «أن ملاعب الأسنة عامر بن مالك قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مشرك فأهدى له فقال: إني لا أقبل هدية مشرك» قال في "الفتح": ورجاله ثقات.
قوله: «قتيلة» بضم القاف وفتح الفوقية وسكون التحتية مصغر. قوله: «ضباب» قال في "المغرب": والضباب بالكسر جمع ضب وقد جاء أضب. قوله: «زبد المشركين» بفتح الزاي وسكون الموحدة بعدها دال مهملة هو الرفد.
[24/3] باب الثواب على الهدية والهبة
4019 - عن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثيب عليها» رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي (2) .
4020 - وعن ابن عباس: «أن أعرابيًا وهب للنبي - صلى الله عليه وسلم - هبة فأثابه عليها قال: رضيت قال لا فزاده قال رضيت قال: لا، فزاده، فقال: رضيت فقال نعم، فقال: النبي - صلى الله عليه وسلم - لقد هممت ألا اتهب هبة إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي» رواه أحمد وابن حبان في صحيحه (3) ، وقال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد رجال الصحيح.
_________
(1) وهو عند عبد الرزاق في "المصنف" (5/382) ، و"الجامع" لمعمر بن راشد (10/446) ، والطبراني في "الكبير" (9/70) .
(2) أحمد (6/90) ، البخاري (2/913) (2445) ، أبو داود (3/290) (3536) ، الترمذي (4/338) (1953) .
(3) أحمد (1/295) ، ابن حبان (14/296) (6384) ، الطبراني في "الكبير" (11/18) .(3/1322)
4021 - وأخرج نحوه أبو داود والنسائي (1) من حديث أبي هريرة وحسنه الترمذي ورواه من وجه آخر وبين أن الثواب كان ست بكرات، وكذا رواه الحاكم في "مستدركه" (2) على شرط مسلم كذا في "التلخيص".
4022 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعطي عطاء فوجد فليجز به، ومن لم يجد فليثن فإن من أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر، ومن تحلى بما لم يعطه كان كلابس ثوبي زور» رواه الترمذي (3) ، وقال: هذا حديث حسن وفسر الكفر بكفر النعمة، وقال المناوي في لابس ثوبي الزور: هو الذي يلبس قميصًا ويصل كمه بكمين موهمًا أنه لا بس ثوبين.
[24/4] باب التعديل بين الأولاد في العطية
والنهي عن الرجوع فيها إلا والد لولده
4023 - عن النعمان بين بشير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اعدلوا بين أبنائكم ثلاثًا» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (4) وسكت عنه أبو داود والمنذري، قال في شرح "المنتقى": ورجال إسناده ثقات إلا المفضل بن المهلب بن أبي صفرة وهو صدوق.
_________
(1) أبو داود (3/290) (3537) ، النسائي (6/279) ، وهو عند ابن حبان (14/295) (6383) ، أحمد (2/247) .
(2) الترمذي (5/730) (3945) ، الحاكم (2/71) .
(3) الترمذي (4/379) (2034) .
(4) أحمد (4/275) ، أبو داود (3/293) (3544) ، النسائي (6/262) .(3/1323)
4024 - وعن جابر قال: «قالت امرأة بشير انحل ابني غلامًا وأشهد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن ابنة فلان سألتني أن أنحل ابنها غلامي، فقال: له إخوة؟ قال: نعم، قال: فكلهم أعطيت مثلما أعطيته؟ قال: لا، قال: فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (1) .
4025 - وعن النعمان بن بشير «أن أباه أتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنى أنحلت ابني هذا غلامًا كان لي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أكل ولدك أنحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فأرجعه» ، وفي لفظ: «فانطلق أبي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليشهده على صدقتي، فقال: أفعلت هذا لولدك كلهم؟ قال: لا. قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، فرجع أبي فرد تلك الصدقة» متفق عليه (2) .
... وفي لفظ لمسلم (3) قال: «فأشهد على هذا غيري، ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى، قال فلا إذًا» وفي لفظ لأحمد (4) من حديث النعمان:
_________
(1) أحمد (3/326) ، مسلم (3/1244) (1624) ، أبو داود (3/293) (3545) .
(2) اللفظ الأول عند: البخاري (2/913) (2446) ، ومسلم (3/1241) (1623) ، وهو عند أبي داود (3/292) (3542) ، والترمذي (3/649) (1367) ، والنسائي (6/258) ، وابن ماجه (2/795) (2376) ، ومالك في الموطأ (2/751) ، وأحمد (4/268) ، وابن حبان (11/499) ، واللفظ الثاني عند: البخاري (2/914) (2447) ، ومسلم (3/1242) (1623) .
(3) مسلم (3/1243) (1623) ، وهو بهذا اللفظ عند النسائي (6/260) ، وابن ماجه (2/795) (2375) ، وأحمد (4/269) ، وابن حبان (11/505) (5106) .
(4) أحمد (4/273) ، ابن حبان (11/501) (5102) ، وهذا اللفظ عند البخاري (2/938) (2507) ، مسلم (3/1243) (1623) .(3/1324)
«لا تشهدني على جور» وكذا لابن حبان (1) وفي رواية له: «فإني لا أشهد على جور أشهد على هذا غيري» .
4026 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العايد في هبته كالعايد يعود في قيئه» متفق عليه (2) ، وزاد أحمد والبخاري (3) : «ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يعود في قيئه» ولأحمد (4) في رواية قال قتادة «ولا أعلم القيء إلا حرامًا» .
4027 - وعن طاووس عن ابن عمر وابن عباس رفعاه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الرجل يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم رجع في قيئه» رواه الخمسة وصححه الترمذي، ورواه ابن حبان والحاكم وصححاه (5) .
_________
(1) ابن حبان (11/503، 505) .
(2) البخاري (2/924) (2478) ، مسلم (3/1241) (1622) ، أحمد (1/280، 339، 342، 345) ، وهو عند أبي داود (3/291) (3538) ، والنسائي (6/266) ، وابن ماجه (2/797) (2385) ، وابن حبان (11/522) (5121) من طريق سعيد بن المسيب عن ابن عباس.
(3) أحمد (1/217) ، البخاري (2/924، 6/2558) (2479، 6574) ، وهو عند النسائي (6/266، 267) ، والترمذي (3/592) (1298) ، وعبد الرزاق (9/109) ، والحميدي (1/243) ، وأبي يعلى (4/293) (2405) ، من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس.
(4) أحمد (1/291) .
(5) أبو داود (3/291) (3539) ، النسائي (6/367) ، الترمذي (4/442) (2132) ، ابن ماجه (2/795) (2377) ، أحمد (2/27) ، ابن حبان (11/524) (5123) ، الحاكم (2/53) ، وهو عند أبي يعلى (5/105) (2717) ، والطبراني في "الكبير" (12/396) .(3/1325)
4028 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من وهب هبة، فهو أحق بها ما لم يثب عليها» رواه الحاكم وصححه (1) ، قال في "بلوغ المرام": والمحفوظ من رواية ابن عمر عن عمر قوله.
[24/5] باب أخذ الوالد من مال ولده
4029 - عن عائشة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم» رواه الخمسة وحسنه الترمذي (2) ، وفي لفظ لأحمد (3) : «ولد الرجل من أطيب كسبه، فكلوا من أموالكم» وخرج الحديث ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، ولفظ أحمد أخرجه أيضًا الحاكم وصححه أبو حاتم وأبو زرعة وأعله ابن القطان.
4030 - وعن جابر «أن رجلًا قال: يا رسول الله! إن لي مالًا وولدًا، وأبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: أنت ومالك لأبيك» رواه ابن ماجه (4) قال ابن القطان: وإسناده صحيح، وقال المنذري: رجاله ثقات.
4031 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن أعرابيًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم
_________
(1) الحاكم (2/60) .
(2) أبو داود (3/288) (3528) ، النسائي (7/241) ، الترمذي (3/639) (1358) ، ابن ماجه (2/768) (2290) ، أحمد (6/31، 42، 127، 162، 193، 220) ، ابن حبان (10/72) (4259) ، الحاكم (2/53) .
(3) أحمد (6/126، 202) ، الحاكم (2/52) ، وهو عند أبي داود (3/289) (3529) .
(4) ابن ماجه (2/769) (2291) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/158) ، وابن عدي في "الكامل" (7/164) .(3/1326)
من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم، فكلوه هنيئًا» رواه أحمد وأبو داود، وقال فيه: «إن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي مالًا وولدًا وإن والدي ... » الحديث وأخرجه ابن خزيمة وابن الجارود (1) ، وأورد الحديث في "المقاصد" من طرق كثيرة وقواه.
قوله: «يريد أن يجتاح مالي» مالي بالجيم بعدها فوقية وآخره حاء مهملة الاجتياح الاستيصال ومنه الجايحة الشديدة.
[24/6] باب العمرى والرقبا
4032 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العمرى ميراث لأهلها، أو قال: جائزة» متفق عليه (2) .
4033 - وعن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أعمر عمرى فهي لمعمره محياه ومماته لا ترقبوا، من أرقب شيئًا فهو سبيل الميراث» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان (3) وفي لفظ للنسائي (4) : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
_________
(1) أحمد (2/214) ، أبو داود (3/289) (3530) ، ابن الجارود (1/249) (995) ، وهو عند ابن ماجه (2/769) (2292) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/158) ، والبيهقي (7/480) .
(2) البخاري (2/925) (2483) ، مسلم (3/1248) (1626) ، أحمد (2/429، 489) ، وهو عند أبي داود (3/293) (3548) ، والنسائي (6/277) .
(3) أحمد (5/189) ، أبو داود (3/295) (3559) ، النسائي (6/272) ، ابن ماجه (2/796) (2381) مختصراً، ابن حبان (11/534-536) .
(4) النسائي (6/268) (3706) .(3/1327)
«الرقبا جائزة» وفي لفظ له (1) : «جعل الرقبا للذي أرقبها» وفي لفظ لأحمد (2) : «جعل الرقبا للوارث» .
4034 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «العمرى جائزة لمن أعمرها والرقبا جائزة لمن أرقبها» رواه أحمد والنسائي (3) . قال الحافظ: وإسناده صحيح.
4035 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تعمروا ولا ترقبوا، فمن أعمر شيئًا أو أرقبه، فهو له حياته ومماته» رواه أحمد والنسائي (4) ، ورجال إسناده ثقات.
4036 - ويشهد له ما أخرجه الشافعي وأبو داود والنسائي (5) من حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تعمروا ولا ترقبوا، فمن أعمر شيئًا أو أرقبه، فسبيله سبيل الميراث» وصححه أبو الفتح القشيري على شرطيهما.
4037 - وعن جابر قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرى لمن وهبت له» متفق عليه (6) ، وفي لفظ قال: «أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها، فمن أعمر
_________
(1) النسائي (6/269) (3707) ، وهذا اللفظ عند عبد الرزاق في "المصنف" (9/186) ، وأحمد (5/189) ، والطبراني في "الكبير" (5/163) .
(2) أحمد (5/186) .
(3) أحمد (1/250) ، النسائي (6/269، 270) .
(4) أحمد (2/34) ، النسائي (6/273) ، وهو عند ابن ماجه (2/796) (2382) .
(5) الشافعي (1/219) ، أبو داود (3/295) (3556) ، النسائي (6/273) .
(6) البخاري (2/925) (2482) ، مسلم (3/1246) (1625) أحمد (3/302، 304، 393) وهو عند ابن حبان (11/532) (5130) وأبي داود (3/294) (3550) ، والنسائي (6/277) .(3/1328)
عمرى فهي للذي أعمرها حيًا وميتًا ولعقبه» رواه أحمد ومسلم (1) ، وفي رواية للخمسة (2) قال: «العمرى جائزة لأهلها» وفي رواية لأحمد ومسلم والنسائي (3) : «من أعمر رجلًا عمرى له ولعقبه، فقد قطع قوله حقه فيها، وهي لمن أعمر وعقبه» وفي رواية لمسلم والنسائي والترمذي (4) وصححه: «أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذي يعطاها لا يرجع إلى الذي أعطاها، لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث» وفي لفظ لأحمد ومسلم وأبي داود (5) عن جابر: «إنما العمرى التي أجازها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: هي لك ولعقبك فإما إذا قال هي لك ما عشت، فإنها ترجع إلى صاحبها» وفي رواية للنسائي (6) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالعمرى أن يهب الرجل للرجل ولعقبه الهبة، ويسثني إن حدث بك حدث وبعقبك فهي إلي وإلى عقبي إنها لمن أعطيها ولعقبه» .
4038 - وعن جابر «أن رجلًا من الأنصار أعطى أمه حديقة من نخيل في حياتها، فماتت فجاء أخوته، فقالوا: نحن فيه شرع سواء، قال: فأبى فاختصموا إلى
_________
(1) أحمد (3/312، 385) ، مسلم (3/1246) (1625) .
(2) أبو داود (3/295) (3558) ، النسائي (6/274) ، الترمذي (3/633) (1351) ، ابن ماجه (2/797) (2383) ، أحمد (3/303) .
(3) أحمد (3/360) ، مسلم (3/1245) (1625) ، النسائي (6/275) ، وهو عند ابن حبان (11/538) (5138) ، وابن ماجه (2/796) (2380) .
(4) مسلم (3/1245) (1625) ، النسائي (6/275) ، الترمذي (3/632) (1350) ، وهو عند أبي داود (2/294) (3553) ، والإمام مالك (2/756) (1441) ، والشافعي (1/218) .
(5) أحمد (3/294) ، مسلم (3/1246) (1625) ، أبو داود (3/294) (3555) ، وهو عند ابن حبان (11/539) (5139) ، وعبد الرزاق (9/190) .
(6) النسائي (6/276) .(3/1329)
النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقسمها بينهم ميراثًا» رواه أحمد وأبو داود (1) . وقال ابن رسلان: رجاله رجال الصحيح.
قوله: «العمرى» بضم العين المهملة وسكون الميم مع القصر، مأخوذ من العمر وهي الحياة؛ سمي بذلك لأنهم كانوا في الجاهلية يقطع الرجل الرجل الشيء، ويقول له: أعمرتك إياه، أي: أبحتها لك مدة عمرك وحياتك، فقيل لها عمري. و «الرقبا» : بوزن العمرى مأخوذة من المراقبة؛ لأن كل واحد يراقب صاحبه حتى يموت لترجع إليه. قوله: «شرع» بفتح الشين المعجمة والراء أي سواء.
[24/7] باب ما جاء في تصرف المرأة في مالها ومال زوجها
4039 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئًا» رواه الجماعة (2) .
4040 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره، فله نصف أجره» متفق عليه (3) ، ولأبي داود (4) موقوفًا: «في المرأة تصدق من بيت زوجها. قال: لا إلا من قوتها والأجر بينهما، ولا يحل لها
_________
(1) أحمد (3/299) ، أبو داود (3/295) (3557) .
(2) البخاري (2/517، 521، 522، 728) (1359، 1370، 1372، 1959) ، مسلم (2/710) (1024) ، أبو داود (2/131) (1685) ، النسائي (5/65) ، الترمذي (3/58) (671، 672) ، ابن ماجه (2/769) (2294) ، أحمد (6/44، 278) .
(3) البخاري (2/728، 5/2051) (1960، 5045) ، مسلم (2/711) (1026) ، أحمد (2/316) ، وهو عند أبي داود (2/131) (1687) .
(4) أبو داود (2/131) (1688) .(3/1330)
أن تتصدق من مال زوجها إلا بإذنه» وإسناده لا بأس به.
4041 - وعن أبي أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنفق المرأة من بيت زوجها إلا بإذنه. قيل: يا رسول الله ولا الطعام قال: ذلك أفضل أموالنا» رواه الترمذي وحسنه (1) .
4042 - وعن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: «يا رسول الله ليس لي شيء إلا ما أدخل علي الزبير، فهل علي جناح أن أرضخ مما يدخل علي؟ فقال: ارضخي ما استطعت، ولا توعي فيوعي الله عليك» أخرجاه، وفي لفظ لهما: «أنها جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا نبي الله ليس لي شيء إلا ما أدخل علي الزبير، فهل علي جناح أن أرضخ مما يدخل علي؟ قال: ارضخي ما استطعت، ولا توعي فيوعي الله عليك» وأخرجه أبو داود والترمذي (2) وفي لفظ عنها: «أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الزبير رجل شديد، ويأتي المسكين فأتصدق عليه من بيته، بغير إذنه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ارضخي ولا توعي فيوعي الله عليك» رواه أحمد (3) .
4043 - وعن سعد قال: «لما بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء قالت امرأة جليلة كأنها من نساء مصر: يا نبي الله أناكل على آبائنا وأبنائنا -قال أبو داود وأرى فيه وأزواجنا- فما يحل لنا من أموالهم؟ قال: الرطب تأكلنه وتهدينه» رواه أبو داود (4) وقال الرطب: الخبز والبقل والرطب، رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري
_________
(1) الترمذي (3/57) (670) ، وهو عند أبي داود (3/296) (3565) ، وابن ماجه (2/770) (2295) .
(2) البخاري (2/520، 915) (1367، 2451) ، مسلم (2/714) (1029) ، أبو داود (2/133) (1699) ، الترمذي (4/342) (1960) .
(3) أحمد (6/353) .
(4) أبو داود (2/131) (1686) .(3/1331)
قال في شرح "المنتقى": ورجال إسناده رجال الصحيح إلا محمد بن سواد وقد وثقه ابن حبان، وقال: يغرب، والرطب الأول بفتح الراء وسكون الطاء ضد اليابس، والرطب الثاني بضم الراء وفتح الطاء.
4044 - وعن جابر قال: «شهدت العيد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامه، ثم قام متوكيًا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن، وقال: تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم، فقالت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير، قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتيمهن» متفق عليه (1) .
4045 - وعن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها» رواه أحمد والنسائي وأبو داود (2) وفي لفظ: «لا يجوز لامرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها» رواه الخمسة إلا الترمذي (3) والحديث قد أخرجه البيهقي والحاكم في "المستدرك" وصححه (4) وفي إسناده عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وحديثه من قسم الحسن وقد صحح له الترمذي أحاديث ومن دون عمرو بن شعيب هم من رجال الصحيح عند أبي داود.
قوله: «من سطة النساء» أي خيارهن والسفعاء التي في خدها غبرة وسواد.
_________
(1) تقدم برقم (2010) .
(2) أحمد (2/179، 184) ، النسائي (5/65، 6/278) ، أبو داود (3/293) (3547) ،
(3) أبو داود (3/293) (3546) ، النسائي (6/278) ، ابن ماجه (2/798) (2388) ، أحمد (2/221) .
(4) البيهقي (6/60) ، الحاكم (2/54) .(3/1332)
[24/8] باب ما جاء في تبرع العبد
4046 - عن عمير مولى آبي اللحم قال: «كنت مملوكًا فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أتصدق من مال مولاي بشيء. قال: نعم والأجر بينكما» رواه مسلم (1) .
4047 - وعنه قال: «أمرني مولاي أن أقدر لحمًا، فجاءني مسكين فأطعمته منه فضربني، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك، فدعاه فقال: لم ضربته، فقال: يعطي طعامي من غير أن آمره، فقال: الأجر بينكما» رواه أحمد ومسلم والنسائي (2) .
4048 - وعن سلمان الفارسي قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بطعام وأنا مملوك، فقلت: هذه صدقة فأمر أصحابه فأكلوا ولم يأكل ثم أتيته بطعام، فقلت: هذه هدية أهديتها لك أكرمك بها، فإني رأيتك لا تأكل الصدقة، فأمر أصحابه فأكلوا وأكل معهم» رواه أحمد (3) بإسناد فيه ابن إسحاق وبقية رجاله رجال الصحيح.
4049 - وعنه قال: «كنت استأذنت مولاي في ذلك فطيب لي فاحتطبت حطبًا فبعته فاشتريت ذلك الطعام» رواه أحمد (4) وفي إسناده من لم يعرف.
قوله: «أقدر لحمًا» بفتح الهمزة وسكون القاف وكسر الدال أي أجعله في القدر.
_________
(1) مسلم (2/711) (1025) ، وهو عند ابن حبان (8/148) (3360) ، وابن ماجه (2/770) (2297) ، والبيهقي (4/194) .
(2) مسلم (2/711) (1025) ، النسائي (5/63) ،، وهو عند الحاكم (3/722) .
(3) أحمد (5/439) .
(4) أحمد (5/439-440) .(3/1333)
[25] كتاب الوقف
4050 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه (1) .
4051 - وعن ابن عمر: «أن عمر أصاب أرضًا من أرض خيبر فقال يا رسول الله أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه فما تأمرني قال إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها فتصدق بها عمر على أن لا تباع ولا توهب ولا تورث في الفقراء وذوي القربى والرقاب والضيف وابن السبيل لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متمول» وفي لفظ: «غير متأثل مالًا» رواه الجماعة (2) ، وفي حديث عمرو بن دينار قال في صدقة عمر: «ليس على الولي جناح أن يأكل ويوكل صديقًا له غير متأثل قال فكان ابن عمر هو الذي يلي صدقة عمر ويهدي للناس من أهل مكة كان ينزل عليهم» أخرجه البخاري (3) ولمسلم (4) معناه،
_________
(1) مسلم (3/1255) (1631) ، أبو داود (3/117) (2880) ، النسائي (6/251) ، الترمذي (3/660) (1376) ، أحمد (2/372) ، وهو عند ابن حبان (7/286) (3016) ، وابن خزيمة (4/122) (2494) ، والدارمي (1/148) (559) ، وأبي يعلى (11/343) .
(2) البخاري (2/982، 1019) (2586، 2620) ، مسلم (3/1255) (1632) ، أبو داود (3/116) (2878) ، النسائي (6/231) ، الترمذي (3/659) (1375) ، ابن ماجه (2/801) (2396) ، أحمد (2/55، 125) .
(3) البخاري (2/813) (2189) .
(4) مسلم (2/801) (2396) .(3/1334)
وقال: «لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم صديقًا غير متمول مالًا» ولأبي داود والترمذي (1) معناه وصححه وفي رواية للنسائي (2) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «حبّس أصلها وسبّل ثمرتها» .
4052 - وعن عثمان: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بير رومة، فقال: من يشتري بير رومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة، فاشتريتها من صلب مالي» رواه النسائي والترمذي، وقال: حديث حسن، وعلقه البخاري (3) .
[25/1] باب وقف المشاع والمنقول
4053 - عن ابن عمر قال: «قال عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن المائة سهم التي بخيبر لم أصب مالًا قط أعجب إلي منها قد أردت أن أتصدق بها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: احبس أصلها وسبل ثمرتها» رواه النسائي وابن ماجه والشافعي (4) ، وقال في شرح "المنتقى": رجال إسناده ثقات.
4054 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من احتبس فرسًا في
_________
(1) أبو داود (3/116) (2878) ، النسائي (6/230) .
(2) النسائي (6/232) .
(3) مختصر من حديث طويل عند النسائي (6/235) ، والترمذي (5/627) (3703) ، والدارقطني (4/196) ، وعلقه البخاري (2/829) باب: من رأى صدقة وهبته ووصيته جائزة مقسومًا كان أو غير مقسوم، من كتاب الشرب والمساقاة.
(4) النسائي (6/232) ، ابن ماجه (2/801) (2397) ، الشافعي (1/308) ، وهو عند أحمد بمعناه (2/114) .(3/1335)
سبيل الله إيمانًا واحتسابًا فإن شبعه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة حسنات» رواه أحمد والبخاري (1) .
4055 - وعن ابن عباس قال: «أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج فقالت المرأة لزوجها أحججني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ما عندي ما أحجك عليه، قالت: أحججني على جملك فلان، قال ذلك حبيس في سبيل الله، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله فقال: أما أنك لو أحججتها عليه لكان في سبيل الله» رواه أبو داود (2) وقال في شرح "المنتقى": رجال إسناده ثقات.
4056 - ولأبي داود بإسناد فيه ابن إسحاق من حديث أم معقل قالت: «لمّا حج النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع وكان لنا جمل يجعله أبو معقل في سبيل الله وأصابنا مرض وهلك أبو معقل وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغ من حجته جئته فقال: يا أم معقل ما منعك أن تخرجي قالت كان لنا جمل نحج عليه فأوصى به أبو معقل في سبيل الله، قال: فهلا خرجت عليه فإن الحج من سبيل الله» ولأحمد نحوه وقال: «الحج والعمرة في سبيل الله» وقد تقدم (3) حديث أم معقل في كتاب الزكاة.
4057 - وتقدم (4) فيه حديث أبو هريرة قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على الصدقة» الحديث، وفيه: «وأما خالد فقد احتبس أدرعه وأعتاده في سبيل الله» أخرجاه.
_________
(1) أحمد (2/374) ، البخاري (3/1048) (2698) ، وهو عند ابن حبان (10/529) (4673) ، والحاكم (2/101) ، والنسائي (6/225) ، وأبي يعلى (11/442) (6568) .
(2) تقدم برقم (2599) .
(3) تقدم برقم (2598) .
(4) تقدم برقم (2535) .(3/1336)
[25/2] باب من وقف أو تصدق على أقاربه أو أوصى لهم من يدخل فيه
4058 - عن أنس «أن أبا طلحة قال يا رسول الله إن الله يقول: ((لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)) [آل عمران:92] وإن أحب أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله تعالى أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال: بخ بخ ذلك مال رابح مرتين وقد سمعت ما قلت أرى أن تجعلها في الأقربين فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه» متفق عليه (1) ، وفي رواية لأحمد ومسلم (2) : «لما نزلت هذه الآية لن تنالوا البر قال أبو طلحة يا رسول الله أرى ربنا تعالى يسألنا من أموالنا فأشهدك أني جعلت أرضي بيرحاء لله فقال اجعلها في قرابتك قال فجعلها في حسان بن ثابت وأبي بن كعب» وللبخاري (3) معناه وفيه: «اجعلها لفقراء قرابتك» .
4059 - وعن أبي هريرة قال: «لما نزلت هذه الآية: ((وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)) [الشعراء:214] دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشًا فاجتمعوا فعمّ وخصّ فقال: يا بني كعب بن لوي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقدوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لكم من الله شيئًا
_________
(1) البخاري (2/530، 814، 4/1659) (1392، 2193، 4279) ، مسلم (2/693) (998) ، أحمد (3/141) ، وهو عند ابن حبان (8/129) (3340) ، والإمام مالك في الموطأ (2/995) .
(2) أحمد (3/285) ، مسلم (2/694) (998) ، وهو عند أبي داود (2/131) (1689) ، والدارقطني (4/191) .
(3) البخاري (3/1011) .(3/1337)
غير إن لكم رحمًا سأبلها ببلالها» متفق عليه واللفظ لمسلم (1) .
قوله: «بيرحاء» بفتح الباء الموحدة وسكون التحتية وفتح الراء بعدها حاء مهملة وألف ممدودة وقد تقصر وفيه روايات. قوله: «بخ بخ» كليهما بفتح الموحدة وسكون المعجمة وقد تنون مع التثقيل أو التخفيف بالكسر والرفع. قوله: «أفعل» بضم اللام من كلام أبي طلحة. قوله: «سأبلها ببلالها» بكسر الباء أي أصلهم في الدنيا ولا يغني عنهم من الله شيئًا وفي الحديث: «بلوا أرحامكم ولو بالسلام» أي ندوها بصلتها
[25/3] باب أن الوقف على الولد يدخل فيه
ولد الولد بالقرينة لا بالإطلاق
4060 - عن أنس قال: «بلغ صفية أن حفصة قالت: هي بنت يهودي فبكت فدخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي تبكي، وقالت: قالت لي حفصة أنت بنت يهودي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنك لابنة نبي وإن عمك لنبي وإنك لتحت نبي فبم تفخر عليك، ثم قال: اتق الله يا حفصة» رواه أحمد والترمذي وصححه (2) .
4061 - وعن أبي بكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صعد المنبر فقال: «إن ابني هذا سيد
_________
(1) البخاري (3/1012، 1298، 4/1787) (2602، 3336، 4493) ، مسلم (1/192) (204) ، أحمد (2/360) ، وهو عند ابن حبان (2/412) (646) ، والنسائي (6/248) ، والترمذي (5/338) (3185) .
(2) أحمد (3/135-136) ، الترمذي (5/709) (3894) ، وهو عند ابن حبان (16/193) (7211) ، والنسائي في "الكبرى" (5/291) (8919) ، وأبي يعلى (6/158) (3437) ، وعبد بن حميد (1/373) (1248) ، والطبراني في "الكبير" (24/70) (186) .(3/1338)
يصلح الله على يديه بين فئتين عظيمتين من المسلمين» يعني الحسن بن علي، رواه أحمد والبخاري والترمذي (1) .
4062 - وفي حديث عن أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي: «فأما أنت يا علي فختني وأبو ولدي» رواه أحمد (2) وفي معناه أحاديث في أسانيدها مقال.
4063 - وعن أسامة بن زيد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وحسن وحسين على ركبتيه هذان ابناي وابنا بنتي اللهم إني أحبهما فأحببهما، وأحب من يحبهما» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب (3) .
4064 - وعن البراء في حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب» متفق عليه (4) .
4065 - وعن زيد بن أرقم قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار» رواه أحمد والبخاري (5) وفي لفظ
_________
(1) أحمد (5/37، 49) ، البخاري (3/1328، 1369) (3430، 3536) ، الترمذي (5/658) (3773) ، وهو عند أبي داود (4/216) (4662) ، والنسائي (3/107) .
(2) أحمد (5/204) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/148) .
(3) الترمذي (5/656) (3769) ، وهو عند ابن حبان (15/422-423) (6967) .
(4) مختصر من حديث طويل للبخاري (3/1051، 1054، 1071) (2709، 2719، 2772) ، ومسلم (3/1400) (1776) ، وأحمد (4/280، 281) ، وهو عند الترمذي (4/199) (1688) ، وابن حبان (11/90) (4770) ، وأبي يعلى (3/271) (1727) .
(5) أحمد (4/373، 374) ، البخاري (4/1862) (4623) ، وهو عند مسلم (4/1948) (2506) ، وابن حبان (16/270) (7281) .(3/1339)
للترمذي (1) وصححه: «اللهم اغفر للأنصار ولذراري الأنصار ولذراري ذراريهم» .
4066 - وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ابن أخت القوم منهم» رواه الشيخان وأبو داود والنسائي والترمذي (2) . (*)
[25/4] باب ما يصنع بفاضل مال الكعبة
4067 - عن أبي وائل قال: «جلست إلى شيبة في هذا المسجد، فقال: جلس إليَّ عمر في مجلسك، فقال عمر: لقد هممت ألا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين، قلت: ما أنت بفاعل قال: لم؟ قلت لم يفعله صاحباك، قال: هما المرآن يقتدى بهما» رواه أحمد والبخاري (3) .
4068 - وعن عائشة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لولا قومك حديثو عهد بجاهلية أو قال بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها من الحجر» رواه مسلم (4) .
_________
(1) الترمذي (5/713) (3902) .
(2) مختصر من حديث طويل عند أبي داود (4/332) (5122) ، وأحمد (4/396) .
(3) أحمد (3/410) ، البخاري (2/578، 6/2655) (1517، 6847) ، وهو عند ابن أبي شيبة (6/466) ، والطبراني في "الكبير" (7/300) .
(4) تقدم برقم (3171) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
الحديث لم يخرجه إلا أبو داود وأحمد مطولاً كما هو في التخريج من حديث أبي موسى، ولم يعزه الحافظ في الفتح (6/552) إلا لأحمد مطولاً. أما الحديث الذي رواه البخاري (3/1294، 6/2484) (3327، 6381) ، ومسلم (2/735) (1059) ، والنسائي (5/106، 107) ، والترمذي (5/712) (3901) ، وأحمد (3/119، 171، 172) ، فهو من حديث أنس.(3/1340)
[26] كتاب الوصايا
[26/1] باب الحث على الوصية وفضيلة التنجيز حال الحياة
4069 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما حق امرء مسلم يبيت ليلتين وله شيء يريد أن يوصي به إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه» رواه الجماعة (1) .
4070 - وعن أبي هريرة قال: «جاء رجل فقال: يا رسول الله أي الصدقة أفضل أو أعظم أجرًا؟ فقال: أما وأبيك لفتان أن تصدق وأنت شحيح صحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا، ولفلان كذا وقد كان لفلان كذا» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) .
4071 - وعن أبي الدرداءعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مثل الذي يعتق ويتصدق عند موته مثل الذي يهدي إذا شبع» رواه الترمذي بإسناد حسن وصححه ابن حبان (3) .
4072 - وعن أبي سعيد مرفوعًا: «لأن يتصدق الرجل في حياته وصحته بدرهم خير له من أن يتصدق عند موته بمائة درهم» رواه أبو داود وصححه ابن
_________
(1) البخاري (3/1005) (2587) ، مسلم (3/1249) (1627) ، أبو داود (3/112) (2862) ، النسائي (6/238، 239) ، الترمذي (3/304، 4/432) (974، 2118) ، ابن ماجه (2/901، 902) (2699، 2702) ، أحمد (2/3، 10، 50، 57، 80) .
