وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن معمر:
حَتَّى تُوضَع فِي اللَّحْد ".
وَفِي حَدِيث عقيل عَن ابْن شهَاب: حَدثنِي رجالٌ عَن أبي هُرَيْرَة بِمثلِهِ، إِلَّا أَنه قَالَ:
وَمن اتبعها حَتَّى تدفن ".
وَلم أجد حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد فِي كتاب أبي مَسْعُود فِي هَذِه التَّرْجَمَة.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة بِمثل حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن الْأَعْرَج إِلَى قَوْله:
الجبلين العظيمين ".
وَمن حَدِيث الْحسن بن أبي الْحسن وَمُحَمّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
من اتبع جَنَازَة مسلمٍ إِيمَانًا واحتساباً، وَكَانَ مَعهَا حَتَّى يصلى عَلَيْهَا ويفرغ من دَفنهَا، فَإِنَّهُ يرجع من الْأجر بقيراطين، كل قيراطٍ مثل أحدٍ، وَمن صلى عَلَيْهَا ثمَّ رَجَعَ قبل أَن تدفن فَإِنَّهُ يرجع بقيراط ". وَقَالَ البُخَارِيّ: تَابعه عُثْمَان الْمُؤَذّن، وَقَالَ: حَدثنَا عَوْف عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث وهيب بن خَالِد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من صلى على جَنَازَة وَلم يتبعهَا فَلهُ قِيرَاط، وَمن تبعها فَلهُ قيراطان ". قيل: وَمَا القيراط؟ قَالَ: " أصغرها مثل أحد ".
وَمن حَدِيث أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من صلى على جَنَازَة فَلهُ قِيرَاط، وَمن اتبعها حَتَّى تُوضَع فِي الْقَبْر فقيراطان " قَالَ: قلت لأبي هُرَيْرَة: وَمَا القيراط؟ قَالَ: مثل أحد.(3/119)
وَمن حَدِيث عَامر بن سعد بن أبي وَقاص:
أَنه كَانَ قَاعِدا عِنْد عبد الله بن عمر، فطلع خبابٌ صَاحب الْمَقْصُورَة فَقَالَ: يَا عبد الله بن عمر، أَلا تسمع مَا يَقُول أَبُو هُرَيْرَة؟ يَقُول: إِنَّه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من خرج مَعَ جَنَازَة من بَيتهَا وَصلى عَلَيْهَا، ثمَّ تبعها حَتَّى تدفن كَانَ لَهُ قيراطان من أجر، كل قِيرَاط مثل أحد، وَمن صلى عَلَيْهَا ثمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ من الْأجر مثل أحد ". فَأرْسل ابْن عمر خباباً إِلَى عَائِشَة فَسَأَلَهَا عَن قَول أبي هُرَيْرَة، ثمَّ يرجع إِلَيْهِ فيخبره بِمَ قَالَت. وَأخذ ابْن عمر قَبْضَة من حَصى الْمَسْجِد يقلبها فِي يَده حَتَّى رَجَعَ فَقَالَ: قَالَت عَائِشَة: صدق أَبُو هُرَيْرَة، فَضرب ابْن عمر بالحصى الَّذِي كَانَ فِي يَده الأَرْض ثمَّ قَالَ: لقد فرطنا فِي قراريط كَثِيرَة.
وَلَيْسَ لخباب صَاحب الْمَقْصُورَة عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث.
2328 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْفجْر من الْجُمُعَة {الم تَنْزِيل} [السَّجْدَة] و {هَل أَتَى على الْإِنْسَان} [سُورَة الْإِنْسَان] .
2329 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " قريشٌ وَالْأَنْصَار وجهينة وَمُزَيْنَة وَأَشْجَع وَأسلم وغفار موَالِي، لَيْسَ لَهُم مولى دون الله وَرَسُوله " كَذَا رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سعد ابْن إِبْرَاهِيم، وَكَذَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث سُفْيَان عَن سعد بن إِبْرَاهِيم.(3/120)
وَقَالَ البُخَارِيّ فِي مَوضِع آخر من كِتَابه: حَدثنَا أَبُو نعيم قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن سعد، ثمَّ قَالَ: وَقَالَ يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم: حَدثنَا أبي عَن أَبِيه، قَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " قُرَيْش وَالْأَنْصَار وجهينة وَمُزَيْنَة وَأسلم وَأَشْجَع وغفار موَالِي، لَيْسَ لَهُم مولى دون الله وَرَسُوله ".
وَقد حكى أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي وَغَيره أَن البُخَارِيّ حمل حَدِيث يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم على حَدِيث أبي نعيم عَن سُفْيَان، وَيَعْقُوب فِي حَدِيثه إِنَّمَا يَقُول: عَن أَبِيه عَن صَالح بن كيسَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
وَالَّذِي نفس محمدٍ بِيَدِهِ، لغفار وَأسلم وَمُزَيْنَة وَمن كَانَ من جُهَيْنَة - أَو قَالَ: " جُهَيْنَة وَمن كَانَ من مزينة - خيرٌ عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة من أَسد وطيء وغَطَفَان ". وَهَكَذَا أخرجه مُسلم من حَدِيث يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن صَالح عَن الْأَعْرَج. فَذكره بِإِسْنَادِهِ كَمَا أوردناه، هَذَا خلاف فِي الْمَتْن والإسناد.
وَأخرجه أَيْضا نَحْو هَذَا من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة، إِلَّا أَنه قَالَ فِي رِوَايَة مُسلم: من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية عَن أَيُّوب عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي، مُسْند.
وَهُوَ للْبُخَارِيّ من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَنهُ من قَول أبي هُرَيْرَة. لم يسْندهُ.
وَهَذَا لفظ حَدِيث مُسلم الْمسند: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لأسلم وغفار وشيءٌ من مزينة أَو شَيْء من جُهَيْنَة. وَمُزَيْنَة خيرٌ عِنْد الله - قَالَ حَمَّاد: أَحْسبهُ قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة - من أَسد وغَطَفَان وهوازن وغفار ".(3/121)
وَلمُسلم من حَدِيث سعد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة عَن الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
أسلم وغفار وَمُزَيْنَة وَمن كَانَ من جُهَيْنَة أَو جُهَيْنَة خيرٌ من بني تَمِيم وَبني عامرٍ والحليفتين أسدٍ وغَطَفَان ".
وَلمُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَنه قَالَ ... بِنَحْوِ حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا.
2330 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار وَبسر ابْن سعيد والأعرج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من أدْرك من الصُّبْح رَكْعَة قبل أَن تطلع الشَّمْس فقد أدْرك الصُّبْح، وَمن أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فقد أدْرك الْعَصْر. "
وَلَيْسَ لزيد بن أسلم فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح غَيره.
2331 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن جَعْفَر بن ربيعَة عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا سَمِعْتُمْ نهاق الْحمير فتعوذوا بِاللَّه من الشَّيْطَان، فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانا، فَإِذا سَمِعْتُمْ صياح الديكة فاسألوا الله من فَضله، فَإِنَّهَا رَأَتْ ملكا ".
2332 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يَسُوق بَدَنَة، فَقَالَ: " اركبها ". فَقَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة قَالَ: " اركبها " فَقَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة. فَقَالَ: " اركبها، وَيلك " فِي الثَّانِيَة أَو فِي الثَّالِثَة.(3/122)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس عَن أبي هُرَيْرَة
أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يَسُوق بَدَنَة، قَالَ: " اركبها " قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة. قَالَ: " اركبها ". قَالَ: فَلَقَد رَأَيْته راكبها يُسَايِر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والنعل فِي عُنُقهَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ فِيهِ:
بَينا رجلٌ يَسُوق بَدَنَة مقلدة. . وَذكره.
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ، وَقَالَ أَيْضا:
بَدَنَة مقلدة، وَفِيه أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وَيلك اركبها " فَقَالَ: بدنةٌ يَا رَسُول الله.
قَالَ: " وَيلك اركبها، وَيلك اركبها ".
2333 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يمش أحدكُم فِي نعلٍ وَاحِدَة، ولينعلهما جَمِيعًا أَو ليخلعهما جَمِيعًا " وَفِي رِوَايَة القعْنبِي: " ليحفهما جَمِيعًا، أَو لينعلهما جَمِيعًا ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي رزين قَالَ:
خرج إِلَيْنَا أَبُو هُرَيْرَة، فَضرب بِيَدِهِ على جَبهته فَقَالَ: أَلا إِنَّكُم تحدثون أَنِّي أكذب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لتهتدوا وأضل، أَلا وَإِنِّي أشهد لسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِذا انْقَطع شسع أحدكُم فَلَا يمش فِي الْأُخْرَى حَتَّى يصلحها. "
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي رزين وَأبي صَالح جَمِيعًا عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا الْمَعْنى.(3/123)
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد الْقرشِي عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا انتعل أحدكُم فليبدأ باليمنى، وَإِذا خلع فليبدأ بالشمال، ولينعلهما جَمِيعًا، أَو ليحفهما جَمِيعًا ".
2334 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يمر الرجل بِقَبْر الرجل ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى يمر الرجل على الْقَبْر، فيتمرغ عَلَيْهِ فَيَقُول: يَا لَيْتَني كنت مَكَان صَاحب هَذَا الْقَبْر وَلَيْسَ بِهِ الدّين، إِلَّا الْبلَاء ".
2335 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِذا شرب الْكَلْب فِي إِنَاء أحدكُم فليغسله سبع مراتٍ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي رزين وَأبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِذا ولغَ الْكَلْب فِي إِنَاء أحدكُم فليرقه ثمَّ ليغسله سبع مَرَّات ".
وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا عَن الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله، وَلم يذكر: " فليرقه ".
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " طهُور إِنَاء أحدكُم إِذا ولغَ فِيهِ الْكَلْب أَن يغسلهُ سبع مَرَّات، أولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ ".(3/124)
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
طهُور إناءٍ أحدكُم إِذا ولغَ الْكَلْب فِيهِ أَن يغسلهُ سبع مَرَّات ".
وَفِي حَدِيث ابْن الْمُغَفَّل:
وعفروه الثَّامِنَة بِالتُّرَابِ " وَهُوَ مَذْكُور هُنَالك.
2336 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " لَا يتلَقَّى الركْبَان للْبيع، وَلَا يبع بَعْضكُم على بيع بعضٍ، وَلَا تناجشوا، وَلَا يبع حاضرٌ لبادٍ، وَلَا تصروا الْإِبِل وَالْغنم، فَمن ابتاعها بعد ذَلِك فَهُوَ بِخَير النظرين بعد أَن يحلبها، فَإِن رضيها أمْسكهَا، وَإِن سخطها ردهَا وصاعاً من تمر ".
وَأخرج البُخَارِيّ فِي التصرية نَحوه من حَدِيث جَعْفَر بن ربيعَة عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا تصروا الْإِبِل وَالْغنم، فَمن ابتاعها فَإِنَّهُ بِخَير النظرين بعد أَن يحلبها، إِن شَاءَ أمسك، وَإِن شَاءَ ردهَا وصاعاً من تمر ".
وَمن حَدِيث ثَابت من عِيَاض عَن الْأَعْرَج مولى عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من اشْترى غنما مصراة فاحتلبها، فَإِن رضيها أمْسكهَا، وَإِن سخطها فَفِي حلبتها صاعٌ من تمر ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُوسَى بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من اشْترى شَاة مصراة فلينقلب بهَا فليحلبها، فَإِن رَضِي حلابها أمْسكهَا وَإِلَّا ردهَا وَمَعَهَا صاعٌ من تمر ".
وَمن حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي عَن سهل بن أبي صَالح عَن أَبِيه(3/125)
عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من ابْتَاعَ شَاة مصراة فَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام، إِن شَاءَ أمْسكهَا، وَإِن شَاءَ ردهَا ورد مَعهَا صَاعا من تمر ".
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من اشْترى شَاة مصراة فَهُوَ فِيهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَة أَيَّام، فَإِن ردهَا رد مَعهَا صَاعا من طَعَام لَا سمراء ".
وَفِي رِوَايَة أَيُّوب عَن مُحَمَّد بن سِيرِين:
وَإِن شَاءَ ردهَا ورد مَعهَا صَاعا من تمر لَا سمراء ".
وَفِي حَدِيث عبد الْوَهَّاب عَن أَيُّوب:
من اشْترى من الْغنم - يعْنى مصراة - فَهُوَ بِالْخِيَارِ ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا مَا أحدكُم اشْترى لقحةً مصراة أَو شَاة مصراة فَهُوَ بِخَير النظرين بعد أَن يحلبها، إِمَّا هِيَ وَإِلَّا فليردها وصاعاً من تمر ".
2337 - السبعون بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر يَوْم الْجُمُعَة، فَقَالَ: " فِيهِ ساعةٌ لَا يُوَافِقهَا عبدٌ مسلمٌ وَهُوَ قائمٌ يُصَلِّي، يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه " وَأَشَارَ بِيَدِهِ يقللها.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن فِي الْجُمُعَة سَاعَة " وَذكر نَحوه. وَقَالَ بِيَدِهِ. قُلْنَا: يقللها، يزهدها.(3/126)
وَفِي رِوَايَة مُسَدّد نَحوه، وَفِي آخِره: قَالَ بِيَدِهِ:
وَوضع أنملته على بطن الْوُسْطَى والخنصر. قُلْنَا: يزهدها.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد الْقرشِي عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن فِي الْجُمُعَة لساعةً ... " وَذكر نَحوه. وَفِيه فِي آخِره: " وَهِي سَاعَة خَفِيفَة ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه نَحوه، وَلم يقل " وَهِي سَاعَة خَفِيفَة ".
2338 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " هَل ترَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا؟ وَالله مَا يخفى عَليّ ركوعهم وَلَا خُشُوعكُمْ، وَإِنِّي لأَرَاكُمْ من وَرَاء ظَهْري ".
2339 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يتعاقبون فِيكُم ملائكةٌ بِاللَّيْلِ وملائكة بِالنَّهَارِ، ويجتمعون فِي صَلَاة الْعَصْر وَصَلَاة الْفجْر، ثمَّ يعرج الَّذين باتوا فِيكُم، فيسألهم - وَهُوَ أعلم بكم: كَيفَ تركْتُم عبَادي؟ فَيَقُولُونَ: تركناهم وهم يصلونَ، وأتيناهم وهم يصلونَ ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة نَحوه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
وَالْمَلَائِكَة يتعاقبون فِيكُم. . " بِمثل حَدِيث أبي الزِّنَاد.(3/127)
2340 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مطل الْغَنِيّ ظلمٌ، وَإِذا أتبع أحدكُم على مَلِيء فَليتبعْ ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
مطل الْغَنِيّ ظلم ". كَذَا فِي حَدِيث البُخَارِيّ، لم يزدْ. وَحمل مُسلم حَدِيث همام على حَدِيث مَالك وَقَالَ: بِمثلِهِ. وَفِيه: " إِذا أتبع أحدكُم على مَلِيء فَليتبعْ ". وَكَذَلِكَ أخرجه أَبُو بكر البرقاني من حَدِيث إِسْحَاق بن مَالك بن أنس.
2341 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " طَعَام الِاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلَاثَة، وَطَعَام الثَّلَاثَة كَافِي الْأَرْبَعَة ".
2342 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَا يقتسم ورثتي دِينَارا، مَا تركت بعد نَفَقَة نسَائِي ومؤونة عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله.
وَمن حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا نورث، مَا تركنَا صَدَقَة ".
2343 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اختتن إِبْرَاهِيم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالقدوم " قَالَ أَبُو الزِّنَاد " بالقدوم " مُخَفّفَة: وَهُوَ مَوضِع.(3/128)
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَق عَن أبي الزِّنَاد، وَتَابعه عجلَان عَن أبي هُرَيْرَة، وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة - وَاسم أبي حَمْزَة دِينَار - عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا، وَقَالَ: " بالقدوم " مُخَفّفَة.
2344 - السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تمنوا لِقَاء الْعَدو، وَإِذا لقيتموهم فَاصْبِرُوا ".
2345 - الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْمُغيرَة الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِنَّه ليَأْتِي الرجل الْعَظِيم السمين يَوْم الْقِيَامَة لَا يزن عِنْد الله جنَاح بعوضة " قَالَ: " واقرءوا إِن شتم: {فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا} [الْكَهْف] .
2346 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْمُغيرَة الْحزَامِي الْقرشِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لما قضى الله الْخلق - وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن قُتَيْبَة: لما خلق الْخلق، كتب فِي كِتَابه، فَهُوَ عِنْده فَوق الْعَرْش: إِن رَحْمَتي تغلب غَضَبي " وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ: " غلبت غَضَبي ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن الله لما قضى الْخلق كتب عِنْده فَوق عَرْشه: إِن رَحْمَتي سبقت غَضَبي ".(3/129)
وَمن حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لما قضى الله الْخلق كتب عِنْده ... " وَذكر نَحوه.
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لما خلق الله الْخلق كتب فِي كتاب كتبه على نَفسه، فَهُوَ مَوْضُوع عِنْده على الْعَرْش: إِن رَحْمَتي تغلب غَضَبي ".
وَمن حَدِيث أبي رَافع الصَّائِغ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه بِمَعْنَاهُ.
وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَن أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن الله كتب كتابا قبل أَن يخلق الْخلق: إِن رَحْمَتي سبقت غَضَبي، فَهُوَ مكتوبٌ عِنْده فَوق الْعَرْش ".
وَأخرجه مُسلم مُخْتَصرا من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
قَالَ الله عز وَجل: سبقت رَحْمَتي غَضَبي ".
وَمن حَدِيث عَطاء بن ميناء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لما قضى الله الْخلق كتب فِي كِتَابه على نَفسه - فَهُوَ موضوعٌ عِنْده: إِن رَحْمَتي تغلب غَضَبي ".
2347 - الثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: وَهُوَ حَدِيث يجمع أَحَادِيث: عَن الْمُغيرَة الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
النَّاس تبعٌ لقريش فِي هَذَا الشَّأْن، مسلمهم تبعٌ لمسلمهم، وكافرهم تبعٌ لكافرهم. النَّاس معادن، خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الْإِسْلَام إِذا فقهوا،(3/130)
تَجِدُونَ من خير النَّاس أَشد النَّاس كَرَاهِيَة لهَذَا الْأَمر حَتَّى يَقع فِيهِ " اللَّفْظ للْبُخَارِيّ، وَهُوَ عِنْده أتم بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَأخرجه من حَدِيث أبي زرْعَة هرم بن عَمْرو بن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
تَجِدُونَ النَّاس معادن، خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الْإِسْلَام إِذا فقهوا. تَجِدُونَ خير النَّاس فِي هَذَا الشَّأْن أَشَّدهم لَهُ كَرَاهِيَة، وتجدون شَرّ النَّاس ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْه وَهَؤُلَاء بِوَجْه ". لفظ حَدِيث البُخَارِيّ.
وَأَخْرَجَا أَيْضا طرفا من حَدِيث عرَاك بن مَالك الْغِفَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
إِن شَرّ النَّاس ذُو الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْه وَهَؤُلَاء بِوَجْه ".
وَأخرج البُخَارِيّ هَذَا الطّرف مِنْهُ من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
تَجِدُونَ من أشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة عِنْد الله ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْه وَهَؤُلَاء بِوَجْه ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
تَجِدُونَ النَّاس معادن ... " ثمَّ ذكر نَحْو مَا ذكرنَا من حَدِيث أبي زرْعَة فِي الْفُصُول الثَّلَاثَة، إِلَّا أَن فِي حَدِيث سعيد " وتجدون من خير النَّاس فِي الْأَمر أكرههم لَهُ قبل أَن يَقع فِيهِ ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ فِي حَدِيث زُهَيْر: عَن سُفْيَان يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي رِوَايَة عَمْرو بن النَّاقِد عَن سُفْيَان رِوَايَة:
النَّاس تبعٌ لقريش فِي هَذَا الشَّأْن، مسلمهم لمسلمهم، وكافرهم لكافرهم ".(3/131)
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
النَّاس تبعٌ لقريش " بِنَحْوِ حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
وَمن حَدِيث مَالك بن أنس طرفٌ مِنْهُ عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن من شَرّ النَّاس ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْه وَهَؤُلَاء بِوَجْه ".
2348 - الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَو أَن رجلا اطلع عَلَيْك بِغَيْر إذنٍ فخذفته بحصاةٍ ففقأت عينه مَا كَانَ عَلَيْك جناحٌ ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ " وَقَالَ: " لَو اطلع فِي بَيْتك أحدٌ وَلم تَأذن لَهُ فخذفته بحصاة ففقأت عينه، مَا كَانَ عَلَيْك من جنَاح ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث جرير بن عبد الحميد عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من اطلع فِي بَيت قومٍ بِغَيْر إذْنهمْ فقد حل لَهُم أَن يفقأوا عينه ".
2349 - الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن أخنع اسْم عِنْد الله رجلٌ تسمى ملك الْأَمْلَاك " زَاد أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي رِوَايَته: " لَا مَالك إِلَّا الله ". وَقَالَ الأشعثي:(3/132)
قَالَ سُفْيَان:
مثل شاهان شاه: وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: سَأَلت أَبَا عَمْرو عَن " أخنع " فَقَالَ: أوضع.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أخنى الْأَسْمَاء يَوْم الْقِيَامَة رجلٌ تسمى ملك الْأَمْلَاك ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَغيظ رجلٍ على الله يَوْم الْقِيَامَة وأخبثه رجلٌ كَانَ يُسمى ملك الْأَمْلَاك، لَا ملك إِلَّا الله ".
2350 - الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " قَالَ الله عز وَجل: أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَالا عينٌ رَأَتْ، وَلَا أذنٌ سَمِعت، وَلَا خطر على قلب بشرٍ " واقرءوا إِن شِئْتُم: {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} [السَّجْدَة] .
وَفِي حَدِيث عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان قَالَ أَبُو هُرَيْرَة:
اقْرَءُوا إِن شِئْتُم: {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} .
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح ذكْوَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله عز وَجل:
أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَا لَا عينٌ رَأَتْ، وَلَا أذنٌ سَمِعت، وَلَا خطر على قلب بشر، ذخْرا، بله مَا أطْلعكُم عَلَيْهِ، ثمَّ قَرَأَ: {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} . وَفِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة: {من قرات أعينٍ} .(3/133)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
قَالَ الله: أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَا لَا عينٌ رَأَتْ، وَلَا أذنٌ سَمِعت، وَلَا خطر على قلب بشر " لم يزدْ. .
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
قَالَ أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين ... " نَحْو حَدِيث أبي صَالح، وَلم يذكر الْآيَة، وَقَالَ: " بله، مَا أطْلعكُم الله عَلَيْهِ ".
2351 - الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رِوَايَة قَالَ: " لله تِسْعَة وَتسْعُونَ اسْما، مائَة إِلَّا وَاحِدًا، لَا يحفظها واحدٌ إِلَّا دخل الْجنَّة. وَهُوَ وترٌ يحب الْوتر ".
وَفِي رِوَايَة زُهَيْر وَعَمْرو النَّاقِد عَن سُفْيَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما من حفظهَا دخل الْجنَّة، وَالله وترٌ يجب الْوتر ". وَفِي رِوَايَة ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان: " من أحصاها ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما - مائَة إِلَّا وَاحِدًا، من أحصاها دخل الْجنَّة. " قَالَ البُخَارِيّ أحصاها: حفظهَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ مُسْندًا، وَلَيْسَ عِنْده فِيهِ:
وتر يحب الْوتر. " وَمن حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ، وَزَاد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " إِنَّه وترٌ يحب الْوتر ".(3/134)
2352 - الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن أبي هُرَيْرَة الدوسي قَالَ: خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَائِفَة من النَّهَار، لَا يكلمني وَلَا ُأكَلِّمهُ حَتَّى أَتَى سوق بني قينقاع، فَجَلَسَ بِفنَاء بَيت فَاطِمَة فَقَالَ " أَثم لكع؟ " فحبسته شَيْئا، فَظَنَنْت أَنَّهَا تلبسه سخاباً أَو تغسله، فجَاء يشْتَد حَتَّى عانقه وَقَبله وَقَالَ: " اللَّهُمَّ أحبه، وَأحب من يُحِبهُ ".
وَفِي رِوَايَة ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
إِنِّي أحبه، فَأَحبهُ، وَأحب من يُحِبهُ ".
وَفِي حَدِيث وَرْقَاء بن عمر عَن عبيد الله بن أبي يزِيد عَن نَافِع أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ:
كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سوقٍ من أسواق الْمَدِينَة فَانْصَرف وانصرفت، فَقَالَ: " أَي لكع - ثَلَاثًا، أدع الْحسن بن عَليّ " فَقَامَ الْحسن يمشي وَفِي عُنُقه السخاب فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ هَكَذَا، وَقَالَ الْحسن بِيَدِهِ هَكَذَا، فَالْتَزمهُ، وَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أحبه، فأحببه وَأحب من يُحِبهُ ".
قَالَ أَبُو هُرَيْرَة:
فَمَا كَانَ أحدٌ أحب إِلَيّ من الْحسن بن عَليّ بَعْدَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ.
وَلَيْسَ لنافع بن جُبَير عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
2353 - السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي عبد الرَّحْمَن طَاوس بن كيسَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة، أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا، وأتيناه من بعدهمْ، فَهَذَا الْيَوْم الَّذِي اخْتلفُوا فِيهِ، فهدانا الله، فغداً للْيَهُود، وَبعد غدٍ لِلنَّصَارَى "، فَسكت ثمَّ قَالَ: " حقٌّ على كل مُسلم أَن(3/135)
يغْتَسل فِي كل سَبْعَة أَيَّام يَوْمًا، يغسل فِيهِ رَأسه وَجَسَده " وَلَيْسَ فِيهِ عِنْد مُسلم ذكر الْغسْل.
وَفِي حَدِيث مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن وهيب نَحوه، وَفِيه ذكر الْغسْل، وَفِيه:
بيد كل أمة أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا ... ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مُجَاهِد عَن طَاوس تَعْلِيقا فِي الْغسْل فَقَط.
وَأخرجه بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة، بيد أَنهم أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا، ثمَّ هَذَا يومهم الَّذِي فرض عَلَيْهِم فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فهدانا الله، فَالنَّاس لنا فِيهِ تبعٌ، الْيَهُود غَدا وَالنَّصَارَى بعد غَد ".
وَقد أخرج البُخَارِيّ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام " نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة " لم يزدْ. من حَدِيث همام وَغَيره مُسْندًا ".
وَلمُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عيينه عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، وَابْن طَاوس عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نَحن الْآخرُونَ وَنحن السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة، بيد أَن كل أمة أُوتيت الْكتاب من قبلنَا وأوتيناه من بعدهمْ، ثمَّ هَذَا الْيَوْم الَّذِي كتبه الله علينا، هدَانَا الله لَهُ، فَالنَّاس لنا فِيهِ تبعٌ، الْيَهُود غَدا، وَالنَّصَارَى بعد غَد. " وَلم يذكر الْغسْل.(3/136)
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
نَحن الْآخرُونَ الْأَولونَ يَوْم الْقِيَامَة، وَنحن أول من يدْخل الْجنَّة، بيد أَنهم أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا ... " ثمَّ ذكر نَحوه.
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، " نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة، بيد أَنهم أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا وأوتيناه من بعدهمْ، هَذَا يومهم الَّذِي فرض عَلَيْهِم وَاخْتلفُوا فِيهِ، فهدانا الله لَهُ، فهم لنا تبعٌ، فاليهود غَدا وَالنَّصَارَى بعد غدٍ " أغفله أَبُو مَسْعُود وَلم يذكرهُ فِي تَرْجَمَة همام.
وَمن حَدِيث أبي حَازِم وسلمان مولى عزة عَن أبي هُرَيْرَة، وَعَن ربعي بن حِرَاش عَن حُذَيْفَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أضلّ الله عَن الْجُمُعَة من كَانَ قبلنَا، فَكَانَ للْيَهُود يَوْم السبت، وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْم الْأَحَد، فجَاء الله بِنَا، فهدانا الله ليَوْم الْجُمُعَة، فَجعل الْجُمُعَة والسبت والأحد، وَكَذَلِكَ هم تبعٌ لنا يَوْم الْقِيَامَة، نَحن الْآخرُونَ من أهل الدُّنْيَا، والأولون يَوْم الْقِيَامَة، الْمقْضِي لَهُم قبل الْخَلَائق، وَفِي رِوَايَة وَاصل بن عبد الْأَعْلَى: " الْمقْضِي بَينهم ".
2354 - السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن طَاوس عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الْبَخِيل والمتصدق كَمثل رجلَيْنِ عَلَيْهِمَا جنتان من حَدِيد، قد اضطرت أَيْدِيهِمَا إِلَى ثديهما وتراقيهما، فَجعل الْمُتَصَدّق كلما تصدق انبسطت عَلَيْهِ حَتَّى تغشي أنامله، وَتَعْفُو أَثَره، وَجعل الْبَخِيل كلما هم بِصَدقَة قلصت، وَأخذت كل حَلقَة بمكانها ". قَالَ: فَأَنا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بإصبعه فِي جيبه، فَلَو رَأَيْته يوسعها وَلَا توسع.(3/137)
وَفِي حَدِيث ابْن طَاوس عَن أَبِيه نَحوه، فِي آخِره قَالَ: فَسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
فَيجْهد أَن يوسعها وَلَا تتسع ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه تَعْلِيقا من حَدِيث اللَّيْث عَن جَعْفَر بن ربيعَة عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
مثل الْبَخِيل والمتصدق كَمثل رجل عَلَيْهِ جنتان أَو جبتان. . " ثمَّ ذكر مَعْنَاهُ.
2355 - الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن طَاوس عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يحْشر النَّاس على ثَلَاث طرائق: راغبين وراهبين، وَاثْنَانِ على بعير وَثَلَاثَة على بعير، وَأَرْبَعَة على بعير، وَعشرَة على بعير، وتحشر بَقِيَّتهمْ النَّار، تقيل مَعَهم حَيْثُ قَالُوا: وتبيت حَيْثُ باتوا، وتصبح مَعَهم حَيْثُ أَصْبحُوا، وتمسي مَعَهم حَيْثُ أَمْسوا ".
2356 - التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن طَاوس بن كيسَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " أرسل ملك الْمَوْت إِلَى مُوسَى، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكه ففقأ عينه فَرجع إِلَى ربه قَالَ: أرسلتني إِلَى عبدٍ لَا يُرِيد الْمَوْت، فَرد الله إِلَيْهِ عينه، وَقَالَ: ارْجع إِلَيْهِ فَقل لَهُ يضع يَده على متن ثورٍ، وَله بِكُل مَا غطت يَده بِكُل شَعْرَة سنةٌ. قَالَ: أَي رب، ثمَّ مَاذَا؟ قَالَ ثمَّ الْمَوْت. قَالَ: فَالْآن، فَسَأَلَ الله أَن يُدْنِيه من الأَرْض المقدسه رميةً(3/138)
بِحجر " فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
فَلَو كنت ثمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبره إِلَى جَانب الطَّرِيق تَحت الْكَثِيب الْأَحْمَر ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
جَاءَ ملك الْمَوْت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: أجب رَبك. قَالَ: فلطم مُوسَى عين ملك الْمَوْت ففقأها ... " ثمَّ ذكره بِمَعْنَاهُ.
2357 - التِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن طَاوس من رِوَايَة ابْنه عَنهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد لأطوفن اللَّيْلَة بِمِائَة امْرَأَة، تَلد كل امْرَأَة مِنْهُنَّ غُلَاما يُقَاتل فِي سَبِيل الله، فَقَالَ لَهُ الْملك: قل: إِن شَاءَ الله. فَلم يقل وَنسي، فأطاف بِهن وَلم تَلد مِنْهُنَّ إِلَّا امرأةٌ نصف إِنْسَان. قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَو قَالَ: إِن شَاءَ الله، لم يَحْنَث، وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ ".
وَفِي حَدِيث عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان نَحوه وَقَالَ:
تسعين امْرَأَة " وَقَالَ: " وَلَو قَالَ: إِن شَاءَ الله لم يَحْنَث، وَكَانَ دركاً لَهُ فِي حَاجته " قَالَ: وَقَالَ مرّة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَو اسْتثْنى ".
وَفِي رِوَايَة ابْن أبي عمر: " سبعين امْرَأَة ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله أَو نَحوه. اللَّفْظ لمُسلم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
كَانَ لِسُلَيْمَان سِتُّونَ امْرَأَة، فَقَالَ: لأطوفن عَلَيْهِنَّ اللَّيْلَة ... " وَذكر نَحوه، وَفِي آخِره: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَلَو كَانَ اسْتثْنى لولدت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ غُلَاما فَارِسًا يُقَاتل فِي سَبِيل الله ".(3/139)
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث جَعْفَر بن ربيعَة عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد:
لأطوفن اللَّيْلَة على مائَة امْرَأَة - أَو تسع وَتِسْعين كُلهنَّ يَأْتِي بفارسٍ يُجَاهد فِي سَبِيل الله. فَقَالَ لَهُ صَاحبه: قل: إِن شَاءَ الله، فَلم يقل: إِن شَاءَ الله، فَلم تحمل مِنْهُنَّ إِلَّا امرأةٌ وَاحِدَة، جَاءَت بشق رجل، وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو قَالَ: إِن شَاءَ الله، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيل الله فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ ".
وَمن حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد:
لأطوفن اللَّيْلَة على سبعين امْرَأَة، تحمل كل امراة فَارِسًا يُجَاهد فِي سَبِيل الله، فَقَالَ لَهُ صَاحبه: إِن شَاءَ الله، فَلم يقل، فَلم تحمل شَيْئا، إِلَّا وَاحِدًا سَاقِطا أحد شقيه ".
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَو قَالَهَا لَجَاهَدُوا فِي سَبِيل الله " قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ شُعَيْب وَابْن أبي الزِّنَاد: تسعين، وَهُوَ أصح.
وَأخرجه بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: لأطوفن اللَّيْلَة على تسعين امْرَأَة، كل امْرَأَة تَأتي بِفَارِس يُجَاهد فِي سَبِيل الله. . " فَذكره، وَفِيه: " وَايْم الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قَالَ: إِن شَاءَ الله، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيل الله فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة وورقاء بن عمر عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
قَالَ سُلَيْمَان. . " بِنَحْوِهِ، وَكِلَاهُمَا قَالَ: تسعين امْرَأَة. وَفِي حَدِيث مُوسَى: " كلهَا تحمل غُلَاما يُجَاهد فِي سَبِيل الله ".(3/140)
2358 - الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن طَاوس عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " فتح الْيَوْم من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج مثل هَذِه " وَعقد وهيب بِيَدِهِ تسعين.
وَفِي حَدِيث مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن وهيب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
فتح الله من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج مثل هَذَا " وَعقد بِيَدِهِ تسعين.
2359 - الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن نعيم بن عبد الله المجمر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن أمتِي يدعونَ يَوْم الْقِيَامَة غراً محجلين من آثَار الْوضُوء، فَمن اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يُطِيل غرته فَلْيفْعَل ".
وَفِي رِوَايَة عمَارَة بن غزيَّة الْأنْصَارِيّ عَن نعيم قَالَ:
رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَة يتَوَضَّأ، فَغسل وَجهه، فأسبغ الْوضُوء، ثمَّ غسل يَده الْيُمْنَى حَتَّى أشرع فِي الْعَضُد، ثمَّ يَده الْيُسْرَى حَتَّى أشرع فِي الْعَضُد، ثمَّ مسح رَأسه، ثمَّ غسل رجله الْيُمْنَى حَتَّى أشرع فِي السَّاق، ثمَّ غسل رجله الْيُسْرَى حَتَّى أشرع فِي السَّاق، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ، وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَنْتُم الغر المحجلون يَوْم الْقِيَامَة من إسباغ الْوضُوء، فَمن اسْتَطَاعَ مِنْكُم فليطل غرته وتحجيله ".
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن سعيد بن أبي هِلَال عَن نعيم:
أَنه رأى أَبَا هُرَيْرَة يتَوَضَّأ، فَغسل وَجهه وَيَديه حَتَّى كَاد يبلغ الْمَنْكِبَيْنِ، ثمَّ غسل رجلَيْهِ حَتَّى رفع إِلَى السَّاقَيْن، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
إِن أمتِي يأْتونَ يَوْم الْقِيَامَة غراً محجلين من أثر الْوضُوء، فَمن اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يُطِيل غرته فَلْيفْعَل. ".(3/141)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي حَازِم سلمَان مولى عزة عَن أبي هُرَيْرَة، وَفِي الْأَلْفَاظ اخْتِلَاف بَين الروَاة: فَفِي رِوَايَة خلف بن خَليفَة عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن أبي حَازِم أَنه قَالَ:
كنت خلف أبي هُرَيْرَة وَهُوَ يتَوَضَّأ للصَّلَاة، فَكَانَ يمد يَده يَده حَتَّى يبلغ إبطه، فَقلت: يَا أَبَا هُرَيْرَة، مَا هَذَا الْوضُوء؟ فَقَالَ: يَا بني فروخ، أَنْتُم هَا هُنَا؟ لَو علمت أَنكُمْ هَا هُنَا مَا تَوَضَّأت هَذَا الْوضُوء، سَمِعت خليلي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " تبلغ الْحِلْية من الْمُؤمن حَيْثُ يبلغ الْوضُوء " لم يزدْ.
وَفِي رِوَايَة ابْن فُضَيْل عَن أبي مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
ترد عَليّ أمتِي الْحَوْض وَأَنا أذود النَّاس عَنهُ كَمَا يذود الرجل إبل الرجل عَن إبِله " قَالُوا: يَا نَبِي الله، تعرفنا؟ قَالَ: " نعم، لكم سِيمَا لَيست لأحد غَيْركُمْ، تردون عَليّ غراً محجلين من آثَار الْوضُوء، وليصدن عني طائفةٌ مِنْكُم فَلَا يصلونَ، فَأَقُول: يَا رب، هَؤُلَاءِ من أَصْحَابِي، فيجيبني ملكٌ فَيَقُول: وَهل تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك ".
وَفِي رِوَايَة مَرْوَان الْفَزارِيّ عَن أبي مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن حَوْضِي أبعد من أَيْلَة من عدن، فَهُوَ أَشد بَيَاضًا من الثَّلج، وَأحلى من الْعَسَل بِاللَّبنِ، ولآنيته أَكثر من عدد النُّجُوم، وَإِنِّي لأصد النَّاس عَنهُ كَمَا يصد الرجل إبل النَّاس عَن حَوْضه " قَالُوا: يَا رَسُول الله، أتعرفنا يومئذٍ؟ قَالَ: " نعم، لكم سِيمَا لَيست لأحد من الْأُمَم، تردون عَليّ غراً محجلين من أثر الْوضُوء ".
وَمن حَدِيث مَالك وَعبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَتَى الْمقْبرَة فَقَالَ: " السَّلَام عَلَيْكُم دَار قوم مُؤمنين، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم للاحقون، وددت أَنا قد(3/142)
رَأينَا إِخْوَاننَا " قَالُوا: أولسنا إخوانك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " أَنْتُم أَصْحَابِي، وإخواننا الَّذين لم يَأْتُوا بعد " قَالُوا: كَيفَ تعرف من لم يَأْتِ بعد من أمتك يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ:
أَرَأَيْت لَو أَن رجلا لَهُ خيلٌ غرٌّ محجلةٌ بَين ظَهْري خيلٍ دهم بهم، أَلا يعرف خيله؟ قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله. قَالَ: " فَإِنَّهُم يأْتونَ غراً محجلين من الْوضُوء، وَأَنا فرطهم على الْحَوْض. أَلا ليزادن رجالٌ عَن حَوْضِي كَمَا يُزَاد الْبَعِير الضال، أناديهم: أَلا هَلُمَّ، فَيُقَال: إِنَّهُم قد بدلُوا بعْدك. فَأَقُول: سحقاً سحقاً ".
وَفِي حَدِيث مَالك:
فليزدان رجالٌ عَن حَوْضِي ".
2360 - الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن نعيم المجمر من رِوَايَة مَالك عَنهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " على أنقاب الْمَدِينَة ملائكةٌ لَا يدخلهَا الطَّاعُون وَلَا الدَّجَّال ".
وَأخرجه مُسلم فِي الدَّجَّال بِمَعْنَاهُ من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
يَأْتِي الْمَسِيح من قبل الْمشرق، وهمته الْمَدِينَة حَتَّى ينزل دبر أحدٍ، ثمَّ تصرف الْمَلَائِكَة وَجهه قبل الشَّام، وهنالك يهْلك ".
2361 - الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي إِدْرِيس عَائِذ بن عبد الله الْخَولَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من تَوَضَّأ فليستنثر، وَمن استجمر فليوتر ".(3/143)
وَفِي رِوَايَة حَرْمَلَة عَن ابْن وهب أَن أَبَا أدريس الْخَولَانِيّ قَالَ:
إِنَّه سمع أَبَا هُرَيْرَة وَأَبا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُولَانِ: قَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... بِمثلِهِ.
وَأخرجه البُخَارِيّ بِزِيَادَة من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فليجعل فِي أَنفه، ثمَّ لينثر. وَمن استجمر فليوتر " وَإِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من نَومه فليغسل يَده قبل أَن يدخلهَا فِي وضوئِهِ، فَإِن أحدكُم لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده ".
وَهَذَا الْفَصْل فِي غسل الْيَد عِنْد الاستيقاظ من النّوم قد أخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج. وَمن رِوَايَة جمَاعَة عَن أبي هُرَيْرَة. وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي أول أَفْرَاد مُسلم، فَهَذَا الْفَصْل وَحده من الْمُتَّفق عَلَيْهِ من هَذَا الْوَجْه.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عيينه عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا استجمر أحدكُم فليستجمر وترا، وَإِذا تَوَضَّأ أحدكُم فليجعل فِي أَنفه مَاء ثمَّ لينتثر ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فليستنشق بمنخريه من المَاء ثمَّ لينتثر ".
2362 - الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن عرَاك بن مَالك الْغِفَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَيْسَ على الْمُسلم صدقه فِي عَبده وَلَا فرسه " وَفِي حَدِيث مخرمَة بن بكير عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَيْسَ فِي العَبْد صدقةٌ إِلَّا صَدَقَة الْفطر ".(3/144)
2363 - السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن عرَاك بن مَالك عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا ترغبوا عَن آبائكم، فَمن رغب عَن أَبِيه فَهُوَ كفرٌ ".
2364 - السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي سُفْيَان مولى ابْن أبي أَحْمد - عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: رخص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بيع الْعَرَايَا بِخرْصِهَا من الثَّمر، مَا دون خَمْسَة أوسق، أَو فِي خَمْسَة أَو سَبْعَة " شكّ دَاوُد بن الْحصين الرَّاوِي عَن أبي سُفْيَان.
2365 - الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن ثَابت بن عِيَاض الْأَعْرَج مولى عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب، أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يسلم الرَّاكِب على الْمَاشِي، والماشي على الْقَاعِد، والقليل على الْكثير ".
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
يسلم الصَّغِير على الْكَبِير، والمار على الْقَاعِد، والقليل على الْكثير ".
وَبِالْإِسْنَادِ من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ وَمَعْنَاهُ.
2366 - التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأَعْمَش، سُلَيْمَان بن مهْرَان عَن أبي صَالح ذكْوَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
صَلَاة الرجل فِي الْجَمَاعَة تضعف على صلَاته فِي بَيته وَفِي سوقه خمْسا وَعشْرين ضعفا، وَذَلِكَ أَنه إِذا تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء، ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد لَا يُخرجهُ إِلَّا الصَّلَاة، لم يخط خطْوَة إِلَّا رفعت لَهُ بهَا درجةٌ وَحط عَنهُ بهَا خَطِيئَة، فَإِذا صلى لم نزل الْمَلَائِكَة(3/145)
تصلي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مصلاة:
اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارحمه، فَلَا يزَال أحدكُم فِي مصلاة مَا انْتظر الصَّلَاة ".
وَفِي حَدِيث أبي كريب وَغَيره عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ فِيهِ
فَإِذا دخل الْمَسْجِد كَانَ فِي صَلَاة مَا كَانَت الصَّلَاة تحبسه ". وَزَاد فِي دُعَاء الْمَلَائِكَة: " اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ، اللَّهُمَّ تب عَلَيْهِ، مَا لم يؤذ فِيهِ، مَا لم يحدث فِيهِ ".
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا فصلا مِنْهُ فِي انْتِظَار الصَّلَاة من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يزَال أحدكُم فِي صَلَاة مَا دَامَت الصَّلَاة تحبسه، لَا يمنعهُ أَن يَنْقَلِب إِلَى أَهله إِلَّا الصَّلَاة ".
وَفِي أول حَدِيث البُخَارِيّ زِيَادَة لَيست عِنْد مُسلم بِهَذَا الْإِسْنَاد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ:
الْمَلَائِكَة تصلي على أحدكُم مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ مَا لم يحدث: اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ، اللَّهُمَّ ارحمه " ثمَّ قَالَ مُتَّصِلا بِهِ: " لَا يزَال أحدكُم فِي صَلَاة " وَذكر الْفَصْل الآخر إِلَى آخِره.
وَجعل هَذَا أَبُو مَسْعُود من أَفْرَاد مُسلم وهما مِنْهُ، وَلم يتَأَمَّل مَا بعد الزِّيَادَة الَّتِي فِي أول حَدِيث البُخَارِيّ، وَهُوَ الَّذِي أخرج مسلمٌ بِعَيْنِه، فصح أَنه لَهما، وَالزِّيَادَة من أَفْرَاد البُخَارِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أحدكُم فِي صَلَاة مَا دَامَت الصَّلَاة تحبسه، وَالْمَلَائِكَة تَقول: اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وارحمه، مَا لم يقم من مُصَلَّاهُ أَو يحدث ".(3/146)
وَمن حَدِيث سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا يزَال العَبْد فِي صَلَاة مَا كَانَ فِي الْمَسْجِد ينْتَظر الصَّلَاة مَا لم يحدث " فَقَالَ رجلٌ أعجمي: مَا الْحَدث يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ قَالَ: الصَّوْت، يَعْنِي الضرطة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أَيُّوب عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
الْمَلَائِكَة تصلي على أحدكُم مَا دَامَ فِي مَجْلِسه، تَقول: اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ، اللَّهُمَّ ارحمه، مَا لم يحدث، وأحدكم فِي صَلَاة مَا كَانَت الصَّلَاة تحبسه ".
وَمن حَدِيث أبي رَافع الصَّائِغ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يزَال العَبْد فِي صَلَاة مَا كَانَ فِي مُصَلَّاهُ ينْتَظر الصَّلَاة، فَتَقول الْمَلَائِكَة: اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ، اللَّهُمَّ ارحمه، حَتَّى ينْصَرف أَو يحدث. " قلت: مَا يحدث؟ قَالَ: يفسو أَو يضرط.
وَمن حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أحدكُم مَا قعد ينْتَظر الصَّلَاة فِي صَلَاة مَا لم يحدث، تَدْعُو لَهُ الْمَلَائِكَة: اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ، اللَّهُمَّ ارحمه ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وَحكى أَبُو مَسْعُود أَن فِيهِ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
الْمَلَائِكَة تصلي على أحدكُم مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ. "
2367 - المائتان: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لعن الله السَّارِق يسرق البيضه فتقطع يَده، وَيسْرق الْحَبل فتقطع يَده "(3/147)
زَاد فِي رِوَايَة حَفْص بن غياث: قَالَ الْأَعْمَش: كَانُوا يرَوْنَ أَنه بيض الْحَدِيد، وَالْحَبل كَانُوا يرَوْنَ أَنه مِنْهَا مَا يُسَاوِي دَرَاهِم.
2368 - الأول بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن ذكْوَان بن صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من تردى من حَبل فَقتل نَفسه فَهُوَ فِي نَار جَهَنَّم يتردى فِيهَا خَالِدا مخلداً فِيهَا أبدا، وَمن تحسى سما فَقتل نَفسه فسمه فِي يَده يتحساه فِي نَار جَهَنَّم خَالِدا مخلداً فِيهَا أبدا، وَمن قتل نَفسه بحديدة فحديدته فِي يَده يتوجأ بهَا فِي بَطْنه فِي نَار جَهَنَّم خَالِدا مخلداً فِيهَا أبدا ".
2369 - الثَّانِي بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ثلاثةٌ لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة، وَلَا ينظر إِلَيْهِم، وَلَا يزكيهم، وَلَهُم عذابٌ أَلِيم: رجلٌ على فضل ماءٍ بالفلاة يمنعهُ من ابْن السَّبِيل.
ورجلٌ بَايع رجلا بسلعة بعد الْعَصْر فَحلف لَهُ بِاللَّه لأخذها بِكَذَا وَكَذَا، فَصدقهُ، وَهُوَ على غير ذَلِك. ورجلٌ بَايع إِمَامًا، لَا يبايعه إِلَّا لدُنْيَا، فَإِن أعطَاهُ مِنْهَا وفى، وَإِن لم يُعْطه مِنْهَا لم يَفِ " وَفِي حَدِيث جرير بن عبد الحميد::
وَرجل ساوم رجلا بسلعة ". وَفِي حَدِيث عبد الْوَاحِد بن زِيَاد: " وَإِن أعطَاهُ مِنْهَا رَضِي، وَإِن لم يُعْطه مِنْهَا سخط ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار عَن أبي صَالح السمان عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
ثلاثةٌ لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم: رجل حلف على سلْعَة: لقد أعطي بهَا أَكثر مِمَّا أعطي وَهُوَ كَاذِب، وَرجل حلف على يَمِين كَاذِبَة بعد الْعَصْر ليقتطع بهَا مَال امرئٍ مُسلم، ورجلٌ منع فضل ماءٍ، فَيَقُول الله لَهُ: الْيَوْم أمنعك فضلي كَمَا منعت فضل مَا لم تعْمل يداك " لفظ حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد عَن(3/148)
سُفْيَان. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ عليٌّ: حَدثنَا سُفْيَان غير مرّة عَن عَمْرو سمع أَبَا صَالح يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ عَمْرو النَّاقِد عَنهُ: أرَاهُ مَرْفُوعا.
وَلَيْسَ لعَمْرو بن دِينَار عَن أبي صَالح فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
2370 - الثَّالِث بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن الْأَعْمَش أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " بَين النفختين أَرْبَعُونَ " قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَة، أَرْبَعِينَ يَوْمًا؟ قَالَ: أَبيت.
قَالُوا: أَرْبَعُونَ سنة؟ قَالَ أَبيت. قَالُوا: أَرْبَعُونَ شهرا؟ قَالَ: أَبيت. " ويبلى كل شيءٍ من الْإِنْسَان إِلَّا عجب ذَنبه، فِيهِ يركب الْخلق ".
زَاد فِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش قَالَ:
ثمَّ ينزل الله من السَّمَاء مَاء، فينبتون كَمَا ينْبت البقل، لَيْسَ من الْإِنْسَان شيءٌ إِلَّا يبْلى، إِلَّا عظما وَاحِدًا وَهُوَ عجب الذَّنب، وَمِنْه يركب الْخلق يَوْم الْقِيَامَة ".
وَأخرج مُسلم مِنْهُ طرفا من حَدِيث الْمُغيرَة الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
كل ابْن آدم يَأْكُلهُ التُّرَاب إِلَّا عجب الذَّنب، مِنْهُ خلق وَفِيه يركب ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن فِي الْإِنْسَان عظما لَا تَأْكُله إلأرض أبدا، فِيهِ يركب يَوْم الْقِيَامَة ". قَالُوا: أَي عظم هُوَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " عجب الذَّنب ".(3/149)
2371 - الرَّابِع بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أثقل صَلَاة على الْمُنَافِقين صَلَاة الْعشَاء وَصَلَاة الْفجْر، لَو يعلمُونَ مَا فيهمَا لأتوهما وَلَو حبواً، وَلَقَد هَمَمْت أَن آمُر بِالصَّلَاةِ فتقام، ثمَّ آمُر رجلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثمَّ أَنطلق معي بِرِجَال مَعَهم حزمٌ من حطبٍ إِلَى قوم لَا يشْهدُونَ الصَّلَاة، فَأحرق عَلَيْهِم بُيُوتهم بالنَّار " وَفِي حَدِيث حَفْص بن غياث عَن الْأَعْمَش نَحوه، وَقَالَ فِي آخِره: " فَأحرق على من لَا يخرج إِلَى الصَّلَاة وَيقدر ".
وَأخرج البُخَارِيّ الْفَصْل الثَّانِي من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لقد هَمَمْت أَن آمُر بحطبٍ فيحطب، ثمَّ آمُر بِالصَّلَاةِ فَيُؤذن لَهَا، ثمَّ آمُر رجلا يؤم النَّاس، ثمَّ أُخَالِف إِلَى رجالٍ فَأحرق عَلَيْهِم بُيُوتهم. وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو يعلم أحدهم أَنه يجد عرقاً سميناً، أَو مرماتين لشهد الْعشَاء ".
وَمن حَدِيث سعد بن إِبْرَاهِيم عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لقد هَمَمْت أَن آمُر بِالصَّلَاةِ فتقام، ثمَّ أُخَالِف إِلَى منَازِل قوم لَا يشْهدُونَ الصَّلَاة فَأحرق عَلَيْهِم لم يزدْ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فقد نَاسا فِي بعض الصَّلَوَات فَقَالَ: " لقد هَمَمْت أَن آمُر رجلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثمَّ أُخَالِف إِلَى رجال يتخلفون عَنْهَا فآمر بهم فيحرقوا عَلَيْهِم بحزم الْحَطب بُيُوتهم، وَلَو علم أحدهم أَنه يجد عظما سميناً لشهدها " يَعْنِي صَلَاة الْعشَاء.(3/150)
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لقد هَمَمْت أَن آمُر فتياني أَن يستعدوا لي بحزم من حطبٍ، ثمَّ آمُر رجلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثمَّ تحرق بيوتٌ على من فِيهَا ".
وَمن حَدِيث يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
2372 - الْخَامِس بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا يَصُومُونَ أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة إِلَّا يَوْمًا قبله أَو بعده ".
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش:
لَا يصم أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة إِلَّا أَن يَصُوم قبله أَو بعده ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تختصوا لَيْلَة الْجُمُعَة بقيامٍ من بَين اللَّيَالِي، وَلَا تختصوا يَوْم الْجُمُعَة بصيامٍ من بَين الْأَيَّام، إِلَّا أَن يكون فِي صومٍ يَصُوم أحدكُم ".
2373 - السَّادِس بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لِأَن يمتلئ جَوف أحدكُم قَيْحا يرِيه خيرٌ من أَن يمتلئ شعرًا ".
2374 - السَّابِع بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْإِيمَان بضعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَة، وَالْحيَاء شعبةٌ من الْإِيمَان ".
وَفِي حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن عبد الله بن دِينَار:
بضع وَسَبْعُونَ ". وَفِي رِوَايَة سُهَيْل عَن عبد الله بن دِينَار: " الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ أَو بضع وَسِتُّونَ(3/151)
شُعْبَة، فأفضلها قَول لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَدْنَاهَا إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق، وَالْحيَاء شعبةٌ من الْإِيمَان ".
2375 - الثَّامِن بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن مثلي وَمثل الْأَنْبِيَاء من قبلي كَمثل رجل بنى بَيْتا فأحسنه وأجمله، إِلَّا مَوضِع لبنةٍ من زَاوِيَة من زواياه، فَجعل النَّاس يطوفون ويعجبون لَهُ ويقولن: هلا وضعت هَذِه اللبنة؟ قَالَ: فَأَنا اللبنة، وَأَنا خَاتم النبين ".
وَقد رَوَاهُ أَبُو صَالح عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ إِلَى قَوْله:
فَكنت أَنا اللبنة ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
مثلي وَمثل الْأَنْبِيَاء من قبلي كَمثل رجل ابتنى بُيُوتًا فأحسنها وأجملها وأكملها، إِلَّا مَوضِع لبنة من زَاوِيَة من زواياها، فَجعل النَّاس يطوفون ويعجبهم الْبُنيان، فَيَقُولُونَ: أَلا وضعت هَا هُنَا لبنة فَيتم بنيانك ". فَقَالَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَكنت أَنا اللبنة ".
2376 - التَّاسِع بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي صَالح السمان عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " السّفر قطعةٌ من الْعَذَاب، يمْنَع أحدكُم نَومه وَطَعَامه، فَإِذا قضى نهمته من وَجهه فليعجل إِلَى أَهله ".(3/152)
2377 - الْعَاشِر بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تعوذوا بِاللَّه من جهد الْبلَاء، ودرك الشَّقَاء، وَسُوء الْقَضَاء، وشماتة الْأَعْدَاء " لفظ حَدِيث مُسَدّد عَن سُفْيَان لم يزدْ.
وَفِي رِوَايَة عَليّ بن عبد الله قَالَ: قَالَ سُفْيَان:
الحَدِيث ثَلَاث، وزدت أَنا وَاحِدَة لَا أَدْرِي أيتهن. وَقَالَ عَمْرو النَّاقِد: قَالَ سُفْيَان: أَشك أَنِّي زِدْت وَاحِدَة مِنْهَا.
2378 - الْحَادِي عشر بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْعمرَة إِلَى الْعمرَة كفارةٌ لما بَينهمَا، وَالْحج المبرور لَيْسَ لَهُ جزاءٌ إِلَّا الْجنَّة ".
وَأَخْرَجَاهُ بِمَعْنَاهُ من حَدِيث أبي حَازِم مولى عزة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
من حج لله عز وَجل فَلم يرْفث وَلم يفسق رَجَعَ كَيَوْم وَلدته أمه ".
2379 - الثَّانِي عشر بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن سمي مولي أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَيْنَمَا رجلٌ يمشي بطرِيق اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطش، فَوجدَ بِئْرا، فَنزل فِيهَا فَشرب، ثمَّ خرج، فَإِذا كلبٌ يَلْهَث يَأْكُل الثرى من الْعَطش، فَقَالَ الرجل: لقد بلغ هَذَا الْكَلْب من الْعَطش مثل الَّذِي كَانَ بلغ مني، فَنزل الْبِئْر فَمَلَأ خفه مَاء، ثمَّ أمْسكهُ بِفِيهِ حَتَّى رقي، فسقى الْكَلْب فَشكر الله لَهُ فغفر لَهُ " قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَإِن لنا فِي الْبَهَائِم أجرا "؟ فَقَالَ: " فِي كل كبدٍ رطبَة أجرٌ ".(3/153)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَن امْرَأَة بغياً رَأَتْ كَلْبا فِي يَوْم حارٍّ يطِيف ببئر، قد أدلع لِسَانه من الْعَطش، فنزعت لَهُ موقها، فغفر لَهَا ".
وَفِي حَدِيث أَيُّوب عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، " بَيْنَمَا كلب يطِيف بركيةٍ قد كَاد يقْتله الْعَطش، إِذْ رَأَتْهُ بغيٌّ من بَغَايَا بني إِسْرَائِيل، فنزعت موقها فاستقت لَهُ بِهِ، فسقته إِيَّاه، فغفر لَهَا بِهِ ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَن رجلا رأى كَلْبا يَأْكُل الثرى من الْعَطش، فَأخذ الرجل خفه، فَجعل يغْرف لَهُ بِهِ حَتَّى أرواه، فَشكر الله لَهُ فَأدْخلهُ الْجنَّة ".
2380 - الثَّالِث عشر بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَو يعلم النَّاس مَا فِي النداء والصف الأول ثمَّ لم يَجدوا إِلَّا أَن يستهموا عَلَيْهِ لاستهموا. وَلَو يعْملُونَ مَا فِي التهجير لاستبقوا إِلَيْهِ. وَلَو يعلمُونَ مَا فِي الْعَتَمَة وَالصُّبْح لأتوهما وَلَو حبواً ".
وَفِي حَدِيث قُتَيْبَة عَن مَالك عَن سمي بأطول من هَذَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
بَيْنَمَا رجلٌ يمشي بطرِيق وجد غُصْن شوكٍ على الطَّرِيق فَأَخَّرَهُ، فَشكر الله لَهُ فغفر لَهُ ". ثمَّ قَالَ: " الشُّهَدَاء خَمْسَة: المطعون، والمبطون، والغريق، وَصَاحب الْهدم،(3/154)
والشهيد فِي سَبِيل الله " قَالَ:
وَلَو يعلم النَّاس مَا فِي النداء والصف الأول " ثمَّ ذكر مثل مَا تقدم فِي هذَيْن، وَفِي التهجير وَالْعَتَمَة وَالصُّبْح.
وَهُوَ أَيْضا عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك بِطُولِهِ فِي الْخَمْسَة فُصُول، وَلَكِن فرقه مُسلم.
وَأخرج مسلمٌ حَدِيث الصَّفّ من رِوَايَة أبي رَافع الصَّائِغ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَو تعلمُونَ - أَو يعلمُونَ - مَا فِي الصَّفّ الْمُقدم لكَانَتْ قرعَة " وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن حَرْب الوَاسِطِيّ: " مَا فِي الصَّفّ الأول مَا كَانَت إِلَّا قرعةٌ ".
وَلَيْسَ لمُحَمد بن حَرْب فِي صَحِيح مُسلم غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد، وَهُوَ شَيْخه.
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد وَجَرِير بن عبد الحميد عَن سُهَيْل ابْن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
خير صُفُوف الرِّجَال أَولهَا، وشرها آخرهَا، وَخير صُفُوف النِّسَاء آخرهَا، وشرها أَولهَا ".
2381 - الرَّابِع عشر بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شيءٍ قدير، فِي يَوْم مائَة مرةٍ كَانَت لَهُ عدل عشر رقابٍ، وكتبت لَهُ مائَة حسنةٍ، ومحيت عَنهُ مائَة سيئةٍ، وَكَانَت لَهُ حرْزا من الشَّيْطَان يَوْمه ذَاك حَتَّى يُمْسِي، وَلم(3/155)
يَأْتِ أحدٌ بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا رجلٌ عمل أَكثر مِنْهُ.
وَمن قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، فِي يومٍ مائَة مرّة، حطت خطاياه وَإِن كَانَت مثل زبد الْبَحْر ".
وَفِي حَدِيث سُهَيْل عَن سمي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من قَالَ حِين يصبح وَحين يُمْسِي: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ - مائَة مرّة، لم يَأْتِ أحدٌ يَوْم الْقِيَامَة بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أحدٌ قَالَ مثل مَا قَالَ أَو زَاد عَلَيْهِ ".
2382 - الْخَامِس عشر بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا قَالَ الإِمَام: سمع الله لمن حَمده، فَقولُوا اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد، فَإِنَّهُ من وَافق قَوْله قَول الْمَلَائِكَة غفر مَا تقدم من ذَنبه ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْنى حَدِيث سمي.
2383 - السَّادِس عشر بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة: أَن فُقَرَاء الْمُهَاجِرين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: ذهب أهل الدُّثُور بالدرجات العلى وَالنَّعِيم الْمُقِيم، فَقَالَ: " وَمَا ذَاك؟ " قَالُوا: يصلونَ كَمَا نصلي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُوم، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نتصدق، ويعتقون وَلَا نعتق. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَفلا أعلمكُم شَيْئا تدركون بِهِ من سبقكم، وتسبقون بِهِ من بعدكم، وَلَا يكون أحدٌ أفضل مِنْكُم، إِلَّا من صنع مثل مَا صَنَعْتُم؟ " قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله. قَالَ:
تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مرّة ".(3/156)
قَالَ أَبُو صَالح: فَرجع فُقَرَاء الْمُهَاجِرين إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا:
سمع إِخْوَاننَا أهل الْأَمْوَال بِمَا فعلنَا فَفَعَلُوا مثله. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء ".
قَالَ سمي: فَحدثت بعض أهل هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: وهمت؛ إِنَّمَا قَالَ لَك:
تسبح الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وتحمد الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وتكبر الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ".
فَرَجَعت إِلَى أبي صَالح فَقلت ذَلِك. فَأخذ بيَدي فَقَالَ: الله أكبر، وَسُبْحَان الله، وَالْحَمْد لله، وَالله أكبر، وَسُبْحَان الله، وَالْحَمْد لله، حَتَّى تبلغ من جَمِيعهم ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ.
قَالَ ابْن عجلَان: فَحدثت بِهَذَا الحَدِيث رَجَاء بن حَيْوَة، فَحَدثني بِمثلِهِ عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. لفظ حَدِيث مُسلم.
وَلَيْسَ عِنْد البُخَارِيّ قَول أبي صَالح: فَرجع فُقَرَاء الْمُهَاجِرين، وَمَا قَالُوا، وَمَا قَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَعِنْده بعد قَوْله:
تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ " فاختلفنا بَيْننَا، فَقَالَ بَعْضنَا: نُسَبِّح ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنَحْمَد ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، ونكبر أَرْبعا وَثَلَاثِينَ. فَرَجَعت إِلَيْهِ فَقَالَ: تَقول سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْد لله، وَالله أكبر، حَتَّى يكون مِنْهُنَّ كُلهنَّ ثلاثٌ وَثَلَاثُونَ.
وللبخاري من حَدِيث وَرْقَاء عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالُوا: يَا رَسُول الله، ذهب أهل الدُّثُور بالدرجات وَالنَّعِيم الْمُقِيم. . وَذكر نَحوه إِلَى قَوْله: " أَفلا أخْبركُم بأمرٍ تدركون بِهِ من كَانَ قبلكُمْ، وتسبقون من جَاءَ بعدكم، وَلَا يَأْتِي أحدٌ مثل مَا جئْتُمْ بِهِ إِلَّا من جَاءَ بِمثلِهِ؟ تسبحون فِي دبر كل صَلَاة عشرا، وتحمدون عشرا. وتكبرون عشرا ".(3/157)
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه عبيد الله بن عمر عَن سمي، وَرَوَاهُ ابْن عجلَان عَن سمي، ورجاء بن حَيْوَة، وَرَوَاهُ جرير بن عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن أبي صَالح عَن أبي الدَّرْدَاء. وَرَوَاهُ سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. انْتهى كَلَام البُخَارِيّ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث روح بن الْقَاسِم عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَنهم قَالُوا:
يَا رَسُول الله ذهب أهل الدُّثُور بالدرجات العلى وَالنَّعِيم الْمُقِيم - ثمَّ ذكر مثل مَا فِي الحَدِيث الأول، وأدرج فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَول أبي صَالح: ثمَّ رَجَعَ فُقَرَاء الْمُهَاجِرين - وَلم يَجعله من قَول أبي صَالح، وَذكره، وَزَاد فِي آخِره: يَقُول سُهَيْل: إِحْدَى عشرَة، إِحْدَى عشرَة، إِحْدَى عشرَة.
وَمن حَدِيث عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من سبح لله فِي دبر كل صلاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحمد الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكبر الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَذَلِك تِسْعَة وَتسْعُونَ، وَقَالَ تَمام الْمِائَة: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شيءٍ قدير، غفرت لَهُ خطاياه وَإِن كَانَت مثل زبد الْبَحْر ".
2384 - السَّابِع عشر بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ قَالَ: حَدثنِي أَبُو صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَوْلَا أَن أشق على الْمُسلمين مَا تخلفت عَن سريةٍ، وَلَكِن لَا أجد حمولة وَلَا أجد مَا أحملهم عَلَيْهِ، ويشق عَليّ أَن يتخلفوا عني، ولوددت أَنِّي قَاتَلت فِي سَبِيل الله فقتلت ثمَّ أَحييت، ثمَّ قتلت ثمَّ أَحييت. " لفظ حَدِيث البُخَارِيّ. وَقد أدرجه مُسلم على مَا قبله.
