ـ[فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار]ـ
المؤلف: الحسن بن أحمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الرُّباعي الصنعاني (المتوفى: 1276هـ)
المحقق: مجموعة بإشراف الشيخ علي العمران
الناشر: دار عالم الفوائد
الطبعة: الأولى، 1427 هـ
عدد الأجزاء: 4 (في ترقيم مسلسل واحد)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو مذيل بالحواشي](/)
شارك في العمل على الكتاب
1- في التصحيح والمقابلة
* عبد الرحمن بن سالم الأهدل
* محمد بن قائد الصغير
* نايف بن محمد القطاع
2- في العزو والتخريج
* رمزي بن إسماعيل صلاح
* عبد الحكيم بن قاسم الصعفاني
* عمر بن عبد العزيز الوشلي
إشراف
علي بن محمد العمران(المقدمة/3)
مقدمة الناشر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيسر دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع أن تقدم للعلماء وطلاب العلم هذا الكتاب الجليل، وهو "فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار" الذي جمع بين دفتيه أغلب الأحاديث التي عليها مدار الأحكام، إذ هو من أوسع الكتب المصنفة في ذلك.
وقد قام مشكورا فضيلة الشيخ علي بن محمد العمران بالإشراف على هذا العمل، ووَضْع خطة تحقيقه، والتقديم له، ثم أوكلنا العمل على الكتاب إلى مجموعة من طلاب العلم.
ونحن نسجل الشكر لكل من أسهم في إخراج الكتاب ممن قام بالمراجعة والمقابلة. ونشكر الشيخ أحمد حسان على جهوده في إخراج الكتاب، وكذا الأخ الدكتور عبد الله الجودي باقتراحه طباعة الكتاب. سائلين الله تعالى أن ينفع به، وأن يوفقنا جميعا للعلم النافع والعمل الصالح.
طلال بن محمد بن ملوح
مدير دار عالم الفوائد(المقدمة/5)
تقديم
بقلم علي بن محمد العمران
الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فهذا كتاب "فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار" - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يخرج اليوم في حُلة قشيبة، تليق بمكانته ليأخذ مكانه بين كتب السنة المطهرة، ومصنفات أحاديث الأحكام.
ولا شك أن معرفة أحاديث الأحكام من أهم العلوم التي ينبغي تحقيقها، ومعرفة متونها وأسانيدها، إذ عليها مدار الحلال والحرام، وتفصيل ما أُجمل في القرآن، قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل/44] .
فلذلك كثر التأليف في هذا الباب من العلم، إذ بلغت عدد المصنفات في أحاديث الأحكام أكثر من سبعين كتابا.
وكتابنا هذا من أهم الكتب الجامعة لأحاديث الأحكام، وتكمن أهميته في أنه واحد من أوسع الكتب المصنفة إذ بلغ عدد أحاديثه (6529) دون الزيادات واختلاف الألفاظ في الأحاديث. ومن مميزاته الكلام على الأحاديث صِحةَ وضعفا باختصار، وشرح الغريب.
وقد قدمنا بين يدي الكتاب ترجمة للمؤلف، ومنهج الكتاب، وطريقة العمل في العناية به وإخراجه، والحمد لله حق حمده.(المقدمة/7)
ترجمة المؤلف
هو: الحسن بن أحمد بن يوسف بن محمد بن أحمد الرُّباعي.
والرُّباعِيُّ -بضم الراء المشددة وبعدها موحدة خفيفة-: نسبة إلى جده الأعلى القاضي عبد الله بن محمد بن جابر العَوْدَري السكْسَكِي (ت 711) ، وكان من أعيان القرن السابع الهجري، وعُرِف بالرُّباعي لأن له أربع أصابع (1) .
وعائلته المترْجَم معروفة بالفضل والعلم، فكما أسلفنا عن جده القاضي عبد الله كان أولاده من بعده، فقد سكنوا مدينة جِبْلَة (2) وعكفوا على الدراسة وإحياء العلم، وقد تولى بعضهم القضاء، ثم انتقل جدُّ المؤلف القاضي يوسف بن محمد بن أحمد إلى صنعاء وسكن بها، وبقيت العائلة بصنعاء إلى عصرنا، ومن المعاصرين السفير محمد بن عبد الرحمن الرُّباعي وغيره.
ولد المؤلف تقريبًا على رأس القرن الثاني عشر (نحو 1200) بمدينة صنعاء.
وتلقَّى العلم أوَّلاً على والده العلامة أحمد بن يوسف الرُّباعي (3) (ت 1231) وقد كان مبرزًا في علوم العربية والفقه والحديث، وله في الحديث رواية واسعة، وقد أخذ المؤلف عن والده الإجازة بأغلب كتب
__________
(1) ذكره تلميذه الجَنَدي في "السلوك": 2/84-85.
(2) جِبْلَة -بكسر فسكون ففتح- مدينة مشهورة تقع إلى الجنوب الغربي من مدينة إب، تبعد عنها بضعة كيلومترات، معروفة بخصوبة أراضيها واعتدال هوائها. انظر: "معجم البلدان والقبائل اليمنية": 1/285، و"الموسوعة اليمنية": 2/583.
(3) ترجمته في "البدر الطالع": 1/133، و"التقصار": 360-361، و"نيل الوطر": 1/248-249.(المقدمة/9)
الحديث وغيرها من كتب العلم، وقد ذكر أسانيده في (ملحق فتح الغفار) -وهو ملحق بآخر الكتاب-. ووالده من تلاميذ الشوكاني، وقد وصفه الشوكاني بـ: قوة الفهم والعرفان التام والإنصاف وعدم الجمود على التقليد.
ثم قرأ على جماعةٍ من شيوخ العصر، كالعلامة محمد بن علي الشوكاني (ت 1252) وقد اختص به ولازمه، فقرأ عليه في علم المعاني والبيان، وفي علم التفسير سمع عليه (تفسير الزمخشري) ، وفي "الصحيحين" والسنن، وفي مؤلفاته خاصة (شرح المنتقى) و (الدرر) . وقد لازمه مع أبيه واستمر كذلك بعد وفاته، وحصل (نيل الأوطار) بخطه.
وأخذ أيضًا عن السيد العلامة الحسن بن يحيى الكبسي (1) (ت 1238) وقد سمع عليه الكتب الستة، والقاضي العلامة يحيى بن علي الشوكاني (2) (ت 1267) ، والقاضي العلامة محمد بن أحمد السودي الصنعاني (3) (ت 1236) ، والعلامة عبد الله بن محمد الأمير الصنعاني (4) (ت 1242) ، والقاضي حسين بن محمد العنسي (5) (ت 1235) ، والعلامة إبراهيم بن عبد القادر الكوكباني (6) (ت 1223) ، وغيرهم من مشايخ العلم بصنعاء.
قال عنه شيخه الشوكاني: واستفاد في جميع العلوم الآلية، وفي علم السنة المطهرة، وله فهم صادق، وإدراك قوي، وتصور صحيح، وإنصاف وعمل بما تقتضيه الأدلة. وهو الآن من أعيان أهل العرفان ومحاسن حَمَلَة العلم بمدينة صنعاء. اهـ.
__________
(1) ترجمته في البدر الطالع: 1/211-213.
(2) البدر الطالع: 2/338-339. وهو أخو الإمام الشوكاني.
(3) البدر الطالع: 2/103-105.
(4) البدر الطالع: 2/396-397.
(5) البدر الطالع: 1/228-229.
(6) البدر الطالع: 1/17-18.(المقدمة/10)
وقال أيضًا عند ذكر أبيه: وولده حسن بن أحمد من أذكياء الطلبة، وله سماع علي في المؤلفَيْن المذكورَيْن -شرح المنتقى والدرر- فهو مع حداثة سنه يسابق في فهمه. اهـ.
وقال عصْرِيُّه الشجني: القاضي العلامة المدقق، والنبيل الفهامة المحقق.
وقال محمد زبارة: صار من أكابر أعيان علماء عصره.
ويظهر لنا جليًّا من ترجمة المؤلف -رحمه الله- وتعليقاته على الأحاديث وعلى حواشي النسخة نزوعه إلى الاجتهاد، وترك التقليد والجمود، واهتمامه بعلم السنة والحديث رواية ودراية.
كما يظهر -أيضًا- من الملحق في آخر (فتح الغفار) الذي كتبه المؤلف في بيان إجازاته من مشايخه، وأسانيده إلى كتب السنة، أو مصنفات الأئمة = مدى عنايته بمصنفات المحققين من العلماء والأئمة المشهود لهم بالتقدم في اتباع الدليل وصفاء المشرب، كمؤلفات المجد ابن تيمية صاحب (المنتقى) ، وحفيده شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم، والإمام ابن الوزير اليماني، والحافظ ابن حجر العسقلاني، وتلميذه الحافظ السخاوي، وغيرهم.
* مؤلفاته:
أما مؤلفاته فلم نعرف منها إلاَّ عدة كتب:
- هذا الكتاب (فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) . مكث في تأليفه أكثر من ثماني سنوات، بدأ به عام 1232 وانتهى عام 1240.
- ورساله في مسألة هل الحديث يفيد العلم أو الظن؟ منها نسخة في الجامع الكبير بالمكتبة الغربية (95 مجاميع) كتبت سنة 1337.
- رسالة في حكم إسبال الإزار دون الكعبين، ذكرها المؤلف في تعليق(المقدمة/11)
له على حاشية النسخة انظر 1/259. وخلص فيها إلى القول بتحريمه.
- رسالة في صلاة التسبيح، ذكرها المؤلف في تعليقٍ له على حاشية النسخة انظر 1/485. وتكلم فيها على كل حديث بما في إسناده، وخلص إلى أن كل أسانيده معلولة.
* وفاته:
توفي -رحمه الله تعالى- عام 1276 عن نحو ستٍ وسبعين سنة في مدينة صنعاء.
* مصادر الترجمة:
- خاتمة فتح الغفار: 4/2213-2237 للمؤلف.
- البدر الطالع: 1/133، 194-195 للشوكاني.
- التقصار في جيد زمان علامة الأقاليم والأمصار: 364-365 للشجني الذماري.
- نيل الوطر: 1/318-319 لزبارة.
- معجم البلدان والقبائل اليمنية: 1/669 للمقحفي.
- مصادر الفكر الإسلامي في اليمن: 79-80 للحبشي.
- مقدمة مطبوعة فتح الغفار: 1/أ-ب.
***(المقدمة/12)
التعريف بالكتاب، ومنهج العمل في الاعتناء به
* اسم الكتاب
الكتاب سماه مؤلفه على غلاف نسخته التي بخطه، وفي مقدمته بـ: (فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) هذا هو الاسم الصحيح للكتاب. ويؤكده أن معاصر المؤلف الشجني في كتابه "التقصار: 365" ترجم للمؤلف وذكر كتابه هذا بعنوان: (فتح الغفار لجمع أحكام سنة المختار) فعلق على حاشية النسخة بتصحيح الاسم إلى (فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار) وخُتِمَ التعليق بـ: (تمت بقلم مؤلفه) . فهل المقصود مؤلف (التقصار) أو مؤلف (فتح الغفار) ؟ أي الاحتمالين كان فهو تصحيح مُعْتَمد للاسم، وإن كنت أُرَجح الثاني لأن الرُّباعي له عدد من التعليقات على حاشية نسخة (التقصار) أثبتها المحقق في الهوامش، ولأنها لو كانت لمؤلف (التقصار) لأثبت التصحيح في متن الكتاب وليس في هامشه.
وعليه؛ فتسمية الكتاب في طبعته الأولى بـ (فتح الغفار المشتمل على أحكام سنة نبينا المختار - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) تصرف غير محمود من الناشر!
ووقع في (نيل الوطر) لزبارة: (..لجمع أحكام..) وهو تصرف في الاسم.
* تاريخ تأليفه
انتهى المؤلف من كتابة مسودة الكتاب في ثاني عشر رمضان سنة أربعين ومئتين وألف، ثم شرع في تبييضه ونقله من المسودة، وانتهى من ذلك في يوم الثلاثاء ثاني عشر شهر ذي الحجة الحرام سنة إحدى وأربعين ومئتين وألف -كما في خاتمة النسخة التي بخطه-. ثم عاد عليه بالتصحيح والقراءة ومراجعة أصوله بحضور بعض الطلبة في صبح يوم الخميس عشرين من شهر(المقدمة/13)
ذي الحجة من العام نفسه.
وهذا الكتاب استغرق مؤلفه في جمعه وتأليفه ثماني سنوات وسبعة أشهر وعدة أيام، قال في "مقدمة الكتاب: 1/8": (وكان الشروع في تأليفه غرة شهر المحرم سنة اثنين وثلاثين ومئتين وألف بمدينة صنعاء المحمية بالله تعالى، ومَنَّ الله -وله الحمد- بالفراغ من تأليفه في ثاني عشر رمضان سنة أربعين ومئتين وألف) . وقد كان عمره حين شرع في تأليفه نحو اثنين وثلاثين عاما، وانتهى منه وعمره في الأربعين.
* التعريف بالكتاب وأهم مميزاته
• قال المؤلف في المقدمة شارحًا طبيعة كتابه:
(هذا مختصر جامع لما تفرق في الدفاتر والأسفار من أحاديث الأحكام المسندة عن نبينا المختار، لم يَصْنع مثله من سبق من المؤلفين، ولا نسج على منواله أحد من متقدمي المصنفين، جمعتُ فيه أدلة الأحكام، وعكفتُ على تحريره وتهذيبه مدةً من الشهور والأعوام، رجاء أن أكون ممن شمله قول الشارع: "ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فربَّ مبلغٍ أوعى من سامع" وقوله: "نضر الله امرءًا سمع منا حديثًا فيبلغه غيره، فرب حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه، وربّ حامل فقه ليس بفقيه"، وأن أكون ممن شمله حديث أبي هريرة مرفوعًا عند مسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" وأن أكون ممن فاز بنيل نصيب من ميراث خاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين) .
• ثم قال في بيان هدفه من تأليفه كتابه:
(وكنت قد سمعت من مشايخي الأعلام طرفًا من السنة صالحًا، وأشرفت في الفروع على أشياء بَعُدت منها بعدًا واضحًا، ورأيت ما وقع من الخلاف بين الأئمة الأعلام، وأخذ كل طائفةٍ بجانب من سنة خير الأنام،(المقدمة/14)
وقد أرشدنا الشارع أن نرجع إليه عند الاختلاف، وإلى رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - متجنبين سلوك طريق الاعتساف، قاصدين الاجتماع والاتفاق والائتلاف، فجمعت أحاديث الأحكام القاطعة للخلاف..) .
• وقد أوضح المصنف السببَ الداعي إلى تأليف الكتاب بقوله:
(ومما دعاني إلى تأليفه، واقتحام المشاق إلى تصنيفه أمران:
أحدهما: أني لما رحلت عن هذه الديار، وجُبْتُ الفيافي والقفار، وأقصت ببلاد لا يوجد فيها مختصرات المؤلفات فضلا عن مطولات المصنفات، وكنت كثيرا ما أحتاج في غالب الحالات إلى البحث عن حال شيء من الأحاديث، فلم أظفر بالمقصود، وكان استصحاب شيء من الكتب يحتاج إلى مشقة زائدة على المجهود = عزمتُ على صنع هذا المختصر الصغير الحجم، الكبير المقدار، أجعله نديمي في الحضر، ورفيقي في الأسفار، فياله من نديم تشتاق إليه نفوس العارفين، ورفيق لا يُملّ حديثه كل وقت وحين!
الأمر الثاني: ذهاب الكتب من هذه الديار، وتفرق أصول هذا الكتاب في الأنجاد والأمصار، فسارعت إلى جمعه، وكنت عند الشروع أرى نفسي حقيرة لمثل التصدي لهذا الخطب، ورأيت أن الترك لذلك أقرب، فرغَّبَني بعضُ مشايخي الأعلام (1) ، وقال لي: هذه طريقة مُدخرة لدار السلام، ولا زال يحثني على تمام ما وقع به الشروع..) .
• ثم قال في بيان مصادر كتابه:
(وعمدتُ إلى أجمع كتابٍ للأحكام، وأنفع تأليفٍ تداولته الأئمة الأعلام، وهو "المنتقى" فجعلته أصلا لهذا الكتاب ... وزدت عليه الجمَّ
__________
(1) هو شيخه الحسن بن يحيى الكبسي (ت 1238) .(المقدمة/15)
الغفير من "جامع الأصول" (1) ، و"بلوغ المرام" (2) ، و"مجمع الزوائد" (3) ، و"الترغيب والترهيب" للحافظ المنذري، ومن "الجامع الصغير وذيله"، ومن "الجامع الكبير" (4) ، ومن "البدر المنير" (5) ، و"جامع المسانيد" (6) ، و"المستدرك" للحاكم، و"تلخيص الحافظ ابن حجر"، و"فتح الباري"، و"خلاصة البدر المنير"، وغير ذلك من الكتب، وراجعت تلك الأصول، ونسبت كل حديث إلى أصله المنقول ... ) وستأتي مصادره في شرح الغريب.
• ثم بين طريقة تأليفه وترتيبه ومنهجه فيه بقوله:
(ورتبته -أي "المنتقى"- أحسن ترتيب، وهذَّبته أبلغ تهذيب، وحذفت منه أشياء تكررت، وأبدلت منه تراجم صُدِّرَت، وقدمت ما يحتاج إلى التقديم، وأخرت ما تقدمَ ورُتْبَتُه التأخير، وجعلت كل حديث حيث يستحق التصدير ...
وأتْبَعْتُ كل حديث ما عليه من الكلام من تصحيح وتحسين، أو تضعيف وتهوين (7) ، وعزوت كل شيء إلى قائله حسبما وجدته في هذه المصنفات، وإن لم أجد كلامًا لأحد من الأئمة على الحديث نقلت من كتب الرجال ما قيل في راويهِ من التوثيق والتضعيف، وبالغت في العناية في البحث لِمَا يحتاج إليه، وإن بَعُدَت طريق الوصول إلا بعد أيامٍ إليه ... ) .
__________
(1) لابن الأثير الجزري.
(2) للحافظ ابن حجر العسقلاني.
(3) للحافظ الهيثمي.
(4) كلاهما للحافظ السيوطي.
(5) للحافظ ابن الملقن، وكذا خلاصته.
(6) للحافظ ابن كثير.
(7) كذا ولعلها: توهين.(المقدمة/16)
ثم حضه بعضُ شيوخه أن يُتْبعَ كلَّ حديث بما يحتاج إلى تفسيره من الغريب، حتى لا يحتاج إلى شرح، وتكمل به فائدة الكتاب قال: فامتثلت أمره، وأتْبَعتُ كل بابٍ ما يحتاج إليه نقلاً من شروح الحديث، و"غريب جامع الأصول"، و"مختصر نهاية ابن الأثير"، و"المغرب" و"صحاح الجوهري"، و"القاموس"، و"مجمع البحار" (1) وغير ذلك.
ثم إني أتبعتُ هذا الكتاب كتابَ الجامع، اشتمل على عدة أبواب مهمة لا يُستغنى عنها.
وقد أكرر الحديث الواحد في مواضع من هذا الكتاب لِمَا فيه من الأحكام المتعددة.
واقتديت بأصل هذا الكتاب -أي "المنتقى"- في جعل العلامة لِمَا رواه البخاري ومسلم: أخرجاه، ولما رواه أحمد وأصحاب السنن: رواه الخمسة، ولهم جميعًا: رواه الجماعة، ولأحمد والبخاري ومسلم: متفق عليه، وما سوى ذلك أذكر من أخرجه باسمه) .
• ولأهمية الكتاب وقيمته العلمية كَتَبَ العلامة محمد بهجة البيطار
مقالاً في التعريف به وبيان مميزاته أولَ ما طُبع المجلد الأول منه عام 1390، وذلك في (مجلة المجمع العلمي العربي) بدمشق: (34/515-517)
فأهم مميزات الكتاب:
1- أنه من أجْمَع كتب أحاديث الأحكام إن لم يكن أجمعها، فقد بلغ عدد أحاديثه (6529 حديثا) عدا الزيادات والألفاظ للحديث الواحد، فبها يزيد العدد إلى الضعف.
2- أنه لتأخرِه استوعب الكتب المؤلفة في الأحكام، وضم إليها ما وجده
__________
(1) "مختصر النهاية" للسيوطي، و"المغرب" للمطرزي، و"القاموس" للفيروز آبادي، و"مجمع البحار" للهندي.(المقدمة/17)
في الكتب الجامعة للأحاديث مما تقدم ذكره قريبا.
3- أنه يتبع كل حديث بما قيل فيه من تصحيح وتضعيف، وهذه ميزة كبيرة خاصة للفقيه التي ليست صناعته الحديث.
4- شرحه لغريب ألفاظ الحديث من كتب الشروح المعتمدة.
* نسخ الكتاب الخطية:
للكتاب ثلاث نسخ خطية:
• أعلاها نسخة بخط المصنف كتبها سنة (1241) في شهر ذي الحجة، وكان قد انتهى من مسودة الكتاب سنة (1240) في شهر رمضان.
وهي محفوظة في المكتبة الغربية بالجامع الكبير رقم 137. ولم نستطع الحصول على صورةٍ منها بعد محاولاتٍ شتى.
• ونسخة أخرى من مقتنيات المكتبة السابقة برقم 105 كُتِبت سنة (1311) في شهر جمادى الأولى بخط أحمد بن علي الطير (1) ، ثم أعاد مقابلتها على الأم وانتهى من ذلك في شهر شعبان من السنة المذكورة، وقد نُقِلَت هذه النسخة من نسخة المؤلف السالفة الذكر، وهذه النسخة التي اعتمدناها في إثبات نص الكتاب.
عدد صفحاتها (652) ، يليها ملحق كتبه المؤلف فيه إجازاته بكتب الحديث وبكتب بعض الأئمة كابن تيمية وابن القيم وابن الوزير وابن حجر وغيرهم. في كل صفحة (35) سطرًا، وخطها نسخي واضح، وحالتها جيدة، وعلى صفحة العنوان عدد من التملكات، وقد كُتِبَت عناوين الكتب والأبواب بخط كبير، وعلى جوانبها تعليقات كثيرة، غالبها للمصنف، وهي
__________
(1) وهو عالم محقق في الفقه، اشتغل بالتدريس في الجامع الكبير وانتفع به الطلبة، ولد سنة (1263) وتوفي سنة (1319) . انظر: "نزهة النظر": 113، و"هجر العلم": 1/33.(المقدمة/18)
شرح لبعض الأحاديث، أو تعريف ببعض الكتب والأعلام.
• والنسخة الثالثة فرعٌ عن التي قبلها، كتبت سنة (1390) بخط محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي الطير (1) ، وهو حفيد الناسخ السابق.
وهذه النسخة هي التي طُبع عنها الكتاب أوَّلَ مرَة كما في خاتمة الطبعة.
* العمل في الكتاب:
- اعتمدنا النسخةَ الثانيةَ -التي سبق الحديث عنها- أصلا، وهي نسخة جيدة قليلة الخطأ يُعْتَمَد عليها في إخراج الكتاب؛ إذ هي منقولة من خط المصنف، وناسخها -أحمد بن علي الطير- عالمٌ معروف، اعتنى بها وقابلها مرة أخرى.
- صححنا ما وقع في النسخة من وهم أو سبق قلم -وهو قليل- خاصة إذا كان في ألفاظ الأحاديث النبوية دون إشارةِ إلى ذلك إذا كان الخطأ من قبيل التصحيف ونحوه، ومع الإشارة في أحيان أخرى خاصة فيما يقع من نقص أو سقط.
- أثبتنا ما كان على حواشي النسخة من تعليقات منسوبة إلى المؤلف -رحمه الله- أو لم تنسَب -وهي قليلة- إذا كانت تفيد غرض الكتاب.
- اعتنينا بتفقير الكتاب، ووضع علامات الترقيم اللازمة، وجعلنا نصوص الأحاديث بخط أثخن تمييزا له.
- رقمنا جميع الكتب الواردة فبلغت (39) كتابَا، ثم رقمْنا الأبواب داخل كل كتاب فوضعنا رقم الكتاب أولا ويليه رقم الباب هكذا [1/20] يعني: الباب رقم عشرين من الكتاب الأول وهكذا.
- ثم رقمنا الأحاديث رقمَا تسلسليا، فبلغ مجموع الأحاديث بحسب ترقيمنا (6529) . ولم نرقم ألفاظ الحديث ورواياته المختلفة وإلا لتضاعف
__________
(1) وهو من العلماء، ترجمته في "هجر العلم": 1/33-34.(المقدمة/19)
العدد.
- أحَلْنا على جميع الكتب الحديثية التي عزا إليها المؤلف بالجزء والصفحة أو بالرقم، وما لم نقف عليه من عزو المؤلف أو كان الكتاب المحال إليه غير مطبوع أغفلنا الإشارة إليه، ونشير هنا إلى أن بعض الكتب لم يكتمل طبعها حال عملنا على الكتاب من نحو سنتين مثل "مسند البزار"، و"المختارة" للضياء فلم تحصل الإحالة إليها.
- قد نحيل على عدد من المصادر التي لم يعزُ لها المصنف تكميلاً للفائدة.
- أما ما وجدناه من أوهام المؤلف في العزو أو غيره، فما جزمنا به علقناه في الهامش، وما كان محتملاً صنعنا له ملحقًا خاصًّا بعد المقدمة، فذكرنا ما وقع عند المصنف ثم أتبعناه بالإيراد على كلامه. وكثير من هذه المواضع يكون فيها المؤلف تابعا لغيره من المخَرجين، كصاحب "المنتقى"، أو ابن حجر في "التلخيص"، أو الشوكاني في "النيْل".
- ختمنا العمل بفهارس للأحاديث والمراجع والكتب والأبواب.
وهنا نشكر كل الإخوة الأفاضل الذين شاركوا في العمل والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
كتبه
علي بن محمد العمران
6/شعبان/1426(المقدمة/20)
ملحق
الملاحظات والاستدراكات على الكتاب (*)
(46) * حديث وائل ليس بهذا اللفظ، وبهذا اللفظ عند البخاري معلق موقوفًا على ابن مسعود برقم (2129) ، وأخرجه موقوفًا على ابن مسعود الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/108) ، وابن أبي شيبة (5/38، 75) ، والطبراني في الكبير (9/345) ، وليس في مسلم والترمذي، وأخرجه مرفوعا عن أم سلمة البيهقي (10/5) ، والطبراني في الكبير (23/326) ، وابن حبان (4/233) ، وأبو يعلى (12/402) . والذي عند مسلم سيأتي في باب النهي عن التداوي بالمحرمات لكن ليس بهذا اللفظ، وإنما بلفظ: (إنها ليست بدواء ولكنها داء) .
(47) * بهذا اللفظ لم يذكره أحد إلا الشوكاني في "النيل" ولعله تابعه، واللفظ هو "نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الدواء الخبيث" أخرجه أحمد (2/305) ، وأبو داود (4/6) ، والبيهقي (10/5) ، وابن أبي شيبة (5/32) .
(47) * لم نجده عند مسلم، وهو عند أحمد بزيادة "يعني السم" (2/305، 446، 478) ، وابن ماجه (2/1145) ، والترمذي (4/387) ، وقد كرره المصنف برقم (5703) ، وعزاه لمسلم أيضًا، ولم يعزه له المزي في التحفة (10/316) (14346) .
(66) * قال المصنف: إن البخاري قال: "إن سودة" مكان "عن سودة"، والصحيح أن الجميع ذكر هذا الحديث "عن سودة" حتى البخاري.
(67) * ذكر المصنف لفظ "أن ينتفع"، وهي عند الجميع "أن يستمتع"،
__________
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وقد نسخنا كل تعليقات هذا الملحق إلى مواضعها على هامش الأحاديث لتكمل بها الفائدة(المقدمة/21)
وهناك رواية لأحمد "أن ينتفع" (6/104) .
(69) * قال المصنف: وليس للنسائي ذكر المدة، نقول: وأيضًا ابن ماجه لم يذكر المدة (2/1194) .
(71) * ذكر المؤلف أن اللفظ للترمذي، ولفظ الترمذي وأبو داود واحد وهو "ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة".
(140) * قول الدارقطني ليس في السنن بهذا السياق، وأشار المباركفوري إلى أنه في نسخة (حديث حسن) بدلا من (حديث صحيح) وذكر الحديث الدارقطني في "العلل".
(175) * قال المصنف: غير أن ذِكْر "سنة" ليس لمسلم. والصحيح أنها وردت عند مسلم (4/1839) .
(179) ذكر المؤلف عن شداد بن أوس مرفوعًا، ولا يوجد هذا الحديث عند أحمد والبيهقي إلا من رواية أبي المليح عن أبيه مرفوعا البيهقي (8/325) ، أحمد (5/75) .
وروي هذا الحديث عن ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا لكن من رواية عكرمة أو جابر بن زيد عن ابن عباس البيهقي (8/324) ، والطبراني في الكبير (11/233، 12/182) ولعل المقصود هنا هو رواية أبي المليح عن أبيه عن شداد بن أوس وهي موجودة عند الطبراني في الكبير (7/273، 274) .
(274) * رواية الحاكم لم نجدها.
(284) * لم أجده عند الحاكم بنفس اللفظ، ولم يعزه الأرناؤوط إليه.(المقدمة/22)
والذي أخرجه الحاكم وصححه (1/247، 250) هو "أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توضأ مرة مرة، وجمع بين المضمضة والاستنشاق"، وفي الرواية الأخرى "ومسح بهما رأسه وأذنيه" في صفة وضوء النبي. إلا أنه لم يذكر صفة المسح.
(348) * قال رواه أحمد وأبو داود. وهذا اللفظ لم يخرجه إلا الترمذي، وأحمد لم يروه بنفس اللفظ وإنما رواه باللفظ الثاني، وبالنسبة لأبي داود، فلعله خطأ مطبعي واللفظ للترمذي وقال: هو أصح شيء في هذا الباب برقم (1/143) . ثم قال المصنف في الرواية الثانية، وهو عند أصحاب السنن الثلاث، ولم أجده إلا عند أبي داود والنسائي.
(373) * وأخرج معناه أبو داود والترمذي وابن ماجه، أما الترمذي فذكر الطريق دون اللفظ، وأما ابن ماجه وأبو داود فإن معناه مخرج من حديث البراء، وهو في تخريج الحديث قبل هذا فليحرر.
(374) * وهو عند أبي داود (1/16) (59) والنسائي (1/87) ، وابن ماجه (271) عن أبي المليح عن أبيه، ولم أجده من حديث ابن عمر.
(387) * رواية الترمذي لم أجدها، وإنما ساقه الترمذي كقول للأئمة أنهم رأو ترك الوضوء مما مسته النار (1/119) ، ولم أجده عند ابن ماجه.
(401) * الحديث الذي رواه الجماعة إنما أشار إليه الترمذي (1/35) بقوله: وفي الباب عن عائشة دون أن يذكر الحديث. وهو أيضًا عند الدارقطني (1/117) ، والبيهقي (1/309) .
(446) * رواية أحمد لم أجدها، وهي عند أبي داود (1/97، 278) ، مختصرا، والبيهقي (3/189) .(المقدمة/23)
(462) * لم أجده عند الطبراني، وقد قال الشوكاني في "النيل": وأخرجه البيهقي بأسانيد جيدة، وهو عند البيهقي (1/179) (818) .
(511) * النسائي رواه موصولاً ومرسلاً، وأبو داود قال بعد أن ساق الحديث موصولاً: وذِكْر أبي سعيد في هذا الحديث غير محفوظ وهو مرسل.
(518) * جميع الألفاظ في الأحاديث لم تذكر كلمة "أثر" وهذه اللفظة في حديث عائشة عندما قالت للمرأة (تتبعي بها أثر الدم) . والله أعلم.
(532) لم أجده في "التاريخ" وعزاه في "النيل" له، وهو عند ابن جرير الطبري في التفسير (2/383) ، وعزاه في الدر المنثور (1/621) للبيهقي وعبد الرزاق والنحاس.
كتاب الصلاة
(557) * لم نجده عند أبي داود، وقد عزاه إليه في الدر المنثور (1/711) ، والترغيب والترهيب (1/213) .
(579) * لم أجده في مصنف عبد الرزاق وعزاه في النيل (1/439) إليه.
(687) * أخرجه بهذا اللفظ أحمد ومسلم كما هو مخرج، وأخرجه أحمد (5/106) وأبو داود (1/213) ، وابن ماجه (1/221) ، بلفظ "كان رسول الله يصلي إذا دحضت الشمس" وأخرجه أحمد (5/106) بلفظ "كان بلال يؤذن إذا دحضت الشمس" ولم أجده عند النسائي وهو عند البيهقي (1/385، 2/19) .(المقدمة/24)
(725) * رواية مالك لم نجدها، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" (1/478) ، وقال: ووصله مالك في "الموطأ" ولم نجده هناك، وهو من طريق مالك عند أبي داود وأحمد، والله أعلم.
(741) * لم أجده عند أبي داود والحاكم، وقد عزاه إلى أبي داود الحافظ في الفتح (10/296) وهو موجود من رواية علي ابن أبي طالب.
(791) * لم أجده عند الطبراني، وهو عند ابن عدي في الكامل (4/173) ، وقد أخرج الطبراني في الأوسط (5/62) قريبًا من هذا اللفظ لعبد الرحمن بن عوف، وليس لعلي بن أبي طالب.
(811) * لم نجده عند ابن أبي شيبة، ولعله في مسنده.
(903) * قال المصنف: متفق عليه، ثم ذكر رواية لهما، ومسلم لم يخرج هذا الحديث إلا بهذه الرواية، وهذه الرواية ليست عند البخاري، وهي عند الدارمي (1/322) . وقد ذكر نحو هذا الكلام الشوكاني في النيل (1/626) .
(936) * لفظ الترمذي لم نجده. وقد تبع المؤلف صاحب "المنتقى" في العزو إلى الترمذي. لكنه رواه من حديث عائشة، كما تقدم.
(937) * قال المصنف ولفظ مسلم: (فلا يقربن المساجد) ، هذا لفظه في حديث ابن عمر وليس في حديث جابر.
(967، 969) * ذكر المصنف قصتين الأولى: قسمة المال في المسجد، وهي في البخاري ولم نجدها في مسلم. والثانية: قصة وفد ثقيف، وأنه أنزلهم المسجد، فهذه لم نجدها في "الصحيحين"، وهي عند(المقدمة/25)
ابن ماجه (1/559) من حديث عبد الله بن ربيعة، وأبو داود (3/163) ، وأحمد (4/218) من حديث عثمان بن أبي العاص، وأبو داود (2/55) ، والنسائي (7/80) ، وابن ماجه (1/427) ، وأحمد (4/9، 343) من حديث أوس بن حذيفة.
(1231) * قال: "وفي إسناده رشدين بن سعد وفيه مقال"، وليس في الحديث رشدين بن سعد، وإنما الليث بن سعد، وقد تبع المؤلف صاحب "نيل الأوطار" (1/151) .
(1260) * قال المصنف: "وهي لأبي داود من حديث أبي سعيد وفيه ... " ثم ذكر الحديث، وأبو داود روى حديث أبي سعيد بمثل معنى حديث أبي هريرة السابق، لكن هذا اللفظ الذي ذكره المصنف على أنه من حديث أبي سعيد، وهو من حديث أبي هريرة عند البخاري (5/2297، 2298) ، والترمذي (5/87) ، وأحمد.
(1292) * لفظ "عاتقيه" هي عند البخاري وذكرها ابن حجر في الفتح (1/561) ، وقال: وفي رواية "عاتقه"، وذكرها ابن رجب في شرح البخاري (2/151 ط ابن الجوزي) بلفظ "عاتقه".
(1466) * جميع من روى الحديث أخرجه بلفظ "كان النبي يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره" دون شطر الحديث الأول، وقد كرره المصنف ص520، في باب "ما جاء في فضل قيام رمضان.." ولم يذكر الشطر الأول من الحديث.
(1492) * الرواية الثانية لم نجدها عند مسلم، وقد عزاها إلى مسلم(المقدمة/26)
شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" (22/284) وابن مفلح في "المبدع" (2/23) ، والشوكاني في "النيل" (2/280) .
(1816) * قول المصنف: "وزاد النسائي: فإن لم تستطع فمستلقيًا "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها" كذا عزاه الحافظ في "التلخيص" (1/407) ، لم نجده في "السنن الكبرى" ولا في "المجتبى" للنسائي، ولم يعز المزي الحديث بهذا اللفظ للنسائي، ينظر "تحفة الأشراف" (8/185) .
(2353) * لفظ الحديث "شهدنا بنتًا للنبي"، ولم يذكر أنها زينب، إلا في رواية أحمد بعد هذا الحديث على أنها رقية.
(2386) * قال المصنف: "ورواه الحاكم في مستدركه وصححه وإسناده ضعيف لأن في إسناده عباد بن عبد الصمد"، لكن عباد بن عبد الصمد ليس في إسناد حديث جابر المذكور معنا في الباب، وإنما هو في سند حديث أنس، وهو بمعنى حديث جابر، وهو في "المستدرك" بعد حديث جابر. وقد رواه الحاكم في "مستدركه" عن أنس وصححه.
(2581) * لم نجده عند البخاري، والذي عند البخاري من حديث عمر هو ما تقدم قريبًا: من أن النبي أعطاه وقال: "إذا جاءك من هذا المال شيء ... ".
(2758) * قال المصنف: "متفق عليه إلا أن البخاري قال في بعض أسفاره ولم يقل: "في شهر رمضان". نقول: وكذلك أيضًا الإمام أحمد لم يذكر شهر رمضان، وكذلك أبو داود وابن ماجه.
(2774) * اللفظ للبخاري، وعند أبي داود (2404) ، والنسائي(المقدمة/27)
(4/184) ولكن بألفاظ مختلفة، ولم يذكر في رواية النسائي وأبي داود غزوة حنين بل الفتح، وهما أقرب لحديث ابن عباس المتقدم قريبًا.
(2893) * حديث عائشة "إن كنت لأدخل البيت" -من فعلها- ليس عند البخاري، وقد ذكره المصنف بعد هذا الحديث وقال: "قال الحافظ والصحيح عن عائشة من فعلها أخرجه مسلم وغيره" فالحديث ليس عند البخاري.
(2906) * بهذا اللفظ ليس عند ابن ماجه، والذي عند ابن ماجه "من صام رمضان" فقط، وقد استثناه المجد ابن تيمية في "المنتقى"، راجع "النيل" (3/260) .
(3009) * حديث أنس لم نجده بهذا اللفظ عند البخاري، ولم يعزه إليه المزي في التحفة (1/208) (781) . والذي عند البخاري (2/562) (1476) من طريق أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه قال: صلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونحن معه بالمدينة الظهر أربعًا والعصر بذي الحليفة ركعتين ثم بات بها حتى أصبح ثم ركب حتى استوت به على البيداء حمد الله وسبح وكبر ثم أهل بحج وعمرة وأهل الناس بهما فلما قدمنا أمر الناس فحلوا حتى كان يوم التروية أهلوا بالحج قال: ونحر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدنات بيده قيامًا وذبح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة كبشين أملحين". وقد عزاه للصحيحين ابن القيم في "الزاد" (2/115) .
(3059) * الروايتان الأخيرتان لمسلم وليستا للبخاري، وهي عند البخاري (5/2216) بلفظ: "كنت أطيب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند أحرامه بأطيب ما(المقدمة/28)
أجد"، ونص اللفظين عند مسلم.
(3130، 3131) * قال المصنف: "وله من حديثه"، أي لمسلم من حديث أبي سعيد، والحديث هو لجابر بن عبد الله. ثم في الحديث الذي بعده قال: "وعنه"، والحديث أيضًا عن جابر، فينتبه لهذا.
(3143) * لم أجده عند النسائي، واللفظ الأول ليس عند أحمد. وقال صاحب "المنتقى": رواه ابن ماجه والترمذي وصححه، وأبو داود وقال: "ببرد له أخضر" وأحمد ولفظه "لما قدم مكة، طاف بالبيت، وهو مضطبع ببرد له حضرمي"، وهذا هو الترتيب الصحيح، وقد استثنى النسائي ابنُ حجر في "بلوغ المرام" وقال: رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي.
(3153) * لم أجده بهذا المعنى من حديث أنس عند الحاكم لكن عزاه إليه الحافظ في الفتح (4/260) ، لكن أخرج الحاكم (1/456) عن أنس حديثا بلفظ: "الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة"، وأخرج نحو حديث ابن عباس عند عبد الله بن عمرو، وأبي سعيد الخدري، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم.
(3178) * قال المصنف: "وأخرجه البخاري أيضًا من حديث علي" ثم ذكر قول الحافظ: إنه متفق عليه من حديث أبي هريرة. وهو من حديث علي عند أحمد والحاكم والترمذي -انظر التخريج- بلفظ: "سألنا عليًّا رضي الله عنه ثم بأي شيء بعثت يعني يوم بعثه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع أبي بكر رضي الله عنه في الحجة قال: بعثت بأربع لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عهد فعهده إلى مدته، ولا يحج(المقدمة/29)
المشركين والمسلمون بعد عامهم هذا".
واللفظ الذي عند أحمد (2/299) عن أبي هريرة قال: كنت مع علي بن أبي طالب أنادي بالمشركين فكان علي إذا صحل صوته أو اشتكى حلقه أو عيي مما ينادي ناديت مكانه قال: فقلت لأبي: أي شيء كنتم تقولون قال: كنا نقول: "لا يحج بعد العام مشرك فما حج بعد ذلك العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن، ومن كان بينه وبين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مدة". وهو بهذا اللفظ عند ابن حبان (9/128) .
والمتفق عليه هو حديث أبي هريرة، فقط، وقد ذكر الحافظ في الفتح (1/466) أن أحمد أخرجه من حديث أبي بكر نفسه، وأخرجه أحمد (1/3) .
(3293، 3294) * لم أجده من حديث ابن عباس، إلا عند ابن ماجه، كما هو في التخريج، وهو من حديث ابن عمر في "الصحيحين"، وقد ذكره ابن حجر في "البلوغ" عن ابن عمر، ولم يذكر ابن عباس.
(3298) * لم نجده عند الحاكم، وعزاه إليه الحافظ في التلخيص (2/263) ، وقال صاحب "الهداية في تخريج أحاديث البداية" (5/415) : "ورواه البزار والبيهقي من حديث ابن عمر ... وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي، وحديثه حسن في الشواهد والمتابعات كهذا، ولذلك حسنه الحافظ، وإن وهم في عزوه إلى الحاكم" اهـ.
(3319) * حديث جابر لم نجده عند الدارقطني والحاكم، وقد عزاه الشوكاني في النيل (3/445) إليهما، ولم يعزه الشيخ الألباني في الإرواء(المقدمة/30)
(4/320) إليهما وهو عندهما من حديث ابن عباس، وسيأتي قريبا.
(3323) * حديث ابن عباس لم نجده عند أحمد وابن ماجه، ولعل المصنف وهم في حديث ابن عباس هذا وحديث جابر المتقدم أول الباب، وجعل تخريجهما واحدا، والصحيح أن حديث جابر أخرجه ابن ماجه وأحمد، ولم يخرجه الدارقطني والحاكم، وحديث ابن عباس، أخرجه الدارقطني والحاكم، ولم يخرجه أحمد وابن ماجه، انظر الإرواء (4/320، 329) (1123، 1126) ، وكذلك "التلخيص" فإنه ذكر هذا الحديث وفصل فيه (2/268-269) رقم (1076) .
(3456) * لم نجده بهذا اللفظ عند أحمد والنسائي، والذي عند أحمد (5/355، 361) ، والنسائي (7/164) ، من حديث بريدة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "عق عن الحسن والحسين".
(3459) * لم نجده عند الحاكم من حديث أنس، وهذه الزيادة هي من حديث عائشة بمعنى حديث أنس، وهي عند الحاكم، وابن حبان.
(3484) * لم نجده عند أحمد من حديث ابن عمر، والحديث أخرجه أحمد عن أبي هريرة وقد تقدم، وليس عن ابن عمر، وقد نبه على هذا الشوكاني في "النيل" (3/509) فالحديث عند ابن ماجه من حديث ابن عمر، وليس عند أحمد، كما ذكره الهيثمي في المجمع (4/32) .
(3628) * الحديث مكرر ما قبله، والحديث الذي عند أصحاب السنن هو عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقد كرره المصنف هنا بعد حديث عبد الله بن عمرو بن العاص على أنهما حديثان مختلفان، وذكرهما(المقدمة/31)
في موضع سابق على أنهما حديثان مختلفان، وهما حديث واحد. وقد ذكره الشوكاني في "النيل" (3/554) وقال بعد ذِكْر حديث عبد الله بن عمرو: وهو عند هؤلاء كلهم من حديث عَمْرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والله أعلم.
(3641) * الحديث لم نجده عند الترمذي بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة، وهو فيه من حديث أبي هريرة بلفظ: "لا يتفرقن بيع إلا عن تراض"، وهو عند الترمذي (3/551) (1248) ، وأبي داود (3/273) (3458) ، وقال الترمذي: حديث غريب.
والحديث بلفظ قريب مما ذكره المصنف عند ابن أبي شيبة (7/289) ، والطيالسي (1/334) ، وأحمد (2/311) ، والطبراني في "الصغير" (1/279) (908) .
(3664) * قال المصنف: "وفي رواية للبخاري" والبخاري لم يرو الحديث أصلا ولعله خطأ، والصحيح أن هذه الرواية تابعة لرواية أبي داود السابقة وهي جزء منها، إلا أن أبا داود قال في آخره: (وقال ابن عيسى: أردت التجارة، قال أبو داود: وكان في كتابه: الحجارة) ، والله أعلم، وأخرجه أيضًا أبو عوانة (3/386) (5416) إلا أنه قال "الحجارة".
(3707) * المصنف عزا اللفظين لحديث ابن عمر، ولم نجد اللفظ الثاني من حديث ابن عمر، وقد خرجه الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء (5/222) (1385) ، لأن ابن ضويان عزاه لابن عمر، فنبه على ذلك وقال: "فإنما هو عند الدارقطني من حديث أبي سعيد" اهـ. أي بهذا اللفظ.
(3710، 3711) * الحديثان هما لقصة واحد، ولفظه عن عائشة(المقدمة/32)
قالت: "كان على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثوبان قطريان غليظان فكان إذا قعد فعرق ثقلا عليه، فقَدِم بزّ من الشام لفلان اليهودي فقلت: لو بعثت إليه فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرة فأرسل إليه فقال: قد علمت ما يريد إنما يريد أن يذهب بمالي أو بدراهمي، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كذب قد علم أني من أتقاهم لله وآداهم للأمانة" جميعهم من طريق عكرمة عن عائشة، ولفظ "اشترى من يهودي إلى ميسرة" لم أجده عند أيٍ منهم.
(3769) * لفظ الرواية الأولى "عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) قالت: أنزلت في ولي اليتيم أن يصيب من ماله إذا كان محتاجا بقدر ماله بالمعروف"، ولفظ المصنف ناقص.
(3814) * الحديث لم نجده عند أحمد من حديث أبي هريرة، وهو بمعنى قريب من هذا من حديث جابر (3/326) ، وحديث جابر في "الصحيحين" البخاري (3225) ، ومسلم (2050) .
(3873) * لم أجد هذه الرواية عند أبي داود، قال الشيخ الألباني في الإرواء (6/10-11) (1554) : "وإنما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث سمرة فقط من رواية الحسن البصري عنه ... " اهـ، ثم ذكر أن أحمد رواه، فالحديث ليس عند أبي داود من حديث جابر أصلا لا بهذا اللفظ ولا باللفظ الأول.
(3886) * بهذا اللفظ "الناس شركاء" لم أجده عند أحمد وأبي داود، قال الألباني في "الإرواء" (6/7) "وهو بهذا اللفظ شاذ لمخالفته للفظ(المقدمة/33)
الجماعة "المسلمون" فهو المحفوظ، لأن مخرج الحديث واحد، ورواية الجماعة أصح. وهم الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، فأورد الحديث في بلوغ المرام باللفظ الشاذ، من رواية أحمد وأبي داود، ولا أصل له عندهما البتة، فتنبه" وقد أورده في "التلخيص" (3/65) على الجادة، وهو باللفظ الشاذ هذا عند أبي عبيد في "كتاب الأموال" (ص271 رقم 729) تفرد بها يزيد بن هارون.
(3914) * هذه الزيادة لم نجدها عند الطبراني، وهي عند أبي داود (4/256) (4817) من حديث عمر، وليس ابن عمر كما ذكر المصنف، بلفظ "وتغيثوا الملهوف، وتهدوا الضال"، وقد عزاها الحافظ إلى الطبراني في الفتح (5/113) ، ثم كرر هذه الرواية في الفتح (11/11) ولم يعزها إلى الطبراني، وإنما عزاها لأبي داود، وهو بلفظ قريب من هذا عند ابن حبان (597) من حديث البراء.
(3936) * الرواية الثانية لم نجدها عند أبي داود، والحافظ ذكرها بالمعنى مختصرة في "البلوغ" وقد ذكر المصنف قبل هذه الرواية نص الحديث، وهي قريبة للفظ الدارقطني. فهي مكررة لما سبق من حديث عروة بن الزبير.
(4066) * الحديث لم يخرجه إلا أبو داود وأحمد مطولاً كما هو في التخريج من حديث أبي موسى، ولم يعزه الحافظ في الفتح (6/552) إلا لأحمد مطولاً. أما الحديث الذي رواه البخاري (3/1294، 6/2484) (3327، 6381) ، ومسلم (2/735) (1059) ، والنسائي (5/106، 107) ، والترمذي (5/712) (3901) ، وأحمد (3/119، 171، 172) ،(المقدمة/34)
فهو من حديث أنس.
(4156) * الحديث لم نجده بهذا اللفظ عند أحمد من حديث أبي هريرة، وإنما ورد منقطعًا (1/10) من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة أن فاطمة قالت لأبي بكر، وذكر الحديث. قال الشيخ أحمد شاكر في شرحه على المسند (1/179) : إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن أبا سمة بن عبد الرحمن بن عوف تابعي ثقة، ولكنه لم يدرك أبا بكر، وروايته عنه مرسلة، وسيأتي موصولاً عن أبي سلمة عن أبي هريرة اهـ. وهذا الذي أشار إليه أنه سيأتي موصولاً (1/13) (79) ليس بها اللفظ.
(4262) * الحديث بهذا اللفظ عن أبي هريرة، وليس عن أبي موسى كما ذكر المصنف. والحديث الذي رواه أبو موسى هو بلفظ "تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فقد أذنت، وإن أبت لم تكره". وحديث أبي موسى عند أحمد (4/394، 408، 411) ، وأبي يعلى (13/311) (7327) ، وابن حبان (9/396) (4085) ، والحاكم (2/180) ، والدارمي (2/185) (2185) ، والدارقطني (3/241) ، والبزار (1422، 1423) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/364) .
وقد ذكر الحديثين في "المنتقى"، فلعل المصنف التبس عليه النقل، فأتى بلفظ حديث أبي هريرة لحديث أبي موسى، وجمع من أخرج الحديثين معًا، والصحيح أن اللفظ لحديث أبي هريرة أخرجه الخمسة إلا ابن ماجه وغيرهم كما هو مبين في التخريج. وأما حديث أبي موسى، فلفظه كما تقدم، وأخرجه أحمد ومن ذكرهم المصنف في الأخير، كما هو مبين في التخريج بداية الملاحظة. وقول المصنف: قال في "مجمع الزوائد"(المقدمة/35)
(4/283) : ورجال أحمد رجال الصحيح، هو لحديث أبي موسى، وليس لحديث أبي هريرة.
(4402) * قال المصنف: "وله شاهد عن أنس عند ابن ماجه"، ولم نجده من حديث أنس عند ابن ماجه، وهو من حديث أبي هريرة (1915) ، وعزاه لأبي هريرة المجد في "المنتقى" (4/266) ، وكذا الحافظ في "الفتح" (9/343) ، وهو من حديث أنس عند البيهقي (7/260) .
(4444) * الحديث بهذا اللفظ لم نجده عند النسائي والترمذي، والذي عند النسائي (8/151) ، والترمذي (2787) جزء من الحديث وهو قوله "طيب الرجال ما ظهر ريحه، وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه" وليس لديهما الحديث بطوله ولا موضع الشاهد.
(5610، 5611) * وقع في المطبوع: "عن أبي شريح" وهو تحريف والصواب: "عن شريح" والتصحيح من المصادر السابقة في التخريج، وقال الحافظ في "الفتح" (11/39) : ووقع في رواية الأصيلي: وقال أبو شريح، وهو وهم نبه على ذلك أبو علي الجياني وتبعه عياض. اهـ. فهذا الحديث عن شريح وليس عن أبي شريح.
(5624) * قال المصنف: "وأخرج أحمد نحوه من حديثه" أي من حديث ابن عمر، ولم نجده، وإنما هو من حديث عبد الله بن عَمرو بن العاص، وهو خطأ تبع فيه المصنف الشوكاني وهو تبع المجد، والحديث عند أحمد (2/224) من حديث عبد الله بن عمرو.
***(المقدمة/36)
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد من أَرسل بالبينات أحمد، فرفع أعلام الشريعة وأيّد، وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد الأحد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، وأن محمدًا عبده ورسوله المبعوث إلى كافة العالمين، المؤيَّد بالمعجزات والبراهين صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه المبلغين لشرائعه وأحكامه، الذين اتصلت بهم أسانيد الأحكام، وعليهم أُسِّست قواعد الإسلام، حتى انشرحت صدورنا بشموس الأدلة المصونة عن الأقوال، وأنارت قلوبنا فسلكت منهج الإنصاف في تطبيق الفروع على الأصول.
وبعد: فيقول الفقير إلى مولاه، الغني به عمن سواه حسن بن أحمد الرُّباعي، عَمَرَ الله قلبه بتقواه، وجعل الجنة مصيره ومأواه.
هذا مختصر جامع لما تفرق في الدفاتر والأسفار، من أحاديث الأحكام المسندة عن نبينا المختار، لم يصنع مثله من سبق من المؤلفين، ولا نسج على منواله أحد من متقدمي المصنفين، جمعتُ فيه أدلة الأحكام، وعكفت على تحريره وتهذيبه مدة من الشهور والأعوام، رجاء أن أكون ممن شمله قول الشارع: «ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من(1/3)
سامع» (1) ، وقوله: «نضر الله امرءاً سمع منّا حديثًا فيبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وربّ حامل فقه ليس بفقيه» (2) ، وأن أكون ممن شمله حديث أبي هريرة مرفوعًا عند مسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (3) وأن أكون ممن فاز بنيل نصيب من ميراث خاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين:
العلم ميراث النبيّ كذا أتى ... في النص والعلماء هم وراثه
ما خلف المختار غير حديثه ... فينا فذاك متاعه وأثاثه
فلنا الحديث وراثةً نبويةً ... ولكل محدث بدعة أحداثه (4)
وكنت قد سمعت من مشايخي (5) الأعلام طرفًا من السنة صالحًا، وأشرفت في الفروع على أشياء بَعُدت منها بعدًا واضحًا، ورأيت ما وقع من الخلاف
_________
(1) سيأتي برقم (1993) من حديث أبي بكرة.
(2) قوله: «فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» أخرجه ابن حبان في "صحيحه" من حديث زيد بن ثابت وأوله سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «نضَّر الله امرءاً سمع منا حديثًا، فبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه» ، وروى إلى قوله: «وليس بفقيه» أبو داود والترمذي وحسنه، و «نضَّر» بتشديد الضاد المعجمة وتخفيفها معناها: الدعاء بالنضارة، وهي النعمة والبهجة والحسن، فيكون تقديره جمّله الله وزينّه، وقيل غير ذلك، وعن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «نضّر الله امرءاً سمع منّا شيئًا، فبلغه كما سمعه، فربَّ مُبلَّغٍ أوعى من سامع» رواه أبو داود والترمذي وحسنه وابن حبان، وسيأتي في كتاب الحج إن شاء الله. تمت. مؤلف.
(3) سيأتي برقم (3976) .
(4) الثلاثة الأبيات للسيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير، مؤلف "الروض الباسم".
(5) من مشايخه القاضي شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني مؤلف نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار.(1/4)
بين الأئمة الأعلام، وأخذ كل طائفةٍ بجانب من سنة خير الأنام، وقد أرشدنا الشارع أن نرجع إليه عند الاختلاف (1) ،
وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - متجنبين سلوك طريق الاعتساف، قاصدين الاجتماع والاتفاق والائتلاف، فجمعت أحاديث الأحكام القاطعة للخلاف، وعمدت إلى أجمع كتاب للأحكام، وأنفع تأليف تداولته الأئمة الأعلام، وهو "المنتقى" فجعلته أصلًا لهذا الكتاب، ورتبته أحسن ترتيب، وهذبته أبلغ تهذيب، وحذفت منه أشياء تكررت، وأبدلت منه تراجم صدّرت، وقدمت ما يحتاج إلى التقديم، وأخرت ما تقدم ورُتبَتُه التأخير، وجعلت كل حديث حيث يستحق التصدير، وزدت عليه الجم الغفير من "جامع الأصول"، و"بلوغ المرام"، و"مجمع الزوائد"، و"الترغيب والترهيب" للحافظ المنذري، ومن "الجامع الصغير وذيله"، ومن "الجامع الكبير"، ومن "البدر المنير"، و"جامع المسانيد"، و"المستدرك" للحاكم، و"تلخيص الحافظ ابن حجر"، و"فتح الباري"، و"خلاصة البدر المنير"، وغير ذلك من الكتب، وراجعت تلك الأصول، ونسبت كل حديث إلى أصله المنقول، وأتبعت كل حديث ما عليه من الكلام من تصحيح وتحسين، أو تضعيف وتهوين، وعزوت كل شيء إلى قائله
_________
(1) أشار إلى قوله تعالى: ((فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)) [النساء:59] قال في "الكشاف": فإن تنازعتم فإن اختلفتم أنتم وأولوا الأمر منكم في شيء من أمور الدين فردوه إلى الله ورسوله، أي: ارجعوا فيه إلى الكتاب والسُّنة، وقال في تفسير قوله تعالى: ((ذَلِكَ)) إشارة إلى الرد، أي: الرد إلى الكتاب والسنة خير لكم وأصلح وأحسن تأويلًا، وأحسن عاقبةً، وقيل: أحسن تأويلًا من تأويلكم أنتم. اهـ. تمت. مؤلف رحمه الله..(1/5)
حسبما وجدته في هذه المصنفات، وإن لم أجد كلامًا لأحد من الأئمة على الحديث نقلت من كتب الرجال ما قيل في راويهِ من التوثيق والتضعيف، وبالغت في العناية في البحث لِمَا يحتاج إليه وإن بعدت طريق الوصول إلا بعد أيام إليه.
(وسمّيته) : "فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الأخيار".
ومما دعاني إلى تأليفه، واقتحام المشاق إلى تصنيفه أمران:
أحدهما: أني لمّا رحلت عن هذه الديار (1) ، وجُبْتُ الفيافي والقفار، وأقمت ببلاد لا يوجد فيها مختصرات المؤلفات فضلًا عن مطولات المصنفات، وكنت كثيرًا ما أحتاج في غالب الحالات إلى البحث عن حال شيء من الأحاديث، فلم أظفر بالمقصود، وكان استصحاب شيء من الكتب يحتاج إلى مشقة زائدة على المجهود، عزمت على صنع هذا المختصر الصغير الحجم، الكبير المقدار، أجعله نديمي في الحضر، ورفيقي في الأسفار، فياله من نديم تشتاق إليه نفوس العارفين، ورفيق لا يُملّ حديثه كل وقت وحين!
الأمر الثاني: ذهاب الكتب من هذه الديار، وتفرق أصول هذا الكتاب في الأنجاد والأمصار، فسارعت إلى جمعه، وكنت عند الشروع أرى نفسي حقيرة لمثل التصدي لهذا الخطب، ورأيت أن الترك لذلك أقرب، فرغبني
_________
(1) يريد مدينة صنعاء، وشروع التأليف كان بها كما يأتي قريبًا.(1/6)
بعض مشايخي الأعلام (1) ، وقال لي: هذه طريقة مدّخرة لدار السلام، ولا زال يحثني على تمام ما وقع به الشروع، فتمثلت بقول الشاعر:
وقد يجتدى فضل الغمام
ثم إنه رحمه الله وأسكنه بحبوح الجنان، وجعله من كل مخافة في أمان حضني أن أتبع كل حديث بما يحتاج إلى تفسيره من الغريب، حتى لا يحتاج إلى شرح، وتكمل به فائدة الكتاب، فامتثلت أمره، وأتْبَعتُ كل باب ما يحتاج إليه نقلًا من شروح الحديث، و"غريب جامع الأصول"، و"مختصر نهاية ابن الأثير"، و"المُغْرِب" (2) ، و"صحاح الجوهري"، و"القاموس"، و"مجمع البحار" (3) وغير ذلك.
ثم إني أتبعتُ هذا الكتاب كتابَ الجامع، اشتمل على عدة أبواب مهمة لا يُستغنى عنها، وقد أكرر الحديث الواحد في مواضع من هذا الكتاب لِمَا فيه من الأحكام المتعددة، واقتديت بأصل هذا الكتاب في جعل العلامة لِمَا رواه البخاري ومسلم أخرجاه، ولما رواه أحمد وأصحاب السنن رواه
_________
(1) هو العلامة المجتهد: الحسن بن يحيى الكبسي. تمت. مؤلف.
(2) "المغرب" للشيخ الإمام ابن الفتح ناصر بن السيد المطرري، كتاب جليل المقدار لا يعرف قدره إلا من ضرب في كافة العلوم بسهم قامر، وأخذ منها بنصيب وافر، وقد استدرك على جهابذة العلماء وجحاجحة الحكماء، والأئمة من فرسان البيان ينفكون عنه مثل السعد وغيره، وعلى الجملة فلا ينبغي أن تخلو عنه الخزائن النفيسة، ولمصنفه الإيضاح شرح المقامات. اهـ. مؤلف رحمه الله.
(3) "مختصر النهاية" للسيوطي، و"مجمع البحار" للهندي(1/7)
الخمسة، ولهم جميعًا رواه الجماعة، ولأحمد والبخاري ومسلم متفق عليه، وما سوى ذلك أذكر من أخرجه باسمه.
والله أسأل أن يهدينا إلى الصواب، ويعصمنا عن الخطأ بفضله ومنّه فهو الكريم الوهاب، وأن ينفع به من أراد من خلقه، ويجعلنا من العاملين به.
وكان الشروع في تأليفه غرة شهر المحرم سنة اثنتين وثلاثين ومائتين وألف، بمدينة صنعاء المحمية بالله تعالى، ومنّ الله وله الحمد بالفراغ من تأليفه في ثاني عشر شهر رمضان سنة أربعين ومائتين وألف.(1/8)
[1] كتاب الطهارة
أبواب المياه
[1/1] باب ما جاء في طهورية ماء البحر وغيره
1 - عن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إنا نركب البحر ومعنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هو الطهور ماؤه والحل ميتته» رواه الخمسة وابن أبي شيبة وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" وحسنه الترمذي (1) ، وقال: سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: حديث صحيح، وصححه أيضًا ابن عبد البر وابن منده وابن المنذر، وقال البغوي: متفق على صحته، وقال ابن الأثير: حديث صحيح مشهور أخرجه الأئمة في كتبهم واحتجوا به ورجاله ثقات، وقال في "البدر المنير": هذا الحديث صحيح وروى عن الترمذي تصحيحه.
_________
(1) أبو داود (1/21) (83) ، النسائي (1/50، 176) ، الترمذي (1/100-101) (69) ، ابن ماجه (1/136) (386) ، أحمد (2/237، 361) ، ابن أبي شيبة (1/122) ، ابن خزيمة (1/59) (111) ، ابن حبان (4/49، 12/62) (1243، 5258) ، وهو عند الحاكم (1/237) ، والدارمي (1/201) (729) ، والشافعي (1/7) ، والإمام مالك في "الموطأ" (1/22) (41) .(1/9)
2 - وعن أنس بن مالك قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحانت صلاة العصر، فالتمس الناس الوضوء، فلم يجدوا ماء، فأُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء، فوضع في ذلك الإناء يده، وأمر الناس أن يتوضئوا منه، فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه حتى توضئوا عن آخرهم» متفق عليه (1) .
3 - وعن جابر بن عبد الله قال: «وضع يده - صلى الله عليه وسلم - في الركوة، فجعل الماء يثور من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا. قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، قال: كُنَّا خمس عشرة مائة» متفق عليه (2) .
قوله: «هو الطهور ماؤه» الطُّهور: بالضم للفعل الذي هو المصدر، وبالفتح للماء الذي يتطهر به، هكذا في "النهاية" و"الدر النثير". وأما الطهارة فهي في اللغة: النظافة والتنزه عن الأقذار. قوله: «فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوَضوء» ، الوضوء بفتح الواو: الماء الذي يتوضأ به. قوله: «ينبع من تحت أصابعه» ، بفتح التحتية في أوله، وضم الموحدة.
[1/2] باب ما جاء في النبيذ
4 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن: «ما في إداوتك أو ركوتك؟ قلت: نبيذ. قال: ثمرة طيبة وماء طهور، فتوضأ منه» رواه الترمذي (3) وأنكره، وقال: إنما روي هذا الحديث عن أبي زيد عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو زيد رجل مجهول عند أهل الحديث لا يعرف له رواية غير هذا الحديث. وقد رأى
_________
(1) البخاري (1/74، 3/1310) ، مسلم (4/1783) ، أحمد (3/132) .
(2) البخاري (3/1310، 4/1526) ، مسلم (3/1484) ، أحمد (3/329) .
(3) الترمذي (1/147) ، ابن ماجه (1/135) .(1/10)
بعض أهل العلم الوضوء بالنبيذ منهم: سفيان الثوري وغيره، وقال بعض أهل العلم: لا يتوضأ بالنبيذ، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقول من يقول: لا يتوضأ بالنبيذ أقرب إلى الكتاب والسنة؛ لأن الله تعالى قال: ((فَلَمْ تَجِدُوا (1) مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)) [النساء:43] انتهى. ورواه أبو داود (2) ولم يذكر فتوضأ منه، وفي إسناده مجهول. وقال أبو زرعة: ليس هذا الحديث بصحيح، وقال أبو أحمد الكرابيسي: لا يثبت هذا الحديث.
[1/3] باب طهارة الماء المتوضأ به
5 - عن جابر بن عبد الله قال: «جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ وصب عليّ» متفق عليه (3) .
6 - وعن أبي جحيفة قال: «خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة، وأُتي بوضوء فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به» رواه البخاري (4) ، وفي رواية لهما (5) : «فرأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء، من أصاب منه شيئًا تمسح به، ومن لم يصب منه أخذ من بلل صاحبه» .
7 - وعن أبي موسى قال: «دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح فيه ماء، فغسل يده ووجهه
_________
(1) في الأصل: ((فإن لم تجدوا)) .
(2) أبو داود (1/21) .
(3) البخاري (1/82، 4/1669) ، مسلم (3/1235) ، أحمد (3/298) .
(4) البخاري (1/80) .
(5) البخاري (1/147، 5/2200) ، مسلم (1/360) .(1/11)
فيه، ومج فيه، ثم قال لهما: اشربا منه، وأفرغا على وجوهكما ونحوركما» رواه البخاري (1) .
وضمير «لهما» عائد إلى أبي موسى وبلال.
قوله: «لا أعقل» ، أي: لا أفهم من شدة المرض.
[1/4] باب النهي عن الاغتسال في الماء الدائم وهو جنب
8 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب، فقالوا: يا أبا هريرة! كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولًا» رواه مسلم وابن ماجه (2) ، ولأحمد وأبي داود (3) : «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل فيه من جنابة» .
9 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه (4) » رواه الجماعة (5) ، ولفظ الترمذي: «لا يبولن أحدكم
_________
(1) البخاري (4/1573) ، وهو عند مسلم (4/1943) .
(2) مسلم (1/236) ، ابن ماجه (1/198) .
(3) أحمد (2/433) ، أبو داود (1/8) .
(4) قوله: «ثم يغتسل فيه» يروى برفع اللام على أنه خبر المحذوف، أي: وهو يغتسل، وقد جوّز جزمه على عطفه على موضع «يبولن» ونصبه بتقدير: أَنْ على إلحاق ثُمّ بالواو، والذي يقتضيه قواعد العربية أن النهي في الحديث إنما هو عن الجمع بين البول، ثم الاغتسال فيه سواء رفعت اللام أو نصبت، وذلك أن ثُمّ تفيد ما تفيده الواو العاطفة، وإنما اختصت ثُمَّ بالترتيب، ولا يستفاد النهي عن كل واحدٍ عن انفراده إلاّ من رواية أبي داود التي فيها الواو. تمت من خط المصنف.
(5) البخاري (1/94) ، مسلم (1/235) ، أبو داود (1/18) ، النسائي (1/197) ، الترمذي (1/100) ، ابن ماجه (1/124) ، أحمد (2/394) .(1/12)
في الماء الدائم، ثم يتوضأ منه» ، وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه بهذا اللفظ عبد الرزاق وأحمد وابن أبي شيبة وابن حبان (1) ، وأخرجه أيضًا ابن حبان والبيهقي والطحاوي (2) بزيادة: «أو يشرب منه» وللنسائي (3) : «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه، أو يتوضأ» .
قوله: «الدائم» : هو الساكن.
[1/5] باب ما جاء في فضل وضوء المرأة وغسلها
10 - عن الحكم بن عمرو الغفاري «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة» رواه الخمسة (4) إلا ابن ماجه والنسائي فإنهما قالا: «وضوء المرأة» وحسنه الترمذي وابن ماجه، وقال البخاري: حديث الحكم ليس بصحيح، وفي رواية للترمذي (5) أو قال: «بسورها» وقال: حسن صحيح.
11 - وعن رجل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل المرأة بفضل الرجل، أو يغتسل الرجل بفضل المرأة وليغترفا جميعًا» رواه أبو داود والنسائي (6) ، قال الحافظ في "بلوغ المرام": وإسناده صحيح.
_________
(1) عبد الرزاق (1/89) ، أحمد (1/259) ، ابن أبي شيبة (1/131) ، ابن حبان (4/61) .
(2) ابن حبان (4/67) ، البيهقي (1/239) ، الطحاوي (1/14) .
(3) النسائي (1/197) .
(4) أبو داود (1/21) ، الترمذي (1/93) ، النسائي (1/179) ، ابن ماجه (1/132) ، أحمد (5/66) .
(5) الترمذي (1/93) .
(6) أبو داود (1/21) ، النسائي (1/130) .(1/13)
12 - وعن عائشة قالت: «كنت أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد تختلف أيدينا فيه من الجنابة» أخرجاه (1) ، ولمسلم (2) قالت: «كنت أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء بيني وبينه واحد فيبادرني، حتى أقول: دع لي، دع لي، قالت: وهما جنبان» .
13 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بفضل ميمونة» أخرجه أحمد ومسلم (3) ، ولأصحاب السنن (4) : «اغتسل بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في جفنة، فجاء ليغتسل منها فقالت: إني كنت جنبًا، فقال: إن الماء لا يجنب» وصححه الترمذي وابن خزيمة، وفي رواية لهما (5) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد» ، وللنسائي (6) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اغتسل هو وميمونة من إناء واحد في قصعة فيها أثر العجين» ، وأخرجه ابن ماجه، قال في "تحفة المحتاج": وإسناده على شرط الصحيح إلا عبد الله بن عامر الأشعري شيخ ابن ماجه، فتفرد عنه ولا أعرف حاله، فإن كان هو عبد الله بن مراد الأشعري كما نسبه ابن ماجه مرة أخرى، فهو من رجال الصحيح. انتهى. وقد جمع بين الحديثين بحمل النهي على التنزيه.
قوله: «لا يجنب» بفتح أوله وضمه، قال في "الدر النثير": والثوب لا يجنب والأرض، أي: لا يجب غسله إذا لبسه الجنب.
_________
(1) البخاري (1/103) ، مسلم (1/256) .
(2) مسلم (1/257) .
(3) أحمد (1/366) ، مسلم (1/257) .
(4) أبو داود (1/18) ، النسائي (1/131) ، الترمذي (1/94) ، ابن ماجه (1/132) .
(5) البخاري (1/101) ، مسلم (1/257) .
(6) النسائي (1/131، 202) ، وابن ماجه (1/134) من حديث أم هانئ وليس ابن عباس.(1/14)
[1/6] باب حكم الماء إذا لاقته نجاسة
14 - عن أبي سعيد قال: «قيل: يا رسول الله! أنتوضأ من بئر بضاعة، وهي بئر يلقى فيها الحِيض ولحوم الكلاب والنَّتْن؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الماء طهور لا ينجسه شيء» رواه أبو داود وأحمد والترمذي (1) وحسنه وصححه أحمد ويحيى بن معين وابن حزم والحاكم، وفي رواية لأحمد وأبي داود (2) : «أنه يستقى لك من بئر بضاعة وهي يطرح (3) فيها محايض النساء ولحم الكلاب وعذر الناس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الماء طهور لا ينجسه شيء» قال أبو داود: سمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها، قلت: أكثر ما يكون فيها الماء؟ قال: إلى العانة، قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة، قال أبو داود: وقدرت بئر بضاعة بردائي فمددته عليها، ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان، فأدخلني إليه: هل غُيِّر بناؤها كما كان عليه؟ فقال: لا. ورأيت فيها ماءً متغير اللون.
15 - وعن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه» أخرجه ابن ماجه (4) ، وضعفه أبو حاتم، وللبيهقي (5) : «الماء طهور إلا أن يتغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه»
_________
(1) أبو داود (1/17) ، أحمد (3/31) ، الترمذي (1/95) .
(2) أحمد (3/86) ، أبو داود (1/17) .
(3) قال شراح الحديث: المراد أن الناس كانوا يضعون الأقذار بجانب البئر، وأن الأمطار تسوقها إلى البئر؛ استبعادًا منهم لأن يجري ذلك من السلف.
(4) ابن ماجه (1/174) .
(5) البيهقي (1/259) .(1/15)
والحديث قد اتفق الحفاظ على ضعفه، ولكنه قد وقع الإجماع على نجاسة الماء إذا تغير بوقوع نجاسة فيه.
16 - وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يُسأل عن الماء يكون بالفلاة من الأرض وما ينوبه من السباع والدواب، فقال: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» رواه الخمسة (1) ، وفي لفظ لابن ماجه ورواية لأحمد (2) : «لم ينجسه شيء» وفي رواية لأبي داود (3) : «إذا كان الماء قلتين، فإنه لا ينجس» ، وقال يحيى بن معين: إسنادها جيد، والحاكم صحيح، والبيهقي موصول، وصحح الحديث ابن خزيمة وابن حبان، وقال يحيى بن معين: جيد الإسناد، وقال البيهقي: إسناد صحيح موصول، وقال الحاكم: صحيح على شرطهما.
17 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري، ثم يغتسل فيه» رواه الجماعة، وقد تقدم قريبًا (4) .
قوله: «بُضاعة» ، بضم الموحدة بعدها ضاد معجمة: بئر بالمدينة معروفة، قوله: «النَّتن» ، بنون مفتوحة وتاء ساكنة ثم نون هو الشيء الذي له رائحة كريهة. قوله: «الحِيض» ، بكسر الحاء جمع حيضة بكسر الحاء أيضًا، قال في "الدر النثير": الحيضة
_________
(1) أبو داود (1/17) ، النسائي (1/175) ، الترمذي (1/97) ، ابن ماجه (1/172) ، أحمد (2/26) .
(2) ابن ماجه (1/172) ، أحمد (2/26) .
(3) أبو داود: (1/17) .
(4) تقدم برقم (9) .(1/16)
بالكسر خرقة الحيض، ويُقال لها: المحيضة. قوله: «عَذِر الناس» ، بفتح العين المهملة، وكسر الذال المعجمة جمع عذرة. قوله: «الخبث» ، بفتحتين، قال في "الدر النثير": هو النجس، ونهى عن الدواء الخبيث، أي: النجس كالخمر.
[1/7] باب حكم الماء إذا ولغت فيه السباع
18 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليرقه، ثم ليغسله سبع مرات» رواه مسلم والنسائي (1) ، وفي لفظ (2) : «طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب» وفي لفظ المتفق عليه (3) : «إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا» .
19 - وعن عبد الله بن مغفل قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب، ثم قال: ما بالهم وبال الكلاب؟ ثم رخص في كلب الصيد، وكلب الغنم، وقال: إذا ولغ الكلب في الإناء، فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة بالتراب» رواه الجماعة إلا الترمذي والبخاري (4) .
20 - وعن أبي قتادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الهرة: «إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات» رواه الخمسة (5) وصححه الترمذي وابن
_________
(1) مسلم (1/234) ، النسائي (1/53، 176) .
(2) اللفظ لمسلم (1/234) . وهو عند أحمد (2/427) .
(3) البخاري (1/75) ، مسلم (1/234) ، أحمد (2/245) .
(4) مسلم (1/235، 3/1200) ، أبو داود (1/19) ، النسائي (1/54، 177) ، ابن ماجه (1/130، 2/ 1068) ، أحمد (5/56) .
(5) أبو داود (1/19) ، النسائي (1/55، 178) ، الترمذي (1/154) ، ابن ماجه (1/131) ، = = أحمد (5/296، 5/303، 309) .(1/17)
خزيمة، وصححه أيضًا البخاري والعقيلي وابن حبان والحاكم والدارقطني.
21 - وعن عائشة «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصغي للهرة الإناء حتى تشرب منه، ثم يتوضأ بفضلها» رواه الدارقطني (1) ، وفي إسناده عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف جدًا.
22 - ولأبي داود (2) من حديث عائشة قالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم. وإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بفضلها» قال الدارقطني: تفرد به عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن داود بن صالح عن أمه. وقد أخرج هذا الطبراني ورجاله ثقات كما في "مجمع الزوائد".
23 - وعن أبي هريرة قال: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحياض التي تكون بين مكة والمدينة، فقيل: إن الكلاب والسباع ترد عليها، فقال: لها ما أخذت في بطونها، ولنا ما بقي شراب وطهور» أخرجه الدارقطني (3) .
24 - وأخرج الشافعي والدارقطني والبيهقي في المعرفة (4) من حديث جابر وقال: له أسانيد إذا ضم بعضها إلى بعض كانت قوية بلفظ: «أنتوضأ بما أفضلت
_________
(1) الدارقطني (1/66، 70) .
(2) أبو داود (1/20) ، الطبراني (8/55) .
(3) الدارقطني (1/31) .
(4) الدارقطني (1/62) ، الشافعي (1/8) ، البيهقي في معرفة السنن والآثار (1/313) (368) ، وهو في السنن "الكبرى" (1/250، 249) .(1/18)
الحمر؟ قال: نعم، وبما أفضلت السباع كلها» .
25 - وعن ابن عمر قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، فسار ليلًا، فمروا على رجل جالس عند مقراةٍ له، وهو الحوض الذي يجتمع فيه الماء، فقال عمر: أولغت السباع عليك الليلة في مقراتك؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا صاحب المقراة! لا تخبره، هذا متكلف، لها ما حملت في بطونها، ولنا ما بقي شراب وطهور» رواه الدارقطني (1) .
قوله: «وَلغ» ، بفتح أوله، أي: شرب.
[1/8] باب في الماء يقع فيه أحد الدواب التي لا دم لها
26 - عن سلمان أن رسول اللهص قال: «يا سلمان! كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم، فماتت فهو حلال أكله وشربه ووضوءه» رواه الدارقطني والبيهقي (2) بإسناد ضعيف، وقال الحاكم: حديث غير محفوظ، وإسناده مجهول.
27 - وسيأتي (3) إن شاء الله في كتاب الأطعمة حديث: «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم» .. إلخ.
[1/9] باب ما جاء في الاكتفاء بالحت والقرص بالماء للنجاسة
وإن بقي أثرها
28 - عن أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت:
_________
(1) الدارقطني (1/26) .
(2) الدارقطني (1/37) ، البيهقي (1/253) .
(3) سيأتي برقم: (5642) .(1/19)
«إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيض كيف تصنع؟ فقال: تَحتَّه، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تُصلي فيه» متفق عليه (1) .
29 - وعن أُمِّ قيس بنت مِحْصَن «أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن دم الحيضة تصيب الثوب، فقال: حُكِّيْه بضلعٍ واغسليه بماء وسدر» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان (2) ، قال ابن القطان: إسناده في غاية الصحة، ولا أعلم له علة.
30 - وعن أبي هريرة أن خولة بنت يسار قالت: «يا رسول الله! ليس لي إلا ثوب واحد، وأنا أحيض فيه، قال: فإذا طهرت فاغسلي موضع الدم، ثم صلي فيه، قالت: يا رسول الله! إن لم يخرج أثره؟ قال: يكفيك الماء، ولا يضرك أثره» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (3) ، وضعف الحافظ في "بلوغ المرام" إسناده، وقال البيهقي: تفرد به ابن لَهيعة وهو ضعيف بإجماعهم.
31 - وعن معاذة قالت: «سألت عائشة عن الحائض يصيب ثوبها الدم، فقالت: تغسله، فإن لم يذهب أثره، فلتغيره بشيء من صفرة، قالت: ولقد كنت أحيض عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث حيض جميعًا لا أغسل لي ثوبًا» رواه أبو داود والدارمي
_________
(1) البخاري (1/91) ، مسلم (1/240) ، أحمد (6/353) .
(2) أحمد (6/356) ، أبو داود (1/100) ، النسائي (1/154، 196) ، ابن ماجه (1/206) ، ابن خزيمة (1/141) ، ابن حبان (4/240) .
(3) أحمد (2/364، 380) ، أبو داود (1/100) .(1/20)
(1) .
قوله: «الحيضة» بفتح الحاء هو الحيض، قوله: «تحتَّه» بفتح الفوقانية، وضم المهملة، وتشديد التاء الفوقانية، أي: تحكه، قوله: «تقرصه» بفتح أوله، وإسكان القاف، وضم الراء والصاد المهملتين: أي: تدلكه بأصابعها، قوله: «تنضحه» بفتح الضاد المعجمة، أي: تغسله.
[1/10] باب تطهير الأرض المتنجسة بالغسل بالماء أو الجفاف
32 - عن أبي هريرة قال: «قام أعرابي فبال في المسجد، فقام إليه الناس ليقعوا به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: دعوه وأريقوا على بوله سَجْلًا أو ذنوبًا من ماء، فإنما بُعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين» رواه الجماعة إلا مسلمًا (2) .
33 - وعن أنس بن مالك قال: «بينا نحن في المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: مَهْ مَهْ، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تزرموه دعوه، فتركوه حتى بال، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاه، فقال: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، وإنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة، وقراءة القرآن، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -، فأمر رجلًا من القوم فجاء بدلوٍ من ماء فشنه عليه» متفق عليه (3) ، إلا أن البخاري لم يُخرج لفظ: «إن هذه المساجد إلى تمام الأمر بتنزيهها» .
34 - وعن ابن عمر قال: «كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد في زمان
_________
(1) أبو داود (1/ 98) ، الدارمي (1/ 255) .
(2) البخاري (1/89، 5/2270) ، أبو داود (1/103) ، النسائي (1/48، 175) ، الترمذي (1/275) ، ابن ماجه (1/176) ، أحمد (2/239، 282) .
(3) البخاري (5/ 2242) ، مسلم (1/236) ، أحمد (3/191) .(1/21)
النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك» رواه البخاري (1) ، ولأبي داود وأحمد (2) : «كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد ولا يرشون شيئًا من ذلك» قال ابن كثير: وإسناده على شرط البخاري.
قوله: «سجلًا» : بفتح المهملة، وسكون الجيم، هو: الدلو المملوء ماء. قوله: «لا تُزْرِموُه» ، بضم الفوقية، وإسكان الزاي، أي: لا تقطعوا عليه بوله. قوله: «فشنّ» ، بالشين المعجمة، وقيل بالسين المهملة، والأول أكثر.
[1/11] باب ما جاء من الاكتفاء بالتراب للنعل
35 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى، فإن التراب له طهور» ، وفي لفظ آخر: «إذا وطئ الأذى بخفيه، فطهورهما التراب» رواهما أبو داود والحاكم والبيهقي (3) ، وفي إسناده مجهول، وصححه ابن حبان وابن خزيمة.
36 - وعن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا جاء أحدكم المسجد، فليقلب نعليه، ولينظر فيهما، فإن رأى خبثًا فليمسحه بالأرض، ثم ليصل فيهما» رواه أحمد وأبو داود والحاكم وابن حبان (4) وصححه ابن خزيمة، وقد اختلف في وصله
_________
(1) البخاري (1/75) .
(2) أبو داود (1/104) ، أحمد (2/70) .
(3) الرواية الأولى عند أبي داود (1/105) ، الحاكم (1/271، 272) ، البيهقي (2/430) ، والرواية الثانية عند أبي داود (1/105) ، البيهقي (2/430) .
(4) أحمد (3/20) ، أبو داود (1/175) ، الحاكم (1/391) ، ابن حبان (5/560) .(1/22)
وإرساله، ورجح أبو حاتم في العلل الموصول، وذكر صاحب "الخلاصة" أن الحاكم قال: الحديث صحيح على شرط مسلم. انتهى. قال ابن كثير: وهو كما قال، وسيأتي (1) إن شاء الله تعالى في كتاب الصلاة، وفي الباب أحاديث يقوي بعضها بعضاً.
[1/12] باب ما جاء أن التراب يطهر الثياب
37 - عن أم سلمة قالت لها امرأة: إني أطيل ذيلي، وأمشي في المكان القذر، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يطهره ما بعده» رواه أبو داود والترمذي (2) . وقال في الباب عن عبد الله بن مسعود قال: «كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا نتوضأ من الموطا» قال في "النهاية": المَوْطَا ما يوطا من الأذى.
38 - وعن امرأة من بني عبد الأشهل قالت: «قلت: يا رسول الله! إن لنا طريقًا إلى المسجد منتنة، فكيف نفعل إذا مطرنا؟ قالت: فقال: أليس بعدها طريق هي أطيب منها؟ قلت: بلى، قال: هذه بهذه» رواه أبو داود وابن ماجه (3) . وقال الخطابي: في إسناد الحديثين مقال، وتعقبه المنذري في الحديث الآخر بأن جهالة اسم الصحابي مغتفرة.
[1/13] باب نضح بول الغلام إذا لم يطعم
39 - عن أم قيس بنت مِحْصَن «أنها أتت بابن صغير لم يأكل الطعام إلى
_________
(1) سيعيده المصنف برقم (882) .
(2) أبو داود (1/104) ، الترمذي (1/266) .
(3) أبو داود (1/104) ، ابن ماجه (1/177) .(1/23)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه عليه ولم يغسله» رواه الجماعة (1) ، وفي رواية لهما (2) : «ولم يزد على أن نضح بالماء» ، ولهما (3) في أخرى «فدعا بماء فرشه»
40 - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بول الغلام الرضيع ينضح، وبول الجارية يغسل» قال قتادة: وهذا ما لم يطعما، فإذا أطعما غُسلا جميعًا. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه (4) بإسناد صحيح.
41 - وعن عائشة قالت: «أُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصبي يحنكه فبال عليه، فأتبعه الماء» رواه البخاري (5) ، ولمسلم (6) «كان يؤتي بالصبيان فيبرك عليهم، ويحنكهم، فأُتي بصبي، فبال عليه فدعا بماء، فأَتبعه بوله ولم يغسله» .
42 - وعن أبي السمح خادم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والبزار وابن خزيمة (7) وصححه الحاكم وحسنه البخاري.
_________
(1) البخاري (1/90) ، مسلم (1/238، 4/1735) ، أبو داود (1/102) ، النسائي (1/157) ، الترمذي (1/105) ، ابن ماجه (1/174) ، أحمد (6/355) .
(2) مسلم (1/238) .
(3) البخاري (5/2155) ، مسلم (4/1734) .
(4) أحمد (1/76، 97، 137) ، أبو داود (1/103) ، الترمذي (2/509) ، ابن ماجه (1/174) .
(5) البخاري (5/2081، 2236) .
(6) مسلم (1/237) .
(7) أبو داود (1/102) (376) ، النسائي (1/158) ، ابن ماجه (1/175) (526) ، ابن خزيمة (1/143) (283) ، الحاكم (1/271) ، البيهقي (2/415) ، الدارقطني (1/130) .(1/24)
قوله: «نضحه» بالضاد المعجمة والحاء المهملة، قال في "الدر النثير": النضح الرش والغسل والإزالة. قوله: «يحنكه» بالحاء المهلمة والنون وهو أن يمص التمرة أو نحوها ويجعلها في فم الصبي يدلكه بها.
[1/14] باب طهارة أبوال الإبل وما أكل لحمه
43 - عن أنس «أن رهطًا من عُكْل أو عُرَينة قدموا فاجتووا المدينة، فأمر لهم رسول اللهص بلقاح، وأمرهم أن يخرجوا يشربوا من أبوالها وألبانها» متفق عليه (1) .
44 - وعن جابر بن سمرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلوا في مرابض الغنم» رواه مسلم (2) .
45 - وعنه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا بأس ببول ما أُكل لحمه» رواه الدارقطني (3) ، وفي إسناده عمرو بن الحصين العقيلي ضعيف جدًا، ويحيى بن العلاء الرازي أشد منه ضعفًا.
46 - وعن وائل بن حُجْر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» رواه مسلم والترمذي (4) . (*)
_________
(1) سيأتي مطولًا برقم (5019) ، وهو عند البخاري (1/92، 3/1099، 4/1685، 6/2495، 2496) ، ومسلم (3/1296، 1297) ، وأحمد (3/161، 170) .
(2) مسلم (1/275) .
(3) الدارقطني (1/128) من حديث جابر بن عبد الله، وأخرجه أيضًا من حديث البراء، وليس من حديث جابر بن سمرة.
(4) سيأتي حديث وائل في باب النهي عند التداوي بالمحرمات حديث رقم (5783) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة:جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك
حديث وائل ليس بهذا اللفظ، وبهذا اللفظ عند البخاري معلق موقوفًا على ابن مسعود برقم (2129) ، وأخرجه موقوفًا على ابن مسعود الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/108) ، وابن أبي شيبة (5/38، 75) ، والطبراني في الكبير (9/345) ، وليس في مسلم والترمذي، وأخرجه مرفوعا عن أم سلمة البيهقي (10/5) ، والطبراني في الكبير (23/326) ، وابن حبان (4/233) ، وأبو يعلى (12/402) . والذي عند مسلم سيأتي في باب النهي عن التداوي بالمحرمات لكن ليس بهذا اللفظ، وإنما بلفظ: (إنها ليست بدواء ولكنها داء) .(1/25)
47 - وللترمذي وأبي داود (1) من حديث أبي هريرة بلفظ: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل دواء خبيث» (*) ، وهو لأحمد ومسلم (**) بلفظ: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدواء الخبيث يعني السم» .
قوله: «من عُكْل» بضم العين المهملة وسكون الكاف قبيلة من تيم الرباب. قوله: «عرينة» بالعين والراء المهملتين مصغر حيُّ من قضاعة. قوله: «اجتووا» ، بالجيم، قال في "الدر النثير": اجتووا المدينة أصابهم الجواء وهو المرض، وداء الجوف إذا تطاول، وذلك إذا لم يوافقهم هواءها واستوخموها. قوله: «لِقاح» بلام مكسورة ثم قاف وآخره حاء مهملة هي النوق.
[1/15] باب ما جاء في المذي
48 - عن سهل قال: «كنت ألقى من المذي شدة، وكنت أكثر منه الاغتسال، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنما يجزيك من ذلك الوضوء. فقلت: يا رسول الله! كيف بما يصيب ثوبي؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفًا من ماء، فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصاب منه» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه (2) .
49 - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «كنت رجلًا مذاءً، فاستحييت أن أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمرت المقداد بن الأسود، فسأله فقال: فيه الوضوء» أخرجاه (3) ، ولمسلم (4) : «يغسل ذكره ويتوضأ» ، ولأحمد وأبي داود (5) :
_________
(1) سيأتي حديث أبي هريرة في باب النهي عند التداوي بالمحرمات حديث رقم (5787) .
(2) أبو داود (1/54) ، ابن ماجه (1/169) ، الترمذي (1/197) .
(3) البخاري (1/61، 77، 105) ، مسلم (1/247) .
(4) مسلم (1/247) .
(5) أحمد (1/124) ، أبو داود (1/54) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
بهذا اللفظ لم يذكره أحد إلا الشوكاني في "النيل" ولعله تابعه، واللفظ هو "نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الدواء الخبيث" أخرجه أحمد (2/305) ، وأبو داود (4/6) ، والبيهقي (10/5) ، وابن أبي شيبة (5/32) .
(**) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم نجده عند مسلم، وهو عند أحمد بزيادة "يعني السم" (2/305، 446، 478) ، وابن ماجه (2/1145) ، والترمذي (4/387) ، وقد كرره المصنف برقم (5703) ، وعزاه لمسلم أيضًا، ولم يعزه له المزي في التحفة (10/316) (14346) .(1/26)
«يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ» ، وفي سند هذه الزيادة عند أبي داود انقطاع؛ لأنها من رواية عروة عن علي، قال المنذري: عروة لم يلق عليًا، انتهى؛ لكن قد ثبتت هذه الزيادة عند أبي عوانة في صحيحه من طريق عبيدة عن علي، وليس فيها انقطاع، وذكر في "التلخيص" رواية أبي عوانة، وقال في إسنادها: لا مطعن فيه، وقال في "البدر المنير": ثم ظفرت بعد ذلك بطريق خالية عن الانقطاع المذكور في صحيح أبي عوانة (1) من حديث سلمان بن حبان عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عَبيدة السِّلْماني عن علي قال: كنت رجلًا مذاءً، واستحييت أن أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأمرت المقداد فسأله، فقال: «يغسل أنثييه وذكره ويتوضأ وضوءه للصلاة» .
50 - وعن عبد الله بن سعد قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الماء يكون بعد الماء، فقال: ذلك المذي، وكل فحل يمذي، فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة» رواه أبو داود (2) والترمذي طرفًا منه في جامعه (3) وطرفًا في الشمائل (4) ، وقال: حسن غريب، وأخرجه ابن ماجه (5) مختصرًا في موضعين، وفي إسناده حِزَامُ بن حكيم الشامي، قال ابن القطان: حاله مجهول،
_________
(1) أبو عوانة (1/273) .
(2) أبو داود (1/54) (211) .
(3) الترمذي في الجامع الصحيح (1/240) (133) .
(4) الترمذي في الشمائل المحمدية (1/245) (298) .
(5) ابن ماجه (1/213) (651) ، وأخرجه أيضا (1/439) (1378) بلفظ آخر.(1/27)
وتعقبه في "البدر المنير" بأن المُزيَّ في "تهذيبه" نقل عن دحية توثيقه، وقال في "الكاشف": ثقة، وكذا في "الخلاصة"، وقال في "التلخيص": في إسناده ضعف.
[1/16] باب ما جاء في المني
51 - عن عائشة قالت: «كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يذهب فيصلي فيه» رواه الجماعة إلا البخاري (1) ، وروى ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما (2) «كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة» ، ولأحمد (3) : «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر، ثم يصلي فيه، ويحته من ثوبه يابسًا ثم يصلي فيه» وفي لفظ متفق عليه (4) : «كنت أغسله من ثوب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يخرج إلى الصلاة، وأثر الغسل في ثوبه بقع الماء» ، وللدارقطني (5) عنها قالت: «كنت أفرك المني من ثوب رسول الله إذا كان يابسًا، وأغسله إذا كان رطبًا» وأخرجه أبو عوانة في صحيحه (6) ، وقد أعل بالإرسال، قال الحافظ قد ورد الأمر بفركه من طرق صحيحة رواها ابن الجارود في "المنتقى"، وأما الأمر بغسله فلا أصل له. انتهى.
_________
(1) مسلم (1/238) ، أبو داود (1/101) ، النسائي (1/156) ، الترمذي (1/199) ، ابن ماجه (1/179) ، أحمد (6/125، 132) .
(2) ابن خزيمة (1/147) ، ابن حبان (4/219) .
(3) أحمد (6/243) .
(4) البخاري (1/91، 92) ، مسلم (1/239) ، أحمد (6/142) .
(5) الدارقطني (1/125) .
(6) أبو عوانة (1/204) .(1/28)
52 - وعن ابن عباس قال: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المني يُصيب الثوب، فقال: إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخر» أخرجه الدارقطني (1) ، وقال: لم يرفعه غير إسحاق الأزرق عن شريك، قال في "المنتقى": وهذا لا يضر؛ لأن إسحاق إمام مخرج له في "الصحيحين"، فقبل رفعه وزيادته، انتهى. وذكر الحديث ابن القيم في "بدائع الفوائد" وقال: إسناده صحيح. انتهى. وقد أخرج الحديث البيهقي والطحاوي (2) مرفوعًا، وأخرجه أيضًا البيهقي (3) موقوفًا على ابن عباس، وقال: الموقوف هو الصحيح.
53 - وعن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما تغسل ثوبك من الغائط والبول والمذي والمني والدم والقيء» رواه البزار وأبو يعلى الموصلي في "مسنديهما"، وابن عدي في "الكامل" والدارقطني والبيهقي والعُقَيلي في "الضعفاء" وأبو نعيم في "المعرفة" (4) ، وقد اتفق الحفاظ على ضعف هذا الحديث.
قوله: «أفرك» أي: أدلك.
[1/17] باب ما جاء أن المسلم لا ينجس بالموت وأن شعره وعرقه طاهر
54 - عن أبي هريرة «أنه - صلى الله عليه وسلم - لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب،
_________
(1) الدارقطني (1/124) ، البيهقي (2/418) .
(2) الدارقطني (1/124) ، البيهقي (2/418) .
(3) البيهقي (2/418) ، وهو عند الدارقطني (1/125) .
(4) البزار (4/234) (1397) ، أبو يعلى (3/185) ، "الكامل" في ضعفاء الرجال" (2/98) ، الدارقطني (1/127) ، البيهقي (1/14) ، العقيلي في "الضعفاء" (1/176) .(1/29)
فانخنس منه فذهب فاغتسل، ثم جاء فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: كنت جنبًا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس» رواه الجماعة (1) .
55 - وعن حذيفة بن اليمان «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقيه وهو جنب فحاد عنه فاغتسل، ثم جاء فقال: كنت جنبًا، فقال: إن المؤمن لا ينجس» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (2) .
وقال ابن عباس (3) : المسلم لا ينجس حيًا ولا ميتًا.
56 - وعن أنس بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمّا رمى الجمرة ونحر نسكه وحلق. ناول الحلاق شقه الأيمن فحلق، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري، فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر، فقال: احلقه، فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، وقال: اقسمه بين الناس» متفق عليه (4) ، وفي رواية لأحمد (5) في حجامة النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن أبا طلحة أخذ شعر أحد شقي رأسه - صلى الله عليه وسلم -، فجاء به إلى أم سليم، قال: وكانت أم سليم تَذُوْفُه في طيبها» .
_________
(1) البخاري (1/109) ، مسلم (1/282) ، أبو داود (1/59) ، النسائي (1/145) ، الترمذي (1/207) ، ابن ماجه (1/178) ، أحمد (2/235) .
(2) مسلم (1/282) ، النسائي (1/145) ، أبو داود (1/59) ، ابن ماجه (1/178) ، أحمد (5/402) .
(3) البخاري (1/422) .
(4) البخاري مختصرًا (1/75) ، مسلم (2/948) ، أحمد (3/111) .
(5) أحمد (3/146، 239) .(1/30)
57 - وعنه أن أم سليم «كانت تبسط للنبي - صلى الله عليه وسلم - نطعًا فَيَقيل عندها على ذلك النِّطْع، فإذا قام أخذت من عرقه وشعره، فجمعته في قارورة، ثم حطته في سك، قال: فلما حضرت أنسًا الوفاة أوصى أن يجعل في حنوطه» رواه البخاري (1) .
قوله: «في سك» بالسين المهملة المضمومة فكاف مشددة، قال في "الدر النثير": هو طيب معروف. قوله: «تذوفه» أي: تخلطه.
[1/18] باب ما جاء من النهي عن الانتفاع بجلد السباع والنمور
58 - عن ابن المَلِيْح ابن أسامة عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلود السباع» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي (2) وزاد: «أن تُفْتَرَش» والحديث قد روي مرفوعًا ومرسلًا، قال الترمذي: وهذا أصح.
59 - وعن معاوية «أنه قال لنفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلود النمور أن يُرْكَبَ عليها؟ قالوا: اللهم نعم» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (3) .
60 - وعن المقدام بن معد يكرب «أنه قال لمعاوية: أنشدك الله هل تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس جلود السباع، والركوب عليها؟ قال: نعم» رواه أبو داود والنسائي (4) ، وقال المنذري: في إسناده بقيَّة بن الوليد وفيه مقال.
_________
(1) البخاري (5/2316) .
(2) أحمد (5/74، 75) ، أبو داود (4/69) ، النسائي (7/176) ، الترمذي (4/241) .
(3) أحمد (4/92، 95، 98، 99) ، أبو داود (2/157) ، والنسائي مختصرًا (8/161) .
(4) أبو داود (4/68) ، النسائي (7/176) .(1/31)
61 - وعنه قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحرير، والذهب، ومياثر النمور» رواه أحمد والنسائي (1) وإسناده صالح.
62 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر» رواه أبو داود (2) ، وفي إسناده عمران القطان اختلف في توثيقه وتضعيفه.
قوله: «النمور» جمع نمر سبع معروف. قوله: «مياثر» جمع ميثرة بكسر الميم وسكون التحتية، وفتح المثلثة، قال في "مختصر النهاية": المِيْثَرة بالكسر شيء يحشى بقطن أو صوف يجعله الراكب تحته وفراش.
[1/19] باب ما جاء في الميتة وطهارة الأُهُب بالدباغ
63 - عن ابن عباس قال: «تصدق على مولاة ميمونة بشاة فماتت، فمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هلا أخذتم إهابها فدبغتموه وانتفعتم به؟ فقالوا: إنها ميتة، فقال: إنما حرم أكلها» رواه الجماعة (3) إلا ابن ماجه (4) فرواه عن ميمونة، وليس للبخاري والنسائي ذكر الدباغ، وفي رواية للترمذي (5) فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا نزعتم جلدها فدبغتموه فاستمتعتم به» وفي رواية للنسائي (6) بإسناد صحيح
_________
(1) أحمد (4/131) ، النسائي (7/176) .
(2) أبو داود (4/68) .
(3) البخاري (2/543) ، مسلم (1/276) ، أبو داود (4/65) ، النسائي (7/172) ، الترمذي (4/220) ، أحمد (1/261) .
(4) ابن ماجه (2/1193) .
(5) الترمذي (4/220) .
(6) النسائي (7/172) .(1/32)
أن الشاة لميمونة، وقد جُمع بين هذه الرواية وما تقدم أنها نُسبت إليها لكونها عندها ومن خدمها، فتارة نسبت الشاة إليها وتارة نسبت إلى ميمونة.
64 - وعن ميمونة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ به رجال يجرون شاة لهم مثل الحمار، فقال: لو أخذتم إهابها، فقالوا: إنها ميتة، فقال: يطهرها الماء والقرض» أخرجه مالك وأبو داود والنسائي وابن حبان والدارقطني وصححه ابن السكن والحاكم (1) .
65 - وعن ابن عباس قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أيما إهاب دبغ فقد طهر» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه والترمذي، وقال: حسن صحيح، والشافعي والدارقطني (2) بإسناد صحيح.
66 - وعن ابن عباس عن سودة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: «ماتت شاة فدبغنا مسكها، ثم ما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شنًا» رواه أحمد والنسائي والبخاري (3) ، وقال: «إن سودة» مكان عن، (*) وفي رواية لمسلم (4) سألت عبد الله بن عباس،
قلت: «إنا نكون بالغرب وَمَعَنا البربر والمجوس نؤتى بالكبش قد ذبحوه، ونحن لا
_________
(1) أبو داود (4/66) (4126) ، النسائي (7/174) ، ابن حبان (4/106) (1291) ، الدارقطني (1/45) ، وهو عند البيهقي (1/19) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/470) ، وأحمد (6/333) ، والطبراني في الأوسط (8/300) .
(2) أحمد (1/219) ، مسلم (1/277) ، ابن ماجه (2/1193) ، الترمذي (4/221) ، الشافعي (1/10) ، الدارقطني (1/46) .
(3) أحمد (6/429) ، النسائي (7/173) ، البخاري (6/2460) .
(4) مسلم (1/278) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف: إن البخاري قال: "إن سودة" مكان "عن سودة"، والصحيح أن الجميع ذكر هذا الحديث "عن سودة" حتى البخاري.(1/33)
نأكل ذبائحهم، ويأتون بالسقاء يجعلون فيه الودك، فقال ابن عباس: قد سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: دباغُهُ طهوره» .
67 - وعن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن ينتفع (*) بجلود الميتة إذا دبغت» رواه الخمسة إلا الترمذي (1) ، وللنسائي (2) «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن جلود الميتة، فقال: دباغها ذكاتها» ، وقال البيهقي: إسناده حسن، وصححه ابن حبّان، وللدارقطني (3) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديثها قال: «طهور كل أديم دباغه» ، وقال الدارقطني: إسنادهم كلهم ثقات.
68 - وعن سلمة بن المُحَبِّق قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دباغ جلود الميتة طهورها» صححه ابن حبّان، قلت: هذا الحديث هكذا ذكره في "بلوغ المرام" ولم يذكر من أخرجه، ولعله اكتفى بذكر التصحيح؛ لأنه يستلزم الإخراج في الغالب، والحديث في جامع الأصول بقريب من هذا اللفظ، عزاه إلى أبي داود والنسائي (4) ، وفي الباب أحاديث.
69 - وعن عبد الله بن عُكَيْم قال: «كتب إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته بشهر أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» رواه الخمسة (5) وحسنه الترمذي،
_________
(1) أبو داود (4/66) ، النسائي (7/176) ، ابن ماجه (2/1194) ، أحمد (6/73، 6/104) .
(2) النسائي (7/174) .
(3) الدارقطني (1/49) .
(4) أبو داود (4/66) ، النسائي (7/173) ، وهو عند أحمد (3/476) ، والدارقطني (1/46) .
(5) أبو داود (4/67) ، النسائي (7/175) ، الترمذي (4/222) ، ابن ماجه (2/1194) ، أحمد (4/310) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
ذكر المصنف لفظ "أن ينتفع"، وهي عند الجميع "أن يستمتع"، وهناك رواية لأحمد "أن ينتفع" (6/104) .(1/34)
وقال: «قبل موته بشهرين» وليس للنسائي ذكر المدة (*) ، وصححه ابن حبان، وقد أُعل بالإرسال والاضطراب في المتن والسند، وقال الترمذي: سمعت أحمد بن الحسن (1) يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه قبل وفاته بشهر، وكان يقول: كان هذا آخر أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده، وحكى الخلال في كتابه أن أحمد توقف في حديث ابن عكيم لما رأى تزلزل الرواة فيه، وقال بعضهم: رجع عنه.
70 - وعن ابن عباس قال: «ماتت شاة لسودة بنت زمعة، فقالت: يا رسول الله! ماتت فلانة، تعني الشاة. فقال: لو أخذتم مَسْكها، فقالوا: أنأخذ مسك شاة قد ماتت؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما قال الله تعالى: ((قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ)) [الأنعام:145] فأنتم لا تطعموه أن تدبغوه فتنتفعوا به، فأرسلت إليها فسلخت مَسْكها، فدبغته فاتخذت منه قربة، حتى عُرفت عندها» رواه أحمد (2) بإسناد صحيح.
قوله: «إهابها» الإهاب: الجلد قبل أن يدبغ، ويدل لذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيما إهاب دبغ..» وبهذا يقع الجمع (3) بين الأحاديث وبين حديث عبد الله بن عُكَيم على فرض صحته، وقال أبو داود: إذا دبغ، فلا يقال له: إهاب، إنما يسمى شنًا وقِرْبَةً، وقال النضر بن شميل: يسمى إهابًا ما لم يدبغ. قوله: «مسْكها» المسك: الجلد أيضًا. وقوله: «شَنًا» بفتح الشين المعجمة بعدها نون، هي: القربة الخلقة.
_________
(1) هو أحمد بن الحسن بن جنيدب بنون بعد الجيم مصغر الترمذي أبو الحسن الحافظ الجوال، كان من تلامذة أحمد بن حنبل اهـ. خلاصة.
(2) أحمد (1/327) .
(3) وهو أن النهي عن الانتفاع بالميتة مطلق، وقوله: أيما إهاب دبغ فقد طهر مقيد له. اهـ.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف: وليس للنسائي ذكر المدة، نقول: وأيضًا ابن ماجه لم يذكر المدة (2/1194) .(1/35)
[1/20] باب ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة
وما جاء في ميتة الحوت والجراد
71 - عن أبي واقد الليثي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما قطع من البهمة وهي حية، فهو ميت» أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له (*) ، وقال الحاكم: صحيح الإسناد (1) .
72 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالجراد والحوت، وأما الدمان فالكبد والطحال» أخرجه أحمد وابن ماجه (2) ، قال الحافظ: وفيه ضعف، وقال أحمد: هذا حديث منكر، وقد بسطت الكلام حتى صلح للاحتجاج في كتاب الحج في باب ما جاء في الجراد (3) ، وسيأتي أيضًا في كتاب الأطعمة (4) ، وقد قام الإجماع على طهارة ميتتهما.
[1/21] باب ما جاء في لحوم الحمر الأهلية وأنها رجس
73 - عن سلمة بن الأكوع «أنهم أوقدوا يوم خيبر نيرانًا كثيرة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما هذه النار؟ على أي شيء توقدونه؟ قالوا: على لحم، قال: على أي لحم؟ قالوا: على لحم الحمر الإنسية، فقال: أهريقوها واكسروها، فقال رجل: يا رسول
_________
(1) أبو داود (3/111) ، الترمذي (4/74) ، الحاكم (4/137) ، وهو عند أحمد (5/218) .
(2) أحمد (2/97) ، ابن ماجه (2/1102) .
(3) سيأتي هذا الباب برقم [8/31] .
(4) سيأتي برقم [34/22] .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
ذكر المؤلف أن اللفظ للترمذي، ولفظ الترمذي وأبو داود واحد وهو "ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة".(1/36)
الله! أو نهرقها ونغسلها؟ فقال: أو ذاك»
74 - وعن أنس قال: «أصبنا من لحم الحمر -يعني يوم خيبر- فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فإنها رجس أو نجس» متفق عليهما (1) .
75 - وأخرجاه (2) من حديث علي بلفظ: «نهى عام خيبر عن نكاح المتعة، وعن لحوم الحمر الأهلية» .
_________
(1) حديث سلمة عند البخاري (5/2094) ، مسلم (3/1540) ، أحمد (4/48) ، وحديث أنس عند البخاري (3/1090) ، مسلم (3/1540) ، أحمد (3/164) .
(2) البخاري (5/1966) ، مسلم (2/1027) .(1/37)
أبواب الأواني
[1/22] باب ما جاء في آنية الذهب
76 - عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنهما لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة» أخرجاه (1) .
77 - وعن أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذي يشرب في إناء الفضة، إنما يجرجر في بطنه نارُ (2) جهنم» متفق عليه (3) ، ولمسلم (4) «أن الذي يأكل أو يشرب في إناء الذهب والفضة» .
78 - وعن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذي يشرب في إناء الفضة، كأنما يجرجر في بطنه نار جهنم» رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني وأبو عوانة في صحيحه (5) وفيه اختلاف.
79 - وعن البراء بن عازب قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب في
_________
(1) البخاري (5/2069) ، مسلم (3/1638) .
(2) روي برفع نارُ جهنم على أنه فاعل يجرجر، واكتسى التذكير من المضاف إليه، ويروى بالنصب على أن الفاعل ضمير يعود على الشارب، والنسبة مجازية؛ لأنه السبب.
(3) البخاري (5/2133) ،مسلم (3/1634) ، أحمد (6/300) .
(4) مسلم (3/1634) .
(5) أحمد (6/98) ، ابن ماجه (2/1130) .(1/38)
الفضة، فإنه من شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة» مختصر من مسلم (1) .
80 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من شرب في إناء فضة أو ذهب أو إناء فيه شيء من ذلك، فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم» رواه الدارقطني والحاكم في علوم الحديث (2) من رواية ابن عمر، وهو حديث ضعيف لا يصح كما قال ابن القطان في "علله"، قال البيهقي: والمشهور عن ابن عمر في المضبب موقوفًا عليه أنه كان لا يشرب في قدح فيه حلقة فضة ولا ضبة فضة.
81 - وعن أنس «أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة» رواه البخاري (3) ، ولأحمد (4) عن عاصم الأحول قال: «رأيت عند أنس قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه ضبة فضة» .
[1/23] باب ما جاء في آنية الصفر
82 - عن عبد الله بن زيد قال: «أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخرجنا له ماء في تور من صُفْرٍ فتوضأ» رواه البخاري وأبو داود وابن ماجه (5) .
83 - وعن زينب بنت جحش «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ في مِخْضَب من صُفْرٍ» رواه أحمد (6) .
_________
(1) مسلم (3/1636) .
(2) الدارقطني (1/40) ، الحاكم في معرفة علوم الحديث (1/131) .
(3) البخاري (3/1131) .
(4) أحمد (3/139) .
(5) البخاري (1/83) ، ابن ماجه (1/159) ، أبو داود (1/25) .
(6) أحمد (6/324) .(1/39)
قوله: «تَور» بفتح الفوقية إناء يشبه الطشت، وقيل الطشت نفسه. قوله: «صُفر» بالصاد المهملة المضمومة: هي نوع من النحاس. قوله: «مِخْضَب» المخضب بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الضاد المعجمة بعدها موحدة: هو الإناء الذي يغسل فيه الثياب.
[1/24] باب ما جاء في تخمير الأواني وإطفاء النار والمصابيح
84 - عن جابر بن عبد الله في حديث له أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أوك سقاءك، واذكر اسم الله، وخَمِّر إناءك، ولو أن تعرض عليه عودًا» متفق عليه (1) ، وأخرجه أبو داود (2) ولفظه: «وأغلق بابك واذكر اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا، واطفئ مصباحك، واذكر اسم الله، وخَمِّر إناءك ولو بعود تعرضه عليه» ، ولمسلم (3) من حديثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «غطوا الإناء، وأوكوا السقاء، فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاء ليس عليه وكاء، إلا نزل فيه من ذلك الوباء» .
قوله: «أوك سقاءك» أي: اربطه. قوله: «وخمر إناءك» التخمير: التغطية. قوله: «ولو أن تعرض عليه عودًا» ، أي: تضعه على العرض. قوله: «وباء» هو: الطاعون.
85 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون» رواه البخاري (4) .
_________
(1) البخاري (3/1195، 5/2131) ، مسلم (3/1594، 1595) ، أحمد (3/319) .
(2) أبو داود (3/339) .
(3) مسلم (3/1596) .
(4) البخاري (5/2319) ، وهو عند مسلم (3/1596) .(1/40)
86 - وعن أبي موسى قال: «احترق بيت على أهله في المدينة من الليل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن هذه النار عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم» أخرجاه (1) .
87 - وعن ابن عباس قال: «جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة، فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخُمْرة التي كان قاعدًا عليها، فأحرقت منها مثل موضع درهم، فقال: إذا نمتم فأطفئوا سرجكم، فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فتحرقكم» رواه أبو داود (2) ، قال المنذري: في إسناده عمر بن طلحة، ولم أجد له ذكرًا فيما رأيناه من كتبهم.
[1/25] باب آنية الكفار
88 - عن عبد الله بن عمر أن أبا ثعلبة قال: «يا رسول الله! أفتنا في آنية المجوس إذا اضطررنا إليها، قال: إذا اضطررتم إليها، فاغسلوها بالماء، واطبخوا فيها» رواه أحمد (3) .
89 - وعن أبي ثعلبة الخُشَنِي قال: «قلت: يا رسول الله! إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ قال: إن وجدتم غيرها، فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها» متفق عليه (4) . ولأحمد وأبي داود (5) : «إن أرضنا أرض أهل
_________
(1) البخاري (5/2319) ، مسلم (3/1596) .
(2) أبو داود (4/363) .
(3) أحمد (2/184) .
(4) البخاري (5/2087، 2090) ، مسلم (3/1532) ، أحمد (4/195) .
(5) أحمد (4/193) ، أبو داود (3/363) .(1/41)
كتاب، وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم، قال: إن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء واطبخوا فيها واشربوا» .
90 - وعن أنس «أن يهوديًا دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خبز شعير وأهالة سنخة فأجابه» رواه أحمد (1) .
91 - وعن عمران بن حصين «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه توضئوا من مزادة مشركة» أخرجاه (2) .
قوله: «سنخة» أي: متغيرة.
_________
(1) أحمد (3/210، 270) .
(2) البخاري (1/130-131، 3/1308) ، مسلم (1/474-475) .(1/42)
أبواب قضاء الحاجة
[1/26] باب ما يقول المتخلي عند دخوله وخروجه
92 - عن أنس بن مالك قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخُبُث والخبائث» رواه الجماعة (1) .
93 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك» رواه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأبو حاتم وابن خزيمة وابن حبان (2) .
94 - وعن أنس بن مالك قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني» رواه ابن ماجه (3) وفي بعض رواته مقال.
95 - وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدكم الخلاء أن يقول: بسم الله» أخرجه
_________
(1) البخاري (1/66، 5/2330) ، مسلم (1/283) ، أبو داود (1/2) ، النسائي (1/20) ، الترمذي (1/10، 11) ، ابن ماجه (1/109) ، أحمد (3/99) .
(2) أبو داود (1/8) (30) ، الترمذي (1/12) (7) ، ابن ماجه (1/110) (300) ، أحمد (6/155) ، الحاكم (1/261) ، ابن خزيمة (1/48) (90) ، ابن حبان (4/291) (1444) ، الدارمي (1/183) (680) ، وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6/24) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (694) .
(3) ابن ماجه (1/110) (301) .(1/43)
الترمذي (1) ، وقال: غريب.
قوله: «الخُبُث» ، بضم المعجمة والموحدة: ذكور الشياطين «والخبائث» إناثهم.
[1/27] باب وضع ما فيه ذكر الله
96 - عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء نزع خاتمه» رواه الخمسة إلا أحمد وصححه الترمذي والمنذري، وأخرجه ابن حبان والحاكم (2) ، وقال في "بلوغ المرام": إنه معلول، قلت: وقد صححه أيضًا الحاكم، وقال: على شرط الشيخين، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، قال في "الخلاصة": ولا يُقبل قول من ضعفه، وفي الحديث عند الحاكم والبيهقي (3) «أن نقشه محمد رسول الله» .
[1/28] باب كف المتخلي عن السلام والكلام
97 - عن ابن عمر «أن رجلًا مر ورسول الله يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه» رواه الجماعة إلا البخاري (4) ، وزاد أبو داود من حديثه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تيمم ثم رد على الرجل السلام» .
98 - ولابن ماجه (5) من حديث جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه رجل وهو
_________
(1) الترمذي (2/503) .
(2) أبو داود (1/5) ، النسائي (8/178) ، الترمذي (4/229) ، ابن ماجه (1/110) ، ابن حبان (4/260) ، الحاكم (1/298) .
(3) الحاكم (1/298) ، البيهقي (1/95) .
(4) مسلم (1/281) ، أبو داود (1/5) ، النسائي (1/35-36) ، الترمذي (5/71) ، ابن ماجه (1/127) .
(5) ابن ماجه (1/126) .(1/44)
يبول، فسلم عليه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا أتيتني على مثل هذه الحالة، فلا تسلم عليّ، فإنك إن فعلت لم أرد عليك» ، وقال في "الخلاصة": إسناده جيد، وفيه سويد بن سعيد لكن أخرج له مسلم.
99 - وروى البزار وأبو العباس السراج وأبو محمد بن الجارود (1) من حديث ابن عمر «أن رجلًا سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فرد عليه، وقال: إذا رأيتني هكذا، فلا تُسلم عليّ، فإنك إن تفعل لا أرد عليك لأني خشيت أن تقول: سلمت عليه فلم يرد عليّ السلام» ، قال عبد الحق: وحديث مسلم أصح، ثم قال: لعله كان ذلك في موطنين هكذا في "التلخيص".
100 - ثم قال (2) : وعن المهاجر بن قُنفْذُ قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلمت عليه، فلم يرد عليّ حتى توضأ، ثم اعتذر إليّ فقال: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر» رواه أبو داود والنسائي والحاكم (3) .
101 - وعن أبي سعيد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عورتهما يتحدثان، فإن الله يمقت على ذلك» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه (4) .
_________
(1) "المنتقى" لابن الجارود (1/22) (37) .
(2) أي: الحافظ في "التلخيص" (4/94-95) .
(3) أبو داود (1/5) ، النسائي (1/37) ، الحاكم (1/272) ، أحمد (4/345، 5/80) ، وابن ماجه (1/126) .
(4) أبو داود (1/4) ، ابن ماجه (1/123) ، أحمد (3/36) ، ابن خزيمة (1/39) .(1/45)
102 - وقد أخرجه ابن السكن (1) وصححه من حديث جابر، ولفظه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تغوط الرجلان فليتوار كل واحد منهما عن صاحبه، ولا يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك» ، وقال في "بلوغ المرام": إنه معلول، قلت: والعلة هي ما قاله أبو داود: إنه لم يسنده إلا عكرمة بن عمار العجلي. انتهى. وعكرمة قد احتج به مسلم في صحيحه.
103 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يخرج اثنان إلى الغائط فيجلسان يتحدثان كاشفين عورتهما، فإن الله عز وجل يمقت على ذلك» رواه الطبراني في "الأوسط" (2) ، قال المنذري: وفي إسناده لين، وقال في "مجمع الزوائد": رجاله موثوقون.
[1/29] باب الإبعاد والاستتار
104 - عن جابر قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فكان لا يأتي البراز حتى يغيب، فلا يُرى» رواه ابن ماجه (3) ، ولأبي داود (4) : «كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد» الحديث في إسناده إسماعيل بن عبد الملك صدوق كثير الوهم.
105 - وعن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خذ الإداوَةَ، فانطلق حتى توارى عني، فقضى حاجته» أخرجاه (5) .
_________
(1) ينظر تلخيص الحبير (1/195) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (2/65) .
(3) ابن ماجه (1/121) .
(4) أبو داود (1/1) .
(5) البخاري (1/142) ، مسلم (1/229) .(1/46)
106 - وعن عبد الله بن جعفر قال: «كان أحب ما استتر به النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته هدف أو حاش نخل» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه (1) .
107 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتى الغائط فليستتر، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبًا من رمل فليستدبره، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان وصححه والحاكم وصححه (2) ، وحسنه النووي والحافظ في "الفتح"، وقال في "البدر المنير": الحق أنه حديث صحيح.
قوله: «البَراز» ، بفتح الباء: اسم للفضاء الواسع من الأرض، كناية عن حاجة الإنسان، و «الهدف» : ما ارتفع من بناءٍ أو كثيب، و «الحاش» : جماعة النخل. قوله: «فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم» يعني أن الشيطان يحضر تلك الأماكن ويرصدها بالأذى والفساد؛ لأنها مواضع يهجر فيها ذكر الله تعالى، وتكشف فيها العورات، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بستر العورات فيها والامتناع من التعرض لأبصار الناظرين وهبوب الرياح وترشرش البول عليه، وكل ذلك من لعب الشيطان به وقصده بالأذى. انتهى من "غريب الجامع".
[1/30] باب ما جاء من النهي للمتخلي عن استقبال القبلة واستدبارها
108 - عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا جلس أحدكم لحاجته،
_________
(1) مسلم (1/268) ، ابن ماجه (1/122) ، أحمد (1/204) .
(2) أبو داود (1/9) (35) ، ابن ماجه (1/121) (337) ، أحمد (2/371) ، ابن حبان (4/257-258) (1410) .(1/47)
فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها» رواه أحمد ومسلم (1) ، وفي رواية الخمسة إلا الترمذي (2) : «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه» .
109 - وعن أبي أيوب الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا، قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها، ونستغفر الله تعالى» أخرجاه والترمذي وصححه وأبو داود (3) .
قوله: «الغائط» الموضع المطمئن من الأرض كناية عن الحدث. قوله «مَرَاحِيض» بفتح الميم وبالحاء المهملة والضاد المعجمة هو المغتسل وهو كناية عن موضع المتخلي.
[1/31] باب ما جاء في جواز ذلك بين البنيان
110 - عن ابن عمر قال: «رقيت يومًا على بيت حَفْصَةَ، فرأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة» رواه الجماعة (4) .
111 - وعن جابر بن عبد الله قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تستقبل القبلة ببول،
_________
(1) مسلم (1/224) .
(2) أبو داود (1/3) ، النسائي (1/38) ، ابن ماجه (1/114) ، أحمد (2/247،250) .
(3) البخاري (1/66،154) ، مسلم (1/224) ، الترمذي (1/13) ، أبو داود (1/3) .
(4) البخاري (1/67،68، 3/1130) ، مسلم (1/225) ، أبو داود (1/4) ، النسائي (1/23) ، الترمذي (1/16) ، ابن ماجه (1/116) ، أحمد (2/12، 13) .(1/48)
فرأيته قبل أن يُقبض بعام يستقبلها» رواه الخمسة إلا النسائي، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني (1) ، وحسنه الترمذي والبزار وصححه ابن السَّكَن، ونقل الترمذي عن البخاري تصحيحه، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم.
112 - وعن عائشة قالت: «ذُكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ناسًا يكرهون أن يستقبلوا القبلة بفروجهم، قال: أو قد فعلوها، حولوا مقعدتي قبل القبلة» رواه أحمد وابن ماجه (2) ، والحديث في إسناده اختلاف بين الأئمة، فقال بعضهم: باطل وبعضهم: ساقط، وأما النووي فحسنه وطعن فيه البخاري وصحح وقفه عن عائشة، وقد أُعل بالانقطاع، فإن الراوي عن عائشة عراك لم يسمع منها، والمسألة طويلة القيل والمقال من المعارك التي يحتار فيها فحول الرجال، وهذا الحديث ليس فيه تصريح بأنهم كانوا يستقبلون القبلة بالبول ونحوه، فلا حجة فيه على فرض صحته.
و «المقعدة» بفتح الميم موضع القعود لقضاء حاجة الإنسان.
113 - وعن مروان الأصفر قال: «رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة يبول إليها، فقلت: أبا عبد الرحمن! أليس قد نُهي عن ذلك؟ فقال: بلى؛ إنما نُهي عن هذا في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس» رواه أبو داود (3) وسكت عنه هو والمنذري. وقال في الفتح: أخرجه أبو داود والحاكم بإسناد حسن.
_________
(1) أبو داود (1/4) ، الترمذي (1/15) ، ابن ماجه (1/117) ، أحمد (3/360) ، ابن خزيمة (1/34) ، ابن حبان (4/268) ، الحاكم (1/257) ، الدارقطني (1/58) .
(2) أحمد (6/219، 227) ، ابن ماجه (1/117) .
(3) أبو داود (1/3) ، الحاكم (1/256) .(1/49)
[1/32] باب النهي عن إمساك الذكر باليمين والتمسح بها
114 - عن أبي قتادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا بال أحدكم، فلا يمسنَّ ذكره بيمينه، وإذا أتى الخلاء فلا يتمسح بيمينه» رواه أبو داود (1) ، وللبخاري (2) : «إذا بال أحدكم، فلا يأخذ ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه» ، ولمسلم (3) : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يمس أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء» .
115 - وفي حديث سلمان النهي عن الاستنجاء باليمين وسيأتي (4) .
116 - وعن عائشة قالت: «كانت يد النبي - صلى الله عليه وسلم - اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى» رواه أبو داود (5) من رواية إبراهيم بن يزيد النخعي عن عائشة، ولم يسمع منها فهو منقطع، وأخرجه (6) من حديث الأسود عن عائشة بمعناه، وأخرجه في اللباس من حديث مسروق عن عائشة، ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه (7) .
_________
(1) أبو داود (1/8) .
(2) البخاري (1/69) .
(3) مسلم (1/225) .
(4) سيأتي برقم (141) .
(5) أبو داود (1/9) .
(6) أبو داود (1/9) .
(7) البخاري (1/74، 5/2200) ، مسلم (1/226) ، الترمذي (2/506) ، النسائي (1/205) ، ابن ماجه (1/141) ، أبو داود (4/70) .(1/50)
[1/33] باب كيفية القعود لقضاء الحاجة والانتثار
117 - عن سراقة بن مالك قال: «علَّمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخلاء أن نقعد على اليسرى وننصب اليمنى» رواه البيهقي (1) ، قال في "بلوغ المرام": بسند ضعيف. وقال الحازمي: لا يُعلم في الباب غيره مع ضعف إسناده وانقطاعه.
118 - وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض» رواه الترمذي (2) من طريق الأعمش عن أنس، وقال: مرسل، لم يسمع الأعمش من أنس، ولا من أحد من الصحابة.
119 - وعن عيسى بن يزداد عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاث مرات» رواه ابن ماجه بسند ضعيف، ورواه أحمد وأبو داود في مراسيله وابن ماجه والبيهقي (3) من رواية يزداد الفارسي المذكور، وقال العقيلي: لا يصح، وقال ابن أبي حاتم: يزداد مجهول وولده عيسى مثله.
[1/34] باب الموضع الذي يقضي الحاجة فيه وذكر الأماكن
التي نُهي عن قضاء الحاجة فيها
120 - عن أبي موسى قال: «مال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى دَمَثٍ جنب حائط فبال، وقال: إذا بال أحدكم فليرتد لبوله» رواه أحمد وأبو داود (4) وفي إسناده مجهول.
_________
(1) البيهقي (1/96) .
(2) الترمذي (1/21) .
(3) أحمد (4/347) ، أبو داود في مراسيله (1/73) (6) ابن ماجه (1/118) ، البيهقي "الكبرى" (1/113) .
(4) أحمد (4/396) ، أبو داود (1/1) .(1/51)
121 - وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والتعريس على جوادِّ الطريق والصلاة عليها، فإنها مآوى الحيات والسباع، وقضاء الحاجة عليها، فإنها الملاعن» رواه ابن ماجه (1) ورواته ثقات.
122 - وعن قتادة عن عبد الله بن سرجس قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُبال في الجُحر» قالوا لقتادة: ما يكره من البول في الجحر؟ قال: يقال: إنها مساكن الجن. رواه أحمد والنسائي وأبو داود والحاكم والبيهقي (2) ، وصححه ابن خزيمة وابن السكن وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال علي بن المديني: سمع قتادة من عبد الله.
123 - وعن حذيفة بن أسيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من آذى المسلمين في طُرقهم، وجبت عليه لعنتهم» رواه الطبراني في "الكبير" (3) بإسناد حسن.
124 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتقوا اللاعنين، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (4) .
125 - وعن أبي سعيد الحميري عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل» رواه أبو داود
_________
(1) ابن ماجه (1/119) .
(2) أحمد (5/82) ، النسائي (1/33) ، أبو داود (1/8) ، الحاكم (1/297) ، البيهقي (1/99) .
(3) الطبراني في "الكبير" (3/179) .
(4) أحمد (2/372) ، مسلم (1/226) ، أبو داود (1/7) .(1/52)
وابن ماجه والحاكم وابن السكن (1) وصححاه، وقد أُعل بالانقطاع لعدم سماع أبي سعيد من معاذ، وللحديث شواهد.
126 - ولأحمد (2) من حديث ابن عباس بزيادة «أو نقع ماء» .
127 - وزاد الطبراني (3) من حديث ابن عمر «النهي عن البراز تحت الأشجار المثمرة، وضفة النهر الجاري» وإسنادهما ضعيف، قاله الحافظ.
128 - وعن عبد الله بن مُغفَّل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه، فإن عامة الوسواس منه» رواه الخمسة (4) إلا قوله: «ثم يتوضأ فيه» فإنما هي لأحمد وأبي داود، قال الترمذي: غريب، وقال المنذري: إسناده صحيح متصل ورجاله ثقات، وقد أخرج نحوه الضياء في "المختارة".
129 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه نهى أن يُبال في الماء الراكد» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (5) .
130 - وعنه قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُبال في الماء الجاري» رواه الطبراني في "الأوسط" (6) ، قال المنذري: بإسناد جيد.
_________
(1) أبو داود (1/7) ، ابن ماجه (1/119) ، الحاكم (1/273) .
(2) أحمد (1/299) .
(3) الطبراني في "الأوسط" (3/36) .
(4) أبو داود (1/7) ، النسائي (1/34) ، الترمذي (1/33) ، ابن ماجه (1/111) ، أحمد (5/56) .
(5) أحمد (3/341، 350) ، مسلم (1/235) ، النسائي (1/34) ، ابن ماجه (1/124) .
(6) المعجم "الأوسط" (2/208) .(1/53)
قوله: «دمث» بالدال المفتوحة المهملة، وفي "القاموس" الدمث كفرح، أي: سهل. قوله: «فليرتد» أي يطلب محلًا سهلًا. قوله «التعريس» هو نزول المسافر آخر الليل ليستريح. قوله «الجُحْر» بضم الجيم وسكون الحاء هو ما يحتفره السباع والهوام لأنفسها. قوله: «الملاعن» هي مواضع اللعن والمراد بالظل هنا هو الظل الذي اتخذه الناس مقيلًا ومنزلًا ينزلونه، وليس كل ظل يحرم قضاء الحاجة فيه، فقد قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجته تحت حائش من النخل وهو لا محالة له ظل.
[1/35] باب ما جاء من البول في الأواني للحاجة
131 - عن أُمَيْمَة بنت رُقَيقة عن أمها قالت: «كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - قدح من عَيْدان تحت سريره يبول فيه بالليل» رواه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم (1) ، والحديث من رواية ابن جريج عن حَكِيمة عن أمها أُمَيْمة بنت رُقيقة، قال عبد الحق عن الدارقطني: لم يقض فيه بصحة ولا ضعف، والخبر متوقف الصحة على العلم بحال الراوية، فإن ثبت ثقتها صحت روايتها، وهي لم تثبت. انتهى. وحسّن الحديث النووي.
132 - وعن أم أيمن قالت: «قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الليل إلى فخارة له في جانب البيت فبال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشانة، فشربت ما فيها وأنا لا أشعر، فلما أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا أم أيمن! قومي فاهريقي ما في تلك الفخارة، قلت: والله قد شربته، قالت: فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه، ثم قال: أما
_________
(1) أبو داود (1/7) ، النسائي (1/31) ، ابن حبان (4/274) ، الحاكم (1/272) .(1/54)
والله لا تَتَّجعين بطنك أبدًا» رواه الحاكم والدارقطني والطبراني (1) بإسناد ضعيف، ورواه أبو أحمد العسكري (2) بلفظ «لن تشتكي بطنك» قال في "الخلاصة": وعن الدارقطني أن حديث المرأة التي شربت بوله حديث صحيح، ورأيت في "علله" أنه مضطرب وأن الاضطراب جاء من جهة ابن مالك النخعي وأنه ضعيف.
133 - وعن عائشة في مرض موته «أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا بالطشت ليبول فيه، فانخنثت نفسه وما شعرت» رواه النسائي (3) .
134 - وقد أخرجه الشيخان (4) من حديث الأسود بن يزيد.
قوله: «عَيْدان» بفتح العين المهملة، وسكون الياء المثناة التحتية، قال في "الدر النثير": هي النخل الطوال المتجردة، الواحدة عيدانة، و «الفخارة» ضرب من الخَزَف. قوله: «انخنثت» أي: انكسرت وتثنت.
[1/36] باب ما جاء في البول قائمًا
135 - عن عائشة قالت: «من حدثكم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بال قائمًا فلا تصدقوه، ماكان يبول إلا جالسًا» ، وفي رواية: «قاعدًا» رواه الخمسة إلا أبا داود (5) ، وقال الترمذي: هو أحسن شيء في هذا الباب وأصح.
_________
(1) الحاكم (4/70) ، الطبراني في "الكبير" (25/89، 90) .
(2) انظر"التلخيص" (1/31) .
(3) النسائي (1/32، 6/240) .
(4) البخاري (3/1006) ، مسلم (3/1257) .
(5) النسائي (1/26) ، الترمذي (1/17) ، ابن ماجه (1/112) ، أحمد (6/136، 192، 213) .(1/55)
136 - وعنها قالت: «ما بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا منذ أُنزل عليه القرآن» رواه أبو عوانة في صحيحه (1) .
137 - وعن جابر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبول الرجل قائمًا» رواه ابن ماجه (2) ، وفي إسناده عدي بن الفضل وهو متروك، وللحديث شواهد تدل على كراهة البول من قيام.
138 - وعن عمر قال: «رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - أبول قائمًا، فقال: يا عمر! لا تبل قائمًا، فما بلت قائمًا بعد» رواه الترمذي (3) ، وقال: إنما رفع الحديث عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف عند أهل الحديث، وقال في "الميزان" بعد ذكر ضعف عبد الكريم: قلت: وقد أخرج له البخاري تعليقًا ومسلم متابعة، وهذا يدل على أنه ليس بمطروح. انتهى.
139 - وعن حذيفة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى سباطة قوم فبال قائمًا فتنحيت، فقال: ادنه، فدنوت حتى قمت عند عقبيه فتوضأ ومسح على خفيه» رواه الجماعة (4) ، وقد قيل: إنما بال قائمًا لعلة كانت به، قلت: قد أخرج الحاكم (5) عن أبي
_________
(1) أبو عوانة (1/169) (504) ، وهو عند أحمد (6/136) ، والحاكم (1/290، 295) .
(2) ابن ماجه (1/112) .
(3) الترمذي (1/17) معلقًا، ووصله ابن ماجه (308) ، والحاكم (1/185) ، والبيهقي (1/102) .
(4) البخاري (1/90، 2/874) ، مسلم (1/228) ، أبو داود (1/6) ، النسائي (1/19) ، الترمذي (1/19) ، ابن ماجه (1/111) ، أحمد (5/402) .
(5) الحاكم (1/290) .(1/56)
هريرة قال: «إنما بال النبي - صلى الله عليه وسلم - قائمًا لجرح كان بمأبظه» وضعفه الدارقطني والبيهقي، وقال ابن القيم: إنما فعل ذلك تنزهًا وبعدًا من إصابة البول؛ لأنه لو بال في الكناسة لارتد عليه البول أو كما قال.
قوله: «سباطة» بسين مهملة مضمومة بعدها موحدة، هي: المزبلة والكناسة. قوله: «بمأبظه» المأبظ باطن الركبة.
[1/37] باب ما جاء في الاستجمار بالأحجار والتنزه من البول
140 - عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، فليستطب بثلاثة أحجار، فإنها تجزئ عنه» رواه أحمد والنسائي وأبو داود والدارقطني (1) ، وقال: إسناده حسن (*) وعلله، وقال: إسناده متصل صحيح.
141 - وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «قيل لسلمان: لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، فقال سلمان: أجل نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، وأن نستنجي باليمين، وأن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم» رواه مسلم وأبو داود والترمذي (2) .
142 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا استجمر أحدكم، فليستجمر ثلاثًا» رواه أحمد وابن أبي شيبة والضياء في "المختارة" (3) .
_________
(1) أحمد (6/108) ، النسائي (1/41) ، أبو داود (1/10) ، الدارقطني (1/54) .
(2) مسلم (1/223) ، أبو داود (1/3) ، الترمذي (1/24) .
(3) أحمد (3/400) ، ابن أبي شيبة (1/143) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قول الدارقطني ليس في السنن بهذا السياق، وأشار المباركفوري إلى أنه في نسخة (حديث حسن) بدلا من (حديث صحيح) وذكر الحديث الدارقطني في "العلل"(1/57)
143 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من استجمر فليوتر» أخرجاه (1) ، وزاد أحمد وأبو داود وابن ماجه (2) «من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج» وصححهما ابن حبان وحسَّنهما النووي والحافظ في "الفتح".
144 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بقبرين، فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة» رواه الجماعة (3) ، وفي رواية للبخاري والنسائي (4) «وما يعذبان في كبير، بلى كان أحدهما ... » إلخ، وللبخاري في الأدب (5) «بلى إنه لكبير» .
145 - وعن أبي هريرة قال: «كنا نمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمررنا على قبرين، فقام فقمنا معه، فجعل لونه يتغير حتى رعد كم قميصه، فقلنا: ما نابك يا رسول الله؟ فقال: ألا تسمعون ما أسمع، فقلنا: وما ذاك يا نبي الله؟ فقال: هذان رجلان يعذبان في قبورهما عذابًا شديدًا في ذنب حقير، قلنا: فيم ذاك؟ قال: كان أحدهما لا يستنزه من البول، وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه، ويمشي بينهم بالنميمة، فدعا بجريدتين من جرائد النخل، فجعل في كل قبر واحدة، قلنا: وهل ينفعهم ذلك، قال:
_________
(1) البخاري (1/71) ، البخاري (1/72) ، مسلم (1/212) .
(2) أحمد (2/371) ، أبو داود (1/9) ، ابن ماجه (1/121) .
(3) البخاري (1/458) ، مسلم (1/240) ، أبو داود (1/6) ، النسائي (1/28-30) ، الترمذي (1/102) ، ابن ماجه (1/125) ، أحمد (1/225) .
(4) البخاري (1/88، 464) ، النسائي (4/106) .
(5) البخاري (5/2250) (5708) .(1/58)
نعم. يُخفف عنهما ما دامتا رطبتين» رواه ابن حبان في "صحيحه" (1) .
146 - وعن أبي أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتقوا البول، فإنه أول ما يحاسب به العبد في القبر» رواه الطبراني في "الكبير" (2) ، قال المنذري: وإسناده لا بأس به.
147 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه» رواه الدارقطني (3) .
148 - وقد أخرجه الدارقطني (4) من حديث أبي هريرة، وفي لفظ له وللحاكم (5) من حديثه «أكثر عذاب القبر من البول» قال في "بلوغ المرام": وهو صحيح الإسناد.