(2) تقدم برقم (2373) .
(3) تقدم برقم (2375) .(3/1341)
حبان (1) ، وقال تعالى: ((وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ)) [المنافقون:10] الآية.
[26/2] باب تحريم الضرار في الوصية
4073 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الرجل أو المرأة ليعمل بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار ثم قرأ أبو هريرة: ((مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ)) [النساء:12] إلى قوله: ((وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) [النساء:13] » رواه أبو داود والترمذي وحسنه (2) .
4074 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإضرار في الوصية من الكبائر» رواه سعيد بن منصور (3) موقوفًا بإسناد صحيح ورواه النسائي مرفوعًا برجال ثقات (4) .
4075 - وعن أبي هريرة مرفوعًا: «أن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة سبعين سنة فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله
_________
(1) تقدم برقم (2374) .
(2) أبو داود (3/113) (2867) ، الترمذي (4/431) (2117) .
(3) أخرجه البيهقي في "السنن" (6/271) ، ورواه النسائي في "الكبرى" موقوفًا من طريق آخر (6/320) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (9/88) ، وابن أبي شيبة (6/227، 228) .
(4) وهو عند الدارقطني (4/151) (7) ، والبيهقي (6/271) ، والطبراني في "الأوسط" (9/5) .(3/1342)
فيدخل الجنة» رواه أحمد وابن ماجه (1) .
[26/3] باب ما جاء في كراهة مجاوزة الثلث
4076 - عن ابن عباس قال: «لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: الثلث والثلث كثير» متفق عليه (2) .
4077 - وعن سعد بن أبي وقاص قال: «جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني من وجع اشتد بي فقلت يا رسول الله: إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي فأتصدق بثلثي مالي قال: لا، قلت فالشطر قال: قلت فالثلث، قال الثلث والثلث كثير أو كبير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس» رواه الجماعة (3) ، وفي رواية أكثرهم: «جاءني يعودني في حجة الوداع» وفي لفظ: «عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضي، فقال: أوصيت، قلت: نعم. قال: بكم، قلت: بمالي كله في سبيل الله، قال: فما تركت لولدك، قلت: هم أغنياء. قال: أوصِ بالعشر، فما زال يقول وأقول حتى قال: أوصِ بالثلث والثلث كثير أو كبير» رواه النسائي وأحمد (4) بمعناه إلا أنه قال: «قلت: نعم
_________
(1) ابن ماجه (2/902) (2704) ، أحمد (2/278) ، وهو عند عبد الرزاق (9/88) ، والطبراني في "الأوسط" (3/229) .
(2) البخاري (3/1007) (2592) ، مسلم (3/1253) (1629) ، أحمد (1/233) ، وهو عند ابن ماجه (2/905) (2711) ، والنسائي (6/244) .
(3) البخاري (3/1431، 4/1600، 5/2142) (3721، 4147، 5335) ، مسلم (3/1250-1252) (1628) ، أبو داود (3/112) (2864) ، النسائي (6/241، 242) ، الترمذي (4/430) (2116) ، ابن ماجه (2/903) (2708) ، أحمد (1/176) .
(4) النسائي (6/243) ، أحمد (1/174) ، الترمذي (3/305) (975) .(3/1343)
جعلت مالي كله في الفقراء والمساكين وابن السبيل» .
4078 - وعن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم ليجعلها لكم زيادة في أعمالكم» رواه الدارقطني وأحمد (1) .
4079 - ورواه ابن ماجه والبيهقي والبزار (2) من حديث أبي هريرة بلفظ: «إن الله تصدق عليكم عند موتكم بثلث أموالكم ليجعلها لكم زيادة في أعمالكم» قال الحافظ في "بلوغ المرام": وكلها ضعيفة؛ لكن قد يقوى بعضها ببعض، انتهى. وأورده صاحب "البدر المنير" من طريق جماعة من الصحابة وقال: أسانيده كلها ضعيفة. قوله: «وغضوا» أي نقصوا ولو للتمني.
[26/4] باب ما جاء في تحريم الوصية للوارث
4080 - عن عمرو بن خارجة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب على ناقته وأنا تحت جرانها وهي تقصع بجرتها وإن لعابها يسيل بين كتفي فسمعته يقول: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» رواه الخمسة إلا أبا داود وصححه الترمذي (3) .
_________
(1) الدارقطني (4/150) ، الطبراني في "الكبير" (20/54) من حديث أبي الدرداء عن معاذ بن جبل، وهو عند أحمد (6/440) ، البزار (2/139) (1382-كشف الأستار) ، من طريق أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن أبي الدرداء به.
(2) ابن ماجه (2/904) (2709) ، البيهقي (6/269) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/380) .
(3) النسائي (6/247) ، الترمذي (4/434) (2121) ، ابن ماجه (2/905) (2712) ، = = أحمد (4/186، 187، 238) ، وهو عند الدارمي (2/511) (3260) ، وأبي يعلى (3/78) (1508) ، والبيهقي (6/264) ، والطيالسي (1/154) ، والطبراني في "الكبير" (17/35) .(3/1344)
4081 - وعن أبي أمامة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» رواه الخمسة إلا النسائي، وحسنه أحمد والترمذي، وقواه ابن خزيمة وابن الجارود (1) .
4082 - ورواه الدارقطني (2) من حديث ابن عباس مرفوعًا بلفظ: «لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة» قال الحافظ: وإسناده حسن، وقال في "الفتح": رجاله ثقات (3) .
4083 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة» رواه الدارقطني (4) بإسناد ضعيف، وقال الشافعي أنه متواتر.
قوله: «جرانها» بجيم مكسورة جران البعير مقدم عنقه. قوله: «تقصع بجرتها» قال في غريب جامع الأصول الجرة ما يخرجه البعير من بطنه ليجتره وقصعه شدة مضغه، وقيل هو استقامة خروجها من الجوف إلى الفم ومتابعة بعضها بعضًا وإنما
_________
(1) أبو داود (3/114، 296) (2870، 3565) ، الترمذي (4/433) (2120) ، ابن ماجه (2/905) (2713) ، أحمد (5/267) ، ابن الجارود (1/238) (949) ، وهو عند الدارقطني (3/40) ، والطبراني في "الكبير" (8/114) .
(2) الدارقطني (4/97، 98) .
(3) حديث أبي أمامة في إسناده: إسماعيل بن عياش؛ لكنه رواه عن شرحبيل بن مسلم، وهو من أهل الشام. ثقة، وروايته عن أهل الشام معمول بها. تمت مؤلف.
(4) الدارقطني (4/98) (93) .(3/1345)
يفعل ذلك البعير إذا كان مطمئنًا فإذا خاف شيئًا قطع الجرة.
[26/5] باب نفوذ وصايا المريض من الثلث فقط
4084 - عن أبي زيد الأنصاري: «أن رجلًا أعتق ستة أعبد عند موته ليس له مال غيرهم فأقرع بينهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعتق اثنين وأرق أربعة» رواه أحمد (1) وأبو داود (2) بمعناه وقال فيه: «لو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن في مقابر المسلمين» وفي رواية لأحمد (3) : «لو علمنا إن شاء الله ما صلينا عليه» وأخرجه النسائي (4) وفيه: «لقد هممت ألا أصلي عليه» وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح.
4085 - وعن عمران بن حصين: «أن رجلًا أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعا بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجزأهم ثلاثًا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة وقال له قولًا شديدًا» رواه الجماعة إلا البخاري (5) وفي لفظ لأحمد (6) : «أن رجلًا أعتق عند موته ستة رجلة له فجاء ورثته من الأعراب
_________
(1) أحمد (5/341) .
(2) أبو داود (4/28) (3960) .
(3) أحمد (4/446) ، البيهقي (6/266) من حديث عمران بن حصين الذي سيأتي بعد هذا الحديث.
(4) النسائي (4/64) ، أحمد (4/430) ، الطبراني في "الكبير" (18/178) من حديث عمران أيضًا.
(5) مسلم (3/1288) (1668) ، أبو داود (4/28) (3958) ، النسائي (4/64) ، الترمذي (3/645) (1364) ، ابن ماجه (2/786) (2345) ، أحمد (4/426، 438، 545) .
(6) أحمد (4/446) .(3/1346)
فأخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما صنع قال: أوفعل ذلك لو علمنا إن شاء الله ما صلينا عليه فأقرع بينهم فأعتق منهم اثنين وأرق أربعة» .
قوله: «جزأهم» بتشديد الزاي. قوله: «رجلة» بفتح الراء وسكون الجيم جمع رجل.
[26/6] باب وصية الحربي إذا أسلم ورثته هل يجب تنفيذها
وما جاء في وصول القرب إلى الميت إذا فعلت له وإن لم يوص
4086 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن العاص بن وائل أوصى أن يعتق عنه من ماله مائة رقبة، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة فأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية، فقال: يا رسول الله أن أبي أوصى بعتق مائة رقبة، وإن هشامًا أعتق خمسين رقبة وبقيت خمسون رقبة أو أعتق عنه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو كان مسلمًا فأعتقتم عنه أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك» رواه أبو داود (1) وسكت عنه وأشار المنذري إلى الاختلاف (2) فيه وقد تقدم أن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من قسم الحسن وقد صحح له الترمذي عدة أحاديث.
4087 - وعن عائشة: «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تكلمت بصدقة، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم» متفق عليه واللفظ لمسلم، وقد تقدم (3) هذا الحديث وما
_________
(1) أبو داود (3/118) (2883) ، وهو عند أحمد (2/181) ، والبيهقي (6/279) .
(2) في الأصل: الإختلاق.
(3) تقدم برقم (2378) .(3/1347)
في معناه في كتاب الجنائز.
[26/7] باب الإيصاء بما يدخله النيابة من خلافة وعتاقة
ومحاكمة في نسب وغيره
4088 - عن ابن عمر قال: «حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه وقالوا جزاك الله خيرًا فقال راغب وراهب قالوا: استخلف، فقال: أتحمل أمركم حيًا وميتًا لوددت أن حظي منها الكفاف لا علي ولا لي، فإن استخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر، وإن أترك فقد ترككم من هو خير مني يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال عبد الله: فعرفت أنه حين ذكر رسول الله غير مستخلف» متفق عليه (1) .
4089 - وعن عائشة: «أن عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابن أمة زمعة، فقال سعد: يا رسول الله! أوصاني أخي إذا قدمت أن أنظر ابن أمة زمعة فأقبضه فإنه ابني، وقال ابن زمعة: أخي وابن أمة أبي ولد على فراش أبي، فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - شبهًا بينًا بعتبة، فقال: هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش، واحتجبي منه يا سودة» رواه البخاري (2) .
_________
(1) البخاري (6/2638) (6792) ، مسلم (3/1454) (1823) .
(2) البخاري (2/852) (2289) ، وأطرفه (2/724، 773، 3/1007، 4/1565، 6/2481، 2484، 2499، 2626) (1948، 2105، 2594، 4052، 6368، 6384، 6431، 6760) ، وهو عند مسلم (2/1080، 1801) (1457) ، وأبي داود (2/282) (2273) ، والنسائي (6/180) ، وابن ماجه (1/646) (2004) ، وأحمد (6/37، 129، 200، 226، 237، 246) ، وابن حبان (9/414) (4105) ، والدارقطني (4/241) ، والشافعي في "المسند" (1/188) ، وأبي يعلى (7/392) (4419) ، والإمام مالك في "الموطأ" (2/739) (1418) .(3/1348)
4090 - وعن الشريد بن سويد الثقفي: «أن أمه أوصت أن يعتق عنها رقبة مؤمنة، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: عندي جارية سوداء. فقال: إيت بها فدعى بها فجاءت، فقال لها: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة» رواه أحمد والنسائي قال في شرح "المنتقى": رواه النسائي من طريق موسى بن سعيد وهو صدوق لا بأس به وبقية رجاله ثقات، وقد أخرجه أبو داود وابن حبان وسيأتي (1) في النذور في باب ما يجزي من عليه رقبة مؤمنة.
[26/8] باب وصية من لا يعيش مثله
4091 - عن عمرو بن ميمون قال: «رأيت عمر بن الخطاب قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف، فقال: كيف فعلتما أتخافا أن تكون قد حملتما الأرض مالا تطيق؟ قالا: حملناها أمرًا هي له مطيقة وما فيها كبير فضل. قال: انظر أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق! قال: لا، فقال عمر: لأن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدًا، قال: فما أتت عليه رابعة حتى أصيب. قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين قال: استووا حتى إذا لم يرفيهن خللًا تقدم وكبر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى، حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه، فطار العلج في الناس بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يمينًا ولا شمالًا إلا طعنه، حتى طعن
_________
(1) سيأتي برقم (5087) .(3/1349)
ثلاثة عشر رجلًا مات منهم تسعة، وفي رواية سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسيًا، فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه. وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه، فمن يلي عمر فقد رأى الذي رأيت، وأما نواحي المسجد، فإنهم لا يدرون ما الأمر غير انهم فقدوا صوت عمر، وهم يقولون: سبحان الله سبحان الله، فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة فلما انصرفوا قال: يابن عباس انظر من قتلني فجال ساعة، ثم جاء فقال: غلام المغيرة. فقال: الصنع! قال: نعم، قال: قاتله الله لقد أمرت به معروفًا، الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثرا العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقًا، فقال: إن شئت فعلت أي إن شئت قتلنا، قال: بعدما تكلموا بلسانكم وصلوا قبلتكم، وحجوا حجكم؟!
فاحتمل إلى بيته فانطلقنا معه وكان الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ فقائل يقول: أخاف عليه، وقائل يقول: لا بأس به، فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه، ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جوفه فعلموا أنه ميت، فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه، وجاء رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشر الله لك من صحبة رسول الله وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت ثم شهادة، فقال: وددت ذلك كفافًا لا علي ولا لي، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض، فقال: ردوا علي الغلام، فقال: ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك، يا عبد الله بن عمر انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفًا أو نحوه. قال: إن وفى له مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فسل في بني عدي بن كعب، فإن لم تف(3/1350)
أموالهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم فأد عني هذا المال، انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل: أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميرًا، وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه فسلم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عمر بن الخطاب عليكم السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي ولآثرن به اليوم على نفسي، فلما أقبل قيل هذا عبد الله بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك، قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت، فقال: الحمد لله ما كان شيء أهم إليَّ من ذلك، فإذا قبضت فاحملوني ثم سلِّم، فقل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن رددتني فردوني إلى مقابر المسلمين.
وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير تتبعها، فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكيت عنده ساعة واستأذنت الرجال فولجت داخلًا لهم فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوصِ يا أمير المؤمنين، واستخلف فقال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض، فسمى عليًا وعثمان والزبير وطلحة وسعدًا وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له، فإن أصابت الإمارة سعدًا فهو ذاك، وإلا فما يستغن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة.
وقال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرًا الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم وأن يتجاوز عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرًا فهم ردء(3/1351)
الإسلام وحياة المال، وغيض العدو وألا يأخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيرًا فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام أن يأخذ من حواشي أموالهم ويرد في فقرائهم، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم وأن يقاتل من وراءهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم.
فلما قبض خرجنا من عنده فانطلقنا نمشي فسلم عبد الله بن عمر، فقال: يستأذن عمر ابن الخطاب قالت: أدخلوه فأدخل، فوضع هنالك مع صاحبيه، فلما فرغ من دفنه أجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، وقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف، فقال عبد الرحمن بن عوف: صح أيكم تبرأ من هذا الأمر فجعله إليه، والله عليه والإسلام ينظرن أفضلهما في نفسه، قال: فأسكت الشيخان فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلي، والله علي ألا آلو عن أفضلكما، قالا: نعم، قال فأخذ بيد أحدهما فقال: لك من قرابة رسول الله والقدم في الإسلام ما قد علمت، والله عليك لأن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن، ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه وبايع له علي، وولج أهل الدار فبايعوه» رواه البخاري (1) .
قوله: «الصنع» قال في "المغرب": ورجل صنع بفتحتين وصنع اليدين، أي:
_________
(1) البخاري (3/1353-1356) (3497) ، وهو عند ابن حبان (15/350-355) (6917) ، وابن أبي شيبة (7/745-436) (37059) .(3/1352)
حاذق رقيق اليدين وامرأه صناع وخلافها خرقاء، وقال في "الدر النثير": رجل صنع وامرأة صناع لهما صنعة يعملانها بأيديهما ويكسبان بها. قوله: «وقدم» بفتح القاف وكسرها الأول يعني الفضل والثاني بمعنى السبق. قوله: «ولا تعدهم» أي تجاوزهم. قوله: «فهم ردء الإسلام» أي عون الإسلام الذي يدفع عنه. قوله: «حواشي أموالهم» أي ما ليس يختاروا.
[26/9] باب ما جاء في ولي الميت يقضي دينه إذا علم صحته
4092 - عن سعد الأطول «أن أخاه مات وترك ثلاث مائة درهم وترك عيالًا قال: فأردت أن أنفقها على عياله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن أخاك محتبس بدينه فاقض عنه قال يا رسول الله قد أديت عنه إلا دينارين ادعتهما امرأة وليس لها بينة قال: فأعطها فإنها محقة» رواه أحمد وابن ماجه وأخرجه أيضًا ابن سعد وعبد بن حميد وابن قانع والبارودي والطبراني في "الكبير" والضياء في "المختارة" (1) والحديث في إسناده عبد الملك أبو جعفر قد وثقه ابن حبان، وبقية إسناده من رجال الصحيح.
* * *
_________
(1) أحمد (4/136، 5/7) ، ابن ماجه (2/813) (2433) ، ابن سعد (7/40) ، عبد بن حميد (1/126) (305) ، ابن قانع في "معرفة الصحابة" (1/256) ، الطبراني في "الكبير" (6/46) .(3/1353)
[27] كتاب الفرائض
4093 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تعلموا الفرائض، وعلموها فإنها نصف العلم وهو ينسى، وهو أول شيء ينزع من أمتي» رواه ابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي (1) وقال: تفرد به حفص بن عمر وليس بالقوي، وقد رمي بالكذب ورواه الترمذي (2) بلفظ: «تعلموا القرآن والفرائض، وعلموا الناس، فإني امرؤ مقبوض» وقال: فيه اضطراب، ومحمد بن القاسم الأسدي أحد رواته قد ضعفه أحمد بن حنبل وغيره.
4094 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العلم ثلاثة وما سوى ذلك فضل: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة» رواه أبو داود وابن ماجه (3) قال المنذري في "مختصر السنن": في إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي قد تكلم فيه غير واحد، وفيه أيضًا عبد الرحمن بن رافع التنوخي وقد غمزه البخاري وابن أبي حاتم.
4095 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تعلموا الفرائض
_________
(1) ابن ماجه (2/908) (2719) ، الدارقطني (4/67) ، الحاكم (4/369) ، البيهقي (6/208-209) .
(2) الترمذي (4/413) (2091) .
(3) أبو داود (3/119) (2885) ، ابن ماجه (1/21) (54) ، وهو عند الحاكم (5/369) ، والدارقطني (4/67) (2) ، والبيهقي (6/208) .(3/1354)
وعلموها الناس وتعلموا القرآن وعلموه الناس، فإني امرؤ مقبوض والعلم مرفوع ويوشك أن يختلف الناس في الفريضة والمسألة فلا يجدان أحدًا يخبرهما» ذكره أحمد بن حنبل في رواية ابنه عبد الله، وأخرجه أحمد والنسائي والبيهقي (1) ، قال الحاكم: صحيح الإسناد وقال الدارقطني مرسلًا أصح كذا في "مختصر البدر المنير"، وقال في "التلخيص": فيه انقطاع.
4096 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرأها لكتاب الله أبي، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، والنسائي وصححه الترمذي والحاكم وابن حبان (2) وفي رواية للحاكم (3) : «أفرض أمتي زيد» وصححها أيضًا وقال: وقد أعل بالإرسال.
[27/1] باب البداية بذوي الفروض وإعطاء العصبة ما بقي
4097 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» متفق عليه (4) .
_________
(1) النسائي في "الكبرى" (4/63) ، البيهقي (6/208) ، الحاكم (4/369) ، الدارقطني (4/81) ، الدارمي (1/83) .
(2) أحمد (3/184) ، ابن ماجه (1/55) (154، 155) ، الترمذي (5/664، 665) (3790، 3791) ، النسائي في "الكبرى" (5/67) ، ابن حبان (16/74) (7131) .
(3) الحاكم (4/372) .
(4) البخاري (6/2476، 2475، 2478، 2480) (6351، 6354، 6356، 6365) ، = = مسلم (3/1233) (1615) ، أحمد (1/292، 313، 325) وهو عند أبي داود (3/122) (2898) ، والترمذي (4/418) (2098) ، وابن ماجه (2/915) (2740) ، والنسائي في "الكبرى" (4/71) ، وابن حبان (13/387) (6027) ، وأبي يعلى (4/258) ، وابن أبي شيبة (6/250) ، والطيالسي (1/340) (2609) ، والدارمي (2/464) (2987) ، والدارقطني (4/71) .(3/1355)
4098 - وعن جابر قال: «جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بابنتيها فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدًا وإن عمهما أخذ مالهما، ولا ينكحان إلا بمال، فقال: يقضي الله في ذلك فنزلت آية المواريث، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمهما، فقال: أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك» رواه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي (1) ، وقال: لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، وقال عبد الحق: قال الترمذي: حسن صحيح، قلت: وهو في نسخة من الترمذي صحيحة، كما قال عبد الحق، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
4099 - وعن زيد بن ثابت «أنه سئل عن زوج وأخت لأبوين، فأعطى الزوج النصف والأخت النصف، وقال: حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بذلك» رواه أحمد (2) بإسناد فيه أبو بكر بن أبي مريم، وقد اختلط وبقية رجاله رجال الصحيح.
_________
(1) أبو داود (3/121) (2892) ، الترمذي (4/414) (2092) ، ابن ماجه (2/908) (2720) ، أحمد (3/352) ، الحاكم (4/370) .
(2) أحمد (5/188) .(3/1356)
4100 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مؤمن إلا أنا أولى به في الدنيا والآخر، واقرءوا إن شئتم ((النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)) [الأحزاب:6] فأيما مؤمن مات ترك مالًا فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينًا أو ضياعًا فليأتني فأنا مولاه» متفق عليه (1) .
قوله: «ضياعًا» قال في "الدر النثير": الضياع بالفتح العيال سموا بمصدر ضاع أي ذا ضياع من فقرا أو عيال، وقال الخطابي: هو وصف خلفة الميت بلفظ المصدر، أي: ترك ذو ضياع أي لا شيء لهم.
[27/2] باب ما جاء في سقوط الأخ لأب مع وجود الأخ لأبوين
4101 - عن علي قال: «إنكم لتقرؤون هذه الآية ((مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ)) [النساء:11] وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدين قبل الوصية وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه (2) ، وللبخاري (3) منه تعليقًا: «قضى بالدين قبل الوصية» والحديث في إسناده الحارث قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث أبي إسحاق عنه، وقد تكلم بعض أهل العلم في الحديث والعمل عليه عند عامة
_________
(1) البخاري (2/845، 4/1795) (2269، 4503) ، مسلم (3/1238) (1619) ، أحمد (2/334) .
(2) أحمد (1/131، 144) ، الترمذي (4/416) (2094) ، ابن ماجه (2/906) (2715) ، وهو عند عبد الرزاق (10/249) ، وابن أبي شيبة (6/8) ، وأبي يعلى (1/461) ، وابن الجارود (1/239) (950) .
(3) البخاري (3/1010) باب تأويل قول الله تعالى: من بعد وصية يوصى بها أو دين.(3/1357)
أهل العلم، انتهى. ورواه الحاكم (1) وقال: رواه الناس عن أبي إسحاق والحارث ولأجلهما لم يخرجه الشيخان. قال: وقد صح الفتوى به عن زيد بن ثابت.
قوله: «أعيان» الأعيان الإخوة لأب وأم، والعلات هم أولاد الأمهات المتفرقات من أب واحد.
[27/3] باب الأخوات مع البنات عصبة
4102 - عن هزيل بن شرحبيل قال: «سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال: للابنة النصف وللأخت النصف، وائت ابن مسعود، فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى، فقال: لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم -، للبنت النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت» رواه الجماعة إلا مسلمًا والنسائي (2) وزاد أحمد والبخاري (3) : «فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم» .
قوله: «هزيل» هو بالزاي المعجمة وغلط من رواه بالذال.
4103 - وعن الأسود: «أن معاذ بن جبل ورث أختًا وابنة جعل لكل واحدة منهما النصف، وهو باليمن ونبي الله - صلى الله عليه وسلم - حي» رواه أبو داود والبخاري بمعناه (4) .
_________
(1) الحاكم (4/373) .
(2) البخاري (6/2477) (6355) ، أبو داود (3/120) (2890) ، الترمذي (4/415) (2093) ، ابن ماجه (2/909) (2721) ، أحمد (1/389، 428) .
(3) البخاري (6/2477) (6355) ، أحمد (1/463) .
(4) أبو داود (3/121) (2893) ، البخاري (6/2477) (6353) بنحوه.(3/1358)
[27/4] باب ما جاء في ميراث الجدة والجد
4104 - عن قبيصة بن ذؤيب قال: «جاءت الجدة إلى أبي بكر فسألته ميراثها فقال مالك في كتاب الله شيء وما علمت لك في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس فقال: هل معك غيرك، فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال: مثل ما قال المغيرة بن شعبة فأنفذه لها أبو بكر، قال: ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر فسألته ميراثها، فقال: مالك في كتاب الله شيء، وما كان القضاء الذي قضى به إلا لغيرك، وما أنا بزائد في الفرائض، ولكن هو ذاك السدس، فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيكما خلت به فهو لها» رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي (1) ، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال ابن حزم في "محلاه": لا يصح لأنه منقطع؛ لأن قبيصة لم يدرك أبا بكر ولا سمعه من المغيرة وتبعه عبد الحق وابن القطان وفي لفظ الترمذي (2) : «جاءت الجدة أم الأم وأم الأب إلى أبي بكر» وفي لفظ للنسائي (3) : «أن الجدة أم الأم أتت أبا بكر» .
4105 - وعن عبادة بن الصامت: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى للجدتين من
_________
(1) أبو داود (3/121) (2894) ، الترمذي (4/420) (2101) ، ابن ماجه (2/909) (2724) ، أحمد (4/225) ، وهو عند مالك (2/513) ، وابن حبان (13/390-391) (6031) ، وأبي يعلى (1/110-111) (119) ، والطبراني في "الكبير" (19/229) (511) ، والحديث عند النسائي في "الكبرى" (4/73) ، وانظر "التحفة" (8/361) (11232) .
(2) الترمذي (4/419) (2100) .
(3) النسائي في "الكبرى" (4/74) .(3/1359)
الميراث بالسدس بينهما» رواه عبد الله بن أحمد في "المسند" وأخرجه أبو القاسم بن مندة في "مستخرجه" والطبراني في "الكبير" (1) بإسناد منقطع.
4106 - وعن ابن بريدة عن أبيه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم» رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن السكن (2) ، وقواه ابن عدي وفي إسناده عبد الله العتكي. قال صاحب "الإلمام": وثق. وقال أبو حاتم: صالح. وأغرب ابن حزم فقال: لا يصح.
4107 - وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث جدات السدس ثنتين من قبل الأب وواحدة من قبل الأم» رواه الدارقطني (3) هكذا مرسلًا وأخرجه ايضًا مرسلًا البيهقي وأبو داود (4) من رواية إبراهيم النخعي وهو المروي عن جماعة من الصحابة.
4108 - وعن القاسم بن محمد قال: «جاءت الجدتان إلى أبي بكر الصديق، فأراد أن يجعل السدس للتي من قبل الأم، فقال له رجل من الأنصار: أما إنك تترك التي لو ماتت وهو حي كان إياها يرث، فجعل السدس بينهما» رواه مالك في "الموطأ" (5) وقد اعل بالانقطاع، لأن القاسم لم يدرك جده.
_________
(1) عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/327) جزء من حديث طويل، وهو عند الحاكم (4/378) ، والبيهقي (6/235) .
(2) أبو داود (3/122) (2895) ، النسائي في "الكبرى" (4/73) ، ابن الجارود (960) .
(3) الدارقطني (4/90) (71) .
(4) البيهقي (6/236) ، أبو داود في "المراسيل" (355، 356) ، وهو عند الدارمي (2/455) ، وعبد الرزاق (10/273) ، وابن أبي شيبة (6/269) .
(5) مالك (2/513) (1076) .(3/1360)
4109 - وعن عمران بن حصين «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن ابن ابني مات فما لي من ميراثه؟ قال: لك السدس، فلما أدبر قال: لك سدس آخر، فلما أدبر دعاه، فقال: إن السدس الآخر طعمة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (1) وقال: حسن صحيح، وقال علي بن المديني وأبو حاتم الرازي وغيرهما: إن الحسن لم يسمع من عمران.
4110 - وعن الحسن البصري أن عمر قال: «أيكم يعلم ما ورث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجد قال معقل بن يسار: أنا، ورثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السدس، قال مع من؟ قال: لا أدري، قال: لا دريت فما يغني إذن» رواه أبو داود وأخرجه أحمد والنسائي ولابن ماجه نحوه (2) ، وقد أعل الحديث بالانقطاع لأن الحسن لم يسمع من عمر ولا من معقل قال أبو حاتم الرزاي: لم يصح للحسن سماع من معقل، وقال المنذري: قد أخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" حديث الحسن عن معقل بن يسار.
[27/5] باب ميراث ذوي الأرحام والموالي من أسفل
ومن أسلم على يد رجل
4111 - عن المقدام بن معدي كرب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ترك مالًا
_________
(1) أحمد (4/428) ، أبو داود (3/122) (2896) ، الترمذي (4/419) (2099) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/73) ، وابن الجارود (1/242) (961) ، والدارقطني (4/84) ، والبيهقي (6/244) .
(2) أبو داود (3/122) (2897) ، أحمد (5/27) ، النسائي في "الكبرى" (4/72) ، ابن ماجه (2/909) (2722، 2723) ، وهو عند الحاكم (4/377) .(3/1361)
فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرث والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه (1) وحسنه أبو زرعة والرازي وصححه الحاكم وابن حبان وضعفه ابن معين.
4112 - وعن أبي أمامة بن سهل قال: «كتب عمر إلى أبي عبيده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مولى من لا مولى له والخال وارث من لا وارث له» رواه أحمد والأربعة سوى أبي داود وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان (2) .
4113 - وأخرج أيضًا الترمذي (3) عن عائشة مرفوعًا: «الخال وارث من لا وارث له» وقال: حسن غريب.
4114 - وعن عبد الله بن بريدة قال: «مات رجل من خزاعة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بميراثه، فقال: التمسوا له وارثًا أو ذا رحم» رواه أبو داود (4) في رواية.
4115 - وأخرج أيضًا (5) من حديث أبي موسى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «ابن أخت القوم منهم» وأخرجه النسائي (6) بلفظ «من أنفسهم» ، قال المنذري في مختصر
_________
(1) أحمد (4/131، 133) ، أبو داود (3/123) (2899) ، النسائي في "الكبرى" (4/76) ، ابن ماجه (2/914) (2738) ، ابن حبان (13/397) (6035) ، الحاكم (4/382) .
(2) أحمد (1/28، 46) ، النسائي في "الكبرى" (4/76) ، الترمذي (4/421) (2103) ، ابن ماجه (2/914) (2737) ، ابن حبان (13/400-401) (6037) .
(3) الترمذي (4/422) (2104) ، والنسائي في "الكبرى" (4/76) ، والدارقطني (4/85) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/397) .
(4) أبو داود (3/124) (2904) .
(5) تقدم برقم (4069) .
(6) النسائي (5/106) (2610) من حديث أنس.(3/1362)
السنن وقد أخرج البخاري ومسلم والترمذي (1) قوله - صلى الله عليه وسلم - «ابن أخت القوم منهم» مختصرًا ومطولًا.
4116 - وعن ابن عباس: «أن رجلًا مات على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يترك وارثًا إلا عبدًا هو أعتقه فأعطاه ميراثه» .
4117 - وعن قبيصة عن تميم الداري قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما السنة في الرجل يسلم على يد رجل من المسلمين؟ فقال: هو أولى الناس بمحياه ومماته» وهو مرسل قبيصة لم يلق تميم الداري.
4118 - وعن عائشة «أن مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - خر من عذق فمات فأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هل له من نسب أو رحم؟ قالوا: لا قال: أعطوا ميراثه بعض أهل قريته» رواهن الخمسة إلا النسائي (2) وحسن الترمذي الحديث الأول حديث ابن
_________
(1) البخاري (3/1294، 6/2484) (3327، 6381) ، ومسلم (2/735) (1059) ، والنسائي (5/106، 107) ، والترمذي (5/712) (3901) ، وأحمد (3/119، 171، 172) من حديث أنس.