وَلَيْسَ ليحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي هُرَيْرَة غير هَذَا.(3/158)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا أَن رجَالًا من الْمُؤمنِينَ لَا تطيب أنفسهم بِأَن يتخلفوا عني، وَلَا أجد مَا أحملهم عَلَيْهِ، مَا تخلفت عَن سريةٍ تغزو فِي سَبِيل الله. وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْت أَنِّي أقتل فِي سَبِيل الله ثمَّ أَحْيَا، ثمَّ أقتل ثمَّ أَحْيَا، ثمَّ أقتل ثمَّ أَحْيَا، ثمَّ أقتل ".
وَقد أخرج البُخَارِيّ مِنْهُ طرفا من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْت أَنِّي أقَاتل فِي سَبِيل الله فأقتل ثمَّ أَحْيَا ثمَّ أقتل، ثمَّ أَحْيَا ثمَّ أقتل " فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُوله ثَلَاثًا أشهد بِاللَّه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي زرْعَة هرم بن عَمْرو عَن أبي هُرَيْرَة: فَأَما البُخَارِيّ فَأخْرجهُ فِي " الْإِيمَان " مُتَّصِلا بِحَدِيث آخر، أَوله:
انتدب الله لمن خرج فِي سَبيله ".
وَأما مُسلم فَأخْرجهُ فِي أول " الْجِهَاد " مَعَ حديثين متصلين بِهِ فِي أَوله من حَدِيث أبي زرْعَة أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. ثمَّ قَالَ:
وَالَّذِي نفس محمدٍ بِيَدِهِ، لَوْلَا أَن يشق على الْمُسلمين مَا قعدت خلاف سريةٍ تغزو فِي سَبِيل الله أبدا، وَلَكِن لَا أجد سَعَة فأحملهم، وَلَا تَجِدُونَ سَعَة ويشق عَلَيْهِم أَن يتخلفوا عني. وَالَّذِي نفس محمدٍ بِيَدِهِ، لَوَدِدْت أَنِّي أغزو فِي سَبِيل الله فأقتل، ثمَّ أغزو فأقتل، ثمَّ أغزو فأقتل " لفظ حَدِيث مُسلم.(3/159)
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
وَالَّذِي نفس مُحَمَّد فِي يَده، لَوْلَا أَن أشق على الْمُؤمنِينَ، مَا قعدت خلف سَرِيَّة تغزو فِي سَبِيل الله، وَلَكِن لَا أجد سَعَة فأحملهم، وَلَا يَجدونَ سَعَة فيتبعوني، وَلَا تطيب أنفسهم أَن يقعدوا بعدِي ".
2385 - الثَّامِن عشر بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن زيد بن أسلم عَن أبي صَالح السمان عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْخَيل لثلاثةٍ: لرجلٍ أجرٌ، ولرجلٍ سترٌ، وعَلى رجل وزرٌ. فَأَما الَّذِي لَهُ أجرٌ فرجلٌ ربطها فِي سَبِيل الله " زَاد حَفْص بن ميسرَة: " لأهل الْإِسْلَام، فَأطَال لَهَا فِي مرجٍ أَو رَوْضَة، فَمَا أَصَابَت فِي طيلها ذَلِك من المرج أَو الرَّوْضَة كَانَت لَهُ حسناتٍ، وَلَو أَنه انْقَطع طيلها فأسنتت شرفاً أَو شرفين كَانَت لَهُ آثارها وأوراثها حسناتٍ، وَلَو أَنَّهَا مرت بنهر فَشَرِبت مِنْهُ وَلم يرد أَن يسقيها كَانَ ذَلِك حسناتٍ لَهُ، فهى لذَلِك الرجل أجر. ورجلٌ ربطها تغَنِّيا وَتَعَفُّفًا، ثمَّ لم ينس حق الله فِي رقابها وَلَا ظُهُورهَا، فَهِيَ لذَلِك ستر. ورجلٌ ربطها فخراً ورياءً ونواء لأهل الْإِسْلَام - وَقَالَ حَفْص الصَّنْعَانِيّ: " على أهل الْإِسْلَام - فَهِيَ على ذَلِك وزرٌ ".
وَسُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْحمر فَقَالَ:
مَا أنزل عَليّ فِيهَا شيءٌ إِلَّا هَذِه الْآيَة الجامعة الفاذة: {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} [الزلزلة] .
وَفِي حَدِيث حَفْص بن ميسرَة:
فَمَا أكلت من ذَلِك المرج أَو الرَّوْضَة من شيءٍ إِلَّا كتب لَهُ عدد مَا أكلت حسناتٍ، وَكتب لَهُ عدد أرواثها وَأَبْوَالهَا حَسَنَات،(3/160)
وَلَا تقطع طولهَا فأسنتت شرفاً أَو شرفين إِلَّا كتب لَهُ عدد آثارها وأرواثها حسناتٍ، وَلَا مر بهَا صَاحبهَا على نهرٍ فَشَرِبت مِنْهُ، وَلَا يُرِيد أَن يسقيها إِلَّا كتب لَهُ عدد مَا شربت حسناتٍ " ثمَّ ذكر نَحوه ...
وَفِي أول هَذَا الحَدِيث لمُسلم زِيَادَة فِي مَانع الزَّكَاة يتَّصل بِهِ، لم يذكرهَا أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة زيد بن أسلم عَن أبي صَالح، وَلَا نبه عَلَيْهَا. وأولها: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
مَا من صَاحب ذهبٍ وَلَا فضةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقّهَا إِلَّا إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة صفحت لَهُ صَفَائِح من نارٍ فأحمي عَلَيْهَا فِي نَار جَهَنَّم، فيكوى بهَا جنبه وجبينه وظهره، كلما ردَّتْ أُعِيدَت لَهُ، فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنةٍ، حَتَّى يقْضى بَين الْعباد، فَيرى سَبيله: إِمَّا إِلَى الْجنَّة، وَإِمَّا إِلَى النَّار " قيل: يَا رَسُول الله، فالإبل؟ قَالَ: " وَلَا صَاحب إبل لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقّهَا، وَمن حَقّهَا حلبها يَوْم وردهَا، إِلَّا إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة بطح لَهَا بقاعٍ قرقرٍ أوفر مَا كَانَت، لَا يفقد مِنْهَا فصيلاً وَاحِدًا، تطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها، كلما مر عَلَيْهِ أولاها رد عَلَيْهِ أخراها فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة حَتَّى يقْضى بَين الْعباد، فَيرى سَبيله إِمَّا إِلَى الْجنَّة وَإِمَّا إِلَى النَّار ". قبل: يَا رَسُول الله، فالبقر وَالْغنم؟ قَالَ: " وَلَا صَاحب بقرٍ وَلَا غنم لَا يُؤَدِّي حَقّهَا إِلَّا إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة بطح لَهَا بقاعٍ قرقرٍ لَا يفقد مِنْهَا شَيْئا، لَيْسَ فِيهَا عقصاء وَلَا جلحاء وَلَا عضباء " تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلما مرت عَلَيْهِ أولاها رد عَلَيْهِ أخراها فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة، حَتَّى يقْضى بَين الْعباد، فَيرى سَبيله، إِمَّا إِلَى الْجنَّة وَإِمَّا إِلَى النَّار " قيل: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فالخيل؟ قَالَ: " الْخَيل ثَلَاثَة: هِيَ لرجلٍ وزرٌ، ولرجلٍ سترٌ، ولرجل أجر. . " ثمَّ ذكر الْفَصْل الَّذِي قدمْنَاهُ إِلَى آخِره.(3/161)
وَهَذَا الْفَصْل هُوَ الَّذِي ذكر أَبُو مَسْعُود فَقَط، فَصله مِمَّا قبله وَلم يُنَبه عَلَيْهِ.
وَقد أخرج البُخَارِيّ طرفا من هَذَا الْفَصْل الَّذِي أخرجه مسلمٌ فِي مَانع الزَّكَاة، من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
تَأتي الْإِبِل على صَاحبهَا على خير مَا كَانَت إِذا لم يُعْط فِيهَا حَقّهَا، تطؤه بأخفافها. وَتَأْتِي الْغنم على صَاحبهَا على خير مَا كَانَت إِذا لم يُعْط فِيهَا حَقّهَا، تطؤه بأظلافها، وتنطحه بقرونها " قَالَ: " وَمن حَقّهَا أَن تحلب على المَاء " قَالَ: " وَلَا يَأْتِي أحدكُم يَوْم الْقِيَامَة بشاةٍ يحملهَا على رقبته، لَهَا يعارٌ، فَيَقُول: يَا مُحَمَّد، فَأَقُول: لَا أملك لَك شَيْئا، قد بلغت. وَلَا يَأْتِي بِبَعِير يحملهُ على رقبته لَهُ رغاءٌ، فَيَقُول يَا مُحَمَّد، فَأَقُول: لَا أملك لَك شَيْئا، قد بلغت ". وَهَذَا الْمَعْنى الْأَخير هُوَ فِي حَدِيث أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة أتم.
وللبخاري أَيْضا من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من حق الْإِبِل أَن تحلب على المَاء ". وَقد تقدم لمُسلم مثل هَذَا الْمَعْنى.
وللبخاري طرفٌ فِي مَانع الزَّكَاة أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من آتَاهُ الله مَالا فَلم يؤد زَكَاته مثل لَهُ يَوْم الْقِيَامَة شجاعاً أَقرع لَهُ زَبِيبَتَانِ يطوقه يَوْم الْقِيَامَة بِلِهْزِمَتَيْهِ -، يعْنى شدقيه - ثمَّ يَقُول: أَنا مَالك، أَنا كَنْزك ثمَّ تَلا: {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله هُوَ خيرا لَهُم} . الْآيَة [آل عمرَان] .(3/162)
وللبخاري أَيْضا من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَمن حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
يكون كنز أحدكُم يَوْم الْقِيَامَة شجاعاً أَقرع ". لم يزدْ.
وَأخرج مُسلم الْفَصْلَيْنِ الْأَوَّلين فِي مَانع الزَّكَاة وَفِي الْحِيَل من حَدِيث عبد الْعَزِيز ابْن الْمُخْتَار عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
مَا من صَاحب كنز لَا يُؤَدِّي زَكَاته إِلَّا أحمي عَلَيْهِ فِي نَار جَهَنَّم " ثمَّ ذكر نَحوه. وَقَالَ فِي ذكر الْغنم: " لَيْسَ فِيهَا عقصاء وَلَا جلحاء " قَالَ سُهَيْل: فَلَا أَدْرِي أذكر الْبَقر أم لَا؟ . قَالُوا: فالخيل يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " الْخَيل فِي نَوَاصِيهَا - أَو قَالَ: الْخَيل معقودٌ فِي نَوَاصِيهَا - قَالَ سُهَيْل: أَشك - الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. الْخَيل ثلاثةٌ: فَهِيَ لرجلٍ أجرٌ، ولرجلٍ سترٌ، ولرجل وزر " وَذكر هَذَا الْفَصْل إِلَى آخِره بِنَحْوِ مَا تقدم.
وَفِيه: " فَأَما الَّذِي هِيَ لَهُ سترٌ فالرجل يَتَّخِذهُ تكرماً وتجملاً، وَلَا ينسى حق ظُهُورهَا وبطونها فِي عسرها ويسرها. وَأما الَّذِي عَلَيْهِ وزرٌ فَالَّذِي يتخذها أشراً وبطراً وبذخاً ورئاء النَّاس، وَذَلِكَ الَّذِي عَلَيْهِ وزر ... " ثمَّ ذكره.
وَلَيْسَ لعبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار عَن سُهَيْل فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
وأخرجهما أَيْضا من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الداروردي عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، وَمن حَدِيث روح بن الْقَاسِم عَن سُهَيْل كَذَلِك بِنَحْوِهِ. وَمن حَدِيث بكير بن عبد الله عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
إِذا لم يؤد الْمَرْء حق الله أَو الصَّدَقَة فِي الثلَّة بطح لَهَا ... " بِنَحْوِ حَدِيث عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار عَن سُهَيْل بِطُولِهِ.(3/163)
وَلَيْسَ لبكير عَن أبي صَالح فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
2386 - التَّاسِع عشر بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي حُصَيْن عُثْمَان بن عَاصِم عَن أبي صَالح السمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تسموا باسمي، وَلَا تكنوا بكنيتي، وَمن رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي؛ فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل فِي صُورَتي. وَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار. "
وَأَخْرَجَا طرفا مِنْهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة:
تسموا باسمي، وَلَا تكنوا بكنيتي ".
2387 - الْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة هرم بن عَمْرو بن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبلالٍ صَلَاة الْغَدَاة:
يَا بِلَال، حَدثنِي بأرجى عملٍ عملته عنْدك فِي الْإِسْلَام مَنْفَعَة، فَإِنِّي سَمِعت اللَّيْلَة خشفة نعليك بَين يَدي فِي الْجنَّة ". قَالَ بِلَال: مَا عملت عملا فِي الْإِسْلَام أَرْجَى عِنْدِي مَنْفَعَة من أَنِّي لم أتطهر طهُورا تَاما فِي سَاعَة من ليلٍ أَو نهارٍ إِلَّا صليت بذلك الطّهُور مَا كتب الله لي أَن أُصَلِّي ".
وَفِي حَدِيث إِسْحَق بن مَنْصُور:
فَإِنِّي سَمِعت دف نعليك " الدُّف: التحريك.
2388 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي دَعْوَة، فَرفع إِلَيْهِ الذِّرَاع وَكَانَت تعجبه، فنهش مِنْهَا نهشة وَقَالَ: " أَنا سيد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة، هَل تَدْرُونَ مِم؟ يجمع الله الْأَوَّلين والآخرين فِي صَعِيد(3/164)
وَاحِد فينظرهم النَّاظر وَيسْمعهُمْ الدَّاعِي، وتدنو الشَّمْس فَيبلغ النَّاس من الْغم وَالْكرب مَالا يُطِيقُونَ وَلَا يحْتَملُونَ، فَيَقُول بعض النَّاس: أَلا ترَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُم فِيهِ، إِلَى مَا بَلغَكُمْ، أَلا تنْظرُون من يشفع لكم إِلَى ربكُم؟ فَيَقُول بعض النَّاس لبَعض: أبوكم آدم، فيأتونه فَيَقُولُونَ: يَا آدم، أَنْت أَبُو الْبشر، خلقك الله بِيَدِهِ، وَنفخ فِيك من روحه، وَأمر الْمَلَائِكَة فسجدوا لَك، وأسكنك الْجنَّة، أَلا تشفع لنا إِلَى رَبك، أَلا ترى مَا نَحن فِيهِ وَمَا بلغنَا؟ فَقَالَ: إِن رَبِّي غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله، وَلَا يغْضب بعده مثله، وَإنَّهُ نهاني عَن الشَّجَرَة فعصيت. نَفسِي نَفسِي نَفسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نوح. فَيَأْتُونَ نوحًا فَيَقُولُونَ: يَا نوح، أَنْت أول الرُّسُل إِلَى أهل الأَرْض، وَقد سماك الله عبدا شكُورًا، أما ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ، أَلا ترى إِلَى مَا بلغنَا، أَلا تشفع لنا إِلَى رَبك؟ فَيَقُول: إِن رَبِّي غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله، وَلنْ يغْضب بعده مثله، وَإنَّهُ قد كَانَت لي دعوةٌ دَعَوْت بهَا على قومِي، نَفسِي نَفسِي نَفسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيم. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيم، أَنْت نَبِي الله وخليله من أهل الأَرْض، اشفع لنا إِلَى رَبك، أما ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ؟ فَيَقُول لَهُم: إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله، وَلنْ يغْضب بعده مثله، وَإِنِّي كنت كذبت ثَلَاث كذبات - فَذكرهَا أَبُو حَيَّان يحيى بن سعيد بن حَيَّان فِي الحَدِيث - نَفسِي نَفسِي نَفسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى. فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى، أَنْت رَسُول الله، فضلك الله بِرِسَالَاتِهِ وبكلامه على النَّاس، اشفع لنا إِلَى رَبك، أما ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ؟ فَيَقُول لَهُم: إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله، وَلنْ يغْضب بعده مثله، وَإِنِّي قد قتلت نفسا لم أُؤمر بقتلها، نَفسِي نَفسِي نَفسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى. فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، أَنْت رَسُول الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم، وروح مِنْهُ، وَكلمت النَّاس فِي المهد، اشفع لنا إِلَى رَبك، أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ؟ فَيَقُول عِيسَى: إِن رَبِّي قد غضب الْيَوْم غَضبا لم يغْضب قبله مثله، وَلنْ يغْضب بعده مثله - وَلم يذكر ذَنبا -(3/165)
نَفسِي نَفسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّد. فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا - وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن بشر فيأتونني - فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّد، أَنْت رَسُول الله، وَخَاتم الْأَنْبِيَاء، وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر، اشفع لنا إِلَى رَبك، أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ. فأنطلق فَآتي تَحت الْعَرْش، فأقع سَاجِدا لرَبي، ثمَّ يفتح الله عَليّ من محامده وَحسن الثَّنَاء عَلَيْهِ شَيْئا لم يَفْتَحهُ على أحدٍ قبلي، ثمَّ يُقَال: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك، سل تعطه، وَاشْفَعْ تشفع، فأرفع رَأْسِي فَأَقُول: أمتِي يَا رب، أمتِي يَا رب، أمتِي يَا رب. فَيُقَال: يَا مُحَمَّد أَدخل من أمتك من لَا حِسَاب عَلَيْهِم من الْبَاب الْأَيْمن من أَبْوَاب الْجنَّة، وهم شُرَكَاء النَّاس فِيمَا سوى ذَلِك من الْأَبْوَاب. " ثمَّ قَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، إِن مَا بَين المصراعين من مصاريع الْجنَّة كَمَا بَين مَكَّة وهجر، أَو كَمَا بَين مَكَّة وَبصرى ". فِي كتاب البُخَارِيّ: " كَمَا بَين مَكَّة وحمير ".
وَفِي حَدِيث عمَارَة بن الْقَعْقَاع عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
وضعت بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَصْعَة من ثريدٍ وَلحم، فَتَنَاول الذِّرَاع - وَكَانَت أحب الشَّاة إِلَيْهِ - فنهس نهسة فَقَالَ: " أَنا سيد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة " ثمَّ نهس أُخْرَى فَقَالَ: " أَنا سيد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة " فَلَمَّا رأى أَصْحَابه لَا يسألونه قَالَ: " أَلا تَقولُونَ: كيفه؟ " قَالُوا: كَيفَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " يقوم النَّاس لرب الْعَالمين. . " وسَاق الحَدِيث بِمَعْنى مَا تقدم، وَزَاد فِي قصَّة إِبْرَاهِيم فَقَالَ: " وَذكر قَوْله فِي الْكَوْكَب: هَذَا رَبِّي، وَقَوله لآلهتهم: بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا. وَقَوله: إِنِّي سقيم " وَقَالَ: " وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ، إِن مَا بَين المصراعين من مصاريع الْجنَّة إِلَى عضادتي الْبَاب لَكمَا بَين مَكَّة وهجرٍ - أَو هجر وَمَكَّة " لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَ.
وَأخرج مُسلم نَحوه من حَدِيث أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة وَمن حَدِيث ربعي بن حِرَاش عَن حُذَيْفَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يجمع الله تبَارك وَتَعَالَى النَّاس، فَيقوم النَّاس حَتَّى تزلف لَهُم الْجنَّة، فَيَأْتُونَ آدم فَيَقُولُونَ: يَا أَبَانَا، استفتح لنا(3/166)
الْجنَّة، فَيَقُول: وَهل أخرجكم من الْجنَّة إِلَّا خَطِيئَة أبيكم، لست بِصَاحِب ذَلِك، اذْهَبُوا إِلَى ابْني إِبْرَاهِيم خَلِيل الله، قَالَ: فَيَقُول إِبْرَاهِيم: لست بِصَاحِب ذَلِك، إِنَّمَا كنت خَلِيلًا من وَرَاء وَرَاء، اعمدوا إِلَى مُوسَى، اعمدوا إِلَى مُوسَى، إِلَى الَّذِي كَلمه الله تكليماً. فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُول: لست بِصَاحِب ذَلِك، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى كلمة الله وروحه، فَيَقُول عِيسَى: لست بِصَاحِب ذَلِك، فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا، فَيُؤذن لَهُ، وَترسل الْأَمَانَة وَالرحم، فيقومان جَنْبي الصِّرَاط يَمِينا وَشمَالًا، فيمر أولكم كالبرق " قَالَ: قلت: بِأبي وَأمي، أَي شَيْء كمر الْبَرْق؟ . قَالَ: " ألم تروا إِلَى الْبَرْق كَيفَ يمر وَيرجع فِي طرفَة عين، ثمَّ كمر الرّيح، ثمَّ كمر الطير وَشد الرِّجَال، تجْرِي بهم أَعْمَالهم، ونبيكم قائمٌ على الصِّرَاط يَقُول: رب سلم سلم، حَتَّى تعجز أَعمال الْعباد، حَتَّى يَجِيء الرجل فلايستطيع السّير إِلَّا زحفاً، قَالَ: وَفِي حافتي الصِّرَاط كلاليب معلقَة مأمورةٌ بِأخذ من أمرت بِهِ، فمخدوش ناجٍ، ومكدوسٌ فِي النَّار " وَالَّذِي نفس أبي هُرَيْرَة بِيَدِهِ، إِن قَعْر جَهَنَّم لسَبْعين خَرِيفًا.
2389 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بارزاً للنَّاس، فَأَتَاهُ رجلٌ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا الْإِيمَان؟ قَالَ: " أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتابه ولقائه وَرُسُله، وتؤمن بِالْبَعْثِ الآخر " قَالَ: يَا رَسُول الله، مَا الْإِسْلَام؟ قَالَ: " أَن تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا، وتقيم الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة، وَتُؤَدِّي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، وتصوم رَمَضَان " قَالَ: يَا رَسُول الله، وَمَا الْإِحْسَان؟ قَالَ: " أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ، فَإنَّك إِلَّا ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك " قَالَ: يَا رَسُول الله، مَتى السَّاعَة؟ قَالَ: " مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل، وَلَكِن سأحدثك عَن أشراطها: إِذا ولدت الْأمة رَبهَا، فَذَاك من أشراطها. وَإِذا كَانَت العراة الحفاة رُؤُوس النَّاس، فَذَاك من أشراطها، وَإِذا تطاول رعاء البهم فِي الْبُنيان، فَذَاك من أشراطها، فِي خمس لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله، ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(3/167)
{ن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام} إِلَى قَوْله: {عليم خَبِير} [لُقْمَان] . قَالَ: ثمَّ أدبر، الرجل، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ردوا عَليّ الرجل " فَأخذُوا ليردوه فَلم يرَوا شَيْئا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَذَا جِبْرِيل جَاءَ ليعلم النَّاس دينهم ". لفظ حَدِيث زُهَيْر بن حَرْب، وَأبي بكر بن أبي شيبَة، وَهُوَ أتم.
وَفِي حَدِيث ابْن نمير مثله، غير أَنه قَالَ:
إِذْ ولدت الْأمة ربتها " يَعْنِي السراري.
وَفِي حَدِيث زُهَيْر وَحده نَحوه، وَفِي أَوله: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " سلوني " فهابوه أَن يسألوه. فجَاء رجلٌ، فَجَلَسَ عِنْد ركبته، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا الْإِسْلَام؟ ثمَّ ذكر نَحْو مَا فِي الَّذِي قبله من السُّؤَال، وَزَاد أَنه قَالَ لَهُ فِي آخر كل سُؤال مِنْهَا: " صدقت " وَقَالَ فِي الْإِحْسَان: " أَن تخشى الله كَأَنَّك ترَاهُ " ثمَّ اقْتصّ الحَدِيث إِلَى آخِره، قَالَ: ثمَّ قَامَ الرجل، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ردُّوهُ عَليّ " فالتمس فَلم يجدوه. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " هَذَا جِبْرِيل أَرَادَ أَن تعلمُوا إِذْ لم تسألوا ". قَالَ البُخَارِيّ: جعل ذَلِك كُله من الْإِيمَان.
2390 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن أَعْرَابِيًا جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، دلَّنِي على عملٍ إِذا عملته دخلت الْجنَّة: قَالَ: " تعبد الله لَا تشرك بِهِ شَيْئا، وتقيم الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة، وَتُؤَدِّي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة، وتصوم رَمَضَان " قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا أَزِيد على هَذَا شَيْئا وَلَا أنقص مِنْهُ، فَلَمَّا ولى قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من سره أَن ينظر إِلَى رجل من أهل الْجنَّة فَلْينْظر إِلَى هَذَا ".(3/168)
جعل أَبُو مَسْعُود هَذَا الحَدِيث مجموعاً مَعَ الَّذِي قبله، وَجعله مُخْتَصرا مِنْهُ، وَلَا يقوى هَذَا عِنْدِي.
وَقد رَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيث أبي حَيَّان يحيى بن سعيدٍ عَن ابي زرْعَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُرْسلا، بعد أَن رَوَاهُ من حَدِيثه مُسْندًا.
2391 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فَذكر الْغلُول فَعَظمهُ وَعظم أمره، ثمَّ قَالَ: " لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته بعيرٌ لَهُ رُغَاء، يَقُول: يَا رَسُول الله، أَغِثْنِي، فَأَقُول: لَا أملك لَك شَيْئا، قد أبلغتك. لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته فرسٌ لَهُ حمحمةٌ فَيَقُول: يَا رَسُول الله أَغِثْنِي، فَأَقُول: لَا أملك لَك شَيْئا، قد أبلغتك. لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته شاةٌ لَهَا ثُغَاء، يَقُول: يَا رَسُول الله أَغِثْنِي، فَأَقُول: لَا أملك لَك شَيْئا، قد أبلغتك. لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته نفسٌ لَهَا صياح، فَيَقُول: يَا رَسُول الله، أَغِثْنِي، فَأَقُول: لَا أملك لَك شَيْئا، قد أبلغتك. لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته رقاعٌ تخفق، فَيَقُول: يَا رَسُول الله، أَغِثْنِي، فَأَقُول: لَا أملك لَك شَيْئا، قد أبلغتك. لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته صامتٌ فَيَقُول: يَا رَسُول الله أَغِثْنِي، فَأَقُول: لَا أملك لَك شَيْئا، قد أبلغتك ". لفظ حَدِيث مُسلم عَن زُهَيْر، وَهُوَ أتم.(3/169)
2392 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يهْلك النَّاس هَذَا الْحَيّ من قُرَيْش. " قَالُوا: فَمَا تَأْمُرنَا؟ قَالَ: " لَو أَن النَّاس اعتزلوهم ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ قَالَ:
كنت مَعَ مَرْوَان وَأبي هُرَيْرَة فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: سَمِعت الصَّادِق المصدوق يَقُول: " هَلَاك أمتِي على يَدي أغيلمةٍ من قُرَيْش ". فَقَالَ مَرْوَان: غلمة؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: إِن شِئْت أَن أسميهم بني فلَان وَبني فلَان.
2393 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِن أول زمرة يدْخلُونَ الْجنَّة على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ على أَشد كَوْكَب دريٍّ من السَّمَاء إضاءة، لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَتْفلُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ، أمشاطهم الذَّهَب، ورشحهم الْمسك، ومجامرهم الألوة، الألنجوج: عود الطّيب، أَزوَاجهم الْحور الْعين، على خلق رجلٍ واحدٍ، على صُورَة أَبِيهِم آدم سِتُّونَ ذِرَاعا فِي السَّمَاء ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] :
أول زمرة تلج الْجنَّة صورهم على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر، لَا يبصقون فِيهَا وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، آنيتهم فِيهَا الذَّهَب، أمشاطهم من الذَّهَب وَالْفِضَّة، ومجامرهم الألوة، ورشحهم الْمسك، وَلكُل واحدٍ مِنْهُم زوجتان يرى مخ سوقهما من وَرَاء اللَّحْم من الْحسن، لَا اخْتِلَاف بَينهم وَلَا تباغض، قُلُوبهم قلبٌ وَاحِد، يسبحون الله بكرَة وعشياً ".(3/170)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أول زمرة تدخل الْجنَّة على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر. . " ثمَّ ذكر نَحْو حَدِيثهمَا وَفِيه: " قُلُوبهم على قلب رجل وَاحِد ". وَفِيه: " لَا يسقمون وَلَا يَمْتَخِطُونَ " وَفِي آخِره: " وقود مجامرهم الألوة ". قَالَ أَبُو الْيَمَان: يَعْنِي الْعود.
وَمن حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أول زمرة تدخل الْجنَّة على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر، وَالَّذين على آثَارهم كأحسن كوكبٍ دريٍّ فِي السَّمَاء إضاءةً، على قلب رجل واحدٍ، لَا تباغض بَينهم وَلَا تحاسد، لكل امرئٍ زوجتان من الْحور الْعين، يرى مخ سوقهن من وَرَاء الْعظم وَاللَّحم ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أول زمرة تدخل الْجنَّة من أمتِي على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ على أَشد نجمٍ فِي السَّمَاء إضاءة، ثمَّ هم من بعد ذَلِك منَازِل ... " ثمَّ ذكر نَحوه حَدِيث أبي زرْعَة. قَالَ ابْن أبي شيبَة: " على خلق رجلٍ " وَقَالَ أَبُو كريب: " على خلق رجلٍ ".
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: إِمَّا تفاخروا وَإِمَّا تَذَاكَرُوا، الرِّجَال أَكثر فِي الْجنَّة أم النِّسَاء؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: أَو لم يقل أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن أول زمرة تدخل الْجنَّة على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر، وَالَّتِي تَلِيهَا على أكبر كوكبٍ دري فِي السَّمَاء، لكل امْرِئ مِنْهُم زوجتان اثْنَتَانِ، يرى مخ سوقهما من وَرَاء اللَّحْم، وَمَا فِي الْجنَّة أعزب ".(3/171)
وَفِي حَدِيث ابْن عُيَيْنَة:
اخْتصم الرِّجَال وَالنِّسَاء: أَيهمْ فِي الْجنَّة أَكثر؟ فسألوا أَبَا هُرَيْرَة فَقَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَذكر مثل ذَلِك.
2394 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، من أَحَق النَّاس بِحسن صَحَابَتِي؟ قَالَ: " أمك ". قَالَ: ثمَّ من؟ قَالَ " أمك " قَالَ: ثمَّ من؟ قَالَ: " أمك " قَالَ: ثمَّ من قَالَ: " أَبوك ".
وَفِي حَدِيث ابْن فُضَيْل عَن أَبِيه:
يَا رَسُول الله، من أَحَق النَّاس بِحسن الصُّحْبَة؟ قَالَ: " أمك ثمَّ أمك ثمَّ أَبَاك، ثمَّ أدناك أدناك ".
2395 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " انتدب الله - وَلمُسلم فِي حَدِيث جرير عَن عمَارَة تضمن الله لمن خرج فِي سَبيله، لَا يُخرجهُ إِلَّا جهادٌ فِي سبيلي، وإيمانٌ بِي، وتصديقٌ برسولي، فَهُوَ عَليّ ضَامِن أَن أدخلهُ الْجنَّة أَو أرجعه إِلَى مَسْكَنه الَّذِي خرج مِنْهُ نائلاً مَا نَالَ من أجرٍ أَو غنيمَة " هَذَا لفظ حَدِيث مُسلم عَن زُهَيْر بن حَرْب، وَهُوَ أتم.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
تكفل الله لمن جَاهد فِي سَبيله، لَا يُخرجهُ من بَيته إِلَّا الْجِهَاد فِي سَبيله، وتصديق كَلِمَاته، أَن يدْخلهُ الْجنَّة أَو يردهُ إِلَى مَسْكَنه بِمَا نَالَ من أجرٍ أَو غنيمَة ".(3/172)
وَأخرجه أَيْضا مَعَ زِيَادَة فِي فضل الْمُجَاهِد من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
مثل الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله - وَالله أعلم بِمن يُجَاهد فِي سَبيله - كَمثل الصَّائِم الْقَائِم، وتوكل الله للمجاهد فِي سَبيله بِأَن يتوفاه أَن يدْخلهُ الْجنَّة، أَو يرجعه سالما مَعَ أجر وغنيمة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ حَدِيث مَالك.
وَمن حَدِيث جرير بن عبد الحميد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
تضمن الله لمن خرج فِي سَبيله. . " وَذكره مَعَ الْفَصْل الَّذِي أَوله: " لَوْلَا أَن يشق على الْمُسلمين مَا تخلفت خلاف سَرِيَّة " بِنَحْوِ مَا تقدم.
2396 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " مَا من مكلوم يكلم فِي سَبِيل الله إِلَّا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَكَلمه يدمى، اللَّوْن لون دمٍ، وَالرِّيح ريح مسك ". لفظ حَدِيث البُخَارِيّ.
جعله أَبُو مَسْعُود من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَنسي وَلم يتَأَمَّل أَن مُسلما أخرجه فِي أول كتاب " الْجِهَاد " مَعَ متنين آخَرين، وَكلهَا مُتَّفق عَلَيْهَا.
فَالْأول مِنْهَا عِنْد مُسلم هُنَالك قَوْله عَلَيْهِ اسلام:
تضمن الله لمن خرج فِي سَبيله. . " وَقد ذكر آنِفا. وَبعده عِنْده مُتَّصِلا بقوله: " نائلاً مَا نَالَ من أجر أَو غنيمَة. وَالَّذِي نفس محمدٍ بِيَدِهِ، مَا من كلمٍ يكلم فِي سَبِيل الله إِلَّا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة كَهَيْئَته حِين كلم، لَونه لون دم، وريحه ريح مَسْلَك ". وَهَذَا أَيْضا مُتَّفق عَلَيْهِ كَمَا بَينا.(3/173)
ويتصل بِهَذَا عِنْده فِي أول كتاب " الْجِهَاد " الْمَتْن الثَّالِث، وَهُوَ قَوْله: " وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ، لَوْلَا أَن يشق على الْمُسلمين مَا قعدت خلاف سريةٍ تغزو فِي سَبِيل الله أبدا، وَلَكِن لَا أجد نَفَقَة فأحملهم، وَلَا يَجدونَ سَعَة، ويشق عَلَيْهِم أَن يتخلفوا عني " وَهَذَا أَيْضا مُتَّفق عَلَيْهِ؛ لِأَن البُخَارِيّ أخرجه فِي كتاب " الْإِيمَان " مَعَ متنٍ آخر قد ذَكرْنَاهُ، إِلَّا أَن لفظ حَدِيث مُسلم فِي هَذَا أتم.
وَأَخْرَجَا أَيْضا حَدِيث المكلوم فِي سَبِيل الله من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
كل كلمٍ يكلمهُ الْمُسلم فِي سَبِيل الله، يكون يَوْم الْقِيَامَة كهيئتها إِذْ طعنت تفجر دَمًا، اللَّوْن لون دم، وَالْعرْف عرف مسك ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا يكلم أحدٌ فِي سَبِيل الله، وَالله أعلم بِمن يكلم فِي سَبيله - إِلَّا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة، واللون لون دمٍ، وَالرِّيح ريح الْمسك ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل حَدِيث مَالك بن أنس.
2397 - الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كبر فِي الصَّلَاة سكت هنيَّة قبل أَن يقْرَأ. فَقلت: يَا رَسُول الله، بِأبي أَنْت وَأمي، أَرَأَيْت سكوتك بَين التَّكْبِير وَالْقِرَاءَة، مَا تَقول؟ قَالَ: " أَقُول: اللَّهُمَّ نقني من خطاياي كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس، اللَّهُمَّ اغسلني من خطاياي بالثلج وَالْمَاء الْبَارِد ".(3/174)
2398 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَي الصَّدَقَة أعظم أجرا؟ ، قَالَ: " أَن تصدق وَأَنت صحيحٌ شحيحٌ تخشى الْفقر وَتَأمل الْغنى " - وَفِي حَدِيث ابْن فُضَيْل: " وَتَأمل الْبَقَاء. وَلَا تمهل حَتَّى إِذا بلغت الْحُلْقُوم قلت: لفلانٍ كَذَا، وَقد كَانَ لفُلَان ".
وَفِي أول حَدِيث ابْن فُضَيْل:
أما وَأَبِيك لَتُنَبَّأَنَّهُ: أَن تصدق وَأَنت صَحِيح شحيح.
وَفِي أول حَدِيث أبي كَامِل الجحدري:
أَي الصَّدَقَة أفضل؟ " ثمَّ ذكره.
2399 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين " قَالُوا: يَا رَسُول الله، والمقصرين. قَالَ: " اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين " قَالُوا: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمقصرين. قَالَ: " اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين " قَالُوا: يَا رَسُول الله وللمقصرين. قَالَ: " وللمقصرين ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث روح عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ وَمَعْنَاهُ.
2400 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لَا أَزَال أحب بني تَمِيم بعد ثلاثٍ سَمِعتهنَّ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولهَا فيهم: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " هم أَشد أمتِي على الدَّجَّال ". قَالَ: وَجَاءَت صَدَقَاتهمْ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَذِه صدقَات قَومنَا ": قَالَ: وَكَانَت سبيةٌ مِنْهُم عِنْد عَائِشَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أعتقيها، فَإِنَّهَا من ولد إِسْمَاعِيل ".(3/175)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الشّعبِيّ أبي عَمْرو عَامر بن شرَاحِيل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
ثَلَاث خِصَال سَمِعتهنَّ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بني تَمِيم، لَا أَزَال أحبهم بعده قَالَ: كَانَ عِنْد عَائِشَة مُحَرر، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أعتقي من هَؤُلَاءِ " وَجَاءَت صَدَقَاتهمْ فَقَالَ: " هَذِه صدقَات قومِي ". قَالَ: " وهم أَشد النَّاس قتالاً فِي الْمَلَاحِم " وَلم يذكر الدَّجَّال.
2401 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَتَى جِبْرِيل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَذِه خَدِيجَة قد أَتَت مَعهَا إِنَاء فِيهِ إدام أَو طَعَام أَو شراب، فَإِذا أتتك فاقرأ عَلَيْهَا السَّلَام من رَبهَا، وبشرها ببيتٍ من الْجنَّة من قصبٍ، لَا صخب فِيهِ وَلَا نصب.
2402 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا، فَإِذا رَآهَا النَّاس آمن من عَلَيْهَا، فَذَاك حِين لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل ".
وَأَخْرَجَاهُ جَمِيعًا من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا، فَإِذا طلعت من مغْرِبهَا آمن النَّاس كلهم أَجْمَعُونَ، فيومئذٍ لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا ".(3/176)
وَأخرجه أَيْضا بِزِيَادَة من حَدِيث أبي حَازِم سلمَان مولى عزة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
ثلاثٌ إِذا خرجن لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا: طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، والدجال، ودابة الأَرْض ".
وَأخرجه أَيْضا مَعَ أَطْرَاف أخر من حَدِيث زَائِدَة بن قدامَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج قريبٌ من ثَلَاثِينَ كَذَّابين دجالين، كلهم يَقُول: إِنِّي نبيٌّ. وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا، ويؤمن النَّاس أَجْمَعُونَ، فيومئذٍ لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا، وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا الْيَهُود، فيفر الْيَهُودِيّ وَرَاء الْحجر فَيَقُول الْحجر: يَا عبد الله، يَا مُسلم، هَذَا يهوديٌّ وراءي. وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقتلُوا أَقْوَامًا نعَالهمْ الشّعْر ".
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتا: طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، أَو الدُّخان، أَو الدَّجَّال، أَو الدَّابَّة، أَو خَاصَّة أحدكُم، أَو أَمر الْعَامَّة ".
وَمن حَدِيث أبي قيس زِيَاد بن ريَاح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
بَادرُوا بِالْعَمَلِ سِتا: الدَّجَّال، وَالدُّخَان، ودابة الأَرْض، وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، وَأمر الْعَامَّة، وَخُوَيصة أحدكُم ".
وَأخرج مُسلم أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من تَابَ قبل أَن تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا تَابَ الله عَلَيْهِ ".(3/177)
2403 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة قَالَ: دخلت أَنا وَأَبُو هُرَيْرَة دَار مَرْوَان، فَرَأى فِيهَا تصاوير. وَفِي حَدِيث جرير، دَارا تبنى بِالْمَدِينَةِ لسَعِيد أَو لمروان - فَرَأى مصوراً يصور فِي الدَّار، فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " قَالَ الله عز وَجل: وَمن أظلم مِمَّن ذهب يخلق خلقا كخلقي، فليخلقوا ذرة، أَو ليخلقوا حَبَّة، أَو ليخلقوا شعيرَة ".
وَفِي حَدِيث عبد الْوَاحِد بن زِيَاد نَحوه، وَزَاد:
ثمَّ دَعَا بتور من مَاء فَغسل يَدَيْهِ حَتَّى بلغ إبطه، فَقلت: يَا أَبَا هُرَيْرَة، أشيٌ سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: مُنْتَهى الْحِلْية. كَذَا عِنْد البُخَارِيّ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل. هَذِه الزِّيَادَة فِي غسل الْيَدَيْنِ إِلَى الإبطين لَيست عِنْد مُسلم.
2404 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كلمتان خفيفتان على اللِّسَان، ثقيلتان فِي الْمِيزَان، حبيبتان إِلَى الرَّحْمَن: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ الله الْعَظِيم. " وَهَذَا آخر حَدِيث فِي كتاب البُخَارِيّ.
2405 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ اجْعَل رزق آل محمدٍ قوتاً ". وَقَالَ فِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن الْأَعْمَش: " كفافاً ".
2406 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته إِلَى فرَاشه فَأَبت أَن تَجِيء، فَبَاتَ غَضْبَان، لعنتها الْمَلَائِكَة حَتَّى تصبح ".(3/178)
وَفِي رِوَايَة يزِيد بن كيسَان عَن أبي حَازِم عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من رجل يَدْعُو امْرَأَته إِلَى فراشها فتأبى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاء ساخطاً عَلَيْهَا حَتَّى يرضى عَنْهَا ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث زُرَارَة بن أبي أوفى عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا باتت الْمَرْأَة هاجرةً فرَاش زَوجهَا لعنتها الْمَلَائِكَة حَتَّى تصبح ". وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن عرْعرة وخَالِد بن الْحَارِث عَن شُعْبَة: " حَتَّى ترجع ".
2407 - الْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي حَازِم سلمَان مولى عزة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا، فَإِن الْمَرْأَة خلقت من ضلع، وَإِن أَعْوَج مَا فِي الضلع أَعْلَاهُ، فَإِن ذهبت تُقِيمهُ كَسرته، وَإِن تركته لم يزل أَعْوَج، فَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء ".
وَأول حَدِيث البُخَارِيّ:
من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يُؤْذِي جَاره، وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ من ضلع ... " الحَدِيث بِنَحْوِهِ.
وَأول حَدِيث مُسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر؛ فَإِذا شهد أمرا فَلْيَتَكَلَّمْ بِخَير أَو لِيَسْكُت. وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء، فَإِن الْمَرْأَة خلقت من ضلع ... " الحَدِيث.
وللبخاري من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
الْمَرْأَة كالضلع إِن أقمتها كسرتها، وَإِن استمتعت بهَا استمتعت بهَا وفيهَا عوج ".(3/179)
وَأخرجه مسلمٌ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن الْمَرْأَة كالضلع، إِذا ذهبت تقيمها كسرتها، وَإِن تركتهَا استمتعت بهَا وفيهَا عوج ".
وَمن حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن الْمَرْأَة خلقت من ضلعٍ، لن تستقيم لَك على طريقةٍ، فَإِن استمتعت بهَا استمتعت بهَا وَبهَا عوجٌ، وَإِن ذهبت تقيمها كسرتها، وَكسرهَا طَلاقهَا ".
2408 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي حَازِم قَالَ: قاعدت أَبَا هُرَيْرَة خمس سِنِين، فَسَمعته يحدث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كَانَت بَنو إِسْرَائِيل تسوسهم الْأَنْبِيَاء، كلما هلك نبيٌّ خَلفه نبيٌّ، وَإنَّهُ لَا نَبِي بعدِي، وسيكون خلفاء فيكثرون. " قَالُوا: فَمَا تَأْمُرنَا؟ قَالَ: " أَوْفوا ببيعة الأول فَالْأول، أعطوهم حَقهم، فَإِن الله سائلهم عَمَّا استرعاهم ".
2409 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي حَازِم الْأَشْجَعِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي مجهودٌ، فَأرْسل إِلَى بعض نِسَائِهِ، فَقَالَت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، مَا عِنْدِي إِلَّا ماءٌ. ثمَّ أرسل إِلَى أُخْرَى فَقَالَت مثل ذَلِك، حَتَّى قُلْنَ كُلهنَّ مثل ذَلِك: لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، مَا عِنْدِي إِلَّا ماءٌ. فَقَالَ " من يضيف هَذَا اللَّيْلَة؟ " فَقَامَ رجلٌ من الْأَنْصَار فَقَالَ: أَنا يَا رَسُول الله، فَانْطَلق بِهِ إِلَى رَحْله، فَقَالَ لامْرَأَته: أكرمي ضيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِي حَدِيث جرير بن عبد الحميد: هَل عنْدك شَيْء؟ فَقَالَت: إِلَّا قوت صبياني، فَقَالَ: فعلليهم بِشَيْء. وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة: وَإِذا أَرَادَ الصبية الْعشَاء فنوميهم، فَإِذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أَنا نَأْكُل، فَإِذا أَهْوى ليَأْكُل فقومي إِلَى السراج حَتَّى تطفئيه. قَالَ: فقعدوا وَأكل الضَّيْف. وَفِي حَدِيث عبد الله بن دَاوُد فباتا طاويين،(3/180)
فَلَمَّا أصبح غَدا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ:
قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما اللَّيْلَة. " قَالَ فِي رِوَايَة فُضَيْل: فَقَامَ رجلٌ من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَبُو طَلْحَة، فَانْطَلق بِهِ إِلَى رَحْله، ثمَّ ذكر نَحوه. وألفاظ الروَاة فِيمَا عدا مَا بَينا - مُتَقَارِبَة.
2410 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: مَا عَابَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما قطّ، كَانَ إِذا اشْتهى شَيْئا أكله، وَإِن كرهه تَركه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي يحيى مولى آل جعدة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عاف طَعَاما قطّ، كَانَ إِذا اشتهاه أكله، وَإِذا لم يشتهه سكت.
2411 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: مَا شبع آل محمدٍ من طعامٍ ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى قبض.
وَفِي حَدِيث يحيى الْقطَّان عَن يزِيد بن كيسَان عَن أبي حَازِم قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُشِير بإصبعه مرَارًا يَقُول:
وَالَّذِي نفس أبي هُرَيْرَة بِيَدِهِ، مَا شبع نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَهله ثَلَاثَة أيامٍ تباعا من خبز حنطةٍ حَتَّى فَارق الدُّنْيَا.
وَفِي حَدِيث مَرْوَان الْفَزارِيّ عَن يزِيد عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ... وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن عباد: وَالَّذِي نفس أبي هُرَيْرَة بِيَدِهِ، مَا أشْبع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَهله ثَلَاثَة أَيَّام تباعا من خبز حِنْطَة حَتَّى فَارق الدِّينَا.
وللبخاري من حَدِيث سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة:
أَنه مر بِقوم بَين أَيْديهم شاةٌ مصلية، فَدَعوهُ فَأبى أَن يَأْكُل، وَقَالَ:
خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الدُّنْيَا وَلم يشْبع من خيز الشّعير.(3/181)
2412 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْصَرف من اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أقصرت الصَّلَاة أم نسيت يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أصدق ذُو الْيَدَيْنِ؟ " فَقَالَ النَّاس: نعم، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثمَّ سلم، ثمَّ كبر، ثمَّ سجد مثل سُجُوده أَو أطول، ثمَّ رفع، ثمَّ كبر، فَسجدَ مثل سُجُوده ثمَّ رفع.
وَفِي حَدِيث سَلمَة بن عَلْقَمَة: قلت لمُحَمد بن سِيرِين فِي سَجْدَتي السَّهْو تشهد؟ قَالَ: لَيْسَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة.
وَفِي حَدِيث يزِيد بن إِبْرَاهِيم عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ:
صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَى صَلَاتي الْعشي، قَالَ مُحَمَّد: وأكبر ظَنِّي الْعَصْر - رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ سلم، ثمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَة فِي مقدم الْمَسْجِد، فَوضع يَده عَلَيْهَا، وَفِيهِمْ أَبُو بكر وَعمر، فَهَابَا أَن يُكَلِّمَاهُ، وَخرج سرعَان النَّاس فَقَالُوا: قصرت الصَّلَاة. وَرجل يَدعُوهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَا الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: يَا نَبِي الله، أنسيت أم قصرت الصَّلَاة؟ فَقَالَ: " لم أنس وَلم تقصر " قَالَ: بلَى، قد نسيت. قَالَ: " صدق ذُو الْيَدَيْنِ ". فَقَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم، ثمَّ كبر، فَسجدَ مثل سُجُوده أَو أطول، ثمَّ رفع رَأسه فَكبر، ثمَّ وضع رَأسه فَكبر فَسجدَ مثل سُجُوده أَو أطول، ثمَّ رفع رَأسه وَكبر.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أَيُّوب نَحوه، وَفِيه:
ثمَّ أَتَى جذعاً فِي قبْلَة الْمَسْجِد، فاستند إِلَيْهِ مغضباً، وَفِيه: فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أقصرت الصَّلَاة أم نسيت؟ فَنظر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَمِينا وَشمَالًا، فَقَالَ: " مَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ؟ " قَالُوا: صدق، لم تصل إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، فصلى رَكْعَتَيْنِ، وَسلم، ثمَّ كبر ثمَّ سجد، ثمَّ كبر وَرفع، ثمَّ كبر وَسجد، ثمَّ كبر وَرفع. وَقَالَ: وأخبرت عَن عمرَان بن حُصَيْن أَنه قَالَ: وَسلم.(3/182)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سعد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر رَكْعَتَيْنِ، فَقيل: صليت رَكْعَتَيْنِ. فصلى رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ سلم، ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ.
وَفِي رِوَايَة آدم عَن شُعْبَة عَن سعد:
صلى بِنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر أَو الْعَصْر، فَسلم، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: الصَّلَاة يَا رَسُول الله، أنقصت؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه: " أحقٌّ مَا يَقُول؟ " قَالُوا: نعم. فصلى رَكْعَتَيْنِ أخراوين، ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ. قَالَ سعد: وَرَأَيْت عُرْوَة بن الزبير صلى من الْمغرب رَكْعَتَيْنِ، فَسلم وَتكلم، ثمَّ صلى مَا بَقِي وَسجد سَجْدَتَيْنِ، وَقَالَ: هَكَذَا فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي سُفْيَان مولى ابْن أبي أَحْمد قَالَ:
سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: صلى لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْعَصْر فَسلم فِي رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: أقصرت الصَّلَاة يَا رَسُول الله؟ فَأقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النَّاس فَقَالَ: " أصدق ذُو الْيَدَيْنِ؟ " فَقَالُوا: نعم يَا رَسُول الله. فَأَتمَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بَقِي من الصَّلَاة، ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس بعد التَّسْلِيم.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى رَكْعَتَيْنِ من صَلَاة الظّهْر ثمَّ سلم، فَأَتَاهُ رجل من بني سليمٍ فَقَالَ: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أقصرت الصَّلَاة أم نسيت؟ ... وسَاق الحَدِيث.
2413 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: نهي عَن الخصر فِي الصَّلَاة. وَفِي حَدِيث يحيى الْقطَّان عَن هِشَام الدستوَائي: نهي أَن يُصَلِّي الرجل مُخْتَصرا.(3/183)
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ هِشَام وَأَبُو هِلَال ... عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِي رِوَايَة ابْن الْمُبَارك وَأبي خَالِد وَأبي أُسَامَة عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة:
نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2414 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أسلم سَالَمَهَا الله، وغفارٌ غفر الله لَهَا ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد الْقرشِي عَن أبي هُرَيْرَة، وَمن حَدِيث وَرْقَاء عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة بِمثلِهِ.
وَمن حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أسلم سَالَمَهَا الله، وغفارٌ غفر الله لَهَا. أما إِنِّي لم أقلهَا، وَلَكِن الله قَالَهَا ".
2415 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لم يكذب إِبْرَاهِيم النَّبِي قطّ إِلَّا ثَلَاث كذباتٍ، ثِنْتَيْنِ فِي ذَات الله، قَوْله: {إِنِّي سقيم} وَقَوله: {بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا} . وَوَاحِدَة فِي شَأْن سارة، فَإِنَّهُ قدم أَرض جبارٍ وَمَعَهُ سارة، وَكَانَت أحسن النَّاس، فَقَالَ لَهَا: إِن هَذَا الْجَبَّار إِن علم أَنَّك امْرَأَتي يغلبني عَلَيْك، فَإِن سَأَلَك فأخبريه أَنَّك أُخْتِي، فَإنَّك أُخْتِي فِي الْإِسْلَام، فَإِنِّي لَا أعلم فِي الأَرْض مُسلما غَيْرِي وَغَيْرك. فَلَمَّا دخل أرضه رَآهَا بعض أهل الْجَبَّار أَتَاهُ فَقَالَ: لقد قدم أَرْضك امرأةٌ لَا يَنْبَغِي لَهَا أَن تكون إِلَّا لَك، فَأرْسل إِلَيْهَا، فَأتي بهَا، فَقَامَ إِبْرَاهِيم إِلَى الصَّلَاة، فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ لم يَتَمَالَك أَن بسط يَده إِلَيْهَا، فقبضت يَده قَبْضَة شَدِيدَة، فَقَالَ لَهَا: ادعِي الله أَن يُطلق يَدي وَلَا أَضرّك، فَفعلت، فَعَاد، فقبضت أَشد من القبضة الأولى، فَقَالَ لَهَا مثل ذَلِك، فَفعلت، فَعَاد، فقبضت أَشد من القبضتين الْأَوليين، فَقَالَ: ادعِي الله أَن يُطلق(3/184)
يَدي، فلك الله أَلا أَضرّك، فَفعلت وأطلقت يَده، ودعا الَّذِي جَاءَ بهَا فَقَالَ لَهُ: إِنَّك إِنَّمَا جئتني بشيطانٍ وَلم تأتني بإنسانٍ، فأخرجها من أرضي، وأعطيها هَاجر.
قَالَ: فَأَقْبَلت تمشي، فَلَمَّا رَآهَا إِبْرَاهِيم انْصَرف، فَقَالَ لَهَا: مَهيم؟ فَقَالَت: خيرا، كف الله يَد الْفَاجِر، وَأَخْدَم خَادِمًا. " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة. فَتلك أمكُم يَا بني مَاء السَّمَاء.
هُوَ عِنْدهمَا من حَدِيث جرير بن حَازِم عَن أَيُّوب مُسْند.
وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ من حَدِيث حَمَّاد عَن أَيُّوب مَوْقُوف عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ، وَفِيه: بَينا هُوَ ذَات يَوْم وَسَارة، أَتَى على جَبَّار من الْجَبَابِرَة، فَقيل لَهُ: إِن هَا هُنَا رجلا مَعَه امْرَأَة من أحسن النَّاس، فَأرْسل إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ: من هَذِه؟ قَالَ: أُخْتِي. فَأتى سارةً فَقَالَ: يَا سارة، لَيْسَ على وَجه الأَرْض مؤمنٌ غَيْرِي وَغَيْرك، وَإِن هَذَا سَأَلَني فاخبرته أَنَّك أُخْتِي فَلَا تكذبِينِي، فَأرْسل إِلَيْهَا، فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ ذهبت يَتَنَاوَلهَا بِيَدِهِ. . ثمَّ ذكر نَحْو مَا تقدم فِي مَنعه ودعائها إِلَى آخِره وَفِيه: فَأَخْدَمَهَا هَاجر، وَقَول أَبُو هُرَيْرَة: تِلْكَ أمكُم يَا بني مَاء السَّمَاء.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَاجر إِبْرَاهِيم بسارة، فَدخل بهَا قَرْيَة فِيهَا ملكٌ من الْمُلُوك، أَو جبارٌ، فَقيل: دخل إِبْرَاهِيم بِامْرَأَة هِيَ من أحسن النِّسَاء، وَأرْسل إِلَيْهِ: أَن يَا إِبْرَاهِيم، من هَذِه الَّتِي مَعَك؟ قَالَ: أُخْتِي. ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا قَالَ: لَا تكذبِينِي حَدِيثي، فَإِنِّي أَخْبَرتهم أَنَّك أُخْتِي، وَالله إِن على الأَرْض مؤمنٌ غَيْرِي وَغَيْرك، فَأرْسل بهَا إِلَيْهِ، فَقَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأ وَتصلي، فَقَالَت: " اللَّهُمَّ إِن كنت آمَنت بك وبرسولك، وأحصنت فَرجي إِلَّا على زَوجي فَلَا تسلط عَليّ هَذَا الْكَافِر. فغط حَتَّى ركض بِرجلِهِ. . " وَفِيه: أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَت: اللَّهُمَّ إِن يمت يُقَال: هِيَ قتلته، فَأرْسل إِلَيْهَا فَقَامَتْ تَوَضَّأ وَتصلي وَتقول: اللَّهُمَّ إِن كنت(3/185)
آمَنت بك وبرسولك، وأحصنت فَرجي، فَلَا تسلط عَليّ هَذَا الْكَافِر، فغط حَتَّى ركض بِرجلِهِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَقَالَت:
اللَّهُمَّ إِن يمت يُقَال هِيَ قتلته، فَأرْسل فِي الثَّانِيَة أَو الثَّالِثَة فَقَالَ: وَالله مَا أرسلتم إِلَيّ إِلَّا شَيْطَانا، ارجعوها إِلَى إِبْرَاهِيم، وَأَعْطوهُ هَاجر. فَرَجَعت إِلَى إِبْرَاهِيم فَقَالَت: أشعرت أَن الله كبت الْكَافِر وَأَخْدَم وليدة ".
2416 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لم يتَكَلَّم فِي المهد إِلَّا ثلاثةٌ: عِيسَى بن مَرْيَم، وَصَاحب جريج - وَكَانَ جريج رجلا عابداً، فَاتخذ صومعةً، فَكَانَ فِيهَا فَأَتَتْهُ أمه وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَت: يَا جريج، فَقَالَ: يَا رب، أُمِّي وصلاتي، فَأقبل على صلَاته فَانْصَرَفت، فَلَمَّا كَانَ من الْغَد أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَت: يَا جريج، فَقَالَ:: يَا رب، أُمِّي وصلاتي، فَأقبل على صلَاته. فَلَمَّا كَانَ من الْغَد أَتَتْهُ فَقَالَت: يَا جريج، فَقَالَ: أَي رب، أُمِّي وصلاتي، فَأقبل على صلَاته. فَقَالَت: اللَّهُمَّ لَا تمته حَتَّى ينظر إِلَى وُجُوه المومسات. فَتَذَاكَرَ بَنو إِسْرَائِيل جريجاً وعبادته، وَكَانَت امرأةٌ بغيٌّ يتَمَثَّل بحسنها، فَقَالَت: إِن شِئْتُم لأفتننه، قَالَ فتعرضت لَهُ، فَلم يلْتَفت إِلَيْهَا، فَأَتَت رَاعيا كَانَ يأوي إِلَى صومعته فأمكنته من نَفسهَا، فَوَقع عَلَيْهَا، فَحملت، فَلَمَّا ولدت قَالَت: هُوَ من جريج، فَأتوهُ فاستنزلوه، وهدموا صومعته وَجعلُوا يضربونه فَقَالَ: مَا شَأْنكُمْ؟ قَالُوا: زَنَيْت بِهَذِهِ الْبَغي فَولدت مِنْك. فَقَالَ: أَيْن الصَّبِي؟ فَجَاءُوا بِهِ فَقَالَ: دَعونِي حَتَّى أُصَلِّي، فصلى، فَلَمَّا انْصَرف أَتَى الصَّبِي فطعن فِي بَطْنه وَقَالَ: يَا غُلَام، من أَبوك؟ قَالَ: فلانٌ الرَّاعِي، فَأَقْبَلُوا على جريج يقبلونه ويتمسحون بِهِ، وَقَالُوا، من نَبْنِي لَك صومعتك من ذهب. قَالَ: لَا، أعيدوها من طين كَمَا كَانَت، فَفَعَلُوا.
وَبينا صبيٌّ يرضع من أمه، فَمر بِهِ رجلٌ راكبٌ على دَابَّة فارهة وشارة حَسَنَة، فَقَالَت أمه:
اللَّهُمَّ اجْعَل ابْني مثل هَذَا، فَترك الثدي وَأَقْبل إِلَيْهِ، فَنظر إِلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تجعلني مثله، ثمَّ أقبل على ثديه فَجعل يرتضع " قَالَ: فَكَأَنِّي(3/186)
أنظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَحْكِي ارتضاعه بإصبعه السبابَة فِي فِيهِ، فَجعل يمصها وَقَالَ " ومروا بِجَارِيَة وهم يضربوها وَيَقُولُونَ: زَنَيْت، سرقت، وَهِي تَقول: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل، فَقَالَت أمه: اللَّهُمَّ لَا تجْعَل ابْني مثلهَا، فَترك الرَّضَاع، ونظل إِلَيْهَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مثلهَا. فهنالك تراجعاً الحَدِيث، فَقَالَت:
مر رجلٌ حسن الْهَيْئَة، فَقلت: اللَّهُمَّ اجْعَل ابْني مثله، فَقلت: اللَّهُمَّ لَا تجعلني مثله، ومروا بِهَذِهِ الْأمة وهم يضربونها وَيَقُولُونَ: زَنَيْت، سرقت، فَقلت: اللَّهُمَّ لَا تجْعَل ابْني مثلهَا، فَقلت: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مثلهَا. قَالَ: إِن ذَلِك الرجل كَانَ جباراً، فَقلت: اللَّهُمَّ لَا تجعلني مثله، وَإِن هَذِه يَقُولُونَ لَهَا زَنَيْت وَلم تزن، وسرقت وَلم تسرق، فَقلت: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مثلهَا. " لفظ حَدِيث مُسلم عَن زُهَيْر بن حَرْب، وَهُوَ أتم. وَأخرجه البُخَارِيّ مُخْتَصرا ".
وَأخرج البُخَارِيّ حَدِيث الْمَرْأَة وَابْنهَا خَاصَّة من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
بَيْنَمَا امْرَأَة ترْضع ابْنا لَهَا، إِذْ مر بهَا راكبٌ وَهِي ترْضِعه، فَقَالَت: اللَّهُمَّ لَا تمت ابْني حَتَّى يكون مثل هَذَا. فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تجعلني مثله، ثمَّ رَجَعَ فِي الثدي. وَمر بِامْرَأَة تجرر ويلعب بهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مثلهَا. فَقَالَ: أما الرَّاكِب فَإِنَّهُ كَافِر، وَأما الْمَرْأَة فَإِنَّهُ يُقَال لَهَا: تَزني، وَتقول: حسبي الله، وَيَقُولُونَ: تسرق، وَتقول حسبي الله. "
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا حَدِيث جريج وَأمه تَعْلِيقا من حَدِيث جَعْفَر بن ربيعَة عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
نادت امرأةٌ ابْنهَا وَهُوَ فِي صومعة لَهُ قَالَت: يَا جريج: قَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وصلاتي. فَقَالَت: يَا جريج، قَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وصلاتي. قَالَت: يَا جريج، قَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وصلاتي. قَالَت: اللَّهُمَّ(3/187)
لَا يَمُوت جريجٌ حَتَّى ينظر فِي وُجُوه الميامسٍ. وَكَانَت تأوي إِلَى صومعته راعيةٌ ترعى الْغنم، فَولدت، فَقيل لَهَا: مِمَّن هَذَا الْوَلَد؟ قَالَت: من جريج، نزل من صومعته، قَالَ جريج: أَيْن هَذِه الَّتِي تزْعم أَن وَلَدهَا لي. قَالَ: يَا بابوس، من أَبوك؟ قَالَ: راعي الْغنم ".
وَأخرج مُسلم مِنْهُ طرفا فِي جريج خَاصَّة من حَدِيث أبي رَافع الصَّائِغ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ:
كَانَ جريج يتعبد فِي صومعة فَجَاءَت أمه - قَالَ حميد بن هِلَال: فوصف لنا أَبُو رَافع صفة أبي هُرَيْرَة لصفة رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أمه حِين دَعَتْهُ، كَيفَ جعلت كفها فَوق حاجبها، ثمَّ رفعت رَأسهَا إِلَيْهِ تَدعُوهُ فَقَالَت: يَا جريج، أَنا أمك، كلمني، فصادفته يُصَلِّي، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وصلاتي، فَاخْتَارَ صلَاته، فَقَالَت: اللَّهُمَّ إِن هَذَا جريجٌ وَهُوَ ابْني، وَإِنِّي كَلمته فَأبى أَن يكلمني، فَلَا تمته حَتَّى تريه المومسات. قَالَ: وَلَو دعت عَلَيْهِ أَن يفتن لفتن.
قَالَ: وَكَانَ راعي ضَأْن يأوي إِلَى ديره، قَالَ: فَخرجت امْرَأَة من الْقرْيَة فَوَقع عَلَيْهَا الرَّاعِي، فَحملت فَولدت غُلَاما، فَقيل لَهَا: مَا هَذَا؟ قَالَت: من صَاحب هَذَا الدَّيْر. قَالَ فَجَاءُوا بفؤوسهم ومساحيهم. فَنَادوا، فصادفوه يُصَلِّي فَلم يكلمهم. قَالَ: فَأخذُوا يهدمون ديره، فَلَمَّا رأى ذَلِك نزل إِلَيْهِم، فَقَالُوا لَهُ: سل هَذِه. قَالَ: فَتَبَسَّمَ، ثمَّ مسح رَأس الصَّبِي، وَقَالَ: من أَبوك؟ قَالَ: راعي الضَّأْن. فَلَمَّا سمعُوا ذَلِك قَالُوا: نَبْنِي لَك مَا هدمنا من ديرك بِالذَّهَب وَالْفِضَّة، قَالَ: لَا، وَلَكِن أعيدوه تُرَابا كَمَا كَانَ، ثمَّ علاهُ ".
2417 - الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من نسي وَهُوَ صائمٌ فَأكل أَو شرب فليتم صَوْمه، فَإِنَّمَا أطْعمهُ الله وسقاه ".(3/188)
وللبخاري من حَدِيث عَوْف عَن خلاس، وَمُحَمّد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ. وَلم يخرج البُخَارِيّ فِي كِتَابه عَن خلاس إِلَّا مَقْرُونا بِغَيْرِهِ، وَقد أخرج مُسلم عَنهُ وَحده عَن أبي هُرَيْرَة.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ الْحسن وَمُجاهد:
إِن جَامع نَاسِيا فَلَا شَيْء عَلَيْهِ.
2418 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " فقدت أمهٌ من بني إِسْرَائِيل لَا يدْرِي مَا فعلت، وَإِنِّي لَا أَرَاهَا إِلَّا الفأر، إِذا وضع لَهَا ألبان الْإِبِل لم تشرب، وَإِذا وضع لَهَا ألبان الشَّاء شربت " فَحدثت كَعْبًا بذلك، فَقَالَ: أَنْت سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُوله؟ قلت: نعم. فَقَالَ لي مرَارًا، فَقلت: أفأقرأ التَّوْرَاة؟ .
وَفِي حَدِيث هِشَام بن حسان عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
الْفَأْرَة مسخٌ، وَآيَة ذَلِك أَنه يوضع بَين يَديهَا لبن الْغنم فتشربه، وَيُوضَع بَين يَديهَا لبن الْإِبِل فَلَا تذوقه. " فَقَالَ لَهُ كَعْب: أسمعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: أفأنزلت عَليّ التَّوْرَاة.
2419 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَو آمن بِي عشرَة من الْيَهُود لآمن بِي الْيَهُود ".