قوله: «الخراءة» أي: العذرة. قوله: «من فعل فقد أحسن.. إلخ» قال في "جامع الأصول": معناه التخيير بين الماء الذي هو الأصل في الطهارة وبين الأحجار، يريد أن الاستنجاء بالماء ليس بعزيمة لا يجوز تركها إلى غيره؛ لكنه إن استنجى فليكن وترًا، وإلا فلا حرج إن تركه إلى غيره بزيادة عليه. انتهى. قوله: «لا يستَتِر» بمثناتين من فوق الأولى مفتوحة والثانية مكسورة في أكثر الروايات، وفي رواية لمسلم (6) : «يستنْزه»
_________
(1) ابن حبان (3/106) .
(2) الطبراني في "الكبير" (8/133) .
(3) الدارقطني (1/127) .
(4) الدارقطني (1/128) .
(5) الحاكم (1/293) ، الدارقطني (1/128) .
(6) مسلم (1/241) (292) .(1/59)
بالنون الساكنه بعدها زاي ثم هاء، وفي رواية لابن عساكر (1) : «يستبرئ» بموحدة من الاستبراء. قوله: «وما يعذبان في كبير» معناه: أنهما لم يُعذبا في أمرٍ كان يكبر عليهما، أو يشق عليهما فعله لو أرادا أن يفعلاه، وهو التنزه من البول وترك النميمة، ولم يرد أن المعصية في هاتين الخصلتين ليست بكبيرة، ولما خاف - صلى الله عليه وسلم - أن يتوهم مثل هذا، استدرك، فقال: بلى إنه لكبير، وكذا قوله: «في ذنب هين» يعني: هين عندهما أو في ظنهما، أو هين عليهما اجتنابه، لا أنه هين في نفس الأمر؛ لأن النميمة محرمة اتفاقًا.
[1/38] باب ما نُهي من الاستجمار به
149 - عن خزيمة بن ثابت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن الاستطابة، فقال: بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (2) ورجال إسناده ثقات.
150 - وقد تقدم (3) قريبًا حديث سلمان، وفيه النهي عن الاستنجاء بالرجيع والعظم، ولأحمد وابن ماجه (4) من حديث سلمان قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا نكتفي بدون ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع ولا عظم»
151 - وعن جابر بن عبد الله قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نتمسح بعظم أو بعرة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (5) .
_________
(1) النسائي (4/106) .
(2) أحمد (5/213، 214) ، أبو داود (1/11) ، ابن ماجه (1/114) .
(3) تقدم رقم (141) .
(4) أحمد (5/437) ، ابن ماجه (1/115) .
(5) أحمد (3/343، 384) ، مسلم (1/224) ، أبو داود (1/10) .(1/60)
152 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن نستنجي بروث أو بعظم، وقال: إنهما لا يطهران» رواه الدارقطني (1) ، وقال: إسناده صحيح، وللبخاري (2) من حديث جابر «ولا تأتني بعظم ولا روث» ، وزاد في باب المبعث (3) «أنهما من طعام الجن» .
153 - وعن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتاني داعي الجن، فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد، فقال: لكم كل عظم ذُكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوْفَرَ ما يكون لحمًا، وكل بعرة علف لدوابكم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم الجن» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والدارقطني والنسائي والحاكم (4) .
154 - وعن أبي هريرة «أنه كان يحمل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إداوةً لوضوئه وحاجته، فبينا هو يتبعه بها، قال: من هذا؟ قال: أنا أبو هريرة، قال: ابغني أحجارًا أستنفض بها ولا تأتني بعظم ولا بروثة، فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي، حتى وضعت إلى جنبه ثم انصرفت، حتى إذا فرغ مشيت، فقلت: ما بال العظم والروثة؟ فقال: هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد نصيبين، ونِعْمَ الجن، وسألوني الزاد، فدعوت الله
_________
(1) الدارقطني (1/56) .
(2) البخاري (1/70) من حديث أبي هريرة، وليس من حديث جابر.
(3) البخاري (3/1401) من حديث أبي هريرة أيضًا.
(4) أحمد (1/436) ، مسلم (1/332) ، أبو داود مختصرًا (1/21) ، الدارقطني (1/77) ، النسائي في "الكبرى" مختصرًا (1/72) ، الحاكم (2/547) .(1/61)
لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليهما طعامًا» رواه البخاري (1) .
155 - وعن ابن مسعود قال: «أَتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجد، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: هذه ركس» رواه أحمد والبخاري والترمذي والنسائي (2) ، وزاد أحمد (3) في رواية له: «ايتني بحجر»
قوله: «أستنفِض» بفاء مكسورة وضاد معجمة مجزوم؛ لأنه جواب الأمر. قوله: «رِكْس» بكسر الراء وإسكان الكاف، هو: النجس، وفي "الدر النثير" الركس الرجيع.
[1/39] باب ما جاء في الاستنجاء بالماء
156 - عن أنس بن مالك قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء» متفق عليه (4) ، وفي رواية لهما (5) : «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجته فخرج علينا وقد استنجى بالماء»
157 - وعن أبي هريرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور أو ركوة فاستنجى، ثم مسح يده على الأرض، ثم أتيته بإناء آخر فتوضأ» رواه أبو داود والنسائي (6) .
_________
(1) البخاري (3/1401) .
(2) أحمد (1/388، 418) ، البخاري (1/70) ، الترمذي (1/25) ، النسائي (1/40) .
(3) أحمد (1/427) .
(4) البخاري (1/69) ، مسلم (1/227) ، أحمد (3/171) .
(5) مسلم (1/227) .
(6) أبو داود (1/12) ، النسائي (1/69) .(1/62)
158 - وعن جرير قال: «كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى الخلاء فقضى الحاجة، ثم قال: يا جرير! هات طهورًا، فأتيته بالماء واستنجى، ومال بيده فدلك بها الأرض» رواه النسائي (1) .
159 - وعن معاذة عن عائشة أنها قالت: «مرن أزواجكن أن يغسلوا عنهم الغائط والبول فإني أستحي منهم، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله» رواه أحمد والنسائي والترمذي (2) وصححه، ولفظه في "جامع الأصول": «مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء، فإني أستحييهم منه، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله» رواه الترمذي والنسائي (3) .
160 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نزلت هذه الآية في أهل قباء ((فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)) [التوبة:108] ، قالوا: كانوا يستنجون بالماء، فنزلت فيهم هذه الآية» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي (4) ، وقال: غريب. وصححه ابن خزيمة، وضعف إسناده الحافظ وله شواهد.
161 - وأما ما أخرجه البزار (5) بلفظ «إنا نتبع الحجارة الماء» فضعيف جدًا لا أصل له عند أهل الحديث.
_________
(1) النسائي (1/45) .
(2) هذا لفظ أحمد (6/95، 236) .
(3) هذا اللفظ للنسائي (1/42) ، والترمذي (1/30) .
(4) أبو داود (1/11) ، ابن ماجه (1/128) ، الترمذي (5/280) .
(5) أخرجه البزار (1/130-131) (247) من حديث ابن عباس.(1/63)
قوله: «إداوة» بكسر الهمزة، قال في "الدر النثير": إناء صغير من جلد. قوله: «عنزة» وفيه أيضًا العنزة مثل نصف الرمح أو أكبر وفيه سنان. قوله: «تور» هو إناء من صفر أو حجارة كالإجَّانة.(1/64)
أبواب السواك وسنن الفطرة
[1/40] باب الحث على السواك
162 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «السواك مَطْهَرة للفم مَرْضَاة للرب» رواه أحمد والنسائي والبخاري تعليقًا، ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما (1) ، وحسنه النووي والبغوي، وقال في "رياضه": أسانيده صحيحة، قال المنذري: ورواه البخاري تعليقًا مجزومًا وتعليقاته المجزومة صحيحة.
163 - وعن زيد بن خالد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لولا أن أشق على أمتي لأخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل، ولأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» رواه أحمد والترمذي وصححه (2) .
164 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» رواه الجماعة (3) .
165 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء» أخرجه مالك وأحمد والنسائي وصححه ابن خزيمة والحاكم (4) ،
_________
(1) أحمد (6/47، 124) ، النسائي (1/10) ، البخاري معلقًا (2/682) ، ابن خزيمة (1/70) ، ابن حبان (3/348) .
(2) أحمد (4/114) ، الترمذي (1/35) .
(3) البخاري (1/303) ، مسلم (1/220) ، أبو داود (1/12) ، النسائي (1/12) ، الترمذي (1/34) ، ابن ماجه (1/105) ، أحمد (2/245) .
(4) مالك (1/66) ، أحمد (2/460) ، النسائي في "الكبرى" (2/196، 197) ، ابن خزيمة = = (1/73) (140) ، الحاكم (1/245) .(1/65)
وللبخاري تعليقًا (1) : «لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء» .
166 - وعن المقدام بن شريح عن أبيه قال: «قلت لعائشة: بأي شيء كان يبدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي وأخرجه ابن حبان في صحيحه (2) .
167 - وعن حذيفة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك» رواه الجماعة إلا الترمذي (3) ، وللنسائي (4) عن حذيفة قال: «كنا نؤمر بالسواك إذا قمنا من الليل» ، وفي رواية للبخاري (5) بلفظ «إذا قام للتهجد» .
168 - وعن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرقد ليلًا ونهارًا فيستيقظ إلا تسوك» رواه أحمد وأبو داود (6) ، وفي إسناده مقال، والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدًا.
قوله: «مَطْهَرة» المطهرة بكسر الميم وفتحها. قوله: «يشُوْص فاه» بضم الشين المعجمة وواو ساكنة، قال في "الدر النثير": الشوص: الغسل، ويشوص فاه بالسواك أي: يدلك أسنانه وينقيها، وقيل: هو أن يستاك من سفل إلى علو.
_________
(1) البخاري (2/682) معلقًا.
(2) مسلم (1/220) ، أبو داود (1/13) ، النسائي (1/13) ، ابن ماجه (1/106) ، أحمد (6/182، 192، 237) ، ابن حبان (6/260) .
(3) البخاري (1/96) ، مسلم (1/221) ، أبو داود (1/15) ، النسائي (1/8، 3/212) ، ابن ماجه (1/105) ، أحمد (5/382) .
(4) النسائي (3/212) .
(5) البخاري (1/382) ، مسلم (1/220) .
(6) أحمد (6/121) ، أبو داود (1/15) .(1/66)
[1/41] باب السواك بالإصبع عند المضمضة
169 - عن علي بن أبي طالب «أنه دعا بكوز من ماء فغسل وجهه وكفيه ثلاثًا وتمضمض ثلاثاً، فأدخل بعض أصابعه في فيه، وذكر بقية الوضوء، وقال: هكذا كان وضوء نبي الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد (1) .
170 - وللحديث شواهد منها عند ابن عدي والدارقطني (2) عن أنس مرفوعًا بلفظ «يجزئ السواك بالإصبع» ، قال الحافظ: وفي إسناده نظر، وقال في رواية: لا أرى بإسناده بأسًا.
[1/42] باب سنن الفطرة
171 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خمس من الفطرة: الاستحداد والختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظفار» رواه الجماعة (3) .
172 - وعن أنس بن مالك قال: «وُقِّتَ لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا تُترك أكثر من أربعين ليلة» رواه مسلم وابن ماجه (4) ، ولأحمد والترمذي والنسائي وأبو داود (5) «وقت لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» .
_________
(1) أحمد (1/158) .
(2) ابن عدي في "الكامل" (5/334) ، الدارقطني (1/71) .
(3) البخاري (5/2209) ، مسلم (1/221) ، أبو داود (4/84) ، النسائي (1/15) ، الترمذي (5/91) ، ابن ماجه (1/107) ، أحمد (2/229، 489) .
(4) مسلم (1/222) ، ابن ماجه (1/108) .
(5) أحمد (3/122) ، الترمذي (5/92) ، النسائي (1/15) ، أبو داود (4/84) .(1/67)
173 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عشر من الفطرة: قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وإنقاص الماء يعني الاستنشاق ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة» رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي وحسنه (1) .
174 - وأخرجه أبو داود (2) من حديث عمار وصححه ابن السكن، والقائل: ونسيت العاشرة هو مصعب أحد رواة الحديث، وقال القاضي عياض: لعله الختان المذكور مع الخمس الأول.
قوله: «الاستحداد» هو: حلق العانة. قوله: «الختان» هو: قطع الجلدة التي تغطي الحشفة، وفي المرأة قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج. قوله: «إعفاء اللحية» في "الدر النثير": إعفاء اللحية أن يوفر شعرها ولا يقص كالشوارب. قوله: «البراجم» بفتح الباء الموحدة وبالجيم جمع بُرجمة بضم الباء والجيم، في "الدر النثير": البراجم: العقد التي في ظهور الأصابع يجتمع فيها الوسخ جمع بُرجُمة بالضم، والبرجمة بالفتح غلط. قوله: «انتقاص الماء» بالقاف والصاد المهملة.
[1/43] باب ما جاء في الختان
175 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد أن أتت عليه ثمانون سنةً بالقدوم» متفق عليه (3) غير أن ذكر «سنة» ليس لمسلم (*) .
_________
(1) أحمد (6/137) ، مسلم (1/223) ، النسائي (8/126) ، الترمذي (5/91) ، وهو عند أبي داود (1/14) ، وابن ماجه (1/107) .
(2) أبو داود (1/14) .
(3) البخاري (3/1224، 5/2320) ، مسلم (4/1839) ، أحمد (2/322) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف: غير أن ذِكْر "سنة" ليس لمسلم. والصحيح أنها وردت عند مسلم (4/1839)(1/68)
176 - وعن سعيد بن جبير قال: «سئل ابن عباس مثل من أنت حين قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أنا يومئذ مختون، وكانوا لا يختتنون حتى يدرك» رواه البخاري (1) .
177 - وعن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما» رواه البيهقي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد (2) .
178 - وعن ابن جُرَيْج قال: أخبرت عن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده «أنه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: قد أسلمت، قال: ألقِ عنك شعر الكفر، يقول: احلق، وأخبرني آخر معه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لآخر: ألق عنك شعر الكفر واختتن» رواه أحمد وأبو داود والطبراني وابن عدي (3) وإسناده منقطع، وعثيم وأبوه مجهولان (4) .
179 - وعن شدَّاد بن أوسٍ مرفوعًا (*) «الختان سنة في حق الرجال، مكرمة في حق النساء (5) » أخرجه أحمد والبيهقي، وفي إسناده حجاج بن أرطأة وهو ضعيف لا
_________
(1) البخاري (5/2320) .
(2) البيهقي (9/299) ، الحاكم (4/264) .
(3) أحمد (3/415) ، أبو داود (1/98) ، الطبراني في "الكبير" (22/395) ، ابن عدي في "الكامل" (1/222) .
(4) وفي الخلاصة: عثيم بن كثير بن كليب الحجازي عن أبيه عن جده، وعنه ابن جريج وثقه ابن حبان.
(5) فائدة: أخرج البيهقي في الشعب من طريق قيس بن أبي حازم: «قام - صلى الله عليه وسلم - صلاة فأوهم فيها فسئل، فقال: مالي لا أوهم ورفغ أحدكم بين ظفره وأنملته» ، ورجاله ثقات؛ لكنه مرسل، =
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
ذكر المؤلف عن شداد بن أوس مرفوعًا، ولا يوجد هذا الحديث عند أحمد والبيهقي إلا من رواية أبي المليح عن أبيه مرفوعا البيهقي (8/325) ، أحمد (5/75)
وروي هذا الحديث عن ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا لكن من رواية عكرمة أو جابر بن زيد عن ابن عباس البيهقي (8/324) ، والطبراني في الكبير (11/233، 12/182) ولعل المقصود هنا هو رواية أبي المليح عن أبيه عن شداد بن أوس وهي موجودة عند الطبراني في الكبير (7/273، 274) .(1/69)
يحتج به، وأخرجه الطبراني (1) عن شداد بن أوس عن ابن عباس، قال العراقي: وسنده ضعيف.
قوله: «بالقَدُّوم» بفتح القاف وضم الدال وتخفيفها: آلة النجارة. قوله: «يدرك» أي: يبلغ، إذ الإدراك في أصل اللغة البلوغ.
[1/44] باب ما جاء في إحفاء الشارب وإعفاء اللحية
180 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «جُزُّوا الشَّوارب، وأَرْخُوا اللحى خالفوا المجوس» رواه أحمد ومسلم (2) .
181 - وعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا» رواه أحمد والنسائي والترمذي، وقال: حسن صحيح، وأخرجه الضياء
_________
= وقد وصله الطبراني من وجه آخر، والرفغ: بضم الراء وفتحها وسكون الفا بعدها غين معجمة جمع على أرفاغ، وهي مغابن الجسد كالإبط وما بين الانثيين والفخذين، وكل موضع يتجمع فيه الوسخ، وهو من تسمية الشيء بمجاوره، والتقدير: وسخ رفغ أحدكم. تمت مؤلف.
فائدة ثانية: لم يثبت في ترتيب الأصابع عند القص شيء من الأحاديث، والحديث الذي رواه الغزالي لا أصل له، قاله النووي. والحديث الذي أخرجه البيهقي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستحب أن يأخذ من أظفاره وشاربه يوم الجمعة» لا يحتج به. تمت مؤلف رحمه الله.
فائدة: قال الحافظ: أخرجه البيهقي من حديث وائل «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بدفن الشعر والأظفار، وقال: لا يتلعب به سحرة بني آدم» ويعزى أن ابن عمر كان يفعله. تمت مؤلف.
(1) وقع خلط في عزو هذا الحديث فليس هو عند أحمد والبيهقي من حديث شداد بن أوس بل من حديث أبي المليح عن أبيه مرفوعا، وانظر ملحق الاستدراكات
(2) أحمد (2/366) ، مسلم (1/222) .(1/70)
في "المختارة" (1) .
182 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقص أو يأخذ من شاربه، وكان إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - خليل الرحمن يفعله» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب (2) .
183 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خالفوا المشركين وَفِّرُوا اللحى وأحفوا الشوارب» متفق عليه (3) ، زاد البخاري: «وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه» .
184 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها» أخرجه الترمذي (4) ، وقال: غريب، وفي إسناده عمر بن هارون، نقل الترمذي عن البخاري أنه قال: مقارب الحديث لا أعرف له حديثًا ليس له أصل، أو قال: تفرد به إلا هذا الحديث، وقال في التقريب: إنه متروك وكان حافظًا من كبار التاسعة.
قوله: «جزوا الشوارب» بالجيم والزاي، الجز: القص، و «أرخوا» بالهمزة المقطوعة والخاء المعجمة هو: الترك، أي: اتركوا اللحى لا تتعرضوا لها بتغيير. قوله:
_________
(1) أحمد (4/366، 368) ، النسائي (1/15، 8/129) ، الترمذي (5/93) ، وابن حبان (5477) .
(2) الترمذي (5/93) .
(3) البخاري (5/2209) ، مسلم (1/222) .
(4) الترمذي (5/94) .(1/71)
«أحفوا الشوارب» إحفاء الشارب: المبالغة في قصه.
[1/45] باب ما جاء في نتف الشيب والنهي عنه
185 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة، ورفعه بها درجة، وحط عنه بها خطيئة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه (1) .
186 - وفي لفظ للترمذي (2) من حديث عمرو بن عبسة وكعب بن مرة قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة» وقال: حسن صحيح.
187 - وعن فَضَالة بن عبيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة، فقيل له: إن رجالًا ينتفون الشيب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من شاء فلينتف نوره» رواه البزار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" (3) من رواية ابن لَهِيعَةَ، وبقية إسناده ثقات.
188 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنتفوا الشيب، فإنه نور يوم القيامة، من شاب شيبة كتب له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة، ورفع له
_________
(1) أحمد (2/179، 206، 207، 210، 212) ، أبو داود (4/85) ، الترمذي (5/125) ، النسائي (8/136) ، وأخرجه ابن حبان (7/253) ، من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة.
(2) الترمذي (4/172) .
(3) البزار (2973-كشف) ، الطبراني في "الكبير" (18/304) ، و"الأوسط" (5/341) .(1/72)
بها درجة» رواه ابن حبان في صحيحه (1) .
[1/46] باب تغيير الشيب بالحناء والكتم ويجنب السواد
189 - عن جابر بن عبد الله قال: «جيء بأبي قحافة يوم الفتح إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكأن رأسه ثُغامة، فقال رسول الله: اذهبوا به إلى بعض نسائه، فليغيره بشيء وجنبوه السواد» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (2) .
190 - وعن أبي هريرة عنه - صلى الله عليه وسلم -: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم» رواه الجماعة (3) .
191 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة» رواه أبو داود والنسائي وابن حبَّان في صحيحه والحاكم، وقال: صحيح الإسناد (4) .
192 - وعن محمد بن سيرين قال: «سئل أنس بن مالك عن خضاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن شاب إلا يسيرًا، ولكن أبا بكر وعمر بعده خضبا بالحناء والكَتَم» متفق عليه (5) .
_________
(1) ابن حبان (7/253) .
(2) مسلم (3/1663) ، أبو داود (4/85) ، النسائي (8/138) ، ابن ماجه (2/1197) ، أحمد (3/316) .
(3) البخاري (3/1275، 5/2210) ، مسلم (3/1663) ، أبو داود (4/85) ، النسائي (8/185) ، الترمذي (4/232) بلفظ: «غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود» ، ابن ماجه (2/1196) ، أحمد (2/240، 309، 401) .
(4) أبو داود (4/87) ، النسائي (8/138) . وهو عند أحمد (1/273) .
(5) البخاري مختصرًا (5/2210) ، مسلم (4/1821) ، أحمد (3/160) .(1/73)
193 - وعن عثمان بن عبيد الله بن موهب قال: «دخلنا على أم سلمة، فأخرجت إلينا من شعر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو مخضوب بالحناء والكتم» رواه أحمد وابن ماجه والبخاري (1) ، ولم يذكر الحناء والكتم.
194 - وعن نافع عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس النعال السبتية، ويصفر لحيته بالورس والزعفران، وكان ابن عمر يفعل ذلك» رواه أبو داود والنسائي (2) ، وفي إسناده عبد العزيز بن أبي روَّاد وفيه مقال، وفي البخاري في الوضوء من حديثه بلفظ: «وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بها، وأنا أحب أن أصبغ بها» ، وأخرجه مسلم (3) .
195 - وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم» رواه الخمسة وصححه الترمذي (4) .
196 - وعن ابن عباس قال: «مَرّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل قد خضب بالحناء، قال: ما أحسن هذا! فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم، فقال: هذا أحسن من هذا، فمر آخر قد خضب بالصفرة، فقال: هذا أحسن من هذا كله» رواه أبو داود وابن ماجه (5) ، وإسناده ضعيف.
_________
(1) أحمد (6/296) ، ابن ماجه (2/1196) ، البخاري (5/2210) .
(2) أبو داود (4/86) ، النسائي (8/186) .
(3) جزء من حديث طويل البخاري (1/73، 5/2199) ، مسلم (2/844) ، وهو عند أحمد (2/66، 110) .
(4) أبو داود (4/85) ، النسائي (8/139) ، الترمذي (4/232) ، ابن ماجه (2/1196) ، أحمد (5/150) .
(5) أبو داود (4/86) ، ابن ماجه (2/1198) .(1/74)
197 - وعن أبي رِمْثَةَ قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخضب بالحناء والكتم» رواه أحمد (1) ، وفي لفظ لأحمد والنسائي وأبي داود (2) «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أبي وله لمّة بها ردع من حناء» ، وفي لفظ للترمذي (3) من حديثه قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأيت الشيب أحمر» قال الترمذي: هذا أحسن شيء رُوي في هذا الباب.
قوله: «ثَغامة» بثاء مثلثة مفتوحة ثم غين معجمة مخففة، قال في "الدر النثير": الثغامة نبت أبيض الزهر والثمر يُشبَّهُ بياضُ المشِيْبِ به. قوله: «السِّبِتيَّة» بكسر السين في "مختصر النهاية": السِّبت بالكسر: جلود البقر المدبوغة بالقرض يتخذ منها النعال، سُميت بذلك لأن شعرها قد سبت عنها، أي: حُلق وأُزيل، وقيل: لأنها انسبتت بالدباغ، أي: لانت. قوله: «الكتم» نبت صباغه أسود إلى حمرة، والجمع بينهما يقع لونه بين السواد والحمرة. قوله: «لمّة» اللِمّة بكسر اللام وتشديد الميم: الشعر المجاوز شحمة الأذن. قوله «ردع» بالعين المهملة، أي: لطخ.
[1/47] باب جواز اتخاذ الشعر وإكرامه واستحباب تقصيره
ونهي المرأة أن تحلق شعرها
198 - عن عائشة قالت: «كان شعر النبي - صلى الله عليه وسلم - فوق الوفرة (4) ودون الجمة» رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي (5) .
_________
(1) أحمد (4/163) .
(2) أحمد (2/227، 4/163) ، أبو داود (4/86) .
(3) الترمذي في الشمائل (1/60) (45) ، وهو عند أحمد (2/227) .
(4) في الأصل: فوق الترقوة.
(5) أبو داود (4/81، الترمذي (4/233) ، ابن ماجه (2/1200) ، أحمد (6/118) .(1/75)
199 - وعن أنس بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضرب شعره منكبيه» ، وفي لفظ: «كان شعره رَجِلًا ليس بالجعد ولا بالسبط بين أذنيه وعاتقه» أخرجاه (1) ، ولأحمد ومسلم (2) «كان شعره إلى أنصاف أذنيه» .
200 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان له شعر فليكرمه» رواه أبو داود (3) وسكت عنه، وقال في "الفتح": إسناده حسن، وفي شرح "المنتقى": رجال إسناده أئمة ثقات، وهو وهم، فإن في إسناده عبد الرحمن بن أبي الزناد، قال أبو حاتم: لا يحتج به، وحكى في "الميزان" عن ابن معين والنسائي تضعيفه، وعن أحمد مضطرب الحديث، ثم قال في "الميزان": ومن مناكيره خبر «من كان له شعر فليكرمه» انتهى. وأما تحسين الحافظ له فلعله لشواهده.
201 - وعن عبد الله بن مغفل قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التَّرَجُّل إلا غِبًّا» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه الترمذي وابن حبان (4) .
202 - وعن أبي قتادة «أنه كان له جُمّة ضخمة، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمره أن يُحسن إليها، وأن يترجل كل يوم» رواه النسائي (5) ، قال شارح "المنتقى": الحديث
_________
(1) البخاري (5/2211) ، مسلم (4/1819) .
(2) أحمد (3/113، 3/165) ، مسلم (4/1819) .
(3) أبو داود (4/76) .
(4) أبو داود (4/75) (4159) ، النسائي (8/132) ، الترمذي (4/234) (1756) ، أحمد (4/86) ، ابن حبان (12/295) (5484) .
(5) النسائي (8/184) .(1/76)
رجال إسناده كلهم رجال الصحيح.
203 - وعن علي رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرأة أن تحلق رأسها» أخرجه النسائي (1) .
قوله: «الوَفرة» بفتح الواو: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن، و «الجمة» ما سقط من شعر الرأس على المنكبين. قوله: «رَجِلًا» بالراء المفتوحة والجيم المكسورة هو: الشعر بين السبوطة والجعودة، والجعد: ضد السبط، والسبط: الشعر المترسل المتسبط. قوله: «التَّرَجُّل» هو: تسريح الشعر ومشطه، وقوله: «إلا غِبًّا» بالغين المعجمة هو: أن يمشطه يومًا ويدعه يومًا.
[1/48] باب ما جاء في كراهة القزع والرخصة في حلق الرأس
204 - عن نافع عن ابن عمر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن القزع، فقيل لنافع: ما القزع؟ قال: أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضه» متفق عليه (2) .
205 - وعن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى صبيًا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه، فنهاهم عن ذلك، وقال: احلقوا كله أو ذروا كله» رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح، قال المنذري: وأخرجه مسلم (3) بإسناد أبي داود.
[1/49] باب الاكتحال والادهان والتطيب
206 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أكتحل فليوتر، من
_________
(1) النسائي (8/130) .
(2) البخاري (5/2214) ، مسلم (3/1675) ، أحمد (2/55) .
(3) أحمد (2/88) ، أبو داود (4/83) ، النسائي (8/130) ، مسلم مختصرًا (3/1675) .(1/77)
فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وقد تقدم (1) الكلام عليه، فهو طرف من حديث أبي هريرة.
207 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت له مكحلة يكتحل منها كل ليلة ثلاثة في هذه وثلاثة في هذه» رواه ابن ماجه والترمذي (2) وحسنه، وأخرجه النسائي وابن حبان (3) في صحيحه بلفظ: «إن من خير أكحالكم الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر» وأخرجه أحمد (4) بلفظ: «كان يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل أن ينام، وكان يكتحل في كل عين ثلاثة أميال» .
208 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير أكحالكم الإثمد ينبت الشعر ويجلو البصر» رواه البزار (5) ، ورواته رواة الصحيح.
209 - وعن علي مرفوعًا عند الطبراني (6) بإسناد حسن «عليكم بالإثمد، فإنه منبته للشعر، مذهبة للقذى، مصفاة للبصر» .
210 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة لا ترد: الوسادة والدهن والطيب (7) » أخرجه الترمذي (8) ، وقال: غريب. وحسنه الحافظ.
_________
(1) تقدم الكلام عليه حديث رقم (107) .
(2) ابن ماجه (2/1157) ، الترمذي (4/234) .
(3) النسائي (8/149) ، ابن حبان (12/242) .
(4) أحمد (1/354) .
(5) كما في كشف الأستار (3031) ، وقال البزار: إنه غير محفوظ
(6) المعجم "الأوسط" (2/11، 3/339) .
(7) هكذا رأيت في جامع الأصول، والذي رأيته في الترمذي «اللبن» مكان «الطيب» . تمت مؤلف.
(8) الترمذي (5/108) .(1/78)
211 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «حبّب إليّ من الدنيا النساء والطيب، وجُعلت قُرة عيني في الصلاة» رواه النسائي وأحمد وابن أبي شيبة والحاكم (1) ، وفي إسناده مقال، وقال العراقي: إسناده جيد، وقد رُوي من طُرق أخرى حسّنها الحافظ في "التلخيص".
212 - وعن نافع قال: «كان ابن عمر يستجمر بالألُوَّة غير مُطَرَّاةٍ، وبكافور يطرحه مع الألوّة، ويقول: هكذا كان يستجمر النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه النسائي ومسلم (2) .
213 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من عُرض عليه طيب فلا يرده، فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وصححه ابن حبان (3) ، وأخرجه مسلم (4) بلفظ: «من عُرض عليه ريحان فلا يرده» ، والترمذي (5) بلفظ: «إذا أُعطي أحدكم الريحان فلا يرده، فإنه خرج من الجنة» ، قال: حسن غريب، وفي الباب أحاديث.
214 - وعن أبي سعيد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في المسك: هو أطيب طيبكم» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه (6) .
_________
(1) النسائي (7/61) ، أحمد (3/128) ، الحاكم (2/174) .
(2) مسلم (4/1766) ، النسائي (8/156) .
(3) أحمد (2/320) ، النسائي (8/189) ، أبو داود (4/78) ، ابن حبان (11/510) .
(4) مسلم (4/1766) .
(5) الترمذي (5/108) من حديث أبي عثمان النهدي.
(6) مسلم (4/1765) ، أبو داود (3/200) (3158) ، الترمذي (3/317) (991، 992) ، النسائي (4/39) ، أحمد (3/36، 62) ، الحاكم (1/514) .(1/79)
215 - وعن محمد بن علي قال: «سألت عائشة: أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتطيب؟ قالت نعم. بذكارة الطيب المسك والعنبر» رواه النسائي والبخاري في تاريخه (1) .
216 - وعن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أُتي بطيب لم يرده» أخرجه النسائي (2) ، وفي رواية البخاري والترمذي (3) قال: «كان أنس لا يرد الطيب، وقال أنس: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرد الطيب» وقال الترمذي: حسن صحيح.
217 - وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل عين زانية، وإن المرأة إذا استعطرت، فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا، يعني: زانية» أخرجه الترمذي (4) ، وقال: حسن صحيح، ولأبي داود (5) قال: «إن المرأة إذا استعطرت، فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا، قال قولًا شديدًا» .
218 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيمّا امرأة أصابت بخورًا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة» أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي (6) ، وفي رواية لأبي داود (7) مرفوعًا: «لا يقبل الله صلاة امرأة تطيبت للمسجد، حتى تغتسل غسلها من الجنابة» وفي إسناده عاصم بن عبد الله العمري، ولا يحتج بحديثه.
_________
(1) النسائي (8/150) ، البخاري في التاريخ "الكبير" (2/88) .
(2) النسائي (8/189) .
(3) البخاري (2/912، 5/2216) ، الترمذي (5/108) .
(4) الترمذي (5/106) .
(5) أبو داود (4/79) .
(6) مسلم (1/328) ، أبو داود (4/79) ، النسائي (8/154، 190) .
(7) أبو داود (4/79) .(1/80)
219 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه» أخرجه الترمذي (1) ، وقال: حسن غريب.
[1/50] باب ما جاء في الخلوق
220 - عن أنس قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتزعفر الرجل» ، وفي أخرى «نهى عن التزعفر» يعني للرجال، أخرجه الجماعة (2) ، وقال الترمذي: ومعنى كراهية التزعفر للرجال: أن يتطيبوا به.
221 - وعن أنس «أن رجلًا دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه أثر صُفرة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلما يواجه رجلًا في وجهه بشيء يكرهه، فلما خرج، قال: لو أمرتم هذا أن يغسل عنه هذا؟» أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي (3) ، وفي إسناده مقال.
222 - وعن الوليد بن عقبة قال: «لمّا فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم، فيدعو لهم بالبركة، ويمسح رءوسهم، فجيء بي إليه وأنا مخلّق، فلم يمسني من أجل الخلوق» رواه أبو داود (4) بإسناد ضعيف.
223 - وعن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعليه ردع من
_________
(1) الترمذي (5/107) .
(2) البخاري (5/2198) ، مسلم (3/1662) ، أبو داود (4/80) ، النسائي (5/141، 8/189) ، الترمذي (5/121) ، أحمد (3/101) .
(3) أبو داود (4/81، 250) ، وهو عند أحمد (3/133، 154، 160) .
(4) أبو داود (4/80) .(1/81)
خلوق، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: اذهب فانهكه، ثم أتاه، فقال: اذهب فانهكه، ثم أتاه، فقال: اذهب فانهكه، ثم لا تعد» أخرجه النسائي (1) .
224 - وأخرجه الترمذي (2) من حديث يعلى بن مرة.
225 - وعن عمّار بن ياسر قال: «قدمت على أهلي من سفر قد تشققت يداي فخلقوني بزعفران، فغدوت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه، فلم يرد عليّ» زاد في رواية: «ولم يرحب بي، وقال: اذهب فاغسل عنك هذا، فذهبت فغسلته، ثم جئته وقد بقي عليّ منه ردع، فسلمت عليه فردّ عليّ ولم يُرحب بي، وقال: اذهب فاغسل هذا عنك، فذهبت فغسلته حتى أنقيته، فجئت فسلمت عليه، فرد عليّ السلام ورحب بي، وقال: إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخير، ولا المتضمخ بزعفران ولا الجنب» رواه أبو داود (3) بإسناد ضعيف، وفي رواية له (4) : «ثلاثة لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر، والمتضمخ بالخلوق، والجنب إلا أن يتوضأ» وإسناده منقطع.
226 - وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقبل الله صلاة رجل في جسده شيء من خلوق» رواه أبو داود (5) بإسناد فيه مقال.
_________
(1) النسائي (8/152) .
(2) الترمذي (5/121) .
(3) أبو داود (4/79، 199) .
(4) أبو داود (4/80) .
(5) أبو داود (4/80) .(1/82)
قوله: «الخلوق» بالخاء المعجمة ضرب من الطيب له لون أحمر أو أصفر. قوله: «يستجمر» أي: يتبخر و «الألوة» العود، و «غير مطراة» أي: غير مخلوطة، و «الذكارة» الطيب الذي لا لون له.
[1/51] باب ما جاء في الإطلاء بالنورة
227 - وعن أم سلمة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طلى بدأ بعورته فطلاها بالنورة، وسائر جسده أَهْلُهُ» رواه ابن ماجه (1) ، قال الحافظ ابن كثير في كتابه الذي ألفه في الحمام: إن إسناد هذا الحديث جيد، وقال في "المواهب": رجاله ثقات، وكذا في "الفتح"، وللحديث شواهد يتقوى بمجموعها للاحتجاج به.
_________
(1) ابن ماجه (2/1234) .(1/83)
أبواب صفة الوضوء
[1/52] باب وجوب النية
228 - عن عمر بن الخطاب قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» رواه الجماعة (1) .
[1/53] باب التسمية في الوضوء
229 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» رواه أحمد وأبو داود والطبراني والحاكم (2) ، وقال: صحيح الإسناد، وليس كما قال، فإنه رواه عن يعقوب بن سلمة الليثي عن أبيه عن أبي هريرة، ويعقوب لم يسمع من أبيه، وأبوه لم يسمع من أبي هريرة، قاله البخاري.
230 - ولأحمد وابن ماجه (3) من حديث أبي سعيد مثله وفي إسناده مقال.
_________
(1) البخاري (1/3، 30، 2/894، 3/1416، 5/1951، 6/2461، 2551) ، مسلم (3/1515) ، أبو داود (2/262) ، النسائي (1/58-59، 6/158، 7/13) ، الترمذي (4/179) ، ابن ماجه (2/1413) ، أحمد (1/25،43) .
(2) أحمد (2/418) ، أبو داود (1/25) ، الطبراني في "الأوسط" (8/96) ، الحاكم (1/246) .
(3) أحمد (3/41) ، ابن ماجه (1/139)(1/84)
231 - وعن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب عن جدته عن أبيها سعيد بن زيد قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» رواه الترمذي بإسناد ضعيف، واللفظ له وابن ماجه والبيهقي (1) ، وفي الباب أحاديث كثيرة في أسانيدها مقال، وقال البخاري: أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح، يعني حديث سعيد بن زيد، وسئل إسحاق بن راهويه أي حديث أصح في التسمية؟ فذكر حديث أبي سعيد، قلت: وبمجموع الأحاديث يرتقي الحديث إلى درجة الحسن لغيره.
232 - ويشهد له حديث أبي هريرة عنه - صلى الله عليه وسلم -: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أجذم» أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأبو عوانة والدارقطني وابن حبان (2) ، وحسنه ابن الصلاح وغيره، وسيأتي (3) في أبواب صلاة الجمعة، وقال ابن سيد الناس في "شرح الترمذي": لا يخلو هذا الباب من حسن صريح وصحيح غير صريح. انتهى. وقال المنذري: إن الأحاديث في هذا الباب تتعاضد بكثرة طرقها، وتكتسب قوة. انتهى.
[1/54] باب ما جاء في غسل اليدين قبل المضمضة
وتأكيده لنوم الليل
233 - عن أوس بن أوس الثقفي قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ
_________
(1) الترمذي (1/37-38) (25) ، ابن ماجه (1/140) ، البيهقي (1/43) .
(2) بهذا اللفظ رواه السبكي في طبقات الشافعية (1/6) .
(3) سيأتي برقم (1934) .(1/85)
فاستوكف ثلاثًا، أي: غسل كفيه» رواه أحمد والنسائي (1) ، ورجال إسناد النسائي ثقات إلا حميد بن مسعدة فهو صدوق.
234 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده حتى يغسلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يده» رواه الجماعة (2) غير أن ذكر العدد ليس للبخاري، وفي لفظ للترمذي وابن ماجه: «إذا استيقظ أحدكم من الليل» وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
235 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا استيقظ أحدكم من منامه، فلا يُدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات، فإنه لا يدري أين باتت يده، أو أين طافت يده» رواه الدارقطني (3) وحسنه.
[1/55] باب المضمضة والاستنشاق
236 - عن عثمان بن عفان «أنه دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرات فغسلها، ثم أدخل يمينه في الإناء فتمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرات، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث مرات إلى الكعبين، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلّى ركعتين لا يُحدّث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من
_________
(1) أحمد (4/9، 10) ، النسائي (1/64) .
(2) البخاري (1/72) ، مسلم (1/233) ، أبو داود (1/25) النسائي (1/7) ، الترمذي (1/36) ، ابن ماجه (1/138) ، أحمد (2/241) .
(3) الدارقطني (1/49) .(1/86)
ذنبه» متفق عليه (1) .
237 - وعن علي رضي الله عنه «أنه دعا بوضوء فتمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى، ففعل هذا ثلاثًا، وقال: هذا طهور نبي الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والنسائي (2) ، والحديث إسناده لا بأس به.
238 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا توضأ أحدكم، فليجعل في أنفه ماء، ثم لينتثر» متفق عليه (3) .
239 - وعنه قال: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمضمضة والاستنشاق» رواه الدارقطني (4) ، وقال: لم يسنده عن حماد غير هدبة، قلت: وهدبة ثقة أخرج له البخاري ومسلم، فزيادة الرفع منه مقبولة.
قوله: «استنثر» الاستنثار: إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق.
[1/56] باب ما جاء في الفصل بين المضمضة والاستنشاق
وأنهما بغرفة واحدة
240 - عن طلحة بن مُصَرِّف عن أبيه عن جده، قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يَفْصل بين المضمضة والاستنشاق» أخرجه أبو داود (5) بإسناد ضعيف.
_________
(1) البخاري (1/71، 72، 2/682) ، مسلم (1/205) ، أحمد (1/59، 68) .
(2) أحمد (1/135) ، النسائي (1/67) .
(3) البخاري (1/72) ، مسلم (1/212) ، أحمد (2/242) .
(4) الدارقطني (1/116) .
(5) أبو داود (1/34) .(1/87)
241 - وعن علي رضي الله عنه في صفة الوضوء: «ثم تمضمضص واستنثر من الكف الذي يأخذ منه الماء» أخرجه أبو داود والنسائي (1) بإسناد صحيح.
242 - ولابن حبان والحاكم (2) مثله من رواية ابن عباس، وقال: صحيح الإسناد على شرط الشيخين.
243 - وعن عبد الله بن زيد في صفة الوضوء: «ثم أدخل - صلى الله عليه وسلم - يده فمضمض واستنشق من كف واحدة يفعل ذلك ثلاثًا» متفق عليه (3) ، وفي لفظ للبخاري ومسلم (4) من حديثه: «أنه - صلى الله عليه وسلم - أدخل يده في التور فمضمض وانتثر ثلاث مرات من غرفة واحدة» ، وقد ورد ما يدل على أنها ثلاث غرفات من حديثه في لفظ للبخاري (5) : «ثم أدخل يده في الإناء، فمضمض واستنشق ثلاث مرات من ثلاث غرفات» قلت: والظاهر جواز الصفتين.
[1/57] باب ما جاء في تأخيرهما على غسل الوجه واليدين
244 - عن المقدام بن معد يكرب قال: «أُتِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء، فتوضأ فَغَسَلَ كفيه ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ثم تمضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا، ثم مسح برأسه وأذنيه ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا» رواه أبو داود
_________
(1) أبو داود (1/27) ، النسائي (1/68) .
(2) ابن حبان (3/360) ، الحاكم (1/247) .
(3) البخاري (1/81) ، مسلم (1/210) ، أحمد (4/39) .
(4) البخاري (1/84) ، مسلم (1/211) .
(5) البخاري (1/82) .(1/88)
وأحمد (1) ، وزاد «وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا» وأخرجه الضياء في "المختارة"، وقال في شرح "المنتقى": إسناده صالح.
245 - وعن العباس بن يزيد عن سفيان بن عيينة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ بن عفراء قال: «أتيتها، فأخرجت إليّ إناءً، فقالت: في هذا كنتُ أُخرج الوَضُوء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيبدأ فيغسل يديه قبل أن يدخلهما ثلاثاً، ثم يتوضأ فيغسل وجهه ثلاثًا، ثم تمضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا، ثم يغسل يديه، ثم يمسح برأسه مُقبلًا ومُدبرًا، ثم يغسل رجليه» قال العباس بن يزيد: هذه المرأة التي حَدّثتْ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه بدأ بالوجه قبل المضمضة والاستنشاق، وقد حدث أهل بدر منهم عثمان وعلي، أنه بدأ بالمضمضة والاستنشاق قبل الوجه، والناس عليه. رواه الدارقطني، وفي إسناده مقال، وأخرجه أحمد وأبو داود (2) ، وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه مقال، وقال في "الميزان": حديثه في رتبة الحسن، وقال المنذري: وأخرجه الترمذي مختصرًا، وقال: هذا حديث حسن، وحديث عبد الله بن زيد أصح من هذا وأجود إسنادًا، وأخرجه ابن ماجه، وقال: حديث حسن. انتهى.
[1/58] باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار
وتأكيده عند القيام من النوم
246 - عن لَقِيْط بن صَبِرَة قال: «قلت: يا رسول الله! أخبرني عن الوضوء،
_________
(1) أبو داود (1/30) ، أحمد (4/132) .
(2) الدارقطني (1/96) ، أحمد (6/358) ، أبو داود (1/31) ، الترمذي (1/48) ، ابن ماجه (1/138) .(1/89)
قال: أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» رواه الخمسة (1) ، وصححه الترمذي، وقال: إن البخاري صححه، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبغوي وابن سيد الناس في "شرح الترمذي"، وفي الباب أحاديث.
247 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثًا» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم، وصححه ابن القطان والحاكم وابن الجارود (2) .
248 - وعن عبد الله بن زيد «أنه - صلى الله عليه وسلم - تمضمض واستنشق من ثلاث غُرفات» رواه مسلم (3) .
249 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا استيقظ أحدكم من منامه، فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه» متفق عليه (4) .
[1/59] باب ما جاء في صفة الوضوء وخروج الخطايا من كل عضو
250 - عن عمرو بن عَبَسَة قال: «قلت: يا رسول الله! حدثني عن الوضوء،
_________
(1) أبو داود (1/35) (142) ، النسائي (1/66) ، الترمذي (3/155) ، ابن ماجه (1/142) (407) ، أحمد (4/33) ، ابن خزيمة (1/78، 87) (150، 168) ، ابن حبان (3/368) (1087) ، الحاكم (1/248) .
(2) أحمد (1/228) ، أبو داود (1/35) (141) ، ابن ماجه (1/143) ولم يذكر «بالغتين» ، الحاكم (1/249) ، ابن الجارود (1/31) (77) .
(3) مسلم (1/211) .
(4) البخاري (3/1199) ، مسلم (1/212) ، أحمد (2/352) .(1/90)
قال: ما منكم من رجل يقرب وَضُوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء، ثم إذا غسل وجهه كما أمر الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح برأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء» أخرجه مسلم (1) ، ورواه أحمد (2) وقال فيه: «ثم يمسح رأسه كما أمر الله، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمر الله» .
251 - وعن ابن عباس: «أنه توضأ فغسل وجهه، فأخذ غرفة ماء فتمضمض واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بها وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فرش بها على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها رجله اليسرى، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ» رواه البخاري (3) .
قوله: «خرت خطاياه» أي: سقطت.
[1/60] باب ما جاء في تخليل اللحية
252 - عن عثمان «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته في الوضوء» رواه ابن ماجه
_________
(1) مسلم (1/570) .
(2) أحمد (4/112) .
(3) البخاري (1/65) .(1/91)
والترمذي وصححه أيضًا ابن خزيمة، وقال البيهقي: قال البخاري: إنه حسن، وقال الترمذي: قال البخاري: إنه أصح شيء في الباب، وقال الحاكم: إسناده صحيح، وصححه ابن حبان، وأخرجه أحمد والدارقطني والبزار والنسائي (1) .
253 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ أخذ كفًا من ماء، فأدخله تحت حنكه، فخلل به لحيته، وقال: هكذا أمرني ربي عز وجل» رواه أبو داود (2) ، وفي إسناده مقال؛ لكن قد رُوي من طُرق كثيرة صحح بعضها الترمذي والحاكم وابن القطان، والباقية وإن كانت ضعيفة فبعضها يُقوي بعضًا.
254 - وأخرج لها شاهدًا أحمد والحاكم (3) من حديث عائشة، قال الحافظ: وإسناده حسن.
قوله: «تحت حنكه» الحنك: باطن أعلى الفم الأسفل من طرف مقدم اللحيين.
[1/61] باب ما جاء في تعاهد الماقين والناصية وغيرهما
من غضون الوجه بزيادة ماء
255 - عن أبي أمامة أنه وصف وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قال: «وكان يتعاهد الماقين» رواه أحمد (4) ، قال في "مجمع الزوائد": إسناده حسن.
_________
(1) ابن ماجه (1/148) (430) ، الترمذي (1/46) (31) ، أحمد (1/68) ، الدارقطني (1/86، 91) ، الحاكم (1/249) ، ابن خزيمة (1/78) (151، 152) .
(2) أبو داود (1/36) .
(3) أحمد (6/234) ، الحاكم (1/250) .
(4) أحمد (5/258) .(1/92)
256 - وعن ابن عباس: «أن عليًا قال: يابن عباس! ألا أتوضأ لك وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، قلت: بلى. فداك أبي وأمي، قال: فوضع إناء، فغسل يديه، ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم أخذ بيديه فصك بهما وجهه وألقم إبهاميه ما أقبل من أذنيه، قال: ثم عاد في مثل ذلك ثلاثًا، ثم أخذ كفًا بيده اليمنى فأفرغها على ناصيته، ثم أرسلها تسيل على وجهه، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثم يده الأخرى مثل ذلك، وذكر بقية الوضوء» رواه أحمد وأبو داود (1) بنحوه، وقال المنذري: في هذا الحديث مقال، وقال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل عنه فضعفه، وقال: ما أدري ما هذا.
قوله: «الماقين» هما مخصر العينين.
[1/62] باب ما جاء في غسل اليدين مع المرفقين وإطالة الغُرَّة
257 - عن عثمان أنه قال: «هلّم أتوضأ لكم وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فغسل وجهه ويديه حتى مس أطراف العضدين، ثم مسح برأسه، ثم أمرَّ بيديه على أذنيه ولحييه، ثم غسل رجليه» رواه الدارقطني (2) ، وفي إسناده محمد بن إسحاق وقد عنعن، وقال الحافظ: إسناده حسن.
258 - وعن أبي هريرة: «أنه توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم غسل يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى
_________
(1) أحمد (1/82) ، أبو داود (1/29) .
(2) الدارقطني (1/83) .(1/93)
حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، من استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله» رواه مسلم (1) .
قوله: «الغر المحجلون» الغرة: بياض في جبهة الفرس، والتحجيل: بياض في يدها ورجلها، شبه النور الذي يكون على مواضع الوضوء يوم القيامة بالغرة والتحجيل.
[1/63] باب ما جاء في تحريك الخاتم وتخليل الأصابع والدلك
259 - عن أبي رافع: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ حرّك خاتمه» رواه ابن ماجه والدارقطني بإسناد ضعيف، وعلقه البخاري عن ابن سيرين، ووصله ابن أبي شيبة (2) .
260 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، وحسنه البخاري، وقال الترمذي: حسن غريب (3) .
261 - وأخرجه (4) من حديث عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا توضأت فخلل بين الأصابع» وقال: حديث حسن صحيح.
_________
(1) مسلم (1/216) .
(2) ابن ماجه (1/153) الدارقطني (1/83) ، البخاري (1/73) ، ابن أبي شيبة (1/44) .
(3) أحمد (1/287) ، ابن ماجه (1/153) ، الترمذي (1/57) .
(4) الترمذي (1/56، 3/155) .(1/94)
262 - وعن المُسْتَوْرِدِ بن شداد قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ خلل أصابع رجليه بخنصره» رواه الخمسة إلا أحمد (1) وصححه ابن القطان.
263 - وقد تقدم (2) في باب المبالغة في الاستنشاق حديث لقيط بن صبرة بلفظ: «أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع» وهو حديث صحيح، وفي الباب عدة أحاديث.
264 - وعن عبد الله بن زيد بن عاصم: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بثلثي مُد، فجعل يدلك ذراعيه» رواه أحمد وصححه ابن خزيمة (3) ، وفي رواية (4) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فجعل يقول هكذا يدلك» .
[1/64] باب ما جاء في مسح الرأس كله والاكتفاء ببعضه
مع التكميل على العمامة
265 - عن عبد الله بن زيد «أن رسول الله مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، يبدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه» رواه الجماعة (5) .
_________
(1) أبو داود (1/37) ، الترمذي (1/57) ، ابن ماجه (1/152) ، أحمد (4/229) .
(2) تقدم برقم (246) .
(3) لم نجده عندهما، وهو عند الحاكم (1 / 266) ، وابن حبان (3 / 364) ، والبيهقي (1/ 196)
(4) أحمد (4/39) .
(5) البخاري (1/90) ، مسلم (1/211) ، أبو داود (1/29) ، النسائي (1/71) ، الترمذي (1/47) ، ابن ماجه (1/149) ، أحمد (4/39) .(1/95)
266 - وعن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ عندها ومسح برأسه، فمسح الرأس كله من فوق الشعر كل ناحية بمنصب الشعر لا يحرك الشعر عن هيئته» رواه أحمد وأبو داود (1) ، وفي لفظ: «مسح برأسه مرتين، بدأ بمؤخره، ثم بمقدمه، وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما» رواه أبو داود والترمذي (2) وحسنه.
267 - وعن أنس قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ وعليه عمامة قَطَريِّه، فأدخل يده تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة» رواه أبو داود (3) ، وقال الحافظ: في إسناده نظر.
268 - وعن عمرو بن أُميَّة الضَّمُري قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح على عمامته وخفيه» رواه أحمد والبخاري وابن ماجه (4) .
269 - وعن بلال قال: «مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - على الخفين والخمار» رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود (5) ، وفي رواية لأحمد (6) : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «امسحوا على الخفين والخمار» .
_________
(1) أحمد (6/359، 360) ، أبو داود (1/31) .
(2) أبو داود (1/31) ، الترمذي (1/48) .
(3) أبو داود (1/36) .
(4) أحمد (5/288) البخاري (1/85) ، ابن ماجه (1/186) .
(5) مسلم (1/231) ، النسائي (1/75) الترمذي (1/172) ابن ماجه (1/186) أحمد (6/12، 13) .
(6) أحمد (6/14) .(1/96)
270 - وعن المغيرة بن شعبة قال: «توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومسح على الخفين والعمامة» رواه الترمذي (1) وصححه.
271 - وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين» أخرجه أحمد ومسلم (2) .
272 - وعن سلمان قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح على خفيه وعلى خماره» أخرجه أحمد والترمذي في العلل (3) بإبدال مكان «الخمار» «الناصية» بإسناد فيه مجهول.
273 - وعن ثوبان قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريّة، فأصابهم البرد، فلما قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - شكوا إليه ما أصابهم من البرد، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين» رواه أحمد وأبو داود (4) ، وفي إسناده مقال.
274 - وعنه قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على الخفين والخمار» رواه أحمد والحاكم (*) والطبراني (5) ، وفي الباب عدة أحاديث.
قوله: «قطرية» بكسر القاف، وسكون الطاء، وقيل: بفتحها، هي نوع من البرد
_________
(1) الترمذي (1/170) .
(2) مسلم (1/231) ، أحمد (4/255) .
(3) أحمد (5/439، 440) ، الترمذي في العلل (1/56) ، وهو عند الطيالسي (656) ، وابن أبي شيبة (1/23) ، وابن ماجه (1/186) (563) ، وابن حبان (4/175) (1344) .
(4) أحمد (5/277) ، أبو داود (1/36) ، الحاكم (1/275) .
(5) أحمد (5/281) ، الطبراني في "الكبير" (2/91) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
رواية الحاكم لم نجدها.(1/97)
منسوبة إلى قَطَر قرية قريب من عُمَان. قوله: «الخِمار» بكسر الخاء المعجمة، المراد به ها هنا العمامة. قوله: «العصائب» هي العمائم، و «التساخين» الخفاف.
[1/65] باب ما جاء في مسح الرأس مرة واحدة
275 - عن أبي حيَّة قال: «رأيت عليًّا توضأ فغسل كفيه حتى أنقاهما، ثم مضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا، ومسح برأسه مرة واحدة، ثم غسل قدميه إلى الكعبين، ثم قال: أحببت أن أريكم كيف كان طهور النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه الترمذي وصححه (1) .
276 - والطبراني (2) بلفظ: «ومسح برأسه مرة واحدة» من حديث أنس، قال الحافظ: وإسناده صالح.
277 - وعن ابن عباس: أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ.. فذكر الحديث، وفيه: «مسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة» رواه أحمد وأبو داود (3) ، وأعله الدارقطني، وتعقبه ابن القطان فقال: ما أعله به ليس بعلة، وإنه إما صحيح أو حسن.
278 - وعن عثمان: «أنه توضأ مثل ذلك، وقال: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ» متفق عليه، وقد تقدم (4) .
_________
(1) الترمذي (1/67) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (3/194) .
(3) أبو داود (1/32) .
(4) تقدم برقم (236) .(1/98)
وقد وردت أحاديث تدل على تثليث مسح الرأس، قال في "فتح الباري": قد روى أبو داود (1) من وجهين صحح أحدهما ابن خزيمة وغيره في حديث عثمان تثليث مسح الرأس والزيادة من الثقة مقبولة. انتهى. وأما صاحب "الهدي النبوي" فقرر عدم مشروعية تثليث مسح الرأس، وقال: الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكرر مسح رأسه ولم يصح عنه خلافه البتَّة، وحديث عثمان الذي رواه أبو داود أنه مسح رأسه ثلاثًا، قال أبو داود: أحاديث عثمان الصحاح تدل على أن مسح الرأس مرة.
279 - وأخرج النسائي (2) من حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: «ومسح رأسه مرتين» وإسناده صحيح، وكذا أخرجه البيهقي (3) .
280 - وأخرجه أبو داود (4) من حديث الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ (5) وصححه الحاكم، وأخرجه الترمذي (6) أيضًا، وقال: حديث حسن.
[1/66] باب ما جاء في الأذنين
281 - عن ابن عباس: «أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، وفيه: ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة» الحديث تقدم (7) قبل هذا الباب.
_________
(1) أبو داود (1/26، 27) .
(2) النسائي (1/72) .
(3) البيهقي (1/63) .
(4) أبو داود (1/31) .
(5) حديث الربيع بنت معوّذ قد تعارضا في مسح الرأس مرة ومرتين، ولعله يمكن الجمع بالحمل على تعدد روايتها لوضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -. تمت مؤلف.
(6) الترمذي (1/48) .
(7) تقدم برقم (277) .(1/99)
282 - وعن أبي أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأذنان من الرأس» أخرجه الترمذي وابن ماجه (1) بإسناد ضعيف، وقال ابن القطان في كتابه "الوهم والإيهام" حين تكلم صاحب الأحكام على ضعف الحديث، فقال ابن القطان: ليس عندي بضعيف، بل إما صحيح وإما حسن.
283 - وقد أخرج الدارقطني (2) حديث «الأذنان من الرأس» (3) من حديث ابن عباس أيضًا بإسناد صحيح، وأما إعلاله بأنه روي تارةً مرسلًا، فلا يضر، فقد رُوي مسندًا بإسناد صحيح، كذا قال ابن القطان.
284 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه وأذنيه داخلهما بالسبابتين، وخالف بإبهاميه إلى ظاهرهما، فمسح ظاهرهما وباطنهما» أخرجه النسائي وابن ماجه والحاكم (*) وابن حبان في صحيحه (4) ، وصححه ابن خزيمة وابن مندة، وقال ابن مندة: لا يُعرف مسح الأذنين من وجه يثبت إلا من هذه الطريق.
285 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما» رواه الترمذي (5) ، وقال: حديث حسن صحيح.
_________
(1) الترمذي (1/53) ، ابن ماجه (1/152) ، وهو عند أبي داود (1/33) .
(2) الدارقطني (1/98- 102) .
(3) مجموع ما رُوي من مسح الأذنين قولًا وفعلًا قد تعددت من طرق يصير الحديث بمجموعها حسنًا، وقد حكم أهل الحديث بالحسن على طرق بعض الحديث بم تبلغ قوة طرق هذا الحديث، وقد صححه ابن القطان أيضًا كما ذكرنا في هذا الكتاب. تمت مؤلف رحمه الله.
(4) النسائي (1/74) ، ابن ماجه (1/151) ، الحاكم (1/247) ، ابن حبان (3/360،367) .
(5) الترمذي (1/52) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم أجده عند الحاكم بنفس اللفظ، ولم يعزه الأرناؤوط إليه.
والذي أخرجه الحاكم وصححه (1/247، 250) هو "أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توضأ مرة مرة، وجمع بين المضمضة والاستنشاق"، وفي الرواية الأخرى "ومسح بهما رأسه وأذنيه" في صفة وضوء النبي. إلا أنه لم يذكر صفة المسح.(1/100)
286 - وعن المقدام بن معد يكرب: «أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح في وضوئه برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وأدخل إصبعيه في صماخي أذنيه» رواه أبو داود (1) ، وقال في "الخلاصة": إسناده حسن أو صحيح.
قوله: «صماخي أذنيه» الصماخ: خرق الأذن كما في المغرب.
[1/67] باب ما جاء في الأخذ للأذنين والرأس ماء جديد
287 - عن عبد الله بن زيد: «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ لأذنيه ماء خلاف الذي أخذه لرأسه» أخرجه البيهقي (2) ، وقال: إسناده صحيح، وصححه الترمذي، وقال الحاكم: إسناده على شرط مسلم، انتهى. وهو عند مسلم (3) بلفظ: «ومسح برأسه بماء غير فضل يديه» قال في "بلوغ المرام": وهو المحفوظ.
[1/68] باب ما جاء في مسح الصدغين والرقبة
288 - عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ قالت: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فمسح برأسه ومسح ما أقبل منه، وما أدبر، وصدغيه، وأذنيه مرة واحدة» رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وفي نسخة قال: حسن صحيح (4) .
289 - وعن طلحة بن مُصَرِّف عن أبيه عن جده «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح
_________
(1) أبو داود (1/30، 31) ، وهو عند أحمد (4/132) .
(2) البيهقي (1/65) .
(3) مسلم (1/211) .
(4) أبو داود (1/32) ، الترمذي (1/49) .(1/101)
رأسه حتى بلغ القذال، وما يليه من مقدم العنق» أخرجه أحمد (1) ، ولأبي داود (2) «مسح برأسه مرة واحدة حتى بلغ القذال» وإسناد هذا الحديث ضعيف جدًا.
290 - وأشد منه ضعفًا حديث ابن عمر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من توضأ ومسح عنقه لم يُغل بالأغلال يوم القيامة» أخرجه أبو نُعَيْم (3) ، ولم يصح في مسح العنق شيء، وحديث طلحة بن مصرف لا يصح الاستدلال به في ندب مسح العنق؛ لأنه في صفة المسح الواجب للرأس، ولم أرَ من تنبه لهذا الحديث سوى صاحب منحة الغفار.
[1/69] باب ما جاء في غسل الرجلين
291 - عن عبد الله بن عمرو قال: «تخلف عنّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفرة، فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا، قال: فنادى بأعلى صوته: ويلٌ للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثًا» متفق عليه (4) .
292 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا لم يغسل عقبيه، فقال: ويلٌ للأعقاب من النار» رواه مسلم (5) .
293 - وعن جابر بن عبد الله قال: «رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا توضئوا ولم
_________
(1) أحمد (3/481) .
(2) أبو داود (1/32) .
(3) أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/78) .
(4) البخاري (1/ 33، 48، 72) ، مسلم (1/214) ، أحمد (2/211، 226) .
(5) مسلم (1/214) .(1/102)
يمس أعقابهم الماء، فقال: ويل للأعقاب من النار» رواه أحمد وابن ماجه (1) بإسناد رجاله ثقات.
294 - وعن عبد الله بن الحارث قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ويل للأعقاب من النار، وبطون الأقدام» رواه أحمد والدارقطني والحاكم (2) ، وقال: صحيح ولم يُخرجا «بطون الأقدام» ، وأقره على التصحيح الذهبي، وقال: حديث أحمد صحيح، وقال في "مجمع الزوائد": رجاله ثقات.
295 - وعن أنس بن مالك: «أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد توضأ، وترك على ظهر قدميه مثل موضع الظفر، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: ارجع فأحسن وضوءك» رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وابن خزيمة (3) ، وجوّد إسناده أحمد، وسيأتي (4) في باب الموالاة في الوضوء نحو ذلك.
[1/70] باب التيمن في الوضوء وغيره
296 - عن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن في تنعله وترجله وطهوره، وفي شأنه كله» متفق عليه (5) .
297 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا لبستم وإذا توضأتم فابدأوا
_________
(1) أحمد (3/316) ، ابن ماجه (1/155) مختصرًا.
(2) أحمد (4/191) ، الدارقطني (1/95) ، الحاكم (1/267) .
(3) أحمد (3/146) ، أبو داود (1/44) ، الدارقطني (1/108) ، ابن خزيمة (1/84) .
(4) سيأتي باب الموالاة في الوضوء [1/75] .
(5) البخاري (1/74، 165) ، مسلم (1/226) ، أحمد (6/94، 130) .(1/103)
بميامنكم» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة (1) ، وصححه ابن حبان، قال ابن دقيق العيد: هو حقيق بأن يصح، وصححه ابن خزيمة، وارتضاه الحافظ، وقال ابن القطان: صحيح، وقال مُغْلَطاي في "شرح ابن ماجه": صحيح.
[1/71] باب ما جاء في إسباغ الوضوء ودلك الأصابع
298 - عن عثمان قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يُسْبِغْ عبدٌ الوضوء إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» رواه الترمذي (2) ، وقال المنذري: إسناده حسن.
299 - وعن عقبة بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مسلم يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقدم في صلاته فيعلم (3) ما يقول إلا انتقل وهو كيوم ولدته أمه.. الحديث» رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن خزيمة والحاكم (4) واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد.
300 - وعن علي بن أبي طالب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إسباغ الوضوء في المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة تغسل الخطايا غسلًا» رواه أبو يعلى والبزار، قال المنذري: بإسناد صحيح، وأخرجه الحاكم،
_________
(1) أحمد (2/354) ، أبو داود (4/70) ، ابن ماجه (1/141) ، ابن خزيمة (1/91) .
(2) البزار (2/76) (422) .
(3) بمعنى لم يُحدث فيها نفسه، كما ورد في حديث آخر. اهـ.
(4) مسلم (1/209) ، أبو داود (1/43) ، النسائي (1/95) ، ابن خزيمة (1/110) ، الحاكم (2/433) .(1/104)
وقال: صحيح على شرط مسلم (1) .
301 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أخبركم بما يمحو به الله الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط» رواه مسلم والترمذي والنسائي (2) .
302 - وابن حبان في صحيحه (3) من حديث أبي سعيد.
303 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتاني الليلة آتٍ من ربي، فقال: يا محمد! أتدري فيما يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم. في الدرجات، والكفارات، ونقل الأقدام للجماعات، وإسباغ الوضوء في السَّبَرات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ومن حافظ عليهن عاش بخير ومات بخير، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه» رواه الترمذي وحسنه (4) .
304 - وأخرج (5) نحوه من حديث معاذ مرفوعًا، وقال: حسن صحيح، وسألت محمدًا عنه، فقال: هذا حديث صحيح.
_________
(1) أبو يعلى (1/379) ، البزار (2/161) (528) ، الحاكم (1/223) .
(2) مسلم (1/219) ، الترمذي (1/72) ، النسائي (1/89) ، ابن حبان (3/313) ، مالك (1/161) ، وهو عند أحمد (2/277، 303) ، وابن خزيمة (1/6) من حديث أبي هريرة.
(3) ابن حبان (2/127) ، وهو عند ابن ماجه (1/148، 255) ، وأحمد (3/3) وابن خزيمة (1/90) من حديث أبي سعيد الخدري.
(4) الترمذي (5/367) .
(5) الترمذي (5/368) .(1/105)
305 - وعن المُسْتَوْرِد بن شَدَّاد قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ دلك أصابع رجليه بخنصره» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي (1) ، وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لَهِيعَة. انتهى. وابن لهيعة ضعّفه الأئمة، ونقل الدارقطني والبيهقي عن مالك أنه قال: هذا حديث حسن. قال في "الخلاصة": لم يتفرد به ابن لهيعة، فقد رُوي من طريق أخرى ليس هو فيها، وصححها ابن القطان.
306 - وقد تقدم (2) حديث عبد الله بن زيد وفيه: «فجعل يدلك ذراعيه» و «السبرات» شدة البرد.
[1/72] باب الوضوء مرة ومرتين وثلاثًا والنهي عن مجاوزة ذلك
وعن الاعتداء في الطهور
307 - عن ابن عباس قال: «توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة واحدة» رواه الجماعة إلا مسلمًا (3) .
308 - وعن عبد الله بن زيد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرتين مرتين» رواه أحمد والبخاري (4) .
_________
(1) أبو داود (1/37) ، ابن ماجه (1/152) ، الترمذي (1/57) .
(2) تقدم برقم (264) .
(3) البخاري (1/70) ، أبو داود (1/34) ، النسائي (1/62) ، الترمذي (1/60) ، ابن ماجه (1/143) ، أحمد (1/332) .
(4) أحمد (4/41) ، البخاري (1/70) .(1/106)
309 - وعن عثمان: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا» رواه أحمد ومسلم (1) .
310 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن الوضوء، فأراه ثلاثًا ثلاثًا، وقال: هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدّى وظلم» ، رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة (2) وصححه. قال الحافظ: وأخرجه أبو داود وابن خزيمة من طرق صحيحة.انتهى. ولفظ أبي داود (3) : «من زاد على هذا أو نقص، فقد أساء وظلم» وقال صاحب "الإلمام": إسناده صحيح إلى عمرو بن شعيب. وقال في "الخلاصة": الأكثر الاحتجاج بحديث عمرو، وقال المنذري: عمرو بن شُعَيب تكلم فيه جماعة، قلت: عمرو بن شعيب قال فيه يحيى القطان: إذا روى عنه ثقة فهو حجة، وقال البخاري: رأيت أحمد وابن المديني وإسحاق وأبا عُمير وعامة أصحابنا يحتجون به فَمَنِ الناس بعدهم! انتهى. وقال في "التقريب": ثبت سماع شعيب من جده، وقال في "الكاشف": سماع شعيب من جده مُتيقن. انتهى. وساق في "البدر المنير" عن عمرو بن شعيب عن أبيه، أن رجلًا أتى عبد الله بن عمرو، فسأله عن مُحرِم وقع بامرأته.. وفيه التصريح بسماع شعيب بن محمد من جده عبد الله بن عمرو، وساقه الحاكم (4) ، وقال: هذا حديث صحيح رواته كلهم ثقات حفاظ، وهو كالأخذ باليد
_________
(1) أحمد (1/57) ، مسلم (1/207) .
(2) أحمد (2/180) ، النسائي (1/80) ، ابن ماجه (1/146) ، ابن خزيمة (1/89) .
(3) أبو داود (1/33) .
(4) الحاكم (2/74-75) ، والدارقطني (3/50) ، وابن أبي شيبة (3/164) .(1/107)
في صحة سماع شعيب بن محمد من جده عبد الله بن عمرو، وقال: وقد كنت أطلب الحجة الظاهرة في ذلك، فظفرت بها الآن. وقال البيهقي (1) : سنده صحيح، قال: وفيه دليل على صحة سماع شعيب من جده ومن عبد الله بن عمر ومن ابن عباس. وقال المنذري: إنه حديث حسن، وتعجب صاحب "الإلمام" منه، وقال: رجاله كلهم ثقات، فلا أدري لِمَ لَمْ تصحح. انتهى.
وفي "جامع الأصول" ما يؤيد كلام الحاكم، قال: وعن عمرو بن شعيب عن أبيه، قال: طفت مع عبد الله يعني أباه، وفيه: «ثم مضى حتى استلم الحجر، فأقام بين الركن والباب، فوضع صدره وذراعيه وكفيه، وقال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله» أخرجه أبو داود (2) . انتهى، وهو ظاهر في سماع شعيب من جده عبد الله، وإنما أطلت الكلام على عمرو بن شعيب؛ لأنه سيتكرر حديثه في هذا الكتاب، ومن ضعّف حديثه إنما هو من قبل ما قيل: إن شُعيبًا لم يسمع من جده عبد الله بن عمرو، وقد صح سماعه منه، فلتستحضر هذه الفائدة عند كل حديث يُروى عن عمرو بن شعيب.
311 - وعن عبد الله بن مُغفّل أنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء» رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد وابن حبان والحاكم (3) وصححه في "التلخيص".
_________
(1) البيهقي (5/167) .
(2) أبو داود (2/181) (1899) .
(3) أبو داود (1/24) ، ابن ماجه (2/1271) ولم يذكر «الطهور» ، أحمد (4/86) ، ابن حبان (15/166) ، الحاكم (1/267) .(1/108)
312 - وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه مرَّ بسعد وهو يتوضأ، فقال: ما هذا السرف؟! قال: أفي الوضوء سرف؟ قال: نعم. وإن كنتُ على نهرٍ جارٍ» أخرجه ابن ماجه وأحمد وأبو يعلى والبيهقي (1) من حديث عبد الله بن لَهِيْعَة، وقد اُختلف في حديثه فضعّفه جماعة، وحسّنه آخرون.
313 - وعن أُبيّ بن كعب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن للوضوء شيطانًا يُقال له الوَلَهَان، فاتقوا وسواس الماء» رواه الترمذي (2) ، وقال: غريب. قال في "التلخيص": فيه خارجة بن مصعب، وهو ضعيف.
314 - وعن أنس بن مالك قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد» أخرجاه (3) ، وسيأتي بقية الأحاديث في قدر الماء المتوضأ به في باب الغسل.
[1/73] باب ما جاء فيمن يتوضأ بعض وضوئه مرتين
وبعض وضوئه ثلاثًا
315 - عن عبد الله بن زيد بن عاصم قال: «أَتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ، فغسل وجهه ثلاثًا، ويديه مرتين، ومسح برأسه فأقبل وأدبر، وغسل رجليه» أخرجاه وأبو داود والترمذي (4) ، وقال: حديث حسن صحيح، وقد ذكر في غير
_________
(1) ابن ماجه (1/147) ، أحمد (2/211) .
(2) الترمذي (1/85) .
(3) البخاري (1/84) ، مسلم (1/258) ، أحمد (3/112، 116، 259، 282، 290) .
(4) البخاري (1/83) ، مسلم (1/210) ، أبو داود (1/29) ، الترمذي (1/66) .(1/109)
حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ بعض وضوئه مرة وبعضه ثلاثًا، وقد رخص بعض أهل العلم في ذلك، لم يروا بأسًا أن يتوضأ الرجل بعض وضوئه ثلاثًا وبعضه مرتين أو مرة. اهـ.
[1/74] باب ما جاء في الشهادة عقب الوضوء
316 - عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما منكم من أحدٍ يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيتها شاء» رواه أحمد ومسلم والترمذي (1) ، وزاد «اللهم اجعلني من التوّابين، واجعلني من المتطهرين» ، وقال: هذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح في هذا الباب شيء، وقال في "الهدي النبوي": ولم يُحفظ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول على وضوئه شيئًا غير التسمية في أوله، «وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين» في آخره، وكل حديث في أذكار الوضوء الذي يُقال عليه فكذب مختلق.
[1/75] باب ما جاء في الموالاة
317 - عن خالد بن مَعْدَان عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يُصلي في ظهر قدميه لمعةٌ قدر الدرهم لم يُصبها الماء، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن
_________
(1) أحمد (4/145، 153) ، مسلم (1/209) ، الترمذي (1/78) .(1/110)
يُعيد الوضوء» رواه أحمد وأبو داود (1) ، وزاد: «الصلاة» ، قال الأثرم: قلت لأحمد: هذا إسناد جيد؟ قال: جيد.
318 - وعن عمر بن الخطاب: «أن رجلًا توضأ، فترك موضع ظفر قدميه، فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ارجع فأحسن وضوءك، قال: فرجع فتوضأ ثم صلّى» رواه أحمد ومسلم (2) ، ولم يذكر «فتوضأ»
[1/76] باب المعاونة في الوضوء
319 - عن المغيرة بن شعبة: «أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، وأنه ذهب لحاجة له، وأن المغيرة جعل يصب الماء عليه، وهو يتوضأ، فغسل وجهه ويديه، ومسح برأسه، ومسح على الخفين» أخرجاه (3) .
320 - وأما ما رُوي: «أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر وقد بادر ليصب الماء على يديه: أنا لا أستعين في وضوئي بأحد» فقال النووي (4) : حديث باطل لا أصل له.
321 - قلت: وقد ثبت استعانته - صلى الله عليه وسلم - لجماعة من الصحابة في صب الماء فقط، كحديث صفوان بن عسّال قال: «صببت الماء على النبي - صلى الله عليه وسلم - في السفر والحضر
_________
(1) أحمد (3/424) ، أبو داود (1/45) .
(2) أحمد (1/21، 23) ، مسلم (1/215) .
(3) البخاري (1/78) ، مسلم (1/229) .
(4) الحديث لا أصل له، وانظر التلخيص (1/167) ، والمجموع (1/382) .(1/111)
في الوضوء» رواه ابن ماجه والبخاري في التاريخ (1) ، وفيه ضعف وشواهده كثيرة.
322 - وحديث استعانته - صلى الله عليه وسلم - بالرُّبيع بنت معوذ في صب الماء على يديه. رواه ابن ماجه والدارمي (2) ، قال في "الخلاصة": وإسناده حسن.
323 - وحديث استعانته - صلى الله عليه وسلم - بأسامة. متفق عليه (3) .
[1/77] باب ما جاء في تنشيف الأعضاء بعد الوضوء
324 - عن قيس بن سعد قال: «زارنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في منزلنا، فأمر له سعد بغسل، فوضع له فاغتسل، ثم ناوله ملحفة مصبوغة بزعفران أو ورس، فاشتمل بها» رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود (4) ، وقد اختلف في وصله وإرساله، ورجاله رجال الصحيح، وقال في "الخلاصة": إسناده صحيح، لكن قال الحازمي: مُختلف في إسناده.
325 - وعن عائشة قالت: «كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خرقة يتنشف بها»
326 - وعن مُعاذ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه» أخرجهما الترمذي (5) ، وفي إسناد الأول متروك، وفي إسناد الثاني ضعيف، وقال
_________
(1) ابن ماجه (1/138) ، البخاري في التاريخ (3/96) .
(2) ابن ماجه (1/138) ، الدارمي (1/187) .
(3) البخاري (2/600) ، مسلم (2/931، 934) ، أحمد (5/200) .
(4) أحمد (3/421) ، ابن ماجه (1/158) ، أبو داود (4/347) جزء من قصة طويلة عند أحمد وأبي داود، ومختصر عند ابن ماجه.
(5) حديث عائشة أخرجه الترمذي (1/74) ، وحديث معاذ أخرجه الترمذي (1/75) .(1/112)
الترمذي بعد أن روى الحديث: ليس بالقائم، ولا يصح فيه شيء، وقال في "الهدي النبوي": لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتاد التنشيف بعد الوضوء، ولا صح عنه في ذلك حديث البتة؛ بل الذي صح عنه خلافه. انتهى.(1/113)
أبواب المسح على الخفين
[1/78] باب ما جاء في مشروعيته
327 - عن جرير: «أنه بال ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل له: تفعل هكذا؟ قال: نعم. رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال، ثم توضأ ومسح على خفيه، قال إبراهيم: فكان يعجبهم هذا الحديث؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة» متفق عليه (1) ، وفي رواية للترمذي (2) : «رأيت جرير بن عبد الله توضأ ومسح على خفيه، فقلت له: أقبل المائدة أو بعد المائدة؟ فقال: ما أسلمت إلا بعد المائدة»
328 - وعن عبد الله بن عمر: «أن سعدًا حدّثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على الخفين، وأن ابن عمر سأل عن ذلك عمر، فقال: نعم. إذا حدثك سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فلا تسأل عنه غيره» رواه أحمد والبخاري (3) .
329 - وعن المغيرة بن شعبة قال: «كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فقضى حاجته، ثم توضأ ومسح على خفيه، فقال: يا رسول الله! أنسيت؟! قال: بل أنت نسيت، بهذا أمرني ربي عز وجل» رواه أحمد وأبو داود (4) بإسناد صحيح، وأحاديث المسح على الخفين صرح جماعة من الأئمة بتواترها، وقال ابن مندة: إنه روي حديث المسح عن ثمانين صحابيًا.
_________
(1) البخاري (1/151) ، مسلم (1/227) ، أحمد (4/358) .
(2) الترمذي (1/157، 2/510) .
(3) أحمد (1/15) ، البخاري (1/84) .
(4) أحمد (4/253) ، أبو داود (1/40) .(1/114)
قوله: «الخفين» الخف: النعل من أَدَمٍ يُغطي الكعبين.
[1/79] باب ما جاء في المسح على الموقين والجوربين والنعلين
330 - عن بلال قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الموقين والخمار» رواه أحمد والترمذي والطبراني والضياء في "المختارة" (1) ، ولأبي داود (2) : «كان يخرج يقضي حاجته، فآتيه بالماء فيتوضأ ويمسح على عمامته وموقيه»
331 - ولسعيد بن منصور في سننه (3) عن بلال قال: سمعت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «امسحوا على النصيف والموق» .
332 - وعن المغيرة بن شعبة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ومسح على الجوربين والنعلين» رواه الخمسة إلا النسائي (4) وصححه الترمذي، وقال أبو داود: ليس بمتصل.
قوله: «الموقين» هما ضرب من الخفاف، و «النصيف» بالنون والصاد المهملة وآخره فاء هو الخمار. قوله: «ومسح على الجوربين» الجورب: لفافة الرجل، أو الخف الكبير.
[1/80] باب اشتراط طهارة القدمين قبل لبس الخفين
333 - عن المغيرة بن شعبة قال: «كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ، فأهويت
_________
(1) أحمد (6/15) ، الترمذي (1/172) بلفظ: «على الخفين والخمار» ، الطبراني في "الكبير" (1/357، 362) .
(2) أبو داود (1/39) .
(3) ساق إسناده في "تنقيح التحقيق" (1/197) ، وأخرجه ابن عساكر (66/122) .
(4) أبو داود (1/41) ، الترمذي (1/167) ، ابن ماجه (1/185) ، أحمد (4/252) .(1/115)
لأنزع خفيه، فقال: دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما» متفق عليه (1) ، ولأبي داود (2) : «دع الخفين، فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان، فمسح عليهما» .
334 - وعنه قال: «قلنا: يا رسول الله! أيَمسح أحدنا على الخفين؟ قال: نعم إذا أدخلهما وهما طاهرتان» رواه الحميدي في مسنده (3) .
335 - وعن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على خفيه، فقلت: يا رسول الله! رجليك لم تغسلهما؟ فقال: إني أدخلتهما وهما طاهرتان» رواه أحمد (4) ، وفي إسناده رجل لم يُسم، قاله في "مجمع الزوائد".
336 - وعن صفوان بن عسّال قال: «أمرنا -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - - أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر» رواه أحمد وابن خزيمة، وقال الخطابي: صحيح الإسناد، وأخرجه النسائي والترمذي (5) وصححه.
[1/81] باب ما جاء في توقيت مدة المسح للمقيم والمسافر
337 - عن صفوان بن عسّال قال: «أمرنا -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -- أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثًا إذا سافرنا، ويومًا وليلة إذا أقمنا، ولا
_________
(1) البخاري (1/85، 5/2185) مسلم (1/230) ، أحمد (4/251) .
(2) أبو داود (1/38) .
(3) الحميدي (2/335) .
(4) أحمد (2/358) .
(5) انظر الحديث الآتي.(1/116)
نخلعهما من غائط ولا بول ولا نوم، ولا نخلعهما إلا من جنابة» رواه أحمد والنسائي والترمذي (1) ، ولفظه قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا إذا كنا سفرًا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائط وبول ونوم» ، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه أيضًا ابن خزيمة والخطابي، وقد تقدم قبل هذا الباب، وقال البخاري: إنه أصح حديث في التوقيت وصححه أيضًا ابن حبان.
338 - وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما» أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه وابن خزيمة (2) وصححه أيضًا، وقال الخطابي: هو صحيح الإسناد، وقال البخاري: حديث حسن، وقال الشافعي: إسناده صحيح.
339 - وعن علي بن أبي طالب قال: «جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويومًا وليلة للمقيم، يعني في المسح على الخفين» أخرجه أحمد ومسلم والنسائي (3) .
340 - وعن خزيمة بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه سُئل عن المسح على
_________
(1) أحمد (4/239) ، النسائي (1/83، 98) ، الترمذي (1/159، 5/545، 546) ، ابن خزيمة (1/97) .
(2) الدارقطني (1/194، 204) ، ابن خزيمة (1/96) ، وهو عند ابن ماجه (1/184) ، وابن حبان (4/154، 157) ، والبيهقي (1/276) .
(3) أحمد (1/134) ، مسلم (1/232) ، النسائي (1/84) .(1/117)
الخفين، فقال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (1) وصححه يحيى بن معين وابن حبان، ومال إليه صاحب "الإلمام" وصححه.
341 - وعن ابن أبي عمارة أنه قال: «يا رسول الله! أمْسَحُ على الخفين؟ قال: نعم. قال: يومًا؟ قال: نعم. قال: ويومين؟ قال: نعم. قال: وثلاثة؟ قال: نعم. وما شئت» أخرجه أبو داود (2) وقال: ليس بالقوي، وقال أحمد: رجاله لا يعرفون، وقال الدارقطني: إسناده لا يثبت، وضعفه جماعة من الأئمة، وخالف الحاكم فصححه.
[1/82] باب في أن المسح ليس إلا لظاهر الخف
342 - عن علي رضي الله عنه قال: «لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على خفيه» رواه أبو داود والدارقطني (3) ، قال في "بلوغ المرام": بإسناد حسن، وقال في "التلخيص": إسناده صحيح.
343 - وعن المغيرة بن شعبة قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظهور الخفين» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (4) بمعناه وحسنه.
344 - وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح أعلى الخف وأسفله» رواه الخمسة إلا
_________
(1) أحمد (5/213) ، أبو داود (1/40) ، الترمذي (1/158) .
(2) أبو داود (1/40) .
(3) أبو داود (1/42) ، الدارقطني (1/204) .
(4) أحمد (4/246) ، أبو داود (1/41) ، الترمذي (1/165) .(1/118)
النسائي (1) ، وقال الترمذي: حديث معلول لم يُسنده عن ثور (2) غير الوليد بن مسلم، وسألت أبا زرعة ومحمداً عن هذا الحديث، فقالا: ليس بصحيح.
_________
(1) أبو داود (1/42) ، الترمذي (1/162) ، ابن ماجه (1/183) ، أحمد (4/251) .
(2) هو ثور بن يزيد الكلاعي أبو خالد الحمصي أحد الحفاظ. اهـ خلاصة.(1/119)
أبواب نواقض الوضوء
[1/83] باب الوضوء من الحدث
345 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ، فقال رجل من أهل حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساءٌ أو ضراط» متفق عليه (1) .
346 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح» أخرجه أحمد والترمذي وصححه وابن ماجه والبيهقي (2) ، وقال: حديث ثابت، وفي رواية للترمذي (3) وقال: حسن صحيح: «إذا كان أحدكم في المسجد، فوجد ريحًا بين إليتيه، فلا يخرج حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا» ، ولمسلم (4) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا، فأشكل عليه أخرج أم لا، فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا» وسيأتي في كتاب الصلاة أحاديث من ذلك.
347 - وعن علي بن أبي طالب قال: «كنتُ رجلًا مذَّاءً، فأمرتُ المقدادَ أن يَسْألَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأله، فقال: فيه الوضوء» أخرجاه، وفي رواية لمسلم: «يغسل
_________
(1) البخاري (1/63) ، مسلم (1/204) ، ولم يذكر: (فقال رجل من أهل حضرموت) إلخ، أحمد (2/308، 318) .
(2) أحمد (2/471) ، الترمذي (1/109) ، ابن ماجه (1/172) ، البيهقي (1/117، 220) .
(3) الترمذي (1/109) .
(4) مسلم (1/276) .(1/120)
ذكره ويتوضأ» وقد تقدم (1) في الطهارة.
[1/84] باب الوضوء من الخارج من غير السبيلين
348 - عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاء فتوضأ، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق، فذكرت له ذلك، فقال: صدق، أنا صببتُ له وَضوءه» رواه أحمد وأبو داود (*) (2) ، وقال: هو أصح شيء في هذا الباب. وهو عند أصحاب السنن الثلاث وابن الجارود وابن حبان والدارقطني والبيهقي والطبراني وابن مندة والحاكم (3) بلفظ: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاء فأفطر» قال ابن مندة: إسناده صحيح متصل، وتركه الشيخان لاختلاف في إسناده.
349 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أصابه قيءٌ أو رُعاف أو قلس أو مذي، فلينصرف فليتوضأ، ثم ليبنِ على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم» أخرجه ابن ماجه والدارقطني (4) ، وضعفه أحمد وابن معين، والصحيح إرساله.
350 - وعن أنس قال: «احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل
_________
(1) تقدم برقم (49) .
(2) الترمذي (1/142-143) (87) .
(3) أبو داود (2/310) (2381) ، النسائي في "الكبرى" (2/213، 214، 215) ، ابن الجارود (1/15) (8) ، أحمد (5/195، 227، 6/443) ، ابن حبان (3/377) (1097) ، الدارقطني (1/158، 2/181) ، البيهقي (1/144، 4/220) ، الطبراني في "الأوسط" (4/99) ، الحاكم (1/588) ، الدارمي (1/142) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/96) .
(4) ابن ماجه (1/385) ، الدارقطني (1/153) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال رواه أحمد وأبو داود. وهذا اللفظ لم يخرجه إلا الترمذي، وأحمد لم يروه بنفس اللفظ وإنما رواه باللفظ الثاني، وبالنسبة لأبي داود، فلعله خطأ مطبعي واللفظ للترمذي وقال: هو أصح شيء في هذا الباب برقم (1/143) . ثم قال المصنف في الرواية الثانية، وهو عند أصحاب السنن الثلاث، ولم أجده إلا عند أبي داود والنسائي(1/121)
محاجمه» رواه الدارقطني والبيهقي (1) بإسناد ضعيف.
قوله: «قلس» القلس: بالتحريك وقيل بالسكون ما خرج من الجوف وملأ الفم أو دونه، وليس بقيء، فإن عاد فهو القيء، هكذا في "مختصر النهاية".
[1/85] باب ما جاء في الوضوء من النوم
351 - عن صفوان بن عسَّال قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا إذا كُنا في سفر أن لا ننزع أخفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، لكن من غائطٍ وبولٍ ونوم» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه، وقد تقدم (2) .
352 - وعن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «العين وكاء السَّهِ، فمن نام فليتوضأ» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والدارقطني (3) بإسناد ضعيف، وأمّا ابن السكن فذكره في سننه الصحاح.
353 - وعن معاوية قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «العين وكاء السّه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء» رواه أحمد والدارقطني والطبراني (4) ، وزاد «فمن نام فليتوضأ» وإسناده ضعيف، وقد حسن هذا الحديث ابن الصلاح والنووي، وأخرجه ابن السكن في سننه الصحاح، وجمهور الأئمة على القول بضعف هذا الحديث.
354 - وعن أنس قال: «كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة
_________
(1) الدارقطني (1/151) ، البيهقي (1/141) .
(2) تقدم برقم (337) .
(3) أحمد (1/111) ، أبو داود (1/52) ، ابن ماجه (1/161) ، الدارقطني (1/161) .
(4) أحمد (4/96) ، الدارقطني (1/160) ، الطبراني في "الكبير" (19/372) .(1/122)
حتى تخفق رءوسهم، ثم يصلون ولا يتوضئون» رواه أبو داود ورجاله ثقات والترمذي (1) ، وصححه الدارقطني، وأصله في مسلم (2) بلفظ: «كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون»
355 - وعن قتادة عن أنس بلفظ: «كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون» رواه مسلم وأبو داود (3) بمعناه، وفي رواية (4) قال: قلت: سمعته من أنس، قال: إي والله.
356 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على من نام ساجدًا وضوء حتى يضطجع، فإذا اضطجع استرخت مفاصله» رواه أحمد، وقال في "مجمع الزوائد": رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله موثوفون، وقال في "الخلاصة": حديث ابن عباس أخرجه أحمد وأبو داود بإسناد منقطع والترمذي (5) ، وهو ضعيف باتفاقهم، وأما ابن السكن فذكره في صحاحه.
357 - وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من نام وهو جالس فلا وضوء عليه، فإذا وضع جنبه فعليه الوضوء» رواه الطبراني (6) ، وقال في
_________
(1) أبو داود (1/51) ، الترمذي (1/113) .
(2) انظر الحديث الآتي.
(3) مسلم (1/284) ، أبو داود (1/51) ، وهو عند أحمد (3/277) .
(4) الرواية لمسلم (1/284) .
(5) أحمد (1/256) ، أبو يعلى (4/369) ، ورواه بلفظ «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نام وهو ساجد» وقريبًا منه الترمذي (1/111) ، وأبو داود (1/52) .
(6) الطبراني في "الأوسط" (6/152) .(1/123)
"مجمع الزوائد": فيه الحسن بن أبي جعفر، ضعّفه البخاري وغيره، وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، ولا يتعمد الكذب، ولأبي داود والترمذي والدارقطني (1) بلفظ: «لا وضوء على من نام قاعدًا إنما الوضوء على من نام مضطجعًا» والحديث إسناده ضعيف؛ لأن في إسناده يزيد بن عبد الرحمن الدالاني، قال أحمد: لا بأس به، ووثقه أبو حاتم وضعفه الآخرون، وأنكروا سماعه من قتادة.
358 - وللحديث شواهد كلها ضعيفة إلا الموقوف على أبي هريرة (2) ، فقال الحافظ: إسناده جيد، والظاهر أن ذلك لا يُقال من قبيل الاجتهاد، فله حكم الرفع.
[1/86] باب ما جاء في الوضوء من مس المرأة
وقوله تعالى: ((أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا)) [النساء:43] وقرئ ((أو لمستم)) .
359 - عن معاذ بن جبل قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقال: يا رسول الله! ما تقول في رجل لقي امرأة يعرفها، فليس يأتي الرجل من امرأته شيئًا إلا قد أتى منها غير أنه لم يجامعها، قال: فأنزل الله تعالى هذه الآية: ((وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنْ اللَّيْلِ ... الآية)) [هود:114] ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: توضأ ثم صل» رواه أحمد والدارقطني (3) بإسناد منقطع.
360 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا
_________
(1) لكن من حديث ابن عباس المتقدم لا ابن عَمرو.
(2) البيهقي (1/119) ، وعبد الرزاق (1/129) .
(3) أحمد (5/244) ، الدارقطني (1/134) .(1/124)
يتوضأ» رواه أبو داود والنسائي والترمذي (1) مرسلًا، وقال النسائي: ليس في هذا الباب أحسن من هذا الحديث وإن كان مرسلًا، وضعّفه البخاري، وقال ابن حزم لا يصح في هذا الباب شيء، وصححه ابن عبد البر وجماعة، وله شواهد أحسنها الحديث الذي بعد هذا.
361 - وعن عائشة قالت: «إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة، حتى إذا أراد أن يُوتر مسني برجله» رواه النسائي (2) ، قال الحافظ: بإسناد صحيح.
362 - وعنها قالت: «فقدت النبيص ليلة من الفراش، فالتمسته، فوضعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبان، وهو يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» رواه مسلم والترمذي (3) وصححه.
وهذه الأحاديث قد أفادت أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء، واللمس في الآية قد فسره ابن عباس بالجماع، وهو أعلم بمعاني التنزيل.
[1/87] باب ما جاء في الوضوء من مسّ الفرج
363 - عن بُسْرة بنت صفوان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مس ذكره فلا يُصل حتى يتوضأ» رواه الخمسة (4) وصححه الترمذي، وقال البخاري: هو أصح شيء في
_________
(1) أبو داود (1/45) ، النسائي (1/104) ، الترمذي (1/133) .
(2) النسائي (1/101) .
(3) مسلم (1/352) ، الترمذي (5/524) .
(4) أبو داود (1/46) ، النسائي (1/216) ، الترمذي (1/126) ، ابن ماجه (1/161) ، = = أحمد (6/406) .(1/125)
هذا الباب، وفي رواية لأحمد والنسائي (1) عن بُسرة أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ويُتوضأ من مس الذكر» وصحح الحديث أيضًا أحمد والدارقطني وابن معين وابن حبان والحاكم على شرطهما.
364 - وعن أم حبيبة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من مسّ فرجه فليتوضأ» رواه ابن ماجه والأثرم (2) وصححه أحمد وأبو زرعة.
365 - وفي رواية للترمذي (3) من حديث بُسرة مرفوعًا: «من مسّ فرجه فليتوضأ» ، وفي أخرى (4) : «إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه فليتوضأ» .
366 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أفضى بيده إلى ذكره ليس دونه ستر، فقد وجب عليه الوضوء» رواه أحمد وابن حبان في صحيحه (5) ، وقال: حديث صحيحٌ سَنَدُه، عدولٌ نَقَلَتُه، وصححه الحاكم وابن عبد البر.
367 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل مسّ فرجه فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ» رواه أحمد والدارقطني (6) ، وقال الذهبي في "التنقيح": إسناده قوي، وقال ابن حجر: رجاله
_________
(1) أحمد (6/407) ، النسائي (1/100) ، ابن حبان (3/397) (1113) ، الدارقطني (1/147) .
(2) ابن ماجه (1/162) .
(3) النسائي (1/216) .
(4) النسائي (1/216) .
(5) أحمد (2/333) ، ابن حبان (3/401) .
(6) أحمد (2/223) ، الدراقطني (1/147) .(1/126)
ثقات، وقد وردت أحاديث تخالف ذلك.
368 - وعن طلق بن علي قال: «قال رجل: مسست، أو الرجل يمس ذكره في الصلاة عليه وضوء؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا. إنما هو بضعة منك» أخرجه الخمسة (1) ، وصححه ابن حبان والطبراني وابن حزم، وقال ابن المديني: هو أحسن من حديث بسرة، وضعفه الشافعي وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي، وحديث بُسرة قد عَمِلَ به الجمهور، وشواهده كثيرة مع أنه قد رُوي عن طلق بن علي نفسه حديث: «من مس فرجه فليتوضأ» أخرجه الطبراني (2) وصححه.
[1/88] باب الوضوء للمستحاضة
369 - عن عائشة قالت: «جاءت فاطمة بنت أبي حُبَيْش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إني امرأة أُستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال: لا. إنما ذلك عِرقٌ، وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك أثر الدم وصلي وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه ابن حبان، وأخرجه أبو داود (3) وضعّفه.
_________
(1) أبو داود (1/46) ، النسائي (1/101) ، الترمذي (1/131) ، ابن ماجه (1/163) ، أحمد (4/22) .
(2) الطبراني (8/334) .
(3) الترمذي (1/217) ، أبو داود (1/75) .، وأصل القصة في الصحيحين، وسيأتي في باب الغسل من الحيض.(1/127)
370 - وعن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في المستحاضة: «تدع الصلاة أيام إقرائها التي كانت تحيض فيها، ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة، وتصوم وتصلي» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي (1) ، وروى صاحب "المنتقى" أن الترمذي حسّنه، ولم أجده في نسختي، وقال الترمذي: هذا حديث تفرد به شريك عن أبي اليقظان. انتهى. وأبو اليقظان ضعيف لا يُحتج بحديثه، وضعّف الحديث أبو داود وقال: لا يصح.
[1/89] باب الوضوء من لحوم الإبل
371 - عن جابر بن سَمُرة: «أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت، قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم» أخرجه مسلم وأحمد (2) .
372 - وروى نحوه أبو داود والترمذي وابن ماجه (3) وغيرهم من حديث البراء بن عازب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «توضئوا من لحوم الإبل، ولا تتوضئوا من لحوم الغنم» ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان وأحمد وابن راهوية، وقال ابن خزيمة: لم أرَ خلافًا بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح.
373 - وعن ذي الغرة (4) «أنه قال أعرابي للنبي - صلى الله عليه وسلم - أنتوضأ من لحوم
_________
(1) أبو داود (1/80) ، ابن ماجه (1/204) ، الترمذي (1/220) .
(2) مسلم (1/275) ، أحمد (5/92) .
(3) أبو داود (1/47) ، الترمذي (1/123) ، ابن ماجه (1/166) .
(4) ذو الغرة الجهني، صحابي له حديثان، وعنه عبد الرحمن بن أبي ليلى حكى الأمير أبو نصر عن = = بعضهم أنه البراء بن عازب. اهـ. "خلاصة".(1/128)
الإبل؟ قال: نعم. قال: أفنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: لا» مختصر من حديث عبد الله بن أحمد في مسند أبيه، وأخرجه الطبراني (1) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد موثوقون، وقد أخرج معناه أبو داود والترمذي وابن ماجه (*) ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان وأحمد.
[1/90] باب الوضوء للصلاة والطواف ومس المصحف
374 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول» رواه الجماعة إلا البخاري (**) (2) .
375 - وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن كتابًا، وكان فيه: لا يمس القرآن إلا طاهر» رواه الأثرم والدارقطني (3) ، وهو لمالك في الموطأ مرسلًا (4) ، وقد احتج به أحمد، وقال ابن عبد البر: إنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول، وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم كتابًا أصح من هذا الكتاب، فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين يرجعون إليه، قال الحاكم: حكم له بالصحة عُمر بن عبد العزيز والزهري.
376 - قلت: ويشهد لصحته حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) أحمد (4/67، 5/112) ، الطبراني في "الكبير" (22/276) ، الترمذي (1/124) .
(2) مسلم (1/204) ، الترمذي (1/5) ، ابن ماجه (1/100) ، أحمد (2/19، 57) .
(3) الدارقطني (1/122) .
(4) مالك (1/199) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
وأخرج معناه أبو داود والترمذي وابن ماجه، أما الترمذي فذكر الطريق دون اللفظ، وأما ابن ماجه وأبو داود فإن معناه مخرج من حديث البراء، وهو في تخريج الحديث قبل هذا فليحرر.
(**) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
وهو عند أبي داود (1/16) (59) والنسائي (1/87) ، وابن ماجه (271) عن أبي المليح عن أبيه، ولم أجده من حديث ابن عمر.(1/129)
قال: «لا يمس القرآن إلا طاهر» ، قال في "مجمع الزوائد": رواه الطبراني في "الكبير" و"الصغير" (1) ورجاله مُوثّقُوُن.
377 - وعن طاوس عن رجل قد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الطواف بالبيت صلاة، فإذا طفتم فأقلوا الكلام» رواه أحمد والنسائي (2) .
378 - وأخرجه الترمذي والحاكم والدارقطني (3) من حديث ابن عباس، وصححه ابن السكن وابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (12/313) ، الصغير (2/277) .
(2) أحمد (3/414، 4/64، 5/377) ، النسائي (5/222) .
(3) الترمذي (3/293) ، الحاكم (1/630) ابن حبان (9/143) ، وابن خزيمة (4/222) ، والنسائي في الكبرى (2/406) ، والبيهقي (5/85، 87) ، والطبراني في الكبير (11/34) .(1/130)
أبواب ما يستحب الوضوء لأجله
[1/91] باب الوضوء مما مسته النار والرخصة في تركه
379 - عن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «توضئوا مما مسته النار»
380 - وعن عائشة وزيد بن ثابت مثله. الجميع رواهن أحمد ومسلم والنسائي (1) .
381 - وله (2) في رواية أن ابن عباس قال: «أتوضأ من طعام أجده في كتاب الله حلالًا؛ لأن النار مسّته؟ فجمع أبو هريرة حصًى، فقال: أشهد عدد هذه الحصى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: توضئوا مما مسته النار»
382 - وعن ميمونة قالت: «أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتف شاة، ثم قام فصلى ولم يتوضأ» .
383 - وعن عمرو بن أمية الضَّمري قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحز من كتف شاة، فأكل منها، فدعي إلى الصلاة، فقام وطرح السكين وصلى ولم يتوضأ» متفق عليهما (3) .
_________
(1) الحديث الأول: أحمد (2/265) ، مسلم (1/272) ، النسائي (1/105، 106) . الحديث الثاني: عن عائشة: أحمد (6/89) ، مسلم (1/273) ، النسائي الحديث الثالث: عن زيد بن ثابت. أحمد (5/184) ، مسلم (1/272) ، النسائي (1/107) .
(2) النسائي (1/105) ، أحمد (2/529) .
(3) الحديث الأول: البخاري (1/86) ، مسلم (1/274) ، أحمد (6/331) ، الحديث الثاني: = = البخاري (1/239) ، مسلم (1/274) ، أحمد (4/179) .(1/131)
384 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاة وصلى ولم يتوضأ» أخرجاه (1) .
385 - وعن أبي رافع قال: «أشهد لقد كنت أشوي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطن الشاة ثم صلّى ولم يتوضأ» رواه مسلم (2) .
386 - وعن جابر قال: «أكلت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومع أبي بكر وعمر خبزًا ولحمًا فصلوا ولم يتوضئوا» رواه أحمد والضياء في "المختارة" (3) .
387 - وعن جابر: «كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مسته النار» رواه أبو داود والنسائي والترمذي (*) وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان (4) ، وفي إسناده مقال، وقد صححه ابن حبان وابن خزيمة وابن السكن كما في "الخلاصة"، وقال النووي في "شرح مسلم": حديث جابر حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وغيرهما من أصحاب السنن (5) بأسانيدهم الصحيحة.
[1/92] باب فضل الوضوء لكل صلاة
388 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم
_________
(1) البخاري (1/86) ، مسلم (1/273) .
(2) مسلم (1/274) .
(3) أحمد (3/304) .
(4) أبو داود (1/49) ، النسائي (1/108) ، ابن خزيمة (1/28) ، ابن حبان (3/416- 417) .
(5) في الأصل: وغيرهما من السنن.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
رواية الترمذي لم أجدها، وإنما ساقه الترمذي كقول للأئمة أنهم رأو ترك الوضوء مما مسته النار (1/119) ، ولم أجده عند ابن ماجه.(1/132)
عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء سواك» رواه أحمد بإسناد صحيح، وقد أخرج نحوه النسائي وابن خزيمة والبخاري (1) تعليقًا من حديثه.
389 - وروى نحوه ابن حبان في صحيحه (2) من حديث عائشة.
390 - وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ عند كل صلاة، قيل له: فأنتم كيف تصنعون؟ قال: كنا نصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم نُحدث» رواه الجماعة إلا مسلمًا (3) .
391 - وعن بُرَيْدَة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال عمر: لقد صنعت باليوم شيئًا لم تكن تصنعه! فقال: عمدًا صنعته يا عمر!» رواه مسلم وأبو داود (4) ، وزاد الترمذي والنسائي (5) في أوله: «أنه كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ لكل صلاة» ، وقال: حديث حسن صحيح.
392 - وفي رواية للترمذي وأبي داود (6) من حديث جابر «أنه - صلى الله عليه وسلم - صلّى الظهر والعصر بوضوء واحد» .
393 - وعن عبد الله بن حنظلة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أُمِر بالوضوء لكل
_________
(1) أحمد (2/258) ، وأخرج نحوه ابن خزيمة (1/73) ، والبخاري تعليقاً (2/682) .
(2) ابن حبان (3/352) .
(3) البخاري (1/87) ، أبو داود (1/44) ، النسائي (1/85) ، الترمذي (1/88) ، ابن ماجه (1/170) ، أحمد (3/132، 133، 194، 260) .
(4) مسلم (1/232) ، أبو داود (1/44) .
(5) الترمذي (1/90) ، النسائي (1/86) .
(6) لم نجده عند أبي داود، والترمذي قال: وفي الباب عن جابر، ولم يسق سنده.(1/133)
صلاة طاهرًا كان أو غير طاهر، فلمّا شق ذلك عليه، أُمر بالسواك عند كل صلاة، ووضع عنه الوضوء إلا من حدث» رواه أحمد وأبو داود (1) ، وفي إسناده محمد بن إسحاق وقد عنعن.
394 - ورواه أبو داود والترمذي (2) بإسناد ضعيف عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من توضأ على طُهرٍ كتب الله له به عشر حسنات»
395 - وأما حديث: «الوضوء على الوضوء نور يوم القيامة» ، فقال في المقاصد ذكره الغزالي في الإحياء، وقال مخرجه: لم أقف عليه، وأما شيخنا فقال: إنه حديث ضعيف رواه أبي رزين في "مسنده" (3) . انتهى.
[1/93] باب استحباب الطهارة لذكر الله والرخصة في تركها
396 - عن المهاجر (4) بن قُنفُذ: «أنه سلّم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتوضأ، فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه، فرد عليه، وقال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة» رواه أحمد وابن ماجه بنحوه وقد تقدم (5) .
397 - وعن أبي جُهيم بن الحارث «أن رجلًا سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يرد
_________
(1) أحمد (5/225) ، أبو داود (1/12) .
(2) أبو داود (1/16) ، الترمذي (1/87، 90) .
(3) "المقاصد الحسنة" (ص/451- 452) للسخاوي.
(4) المهاجر بن قنفذ بن عمير بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم التميمي، أسلم زمن الفتح وعنه حصين بن المنذر. اهـ. خلاصة.
(5) تقدم برقم (97) .(1/134)
النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام» متفق عليه (1) ومن الرخصة في ترك الطهارة لذكر الله حديث: «كان لا يحجره عن القراءة شيء ليس الجنابة» ، وسيأتي (2) في باب تحريم القرآن على الحائض، فإنه مُشعر بجواز قراءة القرآن في جميع الحالات إلا في حالة الجنابة، والقرآن أشرف الذكر، فجواز غيره بالأولى.
398 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه» رواه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي، وأخرجه مسلم والبخاري (3) تعليقًا.
[1/94] باب شرعية الوضوء لمن أراد النوم وتأكيده للجنب
وشرعيته للأكل والشرب والعود للجماع
399 - عن البراء بن عازب قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجأ منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، فإن مِتّ من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر
_________
(1) البخاري (1/129) ، مسلم (1/281) ، أحمد (4/169) .
(2) سيأتي برقم (428) .
(3) أبو داود (1/5) ، الترمذي (5/463) ، ابن ماجه (1/110) ، أحمد (6/153) ، مسلم (1/282) ، والبخاري (1/227) تعليقاً.(1/135)
ما تتكلم به» رواه أحمد والبخاري والترمذي (1) .
400 - وعن عمر قال: «يا رسول الله! أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم. إذا توضأ» .
401 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه، وتوضأ وضوءه للصلاة» رواهما الجماعة (*) (2) ،
ولأحمد ومسلم (3) من حديثها قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان جنبًا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ»
402 - وعن عمار بن ياسر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة» رواه أحمد والترمذي (4) وصححه.
403 - وعن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود فليتوضأ» رواه الجماعة إلا البخاري (5) ، وقد ورد الرخصة في ترك ذلك.
404 - عن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يأكل أو يشرب وهو
_________
(1) أحمد (4/292) ، البخاري (1/97) ، الترمذي (5/567) ، وهو عند مسلم (4/2081) .
(2) الحديث الأول: البخاري (1/110) ، مسلم (1/248، 249) ، أبو داود (1/57) ، النسائي (1/139) ، الترمذي (1/206) ، ابن ماجه (1/193) ، أحمد (1/17،35) .
الحديث الثاني: موجود بنفس الأرقام السابقة إلا عند أحمد (6/36) ، ولم أجده عند الترمذي.
(3) أحمد (6/192) ، مسلم (1/248) .
(4) أحمد (4/320) ، الترمذي (2/511) ، وهو عند أبي داود (1/57) .
(5) مسلم (1/249) ، أبو داود (1/56) ، النسائي (1/142) ، الترمذي (1/261) ، ابن ماجه (1/193) ، أحمد (3/28) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
الحديث الذي رواه الجماعة إنما أشار إليه الترمذي (1/35) بقوله: وفي الباب عن عائشة دون أن يذكر الحديث. وهو أيضًا عند الدارقطني (1/117) ، والبيهقي (1/309) .(1/136)
جنب يغسل يديه ثم يأكل ويشرب» رواه أحمد والنسائي (1) .
405 - وعنها أيضًا قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان له حاجة إلى أهله أتاهم، ثم يعود ولا يمس ماء» رواه أحمد (2) .
ولأبي داود والترمذي (3) : «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينام وهو جنب ولا يمس ماء» والحديث قال أحمد: ليس بصحيح، انتهى وفيه وهم وغلط.
406 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما أُمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة» أخرجه أصحاب السنن (4) .
407 - وعن ابن عمر: «أنه سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم. ويتوضأ إن شاء» رواه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحهما (5) .
[1/95] باب ما جاء في الوضوء من حمل الميت
408 - عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من غسل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ» أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه، وقال أحمد: لا يصح في
_________
(1) أحمد (6/279) ، النسائي (1/139) .
(2) أحمد (6/109) .
(3) سيأتي برقم (441) .
(4) أبو داود (3/345) ، النسائي (1/85) ، الترمذي (4/282) ، وهو عند مسلم بمعناه (1/282،283) ، وأحمد (1/282، 283) .
(5) ابن حبان (4/18) ، ابن خزيمة (1/106) .(1/137)
هذا الباب شيء، وسيأتي (1) في الغسل.
[1/96] باب الوضوء من مس الصنم
409 - عن بُرَيدَة بن الحُصَيْب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مسَّ صنمًا فليتوضأ» رواه البزار (2) بإسناد ضعيف.
_________
(1) سيأتي برقم (450) .
(2) كما في "كشف الأستار": (ص/146) .(1/138)
أبواب الغسل
[1/97] باب الغسل من المني
410 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الماء من الماء» رواه مسلم وأصله في البخاري (1) .
411 - وعن علي رضي الله عنه قال: «كنتُ رجلًا مذَّاءً، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: في المذي الوضوء، وفي المني الغسل» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي (2) وصححه، ولأحمد (3) قال: «إذا حَذَفْتَ الماء فاغتسل من الجنابة، فإن لم تكن حاذفًا فلا تغتسل» وفي تصحيح الترمذي لهذا الحديث مقال، ولعله لِمَا له من الشواهد، قال الترمذي: وقد روي عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه.
412 - وعن أم سلمة: «أن أم سليم قالت: يا رسول الله! إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة الغُسل إذا احتلمت؟ قال: نعم. إذا رأت الماء، فقالت أم سلمة: وتحتلم المرأة؟ فقال: تربت يداك فبما يشبهها ولدها» أخرجاه (4) .
قوله: «حذفتَ» بالحاء المهملة والذال المعجمة، أي: رَمَيتَ، والرمي لا يقع إلا عن شهوة.
_________
(1) مسلم (1/269) ، وهو عند أحمد (3/47) .
(2) أحمد (1/87، 109) ، ابن ماجه (1/168) ، الترمذي (1/193) .
(3) أحمد (1/107) .
(4) البخاري (1/60، 108، 3/1211، 5/2260) ، مسلم (1/251) ، وهو عند أحمد (6/302) والترمذي (1/209) ، والنسائي (1/114) .(1/139)
[1/98] باب الغسل من التقاء الختانين
413 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا جلس بين شُعَبِها الأربع، ثم جهدها، فقد وجب الغسل» متفق عليه (1) ، ولأحمد ومسلم (2) : «وإن لم يُنزل»
414 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قعد بين شعبها الأربع، ثم مسَّ الختانُ الختانَ، فقد وجب الغسل» رواه أحمد ومسلم والترمذي (3) وصححه، ولفظه: «إذا جاوز الختانُ الختانَ وجب الغسل» .
415 - وعن أُبيِّ بن كعب قال: «إن الفتيا التي كانوا يقولون: الماء من الماء رخصة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخّص بها في أول الإسلام، ثم أمرنا بالاغتسال بعدها» رواه أحمد وأبو داود (4) ، وفي لفظ: «إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم نهى عنها» رواه الترمذي (5) وصححه.
416 - وعن عائشة: «أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، وعائشة جالسة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل» رواه مسلم (6) .
_________
(1) البخاري (1/110) ، مسلم (1/271) ، أحمد (2/234، 393، 470، 520) .
(2) أحمد (2/347) ، مسلم (1/271) .
(3) أحمد (6/47، 112، 161) ، مسلم (1/271) ، الترمذي (1/181، 182) .
(4) أحمد (5/115، 116) ، أبو داود (1/55) .
(5) الترمذي (1/183) .
(6) مسلم (1/272) .(1/140)
417 - وعن رافع بن خديج قال: «ناداني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا على بطن امرأتي، فقمت ولم أُنزل، فاغتسلت وخرجت وأخبرته، فقال: لا عليك الماء من الماء، ثم أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بالغسل» رواه أحمد (1) وقد حسنه الحازمي، وفي تحسينه مقال.
418 - وهذه الأحاديث ناسخة لحديث أُبي بن كعب قال: «يا رسول الله! إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل؟ قال: يغسل ما مس المرأة منه ثم يتوضأ ويصلي» رواه البخاري (2) ، ولمسلم (3) : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الرجل يأتي أهله ثم لا ينزل: «يغسل ذكره ثم يتوضأ»
[1/99] باب ما جاء فيمن احتلم ولم يجد بَلَلًا
419 - قد تقدم (4) حديث أم سلمة: «أن أم سُلَيْم قالت: يا رسول الله! إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة الغسل إذا احتلمت؟ قال: نعم. إذا رأت الماء» أخرجاه وللترمذي والنسائي نحوه.
420 - وعن خَوْلَةَ بنت حكيم: «أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، فقال: ليس عليها الغسل حتى تنزل كما أن الرجل ليس عليه غسل حتى يُنزل» رواه أحمد والنسائي مختصراً، ولفظه: «أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة تحتلم في منامها، فقال: إذا رأت الماء فلتغتسل» ، وأخرجه ابن ماجه وابن أبي
_________
(1) أحمد (4/143) .
(2) البخاري (1/111) .
(3) مسلم (1/270) .
(4) تقدم برقم (412) .(1/141)
شيبة (1) وصححه السيوطي في "الجامع الكبير".
421 - وعن عائشة قالت: «سألتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلامًا، فقال: يغتسل، وعن الرجل يرى أن قد احتلم ولا يجد البلل، فقال: لا غُسل عليه، فقالت أم سُليم: المرأة ترى ذلك عليها الغسل؟ قال: نعم. إنما النساء شقائق الرجال» رواه الخمسة إلا النسائي (2) ، وفي إسناده عبد الله بن عمر العُمري، قال أحمد: صالح، وفي رواية عنه: لا بأس به، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، وقال ابن المديني: ضعيف.
[1/100] باب الكافر يغتسل إذا أسلم
422 - عن قيس بن عاصم: «أنه أسلم فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر» رواه الخمسة إلا ابن ماجه (3) ، وحسنه الترمذي، وصححه ابن السكن.
423 - وعن أبي هريرة: «أن ثمامة أسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اذهبوا به إلى حائط بني فلان، فمروه فليغتسل» رواه أحمد وعبد الرزاق والبيهقي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما (4) ، وأصله في الصحيحين (5) بدون الأمر بالغسل، وإنما فيهما أنه اغتسل.
_________
(1) أحمد (6/409) ، النسائي (1/115) ، ابن ماجه (1/197) ، ابن أبي شيبة (1/80) .
(2) أبو داود (1/61) ، الترمذي (1/190) ، ابن ماجه (1/200) ، ولم يذكر قول أم سلمة وما بعده، أحمد (6/256) .
(3) أبو داود (1/98) ، النسائي (1/109) ، الترمذي (2/502) ، أحمد (5/61) .
(4) أحمد (2/304، 483) ، عبد الرزاق (6/9، 10/318) ، البيهقي (1/171) ، ابن خزيمة (1/125) ، ابن حبان (4/41) .
(5) البخاري (1/176، 4/1589) ، مسلم (3/1386) .(1/142)
[1/101] باب الغسل من الحيض والاستحاضة
424 - عن عائشة: «أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي» رواه البخاري (1) ، وهو لهما (2) بلفظ: «فاغسلي عنك الدم وصلي» .
425 - وعنها قالت: «استحيضت زينب بنت جحش، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: اغتسلي لكل صلاة» رواه أبو داود (3) ، وحسن المنذري بعض طرقه.
426 - وعنها: «أن سهلة بنت سهيل بن عمرو استحيضت، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عن ذلك، فأمرها بالغسل عند كل صلاة، فلما جهدها ذلك أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر بغسل، والمغرب والعشاء بغسل، والصبح بغسل» رواه أحمد وأبو داود (4) بإسناد ضعيف.
427 - وعن عُرْوَةَ بن الزبير عن أسماء بنت عُمَيْس قالت: «يا رسول الله! إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصلي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا من الشيطان لتجلس في مركن، فإذا رأت صفرة فوق الماء فلتغتسل للظهر والعصر غُسلًا واحدًا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا، وتغتسل للفجر
_________
(1) البخاري (1/122) .
(2) البخاري (1/117، 125) ، مسلم (1/262) .
(3) أبو داود (1/78) .
(4) أحمد (6/119) ، أبو داود (1/79) .(1/143)
غسلًا واحدًا، وتتوضأ فيما بين ذلك» رواه أبو داود (1) بإسناد فيه مقال.
[1/102] باب تحريم القراءة على الحائض والجنب
428 - عن علي رضي الله عنه قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته ثم يخرج ويقرأ القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولا يحجبه، وربما قال: لا يحجره من القرآن شيء ليس الجنابة» رواه الخمسة (2) ، ولفظ الترمذي: «كان يُقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جُنبًا» ، وقال: حديث صحيح، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبزار والدارقطني والبيهقي وصححه ابن حبان وابن السكن وعبد الحق والبغوي في "شرح السنة" (3) .
429 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يقرأ الحائض ولا الجنب شيئًا من القرآن» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه (4) وإسناده ضعيف.
430 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن شيئًا» رواه الدارقطني (5) بإسناد ضعيف جدًا.
431 - وعن علي رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ثم قرأ
_________
(1) أبو داود (1/79) .
(2) أبو داود (1/59) ، النسائي (1/144) ، الترمذي (1/247) ، ابن ماجه (1/195) ، أحمد (1/84) .
(3) ابن خزيمة (1/104) ، ابن حبان (3/79) ، الحاكم (1/253) ، الدارقطني (1/119) ، البيهقي (1/88) ، البزار (2/284) (706) .
(4) الترمذي (1/236) (131) ، ابن ماجه (1/195، 196) (595، 596) ، البيهقي (1/89) .
(5) الدارقطني (2/87) .(1/144)
شيئًا من القرآن، ثم قال: هكذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا ولا آية» أخرجه أبو يعلى (1) ، قال في "مجمع الزوائد": بإسناد رجاله مُوثقّون.
[1/103] باب نهي الجنب والحائض عن اللبث في المسجد
وجواز العُبور فيه
432 - عن عائشة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إني لا أُحِلُّ المسجد لحائض ولا جنب» رواه أبو داود (2) ، وصححه ابن خزيمة، وحسنه ابن القطان.
433 - وعن أم سلمة قالت: «دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته: إن المسجد لا يَحِلُّ لحائض ولا لجنب» رواه ابن ماجه والطبراني (3) ، وفي إسناده مقال.
434 - وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ناوليني الخُمرة من المسجد، فقلت: إني حائض! فقال: إن حيضتك ليست في يدك» رواه الجماعة إلا البخاري (4) ، وحسنه الترمذي.
435 - وعن ميمونة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخل على إحدانا وهي حائض، فيضع رأسه في حجرها فيقرأ القرآن وهي حائض، ثم تقوم إحدانا بخمرته فتضعها
_________
(1) أبو يعلى (1/300) .
(2) أبو داود (1/60) .
(3) ابن ماجه (1/212) ، الطبراني في "الكبير" (23/373) .
(4) مسلم (1/244، 245) ، أبو داود (1/68) ، النسائي (1/146، 192) ، الترمذي (1/241-242) ، ابن ماجه (1/207) ، أحمد (6/111) .(1/145)
في المسجد وهي حائض» رواه أحمد والنسائي، ولعبد الرزاق وابن أبي شيبة والضياء في "المختارة" (1) نحوه.
436 - وعن جابر قال: «كان أحدنا يمر في المسجد جنبًا مجتازًا» رواه سعيد في سننه وابن أبي شيبة (2) .
437 - وعن زيد بن أسلم قال: «كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يمشون في المسجد وهم جنب» رواه ابن المنذر (3) والجميع مما تقوم به الحجة.
قوله: «الخمرة» هي سجادة صغيرة من حصير.
[1/104] باب طواف الجنب على نسائه بغسل واحد أو أكثر
438 - عن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف على نسائه بغسل واحد» رواه الجماعة إلا البخاري (4) ، ولأحمد والنسائي (5) «في ليلة بغسل واحد» وأصله في البخاري (6) نحوه بدون ذكر الغسل.
439 - وعن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف على
_________
(1) أحمد (6/331) ، النسائي (1/192) ، عبد الرزاق (1/325) ، ابن أبي شيبة (1/184) .
(2) سعيد بن منصور (4/1271) (645) ابن أبي شيبة (1/135) ، وابن خزيمة (2/286) (1331) .
(3) ابن المنذر في الأوسط (2/108) .
(4) مسلم (1/249) ، أبو داود (1/56) ، النسائي (1/143) ، الترمذي (1/259) ، ابن ماجه (1/194) ، أحمد (3/225) .
(5) أحمد (3/99) ، النسائي (1/143) .
(6) البخاري (1/109، 5/1951، 2000) .(1/146)
نسائه في ليلة فاغتسل عند كل امرأة منهن غُسلًا، فقلت: يا رسول الله! لو اغتسلت غُسلًا واحدًا؟ فقال: هذا أطهر وأطيب» رواه أحمد وأبو داود (1) ، وقال: حديث أنس أصح منه.
440 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءًا» رواه مسلم (2) ، زاد الحاكم (3) فيه: «فإنه أنشط للعود» .
441 - ولأهل السنن (4) عن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء» وفيه مقال، وحديث أبي سعيد قد تقدم في الوضوء.
[1/105] باب غسل الجمعة وما جاء في شرعيته
442 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل» رواه الجماعة (5) ، ولمسلم (6) : «إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل» .
443 - وعن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «غسل الجمعة واجب على كل
_________
(1) أحمد (6/391) ، أبو داود (1/56) .
(2) تقدم برقم (403) .
(3) الحاكم (1/254) .
(4) أبو داود (1/58) ، الترمذي (1/202) ، النسائي في "الكبرى" (5/332) ، ابن ماجه (1/192) .
(5) البخاري (1/229، 305، 311) ، مسلم (2/579) (844) ، النسائي (3/93، 105، 106) ، الترمذي (2/364) (492) ، ابن ماجه (1/346) ، أحمد (2/3، 9، 48، 55) ، ابن حبان (4/25) (1224) .
(6) مسلم (2/579) .(1/147)
محتلم، والسواك، وأن يمس من الطيب ما يقدر عليه» متفق عليه (1) .
444 - وعن ابن عمر: «أن عمر بينا هو قائم في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين، فناداه عمر: أيّة ساعة هذه؟ فقال: إني شُغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد على أن توضأت، قال: والوضوء أيضًا، وقد علمتَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل» متفق عليه (2) .
445 - وعن سَمُرَةَ بن جُنْدَب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل» رواه الخمسة إلا ابن ماجه (3) فإنه رواه (4) من حديث جابر عن سمرة، وحسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة، وقد أُعل هذا الحديث بأن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة، وقد صحح سماعه منه مطلقًا علي بن المديني والترمذي والحاكم وغيرهم، فإذن الحديث صحيح، وقال في "الخلاصة" بعد ذكر من أخرجه: قال الترمذي: حسن، قال: ورواه الحسن مرفوعًا مرسلًا، وقال أبو حاتم الرازي: هو صحيح من طريقه، قلت: وهو صحيح على شرط البخاري؛ لأنه يصحح حديث الحسن عن سمرة مطلقًا، والترمذي فعل مثل ذلك في غير هذا الموضع، ولعله لم يفعل ذلك هنا لأجل الرواية الأخرى المرسلة. انتهى.
446 - وعن عروة عن عائشة قالت: «كان الناس ينتابون الجمعة من
_________
(1) البخاري (1/300) ، مسلم (2/581) ، أحمد (3/30، 69) .
(2) البخاري (1/300) ، مسلم (2/580) ، أحمد (1/29) .
(3) أبو داود (1/97) ، النسائي (3/94) ، الترمذي (2/369) ، أحمد (5/16، 22) .
(4) ابن ماجه (1/347) من حديث أنس بن مالك.(1/148)
منازلهم ومن العوالي، فيأتون في العباء فيصيبهم الغبار والعرق، فتخرج منهم الريح، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - إنسان وهو عندي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا» متفق (*) عليه (1) .
447 - وعن أوس (2) بن أبي أوس الثقفي قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من غسّل واغتسل يوم الجمعة، وبكّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها» رواه الخمسة (3) ، ولم يذكر الترمذي: «ومشى ولم يركب» وحسنه الترمذي، وأخرجه الطبراني بإسناد حسن.
448 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غُفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام» رواه مسلم (4) .
قوله: «في العباء» بالمد وفتح العين المهملة جمع عباة، قال في الدر النثير: هو ضرب من الأكسية واحدها عباة وعباية. قوله: «بكّر» بتشديد الكاف، أي: راح أول الوقت.
_________
(1) البخاري (1/306) ، مسلم (2/581) .
(2) أوس بن أبي أوس الثقفي، صحابي سكن دمشق، له حديثان: أحدهما في الصيام، والآخر في الجمعة. اهـ خلاصة.
(3) أبو داود (1/95) ، النسائي (3/95، 102) ، الترمذي (2/367) ، ابن ماجه (1/346) ، أحمد (4/9، 104) ، الطبراني في "الكبير" (1/215، 7/279) .
(4) مسلم (2/588) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
رواية أحمد لم أجدها، وهي عند أبي داود (1/97، 278) ، مختصرا، والبيهقي (3/189)(1/149)
[1/106] باب ما جاء في غسل العيدين ويوم عرفة
449 - عن الفاكه (1) بن سعد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم الفطر ويوم النحر، وكان الفاكه بن سعد يأمر أهله بالغسل في هذه الأيام» رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه وابن ماجه (2) ، ولم يذكر الجمعة، والحديث قد رُوي من طُرقٍ كلها ضعيفة، وقال البزار: لا أحفظ في الاغتسال للعيد حديثًا صحيحًا، وقال في "الخلاصة": قد رُوي بأسانيد صحيحة من رواية ابن عباس والفاكه بن سعد ومحمد بن عبيد الله عن أبيه عن جده.
[1/107] باب الغسل من غسل الميت ومن الحجامة
450 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من غسّل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ» رواه الخمسة (3) ولم يذكر ابن ماجه الوضوء، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان وابن حزم، وأخرجه الدارقطني بإسناد رجاله ثقات، وصححه صاحب "الإلمام"، وقال الماوردي: خَرَّج بعضهم لصحته مائة وعشرين طريقًا، وقال علي بن المديني وأحمد والذهبي: لا يصح، وقال البخاري: الأشبه وقفه على أبي هريرة، وقد تقدم في الوضوء.
_________
(1) الفاكه بن سعد الأنصاري، صحابي له حديث، وعنه حفيده عبد الرحمن بن عقبة بن الفاكه. اهـ خلاصة.
(2) عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (4/78) ، ابن ماجه (1/417) .
(3) أبو داود (3/201) ، الترمذي (3/318) ، ابن ماجه (1/470) ، أحمد (2/272،454) ، وهو عند ابن حبان (3/435-436) ، والبيهقي (1/300) ، وابن أبي شيبة (3/43) ، والطبراني في "الأوسط" (1/296) .(1/150)
451 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغتسل من أربع: من الجنابة، ويوم الجمعة، ومن الحجامة، ومن غسل الميت» رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة والحاكم، وقال: على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد والدارقطني (1) ، قال في "المنتقى": بإسناد على شرط مسلم.
452 - وعن ابن عباس مرفوعًا: «لا غسل عليكم من غسل مسلم» رواه الدارقطني والبيهقي والحاكم (2) ، وقال: صحيح على شرط البخاري، قال في "الخلاصة": وهو كما قال، وقال البيهقي: لا يصح رفعه. انتهى، وهذا لا ينتهض على معارضة ما قبله من الأحاديث، ولو صح لوجب حمل الأمر بالغسل على الندب.
[1/108] باب الغسل للإحرام ودخول مكة
453 - عن زيد بن ثابت: «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - تجرد لإهلاله واغتسل» رواه الترمذي وحسنه والدارقطني والبيهقي والطبراني وذكره ابن السكن في صحاحه (3) .
454 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يُحرم غسل رأسه بخطمي وأشنان ودهنه بشيء من زيت غير كثير» رواه أحمد والبزار والطبراني في "الأوسط" (4) ، قال في "مجمع الزوائد": وإسناد البزار حسن.
455 - وعنها قالت: «نُفِسَتْ أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر
_________
(1) أبو داود (1/96، 3/201) ، ابن خزيمة (1/126) ، الحاكم (1/267) ، أحمد (6/152) ، الدارقطني (1/113) .
(2) الدارقطني (2/76) ، البيهقي (1/306) ، الحاكم (1/543) .
(3) الترمذي (3/192) ، الدارقطني (2/220) ، البيهقي (5/35) ، الطبراني في الكبير (5/135) .
(4) أحمد (6/78) ، الطبراني في "الأوسط" (2/34) ، البزار (2/11- كشف) (1085) .(1/151)
بالشجرة، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن يأمرها أن تغتسل وتُهِلَّ» رواه مسلم وابن ماجه وأبو داود (1) .
456 - وأخرجه مسلم (2) أيضًا في حديث جابر الطويل، وفيه: «فأرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف أصنع؟ قال: اغتسلي واستَثْفِري بثوب وأحرمي» .
457 - وعن ابن عمر: «أنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طُوَى حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهارًا، ويذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فعله» أخرجه مسلم وللبخاري (3) بمعناه.
قوله: «بخطمي» هو نبات معروف. قوله: «أُشنان» بالضم والكسر: نبات معروف أيضًا. قوله: «نُفست» بضم النون وكسر الفاء: الولادة، وأما بفتح النون فالحيض. قوله: «بذي طُوى» بضم الطاء وفتحها.
[1/109] باب ما جاء في غسل المغمى عليه إذا أفاق
458 - عن عائشة قالت: «ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أصلى الناسُ؟ فقلت: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: ضعوا لي ماءً في المِخْضَب، قالت: ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا. هم ينتظرونك يا رسول الله! فقال:
_________
(1) مسلم (2/869) ، ابن ماجه (2/971) ، أبو داود (2/144) .
(2) مسلم (2/886-887) .
(3) مسلم (2/919) ، البخاري (2/570) .(1/152)
ضعوا لي ماء في المِخْضَب، قالت: ففعلنا، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه، ثم أفاق فقال: أصلى الناس، فقلنا: لا. هم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: ضعوا لي ماء في المِخْضَب، قالت: ففعلنا، فاغتسل....» فذكر تمام الحديث، وهو متفق عليه (1) .
قوله: «ثَقُل» بفتح أوله وضم ثانيه. قوله: «المخضب» قد تقدم ضبطه وتفسيره. قوله: «ينوء» أي: ينهض.
[1/110] باب صفة الغسل
459 - عن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فيغسل يديه، ثم يُفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء ويُدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده، ثم يغسل رجليه» أخرجاه (2) ، وفي رواية لهما (3) : «ثم يخلل بيده شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات» .
460 - وعنها قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحِلاب، فأخذ بكفه، فبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر، ثم أخذ بكفيه، فقال بهما على رأسه» أخرجاه (4) .
461 - وعن ميمونة قالت: «وضعت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ماء يغتسل به، فأفرغ على
_________
(1) البخاري (1/243) ، مسلم (1/311) ، أحمد (2/52، 6/251) .
(2) البخاري (1/99) ، مسلم (1/253) ، وليس للبخاري «ثم يغسل رجليه» .
(3) البخاري (1/105) .
(4) البخاري (1/102) ، مسلم (1/255) .(1/153)
يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثًا، ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره، ثم دلك يده بالأرض، ثم مضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ويديه، ثم غسل رأسه ثلاثًا، ثم أفرغ على جسده، ثم تنحى من مقامه فغسل قدميه، فأتيته بخرقة فلم يردها، وجعل ينفض الماء بيده» رواه الجماعة (1) وليس لأحمد والترمذي نفض اليد.
462 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يتوضأ بعد الغسل» رواه الخمسة، وقال الترمذي: حسن صحيح، وأخرجه الطبراني بإسناد جيد (2) . (*)
463 - وعن جُبَيْر بن مُطعم قال: «تذاكرنا غسل الجنابة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أما أنا فآخذ ملء كفي فأصبه على رأسي، ثم أُفيض بعدُ على سائر جسدي» رواه أحمد (3) برجال الصحيح. قوله: «الحلاب» بالحاء المهملة المكسورة واللام الخفيفة هو إناء يحلب فيه.
[1/111] باب تعاهد باطن الشعور وما في نقضها
464 - عن علي رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها الماء، فعل الله به كذا وكذا من النار، قال علي: فمن ثمة عاديت شعري» رواه أحمد وأبو داود (4) ، قال الحافظ: وإسناده صحيح.
_________
(1) البخاري (1/106) ، مسلم (1/254) ، أبو داود (1/64) ، النسائي (1/137، 138) ، الترمذي (1/137) ، ابن ماجه (1/158، 190) ، أحمد (6/336) .
(2) أبو داود (1/65) بلفظ: «ولم أره يحدث وضوءاً بعد غسل» النسائي (1/137، 209) ، الترمذي (1/179) ، ابن ماجه (1/191) ، أحمد (6/68، 192، 253، 258) .
(3) أحمد (4/81) ، وأصله في الصحيحين البخاري (1/101) ، مسلم (1/285) .
(4) أحمد (1/101، 133) ، أبو داود (1/65) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم أجده عند الطبراني، وقد قال الشوكاني في "النيل": وأخرجه البيهقي بأسانيد جيدة، وهو عند البيهقي (1/179) (818) .(1/154)
465 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر» رواه أبو داود والترمذي (1) وضعفاه.
466 - ولأحمد (2) عن عائشة نحوه، قال في "بلوغ المرام": وفيه راو مجهول.
467 - وعن أم سلمة قالت: «قلتُ: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي، فأنقضه لغسل الجنابة، قال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تُفيضين عليك الماء فتطهرين» رواه الجماعة إلا البخاري (3) ، وقال الترمذي: حسن صحيح.
468 - وعن ثوبان: «أنهم استفتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أما الرجل فينشر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر، وأما المرأة فلا عليها أن لا تنقضه» أخرجه أبو داود (4) ، وليس في إسناده إلا إسماعيل بن عَيَّاش، وقد رَوى عن الشاميين، وهو قوي فيهم.
469 - وعن عُبَيد بن عُمَير: «أنه قيل لعائشة: إن عبد الله بن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن، فقالت: يا عجبًا لابن عمرو! هذا يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رءوسهن، لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، وما أزيد على أن أُفرغ على رأسي ثلاث
_________
(1) أبو داود (1/65) ، الترمذي (1/178) .
(2) أحمد (6/110، 254) .
(3) مسلم (1/259) ، أبو داود (1/65) ، النسائي (1/131) ، الترمذي (1/176-177) ، ابن ماجه (1/198) ، أحمد (6/314) .
(4) أبو داود (1/66) .(1/155)
أفرغات» رواه أحمد ومسلم (1) .
قوله: «ظفر رأسي» بفتح الضاد المعجمة وإسكان الفاء وهو الشعر المفتول.
[1/112] باب ما جاء في نقض الشعر لغسل الحيض وتتبع أثر الدم
470 - عن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها وكانت حائضًا: انقضي شعرك واغتسلي» رواه ابن ماجه (2) ، قال في "المنتقى": بإسناد صحيح.
471 - وعنها: «أن امرأة من الأنصار سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غسلها من الحيض فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف تغتسل، ثم قال: خُذي فرصة من مسك فتطهري بها، قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: سبحان الله! تطهري بها، فاجتذبتها إليّ فقلت: تتبعي بها أثر الدم» رواه الجماعة إلا الترمذي (3) ، وقال أبو داود وابن ماجه: «فرصة ممسكة» .
قوله: «فِرْصة» بكسر الفاء وإسكان الراء وبالصاد المهملة القطعة من كل شيء.
[1/113] باب ما جاء في قدر ماء الغسل
472 - عن سَفِيْنَةَ قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغتسل بالصاع ويتطهر بالمد» رواه أحمد وابن ماجه ومسلم والترمذي (4) وصححه.
473 - وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد
_________
(1) أحمد (6/43) ، مسلم (1/260) .
(2) ابن ماجه (1/210) .
(3) البخاري (1/119) ، مسلم (1/260) ، أبو داود (1/85) ، النسائي (1/135-136) ، ابن ماجه (1/210) ، أحمد (6/147) .
(4) أحمد (5/222) ، ابن ماجه (1/99) ، مسلم (1/258) ، الترمذي (1/83) .(1/156)
ويتوضأ بالمد» متفق عليه (1) .
474 - وعن أنس قال: «كان - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بإناء يكون رطلين، ويغتسل بالصاع» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (2) بنحوه، وقال: غريب، ورجاله كلهم ثقات.
475 - وعن موسى الجهني قال: أتى مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال، فقال: حدثتني عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بمثل هذا» رواه النسائي (3) بإسناد رجاله رجال الصحيح.
476 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يجزئ من الغسل الصاع ومن الوضوء المد» رواه أحمد (4) ، ولأبي داود وابن خزيمة وابن ماجه (5) بنحوه، وصححه ابن القطان.
477 - وعن عائشة قالت: «كنتُ أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد يُقال له: الفَرَق» متفق عليه (6) .