(2) الحديث الأول عند أبي داود (3/124) (2905) ، الترمذي (4/423) (2106) ، ابن ماجه (2/915) (2741) ، أحمد (1/221) ، وهو عند الحاكم (4/386) ، وأبي يعلى (4/288) (2399) ، والطبراني في "الكبير" (11/427) ، والحميدي (1/241) (523) ، والحديث الثاني عند أبي داود (3/127) (2918) ، الترمذي (4/427) (2112) ، ابن ماجه (2/919) (2752) ، أحمد (4/102، 103) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/88) ، والدارقطني (4/181) ، والدارمي (2/471) (3033) ، والبيهقي (10/296) ، وابن أبي شيبة (6/295) (31576) ، وأبي يعلى (13/102-103) (7165) ، والطبراني في "الكبير" (2/56) ، والحاكم (2/239) ، وعلقه البخاري في "صحيحه" (6/2483) باب إذا = = أسلم على يديه من كتاب الفرائض، فوق حديث (6376) ، والحديث الثالث عند أبي داود (3/123) (2902) ، الترمذي (4/422) (2105) ، ابن ماجه (2/913) (2733) ، أحمد (6/137، 174، 181) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/84) (6393) ، والبيهقي (6/243) ، وأبي يعلى (8/107) (4647) ، والطيالسي (1/206) (1465) .(3/1363)
عباس، وقال في حديث تميم: لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن موهب ويقال: ابن وهب، وقد أدخل بعضهم بين عبد الله بن موهب وتميم الداري قبيصة وهو عندي ليس بمتصل، انتهى. وقال الشافعي في هذا الحديث: ليس بثابت وقال الخطابي ضعف أحمد حديث تميم، انتهى. وصححه الحاكم، وحديث عائشة حسنه الترمذي.
4119 - وعن بريدة قال: «توفي رجل من الأزد فلم يدع وارثًا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ادفعوه إلى أكبر خزاعة» رواه أحمد أبو داود (1) بإسناد ضعيف.
4120 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين الصحابة وكانوا يتوارثون بذلك حتى نزلت: ((وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ)) [الأنفال:75] فتوارثوا بالنسب» رواه الدارقطني (2) ، وأخرجه أبو داود (3) بنحوه وفي إسناده مقال.
4121 - ومن لم يورث ذوي الأرحام استدل بحديث: «سألت الله عز
_________
(1) أحمد (5/347) ، أبو داود (3/124) (2904) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/85) ، والبيهقي (6/243) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/404) ، وابن أبي شيبة (6/297) ، والطيالسي (1/109) .
(2) الدارقطني (4/88) (67) .
(3) بنحوه عند أبي داود (3/128) (2921) ، والحاكم (4/384) ، والبيهقي (6/262) .(3/1364)
وجل عن ميراث العمة والخالة فسارني جبريل أن لا ميراث لهما» رواه الدارقطني (1) من حديث أبي هريرة وقال: لم يسنده غير مسعدة الباهلي عن محمد بن عمرو وهو ضعيف، والصواب مرسل. قال في "خلاصة البدر": وكذا رواه أبو داود في "مراسيله" (2) عن عطاء بن يسار، ووصله الحاكم (3) بزيادة أبي سعيد بإسناد ضعيف؛ لكن رواه الطبراني (4) كذلك بدونه.
4122 - ويعضد المرسل ما في مستدرك (5) الحاكم (6) عن ابن عمر قال: «أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حمار فلقيه رجل فقال: يا رسول الله رجل ترك عمته وخالته لا وارث له غيرهما فقال لا ميراث لهما» وقال: صحيح الإسناد وله شواهد فذكرها، انتهى كلام "خلاصة البدر"، وقد أجاب جماعة من الحفاظ بأن هذا الحديث لا يقاوم الأحاديث القاضية بالتوريث وأيضًا هذا الحديث الذي صححه الحاكم ضعيف، ففي إسناده عبد الله بن جعفر المديني وهو ضعيف.
[27/6] باب ميراث ابن الملاعنة والزانية منهما
4123 - وميراثهما منه وانقطاعه من الأب في حديث المتلاعنين الذي يرويه سهل بن سعد قال: «وكانت
_________
(1) الدارقطني (4/80) .
(2) أبو داود في "مراسيله" (ص:263 رقم: 361) .
(3) الحاكم (4/381) .
(4) الطبراني في "الصغير" (2/141) .
(5) في الأصل: صحيح الحاكم.
(6) الحاكم (4/381) .(3/1365)
حاملًا وكان ابنها ينسب إلى أمه فجرت السنة أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها» أخرجاه (1) .
4124 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا مساعة في الإسلام من ساعى في الجاهلية فقد ألحقته بعصبته ومن ادعى ولدًا من غير رشده فلا يرث ولا يورث» رواه أحمد وأبو داود (2) وفي إسناده رجل مجهول.
4125 - وأخرج أيضًا أبو داود (3) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن كل مستلحق ولد زنا لأهل أمه من كانوا حرة أو أمة، وذلك فيما استلحق في أول الإسلام» وفي إسناده محمد بن راشد المكحولي الشامي قد تكلم فيه، ووثقه أحمد وابن معين والنسائي.
4126 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل عاهر لحرة أو أمة فالولد ولد زنا لا يرث ولا يورث» رواه الترمذي (4) ، قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقال الترمذي: قد روى غير ابن لهيعة هذا الحديث عن عمرو بن شعيب والعمل على
_________
(1) سيأتي هذا الحديث برقم (4229) ، وهو بهذه الرواية عند البخاري (4/1772) (4469) ، ومسلم (2/1130) (1492) ، وابن حبان (10/114) (4283) ، وأبي داود (2/275) (2252) ، والطبراني في "الكبير" (6/115) ، والبيهقي (7/400) .
(2) أحمد (1/362) ، أبو داود (2/279) (2264) ، وهو عند الحاكم (4/380) ، والبيهقي (6/259) ، والطبراني في "الكبير" (12/49) .
(3) أبو داود (2/279) (2265) ، وهو عند ابن ماجه (2/917) (2746) ، والدارمي (2/483) (3112) ، وعبد الرزاق (10/289) ، وأحمد (2/181، 219) .
(4) الترمذي (4/428) (2113) .(3/1366)
هذا عند أهل العلم أن ولد الزنا لا يرث من أبيه، انتهى. ورجاله ثقات، وعبد الله بن لهيعة قد حسن حديثه بعض الأئمة، وقال أحمد بن حنبل: من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه، انتهى. وقد تابعه على إخراج هذا الحديث غيره ذكره الترمذي، وأحاديث عمرو بن شعيب قد تقدم الكلام عليها مستوفى في باب الوضوء مرة ومرتين.
4127 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه جعل ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها» رواه أبو داود (1) وفي إسناده ابن لهيعة وفيه مقال وتقدم الكلام عليه في الحديث قبله.
4128 - وعن واثلة بن الأسقع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المرأة تحوز ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه الحاكم (2) وقال الترمذي: حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث محمد بن حرب، وقال المنذري: وفي إسناده عمر بن روبية البغلي. قال البخاري: فيه نظر، وسئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: صالح الحديث، قيل: تقوم به الحجة. قال: لا، ولكن صالح، قال الخطابي: هذا الحديث غير ثابت عند أهل النقل.
قوله: «لا مساعاة» المساعاة الزنا بالإماء قال في "الدر النثير": ساعت الأمة أي
_________
(1) أبو داود (3/125) (2908) .
(2) أبو داود (3/125) (2906) ، النسائي في "الكبرى" (4/78) ، ابن ماجه (2/916) (2742) ، الترمذي (4/429) (2115) ، الحاكم (4/378) ، وهو عند الدارقطني (4/89) ، والبيهقي (6/259) ، وأحمد (3/490، 4/106-107) ، والطبراني في "الكبير" (22/73) .(3/1367)
فجرت وساعاها فلان فجر بها.
[27/7] باب ميراث الحمل
4129 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا استهل المولود ورث» رواه أبو داود (1) وصححه ابن حبان وفي إسناده محمد بن إسحاق وفيه مقال.
4130 - وعن جابر بن عبد الله والمسور بن مخرمة قالا: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرث الصبي حتى يستهل» رواه أحمد (2) في رواية ابنه عبد الله.
4131 - وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي بلفظ: «إذا استهل السقط صلي عليه وورث» وفي إسناده إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف، قال الترمذي: وروي مرفوعًا، والموقوف أصح وبه جزم النسائي، وقال الدارقطني في "العلل": لا يصح رفعه، وأخرجه الحاكم عن جابر مرفوعًا، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وقد تقدم (3) في كتاب الجنائز.
قوله: «استهل» أي بكى عند ولادته وهو كناية عن ولادته حيًا وإن لم يستهل بل وجدت أمارة تدل على حياته قاله ابن الأثير.
[27/8] باب الميراث بالولي
4132 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الولاء لمن أعتق» متفق عليه وهو
_________
(1) أبو داود (3/128) (2920) ، وعنه البيهقي (6/257) .
(2) وهو عند ابن ماجه (2/919) (2751) ، والطبراني في الكبير (20/20) ، والأوسط (5/34-35) .
(3) تقدم برقم (2217) .(3/1368)
طرف من حديث قد تقدم (1) في البيع، وسيأتي (2) في العتق، وفي رواية للبخاري (3) : «الولاء لمن أعطى الورق وولي النعمة» .
4133 - وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب» رواه الحاكم وصححه ابن حبان، وقد تقدم (4) في كتاب البيع.
4134 - وعن قتادة عن سلمى بنت حمزة: «أن مولاها مات وترك ابنته، فورث النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته النصف، وورث يعلى النصف وكان ابن سلمى» رواه أحمد (5) ، قال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد ثقات إلا أن قتادة لم يسمع من سلمى بنت حمزة، وأخرجه الطبراني (6) بأسانيد رجال بعضها رجال الصحيح.
4135 - وعن جابر بن زيد عن ابن عباس: «أن مولى الحمزة توفي وترك ابنته وابنة حمزة، فأعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته النصف، وابنة حمزة النصف» رواه الدارقطني (7) واحتج أحمد بهذا الخبر في رواية أبي طالب وذهب إليه. وكذلك روي
_________
(1) تقدم برقم (3632) .
(2) سيأتي برقم (4192) .
(3) البخاري (6/2483) (6379) ، وهي عند ابن حبان (10/91) (4271) ، والنسائي في "الكبرى" (4/86) ، أحمد (6/186) .
(4) تقدم برقم (3555) .
(5) أحمد (6/405) .
(6) الطبراني في "الكبير" (24/353-357) .
(7) الدارقطني (4/83) (51) ، الطبراني في "الكبير" (24/353) .(3/1369)
عن إبراهيم النخعي ويحيى بن آدم وإسحاق بن راهويه أن المولى كان لحمزة،وقد روي أنه كان لابنة حمزة فروى محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الله بن شداد عن بنت حمزة وهي أخت ابن شداد لأمه قالت: «مات مولاي وترك ابنته، فقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماله بيني وبين ابنته، فجعل لي النصف وجعل لها النصف» رواه ابن ماجه (1) وابن أبي ليلى فيه ضعف فإن صح هذا لم يقدح في الرواية الأولى فإن (2) من المحتمل تعدد الواقعه ومن المحتمل أنه أضاف مولى الوالد إلى الولد بناء على القول بانتقاله إليه أو توريثه به، انتهى كلام "المنتقى"، وفي "خلاصة البدر" حديث: «أنه - صلى الله عليه وسلم - ورث ابنة حمزة من مولاها» رواه النسائي وابن ماجه (3) . قال النسائي: مرسلًا أولى بالصواب، وقال الدارقطني: أنه الأصح، قلت: وأخرجه أبو داود في "مراسيله" (4) وروى الدارقطني (5) أن المولى كان لحمزة. قال البيهقي: هو غلط، انتهى كلام "الخلاصة".
[27/9] باب ما جاء فيمن تولى قومًا بغير إذن مواليه وما جاء في السايبة
4136 - عن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من والى قومًا بغير إذن مواليه فعليه
_________
(1) ابن ماجه (2/913) (2734) ، النسائي في "الكبرى" (4/86) .
(2) وأيضًا من المحتمل أنه استشهد الخمسة وهو مملوك له فانتقل إلى بنت حمزة بالميراث فأعتقته فنسب إلى الحمزة باعتبار ما كان ونسب إلى ابنته باعتبار ما صار إليه وهو احتمال قوي يجمع بين الأحاديث والله تعالى أعلم.
(3) تقدم قريبًا.
(4) أبو داود في "مراسيله" (ص: 266-268 رقم: 364، 365)
(5) الدارقطني (4/83) .(3/1370)
لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منهم يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا» متفق عليه (1) ، وليس لمسلم فيه «بغير إذن مواليه» .
4137 - لكن له (2) مثله بهذه الزيادة من حديث أبي هريرة.
4138 - وعن هزيل بن شرحبيل قال: «جاء رجل إلى عبد الله، فقال: إني أعتقت عبدًا لي وجعلته سايبة فمات وترك مالًا ولم يدع وارثًا، فقال عبد الله: إن أهل الإسلام لا يسيبون وأنت ولي نعمته ولك ميراثه، وإن تأثمت وتحرجت في شيء فنحن نقبله ونجعله في بيت المال» رواه البرقاني (3) على شرط الصحيح، وللبخاري (4) منه: «إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كان يسيبون» .
قوله: «صرفا» الصرف التوبة وقيل النافلة والعدل الفدية وقيل الفريضة.
[27/10] باب الولاء هل يورث أو يورث به
4139 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «تزوج رياب بن حذيفة بن سعد بن سهم أم وائل بن معمر الجهمية، فولدت له ثلاثة فتوفيت أمهم فورثها بنوها رباعها وولاء مواليها، فخرج بهم عمرو بن العاص معه إلى الشام فماتوا في طاعون عمواس، فورثهم عمرو وكان عصبتهم، فلما رجع عمرو جاء بنو معمر بن حبيب يخاصمونه في ولاء أختهم إلى عمر بن الخطاب، فقال: أقضي بينكما
_________
(1) البخاري (6/2662) (6870) ، مسلم (2/999) (1370) ، أحمد (1/126) ، وهو عند ابن حبان (9/30) (3716) ، وأبي داود (2/216) (2034) ، والترمذي (4/438) (2127) .
(2) مسلم (2/1146) (1508) ، أبو داود (4/330) (5114) ، أحمد (2/498، 417) .
(3) ذكره الحافظ في "الفتح" (12/41) وعزاه إلى الإسماعيلي.
(4) البخاري (6/2482) (6372) ، وهو عند البيهقي (10/300) ، وعبد الرزاق (9/25) .(3/1371)
بما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ما أحرز الوالد والولد فهو لعصبته من كان، فقضى لنا به وكتب لنا كتابًا فيه شهادة عبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت» رواه ابن ماجه (1) وأبو داود (2) بمعناه ولأحمد (3) وسطه من قوله: «فلما رجع جاء بنو معمر إلى قوله: فقضى لنا به» قال أحمد في رواية ابنه صالح: حديث عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما أحوز الوالد والولد، فهو لعصبته من كان» هكذا يرويه عمرو بن شعيب، وقد روي عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود أنهم قالوا: «الولاء للكبر» فهذا الذي نذهب إليه وهو قول أكثر الناس فيما بلغنا، انتهى. والحديث أخرجه النسائي (4) مسندًا ومرسلًا وصححه ابن المديني وابن عبد البر.
قوله: «رياب» بكسر الراء المهملة وبعدها ياء مثناة تحتية وبعد الألف باء موحدة. قوله: «عمواس» هي قرية بين الرملة وبين القدس.
[27/11] باب ما جاء أن المكاتب يرث بقدر ما عتق منه
4140 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المكاتب يعتق بقدر ما أدى، ويقام عليه الحد بقدر ما عتق منه، ويورث بقدر ما عتق منه، ويرث بقدر ما عتق منه» رواه النسائي وأبو داود والترمذي (5) وقال: حديث حسن ولفظهما: «إذا
_________
(1) ابن ماجه (2/912) (2732) .
(2) أبو داود (3/127) (2917) .
(3) أحمد (1/27) .
(4) النسائي في "الكبرى" (4/75) .
(5) النسائي (8/46) ، أبو داود (4/194) (4582) ، الترمذي (3/560) (1259) ، أحمد (1/222، 226) .(3/1372)
أصاب المكاتب حدًا أو ميراثًا، ورث بحساب ما عتق منه» والدارقطني (1) مثلهما وزاد: «وأقيم عليه الحد بحساب ما عتق منه» وقال أحمد في رواية محمد بن الحكم: «إذا كان العبد نصفه حرًا ونصفه عبدًا ورث بقدر الحرية كذلك روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -» ، قال الحافظ في "الفتح": الحديث رجال إسناده ثقات لكنه اختلف في إرساله ووصله.
[27/12] باب امتناع التوريث بين أهل ملتين
وحكم من أسلم على ميراث قبل أن يقسم
4141 - عن أسامة بن زيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» رواه الجماعة (2) قال في "الخلاصة": وغلط ابن الأثير في دعواه أن النسائي لم يروه والمجد ابن تيمية في دعواه أن مسلمًا لم يروه، انتهى. وفي رواية للشيخين (3) : «قال يا رسول الله: أتنزل غدًا في دارك بمكة قال: وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور؟» وكان عقيلًا ورث أبا طالب هو وطالب ولم يرث جعفر ولا علي شيئًا؛ لأنهما كان مسلمين وكان عقيل وطالب كافرين.
_________
(1) الدارقطني (4/121) (2) ، الحاكم (2/238) ، النسائي في "الكبرى" (4/84، 303) .
(2) البخاري (6/2484) (6383) ، مسلم (3/1233) (1614) ، أبو داود (3/125) (2909) ، النسائي في "الكبرى" (4/80) ، الترمذي (4/423) (2107) ابن ماجه (2/911) (2729) ، أحمد (5/200، 208، 209) ، وهو عند الإمام مالك (2/519) ، وابن حبان (13/394) (6033) ، والشافعي (1/235) .
(3) البخاري (3/1113) (2893) ، مسلم (2/984) (1351) ، أبو داود (3/125) (2910) ، ابن ماجه (2/981) (2942) ، النسائي في "الكبرى" (2/480) ، أحمد (5/201) .(3/1373)
4142 - وعن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا توارث بين أهل ملتين شتى» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (1) .
4143 - وللترمذي (2) مثله من حديث جابر.
وقال في "خلاصة البدر": حديث «لا يتوارث أهل ملتين شتى» رواه النسائي (3) من حديث أسامة بن زيد بإسناد صحيح، ووهم عبد الحق فعزاه إلى مسلم. ورواه أيضًا أبو داود والنسائي وابن ماجه والدارقطني من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناد أبي داود والدارقطني صحيح والآخرين ضعيف، قال الترمذي في "سننه": والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم، واختلف أهل العلم في ميراث المرتد، فجعل بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم المال لورثته من المسلمين، وقال بعضهم لا يرثه ورثته من المسلمين، واحتجوا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يرث المسلم الكافر» وهو قول الشافعي.
4144 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يرث المسلم النصراني إلا أن يكون عبده أو أمته» رواه الدارقطني (4) ورواه (5) من طريق موقوفًا على جابر وفي
_________
(1) أحمد (2/178، 195) ، أبو داود (3/125) (2911) ، ابن ماجه (2/912) (2731) ، وهو عند الدارقطني (4/75) ، والطبراني في "الأوسط" (6/251) ، والنسائي في "الكبرى" (4/82) كلهم من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(2) الترمذي (4/424) (2108) ، وهو عند الطبراني في "الأوسط" (8/223-224) .
(3) النسائي في "الكبرى" (4/82) .
(4) الدارقطني (4/74) (22) ، وهو عند الحاكم (4/383) ، والنسائي في "الكبرى" (4/83) ، والبيهقي (6/218) ، وابن عدي في "الكامل" (6/226) .
(5) الدارقطني (4/75) (23) .(3/1374)
الباب أحاديث.
4145 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم وكل قسم أدركه الإسلام فإنه على ما قسم الإسلام» رواه أبو داود وابن ماجه وسكت عنه أبو داود والمنذري وأخرجه أبو يعلى والضياء في "المختارة" (1) .
[27/13] باب ما جاء أن القاتل لا يرث وأن دية المقتول
لجميع ورثته من زوجة وغيرها
4146 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يرث القاتل شيئًا» رواه أبو داود وأخرجه النسائي والدارقطني (2) ، وقواه ابن عبد البر وأعله النسائي، قال ابن حجر: والصواب وقفه على عمرو، وقال المنذري: في "مختصر السنن" الحديث في إسناده محمد بن أسد الدمشقي المكحولي، وقد وثقه غير واحد، وتكلم فيه غير واحد، انتهى. وللحديث شواهد كثيرة لا يقصر عن العمل بمجموعها، وقال ابن عبد البر: إسناده صحيح وله شواهد كثيرة، انتهى.
4147 - وأخرجه الترمذي (3) من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف.
4148 - وعن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس لقاتل ميراث»
_________
(1) أبو داود (3/126) (2914) ، ابن ماجه (2/831) (2485) ، أبو يعلى (4/247) (2359) .
(2) أبو داود (4/189) (4564) ، النسائي في "الكبرى" (4/79) ، الدارقطني (4/96) (87) .
(3) الترمذي (4/425) (2109) ، وهو عند ابن ماجه (2/883، 913) (2645، 2735) ، والبيهقي (6/220) ، الدارقطني (4/96) (86) .(3/1375)
رواه مالك في "الموطأ" وأحمد وابن ماجه (1) وفي إسناده انقطاع.
4149 - وعن سعيد بن المسيب أن عمر قال: «الدية للعاقلة لا ترث المرأة من دية زوجها حتى أخبره الضحاك بن سفيان الكلابي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلي أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (2) وصححه، ورواه مالك (3) من رواية ابن شهاب عن عمر، وزاد قال ابن شهاب: «كان قتلة أشيم خطأ» وزاد أبو داود «فرجع عمر» .
4150 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن العقل ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم» رواه الخمسة إلا الترمذي (4) ، وفي إسناده محمد بن راشد قد تكلم فيه غير واحد.
4151 - وعن قرة بن دعموص قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا وعمي، فقلت: يا رسول الله عند هذا دية أبي فمره يعطينيها، وكان قتل في الجاهلية، فقال: أعطه دية
_________
(1) مالك (2/867) (1557) ، أحمد (1/49) ، ابن ماجه (2/884) (2646) ، وهو عند الدارقطني (4/96) ، وعبد الرزاق (9/403) ، وابن أبي شيبة (6/279) ، والشافعي في "المسند" (1/201) .
(2) أحمد (3/452) ، أبو داود (3/129) (2927) ، الترمذي (4/27، 425) (1415، 2110) ، وهو عند ابن ماجه (2/883) (2642) ، وابن الجارود (1/243) (966) ، والشافعي (1/203) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (9/397) ، وابن أبي شيبة (5/416) ، والطبراني في "الأوسط" (8/127) ، عن سعيد بن المسيب.
(3) مالك (2/866) (1556) ، والشافعي (1/203) ، عن ابن شهاب.
(4) أبو داود (4/184) (4541) ، النسائي (8/42) ، ابن ماجه (2/878) (2630) ، أحمد (2/224) .(3/1376)
أبيه، فقلت: هل لأمي فيها حق؟ قال: نعم، وكانت ديته مائة من الإبل» رواه البخاري في "تاريخه" (1) ، ويشهد لصحته حديث الضحاك وعمرو بن شعيب.
قوله: «أشيم» بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة بعدها ياء مفتوحة.
[27/14] باب ما جاء أن الأنبياء لا يورثون
4152 - عن أبي بكر الصديق عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا نورث ما تركناه صدقة» .
4153 - وعن عمر أنه قال لعثمان وعبد الرحمن بن عوف وعلي والعباس: «أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا نورث ما تركناه صدقة؟ قالوا: نعم» .
4154 - وعن عائشة «أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن، فقالت عائشة: أليس قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا نورث ما تركناه صدقة» .
4155 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقتسم ورثتي دينارًا ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة» متفق عليهن (2) ، وفي
_________
(1) البخاري في التاريخ "الكبير" (7/180) ، البيهقي (8/134) .
(2) الحديث الأول عند البخاري (3/1126، 1360، 4/1481، 1549) (2926، 3508، 3810، 3998) ، ومسلم (3/1380) (1759) ، وأحمد (1/4، 6، 9) ، وأبي يعلى (1/45) (43) ، وابن حبان (14/573) (6607) ، والحديث الثاني عند البخاري (3/1126-1127، 4/1479-1480، 5/2048-2049) (2927، 3809، 5043) ، ومسلم (3/1377-1378) (1757) ، وأحمد (1/60) ، وأبي داود (3/139) (2963) ، والترمذي = = (4/158) (1610) ، وأبي يعلى (2/151) (838) ، والحديث الثالث عند البخاري (6/2475) (6349) ، ومسلم (3/1379) (1758) ، وأحمد (6/262) ، وأبي داود (3/144، 145) (2976، 2977) ، والإمام مالك (2/993) (1802) ، وابن حبان (14/580) (6611) ، والحديث الرابع عند البخاري (3/1020، 1128، 6/2475) (2624، 2929، 6348) ، ومسلم (3/1382) (1760) ، وأحمد (2/376، 464) ، وابن حبان (14/580) (6610) ، وأبي داود (3/144) (2974) ، والإمام مالك (2/993) (1803) .(3/1377)
لفظ لأحمد (1) : «لا يقتسم ورثتي دينارًا ولا درهمًا» .
4156 - وعن أبي هريرة «أن فاطمة قالت لأبي بكر: من يرثك إذا مت قال ولدي وأهلي، قالت فما لنا لا نرث النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن النبي لا يورث ولكن أعول على من كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعول وأنفق على من كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفق» رواه أحمد (*) والترمذي وصححه (2) .
... قوله: «لا نورث» بالنون.
4157 - وأخرج الترمذي في "الشمائل" (3) من حديث عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص بلفظ: «أسمعتم النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: كل مال نبي صدقة إلا ما أطعمه الله إنا لا نورث» ، وفي رواية ذكرها في "شرح الشمائل" فقال في الجواب: «نعم» ، وأما حديث: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» فلم أجده بهذا
_________
(1) أحمد (2/242) .
(2) الترمذي (4/157) (1608) .
(3) الترمذي في "الشمائل" (1/342) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
الحديث لم نجده بهذا اللفظ عند أحمد من حديث أبي هريرة، وإنما ورد منقطعًا (1/10) من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة أن فاطمة قالت لأبي بكر، وذكر الحديث. قال الشيخ أحمد شاكر في شرحه على المسند (1/179) : إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن أبا سمة بن عبد الرحمن بن عوف تابعي ثقة، ولكنه لم يدرك أبا بكر، وروايته عنه مرسلة، وسيأتي موصولاً عن أبي سلمة عن أبي هريرة اهـ. وهذا الذي أشار إليه أنه سيأتي موصولاً (1/13) (79) ليس بها اللفظ.(3/1378)
اللفظ، ووهم علي قاري في "شرح الشمائل" فقال: فقد ورد في الصحيح: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» وقال في "فتح الباري": أنه أخرجه النسائي بلفظ: «إنا معاشر الأنبياء لا نورث» .
* * *(3/1379)
[28] كتاب العتق
[28/1] باب الحث عليه وفضله
4158 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوًا من النار حتى فرجه بفرجه» متفق عليه (1) .
4159 - وعن عمرو بن عبسة (2) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق رقبة مؤمنة كان فداه من النار» رواه أبو داود (3) .
4160 - والنسائي (4) بنحوه من رواية أبي موسى الأشعري.
4161 - والترمذي (5) مثله من رواية أبي أمامة وقال: حسن صحيح، وقال المنذري: إن في إسناده بقية بن الوليد وفيه مقال، وأخرجه النسائي بطرق أخرى وفيها ما إسناده حسن.
4162 - وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أعتق رقبة مؤمنة فهي فكاكه من النار» رواه أحمد بإسناد صحيح والحاكم، وقال: صحيح الإسناد (6) .
4163 - وعن سالم بن أبي الجعد عن أبي أمامة وغيره من أصحاب النبي
_________
(1) البخاري (6/2469) (6337) ، مسلم (2/1147) (1509) ، أحمد (2/420، 525) ، وهو عند الترمذي (4/114) (1541) ، والنسائي في "الكبرى" (3/168) .
(2) في الأصل عتبة.
(3) أبو داود (4/30) (3966) .
(4) النسائي في "الكبرى" (3/169) (4878) ، أحمد (4/404) ، الحاكم (2/230) .
(5) سيأتي قريبًا.
(6) أحمد (4/150) ، الحاكم (2/230) ، أبو يعلى (3/296) (1760) .(3/1380)
- صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما امرئ مسلم أعتق امرأً مسلمًا كان فكاكه من النار يجري كل عضو منه عضوًا منه وإيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار، يجري كل عضو منهما عضوًا منه» رواه الترمذي (1) ، وصححه، ولأحمد وأبي داود (2) معناه من رواية كعب بن مرة أو مرة بن كعب السلمي وزاد فيه: «أيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار يجري كل عضو من أعضائها» وأخرج حديث كعب النسائي وابن ماجه (3) بإسناد صحيح.
4164 - وعن أبي ذر قال: «قلت يا رسول الله أي الأعمال أفضل قال: الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله، قال: قلت أي الرقاب أفضل؟ قال: أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً» .
4165 - وعن ميمونة بنت الحارث «أنها أعتقت وليدة لها ولم تستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت: أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي، قال: أوفعلت؟ قلت: نعم، قال: أما أنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك» متفق عليهما (4) . وفي الثاني دليل على جواز تبرع المرأة بدون إذن زوجها،
_________
(1) الترمذي (4/117) (1547) .
(2) أحمد (4/235) ، أبو داود (4/30) (3967) .
(3) النسائي (3/170) (4883) ، ابن ماجه (2/843) (2522) .
(4) الحديث الأول عند البخاري (2/891) (2382) ، مسلم (1/89) (84) ، أحمد (5/150، 171) ، ابن حبان (10/148) (4310) ، والحديث الثاني عند البخاري (2/915) (2452) ، مسلم (2/694) (999) ، أحمد (6/332) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (3/178) ، وابن حبان (8/132) (3343) .(3/1381)
وأن صلة الرحم أفضل من العتق.
4166 - وعن حكيم بن حزام قال: «قلت يا رسول الله أرأيت أمورًا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة وعتاق وصلة رحم هل لي فيها من أجر قال: أسلمت على ما أسلفت لك من خير» متفق عليه (1) .
قوله: «أشعرت» بفتح الشين المعجمة بعدها عين مهملة.
[28/2] باب ما جاء في فضل العتق في الصحة
4167 - عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يهدي إذا شبع» رواه أبو داود وأخرجه النسائي، والترمذي وقال: حسن صحيح (2) .
[28/3] باب من أعتق عبدًا وشرط عليه خدمة
4168 - عن سفينة بن عبد الرحمن قال: «أعتقتني أم سلمة وشرطت علي أن أخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ما عاش» رواه أحمد وابن ماجه (3) وفي لفظ: «كنت مملوكًا لأم سلمة فقالت: أعتقك وأشترط عليك أن تخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما عشت، فقال: لو لم تشترطي عليّ ما فارقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعتقتني واشترطت علي» رواه
_________
(1) البخاري (2/521، 773، 5/2233) (1369، 2107، 5646) ، مسلم (1/113، 114) (123) ، أحمد (3/402) ، وهو عند ابن حبان (2/37) (329) ، البيهقي (10/316) ، الطبراني في "الكبير" (3/191) .
(2) تقدم برقم (2375) .
(3) أحمد (5/221، 6/319) ، ابن ماجه (2/844) (2526) ، النسائي في "الكبرى" (3/191) (4996) ، الحاكم (3/702) .(3/1382)
أبو داود والحديث أخرجه النسائي، وقال: لا بأس بإسناده، وأخرجه أيضًا الحاكم (1) بإسناد فيه مقال.
[28/4] باب ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم
4169 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يجزي والدًا ولده إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه» رواه الجماعة إلا البخاري (2) .
4170 - وعن الحسن عن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ملك ذا رحم محرم فهو حر» رواه الخمسة إلا النسائي (3) وقد تكلم في هذا الحديث وفي شواهده ورجح جماعة من الحفاظ أنه موقوف، وأما ابن حزم وعبد الحق فصححاه من رواية ابن عمر (4) وفي إسناده ضمرة بن ربيعة وقالا: لا يضر تفرده به لأنه ثقة، ورواه أحمد (5) بلفظ: «من ملك ذا رحم محرم فهو عتيق» .
_________
(1) أبو داود (4/22) (3932) ، الحاكم (2/232) ، النسائي في "الكبرى" (3/190) (4995) .
(2) مسلم (2/1148) (1510) ، أبو داود (4/335) (5137) ، النسائي في "الكبرى" (3/173) (4896) ، الترمذي (4/315) (1906) ، ابن ماجه (2/1207) (3659) ، أحمد (2/230، 263، 376، 445) ، وهو عند ابن الجارود (1/244) (971) ، وابن حبان (2/167) (424) ، والبيهقي (10/289) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/109) ، وابن أبي شيبة (5/218) ، وابن الجعد (1/392) ، والطبراني في "الأوسط" (6/372، 8/260) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (10) .