وَفِي رِوَايَة خَالِد بن الْحَارِث:
لَو تابعني عشرَة من الْيَهُود لم يبْق على ظهرهَا يَهُودِيّ إِلَّا أسلم ".(3/189)
2420 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَوْصَانِي خليلي بِثَلَاث: صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهرٍ، وركعتي الضُّحَى، وَأَن أوتر قبل أَن أَنَام.
وَأخرجه مسلمٌ من حَدِيث أبي رَافع الصَّائِغ قَالَ:
أَوْصَانِي خليلي أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاث "، وَذكر نَحْو حَدِيث أبي عُثْمَان.
2421 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي رَافع الصَّائِغ عَن أبي هُرَيْرَة، أَن امْرَأَة سَوْدَاء كَانَت تقم الْمَسْجِد - أَو شَابًّا - ففقدها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسَأَلَ عَنْهَا أَو عَنهُ، فَقَالُوا: مَاتَت. فَقَالَ: " أَفلا كُنْتُم أذنتموني ". فكأنهم صغروا أمرهَا أَو أمره، فَقَالَ: " دلوني على قَبره " فدلوه فصلى عَلَيْهَا. ثمَّ قَالَ: " إِن هَذِه الْقُبُور مملوءةٌ ظلمَة على أَهلهَا، وَإِن الله ينورها لَهُم بصلاتي عَلَيْهِم ". هَذَا لفظ حَدِيث مُسلم عَن أبي الرّبيع وَأبي كَامِل، وَهُوَ أتم.
2422 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة، أَنه لقِيه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَرِيق من طرق الْمَدِينَة وَهُوَ جنبٌ، فانسل، فَذهب فاغتسل، فتفقده النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: " أَيْن كنت يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ " فَقَالَ: يَا رَسُول الله، لقيتني وَأَنا جنبٌ، فَكرِهت أَن أجالسك حَتَّى أَغْتَسِل. فَقَالَ: " سُبْحَانَ الله، إِن الْمُؤمن لَا ينجس ".
2423 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي رَافع الصَّائِغ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا جلس بَين شعبها الْأَرْبَع ثمَّ جهدها فقد وَجب الْغسْل ".
وَفِي حَدِيث مطر عَن الْحسن عَن أبي رَافع: " وَإِن لم ينزل " وَقَالَ زُهَيْر بن حَرْب: " بَين أشعبها الْأَرْبَع ".(3/190)
2424 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي رَافع الصَّائِغ عَن أبي هُرَيْرَة: أَن زَيْنَب كَانَ اسْمهَا برة فَقيل: تزكي نَفسهَا، فسماها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب.
2425 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن بشير بن نهيك عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من أعتق شقيصاً فِي مَمْلُوك فَعَلَيهِ خلاصه فِي مَاله، فَإِن لم يكن لَهُ قوم الْمَمْلُوك قيمَة عدل ثمَّ أستسعي غير مشقوق عَلَيْهِ " وَفِي حَدِيث عِيسَى ابْن يُونُس: " ثمَّ يستسعى فِي نصيب الَّذِي لم يعْتق غير مشقوق عَلَيْهِ ".
2426 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن بشير بن نهيك عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْعمريّ جائزةٌ ".
وَفِي حَدِيث خَالِد بن الْحَارِث عَن سعيد بن أبي عرُوبَة:
الْعمريّ مِيرَاث لأَهْلهَا " أَو قَالَ: " جَائِزَة ".
2427 - السِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن بشير بن نهيك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَنه نهى عَن خَاتم الذَّهَب.
2428 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن زُرَارَة بن أوفى عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله عز وَجل تجَاوز لأمتي عَمَّا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مَا لم تعْمل أَو تكلم بِهِ " قَالَ: قَالَ قَتَادَة: إِذا طلق فِي نَفسه فَلَيْسَ بِشَيْء.(3/191)
وَفِي حَدِيث سُفْيَان عَن مسعر:
إِن الله تجَاوز عَن أمتِي مَا وسوست بِهِ صدورها مَا لم تعْمل أَو تَتَكَلَّم ".
وَفِي حَدِيث خَلاد عَن مسعر، " إِن الله تجَاوز عَن أمتِي مَا وسوست أَو حدثت بهَا أَنْفسهَا مَا لم تعْمل بِهِ أَو تكلم ".
2429 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن زِيَاد الْقرشِي عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن عفريتاً من الْجِنّ تفلت عَليّ البارحة ليقطع عَليّ صَلَاتي، فأمكنني الله مِنْهُ فَأَخَذته، فَأَرَدْت أَن أربطه على سَارِيَة من سواري الْمَسْجِد حَتَّى تنظروا إِلَيْهِ كلكُمْ، فَذكرت دَعْوَة أخي سُلَيْمَان: " رب هَب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحدٍ من بعدِي فرددته خاسئاً ".
2430 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أما يخْشَى أحدكُم إِذا رفع رَأسه قبل الإِمَام أَن يَجْعَل الله رَأسه رَأس حمَار، أَو يَجْعَل الله صورته صُورَة حمَار ".
2431 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا لم يغسل عقبه، فَقَالَ: " ويلٌ لِلْأَعْقَابِ من النَّار ".
وَفِي حَدِيث وَكِيع عَن شُعْبَة عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة
أَنه رأى قوما يَتَوَضَّئُونَ من المطهرة، فَقَالَ: أَسْبغُوا الْوضُوء، فَإِنِّي سَمِعت أَبَا الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " ويلٌ لِلْأَعْقَابِ من النَّار ".(3/192)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث جرير بن عبد الحميد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
ويلٌ لِلْأَعْقَابِ من النَّار ".
2432 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَخذ الْحسن بن عَليّ تَمْرَة من تمر الصَّدَقَة فَجَعلهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كخ كخ " ارْمِ بهَا، أما علمت أَنا لَا نَأْكُل الصَّدَقَة ".
وَفِي حَدِيث وَكِيع عَن شُعْبَة:
أَنا لَا تحل لنا الصَّدَقَة ".
وَأَخْرَجَاهُ بِمَعْنَاهُ من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
إِنِّي لأنقلب إِلَى أَهلِي، فأجد التمرة سَاقِطَة على فِرَاشِي أَو فِي بَيْتِي، فأرفعها لآكلها، ثمَّ أخْشَى أَن تكون صَدَقَة، فألقيها ".
وَأخرجه مسلمٌ من حَدِيث أبي يُونُس سليم بن جُبَير عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ حَدِيث همام.
2433 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته، فَإِن غمي عَلَيْكُم فأكملوا عدَّة شعْبَان " كَذَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ عَن آدم. وَفِي رِوَايَة الرّبيع بن مُسلم - لمُسلم: " وَإِن غمي عَلَيْكُم فأكملوا الْعدة " وَفِي رِوَايَة شُعْبَة: " فَإِن غمي عَلَيْكُم الشَّهْر فعدوا ثَلَاثِينَ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا رَأَيْتُمْ الْهلَال فصوموا، وَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فأفطروا، فَإِن غم عَلَيْكُم فصوموا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ".(3/193)
وَمن حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْهلَال فَقَالَ: " إِذا رَأَيْتُمُوهُ فصوموا، وَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فأفطروا، وَإِن غمي عَلَيْكُم فعدوا ثَلَاثِينَ ".
2434 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لأذودن رجَالًا عَن حَوْضِي، كَمَا تذاد الغريبة من الْإِبِل عَن الْحَوْض ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب أَنه كَانَ يحدث عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
يرد على الْحَوْض رجالٌ من أَصْحَابِي، فيحلئون عَنهُ، فَأَقُول: يَا رب، أَصْحَابِي، فَيَقُول: إِنَّك لَا علم لَك بِمَا أَحْدَثُوا بعْدك، إِنَّهُم ارْتَدُّوا على أثارهم الْقَهْقَرَى ".
وَأخرجه أَيْضا تَعْلِيقا من حَدِيث ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يحدث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
يرد عَليّ يَوْم الْقِيَامَة رهطٌ من أَصْحَابِي، فيجلون عَن الْحَوْض، فَأَقُول يَا رب، أَصْحَابِي، فَيَقُول: إِنَّه لَا علم لَك بِمَا أَحْدَثُوا بعْدك، إِنَّهُم ارْتَدُّوا على آثَارهم الْقَهْقَرِي ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يحدث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" فيجلون " قَالَ عقيل " فيحلئون ". وَقَالَ الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن عَليّ ابْن أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا. قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَحَدِيث عقيل مُرْسل، هُوَ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، وَلم يُبينهُ.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
بَينا أَنا قَائِم إِذا زمرة، حَتَّى إِذا عرفتهم خرج رجل بيني وَبَيْنكُم، فَقَالَ:(3/194)
هَلُمَّ، فَقلت: أَيْن؟ قَالَ إِلَى النَّار، وَالله. قلت: مَا شَأْنهمْ؟ قَالَ: إِنَّهُم ارْتَدُّوا بعْدك على أدبارهم الْقَهْقَرَى. ثمَّ إِذا زمرة حَتَّى إِذا عرفتهم خرج رجلٌ بيني وَبينهمْ فَقَالَ: هَلُمَّ. قلت: إِلَى أَيْن؟ قَالَ: إِلَى النَّار، قلت: مَا شَأْنهمْ! قَالَ: إِنَّهُم ارْتَدُّوا على أدبارهم، فَلَا أرَاهُ يخلص إِلَّا مثل همل النعم ".
2435 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو قَالَ أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بَيْنَمَا رجلٌ يمشي فِي حلةٍ تعجبه نَفسه، مرجلٌ جمته، إِذْ خسف الله بِهِ فَهُوَ يتجلجل بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَمن حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بِمثلِهِ. " لفظ حَدِيث البُخَارِيّ عَن آدم.
وَفِي حَدِيث الرّبيع بن مُسلم:
بَيْنَمَا رجلٌ يمشي قد أَعْجَبته جمته وبرداه، إِذْ خسفت بِهِ الأَرْض، فَهُوَ يتجلجل فِي الأَرْض حَتَّى تقوم السَّاعَة ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سَالم بن عبد الله بن عمر قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... نَحْو حَدِيث قبله.
وَرَوَاهُ سَالم عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
بَيْنَمَا رجل يجر إزَاره، إِذْ خسف بِهِ، فَهُوَ يتجلجل فِي الأَرْض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
بَيْنَمَا رجلٌ يتبختر، يمشي فِي برديه، قد أَعْجَبته نَفسه، فَخسفَ الله بِهِ، فَهُوَ يتجلجل فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".(3/195)
وَمن حَدِيث أبي رَافع الصَّائِغ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
إِن رجلا مِمَّن كَانَ قبلكُمْ تبختر فِي حلَّة ... " ثمَّ ذكر نَحوه.
2436 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أُتِي بِطَعَام سَأَلَ عَنهُ: أهدية أم صَدَقَة؟ " فَإِن قيل: صَدَقَة، قَالَ لأَصْحَابه: " كلوا " وَلم يَأْكُل، وَإِن قيل هَدِيَّة، ضرب بِيَدِهِ وَأكل مَعَهم.
2437 - السبعون بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَرْب خدعة.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سهم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
الْحَرْب خدعة ".
وللبخاري فِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن معمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
هلك كسْرَى ثمَّ لَا يكون كسْرَى بعده، وَقَيْصَر ليهلكن ثمَّ لَا يكون قَيْصر بعده، ولتقسمن كنوزها فِي سَبِيل الله، وسمى الْحَرْب خدعة.
وَقد أَخْرجَاهُ من حَدِيث جَابر بن عبد الله:
الْحَرْب خدعة " وَهُوَ مَذْكُور فِي مُسْنده.
2438 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " غزا نبيٌّ من الْأَنْبِيَاء، فَقَالَ لقومة: لَا يَتبعني رجلٌ ملك بضع امرأةٍ وَهُوَ يُرِيد أَن يَبْنِي بهَا وَلما يبن بهَا، وَلَا أحدٌ بني بُيُوتًا وَلم يرفع سقوفها، وَلَا أحد اشْترى غنما أَو خلفات وَهُوَ ينْتَظر ولادها، فغزا، فَدَنَا من الْقرْيَة صَلَاة الْعَصْر(3/196)
أَو قَرِيبا من ذَلِك، فَقَالَ للشمس: إِنَّك مأمورة وَأَنا مَأْمُور، اللَّهُمَّ احبسها علينا، فحبست حَتَّى فتح الله عَلَيْهِ، فَجمع الْغَنَائِم، فَجَاءَت - يَعْنِي النَّار - لتأكلها فَلم تطعمها، فَقَالَ: إِن فِيكُم غلولاً، فليبايعني من كل قَبيلَة رجل، فلزقت يَد رجل بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُم الْغلُول، فلتبايعني قبيلتك. فلزقت يَد رجلَيْنِ أَو ثَلَاثَة بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُم الْغلُول، فَجَاءُوا بِرَأْس مثل رَأس بقرة من الذَّهَب، فوضعها فَجَاءَت النَّار فَأَكَلتهَا " زَاد فِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق: " فَلم تحل الْغَنَائِم لأحد قبلنَا ثمَّ أحل الله لنا الْغَنَائِم، رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا ".
2439 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قيل لبني إِسْرَائِيل: ادخُلُوا الْبَاب سجدا وَقُولُوا حطةٌ نغفر لكم، فبدلوا، فَدَخَلُوا الْبَاب يزحفون على أستاهم، وَقَالُوا: حَبَّة فِي شعره ".
2440 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كَانَت بَنو إِسْرَائِيل يغتسلون عُرَاة، وَينظر بَعضهم إِلَى سواة بعض، وَكَانَ مُوسَى يغْتَسل وَحده، فَقَالُوا: وَالله مَا يمْنَع مُوسَى أَن يغْتَسل مَعنا إِلَّا أَنه آدر، قَالَ: فَذهب مرّة يغْتَسل، فَوضع ثَوْبه على حجر، ففر الْحجر بِثَوْبِهِ، قَالَ: فَجمع مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بإثره يَقُول: ثوبي حجرٌ، ثوبي حجرٌ، حَتَّى نظرت بَنو إِسْرَائِيل إِلَى سوأة مُوسَى فَقَالُوا: وَالله مَا بمُوسَى من بأسٍ، فَقَامَ الْحجر حَتَّى نظر إِلَيْهِ، قَالَ: فَأخذ ثَوْبه، فَطَفِقَ بِالْحجرِ ضربا " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَالله إِن بِالْحجرِ سِتَّة أَو سَبْعَة، ضرب مُوسَى بِالْحجرِ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين وَالْحسن وخلاس بن عَمْرو عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن مُوسَى كَانَ رجلا حيياً ستيراً، لَا يرى من(3/197)
جلده شيءٌ استحياء مِنْهُ، فآذاه من آذاه من بني إِسْرَائِيل، فَقَالُوا: مَا يسْتَتر هَذَا التستر إِلَّا من عيب بجلده: إِمَّا برصٌ، وَإِمَّا أدرة، وَإِمَّا آفَة، وَإِن الله أَرَادَ أَن يُبرئهُ مِمَّا قَالُوا لمُوسَى، فَخَلا يَوْمًا وَحده، فَوضع ثِيَابه على الْحجر ثمَّ اغْتسل، فَلَمَّا فرغ أقبل إِلَى ثِيَابه ليأخذها، وَإِن الْحجر عدا بِثَوْبِهِ، فَأخذ مُوسَى عَصَاهُ وَطلب الْحجر، فَجعل يَقُول: ثوبي حجر، ثوبي حجر، حَتَّى انْتهى إِلَى مَلأ من بني إِسْرَائِيل، فرأوه عُريَانا أحسن مَا خلق الله، وأبرأه الله مِمَّا يَقُولُونَ، وَقَامَ الْحجر، فَأخذ بِثَوْبِهِ فلبسه، فَطَفِقَ بِالْحجرِ ضربا بعصاه، فوَاللَّه إِن بِالْحجرِ لندباً من أثر ضربه ثَلَاثًا أَو أَرْبعا أَو خمْسا، فَذَلِك قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد الله وجيها} [الْأَحْزَاب] .
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الله بن شَقِيق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام رجلا حيياً قَالَ: فَكَانَ لَا يرى متجرداً، قَالَ: فَقَالَت بَنو إِسْرَائِيل: إِنَّه آدر، قَالَ: فاغتسل عِنْد مويهٍ، فَوضع ثَوْبه على حجر، فَانْطَلق الْحجر يسْعَى، وَاتبعهُ بعصاه يضْربهُ: ثوبي حجرٌ، ثوبي حجرٌ، حَتَّى وقف على مَلأ من بني إِسْرَائِيل، وَنزلت: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد الله وجيها} .
وَقَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي كِتَابه: وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو الْأَشْعَث عَن بزيد بن زُرَيْع، وَرَوَاهُ أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي عَن يزِيد بِطُولِهِ إِلَى قَوْله:
حَتَّى وقف على مَلأ من بني إِسْرَائِيل " ثمَّ قَالَ يزِيد: وَحدثنَا الْكَلْبِيّ قَالَ: فَنزلت: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى} الْآيَة. فَبين أَن ذكر الْآيَة من قَول الْكَلْبِيّ لَا من الحَدِيث.(3/198)
2441 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَلَا تختلفوا عَلَيْهِ، فَإِذا ركع فاركعوا، وَإِذا قَالَ سمع الله لمن حَمده، فَقولُوا: رَبنَا لَك لحمد، وَإِذا سجد. فاسجدوا، وَإِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ، وَأقِيمُوا الصَّفّ فِي الصَّلَاة، فَإِن إِقَامَة الصَّفّ من حسن الصَّلَاة. " هَذَا لفظ البُخَارِيّ، وانْتهى حَدِيث مُسلم إِلَى قَوْله: " فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ: وَلم يذكر مَا بعده.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَلَا تختلفوا عَلَيْهِ، فَإِذا كبر فكبروا، وَإِذا ركع فاركعوا، وَإِذا قَالَ سمع الله لمن حَمده، فَقولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد، وَإِذا صلى قَاعِدا فصلوا قعُودا أَجْمَعُونَ ".
وَمن حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه، وَزَاد " وَإِذا سجد فاسجدوا ". وَلم يذكر أَبُو مَسْعُود هَذَا الحَدِيث فِي تَرْجَمَة شُعَيْب بن أبي حَمْزَة فِيمَا عندنَا من كِتَابه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَلَا تختلفوا عَلَيْهِ، فَإِذا كبر فكبروا. . " فَذكر نَحوه إِلَّا قَوْله: " فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ " وَفِيه: " فَقولُوا اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد ".
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلمنَا يَقُول:
لَا تبَادرُوا الإِمَام، إِذا كبر فكبروا، وَإِذا قَالَ {وَلَا الضَّالّين}(3/199)
فَقولُوا: آمين، وَإِذا ركع فاركعوا، وَإِذا قَالَ: سمع الله لمن حَمده فَقولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد ".
وَمن حَدِيث عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ وَلم يذكر قَوْله: " وَإِذا قَالَ {وَلَا الضَّالّين} فَقولُوا آمين " وَزَاد: " وَلَا تَرفعُوا قبله ".
وَمن حَدِيث حَيْوَة بن شُرَيْح عَن أبي يُونُس سليم بن جُبَير مولى أبي هُرَيْرَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِذا كبر فكبروا، وَإِذا ركع فاركعوا، وَإِذا قَالَ: سمع الله لمن حَمده، فَقولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد، وَإِذا صلى قَائِما فصلوا قيَاما، وَإِن صلى قَاعِدا فصلوا قعُودا أَجْمَعُونَ ".
وَمن حَدِيث أبي عَلْقَمَة الْهَاشِمِي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِنَّمَا الإِمَام جنَّة، فَإِذا صلى قَاعِدا فصلوا قعُودا، وَإِذا قَالَ سمع الله لمن حَمده، فَقولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد، فَإِذا وَافق قَول أهل الأَرْض قَول أهل السَّمَاء غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
2442 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا أنفقت الْمَرْأَة من كسب زَوجهَا من غير أمره فَلهُ نصف أجره ".
وَأول حَدِيث مُسلم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا لَا تصم الْمَرْأَة وبعلها شاهدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَأذن فِي بَيته وَهُوَ شاهدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَمَا أنفقت من كَسبه من غير أمره فَإِن نصف أجره لَهُ ".(3/200)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يحل للْمَرْأَة أَن تَصُوم وَزوجهَا شاهدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَأذن فِي بَيته إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَمَا أنفقت من نَفَقَة من غير إِذْنه فَإِنَّهُ يُؤدى إِلَيْهِ شطره "
قَالَ البُخَارِيّ: وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَاد أَيْضا عَن مُوسَى بن أبي عُثْمَان عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّوْم.
وَقَالَ أَبُو مَسْعُود: وَلَيْسَ بالهندي: يَعْنِي أَن أَبَا عُثْمَان وَالِد مُوسَى هَذَا لَيْسَ بِأبي عُثْمَان الْهِنْدِيّ.
وَقد أخرج البُخَارِيّ طرفا من زِيَادَة مُسلم من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تصم الْمَرْأَة وبعلها شاهدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ لم يزدْ.
وَجعله أَبُو مَسْعُود من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَنسي حَدِيث مُسلم الَّذِي ذَكرْنَاهُ: هَذَا الحَدِيث - وَالله أعلم - كَقَوْلِه عَلَيْهِ السَّلَام فِي الحَدِيث الآخر:
إِذا أنفقت الْمَرْأَة عَن طَعَام بَيتهَا غير مفسدةٍ كَانَ لَهَا أجرهَا بِمَا أنفقت ولزوجها بِمَا كسب " وللبخاري مثل ذَلِك.
وَفِي حَدِيث عُمَيْر مولى آبي اللَّحْم فِي صدقته من مَال مَوْلَاهُ:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْأجر بَيْنكُمَا نِصْفَانِ ".
2443 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
كل سلامى من النَّاس عَلَيْهِ صَدَقَة فِي كل يَوْم تطلع فِيهِ الشَّمْس ". قَالَ: " تعدل بَين الْإِثْنَيْنِ صَدَقَة، وَتعين الرجل فِي دَابَّته فتحمله عَلَيْهَا أَو ترفع لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعه صَدَقَة، والكلمة الطّيبَة صَدَقَة، وَبِكُل خطْوَة تمشيها إِلَى الصَّلَاة صَدَقَة، وتميط الْأَذَى عَن الطَّرِيق صَدَقَة ".(3/201)
2444 - السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " خلق الله آدم وَطوله سِتُّونَ ذِرَاعا، ثمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَسلم على أُولَئِكَ الْمَلَائِكَة فاستمع مَا يحيونك فَإِنَّهَا تحيتك وتحية ذريتك. فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم، فَقَالُوا: السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله، فَزَاد هُوَ وَرَحْمَة الله، فَكل من يدْخل الْجنَّة على صُورَة آدم، فَسلم يزل الْخلق ينقص حَتَّى الْآن " قَالَ فِي رِوَايَة يحيى بن جَعْفَر وَمُحَمّد بن رَافع: على صورته ".
2445 - الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رأى عِيسَى بن مَرْيَم رجلا يسرق، فَقَالَ: أسرقت؟ فَقَالَ: كلا، وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ. فَقَالَ: " آمَنت بِاللَّه وكذبت عَيْني " وَفِي حَدِيث معمر: " وكذبت نَفسِي ".
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2446 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " اشْترى رجلٌ من رجلٍ عقارا، فَوجدَ الَّذِي اشْترى الْعقار فِي عقاره جرةً فِيهَا ذهبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْترى الْعقار: خُذ ذهبك مني، إِنَّمَا اشْتريت مِنْك الأَرْض وَلم أشتر الذَّهَب. وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْض: إِنَّمَا بِعْتُك الأَرْض وَمَا فِيهَا. فتحاكما إِلَى رجل، فَقَالَ الَّذِي تحاكما إِلَيْهِ: ألكما ولدٌ؟ فَقَالَ أَحدهمَا: لي غُلَام، وَقَالَ الآخر: لي جَارِيَة. قَالَ: أنكحا الْغُلَام الْجَارِيَة، وأنفقوا على أَنفسهمَا مِنْهُ وتصدقا ".(3/202)
2447 - الثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقتتل فئتان، فَيكون بَينهمَا مقتلةٌ عَظِيمَة دعواهما وَاحِدَة، وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يبْعَث دجالون كذابون قَرِيبا من ثَلَاثِينَ، كلهم يزْعم أَنه رَسُول الله. " فِي حَدِيث مُحَمَّد بن رَافع نَحوه، غير أَنه قَالَ: " حَتَّى ينبعث ".
وَأخرجه البُخَارِيّ فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقتتل فئتان دعواهما وَاحِدَة ".
وَمن حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقتتل فئتان دعواهما وَاحِدَة ".
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي جملَة أَطْرَاف كَثِيرَة من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بَينهمَا مفتلةٌ عَظِيمَة، دعواهما وَاحِدَة، وَحَتَّى يبْعَث دجالون كذابون قريبٌ من ثَلَاثِينَ، كلهم يزْعم أَنه رَسُول الله، وَحَتَّى يقبض الْعلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزَّمَان، وَتظهر الْفِتَن، وَيكثر الْهَرج: وَهُوَ الْقَتْل، وَحَتَّى يكثر فِيكُم المَال فيفيض حَتَّى يهم رب المَال من يقبض صدقته، وَحَتَّى يعرضه، فَيَقُول الَّذِي يعرض عَلَيْهِ: لَا أرب لي فِيهِ، وَحَتَّى يَتَطَاوَل النَّاس فِي الْبُنيان، وَحَتَّى يمر الرجل بِقَبْر الرجل فَيَقُول: يَا لَيْتَني مَكَانَهُ، وَحَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا، فَإِذا طلعت من مغْرِبهَا وَرَآهَا النَّاس آمنُوا أَجْمَعُونَ، فَذَلِك حِين لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد نشر الرّجلَانِ ثوبهما بَينهمَا فَلَا يتبايعانه وَلَا يطويانه. وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد انْصَرف الرجل بِلَبن لقحته فَلَا تطعمه.
وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَهُوَ يليط حَوْضه فَلَا يسْقِي فِيهِ. وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد رفع(3/203)
أَكلته إِلَى فِيهِ فَلَا يطْعمهَا ".
وَقد أخرج طرفا مِنْهُ فِي " الاسْتِسْقَاء " و " الزَّكَاة " و " الرقَاق ".
وَأخرج مُسلم أَيْضا بَعْضًا من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ قَالَ:
تقوم السَّاعَة وَالرجل يحلب اللقحة فَلَا يصل الْإِنَاء إِلَى فِيهِ، حَتَّى تقوم وَالرجلَانِ يتبايعان الثَّوْب، فَمَا يتبايعانه حَتَّى يقوم الرجل يلوط حَوْضه، فَمَا يصدر حَتَّى تقوم ".
2448 - الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
اشْتَدَّ غضب الله على قومٍ فعلوا بِنَبِيِّهِ - يُشِير إِلَى رباعيته - اشْتَدَّ غضب الله على رجلٍ يقْتله رَسُول الله فِي سَبِيل الله ".
2449 - الثَّانِي الثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تَحَاجَّتْ الْجنَّة وَالنَّار، فَقَالَت النَّار: أُوثِرت بالمتجبرين والمتكبرين، وَقَالَت الْجنَّة: فَمَا لي لَا يدخلني إِلَّا ضعفاء النَّاس وَسَقَطهمْ " زَاد فِي رِوَايَة مُحَمَّد ابْن رَافع: " وغرتهم. فَقَالَ الله عز وَجل للجنة: أَنْت رَحْمَتي أرْحم بك من أَشَاء من عبَادي. وَقَالَ للنار: إِنَّمَا أَنْت عَذَابي أعذب بك من أَشَاء من عبَادي، وَلكُل واحدةٍ مِنْهُمَا ملؤُهَا. فَأَما النَّار فَلَا تمتلئ حَتَّى يضع رجله - وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن رَافع: حَتَّى يضع الله تبَارك وَتَعَالَى رجله - فَتَقول: قطّ قطّ قطّ، فهنالك تمتلئ، ويزوى بَعْضهَا إِلَى بعض، وَلَا يظلم الله من خلقَة أحدا، وَأما الْجنَّة فَإِن الله ينشئ لَهَا خلقا ".(3/204)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
اختصمت الْجنَّة وَالنَّار، فَقَالَت الْجنَّة: يَا رب، مَالهَا لَا يدخلهَا إِلَّا ضعفاء النَّاس وَسَقَطهمْ. وَقَالَت النَّار ... . فَقَالَ للجنة: أَنْت رَحْمَتي، وَقَالَ للنار: أَنْت عَذَابي أُصِيب بك من أَشَاء، وَلكُل وَاحِدَة مِنْهُمَا ملؤُهَا. قَالَ: فَأَما الْجنَّة فَإِن الله لَا يظلم من خلقه أحدا، وَإنَّهُ ينشئ للنار من يَشَاء، فيلقون فِيهَا فَتَقول: هَل من مزِيد؟ حَتَّى يضع قدمه فِيهَا، فتمتلئ ويزوى بَعْضهَا إِلَى بعض وَتقول: قطّ قطّ قطّ ".
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا طرفا مِنْهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة وَرَفعه وَكَانَ كثيرا مَا يقفه أَبُو سُفْيَان الْحِمْيَرِي أحد رُوَاته قَالَ:
يُقَال لِجَهَنَّم: هَل امْتَلَأت؟ وَتقول: هَل من مزِيد؟ فَيَضَع الرب قدمه عَلَيْهَا فَتَقول: قطّ قطّ ".
وَأخرجه مُسلم بِنَحْوِ حَدِيث همام من حَدِيث سُفْيَان وورقاء عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة. وانْتهى حَدِيث سُفْيَان إِلَى قَوْله:
وَلكُل واحدةٍ مِنْهُمَا ملؤُهَا " وَقَالَ فِي رِوَايَة وَرْقَاء: " فَمَالِي لَا يدخلني إِلَّا ضعفاء النَّاس وَسَقَطهمْ وعجزهم " وَفِي آخِره: " وَأما النَّار فَلَا تمتلئ، فَيَضَع قدمه عَلَيْهَا، فهنالك تمتلئ ويزوى بَعْضهَا إِلَى بعض " لم يزدْ.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا بعد حَدِيث وَرْقَاء من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
احتجت الْجنَّة وَالنَّار " ثمَّ قَالَ مُسلم: واقتص الحَدِيث بِمَعْنى حَدِيث أبي الزِّنَاد.
2450 - الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْعين حقٌّ " وَنهى عَن الوشم، كَذَا فِي حَدِيث البُخَارِيّ. وَلَيْسَ عِنْد مُسلم فِيهِ ذكر النَّهْي عَن الوشم، وَقد انْفَرد البُخَارِيّ بِهِ من هَذَا الْوَجْه.(3/205)
وَأخرجه أَيْضا البُخَارِيّ من حَدِيث أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
أَتَى عمر بِامْرَأَة تشم، فَقَالَ أنْشدكُمْ بِاللَّه، من سمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الوشم؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَقُمْت فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَنا سَمِعت. قَالَ: مَا سَمِعت؟ قلت: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا تشمن وَلَا تستوشمن ".
وَقد أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لعن الله الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة، والواشمة والمستوشمة ".
2451 - الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة " وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " وَالله لَئِن يلج أحدكُم بِيَمِينِهِ فِي أَهله آثم لَهُ عِنْد الله من أَن يُعْطي كَفَّارَته الَّتِي افْترض الله عَلَيْهِ ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من استلج فِي أَهله بِيَمِين فَهُوَ أعظم لَهُ، ليبر " يَعْنِي الْكَفَّارَة.
2452 - الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يشر أحدكُم إِلَى أَخِيه بِالسِّلَاحِ، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَان ينزغ فِي يَده فَيَقَع فِي حُفْرَة من النَّار ".
وَقد أخرج مُسلم فِي تَعْظِيم الْإِشَارَة بالحديدة من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من أَشَارَ إِلَى أَخِيه بحديدة فَإِن الْمَلَائِكَة تلعنه حَتَّى وَإِن كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأمه ".(3/206)
2453 - السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
لَا يقل أحدكُم: أطْعم رَبك، وضئ رَبك، اسْقِ رَبك، وَليقل: سَيِّدي، مولَايَ. وَلَا يقل أحدكُم عَبدِي، أمتِي، وَليقل: فَتَاي وَفَتَاتِي وَغُلَامِي ". وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن مُحَمَّد بن رَافع: " وَلَا يقل أحدكُم رَبِّي، وَليقل: سَيِّدي ومولاي ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا يَقُولَن أحدكُم عَبدِي، فكلكم عبيدٌ، وَلَا يقل العَبْد رَبِّي، وَلَكِن ليقل: سَيِّدي " زَاد فِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة: " فَإِن مولاكم الله ".
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يَقُولَن أحدكُم: عَبدِي وَأمتِي، كلكُمْ عبيد الله، وكل نِسَائِكُم إِمَاء الله، وَلَكِن ليقل غلامي وجاريتي، وفتاي وَفَتَاتِي ".
2454 - السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَوْلَا بَنو إِسْرَائِيل لم يخنز اللَّحْم، وَلَوْلَا حَوَّاء لم تخن أُنْثَى زَوجهَا ".
جعله أَبُو مَسْعُود من أَفْرَاد البُخَارِيّ وهما مِنْهُ، لِأَن مُسلما أخرجه فِي كتاب " النِّكَاح " من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَوْلَا بَنو إِسْرَائِيل لم يخْبث الطَّعَام، وَلم يخنز اللَّحْم، وَلَوْلَا حَوَّاء لم تخن أُنْثَى زَوجهَا الدَّهْر ".(3/207)
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي يُونُس مولى أبي هُرَيْرَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَوْلَا حَوَّاء لم تخن أُنْثَى زَوجهَا الدَّهْر ".
2455 - الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: من الْمُتَّفق عَلَيْهِ من ترجمتين: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا ينظر الله يَوْم الْقِيَامَة إِلَى من جر إزَاره بطراً ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد الْقرشِي عَن أبي هُرَيْرَة أَنه رأى رجلا يجر إزَاره، فَجعل يضْرب بِرجلِهِ الأَرْض وَهُوَ يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن الله لَا ينظر إِلَى من يجر إزَاره بطراً ".
2456 - التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: من ذَلِك عَن أبي عبيد سعد بن عبيد مولى ابْن أَزْهَر. وَيُقَال مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يتَمَنَّى أحدكُم الْمَوْت، إِمَّا محسناً فَلَعَلَّهُ يزْدَاد، وَإِمَّا مسيئاً فَلَعَلَّهُ يستعتب " كَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي عبيد عَن أبي هُرَيْرَة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله قَالَ:
لَا يتَمَنَّى أحدكُم الْمَوْت، وَلَا يدع بِهِ من قبل أَن يَأْتِيهِ: إِنَّه إِذا مَاتَ انْقَطع أمله، وَإنَّهُ لَا يزِيد الْمُؤمن عمره إِلَّا خيرا ".
2457 - التِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: من ذَلِك عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة سنةٍ، واقرءوا إِن شِئْتُم: {وظل مَمْدُود} [الْوَاقِعَة]- وَلَقَاب قَوس أحدكُم فِي الْجنَّة خيرٌ مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس أَو تغرب ".(3/208)
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن فليح عَن أَبِيه عَن هِلَال بن عَليّ عَن ابْن أبي عمْرَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَقَاب قوسٍ فِي الْجنَّة خيرٌ مِمَّا تطلع عَلَيْهِ الشَّمْس وتغرب. " وَقَالَ: " لغدوةٌ أَو رَوْحَة فِي سَبِيل الله خير مِمَّا تطلع عَلَيْهِ الشَّمْس أَو تغرب " لم يزدْ. كَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث ابْن أبي عمْرَة عَن أبي هُرَيْرَة.
وَمن حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عامٍ لَا يقطعهَا، واقرءوا إِنَّه شِئْتُم: {وظل مَمْدُود} ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة سنة ".
وَمن حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ، وَزَاد: " لَا يقطعهَا ".
وَقد أخرج مُسلم ذكر الغدوة والروحة فِي حَدِيث ليحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن ذكْوَان أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي آخِره:
ولروحة فِي سَبِيل الله أَو غدْوَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ".
2458 - الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: من ذَلِك: " أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا قَاتل أحدكُم فليتجنب الْوَجْه ". وَمن حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.(3/209)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا قَاتل أحدكُم أَخَاهُ فليجتنب الْوَجْه ".
وَمن حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا الْإِسْنَاد وَقَالَ:
إِذا ضرب أحدكُم ".
وَمن حَدِيث سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا قَاتل أحدكُم فليتق الْوَجْه ".
وَمن حَدِيث أبي أَيُّوب يحيى بن مَالك المراغي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا قَاتل أحدكُم أَخَاهُ فَلَا يلطمن الْوَجْه " وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن حَاتِم فِيهِ قَالَ: " إِذا قَاتل أحدكُم أَخَاهُ فليجتنب الْوَجْه، فَإِن الله خلق آدم على صورته ".
وَلَيْسَ ليحيى بن مَالك عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غَيره.
2459 - الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ الطُّفَيْل بن عَمْرو إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن دوساً قد هَلَكت، عَصَتْ وأبت، فَادع الله عَلَيْهَا. فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اهد دوساً وأت بهم ".
وَمن حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا الْإِسْنَاد بِنَحْوِهِ، وَفِيه:
فَظن النَّاس أَنه يَدْعُو عَلَيْهِم، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اهد دوساً، وأت بهم ".
وَمن حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: قدم الطُّفَيْل وَأَصْحَابه. . فَذكر نَحوه، وَفِيه: فَقيل:
هَلَكت دوسٌ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اهد دوساً وأت بهم ".(3/210)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قدم الطُّفَيْل وَأَصْحَابه فَقَالُوا:
يَا رَسُول الله، إِن دوساً كفرت وأبت، فَادع الله عَلَيْهَا. فَقيل: هَلَكت دوس، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اهد دوساً، وأت بهم ".
2460 - الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يضْحك الله إِلَى رجلَيْنِ يقتل أَحدهمَا الآخر يدخلَانِ الْجنَّة، يُقَاتل هَذَا فِي سَبِيل الله فَيقْتل، ثمَّ يَتُوب الله على الْقَاتِل فيستشهد ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
يضْحك الله إِلَى رجلَيْنِ يقتل أَحدهمَا الآخر، كِلَاهُمَا يدْخل الْجنَّة " قَالَ: يُقَاتل هَذَا فِي سَبِيل الله فيستشهد، ثمَّ يَتُوب الله على الْقَاتِل فَيسلم، فَيُقَاتل فِي سَبِيل الله فيستشهد ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
يضْحك الله لِرجلَيْنِ يقتل أَحدهمَا الآخر، كِلَاهُمَا يدْخل الْجنَّة " قَالُوا: كَيفَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " يقتل هَذَا فيلج الْجنَّة، ثمَّ يَتُوب الله على الآخر فيهديه إِلَى الْإِسْلَام، ثمَّ يُجَاهد فِي سَبِيل الله فيستشهد ".
2461 - الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْمُسلم يَأْكُل فِي معى واحدٍ، وَالْكَافِر يَأْكُل فِي سَبْعَة أمعاء " أخرجه البُخَارِيّ هَكَذَا، من حَدِيث مَالك مُخْتَصرا.(3/211)
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي حَازِم سلمَان مولى عزة عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن رجلا كَانَ يَأْكُل أكلا كثيرا، فَأسلم، فَكَانَ يَأْكُل أكلا قَلِيلا، فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ:
إِن الْمُؤمن يَأْكُل فِي معى وَاحِد، وَالْكَافِر يَأْكُل فِي سَبْعَة أمعاء ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مَالك عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضافه ضيف وَهُوَ كَافِر، فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَاة فحلبت، فَشرب حلابها، ثمَّ أُخْرَى فشربه، ثمَّ أُخْرَى فشربه، حَتَّى شرب حلاب سبع شياهٍ، ثمَّ إِنَّه أصبح فَأسلم، فَأمر لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَاة فَشرب حلابها، ثمَّ بِأُخْرَى فَلم يستتمها، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمُؤمن يشرب فِي معى واحدٍ، وَالْكَافِر يشرب فِي سَبْعَة أمعاء ".
وَمن حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل أَحَادِيث قبله:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْمُؤمن يَأْكُل فِي معى واحدٍ، وَالْكَافِر يَأْكُل فِي سَبْعَة أمعاء ".
2462 - الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يَقُولَن أحدكُم: اللَّهُمَّ اغْفِر لي إِن شِئْت، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِن شِئْت، ليعزم الْمَسْأَلَة، فَإِنَّهُ لَا مكره لَهُ " كَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يقل أحدكُم: اللَّهُمَّ اغْفِر لي إِن شِئْت، ارْحَمْنِي إِن شِئْت، ارزقني إِن شِئْت، وليعزم مَسْأَلته، إِنَّه يفعل مَا يَشَاء، لَا مكره لَهُ ".(3/212)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَطاء بن ميناء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا يَقُولَن أحدكُم: اللَّهُمَّ اغْفِر لي إِن شِئْت، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِن شِئْت، ليعزم فِي الدُّعَاء، فَإِن الله صانع مَا شَاءَ، لَا مكره لَهُ ".
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن دَعَا أحدكُم فَلَا يقل: اللَّهُمَّ اغْفِر لي إِن شِئْت، وَلَكِن ليعزم وليعظم الرَّغْبَة، فَإِن الله لَا يتعاظمه شَيْء أعطَاهُ ".
2463 - السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم للنَّاس فليخفف، فَإِن فيهم الضَّعِيف والسقيم وَالْكَبِير. وَإِذا صلى أحدكُم لنَفسِهِ فليطول مَا شَاءَ " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا صلى أحدكُم للنَّاس فليخفف، فَإِن فِي النَّاس الضَّعِيف والسقيم وَذَا الْحَاجة ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث ابْن شهَاب عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث عَن هِشَام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ، غير أَنه قَالَ بدل " السقيم ": " الْكَبِير ".
وَمن حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا أم أحدكُم النَّاس فليخفف، فَإِن فيهم الصَّغِير وَالْكَبِير والضعيف وَالْمَرِيض، وَإِذا صلى أحدكُم وَحده فَليصل كَيفَ شَاءَ ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا قَامَ أحدكُم للنَّاس فليخفف الصَّلَاة، فَإِن فيهم الْكَبِير، وَفِيهِمْ الضَّعِيف، وَإِذا قَامَ وَحده فليطل صلَاته مَا شَاءَ ".(3/213)
2464 - السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " نَاركُمْ جُزْء من سبعين جُزْءا من نَار جَهَنَّم " قيل: يَا رَسُول الله إِن كَانَت لكَافِيَة. قَالَ: " فضلت عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَة وَسِتِّينَ جُزْءا، كُلهنَّ مثل حرهَا " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
نَاركُمْ الَّتِي يُوقد ابْن آدم جُزْء من سبعين جُزْءا من حر جَهَنَّم " قَالُوا: وَالله، إِن كَانَت لكَافِيَة يَا رَسُول الله. قَالَ: " فَإِنَّهَا فضلت عَلَيْهَا بِتِسْعَة وَسِتِّينَ جُزْءا، كلهَا مثل حرهَا ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد.
2465 - الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن جَعْفَر بن ربيعَة عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لامرتهم بِالسِّوَاكِ " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث جَعْفَر بن ربيعَة.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَوْلَا أَن أشق على أمتِي - أَو قَالَ على النَّاس - لأمرتهم بِالسِّوَاكِ مَعَ كل صَلَاة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَوْلَا أَن أشق على الْمُؤمنِينَ - وَفِي رِوَايَة زُهَيْر بن حَرْب: على أمتِي - لأمرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة ".(3/214)
2466 - التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْمِائَتَيْنِ: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " حجبت النَّار بالشهوات، وحجبت الْجنَّة بالمكاره "، هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث وَرْقَاء بن عمر عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
حفت الْجنَّة بالمكاره، وحفت النَّار بالشهوات ".
2467 - الثلاثمائة: عَن أبي حُصَيْن عُثْمَان بن عَاصِم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَيْسَ الْغنى عَن كَثْرَة الْعرض، وَلَكِن الْغنى غنى النَّفس " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي حُصَيْن كَمَا ذكرنَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.
2468 - الأول بعد الثلاثمائة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يصل أحدكُم فِي الثَّوْب الْوَاحِد لَيْسَ على عَاتِقه مِنْهُ شَيْء " أخرجه البُخَارِيّ هَكَذَا من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ غير أَنه قَالَ: " على عَاتِقيهِ ".
2469 - الثَّانِي بعد الثلاثمائة: أخرجَا جَمِيعًا من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا أحسن أحدكُم إِسْلَامه، فَكل حسنةٍ يعملها(3/215)
تكْتب بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف، وكل سَيِّئَة يعملها تكْتب بِمِثْلِهَا حَتَّى يلقى الله ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
يَقُول الله عز وَجل: إِذا أَرَادَ عَبدِي أَن يعْمل سَيِّئَة فَلَا تكتبوها عَلَيْهِ حَتَّى يعملها فَإِن عَملهَا فاكتبوها بِمِثْلِهَا، وَإِن تَركهَا من أَجلي فاكتبوها لَهُ حَسَنَة. وَإِذا أَرَادَ أَن يعْمل حَسَنَة فَلم يعملها فاكتبوها لَهُ حَسَنَة، فَإِن عَملهَا فاكتبوها لَهُ بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث الْمُغيرَة الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا هم عَبدِي بسيئة فَلَا تكتبوها عَلَيْهِ، فَإِن عَملهَا فاكتبوها سَيِّئَة، وَإِذا هم بحسنة فَلم يعملها فاكتبوها حَسَنَة، فَإِن عَملهَا فاكتبوها عشرا ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من هم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة، وَمن هم بحسنة فعملها كتبت إِلَى سَبْعمِائة ضعفٍ، وَمن هم بسيئة فَلم يعملها لم تكْتب، وَإِن عَملهَا كتبت ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
قَالَ الله عز وَجل: إِذا تحدث عَبدِي بِأَن يعْمل حَسَنَة فَأَنا أَكتبهَا لَهُ حَسَنَة مَا لم يعْمل، فَإِذا عَملهَا فَأَنا أَكتبهَا بِعشر أَمْثَالهَا، وَإِذا تحدث بِأَن يعْمل سَيِّئَة فَأَنا أغفرها لَهُ مَا لم(3/216)
يعملها، فَإِذا عَملهَا فَأَنا أَكتبهَا لَهُ بِمِثْلِهَا " وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " قَالَت الْمَلَائِكَة:
رب، ذَاك عَبدك يُرِيد أَن يعْمل سَيِّئَة، وَهُوَ أبْصر بِهِ. فَقَالَ: ارقبوه، فَإِن عَملهَا فاكتبوها لَهُ بِمِثْلِهَا، وَإِن تَركهَا فاكتبوها لَهُ حَسَنَة، إِنَّمَا تَركهَا من جراي ".
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الْوَاحِد عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
قَالَ الله عز وَجل: إِذا هم عَبدِي بحسنةٍ فَلم يعملها كتبتها لَهُ حَسَنَة، وَإِن عَملهَا كتبتها عشر حَسَنَات إِلَى سَبْعمِائة ضعفٍ، وَإِن هم بسيئة وَلم يعملها لم أَكتبهَا عَلَيْهِ، فَإِن عَملهَا كتبتها سَيِّئَة وَاحِدَة ".
2470 - الثَّالِث بعد الثلاثمائة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " دَعونِي مَا تركتكم، إِنَّمَا أهلك من كَانَ قبلكُمْ سُؤَالهمْ وَاخْتِلَافهمْ على أَنْبِيَائهمْ، فَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَاجْتَنبُوهُ، وَإِذا أَمرتكُم بأمرٍ فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد.
وَأخرجه مُسلم مُخْتَصرا من حَدِيث ابْن شهَاب عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَمعه يَقُول:
مَا نَهَيْتُكُمْ عَنهُ فَاجْتَنبُوهُ، وَمَا أَمرتكُم بِهِ فافعلوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم، فَإِنَّمَا أهلك الَّذين من قبلكُمْ كَثْرَة مسائلهم وَاخْتِلَافهمْ على أَنْبِيَائهمْ ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة، وَمن حَدِيث الْمُغيرَة الْحزَامِي وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، كِلَاهُمَا عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة، وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة، كلهم قَالَ: عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
ذروني مَا تركتكم. . " وَفِي حَدِيث همام: " مَا تركْتُم فَإِنَّمَا هلك من قبلكُمْ. . " ثمَّ ذكرُوا نَحْو حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد، وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة. كَذَا قَالَ مُسلم.(3/217)
ثمَّ أخرج أَيْضا حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد بِطُولِهِ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " أَيهَا النَّاس، قد فرض عَلَيْكُم الْحَج فحجوا " فَقَالَ رجل: كل عَام يَا رَسُول الله؟ فَسكت، حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَو قلت: نعم، لَوَجَبَتْ، وَلما اسْتَطَعْتُم " ثمَّ قَالَ: " ذروني مَا تركتكم، فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بِكَثْرَة سُؤَالهمْ وَاخْتِلَافهمْ على أَنْبِيَائهمْ، فَإِذا أَمرتكُم بشيءٍ فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم، وَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَدَعوهُ ".
2471 - الرَّابِع عبد الثلاثمائة: عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يَأْتِي ابْن آدم النّذر بِشَيْء لم أكن قدرته، وَلَكِن يلقيه النّذر إِلَى الْقدر قد قدر لَهُ، فيستخرج الله بِهِ من الْبَخِيل، فيؤتي عَلَيْهِ مَا لم يكن يُؤْتِي من قبل " كَذَا أخرجه البُخَارِيّ من هَذَا الْوَجْه.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة مُخْتَصرا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يَأْتِي ابْن آدم النّذر بشيءٍ لم يكن قدرته لَهُ، وَلَكِن يلقيه النّذر وَقد قدرته لَهُ، يسْتَخْرج بِهِ من الْبَخِيل ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي قَالَ: إِن النّذر لَا يقرب ابْن آدم شَيْئا لم يكن الله قدره لَهُ، وَلَكِن النّذر يُوَافق الْقدر، فَيخرج بذلك من الْبَخِيل مَا لم يكن الْبَخِيل يُرِيد أَن يخرج ".
وَمن حَدِيث شُعْبَة عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَنه نهى عَن النّذر، وَقَالَ: " إِنَّه لَا يرد من الْقدر، وَإِنَّمَا يسْتَخْرج بِهِ من الْبَخِيل ".(3/218)
وَمن حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تنذروا، فَإِن النّذر لَا يُغني من الْقدر شَيْئا، وَإِنَّمَا يسْتَخْرج بِهِ من الْبَخِيل ".
2472 - الْخَامِس بعد الثلاثمائة: عَن شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَالَ رجلٌ: لأتصدقن بِصَدقَة، فَخرج بِصَدَقَتِهِ فوضعها فِي يَد سَارِق، فَأَصْبحُوا يتحدثون، تصدق على سَارِق، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد، لَا تصدقن بِصَدقَة، فَخرج بِصَدَقَتِهِ فوضعها فِي يَد زانيةٍ، فَأَصْبحُوا يتحدثون: تصدق اللَّيْلَة على زَانِيَة، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد على زَانِيَة. لأتصدقن بِصَدقَة، فَخرج بِصَدَقَتِهِ فوضعها فِي يَد غَنِي، فَأَصْبحُوا يتحدثون: تصدق على غَنِي، فَقَالَ اللَّهُمَّ لَك الْحَمد، على سَارِق، وعَلى زَانِيَة، وعَلى غَنِي. فَأتي فَقيل لَهُ: أما صدقتك على سَارِق فَلَعَلَّهُ أَن يستعف عَن سَرقته، وَأما الزَّانِيَة فلعلها تستعف عَن زنَاهَا، وَأما الْغَنِيّ فَلَعَلَّهُ يعْتَبر فينفق مِمَّا آتَاهُ الله " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من هَذَا الْوَجْه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ وَبِمَعْنَاهُ مَعَ تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَفِي أَوله:
لأتصدقن اللَّيْلَة بِصَدقَة. . " وَذكره.
2473 - السَّادِس بعد الثلاثمائة: عَن شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله، يَقُول: " إِنَّمَا مثلي وَمثل النَّاس كَمثل رجل استوقد نَارا، فَلَمَّا أَضَاءَت مَا حوله جعل الْفراش وهذي الدَّوَابّ الَّتِي تقع فِي النَّار تقع فِيهَا، فَجعل ينزعهن ويغلبنه، فيقتحمن فِيهَا وَأَنا آخذ بِحُجزِكُمْ عَن النَّار وهم يقتحمون فِيهَا " كَذَا أخرجه البُخَارِيّ فِي كِتَابه.(3/219)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْقرشِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِنَّمَا مثلي وَمثل أمتِي كَمثل رجلٍ استوقد نَارا، فَجعلت الدَّوَابّ والفراش يقعن فِيهِ، وَأَنا آخذ بِحُجزِكُمْ وَأَنْتُم تقحمون فِيهِ ".
وَمن حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا الْإِسْنَاد بِنَحْوِهِ.
وَمن حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
مثلي كَمثل رجلٍ استوقد نَارا، فَلَمَّا أَضَاءَت مَا حوله جعل الْفراش وَهَذِه الدَّوَابّ الَّتِي فِي النَّار يقعن فِيهَا، وَجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتمحن فِيهَا. قَالَ: فَذَلِك مثلي ومثلكم، وَأَنا آخذ بِحُجزِكُمْ عَن النَّار: هَلُمَّ عَن النَّار، هَلُمَّ عَن النَّار، فتغلبونني وتقحمون فِيهَا ".
2474 - السَّابِع بعد الثلاثمائة: عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " كَانَت امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابناهما، جَاءَ الذِّئْب فَذهب بِابْن إِحْدَاهمَا، فَقَالَت لصاحبتها: إِنَّمَا ذهب بابنك، وَقَالَت الْأُخْرَى: إِنَّمَا ذهب بابنك، فتحاكمتا إِلَى دَاوُد، فَقضى بِهِ للكبرى، فخرجتا على سُلَيْمَان بن دَاوُد فأخبرتاه، فَقَالَ: ائْتُونِي بالسكين أشقه بَينهمَا، فَقَالَت الصُّغْرَى: لَا تفعل رَحِمك الله - هُوَ ابْنهَا، فَقضى بِهِ للصغرى " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: وَالله إِن سَمِعت بالسكين إِلَّا يومئذٍ، مَا كُنَّا نقُول إِلَّا المدية. وَهَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من هَذِه الطَّرِيق.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُوسَى عَن عقبَة وورقاء وَمُحَمّد بن عجلَان - جَمِيعًا عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وَلَيْسَ لمُحَمد بن عجلَان عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا الْإِسْنَاد غير هَذَا.(3/220)
2475 - الثَّامِن بعد الثلاثمائة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَالَ الله: أنْفق ينْفق عَلَيْك " " لم يزدْ. وَهَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ، وَزَاد فِي أَوله:
نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة " وَفِيه وَقَالَ: " يَد الله ملأى، لَا يغيضها نَفَقَة، سحاء، اللَّيْل وَالنَّهَار ".
وَقَالَ " أَرَأَيْتُم مَا أنْفق مُنْذُ خلق السَّمَاء وَالْأَرْض، فَإِنَّهُ لم يغض مَا فِي يَده، وَكَانَ عَرْشه على المَاء، وَبِيَدِهِ الْمِيزَان يخْفض وَيرْفَع ".
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
يَمِين الله ملأى لَا يغيضها نفقةٌ، سحاء اللَّيْل وَالنَّهَار، أَرَأَيْتُم مَا أنْفق مُنْذُ خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض، فَإِنَّهُ لم ينقص مَا فِي يَمِينه، وعرشه على المَاء، وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْفَيْض - أَو الْقَبْض - يرفع ويخفض ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: يَا ابْن آدم، أنْفق ينْفق عَلَيْك. . " وَقَالَ: " يَمِين الله سحاء، لَا يغيضها شَيْء اللَّيْل وَالنَّهَار ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن الله قَالَ لي: أنْفق أنْفق عَلَيْك " وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَمِين الله ملأى، لَا يغيضها، سحاء اللَّيْل وَالنَّهَار، أَرَأَيْتُم مَا أنْفق مُنْذُ خلق السَّمَاء وَالْأَرْض، فَإِنَّهُ لم يغض مَا فِي يَمِينه " قَالَ: " وعرشه على المَاء، وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْقَبْض، يرفع ويخفض ".(3/221)
2476 - التَّاسِع بعد الثلاثمائة: عَن أبي عبد الله سلمَان الْأَغَر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا خير من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث الْأَغَر عَن أبي هُرَيْرَة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ - رِوَايَة معمر عَنهُ - عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هرير ة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا خير من ألف صَلَاة فِي غَيره من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام ".
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة ببلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ
صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من لِأَلف صلاةٍ فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام ".
وَمن حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَأبي عبد الله الْأَغَر مولى الجهنيين وَكَانَ:
أَصْحَاب أبي هُرَيْرَة - أَنَّهُمَا سمعا أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: صَلَاة فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام، فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخر الْأَنْبِيَاء، وَإِن مَسْجده آخر الْمَسَاجِد. قَالَ أَبُو سَلمَة وَأَبُو عبد الله الْأَغَر: لم نشك أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَقُول: عَن حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فمنعنا ذَلِك أَن نستثبت أَبَا هُرَيْرَة عَن ذَلِك الحَدِيث، حَتَّى إِذا توفّي أَبُو هُرَيْرَة تَذَاكرنَا ذَلِك، وتلاومنا أَلا نَكُون كلمنا أَبَا هُرَيْرَة فِي ذَلِك حَتَّى يسْندهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن كَانَ سَمعه مِنْهُ، فَبينا نَحن على ذَلِك جالسنا عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن قارظ، فَذَكرنَا ذَلِك الحَدِيث، وَالَّذِي فرطنا فِيهِ من نَص أبي هُرَيْرَة عَنهُ، فَقَالَ لنا عبد الله بن إِبْرَاهِيم: أشهد أَنِّي سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " فَإِنِّي آخر الْأَنْبِيَاء، وَإِن مَسْجِدي آخر الْمَسَاجِد ".
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد، هُوَ الْأنْصَارِيّ قَالَ:
سَأَلت أَبَا صَالح: هَل سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يذكر فضل الصَّلَاة فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن(3/222)
أَخْبرنِي عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن قارظ
أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يحدث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا خير من ألف صَلَاة - أَو كألف صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد، إِلَّا أَن يكون الْمَسْجِد الْحَرَام ".
2477 - الْعَاشِر بعد الثلاثمائة: عَن نَافِع مولى ابْن عمر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا أحب الله العَبْد نَادَى جِبْرِيل: إِن الله يحب فلَانا فأحببه، فَيُحِبهُ جِبْرِيل، فينادي جِبْرِيل فِي أهل السَّمَاء: إِن الله يحب فلَانا فَأَحبُّوهُ، فَيُحِبهُ أهل السَّمَاء، ثمَّ يوضع لَهُ الْقبُول فِي الأَرْض " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع مولى ابْن عمر.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مَالك بن أنس وَيَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي وَعبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي والْعَلَاء بن الْمسيب وَجَرِير بن عبد الحميد، كلهم عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن الله إِذا أحب عبدا دَعَا جِبْرِيل فَقَالَ: إِنِّي أحب فلَانا فَأَحبهُ، قَالَ: فَيُحِبهُ جِبْرِيل، ثمَّ يُنَادي فِي السَّمَاء فَيَقُول: إِن الله يحب فلَانا فَأَحبُّوهُ، فَيُحِبهُ أهل السَّمَاء. قَالَ: ثمَّ يوضع لَهُ الْقبُول فِي الأَرْض. وَإِذا أبْغض عبدا دَعَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: إِنِّي أبْغض فلَانا فَأَبْغضهُ، قَالَ فَيبْغضهُ جِبْرِيل، ثمَّ يُنَادي فِي أهل السَّمَاء: إِن الله يبغض فلَانا فَأَبْغضُوهُ، ثمَّ تُوضَع لَهُ الْبغضَاء فِي الأَرْض " اللَّفْظ لجرير بن عبد الحميد، وَلم يذكر مُسلم بَينهم خلافًا، قَالَ: غير أَن حَدِيث الْعَلَاء بن الْمسيب لَيْسَ فِيهِ ذكر البغض.
وَلَيْسَ للعلاء بن الْمسيب عَن سُهَيْل فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح غير هَذَا.(3/223)
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة عَن سُهَيْل ابْن أبي صَالح قَالَ:
كُنَّا بِعَرَفَة، فَمر عمر بن عبد الْعَزِيز وَهُوَ على الْمَوْسِم، فَقَامَ النَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِ، فَقلت لأبي: يَا أَبَت، إِنِّي أرى الله يحب عمر بن عبد الْعَزِيز.
قَالَ: وَمَا ذَاك؟ قلت: لما لَهُ من الْحبّ فِي قُلُوب النَّاس. قَالَ: بأبيك، إِنِّي سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ ذكر مثل حَدِيث جرير عَن سُهَيْل.
وَلَيْسَ لعبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة عَن سُهَيْل فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
2478 - الْحَادِي عشر بعد الثلاثمائة: عَن سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِن لله مَلَائِكَة يطوفون فِي الطَّرِيق يَلْتَمِسُونَ أهل الذّكر، فَإِن وجدوا قوما يذكرُونَ الله تنادوا: هلموا إِلَى حَاجَتكُمْ، فيحفونهم بأجنحتهم إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا. قَالَ: فيسألهم رَبهم - وهم أعلم بهم: مَا يَقُول عبَادي؟ قَالَ: يَقُولُونَ: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك. قَالَ: فَيَقُول: هَل رأوني؟ قَالَ: فَيَقُولُونَ: لَا، وَالله مَا رأوك، قَالَ: فَيَقُول: فَكيف لَو رأوني. قَالَ: يَقُولُونَ: لَو رأوك كَانُوا أَشد لَك عبَادَة، وَأَشد لَك تمجيداً، وَأكْثر لَك تسبيحاً. قَالَ: فَيَقُول: فَمَا يسْأَلُون؟ قَالَ: يَقُولُونَ: يَسْأَلُونَك الْجنَّة. قَالَ: يَقُول: وَهل رأوها. قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَالله يَا رب مَا رأوها. قَالَ: يَقُول: فَكيف لَو رأوها؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَو أَنهم رأوها كَانُوا أَشد عَلَيْهَا حرصاً، وَأَشد لَهَا طلبا، وَأعظم فِيهَا رَغْبَة. قَالَ: فمم يتعوذون؟ قَالَ: يتعوذون من النَّار. قَالَ: يَقُول: وَهل رأوها؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَا وَالله مَا رأوها. قَالَ: يَقُول: فَكيف لَو رأوها؟ قَالَ: يَقُولُونَ: لَو رأوها كَانُوا أَشد مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشد لَهَا مَخَافَة. قَالَ: فَيَقُول: فأشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُم. قَالَ: يَقُول ملكٌ من الْمَلَائِكَة: فيهم فلَان، لَيْسَ مِنْهُم، إِنَّمَا جَاءَ لحَاجَة. قَالَ: هم الجلساء لَا يشقى جليسهم ". قَالَ البُخَارِيّ: رَوَاهُ(3/224)
شُعْبَة عَن الْأَعْمَش وَلم يرفعهُ، وَرَفعه سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث وهيب بن خَالِد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن لله تبَارك وَتَعَالَى مَلَائِكَة سيارة فضلا يتبعُون مجَالِس الذّكر، فَإِذا وجدوا مَجْلِسا فِيهِ ذكر قعدوا مَعَهم، وحف بَعضهم بَعْضًا بأجنحتهم حَتَّى كَانُوا بَينهم وَبَين السَّمَاء الدُّنْيَا، فَإِذا تفَرقُوا عرجوا وصعدوا إِلَى السَّمَاء.
قَالَ: فيسألهم الله عز وَجل - وَهُوَ أعلم: من أَيْن جئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ جِئْنَا من عِنْد عبادٍ لَك فِي الأَرْض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك.
قَالَ: وماذا يَسْأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسْأَلُونَك جنتك. قَالَ: وَهل رَأَوْا جنتي؟ . قَالُوا: لَا، أَي رب. قَالَ: فَكيف لَو رَأَوْا جنتي؟ قَالُوا: ويستجيرونك. قَالَ: ومم يستجيرونني؟ قَالُوا: من نارك؟ قَالَ: وَهل رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَكيف لَو رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا: يستغفرونك. قَالَ: فَيَقُول: قد غفرت لَهُم، وأعطيتهم مَا سَأَلُوا، وأجرتهم مِمَّا استجاروا. قَالَ: يَقُولُونَ: رب فيهم فلَان، عبدٌ خطاء، إِنَّمَا مر فَجَلَسَ مَعَهم. قَالَ: فَيَقُول: وَله غفرت، هم الْقَوْم لَا يشقى بهم جليسهم ".
2479 - الثَّانِي عشر بعد الثلاثمائة: عَن مُحَمَّد بن زِيَاد الْقرشِي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر " وَفِي حَدِيث مُسَدّد عَن يحيى: " الْوَلَد لصَاحب الْفراش " لم يزدْ. هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب، وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
الْوَلَد للْفراش، وللعاهر الْحجر " هَكَذَا فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن معمر. وَمن الروَاة من قَالَ: عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة. وَمِنْهُم من قَالَ: عَن سعيد أَو أبي سَلمَة، أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا عَن أبي هُرَيْرَة.(3/225)
2480 - الثَّالِث عشر بعد الثلاثمائة: عَن عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تشاجروا فِي الطَّرِيق بسبعة أَذْرع.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الله بن الْحَارِث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا اخْتلفت الطّرق جعل عرضه سَبْعَة أَذْرع ".
وَعند أبي بكر البرقاني فِيهِ من هَذِه الرِّوَايَة:
إِذا اخْتلف النَّاس فِي الطَّرِيق فَاجْعَلُوهُ على سَبْعَة أَذْرع ".
وَلَيْسَ لعبد الله بن الْحَارِث عَن أبي هُرَيْرَة فِي صَحِيح مُسلم غَيره. وَلَيْسَ فِي كتاب البُخَارِيّ لَهُ عَن أبي هُرَيْرَة شَيْء.
2481 - الرَّابِع عشر بعد الثلاثمائة: عَن يحيى بن سعيد الأنصارى عَن سعيد ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يعْقد الشَّيْطَان على رَأس قافية أحدكُم إِذا هُوَ نَام ثَلَاث عقد، يضْرب كل عقدَة مَكَانهَا: عَلَيْك ليلٌ طَوِيل فارقد، فَإِن اسْتَيْقَظَ فَذكر الله انْحَلَّت عقدَة، فَإِن تَوَضَّأ انْحَلَّت عقدَة، فَإِن صلى انْحَلَّت عقده كلهَا، فَأصْبح نشيطاً طيب النَّفس، وَإِلَّا أصبح خَبِيث النَّفس كسلان " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث يحيى بن سعيد.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة
يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يعْقد الشَّيْطَان على قافية رَأس أحدكُم ثَلَاث عقد إِذا نَام، فَكل عقدَة يضْرب: عَلَيْك ليل طَوِيل، فَإِذا اسْتَيْقَظَ فَذكر الله انْحَلَّت عقدَة " وَذكر نَحوه.(3/226)
وَلَيْسَ ليحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن سعيد بن الْمسيب فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة عَن الصَّحِيح غير هَذَا.
2482 - الْخَامِس عشر بعد الثلاثمائة: عَن مَالك بن أنس عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا نظر أحدكُم إِلَى من فضل عَلَيْهِ فِي المَال والخلق فَلْينْظر إِلَى من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك.
وَأخرجه مُسلم عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
انْظُرُوا إِلَى من أَسْفَل مِنْكُم، وَلَا تنظروا إِلَى من هُوَ فَوْقكُم، فَهُوَ أَجْدَر الا تَزْدَرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا نظر أحدكُم إِلَى من فضل عَلَيْهِ فِي المَال والخلق، فَلْينْظر إِلَى من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ مِمَّن فضل عَلَيْهِ ".