478 - وعنها: «أنها كانت تغتسل هي والنبي - صلى الله عليه وسلم - في إناء واحد يسع ثلاثة أمداد، وقريب من ذلك» رواه مسلم (7) .
_________
(1) تقدم برقم (314) .
(2) أحمد (3/179) ، أبو داود (1/23) ، الترمذي (1/507) .
(3) النسائي (1/127) .
(4) أحمد (3/370) .
(5) أبو داود (1/23) ، ابن خزيمة (1/62) ، ابن ماجه (1/99) ولم يذكر أبو داود وابن ماجه "يجزئ".
(6) البخاري (1/100) ، مسلم (1/225) ، أحمد (6/37، 199) .
(7) مسلم (1/256) .(1/157)
479 - وعن عباد بن تميم عن أم عمارة بنت كعب: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فأتي بماء في إناء قدر ثلثي المد» رواه أبو داود والنسائي (1) وصححه أبو زرعة.
480 - وأخرج نحوه ابن خزيمة وابن حبان (2) من حديث عبد الله بن زيد، وأخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين.
481 - وأما حديث: «أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ بنصف مد» فأخرجه الطبراني والبيهقي (3) من حديث أبي أمامة بإسناد فيه متروك، فلا تقوم بمثله حجة.
قوله: «بالصاع» هو أربعة أمداد بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -، والمد رطل وثلث بالبغدادي، فيكون الصاع خمسة أرطال وثلث. قوله: «الفَرَق» بفتح الفاء والراء وهو ستة عشر رطلًا بالعراقي.
[1/114] باب ما جاء في تعجيل الغسل
وأن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه جنب
482 - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة ولا جنب» رواه أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه (4) ، قال المنذري: ورواه البزار بإسناد صحيح.
_________
(1) أبو داود (1/23) ، النسائي (1/58) .
(2) ابن خزيمة (1/62) ، ابن حبان (3/364) ، الحاكم (1/243) ، بلفظ "أتي بثلثي مد فتوضأ فجعل يدلك ذراعيه".
(3) الطبراني في "الكبير" (8/278) ، البيهقي (1/196) .
(4) أبو داود (1/58) ، النسائي (1/141، 7/185) ، ابن حبان (4/5) .(1/158)
483 - وعن ابن عباس قال: «ثلاثة لا تقربهم الملائكة: الجنب والسكران والمتضمخ بالخلوق» (1) .
484 - وأخرجه أبو داود (2) من حديث عمار بن ياسر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة لا تقربهم الملائكة: جيفة الكافر، والمتضمخ بالخلوق والسكران إلا أن يتوضأ ... » وهو من رواية الحسن بن الحسن عن عمار، ولم يسمع منه، قال المنذري: والمراد بالملائكة هنا الذين ينزلون بالرحمة والبركة دون الحفظة، فإنهم لا يفارقونه على حال من الأحوال.
[1/115] باب ما جاء في الاستتار حال الغسل
485 - عن يعلى بن أمية: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يغتسل فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله عز وجل حييٌ ستير، يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر» رواه أبو داود والنسائي (3) بإسناد رجاله رجال الصحيح.
486 - وأخرج نحوه البَزَّار (4) من حديث ابن عباس.
487 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينا أيوب عليه السلام يغتسل عريانًا، فخر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه، فناداه ربه تبارك وتعالى: يا أيوب ألم أكن أغنيتك عمّا ترى؟ قال: بلى وعزتك، ولكن لا غنى بي عن
_________
(1) لم يذكر المؤلف من أخرجه، وهو عند البزار- بإسناد صحيح كما في "الترغيب": (1/90) - والطبراني في "الأوسط " (5/311) .
(2) تقدم برقم (225) .
(3) أبو داود (4/39) ، النسائي (1/200) .
(4) كما في "كشف الأستار" (1/160) .(1/159)
بركتك» رواه أحمد والبخاري والنسائي (1) .
488 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى عليه السلام يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر، قال: فذهب مرة يغتسل، فوضع ثوبه على حجر، ففر الحجر بثوبه، قال: فجمع موسى عليه السلام بأثره يقول: ثوبي حجر! ثوبي حجر، حتى نظرتَ بنو إسرائيل إلى سوءة موسى عليه السلام، فقالوا: والله ما بموسى بأس، قال: فأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربًا» متفق عليه (2) .
489 - وعن زيد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن موسى بن عمران عليه السلام كان إذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتى يواري عورته في الماء» رواه أحمد (3) ، قال: في "مجمع الزوائد": رجاله موثقون إلا علي بن زيد مُختلف في الاحتجاج به.
قوله: «البراز» هو الفضاء وقد تقدم. قوله: «ستير» بالسين المهملة المفتوحة والتاء الفوقية وياء تحتية ساكنة ثم راء مهملة، أي: ساتر فعِّيل بمعنى فاعل. قوله: «آدَر» بفتح الدال المهملة والمد، وتخفيف الراء الآدرة نفخة في الخصية. قوله: «فجمع» بالجيم والميم، أي: جرى مسرعًا.
[1/116] باب النهي عن دخول الحمام بغير إزار
490 - عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل
_________
(1) أحمد (2/314) ، البخاري (1/107، 3/1240، 6/2723) ، النسائي (1/200) .
(2) البخاري (1/107) ، مسلم (1/267، 4/1841) ، أحمد (2/315) .
(3) أحمد (3/262) .(1/160)
الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُدخِل حَلِيْلَتَه الحمام» رواه النسائي والترمذي وحسنه والحاكم (1) ، وقال: صحيح على شرط مسلم.
491 - وعن عائشة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الحمام حرام على نساء أمتي» رواه الحاكم (2) ، وقال: حديث صحيح الإسناد.
492 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر من ذكور أمتي، فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر من إناث أمتي فلا تدخل الحمام» رواه أحمد (3) بإسناد ضعيف فيه مجهول.
493 - وعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، ومن كانت تؤمن بالله واليوم والآخر من نسائكم فلا تدخل الحمام» رواه ابن حبان في صحيحه، واللفظ له والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وأخرجه ابن ماجه (4) .
494 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «احذروا بيتًا يُقال له: الحمام، قالوا: يا رسول الله! إنه يُنقي الوسخ، قال: فاستتروا» رواه البزار (5) ، وقال:
_________
(1) النسائي مختصراً (1/198) ، الترمذي (5/113) ، الحاكم (4/320) .
(2) الحاكم (4/322) .
(3) أحمد (2/321) .
(4) ابن حبان (12/410) ، الحاكم (4/321) .
(5) كما في "كشف الأستار" (ص/161 - 162) .(1/161)
رواه الناس عن طاوس مرسلًا، وقال المنذري: رواته كلهم يحتج بهم في الصحيح، ورواه الحاكم (1) ، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولفظه: «اتقوا بيتًا يُقال له الحمام، فقالوا: يا رسول الله! إنه يُذهب الدرن وينفع المريض، قال: فمن دخله فليستتر»
495 - وعن عائشة: «أنها قالت لنسوة دخلن عليها من نساء الشام: لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمام؟ قلن: نعم، قالت: أما أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت ما بينها وبين الله من حجاب» أخرجه أبو داود والترمذي برجال الصحيح وحسنه الترمذي وأخرجه الحاكم (2) ، وقال: صحيح على شرطهما.
496 - وعن عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنها ستُفتح لكم أرض العجم، وستجدون فيها بيوتًا يُقال لها: الحمامات، فلا يدخلها الرجال إلا بالأزر، وامنعوا النساء إلا مريضة أو نفساء» رواه أبو داود وابن ماجه (3) بإسناد ضعيف. وفي الباب أحاديث يُقوي بعضها بعضًا.
_________
(1) الحاكم (4/320) .
(2) أبو داود (4/39) ، الترمذي (5/114) ، الحاكم (4/321) .
(3) أبو داود (4/39) ، ابن ماجه (2/1233) .(1/162)
[2] كتاب التيمم
[2/1] باب تيمم الجنب للصلاة إذا لم يجد الماء أو خشي منه ضررًا
497 - عن عمران بن حصين قال: «كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فصلى بالناس، وإذا هو برجل معتزل، قال: ما منعك أن تصلّي؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك» متفق عليه (1) .
498 - وعن جابر قال: «خرجنا في سفر، فأصاب رجلًا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أُخبر بذلك، فقال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا، فإنما شفاء العِيّ السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب على جرحه ثم يمسح عليه ويغسل سائر جسده» رواه أبو داود والدارقطني وابن ماجه (2) . وصححه ابن السكن، وقال في" بلوغ المرام": رواه أبو داود بسند ضعيف وفيه اختلاف على راويه، وقال في "الخلاصة": رواه أبو داود والدارقطني بإسناد كل رجاله ثقات، وقال في "المقاصد": وأخرجه ابن حبان وابن خزيمة في "صحيحهما" (3) .
_________
(1) جزء من قصة طويلة البخاري (1/131، 134) ، مسلم (1/474-475) ، أحمد (4/434) .
(2) أبو داود (1/93) (336) ، الدارقطني (1/189) .
(3) ابن ماجه (1/189) (572) ، وابن حبان (4/140-141) (1314) ، وابن خزيمة (1/138) (273) ، وأبو داود (1/93) (337) ، وأحمد (1/330) ، والدارقطني (1/190) ، وأبو يعلى (4/309) (2420) من حديث ابن عباس.(1/163)
499 - وعن ابن عباس «في قوله عز وجل: ((وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ)) [النساء:43] قال: إذا كان بالرجل الجراحة في سبيل الله والقروح فيجنب فيخاف أن يموت إن اغتسل تيمم» رواه الدارقطني (1) موقوفًا ورفعه البزار وصححه ابن خزيمة والحاكم (2) .
500 - وعن علي رضي الله عنه قال: «انكسرت إحدى زنديّ، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرني أن أمسح على الجبائر» رواه ابن ماجه (3) بسند واهٍ جدًا، وقال النووي: اتفق الحفاظ على ضعفه، وقال أبو حاتم: حديث باطل لا أصل له.
501 - وعن عمرو بن العاص: «أنه لمّا بُعث في غزوة ذات السلاسل، قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكروا ذلك له، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟! قال: ذكرت قول الله: ((وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)) ثم صليت، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئًا» رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وابن حبان والحاكم والبخاري تعليقًا (4) ، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
قوله: «العي» بكسر العين المهملة، هو الجهل. قوله: «السلاسل» بسينين
_________
(1) الدارقطني (1/177) .
(2) ابن خزيمة (1/138) (272) ، الحاكم (1/270) .
(3) ابن ماجه (1/215) .
(4) أحمد (4/203) ، أبو داود (1/92) ، الدارقطني (1/178) ، ابن حبان (4/142-143) ، الحاكم (1/285) ، البخاري تعليقاً (1/132) .(1/164)
مهملتين، هو موضع وراء وادي القرى. قوله: «فأشفقت» أي: خفت.
[2/2] باب من أدركته الصلاة ولا ماء عنده تيمم
502 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت» رواه أحمد (1) .
503 - وعن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «جعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجدًا وطهورًا، فأينما أدركت رجلًا من أمتي الصلاة، فعنده مسجده وطهوره» رواه أحمد (2) بإسناد رجاله ثقات، إلا سيّار الأموي فهو صدوق.
[2/3] باب تعيين التراب للتيمم
504 - عن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أُعطيت خمسًا لم يُعْطَهُنّ أحدٌ قبلي: نُصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرضُ مسجدًا وطهورًا، فأيَّما رجل أدركته الصلاة فليصل، وأُحلت لي الغنائم ولم تُحل لأحد قبلي، وأُعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» رواه البخاري (3) .
505 - وفي حديث حذيفة عند مسلم (4) : «وجُعلت تربتها طهورًا إذا لم يجد الماء» .
_________
(1) أحمد (2/222) وهو جزء من قصة طويلة.
(2) أحمد (5/248) .
(3) البخاري (1/128، 168) ، وهو عند مسلم (1/370) .
(4) مسلم (1/371) .(1/165)
506 - وفي رواية لأحمد (1) من حديث علي: «وجُعل لي التراب طهورًا» .
[2/4] باب من وجد بعض ما يكفي طهارته يستعمله
507 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم» متفق عليه (2) ، وقال الله تعالى: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)) [التغابن:16] .
[2/5] باب صفة التيمم
508 - عن عمار بن ياسر قال: «بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة فأجنبت، فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة، ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك أن تقول بيدك هكذا، ثم ضرب بيده الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه» أخرجاه واللفظ لمسلم (3) ، وفي رواية للبخاري (4) : «وضرب بكفيه الأرض ونفخ فيها، ثم مسح بها وجهه» ، وفي لفظ للدارقطني (5) : «إنما كان يكفيك أن تضرب بكفيك في التراب، ثم تنفخ فيهما، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك إلى الرُّسْغَين» .
509 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «التيمم ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين» رواه الدارقطني (6) وصحح الأئمة وقفه.
_________
(1) أحمد (1/158) .
(2) البخاري (6/2658) ، مسلم (2/975) ، أحمد (2/428، 482، 508) .
(3) البخاري (1/133) ، مسلم (1/280) .
(4) البخاري (1/129) .
(5) الدارقطني (1/183) .
(6) الدارقطني (1/180) .(1/166)
510 - وعن عمّار بن ياسر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في التيمم: «ضربة للوجه واليدين» رواه أحمد وأبو داود (1) ، وفي لفظ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بالتيمم للوجه والكفين» رواه الترمذي (2) وصححه.
قوله: «الرسغين» هما مفصل الكف.
[2/6] باب من تيمم في أول الوقت وصلّى ثم وجد الماء في الوقت
511 - عن عطاء بن سيّار عن أبي سعيد الخدري قال: «خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة، وليس معهما ماءٌ فتيمما صعيدًا طيبًا، ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال للذي لم يعد: أصبت السنة وأجزأتك صلاتك، وقال للذي توضأ وأعاد: لك الأجر مرتين» رواه النسائي وأبو داود مرسلًا (*) والدارمي والحاكم والدارقطني (3) وابن السكن في "صحيحه" موصولًا، وقال الحاكم: رواية الاتصال صحيحة على شرط الشيخين.
[2/7] باب بطلان التيمم بوجدان الماء في الصلاة وغيرها
512 - عن أبي ذر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير له» رواه
_________
(1) أحمد (4/263) ، أبو داود (1/89) .
(2) الترمذي (1/268-269) .
(3) النسائي (1/213) ، أبو داود (1/93) ، الدارمي (1/207) ، الحاكم (1/286) ، الدارقطني (1/188) ، وهو مرسل عند النسائي (1/213) ، الدارقطني (1/189) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
النسائي رواه موصولاً ومرسلاً، وأبو داود قال بعد أن ساق الحديث موصولاً: وذِكْر أبي سعيد في هذا الحديث غير محفوظ وهو مرسل.(1/167)
أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم (1) .
513 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته» رواه البزار (2) وصححه ابن القطان لكن صوّب الدارقطني إرساله.
[2/8] باب ما جاء في التيمم لكل صلاة وجواز الصلاة
بغير المطهرين مع الضرورة
514 - عن ابن عباس قال: «من السنة أن لا يُصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدةً، ثم يتيمم للصلاة الأخرى» رواه الدارقطني (3) بإسناد ضعيف جدًا، قال الله تعالى ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)) [التغابن:16] .
515 - وقد تقدم (4) حديث: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» .
516 - وعن عائشة: «أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبها فوجدوها فأدركتهم، الصلاة وليس معهم ماء فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - شكوا ذلك عليه، فأنزل الله عز وجل آية التيمم» رواه الجماعة إلا الترمذي (5) .
_________
(1) أحمد (5/180) ، الترمذي (1/212) ، الحاكم (1/284) .
(2) كما في "كشف الأستار" (ص/157) .
(3) الدارقطني (1/185) .
(4) تقدم برقم (507) .
(5) البخاري (1/128، 3/1375، 5/1981) ، مسلم (1/279) ، أبو داود (1/86) ، النسائي (1/172) ، ابن ماجه (1/188) ، أحمد (6/57) .(1/168)
أبواب الحيض
[2/9] باب صفة دم الحيض
517 - عن عائشة: «أن فاطمة بنت أبي حُبَيْش كانت تُستحاض، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن دم الحيض أسود يُعرِف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي» رواه أبو داود والنسائي (1) وصححه ابن حبان والحاكم وصاحب "الإلمام"، وقال: على شرط مسلم، وابن حزم.
قوله: «يُعرِف» بضم حرف المضارعة وكسر الراء، أي: له رائحة تعرفها النساء.
[2/10] باب الحائض تعمل بعادتها
518 - عن عائشة قالت: «قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني امرأة أُستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا قبلت الحيضة، فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قذرها فاغسلي عنك أثر (*) الدم وصلي» رواه البخاري والنسائي وأبو داود (2) ، وفي رواية للجماعة إلا ابن ماجه (3) : «فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك أثر (*) الدم
_________
(1) أبو داود (1/75، 82) ، النسائي (1/123، 185) ، ابن حبان (4/180) ، الحاكم (1/281)
(2) البخاري (1/117) ، النسائي (1/124) ، أبو داود (1/74، 186) .
(3) البخاري (1/91) ، مسلم (1/262) ، أبو داود (1/74) ، النسائي (1/122، 184) ، الترمذي (1/217) ، أحمد (6/194) ، وهي عند ابن ماجه (1/203) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
جميع الألفاظ في الأحاديث لم تذكر كلمة "أثر" وهذه اللفظة في حديث عائشة عندما قالت للمرأة (تتبعي بها أثر الدم) . والله أعلم.(1/169)
وصلي» وزاد الترمذي (1) : «وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت» وفي رواية للبخاري (2) : «ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي» .
519 - وعنها: «أن أم حبيبة بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف شكت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الدم، فقال: امكثي قدر ما كان تحبسك حيضتك ثم اغتسلي، فكانت تغتسل عند كل صلاة» رواه مسلم (3) ، ورواه أحمد والنسائي (4) ولفظهما قال: «فلتنظر قدر قروئها التي كانت تحيض فلتترك الصلاة، ثم لتنظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كل صلاة وتصليّ» .
520 - وعن زينب بنت جَحْش: «أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إنها مستحاضة فقال: تجلس أيام أقراءها، ثم تغتسل وتؤخر الظهر وتُعجل العصر وتغتسل وتصلي، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل وتصليهما جميعًا وتغتسل للفجر» رواه النسائي (5) بإسناد رجاله ثقات.
521 - وعن أم سلمة: «أنها استفتت النبي - صلى الله عليه وسلم - في امرأة تهراق الدم فقال: لتنظر قدر الليالي والأيام التي كانت تحيضهن وقدرهن من الشهر فتدع الصلاة،
_________
(1) الترمذي (1/218) .
(2) البخاري (1/124) .
(3) مسلم (1/264) .
(4) أحمد (6/128) ، النسائي (1/120) .
(5) النسائي (1/184) .(1/170)
ثم لتغتسل ولتَسْتَثَفر ثم تصلي» رواه الخمسة إلا الترمذي (1) ، وقال النووي: إسناده على شرطهما، وقال في "الخلاصة": أسانيده صحيحة على شرط الصحيح، وأعله البيهقي بالانقطاع.
قوله: «تهراق» على صيغة ما لم يسم فاعله. قوله: «ولتستثفر» الاستثفار: إدخال الإزار بين الفخذين.
[2/11] باب الرجوع إلى الأيام مع عدم معرفة العادة
أو كانت مبتدأة
522 - عن حَمْنة بنت جحش قالت: «كنتُ أُستحاض حيضة كبيرة شديدة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام، ثم اغتسلي، فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين وصومي وصلي، فإن ذلكِ يجزيكِ، وكذلكِ فافعلي كما تحيض النساء، فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتُعجلي العصر ثم تغتسلين حين تطهرين وتصلين الظهر والعصر جميعًا، ثم تؤخرين المغرب وتُعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي وتغتسلين مع الفجر وتصلين فكذلك فافعلي وصلي وصومي إن قدرت على ذلك، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وهذا أعجب الأمرين إليّ» رواه أحمد والترمذي (2) وصححاه وحسنه البخاري.
_________
(1) أبو داود (1/71) ، النسائي (1/119، 182) ، ابن ماجه (1/204) ، أحمد (6/293) .
(2) أحمد (6/439) ، أبو داود (1/76) .(1/171)
[2/12] باب ما جاء في الصفرة والكدرة
523 - عن أم عطية قالت: «كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئًا» رواه أبو داود والبخاري (1) ، ولم يذكر «بعد الطهر» ، وأخرجها الحاكم (2) وقال: على شرط الشيخين.
524 - وعن عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في المرأة التي ترى ما يَرِيْبُها: إنما هو عرق أو قال عروق» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (3) وحسنه المنذري.
قوله: «يريبها» أي: تشك فيه هل هو حيض أم لا. قوله: «عِرْق» بكسر العين وإسكان الراء.
[2/13] باب ما جاء في المستحاضة تتوضأ وتغتسل لكل صلاة
525 - أما الوضوء لكل صلاة فقد تقدم (4) في أبواب الوضوء حديث عائشة وفيه: «وتوضئي لكل صلاة» أخرجه الترمذي وأبو داود وصححه ابن حبان.
526 - وأخرج أحمد وابن ماجه (5) من حديث عائشة قالت: «جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني امرأة أُسْتحاض فلا أطهر أفَأدَعُ الصلاة؟ فقال: اجتنبي الصلاة أيام محيضك، ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة، ثم صلي وإن قطر الدم على الحصير» .
_________
(1) أبو داود (1/83) ، البخاري (1/124) .
(2) الحاكم (1/282) .
(3) أحمد (6/71، 160، 215) ، أبو داود (1/78) ، ابن ماجه (1/212) .
(4) تقدم برقم (369) .
(5) أحمد (6/204) ، ابن ماجه (1/204) .(1/172)
527 - وأما الغسل لكل صلاة فقد تقدم (1) في أبواب الغسل حديث عائشة: «أن زينب بنت جحش استحيضت فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: اغتسلي لكل صلاة» رواه أبو داود، وتقدمت بقية الأحاديث.
528 - وقد تقدم (2) حديث عائشة أيضًا قريبًا الذي أخرجه مسلم، وفيه: «فكانت تغتسل لكل صلاة» ، وقد ضعف الأئمة أحاديث الأمر بالغسل لكل صلاة وصححوا أنها فعلت ذلك من نفسها.
[2/14] باب ما جاء في تحريم وطء الحائض وما يُباح من غير ذلك
529 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أتى حائضًا أو امرأةً في دبرها أو كاهنًا فصدّقه، فقد كفر بما أُنزل على محمد» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (3) وفي إسناده مقال.
530 - وعن أنس بن مالك: «أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يواكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله تعالى: ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا فِي الْمَحِيضِ)) [البقرة:222] الآية، فقال - صلى الله عليه وسلم -: اصنعوا كل شيء إلا النكاح» وفي لفظ «إلا الجماع» رواه الجماعة إلا البخاري (4) .
_________
(1) تقدم برقم (425) .
(2) تقدم برقم (519) .
(3) أحمد (2/408، 476) ، أبو داود (4/15) ، الترمذي (1/243) .
(4) مسلم (1/246) ، أبو داود (1/67، 2/250) ، النسائي (1/152، 187) ، الترمذي (5/214) ، ابن ماجه (1/211) ، أحمد (3/132، 246) .(1/173)
531 - وعن عكرمة عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد من الحائض شيئًا ألقى على فرجها شيء» رواه أبو داود (1) برجال ثقات وسكت عنه هو والمنذري.
532 - وعن مسروق قال: «سألت عائشة ما لِلرجل من امرأته إذا كانت حائضًا قالت: كل شيء إلا الفرج» رواه البخاري في "تاريخه" (2) (*) .
533 - وعن حزام بن حكيم: «أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: لك ما فوق الإزار» رواه أبو داود (3) بإسناد رجاله لا بأس بهم.
534 - وعن عائشة قالت: «كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُباشرها أمرها أن تأتزر بإزار في فَوْرِ حيضها ثم يُباشرها» متفق عليه (4) .
قوله: «فور حيضها» بفتح الفاء وإسكان الواو، قال الخطابي: فور الحيض: أوله ومعظمه.
[2/15] باب ما جاء في كفارة من وطئ حائضًا
535 - عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأته وهي حائض: «يتصدق بدينار أو بنصف دينار» رواه الخمسة (5) وصححه الحاكم وابن القطان
_________
(1) أبو داود (1/71) .
(2) عزاه إليه الشوكاني في "النيل"، وهو عند ابن جرير (2/ 383)
(3) أبو داود (1/55) .
(4) البخاري (1/115) ، مسلم (1/242) ، أحمد (6/134) .
(5) أبو داود (1/69، 2/251) ، النسائي (1/153، 188) ، الترمذي (1/245) ، ولم يذكر «دينار» ابن ماجه (1/210) ، أحمد (1/229، 237، 286، 312، 339) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم أجده في "التاريخ" وعزاه في "النيل" له، وهو عند ابن جرير الطبري في التفسير (2/383) ، وعزاه في الدر المنثور (1/621) للبيهقي وعبد الرزاق والنحاس.(1/174)
وابن دقيق العيد، وقال أحمد: ما أحسنه من حديث، وفي لفظ للترمذي (1) : «إن كان دمًا أحمر فدينار، وإن كان دمًا أصفر فنصف دينار» وفي رواية لأحمد (2) : «جعل في الحائض تُصاب دينارًا، فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصف دينار» وكل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
[2/16] باب لا تصلي الحائض ولا تصوم ولا تقضي إلا الصوم
536 - عن أبي سعيد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للنساء: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذاك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها» مختصر من البخاري ومسلم (3) .
537 - وعن مُعَاذَةَ قالت: سألت عائشة فقلت: «ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: كان يُصيبنا ذلك مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة» رواه الجماعة (4) .
[2/17] باب ما جاء في مواكلة الحائض
538 - عن عائشة قالت: «كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع
_________
(1) الترمذي (1/245) .
(2) أحمد (1/367) .
(3) البخاري (1/116) ، مسلم (1/86) .
(4) البخاري (1/122) ، مسلم (1/265) ، أبو داود (1/68) ، النسائي (4/191) ، الترمذي (1/234-235) ، ابن ماجه (1/207) ، أحمد (6/143، 231) .(1/175)
فاه على موضع فيّ فيشرب وأتَعرَّقُ العَرْق وأنا حائض فأناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فيّ» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (1) .
539 - وعن عبد الله بن سعد (2) قال: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مواكلة الحائض، قال: واكِلْها» رواه أحمد والترمذي وحسنه، وأخرجه أبو داود (3) بسند رجاله ثقات.
540 - وقد تقدم (4) حديث: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» .
قوله: «العَرْق» بفتح العين المهملة وراءٍ ساكنة بعدها قاف وهو العظم، وأتعرق أي: أكل ما عليه من اللحم.
[2/18] باب ما جاء أنّ الحائض والنفساء تفعل مناسك الحج كلها
غير أنها لا تطوف بالبيت
541 - عن عائشة قالت: لمّا جئت بسَرَف حضت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» متفق عليه (5) في حديث طويل
_________
(1) مسلم (1/254) ، أبو داود (1/68) ، النسائي (1/149، 191) ، ابن ماجه (1/211) ، أحمد (6/62، 64، 192، 210، 214) .
(2) عبد الله بن سعد الأنصاري أو الأموي، صحابي كان على مقدمة الجيش في فتح القادسية، له حديث وعنه خالد بن معدان. اهـ "خلاصة".
(3) أحمد (4/342) ، الترمذي (1/240) ، أبو داود (1/55) .
(4) تقدم برقم (530) .
(5) البخاري (1/113) ، مسلم (2/873) ، أحمد (6/219) .(1/176)
في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم -.
542 - وعن عائشة: «أن أسماء بنت عُميس نُفِسَت بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن يأمرها أن تغتسل وتُهل» أخرجه مسلم وأبو داود (1) .
543 - وعن أسماء بنت عُمَيس «أنها ولدت محمدًا بالبيداء، فذكر أبو بكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: مُرها فلتغتسل ثم تُهل» رواه النسائي (2) .
544 - وللنسائي (3) من حديث أبي بكر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يأمرها أن تغتسل وتُهل بالحج، وتصنع ما يصنع الحاج إلا أنها لا تطوف بالبيت» .
545 - وعند مسلم (4) في حديث جابر الطويل: «أنها ولدت أسماء بنت عُميس محمد بن أبي بكر في ذي الحُليفة، فأرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف أصنع؟ قال: اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي» .
[2/19] باب ما جاء في مدة النفاس
546 - عن أم سلمة قالت: «كانت النفساء تجلس على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين يومًا» رواه الخمسة إلا النسائي، وأخرجه أيضًا الدارمي والدارقطني
_________
(1) تقدم برقم (455) .
(2) النسائي (5/127) .
(3) النسائي (5/127) .
(4) تقدم برقم (456) .(1/177)
والبيهقي والحاكم (1) ، وقال: صحيح الإسناد، وصححه أيضًا ابن السكن، وفي لفظ لأبي داود (2) : «ولم يأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقضاء صلاة النفاس» وقال الخطابي: أثنى البخاري على هذا الحديث، قلتُ: وله شواهد يقوي بعضها بعضًا.
_________
(1) أبو داود (1/83) ، الترمذي (1/256) ، ابن ماجه (1/213) ، أحمد (6/302، 304، 309) ، الدارمي (1/247) ، الدارقطني (1/223) ، البيهقي (1/341) ، الحاكم (1/283) .
(2) أبو داود (1/83) .(1/178)
[3]
كتاب الصلاة
[3/1] باب افتراضها ومتى كان وذكر أركان الإسلام
547 - عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بُني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقامِ الصلاة وإيتاءِ الزكاة، وحجِّ البيت، وصوم رمضان» متفق عليه (1) .
548 - وعن أنس بن مالك قال: «فُرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلوات ليلة أُسري به خمسين ثم نقصت حتى جُعلت خمسًا، ثم نُودي: يا محمد! إنه لا يُبدل القول لديّ وأن لك بهذه الخمس خمسين» رواه أحمد والنسائي والترمذي (2) وصححه، وهو لهما (3) بلفظ: «هي (4) خمس وهي خمسون» .
549 - وعن عائشة قالت: «فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، ثم هاجر ففرضت أربعًا وتُركت صلاة السفر على الأول» رواه أحمد والبخاري (5) ، زاد أحمد (6) : «إلا المغرب فإنها كانت ثلاثًا» .
_________
(1) البخاري (1/12) ، مسلم (1/45) ، أحمد (2/120، 143) .
(2) أحمد (3/161) ، النسائي (1/221) ، الترمذي (1/417) .
(3) البخاري (1/135-136) ، مسلم (1/145-146) .
(4) في الأصل هن خمس وهي خمسون، وقد وردت بلفظ: هن خمس وهن خمسون، أو اللفظ الذي أثبتناه.
(5) أحمد (6/234) ، البخاري (3/1431) . وهو عند مسلم (1/478) .
(6) أحمد (6/265) .(1/179)
550 - وعن طلحة بن عبيد الله: «أن أعرابيًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثائر الرَّأس، فقال: يا رسول الله! أخبرني ما فرض الله عليّ من الصلوات؟ قال: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا، قال: أخبرني ما فرض الله عليّ من الصيام؟ قال: شهر رمضان إلا أن تطوع شيئًا، قال: أخبرني ما فرض الله عليّ من الزكاة؟ قال: فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - بشرائع الإسلام كلها، فقال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئًا، ولا أنقص عمّا فرض الله عليّ شيئًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق» متفق عليه (1) .
قوله: «ثائر الرأس» أي شعره متفرق من ترك الرفاهية.
[3/2] باب ما جاء في قتل تارك الصلاة
551 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل» متفق عليه (2) .
552 - ولأحمد (3) مثله من حديث أبي هريرة.
553 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني
_________
(1) البخاري (1/25، 2/669، 2551) ، مسلم (1/40) ، أحمد (1/162) .
(2) البخاري (1/17) (25) ، مسلم (1/53) (22) .
(3) أحمد (2/345) ، وانظر الحديث الآتي.(1/180)
دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي (1) .
554 - وعن أبي سعيد الخدري قال: «بعث عليٌ رضي الله عنه وهو باليمن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بذُهَيْبَةٍ فقسمها بين أربعة، فقال رجل: يا رسول الله! اتق الله، فقال: ويلك أو لستُ أحقُ أهل الأرض أن يتقي الله، ثم ولّى الرجل، فقال خالد بن الوليد: وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني لم أُؤمر أن أن أُنَقِّبَ على قلوب الناس، ولا أشق بطونهم» مختصر من حديث متفق عليه (2) .
555 - وعن عبد الله بن عدي بن الخيار: «أن رجلًا من الأنصار حدثه أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في مجلس يُسارّهُ ويستأذنه في قتل رجل من المنافقين، فجهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟ قال الأنصاري: بلى يا رسول الله، ولا شهادة له، قال: أليس يشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال: بلى، ولا شهادة له، قال: أليس يصلي؟ قال: بلى، ولا صلاة له، قال: أولئك الذين نهاني الله عز وجل عن قتلهم» رواه الشافعي وأحمد في "مسنديهما" ومالك في الموطأ (3) .
قوله: «لم أؤمر أن أنقب» معناه أنه - صلى الله عليه وسلم - مأمور بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر.
_________
(1) البخاري (3/1077) ، مسلم (1/52) ، النسائي (7/77) ولم يذكر البخاري والنسائي: «ويؤمنوا بي وبما جئت به» .
(2) البخاري (4/1581) ، مسلم (2/742) ، أحمد (3/4) .
(3) الشافعي (1/320) ، أحمد (5/432) ، مالك (1/171) .(1/181)
[3/3] باب ما جاء في تكفير تارك الصلاة
556 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي (1) .
557 - وعن بُرَيْدَةَ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «العهد الذي بيننا وبينكم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» رواه الخمسة (*) ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم (2) ، وقال: صحيح لا يُعرف له علة، وصححه النسائي والعراقي وإسناده على شرط مسلم.
558 - وعن عبد الله بن شقيق العُقيلي قال: «كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة» رواه الترمذي والحاكم وصححه على شرطهما (3) .
559 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر الصلاة يومًا، فقال: «من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يُحافظ عليها لم تكن له نورًا ولا برهانًا ولا نجاةً وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأُبيّ بن خلف» رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، قال في
_________
(1) مسلم (1/88) ، أبو داود (4/219) ، الترمذي (5/13) ، ابن ماجه (1/342) ، أحمد (3/370، 389) .
(2) النسائي (1/231) ، الترمذي (5/13) ، ابن ماجه (1/342) ، أحمد (5/346) ، ابن حبان (4/305) ، الحاكم (1/48) .
(3) الترمذي (5/14) ، الحاكم (1/48) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم نجده عند أبي داود، وقد عزاه إليه في الدر المنثور (1/711) ، والترغيب والترهيب (1/213) .(1/182)
"مجمع الزوائد": رجال أحمد ثقات، وقال المنذري: إسناد أحمد جيد. ورواه ابن حبان في "صحيحه" (1) .
560 - وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك الصلاة متعمدًا فقد كفر جهارًا» رواه الطبراني (2) ، قال المنذري: وإسناده لا بأس به وفي الباب أحاديث كثيرة.
[3/4] باب الحث عليها والتشديد في تركها
561 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو أن نهرًا بباب أحدكم فيغتسل منه كل يومٍ خمس مرات ما تقولون ذلك يُبقي من دَرَنِه؟ قالوا: لا يُبْقِي من درنه شيئًا، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي (3) .
562 - وعن عثمان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتوضأ رجل فيُحسن وضوءه، ثم يُصلي الصلاة إلا غُفر له ما بينه وبين الصلاة التي تليها» أخرجاه وأخرجه "الموطأ" والنسائي (4) .
563 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك الصلاة لقي الله
_________
(1) أحمد (2/169) ، الطبراني في "الأوسط" (2/213) مختصرًا، ابن حبان (4/329) .
(2) الطبراني (3/343) .
(3) البخاري (1/197) ، مسلم (1/462) ، الترمذي (5/151) ، النسائي (1/230) .
(4) جزء من حديث طويل البخاري (1/71) ، مسلم (1/205) ، مالك (1/30) ، النسائي (1/91) .(1/183)
وهو عليه غضبان» أخرجه البزار والطبراني في "الكبير" (1) بإسناد لا بأس به.
564 - وعن الحسن عن أبي هريرة أراه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن العبد المملوك ليحاسب بصلاته، فإذا نقص منها قيل له: لِمَ نقصت منها؟ فيقول: يا رب! سلطتَ عليّ مليكًا يشغلني عن صلاتي، فيقول الله: قد رأيتك تسرق من ماله لنفسك، فهلّا سرقت من عملك لنفسك، فتجب لله تعالى الحجة عليه» رواه أحمد (2) وفي إسناده لين.
565 - وعن عبادة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من أتى بهنّ لم يضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهنّ كان له عند الله عهد أن يُدخله الجنة، ومن لم يأتِ بهنّ فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وقال فيه: «ومن جاء بهنّ قد انتقص منهن شيئًا استخفافًا بحقهن» وأخرجه مالك في "الموطأ" وابن حبان في "صحيحه" (3) وابن السكن، قال ابن عبد البر: هو صحيح ثابت.
566 - وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة المكتوبة، فإن أتمها وإلا قيل: انظروا هل له من تطوع؟ فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه، ثم يُفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك» رواه الخمسة وأبو داود بإسناد لا بأس به، والنسائي بإسناد
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (11/294) .
(2) أحمد (2/328) .
(3) أحمد (5/315) ، أبو داود (2/62) ، النسائي (1/230) ، ابن ماجه (1/449) ، مالك (1/123) ، ابن حبان (5/23، 175) .(1/184)
رجاله رجال الصحيح، وصححه ابن القطان، وقد أخرج الحديث الحاكم في المستدرك وصحح إسناده (1) .
567 - ولأبي داود من حديث تميم الداري نحو حديث أبي هريرة وصحح إسناده العراقي، وأخرجه الحاكم وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم (2) .
568 - وفي حديث سمرة الطويل في رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتاني الليلة اثنان، وفيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا مضطجعًا وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر، فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثلما فعل في المرة الأولى، قال: قلت لهما: سبحان الله! فقالا: هذا الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة» مختصر من حديث سمرة أخرجه البخاري (3) .
قوله: «يثلغ رأسه» أي: يشدخه. قوله: «فيتدهده» أي: يتدحرج.
[3/5] باب ما جاء في أمر ابن السبع بالصلاة وضرب ابن العشر
569 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مروا صبيانكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع» رواه أحمد وأبو داود والحاكم (4) ، وله شواهد، ولفظ أبي داود قال
_________
(1) أبو داود (1/229) ، النسائي (1/232،233) ، الترمذي (2/269) ، ابن ماجه (1/458) ، أحمد (2/425) ، الحاكم (1/394) .
(2) أبو داود (1/229) ، الحاكم (1/349) .
(3) البخاري (6/2583-2585) .
(4) أحمد (2/180، 187) ، أبو داود (1/133) ، الحاكم (1/311) .(1/185)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها» وفي رواية للترمذي (1) وحسنه قال: «علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين، واضربوه عليها ابن عشر سنين» .
570 - واللفظ الذي أخرجه الترمذي رواه ابن خزيمة (2) من رواية عبد الملك ابن الربيع بن سَبْرَةَ الجهني عن أبيه عن جده قال الحاكم والبيهقي: صحيح على شرط مسلم، وصححه أيضًا الترمذي.
571 - وعن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم (3) وقال: على شرط مسلم.
572 - وأخرجه أبو داود والترمذي (4) من حديث علي، وقال: حديث حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان، وأخرجه أيضًا البخاري (5) موقوفًا معلقًا بصيغة جزم.
573 - ورواه الحاكم (6) من رواية أبي قتادة، وقال: صحيح الإسناد، وقواه
_________
(1) هذه الرواية للترمذي، ولكنها من رواية عبد الملك بن الربيع عن أبيه عن جده، وانظر التالي.
(2) الترمذي (2/259) ، ابن خزيمة (2/102) ، أبو داود (1/133) ، البيهقي (2/14) ، الحاكم (1/389) .
(3) أحمد (6/101) ، النسائي (6/156) ، أبو داود (4/139) ، ابن ماجه (1/658) ، ابن حبان (1/355) ، الحاكم (2/67) .
(4) أبو داود (1/141) ، الترمذي (4/32) ، ابن حبان (1/356) (143) ، الحاكم (1/389) .
(5) البخاري (5/2019، 6/2499) .
(6) الحاكم (4/430) .(1/186)
صاحب الإلمام.
[3/6] باب ما جاء في الكافر يُسلم ليس عليه قضاء الصلاة
574 - عن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإسلام يَجُبُّ ما قبله» رواه أحمد والطبراني والبيهقي (1) ، وهو لمسلم (2) من حديثه بلفظ: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله» .
575 - وأخرج مسلم (3) أيضًا من حديث عبد الله بن مسعود قال: «قلنا: يا رسول الله! أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أُخذَ بالأولِ والآخر» .
قوله: «يَجُبُّ ما قبله» أي: يقطعه فيذهب إثم المعاصي التي عملها حال كفره.
_________
(1) جزء من قصة طويلة أحمد (4/198، 204، 205) ، البيهقي (9/123) .
(2) مسلم (1/112) .
(3) مسلم (1/111) ، وهو في البخاري (6/2536) .(1/187)
أبواب المواقيت
[3/7] باب ما جاء في وقت الظهر
576 - عن جابر بن عبد الله: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه جبريل عليه السلام، فقال له: قُم فصله، فصلى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر، فقال له: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه المغرب، فقال له: قم فصله، فصلى المغرب حين وجبت الشمس، ثم جاءه العشاء، فقال: قم فصله، فصلى العشاء حين غاب الشفق، ثم جاءه الفجر فقال: قم فصله، فصلى الفجر حين برق الفجر أو قال: سطع الفجر، ثم جاءه من الغد للظهر فقال: قم فصله، فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم جاءه المغرب وقتًا واحدًا لم يزل عنه، ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل أو قال: ثلث الليل فصلى العشاء، ثم جاء حين أسفر جدًا، فقال: قم فصله فصلى الفجر، ثم قال: ما بين هذين الوقتين وقت» رواه أحمد والنسائي والترمذي بنحوه، وقال البخاري: هو أصح شيء في المواقيت قال في "الخلاصة": وأخرجه الدارقطني وابن حبان والحاكم (1) وقال: صحيح مشهور. انتهى (2) .
_________
(1) أحمد (3/330) ، النسائي (1/263) ، الترمذي (1/281) ، الدارقطني (1/256) ، ابن حبان (4/335-336) ، الحاكم (1/310) .
(2) فائدة: قوله تعالى: ((أقم الصلاة لدلوك الشمس)) قال في الكشاف في تفسيرها في الإسراء: = = دلكت الشمس غربت، وقيل: زالتْ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أتاني جبريل لدلوك الشمس حين زالت الشمس فصلى بي الظهر» وإن كان الدلوك الزوال، فالآية جامعة للصلوات، قال في السراج: وهذا هو الوجه لشموله وموافقته للحديث. اهـ. قلتُ: الحديث أخرجه البيهقي من حديث ابن مسعود بإسناد منقطع كما في تخريج الكشاف. تمت مؤلف.(1/188)
577 - وللترمذي (1) عن ابن عباس قال: «أمّني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فذكر نحو حديث جابر إلا أنه قال فيه: وصلى المرة الثانية حين صار ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، وقال فيه: ثم صلّى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل وفيه: ثم قال: يا محمد! هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين» قال الترمذي هذا حديث حسن وصححه ابن عبد البر وابن العربي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد وصححه ابن خزيمة.
قوله: «فصله» الهاء للسكت. قوله: «حين وجبت الشمس» الوجوب السقوط. قوله: «زالت» أي: مالت إلى جهة الغرب.
[3/8] باب ما جاء في تعجيلها والإبراد بها في شدة الحر
578 - عن جابر بن سَمُرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر إذا دحضت الشمس» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه وأبو داود (2) .
579 - وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر في أيام الشتاء، وما
_________
(1) الترمذي (1/279-280) .
(2) أحمد (5/106) ، مسلم (1/432) ، ابن ماجه (1/221) ، أبو داود (1/213) .(1/189)
ندري أما ذهب من النهار أكثر أو ما بقي منه» رواه أحمد وعبد الرزاق (1) (*) .
580 - وعن ابن مسعود قال: «كان قدر صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر في الصيف ثلاثة أقدام، وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة» أخرجه أبو داود والحاكم والنسائي (2) بإسناد فيه مقال، وسكت عنه المنذري في "مختصر السنن"، وفي إسناده سعد بن طارق وثقه أحمد وابن معين، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه، وذكر في "الميزان" في ترجمة عبيدة بن حميد الظبي ما لفظه: وقد ضعف عبد الحق حديث تقدير صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأقدام في الشتاء والصيف. انتهى، والحافظ في "التلخيص" لم يتكلم على لفظ الحديث ولا سنده.
581 - وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الحر أبرد بالصلاة وإذا كان البرد عجل» رواه النسائي وللبخاري (3) نحوه.
582 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم» رواه الجماعة (4) .
583 - وعن أبي ذر قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أبرد ثم أراد أن يؤذن، فقال له: أبرد حتى رأينا فيَّ التُّلُول،
_________
(1) أحمد (3/135، 160) وهو عند البيهقي (1/439) ، والطيالسي (1/283) .
(2) أبو داود (1/110) ، الحاكم (1/315) ، النسائي (1/250) .
(3) النسائي (1/248) ، البخاري (1/307) .
(4) البخاري (1/199) ، مسلم (1/430، 432) ، أبو داود (1/110) ، النسائي (1/248) ، الترمذي (1/295) ، ابن ماجه (1/222) ، أحمد (2/238، 265) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم أجده في مصنف عبد الرزاق وعزاه في النيل (1/439) إليه.(1/190)
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن شدة الحر من فيح جهنم فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة» متفق عليه (1) .
قوله: «دَحَضت» بفتح الدال والحاء المهملتين وبعدهما ضاد معجمة، أي: زالت. قوله: «أبردوا» الإبراد تأخيرها عن وقت الحر إلى وقت انكسار شدة الحر. قوله: «في التلول» الفىء ما كان شمسًا فنسخه الظل الحاصل بعد الزوال، والتُّلُول: جمع تَلٍ وهو الربوة من التراب المجتمع.
[3/9] باب ما جاء في وقت العصر
584 - عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وقت صلاة الظهر ما لم يحضر العصر، ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يسقط ثور الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل، ووقت صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس» رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود (2) ، وفي رواية لمسلم (3) : «ووقت صلاة الفجر ما لم يطلع قرن الشمس الأول وفيه ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول» .
585 - وعن أنس قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها أربعًا لا يذكر الله إلا
_________
(1) البخاري (1/199، 226) ، مسلم (1/431) ، أحمد (5/155، 162) .
(2) أحمد (2/213) ، مسلم (1/427) ، النسائي (1/260) ، أبو داود (1/109) .
(3) مسلم (1/427) .(1/191)
قليلًا» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه (1) .
586 - وعن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وأتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئًا وأمر بلالًا فأقام الفجر حتى انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضًا، ثم أمره فأقام الظهر حين زالت الشمس والقائل يقول: انتصف النهار أو لم، وكان أعلم منهم ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام المغرب حين وقبت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حين انصرف منها، والقائل يقول: طلعت الشمس أو كادت، وأخر الظهر حتى كان قريبًا من وقت العصر بالأمس ثم أخر العصر والقائل يقول: احمرت الشمس ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق» . وفي لفظ: «فصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وأخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل فقال: الوقت فيما بين هذين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (2) .
587 - وروى الجماعة إلا البخاري (3) نحوه من حديث بُريدة الأسلمي وصححه الترمذي.
قوله: «ثور الشفق» بالثاء المثلثة انتشاره وثوران حمرته. قوله: «قرن الشمس» هو
_________
(1) مسلم (1/434) ، أبو داود (1/112) ، النسائي (1/254) ، الترمذي (1/301) ، أحمد (3/149، 185) .
(2) أحمد (4/416) ، مسلم (1/429) ، أبو داود (1/108) ، النسائي (1/260) .
(3) مسلم (1/428، 429) ، النسائي (2/258) ، الترمذي (1/286) ، ابن ماجه (1/219) ، أحمد (5/349) .(1/192)
ناحيتها أو أعلاها وأول شعاعها. قوله: «قرني شيطان» أي ناحيتي رأسه وجانبيه، وقيل علوه وارتفاعه وسلطانه وقيل غير ذلك. قوله: «وقبت» بقاف وباء موحدة وتاء فوقية، أي: غربت.
[3/10] باب ما جاء في تعجيلها
588 - عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي العصر والشمس مرتفعة حيَّة، فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيهم والشمس مترفعة» رواه الجماعة إلا الترمذي (1) . وللبخاري (2) : «وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه» ولأحمد وأبي داود (3) نحو ذلك، وفي رواية لمسلم (4) : «ثم يذهب الذاهب إلى قباء» ، وفي أخرى له (5) «ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف فيجدهم يصلون» .
589 - وعنه قال: «صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر فأتاه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله! إنا نريد أن ننحر جزورًا لنا وإنا نحب أن تحضرها، قال: نعم فانطلق وانطلقنا معه فوجدنا الجزور لم ينحر فنحرت ثم قطعت ثم ذبح منها ثم أكلنا قبل أن تغيب الشمس» رواه مسلم (6) .
_________
(1) البخاري (1/202) ، مسلم (1/433) ، أبو داود (1/111) ، النسائي (1/252) ، ابن ماجه (1/223) ، أحمد (3/223) .
(2) البخاري (1/202) .
(3) أحمد (3/161) ، أبو داود (1/111) .
(4) مسلم (1/434) ، وهي عند البخاري (1/202) .
(5) مسلم (1/434) .
(6) مسلم (1/435) .(1/193)
590 - وعن رافع بن خديج قال: «كنا نصلي العصر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ننحر الجزور فيقسم عشر قسم ثم يطبخ فنأكل لحمه نضيجًا قبل مغيب الشمس» متفق عليه (1) .
591 - وعن بُرَيْدَةَ الأسلمي قال: «كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة فقال: بكّروا بالصلاة في اليوم الغيم فإنه من فاته صلاة العصر حبط عمله» رواه أحمد وابن ماجه (2) برجال الصحيح.
قوله: «مرتفعة حية» قال الخطابي: حياتها وجود جرمها. قوله: «العوالي» هي القرى التي جنب المدينة أبعدها على ثمانية أميال من المدينة وأقربها ميلان وبعضها على ثلاث أميال. قوله: «جزور» البعير ذكرًا كان أو أنثى واللفظ مؤنثة تقول هذه الجزور كذا في "الدر النثير".
[3/11] باب ما جاء أنها الوسطى
592 - عن علي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الأحزاب: «ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس» متفق عليه (3) ، ولمسلم وأحمد وأبي داود (4) : «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر» .
_________
(1) البخاري (2/880) ، مسلم (1/435) ، أحمد (4/141) .
(2) أحمد (5/361) ، ابن ماجه (1/227) . وأصل القصة في البخاري (1/203، 214) إلا أن الأمر بالتبكير موقوف على أبي بريدة.
(3) البخاري (3/1071، 5/2349) ، مسلم (1/436) ، أحمد (1/122، 135، 137، 154) .
(4) مسلم (1/437) ، أحمد (1/113، 146) ، أبو داود (1/112) .(1/194)
593 - وعنه قال: «كنا نراها الفجر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هي صلاة العصر يعني صلاة الوسطى» رواه عبد الله في مسند أبيه (1) .
594 - وعن ابن مسعود قال: «حبس المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس، أو اصفرت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارًا، أو أحشى أجوافهم وقبورهم نارًا» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه (2) .
595 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الوسطى صلاة العصر» رواه الترمذي (3) ، وقال: حديث حسن صحيح.
596 - وعن سَمُرة بن جُنْدَب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الصلاة الوسطى صلاة العصر» رواه أحمد والترمذي (4) وصححه. وفي رواية لأحمد (5) : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وسماها لنا أنها صلاة العصر» .
597 - وعن البراء بن عازب قال: «نزلت هذه الآية ((حافظوا على الصلوات وصلاة العصر)) فقرأنا بها ما شاء الله، ثم نسخها الله فنزلت: ((حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى)) [البقرة:238] ، فقال رجل: فهي إذًا صلاة
_________
(1) عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (1/122) .
(2) أحمد (1/403، 456) ، مسلم (1/437) ، ابن ماجه (1/224) .
(3) الترمذي (1/339) .
(4) أحمد (5/12، 13، 22) ، الترمذي (1/340-341) .
(5) أحمد (5/8) .(1/195)
العصر، فقال: قد أخبرتك كيف نزلت، وكيف نسخها الله، والله أعلم» رواه أحمد ومسلم (1) .
598 - وعن أبي يونس مولى عائشة أنه قال: «أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفًا فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذنّي ((حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى)) فلما بلغتها آذنتها فأملت عليَّ: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين، قالت عائشة: سمعتها من رسول اللهص» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه (2) .
599 - وعن زيد بن ثابت قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحابه منها فنزلت: ((حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى)) وقال: إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين» رواه أحمد وأبو داود وسكت عنه هو والمنذري. وأخرجه البخاري في التاريخ والنسائي (3) برجال ثقات.
600 - وعن أسامة بن زيد في الصلاة الوسطى قال: «هي الظهر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الظهر بالهجير، ولا يكون وراءه إلا الصف والصفان والناس في قايلتهم وفي تجارتهم، فأنزل الله: ((حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا
_________
(1) أحمد (4/301) ، مسلم (1/438) .
(2) مسلم (1/437) ، أبو داود (1/112) ، النسائي (1/236) ، الترمذي (5/217) ، أحمد (6/178) .
(3) أحمد (5/183) ، أبو داود (1/112) ، البخاري في "التاريخ" (3/433) ، النسائي في "الكبرى" (1/152) .(1/196)
لِلَّهِ قَانِتِينَ)) [البقرة:238] » رواه أحمد والنسائي وابن منيع وابن جرير والضياء في "المختارة" (1) ورجال النسائي ثقات.
قوله: «الهجير والهاجرة» نصف النهار عند اشتداد الحر.
[3/12] باب وقت صلاة المغرب
601 - عن سلمة بن الأَكْوَع: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب» رواه الجماعة إلا النسائي (2) ، ولأبي داود (3) : «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس إذا غاب حجابها» .
602 - وعن عُقْبَةَ بن عامر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم» رواه أحمد وأبو داود والحاكم (4) .
603 - وأخرجه ابن ماجه والحاكم وابن خزيمة في "صحيحه" (5) من حديث العباس بلفظ: «لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم» .
_________
(1) أحمد (5/206) ، النسائي في "الكبرى" (1/152) ، ابن جرير في "التفسير" (2/562-563) ، الضياء في "المختارة" (4/97، 98) (1310، 1311) ، البزار (7/70) (2618) .
(2) البخاري (1/205) ، مسلم (1/441) ، أبو داود (1/113) ، الترمذي (1/304) ، ابن ماجه (1/225) ، أحمد (4/54) .
(3) انظر السابق.
(4) أحمد (4/147) ، أبو داود (1/113) ، الحاكم (1/303) .
(5) ابن ماجه (1/225) ، الحاكم (1/304) ، ابن خزيمة (1/175) .(1/197)
604 - وعن رافع بن خَدِيج قال: «كنا نصلي المغرب مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فينصرف أحدنا وإنه لينظر مواقع نبله» متفق عليه (1) .
605 - وقد تقدم (2) حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم: «ووقت صلاة المغرب ما لم يسقط ثور الشفق» .
[3/13] باب ما جاء في تقديم العشاء على صلاة المغرب
606 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قدم العشاء فابدأوا به قبل صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم» .
607 - وعن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أقيمت الصلاة وحضر العَشاءُ فابدأوا بالعَشاءِ» .
608 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء، ولا تعجل حتى يفرغ منه» متفق عليهن (3) .
[3/14] باب في كراهية تسمية المغرب بالعشاء
609 - عن عبد الله بن مُغَفَّل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يغلبنكم الأعراب على
_________
(1) البخاري (1/205) ، مسلم (1/441) ، أحمد (4/141) .
(2) تقدم برقم (584) .
(3) الحديث الأول البخاري (1/238) ، مسلم (1/392) ، أحمد (3/100، 249) ، والحديث الثاني: البخاري (1/283، 5/2080) ، مسلم (1/392) ، أحمد (6/39، 51، 194) ، والحديث الثالث: البخاري (1/239) ، مسلم (1/392) ، أحمد (2/20) .(1/198)
اسم صلاتكم المغرب، قال: والأعراب تقول: هي العشاء» متفق عليه (1) .
[3/15] باب وقت صلاة العشاء وفضل تأخيرها إلى نصف الليل
610 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الشفق الحمرة، فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة» رواه الدارقطني وقال: هو غريب. وكل رواته ثقات، وصححه ابن خزيمة وغيره وقفه، وقال الحاكم والبيهقي: الصحيح وقفه على ابن عمر. وقد رواه ابن عساكر والبيهقي والحاكم في "المدخل" (2) وجعله مثالًا لما رفعه المخرجون، وأخرج ابن خزيمة في صحيحه (3) عن ابن عمر أيضًا مرفوعًا: «وقت صلاة المغرب إلى أن تذهب حمرة الشفق» وقد تفرد به محمد بن يزيد وهو صدوق.
611 - وعن عائشة قالت: «أعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعتمة فنادى عمر نام النساء والصبيان، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما ينتظرها غيركم، ولم تصلَ يومئذ إلا بالمدينة، ثم قال: صلوها فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل» رواه النسائي (4) برجال الصحيح إلا شيخ النسائي عمرو بن عثمان فهو صدوق.
612 - وعنها قالت: «أَعْتَمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل حتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى، فقال: إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي» رواه
_________
(1) بهذا اللفظ عند البخاري (1/206) ، أحمد (5/55) .
(2) الدارقطني (1/269) ، البيهقي (1/373) ،
(3) ابن خزيمة (1/182) من حديث عبد الله بن عمرو.
(4) النسائي (1/267) .(1/199)
مسلم والنسائي (1) .
613 - وعن جابر بن سَمُرَةَ قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤخر العشاء الآخرة» رواه أحمد ومسلم (2) .
614 - وعن عائشة قالت: «كانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول» أخرجه البخاري (3) .
615 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي (4) وصححه.
616 - وعن جابر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت الشمس، والعشاء أحيانًا يؤخرها وأحيانًا يعجل، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطئوا أخر، والصبح كانوا أو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصليها بغَلَسٍ» متفق عليه (5) .
617 - وعن أنس قال: «أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العشاء إلى نصف الليل ثم
_________
(1) مسلم (1/442) ، النسائي (1/267) .
(2) أحمد (4/424، 5/89، 93، 95) ، مسلم (1/445) ، وهو عند النسائي (1/226) ، وابن حبان (4/394) .
(3) البخاري (1/208، 295) .
(4) أحمد (2/433) ، ابن ماجه (1/226) ، الترمذي (1/310-311) .
(5) البخاري (1/205) ، مسلم (1/446) ، أحمد (3/369) .(1/200)
صلى، ثم قال: قد صلى الناس وناموا، أما أنكم في صلاة ما انتظرتموها، قال أنس: كأني أنظر إلى وبيص خاتمه ليلة إذٍ» متفق عليه (1) .
618 - وعن أبي سعيد قال: «انتظرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة لصلاة العشاء حتى ذهب نحو من شطر الليل، قال: فجاء فصلى بنا ثم قال: خذوا مقاعدكم فإن الناس قد أخذوا مضاجعهم، وإنكم لم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها، ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم وحاجة ذي الحاجة لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة (2) بإسناد صحيح.
قوله: «أعتم» أي دخل في العتمة وهي صلاة العشاء. قوله: «نقية» أي صافية. قوله: «إذا وجبت» أي غابت. قوله: «بغلس» محرك هي ظلمة الليل. قوله: «وبيص خاتمه» بالباء الموحدة والصاد المهملة هو البريق.
[3/16] باب ما جاء في كراهية النوم قبل صلاة العشاء
والحديث بعدها إلا مع أهله أو لحاجة
619 - عن أبي بَرْزَةَ الأسلمي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها» رواه الجماعة (3) .
620 - وعن ابن مسعود قال: «جَذب لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - السمر بعد العشاء» رواه
_________
(1) البخاري (1/209) ، مسلم (1/443) ، أحمد (3/200،267) .
(2) أحمد (3/5) ، أبو داود (1/114) ، ابن ماجه (1/226) ، ابن خزيمة (1/177) .
(3) البخاري (1/201، 215) ، مسلم (1/447) ، أبو داود (1/109) ، النسائي (1/262، 265) ، الترمذي (1/313) ، ابن ماجه (1/229) ، أحمد (4/420، 424) .(1/201)
ابن ماجه (1) ، وقال: «جذب» يعني زجرنا عنه، نهانا عنه، ورجاله رجال الصحيح.
621 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا سمر بعد صلاة العشاء إلا لأحد رجلين مصلٍّ أو مُسافر» أخرجه أحمد (2) ، وقال: الترمذي (3) وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا سمر إلا لمصلٍّ أو مسافر» انتهى.
622 - وأخرجه الضياء المقدسي في "الأحكام" من حديث عائشة بلفظ: «لا سمر إلا لثلاثة: مصل أو مسافر أو عروس» .
623 - وعن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في الأمر من أمر المسلمين وأنا معه» رواه أحمد والترمذي وحسنه (4) والنسائي (5) برجال الصحيح.
624 - وعن ابن عباس قال: «رقدتُ في بيت ميمونة ليلة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندها لأنظر كيف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فتحدث النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أهله
_________
(1) ابن ماجه (1/230) ، وهو عند أحمد (1/388، 410) ، وابن حبان (5/377) .
(2) أحمد (1/379) .
(3) الترمذي (1/319) .
(4) وفي نسخة من الترمذي: صححه، وأنا معهما، وقال في آخره: حديث عمر حديث حسن صحيح. تمت مؤلف.
(5) أحمد (1/25، 26، 34) ، الترمذي (1/315) ، النسائي في "فضائل الصحابة" (151، 152، 153) ، ابن حبان (5/379) ، ابن خزيمة (2/291) ، الحاكم (2/246) ، ابن أبي شيبة (2/79) ، وأبو يعلى (1/173) .(1/202)
ساعة ثم رقد» وساق الحديث رواه مسلم (1) .
قوله: «جَذَب لنا» بجيم فذال مفتوحين فباء موحدة مَنَع وزنًا ومعنى.
[3/17] باب ما جاء في تسمية العِشاء بالعتمة
625 - عن مالك عن سُمَي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا» متفق عليه (2) ، زاد أحمد (3) في روايته عن عبد الرزاق فقلت لمالك: أما يكره أن يقول العتمة، قال: هكذا قال الذي حدثني.
626 - وعن ابن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا إنها العشاء وهم يعتمون بالإبل» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (4) ، وفي رواية لمسلم (5) : «لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء، فإنها في كتاب الله العِشاء وإنها تعتم بحِلاب الإبل» .
627 - وقد أخرج نحوه ابن ماجه (6) من حديث أبي هريرة بإسناد حسن.
_________
(1) مسلم (1/530) ، وهو عند البخاري (4/1665، 6/2712) .
(2) البخاري (1/222، 233، 2/955) ، مسلم (1/325) ، أحمد (2/303، 374) .
(3) أحمد (2/278) .
(4) أحمد (2/18، 49) ، مسلم (1/445) ، النسائي (1/270) ، ابن ماجه (1/230) .
(5) مسلم (1/445) .
(6) ابن ماجه (1/231) .(1/203)
قوله: «حبوًا» أي زحفًا إذا منعوا. قوله: «تعتم بحلاب» بالحاء المهملة: وهي الحلب بعد هوى من الليل.
[3/18] باب وقت صلاة الفجر وما جاء في التغليس بها والإسفار
628 - عن عائشة قالت: «كن نساء المؤمنات يشهدن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الفجر مُتَلَفِعَاتٍ بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حتى يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغَلَس» رواه الجماعة (1) وللبخاري (2) : «ولا يعرف بعضهن بعضًا» .
629 - وعن أبي مسعود الأنصاري: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر» رواه أبو داود (3) برجال الصحيح، والحديث أصله في الصحيحين، والنسائي وابن ماجه (4) ولفظه: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «نزل جبريل فأخبرني بوقت الصلاة ثم ساق الحديث في الأوقات حتى قال: وصلى الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات» .
630 - وعن زيد بن ثابت قال: «تسحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قمنا إلى
_________
(1) البخاري (1/210) ، مسلم (1/446) ، أبو داود (1/115) ، النسائي (1/271، 3/82) ، الترمذي (1/287-288) ، ابن ماجه (1/220) ، أحمد (6/37، 178) .
(2) البخاري (1/296) .
(3) أبو داود (1/107) .
(4) البخاري (1/195) ، مسلم (1/425) ، النسائي (1/245) ، ابن ماجه (1/220) .(1/204)
الصلاة، قلت: كم كان مقدار ما بينهما؟ قال: قدر خمسين آية» متفق عليه (1) .
631 - وعن رافع بن خديج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر» رواه الخمسة، وصححه ابن حبان، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه أيضًا الطبراني (2) ، قال الحافظ في "الفتح": وصححه غير واحد.
632 - وعن ابن مسعود قال: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء بِجَمْعٍ، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها» متفق عليه (3) ، ولمسلم (4) : «قبل وقتها بغلس» .
633 - ولأحمد والبخاري (5) عن عبد الرحمن بن يزيد قال: «خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقدمنا جمعًا فصلى الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة، وتعشى بينهما، ثم صلى حين طلع الفجر، فقائل يقول: طلع الفجر، وقائل يقول: لم يطلع، ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب والعشاء، ولا يقدم الناس جمعًا حتى يعتموا وصلاة الفجر هذه الساعة» .
634 - وعن أبي الربيع قال: «كنت مع ابن عمر فقلت: إني أصلي معك ثم
_________
(1) البخاري (2/678) ، مسلم (2/771) ، أحمد (5/185، 186) .
(2) أبو داود (1/115) ، النسائي (1/272) ، الترمذي (1/289) ، ابن ماجه (1/221) ، أحمد (3/465، 4/140، 142) ، الطبراني في "الكبير" (4/249، 250) ، "الأوسط" (9/116) .
(3) البخاري (2/604) ، مسلم (2/938) ، أحمد (1/426) .
(4) مسلم (2/938) .
(5) البخاري (1/604) ، أحمد (1/418، 449) .(1/205)
ألتفت فلا أرى وجه جليس، ثم أحيانًا تسفر! فقال: كذلك رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، وأحببت أن أصليها كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصليها» رواه أحمد (1) بإسناد ضعيف.
635 - وعن معاذ بن جبل قال: «بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا معاذ! إذا كان في الشتاء فغلس بالفجر وأطلِ القراءة قدر ما يطيق الناس ولا تملهم، وإذا كان الصيف فأسفر بالفجر، فإن الليل قصير والناس ينامون فأمهلهم حتى يدركوا» رواه البغوي في "شرح السنة"، وأخرجه بقي بن مَخْلد في "مسنده" وأبو نعيم في "الحلية" (2) .
636 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الفجر فجران: فَجرٌ يَحْرُم فيه الطعام وتَحِلُ فيه الصلاة، وفجرٌ تَحْرُم فيه الصلاة، أي: صلاة الصبح ويَحِلُ فيه الطعام» رواه ابن خزيمة والحاكم وصححاه (3) .
637 - وللحاكم (4) من حديث جابر نحوه، وزاد في الذي يَحْرُم فيه الطعام «أنه يذهب مستطيلًا في الأفق» ، وفي الآخر: «أنه كذَنَبِ السِّرْحان» .
638 - وفي الصحيحين (5) عن ابن مسعود: «أن الفجر ليس الذي يقول هكذا، وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض، ولكن الذي يقول هكذا: ووضع
_________
(1) أحمد (2/135) .
(2) البغوي في "شرح السنة" (357) ، أبو نعيم في "الحلية" (8/249) .
(3) ابن خزيمة (1/184، 3/210) ، الحاكم (1/304، 587) .
(4) الحاكم (1/403) .
(5) البخاري (1/224) ، مسلم (2/769) .(1/206)
المسبّحة على المسبحة، ومدَّ يده» . زاد البخاري: «عن يمينه وشماله» .
قوله: «متلفعات» بالعين المهملة بعد الفاء، أي: متجللات، «والمروط» جمع مِرط بكسر الميم: أكسية مُعَلّمَةٌ من خَزٍ أو صُوف أو غير ذلك. قوله: «فأسفر بها» أي: صلاها وقت الإسفار.
[3/19] باب ما جاء في فضل أول الوقت
639 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل الأعمال الصلاة لأول وقتها» رواه الدارقطني وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي وصححه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين (1) ، وأصله في الصحيحين (2) بلفظ: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الصلاة لوقتها» .
640 - وعن أبي مَحْذُورة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أول الوقت رضوان الله، وأوسطه رحمة الله، وآخره عفو الله» أخرجه الدارقطني (3) بسند ضعيف جدًا.
641 - وللترمذي (4) من حديث ابن عمر نحوه دون الأوسط، قال في "بلوغ المرام": وهو ضعيف أيضًا، وقال أحمد: لا يثبت، وقال الحاكم: لا أحفظه مرفوعًا من وجه يصح.
_________
(1) الدارقطني (1/247) ، ابن خزيمة (1/169) ، ابن حبان (4/339، 343) ، البيهقي (1/434) ، الحاكم (1/300) .
(2) البخاري (1/197) ، مسلم (1/90) .
(3) الدارقطني (1/249) ، وهو عند البيهقي (1/435) .
(4) الترمذي (1/321) .(1/207)
642 - وعن أم فروة رضي الله عنها وكانت ممن بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول وقتها» رواه أبو داود والترمذي (1) وقالا: لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري، وليس بالقوي عند أهل الحديث واضطربوا في هذا الحديث، وقال الحافظ المنذري: عبد الله هذا صدوق حسن الحديث فيه لين، قال أحمد: صالح الحديث لا بأس به، وقال ابن معين: يكتب حديثه، وقال ابن عدي: صدوق لا بأس به، وضعفه أبو حاتم وابن المديني، وأم فروة هي أخت أبي بكر الصديق لأبيه، ومن قال فيها أم فروة الأنصاريه فقد وهم، وفي الباب أحاديث ضعيفة إذا ضمت إلى ما ذكر في الباب أفاد أفضلية الصلاة أول الوقت.
[3/20] باب ما جاء فيمن أدرك بعض الصلاة في آخر الوقت
فقد أدركها وما جاء في المحافظة على الوقت
643 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» رواه الجماعة (2) وللبخاري (3) : «إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة
_________
(1) أبو داود (1/115) ، الترمذي (1/319-320) .
(2) البخاري (1/211) ، مسلم (1/424، 425) ، أبو داود (1/112) ، النسائي (1/273) ، الترمذي (1/353) ، ابن ماجه (1/229) ، أحمد (2/254، 260، 462) .
(3) البخاري (1/204) .(1/208)
الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته» .
644 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أدرك من العصر سجدة قبل أن تغرب الشمس، أو من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (1) ، قال في مسلم: والسجدة هنا الركعة.
645 - وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» أخرجاه (2) .
646 - وعن أبي ذر قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كيف أنت إذا كان عليك أمراء يميتون الصلاة، أو يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت فما تأمرني يا رسول الله؟ قال: صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة» ، وفي رواية: «فإن أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصل» ، وفي أخرى: «فإن أدركتك يعني الصلاة معهم فصل، ولا تقل إني قد صليت فلا أصلي» رواه أحمد ومسلم والنسائي (3) .
647 - وعن عُبَادَةَ بن الصَّامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سيكون عليكم بعدي أمَراءُ تشغلهم أشياء عن الصلاة لوقتها حتى يذهب وقتها، فصلوا الصلاة لوقتها، فقال رجل: يا رسول الله! أصلي معهم؟ فقال: نعم. إن شئت» رواه أبو داود وأحمد (4) بنحوه. وفي لفظ: «واجعلوا صلاتكم معهم تطوعًا» ورجال أبي داود
_________
(1) أحمد (6/78) ، مسلم (1/424) ، النسائي (1/273) ، ابن ماجه (1/229) .
(2) البخاري (1/211) ، مسلم (1/423) .
(3) أحمد (5/168) ، مسلم (1/448، 449) ، النسائي (2/113) .
(4) أبو داود (1/118) ، أحمد (6/7) .(1/209)
ثقات.
[3/21] باب الأوقات المنهي عن الصلاة فيها
648 - عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب» رواه أحمد والبخاري (1) .
649 - وعن عمر بن الخطاب: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس» متفق عليه (2) ، وفي لفظ عن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس» أخرجه البخاري وأحمد وأبو داود (3) ، وقالا فيه: «بعد صلاة العصر» .
650 - وعن عمرو بن عَبَسَة قال: «قلت يا نبي الله! خبرني عن الصلاة؟ قال: صل صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع، فإنها تطلع بين قَرْنَي شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صلِّ فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم اقصر عن الصلاة فإنها حينئذٍ تُسَجَّرُ جهنم، فإذا أقبل الفيء فصلِّ فإن الصلاة مشهودة حتى تصلي العصر، ثم اقصر عن الصلاة حتى تغرب، فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار» رواه أحمد
_________
(1) أحمد (3/59) ، البخاري (1/212) ، وهو عند مسلم (1/567) .
(2) البخاري (1/211) ، مسلم (1/566) ، أحمد (1/51) .
(3) أحمد (1/39) ، أبو داود (2/24) .(1/210)
ومسلم (1) ، ولأبي داود (2) نحوه، وأوله عنده: «قلت: يا رسول الله! أي الليل أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر فصل ما شئت فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى تصلي الصبح» .
651 - وعن يسار مولى ابن عمر قال: «رآني ابن عمر وأنا أصلي بعدما طلع الفجر، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج علينا ونحن نصلي هذه الساعة، فقال: ليبلغ شاهدكم غائبكم أن لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين» رواه أحمد وأبو داود والدارقطني والترمذي (3) وقال: غريب، وقال في "الخلاصة": أعله ابن القطان بما بَانَ أنه ليس بعلة. انتهى، وفي رواية عبد الرزاق (4) : «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر» .
652 - ومثله الدارقطني (5) عن ابن عمرو بن العاص.
653 - وعن عُقْبَةَ بن عامر قال: «ثلاث ساعات نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين تقوم قائمة الظهيرة حتى تزول الشمس، وحين تَضَيَّف الشمس للمغرب» ، وفي
_________
(1) جزء من قصة طويلة عند أحمد (4/111، 112) ، ومسلم (1/570) .
(2) أبو داود (2/25) .
(3) أحمد (2/104) ، أبو داود (2/25) ، الدارقطني (1/419) ، الترمذي (2/278) .
(4) عبد الرزاق (3/53) .
(5) الدارقطني (1/419) .(1/211)
رواية: «وحين تضيف للغروب حتى تغرب» رواه الجماعة إلا البخاري (1) .
654 - وعن ذَكْوَان مولى عائشة أنها حدثته: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بعد العصر، وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوصال» رواه أبو داود (2) بإسناد فيه محمد بن إسحاق وقد عنعن، وسيأتي ما يدل على اختصاصه - صلى الله عليه وسلم - بالركعتين بعد العصر في باب قضاء سنة الظهر.
655 - وعن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصلوا بعد الصبح، ولا بعد العصر إلا أن تكون الشمس نقية» ، وفي رواية: «مرتفعة» أخرجه أبو داود والنسائي (3) ، قال الحافظ: بإسناد حسن.
قوله: «بين قرني شيطان» قال الهروي: قيل: قرناه جانبا رأسه، وقيل معنى القرن: القوة أي تطلع عند قوته. انتهى، أي: تطلع حين يتحرك الشيطان ويتسلط، والراجح عند جماعة من المحققين الأول، ومعناه: أنه يدنو رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات ليصير الساجد لها كالساجد له. قوله: «تسجر جهنم» بالسين المهملة والجيم والراء، أي: يوقد عليها إيقادًا بليغًا. قوله: «بازغة» أي: ظاهرة. قوله: «تَضَيَّف» بفتح الفوقية بعدها ضاد معجمة وياء تحتية مشددة، في "الدر النثير": تضيفت الشمس للغروب، أي: مالت.
_________
(1) مسلم (1/568) ، أبو داود (3/208) ، النسائي (1/275، 277، 4/82) ، الترمذي (3/348) ، ابن ماجه (1/486) ، أحمد (4/152) .
(2) أبو داود (2/25) .
(3) أبو داود (2/24) ، النسائي (1/280) .(1/212)
[3/22] باب ما جاء في تخصيص البيت الحرام بعدم كراهية الصلاة فيه
في الأوقات المكروهة
656 - عن جُبَيْر بن مُطْعِم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أيَّة ساعة شاء من ليل أو نهار» رواه الجماعة إلا البخاري ومسلمًا وصححه الترمذي، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني، ووهم صاحب "المنتقى" فعزاه لمسلم، ورواه ابن حبان والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم (1) .
657 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا بني عبد مناف! لا تمنعوا أحدًا يطوف بالبيت ويصلي، فإنه لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا عند هذا البيت يطوفون ويصلون» رواه الدارقطني والطبراني وأبو نعيم والخطيب في "تلخيصه" (2) ، قال في "التلخيص": وهو معلول.
658 - وعن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس إلا بمكة، إلا بمكة، إلا بمكة،
_________
(1) أبو داود (2/180) ، النسائي (1/284) ، الترمذي (3/220) ، ابن ماجه (1/398) ، أحمد (4/80) ، ابن خزيمة (4/225) ، ابن حبان (4/421) ، الدارقطني (1/423، 2/266) ، الحاكم (1/617) .
(2) الدارقطني (1/425) ، الطبراني في "الصغير" (1/55) ، و"الأوسط" (1/159) ، و"الكبير" (11/159) ، أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" (2/243) .(1/213)
ثلاثًا» رواه أحمد والشافعي وابن عدي (1) بإسناد ضعيف.
[3/23] باب ما جاء في تخصيص يوم الجمعة بجواز الصلاة فيه
في الوقت المكروه
659 - عن أبي هريرة قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة» رواه البيهقي والشافعي (2) بإسناد لا تقوم به حجة.
_________
(1) أحمد (5/165) ، ابن عدي في "الكامل" (7/289) ، وهو عند ابن خزيمة (4/226) ، والبيهقي (2/461، 462) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/159) من طريق الشافعي، والطبراني في "الأوسط" (1/259) ، الدارقطني (1/424-425) .
(2) البيهقي (2/464) ، الشافعي (1/63) .(1/214)
أبواب الأذان
[3/24] باب ما جاء في وجوبه وفضيلته وفضل الإقامة
660 - عن أبي الدرداء قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من ثلاثة لا يؤذنون ولا تُقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم (1) وصححه، ولفظ أبي داود: «ما من ثلاثة في قرية ولا بدوٍ لا تُقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان» .
661 - وعن مالك بن الحُوَيْرِث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم» متفق عليه (2) .
662 - وعن معاوية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤذنون أطولُ الناسِ أعناقًا يوم القيامة» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه (3) .
663 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة على كثبان المسك أراه قال يوم القيامة: عبد أدى حق الله وحق مواليه، ورجل أَمَّ قومًا وهم به راضون، ورجل ينادي بالصلوات الخمس في كل يوم وليلة» رواه أحمد والترمذي (4) ، وقال:
_________
(1) أحمد (5/196، 6/446) ، أبو داود (1/150) ، النسائي (2/106) ، ابن حبان (5/458) ، الحاكم (1/330، 374) .
(2) البخاري (1/226، 242، 282، 6/2647) ، مسلم (1/465) ، أحمد (3/436، 5/53) .
(3) أحمد (4/95، 98) ، مسلم (1/290) ، ابن ماجه (1/240) .
(4) أحمد (2/26) ، الترمذي (4/355، 697) .(1/215)
حسن غريب، وسيأتي في باب ما جاء من أمَّ قومًا وهم له كارهون.
664 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، اللهم ارشد الأئمة واغفر للمؤذنين» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه ابن حبان (1) .
665 - وقد أخرجه في "صحيحه" (2) من حديث عائشة، وقال: أبو زرعة: حديث أبي هريرة أصح من حديث عائشة، وصحح حديث أبي هريرة أيضًا العقيلي، وقال: قد سمع أبو صالح هذين الخبرين من أبي هريرة وعائشة جميعًا، وقال ابن عبد الهادي: أخرج مسلم لهذا الإسناد يعني إسناد حديث أبي هريرة أربعة عشر حديثًا.
666 - وعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يعجب ربك من راعي غنم في شَظِيَّة بجبل يؤذن للصلاة ويصلي، فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم للصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (3) ورجال إسناده ثقات.
667 - وفي البخاري و"الموطأ" والنسائي (4) : «إذا كنت في غنمك أو باديتك
_________
(1) أحمد (2/232، 284، 382، 424، 461، 472) ، أبو داود (1/143) ، الترمذي (1/402) ، ابن حبان (4/560) .
(2) ابن حبان (4/559) ، وهو عند أحمد (6/65) .
(3) أحمد (4/145، 157، 158) ، أبو داود (2/4) ، النسائي (2/20) ، و"الكبرى" (1/507) ، وهو عند ابن حبان (4/545) ، والبيهقي (1/405) ، والطبراني في "الكبير" (17/301) .
(4) البخاري (1/221، 3/1200، 6/2743) ، مالك (1/69) ، النسائي (2/12) ، أحمد (3/35) ، ابن ماجه (1/239) .(1/216)
فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالندى، فإنه لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة» ، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قوله: «أطول الناس أعناقًا» بفتح الهمزة جمع عنق.
668 - وفي صحيح ابن حبان (1) من حديث أبي هريرة: «يعرفون بطول أعناقهم يوم القيامة» .
669 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا نوى بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط، حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي الأذان أقبل، فإذا ثوب أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر من قبل، حتى يضل الرجل لا يدري كم صلّى» أخرجاه، وأخرجه مالك وأبو داود والنسائي (2) .
670 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا ثوب بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء» رواه أحمد (3) وفي إسناده ابن لَهِيْعَةَ.
671 - وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ساعتان لا يرد فيهما على داع دعوته: حين تقام الصلاة، وفي الصف في سبيل الله تعالى» رواه ابن حبان في "صحيحه" (4) .
_________
(1) ابن حبان (4/556) بلفظ: «المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة» .
(2) البخاري (1/220، 409، 413، 3/1196) ، مسلم (1/291، 398) ، مالك (1/69) ، أبو داود (1/142) ، النسائي (2/21-22) .
(3) أحمد (3/342) .
(4) ابن حبان (5/5، 60) .(1/217)
قوله: «شَظِيَّة» بالظاء المعجمة: القطعة المرتفعة من رأس الجبل. قوله: «فإذا ثوب أدبر» التثويب هنا الإقامة.
[3/25] باب صفة الأذان
672 - عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: «لما أجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضرب بالناقوس وهو له كاره لموافقته النصارى طاف بي من الليل طائف وأنا نائم رجل عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله، قال: فقلت له: يا عبد الله! أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قال: قلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ فقلت: بلى، قال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، ثم استأخر غير بعيد، قال: ثم تقول إذا قمت للصلاة: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، قال: فلما أصبحت أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت، فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن هذه لرؤيا حق إن شاء الله، ثم أمر بالتأذِين، وكان بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك ويدعو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة، قال: فجاءه فدعاه ذات غداة إلى الفجر، فقيل: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نائم فصرخ بلال بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم، قال سعيد بن المسيب: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين في صلاة الفجر» رواه أحمد وأبو داود (1)
من
_________
(1) أحمد (4/42، 43) ، أبو داود (1/135) ..(1/218)
حديثه، وفيه: «فلما أصبحت أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت، فقال: إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فإنه أندى صوتًا منك، قال: فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به، فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه، يقول: والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي أرى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلله الحمد» ، وأخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والبخاري (1) .
673 - وعن أنس قال: «أُمِرَ بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة» رواه الجماعة (2) ، وزاد البخاري وأبو داود (3) «إلا الإقامة» ، وفي رواية النسائي وابن حبان والدارقطني وأبي عوانة والحاكم (4) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بلالًا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة» قال الحاكم: صحيح على شرطهما، وقد روى البيهقي (5) فيه بالسند الصحيح عن أنس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالًا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة» .
674 - وعن ابن عمر قال: «إنما كان الأذان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة، غير أنه يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، وكنا
_________
(1) الترمذي (1/358-359) ، ابن خزيمة (1/193) ، ابن حبان (4/572) .
(2) البخاري (1/219، 3/1274) ، مسلم (1/286) ، أبو داود (1/141) ، النسائي (2/3) ، الترمذي (1/369) ، ابن ماجه (1/241) ، أحمد (3/103، 189) .
(3) البخاري (1/220) ، أبو داود (1/141) ، وهذه الزيادة عند مسلم (1/286) .
(4) النسائي (2/3) ، ابن حبان (4/568) ، الدارقطني (1/240) ، الحاكم (1/313) ، أبو عوانة (1/274) (956) .
(5) البيهقي (1/413) .(1/219)
إذا سمعنا الإقامة توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والدارقطني وابن خزيمة وابن حبان والحاكم (1) وصححه، وقال اليعمري في شرحه للترمذي: إسناد حديث ابن عمر صحيح.
675 - وعن أبي مَحْذُوْرَة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمه هذا الأذان: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد إن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم يعود، فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدًا رسول الله مرتين، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله» رواه مسلم والنسائي (2) وذكر التكبير في أوله أربعًا.
676 - وللخمسة (3) عن أبي محذورة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة» ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال ابن القطان: قد وقع في بعض روايات مسلم تربيع التكبير، وهي التي ينبغي أن تعد في الصحيح. انتهى. وصحح الحديث أيضًا ابن دقيق العيد.
677 - وعن أبي محذورة قال: «قلت: يا رسول الله! علمني الأذان، فعلمه، وقال: فإن كان صلاة الصبح قلتَ: الصلاة خير من النوم، الله أكبر، الله أكبر، لا إله
_________
(1) أحمد (2/85) ، أبو داود (1/141) ، النسائي (2/3، 20) ، الدارقطني (1/239) ، ابن خزيمة (1/193) ، ابن حبان (4/565) ، الحاكم (1/312) .
(2) مسلم (1/287) ، النسائي (2/3، 4، 7) .
(3) أبو داود (1/137) ، النسائي (2/4) ، الترمذي (1/367) ، ابن ماجه (1/235) ، أحمد (3/409، 6/401) .(1/220)
إلا الله» رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والنسائي (1) ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وفي إسناده مقال، لكنه قد روي من طرق أخرى.
678 - وعن أنس قال: «من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر: حيَّ على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم» رواه ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي (2) ، وقال: إسناده صحيح.
679 - وقال في "الخلاصة": قد أخرجه مرفوعًا ابن ماجه (3) من رواية بلال وابن عمر (4) .
680 - والنسائي (5) من رواية أبي محذورة وغيرهم.
681 - وروى أحمد والترمذي (6) عن بلال قال: «قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر» وضعفه الترمذي وصححه ابن الجوزي.
682 - وحديث أبي محذورة في التثويب، قال في "الخلاصة": رواه أبو
_________
(1) أحمد (3/408) ، أبو داود (1/136) ، ابن حبان (4/579) ، النسائي (2/7) "الكبرى" (1/498) .
(2) ابن خزيمة (1/202) ، الدارقطني (1/243) ، البيهقي (1/423) .
(3) ابن ماجه (1/237) من رواية بلال.
(4) ابن ماجه (1/233) من رواية ابن عمر.
(5) النسائي (2/13) من رواية أبي محذورة.
(6) أحمد (6/14) ، الترمذي (1/378) .(1/221)
داود (1) وصححه ابن حبان وضعفه ابن القطان.
قوله: «الناقوس» هو الخشبة التي تضربها النصارى عند أوقات الصلاة.
[3/26] باب رفع الصوت بالأذان
683 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤذن يغفر له مدّ صوته، ويشهد له كل رطب ويابس» رواه الخمسة إلا الترمذي، ورواه ابن خزيمة وابن حبان وصححاه (2) .
684 - وله شواهد، منها: ما أخرجه أحمد والنسائي (3) من حديث البراء بلفظ: «المؤذن يغفر له مد صوته، ويصدقه من يسمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه» وصححه ابن السكن، وقال المنذري في "الترغيب والترهيب": إسناده حسن جيد.
685 - وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا كنت في غنمك أو باديتك فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مد صوت المؤذن جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة» رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه، وقد تقدم (4) هذا الحديث في فضل الأذان.
_________
(1) أبو داود (1/136، 137) .
(2) أبو داود (1/142) ، النسائي (2/12) ، ابن ماجه (1/240) ، أحمد (2/411، 429، 458) ، ابن خزيمة (1/204) ، ابن حبان (4/551) .
(3) أحمد (4/284) ، النسائي (2/13) .
(4) تقدم برقم (667) .(1/222)
[3/27] باب ما جاء في المؤذن يجعل إصبعه في أذنيه
ويلوي عنقه عند الحيعلة ولا يستدير
686 - عن أبي جُحَيْفَةَ قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أَدَمٍ، قال: فخرج بلال بوَضُوئه فمن ناضح ونائل، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه حلة حمراء كأني أنظر إلى بياض ساقيه، قال: فتوضأ وأذن بلال فجعلت أتبع فاه هاهنا وهاهنا، يقول يمينًا وشمالًا: حيَّ على الصلاة، حيَّ علي الفلاح» متفق عليه (1) ، ولأبي داود (2) : «فلما بلغ حي على الفلاح لوى عنقه يمينًا وشمالًا ولم يستدر» ، وفي رواية لأحمد والترمذي (3) وصححه: «وإصبعاه في أذنيه» ، وزاد ابن ماجة (4) أيضًا رواية: «يدور في أذانه» ، قال البيهقي: الاستدارة لم ترد من طُرق صحيحة.
قوله: «فمن ناضح» الناضح: الآخذ من الماء لجسده تبركًا ببقية وَضُوئه - صلى الله عليه وسلم -، و «النائل» الآخذ من ما في جسد صاحبه.
[3/28] باب الأذان في أول الوقت وما جاء أن بياض
الأفق المستطيل لا حكم له
687 - عن جابر بن سَمُرة قال: «كان بلال يؤذن إذا زالت الشمس لا
_________
(1) البخاري (1/227) ، مسلم (1/360) ، أحمد (4/308) .
(2) أبو داود (1/143) .
(3) أحمد (4/308) ، الترمذي (1/375) .
(4) ابن ماجه (1/236) .(1/223)
يَخْرم، ثم لا يقيم حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا خرج أقام حين يراه» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (1) (*) .
688 - وعن أبي مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سُحُوره، فإنه يؤذن أو ينادي بليل ليَرْجع قائمكم ويوقظ نائمكم» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) .
689 - وعن سَمُرَةَ بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يغرنكم من سُحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يتسطير هكذا» يعني معترضًا، رواه مسلم وأحمد والترمذي (3) ، ولفظهما: «لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المسُتْطَير في الأفق» .
690 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» متفق عليه (4) ، ولأحمد والبخاري (5) : «فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر» ، ولمسلم (6) : «ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا» .
_________
(1) أحمد (5/91) ، مسلم (1/423) .
(2) البخاري (1/224، 5/2030، 6/2647) ، مسلم (2/768) ، أبو داود (2/303) ، النسائي (2/11، 4/148) ، ابن ماجه (1/541) ، أحمد (1/386، 392، 445) .
(3) مسلم (2/769، 770) ، أحمد (5/13، 18) ، الترمذي (3/86) .
(4) البخاري (1/224، 2/677) ، مسلم (2/768) ، أحمد (2/9، 57، 62، 64، 73، 79، 107) .
(5) أحمد (2/132) ، البخاري (2/677) .
(6) مسلم (2/768) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
أخرجه بهذا اللفظ أحمد ومسلم كما هو مخرج، وأخرجه أحمد (5/106) وأبو داود (1/213) ، وابن ماجه (1/221) ، بلفظ "كان رسول الله يصلي إذا دحضت الشمس" وأخرجه أحمد (5/106) بلفظ "كان بلال يؤذن إذا دحضت الشمس" ولم أجده عند النسائي وهو عند البيهقي (1/385، 2/19) .(1/224)
691 - وعن ابن عمر: «أن بلالًا أذن قبل الفجر، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع فينادي ألا إن العبد نام» رواه أبو داود (1) وضعفه.
قوله: «لا يخرم» بالخاء المعجمة والراء المهملة، أي: لا يترك شيئًا من ألفاظه.
[3/29] باب ما يقول السامع عند سماع الأذان والإقامة وبعد الأذان
692 - عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن» رواه الجماعة (2) .
693 - وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قال المؤذن: الله أكبر، الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر، الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال: حيَّ على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة» رواه مسلم وأبو داود (3) هكذا بأفراد الشهادتين والحيعلتين.
694 - وعن أبي أمامة أو عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن بلالًا أخذ في الإقامة فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - أقامها الله وأدامها، وقال
_________
(1) أبو داود (1/146) .
(2) البخاري (1/221) ، مسلم (1/288) ، أبو داود (1/144) ، النسائي (2/23) ، الترمذي (1/407) ، ابن ماجه (1/238) ، أحمد (3/53، 78، 90) .
(3) مسلم (1/289) ، أبو داود (1/145) .(1/225)
في سائر الإقامة بنحو حديث عمر في سائر الأذان» رواه أبو داود (1) بإسناد فيه شَهْرُ بن حَوْشَب تكلم فيه غير واحد، ووثقه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل.
695 - وعن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة» رواه الجماعة إلا مسلمًا (2) .
696 - وعن عبد الله بن عمر: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا عليَّ، فإن من صلى علي صلاة صلى الله بها عليه عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه (3) .
697 - وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، وأخرجه النسائي وابن خزيمة وابن حبان وصححاه، والضياء في "المختارة" (4) .
_________
(1) أبو داود (1/145) .
(2) البخاري (1/222، 4/1749) ، أبو داود (1/146) ، النسائي (2/27) ، الترمذي (1/413) ، ابن ماجه (1/239) ، أحمد (3/345) .
(3) مسلم (1/288) ، أبو داود (1/144) ، النسائي (2/25) ، الترمذي (5/586) ، أحمد (2/168) .
(4) أحمد (3/119، 155، 254) ، أبو داود (1/144) ، الترمذي (1/415-416، 5/576، 577) ، النسائي في "الكبرى" (6/22) ، ابن خزيمة (1/221، 222) ، ابن حبان (4/593-594) ، الضياء في "المختارة" (4/393، 394) (1563، 1564، 1565) .(1/226)
698 - وعن سعد بن أبي وقاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًا، وبمحمدٍ رسولًا، وبالإسلام دينًا، غفر له ذنبه» أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه والترمذي (1) ، وحسنه، وصححه اليعمري.
699 - وعن أم سلمة قالت: «علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقول عند أذان المغرب: اللهم إن هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك، فاغفر لي» أخرجه أبو داود والترمذي (2) ، وقال: هذا حديث غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه، وحفصة بنت أبي كثير لا نعرفها ولا أباها انتهى. وقد عين (3) - صلى الله عليه وسلم - ما يدعى به لما قال: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد، قالوا: فما نقول يا رسول الله؟ قال: سلوا الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة» ، قال ابن القيم: هذا حديث صحيح.
[3/30] باب من أذن فهو يقيم
700 - عن زياد بن الحارث الصدائي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أذن فهو يقيم» رواه الخمسة إلا النسائي (4) ، وضعفه أبو داود، وله شواهد أضعف منه،
_________
(1) مسلم (1/290) ، النسائي (2/26) ،ابن ماجه (1/238) ، الترمذي (1/411) ، وهو عند أبي داود (1/145) .
(2) أبو داود (1/146) ، الترمذي (5/574) .
(3) وهذا التعيين عند الترمذي (5/567) .
(4) أبو داود (1/142) (514) ، الترمذي (1/383-384) ، ابن ماجه (1/237) ، أحمد (4/169) .(1/227)
وقال في "الخلاصة": إنما نعرفه من حديث الإفريقي وهو ضعيف، وحسنه الحازمي، وقواه العقيلي وابن الجوزي انتهى.
701 - ولأبي داود (1) عن عبد الله بن زيد: «لما ألقى الأذان على بلال وأراد أن يقيم فقال: يا رسول الله! إني أريد أن أقيم، فقال: فأقم أنت، فأقام هو وأذن بلال» وهو حديث ضعيف، وقال في "الخلاصة": قال الحازمي: هو حسن، وفي إسناده مقال.
[3/31] باب ما جاء في الفصل بين الأذان والإقامة
702 - عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا بلال! اجعل بين أذانك وإقامتك نفسًا يفرغ الآكل من طعامه في مهل، ويقضي المتوضئ حاجته في مهل» رواه عبد الله بن أحمد في المسند (2) وفي سنده انقطاع، وله شواهد كلها ضعيفة، وقد تقدمت أحاديث صلاة الركعتين بين الأذان والإقامة في أبواب الأوقات.
[3/32] باب ما جاء في تحريم الأجرة على الأذان
703 - عن عثمان بن أبي العاص قال: «آخر ما عهد إلىَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا» رواه الخمسة (3) ، وصححه الحاكم، وحسنه
_________
(1) أبو داود (1/141) (512) ، وهو عند أحمد (4/42) ، والطيالسي (1/148) (1103) ، والدارقطني (1/245) ، والبيهقي (1/399) .
(2) أحمد (5/143) .
(3) أبو داود (1/146) ، النسائي (2/23) ، الترمذي (1/409-410) ، ابن ماجه (1/236) ، أحمد (4/21، 217) .(1/228)
الترمذي، وقال ابن المنذر: ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعثمان بن أبي العاص: «واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا» انتهى.
704 - وأما ما أخرجه ابن حبان (1) عن أبي محذورة أنه قال: «ألقى عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان فأذنت، ثم أعطاني حين قضيت التأذين صرةً فيها شيء من فضة» فذلك من باب التأليف لحداثة عهده بالإسلام، وأيضًا حديث عثمان متأخر عن قصة أبي محذورة.
[3/33] باب ما جاء في الأذان والإقامة للصلاة الفائتة
705 - عن أبي قتادة في الحديث الطويل في نومهم عن صلاة الفجر ثم قال: «ثم أذن بلال بالصلاة، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين صلاة الغداة، وصنع كما كان يصنع كل يوم» رواه أحمد ومسلم (2) .
706 - وفي لفظ له (3) من حديث أبي هريرة في قصة نومهم في الوادي: «وأمر بلالًا فأقام للصلاة» .
707 - وعن عبد الله بن مسعود: «أن المشركين شغلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالًا فأذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء» رواه أحمد والنسائي والترمذي (4) وأعله بالانقطاع.
_________
(1) ابن حبان (4/575) ، وهو عند ابن ماجه (1/234) ، والنسائي (2/6) ، وأحمد (3/409) .
(2) أحمد (5/298) ، مسلم (1/472-473) .
(3) مسلم (1/471) .
(4) أحمد (1/375) ، النسائي (1/297، 2/18) ، الترمذي (1/337) .(1/229)
708 - ويشهد له حديث أبي سعيد في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: «ثم أمره فأقام العصر، ثم أمره فأقام المغرب» أخرجه أحمد والنسائي ولم يذكر المغرب، ورجال إسناده رجال الصحيح، وصححه ابن السكن، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، وقال ابن سيد الناس: إسناده صحيح جليل، ورواه الطحاوي، قال اليعمري: بإسناد صحيح، وسيأتي (1) حديث أبي سعيد بتمامه في أبواب قضاء الصلاة إن شاء الله تعالى.
[3/34] باب استحباب أن يكون المؤذن حسن الصوت
709 - عن أبي محذورة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعجبه صوته فعلمه الأذان» رواه ابن خزيمة (2) وصححه.
710 - وقد تقدم (3) في باب صفة الأذان من حديث عبد الله بن زيد قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فإنه أندى منك صوتًا» .
[3/35] باب ما جاء أن الأذان والإقامة لا يُشرعان في صلاة العيدين
711 - عن جابر بن سَمُرَة قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة» رواه مسلم وسيأتي (4) في صلاة العيد إن شاء الله تعالى.
_________
(1) سيأتي برقم (1374) .
(2) ابن خزيمة (1/195) .
(3) تقدم برقم (672) .
(4) سيأتي برقم (2011) .(1/230)
[3/36] باب ما جاء في الاكتفاء بأذان واحد لمن يجمع بين الصلاتين
712 - عن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين» رواه مسلم (1) في حديثه الطويل.
[3/37] باب ما جاء في الترسل في الأذان والحدر في الإقامة
713 - عن جابر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحدر» رواه الترمذي وضعفه، ورواه الحاكم (2) ومال إلى تصحيحه.
[3/38] باب لا يؤذن إلا متوضئ
714 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يؤذن إلا متوضئ» رواه الترمذي (3) وضعفه.
715 - وقد رواه أبو الشيخ في كتاب الأذان (4) من حديث ابن عباس بلفظ: «إن الأذان متصل بالصلاة فلا يؤذن أحدكم إلا وهو طاهر» .
716 - ويشهد لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر» أخرجه أبو داود من حديث المهاجر، وصححه ابن خزيمة وابن حبان وقد تقدم (5) .
_________
(1) مسلم (2/891) .
(2) الترمذي (1/373) ، الحاكم (1/320) .
(3) الترمذي (1/389) .
(4) كما في كنز العُمال (7/696) (20976) .
(5) تقدم برقم (100) .(1/231)
[3/39] باب المؤذن يقيم بإشارة الإمام
717 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإقامة» رواه ابن عدي (1) وضعفه، قال في "الخلاصة": في إسناده شريك بن عبد الله القاضي. أخرج له مسلم متابعة والأربعة، ووثقه ابن معين وغيره، وقال النسائي: لا بأس به، وقال الدارقطني: ليس بالقوي.
_________
(1) ابن عدي (4/12) .(1/232)
أبواب ستر العورة
[3/40] باب وجوب سترها
718 - عن بَهْز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: «قلت: يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت ألا يراها أحد فلا يرينها، قلت فإذا كان أحدنا خاليًا؟ قال: فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحيا منه» رواه الخمسة، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم (1) .
719 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «إياكم والتعري! فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله، فاستحيوهم وأكرموهم» أخرجه الترمذي (2) ، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
720 - وعن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «لاينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد» أخرجه مسلم وأبو داود (3) .
_________
(1) أبو داود (4/40) ، النسائي في "الكبرى" (5/313) ، الترمذي (5/97، 110) ، ابن ماجه (1/618) ، أحمد (5/3، 4) ، الحاكم (4/199) .
(2) الترمذي (5/112) .
(3) مسلم (1/266) ، أبو داود (4/41) ، وهو عند الترمذي (5/109) ، وابن ماجه (1/217) ، وأحمد (3/63) .(1/233)
[3/41] باب ما جاء في الفخذين
721 - عن أبي أيوب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته» أخرجه الترمذي (1) بسند ضعيف.
722 - وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تبرز فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت» رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم والبزار (2) ، وفي إسناده مقال.
723 - وعن محمد بن جحش قال: «مَرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على معمر وفخذاه مكشوفتان، فقال: يا معمر! غط فخذيك فإن الفخذين عورة» رواه أحمد، والبخاري تعليقًا، والحاكم في "المستدرك" (3) . قال الحافظ في "الفتح": رجاله رجال الصحيح عن أبي كثير مولى محمد بن جحش، فقد روى عنه جماعة، لكن لم أجد فيه تصريحًا بتعديل.
724 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الفخذ عورة» رواه الترمذي بإسناد ضعيف، وعلقه البخاري (4) ، وفي نسخة صحيحة من الترمذي: حديث حسن غريب، انتهى. ورمز السيوطي لصحته، وفي إسناد الحديث أبو يحيى القتات،
_________
(1) البيهقي (2/229) ، الدارقطني (1/231) .
(2) أبو داود (3/196، 4/40) (3140، 4015) ، ابن ماجه (1/469) (1460) ، الحاكم (4/200) ، البزار (2/247-275) (694) ، وهو عند أحمد (1/146) ، وأبي يعلى (1/277) (331) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/474) ، والبيهقي (3/388) .
(3) أحمد (5/290) ، البخاري معلقًا (1/145) ، الحاكم (3/738، 4/200) .
(4) الترمذي (5/111) ، البخاري معلقًا (1/145) .(1/234)
قال النسائي: ليس بالقوي، واختلف فيه، قول ابن معين: فرُوي عنه تضعيفه، وروي عنه توثيقه، ولعل الترمذي حسنه لشواهده.
725 - وعن جرهد الأسلمي قال: «مَرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليَّ بردة وقد انكشف فخذي، فقال: غط فخذك فإن الفخذ عورة» رواه مالك (*) في "الموطأ"، وأحمد وأبو داود، والترمذي وحسنه، وابن حبان وصححه، وعلقه البخاري في "صحيحه" (1) .
726 - وعن عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان جالسًا كاشفًا عن فخذه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على حاله، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه، فلما قاموا، قلت: يا رسول الله! استأذن أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك، فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك؟ فقال: يا عائشة! ألا أستحيي من رجل والله إن الملائكة لتستحيي منه» رواه أحمد (2) .
727 - وله (3) من حديث حفصة نحو ذلك.
728 - وأخرج نحوه البخاري (4) تعليقًا، فقال في "صحيحه": وقال أبو
_________
(1) أحمد (3/478، 479) ، أبو داود (4/40) (4014) ، الترمذي (5/110، 111) (2795) ، ابن حبان (4/609) ، البخاري معلقًا (1/145) ، وهو عند الدارمي (2/364) (2650) ، والبخاري في "التاريخ" (2354) ، والبيهقي (2/228) ، والطيالسي (1/162-163) (1176) ، والحميدي (2/378) (857) .
(2) أحمد (6/62) .
(3) أحمد (6/288) .
(4) البخاري معلقًا (1/145) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
رواية مالك لم نجدها، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" (1/478) ، وقال: ووصله مالك في "الموطأ" ولم نجده هناك، وهو من طريق مالك عند أبي داود وأحمد، والله أعلم.(1/235)
موسى: «غطى النبي - صلى الله عليه وسلم - ركبته حين دخل عثمان» .
729 - وأخرج مسلم (1) من حديث عائشة بلفظ: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مضطجعًا في بيتي كاشفًا عن فخذيه أو ساقيه ... الحديث، وفيه: فلما استأذن عثمان جلس» .
730 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه حتى أني لأنظر إلى بياض فخذه» رواه أحمد والبخاري (2) ، وقال: حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط (3) . وزاد البخاري: «وأن ركبتي لتمس فخذ نبي الله» .
قوله: «حَسَرَ الإزار» بمهملات مفتوحات: أي كشف.
[3/42] باب ما جاء في الركبة والسرة
731 - عن أبي موسى «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قاعدًا في مكان فيه ماء فكشف عن ركبتيه أو ركبته، فلما دخل عثمان غطاها» رواه البخاري في كتاب المناقب (4) .
732 - وعن عمير بن إسحاق قال: «كنت مع الحسن بن علي فلقينا أبو هريرة فقال: أرني أُقَبِّل منك حيث رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل، فقال بقميصه، فقبل
_________
(1) مسلم (4/1866) .
(2) أحمد (3/101) ، البخاري (1/145) ، وهو عند مسلم (2/1043-1044، 3/1426) ، والزيادة التي ذكرها المؤلف للبخاري هي موجودة عند الجميع.
(3) حديث جرهد أخرجه الترمذي من ثلاث طُرقٍ، وحسن كل واحدة منها، وفي الثلاث حسن، وما أرى إسناده بمتصل، وذكره البخاري في "التاريخ الكبير"، وذكر الاختلاف فيه. تمت مؤلف رحمه الله.
(4) البخاري (3/1351) (3492) .(1/236)
سرته» رواه أحمد بإسناد فيه مقال، وأخرجه الحاكم بإسناد آخر وصححه (1) .
733 - وعن عبد الله بن عمر قال: «صلينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - المغرب فرجع من رجع وعقب من عقب، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسرعًا قد حَفَزه النفس قد حسر عن ركبته، فقال: أبشروا! هذا ربكم قد فتح بابًا من أبواب السماء يباهي بكم، يقول: انظروا إلى عبادي قد صلوا فريضة وهم ينتظرون أخرى» رواه ابن ماجه (2) برجال الصحيح.
734 - وعن أبي الدرداء قال: «كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل أبو بكر آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أما صاحبكم فقد غامر، فسلم» وذكر الحديث، رواه أحمد والبخاري (3) .
قوله: «عقب» من عقب، أي: أقام في مصلاه بعد ما يفرغ. قوله: «حفزه» أي: اشتد، والحفز: الحث والإعجال.
[3/43] باب وجوب ستر بدن المرأة في الصلاة وإنها عورة
إلا الوجه والكفين
735 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» رواه الخمسة إلا النسائي وابن خزيمة والحاكم وصححاه، وحسنه الترمذي
_________
(1) أحمد (2/255، 427، 488، 493) ، الحاكم (3/184) .
(2) ابن ماجه (1/262) .
(3) البخاري (3/1339) (3461) ، وأحمد في "فضائل الصحابة" (1/347) (502) ، وهو عند البيهقي (10/236) .(1/237)
(1) ، ولفظ ابن خزيمة: «لا يقبل الله صلاة امرأة قد حاضت إلا بخمار» .
736 - وعن أم سلمة «أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها» رواه أبو داود والحاكم (2) ، وصحح الأئمة وقفه إلا الحاكم، فقال: رفعه صحيح على شرط البخاري.
737 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه، فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبرًا، قالت: إذًا تنكشف أقدامهن، قال: فترخينه ذراعًا لا تزدن عليه» رواه النسائي والترمذي (3) وصححه.
738 - وسيأتي (4) في كتاب النكاح في باب المرأة كلها عورة، وأن عبدها كمحرمها في نظر ما يبدو منها غالبًا، حديث: «إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفيه» رواه أبو داود مرسلًا، وسيأتي أيضًا قريبًا نهي المرأة عن لبس الثوب الرقيق.
قوله: «الحائض» هي البالغ. قوله: «إلا بخمار» الخمار بكسر الخاء: ما يغطى به رأس المرأة. قوله: «في درع» الدرع: قميص المرأة الذي يغطي بدنها ورجلها.
_________
(1) أبو داود (1/173) ، الترمذي (2/215) ، ابن ماجه (1/215) ، أحمد (6/150،218، 259) ، ابن خزيمة (1/380) ، الحاكم (1/380) .
(2) أبو داود (1/173) ، الحاكم (1/380) .
(3) النسائي (8/209) ، الترمذي (4/223) .
(4) سيأتي برقم (4247) .(1/238)
كتاب اللباس
[3/44] باب تحريم لبس الحرير على الرجال
739 - عن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تلبسوا الحرير، فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» .
740 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لبس الحرير في الدنيا، فلن يلبسه في الآخرة» متفق عليهما (1) .
741 - وعن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي، وحرم على ذكورها» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه، وأبو داود، والحاكم (*) وصححه (2) ، وصححه أيضًا ابن حزم.
742 - وعن علي رضي الله عنه قال: «أُهديت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حلة سِيرَاء، فبعث بها إلىَّ فلبستها، فعرفت الغضب في وجهه، فقال: إني لم أبعثها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتشققها خُمرًا بين النساء» متفق عليه (3) .
_________
(1) الحديث الأول: البخاري (5/2194) ، مسلم (3/1641) ، أحمد (1/20،26، 37،) ، والحديث الثاني: البخاري (5/2194) ، مسلم (3/1645) ، أحمد (3/101، 281) .
(2) أحمد (4/392، 393، 394، 407) ، النسائي (8/161، 190) ، الترمذي (4/217) (1720) ، وهو عند الطيالسي (1/69) (506) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/251) ، والبيهقي (2/425) .
(3) البخاري (2/922، 5/2052، 2196) ، مسلم (3/1644، 1645) ، أحمد (1/90، 97، 139، 153) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم أجده عند أبي داود والحاكم، وقد عزاه إلى أبي داود الحافظ في الفتح (10/296) وهو موجود من رواية علي ابن أبي طالب.(1/239)
743 - وعن ابن عمر قال: «رأى عُمرُ عطاردًا التميمي يقيم بالسوق حلة سيراء، وكان رجلًا يغشى الملوك ويصيب منهم، فقال عمر: يا رسول الله! إني رأيت عطاردًا يقيم في السوق حلة سيراء، فلو اشتريتها فلبستها لوفود العرب إذا قدموا عليك، وأظنه قال: ولبستها يوم الجمعة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة» رواه مسلم (1) بلفظه.
744 - وعن أنس بن مالك: «أنه رأى على أم كلثوم بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - برد حلةٍ سيراء» رواه البخاري والنسائي (2) .
745 - وعن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما يلبس الحرير من لا خلاق له في الآخرة» أخرجاه (3) .
746 - وعن علي رضي الله عنه قال: «أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - حريرًا فجعله في يمينه، وأخذ ذهبًا فجعله في شماله، ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي» أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه (4) ، وحسن إسناده علي بن المديني، وزاد ابن ماجه: «حل لإناثها» ، وفي الباب عدة أحاديث.
قوله: «لم يلبسه في الآخرة» قيل: إن ذلك إشارة إلى عدم دخول الجنة، وقيل:
_________
(1) مسلم (3/1639) ، وأصلها في البخاري (1/302، 323، 2/921، 924، 5/2196، 2258) .
(2) البخاري (5/2196) ، النسائي (8/197) ، وهو عند أبي داود (4/50) .
(3) جزء من حديث ابن عمر المتقدم قريبًا.
(4) أحمد (1/96، 115) ، أبو داود (4/50) ، النسائي (8/160) ، ابن ماجه (2/1189) .(1/240)
يحرم عليه لبسه في الجنة، ويدل له ما في حديث أبي سعيد الخدري فقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا بمثل حديث أبي موسى، وزاد فيه: «وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو» رواه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم (1) ، وقال: صحيح. قوله: «حلة» الحلة: إزار ورداء. قوله: «سيراء» بكسر السين المهملة بعدها مثناة تحتيه مفتوحة، ثم راء ثم ألف ممدودة قال في "الدر النثير": هو نوع من البرد يخالطه حرير كالستور. انتهى. قلت: وقد اختلف فيها فقيل: إنها حرير خالص، وقيل: مشوبة بالحرير، وقيل غير ذلك، وحديث ابن عمر دال على أن الحلة السِّيراء حرير خالص.
[3/45] باب ما جاء في افتراش الحرير
747 - عن حذيفة قال: «نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه» رواه البخاري (2) .
748 - وعن علي رضي الله عنه قال: «نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجلوس على المياثر، والمياثر: قسيّ كانت تصنعه النساء لبعولتهن على الرجل كالقطائف من الأرجوان» رواه مسلم والنسائي (3) .
قوله: «المياثر» جمع ميثرة بكسر الميم وبالثاء المثلثة، «والقَسِّي» بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة: ثياب مضلعة بالحرير، يعمل بالقَسي بفتح القاف موضع من
_________
(1) ابن حبان (12/253) ، الحاكم (4/212) .
(2) البخاري (5/2195) .
(3) مسلم (3/1659) ، النسائي (8/219) .(1/241)
بلاد مصر. قوله: «من الأرُجُوان» هو بضم الهمزة والجيم وهو الصوف الأحمر.
[3/46] باب بيان ما رخص فيه من الحرير والذهب
749 - عن عمر (1) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، ورفع لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إصبعيه الوسطى والسبابة وضمهما» متفق عليه (2) ، وفي لفظ: «نهى عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاثة أو أربعة» رواه الجماعة إلا البخاري (3) . ولفظ مسلم: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع» .
750 - وعن أسماء «أنها أخرجت جبة طيالسية عليها لبنة شبر من ديباج كسرواني، وفرجيها مكفوفين به، فقالت: هذه جبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يلبسها، كانت عند عائشة فلما قبضت عائشة قبضتها إلي فنحن نغسلها للمريض فنستشفي بها» رواه أحمد ومسلم (4) ، ولم يذكر لفظ الشبر، وزاد البخاري في "الأدب المفرد" (5) : «كان يلبسها للوفد والجمعة» .
751 - وعن معاوية قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ركوب النمار، وعن لبس
_________
(1) في الأصل عمران.
(2) البخاري (5/2193) ، مسلم (3/1642) ، أحمد (1/15، 50) .
(3) مسلم (3/1643) ، أبو داود (4/47) ، النسائي (8/202) ، الترمذي (4/217) ، ابن ماجه (2/1188) ، أحمد (1/51) .
(4) أحمد (6/347) ، مسلم (3/1641) .
(5) البخاري في "الأدب المفرد" (348) .(1/242)
الذهب إلا مقطعًا» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (1) بإسناد رجاله ثقات.
752 - وأخرجه النسائي من حديث ابن عمر وسيأتي (2) قريبًا.
753 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في لبس الحرير لحكة كانت بهما» رواه الجماعة (3) ، ولفظ الترمذي: «أن عبد الرحمن بن عوف والزبير شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القمل، فرخص لهما في قميص الحرير في غزاة لهما» .
قوله: «جبة طيالسية» هو بإضافة جبة إلى طيالسية، والطيالسة جمع طيلسان: وهو كساء غليظ، والمراد أن الجبة غليظة كأنها من طيلسان. قوله: «كَسْروَاني» بفتح الكاف وسكون السين المهملة وفتح الواو نسبة إلى كسرى ملك الفرس. قوله: «وفرجيها» الفرج في الثوب: الشق الذي يكون أمام الثوب وخلفه في أسفله. قوله: «النمار» جمع نمر.
[3/47] باب ما جاء في لبس الخزّ والحرير المخلوط بغيره
754 - عن عبد الله بن سعد عن أبيه سعد قال: «رأيت رجلًا ببخارى على بغلة بيضاء عليه عمامة خز سوداء، فقال: كسانيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود والبخاري في "تاريخه"، وقاله المنذري، وأخرجه الترمذي (4) .
755 - وعن ابن عباس قال: «إنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الثوب المصمت من قزٍ، قال ابن عباس: أما السُّداء والعلم فلا نرى به بأسًا» رواه أحمد وأبو داود بإسناد ضعيف، لكن قد أخرجه الحاكم بإسناد صحيح والطبراني (5) بإسناد حسن.
756 - وعن علي رضي الله عنه قال: «أُهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة مكفوفة بحرير أما سداها وأما لحمتها، فأرسل بها إلىَّ، فأتيته فقلت: يا رسول الله! ما أصنع بها؟ أألبسها؟ قال: لا. ولكن اجعلها خُمُرًا بين الفواطم» رواه ابن ماجه (6) بإسناد فيه مقال.
757 - وعن معاوية قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تركبوا الخز ولا النمار» رواه أبو داود
_________
(1) أحمد (4/93) ، أبو داود (4/93) ، النسائي (8/161) .
(2) سيأتي برقم (857) .
(3) البخاري (3/1069، 5/2196) ، مسلم (3/1646، 1647) ، أبو داود (4/50) ، النسائي (8/202) ، الترمذي (4/218) ، ابن ماجه (2/1188) ، أحمد (3/122، 127، 192، 215، 252، 255، 273) .
(4) أبو داود (4/45) ، البخاري في "التاريخ" (4/67) ، الترمذي (5/425) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/476) .
(5) أحمد (1/218، 313، 321) ، أبو داود (4/49) ، الحاكم (4/212) ، الطبراني في "الكبير" (11/15، 12/70) .
(6) ابن ماجه (2/1189) ، وأصله في مسلم (3/1645) إلا أنه قال: «ثوب حرير» .(1/243)
ورجال إسناده ثقات والنسائي وابن ماجه (1) .
758 - وعن أبي عامر الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير» رواه أبو داود والبخاري تعليقًا جازمًا به ومعلقاته المجزوم بها "صحيحه"، وقال في مقدمة "الفتح": وصلها ابن حبان في "صحيحه" والحسن بن سفيان في "مسنده" والإسماعيلي والطبراني في "الكبير"، وأبو نعيم من
_________
(1) أبو داود (4/67) ، النسائي (8/161) ، ابن ماجه (2/1187) ، وهو عند أحمد (4/93) .(1/244)
أربع طرق قلت سيأتي في باب ما جاء في آله اللهو ما يتبين به أن هذا الحديث من موصلات البخاري لا من معلقاته، وفي الحديث: «يمسخ منهم آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة» ورجال إسناد أبي داود ثقات، وأخرجه أيضًا ابن ماجه وصححه ابن حبان وله شواهد قال في "مجمع الزوائد": أسانيده لا مطعن فيها، وصححها جماعة آخرون سيأتي (1) إن شاء الله تعالى مطولًا في باب ما جاء في آلة اللهو.
قوله: «الخز» بالخاء المعجمة والزاي هو الإبر يسم وهو نوع من الحرير وفي "النهاية": أن الخز الذي كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ماخلط من الحرير والوبر، وفي "فتح الباري": هو في حفظة الروايات من "صحيح البخاري" بالحاء المهملة، وسيأتي كلام الحافظ في باب ما جاء في آلة اللهو.
[3/48] باب ما جاء في نهي الرجل عن لبس المعصفر
وما جاء في لبس الأحمر
759 - عن عبد الله بن عمرو قال: «رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليَّ ثوبين معصفرين فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها» رواه أحمد ومسلم والنسائي (2) وفي لفظ لمسلم (3) من حديثه قال: «رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على ثوبين معصفرين فقال: أُمك أمرتك بهذا، قلت: أغسلهما يا رسول الله؟ قال: بل أحرقهما» .
_________
(1) سيأتي برقم (5496) .
(2) أحمد (2/162، 207) ، مسلم (3/1647) ، النسائي (8/203) .
(3) مسلم (3/1647) .(1/245)
760 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «أقبلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من ثنية فالتفت إلىَّ وعليَّ ريطة مضرجة بالعصفر فقال: ما هذه؟ فعرفت ما كره، فأتيت أهلي وهم يسجرون تنورهم فقذفتها فيه ثم أتيته من الغد، فقال: يا عبد الله! ما فعلت بالريطة؟ فأخبرته فقال: ألا كسوتها بعض أهلك» رواه أحمد وكذلك رواه أبو داود وابن ماجه (1) وزاد: «فإنه لا بأس بذلك للنساء» والحديث ليس في إسناده إلا عمرو بن شعيب وقد حسن حديثه جماعة من الأئمة.
761 - وعن علي رضي الله عنه قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لبس القسي والمعصفر» أخرجه الجماعة إلا البخاري (2) .
762 - وعن البراء بن عازب قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مربوعًا بعيدًا ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنيه، رأيته في حلة حمراء لم أر شيئًا قط أحسن منه» متفق عليه (3) .
763 - وعن أبي جحيفة: «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في حلة حمراء مشمرًا صلى إلى العنزة بالناس» أخرجه البخاري (4) .
_________
(1) أحمد (2/196) ، أبو داود (4/52) ، ابن ماجه (2/1191) .
(2) مسلم (3/1648) ، أبو داود (4/47) ، النسائي (2/188، 189، 8/167، 168، 169، 191، 204) ، الترمذي (2/50، 4/219) ، ابن ماجه (2/1191) ، أحمد (1/81، 92، 105، 123، 126) .
(3) البخاري (3/1303، 5/2198، 2211) ، مسلم (4/1818) ، أحمد (4/281، 290، 295، 300) .
(4) البخاري (1/147) ، وهو عند مسلم (1/360) ، وأحمد (4/308) .(1/246)
764 - وأخرج البيهقي (1) عن جابر: «أنه كان له - صلى الله عليه وسلم - ثوبٌ أحمر يلبسه في العيدين والجمعة» ولابن خزيمة في "صحيحه" نحوه.
765 - وعن عبد الله بن عمرو قال: «مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل عليه ثوبان أحمران فسلم عليه فلم يرد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه» رواه الترمذي (2) وقال: حسن غريب، وقال الحافظ في "الفتح": حديث ضعيف الإسناد، وإن وقع في نسخ الترمذي أنه حسن، انتهى. وقال الترمذي: معناه عند أهل الحديث أنه كره المعصفر ورأوا أن ما صُبغ بالحمرة فلا بأس به إذا لم يكن معصفرًا.
قوله: «المعصفر» هو المصبوغ بالعصفر. قوله: «من ثنية» هي الطريق في الجبل. قوله: «رَيْطة» بفتح الراء المهملة وسكون المثناة تحت ثم طاء مهملة نوع من الثياب. قوله: «مضرَّجة» بفتح الراء المشددة أي ملطخة. قوله: «يسجرون» أي يوقدون.
[3/49] باب ما جاء في لبس الأبيض والأخضر والمزعفر والملونات
766 - عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «البسوا ثياب البياض، فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم» رواه أحمد والنسائي والترمذي (3) وصححه، قال في "الفتح": وإسناده صحيح، وصححه الحاكم.
767 - ولأحمد وأصحاب السنن إلا النسائي (4) من حديث ابن عباس بلفظ:
_________
(1) البيهقي (3/247، 280) .
(2) الترمذي (5/116) .
(3) أحمد (5/12، 13، 17) ، النسائي (4/34، 8/205) ، الترمذي (5/117) .
(4) أحمد (1/247، 274، 355، 363) ، أبو داود (4/8، 51) ، الترمذي (3/319) ، ابن ماجه (1/473، 2/1181) .(1/247)
«البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم» وصححه الترمذي وابن القطان وابن حبان.
768 - وعن أنس قال: «كان أحبَّ الثياب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلبسها الحِبَرة» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (1) .
769 - وعن أبي رِمْثَةَ قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه بردان أخضران» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وحسنه الترمذي (2) .
770 - وعن عائشة قالت: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة وعليه مِرطٌ مُرَحَّل من شعر أسود» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (3) .
771 - وعن أم خالد قالت أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بثياب فيها خميصة سوداء فقال: «من ترون نكسو هذه الخميصة؟ فأسكت القوم فقال: أئتوني بأم خالد، فأتي بي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فألبسنيها بيده وقال: أبلي وأخلقي مرتين، وجعل ينظر إلى علم الخميصة، ويشير بيده إلىَّ ويقول: يا أم خالد! هذا سناء، والسناء بلسان الحبشة الحسن» رواه البخاري (4) .
_________
(1) البخاري (5/2189) ، مسلم (3/1648) ، أبو داود (4/51) ، النسائي (8/203) ، الترمذي (4/249) ، أحمد (3/134، 184، 251، 291) .
(2) أبو داود (4/86) ، النسائي (3/185، 8/204) ، الترمذي (5/119) ، أحمد (2/227، 228) .
(3) أحمد (6/162) ، مسلم (3/1649، 4/1883) ، الترمذي (5/119) ، وهو عند أبي داود (4/44) .
(4) البخاري (5/2191، 2198) .(1/248)
772 - وعن ابن عمر: «أنه كان يصبغ ثيابه ويدهن بالزعفران فقيل له: لم تصبغ ثيابك وتدهن بالزعفران؟ فقال: إني رأيته أحب الأصباغ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدهن به ويصبغ ثيابه به» رواه أحمد (1) ولأبي داود والنسائي (2) بمعناه دون ذكر الزعفران، وفي لفظٍ لهما: «وقد كان يصبغ ثيابه كلها حتى عمامته» وللبخاري (3) عن ابن عمر أنه قال: «وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بها، فأنا أحب أن أصبغ بها» .
قوله: «الحِبَرة» بكسر الحاء المهملة كعنبة، برد يماني يكون من كتان وقطن، سميت حبرة لأنها محبرة أي مُزْيَّنَة والتحبير التزيين والتخطيط. قوله: «مرط» بكسر الميم وسكون الراء كساء من صوف أو خز والجمع مروط و «مرحل» بميم مضمومة وراء مهملة مفتوحة، وحاء مهملة مشددة أي فيه تصاوير. قوله: «خميصة» بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم وبالصاد المهملة هي كساء مربع له علمان.
[3/50] باب تحريم ما فيه تصاوير والنهي عن ذلك
773 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذين يصنعون هذه التصاوير يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم» .
774 - وعن ابن عباس وجاءه رجل فقال: إني أصور هذه التصاوير فافتني فيها فقال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كل مصور في النار يجعل له بكل صورة
_________
(1) أحمد (2/97، 126) .
(2) أبو داود (4/52) ، النسائي (8/140) .
(3) البخاري (1/73، 5/2199) ، وهو عند مسلم (2/844) ، وأحمد (2/66، 110) .(1/249)
يصورها نفسًا تعذبه في جهنم، فإن كنت لا بد فاعلًا فاجعل الشجر وما لا نفس فيه» متفق عليهما (1) .
775 - وأخرج البخاري ومسلم (2) من حديث عائشة قالت: «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - من سفرٍ وقد سترت سَهوةً لي بقرامٍ فيه تماثيل، فلما رآه هتكه وتلوّن وجهه وقال: يا عائشة! أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله» .
776 - وللبخاري والترمذي والنسائي (3) عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صور صورة عذبه الله بها يوم القيامة حتى ينفخ فيها الروح وما هو بنافخ» .
777 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب إلا نقضه» رواه البخاري وأبو داود (4) .
778 - وعنها: «أنها نصبت سترًا وفيه تصاوير، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزعه قالت: فقطعته وسادتين فكان يرتفق عليهما» متفق عليه (5) . وفي لفظ لأحمد (6) :
_________
(1) الحديث الأول: البخاري (5/2220) ، مسلم (3/1669) ، أحمد (2/4،20، 55، 101، 125، 141) ، والحديث الثاني: البخاري (2/775) ، مسلم (3/1670) ، أحمد (1/308) .
(2) البخاري (5/2221، 2265) ، مسلم (3/1667، 1668) ، وهو عند أحمد (6/36، 85، 199) .
(3) البخاري (2/775) ، الترمذي (4/231) ، النسائي (8/215) ، وهو عند أحمد (1/216)
(4) البخاري (2/2220) ، أبو داود (4/72) ، وهو عند أحمد (6/52، 237) .
(5) البخاري (5/2221) ، مسلم (3/1668) ، أحمد (6/214) وليس للبخاري وأحمد «فكان يرتفق عليهما» .
(6) أحمد (6/247) .(1/250)
«فقطعته مرفقتين فلقد رأيته متكئًا على أحدهما وفيها تصاوير» .
779 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيتك الليلة، فلم يمنعني أن أدخل البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان فيه تمثال رجل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي في باب البيت يقطع يصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر يقطع فيجعل وسادتين منتبذتين يوطيان، ومر بالكلب يخرج ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه (1) .
780 - وأخرجا (2) من حديث أبي طلحة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا تماثيل» ولمسلم وأبي داود (3) من حديثه: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا تمثال» وفيه أنه قال: «إلا رقمًا في ثوب» وللبخاري (4) بلفظ «فقال عبد الله يعني الخولاني: ألم تسمعه حين قال: إلا رقمًا في ثوب؟» وقال: في ذيل "الجامع الصغير": حديث «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة إلا رقمًا في ثوب» ، ورمز لأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي (5) .
781 - وللترمذي والنسائي و"الموطأ" (6) : «أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة
_________
(1) أحمد (2/305) ، أبو داود (4/74) ، الترمذي (5/115) .
(2) البخاري (3/1179، 1206، 4/1470) ، مسلم (3/1665، 1666) ، وأحمد (4/28، 29) .
(3) مسلم (3/1665، 1666) ، أبو داود (4/73) .
(4) البخاري (5/2222) .
(5) أحمد (4/28) ، النسائي (8/212) .
(6) الترمذي (4/230) ، النسائي (8/212) ، مالك (2/966) ، وهو عند أحمد (3/486) .(1/251)
دخل على أبي طلحة يعوده، فوجد عنده سهل بن حنيف، فدعا أبو طلحة إنسانًا ينزع نمطًا تحته، فقال له: سهل لم تنزعه؟ قال: لأن فيه تصاوير وقال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما علمت، قال سهل: أولم يقل إلا رقمًا في ثوب؟ قال: بلى، ولكنه أطيب لنفسي» وقال: حسن صحيح.
قوله: «تصاليب» أي: صورة صليب من نقش ثوب أو غيره والصليب فيه صورة عيسى عليه السلام تعبده النصارى. قوله: «نَقَضه» بفتح النون والقاف والضاد المعجمة أي كسره وأبطله. قوله: «مرفقتين» تثنية مرفقة وهي المخدة. قوله: «منتبذتين» أي: مطروحتين على الأرض. قوله: «قِرام» بكسر القاف وتخفيف الراء ستر رقيق من صوف ملوّن.
[3/51] باب ما جاء في السراويل والقميص والعمامة
782 - عن أبي أمامة قال: «قلنا: يا رسول الله! إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تسرولوا وأتزروا، وخالفوا أهل الكتاب» رواه أحمد والطبراني (1) . قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد رجال الصحيح خلا القاسم هو ثقة وفيه كلام لا يضر.
783 - وعن مالك بن عميرة قال: «بعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل سراويل قبل الهجرة فوزن فأرجح لي» رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود والنسائي (2) ورجاله رجال الصحيح.
_________
(1) أحمد (5/246) ، الطبراني (8/236) (7924) .
(2) أحمد (4/352) ، ابن ماجه (2/748) ، أبو داود (3/245) ، النسائي (7/284) .(1/252)
784 - وعن سويد بن قيس قال: «جلبت أنا ومخرمة العبدي بزًّا من هَجَر، فأتينا مكة فجاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي فساومنا سراويل، فبعناه وثمَّ رجل يزن بالأجر فقال: له زن وأرجح» رواه الخمسة وصححه الترمذي (1) وسيأتي (2) في أبواب الإجارة إن شاء الله تعالى. قال في "الهدي": وقد روي في غير حديث أنه لبس السراويل وكانوا يلبسون السراويلات بإذنه، انتهى. قلت: أما الأحاديث التي وقفت عليها في أنه - صلى الله عليه وسلم - لبس السراويل فكلها ضعيفة.
785 - وعن أم سلمة قالت: «كان أحب الثياب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القميص» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن غريب، وصححه الحاكم (3) .
786 - وعن أسماء بنت يزيد قالت: «كانت يدُّ كُمّ قميص النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الرسغ» رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن غريب، والحاكم وصححه (4) ، وفي
_________
(1) أبو داود (3/245) ، النسائي (7/284) ، الترمذي (3/598) ، ابن ماجه (2/748) ، أحمد (4/352) .
(2) سيعيده برقم (3818) .
(3) أخرجه الترمذي (4/237، 238) (1762، 1764) ، وأبو داود (4/43) (4025) ، والنسائي في الكبرى (5/482) (9668) ، وعبد بن حميد (1540) ، وأبو يعلى (12/445) (7014) ، والبيهقي (2/239) ، من طريق عبد المؤمن بن خالد الحنفي، عن عبد الله بن بريدة، عن أم سلمة به. وأخرجه أبو داود (4/43) (4026) ، والترمذي (4/238) (1763) وابن ماجه (2/1183) (3575) ، وأحمد (6/317) ، والحاكم (4/213) ، والطبراني في "الكبير" (23/421) ، والبيهقي (2/239) من طريق أبي تميلة بن يحيى بن واضح عن عبد المؤمن بن خالد عن عبد الله بن بريدة عن أمه عن أم سلمة به.
(4) أبو داود (4/43) (4027) ، الترمذي (4/238) (1765) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (5/481) (9666) ، وابن عدي في "الكامل" (6/434) .(1/253)
إسناده شَهْر بن حَوْشَب.
787 - وعن ابن عباس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس قميصًا قصير اليدين والطول» رواه ابن ماجه (1) بإسناد ضعيف.
788 - وحديث معاوية بن قرة في إطلاق إزار القميص سيأتي (2) قريبًا في باب النهي عن تجريد المنكبين في الصلاة.
789 - وعن نافع عن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه. قال نافع: وكان ابن عمر يسدل عمامته بين كتفيه» رواه الترمذي (3) .
790 - ولمسلم (4) والترمذي من حديث جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه» .
791 - وللطبراني (5) (*) من حديث عبد الله بن بسر قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى خيبر فعممه بعمامة سوداء ثم أرسلها من ورائه أو قال على كتفه اليسرى» وحسنه السيوطي. وفي سدل طرفي العمامة بين الكتفين عدة أحاديث.
قوله: «الرسغ» بالسين المهملة كما في الترمذي وفي سنن أبي داود بالصاد المهملة
_________
(1) ابن ماجه (2/1184) .
(2) سيأتي برقم (1296) .
(3) الترمذي (4/225) .
(4) مسلم (2/990) ، الترمذي في الشمائل (1/106) (117) ، وهو عند أبي داود (4/54) ، وابن ماجه (1/351، 2/1186) ، والنسائي (8/211) ، وأحمد (4/307) .
(5) وابن عدي في "الكامل" (4/173) ، والضياء في "المختارة" (9/109) (97) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم أجده عند الطبراني، وهو عند ابن عدي في الكامل (4/173) ، وقد أخرج الطبراني في الأوسط (5/62) قريبًا من هذا اللفظ لعبد الرحمن بن عوف، وليس لعلي بن أبي طالب.(1/254)
وهو مفصل ما بين الكف والساعد. قوله: «سدل عمامته» أي أرسل طرفها.
[3/52] باب استحباب لِبَاس أحسن الثياب والتواضع فيه
792 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمص الناس» رواه أحمد ومسلم (1) .
793 - وعن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من ترك أن يلبس صالح الثياب وهو يقدر عليه تواضعًا لله عز وجل دعاه الله عز وجل على رءوس الخلائق حتى يخيره في حلل الإيمان أيتها شاء» رواه أحمد والترمذي وحسنه وفي إسناده مقال، وأخرجه الحاكم في موضعين من "المستدرك" (2) ، وقال في أحدهما: صحيح الإسناد.
794 - وعن عمران بن حصين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثر نعمته عليه» رواه البيهقي (3) وذكره الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" ولم يتكلم عليه بشيء.
795 - وأخرجه الترمذي (4) وحسنه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا بلفظ: «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» .
_________
(1) مسلم (1/93) ، أحمد (1/339) ، وهو عند الترمذي (4/361) .
(2) أحمد (3/438، 439) ، الترمذي (4/650) ، الحاكم (1/130، 4/204) .
(3) البيهقي (3/271) ، وهو عند أحمد (4/438) .
(4) الترمذي (5/123) ، وهو عند الحاكم (4/150) .(1/255)
796 - وأخرج نحوه ابن حبان والحاكم (1) من رواية أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن أبيه.
797 - وأخرج الطبراني في "مسند الشاميين" (2) عن أنس رفعه: «إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده» .
798 - وهو له (3) من راوية عثمان بن عطاء الخرساني عن نافع عن ابن عمر نحوه.
قوله: «بطر الحق» أي دفعه وإنكاره ترفعًا وتجبرًا. قوله: «غَمْص الناس» بغين معجمة وصاد مهملة قبلها ميم ساكنة، وقال النووي: هو بالطاء في نسخ صحيح مسلم ومعناه احتقار الناس.
[3/53] باب النهي عن لبس ثوب للشهرة
799 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لبس ثوب الشهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (4) بإسناد حسّنه المنذري والنسائي ورجاله ثقات.
قوله: «ثوب شهرة» هو ما يشتهر بين الناس بمخالفة لونه لون ثيابهم، فيرفع إليه
_________
(1) ابن حبان (12/234، 235) ، الحاكم (1/76، 4/201) ، وهو عند أبي داود (4/51) ، والنسائي (8/180، 181، 196) ، وأحمد (3/473) .
(2) رقم (2322) .
(3) رقم (2420) .
(4) أحمد (2/92، 139) ، أبو داود (4/43) ، ابن ماجه (2/1192) ، النسائي في "الكبرى" (5/460) .(1/256)
الناس أبصارهم ويختال عليهم العجب والتكبر.
[3/54] باب تحريم الإسبال وما سفل من الكعبين
800 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقال أبو بكر: إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال: إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء» رواه الجماعة (1) إلا أن مسلمًا وابن ماجه والترمذي لم يذكروا قصة أبي بكر.
801 - وعن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قلت: من هم يا رسول الله فقد خابوا وخسروا؟ فأعادها ثلاثًا، قلت: من هم خابوا وخسروا؟ قال: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي (2) .
802 - ولأبي داود (3) من حديث أبي هريرة قال: «بينما رجل يصلي مسبلًا إزاره فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اذهب فتوضأ، ثم جاءه فقال: اذهب فتوضأ، أعادها عليه ثلاثًا، فقال له رجل: مالك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟ قال: إنه صلى وهو مسبل إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل» وفي إسناده مجهول وهو أبو جعفر الراوي عن عطاء قاله المنذري.
_________
(1) البخاري (3/1340) ، مسلم (3/1651) ، أبو داود (4/56) ، النسائي (8/208) ، الترمذي (4/223) ، ابن ماجه (2/1184) ، أحمد (2/67، 104) .
(2) مسلم (1/102) ، أبو داود (4/57) ، الترمذي (3/516) ، النسائي (5/81، 7/245) ، وهو عند ابن ماجه (2/744) ، وأحمد (5/148، 162، 177) .
(3) أبو داود (1/172، 4/57) .(1/257)
803 - وذكر في "مجمع الزوائد" هذا الحديث عن عطاء بن يسار عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث. وقال في آخره: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح وذكر الحديث النووي، وقال: إسناده على شرط مسلم، وأخرجه البيهقي (1) .
804 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، من جر شيئًا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه (2) بإسناد فيه مقال، لأنه من رواية عبد العزيز بن أبي روَّاد تكلم فيه غير واحد والجمهور على توثيقه، وقد حسن إسناد الحديث النووي في شرح مسلم.
805 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطرًا» متفق عليه (3) .
806 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار (4) »
أخرجه أحمد والبخاري (5) ، وفي رواية للنسائي (6) قال: «أزرة المسلم إلى
_________
(1) أحمد (4/67، 5/379) ، البيهقي (2/242) .
(2) أبو داود (4/60) ، النسائي (8/208) ، ابن ماجه (2/1184) .