(3) أبو داود (4/26) (3949) ، الترمذي (3/646) (1365) ، ابن ماجه (2/843) (2524) ، أحمد (5/15، 20) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (3/173) ، والحاكم (2/233) .
(4) حديث ابن عمر عند ابن ماجه (2/844) (2525) ، والحاكم (2/233) ، والنسائي في "الكبرى" (3/173) (4897) .
(5) أحمد (5/18) .(3/1383)
4171 - ولأبي داود (1) عن عمر بن الخطاب موقوفًا مثل حديث سمرة.
4172 - وروى أنس: «أن رجالًا من الأنصار استأذنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا يا رسول الله ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداه فقال: لا تدعو منه درهمًا» رواه البخاري (2) قال في "المنتقى": وهو يدل على أنه إذا كان في الغنيمة ذو رحم لبعض الغانمين ولم يتعين له لم يعتق عليه؛ لأن العباس ذو رحم محرم من النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن علي رضي الله عنه.
قوله: «يجزي» بضم أوله أي لا يكافيه.
[28/5] باب ما جاء أن من مثل بمملوكه عتق عليه
4173 - عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو: «أن زنباعًا أبا روح وجد غلامه مع جارية له فجدع أنفه وجبه فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال من فعل هذا بك فقال زنباع فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما حملك على هذا فقال: كان من أمره كذا وكذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اذهب فأنت حر قال: يا رسول الله فمولى من أنا فقال مولى الله ورسوله فأوصى به المسلمين فلما قبض جاء إلى أبي بكر فقال: وصية رسول الله، فقال: نعم نجري عليك النفقة وعلى عيالك فأجراها عليه حتى قبض فلما استخلف عمر جاءه فقال: وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: نعم، أين تريد قال: مصر فكتب عمر إلى صاحب مصر أن يعطيه
_________
(1) أبو داود (4/26) (3950) ، والنسائي في "الكبرى" (3/174) .
(2) البخاري (2/896، 3/1110، 4/1474) (2400، 2883، 3793) ، وهو عند ابن حبان (11/117) (4794) .(3/1384)
أرضًا يأكلها» رواه أحمد (1) ولأبي داود (2) من حديثه قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: مالك قال: سيدي رآني أقبل جارية له فجب مذاكيري فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: علي بالرجل فطلب فلم يقدر عليه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اذهب فأنت حر» رواه أبو داود وابن ماجه (3) ، وزاد: «على من نصرتي يا رسول الله، قال: يقول أرأيت إن استرقني مولاي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: على كل مؤمن أو مسلم» .
4174 - وروى ابن منصور (4) عن أحمد: «أن رجلًا أقعد أمة له في مقلاه حار فأحرق عجزها فأعتقها عمر وأوجعه ضربًا» وعمرو بن شعيب سكت عنه أبو داود، وقال المنذري: في إسناده عمرو بن شعيب وقد تقدم اختلاف الأئمة في حديثه، وفي إسناده الحجاج بن أرطأة وهو ثقة لكنه مدلس وبقية رجال أحمد ثقات.
4175 - وعن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه» رواه مسلم وأبو داود (5) .
4176 - وعن سويد بن مقرن قال: «كنا بني مقرن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس لنا إلا خادمة واحدة فلطمها أحدنا فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أعتقوها»
_________
(1) أحمد (2/182) .
(2) أبو داود (4/176) (4519) .
(3) ابن ماجه (2/894) (2680) .
(4) في "مسائله " رقم (2380) . وهو في: "مصنف عبد الرزاق " (9/438)
(5) مسلم (3/1278) (1657) ، أبو داود (4/342) (5168) ، وهو عند أحمد (2/25، 61) .(3/1385)
رواه مسلم وأبو داود والترمذي (1) ، وفي رواية مسلم (2) : «أنه قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا خادم لبني مقرن قال: فليس تخدمونها فإذا استغنوا فليخلوا سبيلها» .
4177 - وعن أبي مسعود قال: «كنت أضرب غلامًا بالسوط فسمعت صوتًا من خلفي فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، وفيه قلت: يا رسول الله هو حر لوجه الله، قال: لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار» رواه مسلم وغيره (3) .
[28/6] باب من أعتق شركًا له في عبد
4178 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق شركًا له في عبد وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم العبد عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم، وعتق عليه العبد وإلا فقد أعتق ما عتق» رواه الجماعة (4) ، والدارقطني (5) وزاد: «ورق ما
_________
(1) مسلم (3/1280) (1658) ، أبو داود (4/342) (5166) ، الترمذي (4/114) (1542) وهو عند النسائي في "الكبرى" (3/194) .
(2) مسلم (3/1279) (1658) ، النسائي في "الكبرى" (3/193) (5011) ، أبو داود (4/342) (5166) .
(3) مسلم (3/1281) (1659) ، أبو داود (4/340) (5159) ، والترمذي مختصرًا (4/335) (1948) ، وأحمد (5/273) .
(4) البخاري (2/885، 892) (2369، 2386) ، مسلم (3/1286) (1501) ، أبو داود (4/24) (3940) ، النسائي (7/319) ، وفي "الكبرى" (3/181) ، الترمذي (3/629) (1346) ، ابن ماجه (2/844) (2528) ، أحمد (2/112) ، وهو عند ابن حبان (10/155) (4316) ، وابن الجارود (1/244) (970) ، والإمام مالك في "الموطأ" (2/722) (1462) ، وأبي يعلى (10/176-177) (5802) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/106) ، والشافعي (1/194) .
(5) الدارقطني (4/123-124) (7) .(3/1386)
بقي» وفي رواية متفق عليها (1) : «من أعتق عبدًا بينه وبين آخر قوم عليه في ماله قيمة عدل لا وكس ولا شطط، ثم عتق عليه في ماله إن كان موسرًا» وفي رواية: «من أعتق عبدًا بين اثنين فإن كان موسرًا قوم عليه، ثم يعتق» رواه البخاري (2) ، وفي رواية: «من أعتق شركًا له في مملوك وجب أن يعتق كله إن كان له مال قدر ثمنه يقام قيمة عدل ويعطي شركاؤه حصصهم ويخلو سبيل المعتق» رواه البخاري (3) . وفي رواية: «من أعتق نصيبًا له في مملوك أو شركًا له في عبد وكان له من المال ما يبلغ قيمته بقيمة العدل فهو عتيق» رواه أحمد والبخاري (4) ،
وفي رواية: «من أعتق شركًا له في عبد عتق ما بقي منه في ماله إذا كان له مال يبلغ ثمن العبد» رواه مسلم وأبو داود (5) .
4179 - وعن ابن عمر: «أنه كان يفتي في العبد أو الأمة يكون بين شركاء فيعتق أحدهم نصيبه منه يقول: قد وجب عليه عتقه إذا كان للذي أعتق من المال ما يبلغ قيمته يقوم من ماله قيمة العدل ويدفع إلى الشركاء أنصباءهم ويخلي سبيل
_________
(1) مسلم (3/1287) (1501) ، أحمد (2/11) ، وهو عند أبي داود (4/25) (3947) ، والنسائي في "الكبرى" (3/181) .
(2) البخاري (2/892) (2385) .
(3) البخاري (2/885) (2369) .
(4) أحمد (2/15) ، البخاري (2/882، 893) (2359، 2388) ، والنسائي في "الكبرى" (3/183) ، الترمذي (3/629) (1346) ..
(5) مسلم (3/1287) (1501) ، أبو داود (4/25) (3946) ، والنسائي في "الكبرى" (3/181) (4943) .(3/1387)
المعتق، يخبر بذلك ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه البخاري (1) .
4180 - وعن أبي المليح عن أبيه: «أن رجلًا من قومنا أعتق شقصًا له من مملوك فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل خلاصة عليه في ماله وقال: ليس لله تعالى شريك» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه (2) ، وفي لفظ لأحمد (3) : «هو حر كله ليس لله شريك» ولأبي داود (4) معناه والحديث قال النسائي: أرسله سعيد بن أبي عروبة، وقال الحافظ في "الفتح": أخرجه أحمد (5) بإسناد حسن من حديث سمرة: «أن رجلًا أعتق شقصًا له في مملوك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هو حر كله وليس لله شريك» .
4181 - وعن إسماعيل بن أمية عن أبيه عن جده قال: «كان لهم غلام يقال له طهمان، وذكوان، فأعتق جده نصفه فجاء العبد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتق في عتقك ويرق في رقك، قال فكان يخدم سيده حتى مات» رواه أحمد قال في "مجمع الزوائد": رجاله ثقات إلا إنه مرسل، وأخرجه الطبراني (6) .
4182 - ويشهد له حديث ابن عمر (7) بلفظ: «وإلا فقد عتق عليه ما عتق» .
_________
(1) البخاري (2/893) (2389) .
(2) أحمد (5/74) ، النسائي في "الكبرى" (3/186) .
(3) أحمد (5/75) ، البيهقي (10/274) .
(4) أبو داود (4/23) (3933) .
(5) أحمد (5/75) .
(6) أحمد (3/412) ، الطبراني في "الكبير" (6/61) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (9/148) .
(7) تقدم قريبًا.(3/1388)
4183 - وما أخرجه أبو داود والنسائي (1) بإسناد حسن عن أبي البلد عن أبيه: «أن رجلًا أعتق نصيبًا له من مملوك فلم يضمنه النبي - صلى الله عليه وسلم -» .
4184 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق شقصًا له من مملوك فعليه خلاصة في ماله وإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمه عدل واستسعى في نصيب الذي لم يعتق غير مشقوق عليه» رواه الجماعة إلا النسائي (2) .
قوله: «لا وكس» بفتح الواو وسكون الكاف بعدها سين مهملة، أي لا نقص والشطط بشين معجمة ثم طاء مهملة مكررة، وهو الجور بالزيادة على القيمة من قولهم شطني فلان إذا شق عليك وظلمك حقك. قوله: «شركًا» بكسر الشين المعجمة وسكون الكاف، وهو القليل من كل شيء وقيل هو النصيب قليلًا كان أو كثيرًا، وفي الرواية الآخرة شقيصًا وهو بمعناه.
[28/7] باب التدبير
4185 - عن جابر: «أن رجلًا أعتق غلامًا له عن دبر فاحتاج فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال من يشتري مني فاشتراه نعيم بن عبد الله بكذا وكذا، فدفعه إليه» متفق
_________
(1) أبو داود (4/25) (3948) ، النسائي في "الكبرى" (3/186) (4969) ، الطبراني في "الكبير" (2/63) .
(2) البخاري (2/882، 885) (2360، 2370) ، مسلم (2/1140، 1141، 3/1287) (1503) ، أبو داود (4/23، 24) (3937، 3938) ، الترمذي (3/630) (1348) ، ابن ماجه (2/844) (2527) ، أحمد (2/426، 472) ، وهو عند النسائي (3/185) ، وابن حبان (10/156-158) (4318، 4319) .(3/1389)
عليه (1) ، وفي لفظ قال: «أعتق رجل من الأنصار غلامًا له عن دبر وكان محتاجًا وكان عليه دين، فباعه النبي - صلى الله عليه وسلم - بثمان مائة درهم فأعطاه، فقال: اقض دينك، وأنفق على عيالك» رواه النسائي (2) .
4186 - وعن محمد بن قيس بن الأحنف عن أبيه عن جده «أنه أعتق غلامًا له عن دبر وكاتبه فأدى بعضًا وبقي بعض ومات مولاه، فأتوا ابن مسعود فقال: ما أخذ فهو له، وما بقي فلا شيء لكم» رواه البخاري في "تاريخه" (3) .
4187 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المدبر من الثلث» رواه الشافعي والدارقطني وابن ماجه (4) ، وقد اختلف في رفعه ووقفه وأطبق الحفاظ على تصحيح رواية الوقف، وقال ابن ماجه: حديث لا أصل له أي رفعه.
[28/8] باب ما جاء في المكاتب
4188 - عن سهل بن حنيف مرفوعًا: «من أعان غارمًا أو غازيًا أو مكاتبًا
_________
(1) البخاري (2/753، 846) (2034، 2273) ، مسلم (3/1289) (997) ، أحمد (3/305، 369) ، وهو بمعناه عند أبي داود (4/27) (3955-3957) ، والترمذي (3/523) (1219) ، والنسائي (7/304) ، والشافعي (1/327) ، وأبو يعلى (4/121) (2166) .
(2) النسائي (8/246) .
(3) البخاري في التاريخ "الكبير" (1/210-211) .
(4) مرفوعًا عند الدارقطني (4/138) ، وابن ماجه (2/840) (2514) ، والبيهقي (10/314) ، والطبراني في "الكبير" (12/367) ، وابن عدي في "الكامل" (5/188) ، وموقوفًا عند الشافعي في "الأم" (8/18) ، والدارمي (2/514) ، والبيهقي (10/314) ، وابن عدي في "الكامل" (5/187) .(3/1390)
في كتابته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» رواه البيهقي والحاكم وقال: صحيح الإسناد (1) .
4189 - وعن عائشة «أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا فقالت لها عائشة ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك ويكون ولاءك لي فعلت فذكرت بريرة ذلك لأهلها فأبوا، وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون لنا ولاءك، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها رسول الله: ابتاعي فأعتقي فإنما الولاء لمن أعتق، ثم قال: ما بال أناس يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن شرط مائة مرة شرط. الله أحق وأوثق» متفق عليه، وفي رواية قالت: «جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية» الحديث متفق عليه (2) .
4190 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أيما عبد كوتب بمائة أوقية فأداها إلا عشر أوقيات فهو رقيق» رواه الخمسة إلا النسائي وأخرجه الحاكم وصححه (3) وأخرجه أبو داود (4) بلفظ: «المكاتب عبد ما بقي
_________
(1) البيهقي (10/320) ، الحاكم (2/99، 236) ، وهو عند ابن أبي شيبة (4/230، 547) ، وأحمد (3/487) ، وعبد بن حميد (1/172) (471) ، والطبراني في "الكبير" (6/86) .
(2) تقدم برقم (3632) .
(3) أبو داود (4/20) (3927) ، الترمذي (3/561) (1260) ، ابن ماجه (2/842) (2519) ، أحمد (2/178، 184، 206، 209) ، الحاكم (2/237) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (3/197) .
(4) أبو داود (4/20) (3926) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/111) .(3/1391)
عليه من كتابته درهم» وحسن في "بلوغ المرام" إسناده.
4191 - وعن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان لإحداكن مكاتب، وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه» رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي (1) .
4192 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يؤدي المكاتب بحصة ما أدى دية الحر وما بقي دية العبد» رواه الخمسة إلا ابن ماجه (2) ورجال إسناد أبي داود ثقات.
4193 - وعن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يؤدي المكاتب بقدر ما أدى» رواه أحمد (3) .
4194 - وعن موسى بن أنس: «أن سيرين سأل أنس بن مالك المكاتبة وكان كثير المال فأبى فانطلق إلى عمر فقال: كاتبه فأبى فضربه بالدرة وتلا عمر: ((فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا)) [النور:33] » أخرجه البخاري (4) .
4195 - وعن أبي سعيد المقبري قال: «اشترتني امرأة من بني الليث بسوق
_________
(1) أبو داود (4/21) (3928) ، الترمذي (3/562) (1261) ، ابن ماجه (2/842) (2520) ، أحمد (6/289) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/389) (9228) ، وأبي يعلى (12/388) (6956) ، وابن حبان (10/163) (4322) ، والحاكم (2/238) ، والحميدي (1/138) (289) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/331) ، والبيهقي (10/327) ، والطبراني في "الكبير" (23/399) .
(2) أبو داود (4/193) (4581) ، النسائي (8/45، 46) ، الترمذي (3/560) (1259) ، أحمد (1/363، 369) ، وهو عند الحاكم (2/237) .
(3) أحمد (1/94، 104) .
(4) علقه البخاري (2/902) باب إثم من قذف مملوكه، ووصله عبد الرزاق (8/371-372) .(3/1392)
ذي المحارب بسبعمائة درهم ثم قدمت فكاتبتني على أربعين ألف درهم فأذهبت إليها عامة المال ثم حملت ما بقي إليها فقلت: هذا مالك فاقبضيه فقالت: لا والله حتى آخذه منك شهرًا بشهر وسنة بسنة فخرجت به إلى عمر بن الخطاب فذكرت له ذلك فقال عمر: ارفعه إلى بيت المال، ثم بعث به إليها، هذا مالك في بيت المال، وقد عتق أبو سعيد فإن شئت فخذي شهرًا بشهر وسنة بسنة قال فأرسلت فأخذته» رواه الدارقطني والبيهقي (1) .
[28/9] باب ما جاء في أم الولد
4196 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من وطئ أمته فولدت له فهي معتقة عن دبر منه» رواه أحمد وابن ماجه والحاكم وصححه (2) وفيه نظر والبيهقي بإسناد ضعيف، ورجح جماعة وقفه وفي لفظ (3) : «أيما امرأة ولدت من سيدها فهي معتقة عن دبر منه» أو قال: «من بعده» .
4197 - وعن ابن عباس قال: «ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أعتقها ولدها» رواه ابن ماجه والدارقطني (4) وقد تكلم في إسناده وصححه ابن حزم من طريق أخرى وتعقبه ابن القطان.
4198 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه نهى عن بيع أمهات الأولاد،
_________
(1) الدارقطني (4/122) ، البيهقي (10/334-335) .
(2) أحمد (1/303) ، ابن ماجه (2/841) (2515) ، الحاكم (2/23) ، الدارمي (2/334) (2574) .
(3) أحمد (1/317) .
(4) ابن ماجه (2/841) (2516) ، الدارقطني (4/131) .(3/1393)
وقال: لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن يستمتع بها السيد ما دام حيًا، وإذا مات فهي حرة» رواه الدارقطني (1) ومالك في الموطأ والدارقطني (2) من طريق أخرى عن ابن عمر من قوله وهو أصح، وقال الدارقطني: الصحيح وقفه على عمر، وأما ابن القطان فصحح رفعه أو حسنه، وقال: رواته كلهم ثقات، وقال: عندي أن الذي أسند ثقة خير من الذي أوقفه.
4199 - وعن أبي الزبير عن جابر سمعه يقول: «كنا نبيع سرارينا أمهات أولادنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - فينا حي لا نرى بذلك بأسًا» رواه أحمد وابن ماجه والنسائي والدارقطني وصححه ابن حبان (3) وجود إسناده العقيلي.
4200 - وصححه الحاكم (4) من حديث أبي سعيد الخدري ولا يصح قاله صاحب "البدر المنير".
4201 - وعن عطاء عن جابر قال: «بعنا أمهات الأولاد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر فلما كان عمر نهانا فانتهينا» رواه أبو داود والحاكم (5) .
4202 - وعن الخطاب بن صالح عن أمه قال: «حدثتني سلامة بنت معقل قالت: كنت للحباب بن عمرو ولي منه غلام فقالت لي امرأته: الآن تباعين في دينه
_________
(1) الدارقطني (4/134) (34) ، وابن عدي في "الكامل" (4/177) .
(2) الدارقطني (4/134) (35) ، مالك في "الموطأ" (2/776) .
(3) أحمد (3/321) ، ابن ماجه (2/841) (2517) ، النسائي في "الكبرى" (3/199) (5039) ، الدارقطني (4/135) ، ابن حبان (10/165) (4323) ، أبو يعلى (4/161) (2229) .
(4) الحاكم (2/22) ، وأحمد (3/22) ، النسائي في "الكبرى" (3/199) (5041) ، الدارقطني (4/135) من حديث أبي سعيد.
(5) أبو داود (4/27) (3954) ، الحاكم (2/22) ، وهو عند ابن حبان (10/166) (4324) .(3/1394)
فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك فقال: من صاحب تركة الحباب بن عمرو؟ وقالوا أخوه أبو اليسر كعب بن عمرو فدعاه فقال: لا تبيعوها وأعتقوها فإذا سمعتم برقيق قد جاءني فأتوني أعوضكم ففعلوا فاختلفوا فيما بينهم بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال قوم: أم الولد مملوكة لولا ذلك لم يعوضكم وقال بعضهم: هي حرة قد أعتقها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففيَّ كان الاختلاف» رواه أحمد في "مسنده" (1) قال الخطابي: وليس إسناده بذاك، وأخرجه أبو داود (2) بلفظ «قدم بي عمي في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبو اليسر بن عمرو فولدت له عبد الرحمن بن الحباب ثم هلك فقالت لي امرأته الآن والله تباعين في دينه، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت يا رسول الله إني امرأة من خارجة قيس بن غيلان قدم بي عمي في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبو اليسر فولدت له عبد الرحمن بن الحباب فقالت لي امرأته الآن والله تباعين في دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من ولي الحباب بن عمرو؟ قيل: أخوه أبو اليسر بن عمرو، فبعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أعتقوها فإذا سمعتم برقيق قدم علي فأتوني أعوضكم منها قالت فأعتقوني وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقيق فعوضهم مني غلامًا» وفي إسناده محمد بن إسحاق بن يسار وفيه مقال: فذكر البيهقي أنه أحسن شيء روي في هذا الباب.
* * *
_________
(1) أحمد (6/360) ، الطبراني في "الكبير" (4/44) ، البيهقي (10/345) .
(2) أبو داود (4/26) (3953) ، الطبراني في "الأوسط" (2/10-11) .(3/1395)
[29] كتاب النكاح
[29/1] باب الحث عليه وكراهة تركه للقادر عليه
4203 - عن أبي أيوب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أربع من سنن المرسلين الحياء (1) (أو الحناء) والتعطر والسواك والنكاح» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه أحمد في المسند والبيهقي في "شعب الإيمان" (2) .
4204 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» رواه الجماعة (3) .
_________
(1) الحياء بالحاء المهملة بعدها مثناة كذا قال العراقي، وقال ابن القيم: روي في "الجامع" بالياء والنون وسمعت أبا الحجاج الحاكم يقول: الصواب الختان فسقطت النون من الحاشية كذا رواه المجاملي عن شيخ الترمذي.
(2) الترمذي (3/391) (1080) ، أحمد (5/421) ، البيهقي في "الشعب" (6/137) (7719) ، وهو عند ابن أبي شيبة (1/156) (1802) ، وعبد بن حميد (1/103) (220) ، والطبراني في "الكبير" (4/183) .
(3) البخاري (2/673، 5/1950) (1806، 4779) ، مسلم (2/1018، 1019) (1400) ، أبو داود (2/219) (2046) ، النسائي (4/169-171) ، الترمذي (3/392) (1081) ، ابن ماجه (1/592) (1845) ، أحمد (1/378، 424، 425، 447) ، وهو عند ابن حبان (9/335) (4026) ، والدارمي (2/178) (2166) ، وعبد الرزاق (6/169) ، وابن أبي شيبة (3/453) ، والحميدي (1/63) (115) ، وأبي يعلى (9/122) (5192) .(3/1396)
4205 - وعن سعد بن أبي وقاص قال: «رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا» .
4206 - وعن أنس: «أن نفرًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بعضهم: لا أتزوج، وقال بعضهم: أصلي ولا أنام، وقال بعضهم: أصوم ولا أفطر، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصوم وأفطر، وأنام وأتزوج النساء، فمن يرغب عن سنتي فليس مني» متفق عليهما (1) .
4207 - وعن سعيد بن جبير «قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟ قلت: لا، قال: تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء» رواه أحمد والبخاري (2) .
4208 - وعن قتادة عن الحسن عن سمرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التبتل، وقرأ قتادة ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً)) [الرعد:38] » رواه ابن ماجه والترمذي (3) وقال: حسن غريب.
_________
(1) الحديث الأول عند البخاري (5/1952) (4786) ، ومسلم (2/1020) (1402) ، وأحمد (1/176، 183) ، والنسائي (6/58) ، والترمذي (3/394) (1083) ، وابن ماجه (1/593) (1848) ، وابن حبان (9/337) (4027) ، والدارمي (2/178) (2167) ، وعبد الرزاق (6/168) ، وابن أبي شيبة (3/453) ، والطيالسي (1/30) (219) ، وأبو يعلى (2/120، 128) (788، 802) . والحديث الثاني عند البخاري (5/1949) (4776) ، ومسلم (2/1020) (1401) ، وأحمد (3/241، 259، 285) , والنسائي (6/60) ، وابن حبان (1/190، 2/20) (14، 317) ، وعبد بن حميد (1/392) (1318) .
(2) أحمد (1/231، 243، 370) ، البخاري (5/1951) (4782) ، وهو عند الحاكم في "المستدرك" (2/173) ، والطبراني في "الكبير" (12/9) .
(3) ابن ماجه (1/593) (1849) ، الترمذي (3/393) (1082) ، وهو عند النسائي (6/59) ، والطبراني في "الكبير" (7/214) ، وأحمد (5/17) .(3/1397)
4209 - وعن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا ويقول تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة» رواه أحمد وصححه ابن حبان (1) .
4210 - وله شاهد عند أبي داود والنسائي وابن حبان (2) أيضًا من حديث معقل بن يسار، وصححه الحاكم.
قوله: «الباءة» بالهمز وتاء تأنيث ممدود قيل هي النكاح وقيل مؤنته وهو الظاهر فإن الأول لا يناسبه. قوله: «فعليه بالصوم» . قوله: «أغض للبصر» أي أشد غضًا أو أشد إحصانًا لأنه يمنعه عن الوقوع في المحظور. قوله: «وجاء» بكسر الواو والمد وهو في الأصل أن يرضَّ أنثى الفحل رضًا شديدًا فتذهب شهوة الجماع، فالصوم وجاء أي يقطع النكاح كما يقطع الوجاء. قوله: «التبتل» هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح كما في "الدر النثير".
[29/2] باب صفة المرأة التي يستحب خطبتها
4211 - عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيًا شديدًا ويقول: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة» رواه أحمد وتقدم (3) قريبًا.
4212 - وعن معقل بن يسار قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني
_________
(1) أحمد (3/158، 245) ، ابن حبان (9/338) (4028) ، وهو عند البيهقي (7/81) .
(2) سيأتي برقم (4216) .
(3) تقدم قريبًا برقم (4213) .(3/1398)
أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد فأتزوجها؟ قال: لا، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم» رواه أبو داود والنسائي وابن حبان وصححه الحاكم (1) .
4213 - وعن عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «انكحوا أمهات الأولاد فإني أباهي بكم يوم القيامة» رواه أحمد (2) وقد تكلم في إسناده.
4214 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «يا جابر تزوجت بكرًا أم ثيبًا؟ قال: ثيبًا، فقال: هلا تزوجت بكرًا تلاعبها وتلاعبك» رواه الجماعة إلا الترمذي (3) .
4215 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» رواه الجماعة إلا الترمذي (4) .
_________
(1) أبو داود (2/220) (2050) ، النسائي (6/65) ، ابن حبان (9/364) (4057) ، الحاكم (2/176) .
(2) أحمد (2/171-172) .
(3) جزء من حديث طويل وورد بألفاظ عديدة عند البخاري (2/739، 810، 3/1083، 5/1954، 2008، 2009، 2053، 2347) (1991، 2185، 2805، 4791، 4947، 4949، 5052، 6024) ، مسلم (2/1087-1089) (715) ، أبو داود (2/220) (2048) ، النسائي (6/65) ، الترمذي (3/406) (1100) ، ابن ماجه (1/598) (1860) ، أحمد (3/294، 302، 308، 369، 390) ، وهو عند ابن حبان (6/431-432) (2717) .
(4) البخاري (5/1958) (4802) ، مسلم (2/1086) (1466) ، أبو داود (2/219) (2047) ، النسائي (6/68) ، ابن ماجه (1/597) (1858) ، أحمد (2/428) ، وهو عند ابن حبان (9/344) (4036) ، والدارمي (2/179) (2170) ، وأبي يعلى (11/451) (6578) .(3/1399)
4216 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المرأة تنكح على دينها ومالها أو جمالها فعليك بذات الدين تربت يداك» رواه مسلم والترمذي وصححه (1) .
قوله: «لحسبها» بفتح الحاء والسين المهملتين بعدها باء موحدة هو الشرف.
[29/3] باب خطبة الصغيرة إلى وليها والبالغة إلى نفسها
4217 - عن عراك عن عروة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب عائشة إلى أبي بكر، فقال له أبو بكر: إنما أنا أخوك؟ فقال: أنت أخي في دين الله وكتابه، وهي لي حلال» رواه البخاري (2) هكذا مرسلًا.
4218 - وعن أم سلمة قالت: «لما مات أبو سلمة أرسل إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له فقلت له: إن لي بنتًا وأنا غيور، فقال: أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة» مختصر من مسلم (3) .
[29/4] باب النهي أن يخطب الرجل على خطبته
4219 - عن عقبة بن عامر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل لمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر» رواه أحمد ومسلم (4) .
_________
(1) مسلم (2/1087) (715) ، الترمذي (3/396) (1086) ، وهو عند أحمد (3/302) ، والنسائي (6/65) .
(2) البخاري (5/1954) (4793) .
(3) مسلم (2/931) (918) .
(4) أحمد (4/147) ، مسلم (2/1034) (1414) ، وهو عند أبي يعلى (3/298) (1762) .(3/1400)
4220 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك» رواه البخاري والنسائي (1) .
4221 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يخطب الرجل على خطبة الرجل حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب» رواه أحمد والبخاري والنسائي (2) .
[29/5] باب التعريض بالخطبة في العدة
4222 - عن فاطمة بنت قيس: «أن زوجها طلقها ثلاثًا فلم يجعل لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكنًا ولا نفقة، قالت: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أحللت فآذنيني فآذنته، فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أما معاوية فرجل ترب لا مال له، وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء، ولكن أسامة فقالت بيدها هكذا: أسامة أسامة، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: طاعة الله وطاعة رسوله، قالت: فتزوجته فاغتبطت به» رواه الجماعة إلا البخاري (3) .
4223 - وعن ابن عباس «في قوله تعالى: ((فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ
_________
(1) البخاري (5/1976) (4849) ، النسائي (6/73) ، وهو عند أبي يعلى (11/205) (6317) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/4) ، وابن حبان (9/358) (4050) .
(2) أحمد (2/42) ، البخاري (5/1975) (4848) ، النسائي (6/73-74) .
(3) مسلم (2/1119) (1480) ، أبو داود (2/285) (2284) ، النسائي (6/75-76) ، الترمذي (3/441) (1135) ، ابن ماجه (1/601) (1869) ، أحمد (6/411) ، مالك في "الموطأ" (2/580-581) (1210) .(3/1401)
النِّسَاءِ)) [البقرة:235] يقول: إني أريد التزويج، ولوددت أن يتيسر لي امرأة صالحة» رواه البخاري (1) .
4224 - وعن سكينة بنت حنظلة قالت: «استأذن عليَّ محمد بن علي ولم تنقضي عدتي من مهلك زوجي، فقال: قد عرفت قرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرابتي من علي وموضعي من العرب، قلت: غفر الله لك يا أبا جعفر إنك لرجل يؤخذ عنك، وتخطبني في عدتي، فقال: إنما أخبرتك بقرابتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن علي، وقد دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أم سلمة وهي متأتمة من أبي سلمة، فقال: لقد علمت أني رسول الله وخيرته من خلقه وموضعي من قومي كانت تلك خطبة» رواه الدارقطني (2) وهو منقطع لأن محمد بن علي لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -.
[29/6] باب النظر إلى المخطوبة
4225 - عن سهل بن سعد الساعدي قال: «جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله جئت أهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئًا جلست، فقام رجل من أصحابه، فقال: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، فقال: هل عندك من شيء؟ فقال: لا والله يا رسول الله، فقال: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئًا؟ فذهب ثم رجع، فقال: لا والله ما وجدت شيئًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: انظر ولو خاتمًا من حديد، فذهب ثم رجع، فقال: لا والله يا رسول الله
_________
(1) البخاري (5/1969) .
(2) الدارقطني (3/224) .(3/1402)
ولا خاتمًا من حديد، ولكن هذا إزاري، قال سهل: ما له رداء فلها نصفه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء! فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موليًا فدعي به، فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن قال: معي سورة كذا وكذا، عددها، قال: تقرأهن على ظهر قلبك، قال: نعم، قال: اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن» متفق عليه واللفظ لمسلم، وفي رواية له: «فانطلق فقد زوجتكها فعلمها من القرآن» وفي رواية للبخاري: «أمكناكها بما معك من القرآن» ولأبي داود عن أبي هريرة: «ما تحفظ؟ قال: سورة البقرة والتي تليها. قال: قم فعلمها عشرين آية» وقد تقدم حديث سهل هذا في الإجارة وسيأتي في كتاب النكاح (1) .
4226 - وعن المغيرة بن شعبة «أنه خطب امرأة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: انظر إليها فإنه أحرى إن يدوم بينكما» رواه الخمسة إلا أبا داود وأخرجه الدارمي وابن حبان وصححه، وقال الترمذي: حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين (2) .