2483 - السَّادِس عشر بعد الثلاثمائة: عَن عبيد الله بن عتبَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَو كَانَ لي مثل أحدٍ ذَهَبا لسرني أَلا تمر عَليّ ثَلَاث ليالٍ وَعِنْدِي مِنْهُ شَيْء، إِلَّا شيءٌ أرصده لدين ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَو كَانَ عِنْدِي أحدٌ ذَهَبا لأحببت أَلا تَأتي ثلاثٌ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَار، لَيْسَ شَيْئا أرصده فِي دين عَليّ أجد من يقبله " كَذَا هُوَ عِنْد البُخَارِيّ فِي هَاتين الرِّوَايَتَيْنِ.(3/227)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد الْقرشِي عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
مَا يسرني أَن لي أحدا ذَهَبا، يَأْتِي عَليّ ثالثةٌ وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَار، إِلَّا دِينَار أرصده لدين عَليّ ".
2484 - السَّابِع عشر بعد الثلاثمائة: جَعْفَر بن ربيعَة عَن الْأَعْرَج قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة يأثر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إيَّاكُمْ وَالظَّن، فَإِن الظَّن أكذب الحَدِيث، وَلَا تحسسوا، وَلَا تجسسوا وَلَا تباغضوا، وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا، وَلَا يخْطب الرجل على خطْبَة أَخِيه حَتَّى ينْكح أَو يتْرك " كَذَا هُوَ عَن البُخَارِيّ من هَذَا الْوَجْه.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إيَّاكُمْ وَالظَّن، فَإِن الظَّن أكذب الحَدِيث، وَلَا تحسسوا، وَلَا تجسسوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تباغضوا، وَلَا تدابروا، وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا ". أغفله أَبُو مَسْعُود، وَقد أخرجه البُخَارِيّ فِي كتاب " الْأَدَب ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وَذكره أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه أَن البُخَارِيّ أخرجه فِي " الْأَدَب " من حَدِيث شُعَيْب ابْن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة:
إيَّاكُمْ وَالظَّن، وَلَا تَحَاسَدُوا. . " الحَدِيث، وَلم أجد ذَلِك فِي " الْأَدَب " إِلَّا من حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس بن مَالك.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث طَاوس بن كيسَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إيَّاكُمْ وَالظَّن، فَإِن الظَّن أكذب الحَدِيث، وَلَا تحسسوا، وَلَا تجسسوا، وَلَا تباغضوا، وَلَا تدابروا، وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا ".(3/228)
وَقد أخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إيَّاكُمْ وَالظَّن، فَإِن الظَّن أكذب الحَدِيث، وَلَا تحسسوا، وَلَا تجسسوا، وَلَا تنافسوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تباغضوا، وَلَا تدابروا، وَكُونُوا - عباد الله إخْوَانًا " فَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ فِي تَرْجَمَة مَالك، لَا من الْأَفْرَاد.
وَأخرج بعضه أَيْضا من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تباغضوا، وَلَا تجسسوا، وَلَا تناجشوا، وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا ".
وَفِي حَدِيث شعبه عَن الْأَعْمَش:
لَا تقاطعوا، وَلَا تدابروا، وَلَا تباغضوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا إخْوَانًا كَمَا أَمركُم الله ".
وَمن حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تهاجروا، وَلَا تدابروا، وَلَا تجسسوا، وَلَا يبع بَعْضكُم على بيع بعض، وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا ".
وَمن حَدِيث وهيب بن خَالِد عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تباغضوا، وَلَا تدابروا، وَلَا تنافسوا، وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا ".
وَمن حَدِيث أبي سعيد مولى عبد الله بن عَامر بن كريز عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تناجشوا، وَلَا تباغضوا، وَلَا تدابروا، وَلَا يبع بَعْضكُم على بيع بعض، وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا، الْمُسلم أَخُو الْمُسلم، لَا يَظْلمه(3/229)
وَلَا يَخْذُلهُ، وَلَا يحقره، التَّقْوَى هَا هُنَا - وَيُشِير إِلَى صَدره ثَلَاث مَرَّات - بِحَسب امْرِئ من الشَّرّ أَن يحقر أَخَاهُ الْمُسلم، كل الْمُسلم على الْمُسلم حرَام:
دَمه وَمَاله وَعرضه ".
وَفِي حَدِيث أُسَامَة بن زيد عَن أبي سعيد نَحوه، وَزَاد وَنقص، وَمِمَّا زَاد فِيهِ:
إِن الله لَا ينظر إِلَى أجسادكم وَلَا إِلَى صوركُمْ، وَلَكِن ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ " وَأَشَارَ بإصبعه إِلَى صَدره.
وَقد أخرج مُسلم أَيْضا هَذَا الْفَصْل الْأَخير وَحده من حَدِيث يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن الله لَا ينظر إِلَى صوركُمْ وَأَمْوَالكُمْ، وَلَكِن ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ وَأَعْمَالكُمْ ".
2485 - الثَّامِن عشر بعد الثلاثمائة: أَخْرجَاهُ جَمِيعًا: فَأَما البُخَارِيّ فَأخْرجهُ تَعْلِيقا من حَدِيث ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة فِي عقب حَدِيث قبله: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وَالله لَا يُؤمن، وَالله لَا يُؤمن، وَالله لَا يُؤمن " قيل: وَمن يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " الَّذِي لَا يَأْمَن جَاره بوائقه ".
وَأخرجه مُسلم بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يدْخل الْجنَّة من لَا يَأْمَن جَاره بوائقه ".
2486 - التَّاسِع عشر بعد الثلاثمائة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَالَ الله عز وَجل: إِذا أحب عَبدِي لقائي أَحْبَبْت لقاءه، وَإِذا كره لقائي كرهت لقاءه وَهَذَا لفظ البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك ابْن أنس.(3/230)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث شُرَيْح بن هَانِئ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه، وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه ".
وَلمُسلم فِيهِ زِيَادَة من حَدِيث شُرَيْح، هِيَ فِي مُسْند عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا.
2487 - الْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة: عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
نعم المنيحة اللقحة منيحة وَالشَّاة الصفي تَغْدُو بِإِنَاء وَتَروح بِإِنَاء ".
وَفِي أول حَدِيث عبد الله بن يُوسُف وَإِسْمَاعِيل:
نعم الصَّدَقَة. . ".
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
نعم الصَّدَقَة اللقحة الصفي منحة، وَالشَّاة الصفي منحة تَغْدُو بِإِنَاء، وَتَروح بآخر " كَذَا عِنْد البُخَارِيّ فِي حَدِيث مَالك، وَفِي حَدِيث شُعَيْب كَمَا أوردنا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ قَالَ:
أَلا رجل يمنح أهل بَيت نَاقَة تَغْدُو بعشاء وَتَروح بعشاء، إِن أجرهَا لعَظيم ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَنه نهى ... فَذكر خِصَالًا وَقَالَ: " من منح منحة غَدَتْ بِصَدقَة وراحت بِصَدقَة، صبوحها وغبوقها ".(3/231)
حذف مُسلم من الحَدِيث خِصَال النهى. وَقد وَقع لنا الحَدِيث بِطُولِهِ، وَفِيه خِصَال النهى.
وَأخرجه الإِمَام أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه من حَدِيث عدي بن ثَابت عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن يساوم الرجل على سوم أَخِيه، وَنهى أَن تتلقى الجلب، وَنهى أَن تسْأَل الْمَرْأَة طَلَاق أُخْتهَا، وَنهى أَن يمْنَع المَاء مَخَافَة أَن يرْعَى الكلا، وَنهى أَن يَبِيع حاضرٌ لباد. وَمن منح منحة غَدَتْ بِصَدقَة وراحت بِصَدقَة، صبوحها وغبوقها. زَاد بعض رُوَاته فِيهِ: وَنهى عَن التصرية، وَنهى عَن النجش.
2488 - الْحَادِي الْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة: عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَدقَة، فَقيل: منع ابْن جميل وخَالِد بن الْوَلِيد وعباس بن عبد الْمطلب، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا ينقم ابْن جميل إِلَّا أَنه كَانَ فَقِيرا فأغناه الله وَرَسُوله، وَأما خالدٌ فَإِنَّكُم تظْلمُونَ خَالِدا، قد احْتبسَ أدراعه وأعتده فِي سَبِيل الله، وَالْعَبَّاس بن عبد الْمطلب عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَهِيَ عَلَيْهِ صَدَقَة وَمثلهَا مَعهَا " قَالَ البُخَارِيّ: وَتَابعه ابْن أبي الزِّنَاد. يَعْنِي بِهَذَا. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: " هِيَ عَليّ وَمثلهَا مَعهَا ". قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ ابْن جريج: حدثت عَن أبي الزِّنَاد يَعْنِي بِهَذَا الحَدِيث. كَذَا هُوَ عِنْد البُخَارِيّ، وَهَذَا آخر كَلَامه فِيهِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي بشر وَرْقَاء بن عمر عَن أبي الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(3/232)
عمر على الصَّدَقَة فَقيل: منع ابْن جميل وخَالِد بن الْوَلِيد وَالْعَبَّاس بن عبد الْمطلب عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا ينقم ابْن جميل إِلَّا أَنه كَانَ فَقِيرا فأغناه الله، وَأما خالدٌ فَإِنَّكُم تظْلمُونَ خَالِدا، قد احْتبسَ أدراعه وأعتاده فِي سَبِيل الله، وَأما الْعَبَّاس فَهِيَ عَليّ وَمثلهَا مَعهَا ". ثمَّ قَالَ: " يَا عمر، أما شَعرت أَن عَم الرجل صنو أَبِيه " قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لعمر زِيَادَة لمُسلم فِي فضل الْعَبَّاس حَسَنَة.
2489 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة: عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ " وَقَالَ: " لَا يبولن أحدكُم فِي المَاء الدَّائِم الَّذِي لَا يجْرِي ثمَّ يغْتَسل فِيهِ " كَذَا أخرجه البُخَارِيّ فِي كِتَابه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يبولن أحدكُم فِي المَاء الدَّائِم، ثمَّ يغْتَسل مِنْهُ ".
وَمن حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا تبل فِي المَاء الَّذِي لَا يجْرِي ثمَّ تَغْتَسِل فِيهِ ".
2490 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة: عَن أبي زرْعَة هرم بن عَمْرو بن جرير عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا الْيَهُود، حَتَّى يَقُول الْحجر وَرَاءه الْيَهُودِيّ: يَا مُسلم، هَذَا يَهُودِيّ وراءي فاقتله " هَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يُقَاتل الْمُسلمُونَ الْيَهُود، فيقتلهم الْمُسلمُونَ، حَتَّى يختبئ الْيَهُودِيّ من وَرَاء الْحجر وَالشَّجر، فَيَقُول(3/233)
الْحجر أَو الشّجر: يَا عبد الله، هَذَا يهوديٌّ خَلْفي فاقتله، إِلَّا الْغَرْقَد، فَإِنَّهُ من شجر الْيَهُود ".
وَأخرجه مُسلم مَعَ أَطْرَاف أخر من حَدِيث زَائِدَة بن قدامَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة - وَهُوَ مَذْكُور قبل هَذَا مَعَ حَدِيث " طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا ".
2491 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة: عَن أبي حُصَيْن عُثْمَان بن عَاصِم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " دلَّنِي على عمل يعدل الْجِهَاد. قَالَ: " لَا أَجِدهُ " قَالَ: " هَل تَسْتَطِيع إِذا خرج الْمُجَاهِد أَن تدخل مسجدك فتقوم وَلَا تفتر، وتصوم وَلَا تفطر؟ " قَالَ: وَمن يَسْتَطِيع ذَلِك؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: إِن فرس الْمُجَاهِد ليستن فِي طوله، فتكتب لَهُ حسناتٍ. كَذَا أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي حُصَيْن.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة وَأبي عوَانَة وخَالِد بن عبد الله الوَاسِطِيّ، كلهم عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يعدل الْجِهَاد فِي سَبِيل الله؟ قَالَ: " لَا تستطيعونه " قَالَ: فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، كل ذَلِك يَقُول: " لَا تستطيعونه " قَالَ فِي الثَّالِثَة: " مثل الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله كَمثل الْقَائِم القانت بآيَات الله، لَا يفتر من صِيَام وَلَا صَلَاة حَتَّى يرجع الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله تَعَالَى ".
قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَأخرجه مُسلم من حَدِيث جرير بن عبد الحميد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة كَذَلِك.
وَلَيْسَ لأبي مُعَاوِيَة عَن سُهَيْل فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح غير هَذَا.(3/234)
2492 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الثلاثمائة: عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وليأتين على أحدكُم زمانٌ، لِأَن يراني أحب لَهُ من أَن يكون لَهُ مثل أَهله وَمَاله " أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث يجمع أَحَادِيث، قد تقدم فِي الأول.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
وَالَّذِي نفس محمدٍ بِيَدِهِ. ليَأْتِيَن على أحدكُم يومٌ وَلَا يراني، ثمَّ لِأَن يراني أحب إِلَيْهِ من أَهله وَمَاله مَعَهم " تأولوه على أَنه نعى نَفسه إِلَيْهِم، وعرفهم، بِمَا يحدث لَهُم بعده من تمني لِقَائِه عِنْد فقدهم مَا كَانُوا يشاهدون من بركاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.(3/235)
أَفْرَاد البُخَارِيّ
2493 - الحَدِيث الأول: عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لم يبْق من النُّبُوَّة إِلَّا الْمُبَشِّرَات " قَالُوا: وَمَا الْمُبَشِّرَات؟ قَالَ: " الرُّؤْيَا الصَّالِحَة ".
2494 - الثَّانِي: عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِيمَن زنى وَلم يحصن بِنَفْي عامٍ وَإِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ.
2495 - الثَّالِث: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا ".
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو تعلمُونَ مَا أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قَلِيلا ".
2496 - الرَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " خير الصَّدَقَة مَا كَانَ عَن ظهر غنى، وابدأ بِمن تعول ".
وَأخرجه أَيْضا بِزِيَادَة من حَدِيث عُرْوَة بن الزبير عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
الْيَد الْعليا خيرٌ من الْيَد السُّفْلى، وابدأ بِمن تعول، وَخير الصَّدَقَة عَن ظهر غنى، وَمن يستعفف يعفه الله، وَمن يسْتَغْن يغنه الله ".
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا مَعَ زِيَادَة أُخْرَى من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح قَالَ: حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أفضل الصَّدَقَة مَا ترك غنى، وَالْيَد الْعليا خيرٌ من الْيَد السُّفْلى، وابدأ بِمن تعول " تَقول الْمَرْأَة: إِمَّا تطعمني وَإِمَّا تُطَلِّقنِي. وَيَقُول العَبْد: أَطْعمنِي واستعملني. وَيَقُول الابْن: أَطْعمنِي، إِلَى من(3/236)
تَكِلنِي. قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَة، سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: لَا، هَذَا من كيس أبي هُرَيْرَة.
2497 - الْخَامِس: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي رجلٌ شابٌّ، وَأَنا أَخَاف على نَفسِي الْعَنَت، وَلَا أجد مَا أَتزوّج بِهِ النِّسَاء - كَأَنَّهُ يَسْتَأْذِنهُ فِي الاختصاء - قَالَ: فَسكت عني. ثمَّ قلت مثل ذَلِك فَسكت عني. ثمَّ قلت مثل ذَلِك فَسكت عني. ثمَّ قلت مثل ذَلِك، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أَبَا هُرَيْرَة، جف الْقَلَم بِمَا هُوَ كائنٌ فاختص على ذَلِك أَو ذَر ".
2498 - السَّادِس: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " وَالله إِنِّي لأستغفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي الْيَوْم أَكثر من سبعين مرّة ".
2499 - السَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّلَاة وقمنا مَعَه، فَقَالَ أَعْرَابِي: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي ومحمداً، وَلَا ترحم مَعنا أحدا. فَلَمَّا سلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لقد تحجرت وَاسِعًا " يُرِيد رَحْمَة الله.
2500 - الثَّامِن: عَن الزُّهْرِيّ تَعْلِيقا عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا بعث الله من نَبِي وَلَا اسْتخْلف من خليفةٍ إِلَّا كَانَت لَهُ بطانتان: بطانةٌ تَأمره بِالْمَعْرُوفِ وتحضه عَلَيْهِ، وبطانةٌ تَأمره بِالشَّرِّ وتحضه عَلَيْهِ، والمعصوم من عصم الله ".
وَمِنْهُم من رَوَاهُ عَن أبي سَلمَة عَن أبي سعيد، وَهُوَ مَذْكُور فِي مُسْنده. وَعَن أبي سَلمَة عَن أبي أَيُّوب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.(3/237)
2501 - التَّاسِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يقبض الله الأَرْض، ويطوي السَّمَوَات بِيَمِينِهِ، ثمَّ يَقُول: أَنا الْملك، أَيْن مُلُوك الأَرْض؟ ".
2502 - الْعَاشِر: عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أُتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل قد شرب، قَالَ " اضْرِبُوهُ " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فمنا الضَّارِب بِيَدِهِ، والضارب بنعله، والضارب بِثَوْبِهِ. فَلَمَّا انْصَرف قَالَ بعض الْقَوْم: أخزاك الله.
قَالَ: " لَا تَقولُوا هَكَذَا، لَا تعينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَان ".
2503 - الْحَادِي عشر: عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ أهل الْكتاب يقرءُون التَّوْرَاة بالعبرانية ويفسرونها بِالْعَرَبِيَّةِ لأهل الْإِسْلَام، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تصدقوا أهل الْكتاب وَلَا تكذبوهم، وَقُولُوا: {آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} الْآيَة [الْبَقَرَة] .
2504 - الثَّانِي عشر: عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا قَالَ الرجل لِأَخِيهِ: يَا كَافِر، فقد بَاء بِهِ أَحدهمَا " قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ عِكْرِمَة بن عمار عَن يحيى يَعْنِي ابْن أبي كثير عَن عبد الله بن يزِيد: سمع أَبَا سَلمَة سمع أَبَا هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2505 - الثَّالِث عشر: عَن عبد الله بن فَيْرُوز الداناج عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الشَّمْس وَالْقَمَر يكوران يَوْم الْقِيَامَة ".
وَلَيْسَ لعبد الله بن فَيْرُوز عَن أبي سَلمَة فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح غير هَذَا.(3/238)
2506 - الرَّابِع عشر: عَن عمر بن أبي سَلمَة تَعْلِيقا، عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نجر خَشَبَة وَجعل المَال فِي جوفها، وَكتب إِلَيْهِ صحيفَة: من فلَان إِلَى فلَان ".
وَهَذَا طرفٌ من حَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا بِطُولِهِ تَعْلِيقا من حَدِيث جَعْفَر بن ربيعَة عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَنه ذكر رجلا من بني إِسْرَائِيل سَأَلَ بعض بني إِسْرَائِيل أَن يسلفه ألف دِينَار، فَقَالَ: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أشهدهم. فَقَالَ: كفى بِاللَّه شَهِيدا. قَالَ: فائتني بالكفيل. قَالَ: كفى بِاللَّه كَفِيلا. قَالَ: صدقت، فَدَفعهَا إِلَيْهِ إِلَى أجل مُسَمّى، فَخرج فِي الْبَحْر فَقضى حَاجته، ثمَّ التمس مركبا يركبه يقدم عَلَيْهِ للأجل الَّذِي أَجله، فَلم يجد مركبا، فَاتخذ خَشَبَة فنقرها، فَأدْخل فِيهَا ألف دِينَار وصحيفةً مِنْهُ إِلَى صَاحبه، ثمَّ زجج موضعهَا، ثمَّ أَتَى بهَا إِلَى الْبَحْر فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنِّي تسلفت فلَانا ألف دِينَار، فَسَأَلَنِي كَفِيلا فَقلت: كفى بِاللَّه كَفِيلا، فَرضِي بك، وسألني شَهِيدا فَقلت: كفى بِاللَّه شَهِيدا، فَرضِي بك، وَإِنِّي جهدت أَن أجد مركبا أبْعث إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلم أقدر، وَإِنِّي استودعتكها، فَرمى بهَا فِي الْبَحْر حَتَّى ولجت، ثمَّ انْصَرف وَهُوَ فِي ذَلِك يلْتَمس مركبا يخرج إِلَى بَلَده، فَخرج الرجل الَّذِي أسلفه ينظر لَعَلَّ مركبا قد جَاءَ بِمَالِه، فَإِذا بالخشبة الَّتِي فِيهَا المَال، فَأَخذه لأَهله حطباً، فَلَمَّا نشرها وجد المَال والصحيفة، ثمَّ قدم الَّذِي كَانَ أسلفه وأتى بِالْألف الدِّينَار، فَقَالَ: وَالله مَا زلت جاداً فِي طلب مركب لآتيك بِمَالك فَمَا وجدت مركبا قبل الَّذِي أتيت فِيهِ، فَقَالَ: هَل كنت بعثت إِلَى بشيءٍ؟ قَالَ: أخْبرك أَنِّي لم أجد مركبا قبل الَّذِي جِئْت فِيهِ.
قَالَ: فَإِن الله قد أدّى عَنْك الَّذِي بعثته فِي الْخَشَبَة. فَانْصَرف بِالْألف الدِّينَار راشداً ".(3/239)
2507 - الْخَامِس عشر: عَن عبيد الله بن عبد الله بن عَتبه بن مَسْعُود عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَامَ أعرابيٌّ فَبَال فِي الْمَسْجِد، فَقَامَ إِلَيْهِ النَّاس ليقعوا بِهِ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " دَعوه، وأريقوا على بَوْله سجلاً من ماءٍ، أَو ذنوباً من مَاء، فَإِنَّمَا بعثتم ميسرين وَلم تبعثوا معسرين ".
2508 - السَّادِس عشر: عَن عَطاء يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله قَالَ: من عادى لي وليا فقد آذنته بِالْحَرْبِ، وَمَا تقرب إِلَى عَبدِي بشئ أحب إِلَى مِمَّا افترضته عَلَيْهِ، وَمَا يزَال عَبدِي يتَقرَّب إِلَيّ بالنوافل حَتَّى أحبه فَإِذا أحببته كنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ، وبصره الَّذِي يبصر بِهِ، وَيَده الَّتِي يبطش بهَا، وَرجله الَّتِي يمشي بهَا، وَلَئِن سَأَلَني لأعطينه، وَلَئِن استعاذني لأعيذنه وَمَا ترددت عَن شَيْء أَنا فَاعله ترددي عَن نفس الْمُؤمن يكره الْمَوْت، وَأَنا أكره مساءته ".
2509 - السَّابِع عشر: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من قَالَ: أَنا خيرٌ من يُونُس مَتى فقد كذب ".
2510 - الثَّامِن عشر: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مثل الْمُؤمن كَمثل خامة الزَّرْع، من حَيْثُ أتتها الرّيح تفيئها، فَإِذا اعتدلت تكفأ بالبلاء. والفاجر كالأرزة صماء معتدلة حَتَّى يقصمها الله إِذا شَاءَ ".
وَأخرج أَيْضا هَذَا الْمَعْنى من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
مثل الْمُؤمن كَمثل الزَّرْع، لَا تزَال الرّيح تميله، وَلَا يزَال الْمُؤمن(3/240)
يُصِيبهُ الْبلَاء. وَمثل الْمُنَافِق كَمثل شَجَرَة الْأرز، لَا تهتز حَتَّى تستحصد "، وَمِنْهُم من قَالَ مَكَان قَوْله " تميله ": " تفيئه ".
2511 - التَّاسِع عشر: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مجلسٍ يحدث الْقَوْم، جَاءَهُ أَعْرَابِي فَقَالَ: مَتى السَّاعَة؟ فَمضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يحدث، فَقَالَ بعض الْقَوْم: سمع مَا قَالَ فكره مَا قَالَ. وَقَالَ بَعضهم: بل لم يسمع حَتَّى إِذا قضى حَدِيثه قَالَ: " أَيْن السَّائِل عَن السَّاعَة؟ " قَالَ: هَا أَنا يَا رَسُول الله. قَالَ: " إِذا ضيعت الْأَمَانَة فانتظر السَّاعَة " قَالَ: كَيفَ إضاعتها؟ قَالَ: إِذا وسد الْأَمر إِلَى غير أَهله فانتظر السَّاعَة ".
2512 - الْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يصلونَ لكم، فَإِن أَصَابُوا فلكم، وَإِن أخطأوا فلكم وَعَلَيْهِم ".
2513 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كل أمتِي يدْخلُونَ الْجنَّة إِلَّا من أبي. قيل: وَمن يَأْبَى؟ قَالَ: " من أَطَاعَنِي دخل الْجنَّة، وَمن عَصَانِي فقد أَبى ".
2514 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتحدث وَعِنْده رجلٌ من أهل الْبَادِيَة: " أَن رجلا اسْتَأْذن ربه فِي الزَّرْع، فَقَالَ لَهُ: أَلَسْت فِيمَا شِئْت؟ قَالَ: بلَى، وَلَكِن أحب أَن أزرع. فبذر، فبادر الطّرف نَبَاته واستواؤه واستحصاده، فَكَانَ أَمْثَال الْجبَال، فَيَقُول الله: دُونك يَا ابْن آدم، فَإِنَّهُ لَا يشبعك شيءٌ " فَقَالَ الْأَعرَابِي: وَالله لَا تَجدهُ إِلَّا قرشياً أَو أَنْصَارِيًّا، فَإِنَّهُم أَصْحَاب زرع، أما نَحن فلسنا بأصحاب زرع. فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.(3/241)
2515 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار تَعْلِيقا عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " بَينا أَيُّوب يغْتَسل عُريَانا. " لم يزدْ على هَذَا من رِوَايَة عَطاء.
وَقد أخرجه بِطُولِهِ بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
بَينا أَيُّوب يغْتَسل عُريَانا فَخر عَلَيْهِ رجل جرادٍ من ذهبٍ، فَجعل أَيُّوب يحثي فِي ثَوْبه، فَقَالَ لَهُ ربه: يَا أَيُّوب، ألم أكن أغنيتك عَمَّا ترى؟ قَالَ: بلَى وَعزَّتك، وَلَكِن لَا غنى بِي عَن بركتك ".
2516 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار تَعْلِيقا عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَعْنِي حَدِيث: " خفف على دَاوُد الْقُرْآن ".
وَرَوَاهُ بِطُولِهِ من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
خفف على دَاوُد الْقُرْآن، فَكَانَ يَأْمر بدوابه فتسرج، فَيقْرَأ الْقُرْآن قبل أَن تسرج دوابه،، وَلَا يَأْكُل إِلَّا من عمل يَدَيْهِ ".
2517 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن أبي الْحباب سعيد بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من يرد الله بِهِ خيرا يصب مِنْهُ ".
2518 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة أَنه بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعثٍ فَقَالَ: " إِن وجدْتُم فلَانا وَفُلَانًا - لِرجلَيْنِ من قُرَيْش سماهما - فأحرقوهما بالنَّار " ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أردنَا الْخُرُوج: " إِنِّي كنت أَمرتكُم أَن تحرقوا فلَانا وَفُلَانًا، وَإِن النَّار لَا يعذب بهَا إِلَّا الله، فَإِن وجدتموهما فاقتلوهما ".
2519 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا أنزل الله من داءٍ إِلَّا أنزل لَهُ شِفَاء ".(3/242)
2520 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " مَا أُعْطِيكُم وَلَا أمنعكم، أَنا قَاسم، أَضَع حَيْثُ أمرت ".
2521 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن أبي الْغَيْث سَالم مولى ابْن مُطِيع عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " من أَخذ أَمْوَال النَّاس يُرِيد أداءها أَدَّاهَا الله عَنهُ، وَمن أَخذهَا يُرِيد إتلافها أتْلفه الله ".
2522 - الثَّلَاثُونَ: عَن أبي الْغَيْث عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أول من يدعى يَوْم الْقِيَامَة آدم. فَيَقُول: فتراءى ذُريَّته فَيُقَال: هَذَا أبوكم آدم. فَيَقُول: لبيْك وَسَعْديك. فَيَقُول: أخرج بعث جَهَنَّم من ذريتك. فَيَقُول: يَا رب، كم أخرج؟ فَيَقُول: أخرج من كل مائَة تِسْعَة وَتِسْعين " فَقَالُوا: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَخذ منا من كل مائَة تسعةٌ وَتسْعُونَ فَمَاذَا يبْقى منا؟ فَقَالَ: " إِن أمتِي فِي الْأُمَم كالشعرة الْبَيْضَاء فِي الثور الْأسود ".
2523 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي سعيد المَقْبُري كيسَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من لم يدع قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ فَلَيْسَ لله حاجةٌ فِي أَن يدع طَعَامه وَشَرَابه ".
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه من حَدِيث أَحْمد بن يُونُس عَن ابْن أبي ذِئْب، وَهُوَ الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ عَنهُ، فَزَاد فِيهِ: " وَالْجهل " بعد قَوْله: " وَالْعَمَل بِهِ ".
2524 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي سعيد المَقْبُري تَعْلِيقا عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن إِبْرَاهِيم يرى أَبَاهُ يَوْم الْقِيَامَة عَلَيْهِ الغبرة والقترة " لم يزدْ.(3/243)
وَأخرجه بِطُولِهِ بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يلقى إِبْرَاهِيم أَبَاهُ آزر يَوْم الْقِيَامَة وعَلى وَجه آزر قترةٌ وغبرة، فَيَقُول لَهُ إِبْرَاهِيم: ألم أقل لَك: لَا تعصني، فَيَقُول أَبوهُ: فاليوم لَا أعصيك. فَيَقُول إِبْرَاهِيم: يَا رب، إِنَّك وَعَدتنِي أَلا تخزيني يَوْم يبعثون، فَأَي خزي أخزى من أبي الْأَبْعَد. فَيَقُول الله: إِنِّي حرمت الْجنَّة على الْكَافرين. ثمَّ يُقَال: يَا إِبْرَاهِيم، مَا تَحت رجليك، فَنظر فَإِذا هُوَ بذيخ متلطخٍ، فَيُؤْخَذ بقوائمه فَيلقى فِي النَّار ".
2525 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الله يحب العطاس وَيكرهُ التثاؤب، فَإِذا عطس فَحَمدَ الله فحقٌّ على كل مُسلم سَمعه أَن يشمته ". وَفِي رِوَايَة عَاصِم بن عَليّ: " أَن يَقُول لَهُ: رَحِمك الله. فَأَما التثاؤب فَإِنَّمَا هُوَ من الشَّيْطَان فليرده مَا اسْتَطَاعَ، فَإِذا قَالَ: هَا، ضحك مِنْهُ الشَّيْطَان ".
وللبخاري أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا عطس أحدكُم فَلْيقل: الْحَمد لله، وَليقل لَهُ أَخُوهُ أَو صَاحبه: يَرْحَمك الله، فَإِذا قَالَ لَهُ يَرْحَمك الله، فَلْيقل: يهديكم الله وَيصْلح بالكم ".
وَلمُسلم بن الْحجَّاج طرفٌ من هَذَا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
التثاؤب من الشَّيْطَان، فَإِذا تثاءب أحدكُم فليكظم مَا اسْتَطَاعَ " وَهَذَا الْمَعْنى مُتَّفق عَلَيْهِ من هَذَا الحَدِيث.
2526 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن سعيد بن أبي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الدّين يسرٌ، وَلنْ يشاد الدّين أحدٌ إِلَّا غَلبه، فسددوا وقاربوا، وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بالغدوة والروحة وشيءٍ من الدلجة ".(3/244)
وَفِي حَدِيث ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد بن أبي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لن يُنجي أحدا مِنْكُم عمله. . " قَالُوا: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " وَلَا أَنا، إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمةٍ. سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيءٌ من الدلجة، الْقَصْد الْقَصْد تبلغوا ".
2527 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من سره أَن يبسط لَهُ فِي رزقه، وَأَن ينسأ لَهُ فِي أَثَره فَليصل رَحمَه ".
وَقد أَخْرجَاهُ من مُسْند أنس بن مَالك.
78 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أعذر الله إِلَى امْرِئ أخر أَجله حَتَّى بلغ سِتِّينَ سنة ".
2529 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، من أسعد النَّاس بشفاعتك يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ: " لقد ظَنَنْت يَا أَبَا هُرَيْرَة أَلا يسألني عَن هَذَا الحَدِيث أحدٌ أول مِنْك لما رَأَيْت من حرصك على الحَدِيث. أسعد النَّاس بشفاعتي يَوْم الْقِيَامَة من قَالَ: لَا إِلَّا الله خَالِصا من قبل نَفسه ".
2530 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بعثت من خير قُرُون بني آدم قرنا فقرناً، حَتَّى كنت من الْقرن الَّذِي كنت مِنْهُ ".(3/245)
2531 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يَقُول الله: مَا لعبدي الْمُؤمن عِنْدِي جَزَاء إِذا قبضت صَفيه من أهل الدُّنْيَا ثمَّ احتسبه إِلَّا الْجنَّة ".
2532 - الْأَرْبَعُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَالَ الله تَعَالَى: " ثلاثةٌ أَنا خصمهم يَوْم الْقِيَامَة: رجلٌ أعْطى بِي ثمَّ غدر، ورجلٌ بَاعَ حرا فَأكل ثمنه، ورجلٌ اسْتَأْجر أَجِيرا فاستوفى مِنْهُ وَلم يُعْطه أجره ".
2533 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ من الْإِزَار فَفِي النَّار ".
2534 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: حفظت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعاءين: فَأَما أَحدهمَا فبثثته، وَأما الآخر فَلَو بثتته قطع هَذَا البلعوم " قَالَ البُخَارِيّ: البلعوم: مجْرى الطَّعَام.
2535 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: يَقُول النَّاس: أَكثر أَبُو هُرَيْرَة، فَلَقِيت رجلا فَقلت: بِمَ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البارحة فِي الْعَتَمَة؟ فَقَالَ لَا أَدْرِي. فَقلت: لم تشهدها؟ فَقَالَ: بلَى. قلت: لَكِن أَنا أَدْرِي، قَرَأَ سُورَة كَذَا وَكَذَا.
2536 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سعيد بن أبي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن النَّاس كَانُوا يَقُولُونَ: أَكثر أَبُو هُرَيْرَة، وَإِنِّي كنت ألزم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لشبع بَطْني حِين لَا آكل الخمير، وَلَا ألبس الْحَرِير، وَلَا يخدمني فلانٌ وَلَا فُلَانَة، وَكنت ألصق بَطْني بالحصباء من الْجُوع، وَإِنِّي كنت أستقرئ الرجل الْآيَة هِيَ معي كي يَنْقَلِب بِي فيطعمني، وَكَانَ خير النَّاس للمسكين جَعْفَر بن أبي طَالب كَانَ يَنْقَلِب مَعنا فيطعمنا(3/246)
مَا كَانَ فِي بَيته، حَتَّى إِن كَانَ ليخرج إِلَيْنَا العكة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شيءٌ فيشقها فنلعق مَا فِيهَا.
2537 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّكُم ستحرصون على الْإِمَارَة، وَإِنَّهَا سَتَكُون ندامة يَوْم الْقِيَامَة، فَنعم الْمُرضعَة وبئست الفاطمة ". وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عمر بن الحكم عَن أبي هُرَيْرَة، قَوْله مَوْقُوف.
2538 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَالَ: " سمع الله لمن حَمده "، قَالَ: " اللَّهُمَّ رَبنَا وَلَك الْحَمد ". وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ركع، وَإِذا رفع رَأسه يكبر، وَإِذا قَامَ من السَّجْدَتَيْنِ قَالَ: " الله أكبر ".
2539 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وليأتين على النَّاس زمانٌ لَا يُبَالِي الْمَرْء مِمَّا أَخذ المَال: أَمن حلالٍ أم من حرَام ".
2540 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من كَانَت عِنْد مظلمةٌ لِأَخِيهِ من عرضه أَو شيءٌ فليتحلله مِنْهُ الْيَوْم، من قبل أَلا يكون دِينَار وَلَا دِرْهَم، إِن كَانَ لَهُ عمل صَالح أَخذ مِنْهُ بِقدر مظلمته، وَإِن لم يكن لَهُ حَسَنَات أَخذ من سيئات صَاحبه فَحمل عَلَيْهِ ".
قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ إِسْمَاعِيل بن أبي أويس: إِنَّمَا سمي المَقْبُري لِأَنَّهُ كَانَ ينزل نَاحيَة الْمَقَابِر. قَالَ البُخَارِيّ: وَسَعِيد المَقْبُري هُوَ مولى بني لَيْث، وَهُوَ سعيد بن أبي سعيد، وَأَبُو سعيد اسْمه كيسَان.(3/247)
2541 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تَأْخُذ أمتِي مَأْخَذ الْقُرُون شبْرًا بشبر، وذراعاً بِذِرَاع ".
فَقيل: يَا رَسُول الله، كفارس وَالروم. قَالَ: " وَمن النَّاس إِلَّا أُولَئِكَ ".
2542 - الْخَمْسُونَ: عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما فتحت خَيْبَر أهديت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شاةٌ فِيهَا سمٌّ، فَقَالَ: " اجْمَعُوا لي من كَانَ هَا هُنَا من الْيَهُود " فَجمعُوا لَهُ، فَقَالَ: " إِنِّي سَائِلكُمْ عَن شيءٍ، فَهَل أَنْتُم صادقي عَنهُ؟ " قَالُوا: نعم. فَقَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من أبوكم؟ " قَالُوا: فلَان. قَالَ: " كَذبْتُمْ، بل أبوكم فلَان " قَالُوا: صدقت. قَالَ: " فَهَل أَنْتُم صادقي عَن شيءٍ إِن سألتكم عَنهُ؟ " فَقَالُوا: نعم يَا أَبَا الْقَاسِم، وَإِن كذبنَا عرفت كذبنَا كَمَا عَرفته فِي أَبينَا. فَقَالَ: " من أهل النَّار؟ " قَالُوا: نَكُون فِيهَا يَسِيرا ثمَّ تخلفونا فِيهَا. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اخسأوا فِيهَا، وَالله لَا نخلفكم فِيهَا أبدا " ثمَّ قَالَ: " هَل أَنْتُم صادقي عَن شيءٍ إِن سألتكم عَنهُ؟ " فَقَالُوا " نعم يَا أَبَا الْقَاسِم. قَالَ: " هَل جعلتم فِي هَذِه الشَّاة سما؟ " قَالُوا: نعم. قَالَ: " مَا حملكم على ذَلِك؟ " قَالُوا: أردنَا إِن كنت كَاذِبًا أَن تستريح، وَإِن كنت نَبيا لم يَضرك.
2543 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " حرم مَا بَين لابتي الْمَدِينَة على لساني " قَالَ: وأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني حَارِثَة فَقَالَ: " أَرَاكُم قد خَرجْتُمْ من الْحرم " ثمَّ الْتفت فَقَالَ: " بل أَنْتُم فِيهِ ".
2544 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من احْتبسَ فرسا فِي سَبِيل الله إِيمَانًا بِاللَّه وَتَصْدِيقًا بوعده، فَإِن شبعه وريه وروثه وبوله فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة " يَعْنِي حَسَنَات.
2545 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب وَعبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز عَن أبي هُرَيْرَة يَعْنِي قَوْله: " إِن أَخا لكم لَا يَقُول الرَّفَث ".(3/248)
وَأخرجه بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث ابْن شهَاب عَن الْهَيْثَم بن أبي سِنَان أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة فِي قصصه يذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
إِن أَخا لكم لَا يَقُول الرَّفَث " يَعْنِي بذلك ابْن رَوَاحه، قَالَ:
(أَتَانَا رَسُول الله يَتْلُو كِتَابه ... إِذا انْشَقَّ معروفٌ من الْفجْر سَاطِع)
(أرانا الْهدى بعد الْعَمى، فَقُلُوبنَا ... بِهِ مُوقِنَات أَن مَا قَالَ وَاقع)
(يبيت يُجَافِي جنبه عَن فرَاشه ... إِذا استثقلت بالكافرين الْمضَاجِع)
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه عقيل عَن الزُّهْرِيّ.
وَلَيْسَ للهيثم بن أبي سِنَان عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث.
2546 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " يَقُول الله عز وَجل: يَشْتمنِي ابْن آدم وَمَا يَنْبَغِي أَن يَشْتمنِي، ويكذبني وَمَا يَنْبَغِي لَهُ. أما شَتمه إيَّايَ فَقَوله: إِن لي ولدا. وَأما تَكْذِيبه فَقَوله: لَيْسَ يُعِيدنِي كَمَا بَدَأَنِي ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
قَالَ الله: كَذبَنِي ابْن آدم وَلم يكن لَهُ ذَلِك، وَشَتَمَنِي وَلم يكن لَهُ ذَلِك، فَأَما تَكْذِيبه إيَّايَ فَقَوله: لن يُعِيدنِي كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أول الْخلق بِأَهْوَن عَليّ من إِعَادَته، وَأما شَتمه إيَّايَ فَقَوله: اتخذ الله ولدا، وَأَنا الْأَحَد الصَّمد، الَّذِي لم يلد وَلم يُولد، وَلم يكن لي كفوا أحد ".
قَالَ البُخَارِيّ: الْعَرَب تسمي أَشْرَافهَا الصَّمد، وَقَالَ أَبُو وَائِل: السَّيِّد: الَّذِي انْتهى سؤدده.(3/249)
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
كَذبَنِي ابْن آدم وَلم يكن لَهُ ذَلِك. أما تَكْذِيبه إيَّايَ أَن يَقُول: لن أُعِيدهُ كَمَا بَدأته، وَأما شَتمه إيَّايَ أَن يَقُول: اتخذ الله ولدا، وَأَنا الصَّمد الَّذِي لم أَلد وَلم أولد، وَلم يكن لي كفوا أحد ".
2547 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن مُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَت الْأَنْصَار: اقْسمْ بَينا وَبينهمْ النّخل. قَالَ: " لَا، تكفونا الْعَمَل وتشركونا فِي الثَّمر ". هَكَذَا قَالَ، وَلم يذكر فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ المُرَاد بِلَا شكّ.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَت الْأَنْصَار للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقْسمْ بَيْننَا وَبَين إِخْوَاننَا النخيل. قَالَ: " لَا ". فَقَالُوا: تكفونا المؤونة ونشرككم فِي الثَّمَرَة، فَقَالُوا: سمعنَا وأطعنا.
2548 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَلا تعْجبُونَ كَيفَ يصرف الله عني شتم قريشٍ ولعنهم؟ يشتمون مذمماً، ويلعنون مذمماً، وَأَنا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ".
2549 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من وَلَده ووالده ".(3/250)
2550 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الَّذِي يخنق نَفسه يخنقها فِي النَّار، وَالَّذِي يطعنها يطعنها فِي النَّار ".
2551 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: عَن شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يُقَال لأهل الْجنَّة: خلودٌ لَا موت، وَلأَهل النَّار: خلودٌ لَا موت ".
2552 - السِّتُّونَ: عَن شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يدْخل أحدٌ الْجنَّة إِلَّا أرِي مَقْعَده من النَّار - لَو أَسَاءَ، لِيَزْدَادَ شكرا، وَلَا يدْخل النَّار أحدٌ إِلَّا أرِي مَقْعَده من الْجنَّة - لَو أحسن، ليَكُون عَلَيْهِ حسرةً ".
2553 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: عَن أبي الْحجَّاج مُجَاهِد بن جبر الْمَكِّيّ أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَقُول: الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِن كنت لأعتمد بكبدي على الأَرْض من الْجُوع، وَإِن كنت لأشد الْحجر على بَطْني من الْجُوع، وَلَقَد قعدت يَوْمًا على طريقهم الَّذِي يخرجُون مِنْهُ، فَمر أَبُو بكر فَسَأَلته عَن آيَة من كتاب الله، مَا سَأَلته إِلَّا ليستتبعني، فَلم يفعل، ثمَّ مر عمر فَسَأَلته عَن آيَة من كتاب الله، مَا سَأَلته إِلَّا ليستتبعني، فَلم يفعل، ثمَّ مر بِي أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَبَسَّمَ حِين رَآنِي، وَعرف مَا فِي وَجْهي وَمَا فِي نَفسِي، ثمَّ قَالَ: " يَا أَبَا هر " قلت: لبيْك يَا رَسُول الله، قَالَ: " الْحق " وَمضى فاتبعته، فَدخل فَاسْتَأْذن، فَأذن لي، فَدخل فَوجدَ لَبَنًا فِي قدح فَقَالَ: " من أَيْن هَذَا اللَّبن؟ " قَالُوا: أهداه لَك فلانٌ - أَو فُلَانَة - قَالَ: " يَا أَبَا هر " قلت: لبيْك يَا رَسُول الله. قَالَ: " الْحق إِلَى أهل الصّفة فادعهم لي " قَالَ: وَأهل الصّفة أضياف الْإِسْلَام، لَا يأوون على أهل وَلَا مَال وَلَا على أحد، إِذا أَتَتْهُ صدقةٌ بعث بهَا إِلَيْهِم وَلم يتَنَاوَل مِنْهَا شَيْئا، وَإِذا أَتَتْهُ هَدِيَّة أرسل إِلَيْهِم وَأصَاب مِنْهَا وأشركهم(3/251)
فِيهَا. فساءني ذَلِك، فَقلت: وَمَا هَذَا اللَّبن فِي أهل الصّفة؟ كنت أَحَق أَن أُصِيب من هَذَا اللَّبن شربة أتقوى بهَا، فَإِذا جَاءُوا أَمرنِي فَكنت أَنا أعطيهم، وَمَا عَسى أَن يبلغنِي من هَذَا اللَّبن. وَلم يكن من طَاعَة الله وَطَاعَة رَسُوله بدٌّ، فأتيتهم فدعوتهم، فَأَقْبَلُوا وَاسْتَأْذَنُوا فَأذن لَهُم، وَأخذُوا مجَالِسهمْ من الْبَيْت فَقَالَ: " يَا أَبَا هر " قلت: لبيْك يَا رَسُول الله، قَالَ: " فأعطهم " قَالَ: فَأخذت الْقدح، فَجعلت أعْطِيه الرجل فيشرب حَتَّى يرْوى ثمَّ يرد عَليّ الْقدح، فَأعْطِيه الآخر فيشرب حَتَّى يرْوى، ثمَّ يرد عَليّ الْقدح، فَأعْطِيه الآخر فيشرب حَتَّى يرْوى، ثمَّ يرد عَليّ الْقدح، حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد رُوِيَ الْقَوْم كلهم، فَأخذ الْقدح فَوَضعه على يَده، فَنظر إِلَيّ فبتسم فَقَالَ: " يَا أَبَا هر " قلت: لبيْك يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: " بقيت أَنا وَأَنت " قلت: صدقت يَا رَسُول الله. قَالَ: " اقعد فَاشْرَبْ " فَقَعَدت فَشَرِبت. فَقَالَ: " اشرب " فَشَرِبت، فَمَا زَالَ يَقُول: " اشرب " حَتَّى قلت: لَا، وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أجد لَهُ مسلكاً قَالَ: " فأرني " فأعطيته الْقدح فَحَمدَ الله وسمى، وَشرب الفضلة.
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا نَحوا من هَذَا مُخْتَصرا من حَدِيث أبي حَازِم سلمَان مولى عزة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
أصابني جهدٌ شديدٌ، فَلَقِيت عمر بن الْخطاب، فاستقرأته آيَة من كتاب الله، فَدخل دَاره وَفتحهَا عَليّ، فمشيت غير بعيد، فَخَرَرْت لوجهي من الْجُوع، وَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قائمٌ على رَأْسِي، فَقَالَ: " يَا أَبَا هرٍّ " قلت: لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك. فَأخذ بيَدي فأقامني، وَعرف الَّذِي بِي، فَانْطَلق بِي إِلَى رَحْله، فَأمر لي بعسٍّ من لبن فَشَرِبت مِنْهُ، ثمَّ قَالَ: " عد يَا أَبَا هرٍّ " فعدت فَشَرِبت، ثمَّ قَالَ: " عد " فعدت فَشَرِبت حَتَّى اسْتَوَى بَطْني فَصَارَ كالقدح. قَالَ: فَلَقِيت عمر، وَذكرت الَّذِي كَانَ من أَمْرِي، وَقلت لَهُ: فولى الله ذَلِك من كَانَ أَحَق بِهِ مِنْك يَا عمر، وَالله لقد استقرأتك الْآيَة ولأنا أَقرَأ لَهَا مِنْك. فَقَالَ عمر: وَالله لِأَن أكون أدخلتك أحب إِلَيّ من أَن يكون لي مثل حمر النعم.(3/252)
2554 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: عَن عمر، وَقيل: عَمْرو بن أبي سُفْيَان بن أسيد بن جَارِيَة الثَّقَفِيّ حَلِيف بني زهرَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشرَة رَهْط عينا، وَأمر عَلَيْهِم عَاصِم بن ثَابت الْأنْصَارِيّ - جد عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، فَانْطَلقُوا حَتَّى إِذا كَانُوا بالهدأة بَين عسفان وَمَكَّة، ذكرُوا لحيٍّ من هُذَيْل يُقَال لَهُم بَنو لحيان، فنفروا لَهُم بقريب من مائَة رجل رامٍ - فِي رِوَايَة شُعَيْب من مِائَتي رجل. فَاقْتَصُّوا أَثَرهم حَتَّى وجدوا مَأْكَلهمْ التَّمْر فِي منزل نزلوه، فَقَالُوا: تمر يثرب. فَلَمَّا أحس بهم عاصمٌ وَأَصْحَابه لجأوا إِلَى مَوضِع - وَفِي رِوَايَة شُعَيْب - إِلَى فدفدٍ، فأحاط بهم الْقَوْم، فَقَالُوا لَهُم: انزلوا فأعطوا بِأَيْدِيكُمْ وَلكم الْعَهْد والميثاق. وَألا نقْتل مِنْكُم أحدا، فَقَالَ عَاصِم بن ثَابت: أَيهَا الْقَوْم، أما أَنا فَلَا أنزل على ذمَّة كافرٍ، اللَّهُمَّ أخبر عَنَّا نبيك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبلِ، فَقتلُوا عَاصِمًا. زَاد فِي رِوَايَة شُعَيْب: فِي سَبْعَة. وَنزل إِلَيْهِم ثَلَاثَة نفر على الْعَهْد والميثاق، مِنْهُم خبيب وَزيد بن الدثنة وَرجل آخر، فَلَمَّا استمنكوا مِنْهُم أطْلقُوا أوتار قسيهم فربطوهم بهَا، فَقَالَ الرجل الثَّالِث: هَذَا أول الْغدر، وَالله لَا أصحبكم، إِن لي بهؤلاء أُسْوَة - يُرِيد الْقَتْلَى - فجردوه وعالجوه، فَأبى أَن يصحبهم فَقَتَلُوهُ، وَانْطَلق بخبيب وَزيد بن الدثنة حَتَّى باعوهما بِمَكَّة بعد وقْعَة بدر، فَابْتَاعَ بَنو الْحَارِث بن عَامر بن نَوْفَل بن عبد منَاف خبيباً، وَكَانَ خبيبٌ هُوَ قتل الْحَارِث بن عَمْرو يَوْم بدر، فَلبث خبيب عِنْدهم أَسِيرًا، حَتَّى أَجمعُوا على قَتله، فاستعار من بعض بَنَات الْحَارِث مُوسَى يستحد بهَا، فأعارته، فدرج بنيٌّ لَهَا وَهِي غافلة حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدته مَجْلِسه على فَخذه والموسى بِيَدِهِ، قَالَت: فَفَزِعت فزعة عرفهَا خبيب، فَقَالَ: أتخشين أَن أَقتلهُ؟ مَا كنت لأَفْعَل ذَلِك. قَالَت: وَالله مَا رَأَيْت أَسِيرًا خيرا من خبيب، فوَاللَّه لقد وجدته يَوْمًا يَأْكُل قطفاً من عِنَب فِي يَده، وَإنَّهُ لموثق فِي الْحَدِيد، وَمَا بِمَكَّة من ثَمَرَة، وَكَانَت تَقول: إِنَّه لرزقٌ رزقه الله خبيباً.(3/253)
فَلَمَّا خَرجُوا بِهِ من الْحرم ليقتلوه فِي الْحل قَالَ لَهُم خبيب:
دَعونِي أصل رَكْعَتَيْنِ. فَتَرَكُوهُ، فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: وَالله لَوْلَا أَن تحسبوا أَن مَا بِي جزعٌ لزدت، اللَّهُمَّ أحصهم عددا، واقتلهم بدداً، وَلَا تبْق مِنْهُم أحدا. وَقَالَ:
(فلست أُبَالِي حِين أقتل مُسلما ... على أَي جنب كَانَ لله مصرعي)
(وَذَلِكَ فِي ذَات الْإِلَه، فَإِن يَشَأْ ... يُبَارك فِي أوصال شلوٍ ممزع)
ثمَّ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو سروعة عقبَة بن الْحَارِث. وَكَانَ خبيباً هُوَ سنّ لكل مُسلم قتل صبرا الصَّلَاة، وَأخْبر - يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَصْحَابه بِهِ يَوْم أصيبوا خبرهم، وَيبْعَث نَاس من قُرَيْش إِلَى عَاصِم بن ثَابت حِين حدثوا أَنه قتل أَن يؤتوا بشيءٍ مِنْهُ يعرف، وَكَانَ قتل رجلا من عظمائهم، فَبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فَلم يقدروا أَن يقطعوا مِنْهُ شَيْئا.
وَفِي حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة نَحوه، وَفِيه بعد قَوْله:
فَلبث خبيب عِنْدهم أَسِيرًا: فَأَخْبرنِي عبيد الله بن عِيَاض أَن بنت الْحَارِث حدثته أَنهم حِين اجْتَمعُوا اسْتعَار مِنْهَا مُوسَى يستحد بهَا، ثمَّ ذكر مَا بعد ذَلِك عَن ابْن عِيَاض عَنْهَا، إِلَى قَوْله: فَلَمَّا خَرجُوا بِهِ من الْحرم قَالَ: فَقتله ابْن الْحَارِث، وَفِيه: فَاسْتَجَاب الله لعاصم بن ثَابت يَوْم أُصِيب، فَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه خبرهم يَوْم أصيبوا.
2555 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تحاسد إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رجل آتَاهُ الله الْقُرْآن فَهُوَ يتلوه آنَاء اللَّيْل وآناء النَّهَار، فَهُوَ يَقُول: لَو أُوتيت مثل مَا أُوتِيَ هَذَا لفَعَلت كَمَا يفعل، وَرجل آتَاهُ الله مَالا فَهُوَ يُنْفِقهُ فِي حَقه فَيَقُول: لَو أُوتيت مثل مَا أُوتِيَ لفَعَلت كَمَا يفعل ".(3/254)
وَفِي حَدِيث شُعْبَة:
لَا حسد إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رجل علمه الله الْقُرْآن فَهُوَ يتلوه آنَاء اللَّيْل وآناء النَّهَار فَسَمعهُ جارٌ لَهُ. . " ثمَّ ذكر نَحوه.
هُوَ عِنْد مُسلم من حَدِيث عبد الله بن عمر، وَهُوَ مَذْكُور فِي مُسْنده.
2556 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن أبي حُصَيْن عُثْمَان بن عَاصِم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " تعس عبد الدِّينَار وَالدِّرْهَم والقطيفه والخميصة، إِن أعطي رَضِي، وَإِن لم يُعْط لم يرض ".
قَالَ البُخَارِيّ وَزَاد عَمْرو - هُوَ ابْن مَرْزُوق - عَن عبد الرَّحْمَن بن دِينَار عَن أَبِيه عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
تعس عبد الدِّينَار وَعبد الدِّرْهَم وَعبد الخميصة، إِن أعطي رَضِي، وَإِن لم يُعْط سخط، تعس وانتكس، وَإِذا شيك فَلَا انتقش، طُوبَى لعبد أَخذ بعنان فرسه فِي سَبِيل الله، أَشْعَث رَأسه، مغبرةٍ قدماه، إِن كَانَ فِي الحراسة كَانَ فِي الحراسة، وَإِن كَانَ فِي السَّاقَة كَانَ فِي السَّاقَة، وَإِن اسْتَأْذن لم يُؤذن، وَإِن شفع لم يشفع ".
2557 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ: عَن أبي حُصَيْن عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أوصني. قَالَ: " لَا تغْضب " فردد مرَارًا: " لَا تغْضب ".
2558 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ: عَن أبي حُصَيْن عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " بعثت أَنا والساعة كهاتين " يَعْنِي إِصْبَعَيْنِ.
2559 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن أبي حُصَيْن عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف كل رَمَضَان عشرَة أَيَّام، فَلَمَّا كَانَ الْعَام الَّذِي قبض فِيهِ اعْتكف عشْرين ".(3/255)
وَفِي رِوَايَة خَالِد بن يزِيد عَن أبي بكر بن عَيَّاش عَن أبي حُصَيْن عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
كَانَ يعرض على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن فِي كل عَام مرّة، فَعرض عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ فِي الْعَام الَّذِي قبض فِيهِ وَكَانَ يعْتَكف كل عَام عشرا، فاعتكف عشْرين فِي الْعَام الَّذِي قبض فِيهِ.
2560 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كسب الْإِمَاء.
2561 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَو دعيت إِلَى كرَاع أَو ذِرَاع لَأَجَبْت، وَلَو أهدي إِلَيّ ذِرَاع أَو كرَاع لقبلت ".
2562 - السبعون: عَن أبي حَازِم سلمَان مولى عزه عَن أبي هُرَيْرَة: {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} [آل عمرَان] قَالَ: خير النَّاس للنَّاس، يأْتونَ بهم فِي السلَاسِل فِي أَعْنَاقهم حَتَّى يدخلُوا فِي الْإِسْلَام.
وَعند البُخَارِيّ أَيْضا فِي هَذَا الْمَعْنى من حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد الْقرشِي عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
عجب الله من قوم يدْخلُونَ الْجنَّة فِي السلَاسِل ".
2563 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لقد رَأَيْت سبعين من أَصْحَاب الصّفة، مَا مِنْهُم رجلٌ عَلَيْهِ رِدَاء، إِمَّا إِزَار وَإِمَّا كسَاء، قد ربطوا فِي أَعْنَاقهم، فَمِنْهَا مَا يبلغ نصف السَّاقَيْن، وَمِنْهَا مَا يبلغ الْكَعْبَيْنِ فيجمعه بِيَدِهِ كَرَاهِيَة أَن ترى عَوْرَته.
2564 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: عَن عبد الرَّحْمَن الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ثَلَاثَة لم يبلغُوا الْحِنْث. ذكره البُخَارِيّ بعقب حَدِيث أبي سعيد(3/256)
الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للنِّسَاء: " مَا مِنْكُن امْرَأَة تقدم ثَلَاثَة من الْوَلَد إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابا من النَّار " أخرجه فِي كتاب " الْعلم " وَلم يُنَبه عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُود.
2565 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ: عَن قيس بن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: لما أقبل يُرِيد الْإِسْلَام وَمَعَهُ غُلَامه، ضل كل واحدٍ مِنْهُمَا من صَاحبه، فَأقبل بعد ذَلِك وَأَبُو هُرَيْرَة جَالس مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أَبَا هُرَيْرَة، هَذَا غلامك قد أَتَاك " قَالَ: أما إِنِّي أشهدك أَنه حر، قَالَ: وَهُوَ حِين يَقُول:
(يَا لَيْلَة من طولهَا وعنائها ... على أَنَّهَا من دارة الْكفْر نجت)
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ:
لما قدمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت فِي الطَّرِيق:
(يَا لَيْلَة من طولهَا وعنائها ... على أَنَّهَا من دارة الْكفْر نجت)
قَالَ: وأبق مني غُلَام فِي الطَّرِيق، فَلَمَّا قدمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَايَعته، فَبينا أَنا عِنْده إِذْ طلع الْغُلَام، فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
يَا أَبَا هُرَيْرَة، هَذَا غلامك؟ " فَقلت: هُوَ حرٌّ لوجه الله، فأعتقته. قَالَ البُخَارِيّ: لم يقل أَبُو كريب عَن أبي أُسَامَة: حرٌّ.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم بن حميد الرُّؤَاسِي عَن إِسْمَاعِيل بن قيس:
لما أقبل أَبُو هُرَيْرَة وَمَعَهُ غُلَامه وَهُوَ يطْلب الْإِسْلَام، فضل أَحدهمَا صَاحبه، يَعْنِي ... وَذكره، وَقَالَ: أما إِنِّي أشهدك أَنه لله.
2566 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن أبي عَمْرو عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول: " الرَّهْن يركب بِنَفَقَتِهِ، وَيشْرب لبن الدّرّ إِذا كَانَ مَرْهُونا " زَاد فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن مقَاتل: " وعَلى الَّذِي يركب وَيشْرب النَّفَقَة ".
2567 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: كُنَّا عِنْد أبي هُرَيْرَة وَعَلِيهِ ثَوْبَان ممشقان من كتَّان، فتمخط فَقَالَ: بخ بح، أَبُو هُرَيْرَة يتمخط فِي الْكَتَّان، لقد رأتني وَإِنِّي لأخر فِيمَا بَين مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حجرَة عَائِشَة مغشياً(3/257)
عَليّ، فَيَجِيء الجائي فَيَضَع رجله على عنقِي، وَيرى أَنِّي مَجْنُون وَمَا بِي من جُنُون، مَا بِي إِلَّا الْجُوع.
2568 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ: أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: وكلني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحِفْظ زَكَاة رَمَضَان، فَأَتَانِي آتٍ فَجعل يحثو الطَّعَام، فَأَخَذته وَقلت: لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: إِنِّي مُحْتَاج وَعلي عِيَال وَبِي حَاجَة شَدِيدَة. قَالَ: فخليت عَنهُ، فَأَصْبَحت، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا هُرَيْرَة، مَا فعل أسيرك البارحة؟ " قلت: يَا رَسُول الله، شكا حَاجَة شَدِيدَة وعيالاً، فرحمته فخليت سَبيله، فَقَالَ: " أما إِنَّه قد كَذبك وَسَيَعُودُ " فَعرفت أَنه سيعود لقَوْل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فرصدته، فجَاء يحثو من الطَّعَام، فَأَخَذته فَقلت: لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: دَعْنِي، فَإِنِّي محتاجٌ وَعلي عِيَال، لَا أَعُود، فرحمته فخليت سَبيله، فَأَصْبَحت، فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أَبَا هر، مَا فعل أسيرك؟ " قلت: يَا رَسُول الله، شكا حَاجَة وعيالاً فرحمته فخليت سَبيله. فَقَالَ: " أما إِنَّه قد كَذبك وَسَيَعُودُ " فرصدته الثَّالِثَة، فجَاء يحثو من الطَّعَام، فَأَخَذته فَقلت: لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هَذَا آخر ثَلَاث مَرَّات، إِنَّك تزْعم أَنَّك لَا تعود ثمَّ تعود، فَقَالَ دَعْنِي، فَإِنِّي أعلمك كَلِمَات ينفعك الله بهَا. قلت: مَا هيه؟ قَالَ: إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ: {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} حَتَّى ختم الْآيَة [الْبَقَرَة] فَإِنَّهُ لَا يزَال عَلَيْك من الله حَافظ، وَلَا يقربك شَيْطَان حَتَّى تصبح. فخليت سَبيله، فَأَصْبَحت، فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا فعل أسيرك البارحة؟ " قلت: يَا رَسُول الله، زعم أَنه يعلمني كَلِمَات يَنْفَعنِي الله بهَا، فخليت سَبيله، قَالَ: " مَا هِيَ؟ " قلت: قَالَ: إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ من أَولهَا حَتَّى تختم الْآيَة: {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} [الْبَقَرَة] وَقَالَ لي: لَا يزَال عَلَيْك من الله حَافظ، وَلنْ يقربك شَيْطَان حَتَّى تصبح، وَكَانَ أحرص شيءٍ على الْخَيْر. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أما إِنَّه قد صدقك وَهُوَ كذوب. تعلم من تخاطب مُنْذُ ثَلَاث يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " ذَاك الشَّيْطَان ".(3/258)
2569 - السَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بَين أَصْحَابه تَمرا، فَأعْطى كل إِنْسَان سبع تمراتٍ، فَأَعْطَانِي سبع تمرات إِحْدَاهُنَّ حَشَفَة، فَلم يكن فِيهِنَّ تَمْرَة أعجب إِلَيّ مِنْهَا، شدت فِي مضاغي.
وَفِي حَدِيث مُسَدّد أَن أَبَا عُثْمَان قَالَ:
تضيفت أَبَا هُرَيْرَة سبعا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَته وخادمه يعتقبون اللَّيْل أَثلَاثًا: يُصَلِّي هَذَا ثمَّ يوقظ هَذَا، وسمعته يَقُول: قسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أَصْحَابه تَمرا، فَأَصَابَنِي سبع تمرات إِحْدَاهُنَّ حَشَفَة.
وَفِي حَدِيث عَاصِم عَن أبي عُثْمَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْننَا تَمرا، فَأَصَابَنِي مِنْهُ خمس: أَربع تمرات وحشفة، ثمَّ رَأَيْت الْحَشَفَة أشدهن لضرسي.
2570 - الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ: عَن مُحَمَّد بن زِيَاد الْقرشِي عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا أَتَى أحدكُم خادمه بطعامه، فَإِن لم يجلسه مَعَه فليناوله لقْمَة أَو لقمتين، أَو أَكلَة أَو أكلتين، فَإِنَّهُ ولي علاجه ".
وَفِي حَدِيث حَفْص بن عمر:
فَإِنَّهُ ولي حره وعلاجه ".
2571 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ: عَن مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَو أَن الْأَنْصَار سلكوا وَاديا أوشعباً لَسَلَكْت وَادي الْأَنْصَار، وَلَوْلَا الْهِجْرَة لَكُنْت امْرأ من الْأَنْصَار " فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: مَا ظلم - بِأبي وَأمي - آووه ونصروه، وَكلمَة أُخْرَى.
2572 - الثَّمَانُونَ: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن دَاوُد النَّبِي كَانَ لَا يَأْكُل إِلَّا من عمل يَده ".(3/259)
2573 - الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ: عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرض على قوم الْيَمين، فَأَسْرعُوا، فَأمر أَن يُسهم بَينهم بِالْيَمِينِ، أَيهمْ يحلف.
2574 - الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِنَّمَا سمي الْخضر لِأَنَّهُ جلس على فَرْوَة بَيْضَاء، فَإِذا هِيَ تهتز من خَلفه خضراء ".
2575 - الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ: عَن وهب بن مُنَبّه عَن أَخِيه همام قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: مَا من أَصْحَاب النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أحدٌ أَكثر حَدِيثا مني عَنهُ إِلَّا مَا كَانَ من عبد الله بن عَمْرو، فَإِنَّهُ كَانَ يكْتب وَلَا أكتب. قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه معمر عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة.
2576 - الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن عَنْبَسَة بن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَتَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِخَيْبَر بَعْدَمَا افتتحوها فَقلت: يَا رَسُول الله، أسْهم لي، فَقَالَ بعض بني سعيد بن الْعَاصِ: لَا تسهم لَهُ يَا رَسُول الله. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: هَذَا قَاتل ابْن قوقل. فَقَالَ ابْن سعيد بن الْعَاصِ: وَاعجَبا لوبرٍ تدلى علينا من قدوم ضَأْن تنعى عَليّ قتل رجلٍ مُسلم أكْرمه الله على يَدي وَلم يهني على يَدَيْهِ. قَالَ: فَلَا أَدْرِي أسْهم لَهُ أَو لم يُسهم لَهُ.