(3) البخاري (5/2182) ، مسلم (3/1653) ، أحمد (2/386، 397، 409، 430، 454، 467، 479، 3/5) .
(4) قوله: «ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار» قال شراح الحديث: هو شامل لجميع أنواعه، وذلك الإزار في رواية: «من جر إزاره» لا يخصص به؛ لأن ذكر بعض العام لا يخصص، على أنه إنما ذكر كما قال ابن جرير الطبري؛ لأنهم كانوا إذ ذاك يلبسون الإزار، فلما اعُتيد لبس القميص تُرك، وكان حكمها حكمها في ذلك. انتهى. =
= قال الخطابي: يريدان الموضع الذي يناله الإزار مما سفل من الكعبين في النار، فكنّا بالثوب عن لابسه، ومعناه أن ما دون الكعب من القدم يُعذب عقوبة، وحاصله أنه من تسمية الشيء باسم ما جاوره أو حلّ فيه، وأخرج عبد الرزاق أن نافعًا سئل عن ذلك، فقال: وما ذنب الثياب؛ بل هو من القدمين. انتهى.
وحاصل ما في الباب: أن الإسباب محرم على كل حال، وهو ما زاد على الكعبين، وأما التقييد بالخيلاء في بعض الروايات، فهو بيان للحامل على ذلك في الأغلب، والقيد إذا خرج مخرج الأغلب، فلا يعتبر له مفهوم عند جمهور أهل الأصول، كما قال الجمهور في قوله تعالى: ((وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ.....)) [النساء:23] أن قيد «في حجوركم» أغلبي، فلا يُعمل بمفهومه، فلا تحل الربيبة في غير الحجر، فكذلك الإسبال هنا لا يحل مع عدم الخيلاء، ويؤيد هذا حديث جابر فإن فيه: «وإياك وإسبال الإزار فإنه من المخيلة، والله لا يحب المخيلة» فقد جعل نفس الإسبال بعضًا من المخيلة، وكذلك حديث: «ما أسفل من الكعبين ففي النار» يدخل فيها الإسبال، وقد بسطت الكلام في رسالة. تمت مؤلف.
(5) أحمد (2/96، 410، 461) ، البخاري (5/2182) ، وهو عند النسائي (8/207) .
(6) النسائي في "الكبرى" (5/489، 490) ، وهو عند أحمد (2/287، 504) .(1/258)
عضل ساقيه ثم إلى كعبه وما تحت الكعبين من الإزار ففي النار» .
807 - وعن العلاء بن عبد الرحمن قال: «سألت أبا سعيد عن الإزار قال: على الخبير سقطت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حَرَج، أو قال: لا جناح فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من ذلك فهو في النار، ومن جر إزاره بطرًا لم ينظر الله إليه يوم القيامة» رواه مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" (1) .
_________
(1) مالك (2/914) ، أبو داود (4/59) ، النسائي في "الكبرى" (5/490، 491) ، ابن ماجه (2/1183) ، ابن حبان (12/262،263، 265) ، وهو عند أحمد (3/5، 44، 97) .(1/259)
808 - وعن جابر بن سليم في حديث طويل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه: «وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة» أخرجه أبو داود والنسائي مختصرًا والترمذي (1) وقال: حسن صحيح، وقال النووي: إسناده صحيح.
809 - وعن أبي أمامة قال: «بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة إزار ورداء قد أسبل فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ بناحية ثوبه يتواضع لله عز وجل ويقول: عبدك وابن عبدك وأمتك حتى سمعها عمرو فقال: يا رسول الله! إني أخمش الساقين فقال: يا عمرو! إن الله قد أحسن كل شيء خلقه، يا عمرو إن الله لا يحب المسبل» أخرجه الطبراني (2) برجال ثقات.
810 - وعن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. قالت أم سلمة: كيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبرًا، قالت: إذن تنكشف أقدامهن؟ قال: فيرخينه ذراعًا ولا يزدن عليه» أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح، وقد تقدم (3) في باب وجوب ستر بدن المرأة. وقد أفاد أن الإسبال المحرم على المرأة هو ما زاد على الذراع.
قوله: «خيلاء» بضم الخاء المعجمة ممدود والمخيلة والبطر والكبر والزهو والتجبر بمعنى واحد، وفي "جامع الأصول" الخيلاء والمخيلة: العجب والكبر.
_________
(1) أبو داود (4/56) ، النسائي في "الكبرى" مختصرًا (5/486) ، الترمذي مختصرًا (5/72) .
(2) الطبراني في "الكبير" (8/232) .
(3) تقدم برقم (737) .(1/260)
[3/55] باب نهي المرأة عن لبس الثوب الرقيق الذي يحكي بدنها
وعن التشبه بالرجال
811 - عن أسامة بن زيد قال: «كساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبطية كثيفة كانت مما أهدى له دِحْيَةُ الكلبي فكسوتها امرأتي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مالك لا تلبس القبطية؟ فقلت: يا رسول الله! كسوتها امرأتي، فقال: مرها أن تجعل تحتها غلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها» رواه أحمد وابن أبي شيبة (*) والبزار والطبراني، والضياء في المختارة (1) .
812 - وله شاهد عند أبي داود (2) من حديث دِحْيَةَ بنحوه، وإن كان في إسناده ابن لَهِيْعَةَ فقد تابعه يحيى بن أيوب المصري، وقد احتج به مسلم واستشهد به البخاري.
813 - وشهد له حديث عائشة: «أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفيه» رواه أبو داود (3) وقال: هذا مرسل.
814 - وعن أم سلمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وهي تختمر فقال: ليّةً لا
_________
(1) أحمد (5/205) ، البزار (7/30) (2579) ، الطبراني في "الكبير" (1/160) ، الضياء في "المختارة" (4/149-150) (1365-1368) ، البيهقي (2/234) .
(2) أبو داود (4/64) .
(3) سيأتي برقم (4247) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لم نجده عند ابن أبي شيبة، ولعله في مسنده.(1/261)
ليتين» رواه أحمد وأبو داود (1) وفي إسناده وهب مولى أبي أحمد، قال المنذري: وهذا يشبه المجهول، وفي "الخلاصة" أنه وثقه ابن حبان.
815 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رءوسهن أمثال أسنمة البخت المائلة، لا يرين الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس» رواه أحمد ومسلم (2) .
816 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن الرجل يلبس لبس المرأة، والمرأة تلبس لبس الرجل» رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وسكت عنه أبو داود والمنذري، ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه ابن ماجه وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم (3) .
817 - وعن ابن عباس قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشتبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء» رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه (4) .
_________
(1) أحمد (6/294، 296، 306) ، أبو داود (4/64) ، وهو عند الحاكم (4/216) .
(2) أحمد (2/355، 440) ، مسلم (3/1680، 4/2192) ، وهو عند ابن حبان (16/500-501) .
(3) أحمد (2/325) ، أبو داود (4/60) ، النسائي في "الكبرى" (5/397) ، ابن ماجه بمعناه (1/613) ، ابن حبان (13/62، 63) ، الحاكم (4/215) .
(4) البخاري (5/2207، 6/2508) ، أبو داود (4/60) (4097) ، الترمذي (5/105) (2784) ، النسائي في "الكبرى" (5/396) ، ابن ماجه (1/614) (1904) ، وهو عند أحمد (1/339) .(1/262)
818 - ولأحمد وأبي داود (1) من حديث عبد الله بن عمرو (2) قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس منا من تشبه بالرجال من النساء» .
قوله: «القِبطية» منسوبة إلى القبط بكسر القاف وهم أهل مصر، «والغِلالة» بكسر الغين المعجمة شعار يلبس تحت الثوب. قوله: «لَية» بفتح اللام أي مرة واحدة لا ليتين لئلا يشتبه اختمارها بتدوير عمائم الرجال. قوله: «كاسيات» أي: من نعمة الله «عاريات» من شكرها، وقيل معناه: تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهارًا لجمالها، «مائلات» عن طاعة الله، «مميلات» أي: يعلِّمن غيرهن فعلهن المذموم، و «البخت» بالموحدة بعدها خاء معجمة فتاء مثناة الإبل الخراسانية.
[3/56] باب ما جاء من النهي عن ستور الجدرات
819 - عن أبي طلحة الأنصاري قال: سمعت عائشة تقول: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزاة فأخذت نمطًا فسترته على الباب فلما قام فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين، قالت: فقطعنا منه وسادتين وحشوهما ليف فلم يعب ذلك عليَّ» أخرجه
_________
(1) أحمد (2/199-200) ، والعقيلي في "الضعفاء" (2/232) ، والبخاري في "التاريخ" (4/362) من طريق عبد الرزاق، قال: حدثنا عمرو بن حوشب الصنعاني عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، قال: حدثني رجل من هذيل، قال: رأيت عبد الله بن عمرو، ومنزله في الحل، ومسجده في الحرم، قال: فبينا أنا عنده، رأى أم سعيد بنت أبي جهل....فذكره، وأخرجه أبو نعيم في"الحلية" (3/321) من طريق أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق.
(2) في الأصل: عبد الله بن عمر.(1/263)
مسلم (1) . ولأبي داود (2) من حديثها: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض مغازيه، وكنت أتحين قفوله فأخذت نمطًا كان لنا فسترته على العرض، فلما جاء استقبلته فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الحمد لله الذي أعزك وأكرمك، فنظر إلى البيت فرأى النمط فلم يرد عليَّ شيئًا ورأيت الكراهية في وجهه، فأتى النمط فهتكه ثم قال: إن الله لم يأمرنا فيم رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن، قالت: فقطعته فجعلته وسادتين» وقد أخرج الترمذي ما يدل على أن النهي للكراهة.
820 - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «إنّا لجلوس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد إذ طلع علينا مُصْعَب بن عُمَيْر ما عليه إلا بردة له مرقوعة بفروٍ، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكى للذي كان فيه من النعمة والذي هو فيه اليوم ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف بكم إذا غدا أحدكم في حلة وراح في حلة، ووضعت بين يديه صحفة ورفعت أخرى، وسترتم بيوتكم كما تستر الكعبة؟ فقالوا: يا رسول الله! نحن يومئذ خير منا اليوم نتفرغ للعبادة ونكفى المؤنة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لأنتم اليوم خير منكم يومئذ» (3) وقال الترمذي: هذا حديث حسن انتهى. لكن الترمذي لم يسم الراوي عن علي؛ بل قال: حدثني من سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والقائل: حدثني من سمع علي بن أبي طالب هو محمد بن كعب القرضي
_________
(1) مسلم (3/1666) (2107) .
(2) أبو داود (4/73) .
(3) الترمذي (4/647) (2476) .(1/264)
ثقة حجة، قال أبو داود سمع من علي وابن مسعود.
قوله: «النمط» قال في "الدر النثير": هو ضرب من البسط له خمل رقيق والجمع أنماط.
[3/57] باب ما جاء في النعال
821 - عن جابر بن عبد الله قال كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فقال: «أكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبًا ما انتعل» رواه مسلم وأبو داود والنسائي (1) .
822 - وعن أنس: «أن نعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له قَبَالان» رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي (2) .
823 - وعن جابر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينتعل الرجل قائمًا» رواه أبو داواد (3) .
824 - والترمذي (4) وحسنه من حديث أنس، وقال: قال محمد: لا يصح انتهى ورجال إسناده عند أبي داود رجال الصحيح، وتفرد بالقدح في إبراهيم بن طهمان محمد بن عمار الموصلي وإبراهيم قد أخرج له الشيخان، وقال العراقي في شرح الترمذي: رجال إسناده ثقات، وقال النووي في رياضه: إسناده حسن.
_________
(1) مسلم (3/1660) ، أبو داود (4/69) ، النسائي في "الكبرى" (5/505) ، وهو عند أحمد (3/337، 360) ، وابن حبان (12/272) .
(2) البخاري (3/1131، 5/2200) ، أبو داود (4/69) ، الترمذي (4/242) ، النسائي (8/217) ، وهو عند ابن ماجه (2/1194) ، وأحمد (3/122، 203، 245، 269) .
(3) أبو داود (4/69) (4135) .
(4) الترمذي (4/243) (1776) ، أبو يعلى (5/312) (2936) .(1/265)
825 - وعن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمش أحدكم في النعل الواحد، ليحفهما جميعًا أو لينعلهما جميعًا» رواه البخاري ومسلم والنسائي (1) .
826 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في نعل واحد حتى يصلح شسعه، ولا يمش في خف واحد، ولا يأكل بشماله» رواه مسلم وأبو داود والنسائي (2) .
827 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا نزع فليبدأ بالشمال لتكون اليمين أولهما تنعل وآخرهما تنزع» رواه البخاري وأبو داود والترمذي (3) .
828 - وأخرج مسلم (4) من حديث محمد بن زياد عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا خلع فليبدأ بالشمال» .
829 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله؛ في طهوره وتَرَجُّله وتنعله» أخرجاه والنسائي وأبو داود (5) واللفظ له، ولفظ المتفق عليه: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه التيامن في تنعله وترجله وفي شأنه كله» .
_________
(1) البخاري (5/2200) ، مسلم (3/1660) ، النسائي (8/217) ، وهو عند أبو داود (4/69) ، والترمذي (4/242) ، وابن ماجه (2/1195) .
(2) مسلم (3/1661) ، أبو داود (4/70) ، النسائي في "الكبرى" (5/505) ، وهو عند أحمد (3/293، 327) .
(3) البخاري (5/2200) ، أبو داود (4/70) ، الترمذي (4/244) ، وهو عند أحمد (2/465) .
(4) مسلم (3/1660) .
(5) البخاري (1/74، 165، 5/2057، 2200) ، مسلم (1/226) ، النسائي (1/205) ، أبو داود (4/70) ، وهو عند الترمذي (2/506) ، وابن ماجه (1/141) ، وأحمد (6/94، 130، 147، 187، 202) .(1/266)
[3/58] باب ما جاء في الخفين
830 - عن أبي أمامة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بخفين فلبس أحدهما، ثم جاء غراب فاحتمل الآخر فرمى به فخرجت منه حيّة فقال - صلى الله عليه وسلم -: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس خفيه حتى ينفضهما» أخرجه الطبراني في "الكبير" (1) بإسناد لا بأس به.
831 - وعن ابن بريدة (2) عن أبيه: «أن النجاشي أَهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خفين أسودين ساذجين فلبسهما وتوضأ ومسح عليهما» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن وأخرجه أبو داود وأحمد (3) وقال: عن عبد الله بن بريدة عن أبيه.
قوله: «ساذجين» أي: غير مقطوعين.
[3/59] باب ما جاء في الفراش والزهد فيه
832 - عن جابر بن عبد الله قال: «ذُكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفراش فقال: فراش للرجل وفراش للمرأة، وفراش للضيف، والرابع للشيطان» رواه مسلم والنسائي وأبو داود واللفظ له (4) .
833 - وعن عائشة قالت: «كان فراش النبي - صلى الله عليه وسلم - من أَدَم حشوه ليف» وفي
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (8/137) .
(2) في الأصل عن أبي بريدة.
(3) الترمذي (5/124) ، أبو داود (1/39) ، أحمد (5/352) ، وهو عند ابن ماجه (1/182) .
(4) مسلم (3/1651) ، النسائي (6/135) ، أبو داود (4/70) ، وهو عند أحمد (3/293، 324) .(1/267)
رواية: «كان وساد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي يتكئ عليه من أَدَم حشوه ليف» وفي أخرى: «الذي ينام عليه» رواه البخاري ومسلم (1) وفي رواية لأبي داود (2) قالت: «كانت وسادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حشوها ليف» .
834 - وعنها قالت: «كانت ضجعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدمًا حشوها ليف» رواه أبو داود وابن ماجه بمعناه (3) .
_________
(1) البخاري (5/2371) ، مسلم (3/1650) .
(2) أبو داود (4/71) .
(3) أبو داود (4/71) ، ابن ماجه (2/1390) .(1/268)
أبواب التحلي بالذهب والفضة
[3/60] باب تحريم خواتيم الذهب
835 - عن البراء بن عازب قال: «نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن سبع: نهانا عن خاتم الذهب أو قال: حلقة الذهب» رواه البخاري ومسلم والنسائي (1) ، وفي لفظ له (2) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التختم بالذهب» .
836 - وعن عبد الله بن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اصطنع خاتمًا من ذهب وجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه، فاصطنع الناس خواتيم من ذهب فرقى المنبر، فحمد الله وأثنى عليه فقال: إني كنت اصطنعته وإني لا ألبسه فنبذه فنبذ الناس» رواه البخاري (3) .
837 - وعن عمران بن حصين قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن التختم بالذهب» أخرجه الترمذي (4) وقال: حسن صحيح.
_________
(1) البخاري (5/2139، 2202، 2297) ، مسلم (3/1635، 1636) ، النسائي (4/54، 8/201) ، وهو عند أحمد (4/284، 299) .
(2) مسلم (3/1648) ، ابن ماجه (2/1202) ، والنسائي (8/168) ، والترمذي (4/226) ، وأحمد (1/114، 127) ، من حديث علي، وهو بهذا اللفظ عند أحمد (4/287) من حديث البراء.
(3) البخاري (5/2205، 6/2450) ، وهو عند مسلم (3/1655) ، والنسائي (8/195) ، وأحمد (2/119) .
(4) الترمذي (4/226) ، وهو عند النسائي (8/170) .(1/269)
838 - وعن ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيطرحها في يده. فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذ خاتمك انتفع به؟ قال: لا والله لا آخذه أبدًا وقد طرحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» أخرجه مسلم (1) .
[3/61] باب جواز خاتم الفضة ونقشه
839 - عن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتمًا من ذهب، وجعل فصه مما يلي باطن كفه ونقش فيه: محمد رسول الله فاتخذ الناس مثله، فلما رآهم قد اتخذوا رمى به وقال: لا ألبسه أبدًا، ثم اتخذ خاتمًا من فضة، فاتخذ الناس خواتيم من فضة، قال ابن عمر: فلبس الخاتم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر ثم عمر، ثم عثمان حتى وقع من عثمان في بئر أريس» رواه البخاري وأبو داود والنسائي (2) .
840 - وعن أنس قال: «إن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان خاتمه من فضة وكان فصه منه» أخرجه البخاري (3) .
841 - وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يكتب إلى رهط أو أناس من الأعاجم فقيل له: إنهم لا يقبلون كتابًا إلا مختومًا، فاتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا من فضةٍ نقشه محمد رسول الله» رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي مختصرًا (4) . وفي راوية
_________
(1) مسلم (3/1655) .
(2) البخاري (5/2202) ، أبو داود (4/88) ، النسائي (8/195) .
(3) البخاري (5/2203) ، وهو عند أبي داود (4/88، 227) ، والنسائي (8/173، 174، 193) ، وأحمد (3/226) .
(4) البخاري (1/36، 6/2619) ، أبو داود (4/88) ، الترمذي (5/69) مختصرًا، النسائي (8/174، 193) ، وهو عند مسلم (3/1657) ، وأحمد (3/275) .(1/270)
للبخاري (1) : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني اتخذت خاتمًا من وَرِق، ونقشت فيه محمد رسول الله فلا ينقش أحد على نقشه» .
[3/62] باب محل الخاتم
842 - في رواية من حديث ابن عمر: «أنه - صلى الله عليه وسلم - جعله في يده اليمنى» نسبها في "جامع الأصول" إلى البخاري ومسلم (2) .
843 - وعن علي رضي الله عنه قال: «نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أجعل خاتمي في هذه أو في التي تليها وأشار إلى الوسطى والتي تليها» رواه مسلم (3) وللترمذي (4) بمعناه، وقال: «أشار إلى السبابة والوسطى» وفي رواية للنسائي (5) قال: «نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخاتم في السبابة والوسطى» .
844 - وعن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كا يتختم في يساره، وكان فصه باطن كفه» أخرجه أبو داود (6) بإسناد فيه مقال، وقال الترمذي في جامعه (7) : روي عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تختم في يساره وهو حديث لا يصح، انتهى. قلت: لكن قد روى مسلم في "صحيحه" (8) من حديث أنس بلفظ: «كان خاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه
_________
(1) البخاري (5/2205) ، وهو عند مسلم بمعناه (3/1656) .
(2) البخاري (5/2205) ، مسلم (3/1655) ، وهو جزء من حديث ابن عمر المتقدم (804) .
(3) مسلم (3/1659) .
(4) الترمذي (4/249) .
(5) النسائي (8/194) .
(6) أبو داود (4/91) .
(7) الترمذي في "الشمائل المحمدية" (1/96) (104) .
(8) مسلم (3/1659) .(1/271)
وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى» وأخرجه النسائي (1) بنحوه، وأخرج النسائي (2) أيضًا من حديث قتادة عن أنس قال: «كأني أنظر إلى بياض خاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - في إصبعه اليسرى» قال المنذري: ورجال إسناده محتج بهم في الصحيح.
[3/63] باب النهي عن اتخاذ الخاتم من الحديد والصفر
845 - عن بريدة قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه خاتم من حديد فقال: مالي أرى عليك حلية أهل النار؟ فطرحه، ثم جاء وعليه خاتم من صفر، فقال: مالي أجد منك ريح الأصنام؟ ثم أتاه وعليه خاتم من ذهب، فقال: مالي أرى عليك حلية أهل الجنة؟ قال: من أي شيء اتخذه؟ قال: من وَرِق ولا تتمه مثقالًا» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث غريب، وابن حبان في "صحيحه" (3) .
ولفظ أبي داود: «أن رجلًا جاء عليه خاتم من شِبْهٍ فقال: مالي أجد منك ريح الأصنام؟ ثم طرحه وجاء عليه خاتم من حديد، فقال: مالي أرى عليك حلية أهل النار فطرحه؟ فقال: يا رسول الله! من أي شيء اتخذه؟ قال: اتخذه من وَرِق ولا تتمه مثقالًا» وهذا الحديث قد تُكلم في إسناده.
846 - وأخرج أبو داود والنسائي (4) ما يعارضه ولفظه قال: حدثني إياس
_________
(1) النسائي (8/194) .
(2) النسائي (8/193) ، وفي "الكبرى" (5/451) .
(3) أبو داود (4/90) ، النسائي (8/172) ، الترمذي (4/248) ، ابن حبان (12/299-300) .
(4) أبو داود (4/90) ، النسائي (8/175) .(1/272)
بن الحارث بن المُعَيْقِيْب وجده من قبل أمه أبو ذئاب عن جده قال: «كان خاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديد ملوي عليه فضة قال: فربما كان في يده قال: وكان المُعَيْقِيْب على خاتم النبي - صلى الله عليه وسلم -» انتهى.
847 - وقد بوب البخاري (1) فقال: باب خاتم الحديد، وذكر حديث المرأة التي وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه قال - صلى الله عليه وسلم -: «التمس ولو خاتمًا من حديد» (2) .
قوله: «حلية أهل النار» لأنها من زي الكفار. قوله: «ريح الأصنام» لأن الأصنام كانت تتخذ من الشَّبَهِ، و «الصفر» بضم الصاد المهملة، هي من النحاس، وقد تقدم ذكره في أبواب الأواني.
[3/64] باب ما جاء في تحريم حلية الذهب على الرجال
وإباحة حلية الفضة لهم وإباحتهما للنساء
848 - عن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أُحل الذهب والحرير للإناث من أمتي، وحرم على ذكورها» رواه أحمد والنسائي والترمذي (3) وصححه الحاكم وابن حزم.
849 - وعن علي رضي الله عنه قال: «أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - حريرًا فجعله في يمينه وأخذ ذهبًا فجعله في شماله، ثم قال: هذان حرام على ذكور أمتي» أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي (4) ، وحسن إسناده علي بن المديني، وزاد ابن ماجه: «حلٌّ لإناثها»
_________
(1) البخاري (5/2204) .
(2) سيأتي برقم (3836) .
(3) تقدم برقم (741) .
(4) تقدم برقم (746) .(1/273)
وهذان الحديثان قد تقدما في كتاب اللباس.
850 - وعن عقبة بن عامر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الذهب والحرير حرام على ذكور أمتي» أخرجه البيهقي (1) بإسناد حسن.
851 - وأخرج ابن أبي شيبة (2) من حديث أنيسة عن أبيها زيد مَرْفوعًا: «الذهب والحرير حل لإناث أمتي حرام على ذكورها» .
852 - وروى الطبراني (3) من حديث واثلة بن الأَسْقَع نحوه، وإسناده مقارب قاله في "التلخيص".
853 - وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مات من أمتي وهو يشرب الخمر حرم الله عليه شربها في الجنة، ومن مات من أمتي وهو يتحلى الذهب حرم الله عليه لباسه في الجنة» رواه الطبراني وأحمد (4) ورواته ثقات.
854 - وعن أبي أمامة أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريرًا ولا ذهبًا» رواه أحمد (5) ورواته ثقات.
855 - وعن عقبة بن عامر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمنع أهله الحلية والحرير ويقول: إن كنتم تحبون حلية أهل الجنة وحريرها فلا تلبسونها في الدنيا»
_________
(1) البيهقي (3/275) .
(2) الطبراني في "الكبير" (5/211) والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (1/174) ، وابن حبان في "المجروحين" (1/206) .
(3) الطبراني في "الكبير" (22/97) .
(4) أحمد (2/209) .
(5) أحمد (5/261) .(1/274)
رواه النسائي والحاكم (1) وقال: صحيح على شرطهما.
856 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحب أن يحلق حبيبه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب، ومن أحب أن يطوق حببيه طوقًا من نار فليطوقه طوقًا من ذهب، ومن أحب أن يسور حبيبه سوارًا من نار فليسوره سوارًا من ذهب، ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها لعبًا» أخرجه أبو داود (2) بإسناد رجاله ثقات إلا أَسِيْد بن أبي أَسِيْد البراد فهو صدوق، وقال المنذري: إسناده صحيح.
857 - وعن ابن عمر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الذهب إلا مقطعًا» أخرجه النسائي (3) بإسناد متصل ورجاله ثقات.
858 - وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي من حديث معاوية ورجاله ثقات، وقد تقدم (4) في باب اللباس.
859 - وعن عبد الرحمن بن غَنْم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تحلى أو حلّي بخر بَصِيْصه من ذهب كوي به يوم القيامة» أخرجه أحمد (5) وذكره في "الجامع الكبير" وسكت عنه بناء على قاعدته التي ذكرها في الخطبة: أن ما نسبه إلى أحمد وسكت عن فهو من الصحاح.
_________
(1) النسائي (8/156) ، "الكبرى" (5/434) ، الحاكم (4/212) ، وهو عند أحمد (4/145) ، وابن حبان (12/297) .
(2) أبو داود (4/93) .
(3) النسائي (8/163) .
(4) تقدم برقم (751) .
(5) أحمد (4/227) .(1/275)
860 - وعن أسماء بنت يزيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تحلى ذهبًا أو حلى أحدًا من ولده مثل خر بصيصة أو عين جرادة كوي به يوم القيامة» أخرجه الطبراني (1) وسكت عنه في "الجامع الكبير".
قوله: «إلا مقطعًا» المقطع الشي اليسير نحو السيف والخاتم للنساء، وكره الكثير الذي هو عادة أهل السرف والخيلاء كذا فسره في "جامع الأصول". قوله: «خر بصيصة» هي الهنة التي ترى في الرمل لها بصيص كأنها عين جرادة.
[3/65] باب جواز اتخاذ القطعة من الذهب أنفًا للضرورة
861 - عن عَرْفَجَة بن سعيد قال: «أصيب أنفي يوم الكلاب في الجاهلية فاتخذت أنفًا من وَرِق فأنتن علىَّ، فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتخذ أنفًا من ذهب» أخرجه الترمذي وحسنه، وابن حبان في "صحيحه" وذكر في "التلخيص" الاختلاف في وصله وإرساله، وأخرجه أبو داود والنسائي (2) ، و «الكلاب» بضم الكاف وتخفيف اللام موضع معروف.
[3/66] باب حلية السيف
862 - عن أنس: «أن قَبِيْعَة سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت من فضة» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه أبو داود (3) ، وفي رواية للنسائي (4) :
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (24/182) ، وهو عند أحمد (6/459) .
(2) الترمذي (4/92) ، ابن حبان (12/276) ، أبو داود (4/240) ، النسائي (8/163، 194) ، وهو عند أحمد (4/342، 5/23) .
(3) الترمذي (4/201) ، أبو داود (3/30) .
(4) النسائي (8/219) .(1/276)
«كان نصل سيف النبي - صلى الله عليه وسلم - فضة وقبيعة سيفه فضة وما بين ذلك حلق فضة» واختلف في وصله وإرساله.
863 - لكن قد روى من غير هذه الطريق، فأخرج النسائي (1) من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف وله رؤية قال: «كان قبيعة سيف النبي - صلى الله عليه وسلم - من فضة» قال في "التلخيص": وإسناده صحيح.
864 - وفي الترمذي (2) من حديث بريدة قال: «دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة» وقال: غريب.
قوله: «قبيعة» : هي التي تكون على رأس قائم السيف وطرف مقبضه.
[3/67] باب في أحاديث تقضي بتحريم الذهب على النساء
865 - عن محمود بن عمر الأنصاري: أن أسماء بنت يزيد حدثته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما امرأة تقلدت قلادة من ذهب قلدت في عنقها مثلها من النار يوم القيامة، وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصًا من ذهب جعل الله في أذنها مثله خرصًا من النار يوم القيامة» أخرجه أبو داود والنسائي (3) ، قال المنذري: وإسناده جيد.
866 - وعن أختٍ لحذيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا معشر النّساء! أما لكن في الفضة ما تحلين به، أما أنه ليس منكن امرأة تتحلى ذهبًا وتظهره إلا عذبت به»
_________
(1) النسائي (8/219) .
(2) الترمذي (4/200) .
(3) أبو داود (4/93) ، النسائي (8/157) ، وفي "الكبرى" (5/434) ، وهو عند أحمد (6/455، 457، 460) .(1/277)
أخرجه أبو داود والنسائي (1) بإسناد صحيح إلا ربعي عن امرأته وهي مجهولة، وقال المنذري: لحذيفة أخوات أدركن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
867 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ويل للنساء من الأحمرين: الذهب والمعصفر» رواه ابن حبان في "صحيحه" (2) .
_________
(1) أبو داود (4/93) ، النسائي (8/156، 157) ، وفي "الكبرى" (5/434) ، وهو عند أحمد (5/398، 6/357،358، 369) .
(2) ابن حبان (13/307) .(1/278)
868 - وعن عائشة قالت: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى عليها مسكتين من ذهب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا أخبرك بما هو أحسن من هذا؟ لو نزعت هذا وجعلت مِسْكتين من وَرِق وصفرتهما بزعفران كان أحسن» أخرجه النسائي (1) .
869 - وعن ثوبان قال: «جاءت هند بنت هبيرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي يدها فتخ من ذهب، أي خواتيم ضخام، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضرب يدها» وفيه: «أن فاطمة انتزعت سلسة في عنقها من ذهب فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: سلسلة من نار» أخرجه النسائي (2) بإسناد صحيح.
قوله: «مسكة» هي السوار، وقد ذكر جماعة من أهل العلم أنَّ أحاديث تحريم الذهب على النساء منسوخة بالأحاديث السابقة القاضية بحله.
[3/68] باب ما جاء في كراهية الأجراس
870 - عن عامر بن عبد الله بن الزبير، وقد دخلت مولاة لهم على عمر وفي
_________
(1) النسائي (8/159) ، و"الكبرى" (5/436) .
(2) النسائي (8/158) ، وهو عند أحمد (5/278) ، والحاكم (3/166) .(1/279)
رجليها أجراس فقطعها عمر وقال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن مع كل جرس شيطانًا» أخرجه أبو داود (1) ، وعامر لم يدرك عمر.
871 - وأخرج أبو داود (2) عن بنانة مولاة عبد الرحمن بن حيّان الأنصاري: «كانت عند عائشة إذ دخل عليها بجارية وعليها جلاجل يصوتن فقالت: لا تدخلها علىَّ إلا أن تقطع جلاجلها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه جرس» أخرجه أبو داود وسكت عنه أبو داود والمنذري وشهد له حديث أبي هريرة بعده.
872 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس» رواه مسلم وأبو داود والترمذي (3) ، ورواية لأبي داود (4) : «لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر» وفي إسنادها عمران بن دوار القطان وثقه عفان بن مسلم، واستشهد به البخاري وتكلم فيه غير واحد، ودوار آخره راء. وهذه الرواية قد تقدمت في كتاب الطهارة.
873 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الجرس مزامير الشيطان» رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحه" (5) .
874 - وعن عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالأجراس أن تقطع من أعناق الإبل يوم بدر» رواه ابن حبان في "صحيحه" (6) ، و «الجرس» الجلجل الذي يعلق على الدواب.
قوله: «جلاجل» الجلجل كل شيء علق في عنق دابة أو رجل أو صبي يصوت، وجمعه جلاجل وصوته الجلجلة.
[3/69] باب كراهية لبس المرأة الحلية إذا لم تؤد زكاتها
875 - عن عمرو بن شعيب عن عروة عن عائشة قالت: «لا بأس بلبس الحلي إذا أعطي زكاته» أخرجه الدارقطني (7) بإسناد صحيح.
876 - قال في "التلخيص" ويقويه ما رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي (8) عن عائشة: «أنها دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي يدها فَتَخَات من وَرِق فقال: ما هذا يا عائشة؟ فقالت: صنعتهن لأتزين لك بهن يا رسول الله! قال: أتؤدين زكاتهن؟ قالت: لا، قال: هو حسبك من النار» وإسناده على شرط مسلم.
[3/70] باب التيامن في اللباس وما يقول من استجد ثوبًا
877 - عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لبس قميصًا بدأ بميامنه» أخرجه الترمذي والنسائي (9) وذكره الحافظ في "التلخيص" في الوضوء ولم يتكلم
_________
(1) أبو داود (4/91) .
(2) أبو داود (4/92) ، وهو عند أحمد (6/242) .
(3) مسلم (3/1672) ، أبو داود (3/25) ، الترمذي (4/207) ، وهو عند أحمد (2/262، 311، 327، 343، 385، 392، 414، 444، 476) ، وابن حبان (10/554) .
(4) أبو داود (4/68) .
(5) مسلم (3/1672) ، أبو داود (3/25) ، النسائي في "الكبرى" (5/251) ، ابن خزيمة (4/147) ، ابن حبان (10/555) ، وهو عند أحمد (2/366، 372) .
(6) ابن حبان (10/554) .
(7) الدارقطني (2/107) .
(8) أبو داود (2/95) ، الدارقطني (2/105) ، البيهقي (4/139) ، وهو عند الحاكم (1/547) .
(9) الترمذي (4/238) ، النسائي في "الكبرى" (5/482) .(1/280)
عليه.
878 - ويشهد له حديث عائشة المتفق عليه: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه التيامن في تنعله وترجله وفي شأنه كله» تقدم (1) قريبًا.
879 - وعن أبي سعيد قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوبًا سماه باسمه عمامة أو قميصًا أو رداء، ثم يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له» رواه الترمذي وحسنه، والنسائي وأبو داود (2) .
880 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما اشترى عبد ثوبًا بدينار أو بنصف دينار فحمد الله إلا لم يبلغ ركبتيه حتى يغفر الله له» أخرجه الحاكم في "المستدرك" (3) ، وقال: حديث لا أعلم في إسناده أحدًا ذكر بجرح.
881 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أكل طعامًا ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن لبس ثوبًا، فقال: الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» رواه أبو داود والحاكم (4)
_________
(1) تقدم برقمي (296، 829) .
(2) الترمذي (4/239) ، النسائي في "الكبرى" (6/85) ، أبو داود (4/41) ، وهو عند أحمد (3/30، 50) ، والحاكم (4/213) ، وابن حبان (12/240) .
(3) الحاكم (1/695) .
(4) أبو داود (4/42) ، الحاكم (1/687، 4/213) .(1/281)
وصححه، وروى ابن ماجه والترمذي (1) شطره الأول وحسنه.
[3/71] باب ما جاء في طهارة ملبوس المصلي
882 - عن جابر بن سمرة قال: «سمعت رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي؟ قال: نعم. إلا أن ترى فيه شيئًا فتغسله» رواه أحمد وابن ماجه (2) ورجال إسناده ثقات.
883 - وعن معاوية قال: «قلت لأم حبيبة: هل كان يصلي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الثوب الذي يجامع فيه أهله؟ قالت: نعم. إذا لم يكن فيه أذى» رواه الخمسة إلا الترمذي (3) ورجال إسناده ثقات.
884 - وعن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف، قال لهم: لم خلعتم؟ قالوا: رأيناك خلعت فخلعنا، فقال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثًا، فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعليه ولينظر فيهما فإن رأى خبثًا فليمسحه بالأرض ثم ليصل فيهما» رواه أحمد وأبو داود والحاكم وابن خزيمة وابن حبان، واختلف في وصله وإرساله، ورجح أبو حاتم في "العلل" الموصول، وفي "بلوغ المرام" أن ابن خزيمة صححه، وقد تقدم (4) الحديث والكلام عليه في كتاب الطهارة، وذكر ابن الملقن في "خلاصة البدر" أن الحاكم قال
_________
(1) ابن ماجه (2/1093) ، الترمذي (5/508) ، وهو عند أحمد (3/439) .
(2) أحمد (5/97) ، ابن ماجه (1/180) .
(3) أبو داود (1/100) ، النسائي (1/155) ، ابن ماجه (1/179) ، أحمد (6/325، 426) .
(4) تقدم برقم (36) .(1/282)
فيه: صحيح على شرط مسلم ولم يتعقبه بشيء.
[3/72] باب ما جاء في حمل المحدث في الصلاة وثياب الصغار
885 - عن أبي قتادة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب، فإذا ركع وضعها، وإذا أقام حملها» متفق عليه (1) ، وفي رواية للبخاري (2) عن مالك «فإذا سجد» ، وفي رواية لأبي داود (3) : «حتى إذا أراد أن يركع أخذها فوضعها ثم ركع وسجد حتى إذا فرغ من سجوده وقام أخذها فردها في مكانها» .
886 - وعن أبي هريرة قال: «كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما من خلفه أخذًا رفيقًا ويضعهما على الأرض، فإذا عاد عادا حتى قضى صلاته، ثم أقعد أحدهما على فخذيه، قال: فقمت إليه، فقلت: يا رسول الله! أردهما فبرقت برقة، فقال لهما: الحقا بأمكما، فمكث ضوؤها حتى دخلا» رواه أحمد (4) وفي إسناده مقال.
887 - لكن قد روي (5) من وجه آخر من حديث أنس قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي والحسن على ظهره، فإذا سجد نحاه» قال ابن حجر: وإسناده حسن.
_________
(1) البخاري (1/193) ، مسلم (1/385) ، أحمد (5/295، 303) .
(2) البخاري (1/193) ، وهي عند مسلم (1/386) .
(3) أبو داود (1/242) .
(4) أحمد (2/513) .
(5) ابن عدي في "الكامل" (1/370) ، وحسنه ابن حجر في "التلخيص" (1/45) .(1/283)
888 - وعن عائشة قالت: «كان النبي صص يصلي من الليل وأنا إلى جنبه وأنا حائض وعليّ مِرْط وعليه بعضه» رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه والنسائي (1) .
889 - وأخرج نحوه الشيخان (2) من حديث ميمونة.
890 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يصلي في شُعُرنا» رواه أحمد وأبو داود (3) ، والترمذي وصححه ولفظه: «لا يصلي في لحف نسائه» وأخرجه النسائي (4) .
قوله: «شُعُرنا» بضم الشين المعجمة والعين المهملة: جمع شعار على وزن كتب وكتاب وهو الثوب الذي يلي الجسد.
[3/73] باب ما جاء في الصلاة على الحمار
891 - عن ابن عمر قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر» رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود (5) .
892 - وعن أنس: «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي على حمار وهو راكب إلى خيبر والقبة خلفه» رواه النسائي (6) ورجاله ثقات، وأخرجه مسلم ومالك (7) من فعل أنس.
_________
(1) مسلم (1/367) ، أبو داود (1/101) ، ابن ماجه (1/214) ، النسائي (2/71) ، وهو عند أحمد (6/67، 137) .
(2) البخاري (1/149) ، مسلم (1/367) .
(3) أحمد (6/101) ، أبو داود (1/101، 174) (367، 645) ، وابن حبان (6/105) (2336) ، الحاكم (1/381) .
(4) الترمذي (2/469) (600) ، النسائي (8/217) .
(5) أحمد (2/49، 57، 75، 128) ، مسلم (1/487) ، النسائي (2/60) ، أبو داود (2/9) .
(6) النسائي (2/60) .
(7) مسلم (1/488) ، مالك (1/151) .(1/284)
[3/74] باب الصلاة على البساط والحصر والفروة ونحو ذلك
893 - عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على بساط» رواه أحمد وابن ماجه (1) بسند فيه ضعف.
894 - لكن يشهد له ما أخرجه البخاري ومسلم والنسائي والترمذي وصححه وابن حبان (2) من حديث أنس مرفوعًا بلفظ: «كان يقول لأخ صغير يا أبا عمير ما فعل النغير، قال ونضح بساط لنا فصلى عليه» .
895 - وعن المغيرة بن شعبة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على الحصير والفروة المدبوغة» رواه أحمد وأبو داود (3) بإسناد ضعيف.
896 - وعن أبي سعيد: «أنه دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فرأيته يصلي على حصير يسجد عليه» رواه مسلم (4) .
897 - وعن أنس: «أن أم مُلَيكة دعت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى طعام صنعته فأكل منه، ثم قال: قوموا فأصلي بكم، قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لُبس فنضحته بماء فقام عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصففت أنا واليتيم وراء والعجوز من ورائنا، فصلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ثم انصرف» رواه الجماعة (5) ، وقد ثبت
_________
(1) أحمد (1/232) ، ابن ماجه (1/328) ، وهو عند الحاكم (1/390)
(2) البخاري (5/2291) ، مسلم (1/457، 3/1692) ، النسائي في "الكبرى" مختصرًا (6/91) ، الترمذي (2/154) ، ابن حبان (6/82، 251) ، وهو عند أحمد (3/119، 171) .
(3) أحمد (4/254) ، أبو داود (1/177) .
(4) مسلم (1/369) .
(5) البخاري (1/149، 294) ، مسلم (1/457) ، أبو داود (1/166) ، النسائي (2/85) ، الترمذي (1/454-455) ، أحمد (3/131، 149، 164) .(1/285)
صلاته على حصير في عدة أحاديث.
898 - وأما حديث عائشة عند أبي يعلى (1) بسند قال العراقي: رجاله ثقات «إنها سئلت أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على الحصير؟ قالت: لم يكن يصلي عليه» فعدم علمها لا يستلزم العدم.
899 - وعن ميمونة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي على الخمرة» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) فإنه رواه من حديث ابن عباس، وقال: حسن صحيح (3) ، وفي الباب أحاديث.
قوله: «النُّغَيْر» بالنون والغين المعجمة هو العصفور. «والخمرة» السجادة الصغيرة، وقد روي عن الصحابة والتابعين الصلاة على الطنافس، وهي: البسط التي تحتها خمل.
[3/75] باب الصلاة في النعلين والخفين
900 - عن أبي مسلمة سعيد بن زيد قال: «سألت أنسًا أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في نعليه والخفين؟ قال: نعم» متفق عليه (4) .
901 - وعن شداد بن أوس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خالفوا اليهود فإنهم
_________
(1) أبو يعلى (7/426) .
(2) البخاري (1/150) ، مسلم (1/258) ، أبو داود (1/176) ، النسائي (2/57) ، ابن ماجه (1/328) ، أحمد (6/330، 331) .
(3) الترمذي (2/151) .
(4) البخاري (1/151، 5/2199) ، مسلم (1/391) ، أحمد (3/100، 166) .(1/286)
لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم» رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" (1) ، وفي هذا الباب عدة أحاديث.
902 - وقد تقدم (2) قريبًا خلع النبي - صلى الله عليه وسلم - النعل وهو في الصلاة لقذر كان فيه، وتقدم أيضًا في الطهارة.
[3/76] باب المواضع المنهي عن الصلاة فيها وما أذن فيه
903 - عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيثما أدركته» متفق عليه (3) ، وفي رواية لهما (4) عنه: «جعلت لي الأرض طيبة طهورًا ومسجدًا» . (*)
904 - وعن أبي ذر قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي مسجد وضع أول؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون سنة، قلت: ثم أي؟ قال: حيثما أدركتك الصلاة فصل فكلها مسجد» متفق عليه (5) .
905 - وعن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام» رواه الخمسة إلا النسائي، وقد اختلف في وصله وإرساله، وأخرجه
_________
(1) أبو داود (1/176) ، ابن حبان (5/561) .
(2) تقدم برقمي (36، 884) .
(3) البخاري (1/128، 168) ، أحمد (3/304) ، وانظر حديث رقم (504) .
(4) مسلم (1/370) .
(5) البخاري (3/1231،1260) ، مسلم (1/370) ، أحمد (5/150، 157، 160، 166) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف: متفق عليه، ثم ذكر رواية لهما، ومسلم لم يخرج هذا الحديث إلا بهذه الرواية، وهذه الرواية ليست عند البخاري، وهي عند الدارمي (1/322) . وقد ذكر نحو هذا الكلام الشوكاني في النيل (1/626) .(1/287)
الشافعي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه (1) ، وصححه ابن حزم، وأشار ابن دقيق العيد في "الإمام" إلى صحته، وقال في "الخلاصة": قال الترمذي: روي مرسلًا وكأنه أصح، قلت: صححه مرفوعًا ابن حبان والحاكم من طرق على شرط الشيخين. انتهى. قال ابن حزم أحاديث النهي عن الصلاة إلى القبور والصلاة في المقبرة متواترة، وتعقبه العراقي.
906 - وعن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (2) .
907 - وعن أبي مِرْثَد الغنوي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه (3) .
908 - وعن جُنْدَب بن عبد الله البجلي قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت بخمس وهو يقول: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد وصالحيهم، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك» رواه مسلم (4) ، وفي هذا
_________
(1) أبو داود (1/132) ، الترمذي (2/131) ، ابن ماجه (1/246) ، أحمد (3/83، 96) ، الشافعي (1/20) ، ابن خزيمة (2/7) ، ابن حبان (4/598، 6/89، 92) ، الحاكم (1/380، 381) .
(2) البخاري (1/166، 398) ، مسلم (1/538، 539) ، أبو داود (1/273، 2/69) ، النسائي (3/197) ، الترمذي (2/313) ، أحمد (2/6، 16، 122) .
(3) مسلم (2/668) ، أبو داود (3/217) ، النسائي (2/67) ، الترمذي (3/367) ، أحمد (4/135) .
(4) مسلم (1/377) .(1/288)
المعنى عدة أحاديث عند الشيخين وغيرهما.
909 - وعن أبي هريرة قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل» رواه أحمد والترمذي (1) وصححه.
910 - وأخرجه البخاري ومسلم (2) من حديث أنس بلفظ: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في مرابض الغنم» .
911 - وعن عبد الله بن مُغَفَّل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها خلقت من الجن، ألا ترون إلى عيونها وهيئتها إذا نفرت» أخرجه أحمد (3) بإسناد صحيح.
912 - وعن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصلى في سبعة مواطن: في المَزْبلة، والمَجْزرة، والمَقْبرة، وقارعة الطريق، وفي الحمام، وفي أعطان الإبل، وفوق ظهر بيت الله» رواه الترمذي وابن ماجه (4) ، وقال الترمذي: إسناده ليس بذلك القوي، وسند ابن ماجه ضعيف، وصحح الحديث ابن السكن، وإمام الحرمين فينظر في تصحيحهما، فإن إسناد الترمذي وابن ماجه ضعيفان لا يقربان من شرط الحسن فرضًا عن الصحيح. والله أعلم.
_________
(1) أحمد (4/150) ، الترمذي (2/180) .
(2) البخاري (1/93، 166) ، مسلم (1/374) ، وهو عند الترمذي (2/182) ، وأحمد (3/131) .
(3) أحمد (5/55) .
(4) الترمذي (2/177) ، ابن ماجه (1/246) .(1/289)
[3/77] باب ما جاء من النهي عن الصلاة في أرض بابل
913 - عن علي رضي الله عنه قال: «نهاني حبيّ أن أصلي في أرض بابل فإنها معلونة» أخرجه أبو داود (1) بإسناد ضعيف، وقال الخطابي: في إسناد هذا الحديث مقال، ولا أعلم أحدًا من العلماء حرم الصلاة في أرض بابل، وقد عارضه ما هو أصح منه وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» (2) . انتهى.
[3/78] باب ما جاء في الصلاة في الكعبة
914 - عن ابن عمر قال: «دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم الباب، فلما فتحوا كنت أول من ولج، فلقيت بلالًا فسألته هل صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. بين العمودين اليمانيين» متفق عليه (3) ، وفي رواية لأحمد والبخاري (4) : «أن ابن عمر قال لبلال: هل صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة؟ قال: نعم. ركعتين بين الساريتين عن يسارك إذا دخلت، ثم خرج فصلى في وجه الكعبة» وذكر البخاري في كتاب الجهاد (5) أن ذلك كان في عام الفتح.
915 - وقد أخرج مسلم عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل في الكعبة» وعدم علمه لا يستلزم العدم فرواية الإثبات مقدمة، وسيأتي (6) إن شاء الله هذا
_________
(1) أبو داود (1/132) ، وهو عند البيهقي (2/451) .
(2) تقدم برقمي (504، 903) .
(3) البخاري (2/579) ، مسلم (2/967) أحمد.
(4) أحمد (6/14) ، البخاري (1/155، 392) .
(5) البخاري (4/1598) .
(6) مسلم (2/968) ، وهو عند البخاري (1/155) ، وأحمد (1/211) .(1/290)
الحديث في كتاب الحج في باب ما جاء في دخول الكعبة.
[3/79] باب الصلاة في السفينة
916 - عن ابن عمر قال: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف أصلي في السفينة؟ قال: صل فيها قائمًا إلا أن تخاف الغرق» رواه الدارقطني والحاكم في "المستدرك" (1) ، وقال: على شرط مسلم، وفي "المنتقى" على شرط الصحيحين.
917 - ويشهد له قوله تعالى: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)) [التغابن:16] ، وحديث: «إذا أمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» وقد تقدم (2) .
[3/80] باب صلاة الفرض على الراحلة للضرورة
918 - عن يعلى بن مرّة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته والسماء من فوقهم والبلة من أسفل منهم، فحضرت الصلاة، فأمر المؤذن فأذن وأقام، ثم تقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته فصلى بهم يومئ إيمَاءً يجعل السجود أخفض من الركوع» رواه أحمد والترمذي (3) ، وقال: غريب، وقد ثبت عن أنس من فعله، وصححه عبد الحق، وحسنه النووي، وضعفه البيهقي (4) .
919 - وعن عامر بن ربيعة قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على راحلته يسبح
_________
(1) الدارقطني (1/395) ، الحاكم (1/409) .
(2) تقدم برقمي (507، 515) .
(3) أحمد (4/173) ، الترمذي (2/266) .
(4) قال الترمذي (2/266) ، وكذلك روي عن أنس أنه صلّى في ماء وطين على دابته اهـ، وقد رواه الطبراني في "الكبير" (1/234) . وقال الهيثمي رجاله ثقات (2/164-165) .(1/291)
يومي برأسه قِبَل أي وجهة توجه، ولم يكن يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة» متفق عليه (1) .
920 - ولأبي داود من حديث أنس مرفوعًا: «كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل فكبر ثم صلى حيث كان وَجْه ركابه» وإسناده حسن، وسيأتي (2) حديث أبي داود في باب تطوع المسافر على مركوبه حيث توجه به، من أبواب استقبال القبلة، وتأتي بقية الأحاديث هناك.
_________
(1) البخاري (1/371) ، مسلم (1/488) ، أحمد (3/446) .
(2) سيأتي برقم (982) .(1/292)
أبواب المساجد
[3/81] باب جواز اتخاذ متعبد الكفار ومواضع قبورهم
مساجد إذا نبشت
921 - عن عثمان بن أبي العاص: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كان طواغيتهم» رواه أبو داود وابن ماجه (1) ، ورجال إسناده ثقات.
922 - وعن قيس بن طلق بن علي عن أبيه قال: «خرجنا وفدًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعناه وصلينا معه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا واستوهبناه من فضل طَهُوره، فدعا بماء فتوضأ وتمضمض، ثم صبه في إداوة، وأمرنا، فقال: اخرجوا فإذا أتيتم أرضكم فاكسروا بيعتكم وانضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوها مسجدًا» رواه النسائي (2) بإسناد رجاله ثقات إلا قيس بن طلق ففيه مقال.
923 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحب أن يصلي حيث أدركته الصلاة، ويصلي في مرابض الغنم، وأنه أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملأ من بني النجار، فقال: يا بني النجار! ثامنوني بحائطكم هذا، قالوا: لا. والله ما نطلب ثمنه إلا إلى الله، فقال أنس: وكان فيه ما أقول لكم قبور المشركين، فيه خرب وفيه نخل، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبور المشركين فنبشت، ثم بالخَرِب فسويت، ثم بالنخل فقطع فصفوا
_________
(1) أبو داود (1/123) ، ابن ماجه (1/245) ، وهو عند الحاكم (3/716) ، والبيهقي (2/439) .
(2) النسائي (2/38) ، "الكبرى" (1/258) .(1/293)
النخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه حجارة، وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون والنبي - صلى الله عليه وسلم - معهم وهو يقول: اللهم لا خير إلا خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة» مختصر من حديث متفق عليه (1) .
قوله: «خَرِب» بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء وآخره موحده: جمع خربة.
[3/82] باب النهي عن اتخاذ القبور مساجد
924 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قاتل الله اليهود اتخذت قبور أنبيائهم مساجد» متفق عليه (2) ، وزاد مسلم (3) : «والنصارى» .
925 - ولهما (4) من حديث عائشة: «كان إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجد أولئك هم شرار الخلق» .
926 - قد تقدم (5) حديث جندب بن عبد الله في باب المواضع المنهي عن الصلاة فيها، وفي الباب أحاديث.
927 - وسيأتي (6) حديث ابن عباس في باب ما جاء في زيارة النساء للقبور، وفي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «لعن زائرات القبور, والمتخذين عليها المساجد والسرج» أخرجه
_________
(1) البخاري (1/165) ، مسلم (3/1431) ، أحمد (3/211) .
(2) البخاري (1/168) ، مسلم (1/376) ، أحمد (2/284، 396) .
(3) مسلم (1/377) ، وهي عند أحمد (2/285، 453، 518)
(4) البخاري (1/165، 167، 450، 3/1406) ، مسلم (1/375) ، وهو عند أحمد (6/51) .
(5) تقدم برقم (908) .
(6) سيأتي برقمي (2372، 2443) .(1/294)
أحمد وأبو داود، والترمذي وحسنه، وابن حبان في "صحيحه".
[3/83] باب فضل من بنى مسجدًا
928 - عن عثمان بن عفان قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من بنى لله مسجدًا بنى الله له مثله في الجنة» متفق عليه (1) .
929 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من بنى لله مسجدًا ولو كمَفْحَص قطاة لبيضتها بنى لله له بيتًا في الجنة» رواه أحمد (2) ، وهذه الزيادة أعني قوله: «كمفحص قطاة» قد أخرجها البيهقي (3) ، قال العراقي: بإسناد صحيح.
930 - وأخرجها ابن أبي شيبة (4) من حديث عثمان.
931 - وابن حبان والبزار (5) من حديث أبي ذر، وغيرهم عن غير هؤلاء.
[3/84] باب الاقتصاد في بناء المساجد
932 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أمرت بتشييد المساجد، قال: ابن عباس: كما زخرفت اليهود والنصارى» أخرجه أبو داود برجال الصحيح، وصححه ابن حبان (6) .
_________
(1) البخاري (1/172) ، مسلم (1/378، 4/2287) ، أحمد (1/61، 70) .
(2) أحمد (1/241) .
(3) البيهقي (2/437) من حديث أبي ذر.
(4) ابن أبي شيبة (1/275) .
(5) ابن حبان (4/490، 491) ، البزار (9/412) (4017) .
(6) أبو داود (1/122) ، ابن حبان (4/493) ، وهو في البخاري معلقًا (1/171) .(1/295)
933 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد» رواه الخمسة إلا الترمذي (1) ، وقال البخاري: كان سقف المسجد من جريد النخل، وأمر عمر ببناء المسجد، وقال: أكن الناس من المطر وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس والحديث صححه ابن خزيمة وأورده البخاري (2) عن أنس تعليقًا بلفظ: «يَتَبَاهون بها، ثم لا يعمرونها إلا قليلًا» ، ووصله أبو يعلى في مسنده (3) .
[3/85] باب ما جاء في تنظيف المساجد وتطييبها
وصيانتها من الروائح الخبيثة
934 - عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عرضت عليَّ أجور أمتي، حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أُمّتي فلم أرَ ذنبًا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها» رواه أبو داود والترمذي، واستغربه وحسنه ابن خزيمة وأخرجه في "صحيحه" (4) ، والحديث هو من رواية المطلب بن عبد الله بن حَنْطَب عن أنس، قال البخاري: لا أعرف للمطلب بن عبد الله سماعًا من أحد من الصحابة إلا قوله: حدثني من شهد خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال أبو زرعة: المطلب ثقة أرجو أنه سمع من عائشة، وقال المنذري: وفي إسناده عبد المجيد بن
_________
(1) أبو داود (1/123) ، النسائي (2/32) ، ابن ماجه (1/244) ، أحمد (3/134، 145، 152، 230، 283) .
(2) البخاري معلقًا (1/171) .
(3) وصله أبو يعلى (5/199) .
(4) أبو داود (1/126) ، الترمذي (5/178) ، ابن خزيمة (2/271) ، وهو عند البيهقي (2/440) ، وأبو يعلى (7/253) .(1/296)
عبد العزيز بن أبي روّاد وفي توثيقه خلاف.
935 - وعن عائشة قالت: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب» رواه أحمد والترمذي، وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" وصحح إرساله، وأبو داود موصولًا (1) برجال ثقات إلا حسين بن علي شيخ أبي داود فهو صدوق.
936 - عن سمرة بن جندب قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتخذ المساجد في ديارنا، وأمرنا أن ننظفها» رواه أحمد بإسناد صحيح، والترمذي وصححه (*) ، أبو داود (2) بلفظ: «كان يأمرنا بالمساجد وأن نضعها في ديارنا ونصلح صنعتها ونطهرها» .
937 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم» متفق عليه (3) ، ولفظ مسلم: «فلا يقربن المساجد» (**) .
938 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أكل من هذه الشجرة فلا
_________
(1) أحمد (6/279) ، الترمذي (2/489) ، ابن خزيمة (2/270) ، أبو داود (1/124) ، وهو عند ابن ماجه (1/250) ، وابن حبان (4/513) .
(2) أحمد (5/17) ، أبو داود (1/125) (456) ، البيهقي (2/440) ، وابن عدي (1/336) .
(3) البخاري (1/292) ، مسلم (1/394، 395) (564) ، أحمد (3/374) ، وهو عند أبي داود (3/360) (3822) ، والترمذي (4/261) (1806) ، وابن ماجه (2/1116) (3365) ، والنسائي في الكبرى (4/158) (6679) ، والبيهقي (3/76) ، وابن خزيمة (3/85) (1668) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لفظ الترمذي لم نجده. وقد تبع المؤلف صاحب "المنتقى" في العزو إلى الترمذي. لكنه رواه من حديث عائشة، كما تقدم.
(**) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف ولفظ مسلم: (فلا يقربن المساجد) ، هذا لفظه في حديث ابن عمر وليس في حديث جابر.(1/297)
يقربن ولا يصلين معنا» أخرجاه (1) .
939 - وعن عمر بن الخطاب: «أنه خطب يوم الجمعة، فقال في خطبته: ثم إنكم أيها الناس! تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين: البصل والثوم، لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما فَلْيُمِتْهُمَا طبخًا» رواه مسلم والنسائي وابن ماجه (2) .
[3/86] باب النهي عن البصاق في المسجد أو في قبلة المصلي
940 - عن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تنخم في المسجد فلم يدفنه فسيئة وإن دفنه فحسنة» أخرجه أحمد (3) بإسناد حسن.
941 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها» أخرجاه (4) .
942 - وعنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه، فقام فحكها بيده، فقال: إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه، أو إن ربه بينه وبين القبلة، فلا يبزقن أحدكم قِبَل قبلته ولكن عن يساره، أو تحت
_________
(1) البخاري (1/293) ، مسلم (1/394) ، وهو عند أحمد (3/186) .
(2) مسلم (1/396) ، النسائي (2/43) ، ابن ماجه (1/324، 2/1116) ، وهو عند أحمد (1/15، 27، 48)
(3) أحمد (5/260) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (8/284) ، وابن أبي شيبة (2/143) .
(4) البخاري (1/161) ، مسلم (1/390) ، وهو عند أحمد (3/109، 209، 232، 234، 247، 277) .(1/298)
قدميه، ثم أخذ طرف ردائه وبصق فيه ثم رد بعضه على بعض، فقال: أو يفعل هكذا» رواه البخاري (1) .
943 - وهو له (2) من حديث أبي سعيد مختصرًا، وفيه: «رأى نخامة في حائط المسجد» ، وفي لفظ: «في قبلة المسجد» .
944 - وعن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه» رواه أبو داود وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحهما" (3) .
قوله: «تفل» بالتاء المثناة من فوق: أي بصق وزنًا ومعنى.
[3/87] باب ما يقول إذا دخل المسجد وإذا خرج منه
945 - عن أبي حُمَيد وأبي أُسَيد قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لنا أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك» رواه أحمد والنسائي ومسلم وأبو داود وابن ماجه (4) .
946 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي، وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليسلم على النبي، وليقل: اللهم اعصمني من الشيطان» أخرجه النسائي وابن ماجه وابن حبان
_________
(1) البخاري (1/159، 161) .
(2) البخاري (1/160) ، وهو عند مسلم (1/389) ، وأحمد (3/93) .
(3) أبو داود (3/360) ، ابن خزيمة (2/62، 278، 3/83) ، ابن حبان (4/518) .
(4) أحمد (3/497، 5/425) ، النسائي (2/53) ، مسلم (1/494) ، أبو داود (1/126) ، ابن ماجه (1/254) .(1/299)
في "صحيحه" والحاكم (1) .
947 - وعن فاطمة الزهراء رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل المسجد قال: بسم الله، والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج قال: بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك» رواه أحمد وابن ماجه (2) بسند ضعيف.
948 - وعن ابن عباس: «في قوله تعالى: ((فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ)) [النور:61] قال: هو المسجد، إذا دخلته فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» أخرجه الحاكم (3) ، وقال: صحيح على شرط الشيخين.
[3/88] باب جامع فيما تصان عنه المساجد وما أبيح فيها
949 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا» رواه أحمد ومسلم (4) .
950 - وعن بريدة: «أن رجلًا أنشد في المسجد، فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا وجد! إنما بنيت المساجد لما بنيت له» رواه أحمد ومسلم (5) .
_________
(1) النسائي في "الكبرى" (6/27) ، ابن ماجه (1/254) ، ابن حبان (5/395-396، 399) ، الحاكم (1/325) .
(2) أحمد (6/282، 283) ، ابن ماجه (1/253) ، وهو عند الترمذي (2/127) .
(3) الحاكم (2/436) .
(4) أحمد (2/349) ، مسلم (1/397) ، وهو عند أبي داود (1/128) ، وابن ماجه (1/252) .
(5) أحمد (5/360،361) ، مسلم (1/397) ، وهو عند ابن ماجه (1/252) .(1/300)
951 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيرًا أو ليعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله، ومن دخل لغير ذلك كان كالناظر إلى ما ليس له» رواه أحمد وابن ماجه (1) ، وقال: «فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره» وسند ابن ماجه رجاله ثقات إلا حاتم بن إسماعيل فهو صدوق.
952 - وعن حكيم بن حزام قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقام الحدود في المساجد ولا يستقاد فيها» رواه أحمد وأبو داود بسند ضعيف، وأخرجه الدارقطني والحاكم وابن السكن والبيهقي (2) ، قال في "التلخيص": ولا بأس بإسناده.
953 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من يُنْشد ضالةً فقولوا: لا ردها الله عليك» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي وابن خزيمة والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم (3) .
954 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشراء والبيع في المسجد، وأن ينشد فيه الأشعار، وأن ينشد فيه الضالة، وعن الحلق
_________
(1) أحمد (2/350، 418، 526) ، ابن ماجه (1/82) ، وهو عند ابن حبان (1/287-288) ، والحاكم (1/169) ، وأبو يعلى (11/359) .
(2) أحمد (3/434) ، أبو داود (4/167) ، الدارقطني (3/85، 86) ، الحاكم (4/419) ، البيهقي (8/328، 10/103) .
(3) الترمذي (3/610) ، النسائي في "الكبرى" (6/52) ، ابن خزيمة (2/274) ، الحاكم (2/65) .(1/301)
يوم الجمعة قبل الصلاة» رواه الخمسة (1) ، وليس للنسائي فيه «إنشاد الضالة» ، وحسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة، وقال في "الفتح": إسناده صحيح إلى عمرو بن شعيب، فمن يصحح نسخته يصححه، وفي المعنى أحاديث لكن في أسانيدها مقال.
955 - وعن سهل بن سعد: «أن رجلًا قال: يا رسول الله! أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله؟ ... الحديث، وفيه: وتلاعنا في المسجد وأنا شاهد» متفق عليه (2) .
956 - وعن جابر بن سمرة قال: «شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من مائة مرة في المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية فربما تبسم معهم» رواه أحمد (3) ، وأخرجه الترمذي (4) بلفظ: «جالست النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من مائة مرة، فكان أصحابه يتناشدون الشعر ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية وهو ساكت، فربما تبسم معهم» وقال: هذا حديث صحيح.
957 - وعن سعيد بن المسيب قال: «مر عمر في المسجد وحسان فيه ينشد فلحظ إليه، فقال: قد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك، ثم التفت
_________
(1) أبو داود (1/283) ، النسائي مفرقًا (2/47، 48) ، الترمذي (2/139) ، ابن ماجه مختصرًا (1/247) ، أحمد (2/179) ، وهو عند ابن خزيمة (2/274، 3/158) .
(2) البخاري (1/163، 5/2033، 6/2621) ، مسلم (2/1130) ، أحمد (5/337) ولم يذكر «في المسجد» .
(3) أحمد (5/91) .
(4) الترمذي (5/140) .(1/302)
إلى أبي هريرة، فقال: أنشدك الله أسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: أجب عني اللهم أيده بروح القدس؟ قال: نعم» متفق عليه (1) .
958 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينصب لحسان منبرًا في المسجد فيقوم عليه يهجو الكفار» أخرجه الترمذي، والحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح الإسناد (2) .
959 - وعن عَبَّاد بن تميم عن عمه «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مستلقيًا في المسجد واضعًا إحدى رجليه على الأخرى» متفق عليه (3) .
960 - وعن عبد الله بن عمر: «أنه كان ينام وهو شاب أعزب لا أهل له في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه البخاري والنسائي وأبو داود وأحمد (4) ، ولفظه: «كنا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ننام في المسجد ونقيل فيه ونحن شباب» .
961 - وللبخاري (5) من حديث سهل بن سعد حين «جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليّ مضطجع في المسجد قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسحه، ويقول: قم أبا تراب!
_________
(1) البخاري (3/1176) ، مسلم (4/1932) ، أحمد (5/222) .
(2) الترمذي (5/138) ، الحاكم (3/554) ، وهو عند أبي داود (4/304) ، أحمد (6/72) .
(3) البخاري (1/180، 5/2225، 2318) ، مسلم (3/1662) ، أحمد (4/38،39، 40) ، وهو عند أبي داود (4/267) ، والترمذي (5/95) ، والنسائي (2/50) .
(4) البخاري (1/169) ، النسائي (2/50) ، أبو داود (1/104) ، أحمد (2/12) ، وهو عند الترمذي (2/138) ، وابن ماجه (1/248) .
(5) البخاري (1/169، 3/1358، 5/2291، 2316) ، وهو عند مسلم (4/1874) .(1/303)
قلت: وأهل الصفة هم الفقراء كان لهم موضع مظلل في المسجد النبوي يأوون إليه» .
962 - وعن عائشة قالت: «أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق، رماه رجل من قريش يقال له حَبَّان في العرق الأكحل، فضرب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبة في المسجد ليعوده من قريب» متفق عليه (1) ، وتمامه في البخاري، قالت: «فلم يرعهم وفي المسجد خيمة من بني غفار إلا بالدم يسيل إليهم، فقالوا: يا أهل الخيمة! ما هذا الذي يأتينا من قبلكم، وإذا سعد يَغْذو جرحه، فمات فيها» يعني الخيمة أو تلك المرضة.
963 - وعن أبي هريرة قال: «بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خيلًا فجاءت برجل فربطوه بسارية من سواري المسجد» الحديث متفق عليه (2) .
964 - وعن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينًا؟ فقال أبو بكر: دخلت المسجد فإذا أنا بسائل يسأل فوجدت كسرة خبز بين يدي عبد الرحمن فأخذتها فدفعتها إليه» رواه أبو داود (3) .
965 - وقال المنذري: وقد أخرجه مسلم في "صحيحه"، والنسائي في "سننه" (4) من حديث أبي حازم سلمان الأشجعي بنحوه أتم منه.
_________
(1) البخاري (1/177، 4/1511) ، مسلم (3/1389) ، أحمد (6/56) .
(2) البخاري (1/176،179، 2/853، 4/1589) ، مسلم (3/1386) ، أحمد (2/452) .
(3) أبو داود (2/127) ، وهو عند الحاكم (1/571) .
(4) مسلم (2/712، 4/1857) (1028) ، النسائي في "الكبرى" (5/36) من طريق أبي حازم الأشجعي عن أبي هريرة به.(1/304)
966 - وعن عبد الله بن حارث قال: «كنا نأكل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد الخبز واللحم» رواه ابن ماجه (1) برجال الصحيح إلا يعقوب بن حميد، وقد رواه معه حرملة بن يحيى.
967 - وعن عائشة: «أن وليدةً سوداء كان لها خباء في المسجد، فكانت تأتيني فتحدث عندي الحديث» أخرجاه (2) . (*)
968 - قلت: وقد ثبت (3) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قسم المال الذي وصل من البحرين في المسجد.
969 - وأنزل وفد ثقيف في المسجد، وهي في الصحيحين (4) . (*)
قوله: «ينشد ضالة» قال في "الدر النثير": الضالة: الضائعة من كل ما يقتنى. انتهى. وقال في "المغرب": ضل عني كذا إذا ضاع. انتهى. وقيل: إن الضالة: اسم لما ضل من الحيوان غير الإنسان فيسمى لقيطًا، وما ضل من المتاع سمي لقطة، وإن سلم ذلك فتعليله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «فإنما بنيت المساجد ... إلخ» وتبيينه في الحديث الآخر إنما هي لذكر الله وقراءة القرآن والصلاة يدخل المتاع للنص على العلة.
_________
(1) ابن ماجه (2/1097) .
(2) جزء من قصة طويلة عند البخاري (1/168) ، وابن حبان (4/535-536) ، وابن خزيمة (2/286) .
(3) البخاري (1/162، 3/1154)
(4) لم نجده في "الصحيحين"، وقد أخرجه أصحاب السنن، انظر "الملحق"
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
ذكر المصنف قصتين الأولى: قسمة المال في المسجد، وهي في البخاري ولم نجدها في مسلم. والثانية: قصة وفد ثقيف، وأنه أنزلهم المسجد، فهذه لم نجدها في "الصحيحين"، وهي عند ابن ماجه (1/559) من حديث عبد الله بن ربيعة، وأبو داود (3/163) ، وأحمد (4/218) من حديث عثمان بن أبي العاص، وأبو داود (2/55) ، والنسائي (7/80) ، وابن ماجه (1/427) ، وأحمد (4/9، 343) من حديث أوس بن حذيفة.(1/305)
[3/89] باب ما جاء من اللهو المباح يوم مسرة في المسجد
970 - عن عائشة قالت: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد» متفق عليه (1) ، وللبخاري (2) : «وكان يوم عيد، وكان لعبهم بالدف والحراب» ، ولمسلم (3) : «يلعبون في المسجد بالحراب» ، وفي بعض طرق الحديث: «أن عمر أنكر عليهم لعبهم في المسجد، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: دعهم» .
[3/90] باب النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان
971 - عن أبي هريرة قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي» رواه أحمد (4) ، قال المنذري: إسناده صحيح.
972 - وعن أبي الشعثاء قال: «خرج رجل من المسجد بعد ما أذن فيه، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -» رواه الجماعة إلا البخاري (5) ، قال الترمذي بعد إخراجه: لهذا الحديث: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم ألا يخرج أحد من المسجد إلا من عذر؛ أن يكون على غير وضوء، أو أمر لا بد منه.
_________
(1) البخاري (1/335، 3/1298، 5/2006) ، مسلم (2/608) ، أحمد (6/84، 85) .
(2) البخاري (1/323، 3/1064) ، وهي عند مسلم (2/609) .
(3) مسلم (2/609) .
(4) أحمد (2/537) .
(5) مسلم (1/453، 454) ، أبو داود (1/147) ، النسائي (2/29) ، الترمذي (1/397-398) ، ابن ماجه (1/242) ، أحمد (2/410، 416، 471، 506، 537) .(1/306)
973 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يسمع النداء في مسجدي هذا ثم يخرج منه إلا لحاجة ثم لا يرجع إليه إلا منافق» رواه الطبراني في "الأوسط" (1) ورواته محتج بهم في الصحيح.
_________
(1) الطبراني في "الأوسط" (4/149-150) .(1/307)
أبواب استقبال القبلة
[3/91] باب وجوبه للصلاة
974 - عن ابن عمر قال: «بينما الناس بقباء إذ جاءهم آتٍ (1) ، فقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستَقبِلوها (2) ، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة» متفق عليه (3) .
975 - وعن أنس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي نحو بيت المقدس فنزلت: ((قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)) [البقرة:144] ، فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر وقد صلوا ركعة، فنادى: ألا إن القبلة قد حولت، فمالوا كلهم نحو القبلة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (4) .
976 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بين المشرق والمغرب قبله» رواه ابن ماجه والترمذي (5) وصححه وقواه البخاري.
_________
(1) هو عباد بن بشر.
(2) روي بفتح الموحدة وبكسرها على الأمر.
(3) البخاري (1/157، 4/1633، 1635، 6/2648) ، مسلم (1/375) ، أحمد (2/26، 105، 113) .
(4) أحمد (3/284) ، مسلم (1/375) ، أبو داود (1/274) .
(5) ابن ماجه (1/323) ، الترمذي (2/171، 173) .(1/308)
[3/92] باب ما جاء أن المتحري المخطئ إذا صلى إلى غير القبلة لا يعيد
977 - عن جابر بن عبد الله قال: «كنا في مسير أو في سرية فأصابنا غيم فتحرينا واختلفنا في القبلة، فصلى كل رجل منا على حدة، فجعل أحدنا يخط بين يديه ليعلم أمكنتها، فلما أصبحنا نظرنا فإذا نحن قد صلينا على غير القبلة، فذكرنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: قد أجزت صلاتكم» رواه البيهقي (1) ، وقد تفرد به محمد بن سالم ومحمد بن عبد الله العزيزي عن عطاء، وهما ضعيفان. انتهى.
978 - قلت: وأخرجه الترمذي (2) من حديث جابر بن سعيد عن أبيه، لكنه قال: «كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر في ليلة مظلمة» ، وقال الترمذي: ليس إسناده بذلك، وضعف الحديث، وقال: وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى هذا.
[3/93] باب الرخصة في استقبال غير القبلة للضرورة
979 - عن نافع عن ابن عمر «أنه كان إذا سئل عن صلاة الخوف وصفها، ثم قال: فإن كان خوف هو أشد من ذلك صلوا رجالًا قيامًا على أقدامهم، وركبانًا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها» قال نافع: ولا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه البخاري (3) ، ورواه ابن خزيمة (4) من حديث مالك بلا شك، ورواه البيهقي (5) من حديث موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر جزمًا.
_________
(1) البيهقي (2/10) .
(2) الترمذي (2/176، 5/205) من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه.
(3) البخاري (4/1649) .
(4) ابن خزيمة (2/90) .
(5) البيهقي (2/8، 3/255) .(1/309)
[3/94] باب تطوع المسافر على مركوبه حيث توجه به
980 - عن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُسَبِّح على راحلته وهو مقبل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به، وفيه نزلت: ((فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)) [البقرة:115] » رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (1) ، وقد تقدم (2) في باب صلاة الفرض على الراحلة.
981 - وعن جابر قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وهو على راحلته النوافل في كل جهة ولكن يخفض السجود من الركوع ويومئ إيماءً» رواه أحمد (3) ، وفي لفظ: «بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجة فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق، والسجود أخفض من الركوع» رواه أبو داود والترمذي (4) وصححه، وقال صاحب "الإمام": إسناده على شرط مسلم، وهو للبخاري (5) من حديثه بلفظ: «كان يصلي التطوع وهو راكب» ، وفي لفظ: «كان يصلي على راحلته نحو المشرق، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل القبلة» ، ولمسلم (6) بمعناه.
982 - وعن أنس بن مالك قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يصلي على راحلته تطوعًا استقبل القبلة فكبر للصلاة، ثم خلَّى عن راحلته فصلى حيثما توجهت
_________
(1) أحمد (2/20) ، مسلم (1/486) ، الترمذي (5/205) ، وهو عند النسائي (1/244) .
(2) الذي تقدم هو من حديث عامر بن ربيعة برقم (919) .
(3) أحمد (3/296)
(4) أبو داود (2/9) ، الترمذي (2/182) .
(5) البخاري (1/370) .
(6) مسلم (1/384) ، وهو عند البخاري (1/371) .(1/310)
به» رواه أحمد وأبو داود (1) ، وقال في "بلوغ المرام": وإسناده حسن، وصححه ابن السكن، وقال في "الخلاصة": رواه أبو داود بإسناد صحيح.
_________
(1) أبو داود (3/203) ، أحمد (2/9) .(1/311)
أبواب صفة الصلاة
[3/95] باب وجوب افتتاحها بالتكبير
983 - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» رواه الخمسة إلا النسائي، وقال الترمذي: هذا أصح شيء في هذا الباب وأحسن، وأخرجه البزار، والحاكم وصححه، وابن السكن (1) .
984 - ويشهد له ما أخرجه مسلم عن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتتح الصلاة بالتكبير» ، وسيأتي (2) بتمامه إن شاء الله، ولحديث الباب شواهد يقوي بعضها بعضًا.
985 - وثبت في حديث المسيء صلاته عند الجماعة (3) بلفظ: «إذا قمت إلى الصلاة فكبر» ، وقد قيل بشرطية افتتاح الصلاة بالتكبير.
_________
(1) أبو داود (1/16، 167) (61، 618) ، الترمذي (1/8-9) (3) ، ابن ماجه (1/101) (275) ، أحمد (1/123، 129) ، البزار (2/236) (633) ، وهو عند الضياء في "المختارة" (2/341، 342) (718، 719) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/273) ، وأبي نعيم في "الحلية" (8/372) ، والبيهقي (2/173) ، والعقيلي في "الضعفاء" (2/137) ، وأبي يعلى (1/456) (616) ، والشافعي (1/34) ، وعبد الرزاق (2/72) .
(2) سيأتي برقم (1023) .
(3) سيأتي برقم (1153) .(1/312)
986 - ويدل له حديث رفاعة في قصة المسيء صلاته عند أبي داود (1) بلفظ: «لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ، فيضع الوضوء مواضعه، ثم يكبر» .
987 - وعن مالك بن الحُوَيْرث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» رواه أحمد والبخاري (2) ، وقد صح أنه كان يفتتح الصلاة بالتكبير كما تقدم وسيأتي أحاديث عن ذلك.
[3/96] باب تكبير الإمام بعد تسوية الصفوف والفراغ من الإقامة
988 - عن النعمان بن بشير قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسوي صفوفنا، فإذا قمنا إلى الصلاة فاستوينا كبر» رواه أبو داود (3) ، وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحاح وغيرها أنه - صلى الله عليه وسلم - كان أولًا يأمر بإقامة الصفوف وتسويتها.
[3/97] باب رفع اليدين وبيان صفته وموضعه
989 - عن أبي هريرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدًا» رواه الخمسة إلا ابن ماجه (4) بإسناد لا مطعن فيه.
990 - وعن وائل بن حُجْر «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه مع التكبيرة» رواه
_________
(1) أبو داود (1/226) .
(2) أحمد (5/53) ، البخاري (1/226، 5/2238، 6/2647) ، وهو عند ابن حبان (4/541) ، وابن خزيمة (1/206) ، والدارقطني (1/272) ، والدارمي (1/318) ، والبيهقي (2/345) ، والشافعي (1/55) .
(3) أبو داود (1/178) .
(4) أبو داود (1/200) ، النسائي (2/124) ، الترمذي (2/5، 6) ، أحمد (2/375) .(1/313)
أحمد وأبو داود (1) بإسناد ضعيف.
991 - وعن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذْو منكبيه، ثم يكبر، فإذا أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضًا، وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد» متفق عليه (2) ، وللبخاري (3) : «ولا يفعل ذلك حين يسجد، ولا حين يرفع رأسه من السجود» ، ولمسلم (4) : «ولا يفعله حيْن يرفع رأسه من السجود» ، وله (5) أيضًا: «ولا يرفعهما بين السَّجدتين» ، وأخرجه أيضًا البيهقي (6) وزاد: «فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله تعالى» هكذا في "التلخيص" وتعقبه في "منحة الغفار"، وقال: إنه وهم ابن حجر في "التلخيص" فجعل الزيادة التي أخرجها البيهقي من حديث ابن عمر، وليس هي من حديثه بل من حديث أبي هريرة، هذا معنى كلامه.
992 - وعن نافع «أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه البخاري والنسائي وأبو داود (7) .
_________
(1) أحمد (4/416) ، أبو داود (1/193) ، وهو بمعناه عند مسلم (1/301) ، والنسائي (2/124) ، وابن ماجه (1/281) .
(2) البخاري (1/257، 258) ، مسلم (1/292) ، أحمد (2/18، 133) .
(3) البخاري (1/285) .
(4) مسلم (1/292) ، وهي عند البخاري (1/258) .
(5) مسلم (1/292) .
(6) البيهقي (2/67) من حديث أبي هريرة.
(7) البخاري (1/258) ، النسائي (2/122) ، أبو داود (1/197) .(1/314)
993 - وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبَّر ورفع يديه حذو منكبيه، ويَصنع مثل ذلك إن قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع رأسه من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه، وصححه أحمد (1) .
994 - وعن أبي قِلَاَبة «أنه رأى مالك بن الحُوَيْرث إذا صلى كبر ورفع يديه، وإذا أراد أن يركع رفع يديه، وإذا رفع رأسه رفع يديه، وحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع هكذا» متفق عليه (2) ، وفي رواية (3) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كبر رفع يديه» .
995 - وعن أبي حُمَيْد الساعدي أنه قال وهو في عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهم أبو قتادة: «أنا أعلمكم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: ما كنت أقدم منا صحبة ولا أكثر منا إتيانًا له! قال: بلى، قالوا: فأعرض، فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائمًا ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبر، فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم قال: الله أكبر وركع، ثم اعتدل
_________
(1) أحمد (1/93) ، أبو داود (1/198، 202) (744، 761) ، الترمذي (5/487) (3423) ، ابن ماجه (1/280) (862) ، وابن خزيمة (1/294) (584) .
(2) البخاري (1/285) ، مسلم (1/293) .
(3) مسلم (1/293) ، أحمد (5/53) عن نصر بن عاصم عن أبي قلابة.(1/315)
فلم يُصَوِّب رأسه ولم يُقْنِع، ووضع يديه على ركبتيه ثم قال: سمع الله لمن حمده، ورفع يديه واعتدل حتى يرجع كل عظم موضعه معتدلًا، ثم هوى إلى الأرض ساجدًا، ثم قال: الله أكبر، ثم ثنى رجليه وقعد عليهما واعتدل حتى يرجع كل عظم موضعه، ثم نهض، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك، حتى إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما صنع حين افتتح الصلاة، ثم صنع كذلك، حتى إذا كانت الركعة التي تنقضي فيها صلاته أخر رجله اليسرى، وقعد على شقه متوركًا، ثم سلم، قالوا: صدقت! هكذا صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الترمذي (1) ، وساق في "جامع الأصول" هذه الرواية بألفاظها إلا أنه زاد بعد قوله: «ثم هوى إلى الأرض ساجدًا» ، ثم قال: «الله أكبر، ثم جافى عضديه عن إبطيه وفتح أصابع رجليه» ، وزاد في رواية أبي داود فعله - صلى الله عليه وسلم - في السجدة الثانية، فقال: «فسجد فانتصب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه وهو ساجد، ثم كبر فجلس متوركًا ونصب قدمه الأخرى، ثم كبر فسجد، ثم كبر فقام» ثم ساق الحديث، وأخرجه البخاري (2)
مختصرًا، ولفظه: عن أبي حميد الساعدي قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هَصَرَ ظهره فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترشٍ ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس
_________
(1) أبو داود (1/194) ، الترمذي (2/105-106) ، ابن ماجه (1/280) ، أحمد (5/424) .
(2) البخاري (1/284) ..(1/316)
في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته» انتهى. وقد جمع العراقي عدد من روى رفع اليدين في ابتداء الصلاة فبلغوا خمسين صحابيًا، منهم العشرة المشهود لهم بالجنة، وأما الرفع في المواضع الأخرى فقد روي عن أكثر من عشرين صحابيًا.
قوله: «فلم يُصَوِّب» بضم التحتية وفتح الصاد وتشديد الواو بعده باء موحدة: أي لم يبالغ في خفضه وتنكيسه. قوله: «يُقْنِع» بضم الياء وإسكان القاف وكسر النون: أي لا يرفعه حتى يكون أعلى من ظهره. قوله: «هصر» بالصاد المهملة: أي ثناه إلى الأرض.
[3/98] باب ما جاء في وضع اليد اليمنى على الشمال
996 - وعن وائل بن حُجْر: «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه حين دخل في الصلاة وكبر، ثم التحف بثوبه، ثم وضع اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه ثم رفعهما وكبر، فلما قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه، فلما سجد سجد بين كفيه» رواه أحمد ومسلم (1) ، وفي رواية لأحمد وأبي داود (2) : «ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرُّسْغ والساعد» ، وأخرجه النسائي وابن حبان (3) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (4) ، ولفظه: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده اليمنى على
_________
(1) أحمد (4/317) ، مسلم (1/301) ، وهو عند أبي داود (1/192) .
(2) أحمد (4/318) ، أبو داود (1/193) .
(3) النسائي (2/126) ، ابن حبان (5/170-171) .
(4) ابن خزيمة (1/243) .(1/317)
يده اليسرى على صدره» .
997 - وعن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة» قال أبو حازم: ولا أعلمه ينمي ذلك إلا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه أحمد والبخاري ومالك في "الموطأ" (1) وقال النووي: هذا حديث صحيح مرفوع.
998 - وعن ابن مسعود «أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده اليمنى على اليسرى» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه (2) ، وقال ابن سَيّد الناس: رجاله رجال الصحيح، وقال الحافظ في "الفتح": إسناده حسن.
999 - وعن علي رضي الله عنه قال: «من السنة في الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة» رواه أحمد وأبو داود (3) في بعض نسخه، وهي نسخة ابن الأعرابي ولم يوجد في غيرها، وبيض له في "جامع الأصول" على عادته، وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يضعفه، وقال البخاري: فيه نظر.
1000 - وأخرج أبو داود (4) أيضًا عن ابن جرير (5) الضّبي عن أبيه قال:
_________
(1) أحمد (5/336) ، البخاري (2/259) ، مالك (1/159) .
(2) أبو داود (1/200) ، النسائي (2/126) ، ابن ماجه (1/226) .
(3) أحمد (1/110) ، أبو داود (1/201) .
(4) أبو داود (1/201) .
(5) هو غزوان بن جرير.(1/318)
«رأيت عليًا يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة» ، وفي إسناده أبو طالوت عبد السلام بن أبي حازم، قال أبو داود: يكتب حديثه.
1001 - وعن هُلْب (1) قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه» أخرجه أحمد والترمذي وحسنه، وصححه ابن السكن (2) .
1002 - وقد روى ابن حبان في "صحيحه" (3) من رواية ابن عباس: «ثلاث من سنن المرسلين: تعجيل الفطر، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة» ، وقد روى وضع اليمنى على اليسرى ثمانية عشرة صحابيًا.
1003 - منها عن عائشة عند البيهقي (4) وقال: صحيح.
1004 - ومنها عن عقبة بن أبي عائشة عند الهيثمي (5) موقوفًا بإسناد حسن، وقال ابن عبد البر: لم يأت فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلاف.
1005 - وروى الدارقطني والبيهقي والحاكم (6) ، وقال: إنه أحسن ما روي أن عليًا عليه السلام فسّر قوله تعالى: ((فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)) [الكوثر:2] بوضع اليمين على الشمال.
_________
(1) هلب بضم أوله الطائي صحابي له حديث، وعنه ابنه قبيصة. اهـ خلاصة.
(2) أحمد (5/226، 227) ، الترمذي (2/32) ، وهو عند ابن ماجه (1/266) .
(3) ابن حبان (5/67) بلفظ: «إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نؤخر سحورنا، ونعجل فطرنا، وأن نمسك بأيماننا على شمائلنا في صلاتنا» .
(4) البيهقي (2/29) ، وهو عند الدارقطني (1/284) .
(5) الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/105) وعزاه إلى الطبراني في "الكبير".
(6) الدارقطني (1/285) ، البيهقي (2/29) ، الحاكم (2/586) .(1/319)
[3/99] باب نظر المصلي إلى موضع سجوده
والنهي عن رفع البصر في الصلاة
1006 - عن أبي هريرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت: ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ)) [المؤمنون:1، 2] فطأطأ رأسه» أخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: على شرط الشيخين، ورواه أحمد في كتاب "الناسخ والمنسوخ" مرسلًا برجال ثقات، وأخرجه البيهقي موصولًا، وقال: المرسل هو المحفوظ (1) .
1007 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لَتُخْطَفَنَّ أبصارهم» رواه أحمد ومسلم والنسائي (2) .
1008 - وعن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك حتى قال: لينتهينَّ أو لتخطفنَّ أبصارهم» رواه الجماعة إلا مسلمًا والترمذي (3) .
1009 - وعن عبد الله بن الزبير قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس في التشهد وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى،
_________
(1) الحاكم (2/426) ، البيهقي (2/283) .
(2) أحمد (2/367) ، مسلم (1/321) ، النسائي (3/39) .
(3) البخاري (1/261) ، أبو داود (1/240) ، النسائي (3/7) ، ابن ماجه (1/332) ، أحمد (3/109، 112، 115، 116، 140) .(1/320)
وأشار بالسبابة ولم يجاوز بصره إشارته» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وابن حبان في "صحيحه" (1) ، وفي الباب أحاديث غير ما ذكر بعضها في الصحيح.
[3/100] باب ذكر الاستفتاح بعد التكبيرة
1010 - عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر في الصلاة سكت هُنَيهة قبل القراءة، فقلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبَرَد» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) .
1011 - وعن علي رضي الله عنه قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونُسُكي ومَحْيَايَ ومَمَاتي للهِ ربِّ العالمينَ لا شَرِيْكَ له، وبِذلكَ أُمِرْتُ وأنا أولُ المسلمين، اللهم أنت الملك لا إلهَ إلَّا أنت، أنتَ ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي فاعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعًا لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك، وإذا ركع قال: اللهم
_________
(1) أحمد (4/3) ، النسائي (3/39) ، أبو داود (1/260) ، ابن حبان (5/271) ، وهو عند ابن خزيمة (1/355) ، وأصله في مسلم دون لفظة: «لا يجاوز بصره إشارته» (1/408) .
(2) البخاري (1/259،) ، مسلم (1/419) ، أبو داود (1/207) ، النسائي (1/50، 2/128) ، ابن ماجه (1/264) ، أحمد (2/231، 494) .(1/321)
لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خَشَعَ لك سمعي وبصري ومُخِّي وعظمي وعصبي، وإذا رفع رأسه قال: اللهم ربنا لك الحمد ملءَ السموات وملءَ الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بَعْدُ، وإذا سجد قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين، ثم يكون من آخر ما يقول بين: التشهد والتسليم: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت» رواه أحمد ومسلم، والترمذي وصححه، وزاد الترمذي في روايته: «إذا قام إلى الصلاة المكتوبة» ، وكذلك قيَّده ابن حبان والشافعي، وقال في "بلوغ المرام": وفي رواية لمسلم: «إن ذلك في صلاة الليل» انتهى.
والحديث أخرجه مسلم بطوله في صلاة الليل إلا قوله: «مسلمًا» فلم أجدها فيه، وفي "التلخيص" أنه زاد الرافعي بعد قوله: «حنيفًا مسلمًا» ، وهو عند ابن حبان أيضًا من حديث علي رضي الله عنه، وأخرج الحديث أيضًا أبو داود والنسائي وابن ماجه مختصرًا بزيادة ونقص في بعض ألفاظه (1) .
1012 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتح الصلاة، قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك» رواه أبو داود (2) .
_________
(1) أحمد (1/94، 102) ، مسلم (1/534-535) ، الترمذي (5/485، 486، 487) ، ابن حبان (5/70-71) ، أبو داود (1/201) ، النسائي (2/130) ، ابن ماجه مختصرًا (1/335) .
(2) أبو داود (1/206) ، وهو عند الدارقطني (1/299) ، وابن ماجه (1/265) ، والترمذي (2/11) .(1/322)
1013 - والدارقطني (1) من رواية أنس.
1014 - وللخمسة مثل حديث أبي سعيد، وسيأتي (2) والحديث قد تُكُلِّم في إسناده، وأما الحاكم (3) فصححه وأورد له شاهدًا، وقال الحافظ: رجال إسناده ثقات لكن فيه انقطاع. انتهى.
1015 - وقد روي فعله عن جماعة من الصحابة، قال في "الهدي": قد صح (4) عن عمر أنه كان يستفتح في مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - ويجهر به ويعلمه الناس، وهو بهذا الوجه في حكم المرفوع، ولذا قال الإمام أحمد: أما أنا فأذهب إلى ما روي عن عمر.
[3/101] باب ما جاء في الاستعاذة وقوله تعالى:
((فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ))
1016 - عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه كان إذا قام إلى الصلاة استفتح ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه» رواه أحمد والترمذي (5) وزاد بعد: إذا قام إلى الصلاة كبر ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول: الله أكبر الله أكبر، ثم يقول:
_________
(1) الدارقطني (1/300) .
(2) سيأتي برقم (1016) .
(3) الحاكم (1/360) .
(4) عند مسلم أنه كان يجهر به (1/299) .
(5) أحمد (3/50) ، الترمذي (2/10) ، وهو عند أبي داود (1/206) ، ومختصرًا عند النسائي (2/132) ، وابن ماجه (1/264)(1/323)
أعوذ بالله السميع العليم ... إلى آخره» والحديث قد تكلم في إسناده، وقال الترمذي: حديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب، وقد أخذ قوم من أهل العلم بهذا الحديث، وقال ابن المنذر: جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول قبل القراءة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
1017 - وقال الأسود: «رأيت عمر حين يفتتح الصلاة يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك ثم يتعوّذ» رواه الدارقطني (1) .
1018 - وقد سبق (2) في الباب الذي قبل هذا أن عمر كان يستفتح به في مقام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وللحديث شواهد يقوي بعضها بعضًا.
1019 - وقال في "الخلاصة": أخرج جُبير بن مُطعم «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ قبل القراءة» رواه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم (3) ، انتهى.
[3/102] باب ما جاء في الإسرار ببسم الله الرحمن الرحيم
وما جاء في الجهر بها
1020 - عن أنس بن مالك قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر
_________
(1) الدارقطني (1/300) .
(2) تقدم برقم (1015) .
(3) أبو داود (1/203) ، ابن ماجه (1/265) ، ابن حبان (6/336) ، الحاكم (1/360) ، وهو عند أحمد (4/80،82) .(1/324)
وعثمان فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم» رواه أحمد ومسلم (1) ، وفي رواية للبخاري ومسلم (2) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين» وفي لفظ: «صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلف أبي بكر وعمر وعثمان فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم» رواه أحمد والنسائي (3) بإسناد على شرط الصحيح، ولأحمد ومسلم (4) : «صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان، وكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها» .
1021 - ولعبد الله بن أحمد في مسنده (5) من حديث أنس قال: «صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلف أبي بكر وعمر وعثمان فلم يكونوا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم» وللنسائي (6) عنه قال: «صلى بنا - صلى الله عليه وسلم - فلم يسمعنا قراءة بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى بنا أبو بكر وعمر فلم نسمعها منهما» .
1022 - وعن ابن (7) عبد الله بن مُغفَّل قال: «سمعني أبي وأنا أقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: يا بني! إياك والحدث، قال: ولم أر من أصحاب رسول الله
_________
(1) أحمد (3/176) ، مسلم (1/299) .
(2) البخاري (1/259) .
(3) أحمد (3/179، 275) ، النسائي (2/135) .
(4) أحمد (3/223) ، مسلم (1/299) .
(5) عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (3/278) .
(6) النسائي (2/134) .
(7) في الأصل: عن أبي عبد الله بن معقل.(1/325)
- صلى الله عليه وسلم - رجلًا كان أبغض إليه حدثًا في الإسلام منه، فإني صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع أبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدًا منهم يقولها، فلا تقلها، إذا أنت قرأت فقل: الحمد لله رب العالمين» رواه الخمسة إلا أبا داود (1) وحسنه الترمذي وضعفه غيره.
1023 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين» أخرجه مسلم (2) وقد أعل بالإرسال.
1024 - وعن أنس بن مالك قال: «صلى معاوية بالناس بالمدينة صلاة جهر فيها بالقراءة، فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ولم يكبر في الخفض والرفع، فلما فرغ ناداه المهاجرون والأنصار: يا معاوية نقصت الصلاة، أين بسم الله الرحمن الرحيم؟ وأين التكبير إذا خفضت ورفعت؟ فكان إذا صلّى بهم بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم وكبر» رواه الشافعي وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (3) وقال: صحيح على شرط مسلم.
1025 - وعن نُعَيم المجمّر قال: «صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ ولا الضالين قال: آمين، ويقول كلما سجد وإذا قام من الجلوس: الله أكبر، ثم يقول إذا سلم: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه النسائي وابن خزيمة وصححه (4) ،
_________
(1) النسائي (2/135) ، الترمذي (2/12-13) ، ابن ماجه (1/267) ، أحمد (4/85، 5/55) .
(2) جزء من حديث طويل في مسلم (1/375) ، وهو بهذا اللفظ عند أحمد (6/171، 281) .
(3) الشافعي (1/36) ، الحاكم (1/375) .
(4) النسائي (2/134) ، ابن خزيمة (1/251) .(1/326)
وصححه أيضًا ابن حبان والحاكم وقال: على شرط البخاري ومسلم، وقال البيهقي: صحيح على الإسناد، وله شواهد، وقال أبو بكر الخطيب: ثابت صحيح لا يتوجه عليه تعليل.
1026 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأ وهو يؤمّ الناس افتتح ببسم الله الرحمن الرحيم» أخرجه الدارقطني (1) ، وقال: رجال إسناده كلهم ثقات.
1027 - وعن علي رضي الله عنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في صلاته» أخرجه الدارقطني (2) وقال: لا بأس بإسناده، وفي رواية له (3) : «أنه سئل عن السبع المثاني فقال: الحمد لله رب العالمين، قيل إنما هي ست، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم» ورجال إسناده كلهم ثقات.
1028 - وعن أنس قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» أخرجه الحاكم (4) قال: ورواته كلهم ثقات.
1029 - وعن سمرة قال: «كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - سكتتان: سكتة إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، وسكتة إذا فرغ من القراءة» أخرجه الدارقطني (5) بإسناد جيد.
1030 - وعن قتادة قال: «سئل أنس: كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال:
_________
(1) الدارقطني (1/306) .
(2) الدارقطني (1/302) .
(3) الدارقطني (1/313) .
(4) الحاكم (1/358) .
(5) الدارقطني (1/309) .(1/327)
كانت مدًا، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يَمُد بسم الله ويَمُد بالرحمن، ويَمُد بالرحيم» رواه البخاري (1) .
1031 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم» رواه الترمذي (2) وقال هذا حديث ليس إسناده بذاك، وتعقبه صاحب "البدر المنير"، وقال بل هو حسن لا جرَم إن الحاكم (3) رواه وقال إسناده صحيح ليس في رواته مجروح.
قلت: وقد صح الجهر بها عن ستة من الصحابة، انتهى، وفي الجهر بها عدة أحاديث، وهذه المسألة قد طال الكلام فيها، واختلفت أراء الأئمة فيها لتعارض الأدلة، والأقرب عندي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بها تارة ويخفيها أكثر مما جهر بها، وأحاديث أنس قد تعارضت ولم يبين في الأحاديث التي في أول الباب هل عدم الجهر بالبسملة في الصلوات الجهرية أو السرية، فكانت محل الاحتمال وحديثه في قصة صلاة معاوية صريح في أنّها صلاة جهريّة، وهو حديث صحيح ينبغي التعويل عليه، والله أعلم.
[3/103] باب ما جاء أن البسملة آية من كل سورة
1032 - عن أم سلمة: «أنها سئلت عن قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كان يُقَطِّع قراءته آيةً آيةً بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد للهِ ربِّ العالمين، الرحمنِ الرحيم،
_________
(1) البخاري (4/1925) .
(2) الترمذي (2/14) .
(3) الحاكم (1/326) .(1/328)
مالك يوم الدِّين» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (1) ، ولم يذكر البسملة وقال: غريب ليس إسناده بمتصل، وقد رواه الترمذي من طريق ابن أبي مُليكة عن أم سلمة وصححه.
1033 - وعنها: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بالحمد لله رب العالمين إلى آخر السورة، وعدها عد الأعراب، وعد بسم الله الرحمن الرحيم آية ولم يعدّ عليهم» أخرجه الدارقطني (2) ، قال اليعمري: رواته موثقون، وقال الدارقطني: إسناده صحيح كلهم ثقات، وقال الحاكم: على شرط الشيخين، وصححه ابن خزيمة، وله طرق.
1034 - وعن أنس قال: «بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغْفاءَةً ثم رفع رأسه متبسمًا فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: نزلت علي آنفًا سورة فقرأ: بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرحِيم: ((إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)) [الكوثر:3] ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: إنه نهر وعدنيه ربي» رواه أحمد ومسلم والنسائي (3) بتمامه.
1035 - وعن ابن عباس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف فصل
_________
(1) أحمد (6/302) ، أبو داود (4/37) (4001) ، الترمذي (5/185) (2927) ، والدارقطني (1/307) ، والحاكم (1/232) ، وابو يعلى (12/350-351) (6920) ، والبيهقي (2/44) ، والطبراني في "الكبير" (23/603) .
(2) الدارقطني (1/307) .
(3) أحمد (3/102) ، مسلم (1/300) ، النسائي (2/133) ، وهو عند أبي داود (1/208، 4/237) .(1/329)
السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم» رواه أبو داود والحاكم (1) وصححه على شرطهما، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": أما هذا فثابت، وقال الهيثمي (2) : رواه البزار بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح، ومما استدل به على أن البسملة آية من كل سورة رسم المصحف.
1036 - وحديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قرأتم الفاتحة فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإنها أحد آياتها» رواه الدارقطني (3) وصوب وقفه، وقال في "الخلاصة": رواه الدارقطني بإسناد صحيح، وعنه أن رجاله كلهم ثقات، وذكره ابن السكن في "صحاحه"، وقد تقدم في الباب الذي قبل هذا أحاديث دالة على أن البسملة آية من الفاتحة وقد ذهب جماعة إلى أنها ليست آية من كل سورة، واحتجوا بأحاديث منها:
1037 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي: ((تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ)) [الملك:1] » رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، والحاكم وابن حبان (4) وصححاه، وحسنه
_________
(1) أبو داود (1/209) (788) ، الحاكم (1/355) ، وهو عند البيهقي (2/42) ، والطبراني في "الكبير" (12/81) ، والضياء في "المختارة" (10/315) (336) .
(2) في "مجمع الزوائد" (2/109) .
(3) الدارقطني (1/312) .
(4) أحمد (2/299، 321) ، أبو داود (2/57) ، النسائي في "الكبرى" (6/178، 496) ، ابن ماجه (2/1244) ، الحاكم (1/753، 2/540) ، ابن حبان (3/67، 69) ، الترمذي (5/164) .(1/330)
الترمذي، وأعله البخاري في "التاريخ الكبير" بالانقطاع.
1038 - وله شاهد عند الطبراني (1) من حديث أنس بإسناد صحيح، ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن سورة تبارك ثلاثون آية بدون البسملة، وقد أجيب عن هذا الاستدلال بأن المراد عد ما هو خاصة السورة لأن البسملة كالشيء المشترك، ومنها الأحاديث التي فيها كان يبدأ القراءة بالحمد لله رب العالمين، والله تعالى أعلم.
[3/104] باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة
1039 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خِداجٌ يقولها: ثلاثًا فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ قال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجّدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي، وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه (2) .
_________
(1) الطبراني في "الصغير" (1/296) .
(2) مسلم (1/296) ، أبو داود (1/216) ، النسائي (2/135-136) ، الترمذي (5/201) ، أحمد (2/241، 285، 460) .(1/331)
1040 - وعن عُبادة بن الصَّامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» رواه الجماعة (1) ، وفي لفظ: «لا تجزئ صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» رواه الدارقطني (2) وقال: إسناده صحيح، ورجاله كلهم ثقات، قال في "الخلاصة": وهو كما قال انتهى. وفي رواية لمسلم (3) : «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدًا» ولأحمد (4) بلفظ: «لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن» .
1041 - وعن عائشة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خِداج» رواه أحمد وابن ماجه (5) بإسناد فيه مقال يسير ويشهد له حديث أبي هريرة المتقدم.
1042 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يخرج فينادي: لا صلاة إلّا بقراءة فاتحة الكتاب وما تيسر» رواه أبو داود (6) بإسناد فيه مقال قال في "الخلاصة": وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (7) بلفظ: «لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها
_________
(1) البخاري (1/263) ، مسلم (1/295) ، أبو داود (1/217) ، النسائي (2/137) ، الترمذي (2/25) ، ابن ماجه (1/273) ، أحمد (5/314) .
(2) الدارقطني (1/321) .
(3) مسلم (1/295-296) ، وهي عند أبي داود (1/217) ، والنسائي (2/137) ، وأحمد (5/322) .
(4) أحمد (5/321) .
(5) أحمد (6/142، 275) ، ابن ماجه (1/274) .
(6) أبو داود (1/217) ، وهو عند أحمد (2/428) ، والدارقطني (1/321) ، والحاكم (1/365) .
(7) ابن خزيمة (1/248) ، ابن حبان (5/91،96) .(1/332)
بأم القرآن» ويشهد له حديث عبادة المتقدم.
1043 - وعن أبي سعيد: «أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر» رواه أبو داود (1) ، قال ابن سيد الناس: إسناده صحيح ورجاله ثقات، وقال الحافظ: إسناده صحيح.
1044 - وعن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحمد وسورة في فريضة أو غيرها» أخرجه ابن ماجه (2) بإسناد ضعيف.
1045 - وعنه: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة» رواه إسماعيل الشالَنْجي (3) صاحب الإمام أحمد.
1046 - وعن أبي قتادة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب» أخرجه البخاري (4) .
1047 - وهذا مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا كما رأيتموني أصلي» (5) دليل على وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
1048 - ويؤيده ما في حديث المسيء صلاته عند أحمد وابن حبان والبيهقي (6)
_________
(1) أبو داود (1/216) .
(2) ابن ماجه (1/274) ، وهو عند الترمذي (2/3) .
(3) تصحفت في الأصل وفي غيره، وهذا صواب اسمه، انظر "طبقات الحنابلة" (1/273) .
(4) سيأتي برقم (1064) .
(5) تقدم برقم (987) .
(6) أحمد (4/340) ، ابن حبان (5/88-89) ، البيهقي (2/373) من حديث رفاعة.(1/333)
أنه قال له - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قمت فكبر فاقرأ بأم القرآن إلى أن قال: ثم اصنع ذلك في كل ركعة» قال النووي: إسناد البيهقي صحيح.
[3/105] باب ما جاء أن المأموم يقرأ الفاتحة خلف إمامه
سرًا في نفسه وينصت في غيرها
1049 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا» رواه الخمسة إلا الترمذي (1) ، وقال مسلم: صحيح وأصل الحديث في الصحيحين (2) بدون قوله: «وإذا قرأ فأنصتوا» .
1050 - وعن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: هل قرأ معي أحد منكم آنفًا؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله! فإني أقول: مالي أُنازَعُ القرآن؟ قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يجهر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن، وأخرجه مالك في "الموطأ" والشافعي وأحمد وابن ماجه وابن حبان وصححه (3) .قوله: «فانتهى الناس عن القراءة ... إلى آخره» مدرج.
_________
(1) أبو داود (1/165) ، النسائي (2/141) ، ابن ماجه (1/276) ، أحمد (2/376، 420) .
(2) سيأتي برقم (1663) .
(3) أبو داود (1/218، 219) ، النسائي (2/140) ، الترمذي (2/118-119) ، مالك (1/86) ، الشافعي (1/139) ، أحمد (2/240، 284،285، 301، 487) ، ابن ماجه (1/276، 277) ، ابن حبان (5/157-158، 161) .(1/334)
1051 - وعن عبادة بن الصامت قال: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال: إني أراكم تقرءون وراء إمامكم، قال: قلنا: يا رسول الله أي والله، فقال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها» رواه أبو داود والترمذي (1) وحسنه، وفي لفظ: «فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن» رواه أبو داود والنسائي والدارقطني وقال: رجاله ثقات وإسناده حسن، وقال الخطابي: إسناده جيد لا مطعن فيه، وقال الحاكم: إسناده مستقيم، وقال البيهقي: إسناده صحيح ولفظ أبي داود: «صلَّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة فالتَبَسَتْ عليه القراءة، فلما انصرف أقبل علينا بوجهه وقال: هل تقرءون إذا جهرت؟ فقال بعضنا: إنا لنصنع ذلك، فقال: فلا تفعلوا أنا أقول مالي أنازع القرآن، فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن» وأخرجه أيضًا أحمد والبخاري في جزء القراءة وصححه، وابن حبان والحاكم والبيهقي (2) .
1052 - وعن محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعلكم تقرءون والإمام يقرأ؟ قالوا: إنا لنفعل، قال: لا. إلا بأن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب» رواه أحمد (3) ، وحسّن إسناده الحافظ.
_________
(1) أبو داود (1/217) ، الترمذي (2/116-117) .
(2) أبو داود (1/217) ، النسائي (2/141) ، الدارقطني (1/318) ، أحمد (5/313، 316، 321، 322) ، ابن حبان (5/86، 95، 156) ، الحاكم (1/364) ، البيهقي (2/164) .
(3) أحمد (4/236، 5/60، 81، 410) .(1/335)
1053 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتقرءون في صلاتكم خلف الإمام والإمام يقرأ، فلا تفعلوا، وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه» أخرجه ابن حبان (1) .
1054 - وعن عبد الله بن شداد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» رواه الدارقطني (2) مرسلًا، قال في "المنتقى": وقد روى مسندًا من طرق كلها ضعاف، والصحيح أنه مرسل، وقال الحافظ في "التلخيص": هو مشهور من حديث جابر وله طرق عن جماعة من الصحابة كلها معلولة، وقال في "الفتح": إنه ضعيف عند جميع الحفاظ.
1055 - وعن عمران بن حصين: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر، فجعل رجل يقرأ خلفه بسبح اسم ربك الأعلى فلما انصرف قال: أيكم قرأ أو أيكم القارئ؟ فقال الرجل: أنا، قال: لقد ظننت أن بعضكم خالجنيها» متفق عليه (3) ، والمخالجة المنازعة.
[3/106] باب ما جاء في التأمين والجهر به مع القراءة
1056 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أمن الإمام فأمنوا، فأن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وقال ابن شهاب: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول آمين» رواه الجماعة (4) إلا أن الترمذي لم يذكر قول ابن شهاب، وفي رواية:
_________
(1) ابن حبان (5/152-153، 162) .
(2) الدارقطني (1/323) .
(3) مسلم (1/298، 299) ، أحمد (4/426، 431، 433، 441) .
(4) البخاري (1/270، 274، 3/1179) ، مسلم (1/307) ، أبو داود (1/246) ، الترمذي (2/30، 55) ، النسائي (2/144) ، ابن ماجه (1/277) ، أحمد (2/238، 459) .(1/336)
«إذا قال الإمام: ولا الضالين فقولوا: آمين. فإن الملائكة تقول: آمين، وإن الإمام يقول: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه أحمد والنسائي (1) .
1057 - وعنه قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا تلى: غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال: آمين حتى يسمع من يليه من الصف الأول» رواه أبو داود وابن ماجه (2) وقال: «حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد» وأخرجه الدارقطني، وقال: إسناده حسن، ولفظه: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال: آمين» وأخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، والبيهقي وقال: حسن صحيح (3) .
1058 - عن سَمُرة بن جُندب قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين. فقولوا: آمين يجبكم الله» رواه الطبراني في "الكبير" (4) .
1059 - ورواه مسلم وأبو داود والنسائي (5) في حديث طويل.
_________
(1) أحمد (2/233، 270، 459) ، النسائي (2/144) ، وهو عند البخاري (1/271، 4/1623) ، وأبو داود (1/246) .
(2) أبو داود (1/246) ، ابن ماجه (1/278) .
(3) الدارقطني (1/335) ، الحاكم (1/345) ، البيهقي (2/58) ، وهو عند ابن حبان (5/111) ، وابن خزيمة (1/287) .
(4) الطبراني في "الكبير" (7/214) .
(5) جزء من حديث طويل لأبي موسى الأشعري عند مسلم (1/303) ، أبو داود (1/255) ، النسائي (2/96، 196، 241) ، وهو عند أحمد (4/409) ، وابن حبان (5/540-541) ، وسيأتي برقم (1095) .(1/337)
1060 - وعن وائل بن حُجْر قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقال: آمين، يمد بها صوته» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والدارقطني وابن حبان وصححه (1) ، قال الحافظ: وسنده صحيح، وصححه الدارقطني، وزاد أبو داود: «رفع بها صوته» .
1061 - وعن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين» رواه أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح، وابن خزيمة في "صحيحه" (2) ، وأحمد (3) ولفظه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرت عنده اليهود فقال: إنهم لم يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على الجمعة التي هدانا الله لها، وضلوا عنها، وعن القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين» ورواه الطبراني في "الأوسط" (4) بإسناد حسن ولفظه: قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن اليهود قد سموا دينهم وهم قوم حُسَّد، ولم يحسدوا المسلمين على أفضل من ثلاث: السلام، وإقامة الصفوف، وقولهم خلف إمامهم في المكتوبة: آمين» وقد ورد في التأمين فيما أعلم خمسة عشر حديثًا في الأمهات و"مجمع الزوائد" ورواه في علوم آل محمد عن علي عليه السلام.
_________
(1) أحمد (4/315) ، أبو داود (1/246) ، الترمذي (2/27) ، الدارقطني (1/333، 334) ، ابن حبان بمعناه (5/109) .
(2) ابن ماجه (1/278) ، ابن خزيمة (3/38) .
(3) أحمد (6/134) ، وهو عند البيهقي (2/56) .
(4) الطبراني في "الأوسط" (5/146-147) .(1/338)
[3/107] باب حكم من لم يحسن القراءة
1062 - عن رفاعة بن رافع: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم رجلًا الصلاة فقال: إن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع» رواه أبو داود والترمذي وحسنه (1) .
1063 - وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئًا من القرآن فعلمني ما يجزيني قال: قل سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والدارقطني (2) ولفظه: «قال: إني لا أستطيع أن أتعلم القرآن فعلمني ما يجزيني في صلاتي» فذكره وقال الحافظ في "بلوغ المرام" الحديث صححه ابن حبان والدارقطني والحاكم، قال في "الخلاصة": وهو كما قال، وصححه ابن السكن.
[3/108] باب ما جاء في قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الأولتين
1064 - عن أبي قتادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان يقرأ في الظهر في الأولتين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخرتين بفاتحة الكتاب ويسمعنا الآية أحيانًا ويطول في الركعة الأولى، ما لا يطيل في الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح» متفق عليه (3) ورواه أبو داود (4) وزاد «فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة
_________
(1) أبو داود (1/228) ، الترمذي (2/110-102) .
(2) أحمد (4/353،356، 382) ،أبو داود (1/220) ، النسائي (2/143) ، الدارقطني (1/313، 314) .
(3) البخاري (1/264، 269) ، مسلم (1/333) ، أحمد (5/295، 297،300، 301، 305، 310، 311) .
(4) أبو داود (1/212) .(1/339)
الأولى» .
وفي رواية للبخاري (1) من حديث أبي قتادة بلفظ: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة سورة» .
1065 - وعن جابر بن سَمُرة قال: «قال عمر لسعد: لقد شكوك في كل شيء حتى الصلاة فقال: أما أنا فأمد في الأوليين وأحذف في الأُخْرَيين ولا آلو ما اقتديت به من صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: صدقت. ذلك الظن بك، أو ظني بك» متفق عليه (2) .
1066 - وعن أبي سعيد الخُدْري: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليَين في كل ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الأخرَين قدر قراءة خمس عشرة آية أو قال: نصف ذلك، وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية، وفي الأخرَيين قدر نصف ذلك» رواه أحمد ومسلم (3) .
[3/109] باب ما جاء في قراءة سورتين في ركعة وقراءة بعض السور في ركعة وعدم الترتيب في السور وجواز تكريرها
1067 - عن شقيق بن مسلمة (4) في حديث طويل: «أن ابن مسعود (5) قال: إني
_________
(1) البخاري (1/264) ، وهو عند مسلم بمعناه (1/333) .
(2) البخاري (1/262، 266) ، مسلم (1/334،335) ، أحمد (1/175،176، 179، 180) ، وهو عند النسائي (2/174) ، وأبو داود (1/213) .
(3) أحمد (3/2، 85، 365) ، مسلم (1/334) ، وهو عند ابن ماجه (1/271) ، وأبو داود (1/213) ، والنسائي (1/237) .
(4) في الأصل: مسلمة.
(5) في الأصل: ابن عباس.(1/340)
لأعلم النظاير التي كان - صلى الله عليه وسلم - يقرن بينهن سورتين في كل ركعة عشرون سورة، من أول المفصل على تأليف عبد الله آخرهن من الحواميم حم الدخان، وعم يتساءلون» رواه البخاري ومسلم (1) ، وفي رواية لأبي داود (2) : «الرحمن والنجم في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والطور والذاريات في ركعة، وإذا وقعت ون والقلم في ركعة، وسأل سائل والنازعات في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، والمدثر والمزمل في ركعة، وهل أتى ولا أقسم في ركعة، وعم والمرسلات في ركعة، والدخان وإذا الشمس كورت في ركعة» قال أبو داود: وهذه تأليف ابن مسعود.
1068 - وعن أنس قال: «كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح بسورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ افتتح بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها فكان يصنع ذلك في كل ركعة، فلما أتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبروه الخبر فقال: وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ قال: إني أحبها، قال: حبك إياها أدخلك الجنة» رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب، وأخرجه البخاري تعليقًا وأخرجه البزار والبيهقي والطبراني (3) .
1069 - وعن حذيفة قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند المائة فمضى، فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت: يركع بها فمضى، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها مترسلًا، إذا مر بآية فيها
_________
(1) البخاري (1/269، 4/1911) ، مسلم (1/563، 564، 565) (822) .
(2) أبو داود (2/56) من رواية علقمة والأسود عن ابن مسعود.
(3) الترمذي (5/169) ، البخاري معلقًا (1/268) ، البيهقي (2/60) ، الطبراني في "الأوسط" (1/275-276) ، وهي عند ابن خزيمة (1/269) ، والحاكم (1/367) .(1/341)
تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم! وكان ركوعه نحوًا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، ثم قام قيامًا طويلًا قريبًا مما ركع، ثم سجد، فقال: سبحان ربي الأعلى! فكان سجوده قريبًا من قيامه» رواه أحمد ومسلم والنسائي (1) .
وقوله: «يصلي بها في ركعة» معناه ظننت أنه سيسلم بها فيقسمها على ركعتين، وأراد بالركعة الصلاة بكمالها، وهي ركعتان، ولا بد من هذا التأويل لينتظم الكلام بعده. أفاده النووي.
1070 - عن رجل من جُهَينة: «أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الصبح: ((إِذَا زُلْزِلَتْ الأَرْضُ)) [الزلزلة:1] في الركعتين كلتيهما، قال: فلا أدري أنسي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم قرأ ذلك عمدًا» رواه أبو داود (2) وسكت عنه هو والمنذري، ورجال إسناده رجال الصحيح.
1071 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في ركعتي الفجر، الأولى منها: «قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا» [البقرة:136] الآية التي في البقرة، وفي الآخرة: ((آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)) [آل عمران:52] » وفي رواية: «كان يقرأ في ركعتي الفجر ((قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا)) التي في آل عمران ((تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ)) [آل عمران:64] » رواه أحمد ومسلم (3) .
_________
(1) أحمد (5/384،397، 400) ، مسلم (1/536) ، النسائي (2/224، 3/225) .
(2) أبو داود (1/215) ، وهو عند البيهقي (2/390) .
(3) أحمد (1/231، 265) ، مسلم (1/502) ، وهو عند النسائي (2/155) ، وأبو داود (2/20) .(1/342)
[3/110] باب جامع القراءة في الصلوات
1072 - عن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة الجمعة ((الم تنزيل)) السجدة، وهل أتى على الإنسان» أخرجاه (1) .
1073 - وللطبراني (2) من حديث ابن مسعود: «يديم ذلك» .
1074 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعتي الفجر «قل يا أيها الكافرون» ، و «قل هو الله أحد» » أخرجه مسلم (3) .
1075 - وعن جابر بن سَمُرَة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الفجر بقاف والقرآن المجيد ونحوها، وكانت صلاته بعد إلى تخفيف» وفي رواية: «كان يقرأ في الظهر بالليل إذا يغشى وفي العصر نحو ذلك، وفي الصبح أطول من ذلك» رواه أحمد ومسلم (4) .
1076 - وعن أبي سعيد الخدري قال: «كنا نَحْزُر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظهر والعصر فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر ألم تنزيل السجدة، وفي الأخريين قدر النصف من ذلك، وفي الأوليين من العصر قدر الأخريين من الظهر، والأخريين على النصف من ذلك» رواه مسلم (5) .
_________
(1) البخاري (1/303، 363) ، مسلم (2/599) ، وهو عند أحمد (2/472) ، والنسائي (2/159) .
(2) الطبراني في "الصغير" (2/178) .
(3) مسلم (1/502) ، وهو عند أبي داود (2/12) ، والنسائي (2/155) ، وابن ماجه (1/363) .
(4) أحمد (5/90، 91، 102، 103، 105) ، مسلم (1/337) .
(5) مسلم (1/334) .(1/343)
1077 - وعن سلمان بن يسار قال: «كان فلان يطيل الأوليين من الظهر ويخفف العصر، ويقرأ في المغرب بقصار المفصل، وفي العشاء بوسطه، وفي الصبح بطواله، وقال أبو هريرة مرة: ما صليت وراء أحدٍ أشبه صلاةً برسول الله من هذا» أخرجه النسائي قال في "بلوغ المرام": بإسناد صحيح، وأخرجه أحمد (1) وقال في "الفتح": صححه ابن خزيمة وغيره.
1078 - وعن جُبير بن مُطعم قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) .
1079 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في المغرب بسورة الأعراف، فرقها في الركعتين» رواه النسائي (3) بإسناد فيه بقية وقد تابعه أبو حَيْوةَ.
1080 - ويشهد لصحته ما أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي (4) من حديث زيد بن ثابت: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في المغرب بطولى الطوليين» زاد أبو داود
_________
(1) النسائي (2/167) ، أحمد (2/329، 532) .
(2) البخاري (1/265، 3/1110، 4/1475، 1839) ، مسلم (1/338) (463) ، أبو داود (1/214) (811) ، النسائي (2/169) ، ابن ماجه (1/272) (832) ، أحمد (4/80، 84، 85) ، وهو عند ابن حبان (5/140-141) (1833) ، وابن خزيمة (1/258) (514) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/211) ، وأبي عوانة (2/153) ، والدارمي (1/336) (1295) ، والحميدي (1/254) (556) ، والطيالسي (1/127) (946) .
(3) النسائي (2/170) .
(4) البخاري (1/265) ، أبو داود (1/215) (812) ، وهو عند النسائي (1/170) ، وأحمد (5/187، 188، 189) .(1/344)
«قلت: وما طولى الطوليين؟ قال: الأعراف» .
1081 - وعن ابن عباس: «أن أم الفضل بنت الحارث سمعته وهو يقرأ والمرسلات عرفًا، فقالت: يا بني! لقد أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت من رسول الله يقرأ بها في المغرب» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (1) .
1082 - وعن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد» رواه ابن ماجه (2) وقال في "الفتح": ظاهر إسناده الصحة إلا أنه معلول، والمحفوظ أنه قرأ بهما في الركعتين بعد المغرب.
1083 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا معاذ! أفتان أنت؟ أو قال: أفاتن أنت فلولا صليت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى» متفق عليه، وقال الحافظ في "الفتح": قصة معاذ كانت في العشاء، وقد صرح بذلك البخاري في روايته لحديث جابر، وسيأتي (3) في باب انفراد المؤتم لعذر.
1084 - وعن بريدة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العشاء بالشمس وضحاها ونحوها من السور» أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه (4) .
_________
(1) البخاري (1/265) ، مسلم (1/338) (462) ، أبو داود (1/214) (810) ، النسائي (2/168) ، الترمذي (2/112) (308) ، أحمد (6/340) ، وهو عند ابن ماجه (1/272) (831) مختصرًا، وهو عند ابن خزيمة (1/260) (519) ، وابن حبان (5/139) (1832) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/211) ، والبيهقي (2/392) ، وأبي عوانة (2/153) .
(2) ابن ماجه (1/272) .
(3) سيأتي برقم (1669) .
(4) أحمد (5/354) ، النسائي (2/173) ، وفي "الكبرى" (1/343) ، الترمذي (2/114) .(1/345)
1085 - وعن البراء: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر فصلى العشاء الآخرة، فقرأ في إحدى الركعتين بالتين والزيتون، فما سمعت أحدًا أحسن صوتًا أو قراءة منه - صلى الله عليه وسلم -» أخرجه البخاري ومسلم (1) ، وفي رواية "الموطأ" والترمذي والنسائي (2) قال: «صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء فقرأ فيها بالتين والزيتون» .
[3/111] باب الحجة في الصلاة بقراءة ابن مسعود وأبيّ وغيرهما
ممن أثنى - صلى الله عليه وسلم - على قراءته
1086 - عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد فبدأ به، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى حذيفة» رواه أحمد والبخاري والترمذي وصححه (3) .
1087 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد» رواه أحمد وأبو يعلى والبزار (4) يإسناد لا يحتج به.
_________
(1) البخاري (4/1893، 6/2743) ، مسلم (1/339) ، وهو عند ابن ماجه (1/273) ، وأحمد (4/291، 298، 302)
(2) مالك (1/79) ، الترمذي (2/115) ، النسائي (2/173) . وهو عند البخاري (1/266) ، ومسلم (1/339) ، وأبي داود (2/8) ، وأحمد (4/284، 286، 303، 304) ، وابن ماجه (1/272) .
(3) أحمد (2/189، 190، 191، 195) ، البخاري (3/1372، 1385، 4/1912) ، الترمذي (5/674) ، وهو عند مسلم (4/1913، 1914) .
(4) أحمد (2/446) ، أبو يعلى (10/491) (6106) ، والبزار (2682-كشف) .(1/346)
1088 - لكن قد روي بهذا اللفظ من حديث عمار بن ياسر، رواه البزار والطبراني في "الكبير"، و"الأوسط" (1) بإسناد قال في "مجمع الزوائد": رجال البزار ثقات.
1089 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبيّ: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا» وفي رواية: «أن أقرأ عليك القرآن، قال: وسمَّاني لك؟ قال: نعم، فبكى» متفق عليه (2) .
[3/112] باب ما جاء في السكتتين قبل القراءة وبعدها
1090 - عن الحسن عن سَمُرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه كان يسكت سكتتين: إذا استفتح الصلاة وإذا فرغ من القراءة كلها» وفي رواية: «سكتة إذا كبر وسكتة إذا فرغ من قراءة غير المغضوب عليهم ولا الضالين» روى ذلك أبو داود، ولأحمد والترمذي بمعناه (3) وحسنه، وقد صحح الترمذي حديث الحسن عن سمرة في مواضع من "سننه"، وقد تقدم (4) الكلام في سماع الحسن من سمرة في حديث: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت» وحديث الباب قال الدارقطني: رواته كلهم ثقات، انتهى.
_________
(1) "الأوسط" (3/336-337) (3326) ، البزار (4/239-240) (1404) .
(2) البخاري (3/1385، 4/1896، 1897) ، مسلم (1/550، 4/1915) ، أحمد (3/130، 137، 185، 273، 284) .
(3) أبو داود (1/207) ، أحمد (5/20، 21، 22) ، الترمذي (2/30-31) .
(4) تقدم برقم (445) .(1/347)
1091 - والسكتة الأولى قد تقدمت (1) في حديث أبي هريرة في باب ذكر الاستفتاح قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل القراءة فقلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي ... » إلى تمام الحديث. أخرجه الجماعة إلا الترمذي.
[3/113] باب التكبير للركوع والسجود والرفع
1092 - عن ابن مسعود قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يكبر في كل ركعة وخفض وقيام وقعود» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه (2) .
1093 - وعن أبي هريرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول سمع الله لمن حمده، حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي ساجدًا، ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس» متفق عليه (3) .
1094 - وعن عكرمة قال: «قلت لابن عباس: صليت الظهر بالبطحاء خلف شيخ أحمق، فكبر ثنتين وعشرين تكبيرة يكبر إذا سجد وإذا رفع رأسه، فقال ابن عباس: تلك صلاة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والبخاري (4) .
_________
(1) تقدم برقم (1010) .
(2) أحمد (1/394، 426، 442) ، النسائي (2/233) ، الترمذي (2/33) .
(3) البخاري (1/272، 276) ، مسلم (1/293) ، أحمد (2/454) .
(4) أحمد (1/218، 292، 339، 351) ، البخاري (1/272) .(1/348)
1095 - وعن أبي موسى قال: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال: إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا، وإذا قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين يجبكم الله فتلك بتلك، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، سمع الله لكم فإن الله تعالى قال على لسان نبيه: يسمع الله لمن حمده، وإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا فإن الإمام يسجد قبلكم، ويرفع قبلكم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فتلك بتلك، وإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم: التحيات لله الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله» رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود (1) وفي رواية: «وأشهد أن محمدًا» .
[3/114] باب جهر الإمام بالتكبير ليسمع من خلفه
وتبليغ الغير له عند الحاجة
1096 - عن سيعد بن الحارث قال: «صلى لنا أبو سعيد فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود، وحين سجد وحين رفع وحين قام من الركعتين، وقال: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه البخاري (2) وهو لأحمد (3) بلفظ أبسط من هذا.
_________
(1) أحمد (4/409) ، مسلم (1/303) ، النسائي (2/96) ، أبو داود (1/255) .
(2) البخاري (1/283) .
(3) أحمد (3/18) .(1/349)
1097 - وعن جابر قال: «اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلينا وراءه وهو قاعد
وأبو بكر يسمع الناس تكبيره» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (1) ، ولمسلم والنسائي (2) قال: «صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر وأبو بكر خلفه، فإذا كبر كبر أبو بكر يسمعنا» وسيأتي هذا الحديث إن شاء الله في باب الإمام ينتقل مأمومًا.
1098 - وقد تقدم (3) في باب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، حديث أنس بن مالك، قال: «صلى معاوية بالناس صلاة جهر فيها بالقراءة لم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ولم يكبر في الخفض والرفع فلما فرغ ناداه المهاجرون والأنصار: يا معاوية! نقصت الصلاة أين بسم الله الرحمن الرحيم؟ وأين التكبير إذا خفضت ورفعت؟ فكان إذا صلى بهم بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم وكبر» أخرجه الشافعي والحاكم في "المستدرك" وقال: صحيح على شرط مسلم.
[3/115] باب صفة الركوع
1099 - عن أبي مسعود عقبة بن عمرو «أنه ركع فجافى يديه، ووضع يديه على ركبتيه، وفرَّج بين أصابعه من وراء ركبتيه، وقال: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (4) بإسناد رجاله ثقات.
1100 - وفي حديث رِفاعة بن رافع عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك» رواه أبو داود (5) ورجاله ثقات.
_________
(1) أحمد (3/334) ، مسلم (1/309) ، النسائي (3/9) ، ابن ماجه (1/393) .
(2) مسلم (1/309) ، النسائي (2/84) .
(3) تقدم برقم (1024) .
(4) أحمد (4/120) ، أبو داود (1/228) ، النسائي (2/186) .
(5) أبو داود (1/227) .(1/350)
1101 - وعن وائل بن حُجْر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ركع فرَّج بين أصابعه، وإذا سجد ضم أصابعه» رواه الحاكم (1) ، وسكت عنه في "بلوغ المرام".
1102 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للأنصاري: «إذا ركعت فدع راحتيك على ركبتيك ثم فرَّج بين أصابعك، ثم امكث حتى يأخذ كل عضو مأخذه» أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (2) .
1103 - وقد تقدم (3) في باب رفع اليدين حديث أبي حُمَيْد الساعدي، أخرجه البخاري، وفيه: «فإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هَصَر ظهره» .
1104 - وعن أبي مسعود (4) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها ظهره في الركوع والسجود» أخرجه أصحاب السنن، والدارقطني وصححه (5) .
1105 - وعن مُصْعَب بن سعد قال: «صليت إلى جنب أبي فَطَبَّقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي فنهاني عن ذلك، وقال: كنا نفعل هذا فأمرنا أن نضع أيدينا
_________
(1) الحاكم (1/346) ، وهو عند البيهقي (2/112) ، والطبراني في "الكبير" (22/19) ، وابن خزيمة (1/301) ، والدارقطني (1/339) .
(2) ابن حبان (5/206) .
(3) تقدم برقم (995) .
(4) في الأصل: ابن مسعود.
(5) أبو داود (1/226) ، النسائي (2/183، 214) ، الترمذي (2/51) ، ابن ماجه (1/282) ، الدارقطني (1/348) ، وهو عند أحمد (4/119، 122) ، وابن حبان (5/218) ، وابن خزيمة (1/300، 333) ، والبيهقي (2/88، 117) .(1/351)
على الركب» رواه الجماعة (1) ، ولفظ البخاري: «كنا نفعله فنهينا» وهذه الصيغة حكمها حكم الرفع، وقال الترمذي: التطبيق منسوخ عند أهل العلم، لا خلاف بينهم في ذلك إلا ما روي عن ابن مسعود وبعض أصحابه. انتهى. ولعل ابن مسعود لم يبلغه الناسخ.
قوله: «التطبيق» هو الإلصاق بين باطن الكفين حال الركوع وجعلهما بين الفخذين. قوله: «فجافى يديه» أي باعدهما عن جنبيه، وهو من الجفاء وهو: البعد عن الشيء.
[3/116] باب الذكر في الركوع والسجود
1106 - عن حذيفة قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى، وما مر به آية رحمة إلا وقف عندها ولا آية عذاب إلا تعوذ منها» رواه الخمسة، وصححه الترمذي (2) .
1107 - وعن عُقْبَة بن عامر قال: «لما نزلت ((فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)) ، قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت: ((سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)) [الأعلى:1] ، قال: اجعلوها في سجودكم» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم وابن حبان في "صحيحه" (3) .
_________
(1) البخاري (1/273) ، مسلم (1/380) ، أبو داود (1/229) ، النسائي (2/185) ، الترمذي (2/44) ، ابن ماجه (1/283) ، أحمد (1/182) .
(2) أبو داود (1/230) ، النسائي (2/190) ، الترمذي (2/48) ، ابن ماجه (1/287) ، أحمد (5/382، 389،394) .
(3) أحمد (4/155) ، أبو داود (1/230) ، ابن ماجه (1/287) ، الحاكم (1/347، 2/519) ، ابن حبان (5/225) .(1/352)
1108 - وعن عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (1) .
1109 - وعنها قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) .
1110 - وعن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا ركع أحدكم، فقال في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وذلك أدناه، وإذا سجد، فقال في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه» رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه (3) ، وقد أعله البخاري وغيره بالإرسال.
1111 - قال في "التلخيص": وروى أبو داود (4) من حديث عقبة بن عامر في حديث فيه: «فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع قال: سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاث مرات، وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات» ، قال أبو داود: وهذه الزيادة نخاف ألا تكون محفوظة.
_________
(1) أحمد (6/34، 94، 115، 148، 149، 176، 193، 200، 244، 265) ، مسلم (1/353) ، أبو داود (1/330) ، وهو عند النسائي (2/190، 224) .
(2) البخاري (1/274، 281، 4/1562،1901) ، مسلم (1/350) ، أبو داود (1/232) ، النسائي (2/190، 219، 220) ، ابن ماجه (1/287) ، أحمد (6/43، 49، 100، 190) .
(3) الترمذي (2/47) ، أبو داود (1/234) ، ابن ماجه (1/287) .
(4) أبو داود (230) .(1/353)
1112 - وللدارقطني (1) من حديث ابن مسعود قال: «من السنة أن يقول الرجل في ركوعه: سبحان ربي العظيم وبحمده، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى وبحمده» وقال في "التلخيص": إن إسناده ضعيف.
1113 - وقد أخرجه أحمد (2) من حديث ابن السعدي بإسناد حسن وليس فيه زيادة «وبحمده» .
1114 - وأخرجه الحاكم (3) من حديث أبي جُحَيْفَة بتلك الزيادة إلا أن إسناده ضعيف.
1115 - وعن أنس قال: «ما صليت وراء أحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشبه صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا الفتى، يعني عمر بن عبد العزيز، قال: فحرزنا في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده عشر تسبيحات» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (4) ورجال إسناده كلهم ثقات إلا عبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان، فقيل: صالح الحديث، وقيل: لا بأس به. قوله: «فحرزنا» أي قدرنا.
1116 - ومن الأذكار المشروعة في الركوع ما تقدم (5) في حديث علي رضي الله عنه في باب ذكر الاستفتاح أخرجه مسلم، وفيه: «إذا ركع قال: اللهم لك
_________
(1) الدارقطني (1/341) .
(2) أحمد (5/271) ، وهو عند أبي داود (1/234) .
(3) في "تاريخ نيسابور" بإسناد صحيح، كما ذكر الحافظ في "التلخيص" (1/439) .
(4) أحمد (3/162) ، أبو داود (1/234) ، النسائي (2/224) .
(5) تقدم برقم (1011) .(1/354)
ركعت، ولك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي، وإذا سجد قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، فتبارك الله أحسن الخالقين» ، وللنسائي نحوه في الركوع والسجود بزيادة ونقص في بعض ألفاظه، إلا أنه قيَّده بقوله: «كان إذا قام يصلي تطوعًا» .
1117 - ومنها ما أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي (1) من حديث عوف ابن مالك الأشجعي «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، ثم قال في سجوده مثل ذلك» .
1118 - وعن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كلَّه، دِقَّه وجله، أوله وآخره، وسره وعلانيته» أخرجه مسلم وأبو داود (2) .
1119 - وعن عائشة أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في سجوده في صلاة الليل: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك» أخرجه مسلم (3) .
[3/117] باب ما جاء من النهي عن القراءة في الركوع والسجود
1120 - عن ابن عباس قال: «كشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر، فقال: يا أيها الناس! إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا
_________
(1) سيأتي برقم (1269) .
(2) مسلم (1/350) ، أبو داود (1/232) .
(3) مسلم (1/352) ، وهو عند أبي داود (1/232) ، والترمذي (5/524) ، والنسائي (1/102، 2/210، 222) ، وابن ماجه (2/1262) ، وأحمد (6/58، 201) .(1/355)
الصالحة يراها المسلم أو ترى له، ألا وإنّي نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا وساجدًا، أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمنٌ أن يستجاب لكم» رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود (1) .
1121 - ولمسلم (2) من حديث علي رضي الله عنه: «نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقرأ القرآن راكعًا وساجدًا» .
قوله: «قَمِنَ» فتح القاف والميم وقد تكسر الميم، فمن فتح فهو عنده مصدر، ومن كسر فهو عنده وصف، وفيه لغة ثالثة (قمين) ومعناه: حقيق وجدير.
[3/118] باب ما يقول في رفعه من الركوع وبعده
1122 - عن أبي هريرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد» مختصر من حديثه، وهو متفق عليه. وقد تقدم (3) في باب التكبير في الركوع والسجود بتمامه.
1123 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد» متفق عليه (4) .
_________
(1) أحمد (1/219) ، مسلم (1/348) ، النسائي (2/190) ، أبو داود (1/232) .
(2) مسلم (1/348) .
(3) تقدم برقم (1093) .
(4) جزء من حديث طويل: البخاري (1/244، 257، 277، 375) ، مسلم (1/308) ، أحمد (3/110، 162) ، وهو عند أبي داود (1/164) ، والنسائي (2/195) ، والترمذي (2/194) ، وابن ماجه (1/284، 392) .(1/356)
1124 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: اللهم ربنا لك الحمد ملءَ السموات، وملءَ الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بَعْدُ، أهل الثناء والمجد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدّ منك الجَدُّ» رواه مسلم والنسائي (1) .