4227 - وعن أبي هريرة قال: «خطب رجل من الأنصار امرأة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئًا» رواه أحمد ومسلم (3) من حديث أبي
_________
(1) تقدم برقم (3836) ، وسيعيده برقم (4385) .
(2) النسائي (6/69) ، الترمذي (3/397) (1087) ، ابن ماجه (1/600) (1866) ، أحمد (4/244-245، 246) ، الدارمي (2/180) (2172) ، ابن حبان (9/351) (4043) .
(3) أحمد (2/299) ، مسلم (2/1040) (1424) ، وهو عند النسائي (6/69، 77) ، وابن حبان (9/349، 351) (4041، 4044) ، من طريق أبي حازم عن أبي هريرة.(3/1403)
حازم.
4228 - وعن جابر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. قال: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها» رواه أحمد وأبو داود والحاكم (1) ، وقال: صحيح على شرط مسلم، وقال الحافظ: رجاله ثقات.
4229 - وعن موسى بن عبد الله بن أبي حميدة أو حميدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة، وإن كانت لا تعلم» رواه أحمد والطبراني والبزار (2) ، وقال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد رجال الصحيح.
4230 - وعن محمد بن سلمة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا ألقى الله عز وجل في قلب امرئ خطبة امرأة، فلا بأس أن ينظر إليها» رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححاه (3) .
4231 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث أم سليم إلى امرأة، وقال: انظري
_________
(1) أحمد (3/334) ، أبو داود (2/228) (2082) ، الحاكم (2/179) .
(2) أحمد (5/424) ، الطبراني في "الأوسط" (1/279) (911) ، البزار (2/159 كشف رقم 1418) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/14) .
(3) أحمد (4/225، 226) ، ابن ماجه (1/599) (1864) ، ابن حبان (9/349-350) (4042) ، الحاكم (2/492) ، وهو عند البيهقي (7/85) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/13) ، وعبد الرزاق (6/158) ، وابن أبي شيبة (4/21، 22) ، والطيالسي (1/164) ، والطبراني في "الكبير" (19/223) .(3/1404)
إلى عروقها وشُمي عوارضها» رواه ابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وأخرجه الدارقطني وأبو عوانة وصححاه (1) ، ورواه أبو داود (2) مرسلًا واستنكره أحمد.
قوله: «سمي» أي: انظري.
[29/7] باب النهي عن الخلوة بالأجنبية ومسها والأمر بغض النظر
والعفو عن نظر الفجأة
4232 - عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم» أخرجاه وقد تقدم (3) في باب النهي عن سفر المرأة للحج.
4233 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها فإن ثالثهما الشيطان» .
4234 - وعن عامر بن ربيعة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له، فإن ثالثهما الشيطان إلا بمحرم» رواهما أحمد (4) وروى حديث عامر ابن حبان في "صحيحه" (5) ، وحديث ابن عباس شاهد لهما.
4235 - وعن معقل بن يسار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن يطعن في
_________
(1) الحاكم (2/180) ، أحمد (3/231) ، وعبد بن حميد (1/408) ، الطبراني في "الأوسط" (6/204) ، البيهقي (7/87) .
(2) أبو داود في "المراسيل" صـ186 رقم (216) .
(3) تقدم برقم (2956) .
(4) الحديث الأول عند أحمد (3/339) ، والحديث الثاني عند أحمد (3/446) .
(5) لم نجده.(3/1405)
رأس أحدكم بمخيط من حديد، خير له من أن يمس امرأة لا تحل له» رواه الطبراني والبيهقي (1) قال المنذري: ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح.
4236 - وعن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد» .
4237 - وعن جرير بن عبد الله قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نظر الفجأة فقال: اصرف بصرك» رواهما أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي (2) .
4238 - وعن بريدة قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي: يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (3) وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك. وأخرجه البزار والطبراني في "الأوسط" (4) قال في مجمع الزوائد: رجال الطبراني ثقات.
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (20/211، 211) (486، 487) .
(2) الحديث الأول تقدم برقم (690) ، والحديث الثاني أخرجه: حمد (4/358، 361) ، مسلم (3/1699) (2159) ، أبو داود (2/246) (2148) ، الترمذي (5/101) (2776) ، وهو عند الدارمي (2/361) (2643) ، وابن حبان (12/383) (5571) ، والنسائي في "الكبرى" (5/390) (9233) ، والطبراني في "الكبير" (2/337) ، والطيالسي (1/93) (672) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/15) .
(3) أحمد (5/351، 353، 357) ، أبو داود (2/246) (2149) ، الترمذي (5/101) (2777) ، وهو عند الحاكم (2/212) ، والبيهقي (7/90) .
(4) البزار (2/280-281) (701) ، الطبراني في "الأوسط" (1/209) ، أحمد (1/159) ، ابن حبان (12/381) (5570) من حديث علي.(3/1406)
4239 - وعن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت» رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وصححه (1) .
4240 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أردف الفضل بن عباس يوم النحر خلفه فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر» متفق عليه (2) .
4241 - وأخرجه الترمذي (3) من حديث علي وصححه وفيه: «فقال العباس: لويت عنق ابن عمك، فقال: رأيت شاباً وشابة فلم آمن عليهما الفتنة» واستنبط منه ابن القطان جواز النظر عند أمن الفتنة.
قوله: «الحمو» أخو الزوج أي الخوف منه أكثر من غيره.
[29/8] باب ما جاء أن المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين
وأن عبدها كمحرمها في نظر ما يبدو منها غالبًا
4242 - عن خالد بن دريك عن عائشة: «أن أسماء بنت أبي بكر دخلت
_________
(1) أحمد (4/149، 153) ، البخاري (5/2005) (4934) ، مسلم (4/1711) (2172) ، الترمذي (3/474) (1171) ، وهو عند الدارمي (2/361) (2642) ، وابن حبان (12/401) (5588) ، والنسائي في "الكبرى" (5/386) (9216) ، والبيهقي (7/90) ، والطبراني في "الكبير" (17/277) .
(2) تقدم برقم (2943) .
(3) تقدم برقم (2944) .(3/1407)
على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه» رواه أبو داود (1) وقال: مرسل خالد لم يسمع من عائشة.
4243 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها قال: وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما تلقى قال: ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك» رواه أبو داود والبيهقي وابن مردويه (2) وفي إسناده أبو جميع سالم بن دينار الجهمي البصري. قال ابن معين: ثقة، وقال أبو زرعة: بصري لين الحديث.
4244 - ويعضده قوله: - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه» وقد تقدم (3) في باب المكاتب.
قوله: «دريك» بضم الدال مصغر وهو ثقة وقيل بفتح الدال والضم أكثر.
[29/9] باب ما جاء في غير أولي الإربة
4245 - عن أم سلمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عندها وفي البيت مخنث، فقال لعبد الله بن أبي أمية أخي أم سلمة: يا عبد الله إن فتح عليكم الطائف، فإني أدلك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تدخلن هؤلاء عليكم» متفق عليه (4) .
_________
(1) أبو داود (4/62) (4104) .
(2) أبو داود (4/62) (4106) ، البيهقي (7/95) .
(3) تقدم برقم (4194) من حديث أم سلمة.
(4) البخاري (4/1572، 5/2006، 2208) (4069، 4937، 5548) ، مسلم (4/1715) = = (2180) ، أحمد (6/290، 318) ، وهو عند مالك (2/767) (1457) ، وأبي داود (4/283) (4929) ، والنسائي في "الكبرى" (5/395، 396) ، وابن ماجه (1/613، 2614) (1902، 2614) ، والبيهقي (8/224) ، وأبي يعلى (12/394-395) (6960) ، والطبراني في "الكبير" (23/342، 382) ، وابن أبي شيبة (5/319) ، والحميدي (1/142) (297) .(3/1408)
4246 - وعن عائشة قالت: «كان يدخل على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - مخنث قالت: وكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا وهو عند بعض نسائه، وهو ينعت امرأة قال: إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرى هذا يعرف ما هاهنا لا يدخلن عليكم هذا فحجبوه» رواه أحمد وأبو داود (1) وفي رواية له (2) وأخرجه: «وكان بالبيداء يدخل كل جمعة يستطعم» . وعن الأوزاعي في هذه القصة «فقيل يا رسول الله: إذاً يموت من الجوع! فأذن له أن يدخل في كل جمعة مرتين فيسأل ثم يرجع» رواه أبو داود (3) .
قوله: «مخنث» بضم الميم بعدها خاء معجمة ونون مفتوحة فمثلثة هو الذي يتشبه بخلق النساء في حركاته وسكناته. قوله: «تقبل بأربع وتدبر بثمان» المراد بذلك عكن البطن الحاصلة من شدة السمن، ولكل عكنة طرفان فإذا رآهن الرائي من جهة البطن وجدهن أربعًا وإذا رآهن من جهة الظهر وجدهن ثمانيًا. قوله: «الإربة» هي الحاجة والشهوة.
_________
(1) أحمد (6/152) ، أبو داود (4/62) (4107) ، وهو عند مسلم (4/1716) (2181) ، وابن حبان (10/340-341) (4488) ، والنسائي في "الكبرى" (5/395) (9246) ، والبيهقي (7/96) .
(2) أبو داود (4/63) (4109) .
(3) أبو داود (4/63) (4110) .(3/1409)
[29/10] باب ما جاء في نظر المرأة إلى الرجل قال تعالى:
((وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ)) [النور:31] إلخ
4247 - وعن أم سلمة قالت: «كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم حتى دخل عليه، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: احتجبا منه، فقلنا: يا رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا؟ فقال أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح (1) .
4248 - وعن عائشة قالت: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا الذي أسأمه فأقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو» متفق عليه (2) ، ولأحمد (3) : «أن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم عيد قالت: فاطلعت من فوق عاتقه وطأطأ لي منكبه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت» ومن ذهب إلى جواز نظر المرأة إلى الرجل احتج بأحاديث.
4249 - منها: حديث فاطمة بنت قيس متفق عليه (4) : «أنه - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن
_________
(1) أحمد (6/296) ، أبو داود (4/63) (4112) ، الترمذي (5/102) (2778) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/393) ، وأبي يعلى (12/353) (6922) ، وابن حبان (12/387، 389) (5575، 5576) ، والبيهقي (7/91) ، والطبراني في "الكبير" (23/302) .
(2) البخاري (1/173، 5/2006) (443، 4938) ، مسلم (2/609) (892) ، أحمد (6/84) ، النسائي (3/195-196) .
(3) أحمد (6/56) .
(4) تقدم برقم (4226) ، والحديث بطوله ليس عند البخاري.(3/1410)
تعتد في بيت ابن أم مكتوم وقال - صلى الله عليه وسلم -: إنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده» .
4250 - وحديث: «مضى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى النساء في يوم العيد» وهو في الصحيح (1) ، وقد جمع أبو داود بين الأحاديث فجعل حديث أم سلمة مختصًا بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث فاطمة وما في معناه بجميع النساء، وقال الحافظ في "التلخيص": هو جمع حسن.
[29/11] باب ما جاء في اشتراط الولي في عقد النكاح
4251 - عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا نكاح إلا بولي» رواه الخمسة وابن حبان والحاكم (2) وصححاه وصححه ابن المديني والبخاري والترمذي وأعل بالإرسال.
4252 - وعن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فناكحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن استجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» رواه الخمسة وأبو داود الطيالسي ولفظه: «لا نكاح إلا بولي وأيما امرأة أنكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل، فإن لم يكن لها ولي
_________
(1) تقدم برقم (2010) .
(2) أبو داود (2/229) (2085) ، الترمذي (3/407) (1101) ، ابن ماجه (1/605) (1881) ، أحمد (4/394، 413) ، ابن حبان (9/388-389، 391) (4077، 4078) ، الحاكم (2/184، 185، 186) ، وهو عند أبي يعلى (13/195-196) (7227) ، والدارقطني (3/218-219) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/9) ، والطيالسي (1/71) (523) .(3/1411)
فالسلطان ولي من لا ولي له» وأخرج حديث عائشة أيضًا أبو عوانة وابن حبان وحسنه الترمذي وصححه أبو عوانة وابن حبان والحاكم (1) ، وقال ابن الجوزي: رجاله رجال الصحيح، وقال ابن معين: أنه أصح حديث في الباب.
4253 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها» رواه ابن ماجه والدارقطني والبيهقي (2) قال ابن كثير: الصحيح وقفه على أبي هريرة، وقال الحافظ: رجاله ثقات، وقال في "خلاصة البدر": رواه ابن ماجه من رواية أبي هريرة بسند ضعيف، والدارقطني بإسناد على شرط مسلم لكن لفظه بغير نفسها.
4254 - وعن عكرمة بن خالد قال: «جمعت الطريق ركبًا فجعلت امرأة منهن ثيب أمرها بيد رجل غير ولي فأنكحها فبلغ ذلك عمر فجلد الناكح والمنكح ورد نكاحها» رواه الشافعي والدارقطني (3) .
4255 - وعن الشعبي قال: «ما كان أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد في
_________
(1) أبو داود (2/229) (2083) ، الترمذي (3/407) (1102) ، ابن ماجه (1/605) (1879) ، أحمد (6/47، 165) ، أبو داود الطيالسي (1/206) (1463) ، ابن حبان (9/384) (4074) ، الحاكم (2/182، 183) ، وهو عند الدارقطني (3/221) ، والبيهقي (7/105) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/7) ، وعبد الرزاق (6/195) ، والحميدي (1/112) ، وأبي يعلى (8/251) (4837) .
(2) ابن ماجه (1/606) (1882) ، الدارقطني (3/227) ، البيهقي (7/110) .
(3) الشافعي (1/290) ، الدارقطني (3/225) (20) ، وهو عند البيهقي (7/111) ، وعبد الرزاق (6/198) .(3/1412)
النكاح بغير ولي من علي كان يضرب فيه» رواه الدارقطني (1) .
[29/12] باب في المرأة يزوجها وليان برجلين فهي للأول منهما
4256 - عن سمرة بن جندب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما» رواه الخمسة وحسنه الترمذي ورواه الحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري، قال في "الخلاصة": والأمر كما قال، انتهى. وصححه أبو زرعة وأبو حاتم قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العمل لا نعلم بينهم في ذلك اختلافًا إذا زوج أحد الوليين قبل الآخر فنكاح الأول جائز ونكاح الآخر مفسوخ، فإذا زوجا جميعًا فنكاحهما جميعًا مفسوخ، وهو قول الثوري وأحمد وإسحاق، انتهى. وتقدم (2) هذا الحديث في كتاب البيع.
[29/13] باب ما جاء في تزويج الأب ابنته الصغيرة
واشتراط رضاء البالغة
4257 - عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهي بنت ست سنين وأدخلت عليه وهي بنت تسع سنين، ومكثت عنه تسعًا» متفق عليه (3) ، وفي رواية: «تزوجها وهي بنت سبع سنين وزفت إليه وهي بنت تسع سنين» رواه أحمد ومسلم (4) .
_________
(1) الدارقطني (3/229) (33) ، وهو عند البيهقي (7/111) ، وابن أبي شيبة (3/454) .
(2) تقدم برقم (3581) .
(3) البخاري (5/1973) (4840) ، مسلم (2/1039) (1422) ، أحمد (6/42) ، وهو بهذا اللفظ عند ابن حبان (16/56) (7118) ، والطبراني في "الكبير" (23/21) (47) .
(4) مسلم (2/1039) (1422) .(3/1413)
4258 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها» رواه الجماعة إلا البخاري (1) ، وفي رواية لأحمد ومسلم وأبي داود والنسائي (2) : «والبكر يستأمرها أبوها» وفي رواية لأحمد والنسائي (3) : «واليتيمة تستأذن في نفسها» وفي رواية لأبي داود والنسائي وصححه ابن حبان (4) وقال البيهقي: رواته ثقات: «ليس للولي مع الثيب أمر، واليتيمة تستأمر وصماتها إقرارها» .
4259 - وعن الخنساء بنت خدام الأنصارية: «أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد نكاحها» أخرجه الجماعة إلا مسلمًا (5) .
_________
(1) مسلم (2/1037) (1421) ، أبو داود (2/232) (2098) ، النسائي (6/84) ، الترمذي (3/416) (1108) ، ابن ماجه (1/601) (1870) ، أحمد (1/219، 241-242، 345) ، وهو عند مالك (2/524) (1092) ، وابن حبان (9/395، 397) (4084، 4087) ، والدارمي (2/186) (2188) ، والشافعي في "المسند" (1/172) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/11) ، والطبراني في "الكبير" (10/307) .
(2) أحمد (1/219) ، مسلم (2/1037) (1421) ، أبو داود (2/232) (2099) ، النسائي (6/85) (3264) ، وهي عند ابن حبان (9/398) (4088) ، والطبراني في "الكبير" (10/307) .
(3) أحمد (1/261) ، النسائي (6/84) ، وهي عند الدارقطني (3/239) (65) .
(4) أبو داود (2/233) (2100) ، النسائي (6/85) (3263) ، ابن حبان (9/399) (4089) ، البيهقي (7/118) ، وهو عند عبد الرزاق (6/145) ، وأحمد (1/334) .
(5) البخاري (5/1974، 6/2547) (4845، 6546) ، أبو داود (2/233) (2101) ، النسائي (6/86) ، ابن ماجه (1/602) (1873) ، أحمد (6/328) ، وهو عند مالك (2/535) (1113) ، والشافعي (1/172) ، والدارمي (2/187) (2192) ، وابن الجارود (1/178) (710) .(3/1414)
4260 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا البكر حتى تُستَأْذن، قالوا: يا رسول الله! وكيف أذنها؟ قال: أن تسكت» رواه الجماعة (1) .
4261 - وعن عائشة قالت: «قلت: يا رسول الله! تستأمر النساء في أبضاعهن؟ قال: نعم، قلت: إن البكر تستأمر فتستحي فتسكت، قال: سكاتها إذنها» وفي رواية: قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «البكر تستأذن، قلت: إن البكر تستأذن فتستحي؟ قال: إذنها صماتها» متفق عليهما (2) .
4262 - وعن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها» (*) رواه الخمسة إلا ابن ماجه وأخرجه ابن حبان والحاكم وأبو يعلى والبزار والطبراني (3) قال في "مجمع
_________
(1) البخاري (5/1974، 6/2555، 2556) (4843، 6567، 6569) ، مسلم (2/1036) (1419) ، أبو داود (2/231) (2092) ، النسائي (6/85) (3265) ، الترمذي (3/415) (1107) ، ابن ماجه (1/601) (1871) ، أحمد (2/250، 279، 425، 434) .
(2) الرواية الأولى عند البخاري (6/2547) (6547) ، أحمد (6/45، 203) ، والنسائي (6/85) (3266) ، وابن الجارود (1/178) (708) ، وابن حبان (9/393) (4080) ، وأبو يعلى (8/232، 297) (4803، 4890) ، والرواية الثانية عند البخاري (5/1974، 6/2556) (4844، 6570) ، ومسلم (2/1037) (1420) .
(3) أبو داود (2/231) (2093، 2094) ، النسائي (6/87) ، الترمذي (3/417) (1109) ، أحمد (2/259، 475) ، ابن حبان (9/392) (4079) ، الطبراني في "الأوسط" (3/269) ، وهو عند ابن أبي شيبة (3/460) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/364) ، والبيهقي (7/120) من حديث أبي هريرة.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
الحديث بهذا اللفظ عن أبي هريرة، وليس عن أبي موسى كما ذكر المصنف. والحديث الذي رواه أبو موسى هو بلفظ "تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فقد أذنت، وإن أبت لم تكره". وحديث أبي موسى عند أحمد (4/394، 408، 411) ، وأبي يعلى (13/311) (7327) ، وابن حبان (9/396) (4085) ، والحاكم (2/180) ، والدارمي (2/185) (2185) ، والدارقطني (3/241) ، والبزار (1422، 1423) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/364) .
وقد ذكر الحديثين في "المنتقى"، فلعل المصنف التبس عليه النقل، فأتى بلفظ حديث أبي هريرة لحديث أبي موسى، وجمع من أخرج الحديثين معًا، والصحيح أن اللفظ لحديث أبي هريرة أخرجه الخمسة إلا ابن ماجه وغيرهم كما هو مبين في التخريج. وأما حديث أبي موسى، فلفظه كما تقدم، وأخرجه أحمد ومن ذكرهم المصنف في الأخير، كما هو مبين في التخريج بداية الملاحظة. وقول المصنف: قال في "مجمع الزوائد" (4/283) : ورجال أحمد رجال الصحيح، هو لحديث أبي موسى، وليس لحديث أبي هريرة.(3/1415)
الزوائد": ورجال أحمد رجال الصحيح.
4263 - وعن ابن عباس «أن جارية بكرًا أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والدارقطني (1) ، ورواه الدارقطني (2) أيضًا عن عكرمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا وذكر أنه أصح وأخرجه ابن أبي شيبة، قال الحافظ: ورجاله ثقات وأعل بالإرسال.
4264 - وعن ابن عمر قال: «توفي عثمان بن مظعون وترك ابنته من خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص، فأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون، قال عبد الله: وهما خالاي فخطبت إلى قدامة بن مظعون ابنة عثمان بن مظعون، فزوجنيها ودخل المغيرة ابن شعبة يعني إلى أمها، فأرغبها في المال فحطت إليه وحطت الجارية إلى هوى أمها فأبيا حتى ارتفع أمرهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال قدامة بن مظعون: يا رسول الله! ابنة أخي أوصى بها إلي فزوجتها ابن عمتها، فلم أقصر بها في الصلاح ولا في الكفاءة، ولكنها امرأة وإنما حطت إلى هوى أمها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها، قال: فانتزعت والله مني بعد أن ملكتها، فزوجوها المغيرة بن شعبة» رواه أحمد والدارقطني (3) قال في "مجمع
_________
(1) أحمد (1/273) ، أبو داود (2/232) (2096) ، ابن ماجه (1/603) (1875) ، الدارقطني (3/234) ، البيهقي (7/117) ، أبو يعلى (4/404) (2526) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/365) .
(2) الدارقطني (3/234) (55) ، أبو داود (2/232) (2097) ، عبد الرزاق (6/145) .
(3) أحمد (2/130) ، الدارقطني (3/230) (37) ، البيهقي (7/120) .(3/1416)
الزوائد": ورجال أحمد ثقات.
4265 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «آمروا النساء في بناتهن» رواه أحمد وأبو داود (1) وفي إسناده مجهول.
قوله: «تستأمر» أي يطلب الأمر منها. قوله: «خنساء» بخاء معجمة بعدها نون بوزن حمراء، وخدام بكسر الخاء المعجمة وتخفيف المهملة. قوله: «فحطت إليه» أي: مالت إليه وأسرعت، وهو بفتح الحاء المهملة وتشديد الطاء المهملة.
4266 - وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: «جاءت فتاة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، قال: فجعل الأمر إليها، فقالت: قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء إنه ليس إلى الآباء من الأمر شيء» رواه ابن ماجه (2) .
4267 - ورواه أحمد والنسائي (3) حديث ابن بريدة عن عائشة ورجال ابن ماجه رجال الصحيح.
[29/14] باب ما جاء في الابن يزوج أمه
4268 - عن أم سلمة «أنها لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بخطبتها، قالت: ليس أحدًا من أولادي شاهد ولا غايب يكره ذلك، فقالت لابنها: يا عمر قم فزوج رسول الله
_________
(1) أحمد (2/34) ، أبو داود (2/232) (2095) ، عبد الرزاق (6/149) .
(2) ابن ماجه (1/602) (1874) .
(3) أحمد (6/136) ، النسائي (6/86) ، وهو عند البيهقي (7/118) ، وابن أبي شيبة (3/459) ، والطبراني في "الأوسط" (7/58) ، وأبو نعيم في الحلية (6/214) ، والدارقطني (3/232) .(3/1417)
- صلى الله عليه وسلم - فزوجه» رواه أحمد والنسائي (1) وقد أعل الحديث بأن عمر المذكور كان صغيرًا وقت التزويج وقيل: المراد بعمر بن الخطاب وهو ابن عمها، وقال ابن سعد في "الطبقات": ولي تزويجها منه - صلى الله عليه وسلم - سلمة بن أبي سلمة، وقال الأمام أحمد: إن النكاح بغير ولي من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -.
[29/15] باب ما جاء في العضل
4269 - عن معقل بن يسار قال: «كانت لي أخت تخطب إلي فأتاني ابن عم لي، فأنكحتها إياه ثم طلقها طلاقًا له رجعة، ثم تركها حتى انقضت عدتها، فلما خطبت إلي أتاني يخطبها، قلت: لا والله لا أنكحها أبدًا، قال: ففي نزلت هذه الآية: ((وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ)) [البقرة:232] الآية، قال: فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه» رواه البخاري وأبو داود والترمذي وصححه (2) ولم يذكر التكفير وفيه في رواية البخاري (3) : «وكان رجلًا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه» وهو حجة في اعتبار الولي.
_________
(1) أحمد (6/295، 313، 317) ، النسائي (6/81) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/11-12) ، والحاكم (2/195) ، وابن حبان (7/212-213) (2949) .
(2) البخاري (5/2041) (5021) ، أبو داود (2/230) (2087) ، الترمذي (5/216) (2981) ، وهو عند ابن حبان (9/379) (4071) ، والحاكم (2/307) ، والدارقطني (3/224) ، والبيهقي (7/104) ، والنسائي في "الكبرى" (6/302) (11041) ، والطبراني في "الكبير" (20/204) (468) ، والطيالسي (1/125) (930) .
(3) البخاري (5/1972) (4837) ، وهو عند الحاكم (2/190) ، والدارقطني (3/223) ، والبيهقي (7/103) ، والطبراني في "الكبير" (20/204) (467) .(3/1418)
[29/16] باب الشهادة في النكاح
4270 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة» رواه الترمذي (1) ، وقال: هذا حديث غير محفوظ لا نعلم أحدًا رفعه إلا ما روي عن عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة مرفوعًا، وروي عن عبد الأعلى عن سعيد موقوفًا، والصحيح ما روي عن ابن عباس: «لا نكاح إلا ببينة» وقال في "المنتقى": عبد الأعلى ثقة فيقبل رفعه وزيادته.
4271 - وعن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» ذكره أحمد بن حنبل في رواية ابنه عبد الله، وأخرجه الدارقطني والبيهقي (2) ، والحديث في إسناده عبد الله بن محرز متروك.
4272 - ورواه الشافعي (3) من وجه آخر عن الحسن مرسلًا وقال: هذا وإن كان منقطعًا، فإن أكثر أهل العلم يقولون به.
4273 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا نكاح إلا بولي
_________
(1) الترمذي (3/411) (1103) ، وهو عند البيهقي (7/125) ، وابن أبي شيبة (3/458) ، والطبراني في "الكبير" (12/182) .
(2) الدارقطني (3/225) من طريق عبد الله بن محرر عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين عن ابن مسعود مرفوعًا، والبيهقي (7/125) ، وعبد الرزاق (6/196) ، والطبراني في "الكبير" (18/142) من طريق عبد الله بن محرر عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين مرفوعًا.
(3) الشافعي في "الأم" (5/168) ، وابن أبي شيبة (3/455) ، والبيهقي (7/125) .(3/1419)
وشاهدي عدل فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» رواه الدارقطني (1) وقد تكلم في إسناد الحديث.
4274 - وأخرج مالك في الموطأ (2) عن أبي الزبير المكي: «أن عمر بن الخطاب أتى بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة، فقال: هذا نكاح السر ولا أجيزه، ولو كنت تقدمت فيه لرجمت» .
4275 - وعن أبي هريرة مرفوعًا: «لا نكاح إلا بأربعة خاطب وولي وشاهدي عدل» رواه البيهقي (3) ، وقال: في إسناده المغيرة بن موسى الزهري، قال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن عدي: ثقة، ورواه الدارقطني (4) من رواية عائشة وقال: في إسناده مجهول، قال الرافعي: وروي موقوفًا، قال في "خلاصة البدر": أخرجه كذلك البيهقي في "خلافياته" (5) عن ابن عباس، ثم قال: وله شاهد بإسناد صحيح فذكره، انتهى. وفي الباب أحاديث يقوي بعضها بعضًا. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم من التابعين وغيرهم، قالوا: لا نكاح إلا بشهود ولم يختلف في ذلك من مضى منهم، وإنما اختلف أهل العلم فيما إذا شهد واحد بعد واحد، فقال أكثر أهل العلم من الكوفة وغيرهم: لا يجوز النكاح حتى يشهد الشاهدان معًا عند عقدة النكاح،
_________
(1) الدارقطني (3/225-226) ، وهو عند ابن حبان (9/386) (4075) ، والبيهقي (7/125) .
(2) مالك في "الموطأ" (2/535) (1114) ، وعنه الشافعي (1/291) ، والبيهقي (7/126) .
(3) البيهقي (7/143) .
(4) الدارقطني (3/224) (19) .
(5) وكذلك في السنن (7/143) .(3/1420)
وقد روى بعض أهل المدينة إذا شهد واحد بعد واحد فهو جائز إذا أعلنوا ذلك وهو قول مالك بن أنس وغيره، وقال بعض أهل العلم: يجوز شهادة رجل وامرأتين في النكاح، وهو قول أحمد وإسحاق، انتهى كلام الترمذي.
[29/17] باب ما جاء في الكفاءة في النكاح
4276 - عن عبد الله بن بريدة قال: «جاءت فتاة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن إبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، قال: فجعل الأمر إليها، فقالت: قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء» رواه ابن ماجه بإسناد رجاله رجال الصحيح (1) .
4277 - ورواه أحمد والنسائي من حديث ابن بريدة عن عائشة، وقد تقدم (2) .
4278 - وعن عمر قال: «لأمنعن تزوج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء» رواه الدارقطني (3) .
4279 - وعن أبي حاتم المزني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه قال: إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث
_________
(1) تقدم برقم (4271) .
(2) تقدم برقم (4272) .
(3) الدارقطني (3/298) ، وهو عند عبد الرزاق (6/152) ، وابن أبي شيبة (4/52) .(3/1421)
مرات» رواه الترمذي (1) وقال: هذا حديث حسن.
4280 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله عز وجل أذهب عنكم عبيّة الجاهلية وفخرها بالآباء، الناس بنو آدم وآدم من تراب مؤمن تقي وفاجر شقي، لينتهين أقوام يفتخرون برجال إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع النتن بأنفها» رواه أبو داود والترمذي وحسنه ورواه البيهقي بإسناد حسن واللفظ له (2) .
4281 - وعن الحسن عن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الحسب المال، والكرم التقوى» رواه الترمذي (3) ، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
4282 - وعن عائشة «أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة وكان ممن شهد بدرًا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - تبنى سالمًا وأنكحه بنت أخيه الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى امرأة من الأنصار» رواه البخاري والنسائي وأبو داود (4) .
_________
(1) الترمذي (3/395) (1085) ، وهو عند البيهقي (7/82) ، والطبراني في "الكبير" (22/299) ، والشيباني في "الآحاد والمثاني" (2/351) .
(2) أبو داود (4/331) (5116) ، الترمذي (5/734، 735) (3955، 3956) ، البيهقي (10/232) ، وهو عند أحمد (2/361، 523) .
(3) الترمذي (5/390) (3271) ، وهو عند الحاكم (2/177، 4/361) ، وابن ماجه (2/1410) (4219) ، والدارقطني (3/302) ، والبيهقي (7/135-136) ، وأحمد (5/10) ، والطبراني في "الكبير" (7/219)
(4) البخاري (4/1469، 5/1957) (3778، 4800) ، النسائي (6/63) ، أبو داود (2/223) (2061) ، وهو عند ابن حبان (10/27-28) (4215) ، والبيهقي (7/137، 459-460) ، والشافعي (1/307) ، وأحمد (6/201) ، والطبراني في "الكبير" (7/60) ، والإمام مالك (2/605) (1265) .(3/1422)
4283 - وعن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن أمه قالت: «رأيت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلال» رواه الدارقطني (1) .
4284 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «العرب بعضهم أكفاء بعض إلا حائكًا أو حجامًا» رواه الحاكم (2) وفي إسناده راو لم يسم، واستنكره أبو حاتم فقال: هذا كذب لا أصل له، وقال في موضع آخر: باطل، وقال الدارقطني في "العلل": لا يصح.
4285 - وعن أبي هريرة «أن أبا هند حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليافوخ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه» رواه أبو داود والحاكم (3) وحسنه الحافظ في "التلخيص"، وقال في "بلوغ المرام": رواه أبو داود والحاكم بسند جيد.
4286 - وعن فاطمة بنت قيس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: «انكحي أسامة» رواه مسلم (4) .
_________
(1) الدارقطني (3/301-302) (207) ، ومن طريقه البيهقي (7/137) .
(2) وهو عند البيهقي من طريق الحاكم (7/134) .
(3) أبو داود (2/233) (2102) ، الحاكم (2/178) ، وهو عند ابن حبان (9/375، 12/442) (4067، 6078) ، والدارقطني (3/300) ، والبيهقي (7/136) ، وأبي يعلى (10/318) (5911) ، والطبراني في "الكبير" (22/321) (808) ، والبخاري في "التاريخ" (1/268) .