قَالَ البُخَارِيّ: وَيذكر عَن الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عَنْبَسَة أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يخبر سعيد بن الْعَاصِ قَالَ:
بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَانَا على سَرِيَّة من الْمَدِينَة قبل نجد، قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَقدم أبان وَأَصْحَابه على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر بَعْدَمَا افتتحها وَإِن حزم خيلهم الليف. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قلت: يَا رَسُول الله، لَا تقسم لَهُم. فَقَالَ أبان: وَأَنت بِهَذَا يَا وبر تحدر من رَأس ضَأْن. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أبان، اجْلِسْ " فَلم يقسم لَهُم.
وَلَيْسَ لعنبسة بن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(3/260)
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن يحيى عَن جده سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ أَن أبان بن سعيد أقبل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - زَاد أَبُو مَسْعُود:
فَسلم عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: هَذَا قَاتل ابْن قوقل. فَقَالَ أبان لأبي هُرَيْرَة: وَاعجَبا لَك، وبرٌ تدأدأ من قدوم ضَأْن، تنعى عَليّ امْرأ أكْرمه الله بيَدي، وَمنعه أَن يهينني بِيَدِهِ.
2577 - الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ: عَن سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا بعث الله نَبيا إِلَّا رعى الْغنم " فَقَالَ أَصْحَابه: وَأَنت؟ فَقَالَ: " نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مَكَّة ".
2578 - السَّادِس وَالثَّمَانُونَ: عَن سعيد بن عَمْرو الْمَكِّيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: اتبعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخرج لِحَاجَتِهِ، فَكَانَ لَا يلْتَفت، فدنوت مِنْهُ فَقَالَ: " ابغني أحجاراً أستنفض بهَا - أَو نَحوه - وَلَا تأتني بِعظم وَلَا رَوْث " فَأَتَيْته بأحجار بِطرف ثِيَابِي، فوضعها إِلَى جنبه وأعرضت عَنهُ، فَلَمَّا قضى أتبعه بِهن.
2579 - السَّابِع وَالثَّمَانُونَ: أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث سعيد بن عَمْرو عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَيفَ أَنْتُم إِذا لم تجبوا دِينَارا وَلَا درهما؟ فَقيل: وَكَيف ترى ذَلِك كَائِنا؟ قَالَ: إِي وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، عَن قَول الصَّادِق المصدوق. قَالُوا: عَم ذَاك؟ قَالَ: تنتهك ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله، فيشد الله قُلُوب أهل الذِّمَّة فيمنعون مَا فِي أَيْديهم.
وَقد أخرج مُسلم معنى هَذَا الحَدِيث بِلَفْظ آخر أوجب تفريقه، وَإِلَّا فَهُوَ فِي الْمَعْنى // مُتَّفق عَلَيْهِ //، وَهُوَ الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ من أَفْرَاد مُسلم، وأوله: " منعت الْعرَاق درهمها وقفيزها. . ".(3/261)
2580 - الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ: أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث سعيد بن الْحَارِث عَن أبي هُرَيْرَة، يَعْنِي مثل حَدِيث قبله من رِوَايَة سعيد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم عيدٍ خَالف الطَّرِيق. قَالَ البُخَارِيّ: وَحَدِيث جَابر أصح.
وَلَيْسَ لسَعِيد بن الْحَارِث عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
2581 - التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ: عَن عبيد بن حنين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا وَقع الذُّبَاب فِي شراب أحدكُم فليغمسه ثمَّ لينزعه، فَإِن فِي أحد جناحيه دَاء، وَفِي الآخر شِفَاء ".
وَلَيْسَ لِعبيد بن حنين عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
2582 - التِّسْعُونَ: عَن عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس عَن أبي هُرَيْرَة أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا قضى الله الْأَمر فِي السَّمَاء ضربت الْمَلَائِكَة بأجنحتها خضعاناً لقَوْله، كَأَنَّهُ سلسلة على صَفْوَان، فَإِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا: مَاذَا قَالَ ربكُم؟ قَالُوا للَّذي قَالَ: الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير، فَسَمعَهَا مسترق السّمع، ومسترقو السّمع هَكَذَا بعضه فَوق بعض، وَوصف سُفْيَان بكفه فحرفها وبدد بَين أَصَابِعه - فَيسمع الْكَلِمَة فيلقيها إِلَى من تَحْتَهُ حَتَّى يلقيها الآخر إِلَى من تَحْتَهُ، حَتَّى يلقيها على لِسَان السَّاحر أَو الكاهن، فَرُبمَا أدْرك الشهَاب قبل أَن يلقيها، وَرُبمَا أَلْقَاهَا قبل أَن يُدْرِكهُ فيكذب مَعهَا مائَة كذبة، فَيُقَال: أَلَيْسَ قد قَالَ لنا يَوْم كَذَا وَكَذَا وَكَذَا وَكَذَا، فَيصدق بِتِلْكَ الْكَلِمَة الَّتِي سَمِعت من السَّمَاء. " وَذكر فِي رِوَايَة عَليّ بن الْمَدِينِيّ قِرَاءَة من قَرَأَ: (فزع) وَقَالَ سُفْيَان عَن عَمْرو (فزع) وَهِي قراءتنا.(3/262)
2583 - الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ: عَن عِكْرِمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أشهد أَنِّي سَمِعت رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من صلى فِي ثوبٍ فليخالف بَين طَرفَيْهِ ".
2584 - الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ: أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث عِكْرِمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَوْله: " من صور صُورَة ... وَمن تحلم. . وَمن اسْتمع. . " بعقب حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من تحلم بحلم لم يره كلف أَن يعْقد بَين شعرتين وَلنْ يفعل، وَمن اسْتمع إِلَى حَدِيث قومٍ وهم لَهُ كَارِهُون أَو يفرون مِنْهُ صب فِي أُذُنه الآنك يَوْم الْقِيَامَة، وَمن صور صُورَة عذب وكلف أَن ينْفخ فِيهَا الرّوح وَلَيْسَ بنافخ ".
2585 - الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ: اسْتشْهد بِهِ البُخَارِيّ من حَدِيث قَتَادَة عَن الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه رأى الْبَيْت الْمَعْمُور يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك.
وَالْحسن عَن أبي هُرَيْرَة مُنْقَطع، لِأَنَّهُ لم يسمع مِنْهُ.
أَفْرَاد مُسلم
2586 - الحَدِيث الأول: عَن أبي عبد الله جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:: " إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم فليفرغ على يَده ثَلَاث مَرَّات قبل أَن يدْخل يَده فِي إنائه، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي فيمَ باتت يَده ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن كِلَاهُمَا عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَمن حَدِيث عبد الله بن شَقِيق عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من نَومه فَلَا يغمس يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى يغسلهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده ".(3/263)
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي رزين وَأبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة
عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمثله. وَاتفقَ هَؤُلَاءِ الروَاة الثَّلَاثَة كلهم عَن أبي هُرَيْرَة على ذكر قَوْله: " حَتَّى يغسلهَا ثَلَاثًا ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة، وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه، وَمن حَدِيث ثَابت بن عِيَاض الْأَعْرَج مولى عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب عَن أبي هُرَيْرَة، فِي روايتهم جَمِيعًا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا الحَدِيث، وَكلهمْ يَقُول:
حَتَّى يغسلهَا " وَلم يقل " ثَلَاثًا " إِلَّا من قدمنَا أَولا. وأدرج مسلمٌ هَذِه الْأَحَادِيث على مَا قبلهَا، وَلم يبين من اخْتِلَاف ألفاظها إِلَّا مَا أوردنا.
وَقد أخرج أَبُو بكر البرقاني الْأَحَادِيث فِي كِتَابه، وَبَين بعض ذَلِك: فَفِي حَدِيث ثَابت بن عِيَاض عِنْده:
إِذا كَانَ أحدكُم نَائِما فَاسْتَيْقَظَ فَأَرَادَ الْوضُوء، فَلَا يضع يَده فِي الْإِنَاء حَتَّى يصب على يَده، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده ".
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين:
إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم فَلَا يغمس يَده فِي طهوره حَتَّى يفرغ عَلَيْهَا فيغسلها، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي فيمَ باتت يَده ".
وَفِي حَدِيث همام:
إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم فَلَا يغمس يَده فِي وضوئِهِ حَتَّى يغسلهَا، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي فيمَ باتت يَده ".
وَقد أخرجه البُخَارِيّ مقترناً بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ:
وَمن استجمر فليوتر " من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، نَحْو حَدِيث هَؤُلَاءِ، وَلم يذكر " ثَلَاثًا " وَهُوَ مَذْكُور مَعَ الْخَبَر الآخر فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ فِي الرَّابِع وَالتسْعين بعد الْمِائَة، فصح أَن الْمَتْن الَّذِي فِيهِ غسل الْيَد عِنْد الاستيقاظ من النّوم مُتَّفق عَلَيْهِ، دون ذكر عدده.(3/264)
2587 - عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قفل من غَزْوَة خَيْبَر سَار لَيْلَة، حَتَّى إِذا أدْركهُ الكري عرس وَقَالَ لِبلَال: " اكلأ لنا اللَّيْل " فصلى بلالٌ مَا قدر لَهُ، ونام رَسُول الله 7 صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه، فَلَمَّا تقَارب الْفجْر اسْتندَ بلالٌ إِلَى رَاحِلَته مواجه الْفجْر، فَغلبَتْ بِلَالًا عَيناهُ وَهُوَ مُسْتَند إِلَى رَاحِلَته، فَلم يَسْتَيْقِظ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا بلالٌ وَلَا أحدٌ من أَصْحَابه حَتَّى ضربتهم الشَّمْس، فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَوَّلهمْ استيقاظاً، فَفَزعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " أَي بِلَال " فَقَالَ بِلَال: أَخذ بنفسي الَّذِي أَخذ بِنَفْسِك. قَالَ: " اقتادوا " فاقتادوا رواحلهم شَيْئا، ثمَّ تَوَضَّأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأمر بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاة فصلى بهم الصُّبْح، فَلَمَّا قضى الصَّلَاة قَالَ: " من نسي الصَّلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا، فَإِن الله قَالَ: {وأقم الصَّلَاة لذكري} [طه] وَكَانَ ابْن شهَاب يَقْرَأها (للذِّكْرَى) .
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
عرسنا مَعَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم نستيقظ حَتَّى طلعت الشَّمْس، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ليَأْخُذ كل رجلٍ بِرَأْس رَاحِلَته، فَإِن هَذَا منزلٌ حَضَرنَا فِيهِ الشَّيْطَان " قَالَ: فَفَعَلْنَا، ثمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأ، ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ، وَقَالَ بعض الروَاة: ثمَّ صلى سَجْدَتَيْنِ، ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة فصلى الْغَدَاة.
2588 - الثَّالِث: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من أكل من هَذِه الشَّجَرَة فَلَا يقربن مَسْجِدنَا، وَلَا يؤذينا برِيح الثوم ".
2589 - الرَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تبتاعوا الثَّمر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه، وَلَا تبتاعوا الثَّمر بِالتَّمْرِ ".(3/265)
وَعَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا تبتاعوا الثِّمَار حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا ".
2590 - الْخَامِس: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أريت لَيْلَة الْقدر، ثمَّ أيقظني بعض أَهلِي فنسيتها، فالتمسوها فِي الْعشْر الغوابر " وَقَالَ حَرْمَلَة: " فنسيتها ".
2591 - السَّادِس: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تنتبذوا فِي الدُّبَّاء وَلَا فِي المزفت " ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: وَاجْتَنبُوا الحناتم.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث وهيب بن خَالِد عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَنه نهى عَن المزفت والحنتم والنقير. قَالَ: قيل لأبي هُرَيْرَة: مَا الحنتم؟ قَالَ: الجرار الْخضر.
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لوفد عبد الْقَيْس:
أنهاكم عَن الدُّبَّاء والحنتم والنقير والمقير: المزادة المجبوبة، وَلَكِن اشرب فِي سقائك وأوكه ".
2592 - السَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي مجْلِس عَظِيم من الْمُسلمين: " أحدثكُم بِخَير دور الْأَنْصَار؟ " قَالُوا: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بَنو عبد الْأَشْهَل " قَالُوا: ثمَّ من يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " بَنو النجار " قَالُوا: ثمَّ(3/266)
من يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: " ثمَّ بَنو الْحَارِث بن الْخَزْرَج " قَالُوا: ثمَّ من يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " ثمَّ بَنو سَاعِدَة " قَالُوا: ثمَّ من يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " ثمَّ فِي كل دور الْأَنْصَار خيرٌ " فَقَامَ سعد بن عبَادَة مغضباً، فَقَالَ: أَنَحْنُ آخر الْأَرْبَع؟ حِين سمى رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَارهم، فَأَرَادَ كَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لَهُ رجال من قومه: اجْلِسْ، أَلا ترْضى أَن سمى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] داركم فِي الْأَرْبَع الدّور الَّتِي سمى؟ فَمن ترك فَلم يسم أَكثر مِمَّن سمى. فَانْتهى سعد بن عبَادَة عَن كَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2593 - الثَّامِن: عَن سعيد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يدْخل الْجنَّة أقوامٌ أفئدتهم مثل أَفْئِدَة الطير ".
2594 - التَّاسِع: عَن عبد الله بن الْفضل عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لقد رَأَيْتنِي فِي الْحجر وقريشٌ تَسْأَلنِي عَن مسراي، فسألتني عَن أَشْيَاء فِي بَيت الْمُقَدّس لم أثبتها، فكربت كربَة مَا كربت مثله قطّ. قَالَ: فرفعه الله لي أنظر إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي عَن شيءٍ إِلَّا أنبأتهم بِهِ، وَلَقَد رَأَيْتنِي فِي جمَاعَة من الْأَنْبِيَاء، فَإِذا مُوسَى قَائِم يُصَلِّي، فَإِذا رجلٌ ضرب جعدٌ كَأَنَّهُ من رجال شنُوءَة، وَإِذا عِيسَى بن مَرْيَم قائمٌ يُصَلِّي، أقرب النَّاس بِهِ شبها عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ، وَإِذا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَائِم يُصَلِّي، أشبه النَّاس بِهِ صَاحبكُم - يَعْنِي نَفسه. فحانت الصَّلَاة، فأممتهم فَلَمَّا فرغت من الصَّلَاة قَالَ قَائِل: يَا مُحَمَّد، هَذَا مَالك خَازِن النَّار فَسلم عَلَيْهِ، فَالْتَفت فبدأني بِالسَّلَامِ ".
وَقد أخرج البُخَارِيّ الْفَصْل الأول فِي كِتَابه بِمَعْنَاهُ من حَدِيث أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن جَابر بن عبد الله عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لما كذبتني قُرَيْش قُمْت فِي الْحجر، فَجلى الله لي بَيت الْمُقَدّس، فطفقت أخْبرهُم عَن آيَاته وَأَنا أنظر إِلَيْهِ. . ".(3/267)
2595 - الْعَاشِر: عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن وَعُرْوَة بن الزبير وَهَمَّام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " عذبت امْرَأَة فِي هرةٍ، ربطتها، فَلم تطعمها وَلم تسقها وَلم تتركها تَأْكُل من خشَاش الأَرْض " وَمِنْهُم من قَالَ: " من حشرات الأَرْض ". لفظ حَدِيث عُرْوَة، والآخران بِنَحْوِهِ.
وَفِي حَدِيث همام:
دخلت امْرَأَة النَّار من جراء هرة لَهَا - أوهر - ربطتها فَلَا هِيَ أطعمتها. وَلَا هِيَ أرسلتها ترمرم من خشَاش الأَرْض، حَتَّى مَاتَت هزلا ".
2596 - الْحَادِي عشر: عَن أبي عبد الله عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ألم تروا إِلَى مَا قَالَ ربكُم، قَالَ: مَا أَنْعَمت على عبَادي من نعمةٍ إِلَّا أصبح فريق مِنْهُم بهَا كَافِرين، يَقُولُونَ: الْكَوْكَب، وَبِالْكَوْكَبِ ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي يُونُس سليم بن جُبَير مولى أبي هُرَيْرَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ
مَا أنزل الله من السَّمَاء من بركةٍ إِلَّا أصبح فريق من النَّاس بهَا كَافِرين، ينزل الله الْغَيْث فَيَقُولُونَ: الْكَوْكَب كَذَا وَكَذَا " وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن سَلمَة: " بكوكب كَذَا وَكَذَا ".
وَقد أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم حَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة من رِوَايَة صَالح ابْن كيسَان عَنهُ عَن زيد بن خَالِد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ، وَهُوَ مَذْكُور هُنَاكَ، وَهَذَا الحَدِيث الَّذِي فِيهِ: " يَا رَسُول الله، اقْضِ بَيْننَا بِكِتَاب الله. . " هُوَ مَذْكُور فِي مُسْند زيد بن خَالِد أَيْضا.
2597 - الثَّانِي عشر: عَن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " سيحان وجيحان والفرات والنيل، كلٌّ من أَنهَار الْجنَّة ".(3/268)
2598 - الثَّالِث عشر: عَن حَفْص بن عَاصِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كفى بِالْمَرْءِ كذبا أَن يحدث بِكُل مَا سمع "، وَمِنْهُم من رَوَاهُ مُرْسلا.
2599 - الرَّابِع عشر: عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الذَّهَب بِالذَّهَب وزنا بِوَزْن، مثلا بِمثل، وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ وزنا بِوَزْن مثلا بِمثل، فَمن زَاد أَو اسْتَزَادَ فَهُوَ رَبًّا ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث سعيد بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
الدِّينَار بالدينار لَا فضل بَينهمَا، وَالدِّرْهَم بالدرهم لَا فضل بَينهمَا "
وَأخرجه مُسلم أَيْضا زِيَادَة من حَدِيث أبي زرْعَة هرم بن عَمْرو بن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
التَّمْر بِالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ، وَالْملح بالملح، مثلا بِمثل، يدا بيد، فَمن زَاد أَو اسْتَزَادَ فقد أربى، إِلَّا مَا اخْتلفت ألوانه ".
2600 - الْخَامِس عشر: عَن بسر بن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَيّمَا امْرَأَة أَصَابَت بخوراً فَلَا تشهد مَعنا الْعشَاء الْآخِرَة ".
وَفِي حَدِيث زَيْنَب امْرَأَة عبد الله قَالَت: قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا شهِدت إحداكن الْمَسْجِد فَلَا تمس طيبا " وَهُوَ مَذْكُور فِي مسندها ".
2601 - السَّادِس عشر: عَن عَطاء بن يسَار وَأبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة ". أخرجه مُسلم من حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ وزَكَرِيا بن إِسْحَق، وورقاء بن عمر كلهم قَالَ: عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ حَمَّاد بن زيد: لقِيت عَمْرو بن دِينَار فَحَدثني بِهِ وَلم يرفعهُ.(3/269)
2602 - السَّابِع عشر: عَن أبي الْحباب سعيد بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
إِن الله يَقُول يَوْم الْقِيَامَة: أَيْن المتحابون بجلالي؟ الْيَوْم أظلهم فِي ظِلِّي يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظِلِّي ".
2603 - الثَّامِن عشر: عَن أبي أَيُّوب سُلَيْمَان بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من اشْترى طَعَاما فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يكتاله ".
وَفِي رِوَايَة عبد الله بن الْحَارِث أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ لمروان:
أحللت بيع الرِّبَا. فَقَالَ مَرْوَان: مَا فعلت؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: أحللت بيع الصكاك وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الطَّعَام حَتَّى يسْتَوْفى. فَخَطب مَرْوَان فَنهى عَن بَيْعه. قَالَ سُلَيْمَان بن يسَار: فَنَظَرت إِلَى حرس يأخذونها من أَيدي النَّاس.
2604 - التَّاسِع عشر: عَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ: تفرق النَّاس عَن أبي هُرَيْرَة فَقَالَ ناتل أَخُو أهل الشَّام: أَيهَا الشَّيْخ، حَدثنِي حَدِيثا سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ: نعم، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن أول النَّاس يقْضِي يَوْم الْقِيَامَة عَلَيْهِ رجلٌ اسْتشْهد فَأتي بِهِ، فَعرفهُ نعمه فعرفها، فَقَالَ: فَمَا عملت فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلت فِيك حَتَّى استشهدت. فَقَالَ: كذبت، وَلَكِنَّك قَاتَلت لِأَن يُقَال جريء، فقد قيل، ثمَّ أَمر بِهِ فسحب على وَجهه حَتَّى ألقِي فِي النَّار. ورجلٌ تعلم الْعلم وَعلمه وَقَرَأَ الْقُرْآن، فَأتي بِهِ فَعرفهُ نعمه فعرفها، قَالَ: فَمَا عملت فِيهَا؟ قَالَ: تعلمت الْعلم وعلمته، وقرأت فِيك الْقُرْآن.
قَالَ: كذبت، وَلَكِنَّك تعلمت ليقال عَالم، وقرأت الْقُرْآن ليقال هُوَ قَارِئ، فقد قيل، ثمَّ أَمر بِهِ فسحب على وَجهه حَتَّى ألقِي فِي النَّار. ورجلٌ وسع الله عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ من أَصْنَاف المَال، فَأتي بِهِ فَعرفهُ نعمه فعرفها، ثمَّ قَالَ: فَمَا عملت فِيهَا؟(3/270)
قَالَ: مَا تركت من سَبِيل تحب أَن ينْفق فِيهَا إِلَّا أنفقت فِيهَا لَك. قَالَ: كذبت، وَلَكِنَّك فعلت ليقال هُوَ جواد، فقد قيل، ثمَّ أَمر بِهِ فسحب على وَجهه ثمَّ ألقِي فِي النَّار ".
وَهُوَ فِي رِوَايَة حجاج بن مُحَمَّد نَحوه وَقَالَ فِي أَوله:
تفرج النَّاس عَن أبي هُرَيْرَة، فَقَالَ لَهُ ناتلٌ الشَّامي. . وَذكر الحَدِيث.
2605 - الْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي هُرَيْرَة: {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} [النَّجْم] قَالَ: جِبْرِيل. وَعَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: رأى جِبْرِيل فِي صورته وَله سِتّمائَة جنَاح.
2606 - الْحَادِي الْعشْرُونَ: عَن أبي الْغَيْث سَالم مولى ابْن مُطِيع عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " كافل الْيُتْم لَهُ أَو لغيره، أَنا وَهُوَ كهاتين فِي الْجنَّة " وَأَشَارَ الرَّاوِي وَهُوَ مَالك بن أنس بالسبابة وَالْوُسْطَى.
2607 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن ثَوْر بن يزِيد عَن أبي الْغَيْث مولى عبد الله بن مُطِيع عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " سَمِعْتُمْ بمدينةٍ جَانب مِنْهَا فِي الْبر وجانب مِنْهَا فِي الْبَحْر؟ " قَالُوا: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يغزوها سَبْعُونَ ألفا من بني إِسْحَق، فَإِذا جاءوها نزلُوا فَلم يقاتلوا بسلاح وَلم يرموا بِسَهْم، قَالُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله. فَيسْقط أحد جانبيها " قَالَ ثَوْر بن يزِيد: لَا أعلمهُ إِلَّا قَالَ: الَّذِي فِي الْبَحْر. ثمَّ يَقُول الثَّانِيَة: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر، فَيسْقط جَانبهَا الآخر. ثمَّ يَقُول الثَّالِثَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر، فيفرج لَهُم، فيدخلونها. فَبَيْنَمَا هم يقتسمون الْمَغَانِم إِذْ جَاءَهُم الصَّرِيخ فَقَالَ: إِن الدَّجَّال قد خرج، فَيتْركُوا كل شَيْء ويرجعوا ".(3/271)
2608 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا ثمَّ انْصَرف فَقَالَ: " يَا فلَان، أَلا تحسن صَلَاتك؟ أَلا ينظر الْمُصَلِّي إِذا صلى كَيفَ يُصَلِّي؟ فَإِنَّمَا يُصَلِّي لنَفسِهِ، إِنِّي لَأبْصر من ورائي كَمَا أبْصر من بَين يَدي ".
2609 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل معنى حَدِيث قبله: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يَا معشر النِّسَاء، تصدقن وأكثرن الاسْتِغْفَار، فَإِنِّي رأيتكن أَكثر أهل النَّار " فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ جزلة: ومالنا يَا رَسُول الله أَكثر أهل النَّار؟ قَالَ: " تكثرن اللَّعْنَة وتكفرن العشير، مَا رَأَيْت من ناقصات عقل وَدين أغلب لذِي لب مِنْكُن " قَالَت: يَا رَسُول الله، مَا نُقْصَان الْعقل وَالدّين؟ قَالَ: " أما نُقْصَان الْعقل فشهادة امْرَأتَيْنِ تعدل شَهَادَة رجل، فَهَذَا نُقْصَان الْعقل: وتمكث اللَّيَالِي مَا تصلي، وتفطر رَمَضَان، فَهَذَا نُقْصَان الدّين ".
2610 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " خير يَوْم طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة، فِيهِ خلق آدم، وَفِيه أَدخل الْجنَّة، وَفِيه أخرج مِنْهَا ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الْمُغيرَة الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ، وَزَاد:
وَلَا تقوم السَّاعَة إِلَّا فِي يَوْم الْجُمُعَة ".
2611 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الصَّلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس، وَعَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس.(3/272)
2612 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْمُؤمن الْقوي خيرٌ وَأحب إِلَى الله من الْمُؤمن الضَّعِيف، وَفِي كل خير، احرص على مَا ينفعك، واستعن بِاللَّه وَلَا تعجز، وَإِن أَصَابَك شيءٌ فَلَا تقل: لَو أَنِّي فعلت كَذَا كَانَ وَكَذَا، وَلَكِن قل: قدر الله وَمَا شَاءَ فعل؛ فَإِن لَو تفتح عمل الشَّيْطَان ".
2613 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن جَعْفَر بن ربيعَة عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لينتهين أقوامٌ عَن رفعهم أَبْصَارهم عِنْد الدُّعَاء فِي الصَّلَاة إِلَى السَّمَاء، أَو لتخطفن أَبْصَارهم ".
2614 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أدْرك شَيخا يمشي بَين ابنيه يتَوَكَّأ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا شَأْن هَذَا؟ " قَالُوا: ابناه يَا رَسُول الله، كَانَ عَلَيْهِ نذر. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اركب أَيهَا الشَّيْخ، فَإِن الله غنيٌّ عَنْك وَعَن نذرك ".
2615 - الثَّلَاثُونَ: عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من عرض عَلَيْهِ ريحانٌ فَلَا يردهُ، فَإِنَّهُ خَفِيف الْمحمل، طيب الرّيح ".
قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَبِهَذَا الْإِسْنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة:
من عرض عَلَيْهِ طيب ... " وَهُوَ أشهر.
2616 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبيد الله بن عمر عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: نهي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الشّغَار. زَاد ابْن نمير: والشغار: أَن يَقُول الرجل للرجل: زَوجنِي ابْنَتك وأزوجك ابْنَتي، وزوجني أختك وأزوجك أُخْتِي.(3/273)
2617 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبيد الله بن عمر عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الْحَصَاة، وَعَن بيع الْغرَر.
2618 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن سُفْيَان بن عقبَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا دعِي أحدكُم إِلَى طَعَام وَهُوَ صائمٌ فَلْيقل: إِنِّي صَائِم ".
وَقد أخرج مُسلم أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا دعِي أحدكُم فليجب، فَإِن كَانَ صَائِما فَليصل، وَإِن كَانَ مُفطرا فليطعم ".
2619 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن سلمَان الْأَغَر مولى جُهَيْنَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله يبْعَث ريحًا من الْيمن أَلين من الْحَرِير، فَلَا تدع أحدا فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من إِيمَان إِلَّا قَبضته " قَالَ بعض الروَاة: " مِثْقَال ذرة ".
2620 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن الْأَغَر أبي مُسلم أَنه قَالَ: أشهد على أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد أَنَّهُمَا شَهدا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " لَا يقْعد قومٌ يذكرُونَ الله إِلَّا حفتهم الْمَلَائِكَة، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة، وَنزلت عَلَيْهِم السكينَة، وَذكرهمْ الله فِيمَن عِنْده ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا مَعَ زِيَادَة فِي أَوله وَآخره من حَدِيث سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي صَالح ذكْوَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من نفس عَن مولى كربَة من كرب الدُّنْيَا، نفس الله عَنهُ كربَة من كرب يَوْم الْقِيَامَة، وَمن يسر عَليّ مُعسر يسر الله عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَمن ستر مُسلما ستره الله فِي الدُّنْيَا(3/274)
وَالْآخِرَة، وَالله فِي عون العَبْد مَا كَانَ العَبْد فِي عون أَخِيه، وَمن سلك طَرِيقا يلْتَمس فِيهِ علما سهل الله لَهُ طَرِيقا إِلَى الْجنَّة، وَمَا اجْتمع قومٌ فِي بَيت من بيُوت الله يَتلون كتاب الله وَيَتَدَارَسُونَهُ بَينهم إِلَّا نزلت عَلَيْهِم السكينَة، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة، وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَة، وَذكرهمْ الله فِيمَن عِنْده، وَمن بطأ بِهِ عمله لم يسْرع بِهِ نسبه ".
وَقد أخرج مُسلم أَيْضا طرفا مِنْهُ من حَدِيث وهيب بن خَالِد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يستر عبدٌ عبدا فِي الدُّنْيَا إِلَّا ستره الله يَوْم الْقِيَامَة ".
وَمن حَدِيث روح بن الْقَاسِم عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
لَا يستر الله على عبدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا ستره الله يَوْم الْقِيَامَة ". وَهَذَا أَيْضا معنى آخر يَنْبَغِي أَن يفرد إِن كَانَ صَحَّ ضبط الراوية.
2621 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن الْأَغَر أبي مُسلم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْعِزّ إزَاره، والكبرياء رِدَاؤُهُ، فَمن يُنَازعنِي عَذبته ". كَذَا فِيمَا رَأينَا من نسخ كتاب مُسلم.
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه من حَدِيث عمر بن حَفْص بن غياث الَّذِي أخرجه مُسلم من حَدِيثه وَبِذَلِك الْإِسْنَاد إِلَى أبي مُسلم الْأَغَر عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد أَنَّهُمَا قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
يَقُول الله عز وَجل: " الْعِزّ إزَارِي، والكبرياء رِدَائي، فَمن نَازَعَنِي شَيْئا مِنْهُمَا عَذبته " وَهَكَذَا أخرجه أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه.
2622 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن سلمَان الْأَغَر أبي مُسلم عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " نَادَى منادٍ: إِن لكم أَن تصحوا فَلَا تسقموا أبدا، وَإِن لكم أَن تحيوا فَلَا تَمُوتُوا أبدا، وَإِن لكم أَن تشبوا فَلَا تهرموا أبدا، وَإِن لكم أَن(3/275)
تنعموا فَلَا تبتئسوا أبدا، فَذَلِك قَوْله عز وَجل: {ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} [الْأَعْرَاف] .
قَالَ أَبُو مَسْعُود:
أَبُو عبد الله سلمَان الْأَغَر مولى جُهَيْنَة، وَقيل: مولى عزة، عَن أبي هُرَيْرَة، وَأهل الْعرَاق يكنونه أَبَا مُسلم. قَالَ الْخَطِيب: الْأَغَر أَبُو مُسلم والأغر ابْن مُسلم رجلٌ وَاحِد، من أهل الْمَدِينَة، حدث عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد، وَيُقَال. كَانَ عبدا مَمْلُوكا، اشْترك أَبُو هُرَيْرَة وَأَبُو سعيد فِي عتقه. وَقَالَ البُخَارِيّ سلمَان أَبُو عبد الله الْأَغَر، مولى جُهَيْنَة، الْمدنِي، سمع أَبَا هُرَيْرَة، ثمَّ قَالَ: سلمَان أَبُو حَازِم مولى عزة الْأَشْجَعِيّ، سمع عزة، سمع مِنْهُ الْأَعْمَش وَمَنْصُور، وَذكر جمَاعَة.
وَأخرج مُسلم بعض هَذَا من حَدِيث أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من يدْخل الْجنَّة ينعم وَلَا يبأس، لَا تبلى ثِيَابه وَلَا يفنى شبابه " وأغفله أَبُو مَسْعُود فَلم يذكرهُ فِي تَرْجَمَة أبي رَافع.
2623 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبيد الله بن أبي رَافع قَالَ: اسْتخْلف مَرْوَان أَبَا هُرَيْرَة على الْمَدِينَة وَخرج إِلَى مَكَّة، فصلى لنا أَبُو هُرَيْرَة يَوْم الْجُمُعَة، فَقَرَأَ بعد سُورَة الْجُمُعَة فِي الرَّكْعَة الْأَخِيرَة: {إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ} [سُورَة المُنَافِقُونَ] . قَالَ: فأدركت أَبَا هُرَيْرَة حِين انْصَرف فَقلت: إِنَّك قَرَأت بسورتين كَانَ عَليّ بن أبي طَالب يقْرَأ بهما فِي الْكُوفَة. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ بهما فِي الْجُمُعَة.
وَفِي رِوَايَة حَاتِم بن إِسْمَاعِيل:
فَقَرَأَ سُورَة الْجُمُعَة فِي السَّجْدَة الأولى، وَفِي الْآخِرَة: {إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ} .
2624 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي الْحجَّاج مُجَاهِد بن جبر الْمَكِّيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " دِينَار أنفقته فِي سَبِيل الله، ودينار أنفقته فِي رَقَبَة، ودينار تَصَدَّقت بِهِ على مِسْكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الَّذِي أنفقته على أهلك ".(3/276)
2625 - الْأَرْبَعُونَ: عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَو عَن أبي سعيد - شكّ الْأَعْمَش - قَالَ: لما كَانَ يَوْم غَزْوَة تَبُوك أصَاب النَّاس مجاعةٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، لَو أَذِنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " افعلوا ".
فجَاء عمر فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن فعلت قل الظّهْر، وَلَكِن ادعهم بِفضل أَزْوَادهم ثمَّ ادْع الله لَهُم عَلَيْهَا بِالْبركَةِ، لَعَلَّ الله أَن يَجْعَل فِي ذَلِك. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نعم ". قَالَ: فَدَعَا بنطع فبسطه، ثمَّ دَعَا بِفضل أَزْوَادهم، قَالَ: فَجعل الرجل يَجِيء بكف ذرة، قَالَ: وَيَجِيء الآخر بكف تمرٍ، قَالَ: وَيَجِيء الآخر بكسرةٍ، حَتَّى اجْتمع على النطع من ذَلِك شَيْء يسير. قَالَ: فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْبركَةِ، ثمَّ قَالَ: " خُذُوا فِي أوعيتكم. " قَالَ: فَأخذُوا فِي أوعيتهم حَتَّى مَا تركُوا فِي الْعَسْكَر وعَاء إِلَّا ملئوه. قَالَ وأكلوا حَتَّى شَبِعُوا وفضلت فضلةٌ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَنِّي رَسُول الله، لَا يلقى الله بهَا عبدٌ غير شاكٍّ فيحجب عَن الْجنَّة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث طَلْحَة بن مصرف عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسير فَقَالَ: فنفدت أزواد الْقَوْم حَتَّى هم بنحر بعض حمائلهم، قَالَ: فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله، لَو جمعت مَا بَقِي من أزواد الْقَوْم فدعوت الله عَلَيْهَا، قَالَ: فَفعل. فجَاء ذُو الْبر ببره، وَذُو التَّمْر بتمره، قَالَ: وَقَالَ مُجَاهِد: وَذُو النواة بنواه. قلت: وَمَا كَانُوا يصنعون بالنوى؟ قَالَ: يمصونه وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهِ المَاء. قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهَا حَتَّى مَلأ الْقَوْم أزودتهم. قَالَ: فَقَالَ عِنْد ذَلِك: " أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَنِّي رَسُول الله، لَا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاكٍّ فيهمَا إِلَّا دخل الْجنَّة ".
وَلَيْسَ لطلْحَة بن مصرف عَن أبي صَالح فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.(3/277)
2626 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لقد رَأَيْت رجلا يتقلب فِي الْجنَّة، فِي شَجَرَة قطعهَا من ظهر الطَّرِيق كَانَت تؤذي النَّاس ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي رَافع الصَّائِغ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن شَجَرَة كَانَت تؤذي الْمُسلمين، فجَاء رجلٌ فقطعها فَدخل الْجنَّة ".
وَمن حَدِيث جرير بن عبد الحميد عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
مر رجلٌ بِغُصْن شجرةٍ على ظهر طَرِيق فَقَالَ: وَالله لَا لأنحين هَذَا عَن الْمُسلمين لَا يؤذيهم، فَأدْخل الْجنَّة ".
وَقد تقدم فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث سمي مولى أبي بكر عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
بَيْنَمَا رجلٌ يمشي بطرِيق وجد غُصْن شوكٍ على الطَّرِيق فَأَخَّرَهُ، فَشكر الله لَهُ فغفر لَهُ ".
2627 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لِأَن أَقُول: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْد لله، وَلَا إِلَه إِلَّا الله، وَالله أكبر، أحب إِلَى مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس ".
2628 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَا تدخلون الْجنَّة حَتَّى تؤمنوا، وَلَا تؤمنون حَتَّى تحَابوا، أَولا أدلكم على شَيْء إِذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السَّلَام بَيْنكُم ".
2629 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء، ثمَّ أَنى الْجُمُعَة فاستمع(3/278)
وأنصت، غفر لَهُ مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام، وَمن مس الْحَصَا فقد لَغَا ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث روح بن الْقَاسِم عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من اغْتسل ثمَّ أَتَى الْجُمُعَة فصلى مَا قدر لَهُ ثمَّ انتصت حَتَّى يفرغ من خطبَته، ثمَّ يُصَلِّي مَعَه، غفر لَهُ مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَفضل ثَلَاثَة أَيَّام ".
2630 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة. وَعَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نجد فِي أَنْفُسنَا مَا يتعاظم أَحَدنَا أَن يتَكَلَّم بِهِ. قَالَ: " وَقد وجدتموه؟ " قَالُوا: نعم. قَالَ: " ذَاك صَرِيح الْإِيمَان ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث جرير بن عبد الحميد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
جَاءَ ناسٌ. . وَذكر نَحوه.
2631 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اثْنَتَانِ فِي النَّاس هما بهم كفرٌ: الطعْن فِي النّسَب، والنياحة على الْمَيِّت ".
2632 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَيُحِبُّ أحدكُم إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله أَن يجد فِيهِ ثَلَاث خلفات عِظَام سمان؟ " قُلْنَا: نعم. قَالَ: " فَثَلَاث آيَات يقْرَأ بِهن أحدكُم فِي صلَاته خيرٌ لَهُ من ثَلَاث خلفات عظامٍ سمان ".(3/279)
2633 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْمَدِينَة حرمٌ، فَمن أحدث فِيهَا حَدثا أَو آوى مُحدثا فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا يقبل مِنْهُ مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة عدلٌ وَلَا صرفٌ ".
زَاد فِي حَدِيث سُفْيَان عَن الْأَعْمَش:
وَذمَّة الْمُسلمين وَاحِدَة، يسْعَى بهَا أَدْنَاهُم، فَمن أَخْفَر مُسلما فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا يقبل مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة عدلٌ وَلَا صرف ".
وَفِي حَدِيث زَائِدَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
وَمن تولى قوما بِغَيْر إِذن موَالِيه فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا يقبل مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة عدلٌ وَلَا صرف ".
وَفِي رِوَايَة شَيبَان عَن الْأَعْمَش نَحوه، وَقَالَ:
وَمن والى غير موَالِيه بِغَيْر إِذْنه. . ".
وَأخرج مُسلم أَيْضا هَذَا الطّرف الآخر من حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من تولى قوما بِغَيْر إِذن موَالِيه فَعَلَيهِ لعنة الله، وَالْمَلَائِكَة، لَا يقبل مِنْهُ صرفٌ وَلَا عدل ".
2634 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي صَالح، وَعَن سُهَيْل ابْن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، وَأول حَدِيث الْأَعْمَش قَالَ: " أَتَت فَاطِمَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسأله خَادِمًا، فَقَالَ لَهَا: " قولي: " اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع ... " وَأول حَدِيث سُهَيْل قَالَ: كَانَ أَبُو صَالح يَأْمُرنَا إِذا أَرَادَ أَحَدنَا أَن ينَام، أَن يضطجع على شقَّه الْأَيْمن ثمَّ يَقُول: " اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات وَرب الأَرْض وَرب الْعَرْش الْعَظِيم، رَبنَا وَرب كل شَيْء، فالق الْحبّ والنوى، ومنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْفرْقَان، أعوذ بك من شَرّ كل شيءٍ أَنْت آخذٌ بناصيته. اللَّهُمَّ أَنْت الأول فَلَيْسَ قبلك شيءٌ، وَأَنت الآخر فَلَيْسَ بعْدك شَيْء، وَأَنت الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء، وَأَنت الْبَاطِن فَلَيْسَ دُونك شَيْء، اقْضِ عَنَّا الدّين، وأغننا من الْفقر. " وَكَانَ يروي ذَلِك عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.(3/280)
وَفِي حَدِيث خَالِد الطَّحَّان عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يَأْمُرنَا إِذا أَخذنَا مضجعنا أَن نقُول: ... وَذكر مثله، إِلَّا أَنه قَالَ: أعوذ بك من شَرّ كل دابةٍ أَنْت آخذٌ بناصيتها ".
وَقد أخرج مُسلم أَيْضا فِي الذّكر عِنْد الِاضْطِجَاع وَجها آخر من حَدِيث روح ابْن الْقَاسِم عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن فَاطِمَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسأله خَادِمًا، وَشَكتْ الْعَمَل، فَقَالَ: " مَا ألفيتيه عندنَا " وَقَالَ: " أَلا أدلك على مَا هُوَ خير لَك من خَادِم: تسبحين ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وتحمدين ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وتكبرين أَرْبعا وَثَلَاثِينَ حِين تأخذين مضجعك ".
وَفِي حَدِيث وهيب بن خَالِد عَن سُهَيْل عَن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ.
2635 - الْخَمْسُونَ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا قَرَأَ ابْن آدم السَّجْدَة اعتزل الشَّيْطَان يبكي، يَقُول: يَا ويلي، أَمر ابْن آدم بِالسُّجُود فَسجدَ، فَلهُ الْجنَّة، وَأمرت بِالسُّجُود فأبيت، فلي النَّار ".
2636 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تسبوا أَصْحَابِي، لَا تسبوا أَصْحَابِي، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن أحدكُم أنْفق مثل أحدٍ ذَهَبا مَا أدْرك مد أحدهم وَلَا نصيفه " كَذَا عِنْد مُسلم.
وَمِنْهُم من يَقُول: عَن أبي سعيد.
2637 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد، فَأَكْثرُوا الدُّعَاء ".(3/281)
2638 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي سُجُوده: " اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي كُله، دقه وجله. وأوله وَآخره، وعلانيته وسره ".
2639 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من مَاتَ وَلم يغز وَلم يحدث نَفسه بغزوٍ مَاتَ على شعبةٍ من نفاق ".
قَالَ مُسلم: قَالَ عبد الله بن الْمُبَارك: فنرى أَن ذَلِك كَانَ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2640 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن مُسلم بن أبي مَرْيَم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه مرّة قَالَ: " تعرض الْأَعْمَال فِي كل يَوْم خَمِيس وإثنين، فَيغْفر الله عز وَجل فِي ذَلِك الْيَوْم لكل امْرِئ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا، إِلَّا امْرأ كَانَت بَينه وَبَين أَخِيه شَحْنَاء، فَيَقُول: اتْرُكُوا هذَيْن حَتَّى يصطلحا ".
وَفِي حَدِيث مَالك بن أنس عَن مُسلم بن مَرْيَم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
تعرض أَعمال النَّاس فِي كل جُمُعَة مرَّتَيْنِ. . " ثمَّ ذكر نَحوه. وَفِي آخِره: " اتْرُكُوا أَو أركوا هذَيْن حَتَّى يفيئا ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث مَالك عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
تفتح أَبْوَاب الْجنَّة يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَيَوْم الْخَمِيس، فَيغْفر لكل عبدٍ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا إِلَّا رجل كَانَت بَينه وَبَين أَخِيه شَحْنَاء، فَيُقَال انْظُرُوا هذَيْن حَتَّى يصطلحا، أنظروا هذَيْن حَتَّى يصطلحا ".(3/282)
وَمن حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي، وَمن حَدِيث جرير بن عبد الحميد، كِلَاهُمَا عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة نَحْو حَدِيث مَالك، غير أَنه فِي حَدِيث الدَّرَاورْدِي:
إِلَّا المتهاجرين " وَمن رِوَايَة أَحْمد بن عَبده الضَّبِّيّ عَنهُ، وَمن رِوَايَة قُتَيْبَة " إِلَّا المهجرين " هَذَا لفظ مُسلم، لِأَنَّهُ أدرج حَدِيثهمَا على حَدِيث مَالك. وَحكى أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي أَن أول حَدِيثهمَا: " تفتح أَبْوَاب السَّمَاء كل إثنين وخميس. . "
2641 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن أبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار الْأَعْرَج عَن أبي صَالح السمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " عَلَيْك السّمع وَالطَّاعَة فِي عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عَلَيْك ".
وَلَيْسَ لأبي حَازِم الْأَعْرَج عَن أبي صَالح فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
2642 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن الْقَعْقَاع بن حَكِيم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا لقِيت من عقرب لدغتني البارحة؟ فَقَالَ: " أما لَو قلت حِين أمسيت: أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق، لم تَضُرك ".
2643 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن الْقَعْقَاع عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا جلس أحدكُم على حَاجته فَلَا يسْتَقْبل الْقبْلَة وَلَا يستدبرها أغفل أَبُو مَسْعُود هَذَا الحَدِيث فَلم يذكرهُ فِي تَرْجَمَة الْقَعْقَاع عَن أبي صَالح.
2644 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: عَن قدامَة بن مُوسَى عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " اللَّهُمَّ أصلح لي ديني الَّذِي هُوَ عصمَة أَمْرِي،(3/283)
وَأصْلح لي دنياي الَّتِي فِيهَا معاشي، وَأصْلح لي آخرتي الَّتِي فِيهَا معادي، وَاجعَل الْحَيَاة زِيَادَة لي فِي كل خير، وَاجعَل الْمَوْت رَاحَة من كل شَرّ ".
وَلَيْسَ لقدامة عَن مُوسَى عَن أبي صَالح فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
2645 - السِّتُّونَ: عَن صَالح عَن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يصبر على لأواء الْمَدِينَة وشدتها أحدٌ من أمتِي إِلَّا كنت لَهُ شَفِيعًا يَوْم الْقِيَامَة أَو شَهِيدا ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي عبد الله دِينَار الْقَرَّاظ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يصبر على لأواء الْمَدِينَة. . " وَذكره.
وَلَيْسَ لصالح بن أبي صَالح عَن أَبِيه فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
2646 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: عَن عبد الله بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " يَمِينك على مَا يصدقك بِهِ صَاحبك " وَفِي رِوَايَة عَنهُ: " على مَا يصدقك عَلَيْهِ صَاحبك ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث عباد بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
الْيَمين على نِيَّة المستحلف ".
2647 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ على جبل حراء، فَتحَرك فَقَالَ: " اسكن حراء، فَمَا عَلَيْك إِلَّا نبيٌّ أَو صديق أَو شَهِيد " وَعَلِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَسعد بن أبي قاص. كَذَا عِنْد مُسلم فِيمَا(3/284)
رَأينَا من نسخ كِتَابه فِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، لم يذكر عليا، وَزَاد سَعْدا، وَهَكَذَا أخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه من حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن يحيى كَمَا أخرجه مُسلم.
وَأخرجه البرقاني أَيْضا من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن صَالح عَن يحيى بن سعيد بِهَذَا الْإِسْنَاد:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ على حراء وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر بن الْخطاب وَعُثْمَان ابْن عَفَّان وَعلي بن أبي طَالب وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَالزُّبَيْر بن الْعَوام وَطَلْحَة ابْن عبيد الله وَسعد بن أبي وَقاص وَسَعِيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل، فَتحَرك الْجَبَل، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اسكن حراء، فَلَيْسَ عَلَيْك إِلَّا نبيٌّ أَو صديقٌ أَو شَهِيد " فسكن الْجَبَل. وَإِسْنَاده على شَرط مُسلم. وَفِي هَذَا الحَدِيث زِيَادَة فَوَائِد حَسَنَة.
وَأخرج مُسلم أَيْضا من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ على حراء هُوَ وَأَبُو بكر وَعمر وَعلي وَعُثْمَان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر، فتحركت الصَّخْرَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اهدأ، فَمَا عَلَيْك إِلَّا نبيٌّ أَو صديقٌ أَو شَهِيد ".
2648 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ: عَن مَالك عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن سعد ابْن عبَادَة قَالَ: يَا رَسُول الله، إِن وجدت مَعَ امْرَأَتي رجلا، أمهله حَتَّى آتِي بأَرْبعَة شُهَدَاء؟ قَالَ: " نعم ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن سعد بن عبَادَة الْأنْصَارِيّ قَالَ: يَا رَسُول الله،
أَرَأَيْت الرجل يجد مَعَ امْرَأَته رجلا، أَيَقْتُلُهُ؟ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا ". قَالَ سعد: بلَى وَالَّذِي أكرمك بِالْحَقِّ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اسمعوا إِلَى مَا يَقُول سيدكم ".
وَمن حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ سعد ابْن عبَادَة:
يَا رَسُول الله، لَو وجدت مَعَ أَهلِي رجلا، لم أمسه حَتَّى آتِي بأَرْبعَة(3/285)
شُهَدَاء؟ ، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نعم " قَالَ: كلا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، إِن كنت لأعالجه بِالسَّيْفِ قبل ذَلِك. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
اسمعوا مَا يَقُول سيدكم، إِنَّه لغيور، وَأَنا أغير مِنْهُ، وَالله أغير مني " كَذَا عندنَا فِي كتاب مُسلم: لأعالجه، وَفِي رِوَايَة الجوزقي لأعاجله بِالسَّيْفِ، وَفِي رِوَايَة أبي بكر البرقاني: لمعالجه.
2649 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن مَالك عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من حلف على يمينٍ فَرَأى خيرا مِنْهَا فليكفر عَن يَمِينه، وليفعل ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْنَاهُ وَقَالَ:
فليكفر عَن يَمِينه وليفعل الَّذِي هُوَ خير ".
وَمن حَدِيث عبد الْعَزِيز بن الْمطلب عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفر عَن يَمِينه ".
وَلَيْسَ لعبد الْعَزِيز بن الْمطلب عَن سُهَيْل فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي حَازِم مولى عزة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
أعتم رجلٌ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله فَوجدَ الصبية قد نَامُوا، فَأَتَاهُ أَهله بِطَعَام، فَحلف لَا يَأْكُل من أجل صبيته، ثمَّ بدا لَهُ فَأكل، فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من حلف على يمينٍ فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأتها وليكفر عَن يَمِينه ".
2650 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ: عَن مَالك بن أنس فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: كَانَ النَّاس إِذا رَأَوْا أول الثَّمر جَاءُوا بِهِ إِلَى(3/286)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا أَخذه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي ثمرنا، وَبَارك لنا فِي مدينتنا، وَبَارك لنا فِي صاعنا، وَبَارك لنا فِي مدنا. اللَّهُمَّ إِن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام عَبدك وخليلك وَنَبِيك، وَإِنِّي عَبدك وَنَبِيك، وَإنَّهُ دعَاك لمَكَّة، وَإِنِّي أَدْعُوك للمدينة بِمثل مَا دعَاك لمَكَّة وَمثله مَعَه " قَالَ: ثمَّ يَدْعُو أَصْغَر وليد لَهُ فيعطيه ذَلِك الثَّمر.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن حمد الدَّرَاورْدِي الْمدنِي عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُؤْتى بِأول الثَّمر فَيَقُول:
اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي مدينتنا، وَفِي ثمارنا، وَفِي مدنا، وَفِي صاعنا، بركَة مَعَ بركَة " ثمَّ يُعْطِيهِ أَصْغَر من يحضرهُ من الْولدَان.
2651 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ: عَن مَالك عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا تَوَضَّأ العَبْد الْمُسلم - أَو الْمُؤمن - فَغسل وَجهه خرج من وَجهه كل خَطِيئَة نظر إِلَيْهَا بِعَيْنِه مَعَ المَاء - أَو مَعَ آخر قطر المَاء، فَإِذا غسل يَدَيْهِ خرج من يَدَيْهِ كل خطيئةٍ كَانَ بطشتها يَدَاهُ مَعَ المَاء أَو مَعَ آخر قطر المَاء، فَإِذا غسل رجلَيْهِ خرجت كل خَطِيئَة مشتها رِجْلَاهُ مَعَ المَاء أَو مَعَ آخر قطر المَاء حَتَّى يخرج نقياً من الذُّنُوب ".
2652 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن مَالك عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا قَالَ الرجل: هلك النَّاس، فَهُوَ أهلكهم " قَالَ بعض الروَاة: لَا أَدْرِي أهلكهم بِالنّصب، أَو أهلكهم بِالرَّفْع. كَذَا قَالَ، وَالرَّفْع أشهر، أَي أَشَّدهم هَلَاكًا، وَذَلِكَ إِذا قَالَ على سَبِيل الإزراء عَلَيْهِم بالاحتقار لَهُم وتفضيل نَفسه عَلَيْهِم، لِأَنَّهُ لَا يدْرِي سرائر الله فِي خلقه. وَهَكَذَا كَانَ بعض عُلَمَائِنَا يَقُول، وَالله أعلم بِمَا أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال، وروح بن الْقَاسِم، وَحَمَّاد ابْن سَلمَة، جَمِيعًا عَن سُهَيْل بِالْإِسْنَادِ نَفسه.(3/287)
2653 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ: عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا كَانَ فِي سفر وأسحر يَقُول " سمع سامعٌ بِحَمْد الله وَحسن بلائه علينا، رَبنَا صاحبنا وَأفضل علينا، عائذاً بِاللَّه من النَّار ".
2654 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ: عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ تماثيل أَو تصاوير ".
2655 - السبعون: عَن سُلَيْمَان بن بِلَال وَجَرِير بن عبد الحميد وَأبي عوَانَة كلهم عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " رغم أنف، ثمَّ رغم أنف، ثمَّ رغم أنف من أدْرك أَبَوَيْهِ عِنْد الْكبر، أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا فَلم يدْخل الْجنَّة " اللَّفْظ لأبي عوَانَة على تقاربهم.
2656 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: عَن سُلَيْمَان بن بِلَال قَالَ: حَدثنِي سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَرَادَت عَائِشَة أَن تشتري جَارِيَة تعتقها، فَأبى أَهلهَا إِلَّا أَن يكون لَهُم الْوَلَاء، فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " لَا يمنعك ذَلِك، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ".
2657 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تنزل الرّوم بالأعماق أَو بدابق، فَيخرج إِلَيْهِم جَيش من الْمَدِينَة من خِيَار أهل الأَرْض يومئذٍ، فَإِذا تصافوا قَالَت الرّوم: خلوا بَيْننَا وَبَين الَّذين سبوا منا نقاتلهم، فَيَقُول الْمُسلمُونَ: لَا وَالله، لَا نخلي بَيْنكُم وَبَين إِخْوَاننَا تقاتلونهم، فينهزم ثلثٌ لَا يَتُوب الله عَلَيْهِم أبدا، وَيقتل ثلثهم أفضل الشُّهَدَاء عِنْد الله، وَيفتح الثُّلُث لَا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينية، فَبَيْنَمَا هم يقتسمون الْغَنَائِم قد عَلقُوا سيوفهم بالزيتون، إِذْ صَاح فيهم الشَّيْطَان: إِن الْمَسِيح قد خلفكم فِي أهليكم، فَيخْرجُونَ وَذَلِكَ بَاطِل، فَإِذا جَاءُوا الشَّام خرج، فَبَيْنَمَا يعدون لِلْقِتَالِ يسوون الصُّفُوف إِذْ أُقِيمَت الصَّلَاة، فَينزل عِيسَى(3/288)
ابْن مَرْيَم، فَأمهمْ، فَإِذا رَآهُ عَدو الله ذاب كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء، فَلَو تَركه لانذاب حَتَّى يهْلك، وَلَكِن يقْتله الله بِيَدِهِ، فيريهم دَمه فِي حربته ".
2658 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ: عَن عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم، وَيَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من حمل علينا السِّلَاح فَلَيْسَ منا، وَمن غَشنَا فَلَيْسَ منا ".
وَلَيْسَ لعبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم عَن سُهَيْل فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
وَأخرج مُسلم أَيْضا ذكر الْغِشّ من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على صبرَة طَعَام فَأدْخل يَده فِيهِ، فنالت أَصَابِعه بللاً، فقلا: " مَا هَذَا يَا صَاحب الطَّعَام؟ " قَالَ: أَصَابَته السَّمَاء يَا رَسُول الله. قَالَ: " أَفلا جعلته فَوق الطَّعَام حَتَّى يرَاهُ النَّاس " وَقَالَ:
من غَشنَا فَلَيْسَ منا ".
2659 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله، هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ: " هَل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الشَّمْس فِي الظهيرة لَيست فِي سَحَابَة؟ " قَالُوا: لَا. قَالَ: " فَهَل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر لَيْسَ فِي سَحَابَة؟ " قَالُوا: لَا. قَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة ربكُم إِلَّا كَمَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة أَحدهمَا " قَالَ: " فَيلقى العَبْد فَيَقُول: أَي فل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لَك الْخَيل وَالْإِبِل، وأذرك ترأس وترتع؟ فَيَقُول: بلَى. فَيَقُول: أفظننت أَنَّك ملاقي؟ فَيَقُول: لَا.
فَيَقُول: فَإِنِّي أنساك كَمَا نسيتني، ثمَّ يلقى الثَّانِي فَيَقُول: أَي فل، ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لَك الْخَيل وَالْإِبِل وأذرك ترأس وتربع؟ فَيَقُول: بلَى،(3/289)
أَي وربي، فَيَقُول: أظننت أَنَّك ملاقي؟ قَالَ: فَيَقُول: لَا. فَيَقُول: فَإِنِّي أنساك كَمَا نسيتني. ثمَّ قَالَ: ثمَّ يلقى الثَّالِث فَيَقُول لَهُ مثل ذَلِك، فَيَقُول يَا رب، آمَنت بك وبكتابك ورسلك، وَصليت وَصمت وتصدقت، ويثني بِخَير مَا اسْتَطَاعَ، فَيَقُول: هَا هُنَا إِذا. قَالَ: ثمَّ يُقَال: الْآن نبعث شاهدنا عَلَيْك، ويتفكر فِي نَفسه: من ذَا الَّذِي يشْهد عَليّ؟ فيختم على فِيهِ، وَيُقَال لفخذه: انْطِقِي، فَتَنْطِق فَخذه ولحمه وعظامه بِعَمَلِهِ، وَذَلِكَ ليعذر من نَفسه، وَذَلِكَ الْمُنَافِق، وَذَلِكَ الَّذِي يسْخط الله عَلَيْهِ ".
وَلَيْسَ لِسُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن سُهَيْل فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح إِلَّا هَذَا.
كَذَا فِي الأَصْل: " ترتع " بنقطتين من فَوْقهَا، وَأما أَصْحَاب الْعَرَبيَّة وَأهل اللُّغَة فَإِنَّمَا ذكرُوا فِي الحَدِيث: تربع بِالْبَاء: أَي تَأْخُذ المرباع، والمرباع: مَا كَانَ يَأْخُذهُ الرئيس من الْغَنِيمَة. وترتع أَيْضا مُمكن، أَي تتنعم وتنبسط فِيمَا شِئْت.
2660 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ: عَن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يبغض الْأَنْصَار رجلٌ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ".
2661 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ: عَن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تجْعَلُوا بُيُوتكُمْ مَقَابِر، إِن الشَّيْطَان ينفر من الْبَيْت الَّذِي تقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة ".
2662 - السَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سيهل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن المحاقلة والمزابنة. لم يزدْ. وَقد فسر ذَلِك فِي حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ فَقَالَ: والمزابنة: اشْتِرَاء التَّمْر فِي رُؤُوس النّخل، يَعْنِي بِالتَّمْرِ: والمحاقلة: كِرَاء الأَرْض. وَهُوَ مَذْكُور فِي مُسْنده.(3/290)
2663 - الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ: عَن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم خَيْبَر: " لَأُعْطيَن هَذِه الرَّايَة رجلا يحب الله وَرَسُوله، يفتح الله على يَدَيْهِ " قَالَ عمر بن الْخطاب: مَا أَحْبَبْت الْإِمَارَة إِلَّا يومئذٍ. قَالَ: فتساورت لَهَا رَجَاء أَن أدعى لَهَا، قَالَ: فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بن أبي طَالب فَأعْطَاهُ إِيَّاهَا وَقَالَ: " امش وَلَا تلْتَفت حَتَّى يفتح الله عَلَيْك " قَالَ: فَسَار عليٌّ شَيْئا ثمَّ وقف وَلم يلْتَفت، فَصَرَخَ: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: على مَاذَا أقَاتل النَّاس؟ قَالَ: " قَاتلهم حَتَّى يشْهدُوا أَن لَا إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَإِذا فعلوا ذَلِك فقد منعُوا مِنْك دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وحسابهم على الله ".
2664 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ: عَن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من أَشد أمتِي لي حبا ناسٌ يكونُونَ بعدِي، يود أحدهم لَو رَآنِي بأَهْله وَمَاله ".
2665 - الثَّمَانُونَ: عَن يَعْقُوب عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَيست السّنة أَلا تمطروا، وَلَكِن السّنة أَن تمطروا وتمطروا وَلَا تنْبت الأَرْض شَيْئا ".
2666 - الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ: عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد وسُفْيَان الثَّوْريّ وَجَرِير بن عبد الحميد جَمِيعًا عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لِأَن يجلس أحدكُم على جَمْرَة فتحرق ثِيَابه فتخلص إِلَى جلده خير من أَن يجلس على قبر ".
2667 - الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ: عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد وَجَرِير بن عبد الحميد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " إِذا سافرتم فِي الخصب فأعطوا الْإِبِل حظها من الأَرْض، وَإِذا سافرتم فِي السّنة فبادروا بهَا نقيها، وَإِذا عرستم(3/291)
فَاجْتَنبُوا الطَّرِيق، فَإِنَّهَا طرق الدَّوَابّ ومأوى الْهَوَام فِي اللَّيْل.
وَفِي حَدِيث جرير:
وَإِذا سافرتم فِي السّنة فَأَسْرعُوا عَلَيْهَا السّير ".
2668 - الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ: عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد وَجَرِير بن عبد الحميد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تصْحَب الْمَلَائِكَة رفْقَة فِيهَا كلب وَلَا جرس ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث بشر بن الْمفضل عَن سُهَيْل بِالْإِسْنَادِ مثله.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
الجرس مَزَامِير الشَّيْطَان ".
2669 - الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تبدءوا الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، وَإِذا لَقِيتُم أحدهم فِي طَرِيق فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أضيقه ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ وَشعْبَة وَجَرِير كلهم عَن سُهَيْل عَن أَبِيه كَذَلِك.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان:
إِذا لَقِيتُم الْيَهُود. . " وَفِي حَدِيث شُعْبَة: " أهل الْكتاب " وَفِي حَدِيث جرير: " إِذا لقيتموهم. . " وَلم يسم أحدا من الْمُشْركين.
2670 - الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ: عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْأَرْوَاح جنودٌ مجنده، فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف، وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف ".(3/292)
وَأخرجه أَيْضا مَعَ طرف آخر من حَدِيث يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ قَالَ:
النَّاس معادن كمعادن الذَّهَب وَالْفِضَّة، خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الْإِسْلَام إِذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، مَا تعارف مِنْهَا ائتلف، وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف ".
2671 - السَّادِس وَالثَّمَانُونَ: عَن عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي وَأبي عوَانَة كِلَاهُمَا عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا قَامَ أحدكُم. . " وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة: " من قَامَ من مَجْلِسه ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَق بِهِ ".
2672 - السَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة: أَن عمر بن الْخطاب جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده نسْوَة قد رفعن أصواتهن على رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، فَلَمَّا اسْتَأْذن عمر ابتدرن الْحجاب. .، ثمَّ ذكر نَحْو حَدِيث قبله، وَفِيه: فَأذن لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَعْنِي فَدخل، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضْحك، فَقَالَ عمر: أضْحك الله سنك يَا رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " عجبت من هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كن عِنْدِي، فَلَمَّا سمعن صَوْتك ابتدرن الْحجاب " قَالَ عمر: فَأَنت يَا رَسُول الله أَحَق أَن يهبن. ثمَّ قَالَ عمر: أَي عدوات أَنْفسهنَّ، أتهبنني وَلَا تهبن رَسُول الله! قُلْنَ: نعم، فَأَنت أفظ وَأَغْلظ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، مَا لقيك الشَّيْطَان قطّ سالكاً فجاً إِلَّا سلك فجاً غير فجك ".
2673 - الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ: عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَجَرِير بن عبد الحميد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من كَانَ مُصَليا بعد الْجُمُعَة فَليصل أَرْبعا " وَلَيْسَ فِي حَدِيث جرير " مِنْكُم ".(3/293)
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث خَالِد بن عبد الله عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا صلى أحدكُم الْجُمُعَة فَليصل بعْدهَا أَرْبعا ".
وَفِي حَدِيث عبد الله بن إِدْرِيس عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا صليتم بعد الْجُمُعَة فصلوا أَرْبعا " زَاد عَمْرو النَّاقِد عَن ابْن إِدْرِيس: قَالَ سُهَيْل: فَإِن عجل بك فصل رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِد وَرَكْعَتَيْنِ إِذا رجعت ".
وَلَيْسَ لعبد الله بن إِدْرِيس عَن سُهَيْل فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح إِلَّا هَذَا.
2674 - التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ: عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَجَرِير بن عبد الحميد وَأبي عوَانَة وخَالِد بن عبد الله وَإِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا كلهم عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من قتل وزغة فِي أول ضَرْبَة فَلهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَة، وَمن قَتلهَا فِي الضَّرْبَة الثَّانِيَة فَلهُ كَذَا وَكَذَا حسنه لدوّنَ الأولى، وَإِن قَتلهَا فِي الضَّرْبَة الثَّالِثَة فَلهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَة لدوّنَ الثَّانِيَة " وَهَذَا لفظ حَدِيث خَالِد بن عبد الله، وَالْبَاقُونَ بِمَعْنَاهُ، إِلَّا جَرِيرًا فَإِن فِي حَدِيثه: " من قتل وزغاً فِي أول ضَرْبَة كتب لَهُ مائَة حَسَنَة، وَفِي الثَّانِيَة دون ذَلِك، وَفِي الثَّالِثَة دون ذَلِك ". زَاد إِسْمَاعِيل ابْن زَكَرِيَّا عَن سُهَيْل أَنه قَالَ: ". . فِي أول ضَرْبَة سبعين حَسَنَة. . ".
2675 - التِّسْعُونَ: عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَجَرِير بن عبد الحميد جَمِيعًا، عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يَجْزِي ولدٌ وَالِده إِلَّا أَن يجده مَمْلُوكا فيشتريه فيعتقه " وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي بكر بن أبي شيبَة عَن جرير. وَفِي رِوَايَة زُهَيْر بن حَرْب: " ولدٌ ولدا ... ".
2676 - الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ: عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي(3/294)
هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " منعت الْعرَاق درهمها وقفيزها، ومنعت الشَّام مدها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حَيْثُ بدأتم. وعدتم من حَيْثُ بدأتم، وعدتم من حَيْثُ بدأتم " شهد على ذَلِك لحم أبي هُرَيْرَة وَدَمه.
وَقد أخرج البُخَارِيّ مَعْنَاهُ من حَدِيث سعيد بن عَمْرو عَن أبي هُرَيْرَة تَعْلِيقا، وَإِنَّمَا فرقناهما لِأَن اللَّفْظَيْنِ مُخْتَلِفَانِ جدا، وَإِن كَانَ الْمَعْنى وَاحِدًا، وَلَو جمعا لجَاز.