1125 - وزاد مسلم (2) بعد قوله: «أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد» لكن الزيادة المذكورة هي من حديث أبي سعيد.
1126 - وأخرج مسلم وأبو داود (3) من حديث ابن أَبي أَوْفَى قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع ظهره من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد» ، وفي رواية لمسلم (4) : «اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس» .
قوله: «سمع الله لمن حمده» قال في "الدر النثير": أي تقبل منه حمده. انتهى.
1127 - وقد تقدم (5) في باب التكبير للركوع والسجود حديث أبي موسى، وفيه: «فإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد يسمع الله لكم، فإن الله تعالى قال على لسان نبيه: يسمع الله لمن حمده» .
_________
(1) مسلم (1/347) ، النسائي (2/198) .
(2) مسلم (1/347) .
(3) مسلم (1/346) ، أبو داود (1/223) .
(4) مسلم (1/346، 347) .
(5) تقدم برقم (1095) .(1/357)
[3/119] باب ما جاء في وجوب الانتصاب بعد الركوع
1128 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده» رواه أحمد (1) بإسناد فيه عبد الله بن زيد الحنفي، قال في "مجمع الزوائد": لم أجد من ترجمه، وتعقبه الحافظ في "المنفعة" وقال: إنه وهم الهيثمي في تسميته عبد الله بن زيد وإنه عبد الله بن بدر، وهو ثقة يروي عن أبي هريرة بواسطة.
1129 - وعن عليّ بن شَيْبَان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الركوع والسجود» رواه أحمد وابن ماجه، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحه" (2) .
1130 - وعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تجزئ صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبه في الركوع والسجود» رواه الخمسة، وصححه الترمذي، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، ورواه الدارقطني والبيهقي، وقال إسناده ثابت صحيح، وقد تقدم (3) في صفة الركوع.
1131 - وسيأتي (4) إن شاء الله حديث المسيء صلاته، وهو حديث أبي هريرة في باب السجدة الثانية ولزوم الطمأنينة، وفيه: «ثم اركع حتى تَطْمَئِن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا» وهو متفق عليه.
_________
(1) أحمد (2/525) .
(2) أحمد (4/23،) ، ابن ماجه (1/282) ، ابن خزيمة (1/300، 333) ، ابن حبان (5/217) .
(3) تقدم برقم (1104) .
(4) سيأتي برقم (1153) .(1/358)
[3/120] باب صفة السجود وما نهي عنه
1132 - عن وائل بن حُجْر قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه» رواه الخمسة إلا أحمد، وحسنه الترمذي، وقال: غريب، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان وابن السَّكَن في صحاحهم (1) .
1133 - وعن أنس «أنه - صلى الله عليه وسلم - انحط بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه» أخرجه الدارقطني، وقال: تفرد به العلاء بن إسماعيل وهو مجهول، وأخرجه الحاكم (2) ، وقال: هو على شرطهما، ولا أعلم له علة.
1134 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه» رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وقال الخطابي: حديث وائل بن حجر أثبت من هذا، وأخرجه الترمذي (3) ، وقال: غريب، وحديث أبي هريرة هذا قد تكلم في إسناده.
1135 - وقال الحافظ في "بلوغ المرام": إنه أقوى من حديث وائل لأن له شاهدًا من حديث ابن عمر، صححه ابن خزيمة (4) ، وذكره البخاري (5) تعليقًا
_________
(1) أبو داود (1/222) ، النسائي (2/206، 234) ، الترمذي (2/56) ، ابن ماجه (1/286) ، ابن خزيمة (1/318، 319) ، ابن حبان (5/237) .
(2) الدارقطني (1/345) ، الحاكم (1/349) .
(3) أحمد (2/381) ، أبو داود (1/222) ، النسائي (2/207) ، الترمذي (2/57-58) .
(4) ابن خزيمة (1/318) .
(5) البخاري (1/276) تعليقًا.(1/359)
موقوفًا، وقد بحث ابن القيم في "الهدي" بحثًا نفيسًا، وحاصله: أنه وقع في حديث أبي هريرة قلب، وذلك لأن آخره يخالف أوله، فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير، فإن البعير إنما يضع يديه أولًا. وقد رواه ابن أبي شيبة (1) بلفظ: «كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه» فجاء بالصواب، وهو موافق لحديث وائل بن حجر، وقال الخطابي: إن تقديم الركبتين أثبت من تقديم اليدين، وبه قال أكثر العلماء، وهو أرفق بالمصلي، وأحسن في الشكل، ورأي العين، وقرر في "الهدي" إن ركبة البعير في رجليه، وهذه المسألة من المعارك التي يتبلد عندها الخريت الماهر، وإن بلغت يداه في الطول ما لم تبلغه أيدي المحققين في الحديث والأصول.
1136 - وعن عبد الله بن بُحَيْنةَ قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد يُجَنِّح في سجوده حتى يرى وَضح إبطيه» متفق عليه (2) ، وفي رواية لهما (3) من حديثه: «كان إذا صلَّى فرَّج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه» .
1137 - وعن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب» رواه الجماعة (4) .
1138 - وعن أبي حميد في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سجد فرج بين
_________
(1) ابن أبي شيبة (1/235) .
(2) بهذا اللفظ عند مسلم (1/356) ، وأحمد (5/345) .
(3) هذا اللفظ عند البخاري (1/152، 279، 3/1307) ، مسلم (1/356) ، أحمد (5/345) .
(4) البخاري (1/198، 283) ، مسلم (1/355، 356) ، أبو داود (1/236) ، النسائي (2/182، 211، 213) ، الترمذي (2/66) ، ابن ماجه (1/228) ، أحمد (3/109، 115، 177، 179، 191، 202، 214، 274، 279، 291) .(1/360)
فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه» رواه أبو داود، وقد تقدم (1) في رفع اليدين وهذا طرف منه.
1139 - وعنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان إذا سجد مَكَّن أنفه وجبهته من الأرض، ونحَّى يديه عن جنبيه، ووضع كفه حذو منكبيه» رواه أبو داود بإسناد صحيح والترمذي (2) ، وصححه، وهذا طرف منه، وقد أخرجه بهذا اللفظ ابن خزيمة في "صحيحه" (3) .
1140 - وعن البراء بن عازب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك» رواه مسلم (4) .
1141 - وقد تقدم (5) في حديث أبي حُمَيْد الساعدي في رفع اليدين، وفيه: «فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة» أخرجه البخاري.
قوله: «يُجَنِّح» بضم التحتية بعدها جيم مفتوحة، ونون مشددة مكسورة أي: يفرج، «والوضح» البياض.
_________
(1) هذه الرواية لأبي داود (1/196) ، وقد تقدم الحديث بطوله رقم (995) ، ولم يذكر المصنف فيه هذه الرواية، وهي أيضًا عند البيهقي (1/115) .
(2) ابن خزيمة (1/323) .
(3) تقدم برقم (995) .
(4) مسلم (1/356) ، وهو عند أحمد (4/283، 294) .
(5) تقدم برقم (995) .(1/361)
[3/121] باب في أعضاء السجود
1142 - عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا سجد العبد سجد معه سبعة أرابٍ: وجهه وكفّاه وركبتاه وقدماه» رواه الخمسة، وقال في "المنتقى": رواه الجماعة إلا البخاري (1) ، والاقتصار على استثناء البخاري مشعر بأن مسلمًا أخرجه، وهو في بعض نسخ مسلم، وعزاه في "جامع الأصول" إلى مسلم وأبي داود والترمذي، وعزاه في الأطراف، والحميدي في الجمع بين الصحيحين وابن الجوزي في جامعه والبيهقي لتخريج مسلم، وأنكر عياض في شرح مسلم، فقال: لم يقع عند شيوخنا في مسلم، قال في "التلخيص" إن ابن تيمية في "المنتقى" عزاه لتخريج مسلم، وأنه في بعض نسخ مسلم، وأنه مما استدركه الحاكم.
1143 - وعن ابن عباس قال: «أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نسجد على سبعة أعضاء، ولا نكف شعرًا ولا ثوبًا: الجبهة واليدين والركبتين والرجلين» أخرجاه (2) ، وفي لفظ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم، على الجبهة وأشار بيده على أنفه، واليدين، والركبتين، والقدمين» متفق عليه (3) ، وفي لفظ لمسلم (4) : «أمرت أن
_________
(1) مسلم (1/355) ، أبو داود (1/235) ، النسائي (2/210) ، الترمذي (2/61) ، ابن ماجه (1/286) ، أحمد (1/206، 208) .
(2) البخاري (1/280، 281) ، مسلم (1/354) ، وهو عند أحمد (1/221، 222، 255، 270، 279) .
(3) البخاري (1/280) ، مسلم (1/354) ، أحمد (1/292) .
(4) مسلم (1/355) .(1/362)
أسجد على سبع، على الجبهة، والأنف، واليدين، والركبتين، والقدمين» .
[3/122] باب ما جاء في السجود على ما يحمله المصلي
1144 - عن أنس قال: «كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه» رواه الجماعة (1) .
1145 - وعن ابن عباس قال: «لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم مطير وهو يتقي الطين إذا سجد بكساء عليه يجعله دون يديه إلى الأرض إذا سجد» رواه أحمد (2) ، وأخرج نحوه ابن أبي شيبة (3) عنه بلفظ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في ثوب واحد يتقي بفضوله حر الأرض وبردها» ، وهو بهذا اللفظ في "مجمع الزوائد"، ونسبه إلى أحمد وأبي يعلى والطبراني في "الأوسط" و"الكبير" (4) ، ثم قال: ورجال أحمد رجال الصحيح.
1146 - وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت عن أبيه عن جده قال: «جاءنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى بنا في مسجد بني الأشهل، فرأيته واضعًا يديه في ثوبه إذا سجد» رواه أحمد وابن ماجه (5) ، وقال: على ثوبه، وقد اختلف في إسناد هذا الحديث.
_________
(1) البخاري (1/151،404) ، مسلم (1/433) ، أبو داود (1/177) ، النسائي (2/216) ، الترمذي (2/479) ، ابن ماجه (1/329) ، أحمد (3/100) .
(2) أحمد (1/265) .
(3) ابن أبي شيبة (1/241، 275) ، وهو عند أحمد (1/265، 320، 354) .
(4) أبو يعلى (4/334، 450، 5/86) ، الطبراني في "الكبير" (11/210) ، و"الأوسط" (8/295) .
(5) أحمد (4/334) ، ابن ماجه (1/328) .(1/363)
1147 - وحديث خبَّاب في صحيح مسلم (1) بلفظ: «شكونا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة في الرمضاء فلم يُشْكِنا» ، وفي رواية للنسائي (2) قال: «أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشكونا إليه من الرمضاء فلم يُشكنا» ، أخرجه الحاكم في الأربعين له، والبيهقي (3) وصححه بلفظ: «شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرَّ الرمضاء في جباهنا، وأكفِّنا فلم يشكنا» انتهى. لا حجة فيه، ولم يعارض الأحاديث السابقة لأن الشكاة كانت لأجل تأخير الصلاة حتى يبرد الحر لا لأجل السجود على الحائل، إذ لو كانت كذلك لأذن لهم بالحائل المنفصل، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي على الخمرة (4) ، وأما الأحاديث التي فيها كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد على كور عمامته فقد قال البيهقي: لا يثبت منها شيء.
[3/123] باب الجلسة بين السجدتين وما يقول فيها
1148 - عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قال: سمع الله لمن حمده قام حتى نقول: قد أوهم، ثم يسجد ويقعد بين السجدتين حتى نقول: قد أوهم» رواه مسلم (5) ، وفي رواية متفق عليها (6) : أن أنسًا قال: «إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت
_________
(1) مسلم (1/433) (619) .
(2) النسائي (1/247) ، وهو عند ابن ماجه (1/222) ، وأحمد (5/108، 110) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/185) ، والبزار (6/78) ، والطيالسي (1/141) ، وابن حبان (4/343-344) (1480) .
(3) البيهقي (2/104، 107) ، الطبراني في "الكبير" (4/80) .
(4) انظر باب الصلاة على البساط.
(5) مسلم (1/344) ، وهو عند أبي داود (1/225) ، وأحمد (3/203، 247) .
(6) البخاري (1/282) ، مسلم (1/344) ، أحمد (3/172، 223) .(1/364)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا، فكان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائمًا حتى يقول الناس: قد نسي، وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول الناس: قد نسي» .
1149 - وقد تقدم (1) في رفع اليدين حديث أبي حميد الساعدي، وفيه: «ثم هوى إلى الأرض ساجدًا، ثم قال: الله أكبر، ثم ثنى رجله وقعد عليها واعتدل حتى رجع كل عضو في موضعه» .
1150 - وسيأتي (2) في الباب الذي بعد هذا حديث المسيء صلاته، وفيه: «ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا» .
1151 - وعن حذيفة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بين السجدتين: رب اغفر لي، رب اغفر لي» رواه النسائي وابن ماجه والترمذي (3) ، وأبو داود (4) عن حذيفة مطولًا، وفيه: «وكان يقعد فيما بين السجدتين نحوًا من سجوده، وكان يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي» .
1152 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني، واجبرني واهدني وارزقني» رواه الترمذي وأبو داود إلا أنه قال فيه: «وعافني» مكان «واجبرني» ، وأخرجه ابن ماجه والحاكم وصححه (5) .
_________
(1) تقدم برقم (995) .
(2) سيأتي برقم (1153) .
(3) بهذا اللفظ عند النسائي (2/199، 231) ، ابن ماجه (1/289) .
(4) أبو داود (1/231) .
(5) الترمذي (2/76) ، أبو داود (1/224) ، ابن ماجه (1/290) ، الحاكم (1/393، 405) ، وهو عند أحمد (1/371) .(1/365)
[3/124] باب السجدة الثانية ووجوب الطمأنينة في الركوع
والسجود والرفع منهما
1153 - عن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد فدخل رجل (1) فصلّى ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ، فرجع فصلى كما صلّى، ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ارجع فصلِّ فإنك لم تصل، ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلّمني، فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم افعل ذلك في الصلاة كلها» متفق عليه (2) ، وفي لفظ لأحمد وابن حبان (3) : «ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اصنع ذلك في كل ركعة» ، وليس لمسلم فيه ذكر السجدة الثانية، وفي رواية لمسلم (4) : «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة» ، وفي رواية (5) : «وعليك السلام ارجع» وزاد أبو داود (6) في رواية له:
_________
(1) هو المسيء صلاته، واسمه خلاد بن رافع. اهـ.
(2) البخاري (1/263، 274، 6/2455) ، مسلم (1/298) ، أحمد (2/437) ، وهو عند أبي داود (1/226) ، والنسائي (2/124) ، والترمذي (2/103-104) ، وابن ماجه (1/336) .
(3) أحمد (4/340) ، ابن حبان (5/88-89) من حديث رفاعة، وقد تقدمت هذه الرواية برقم (1048) .
(4) مسلم (1/298) ، وهي عند البخاري (5/2307، 6/2455) .
(5) البخاري (5/2307) ، ومسلم (1/298) .
(6) أبو داود (1/226) .(1/366)
«فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، وما انتقصت من هذه فإنما انتقصته من صلاتك» هذه رواية حديث أبي هريرة.
1154 - وأخرج هذا الحديث الترمذي (1) من حديث رفاعة بن رافع، وزاد فيه: «إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله، ثم تشهد فأقم، فإن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله وكبره وهلله» ، وقال الترمذي: حديث حسن، وقال ابن عبد البر: حديث ثابت، وفي رواية لأبي داود (2) من حديثه: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنه لا تتم صلاة أحد الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء يعني مواضعه، ثم يكبر ويحمد الله عز وجل ويثني عليه، ثم يقرأ بما شاء من القرآن، ثم يقول: الله أكبر، ثم يركع حتى تطمئن مفاصله، ثم يرفع فيقول: سمع الله لمن حمده حتى يستوي قائمًا، ويقول: الله أكبر، ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله، ويرفع ثانية فيكبر، فإذا فعل ذلك تمت صلاته» ، وفي أخرى له (3) : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تتم صلاة أحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه ويغسل رجليه إلى الكعبين، ثم يكبر الله ويحمده، ثم يقرأ من القرآن ما أذن له فيه وتيسر» ، وفي أخرى له (4) : «ثم يكبر ويسجد ويمكن وجهه» ، وفي رواية (5) : «جبهته من الأرض حتى تطمئن مفاصله فتسترخي، ثم يكبر فيستوي قاعدًا على مقعدته ويقيم
_________
(1) تقدم برقم (1062) .
(2) أبو داود (2/226) .
(3) أبو داود (2/227) .
(4) أبو داود (2/227) .
(5) أبو داود (2/227) .(1/367)
صلبه» ، وفي رواية أخرى (1) : «إذا قمت فتوجهت إلى القبلة فكبر، ثم اقرأ بأم القرآن، وبما شاء الله أن تقرأ، وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك وامدد ظهرك، وإذا سجدت فمكن سجودك، فإذا رفعت فاقعد على فخذك اليسرى» ، وفي رواية أخرى (2) : «فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد، ثم إذا قمت فمثل ذلك حتى تفرغ من صلاتك» ، وفي أخرى نحوه فقال فيه: «فتوضأ كما أمرك الله عز وجل، ثم تشهد فأقم ثم كبر» .
وفي رواية لا بن ماجه (3) مكان قوله: «حتى تعتدل قائمًا» لفظ: «حتى تطمئن» ، قال الحافظ: وهي على شرط مسلم، وأخرجها إسحاق بن راهَوَيْه في مسنده، وأبو نعيم في مستخرجه، والسراج عن أحد شيوخ البخاري، قال الحافظ: فثبت ذكر الطمأنينة في الاعتدال على شرط الشيخين. انتهى.
وقد استوفيت في هذا الحديث جميع طرقه ورواياته لأمرين، أحدهما: زيادة بعض الأحكام في بعض الروايات، والأمر الآخر: أن هذا الحديث هو قطب الصلاة الذي يدور عليه رحاؤها، وأما قعدة الاستراحة فرواها البخاري عن ابن نُمَير في باب الاستئذان، وقد تقدم الكلام على جميع ما دلت عليه هذه الروايات ولم يبق إلا التشهد الأوسط وجلسة الاستراحة وفرش الفخذ وسيأتي ذلك، وقد وردت واجبات غير ما اشتمل عليه حديث المسيء بجميع طرقه كالنية، والقعود الأخير، والتشهد الأخير، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر الصلاة.
_________
(1) أبو داود (2/227) .
(2) أبو داود (2/228) .
(3) ابن ماجه (1/336) من حديث أبي هريرة، وهي لأحمد من حديث رفاعة (4/340) .(1/368)
1155 - وعن حذيفة «أنه رأى رجلًا لا يتم ركوعه ولا سجوده، فلما قضى صلاته دعاه، فقال له حذيفة: ما صليت، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدًا - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والبخاري (1) ، وفي رواية (2) : «قال له حذيفة: ما صليت، واحسبه قال: ولو مت مت على غير سنة محمد - صلى الله عليه وسلم -» .
1156 - وعن أبي قتادة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أشد الناس سرقة الذي يسرق من صلاته، فقالوا: يا رسول الله! فكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها، أو قال: ولا يقيم صلبه في الركوع والسجود» رواه أحمد والطبراني، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم (3) ، وقال: صحيح الإسناد، وقال في "مجمع الزوائد": أخرجه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح.
1157 - ولأحمد (4) من حديث أبي سعيد مثله إلا أنه قال: «يسرق صلاته» .
1158 - وعن عمار بن يسار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الرجل ليصلي الصلاة ولعله لا يكون له منها إلا عشرها، أو تسعها، أو ثمنها، أو سبعها، أو سدسها، حتى أتى على الصلاة» رواه ابن حبان في "صحيحه" (5) ، وقال: إسناده متصل، وصححه ابن السكن.
_________
(1) أحمد (5/384) ، البخاري (1/273) ، وهو عند النسائي (3/58) .
(2) البخاري (1/152،279) ، أحمد (5/396) .
(3) أحمد (5/310) ، الطبراني في "الكبير" (3/242) ، و"الأوسط" (8/130) ، ابن خزيمة (1/331) ، الحاكم (1/353) ، وهو عند البيهقي (2/385) .
(4) أحمد (3/56) ، وهو عند أبي يعلى (2/481) .
(5) ابن حبان (5/210-211) .(1/369)
1159 - وعن النعمان بن مُرَّة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما ترون في الشارب والزاني والسارق؟ وذلك قبل أن ينزل فيهم الحدود، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هن فواحش وفيهن عقوبة، وأَسْوَأُ السرقة التي يسرق صلاته، قالوا: وكيف يسرق صلاته يا رسول الله؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها» رواه مالك في "الموطأ" (1) .
1160 - وقد تقدم (2) حديث أبي مسعود (3) في صفة الركوع، وفيه: «لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها ظهره في الركوع والسجود» أخرجه أصحاب السنن، وصححه الترمذي.
[3/125] باب صفة النهوض إلى الركعة الثانية
وما جاء في جلسة الاستراحة
1161 - عن وائل بن حجر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سجد وقعت ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفَّاه، فلما سجد وضع جبهته بين كفيه وجافى عن إبطيه، وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذيه» رواه أبو داود (4) بسند منقطع.
1162 - وعن مالك بن الحُوَيْرث «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فإذا كان في وتر
_________
(1) مالك (1/167) .
(2) تقدم برقمي (1104، 1130) .
(3) في الأصل: ابن مسعود.
(4) أبو داود (1/196، 222) .(1/370)
من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدًا» رواه الجماعة إلا مسلمًا وابن ماجه (1) ، وفي لفظ للبخاري (2) : «فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام» .
1163 - وله (3) من حديث أبي هريرة في قصة المسيء صلاته: «ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا» ، وفي رواية أخرى له (4) : «حتى تطمئن قائمًا» ، قال في "التلخيص": وهو أشبه.
1164 - وقد تقدم (5) ذكر جلسة الاستراحة في حديث أبي حُمَيد الساعدي في باب رفع اليدين، فإنه قال فيه: «ثم هوَّى إلى الأرض ساجدًا، ثم قال: الله أكبر، ثم جافى عضديه عن أبطيه وفتح أصابع رجليه، ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها، ثم اعتدل حتى رجع كل عضو في موضعه، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك» أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وأبو داود، وأما النووي فأنكر ثبوت جلسة الاستراحة في حديث المسيء صلاته، وأنكر أيضًا الطحاوي أن تكون جلسة
_________
(1) البخاري (1/283) ، أبو داود (1/223) ، النسائي (2/234) ، الترمذي (2/79) ، أحمد (5/53) ، وهو عند ابن حبان (5/261) ، وابن خزيمة (1/341) ، والبيهقي (2/123) ، والدارقطني (1/346) .
(2) البخاري (1/283) .
(3) تقدم حديث المسيء (1112) ، وهو بهذا اللفظ عند البخاري (5/2307) .
(4) البخاري (5/2307) بلفظ «حتى تستوي قائمًا» .
(5) تقدم برقم (995) .(1/371)
الاستراحة في حديث أبي حميد، وفيما حررنا رد عليهما، وقد قدمت الإشارة إلى جلسة الاستراحة في حديث المسيء، وذكرنا هنالك أن البخاري أخرجها في كتاب الاستئذان في حديث أبي هريرة، ولا حجة لمن استدل بعدم سنية هذه الجلسة بأنها لم تذكر في بعض الروايات، فعدم الذكر لا يدل على العدم، وروايات الإثبات حجة.
[3/126] باب افتتاح الركعة الثانية بالقراءة من غير تعوذ ولا سكتة
1165 - عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نهض في الركعة الثانية افتتح القراءة بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت» رواه مسلم (1) .
[3/127] باب الأمر بالتشهد الأوسط وسقوطه بالسهو
1166 - عن ابن مسعود قال: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته! السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فليدع به ربه عز وجل» رواه أحمد والنسائي (2) . فرواية أحمد من طرق في بعض ألفاظها اختلاف ورجالها ثقات، ورواية الترمذي (3) بلفظ: «علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعدنا في الركعتين» ، وفي رواية للنسائي (4) : «فقولوا في كل جلسة» ، وأصل الحديث في
_________
(1) مسلم (1/419) ، وهو عند ابن حبان (5/263) ، وابن خزيمة (3/48) .
(2) أحمد (1/437) ، النسائي (2/238) .
(3) الترمذي (2/81) .
(4) النسائي (2/239) .(1/372)
الصحيحين بدون الزيادة التي في أوله، أعني: «إذا قعدتم في كل ركعتين» وسيأتي (1) إن شاء الله.
1167 - وعن رِفاعة بن رافع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قمت في صلاتك فكبر، ثم اقرأ بما تيسر عليك من القرآن، فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئنّ وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد» رواه أبو داود وهو طرف من حديث رفاعة في قصة المسيء صلاته، وقد تقدم (2) ، وقد أخرجه النسائي وابن ماجه، والترمذي وحسنه، وانفرد أبو داود بزيادة قوله: «فإذا جلست في وسط الصلاة» وذكرها بإسناد رجاله ثقات.
1168 - وعن عبد الله بن بُحَيْنَةَ «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام في صلاة الظهر وعليه جلوس، فلما تم صلاته سجد سجدتين يكبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم وسجدها الناس معه مكان ما نسي من الجلوس» رواه الجماعة (3) .
[3/128] باب صفة الجلوس في التشهد وبين السجدتين
وما جاء في التورك والإقعاء
1169 - عن وائل بن حُجْر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد ضم أصابعه»
_________
(1) سيأتي برقم (1183) .
(2) تقدم برقم (1154) .
(3) سيأتي برقم (1551) .(1/373)
رواه ابن خزيمة وابن حبان، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم (1) .
1170 - وأخرج الدارقطني (2) من حديث عائشة: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد وضع أصابعه تجاه القبلة» وإسناده ضعيف.
1171 - وعن وائل بن حُجْر «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي فسجد ثم قعد فافترش رجله اليسرى» رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وأخرجه ابن ماجه والترمذي (3) ولفظه: «فلما جلس، يعني للتشهد افترش رجله اليسرى، ووضع يده، يعني على فخذه اليسرى ونصب رجله اليمنى» ، وقال الترمذي: حسن صحيح.
1172 - وعن رفاعة بن رافع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي: «إذا سجدت فمكن لسجودك، فإذا جلست فاجلس على رجلك اليسرى» رواه أحمد وأبو داود في قصة المسيء، ولا مطعن في إسناده، وهو بلفظ: «إذا سجدت فمكن سجودك، وإذا رفعت فاقعد على فخذك اليسرى» ، وفي رواية: «فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن وافترش فخذك اليسرى، ثم تشهد» ، وقد تقدمت (4) هذه الروايات في حديث المسيء، وحديث رفاعة أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة وابن حبان (5) .
_________
(1) ابن خزيمة (1/324) ، ابن حبان (5/247) ، الحاكم (1/350) ، وقد تقدم برقم (1101) .
(2) الدارقطني (1/344) .
(3) جزء من حديث أخرجه أحمد (4/316، 317، 318) ، وأبو داود (1/193، 251) ، والنسائي (2/126، 3/35، 37) ، وأخرجه الترمذي (2/85) وابن ماجه (1/295) مختصرًا، وهو عند ابن خزيمة (1/354) ، والبيهقي (2/72) .
(4) تقدمت برقم (1154) .
(5) ابن حبان (5/88-89) ، ابن أبي شيبة مختصرًا (1/220) ، وهو عند الترمذي (2/100-101) ، ابن خزيمة (1/274) ، والحاكم (1/366، 377) .(1/374)
1173 - وقد تقدم (1) حديث أبي حميد الساعدي في باب رفع اليدين، أخرجه البخاري وفيه: «فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته» .
1174 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتتح الصلاة بالتكبير، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى، وكان ينهى عن عقب الشيطان، وكان ينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع، وكان يختم الصلاة بالتسليم» مختصر من حديث أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود (2) .
1175 - وعن أبي هريرة قال: «نهاني النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاث: عن نقرة كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب» رواه أحمد والبيهقي وأبو يعلى والطبراني في "الأوسط" (3) ، قال في "مجمع الزوائد": وإسناد أحمد حسن.
1176 - والنهي عن نقرة الغراب، أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" من حديث عبد الرحمن بن شبل، وسيأتي (4) في أبواب الجماعة في باب ما جاء فيمن يلازم بقعة بعينها في المسجد.
1177 - والنهي عن الإقعاء أخرجه الترمذي وأبو داود (5) من حديث علي
_________
(1) تقدم برقم (995) .
(2) أحمد (6/31، 194) ، مسلم (1/357) ، أبو داود (1/208) ، وهو عند ابن حبان (5/64-65) .
(3) أحمد (2/265،311) ، البيهقي (2/120) ، أبو يعلى (5/30) ، الطبراني في "الأوسط" (5/266) .
(4) سيأتي برقم (1803) .
(5) الترمذي (2/72) ، وهو عند ابن ماجه (1/289) ، وأحمد (1/146) .(1/375)
رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ: «لا تُقع بين السجدتين» وفي إسناده مقال.
1178 - وأخرجه ابن ماجه (1) من حديث أنس بلفظ: «إذا رفعت رأسك من سجودك فلا تُقعِ كما يقعي الكلب، ضع إليتك بين قدميك، والزق ظاهر قدميك بالأرض» وإسناده ضعيف.
1179 - وقد ورد ما يعارض هذه الأحاديث، ففي "جامع الأصول" قال: «قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين، قال: هو السنة، فقلنا له: أما تراه جفاء بالرجل؟ فقال ابن عباس: بل هي سنة نبيكم» أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي (2) وزاد أبو داود بعد القدمين «في السجود» انتهى.
1180 - وأخرج البيهقي (3) عن ابن عمر «أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى يقعد على أطراف أصابعه، ويقول: إنه من السنة» .
1181 - وعن ابن عمر وابن عباس (4) أنهما كانا يقعيان.
1182 - وقال طاوس (5) : رأيت العبادلة يقعون، قال الحافظ: وأسانيدها صحيحة. انتهى.
وقد جمع بين الأحاديث: بأن الإقعاء الذي ورد النهي عنه هو ما سيأتي تفسيره
_________
(1) ابن ماجه (1/289) ..
(2) مسلم (1/380) ، أبو داود (1/223) ، الترمذي (2/73) ، وهو عند أحمد (1/313) ، وابن خزيمة (1/338) ، والحاكم (1/406) ، والبيهقي (2/119) .
(3) البيهقي (2/119) .
(4) البيهقي (2/119) .
(5) البيهقي (2/119) .(1/376)
عن أبي عبيد، والإقعاء الذي قال ابن عباس (1) : إنه من السنة هو وضع الإليتين على العقبين، وهو التفسير الثاني الذي سيأتي.
قوله: «عَقِب الشيطان» بفتح العين وكسر القاف هو المشهور الصحيح، وحكى بضم العين مع فتح القاف، وقد فسَّره أبو عبيد بأنه الإقعاء المنهي عنه، وهو: أن يلصق إليتيه بالأرض وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض كأقعاء الكلب، وقيل: هو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه، وافتراش السبع هو: أن يضع ذراعيه على الأرض في السجود ويفضي بمرفقيه وكفه إلى الأرض.
[3/129] باب ما جاء في التشهد ووجوبه
1183 - عن ابن مسعود قال: «علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التشهد كفي بينه كفيه كما يعلمني السورة من القرآن، التحيات لله والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته! السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» رواه الجماعة (2) ، وفي لفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله» وذكره، وفيه بعد قوله: «وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض» ، وفي آخره: «ثم يتخير من المسألة ما شاء» متفق عليه (3) .
_________
(1) عبد الرزاق (1/191) ، ابن أبي شيبة (1/255) .
(2) البخاري (5/2311) ، مسلم (1/302) ، أبو داود (1/254) ، النسائي (2/239) ، الترمذي (2/81، 3/413) ، ابن ماجه (1/290) ، أحمد (1/414) .
(3) البخاري (1/287، 5/2331) ، مسلم (1/301) ، أحمد (1/382،413، 427) .(1/377)
1184 - ولأحمد (1) من حديث أبي عبيد عن عبد الله قال: «علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التشهد، وأمره أن يعلمه الناس: التحيات لله إلى آخره» ، قال الترمذي: حديث ابن مسعود أصح حديث في التشهد، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين، وقال البزار: هو أصح حديث في التشهد، وقد روي من نيف وعشرين طريقًا، وأما زيادة: «وحده لا شريك له» فقد صح أنها من فعل ابن عمر، وصرح أنه الزايد لها.
1185 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، فكان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته! السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله» رواه مسلم وأبو داود (2) بهذا اللفظ، ورواه الترمذي (3) وصححه، إلا أن السلام في روايته مُنَكَّرٌ، ورواه ابن ماجه (4) إلا إنه قال: «وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» .
1186 - وعن ابن مسعود قال: «كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبريل وميكائيل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تقولوا هكذا، ولكن قولوا: التحيات لله وذكره» رواه الدارقطني وقال إسناده
_________
(1) أحمد (1/376) .
(2) مسلم (1/302، 303) ، أبو داود (1/256) ، وهو عند أحمد (1/292) .
(3) الترمذي (2/83) .
(4) ابن ماجه (1/291) ، وهو عند النسائي (2/242) .(1/378)
صحيح، وصححه البيهقي (1) ، قال في "التلخيص": وأصله في الصحيحين (2) وغيرهما، دون قوله: «قبل أن يفرض علينا» انتهى.
1187 - وقد روي عن عمر أنه قال: «لا تجزئ صلاة إلا بالتشهد» رواه سعيد في "سننه"، والبخاري في "تاريخه" (3) .
[3/130] باب ما جاء في وضع اليدين على الركبتين
حال التشهد والإشارة بالسبابة
1188 - عن وائل بن حجر «أنه قال في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -: ثم قعد فافترش رجله اليسرى، ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض ثنتين من أصابعه وحلق حلقه، ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة والبيهقي (4) ، قال في "الخلاصة": بإسناد صحيح، وهو طرف من حديث وائل.
1189 - وعن ابن عمر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه، ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها» ، وفي لفظ: «كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على
_________
(1) الدارقطني (1/350) ، البيهقي (2/378) .
(2) البخاري (1/287، 5/2301، 2331، 6/2688) ، مسلم (1/301) .
(3) البخاري في "التاريخ" (3/131) .
(4) تقدم برقم (1171) .(1/379)
فخذه اليمنى، وقبض أصابعه كلها وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى» رواه أحمد ومسلم والنسائي (1) .
1190 - وعنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قعد للتشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى واليمنى على اليمنى وعقد ثلاثة وخمسين وأشار بإصبعه السبابة» رواه مسلم (2) .
1191 - وعن ابن الزبير قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قعد يدعو وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بإصبعه السبابة، ووضع إبهامه على إصبعه الوسطى، ويُلْقِم كفه اليسرى ركبته» رواه مسلم (3) .
1192 - وقد تقدم (4) في باب نظر المصلي إلى موضع سجوده والنهي عن رفع البصر، حديث ابن الزبير، وفيه: «وأشار بالسبابة ولم يجاوز بصره إشارته» أخرجه أحمد والنسائي وأبو داود وابن حبان في "صحيحه".
[3/131] باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حال الجلوس
1193 - عن فضالة بن عبيد قال: «سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يدعو في صلاته لم يحمد الله ولم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: عجل هذا، ثم دعاه، فقال: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يدعو بما شاء»
_________
(1) أحمد (2/65) ، مسلم (1/408) ، النسائي (3/63) ، وهو عند أبي داود (1/259) .
(2) مسلم (1/408) .
(3) مسلم (1/408) .
(4) تقدم برقم (1009) .(1/380)
رواه أحمد وأصحاب السنن إلا ابن ماجه، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم (1) .
1194 - وأخرج الترمذي (2) عن زِرٍّ عن عبد الله قال: «كنت أصلي والنبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو كبر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله، ثم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم دعوت لنفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: سل تعطه.. سل تعطه» ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
1195 - وعن أبي مسعود الأنصاري قال: «قال بشير بن سعد: يا رسول الله! أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فسكت، ثم قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبرهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم» رواه مسلم وأحمد والنسائي، والترمذي وصححه بدون قوله: «في العالمين» ، وأخرجه أبو داود وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني وحسنه، والحاكم (3) وصححه، وزاد ابن خزيمة فيه: «فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا» وهي زيادة
_________
(1) أحمد (6/18) ، أبو داود (2/77) ، النسائي (3/44) ، الترمذي (5/517) ، ابن حبان (5/290) ، الحاكم (1/354، 401) ، وهو عند ابن خزيمة (1/351) ، والبيهقي (2/147) ، والطبراني في "الكبير" (18/307، 308) .
(2) الترمذي (2/488) .
(3) مسلم (1/305) ، أحمد (5/273) ، النسائي (3/45، 47) ، الترمذي (5/359) ، أبو داود (1/258) ابن خزيمة (1/351) ، ابن حبان (5/287-288) ، الدارقطني (1/354) ، الحاكم (1/401) .(1/381)
صحيحة أخرجها أحمد وابن حبان والحاكم في "صحيحيهما" (1) ، وقال الحاكم: هي زيادة صحيحة على شرط مسلم، وقال الدارقطني: رجاله كلهم ثقات.
1196 - وعن كعب بن عُجْرة قال: «قلنا: يا رسول الله! قد علمنا أو عرفنا كيف السلام عليك، فيكف الصلاة؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» رواه الجماعة (2) إلا أن الترمذي قال فيه: على إبراهيم في الموضعين لم يذكر آله.
1197 - وعنه قال: «سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإن الله قد علمنا كيف نسلم؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» رواه البخاري في كتاب بدء الخلق من "صحيحه" (3) .
[3/132] باب تعيين الآل المصلى عليهم
1198 - عن أبي حُمَيد الساعدي «أنهم قالوا: يا رسول الله! كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صلى على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل
_________
(1) ابن خزيمة (1/351) ، أحمد (4/119) ، ابن حبان (5/289) ، الحاكم (1/401) .
(2) البخاري (4/1802، 5/2338) ، مسلم (1/305) ، أبو داود (1/257) ، النسائي (3/47، 48) ، الترمذي (2/352) ، ابن ماجه (1/293) ، أحمد (4/241، 243، 244) .
(3) البخاري (3/1233) .(1/382)
إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» متفق عليه (1) .
1199 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» رواه أبو داود (2) وسكت عنه هو والمنذري.
1200 - وأخرجه عَبْد بن حُمَيد في مسنده، والطبراني، ورواه ابن عدي في "الكامل"، وابن عبد البر، والنسائي (3) عن علي رضي الله عنه، وفي إسناده راوٍ مجهول.
[3/133] باب الدعاء في آخر الصلاة
1201 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (4) .
_________
(1) البخاري (3/1232، 5/2339) ، مسلم (1/306) ، أحمد (5/424) .
(2) أبو داود (1/258) ، وهو عند البيهقي (2/151) ، والبخاري في "التاريخ" (3/87) .
(3) ابن عدي في "الكامل" (2/424)
(4) مسلم (1/412) ، أبو داود (1/258) ، النسائي (3/58) ، ابن ماجه (1/294) ، أحمد (2/237) .(1/383)
1202 - وعن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللهم إني أعوذ بك من المغرم والمأثم» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (1) .
[3/134] باب في أدعية وردت في الصلاة
1203 - عن أبي بكر الصديق «أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: علمني ما أدعو به في صلاتي، قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم» متفق عليه (2) .
1204 - وعن شَدَّاد بن أوس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في صلاته: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك، وأسألك قلبًا سليمًا ولسانًا صادقًا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم» رواه النسائي (3) .
1205 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله دقَّه وجِلَّه، وأوله وآخره، وعلانيته وسره» رواه مسلم وأبو داود (4) .
1206 - وعن عائشة أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة يقول في سجوده: «إني
_________
(1) البخاري (1/286) ، مسلم (1/412) ، أبو داود (1/232) ، النسائي (3/56-57) ، الترمذي (5/525) ، أحمد (6/88) .
(2) البخاري (1/286، 5/2331، 6/2690) ، مسلم (4/2078) ، أحمد (1/3، 7) ، وهو عند النسائي (3/53) ، والترمذي (5/543) ، وابن ماجه (2/1261) .
(3) النسائي (3/54) ، وهو عند ابن حبان (5/310) .
(4) تقدم برقم (1118) .(1/384)
أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي (1) .
1207 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى فجعل يقول في صلاته أو في سجوده: اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، وعن يميني نورًا، وعن شمالي نورًا، وأمامي نورًا، وخلفي نورًا، وفوقي نورًا، وتحتي نورًا، واجعل لي نورًا، أو قال: واجعلني نورًا» مختصر من مسلم، وهو في صلاة الليل (2) .
[3/135] باب ما جاء في السلام ووجوبه والخروج من الصلاة به
1208 - عن ابن مسعود «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، حتى يُرَى بياض خده» رواه الخمسة، وصححه الترمذي (3) .
1209 - وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: «كنت أرى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يُرى بياض خده» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (4) .
_________
(1) تقدم برقم (1119) .
(2) مسلم (1/528) ، وهو عند النسائي (2/218) ، وأحمد (1/284) ، والبخاري بمعناه (5/2327) ، وأبو داود (2/44) .
(3) أبو داود (1/261) ، النسائي (2/230، 3/62، 3/63) ، الترمذي (2/89) ، ابن ماجه (1/296) ، أحمد (1/390، 394، 406، 408، 409، 444، 448) .
(4) أحمد (1/172) ، مسلم (1/409) ، النسائي (3/61) ، ابن ماجه (1/296) .(1/385)
1210 - وعن وائل بن حجر قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» رواه أبو داود (1) ، وقال في "بلوغ المرام": بسند صحيح. انتهى.
1211 - وزيادة لفظ: «وبركاته» أخرجها ابن حبان في "صحيحه" (2) من حديث ابن مسعود، وذكر لها الحافظ عدة طرق في تلقيح الأفكار وتخريج الأذكار.
1212 - وعن جابر بن سَمُرة قال: «كنَّا إذا صلينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قلنا: السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين، فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: علام تومون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه يسلم على أخيه من على يمينه وشماله» رواه أحمد ومسلم (3) ، وفي رواية: «كنا نصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ما بال هؤلاء يسلمون بأيديهم كأنها أذناب خيل شمس؟ أما يكفي أن يضع يده على فخذه ثم يقول: السلام عليكم، السلام عليكم؟» رواه النسائي (4) .
1213 - وعن سَمُرة بن جندب قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نسلم على أئمتنا، وأن يسلم بعضنا على بعض» رواه أحمد وأبو داود (5) ، ولفظ: «أمرنا أن نرد
_________
(1) أبو داود (1/262) .
(2) ابن حبان (5/333) .
(3) أحمد (5/86، 88، 102) ، مسلم (1/322) ، وهو عند أبي داود (1/262) ، والنسائي (3/64) .
(4) النسائي (3/4) .
(5) أبو داود (1/263) ، الحاكم (1/403) ، وهو عند ابن ماجه (1/297) ، والبيهقي (2/181) ، والطبراني في "الكبير" (7/218) .(1/386)
على الإمام، وأن نتحاب، وأن يسلم بعضنا على بعض» وأخرجه الحاكم والبزار (1) ، وزاد: «في الصلاة» ، قال الحافظ: وإسناده حسن.
1214 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «حذف السلام سنة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، وقال ابن المبارك: معناه أن لا يمد مدًا، وأخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم (2) .
1215 - وقد تقدم (3) في باب وجوب افتتاح الصلاة بالتكبير حديث: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» أخرجه الخمسة، وصححه الحاكم وغيره.
1216 - وهذه الأحاديث مع حديث: «صلوا كما رأيتموني أصلي» (4) كافية في وجوب السلام، ودالة أيضًا على وجوب تسليمتين.
وقد وردت أحاديث عن عائشة وغيرها أنه - صلى الله عليه وسلم - سلم تسليمة واحدة في صلاة الوتر، وهي أحاديث كلها ضعيفة لم أثبت منها شيئًا في هذا المختصر، قال الترمذي: ورأى قوم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين وغيرهم تسليمة واحدة في المكتوبة، وأصح الروايات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تسليمتان، وعليه أكثر الصحابة والتابعين ومن بعدهم. انتهى، وغاية ما فيها أن الراوي لم يسمع التسليمة الثانية على فرض أن لها
_________
(1) وهي عند ابن خزيمة (3/104) (1710) .
(2) أحمد (2/532) ، أبو داود (1/263) ، الترمذي (2/93-94) ، الحاكم (1/355) ، وهو عند ابن خزيمة (1/362) .
(3) تقدم برقم (983) .
(4) تقدم برقم (987) .(1/387)
أصلًا في الصحة، وقد قضت أحاديث الباب الصحيحة الصريحة بثبوت التسليمتين.
[3/136] باب الدعاء والذكر بعد الصلاة
1217 - عن ثوبان قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام» رواه الجماعة إلا البخاري (1) .
1218 - وعن معاذ بن جبل: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: أوصيك يا معاذ! لا تدعن دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (2) ، قال في "بلوغ المرام": بسند قوي، وقال النووي: إسناده صحيح، وقال الحاكم: إسناده على شرط الشيخين.
1219 - وعن عبد الله بن الزبير: «أنه كان يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، قال: وكان رسول الله يهلل بهن دبر كل صلاة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (3) .
_________
(1) مسلم (1/414) ، أبو داود (2/84) ، النسائي (3/68) ، الترمذي (2/97) ، ابن ماجه (1/300) ، أحمد (5/275، 279) .
(2) أحمد (5/244، 247) ، أبو داود (2/86) ، النسائي (3/53) ، وهو عند ابن حبان (5/364، 365) ، وابن خزيمة (1/369) ، والحاكم (1/407، 3/307) .
(3) أحمد (4/4) ، مسلم (1/415) ، أبو داود (2/82) ، النسائي (3/70) .(1/388)
1220 - وعن المغيرة بن شعبة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» متفق عليه (1) .
1221 - وعن عبد الله بن عُمَر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خصلتان لا يُحْصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل: يسبح الله في دبر كل صلاة عشرًا، ويكبر عشرًا، ويحمده عشرًا، قال: فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعقدها بيده، فتلك خمسون ومائة في اللسان وألف وخمسمائة في الميزان» رواه الخمسة وصححه الترمذي (2) .
1222 - وعن أبي هريرة قال: «جاء الفقراء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم ولهم الفضل من الأموال، يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون، قال: ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانَيْه إلا من عمل مثله؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، فاختلفنا بيننا، فقال بعضنا نسبح ثلاثًا وثلاثين،
_________
(1) البخاري (1/289، 5/2332، 6/2439، 2659) ، مسلم (1/414، 415) ، أحمد (4/245، 247، 250، 254، 255) ، وهو عند النسائي (3/70، 71) ، وأبو داود (2/82) .
(2) أبو داود (4/316) ، النسائي (3/74) ، الترمذي (5/478) ، ابن ماجه (1/299) ، أحمد (2/160، 204) ، وهو عند ابن حبان (5/354، 361) .(1/389)
ونحمد ثلاثًا وثلاثين، ونكبر أربعًا وثلاثين، فرجعت إليه فقال: يقول سبحان الله! والحمد لله والله أكبر حتى يكون منهن كلهن ثلاثًا وثلاثين» هذا لفظ البخاري (1) . ولمسلم (2) «قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» .
1223 - وعنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سبح دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسع وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر» رواه مسلم (3) .
1224 - وعن سعد بن أبي وقاص: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ بهن دبر الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أُرَدَّ إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر» رواه البخاري والترمذي وصححه (4) .
1225 - وعن أم سلمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: اللهم إني أسألك علمًا نافعًا وزرقًا طيبًا وعملًا متقبلًا» رواه أحمد وابن
_________
(1) البخاري (1/289) .
(2) مسلم (1/416) .
(3) مسلم (1/418) ، وهو عند أحمد (2/371، 483) ، وابن خزيمة (1/369) ، والبيهقي (2/187) .
(4) البخاري (3/1038) ، الترمذي (5/562) ، وهو عند النسائي (8/256، 266) .(1/390)
ماجه (1) بإسناد رجاله ثقات إلا مولى أم سلمة وهو مجهول.
1226 - وعن أبي أمامة قال: «قيل: يا رسول الله! أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات» رواه الترمذي وحسنه (2) .
1227 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من وصول الجنة إلا الموت» رواه النسائي وصححه ابن حبان (3) وزاد فيه الطبراني (4) : «قل هو الله أحد» .
1228 - وعن علي رضي الله عنه قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم من الصلاة قال: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر» رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح (5) .
1229 - وعن البراء: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بعد الصلاة: رب قني عذابك يوم تبعث عبادك» رواه مسلم (6) .
1230 - وعن أبي ذر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثانِ رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد
_________
(1) أحمد (6/294، 318، 322) ، ابن ماجه (1/298) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6/31) ، وأبو يعلى (12/361، 382، 431) ، والطبراني في "الصغير" (2/36) .
(2) الترمذي (5/526) .
(3) النسائي في "الكبرى" (6/30) .
(4) الطبراني في "الكبير" (8/114) .
(5) تقدم برقم (1011) .
(6) مسلم (1/492) ، وهو عند أحمد (4/290، 304) .(1/391)
يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات، كتب له عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات ورفع به عشر درجات، وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه وحرس من الشيطان، ولم يتسع لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله» أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح (1) .
1231 - وعن عمارة بن شبيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات على إثر المغرب؛ بعث الله له ملائكة يحفظونه من الشيطان حتى يصبح، وكتب له بها عشر حسنات موجبات، ومحي عنه عشر سيئات موبقات، وكانت له بعدل عشر رقاب مؤمنات» أخرجه النسائي والترمذي (2) وحسنه، وفي إسناده رشدين بن سعد وفيه مقال (*) .
[3/137] باب ما جاء في عدّ التسبيح بالأنامل والحصى
1232 - عن يسيرة (3) وكانت من المهاجرات قالت: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عليكن بالتهليل والتسبيح ولا تغفلن فتنسين الرحمة، واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات» رواه أحمد والترمذي، وقال: غريب، وأبو داود والحاكم (4)
_________
(1) الترمذي (5/515) .
(2) النسائي في "الكبرى" (6/149) ، الترمذي (5/544) .
(3) في الأصل: بُسْرَةَ.
(4) أحمد (6/370-371) ، الترمذي (5/571) (3583) ، أبو داود (2/81) (1501) ، الحاكم (1/732) ، وهو عند ابن حبان (3/122) ، والطبراني في "الكبير" (25/73، 74) ، وعبد بن حميد (1/454) (1570) ، وأبي نعيم في الحلية (2/68) ، وابن سعد في الطبقات الكبرى (8/310) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال: "وفي إسناده رشدين بن سعد وفيه مقال"، وليس في الحديث رشدين بن سعد، وإنما الليث بن سعد، وقد تبع المؤلف صاحب "نيل الأوطار" (1/151) .(1/392)
وصحح إسناده السيوطي.
1233 - وعن سعد بن أبي وقاص: «أنه دخل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على امرأة وبين يديها نواء أو حصى تسبح به فقال: أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو أفضل: سبحان الله عدد ما خلق في السماء، وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض! وسبحان الله عدد ما بين ذلك، وسبحان الله عدد ما هو خالق! والله أكبر مثل ذلك، والحمد لله مثل ذلك، ولا إله إلا الله مثل ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك» رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه (1) .
1234 - وعن صفية قالت: «دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين يدي أربعة آلاف نواة أُسبّح بها، فقالت: لقد سبحت بهذا. فقال: ألا أعلمك بأكثر مما سبحت به؟ فقالت: علمني، قال: قولي سبحان الله عدد خلقه!» رواه الترمذي والحاكم (2) وصححه السيوطي، وفي لفظ بعد قوله: «أسبح بها» فقال: «ما هذا يا بنت حيي؟ قلت: أسبح بهن قال: قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا، قلت: علمني يا رسول الله! قال: قولي: سبحان الله عدد ما خلق من شيء» عزاه السيوطي في "المنحة" إلى الترمذي والحاكم والطبراني.
1235 - وعن ابن عمر أنه قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يعقد التسبيح» أخرجه أبو
_________
(1) أبو داود (2/80) (1500) ، الترمذي (5/562) (3568) ، النسائي في اليوم والليلة كما في التحفة (3/325) ، الحاكم (1/732) ، وهو عند ابن حبان (3/118) (837) ، وأبو يعلى (2/66) .
(2) الترمذي (5/555) (3554) ، الحاكم (1/732) ، الطبراني في "الكبير" (24/74) ، و"الأوسط" (8/236) .(1/393)
داود والترمذي وحسنه النسائي والحاكم وصححه (1) ، وأبو داود وزاد (2) : «بيمينه» ، وقد ألف السيوطي جزءًا سمّاه المنحة في السُّبْحة، وساق الأدلة هذه فيه وآثارًا وقال في آخره: ولم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف المنع من جواز عد الذكر بالسُّبْحة، بل كان أكثرهم يعدونه بها ولا يرون بذلك مكروهًا. اهـ.
* * *
_________
(1) الترمذي (5/478، 521) ، النسائي (3/79) ، و"الكبرى" (1/304) ، الحاكم (1/731، 732) ، وهو عند ابن حبان (3/123) ، والبيهقي (2/253) .
(2) أبو داود (2/81) وهي عند البيهقي (2/187) .(1/394)
أبواب ما يبطل الصلاة وما يكره وما يشرع فيها
[3/138] باب ما جاء في بطلان الصلاة بالحدث
1236 - عن علي بن طَلْق قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف ويتوضأ وليُعد ِالصلاة» رواه الخمسة وصححه ابن حبان (1) .
1237 - وقد تقدم (2) في باب نواقض الوضوء حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» متفق عليه.
[3/139] باب النهي عن الصلاة بحضرة الطعام ومدافعة الأخْبَثَين
1238 - عن عائشة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (3) .
1239 - وعن عبد الله بن الأرقم قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا أراد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة» أخرجه النسائي ومالك في "الموطأ"، وأخرجه الترمذي بلفظ: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا أقيمت الصلاة ووجد
_________
(1) أبو داود (1/53، 263) ، النسائي في "الكبرى" (5/325) ، الترمذي (3/468، 469) ، أحمد (1/86) ، ابن حبان (6/8) ، وهو عند البيهقي (2/255) .
(2) تقدم برقم (345) .
(3) أحمد (6/43، 54، 73) ، مسلم (1/393) ، أبو داود (1/22) .(1/395)
أحدكم الخلاء فليبدأ بالخلاء» وقال الترمذي: حسن صحيح، وأخرجه أبو داود بنحوه وابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين (1) .
[3/140] باب النهي عن الخروج من الصلاة
حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا
1240 - عن عَبَّاد بن تميم عن عمه قال: «شكى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل يُخَيَّلُ إليه أنه يجد شيئًا في الصلاة فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) .
1241 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا فأشكل عليه أخرج شيء أم لا، فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» رواه مسلم والترمذي (3) ، قال النووي: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الدين وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصلها ولا يضر الشك الطارئ عليها.
1242 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يأتي أحدكم الشيطان في
_________
(1) النسائي (2/110) ، مالك (1/159) ، الترمذي (1/262-263) ، أبو داود (1/22) ، ابن حبان (5/427) ، الحاكم (1/273) ، وهو عند أحمد (3/483) ، وابن ماجه (1/202) ، وابن خزيمة (2/65) .
(2) البخاري (1/64، 77، 2/725) ، مسلم (1/276) ، أبو داود (1/45) ، النسائي (1/98) ، ابن ماجه (1/171) ، أحمد (4/40) .
(3) مسلم (1/276) ، الترمذي (1/109) .(1/396)
صلاته فينفخ في مقعدته، فُيُخَيل إليه أنه أحدث ولم يحدث، فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» أخرجه البزار (1) .
1243 - وأصله في الصحيحين (2) من حديث عبد الله بن زيد.
1244 - وللحاكم (3) عن أبي سعيد مرفوعًا: «إذا جاء أحدكم الشيطان فقال: إنك أحدثت؛ فليقل: كذبت» وأخرجه ابن حبان (4) بلفظ: «فليقل في نفسه» .
[3/141] باب النهي عن الكلام في الصلاة
1245 - عن زيد بن أرقم قال: «كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: ((وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)) [البقرة:238] فأمرنا بالسكوت» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (5) وزاد مسلم: «ونُهينا عن الكلام» .
1246 - وعن ابن مسعود قال: «كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي فسلمنا عليه، فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله! كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا! فقال: إن في الصلاة لَشُغْلًا» متفق عليه (6) . وأخرجه أبو داود (7) في رواية له قال: «كنا نسلم في الصلاة ونأمر بحاجتنا،
_________
(1) البزار (1/147) (281) كشف الأستار.
(2) تقدم قريبًا برقم (1240) .
(3) الحاكم (1/227، 470) .
(4) ابن حبان (6/389) .
(5) البخاري (1/402، 4/1648) ، مسلم (1/383) ، أبو داود (1/249) ، النسائي (3/18) ، الترمذي (2/256، 5/218) ، أحمد (4/387) .
(6) البخاري (1/402، 407، 3/1407) ، مسلم (1/382) ، أحمد (1/376، 409) .
(7) أبو داود (1/243) .(1/397)
فقدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي السلام، فأخذني ما قَدُم وما حَدُث، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة قال: إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث ألا تتكلموا في الصلاة، فرد علىّ السلام» وصححه ابن حبان ولأحمد والنسائي (1) بمعناها، وزاد: «كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ كنا بمكة قبل أن نأتي أرض الحبشة، فلما قدمنا من أرض الحبشة أتيناه فسلمنا عليه فلم يرد» وساق تمام الرواية، وقد أخرجها ابن حبان في "صحيحه".
1247 - وعن معاوية بن الحكم قال: «بينما أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكلاه! ما شأنكم تنظرون إليّ! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُصَمِّتونني سكت، فلما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فو الله ما كَهَرَني (2) ولا ضربني ولا شتمني، فقال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود (3) وهو مختصر من حديث طويل فيه النهي عن إتيان الكهّان والتطير والخط، وذكر عتق الأمة التي سألها أين الله؟ فقالت: في السماء، فقال: اعتقوها فإنها مؤمنة، وفي رواية لأبي داود
_________
(1) أحمد (1/377) ، النسائي (3/19) ، ابن حبان (6/15، 16) .
(2) قوله ما كهرني،: أي: ما انتهرني. والكهر: الانتهار، قاله أبو عبيد، وقرأ عبد الله بن مسعود ((فأما اليتيم فلا تكهر)) ، وقيل الكهر: العبوس في وجه من تلقاه. اهـ. "نيل الأوطار".
(3) أحمد (5/447، 448) ، مسلم (1/381) ، النسائي (3/16-17) ، أبو داود (1/245، 255) .(1/398)
(1) : «لا يحل» مكان «لا يصلح» ، وفي رواية لأحمد (2) : «إنما هي التسبيح والتكبير والتحميد، وقراءة القرآن» .
[3/142] باب إذا دعا الجاهل أو تكلم بما لا يجوز في الصلاة
لم تبطل صلاته
1248 - عن أبي هريرة قال: «قام النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة وقمنا معه، فقال أعرابي وهو في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، فلما سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي: لقد تحجرت واسعًا يريد رحمة الله» رواه أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي (3) ، وهذا الأعرابي هو الذي بال في ناحية المسجد، فقد ثبت في بعض الروايات (4) من حديث أبي هريرة «ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد» .
[3/143] باب ما جاء في النحنحة والنفخ في الصلاة
1249 - عن علي رضي الله عنه قال: «كان لي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدخلان بالليل والنهار، وكنت إذا دخلت عليه وهو يصلي يتنحنح لي» رواه أحمد وابن ماجه والنسائي (5) بمعناه، وصححه ابن السكن، وقد اختلف في إسناده ومتنه فقيل: تسبّح، وقيل: تنحنح، ومداره على عبد الله بن يحيى الحضرمي، قال البخاري: فيه نظر.
_________
(1) أبو داود (1/244) ، وهي عند الطبراني في "الكبير" (19/402) .
(2) أحمد (5/448) .
(3) أحمد (2/283) ، البخاري (5/2238) ، أبو داود (1/233) ، النسائي (3/14) .
(4) أبو داود (1/103) ، الترمذي (1/275) ، ابن ماجه (1/176) ، أحمد (2/239) .
(5) أحمد (1/80) ، ابن ماجه (2/1222) ، النسائي (3/12) .(1/399)
1250 - وعن عبد الله بن عمرو «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفخ في الصلاة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي والبخاري تعليقًا (1) .
1251 - ولأحمد (2) بمعناه من حديث المغيرة، ولفظ أبي داود (3) : «ثم نفخ في آخر سجوده فقال: أف أف، ثم قال: يا رب! ألم تعدني ألا تعذبهم وأنا فيهم، ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون، ففزع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد انمحَصَت الشمس» وللنسائي بمعناه، وقد وردت أحاديث قاضية بكراهة النفخ في الصلاة وفي السجود وكلها ضعيفة لا تقوم بمثلها حجة.
[3/144] باب البكاء في الصلاة من خشية الله
قال الله تعالى: ((إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيّا))
1252 - عن عبد الله بن الشِّخِّير قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وفي صدره أَزِيْز كأزيز المِرْجَل من البكاء» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه ابن حبان وابن خزيمة (4) .
_________
(1) أحمد (2/159) ، أبو داود (1/310) ، الترمذي في الشمائل (325) ، النسائي (3/137-138) ، البخاري تعليقًا (1/406) .
(2) أحمد (4/245) .
(3) هذا لفظ أبي داود (1/310) من حديث عبد الله بن عمرو.
(4) أبو داود (1/238) ، النسائي (3/13) ، الترمذي في الشمائل (323) ، أحمد (4/25، 26) ، ابن حبان (2/439، 3/30) ، ابن خزيمة (2/53) ، وهو عند الحاكم (1/396) ، والبيهقي (2/251) .(1/400)
1253 - وعن ابن عمر قال: «لما اشتد برسول الله وجعه قيل له الصلاة قال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، فقالت عائشة: أن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ غَلَبَه البكاء، فقال: مُروه فليصلّ، فعاودته فقال: مُروه فليصلّ» رواه البخاري (1) .
1254 - ومعناه متفق عليه (2) من حديث عائشة.
قوله: «أزيز» بفتح الألف بعدها زاي مكسورة، ثم تحتانية ساكنة ثم زاي هو صوت القدر. «والمرجل» بكسر الميم وفتح الجيم قدر من نحاس.
[3/145] باب حمد الله في الصلاة لعطاس أو حدوث نعمة
وما جاء في وضع اليد على الفم
1255 - عن رفاعة بن رافع قال: «صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فعطست، فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، فلما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: مَن المتكلم في الصلاة؟ فلم يتكلم أحد، ثم قالها ثانية، فلم يتكلم أحد، ثم قالها ثالثة فقال رفاعة: أنا يا رسول الله! فقال: والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضع وثلاثون ملكًا أيهم يصعد بها» رواه النسائي والترمذي (3) والبخاري (4) ولم
_________
(1) البخاري (1/241) .
(2) البخاري (1/236، 240، 251، 252، 3/1238، 6/2663) ، مسلم (1/313) ، أحمد (6/96، 159، 202، 210، 224، 229، 270) ، وهو عند النسائي (2/99) ، والترمذي (5/613) ، وابن ماجه (1/389) .
(3) النسائي (2/145) ، الترمذي (2/254) ، وهو عند أبي داود (1/205) ، والحاكم (3/257) ، والبيهقي (2/95) .
(4) البخاري (1/275) ، وهو بلفظ البخاري عند أبي داود (1/204) ، والنسائي (2/196) ، وأحمد (4/340) ، وابن حبان (5/235-236) ، وابن خزيمة (1/311) .(1/401)
يذكر العطاس فيه، ولفظه: عن رفاعة بن رافع الزُّرَقي قال: «كنا يومًا نصلّي وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما انصرف قال: من المتكلم؟ قال: أنا، قال: رأيت بضعًا وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أوَّلًا» انتهى.
1256 - وسيأتي (1) إن شاء الله في باب ما جاء في الإمام ينقلب مأمومًا حديث سهل بن سعد وفيه قصة صلاة أبي بكر بالناس حين ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وفيه: «فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يتلفت في الصلاة فلما أكثر الناس التصفيق التفت، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم -» متفق عليه.
1257 - ولأبي داود (2) من حديث أبي هريرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض أو غض بها صوته» وصححه الترمذي.
[3/146] باب التثاؤب في الصلاة وما يصنع حاله
1258 - عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «العطاس والنعاس والتثاؤب في الصلاة من الشيطان» أخرجه الترمذي (3) وحسنه.
_________
(1) سيأتي برقم (1674) .
(2) أبو داود (4/307) ، وهو بمعناه عند أحمد (2/439) ، والبيهقي (2/290) .
(3) الترمذي (5/87) .(1/402)
1259 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءبَ أحدكم فليكظم ما استطاع» رواه مسلم والترمذي (1) وزاد: «في الصلاة» .
1260 - وهي لأبي داود (2) من حديث أبي سعيد وفيه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تثائب أحدكم فليمسك على فيه، فإن الشيطان يدخل» (*) .
1261 - وللبخاري (3) من حديث أبي هريرة عن النبي: «إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يُشَمِّتَه، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليرده ما استطاع، فإذا قال: ها، ضحك منه الشيطان» .
[3/147] باب من نابه شيء في الصلاة فإنه يسبح والمرأة تصفق
1262 - عن سهل بن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نابه شيء في صلاته فليسبّح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء» أخرجه مسلم مطولًا وفيه قصة صلاة أبي بكر بالناس، وسيأتي (4) إن شاء الله في باب ما جاء في الإمام ينتقل مأمومًا من أبواب الجماعة، وللبخاري والنسائي وأبي داود معناه.
1263 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «التسبيح للرجل والتصفيق للمرأة
_________
(1) مسلم (4/2293) (2994) ، الترمذي (2/206) ، وهو بمعناه عند البخاري (3/1197) ، وأحمد (2/397، 516)
(2) أبو داود (4/306) (5026) ، وهو عند مسلم (4/2293) (2995) ، وأحمد (3/96) من حديث أبي سعيد.
(3) البخاري (5/2297، 2298) (5869، 5872) .
(4) سيأتي برقم (1674) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قال المصنف: "وهي لأبي داود من حديث أبي سعيد وفيه ... " ثم ذكر الحديث، وأبو داود روى حديث أبي سعيد بمثل معنى حديث أبي هريرة السابق، لكن هذا اللفظ الذي ذكره المصنف على أنه من حديث أبي سعيد، وهو من حديث أبي هريرة عند البخاري (5/2297، 2298) ، والترمذي (5/87) ، وأحمد.(1/403)
في الصلاة» رواه الجماعة (1) ولم يذكر البخاري وأبو داود والترمذي «في الصلاة» .
1264 - وعن علي رضي الله عنه قال: «كانت لي ساعة من السِّحر أدخل فيها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن كان قائمًا يصلي، سبح لي فكان ذلك إذنه لي وأن لم يكن يصلي أذن لي» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (2) وصححه ابن السكن، وقد قدمنا (3) أنه اختلف في إسناده ومتنه في باب ما جاء في النحنحة.
[3/148] باب المصلي يدعو ويذكر الله إذا مرّ بآية رحمة أو عذاب أو ذكر
1265 - قد تقدم (4) حديث حذيفة في باب ما جاء في قراءة سورتين في ركعة وفيه في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوّذ تعوّذ» رواه أحمد ومسلم.
1266 - وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في صلاة ليست بفريضة فمر بذكر الجنة والنار فقال: أعوذ بالله من النار، ويل لأهل النار» رواه أحمد وابن ماجه (5) بمعناه.
_________
(1) البخاري (1/403) ، مسلم (1/318، 319) ، أبو داود (1/247، 248) ، النسائي (3/11، 12) ، الترمذي (2/205) ، ابن ماجه (1/329) ، أحمد (2/261، 317، 376، 432، 440، 473، 492، 507، 529) .
(2) بهذا اللفظ عند أحمد (1/77) ، والنسائي في "الكبرى" (5/141) ، وأبي يعلى (1/444) ، والبيهقي (2/247) .
(3) تقدم برقم (1249) .
(4) تقدم برقم (1069) .
(5) أحمد (4/347) ، ابن ماجه (1/429) ، وهو عند أبي داود (1/233) ، والبيهقي (2/310) ، والطبراني في "الكبير" (7/79) .(1/404)
1267 - وعن عائشة قالت: «كنت أقوم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة التمام، فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها تخويف إلا دعا الله عز وجل واستعاذ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله عز وجل ورغب إليه» رواه أحمد (1) ويشهد لصحته حديث حذيفة المتقدم.
1268 - وعن موسى ابن أبي عائشة قال: «كان رجل يصلي فوق بيته، وكان إذا قرأ ((أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى)) [القيامة:40] قال: سبحانك! فبلى. فسألوه عن ذلك فقال: سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود (2) وسكت عنه المنذري ورجال إسناده ثقات، وموسى ابن أبي عائشة قال في التقريب: ثقة عابد من الخامسة وكان يرسل.
1269 - وعن عوف بن مالك قال: «قمت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فبدأ فاستاك وتوضأ، ثم قام فصلى فبدأ، فاستفتح البقرة لا يمرّ بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ثم ركع، فمكث راكعًا بقدر قيامه يقول في ركوعه: سبحان ذي الجَبَرُوت والملكوت والكبرياء والعظمة! ثم سجد بقدر ركوعه يقول في سجوده: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة! ثم قرأ آل عمران، ثم سورةً سورةً فعل مثل ذلك» رواه النسائي وأبو داود وأخرجه الترمذي (3) ورجال
_________
(1) أحمد (6/92) .
(2) أبو داود (1/233) ، وهو عند البيهقي (2/310) .
(3) أبو داود (1/230) ، الترمذي في الشمائل رقم (313) ، النسائي (2/223) ، وهو عند أحمد (6/24) .(1/405)
إسناده ثقات ولم يذكر أبو داود الوضوء والسواك، ولا أعاد ما يقول في السجود بل قال: «ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران ثم قرأ سورة سورة» .
[3/149] باب الإشارة في الصلاة برد السلام أو حاجة تعرض
1270 - عن ابن عمر قال: «قلت لبلال كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو في الصلاة؟ قال: يشير بيده» رواه الخمسة (1) إلا أن في رواية النسائي وابن ماجه «صهيبًا» مكان «بلال» ، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
1271 - وعن ابن عمر عن صهيب أنه قال: «مررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فسلمت، فرد إلىّ إشارة وقال لا أعلم إلا أنه قال: إشارة بإصبعه» رواه الخمسة إلا ابن ماجه (2) وقال الترمذي: كلا الحديثين عندي صحيح.
1272 - وعن أم سلمة: «أنها أرسلت جاريتها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: قومي بجنبه وقولي له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله! سمعتك تنهى عن هاتين وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري عنه، ففعلت الجارية فأشار بيده» الحديث أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود (3) . وقوله: «تنهى عن هاتين» أي: الركعتين بعد العصر.
_________
(1) أبو داود (1/243) ، النسائي (3/5) ، الترمذي (2/204) ، ابن ماجه (1/325) ، أحمد (6/12) ، الحاكم (3/13) .
(2) أبو داود (1/243) ، النسائي (3/5) ، الترمذي (2/203) ، أحمد (4/332) .
(3) سيأتي برقم (1382) .(1/406)
1273 - وعن عائشة قالت: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاكٍ، فصلى جالسًا ويصلي وراءه قوم قيامًا، فأشار إليهم أن اجلسوا» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود ومالك في "الموطأ" (1) .
1274 - وعن جابر قال: «اشتكى النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره، قال: فالتفت إلينا فرآنا قيامًا فأشار إلينا فقعدنا» أخرجه مسلم والنسائي (2) .
[3/150] باب كراهية الالتفات في الصلاة إلا من حاجة
1275 - عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هَلِكة، فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة» رواه الترمذي (3) وصححه.
1276 - وعن عائشة قالت: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة فقال: اختلاسٌ يختلسه الشيطان من صلاة العبد» رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داود (4) .
1277 - وعن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال الله مقبلًا على العبد
_________
(1) البخاري (1/244، 374، 415، 5/2142) ، مسلم (1/309) ، أبو داود (1/165) ، مالك (1/135) ، وهو عند ابن ماجه (1/392) ، وأحمد (6/51،57، 148) .
(2) مسلم (1/309) ، النسائي (3/9) ، وهو عند ابن ماجه (1/393) ، وأحمد (3/334) .
(3) الترمذي (2/484) .
(4) أحمد (6/70، 106) ، البخاري (1/261، 3/1198) ، النسائي (3/8) ، أبو داود (1/239) ، وهو عند الترمذي (2/484) .(1/407)
في صلاته ما لم يلتفت فإذا صرف وجهه انصرف عنه» رواه أحمد والنسائي وأبو داود، وفي رواية: «فإذا التفت انصرف عنه» ، والحديث في إسناده أبو الأحوص قد تكلم فيه، وقد صحح له الترمذي وابن حبان، وأخرج الحديث ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (1) .
1278 - وقد روى الترمذي (2) نحوه من حديث الحارث الأشعري وصححه ولفظه: «إن الله يأمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا، فإن الله تعالى ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت» .
1279 - وعن ابن الحَنْظلية (3) قال: «ثوب بالصلاة يعني صلاة الصبح، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وهو يلتفت إلى الشِّعْب» رواه أبو داود وقال: وكان أرسل فارسًا إلى الشعب من الليل يحرسه، وأخرجه الحاكم (4) وقال: على شرط الشيخين، وحسنه الحازمي.
1280 - وقد ثبت (5) أن أبا بكر التفت لمجيء النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الظهر، والتفت الناس لخروجه - صلى الله عليه وسلم - في مرض موته ولم ينكر عليهم.
_________
(1) أحمد (5/172) ، النسائي (3/8) ، أبو داود (1/239) ، ابن خزيمة (1/244) ، وهو عند الحاكم (1/361) ، والبيهقي (2/281، 282) ، والدارمي (1/390) .
(2) جزء من حديث طويل عند الترمذي (5/148) ، وأحمد (4/130، 220) .
(3) هو سهل بن الحنظلية واسم أبيه: الربيع بن عمرو بن عدي بن زيد بن جثم الأنصاري، نزيل الشام شهد أحدًا والخندق والمشاهد، توفي زمن معاوية. اهـ خلاصة.
(4) أبو داود (1/241) ، الحاكم (2/93) ، وهو عند البيهقي (9/149) ، والنسائي في "الكبرى" (5/273) ، والطبراني في "الكبير" (6/96) .
(5) سيأتي برقم (1674) .(1/408)
قوله: «اختلاس» قال في "النهاية": الاختلاس افتعال من الخلسة وهو ما يؤخذ سلبًا.
[3/151] باب النهي عن تشبيك الأصابع في المسجد
والتخصر والاعتماد على اليد إلا لحاجة
1281 - عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن فإن التشبيك من الشيطان، فإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه» رواه أحمد (1) ، قال في "مجمع الزوائد": وإسناده حسن، وحسن إسناده أيضًا المنذري.
1282 - ولابن خزيمة (2) نحوه في "صحيحه" من حديث أبي هريرة.
1283 - وعن كعب بن عُجْرَة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدًا إلى الصلاة فلا يشبكن بين يديه فإنه في صلاة» رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد والترمذي وابن حبان في "صحيحه" (3) .
1284 - وعن كعب بن عُجْرَة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا قد شبك بين أصابعه في الصلاة ففرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أصابعه» رواه ابن ماجه (4) وفي إسناده علقمة بن عمرو.
_________
(1) أحمد (3/42، 54) .
(2) ابن خزيمة (1/226) .
(3) أحمد (4/241، 242) ، أبو داود (1/154) ، الترمذي (2/228) ، ابن حبان (5/382-383، 524) ، وهو عند ابن خزيمة (1/227) ، والبيهقي (3/230) .
(4) ابن ماجه (1/310) .(1/409)
1285 - وأما ما روي في حديث ذي اليدين: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان وشبك بين أصابعه» أخرجه الشيخان (1) من حديث أبي هريرة فلا يعارض هذه الأحاديث لأن النهي عن التشبيك إنما هو في الصلاة، والمنتظر حكمه حكم المصلي، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصّة جازم بأنه قد فرغ من الصلاة فالتشبيك منه - صلى الله عليه وسلم - في حالة مباحة.
1286 - وعن معاذ بن أنس (2) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الضاحك في الصلاة والملتفت والمُفَقّع أصابعه بمنزلة واحدة» أخرجه أحمد والطبراني (3) وفي إسناده ابن لَهِيْعة.
1287 - وقد روى ابن ماجه (4) عن علي رضي الله عنه قال: «لا تفقع أصابعك في الصلاة» وفي إسناده الحارث الأعور.
1288 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التَّخَصُّر في الصلاة» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (5) .
1289 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الاختصار في الصلاة راحة أهل النار»
_________
(1) سيأتي برقم (1587) .
(2) في الأصل: وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(3) أحمد (3/438) ، الطبراني في "الكبير" (20/189، 190) ، وهو عند البيهقي (2/289) ، والدارقطني (1/175) .
(4) ابن ماجه (1/310) .
(5) البخاري (1/408) ، مسلم (1/387) ، أبو داود (1/249) ، النسائي (2/127) ، الترمذي (2/222) ، أحمد (2/232، 290، 295) .(1/410)
رواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (1) .
1290 - وعن ابن عمر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده» رواه أحمد وأبو داود (2) ، وفي لفظ لأبي داود (3) : «نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده» والحديث أخرجه أبو داود عن الإمام أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر، وسكت عنه أبو داود والمنذري.
1291 - وعن أم قيس بنت مِحْصَنٍ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسَنّ وحمل اللحم اتخذ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه» رواه أبو داود (4) بإسناده فيه مجهول.
... قوله: «لا تفقع» بالتاء المثناة الفوقانية بعدها فاء، ثم قاف مشددة مكسورة، ثم عين مهملة، والتفقيع: هو غمز الأصابع حتى يسمع لها صوت. قوله: «التخصر» هو وضع اليد على الخاصرة كذا قاله الترمذي في "سننه".
[3/152] باب النهي عن تجريد المنكبين في الصلاة
وما جاء في الصلاة في ثوب يخشى منه انكشاف العورة
1292 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يصلين أحدكم في
_________
(1) ابن خزيمة (2/57) ، ابن حبان (6/63) ، وهو عند البيهقي (2/287) .
(2) أبو داود (1/260) (992) ، وهو عند البيهقي (2/135) ، وأحمد (2/147) ، وابن خزيمة (1/343) ، والحاكم (1/353) .
(3) أبو داود (1/260) (992) .
(4) أبو داود (1/249) ، وهو عند البيهقي (2/288) .(1/411)
الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء» رواه البخاري ومسلم (1) ، ولكن قال: «على عاتقيه» ولأحمد اللفظان (*) .
1293 - وعنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من صلى في ثوب واحد فليخالف بطرفيه» رواه البخاري وأحمد وأبو داود (2) وزاد «على عاتقيه» .
1294 - وعن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا صليت في ثوب واحد، فإن كان واسعًا فالتحف به، وإن كان ضيقًا فأتزر به» متفق عليه (3) ، ولفظه لأحمد، وفي لفظ (4) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ما اتسع الثوب فلتعاطف به على منكبيك ثم صلّ، وإذا ضاق عن ذلك فشُدّ به حقوك ثم صل من غير رداء» .
1295 - وعن سَلَمة بن الأكوع قال: «قلت يا رسول الله! إني أكون في الصيد وأصلي، وليس علي إلا قميص واحد، قال: فزره، وإن لم تجد إلا شوكة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة والشافعي وابن حبان والحاكم، وقال حديث مدني صحيح، انتهى. وعلقه البخاري في "صحيحه" ووصله في "تاريخه" (5) وفي إسناده مقال.
_________
(1) البخاري (1/141) ، مسلم (1/368) ، أحمد (2/243، 464) .
(2) البخاري (1/141) ، أحمد (2/255، 266، 427، 520) ، أبو داود (1/169) .
(3) البخاري (1/142) ، مسلم (4/2306) ، أحمد (3/328) .
(4) اللفظ لأحمد (3/335) .
(5) أحمد (4/49، 54) ، أبو داود (1/170) ، النسائي (2/70) ، ابن خزيمة (1/381) ، الشافعي (1/22) ، ابن حبان (6/71) ، الحاكم (1/379) ، البخاري معلقًا (1/139) ، ووصله في "التاريخ" (1/296) ، وهو عند البيهقي (2/240) ، والطبراني في "الكبير" (7/29) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
لفظ "عاتقيه" هي عند البخاري وذكرها ابن حجر في الفتح (1/561) ، وقال: وفي رواية "عاتقه"، وذكرها ابن رجب في شرح البخاري (2/151 ط ابن الجوزي) بلفظ "عاتقه".(1/412)
1296 - وعن عروة بن عبد الله عن معاوية بن قُرَّة عن أبيه قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في رهط من مزينة فبايعناه وإن قميصه لمطلق قال: فبايعته وأدخلت يدي فمسست الخاتم قال عروة: فما رأيت معاوية ولا ابنه في شتاء ولا حر إلا مطلقي إزارهما لا يزرران أبدًا» رواه أحمد وأبو داود والترمذي في الشمائل (1) ، ورجال إسناده ثقات إلا أبا نعيم عبد الرحمن بن هانئ، فقال في "الكاشف": اختلف في توثيقه، وقال في "التقريب": صدوق انتهى. وأخرج الحديث ابن ماجه.
[3/153] باب الصلاة في ثوبين وواحد
1297 - عن أبي هريرة: «أن سائلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في ثوب واحد، فقال: أو لكلكم ثوبان» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) .
1298 - وعن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في ثوب واحد متوشحًا به» متفق عليه (3) .
1299 - وعن عمر بن أبي سلمة قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في ثوب واحد متوشحًا به في بيت أم سلمة قد ألقى طرفيه على عاتقه» رواه الجماعة (4) .
_________
(1) أحمد (3/434، 4/19، 5/35) ، أبو داود (4/55) ، الترمذي في الشمائل (59) ، ابن ماجه (2/1184) ، وهو عند ابن حبان (12/266) ، والطبراني في "الكبير" (19/21) .
(2) البخاري (1/141، 143) ، مسلم (1/367، 368) ، أبو داود (1/169) ، النسائي (2/69) ، ابن ماجه (1/333) ، أحمد (2/230، 238، 265) .
(3) البخاري (1/140) ، مسلم (1/369) ، أحمد (3/356) .
(4) البخاري (1/140) ، مسلم (1/368، 369) ، أبو داود (1/169) ، النسائي (2/70) ، الترمذي (2/166) ، ابن ماجه (1/333) ، أحمد (4/26، 27) .(1/413)
[3/154] باب ما جاء في النهي عن الإسبال
والسّدْل والتلثّم في الصلاة
1300 - قد تقدم (1) في كتاب اللباس حديث أبي هريرة، وفيه: «أن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل أزاره» رواه أبو داود بإسناد فيه أبو جعفر وهو مجهول.
1301 - وذكر في "مجمع الزوائد" هذا الحديث عن عطاء بن يسار عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وقال النووي: الحديث إسناده على شرط مسلم (2) ، وقد تقدم في باب النهي عن الإسبال أحاديث صحيحة غير مقيدة بحال الصلاة، وحال الصلاة داخلة تحت العموم فارجع إليها.
1302 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السدل في الصلاة وأن يُغَطِّي الرجل فاه» رواه أبو داود (3) ولأحمد والترمذي (4) منه النهي عن السدل، ولابن ماجه (5) النهي عن تَغْطية الفم، وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث عِسْل بن سفيان، وقال الحافظ: وعسل بن سفيان لم يتفرد به، فقد شاركه في الرواية
_________
(1) تقدم برقم (802) .
(2) تقدم برقم (802) .
(3) أبو داود (1/174) ، الحاكم (1/384) ، وهو عند ابن حبان (6/117) ، وابن خزيمة (1/379، 2/60) ، والبيهقي (2/242) .
(4) أحمد (2/295، 241، 345، 348) ، الترمذي (2/217) ، وهو عند ابن حبان (6/67) ، والبيهقي (2/242) .
(5) ابن ماجه (1/310) .(1/414)
عن عطاء الحسن بن ذكوان، والحديث قد أخرجه الحاكم في "المستدرك" مثل رواية أبي داود وقال: صحيح على شرط الشيخين.
قوله: «مسبل» الإسبال بالسين المهملة والموحدة قال في "الدر النثير" إسبال الإزار: إرساله إلى الأرض. قوله: «السدل» بالسين المهملة المشددة بعدها دال مهملة ساكنة، قال في "الدر النثير": هو أن يضع الرداء على رأسه ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه وهو شعار اليهود. قوله: «عِسْل» بكسر العين وإسكان السين المهملتين هو ابن سفيان التميمي اليربوعي وكنيته أبو مرة، ضعيف قاله المنذري.
[3/155] باب كراهية اشتمال الصماء
1303 - عن أبي هريرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد ليس على أحد شقيه منه شيء» متفق عليه (1) ، وفي لفظ لأحمد (2) : «نهى عن لبستين أن يحتبي أحدكم في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء، وأن يشتمل في إزاره إذا ما صلى إلا أن يخالف بين طرفيه على عاتقه» .
1304 - وعن أبي سعيد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن اشتمال الصَّماء والاحْتباء في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء» رواه الجماعة إلا الترمذي (3) ، فإنه (4) رواه
_________
(1) البخاري (1/144، 2/754، 5/2190، 2191) ، مسلم (1/368) ، أحمد (2/419، 491) .
(2) أحمد (2/319) .
(3) البخاري (1/144، 2/702، 754، 5/2191) ، أبو داود (2/319، 3/254) ، النسائي (8/210) ، ابن ماجه (2/1179) ، أحمد (3/13، 46) .
(4) الترمذي (4/235) .(1/415)
من حديث أبي هريرة، وللبخاري (1) : «نهى عن لُبْستين، واللبستان اشتمال الصماء، والصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب، واللبسة الأخرى احتباؤه بثوب وهو جالس ليس على فرجه من شيء» .
قوله: «الصماء» بالصاد المهملة والميم المشددة.
[3/156] باب كراهية الصلاة في الثوب الغصب والحرير
1305 - عن ابن عمر قال: «من اشترى ثوبًا بعشرة دراهم وفيه درهم حرام لم يتقبل الله له عز وجل صلاة ما دام عليه، ثم أدخل إصبعه في أذنيه وقال: صمّتا إن لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعته يقوله» رواه أحمد وعَبْد بن حميد والبيهقي (2) وضعفه، وإسناده ضعيف.
1306 - وعن عقبة بن عامر قال: «أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَرُّوْجُ حرير فلبسه، ثم صلى فيه ثم انصرف فنزعه نزعًا شديدًا كالكاره له ثم قال: لا ينبغي هذا للمتقين» متفق عليه (3) .
1307 - وعن جابر بن عبد الله قال: «لبس النبي - صلى الله عليه وسلم - قباء ديباج أهدي إليه ثم أوشك أن نزعه وأرسل به إلى عمر، فقيل: أوشكت ما نزعته يا رسول الله؟ قال: نهاني عنه جبريل فجاءه عمر يبكي فقال: يا رسول الله كرهت أمرًا وأعطيتنيه فمالي؟ فقال: لم أعطكه لتلبسه، إنما أعطيتك تبيعه، فباعه بألفي درهم» رواه أحمد ولمسلم (4) نحوه.
_________
(1) البخاري (5/2191) .
(2) أحمد (2/98) ، عبد بن حميد في "مسنده" (1/267) ، البيهقي في شعب الإيمان (6114) .
(3) البخاري (1/147، 5/2186) ، مسلم (3/1646) ، أحمد (4/143، 149، 150) .
(4) أحمد (3/383) ، مسلم (3/1644) .(1/416)
[3/157] باب من فعل شيئًا في الصلاة وغيرها
مما لم يكن عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مردود
1308 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» متفق عليه (1) ، وفي رواية لأحمد (2) : «من صنع أمرًا على غير أمرنا فهو مردود» وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة مندرجة تحتها جزئيات الأحكام.
[3/158] باب كراهية الصلاة في ثوب له أَعْلام يشغل المصلي
أو في قبلته شيء يشغله
1309 - عن عائشة قالت: «قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في خميصة ذات أعلام، فنظر إلى علمها فلما قضى صلاته قال: اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جَهْم، وأخذ كساءً انبجانيًا» رواه مسلم (3) وهو للبخاري وأهل السنن إلا الترمذي (4) وفيه: فقال - صلى الله عليه وسلم -: «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي، وأتوني بأنْبَجَانِيَّة أبي جهم» .
_________
(1) البخاري (2/959) ، مسلم (3/1343) ، أحمد (6/240، 270) ، وهو عند أبي داود (4/200) ، وابن ماجه (1/7) .
(2) أحمد (6/73) ، وهي عند أبي داود (4/200) .
(3) مسلم (1/391، 392) .
(4) البخاري (1/146، 262، 5/2190) ، أبو داود (1/240، 4/49) ، النسائي (2/72) ، ابن ماجه (2/1176) ، وهو عند أحمد (6/37، 177، 199) .(1/417)
1310 - عن أنس قال: «كان قرام لعائشة قد سترت به جانب بيتها، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا يزال تصاويره تعرض لي في صلاتي» رواه أحمد والبخاري (1) .
1311 - وعن عثمان بن طلحة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاه بعد دخول الكعبة فقال: إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرها فخمرها، فإنه لا ينبغي أن يكون في قبلة البيت شيء يلهي المصلي» رواه أحمد وأبو داود (2) وفي إسناده اختلاف.
[3/159] باب ما جاء في كراهة الصلاة والقراءة حال النعاس
1312 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه» رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي (3) بلفظ: «إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف، فلعله يدعو على نفسه وهو لا يدري» .
1313 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم،
_________
(1) البخاري (1/147، 5/2222) ، أحمد (3/151، 283) .
(2) أحمد (4/68، 5/380) ، أبو داود (2/215) ، وهو عند البيهقي (2/438) والطبراني في "الكبير" (9/62) .
(3) مالك (1/118) ، البخاري (1/87) ، مسلم (1/542) ، أبو داود (2/33) ، الترمذي (2/186) ، النسائي (1/99) ، وهو عند ابن ماجه (1/436) وأحمد (6/56، 202، 205، 259) ، وهو بلفظ النسائي عند ابن حبان (6/320-321) .(1/418)
حتى يعلم ما يقرؤه» رواه البخاري والنسائي (1) إلا أنه قال: «إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينصرف وليرقد» .
1314 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قام أحدكم من الليل، فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول؛ فليضطجع» رواه أبو داود والترمذي (2) .
[3/160] باب ما جاء في مسح الحصى وتسويته في الصلاة
1315 - عن مُعَيْقِيب: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد «إن كنت فاعله فواحدة» رواه الجماعة (3) ، ولمسلم قال: «ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - المسح في المسجد يعني الحصاة قال: إن كنت لا بد فاعلًا فواحدة» ، وفي أخرى له: «أنهم سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المسح في الصلاة فقال: واحدة» وفي رواية للترمذي قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مسح الحصى في الصلاة فقال: إن كنت لا بد فاعله فمرة واحدة» .
1316 - وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة
_________
(1) البخاري (1/87) ، النسائي (1/215) ، وهو عند أحمد (3/100، 142، 150، 250) .
(2) أبو داود (2/33) ، وهو عند مسلم (1/543) ، وابن ماجه (1/436) ، وأحمد (2/318) ، وابن حبان (6/321) ، والبيهقي (3/16) ، والنسائي في "الكبرى" (5/20) .
(3) البخاري (1/404) ، مسلم (1/387، 388) ، أبو داود (1/249) ، النسائي (3/7) ، الترمذي (2/220) ، ابن ماجه (1/327) ، أحمد (3/426، 5/425) .(1/419)
فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى» رواه الخمسة (1) ، وفي رواية لأحمد (2) : «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - على كل شيء حتى سألته عن مسح الحصى فقال: واحدة أو دع» والحديث قد حسنه الترمذي، وقال الحافظ في "بلوغ المرام". رواه الخمسة بإسناد صحيح، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما".
[3/161] باب كراهية أن يصلي الرجل مَعْقُوص الشعر
1317 - عن ابن عباس: «أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه مَعْقوص إلى ورائه، فجعل يحله، فلما انصرف أقبل على ابن عباس فقال: مالك ورأسي؟ فقال: إني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنما مثل هذا كمثل الذي يصلي وهو مكتوف» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (3) ، وزاد أبو داود بعد قوله: «يحله» «فأقر له الآخر» .
1318 - وعن أبي رافع قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي الرجل ورأسه معقوص» رواه أحمد وابن ماجه (4) .
1319 - وعن أبي رافع: «مر بالحسن بن علي وهو يصلي وقد عقص ضفرته
_________
(1) أبو داود (1/249) ، النسائي (3/6) ، الترمذي (2/219) ، ابن ماجه (1/328) ، أحمد (5/149، 150، 179) ، وهو عند ابن حبان (6/49) ، ابن خزيمة (2/59) البيهقي (2/284) .
(2) أحمد (5/163، 385) ، وهي عند ابن خزيمة (2/60) ، وعبد الرزاق (2/39) .
(3) أحمد (1/304، 316) ، مسلم (1/355) ، أبو داود (1/174) ، النسائي (2/215) ، وهو عند ابن حبان (6/57) ، وابن خزيمة (2/57) ، والدارمي (1/371) ، والبيهقي (2/108) ، والطبراني في "الكبير" (11/413، 422) .
(4) أحمد (6/8، 391) ، ابن ماجه (1/331) .(1/420)
فحلها، فالتفت إليه الحسن مغضبًا فقال: أَقْبِل على صلاتك ولا تغضب فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ذلك كِفْل الشيطان» أخرجه الترمذي (1) وصححه، ولأبي داود معناه.
قوله: «عقص الشعر» هو ضفره وفتله، والعقاص خيط يشد به أطراف الذوائب.
[3/162] باب النهي عن كفت الثياب والشعر في الصلاة
1320 - عن ابن عباس قال: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نسجد على سبعة أعظم ولا نكف شعرًا ولا ثوبًا» متفق عليه (2) ، وفي رواية (3) : «ولا نكف الثياب ولا الشعر» وفي أخرى (4) : «نهى أن نكف الشعر والثياب» .
قوله: «لا نكف الثياب» قال في "الدر النثير": نهينا أن نكف الثياب، أي: نضمها ونجمعها باليدين عند الركوع والسجود.
[3/163] باب النهي عن الصلاة في لحاف لا يتوشح به
أو سراويل ليس عليه رداء
1321 - عن بُرَيْدَةَ قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نصلي في لحاف لا يتوشح به وأن
_________
(1) الترمذي (2/223) ، أبو داود (1/174) ، وهو عند البيهقي (2/109) ، والحاكم (1/393) ، وابن حبان (6/56) .
(2) تقدم برقم (1143) .
(3) مسلم (1/354) ، أحمد (1/292، 305) .
(4) مسلم (1/354) ، النسائي (2/216) .(1/421)
نصلي في سراويل ليس عليه رداء» أخرجه أبو داود (1) بإسناد فيه أبو تُميْلة يحيى بن واضح الأنصاري، وعبد الله بن عبد الله العتكي فيهما مقال، وفي التقريب: أبو تميلة ثقة، والعتكي صدوق يخطئ، وقد وثقه ابن معين وغيره، وقال البخاري: عنده مناكير.
[3/164] باب ما جاء من الأمر بقتل الحية والعقرب في الصلاة
وغير ذلك من الأفعال
1322 - عن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الأسودين في الصلاة: العقرب والحية» رواه الخمسة وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم (2) .
1323 - وعن عبد الله بن الشِّخِّير قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأيته تنخع فدلكها بنعله اليسرى» أخرجه مسلم (3) وفي رواية أبي داود (4) قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فبزق تحت قدمه اليسرى» زاد في أخرى (5) : «ثم دلكه بنعله» .
_________
(1) أبو داود (1/172) .
(2) أبو داود (1/242) ، النسائي (3/10) ، الترمذي (2/233) ، ابن ماجه (1/394) أحمد (2/233، 248، 255، 284، 473، 475، 490) ، ابن حبان (6/115، 116) ، الحاكم (1/386) ، وهو عند ابن خزيمة (2/41) ، والبيهقي (2/266) .
(3) مسلم (1/390) ، وهو عند أحمد (4/25) ، وابن حبان (6/48) ، وابن خزيمة (2/45) ، الحاكم (1/387) .
(4) أبو داود (1/130) (482) ، وهي عند أحمد (4/25) .
(5) أبو داود (1/130) (483) .(1/422)
1324 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في البيت والباب عليه مغلق، فجئت فمشى حتى فتح لي، ثم رجع إلى مقامه ووصفت أن الباب في القبلة» رواه الخمسة إلا ابن ماجه (1) وحسنه الترمذي، وزاد النسائي: «يصلي تطوعًا» وفي رواية أبي داود عنها: «جئت يومًا من الخارج ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في البيت، والباب عليه مغلق، فاستفتحت فتقدم وفتح لي ثم رجع القهقرى إلى مصلاه فأتم صلاته» .
1325 - وقد تقدم (2) في باب حمل المحدث في الصلاة حديث أبي قتادة: «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حامل أُمَامة بنت زينب فإذا ركع وضعها، وإذا قام حملها» متفق عليه.
1326 - وحديث أبي هريرة قال: «كنا نصلي العشاء مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما من خلفه أخذًا رفيقًا ويضعهما على الأرض، فإذا عاد عادا حتى قضى صلاته» رواه أحمد (3) بإسناد فيه مقال.
1327 - لكن قد روي من وجه آخر عند ابن عدي (4) من حديث أنس بإسناد حسن.
_________
(1) أبو داود (1/242) ، النسائي (3/11) ، الترمذي (2/497) ، أحمد (6/31) .
(2) تقدم برقم (885) .
(3) تقدم برقم (886) .
(4) تقدم برقم (887) .(1/423)
[3/165] باب ما جاء أن عمل القلب لا يبطل الصلاة وإن طال
1328 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضي الأذان أقبل، فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى، فإذا لم يدر أحدكم ثلاثًا صلى أو أربعًا فليسجد سجدتين وهو جالس» متفق عليه (1) . ولمسلم (2) : «أن الشيطان إذا ثوب بالصلاة ولّى وله ضراط، فذكر نحوه فزاد فهنّاه ومنّاه، وذكره من حاجته ما لم يكد يذكر» وزاد أبو داود (3) في رواية أخرى بعد قوله: «وهو جالس» «قبل التسليم» ، وله في أخرى (4) : «فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم يسلم» .
1329 - وقد روي عن عمر أنه قال: «إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة» .رواه البخاري (5) .
[3/166] باب ما جاء في شرعية القنوت في الصلاة المكتوبة عند النوازل
1330 - عن أبي مالك الأشجعي قال: «قلت لأبي: يا أبت! إنك قد صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي هاهنا بالكوفة قريبًا من خمس سنين
_________
(1) تقدم برقم (669) .
(2) مسلم (1/399) .
(3) أبو داود (1/271) .
(4) أبو داود (1/271) .
(5) البخاري معلقًا (1/408) .(1/424)
أكانوا يقنتون؟ فقال: أي بني مُحْدَثٌ» رواه أحمد والترمذي وصححه وابن ماجه (1) وفي رواية النسائي (2) : «يا بني! بدعة» وفي رواية: «كانوا يقنتون في الفجر» ، وقال الحافظ في "التلخيص": إسناده حسن.
1331 - وعن أنس قال: «كان القنوت في المغرب والفجر» رواه البخاري (3) .
1332 - وعن البراء بن عازب: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت في صلاة المغرب والفجر» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (4) .
1333 - وعن ابن عمر: «أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من صلاة الفجر يقول: اللهم العن فلانًا وفلانًا وفلانًا، بعدما يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، فأنزل الله تعالى: ((لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ إلى قوله: فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ)) [آل عمران:128] » رواه أحمد والبخاري (5) .
1334 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو
_________
(1) أحمد (3/472، 6/394) ، الترمذي (2/252) ، ابن ماجه (1/393) ، وهو عند البيهقي (2/213)
(2) النسائي (2/204) ، وفي "الكبرى" (1/227) ، وهي عند ابن حبان (5/328) ، والطبراني في "الكبير" (8/316) .
(3) البخاري (1/275، 340) .
(4) أحمد (4/280، 285، 299، 300) ، مسلم (1/470) ، الترمذي (2/251) ، وهو عند أبي داود (2/62) ، والنسائي (2/202) ، والدارقطني (2/37) ، والبيهقي (2/198) ، وابن حبان (5/318) ، وابن خزيمة (1/312، 2/154) .
(5) أحمد (2/147) ، البخاري (4/1661، 6/2674) ، وهو عند النسائي (2/203) .(1/425)
يدعو لأحد قنت بعد الركوع، فربما قال: إذا قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعَيَّاش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسِنِي يوسف، قال: يجهر بذلك، ويقول في بعض صلاته في صلاة الفجر: اللهم العن فلانًا وفلانًا حيين من أحياء العرب حتى أنزل الله: ((لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ)) [آل عمران:128] الآية» رواه أحمد والبخاري (1) .
1335 - وعنه قال: «بينما النبي يصلي العشاء إذ قال سمع الله لمن حمده، ثم قال قبل أن يسجد: اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسِنِي يوسف» رواه البخاري (2) .
1336 - وعنه أيضًا قال: «لأقربن بكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح بعدما يقول: سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار» متفق عليه (3) ، وفي رواية لأحمد (4) : «صلاة العصر» مكان «صلاة العشاء الآخرة» .
_________
(1) أحمد (2/255) ، البخاري (4/1661) ، وهو عند مسلم (1/466) .
(2) البخاري (4/1679، 5/2348) ، وهو عند مسلم (1/467) ، وأحمد (2/470، 521) .
(3) البخاري (1/275) ، مسلم (1/468) ، أحمد (2/255، 337، 470) ، وهو عند أبي داود (2/67) ، والنسائي (2/202) ، وابن حبان (5/319) .
(4) لم نجدها، وتبع المؤلفُ الشوكانيَّ في "النيل".(1/426)
1337 - وعن ابن عباس قال: «قنت النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو على حي من بني سُليم على رُعْل وذكوان وعُصَيَّة ويؤمن من خلفه» رواه أبو داود بإسناد لا بأس به، والحاكم وأحمد (1) وزاد: «أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم، فقال عكرمة: كان هذا مفتاح القنوت» .
1338 - وأما ما أخرجه الدارقطني وعبد الرزاق وأبو نعيم وأحمد والبيهقي والحاكم (2) وصححه عن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت شهرًا يدعو على قاتلي أصحابه ببئر معُونة، ثم ترك، فأما الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا» ففي إسناده أبو جعفر الرازي ضعفه الأئمة.
1339 - وورد عن أنس ما يخالفه ففي صحيح ابن خزيمة (3) عنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم» فاضطربت الراويات عن أنس، واختلفت فلا تقوم بها حجة.
1340 - وسيأتي (4) في باب الحث على الذكر والطاعة في أيام العشر في آخر
_________
(1) أبو داود (2/68) ، الحاكم (1/348) ، أحمد (1/301) ، وهو عند ابن خزيمة (1/313) .
(2) الدارقطني (2/39) ، عبد الرزاق (3/110) ، أحمد (3/162) ، البيهقي (2/201) ، والضياء في "المختارة" (6/129-130) (2128) ، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (10/133) ، وأول الحديث في الصحيحين البخاري (3/1156، 4/1501) ، مسلم (1/469) .
(3) ابن خزيمة (1/314) .
(4) سيأتي برقم (2046) .(1/427)
أبواب الجمعة (1) حديث عليّ وعمار، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان يقنت في صلاة الفجر» أخرجه الحاكم وقال: حديث صحيح الإسناد وتعقبه الذهبي فقال: بل خبر واهٍ.
1341 - وسيأتي (2) في باب وقت صلاة الوتر حديث ابن عباس: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا دعاء ندعو به في القنوت في صلاة الصبح» رواه البيهقي بإسناد ضعيف.
* * *
_________
(1) بل في آخر أبواب صلاة العيدين.
(2) سيأتي برقم (1452) .(1/428)
أبواب السترة أمام المصلي وحكم المرور دونها
[3/167] باب ما جاء فيها وفي الدنو منها والانحراف عنها قليلًا
1342 - عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلَّى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها» أخرجه أبو داود وابن ماجه (1) ، ورجال إسناده ثقات إلا محمد بن عجلان. قال أبو داود: وقد اختلف في سنده.
1343 - وعن سَبْرة بن مَعْبَد الجُهَني قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليستتر أحدكم في الصلاة ولو بسهم» أخرجه الحاكم (2) ، وقال: على شرط مسلم.
1344 - وعن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل في غزوة تبوك عن سترة المصلي، فقال: مثل مؤخرة الرحل» رواه مسلم (3) .
1345 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا صلَّى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا، فإن لم يجد فلينصب عصًا، فإن لم يكن فليخط خطًا، ثم لا يضره من مرّ بين يديه» أخرجه أحمد وصححه وأبو داود وابن ماجه وابن حبان وصححه والبيهقي (4) قال ابن عبد البر: وصححه ابن المديني، وقال الحافظ في "بلوغ
_________
(1) أبو داود (1/186) ، ابن ماجه (1/307) .
(2) الحاكم (1/382) ، وهو عند أحمد (3/404) .
(3) مسلم (1/358، 359) ، وهو عند النسائي (2/62) .
(4) أحمد (2/249، 254، 266) ، أبو داود (1/183) ، ابن ماجه (1/303) ، ابن حبان (6/125، 138) ، البيهقي (2/270) ، وهو عند ابن خزيمة (2/13) .(1/429)
المرام": ولم يصب من رغم أنه مضطرب بل هو حسن.
1346 - وعن ابن عمر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج يوم العيد يأمر بالحَرْبة فتوضع بين يديه فيصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر» متفق عليه (1) ، وفي رواية لهما (2) : «كان يركز الحربة قدامه يوم الفطر ويوم النحر ثم يصلي» ، وفي رواية للبخاري (3) : «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغدو إلى المصلى والعَنَزَة بين يديه تحمل وتنصب بالمُصلَّى بين يديه فيصلي إليها» .
1347 - وعن سهل بن سعد قال: «كان بين مصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين الجدار ممرّ الشاة» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي (4) ، وفي رواية أبي داود (5) : «وكان بين مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين القبلة ممرّ عَنْزٍ» .
1348 - وفي حديث بلال: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة فصلى وبينه وبين الجدار نحوًا من ثلاثة أذرع» رواه أحمد والنسائي (6) .
1349 - ومعناه للبخاري (7) من حديث ابن عمر، وحديث بلال رجاله
_________
(1) البخاري (1/187) ، مسلم (1/359) ، أحمد (2/142) .
(2) البخاري (1/330) ، مسلم (1/359) ، وهي عند أحمد (2/106) .
(3) البخاري (1/330) ، وهي عند ابن ماجه (1/413) .
(4) البخاري (1/188) ، مسلم (1/364) ، وهو عند ابن حبان (5/58، 6/137) ، وابن خزيمة (2/11) ، والبيهقي في السنن (2/272) ، والطبراني في "الكبير" (6/171) ، وأبي يعلى (13/531) .
(5) أبو داود (1/185) .
(6) أحمد (6/13) .
(7) البخاري (1/190، 2/580) ، وهو عند النسائي (2/62-63) .(1/430)
رجال الصحيح.
1350 - وعن طلحة بن عبيد الله قال: «كنا نصلي والدواب تمرّ بين أيدينا، فذكرنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: مثل مؤخرة الرحل تكون بين يدي أحدكم لا يضره ما مر بين يديه» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه (1) .
1351 - وعن المقداد بن الأسود قال: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله عن حاجبه الأيمن أو الأيسر ولا يَصْمِد إليه صمدًا» رواه أحمد وأبو داود (2) بإسناد فيه مقال.
1352 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى في فضاء بين يديه شيء» رواه أحمد وأبو داود (3) ، وقال المنذري: وذكر بعضهم أن في إسناده مقالًا.
[3/168] باب دفع المار وما عليه من الإثم
1353 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه، فإن أبى فليقاتله، فإن معه القرين» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه (4) .
1354 - وعن أبي سعيد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا صلى أحدكم إلى
_________
(1) أحمد (1/161) ، مسلم (1/358) ، ابن ماجه (1/303) ، وهو عند أبي داود (1/183) ، والترمذي (2/156) .
(2) أحمد (6/4) ، أبو داود (1/184) .
(3) أحمد (1/224) ، وههو عند البيهقي (2/273) ، وأبو يعلى (4/469) .
(4) أحمد (2/86) ، مسلم (1/363) ، ابن ماجه (1/307) .(1/431)
شيء يستره من الناس فأراد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان» رواه الجماعة إلا الترمذي وابن ماجه (1) .
1355 - وعن أبي جُهَيْم ابن الحارث قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ما عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه» رواه الجماعة (2) ، ووقع للبزار (3) من وجه آخر: «أربعين خريفًا» .
1356 - ولابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" (4) من حديث أبي هريرة: «لكان أن يقف مائة عام خيرًا له من الخطوة التي خطاها» .
1357 - وعن كَثِيْر بن كَثْيِر بن المطلب بن أبي وَدَاعَة عن بعض أهله عن جده «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي مما يلي باب بني سهم والناس يمرون بين يديه وليس بينهما سترة، قال سفيان: ليس بينه وبين الكعبة سترة» هذه رواية أبي داود (5) ، وفي رواية النسائي (6) : قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت سبعًا، ثم صلى ركعتين
_________
(1) البخاري (1/191، 3/1193) ، مسلم (1/362) ، أبو داود (1/185، 186) ، النسائي (2/66) ، أحمد (3/34، 43، 49، 63) ، وهو عند ابن ماجه (1/307) .
(2) البخاري (1/191) ، مسلم (1/363) ، أبو داود (1/186) ، النسائي (2/66) ، الترمذي (2/158-159) ، ابن ماجه (1/304) ، أحمد (4/169) .
(3) البزار (9/239) (3782) .
(4) ابن ماجه (1/304) ، ابن حبان (6/129) ، وهو عند ابن خزيمة (2/14) ، وأحمد (2/371) .
(5) أبو داود (2/211) ، وهي عند أحمد (6/399)
(6) النسائي (2/67) .(1/432)
بحذائه في حاشية المقام وليس بينه وبين الطواف واحد» والحديث في إسناده مجهول، والمطلب وأبوه لهما صحبة.
[3/169] باب من صلى وبين يديه إنسان
1358 - عن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة اعتراض الجنازة، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت» رواه الجماعة إلا الترمذي (1) ، وفي رواية لهما (2) : «أن عائشة ذكر عندها ما يقطع الصلاة فذكر الكلب والحمار والمرأة، فقالت: لقد شبهتمونا بالحُمُر والكلاب، والله لقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس فأوذي النبي - صلى الله عليه وسلم - فَأَنسَلُّ من قِبَل رجليه» ، وفي أخرى لهما (3) : «قالت: كنت أنام بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، وإذا قام بسطتهما، قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح» .
1359 - وعن ميمونة «أنها كانت تكون حائضًا لا تصلي وهي مفترشة بحِذا مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي على خُمْرَته إذا سجد أصابني بعض ثوبه» متفق عليه (4) .
_________
(1) البخاري (1/192، 339) مسلم (1/366، 511) ، أبو داود (1/189، 190) ، النسائي (1/102، 2/67) ، ابن ماجه (1/307) ، أحمد (6/37، 50، 86، 126،192، 205، 231) .
(2) البخاري (1/192) ، مسلم (1/366) ، وهي عند أحمد بمعناه (6/54، 134) .
(3) البخاري (1/150، 192) ، مسلم (1/367) ، وهي عند أحمد (6/148، 225) .
(4) البخاري (1/126-127، 149، 193) ، مسلم (1/367) ، أحمد (6/330) .(1/433)
[3/170] باب ما يقطع الصلاة
1360 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار» رواه أحمد وابن ماجه ومسلم (1) ، وزاد: «ويقي من ذلك مثل مؤخرة الرحل» .
1361 - وعن عبد الله بن مُغَفَّل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار» رواه أحمد وابن ماجه (2) ، وفي أسناده مقال.
1362 - وعن عبد الله بن عمرو قال: «بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببعض أعلى الوادي يريد أن يصلي قد قام وقمنا، إذ خرج علينا حمار من شعب فأمسك النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يكبر وجرى إليه يعقوب بن زمعة حتى رده» رواه أحمد (3) ، قال العراقي: وإسناده صحيح.
1363 - وعن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل مؤخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه آخرة الرَّحْل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود، قلت: يا أبا ذر! ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا بن أخي! سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سألتني، فقال: الكلب الأسود شيطان» أخرجه مسلم
_________
(1) أحمد (2/425، 299) ، ابن ماجه (1/305) ، مسلم (1/365) .
(2) أحمد (4/86، 5/57) ، ابن ماجه (1/306) .
(3) أحمد (2/203) .(1/434)
والترمذي وجعل عوض الأصفر الأبيض، ولأبي داود والنسائي (1) معناه.
1364 - وعن أم سلمة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في حجرتها فمر بين يديه عبد الله أو عمر (2) ، فقال بيده هكذا فرجع، فمرت ابنة (3) أم سلمة، فقال بيده هكذا فمضت، فلما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: هن أغلب» رواه أحمد وابن ماجه (4) ، وفي إسناده مجهول.
1365 - وعن الفضل بن عباس قال: «زار النبي - صلى الله عليه وسلم - عباسًا في بادية لنا ولنا كُلَيبة وحمار ترعى، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر وهما بين يديه ولم يُؤَخَّرا ولم يُزْجَرا» رواه أحمد والنسائي (5) ، ولأبي داود (6) قال: «أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في بادية لنا ومعه عباس، فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة، وحمار لنا وكليبة يعبثان بين يديه فما بالا ذلك» وإسناده لا بأس به.
1366 - وعن ابن عباس قال: «أقبلت راكبًا على أَتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي
_________
(1) مسلم (1/365) ، الترمذي (2/161-162) ، أبو داود (1/187) ، النسائي (2/63) ، وهو عند ابن ماجه (1/306) ، وأحمد (5/151، 155، 160، 161) .
(2) يعني ابن أبي سلمة.
(3) تعني زينب بنت أبي سلمة. اهـ. "نيل الأوطار".
(4) أحمد (6/294) ، ابن ماجه (1/305) .
(5) أحمد (1/211، 212) ، النسائي (2/65) ، والكبرى (1/272) ، وهو عند البيهقي (2/278) ، وأبي يعلى (12/94) ، والطبراني في الكبير (18/294) ، والدارقطني (1/369) .
(6) أبو داود (1/191) .(1/435)
الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف فلم يُنْكر ذلك عليّ أحد» رواه البخاري ومسلم وأبو داود و"الموطأ" والترمذي والنسائي (1) بمعناه، وفي رواية لأبي داود (2) أن ذلك في حجة الوداع، وفي رواية له ولابن ماجه (3) قال: «تقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب» ، ورواتها ثقات، وفي أخرى (4) : «تقطع صلاته الحمار والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة، ويجزئ عنه إذا مرّوا بين يديه على قذفة حجر» وهذه الرواية قال أبو داود: ولم أسمعها من محمد بن إسماعيل يعني البصري شيخه، قال: وأحسبه وهم لأنه كان يحدثنا من حفظه.
1367 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقطع الصلاة شيء، وادرءوا ما استطعتم، فإنما هو شيطان» رواه أبو داود (5) بسند ضعيف.
1368 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقطع صلاة المسلم شيء إلا الحمار والكافر والكلب والمرأة، لقد قُرِنَّا بدوابّ سوء» رواه أحمد (6) ، قال العراقي: ورجاله ثقات.
_________
(1) البخاري (1/41، 187، 294) ، مسلم (1/361) ، أبو داود (1/190) ، مالك (1/155) ، الترمذي (2/160) ، النسائي (2/64) ، وهو عند ابن ماجه مختصرًا (1/305) ، وأحمد (1/327، 342) .
(2) أبو داود (1/190) ، وهي عند البخاري (2/657، 4/1601) ، ومسلم (1/360) .
(3) أبو داود (1/187) ، ابن ماجه (1/305) ، وهي عند النسائي (2/64) ، وأحمد (1/347) ، وابن حبان (6/148) ، وابن خزيمة (2/22) .
(4) أبو داود (1/187) .
(5) أبو داود (1/191) ، وهو عند البيهقي (2/278) .
(6) أحمد (6/84) .(1/436)
[3/171] باب قضاء ما فات من الفروض
1369 - عن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك» متفق عليه (1) ، ولمسلم (2) : «إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها، فإن الله عز وجل يقول: ((وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)) [طه:14] » ، وفي رواية للنسائي (3) : «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يرقد عن الصلاة أو يغفل عنها، قال: كفارتها أن يصليها إذا ذكرها» .
1370 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى يقول: ((أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)) » رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (4) .
1371 - وعن أبي قتادة قال: «ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - نومهم عن الصلاة، فقال: إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها» رواه النسائي والترمذي (5) وصححه، وفي رواية لأبي داود
_________
(1) البخاري (1/215) ، مسلم (1/477) ، أحمد (3/100، 243، 267، 269، 282) ، وهو عند أبي داود (1/121) ، والترمذي (1335-336) ، والنسائي (1/293) ، وابن ماجه (1/227) .
(2) مسلم (1/477) .
(3) النسائي (1/293) .
(4) جزء من حديث طويل في غزوة خيبر عندما ناموا عن صلاة الفجر، مسلم (1/471) ، أبو داود (1/118) ، النسائي (1/296) ، ابن ماجه (1/227) ، وهو عند مالك (1/13) ، وابن حبان (5/422-423) (2069) .
(5) النسائي (1/294) ، الترمذي (1/334) ، وهو عند ابن ماجه (1/228) .(1/437)
والنسائي (1) : «أما أنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى» ، وحديث أبي داود، قال الحافظ: إسناده على شرط مسلم. انتهى. وقد رواه مسلم (2) في قصة نوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عن صلاة الفجر، ولفظه: «أما أنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها، فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها» .
1372 - وعن عمران بن حصين قال: «سرينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان في آخر الليل عَرَّسَنا، فلم نستيقظ حتى أيقظنا حر الشمس، فجعل الرجل منا يقوم دهشًا إلى طهوره، ثم أمر بلالًا فأذن ثم صلى الركعتين قبل الفجر، ثم أقام فصلينا، فقالوا: يا رسول الله! ألا نعيدها في وقتها من الغد؟ فقال: أينهاكم ربكم عن الربا ويقبله منكم؟» رواه أحمد، وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، وابن أبي شيبة والطبراني (3) .
[3/172] باب الترتيب في قضاء الوقت
1373 - عن جابر بن عبد الله «أن عمر جاء يوم الخندق بعدما غربت الشمس، فجعل يسب كفار قريش، وقال: يا رسول الله! ما كدت أصلي العصر
_________
(1) أبو داود (1/121) ، النسائي (1/294) .
(2) مسلم (1/472-473) .
(3) أحمد (4/441) ، ابن خزيمة (2/97) ، ابن حبان (4/319، 6/375) ، الطبراني في "الكبير" (18/157، 168) ، وهو عند البيهقي (2/217) ، والدارقطني (1/385) ، وأصل القصة في الصحيحين انظر رقم (91) .(1/438)
حتى كادت الشمس تغرب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: والله ما صليتها، فتوضأ فصلى العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب» متفق عليه (1) .
1374 - وعن أبي سعيد قال: «حُبِسْنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهويٍ من الليل، وذلك قبل أن ينزل قول الله عز وجل: ((وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا)) [الأحزاب:25] ، قال: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالًا فأقام الظهر فأحسن صلاتها كما يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام العصر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها، ثم أمره فأقام المغرب فصلاها كذلك، قال: وذلك قبل أن ينزل الله عز وجل في صلاة الخوف: ((فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا)) [البقرة:239] » رواه أحمد والنسائي ولم يذكر المغرب، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (2) ، وصححه ابن السكن وقال ابن سيد الناس: إسناده صحيح جليل.
[3/173] باب قضاء ما يفوت من الوتر والسنن الراتبة والأوراد
1375 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره» رواه أبو داود (3) بسند صحيح، وفي لفظ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
_________
(1) البخاري (1/214، 215، 229، 321، 4/1509) ، مسلم (1/438) ، وهو عند الترمذي (1/338) ، والنسائي (3/84) .
(2) أحمد (3/25، 49، 67) ، النسائي (2/17) ، ابن خزيمة (2/99، 3/100) ، ابن حبان (7/147) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/321) ، وهو عند البيهقي (1/402) ، والدارمي (1/430) .
(3) أبو داود (2/65) .(1/439)
«من نام عن الوتر أو نسيه فليصله إذا أصبح أو ذكر» رواه الخمسة إلا النسائي، وأخرجه ابن ماجه والحاكم في "المستدرك" (1) ، وقال: صحيح على شرط الشيخين.
1376 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر» أخرجه البيهقي (2) والحاكم وصححه على شرطهما.
1377 - وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل» رواه الجماعة إلا البخاري (3) .
1378 - وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من امرئ تكون له صلاة بالليل فيغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة» أخرجه "الموطأ" وأبو داود والنسائي (4) .
1379 - وعنها قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يصل من الليل منعه من ذلك مرض أو غلبته عيناه صلى في النهار ثنتي عشرة ركعة» رواه مسلم والترمذي وصححه (5) .
_________
(1) الترمذي (2/330) ، ابن ماجه (1/375) ، أحمد (3/31) ، الحاكم (1/443) ، وهو عند البيهقي (2/480) .
(2) البيهقي (2/478) ، الحاكم (1/446) .
(3) مسلم (1/515) ، أبو داود (2/34) ، النسائي (3/259) ، الترمذي (2/474) ، ابن ماجه (1/426) ، أحمد (1/32، 53) .
(4) مالك (1/117) ، أبو داود (2/34) ، النسائي (3/257، 258) ، وهو عند أحمد (6/72، 180) .
(5) مسلم (1/515) ، الترمذي (2/306) ، وهو عند النسائي (3/259) ، وأحمد (6/94، 109، 258) .(1/440)
قوله: «الحزب» بالحاء المهملة بعدها زاي: هو الوِرْدُ من القرآن، وقيل: ما كان يعتاده من صلاة الليل.
[3/174] باب قضاء سنة الظهر
1380 - عن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لم يصل أربعًا قبل الظهر صلاهن بعدها» رواه الترمذي وحسنه (1) .
1381 - وعنها قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فاتته الأربع قبل الظهر صلاهن بعد الركعتين بعد الظهر» رواه ابن ماجه (2) بإسناد فيه قيس بن الربيع وقد وثق، وبقية الإسناد ثقات.
1382 - وعن أم سلمة قالت: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عنها يعني الركعتين بعد العصر، ثم رأيته يصليهما، أما حين صلاهما فإنه صلى العصر، ثم دخل وعندي نسوة من بني حَرَام من الأنصار فصلاهما، فأرسلت إليه الجارية، فقلت: قومي لجنبه، فقولي له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله! سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما فإن أشار بيده فاستأخري عنه، ففعلت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: يا بنت أبي أميَّة! سألت عن الركعتين بعد العصر فإنه أتاني ناس من عبد قيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان» متفق عليه (3) . وفي رواية لأحمد (4) : «ما رأيته صلاهما قبلها ولا بعدها» .
_________
(1) الترمذي (2/291) .
(2) ابن ماجه (1/366) .
(3) البخاري (1/414، 4/1589) ، مسلم (1/571) ، أحمد (6/229) .
(4) أحمد (6/299) ، وهي عند النسائي (1/282) .(1/441)
1383 - وللترمذي (1) من حديث ابن عباس وحسنه قال: «إنما صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - الركعتين بعد العصر لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر فصلاهما بعد العصر ثم لم يعد» .
1384 - وقد ثبت ما يخالفه، فعن عائشة قالت: «كان يصليهما قبل العصر فشغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما، وكان إذا صلى صلاة أثبتها أي داوم عليها» أخرجه مسلم (2) .
1385 - وللبخاري (3) عنها قالت: «ما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - السجدتين بعد العصر عندي قط» .
1386 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بعد العصر وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوصال» رواه أبو داود وفي إسناده محمد بن إسحاق معنعنًا، وقد تقدم (4) في أبواب الأوقات المنهي عن الصلاة فيها.
1387 - وعن أم سلمة أنها قالت: «فقلت: يا رسول الله! أَنَقْضِيهما إذا فاتا؟ فقال: لا» رواه أحمد (5) ، وضعفه البيهقي.
_________
(1) الترمذي (1/345) .
(2) سيأتي برقم (1388) .
(3) البخاري (1/213) ، وهو عند مسلم (1/572) ، والنسائي (1/280) ، وأحمد (6/50، 96) .
(4) تقدم برقم (654) .
(5) أحمد (6/315) .(1/442)
[3/175] باب ما جاء في قضاء سنة العصر
1388 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن «أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصليهما بعد العصر، فقالت: كان يصليهما قبل العصر، ثم إنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما، وكان إذا صلى صلاةً دوام عليها» رواه مسلم والنسائي (1) .
1389 - وعن أم سلمة قالت: «شغل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الركعتين قبل العصر فصلاهما بعد العصر» رواه النسائي (2) ، ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه أيضًا البخاري ومسلم، كما تقدم (3) في حديث أم سلمة، لكنه مصرح فيه بأن الركعتين اللتين شغل عنهما هما الركعتان اللتان بعد الظهر.
1390 - وعن ميمونة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجهز بعثًا ولم يكن عنده ظَهْر من الصدقة فجاءه ظَهْر من الصدقة فجعل يقسمه بينهم، فحبسوه حتى أزهق العصر، وكان يصلي قبل العصر ركعتين أو ما شاء الله، فصلى العصر ثم رجع فصلى ما كان يصلي قبلها، وكان إذا صلى صلاة أو فعل شيئًا يحب أن يداوم عليه» رواه أحمد والطبراني (4) بسند ضعيف.
* * *
_________
(1) مسلم (1/572) ، النسائي (1/281) ، وهو عند ابن حبان (4/445) ، وابن خزيمة (2/262) .
(2) النسائي (1/282) .
(3) تقدم برقم (1382) .
(4) أحمد (6/334) .(1/443)
أبواب صلاة التطوع
[3/176] باب سنن الصلوات الراتبة المؤكدة
1391 - عن عبد الله بن عمر قال: «حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الغداة، كانت ساعة لا أدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، فحدثتني حفصة أنه كان إذا طلع الفجر وأذن المؤذن صلّى ركعتين» متفق عليه (1) . وفي رواية للبخاري (2) : «وركعتين بعد المغرب في بيته» ، وفي لفظ له (3) : «فأما المغرب والعشاء ففي بيته» .
1392 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين، وبعد العشاء ركعتين، وقبل الفجر ثنتين» رواه الترمذي وصححه (4) .
1393 - وعنها: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يَدَعُ أربعًا قبل الظهر وركعتين قبل
_________
(1) البخاري (1/392) ، مسلم (1/504) ، أحمد (2/6، 17، 51، 63، 73، 74، 99) ، وهو عند أبي داود (2/19) ، والنسائي (2/119) ، والترمذي (2/298) ، وأما الشطر الأخير وهو رواية ابن عمر عن حفصة فهي عند البخاري (1/393) ، ومسلم (1/500) ، والنسائي (3/254) ، وابن ماجه (1/362) .
(2) البخاري (1/317) .
(3) البخاري (1/393، 395) .
(4) الترمذي (2/299) .(1/444)
الغداة» رواه البخاري وأبو داود والنسائي (1) .
1394 - وعن أم حبيبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة سجدة سوى المكتوبة بني له بيت في الجنة» رواه الجماعة إلا البخاري (2) ، ولفظ الترمذي: «من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة: أربعًا قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الغداة» ، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ولابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" نحو رواية الترمذي، وكذلك للحاكم (3) ، وقال: على شرط مسلم، وللنسائي نحوه، لكن قال: «وركعتين قبل العصر» ولم يذكر ركعتين بعد العشاء.
[3/177] باب فضل الأربع قبل الظهر وبعدها وقبل العصر وبعد العشاء
1395 - عن أم حبيبة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من صلى أربع ركعات قبل الظهر وأربعًا بعدها حرمه الله على النار» رواه الخمسة، وصححه الترمذي وابن حبان، وابن خزيمة في "صحيحه" (4) .
_________
(1) البخاري (1/396) ، أبو داود (2/19) ، النسائي (3/251) ، وهو عند أحمد (6/63، 148) .
(2) مسلم (1/502، 503) ، أبو داود (2/18) ، النسائي (3/261، 264) ، ابن ماجه (1/361) ، أحمد (6/327، 426) .
(3) الترمذي (2/274) ، ابن خزيمة (2/204، 205) ، ابن حبان (6/204، 205) ، الحاكم (1/456) ، النسائي (3/262، 263) .
(4) أبو داود (2/23) ، النسائي (3/265، 266) ، الترمذي (2/292) ، ابن ماجه (1/367) ، أحمد (6/326) ، وهو عند ابن خزيمة (2/205) ، والحاكم (1/456)(1/445)
1396 - وعن عبد الله بن السَّايب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال: إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء فأحب أن تصعد لي فيها عمل صالح» رواه أحمد والترمذي (1) ، وقال: حديث حسن غريب.
1397 - وعن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رحم الله امرًا صلى قبل العصر أربعًا» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان وابن خزيمة (2) .
1398 - وعن عائشة قالت: «ما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء قط فدخل عليَّ إلا صلى أربع ركعات أو ست ركعات» رواه أحمد وأبو داود (3) ، ورجال إسناده ثقات.
1399 - وهو للبخاري وأبي داود والنسائي (4) من حديث ابن عباس قال: «بت في بيت خالتي ميمونة ... الحديث وفيه: فصلى النبي العشاء ثم جاء إلى منزله فصلى أربع ركعات» .
[3/178] باب ما جاء في الركعتين قبل صلاة المغرب في المسجد
وبعدها في البيت
1400 - عن أنس قال: «كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهم كذلك يصلون ركعتين قبل المغرب،
_________
(1) أحمد (3/411) ، الترمذي (2/342) .
(2) أحمد (2/117) ، أبو داود (2/23) ، الترمذي (2/295) ، ابن حبان (6/206) ، ابن خزيمة (2/206) .
(3) أحمد (6/58) ، أبو داود (2/31) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (1/159) .
(4) البخاري (1/55، 247) ، أبو داود (2/45) ، النسائي في "الكبرى" (1/423) .(1/446)
ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء» ، وفي رواية: «إلا قليل» رواه أحمد والبخاري (1) ، وفي رواية قال: «كنا بالمدينة فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري فركعوا ركعتين، حتى إن الرجل الغريب يدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليها» أخرجهما مسلم (2) .
1401 - وعنه قال: «كنا نصلي على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب، فقيل له: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّاها؟ قال: كان يرانا نصليها فلم يأمرنا ولم يَنْهَنا» رواه مسلم وأبو داود (3) .
1402 - وعن عُقْبَة بن عامر «وقد قيل له: إن رجلًا يركع ركعتين قبل صلاة المغرب، فقال عقبة: إنا كنا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت: فما يمنعك الآن؟ قال: الشغل» أخرجه البخاري والنسائي (4) .
1403 - وعن عبد الله بن مُغَفَّل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال: صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال عند الثالثة: لمن شاء، كراهية أن يتخذها الناس سنةً» رواه أحمد والبخاري وأبو داود (5) .
1404 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل
_________
(1) البخاري (1/225) ، أحمد (3/280) .
(2) مسلم (1/573) .
(3) مسلم (1/573) ، أبو داود (2/26) .
(4) البخاري (1/396) ، النسائي (1/282) ، وهو عند أحمد (4/155) .
(5) أحمد (5/55) ، البخاري (1/396، 6/2681) ، أبو داود (2/26) .(1/447)
أذانين صلاة، قال في الثالثة: لمن شاء» أخرجه الجماعة (1) ، وعند الترمذي: «مرة واحدة» ، وعند أبي داود: «مرتين» .
1405 - وعن ابن عمر قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل المغرب في بيته» أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح (2) .
1406 - وعن كعب بن عُجْرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى مسجد بني عبد الأشهل فصلى فيه المغرب، فلما قضوا صلاتهم رآهم يسبحون بعدها، فقال: هذه صلاة البيوت» أخرجه أبو داود والنسائي، وقال: «عليكم بهذه الصلاة في البيوت» وقد تقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصليها في بيته، وأخرجه ابن ماجه والترمذي، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه (3) .
1407 - والصحيح (4) ما روي عن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الركعتين بعد المغرب في بيته» .
[3/179] باب ما جاء في الصلاة بين المغرب والعشاء
1408 - عن أنس في قوله تعالى: ((كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ)) [الذريات:17] قال: «كانوا يصلون فيما بينهما بين المغرب والعشاء، وكذلك تتجافى
_________
(1) البخاري (1/225) ، مسلم (1/573) ، أبو داود (2/26) ، النسائي (2/28) ، الترمذي (1/351) ، ابن ماجه (1/368) ، أحمد (4/86، 5/54، 55، 57) .
(2) الترمذي (2/297) .
(3) أبو داود (2/31) ، النسائي (3/198) ، الترمذي (2/500) .
(4) تقدم برقم (1391) .(1/448)
جنوبهم عن المضاجع» رواه أبو داود (1) ، وأخرج نحوه محمد بن نصر عن أنس، قال العراقي: بإسناد صحيح، وأخرجه الترمذي (2) من حديث أنس أيضًا، وقال: حديث حسن صحيح، ولفظه: «في قوله تعالى: ((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ)) [السجدة:16] نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة» .
1409 - وعن حذيفة قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - المغرب، فلما قضى الصلاة قام يصلي، فلم يزل يصلي حتى صلى العشاء ثم خرج» رواه أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح، وأخرجه النسائي (3) بإسناد جيد. وفي الباب عدة أحاديث كلها ضعيفة، وإذا انضمت إلى ما ذكر في هذا الباب أفادت مشروعية الصلاة في ذلك الوقت.
[3/180] باب ما جاء في ركعتي الفجر وتخفيف قراءتهما
1410 - عن عائشة قالت: «لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد تعاهدًا منه على ركعتي الفجر» متفق عليه (4) .
1411 - وعنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها»
_________
(1) أبو داود (2/35) ، وهو عند البيهقي (3/19) .
(2) الترمذي (5/346) .
(3) أحمد (5/391،404) ، الترمذي (5/660) ، النسائي في "الكبرى" (1/157، 5/80، 95) ، وهو عند ابن حبان (16/68) .
(4) البخاري (1/393) ، مسلم (1/501) ، أحمد (6/43، 54، 170) . وهو عند أبي داود (2/19) ، والنسائي في "الكبرى" (1/175) .(1/449)
رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (1) .
1412 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَدَعُوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل» رواه أحمد وأبو داود (2) ، وقال العراقي: هذا حديث صالح.
1413 - وعن ابن عمر قال: «رمقت النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد» رواه الترمذي (3) ، وفي رواية النسائي (4) قال: «رمقت النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرين مرة يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل الفجر: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد» .
1414 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعتي الفجر: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد» أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي (5) .
1415 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟» متفق عليه (6) .
1416 - وعن حفصة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أذن المؤذن للصّبح وبدأ الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة» وفي رواية: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا
_________
(1) أحمد (6/149، 265) ، مسلم (1/501) ، الترمذي (2/275) ، وهو عند النسائي (3/252) .
(2) أحمد (2/405) ، أبو داود (2/20) .
(3) الترمذي (2/276) ، وهو عند ابن ماجه (1/363) ، وأحمد (2/35، 94، 95، 99) .
(4) النسائي (2/170) .
(5) تقدم برقم (1074) .
(6) البخاري (1/393) ، مسلم (1/501) ، أحمد (6/164، 235) ، وهو عند أبي داود (2/19) .(1/450)
طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين» أخرجه البخاري ومسلم والموطأ والنسائي (1) .
[3/181] باب ما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر
1417 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه (2) .
1418 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقة الأيمن» ، وفي رواية: «كان إذا صلَّى ركعتي الفجر، فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع» رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود (3) .
[3/182] باب صلاة ركعتي الفجر بعده للعذر
1419 - عن قيس (4) قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأُقيمت الصلاة فصليت
_________
(1) البخاري (1/223) ، مسلم (1/500) ، مالك (1/127) ، النسائي (1/283، 3/252، 253، 254، 255، 256) ، وهو عند ابن ماجه (1/362) ، وأحمد (2/6، 17، 6/283، 284) .
(2) أحمد (2/415) ، أبو داود (2/21) ، الترمذي (2/281) ، وهو عند ابن حبان (6/220) ، وابن خزيمة (2/167) .
(3) أحمد (6/35، 48، 254) ، البخاري (1/389، 392) ، مسلم (1/508، 511) ، أبو داود (2/21، 39) ، وهو عند ابن ماجه (1/378) ، والترمذي (2/303) .
(4) قيس بن عمرو أو ابن فهد أو ابن سهل على اختلاف الروايات عند الترمذي وأبي داود وابن ماجه. اهـ "نيل الأوطار".(1/451)
معه الصبح، ثم انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجدني أصلي، فقال: مهلًا يا قيس! أصلاتان معًا؟ فقلت: يا رسول الله! إني لم أكن ركعت ركعتي الفجر، قال: فلا إذًا» أخرجه الترمذي (1) ، وقال: إسناده ليس بمتصل. انتهى. وقد أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" متصلًا، وأخرجه أيضًا ابن حبان والحاكم متصلًا أيضًا، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه الطبراني (2) .
1420 - وأخرجه ابن حزم في المحلَّى (3) عن رجل من الأنصار قال: «رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يصلي بعد الغداة، فقال: يا رسول الله! إني لم أكن صليت ركعتي الفجر فصليتها الآن فلم يقل له شيئًا» ، قال العراقي: وإسناده حسن.
1421 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس» أخرجه الترمذي، وقال: حديث غريب، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك" (4) ، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
1422 - وقد تقدم (5) في باب قضاء ما فات من الفروض حديث عمران بن
_________
(1) الترمذي (2/284) .
(2) ابن خزيمة (2/164) ، ابن حبان (4/430، 6/222-223) ، الحاكم (1/409) ، الطبراني في "الكبير" (2/69) .
(3) المحلى (3/112) .
(4) الترمذي (2/287) ، ابن حبان (6/224) ، الحاكم (1/408) ، وهو عند ابن خزيمة (2/165) ، والبيهقي (2/484) .
(5) تقدم برقم (1331) .(1/452)
حصين. رواه أحمد وابن حبان وابن خزيمة في "صحيحه"، وفيه: «أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الركعتين مع الفريضة لما نام عن الفجر حتى طلعت الشمس» .
* * *(1/453)
أبواب الوتر
[3/183] باب ما جاء في الوتر وجوازه على الراحلة
1423 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يوتر فليس منَّا» رواه أحمد (1) بإسناد ضعيف.
1424 - وعن عبد الله بن بُرَيْدَة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منَّا، الوتر حق فمن لم يوتر فليس منَّا» أخرجه أبو داود (2) ، وقال في "بلوغ المرام": بسند لين، وصححه الحاكم، وفي إسناده عبد الله بن عبد الله العَتَكي وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث وتكلم فيه البخاري والنسائي وغيرهما.
1425 - وعن علي رضي الله عنه قال: «الوتر ليس بحتم كهيئة المكتوبة، ولكنه سنَّة سنَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم وصححه، وابن ماجه (3) ولفظه: «أن الوتر ليس بحتم ولا كصلاتكم المكتوبة، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوتر، فقال: يا أهل القرآن! أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر» .
_________
(1) أحمد (2/443) .
(2) أبو داود (2/62) ، وهو عند أحمد (5/357) ، والحاكم (1/448) .
(3) أحمد (1/86، 98، 100، 107، 115، 144، 145، 148) ، النسائي (3/229) ، الترمذي (2/316) ، ابن خزيمة (2/136) ، الحاكم (1/441) ، ابن ماجه (1/370) .(1/454)
1426 - وعن أبي أيوب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الوتر حق، فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل» رواه الخمسة إلا الترمذي (1) ، وصححه ابن حبان، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. انتهى. ورجح جماعة من الأئمة وقفه، قال الحافظ: وهو الصواب، وفي لفظٍ لأبي داود: «الوتر حق على كل مسلم» .
1427 - وعن جابر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام في شهر رمضان، ثم انتظروه من القابلة فلم يخرج، وقال: إني خشيت أن يكتب عليكم الوتر» رواه ابن حبان (2) .
1428 - وعن علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أوتروا يا اهل القرآن! فإن الله وترٌ يُحبُ الوتر» رواه الخمسة، وصححه ابن خزيمة (3) .
1429 - وعن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتر على بعير» رواه الجماعة (4) .
[3/184] باب ما جاء في الوتر بركعة وبالإيتار إلى تسع بتسليم واحد
وأن أكثره إلى اثنتي عشرة ركعة ويوتر بالثالثة عشرة
1430 - عن ابن عمر قال: «قام رجل، فقال: يا رسول الله! كيف صلاة
_________
(1) أبو داود (2/62) ، النسائي (3/238) ، ابن ماجه (1/376) ، أحمد (5/418) ، ابن حبان (6/167، 170، 171) ، الحاكم (1/444) .
(2) ابن حبان (6/169، 173) ، وهو عند ابن خزيمة (2/138) .
(3) أبو داود (2/61) ، النسائي (3/228) ، الترمذي (2/316) ، ابن ماجه (1/370) ، أحمد (1/110، 143، 144، 148) ، ابن خزيمة (2/136) .