(4) تقدم برقم (4226) .(3/1423)
4287 - وقد صح (1) أن بلالًا نكح هالة بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف.
4288 - وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على سلمان (2) .
4289 - وعن عائشة: «أن بريرة كانت تحت عبد فلما اعتقتها قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختاري: فإن شئت أن تمكثي تحت هذا العبد، وإن شئت أن تفارقيه» رواه أحمد والدارقطني (3) وفي لفظ متفق عليه (4) : «قال: خيرت بريرة عن زوجها حين عتقت» ولمسلم (5) عنها: «أن زوجها كان عبدًا» وفي رواية عنها (6) : «كان حرًا» قال في "بلوغ المرام": والأول أثبت.
4290 - وصح عن ابن عباس عند البخاري (7) إنه كان عبدًا، انتهى. وقال الشافعي: أصل الكفاءة في النكاح حديث بريرة.
قوله: «الجعل» بضم الجيم وفتح العين المهملة، هو دويبة أرضية تدهده أي تدحرج وزنا ومعنى، «والعبية» بضم العين المهملة وكسرها وتشديد الباء الموحدة
_________
(1) تقدم برقم (4288) .
(2) ابن أبي شيبة (4/53) .
(3) أحمد (6/180) ، الدارقطني (3/288، 289) (163-165) .
(4) البخاري (5/1959، 2022) (4809، 4975) ، مسلم (2/1144) (1504) ، أحمد (6/178) .
(5) البخاري (6/2481) (6370) ، مسلم (2/1143) (1504) .
(6) مسلم (2/1144) (1504) .
(7) البخاري (5/2023) (4978) .(3/1424)
المكسورة بعدها مثناة تحتية مشددة هي الكبر والفخر.
[29/18] باب استحباب الخطبة في النكاح وما يدعى به للمتزوج
4291 - عن ابن مسعود قال: «علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التشهد في الحاجة: أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ويقرأ ثلاث آيات ففسرها سفيان الثوري ((اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) [آل عمران:102] ((وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)) [النساء:1] ((اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)) [الأحزاب:70] الآية» رواه الترمذي وصححه (1) ، وقال في "بلوغ المرام": حسنه الترمذي والحاكم.
4292 - وعن إسماعيل بن إبراهيم عن رجل من بني سليم قال: «خطبت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمامة بنت عبد المطلب فأنكحني من غير أن نتشهد» رواه أبو داود والبخاري في "تاريخه الكبير" (2) ، وقال: إسناده مجهول.
4293 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى إنسانًا تزوج قال: بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير» رواه الخمسة إلا النسائي وصححه
_________
(1) الترمذي (3/413) (1105) ، وهو عند أبي داود (2/238) (2118) ، والنسائي (3/104) ، والحاكم (2/199) ، وابن ماجه (1/609) (1892) ، وابن الجارود (1/170) (679) ، والدارمي (2/191) (2202) ، وابن أبي شيبة (4/34) ، والطيالسي (1/45) (338) ، وأبي يعلى (9/150-151) (5233) ، وأحمد (1/392، 432) .
(2) أبو داود (2/239) (2120) ، البخاري في "التاريخ" (1/343-344) ، البيهقي (7/147) .(3/1425)
الترمذي وابن حبان والحاكم على شرط مسلم (1) .
4294 - وعن عقيل بن أبي طالب: «أنه تزوج امرأة من بني جسيم، فقالوا: بالرفاء والبنين، فقال: لا تقولوا هكذا، ولكن قولوا كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم بارك لهم وبارك عليهم» رواه النسائي وابن ماجه وأحمد (2) بمعناه وفي رواية له (3) : «لا تقولوا ذلك فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن ذلك قولوا: بارك الله فيك وبارك لك فيها» والحديث قال الحافظ في "الفتح": رجاله ثقات إلا أن الحسن لم يسمع من عقيل فيما يقال، وفي رواية للبيهقي: قال شعبة: قلت لأبي إسحاق: هذه القصة في خطبة النكاح وفي غيره؟ قال: في كل حاجة.
4295 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تزوجت؟ قلت: نعم، قال: بارك الله لك» رواه مسلم (4) .
[29/19] باب ما جاء في الزوجين يوكلان واحدًا في العقد
4296 - عن عقبة بن عامر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل أترى أن أزوجك فلانة، قال: نعم، وقال للمرأة: أترضين أن أزوجك فلانًا؟ قالت: نعم، فزوج
_________
(1) أبو داود (2/241) (2130) ، الترمذي (3/400) (1091) ، ابن ماجه (1/614) (1905) ، أحمد (2/381) ، الحاكم (2/199) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6/73) ، والدارمي (2/180) (2174) .
(2) النسائي (6/128) ، ابن ماجه (1/604) (1906) ، أحمد (1/201) ، وهو عند الدارمي (2/180) (2173) ، والحاكم (3/668) ، والبيهقي (7/148) .
(3) أحمد (1/201، 3/451) .
(4) مسلم (2/1087) (715) .(3/1426)
أحدهما صاحبه فدخل بها ولم يفرض لها صداقًا ولم يعطها شيئًا، وكان ممن شهد الحديبية له سهم بخيبر فلما حضرته الوفاة، قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجني فلانة ولم أفرض لها صداقًا ولم أعطها شيئًا، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهمًا فباعته بمائة ألف» رواه أبو داود (1) وسكت عنه أبو داود والمنذري، وفي إسناده عبد العزيز بن يحيى بن الأصبع وهو صدوق.
4297 - وذكر البخاري في "صحيحه" (2) «أن عبد الرحمن بن عوف قال لأم حكيم بنت قارض: أتجعلين أمرك إلي؟ قالت: نعم، قال: فقد تزوجتك» .
[29/20] باب ما جاء في نكاح المتعة ونسخها
وتحريمها إلى يوم القيامة
4298 - عن ابن مسعود قال: قال: «كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس معنا نساء، فقلنا: ألا نختصي فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا بعد أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبد الله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ)) [المائدة:87] الآية» متفق عليه (3) .
_________
(1) أبو داود (2/238) (2117) .
(2) علقه البخاري (5/1972) باب إذا كان الولي هو الخاطب، وقال الحافظ في "الفتح" (9/189) : وصله ابن سعد من طريق بن أبي ذئب عن سعيد بن خالد أن أم حكيم بنت قارظ قالت لعبد الرحمن بن عوف أنه قد خطبني أكثر من واحد فزوجني أيهم رأيت قال وتجعلين ذلك إلى فقالت نعم قال قد تزوجتك.
(3) البخاري (4/1687، 5/1953) (4339، 4787) ، مسلم (2/1022) (1404) ، أحمد (1/420، 432، 450) ، وهو عند ابن حبان (9/448، 449) (4141، 4142) ، وأبي يعلى (9/260) (5382) ، والبيهقي (7/79) ، والنسائي في "الكبرى" (6/336) ، وابن أبي شيبة (3/454) .(3/1427)
4299 - وعن أبي جمرة قال: «سألت ابن عباس عن متعة النساء فرخص لنا، فقال له مولىً له: إنما ذلك في الحال الشديد وفي النساء قلة أو نحوه فقال ابن عباس: نعم» رواه البخاري (1) .
4300 - وعن محمد بن كعب عن ابن عباس قال: «إنما كانت المتعة في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلد ليس له بها معرفة فيتزوج امرأة بقدر ما يرى أنه يقيم فتحفظ له متاعه وتصلح له شيئه، حتى نزلت هذه الآية: ((إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانِهِمْ)) [المؤمنون:6] قال ابن عباس: فكل فرج سواهما حرام» رواه الترمذي (2) بإسناد ضعيف وقد روى البيهقي وأبو عوانة (3) في "صحيحه" رجوع ابن عباس.
4301 - وعن علي: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر» وفي رواية: «نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأنسية» متفق عليهما (4) .
_________
(1) البخاري (5/1967) (4826) .
(2) الترمذي (3/430) (1122) .
(3) انظر "التلخيص" (2/158) .
(4) البخاري (5/1966، 2102) (4825، 5203) ، مسلم (2/1027) (1407) ، أحمد (1/79، 102) ، والشافعي (1/381) ، والطيالسي (1/17) (111) ، والحميدي (1/22) (37) ، وأبو يعلى (1/434) (576) باللفظ الأول، والبخاري (4/1544) (3979) ، ومسلم (2/1027، 1028) (1407) ، وأحمد (1/142) ، والترمذي (3/429، 4/254) (1121، 1794) ، والنسائي (6/126) ، وابن ماجه (1/630) (1961) ، ومالك (2/542) (1129) ، والدارمي (2/118) (1990) ، وابن حبان (9/450) (4143) باللفظ الثاني.(3/1428)
4302 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «رخص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في متعة النساء عام أو طاس ثلاثة أيام ثم نهى عنهما» رواه أحمد ومسلم (1) .
4303 - وعن سبرة الجهني «أنه غزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فتح مكة، قال: فأقمنا بها خمسة عشر فأذن لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في متعة النساء وذكر الحديث إلى أن قال: فلم أخرج حتى حرمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وفي رواية: «أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا» رواه أحمد ومسلم (2) ، وفي لفظ لمسلم (3) من حديث سبرة قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم نخرج منها حتى نهانا عنها»
_________
(1) أحمد (4/55) ، مسلم (2/1023) (1405) ، وهو عند ابن حبان (9/457-458) (4151) ، والدارقطني (3/258) ، والبيهقي (7/204) ، وابن أبي شيبة (3/551) .
(2) أحمد (3/405) (15382) ، مسلم (2/1024) (1406) ، وهو عند ابن حبان (9/455) (4148) ، والبيهقي (7/202) ، باللفظ الأول، واللفظ الثاني عند أحمد (3/405) (15385) ، ومسلم (2/1023، 1025) (1406) ، وابن الجارود (1/175) (699) ، وابن حبان (9/454) (4147) ، وابن ماجه (1/631) (1962) ، والنسائي (6/126) ، والدارمي (2/188) (2195) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/25) ، وابن أبي شيبة (3/551) ، والطبراني في "الكبير" (7/107) .
(3) مسلم (2/1025) (1406) .(3/1429)
ولأحمد وأبي داود (1) عنه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع نهى عن نكاح المتعة» وقال الحازمي في كتاب "الناسخ والمنسوخ" بعد أن ذكر حديث ابن مسعود المذكور في الباب: وهذا الحكم كان مباحًا مشروعًا في صدر الإسلام، وإنما أباحه النبي - صلى الله عليه وسلم - للسبب الذي ذكره ابن مسعود، وإنما ذلك يكون في أسفارهم ولم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أباحه لهم وهم في بيوتهم، ولهذا نهاهم عنه غير مرة، ثم أباحه لهم في أوقات مختلفة حتى حرمت عليهم في آخر أيامه - صلى الله عليه وسلم -، وذلك في حجة الوداع، وكان تحريم تأبيد لا توقيت، فلم يبق اليوم في ذلك خلاف بين فقهاء الأمصار وأئمة الأمة إلا شيئًا ذهب إليه بعض الشيعة.
[29/21] باب ما جاء في تحريم نكاح المحلل
4304 - عن ابن مسعود قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له» رواه أحمد والنسائي والترمذي (2) وصححه ابن القطان وابن دقيق العيد على شرط البخاري.
4305 - وأخرجه الخمسة إلا النسائي (3) من حديث علي مثله وصححه
_________
(1) أحمد (3/404) (15374) ، أبو داود (2/226) (2072) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (7/112) .
(2) أحمد (1/448، 450-451، 462) ، النسائي (6/149) ، الترمذي (3/428) (1120) ، وهو عند والدارمي (2/211) (2258) ، والبيهقي (2/208) ، وعبد الرزاق (8/315) ، وابن أبي شيبة (7/292) ، وأبي يعلى (8/468، 237) (5054، 5350) ، والطبراني في "الكبير" (10/38) ، و"الأوسط" (4/211) .
(3) أبو داود (2/227) (2076) ، الترمذي (3/427) (1119) ، ابن ماجه (1/622) (1935) ، أحمد (1/83، 87، 88، 93، 107، 121، 150، 158) ، وهو عند البيهقي (7/207، 208) ، وأبي يعلى (1/323، 395) (402، 516) ، وعبد الرزاق (6/269) ، والطبراني في "الأوسط" (7/127) ، وابن عدي في "الكامل" (1/379) .(3/1430)
ابن السكن.
4306 - وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فهو المحلل لعن الله المحلل والمحلل له» رواه ابن ماجه (1) وقد تكلم في إسناده وله شواهد.
_________
(1) ابن ماجه (1/623) (1936) ، وهو عند الحاكم (2/217) ، والدارقطني (3/251) (28) ، والبيهقي (2/208) ، والطبراني في "الكبير" (17/299) .(3/1431)
[29/22] باب ما جاء في نكاح الشغار
4307 - عن نافع عن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، وليس بينهما صداق» رواه الجماعة (1) لكن الترمذي لم يذكر تفسير الشغار وأبو داود جعله من كلام نافع وهو كذلك في رواية متفق عليها.
4308 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا شغار في الإسلام» رواه مسلم (2) .
4309 - وعن أبي هريرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشغار، والشغار أن يقول الرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي» رواه أحمد ومسلم (3) .
_________
(1) البخاري (5/1966، 6/2553) (4822، 6559) ، مسلم (2/1034) (1415) ، أبو داود (2/227) (2074) ، النسائي (6/112) (3337) ، الترمذي (3/431) (1124) ، ابن ماجه (1/601) (1883) ، أحمد (2/7، 19، 35، 62، 91) ، وهو عند مالك في "الموطأ" (2/535) (1112) ، والدارمي (2/183) (2180) ، وابن حبان (9/459) (4152) ، وأبي يعلى (10/169، 190) (5795، 5819) ، وابن الجارود (1/180) (720) ، والشافعي (1/253) .
(2) مسلم (2/1035) (1415) ، وهو عند أحمد (2/35) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (6/184) ، والطبراني في "الأوسط" (3/228) .
(3) أحمد (2/286، 439، 496) ، مسلم (2/1035) (1416) ، وهو عند النسائي (6/112) (3338) ، وابن ماجه (1/606) (1884) .(3/1432)
4310 - وعن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج «أن العباس بن عبد الله بن عباس: أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وقد كانا يجعلان صداقًا فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه: هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد وأبو داود (1) ، وفي إسناده محمد بن إسحاق، وقد اختلف في الاحتجاج بحديثه.
4311 - وعن عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام ومن انتهب فليس منا» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه (2) .
قوله: «الشغار» بمعجمتين الأولى مكسورة.
[29/23] باب الشروط في النكاح وما نهى عنه منها
4312 - عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج» رواه الجماعة (3) .
_________
(1) أحمد (4/94) ، أبو داود (2/227) (2075) ، وهو عند ابن حبان (9/460) (4153) ، والبيهقي (7/200) ، وأبي يعلى (13/358) (7370) .
(2) أحمد (4/429، 439، 443) ، أبو داود (3/30) (2581) ، النسائي (6/111) ، الترمذي (3/431) (1123) ، ابن حبان (8/61) (3267) .
(3) البخاري (2/970، 5/1978) (2572، 4856) ، مسلم (2/1035) (1418) ، أبو داود (2/244) (2139) ، النسائي (6/92-93) ، الترمذي (3/434) (1127) ، ابن ماجه (1/628) (1954) ، أحمد (4/144، 150، 151) ، وهو عند ابن حبان (9/402) (4092) ، والبيهقي (7/248) ، وعبد الرزاق (6/228) ، والطبراني في "الكبير" (17/274، 275) ، والدارمي (2/191) (2203) ، وأبي يعلى (3/292) (1754) .(3/1433)
4313 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، أو يبيع على بيعه ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفي ما في صحفتها أو إناها فإنما رزقها على الله» متفق عليه (1) ، وفي لفظ متفق عليه (2) : «نهى أن تشترط المرأة طلاق أختها» .
4314 - وعن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل أن تنكح امرأة بطلاق أخرى» رواه أحمد (3) .
4315 - وقد تقدم (4) في كتاب البيع حديث عمرو بن عوف المزني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا» رواه الترمذي، وصححه، وصححه ابن حبان والحاكم على شرطهما وأخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني (5) مرفوعًا، وعلقه البخاري جازمًا به في الإجارة.
4316 - وتقدم (6) حديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما بال أقوم يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن اشترط مائة شرط، شرط الله أحق وأوثق» متفق عليه، وذلك كمن
_________
(1) البخاري (2/752) (2033) ، مسلم (2/1029) (1408) ، أحمد (2/238) .
(2) البخاري (2/971) (2577) ، أحمد (2/311) .
(3) أحمد (2/176) .
(4) تقدم برقم (3627) .
(5) من حديث أبي هريرة، وقد تقدم برقم (3628) .
(6) تقدم برقم (3632) .(3/1434)
اشترطت ألا يتزوج عليها أو لا يتسرى فهذا من الشروط المنهي عنها بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا» وأما إذا اشترطت المرأة ألا يخرجها من البلد فليس فيه تحريم ما أحل الله، ولا تحليل ما حرم الله، لأن جواز إخراجها من بلدها هو في الحقيقة حق للزوج قد أسقطه بالشرط فيلزمه الوفاء به عملًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أحق الشروط ما استحللتم به الفروج» (1) وبقوله تعالى: ((أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)) [المائدة:1] وحديث: «المسلمون على شروطهم» (2) قال الترمذي والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم عمر بن الخطاب، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق، انتهى. ولا يتعارض هذه الأحاديث حديث عائشة: «ما بال أقوام» (3) إلخ، لأن هذه الشروط التي لم تحرم حلالًا ولا تحل حرامًا ثابتة في كتاب الله بقوله تعالى: ((أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)) [المائدة:1] .
[29/24] باب نكاح الزاني والزانية
4317 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الزاني المجلود لا ينكح إلا مثله» رواه أحمد وأبو داود (4) ، قال في "بلوغ المرام": ورجاله ثقات.
4318 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص: «أن رجلًا من المسلمين استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأة يقال لها أم مهزول، وكانت تسافح وتشترط له أن
_________
(1) تقدم قريبًا برقم (4317) .
(2) تقدم برقم (3627) .
(3) تقدم برقم (3632) .
(4) أحمد (2/324) ، أبو داود (2/221) (2052) ، وهو عند الحاكم (2/180) ، وابن عدي في "الكامل" (2/410) .(3/1435)
تنفق عليه. قال: فاستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر له أمرها فقرأ عليه نبي الله: ((وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ)) [النور:3] » رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" (1) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد ثقات.
4319 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي كان يحمل الأسارى بمكة، وكان بمكة بغي يقال لها عناق وكانت صديقته، قال: فجئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله أنكح عناقًا؟ قال فسكت عني فنزلت: ((وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ)) [النور:3] فدعاني فقرأ علي، وقال: لا تنكحها» رواه أبو داود والنسائي والترمذي (2) ، قال المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
[29/25] باب حكم المرأة إذا فعلت فاحشة غير الزنا
4320 - عن عمرو بن الأحوص «أنه شهد حجة الوداع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: استوصوا بالنساء خيرًا فإنما هن عندكم عوان ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن
_________
(1) أحمد (2/158، 225) ، الطبراني في "الأوسط" (2/221) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6/415) ، والبيهقي (7/153) ، وابن عدي في "الكامل" (2/454) .
(2) أبو داود (2/220) (2051) ، النسائي (6/66) (3228) ، الترمذي (5/328) ، وهو عند الحاكم (2/180) .(3/1436)
سبيلًا» أخرجه ابن ماجه والترمذي (1) وصححه وسيأتي إن شاء الله تعالى.
4321 - وعن ابن عباس قال: «أتى رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتي لا ترد يد لامس! قال: غربها، قال: أخاف أن تتبعها نفسي، قال: فاستمتع بها» رواه أبو داود (2) وقال الحافظ ابن حجر: حديث حسن صحيح، قال المنذري: رجال إسناده محتج بهم في الصحيحين، انتهى. وأخرجه البزار ورجال إسناده ثقات، وقال في "جامع الأصول": أخرجه أبو داود والنسائي، وقال: رفعه أحد الرواة إلى ابن عباس وأحدهم لم يرفعه، وقال: هذا الحديث ليس بثابت، وقال في غير الجامع: لا ترد يد لامس يعني أنها مطاوعة لمن طلب منها الزنية والفاحشة، انتهى. وقال الإمام أحمد: لا تمنع يد لامس تعطي من ماله قيل له: فإن أبا عبيدة يقول من الفجور، قال: ليس لنا إلا أنها تعطي من ماله، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليأمره بإمساكها وهي تفجر، وقال في "سبل السلام": ما معناه، قلت: الوجه الأول في غاية البعد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يأمر الرجل أن يكون ديوثًا، والثاني لا يصح لأن التبذير لا يوجب أمره بطلاقها، فالأقرب أن المراد بها أنها سهلت الأخلاق ليس فيها نفور وحشمة عن الأجانب، لا أنها تأتي الفاحشة وكثير من النساء والرجال بهذه المثابة.
[29/26] باب ذكر من تحرم من النساء
4322 - عن ابن عباس قال: «حرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع، ثم قرأ هذه الآية: ((حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ)) [النساء:23] إلى آخر الآية» ، أخرجه
_________
(1) ابن ماجه (1/594) (1851) ، الترمذي (3/467، 5/273) (1163، 3087) .
(2) أبو داود (2/220) (2049) ، النسائي (6/169) ، ابن أبي شيبة (3/490) .(3/1437)
البخاري (1) .
4323 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل نكح امرأة فدخل بها، فلا يحل له نكاح ابنتها، فإن لم يكن دخل بها فلينكح ابنتها، وأيما رجل نكح امرأة، فلا يحل أن ينكح أمها دخل بها أو لم يدخل» أخرجه الترمذي (2) ، وقال: هذا حديث لا يصح من قبل إسناده إنما رواه ابن لهيعة والمثنى بن الصباح عن عمرو ابن شعيب والمثنى بن الصباح وابن لهيعة ضعيفان في الحديث، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. قالوا: إذا تزوج الرجل المرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها حل له أن ينكح ابنتها، وإذا تزوج الابنة فطلقها قبل أن يدخل بها لم يحل له نكاح أمها، لقوله تعالى: ((وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ)) [النساء:23] وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، انتهى. وقال ابن حجر في تخريج "الكشاف": لم يرتق هذا الحديث إلى درجة الحسن.
4324 - وعن أبي سعيد الخدري قال: «لما كان يوم أوطاس أصبنا نساء كان لهن أزواج من المشركين فكرههن رجال فأنزل الله تعالى: ((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)) [النساء:24] » رواه مسلم وأبو داود والترمذي (3) ، وقال: حديث حسن، وفي رواية مسلم وأبى داود: «فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن» .
_________
(1) البخاري (5/1963) .
(2) الترمذي (3/425) (1117) .
(3) سيأتي برقم (4369) .(3/1438)
تنبيه:
حكم بنت الرجل من الزنا حكمها من النكاح في التحريم لحديث «واحتجبين منه يا سودة» متفق عليه من حديث عائشة وسيأتي (1) . وحديث جريج العابد فإنه قال لولد البغية حين رمته: «من أبوك، قال: راعي الغنم» رواه البخاري (2) والإجماع على أن الأم تحرم على ولدها من الزنا لأنه من مائها فكذلك البنت تحرم على من هي من مائه والخلاف في ذلك مشهور ومما يستدل به حديث خالد بن اللجلاج عن أبيه: «أنه كان قاعدًا في السوق فمرت به امرأة تحمل صبيًا وثار الناس معها وثرت فيمن ثار، وانتهت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: من أبو هذا معك؟ فقال شاب: أنا أبوه يا رسول الله، وفيه: فأمر به فرجم» رواه أبو داود والنسائي وسيأتي في الحدود (3) .
[29/27] باب ما جاء من النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها
وما جاء من جواز الجمع بين امرأة رجل وبنته من غيرها
4325 - عن أبي هريرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها» رواه الجماعة (4) وفي رواية: «أنه نهى أن يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة
_________
(1) تقدم برقم (4092) .
(2) البخاري (1/404، 2/877-878، 3/1268) (1148، 2350، 3252) ، وهو عند مسلم (4/1976، 1977) (2550) ، وأحمد (2/307، 385، 433) ، وابن حبان (14/411-412) (6489) .
(3) سيأتي برقم (4919) .
(4) البخاري (5/1965) (4819، 4821) ، مسلم (2/1029) (1408) ، النسائي (6/97) ، ابن ماجه (1/621) (1929) ، أحمد (2/229، 255، 432، 474) ، وهو عند عبد الرزاق (6/261) .(3/1439)
وخالتها» رواه الجماعة إلا ابن ماجه والترمذي (1) وفي لفظ لأبي داود وابن حبان والطبراني، والترمذي (2) وقال: حسن صحيح من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنكح المرأة على عمتها ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها لا الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى» .
4326 - وفي رواية لابن عدي من حديث ابن عباس: «إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم» وفي إسنادها مقال وأخرجها ابن حبان (3) .
4327 - ولأبي داود في "مراسيله" (4) عن عيسى بن طلحة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تنكح المرأة على قرابتها مخافة القطيعة» .
4328 - ولأحمد والبخاري والترمذي (5) من حديث جابر مثل اللفظ
_________
(1) البخاري (5/1965) (4820) ، مسلم (2/1028) (1408) ، أبو داود (2/224) (2066) ، النسائي (6/96) ، أحمد (2/401، 452، 462، 465، 516، 518) ، وهو عند ابن حبان (9/424، 425) (4113، 4115) ، والدارمي (2/183) (2179) ، والإمام مالك (2/532) .
(2) أبو داود (2/224) (2065) ، ابن حبان (9/427) (4117) ، الطبراني في "الأوسط" (4/381-382) ، الترمذي (3/433) (1126) ، وهو عند ابن الجارود (1/172) ، وأحمد (2/426) ، وأبي يعلى (11/516-517) (6641) .
(3) أخرجه بهذا اللفظ الطبراني في "الكبير" (11/337) ، وهو عند ابن عدي (4/159) ، وابن حبان (9/426) (4116) ، وابن عبد البر في التمهيد (18/278) بلفظ الخطاب للنساء «إنكن إذا فعلتن ذلك ... » .
(4) أبو داود في "المراسيل" (208) ، وهو عند ابن أبي شيبة (3/527) ، وعبد الرزاق (6/263) .
(5) أحمد (3/338، 382) ، البخاري (5/1965) (4819) ، وهو عند النسائي (6/98) ، وابن حبان (9/425) (4114) .(3/1440)
الأول في حديث أبي هريرة.
4329 - وعن ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كره أن يجمع بين العمة والخالة وبين الخالتين والعمتين» رواه أبو داود (1) بإسناد ضعيف.
4330 - وعن ابن عباس: «أنه جمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها بعد طلقتين وخلع» .
4331 - وعن رجل من أهل مصر كانت له صحبة يقال له حبلة: «أنه جمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها» رواهما الدارقطني (2) وأثر ابن عباس في إسناده أبو حزير بالحاء المهملة ثم الزاي اسمه عبد الله بن حسين ضعفه جماعة، ووثقه ابن معين وأبو زرعة وعلق له البخاري، قال الحافظ: فهو حسن الحديث وقال البخاري (3) : جمع عبد الله بن جعفر بين ابنة علي وامرأة علي.
[29/28] باب العدد المباح للحر والعبد وما خص به النبي - صلى الله عليه وسلم -
4332 - عن قيس بن الحرث قال: «أسلمت وعندي ثمان نسوة فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك فقال: اختر منهن أربعًا» رواه أبو داود وابن ماجه (4) بإسناد فيه مقال.
_________
(1) أبو داود (2/224) (2067) .
(2) الحديث الأول عند الدراقطني (3/320) (275) ، والثاني عند الدارقطني (3/320) (273) .
(3) البخاري (5/1963) باب ما يحل من النساء ومايحرم.
(4) أبو داود (2/272) (2241، 2242) ، ابن ماجه (1/628) (1952) ، وهو عند أبي يعلى (12/292) (6872) ، والطبراني في "الكبير" (18/359) .(3/1441)
4333 - وعن سالم عن أبيه: «أن غيلان أبو سلمة أسلم وله عشر نسوة فأسلمن معه، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يختر منهن أربعًا» رواه أحمد والترمذي (1) وصححه ابن حبان والحاكم، وأعله البخاري وأبو زرعة، وصححه أيضًا البيهقي وابن القطان.
4334 - وعن نوفل بن معاوية: «أنه أسلم وتحته خمس نسوة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أمسك أربعًا وفارق الأخرى» رواه الشافعي والبيهقي (2) بإسناد غير قوي وهذان الحديثان شاهدان للأول.
4335 - وعن عمر بن الخطاب قال: «ينكح العبد امرأتين ويطلق تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين» رواه الدارقطني (3) وهو قول صحابي لا حجة فيه والظاهر أن العبد كالحر في جواز النكاح الأربع.
4336 - وعن قتادة عن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة» وفي رواية: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة قلت لأنس وكان يطيقه، قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين» رواه أحمد والبخاري (4) .
_________
(1) سيأتي برقم (4363) .
(2) الشافعي (1/274) ، ومن طريقه البيهقي (7/184) .
(3) الدارقطني (3/308) (237) ، وهو عند الشافعي في "المسند" (1/298) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (7/221) .
(4) الرواية الأولى أخرجها: أحمد (3/99، 166) ، والبخاري (1/109، 5/1951، 2000) (280، 4781، 4917) ، وابن حبان (4/9-10) (1209) ، والنسائي (6/53-54) والرواية الثانية أخرجها: البخاري (1/105) (265) ، وأحمد (3/291) ، وابن حبان (4/8) = = (1208) ، وأبو يعلى (5/318-319، 456، 472) (2941، 3176، 3203) ، وابن خزيمة (1/115) (231) ، والنسائي في "الكبرى" (5/328) .(3/1442)
[29/29] باب ما جاء أن المملوك لا يتزوج بغير إذن سيده
4337 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن وأخرجه ابن حبان والحاكم وصححاه (1) .
4338 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نكح العبد بغير إذن مواليه فنكاحه باطل» رواه أبو داود (2) وصحح وقفه.
[29/30] باب الخيار للأمة إذا أعتقت تحت عبد
4339 - عن عائشة «أن بريرة كانت تحت عبد فلما أعتقتها قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اختاري فإن شئت أن تمكثي تحت هذا العبد، وإن شئت أن تفارقيه» رواه أحمد والدارقطني (3) .
4340 - وعن عائشة: «أن بريرة خيرها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان زوجها عبدًا»
_________
(1) أحمد (3/300-301، 377، 382) ، أبو داود (2/228) (2078) ، الترمذي (3/419، 420) (1111، 1112) ، الحاكم (2/211) ، وهو عند ابن الجارود (1/172) (686) ، والدارمي (2/203) (2233) ، والبيهقي (7/127) ، وعبد الرزاق (7/243) ، وابن أبي شيبة (3/534) ، والطيالسي (1/234) (1675) ، والطبراني في "الأوسط" (5/103) .
(2) أبو داود (2/228) (2079) .
(3) تقدمت هذه الرواية برقم (4294) .(3/1443)
رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه (1) .
4341 - وعنها: «أن بريرة أعتقت وكان زوجها عبدًا فخيرها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان حرًا لم يخيرها» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه (2) .
4342 - وعنها: «أن بريرة أعتقت وهي عند مغيب عبد لآل أبي أحمد فخيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إن قربك فلا خيار لك» رواه أبو داود (3) بإسناد فيه عنعنعة ابن إسحاق.
4343 - قال الرافعي: وروي عن حفصة مثله. قلت: رواه الشافعي (4) .
4344 - وعن ابن عباس قال: «كان زوج بريرة عبدًا أسودًا يقال له: مغيب عبد لبني فلان كأني أنظر إليه يطوف وراءها في سكك المدينة» رواه البخاري (5) وفي لفظ: «أن زوج بريرة كان عبدًا أسودًا لبني مغيرة يوم أعتقت بريرة والله لكأني به في المدينة ونواحيها وأن دموعه لتسيل على لحيته يترضاها لتختاره فلم تفعل» رواه الترمذي وصححه (6) وهو صريح ببقاء عبوديته يوم العتق.
_________
(1) مسلم (2/1143) (1504) ، أبو داود (2/270) (2234) ، ابن ماجه (1/671) (2076) ، النسائي (6/165) ، أحمد (6/115) .
(2) أحمد (6/170) ، مسلم (2/1143) (1504) ، أبو داود (2/270) (2233) ، الترمذي (3/460) (1154) .
(3) أبو داود (2/271) (2236) .
(4) الشافعي (1/269) .
(5) البخاري (5/2023) (4977) .
(6) الترمذي (3/462) (1156) .(3/1444)
4345 - وعن عائشة قالت: «كان زوج بريرة حرًا فلما أعتقت خيرها النبي - صلى الله عليه وسلم - فاختارت نفسها» رواه الخمسة (1) من رواية الأسود عن عائشة، قال البخاري (2) : قول الأسود منقطع، ثم عائشة عمة القاسم وخالة عروة فروايتهما عنها أولى من رواته أجنبي، وقد روي عنها أنه كان عبدًا.