وَقد ذَكرْنَاهُ فِي أَفْرَاد البخار ي، وَهُوَ السَّابِع وَالثَّمَانُونَ من أَفْرَاده، وأوله: " وَكَيف أَنْتُم إِذا لم تجبوا دِينَارا وَلَا درهما. . " الحَدِيث.
2677 - الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ: عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تبلغ المساكن إهَاب أَو يهاب ". قَالَ زُهَيْر: قلت لسهيل: وَكم ذَلِك من الْمَدِينَة قَالَ: كَذَا وَكَذَا ميلًا.
2678 - الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ: عَن جرير بن عبد الحميد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِذا وجد أحدكُم فِي بَطْنه شَيْئا فأشكل عَلَيْهِ: أخرج مِنْهُ شيءٌ أم لَا، فَلَا يخْرجن من الْمَسْجِد حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا ".
2679 - الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن جرير بن عبد الحميد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من أَخذ شبْرًا من أَرض طوقه إِلَى سبع أَرضين " وَحكى أَبُو مَسْعُود: " لَا يَأْخُذ أحدكُم شبْرًا من الأَرْض بِغَيْر حَقه ... ".
2680 - الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ: عَن جرير بن عبد الحميد وَأبي عوَانَة كِلَاهُمَا عَن أبي سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله يرضى لكم(3/295)
ثَلَاثًا، وَيكرهُ لكم ثَلَاثًا: فيرضي لكم أَن تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا، وَأَن تعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا، وَيكرهُ لَهُ قيل وَقَالَ، وَكَثْرَة السُّؤَال، وإضاعة المَال. " لفظ حَدِيث جرير. وَحَدِيث أبي عوَانَة مثله، غير أَنه قَالَ: " ويسخط لكم ثَلَاثًا " وَلم يذكر " وَلَا تفَرقُوا ".
2681 - السَّادِس وَالتِّسْعُونَ: عَن جرير عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا تَعدونَ الشَّهِيد فِيكُم؟ " قَالُوا: يَا رَسُول الله، من قتل فِي سَبِيل الله فَهُوَ شَهِيد. فَقَالَ: " إِن شُهَدَاء أمتِي إِذا لقَلِيل " قَالُوا: فَمن هم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: من قتل فِي سَبِيل الله فَهُوَ شَهِيد، وَمن مَاتَ فِي سَبِيل الله فَهُوَ شَهِيد، وَمن مَاتَ فِي الطَّاعُون فَهُوَ شَهِيد، وَمن مَاتَ فِي الْبَطن فَهُوَ شَهِيد " قَالَ ابْن مقسم: أشهد على أَبِيك فِي الحَدِيث أَنه قَالَ: " والغريق شَهِيد ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث خَالِد بن عبد الله الوَاسِطِيّ عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا، غير أَنه فِي حَدِيثه قَالَ سُهَيْل: قَالَ عبيد الله بن مقسم:
أشهد على أَخِيك: زَاد فِي هَذَا الحَدِيث: " وَمن غرق فَهُوَ شَهِيد ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث وهيب بن خَالِد عَن سُهَيْل كَذَلِك. وَفِي حَدِيثه قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن مقسم عَن أبي صَالح، وَزَاد فِيهِ: " والغريق شَهِيد ".
2682 - السَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن جرير عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صنفان من أهل النَّار لم أرهما: قوم مَعَهم سياطٌ كأذناب الْبَقر يضْربُونَ النَّاس، ونساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، مميلاتٌ مائلاتٌ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لَا يدخلن الْجنَّة وَلَا يجدن رِيحهَا، وَإِن رِيحهَا لتوجد من مسيرَة كَذَا وَكَذَا ".(3/296)
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن رَافع مولى أم سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
يُوشك إِن طَالَتْ بك مُدَّة أَن ترى قوما فِي أَيْديهم مثل أَذْنَاب الْبَقر، يَغْدُونَ فِي غضب الله، وَيَرُوحُونَ فِي سخط الله ".
2683 - الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ: عَن وهيب بن خَالِد عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا أكل أحدكُم فليلعق أَصَابِعه، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي فِي أيهن الْبركَة ".
2684 - التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ: عَن أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم من مُحَمَّد الْفَزارِيّ عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يَجْتَمِعَانِ فِي النَّار - يَعْنِي اثْنَان - اجتماعاً يضر أَحدهمَا الآخر " قيل: من هم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " مُؤمن من قتل كَافِرًا ثمَّ سدد ".
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يجْتَمع كافرٌ وقاتله فِي النَّار أبدا ".
2685 - الْمِائَة: عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نَهَضَ من الرَّكْعَة الثَّانِيَة استفتح الْقِرَاءَة ب {الْحَمد لله رب الْعَالمين} وَلم يسكت.
2686 - الأول بعد الْمِائَة: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من سَأَلَ النَّاس أَمْوَالهم تكثراً فَإِنَّمَا يسْأَل جمراً، فليستقل أَو ليستكثر ".
2687 - الثَّانِي بعد الْمِائَة: عَن أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله(3/297)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكره الشكال من الْخَيل. زَاد فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن سُفْيَان: الشكال أَن يكون الْفرس فِي رجله الْيُمْنَى بَيَاض وَفِي يَده الْيُسْرَى، أَو يَده الْيُمْنَى وَرجله الْيُسْرَى.
2688 - الثَّالِث بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم سلمَان مولى عزة الأشجعية عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم أَو لَيْلَة، فَإِذا هُوَ بِأبي بكر وَعمر، فَقَالَ: " مَا أخرجكما من بيوتكما هَذِه السَّاعَة؟ " قَالَا: الْجُوع يَا رَسُول الله. قَالَ: " وَأَنا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأخرجني الَّذِي أخرجكما. قومُوا ". فَقَامُوا مَعَه، فَأتى رجلا من الْأَنْصَار فَإِذا هُوَ لَيْسَ فِي بَيته، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَة قَالَت: مرْحَبًا وَأهلا.
فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَيْن فلَان؟ " قَالَت: ذهب يستعذب لنا من المَاء، إِذْ جَاءَ الْأنْصَارِيّ، فَنظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبيه، ثمَّ قَالَ: " الْحَمد لله، مَا أحدٌ الْيَوْم أكْرم أضيافاً مني. قَالَ: فَانْطَلق فَجَاءَهُمْ بعذق فِيهِ بسرٌ وتمرٌ وَرطب. فَقَالَ: كلوا، وَأخذ المدية، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إياك والحلوب " فذبح لَهُم، فَأَكَلُوا من الشَّاة وَمن ذَلِك العذق، وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَن شَبِعُوا وَرووا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لأبي بكر وَعمر: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتسألن عَن هَذَا النَّعيم يَوْم الْقِيَامَة. أخرجكم من بُيُوتكُمْ الْجُوع، ثمَّ لم ترجعوا حَتَّى أَصَابَكُم هَذَا النَّعيم ".
2689 - الرَّابِع بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تقيء الأَرْض أفلاذ كَبِدهَا أَمْثَال الأسطوان من الذَّهَب وَالْفِضَّة، فَيَجِيء الْقَاتِل فَيَقُول: فِي هَذَا قتلت، وَيَجِيء الْقَاطِع فَيَقُول: فِي هَذَا قطعت رحمي، وَيَجِيء السَّارِق فَيَقُول: فِي هَذَا قطعت يَدي، ثمَّ يَدعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئا ".
2690 - الْخَامِس بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ثلاثةٌ لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَا ينظر إِلَيْهِم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: شيخ زَان، وَملك كَذَّاب، وعائل مستكبر ".(3/298)
2691 - السَّادِس بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَيهَا النَّاس، إِن الله طيبٌ لَا يقبل إِلَّا طيبا، وَإِن الله أَمر الْمُؤمنِينَ بِمَا أَمر بِهِ الْمُرْسلين، قَالَ: {يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عليم} [الْمُؤْمِنُونَ] وَقَالَ: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم} [الْبَقَرَة] ثمَّ ذكر الرجل يُطِيل السّفر أَشْعَث أغبر، يمد يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء: يَا رب، يَا رب، ومطعمه حرَام، ومشربه حرَام، وغذي بالحرام، فَأنى يُسْتَجَاب لَهُ ".
2692 - السَّابِع بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ أَبُو جهل: هَل يعفر محمدٌ وَجهه بَين أظْهركُم قَالَ: فَقيل: نعم. فَقَالَ: وَاللات والعزى لَئِن رَأَيْته يفعل ذَلِك لَأَطَأَن على رقبته أَو لأُعَفِّرَنَّ وَجهه فِي التُّرَاب. قَالَ: فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي، زعم ليَطَأ على رقبته. قَالَ: فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكص على عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بيدَيْهِ. قَالَ: فَقيل لَهُ: مَالك؟ قَالَ: إِن بيني وَبَينه لَخَنْدَقًا من نَار وَهولا وَأَجْنِحَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَو دنا مني لتخطفته الْمَلَائِكَة عضوا عضوا ". قَالَ: فَأنْزل الله عز وَجل لَا نَدْرِي أَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أم شَيْء بلغه: {كلا إِن الْإِنْسَان ليطْغى أَن رَآهُ اسْتغنى إِن إِلَى رَبك الرجعى أَرَأَيْت الَّذِي ينْهَى} عبدا إِلَى صلى أَرَأَيْت إِن كَانَ على الْهدى أَو أَمر بالتقوى أَرَأَيْت إِن كذب وَتَوَلَّى ألم يعلم بِأَن الله يرى كلا لَئِن لم ينْتَه لنسفعاً بالناصية ناصيةٍ كَاذِبَة خاطئة فَليدع نَادِيه سَنَدع الزَّبَانِيَة كلا لَا تطعه} [العلق] وَأمره بِمَا أمره بِهِ. زَاد مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى عَن الْمُعْتَمِر: {فَليدع نَادِيه} يَعْنِي قومه.
2693 - الثَّامِن بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ضرس الْكَافِر أَو نَاب الْكَافِر مثل أحدٍ، وَغلظ جلده مسيرَة ثَلَاث ".(3/299)
2694 - التَّاسِع بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من تطهر فِي بَيته ثمَّ مضى إِلَى بيتٍ من بيُوت الله يقْضِي فَرِيضَة من فَرَائض الله، كَانَت خطوتاه: إِحْدَاهمَا تحط خَطِيئَة، وَالْأُخْرَى ترفع دَرَجَة ".
2695 - الْعَاشِر بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم الْأَشْجَعِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِعَمِّهِ عِنْد الْمَوْت: " قل لَا إِلَه إِلَّا الله أشهد لَك بهَا يَوْم الْقِيَامَة " فَأبى، فَأنْزل الله عز وَجل: {إِ نك لَا تهدي من أَحْبَبْت} الْآيَة [الْقَصَص] .
وَفِي رِوَايَة يحيى بن سعيد أَنه قَالَ لِعَمِّهِ:
قل لَا إِلَه إِلَّا الله أشهد لَك يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ: لَوْلَا تعيرني قُرَيْش، يَقُولُونَ: إِنَّمَا حمله على ذَلِك الْجزع لأقررت بهَا عَيْنك فَأنْزل الله عز وَجل: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء} .
2696 - الْحَادِي عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بَدَأَ الْإِسْلَام غَرِيبا، وَسَيَعُودُ غَرِيبا، فطوبى للغرباء ".
2697 - الثَّانِي عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لقنوا مَوْتَاكُم: لَا إِلَه إِلَّا الله ".
2698 - الثَّالِث عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: " يَا عَائِشَة، ناوليني الثَّوْب " فَقَالَت: إِنِّي حائضٌ، فَقَالَ: " إِن حيضتك لَيست فِي يدك ".
2699 - الرَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي رَكْعَتي الْفجْر: {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} .
2700 - الْخَامِس عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خرج إِلَيْنَا(3/300)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " اقْرَأ عَلَيْكُم ثلث الْقُرْآن؟ " فَقَرَأَ: {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد} حَتَّى خَتمهَا.
وَفِي رِوَايَة يزِيد بن كيسَان عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
احشدوا؛ فَإِنِّي سأقرأ عَلَيْك ثلث الْقُرْآن " فحشد من حشد، ثمَّ خرج نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ: {قل هُوَ الله أحد} ثمَّ دخل فَقَالَ بَعْضنَا لبَعض: إِنِّي أرى هَذَا خَبرا جَاءَ من السَّمَاء، فَذَاك الَّذِي أدخلهُ، ثمَّ خرج نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " إِنِّي قلت: سأقرأ عَلَيْكُم ثلث الْقُرْآن، إِنَّهَا تعدل ثلث الْقُرْآن ".
2701 - السَّادِس عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اسْتَأْذَنت رَبِّي أَن أسْتَغْفر لأمي فَلم يَأْذَن لي، واستأذنته أَن أزورها فَأذن لي ".
2702 - السَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم الْأَشْجَعِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من أصبح مِنْكُم الْيَوْم صَائِما؟ " فَقَالَ أَبُو بكر: أَنا.
قَالَ: " فَمن تبع مِنْكُم الْيَوْم جَنَازَة؟ " فَقَالَ أَبُو بكر: أَنا. قَالَ: " فَمن أطْعم مِنْكُم الْيَوْم مِسْكينا؟ " فَقَالَ أَبُو بكر: أَنا. قَالَ: " فَمن عَاد مِنْكُم الْيَوْم مَرِيضا؟ " قَالَ أَبُو بكر: أَنا. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا اجْتَمعْنَ فِي امْرِئ إِلَّا دخل الْجنَّة ".
2703 - الثَّامِن عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: تَذَاكرنَا لَيْلَة الْقدر عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " أَيّكُم يذكر حِين طلع الْقَمَر وَهُوَ مثل شقٍّ جفنةٍ؟ ".
2704 - التَّاسِع عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ رجلٌ فَأخْبرهُ أَنه تزوج امْرَأَة من الْأَنْصَار، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أنظرت إِلَيْهَا؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " فَاذْهَبْ فَانْظُر إِلَيْهَا، فَإِن فِي أعين الْأَنْصَار شَيْئا " لم يزدْ.(3/301)
وَفِي رِوَايَة مَرْوَان بن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ:
أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي تزوجت امْرَأَة من الْأَنْصَار. فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَل نظرت إِلَيْهَا؟ فَإِن فِي أعين الْأَنْصَار شَيْئا " قَالَ: قد نظرت إِلَيْهَا. قَالَ: " على كم تَزَوَّجتهَا؟ " قَالَ: على أَربع أَوَاقٍ. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " على أَربع أَوَاقٍ؟ كَأَنَّمَا تنحتون من عرض هَذَا الْجَبَل.
مَا عندنَا مَا نعطيك، وَلَكِن عَسى أَن نبعثك فِي بعثٍ تصيب مِنْهُ " قَالَ: فَبعث بعثاً إِلَى بني عبس، فَبعث ذَلِك الرجل فيهم.
2705 - الْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قيل: يَا رَسُول الله، أدع الله على الْمُشْركين. قَالَ: " إِنِّي لم أبْعث لعاناً، وَإِنَّمَا بعثت رَحْمَة ".
2706 - الْحَادِي والشعرون بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ سمع وجبةً فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تَدْرُونَ مَا هَذَا؟ " قَالَ: قُلْنَا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: " هَذَا حجرٌ يرْمى بِهِ فِي النَّار مُنْذُ سبعين خَرِيفًا، فَهُوَ يهوي فِي النَّار، الْآن حَتَّى انْتهى إِلَى قعرها " زَاد فِي رِوَايَة مَرْوَان الْفَزارِيّ: " فسمعتم وجبتها ".
2707 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان لَا يدْرِي الْقَاتِل فِي أَي شَيْء قتل، وَلَا يدْرِي الْمَقْتُول على أَي شَيْء قتل " وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن فُضَيْل: فَقيل: كَيفَ يكون ذَلِك؟ قَالَ: " الْهَرج، الْقَاتِل والمقتول فِي النَّار ".
2708 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا قَامَ أحدكُم من اللَّيْل فليفتح الصَّلَاة بِرَكْعَتَيْنِ خفيفتين ".(3/302)
2709 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الصَّلَوَات الْخمس، وَالْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة كَفَّارَات لما بَينهُنَّ ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب مولى الحرقة عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينحوه، وَزَاد:
مَا لم تغش الْكَبَائِر ".
وَمن حَدِيث إِسْحَاق مولى زَائِدَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
الصَّلَوَات الْخمس، وَالْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة، ورمضان إِلَى رَمَضَان مكفرات مَا بَينهُنَّ إِذا اجْتنبت الْكَبَائِر ".
وَلَيْسَ لإسحق مولى زَائِدَة عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2710 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي رَافع الصَّائِغ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن رجلا زار أَخا لَهُ فِي قَرْيَة أُخْرَى، فأرصد الله على مدرجته ملكا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْن تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيد أَخا لي فِي هَذِه الْقرْيَة؟ قَالَ: هَل لَك من نعمةٍ تربها؟ قَالَ: لَا، غير أَنِّي أحببته فِي الله. قَالَ: فَإِنِّي رَسُول الله إِلَيْك: بِأَن الله قد أحبك كَمَا أحببته ".
2711 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الله عز وَجل يَقُول يَوْم الْقِيَامَة: يَا ابْن آدم، مَرضت فَلم تعدني. قَالَ: يَا رب، كَيفَ أعودك وَأَنت رب الْعَالمين؟ قَالَ: أما علمت أَن عَبدِي فلَانا مرض فَلم تعده، أما علمت أَنَّك لَو عدته لَوَجَدْتنِي عِنْده. يَا ابْن آدم، استطعمتك فَلم تطعمني. قَالَ: يَا رب، وَكَيف أطعمك وَأَنت رب الْعَالمين. قَالَ: أما علمت أَنه استطعمك عَبدِي فلَان فَلم تطعمه، أما علمت أَنَّك لَو أطعمته لوجدت ذَلِك عِنْدِي. يَا ابْن آدم، استسقيتك فَلم تَسْقِنِي. قَالَ: يَا رب،(3/303)
كَيفَ أسقيك وَأَنت رب الْعَالمين قَالَ:
استسقاك عَبدِي فلانٌ فَلم تسقه، أما إِنَّك لَو سقيته وجدت ذَلِك عِنْدِي ".
2712 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي رَافع الصَّائِغ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كَانَ زَكَرِيَّا نجاراً ".
2713 - الثَّامِن عشر بعد الْمِائَة: عَن همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن أدنى مقْعد أحدكُم من الْجنَّة من يَقُول لَهُ: تمن؛ فيتمنى ويتمنى، فَيَقُول لَهُ: هَل تمنيت، فَيَقُول: نعم. فَيَقُول لَهُ: فَإِن لَك مَا تمنيت وَمثله مَعَه ".
2714 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " أقِيمُوا الصَّفّ فِي الصَّلَاة، فَإِن إِقَامَة الصَّفّ من حسن الصَّلَاة ".
2715 - الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا قَامَ أحدكُم من اللَّيْل فاستعجم الْقُرْآن على لِسَانه فَلم يدر مَا يَقُول فليضطجع ".
2716 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " أَيّمَا قريةٍ أتيتموها وأقمتم فِيهَا فسهمكم فِيهَا، وَأَيّمَا قريةٍ عَصَتْ الله وَرَسُوله فَإِن خمسها لله وَلِرَسُولِهِ ثمَّ هِيَ لكم ".
2717 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن رَافع مولى أم سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي فَقَالَ: " خلق الله عز وَجل التربة يَوْم السبت، وَخلق فِيهَا الْجبَال يَوْم الْأَحَد، وَخلق الشّجر يَوْم الْإِثْنَيْنِ، وَخلق الْمَكْرُوه يَوْم الثُّلَاثَاء، وَخلق النُّور يَوْم الْأَرْبَعَاء، وَبث فِيهَا الدَّوَابّ يَوْم الْخَمِيس، وَخلق(3/304)
آدم بعد الْعَصْر من يَوْم الْجُمُعَة فِي آخر الْخلق فِي آخر سَاعَة من النَّهَار فِيمَا بَين الْعَصْر إِلَى اللَّيْل ".
2718 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن قارظ أَنه وجد أَبَا هُرَيْرَة يتَوَضَّأ على الْمَسْجِد، قَالَ: إِنَّمَا أتوضأ من أثوار أقط أكلتها، لِأَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " توضأوا مِمَّا مست النَّار ".
2719 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن حَنْظَلَة بن عَليّ الْأَسْقَع الْأَسْلَمِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ليهلن ابْن مَرْيَم بفج الروحاء حَاجا أَو مُعْتَمِرًا أَو ليثنيهما ".
وَلَيْسَ لحنظلة بن عَليّ عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2720 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَينا رجل بفلاة من الأَرْض، فَسمع صَوتا فِي سَحَابَة: اسْقِ حديقة فلَان، فَتنحّى ذَلِك السَّحَاب فأفرغ مَاء فِي حرَّة، فَإِذا شرجة من تِلْكَ الشراج قد استوعبت ذَلِك المَاء كُله. فتتبع المَاء، فَإِذا الرجل قائمٌ فِي حديقة يحول المَاء بمسحاته، فَقَالَ لَهُ: يَا عبد الله مَا اسْمك؟ قَالَ: فلَان، للاسم الَّذِي سمع فِي السحابة. فَقَالَ لَهُ: يَا عبد الله: لم سَأَلتنِي عَن اسْمِي؟ قَالَ: سَمِعت السَّحَاب الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُول: اسْقِ حديقة فلَان - لاسمك، فَمَا تصنع فِيهَا؟ قَالَ: إِمَّا إِذا قلت هَذَا، فَإِنِّي أنظر إِلَى مَا يخرج مِنْهَا فأتصدق بِثُلثِهِ، وآكل أَنا وعيالي ثلثه. وأرد فِيهَا ثلثه " وَفِي حَدِيث أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: " وَأَجْعَل ثلثه فِي الْمَسَاكِين والسائلين وَابْن السَّبِيل ".
وَلَيْسَ لِعبيد بن عُمَيْر فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.(3/305)
2721 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْرَان مولى أبي هُرَيْرَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أحب الْبِلَاد إِلَى الله مساجدها، وَأبْغض الْبِلَاد إِلَى الله أسواقها ".
وَلَيْسَ لعبد الرَّحْمَن مهْرَان فِي الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة غير هَذَا.
2722 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي السَّائِب مولى عبد الله بن هِشَام بن زهرَة، وَعبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب مولى الحرقة وَالِد الْعَلَاء - وَكَانَ جليس أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من صلى صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب فَهِيَ خداج - ثَلَاثًا - غير تَامّ ".
فَقيل لأبي هُرَيْرَة إِنَّا نَكُون وَرَاء الإِمَام، فَقَالَ:
اقرأها فِي نَفسك، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " قَالَ الله عز وَجل: قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ، ولعبدي مَا سَأَلَ ". وَفِي حَدِيث مَالك وَابْن جريج " فنصفها لي وَنِصْفهَا لعبدي: فَإِذا قَالَ العَبْد: {الْحَمد لله رب الْعَالمين} قَالَ الله: حمدني عَبدِي. وَإِذا قَالَ: {الرَّحْمَن الرَّحِيم} قَالَ الله: أثنى عَليّ عَبدِي: وَإِذا قَالَ: {مَالك يَوْم الدّين} قَالَ الله: مجدني عَبدِي، وَقَالَ مرّة: فوض إِلَيّ عَبدِي. وَإِذا قَالَ: {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} قَالَ: هَذَا بيني وَبَين عَبدِي، ولعبدي مَا سَأَلَ. فَإِن قَالَ: {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} قَالَ: هَذَا بيني وَبَين عَبدِي، ولعبدي مَا سَأَلَ ".
2723 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي السَّائِب مولى هِشَام بن زهرَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يغْتَسل أحدكُم فِي المَاء الدَّائِم وَهُوَ جنب " فَقَالَ: كَيفَ نَفْعل يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ قَالَ تنَاوله تناولاً.(3/306)
2724 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك وَشعْبَة وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَلا أدلكم على مَا يمحو الله بِهِ الْخَطَايَا وَيرْفَع بِهِ الدَّرَجَات؟ " قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله: قَالَ: " إسباغ الْوضُوء على المكاره، وَكَثْرَة الخطا إِلَى الْمَسَاجِد، وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة، فذلكم الرِّبَاط، فذلكم الرِّبَاط " مرَّتَيْنِ.
2725 - الْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُلَيْمَان بن بِلَال وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي كثير، كِلَاهُمَا عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يَنْبَغِي لصديق أَن يكون كذابا ".
2726 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت إِن جَاءَ رجلٌ يُرِيد أَخذ مَالِي؟ قَالَ: " فَلَا تعطه مَالك " قَالَ أَرَأَيْت إِن قاتلني. قَالَ: " قَاتله ". قَالَ: أَرَأَيْت إِن قتلني. قَالَ: " فَأَنت شَهِيد ".
قَالَ: أَرَأَيْت إِن قتلته. قَالَ: " هُوَ فِي النَّار ".
2727 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " جزوا الشَّوَارِب وأرخوا اللحى، خالفوا الْمَجُوس ".
2728 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير وَحَفْص ابْن ميسرَة، جَمِيعًا عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يَقُول العَبْد: مَالِي مَالِي، وَإِنَّمَا لَهُ من مَاله ثَلَاث: مَا أكل فأفنى، أَو مَا لبس فأبلى، أَو أعْطى فاقتنى، وَمَا سوى ذَلِك فَهُوَ ذاهبٌ وتاركه للنَّاس ".
وَلَيْسَ لحفص بن ميسرَة عَن الْعَلَاء بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي الصَّحِيح إِلَّا حديثان، هَذَا أَحدهمَا.(3/307)
2729 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن ابْن جريج وَعبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ألم تروا الْإِنْسَان إِذا مَاتَ شخص بَصَره؟ " قَالُوا: بلَى. قَالَ: " فَذَلِك حِين يتبع بَصَره نَفسه ".
2730 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ فتنا كَقطع اللَّيْل المظلم، يصبح الرجل مُؤمنا ويمسي كَافِرًا، ويمسي مُؤمنا وَيُصْبِح كَافِرًا، يَبِيع دينه بعرضٍ من الدُّنْيَا ".
2731 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " اتَّقوا اللاعنين " قَالُوا: وَمَا اللاعنان؟ قَالَ: " الَّذِي يتخلى فِي طَرِيق النَّاس أوفي ظلهم ".
2732 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من صلى عَليّ وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشرا ".
2733 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا مَاتَ الْإِنْسَان انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاثَة: صَدَقَة جَارِيَة، أَو علم ينْتَفع بِهِ، أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ ".
2734 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل بن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أبي مَاتَ وَلم يوص، أفينفعه أَن أَتصدق عَنهُ؟ قَالَ: " نعم ".(3/308)
2735 - الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لتؤدن الْحُقُوق إِلَى أَهلهَا يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يُقَاد للشاه الجلحاء من الشَّاة القرناء ".
2736 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل بن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا نقصت صدقةٌ من مالٍ، وَمَا زَاد الله عبدا بعفوٍ إِلَّا عزا، وَمَا تواضع أحدٌ لله إِلَّا رَفعه الله ".
2737 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل بن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " المستبان مَا قَالَا فعلى البادئ، مَا لم يعْتد الْمَظْلُوم ".
2738 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل بن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " اتدرون مَا الْغَيْبَة؟ " قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: " ذكرك أَخَاك بِمَا يكره " قيل: أَفَرَأَيْت ان كَانَ فِي أخي مَا أَقُول. قَالَ: " إِن كَانَ فِيهِ مَا تَقول فقد اغْتَبْته، وَإِن لم يكن فِيهِ مَا تَقول فقد بَهته ".
2739 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من دَعَا إِلَى هدى كَانَ لَهُ من الْأجر مثل أجور من تبعه، لَا ينقص من أُجُورهم شَيْئا، وَمن دَعَا إِلَى ضَلَالَة كَانَ عَلَيْهِ من الْإِثْم مثل آثام من تبعه لَا ينقص ذَلِك من آثامهم شَيْئا ".
2740 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أَتَدْرُونَ مَا الْمُفلس؟ " قَالُوا: الْمُفلس فِينَا من لَيْسَ لَهُ دِرْهَم وَلَا مَتَاع. فَقَالَ: " إِن الْمُفلس من أمتِي يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة(3/309)
بِصَلَاة وَصِيَام وَزَكَاة، وَيَأْتِي قد شتم هَذَا وَقذف هَذَا، وَأكل مَال هَذَا، وَسَفك دم هَذَا، وَضرب هَذَا، فَيعْطى هَذَا من حَسَنَاته، وَهَذَا من حَسَنَاته، فَإِن فنيت حَسَنَاته قبل أَن يقْضى مَا عَلَيْهِ أَخذ من خطاياهم فطرحت عَلَيْهِ ثمَّ طرح فِي النَّار ".
2741 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يَأْتِي على النَّاس زمانٌ يَدْعُو الرجل ابْن عَمه وقريبه: هَلُمَّ إِلَى الرخَاء، هَلُمَّ إِلَى الرخَاء، وَالْمَدينَة خيرٌ لَهُم لَو كَانَ يعلمُونَ، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يخرج أحدٌ مِنْهُم رَغْبَة عَنْهَا إِلَّا أخلف الله فِيهَا خيرا مِنْهُ. أَلا إِن الْمَدِينَة كالكير تخرج الْخَبيث، لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تَنْفِي الْمَدِينَة شِرَارهَا، كَمَا يَنْفِي الْكِير خبث الْحَدِيد ".
2742 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الرجل ليعْمَل الزَّمن الطَّوِيل بِعَمَل أهل الْجنَّة، ثمَّ يخْتم لَهُ عمله بِعَمَل أهل النَّار. وَإِن الرجل ليعْمَل الزَّمن الطَّوِيل بِعَمَل أهل النَّار ثمَّ يخْتم لَهُ عمله بِعَمَل أهل الْجنَّة ".
2743 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن وجنة الْكَافِر "
2744 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن روح بن الْقَاسِم عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} الْآيَة [الْبَقَرَة] اشْتَدَّ ذَلِك على أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ بركوا على الركب فَقَالُوا: أَي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كلفنا من الْأَعْمَال مَا نطيق: الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْجهَاد(3/310)
وَالصَّدَََقَة، وَقد أنزلت عَلَيْك هَذِه الْآيَة وَلَا نطيقها. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أتريدون أَن تَقولُوا كَمَا قَالَ أهل الْكِتَابَيْنِ من قبلكُمْ: سمعنَا وعصينا، بل قُولُوا: سمعنَا وأطعنا، غفرانك رَبنَا وَإِلَيْك الْمصير، فَلَمَّا اقترأها الْقَوْم ذلت بهَا ألسنتهم، وَأنزل الله {آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه والمؤمنون كل آمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله لَا نفرق بَين أحد من رسله وَقَالُوا سمعنَا وأطعنا غفرانك رَبنَا وَإِلَيْك الْمصير} [الْبَقَرَة] فَلَمَّا فعلوا ذَلِك نسخهَا الله فَأنْزل الله عز وَجل {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا} قَالَ: نعم {رَبنَا وَلَا تحمل علينا إصرا كَمَا حَملته على الَّذين من قبلنَا} قَالَ: نعم {وَلَا تحملنا مَا لَا طَاقَة لنا بِهِ} قَالَ: نعم {واعف عَنَّا واغفر لنا وارحمنا أَنْت مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا على الْقَوْم الْكَافرين} قَالَ: نعم.
2745 - السِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن روح بن الْقَاسِم عَن الْعَلَاء عَن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: أَنا أغْنى الشُّرَكَاء عَن الشّرك، من عمل عملا أشرك معي فِيهِ غَيْرِي تركته وشركه ".
2746 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن روح عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله يسير فِي طَرِيق مَكَّة، فَمر على جبل يُقَال لَهُ جمدان، فَقَالَ:: سِيرُوا هَذَا جمدان، سبق المفردون " قَالُوا: وَمَا المفردون يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: " الذاكرون الله كثيرا وَالذَّاكِرَات ".
2647 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، إِن لي قرَابَة أصلهم ويقطعوني، وَأحسن(3/311)
إِلَيْهِم ويسيئون إِلَيّ، وأحلم عَنْهُم ويحملون عَليّ. فَقَالَ: " لَئِن كَانَ كَمَا قلت فَكَأَنَّمَا تسفهم المل، وَلَا يزَال مَعَك من الله ظهيرٌ عَلَيْهِم مَا دمت مَعَهم على ذَلِك ".
2748 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن حَفْص بن ميسرَة عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " رب أَشْعَث أغبر مدفوعٍ بالأبواب، لَو أقسم على الله لَأَبَره ".
2749 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن عُبَيْدَة بن سُفْيَان عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كل ذِي نابٍ من السبَاع فَأَكله حرَام ".
وَلَيْسَ لعبيدة بن سُفْيَان عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2750 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن بعجة بن عبد الله بن بدر عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " من خير معاش النَّاس لَهُم رجل مُمْسك عنان فرسه فِي سَبِيل الله يطير على مَتنه، كلما سمع هيعه أَو فزعةً طَار عَلَيْهِ يَبْتَغِي الْقَتْل وَالْمَوْت مظانه، أَو رجل فِي غنيمَة فِي رَأس شعفة من هَذِه الشعف، أَو بطن وادٍ من هَذِه الأودية، يُقيم الصَّلَاة ويؤتي الزَّكَاة، ويعبد ربه حَتَّى يَأْتِيهِ الْيَقِين، لَيْسَ من النَّاس إِلَّا فِي خير " وَفِي رِوَايَة قُتَيْبَة " فِي شُعْبَة من هَذِه الشعاب ".
وَلَيْسَ لبعجة بن عبد الله فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة عَنهُ من الصَّحِيح إِلَّا هَذَا.
2751 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل أعمى فَقَالَ: يَا رَسُول الله، لَيْسَ لي قَائِد يقودني إِلَى(3/312)
الْمَسْجِد، فَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرخص لَهُ فَيصَلي فِي بَيته، فَرخص لَهُ، فَلَمَّا ولى دَعَاهُ، قَالَ: " هَل تسمع النداء بِالصَّلَاةِ؟ " قَالَ: نعم قَالَ: " فأجب ".
2752 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بِقوم يذنبون فيستغفرون الله فَيغْفر لَهُم ".
2753 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " يقطع الصَّلَاة الْكَلْب وَالْمَرْأَة وَالْحمار، ويقي من ذَلِك مثل مؤخرة الرحل ".
2754 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي عبد الله مولى شَدَّاد عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من سمع رجلا ينشد ضَالَّة فِي الْمَسْجِد فَلْيقل: لَا أَدَّاهَا الله إِلَيْك، فَإِن الْمَسَاجِد لم تبن لهَذَا ".
وَلَيْسَ لأبي عبد الله مولى شَدَّاد فِي الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة غير هَذَا.
2755 - السبعون بعد الْمِائَة: عَن عجلَان مولى فَاطِمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " للمملوك طَعَامه وَكسوته، وَلَا يُكَلف من الْعَمَل إِلَّا مَا يُطيق ".
2756 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن عمر بن عبد الحكم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يفرك مؤمنٌ مُؤمنَة، إِن كره مِنْهَا خلقا رَضِي آخر ".(3/313)
2757 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن عمر بن الحكم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تذْهب الْأَيَّام والليالي حَتَّى يملك رجلٌ من الموَالِي يُقَال لَهُ جَهْجَاه ".
2758 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن عمر بن الْحَارِث عَن أبي يُونُس عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ، لَا يسمع بِي أحد من هَذِه الْأمة يهوديٌّ وَلَا نصرانيٌّ يَمُوت وَلم يُؤمن بِالَّذِي أرْسلت بِهِ إِلَّا كَانَ من أَصْحَاب النَّار ".
2759 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر المَخْزُومِي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ مشركو قُرَيْش يُخَاصِمُونَ فِي الْقدر، فَنزلت {يَوْم يسْحَبُونَ فِي النَّار على وُجُوههم ذوقوا مس سقر. إِنَّا كل شيءٍ خلقناه بقدرٍ} [الْقَمَر] .
وَلَيْسَ لمُحَمد بن عباد بن جَعْفَر عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غَيره قَالَ على بن عبد الله الْمَدِينِيّ: سمع مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر من أبي هُرَيْرَة وروى عَنهُ.
2760 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن قيس بن مخرمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما أنزلت {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} [النِّسَاء] بلغت من الْمُسلمين مبلغا شَدِيدا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " قاربوا وسددوا، فَفِي كل مَا يصاب بِهِ الْمُسلم كفارةٌ حَتَّى النكبة ينكبها، أَو الشَّوْكَة يشاكها ".
وَلَيْسَ لمُحَمد بن قيس بن مخرمَة عَن أبي هُرَيْرَة غَيره.(3/314)
2761 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي غطفان المري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يشربن أحدٌ مِنْكُم قَائِما، من نسي فليستقئ ".
وَلَيْسَ لأبي غطفان المري عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غَيره.
2762 - السَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن ابْن عُثْمَان مُسلم بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " سَيكون فِي آخر أمتِي أناسٌ يحدثونكم بِمَا لم تسمعوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم، فإياكم وإياهم ".
وَفِي حَدِيث شرَاحِيل بن يزِيد عَن مُسلم أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
يكون فِي آخر الزَّمَان دجالون كذابون، يأتونكم من الْأَحَادِيث بِمَا لم تسمعوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم، فإياكم وإياهم، لَا يضلونكم وَلَا يفتنونكم ".
وَلَيْسَ لمُسلم بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2763 - الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن فروخ قَالَ: حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَنا سيد ولد آدم يَوْم الْقِيَامَة، وَأول من ينشق عَنهُ الْقَبْر، وَأول شَافِع، وَأول مُشَفع ".
وَلَيْسَ لعبد الله بن فروخ عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غَيره.
2764 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي كثير يزِيد بن عبد الرَّحْمَن بن أذينة الغبري السحيمي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كُنَّا قعُودا حول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومعنا أَبُو بكر وَعمر فِي نفرٍ، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَين أظهرنَا فَأَبْطَأَ علينا، وخشينا أَن يقتطع دُوننَا، وفزعنا فقمنا، فَكنت أول من فزع، فَخرجت أَبْتَغِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(3/315)
حَتَّى أتيت حَائِطا للْأَنْصَار لبني النجار، فَدرت بِهِ هَل أجد لَهُ بَابا فَلم أجد، فَإِذا ربيعٌ يدْخل فِي جَوف حَائِط من بِئْر خَارِجَة - وَالربيع: الْجَدْوَل. قَالَ: فاحتفزت فَقَالَ: " أَبُو هُرَيْرَة؟ ". فَقلت: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ " مَا شَأْنك؟ " قلت: كنت بَين أظهرنَا، فَقُمْت فأبطأت عَنَّا، فَخَشِينَا أَن تقتطع دُوننَا ففزعنا، فَكنت أول من فزع، فَأتيت هَذَا الْحَائِط، فاحتفزت كَمَا يحتفز الثَّعْلَب، وَهَؤُلَاء النَّاس ورائي. فَقَالَ: " يَا أَبَا هُرَيْرَة " وَأَعْطَانِي نَعله فَقَالَ: " اذْهَبْ بنعلى هَاتين فَمن لقِيت من وَرَاء هَذَا الْحَائِط يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مُسْتَيْقنًا بهَا قلبه فبشره بِالْجنَّةِ " فَكَانَ أول من لقِيت عمر فَقَالَ: مَا هَاتَانِ النَّعْلَانِ يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ قلت: هَاتَانِ نعلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَعَثَنِي بهما: من لقِيت يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مُسْتَيْقنًا بهَا قلبه بَشرته بِالْجنَّةِ. فَضرب عمر بَين ثديي فَخَرَرْت لاستي، فَقَالَ: ارْجع يَا أَبَا هُرَيْرَة، فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأجهشت بالبكاء، وركبني عمر فَإِذا هُوَ على أثري، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَالك يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ " قلت: لقِيت عمر فَأَخْبَرته بِالَّذِي بعثتني بِهِ، فَضرب بَين ثديي ضَرْبَة خَرَرْت لاستي، فَقَالَ: ارْجع. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا عمر، مَا حملك على مَا فعلت؟ " قَالَ: يَا رَسُول الله، بِأبي أَنْت وَأمي، أبعثت يَا أَبَا هُرَيْرَة بنعليك: من لَقِي يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مُسْتَيْقنًا بهَا قلبه بشره بِالْجنَّةِ؟ قَالَ: " نعم " قَالَ: فَلَا تفعل، فَإِنِّي أخْشَى أَن يتكل النَّاس عَلَيْهَا، فخلهم يعْملُونَ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فخلهم ".
2765 - الثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي كثير الغنوي عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْخمر من هَاتين الشجرتين: النّخل والعنبة " وَفِي حَدِيث زُهَيْر بن حَرْب: " الكرمة والنخلة " وَفِي رِوَايَة أبي كريب: " الْكَرم ".(3/316)
2766 - الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي كثير قَالَ: حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: كنت أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَام وَهِي مُشركَة، فدعوتها يَوْمًا، فأسمعتني فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أكره، فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أبْكِي، قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَام فتأبى، فدعوتها فأسمعتني فِيك مَا أكره، فَادع الله أَن يهدي أم أبي هُرَيْرَة. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ اهد أم أبي هُرَيْرَة " فَخرجت مُسْتَبْشِرًا بدعوة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا جِئْت فصرت إِلَى الْبَاب، فَإِذا هُوَ مجافٌ، فَسمِعت أُمِّي خشفة قدمي فَقَالَت: مَكَانك يَا أَبَا هُرَيْرَة، وَسمعت خضخضة المَاء، فاغتسلت ولبست درعها، وعجلت عَن خمارها، ففتحت الْبَاب ثمَّ قَالَت: يَا أَبَا هُرَيْرَة، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. قَالَ: فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَيْته وَأَنا أبْكِي من الْفَرح، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، أبشر، قد اسْتَجَابَ الله دعوتك وَهدى أم أبي هُرَيْرَة. فَحَمدَ الله وَقَالَ خيرا. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يحببني أَنا وَأمي إِلَى عباده الْمُؤمنِينَ ويحببهم إِلَيْنَا. قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ حبب عبيدك هَذَا - يعْنى أَبَا هُرَيْرَة - وَأمه إِلَى عِبَادك الْمُؤمنِينَ، وحبب إِلَيْهِمَا الْمُؤمنِينَ " فَمَا خلق مؤمنٌ يسمع بِي وَلَا يراني إِلَّا أَحبَّنِي.
وَقد ذكره الإِمَام أَبُو بكر البرقاني، وَأَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي كِتَابَيْهِمَا، وأوله عِنْدهمَا: عَن أبي كثير قَالَ: حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة قَالَ:
وَالله مَا خلق الله مُؤمنا يسمع بِي وَلَا يراني إِلَّا أَحبَّنِي. قلت: وَمَا علمك بذلك يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ قَالَ: إِن أُمِّي كَانَت امْرَأَة مُشركَة، وَكنت أدعوها إِلَى الْإِسْلَام فتأبى على ... . وَذكر الحَدِيث.
2767 - الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن الحكم بن مينا عَن عبد الله بن عَمْرو وَأبي هُرَيْرَة أَنَّهُمَا سمعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول على أَعْوَاد منبره: " لينتهين أَقوام عَن ودعهم الْجُمُعَات أَو ليختمن الله على قُلُوبهم وليكونن من الغافلين ".(3/317)
وَلَيْسَ للْحكم عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2768 - الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي الشعْثَاء سليم بن أسود الْمحَاربي قَالَ: كُنَّا قعُودا فِي الْمَسْجِد مَعَ أبي هُرَيْرَة، فَأذن الْمُؤَذّن، فَقَامَ رجل يمشي، فَأتبعهُ أَبُو هُرَيْرَة بَصَره حَتَّى خرج من الْمَسْجِد، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: أما هَذَا فقد عصى أَبَا الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2769 - الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: فِي فتح مَكَّة: عَن عبد الله بن رَبَاح قَالَ: وفدت وُفُود إِلَى مُعَاوِيَة، وَذَلِكَ فِي رَمَضَان، فَكَانَ يصنع بَعْضنَا لبَعض الطَّعَام، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة مِمَّا يكثر أَن يَدْعُونَا إِلَى رَحْله، فَقلت: أَلا أصنع طَعَاما فَأَدْعُوهُمْ إِلَى رحلي. فَأمرت بِطَعَام يصنع، ثمَّ لقِيت أَبَا هُرَيْرَة من الْعشي فَقلت: الدعْوَة عِنْدِي اللَّيْلَة. فَقَالَ: سبقتني؟ فَقلت: نعم، فدعوتهم، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: أَلا أعلمكُم بِحَدِيث من حديثكم يَا معشر الْأَنْصَار؟ ثمَّ ذكر فتح مَكَّة، فَقَالَ: أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قدم مَكَّة، فَبعث الزبير على إِحْدَى المجنبتين، وَبعث خَالِدا على المجنبة الْأُخْرَى، وَبعث أَبَا عُبَيْدَة على الحسر، فَأخذُوا بطن الْوَادي وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَنظر فرآني، فَقَالَ: " أَبُو هُرَيْرَة؟ " فَقلت: لبيْك يَا رَسُول الله. قَالَ: " لَا يأتيني إِلَّا أنصاريٌّ " وَمن الروَاة من قَالَ: " اهتف لي بالأنصار " قَالَ: فأطافوا بِهِ، ووبشت قُرَيْش من أوباشٍ لَهَا وَأَتْبَاع، فَقَالُوا: نقدم هَؤُلَاءِ، فَإِن كَانَ لَهُم شَيْء كُنَّا مَعَهم، فَإِن أصيبوا أعطينا الَّذِي سئلنا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ترَوْنَ إِلَى أوباش قُرَيْش وأتباعهم؟ " ثمَّ قَالَ بيدَيْهِ إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى، ثمَّ قَالَ: " حَتَّى توافوني بالصفا " قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَمَا شَاءَ أحدٌ منا أَن يقتل أحدا إِلَّا(3/318)
قَتله، وَمَا أحدٌ مِنْهُم يُوَجه إِلَيْنَا شَيْئا، قَالَ: فجَاء أَبُو سُفْيَان فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أبيدت خضراء قُرَيْش، لَا قُرَيْش يعد الْيَوْم. قَالَ:
من دخل دَار أبي سُفْيَان فَهُوَ آمن ". فَقَالَت الْأَنْصَار بَعضهم لبَعض: أما الرجل فَأَدْرَكته رغبةٌ فِي قريته ورأفة بعشيرته. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: وَجَاء الْوَحْي، وَكَانَ إِذا جَاءَ لَا يخفى علينا، فَلَيْسَ أحدٌ يرفع طرفه إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يَنْقَضِي الْوَحْي، فَلَمَّا قضى الْوَحْي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا معشر الْأَنْصَار " قَالُوا: لبيْك يَا رَسُول الله قَالَ: " قُلْتُمْ: أما الرجل فَأَدْرَكته رغبةٌ فِي قريته " قَالُوا: قد كَانَ ذَاك. قَالَ: كلا، إِنِّي عبد الله وَرَسُوله، هَاجَرت إِلَى الله وإليكم، الْمحيا محياكم، وَالْمَمَات مماتكم " فَأَقْبَلُوا يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ: وَالله مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا الضن بِاللَّه وَرَسُوله. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله وَرَسُوله يصدقانكم ويعذرانكم ".
قَالَ:
فَأقبل النَّاس إِلَى دَار أبي سُفْيَان، وأغلق النَّاس أَبْوَابهم. قَالَ: فَأقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أقبل إِلَى الْحجر فاستلمه، ثمَّ طَاف بِالْبَيْتِ قَالَ: فَأتى على صنم إِلَى جَانب الْبَيْت كَانُوا يعبدونه. قَالَ: وَفِي يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوس وَهُوَ آخذ بِسِيَةِ الْقوس، فَلَمَّا أَتَى على الصَّنَم جعل يطعن فِي عينه وَيَقُول: " جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل " فَلَمَّا فرغ من طَوَافه أَتَى الصَّفَا فعلا عَلَيْهِ حَتَّى نظر إِلَى الْبَيْت وَرفع يَده، فَجعل يحمد الله وَيَدْعُو مَا شَاءَ الله أَن يَدْعُو.
وَفِي حَدِيث بهز بن أَسد نَحوه، وَزَاد:
ثمَّ قَالَ بيدَيْهِ إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى: " احصدوهم حصداً ". وَفِيه: قَالُوا: قُلْنَا ذَلِك يَا رَسُول الله. قَالَ: " فَمَا اسْمِي إِذا، كلا إِنِّي عبد الله وَرَسُوله ".(3/319)
وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت أَن عبد الله بن رَبَاح قَالَ:
وفدنا إِلَى مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَفينَا أَبُو هُرَيْرَة، فَكَانَ كل رجل منا يصنع طَعَاما يَوْمًا لأَصْحَابه، فَكَانَت نوبتي، فَقلت: يَا أَبَا هُرَيْرَة، الْيَوْم يومي، فَجَاءُوا إِلَى الْمنزل وَلم يدْرك طعامنا، فَقلت: يَا أَبَا هُرَيْرَة، لَو حَدَّثتنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يدْرك طعامنا. فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح، فَجعل خَالِد بن الْوَلِيد على المجنبة الْيُمْنَى، وَجعل الزبير على المجنبة الْيُسْرَى، وَجعل أَبَا عُبَيْدَة على البياذقة وبطن الْوَادي، فَقَالَ: " يَا أَبَا هُرَيْرَة، ادْع لي الْأَنْصَار " فدعوتهم، فَجعلُوا يهرولون، فَقَالَ: " يَا معشر الْأَنْصَار، هَل ترَوْنَ أوباش قُرَيْش؟ " قَالُوا: نعم. قَالَ: انْظُرُوا إِذا لقيتموهم غَدا أَن تحصدوهم حصداً " وأحفى بِيَدِهِ، وَوضع يَمِينه على شِمَاله، وَقَالَ: " مَوْعدكُمْ الصَّفَا ". قَالَ: فَمَا أشرف يَوْمئِذٍ لَهُم أحد إِلَّا أناموه.
قَالَ: وَصعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّفَا، وَجَاءَت الْأَنْصَار فأطافوا بالصفا، فجَاء أَبُو سُفْيَان فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أبيدت خضراء قُرَيْش، لَا قُرَيْش بعد الْيَوْم. قَالَ أَبُو سُفْيَان: من دخل دَار أبي سُفْيَان فَهُوَ آمن، وَمن ألْقى السِّلَاح فَهُوَ آمن، وَمن أغلق بَابه فَهُوَ آمن، فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " من دخل دَار أبي سُفْيَان فَهُوَ آمن، وَمن ألْقى السِّلَاح فَهُوَ آمن، وَمن أغلق بَابه فَهُوَ آمن ". فَقَالَت الْأَنْصَار، أما الرجل، فقد أَخَذته رأفةٌ بعشيرته ورغبة فِي قريته. وَنزل الْوَحْي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: " قُلْتُمْ: أما الرجل فقد أَخَذته رأفةٌ بعشيرته ورغبه فِي قريته. أَلا فَمَا اسْمِي إِذا - ثَلَاث مَرَّات - أَنا مُحَمَّد عبد الله وَرَسُوله، هَاجَرت إِلَى الله وإليكم، فالمحيا محياكم، وَالْمَمَات مماتكم " قَالُوا: وَالله قُلْنَا إِلَّا ضناً بِاللَّه وبرسوله. قَالَ: " فَإِن الله وَرَسُوله يصدقانكم ويعذرانكم ".(3/320)
2770 - الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي قيس زِيَاد بن ريَاح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " من خرج من الطَّاعَة وَفَارق الْجَمَاعَة فَمَاتَ مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة، وَمن قَاتل تَحت راية عمية، يغْضب لعصبية أَو يَدْعُو إِلَى عصيبة أَو ينصر عصبَة فَقتل فقتلة جَاهِلِيَّة، وَمن خرج على أمتِي يضْرب برهَا وفاجرها وَلَا يتحاشى من مؤمنها، وَلَا يَفِي لذِي عهدها فَلَيْسَ مني وَلست مِنْهُ ".
2771 - السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن شَقِيق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " خير أمتِي الْقرن الَّذِي بعثت فِيهِ، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ " وَالله أعلم، أذكر الثَّالِث أم لَا " ثمَّ يخلف قوم يحبونَ الشَّهَادَة، يشْهدُونَ قبل أَن يستشهدوا ".
2772 - السَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن شَقِيق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِذا خرجت روح الْمُؤمن تلقاها ملكان يصعدانها. قَالَ حَمَّاد بن زيد: فَذكر من ريح طيبها وَذكر الْمسك. قَالَ: وَيَقُول أهل السَّمَاء: ريح طيبَة جَاءَت من قبل الأَرْض، صلى عَلَيْك وعَلى جَسَد كنت تعمرينه، فَينْطَلق بِهِ إِلَى ربه، ثمَّ يَقُول: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى آخر الْأَجَل. قَالَ: وَإِن الْكَافِر إِذا خرجت روحه - قَالَ حَمَّاد: وَذكر من نتنها، وَذكر لعناً، فَيَقُول أهل السَّمَاء: روح خبيثة جَاءَت من قبل الأَرْض.
قَالَ: فَيُقَال: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى آخر الْأَجَل. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَرد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ريطةً كَانَت على أَنفه، هَكَذَا.
2773 - الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أفضل الصّيام بعد رَمَضَان شهر الله الْمحرم، وَأفضل الصَّلَاة بعد الْفَرِيضَة صَلَاة اللَّيْل ".(3/321)
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر عَن حميد عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ قَالَ:
سُئِلَ: أَي الصَّلَاة أفضل بعد الْمَكْتُوبَة، وَأي الصّيام أفضل بعد شهر رَمَضَان؟ فَقَالَ: " افضل الصَّلَاة بعد الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة الصَّلَاة جَوف اللَّيْل، وَأفضل الصّيام بعد شهر رَمَضَان صِيَام شهر الله الْمحرم ".
وَلَيْسَ لحميد بن عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن أبي هُرَيْرَة شَيْء.
2774 - التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج مولى بني مَخْزُوم عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: سجد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي: {إِذا السَّمَاء انشقت} و {اقْرَأ باسم رَبك} .
والأعرج هَذَا مولى بني مَخْزُوم، واسْمه عبد الرَّحْمَن بِهِ سعد المقعد، وكنيته أَبُو حميد، وَذكره البُخَارِيّ فِي الكنى الْمُجَرَّدَة، وَهُوَ قَلِيل الحَدِيث. وَأما عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج الآخر فَهُوَ ابْن هُرْمُز، يكنى أَبَا دَاوُد، مولى ربيعَة بن الْحَارِث، وَهُوَ كثير الْأَحَادِيث، وروى عَنهُ جماعات من الْأَئِمَّة. وَقد أخرج مُسلم عَنْهُمَا فِي الصَّلَاة - فِي سُجُود الْقُرْآن، فَرُبمَا أشكل ذَلِك. وَمولى بني مَخْزُوم يروي عَنهُ ذَلِك صَفْوَان بن سليم، وَأما ابْن هُرْمُز فيروي ذَلِك عَنهُ عبيد الله بن أبي جَعْفَر.
أخر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من مُسْند أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
آخر مُسْند المكثرين، وَأول مُسْند المقلين(3/322)
الْقسم الرَّابِع
مسانيد المقلين(3/323)
صفحة فارغة(3/324)
(81) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي الْفضل، الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ
2775 - حَدِيث وَاحِد: من رِوَايَة عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل الْهَاشِمِي عَنهُ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِن أَبَا طَالب كَانَ يحوطك وينصرك، فَهَل يَنْفَعهُ ذَلِك؟ قَالَ: " نعم، وجدته فِي غمراتٍ من النَّار فَأَخْرَجته إِلَى ضحضاح ".
وَفِي حَدِيث مُسَدّد وَغَيره أَنه قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
مَا أغنيت عَن عمك، فَإِنَّهُ كَانَ يحوطك ويغضب لَك. قَالَ: " هُوَ فِي ضحضاحٍ من نارٍ، وَلَوْلَا أَنا لَكَانَ فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار ".
2776 - وللبخاري حَدِيث وَاحِد: من رِوَايَة نَافِع بن جُبَير بن مطعم قَالَ: سَمِعت الْعَبَّاس يَقُول للزبير: هَا هُنَا أَمرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تركز الرَّايَة؟ .
وَهُوَ طرفٌ من حَدِيث طَوِيل أخرجه من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ:
لما سَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفَتْح فَبلغ ذَلِك قُريْشًا، خرج أَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَحَكِيم بن حزامٍ وَبُدَيْل بن وَرْقَاء يَلْتَمِسُونَ الْخَبَر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوا مر الظهْرَان، فَإِذا هم بنيرانٍ كَأَنَّهَا نيران عَرَفَة، فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: مَا هَذِه؟ لكأنها نيران عَرَفَة. فَقَالَ بديل بن وَرْقَاء: نيران بني عَمْرو،(3/325)
فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: عَمْرو أقل من ذَلِك. فَرَآهُمْ ناسٌ من حرس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأدركوهم فَأَخَذُوهُمْ فَأتوا بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأسلم أَبُو سُفْيَان، فَلَمَّا سَار قَالَ الْعَبَّاس: " احْبِسْ أَبَا سُفْيَان عِنْد خطم الْجَبَل حَتَّى ينظر إِلَى الْمُسلمين "، فحبسه الْعَبَّاس، فَجعلت الْقَبَائِل تمر مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَتِيبَة كَتِيبَة على أبي سُفْيَان، فمرت كتيبةٌ فَقَالَ: يَا عَبَّاس، من هَذِه؟ قَالَ: هَذِه غفار، قَالَ: مَا لي وَمَا لغفار. ثمَّ مرت جُهَيْنَة، فَقَالَ مثل ذَلِك، ثمَّ مرت سعد بن هذيم فَقَالَ مثل ذَلِك، وَمَرَّتْ سليم فَقَالَ مثل ذَلِك، ثمَّ مرت كتيبةٌ لم ير مثلهَا، قَالَ: من هَذِه؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْصَار عَلَيْهِم سعد بن عبَادَة مَعَه الرَّايَة، فَقَالَ سعد بن عبَادَة: يَا أَبَا سُفْيَان، الْيَوْم يَوْم الملحمة، الْيَوْم تستحل الْكَعْبَة. فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: حبذا يَوْم الذمار. ثمَّ جَاءَت كتيبةٌ وَهِي أجل الْكَتَائِب فيهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه، وَرَايَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ الزبير. فَلَمَّا مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأبي سُفْيَان قَالَ: ألم تعلم مَا قَالَ سعد بن عبَادَة؟ قَالَ: " مَا قَالَ "؟ قَالَ: كَذَا كَذَا. فَقَالَ: " كذب سعدٌ، وَلَكِن هَذَا يَوْم يعظم الله فِيهِ الْكَعْبَة " قَالَ: وَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تركز رايته بالحجون. قَالَ عُرْوَة: فَأَخْبرنِي نَافِع بن جُبَير بن مطعم قَالَ: سَمِعت الْعَبَّاس يَقُول للزبير بن الْعَوام: يَا أَبَا عبد الله، هَا هُنَا أَمرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تركز الرَّايَة؟ قَالَ: نعم. قَالَ: وَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يومئذٍ خَالِد بن الْوَلِيد أَن يدْخل من أَعلَى مَكَّة، من كداء. وَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كدى، فَقتل من خيل خَالِد بن الْوَلِيد رجلَانِ، حُبَيْش بن الْأَشْعر وكرز ابْن جَابر الفِهري.(3/326)
أخرجه أَبُو مَسْعُود فِي مُسْند الْعَبَّاس، وَلَا وَجه لذَلِك، وَالْأولَى أَن يكون فِي مُسْند الزبير الَّذِي أخبر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا أمره بِهِ.
وَلمُسلم ثَلَاثَة أَحَادِيث:
2777 - أَحدهَا: من رِوَايَة كثير بن الْعَبَّاس عَن أَبِيه قَالَ: شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين، فلزمت أَنا وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم نفارقه، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بغلةٍ لَهُ بَيْضَاء أهداها لَهُ فَرْوَة ابْن نفاثة الجذامي، فَلَمَّا التقى الْمُسلمُونَ وَالْكفَّار ولى الْمُسلمُونَ مُدبرين، فَطَفِقَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرْكض بغلته قبل الْكفَّار، قَالَ عَبَّاس: وَأَنا آخذٌ بلجام بغلة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكفها إِرَادَة إِلَّا تسرع، وَأَبُو سُفْيَان آخذ بركاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَي عَبَّاس، نَاد أَصْحَاب السمرَة ". فَقَالَ عَبَّاس - وَكَانَ رجلا صيتًا: فَقلت بِأَعْلَى صوتي: أَيْن أَصْحَاب السمرَة؟ قَالَ: فوَاللَّه لكأن عطفتهم حِين سمعُوا صوتي عطفة الْبَقر على أَوْلَادهَا، فَقَالُوا: يَا لبيْك، يَا لبيْك، قَالَ: فَاقْتَتلُوا وَالْكفَّار والدعوة فِي الْأَنْصَار، يَقُولُونَ: يَا معشر الْأَنْصَار، يَا معشر الْأَنْصَار، ثمَّ قصرت الدعْوَة على بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج، فَنظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على بغلته كالمتطاول عَلَيْهَا إِلَى قِتَالهمْ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَذَا حِين حمي الْوَطِيس " قَالَ ثمَّ أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَصَيَات فَرمى بِهن وُجُوه الْكفَّار، ثمَّ قَالَ: " انْهَزمُوا وَرب مُحَمَّد " قَالَ: فَذَهَبت أنظر فَإِذا الْقِتَال على هَيئته فِيمَا أرى. قَالَ: فوَاللَّه مَا هُوَ إِلَّا أَن رماهم بحصيات، فَمَا زلت أرى حَدهمْ كليلاً وَأمرهمْ مُدبرا.(3/327)
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ نَحوه، غير أَنه قَالَ: فَرْوَة بن نعَامَة. وَقَالَ:
انْهَزمُوا وَرب الْكَعْبَة، انْهَزمُوا وَرب الْكَعْبَة " وَزَاد فِي الحَدِيث: حَتَّى هَزَمَهُمْ الله قَالَ: وَكَأَنِّي أنظر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرْكض خَلفهم على بغلته.
2778 - الثَّانِي: من رِوَايَة عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " ذاق طعم الْإِيمَان من رَضِي بِاللَّه رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دينا، وبمحمدٍ رَسُولا ".
2779 - الثَّالِث: من رِوَايَة عَامر بن سعد أَيْضا عَن الْعَبَّاس أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول " إِذا سجد العَبْد سجد مَعَه سَبْعَة آرَاب: وَجهه وَكَفاهُ وَركبَتَاهُ وَقَدمَاهُ ".
(82) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند الْفضل بن الْعَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا
حديثان:
2780 - أَحدهمَا: من رِوَايَة عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن أبي الْعَبَّاس عبد الله بن الْعَبَّاس: أَن أُسَامَة كَانَ ردف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَرَفَة إِلَى الْمزْدَلِفَة، ثمَّ أرْدف الْفضل من الْمزْدَلِفَة إِلَى منى، وَكِلَاهُمَا قَالَ: لم يزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُلَبِّي حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة.(3/328)
وللبخاري من رِوَايَة ابْن جريج عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس:
ان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرْدف الْفضل، فَأخْبر الْفضل أَنه لم يزل يُلَبِّي حَتَّى رمى الْجَمْرَة.
وَمن رِوَايَة كريب بن أبي مُسلم قَول ابْن عَبَّاس فِي حَدِيث لأسامة بن زيد، فِي آخِره: قَالَ كريب:
فَأَخْبرنِي عبد الله بن عَبَّاس عَن الْفضل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يزل يُلَبِّي حَتَّى بلغ الْجَمْرَة.
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة أبي معبد مولى ابْن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس عَن الْفضل ابْن عَبَّاس وَكَانَ ردف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،
انه قَالَ فِي عَشِيَّة عَرَفَة وغداة جمع للنَّاس حِين دفعُوا: " عَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ " وَهُوَ كافٌّ نَاقَته حَتَّى دخل محسراً - وَهُوَ من منى. قَالَ: " عَلَيْكُم بحصى الْخذف الَّذِي يرْمى بِهِ الْجَمْرَة " قَالَ: وَلم يزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُلَبِّي حَتَّى رمى الْجَمْرَة.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن أبي معبد بعد قَوْله:
فِي حَصى الْخذف، قَالَ: وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُشِير بِيَدِهِ كَمَا يخذف الْإِنْسَان.
2781 - الثَّانِي: من رِوَايَة أبي أَيُّوب سُلَيْمَان بن يسَار عَن ابْن عَبَّاس عَن الْفضل بن عَبَّاس: أَن امْرَأَة من خثعم قَالَت: يَا رَسُول الله، إِن أبي شيخٌ كبيرٌ، عَلَيْهِ فَرِيضَة الله فِي الْحَج، وَهُوَ لَا يَسْتَطِيع أَن يَسْتَوِي على ظهر بعيره: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فحجي عَنهُ ".
وَمن الروَاة من لم يذكر فِيهِ الْفضل، جعله من مُسْند ابْن عَبَّاس، وَهُوَ هُنَالك.(3/329)
(83) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي جَعْفَر عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ
حديثان:
2782 - أَحدهمَا: من رِوَايَة أبي إِبْرَاهِيم سعد بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل القثاء بالرطب.
2783 - الثَّانِي: من رِوَايَة أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة قَالَ: قَالَ الزبير لِابْنِ جَعْفَر: أَتَذكر إِذا تلقينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا وَأَنت وَابْن عَبَّاس؟ قَالَ: نعم، فحملنا وتركك.
وَلمُسلم من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية وَأبي أُسَامَة عَن حبيب بن الشَّهِيد: قَالَ عبد الله بن جَعْفَر لِابْنِ الزبير:
أَتَذكر إِذْ تلقينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا وَأَنت وَابْن عَبَّاس؟ قَالَ: نعم، فحملنا وتركك.
وَمن حَدِيث مُورق الْعجلِيّ عَن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قدم من سفرٍ تلقي بصبيان أهل بَيته. قَالَ: وَإنَّهُ قدم من سفرٍ فَسبق بِي إِلَيْهِ، فَحَمَلَنِي بَين يَدَيْهِ، ثمَّ جِيءَ بِأحد ابْني فَاطِمَة فأردفه خَلفه، قَالَ: فأدخلنا الْمَدِينَة ثَلَاثَة على دَابَّة.
وَفِي رِوَايَة عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان عَن عَاصِم:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قدم من سفر تلقي بِنَا. قَالَ فتلقي بِي وبالحسن أَو بالحسين، قَالَ فَحمل أَحَدنَا بَين يَدَيْهِ وَالْآخر خَلفه، حَتَّى دَخَلنَا الْمَدِينَة.(3/330)
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث الْحسن بن سعد مولى الْحسن بن عَليّ عَن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ:
أردفني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم خَلفه، فَأسر إِلَيّ حَدِيثا لَا أحدث بِهِ أحدا من النَّاس. وَكَانَ أحب مَا استتر بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِحَاجَتِهِ هدفٌ أَو حائش نخلٍ. قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء فِي حَدِيثه: يَعْنِي حَائِط نخل. لم يزدْ.