(4) البخاري (1/339) ، مسلم (1/487) ، أبو داود (2/9) ، النسائي (1/243، 3/232) ، الترمذي (2/335) ، ابن ماجه (1/379) ، أحمد (2/7، 57، 113، 138) .(1/455)
الليل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صلاة الليل مثنى مثنى، فإن خفت الصبح فأوتر بواحدة» رواه الجماعة (1) ، ولأحمد (2) : «صلاة الليل مثنى مثنى، تُسلم في كل ركعتين» ، ولمسلم (3) : «قيل لابن عمر: ما مثنى مثنى؟ قال: تسلم في كل ركعتين» ، وللخمسة (4) : «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى» ، وصححهما ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في "المستدرك"، وقال البيهقي: قال البخاري: صحيحة، وصححها الخطابي والعراقي، وضعفها جماعة من الأئمة، وقال البيهقي: إنها زيادة من ثقة مقبولة.
1431 - وعن ابن عمر وابن عباس أنهما سمعا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الوتر ركعة من آخر الليل» رواه أحمد ومسلم (5) .
1432 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يُسَلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة» رواه الجماعة إلا الترمذي (6) .
_________
(1) البخاري (1/179، 180، 337، 382) ، مسلم (1/516) ، أبو داود (2/36) ، النسائي (3/228، 233) ، الترمذي (2/300) ، ابن ماجه (1/418) ، أحمد (2/5، 9، 10، 48، 54) .
(2) أحمد (2/66) .
(3) مسلم (1/519) .
(4) أبو داود (2/29) ، النسائي (3/227) ، الترمذي (2/491) ، ابن ماجه (1/419) ، أحمد (2/26) .
(5) حديث ابن عباس عند أحمد (1/311، 361) ، ومسلم (1/518) ، وحديث ابن عمر عند أحمد (2/43، 51) ، ومسلم (1/518) ، والنسائي (3/232) .
(6) البخاري (1/338) ، مسلم (1/508) ، أبو داود (2/39) ، النسائي (2/30) ، ابن ماجه (1/432) ، أحمد (6/74، 83، 143) ، وهو عند الترمذي (2/203) .(1/456)
1433 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر بثلاث لا يفصل بينهن» رواه أحمد (1) ، والنسائي (2) ولفظه: «كان لا يسلم في ركعتي الوتر» وضعف أحمد إسناده، وأخرجه البيهقي والحاكم (3) بلفظ أحمد، وأخرجه أيضًا البيهقي والحاكم بلفظ النسائي، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
1434 - وأخرج الشيخان (4) عنها أنها قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهنّ، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا» .
1435 - وعن أبيّ بن كعب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الوتر: بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الركعة الثانية: بقل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة: بقل هو الله أحد، ولا يسلم إلا في آخرهن» رواه النسائي (5) ، ورجال إسناده ثقات إلا عبد العزيز بن خالد فهو مقبول. وأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه (6) بدون قوله: «ولا يسلم إلا في آخرهن» .
1436 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا توتروا بثلاث، أوتروا
_________
(1) أحمد (6/155) .
(2) النسائي (3/234) ، وفي "الكبرى" (1/440) ، البيهقي (3/31) ، الحاكم (1/446) .
(3) البيهقي (3/28) ، الحاكم (1/447) .
(4) البخاري (1/385، 2/708، 3/1308) ، مسلم (1/509) ، وهو عند أحمد (6/36، 73، 104) ، وأبي داود (2/40) ، والنسائي (3/234) ، والترمذي (2/302) .
(5) النسائي (3/235) .
(6) أحمد (5/123) ، أبو داود (2/63) ، ابن ماجه (1/370) .(1/457)
بخمس أو سبع، ولا تشبهوا بصلاة المغرب» رواه الدارقطني بإسناده، وقال: كلهم ثقات. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وصححه (1) ، قال الحافظ: ورجاله كلهم ثقات، ولا يضر وقف من وقفه. وقد أخرجه محمد بن نصر من طريقين عن أبي هريرة، صححهما العراقي.
1437 - وأخرج البخاري (2) من حديث ابن عباس في صلاته - صلى الله عليه وسلم - في بيت ميمونة: «ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن» .
1438 - وعن أم سلمة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوتر بخمس وسبع لا يفصل بينهن بسلام ولا كلام» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه (3) عن الحكم بن مِقْسَم عن أم سلمة.
1439 - وعن أم سلمة: «أنه - صلى الله عليه وسلم - أوتر بسبع» أخرجه الترمذي وحسنه، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وأخرج نحوه أحمد والطبراني (4) بإسناد صحيح.
1440 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي
_________
(1) الدارقطني (2/24-25، 26) ، ابن حبان (6/185) ، الحاكم (1/446) .
(2) جزء من حديث ابن عباس وصلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة، وهو بهذا اللفظ عند البخاري (1/55، 247) ، وهو عند أبي داود (2/45) ، وأحمد (1/341) .
(3) أحمد (6/290، 310، 321) ، النسائي (3/239) ، ابن ماجه (1/376) .
(4) الترمذي (2/319) ، الحاكم (1/449) ، أحمد (6/322) ، الطبراني في (23/324) ، وهو عند النسائي (3/237، 243) .(1/458)
التاسعة، ثم يقعد فيحمد الله ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة، فلما أسنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذه اللحم أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنعه الأول فتلك تسع» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (1) ، وفي رواية لأحمد والنسائي وأبي داود (2) : «فلما أسن وأخذ اللحم أوتر بسبع ركعات لم يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يسلم إلا في السابعة» ، وفي أخرى للنسائي (3) : «صلى بسبع ركعات لا يقعد إلا في آخرهن» .
[3/185] باب وقت صلاة الوتر والقراءة فيها والقنوت
1441 - عن خارجة بن حذافة قال: «خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات غداةٍ، فقال: لقد أمدكم الله بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، قلنا: وما هي يا رسول الله؟ قال: الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر» رواه الخمسة إلا النسائي، وأخرجه الدارقطني والحاكم (4) وصححه، وضعفه البخاري وغيره.
1442 - وقد روى أحمد (5) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه، قال
_________
(1) أحمد (6/53، 168) ، مسلم (1/512-513) ، أبو داود (2/41) ، النسائي (3/199-200، 241) ، وهو عند ابن ماجه (1/376)
(2) النسائي (3/240) ، أبو داود (2/40) .
(3) النسائي (3/240) .
(4) أبو داود (2/61) ، الترمذي (2/314) ، ابن ماجه (1/369) ، الدارقطني (2/30) ، الحاكم (1/448) ، البخاري في "التاريخ" (3/203) .
(5) أحمد (2/180، 205، 208) ، وهو عند الدارقطني (2/31) .(1/459)
في "التلخيص": وإسناده ضعيف، وسرد في "التلخيص" شواهد للحديث كلها ضعيفة.
1443 - وعن عائشة قالت: «من كُلِّ الليل قد أوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أول الليل ووسطه وآخره وانتهى وتره إلى السحر» رواه الجماعة (1) ، ولفظ البخاري: «كلّ الليل أوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتهى وتره إلى السحر» ، وفي رواية الترمذي: «وانتهى وتره حتى مات في السحر» ، وقال: حسن صحيح.
1444 - وعن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أوتروا قبل أن تُصْبِحوا» رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود (2) .
1445 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ثم ليرقد، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل» رواه أحمد ومسلم، والترمذي وابن ماجه (3) .
1446 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا طلع الفجر فقد ذهب كل
_________
(1) البخاري (1/338) ، مسلم (1/512) ، أبو داود (2/66) ، النسائي (3/230) ، الترمذي (2/318) ، ابن ماجه (1/374) ، أحمد (6/46، 100، 107، 129، 204) .
(2) مسلم (1/519-520) ، النسائي (3/231) ، الترمذي (2/332) ، ابن ماجه (1/375) ، أحمد (3/13، 35، 37) .
(3) أحمد (3/300، 315، 337، 348، 389) ، مسلم (1/520) ، الترمذي (2/317) ، ابن ماجه (1/375) ، وهو عند ابن حبان (6/304) ، وابن خزيمة (2/146) .(1/460)
صلاة الليل والوتر، فأوتروا قبل طلوع الفجر» رواه الترمذي (1) ، ولمسلم (2) من حديثه مرفوعًا: «من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترًا قبل الصبح» .
1447 - وعن أبيّ بن كعب قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الوتر: سبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد» رواه الخمسة إلا الترمذي، وقد تقدم (3) الكلام عليه قريبًا.
1448 - وللخمسة إلا أبا داود (4) مثله من حديث ابن عباس.
1449 - ولأحمد والنسائي (5) نحوه عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه.
1450 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الأولى: بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية: بقل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة: بقل هو الله أحد والمعوذتين» رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وقال العُقَيلي: إسناده صالح، وأخرجه الحاكم وقال: على شرطهما (6) .
_________
(1) الترمذي (2/332) ، وهو عند أحمد (2/149) ، والبيهقي (2/478) ، وابن خزيمة (2/148) .
(2) مسلم (1/517، 518) ، وهو عند أحمد (2/150) .
(3) تقدم برقم (1435) .
(4) النسائي (3/236) ، الترمذي (2/325) ، ابن ماجه (1/370) ، أحمد (1/299) .
(5) أحمد (3/406، 407) ، النسائي (3/245، 247) .
(6) أبو داود (2/63) ، الترمذي (2/326) ، الحاكم (1/447، 2/566) ، وهو عند ابن ماجه (1/371) ، وأحمد (6/227) ، وابن حبان (6/189، 201) ، والبيهقي (3/37، 38) ، والدارقطني (2/35) .(1/461)
1451 - وعن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: «علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت» رواه الخمسة (1) ، وحسنه الترمذي، ولم يذكر فيه: «قنوت» ، إنما قال: «في الوتر» ، وقال: لا يعرف في القنوت أحسن من هذا. وقال في "الخلاصة": إسناده على شرط الصحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وزاد الطبراني والبيهقي (2) : «ولا يعز من عاديت» ، قال في "الخلاصة": بإسناد لا أعلم به بأسًا، وقال البيهقي في "الخلاصة": سندها ضعيف، وتعقبه في "التلخيص"، وزاد النسائي (3) : بإسناد حسن، قال في "الخلاصة" بعد قوله: «تباركت وتعاليت» «وصلى الله على النبي» ، وقال النووي: إن إسنادها صحيح أو حسن، وتعقبه الحافظ بأنه منقطع.
1452 - وفي رواية البيهقي (4) عن ابن عباس: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا دعاء ندعو به في القنوت من صلاة الصبح» ، قال في "بلوغ المرام": وفي سنده ضعف.
1453 - وعن علي رضي الله عنه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في آخر وتره: «اللهم إني
_________
(1) أبو داود (2/63) ، النسائي (3/248) ، الترمذي (2/328) ، ابن ماجه (1/372) ، أحمد (1/199) ، الحاكم (3/188) ، وهو عند ابن خزيمة (2/151) .
(2) الطبراني في "الكبير" (3/73، 74، 75) ، البيهقي (2/209، 3/38) .
(3) النسائي (3/248) .
(4) البيهقي (2/210) .(1/462)
أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» رواه الخمسة والبيهقي والحاكم (1) وصححه مقيدًا بالقنوت، وأخرجه الدارمي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان (2) في كتبهم وليس فيه ذكر الوتر.
[3/186] باب لا وتران في ليلة وختم صلاة الليل بالوتر
وما جاء في نقضه
1454 - عن طَلْق بن علي قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا وتران في ليلة» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وحسنه الترمذي، وأخرجه ابن حبان وصححه (3) .
1455 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترًا» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (4) .
1456 - وعن أم سلمة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يركع ركعتين بعد الوتر» رواه
_________
(1) أبو داود (2/64) ، النسائي (3/248) ، الترمذي (5/561) ، ابن ماجه (1/373) ، أحمد (1/96، 118، 150) ، البيهقي (3/42) ، الحاكم (1/449) ، وهو عند ابن أبي شيبة (6/89) ، وأبو يعلى (1/237) ، ومسند عبد بن حميد (1/56) .
(2) هذا العزو تبع فيه المؤلف الشوكاني في "النيل" (2/255) ولم نجده.
(3) أبو داود (2/67) ، النسائي (3/229) ، الترمذي (2/333) ، أحمد (4/23) ، ابن حبان (6/201) ، وهو عند ابن خزيمة (2/156) ، والبيهقي (3/36) .
(4) البخاري (1/339) ، مسلم (1/517) ، أبو داود (2/67) ، النسائي (3/230) ، الترمذي (2/300) ، أحمد (2/20، 102، 143) .(1/463)
الترمذي ورواه أحمد وابن ماجه (1) وزاد: «وهو جالس» .
1457 - وقد سبق (2) في حديث عائشة: «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يركع ركعتين بعد ما يسلم» رواه أحمد ومسلم.
1458 - وقد روي عن ابن عمر جواز نقض الوتر بركعة تشفعه، ثم يصلي ما شاء ويوتر بعد ذلك. رواه أحمد (3) .
1459 - وعن علي مثله رواه البيهقي والشافعي (4) .
1460 - وعن أبي قتادة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر: متى توتر قال: أوتر من أول الليل، وقال لعمر: متى توتر؟ قال: أوتر من آخر الليل، فقال لأبي بكر: أخذ هذا بالحذر، وقال لعمر: أخذ هذا بالقوة» أخرجه أبو داود (5) وهذا لفظه وصححه الحاكم على شرط مسلم، وقال العراقي: صحيح.
1461 - وأخرج نحوه ابن ماجه (6) من حديث ابن عمر، وصححه الحاكم.
1462 - وأخرج نحوه أيضًا البزار (7) من حديث أبي هريرة بسند ضعيف،
_________
(1) الترمذي (2/355) ، أحمد (6/298) ، ابن ماجه (1/377) .
(2) تقدم برقم (1440) .
(3) أحمد (2/135) .
(4) البيهقي (3/37) ، الشافعي (1/386) .
(5) أبو داود (2/66) ، الحاكم (1/442) ، وهو عند ابن خزيمة (2/145) ، والطبراني في "الأوسط" (3/251-252) .
(6) ابن ماجه (1/379) ، الحاكم (1/442) ، وهو عند ابن خزيمة (2/145) ، وابن حبان (6/199) ، والبيهقي (3/36) .
(7) البزار (1/353) (736- كشف الأستار) ، وهو عند الطبراني في "الأوسط" (5/196) .(1/464)
وذكر الحديث الحافظ في "التلخيص" بغير هذا اللفظ، وزاد فيه: «ثم يقوم يتهجد» ولم أجدها لأبي داود، وابن ماجه والبزار، ولفظ "التلخيص" حديث: «كان أبو بكر يوتر ثم ينام، ثم يقوم يتهجد، وأن عمر كان ينام قبل أن يوتر، ثم يقوم فيصلي ويوتر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: أخذت بالحزم، وقال لعمر: أخذت بالقوة» رواه أبو داود وابن خزيمة والطبراني والحاكم (1) من حديث أبي قتادة، قال ابن القطان: رجاله ثقات، والبزار وابن ماجه، وابن حبان والحاكم (2) من حديث ابن عمر، وحسنه ابن القطان. انتهى.
1463 - وروى الخطابي (3) بإسناده عن سعيد بن المسيب: «أن أبا بكر قال: أما أنا فأنام على وتر، فإذا استيقظت صليت شفعًا شفعًا» ، وهذه الزيادة لم يخرجها أحد ممن ذكرنا، وقد تقدم (4) في باب القضاء أحاديث قضاء الوتر وسائر النوافل.
[3/187] باب ما جاء في التراويح
1464 - عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه الجماعة (5) .
_________
(1) تقدم قريبًا (1460) .
(2) تقدم قريبًا (1461) .
(3) في "غريب الحديث" (1/120) ، وكذا بقي بن مخلد كما في "التلخيص" (2/50) .
(4) تقدم هذا الباب [3/173] .
(5) البخاري (1/22، 2/707) ، مسلم (1/523) ، أبو داود (2/49) ، النسائي (3/201، 4/156، 8/117) ، الترمذي (3/171) ، ابن ماجه (1/420) ، أحمد (2/281، 289، 408، 423، 473، 486، 529) .(1/465)
1465 - وعن عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله عز وجل فرض صيام رمضان، وسننت قيامه، فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه (1) بإسناد ضعيف.
1466 - وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر الآخر من رمضان أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود (2) ، ولمسلم (3) قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في رمضان مالا يجتهد في غيره، وفي العشر الآخر منه ما لا يجتهد في غيره» . (*)
1467 - وعن أبي ذر قال: «صمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في السادسة وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله! لو نفلتنا ببقية ليلتنا هذه، فقال: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث من الشهر فصلى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه، فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلت له: وما الفلاح؟ قال: السحور» رواه الخمسة (4) ، وصححه الترمذي، ورجال
_________
(1) أحمد (1/191، 194) ، النسائي (4/158) ، ابن ماجه (1/421) ، وهو عند ابن خزيمة (3/335) .
(2) البخاري (2/711) ، مسلم (2/832) ، أبو داود (2/50) ، وهو عند أحمد (6/40، 66، 68) ، وابن ماجه (1/562) ، والنسائي (3/217) .
(3) مسلم (2/832) ، وهو عند أحمد (6/82، 122، 255) ، وابن ماجه (1/562) ، والترمذي (3/161) ، والنسائي في "الكبرى" (2/270) .
(4) أبو داود (2/50) ، النسائي (3/83، 202) ، الترمذي (3/169) ، ابن ماجه (1/420) ، أحمد (5/159، 163) ، وهو عند ابن خزيمة (3/337) ، وابن حبان (6/288) ، والبيهقي (2/494) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
جميع من روى الحديث أخرجه بلفظ "كان النبي يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره" دون شطر الحديث الأول، وقد كرره المصنف ص520، في باب "ما جاء في فضل قيام رمضان.." ولم يذكر الشطر الأول من الحديث.(1/466)
إسناده عند أهل السنن كلهم رجال الصحيح.
1468 - وعن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في المسجد فصلى بصلاته ناس، ثم صلى الثانية فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما أصبح، قال: قد رأيت الذي صنعتم، فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم، وذلك في رمضان» متفق عليه (1) . وفي رواية: قالت: «كان الناس يصلون في المسجد في رمضان بالليل أوزاعًا، يكون مع الرجل الشيء من القرآن فيكون معه النفر الخمسة أو السبعة أو أقل من ذلك أو أكثر يصلون بصلاته، قالت: فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أنصب له حصيرًا على باب حجرتي ففعلت، فخرج إليه بعد أن صلى عشاء الآخرة فاجتمع إليه من في المسجد فصلى بهم» ، وذكرت القصة بمعنى ما تقدم غير أن فيها أنه لم يخرج إليهم في الليلة الثانية. رواه أحمد (2) ، وفي راوية للبخاري ومسلم (3) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من جوف الليل فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس يتحدثون بذلك فاجتمع أكثر منهم، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الليلة الثانية فصلوا بصلاته، فأصبح الناس يذكرون ذلك فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج فصلوا بصلاته، فلما كان في الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فطفق رجال منهم يقولون: الصلاة الصلاة، فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما قضى
_________
(1) البخاري (1/380) ، مسلم (1/524) ، أحمد (6/177، 182، 232) ، وهو عند أبي داود (2/49) ، والنسائي (3/202) .
(2) أحمد (6/267) ، وهي عند أبي داود (2/50) .
(3) البخاري (1/313، 2/708) ، مسلم (1/524) ، وهي عند أحمد (6/169) .(1/467)
الفجر أقبل على الناس ثم تشهد ثم قال: أما بعد: فإنه لم يخف عليَّ شأنكم الليلة ولكن خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها» .
1469 - وعن زيد بن ثابت قال: «احتجر الناس حُجَيرة بخَصَفَةٍ أو حصيرة، قال عفان: في المسجد، وقال عبد الأعلى: في رمضان، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيها، قال: فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلون بصلاته، قال: ثم جاءوا إليه فحضروا وأبطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يخرج إليهم، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب، فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مغضبًا، فقال لهم: ما زال بكم صنيعكم حتى ظنتت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة» . وفي حديث عفان: «ولو كتب عليكم ما قمتم به، وفيه: فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود (1) ولم يقل: في رمضان.
1470 - وعن عبد الرحمن بن عَبْدٍ القاري (2) قال: «خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاعًا متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أَمْثَل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت إليه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يعني آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله» رواه
_________
(1) البخاري (1/256، 5/2266، 6/2658) ، مسلم (1/539، 540) ، أبو داود (2/69) ، وهو عند النسائي (3/197) ، وأحمد (5/182، 184، 187) .
(2) القاري بالتشديد نسبة إلى القارة قرية بالري. اهـ. خلاصة.(1/468)
البخاري (1) .
1471 - ولمالك في "الموطأ" (2) عن يزيد بن رومان قال: «كان الناس في زمن عمر يقومون في رمضان بثلاث وعشرين ركعة» ، وقوله: «ثلاث وعشرين» قال إسحاق: هذا أثبت ما سمعت في ذلك. انتهى. وقد اختلفت الروايات في قدر عدد الركعات، فقيل: إحدى عشرة، وقيل: إحدى وعشرون، وقيل: عشرون، وقال الترمذي: أكثر ما قيل: إنه يصلي بأحد وأربعين ركعة بركعة الوتر. انتهى.
1472 - وأما الوارد عنه - صلى الله عليه وسلم - فأخرج ابن حبان في "صحيحه" (3) من حديث جابر «أنه - صلى الله عليه وسلم - صلّى بهم ثمان ركعات ثم أوتر» .
قوله: «احتجر» الحجرة: الناحية، وحجيرة تصغير حجرة، «والخصفة» : نوع من الحصير.
[3/188] باب ما جاء في قيام الليل والترغيب فيه
1473 - عن أبي هريرة قال: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: الصلاة في جوف الليل، قال: فأي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال: شهر الله المحرم» رواه الجماعة (4) ، ولابن ماجه مثل فضل الصوم فقط.
_________
(1) البخاري (2/707) ، وهو عند مالك (1/114) ، والبيهقي (2/493) .
(2) مالك (1/115) .
(3) ابن حبان (6/169، 173) ، وهو عند ابن خزيمة (2/138) ، وأبي يعلى (3/336) .
(4) مسلم (2/821) ، أبو داود (2/323) ، النسائي (3/206) ، الترمذي (2/301، 3/117) ، ابن ماجه (1/554) ، أحمد (2/303، 329، 342، 344، 535) .(1/469)
1474 - وعن عمرو بن عَبَسَة أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن» رواه الترمذي وصححه، ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه أبو داود والحاكم (1) .
1475 - وعن عائشة قالت: «قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تفطرت قدماه» ، وفي أخرى: «كان يقوم من الليل حتى تفطرت قدماه، فقيل له: لم تصنع هذا يا رسول الله! وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبدًا شكورًا، قالت فلما بَدَّن وكثر لحمه صلى جالسًا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع» أخرجه البخاري ومسلم (2) .
1476 - وعن أم سلمة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استيقظ ليلة فزعًا وهو يقول: لا إله إلا الله ماذا أنزل الليلة من الفتنة! ماذا أنزل الليلة من الخزائن!» ، وفي رواية: «ماذا فتح من الخزائن! من يوقظ صواحب الحُجُرات يريد أزواجه فيصلين، رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة» أخرجه البخاري و"الموطأ" والترمذي وقال: حسن صحيح (3) .
_________
(1) الترمذي (5/569) ، أبو داود (2/25) ، الحاكم (1/453) ، وهو عند ابن ماجه مختصرًا (1/396، 434) ، وبمعناه عند النسائي (1/283) ، وفي "الكبرى" (1/482) ، وأحمد (4/113) ، وأصل القصة في مسلم من حديث أبي أمامة عن عمرو بن عبسة في قصة طويلة إلا أنه لم يذكر «أي الليل أسمع؟» (1/569-570) .
(2) البخاري (4/1830) ، مسلم (4/2172) ، وهو عند أحمد (6/115) .
(3) البخاري (1/54، 379، 5/2198، 2296، 6/2591) ، مالك (2/913) ، الترمذي (4/487) ، وهو عند أحمد (6/297) ، وابن حبان (2/466) .(1/470)
1477 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أَحدكم إذا هو نائم ثلاث عقد يضرب على كل عقدة مكانها عليك ليل طويل، قال: فإن استيقظ فذكر الله انجلت عقدة، فإن توضأ انجلت عقدة، فإن صلى انجلت عقده كلها، فإن أصبح أصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» أخرجه الجماعة إلا الترمذي (1) .
1478 - وعن ابن مسعود قال: «ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقيل: ما زال نائمًا حتى أصبح ما قام إلى الصلاة فقال: ذلك رجل بال الشيطان في أذنه أو قال: في أذنيه» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي (2) .
1479 - وعن ابن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا عبد الله! لا تكن مثل فلان كان يقوم من الليل فترك قيام الليل» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي (3) .
1480 - وعن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «عجب ربنا من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه من حبه وأهله إلى صلاته، فيقول الله تعالى: انظروا إلى عبدي ثار عن وطائه وفراشه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقة مما
_________
(1) البخاري (1/383، 3/1193) ، مسلم (1/538) ، أبو داود (2/32) ، النسائي (3/203) ، ابن ماجه (1/421) ، أحمد (2/243، 253، 497) .
(2) البخاري (1/384، 3/1193) ، مسلم (1/537) ، النسائي (3/204) ، وهو عند أحمد (1/375، 427) ، وابن ماجه (1/422) .
(3) البخاري (1/387) ، مسلم (2/814) ، النسائي (3/253) ، وهو عند ابن ماجه (1/422) ، وأحمد (2/170) .(1/471)
عندي» أخرجه ابن حبان في "صحيحه" وأحمد وأبو يعلى، والطبراني في "الكبير" (1) ، قال العراقي: وإسناده جيد.
1481 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» أخرجه البخاري ومسلم (2) ، وفي رواية لمسلم (3) : «أن الله عز وجل يمهل، حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول نزل إلى سماء الدنيا، فيقول: هل من مستغفر؟ هل من تائب؟ هل من سائل؟ هل من داع؟ حتى ينفجر الفجر» وفي أخرى له (4) : «هل من سائل فيعطى؟ هل من داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ حتى ينفجر الصبح» .
1482 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا» رواه الجماعة إلا الترمذي (5) ، فله فضل الصوم فقط، وسيأتي هذا الحديث في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى.
_________
(1) ابن حبان (6/297، 298) ، أحمد (1/416) ، أبو يعلى (9/179، 244) ، الطبراني في "الكبير" (10/179) ، وهو عند البيهقي (9/164) .
(2) البخاري (1/384، 5/2330، 6/2723) ، مسلم (1/521) ، وهو عند أبي داود (2/34، 4/234) ، والترمذي (5/526) ، وابن ماجه (1/435) ، وأحمد (2/264، 267، 487، 504) .
(3) مسلم (1/523) ، وهي عند أحمد (3/34، 94)
(4) مسلم (1/522) .
(5) البخاري (1/380، 3/1257) ، مسلم (2/816) ، أبو داود (2/327) ، النسائي (3/214، 4/198) ، الترمذي (3/140) ، ابن ماجه (1/546) ، أحمد (2/160) .(1/472)
[3/189] باب مشروعية افتتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين
وكيفية القراءة والقصد فيها
1483 - عن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين» رواه أحمد ومسلم (1) .
1484 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (2) .
1485 - وعن عائشة «أنها سئلت كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل؟ فقالت: كل ذلك قد كان يفعل، ربما أسر وربما جهر» رواه الخمسة (3) ، وصححه الترمذي ورجاله رجال الصحيح.
1486 - وعن أبي سعيد قال: «اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمعهم يجهرون بالقراءة فشكف الستر، وقال: إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضًا، ولا
_________
(1) أحمد (6/30) ، مسلم (1/532) .
(2) أحمد (2/232، 278، 399) ، مسلم (1/532) ، أبو داود (2/36) ، وهو عند ابن حبان (6/340) ، وابن خزيمة (2/183) .
(3) أبو داود (2/66) ، النسائي (3/224) ، وفي "الكبرى" (1/432) ، الترمذي (2/311، 5/183) ، أحمد (6/73، 149) ، وهو عند ابن خزيمة (2/189) ، والحاكم (1/454) ، والبيهقي (3/12) من طريق عبد الله بن أبي قيس أنه سأل عائشة، وأخرجه أحمد (6/47) ، وابن ماجه (1/430) ، وأبو داود (1/58) ، والنسائي مختصرًا (1/125) ، وابن حبان (6/200) من طريق غضيف بن الحارث عن عائشة.(1/473)
يرفعن بعضكم على بعض في القراءة، أو قال: في الصلاة» رواه أبو داود (1) .
1487 - ولأحمد والبزار الطبراني (2) نحوه من حديث ابن عمر.
1488 - وعن فروة بن عمرو البياضي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر بما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن» أخرجه أحمد (3) ، قال العراقي: بإسناد صحيح.
[3/190] باب ما جاء في فضل من بات طاهرًا
1489 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من بات طاهرًا بات في شعاره ملك، فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان فإنه بات طاهرًا» رواه ابن حبان في "صحيحه" (4) .
1490 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «طهروا هذه الأجساد طهركم الله، فإنه ليس من عبد يبيت طاهرًا إلا بات معه في شعاره ملك، لا ينقلب ساعة من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك هذا فإنه بات طاهرًا» رواه الطبراني في "الأوسط" (5) ، وإسناده جيد، وفي الباب أحاديث.
_________
(1) أبو داود (2/38) ، وهو عند أحمد (3/94) ، وابن خزيمة (2/190) ، والحاكم (1/454) ، والنسائي في "الكبرى" (5/32) ، والبيهقي (3/11) .
(2) أحمد (2/129) ، البزار (726-كشف الأستار) ، الطبراني (12/428) .
(3) أحمد (4/344) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (2/264، 5/32) .
(4) ابن حبان (3/328) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (12/446) .
(5) الطبراني في "الأوسط" (5/204) .(1/474)
1491 - وقد تقدم (1) في أبواب الغسل حديث: «أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه جنب» .
قوله: «في شعاره» بكسر الشين المعجمة: هو ما يلي بدن الإنسان من ثوب وغيره.
[3/191] باب صلاة الضحى
1492 - عن أبي هريرة قال: «أوصاني خليلي بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام» متفق عليه (2) . وفي لفظ لأحمد ومسلم (3) : «ركعتي الضحى كل يوم» (*) .
1493 - وعن أبي الدرداء قال: «أوصاني حبيبي بثلاث لم أدعها ما عشت: بصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وألا أنام إلا على وتر» أخرجه مسلم وأبو داود (4) .
1494 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعةً بنى الله له قصرًا في الجنة» رواه الترمذي (5) واستغربه، قال في "التلخيص":
_________
(1) تقدم برقم (482) .
(2) البخاري (1/395، 2/699) ، مسلم (1/499) ، أحمد (2/258، 265، 271، 277، 402، 459، 489، 497، 499، 505، 526) ، وهو عند أبي داود (2/65) ، والترمذي (3/133) ، والنسائي (3/229، 4/204، 218)
(3) أحمد (2/311) .
(4) مسلم (1/499) ، أبو داود (2/66) ، وهو عند النسائي (4/217) ، وأحمد (5/173، 6/440، 451) .
(5) الترمذي (2/337) ، وهو عند ابن ماجه (1/439) ، والطبراني في "الصغير" (1/305) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
الرواية الثانية لم نجدها عند مسلم، وقد عزاها إلى مسلم شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" (22/284) وابن مفلح في "المبدع" (2/23) ، والشوكاني في "النيل" (2/280) .(1/475)
وإسناده ضعيف، وقال في "الفتح": إن له شواهد تقويه.
1495 - وعن أبي سعيد قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى حتى نقول: لا يدعها، ويدعها حتى نقول، لا يصليها» أخرجه الترمذي (1) ، وقال: حسن غريب.
1496 - وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يصبح على كل سُلَامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (2) .
1497 - وعن عبد الله بن بُرَيْدَةَ قال: سمعت أبي بريدة يقول: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «في الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منها بصدقة، قالوا: فمن الذي يطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: النخاعة في المسجد يدفنها، أو الشيء ينحيه عن الطريق، فإن لم يقدر فركعتي الضحى تجزئ عنك» رواه أحمد وأبو داود (3) ، ورجال إسناده رجال الصحيح، إلا أحمد بن محمد المروزي، قال في "الكاشف": وكان من كبار الأئمة. انتهى. وعلي بن الحسين بن واقد اختلف في توثيقه وتضعيفه.
_________
(1) الترمذي (2/342) ، وهو عند أحمد (3/21، 36) ، وأبي يعلى (2/456) .
(2) أحمد (5/167، 178) ، مسلم (1/498) ، أبو داود (2/26، 4/362) ، النسائي في "الكبرى" (5/326) .
(3) أحمد (5/354، 359) ، أبو داود (4/361) ، وهو عند ابن حبان (4/520، 6/281) ، وابن خزيمة (2/229) .(1/476)
1498 - وعن نُعَيم بن هَمَّار (1) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال ربكم عز وجل: يا بن آدم! صلِّ لي أربعَ ركعاتٍ من أولِ النهارِ أكفك آخره» رواه أحمد وأبو داود (2) .
1499 - وهو للترمذي (3) من حديث أبي ذر وأبي الدرداء، وقال: هذا حديث حسن غريب، وقال المنذري: الحديث في إسناده اختلاف كثير، وقد جمعت طرقه في جزء مفرد.
1500 - وعن عائشة قالت: «دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيتي فصلى الضحى ثمان ركعات» رواه ابن حبان في "صحيحه" (4) .
1501 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه (5) ، وفي رواية لمسلم (6) عنها: «أنها سئلت هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى؟ قالت: لا. إلا أن يجيء من مغيبه» ، وفي
_________
(1) نعيم بن همار أو ابن هبار بواحدة الغطفاني، صحابي شامي له أحاديث. اهـ خلاصة.
(2) أحمد (5/286، 287) ، أبو داود (2/27) ، وهو عند الدارمي (1/401) ، وابن حبان (6/273، 275) ، والنسائي في "الكبرى" (1/177) ، والبيهقي (3/47) ، وقد رواه أحمد من حديث نعيم بن همار عن عقبة بن عامر فجعله من مسند عقبة (4/153، 201) ، وأبي يعلى (3/294) .
(3) الترمذي (2/340) ، وهو عند أحمد من حديث أبي الدرداء (6/440، 451) .
(4) ابن حبان (6/272) .
(5) أحمد (6/95، 120، 123، 145، 168، 172، 265) ، مسلم (1/497) ، ابن ماجه (1/439) ، وهو عند ابن حبان (6/270) ، والبيهقي (3/47) ، والنسائي في "الكبرى" (1/180)
(6) مسلم (/497) ، وهي عند النسائي في "الكبرى" (1/180) ، وأحمد (6/171) .(1/477)
رواية له (1) عنها: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها» .
1502 - وعن أم هانئ «أنه لما كان عام الفتح أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بأعلى مكة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غسله فسترت عليه فاطمة، ثم أخذ ثوبه فالتحف به، ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى» متفق عليه (2) . ولأبي داود وابن خزيمة (3) عنها: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم الفتح سبحة الضحى ثمان ركعات يسلم بين كل ركعتين» وإسنادها صحيح على شرط البخاري.
1503 - وعن زيد بن أرقم قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل قباء وهم يصلون الضحى، فقال: صلاة الأوابين إذا رَمَضَت الفصال من الضحى» رواه أحمد ومسلم (4) ، والترمذي بلفظ: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل قباء وهم يصلون، فقال: صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال» .
1504 - وعن عاصم بن ضمرة قال: «سألنا عليًا عن تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كان إذا صلى الفجر أمهل حتى إذا كانت الشمس من هاهنا يعني من قبل المشرق مقدارها من صلاة الظهر من هاهنا يعني من قبل
_________
(1) مسلم (/497) ، وهي عند البخاري (1/379، 395) ، وأبي داود (2/28) ، والنسائي في "الكبرى" (1/180) ، وأحمد (6/86، 177، 178، 209، 215، 238) .
(2) البخاري (1/141) ، مسلم (1/266) ، أحمد (6/341، 342، 343، 423، 425) .
(3) أبو داود (2/28) ، ابن خزيمة (2/234) ، وهي عند ابن ماجه (1/419) .
(4) أحمد (4/366، 367، 372، 374) ، مسلم (1/516) (748) ، وهو عند ابن حبان (6/280) (2539) ، وابن خزيمة (2/229) (1227) وأبي عوانة (2/270، 271) ، والدارمي (1/403) (1457) ، وابن أبي شيبة (2/173) ، وعبد بن حميد (1/112) (258) .(1/478)
المغرب قام فصلى أربعًا، أربعًا قبل الظهر إذا زالت الشمس، وركعتين بعدها، وأربعًا قبل العصر يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين، ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين» رواه الخمسة إلا أبا داود (1) ، وحسنه الترمذي، ورجال إسناده ثقات، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
قوله: «الضحى» قال في "غريب جامع الأصول": الضحى: بالضم والقصر حين تشرق الشمس وتضيء، وتذهب حمرتها التي تكون لها عند الطلوع، وبالفتح والمد عند ارتفاع النهار كثيرًا. انتهى. قوله: «سُلامى» بضم السين وتخفيف اللام، وأصله عظام الأصابع وسائر الكف، ثم استعمل في عظام البدن ومفاصله. قوله: «إذا رمضت الفصال» رمضت بفتح الراء وكسر الميم، وفتح الضاد المعجمة: أي احترقت من حر الرمضاء، وهي شدة الحر، أي أن تأخير الضحى إلى ذلك الوقت أفضل.
[3/192] باب ما جاء في تحية المسجد
1505 - عن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» رواه الجماعة (2) ، ولأبي داود (3) : «فليصل سجدتين» ،
_________
(1) النسائي (2/119) ، وفي "الكبرى" (1/147، 148) ، الترمذي (2/493) ، ابن ماجه (1/367) ، أحمد (1/85، 142، 160) ، وهو عند البيهقي (3/50) .
(2) البخاري (1/170، 391) ، مسلم (1/495) ، أبو داود (1/127) ، النسائي (2/53) ، الترمذي (2/129) ، ابن ماجه (1/324) ، أحمد (5/295، 296، 303، 305، 311) .
(3) أبو داود (1/127) .(1/479)
وله في أخرى زيادة: «ثم ليقعد» بعد: «إن شاء أو ليذهب لحاجته» وفي أخرى للبخاري ومسلم (1) قال: «دخلت المسجد ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس بين ظهراني الناس، قال: فجلست، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟ قال: قلت: يا رسول الله! رأيتك جالسًا والناس جلوس، قال: فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين» .
1506 - وعن جابر قال: «كان لي دين على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقضاني وزادني، فدخلت عليه المسجد، فقال: صل ركعتين» أخرجه البخاري ومسلم (2) .
1507 - وعن أبي سعيد قال: «كنا نغدو إلى السوق على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنمر على المسجد فنصلي فيه» أخرجه النسائي (3) ، وسيأتي بقية أحاديث تحية المسجد في صلاة الجمعة إن شاء الله.
[3/193] باب ما جاء أن تحية المسجد لا تسقط بالجلوس
1508 - عن أبي ذرٍّ: «أنه دخل المسجد، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أركعت ركعتين؟ قال: لا، قال: قم فاركعهما» رواه ابن حبان في "صحيحه" (4) .
1509 - وعن جابر قال: «دخل رجل يوم الجمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، قال: صليت؟ قال: لا، قال: فصل ركعتين» وفي رواية: «قم فاركع» . وفي أخرى: «قم
_________
(1) مسلم (1/495) .
(2) البخاري (1/170، 2/843) ، مسلم (1/495) ، وهو عند أحمد (3/319) .
(3) النسائي (2/55) ، و"الكبرى" (1/266، 6/291) .
(4) ابن حبان (2/76) ، وهو عند الحاكم بمعناه (2/652) .(1/480)
فصل الركعتين» أخرجه البخاري ومسلم (1) ، ولمسلم (2) قال: «جاء سُلَيكٍ الغَطَفاني يوم الجمعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد على المنبر، فقعد سليك قبل أن يصلي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أركعت ركعتين؟ قال: لا، قال: فقم فاركع» وفي أخرى (3) : «قال له: يا سليك قم فاركع ركعتين» .
[3/194] باب القادم من سفر يبدأ بالمسجد فيصلي ركعتين
1510 - عن كعب بن مالك قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، فصلى فيه ركعتين، ثم جلس للناس» أخرجه أبو داود (4) وهو طرف من حديث توبة كعب بن مالك أخرجه البخاري ومسلم (5) بتمامه.
[3/195] باب صلاة الاستخارة
1511 - عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سعادة ابن آدم استخارة الله عز وجل» رواه أحمد وأبو يعلى والحاكم (6) ، وقال: صحيح الإسناد، ورواه الترمذي بلفظ: «من سعادة ابن آدم كثرة استخارة الله ورضاه بما قضاه الله،
_________
(1) البخاري (1/315) ، مسلم (2/596) ، وهو عند النسائي (3/103) ، وأحمد (3/308، 369، 380) .
(2) مسلم (2/597) .
(3) مسلم (2/597) .
(4) أبو داود (3/88) .
(5) البخاري (/1603-1608) ، ومسلم (4/2120-2127) .
(6) أحمد (1/168) ، أبو يعلى (2/60) (701) ، الحاكم (1/699) .(1/481)
ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله وسخطه بما قضاه الله له» (1) وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبي حميد وليس بالقوي عند أهل الحديث.
1512 - وعن جابر بن عبد الله قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلّمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركَع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرُّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به، قال: ويسمي حاجته» رواه الجماعة إلا مسلمًا (2) ، وصححه الترمذي وأبو حاتم.
1513 - وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3) من حديث أبي أيوب، وفي الباب أحاديث.
_________
(1) الترمذي (4/455) .
(2) البخاري (1/391، 5/2345، 6/2690) ، أبو داود (2/89) ، النسائي (6/80) ، الترمذي (2/345) ، ابن ماجه (1/440) ، أحمد (3/344) .
(3) ابن حبان (9/348) ، وهو عند أحمد (5/423) ، والطبراني في "الكبير" (4/133) ، والحاكم (1/458، 2/179) ، والبيهقي (7/147) ، وابن خزيمة (2/226) .(1/482)
[3/196] باب صلاة التسبيح
1514 - عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للعباس بن عبد المطلب: يا عباس! يا عماه! ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أجيزك، ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره قديمه وحديثه خطأه وعمده صغيره وكبيره، سره وعلانيته، عشر خصال أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت: سبحان الله! والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرّةً، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرًا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرًا، ثم تهوي ساجدًا فتقولها وأنت ساجد عشرًا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرًا، ثم تسجد فتقولها عشرًا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرًا، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات، إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرّةً فافعل، وإن لم تفعل ففي كل جمعة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرَّة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرَّة» أخرجه أبو داود (1) عن ابن عباس.
1515 - وله (2) في أخرى عن أبي الجوزاء: «حدثني رجل كانت له صحبة يرون أن عبد الله بن عمرو قال: ائتني غدًا أحبوك وأثيبك وأعطيك حتى ظننت أنه يعطيني عطية، قال: إذا زال النهار فقم فصل أربع ركعات فذكر نحوه، ثم قال:
_________
(1) أبو داود (2/29) ، ابن ماجه (1/443) ، الطبراني في "الكبير" (11/243) ، وهو عند الحاكم (1/463) ، وابن خزيمة (2/223) ، والبيهقي (3/51) .
(2) أبو داود (2/30) ، وهو عند البيهقي (3/52) .(1/483)
ترفع رأسك يعني من السجود -وفي نسخة من السجدة الثانية- فاستو جالسًا ولا تقم حتى تسبّح عشرًا وتهلل عشرًا -وفي نسخة وتحمد عشرًا- ثم تصنع ذلك في الأربع الركعات، فإنك لو كنت أعظم أهل الأرض ذنبًا، كفر لك بذلك، قلت فإن لم أستطع أن أصليها تلك الساعة؟ قال: صلها من الليل والنهار» قال أبو داود: رواه أبو الجوزاء عن عبد الله بن عمرو موقوفًا.
1516 - وأخرج الترمذي (1) عن أبي رافع قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا عم، ألا أحبوك، ألا أنفعك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: يا عم! صلّ أربع ركعات تقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة، فإذا انقضت القراءة فقل: الله أكبر والحمد لله ولا إله إلا الله وسبحان الله خمس عشرة مرة قبل أن تركع وذكر مثله فذلك خمس عشرة مرة قبل أن تركع وذلك مثله (2) خمس وسبعون في كل ركعة وهي ثلاثمائة في أربع ركعات، ولو كانت ذنوبك مثل رمل عالج غفرها الله لك، قال: يا رسول الله! ومن لم يستطع أن يقولها في كل يوم؟ قال: إن لم تستطع أن تقولها في كل يوم فقلها في كل جمعة، فإن لم تستطع أن تقولها في جمعة فقلها في شهر، فلم يزل يقول له حتى قال: فقلها في سنة» قال الترمذي: غريب، وأخرج حديث صلاة التسبيح ابن ماجه وابن حبان وابن خزيمة وهو في "مجمع الزوائد" باختصار. قال: رواه الطبراني في "الكبير" (3) من حديث
_________
(1) الترمذي (2/350) ، ابن ماجه (1/442) .
(2) هكذا في الأصل ونص الحديث عند الترمذي: «خمس عشرة مرة قبل أن تركع، ثم اركع فقلها عشرًا، ثم ارفع رأسك فقلها عشرًا، ثم اسجد فقلها عشرًا، ثم ارفع رأسك فقلها عشرًا، ثم اسجد الثانية فقلها عشرًا، ثم ارفع رأسك فقلها عشرًا قبل أن تقوم، فتلك خمس وسبعون في كل ركعة» .
(3) تقدم أول الباب.(1/484)
ابن عباس.
1517 - وعن أنس بن مالك أن أم سُلَيم غدت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: «علمني كلمات أقولهن في صلاتي، فقال: كبري الله عشرًا وسبحيه عشرًا واحمديه عشرًا، ثم سلي ما شئتِ، يقول: نعم نعم» رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن غريب، والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم (1) . وهذه الصلاة قد اختلف أئمة الحديث فيها، فمنهم من صحح حديثها كالحاكم وابن السكن والدارقطني، ومنهم من ضعفه كابن تيمية والمزي، وتوقف الذهبي وبالغ ابن الجوزي فذكره في "الموضوعات"، وقال العقيلي: ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت، وقال ابن العربي: ليس فيها حديث صحيح ولا حسن، وقال الحافظ: إن طرقها كلها ضعيفة وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه، وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر، وقال مسلم: لا يروى في هذا الحديث أحسن من هذا يعني إسناد حديث عكرمة عن ابن عباس، وقال الجلال: أنها في حَيِّز الاختلاف بين الأئمة، والحق ما أجمعوا عليه.
[3/197] باب صلاة الحاجة
1518 - عن أبي الدرداء قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من توضأ فأسبع
_________
(1) أحمد (3/120) ، الترمذي (2/347) (481) ، النسائي (3/51) ، وابن خزيمة (2/31) ، ابن حبان (5/353) ، الحاكم (1/385، 462) .(1/485)
الوضوء ثم صلى ركعتين يتمهما، أعطاه الله ما سأل معجلًا أو مؤخرًا» أخرجه أحمد (1) ، قال ابن حجر في أماليه: وإسناده صحيح.
1519 - وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت له حاجة إلى الله أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين، ثم ليثن على الله وليصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم! الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين» أخرجه الترمذي وقال: غريب، وفي إسناده مقال، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" وابن النجار في "تاريخ بغداد" (2) .
1520 - قال ابن حجر في "أماليه": وجدت له شاهدًا من حديث أنس وسنده ضعيف، أخرجه الطبراني (3) وللحديث طرق أخرى.
[3/198] باب صلاة التوبة
1521 - عن أبي بكر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من رجل يذنب ذنبًا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ثم يستغفر الله إلا غفر له، ثم قرأ هذه الآية: ((وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ)) [آل عمران:135]
_________
(1) أحمد (6/442) .
(2) الترمذي (2/344) ، الحاكم (1/466) ، وهو عند ابن ماجه (1/441) .
(3) الطبراني في "الصغير" (1/213) ، و"الأوسط" (3/358) .(1/486)
إلى آخر الآية» رواه الترمذي، وقال المنذري: حسن صحيح، وفي نسخة من الترغيب والترهيب قال الترمذي: حديث حسن، وكذا في مختصر السنن، وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" والبيهقي (1) وقال: «ثم يصلى ركعتين» وذكره ابن خزيمة في "صحيحه" (2) بغير إسناد، وذكر فيه الركعتين.
1522 - وعن عبد الله بن بُرَيدة عن أبيه قال: «أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا فدعا بلالًا فقال: يا بلال بم سبقتني إلى الجنة؟ إني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي! فقال يا رسول الله! ما أذْنَبْتُ قط إلا صليت ركعتين، وما أصابني حَدَثٌ قط إلا توضأت وصليت ركعتين» رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (3) .
[3/199] باب الصلاة عقيب الطهور
1523 - عن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال عقيب صلاة الصبح: يا بلال حدثني بأرجأ عمل عملته في الإسلام؟ فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة قال: ما عملت عملًا أرجى عندي أَنِّي (4) لم أتطهر طهورًا في ساعة من ليل أو
_________
(1) الترمذي (2/257، 5/228) ، أبو داود (2/86) ، النسائي في "الكبرى" (6/110، 315) ، ابن ماجه مختصرًا (1/446) ، ابن حبان (2/389-390) ، وهو عند أحمد (1/2، 8، 10) .
(2) ابن خزيمة (2/216) .
(3) ابن خزيمة (2/213) ، وهو عند الحاكم (1/457، 3/322) ، وأحمد (5/360) .
(4) بفتح الهمزة ومن مقدرة قبله صلة لأفعل التفضيل، وهي ثابتة في رواية مسلم. اهـ "نيل الأوطار".(1/487)
نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي» متفق عليه (1) .
قوله: «دف نعليك» بفتح المهملة وتثقيل الفاء، قال الخليل: دف الطائر إذا حرك جناحه وهو قائم على رجليه، وفي رواية لمسلم (2) : «خشف نعلك» بفتح الخاء وسكون الشين المعجمتين وتخفيف الفاء وهي الحركة الخفيفة.
[3/200] باب أفضلية كثرة السجود وطول القيام
1524 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (3) .
1525 - وعن ثوبان قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «عليك بكثرة السجود، فإنك لن تسجد سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (4) .
1526 - وعن ربيعة بن كعب قال: «كنت أبيت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - آتيه بوضوئه وحاجته. فقال: سلني، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة فقال: أو غير ذلك، فقلت:
_________
(1) البخاري (1/386) ، مسلم (4/1910) ، أحمد (2/333، 439) ولفظ «دف نعليك» عند البخاري فقط.
(2) مسلم (4/1910) ، وابن خزيمة (2/213) ، والنسائي في "الكبرى" (5/66) ، وأبو يعلى (10/490) ، وأحمد (2/333) .
(3) أحمد (2/421) ، مسلم (1/350) ، أبو داود (1/231) ، النسائي (2/226) ، وهو عند ابن حبان (5/254) ، والبيهقي (2/110) .
(4) أحمد (5/276، 280، 283) ، مسلم (1/353) ، وهو عند الترمذي (2/231) ، والنسائي (2/228) ، وابن ماجه (1/457) ، وابن حبان (5/27) .(1/488)
هو ذاك، فقال: أعنِّي على نفسك بكثرة السجود» رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود (1) .
1527 - وعن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أفضل الصلاة طول القنوت» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه والترمذي وصححه (2) .
1528 - ولأبي داود والنسائي (3) من حديث عبد الله بن حبشي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل: أي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت» .
1529 - وهو لأحمد والحاكم وابن حبان في "صحيحه" (4) من حديث أبي ذر.
1530 - وقد تقدم (5) في باب ما جاء في قيام الليل حديث عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم من الليل حتى تفطَّر قدماه» أخرجه البخاري ومسلم.
1531 - وعن المغيرة بن شعبة قال: «إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليقوم ويصلي حتى ترم قدماه، فيقال له فيقول: أفلا أكون عبدًا شكورًا» وفي رواية: «أنه صلّى - صلى الله عليه وسلم - حتى انتفخت قدماه، فقيل له: أتكلف هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك
_________
(1) أحمد (4/59) ، مسلم (1/353) ، النسائي (2/227) ، أبو داود (2/35) .
(2) أحمد (3/302، 314، 391) ، مسلم (1/520) ، ابن ماجه (1/456) ، الترمذي (2/229) ، وهو عند ابن حبان (5/54) ، وابن خزيمة (2/186) ، والبيهقي (3/8) .
(3) أبو داود (2/36، 69) ، النسائي (5/58) ، وفي "الكبرى" (2/31) ، وهو عند أحمد (3/411)
(4) أحمد (5/178، 179، 265) ولم يذكر فيه «أي الصلاة أفضل» ، الحاكم مختصرًا (2/652) ، ابن حبان (2/76) .
(5) تقدم برقم (1475) .(1/489)
وما تأخر؟! فقال: أفلا أكون عبدًا شكورًا» أخرجه الجماعة إلا أبا داود (1) .
[3/201] باب ما جاء في إخفاء التطوع وأنه في البيوت أفضل
وجوازه جماعة
1532 - عن زيد بن ثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (2) فله (3) معناه من حديث عبد الله بن سعد ولفظه: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيما أفضل الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد؟ قال: ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد، فلأن أصلي في بيتي أحبّ إليَّ من أن أصلي في المسجد إلا أن تكون صلاة مكتوبة» ومثله لأحمد وابن خزيمة في "صحيحه".
1533 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده، فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته؛ فإن الله عز وجل جاعل في بيته من صلاته خيرًا» أخرجه مسلم (4) .
1534 - ولابن ماجه (5) مثله من حديث أبي سعيد، قال العراقي: وإسناده
_________
(1) البخاري (1/380، 4/1830، 5/2375) ، مسلم (4/2171) ، النسائي (3/219) ، الترمذي (2/268) ، ابن ماجه (1/456) ، أحمد (4/251، 255) .
(2) تقدم برقم (1469) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (1/408) ، والترمذي (2/312) ، وأحمد (5/186) .
(3) ابن ماجه (1/439) ، أحمد (4/342) ، ابن خزيمة (2/210) .
(4) مسلم (1/539) ، وهو عند أحمد (3/315، 316) ، وابن حبان (6/238) ، وابن خزيمة (2/212) ، والبيهقي (2/189) .
(5) ابن ماجه (1/438) ، وهو عند أحمد (3/15، 59) .(1/490)
صحيح.
1535 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة» رواه مسلم (1) .
1536 - وعن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورًا» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وأخرجه أيضًا النسائي والترمذي وصححه (2) .
1537 - وعن صُهَيْب بن النعمان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس، كفضل المكتوبة على النافلة» أخرجه الطبراني في "الكبير" (3) ، وفي إسناده محمد بن مصعب وثقه أحمد بن حنبل وضعفه ابن معين.
1538 - وللبيهقي (4) نحو هذا الحديث عن رجل من الصحابة، قال المنذري: وإسناده جيد.
1539 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم» رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (5) .
_________
(1) مسلم (1/539) ، وهو عند أحمد (2/284، 337، 378، 388) ، والترمذي (5/157) ، وابن حبان (3/62) .
(2) البخاري (1/166، 398) ، مسلم (1/538، 539) ، أبو داود (1/273، 2/69) ، النسائي (3/197) ، الترمذي (2/313) ، وهو عند ابن ماجه (1/438) ، وأحمد (2/6، 16، 122) .
(3) الطبراني في "الكبير" (8/46) .
(4) في "شعب الإيمان " (3/173) ، وانظر "الترغيب" (171) .
(5) ابن خزيمة (2/213) ، وهو عند الحاكم (1/457) ، وعبد الرزاق (1/393) .(1/491)
1540 - وعن زيد بن ثابت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته هذه في مسجدي هذا إلا المكتوبة» رواه أبو داود (1) ، وقال العراقي وإسناده صحيح.
1541 - وعن عُتْبان بن مالك أنه قال: «يا رسول الله! إن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي، فأحب أن تأتيني فتصلي في مكان من بيتي أتخذه مسجدًا، قال - صلى الله عليه وسلم -: سأفعل، فلما دخل، قال: أين تريد؟ فأشرت إلى ناحية من البيت فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصففنا خلفه فصلى بنا ركعتين» متفق عليه (2) .
1542 - وعن ابن عباس قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فقمت عن يساره، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه» أخرجه البخاري (3) .
1543 - وعن أنس قال: «صليت أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمّي أم سليم خلفنا» أخرجه البخاري (4) .
_________
(1) أبو داود (1/274) ،وهو عند الطبراني في "الصغير" (1/328، 5/144) .
(2) البخاري (1/164، 5/2063) ، مسلم (1/455) ، أحمد (4/44، 5/449) ، وهو عند النسائي (2/105) .
(3) جزء من حديث ابن عباس وصلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة، وقد تقدمت أجزاء من الحديث متفرقة، وهو بهذا اللفظ عند البخاري (1/255) ، والترمذي (1/451) ، والنسائي (1/215) ، وأطرافه عند البخاري (1/55، 64، 247، 293، 5/2213) ، ومسلم (1/527، 528) ، وأحمد (1/287، 341، 365) .
(4) البخاري (1/255، 296) ، والنسائي (2/118) ، وأحمد (3/110، 217) .(1/492)
[3/202] باب ما جاء في التطوع جالسًا والجمع بين القيام
والجلوس في ركعة واحدة
1544 - عن عائشة قالت: «لما بَدَّنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثقل كان أكثر صلاته جالسًا» متفق عليه (1) .
1545 - وعن حفصة قالت: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبحته قاعدًا، حتى كان قبل وفاته بعام، فكان يصلي في سبحته قاعدًا، وكان يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها» رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي وصححه (2) .
1546 - وعن عمران بن حصين: «أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الرجل قاعدًا قال: إن صلى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائمًا فله أجر نصف القاعد» رواه الجماعة إلا مسلمًا (3) .
1547 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ليلًا طويلًا قائمًا، وليلًا طويلًا وهو قاعد» رواه الجماعة إلا البخاري (4) .
_________
(1) مسلم (1/506) ، أحمد (6/257) .
(2) أحمد (6/285) ، مسلم (1/507) ، النسائي (3/223) ، الترمذي (2/211-212) .
(3) البخاري (1/375، 378) ، أبو داود (1/250) ، النسائي (3/223) ، الترمذي (2/207) ، ابن ماجه (1/388) ، أحمد (4/433، 435، 442، 443) .
(4) مسلم (1/504، 505) ، أبو داود (1/251، 2/18) ، النسائي (3/219) ، الترمذي (2/213) ، ابن ماجه (1/388) ، أحمد (6/30، 98، 100، 113، 166، 216، 241) .(1/493)
1548 - وعنها: «أنها لم تر النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة الليل قاعدًا قط حتى أسن وكان يقرأ قاعدًا، حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوًا من ثلاثين أو أربعين آية ثم ركع» رواه الجماعة (1) ، ولهم إلا ابن ماجه: «ثم يفعل في الركعة الثانية كذلك» .
1549 - وعنها قالت: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي متربعًا» رواه الدارقطني والنسائي وابن حبان وابن خزيمة والبيهقي والحاكم وصححه (2) .
[3/203] باب النهي عن التطوع بعد الإقامة
1550 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» رواه الجماعة إلا البخاري (3) ، وفي رواية لأحمد (4) : «إلا التي أقيمت» .
1551 - وعن عبد الله بن مالك بن بُحَيْنَةَ: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا وقد أقيمت الصلاة يصلي، فلما انصرف لاث به الناس، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الصبح أربعًا الصبح أربعًا» متفق عليه (5) .
_________
(1) البخاري (1/376) ، مسلم (1/505) ، أبو داود (1/250) ، النسائي (3/220) ، الترمذي (2/213) ، ابن ماجه (1/387) ، أحمد (6/46، 52، 127، 178) .
(2) الدارقطني (1/397) ، النسائي (3/224) ، وفي "الكبرى" (1/429) ، ابن حبان (6/256-257) ، ابن خزيمة (2/89، 236) ، البيهقي (2/305) ، الحاكم (1/389، 410) .
(3) مسلم (1/493) ، أبو داود (2/22) ، النسائي (2/116) ، الترمذي (2/282) ، ابن ماجه (1/364) ، أحمد (2/355، 517، 531) .
(4) أحمد (2/352) .
(5) البخاري (1/235) ، مسلم (1/493، 494) ، أحمد (5/345) ، وهو عند النسائي (2/117) وابن ماجه (1/364) .(1/494)
1552 - وعن ابن عباس قال: «كنت أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة، فجذبني نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: أتصلي الصبح أربعًا» رواه البيهقي والبزار وأبو يعلى وابن حبان في "صحيحه" وأبو داود الطيالسي والحاكم في "المستدرك"، وقال: على شرط الشيخين (1) .
[3/204] باب ما جاء في فضل التطوع، وأنه مثنى مثنى،
والحث على الخشوع في الصلاة والدعاء
1553 - عن أبي ذر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصلاة خير موضوع، فمن شاء استقل ومن شاء استكثر» رواه أحمد والبزار وابن حبان في "صحيحه" (2) .
1554 - وعن المطلب بن ربيعة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصلاة مثنى مثنى، وتَشَهَّدُ وتسلِيم في كل ركعتين وتَبْأَسُ وتَمَسْكَنُ وتُقْنِع يديك (3) وتقول: اللهم فمن لم يفعل ذلك فهي خداج» رواه أحمد وأبو داود (4) ولفظه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصلاة مثنى مثنى، أن تشهد في كل ركعتين، أن تَبْأَس وتَمَسْكَن وتُقْنِع يديك وتقول: اللهم اللهم فمن لم يفعل ذلك فهي خداج» .
_________
(1) البيهقي (2/482) ، البزار (518-كشف الأستار) ، أبو يعلى (4/449) ، ابن حبان (6/221) (2469) ، أبو داود الطيالسي (1/358) ، الحاكم (1/415) ، وهو عند ابن خزيمة (2/169) .
(2) أحمد (5/178، 179، 265) ، الحاكم مختصرًا (2/652) ، ابن حبان (2/76) .
(3) قوله: تقنع يديك بقاف فنون فعين مهملة، أي: ترفعهما، والإقناع: رفع اليدين في الدعاء والمسألة. اهـ "نيل الأوطار".
(4) أحمد (4/167) ، أبو داود (2/29) ، وهو عند ابن ماجه (1/419) ، وابن خزيمة (2/220) .(1/495)
1555 - وعن الفضل بن العباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصلاة مثنى مثنى بتشهد في كل ركعتين وتَمَسْكن وتُقْنِع يَدَيك يقول: ترفعهما إلى ربك مستقبلًا ببطونهما وجهك وتقول: يا رب! يا رب! ومن لم يفعل فهو كذا كذا» وفي رواية: «فهو خداج» أخرجه الترمذي وصححه (1) .
1556 - وعن عمار بن ياسر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها» أخرجه أبو داود (2) .
1557 - وعن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئًا، قال الرب: انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل به ما انتقص من الفريضة؟ ثم يكون سائر عمله على ذلك» أخرجه النسائي والترمذي ولا بأس بإسناده، ورجال النسائي رجال الصحيح، وقد صححه ابن القطان والحاكم، وقد تقدم (3) في أول كتاب الصلاة.
قوله: «تَبْأَس» بفتح المثناة الفوقانية وسكون الموحدة وفتح الهمزة، أي تظهر الخشوع.
_________
(1) الترمذي (2/225) ، وهو عند أحمد (1/211) .
(2) أبو داود (1/211) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (1/211) ، وأحمد (4/319، 321) ، وأبي يعلى (3/189، 197، 211) .
(3) تقدم برقم (566) .(1/496)
[3/205] باب من صلى صلاة فلا يَصِلها بأخرى حتى يفصل بينهما
أو ينتقل عن الموضع الذي صلى فيه
1558 - عن الأزرق بن قيس عن رجل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن رجلًا صلَّى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قام ليشفع، فوثب عمر فأخذ بمنكبه فهزه ثم قال: اجلس فإنه لم يهلك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلاتهم فصل، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أصاب الله بك يا ابن الخطاب» رواه أبو داود (1) وفي إسناده مقال.
1559 - وعن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفصل بين الشفع والوتر» رواه أحمد وابن حبان وابن السكن في "صحيحيهما" والطبراني (2) وقواه الإمام أحمد.
1560 - وعن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُصلِّ الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه» رواه أبو داود وابن ماجه (3) وفي إسناده انقطاع.
1561 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله» رواه أبو داود وابن ماجه (4) وقالا: يعني في السُّبْحة وفي إسناده مجهول.
* * *
_________
(1) أبو داود (1/264) (1007) ، وهو عند الحاكم (1/403) .
(2) أحمد (2/76) ، ابن حبان (6/191) ، الطبراني في "الأوسط" (1/229) .
(3) أبو داود (1/167) ، ابن ماجه (1/459) .
(4) أبو داود (1/264) ، ابن ماجه (1/458) ، وهو عند أحمد (2/425) .(1/497)
أبواب سجود التلاوة والشكر
[3/206] باب الترغيب فيه
1562 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويلتا أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار» رواه مسلم (1) .
[3/207] باب مواضع السجود
1563 - عن عمرو بن العاص: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث في المفصل وفي سورة الحج سجدتان» رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والحاكم (2) ، وحسنه المنذري والنووي وضعفه عبد الحق وابن القطان.
1564 - وعن عقبة بن عامر قال: «قلت يا رسول الله! أفي الحج سجدتان؟ قال: نعم ومن لم يسجد فلا يقرأ بها» أخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني والبيهقي والحاكم والترمذي (3) وقال: إسناده ليس بالقوي.
_________
(1) مسلم (1/87) ، وهو عند ابن ماجه (1/334) ، وأحمد (2/443) ، وابن حبان (6/465) ، وابن خزيمة (1/276) ، والبيهقي (2/312) .
(2) أبو داود (2/58) ، ابن ماجه (1/335) ، الدارقطني (1/408) ، الحاكم (1/345) ، وهو عند البيهقي (2/314) .
(3) أحمد (4/151، 155) ، أبو داود (2/58) ، الدارقطني (1/408) ، البيهقي (2/317) ، الحاكم (1/343) ، الترمذي (2/470) .(1/498)
1565 - وعن أبي الدرداء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «في القرآن إحدى عشرة سجدة» أخرجه أبو داود (1) وقال: إسناده واهٍ، وفي رواية الترمذي (2) : «قال أبو الدرداء: سجدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى عشرة سجدة منها التي في النجم» أخرجه من طريقين، وقال: في أحدهما وهذا أصح.
1566 - وعن ابن مسعود: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ والنجم فسجد فيها وسجد من كان معه غير أن شيخًا من قريش أخذ كفًا من حصى أو تراب فرفعه جبهته وقال: يكفيني هذا قال عبد الله: فلقد رأيته بَعْدُ قتل كافرًا» متفق عليه (3) .
1567 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس» رواه البخاري والترمذي وصححه (4) .
1568 - وعن أبي هريرة قال: «سجدنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في (إذا السماء انشقت) و (اقرأ باسم ربك الذي خلق) » رواه الجماعة إلا البخاري (5) .
_________
(1) أبو داود (2/58) .
(2) الترمذي (2/457، 458) ، وهي عند ابن ماجه (1/335) ، وأحمد (5/194، 6/442) ، والبيهقي (2/313) .
(3) البخاري (1/363، 364، 3/1399، 4/1460) ، مسلم (1/405) ، أحمد (1/388، 401، 437، 443، 462) ، وهو عند أبي داود (2/59) ، والنسائي مختصرًا (2/160)
(4) البخاري (1/364، 4/1842) ، الترمذي (2/464) ، وهو عند ابن حبان (6/469) ، والبيهقي (2/314) .
(5) مسلم (1/406) ، أبو داود (2/59) ، النسائي (2/161، 162) ، الترمذي (2/462) ، ابن ماجه (1/336) ، أحمد (2/247، 249، 461) .(1/499)
1569 - وعن عكرمة عن ابن عباس قال: «ليست (ص) من عزائم السجود، ولقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها» رواه أحمد والبخاري والترمذي وصححه (1) .
1570 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في (ص) ، وقال: سجدها داود عليه السلام توبة ونسجدها شكرًا» رواه النسائي وصححه ابن السكن، وأخرجه الدارقطني والبيهقي (2) وقال: وروي موصولًا من وجه، ليس بالقوي.
1571 - وعن أبي سعيد قال: «قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر (ص) فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تَشَزَّن الناس للسجود، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم نَشَزَّتم للسجود فنزل فسجد وسجدوا» رواه أبو داود (3) وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح.
قوله: «تشزن» بالشين المعجمة والزاي والنون أي تهيّئوا للسجود.
[3/208] باب قراءة السجدة في صلاة الجهر والسر
1572 - عن أبي رافع قال: «صليت مع أبي هريرة العتمة، فقرأ (إذا السماء
_________
(1) أحمد (1/359) ، البخاري (1/363، 3/1258) ، الترمذي (2/469) ، وهو عند أبي داود (2/59) .
(2) النسائي (2/159) ، وفي "الكبرى" (1/331، 6/442) ، الدارقطني (1/407) ، البيهقي (2/318-319) .
(3) أبو داود (2/59) ، وهو عند الحاكم (2/469) ، والبيهقي (2/318) ، وابن حبان (6/470، 7/38) .(1/500)
انشقت) فسجد فيها فقلت: ما هذه، فقلت: ما هذه، فقال: سجدت بها خلف أبي القاسم، فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه» (1) .
1573 - وعن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في الركعة الأولى من صلاة الظهر فرأى الصحابة أنه قرأ (تنزيل) السجدة» رواه أحمد وأبو داود ولفظه: «سجد في صلاة الظهر، ثم قام فركع فرأينا أنه قرأ الم تنزيل السجدة» وأخرجه الطحاوي والحاكم (2) بإسناد ضعيف.
[3/209] باب سجود المُسْتمع إذا سجد التالي
1574 - عن ابن عمر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ علينا السورة، فيقرأ السجدة فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد أحدنا مكانًا لموضع جبهته» متفق عليه (3) . ولمسلم (4) في رواية «في غير وقت صلاة» .
1575 - وعن عطاء بن يسار: «أن رجلًا قرأ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - السجدة فسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قرأ آخر عنده السجدة فلم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأتُ فلم تسجد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كنت
_________
(1) البخاري (1/265، 266، 366) ، مسلم (1/407) ، أبو داود (2/59) ، النسائي (2/162) ، أحمد (2/229، 456، 459، 466) .
(2) أحمد (2/83) ، أبو داود (1/214) ، الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/207) ، الحاكم (1/343) ، وهو عند البيهقي (2/322) .
(3) البخاري (1/365، 366) ، مسلم (1/405) ، أحمد (2/17، 142) ، وهو عند أبي داود (2/60)
(4) مسلم (1/405) .(1/501)
إمامنا فلو سجدتَ سجدتُ» رواه الشافعي في مسنده هكذا مرسلًا. وأخرجه أبو داود في "المراسيل" (1) وقال البيهقي رواه قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقرة ضعيف انتهى. وقد أخرج نحوه ابن أبي شيبة (2) ، قال الحافظ في "الفتح": ورجاله ثقات إلا أنه مرسل.
[3/210] باب ما يستدل به على عدم وجوب سجود القراءة
1576 - عن زيد بن ثابت قال: «قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم - (والنجم) فلم يسجد فيها» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (3) ، ورواه الدارقطني (4) وقال: «فلم يسجد منا أحد» .
1577 - وعن عمر قال: «يا أيها الناس إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه» ، وزاد نافع عن ابن عمر قال: -يعني عمر- «إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء» أخرجه البخاري و"الموطأ" (5) .
_________
(1) الشافعي في "مسنده" (1/156) ، وفي "الأم" (1/136) ، أبو داود في "المراسيل" (1/113) (77) ، البيهقي (2/324) .
(2) ابن أبي شيبة (1/379) من رواية ابن عجلان عن زيد بن أسلم قال: «إن غلامًا قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم السجدة، فلما لم يسجد....الحديث» وهو عند أبي داود في "المراسيل" (1/112) (76) .
(3) البخاري (1/364) ، مسلم (1/406) ، أبو داود (2/58) ، النسائي (2/160) ، الترمذي (2/466) ، أحمد (5/183، 186) .
(4) الدارقطني (1/409) ، وهي عند ابن خزيمة (1/284) .
(5) البخاري (1/366) ، مالك (1/206) ، وهو عند البيهقي (2/321) .(1/502)
1578 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة» رواه أبو داود (1) ، وقال في "الخلاصة": بإسناد ضعيف، انتهى، وأبو علي بن السكن في "صحيحه"، قلت: لكن حديث أبي هريرة المتقدم (2) يدل على خلاف ذلك لأن إسلام أبي هريرة بعد الهجرة بسنين.
[3/211] باب السجود على الدابة
1579 - عن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ عام الفتح سجدة، فسجد الناس كلهم منهم الراكب والساجد في الأرض، حتى أن الراكب ليسجد على يده» رواه أبو داود (3) بسند ضعيف.
[3/212] باب التكبير للسجود وما يقول فيه
1580 - عن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ علينا القرآن فإذا مرَّ بالسجدة كبر وسجد وسجدنا» رواه أبو داود (4) قال في "بلوغ المرام": بسند فيه لين. قلت: لأنه من رواية عبد الله العُمَري المكبر وهو ضعيف، وقد أخرجه الحاكم (5) من رواية عبيد الله المصغر، وهو ثقة، وقال فيه: على شرط الشيخين.
1581 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في سجود القراءة بالليل: سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته» رواه الخمسة إلا ابن
_________
(1) أبو داود (2/58) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (11/334) ،
(2) تقدم برقم (1568) .
(3) أبو داود (2/60) ، وهو عند الحاكم (1/340) ، وابن خزيمة (1/279) .
(4) أبو داود (2/60) .
(5) الحاكم (1/344) .(1/503)
ماجه وصححه الترمذي، وأخرجه الدارقطني والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، والبيهقي (1) وصححه ابن السكن، وقال في آخره: «ثلاثًا» وزاد الحاكم (2) : «فتبارك الله أحسن الخالقين» ، وزاد البيهقي (3) : «وصوره» بعد قوله: «خلقه» .
1582 - وعن ابن عباس قال: «كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل، فقال: إني رأيت البارحة فيما يرى النائم كأني أصلي إلى أصل شجرة فقرأت السجدة، فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها تقول: اللهم احطط عني بها وِزرًا واكتب لي بها أجرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، قال ابن عباس: فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ السجدة فسجد، فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة» رواه ابن ماجه والترمذي وغربه، وزاد فيه: «وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود عليه السلام» وأخرجه الحاكم وابن حبان (4) بإسناد ضعيف، وقال في "الخلاصة": قال الحاكم: صحيح على شرط الصحيح، انتهى.
[3/213] باب سجود الشكر
1583 - عن أبي بكرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاءه أمر سرور أو يُسَرُّ
_________
(1) أبو داود (2/60) ، النسائي (2/222) ، الترمذي (2/477، 5/489) ، أحمد (6/30، 217) ، الدارقطني (1/406) ، الحاكم (1/342) ، البيهقي (2/325) .
(2) الحاكم (1/342) ، البيهقي (2/325) .
(3) وابن أبي شيبة (1/380) .
(4) ابن ماجه (1/334) ، الترمذي (2/472) ، الحاكم (1/341) ، ابن حبان (6/473) ، وهو عند ابن خزيمة (1/282) ، والبيهقي (2/320) .(1/504)
به أو بُشِّرَ به خرَّ ساجدًا شاكرًا لله تعالى» رواه الخمسة إلا النسائي (1) ، وقال الترمذي: حسن غريب. وفي رواية لأحمد (2) : «أنه شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه بشير يبشره بظفر جندٍ له على عدوهم ورأسه في حجر عائشة، فقام فخرَّ ساجدًا، فأطال السجود، ثم رفع رأسه فتوجه نحو صدفته فدخل فاستقبل القبلة» .
1584 - وعن عبد الرحمن بن عوف قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فتوجه نحو صَدَفَته فدخل، فاستقبل القبلة فخر ساجدًا، فأطال السجود ثم رفع رأسه وقال: إن جبريل أتاني فبشرني، فقال إن الله عز وجل يقول لك: من صلى عليك صليتُ عليه، ومن سلم عليك سلمتُ عليه، فسجدت لله شكرًا» رواه أحمد وصححه الحاكم وأخرجه البزار وابن أبي عاصم في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والعقيلي في "الضعفاء" (3) . وفي رواية من حديثه: «أخبرني جبريل أنه من صلّى عليّ مرةً صلّى الله عليه عشرًا، فسجدت لله شكرًا» عزاها في "التلخيص" إلى البزار وابن أبي عاصم والعقيلي في "الضعفاء" وأحمد في "مسنده" (4) .
1585 - وعن سعد بن أبي وقّاص قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة نريد
_________
(1) أبو داود (3/89) ، الترمذي (4/141) ، ابن ماجه (1/366) ، أحمد (5/45) ، وهو عند الحاكم (1/411) ، والبيهقي (2/370) ، والدارقطني (1/410، 4/147) .
(2) أحمد (5/45) ، وهو عند الحاكم (4/323) .
(3) أحمد (1/191) ، الحاكم (1/344، 735) ، والبزار (749-كشف الأستار) ، وهو عند البيهقي (2/370، 371) ، وابن أبي شيبة مختصرًا (2/229) ، وأبي يعلى (2/158) (2/164) ، والضياء في "المختارة" (3/126) (926) ، وعبد بن حميد (1/82) (157) .
(4) هذا اللفظ عند العقيلي في "الضعفاء" (3/367) ، وانظر التلخيص (2/11) .(1/505)
المدينة، فلما كنا قريبًا من من عَزوراء نزل، ثم رفع يديه فدعا الله عز وجل ثم خر ساجدًا فمكث طويلًا، ثم قام ثم رفع يديه ساعة ثم خر ساجدًا، فعله ثلاثًا وقال: إني سألت ربي وشفعت لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدًا شكرًا لربي، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدًا شكرًا لربي، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي، فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجدًا» رواه أبو داود (1) وقال المنذري: في إسناده موسى بن يعقوب الزمعي، وفيه مقال، انتهى.
1586 - وعن البراء بن عازب: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث عليًا إلى اليمن فذكر الحديث: قال: وكتب علي رضي الله عنه بإسلامهم فلما قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - الكتاب، خرّ ساجدًا» رواه البيهقي (2) وقال: إسناده صحيح، وقد أخرج البخاري (3) صدره كذا في "التلخيص"، وقال المنذري: قد جاء حديث سجدة الشكر من حديث البراء بن عازب بإسناد صحيح ومن حديث كعب بن مالك وغير ذلك.
قوله: «صَدَفَته» الصدفة: بفتح الصاد والدال المهملتين والفاء اسم للشيء المرتفع. قوله: «عَزْوراء» بفتح العين المهملة وسكون الزاي وفتح الواو والراء والمد اسم موضع بطريق المدينة.
* * *
_________
(1) أبو داود (3/89) .
(2) البيهقي (2/369) .
(3) البخاري (4/1580) (4092) .(1/506)
أبواب سجود السهو
[3/214] باب ما جاء فيمن سلم من نقصان
1587 - عن أبي هريرة قال: «صلَّى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشيّ، فصلَّى ركعتين، ثم سلم فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على يده اليسرى وشبك بين أصابعه، ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وَخَرجت السَّرَعَان (1) من أبواب المساجد، فقالوا: قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل يقال له ذو اليدين، فقال: يا رسول الله! أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: لم أنس ولم تقصر، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك ثم سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر، فربما سألوه ثم سلم، فيقول: أنبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم» متفق عليه (2) ، وليس لمسلم فيه وضع اليد على اليد ولا التشبيك. وفي رواية قال: «بينا أنا أصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الظهر سلم من ركعتين، فقام رجل من بني سُليم، فقال: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ ... وساق الحديث» رواه أحمد ومسلم (3) . وفي رواية متفق عليها (4) لما قال له: «لم أنس ولم تقصر، قال: بلى
_________
(1) في مقدمة "الفتح": سرعان الناس بفتحتين: المستعجل منهم، وفي المصباح: وسرعان الناس بفتح السين والراء: أوائلهم.
(2) البخاري (1/182، 5/2249، 6/2648) ، مسلم (1/403) ، أحمد (2/234) .
(3) أحمد (2/423) ، مسلم (1/404) .
(4) البخاري (5/2249) ، وهي عند أبي داود (1/264) ، وابن خزيمة (2/36) ، وابن حبان (6/396، 405) ، والدارقطني (1/366) ، والبيهقي (2/353، 357) .(1/507)
قد نسيت» وفي رواية للبخاري (1) : «صلّى الظهر أو العصر ركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتين» ولمسلم (2) :
«صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر فسلم في ركعتين، فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كل ذلك لم يكن فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله! فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس فقال: أصدق ذو اليدين؟ فقالوا: نعم يا رسول الله! فأتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بقي من صلاته ثم سجد سجدتين وهو جالس بعدما سلم» وفي رواية لأبي داود (3) : «فلم يسجد حتى يقنه الله» .
1588 - وعن عمران بن حصين: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات ثم دخل منزله» وفي لفظ: «فدخل الحجرة، فقام إليه رجل يقال له الخرباق وكان في يده طول فقال يا رسول الله فذكر له صنيعه، فخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس. فقال: أصدق هذا؟ قالوا: نعم فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (4) .
1589 - وعن عطاء: «أن ابن الزبير صلى المغرب فسلم في ركعتين، فنهض
_________
(1) البخاري (1/252) ، وهي عند النسائي (3/23) ، وأحمد (2/386، 468) .
(2) مسلم (1/404) ، وهي عند النسائي (3/22) ، وأحمد (2/459) ..
(3) أبو داود (1/226) .
(4) مسلم (1/404، 405) ، أبو داود (1/267) ، النسائي (3/26) ، ابن ماجه (1/384) ، أحمد (4/427، 440) .(1/508)
ليستلم الحجر، فسبح القوم، فقال: ما شأنكم؟ قال: فصلى ما بقي وسجد سجدتين قال: فذكر ذلك لابن عباس فقال: ما أماط عن سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" و"الكبير" (1) ، قال في "مجمع الزوائد" ورجال أحمد رجال الصحيح.
قوله: «الخِرْباق» بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة آخره قاف وهو ذو اليدين. قوله: «ما أماط» أي ما بعد ولا تَنَحَّى.
[3/215] باب من نسي التشهد الأول حتى انتصب قائمًا
1590 - عن عبد الله بن بُحَيْنَه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى فقام في الركعتين فسبحوا فمضى، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين ثم سلم» رواه النسائي (2) .
1591 - وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم الظهر، فقام في الركعتين الأولتين ولم يجلس، فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة انتظر الناس تسليمه، كبر وهو جالس وسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم» أخرجه الجماعة (3) وهذا لفظ البخاري، وفي رواية مسلم: «يكبر في كل سجدة وهو جالس وسجد الناس معه مكان ما نسي من الجلوس» .
_________
(1) أحمد (1/315) ، الطبراني في "الأوسط" (5/53، 6/21) ، و"الكبير" (11/199) ، وهو عند البيهقي (2/360) ، وأبي يعلى (4/466) ، وأبي داود الطيالسي (1/346) ، وابن أبي شيبة (1/392) .
(2) النسائي (2/244) .
(3) البخاري (1/285، 411، 413) ، مسلم (1/399) ، أبو داود (1/271) ، النسائي (2/244، 3/20، 34) ، الترمذي (2/235) ، ابن ماجه (1/381) ، أحمد (5/345، 346) .(1/509)
1592 - وعن زياد بن علاقة قال: «صلى بنا المغيرة بن شعبة فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس، فسبح به من خلفه، فأشار إليهم أن قوموا، فلما فرغ من صلاته سلم ثم سجد سجدتين وسلم، ثم قال: هكذا صنع بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والترمذي وصححه (1) .
1593 - وعن المغيرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائمًا فليجلس، وأن استتم قائمًا فلا يجلس وسجد سجدتي السهو» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقي (2) ، وفي إسناد الجميع جابر الجُعْفي ضعيف جدًا، قال أبو داود: ولم أخرج عنه في كتابي هذا غير هذا، وأخرجه الدارقطني (3) من حديثه ولفظه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا شك أحدكم فقام في ركعتين فاستتم قائمًا فليمض، وليسجد سجدتين، فإن لم يستتم قائمًا، فليجلس ولا سهو عليه» وإسناده ضعيف.
[3/216] باب ما جاء في من زاد على الفريضة
1594 - عن ابن مسعود: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمسًا فقيل له أزيد في الصلاة؟ فقال: لا. وما ذلك؟ قالوا: صليت خمسًا فسجد سجدتين بعدما سلم» رواه الجماعة (4) وفي رواية: «وما ذاك» وفي رواية: «هل زيد في الصلاة؟ قال: لا،
_________
(1) أحمد (4/247، 253) ، الترمذي (2/201) (365) ، وهو عند أبي داود (1/272) (1037) ، والبيهقي (2/344) .
(2) أحمد (4/253) ، أبو داود (1/272) ، ابن ماجه (1/381) ، البيهقي (2/343) .
(3) الدارقطني (1/378) .
(4) البخاري (1/157، 411، 6/2648) ، مسلم (1/401، 402) ، أبو داود (1/268) ، النسائي (3/31، 32) ، الترمذي (2/238) ، ابن ماجه (1/380) ، أحمد (1/376، 443، 463، 465) .(1/510)
قالوا: فإنك قد صليت خمسًا» .
[3/217] باب التشهد لسجود السهو بعد السلام
1595 - عن عمران بن حصين: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم» رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وابن حبان والحاكم (1) وقال: صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان، وضعفه البيهقي وابن عبد البر وغيرهما، وفي الباب أحاديث كلها ضعيفة إذا انضمت إلى هذا الحديث ارتفعت إلى درجة الحسن.
[3/218] باب من شك في صلاته
1596 - عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أواحدةً صلى أو ثنتين، فليجعلهما واحدة، وإذا لم يدر ثنتين صلى أم ثلاثًا، فليجعلها ثنتين، وإذا لم يدر ثلاثًا أم أربعًا فليجعلها ثلاثًا ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي (2) وصححه، وقد تكلم في إسناد هذا الحديث، واعترض على الترمذي في تصحيحه، وفي رواية لأحمد (3) : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من صلى صلاة
_________
(1) أبو داود (1/273) ، الترمذي (2/240) ، ابن حبان (6/392، 394) ، الحاكم (1/469) ، والبيهقي (2/354-355) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (18/195) ، وابن خزيمة (2/134) .
(2) أحمد (1/190) ، ابن ماجه (1/381) ، الترمذي (2/244) ، وهو عند الحاكم (1/471) .
(3) أحمد (1/195) ، وهي عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/432) .(1/511)
شك في النقصان، فليصل حتى يشك في الزيادة» .
1597 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلَّى أثلاثًا أم أربعًا، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسًا شَفَعْنَ له صلاته، وإن كان صلى تمامًا لأربع كانتا ترغيمًا للشيطان» رواه أحمد ومسلم (1) ، وفي رواية لمسلم (2) : «وإن كان صلى تمامًا كانتا ترغيمًا للشيطان» وفي رواية لأبي داود (3) : «إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك وليبن على اليقين، فإذا استيقن التمام سجد سجدتين، فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتين، وإن كانت ناقصة كانت الركعة تمامًا لصلاته وكانت السجدتان مرغمتين للشيطان» ورواه ابن حبان والحاكم والبيهقي، واختلف على عطاء بن يسار في وصله وإرساله، وقال ابن المنذر: حديث أبي سعيد أصح حديث في الباب، ولأبي داود (4) في رواية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا شك أحدكم في صلاته، فإن استيقن أنه قد صلى ثلاثًا فليقم فليتم ركعة بسجودها ثم يجلس فيتشهد، فإذا فرغ فلم يبق إلا أن يسلم فليسجد سجدتين وهو جالس ثم يسلم» .
_________
(1) أحمد (3/83) ، مسلم (1/400) ، وهو عند ابن حبان (6/391) ، والبيهقي (2/331، 338) ، وابن خزيمة (2/110) .
(2) لم نجدها في مسلم، وليس فيه إلا الرواية السابقة.
(3) أبو داود (1/269) ، ابن حبان (6/387، 389) ، الحاكم (1/468) ، البيهقي (2/351) ، وهي عند ابن ماجه (1/382) .
(4) أبو داود (1/270) .(1/512)
1598 - وعن ابن مسعود قال: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما سلم قيل له يا رسول الله! أَحَدَث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا فثنى رجله واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم ثم أقبل علينا بوجهه، فقال إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته، فليتحر الصواب، فليبن عليه ثم ليسجد سجدتين» رواه الجماعة إلا الترمذي (1) ، وفي رواية للبخاري (2) : «فليبن ثم ليسلم ثم يسجد» ولمسلم (3) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام» وفي رواية (4) : «قالوا فإنك صليت خمسًا، فانفتل ثم سجد سجدتين» وفي أخرى لمسلم (5) : «صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسًا، فقلنا يا رسول الله أزيد في الصلاة؟ قال وما ذاك؟ قالوا: صليت خمسًا، فقال: إنما أنا بشر، أذكر كما تذكرون، وأنسى كما تنسون، ثم سجد سجدتي السهو» وله في رواية أخرى (6) : «فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب» وفي أخرى (7) : «فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب» .
_________
(1) البخاري (1/156، 6/2456) ، مسلم (1/400) ، أبو داود (1/268) ، النسائي (3/29) ، ابن ماجه (1/382) ، أحمد (1/438) .
(2) البخاري (1/156) .
(3) مسلم (1/402) .
(4) مسلم (1/401) .
(5) مسلم (1/402) .
(6) مسلم (1/400) .
(7) مسلم (1/401) .(1/513)
1599 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الشيطان يدخل بين ابن آدم وبين نفسه فلا يدري كم صلى، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين» رواه الجماعة (1) على اختلاف في ألفاظهم، وزاد أبو داود (2) في رواية له: «فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم يسلم» وفي رواية له (3) : «وهو جالس قبل التسليم» وفي لفظ للبخاري ومسلم (4) من حديثه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قام أحدكم يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلَّى، فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس» وللحديث ألفاظ أخر قد تقدم بعضها في باب ما جاء أن عمل القلب لا يبطل الصلاة وإن طال.
[3/219] باب حجة من ذهب إلى أن سجود السهو بعد السلام
وما جاء في الفرق بين معرفة السهو قبل التمام وبعده
1600 - عن عبد الله بن جعفر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (5) وصححه ابن خزيمة، وفي إسناده مصعب بن شيبة، قال النسائي: منكر الحديث، وقال أحمد: روى أحاديث مناكير ووثقه ابن معين، واحتج به مسلم في "صحيحه".
_________
(1) البخاري (1/413) ، مسلم (1/398) ، أبو داود (1/271) (1030) ، النسائي (3/30) ، الترمذي (2/244) ، أحمد (2/241، 273، 283، 284) .
(2) أبو داود (1/271) (1032) ، وهي عند ابن ماجه (1/384)
(3) أبو داود (1/271) (1031) .
(4) تقدم برقمي (669، 1328) .
(5) أحمد (1/205) ، أبو داود (1/271) ، النسائي (3/30) .(1/514)
1601 - وعن ثوبان: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لكل سهو سجدتان بعدما يسلم» رواه أبو داود وابن ماجه (1) بسند ضعيف. وقال في "مختصر السنن": في إسناده اسماعيل بن عيَّاش وفيه مقال، وقال الأثرم: لا يثبت حديث ثوبان، وقال في "فتح الباري": إسناده منقطع.
1602 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سها قبل التمام فسجد سجدتي السهو قبل أن يسلم، وقال: من سها قبل التمام سجد سجدتي السهو قبل أن يسلم، وإذا سها بعد التمام سجد سجدتي السهو بعد أن يسلم» رواه الطبراني في "الأوسط" (2) ، قال في "مجمع الزوائد": وإسناده لين.
[3/220] باب ما جاء في سجود المؤتم لسهو الإمام
1603 - عن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه» رواه البزار والبيهقي (3) بسند ضعيف، وأخرجه الدارقطني (4) وزاد: «وإن سها مَنْ خلف الإمام، فليس عليه سهو والإمام كافيه» وإسنادها ضعيف.
* * *
_________
(1) أبو داود (1/272) ، ابن ماجه (1/385) ، وهو عند أحمد (5/280) ، والبيهقي (2/337) ، والطبراني في "الكبير" (2/92) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (7/312) .
(3) البيهقي (2/352) .
(4) الدارقطني (1/377) .(1/515)
أبواب الجماعة
[3/221] باب ما جاء في الحث عليها والوعيد على المتخلفين عنها
1604 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما لو حبوًا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حِزَم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار» متفق عليه (1) ، ولأحمد (2) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية أقمت صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار» وفي إسناده أبو معشر وهو ضعيف، ولهما (3) من حديثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلًا فيؤمّ الناس، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقًا سَمِينًا أو مِرْماتين حَسَنَتين لَشَهِد العشاء» واللفظ للبخاري. وفي رواية لأبي داود (4) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله
_________
(1) البخاري (1/234) ، مسلم (1/451) ، أحمد (1/394) ، وهو عند أبي داود (1/150) ، والترمذي (1/422) ، وابن ماجه (1/259) .
(2) أحمد (2/367) .
(3) البخاري (1/231، 6/2640) ، مسلم (2/451) ، وهو عند النسائي (2/107) ، وأحمد (2/244، 376) .
(4) أبو داود (1/150) .(1/516)
- صلى الله عليه وسلم -: «لقد هممت أن آمر فتيتي فيجمعوا لي حزمًا من حطب، ثم آتي قومًا يصلون في بيوتهم ليس بهم علة فأحرقها عليهم» وعزا هذه الرواية في "جامع الأصول" إلى مسلم (1) ولم أجدها فيه.
1605 - وعن أبي هريرة: «أن رجلًا أعمى قال يا رسول الله! ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، وسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال نعم، قال: فأجب» رواه مسلم والنسائي (2) .
1606 - وعن عمرو بن أم مكتوم قال: «قلت: يا رسول الله! أنا ضرير شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي قال: أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: ما أجد لك رخصة» رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان وأحمد (3) ، وزاد (4) : «فأتها ولو حبوًا» وفي رواية لأبي داود والنسائي (5) قال: «يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، وأنا ضرير البصر فهل تجد لي من
_________
(1) الذي عند مسلم (1/452) «لقد هممت أن آمر فتياني أن يستعدوا لي بحزم من حطب ثم آمر رجلا يصلي بالناس ثم تحرق بيوت على من فيها» .
(2) مسلم (1/452) ، النسائي (2/109) ، وهو عند البيهقي (3/57، 66) .
(3) أبو داود (1/151) ، ابن ماجه (1/260) ، أحمد (3/423) ، وهو عند الحاكم (1/375) ، وابن خزيمة (2/368) ، والبيهقي (3/58) .
(4) هذه الزيادة لأحمد (3/367) من حديث جابر قال: أتى ابن أم مكتوم ... الحديث وفيه: «فأجب ولو حبوا أو زحفا» ، وهي عند ابن حبان (5/412-413) .
(5) أبو داود (1/151) ، النسائي (1/109) ، وهي عند ابن خزيمة (2/367) ، والحاكم (1/374) ، والبيهقي (3/58) .(1/517)
رخصة؟ قال: هل تسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ قال: نعم، قال: فحي هَلًا ولم يرخص» .
1607 - وعن عبد الله بن مسعود قال: «لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (1) .
1608 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر» رواه ابن ماجه والدارقطني وابن حبان في "صحيحه" والحاكم وصححه (2) ، قال في "بلوغ المرام": وإسناده على شرط مسلم، لكن رجح بعضهم وقفه، انتهى، وقد أخرج حديث ابن عباس أبو داود (3) بزيادة: «قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم يقبل الله منه الصلاة التي صلاها» وإسنادها ضعيف.
قوله: «العَرْق» هو العظم بما عليه من بقايا اللحم بعدما أخذ معظمه، «والمرماة» الظلف، وقيل: ما بين ظلفي الشاة، قاله في غريب الجامع.
_________
(1) مسلم (1/453) ، أبو داود (1/150) ، النسائي (2/108) ، ابن ماجه (1/255) ، أحمد (1/382، 414) .
(2) ابن ماجه (1/260) ، الدارقطني (1/420) ، ابن حبان (5/415) ، الحاكم (1/372، 373) ، وهو عند البيهقي (3/57، 174) ، والطبراني في "الكبير" (11/446) .
(3) أبو داود (1/151) ، وهي عند والدارقطني (1/420) ، والحاكم (1/373) ، والبيهقي (3/75، 185) .(1/518)
[3/222] باب ما جاء في فضل صلاة الجماعة
1609 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفَذِّ بسبع وعشرين درجة» .
1610 - وعن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعًا وعشرين درجة» متفق عليهما (1) ، وفي رواية لهما (2) من حديثه: «بخمسة وعشرين جزءًا» .
1611 - وعن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفَذِّ بخمس وعشرين درجة» رواه البخاري (3) .
1612 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الصلاة في جماعة تعدل خمسًا وعشرين صلاة، فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاةً» رواه أبو داود (4) وفي رواية: «صلاة الرجل في الفلاة تضعف على صلاته في الجماعة»
_________
(1) الحديث الأول أخرجه البخاري (1/231) ، مسلم (1/450، 451) ، أحمد (2/17، 65، 102، 112، 156) وهو عند الترمذي (1/420) ، والنسائي (2/103) ، وابن ماجه (1/259) .
والحديث الثاني أخرجه البخاري (2/746) ، مسلم (1/459) ، أحمد (2/252) ، وهو عند ابن ماجه (1/258) .
(2) البخاري (1/232) ، مسلم (1/449، 450) ، وهي عند أحمد (2/396) ، والترمذي (1/421) ، والنسائي (1/421، 2/103) ، وابن ماجه (1/258) ، وأبي داود (1/153) .
(3) البخاري (1/231) ، وهو عند ابن ماجه (1/259) ، وأحمد (3/55)
(4) أبو داود (1/153) ، ابن حبان (5/44، 404) ، الحاكم (1/326) .(1/519)
قال المنذري: وفي إسنادها هلال بن ميمون الجهني، وثقه يحي بن معين، وقال غيره ليس بقوي يكتب حديثه، وأخرجه ابن حبان والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين.
[3/223] باب حضور النساء مساجد الجماعة وفضل صلاتهن في البيوت
1613 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (1) ، وفي رواية لهما (2) : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» وفي أخرى (3) : «لا تمنعوا النساء من الخروج إلى المساجد بالليل» . وفي لفظ: «لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد، وبيوتهن خير لهن» رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة في "صحيحه" (4) وللطبراني نحوه بإسناد حسن.
1614 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تَفِلات» رواه أحمد وأبو داود وابن خزيمة (5) .
_________
(1) البخاري (1/295، 297، 305، 5/2007) ، مسلم (1/326، 327) ، أبو داود (1/155) ، النسائي (2/42) ، و"الكبرى" (1/260) الترمذي (2/459) ، أحمد (2/7، 9، 57، 49، 98، 127، 143، 145، 156) .
(2) البخاري (1/305) ، مسلم (1/327) ، وهي عند أبي داود (1/155) ، وابن ماجه (1/8) ، وأحمد (2/16، 36، 151) .
(3) مسلم (1/327) .
(4) أحمد (2/76) ، أبو داود (1/155) ، ابن خزيمة (3/92) ، الطبراني في "الكبير" (12/326) ، وهو عند الحاكم (1/327) ، والبيهقي (3/131) .
(5) أحمد (2/438، 475، 528) ، أبو داود (1/155) ، ابن خزيمة (3/90) ، ابن حبان (5/592) .(1/520)
1615 - وابن حبان (1) من حديث زيد بن خالد، قال في "الخلاصة" هي وراية صحيحة، صححها ابن السكن وابن حبان.
1616 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما امراة أصابت بخورًا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة» رواه مسلم وأبو داود والنسائي (2) .
1617 - وعن أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير مساجد النساء قعر بيوتهن» رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في "الكبير" (3) ، وفي إسناده ابن لهيعة.
1618 - وقد تقدم (4) في حديث ابن عمر ما يشهد له.
1619 - ورواه ابن خزيمة (5) في "صحيحه" من طريق السائب مولى أم سلمة، وقال: لا يعرف السائب بعدالة ولا بجرح، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
1620 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها» أخرجه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري، وأخرجه ابن خزيمة (6) وتردد في سماع
_________
(1) ابن حبان (5/589) ، وهو عند أحمد (5/192، 193) .
(2) مسلم (1/328) ، أبو داود (4/79) ، النسائي (8/154، 190) ، وهو عند أحمد (2/304) .
(3) أحمد (6/301) ، أبو يعلى (12/454) (7025) ، الطبراني في "الكبير" (23/313) (709) .
(4) تقدم أول الباب.
(5) ابن خزيمة (3/92) ، الحاكم (1/327) ، وهو عند أحمد (6/297) ، والبيهقي (3/131) .
(6) أبو داود (1/156) ، ابن خزيمة (3/94، 95) ، وهو عند الحاكم (1/328) ، والطبراني في "الكبير" (9/295) .(1/521)
قتادة هذا الخبر من مُوَرِّق (1) .
1621 - وعن أم حميد الساعدية: «أنها جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! أحب الصلاة معك؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: قد علمت، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجد الجماعة» أخرجه أحمد، الطبراني، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (2) ، قال الحافظ: وإسناده حسن.
1622 - وروي عن عائشة أنها قالت: «لو رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النساء ما رأينا، لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نسائها» متفق عليه (3) .
قوله: «تفلات» أي غير متطيبات. قوله: «مخدعها» بتثليث الميم، وهو مكان في بطن مكَان.
[3/224] باب السعي إلى المسجد بالسكينة والوقار
1623 - عن أبي قتادة قال: «بينا نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ سمع جَلَبَة رِجالٍ، فلما صلى قال: ما شأنكم؟ قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال: فلا تفعلوا إذا
_________
(1) مورق بضم أوله وكسر المهملة، ثقة عن عمر وأبي ذر وأبي الدرداء وجماعة، وعنه مجاهد وقتادة. اهـ خلاصة.
(2) أحمد (6/371) ، الطبراني في "الكبير" (25/148) ، ابن خزيمة (3/95) ، ابن حبان (5/595) ، وهو عند البيهقي (3/132) .
(3) البخاري (1/296) ، مسلم (1/329) ، أحمد (6/91، 193، 235) ، وهو عند أبي داود (1/155) .(1/522)
أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدرتكم فصلوا وما فاتكم فأتموا» متفق عليه (1) .
1624 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» رواه الجماعة إلا الترمذي (2) ، ولأحمد والنسائي (3) في لفظ: «فاقضوا» ولمسلم (4) : «إذا ثوب بالصلاة فلا يسعَ إليها أحدكم، ولكن ليمشِ وعليه السكينة والوقار، فصلِّ ما أدركت واقض ما سبقك» وفي رواية لهما (5) : «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة والوقار» ولمسلم (6) في رواية: «فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة» .
[3/225] باب ما جاء في فضل الصلاة في مسجد قباء ووادي العقيق
1625 - عن أُسَيْد بن ظُهَير الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة في
_________
(1) البخاري (1/228) ، مسلم (1/421) ، أحمد (5/306) .
(2) البخاري (1/228) ، مسلم (1/421) ، أبو داود (1/156) ، النسائي (2/114) ، ابن ماجه (1/255) ، أحمد (2/270، 452، 532) .
(3) أحمد (2/238، 318، 382، 489) ، النسائي (2/114) ، وهي عند ابن خزيمة (3/3) ، وابن حبان (5/517)
(4) مسلم (1/421) .
(5) البخاري (1/308) ، مسلم (1/420) .
(6) مسلم (1/421) ، وهي عند أحمد (2/529) ، وابن حبان (5/522) ، ابن خزيمة (2/135) ، والبيهقي (3/228) ، وأبو يعلى (11/382-383) ، ومالك (1/68) .(1/523)
مسجد قباء كعمرة» رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقي (1) ، وقال الترمذي: حديث حسن غريب. قال المنذري: ولا نعرف لأُسَيد حديثًا صحيحًا غير هذا.
1626 - وعن سهل بن حنيف قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تطهر في بيته، ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه واللفظ له، والحاكم (2) وقال: صحيح الإسناد.
1627 - وعن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزور قباء، أو يأتي قباء ماشيًا» وفي رواية: «فيصلي فيه ركعتين» رواه البخاري ومسلم (3) .
1628 - وعن عمر بن الخطاب قال: «حدثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتاني الليلة آت من ربي عز وجل وهو بالعقيق أن صل في هذا الوادي المبارك» رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (4) .
[3/226] باب ما جاء في فضل المشي إلى المساجد
وفضل المسجد الأبعد والكثير الجمع وملازمتها
1629 - عن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أعظم الناس في
_________
(1) الترمذي (2/145-146) ، ابن ماجه (1/453) ، البيهقي (5/248) ، وهو عند الحاكم (1/662) ، وأبو يعلى (13/117) ، والطبراني في "الكبير" (1/210) .
(2) أحمد (3/487) ، النسائي (2/37) ، و"الكبرى" (1/258) ، ابن ماجه (1/453) (1412) ، الحاكم (3/13) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (6/74) .
(3) البخاري (6/2671) ، مسلم (2/1016) ، وهو عند أبي داود (2/218) ، والنسائي (2/37) ، وأحمد (2/4، 30، 57، 58،، 65، 72، 80، 101) .
(4) ابن خزيمة (4/169) ، وهو عند البخاري (2/556، 823، 6/2673) ، وأبي داود (2/159) ، وابن ماجه (2/991) ، وأحمد (1/24) ، وابن حبان (9/99) .(1/524)
الصلاة أجرًا أبعدهم إليها ممشى» رواه مسلم (1) .
1630 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (2) ، وسكت عنه أبو داود والمنذري في مختصر السنن، ورجاله رجال الصحيح إلا عبد الرحمن بن مِهران مولى بني هاشم، فقال في "التقريب": مجهول. وفي "الخلاصة" وثقه ابن حبان، وفي "الكاشف" وثق، وقال المنذري في "الترغيب والترهيب": أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم، وقال حديث صحيح مدني الإسناد، انتهى. وأقره الذهبي.
1631 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمسًا وعشرين درجة، وذلك بأن أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود، وقد تقدم (3) أول هذا الحديث قريبًا.
1632 - وعن بُرَيْدَة يرفعه: «بشّر المشّاءين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» رواه أبو داود والترمذي (4) وقال: حديث غريب، وقال المنذري في الترغيب والترهيب: رجال إسناده ثقات.
_________
(1) مسلم (1/460) ، وهو عند البخاري (1/233) ، وابن خزيمة (2/378) .
(2) أحمد (2/351، 428) ، أبو داود (1/152) ، ابن ماجه (1/257) ، الحاكم (1/326) .
(3) تقدم برقم (1610) .
(4) أبو داود (1/154) ، الترمذي (1/435) ، وهو عند البيهقي (3/63) ، وفي "مسند الشهاب" (1/439) ، والطبراني في "الأوسط" (4/282) .(1/525)
1633 - ورواه ابن ماجه (1) بلفظ من حديث أنس.
1634 - وعن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ليبشر المشاءون في الظلمة إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» رواه ابن ماجه وابن خزيمة في "صحيحه" واللفظ له، والحاكم (2) وقال: صحيح على شرط الشيخين، وقال المنذري وقد روي هذا الحديث عن ابن عباس (3) وابن عمر (4) وأبي سعيد (5) وزيد بن حارثة (6) وعائشة (7) وغيرهم.
1635 - وعن أبي هريرة رفعه: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع الله به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط» أخرجه مالك ومسلم والترمذي والنسائي (8) .
_________
(1) ابن ماجه (1/257) ، وهو عند الحاكم (1/332) ، والبيهقي (3/63) ، وفي "مسند الشهاب" (1/439) ، والطبراني في "الأوسط" (6/111) .
(2) ابن ماجه (1/256) ، ابن خزيمة (2/377) ، الحاكم (1/331) ، وهو عند البيهقي (3/63) ، والطبراني في "الكبير" (6/147) .
(3) حديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" (10/289) ، وفي "مسند الشهاب" (1/441) .
(4) حديث ابن عمر عند الطبراني في "الكبير" (12/358) .
(5) حديث أبي سعيد عند أبي يعلى (2/361) ، وأبو داود الطيالسي (1/294) ، وابن عدي في "الكامل" (5/334، 6/265)
(6) حديث زيد بن حارثة عند الطبراني في "الكبير" (5/86) ، وفي "مسند الشهاب" (1/440) .
(7) حديث عائشة عند الطبراني في "الأوسط" (2/68) .
(8) تقدم برقم (301) .(1/526)
1636 - وعن جابر قال: «قلت: البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟ قالوا: نعم، فقال: يا بني سلمة! دياركم تكتب آثاركم» رواه مسلم (1) .
1637 - وللبخاري (2) عن أنس نحوه.
1638 - وعن سعيد بن المسيب عن رجل من الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى الصلاة، لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب له الله عز وجل حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عنه خطيئة، فليقرب أحدكم أو ليبعد» رواه أبو داود (3) .
1639 - وعن أبي بن كعب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان (4) وصححه ابن السكن والعقيلي والحاكم، وأشار ابن المديني إلى صحته.
1640 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأيتم الرجل يتعاهد المسجد، فاشهدوا له بالإيمان، فإن الله تبارك وتعالى يقول: ((إِنَّمَا يَعْمُرُ
_________
(1) مسلم (1/462) ، وهو عند أحمد (3/332، 371) ، وابن حبان (5/390) .
(2) البخاري (2/666) ، وهو عند أحمد (3/106، 182) .
(3) أبو داود (1/154) ، وهو عند البيهقي (3/69) .
(4) جزء من حديث طويل عند أحمد (5/140) ، وأبي داود (1/151) ، والنسائي (2/104) ، وابن ماجه بمعناه (1/259) كما ذكر ذلك المزي في التحفة (36) ، وابن حبان (5/405، 406) ، والحاكم (1/375) ، وهو عند ابن خزيمة (2/366) ، والبيهقي (3/61) .(1/527)
مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى)) [التوبة:18] » رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب. وأخرجه أحمد وابن ماجه وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم (1) .
[3/227] باب ما جاء في فضل الصلاة في الثلاثة المساجد
والنهي عن شد الرحال إلى غيرها من المساجد
1641 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» رواه البخاري ومسلم (2) .
1642 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام» رواه الجماعة إلا أبا داود (3) .
1643 - وعن ابن عباس عن ميمونة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا مسجد الكعبة» رواه
_________
(1) الترمذي (5/12، 277) (2617، 3093) ، أحمد (3/68، 76) ، ابن ماجه (1/263) (802) ، ابن حبان (5/6) (1721) ، وهو عند ابن خزيمة (2/379) (1502) ، الحاكم (1/332، 2/363) ، الدارمي (1/302) (1223) .
(2) البخاري (1/398) ، مسلم (2/1014، 1015) ، وهو عند أبي داود (2/216) ، والنسائي (2/37) ، وابن ماجه (1/452) ، وأحمد (2/234، 238، 278، 501) .
(3) البخاري (1/398) ، مسلم (2/1012) ، النسائي (2/35، 5/214) ، الترمذي (2/147، 5/719) ، ابن ماجه (1/450) ، أحمد (2/239، 251، 256، 277، 386، 466، 468، 473، 484، 485، 499) .(1/528)
أحمد ومسلم (1) .
1644 - وعن جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» رواه أحمد والطبراني في "الكبير" (2) ورجاله ثقات، وقال الحافظ: إسناده صحيح.
1645 - وفي رواية لأحمد وابن حبان (3) من حديث عبد الله بن الزبير مثله إلا إنه قال: «وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي» وقال المنذري: إسناده صحيح، وأخرجه البزار (4) بإسناد حسن
1646 - وعن جابر أيضًا: عند ابن عدي (5) مثل الرواية الأولى من حديثه وزاد: «والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة» .
1647 - وللطبراني في "الكبير" (6) مثله من حديث أبي الدرداء ورواه ابن
_________
(1) أحمد (6/333، 334) ، مسلم (2/1014) .
(2) أحمد (3/343، 397) ، وهو عند ابن ماجه (1/451) .ولم نجده عند الطبراني وعزاه إليه الحافظ في "الفتح" (3 / 67)
(3) أحمد (4/5) ، ابن حبان (4/499) ، وهو عند البيهقي (5/246) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1/185) .
(4) البزار (6/156) (2196) .
(5) ابن عدي (7/213) .
(6) لم نجده في المطبوع، وقال الهيثمي في "المجمع" (4 / 7) : "أخرجه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات، وفي بعضهم كلام، وهو حديث حسن"، وأخرجه البزار (1/212-كشف الأستار) ، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (6/30) ، وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (3/398) ، والبيهقي في "الشعب" (3/484) من طريق آخر.(1/529)
خزيمة في "صحيحه" (1) ، ولفظه: «صلاة في المسجد الحرام أفضل مما سواه من المساجد بمائة ألف صلاة، وصلاة في مسجد المدينة أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، وصلاة في مسجد بيت المقدس أفضل مما سواه من المساجد بخمسمائة صلاة» .
1648 - وعند ابن ماجه (2) من حديث ميمونة بنت سعد: «الصلاة في بيت المقدس كألف صلاة في غيره» وإسناده حسن، كما في "الخلاصة".
1649 - وعنده أيضًا (3) من حديث أنس: «الصلاة في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة» وإسناده ضعيف.
1650 - وروى ابن عبد البر (4) في التمهيد (5) من حديث الأرقم: «صلاة هنا خير من ألف صلاة ثم يعني في بيت المقدس» قال ابن عبد البر: هذا الحديث ثابت، هكذا في "التلخيص".
قلت وفضل الصلوات في هذه المساجد مخصوص بالفرائض، وأما النوافل فقد تقدم في صلاة التطوع أنها في البيوت أفضل.
[3/228] باب ما جاء في فضل الصلاة في الفلاة
1651 - قد تقدم في فضل الجماعة حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول
_________
(1) لم نجده في المطبوع، وعزاه له المنذري في الترغيب
(2) ابن ماجه (1/451) ، وهو عند أحمد (6/463) ، وأبو يعلى (12/523) ، والطبراني في "الكبير" (25/32) .
(3) ابن ماجه (1/453) .
(4) في الأصل: ابن عدي.
(5) عزاه له الحافظ في "التلخيص"، (4/ 179) ، وهو عند الحاكم (3/576) ، والطبراني في "الكبير" (1/306) ، وفي الآحاد والمثاني (2/19) .(1/530)
الله - صلى الله عليه وسلم -: «الصلاة في الجماعة تعدل خمسًا وعشرين صلاة، فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة» رواه أبو داود (1) ، وقال عبد الحق بن زياد في هذا الحديث: «صلاة الرجل في الفلاة تضاعف على صلاته في الجماعة» ورواه الحاكم بلفظه، وقال: صحيح على شرطهما، وصدر الحديث عند البخاري (2) وغيره، ورواه ابن حبان في "صحيحه"، ولفظه: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده بخمس وعشرين درجة، فإن صلاها بأرض قيّ فأتم ركوعها وسجودها تكتب له بخمسين درجة» .
1652 - وعن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان الرجل بأرض قيّ فحانت الصلاة فليتوضأ، فإن لم يجد ماء فليتيمم، فإن أقام صلَّى معه ملكاه، وإن أذن وأقام صلّى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه» رواه عبد الرزاق (3) عن ابن التيمي عن أبيه عن أبي عثمان النهدي.
1653 - وقد تقدم (4) في أول أبواب الأذان حديث عقبة بن عامر مرفوعًا: «تَعَجَّب ربك من راعي غنم في شظية بجبل يؤذن بالصلاة ويصلي فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي، ورجال إسناده ثقات.
قوله: «قِيّ» بكسر القاق وتشديد الياء: هو الفلاة كما فسر في رواية أبي داود.
_________
(1) تقدم برقم (1610) .
(2) تقدم برقم (1611) .
(3) عبد الرزاق (1/510) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (6/249) .
(4) تقدم برقم (666) .(1/531)
[3/229] باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة ومراعاة حال المؤتمين
1654 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (1) ، وفي رواية لمسلم (2) : «فإن فيهم الضعيف والسقيم وذا الحاجة» ، وفي رواية له (3) : «فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض» .
1655 - وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجز الصلاة ويكملها» ، وفي رواية: «ما صليت خلف إمام قط أخف صلاة، ولا أتم صلاة من النبي - صلى الله عليه وسلم -» متفق عليهما (4) .
1656 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، أسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وَجْدِ أمه من بكائه» رواه الجماعة إلا أبا داود والنسائي (5) .
1657 - لكنه لهما (6) من حديث أبي قتادة.
_________
(1) البخاري (1/248) ، مسلم (1/341) ، أبو داود (1/211) ، النسائي (2/94) ، الترمذي (1/461) ، أحمد (2/317، 486، 502) .
(2) مسلم (1/341) .
(3) مسلم (1/341) .
(4) البخاري (1/249) ، مسلم (1/342) ، أحمد (3/101) باللفظ الأول، والبخاري (1/250) ، مسلم (1/342) ، أحمد (3/162، 207، 233، 240، 282) باللفظ الثاني.
(5) البخاري (1/250) ، مسلم (1/343) ، الترمذي (2/214) ، ابن ماجه (1/316) ، أحمد (3/109) .
(6) أبو داود (1/209) ، النسائي (2/95) ، وهو عند البخاري (1/250، 296) ، وابن ماجه (1/317) ، وأحمد (5/305) .(1/532)
1658 - وعن أبي مسعود البدري قال: «أتى رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا، فما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب في موضعه قط أشد مما غضب يومئذ، فقال: يا أيها الناس! إن منكم منفرين فأيكم أمّ الناس فليوجز، فإن من ورائه الصغير والكبير وذا الحاجة» أخرجه البخاري (1) . وفي رواية له (2) : «فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة» .
1659 - وسيأتي (3) حديث معاذ قريبًا وفي الباب أحاديث.
[3/230] باب ما جاء في إطالة الإمام الركعة الأولى
وانتظاره من أحسّ به داخلًا ليدرك الركعة
1660 - عن أبي سعيد «لقد كانت الصلاة تقام، فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يتوضأ، ثم يأتي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الركعة الأولى مما يطولها» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه والنسائي (4) .
1661 - وعن أبي قتادة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يطول في الركعة الأولى من صلاة الظهر ما لا يطيل في الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح» مختصر من حديث
_________
(1) البخاري (1/248، 249، 5/2265، 6/2617) ، وهو عند مسلم (1/340) ، وابن ماجه (1/315) ، وأحمد (4/118، 5/273) .
(2) البخاري (1/46) ، وهي عند أحمد (4/119) .
(3) سيأتي برقم (1667) .
(4) أحمد (3/35) ، مسلم (1/335) ، ابن ماجه (1/270) ، النسائي (2/164) ، وهو عند ابن حبان (5/164) ، والبيهقي (2/66) .(1/533)
أبي قتادة المتقدم (1) في باب ما جاء في قراءة سورة بعد الفاتحة وهو حديث متفق عليه.
1662 - وعن عبد الله بن أبي أوفى «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يَسْمع وَقْع قَدم» رواه أحمد وأبو داود (2) بإسناد فيه مجهول قال في "التلخيص": وأخرجه البزار وسياقه أتم.
[3/231] باب متابعة الإمام والنهي عن مسابقته
1663 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما جُعِل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلّى قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعون» متفق عليه (3) . وفي لفظ لأحمد وأبي داود (4) : «ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد» .
1664 - وعنه قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار، أو يحول الله صورته صورة حمار» رواه
_________
(1) تقدم برقم (1064) .
(2) أحمد (4/356) ، أبو داود (1/212) (802) ، البيهقي (2/66) .
(3) البخاري (1/253، 257) ، مسلم (1/309، 311) ، وهو عند أحمد (2/314، 411) ، وهو عند ابن ماجه (1/393) .
(4) أحمد (2/341) ، أبو داود (1/164) ، وهي عند البيهقي (3/93) ، والطبراني في "الأوسط" (6/116) .(1/534)
الجماعة (1) ، وفي رواية لمسلم (2) من حديثه: «أما يأمن الذي يرفع رأسه في صلاته قبل الإمام أن يحول الله صورته صورة حمار» ، وفي رواية: «أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه من ركوع أو سجود قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار» وهذه الرواية الأخيرة عزَاها في "جامع الأصول" إلى الجماعة، ولم أجدها في الصحيحين، ووقع ذكر السجود لأبي داود (3) .
1665 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيها الناس! إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا بالقعود ولا بالانصراف» رواه أحمد ومسلم (4) .
1666 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تركعوا حتى يركع، ولا ترفعوا حتى يرفع» رواه البخاري (5) .
[3/232] باب ما جاء في انفراد المأموم لعذر
1667 - عن أنس بن مالك قال: «كان معاذ بن جبل يؤم قومه، فدخل حرام وهو يريد أن يسقي نخله، فدخل المسجد مع القوم، فلما رأى معاذًا طوّل تجوز في
_________
(1) البخاري (1/245) ، مسلم (1/320) ، أبو داود (1/169) ، النسائي (2/96) ، الترمذي (2/475) ، ابن ماجه (1/308) ، أحمد (2/271، 456، 472، 504) .
(2) مسلم (1/321) ، وهي عند أحمد (2/260، 425، 469) .
(3) أبو داود (1/169) ، وأيضًا عند أحمد (2/260، 456) .
(4) أحمد (3/102، 154، 245، 190) ، مسلم (1/320) ، وهو عند النسائي (3/83) .
(5) البخاري (1/149) ، وهو عند أحمد (3/200) من طريق حميد عن أنس به، والحديث متفق عليه من طريق ابن شهاب عن أنس، وقد تقدم برقم (1123) .(1/535)
صلاته ولحق بنخله يسقيه، فلما قضى معاذ الصلاة، قيل له، قال: إنه لمنافق أيعجل عن الصلاة من أجل سقي نخله، قال: فجاء حرام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعاذ عنده، فقال: يا نبي الله! إني رأيت أن أسقي نخلاي فدخلت المسجد لأصلي مع القوم فلما طول تجوزت صلاتي ولحقت بنخلي أسقيه فزعم أني منافق، فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - على معاذ فقال: أفتَّانٌ أنت! أفتَّانٌ أنت! لا تطول بهم اقرأ بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها، ونحوهما» رواه أحمد (1) بإسناد صحيح.
1668 - وفي رواية له (2) من حديث بُرَيدة: «أن معاذًا صلى بأصحابه العشاء فقرأ فيها اقتربت الساعة» وذكر نحوه.
1669 - وعن جابر قال: «كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يأتي قومه فيؤمهم، فصلى ليلة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء ثم أتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده، وانصرف، فقالوا له: نافقت يا فلان! فقال: لا والله! ولآتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلأخبرنّه، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار، وإن معاذًا صلى معك العشاء ثم أتى فافتتح سورة البقرة، فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على معاذ، فقال: يا معاذ! أفتَّان أنت! اقرأ بكذا واقرأ بكذا» رواه البخاري ومسلم (3) . وفي رواية للبخاري (4) : «فلولا
_________
(1) أحمد (3/101، 124) .
(2) أحمد (5/355) .
(3) البخاري (5/2264) ، مسلم (1/339) ، وهو عند أبي داود (1/210) ، والنسائي (2/102) ، وأحمد (3/308) .
(4) البخاري (1/249) ، وهي عند أحمد (3/299) .(1/536)
صليت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، فإنه يصلي وراك الكبير والضعيف وذو الحاجة» .
1670 - وسيأتي (1) في صلاة الخوف أن الطائفة الأولى تفارق الإمام وتتم.
[3/233] باب ما جاء في انتقال المنفرد إمامًا في النوافل
1671 - عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في رمضان فجئت فقمت خلفه وقام رجل فقام إلى جنبي، ثم جاء آخر حتى كنا رهطًا، فلما أحس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أننا خلفه تَجَوَّز في صلاته، ثم قام فدخل منزله فصلَّى صلًاة لم يصلها عندنا، فلما أصبحنا قلنا: يا رسول الله! أَفَطِنْتَ بنا الليلة؟ قال: نعم. فذلك الذي حملني على ما صنعت» رواه أحمد ومسلم (2) .
1672 - وعن زيد بن ثابت «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ حجرة، قال: حسبت أنه قال: من حصير في رمضان، فصلى فيها ليالي فصلى بصلاته ناس من أصحابه، فلما علم بهم جعل يقعد فخرج إليهم، فقال: قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» رواه البخاري (3) .
1673 - وعن عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في حجرة وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام الناس يصلون بصلاته» رواه
_________
(1) سيأتي برقم (2047) .
(2) أحمد (3/193) ، مسلم (2/775) .
(3) تقدم برقم (1469) .(1/537)
البخاري (1) ، وقد تقدم حديث عائشة وزيد في التراويح بأتم من هذا.
[3/234] باب ما جاء في الإمام ينتقل مأمومًا
1674 - عن سهل بن سعد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ قال: نعم. قال: فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف فصفَّق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى ثم انصرف، فقال: يا أبا بكر! ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قُحَافة أن يصلي بين يدي رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ مَنْ نَابَه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء» متفق عليه (2) . وفي رواية لأحمد وأبي داود والنسائي (3) : «كان قتال بين بني عمرو بن عوف فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاهم بعد الظهر ليصلح بينهم، وقال: يا بلال! إن حضرت الصلاة ولم آت فمر أبا بكر فليصل بالناس، فلما حضرت العصر أقام بلال الصلاة ثم أمر أبا بكر فتقدم» وذكر الحديث.
_________
(1) تقدم برقم (1468) .
(2) البخاري (1/242، 6/2629) ، مسلم (1/316) ، أحمد (5/336، 338) .
(3) أحمد (5/332) ، أبو داود (1/248) ، النسائي (2/82) ، وهي عند ابن حبان (6/39) ، وابن خزيمة (3/11) .(1/538)
قوله: «فتخلص» في رواية للبخاري (1) : «فجاء يمشي حتى قام عند الصف» ، وفي رواية لمسلم (2) : «فخرق الصفوف» ، وفي هذا الحديث فوائد جمة، منها: أن المشي من صف إلى صف يليه لا يبطل الصلاة، وجواز الحمد لأمر يحدث، والتنبيه بالتسبيح والاستخلاف في الصلاة لعذر، وكون المرء في بعض صلاته إمامًا وفي بعضها مأمومًا، ورفع اليدين في الصلاة عند الدعاء والثناء، والالتفات للضرورة، وجواز مخاطبة المصلي بالإشارة، وجواز الحمد والشكر على الوجاهة في الدين، وجواز إمامة المفضول والعمل القليل في الصلاة، وغير ذلك من الفوائد الجليلة، وقد عقدنا لبعضها أبوابًا قد تقدمت، وقد تقدم (3) حديث سهل بن سعد مختصرًا في باب من نابه شيء في صلاته.
1675 - وعن عائشة قالت: «مرض النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: مُروا أبا بكر فليصل بالناس، فخرج أبو بكر يصلي فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفسه خِفةً فخرج يُهَادى بين رجلين، فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مكانك، ثم أتيا به حتى جلس إلى جنبه عن يسار أبي بكر، وكان أبو بكر يصلي قائمًا وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي قاعدًا يقتدي أبو بكر بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس بصلاة أبي بكر» متفق عليه (4) . وللبخاري (5) في رواية: «يهادى بين رجلين في صلاة الظهر» ، ولمسلم (6)
_________
(1) البخاري (1/402، 407، 414، 2/957) ، وهي عند النسائي (2/77-78) .
(2) مسلم (1/317) ، وهي عند النسائي (3/3) ، وأحمد (5/336) ، وابن خزيمة (3/33) .
(3) تقدم برقم (1262) .
(4) البخاري (1/236، 241، 251،) ، مسلم (1/313) ، أحمد (6/210، 224) ، وهو عند ابن ماجه (1/389، 391) ، والنسائي (2/100) .
(5) البخاري (1/243) ، وهي عند مسلم (1/311) ، والنسائي (2/101) .
(6) مسلم (1/314) ، وهي عند البيهقي (3/81) .(1/539)
: «وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس وأبو بكر يُسْمِعُهم التكبير» .
[3/235] باب من صلَّى في المسجد جماعة بعد الجماعة الأولى
1676 - عن أبي سعيد «أن رجلًا دخل المسجد وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من يتصدق على هذا؟ فقام رجل من القوم فصلى معه» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (1) بمعناه. وفي رواية لأحمد (2) : «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه الظهر فدخل رجل» فذكر الحديث، وأخرجه الحاكم والبيهقي وابن حبان وحسنه الترمذي، وقال في "الفتح": حسنه الترمذي وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، ولفظ أبي داود (3) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبصر رجلًا يصلي وحده، فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه؟» ، ولفظ الترمذي (4) : «أيكم يأتجر على هذا؟ فقام رجل وصلى معه» .
قوله: «فقام رجل» هو أبو بكر الصديق ذكره ابن أبي شيبة.
[3/236] باب ما جاء في المسبوق ببعض الصلاة يدخل مع الجماعة
فإن أدرك الإمام راكعًا أو ساجدًا تابعه ولا يعيد بذلك
ويتم ما فاته بعد أن يسلم إمامه من غير زيادة
1677 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جئتم إلى الصلاة
_________
(1) أحمد (3/5، 45) ، الحاكم (1/328) ، البيهقي (2/303،) ، ابن حبان (6/157، 158) .
(2) أحمد (3/85) .
(3) أبو داود (1/157) ، وهو عند أحمد (3/64، 85) ، والبيهقي (3/68، 69) .
(4) الترمذي (1/427) ، وهو عند ابن خزيمة (3/63) ، وابن أبي شيبة (2/112) .(1/540)
ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة» رواه أبو داود، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح، وابن خزيمة في "صحيحه" (1) .
1678 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة كلها» أخرجه البخاري ومسلم (2) .
1679 - وعن علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام» رواه الترمذي (3) بإسناد ضعيف، وقد أعل بالانقطاع.
1680 - لكن يشهد له حديث معاذ عند أبي داود وأحمد (4) قال: «أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال» فذكر الحديث، وفيه: «فجاء معاذ وقد سبقه النبي - صلى الله عليه وسلم - ببعضها فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته قام يقضي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد سنَّ لكم معاذ، فهكذا فاصنعوا» وفي إسناده انقطاع، لكن قد رواه أبو داود (5) من وجه آخر.
1681 - وسيأتي (6) إن شاء الله حديث أبي بكرة «أنه ركع قبل أن يصل
_________
(1) أبو داود (1/236) ، الحاكم (1/336، 407) ، ابن خزيمة (3/58) .
(2) تقدم برقم (645) .
(3) الترمذي (2/485) .
(4) أبو داود (1/140) (507) ، أحمد (5/246) ، وهو عند البيهقي (2/296، 3/93) .
(5) أبو داود (1/138-139) (506) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثنا أصحابنا....وساق الحديث.
(6) سيأتي برقم (1778) .(1/541)
الصف، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: زادك الله حرصًا ولا تَعُد (1) » أخرجه أحمد والبخاري.
1682 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك الإمام في الركوع فليركع معه وليعد الركعة» أخرجه البخاري في "القراءة خلف الإمام" (2) من حديث أبي هريرة أنه قال: «إن أدركت القوم ركوعًا لم تعتد بتلك الركعة» ، قال الحافظ: وهذا هو المعروف عن أبي هريرة، وأما المرفوع فلا أصل له، والذي في "صحيح ابن خزيمة" (3) عن أبي هريرة مرفوعًا: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه» ، وفي رواية له (4) : «إذا جئتم ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة» .
قال الحافظ في الفتح: وحديث أبي قتادة وأبي هريرة المتفق عليهما (5) بلفظ: «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» استدل بهما على من أدرك الإمام راكعًا لم يحتسب بتلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته لأنه فاته القيام والقراءة، انتهى.
1683 - وحديث أبي هريرة مرفوعًا: «من أدرك الركوع من الركعة الأخيرة في صلاته يوم الجمعة فليضف إليها ركعة أخرى» . رواه الدارقطني (6) من طريق
_________
(1) في الهامش ما نصه: روي «لا تَعُد» بفتح التاء وضم العين على معنى لا تعد إلى هذا العمل، وروي بضم التاء وكسر العين، أي: لا تُعِدِ الصلاة فقد أجزتك، وروي «ولا تَعْد» بفتح التاء وسكون العين من العدو وهو سرعة المشي. اهـ.
(2) (ص / 137) موقوفا، وانظر "البدر المنير" (4/ 512)
(3) ابن خزيمة (3/45) ، وهو عند الدارقطني (1/346) ، والبيهقي (2/89) .
(4) تقدمت هذه الرواية قريبًا برقم (1677) .
(5) تقدما برقمي (1623، 1624) .
(6) الدارقطني (2/10، 11، 12) .(1/542)
،ياسين بن معاذ وهو متروك، وقال ابن أبي حاتم في العلل: عن أبيه لا أصل لهذا الحديث، وكذا قال الدارقطني والعقيلي، وتمامه في الدارقطني: «ومن لم يدرك الركوع من الركعة الأخيرة فليصل الظهر أربعًا» ، وقال في "الخلاصة": رواه الحاكم (1) من ثلاث طرق عن أبي هريرة، قال: في كل منها إسناده على شرط الشيخين. انتهى.
1684 - وقد أخرج النسائي والدارقطني وابن ماجه (2) من حديث ابن عمر مرفوعًا: «من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته» ، وفي لفظ: «فقد أدرك الصلاة» ، وقد تكلم في إسناده ووهم بعض رواته في زيادة قوله: «من صلاة الجمعة» ، وسيأتي في الجمعة إن شاء الله تعالى.
1685 - وعن المغيرة بن شُعْبة قال: «تخلفت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك فتبرز، وذكر وضوءه، ثم عمد الناس وعبد الرحمن يصلي بهم، فصلى مع الناس الركعة الأخيرة، فلما سلم عبد الرحمن قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتم صلاته، فلما قضاها أقبل عليهم، فقال: قد أحسنتم وأصبتم، يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها» متفق عليه (3) ، ورواه أبو داود (4) وقال فيه: «فلما سلم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى الركعة
_________
(1) الحاكم (1/429) ، وهو عند ابن خزيمة (3/174) ، وابن ماجه (1/356) ، والبيهقي (3/203) ، وأبي يعلى (5/36) .
(2) النسائي (1/274) ، ابن ماجه (1/356) ، الدارقطني (2/12، 13) ، وهو عند البيهقي (3/204) .
(3) مسلم (1/317) ، أحمد (4/249، 251) ، وهو عند أبي داود (1/37) ، وابن خزيمة (3/9) .
(4) أبو داود (1/38) .(1/543)
التي سُبِقَ بها لم يزد عليها شيئًا» .
قوله: «عَمَد الناس» بفتح العين المهملة والميم وبعدها دال: أي قصد الناس.
[3/237] باب من صلى في رحله ثم أتى المسجد
وقد أقيمت الصلاة فيه فإنه يصلي معهم
1686 - عن يزيد بن الأسود قال: «شهدت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته انحرف، فإذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا، فقال: عليَّ بهما، فجيء بهما ترعُد فرائصُهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله! إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة» رواه الخمسة إلا ابن ماجه (1) ، وفي لفظ لأبي داود (2) : «إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه فإنها له نافلة» وأخرجه الدارقطني وابن حبان والحاكم، وقال إسناده صحيح، وصححه ابن السكن وابن حبان، وقال الترمذي: حسن صحيح.
1687 - وقد تقدم (3) حديث أبي ذر في باب الأوقات، وفيه: «كيف أنت إذا
_________
(1) النسائي (2/112) ، الترمذي (1/424-425) ، أحمد (4/160، 161) . ابن حبان (4/431-432، 434، 6/155) ، وهو عند الدارقطني (1/413) ، وابن خزيمة (3/67، 105) ، والبيهقي (2/301) ، والطبراني في "الكبير" (22/233، 234) ،
(2) أبو داود (1/157) ، الحاكم (1/372) ، الدارقطني (1/413) ، أحمد (4/161) ، البيهقي (2/301) ، وهو عند عبد الرزاق (2/421) ، والطبراني في "الكبير" (22/232) .
(3) تقدم برقم (646) .(1/544)
كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها، فإن إدركتها معهم فصلِّ فإنها لك نافلة» رواه أحمد ومسلم.
1688 - وقد تقدم (1) حديث عبادة، وفي لفظ منه: «واجعلوا صلاتكم معهم تطوعًا» رواه أبو داود برجال ثقات.
1689 - وعن مِحْجَن (2) بن الأدْرع قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد، فحضرت الصلاة فصلى، يعني ولم أصل، فقال لي: ألا صليت؟ قلت: يا رسول الله! إني قد صليت في الرحل، ثم أتيتك، قال: فإذا جئت فصل معهم واجعلها نافلة» رواه أحمد ومالك في "الموطأ" والنسائي وابن حبان والحاكم (3) .
1690 - وعن يزيد بن عامر قال: «جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فجلست ولم أدخل معهم في الصلاة، فلما انصرف رآني جالسًا، فقال: ألم تسلم يا يزيد؟ قلت: بلى يا رسول الله! قد أسلمت، قال: فما منعك أن تدخل مع الناس في صلاتهم؟ قال: إني كنت قد صليت في منزلي وأنا أحسب أن قد صليتم، فقال: إذا جئت إلى الصلاة فوجدت الناس فصل معهم، وإن كنت قد صليت تكن لك نافلة،
_________
(1) تقدم برقم (647) .
(2) بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وبعدها جيم ثم نون، والأدرع: بفتح الهمزة وسكون الدال المهملة وبعد الراء عين مهملة.
(3) أحمد (4/34، 338) ، مالك (1/132) ، النسائي (2/112) ، وفي "الكبرى" (1/299) ، ابن حبان (6/164-165) ، الحاكم (1/371) ، وهو عند البيهقي (2/300) ، والطبراني في "الكبير" (20/294) ، والدارقطني (1/415) .(1/545)
وهذه مكتوبة» أخرجه أبو داود (1) ، وضعفه النووي، وقال البيهقي: حديث يزيد بن الأسود أثبت منه وأولى. انتهى. قلت: ويمكن الجمع بينه وبين ما سبق من الأحاديث المصرحة بأن المكتوبة الأولى: بأن يحمل هذا الحديث على أن الأولى كانت فرادى في هذا الحديث، وفي الأحاديث السابقة كانت جماعة.
1691 - وأما حديث ابن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تصلوا صلاة في يوم مرتين» رواه أحمد ومالك وأبو داود والنسائي وابن حبان والدارقطني (2) وصححه ابن السكن، وقال المنذري: في إسناده عمرو بن شعيب. فلا يعارض ما سبق، لأن الصلاتين في الأحاديث السابقة أحدهما نافلة، والنهي هنا محمول على من صلَّى صلاتين ونوى في كل واحدة منهما أنها فريضة، وقال المنذري في مختصر السنن: وهو محمول على صلاة الاختيار دون ما له سبب، كالرجل يصلي ثم يدرك جماعة فيصلي معهم. انتهى.
قوله: «تُرعَد فرائصهما» بضم أوله وفتح ثالثه: أي تتحرك، والفرائص: جمع فريصة بالصاد المهملة، وهي: اللحم التي على الجنب والكتف وذلك عند الخوف.
[3/238] باب الأعذار في ترك الصلاة
1692 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة، أو ذات مطر في السفر أن يقول: ألا صلوا في رحالكم» رواه الجماعة إلا
_________
(1) أبو داود (1/157) ، البيهقي (2/302) .
(2) أحمد (2/19، 41) ، أبو داود (1/158) ، النسائي (2/114) ، ابن حبان (6/155-156، 165-166،) ، الدارقطني (1/416) ، وهو عند ابن خزيمة (3/69) ، والبيهقي (2/303) .(1/546)
الترمذي (1) ، وفي رواية للشيخين (2) : «أذن ابن عمر في ليلة باردة ونحن بصحنان ثم قال: ألا صلوا في رحالكم، وأخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر مؤذنًا يؤذن، ثم يقول على إثره: ألا صلوا في رحالكم، في الليلة الباردة، أو المطيرة، في السفر» ، وفي رواية لأبي داود (3) : «أن ابن عمر نزل بصحنان في ليلة باردة فنادى: إن الصلاة في الرحال» ، وحدث نافع عن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كان ليلة باردة أو مطيرة أمر المنادي فنادى: إن الصلاة في الرحال» ، وفي رواية لأبي عوانة في "صحيحه": «ليلة باردة، أو ذات مطر، أو ذات ريح» .
1693 - وعن جابر قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فمطرنا، فقال: ليصل من شاء منكم في رحله» رواه أحمد ومسلم وأبو داود، والترمذي وصححه (4) .
1694 - وعن ابن عباس «أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت: أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل: حيَّ على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم، قال: فكأن الناس استنكروا ذلك، فقال: أتعجبون من ذا؟ فقد فعل ذا من هو خير مني، يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشون في الطين
_________
(1) البخاري (1/237) ، مسلم (1/484) ، أبو داود (1/279) ، النسائي (2/15) ، ابن ماجه (1/302) ، أحمد (2/4، 10، 63) .
(2) البخاري (1/227) ، مسلم (1/484) ، وهي عند أبي داود (1/279) ، وأحمد (2/53، 103) .
(3) أبو داود (1/278) .
(4) أحمد (3/312، 327، 397) ، مسلم (1/484) ، أبو داود (1/279) ، الترمذي (2/263) .(1/547)
والدحض» متفق عليه (1) ، ولمسلم (2) : «أن ابن عباس أمر مؤذنه في يوم جمعة في يوم مطير بنحوه» .
1695 - وقد تقدم (3) في أبواب التطوع حديث عتبان بن مالك متفق عليه أنه قال: «يا رسو الله! إن السيول تحول بيني ويبن مسجد قومي، فأحب أن تأتيني في مكان من بيتي أتخذه مسجدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سنفعل، فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أين تريد؟ فأشرت إلى ناحية من البيت، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصفنا خلفه فصلى بنا ركعتين» .
1696 - قلت: وأما حديث: «إذا ابتلت النعال فصلوا في الرحال» ، فقال في "التلخيص": لم أره بهذا اللفظ، وقال في "خلاصة البدر": إن في "المستدرك" للحاكم (4) عن أبي سعيد مرفوعًا: «إذا كان مطر وابلٌ فصلوا في رحالكم» وصححه، وفيه نظر.