[29/31] باب ما جاء من النهي عن نكاح الأمة على الحرة
4346 - عن الحسن قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تنكح الأمة على الحرة» رواه البيهقي وقال: مرسل إلا إنه في معنى الكتاب، ومعه قول جماعة من الصحابة، انتهى. وأخرجه سعيد بن منصور والطبراني مرسلًا أيضًا (3) .
4347 - وأخرجه ابن أبي شيبة (4) عن علي موقوفًا بسند حسن.
4348 - وعبد الرزاق والبيهقي (5) عن جابر موقوفًا قال في "الخلاصة": وإسناده صحيح.
[29/32] باب ما جاء في من أعتق أمته ثم تزوجها
4349 - عن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما رجل كانت عنده
_________
(1) أبو داود (2/270) (2235) ، النسائي (5/107) ، الترمذي (3/461) (1155) ، ابن ماجه (1/670) (2074) ، أحمد (6/42) .
(2) البخاري (6/2482) .
(3) البيهقي (7/175) ، وهو عند عبد الرزاق (7/267، 268) ، وابن أبي شيبة (3/467) .
(4) ابن أبي شيبة (3/467) .
(5) عبد الرزاق (7/265) ، البيهقي (7/175) .(3/1445)
وليدة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران، وأيما رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي فله أجران، وأيما رجل مملوك أدى حق مواليه وحق ربه فله أجران» رواه الجماعة إلا أبا داود (1) ، فإنما له (2) منه «من أعتق أمته ثم تزوجها كان له أجران» ، ولأحمد (3) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أعتق الرجل أمته ثم تزوجها بمهر جديد كان له أجران» .
4350 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعتق صفية وتزوجها، فقال له ثابت: ما أصدقها؟ قال: نفسها أعتقها وتزوجها» رواه الجماعة إلا الترمذي وأبا داود (4) وفي لفظ للبخاري (5) : «أعتق صفية وتزوجها وجعل عتقها صداقها» ، وفي لفظ للدارقطني (6) : «أعتق صفية ثم تزوجها وجعل عتقها صداقها» ، وفي رواية لأحمد
_________
(1) البخاري (5/1955) (4795) ، وأطرافه (1/48، 2/900، 3/1096، 1271) (97، 2409، 2849، 3262) ، مسلم (1/134) (154) ، النسائي (6/115) ، الترمذي (3/424) (1116) ، ابن ماجه (1/629) (1956) ، أحمد (4/395، 414) ، وهو عند ابن حبان (1/463) (227) ، والدارمي (2/206) (2244) ، وأبي يعلى (13/238) (7256) .
(2) أبو داود (2/221) (2053) .
(3) أحمد (4/408) .
(4) البخاري (1/145، 4/1539) (364، 3965) ، مسلم (2/1043-1044) (1365) ، النسائي (6/131-132) ، ابن ماجه (1/629) (1957) ، أحمد (3/186) .
(5) البخاري (5/1983) (4874) ، وهو بهذا اللفظ عند أبي يعلى (5/435) (3132) ، والدارمي (2/206) (2243) .
(6) الدارقطني (3/285) (151) .(3/1446)
وأبي داود والترمذي (1) : «أعتق صفية وجعل عتقها صداقها» وفي رواية لأحمد (2) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اصطفى صفية بنت حيي فاتخذها لنفسه وخيرها أن يعتقها وتكون زوجته أو يلحقها بأهلها فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته» .
[29/33] باب ما جاء في رد المرأة بالعيب وما جاء في العنين
4351 - عن زيد بن كعب بن عجرة عن أبيه قال: «تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العالية من بني غفار، فلما دخلت عليه ووضعت ثيابها رأى بكشحها بياضًا، فقال: البسي ثيابك والحقي بأهلك، وأمر لها بالصداق» رواه الحاكم (3) وفي إسناده جميل بن يزيد وهو مجهول واختلف عليه في شيخه اختلافًا كثيرًا ولأحمد (4) : «فلما دخل عليها فوضع ثوبه وقعد على الفراش أبصر بكشحها بياضًا فانحاز عن الفراش، ثم قال: خذي عليك ثيابك، ولم يأخذ مما أتاها شيئًا» .
4352 - وعن عمر أنه قال: «أيما امرأة غر بها رجل بها جنون أو جذام أو برص، فلها مهرها بما أصاب منها وصداق الرجل على من غره» رواه مالك في
_________
(1) أحمد (3/99، 165، 170، 239، 242، 280، 291) ، أبو داود (2/221) (2054) ، الترمذي (3/423) (1115) ، وهو بهذا اللفظ عند البخاري (5/1956) (4798) ، ومسلم (2/1045) (1365) ، وابن حبان (9/370، 401) (4063، 4091) ، والدارمي (2/206) (2242) ، وعبد الرزاق (7/269) ، وأبي يعلى (5/455، 7/6) (3173، 3890) .
(2) أحمد (3/138) ، وهي عند ابن حبان (10/390-393) (4530) ، والبيهقي (9/150) ، وأبي يعلى (6/194-197) (3479) .
(3) الحاكم (4/36) .
(4) أحمد (3/493) .(3/1447)
"الموطأ" والدارقطني (1) ، وفي لفظ: «قضى عمر في البرصاء والجذماء والمجنونة إذا دخل بها فرق بينهما والصداق لها بمسيسته إياها وهو له على وليها» رواه الدارقطني (2) وفي لفظ لسعيد ابن منصور ومالك وابن أبي شيبة (3) من حديث عمر: «أيما رجل تزوج امرأة فدخل بها فوجدها برصاء أو مجنونة أو مجذومة فلها الصداق بمسيسه إياها وهو على من غره منها» . قال في "بلوغ المرام": ورجاله ثقات.
4353 - وروى سعيد (4) أيضًا عن علي نحوه وزاد: «وبها قرن فزوجها بالخيار، فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها» .
4354 - وروى سعيد بن المسيب قال: «قضى عمر في العنين أن يؤجل سنة» قال في "بلوغ المرام": ورجاله ثقات (5) .
[29/34] باب ما جاء في أنكحة الكفار وإقرارهم عليها
4355 - عن عروة: «أن عائشة أخبرته أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء: فنكاح منها: نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو بنته
_________
(1) مالك (2/526) (1097) ، الدارقطني (3/266) (82) .
(2) الدارقطني (3/267) (83) .
(3) سعيد بن منصور في "سننه" (1/212) (818، 819) ، مالك (2/526) (1097) ، ابن أبي شيبة (3/486)
(4) سعيد بن منصور (1/213) (820، 821) ، وهو عند البيهقي (7/215) موقوفًا على عليّ.
(5) البيهقي (7/226) ، الدارقطني (3/305) ، عبد الرزاق (6/253) ، ابن أبي شيبة (3/504) .(3/1448)
فيصدقها ثم ينكحها، ونكاح آخر: كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان فاستبظعي منه، ويعتزلها زوجها ولا يمسها حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبظع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، فكان هذا النكاح يسمى نكاح الاستبظاع، ونكاح آخر: يجتمع الرهط دون العشرة فيدخلون على المرأة فيصيبونها كلهم، فإذا حملت ووضعت ومر ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم، وقد ولدت فهو ابنك يا فلان فتسمي من أحبت باسمه، فيلحق به ولدها لا يستطيع أن يمتنع منه الرجل، ونكاح رابع: يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا ينصبن على أبوابهن الرايات ويكون علمًا فمن أرادهن دخل عليهن فإذا حملت إحداهن ووضعت جمعوا لها ودعوا لها القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاط به ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك، فلما بعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالحق هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس» رواه البخاري وأبو داود (1) .
قوله: «أنحاء» جمع نحو أي ضرب وزنًا ومعنى. قوله: «طمثها» بفتح الطاء المهملة أي حيضها. قوله: «استبظعي» الاستبظاع طلب المباظعة وهو الجماع.
[29/35] باب ما جاء في تحريم الجمع بني الأختين
وحكم من أسلم وتحته أكثر من أربع
4356 - عن الضحاك بن فيروز عن أبيه قال: «أسلمت وعندي امرأتان
_________
(1) البخاري (5/1970) (4834) ، أبو داود (2/281-282) (2272) .(3/1449)
أختان فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أطلق إحداهما» رواه الخمسة إلا النسائي (1) ، وفي لفظ الترمذي (2) : «اختر أيهما شئت» والحديث قال في "بلوغ المرام": صححه ابن حبان والدارقطني، وأعله البخاري، وقال في "خلاصة البدر": قال الترمذي: حسن غريب، وقال البيهقي: إسناده صحيح.
4357 - وعن أم حبيبة: «أنها عرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينكح أختها، فقال: لا تحل لي» أخرجاه (3) .
4358 - وعن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: «أسلم غيلان الثقفي وعنده عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يختار منهن أربعًا» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي (4) وصححه ابن حبان والحاكم وأعله البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وزاد أحمد (5) في رواية: «فلما كان في عهد عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه فبلغ ذلك عمر فقال: إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ولعلك لا تمكث إلا قليلًا وايم الله لتراجعن نساءك
_________
(1) أبو داود (2/272) (2243) ، الترمذي (3/436) (1130) ، ابن ماجه (1/627) (1951) ، أحمد (4/232) ، وهو عند ابن حبان (9/462) (4155) ، الدارقطني (3/273) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/255) .
(2) الترمذي (3/436) (1129) .
(3) البخاري (5/1964) (4817) ، مسلم (2/1072) (1449) ، أحمد (6/291، 309) .
(4) أحمد (2/13، 44، 83) ، ابن ماجه (1/628) (1953) ، الترمذي (3/435) (1128) ، الحاكم (2/210) ، الدارقطني (3/269) .
(5) أحمد (2/14) ، وهي عند ابن حبان (9/463) (4156) ، وأبي يعلى (9/325) (5437) .(3/1450)
ولترجعن مالك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك أن يجرم كما رجم قبر أبي رغال» وأخرجه النسائي والدارقطني، قال الحافظ: وإسناده ثقات، وحديث ابن عمر قد تقدم في باب العدد المباح للحر والعبد.
قوله: «قبر أبي رغال» بكسر الراء المهملة بعدها غين معجمة وهو أبو ثقيف وكان من ثمود. أخرج أبو داود (1) عن ابن عمرو (2) مرفوعًا: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر يقول هذا قبر أبي رغال وكان بهذا الحرم يدفع عنه فلما خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه وآية ذلك أنه دفن غصن من ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه» .
[29/36] باب ما جاء في الزوجين الكافرين يسلم أحدهما قبل الآخر
4359 - عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد ابنته زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول ولم يحدث شيئًا» رواه أحمد وأبو داود وصححه أحمد والحاكم (3) وفي لفظ: «رد ابنته زينب على أبي العاص زوجها بنكاحها الأول بعد سنتين ولم يحدث صداقًا» رواه أحمد وابن ماجه (4) ، وفي لفظ: «رد ابنته زينب على أبي العاص وكان إسلامها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول ولم
_________
(1) أبو داود (3/181) (3088) .
(2) في الأصل: ابن عمر.
(3) أحمد (1/217) ، أبو داود (2/272) (2240) ، الحاكم (2/219، 3/470) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (11/228) ، والدارقطني (3/254) .
(4) أحمد (1/351) ، ابن ماجه (1/647) (2009) ، وهو عند الحاكم (4/50) ، وابن أبي شيبة (7/287) .(3/1451)
يحدث شهادة ولا صداقا» رواه أحمد وأبو داود (1) وكذلك الترمذي (2) ، وقال فيه: «لم يحدث نكاحًا» وقال: هذا حديث ليس بإسناده بأس.
4360 - وقد روي (3) بإسناد ضعيف عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد ابنته على أبي العاص بمهر جديد» قال الترمذي: في إسناده مقال، وقال أحمد: هذا حديث ضعيف، والحديث الصحيح الذي روي أنه أقرهما على النكاح الأول، وقال الدارقطني: هذا حديث لا يثبت، والصواب حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردها بالنكاح الأول.
4361 - وعن ابن شهاب: «أن بلغه أن ابنة الوليد كانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام فبعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمانًا وشهد حنينًا والطائف وهو كافر وامرأته مسلمة فلم يفرق النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أسلم صفوان واستقرت عنده بذلك النكاح، قال ابن شهاب: وكان بين إسلام صفوان وبين إسلام زوجته نحو من شهر» مختصر من الموطأ وهو مرسل (4) .
4362 - وعن ابن شهاب «أن أم حكيم ابنة الحرث بن هشام أسلمت يوم
_________
(1) أحمد (1/261) ، أبو داود (2/272) (2240) .
(2) الترمذي (3/448) (1143) .
(3) الترمذي (3/447) (1142) ، ابن ماجه (1/647) (2010) ، أحمد (2/207) ، الدارقطني (3/253) ، الحاكم (3/741) .
(4) مالك في "الموطأ" (2/543) (1132) ، والبيهقي (7/186) ، وعبد الرزاق (7/169-170) (12646) .(3/1452)
الفتح وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل حتى قدم اليمن فارتحلت أم حكيم حتى قدمت على زوجها باليمن ودعته إلى الإسلام فأسلم وقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعه فثبتا على نكاحهما ذلك، قال ابن شهاب: ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجرًا قبل أن تنقضي عدتها وأنه لم يبلغنا أن امرأة فرق بينها وبين زوجها إذا قدم وهي في عدتها» رواه عنه مالك في الموطأ (1) وهو مرسل.
4363 - وعن ابن عباس قال: «أسلمت امرأة فتزوجت فجاء زوجها، فقال: يا رسول الله إني كنت أسلمت وعلمت بإسلامي، فانتزعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من زوجها الآخر وردها إلى زوجها الأول» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم (2) .
[29/37] باب ما جاء في المرأة تسبى وزوجها بدار الشرك
4364 - عن أبي سعيد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين بعث جيشًا إلى أوطاس فلقي عدوًا فقاتلوهم وظهروا عليهم وأصابوا لهم سبيًا فكان ناسًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - تحرجوا من غشيانهم من أجل أزواجهم من المشركين فأنزل الله تعالى
_________
(1) مالك في "الموطأ" (2/544، 545) (1133، 1134) ، والبيهقي (7/187) ، عبد الرزاق (170) .
(2) أحمد (1/323) ، أبو داود (2/271) (2239) ، ابن ماجه (1/647) (2008) ، الحاكم (2/218) ، وهو عند ابن الجارود (1/190) (757) ، والطبراني في "الكبير" (11/276) ، وعبد الرزاق (7/168) ، والبيهقي (7/188) .(3/1453)
في ذلك ((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)) [النساء:24] أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن» رواه مسلم وأبو داود والنسائي وكذلك أحمد (1) وليس عنده الزيادة في آخره بعد الآية والترمذي (2) مختصرًا ولفظه: «أصبنا سبايا يوم أوطاس لهن أزواج في قومهم فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلت: ((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)) [النساء:24] » .
4365 - وعن عرباض بن سارية «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم وطئ السبايا حتى يضعن ما في بطونهن» رواه أحمد والترمذي (3) ورجال إسناده ثقات.
4366 - وعن رويفع بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر يسقي ماءه زرع غيره» أخرجه أبو داود والترمذي (4) وحسنه، وصححه ابن حبان وحسنه البزار.
4367 - ورواه الحاكم (5) من حديث ابن عباس بلفظ: «لا تسق بمائك زرع غيرك» وقال: صحيح الإسناد، وزاد أبو داود (6) في الحديث: «ومن كان يؤمن بالله
_________
(1) مسلم (2/1079) (1456) ، النسائي (6/110) ، أبو داود (2/247) (2155) ، أحمد (3/72) .
(2) الترمذي مختصرًا (3/438، 5/234) (1132، 3016، 3017) .
(3) أحمد (4/127) ، الترمذي (4/71، 133) (1474، 1564) .
(4) سيأتي برقم (4664) .
(5) الحاكم (2/64، 149) ، والبيهقي (9/125) ، الدارقطني (3/68) ، الطبراني في "الأوسط" (7/102) ، وأبو يعلى (4/304) (2414) .
(6) ستأتي هذه الرواية برقم (4664) من حديث رويفع.(3/1454)
واليوم الآخر فلا يقع على امرأة من السبي حتى يستبريها» وستأتي (1) هذه الأحاديث وما في معناها في باب استبراء الأمة إذا ملكت وما أوردنا هنا فليس القصد إلا الاستدلال على حل السبايا سواء كن من ذوات الأزواج أو من غيرهن.
* * *
_________
(1) سيأتي هذا الباب [30/34] .(3/1455)
أبواب الصداق
[29/38] باب جواز التزويج على القليل والكثير
واستحباب القصد فيه
4368 - عن عامر بن ربيعة: «أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أرضيت من نفسك ومالك بنعلين، فقالت: نعم فأجازه» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه (1) وخولف في ذلك.
4369 - وعن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو أن رجلًا أعطى امرأة صداقًا ملا يديه طعامًا كانت له حلالاً» رواه احمد وأبو داود (2) بمعناه وفي إسناده ضعف وقد رجح وقفه.
4370 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة فقال: ما هذا؟ قال: تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب، فقال: بارك الله لك أولم ولو بشاة» رواه الجماعة (3) ولم يذكر أبو داود «بارك الله لك» .
_________
(1) أحمد (3/445) ، ابن ماجه (1/608) (1888) ، الترمذي (3/420) (1113) ، وهو عند أبي يعلى (13/151) (7194) ، والطيالسي (1/156) (1143) ، والبيهقي (7/138، 239) .
(2) أحمد (3/355) ، أبو داود (2/236) (2110) ولفظه «من أعطى في صداق امرأة مثل كفيه سويقًا أو تمرًا فقد استحل» .
(3) البخاري (5/1979، 2346) (4860، 6023) وأطرفه (2/722، 3/1378، 1432، 5/1952، 1977، 1979، 1983) (1943، 3569، 3570، 3722، 4785، 4853، 4858، 4872) ، مسلم (2/1042) (1427) ، أبو داود (2/235) (2109) ، النسائي = = (6/128) (3372) ، الترمذي (3/402) (1094) ، ابن ماجه (1/615) (1907) ، أحمد (3/226-227) (3/190، 204، 205، 271) ، وهو عند ابن حبان (9/366-367) (4060) ، والدارمي (2/192) (2204) ، وأبي يعلى (6/92) (3348) .(3/1456)
4371 - وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة» رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" (1) وإسناده ضعيف ويشهد له الحديث بعده.
4372 - وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير الصداق أيسره» أخرجه أبو داود وصححه الحاكم (2) .
4373 - وعن أبي هريرة قال: «كان صداقنا إذ كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر أواقي» رواه النسائي وأحمد (3) وزاد: «وطبق بيديه وذلك أربع مائة» ورجال إسناده ثقات.
4374 - وعن أبي سلمة قال: «سألت عائشة كم كان صداق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأزواجه، قالت: كان صداقه لأزواجه اثنا عشر أوقية ونش، قال: أتدري ما النش؟ قلت: لا، قالت: نصف أوقية فتلك خمسمائة درهم» رواه الجماعة إلا
_________
(1) أحمد (6/82، 145) ، الطبراني في "الأوسط" (9/173) بلفظ «أخف الناس صداقًا أعظمهن بركة» ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/402) ، والحاكم (2/194) .
(2) أبو داود (2/238) (2117) ، الحاكم (2/198) ، وهو عند ابن حبان (9/381) (4072) ، والبيهقي (7/232) ، والطبراني في "الأوسط" (1/221) (724) .
(3) النسائي (6/117) ، أحمد (2/367) ، وهو عند ابن الجارود (1/179) (717) ، وابن حبان (9/407) (4097) ، والحاكم (2/191) ، والدارقطني (3/222) ، والبيهقي (7/235) .(3/1457)
البخاري والترمذي (1) .
4375 - وعن أبي العجفي قال: سمعت عمر يقول: «لا تغلوا صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من نسائه ولا أصدق امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم (2) .
4376 - وعن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار على أربع أواق فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندي ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه، قال: فبعث بعثاً إلى بني عبس بعث ذلك الرجل فيهم» رواه مسلم (3) .
4377 - عن عروة عن أم حبيبة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهي بأرض الحبشة زوجها النجاشي وأمهرها أربعة آلاف وجهزها من عنده وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة ولم يبعث إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء وكان مهر نسائه
_________
(1) مسلم (2/1042) (1426) ، أبو داود (2/234) (2105) ، النسائي (6/116) ، ابن ماجه (1/607) (1886) ، أحمد (6/93-94) ، وهو عند الدارمي (2/189) (2199) ، والحاكم (2/197) ، والشافعي (1/246) .
(2) أبو داود (2/235) (2106) ، النسائي (6/117) ، الترمذي (3/422) (1114) ، ابن ماجه (1/607) (1887) ، أحمد (1/40، 48) ، ابن حبان (10/480-481) (4620) ، الحاكم (2/191) ، وهو عند الدارمي (2/190) (2200) ، وعبد الرزاق (6/175) ، وابن أبي شيبة (3/492) ، والطيالسي (1/12) ، والحميدي (1/13-14) (23) .
(3) مسلم (2/1040) (1424) .(3/1458)
أربعمائة درهم» رواه أحمد والنسائي (1) .
4378 - وعن سهل بن سعد قال: «زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بخاتم من حديد» أخرجه الحاكم وهو طرف من الحديث المتقدم (2) في أول كتاب النكاح وسيأتي في الباب الذي بعد هذا.
4379 - وعن علي رضي الله عنه قال: «لا يكون المهر أقل من عشرة دراهم» أخرجه الدارقطني (3) موقوفًا.
[29/39] باب جعل تعليم القرآن صداقًا
4380 - عن سهل بن سعد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك وقامت قيامًا طويلًا، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل عندك من شيء تصدقها إياه، فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك فالتمس شيئًا، فقال: ما أجد شيئًا، فقال: التمس ولو خاتمًا من حديد فالتمس فلم يجد شيئًا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل معك من القرآن؟ قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا يسميها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد زوجتكما بما معك من القرآن» متفق عليه، وقد تقدم في أول الكتاب مطولًا وتقدم أيضًا في كتاب الإجارة (4) .
_________
(1) أحمد (6/427) ، النسائي (6/119) ، أبو داود (2/235) (2107) .
(2) تقدم برقم (3836) .
(3) الدارقطني (3/200) ، وهو عند عبد الرزاق (6/179) ، والبيهقي (8/261) .
(4) تقدم برقم (3836، 4229) .(3/1459)
4381 - وعن النعمان الأزدي قال: «زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة على سورة من القرآن، ثم قال: لا يكون لأحد بعدك» رواه سعيد في "سننه" (1) مرسلًا قال الحافظ: في إسناده من لا يعرف.
[29/40] باب من تزوج ولم يسم صداقًا لزوجته حتى مات عنها
4382 - عن علقمة قال: «أتي عبد الله في امرأة تزوجها رجل ثم مات عنها ولم يفرض لها صداقًا ولم يكن دخل بها، قال: فاختلفوا إليه فقال: إن لها مهر نسائها ولها الميراث وعليها العدة فشهد معقل بن سنان الأشجعي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في بروع ابنة واشق بمثل ما قضى» رواه الخمسة وصححه الترمذي وأخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم وأخرجه ابن حبان (2) وصححه أيضًا ابن مهدي وصحح ابن حزم إسناده، وقال البيهقي: رواته ثقات، قال في "خلاصة البدر المنير": ومعقل بن سنان صحابي مشهور والاختلاف فيه لا يوهيه، وقال الشافعي: إن صح قلت به، قال أبو عبد الله الحافظ: شيخ الحاكم لو حضرت الشافعي لقمت على رؤوس أصحابه، وقلت: قد صح الحديث فقل به، قال الحاكم: هو كما قال شيخنا: هو صحيح على شرط الشيخين، انتهى.
قوله: «بروع» بكسر الباء الموحدة قاله أصحاب الحديث، وقال الجوهري: الصواب فتحها، انتهى. وهذا الحديث قد ذكر الحافظ في "العواصم" من المصححين
_________
(1) عزاه إليه في "الفتح" (9/212) .
(2) أبو داود (2/237) (2114، 2115) ، النسائي (6/121-122) ، الترمذي (3/450) (1145) ، ابن ماجه (1/609) (1891) ، أحمد (3/480، 4/280) ، الحاكم (2/196) ، ابن حبان (9/409) (4100) .(3/1460)
له غير من ذكر، وأن الترمذي نقل عن الإمام الشافعي الرجوع إليه والعمل به بمصر، وأنه حديث حسن صحيح، وروي عن ابن مسعود من غير وجه.
[29/41] باب ما جاء في تقدمة شيء من المهر قبل الدخول
والرخصة في تركه
4383 - عن ابن عباس قال: «لما تزوج علي فاطمة قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أعطها شيئًا، قال: ما عندي شيء، قال: أين درعك الحطمية؟» رواه أبو داود والنسائي (1) وصححه الحاكم وفي رواية لأبي داود (2) : «أن عليًا لما تزوج فاطمة أراد أن يدخل بها فمنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يعطيها شيئًا، فقال: يا رسول الله ليس لي شيء، فقال له: أعطها درعك الحطمية فأعطاها درعه ثم دخل بها» .
4384 - وعن عائشة قالت: «أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئًا» رواه أبو داود وابن ماجه (3) وفي إسناده مقال.
قوله: «الحطمية» بضم الحاء المهملة وفتح الطاء المهملة منسوبة إلى الحطم سميت بذلك لأنها تحطم السيوف.
[29/42] باب حكم هدايا الزوج للمرأة وأوليائها
4385 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
_________
(1) أبو داود (2/240) (2125) ، النسائي (6/130) ، وهو عند ابن حبان (15/396) (6945) ، وأبي يعلى (4/328) (2439)
(2) أبو داود (2/240) (2126) .
(3) أبو داود (2/241) (2128) ، ابن ماجه (1/641) (1992) .(3/1461)
«أيما امرأة أنكحت على صداق أو حبًا أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما يكرم عليه الرجل ابنته أو أخته» رواه الخمسة إلا الترمذي (1) وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الترمذي: وقد اختلف الحفاظ في الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب، وقد استوفيت الكلام على أحاديث عمرو بن شعيب في أبواب الوضوء فليرجع إليه فهو من نفائس الأبحاث.
أبواب الوليمة والبناء على النساء وعشرتهن
[29/43] باب استحباب الوليمة بالشاة فأكثر وجوازه بدونها
4386 - عن أنس بن مالك: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة فقال: ما هذا؟ قال: يا رسول الله! إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب، قال: بارك الله لك أولم ولو بشاة» متفق عليه واللفظ لمسلم وقد تقدم (2) قريبًا.
4387 - وعن أنس قال: «ما أولم النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيء من نسائه ما أولم على زينب أولم بشاة» متفق عليه (3) .
_________
(1) أبو داود (2/241) (2129) ، النسائي (6/120) ، ابن ماجه (1/628) (1955) ، أحمد (2/182) ، وهو عند عبد الرزاق (6/257) .
(2) تقدم برقم (4375) .
(3) البخاري (5/1983) (4873) ، مسلم (2/1049) (1428) ، أحمد (3/227) ، وهو عند أبي داود (3/341) (3743) ، وابن ماجه (1/615) (1908) ، وأبي يعلى (6/92) (3349) ، وعبد بن حميد (1/403) (1368) .(3/1462)
4388 - وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولم على صفية بتمر وسويق» رواه الخمسة إلا النسائي (1) ، وقال الترمذي: حسن غريب.
4389 - وعن صفية بنت شيبة قالت: «أولم النبي - صلى الله عليه وسلم - على بعض نسائه بمدين من شعير» أخرجه البخاري (2) .
4390 - وعن أنس قال: «أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبني بصفية فدعوت المسلمين إلى وليمته فما كان فيها من خبز ولا لحم وما كان فيها إلا أن أمر بالانطاع فألقي عليها التمر والإقط والسمن، فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه، فقالوا: إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه، فلما ارتحل وطأ لها خلفه ومد الحجاب» متفق عليه (3) ، ولأحمد ومسلم (4) في قصة صفية: «جعل وليمتها التمر والإقط السمن» .
[29/44] باب ما جاء في إجابة الدعوة
4391 - عن أبي هريرة قال: «شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء
_________
(1) أبو داود (3/341) (3744) ، الترمذي (3/403) (1095) ، ابن ماجه (1/615) (1909) ، أحمد (3/110) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/139) (6601) ، وابن حبان (9/368) (4061) ، والبيهقي (7/260) ، وأبي يعلى (6/259، 274) (3559، 3580) ، والطبراني في "الكبير" (24/69) .
(2) البخاري (5/1983) (4877) .
(3) البخاري (4/1543، 5/1956، 1980) (3976، 4797، 4864) ، مسلم (2/1045) (1365) ، أحمد (3/264) ، وهو عند ابن حبان (16/196) (7213) ، والنسائي (6/134) .
(4) أحمد (3/246) ، مسلم (2/1045) (1365) .(3/1463)
ويترك الفقراء ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله» متفق عليه (1) ، وفي رواية لمسلم (2) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعو لها من يأباها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله» .
4392 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم إليها، وكان ابن عمر يأتي الدعوة في العرس وغير العرس، ويأتيها وهو صائم» متفق عليه (3) ، وفي رواية: «إذا دعى أحدكم إلى الوليمة فليأتها» متفق عليه (4) ، ورواه أبو داود (5) وزاد: «فإن كان مفطرًا فليطعم، وإن كان صائمًا فليدع» وفي رواية، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله، ومن دخل على غير دعوة دخل سارقًا وخرج مغيرًا» رواه أبو داود (6) بإسناد ضعيف، وفي لفظ: «إذا
_________
(1) البخاري (5/1985) (4882) ، مسلم (2/1054) (1432) ، أحمد (2/240-241، 267، 405-406، 494) ، وهو عند أبي داود (3/341) (3742) ، والنسائي في "الكبرى" (4/141) ، وابن ماجه (1/616) (1913) ، والإمام مالك في "الموطأ" (2/546) ، والدارمي (2/143) (2066) ، وابن حبان (12/116، 118) (5304، 5305) ، وأبي يعلى (10/295، 11/123) (5891، 6250) ، والطيالسي (1/304) (2303) ، والحميدي (2/493) (1170) .
(2) مسلم (2/1055) (1432) .
(3) البخاري (5/1985) (4884) ، مسلم (2/1053) (1429) ، أحمد (2/68، 127، 101) .
(4) البخاري (5/1984) (4878) ، مسلم (2/1052) (1429) ، أحمد (2/20) ، وهو عند ابن حبان (12/104) (5294) ، وأبي داود (3/340) (3736) ، والنسائي في "الكبرى" (4/140) .
(5) أبو داود (3/340) (3737) ، البيهقي (7/263) .
(6) أبو داود (3/341) (3741) ، وهو عند القضاعي في "مسند الشهاب" (1/314) (527) .(3/1464)
دعي أحدكم أخاه فليجب» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (1) وفي لفظ: «إذا دعى أحدكم إلى وليمة عرس فليجب» وفي لفظ: «من دعي إلى عرس أو نحوه فليجب» رواهما مسلم وأبو داود (2) .
4393 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم وإن شاء ترك» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه (3) وقال فيه: «وهو صائم» .
4394 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائمًا فليصل، وإن كان مفطرًا فليطعم» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (4) وفي لفظ الجماعة إلا البخاري والنسائي: «إذا دعي أحدكم إلى الطعام وهو صائم، فليقل: إني صائم» .
4395 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دعي أحدكم إلى الطعام فجاء مع الرسول فذلك أذن له» رواه أحمد وأبو داود (5) ورجاله ثقات وفيه انقطاع.
_________
(1) أحمد (2/146) ، مسلم (2/1053) (1429) ، أبو داود (3/340) (3738) .
(2) اللفظ الأول عند مسلم (2/1053) (1429) ، وابن ماجه (1/616) (1914) ، وأحمد (2/22) ، واللفظ الثاني عند مسلم (2/1053) (1429) ، والبيهقي (7/262) .
(3) أحمد (3/392) ، مسلم (2/1054) (1430) ، أبو داود (3/341) (3740) ، ابن ماجه (1/557) (1751) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/140) ، وعبد بن حميد (1/324) (1066) ، وابن حبان (12/115) (5303) .
(4) تقدم برقم (2730) .
(5) أحمد (2/533) ، أبو داود (4/348) (5190) ، الطبراني في "الأوسط" (6/366) .(3/1465)
قوله: «فليصل» أي يدع، وقيل الصلاة الشرعية ويبعده رواية ابن السني: «فإن كان صائمًا دعى بالبركة» .
4396 - وعن الحسن قال: «دعي عثمان بن أبي العاص إلى ختان فأبى أن يجيب فقيل له، فقال: إنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا ندعى له» رواه أحمد (1) وفي إسناده ابن إسحاق والأحاديث السابقة تدل على شرعية إجابة دعوه الختان لأنها داخلة تحت مطلق الدعوة.