وَفِي هَذَا الحَدِيث زِيَادَة حذفهَا مسلمٌ، وأخرجها أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه مَعَ الحَدِيث من رِوَايَة عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء، وَرَوَاهَا أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِيّ عَن شَيبَان بن أبي شيبَة بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أخرجه مسلمٌ، مُتَّصِلَة بقوله: وَكَانَ أحب مَا استتر بِهِ لِحَاجَتِهِ هدفٌ أَو حائش نخلٍ. قَالَ: فَدخل حَائِطا لرجل من الْأَنْصَار، فَإِذا فِيهِ جمل، فَلَمَّا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جرجر وذرفت عَيناهُ. قَالَ فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح سراته إِلَى سنامه وذفراه، فسكن، فَقَالَ: " من رب هَذَا الْجمل؟ لمن هَذَا الْجمل؟ " فجَاء فَتى من الْأَنْصَار فَقَالَ: هَذَا لي يَا رَسُول الله. قَالَ: " أَفلا تتقي الله فِي هَذِه الْبَهِيمَة الَّتِي ملكك الله إِيَّاهَا، فَإِنَّهُ يشكو لي أَنَّك تجيعه وتدئبه ".
(84) مُسْند أبي بكر، وَيُقَال: أَبُو خبيب عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ
2784 -: قد تقدم فِي مُسْند عبد الله بن جَعْفَر الحَدِيث الْمُشْتَرك الَّذِي فِيهِ: تلقينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا وَأَنت. // وَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ فِي مسندهما //.(3/331)
وللبخاري سِتَّة أَحَادِيث:
2785 - أَحدهَا: من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عبد الله بن الزبير فِي قَوْله: {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ} [الْأَعْرَاف] قَالَ: مَا أنزل الله هَذِه إِلَّا فِي أَخْلَاق النَّاس.
وَأخرجه أَيْضا تَعْلِيقا من حَدِيث عُرْوَة عَن أَخِيه عبد الله قَالَ:
أَمر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْخُذ الْعَفو من أَقْوَال النَّاس. أَو كَمَا قَالَ.
2786 - الثَّانِي: من حَدِيث ابْن أبي مليكَة: أَن عبد الله بن الزبير أخْبرهُم أَنه قدم ركبٌ من بني تَمِيم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ أَبُو بكر: أَمر الْقَعْقَاع بن معبد بن زُرَارَة. وَقَالَ عمر: أَمر الْأَقْرَع بن حَابِس، فَقَالَ أَبُو بكر: مَا أردْت إِلَّا خلافي.
قَالَ عمر: مَا أردْت خِلافك. فتماريا حَتَّى ارْتَفَعت أصواتهما، فَنزل فِي ذَلِك: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله وَاتَّقوا الله إِن الله سميع عليم} حَتَّى انْقَضتْ [الحجرات] .
وَفِي حَدِيث وَكِيع عَن نَافِع بن عمر:
قَالَ ابْن أبي مليكَة: كَاد الخيران أَن يهلكا، أَبُو بكر وَعمر: لما قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفد بني تَمِيم، أَشَارَ أَحدهمَا بالأقرع بن حابسٍ الْحَنْظَلِي، وَأَشَارَ الآخر بِغَيْرِهِ. . ثمَّ ذكر نَحوه، ونزول الْآيَة.
ثمَّ قَالَ، قَالَ ابْن أبي مليكَة: قَالَ ابْن الزبير: فَكَانَ عمر بعد إِذا حدث بحديثٍ يحدثه كآخي السرَار، لم يسمعهُ حَتَّى يَسْتَفْهِمهُ.
وَفِي حَدِيث يسرة بن صَفْوَان نَحوه، وَفِيه: قَالَ ابْن الزبير:
فَمَا كَانَ عمر يسمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد هَذِه الْآيَة حَتَّى يَسْتَفْهِمهُ.(3/332)
2787 - الثَّالِث: عَن عبد الله بن أبي مليكَة قَالَ: كتب أهل الْكُوفَة إِلَى ابْن الزبير فِي " الْجد " فَقَالَ: أما الَّذِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. " لَو كنت متخذاً من هَذِه الْأمة خَلِيلًا لاتخذته " أنزلهُ أَبَا. يَعْنِي أَبَا بكر.
2788 - الرَّابِع: عَن عَبَّاس بن سهل بن سعد قَالَ: سَمِعت ابْن الزبير على مِنْبَر مَكَّة فِي خطبَته يَقُول: أَيهَا النَّاس، إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: ": لَو أَن ابْن آدم أعطي وَاديا من ذهبٍ كَانَ أحب إِلَيْهِ ثَانِيًا، وَلَو أعطي ثَانِيًا أحب إِلَيْهِ ثَالِثا، وَلَا يسد جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب، وَيَتُوب الله على من تَابَ ".
2789 - الْخَامِس: عَن أبي عقيل زهرَة بن معبد أَنه كَانَ يخرج بِهِ جده عبد الله ابْن هِشَام من السُّوق أَو إِلَى السُّوق، فيشتري الطَّعَام، فليقاه ابْن الزبير وَابْن عمر فَيَقُولَانِ: أشركنا؛ فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد دَعَا لَك بِالْبركَةِ، فيشركهم، فَرُبمَا أصَاب الرَّاحِلَة كَمَا هِيَ، فيبعث بهَا إِلَى الْمنزل. وَفِيه زِيَادَة فِي مُسْند عبد الله بن هِشَام.
2790 - السَّادِس: عَن ثَابت بن أسلم الْبنانِيّ قَالَ: سَمِعت ابْن الزبير يخْطب، يَقُول: قَالَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة ".
وَلمُسلم حديثان:
2791 - أَحدهمَا: من رِوَايَة عَامر بن عبد الله بن الزبير عَن أَبِيه قَالَ كَانَ النَّبِي(3/333)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قعد فِي الصَّلَاة جعل قدمه الْيُسْرَى بَين فَخذه وَسَاقه، وفرش قدمه وَوضع يَده الْيُسْرَى على ركبته الْيُسْرَى، وَوضع يَده الْيُمْنَى على فَخذه الْيُمْنَى، وَأَشَارَ بإصبعه. كَذَا حَكَاهُ أَبُو مَسْعُود عَن كتاب مُسلم.
وَفِي حَدِيث أبي خَالِد الْأَحْمَر عِنْد أبي بكر البرقاني:
إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا جلس فِي الرَّكْعَتَيْنِ افترش الْيُسْرَى وَنصب الْيُمْنَى، وَوضع إبهامه على الْوُسْطَى، وَأَشَارَ بالسبابة، وَوضع كَفه الْيُسْرَى على فَخذه الْيُسْرَى، وألقم كَفه الْيُسْرَى ركبته.
2792 - الثَّانِي: من رِوَايَة أبي الزبير مُحَمَّد بن مُسلم بن تدرس قَالَ: كَانَ ابْن الزبير يَقُول فِي دبر كل صَلَاة حِين يسلم: " لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شيءٍ قدير، وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، وَلَا نعْبد إِلَّا إِيَّاه، لَهُ النِّعْمَة وَله الْفضل وَله الثَّنَاء الْحسن، لَا إِلَه إِلَّا الله مُخلصين لَهُ الدّين وَلَو كره الْكَافِرُونَ ". وَقَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهلل بِهن دبر كل صَلَاة ".
وَفِي حَدِيث الْحجَّاج بن أبي عُثْمَان عَن أبي الزبير قَالَ:
سَمِعت عبد الله بن الزبير يخْطب على هَذَا الْمِنْبَر وَهُوَ يَقُول: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا أسلم فِي دبر الصَّلَاة - أَو الصَّلَوَات، ثمَّ ذكر مثله.(3/334)
(85) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي زيد أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة بن شرَاحِيل بن عبد الْعُزَّى الْكَلْبِيّ
مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقيل: كنيته أَبُو مُحَمَّد [رَضِي الله عَنهُ] .
2793 - الحَدِيث الأول: عَن ابْن عَبَّاس عَن أُسَامَة بن زيد أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " الرِّبَا فِي النَّسِيئَة ".
وَفِي رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبيد الله بن أبي يزِيد:
إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَة ".
وَفِي رِوَايَة طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس أُسَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا رَبًّا فِيمَا كَانَ يدا بيد ".
2794 - الثَّانِي: عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: أسمعت ابْن عَبَّاس يَقُول: إِنَّمَا أمرْتُم بِالطّوافِ وَلم تؤمروا بِدُخُولِهِ؟ قَالَ: لم يكن ينْهَى عَن دُخُوله، وَلَكِن سمعته يَقُول: أَخْبرنِي أُسَامَة بن زيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما دخل الْبَيْت دَعَا فِي نواحيه كلهَا، وَلم يصل فِيهِ حَتَّى خرج، فَلَمَّا خرج ركع فِي قبل الْبَيْت رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: " هَذِه الْقبْلَة ". قلت لَهُ: مَا نَوَاحِيهَا؟ أَي زواياها قَالَ: بل فِي كل قبْلَة من هَذَا الْبَيْت. هَذَا لفظ حَدِيث مُسلم.(3/335)
قَالَ أَبُو مَسْعُود: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس:
لما دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيْت ... وَذكر الحَدِيث، وَلم يقل: عَن أُسَامَة. قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَقد رَوَاهُ أَيْضا عبد الرَّزَّاق، وَقَالَ فِيهِ: عَن أُسَامَة.
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني عَن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيره من حَدِيث عبد الرَّزَّاق.
هَكَذَا قَالَ أَبُو مَسْعُود، فَقَالَ فِيهِ: عَن أُسَامَة.
2795 - الثَّالِث: عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن أُسَامَة أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله، أَيْن تنزل غَدا، فِي دَارك بِمَكَّة؟ فَقَالَ: " وَهل ترك لنا عقيلٌ من رباع أَو دور؟ " وَكَانَ عقيلٌ ورث أَبَا طَالب، وَلم يَرِثهُ جعفرٌ وَلَا عليٌّ شَيْئا، لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسلمين. وَكَانَ عقيل وطالب كَافِرين. فَكَانَ عمر بن الْخطاب يَقُول: لَا يَرث الْمُؤمن الْكَافِر. قَالَ ابْن شهَاب: وَكَانُوا يتأولون قَول الله {إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله} إِلَى. {أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} الْآيَة [الْأَنْفَال] .
فِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق أَن أُسَامَة قَالَ: قلت:
يَا رَسُول الله، أَيْن تنزل غَدا؟ وَذَلِكَ فِي حجَّته حِين دنونا من مَكَّة. فَقَالَ:
وَهل ترك لنا عقيلٌ منزلا ".
زَاد فِي رِوَايَة مَحْمُود بن غيلَان: ثمَّ قَالَ:
نَحن نازلون غَدا بخيف بني كنَانَة المحصب، حَيْثُ قاسمت قُرَيْش على الْكفْر " وَذَلِكَ أَن بني كنَانَة حالفت قُريْشًا على بني هَاشم: أَلا يبايعوهم، وَلَا يؤوهم. قَالَ الزُّهْرِيّ: والخيف: الْوَادي.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة وَزَمعَة بن صَالح عَن الزُّهْرِيّ: أَن أُسَامَة قَالَ: يَا رَسُول الله، أَيْن تنزل غَدا؟ وَذَلِكَ زمن الْفَتْح. قَالَ: " وَهل ترك لنا عقيل من منزل؟ ".(3/336)
2796 - الرَّابِع: عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن أُسَامَة بن زيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر، وَلَا الْكَافِر الْمُسلم ".
2797 - الْخَامِس: عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: سَمِعت أُسَامَة يحدث سَعْدا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " إِذا سَمِعْتُمْ بالطاعون بأرضٍ فَلَا تدخلوها، وَإِذا وَقع بأرضٍ وَأَنْتُم فِيهَا فَلَا تخْرجُوا مِنْهَا ".
وَفِي حَدِيث ابْن أبي عدي عَن شُعْبَة عَن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ:
كُنَّا بِالْمَدِينَةِ، فبلغني أَن الطَّاعُون قد وَقع بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ عَطاء بن يسَار وَغَيره: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا كنت بأرضٍ فَوَقع بهَا فَلَا تخرج مِنْهَا، وَإِذا بلغك أَنه بِأَرْض فَلَا تدْخلهَا ". قَالَ: قلت: عَمَّن؟ قَالَ: عَن عَامر بن سعد يحدث بِهِ. قَالَ فَأَتَيْته فَقَالُوا: غائبٌ. قَالَ: فَلَقِيت أَخَاهُ إِبْرَاهِيم بن سعد فَسَأَلته، فَقَالَ: شهِدت أُسَامَة يحدث سَعْدا فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن هَذَا الوجع رجزٌ اَوْ عذابٌ أَو بَقِيَّة عذابٍ عذب بِهِ أناسٌ من قبلكُمْ، فَإِذا كَانَ بأرضٍ وَأَنْتُم بهَا فَلَا تخْرجُوا مِنْهَا، وَإِذا بَلغَكُمْ أَنه بأرضٍ فَلَا تدخلوها ". قَالَ حبيبٌ: فَقلت لإِبْرَاهِيم: أَنْت سَمِعت أُسَامَة يحدث سَعْدا وَهُوَ لَا يُنكر؟ قَالَ: نعم.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ لمُسلم عَن حبيب عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن سعد بن مَالك وَخُزَيْمَة بن ثَابت وَأُسَامَة بن زيد قَالُوا:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بِمَعْنى حَدِيث شُعْبَة. وَهَذَا يصلح أَن يكون فِي مُسْند كل واحدٍ من الْمَذْكُورين.
وَفِي رِوَايَة الْأَعْمَش عَن حبيب عَن إِبْرَاهِيم بن سعد قَالَ:
كَانَ أُسَامَة وَسعد جالسين يتحدثان، فَقَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... بِنَحْوِ ذَلِك.(3/337)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عَامر بن سعد بن أبي وَقاص أَنه سمع أُسَامَة بن زيد يحدث سَعْدا
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الوجع، فَقَالَ: " رجزٌ أَو عذابٌ عذب بِهِ بعض الْأُمَم ثمَّ بَقِي مِنْهُ بَقِيَّة، فَيذْهب الْمرة، وَيَأْتِي الْأُخْرَى، فَمن سمع بأرضٍ فَلَا يقدمن عَلَيْهِ، وَمن كَانَ بأرضٍ وَقع فِيهَا فَلَا يخرج فِرَارًا مِنْهُ ".
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر أَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الطَّاعُون رجزٌ أرسل على طَائِفَة من بني إِسْرَائِيل، أَو على من كَانَ قبلكُمْ. فَإِذا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْض فَلَا تقدمُوا عَلَيْهِ، وَإِذا وَقع بِأَرْض وَأَنْتُم بهَا فَلَا تخْرجُوا فِرَارًا مِنْهُ ".
2798 - السَّادِس: عَن أبي عبد الله عُرْوَة بن الزبير قَالَ: سُئِلَ أُسَامَة وَأَنا جالسٌ: كَيفَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسير فِي حجَّة الْوَدَاع حِين دفع؟ قَالَ: كَانَ يسير الْعُنُق فَإِذا وجد فجوةً نَص. قَالَ هِشَام بن عُرْوَة: وَالنَّص فَوق الْعُنُق.
وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن زيد:
سُئِلَ أُسَامَة وَأَنا شاهدٌ، أَو قَالَ: سَأَلت أُسَامَة بن زيد وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أردفه من عَرَفَات: كَيفَ كَانَ يسير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أَفَاضَ من عَرَفَة؟ قَالَ: كَانَ يسير الْعُنُق، فَإِذا وجد فجوةً نَص.
2799 - السَّابِع: عَن عُرْوَة عَن أُسَامَة قَالَ: أشرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أطمٍ من آطام الْمَدِينَة فَقَالَ: " هَل ترَوْنَ مَا أرى " قَالُوا: لَا. قَالَ: " فَإِنِّي لأرى مواقع الْفِتَن خلال بُيُوتكُمْ كمواقع الْقطر ".
2800 - الثَّامِن عَن عُرْوَة أَن أُسَامَة أخبرهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركب على(3/338)
حمارٍ عَلَيْهِ إكاف تَحْتَهُ قطيفةٌ فَدَكِيَّة، وَأَرْدَفَ أُسَامَة بن زيد وَرَاءه، يعود سعد بن عبَادَة فِي بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج، قبل وقْعَة بدرٍ، قَالَ: فسارا حَتَّى مرا بِمَجْلِس فِيهِ عبد الله بن أبي بن سلول، وَذَلِكَ قبل أَن يسلم عبد الله بن أبي، وَإِذا فِي الْمجْلس أخلاطٌ من الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين عَبدة الْأَوْثَان وَالْيَهُود، وَفِي الْمُسلمين عبد الله بن رَوَاحَة، فَلَمَّا غشيت الْمجْلس عجاجة الدَّابَّة خمر عبد الله بن أبي أَنفه بردائه، ثمَّ قَالَ: لَا تغبروا علينا، فَسلم رَسُول الله عَلَيْهِم ثمَّ وقف فَنزل، فَدَعَاهُمْ إِلَى الله، وَقَرَأَ عَلَيْهِم الْقُرْآن، فَقَالَ لَهُ عبد الله بن أبي بن سلول: أَيهَا الْمَرْء، إِنَّه لَا أحسن مِمَّا تَقول إِن كَانَ حَقًا، فَلَا تؤذنا بِهِ فِي مجالسنا وارجع إِلَى رحلك، فَمن جَاءَك فاقصص عَلَيْهِ. فَقَالَ عبد الله بن رَوَاحَة: بلَى يَا رَسُول الله، فاغشنا بِهِ فِي مجالسنا، فَإنَّا نحب ذَلِك. فاستب الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُود حَتَّى كَادُوا يتثاورون، فَلم يزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخفضهم حَتَّى سكنوا. ثمَّ ركب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَابَّته، فَسَار حَتَّى دخل إِلَى سعد بن عبَادَة، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " أَي سعد، ألم تسمع إِلَى مَا قَالَ أَبُو حباب؟ - يُرِيد عبد الله بن أبي - قَالَ كَذَا وَكَذَا. " فَقَالَ سعد بن عبَادَة: يَا رَسُول الله، اعْفُ عَنهُ وَاصْفَحْ، فوالذي أنزل عَلَيْك الْكتاب، لقد جَاءَ الله بِالْحَقِّ الَّذِي أنزل عَلَيْك، وَلَقَد اجْتمع أهل هَذِه الْبحيرَة على أَن يُتَوِّجُوهُ، فيعصبوه بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا أَبى الله ذَلِك بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاك الله شَرق بذلك، فَذَلِك الَّذِي فعل بِهِ مَا رَأَيْت، فَعَفَا عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه يعفون عَن الْمُشْركين وَأهل الْكتاب كَمَا أَمرهم الله، ويصبرون على الْأَذَى، قَالَ الله تَعَالَى: {ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا وَإِن تصبروا وتتقوا فَإِن ذَلِك من عزم الْأُمُور} [آل عمرَان] . وَقَالَ الله تَعَالَى: {ود كثيرٌ من أهل الْكتاب لَو يردونكم من بعد إيمَانكُمْ كفَّارًا حسداً من عِنْد أنفسهم من بعد مَا تبين لَهُم الْحق فاعفوا واصفحوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره إِن الله على كل شيءٍ قدير} [الْبَقَرَة] .(3/339)
وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَأَوَّل فِي الْعَفو مَا أمره الله بِهِ حَتَّى أذن الله لَهُ فيهم، فَلَمَّا غزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدْرًا، فَقتل الله فِيهَا من قتل من صَنَادِيد كفار قُرَيْش، وقفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه منصورين سَالِمين، مَعَهم أُسَارَى من صَنَادِيد الْكفَّار وسَادَة قُرَيْش، قَالَ ابْن أبي سلول وَمن مَعَه من الْمُشْركين عَبدة الْأَوْثَان: هَذَا أمرٌ قد توجه، فَبَايعُوا لرَسُول الله على الْإِسْلَام، فأسلموا. اللَّفْظ لحَدِيث البُخَارِيّ وَهُوَ أتم.
2801 - التَّاسِع: عَن أبي وَائِل شَقِيق بن سَلمَة عَن أُسَامَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يُؤْتى بِالرجلِ يَوْم الْقِيَامَة، فَيلقى فِي النَّار، فتندلق أقتاب بَطْنه، فيدور بهَا كَمَا يَدُور الْحمار فِي الرَّحَى، فيجتمع إِلَيْهِ أهل النَّار فَيَقُولُونَ: يَا فلَان، مَا لَك؟ الم ألم تكن تَأمر بِالْمَعْرُوفِ وتنهى عَن الْمُنكر؟ فَيَقُول: بلَى، كنت آمُر بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتيه، وأنهى عَن الْمُنكر وآتيه ".
زَاد أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان بن عَيْنِيَّة فِي أَوله:
يُؤْتى برجلٍ كَانَ والياً فَيلقى فِي النَّار ... الحَدِيث. وَحكى ذَلِك أَبُو مَسْعُود عَن الْكِتَابَيْنِ. وَلَيْسَ قَوْله " كَانَ والياً " فِي واحدٍ من الْكِتَابَيْنِ فِيمَا رَأينَا من النّسخ.
2802 - الْعَاشِر: عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أُسَامَة قَالَ: أرْسلت بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ: أَن ابْنا لي قبض فائتنا. وَفِي رِوَايَة حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة: أَن ابْني قد احْتضرَ فاشهدنا. وَفِي رِوَايَة حجاج: أَن ابْنَتي قد حضرت. فَأرْسل يقرئ السَّلَام وَيَقُول: " إِن لله مَا أَخذ وَله مَا أعْطى، وكلٌّ عِنْده بأجلٍ مُسَمّى، فَلتَصْبِر ولتحتسب " فَأرْسلت إِلَيْهِ تقسم عَلَيْهِ ليأتينها، فَقَامَ وَمَعَهُ سعد بن عبَادَة ومعاذ بن جبل وَأبي بن كَعْب وَزيد بن ثَابت وَرِجَال، فَرفع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّبِي. وَفِي رِوَايَة حَفْص بن عمر: فأقعده فِي حجرَة وَنَفسه تتقعقع، قَالَ: حسبت أَنه قَالَ: كَأَنَّهَا شن. وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن زيد: تقَعْقع كَأَنَّهَا فِي شن. وَقَالَ أَبُو كَامِل عَنهُ(3/340)
كَأَنَّهَا فِي شنة. فَفَاضَتْ عَيناهُ، فَقَالَ سعد: يَا رَسُول الله، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: " هَذِه رَحْمَة جعلهَا الله فِي قُلُوب عباده " قَالَ فِي رِوَايَة حجاج بن منهال عَن شُعْبَة: " فِي قُلُوب من شَاءَ من عباده، وَإِنَّمَا يرحم الله من عبَادَة الرُّحَمَاء ".
2803 - الْحَادِي عشر: عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أُسَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قُمْت على بَاب الْجنَّة فَكَانَ عَامَّة من دَخلهَا الْمَسَاكِين، وَأَصْحَاب الْجد محبوسون، غير أَن أَصْحَاب النَّار قد أَمر بهم إِلَى النَّار، وَقمت على بَاب النَّار، فَإِذا عَامَّة من دَخلهَا النِّسَاء ".
2804 - الثَّانِي عشر: عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أُسَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا تركت بعدِي فتْنَة هِيَ أضرّ على الرِّجَال من النِّسَاء ".
2805 - الثَّالِث عشر: عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان قَالَ: " لَا تكونن إِن اسْتَطَعْت أول من يدْخل السُّوق وَلَا آخر من يخرج مِنْهَا، فَإِنَّهَا معركة للشَّيْطَان، وَبهَا ينصب رايته ".
قَالَ النَّهْدِيّ:
وأنبئت أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده أم سَلمَة قَالَ: فَجعل يتحدث ثمَّ قَامَ، فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأم سَلمَة: " من هَذَا؟ " أَو كَمَا قَالَ: قَالَت: هَذَا دحيه. قَالَ: فَقَالَت أم سَلمَة: ايم الله مَا حسبته إِلَّا إِيَّاه حَتَّى سَمِعت خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخبر جِبْرِيل، أَو كَمَا قَالَ. فَقلت لأبي عُثْمَان: مِمَّن سَمِعت هَذَا؟ قَالَ: من أُسَامَة بن زيد.
لَيْسَ عِنْد البُخَارِيّ فِي أَوله قَول سلمَان، واتفقا فِيمَا سوى ذَلِك. ذكره أَبُو مَسْعُود فِي مُسْند أُسَامَة، وَيصْلح أَن يكون فِي مُسْند أم سَلمَة وَمِنْهُم من ذكره هُنَالك.(3/341)
2806 - الرَّابِع عشر: عَن أبي ظبْيَان حُصَيْن بن جُنْدُب الْجَنبي عَن أُسَامَة قَالَ: بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الحرقة من جُهَيْنَة، فصبحنا الْقَوْم فهزمناهم. قَالَ: وَلَحِقت أَنا ورجلٌ من الْأَنْصَار رجلا مِنْهُم، فَلَمَّا غشيناه قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، قَالَ: فَكف عَنهُ الْأنْصَارِيّ، وطعنته برمحي حَتَّى قتلته، فَلَمَّا قدمنَا بلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لي: " يَا أُسَامَة، أقتلته بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله؟ " قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا. قَالَ: فَقَالَ " أقتلته بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله؟ " قَالَ: فَمَا زَالَ يكررها عَليّ حَتَّى تمنيت أَنِّي لم أكن أسلمت قبل ذَلِك الْيَوْم.
وَفِي حَدِيث أبي خَالِد الْأَحْمَر عَن الْأَعْمَش:
بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سريةٍ، فصبحنا الحرقات من جُهَيْنَة، فأدركت رجلا فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله. فطعنته، فَوَقع فِي نَفسِي من ذَلِك، فَذَكرته للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أقَال: لَا إِلَه إِلَّا الله وقتلته؟ " قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا قَالَهَا خوفًا من السِّلَاح. قَالَ " أَفلا شققت عَن قلبه حَتَّى تعلم أقالها أم لَا؟ " فَمَا زَالَ يكررها عَليّ حَتَّى تمنيت اني أسلمت يومئذٍ.
قَالَ: فَقَالَ سعد:
وَأَنا وَالله لَا أقتل مُسلما حَتَّى يقْتله ذُو البطين - يَعْنِي أُسَامَة. قَالَ: فَقَالَ رجل: ألم يقل الله: {وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة وَيكون الدّين كُله لله} [الْأَنْفَال] فَقَالَ سعد: قد قاتلنا حَتَّى لَا تكون فتْنَة، وَأَنت وَأَصْحَابك تُرِيدُونَ أَن تقاتلوا حَتَّى تكون فتْنَة.
2807 - الْخَامِس عشر: عَن أبي رشدين كريب بن أبي مُسلم عَن أُسَامَة قَالَ: دفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَرَفَة، حَتَّى إِذا كَانَ بِالشعبِ نزل فَبَال، ثمَّ تَوَضَّأ وَلم يسبغ الْوضُوء، فَقلت: الصَّلَاة يَا رَسُول الله. فَقَالَ: " الصَّلَاة أمامك " فَركب، فَلَمَّا جَاءَ الْمزْدَلِفَة نزل فَتَوَضَّأ فأسبغ الْوضُوء، ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة، فصلى الْمغرب ثمَّ أَنَاخَ كل إِنْسَان بعيره فِي منزله، ثمَّ أُقِيمَت الْعشَاء فصلى، وَلم يصل بَينهَا.(3/342)
وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر أَن أُسَامَة قَالَ:
ردفت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَرَفَات فَلَمَّا بلغ الشّعب الْأَيْسَر الَّذِي دون الْمزْدَلِفَة أَنَاخَ فَبَال، ثمَّ جَاءَ فَصَبَبْت عَلَيْهِ الْوضُوء، فَتَوَضَّأ وضُوءًا خَفِيفا، فَقلت: الصَّلَاة يَا رَسُول الله. قَالَ: " الصَّلَاة أمامك " فَركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نأتي الْمزْدَلِفَة، فصلى، ثمَّ ردف الْفضل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدَاة جمع.
وَفِي رِوَايَة زُهَيْر عَن إِبْرَاهِيم بن عقبَة نَحوه. وَفِيه: فَركب حَتَّى جِئْنَا الْمزْدَلِفَة فَأَقَامَ الْمغرب، ثمَّ أَنَاخَ النَّاس فِي مَنَازِلهمْ، وَلم يحلوا حَتَّى أَقَامَ الْعشَاء الْآخِرَة، فصلى، ثمَّ حلوا. قلت: وَكَيف فَعلْتُمْ حِين أَصْبَحْتُم؟ قَالَ: ردف الْفضل بن عَبَّاس، وَانْطَلَقت أَنا فِي سباق قُرَيْش على رجْلي.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن عقبَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أَتَى النقب الَّذِي ينزله الْأُمَرَاء نزل فَبَال - وَلم يقل أهراق - ثمَّ دَعَا بِوضُوء فَتَوَضَّأ وضُوءًا خَفِيفا، فَقلت: يَا رَسُول الله، الصَّلَاة. قَالَ: " الصَّلَاة أمامك ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَطاء مولى بني سِبَاع، قيل ابْن يَعْقُوب، وَقيل ابْن نَافِع الكنجاراني، عَن أُسَامَة، أَنه كَانَ رَدِيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أَفَاضَ من عَرَفَة، فَلَمَّا جَاءَ النقب أَنَاخَ رَاحِلَته، ثمَّ ذهب إِلَى الْغَائِط، فَلَمَّا رَجَعَ صببت عَلَيْهِ من الْإِدَاوَة فَتَوَضَّأ، ثمَّ ركب حَتَّى أَتَى الْمزْدَلِفَة، فَجمع بهَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء.(3/343)
وللبخاري حديثان:
2808 - أَحدهمَا: من رِوَايَة أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أُسَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه كَانَ يَأْخُذهُ وَالْحسن وَيَقُول " اللَّهُمَّ إِنِّي أحبهما فأحبهما ". اَوْ كَمَا قَالَ.
وَفِي حَدِيث عَاصِم عَن مُعْتَمر:
أَن أُسَامَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يأخذني فيقعدني على فَخذه، وَيقْعد الْحسن على فَخذه الْأُخْرَى، ثمَّ يضمهما ثمَّ يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أرحمهما فارحمهما ".
2809 - الثَّانِي: من رِوَايَة حَرْمَلَة مولى أُسَامَة قَالَ: أَرْسلنِي أُسَامَة إِلَى عَليّ وَقَالَ: إِنَّه سيسألك الْآن فَيَقُول: مَا خلف صَاحبك؟ فَقل لَهُ: يَقُول لَك: لَو كنت فِي شدق الْأسد لأحببت أَن أكون مَعَك فِيهِ، وَلَكِن هَذَا أَمر لم أره يَعْنِي، قَالَ: فَأتيت عليا فَلم يُعْطِنِي شَيْئا، فَذَهَبت إِلَى حسن وحسين وَابْن جَعْفَر فأوقروا لي رَاحِلَتي.
وَلمُسلم حديثان:
2810 - أَحدهمَا: من رِوَايَة عَطاء عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَفَاضَ من عَرَفَة وَأُسَامَة ردفه، قَالَ أُسَامَة: فَمَا زَالَ يسير على هَيئته حَتَّى أَتَى جمعا.
2811 - الثَّانِي: من رِوَايَة عَامر بن سعد بن أبي وَقاص: أَن أُسَامَة أخبر وَالِده سعد بن أبي وَقاص: أَن رجلا جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي أعزل عَن امْرَأَتي. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لم تفعل ذَلِك؟ " فَقَالَ الرجل: أشْفق على وَلَدهَا، أَو على أَوْلَادهَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَو كَانَ ذَلِك ضاراً ضرّ فَارس وَالروم ".
وَقَالَ زُهَيْر بن حَرْب فِي رِوَايَته:
إِن كَانَ كَذَلِك فَلَا، مَا ضار ذَلِك فَارس وَالروم ".(3/344)
(86) أَبُو سُلَيْمَان خَالِد بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، سيف الله رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد // مُتَّفق عَلَيْهِ //:
2812 - من رِوَايَة عبد الله عَبَّاس عَن خَالِد بن الْوَلِيد سيف الله أَنه أخبرهُ: أَنه دخل مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَهِي خَالَته، وَخَالَة ابْن عَبَّاس - فَوجدَ عِنْدهَا ضباً محنوذاً قدمت بِهِ حفيدة بنت الْحَارِث من نجد، فَقدمت الضَّب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ قَلما يقدم يَدَيْهِ لطعام حَتَّى يحدث عَنهُ وَيُسمى لَهُ، فَأَهوى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ إِلَى الضَّب، فَقَالَت امْرَأَة من النسْوَة الْحُضُور: أخبرن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا قدمتن لَهُ. قُلْنَ: هُوَ الضَّب يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده، فَقَالَ خَالِد بن الْوَلِيد: أحرامٌ الضَّب يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " لَا، وَلكنه لم يكن بِأَرْض قومى، فأجدني أعافه ". قَالَ خَالِد: فاجتررته فأكلته وَرَسُول الله ينظر، فَلم ينهني.
وَمن الروَاة من لم يقل فِيهِ: عَن خَالِد، جعله من مُسْند ابْن عَبَّاس.
وللبخاري حَدِيث وَاحِد مَوْقُوف:
2813 - من رِوَايَة أبي عبد الله قيس بن أبي حَازِم قَالَ: سَمِعت خَالِد بن الْوَلِيد يَقُول: لقد انْقَطَعت فِي يَدي يَوْم مُؤْتَة تِسْعَة أسياف، فَمَا بَقِي فِي يَدي إِلَّا صفيحة يَمَانِية.(3/345)
(87) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ
ثَلَاثَة أَحَادِيث:
2814 - أَحدهَا: من رِوَايَة أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَنهُ: أَن أَصْحَاب الصّفة كَانُوا أُنَاسًا فُقَرَاء، وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مرّة: " من كَانَ عِنْده طَعَام اثْنَيْنِ فليذهب بثالث، وَمن كَانَ عِنْده طَعَام أَرْبَعَة فليذهب بخامس، بسادس " أَو كَمَا قَالَ. وَإِن أَبَا بكر جَاءَ بِثَلَاثَة، وَانْطَلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعشْرَة، فَقَالَ: فَهُوَ أَنا وأبى وَأمي وَلَا أَدْرِي هَل قَالَ: وامرأتي، وخادم بَيْننَا وَبَين بَيت أبي بكر، وَإِن أَبَا بكر تعشى عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ لبث حَتَّى صلى الْعشَاء، ثمَّ رَجَعَ فَلبث حَتَّى تعشى رَسُول الله، وَفِي رِوَايَة ابْن معَاذ: حَتَّى نعس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فجَاء بَعْدَمَا مضى من اللَّيْل مَا شَاءَ الله. قَالَت لَهُ امْرَأَته: مَا حَبسك عَن أضيافك؟ أَو قَالَت: ضيفك؟ قَالَ أَو مَا عشيتهم؟ قَالَت: أَبُو حَتَّى تَجِيء، وَقد عرضوا عَلَيْهِم. قَالَ: فَذَهَبت أَنا فاختبأت. فَقَالَ: يَا غنثر، فجدع وَسَب وَقَالَ: كلوا، لَا هَنِيئًا. وَقَالَ: وَالله لَا أطْعمهُ أبدا. قَالَ: وَايْم الله مَا كُنَّا نَأْخُذ من لقْمَة إِلَّا رَبًّا من أَسْفَلهَا أَكثر مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا وَصَارَت أَكثر مِمَّا كَانَت قبل ذَلِك. فَنظر إِلَيْهَا أَبُو بكر فَإِذا هِيَ كَمَا هِيَ أَو أَكثر، فَقَالَ لامْرَأَته: يَا أُخْت بني فراس، مَا هَذَا؟ قَالَ: لَا، وقره عَيْني، لهي الْآن أَكثر مِنْهَا قبل ذَلِك بِثَلَاث مَرَّات. فَأكل مِنْهَا أَبُو بكر وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك من الشَّيْطَان - يَعْنِي يَمِينه - ثمَّ أكل مِنْهَا لقْمَة، ثمَّ حملهَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَصْبَحت عِنْده، قَالَ: وَكَانَ بَيْننَا وَبَين قوم عهدٌ، فَمضى الْأَجَل، فتفرقنا اثْنَي عشر رجلا، مَعَ كل رجل مِنْهُم أنَاس، الله أعلم كم مَعَ كل رجل، فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ. أَو كَمَا قَالَ.(3/346)
وَهُوَ من رِوَايَة سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي عُثْمَان مُخْتَصر، قَالَ: قَالَ عبد الرَّحْمَن:
جَاءَ أَبُو بكر بضيف لَهُ أَو أضياف لَهُ - فأمسى عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا جَاءَ قَالَت لَهُ أُمِّي: احْتبست عَن ضيفك - أَو أضيافك - اللَّيْلَة. قَالَ: أما عشيتهم؟ قَالَت: عرضنَا عَلَيْهِ - أَو عَلَيْهِم - فَأَبَوا - أَو أَبى. فَغَضب أَبُو بكر، فسب وجدع، وَحلف لَا يطعمهُ، فأختبأت أَنا، فَقَالَ: يَا غنثر، فَحَلَفت الْمَرْأَة لَا تطعمه، فَحلف الضَّيْف أَو الأضياف أَلا يطعمهُ أَو يطعموه حَتَّى يطعمهُ، فَقَالَ أَبُو بكر: هَذِه من الشَّيْطَان، فَدَعَا بِالطَّعَامِ، فَأكل وأكلوا، فَجعلُوا لَا يرفعون لقْمَة إِلَّا ربت من أَسْفَلهَا أَكثر مِنْهَا، فَقَالَ: يَا أُخْت بني فراس، مَا هَذَا؟ فَقَالَت: وقرة عَيْني، إِنَّهَا الْآن لأكْثر قبل أَن نَأْكُل، فَأَكَلُوا، وَبعث بهَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذكر أَنه أكل مِنْهَا.
وَفِي رِوَايَة سعيد الْجريرِي عَن أبي عُثْمَان عَن عبد الرَّحْمَن:
أَن أَبَا بكر تضيف رهطاً، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: دُونك أضيافك فَإِنِّي منطلق إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فافرغ من قراهم قبل أَن أجيء، فَانْطَلق عبد الرَّحْمَن، فَأَتَاهُم بِمَا عِنْده فَقَالَ: اطعموا، فَقَالُوا: أَيْن رب منزلنا؟ قَالَ: اطعموا. قَالُوا: مَا نَحن بآكلين حَتَّى يَجِيء رب منزلنا. قَالَ: اقْبَلُوا عَنَّا قراكم، فَإِنَّهُ إِن جَاءَ وَلم تطعموا لنلقين مِنْهُ، فَأَبَوا، فَعرفت أَنه يجد عَليّ، فَلَمَّا جَاءَ تنحيت عَنهُ، قَالَ: مَا صَنَعْتُم؟ فأخبروه، قَالَ: يَا عبد الرَّحْمَن، فَسكت، ثمَّ قَالَ: يَا عبد الرَّحْمَن، فَسكت، فَقَالَ: يَا غنثر، أَقْسَمت عَلَيْك إِن كنت تسمع صوتي لما جِئْت، فَخرجت. فَقلت: سل أضيافك، فَقَالُوا: صدق، أَتَانَا بِهِ. قَالَ: فَإِنَّمَا انتظرتموني، وَالله لَا أطْعمهُ اللَّيْلَة. قَالَ الْآخرُونَ: وَالله لَا نطعمه حَتَّى تطعمه. قَالَ: لم أر فِي الشَّرّ كالليلة، وَيْلكُمْ، مَا لكم لَا تقبلون عَنَّا قراكم؟ هَات طَعَامك. فجَاء بِهِ، فَوضع يَده فَقَالَ: باسم الله، الأولى للشَّيْطَان، فَأكل وأكلوا.(3/347)
وَفِي حَدِيث سَالم بن نوح عَن الْجريرِي نَحوه، وَزَاد: قَالَ: فَلَمَّا أصبح غَدا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، بروا وحنثت. قَالَ وَأخْبرهُ فَقَالَ: " بل أَنْت أبرهم وأخيرهم ". قَالَ: وَلم تبلغني كَفَّارَة.
2815 - الثَّانِي: عَن أبي عُثْمَان عَن عبد الرَّحْمَن قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثِينَ وَمِائَة، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَل مَعَ أحد مِنْكُم طَعَام؟ " فَإِذا مَعَ رجل صاعٌ من طَعَام أَو نَحوه، فعجن، ثمَّ جَاءَ رجل مشعان طَوِيل بِغنم يَسُوقهُ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أبيعا أم عَطِيَّة؟ " أَو قَالَ: " هبة؟ " فَقَالَ: بل بيع. فَاشْترى مِنْهُ شَاة، فصنعت، وَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسواد الْبَطن أَن يشوى. وَايْم الله، مَا فِي الثَّلَاثِينَ وَالْمِائَة إِلَّا قد حز النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ حزةً من سَواد بَطنهَا، إِن كَانَ شَاهدا أَعْطَاهَا إِيَّاه، وَإِن كَانَ غَائِبا خبأ لَهُ، فَجعل مِنْهَا قصعتين، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ وشبعنا، ففضلت القصعتان، فحملناه على الْبَعِير.
وَفِي حَدِيث مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَعبيد الله بن معَاذ:
ففضل من القصعتين، فَحَملته على الْبَعِير، أَو كَمَا قَالَ.
2816 - الثَّالِث: عَن عمر بن أَوْس الثَّقَفِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق قَالَ: أَمرنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أرْدف عَائِشَة وأعمرها من التَّنْعِيم.(3/348)
(88) الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي حَفْص عمر بن أبي سَلمَة رَضِي الله عَنهُ
وَهُوَ ربيب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَاسم أبي سَلمَة: عبد الله بن عبد الْأسد بن هِلَال بن عبد الله عَمْرو بن مَخْزُوم.
حديثان:
2817 - أَحدهمَا: من رِوَايَة عُرْوَة بن الزبير عَن عمر بن أبي سَلمَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي ثوب وَاحِد خَالف بَين طَرفَيْهِ.
وَفِي رِوَايَة يحيى الْقطَّان:
أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد فِي بَيت أم سَلمَة، قد ألْقى طَرفَيْهِ على عَاتِقيهِ.
وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة:
رَأَيْت رَسُول الله يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد مُشْتَمِلًا بِهِ فِي بَيت أم سَلمَة، وَاضِعا طَرفَيْهِ على عَاتِقيهِ.
وَفِي رِوَايَة وَكِيع عَن هِشَام بن عُرْوَة: متوشحاً.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي أُمَامَة أسعد بن سهل بن حنيف عَن عمر بن أبي سَلمَة قَالَ:
رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد، ملتحفاً مُخَالفا بَين طَرفَيْهِ. زَاد عِيسَى بن حَمَّاد فِي رِوَايَته عَن اللَّيْث قَالَ: على مَنْكِبَيْه.
2818 - الثَّانِي: من رِوَايَة أبي نعيم وهب بن كيسَان عَن عمر بن أبي سَلمَة قَالَ: كنت غُلَاما فِي حجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَت يَدي تطيش فِي الصحفة، فَقَالَ(3/349)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا غُلَام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مِمَّا يليك ". فَمَا زَالَت تِلْكَ طعمتي بعد.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن عَمْرو بن طَلْحَة الديلِي عَن وهب عَنهُ قَالَ:
أكلت يَوْمًا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما، فَجعلت آكل من نواحي الصحفة، فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كل مِمَّا يليك ".
وللبخاري من رِوَايَة مَالك عَن وهب بن كيسَان قَالَ:
أُتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بطعامٍ وَمَعَهُ ربيعَة عمر بن أبي سَلمَة، فَقَالَ: " سم الله، وكل مِمَّا يليك " مُرْسل.
(89) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عَامر بن ربيعَة بن ثُمَامَة بن مَالك الْعَدوي رَضِي الله عَنهُ
حديثان:
2819 - أَحدهمَا: من رِوَايَة عبد الله بن عمر بن الْخطاب عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة فَقومُوا حَتَّى تخلفكم " قَالَ البُخَارِيّ: زَاد الْحميدِي: " حَتَّى تخلفكم أَو تُوضَع ".(3/350)
وَفِي رِوَايَة اللَّيْث عَن نَافِع:
إِذا رأى أحدكُم الْجِنَازَة، فَإِن لم يكن مَاشِيا مَعهَا فَليقمْ حَتَّى يخلفها أَو تخلفه، أَو تُوضَع من قبل أَن تخلفه ".
وَفِي رِوَايَة زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره عَن سُفْيَان:
إِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة فَقومُوا لَهَا تخلفكم أَو تُوضَع ".
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن نَافِع:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا رأى أحدكُم الْجِنَازَة فَليقمْ حِين يَرَاهَا حَتَّى تخلفه، إِذا كَانَ غير متبعها ".
2820 - الثَّانِي: من رِوَايَة عبد الله بن عَامر بن ربيعَة - وَهُوَ صَحَابِيّ أَيْضا - عَن أَبِيه عَامر بن ربيعَة قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي على رَاحِلَته حَيْثُ تَوَجَّهت بِهِ.
وَفِي رِوَايَة عقيل عَن الزُّهْرِيّ:
رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على الرَّاحِلَة، يسبح يُومِئ بِرَأْسِهِ، قبل أَي وجهٍ، وَلم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع ذَلِك فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة.
(90) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي معبد الْمِقْدَاد بن الْأسود
نسب إِلَى الْأسود، لِأَنَّهُ كَانَ فِي حجره، وَقيل:
لِأَن كَانَ حليفه. وَهُوَ ابْن عَمْرو بن ثَعْلَبَة الْكِنْدِيّ رَضِي الله عَنهُ.
حَدِيث وَاحِد:
2821 - من رِوَايَة عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار: أَن الْمِقْدَاد بن عَمْرو الْكِنْدِيّ - وَكَانَ حليفاً لبني زهرَة، وَكَانَ مِمَّن شهد بَدْرًا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرهُ أَنه قَالَ(3/351)
لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَرَأَيْت إِن لقِيت رجلا من الْكفَّار فاقتتلنا، فَضرب إِحْدَى يَدي بِالسَّيْفِ فقطعها، ثمَّ لَاذَ مني بشجرة فَقَالَ: أسلمت لله، أأقتله يَا رَسُول الله بعد أَن قَالَهَا؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تقتله ". فَقَالَ: يَا رَسُول الله، قطع إِحْدَى يَدي ثمَّ قَالَ ذَلِك بعد مَا قطعهَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. " لَا تقتله، فَإِن قتلته فَإِنَّهُ بمنزلتك قبل أَن تقتله، وَإنَّك بِمَنْزِلَتِهِ قبل أَن يَقُول كَلمته الَّتِي قَالَ ".
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ: فَلَمَّا أهويت لأقتله قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله.
وَلمُسلم ثَلَاثَة أَحَادِيث:
2822 - أَحدهَا: من رِوَايَة همام بن الْحَارِث عَن الْمِقْدَاد: أَن رجلا جعل يمدح عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ، فَعمد الْمِقْدَاد فَجَثَا على رُكْبَتَيْهِ - وَكَانَ رجلا ضخماً، فَجعل يحثو فِي وَجهه الْحَصْبَاء، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: مَا شَأْنك؟ فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا رَأَيْتُمْ المداحين فاحثوا فِي وُجُوههم التُّرَاب ".
وَفِي حَدِيث أبي معمر عبد الله بن سَخْبَرَة عَن الْمِقْدَاد نَحوه، وَقَالَ:
أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نحثو فِي وُجُوه المداحين التُّرَاب. وَلم يسم من قَالَ ذَلِك عِنْده.
2823 - الثَّانِي: من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن الْمِقْدَاد قَالَ: أَقبلت أَنا وصاحبان لي وَقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الْجهد، فَجعلنَا نعرض أَنْفُسنَا على أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَيْسَ أحد مِنْهُم يقبلنا، فأتينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلق بِنَا إِلَى أَهله، فَإِذا ثَلَاثَة أعنزٍ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " احتلبوا هَذَا اللَّبن بَيْننَا ". قَالَ: فَكُنَّا(3/352)
نحتلب فيشرب كل إِنْسَان منا نصِيبه، ونرفع للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: فَيَجِيء من اللَّيْل، فَيسلم تَسْلِيمًا لَا يوقظ نَائِما، وَيسمع الْيَقظَان، قَالَ: ثمَّ يَأْتِي الْمَسْجِد فَيصَلي، ثمَّ يَأْتِي شرابه فيشرب.
فَأَتَانِي الشَّيْطَان ذَات لَيْلَة، وَقد شربت نَصِيبي فَقَالَ:
مُحَمَّد يَأْتِي الْأَنْصَار فيتحفونه ويصيب عِنْدهم، مَا بِهِ حَاجَة إِلَى هَذِه الجرعة، فأتيتها فشربتها، فَلَمَّا أَن وغلت فِي بَطْني، وَعلمت أَنه لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيل قَالَ: ندمني الشَّيْطَان فَقَالَ: وَيحك، مَا صنعت؟ أشربت شراب مُحَمَّد فَيَجِيء فَلَا يجده، فيدعو عَلَيْك فتهلك، فتذهب دنياك وآخرتك؟ وَعلي شملةٌ، إِذا وَضَعتهَا على قدمي ظهر رَأْسِي، وَإِذا وَضَعتهَا على رَأْسِي خرج قَدَمَايَ، وَجعل لَا يجيئني النّوم، وَأما صَاحِبَايَ فَنَامَا وَلم يصنعا مَا صنعت.
قَالَ:
فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسلم كَمَا كَانَ يسلم، ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد فصلى، ثمَّ أَتَى شرابه فكشف عَنهُ فَلم يجد فِيهِ شَيْئا، فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء، فَقلت: الْآن يَدْعُو عَليّ فَأهْلك. فَقَالَ: " اللَّهُمَّ أطْعم من أَطْعمنِي، واسق من سقاني " قَالَ: فعمدت إِلَى الشملة فشددتها عَليّ، وَأخذت الشَّفْرَة فَانْطَلَقت إِلَى الأعنز، ايها أسمن فأذبحها لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِذا هِيَ حافل، وَإِذا هن حفل كُلهنَّ، فعمدت إِلَى إِنَاء لآل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانُوا يطمعون أَن يحتلبوا فِيهِ، قَالَ: فحلبت فِيهِ حَتَّى علته رغوةٌ، فَجئْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " أشربتم شرابكم اللَّيْلَة؟ " قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، اشرب، فَشرب ثمَّ ناولني، فَلَمَّا عرفت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد رُوِيَ وأصبت دَعوته ضحِكت حَتَّى ألقيت إِلَى الأَرْض. قَالَ: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِحْدَى سوآتك يَا مقداد " فَقلت: يَا رَسُول الله، كَانَ من أَمْرِي كَذَا وَكَذَا، وَفعلت كَذَا(3/353)
وَكَذَا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
مَا هَذِه إِلَّا رَحْمَة من الله، أَفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان مِنْهَا " قَالَ: فَقلت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، مَا أُبَالِي إِذا أصبتها وأصبتها مَعَك من أَصَابَهَا من النَّاس. هَكَذَا فِي كتاب مُسلم فِيمَا وجدت من النّسخ.
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني رَحمَه الله بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أخرجه بِهِ مُسلم، وَفِيه:
مَا أُبَالِي إِذا أصبت مِنْهَا أَلا يُصِيب أحدٌ من النَّاس مِنْهَا.
2824 - الثَّالِث: عَن أبي يحيى سليم بن عَامر عَن الْمِقْدَاد قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " تدنى الشَّمْس يَوْم الْقِيَامَة من الْخلق حَتَّى تكون مِنْهُم كمقدار ميل " قَالَ سليم بن عَامر: فوَاللَّه مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بالميل: أمسافة الأَرْض، أَو الْميل الَّذِي تكتحل بِهِ الْعين. قَالَ: " فَيكون النَّاس على قدر أَعْمَالهم من الْعرق، فَمنهمْ من يكون إِلَى كعبيه، وَمِنْهُم من يكون إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمن يكون إِلَى حقْوَيْهِ، وَمِنْهُم من يلجمه الْعرق إلجاماً " قَالَ: وَأَشَارَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ.
(91) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند بِلَال بن رَبَاح مُؤذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمولى أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا
حَدِيث وَاحِد:
2825 - من رِوَايَة سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيْت هُوَ وَأُسَامَة بن زيد وبلال وَعُثْمَان بن طَلْحَة، فأغلقوا عَلَيْهِم، فَلَمَّا(3/354)
فتحُوا كنت أول من ولج، فَلَقِيت بِلَالًا، فَسَأَلته: هَل صلى فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: نعم، بَين العمودين اليمانيين.
وَفِي حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع:
قَالَ ابْن عمر: فَذهب عَليّ أَن أسأله: كم صلى؟ .
وَفِي حَدِيث جوَيْرِية عَن نَافِع:
فَسَأَلت بِلَالًا: أَيْن صلى؟ قَالَ: بَين العمودين المقدمين.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن نَافِع:
فَسَأَلت بِلَالًا حِين خرج: مَا صنع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: جعل عموداً عَن يَمِينه وعموداً عَن يسَاره، وَثَلَاثَة أعمدة وَرَاءه، وَكَانَ الْبَيْت يَوْمئِذٍ على سِتَّة أعمدة، ثمَّ صلى.
وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل عَن مَالك:
جعل عمودين عَن يَمِينه.
وَفِي حَدِيث مُجَاهِد: قَالَ: أُتِي ابْن عمر، فَقيل لَهُ: هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل الْكَعْبَة. قَالَ ابْن عمر: فَأَقْبَلت وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد خرج، وَأَجد بِلَالًا قَائِما بَين الْبَابَيْنِ، فَسَأَلته، فَقلت: صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْكَعْبَة؟ قَالَ: نعم، رَكْعَتَيْنِ بَين الساريتين اللَّتَيْنِ عَن يسارك إِذا دخلت، ثمَّ خرج فصلى فِي وَجه الْكَعْبَة رَكْعَتَيْنِ.
وَفِي حَدِيث فليح عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
أقبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفَتْح وَهُوَ(3/355)
مردف أُسَامَة على الْقَصْوَاء، وَمَعَهُ بِلَال وَعُثْمَان، حَتَّى أَنَاخَ عِنْد الْكَعْبَة، ثمَّ قَالَ لعُثْمَان: " ائتنا بالمفتاح " فجَاء بالمفتاح، فَفتح لَهُ الْبَاب، وَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأُسَامَة وبلال وَعُثْمَان، ثمَّ أغلقوا عَلَيْهِم الْبَاب، فَمَكثَ نَهَارا طَويلا ثمَّ خرج، فابتدر النَّاس الدُّخُول، فسبقتهم، فَوجدت بِلَالًا قَائِما من وَرَاء الْبَاب، فَقلت لَهُ: أَيْن صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ: صلى بَين ذَيْنك العمودين المقدمين. وَكَانَ الْبَيْت على سِتَّة أعمدة سطرين، صلى بَين العمودين من السطر الْمُقدم، وَجعل بَاب الْبَيْت خلف ظَهره، واستقبل بِوَجْهِهِ الَّذِي يستقبلك حِين تلج الْبَيْت، بَينه وَبَين الْجِدَار. قَالَ: ونسيت أَن أسأله: كم صلى. وَعند الْمَكَان الَّذِي صلى فِيهِ مرمرةٌ حَمْرَاء.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن عون عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَنه انْتهى إِلَى الْكَعْبَة وَقد دَخلهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبلال وَأُسَامَة، وأجاف عَلَيْهِم عُثْمَان بن طَلْحَة الْبَاب. قَالَ: فَمَكَثُوا فِيهِ مَلِيًّا، ثمَّ فتح الْبَاب، فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ورقيت الدرجَة، فَدخلت الْبَيْت فَقلت: أَيْن صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالُوا: هَا هُنَا. ونسيت أَن أسألهم: كم صلى.
وَفِي حَدِيث يُونُس: قَالَ ابْن عمر:
فَأَخْبرنِي بِلَال أَو عُثْمَان بن طَلْحَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي جَوف الْكَعْبَة بَين العمودين اليمانيين.
وَعند مُسلم فِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أَيُّوب:
أقبل رَسُول الله، عَام الْفَتْح على ناقةٍ لأسامة، حَتَّى أَنَاخَ بِفنَاء الْكَعْبَة، ثمَّ دُعَاء عُثْمَان بن طَلْحَة فَقَالَ: " ائْتِنِي بالمفتاح ". فَذهب إِلَى أمه فَأَبت أَن تعطيه، فَقَالَ: وَالله لتعطينيه أَو ليخرجن هَذَا السَّيْف من صلبي. قَالَ: فَأَعْطَتْهُ إِيَّاه. فجَاء بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَفتح الْبَاب، ثمَّ ذكر نَحوه.(3/356)
وللبخاري حديثان غير مسندين:
2826 - أَحدهمَا: من رِوَايَة أبي الْخَيْر عَن أبي عبد الله عبد الرَّحْمَن بن عُبَيْدَة الصنَابحِي قَالَ: خرجنَا من الْيمن مُهَاجِرين، فقدمنا الْجحْفَة ضحى، فَأقبل رَاكب، فَقلت: مَا الْخَبَر؟ فَقَالَ: دفنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْذُ خمس. قلت: مَا سَبَقَك إِلَّا بِخمْس، هَل سَمِعت فِي لَيْلَة الْقدر شَيْئا؟ قَالَ: أَخْبرنِي بِلَال مُؤذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا أول السَّبع من الْعشْر الْأَوَاخِر.
2827 - الثَّانِي:: من رِوَايَة أبي عبد الله قيس بن أبي حَازِم أَن بِلَالًا قَالَ لأبي بكر: إِن كنت إِنَّمَا اشتريتني لنَفسك فأمسكني، وَإِن كنت إِنَّمَا اشتريتني لله فَدَعْنِي وَعمل الله.
وَلمُسلم حَدِيث وَاحِد مُسْند:
2828 - من رِوَايَة كَعْب بن عجْرَة السالمي عَن بِلَال:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح على الْخُفَّيْنِ والخمار.
(92) مُسْند أبي رَافع [رَضِي الله عَنهُ] مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قيل: اسْمه إِبْرَاهِيم. وَقيل: أسلم. وَقيل: ثَابت. وَقيل: هُرْمُز.
للْبُخَارِيّ: حَدِيث وَاحِد:
2829 - من رِوَايَة عَمْرو بن الشريد قَالَ: وقفت على سعد بن أبي وَقاص،(3/357)
فجَاء الْمسور بن مخرمَة، فَوضع يَده على إِحْدَى مَنْكِبي، إِذْ جَاءَ أَبُو رَافع مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا سعد، ابتع مني بَيْتِي فِي دَارك. فَقَالَ سعد: وَالله مَا أبتاعها. فَقَالَ الْمسور: وَالله لتبتاعنها. فَقَالَ سعد: وَالله لَا أزيدك على أَرْبَعَة آلَاف منجمة أَو مقطعَة. قَالَ أَبُو رَافع لقد أَعْطَيْت بهَا خَمْسمِائَة دِينَار، وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " الْجَار أَحَق بصقبه " مَا أعطيتكما بأَرْبعَة آلَاف وَأَنا أعْطى بهَا خَمْسمِائَة دِينَار. فَأَعْطَاهَا إِيَّاه. وَمِنْهُم من قَالَ: بَيْتا.
وَفِي حَدِيث أبي نعيم عَن سُفْيَان مُخْتَصر، الْمسند مِنْهُ فَقَط عَن أبي رَافع قَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْجَار أَحَق بصقبه ".
وَلمُسلم ثَلَاثَة أَحَادِيث:
2830 - أَحدهَا: من رِوَايَة أبي مُحَمَّد عَطاء بن يسَار عَن أبي رَافع قَالَ: استسلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكرا فَجَاءَتْهُ إبل الصَّدَقَة، فَأمرنِي أَن أَقْْضِي الرجل بكره.
قلت: إِنِّي لم أجد فِي الْإِبِل إِلَّا جملا خياراً رباعياً. فَقَالَ: " أعْطه إِيَّاه، فَإِن خير النَّاس أحْسنهم قَضَاء ".
2831 - الثَّانِي: من رِوَايَة أبي أَيُّوب سُلَيْمَان بن يسَار عَن أبي رَافع فِي رِوَايَة قُتَيْبَة - وَكَانَ على ثقل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لم يَأْمُرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أنزل الأبطح حِين خرج من منى، وَلَكِن جِئْت فَضربت قُبَّته، فجَاء فَنزل.(3/358)
2832 - الثَّالِث: من رِوَايَة أبي غطفان، وَقيل: اسْمه عبد الله بن ظريف، عَن أبي رَافع قَالَ: أشهد، لقد كنت أشوي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بطن الشَّاة، ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ.
(93) مُسْند أبي عبد الله سلمَان الْخَيْر الْفَارِسِي وَمن كَلَامه رَضِي الله عَنهُ
أَفْرَاد البُخَارِيّ:
2833 - الحَدِيث الأول: عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي: أَنه تداوله بضعَة عشر من ربٍّ إِلَى ربٍّ.
2834 - الثَّانِي: من رِوَايَة أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ أَيْضا عَنهُ قَالَ: فَتْرَة مَا بَين عِيسَى وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتّمائَة سنة.
2835 - الثَّالِث: عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ أَيْضا قَالَ: سَمِعت سلمَان الْفَارِسِي يَقُول: أَنا من رام هُرْمُز.
2836 - الرَّابِع: وَهُوَ مُسْند: من رِوَايَة عبد الله بن وَدِيعَة بن خدام الْأنْصَارِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يغْتَسل رجل يَوْم الْجُمُعَة ويتطهر مَا اسْتَطَاعَ من طهر، ويدهن من دهنه أَو يمس من طيب بَيته، ثمَّ يخرج فَلَا يفرق بَين(3/359)
اثْنَيْنِ، ثمَّ يُصَلِّي مَا كتب لَهُ، ثمَّ ينصت إِذا تكلم الإِمَام، إِلَّا غفر لَهُ مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى ".
وَفِي رِوَايَة عبد الله الْمُبَارك عَن ابْن أبي ذِئْب قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة وتطهر بِمَا اسْتَطَاعَ من طهر، ثمَّ ادهن وَمَسّ من طيب، ثمَّ رَاح، فَلم يفرق بَين اثْنَيْنِ، فصلى مَا كتب لَهُ، ثمَّ إِذا خرج الإِمَام أنصت، غفر لَهُ مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى ".
وَلمُسلم ثَلَاثَة أَحَادِيث مُسندَة ورابع غير مُسْند:
2837 - أَحدهَا: من رِوَايَة أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن لله مائَة رَحْمَة، فَمِنْهَا رحمةٌ يتراحم بهَا الْخلق بَينهم، وَتِسْعَة وَتسْعُونَ ليَوْم الْقِيَامَة ".
وَفِي رِوَايَة دَاوُد بن أبي هِنْد عَن النَّهْدِيّ:
إِن الله خلق يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض مائَة رَحْمَة، كل رَحْمَة طباق مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، فَجعل مِنْهَا فِي الأَرْض رَحْمَة، فِيهَا تعطف الوالدة على وَلَدهَا، والوحش وَالطير بَعْضهَا على بعض، فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أكملها بِهَذِهِ الرَّحْمَة ".
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني من رِوَايَة عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن أبي مُعَاوِيَة بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَفِي آخِره:
فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أكملها بِهَذِهِ مائَة، ففضها على الْمُتَّقِينَ ".
2838 - الثَّانِي: من رِوَايَة شُرَحْبِيل بن السمط الْكِنْدِيّ - وَله صُحْبَة - عَن سلمَان قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " رِبَاط يَوْم وَلَيْلَة خير من صِيَام شهر وقيامه. وَإِن مَاتَ جرى عَلَيْهِ عمله الَّذِي كَانَ يعمله، وَأجْرِي عَلَيْهِ رزقه، وَأمن الفتان ".(3/360)
2839 - الثَّالِث: من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ عَن سلمَان قَالَ: قيل لَهُ: قد علمكُم نَبِيكُم كل شَيْء حَتَّى الخراءة. قَالَ: فَقَالَ: أجل، لقد نَهَانَا أَن نستقبل الْقبْلَة بغائطٍ أَو بَوْل، أَو أَن نستنجي بِالْيَمِينِ، أَو أَن نستنجي بِأَقَلّ من ثَلَاثَة أَحْجَار، أَو أَن نستنجي برجيعٍ أَو بِعظم.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان عَن الْأَعْمَش وَمَنْصُور أَن سلمَان قَالَ: قَالَ لَهُ الْمُشْركُونَ:
إِنَّا نرى صَاحبكُم يعلمكم، حَتَّى يعلمكم الخراءة. قَالَ: أجل، لقد نَهَانَا أَن يستنجي أَحَدنَا بِيَمِينِهِ، أَو يسْتَقْبل الْقبْلَة. وَنهى عَن الروث وَالْعِظَام وَقَالَ: " لَا يستنجي أحدكُم بِدُونِ ثَلَاثَة أَحْجَار ".
2840 - الرَّابِع: أخرجه مُسلم من رِوَايَة أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَنهُ مَوْقُوفا عَلَيْهِ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان: لَا تكونن - إِن اسْتَطَعْت - أول من يدْخل السُّوق وَلَا آخر من يخرج مِنْهَا، فَإِنَّهَا معركة الشَّيْطَان، وَبهَا ينصب رايته. وَهُوَ مَذْكُور فِي مُسْند أُسَامَة، فِي أول حَدِيث من أَحَادِيثه هَكَذَا.
وَأخرجه الإِمَام أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه مُسْندًا، رَوَاهُ عَن أبي مُحَمَّد عبد الْغَنِيّ ابْن سعيد الْحَافِظ، من رِوَايَة عَاصِم عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا تكن أول من يدْخل السُّوق وَلَا آخر من يخرج مِنْهَا، فِيهَا باض الشَّيْطَان وفرخ ".
وَلم يُخرجهُ أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة سلمَان وَلَا نبه عَلَيْهِ فِيهِ، على عَادَته فِي مثل ذَلِك.(3/361)
(94) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي عبد الله خباب بن الْأَرَت بن جندلة بن سعد رَضِي الله عَنهُ
2841 - الحَدِيث الأول: عَن أبي عَائِشَة مَسْرُوق بن الأجدع عَن خباب قَالَ: كنت قينا فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَ لي عَليّ الْعَاصِ بن وَائِل السَّهْمِي دين، فَأَتَيْته أَتَقَاضَاهُ - وَمِنْهُم من قَالَ: فَعمِلت للعاص بن وَائِل سَيْفا، فَجِئْته أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لَا أُعْطِيك حَتَّى تكفر بِمُحَمد، فَقلت: وَالله لَا أكفر حَتَّى يُمِيتك الله ثمَّ تبْعَث.
فَقَالَ: وَإِنِّي لمَيت ثمَّ مَبْعُوث؟ قلت: بلَى. قَالَ: دَعْنِي حَتَّى أَمُوت وأبعث، فسأوتي مَالا وَولدا فَأَقْضِيك، فَنزلت: {أفرءيت الَّذِي كفر بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالا وَولدا} إِلَى قَوْله {فَردا} [سُورَة مَرْيَم] .
2842 - الثَّانِي: عَن أبي عبد الله قيس بن أبي حَازِم قَالَ: دَخَلنَا على خباب نعوده وَقد اكتوى سبع كيات. زَاد بعض الروَاة: فِي بَطْنه. فَقَالَ: إِن أَصْحَابنَا الَّذين سلفوا مضوا، وَلم تنقصهم الدُّنْيَا، وَإِنَّا أصبْنَا مَا لَا نجد لَهُ موضعا إِلَّا التُّرَاب، وَلَوْلَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَانَا أَن نَدْعُو بِالْمَوْتِ لَدَعَوْت بِهِ. ثمَّ أتيناه مرّة أُخْرَى وَهُوَ يَبْنِي حَائِطا لَهُ فَقَالَ: إِن الْمُسلم يُؤجر فِي كل شَيْء يُنْفِقهُ، إِلَّا فِي شَيْء يَجعله فِي هَذَا التُّرَاب. لفظ حَدِيث البُخَارِيّ.