1697 - وفي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه، وصححه الحاكم وابن
_________
(1) البخاري (1/306) ، مسلم (1/485) ، وهو عند أبي داود (1/280) ، وابن ماجه (1/302) (939) .
(2) مسلم (1/486) ، وهي عند ابن ماجه (1/302) (938) .
(3) تقدم برقم (1541) .
(4) الحاكم (1/431) ، ورواه عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه وجادة (5/62) ، وابن خزيمة (3/178) .(1/548)
حبان (1) عن أبي المَلِيح عن أبيه «أنه شهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية في يوم جمعة، وأصابهم مطر لم يبتل أسفل نعالهم، فأمرهم أن يصلوا في رحالهم» ، قال الحاكم: صحيح الإسناد، احتج الشيخان بجميع رواته، انتهى.
1698 - وحديث: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» أخرجه الدارقطني (2) عن جابر، وليس له إسناد ثابت.
1699 - وعن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه وإن أقيمت الصلاة» رواه البخاري (3) .
1700 - ومن جملة الأعذار عن حضور الجماعة: أكل ذوات الروائح الخبيثة، وقد تقدم (4) في أبواب المساجد حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أكل من الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى به بنو آدم» متفق عليه.
قوله: «كرهت أن أحرجكم» هو بالحاء المهملة: من الحرج والمشقة، ويروى
_________
(1) أبو داود (1/278) ، النسائي مختصرًا (2/111) ، ابن ماجه (1/302) ، الحاكم (1/431) ، ابن حبان (5/435، 438) ، وهو عند أحمد (5/74، 75) ، وابن خزيمة (3/179) ، والبيهقي (3/186) ، والطبراني في "الكبير" (1/188، 189) .
(2) الدارقطني (1/419) .
(3) البخاري (1/239) ، وهو عند مسلم (1/392) ، وأحمد (2/20، 25، 103، 148) ، وأبي داود (3/345) ، والترمذي (2/186) ، وابن ماجه (1/301) ، والبيهقي (3/74) .
(4) تقدم برقم (937) .(1/549)
بالخاء المعجمة، قوله: «إذا ابتلت النعال» النعال: ما يمشى فيه، أو وجه الأرض، أو الأقدام، أو صغار الأحجار.. أربعة أوجه حكاها ابن الرِّفعة والأول هو الوجه.
[3/239] باب ما جاء في تقديم الأحق بالإمامة
1701 - عن أبي سيعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم» رواه أحمد ومسلم والنسائي (1) .
1702 - وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله تعالى، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنًا، ولا يُؤَم (2) الرجل في سلطانه، ولا يُقْعَد في بيته على تكرمته إلا بإذنه» رواه أحمد ومسلم (3) ، وفي لفظ لهما (4) : «لا يَؤُم الرجلُ الرجلَ في أهله ولا سلطانه» ، وفي لفظ (5) : «فأقدمهم سِلمًا» ، وأخرجه الحاكم (6) بزيادة: «فإن كانوا في القرآن سواء
_________
(1) أحمد (3/24، 34، 36، 48، 51، 84) ، مسلم (1/464) ، النسائي (2/77، 103) ، وهو عند ابن خزيمة (3/4) .
(2) في الأصل: «ولا يؤمهم» .
(3) أحمد (4/121، 5/272) ، مسلم (1/465) (673) ، وهو عند أبي داود (1/159) ، والنسائي (2/77) ، وابن ماجه (1/313) ، وابن حبان (5/501، 505) ، وابن خزيمة (3/4) .
(4) أحمد (4/118، 121) ، مسلم (1/465) .
(5) مسلم (1/465) ، وهي عند ابن أبي شيبة (1/301-302) .
(6) الحاكم (1/370) .(1/550)
فأكثرهم فقهًا» ، وقال: هذه لفظة عزيزة، ثم ذكر له شاهدًا للترمذي (1) مرفوعًا: «لا يُؤم الرجل في سلطانه إلا بإذنه، ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه» ، وقال هذا حديث حسن صحيح. انتهى. وأخرج سعيد بن منصور نحوه.
1703 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كانوا ثلاثةً فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم» رواه مسلم والنسائي (2) .
1704 - وسيأتي (3) قريبًا حديث عمرو بن سلمة، وفيه: «فليؤمكم أكثركم قرآنًا» رواه البخاري.
1705 - وعن مالك بن الحُوَيرث قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا وصاحب لي، فلما أردنا الإقفال من عنده، قال لنا: إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما» رواه الجماعة (4) ، ولأحمد ومسلم (5) : «وكانا متقاربين في القراءة» ، ولأبي داود (6) : «وكنا يومئذ متقاربين في العلم» ، وفي لفظ للبخاري ومسلم (7) من حديثه:
_________
(1) الترمذي (1/459) (235) .
(2) تقدم أول الباب.
(3) سيأتي برقم (1728) .
(4) البخاري (1/234، 3/1047) ، مسلم (1/466) ، أبو داود (1/161) ، النسائي (2/8، 21، 77) ، الترمذي (1/399) ، ابن ماجه (1/313) ، أحمد (5/53) .
(5) أحمد (3/436) ، مسلم (1/466) .
(6) أبو داود (1/161) .
(7) البخاري (1/226، 242، 5/2238، 6/2647) ، مسلم (1/465) ، وهو عند أحمد (3/436، 5/53) ، والنسائي (2/9) .(1/551)
«أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن شَبَبَة متقاربون» .
1706 - وعن مالك بن الحُوَيرث قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من زار قومًا فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم» رواه الخمسة إلا ابن ماجه (1) . ولفظ النسائي: قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا زار أحدكم قومًا فلا يصلِّ بهم» ، وحديث مالك المذكور حسنه الترمذي، وفي إسناده أبو عطية مجهول.
1707 - وله شاهد عند الطبراني (2) بإسناد رجاله ثقات من حديث ابن مسعود: «لقد علمت أن من السُّنَّة، أن يتقدم صاحب البيت» ، وقال الترمذي: العمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم.
[3/240] باب ما جاء فيمن أمَّ قومًا وهم له كارهون
أو خص نفسه بالدعاء
1708 - عن عبد الله بن عمرو «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة من تقدم قومًا وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دَبَارًا، والدبار: أن يأتيها بعد أن تفوته، ورجل أَعْبَدَ محررًا» رواه أبو داود وابن ماجه (3) ، وقال فيه: بعدما تفوته. والحديث في إسناده عبد الرحمن بن زيادة بن أَنْعُم الأفريقي، ضعفه الجمهور.
1709 - وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا تجاوز صلاتهم
_________
(1) أبو داود (1/162) ، النسائي (2/80) ، الترمذي (2/187) ، أحمد (3/436، 5/53) .
(2) الطبراني في "الكبير" (9/89) .
(3) أبو داود (1/162) ، ابن ماجه (1/311) .(1/552)
آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون» رواه الترمذي (1) ، وقال: هذا حديث حسن غريب، وضعفه البيهقي، وقال النووي: الأرجح قول الترمذي.
1710 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرًا: رجل أم قومًا وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان» رواه ابن ماجه (2) ، قال العراقي: وإسناده حسن. وفي الباب أحاديث غير ما ذكر لكنها ضعيفة وهي تقوي بعضها بعضًا.
1711 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة على كُثْبان المسك يوم القيامة: عبد أدَّى حق الله وحق مواليه، ورجل أمَّ قومًا وهم راضون، ورجل ينادي بالصلوات الخمس في كل ليلة» رواه الترمذي وحسنه، وفي إسناده أبو اليقظان عثمان بن عمير البجلي، وهو ضعيف، وأخرجه أيضًا أحمد (3) .
1712 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤمَّ قومًا إلا بإذنهم، ولا يخص نفسه بدعوة دونهم، فإن فعل فقد خانهم» رواه أبو داود (4) برجال كلهم ثقات.
1713 - وأخرجه الترمذي (5) من حديث ثوبان، ولفظه: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) الترمذي (2/193) .
(2) ابن ماجه (1/311) .
(3) تقدم برقم (663) .
(4) أبو داود (1/23) (91) .
(5) الترمذي (2/189) (357) ، وهو عند أبي داود (1/22) (90) ، وابن ماجه (1/298) (923) ، وأحمد (5/280) .(1/553)
أنه قال: «لا يحل لامرئٍ أن ينظر في جوف بيت امرئ حتى يستأذن، ولا يؤم قومًا فيخص نفسه بدعوة دونهم» ، وقال: حديث حسن.
[3/241] باب ما جاء في إمامه الأعمى والعبد والمولى
1714 - عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين يصلي بهم وهو أعمى» رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن (1) .
1715 - وابن حبان في "صحيحه" وأبو يعلى والطبراني (2) عن عائشة.
1716 - والطبراني (3) عن ابن عباس بإسناد حسن، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" من حديث عائشة.
1717 - وعن محمود بن الربيع «أن عِتْبان بن مالك كان يؤم قومًا وهو أعمى، وأنه قال: يا رسول الله! إنها تكون الظلمة والسيل وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله! في بيتي مكانًا اتخذه مصلى، فجاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أين تحب أن أصلي؟ فأشار إلى مكان في البيت فصلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه البخاري والنسائي (4) .
_________
(1) أحمد (3/132، 192) ، أبو داود (1/162، 3/131) ، أبو يعلى (5/422، 438) ، وهو عند البيهقي (3/88) ، وابن الجارود في المنتقى (1/86)
(2) الطبراني في "الأوسط" (8/115) ، أبو يعلى (7/434) ، وهو عند ابن عدي في "الكامل" (2/410) .
(3) ابن حبان (5/506، 507) ، الطبراني في "الكبير" (11/183) ، و"الأوسط" (1/6) ، وهو عند ابن عدي في "الكامل" (5/381) .
(4) البخاري (1/237) ، النسائي (2/80) ، وهو عند مالك (1/172) ، وابن حبان (4/491) .(1/554)
.. ... وفي رواية للبخاري (1) : «جعل بصري يكل» ، وفي أخرى (2) : «قد أنكرت بصري» ، ولمسلم (3) : «أصابني في بصري بعض الشيء، فبعثت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي فأتخذه مصلى، قال: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن شاء الله معه من أصحابه فدخل فهو يصلي معي في منزلي» .
1718 - وعن ابن عمر قال: «لما قدم المهاجرون الأولون نزلوا العصبة موضعًا بقباء، قبل مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآنًا، وكان فيهم عمر بن الخطاب وأبو سلمة بن عبد الأسد» رواه البخاري وأبو داود (4) . و «العصبة» : بفتح العين المهملة وقيل بضهما، وسكون الصاد المهملة بعدها موحدة: اسم مكان بقباء، ولا يقال: ليس في هذا دليل لعدم اطلاع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، لأنا نقول: لو كان غير جائز لنزل البيان بالوحي إذ لا يقرر مع نزول الوحي على باطل والأصل الجواز، وحديث: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» تقدم مؤيد للأصل.
[3/242] باب ما جاء في إمامة الفاسق والمرأة
1719 - عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تؤم المرأة رجلًا، ولا أعرابي
_________
(1) هي للإسماعيلي في مستخرجه على البخاري، ذكره الحافظ في "الفتح " (1/ 520)
(2) البخاري (1/164، 288، 397، 5/2063) ، وهي عند النسائي (3/64) .
(3) مسلم (1/61) ، وهي عند أحمد (5/449) ، والحاكم (3/680) ، وأبي يعلى (3/74) ، والطبراني في "الكبير" (18/25) ، وقد تقدم حديث عتبان بلفظ آخر رقم (1541، 1696) .
(4) البخاري (1/246) ، أبو داود (1/160) ، وهو عند ابن خزيمة (3/6) ، والبيهقي (3/89) ، والطبراني في "الكبير" (7/59) ، ورواه البخاري من طريق ابن جريج (6/2625) وفيه: «فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة» .(1/555)
مهاجرًا، ولا يؤم فاجر مؤمنًا إلا أن يقهره سلطان يخاف سيفه أو سطوه» رواه ابن ماجه (1) بإسناد لا يجوز الاحتجاج بمثله، ففي إسناده عبد الله بن محمد التميمي، تالف الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال وكيع: يضع الحديث.
1720 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم» رواه الدارقطني (2) بإسناد ضعيف.
1721 - وعن مكحول عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برًا كان أو فاجرًا، والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم برًا كان أو فاجرًا، وإن عمل الكبائر» رواه أبو داود والدارقطني (3) بمعناه، وقال: مكحول لم يلق أبا هريرة، وقال في "التلخيص": هو منقطع، وذكر له طرقًا كلها ضعيفة، لا يحتج بها، وقال العقيلي والدارقطني: ليس في هذا المتن إسناد يثبت.
1722 - وأخرج البخاري (4) عن ابن عمر «أنه كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف» .
1723 - وأخرج مسلم (5) وغيره عن أبي سعيد «أنه كان يصلي خلف مروان» وأصح ما في الباب حديث مكحول عن أبي هريرة مع إرساله.
_________
(1) ابن ماجه (1/343) ، وهو عند البيهقي (3/171) ، وعند أبي يعلى (3/381) ، ومن طريق آخر.
(2) (2/87) لكن من حديث ابن عمر، و (2/88) من حديث مرثد الغنوي.
(3) أبو داود (3/18) ، الدارقطني (2/56) ، وهو عند البيهقي (3/121، 8/185) .
(4) لم نجده، وعزاه إلى البخاري ابن الملقن في "البدر المنير" (4/520) ، والحافظ في "التلخيص "
(5) سيأتي برقم (2025) .(1/556)
1724 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا على من قال: لا إله إلا الله، وخلف من قال: لا إله إلا الله» رواه الدارقطني (1) بإسناد ضعيف.
1725 - قد تقدم (2) في أبواب الأوقات حديث أبي ذرٍّ قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كيف أنت إذا كان عليك أمراء يميتون الصلاة، أو يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: صلِّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل، فإنها لك نافلة» رواه أحمد ومسلم، وثبت في ذلك عدة أحاديث.
1726 - وعن أم وَرَقَةَ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تؤم أهل دارها» رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة، وأخرجه أيضًا الدارقطني والحاكم (3) .
[3/243] باب ما جاء في إمامة الصبي
1727 - عن عمرو بن سلمة قال: «لما كان وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وبادر أبي قومه بإسلامهم، فلما قدم، قال: قد جئتكم والله من عند النبي حقًا، فقال: صلوا كذا في حين كذا، وصلوا كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنًا، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني لما كنت أتلقى الركبان، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بردة كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطوا عن است قارئكم فاشتروا
_________
(1) الدارقطني (2/56) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (12/447) .
(2) تقدم برقم (646، 1688) .
(3) أبو داود (1/161) ، ابن خزيمة (3/89) ، الدارقطني (1/403) ، الحاكم (1/320) ، وهو عند أحمد (6/405) .(1/557)
ثيابًا فقطعوا لي قميصًا فما فرحت بشيء مثل فرحي بذلك القميص» رواه البخاري ومسلم (1) ، وللنسائي (2) بنحوه: وقال فيه: «كنت أؤمهم وأنا ابن ثمان سنين، وقال: وأنا ابن سبع سنين أو ثمان سنين» ، وأحمد (3) ولم يذكر سنه، ولأحمد وأبي داود (4) : «فما شهدت مجمعًا من جَرْم إلا كنت إمامهم إلى يومي هذا» .
قوله: «جرم» بالجيم والراء: اسم قبيلة. وعمرو بن سلمة قد اختلف في صحبته، وهذه القصة كانت في زمن نزول الوحي، ولا يقع حالة التقرير لأحد من الصحابة على الخطأ، واستدل من منع من إمامة الصبي بحديث (5) : «رفع القلم عن ثلاثة» ولا حجة فيه، إذ الرفع لا يستلزم عدم الصحة.
[3/244] باب اقتداء المسافر بالمقيم والعكس
1728 - عن عمران بن حصين قال: «ما سافر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا صلى ركعتين حتى يرجع، وإنه أقام بمكة زمن الفتح ثمان عشرة ليلة يصلي بالناس ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم يقول: يا أهل مكة! قوموا فصلوا ركعتين أخرتين فإنا قوم سفر» رواه أحمد والترمذي (6) وحسنه والبيهقي، وفي إسناده علي بن زيد بن
_________
(1) البخاري (4/1564) ، وهو عند أبي داود (1/159) ، والحاكم مطولًا (3/49) ، والبيهقي (3/91) ، والطبراني في "الكبير" (7/48) ، والدارقطني (2/42) .
(2) النسائي (2/80) .
(3) أحمد (5/71) .
(4) أحمد (5/29) ، أبو داود (1/160) .
(5) تقدم برقم (544، 545) .
(6) أحمد (4/430، 431، 432) ، الترمذي (2/430) ، البيهقي (3/157) .(1/558)
جدعان وهو ضعيف، قال في "التلخيص": وإنما حسن الترمذي حديثه لشواهده. انتهى. وأخرج الحديث أبو داود (1) من هذه الطريق، ولفظه: «غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - شهدت معه الفتح فأقام بمكة ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين، ويقول: يا أهل البلد! صلوا أربعًا فإنا سفر» .
1729 - وعن ابن عباس: «أنه سئل ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد وأربعًا إذا ائتم؟ فقال: تلك السنة» أخرجه أحمد في مسنده (2) بلفظ: «إذا كنا معكم صلينا أربعًا وإذا رجعنا صلينا ركعتين، فقال: تلك سنة أبي القاسم» ولم يتكلم عليه في "التلخيص"، وقال في "خلاصة البدر": أخرجه الطبراني في "الكبير" (3) بإسناد رجاله كلهم محتج بهم في الصحيح، ومثل ذلك قال في "البدر المنير"، وقال في "التلخيص": أصله في مسلم والنسائي (4) بلفظ: «قلت لابن عباس: كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم أصلِّ مع الإمام؟ قال: ركعتين، سنة أبي القاسم» .
[3/245] باب ما جاء في إمامة المتنفل بالمفترض
1730 - عن جابر: «أن معاذًا كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة» متفق عليه (5) ، وهو طرف من حديث معاذ المتقدم،
_________
(1) أبو داود (2/9) .
(2) أحمد (1/216) .
(3) الطبراني في "الكبير" (12/125، 202، 203) .
(4) مسلم (1/479) ، النسائي (3/119) ، وهو عند أحمد (1/226، 290، 327، 369) ، وابن حبان (6/461) ، وابن خزيمة (2/73) ، والبيهقي (3/153) .
(5) تقدم برقم (1669) .(1/559)
ورواه الشافعي، والدارقطني (1) ، وزاد: «هي له تطوع ولهم مكتوبة العشاء» .
1731 - وعن معاذ بن رفاعة عن سليم رجل من بني سلمة «أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إن معاذ بن جبل يأتينا بعدما ننام ونكون في أعمالنا بالنهار فينادي بالصلاة فنخرج إليه فيطول علينا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا معاذ! لا تكن فتانًا، إما أن تصلي معي، وإما أن تخفف على قومك» ، رواه أحمد (2) بإسناد رجاله ثقات، إلا أنه منقطع لأن معاذ بن رفاعة لم يدرك من روى عنه، والزيادة التي رواها الشافعي والدارقطني في حديث جابر رواها أيضًا عبد الرزاق والطحاوي والبيهقي (3) وغيرهم، قال البيهقي: هذا حديث ثابت لا أعلم حديثًا يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طريق واحد أثبت منه، قال في "الفتح" بعد أن ذكر هذه الزيادة، وهو حديث صحيح ورجاله رجال الصحيح، قلت: ومما يُستدل به على جواز ذلك: أن الأصل الجواز.
1732 - ويؤيده حديث جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم في ذات الرقاع، بالطائفة الأولى ركعتين ثم انصرفوا، وبالطائفة الأخرى ركعتين» أخرجه البخاري ومسلم (4) ، والركعتان الآخرتان غير واجبتين على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان ذلك غير جائز لأمر غيره يصلي بالطائفة الأخرى.
_________
(1) الشافعي (1/56، 57) ، الدارقطني (1/274، 275) .
(2) أحمد (5/74) .
(3) الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/409) ، البيهقي (3/86) .
(4) سيأتي برقم (2053) .(1/560)
[3/246] باب ما جاء في القاعد لعذر يصلي خلف القائم
1733 - عن أنس قال: «صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه خلف أبي بكر قاعدًا في ثوب متوشحًا به» .
1734 - وعن عائشة قالت: «صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدًا» رواهما الترمذي (1) وصححهما.
1735 - وقد تقدم (2) في باب ما جاء في الإمام ينتقل مأمومًا عن عائشة ما يخالف هذه الرواية، وأن الإمام في تلك الصلاة كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية لأبي داود (3) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان المقدم بين يدي أبي بكر» وروى ابن خزيمة في "صحيحه" (4) عن عائشة أنها قالت: من الناس من يقول: كان أبو بكر المقدم بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم من يقول: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - المقدم، والكلام في المسألة طويل في شروح الحديث.
[3/247] باب ما جاء إذا صلى الإمام قاعدًا لعذر قعد المؤتم به
وإن كان قادرًا على القيام
1736 - عن عائشة أنها قالت: «صلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاكٍ فصلى
_________
(1) حديث أنس: أخرجه الترمذي (2/197) ، وهو عند أحمد (3/159، 216، 233، 243) ، والنسائي (2/79) وحديث عائشة: أخرجه الترمذي (2/196) ، وهو عند أحمد (6/159) ، والنسائي (2/79) ، وابن حبان (5/487) ، والبيهقي (3/82) .
(2) تقدم برقم (1675) .
(3) وعلقها البخاري (1/236) (633) .
(4) ابن خزيمة (3/54) ، وهو عند البيهقي (3/82) .(1/561)
جالسًا وصلى وراءه قوم قيامًا، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما انصرف، قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركعوا فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جلوسًا فصلوا جلوسًا» متفق عليه، وأخرجه أيضًا أبو داود وابن ماجه و"الموطأ" (1) .
1737 - وعن أنس قال: «سقط النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فرس فجُحِش شقه الأيمن، فدخلنا عليه نعوده، فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدًا، فصففنا خلفه قعودًا، فلما قضى الصلاة، قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعون» متفق عليه (2) ، ولبقية الجماعة نحوه. وفي رواية للبخاري (3) من حديثه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صُرِع عن فرس فجُحِش شقه الأيمن أو كتفه، فأتاه أصحابه يعودونه فصلى بهم جالسًا وهم قيام، فلما سلم، قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلَّى قائمًا فصلوا قيامًا، وإذا صلَّى قاعدًا فصلوا قعودًا» .
1738 - ولأحمد في مسنده (4) : حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انفكت قدمه فقعد في مشربة له درجها من جذوع، فأتاه أصحابه يعودونه فصلى بهم قاعدًا وهم قيام، فلما حضرت الصلاة الأخرى، قال
_________
(1) تقدم برقم (1273) .
(2) البخاري (1/244، 257، 277، 375) ، مسلم (1/308) ، أحمد (3/110، 162) ، أبو داود (1/164) ، النسائي (2/83، 98، 195) ، الترمذي (2/194) ، ابن ماجه (1/392) .
(3) البخاري (1/149) .
(4) أحمد (3/200) .(1/562)
لهم: ائتموا بإمامكم، فإذا صلَّى قائمًا فصلوا قيامًا، وإذا صلَّى قاعدًا فصلوا قعودًا» .
1739 - وعن جابر قال: «ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرسًا بالمدينة فصرعه على جِذْم نخلة فانفكت قدمه، فآتيناه نعوده فوجدناه ي مَشْرُبة لعائشة يسبح جالسًا، قال: فقمنا خلفه فسكت عنا، ثم أتيناه مرة أخرى نعوده فصلى المكتوبة جالسًا، فقمنا خلفه فأشار إلينا فقعدنا، فلما قضى الصلاة، قال: إذا صلَّى الإمام جالسًا فصلوا جلوسًا، وإذا صلَّى قائمًا فصلوا قيامًا، ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها» رواه أبو داود (1) ، وهو لمسلم (2) بلفظ: «اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره، قال: فالتفت إلينا فرآنا قيامًا فأشار إلينا فقعدنا فصلينا بصلاته قعودًا، فلما سلم قال: إن كدتم أنفًا تفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم؛ إن صلى قائمًا فصلوا قيامًا، وإن صلى قاعدًا فصلى قعودًا» وللنسائي نحوه.
1740 - وعن أُسَيد بن حُضَير «أنه كان يؤمهم، قال: فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوده، قال: يا رسول الله! إن إمامنا مريض؟ فقال: إذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا» رواه أبو داود (3) ، وقال: هذا الحديث ليس بمتصل.
1741 - وله شاهد عند عبد الرزاق (4) عن قيس بن فهد الأنصاري «أن أمامًا
_________
(1) أبو داود (1/164) ، وهو عند أحمد (3/300) ، وابن حبان (5/476، 478) ، وابن خزيمة (3/53) ، والبيهقي (3/79) ، وأبي يعلى (3/411) ، والدارقطني (1/422) .
(2) تقدم برقم (1274) .
(3) أبو داود (1/165) .
(4) عبد الرزاق (2/462) .(1/563)
لهم اشتكى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وكان يؤمنا جالسًا ونحن جلوس» قال العراقي: وإسناده صحيح.
قوله: «مشربة» بفتح الميم بعدها شين معجمة وراء مضمومة، وقد تفتح: وهي الغرفة. قوله: «جذم» بجيم مسكورة وذال معجمة ساكنة: أي أصل النخلة.
[3/248] باب ما جاء في ائتمام المتوضئ بالمتيمم
1742 - وعن عمرو بن العاص: «أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل، قال: احتملت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا أخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا عمرو! صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فقال: ذكرت قول الله: ((وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)) [النساء:29] ثم صليت، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئًا» أخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني، والبخاري تعليقًا، والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وقد تقدم (1) في باب التيمم.
1743 - وقد روي عن سعيد بن جبير قال: «كان ابن عباس في سفر معه ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم عمار بن ياسر، فكانوا يقدمونه لقرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلى بهم ذات يوم وضحك، وأخبرهم أنه أصاب من جارية له رومية فصلى بهم وهو جنب متيمم» رواه الأثرم (2) ، واحتج به أحمد في رواية.
_________
(1) تقدم برقم (501) .
(2) وهو عند البخاري معلقًا مختصرًا (1/130) ، ووصله البيهقي (1/218، 234) ، وابن أبي شيبة (1/93) .(1/564)
[3/249] باب من صلى خلف إمام أخطأ في صلاته
1744 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يصلون بكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم» رواه البخاري، وأحمد (1) وزاد لفظ: «ولهم» بعد قوله: «فإن أصابوا فلكم» وأخرج هذه الزيادة ابن حبان (2) من حديث أبي هريرة، وأبو داود وسيأتي (3) ، وفي رواية لأحمد (4) : «فإن صلوا الصلاة لوقتها وأتموا الركوع والسجود فهي لكم ولهم» .
1745 - وعن سهل بن سعد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الإمام ضامن، فإن أحسن له ولهم، وإن أساء فعليه يعني ولا عليهم» رواه ابن ماجه (5) بإسناد ضعيف.
1746 - وعن عقبة بن عامر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أم الناس فأصاب الوقت فله ولهم، ومن أنقص من ذلك شيئًا فعليه ولا عليهم» أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم (6) ، وفي إسناده عبد الرحمن بن حَرْمَلَةَ، ضعفه غير واحد،
_________
(1) البخاري (1/246) ، أحمد (2/355، 536) ، وهو عند البيهقي (2/396) .
(2) ابن حبان (5/607) ، وهو عند أبي يعلى (10/220) .
(3) يقصد حديث عقبة الآتي برقم (1747) .
(4) أحمد (4/146) من حديث عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنها ستكون عليكم أئمة من بعدي..... ثم ساق الحديث» .
(5) ابن ماجه (1/314) .
(6) أبو داود (1/158) ، ابن ماجه (1/314) ، الحاكم (1/328، 333) .(1/565)
وأخرج له مسلم، وذكر هذا الحديث في الجامع الصغير وعزاه إلى أحمد (1) ، ومن ذكر هنا، وزاد فيه لفظ: «وأتم الصلاة» بعد قوله: «فأصاب الوقت» .
[3/250] باب حكم الإمام إذا ذكر أنه محدث أو خرج
لحدث سبقه أو غير ذلك
1747 - عن أبي بكرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استفتح الصلاة فكبر، ثم أومأ إليهم أن مكانكم، ثم دخل ثم خرج ورأسه يقطر فصلى بهم، فلما قضى الصلاة، قال: إنما أنا بشر وإني كنت جنبًا» رواه أحمد وأبو داود (2) ، وصححه ابن حبان والبيهقي، واختلف في إرساله ووصله.
1748 - وذكر في "التلخيص" أحاديث في الباب عن أنس، رواه الدارقطني (3) باختلاف في وصله وإرساله.
1749 - وعن عليّ عند أحمد والبزار والطبراني (4) بإسناد فيه عبد الله بن لهيعة.
1750 - وأخرجه مالك (5) عن عطاء مرسلًا.
1751 - ورواه ابن ماجه (6) من حديث أبي هريرة، وفي آخره: «وإني نسيت
_________
(1) أحمد (4/145، 201) ، وهو عند ابن حبان (5/599) ، ابن خزيمة (3/7) ، والبيهقي (3/127) ، والطبراني في "الكبير" (17/329) .
(2) أحمد (5/41، 45) ، أبو داود (1/60) ، ابن حبان (6/5) ، البيهقي (2/397، 3/94) .
(3) الدارقطني (1/362) ، وهو عند البيهقي (2/399) ، والطبراني في "الأوسط" (4/192) .
(4) أحمد (1/88، 99) ، البزار (476 - كشف الأستار) ، الطبراني في "الأوسط" (6/272) .
(5) مالك (1/48) .
(6) ابن ماجه (1/385) ، وهو عند الدارقطني (1/361) ، والبيهقي (2/397، 398) ، والطبراني في "الصغير" (2/74) ، وأحمد (2/448) .(1/566)
حتى قمت في الصلاة» وفي إسناده نظر.
ثم قال وأصله في الصحيحين بعد هذا السياق، وسيأتي (1) إن شاء الله في باب هل يأخذ القوم مصافهم.
وسيأتي (2) إن شاء الله في كتاب الوصايا في قصة عمر حين طعن وهو في الصلاة فاستخلف عبد الرحمن بن عوف، وهي في البخاري.
1752 - وقد تقدم (3) في نواقض الوضوء حديث عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أصابه قيء أو رعاف أو قَلَس أو مذي فلينصرف فليتوضأ، ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم» أخرجه ابن ماجه والدارقطني، وضعفه أحمد وابن معين، والصحيح إرساله.
1753 - وروى سعيد بن منصور في "سننه" «أن عليًا رعف في الصلاة فأخذ بيد رجل فقدمه» .
* * *
_________
(1) سيأتي برقم (1792) .
(2) سيأتي برقم (4904) .
(3) تقدم برقم (349) .(1/567)
أبواب موقف الإمام والمأموم وأحكام الصفوف
[3/251] باب وقوف الواحد عن يمين الإمام والاثنان فصاعدًا خلفه
1754 - عن جابر بن عبد الله قال: «لما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي المغرب فجئت فقمت عن يساره فنهاني فجعلني عن يمينه، ثم جاء صاحب لي فصففنا خلفه، فصلى بنا في ثوب واحد مخالفًا بين طرفيه» رواه أحمد (1) ، وفي رواية: «قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي، فجئت فقمت عن يساره فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمنيه، ثم جاء جَبَّار (2) بن صَخْر فقام عن يسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بأيدينا جميعًا فدفعنا حتى أقامنا خلفه» رواه مسلم وأبو داود (3) .
1755 - وعن سَمُرة بن جُندب قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كنا ثلاثة أن يتقدم أحدنا» رواه الترمذي (4) ، وقال: غريب، قلت: وقد تكلم في إسناد هذا الحديث لأن في إسناده إسماعيل بن مسلم ضعفه الأئمة.
1756 - وعن ابن عباس قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فقمت عن يساره، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأسي من ورائي فجعلني عن يمينه» متفق عليه (5) .
_________
(1) أحمد (3/326) ، وهو عند ابن ماجه (1/312) ، وابن خزيمة (3/18) .
(2) هو الأنصاري السلمي، شهد العقبة وبدرًا وما بعدهما. اهـ "نيل الأوطار".
(3) مسلم (4/2305) ، أبو داود (1/171) .
(4) الترمذي (1/452) ، وهو عند الدارقطني (7/228) .
(5) تقدم برقم (1542) .(1/568)
وقال في "جامع الأصول": أخرجه الجماعة.
1757 - وأما حديث ابن مسعود: «أنه أقام واحدًا عن يمينه وآخر عن يساره، صفًا واحدًا، ثم قال: هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع إذا كانوا ثلاثة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي (1) فقال أبو عمر: لا يصح رفعه والصحيح وقفه، وقد أخرجه مسلم (2) موقوفًا على ابن مسعود، وذكر جماعة أن حديث ابن مسعود منسوخ.
[3/252] باب وقوف الإمام تلقاء وسط الصف
وقرب أولي الأحلام والنهى منه
1758 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وسطوا الإمام وسدوا الخلل» رواه أبو داود (3) ، وسكت عنه هو والمنذري، وفي إسناده مقال.
1759 - وعن أبي مسعود الأنصاري قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم لِيَلِيَنِّي منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه (4) .
_________
(1) أحمد (1/413، 424، 451، 455، 459) ، أبو داود (1/166) ، النسائي (2/49) ، وهو عند ابن خزيمة (3/65) ، وابن حبان (5/192، 195) ، والبيهقي (3/98) ، وأبي يعلى (9/190) .
(2) مسلم (1/378) .
(3) أبو داود (1/182) .
(4) أحمد (4/122) ، مسلم (1/323) ، النسائي (2/87، 90) ، ابن ماجه (1/312) ، وهو عند ابن حبان (5/545-546، 551) ، وابن خزيمة (3/20، 32) .(1/569)
1760 - وعن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لِيَلِيَنِّي (1) منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ثلاثًا، وإياكم وهَيْشات الأسواق» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي (2) .
1761 - وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ليأخذوا عنه» رواه أحمد وابن ماجه (3) برجال الصحيح.
قوله: «هيشات» بفتح الهاء وإسكان الياء المثناة من تحت، وبالشين المعجمة: أي اختلاطها والمنازعة والخصومة وارتفاع الأصوات وفي الباب أحاديث.
[3/253] باب موقف الصبيان والنساء
1762 - عن أبي مالك الأشعري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنه كان يسوي بين الأربع ركعات في القراءة والقيام، ويجعل الركعة الأولى هي أطولهن لكي يَثُوب الناس، ويجعل الرجال قدام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان» رواه أحمد (4) ، ورواه أبو داود (5) بلفظ: «ألا أحدثكم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أقام الصلاة فصف الرجال وصف خلفهم الغلمان، ثم صلى بهم» فذكر صلاته، وسكت
_________
(1) روي بإثبات الياء الثانية وتشديد النون، وروي بحذفها وتخفيف النون. اهـ "نيل الأوطار".
(2) أحمد (1/457) ، مسلم (1/323) ، أبو داود (1/180) ، الترمذي (1/440-441) ، وهو عند ابن حبان (5/554) ، والحاكم (2/10) .
(3) أحمد (3/100، 199، 263) ، ابن ماجه (1/313) ، وهو عند ابن حبان (16/248) ، والحاكم (1/339) ، والنسائي في "الكبرى" (5/84) ، وأبو يعلى (6/437، 455) .
(4) أحمد (5/344) .
(5) أبو داود (1/181) .(1/570)
عنه أبو داود والمنذري، وفي إسناده شَهْر بن حَوْشَب.
1763 - وعن أنس «أن جدَّته مُلَيْكَة دعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعته فأكل، ثم قال: قومي فلأصلي لكم، فقمت إلى حصير قد اسودَّ من طول ما لُبِس فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقمت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين ثم انصرف» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (1) .
1764 - وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى به وبأمه أو خالته فأقامني عن يمينه وأقام المرأة خلفنا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (2) .
1765 - وعن ابن عباس قال: «صليت إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعائشة معنا تصلي خلفنا، وأنا إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلي معه» رواه أحمد والنسائي (3) ، ورجال إسناده ثقات.
قوله: «يثوب» أي يرجع الناس إلى الصلاة ويقبلون إليها.
[3/254] باب ما جاء في فضل الصف الأول
والحث عليه وميامن الصفوف
1766 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير صفوف الرجال أولها
_________
(1) تقدم برقم (897) .
(2) أحمد (3/258) ، مسلم (1/458) ، أبو داود (1/166) ، وهو عند ابن ماجه (1/312) ، والبيهقي (3/95) .
(3) أحمد (1/302) ، النسائي (2/86، 104) ، وهو عند ابن حبان (5/581) ، وابن خزيمة (3/18) ، والبيهقي (3/107) .(1/571)
وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» رواه الجماعة إلا البخاري (1) .
1767 - وعن العِربَاض بن سارية «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي على الصف الأول ثلاثًا وعلى الثاني واحدة» أخرجه النسائي وابن ماجه، وابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم (2) وقال: صحيح على شرطهما، ولم يخرجا للعرباض، وابن حبان في "صحيحه" (3) ، وأخرجه أحمد (4) بلفظ: «كان يستغفر للصف المقدم ثلاثًا وللثاني مرة» وهو لابن ماجه والحاكم.
1768 - وعن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله، في النار» أخرجه أبو داود (5) ، وسكت عنه المنذري.
1769 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو تعلمون، أو يعلمون ما
_________
(1) مسلم (1/326) ، أبو داود (1/181) ، النسائي (2/93) ، الترمذي (1/435-436) ، ابن ماجه (1/319) ، أحمد (2/247، 336، 340، 354، 367، 485) .
(2) سقطت والحاكم من الأصل.
(3) النسائي (2/92) ، ابن حبان (5/533) ،وهو عند أحمد (4/128) ، البيهقي (3/102) ، والطبراني في "الكبير" (18/255) .
(4) أحمد (4/126، 127) ، ابن ماجه (1/318) ، الحاكم (1/334، 337) ، وهو عند البيهقي (3/102) ، والدارمي (1/324) ، والطبراني في "الكبير" (18/256) ، وابن خزيمة (3/26) .
(5) أبو داود (1/181) ، وهو عند ابن خزيمة (3/27) ، والبيهقي (3/103) .(1/572)
في الصف الأول لكانت قرعة، وفي أخرى: ما كانت إلا قرعة» أخرجه مسلم (1) .
1770 - وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف» أخرجه أبو داود وابن ماجه (2) بإسناد، ورجال إسناد إبي داود رجال الصحيح.
1771 - وعن ابن عباس: رفعه «مَنْ عَمَرَ جانب المسجد الأيسر لقلة أهله فله أجران» أخرجه الطبراني في "الكبير" (3) بإسناد فيه مدلس.
[3/255] باب ما جاء فيمن صلى وحده خلف الصف
أو ركع قبل أن يصل صف الجماعة
1772 - عن علي بن شيبان: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلي خلف الصف، فوقف حتى انصرف الرجل، فقال له: استقبل صلاتك فلا صلاة لمنفرد خلف الصف» رواه أحمد وابن ماجه (4) ، وروى الأثرم عن أحمد أنه قال: هو حديث حسن، وقال ابن سيد الناس: رواته ثقات معرفون.
1773 - ويشهد له حديث طلق عند ابن حبان (5) مرفوعًا: «لا صلاة لمنفرد خلف الصف» .
_________
(1) مسلم (1/326) ، وهو عند ابن ماجه (1/319) .
(2) أبو داود (1/181) ، ابن ماجه (1/321) ، وهو عند ابن حبان (5/533) ، والبيهقي (3/103) .
(3) الطبراني في "الكبير" (11/190) .
(4) أحمد (4/23) ، ابن ماجه (1/320) ، وهو عند ابن حبان (5/576، 579) ، وابن خزيمة (3/30) .
(5) لم يخرجه ابن حبان (5/576) إلا من حديث ابن شيبان، وتابع المؤلف في ذلك الحافظَ ابنَ
حجر في "البلوغ" و"الفتح".(1/573)
1774 - وعن وابِصَةَ بن مَعْبَد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد صلاته» رواه الخمسة إلا النسائي، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، وأخرجه الدارقطني (1) ، وفي راوية لأحمد (2) من حديثه قال: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل صلى خلف الصفوف وحده، فقال: يعيد صلاته» وأخرجه الطبراني (3) بإسناد ضعيف، وزاد: «هلا دخلت معهم أو اجتررت رجلًا» وله شواهد.
1775 - وعن أبي بكرة: «أنه انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: زادك الله حرصًا ولا تعد» رواه أحمد والبخاري والنسائي، وأبو داود (4) ، وزاد فيه (5) : «فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف» .
1776 - وعن ابن عباس قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من آخر الليل فصليت خلفه فأخذ بيدي فجرني حتى جعلني حذاءه» رواه أحمد (6) .
_________
(1) أبو داود (1/182) ، الترمذي (1/448) ، ابن ماجه (1/321) ، أحمد (4/227، 228) ، ابن حبان (5/577، 579) ، الدارقطني (1/362، 363) .
(2) أحمد (4/228) .
(3) الطبراني في "الكبير" (22/145) .
(4) أحمد (5/39، 46) ، البخاري (1/271) ، النسائي (2/118) ، وفي "الكبرى" (1/302) ، أبو داود (1/182) (683) ، وهو عند ابن حبان (5/569) ، والبيهقي (2/90)
(5) هذه الزيادة عند أبي داود (1/182) (684) ، وأحمد (5/45) ، وهي عند ابن حبان (5/568) ، والبيهقي (3/105) ، والطبراني في "الصغير" (2/203) .
(6) أحمد (1/330) .(1/574)
[3/256] باب الحث على تسوية الصفوف ورصها وسد خللها ووصلها
1777 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سووا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة» متفق عليه (1) .
1778 - وعنه قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل علينا بوجهه قبل أن يكبر، فيقول: تراصوا» متفق عليه (2) ، وفي رواية لأبي داود (3) من حديثه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام إلى الصلاة أخذ بيمينه ثم التفت، فيقول: اعتدلوا، سووا صفوفكم، ثم أخذ بيساره وقال مثله» ، وفي رواية لأبي داود والنسائي، وصححها ابن حبان (4) : «رصوا صفوفكم وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يتخللكم ويدخل من خلل الصفوف كأنها الحذف» ، ولابن خزيمة في "صحيحه" نحو رواية أبي داود.
1779 - وعن النعمان بن بشير قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسوي صفوفنا كأنما يُسَوى بها القداح حتى رآنا قد عقلنا عنه، ثم خرج يومًا فقام حتى كاد يكبر
_________
(1) البخاري (1/254) ، مسلم (1/324) ، أحمد (3/279) ، وهو عند أبي داود (1/179) ، وابن ماجه (1/317) .
(2) البخاري (1/253) ، مسلم (1/324) ، أحمد (3/103، 125، 182، 229، 263) ، وهو عند النسائي (2/105)
(3) أبو داود (1/179) ، وهي عند ابن حبان (5/542-543) ، والبيهقي (2/22) .
(4) أبو داود (1/179) ، النسائي (2/92) ، ابن حبان (5/539) ، ابن خزيمة (3/22) .(1/575)
فرأى رجلًا باديًا صدره من الصف فقال: عباد الله لتسوون صفوفكم أو ليخالفنَّ الله بين وجوهكم» رواه الجماعة إلا البخاري (1) فإن له (2) فيه: «لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم» ولأحمد وابن حبان في "صحيحه" وأبي داود (3) في رواية قال: «فرأيت الرجل يلزق كعبه بكعب صاحبه، وركبته بركبته، ومنكبه بمنكبه» .
1780 - وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سووا صفوفكم وحاذوا بين مناكبكم ولينوا في أيدي إخوانكم، وسدوا الخلل، فإن الشيطان يدخل فيما بينكم بمنزلة الحذف يعني أولاد الضأن الصغار» رواه أحمد (4) بإسناد لا بأس به.
1781 - ولأبي داود (5) من حديث ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفًا وصله الله، ومن قطعه قطعه الله» .
1782 - وعن جابر بن سمرة قال: «خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها، فقلنا يا رسول الله! كيف تصف الملائكة عند
_________
(1) مسلم (1/324) ، أبو داود (1/178) ، النسائي (2/89) ، الترمذي (1/438) ، ابن ماجه (1/318) ، أحمد (4/270، 271، 272، 276، 277) .
(2) البخاري (1/253) .
(3) أحمد (4/276) ، ابن حبان (5/549-550) ، أبو داود (1/178) ، وهي عند ابن خزيمة (1/82) ، والدارقطني (1/282) ، والبيهقي (1/76) ، وذكره البخاري تعليقًا (1/254) .
(4) أحمد (5/262) .
(5) أبو داود (1/178) ، وهو عند أحمد (2/97) ، والبيهقي (3/101)(1/576)
ربها؟ فقال: يتمون الصف الأول ويتراصون في الصف» رواه الجماعة إلا البخاري (1) .
1783 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتموا الصف الأول ثم الذي يليه، فإن كان نقصًا فليكن في الصف المؤخر» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه (2) ورجال إسناده رجال الصحيح إلا محمد بن سليمان الأنباري وهو صدوق.
1784 - وعن أبي سعيد الخدري: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى في أصحابه تأخرًا فقال لهم: تقدموا فأتموا بي وليأتكم بكم من وراءكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل» رواه مسلم والنسائي وأبو داود وابن ماجه (3) .
1785 - وعن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أن الله وملائكته يصلون على الذين يصِلُون الصفوف» رواه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهيما، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم (4) .
1786 - وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من وصل صفًا
_________
(1) مسلم (1/322) (430) ، أبو داود (1/177) (661) ، النسائي (2/92) ، ابن ماجه (1/317) (992) ، أحمد (5/101، 106) ، وهو عند ابن خزيمة (3/21) (1544) ، وابن حبان (5/527) (2154) ، وأبي عوانة (2/39) .
(2) أحمد (3/132، 215، 233) ، أبو داود (1/180) ، النسائي (2/93) ، وفي "الكبرى" (1/289) ، وهو عند ابن حبان (5/528) ، وابن خزيمة (3/22) ، والبيهقي (3/102) .
(3) مسلم (1/325) ، النسائي (2/83) ، أبو داود (1/181) ، ابن ماجه (1/313) ، وهو عند أحمد (3/19، 34، 54) ، وابن خزيمة (3/27) ، والبيهقي (3/103) .
(4) أحمد (6/67، 89، 160) ، ابن ماجه (1/318) ، ابن خزيمة (3/23) ، ابن حبان (5/536، 537) ، الحاكم (1/334) ، وهو عند البيهقي (3/101) .(1/577)
وصله الله، ومن قطع صفًا قطعه الله» رواه النسائي وابن خزيمة في "صحيحه" والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم (1) .
1787 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله وملائكته يصلون على الذين يَصِلُون الصفوف، ولا يصل عبد صفًا إلا رفعه الله بها درجة وذرت عليه الملائكة من البر» رواه الطبراني في "الأوسط" (2) ، قال المنذري: ولا بأس بإسناده.
[3/257] باب ما جاء في أخذ القوم مصافهم
قبل أن يصل الإمام مقامه
1788 - عن أبي هريرة: «أن الصلاة كانت تقام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يأخذ النبي مقامه» رواه مسلم وأبو داود (3) .
1789 - وعن أبي هريرة قال: «أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قيامًا قبل أن يخرج إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج إلينا فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب وقال لنا: مكانكم فمكثنا على هيأتنا يعني قيامًا ثم رجع فاغتسل، ثم خرج إلينا ورأسه يقطر فكبر فصلينا معه» متفق عليه (4) ، ولأحمد والنسائي (5) : «حتى إذا قام في مصلاه انتظرنا أن يكبر انصرف» وذكر نحوه.
_________
(1) النسائي (2/93) ، ابن خزيمة (3/23) ، الحاكم (1/333) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (4/123) .
(3) مسلم (1/423) ، أبو داود (1/148) .
(4) البخاري (1/106) ، مسلم (1/422) ، أحمد (2/237، 283، 518) .
(5) أحمد (2/338) ، والنسائي (2/89) ، وهي عند البخاري (1/229) ، ومسلم (1/422) بلفظ: «حتى إذا قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر فانصرف ... » .(1/578)
1790 - وعن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (1) ولم يذكر البخاري فيه «قد خرجت» .
[3/258] باب كراهية الصف بين السواري للمأموم وجوازه للإمام
1791 - عن عبد الحميد بن محمود قال: «صلينا خلف أمير من الأمراء فاضطرب الناس فصلينا بين السواري، فلما صلينا قال أنس بن مالك: كنا نتقي هذا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وحسنه الترمذي (2) .
1792 - وعن معاوية بن قُرَّة عن أبيه قال: «كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ونطرد عنها طردًا» رواه ابن ماجه (3) بإسناد ضعيف.
1793 - ويشهد له ما أخرجه الحاكم (4) وصححه من حديث أنس بلفظ: «كنا نُنْهى عن الصلاة بين السواري ونطرد عنها» .
1794 - وعن ابن عمر قال: «قلت لبلالٍ: هل صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة؟
_________
(1) البخاري (1/228، 308) ، مسلم (/422، 423) ، أبو داود (1/148) ، النسائي (2/31، 81) ، الترمذي (2/487) ، أحمد (5/296، 303، 304، 307، 308، 309، 310) .
(2) أبو داود (1/180) ، النسائي (2/94) ، الترمذي (1/443) ، أحمد (3/131) ، وهو عند ابن حبان (5/596) ، وابن خزيمة (3/30) ، والحاكم (1/329، 339) .
(3) ابن ماجه (1/320) ، وهو عند ابن حبان (5/597) ، وابن خزيمة (3/29) ، والحاكم (1/339) ، والبيهقي (3/104) .
(4) بهذا اللفظ ليس في الحاكم من حديث أنس، بل من حديث قرة، وهو من حديث أنس عند ابن أبي شيبة (2/146) .(1/579)
قال: نعم ركعتين بين الساريتين عن يسارك إذا دخلت ثم خرج فصلى في وجه الكعبة» رواه البخاري وأحمد وقد تقدم (1) هذا الحديث في باب ما جاء في الصلاة في الكعبة.
[3/259] باب ما جاء في وقوف الإمام أعلى من المؤتم وبالعكس
1795 - عن هَمَّام بن الحارث: «أن حذيفة أمَّ الناس على دكان، فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى، قد ذكرت ذلك حين مددتني» رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم (2) وصرح في رواية له برفعه.
1796 - وعن أبي مسعود قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه، يعني أسفل منه» رواه الدارقطني (3) وسكت عنه الحافظ في "التلخيص".
1797 - وعن سهل بن سعد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس على المنبر في أول يوم وضع وكبر وهو عليه ثم ركع ثم نزل القهقرى فسجد وسجد الناس معه، ثم عاد حتى فرغ فلما انصرف قال: يا أيها الناس إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتَعَلَّموا صلاتي» متفق عليه (4) ، وفي رواية لمسلم وأبي داود والنسائي (5) : «لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام عليه فكبر وكبر الناس وراءه وهو على المنبر، ثم رفع ونزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولِتَعَلَّموا صلاتي» ،
_________
(1) تقدم برقم (914) .
(2) أبو داود (1/163) ، ابن خزيمة (3/13) ، ابن حبان (5/514-515) ، الحاكم (1/329) ، وهو عند البيهقي (3/108) ، والطبراني في "الكبير" (17/252) .
(3) الدارقطني (2/88) .
(4) البخاري (1/310) ، مسلم (1/386) ، أحمد (5/339) .
(5) مسلم (1/386) ، أبو داود (1/283) ، النسائي (2/57-79) .(1/580)
وفي البخاري (1) : «قام عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين عمل ووضع، فاستقبل القبلة وكبر وقام الناس خلفه فقرأ وركع، وركع الناس خلفه ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى فسجد على الأرض، ثم عاد إلى المنبر ففعل مثل ذلك» .
قوله: «حين مددتني» بدالين مهملتين أي مددت قميصي وجبذته إليك.
[3/260] باب في الحائل بين الإمام والمأموم
1798 - عن عائشة قالت: «كان لنا حصير نبسطها بالنهار ونحتجرها بالليل، فصلى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة، فسمع المسلمون قراءته فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الثانية كثروا فاطلع عليهم فقال: أُكْلُفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا» رواه أحمد (2) .
1799 - وعن عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي من الليل في حجرته
_________
(1) البخاري (1/148) ، وهو عند ابن ماجه (1/455) ، والبيهقي (3/108) ، والطبراني في "الكبير" (6/175) .
(2) أحمد (6/241) .(1/581)
وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام ناس يصلون بصلاته، فصنعوا ذلك ليلتين أو ثلاثًا» الحديث رواه البخاري وقد تقدم (1) في باب ما جاء في انتقال المفرد إمامًا، وأخرجه أبو داود (2) مختصرًا قال: «قلت صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجرته والناس يأتمون به من وراء الحجرة» .
[3/261] باب ما جاء فيمن يلازم بقعة بعينها في المسجد
1800 - عن عبد الرحمن بن شِبْل: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى في الصلاة عن ثلاث: عن نَقْرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المقام الواحد كإيطان البعير» رواه الخمسة إلا الترمذي، وسكت عنه أبو داود والمنذري، وفي إسناده تميم بن محمود، قال البخاري: في حديثه نظر، وأخرج الحديث ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" (3) .
1801 - وعن سلمة بن الأكوع: «أنه كان يتحرى الصلاة عند الاسطوانة التي عند المصحف وقال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرى الصلاة عندها» متفق عليه (4) ، ولمسلم (5) : «أنه كان يتحرى موضع المصحف يسبح فيه، وذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان
_________
(1) تقدم برقم (1468) .
(2) أبو داود (1/293) ، وهو عند أحمد (6/30) .
(3) أبو داود (1/228) ، النسائي (2/214) ، وفي "الكبرى" (1/233) ، ابن ماجه (1/459) ، أحمد (3/428، 444) ، ابن خزيمة (1/331، 2/280) ، ابن حبان (6/53) ، وهو عند الحاكم (1/352) ، والبيهقي (2/118، 3/238، 239) .
(4) البخاري (1/189) ، مسلم (1/364) ، أحمد (4/48) .
(5) مسلم (1/364) .(1/582)
يتحرى ذلك المكان» .
1802 - وقد تقدم (1) في أبواب التطوع حديث المغيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصل الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه» رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف.
1803 - وحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (2) وإسناده ضعيف.
[3/262] باب ما جاء في الفتح على الإمام في القراءة والتسبيح للرجال والتصفيق للنساء إذا نابهم شيء في الصلاة
1804 - عن مِسْوَر بن يزيد المالكي قال: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فترك آية فقال له رجل يا رسول الله آية كذا وكذا، قال: فهلّا ذكرتنيها» رواه أبو داود وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه وأخرجه ابن حبان والأثرم (3) وفي إسناده يحي بن كثير الكاملي قال أبو حاتم: شيخ.
1805 - وعن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى صلًاة يقرأ فيها، فلبس عليه،
_________
(1) تقدم برقم (1560) .
(2) تقدم برقم (1561) .
(3) أبو داود (1/238) ، عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (4/74) ، ابن حبان (6/12، 13) ، وهو عند ابن خزيمة (3/73) ، والبيهقي (3/211) ، والطبراني في "الكبير" (20/27) ، وفي "الآحاد والمثاني" (2/151، 297) .(1/583)
فلما انصرف، قال لأبي: أصليت معنا؟ قال: نعم، قال: فما منعك أن تفتحها علي؟» رواه أبو داود والحاكم وابن حبان (1) ورجال إسناده ثقات.
1806 - وقد تقدم (2) في باب ما جاء في الإمام ينتقل مأمومًا حديث سهل بن سعد: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى بني عمرو بن عوف يصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ قال: نعم. قال: فصلى أبو بكر فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف وصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق، التفت فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امكث مكانك» إلى تمام الحديث، وفيه: «من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء» متفق عليه، وتقدم أيضًا في أبواب ما يبطل الصلاة أحاديث في التسبيح والتصفيق في باب من نابه شيء في صلاته.
[3/263] باب ما جاء في انحراف الإمام بعد التسليم ومقدار اللبث بعده
1807 - عن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام» رواه أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه (3) .
_________
(1) أبو داود (1/238) ، ابن حبان (6/13-14) ، وهو عند البيهقي (3/212) ، والطبراني في "الكبير" (12/313) .
(2) تقدم برقم (1674) .
(3) أحمد (6/235) ، مسلم (1/414) ، الترمذي (2/95، 96) ، ابن ماجه (1/298) ، وهو عند ابن حبان (5/340) .(1/584)
1808 - وعن سمرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى أقبل علينا بوجهه» رواه البخاري (1) .
1809 - وعن البراء بن عازب قال: «كنا إذا صلينا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - أحببنا أن نكون عن يمينه فيقبل علينا بوجهه» رواه مسلم وأبو داود (2) .
1810 - وعن يزيد بن الأسود قال: «حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع، قال فصلى بنا صلاة الصبح ثم انحرف جالسًا فاستقبل الناس بوجهه، وذكر قصة الرجلين اللذين لم يصليا» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي (3) وقال: حسن صحيح.
1811 - وعن أنس قال: «أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاةً ذات ليلة إلى شطر الليل ثم خرج علينا، فلما صلى أقبل علينا بوجهه» أخرجه البخاري (4) وفي الباب أحاديث.
[3/264] باب ما جاء في انصراف الإمام من الصلاة يمينًا أو شمالًا
1812 - عن ابن مسعود قال: «لا يجعلن أحدكم للشيطان شيئًا من صلاته يرى أن حقًا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه، لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرف
_________
(1) البخاري (1/290، 465) ، وهو عند مسلم (4/1781) ، والترمذي (4/543) ، وعند أحمد مطولًا (5/14) .
(2) مسلم (1/492) ، أبو داود (1/167) .
(3) تقدم برقم (1687) .
(4) بهذا اللفظ عند البخاري (1/235، 290، 5/2203) ، وهو عند مسلم (1/443) ، وابن ماجه (1/226) ، وأحمد (3/189) .(1/585)
عن يساره» رواه الجماعة إلا الترمذي (1) .
1813 - وعن أنس قال: «أكثر ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن يمينه» رواه مسلم والنسائي (2) .
1814 - وعن قَبْيَصة بن هُلْب قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤمنا فينصرف عن جانبيه جميعًا على يمينه وشماله» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي (3) وحسنه، وقال: صح الأمران عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصححه ابن عبد البر في الاستيعاب.
[3/265] باب لبث الإمام بالرجال قليلًا ليخرج من صلى معه من النساء
1815 - عن أم سلمة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه، وهو يمكث في مكانه يسيرًا قبل أن يقوم، قالت: نرى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال» رواه أحمد والبخاري (4) ، وفي رواية للنسائي (5) : «أن النساء كن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلمن من المكتوبة قمن
_________
(1) البخاري (1/291) (814) ، مسلم (1/492) (707) ، أبو داود (1/273) (1042) ، النسائي (3/81) ، ابن ماجه (1/300) (930) ، أحمد (1/383، 429، 464) .
(2) مسلم (1/492) ، النسائي (3/81) ، وهو عند أحمد (3/133، 217) ، وابن حبان (5/338) .
(3) أبو داود (1/273) ، ابن ماجه (1/300) ، الترمذي (2/98-99) ، وهو عند أحمد (5/226، 227) ، وابن حبان (5/339) ، والطبراني في "الكبير" (22/164) .
(4) أحمد (6/296) ، البخاري (1/287، 290، 296) ، وهو عند ابن ماجه (1/301) ، وابن خزيمة (3/108) ، والبيهقي (2/182) .
(5) النسائي (3/67) ، وفي "الكبرى" (1/396) ، وهي عند البخاري (1/295) ، وأحمد (6/316) ، وابن حبان (5/612، 613) ، وابن خزيمة (3/108) ، والبيهقي (2/192) ، وأبو يعلى (12/416) .(1/586)
وثبت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام الرجال» ولأبي داود (1) : «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمكث قليلًا، وكانوا يرون أن ذلك كي ما تنفذ النساء قبل الرجال» .
[3/266] باب صلاة المريض
1816 - عن عمران بن حصين قال: «كان بي بواسير، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة فقال: صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبك» رواه الجماعة إلا مسلمًا (2) وزاد النسائي (*) : «فإن لم تستطع فمستلقيًا ((لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)) [البقرة:286] » .
1817 - وعن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يصلي المريض قائمًا إن استطاع، فإن لم يستطع صلى قاعدًا، فإن لم يستطع أن يسجد أومأ برأسه، وجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن لم يستطع أن يصلي قاعدًا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه الأيمن صلى مستلقيًا» رواه الدارقطني (3) بإسناد ضعيف.
1818 - وعن جابر قال: «عاد النبي - صلى الله عليه وسلم - مريضًا فرآه يصلي على وسادة فرمى بها وقال: صلِّ على الأرض إن استطعت وإلا فأومئ إيماء، واجعل سجودك
_________
(1) أبو داود (1/273) (1040) ، وهي عند أحمد (6/310) ، والبيهقي (2/183) .
(2) البخاري (1/376) ، أبو داود (1/250) ، الترمذي (2/208) ، ابن ماجه (1/386) ، أحمد (4/426) .
(3) الدارقطني (2/42) ، وهو عند البيهقي (2/307) .
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: جاء في مقدمة التحقيق هذا الاستدراك:
قول المصنف: "وزاد النسائي: فإن لم تستطع فمستلقيًا "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها" كذا عزاه الحافظ في "التلخيص" (1/407) ، لم نجده في "السنن الكبرى" ولا في "المجتبى" للنسائي، ولم يعز المزي الحديث بهذا اللفظ للنسائي، ينظر "تحفة الأشراف" (8/185) .(1/587)
أخفض من ركوعك» رواه البيهقي (1) وقال في "بلوغ المرام" وصحح أبو حاتم وقفه، ونقل في "التلخيص" عن أبي حاتم لما سئل عن هذا الحديث مرفوعًا، فقال: ليس بشيء.
1819 - وذكر حديثًا عن ابن عباس مرفوعًا: «يصلي المريض قائمًا، فإن نالته مشقة صلى قاعدًا فإن نالته مشقة صلى نائمًا يومئ برأسه إيماء، فإن نالته مشقة سبح» (2) وإسناده ضعيف.
1820 - وعن عائشة قالت: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي متربعًا» رواه النسائي وصححه الحاكم، وهو للنسائي والدارقطني وابن حبان والحاكم من حديثها بلفظ: «لما صلى جالسًا تربع» ورواه ابن خزيمة والبهيقي (3) .
1821 - وقد تقدم (4) حديث: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا به ما استطعتم» متفق عليه والمراد بالنائم المضطجع.
* * *
_________
(1) البيهقي (2/306) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (4/210) .
(3) تقدم برقم (1549) .
(4) تقدم برقم (507) .(1/588)
أبواب صلاة المسافر
[3/267] باب ما جاء في وجوب القصر
1822 - عن عائشة قالت: «أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر» أخرجاه (1) ، وفي رواية لهما (2) قالت: «فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر وزيدت في صلاة الحضر» وفي رواية (3) : «فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين، ثم أتمها في الحضر وأقرت في السفر على الفريضة الأولى» وفي رواية للبخاري (4) : «ثم هاجر ففرضت أربعًا وأقرت صلاة السفر على الأول» زاد أحمد (5) : «إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة» .
1823 - وقد تقدم (6) استثناء المغرب في حديث عمران بن حصين في باب اقتداء المقيم بالمسافر من أبواب الجماعة. أخرجه الترمذي وحسنه.
1824 - وعن عمر قال: «صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان،
_________
(1) البخاري (1/369) ، مسلم (1/478) ، وهو عند النسائي (1/225) .
(2) البخاري (1/137) ، مسلم (1/478) وهي عند أبي داود (2/3) ، والنسائي (1/225) .
(3) مسلم (1/478) ، وهي عند أحمد (6/234) .
(4) البخاري (3/1431) .
(5) أحمد (6/365) .
(6) تقدم برقم (1729) .(1/589)
وصلاة الجمعة ركعتان، وصلاة المسافر ركعتان، تمام غير قصر على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -» أخرجه أحمد والنسائي (1) ، ورجال إسناده رجال الصحيح، وصححه ابن السكن.
1825 - وعن ابن عمر قال: «صحبت النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك» متفق عليه (2) .
1826 - وعن يعلى بن أميَّة قال: «قلت لعمر بن الخطاب: ((فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)) [النساء:101] فقد أمن الناس فقال: عجبت ما عجبت منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» رواه الجماعة إلا البخاري (3) .
1827 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب أن تؤتى رُخَصُه، كما يكره أن تؤتى معصيته» رواه أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان (4) ، وفي رواية (5) : «كما يحب أن تؤتى عزائمه» .
_________
(1) أحمد (1/37) ، النسائي (3/111، 118، 183) ، وهو عند ابن ماجه (1/338) ، وابن خزيمة (2/340) ، والبيهقي (3/199، 200، 304) ، وأبو يعلى (1/207) .
(2) البخاري (1/372) ، مسلم (1/479) ، أحمد (2/24، 56) ، وهو عند النسائي (3/123) ، وابن ماجه (1/340) ، والترمذي (2/428) .
(3) مسلم (1/478) (686) ، أبو داود (2/3) ، النسائي (3/116) ، الترمذي (5/242) ، ابن ماجه (1/339) ، أحمد (1/25، 36) .
(4) أحمد (2/108) ، ابن خزيمة (2/73) ، ابن حبان (6/451) ، وهو عند البيهقي (3/140) .
(5) ابن حبان (8/333) ، وهي عند البيهقي (3/140) .(1/590)
1828 - وعنه: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن الله عز وجل أمرنا أن نصلي ركعتين في السفر» رواه النسائي (1) .
1829 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير أمتي الذين إذا أساءوا استغفروا، وإذا سافروا قصروا وأفطروا» أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2) بإسناد ضعيف، وحسنه أبو حاتم، وذكر له متابعًا وشواهد يتقوَّى الحديث بمجموعها.
1830 - وعن ابن عباس قال: «فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة» أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي (3) .
1831 - وأما الحديث المروي عن عائشة: «خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمرة في رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت، فقلت: بأبي وأمي أفطرتَ وصمتُ وقصرت وأتممتُ؟ فقال: أحسنت يا عائشة» أخرجه الدارقطني (4) ، وحسن إسناده.
1832 - وحديثها الآخر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم» أخرجه الدارقطني (5) وصحح إسناده، فقد تكلم فيهما، وقال في "بلوغ المرام": رواته ثقات، إلا إنه معلول، والمحفوظ عن عائشة من فعلها: قالت: «إنه
_________
(1) النسائي (1/226) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (6/334) .
(3) مسلم (1/479) ، أبو داود (2/17) ، النسائي (1/226، 3/119، 168) ، وهو عند أحمد (1/243، 254) ، وابن حبان (7/119) ، وابن خزيمة (1/156، 2/70، 294) .
(4) الدارقطني (2/188) ، وهو عند النسائي (3/122) ، والبيهقي (3/142) .
(5) الدارقطني (2/189) .(1/591)
لا يشق عليَّ» أخرجه البيهقي (1) ، وقال ابن حزم: هذا حديث لا خير فيه، ونقل في "الهدي" عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال: هذا حديث كذب، ولم تكن عائشة لتصلي بخلاف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت: وعلى فرض صحته فلا يقوى لمعارضة الأحاديث المتقدمة، مع أن حديث: «فرضت الصلاة ركعتين وأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر» ، مروي عن عائشة.
[3/268] باب ما جاء في قدر المسافة التي يشرع القصر لأجلها
1833 - عن أنس قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعًا، وصليت معه العصر بذي الحُلَيْفَة ركعتين» متفق عليه (2) ، وفي رواية لهما (3) : «صليت الظهر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعًا، وخرج يريد مكة فصلى بذي الحليفة العصر ركعتين» وللبخاري (4) قال: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعًا وبذي الحليفة ركعتين، ثم بات حتى أصبح بذي الحليفة، فلما ركب راحلته واستوت به أهلَّ» .
1834 - وعنه قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين» أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود (5) والشك من شعبة.
1835 - وأما حديث ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا أهل مكة! لا تقصروا في
_________
(1) البيهقي (3/143) .
(2) البخاري (1/369، 3/1078) ، مسلم (1/480) ، أحمد (3/110، 111، 177، 186) ، وهو عند أبي داود (2/4) ، والترمذي (2/431) ، والنسائي (1/235، 237) .
(3) البخاري (2/612) .
(4) البخاري (2/561) ، وهي عند أبي داود (2/151) .
(5) أحمد (3/129) ، مسلم (1/481) ، أبو داود (2/3) .(1/592)
أقل من أربعة برد من مكة إلى عُسْفان» أخرجه الدارقطني والبيهقي والطبراني (1) فضعيف جدًا، قال في "التلخيص": والصحيح عن ابن عباس من قوله (2) .
1836 - وحديث أبي سعيد قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر فرسخًا يقصر الصلاة» رواه سعيد بن منصور (3) لم أجد كلامًا عليه ولا أدري ما حاله، وقد اختار جماعة من الأئمة أن الاعتبار بوجود مطلق السفر ومتى وجد وجب القصر من غير تحديد بمسافة معينة. قوله: «بذي الحليفة» هي موضع قريب من المدينة بينهما ستة أميال.
[3/269] باب في المدة التي يقصر المقيم فيها
1837 - عن أنس قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين، حتى رجعنا إلى المدينة قيل له: أقمتم بمكة شيئًا؟ قال: أقمنا بها عشرًا» أخرجه الجماعة إلا "الموطأ" وابن ماجه (4) ، وفي رواية للبخاري ومسلم (5) مختصرًا قال: «أقمنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرة نقصر الصلاة» ولمسلم (6) : «خرجنا من المدينة إلى الحج» وذكر مثل الرواية الأولى، قال أحمد: إنما وجه حديث
_________
(1) الدارقطني (1/387) ، البيهقي (3/137) ، الطبراني في "الكبير" (11/96) .
(2) الشافعي (1/25، 48) ، البيهقي (3/137، 155) ، ابن أبي شيبة (2/202) .
(3) وابن أبي شيبة (2/200) (8113) ، وعبد الرزاق (2/529) ، وابن عدي في "الكامل" (5/79) .
(4) البخاري (1/367) ، مسلم (1/481) ، أبو داود (2/10) ، النسائي (3/118، 121) ، الترمذي (2/431) ، أحمد (3/187، 190، 282) ، وهو عند ابن ماجه (1/342) .
(5) البخاري (4/1564) .
(6) مسلم (1/481) .(1/593)
أنس أنه حسب مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة ومنى وإلا فلا وجه له غير هذا.
1838 - واحتج بحديث جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم صبيحة رابعة من ذي الحجة فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح في الثامن، ثم خرج إلى منى وخرج من مكة متوجهًا إلى المدينة بعد أيام التشريق» ومعنى ذلك كله في الصحيحين وغيرهما (1) .
1839 - وعن جابر قال: «أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة» رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والبيهقي (2) وصححه ابن حزم، قال في "بلوغ المرام": ورواته ثقات إلا انه اختلف في وصله، وقال في "الخلاصة": صححه ابن حبان ولا يضر تفرد مَعْمَر بن راشد به لأنه إمام مجمع على جلالته.
1840 - وعن عمران بن حصين قال: «غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهدت معه الفتح فأقام بمكة ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين، يقول: يا أهل البلد! صلوا أربعًا فإنا سفر» أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه لشواهده، وقد تقدم (3) الكلام عليه.
1841 - وعن ابن عباس قال: «لما فتح النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة أقام فيها تسعة عشرة يصلي ركعتين قال: فنحن إذا سافرنا فأقمنا تسع عشرة قصرنا وإن زدنا أتممنا» رواه
_________
(1) سيأتي في كتاب الحج.
(2) أحمد (3/295) ، أبو داود (2/11) ، ابن حبان (6/456، 459) ، البيهقي (3/152) .
(3) تقدم برقم (1729) .(1/594)
أحمد والبخاري وابن ماجه (1) ، وفي رواية لأبي داود (2) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام سبع عشرة بمكة يقصر الصلاة» وله في أخرى (3) : «تسع عشرة» ، وله في أخرى (4) : «أقام بمكة عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة» .
قلت: وقد اختلفت الروايات في مدة إقامته - صلى الله عليه وسلم - بمكة عام الفتح فقيل ما ذكر وقيل غير ذلك، قال البيهقي (5) : أصح الروايات رواية البخاري وهي: «تسعة عشرة» بتقديم التاء، وجمع بين الروايات باحتمال أن يكون في بعضها لم يعد يومي الدخول والخروج، وهي رواية «سبع عشرة» ، وعدها بعضها وهي رواية «تسعة عشرة» ، وعد يوم الدخول ولم يعد يوم الخروج، وفي رواية «ثمان عشرة» . قال الحافظ: وهو جمع متين، ورواية «خمس عشرة» شاذة لمخالفتها، وكذا رواية «عشرين» مع أنهما صحيحا الإسناد، وقد ورد عن كثير من الصحابة آثار صحيحة أنهم أقاموا بأذربيجان أشهرًا يصلون ركعتين، وصح أن ابن عمر أقام بها ستة أشهر يقصر الصلاة (6) ، واختار هذا صاحب "الهدى النبوي" وقال: هذا هدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.
_________
(1) أحمد (1/223) ، البخاري (1/367، 4/1564) ، ابن ماجه (1/341) ، وهو عند ابن خزيمة (2/74) ، والبيهقي (3/149، 150) ، وأبي يعلى (4/254) .
(2) أبو داود (2/10) ، وهي عند البيهقي (3/149، 150) ، والطبراني في "الكبير" (11/326) ، والدارقطني (1/387، 388) ، وابن حبان (6/457) .
(3) أبو داود (2/10)
(4) أبو داود (2/10) ، وهي عند النسائي في "الكبرى" (1/187) ، والبيهقي (3/151) ، وابن ماجه (1/342) .
(5) البيهقي (1/151) .
(6) البيهقي (3/152) ، عبد الرزاق (2/533) .(1/595)
[3/270] باب ما جاء فيمن أقام ببلد وتزوج فيه
1842 - عن عثمان بن عفان: «أنه صلى بمنى أربع ركعات، فأنكر الناس عليه فقال: أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من تأهل في بلد فليصل صلاة المقيم» رواه أحمد والبيهقي (1) وأعله بالانقطاع، وقال في "الفتح": هذا حديث لا يصح لأنه منقطع، وفي رواته من لا يحتج به، قلت: أما إتمام عثمان فقد رواه ابن عمر قال: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى ركعتين، وأبو بكر بعده وعمر بعد أبي بكر وعثمان صدرًا من خلافته، ثم إن عثمان صلى بعد أربعًا» أخرجه البخاري ومسلم (2) ، وفي رواية لأبي داود (3) : «لما اتخذ عثمان الأموال بالطائف وأراد أن يقيم بها صلى أربعًا ثم أخذ به الأئمة بعد» ، وفي رواية (4) : «إنما صلى بمنى أربعًا لأنه أجمع على الإقامة بعد الحج» ، وفي أخرى (5) : «أنه أتم الصلاة بمنى من أجل الأعراب لأنهم كثروا عام إذ صلى بالناس أربعًا ليعلمهم أن الصلاة أربع» ، وفي رواية له (6) : «أن عثمان صلى أربعًا لأنه اتخذها وطنًا» .
_________
(1) أحمد (1/62) ، وهو في مسند الحميدي (1/21) .
(2) البخاري (1/367، 2/596) ، مسلم (1/482) ، وهو عند أحمد (2/16، 44، 55، 140، 148) ، والنسائي (3/121) .
(3) أبو داود (2/199) (1963) عن يونس عن الزهري به.
(4) أبو داود (2/199) (1961) عن معمر عن الزهري به.
(5) أبو داود (2/199) (1964) عن أيوب عن الزهري به.
(6) أبو داود (2/199) (1962) عن المغيرة عن إبراهيم به.(1/596)
[3/271] باب في الجمع بين الصلاتين للسفر
والمطر وغيرهما من الأعذار
1843 - عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم لم يزل يجمع بينهما، فإذا زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب» متفق عليه (1) ، وفي رواية لمسلم (2) : «كان إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر يؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر ثم يجمع بينهما» قال في "بلوغ المرام": وفي رواية للحاكم في "الأربعين" بإسناد الصحيح: «صلى الظهر والعصر ثم يركب» ولأبي نعيم في "مستخرج مسلم" (3) : «كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعًا ثم ارتحل» .
1844 - وعن معاذ قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعًا والمغرب والعشاء جميعًا» رواه مسلم (4) ولأحمد وأبي داود والترمذي (5) وقال: حسن غريب، «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل
_________
(1) البخاري (1/374) ، مسلم (1/489) ، أحمد (3/265) ، وهو عند أبي داود (2/7) ، والنسائي (1/284)
(2) مسلم (1/489) ، وهي عند ابن حبان (4/309) .
(3) مستخرج أبي نعيم (2/294) (1582) ، وهو عند البيهقي (3/162) .
(4) مسلم (1/490) .
(5) أحمد (5/241) ، أبو داود (2/5، 7) ، الترمذي (2/438) ، ابن حبان (4/313-314، 465) ، الدارقطني (1/392) ، البيهقي (3/162) .(1/597)
أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليهما جميعًا، وإذا ارتحل بعد أن تزيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعًا ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب» وأخرجه أيضًا ابن حبان والدارقطني والبيهقي، وقد اختلف الحفاظ في هذا الحديث فمنهم من حسنه ومنهم من ضعفه، قال في "الخلاصة" في حديث معاذ: سنده على شرط البخاري ومسلم. رواه أبو داود وقال: منكر، والترمذي وقال: حسن غريب، والبيهقي وقال: صحيح، وابن حبان وقال: صحيح، والحاكم وقال: موضوع، وابن حزم وقال: منقطع.
1845 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان في السفر إذا زاغت الشمس في منزله جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب، وإذا لم تزغ في منزله سار حتى إذا حانت العصر فجمع بين الظهر والعصر، وإذا حانت له المغرب في منزله جمع بينهما وبين العشاء، وإذا لم تحن في منزله ركب حتى إذا كانت العشاء نزل فجمع بينهما» رواه أحمد (1) بإسناد ضعيف، وللشافعي (2) في مسنده نحوه، وقال فيه: «وإذا سار قبل أن تزول الشمس أخر الظهر حتى يجمع بينهما وبين العصر في وقت العصر» .
1846 - وعن ابن عمر: «أنَّه استغيث على بعض أهله، فجدَّ به السير، فأخر
_________
(1) أحمد (1/367) ، وهو عند البيهقي (1/163) ، والدارقطني (1/388) ، وعبد الرزاق (2/548) ، والطبراني في "الكبير" (11/210) .
(2) الشافعي (1/48) .(1/598)
المغرب حتى غاب الشفق ثم نزل فجمع بينهما، ثم أخبرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك، إذا جدَّ به السير» رواه الترمذي (1) بهذا اللفظ، وصححه البخاري (2) بلفظ: «كنت مع عبد الله بن عمر بطريق مكة، فأسرع السير حتى كان بعد غروب الشفق، ثم نزل فصلى المغرب والعتمة وجمع بينهما» ولمسلم (3) : «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق» ولأبي داود والترمذي (4) معناه.
1847 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين صلاتي الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء» أخرجه البخاري (5) وفي رواية لمسلم (6) : «جمع بين الصلاتين في سفرة سافرها في غزوة تبوك، فجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء» .
1848 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالمدينة سبعًا وثمانيًا الظهر والعصر والمغرب والعشاء» متفق عليه (7) ، وفي لفظ للجماعة إلا البخاري وابن
_________
(1) الترمذي (2/441) .
(2) البخاري (2/639، 3/1093) ، وهو عند النسائي (1/287) ، والبيهقي (3/160) .
(3) مسلم (1/488) ، وهو عند أحمد (2/54) .
(4) أبو داود (2/5) ، الترمذي (2/441) ، وعند أحمد (2/4، 51) ، والنسائي (1/289) .
(5) البخاري (1/373) .
(6) مسلم (1/490) ، وهي عند البيهقي (3/167) ، والطبراني في "الكبير" (12/75) .
(7) البخاري (1/201، 206، 394) ، مسلم (1/491) ، أحمد (1/221) ، وهو عند أبي داود (2/6) (1214) ، والنسائي (1/286، 290) ، و"الكبرى" (1/157) .(1/599)
ماجه (1) : «جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر قيل لابن عباس ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته» وفي رواية لمسلم (2) : «من غير خوف ولا سفر» وله في رواية (3) : «خطبنا ابن عباس يومًا بعد العصر حتى غربت الشمس، وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة، قال: فجاء رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاة الصلاة، قال ابن عباس: أتعلمني بالسنة لا أبا لك ثم قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بن الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال عبد الله بن شَقِيْق: فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته» .
1849 - وعن ابن مسعود قال: «جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فقيل له في ذلك، فقال: صنعت ذلك لئلا تحرج أمتي» أخرجه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" (4) بإسناد لا بأس به.
[3/272] باب ما جاء في الجمع في مزدلفة بأذان وإقامتين
من غير تطوع بينهما
1850 - عن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعًا، كل واحدة منهما بإقامة ولم يسبح بينهما، ولا على أثر واحد منهما» رواه البخاري
_________
(1) مسلم (1/490) ، أبو داود (2/6) (1211) ، النسائي (1/290) ، الترمذي (1/354-355) ، أحمد (1/223، 354) .
(2) مسلم (1/489، 490) ، وهي عند أبي داود (2/6) (1210) ، والنسائي (1/290) .
(3) مسلم (1/491) ، وهي عند أحمد (1/251) ، والبيهقي (3/168) ، والطبراني في "الكبير" (12/209) .
(4) الطبراني في "الكبير" (10/218) ، و"الأوسط" (4/252) .(1/600)
والنسائي (1) ، وفي رواية لمسلم (2) : «جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المغرب والعشاء بجَمْع ليس بينهما سجدة، وصلى المغرب ثلاث ركعات والعشاء ركعتين» ، وفي رواية (3) : «ثلاثًا بإقامة واحدة» ، وفي رواية للبخاري (4) : «كان يجمع بين المغرب والعشاء بجمع» .
1851 - وعن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الصلاتين بعرفة بأذان واحد وإقامتين، وأتى المزدلفة فصلَّى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما، ثم اضطجع حتى طلع الفجر» مختصر لأحمد ومسلم والنسائي (5) .
1852 - وعن أسامة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة فصلَّى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيرًا في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلَّاها ولم يصلِّ بينهما شيئًا» متفق عليه (6) . وفي لفظ: «ركب حتى جئنا المزدلفة فأقام المغرب، ثم أناخ الناس في منازلهم ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة فصلَّى ثم حلوا» رواه أحمد ومسلم (7) . وفي لفظ: «أتى المزدلفة فصلى المغرب
_________
(1) البخاري (2/602) ، النسائي (5/260) ، وفي "الكبرى" (2/428) ، وهو عند أحمد (2/56) .
(2) مسلم (2/937) .
(3) مسلم (2/937، 938) .
(4) البخاري (2/602) .
(5) سيأتي برقم (3211) .
(6) البخاري (1/65، 2/601) ، مسلم (2/934) ، أحمد (5/208) ، وهو عند أبي داود (2/191) ، والنسائي في "الكبرى" (2/427) .
(7) أحمد (5/199) ، مسلم (2/935) ، وهي عند أبي داود (2/190) .(1/601)
ثم حلوا رحالهم ثم صلى العشاء» رواه أحمد (1) وهو حجة في جواز التفريق بين المجموعتين في وقت الثانية.
1853 - وعن ابن عمر قال: «صحبت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم أره يسبح في السفر» أخرجاه وقد تقدم (2) في باب تطوع المسافر على مركوبه من أبواب استقبال القبلة.
1854 - عن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسبح على راحلته قِبَل أي جهة توجه، ويوتر عليها غير أنه لا يصلِّي عليها المكتوبة» متفق عليه (3) ، وفي رواية: «كان يصلي على راحلته وهو مقبل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به» رواه أحمد ومسلم (4) وتقدمت بقية الأحاديث هناك.
1855 - وعن البراء قال: «صحبت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمانية عشر سفرًا، فما رأيته يركع ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر» أخرجه أبو داود والترمذي (5) وقال: حديث حسن غريب.
* * *
_________
(1) أحمد (5/200) .
(2) بهذا اللفظ عند البخاري (1/372) .
(3) البخاري (1/371) ، مسلم (1/487) .
(4) تقدم برقم (980) .
(5) أبو داود (2/8) ، الترمذي (2/435) ، وهو عند أحمد (4/292) ، وابن خزيمة (2/244) ، والحاكم (1/460) ، والبيهقي (3/158) .(1/602)
أبواب الجمعة
[3/273] باب الحث عليها والتشديد في تركها
1856 - عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: «لقد هممت أن آمر رجلًا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم» رواه أحمد ومسلم (1) .
1857 - وعن أبي هريرة وابن عمر: «أنهما سمعا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول على أعواد منبره: لينتهين أقوام عن ودعهم الجماعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكوننَّ من الغافلين» رواه مسلم (2) .
1858 - وهو لأحمد والنسائي (3) من حديث ابن عمر وابن عباس.
1859 - وعن أبي الجَعْد الضَّمُري وكانت له صحبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ترك ثلاث جمع تهاونًا طبع الله على قلبه» رواه الخمسة، ولفظ الترمذي: «من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونًا طبع الله على قلبه» وحسنه الترمذي، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وأخرجه ابن حبان وابن خزيمة في "صحيحيهما" والبزار
_________
(1) مسلم (1/452) ، أحمد (1/402، 422، 449، 461) .
(2) مسلم (2/591) .
(3) أحمد (1/239، 254، 335، 2/84) ، النسائي (3/88) ، وهو عند ابن ماجه (1/260) ، وابن حبان (7/25) .(2/603)
وصححه ابن السكن (1) .
1860 - وأخرج نحوه أحمد وابن ماجه من حديث جابر والنسائي وابن خزيمة والحاكم (2) بلفظ: «من ترك الجمعة ثلاثًا من غير ضرورة طبع الله على قلبه» قال الدارقطني: هو أصح من حديث أبي الجعد.
1861 - ولابن ماجه (3) من حديث جابر: «أن الله افترض عليكم الجمعة في شهركم هذا، فمن تركها استخفافًا بها وتهاونًا فلا جمع الله له شمله، ألا ولا بارك الله له، ألا ولا صلاة له» وإسناده ضعيف.
1862 - وعن قتادة مرفوعًا: «من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة طبع الله على قلبه» رواه أحمد (4) ، قال المنذري بإسناد حسن، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
1863 - وعن أبي سعيد قال: «خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الله كتب عليكم الجمعة في مقامي هذا في ساعتي هذه إلى يوم القيامة، من تركها من غير عذر مع إمام عادل أو إمام جائر فلا جمع الله شمله، ألا ولا حج له، ألا ولا بر له، ألا ولا صدقة
_________
(1) أبو داود (1/277) (1052) ، النسائي (3/88) ، الترمذي (2/273) (500) ، ابن ماجه (1/260، 357) (1125) ، أحمد (3/424) ، الحاكم (1/415) ، ابن حبان (1/491، 7/26) (258، 2786) ، ابن خزيمة (3/176) (1857) .
(2) أحمد (3/332) ، ابن ماجه (1/357) ، النسائي في "الكبرى" (1/516) ، ابن خزيمة (3/175) ، الحاكم (1/430) .
(3) ابن ماجه (1/343) .
(4) أحمد (5/300) ، الحاكم (2/530) .(2/604)
له» أخرجه الطبراني في "الأوسط" (1) ، وفي إسناده موسى بن عطية الباهلي.
1864 - وعن سَمُرة بن جندب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ترك الجمعة من غير عذر فليتصدق بدينار فإن لم يجد فبنصف دينار» أخرجه أبو داود والنسائي (2) ، وقدامة الراوي عن سَمُرة ثقة إلا أنه لم يسمع من سَمُرة. وفي رواية لأبي داود (3) عند قدامة مرسلًا: «أو نصف درهم، أو صاع حنطة أو نصف صاع» .
1865 - وعن ابن عباس قال: «من ترك ثلاث جُمع متواليات فقد نبذ الإسلام وراء ظهره» أخرجه أبو يعلى الموصلي (4) موقوفًا وله حكم الرفع وإسناده صحيح.
1866 - وعن أُسامة بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك ثلاث جُمَع من غير عذر كتب من المنافقين» أخرجه الطبراني في "الكبير" (5) بإسناد فيه ضعف.
1867 - وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء يوم الجمعة ولم يأتها ثم سمع النداء ولم يأتها ثلاثًا طبع الله على قلبه، فجعل قلب منافق» أخرجه الطبراني في "الكبير" (6) ، قال العراقي: وإسناده جيد.
_________
(1) الطبراني في "الأوسط" (7/192) .
(2) أبو داود (1/277) (1053) ، النسائي (3/89) ، وهو عند ابن ماجه (1/358) (1128) .
(3) أبو داود (1/277) (1054) .
(4) أبو يعلى الموصلي (5/102) (2712) .
(5) الطبراني في "الكبير" (1/170) (422) .
(6) وهو عند أبي يعلى (13/109) (7167) .(2/605)
[3/274] باب ما جاء في وجوبها ومن تجب عليه ومن لا تجب
وذكر الأعذار المبيحة لتركها
1868 - عن حفصة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رَوَاح الجمعة واجب على كل مسلم» رواه النسائي (1) ورجاله رجال الصحيح، إلا عباس بن عباس وهو ثقة.
1869 - وعن طارق بن شهاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض» رواه أبو داود (2) ، وقال: طارق بن شهاب قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يُعَدَّ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمع منه شيئًا، وأخرجه الحاكم أيضًا. قال الحافظ: وصححه غير واحد، وقال العراقي: فإذا قد ثبت صحبته فالحديث صحيح، وغايته أن يكون مرسل صحابي وهو حجة عند الجمهور. انتهى.
قال في "الخلاصة": وقد رواه الحاكم عن طارق هذا عن أبي موسى الأشعري مرفوعًا: وقال صحيح على شرط الشيخين انتهى.
1870 - ويشهد له حديث جابر بلفظ: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة، إلا امرأة أو مسافرًا أو عبدًا أو مريضًا» أخرجه الدارقطني والبيهقي (3) وفي إسناده ابن لهيعة ومعاذ بن محمد الأنصاري وهما ضعيفان.
_________
(1) النسائي (3/89) .
(2) أبو داود (1/280) (1067) ، والحاكم (1/425) عن طارق بن شهاب عن أبي موسى الأشعري.
(3) الدارقطني (2/3) (1) ، البيهقي (3/184) .(2/606)
1871 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا، قال: «الجمعة على من سمع النداء» رواه أبو داود والدارقطني (1) ، وقال فيه: «إنما الجمعة على من سمع النداء» ، والحديث قد تكلم في إسناده وله شواهد، وقال أبو داود: رواه جماعة ولم يرفعوه وإنما أسنده قبيصة.
1872 - وقد تقدم (2) في الجماعة حديث: «هل تسمع النداء بالصلاة، قال: نعم. قال: فأجبه» أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
1873 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «هل عسى أحدًا أن يتخذ الصبة من الغنم على رأس جبل أو ميلين، فيتعذر عليه الكلا، فيرتفع ثم تجيء الجمعة ولا يشهدها، وتجيء الجمعة ولا يشهدها حتى يطبع الله تعالى على قلبه» رواه ابن ماجه قال المنذري: وإسناده حسن، وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" وهو من رواية محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة، وأخرجه الحاكم (3) بإسناد فيه مقال.
1874 - وعن ابن عباس: «وقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا في سرية في يوم جمعة فتخلف عن أصحابه، وصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - رآه فقال: ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟ فقال: رأيت أن أصلي معك الجمعة ثم ألحقهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما أدركت غدوتهم» رواه أحمد والترمذي (4) وقال غريب والحديث قد تكلم في إسناده.
_________
(1) أبو داود (1/278) (1056) ، الدارقطني (2/6) .
(2) تقدم برقم (1605) .
(3) ابن ماجه (1/357) (1127) ، ابن خزيمة (3/177) (1859) ، الحاكم (1/430) .
(4) أحمد (1/224) ، الترمذي (2/405) (527) .(2/607)
1875 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس على مسافر جمعة» رواه الطبراني (1) بإسناد ضعيف.
1876 - وقد تقدم (2) في باب الأعذار في ترك في ترك صلاة الجماعة حديث ابن عباس أنه قال لمؤذن في يوم مطير: «إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة قل صلوا في بيوتكم قال فكأن الناس استنكروا ذلك فقال أتعجبون من ذا فقد فعله من هو خير مني، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أخرجكم فتمشون في الطين والدحض» متفق عليه، ولمسلم: «أن ابن عباس أمر مؤذنه يوم جمعة في يوم مطير» بنحوه وقد تقدمت بقية الأعذار هنالك.
1877 - وعن ابن المَلِيح عن أبيه عمير بن عامر: «أنه شهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن الحُدَيبية يوم جمعة، وقد أصابهم مطر لم يبل أسفل نعالهم، فأمرهم أن يصلوا في رحالهم» وفي رواية: «كان يوم مطير، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مناديه أن ينادي: أن الصلاة في الرحال» زاد في رواية: «أن ذلك كان يوم جمعة» ، أخرجه أبو داود، وسكت عنه المنذري، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، وقد تقدم (3) في الجماعة.
قوله: «الصبة» بصاد بعدها موحدة من العشرين إلى الأربعين من الضأن والمعز.
[3/275] باب ما جاء في التجميع للجمعة وإقامتها في القرى
1878 - قد تقدم (4) حديث طارق بن شهاب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الجمعة
_________
(1) الطبراني في "الأوسط" (1/249) (818) .
(2) تقدم برقم (1695) .
(3) تقدم برقم (1698) .
(4) تقدم برقم (1872) .(2/608)
حق واجب على كل مسلم في جماعة» .
1879 - وعن كعب بن مالك قال: «أول ما جَمَّع بنا سعد بن زرارة في هَزْم النَّبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له: نقيع الخَضِمات، وكنا أربعين رجلًا» رواه أبو داود وابن ماجه (1) وقال فيه: «كان أول من صلى بنا صلاة الجمعة قبل مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة» وأخرجه ابن حبان والبيهقي (2) وصححه، قال الحافظ: وإسناده حسن.
1880 - وعن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب قائمًا يوم الجمعة، فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلًا فأنزلت هذه الآية: ((وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا)) [الجمعة:11] » رواه أحمد ومسلم والترمذي (3) وصححه في رواية: «أقبلت عير ونحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فانفض الناس إلا اثنى عشر رجلًا فانزلت هذه الآية» رواه أحمد والبخاري (4) .
قوله: «ونحن نصلي» أي ننتظر الصلاة.
1881 - وعن ابن عباس قال: «أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول
_________
(1) أبو داود (1/280) (1069) ، ابن ماجه (1/343) (1082) .
(2) ابن حبان (15/477) (7013) ، البيهقي (2/176، 177) ، وهو عند ابن خزيمة (3/112) (1724) ، والحاكم (1/417) ، والدارقطني (2/5) .
(3) أحمد (3/313) ، مسلم (2/590) (863) ، الترمذي (5/414) (3311) .
(4) أحمد (3/370) ، البخاري (1/316، 2/726، 728، 4/1859) (894، 1953، 1958، 4616) .(2/609)
الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد عبد القيس بجواثًا من البحرين» رواه البخاري وأبو داود (1) وقال: «إن أول جمعة في الإسلام جمعت في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة لجمعة جمعت بجُوَاثًا في قرية من قرى البحرين» .
قوله: «هزم» بفتح الحاء وسكون الزاي، المطمئن من الأرض، و «النبيت» بفتح النون وكسر الموحدة وسكون التحتية موضع من حرة بني بياضة، و «نقيع» النون ثم القاف ثم الياء التحتية بعدها عين مهملة، و «الخضمات» : بالخاء المعجمة وكسر الضاد المعجمة موضع معروف. قوله: «جُواثا» بضم الجيم وتخفيف الواو ثم مثلثة خفيفة.
[3/276] باب ما جاء في التجمل بصالح الثياب والطيب للجمعة وقصدها بالسكينة والتبكير لها والدنو من الإمام.
1882 - عن ابن سلام أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: على المنبر يوم الجمعة: «ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته» رواه ابن ماجه وأبو داود (2) ، قال في "التلخيص": وفيه انقطاع.
1883 - وروى ابن السكن من طريق مهدي بن ميمون عن هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعًا: «ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سواء ثوب مهنته لجمعته أو لعيده» وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (3) من طريقه.
_________
(1) البخاري (1/304، 4/1589) (852، 4113) ، أبو داود (1/280) (1068) .
(2) ابن ماجه (1/348) (1095) ، أبو داود (1/282) (1078) .
(3) ابن عبد البر في التمهيد (24/35) .(2/610)
1884 - وفي البيهقي (1) عن جابر: «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان له برد أحمر يلبسه في العيدين والجمعة» وروى ابن خزيمة في "صحيحه" نحوه ولم يذكر الأحمر.
1885 - وعن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «على كل مسلم الغسل يوم الجمعة، ويلبس من صالح ثيابه وإن كان له طيب مسّ منه» رواه أحمد (2) وهو متفق عليه، بلفظ: «غسل الجمعة واجب على كل محتلم، والسواك وأن يمسّ من الطيب ما يقدر عليه» وفي رواية لهما: «وأن يستن وأن يمسّ طيبًا» وقد تقدم (3) في باب غسل الجمعة.
1886 - وعن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر بما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يروح إلى المسجد، ولا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت للإمام إذا تكلم إلا غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة الأخرى» رواه أحمد والبخاري (4) .
1887 - وعن أبي أيوب سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج وعليه السكينةُ حتى يأتي المسجد فيركع إن بدا له ولم يؤذ أحدًا، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى» رواه أحمد (5) وقال في "مجمع الزوائد":
_________
(1) تقدم برقم (764) .
(2) أحمد (3/65) .
(3) تقدم برقم (443) .
(4) أحمد (5/438، 440) ، البخاري (1/301، 308) (843، 868) .
(5) أحمد (5/420) .(2/611)
رجاله ثقات وفي الباب أحاديث.
1888 - وعن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (1) وفي رواية للبخاري ومسلم وابن ماجه (2) : «إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول، ومثل المُهَجِّر كالذي يهدى بدنة، ثم كالذي يهدي بقرةً ثم كبشًا ثم دجاجة، ثم بيضةً، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم يستمعون الذكر» وفي رواية لابن خزيمة في "صحيحه" (3) : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المستعجل إلى الجمعة كالمهدي بدنة والذي يليه كالمهدي بقرة، والذي يليه كالمهدي شاةً، والذي يليه كالمهدي طيرًا» .
1889 - وعن أبي أمامة سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تقعد الملائكة على أبواب المساجد يكتبون الأول والثاني والثالث حتى إذا خرج الإمام رفعت الصحف» رواه أحمد (4) برجال ثقات.
_________
(1) البخاري (1/301) (841) ، مسلم (2/582) (850) ، أبو داود (1/96) (351) ، النسائي (3/99) ، الترمذي (2/372) (499) ، أحمد (2/460) .
(2) البخاري (1/314) (887) ، مسلم (2/587) (850) ، ابن ماجه (1/347) (1092) .
(3) ابن خزيمة (3/133) (1768) ، وهو عند أبي يعلى (5994) .
(4) أحمد (5/260) .(2/612)
1890 - وعن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المساجد، فيكتبون من جاء من الناس على منازلهم، فرجل قدم جزورًا، ورجل قدم بقرة، ورجل قدم شاة، ورجل قدم دجاجة، ورجل قدم بيضة، فإذا إذن المؤذن وجلس الإمام على المنبر طويت الصحف ودخلوا المسجد يستمعون الذكر» رواه أحمد (1) بإسناد حسن، وهذه الأحاديث مع حديث يوم الجمعة اثنا عشر ساعة الآتي دالة على أن الساعة الأولى هي من أول اليوم.
وقوله: «غسل الجنابة» أي غسلًا كغسل الجنابة، فقد وقع في رواية لعبد الرزاق (2) : «فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة» .
1891 - وعن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «احضروا الذكر وادنوا من الإمام، فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها» رواه أحمد وأبو داود (3) بسند فيه انقطاع.
1892 - ويشهد له حديث أوس بن أوس الثقفي قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من غسل واغتسل يوم الجمعة وبكّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها» رواه الخمسة وحسنه الترمذي ولم يذكر: «ومشى ولم يركب» وأخرجه الطبراني بإسناد حسن وقد تقدم (4) في الغسل.
_________
(1) أحمد (3/81) .
(2) عبد الرزاق (3/258) .
(3) أحمد (5/11) ، أبو داود (1/289) (1108) .
(4) تقدم برقم (447) .(2/613)
[3/277] باب ما جاء في فضل يوم الجمعة وذكر ساعة الإجابة
وفضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -
1893 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تَقومُ الساعةُ إلا في الجمعة» رواه مسلم والترمذي وصححه (1) .
1894 - وعن أبي لبابة البدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «سيّدُ الأيامِ يومُ الجمعةِ وأعظمها عند الله من يوم الفطر ويوم الأضحى، فيه خمس: خَلَقَ اللهُ عز وجل فيه آدم، وأَهْبَطَ الله تعالى فيه آدمَ إلى الأرض، وفيه تَوفى اللهُ تعالى آدمَ، وفيه ساعةٌ لا يَسأل العبد فيها شيئًا إلا آتاه الله تعالى ما لم يسأل حرامًا، وفيه تقوم الساعة، ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا هن يشفقن من يوم الجمعة» رواه أحمد وابن ماجه (2) وقال المنذري: في إسنادهما عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو ممن احتج به أحمد وغيره.
1895 - ورواه أحمد أيضًا والبزار (3) من طريق عبد الله أيضًا من حديث سعد بن عبادة، وبقية رواته ثقات مشهورون، قال العراقي: وإسناده حسن.
1896 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي، يسأل الله عز وجل إلا أعطاه الله تعالى إياه، وقال
_________
(1) مسلم (2/585) (854) ، الترمذي (2/359) (488) .
(2) أحمد (3/430) ، ابن ماجه (1/344) (1084) .
(3) أحمد (5/284) ، البزار (9/191) (3738) .(2/614)
بيده، قلنا: يقللها يزهدها» رواه الجماعة (1) إلا أن الترمذي وأبا داود لم يذكرا القيام ولا يقللها.
1897 - وعن أبي موسى أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في ساعة الجمعة: «هي ما بين أن يجلس الإمام يعني على المنبر إلى أن تقضى الصلاة» رواه مسلم وأبو داود (2) .
1898 - وعن عمرو بن عوف المزني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن في الجمعة ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئًا إلا آتاه إيّاه، قالوا: يا رسول الله! أية ساعة هي؟ قال: هي حين تقام الصلاة إلى الانصراف منها» رواه ابن ماجه والترمذي (3) وحسنه، وفي إسناده كثير بن عبد الله، ضعيف عند الأئمة، وقال الشافعي وأبو داود: ركن من أركان الكذب. انتهى. فلعل تحسين الترمذي باعتبار الشواهد، فإنه بمعنى حديث أبي موسى المذكور.
1899 - وعن عبد الله بن سلام قال: «قلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس: إنا لنجد في كتاب الله تعالى ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله عز وجل فيها شيئًا إلا قضي له حاجته، قال عبد الله: فأشار إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بعض ساعة، فقلت: صدقت أو بعض ساعة، قلت: أيّ ساعة هي؟ قال: هي آخر ساعة من ساعات النهار، قلت: إنها ليست ساعة صلاة، قال: بلى إن العبد المؤمن إذا صلَّى ثم
_________
(1) البخاري (1/316، 5/2029، 2350) (893، 4988، 6037) ، مسلم (2/583) (852) ، أبو داود (1/247) (1046) ، النسائي (3/115) ، الترمذي (2/362) (491) ، ابن ماجه (1/360) (1137) ، أحمد (2/230، 280) .
(2) مسلم (2/584) (853) ، أبو داود (1/276) (1049) .
(3) ابن ماجه (1/360) (1138) ، الترمذي (2/361) (490) .(2/615)
جلس لا يحبسه إلا الصلاة، فهو في صلاة» رواه ابن ماجه (1) عن أبي النظر عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام، وقال المنذري: إسناده على شرط الصحيح. انتهى. ورواه مالك وأصحاب السنن وابن خزيمة وابن حبان (2) من طريق محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن عبد الله بن سلام من قوله.
1900 - وعن أبي سعيد وأبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله عز وجل فيها خيرًا إلا أعطاه إياه وهي بعد العصر» رواه أحمد والبزار (3) بإسناد قال العراقي: صحيح، وقال في "مجمع الزوائد": ورجالهما رجال الصحيح.
1901 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يوم الجمعة اثنا عشر ساعة، منها ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله تعالى شيئًا إلا آتاه إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر» رواه النسائي وأبو داود والحاكم في "مستدركه" (4) وقال: صحيح على شرط مسلم، وهو كما قال، وحسن الحافظ في "الفتح" إسناده.
1902 - وعن أوس بن أوس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليَّ من
_________
(1) ابن ماجه (1/360) (1139) ، وهو عند أحمد (5/451) مرفوعًا.
(2) مالك (1/108-109) (241) ، أبو داود (1/274) (1046) ، الترمذي (2/362) (491) ، النسائي (3/113) ، أحمد (5/451) ، ابن حبان (7/7-9) (2772) ، ابن خزيمة (3/120) (1738) موقوفًا.
(3) أحمد (2/272) ، البزار (619-كشف الأستار) ، وهو عند عبد الرزاق (5584) .
(4) النسائي (3/99) ، و"الكبرى" (1/526) أبو داود (1/275) (1048) ، الحاكم (1/414) .(2/616)
الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ، قالوا يا رسول الله! وكيف تعرض عليك وقد أَرِمْتَ؟ يعني وقد بليت، قال: فإن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» رواه الخمسة إلا الترمذي، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه" (1) ، وقال: صحيح على شرط البخاري.
1903 - وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أكثروا الصلاة عليَّ يوم الجمعة فإنه مشهود تشهده الملائكة، وإن أحدًا لن يصلي عليَّ إلا عرضت عليَّ صلاته حين يفرغ منها» رواه ابن ماجه (2) ، قال العراقي في شرح الترمذي: رجاله ثقات، إلا أن فيه انقطاعًا، وقال المنذري: إسناده جيد.
1904 - وعن خالد بن مَعْدان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أكثروا الصلاة علي في كل جمعة، فإن صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة» رواه سعيد في "سننه" (3) مرسلًا.
1905 - وأخرجه البيهقي (4) بإسناد حسن من حديث أبي أمامة إلا أن محكولًا قيل: لم يسمع من أبي أمامة.
1906 - وعن صفوان بن سليم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان يوم الجمعة
_________
(1) أبو داود (1/275، 2/88) (1047، 1531) ، النسائي (3/91) ، ابن ماجه (1/345، 524) (1085، 1636) ، أحمد (4/8) ، ابن حبان (3/190-191) (910) ، الحاكم (1/413، 4/604) ، وهو عند ابن خزيمة (3/118) (1733) .
(2) ابن ماجه (1/524) (1637) .
(3) عزاه إليه في "النيل" (2/533) .
(4) البيهقي (3/249) .(2/617)
وليلة الجمعة فأكثروا الصلاة عليَّ» رواه الشافعي في مسنده (1) مرسلًا.
قوله: «أرَمْت» بفتح الراء وسكون الميم: أي صرت رميما، وروي «أُرِمت» بضم الهمزة وكسر الراء.
[3/278] باب ما جاء في أن الرجل أحق بمجلسه والنهي عن القعود فيه
وعن تخطي رقاب المصلين إلا لحاجة وآداب الجلوس
1907 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُقِيْمَّن أحدكم أخاه يوم الجمعة، ثم ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه، ولكن يقول: افسحوا» رواه أحمد ومسلم (2) .
1908 - وعن ابن عمر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقيم الرجلُ الرجلَ من مقعده أو يجلس فيه، قيل لنافع: في الجمعة؟ قال: في الجمعة وغيرها» أخرجاه (3) وأخرجه أحمد وزاد: «ولكن تفسحوا وتوسعوا» .
1909 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به» رواه أحمد ومسلم (4) .
1910 - وعن وهب بن حذيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرجل أحق بمجلسه وإن خرج لحاجته ثم عاد فهو أحق بمجلسه» رواه أحمد والترمذي (5)
_________
(1) الشافعي في "مسنده" (1/70) .
(2) أحمد (3/295، 342) ، مسلم (4/1715) (2178) .
(3) البخاري (1/309) (869) ، مسلم (4/1714) (2177) ، أحمد (2/22) .
(4) أحمد (2/283، 389) ، مسلم (4/1715) (2179) .
(5) أحمد (3/422) ، الترمذي (5/89) (2751) .(2/618)
وصححه.
1911 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا نعس أحدكم في مجلسه يوم الجمعة فليحول إلى غيره» رواه أحمد والترمذي وصححه أبو داود وابن حبان في "صحيحه" (1) عن ابن إسحاق معنعنًا.
1912 - وعن معاذ بن أنس الجهني قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (2) وقال: هذا حديث حسن.
1913 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة» أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه (3) ، وقال الترمذي: حديث حسن.
1914 - وعن عبد الله بن بشر قال: «جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:اجلس فقد آذيت» رواه أبو داود والنسائي (4) وصححه ابن خزيمة وغيره، وقال الحاكم: صحيح على شرط
_________
(1) أحمد (2/22، 32، 135) ، الترمذي (2/404) (526) ، أبو داود (1/292) (1119) ، ابن حبان (7/32) (2792) ، وهو عند ابن خزيمة (3/160) (1819) ، والحاكم (1/428) .
(2) أحمد (3/439) ، أبو داود (1/290) (1110) ، الترمذي (2/390) (514) .
(3) أبو داود (1/283) (1079) ، الترمذي (2/139) (322) ، النسائي (2/47) ، ابن ماجه (1/359) (1133) .
(4) أبو داود (1/292) (1118) ، النسائي (3/103) ، ابن خزيمة (3/156) (1811) ، الحاكم (1/424) ، وهو عند أحمد (4/188) ، وابن حبان (7/29) (2970) .(2/619)
مسلم.
1915 - وعن أرقم بن أبي أرقم المخزومي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذي يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة ويفرق بين الاثنين بعد خروج الإمام كالجار قَصَبَه في النار» رواه أحمد والطبراني في "الكبير" (1) بإسناد ضعيف وله شواهد.
1916 - وعن عقبة بن الحارث قال: «صليت وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة العصر، ثم قام مسرعًا يتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته فخرج إليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته فقال: ذكرت شيئًا من تبرٍ كان عندنا، فكرهت أن يحبسني فأمرت بتقسيمه» رواه البخاري والنسائي (2) .
قوله: «الحبوة» هي أن يضم الجالس ركبتيه ويقيم رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما مع ظهره ويشد عليهما وتكون إليتاه على الأرض. قوله: «يحبسني» أي يشغلني التفكر فيه عن الإقبال والتوجه إلى الله تعالى.
[3/279] باب ما جاء في صلاة التطوع يوم الجمعة قبل وصول الإمام
وتحية المسجد حال الخطبة
1917 - عن نبِيْشَةَ الهذلي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المسلم إذا اغتسل يوم الجمعة ثم أقبل إلى المسجد لا يؤذي أحدًا، فإن لم يجد الإمام خرج صلى ما بدا له، وإن وجد الإمام قد خرج جلس فاستمع وأنصت حتى يقضي الإمام جمعته وكلامه، إن لم تغفر له في جمعته تلك ذنوبه كلها أن تكون كفارة للجمعة التي قبلها» رواه
_________
(1) أحمد (3/417) ، الطبراني في "الكبير" (1/307) (908) ، وهو عند الحاكم (3/576) .
(2) البخاري (1/291) (813) ، النسائي (3/84) .(2/620)
أحمد (1) وفي إسناده عطاء الخراساني وقد أخرج له الجماعة، لكن قد أعل بالانقطاع فقيل: لم يسمع عطاء من نبيشة.
1918 - وعن ابن عمر: «أنه كان يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين ويحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك» رواه أبو داود (2) وقال العراقي: وإسناده صحيح.
1919 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اغتسل يوم الجمعة، ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام» رواه مسلم (3) .
1920 - وعن أبي سعيد: «أن رجلًا دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب على المنبر، فأمره أن يصلي ركعتين» رواه الخمسة إلا أبا داود، وصححه الترمذي (4) ولفظه: «أن رجلًا جاء يوم الجمعة في هيئة بذةٍ والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فأمره فصلى ركعتين والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب» .
1921 - وعن جابر قال: «دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب،
_________
(1) أحمد (5/75) .
(2) أبو داود (1/294) (1128) ، وهو عند أحمد (2/103) ، والنسائي (3/113) ، وابن خزيمة (3/168) (1836) .
(3) مسلم (2/587) (857) .
(4) النسائي (3/106) ، الترمذي (2/385) (511) ، ابن ماجه (1/353) (1113) ، أحمد (3/25) .(2/621)
فقال: صليت؟ فقال: لا، قال: فصل ركعتين» رواه الجماعة (1) ، وفي رواية: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين ولْيَتَجَوَّز فيهما» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (2) ، وفي رواية: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصل ركعتين» متفق عليه (3) ، وفي رواية لمسلم (4) : «جاء سُلَيْك الغَطَفاني يوم الجمعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد على المنبر، فقعد سليك قبل أن يصلي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أركعت ركعتين؟ قال: لا، قال: فقم فاركع» وفي أخرى (5) قال له: «يا سليك قم فاركع ركعتين تجوز فيهما» .
[3/280] باب وقت صلاة الجمعة
1922 - عن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الجمعة حين تميل الشمس» رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي (6) .
1923 - وعنه قال: «كُنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الجمعة، ثم نرجع إلى القائلة
_________
(1) البخاري (1/315) (888، 889) ، مسلم (2/596) (875) ، أبو داود (1/291) (1115) ، النسائي (3/103) ، الترمذي (2/384) (510) ، ابن ماجه (1/353) (1112) ، أحمد (3/308، 369، 380) .
(2) أحمد (3/297) ، مسلم (2/597) (875) ، أبو داود (1/291) (1117) .
(3) البخاري (1/392) (1113) ، مسلم (2/596) (875) ، أحمد (3/389) .
(4) مسلم (2/597) (875) .
(5) مسلم (2/597) (875) .
(6) أحمد (3/128، 150) ، البخاري (1/307) (862) ، أبو داود (1/284) (1084) ، الترمذي (2/377) (503) .(2/622)
فنقيل» رواه أحمد والبخاري (1) .
1924 - وعنه قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتد البرد بكَّر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة، يعني الجمعة» رواه البخاري (2) .
1925 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «كنا نجمِّع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا زالت الشمس، ثم نرجع نَتَّبع الفيء» أخرجاه (3) ، وفي رواية للبخاري (4) : «ثم ننصرف وليس للحيطان ظل يستظل به» وفي رواية لمسلم (5) : «وما نجد فيئًا نستظل به» .
1926 - وعن سهل بن سعد قال: «ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة» رواه الجماعة (6) وزاد أحمد ومسلم والترمذي: «في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -» .
1927 - وعن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الجمعة، ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس يعني النواضح» رواه أحمد ومسلم والنسائي (7) .
_________
(1) أحمد (3/237) ، البخاري (1/318) (898) .
(2) البخاري (1/307) (864) .
(3) مسلم (2/589) (860) .
(4) البخاري (4/1529) (3935) .
(5) مسلم (2/589) (860) .
(6) البخاري (1/318) (897) ، مسلم (2/588) (859) ، أبو داود (1/285) (1086) ، الترمذي (2/403) (525) ، ابن ماجه (1/350) (1099) ، أحمد (5/336) .
(7) أحمد (3/331) ، مسلم (2/588) (858) ، النسائي (3/100) .(2/623)
[3/281] باب ما جاء في تسليم الإمام على المؤتمين فوق المنبر
والتأذين إذا جلس عليه واستقبال المأمومين له
1928 - عن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صعد المنبر سلم» رواه ابن ماجه (1) بإسناد فيه ابن لهيعة.
1929 - وأخرجه الأثرم (2) في "سننه" عن الشعبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا.
1930 - وله شاهد عند ابن عدي والطبراني والبيهقي (3) بإسناد ضعيف.
1931 - وعن السائب بن يزيد قال: «كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء، ولم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - مؤذن غير واحد» رواه البخاري والنسائي وأبو داود (4) ، وفي رواية لهم (5) : «فلما كانت خلافة عثمان وكثروا أمر عثمان بالأذان الثالث فإذن لهم به على الزوراء فثبت الأمر على ذلك» ولأحمد والنسائي (6) : «كان بلال يؤذن إذا جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المنبر ويقيم إذا نزل» .
_________
(1) ابن ماجه (1/352) (1109) ، وهو عند البيهقي (3/204) .
(2) وهو عند ابن أبي شيبة (1/449) (5195) .
(3) ابن عدي في "الكامل" (5/253) ، والطبراني في "الأوسط" كما في مجمع البحرين رقم (988) ، والبيهقي (3/205) ، عن ابن عمر.
(4) البخاري (1/309) (870) ، النسائي (3/101) ، أبو داود (1/285) (1090) .
(5) البخاري (1/310) (874) ، النسائي (3/100) ، أبو داود (1/285) (1087) .
(6) أحمد (3/449) ، النسائي (3/101) .(2/624)
1932 - وعن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام على المنبر استقبل أصحابه بوجوههم» رواه ابن ماجه (1) وقال: أرجو أن يكون متصلًا.
1933 - وعن عبد الله بن مسعود قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا» رواه الترمذي (2) بإسناد ضعيف.
1934 - وله شاهد من حديث البراء عند ابن خزيمة (3) .
[3/282] باب ما جاء في الخطبة يوم الجمعة وما يبدأ فيها من الحمد والثناء
وغير ذلك من الأحكَام التي شرعت فيها
1935 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم» رواه أبو داود وقد تقدم (4) في باب التسمية في الوضوء ذكر من حسن الحديث، وهو لأحمد بمعناه. وفي رواية لأحمد وأبي داود (5) : «والخطبة التي ليس فيها شهادة كاليد الجذماء» وفي رواية للترمذي (6) وحسنه: «كل خطبة ليس فيها تشهد كاليد الجذماء» وأخرج الحديث النسائي وابن ماجه وأبو عوانة
_________
(1) ابن ماجه (1/360) (1136) .
(2) الترمذي (2/383) ، وهو عند أبي يعلى (9/282) .
(3) وهو عند البيهقي (3/198) .
(4) تقدم برقم (232) .
(5) أحمد (2/302، 343) ، أبو داود (4/261) (4841) .
(6) الترمذي (3/414) (1106) .(2/625)
والبيهقي (1) باللفظ الأول على اختلاف في وصله وإرساله ورجح الثاني النسائي والدارقطني، وأخرج ابن حبان والعسكري وأبو داود عن أبي هريرة مرفوعًا: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد فهو أقطع» .
1936 - وعن ابن مسعود (2) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تشهد قال: الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرًا ونذيرًا بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله تعالى شيئًا» رواه أبو داود (3) وفي إسناده عمران أبو العوام البصري مختلف فيه، وأما النووي فصحح إسناد هذا الحديث في شرح مسلم.
1937 - وعن عدي بن حاتم: «أن رجلًا خطب عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله: بئس خطيب القوم أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى» رواه مسلم (4) .
1938 - وعن ابن شهاب: «أنه سئل عن تشهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة فذكر
_________
(1) أبو داود (4/261) ، النسائي في "الكبرى" (6/127) ، ابن ماجه (1/610) (1894) ، الدارقطني (1/229) ، وهو عند أحمد (2/359) ، ابن حبان (1/173- 174) .
(2) أبو داود (1/287) (1097) .
(3) في الأصل: أبي مسعود.
(4) مسلم (2/594) (870) ، وهو عند أبي داود (4/295) (4981) .(2/626)
نحو حديث ابن مسعود (1) وقال: ومن يعصهما فقد غوى» رواه أبو داود (2) مرسلًا.
1939 - وعن جابر بن سمرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائمًا ويجلس بين الخطبتين ويقرأ آيات ويذكر الناس» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (3) وفي رواية لمسلم (4) : «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائمًا ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائمًا، فمن نبأك أنه كان يخطب جالسًا فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة» وفي رواية له (5) : «كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس» .
1940 - وعن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب خطبتين، وكان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن ثم يقوم فيخطب ثم يجلس فلا يتكلم حتى يقوم فيخطب» أخرجه أبو داود (6) وفي رواية للبخاري ومسلم (7) : «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب خطبتين يقعد بينهما» ، وفي أخرى لهما (8) : «كان يخطب يوم الجمعة قائمًا ثم يجلس ثم يقوم فيتم كما يفعلون الآن» .
_________
(1) في الأصل: أبي مسعود.
(2) أبو داود (1/287) (1098) .
(3) مسلم (2/589) (862) ، أبو داود (1/286) (1093) ، النسائي (3/110، 192) ، ابن ماجه (1/351) (1106) ، أحمد (5/86، 88،) .
(4) مسلم (2/589) (862) .
(5) مسلم (2/589) (862) .
(6) أبو داود (1/286) (1092) .
(7) البخاري (1/314) (886) .
(8) البخاري (1/311) (878) ، مسلم (2/589) (861) .(2/627)
1941 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه كان لا يطيل الموعظة يوم الجمعة إنما هي كلمات يسيرة» رواه أبو داود (1) بإسناد رجاله ثقات.
1942 - وعن عمار بن ياسر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن طول صلاة المرء وقصر خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة وإن من البيان لسحرًا» رواه أحمد ومسلم (2) .
1943 - وعن جابر بن سَمُرَةَ قال: «كانت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قصدًا، وخطبته قصدًا» رواه الجماعة إلا البخاري (3) .
1944 - وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطيل الصلاة ويقصر الخطبة» رواه النسائي (4) ، قال العراقي: وإسناده صحيح.
1945 - وعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت: «ما أخذت (ق والقرآن المجيد) إلا عن لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس» رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود (5) .
_________
(1) أبو داود (1/289) (1107) ، وهو عند الحاكم (1/426) ، والبيهقي (3/207) عن جابر بن سمرة.
(2) أحمد (4/263) ، مسلم (2/594) (869) .
(3) مسلم (2/591) (866) ، أبو داود (1/288) (1101) ، النسائي (3/110، 191، 192) ، الترمذي (2/381) (507) ، ابن ماجه (1/351) (1106) ، أحمد (5/91، 93، 94، 95، 98، 99، 100) .
(4) النسائي (3/108) .
(5) أحمد (6/435، 463) ، مسلم (2/595) (873) ، النسائي (3/107) ، أبو داود (1/288) (1100) .(2/628)
1946 - وعن الحكم (1) بن حَزْن الكُلَعي قال: «قدمت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سابع سبعة أو تاسع تسعة فدخلنا عليه فقلنا: يا رسول الله زرناك فادع لنا بخير، فدعا لنا وأمر لنا بشيء من التمر والشأن إذ ذاك دون، فأقمنا بها أيامًا وشهدنا فيها الجمعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوكئًا على عصًا أو قوس فحمد الله وأثنى عليه بكلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال: أيها الناس إنكم لن تطيقوا ولن تفعلوا كما أمرتم به، ولكن سددوا وأبشروا، وفي لفظ: ويسروا» أخرجه أبو داود (2) وصححه ابن خزيمة وابن السكن وحسن إسناده الحافظ (3) .
1947 - قال: وله شاهد من حديث البراء عند أبي داود (4) «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطي يوم العيد قوسًا يخطب عليه» وطوله أحمد والطبراني وصححه ابن السكن.
1948 - وعن جابر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول صبَّحكم ومَسَّاكم ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى، ويقول: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة» رواه مسلم (5) وفي رواية (6) : «كان خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة يحمد الله ويثني
_________
(1) صحابي له حديث حسن. اهـ خلاصة.
(2) أبو داود (1/287) (1096) ، وهو عند أحمد (4/212) .
(3) الحكم بن حزن، بفتح المهملة وسكون الزاي، صحابي قليل الحديث. الكلفي منسوب إلى كلفة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن. تمت من خط المؤلف.
(4) أبو داود (1/298) (1145) ، وأحمد (4/282، 304) .
(5) مسلم (2/592) (867) .
(6) مسلم (2/592) (867) .(2/629)
عليه ثم يقول على إثر ذلك وقد علا صوته» وذكره نحوه، وفي رواية للنسائي (1) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبته يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، إن أصدق الحديث كتاب الله، وإن أحسن الهدي هدي محمدٍ وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثٍ بدعةٌ، وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالة في النار، ثم يقول: بعثت أنا والساعة كهاتين» .
1949 - وعن حصين بن عبد الرحمن قال: «كنت إلى جنب عمارة بن رُوَيْبَةَ وبشر بن مروان يخطبنا قائمًا فلما دعا رفع يديه فقال عمارة: قبح الله هاتين اليدين، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المنبر يخطب وهو إذا دعا يقول هكذا فرفع السبابة وحدها» رواه أحمد والترمذي (2) بمعناه وهو في صحيح مسلم (3) بلفظ: قال: «رأى بشر بن مروان على المنبر رافعًا يديه فقال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يزيد أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه المسبحة» وأخرجه أبو داود والنسائي (4) إلا أن أبا داود قال: «وما كان يزيد على هذه يعني السبابة التي تلي الإبهام» .
1950 - وعن سهل بن سعد قال: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاهرًا يديه قط يدعو على منبره ولا غيره، ما كان يدعو إلا وضع يده حذو منكبيه ويشير بإصبعه
_________
(1) النسائي (3/188، 189) .
(2) أحمد (4/135، 136، 261) ، الترمذي (2/391) (515) .
(3) مسلم (2/595، 596) (874) .
(4) أبو داود (1/289) (1104) ، النسائي (3/108) .(2/630)
إشارة» رواه أحمد وأبو داود (1) وقال فيه: «لكن رأيته يقول هكذا وأشار بالسبابة وعقد الوسطى بالإبهام» وفي إسناده مقال.
1951 - وعن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه» أخرجاه (2) .
قوله: «أجذم» بالحاء المهملة وبالجيم وبالذال المعجمة، الأول القطع والثاني داء معروف. قوله: «مَئِنَّة من فقهه» المَئِنَّة العلامة. قوله: «قصد» القصد في الشيء الاقتصاد وترك التطويل.
[3/283] باب ما جاء من النهي عن الكلام حال الخطبة
والرخصة في تكليم الخطيب لمصلحة
1952 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت والإمام يخطب فقد لغوت» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (3) .
1953 - وعن علي رضي الله عنه قال: «من دنا من الإمام ولغا ولم يسمع ولم
_________
(1) أحمد (5/337) ، أبو داود (1/289) (1105) ، وهو عند ابن حبان (3/165) (883) ، وابن خزيمة (2/351) (1450) ، والحاكم (1/718) ، وأبي يعلى (13/545) (7551) .
(2) البخاري (1/349) (984) ، مسلم (2/612) (895) ، وهو عند أبي داود (1/303) (1170) ، والنسائي (3/158) ، وأحمد (3/282) .
(3) البخاري (1/316) (892) ، مسلم (2/583) (851) ، أبو داود (1/290) (1112) ، النسائي (3/104، 188) ، الترمذي (2/387) (512) ، أحمد (2/244، 272، 280، 285، 393، 396) ، وهو عند ابن ماجه (1/352) (1110) .(2/631)
ينصت كان عليه كفل من الوزر، ومن قال: صه، فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له، ثم قال: هكذا سمعت نبيكم - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد وأبو داود (1) بإسناد فيه مجهول.
1954 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارًا، والذي يقول له: أنصت، ليس له جمعة» رواه أحمد (2) ، قال في "بلوغ المرام": لا بأس بإسناده.
1955 - وعن أبي الدرداء قال: «جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا على المنبر يخطب الناس وتلا آية وإلى جنبي أبيّ بن كعب، فقلت له: يا أبيّ! متى أنزلت هذه الآية؟ فأبى أن يكلمني، ثم سألته فأبى أن يكلمني، حتى نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له أبيّ: مالك من جمعتك إلا ما لغيت، فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جئته فأخبرته فقال: صدق أبي، إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ» رواه أحمد والطبراني (3) ، قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد ثقات، انتهى. وقال المنذري: رواه أحمد من رواية حرب بن قيس عن أبي الدرداء، ولم يسمع منه، انتهى.
1956 - وللطبراني وأبي يعلى (4) عن جابر نحوه ورجاله ثقات، وفي الباب أحاديث.
_________
(1) أحمد (3/93) ، أبو داود (1/276) (1051) .
(2) أحمد (1/230) .
(3) أحمد (5/198) ، والطبراني في "الكبير" كما في المجمع (2/188) .
(4) الطبراني في "الأوسط" كما في مجمع البحرين (992) ، أبو يعلى (3/335) (1799) ، وهو عند ابن حبان (7/33، 34) (2794) .(2/632)
1957 - وعن بُرَيْدَةَ قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله ورسوله ((إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)) [التغابن:15] نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما» رواه الخمسة (1) وقال الترمذي حسن غريب.
1958 - وعن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل من المنبر يوم الجمعة فيكلمه الرجل في الحاجة ويكلمه ثم يتقدم إلى مصلاه فيصلي» رواه الخمسة (2) وقال الترمذي: هذا حديث لا يعرف إلا من حديث جرير بن حازم وسمعت محمدًا يعني البخاري يقول: وهم جرير بن حازم في هذا الحديث.
1959 - والصحيح ما روى ثابت عن أنس قال: «أقيمت الصلاة فأخذ رجل بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - فما زال يكلمه حتى نعس بعض القوم» (3) قال محمد: والحديث هو هذا، وجرير بن حازم ربما يهم في الشيء وهو صدوق، انتهى.
_________
(1) أبو داود (1/290) (1109) ، النسائي (3/108، 192) ، الترمذي (5/658) (3774) ، ابن ماجه (2/1190) (3600) ، أحمد (5/354) ، وهو عند ابن حبان (13/402) (6038) ، وابن خزيمة (2/355) (1456) ، والحاكم (1/424) .
(2) أبو داود (1/292) (1120) ، النسائي (3/110) ، الترمذي (2/394) (517) ، ابن ماجه (1/354) (1117) ، أحمد (3/119، 213) ، وهو عند ابن خزيمة (3/169) (1838) ، والحاكم (1/427) .
(3) البخاري (1/230) (617) ، أبو داود (1/149) (542) ، أحمد (3/114، 205) واللفظ لأحمد.(2/633)
1960 - وعن أبي رفاعة العدوي قال: «انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب قال: فقلت: يا رسول الله! رجل غريب جاء يسأل عن دينه ما يدري ما دينه، قال: فأقبل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك خطبته حتى انتهى إليَّ، فأتى بكرسي حسبت قوائمه حديدًا فقعد عليه وجعل يكلمني» وفي رواية: «يعلمني مما علمه الله، ثم أتى الخطبة فأتم آخرها» أخرجه مسلم والنسائي (1) .
1961 - وسيأتي (2) إن شاء الله في الاستسقاء حديث أنس وفيه: «فبينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة قام أعرابي فقال يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا» أخرجاه.
[3/284] باب ما كان يقرأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الجمعة
وفي صبح يومها وما جاء في قراءة سورة الكهف
1962 - عن عبد الله بن أبي رافع قال: «صلى بنا أبو هريرة الجمعة فقرأ بعد سورة الجمعة في الركعة الأخيرة: ((إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ)) [المنافقون:1] وقال: أني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بهما في الجمعة» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي (3) ، وفي رواية: «قرأ بعد الحمد سورة الجمعة في الأولى و ((إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ))
_________
(1) مسلم (2/597) (876) ، النسائي (8/220) ، وهو عند أحمد (5/80) ، وابن خزيمة (2/355، 3/151) .
(2) سيأتي برقم (2119) .
(3) مسلم (2/597) (877) ، أبو داود (1/293) (1124) ، الترمذي (2/396) (519) ، ابن ماجه (1/355) (1118) ، أحمد (2/429، 467) .(2/634)
[المنافقون:1] في الثانية» .
1963 - وعن النعمان بن بشير «وسأله الضحاك ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الجمعة على إثر سورة الجمعة؟ قال: كان يقرأ ((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)) [الغاشية:1] » رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي (1) .
1964 - وعنه قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العيدين وفي الجمعة: ((سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)) [الأعلى:1] و ((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)) [الغاشية:1] قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما في الصلاتين» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه (2) .
1965 - وعن سَمُرَة بن جندب: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الجمعة: ((سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)) [الأعلى:1] و ((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)) [الغاشية:1] » رواه أحمد والنسائي وأبو داود (3) ، وقال العراقي إسناده صحيح.
1966 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ يوم الجمعة في صلاة الصبح: ((الم تنزيل)) [السجدة:1] ، و ((هَلْ أَتَى عَلَى الْإنْسَانِ)) [الإنسان:1] وفي
_________
(1) مسلم (2/598) (878) ، أبو داود (1/293) (1123) ، النسائي (3/112) ، ابن ماجه (1/355) (1119) ، أحمد (4/270، 277) .
(2) مسلم (2/598) (878) ، أبو داود (1/293) (1122) ، النسائي (3/112، 184، 194) ، الترمذي (2/413) (533) ، أحمد (4/271) ، وهو عند ابن ماجه (1/408) (1281) ولم يذكر الجمعة.
(3) أحمد (5/13، 14) ، النسائي (3/111) ، أبو داود (1/293) (1125) .(2/635)
صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي (1) .
1967 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة ((الم تنزيل)) [السجدة:1] و ((هَلْ أَتَى عَلَى الْإنْسَانِ)) [الإنسان:1] » رواه الجماعة إلا الترمذي وأبا داود (2) .
1968 - ولكنه لهما (3) من حديث ابن عباس.
1969 - وعن أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين» رواه النسائي والبيهقي (4) مرفوعًا والحاكم (5) موقوفًا ومرفوعًا وقال: صحيح الإسناد.
1970 - ورواه الدارمي (6) في مسنده موقوفًا على أبي سعيد، ولفظه قال: «من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق» وفي أسانيدهم كلها إلا الحاكم أبو هاشم يحيى بن دينار الرُّمَّاني والأكثرون على توثيقه، وبقية الإسناد ثقات، وفي إسناد الحاكم الذي صححه نُعَيم بن حماد صدوق يخطي كثيرًا.
_________
(1) أحمد (1/226، 354) ، مسلم (2/599) (879) ، أبو داود (1/282) (1074، 1075) ، النسائي (3/111) . وهو عند ابن ماجه مختصرًا (1/269) (821) .
(2) البخاري (1/303، 363) (851، 1018) ، مسلم (2/599) (880) ، النسائي (2/159) ، ابن ماجه (1/269) (823) ، أحمد (2/472) .
(3) الترمذي (2/398) (520) ، أبو داود (1/282) (1074) .
(4) النسائي في "الكبرى" (6/236) ، البيهقي (3/249) .
(5) الحاكم (1/752) .
(6) الدارمي (2/546) (3407) .(2/636)
1971 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة، وغفر له ما بين الجمعتين» رواه أبو بكر بن مَرْدَوَيه (1) في تفسيره بإسناد لا بأس به، قال المنذري: وحديث أبي سعيد المتقدم لم أجده في سنن النسائي، ولا ذكره صاحب "جامع الأصول" ولا أحدًا ممن شرح الحديث، والنقل وقع من الترغيب والترهيب للمنذري.
[3/285] باب ما جاء في الصلاة بعد الجمعة
1972 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربع ركعات» رواه الجماعة إلا البخاري (2) ، وفي رواية لمسلم (3) : «من كان مصليًا بعد الجمعة فليصل أربعًا» وفي أخرى (4) : «من كان منكم مصليًا» الحديث، وفي أخرى (5) : «إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعًا» .
1973 - وعن ابن عمر: «أنه كان إذا صلى الجمعة بمكة تقدم فصلى ركعتين، ثم يتقدم فيصلي أربعًا، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة، ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين، ولم يصل في المسجد فقيل له في ذلك فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل
_________
(1) عزاه له في "الترغيب" (1/298) .
(2) مسلم (2/600) (881) ، أبو داود (1/294) (1131) ، النسائي (3/113) ، الترمذي (2/399) (523) ، ابن ماجه (1/358) (1132) ، أحمد (2/499) .
(3) مسلم (2/600) (881) .
(4) مسلم (2/600) (881) .
(5) مسلم (2/600) (881) .(2/637)
ذلك» رواه أبو داود (1) وقال العراقي: إسناده صحيح انتهى، وفي رواية قال: «رأيت ابن عمر يصلي بعد الجمعة فينمار عن مصلاه الذي صلى فيه قليلًا غير كثير، فيركع ركعتين، ثم يمشي أنفس من ذلك فيركع أربع ركعات» أخرجه أبو داود (2) .
1974 - وعنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته» رواه الجماعة (3) .
[3/286] باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من صلاة الجمعة
1975 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فليضف إليها أخرى فقد تمت صلاته» رواه النسائي وابن ماجه والدارقطني واللفظ له، قال في "بلوغ المرام": وإسناده صحيح لكن قوَّى أبو حاتم إرساله، انتهى. وقد صحح الحديث الحاكم كما تقدم (4) .
1976 - وقد تقدم (5) في الجماعة في باب ما جاء في المسبوق ببعض الصلاة فدخل في الجماعة ما يشهد لهذا الحديث، مثل حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة كلها» أخرجاه، وغير ذلك
_________
(1) أبو داود (1/294) (1130) .
(2) أبو داود (1/295) (1133) .
(3) البخاري (1/317) (895) ، مسلم (2/600) (882) ، أبو داود (1/294، 295) (1128، 1132) ، النسائي (3/113) ، الترمذي (2/399) (521، 522) ، ابن ماجه (1/358) (1130) ، أحمد (2/35) .
(4) تقدم برقم (1685) .
(5) تقدم برقم (645) .(2/638)
مما تقدم لا ندراج الجمعة تحت عموم قوله: «من الصلاة» .
[3/287] باب ما جاء في الفصل بين صلاة الجمعة وراتبتها
1977 - عن السائب بن يزيد أن معاوية قال له: «إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بذلك ألا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج» رواه مسلم وأبو داود (1) وقد تقدم أحاديث دالة على ذلك في باب من صلى صلاة فلا يصلها بأخرى حتى يفصل بينهما من أبواب التطوع عامة لكل الصلوات.
[3/288] باب ما جاء في شرعية استغفار الإمام يوم الجمعة للمؤمنين والمؤمنات وما جاء فيمن مات يوم الجمعة
1978 - عن سَمُرَةَ بن جندب: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات كل جمعة» رواه البزار (2) ، قال في "بلوغ المرام": بإسناد لين.
1979 - وعن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مسلم يموت يوم الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر» رواه الترمذي (3) وقال حديث ليس إسناده بمتصل، وذكر السيوطي في أبياته التثبيت أن الترمذي حسن هذا الحديث، ولم أجد ذلك في نسختي من الترمذي.
_________
(1) مسلم (2/601) (883) ، أبو داود (1/294) (1129) ، وهو عند أحمد (4/95) .
(2) البزار (1/307 رقم 641/128 كشف الأستار) ، والطبراني في "الكبير" (7/264) إلا أنه زاد: «والمسلمين والمسلمات» .
(3) الترمذي (3/386) (1074) .(2/639)
1980 - وأخرجه عبد الرزاق (1) عن ابن جريج عن رجل عن ابن شهاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وقي فتنة القبر وكتب له أجر شهيد» .
1981 - وأخرجه الطبراني وأبو يعلى (2) موصولًا من حديث ابن عمرو، وله طرق أخرى أخرجها أحمد وإسحاق والطبراني (3) .
1982 - ورواه أبو نعيم (4) من حديث جابر.
[3/289] باب ما جاء في اجتماع العيد والجمعة
1983 - عن زيد بن أرقم قال: «صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - العيد ثم رخص في الجمعة فقال: من شاء أن يصلي فليصل» رواه الخمسة إلا الترمذي (5) ، وصححه ابن خزيمة وعليّ بن المديني وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وله شاهد على شرط مسلم.
1984 - وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مُجَمِّعون» رواه أبو داود وابن ماجه
_________
(1) عبد الرزاق (3/269) (5598) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (3/268) ، وعبد الرزاق (3/269) (5596) .
(3) أحمد (2/169، 176، 200) ، وعند عبد بن حميد (1/132) .
(4) أبو نعيم في "الحلية" (3/155) .
(5) أبو داود (1/281) (1070) ، النسائي (3/194) ، ابن ماجه (1/415) (1310) ، أحمد (4/372) ، الحاكم (1/425) .(2/640)
والحاكم (1) وصحح أحمد والدارقطني إرساله، ورواه البيهقي موصولًا مقيدًا بأهل العوالي وإسناده ضعيف.
1985 - وعن وهب بن كَيْسان قال: «اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فأخر الخروج حتى تعالى النهار، ثم خرج فخطب ثم نزل فصلى ولم يصلِّ الناس يومئذ الجمعة، فذكرت ذلك لابن عباس فقال: أصاب السنة» رواه النسائي (2) .
1986 - وأخرجه أبو داود (3) من طريق عطاء بن أبي رباح ورجاله رجال الصحيح، قال: «صلى بنا ابن الزبير يوم عيد في يوم جمعة أول النهار، ثم رجعنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانًا، وكان ابن عباس في الطائف، فلما قدم ذكرنا له ذلك فقال: أصاب السنة» وفي رواية له (4) : «اجتمع يوم جمعة ويوم عيد على عهد ابن الزبير فقال: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فجمعهما جميعًا فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر» .
* * *
_________
(1) أبو داود (1/281) (1073) ، ابن ماجه (1/416) (1311) ، الحاكم (1/425) ، البيهقي (3/318) .
(2) النسائي (3/194) .
(3) أبو داود (1/281) (1071) .