[29/45] باب ما يصنع إذا اجتمع داعيان
4397 - عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا اجتمع الداعيان فأجب أقربهما بابًا، فإن أقربهما بابًا أقربهما جوارًا، فإذا سبق أحدهما فأجب الذي سبق» رواه أحمد وأبو داود (2) بسند رجاله ثقات إلا أن أبا خالد يزيد بن عبد الرحمن الدلاني، فهو مختلف في توثيقه وتضعيفه، وقال في "بلوغ المرام": رواه أبو داود بسند ضعيف، وفي "التلخيص" إن إسناد هذا الحديث ضعيف، وقال في "الخلاصة": في إسناده مقال.
4398 - وعن عائشة «أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منك بابًا» رواه أحمد والبخاري (3) وهو يدل أن الأقرب أحق.
_________
(1) أحمد (4/217) ، الطبراني في "الكبير" (9/57) .
(2) أحمد (5/408) ، أبو داود (3/344) (3756) ، البيهقي (7/275) .
(3) أحمد (6/175، 187، 239) ، البخاري (2/788، 916، 5/2241) (2140، 2455، 5674) ، وهو عند الحاكم (4/185) ، وعبد الرزاق (8/81) ، والطيالسي (1/215) (1529) .(3/1466)
[29/46] باب إجابة من قال لصاحبه ادع من لقيت
وحكم الإجابة في اليوم الثاني والثالث
4399 - عن أنس قال: «تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل بأهله فصنعت أمي أم سليم حيسًا فجعلته في تور، فقالت: يا أنس! اذهب به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذهبت به فقال: ضعه. ثم قال: اذهب فادع لي فلانًا وفلانًا ومن لقيت فدعوت من سمى ومن لقيت» متفق عليه واللفظ لمسلم (1) .
4400 - وعن عبادة عن الحسن بن عبد الله عن عثمان الثقفي عن رجل من ثقيف يقال أن له معروفًا، وأثنى عليه إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان فلا أدري ما اسمه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الوليمة أول يوم حق، واليوم الثاني معروف، واليوم الثالث سمعة ورياء» رواه أحمد وأبو داود (2) ، قال البخاري: لا يصح إسناده، وقال ابن عبد البر: في إسناده نظر.
4401 - ورواه الترمذي (3) من حديث ابن مسعود، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «طعام أول يوم حق، وطعام الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سمعة» قال الحافظ: واستغربه الترمذي ورجاله رجال الصحيح.
_________
(1) البخاري (4/1799) (4515) ، مسلم (2/1051) (1428) ، أحمد (3/163) ، النسائي (6/136) ، الترمذي (5/357) (3218) .
(2) أحمد (5/28، 371) ، أبو داود (3/341) (3745) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (4/137) ، والطبراني في "الكبير" (5/272) ، والدارمي (2/143) (2065) .
(3) الترمذي (3/403) (1097) ، الطبراني في "الكبير" (9/197) .(3/1467)
4402 - وله شاهد عن أبي هريرة (1) عند ابن ماجة (2) . (*)
قوله: «حيسًا» بفتح الحاء المهملة بعدها ياء تحتية وسين مهملة، هو ما يتخذ من الأقط والتمر والسمن، والتور بالفوقانية إناء من نحاس.
[29/47] باب من دعي فرأى منكرًا فلينكره وإلا فليرجع
4403 - قد سبق (3) في خطبة العيد حديث أبي سعيد وفيه سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من رأى منكرًا فإن استطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وسيأتي (4) إن شاء الله في كتاب الجامع في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4404 - وعن علي قال: «صنعت طعامًا فدعوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه فرأى في البيت تصاوير فرجع» رواه ابن ماجة (5) ، ورجاله رجال الصحيح، وقد تقدمت (6) الأحاديث في تحريم الصور في كتاب اللباس من كتاب الصلاة.
4405 - وعن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها خمر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر
_________
(1) في الأصل: عن أنس.
(2) ابن ماجه (1/617) (1915) ، والطبراني في "الأوسط" (2/326، 7/243) .
(3) قد تقدم برقم (2025) .
(4) سيأتي برقم (6375) .
(5) ابن ماجه (2/1114) (3359) ، أبو يعلى (1/342، 399) (436، 521) .
(6) تقدم باب تحريم الصور [3/7] .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف: "وله شاهد عن أنس [[كذا في الأصل]] عند ابن ماجه"، ولم نجده من حديث أنس عند ابن ماجه، وهو من حديث أبي هريرة (1915) ، وعزاه لأبي هريرة المجد في "المنتقى" (4/266) ، وكذا الحافظ في "الفتح" (9/343) ، وهو من حديث أنس عند البيهقي (7/260) .(3/1468)
فلا يدخل الحمام إلا بإزار، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تدخل الحمام» رواه أحمد (1) .
4406 - ويشهد له ما أخرجه الترمذي عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يعقد على مائدة يدار عليها الخمر» وقال الترمذي: حسن غريب وأخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، وأقره الذهبي وأخرجه النسائي مرفوعًا وجود إسناده الحافظ، وقد تقدم (2) في أحاديث الحمام.
[29/48] باب ما جاء في النثار
4407 - عن زيد بن خالد «أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن النهبة والخليسة» رواه أحمد (3) ، قال في "مجمع الزوائد": رواه أحمد والطبراني وفي إسناده رجل لم يسم.
4408 - وعن عبد الله بن يزيد الأنصاري «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المثلة والنهبة» رواه أحمد والبخاري (4) .
4409 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من انتهب فليس منا» رواه أحمد والترمذي (5) وصححه.
_________
(1) أحمد (1/20) من حديث عمر بن الخطاب.
(2) تقدم برقم (490) .
(3) أحمد (4/117، 5/193) ، الطبراني في "الكبير" (5/255) .
(4) أحمد (4/307) ، البخاري (2/875، 5/2100) (2342، 5197) .
(5) أحمد (3/140) ، الترمذي (4/154) (1601) .(3/1469)
4410 - وأما حديث جابر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حضر في أملاك فأتي بأطباق عليها جوز ولوز وتمر فنثرت فقبضنا أيدينا، فقال: ما لكم لا تأخذون؟ فقالوا: لأنك نهيت عن النهباء. فقال: إنما نهيتكم عن نهباء العسكر، خذوا على اسم الله فجاذبنا وجاذبناه..» ذكره الجويني، فقد قال البيهقي: لا يثبت. وقال الحافظ: لا يوجد ضعيفًا فرضًا عن صحيح، وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (1) .
4411 - وقد سبق (2) في آخر أبواب الأضاحي حديث عبد الله بن قرط وفيه «أنه - صلى الله عليه وسلم - نحر خمس بدنات، فلما وجبت جنوبها قال: من شاء اقتطع» رواه أحمد وأبو داود وابن حبان وصححه، وقال في "المنتقى": احتج به من رخص في نثار العرس ونحوه.
[29/49] باب ما جاء في الضرب بالدفوف واللهو في النكاح
4412 - عن محمد بن حاطب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فصل بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح» رواه الخمسة إلا أبا داود وحسنه الترمذي (3) .
4413 - وعن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أعلنوا هذا النكاح، واضربوا
_________
(1) ابن الجوزي في الموضوعات (1268) .
(2) تقدم برقم (3451) .
(3) النسائي (6/127) ، الترمذي (3/398) (1088) ، ابن ماجه (1/611) (1896) ، أحمد (3/418، 4/259) ، وهو عند الحاكم (2/201) ، والطبراني في "الكبير" (19/242) (542) ، والبيهقي (7/289) .(3/1470)
عليه بالغربال» رواه ابن ماجة (1) بإسناد ضعيف، وقد أخرجه الترمذي (2) بلفظ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف» وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
4414 - وعنها «أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا عائشة! ما كان معكم من لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو» رواه أحمد والبخاري (3) .
4415 - وعن عمرو بن يحيى المازني عن جده أبي الحسن «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكره نكاح السر حتى يضرب بدف، ويقال: أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم» رواه عبد الله بن أحمد في المسند (4) ، وفي إسناده الحسين بن عبد الله بن ضميرة، قال في "مجمع الزوائد": وهو متروك.
4416 - وعن ابن عباس قال: «أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أهديتم الفتاة؟ قالوا: نعم. قال: أرسلتم معها من يغني؟ قالت: لا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم» رواه ابن ماجة (5) بإسناد فيه الأجلح، وثقه ابن معين والعجلى وضعفه النسائي.
_________
(1) ابن ماجه (1/611) (1895) ، البيهقي (7/290) .
(2) الترمذي (3/398) (1089) ، البيهقي (7/290) .
(3) أحمد (6/269) ، البخاري (5/1980) (4867) .
(4) عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (4/77) .
(5) ابن ماجه (1/612) (1900) .(3/1471)
4417 - وعن خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ قالت: «دخل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - غداة بُني علي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدف يندبن من قتل من آبائي يوم بدر، حتى قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في غد. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تقولي هكذا وقولي كما كنت تقولين» رواه الجماعة إلا مسلمًا والنسائي (1) .
[29/50] باب الأوقات التي يستحب فيها البناء على النساء
وما يقول إذا زفت إليه
4418 - عن عائشة قالت: «تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شوال، فأي نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أحضى عنده مني، وكانت عائشة تستحب أن يدخل نسائها في شوال» رواه أحمد ومسلم والنسائي (2) .
4419 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أفاد له امرأة أو خادمًا أو دابةً فليأخذ بناصيتها وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه» رواه ابن
_________
(1) البخاري (4/1469، 5/1976) (3779، 4852) ، أبو داود (4/281) (4922) ، الترمذي (3/399) (1090) ، ابن ماجه (1/611) (1897) ، أحمد (6/359، 360) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (3/332) (5563) ، وابن حبان (13/189) (5878) ، والبيهقي (7/288) ، والطبراني في "الكبير" (24/275) .
(2) أحمد (6/54، 206) ، مسلم (2/1039) (1423) ، النسائي (6/70، 130) ، وهو عند ابن ماجه (1/641) (1990) ، والترمذي (3/401) (1093) ، والدارمي (2/195) (2211) ، وابن حبان (9/365) (4058) .(3/1472)
ماجة وأبو داود (1) بمعناه، ورجال إسناده إلى عمرو بن شعيب ثقات، وأخرجه -أيضًا- أبو داود (2) من حديث عمرو بن شعيب بلفظ «إذا تزوج أحدكم امرأة واشترى خادمًا فليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه، وإذا اشترى بعيرًا فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك» وفي رواية «ثم ليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة في المرأة والخادم» قال المنذري: وأخرج الحديث النسائي وابن ماجة (3) ، وقد تقدم الكلام في اختلاف الأئمة في حديث عمرو بن شعيب.
[29/51] باب ما يكره من تزين النساء وما لا يكره
4420 - عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة فقالت: يا رسول الله إن لي ابنة عريسًا وإنه أصابها حصبة فتمزق شعرها أفأصله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة» متفق عليه (4) .
4421 - وعن ابن مسعود «لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى وقال: ما لي لا ألعن من لعن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» .
_________
(1) ابن ماجه (1/617) (1918) ، أبو داود (2/248) (2160) .
(2) انظر التخريج السابق.
(3) النسائي في "الكبرى" (6/74) ، ابن ماجه (2/757) (2252) .
(4) البخاري (5/2218) (5597) ، مسلم (3/1676) (2122) ، أحمد (6/345، 346، 350) ، وهو عند ابن ماجه (1/639) (1988) ، والنسائي (8/187) ، والشافعي (1/22) ، وعبد الرزاق (3/143) ، وابن أبي شيبة (5/201) ، والحميدي (1/153) (321) .(3/1473)
4422 - وعن معاوية أنه قال «وتناول قصة من شعر سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن مثل هذه ويقول: إنما هلك بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم» متفق عليهما (1) .
4423 - وعنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما امرأة أدخلت في شعرها من شعر غيرها، فإنما تدخله زورًا» رواه أحمد (2) ، وفي لفظ «أيما امرأة زادت في شعرها شعرًا أليس منه فإنه زور يزيد فيه» رواه النسائي (3) ومعناه متفق عليه (4) .
4424 - وعن ابن مسعود قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - «ينهى عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة إلا من داء» .
4425 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلعن القاشرة والمقشورة
_________
(1) الحديث الأول أخرجه: البخاري (4/1853، 5/2216، 2218، 2219) (4604، 5587، 5595، 5599) ، ومسلم (3/1678) (2125) ، وأحمد (1/454) ، وابن حبان (12/315) (5505) ، وابن ماجه (1/640) (1989) ، وأبو داود (4/77) (4169) ، والنسائي (8/188) ، وأبو يعلى (9/73) (5141) ، والترمذي (5/104) (2782) ، والحديث الثاني أخرجه: البخاري (3/1279، 5/2216) (3281، 5588) ، ومسلم (3/1679) (2127) ، وأحمد (4/87-88، 95، 97-98) ، وأبو داود (4/77) (4167) ، ومالك في "الموطأ" (2/947) (1697) ، وابن حبان (12/322) (5512) ، والترمذي (5/104) (2781) ، والنسائي (8/186) ، والشافعي (1/161) ، وعبد الرزاق (2/142) .
(2) أحمد (4/101) ، الطبراني في "الكبير" (19/342) .
(3) النسائي (8/144-145) .
(4) البخاري (3/1285، 5/2218) (3299، 5594) ، مسلم (3/1680) (2127) ، أحمد (4/93، 101) .(3/1474)
والواشمة والموشومة والواصلة والموصولة» رواهما أحمد (1) وحديث عائشة، قال في مجمع الزوايد: فيه من لم أعرفه من النساء.
قوله: «عُريسًا» بضم العين وفتح الراء وتشديد الياء المكسورة تصغير عروس والعروس يقع على المرأة والرجل. قوله: «فيمرق» بالراء المهملة أي: تساقط وروي بالزاي. قوله: «الواصلة» هي التي تصل شعر المرأة شعر امرأة أخرى ليكثر شعر المرأة، والمستوصلة: هي التي فعل بها ذلك بإذنها. قوله: «الواشمة» هي فاعلة الوشم وهو شق الجلد تحت الشفة أو غيرها حتى يسيل الدم ثم يجعل عليه شيئًا من الكحل فيخضر ذلك الموضع. قوله: «المتنمصات» بالتاء الفوقية ثم النون ثم الصاد المهملة جمع متنمصة، وهي التي تستدعي نتف الشعر من وجهها، ويروى بتقديم النون على التاء. قوله: «المتفلجات» بالفاء والجيم جمع متفلجة، وهي التي تبرد ثناياها إظهارًا للصغر وتحسينًا لهن. قوله: «قصة» بضم القاف وتشديد الصاد المهملة هي القطعة من الشعر. قوله: «القاشرة» قال في "الدر النثير": هي التي تعالج وجهها أو وجه غيرها بالغمرة ليصفو لونها، والمقشورة التي يفعل ذلك.. انتهى. والغمرة بفتح الغين المعجمة وسكون الميم بعدها راء: طلاء من الورس.
4426 - وعن عائشة قالت: «كانت امرأة عثمان بن مظعون تخضب وتطيب فتركته فدخلت علي، فقلت: أمشهد أم مغيب؟ فقالت: مشهد. قالت: عثمان لا يريد الدنيا ولا يريد النساء. قالت عائشة: فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بذلك فلقي عثمان، فقال: يا عثمان تؤمن بما نؤمن به؟ قال: نعم يا رسول
_________
(1) الحديث الأول عند أحمد (1/415) ، والحديث الثاني عند أحمد (6/250) .(3/1475)
الله. قال: فأسوة مالك بنا» رواه أحمد (1) من طرق، قال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد ثقات.
4427 - وعن كريمة بنت همام قالت: «دخلت المسجد الحرام فأخلوه لعائشة فسألتها امرأة ما تقولين يا أم المؤمنين في الحناء؟ فقالت: كان حبيبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه لونه ويكره ريحه وليس بمحرم عليكن بين كل حيضتين أو عند كل حيضة» رواه أحمد (2) وهو لأبي داود (3) وسكت عنه هو والمنذري بلفظ، فقالت: «لا بأس به ولكني أكرهه، كان حبيبي - صلى الله عليه وسلم - يكره ريحه» وللنسائي (4) نحوه.
4428 - وعن عائشة قالت: «أومأت امرأة من وراء ستر بيدها كتاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبض النبي - صلى الله عليه وسلم - يده، وقال: ما أدري أيد رجل أم امرأة. قالت: بل امرأة، قال: لو كنت امرأة تغيرت أظفارك. يعني بالحناء» أخرجه أبو داود والنسائي (5) ، وسكت عنه المنذري.
4429 - وعنها أن هند بنت عتبة قالت: «يا رسول الله! بايعني. قال: لا أبايعك حتى تغيري كفيك كأنهما كف سبع» رواه أبو داود (6) ، وسكت عنه هو
_________
(1) أحمد (6/106) .
(2) أحمد (6/107، 210) .
(3) أبو داود (4/76) (4164) .
(4) النسائي (8/142) .
(5) أبو داود (4/77) (4166) ، النسائي (8/142) ، وهو عند أحمد (6/262) ، والبيهقي (7/86) ، وابن عدي في "الكامل" (6/463) .
(6) أبو داود (4/76) (4165) ، البيهقي (7/86) .(3/1476)
والمنذري، وقال في "الخلاصة": في إسناده مجهول، وله طريقان آخران واهيان.
4430 - وعن ابن عباس (1) قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال» وفي رواية «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم. وأخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فلانة وأخرج عمر فلانًا» رواه أحمد والبخاري (2) .
4431 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والديوث، ورجلة النساء» رواه البزار والحاكم، وقال: صحيح على إسناده (3) .
وقد تقدم (4) ضبط «المخنث» في أول النكاح، والمترجلات المتشبهات بالرجال، و «الديوث» بفتح الدال وتشديد الياء المثناة من تحت، هو الذي يعلم الفاحشة في أهله ويقرهم عليها.
_________
(1) في الأصل: وعن أنس.
(2) البخاري (5/2207) (5546) ، أحمد (1/251، 330، 339) ، أبو داود (4/60) (4097) ، والترمذي (5/105) (2784) ، وابن ماجه (1/614) (1904) ، باللفظ الأول من طرق عن عكرمة عن ابن عباس، والبخاري (5/2207، 6/2508) (5547، 6445) ، وأحمد (1/237، 254) ، وأبو داود (4/283) (4930) ، والترمذي (5/106) (2785) ، والنسائي في "الكبرى" (5/396، 397) ، وأبو يعلى (4/323) (2433) باللفظ الثاني من طرق عن عكرمة عن ابن عباس.
(3) الحاكم (1/144) ، البيهقي (10/226) .
(4) انظر [29/9] .(3/1477)
[29/52] باب التسمية والتستر عند الجماع
4432 - عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإن قدر بينهما في ذلك ولداً لن يضر ذلك الولد الشيطان أبدًا» رواه الجماعة إلا النسائي (1) .
4433 - وعن عتبة بن عبد السلمى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ولا يتجرد تجرد العير» رواه ابن ماجة (2) بإسناد ضعيف.
4434 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي إلى أهله، فاستحيوهم وأكرموهم» رواه الترمذي (3) وقال: هذا غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه..انتهى. وقد وردت أحاديث قاضية بوجوب ستر العورة إلا ما دعت إليه الضرورة، وقد تقدم في باب وجوب ستر العورة.
_________
(1) البخاري (1/65، 3/1193، 5/2347، 6/2692) (141، 3098، 6025، 6961) ، مسلم (2/1058) (1434) ، أبو داود (2/249) (2161) ، الترمذي (3/401) (1092) ، ابن ماجه (1/618) (1919) ، أحمد (1/216، 220، 243، 283، 286) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6/75) (10096) ، ابن حبان (3/263) (983) ، والدارمي (2/195) (2212) ، وعبد الرزاق (6/193-194) ، وابن أبي شيبة (3/560) ، والحميدي (1/239) (516) ، والطبراني في "الكبير" (11/422) .
(2) ابن ماجه (1/618) (1921) ، الطبراني في "الكبير" (17/129) .
(3) تقدم برقم (719) .(3/1478)
[29/53] باب ما جاء في العزل
4435 - عن جابر قال: «كنا نعزل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقرآن ينزل» متفق عليه (1) ، ولمسلم (2) : «كنا نعزل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيبلغه ذلك فلم ينهنا»
4436 - وعن جابر «أن رجلًا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي جارية هي خادمتنا وسانيتنا في النخل، وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل، فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (3) .
وعن أبي سعيد قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيًا من العرب فاشتهينا النساء واشتدت علينا العزوبة، وأحببنا العزل فسألنا عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما عليكم ألا تفعلوا فإن الله عز وجل قد كتب ما هو خالق إلى يوم القيامة» متفق عليه (4) .
4437 - وعن أبي سعيد قال: «قالت اليهود العزل الموؤدة الصغرى. فقال
_________
(1) البخاري (5/1998) (4911) ، مسلم (2/1065) (1440) ، أحمد (3/309) ، وهو عند ابن ماجه (1/620) (1927) ، وأبي يعلى (4/138) (2193) ، والترمذي (3/443) (1137) ، والبيهقي (7/228) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/35) .
(2) مسلم (2/1065) (1440) ، وهو عند أبي يعلى (4/177) (2255) ، وابن حبان (9/507) (4195) ، والطحاوي (3/35) ، والبيهقي (7/228) .
(3) أحمد (3/312) ، مسلم (2/1064) (1439) ، أبو داود (2/252) (2173) .
(4) البخاري (2/898، 4/1516) (2404، 3907) ، مسلم (2/1062) (1438) ، أحمد (3/68) ، وهو عند أبي داود (2/252) (2172) ، ومالك (2/594) (1239) ، والنسائي في "الكبرى" (3/200) .(3/1479)
النبي - صلى الله عليه وسلم -: كذبت يهود، إن الله عز وجل لو أراد أن يخلق شيئًا لم يستطع أحد أن يصرفه» رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي (1) ، وقال الحافظ: رجاله ثقات. وقال في "مجمع الزوائد": رواه البزار، وفيه موسى بن وردان وهو ثقة، وقد ضعف وبقية رجاله ثقات.
4438 - وعنه قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العزل: أنت تخلقه؟ أنت ترزقه؟ أقر قراره؟ فإنما ذلك القدر» رواه أحمد (2) .
4439 - وعن أسامة بن زيد «أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أعزل عن امرأتي. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لم تفعل؟ فقال الرجل: أشفق على ولدها أو على أولادها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو كان ضارًا لضر فارس والروم» رواه أحمد ومسلم (3) .
4440 - وعن جذامة بنت وهب الأسدية قالت: «حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أناس وهو يقول: لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضر أولادهم شيئًا، ثم سألوه عن العزل، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ذلك الوأد الخفي، وهي ((وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ)) [التكوير:8] » رواه أحمد ومسلم (4) .
_________
(1) أحمد (3/33، 51، 53) ، أبو داود (2/252) (2171) ، النسائي في "الكبرى" (5/341، 342) .
(2) أحمد (3/53، 78، 96) .
(3) أحمد (5/203) ، مسلم (2/1067) (1443) .
(4) أحمد (6/361، 434) ، مسلم (2/1066، 1067) (1442) ، وهو عند أبي داود (4/9) = = (3882) ، والترمذي (4/405، 406) (2076، 2077) ، وابن ماجه (1/648) (2011) ، والنسائي (6/106-107) ، وابن حبان (9/510) (4196) ، ومالك في "الموطأ" (2/607-608) ، والدارمي (2/197) (2217) .(3/1480)
4441 - وعن عمر بن الخطاب قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها» رواه أحمد وابن ماجة (1) وليس إسناده بذلك.
4442 - وعن أنس «أن رجلًا سأل عن العزل، فقال: النبي - صلى الله عليه وسلم - لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة لأخرج الله منها ولدًا» رواه أحمد والبزار وابن حبان وصححه (2) .
قوله: «ما عليكم ألا تفعلوا» في رواية للبخاري «لا عليكم ألا تفعلوا» فكأنه قال: لا تعزلوا، وقيل معناه ليس عليكم أن تتركوا، أي: لا حرج. قوله: «الغيلة» بكسر الغين المعجمة بعدها تحتية ساكنة، وهو أن يجامع الرجل امرأته وهي مرضع.
[29/54] باب ما جاء من نهي الزوجين عن التحدث
بما يجري حال الوقاع
4443 - عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها» رواه أحمد ومسلم (3) .
_________
(1) أحمد (1/31) ، ابن ماجه (1/620) (1928) ، الطبراني في "الأوسط" (4/87) ، البيهقي (7/231) .
(2) أحمد (3/140) ، والبزار (2163-كشف الأستار) .
(3) أحمد (3/69) ، مسلم (2/1060، 1061) (1437) ، وهو عند أبي داود (4/268) (4870) .(3/1481)
4444 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلى فلما سلم أقبل عليهم بوجهه، فقال: مجالسكم هل منكم الرجل إذا أتى أهله أغلق بابه وأرخى ستره، ثم يخرج فيحدث فيقول: فعلت بأهلي كذا، وفعلت بأهلي كذا؟ فسكتوا، فأقبل على النساء، فقال: هل منكم من يحدث؟ فجثت فتاة كعاب على أحد ركبتيها وتطاولت ليراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويسمع كلامها، فقالت: إي والله، إنهم ليتحدثون وإنهن ليتحدثن. فقال: هل تدرون ما مثل من فعل ذلك؟ إن مثل من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما صاحبه بالسكة، فقضى حاجته منها والناس ينظرون إليه» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي (1) وحسنه. (*)
4445 - ولأحمد (2) نحوه من حديث أسماء بنت يزيد.
4446 - قوله: «كعاب» كسحاب، وهي الجارية المكعب.
[29/55] باب ما جاء في تحريم إتيان المرأة في دبرها
4447 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ملعون من أتى امرأة في دبرها» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (3) واللفظ له ورجاله ثقات، ولكن أعل بالإرسال، وفي لفظ «لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها» رواه أحمد وابن ماجة (4) .
4448 - وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها
_________
(1) أحمد (2/540) ، أبو داود (2/252-254) (2174) .
(2) أحمد (6/456) .
(3) أحمد (2/444، 479) ، أبو داود (2/249) (2162) ، النسائي في "الكبرى" (5/323) .
(4) أحمد (2/272، 344) ، ابن ماجه (1/619) (1923) ، النسائي في "الكبرى" (5/322) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
الحديث بهذا اللفظ لم نجده عند النسائي والترمذي، والذي عند النسائي (8/151) ، والترمذي (2787) جزء من الحديث وهو قوله "طيب الرجال ما ظهر ريحه، وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه" وليس لديهما الحديث بطوله ولا موضع الشاهد.(3/1482)
أو كاهنًا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والترمذي وأبو داود (1) وفي إسناده مقال.
4449 - وعن خزيمة بن ثابت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها» رواه أحمد وابن ماجة (2) ، وقد تكلم فيه إسناده، وقد صححه ابن حبان وللشافعي والبيهقي نحوه، قال في "الخلاصة" بإسناد صحيح وصححه الشافعي.
4450 - وعن علي بن طلق قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تؤتوا النساء في استاههن فإن الله لا يستحيي من الحق» رواه أحمد والترمذي (3) ، وقال: حسن غريب.
4451 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلًا أو امرأةً في الدبر» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه النسائي وابن حبان في "صحيحه" (4) .
_________
(1) تقدم برقم (529) .
(2) أحمد (5/213) ، ابن ماجه (1/619) (1924) ، النسائي في "الكبرى" (5/316، 317) ، وهو عند الحميدي (1/207) (436) ، والدارمي (2/196) (2213) ، وابن حبان (9/514-515) (4200) ، وابن الجارود (1/181) (728) ، والطبراني في "الكبير" (4/84) ، والبيهقي (7/196) بعدة ألفاظ وطرق عن خزيمة بن ثابت.
(3) أحمد (1/86) ، الترمذي (3/468) (1164) ، وهو عند ابن حبان (9/514) (4199) ، والنسائي في "الكبرى" (5/325) ، وابن أبي شيبة (3/529) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/45) .
(4) الترمذي (3/469) (1165) ، النسائي في "الكبرى" (5/320) ، ابن حبان (9/516-517، 10/266) (4203، 4204، 4418) ، أبو يعلى (4/266) (2378) ، ابن الجارود (1/181) (729) .(3/1483)
4452 - وعن علي بن أبي طالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تؤتوا النساء في أعجازهن -أو قال- في أدبارهن» رواه أحمد (1) ، وقال في "مجمع الزوائد": رجاله ثقات.
4453 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الذي يأتي امرأته في دبرها: «هي اللوطية الصغرى» رواه أحمد والبزار ورجالهما رجال الصحيح والنسائي وأعله، وقال الحافظ: المحفوظ عن عبد الله بن عمرو من قوله. وكذا أخرجه عبد الرزاق (2) ، وفي الباب أحاديث كثيرة يشد بعضها بعض، وقد أطال الكلام في الهدي النبوي وساق عدة أحاديث، حتى قال: إن الدبر لم يبح على لسان نبي من الأنبياء.
4454 - وعن جابر «أن يهود كانت تقول: إذا أتيت المرأة من دبرها ثم حملت كان ولدها أحول، فنزلت ((نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)) [البقرة:223] » رواه الجماعة إلا النسائي (3) وزاد مسلم (4) «إن شاء مجبية وإن شاء
_________
(1) أحمد (1/86) .
(2) أحمد (2/182، 210) ، النسائي في "الكبرى" (5/320) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/44) ، والطيالسي (1/299) (2266) ، والبيهقي (7/198) ، والطبراني في "الأوسط" (5/286) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (8/303) .
(3) البخاري (4/1645) (4245) ، مسلم (2/1058) (1435) ، أبو داود (2/249) (2163) ، الترمذي (5/215) (2978) ، ابن ماجه (1/620) (1925) ، أحمد (/) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/314) ، والدارمي (1/275) (1132) ، وابن حبان (9/475) (4167) ، وأبي يعلى (4/21) (2024) ، والحميدي (2/532) .
(4) مسلم (2/1059) (1435) ، وابن حبان (9/474) (4166)(3/1484)
غير مجبية، غير أن ذلك في صمام واحد»
4455 - وعن أم سلمة «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: ((نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)) [البقرة:223] يعني صمامًا واحدًا» رواه أحمد والترمذي (1) ، وقال: حديث حسن.
4456 - وعنها -أيضًا- قالت: «لما قدم المهاجرون المدينة على الأنصار تزوجوا من نسائهم، وكان المهاجرون يجبون وكانت الأنصار لا تجبي، فأراد رجل من المهاجرين امرأته على ذلك فأبت حتى تسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فأتته فاستحيت أن تسأله فسألته أم سلمة فنزلت ((نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)) [البقرة:223] وقال: لا، إلا في صمام واحد» رواه أحمد (2) .
4457 - ولأبي داود (3) هذا المعنى من رواية ابن عباس.
4458 - وعن ابن عباس قال: «جاء عمر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! هلكت. قال: وما الذي أهلكك؟ قال: حولت رحلي البارحة. فلم يرد عليه شيئًا، قال: فأوحى الله إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية ((نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)) [البقرة:223] أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة» رواه أحمد
_________
(1) أحمد (6/310، 318-319) ، الترمذي (5/215) (2979) ، وهو عند أبي يعلى (12/407) (6972) .
(2) أحمد (6/305) ، وهو عند ابن أبي شيبة (3/517) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/42) ، والبيهقي (7/195) ، والدارمي (1/272) (1119) .
(3) أبو داود (2/249) (2164) .(3/1485)
والترمذي (1) ، وقال: حسن غريب، وفي نسخه من الترمذي حديث حسن صحيح.
4459 - وعن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «استحيوا فإن الله لا يستحيي من الحق، لا يحل مأتى النساء في حشوشهن» رواه الدارقطني (2) وفي إسناده مقال.
4460 - ويشهد له حديث عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «استحيوا فإن الله لا يستحيي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن» رواه أبو يعلى (3) بإسناد جيد.
4461 - وللنسائي وابن ماجة (4) من حديث خزيمة بن ثابت نحوه وإسناده جيد.
قوله: «مجبية» بضم الميم بعدها جيم مفتوحة، ثم موحدة أي باركة، والتجبية: الانكباب على الوجه. قوله: «صمام» بكسر الصاد المهملة وتخفيف الميم أي: القبل.
[29/56] باب إحسان العشرة وبيان حق الزوجين
4462 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن المرأة كالضلع إن ذهبت تقيمها كسرتها، وإن تركتها استمتعت بها على عوج» وفي لفظ «استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت
_________
(1) أحمد (1/297) ، الترمذي (5/216) (2980) ، وهو ابن حبان (9/516) (4202) ، وأبي يعلى (5/121) (2736) ، والنسائي في "الكبرى" (5/314) ، والبيهقي (7/198) ، والطبراني في "الكبير" (12/10) .
(2) الدارقطني (3/288) (160) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3/45) ، وابن عدي في "الكامل" (4/347) .
(3) وهو عند النسائي في الكبرى (5/321، 322) .
(4) تقدم برقم (4455) .(3/1486)