(4) أبو داود (1/281) (1072) .(2/641)
أبواب صلاة العيدين
[3/290] باب التجمل للعيد وكراهة حمل السلاح فيه إلا لحاجة
1987 - عن ابن عمر قال: «وجد عمر حلة من إستبرق تباع في السوق فأخذها فأتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ابتع هذا فتجمل بها للعيد والوفد، فقال: إنما هذه لباس من لا خلاق له» متفق عليه (1) .
1988 - وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس بُرْدَ حِبَرَة في كل عيد» رواه الشافعي (2) مرسلًا بإسناد ضعيف فيه إبراهيم بن محمد شيخ الشافعي، لا يحتج به.
1989 - قال في "التلخيص": ورواه الطبراني في "الأوسط" (3) من طريق سعد ابن الصلت عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليّ بن الحسين عن ابن عباس، فظهر أن إبراهيم لم يتفرد به وأن رواية إبراهيم مرسلة، وقد تقدم (4) ما يشهد لذلك في باب ما جاء في التجمل بصالح الثياب من أبواب صلاة الجمعة.
1990 - وعن سعيد بن جبير قال: «كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدميه، فلزقت قدمه بالركاب فنزلت فنزعتها وذلك بمنى، فبلغ
_________
(1) تقدم برقم (743) .
(2) الشافعي (1/74) ، ومن طريقه البيهقي (3/280) .
(3) الطبراني في "الأوسط" (7/316) .
(4) تقدم هذا الباب [3/276] .(2/642)
الحجاج فجاء يعوده فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك؟ فقال ابن عمر: أنت أصبتني! قال: وكيف؟ قال: حملت السلاح في يوم لم يكن يحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم، ولم يكن السلاح يدخل الحرم» رواه البخاري (1) وفي رواية لابن سعد (2) : «لو نعلم من أصابك عاقبناه» وفي أخرى (3) : «لو أعلم الذي أصابك لضربت عنقه» .
1991 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يلبس السلاح في بلاد الإسلام في العيدين، إلا أن يكون بحضرة العدو» رواه ابن ماجه (4) بإسناد ضعيف، وروى عبد الرزاق (5) بإسناد مرسل قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج السلاح يوم العيد» .
1992 - وعن الحسن بن علي قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتطيب بأجود ما نجد في العيد» رواه الطبراني في "الكبير"، والحاكم في "المستدرك"، و"فضائل الأوقات" للبيهقي (6) من طريق إسحاق بن برزخ وهو مجهول قاله الحاكم، وضعفه الأودي وذكره ابن حبان في الثقات.
_________
(1) البخاري (1/328) (923، 924) .
(2) ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (4/186) .
(3) ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (4/185-186) .
(4) ابن ماجه (1/417) (1314) ، وهو عند ابن عدي في "الكامل" (1/314) .
(5) عبد الرزاق (3/289) عن الضحاك بن مزاحم مرسلًا.
(6) الطبراني في "الكبير" (3/90) ، الحاكم (4/256) ، والبخاري في "التاريخ" (1/382) ، والبيهقي في "الشعب" (3/342-343) (3715) .(2/643)
[3/291] باب الخروج إلى العيد ماشيًا والتكبير وما جاء في خروج النساء
1993 - عن علي رضي الله عنه قال: «من السنة أن تخرج إلى العيد ماشيًا وأن تأكل شيئًا قبل أن تخرج» رواه الترمذي (1) ، وقال: حديث حسن، ولعل تحسين الترمذي لهذا الحديث مع أن في إسناده الحارث الأعور لشواهد له عند ابن ماجه والبزار (2) .
1994 - وعن أم عطية قالت: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرج في الفطر والأضحى العواتق والحُيَّض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة» ، وفي لفظ: «المصلى» ، وفي لفظ: «ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، فقلت: يا رسول الله! إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: لِتُلْبِسْها أختها من جلبابها» رواه الجماعة (3) وليس للنسائي ذكر الجلباب، ولمسلم وأبي داود (4) في رواية: «والحُيَّض يكن خلف النساء، يكبرن مع النساء» وللبخاري (5) : قالت أم عطية: «كنا نؤمر أن نخرج العيد حتى تخرج البكر من خدرها حتى يخرج الحُيَّض فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم» .
_________
(1) الترمذي (2/410) (530) ، وهو عند ابن ماجه (1/411) (1296) ، والبيهقي (3/281) .
(2) ابن ماجه (1/411) (1294، 1295، 1297) .
(3) البخاري (1/139، 333) (344، 938) ، مسلم (2/606) (890) ، أبو داود (1/296) (1136) ، النسائي (3/180) ، الترمذي (2/419) (539) ، ابن ماجه (1/414، 415) (1307، 1308) ، أحمد (5/84) .
(4) مسلم (2/606) (890) ، أبو داود (1/296) (1138) .
(5) البخاري (1/330) (928) .(2/644)
1995 - وعن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع صوته بالتكبير والتهليل حال خروجه إلى العيد يوم الفطر حتى يأتي المصلى» أخرجه الحاكم والبيهقي (1) ، وضعفه وصحح وقفه على ابن عمر وقد أخرجه موقوفًا عنه الشافعي (2) ، وزاد في رواية له (3) : «كان ابن عمر يغدو إلى المصلى إذا طلعت الشمس ويكبر حتى يأتي المصلى» .
قوله: «العواتق» جمع عاتق وهي المرأة المخدرة إلى أن تدرك، والخدور جمع خدر وهو الموضع الذي يصان فيه المرأة، والخدر الستر، كذا في "غريب جامع الأصول".
[3/292] باب شرعية الأكل قبل الخروج إلى المصلى في عيد الفطر
1996 - عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترًا» رواه أحمد والبخاري (4) إلا قوله: «ويأكلهن وترًا» ، فذكرها تعليقًا بلفظ: «ويأكلهن أفرادًا» ، قال في "الخلاصة" وأسندها الاسماعيلي في "صحيحه".
1997 - وعن بريدة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل ولا يأكل يوم الأضحى حتى يرجع» وفي لفظ: «حتى يصلي» رواه ابن ماجه والترمذي وابن حبان والدارقطني والحاكم والبيهقي (5) ، وصححه ابن القطان وابن حبان
_________
(1) الحاكم (1/437) ، البيهقي (3/279) .
(2) الشافعي (1/73) ، وهو عند الدارقطني (2/44) ، والحاكم (1/438) موقوفًا عن ابن عمر.
(3) الشافعي (1/73) .
(4) أحمد (3/126، 232) ، البخاري (1/325) (910) .
(5) ابن ماجه (1/558) (1756) ، الترمذي (2/426) (542) ، ابن حبان (7/52) (2812) ، الدارقطني (2/45) ، الحاكم (1/433) ، البيهقي (3/283) .(2/645)
والحاكم، وأخرجه أحمد (1) وزاد: «فيأكل من أضحيته» قال الترمذي: وفي الباب عن عليّ وأنس.
[3/293] باب ما جاء في شرعية الخروج لصلاة العيد في طريق والرجوع من أخرى وجواز الصلاة في مسجد البلد لعذر
1998 - عن جابر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق» رواه البخاري (2) .
1999 - وعن أبي هريرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج إلى العيد يرجع في غير الطريق التي خرج فيه» رواه أحمد والترمذي والحاكم (3) ، وقال البخاري: حديث جابر أصح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه".
2000 - وعن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ يوم العيد في طريق ثم رجع في طريق أخرى» رواه أبو داود وابن ماجه (4) بإسناد رجاله ثقات.
2001 - وعن أبي هريرة: «أنه أصابهم مطر في يوم عيد فصلى بهم النبي - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) أحمد (5/352) .
(2) البخاري (1/334) (943) .
(3) أحمد (2/338) ، الترمذي (2/424) (541) ، الحاكم (1/436) ، ابن حبان (7/54) (2815) ، وهو عند ابن ماجه (1/412) (1301) ، وابن خزيمة (2/362) (1468) .
(4) أبو داود (1/300) (1156) ، ابن ماجه (1/412) (1299) ، وهو عند أحمد (2/109) ، والحاكم (1/436) .(2/646)
صلاة العيد في المسجد» رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم (1) وسكت عنه أبو داود والمنذري، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وقال في "التلخيص": إسناده ضعيف، وفي "بلوغ المرام": في إسناده لين.
[3/294] باب وقت صلاة العيد وعددها
2002 - عن عبد الله بن بشر صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه خرج مع الناس يوم عيد فطر أو أضحى فأنكر إبطاء الإمام، وقال: إنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح» رواه أبو داود وابن ماجه (2) وسكت عنه أبو داود ورجاله ثقات.
2003 - وقد تقدم (3) عن ابن عمر: «أنه كان يغدو إلى المصلى إذا طلعت الشمس» .
2004 - قال في "التلخيص" (4) : وفي "كتاب الأضاحي" للحسن بن أحمد البَنَّا من طريق وكيع عن المعلى بن هلال عن الأسود بن قيس عن جندب قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا يوم الفطر والشمس على قيد رمحين والأضحى على قيد رمح» وسكت عنه في "التلخيص" ووهم صاحب "ضوء النهار" فقال: إسناده صحيح، مع أن في إسناده المعلى بن هلال رُمي بالكذب.
_________
(1) أبو داود (1/301) (1160) ، ابن ماجه (1/416) (1313) ، الحاكم (1/435) .
(2) أبو داود (1/295) (1135) ابن ماجه (1/418) (1317) وهو عند البخاري معلقًا (1/329) .
(3) تقدم برقم (1998) .
(4) التلخيص (2/167) .(2/647)
2005 - وعن عمر قال: «صلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة المسافر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -» أخرجه النسائي ورجاله رجال الصحيح، وقد تقدم (1) في صلاة السفر.
[3/295] باب شرعية صلاة العيد قبل الخطبة بغير أذان
ولا إقامة وما يقرأ فيها
2006 - عن ابن عمر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة» رواه الجماعة إلا أبا داود (2) .
2007 - وعن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم الفطر فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم خطب الناس فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن (3) » أخرجه البخاري ومسلم (4) ، وفي رواية لهما (5) : «شهدت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة» .
2008 - وعن جابر بن سمرة قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العيد غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي (6) .
_________
(1) تقدم برقم (1827) .
(2) البخاري (1/327) (920) ، مسلم (2/605) (888) ، النسائي (3/183) ، الترمذي (2/411) (531) ، ابن ماجه (1/407) (1276) ، أحمد (2/12، 38) .
(3) في الأم: أخرجهما، ولعله سهو. اهـ.
(4) البخاري (1/326، 327، 332) (915، 918، 935) ، مسلم (2/603) (885) .
(5) مسلم (2/603) (885) ، النسائي (3/186) .
(6) أحمد (5/91) ، مسلم (2/604) (887) ، أبو داود (1/298) (1148) ، الترمذي (2/412) (532) .(2/648)
2009 - وعن ابن عباس وجابر قالا: «لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى» متفق عليه (1) ، ولمسلم (2) عن عطاء قال: «أخبرني جابر أن لا أذان لصلاة يوم الفطر حين يخرج الإمام ولا بعد ما يخرج ولا إقامة ولا نداء ولا شيء» .
2010 - وعن سمرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في العيدين بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية» رواه أحمد (3) .
2011 - وعن النعمان بن بشير قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ ((سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى)) [الأعلى:1] ، و ((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)) [الغاشية:1] ، وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأ بهما» أخرجه الجماعة إلا البخاري (4) .
2012 - وعن أبي واقد الليثي وسأله عمر: «ما كان يقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأضحى والفطر؟ قال: كان يقرأ فيهما بـ ((ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)) [ق:1] ، و ((اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)) [القمر:1] » رواه الجماعة إلا البخاري (5) .
[3/296] باب في عدد التكبير في صلاة العيد ومحلها
2013 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في عيد
_________
(1) البخاري (1/327) (917) ، مسلم (2/604) (866) .
(2) مسلم (2/604) (866) .
(3) أحمد (5/7، 14) .
(4) تقدم برقم (1967) .
(5) مسلم (2/607) (891) ، أبو داود (1/300) (1154) ، النسائي (3/183) ، الترمذي (2/415) (534) ، ابن ماجه (1/408) (1282) ، أحمد (5/217، 219) .(2/649)
ثنتي عشرة تكبيرة سبعًا في الأولى وخمسًا في الآخرة، ولم يصل قبلها ولا بعدها» رواه أحمد وابن ماجه (1) ، قال العراقي: وإسناده صالح، ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال: إنه حديث صحيح.
2014 - وعن عمرو بن عوف المزني: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في العيدين في الأولى سبعًا قبل القراءة، وفي الثانية خمسًا قبل القراءة» رواه الترمذي (2) وقال: هو أحسن شيء في هذا الباب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ونقل في العلل المفردة عن البخاري أنه قال: ليس في هذا الباب شيء أصح منه وبه أقول وقال في منحة الغفار: إن الرواية عن البخاري غير صحيحة، وهم فيها ابن حجر تبعًا للبيهقي، وابن النحوي، قال في "التلخيص": وقد أنكر جماعة على الترمذي تحسينه، وأجاب النووي فقال: لعله اعتضد بشواهد وغيرها، انتهى. وإنما وقع الإنكار على الترمذي لأن في إسناد هذا الحديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ركن من أركان الكذب، وقال في تنقيح الأنظار: حسن الترمذي حديث كثير لما له من الشواهد.
2015 - وعن عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات» زاد في رواية: «سوى تكبيرتي الركوع» أخرجه أبو داود (3) وفي إسناده ابن لهيعة وفيه ضعف وقد استشهد به مسلم في موضعين من "صحيحه".
_________
(1) أحمد (2/180) ، ابن ماجه (1/410) (1292) مختصرًا.
(2) الترمذي (2/416) (536) ، وهو عند ابن ماجه (1/407) (1279) ، وابن خزيمة (2/346) (1438، 1439) .
(3) أبو داود (1/299) (1149، 1150) .(2/650)
2016 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كليهما» ، وفي أخرى: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكبر في الفطر في الأولى سبعًا ثم يقرأ، ثم يكبر، ثم يقوم فيكبر أربعًا ثم يقرأ ثم يركع» أخرجه أبو داود (1) ، قال المنذري: رواه وكيع وابن المبارك قالا: «سبعًا وخمسًا» وأخرجه ابن ماجه (2) مختصرًا: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في صلاة العيدين سبعًا وخمسًا» وفي إسناده عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي وفيه مقال وقد أخرج له مسلم في المتابعات، وقد تقدم الكلام على عمرو بن شعيب.
[3/297] باب ما جاء في الإمام يبتدئ بصلاة العيد
ولا يصلي قبلها ولا بعدها شيئًا
2017 - عن ابن عباس قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما» رواه الجماعة (3) .
2018 - وعن ابن عمر: «أنه خرج يوم عيد فلم يصل قبلها ولا بعدها وذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله» رواه أحمد والترمذي وصححه (4) .
_________
(1) أبو داود (1/299) (1151، 1152) .
(2) ابن ماجه (1/407) (1278) .
(3) البخاري (1/327، 335، 2/519، 5/2206) (921، 945، 1364، 5542) ، مسلم (2/606) (884) ، أبو داود (1/301) (1159) ، النسائي (3/193) ، الترمذي (2/417) (537) ، ابن ماجه (1/410) (1291) ، أحمد (1/340، 355) .
(4) أحمد (2/57) ، الترمذي (2/418) (538) .(2/651)
2019 - وعن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان لا يصلي قبل العيد شيئًا، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين» رواه ابن ماجه ولأحمد معناه والحاكم (1) وصححه وحسنه الحافظ في "بلوغ المرام".
2020 - وهذه الأحاديث لا تدل على جواز التنفل لغير الإمام قبل صلاة العيد وبعدها لأنها حكاية فعل ليس فيها نهي عن الصلاة في هذين الوقتين، اللهم إلا أن يصح ما رواه أحمد (2) من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: «لا صلاة يوم العيد قبلها ولا بعدها» صح الاستدلال به على المنع مطلقًا، وقد أورده الحافظ في "التلخيص" وسكت عنه. وهذا مبني على أن الصلاة في الصحراء، وأما إذا كانت صلاة العيد في مسجد ووصل أحد المؤتمين قبل الإمام ندب له أن يصلي تحية المسجد، أو وجبت عليه، على الخلاف في تحية المسجد وقد روى البيهقي عن جماعة من الصحابة منهم أنس أنهم كانوا يصلون يوم العيد قبل خروج الإمام.
[3/298] باب خطبة العيد وأحكامها
2021 - عن أبي سعيد قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى وأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس حوله على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، فإن كان مريدًا أن يقطع بعثًا أو أمر به ثم ينصرف» متفق عليه (3) .
_________
(1) ابن ماجه (1/410) (1293) ، أحمد (3/28) ، الحاكم (1/437) .
(2) أحمد (2/180) .
(3) البخاري (1/326) (913) ، مسلم (2/605) (889) ، أحمد (3/36، 42، 54) .(2/652)
2022 - وعن طارق بن شهاب قال: «أخرج مروان المنبر في يوم عيد فبدأ بالخطبة قبل الصلاة، فقام رجل فقال يا مروان! خالفت السنة، أخرجت المنبر في يوم عيد ولم يكن يخرج فيه، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة، فقال أبو سعيد: أما هذا فقد أدى ما عليه، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من رأى منكرًا فإن استطاع أن يغيره فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه (1) ، وفي البخاري (2) من حديث أبي سعيد: «فلما أتينا المصلى إذا منبر قد بناه كثير بن الصلت فإذا هو أي مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه، فجبذني وارتفع فخطب قبل الصلاة فقلت له: غيرتم والله، فقال: أبا سعيد ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها قبل الصلاة» وفي رواية له (3) : «وإذا مروان ينازعني يده كأنه يجرني نحو المنبر، وأنا أجره نحو الصلاة فلما رأيت ذلك منه قلت: أين الابتداء بالصلاة، قال: يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم، قلت: كلا، والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم ثلاث مرات ثم انصرف» .
2023 - وعن جابر قال: «شهدت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكيًا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على الطاعة ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن َّوذكرهنَّ» رواه
_________
(1) أحمد (3/20، 49) ، مسلم (1/69) (49) ، أبو داود (1/296) (1140) ، ابن ماجه (1/406) (1275) ، وهو عند الترمذي (4/469) (2172) .
(2) البخاري (1/326) (913) .
(3) مسلم (2/605) (889) .(2/653)
مسلم والنسائي (1) وفي لفظ لمسلم (2) : «فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن» .
2024 - وعن سعد المؤذن قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكبر بين أضعاف الخطبة يكثر التكبير في خطبة العيدين» رواه ابن ماجه (3) بإسناد ضعيف.
2025 - وعن عبد الله بن عبد الله بن عتبة قال: «السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس» رواه الشافعي (4) ، وعبد الله بن عبد الله تابعي فليس قوله من السنة بظاهر أنه سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
2026 - قال في "التلخيص": وقد ورد فيه حديث مرفوع رواه ابن ماجه (5) عن جابر، وفيه إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف.
2027 - وعن عطاء بن عبد الله بن السائب قال: «شهدت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العيد يوم الفطر فكبر تكبير العيد، فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب» رواه ابن ماجه وأبو داود (6) وقال: هذا يروى مرسلًا، وفي رواية للنسائي (7) : «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى
_________
(1) تقدم برقم (2010) .
(2) مسلم (2/603) (885) .
(3) ابن ماجه (1/409) (1287) .
(4) الشافعي (1/77) .
(5) ابن ماجه (1/409) (1289) .
(6) ابن ماجه (1/410) (1290) ، أبو داود (1/300) (1155) ، الحاكم (1/434) ، وهو عند ابن خزيمة (2/358) (1462) .
(7) النسائي (3/185) .(2/654)
العيد فقال: من أحب أن ينصرف فلينصرف، ومن أحب أن يقيم للخطبة فليقم» وهذا هو الحديث المسلسل بيوم العيد أرويه بالسماع يوم العيد عن مشايخي، وقد أخرجه الحاكم وقال: إنه صحيح على شرطهما.
2028 - وعن البراء: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تناول يوم العيد قوسًا يخطب عليه» أخرجه أبو داود (1) وسكت عنه هو والمنذري.
[3/299] باب الخطبة يوم النحر
2029 - عن الهرماس بن زياد قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس على ناقته العضباء يوم الأضحى بمنى» رواه أحمد وأبو داود (2) بإسناد رجاله ثقات.
2030 - وعن أبي أمامة قال: «سمعت خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى يوم النحر» رواه أبو داود (3) ورجاله ثقات.
2031 - وعن عبد الرحمن بن معاذ التميمي قال: «خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بمنى، ففتحت أسماعنا حتى كنا نسمع ما يقول ونحن في منازلنا، فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار، فوضع إصبعيه السبابتين ثم قال: بحصى الخذف، ثم أمر المهاجرين فنزلوا في مقدم المسجد، وأمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد، ثم نزل الناس بعد ذلك» رواه أبو داود والنسائي (4) بمعناه ورجال إسناده ثقات.
_________
(1) أبو داود (1/298) (1145) .
(2) أحمد (3/485، 5/7) ، أبو داود (2/198) (1954) ، وهو عند ابن خزيمة (4/310) (2953) .
(3) أبو داود (2/198) (1955) .
(4) أبو داود (2/198) (1957) ، النسائي (5/249) .(2/655)
2032 - وعن أبي بكرة قال: «خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر، فقال: أتدرون أي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى، قال: أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى، قال: أي بلدة هذه؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فكست حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس البلدة؟ قلنا: بلى، قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» رواه أحمد والبخاري (1) .
2033 - وأخرج البخاري (2) هذا الحديث من حديث ابن عباس وفيه: «أنهم أجابوا عند سؤاله أتدرون أي يوم هذا؟ قالوا: يوم حرام، وعند سؤاله عن الشهر قالوا: شهر حرام، وعند سؤاله عن البلدة قالوا: بلد حرام» ، وفي رواية للبخاري (3) : «أليس البلد الحرام؟» بغير تاء. وفي رواية (4) زيادة: «وأعراضكم» ، من حديث ابن عباس.
_________
(1) أحمد (5/37، 40، 49) ، البخاري (2/620، 4/1599، 5/2110) (1654، 4144، 5230) ، وهو عند مسلم (3/1305، 1306) (1679) .
(2) البخاري (2/619) (1652) .
(3) وهي عند ابن حبان (9/158) (3848) ، وابن أبي شيبة (7/453) ، والطبراني في "الأوسط" (1/292) .
(4) البخاري (2/619) (1652) .(2/656)
[3/300] باب حكم الهلال إذا غم ثم علم به آخر النهار
2034 - عن أبي عُمَيْر بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا: «غمَّ علينا هلال شوال فأصبحنا صيامًا، فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر الناس أن يفطروا من يومهم وأن يخرجوا لعيدهم من الغد» رواه الخمسة إلا الترمذي وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (1) ، وصححه ابن المنذر وابن السكن وابن حزم والخطابي، قال في "بلوغ المرام": إسناده صحيح، ولفظ أبي داود: «فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفطروا، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاَّهم» .
2035 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس» رواه الترمذي وصححه، وفي نسخة حسنه، وأخرجه الدارقطني (2) وقال: وقفه عليها هو الصواب.
2036 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون» رواه الترمذي (3) وحسنه وهو لأبي داود وابن ماجه (4) بدون ذكر «الصوم يوم تصومون» .
_________
(1) أبو داود (1/300) (1157) ، النسائي (3/180) ، ابن ماجه (1/529) (1653) ، أحمد (5/57، 58) ، ابن حبان (8/238) (3456) .
(2) الترمذي (3/165) (802) ، الدارقطني (2/225) .
(3) الترمذي (3/80) (697) .
(4) أبو داود (2/297) (2324) ، ابن ماجه (1/531) (1660) .(2/657)
[3/301] باب الحث على الذكر والطاعة في أيام العشر وأيام التشريق
2037 - عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع بشيء من ذلك» رواه الجماعة إلا مسلمًا والنسائي (1) .
2038 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من أيام أعظم عند الله سبحانه، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتحميد والتكبير» رواه أحمد والبيهقي في "الشعب" (2) .
2039 - والطبراني في "الكبير" (3) مرفوعًا عن ابن عباس بإسناد جيد.
2040 - وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل من أيام العشر، قيل ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله» رواه الطبراني (4) بإسناد صحيح.
2041 - وعن جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أفضل أيام الدنيا العشر يعني عشر ذي الحجة قيل ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله، إلا رجل عفر وجهه في التراب» رواه البزار بإسناد حسن وأبو يعلى (5) نحوه بإسناد
_________
(1) البخاري (1/329) (926) ، أبو داود (2/325) (2483) ، الترمذي (3/130) (757) ، ابن ماجه (1/550) (1727) ، أحمد (1/338، 346) .
(2) أحمد (2/75، 131) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3/354) (3751) ، وعبد بن حميد (1/257) (807) .
(3) الطبراني في "الكبير" (11/82) .
(4) الطبراني في "الكبير" (10/199) .
(5) أبو يعلى (4/69) (2090) .(2/658)
صحيح.
2042 - وعن نُبْيَشَة الهذلي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيام العشر أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل» رواه أحمد ومسلم والنسائي (1) ، قال البخاري (2) : وقال ابن عباس: «واذكروا الله في أيام معلومات أيام العشر والأيام المعدودات أيام التشريق، قال: وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، قالوا: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل السوق حتى يرتج منى تكبيرًا» .
2043 - وعن علي وعمار قالا: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم، ويقنت في صلاة الفجر، وكان يكبر في يوم عرفة من صلاة الصبح ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق» أخرجه الحاكم (3) وقال: هو حديث صحيح الإسناد ولا أعلم في رواته من نسب إلى الجرح، وتعقبه الذهبي في "تلخيص المستدرك" فقال بعد أن ساقه: بل خبر واه؛ لأن عبد الرحمن صاحب مناكير وسعيد إن كان الكزبري فهو ضعيف، وإلا فمجهول» ، انتهى. قلت: عبد الرحمن هو ابن سعيد المؤذن ضعيف، وسعيد هو ابن عثمان الجرار.
[3/302] باب صلاة الخوف
2044 - عن صالح بن خَوَّات عمن صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع صلاة الخوف: «أن طائفة صلت وطائفة وجاه العدوّ فصلى بالذين معه ركعة
_________
(1) أحمد (5/75، 76) ، مسلم (2/800) (1141) ، النسائي (7/170) .
(2) علق الجميع البخاري (1/329) باب فضل العمل في أيام التشريق.
(3) الحاكم (1/439) .(2/659)
ثم ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدوّ وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ثم ثبت جالسًا وأتموا لأنفسهم ثم سلم» رواه الجماعة إلا ابن ماجه واللفظ لمسلم (1) .
2045 - وفي رواية أخرى للجماعة (2) عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذه الصفة.
2046 - ووقع في المعرفة لابن مندة عن صالح بن خوات عن أبيه.
2047 - وعن ابن عمر قال: «غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل نجد فوازينا العدو فصاففناهم، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بنا فقامت طائفة معه وأقبلت طائفة على العدوّ وركع بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاءوا فركع بهم ركعة وسجد سجدتين، ثم سلم فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين» متفق عليه واللفظ للبخاري (3) .
2048 - وعن جابر قال: «شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف فصففنا صفين خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر الناس وكبرنا جميعًا ثم
_________
(1) البخاري (4/1513) (3900) ، مسلم (1/575) (842) ، أبو داود (2/13) (1238) ، الترمذي (2/456) (567) ، النسائي (3/171) ، أحمد (5/370) .
(2) البخاري (4/1514) (3902) ، مسلم (1/575) (841) ، أبو داود (2/12) (1237) ، الترمذي (2/455) (565) ، النسائي (3/178) ، ابن ماجه (1/399) (1259) ، أحمد (3/448) .
(3) البخاري (1/319) (900) ، مسلم (1/574) (839) ، أحمد (2/150) .(2/660)
ركع، وركعنا ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعًا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وقام الصف الآخر في نحر العدو، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود وقام الصف الذي يليه، انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم ثم ركع النبي - صلى الله عليه وسلم - وركعنا جميعًا ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعًا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخرًا في الركعة الأولى فقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجدوا ثم سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - وسلمنا جميعًا، قال جابر: كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائهم» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه واللفظ لمسلم (1) ، وفي رواية (2) : «ثم سجد وسجد معه الصف الأول فلما قاموا سجد الصف الثاني وتأخر الصف الأول وتقدم الصف الثاني» .
2049 - وهو لأحمد وأبي داود والنسائي (3) بهذه الصفة من حديث أبي عياش الزُّرَقي، وقال: «فصلاها مرتين مرة بعسفان ومرة بأرض سليم» . ورجال إسناد أبي داود رجال الصحيح.
2050 - وعنه قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بذات الرقاع وأقيمت الصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، فكان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أربع
_________
(1) أحمد (3/319) ، مسلم (1/574) (840) ، النسائي (3/175) ، ابن ماجه (1/400) (1260) .
(2) مسلم (1/575) (840) .
(3) أحمد (4/59-60) ، أبو داود (2/11) (1236) ، النسائي (3/177) .(2/661)
وللقوم ركعتان» متفق عليه (1) .
2051 - وللشافعي والنسائي (2) عن الحسن عن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بطائفة من أصحابه ركعتين ثم سلم ثم صلَّى بآخرين ركعتين ثم سلم» .
2052 - وعن الحسن عن أبي بكرة قال: «صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف فصلى ببعض أصحابه ركعتين ثم سلم ثم تأخروا وجاء الآخرون فكانوا في مقامهم، فصلى بهم ركعتين، ثم سلم، فصار للنبي - صلى الله عليه وسلم - أربع ركعات وللقوم ركعتان ركعتان» رواه أحمد والنسائي (3) ، وأبو داود، قال: وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسكت عنه أبو داود والمنذري.
2053 - وعن أبي هريرة قال: «صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف عام غزوة نجد، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى صلاة العصر فقامت معه طائفة، وطائفة أخرى مقابلي العدو وظهورهم إلى القبلة، فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكبروا جميعًا الذين معه والذين مقابلي العدو، ثم ركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعة واحدة وركعت الطائفة التي معه ثم سجد فسجدت الطائفة التي تليه والآخرون قيام مقابلي العدو، ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقامت الطائفة التي معه فذهبوا إلى العدو فقابلوهم، وأقبلت الطائفة التي كانت مقابلي العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم كما هو ثم قاموا فركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعة أخرى وركعوا معه وسجدوا معه، ثم أقبلت
_________
(1) البخاري (4/1515) (3906) معلقًا، مسلم (1/576) (843) ، أحمد (3/364) .
(2) الشافعي (1/57) ، النسائي (3/178) .
(3) أحمد (5/49) ، النسائي (3/178) ، أبو داود (2/17) (1248) .(2/662)
الطائفة التي كانت مقابلة العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد وممن معه ثم كان السلام فسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلموا جميعًا، فكان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتان ولكل طائفة ركعة ركعة» رواه أبو داود، وللنسائي نحوه وقال في آخره: «ولكل واحدة من الطائفتين ركعتان» هكذا ساقه في "جامع الأصول"، وفي "المنتقى" قال: «ولكل طائفة ركعتان» ، وعزاها إلى أحمد وأبي داود والنسائي (1) والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري، ورجال إسناده ثقات، ورواه أبو داود (2) من طريق آخر، وفي إسنادها محمد بن إسحاق معنعنًا، وفي رواية لأبي داود (3) قال فيها: «حين ركع بمن معه وسجد فلما قاموا مشوا القهقرى إلى مصاف أصحابهم» ولم يذكر استدبار القبلة.
2054 - وأخرج حديث أبي هريرة الترمذي (4) في كتاب التفسير: «أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يقسم أصحابه شطرين فيصلي بهم، وتقوم طائفة أخرى وراءهم وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم، ثم يأتي الآخرون ويصلون معه ركعة واحدة ثم يأخذ هؤلاء حذرهم وأسلحتهم فيكون لهم ركعة ركعة وللنبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتان» وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من حديث عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس وجابر وأبي عياش الزرقي وابن عمر وحذيفة وأبي بكر وسهل بن أبي حثمة.
_________
(1) أبو داود (2/14) (1240) ، النسائي (3/173) ، أحمد (2/320) ،
(2) أبو داود (2/14) (1241) .
(3) أبو داود (2/14) (1241) .
(4) الترمذي (5/234) (3035) .(2/663)
2055 - وعن ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بذي قَرَد وصف الناس خلفه صفين، صفًا خلفه وصفًا موازي العدو، فصلى بالذي خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء وجاءوا أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا ركعة» رواه النسائي (1) بإسناد رجاله ثقات.
2056 - وعن ثعلبة بن زهدم قال: «كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال: أيكم صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، فصلى بهؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة ولم يقضوا» رواه أبو داود (2) .
2057 - والنسائي (3) بإسناد عن زيد بن ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل صلاة حذيفة.
2058 - وحديث حذيفة قال في "بلوغ المرام": رواه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان (4) .
2059 - ومثله عند ابن خزيمة (5) عن ابن عباس.
2060 - وعن ابن عباس قال: «فرض الله الصلاة على نبيكم - صلى الله عليه وسلم - في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود
_________
(1) النسائي (3/169) ، وهو عند أحمد (1/232، 357) .
(2) أبو داود (2/16) ، وهو عند النسائي (3/167) ، وابن خزيمة (2/293) (1343) ، وابن حبان (6/182) (2425) ، وأحمد (5/385) .
(3) النسائي (3/168) (1531) .
(4) أحمد (5/183) ، النسائي (3/168) ، ابن حبان (4/121) (2870) .
(5) ابن خزيمة (2/293) (1344) .(2/664)
والنسائي (1) .
2061 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الخوف ركعة على أي وجه كان» رواه البزار (2) بإسناد ضعيف.
[3/303] باب الصلاة في شدة الخوف بالإيماء وجواز تأخيرها وتعجيلها
2062 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فإن كان خوفًا أشد من ذلك فرجالًا أو ركبانًا» رواه ابن ماجه (3) وهو للبخاري (4) في تفسير سورة البقرة بلفظ: «فإن خوفًا أشد من ذلك صلوا رجالًا قيامًا على أقدامهم أو ركبانًا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها» قال مالك: قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، انتهى. وهو في مسلم (5) من قول ابن عمر. رواه ابن خزيمة (6) من حديث مالك بلا شك ورواه البيهقي (7) من حديث موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر جزمًا، وأخرج ابن المنذر عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يخبر بهذا عن
_________
(1) أحمد (1/234، 254) ، مسلم (1/479) (686) ، أبو داود (2/17) (1247) ، النسائي (1/226، 3/119، 168) .
(2) البزار (كشف 1/326) (678) .
(3) ابن ماجه (1/399) (1258) .
(4) البخاري (4/1648) (4261) .
(5) مسلم (1/574) (839) .
(6) ابن خزيمة (2/90) (981) .
(7) البيهقي (3/260) .(2/665)
النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الحافظ ابن حجر: والراجح رفعه.
2063 - وعن عبد الله بن أنس قال: «بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خالد بن سفيان الهذلي وكان نحو عرفة أو عرفات فقال اذهب فاقتله، قال: فرأيته وقد حضرت صلاة العصر، فقلت: إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤخر الصلاة، فانطلقت أمشي وأنا أصلي أومئ إيماءً نحوه، فلما دنوت منه قال لي: من أنت؟ قلت: رجل من العرب، بلغني أنك تجمع لهذا الرجل فجئتك في ذلك، فقال: أنا لفي ذلك، فمشيت معه ساعة حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد» رواه أحمد وأبو داود (1) فسكت عنه هو والمنذري وحسن إسناده الحافظ في "الفتح"، ولا يقال إنه فعل صحابي لأن القصة في زمن الوحي ولا يقر فيه على باطل.
2064 - وعن ابن عمر قال: «نادى فينا منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم انصرف عن الأحزاب ألا يصلين أحدٌ إلا في بني قريظة، فتخوف ناس فوت الوقت، فصلوا دون قريضة، وقال آخرون: لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن فاتنا الوقت قال: فما عنف واحدًا من الفريقين» رواه مسلم (2) وفي لفظ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رجع من الأحزاب قال: لا يصلين أحد إلا في بني قريظة، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها وقال بعضهم: بل نصلي؛ لم يرد ذلك منا، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنف واحدًا منهم» رواه البخاري (3) .
_________
(1) أبو داود (2/18) (1249) ، أحمد (3/469) .
(2) مسلم (3/1391) (1770) .
(3) البخاري (1/321) (904) .(2/666)
[3/304] باب ما جاء في عدم شرعية سجود السهو في صلاة الخوف
2065 - عن ابن مسعود (1) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس في صلاة الخوف سهو» أخرجه الدارقطني (2) بإسناد ضعيف.
_________
(1) في الأصل: ابن عمر.
(2) الدارقطني (2/58) ، وهو عند الطبراني في "الكبير" (10/72) عن عبد الله بن مسعود.(2/667)
أبواب صلاة الكسوف
[3/305] باب النداء لها وصفتها
2069 - عن عبد الله بن عمرو قال: «لما كسفت الشمس على(2/668)
عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - نودي: إن الصلاة جامعة، فركع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين في سجدة ثم قام فركع ركعتين في سجدة، ثم جلي عن الشمس، قالت عائشة: ما ركعت ركوعًا قط ولا سجدت سجودًا قط كان أطول منه» متفق عليه (1) .
2067 - وعن عائشة قالت: «خسفت الشمس على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث مناديًا بالصلاة جامعة فقام فصلى أربع ركعات في ركعتين، وأربع سجدات» .
2068 - وعنها قالت: «خسفت الشمس في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد، فقام فكبر وصفّ الناس وراءه، فاقترأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قراءة طويلة، ثم كبر فركع ركوعًا طويلًا هو أدنى من القراءة الأولى، ثم ر فع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم قام فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر فركع ركوعًا هو أدنى من الركوع الأول، ثم قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم سجد، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك حتى استكمل أربع ركعات وأربع سجدات وانجلت الشمس قبل أن ينصرف، ثم قام فخطب الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات
_________
(1) البخاري (1/357) (1003) ، مسلم (2/627) (910) ، أحمد (2/175، 220) .(2/669)
الله عز وجل لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فافزعوا إلى الصلاة» متفق عليهما (1) .
2069 - وعن ابن عباس قال: «خسفت الشمس فصلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة، ثم ركع ركوعًا طويلًا، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول، ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله» متفق عليه (2) ، وفي رواية لمسلم (3) : «صلى حين كسفت الشمس ثمان ركعات في أربع سجدات» وعن علي مثل ذلك.
2070 - وفي رواية متفق عليها (4) من حديث المغيرة: «انكسفت الشمس على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم مات إبراهيم فقال: الناس انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى ينكشف» متفق عليه، وفي رواية للبخاري (5) : «حتى تتجلى» .
2071 - وله (6) من حديث أبي بكرة: «فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم» .
2072 - وعن أسماء: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى صلاة الكسوف، فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع ثم سجد فأطال السجود، ثم رفع ثم سجد فأطال السجود، ثم قام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع ثم سجد فأطال السجود، ثم رفع فسجد وأطال السجود، ثم انصرف فقال: قد دنت مني الجنة حتى لو اجترأت عليها لجئتكم بقطاف من قطافها، ودنت مني النار حتى قلت: أي رب وأنا معهم» رواه أحمد والبخاري واللفظ له (7) .
2073 - وعن جابر قال: «كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بأصحابه فأطال القيام حتى جعلوا يخرون، ثم ركع فأطال، ثم رفع فأطال، ثم ركع فأطال، ثم سجد سجدتين، ثم قام فصنع نحوًا من ذلك فكانت أربع ركعات وأربع
_________
(1) الحديث الأول أخرجه: البخاري (1/362) (1016) ، ومسلم (2/620) (901) ، وأحمد (6/58) ، والحديث الثاني أخرجه: البخاري (1/355، 356، 360، 3/1171) (999، 1000، 1009، 3031) ، مسلم (2/618، 619) (901) ، أحمد (6/76، 168) ، وهو عند أبي داود (1/305) (1177) ، والنسائي (3/132) ، والترمذي (2/449) (561) ، وابن ماجه (1/401) (1263) .
(2) البخاري (1/357، 5/1994) (1004، 4901) ، مسلم (2/626) (907) ، أحمد (1/358) .
(3) مسلم (2/627) (908) ، وهو عند أحمد (1/225) ، والنسائي (3/128) .
(4) البخاري (1/354) (996) ، مسلم (2/630) (915) ، أحمد (4/249، 253) .
(5) البخاري (1/360) (1011) .
(6) البخاري (1/353، 361) (993، 1014) ، وهو عند النسائي (3/146) ، وأحمد (5/37) .
(7) أحمد (6/350) ، البخاري (1/260) (712) ، وهو عند ابن ماجه (1/402) (1265) ، والنسائي (3/151) .(2/670)
سجدات» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (1) .
[3/306] باب ما جاء في كل ركعة ثلاثة ركوعات وأربعة وخمسة
2074 - عن جابر قال: «كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ست ركعات بأربع سجدات» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (2) .
2075 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه صلى في كسوف فقرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم سجد والأخرى مثلها» رواه الترمذي وصححه (3) .
2076 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى ست ركعات في أربع سجدات» رواه أحمد ومسلم والنسائي (4) .
2077 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في صلاة كسوف قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم سجد، والأخرى مثلها» رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود (5) وفي لفظ لأحمد ومسلم (6) : «صلى ثمان ركعات
_________
(1) أحمد (3/374، 382) ، مسلم (2/622) (904) ، أبو داود (1/306) (1179) ، وهو عند النسائي (3/136) .
(2) أحمد (3/317) ، مسلم (2/623) (904) ، أبو داود (1/306) (1178) .
(3) الترمذي (2/446) (560) ، وهو عند مسلم (2/627) (909) ، والنسائي (3/129) ، وأبي داود (1/308) (1183) .
(4) مسلم (2/621) (901) ، النسائي (3/130) ، وفي "الكبرى" (1/185) ، وابن حبان (7/70) (2830) .
(5) تقدم الحديث قريبًا (2078) .
(6) تقدمت هذه الرواية برقم (2072) .(2/671)
في أربع سجدات» .
2078 - وعن أبي بن كعب قال: «خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى بهم فقرأ سورة من الطُّول، فركع خمس ركعات وسجد سجدتين، ثم قام إلى الثانية فقرأ سورة من الطُّول فركع خمس ركعات وسجد سجدتين ثم جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى انجلى كسوفها» رواه أبو داود والحاكم والبيهقي (1) وقال: هذا سند لم يحتج الشيخان بمثله يعني لا يصلح للاحتجاج به، وقد صحح ابن السكن هذا الحديث، وقال الحاكم: رواته صادقون، وضعفه غيره.
[3/307] باب حجة من قال يصلي ركعتين في كل ركعة ركوع واحد
أو ركعتين ركعتين
2079 - عن عبد الرحمن بن سَمُرَةَ قال: «كسفت الشمس فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم في الصلاة رافع يديه فجعل يسبح ويحمد ويهلل ويكبر ويدعو حتى حسر عنها، فلما حسر عنها قرأ سورتين وصلى ركعتين» أخرجه مسلم وأبو داود مختصرًا وأحمد والنسائي (2) بمعناه.
2080 - وعن النعمان بن بشير قال: «كسفت الشمس على عهد رسول الله
_________
(1) أبو داود (1/307) (1182) ، الحاكم (1/481) ، البيهقي (3/329) ، وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/134) .
(2) مسلم (2/629) (913) ، أبو داود (1/311) (1195) ، أحمد (5/61) ، النسائي (3/124) ، وهو عند ابن خزيمة (2/310) ، والحاكم (1/478) .(2/672)
- صلى الله عليه وسلم - فجعل يصلي ركعتين ركعتين، ويسأل عنها حتى انجلت الشمس» أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم (1) وصححه ابن عبد البر، وفي لفظ (2) : «صلاها ركعتين كل ركعة بركوع» وفي لفظ (3) : «فصلوا كأحدث صلاة صليتموها» وفي أخرى (4) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى حين انكسفت الشمس مثل صلاتنا يركع ويسجد» وحديث النعمان أعله ابن أبي حاتم بالانقطاع.
2081 - ويشهد له حديث ابن عمرو عند أبي داود (5) ورجاله ثقات، قال: «انكسفت الشمس في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكد يركع، ثم ركع فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده فقال: أفّ أفّ، ثم قال: رب ألم تعدني ألا تعذبهم وأنا فيهم، ألم تعدني ألا تعذبهم وهم يستغفرون» وللنسائي معناه وفي رواية للنسائي (6) : «كسفت الشمس فركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين، وسجد سجدتين، ثم قام فركع ركعتين وسجد سجدتين» ولا يخفى أن أحاديث ركعتين في كل ركعة ركوعان قد
_________
(1) أحمد (4/267) ، أبو داود (1/310) (1193) ، النسائي (3/141) ، الحاكم (1/481) .
(2) البيهقي (3/332) ، النسائي (3/141، 145) ، وفي الكبرى (1/576، 577) ، والبزار (8/235) (3294) .
(3) النسائي (3/141) .
(4) أحمد (4/277) ، النسائي (3/145) .
(5) أبو داود (1/310) (1194) .
(6) النسائي (3/136) .(2/673)
قال جمع من الأئمة: إنها أثبت وأصح مما سواها.
[3/308] باب الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف
2082 - عن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهر في صلاة الكسوف بقراءته فصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات» أخرجاه (1) ، وفي لفظ: «صلى صلاة الكسوف فجهر بالقراءة فيها» رواه الترمذي (2) وصححه، وفي لفظ: «خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى المُصَلَّى فكبر فكبر الناس، ثم قرأ فجهر بالقراءة وأطال القيام» وذكر الحديث، رواه أحمد وأبو داود والطيالسي في مسنده وابن حبان (3) نحو ذلك.
2083 - وعن سَمُرَة قال: «صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كسوف ركعتين لا تسمع له فيها صوتًا» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم (4) وأعله ابن حزم بجهالة ثعلبة بن عباد راوية عن سمرة، قال في "المنتقى": وهذا يحتمل أنه لم يسمعه لبعده لأن في رواية مبسوطة: «أتينا والمسجد قد امتلأ» انتهى، وقال البخاري: حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة.
2084 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الأولى بالعنكبوت، وفي الثانية
_________
(1) البخاري (1/361-362) (1016) ، مسلم (2/620) (901) .
(2) الترمذي (563) .
(3) أحمد (6/76) ، أبو داود (1/307) (1180) ، الطيالسي (1/206) (1466) ، ابن حبان (7/90) (2846) .
(4) أبو داود (1/308) (1184) ، النسائي (3/140) ، الترمذي (2/451) (562) ، ابن ماجه (1/402) (1264) ، أحمد (5/23) ، ابن حبان (7/94) (2851) ، الحاكم (1/483) .(2/674)
بالروم» أخرجه الدارقطني والبيهقي (1) .
[3/309] باب الحث على الصدقة والاستغفار والذكر في الخسوف وخروج وقت الصلاة بالتجلي
2085 - عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «لقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعتاقة في كسوف الشمس» متفق عليه (2) ، وفي لفظ للبخاري (3) في كتاب العتق: «كنا نؤمر عند الكسوف بالعتاقة» .
2086 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا وصلوا» .
2087 - وعن أبي موسى قال: «خسفت الشمس فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: إذا رأيتم شيئًا من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره» متفق عليهما (4) .
2088 - وقد تقدم (5) حديث المغيرة وفيه: «فادعوا الله وصلوا حتى تنكشف» وفي رواية: «حتى تنجلي» وفي أخرى: «يكشف ما بكم» .
_________
(1) الدارقطني (2/64) ، البيهقي (3/336) .
(2) البخاري (1/359) (1006) ، أحمد (6/345) ، وهو عند أبي داود (1/310) (1192) .
(3) البخاري (2/892) (2384) .
(4) الحديث الأول تقدم برقم (2071) ، والحديث الثاني أخرجه: البخاري (1/360) (1010) ، ومسلم (2/628) (912) .
(5) تقدم برقم (2073) .(2/675)
[3/310] باب الصلاة عند الزلازل والآيات
وما يقول عند هبوب الرياح
2089 - عن ابن عباس: «أنه صلى في زلزلة ست ركعات وأربع سجدات، وقال: هكذا صلاة الآيات» رواه البيهقي (1) .
2090 - وذكر الشافعي (2) عن علي مثله دون آخره.
2091 - وعنه قال: «ما هبت ريح قط إلا جثى النبي - صلى الله عليه وسلم - على ركبته، وقال: اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابًا» رواه الشافعي والطبراني (3) وفيه: «اللهم اجعلها رياحًا ولا تجعلها ريحًا» .
2092 - وعن عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي (4) ، وقال: «كان إذا رأى الريح» .
2093 - وعن أبي بن كعب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسبوا الريح، فإذا
_________
(1) البيهقي (3/343) .
(2) الشافعي في "الأم" (7/168) وهو عند البيهقي (3/343) .
(3) الشافعي في "المسند" (1/81) ، الطبراني في "الكبير" (11/213) ، وهو عند أبي يعلى (4/341) (2456) ، وابن عدي في "الكامل" (2/353) .
(4) مسلم (2/616) (899) ، الترمذي (5/503) (3449) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6/233) .(2/676)
رأيتم ما تكرهون فقالوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها، وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها، وشر ما أمرت به» أخرجه الترمذي (1) وقال: حسن صحيح.
2094 - عن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الريح من روح الله، وروح الله يأتي بالرحمة، ويأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها» أخرجه أبو داود والحاكم والبخاري في الأدب وأخرجه النسائي وابن ماجه (2) وسكت عنه أبو داود والمنذري.
2095 - وعن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال: اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك» أخرجه الترمذي وغَرَّبه، وعزاه في الجامع الصغير إلى أحمد والحاكم والترمذي (3) .
2096 - وعن عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى شيئًا في أفق السماء ترك العمل وإن كان في صلاة خفف ثم يقول: اللهم إني أعوذ بك من شرها، فإن مطر قال: اللهم صيبًا هنيئًا» أخرجه أبو داود وابن ماجه (4) وسكت عنه أبو داود والمنذري.
_________
(1) الترمذي (4/521) (2252) ، وهو عند أحمد (5/123) ، والنسائي في "الكبرى" (6/231) .
(2) أبو داود (4/326) (5097) ، الحاكم (4/318) ، البخاري في الأدب (906) ، النسائي في "الكبرى" (6/230، 231) ، ابن ماجه (2/1228) (3727) ، وهو عند أحمد (2/267) .
(3) أحمد (2/100) ، الحاكم (4/318) ، الترمذي (5/503) (3490) ، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6/230) ، والبيهقي (3/362) ، وأبي يعلى (9/380) (5507) ، والطبراني في "الكبير" (12/318) .
(4) أبو داود (4/326) (5099) ، ابن ماجه (2/1280) (3889) .(2/677)
[3/311] باب صلاة الاستسقاء
2097 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لم ينقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين، وشدة المؤنة، وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا» رواه ابن ماجه (1) في كتاب الزهد مطولًا بإسناد ضعيف.
2098 - وعن عائشة قالت: «شكا الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، قالت عائشة: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر فكبر وحمد الله عز وجل، ثم قال: إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم عز وجل أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم ثم قال: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)) [الفاتحة:1-4] لا إله إلا الله يفعل الله ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغًا إلى حين، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين فأنشأ الله تعالى سحابة فرعدت وبرقت وأمطرت بإذن الله تعالى فلم يأت سجدة حتى سالت السيول فلما رأى سرعتهم إلى الكِنّ ضحك حتى بدت نواجذه، فقال: أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد
_________
(1) ابن ماجه (2/1332) (4019) ، وهو عند الحاكم في المستدرك (4/583) ، والطبراني في "الأوسط" (5/61-62) .(2/678)
الله ورسوله» رواه أبو داود وقال غريب وإسناده جيد، وأخرجه ابن حبان والحاكم وأبو عوانة (1) وصححه ابن السكن.
قوله: «إبان زمانه» بكسر الهمزة بعدها موحدة مشددة، أي حينه. قوله: «الكن» بكسر الكاف وتشديد النون أي البيوت.
[3/312] باب صفة صلاة الاستسقاء وجوازها قبل الخطبة وبعدها
2099 - عن أبي هريرة قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يستسقي فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة، ثم خطبنا ودعا الله عز وجل وحول وجهه نحو القبلة رافعًا يديه ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن» رواه أحمد وابن ماجه (2) ، قال في "التلخيص": حديث أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى الاستسقاء فصلى ركعتين ثم خطب» رواه أحمد وابن ماجه وأبو عوانة والبيهقي أتم من هذا قال البيهقي: تفرد به النعمان بن راشد، وقال في الخلافيات: رواته ثقات، انتهى.
2100 - وعن عبد الله بن زيد قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى فاستسقى وحول رداءه حتى استقبل القبلة وبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم استقبل القبلة فدعا» رواه أحمد (3) .
_________
(1) أبو داود (1/304) (1173) ، ابن حبان (3/217، 7/109) (991، 2860) ، الحاكم (1/476) ، وهو عند البيهقي (3/349) .
(2) أحمد (2/326) ، ابن ماجه (1/403) (1268) ، البيهقي (3/347) .
(3) أحمد (4/41) ، وهو عند مالك (1/190) .(2/679)
2101 - ولابن قتيبة (4) من حديث أنس نحوه.
2102 - وعنه قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خرج يستسقي قال: فحول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة يدعو ثم حوّل رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة» رواه أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي (1) . ورواه مسلم (2) ولم يذكر الجهر بالقراءة.
2103 - وقد تقدم (3) في حديث عائشة ذكر الخطبة قبل الصلاة.
2104 - وعن ابن عباس قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - متواضعًا متبذلًا متخشعًا مترسِّلًا متضرعًا، فصلى ركعتين كما يصلي في العيد ثم يخطب خطبتكم هذه» رواه الخمسة وصححه الترمذي أبو عوانة وابن حبان، وفي رواية: «حتى أتى المصلى فرقى المنبر ولم يخطب كخطبتكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير ثم صلى ركعتين» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه، ولم يذكر الترمذي «رقى المنبر» وأخرج الحديث الحاكم والدارقطني والبيهقي (4) .
قوله: «متبذلًا» أي لابس ثياب البذلة تاركًا لثياب الزينة تواضعًا، «متخشعًا» :
_________
(1) أحمد (4/39) ، البخاري (1/347) (978، 979) ، أبو داود (1/301) (1161) ، النسائي (3/157) ، وهو عند الترمذي (2/442) (556) .
(2) مسلم (2/611) (894) ، وهو عند ابن ماجه (1/403) (1267) .
(3) تقدم برقم (2101) .
(4) أبو داود (1/302) (1165) ، النسائي (3/156، 163) ، الترمذي (2/445) (558) ، ابن ماجه (1/403) (1266) ، أحمد (1/355) ، ابن حبان (7/112) ، ابن خزيمة (2/332) ، الحاكم (1/474) ، الدارقطني (2/68) ، البيهقي (3/344) .(2/680)
مظهر الخشوع، «متضرعًا» أي مظهر للضراعة وهي التذلل.
[3/313] باب الاستسقاء بذوي الصلاح والاستغفار
ورفع الأيدي بالدعاء وذكر أدعية مأثورة
2105 - عن أنس: «أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس ابن عبد المطلب، وقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون» رواه البخاري (1) ودليل الاستغفار قوله تعالى: ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا)) [نوح:10-11] .
2106 - وعنه قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، فكان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه» متفق عليه (2) ولمسلم (3) : «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى فأشار بظهر كفه إلى السماء» وقد وردت أحاديث في رفع اليدين عند الدعاء في غير الاستسقاء فيحمل النهي في حديث أنس على الرفع البالغ الذي يرى منه بياض الإبط.
2107 - وعنه قال: «جاء أعرابي يوم الجمعة فقال يا رسول الله! هلكت الماشية وهكلت العيال وهلك الناس، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه يدعو ورفع الناس
_________
(1) البخاري (1/342، 3/1360) (964، 3507) .
(2) البخاري (1/349) (984) ، مسلم (2/612) (895) ، أحمد (3/181، 282) .
(3) مسلم (2/612) (896) .(2/681)
أيديهم معه يدعون قال: فما خرجنا من المسجد حتى مطرنا» مختصر من البخاري (1) .
2108 - وعن ابن عباس قال: «جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! قد جئتك من عند قوم ما يتردد لهم راع ولا يخطر لهم فحل، فصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر فحمد الله ثم قال: اللهم اسقنا غيثًا مُغيثًا مُريئًا مُرِيعًا طبقًا غدقًا عاجلًا غير رائث، ثم نزل، فما يأتيه أحد من وجهة من الوجوه إلا قالوا قد أحيينا» رواه ابن ماجه (2) ورجاله ثقات، وأخرجه أبو عوانة وسكت عنه في "التلخيص".
2109 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استسقى قال: اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحيي بلدك» رواه أبو داود (3) متصلًا، ورواه مالك (4) مرسلًا، ورجحه أبو حاتم.
2110 - وعن سعد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاء في الاستسقاء: اللهم جللنا سحابًا كثيفًا قصيفًا دلوقًا ضحوكًا تمطرنا منه رذاذًا قططًا سجلًا، ياذا الجلال والإكرام» رواه أبو عوانة في "صحيحه" (5) .
قوله: «مغيثًا» بضم الميم وكسر الغين المعجمة بعدها تحتية ساكنة ثم مثلثة، هو المنقذ من الشدة. و «مريئًا» : بالهمز هو المحمود العاقبة المنمى للحيوان، و «مريعًا» بضم الميم وفتحها وكسر الراء بعدها تحتية ساكنة وعين مهملة من المراعة وهي الخصب
_________
(1) البخاري (1/348) (983) .
(2) ابن ماجه (1/404) (1270) ، والضياء في "المختارة" (9/527) (510) .
(3) أبو داود (1/305) (1176) .
(4) مالك (1/190) .
(5) أبو عوانة (2/119) .(2/682)
ويروى مربعًا بالباء الموحدة، أي منبتًا للربيع. وقوله: «طبقًا» أي عامًا، و «الغدق» الكثير، و «الرائث» المبطي، «وأحيينا» أمطرنا. قوله: «جللنا» بالجيم من التجليل، أي تعميم الأرض، «وكثيفًا» بالكاف بعدها مثلثة ثم تحتية، أي متكاثفًا، متراكمًا «وقصيفًا» بالقاف المفتوحة والصاد المهملة فمثناة تحتية بعدها فاء، هو ما كان رعده شديد الصوت وهو من أمارة المطر، «ودلوقًا» بفتح الدال المهملة وضم اللام وسكون الواو بعدها قاف، يقال خيل دلوق، أي مندفعة شديدة الدفعة، ويقال: دلق السيل على القوم أي هجم، «وضحوك» بزنة فعول، أي ذات برق، و «الرذاذ» : المطر الخفيف المستمر، و «القطط» : فوق الرذاذ، و «سجلًا» : كثير الانصباب.
[3/314] باب تحويل الإمام والناس أرديتهم في الدعاء وصفته ووقته
2111 - عن عبد الله بن زيد قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين استسقى أطال وأكثر المسألة قال: ثم تحول إلى القبلة وحول رداءه فقلبه ظهرًا لبطن وحول الناس معه» رواه أحمد (1) قال في الإلمام: إسناده على شرط الشيخين، انتهى. وفي رواية: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا يستسقي فحول رداءه وجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر، وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن، ثم دعا الله عز وجل» رواه أبو داود (2) وفي رواية: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى وعليه خميصة سوداء، فأراد أن يأخذ أسفلها فيجعله أعلاها فثقلت عليه فقلبها الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن» رواه أحمد وأبو داود (3) ورجال أبي داود رجال الصحيح وأصله في الصحيح.
_________
(1) أحمد (4/41) .
(2) أبو داود (1/302) (1163) .
(3) أحمد (4/41) ، أبو داود (1/302) (1164) .(2/683)
2112 - وقد تقدم (1) تحويل الرداء في حديث عبد الله بن زيد في الصحيح.
[3/315] باب ما يقول وما يصنع إذا رأى المطر وما يقول إذا كثر جدًا
2113 - عن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى المطر قال: اللهم صيبًا نافعًا» رواه أحمد والبخاري (2) .
2114 - وعن أنس قال: «أصابنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مطر قال: فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا: لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (3) .
2115 - وعن المطلب بن حَنْطَب: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند المطر اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق، اللهم على الظراب ومنابت الشجر، اللهم حوالينا ولا علينا» رواه الشافعي في مسنده (4) مرسلًا.
2116 - وعن شريك بن عبد الله بن عمر عن أنس: «أن رجلًا دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب، فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا ثم قال: يا رسول الله: هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغثنا، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه ثم قال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا
_________
(1) تقدم برقم (2105)
(2) أحمد (6/41) ، البخاري (1/349) (985) ، وهو عند النسائي (3/164) .
(3) أحمد (3/133، 268) ، مسلم (2/615) (898) ، أبو داود (4/326) (5100) .
(4) الشافعي في المسند (1/80) ، وهو عند البيهقي (3/356) .(2/684)
وبين سلع من بيت ولا دار قال: فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتًا، قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب، فاستقبله قائمًا، فقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها، قال: فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر، قال: فانقلعت وخرجنا نمشي في الشمس، قال شريك: فسألت أنسًا أهو الرجل الأول؟ فقال: لا أدري» متفق عليه (1) ، وفي رواية لهما (2) : «فقام ذلك الأعرابي أو غيره» وفي رواية للبخاري (3) : «فأتى الرجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وللحديث ألفاظ وروايات غير هذه.
«الظراب» : الجبل الصغير كما في "مختصر النهاية".
[3/316] باب ما جاء أن البهائم تستسقي
2117 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خرج نبي من الأنبياء يستسقي فرأى نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء، تقول: اللهم إنا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن سقياك، فقال: ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم»
_________
(1) البخاري (1/343، 344) (967، 968) ، مسلم (2/612-613) (897) ، وهو عند النسائي (3/159) .
(2) البخاري (1/349) (986) ، النسائي (3/166) .
(3) البخاري (1/348) (983) .(2/685)
رواه أحمد والدارقطني (1) ، وصححه الحاكم، وفي لفظ لأحمد (2) : «خرج سليمان عليه السلام» .
* * *
_________
(1) الدارقطني (2/66) ، الحاكم (1/473) ، وهو عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/325) .
(2) بهذا اللفظ عند عبد الرزاق (3/95) ، وابن أبي شيبة (6/62، 7/71) .(2/686)
[4] كتاب الجنائز
[4/1] باب حب لقاء الله والمبادرة بالعمل الصالح
2118 - عن عائشة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه، فقلت: يا رسول الله! أكراهية الموت فكلنا نكره الموت؟ قال: ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا بشر بوجه الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله فكره الله لقاءه» رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي (1) .
2119 - وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تحفة المؤمن الموت» رواه الطبراني (2) بإسناد جيد.
2120 - وعن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بادروا بالأعمال سبعًا، هل تنتظرون إلا فقرًا مُنسيًا، أو غنىً مُطغيا، أو مرضًا مفسدًا، أو هرمًا مفندًا، أو موتًا مجهزًا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر» رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب، وأخرجه الحاكم (3) .
_________
(1) البخاري (5/2386) (6142) معلقًا عن سعيد، ووصله مسلم (4/2066) (2685) ، الترمذي (3/379) (1067) ، النسائي (4/10) ، وهو عند ابن ماجه (2/1425) (4264) .
(2) وهو عند الحاكم (4/355) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1/137) ، والشهاب القضاعي في "مسنده" (1/120) ، والبيهقي في "الشعب" (7/171) (9884) .
(3) الترمذي (4/552) ، الحاكم (4/356) ، وهو عند أبي يعلى (11/421) (6542) ، والشهاب القضاعي في "مسنده" (2/31، 32) ، والطبراني في "الأوسط" (4/192) .(2/687)
[4/2] باب ما جاء في الإكثار من ذكر الموت والنهي عن تمنّيه لضر نزل به
وما جاء أن المؤمن من يموت بعرق الجبين
2121 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أكثروا ذكر هاذم اللذات الموت» رواه أحمد والترمذي وحسَّنه والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم وابن السكن (1) وأعله الدارقطني بالإرسال.
2122 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتمنينَّ أحدكم الموت لضرِّ نزل به، فإن كان لا بد متمنيًا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيرًا لي» متفق عليه (2) .
2123 - وعن خبّاب: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهانا أو نهى أن نتمنى الموت» رواه الترمذي (3) وقال: حديث حسن صحيح.
2124 - وعن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتمنينَّ أحدكم الموت إما محسنًا فلعلَّه يزداد، وإما مسيئًا فلعله يستعتب» رواه البخاري والنسائي (4) .
_________
(1) أحمد (2/292-293) ، الترمذي (4/553) (2307) ، النسائي (4/4) ، ابن ماجه (2/1422) (4258) ، ابن حبان (7/259) (2992) ، الحاكم (4/357) .
(2) البخاري (5/2146، 2337) (5347، 5990) ، مسلم (4/2064) (2680) ، أحمد (3/101، 104، 171، 195، 208، 247) وهو عند أبي داود (3/188) (3108، 3109) ، والنسائي (4/3) ، والترمذي (3/302) (971) ، وابن ماجه (2/1425) (4265) .
(3) الترمذي (3/301) (970) ، وهو عند أحمد (5/110) .
(4) البخاري (6/2644) (6808) ، النسائي (4/2) ، وهو عند أحمد (2/263) .(2/688)
.. ولمسلم (1) : «لا يتمنينّ أحدكم الموت، ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات انقطع أمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرًا» .
2125 - وعن بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤمن من يموت بعرق الجبين» رواه الخمسة إلا أحمد وابن ماجه (2) وصححه ابن حبان وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
[4/3] باب عيادة المريض
2126 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس» متفق عليه (3) .
2127 - وعن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في مخرفة الجنة حتى يرجع» رواه أحمد ومسلم والترمذي (4) .
2128 - وعن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا عاد المسلم أخاه مشى في خرافة الجنة حتى يجلس، فإذا جلس غمرته الرحمة، فإن كان غداة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن كان مساءً صلى عليه
_________
(1) مسلم (4/2065) (2682) .
(2) الترمذي (3/310) (982) ، النسائي (4/5) ، ابن حبان (7/281) (3011) ، وهو عند ابن ماجه (1/467) (1452) ، وأحمد (5/350) ، والحاكم (1/513) .
(3) البخاري (1/418) (1183) ، مسلم (4/1704) (2162) ، أحمد (2/540) .
(4) أحمد (5/276، 277، 279، 282، 283) ، مسلم (4/1989) (2568) ، الترمذي (3/299، 300) (967، 968) .(2/689)
سبعون ألف ملك حتى يصبح» رواه أحمد وابن ماجه (1) وللترمذي وأبي داود (2) ونحوه لفظ أبي داود عن على قال: «ما من رجل يعود مريضًا ممسيًا إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريف في الجنة» وقال أبو داود: أسند هذا عن علي من غير وجه صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، انتهى. وقال الترمذي: إنه حسن غريب، وقال المنذري: رواه ابن حبان في "صحيحه" (3) مرفوعًا ولفظه: «ما من مسلم يعود مسلمًا، إلا بعث الله له سبعين ألف ملك يصلون عليه في أي ساعات النهار حتى يصبح» ورواه الحاكم (4) مرفوعًا بنحو الترمذي وقال: صحيح على شرطهما.
2129 - وعن زيد بن أرقم قال: «عادني النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجع كان بعيني» رواه أحمد وأبو داود والبخاري في "الأدب المفرد" وصححه الحاكم (5) .
2130 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جاء الرجل يعود مريضًا، فليقل: اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدوًّا، أو يمشي لك إلى جنازة» رواه أبو داود (6) وقال: قال ابن السرح: إلى صلاة، وسكت عنه أبو داود والمنذري.
_________
(1) أحمد (1/81) ، ابن ماجه (1/463) (1442) .
(2) الترمذي (3/300) (967) ، أبو داود (3/185) (3098) .
(3) ابن حبان (7/224) (2957) .
(4) الحاكم (1/492) .
(5) أحمد (4/375) ، أبو داود (3/186) (3102) ، البخاري في "الأدب" (532) ، الحاكم (1/492) ، وهو عند البيهقي (3/381) .
(6) أبو داود (3/187) (3107) ، وهو عند أحمد (2/172) .(2/690)
2131 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من عاد مريضًا لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله عز وجل من ذلك المرض» أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري (1) .
2132 - وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته، أو قال: على يده فسأله كيف هو، وتمام تحياتكم بينكم المصافحة» أخرجه الترمذي، وقال: إسناده ليس بذلك، وذكر السيوطي الحديث في تعقباته، وقال: أخرجه أحمد والترمذي والبيهقي في "الشعب" (2) وذكر له شواهد.
2133 - ثم قال: وقد روي من حديث عائشة أخرجه أبو يعلى (3) بسند رجاله موثقون.
2134 - وفي حديث عائشة بنت سعد بن مالك أن أباها قال: «جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني ووضع يده على جبهتي، ثم مسح صدري وبطني، وقال: اللهم اشف سعدًا، واتمم له هجرته» أخرجه أبو داود (4) وفي رواية للبخاري (5) : «ثم
_________
(1) أبو داود (3/187) (3106) ، الترمذي (4/410) (2083) ، النسائي في "الكبرى" (6/258) ، ابن حبان (7/240) (2975) ، الحاكم (1/493) ، أحمد (1/239) .
(2) الترمذي (5/76) (2731) ، أحمد (5/259) ، البيهقي في "الشعب" (6/472) (8948) .
(3) لم نجده.
(4) أبو داود (3/187) (3104) .
(5) البخاري (5/2142) (5335) .(2/691)
وضع يده على جبهتي، ثم مسح وجهي وبطني» .
2135 - وعن أبي سعيد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا دخلتم على مريض فنفسوا له من أجله، فإن ذلك يطيب نفسه» أخرجه الترمذي (1) وضعفه.
[4/4] باب عيادة أهل الكتاب
2136 - عن أنس: «أن غلامًا من اليهود كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرض، فأتاه يعوده وعرض عليه الإسلام فأسلم» وفي رواية: «فأتاه يعوده فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار» أخرجه البخاري وأبو داود (2) وفي رواية لأحمد (3) : «أن غلامًا يهوديًا كان يضع للنبي - صلى الله عليه وسلم - وضوءه ويناوله نعليه فمرض» فذكر الحديث.
[4/5] باب ما جاء فيمن كان آخر قوله لا إله إلا الله وتلقين المحتضر وتوجيهه القبلة وتغميض الميت والقراءة عنده
2137 - عن معاذ قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من كان آخر قوله لا إله إلا الله دخل الجنة» رواه أحمد وأبو داود والحاكم (4) وفي إسناده صالح بن أبي عريب، قال في "التلخيص": وأعله بن القطان لصالح بن أبي عريب وأنه لا
_________
(1) الترمذي (4/412) (2087) ، وهو عند ابن ماجه (1/462) (1438) .
(2) البخاري (1/455) (1290) ، أبو داود (3/185) (3095) ، وهو عند أحمد (3/227) .
(3) أحمد (3/175) .
(4) أحمد (5/233، 247) ، أبو داود (3/190) (3116) ، الحاكم (1/503، 678) .(2/692)
يعرف، وتعقب بأنه رواه عنه جماعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "الخلاصة": قال الحاكم: صحيح الإسناد، وخالف ابن القطان فأعله بما هو غلط منه كما أوضحته في الأصل (1) .
2138 - وعن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة» أخرجه مسلم والبخاري في باب اللباس (2) .
2139 - وفي "الترغيب والترهيب" من حديث أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعًا: «من قال لا إله إلا الله في مرضه ثم مات لم تطعمه النار» رواه الترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" (3) .
2140 - وعن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» رواه الجماعة إلا البخاري (4) .
2141 - وعن عبيد الله بن عمير وكانت له صحبة: «أن رجلًا قال: يا رسول الله! ما الكبائر؟ قال هي تسع: الشرك، والسحر، وقتل النفس، وأكل الربا وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات، وعقوق الوالدين،
_________
(1) يعني به "البدر المنير"، وهو أصل "الخلاصة".
(2) البخاري (5/2193) (5489) ، مسلم (1/95) (94) .
(3) الترمذي (5/492) (3430) ، النسائي في "الكبرى" (6/12) ، ابن ماجه (2/1246) (3794) ، ابن حبان (3/131) إلا أنه لم يذكر وجه الشاهد.
(4) مسلم (2/631) (916) ، أبو داود (3/190) (3117) ، النسائي (4/5) ، الترمذي (3/306) (976) ، ابن ماجه (1/464) (1445) ، أحمد (3/3) .(2/693)
واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياءً وأمواتًا» رواه أبو داود والنسائي والحاكم (1) في إسناده أيوب بن عقبة وهو ضعيف، وقد اختلف عليه فيه.
2142 - قال في "التلخيص": واستدل له أيضًا بما رواه الحاكم والبيهقي (2) عن قتادة: «أن البراء بن معرور أوصى أن يوجه القبلة إذا احتضر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أصاب الفطرة» .
2143 - وحديث البراء بن عازب: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن» وفيه: «فإن مت مت على الفطرة» رواه أحمد والبخاري وقد تقدم (3) في الوضوء.
2144 - وعن شداد بن أوس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا حضرتكم موتاكم فأغمضوا البصر، فإن البصر يتبع الروح، وقولوا خيرًا فإنه يؤمن على ما قال أهل الميت» رواه أحمد وابن ماجه والحاكم والطبراني في "الأوسط" والبزار (4) ، وفي إسناده قَزَعَة بن سويد بفتح القاف والزاي والعين، قال أبو حاتم: محله الصدق ليس بذاك القوي.
2145 - وعن أم سلمة قالت: «دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه، ثم قال: إن الروح إذا قبض أتبعه البصر فصاح ناس من أهله،
_________
(1) أبو داود (3/115) (2875) ، النسائي (7/89) ، الحاكم (1/127، 4/288) .
(2) الحاكم (1/505) ، البيهقي (3/384) .
(3) تقدم برقم (399) .
(4) أحمد (4/125) ، ابن ماجه (1/468) (1455) ، الحاكم (1/503) ، الطبراني في "الأوسط" (1/303، 6/118) ، وفي "الكبير" (7/291) ، البزار (8/402-403) (3478) .(2/694)
فقال: لا تدعوا إلا بخير، فإن الملائكة تؤمن على ما تقولون، ثم قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وافسح له في قبره ونوِّر له فيه، واخلفه في عقبه» رواه مسلم (1) .
2146 - وعن معقل بن يسار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرءوا يس على موتاكم» رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد ولفظه: «يس قلب القرآن، لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له، واقرءوها على موتاكم» والحديث أخرجه النسائي وابن حبان وصححه والحاكم (2) وصححه، وأعله ابن القطان بالاضطراب وغيره، وضعفه الدارقطني.
[4/6] باب المبادرة إلى تجهيز الميت وقضاء دينه والتشديد في الدين
2147 - عن ابن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره» رواه الطبراني (3) ، قال الحافظ بإسناد حسن.
2148 - وعن الحصين بن وَحْوَح أن طلحة بن البراء مرض فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده فقال: «إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجلوا، فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله» رواه أبو داود (4) وسكت عنه هو والمنذري، قال أبو القاسم البغوي: ولا أعلم روى هذا الحديث غير سعيد بن
_________
(1) مسلم (2/634) (920) .
(2) أبو داود (3/191) (3121) ، ابن ماجه (1/466) (1448) ، أحمد (5/26 و27) ، النسائي (6/265) ، ابن حبان (7/269) (3002) ، الحاكم (1/753) .
(3) الطبراني في "الكبير" (12/444) .
(4) أبو داود (3/200) (3159) ، وهو عند البيهقي (3/386) .(2/695)
عثمان البلوي وهو غريب، انتهى. وقد وثق سعيدًا المذكور ابن حبان وفي إسناده أيضًا مجهولان.
2149 - وعن علي رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاث يا علي لا تؤخرن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفوًا» رواه أحمد والترمذي بمعناه، وقال: هذا حديث غريب، وما أرى إسناده بمتصل، انتهى. وعدم الاتصال لأن في إسناده عمر بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قيل: ولم يسمع منه، وقال أبو حاتم: إنه سمع وقد أعله الترمذي أيضًا بجهالة سعيد بن عبد الله الجهيني، وعده ابن حبان في الثقات، وأخرجه ابن ماجه، والحاكم وقال: صحيح غريب، وابن حبان وغيرهم (1) .
2150 - ويشهد له حديث «أسرعوا بالجنازة» أخرجه الجماعة من حديث أبي هريرة وسيأتي (2) .
2151 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه» رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه"، وقال الترمذي: حديث حسن، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين (3) .
2152 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «كنا جلوسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أتي
_________
(1) أحمد (1/105) ، الترمذي (1/320، 3/387) (171، 1075) ، ابن ماجه (1/476) (1486) ، الحاكم (2/176) .
(2) سيأتي برقم (2305) .
(3) أحمد (2/440، 475) ، ابن ماجه (2/806) (2413) ، ابن حبان (7/331) (3061) ، الترمذي (3/389) (1078، 1079) ، الحاكم (2/32) .(2/696)
بجنازة، فقالوا: صل عليها، فقال هل عليه دين؟ قالوا: لا، قال: فهل ترك شيئًا؟ قالوا: لا. فصلى، ثم أتي بجنازة أخرى، فقالوا: يا رسول الله! صلِّ عليها، قال: هل عليه دين؟ قيل: نعم، قال: فهل ترك شيئًا؟ قالوا: ثلاثة دنانير فصلى عليها، ثم أتي بالثالثة، فقالوا: صلِّ عليها، فقال: هل ترك شيئًا؟ قالوا: لا. قال: هل عليه دين؟ قالوا: ثلاثة دنانير، قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: صلِّ يا رسول الله وعلي دينه، فصلى عليه» أخرجه البخاري (1) .
2153 - وعن محمد بن عبد الله بن جحش قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث توضع الجنائز، فرفع رأسه قبل السماء ثم خفض بصره فوضع يده على جبهته، فقال: سبحان الله! سبحان الله! ماذا أنزل من التشديد، قال: فعرفنا وسكتنا، حتى إذا كان من الغد سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما التشديد الذي نزل؟ قال: في الدين والذي نفسي بيده لو قتل رجل في سبيل الله ثم عاش ثم قتل وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضي دينه» رواه النسائي والطبراني في "الأوسط"، والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد (2) .
2154 - وعن جابر قال: «توفى رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه، ثم أتينا به رسول الله عليه وسلم يصلي عليه، فقلنا نصلي عليه فخطى خطوة، ثم قال: أعليه دين؟ فقلنا: ديناران، فانصرف فتحملها أبو قتادة فأتيناه، فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منه الميت؟ قال:
_________
(1) البخاري (2/799-800) (2168) .
(2) النسائي (7/314) وفي "الكبرى" (4/57) ، والطبراني في "الكبير" (19/248) ، والحاكم (2/29) .(2/697)
نعم. فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران؟ قلت: إنما مات أمس، قال فعاد إليه من الغد فقال: قد قضيتهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الآن بردت عليه جلدته» رواه أحمد بإسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وأبو داود وابن حبان في "صحيحه"، وسيأتي (1) إن شاء الله في كتاب الحوالة.
2155 - وعن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من فارق الروح الجسد وهو برئ من ثلاث دخل الجنة: الغلول، والدين، والكبر» رواه الترمذي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، واللفظ له (2) .
2156 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات وعليه دينار أو درهم قضى من حسناته ليس ثم دينار ولا درهم» رواه ابن ماجه (3) بإسناد حسن.
2157 - وعن أبي أمامة مرفوعًا: «من تداين بدين وفي نفسه وفاؤه، ثم مات تجاوز الله عنه وأرضى غريمه بما شاء، ومن تداين بدين وليس في نفسه وفاؤه، ثم مات اقتص الله تعالى لغريمه يوم القيامة» رواه الحاكم (4) عن بشير بن نمير وهو متروك.
2158 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله» رواه البخاري وابن ماجه (5) وغيرهما.
_________
(1) سيأتي برقم (3743) .
(2) الترمذي (4/138) (1573) ، ابن ماجه (2/806) (2412) ، ابن حبان (1/427) (198) ، الحاكم (2/31) ، وهو عند أحمد (5/276، 277، 282) .
(3) ابن ماجه (2/807) (2414) .
(4) الحاكم (2/28) .
(5) البخاري (2/841) (2257) ، ابن ماجه (2/806) (2411) .(2/698)
2159 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حمل من أمتي دينًا، ثم جهد في قضائه، ثم مات قبل أن يقضيه فأنا وليه» رواه أحمد (1) بإسناد جيد.
2160 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرءوا إن شئتم ((النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)) [الأحزاب:6] فأيما مؤمن مات وترك مالًا فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينًا أو ضياعًا فليأتني فأنا مولاه» أخرجه البخاري، وأخرج نحوه أحمد وأبو داود والنسائي (2) .
2161 - وأخرج أحمد وأبو يعلى (3) من حديث أنس: «من ترك مالًا فلأهله، ومن ترك دينًا فعلى الله ورسوله» .
2162 - وعن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بالرجل المتوفى فيسأل: هل ترك لدينه قضاء؟ فإن حدث أنه ترك لدينه وفاءً صلى وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم، قال: فلما فتح الله على رسوله كان يصلي ولا يسأل عن الدين، وكان يقول: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينًا أو كَلًا أو ضياعًا فعليَّ وإليَّ، ومن ترك مالًا فلورثته» أخرجه البخاري والنسائي والترمذي (4) وحسنه.
_________
(1) أحمد (6/74) ، وهو عند عبد بن حميد (1/440) ، والطبراني في "الأوسط" (9/134) ، وأبو يعلى (8/252) (4838) ، والبيهقي (7/22) .
(2) سيأتي برقم (4103) .
(3) أحمد (3/215) ، أبو يعلى (7/305) .
(4) البخاري (2/805، 5/2054) (2176) ، النسائي (4/66) ، الترمذي (3/382) (1070) ، وهو عند مسلم (3/1237) (1619) .(2/699)
[4/7] باب ما جاء في تسجية الميت وتقبيله
2163 - عن جابر: «جيء بأبي يوم أحد وقد قتل ثم وضع بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد سجي بثوب» الحديث أخرجه البخاري (1) .
2164 - وعن عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجَّى ببرد حِبرة» متفق عليه (2) .
2165 - وعنها: «أن أباها دخل فبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مسجى ببرد فكشف عن وجهه وأكب عليه فقبله» رواه أحمد والبخاري والنسائي (3) .
2166 - وعنها وابن عباس: «أن أبا بكر قبَّل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته» رواه البخاري والنسائي وابن ماجه (4) .
2167 - وعنها قالت: «قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن مظعون وهو ميت حتى رأيت الدموع تسيل على وجهه» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي (5) وصححه وفي إسناده عاصم العمري ضعيف.
* * *
_________
(1) البخاري (1/434) (1231) ، وهو عند النسائي (4/11) .
(2) البخاري (5/2189) (5477) ، مسلم (2/651) (942) ، أحمد (6/89) .
(3) أحمد (6/117) ، البخاري (1/418) (1184) ، النسائي (4/11) .
(4) البخاري (4/1618) (4188) ، النسائي (4/11) ، ابن ماجه (1/468) (1457) ، وهو عند أحمد (1/229) ، وابن حبان (7/299) .
(5) أحمد (6/43، 55) ، ابن ماجه (1/468) (1456) ، الترمذي (3/314) (989) ، وهو عند أبي داود (3/201) (3163) .(2/700)
أبواب غسل الميت
[4/8] باب ما جاء في وجوبه والستر عليه وأن يليه الأقرب فالأقرب
2168 - عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الذي سقط عن راحلته فمات: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين» متفق عليه (1) .
2169 - وسيأتي (2) في حديث أم عطية في غسل ابنته - صلى الله عليه وسلم - قال: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر» متفق عليه.
2170 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من غسل ميتًا فأدى فيه الأمانة، ولم يفش ما يكون منه عند ذلك، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وقال: لِيَلهِ أقربكم إن كان يعلم، فإن لم يكن يعلم فمن ترون عنده حظًا من ورع وأمانة» رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" (3) ، وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف.
2171 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة» متفق عليه (4) .
2172 - وقد تقدم (5) حديث علي: «لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ
_________
(1) سيأتي برقم (2208) .
(2) سيأتي برقم (2188) .
(3) أحمد (6/119، 122،) ، الطبراني في "الأوسط" (7/297) .
(4) البخاري (2/862) (2310) ، مسلم (4/1996) (2580) ، أحمد (2/91) .
(5) تقدم برقم (722) .(2/701)
حي ولا ميت» أخرجه أبو داود وابن ماجه، والحاكم بإسناد ضعيف.
[4/9] باب ثواب الغسل والترغيب في غسل الميت
2173 - عن أبي رافع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من غسل ميتًا فكتم عليه غفر له أربعين كبيرة، ومن حفر لأخيه قبرًا حتى يجنه فكأنما أسكنه مسكنًا حتى يبعث» رواه الطبراني في "الكبير"، قال المنذري: ورواته محتج بهم في الصحيح، ورواه الحاكم (1) وقال: صحيح على شرط مسلم.
2174 - وتقدم (2) في الباب الذي قبل هذا حديث عائشة وفيه: «خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» .
[4/10] باب ما جاء في غسل أحد الزوجين للآخر
2175 - عن عائشة قالت: «رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعًا في رأسي وأقول: وا رأساه، فقال: بل أنا وا رأساه، وما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك» رواه أحمد وابن ماجه والدارمي وابن حبان وصححه، والدارقطني والبيهقي (3) بإسناد فيه ابن إسحاق، وقد تابعه صالح بن كيسان عند أحمد والنسائي (4) .
_________
(1) الطبراني في "الكبير" (1/315) ، الحاكم (1/505، 516) .
(2) تقدم برقم (2173) .
(3) أحمد (6/228) ، ابن ماجه (1/470) (1465) ، الدارمي (1/51) (80) ، ابن حبان (14/551) (6586) ، الدارقطني (2/74) ، البيهقي (3/396) .
(4) أحمد (6/144) ، النسائي في "الكبرى" (4/252، 253) .(2/702)
2176 - وعن عائشة أنها كانت تقول: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نساؤه» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه (1) ، وسكت عنه أبو داود والمنذري، ورجاله ثقات، إلا ابن إسحاق وقد عنعن، وقد أخرج الدارقطني (2) : «أن فاطمة أوصت أن يغسلها علي فغسلها» ، وقد أخرج نحوه البيهقي (3) بإسناد حسن.
[4/11] باب ترك غسل الشهيد وما جاء فيه إذا كان جنبًا
2177 - عن جابر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في الثوب الواحد ثم يقول: أيهم أكثر أخذًا للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم» رواه البخاري والنسائي وابن ماجه والترمذي (4) وصححه.
2178 - ولأحمد (5) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في قتلى أحد: «لا تغسلوهم فإن كل جرح أو كل دم يفوح مسكًا يوم القيامة، ولم يصل عليهم» قال في شرح "المنتقى": وهي رواية لامطعن في إسنادها.
_________
(1) أحمد (6/267) ، أبو داود (3/196) (3141) ، ابن ماجه (1/470) (1464) ، وهو عند الحاكم (3/61) ، والبيهقي (3/387) ، وابن حبان (14/595) (6627) .
(2) الدارقطني (2/79) .
(3) البيهقي (3/396) .
(4) البخاري (1/450، 452، 454) (1278، 1282، 1288) ، النسائي (4/62) ، ابن ماجه (1/485) (1514) ، الترمذي (3/354) (1036) ، وهو عند أبي داود (3/196) (3138) .
(5) أحمد (3/299) .(2/703)
2179 - وعن ابن عباس: «أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم» أخرجه أبو داود وابن ماجه (1) بإسناد ضعيف.
2180 - وللنسائي (2) من حديث عبد الله بن ثعلبة مرفوعًا: «زملوهم بثيابهم، فإنه ليس أحد يكلم في سبيل الله إلا أتى يوم القيامة جرحه بدماء لونه لون دم وريحه ريح مسك» .
2181 - وعن محمود بن لبيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن صاحبكم لتغلسه الملائكة يعني حنظلة، فاسألوا أهله: ما شأنه؟ فسألت صاحبته، فقالت: خرج وهو جنب حين سمع الهائعة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك غسلته الملائكة» رواه ابن إسحاق في المغازي (3) .
2182 - وأخرجه أيضًا ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وصححه والبيهقي (4) من حديث أبي الزبير.
2183 - والحاكم في "الإكليل" من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف. وقد أخرج الطبراني (5) عن ابن عباس بإسناد قال الحافظ لا بأس به قال: «أصيب
_________
(1) أبو داود (3/195) (3134) ، ابن ماجه (1/485) (1515) ، وهو عند أحمد (1/247) .
(2) النسائي (4/78، 6/29) .
(3) ابن إسحاق في السيرة (ص312) ومن طريقه البيهقي في دلائل النبوة (3/246) ، وفي السنن "الكبرى" (4/15) .
(4) ابن حبان (15/495) (7025) ، الحاكم (3/225) ، البيهقي (4/15) .
(5) الطبراني في "الكبير" (11/391، 395) ، وهو عند البيهقي (4/15) .(2/704)
حمزة بن عبد المطلب وحنظلة وهما جنب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رأيت الملائكة تغسلهما» قال في "الفتح": وهو غريب في ذكر حمزة.
2184 - وعن ابن سلامة عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أغرنا على حي من جهينة فطلب رجل من المسلمين رجلًا منهم فضربه وأخطأه وأصاب نفسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخوكم يا معشر المؤمنين! فابتدره الناس فوجدوه قد مات، فلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثيابه ودمائه وصلى عليه ودفنه، فقالوا: يا رسول الله! أشهيد؟ قال: نعم، وأنا له شهيد» رواه أبو داود (1) وقال: إنما هو عن زيد بن سلام عن جده أبي سلام.
قوله: «الهائعة» هي الصوت الشديد، وفعل الملائكة لا يدل على شرعية الغسل لمن كان جنبًا من الشهداء، لم نؤمر بالاقتداء بهم. قوله: «وصلى عليه» أي دعا له جمعًا بين هذا الحديث والأحاديث الصحاح القاضية بعدم الصلاة على الشهيد، وسيأتي إن شاء الله في باب ما جاء في ترك الصلاة على الشهيد.
[4/12] باب صفة الغسل
2185 - عن أم عطية قالت: «دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفيت ابنته فقال: اغْسِلْنَها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن بماء وسدر، واجعلن في الأخيرة كافورًا أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني، فلما فرغنا آذناه، فأعطانا
_________
(1) أبو داود (3/21) (2539) ، وهو عند البيهقي (8/110) .(2/705)
حقوه فقال: أشْعِرْنها إياه يعني إزاره» رواه الجماعة (1) . وفي رواية لهم (2) : «ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها» وفي لفظ: «اغسلنها وترًا ثلاثا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن» وفيه قالت: «فظفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها» متفق عليهما (3) ، وليس لمسلم: «فألقيناها خلفها» وفي رواية لهما (4) : «دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نغسل ابنته» وفي مسلم (5) «أنها زينب زوج أبي العاص بن الربيع» ووقع عند ابن ماجه (6) بإسناد على شرط الشيخين أنها أم كلثوم، والجمع ممكن بأن تكون أم عطية غسلتهما معًا فإنها كانت غاسلة الميتات.
2186 - وعن عائشة قالت: «لما أرادوا غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختلفوا فيه فقالوا: والله ما ندري كيف نصنع أنجرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه؟ قالت: فلما اختلفوا أرسل الله عليهم السنة حتى والله ما من القوم من رجل إلا ذقنه في صدره نائمًا قالت: ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من
_________
(1) البخاري (1/422) (1195) ، مسلم (2/646) (939) ، أبو داود (3/197) (3142) ، النسائي (4/28) ، الترمذي (3/315) (990) ، ابن ماجه (1/468) (1458) ، أحمد (5/84) .
(2) البخاري (1/73، 423) (73، 1197، 1198) ، مسلم (2/648) (939) ، أبو داود (3/197) (3145) ، النسائي (4/30) (1884) ابن ماجه (1/469) (1459) ، أحمد (6/408) .
(3) البخاري (1/423، 425) (1196، 1204) ، مسلم (2/647) (939) ، أبو داود (3/197) (3144) ، النسائي (4/30) (1885) ، ابن ماجه (1/469) (1459) ، أحمد (6/408) .
(4) البخاري (1/423) (1196) ، مسلم (2/646) (939) .
(5) مسلم (2/648) (939) .
(6) ابن ماجه (1/468) (1458) .(2/706)
هو اغسلوا النبي وعليه ثيابه، قالت: فبادروا إليه فغسلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في قميص يفاض عليه الماء والسدر وتدلك الرجال بالقميص» رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم (1) .
2187 - وعن بريدة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غُسِل في قميصه» رواه ابن ماجه والبيهقي والحاكم (2) وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأخرج الدارقطني في "سننه" (3) من حديث بريدة قال: «لما أخذوا في غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - نادى بهم مناد من الداخل لا تنزعوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قميصه» قال الدارقطني: تفرد به عمرو بن يزيد عن علقمة، قال المنذري: وعمرو بن يزيد هذا هو أبو بردة التميمي ولا يحتج به، وفي إسناده محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام عليه، انتهى.
* * *
_________
(1) تقدم برقم (2179) .
(2) ابن ماجه (1/471) (1466) ، البيهقي (3/387) ، الحاكم (1/505، 515) .
(3) لم نجده فيه، وهو نفسه الحديث السابق.(2/707)
أبواب الكفن وتوابعه
[4/13] باب التكفين من رأس المال
2188 - عن خباب بن الأرت: «أن مصعب بن عمير قُتِلَ يوم أحد ولم يترك إلا نَمِرًة، فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا رجليه بدا رأسه، فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نغطي رأسه ونجعل على رجليه شيئًا من الإذخر» رواه الجماعة إلا ابن ماجه (1) .
2189 - وعنه: «أن حمزة لم يوجد له كفن إلا برد ملحا إذا جعل على قدميه قلصت عن رأسه، حتى مدت على رأسه وجعل على قدميه الإذخر» رواه أحمد (2) .
2190 - وأخرجه الحاكم (3) عن أنس.
قوله: «نمرة» هي الشملة التي فيها خطوط بيض وسود أو برد من صوف. قوله: «برد ملحا» الملحا هي التي فيها خطوط سود وبيض.
[4/14] باب ما جاء في شرعية إحسان الكفن والنهي عن المغالاة فيه
2191 - عن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وَلِيَ أحدكم أخاه
_________
(1) البخاري (3/1415، 1425، 4/1487، 1498، 5/2369) (3684، 3701، 3821، 3854، 6083) ، مسلم (2/649) (940) ، أبو داود (3/116، 199) (2876، 3155) ، النسائي (4/38) ، الترمذي (5/692) (3853) ، أحمد (5/111، 6/395) .
(2) أحمد (5/111، 6/395) .
(3) الحاكم (2/131) .(2/708)
فليحسن كفنه» رواه ابن ماجه والترمذي (1) وحسنه، ورجال إسناده ثقات.
2192 - وعن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب يومًا فذكر رجلًا من أصحابه قبض وكفِّن في غير طائل، وقبر ليلًا، فزجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقبر الرجل ليلًا حتى يصلى عليه، إلا أن يضطر الإنسان إلى ذلك، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه» رواه أحمد ومسلم أبو داود (2) .
2193 - وعن علي رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تغالوا في الكفن، فإنه يسلب سريعًا» رواه أبو داود (3) وفيه ضعف وانقطاع، وقال في "الخلاصة": حسنه الترمذي والمنذري.
2194 - وقال أبو بكر: «الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة» أخرجه البخاري (4) .
قوله: «غير طائل» أي حقير غير كامل.
[4/15] باب صفة الكفن
2195 - عن عائشة قالت: «كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب بيض سَحُولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة» رواه الجماعة (5) ، وليس عند الترمذي ولا ابن ماجه قوله: «من كرسف» وفي رواية لأصحاب السنن فذكر لعائشة قولهم: «في ثوبين وبرد حِبَرة فقالت: قد أتي بالبرد ولكنهم ردوه ولم يكفنوه فيه» قال الترمذي: حسن صحيح. وفي رواية للبيهقي (6) : «في ثلاثة أثواب سحولية جدد» وفي رواية لمسلم (7) قالت: «درج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حلة يمنية كانت لعبد الله بن أبي بكر ثم نزعت عنه وكفن في ثلاثة أثواب بيض
_________
(1) ابن ماجه (1/473) (1473) ، الترمذي (3/320) (995) .
(2) أحمد (3/295) ، مسلم (2/651) (943) ، أبو داود (3/198) (3148) ، وهو عند ابن حبان (7/306) (3034) ، والحاكم (1/523، 524) ، والنسائي (4/33) .
(3) أبو داود (3/199) (3154) .
(4) البخاري (1/467) (1321) ، وهو عند أحمد (6/132) .
(5) البخاري (1/425، 427) (1205، 1212) ، مسلم (2/649) (941) ، أبو داود (3/199) (3152) ، الترمذي (3/321) (996) ، ابن ماجه (1/472) (1469) ، النسائي (4/35) ، أحمد (6/203، 214) .
(6) البيهقي (3/399) .
(7) مسلم (2/650) (941) .(2/709)
سَحُوليَّة يمانية ليس فيها عمامة ولا قميص، فرفع عبد الله الحلة فقال: أكفن فيها؟ ثم قال: لم يكفن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها وأكفن فيها قال: فتصدق بها» وقال الترمذي: تكفينه في ثلاثة أثواب أصح ما ورد في كفنه.
2196 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البسوا من ثيابكم البياض فإنه من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم» رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الترمذي وصححه ابن القطان، ورواه ابن حبان في "صحيحه" (1) .
2197 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا توفي أحدكم فوجد شيئًا،
_________
(1) أبو داود (4/51) (4061) ، الترمذي (3/319) (994) ، ابن ماجه (1/473) (1472) ، أحمد (1/247، 274، 355، 363) .(2/710)
فيكفن في ثوب حِبَرة» رواه أبو داود (1) ، قال الحافظ: بإسناد حسن.
2198 - وعن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير الكفن الحلة» أخرجه أبو داود وابن ماجه (2) وسكت عنه أبو داود والمنذري.
2199 - وعن ليلى بنت قانف (3) قالت: «كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند وفاتها، وكان أول ما أعطانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحِقا ثم الدرع، ثم الملحفة ثم أدرجت بعد ذلك في الثوب الآخر، قالت: ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الباب معه كفنها يناولنا ثوبًا ثوبًا» رواه أحمد وأبو داود (4) وفي إسناده داود رجل من بني عروة بن مسعود، قال ابن حبان: هو داود بن عاصم بن عروة بن مسعود وهو ثقة، وقال في "الخلاصة": رواه أبو داود بإسناد حسن.
2200 - وفي حديث أم عطية: «فألقى علينا حقوة إزار، فقال: اشعرنها إياها» متفق عليه (5) . قال في "الفتح": وروى الخوارزمي من طريق إبراهيم بن حبيب بن الشهيد عن هشام بن حسان عن حفصة عن أم عطية أنها قالت: «وكفناها في خمسة أثواب، وخمرناها كما يُخَمَّر الحي» وهذه الزيادة صحيحة الإسناد.
قوله: «سحولية» بفتح السين منسوبة إلى السحول وهو النضار لأنها يسحله، أي
_________
(1) أبو داود (3/198) (3150) ، وهو عند أحمد (3/335) .
(2) أبو داود (3/199) (3156) ، ابن ماجه (1/473) (1473) .
(3) ليلى بنت قانف، ثم ألف ثم نون مكسورة ثم فاء الثقفية، صحابية روى عنها داود بن عاصم. اهـ خلاصة.
(4) أحمد (6/380) ، أبو داود (3/200) (3157) .
(5) تقدم برقم (2188) .(2/711)
يغسلها أو إلى السحول، قرية باليمن، وبالضم جمع سحل وهو الثوب الأبيض النقي ولا يكون إلا من قطن. قوله: «الحقا» بكسر المهملة وتخفيف القاف مقصور: هو الحقو وهو الإزار.
[4/16] باب تكفين الشهيد في ثيابه التي قتل فيها
2201 - عن ابن عباس قال: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد بالشهداء أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وقال: ادفنوهم بدمائهم وثيابهم» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه بإسناد ضعيف وقد تقدم (1) في باب غسل الشهيد.
2202 - وعن عبد الله بن ثعلبة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم أحد: زملوهم في ثيابهم، وجعل يدفن في القبر الرهط، ويقول: قدموا أكثرهم قرآنًا» رواه أحمد (2) ، وله شاهد عند النسائي من حديث عبد الله بن ثعلبة تقدم (3) أيضًا في باب غسل الشهيد.
2203 - وعن جابر قال: «رمى رجل بسهم في صدره أو في حلقه فمات فأدرج في ثيابه كما هو، قال: ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» أخرجه أبو داود (4) وقال في "التلخيص": بإسناد على شرط مسلم.
_________
(1) تقدم برقم (2182) .
(2) أحمد (5/431) .
(3) تقدم برقم (2183) .
(4) أبو داود (3/195) (3133) .(2/712)
[4/17] باب ما جاء في تطييب بدن الميت وكفنه
وحكم من مات محرمًا
2204 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جمرتم الميت، فأجمروه ثلاثًا» رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه" والحاكم والبيهقي والبزار (1) قيل: برجال الصحيح، وأخرج نحوه (2) أيضًا عن جابر مرفوعًا بلفظ: «إذا جمرتم الميت فأوتروا» .
2205 - وعن ابن عباس قال: «بينما رجل واقف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة إذ وقع عن راحلته فَوقصَته، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اغسلوه بما وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا» رواه الجماعة (3) وله طرق وألفاظ، ورواه أيضًا ابن حبان وزاد هو والنسائي (4) : «ولا تخمروا وجهه ولا رأسه» وهو في رواية لمسلم، وقال البيهقي: ذكر الوجه غريب، ولعله وهم من
_________
(1) أحمد (3/331) ، البيهقي (3/405) ، البزار (813- كشف الأستار) .
(2) ابن حبان (7/301) (3031) ، الحاكم (1/506) ، البيهقي (3/405) ، البزار (813- كشف الأستار) .
(3) البخاري (1/425، 426، 2/656) (1206، 1207، 1208، 1209، 1751، 1752، 1753) ، مسلم (2/865) (1206) ، أبو داود (3/219) (3238) ، النسائي (5/196) ، الترمذي (3/286) (951) ، ابن ماجه (2/1030) (3084) ، أحمد (1/220، 266، 346) .
(4) ابن حبان (9/273) (3960) ، النسائي (5/145، 196، 197) .(2/713)
بعض رواته، انتهى. وفي لفظ لمسلم (1) : «فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يغسلوه بما وسدر، ويكشفوا وجهه» وفي أخرى (2) : «ولا تغطوا وجهه، ولا تقربوه طيبًا» .
وفي رواية النسائي (3) عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اغسلوا المحرم في ثوبيه الذي أحرم فيهما، واغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تمسُّوه بطيب، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة محرمًا» .
قوله: «وقصته» بفتح الواو بعدها قاف ثم صاد مهملة، قال في "غريب الجامع": وَقَصَ الرجل: إذا وقع فاندقت عنقه، وأوقصته دابتَّه: إذا ألقته فأصابه ذلك، انتهى. وفي رواية للبخاري (4) : «فأقعصته» وفي أخرى (5) : «أقصعته» وفي أخرى (6) : «أوقصته» وفي القاموس: الوقص الكسر، والقصع: الهشم، والقعص: الموت السريع. قوله: «الحنوط» بالحاء المهملة، هو ما يطيب به الميت. قوله: «التخمير» هو التغطية، «ولا تمسوه» بضم أوله وكسر الميم من أمس.
* * *
_________
(1) مسلم (2/866) (1206) .
(2) مسلم (2/867) (1206) .
(3) النسائي (4/39) وفي "الكبرى" (1/622) .
(4) البخاري (1/426، 2/656) (1207، 1751) ، مسلم (2/865) (1206) .
(5) البخاري (1/426) (1207) .
(6) البخاري (1/425، 2/656) (1206، 1752) ، مسلم (2/866) (1206) .(2/714)
أبواب الصلاة على الميت
[4/18] باب ما جاء في الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
2206 - عن ابن عباس قال: «دخل الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلون عليه، حتى إذا فرغوا أدخلوا النساء، حتى إذا فرغن أدخلوا الصبيان، ولم يؤمَّ الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد» رواه ابن ماجه والبيهقي (1) ، قال في "التلخيص": وإسناده ضعيف.
2207 - وروى أحمد (2) من حديث أبي عسيب: «أنه شهد الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: كيف نصلى عليه، قال: ادخلوا أرسالًا» الحديث.
2208 - ورواه الحاكم (3) من حديث ابن مسعود بسند واهٍ. قال ابن عبد البر: صلاة النساء عليه أفرادًا مجمع عليه عند أهل السير وجماعة أهل النقل ولا يختلفون فيه.
[4/19] باب ما جاء في ترك الصلاة على الشهيد
2209 - عن أنس: «شهداء أُحد لم يُغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصلّ عليهم» رواه أحمد وأبو داود والترمذي (4) وغَرَّبه.
_________
(1) ابن ماجه (1/530) (1628) ، البيهقي (4/30) .
(2) أحمد (5/81) .
(3) لم نجده فيه، وعزاه له الحافظ في "التلخيص " (2/251) .
(4) أحمد (3/128) ، أبو داود (3/195) (3135) ، الترمذي (3/335) (1016) ، وهو عند الحاكم (1/520) .(2/715)
2210 - وقد تقدم (1) حديث جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلى أُحد أن يدفنوا بدمائهم، ولم يغسلوا ولم يصلِّ عليهم» رواه البخاري والنسائي وغيرهما، وقد رويت الصلاة عليهم بأسانيد لا تثبت.
2211 - والذي ورد في الصحيح «أنه - صلى الله عليه وسلم - صلّى على قتلى أُحد بعد ثمان سنين كالمودِّع للأحياء والأموات» . أخرجه البخاري (2) وغيره من حديث عقبة بن عامر، وفي رواية لابن حبَّان (3) : «ثم دخل بيته ولم يخرج حتى قبضه الله» وفي رواية (4) «صلاته على الميت» .
2212 - وأخرج أبو داود (5) من حديث أنس أيضًا: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بحمزةٍ وقد مُثِل به ولم يصل على أحد من الشهداء غيره» وأنكره البخاري، وأعله الدارقطني، وسيأتي إن شاء الله بيان من هو الشهيد في باب دفع الصائل من كتاب الغصب (6) .
_________
(1) تقدم برقم (2180) .
(2) البخاري (4/1486) (3816) ، مسلم (4/1796) (2296) .
(3) ابن حبان (7/474) (3199) .
(4) ابن حبان (7/472) (3198) ، وهي عند أبي داود (3/216) (3223) .
(5) أبو داود (3/196) (3137) ، وهو عند الحاكم (1/519، 3/216) ، والدارقطني (3/116) .
(6) فائدة (1) : قد ورد إطلاق الشهيد على جماعة. أخرج مسلم في "صحيحه" من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله» ، وفي رواية له: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد» ، وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث جابر بن = = عتيق وفيه: قال صلى الله عليه وسلم: «وما تعدون الشهادة؟ قالوا: القتل في سبيل الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة» ، قال المنذري: قال النمري: رواه جماعة الرواة عن مالك فيما علمت لم يختلفوا في إسناده ومتنه، وقال غيره: صحيح في سند حديث مالك اهـ. وورد إطلاق الشهيد على غير من ذكر؛ لكن الحكم المذكور في الباب من ترك الغسل والصلاة خاص بالشهيد في سبيل الله، وأما غيره ممن أطلق عليه اسم الشهيد فيغسل ويصلى عليه، والعمل على هذا عند أهل العلم، كما فعل بعمر رحمه الله. تمت مؤلف.
فائدة (2) : قال في "مختصر النهاية": المبطون شهيد أي: الذي يموت بمرض بطنه كالاستسقاء ونحوه. اهـ. وفي "جامع الأصول": المبطون الذي يشتكي من بطنه، ومثله في "المغرب". تمت مؤلف.(2/716)
[4/20] باب ما جاء في الصلاة على السقط والطفل
2213 - عن المغيرة بن شعبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «السقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة» رواه أبو داود وابن حبان (1) وصححه والحاكم (2) وقال: على شرط البخاري بلفظ: «السقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالعافية والرحمة» وأخرجه الترمذي (3) بلفظ: «والطفل يصلى عليه» وصححه وأخرجه الطبراني (4) موقوفًا على المغيرة ورجحه الدارقطني.
2214 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا
_________
(1) أبو داود (3/205) (3180) ، ابن حبان (7/320) (3049) .
(2) الحاكم (1/517) .
(3) الترمذي (3/349) (1031) ، والنسائي (4/55، 56)
(4) الطبراني في "الكبير" (20/430) .(2/717)
يورث حتى يستهل» أخرجه الترمذي (1) وله والنسائي وابن ماجه والبيهقي (2) : «إذا استهل السقط صلى عليه وورث» وإسناده ضعيف، وأخرجه الحاكم في كتاب الفرائض عن جابر أيضًا مرفوعًا وقال: صحيح على شرط الشيخين، وقال الدارقطني في العلل: لا يصح رفعه، وقد روي مرفوعًا ولا يصح.
2215 - وأخرج ابن ماجه (3) بإسناد ضعيف عن أبي هريرة مرفوعًا: «صلوا على أطفالكم، فإنهم من أفراطكم» .
2216 - وعن عائشة قالت: «مات إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثمانية عشر شهرًا، ولم يصل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» أخرجه أبو داود، وقال المنذري: في إسناده محمد بن إسحاق، انتهى. وأحمد (4) وقال: هذا حديث منكر. وقال ابن عبد البر: لا يصح؛ لأن الجمهور قد أجمعوا على الصلاة على الأطفال، قلت: وليس فيه ما يدل على أنه لم يصل عليه أحد، فيمكن أنه صلَّى عليه غير النبي - صلى الله عليه وسلم -.
2217 - وقد روى عبد الله بن أحمد (5) عن أبيه بإسناد: إلى البراء بن عازب قال: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنه إبراهيم، وهو ابن ستة عشر شهرًا» وفي إسناده جابر الجعفي.
_________
(1) الترمذي (3/350) (1032) .
(2) النسائي في "الكبرى" (4/77) ، ابن ماجه (1/483، 2/919) (1508، 2750) ، البيهقي (4/8) ، الحاكم (4/388) .
(3) ابن ماجه (1/483) (1509) .
(4) أبو داود (3/207) (3187) ، وهو عند أحمد (6/267) .
(5) أحمد (4/283) .(2/718)
2218 - وقد روى أبو داود (1) عن عطاء مرسلًا: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على ابنه إبراهيم، وهو ابن سبعين ليلة» .
2219 - وعن البَهِي قال: «لما مات إبراهيم صلَّى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو في المقاعد» رواه أبو داود (2) مرسلًا وقال: المقاعد مكان في المدينة. وقال المنذري: البهي اسمه محمد بن عبد الله بن يسار مولى مصعب بن الزبير تابعي يعد في الكوفيين.
2220 - وعن ابن عمر يرفعه «استهلال الصبي العطاس» أخرجه البزار (3) بإسناد ضعيف. قوله: «استهل» الاستهلال الصياح أو العطاس.
[4/21] باب ما جاء في الإمام لا يصلي على الغال وقاتل نفسه
2221 - عن زيد بن خالد الجهني: «أن رجلًا من المسلمين توفي بخيبر، وأنه ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: صلوا على صاحبكم، فتغيرت وجوه القوم لذلك، فلما رأى الذي بهم قال: إن صاحبكم غلَّ في سبيل الله، ففتشنا عن متاعه فوجدنا فيه خرزًا من خرز اليهود ما يساوي درهمين» رواه الخمسة إلا الترمذي، وسكت عنه أبو داود والمنذري، ورجال إسناده رجال الصحيح وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم وقال: صحيح الإسناد (4) .
_________
(1) أبو داود (3/207) (3188) .
(2) أبو داود (3/207) (3188) .
(3) البزار (2/1440- كشف) (1390) .
(4) أبو داود (3/68) (2710) ، النسائي (4/64) ، ابن ماجه (2/950) (2848) ، أحمد (5/192) ، ابن حبان (11/190-191) (4853) ، الحاكم (2/138) .(2/719)
2222 - وعن جابر بن سَمُرَة: «أن رجلًا قتل نفسه بمشاقص، فلم يصل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه الجماعة إلا البخاري (1) ولم يذكر الترمذي المشاقص، وقال أبو داود: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذًا لا أصلي عليه» . قال ابن الأثير في "غريب الجامع": «المشاقص» جمع مشقص وهو من النصال ما طال وعرض، وقيل: هو سهم له نصل عريض.
[4/22] باب ما جاء في الصلاة على من قتل في حدٍّ
2223 - عن جابر: «أن رجلًا من أسلم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعترف بالزنا فأعرض عنه حتى شهد على نفسه أربع مرات فقال له: أبك جنون؟ قال: لا، قال: أحصنت؟ قال: نعم، فأمر به فرجم في المصلى فلما أذلقته الحجارة فرَّ، فأُدْرِك فَرُجِم حتى مات، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرًا وصلى عليه» رواه البخاري (2) .
2224 - وعن عمران بن حصين: «أن امرأة من جهينة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي حبلى فقالت: يا رسول الله! أصبت حدًا فأقمه علي، فدعا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وليها وقال: أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها ففعلت فأمر بها فشدت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها، فقال عمر: أتصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟ قال: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن
_________
(1) مسلم (2/672) (978) ،أبو داود (3/206) (3185) مطولًا، النسائي (4/66) ، الترمذي (3/380) (1068) ، ابن ماجه (1/488) (1526) ، أحمد (5/97) .
(2) بهذا اللفظ عند البخاري (6/2500) (6434) .(2/720)
ماجه (1) .
2225 - وعن بُرَيدة: «أن امرأة من غامد أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... وفيه: ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت» أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي (2) ، قال القاضي عياض: قوله: «وصلَّى عليها» هو بفتح الصاد واللام عند الجمهور، رواه مسلم لكن في رواية ابن أبي شيبة وأبي داود (3) «فصُلي» بضم الصاد على البناء للمجهول، ويؤيده رواية أبي داود (4) الأخرى «ثم أمرهم فصلوا عليها» ، انتهى.
2226 - وقد روى أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي (5) وصححه من حديث جابر الأول وفيه قالوا: «ولم يصل عليه» .
2227 - وأخرج أبو داود (6) عن أبي بَرْزة الأسلمي: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على ماعز ولم ينه عن الصلاة عليه» وإسناده ضعيف. وعلى كل حال فرواية الإثبات مقدمة. قال أحمد: لا يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الصلاة على أحد إلا على الغال وقاتل نفسه.
_________
(1) مسلم (3/1324) (1696) ، أبو داود (4/151) (4440) ، الترمذي (4/42) (1435) ، النسائي (4/63) ، وهو عند أحمد (4/437، 440)
(2) مسلم (3/1322) (1695) ، أبو داود (4/152) (4442) ، النسائي في "الكبرى" (4/403) ، وهو عند أحمد (5/348) .
(3) ابن أبي شيبة (5/542) ، أبو داود (4/152) .
(4) أبو داود (4/152) .
(5) أحمد (3/323) أبو داود (4/148) (4430) ، النسائي (4/62) ، الترمذي (4/36) (1429) .
(6) أبو داود (3/206) (3186) .(2/721)
[4/23] باب الصلاة على الغائب وعلى القبر
2228 - عن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على أَصْحَمَة النجاشي فكبر عليه أربعًا» (1) وفي لفظ قال: «توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلموا فصلوا عليه فصففنا خلفه، فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن صفوف» متفق عليه (2) .
2229 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربع تكبيرات» رواه الجماعة (3) وفي لفظ: «نعى النجاشي لأصحابه، ثم قال: استغفروا له، ثم خرج بأصحابه إلى المصلى، ثم قام فصلى بهم كما يصلي على الجنائز» رواه أحمد (4) .
2230 - وعن عمران بن حصين: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن أخاكم النجاشي قد مات فقوموا فصلوا عليه، قال: فقمنا فصففنا عليه كما نصف على الميت وصلينا عليه كما نصلي على الميت» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه (5) .
_________
(1) بهذا اللفظ أخرجه البخاري (1/447، 3/1408) (1269، 3666) ، ومسلم (2/657) (952) ، وأحمد (3/361، 363) .
(2) بهذا اللفظ عند البخاري (1/443) (1257) ، ومسلم (2/657) (952) ، وأحمد (3/295، 319) .
(3) البخاري (1/420، 443، 446، 447) (1188، 1255، 1263، 1268) ، مسلم (2/656، 657) (951) ، أبو داود (3/212) (3204) ، النسائي (4/72) ، الترمذي (3/342) (1022) ، ابن ماجه (1/490) (1534) ، أحمد (2/280، 281، 439) .
(4) أحمد (2/529) ، ومسلم (2/657) (951) .
(5) أحمد (4/431، 433، 439، 441) ، النسائي (4/70) ، الترمذي (3/357) (1039) ، وهو عند مسلم (2/657) (953) ، وابن ماجه (1/491) (1535) ، وابن حبان (7/369) (3102) .(2/722)
2231 - وعن ابن عباس قال: «انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قبر رطب فصلى عليه وصفوا خلفه وكبر أربعًا» متفق عليه (1) .
2232 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر» أخرجه مسلم (2) .
2233 - وعن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر امرأة بعدما دفنت» أخرجه النسائي (3) .
2234 - وعن أبي هريرة: «أن امرأة سوداء كانت تَقُمُّ المسجد أو شابًا ففقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأل عنها أو عنه فقالوا: مات، قال: أفلا آذنتموني؟ فكأنهم صغروا أمرها أو أمره، فقال: دلوني على قبره، فدلوه فصلى عليها ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم» متفق عليه (4) وليس للبخاري: «أن هذه القبور مملوءة ظلمة ... » إلى آخره.
2235 - وللموطأ (5) من حديث أبي أمامة: «أن مسكينة مرضت فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمرضها ... وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج بعد دفنها وصف بالناس على قبرها وكبر أربع تكبيرات» وللنسائي (6) نحوه.
_________
(1) البخاري (1/443) (1256) ، مسلم (2/658) (954) ، أحمد (1/224) .
(2) مسلم (2/659) (955) ، وهو عند ابن ماجه (1/490) (1531) .
(3) النسائي (4/85) .
(4) البخاري (1/175، 448) (446، 1272) ، مسلم (2/659) (956) ، أحمد (2/353، 388) ، وهو عند أبي داود (3/211) (3203) ، وابن ماجه (1/489) (1527) ، وابن حبان (7/355) (3086) .
(5) مالك (1/227) (533) .
(6) النسائي (4/40) .(2/723)
2236 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على ميت بعد ثلاث» رواه الدارقطني (1) من طريق بشر بن آدم عن أبي عاصم عن سفيان الثوري عن الشيباني عن الشعبي عن ابن عباس. وفي رواية للطبراني (2) «بليلتين» .
2237 - وعن سعيد بن المسيب: «أن أم سعد ماتت والنبي - صلى الله عليه وسلم - غائب، فلما قدم صلى عليها، وقد مضى لذلك شهر» رواه الترمذي والبيهقي (3) مرسلًا قال الحافظ: وإسناده مرسل صحيح، انتهى.
2238 - وقد تقدم (4) «أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى على قتلى أحد بعد سنيين صلاته على الميت» . وفي الباب أحاديث فلا نطول بذكرها.
قوله: «أَصْحَمَة» بمهملتين بوزن أفعلة مفتوح العين. قوله: «رطب» أي: لم ييبس ترابه لقرب العهد بدفنه. وقوله: «أو شابًا» هكذا وقع الشك في ألفاظ الحديث، وفي حديث أبي هريرة: الجزم بأنها امرأة، وجزم بذلك ابن خزيمة في حديث أبي هريرة. قوله: «تَقُمُّ المسجد» بضم القاف أي تجمع القمامة وهي الكناسة.
[4/24] باب فضل الصلاة على الميت وأفضلية كثرة الجمع
2239 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان، قيل: وما القيراطان؟
_________
(1) الدارقطني (2/78) .
(2) الطبراني في "الأوسط" (1/245) .
(3) الترمذي (3/356) (1038) ، البيهقي (4/48) .
(4) تقدم برقم (2214) .(2/724)
قال: مثل الجبلين العظيمين» متفق عليه (1) ، ولأحمد ومسلم (2) : «حتى توضع في اللحد» بدل «تدفن» ، وللبخاري (3) : «من تبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا وكان معه حتى يصلى عليه ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين كل قيراط مثل أحد» وفي رواية للنسائي (4) : «كل واحد منهما أعظم من أحد» ولمسلم (5) : «أصغرهما مثل أحد» ولابن عدي (6) : «أثقل من أحد» .
2240 - وفي الباب أحاديث في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة عند البخاري (7) .
2241 - ومن حديث ثوبان عند مسلم (8) .
2242 - ومن حديث عبد الله بن معقل عند النسائي (9) .
2243 - وعن مالك بن هُبَيْرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مؤمن يموت فيصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا ثلاثة صفوف إلا غفر له»
_________
(1) البخاري (1/445) (1261) ، مسلم (2/652) (945) ، أحمد (2/233، 401) ، وهو عند النسائي (4/76) ، ابن ماجه (1/491) (1539) .
(2) أحمد (2/280) ، مسلم (2/652) (945) ، والنسائي (4/76) .
(3) البخاري (1/26) (47) .
(4) النسائي (4/76) .
(5) مسلم (2/653) (945) .
(6) ابن عدي في "الكامل" (6/326) من حديث واثلة.
(7) البخاري (1/445) (1260) .
(8) سيأتي برقم (2296) .
(9) النسائي (4/55) .(2/725)
رواه الخمسة إلا النسائي (1) وحسنه الترمذي وقال: رواه غير واحد.
2244 - وعن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مؤمن ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه (2) .
2245 - وعن ابن عباس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يشركون بالله شيئًا إلا شفعهم الله فيه» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (3) .
[4/25] باب ما يجوز من الثناء على الميت ومالا يجوز
2246 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مسلم يموت وشهد له أربعة أبيات من جيرانه الأدنين إلا قال الله: قد قبلت علمهم فيه وغفرت له ما لا يعلمون» رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه" والحاكم (4) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعًا وليس عندهما لفظ «أبيات» .
2247 - ولأحمد (5) من حديث أبي هريرة نحوه وقال: «ثلاث» بدل
_________
(1) أبو داود (3/202) (3166) ، الترمذي (3/347) (1028) ، ابن ماجه (1/478) (1490) ، أحمد (4/79) ، وهو عند الحاكم (1/516) .
(2) أحمد (3/266، 6/32، 40) ، مسلم (2/654) (947) ، الترمذي (3/348) (1029) ، وهو عند النسائي (4/75، 76) ، وابن حبان (7/351) (3081) .
(3) أحمد (1/277) ، مسلم (2/655) (948) ، أبو داود (3/203) (3170) .
(4) أحمد (3/242) ، ابن حبان (7/295) (3026) ، الحاكم (1/534) .
(5) أحمد (2/384، 408) .(2/726)
«أربعة» وفي إسناده مجهول.
2248 - وعن عمر بن الخطاب (1) : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما مسلم يشهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة فقلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان، ثم لم نسأله عن الواحد» رواه البخاري (2) وغيره.
2249 - وأخرج الترمذي (3) من حديث عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مسلم يشهد له ثلاثة إلا وجبت له الجنة، قال: قلنا: أو اثنان؟ قال: واثنان، ولم نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الواحد» وقال الترمذي: حسن صحيح.
2250 - وعن أنس بن مالك قال: «مر بجنازة فأثنوا عليها خيرًا فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثني عليها شر، فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: وجبت وجبت وجبت، قال عمر: فداك أبي وأمي! مر بجنازة فأثني عليها خير فقلت: وجبت وجبت وجبت، ومر بجنازة فأثني عليها شر، فقلت: وجبت وجبت وجبت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أثنيتم عليه خيرًا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرًا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض» أخرجاه (4) واللفظ لمسلم وليس للبخاري تكرير وجبت.
_________
(1) في الأصل: عمران بن حصين.
(2) البخاري (1/460، 2/935) (1302، 2500) .
(3) الترمذي (3/373) (1059) .
(4) البخاري (1/460) (1301) ، مسلم (2/655) (949) .(2/727)
2251 - وعن أبي قتادة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه بجنازة فقال: مستريح ومستراح منه، فقالوا: يا رسول الله! ما المستريح وما المستراح منه؟ فقال: العبد المؤمن يستريح من نَصَب الدنيا والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب» رواه مسلم (1) .
2252 - وعن أم العلاء قالت: «لما توفي عثمان بن مظعون دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وما يدريك أن الله أكرمه؟ فقلت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله! فمن يكرمه الله؟ فقال: أما هو فقد جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يُفْعل بي، قالت: فو الله لا أزكي أحدًا بعده أبدًا» رواه البخاري (2) .
[4/26] باب ما جاء من النهي عن النعي وجواز الإيذان للصلاة
والحمل والدفن
2253 - عن حذيفة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينهى عن النعي» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي (3) وصححه، وقال في "الفتح": إسناده حسن.
2254 - وعن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والنعي فإن النعي عمل الجاهلية» رواه الترمذي (4) وقال: غريب.
_________
(1) مسلم (2/656) (950) .
(2) البخاري (1/419، 2/954، 3/1429) (1186، 2541، 3714) .
(3) أحمد (5/385، 406) ، ابن ماجه (1/474) (1476) ، الترمذي (3/313) (986) .
(4) الترمذي (3/312) (984، 985) .(2/728)
2255 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمْرَة ففتح الله له» رواه البخاري (1) .
2256 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم المصلى فصف وكبر عليه أربعًا» متفق عليه وقد تقدم (2) في باب الصلاة على الغائب.
2257 - وتقدم (3) أيضًا حديث أبي هريرة في قصة السوداء، وفيه: «أفلا آذنتموني؟» أخرجاه.
2258 - وتقدم (4) في باب المبادرة إلى تجهيز الميت حديث الحصين بن وَحْوَح: «أن طلحة بن البراء مرض فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده فقال: إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجلوا» رواه أبو داود.
2259 - وفي البخاري (5) من حديث ابن عباس فقال: «ما منعكم أن تعلموني؟» .
_________
(1) البخاري (1/420، 3/1030، 1115، 1372، 4/1554) (1189، 2645، 2898، 3547، 4014) .
(2) تقدم برقم (2232) .
(3) تقدم برقم (2237) .
(4) تقدم برقم (2151) .
(5) البخاري (1/421) (1190) ، وهو عند ابن ماجه (1/490) (1530) .(2/729)
2260 - وقال إبراهيم: لا بأس إذا مات الرجل أن يؤذن صديقه وأصحابه، إنما يكره أن يطاف في المجالس فيقال: أنعى فلانًا فعل الجاهلية رواه عنه سعيد في "سننه" (1) .
[4/27] باب ما جاء في عدد التكبير في صلاة الجنازة
2261 - عن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على النجاشي فكبر أربعًا» متفق عليه (2) .
2262 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر عليه أربع تكبيرات» رواه الجماعة وقد تقدم (3) في باب الصلاة على الغائب وممن روى الأربع من الصحابة عقبة بن عامر والبراء، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، قال البيهقي: قال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم.
2263 - وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: «كان زيد بن أرقم يكبر على جنائزنا أربعًا، وأنه كبر خمسًا على جنازة فسألته فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبرها» رواه الجماعة إلا البخاري (4) .
2264 - وعن حذيفة: «أنه صلى على جنازة فكبر خمسًا، ثم التفت فقال: ما
_________
(1) وأخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " (6056) .
(2) تقدم برقم (2231) .
(3) تقدم برقم (2232) .
(4) مسلم (2/659) (957) ، أبو داود (3/210) (3197) ، النسائي (4/72) ، الترمذي (3/343) (1023) ، ابن ماجه (1/482) (1505) ، أحمد (4/367، 372) .(2/730)
نسيت ولا وهمت ولكن كبرت كما كبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، صلى على جنازة فكبر خمسًا» رواه أحمد (1) وسكت عنه في "التلخيص"، وفي إسناده يحيى بن عبد الله الجابري وفيه مقال.
2265 - «وكبر علي عليه السلام على سَهْل بن حُنَيْف ستًا وقال: إنه بَدْري» رواه سعيد بن منصور (2) وفي البخاري (3) «أنه كبر على سهل بن حنيف» ، زاد البرقاني في "مستخرجه" «ستًا» ، وكذا ذكره البخاري في "تاريخه" (4) قال ابن عبد البر: انقعد الإجماع بعد ذلك على أربع، وأجمع عليه الفقهاء وأهل الفتوى بالأمصار على أربع، على ما جاء في الأحاديث الصحاح، وما سوى ذلك عندهم شذوذ لا يلتفت إليه.
2266 - وروى البيهقي (5) عن عمر «أنه جمع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - على أربع» .
[4/28] باب القراءة بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى
والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -
2267 - عن ابن عباس: «أنه - صلى الله عليه وسلم - على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وقال:
_________
(1) أحمد (5/406) .
(2) وهو عند البيهقي (4/36) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/497) ، وعبد الرزاق (3/480) ، وابن أبي شيبة (2/495) ، والطبراني في "الكبير" (6/71) .
(3) البخاري (4/1471) (3782) .
(4) البخاري في "التاريخ" (4/97) .
(5) البيهقي (4/37) .(2/731)
ليعلموا أنها من السنة» رواه البخاري والترمذي وصححه والنسائي (1) وقال فيه: «فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر حتى أسمعنا، فلما فرغ قال: سنة وحق» وفي رواية للترمذي (2) عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب» وقال: إسنادها ليس بالقوي والصحيح أنه موقوف.
2268 - وعن أبي أُمامة بن سَهْل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن السنّة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرًا في نفسه ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات ولا يقرأ في شيء منها، ثم يسلم سرًا في نفسه» رواه الشافعي في "مسنده" (3) بإسناد ضعيف، وروى البيهقي في "المعرفة" (4) نحوه، وأخرج نحوه الحاكم والنسائي وعبد الرزاق (5) قال في "الفتح": وإسناده صحيح، وليس فيه قوله «بعد التكبيرة» ولا قوله: «ثم يسلم سرًا في نفسه» .
2269 - وعن جابر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر على جنائزنا أربعًا ويقرأ بفاتحة الكتاب في التكبيرة الأولى» رواه الشافعي (6) بإسناد ضعيف. وفي الباب
_________
(1) البخاري (1/448) (1270) ، أبو داود (3/210) (3198) ، الترمذي (3/346) (1027) ، النسائي (4/74، 75) ، وهو عند ابن حبان (7/340) .
(2) الترمذي (3/345) (1026) .
(3) الشافعي (1/359) .
(4) وهو في السنن "الكبرى" (4/39) .
(5) الحاكم (1/358) ، النسائي (4/75) ، عبد الرزاق (6428) .
(6) الشافعي (1/358) .(2/732)
أحاديث يقوي بعضها بعضًا.
2270 - ويقوي ذلك حديث: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» وقراءة السورة بعد الفاتحة، قال في "التلخيص": قال البيهقي: ذكر السورة غير محفوظ، وقال النووي: إسنادها صحيح.
2271 - قال في "التلخيص": وروى إسماعيل القاضي في كتاب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سعيد بن المسيب أنه قال: «السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ بفاتحة الكتاب ويصلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يخلص الدعاء للميت حتى يفرغ ولا يقرأ إلا مرة واحدة، ثم يسلم» وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (1) ورجاله مخرج لهم في "الصحيحين".
[4/29] باب رفع اليدين عند التكبير
2272 - عن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر على جنازة فرفع يديه أول تكبيرة ووضع اليمنى على اليسرى» أخرجه الترمذي (2) وغَرّبه وسنده ضعيف.
2273 - وقد روي بسند صحيح عن ابن عمر: «أنه كان يرفع يديه في جميع تكبيرات الجنازة» علقه البخاري (3) ووصله في جزء رفع اليدين (4) موقوفًا على ابن عمر، ورواه الدارقطني (5) عن ابن عمر مرفوعًا وقال في العلل: تفرد برفعه عمرو بن
_________
(1) أخرجه ابن الجارود (1/141) (540) ، وعبد الرزاق (3/489) ، وابن أبي شيبة (2/490) .
(2) الترمذي (3/388) (1077) .
(3) البخاري (1/444) كتاب الجنائز: باب: سنة الصلاة على الجنائز.
(4) انظر "تغليق التعليق" (2/479- 480) ، و"الفتح" (13/190) .
(5) لعله في "العلل ".(2/733)
أبي شيبة والصواب وقفه.
[4/30] باب الدعاء للميت وإخلاصه وما ورد فيه
2274 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء» رواه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان (1) .
2275 - وعنه قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى على جنازة قال: اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان» رواه أحمد والترمذي (2) وزاد أبو داود وابن ماجه (3) : «اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده» وأخرجه ابن حبان والحاكم (4) وقال: صحيح على شرط الشيخين.
2276 - وله (5) شاهد صحيح من حديث عائشة.
2277 - وروى أحمد والنسائي والترمذي (6) عن أبي مسلمة من طريق إبراهيم الأشهل عن أبيه مرفوعًا مثل حديث أبي هريرة إلا قوله: «وأنثانا» ، وقال الترمذي: حسن صحيح، قال البخاري: أصح هذه الروايات رواية إبراهيم عن أبيه.
_________
(1) أبو داود (3/210) (3199) ، ابن ماجه (1/480) (1497) ، ابن حبان (7/345، 346) (3076، 3077) .
(2) أحمد (2/368) ، الترمذي (3/343) (1024) .
(3) أبو داود (3/211) (3201) ، ابن ماجه (1/480) (1498) .
(4) ابن حبان (7/339) (3070) ، الحاكم (1/511) .
(5) الحاكم (1/511) .
(6) أحمد (4/170) ، النسائي (4/74) ، الترمذي (3/343) (1024) .(2/734)
2278 - وعن عوف بن مالك قال: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة فحفظت من دعائه: اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وأكرم نُزُله، ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونَقِّه من الخطايا كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره وأهلًا خيرًا من أهله وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، قال: حتى تمنيت أن أكون ذلك الميت» وفي رواية: «وقه فتنة القبر وعذاب النار» رواه مسلم (1) واللفظ له وللنسائي (2) معناه.
2279 - وعن واثلة بن الأسقع قال: «صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رجل من المسلمين فسمعناه يقول: اللهم إن فلانًا بن فلان في ذمتك وحبل جوارك فَقِه فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحمد، اللهم فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم» رواه أبو داود (3) وسكت عنه هو والمنذري وفي إسناده مقال.
2280 - وعن عبد الله بن أبي أوفى: «أنه ماتت ابنة له فكبر عليها أربعًا ثم قام بعد الرابعة قدر ما بين التكبيرتين يدعو ثم قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع في الجنازة هكذا» رواه أحمد وابن ماجه بمعناه والبيهقي في السنن الكبرى (4) ، وفي رواية (5) : «كبر أربعًا حتى ظننت أنه سيكبر خمسًا ثم سلم عن يمينه وعن شماله فلما
_________
(1) مسلم (2/662) (963) .
(2) النسائي (4/73) ، وهو عند الترمذي (3/345) (1025) ، وابن ماجه (1/481) (1500) ، وابن حبان (7/344) (3075) ، وأحمد (6/23) .
(3) أبو داود (3/211) (3202) .
(4) أحمد (4/356) ، ابن ماجه (1/482) (1503) ، البيهقي (4/42) .
(5) البيهقي (4/43) .(2/735)
انصرف قلنا له: ما هذا؟ فقال: إني لا أزيد على ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع وهكذا كان يصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» قال الحاكم: هذا حديث صحيح.
[4/31] باب موقف الإمام من الرجل والمرأة
2281 - عن سَمُرة قال: «صليت وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على امرأة ماتت في نفاسها فقام عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة وسطها» رواه الجماعة (1) إلا أن الترمذي اختصره فقال: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على امرأة فقام وسطها» وقال: حديث حسن صحيح.
2282 - وعن أبي غالب الخياط قال: «شهدت أنس بن مالك صلى على جنازة رجل فقام عند رأسه فلما رفعت أتي بجنازة امرأة فصلى عليها فقام وسطها فسأله رجل فقال: يا أبا حمزة! هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم من الرجل حيث قمت ومن المرأة حيث قمت؟ قال: نعم» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه، وأبو داود (2) وقال العلاء بن زياد: «هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على الجنازة كصلاتك يكبر أربعًا ويقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة، قال: نعم» وسكت عنه أبو داود والمنذري وصاحب "التلخيص" ورجال إسناده ثقات.
2283 - وعن عمار مولى الحارث بن نوفل قال: «حضرت جنازة صبي
_________
(1) البخاري (1/125، 447) (325، 1266، 1267) ، مسلم (2/664) (964) ، أبو داود (3/209) (3195) ، النسائي (1/195، 4/72) ، الترمذي (3/353) (1035) ، ابن ماجه (1/479) (1493) ، أحمد (5/14) .
(2) أحمد (3/204) ، ابن ماجه (1/479) (1494) ، الترمذي (3/352) (1034) ، أبو داود (3/208) (3194) .(2/736)
وامرأة فقدم الصبي مما يلي القوم ووضعت المرأة وراءه وصلي عليهما، وفي القوم أبو سعيد الخدري وابن عباس وأبو قتادة وأبو هريرة فسألتهم عن ذلك فقالوا: السنة» رواه النسائي (1) ورواه أبو داود (2) بلفظ: «شهدت جنازة أم كلثوم وابنها فجعل الغلام مما يلي الإمام فأنكرت ذلك وفي القوم ابن عباس وأبو قتادة وأبو سعيد وأبو هريرة فكلهم قالوا: إن هذه السنة» وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده ثقات.
2284 - وعن نافع: «أن ابن عمر صلى على تسع جنائز جميعًا فجعل الرجال يلون الإمام والنساء يلين القبلة فصفهن صفًا واحدًا ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له: زيد، وضعا جميعًا والإمام يومئذ سعيد بن العاص، وفي الناس ابن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة فقلت: ما هذا؟ قالوا: هي السنة» أخرجه النسائي وابن الجارود في "المنتقى" (3) ، قال الحافظ: وإسناده صحيح.
[4/32] باب الصلاة على الجنائز في المسجد
2285 - عن عائشة قالت: «لما توفي سعد بن أبي وقاص قالت: ادخلوا به المسجد حتى أصلي عليه، فأنكر ذلك عليها فقالت: والله لقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) النسائي (4/71) .
(2) أبو داود (3/208) (3193) .
(3) النسائي (4/71) ، ابن الجارود في المنتقى (1/142) ، وهو عند البيهقي (4/33) ، والدارقطني (2/79) .(2/737)
على ابنَي بيضاء في المسجد سُهيٍل وأخيه» رواه مسلم (1) وفي رواية له (2) : «فأنكر الناس ذلك عليها، فقالت: ما أسرع ما نسي الناس ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد» وفي رواية: «ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابنَي بيضاء إلا في جوف المسجد» رواه الجماعة إلا البخاري (3) .
2286 - «وصُلِّي على أبي بكر في المسجد» رواه سعيد (4) .
2287 - «وصُلِّي على عمر في المسجد» رواه مالك (5) .
2288 - وأما ما رواه أبو داود (6) عن أبي هريرة مرفوعًا: «من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له» وفي لفظ لابن ماجه (7) «فليس له شيء» فقال أحمد: هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوأمة وهو ضعيف. وفي بعض نسخ أبي داود الصحيحة بلفظ: «من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه» .
[4/33] باب التسليم من صلاة الجنازة
2289 - عن إبراهيم الهَجَري قال: «أمنا عبد الله بن أبي أوفى على جنازة
_________
(1) مسلم (2/669) (973) .
(2) مسلم (2/669) (973) .
(3) مسلم (2/668) (973) ، أبو داود (3/207) (3189، 3190) ، النسائي (4/68) ، الترمذي (3/351) (1033) ، ابن ماجه (1/486) (1518) ، أحمد (6/261) .
(4) ورواه عبد الرزاق (6576) ، وابن أبي شيبة (11967) .
(5) مالك في "الموطأ" (1/230) (541) .
(6) أبو داود (3/207) (3191) ، وهو عند أحمد (2/455) .
(7) ابن ماجه (1/486) (1517) ، وهي عند أحمد (2/444، 505) .(2/738)
ابنتيه فكبر أربعًا فمكث ساعة حتى ظننا أنه سيكبر خمسًا ثم سلم عن يمينه وعن شماله فلما انصرف قلنا له: ما هذا؟ قال: إني لا أزيدكم على ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع أو هكذا صنع رسول الله» رواه البيهقي (1) وفي إسناده إبراهيم الهجري ضعفه ابن معين.
2290 - وفي حديث أبي أمامة المتقدم (2) : «ثم سلم سرًا في نفسه» رواه الشافعي في "مسنده" بإسناد ضعيف.
2291 - قال في "التلخيص": وروى إسماعيل القاضي في كتاب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سعيد بن المسيب أنه قال: السنة في الصلاة على الجنازة أن تقرأ بفاتحة الكتاب ... وفيه ثم تسلم، وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (3) ورجاله مُخرَّج لهم في "الصحيحين"، وفي الباب أحاديث. وقال أحمد: لا يعرف عن أحد من الصحابة أنهم كانوا يسلمون تسليمتين ولكن تسليمة واحدة.
[4/34] باب فضل اتباع الجنائز وحضور دفنها
2292 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «حق المسلم على المسلم ست: قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فشمته، وإذا مرض فعُدْه، وإذا مات فاتْبعه» رواه مسلم والترمذي والنسائي (4) .
_________
(1) تقدم برقم (2283) .
(2) تقدم برقم (2271) .
(3) تقدم برقم (2274) .
(4) مسلم (4/1705) (2162) ، الترمذي (5/80) (2736) ، النسائي (4/53) .(2/739)