2843 - الثَّالِث: عَن أبي وَائِل شَقِيق بن سَلمَة عَن خباب قَالَ: هاجرنا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نلتمس وَجه الله، فَوَقع أجرنا على الله، فمنا من مَاتَ لم يَأْكُل من أجره(3/362)
شَيْئا، مِنْهُم مُصعب بن عُمَيْر، قتل يَوْم أحد وَترك نمرةً، فَكُنَّا إِذا غطينا رَأسه بَدَت رِجْلَاهُ، وَإِذا غطينا رجلَيْهِ بدا رَأسه، فَأمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نغطي رَأسه وَأَن نجْعَل على رجلَيْهِ شَيْئا من الْإِذْخر، وَمنا من أينعت لَهُ ثَمَرَته، فَهُوَ يهدبها.
قَالَ البُخَارِيّ: كَانَ الْحميدِي يحْتَج بِهَذَا الحَدِيث فِي الْكَفَن أَنه من جَمِيع المَال.
وللبخاري حديثان:
2844 - أَحدهمَا: من رِوَايَة قيس بن أبي حَازِم عَن خباب بن الْأَرَت قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ متوسدٌ بردة لَهُ فِي ظلّ الْكَعْبَة، فَقُلْنَا: أَلا تَسْتَنْصِر لنا، أَلا تَدْعُو لنا. فَقَالَ: " قد كَانَ من قبلكُمْ يُؤْخَذ الرجل فيحفر لَهُ فِي الأَرْض فَيجْعَل فِيهَا، ثمَّ يُؤْتى بالمئشار فَيُوضَع على رَأسه فَيجْعَل نِصْفَيْنِ، وَيُمشط بِأَمْشَاط الْحَدِيد مَا دون لَحْمه وعظمه مَا يصده ذَلِك عَن دينه. وَالله لَيتِمَّن الله هَذَا الْأَمر حَتَّى يسير الرَّاكِب من صنعاء إِلَى حضر موت لَا يخَاف إِلَّا الله، وَالذِّئْب على غنمه، لكنكم تَسْتَعْجِلُون ".
وَفِي حَدِيث سُفْيَان عَن بَيَان وَإِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد:
أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ متوسدٌ بردة لَهُ فِي ظلّ الْكَعْبَة وَقد لَقينَا من الْمُشْركين شدَّة، فَقلت: أَلا تَدْعُو الله. فَقعدَ وَهُوَ محمرٌّ وَجهه فَقَالَ: " لقد كَانَ من قبلكُمْ ليمشط بِأَمْشَاط الْحَدِيد ... " ثمَّ ذكر بِمَعْنَاهُ.
2845 - الثَّانِي: من رِوَايَة أبي معمر عبد الله بن سَخْبَرَة قَالَ: سَأَلنَا خباباً: أَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الظّهْر وَالْعصر؟ قَالَ: نعم. قلت: بِأَيّ شَيْء كُنْتُم تعرفُون ذَلِك؟ قَالَ: باضطراب لحيته.(3/363)
وَلمُسلم حَدِيث وَاحِد:
2846 - من رِوَايَة سعيد بن وهب الْهَمدَانِي عَن خباب قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة فِي الرمضاء، فَلم يشكنا.
وَفِي حَدِيث زُهَيْر قَالَ:
أَتَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشكونا إِلَيْهِ حر الرمضاء، فَلم يشكنا.
قَالَ زُهَيْر: قلت: لأبي إِسْحَاق: فِي الظّهْر؟ قَالَ: نعم. قلت: أَفِي تَعْجِيلهَا؟ قَالَ: نعم.
(95) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن زَمعَة بن الْأسود بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ
2847 - حَدِيث وَاحِد يجمع ثَلَاثَة معَان، فرقها البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع من كِتَابه، وَجَمعهَا هُوَ وَمُسلم فِي مَوضِع وَاحِد:
وَأَخْرَجَاهُ مفرقاً ومجموعاً من رِوَايَة عُرْوَة بن الزبير عَن عبد الله بن زَمعَة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب، وَذكر النَّاقة وَالَّذِي عقرهَا، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذْ انْبَعَثَ أشقاها: انْبَعَثَ لَهَا رجلٌ عَزِيز عارمٌ، منيعٌ فِي رهطه، مثل أبي زَمعَة ".
وَذكر النِّسَاء - وَفِي رِوَايَة ابْن نمير عَن هِشَام بن عُرْوَة: ثمَّ ذكر النِّسَاء، فوعظ فِيهِنَّ فَقَالَ:
يعمد أحدكُم فيجلد امْرَأَته جلد العَبْد، فَلَعَلَّهُ يضاجعها من آخر يَوْمه ".(3/364)
ثمَّ وعظهم فِي ضحكهم من الضرطة وَقَالَ:
لم يضْحك أحدكُم مِمَّا يفعل؟ "
وَأخرج البُخَارِيّ مِنْهُ تَعْلِيقا قَالَ فِيهِ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مثل أبي زَمعَة عَم الزبير ابْن الْعَوام. "
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يجلد أحدكُم امْرَأَته جلد العَبْد ثمَّ يُجَامِعهَا فِي آخر الْيَوْم " لم يزدْ.
وَفِي حَدِيث عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان:
نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يضْحك الرجل مِمَّا يخرج من الْأَنْفس وَقَالَ: " لم يضْرب أحدكُم امْرَأَته ضرب العَبْد، ثمَّ لَعَلَّه يعانقها ".
(96) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من حَدِيث جُبَير بن مطعم بن عدي بن نَوْفَل بن عبد منَاف رَضِي الله عَنهُ
سِتَّة أَحَادِيث:
2848 - الحَدِيث الأول: عَن أبي مطرف سُلَيْمَان بن صرد قَالَ: حَدثنِي جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أما أَنا فأفيض على رَأْسِي ثَلَاثًا " وَأَشَارَ بيدَيْهِ كلتيهما.
وَفِي حَدِيث أبي الْأَحْوَص عَن أبي إِسْحَق قَالَ:
تماروا فِي الْغسْل عِنْد رَسُول(3/365)
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ بعض الْقَوْم: أما أَنا فَإِنِّي أغسل رَأْسِي كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أما أَنا فَإِنِّي أفيض على رَأْسِي ثَلَاث أكفٍّ ".
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن أبي إِسْحَق:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر عِنْده الْغسْل من الْجَنَابَة، فَقَالَ: " أما أَنا فأفرغ على رَأْسِي ثَلَاثًا ".
2849 - الثَّانِي: عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يدْخل الْجنَّة قاطعٌ ".
زَاد فِي رِوَايَة ابْن أبي عمر، قَالَ سُفْيَان: يَعْنِي: قَاطع رحم.
2850 - الثَّالِث: عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لي خَمْسَة أَسمَاء، أَنا مُحَمَّد، وَأَنا أَحْمد، وَأَنا الماحي الَّذِي يمحو الله بِي الْكفْر، وَأَنا الحاشر الَّذِي يحْشر النَّاس على قدمي، وَأَنا العاقب ".
وَفِي حَدِيث ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
أَنا مُحَمَّد، وَأَنا أَحْمد، وَأَنا الماحي الَّذِي يمحي بِي الْكفْر، وَأَنا الحاشر الَّذِي يحْشر النَّاس على عَقبي، وَأَنا العاقب الَّذِي لَيْسَ بعده نبيٌّ ".
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ:
إِن لي خَمْسَة أَسمَاء ... " وَذكر نَحوه، قَالَ: " وَأَنا العاقب، الَّذِي لَيْسَ بعده أحد " وَقد سَمَّاهُ الله (رؤوفاً رحِيما) .
وَفِي حَدِيث معمر قَالَ: قلت لِلزهْرِيِّ: وَمَا العاقب؟ قَالَ: الَّذِي لَيْسَ بعده نَبِي.
وَفِي حَدِيث عقيل وَمعمر: الْكَفَرَة.(3/366)
2851 - الرَّابِع: عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب ب " الطّور ".
وَفِي رِوَايَة مَحْمُود بن غيلَان عَن عبد الرازق:
أَن جُبَير بن مطعم - وَكَانَ جَاءَ فِي أُسَارَى بدر - قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب ب " الطّور ". وَزَاد فِي رِوَايَة إِسْحَق بن مَنْصُور عَن عبد الرَّزَّاق، وَذَلِكَ أول مَا وقر الْإِيمَان فِي قلبِي.
وَفِي رِوَايَة عبد الله بن الزبير الْحميدِي عَن سُفْيَان أَن جبيراً قَالَ:
سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب ب " الطّور "، فَلَمَّا بلغ هَذِه الْآيَة: {أم خلقُوا من غير شيءٍ أم هم الْخَالِقُونَ أم خلقُوا السَّمَوَات وَالْأَرْض بل لَا يوقنون أم عِنْدهم خَزَائِن رَبك أم هم المسيطرون} [الطّور] كَاد قلبِي أَن يطير. قَالَ سُفْيَان: أما أَنا فَإِنَّمَا سَمِعت الزُّهْرِيّ يحدث عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه: أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب ب " الطّور "، وَلم أسمعهُ زَاد الَّذِي قَالُوا لي.
زَاد أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَته، وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه أَيْضا من رِوَايَة مُحَمَّد بن رَافع وَغَيره عَن عبد الرَّزَّاق قَالَ فِي حَدِيثه:
وَكَانَ جَاءَ فِي فدَاء الْأُسَارَى يَوْم بدر. وَفِي آخِره من رِوَايَة عَبَّاس الْعَنْبَري عَن عبد الرَّزَّاق: وَذَلِكَ أول مَا وقر الْإِيمَان فِي قلبِي، وَهُوَ يومئذٍ مُشْرك.
2852 - الْخَامِس: عَن مُحَمَّد بن جُبَير عَن أَبِيه قَالَ: أضللت بَعِيرًا لي، فَذَهَبت أطلبه يَوْم عَرَفَة، فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاقِفًا مَعَ النَّاس بِعَرَفَة، فَقلت: هَذَا وَالله من الحمس، فَمَا شَأْنه هَا هُنَا؟ وَكَانَت قُرَيْش تعد من الحمس. لفظ الحَدِيث لمُسلم عَن عَمْرو النَّاقِد وَغَيره عَن ابْن عُيَيْنَة.(3/367)
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني من حَدِيث مُحَمَّد بن أبي عَمْرو عَن سُفْيَان، وَزَاد فِيهِ بعد قَوْله: هَذَا من الحمس: فَمَاله خرج من الْحرم؟ قَالَ سُفْيَان: يَعْنِي قُريْشًا.
وَكَانَت تسمى الحمس، وَكَانَت قُرَيْش لَا تجَاوز الْحرم، وَيَقُولُونَ: نَحن أهل الله، لَا نخرج من الْحرم. وَكَانَ سَائِر النَّاس تقف بِعَرَفَة، وَذَلِكَ قَول الله عز وَجل: {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} [سُورَة الْبَقَرَة] قَالَ سُفْيَان: الأحمس: الشَّديد فِي دينه. آخر حَدِيث ابْن أبي عمر عِنْد البرقاني.
2853 - السَّادِس: عَن مُحَمَّد بن جُبَير عَن أَبِيه قَالَ: أَتَت امرأةٌ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأمرهَا أَن ترجع إِلَيْهِ، قَالَت: أَرَأَيْت إِن جِئْت وَلم أجدك؟ كَأَنَّهَا تَقول الْمَوْت.
قَالَ: " فَإِن لم تجديني فأت أَبَا بكر ".
أَفْرَاد البُخَارِيّ
2854 - الحَدِيث الأول: عَن مُحَمَّد جُبَير عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي أُسَارَى بدر: " لَو كَانَ الْمطعم بن عديٍّ حياًّ ثمَّ كلمني فِي هَؤُلَاءِ النتنى لتركتهم لَهُ ".
2855 - الثَّانِي: عَن مُحَمَّد بن جُبَير عَن أَبِيه: أَنه بَيْنَمَا هُوَ يسير مَعَ النَّبِي وَمَعَهُ النَّاس مقفله من حنين، فعلقت الْأَعْرَاب يسألونه، حَتَّى اضطروه إِلَى سَمُرَة، فخطفت رِدَاءَهُ، فَوقف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " أعطوني رِدَائي، فَلَو كَانَ لي عدد هَذِه الْعضَاة نعما لقسمته بَيْنكُم، ثمَّ لَا تجدوني بَخِيلًا وَلَا كذابا وَلَا جَبَانًا ".(3/368)
2856 - الثَّالِث: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: مشيت أَنا وَعُثْمَان بن عَفَّان إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقلت: يَا رَسُول الله، أَعْطَيْت بني الْمطلب وَتَرَكتنَا، وَنحن وهم مِنْك بِمَنْزِلَة وَاحِدَة. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّمَا بَنو الْمطلب وَبَنُو هَاشم شَيْء وَاحِد ".
وَفِي رِوَايَة ابْن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل:
مشيت أَنا وَعُثْمَان، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَعْطَيْت بني الْمطلب - وَفِي رِوَايَة عَن يُونُس: مشينا أَنا وَعُثْمَان إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا: أَعْطَيْت بني الْمطلب من خمس خَيْبَر وَتَرَكتنَا. وَقَالَ البُخَارِيّ: قَالَ اللَّيْث: حَدثنِي يُونُس، وَزَاد: قَالَ جُبَير: وَلم يقسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبني عبد شمس وَلَا لبني نَوْفَل شَيْئا.
وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: عبد شمس وهَاشِم وَالْمطلب إخْوَة لأم، وأمهم عَاتِكَة بنت مرّة، وَكَانَ نَوْفَل أَخَاهُم لأبيهم.
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني عَن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ وَغَيره من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ، وَفِيه:
أَنه جَاءَ هُوَ وَعُثْمَان إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكلمانه فِيمَا قسم من خمس خَيْبَر بَين بني هَاشم وَبني عبد الْمطلب، فَقَالَا: يَا رَسُول الله، قسمت لإِخْوَانِنَا بني الْمطلب بن عبد منَاف وَلم تُعْطِنَا شَيْئا، وقرابتنا مِنْك قرابتهم، فَقَالَ لَهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّمَا أرى هاشماً وَالْمطلب شَيْئا وَاحِدًا ". قَالَ جُبَير: وَلم يقسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبني عبد شمس وَلَا لبني نَوْفَل من ذَلِك الْخمس شَيْئا.
زَاد حَرْمَلَة عَن ابْن وهب عَن يُونُس: قَالَ ابْن شهَاب:
وَكَانَ أَبُو بكر الصّديق يقسم الْخمس نَحْو قسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، غير أَنه لم يكن يُعْطي قرَابَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا(3/369)
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعطيهم - أَظُنهُ كَانَ يزيدهم - قَالَ ابْن شهَاب: وَكَانَ عمر يعطيهم مِنْهُ، وَعُثْمَان بعده.
زَاد غير الْإِسْمَاعِيلِيّ:
بلغنَا أَن الْخمس كَانَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كل مغنم غنمه الْمُسلمُونَ، شهده النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو غَابَ عَنهُ.
وَعند البرقاني أَيْضا من رِوَايَة مُحَمَّد بن إِسْحَق عَن الزُّهْرِيّ بِالْإِسْنَادِ قَالَ:
لما قسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سهم ذِي الْقُرْبَى من خَيْبَر على بني هَاشم وَبني الْمطلب، أَتَيْته أَنا وَعُثْمَان فَقلت لَهُ: يَا نَبِي الله، هَؤُلَاءِ إِخْوَاننَا من بني هَاشم لَا ننكر فَضلهمْ لِمَكَانِك الَّذِي جعلك الله بِهِ مِنْهُم، أَرَأَيْت إِخْوَاننَا من بني الْمطلب، علام أَعطيتهم وَتَرَكتنَا؟ وَإِنَّمَا نَحن وهم مِنْك بِمَنْزِلَة وَاحِدَة. فَقَالَ: " إِنَّهُم لم يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام، إِنَّمَا بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب نفسٌ واحدةٌ " ثمَّ ضرب إِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى.
وَمُحَمّد بن إِسْحَاق من شَرط مُسلم، وَقد أخرج عَنهُ فِي كِتَابه.
وَلمُسلم حَدِيث وَاحِد:
2857 - من رِوَايَة أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا حلف فِي الْإِسْلَام، وَأَيّمَا حلفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة لم يزده الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة ".(3/370)
(97) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي عبد الرَّحْمَن الْمسور ابْن مخرمَة بن نَوْفَل بن عبد منَاف بن زهرَة رَضِي الله عَنهُ
حديثان:
2858 - أَحدهمَا: من رِوَايَة ابْن شهَاب عَن أبي الْحُسَيْن عَليّ بن الْحُسَيْن أَنه حَدثهمْ: أَنهم حِين قدمُوا الْمَدِينَة من عِنْد يزِيد بن مُعَاوِيَة مقتل الْحُسَيْن بن عَليّ، لقِيه الْمسور فَقَالَ لَهُ: هَل لَك إِلَيّ حَاجَة تَأْمُرنِي بهَا؟ قَالَ: فَقلت لَهُ: لَا، فَقَالَ: هَل أَنْت معطي سيف رَسُول الله، فَإِنِّي أَخَاف أَن يَغْلِبك الْقَوْم عَلَيْهِ؟ وَايْم الله، لَئِن أعطتيتنه لَا يخلص إِلَيْهِم أبدا حَتَّى تبلغ نَفسِي.
إِن عَليّ بن أبي طَالب خطب بنت أبي جهل على فَاطِمَة، فَسمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب النَّاس فِي ذَلِك على منبره هَذَا، وَأَنا يومئذٍ محتلم، فَقَالَ: " إِن فَاطِمَة مني، وَأَنا أَتَخَوَّف أَن تفتن فِي دينهَا ". ثمَّ ذكر صهراً لَهُ من عبد شمس فَأثْنى عَلَيْهِ فِي مصاهرته إِيَّاه. قَالَ: " حَدثنِي فصدقني، ووعدني فوفى لي. وَإِنِّي لست أحرم حَلَالا، وَلَا أحل حَرَامًا، وَلَكِن، وَالله لَا تَجْتَمِع بنت رَسُول الله وَبنت عَدو الله مَكَانا وَاحِدًا أبدا ".
وَفِي حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن أَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ:
إِن عليا خطب بنت أبي جهل وَعِنْده فَاطِمَة ابْنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسمِعت بذلك فَاطِمَة، فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يزْعم قَوْمك أَنَّك لَا تغْضب لبناتك، وَهَذَا(3/371)
عليٌّ ناكحاً ابْنة أبي جهل. فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسَمعته حِين تشهد يَقُول: " أما بعد، فَإِنِّي أنكحت أَبَا الْعَاصِ بن الرّبيع، فَحَدثني فصدقني، وَإِن فَاطِمَة بضعَة مني، وَأَنا أكره أَن يسوءها " وَفِي رِوَايَة الدَّارمِيّ: " أَن يفتنوها ". " وَالله لَا تَجْتَمِع بنت رَسُول الله وَبنت عَدو الله عِنْد رجل وَاحِد أبدا " فَترك عَليّ الْخطْبَة.
وَأَخْرَجَاهُ بِلَفْظ آخر فِي الْمَنْع من ذَلِك من حَدِيث أبي مُحَمَّد عبد الله بن أبي مليكَة عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَهُوَ على الْمِنْبَر:
إِن بني هِشَام بن الْمُغيرَة استأذنوني فِي أَن ينكحوا ابنتهم عَليّ بن أبي طَالب، فَلَا آذن لَهُم، ثمَّ لَا آذن لَهُم، إِلَّا أَن يُرِيد ابْن أبي طَالب أَن يُطلق ابْنَتي وينكح ابنتهم، فَإِنَّمَا هِيَ بضعَة مني، يريبني مَا رابها، وَيُؤْذِينِي مَا آذاها. " هَكَذَا قَالَ.
وَحَدِيث أبي الْوَلِيد عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة مُخْتَصر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " فَاطِمَة بضعَة مني، فَمن أغضبها أَغْضَبَنِي ".
وَفِي رِوَايَة أبي معمر إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْهُذلِيّ عَن سُفْيَان:
إِن فَاطِمَة بضعَة مني، يُؤْذِينِي مَا آذاها " لم يزدْ.
2859 - الثَّانِي: عَن ابْن أبي مليكَة عَن الْمسور قَالَ: قسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقبية وَلم يُعْط مخرمَة مِنْهَا شَيْئا. فَقَالَ مخرمَة: يَا بني، انْطلق بِنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَانْطَلَقت مَعَه، فَقَالَ: ادخل فَادعه لي، قَالَ: فدعوته لَهُ، فَخرج إِلَيْهِ وَعَلِيهِ قباءٌ مِنْهَا، فَقَالَ: " خبأنا هَذَا لَك ". فَنظر إِلَيْهِ فَقَالَ: " رَضِي مخرمَة ".(3/372)
وَفِي رِوَايَة أبي صَالح حَاتِم بن وردان عَن أَيُّوب:
قدمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقبيةٌ، فَقَالَ أبي مخرمَة:
انْطلق بِنَا إِلَيْهِ عَسى أَن يُعْطِينَا مِنْهَا شَيْئا. فَقَامَ أبي على الْبَاب، فَتكلم، فَعرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَوته، فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ قبَاء، وَهُوَ يرِيه محاسنه، وَهُوَ يَقُول: " خبأت هَذَا لَك، خبأت هَذَا لَك ".
أَفْرَاد البُخَارِيّ
2860 - الحَدِيث الأول: فِي عمْرَة الْحُدَيْبِيَة وَالصُّلْح: عَن عُرْوَة بن الزبير عَن الْمسور ومروان، يصدق كل وَاحِد مِنْهُمَا حَدِيث صَاحبه قَالَا:
خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زمن الْحُدَيْبِيَة، حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن خَالِد بن الْوَلِيد بالغميم فِي خيل لقريش طَلِيعَة، فَخُذُوا ذَات الْيَمين " فوَاللَّه مَا شعر بهم خَالِد حَتَّى إِذا هم بقترة الْجَيْش، فَانْطَلق يرْكض نذيراً لقريش، وَسَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَتَّى إِذا كَانُوا بالثنية الَّتِي يهْبط عَلَيْهِم مِنْهَا بَركت رَاحِلَته، فَقَالَ النَّاس: حل، حل. فألحت، فَقَالُوا: خلأت الْقَصْوَاء، خلأت الْقَصْوَاء. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا خلأت الْقَصْوَاء، وَمَا ذَاك لَهَا بِخلق، وَلَكِن حَبسهَا حَابِس الْفِيل. وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خطة يعظمون فِيهَا حرمات الله إِلَّا أَعطيتهم إِيَّاهَا ". ثمَّ زجرها فَوَثَبت. قَالَ: فَعدل عَنْهُم حَتَّى نزل بأقصى الْحُدَيْبِيَة، على ثمدٍ قَلِيل المَاء، يتبرضه النَّاس تبرضاً. فَلم يلبث النَّاس حَتَّى نَزَحُوهُ، وشكي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَطش، فَانْتزع سَهْما من كِنَانَته، ثمَّ أَمرهم أَن يَجْعَلُوهُ فِيهِ، فوَاللَّه مَا زَالَ يَجِيش لَهُم بِالريِّ حَتَّى صدرُوا عَنهُ.
فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك، إِذْ جَاءَ بديل بن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ فِي نفر من قومه من خُزَاعَة،(3/373)
وَكَانُوا عَيْبَة نصح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل تهَامَة، فَقَالَ:
إِنِّي تركت كَعْب بن لؤَي وعامر بن لؤَي نزلُوا أعداد مياه الْحُدَيْبِيَة، مَعَهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عَن الْبَيْت. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّا لم نجئ لقِتَال أحد، وَلَكِن جِئْنَا معتمرين، وَإِن قُريْشًا قد نهكتهم الْحَرْب وأضرت بهم، فَإِن شَاءُوا ماددتهم مُدَّة ويخلوا بيني وَبَين النَّاس، فَإِن أظهر فَإِن شَاءُوا أَن يدخلُوا فِيمَا دخل فِيهِ النَّاس فعلوا، وَإِلَّا فقد جموا، وَإِن هم أَبَوا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لأقاتلنهم على أَمْرِي هَذَا حَتَّى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره " فَقَالَ بديل: سأبلغهم مَا تَقول. فَقَالَ: إِنَّا قد جئناكم من هَذَا الرجل، وَقد سمعناه يَقُول قولا، فَإِن شِئْتُم أَن أعرضه عَلَيْكُم فعلت: فَقَالَ سفهاؤهم: لَا حَاجَة لنا أَن تخبرنا عَنهُ بِشَيْء.
وَقَالَ ذَوُو الرَّأْي مِنْهُم: هَات مَا سمعته يَقُول قَالَ: سمعته يَقُول كَذَا وَكَذَا.
فَحَدثهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فَقَامَ عُرْوَة بن مَسْعُود فَقَالَ:
أَي قوم، ألستم بالوالد؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: أَو لست بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: فَهَل تتهموني؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: ألستم تعلمُونَ أَنِّي استنفرت أهل عكاظ، فَلَمَّا بلحوا عَليّ جِئتُكُمْ بأهلي وَوَلَدي وَمن أَطَاعَنِي؟ قَالُوا: بلَى. قَالَ: فَإِن هَذَا قد عرض عَلَيْكُم خطة رشد، اقبلوها ودعوني آته.
قَالُوا: ائته. فَأَتَاهُ، فَجعل يكلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوا من قَوْله لبديل، فَقَالَ عُرْوَة عِنْد ذَلِك: أَي مُحَمَّد، أَرَأَيْت إِن استأصلت أَمر قَوْمك، هَل سَمِعت بأحدٍ من الْعَرَب اجتاح أَهله قبلك؟ وَإِن تكن الْأُخْرَى فَإِنِّي وَالله لَا أرى وُجُوهًا، وَإِنِّي لأرى أشواباً من النَّاس خليفاً أَن يَفروا ويدعوك، فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر:(3/374)
امصص بظر اللات، أَنَحْنُ نفر عَنهُ وندعه؟ . فَقَالَ: من ذَا؟ قَالُوا: أَبُو بكر.
فَقَالَ: أما وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا يدٌ كَانَت لَك عِنْدِي وَلم أجزك بهَا لأجبتك.
قَالَ: وَجعل يكلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَكلما كَلمه كلمة أَخذ بلحيته، والمغيرة بن شُعْبَة قَائِم على رَأس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ السَّيْف، وَعلي المغفر فَكلما أَهْوى عُرْوَة بِيَدِهِ إِلَى لحية النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضرب يَده بنعل السَّيْف وَقَالَ: أخر يدك عَن لحية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَرفع عُرْوَة رَأسه، فَقَالَ: من هَذَا؟ قَالُوا: الْمُغيرَة بن شُعْبَة. فَقَالَ: أَي غدر، أَلَسْت أسعى فِي غدرتك؟ وَكَانَ الْمُغيرَة صحب قوما فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَتلهُمْ وَأخذ أَمْوَالهم، ثمَّ جَاءَ فَأسلم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أما الْإِسْلَام فَأقبل وَأما المَال فلست مِنْهُ فِي شَيْء ".
ثمَّ إِن عُرْوَة جعل يرمق أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَيْنِه. قَالَ: فوَاللَّه مَا تنخم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نخامةً إِلَّا وَقعت فِي كف رجل مِنْهُم فدلك بهَا وَجهه وَجلده، وَإِذا أَمرهم ابتدروا أمره، وَإِذا تَوَضَّأ كَادُوا يقتتلون على وضوئِهِ، وَإِذا تكلم خفضوا أَصْوَاتهم عِنْده، وَمَا يحدون إِلَيْهِ النّظر تَعْظِيمًا.
فَرجع عُرْوَة إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ: أَي قوم، وَالله لقد وفدت على الْمُلُوك، ووفدت على قَيْصر وكسرى وَالنَّجَاشِي، وَالله إِن رَأَيْت ملكا قطّ يعظمه أَصْحَابه مَا يعظم أَصْحَاب مُحَمَّد مُحَمَّدًا، وَالله إِن تنخم نخامةً إِلَّا وَقعت فِي كف رجل مِنْهُم فدلك بهَا وَجهه وَجلده، وَإِذا أَمرهم ابتدروا أمره، وَإِذا تَوَضَّأ كَادُوا يقتتلون على وضوئِهِ، وَإِذا تكلم خفضوا أَصْوَاتهم عِنْده، وَمَا يحدون إِلَيْهِ النّظر تَعْظِيمًا لَهُ، وَإنَّهُ قد عرض عَلَيْكُم خطة رشدٍ فاقبلوها.
فَقَالَ رجل من بني كنَانَة: دَعونِي آته. فَقَالُوا: ائته. فَلَمَّا أشرف على النَّبِي(3/375)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَذَا فلَان، وَهُوَ من قوم يعظمون الْبدن، فابعثوها لَهُ " فَبعثت لَهُ، واستقبله النَّاس يلبون. فَلَمَّا رأى ذَلِك قَالَ: سُبْحَانَ الله، مَا يَنْبَغِي لهَؤُلَاء أَن يصدوا عَن الْبَيْت، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابه قَالَ: رَأَيْت الْبدن قد قلدت وأشعرت، فَمَا أرى أَن يصدوا عَن الْبَيْت.
فَقَامَ رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ مكرز بن حَفْص فَقَالَ: دَعونِي آته: فَقَالُوا: ائته. فَلَمَّا أشرف عَلَيْهِم قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَذَا مكرز، وَهُوَ رجلٌ فاجرٌ " فَجعل يكلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَبَيْنَمَا هُوَ يكلمهُ جَاءَ سُهَيْل بن عَمْرو. قَالَ معمر: فَأَخْبرنِي أَيُّوب عَن عِكْرِمَة: أَنه لما جَاءَ سُهَيْل بن عَمْرو قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " قد سهل لكم من أَمركُم ".
قَالَ معمر: قَالَ الزُّهْرِيّ فِي حَدِيثه:
فجَاء سُهَيْل بن عَمْرو فَقَالَ: هَات اكْتُبْ بَيْننَا وَبَيْنكُم كتابا، فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكَاتِب، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اكْتُبْ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " فَقَالَ سُهَيْل: أما الرَّحْمَن فوَاللَّه مَا أَدْرِي مَا هِيَ، وَلَكِن اكْتُبْ: بِاسْمِك اللَّهُمَّ كَمَا كنت تكْتب. فَقَالَ الْمُسلمُونَ: وَالله لَا نكتبها إِلَّا: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اكْتُبْ: بِاسْمِك اللَّهُمَّ ". ثمَّ قَالَ: " هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله " فَقَالَ سُهَيْل: وَالله لَو كُنَّا نعلم أَنَّك رَسُول الله مَا صَدَدْنَاك عَن الْبَيْت، وَلَا قَاتَلْنَاك، وَلَكِن اكْتُبْ: مُحَمَّد بن عبد الله. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَالله إِنِّي لرَسُول الله وَإِن كذبتموني. اكْتُبْ: مُحَمَّد بن عبد الله " قَالَ الزُّهْرِيّ: وَذَلِكَ لقَوْله: " لَا يَسْأَلُونِي خطةً يعظمون فِيهَا حرمات الله إِلَّا أَعطيتهم إِيَّاهَا " قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " على أَن تخلوا بَيْننَا وَبَين الْبَيْت فنطوف بِهِ " قَالَ سُهَيْل: وَالله لَا تَتَحَدَّث الْعَرَب أَنا أَخذنَا ضغطةً، وَلَكِن ذَلِك من الْعَام الْمقبل. فَكتب. فَقَالَ سُهَيْل: وعَلى أَلا يَأْتِيك منا رجل - وَإِن كَانَ على دينك - إِلَّا رَددته إِلَيْنَا.
قَالَ الْمُسلمُونَ: سُبْحَانَ الله! كَيفَ يرد إِلَى الْمُشْركين وَقد جَاءَ مُسلما؟ .(3/376)
فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك، إِذْ دخل أَبُو جندل بن سُهَيْل بن عَمْرو يرسف فِي قيوده، وَقد خرج من أَسْفَل مَكَّة حَتَّى رمى بِنَفسِهِ بَين أظهر الْمُسلمين، فَقَالَ سُهَيْل: هَذَا يَا مُحَمَّد أول من أقاضيك عَلَيْهِ أَن ترده إِلَيّ. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّا لم نقض الْكتاب بعد " قَالَ: فوَاللَّه إِذا لم أصالحك على شيءٍ أبدا. قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَأَجره لي " قَالَ: مَا أَنا بمجيره لَك. قَالَ: " بلَى فافعل " قَالَ: مَا أَنا بفاعل. قَالَ مكرزٌ. بل قد أجرناه لَك. قَالَ أَبُو جندل: أَي معشر الْمُسلمين، أرد إِلَى الْمُشْركين وَقد جِئْت مُسلما؟ أَلا ترَوْنَ مَا قد لقِيت؟ وَكَانَ قد عذب عذَابا شَدِيدا فِي الله.
قَالَ: فَقَالَ عمر بن الْخطاب:
فَأتيت نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: السِّت نَبِي الله حَقًا؟ قَالَ: " بلَى " قلت: أَلسنا على الْحق وعدونا على الْبَاطِل؟ قَالَ: " بلَى ". قلت: فَلم نعطى الدنية فِي ديننَا إِذا؟ قَالَ: " إِنِّي رَسُول الله، وَلست أعصيه، وَهُوَ ناصري " قلت: أَو لَيْسَ كنت تحدثنا أَنا سنأتي الْبَيْت فنطوف بِهِ؟ قَالَ: " بلَى. فأخبرتك أَنا نأتيه الْعَام؟ " قلت: لَا. قَالَ " فَإنَّك آتيه ومطوفٌ بِهِ " قَالَ: فَأتيت أَبَا بكر فَقلت: يَا أَبَا بكر، أَلَيْسَ هَذَا نَبِي الله حَقًا؟ قَالَ: بلَى. قلت: أَلسنا على الْحق وعدونا على الْبَاطِل؟ قَالَ: بلَى. قلت: فَلم نعطى الدنية فِي ديننَا إِذا؟ قَالَ: أَيهَا الرجل، إِنَّه لرَسُول الله، وَلَيْسَ يَعْصِي ربه، وَهُوَ ناصره، فَاسْتَمْسك بغرزه، فوَاللَّه إِنَّه على الْحق. قلت: أَلَيْسَ كَانَ يحدثنا أَنا سنأتي الْبَيْت ونطوف بِهِ؟ قَالَ: بلَى، أفأخبرك أَنَّك تَأتيه الْعَام؟ قلت: لَا. قَالَ: فَإنَّك آتيه ومطوفٌ بِهِ: قَالَ الزُّهْرِيّ: قَالَ عمر: فَعمِلت لذَلِك أعمالاً.
قَالَ: فَلَمَّا فرغ من قَضِيَّة الْكتاب، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه:
قومُوا، فَانْحَرُوا ثمَّ احْلقُوا " قَالَ: فوَاللَّه مَا قَامَ مِنْهُم رجلٌ، حَتَّى قَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات.
فَلَمَّا لم يقم مِنْهُم أحدٌ، دخل على أم سَلمَة، فَذكر لَهَا مَا لَقِي من النَّاس، فَقَالَت(3/377)
أم سَلمَة: يَا نَبِي الله، أَتُحِبُّ ذَلِك؟ اخْرُج، ثمَّ لَا تكلم أحدا مِنْهُم كلمة حَتَّى تنحر بدنك، وَتَدْعُو حالقك فيحلقك. فَخرج فَلم يكلم أحدا مِنْهُم حَتَّى فعل ذَلِك: نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه. فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك قَامُوا فنحروا، وَجعل بَعضهم يحلق بَعْضًا، حَتَّى كَاد بَعضهم يقتل بَعْضًا غماً.
ثمَّ جَاءَهُ نسَاء مؤمناتٌ، فَأنْزل الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات} حَتَّى بلغ: {بعصم الكوافر} [الممتحنة] فَطلق عمر يومئذٍ امْرَأتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشّرك، فَتزَوج إِحْدَاهمَا مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، وَالْأُخْرَى صَفْوَان بن أُميَّة.
ثمَّ رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة، فجَاء أَبُو بَصِير - رجل من قُرَيْش - وَهُوَ مُسلم، فأرسلوا فِي طلبه رجلَيْنِ فَقَالُوا: الْعَهْد الَّذِي جعلت لنا. فَدفعهُ إِلَى الرجلَيْن، فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بلغا ذَا الحليفة، فنزلوا يَأْكُلُون من تمر لَهُم. فَقَالَ أَبُو بَصِير لأحد الرجلَيْن: وَالله إِنِّي لأرى سَيْفك هَذَا يَا فلَان جيدا، فاستله الآخر فَقَالَ: أجل، وَالله إِنَّه لجيد، لقد جربت بِهِ ثمَّ جربت بِهِ، ثمَّ جربت. فَقَالَ: أَبُو بَصِير: أَرِنِي أنظر إِلَيْهِ، فأمكنه مِنْهُ، فَضَربهُ حَتَّى برد، وفر الآخر حَتَّى أَتَى الْمَدِينَة، فَدخل الْمَسْجِد يعدو. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين رَآهُ: " لقد رأى هَذَا ذعراً " فَلَمَّا انْتهى إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قتل - وَالله - صَاحِبي، وَإِنِّي لمقتول، فجَاء أَبُو بَصِير فَقَالَ: يَا نَبِي الله، قد أوفى الله ذِمَّتك، قد رددتني إِلَيْهِم، ثمَّ أنجاني الله مِنْهُم. قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ويل أمه، مسعر حربٍ، لَو كَانَ لَهُ أحدٌ " فَلَمَّا سمع ذَلِك عرف أَنه سيرده إِلَيْهِم.
فَخرج حَتَّى أَتَى سيف الْبَحْر، ويفلت مِنْهُم أَبُو جندل بن سُهَيْل، فلحق بِأبي بَصِير، فَجعل لَا يخرج من قُرَيْش رجل قد أسلم إِلَّا لحق بِأبي بَصِير، حَتَّى اجْتمعت مِنْهُم عِصَابَة، فوَاللَّه مَا يسمعُونَ بعيرٍ خرجت لقريش إِلَى الشَّام إِلَّا(3/378)
اعْترضُوا لَهُم، فقتولهم وَأخذُوا أَمْوَالهم. فَأرْسلت قُرَيْش إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تناشده الله وَالرحم لما أرسل، فَمن أَتَاهُ فَهُوَ آمن، فَأرْسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم، فَأنْزل الله عز وَجل: {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم} حَتَّى بلغ: {حمية الْجَاهِلِيَّة} [سُورَة الْفَتْح] وَكَانَت حميتهم أَنهم لم يقرُّوا أَنه نَبِي الله، وَلم يقرُّوا ب (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) وحالوا بَينهم وَبَين الْبَيْت.
وَقَالَ عقيل عَن الزُّهْرِيّ:
قَالَ عُرْوَة: فأخبرتني عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمتحنهن. وبلغنا أَنه لما أنزل الله تَعَالَى أَن يردوا إِلَى الْمُشْركين مَا أَنْفقُوا على من هَاجر من أَزوَاجهم، وَحكم على الْمُسلمين أَلا يمسكوا بعصم الكوافر، أَن عمر طلق امْرَأتَيْنِ: قريبَة بنت أبي أُميَّة، وَابْنَة جَرْوَل الْخُزَاعِيّ، فَتزَوج قريبَة مُعَاوِيَة، وَتزَوج الْأُخْرَى أَبُو جهم. فَلَمَّا أَبى الْكفَّار أَن يقرُّوا بأَدَاء مَا أنْفق الْمُسلمُونَ على أَزوَاجهم، أنزل الله تَعَالَى: {وَإِن فاتكم شيءٌ من أزواجكم إِلَيّ الْكفَّار فعاقبتم} [الممتحنة] وَالْعِقَاب: مَا يُؤَدِّي الْمُسلمُونَ إِلَى من هَاجَرت امْرَأَته من الْكفَّار. فَأمر أَن يعْطى من ذهب لَهُ زوجٌ من الْمُسلمين مَا أنْفق من صدَاق النِّسَاء الْكفَّار اللائي هَاجَرْنَ، وَمَا نعلم أحدا من الْمُهَاجِرَات ارْتَدَّت بعد إيمَانهَا. وبلغنا أَن أَبَا بَصِير بن أسيد الثَّقَفِيّ قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُؤمنا مُهَاجرا فِي الْمدَّة، فَكتب الْأَخْنَس بن شريق إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَله أَبَا بَصِير ... فَذكر الحَدِيث.
وَفِي حَدِيث يحيى بن بكير:
أَن عُرْوَة سمع مَرْوَان والمسور يخبران عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَا: لما كَاتب سُهَيْل بن عَمْرو يومئذٍ، كَانَ فِيمَا اشْترط سُهَيْل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن لَا يَأْتِيك منا أحد - وَإِن كَانَ على دينك - إِلَّا رَددته إِلَيْنَا، وخليت بَيْننَا وَبَينه، فكره الْمُؤْمِنُونَ ذَلِك، وامتعضوا مِنْهُ، وأبى سهيلٌ إِلَّا ذَلِك، فكاتبه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك، فَرد يومئذٍ أَبَا جندل إِلَى أَبِيه سُهَيْل. وَلم يَأْته أحدٌ من الرِّجَال إِلَّا رده فِي تِلْكَ الْمدَّة وَإِن كَانَ مُسلما.(3/379)
وَجَاءَت الْمُؤْمِنَات مهاجرات، وَكَانَت أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط مِمَّن خرج إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يومئذٍ وَهِي عاتقٌ، فجَاء أَهلهَا يسْأَلُون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرجعها إِلَيْهِم، فَلم يرجعها إِلَيْهِم لما أنزل الله فِيهَا: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن ... . . وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ} .
قَالَ عُرْوَة:
فأخبرتني عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمتحنهن بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن} إِلَى: {غَفُور رَحِيم} . قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة: فَمن أقرّ بِهَذَا الشَّرْط مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " قد بَايَعْتُك " كلَاما يكلمها بِهِ. وَالله مَا مست يَده يَد امرأةٍ قطّ فِي الْمُبَايعَة، وَمَا بايعهن إِلَّا بقوله.
وَحَدِيث مَحْمُود بن غيلَان مُخْتَصر من حَدِيث الْمسور وَحده:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نحر قبل أَن يحلق، وَأمر بذلك أَصْحَابه.
وَفِي حَدِيث ابْن أخي الزُّهْرِيّ عَن عَمه:
أَنه سمع مَرْوَان والمسور يخبران خَبرا من خبر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة، فَذكر نَحْو حَدِيث ابْن بكير، وَلم يقل: عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان الَّذِي ثبته فِيهِ معمر، عَن الزُّهْرِيّ:
أَن الْمسور بن مخرمَة ومروان - يزِيد أَحدهمَا على صَاحبه قَالَا: خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بضع عشرَة مائَة من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا أَتَى ذَا الحليفة قلد الْهَدْي وَأَشْعرهُ، وَأحرم مِنْهَا بِعُمْرَة، وَبعث عينا لَهُ من خُزَاعَة، وَسَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَتَّى كَانَ بغدير الأشطاط تَلقاهُ عينه فَقَالَ: إِن قُريْشًا جمعُوا لَك جموعاً، وَقد جمعُوا لَك الْأَحَابِيش، هم مقاتلوك وصادوك عَن الْبَيْت ومانعوك. فَقَالَ: " أَشِيرُوا أَيهَا النَّاس عَليّ. أَتَرَوْنَ أَن أميل(3/380)
على عِيَالهمْ وذراري هَؤُلَاءِ الَّذين يُرِيدُونَ أَن يصدونا عَن الْبَيْت، فَإِن يَأْتُونَا كَانَ الله قد قطع جنبا من الْمُشْركين، وَإِلَّا تركناهم محروبين ". قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله، خرجت عَامِدًا لهَذَا الْبَيْت، وَلَا تُرِيدُ قتال أحد وَلَا خوف أحد فَتوجه لَهُ، فَمن صدنَا عَنهُ قَاتَلْنَاهُ. قَالَ: " امضوا على اسْم الله ".
ولعَبْد لله بن الْمُبَارك عَن معمر طرفٌ مُخْتَصر من أَوله: قَالَا:
خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمَدِينَة فِي بضع عشرَة مائَة من أَصْحَابه، حَتَّى إِذا كَانُوا بِذِي الحليفة قلد الْهَدْي، وأشعر، وَأحرم بِالْعُمْرَةِ. لم يزدْ.
وَفِي حَدِيث عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان:
أَن مَرْوَان والمسور قَالَا: خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْحُدَيْبِيَة فِي بضع عشرَة مائَة من أَصْحَابه، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الحليفة قلد الْهَدْي وأشعر، وَأحرم مِنْهَا، لَا أحصي كم سمعته من سُفْيَان، حَتَّى سمعته يَقُول: لَا أحفظ من الزُّهْرِيّ الْإِشْعَار والتقليد، فَلَا أَدْرِي يَعْنِي مَوضِع الْإِشْعَار والتقليد، أَو الحَدِيث كُله.
قلت:
ذكر أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه طرف هَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور فِي أَمر الْحُدَيْبِيَة، وَذكر أسانيده، وخلط مَعهَا أَسَانِيد الحَدِيث الَّذِي بعده فِي وَفد هوَازن، وَهُوَ لم يذكرهُ أصلا مَعَه، وَلَا أَشَارَ إِلَيْهِ، وَلَو ذكره مَعَه مَا كَانَ لذَلِك وَجه، لِأَنَّهُ لَا مشابهة بَينه وَبَينه فِي وَجه من الْوُجُوه. وَعمرَة الْحُدَيْبِيَة قبل الْفَتْح، فِي أَمر الْعمرَة والمصالحة، ووفد هوَازن فِي عقب غَزْوَة حنين وَذكر السَّبي. ثمَّ أحَال على أَن ذَلِك من أصل البُخَارِيّ فِي كتب لَيْسَ هُوَ فِيهَا، وَهَذَا من أعجب مَا رَأَيْت فِي كِتَابه من وهمه، وَذَلِكَ مَوْجُود فِيمَا ظهر من خطه كَمَا حكينا عَنهُ.(3/381)
2861 - الثَّانِي: فِي وَفد هوَازن؛ من رِوَايَة عُرْوَة عَن الْمسور ومروان: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ حِين جَاءَهُ وَفد هوَازن مُسلمين، فَسَأَلُوهُ أَن يرد إِلَيْهِم أَمْوَالهم وَسَبْيهمْ. فَقَالَ لَهُم: " إِن معي من ترَوْنَ، وَأحب الحَدِيث إِلَيّ أصدقه، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا المَال، وَإِمَّا السَّبي. وَقد كنت اسْتَأْنَيْت بكم " وَفِي رِوَايَة: " بهم ".
قد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انتظرهم بضع عشرَة لَيْلَة حِين قفل من الطَّائِف، فَلَمَّا تبين لَهُم
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير رادٍّ إِلَيْهِم إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فإننا نَخْتَار سبينَا، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمُسلمين، فَأثْنى على الله بِمَا هُوَ أَهله، ثمَّ قَالَ: " أما بعد، فَإِن إخْوَانكُمْ هَؤُلَاءِ جَاءُونَا تَائِبين، وَإِنِّي قد رَأَيْت أَن أرد إِلَيْهِم سَبْيهمْ، فَمن أحب مِنْكُم أَن يطيب ذَلِك فَلْيفْعَل، وَمن أحب مِنْكُم أَن يكون على حَظه حَتَّى نُعْطِيه إِيَّاه من أول مَا يفِيء الله علينا فَلْيفْعَل " فَقَالَ النَّاس: طيبنَا ذَلِك يَا رَسُول الله. فَقَالَ لَهُم فِي ذَلِك. " إِنَّا لَا نَدْرِي من أذن مِنْكُم مِمَّن لم يَأْذَن، فَارْجِعُوا حَتَّى يرفع إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمركُم " فَرجع النَّاس،، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثمَّ رجعُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخبروه أَنهم قد طيبُوا وأذنوا.
فَهَذَا الَّذِي بلغنَا فِي شَأْن سبي هوَازن.
2862 - الثَّالِث: عَن عُرْوَة عَن الْمسور بن مخرمَة: أَن سبيعة الأسْلَمِيَّة نفست بعد وَفَاة زَوجهَا بليالٍ، فَجَاءَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستأذنته أَن تنْكح، فَأذن لَهَا.(3/382)
2863 - الرَّابِع: فِي النَّهْي عَن الهجران: من حَدِيث الزُّهْرِيّ قَالَ: حَدثنِي عَوْف ابْن مَالك بن الطُّفَيْل - وَهُوَ ابْن أخي عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمها: أَن عَائِشَة حدثت: أَن عبد الله بن الزبير قَالَ فِي بيع أَو عَطاء أَعطَتْهُ عَائِشَة: وَالله لتنتهين عَائِشَة أَو لأحجرن عَلَيْهَا. قَالَت: أهوَ قَالَ هَذَا؟ قَالُوا: نعم. قَالَت: هُوَ لله عَليّ نذرٌ أَلا أكلم ابْن الزبير أبدا. فاستشفع ابْن الزبير إِلَيْهَا حِين طَالَتْ الْهِجْرَة، فَقَالَت: لَا وَالله، لَا أشفع فِيهِ أبدا، وَلَا أتحنت إِلَى نذري. فَلَمَّا طَال ذَلِك على ابْن الزبير، كلم الْمسور بن مخرمَة وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود بن عبد يَغُوث - وهما من بني زهرَة، وَقَالَ لَهما: أنشدكما الله لما أدخلتماني على عَائِشَة، فَإنَّا لَا يحل لَهَا أَن تنذر قطيعتي. فَأقبل بِهِ الْمسور وَعبد الرَّحْمَن مشتملين بأرديتهما، حَتَّى استأذنا على عَائِشَة: فَقَالَا: السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، أندخل؟ قَالَت عَائِشَة: ادخُلُوا. قَالُوا: كلنا. قَالَت: نعم، ادخُلُوا كلكُمْ، وَلَا تعلم أَن مَعَهُمَا ابْن الزبير.
فَلَمَّا دخلُوا دخل ابْن الزبير الْحجاب، فاعتنق عَائِشَة وطفق يناشدها ويبكي، وطفق الْمسور وَعبد الرَّحْمَن يناشدانها إِلَّا كَلمته وَقبلت مِنْهُ، ويقولان:
إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَمَّا قد علمت من الْهِجْرَة، وَلَا يحل لمسلمٍ أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث لَيَال. فَلَمَّا أَكْثرُوا على عَائِشَة من التَّذْكِرَة والتحريج، طفقت تذكرهما وتبكي وَتقول: إِنِّي نذرت وَالنّذر شَدِيد، فَلم يَزَالَا بهَا حَتَّى كلمت ابْن الزبير، وأعتقت فِي نذرها ذَلِك أَرْبَعِينَ رَقَبَة، وَكَانَت تذكر نذرها بعد ذَلِك فتبكي حَتَّى تبل دموعها خمارها.
وَلمُسلم حَدِيث وَاحِد:
2864 - من حَدِيث أبي أُمَامَة أسعد بن سهل بن حنيف عَن الْمسور قَالَ: أَقبلت بحجرٍ ثقيل أحملهُ، وَعلي إِزَار خَفِيف، قَالَ: فانحل إزَارِي وَمَعِي الْحجر، فَلم أستطع أَن أَضَعهُ حَتَّى بلغت بِهِ إِلَى مَوْضِعه، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ارْجع إِلَى ثَوْبك فَخذه وَلَا تَمْشُوا عُرَاة ".(3/383)
(98) مُسْند أبي خَالِد حَكِيم بن حزَام بن خويلد بن أَسد [رَضِي الله عَنهُ]
2865 - الحَدِيث الأول: من الْمُتَّفق عَلَيْهِ: عَن سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَعْطَانِي، ثمَّ سَأَلته فَأَعْطَانِي، ثمَّ سَأَلته فَأَعْطَانِي: زَاد فِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة وَيُونُس بن يزِيد: ثمَّ سَأَلته فَأَعْطَانِي كرة ثَالِثَة، ثمَّ قَالَ: " يَا حَكِيم، إِن هَذَا المَال خضرٌ حلوٌ " وَفِي روايتهما: " خضرةٌ حلوةٌ، فَمن أَخذه بسخاوة نفسٍ بورك لَهُ فِيهِ، وَمن أَخذه بإشراف نفسٍ لم يُبَارك لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذي يَأْكُل لَا يشْبع، وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى " قَالَ حَكِيم: فَقلت: يَا رَسُول الله، وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، لَا أرزأ أحدا بعْدك شَيْئا حَتَّى أُفَارِق الدُّنْيَا. فَكَانَ أَبُو بكر يَدْعُو حكيماً ليعطيه الْعَطاء فيأبى أَن يقبل مِنْهُ شَيْئا. ثمَّ إِن عمر دَعَاهُ ليعطيه فَأبى أَن يقبله، فَقَالَ: يَا معشر الْمُسلمين، وَفِي رِوَايَة يُونُس: إِنِّي أشهدكم يَا معشر الْمُسلمين على حَكِيم، أَنِّي أعرض عَلَيْهِ حَقه الَّذِي قسم الله لَهُ فِي هَذَا الْفَيْء فيأبى أَن يَأْخُذهُ. فَلم يرزأ حَكِيم أحدا من النَّاس بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى توفّي.
2866 - الثَّانِي: من رِوَايَة عُرْوَة بن الزبير: أَن حَكِيم بن حزَام أخبرهُ أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت أموراً كنت أتحنث بهَا فِي الْجَاهِلِيَّة من صلاةٍ وعتاقةٍ وصدقةٍ، هَل لي فِيهَا أجر؟ قَالَ حَكِيم: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أسلمت على مَا سلف لَك من خيرٍ " قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ ابْن إِسْحَق: التحنث: التبرر.(3/384)
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه: أَن حَكِيم بن حزَام أعتق فِي الْجَاهِلِيَّة مائَة رَقَبَة وَحمل على مائَة بعير. قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قلت: يَا رَسُول الله، أَشْيَاء كنت أصنعها فِي الْجَاهِلِيَّة، كنت أتحنث بهَا - يَعْنِي أتبرر بهَا - قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أسلمت على مَا سلف لَك من خير ".
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة: قَالَ هِشَام:
يَعْنِي أتبرر بهَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
أسلمت على مَا سلف لَك من الْخَيْر. " قلت: فوَاللَّه لَا أدع شَيْئا صَنعته فِي الْجَاهِلِيَّة إِلَّا فعلت فِي الْإِسْلَام مثله.
وَفِيمَا أخرجه أَبُو بكر البرقاني: قَالَ الزُّهْرِيّ: التحنث: التَّعَبُّد.
2867 - الثَّالِث: من رِوَايَة عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا " أَو قَالَ: " حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِن صدقا وَبينا بورك لَهما فِي بيعهمَا، وَإِن كتما وكذبا محقت بركَة بيعهمَا ".
وللبخاري فِي حَدِيث حبَان عَن همام عَن قَتَادَة:
البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا " قَالَ همام: وجدت فِي كتابي:
يخْتَار ثَلَاث مرار، وَفِيه: " وَإِن كذبا وكتما فَعَسَى أَن يربحا ربحا ويمحقاً بركَة بيعهمَا ".
قَالَ مُسلم بن الْحجَّاج:
ولد حَكِيم بن حزَام فِي جَوف الْكَعْبَة، وعاش مائَة وَعشْرين سنة.
2868 - الرَّابِع: من ترجمتين: أخرجه البُخَارِيّ من رِوَايَة عُرْوَة عَن حَكِيم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْيَد الْعليا خيرٌ(3/385)
من الْيَد السُّفْلى، وابدأ بِمن تعول، وَخير الصَّدَقَة مَا كَانَ عَن ظهر غنى، وَمن يستعفف يعفه الله، وَمن يسْتَغْن يغنه الله. " لفظ حَدِيث البُخَارِيّ.
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة أبي عِيسَى مُوسَى بن طَلْحَة عَن حَكِيم بن حزَام
أَنه حَدثهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أفضل الصَّدَقَة - أَو: خير الصَّدَقَة عَن ظهر غنى، وَالْيَد الْعليا خيرٌ من السُّفْلى، وابدأ بِمن تعول ".
انْفَرد البُخَارِيّ فِيهِ بقوله عَلَيْهِ السَّلَام:
وَمن يستعفف يعفه الله، وَمن يسْتَغْن يغنه الله ".
(99) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عبد الله بن مَالك، ابْن بُحَيْنَة الْأَسدي [رَضِي الله عَنهُ] حَلِيف بني عبد الْمطلب
2869 - الحَدِيث الأول: من رِوَايَة أبي دَاوُد عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن عبد الله بن بُحَيْنَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ من اثْنَتَيْنِ من الظّهْر لم يجلس بَينهمَا، فَلَمَّا قضى صلَاته سجد سَجْدَتَيْنِ، ثمَّ سلم بعد ذَلِك. كَذَا فِي حَدِيث مَالك عَن يحيى بن سعيد.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ:
صلى لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ من بعض الصَّلَوَات ثمَّ قَامَ وَلم يجلس، فَقَامَ النَّاس، فَلَمَّا قضى صلَاته ونظرنا(3/386)
تَسْلِيمه كبر قبل التَّسْلِيم، فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس.
وَفِي حَدِيث ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ نَحوه، وَفِيه. فَلَمَّا قضى صلَاته، وانتظر النَّاس تَسْلِيمه كبر فَسجدَ قبل أَن يسلم ثمَّ رفع رَأسه، ثمَّ كبر فَسجدَ ثمَّ رفع رَأسه وَسلم.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ: قَامَ فِي صَلَاة الظّهْر وَعَلِيهِ جُلُوس، فَلَمَّا أتم صلَاته سجد سَجْدَتَيْنِ، يكبر فِي كل سَجْدَة وَهُوَ جَالس قبل أَن يسلم، وسجدهما النَّاس مَعَه مَكَان مَا نسي من الْجُلُوس.
2870 - الثَّانِي: من رِوَايَة الْأَعْرَج عَن ابْن بُحَيْنَة قَالَ: احْتجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم بِلحي جملٍ من طَرِيق مَكَّة، فِي وسط رَأسه.
2871 - الثَّالِث: من رِوَايَة الْأَعْرَج عَن ابْن بُحَيْنَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرج بَين يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُو بَيَاض إبطَيْهِ.
وَفِي رِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سجد يجنح فِي سُجُوده، حَتَّى يرى وضح إبطَيْهِ.
وَفِي رِوَايَة اللَّيْث بن سعد:
كَانَ إِذا سجد فرج يَدَيْهِ عَن إبطَيْهِ، حَتَّى إِنِّي لأرى بَيَاض إبطَيْهِ.
2872 - الرَّابِع: من رِوَايَة حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب عَن عبد الله بن مَالك، ابْن بُحَيْنَة قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل - كَذَا فِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن عبد الله الأويسي عَن إِبْرَاهِيم بن سعد. وَفِي رِوَايَة شُعْبَة عَن سعد بن إِبْرَاهِيم: أَن ابْن(3/387)
عَاصِم قَالَ:
سَمِعت رجلا من الأزد يُقَال لَهُ مَالك بن بُحَيْنَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاث بِهِ النَّاس، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " آلصبح أَرْبعا؟ آلصبح أَرْبعا؟ " قَالَ البُخَارِيّ: تَابِعَة غنْدر ومعاذ عَن شُعْبَة فِي حَدِيث مَالك. وَقَالَ ابْن إِسْحَق عَن سعيد عَن حَفْص عَن عبد الله بن بُحَيْنَة. وَقَالَ حَمَّاد: أخبرنَا سعد عَن حَفْص عَن مَالك.
وَلمُسلم من حَدِيث أبي عوَانَة عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن حَفْص بن عَاصِم عَن ابْن بُحَيْنَة قَالَ:
أُقِيمَت صَلَاة الصُّبْح، فَرَأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا يُصَلِّي والمؤذن يُقيم فَقَالَ: " أَتُصَلِّي الصُّبْح أَرْبعا؟ ".
وَقَالَ فِي رِوَايَة القعْنبِي عَن عبد الله بن مَالك، بن بُحَيْنَة عَن أَبِيه:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِرَجُل يُصَلِّي وَقد أُقِيمَت صَلَاة الصُّبْح، فَكَلمهُ بِشَيْء لَا نَدْرِي مَا هُوَ، فَمَا انصرفنا أحطنا بِهِ نقُول: مَاذَا قَالَ لَك رَسُول الله؟ قَالَ: قَالَ لي: " يُوشك أَن يُصَلِّي أحدكُم الصُّبْح أَرْبعا. " قَالَ مُسلم: قَوْله فِيهِ: عَن أَبِيه فِي هَذَا الحَدِيث خطأ.
(100) مُسْند أبي وَاقد اللَّيْثِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
واسْمه الْحَارِث بن عَوْف. وَقيل: الْحَارِث بن مَالك، شهد بَدْرًا، مدنِي، جاور بِمَكَّة.
حَدِيث وَاحِد مُتَّفق عَلَيْهِ //.(3/388)
2873 - من رِوَايَة أبي مرّة مولى عقيل بن أبي طَالب عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَمَا هُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد وَالنَّاس مَعَه، إِذا أقبل ثلاثةٌ، فَأقبل اثْنَان إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذهب وَاحِد فَوقف على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَما أَحدهمَا فَرَأى فُرْجَة فِي الْحلقَة فَجَلَسَ فِيهَا، وَأما الآخر فَجَلَسَ خَلفهم، وَأما الثَّالِث فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا.
فَلَمَّا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أَلا أخْبركُم عَن النَّفر الثَّلَاثَة؟ أما أحدهم فأوى إِلَى الله فآواه الله، وَأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله مِنْهُ، وَأما الآخر فَأَعْرض فَأَعْرض الله عَنهُ ".
وَلمُسلم حَدِيث وَاحِد:
2874 - من رِوَايَة عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن أبي وَاقد قَالَ: سَأَلَني عمر بن الْخطاب عَمَّا قَرَأَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم الْعِيد. فَقلت: ب (اقْتَرَبت السَّاعَة) و (ق وَالْقُرْآن الْمجِيد) .
وَفِي حَدِيث مَالك بن أنس عَن ضَمرَة بن سعيد عَن عبيد الله:
أَن عمر بن الْخطاب سَأَلَ أَبَا واقدٍ اللَّيْثِيّ: مَا كَانَ يقْرَأ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْأَضْحَى وَالْفطر؟ فَقَالَ: كَانَ يقْرَأ فيهمَا ب (ق وَالْقُرْآن الْمجِيد) و (اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر) .
(101) مُسْند الْمسيب بن حزن بن أبي وهب بن عَمْرو بن عَائِذ [رَضِي الله عَنهُ]
حديثان مُتَّفق عَلَيْهِمَا:
2875 - أَحدهمَا: من رِوَايَة سعيد بن الْمسيب عَن الْمسيب قَالَ: لما حضرت أَبَا طَالب الْوَفَاة، جَاءَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَوجدَ عِنْده أَبَا جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة بن(3/389)
الْمُغيرَة، فَقَالَ: " أَي عَم، قل: لَا إِلَه إِلَّا الله، كلمة أُحَاج لَك بهَا عِنْد الله ". فَقَالَ أَبُو جهل وَعبد الله بن أُميَّة:
أترغب عَن مِلَّة عبد الْمطلب؟ فَلم يزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعرضهَا عَلَيْهِ، ويعودان لتِلْك الْمقَالة، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالب آخر مَا كَلمهمْ: أَنا على مِلَّة عبد الْمطلب، وأبى أَن يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله. قَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَالله لأَسْتَغْفِرَن لَك مَا لم أَنه عَنْك ". فَأنْزل الله عز وَجل: {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين وَلَو كَانُوا أولي قربى من بعد مَا تبين لَهُم} [التَّوْبَة] . وَأنزل الله فِي أبي طَالب، فَقَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء وَهُوَ أعلم بالمهتدين} [الْقَصَص] .
2876 - الثَّانِي: من رِوَايَة قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن أَبِيه قَالَ: لقد رَأَيْت الشَّجَرَة، ثمَّ أتيتها بعد فَلم أعرفهَا ".
وَفِي رِوَايَة أبي عوَانَة عَن طَارق عَن سعيد عَن أَبِيه:
أَنه كَانَ مِمَّن بَايع تَحت الشَّجَرَة، قَالَ: فرجعنا إِلَيْهَا الْعَام الْمقبل فعميت علينا.
وَفِي رِوَايَة إِسْرَائِيل عَن طَارق بن عبد الرَّحْمَن قَالَ:
انْطَلَقت حَاجا، فمررت بِقوم يصلونَ، فَقلت: مَا هَذَا الْمَسْجِد؟ قَالُوا: هَذِه الشَّجَرَة حَيْثُ بَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيعَة الرضْوَان. فَأتيت سعيد بن الْمسيب فَأَخْبَرته، فَقَالَ سعيد: حَدثنِي أبي أَنه كَانَ مِمَّن بَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحت الشَّجَرَة، قَالَ: فَلَمَّا خرجنَا من الْعَام الْمقبل نسيناها فَلم نقدر عَلَيْهَا. فَقَالَ سعيد: إِن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يعلموها وعلمتموها أَنْتُم، فَأنْتم أعلم! .
وَحَدِيث سُفْيَان عَن طَارق مُخْتَصر:
ذكرنَا عِنْد سعيد بن الْمسيب الشَّجَرَة فَضَحِك وَقَالَ: أَخْبرنِي أبي - وَكَانَ شَهِدَهَا. لم يزدْ.(3/390)
وللبخاري حَدِيث وَاحِد:
2877 - من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أَبِيه: أَن أَبَاهُ جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " مَا اسْمك؟ " قَالَ: حزنٌ قَالَ: " بل أَنْت سهلٌ " قَالَ: قلت: لَا أغير اسْما سمانيه أبي.
وَفِي رِوَايَة عبد الحميد بن جُبَير بن شيبَة قَالَ:
جَلَست إِلَى سعيد بن الْمسيب، فَحَدثني أَن جده حزنا قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " مَا اسْمك؟ " قَالَ: اسْمِي حزن.
قَالَ: " بل أَنْت سهل ". قَالَ: مَا أَنا بمغيرٍ اسْما سمانيه أبي. قَالَ ابْن الْمسيب: فَمَا زَالَت فِينَا الحزونة بعد. هَا هُنَا أوردهُ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي.
(102) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند سُفْيَان بن أبي زُهَيْر الْأَزْدِيّ [رَضِي الله عَنهُ] " من أَزْد شنُوءَة "
حديثان:
2878 - أَحدهمَا: من رِوَايَة عُرْوَة عَن أَخِيه عبد الله بن الزبير عَن سُفْيَان بن أبي زُهَيْر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: تفتح الْيمن، فَيَأْتِي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم وَمن أطاعهم، وَالْمَدينَة خيرٌ لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ. وتفتح الشَّام فَيَأْتِي قومٌ يبسون فيتحملون بأهليهم وَمن أطاعهم، وَالْمَدينَة خيرٌ لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ. وتفتح الْعرَاق، فَيَأْتِي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم وَمن أطاعهم، وَالْمَدينَة خيرٌ لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ ".(3/391)
2879 - الثَّانِي: من رِوَايَة السَّائِب بن يزِيد عَن سُفْيَان بن أبي زُهَيْر - رجلٌ من أَزْد شنُوءَة وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من اقتنى كَلْبا لَا يُغني عَنهُ زرعا وَلَا ضرعاً، نقص من عمله كل يَوْم قيراطٌ " قَالَ السَّائِب: قلت: أَنْت سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: إِي وَرب هَذَا الْمَسْجِد.
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال عَن يزِيد بن خصيفَة:
إِي وَرب هَذِه الْقبْلَة.
(103) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
2880 - من رِوَايَة السَّائِب بن يزِيد ابْن أُخْت نمر: أَن عمر بن الْعَزِيز سَأَلَهُ: مَا سَمِعت فِي سُكْنى مَكَّة؟ فَقَالَ: سَمِعت الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ثَلَاث للمهاجرين بعد الصَّدْر ".
وَفِي حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال:
سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لِلْمُهَاجِرِ إِقَامَة ثلاثٍ بعد الصَّدْر " كَأَنَّهُ لَا يزِيد عَنْهَا.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عبد الرَّحْمَن بن حميد قَالَ:
سَمِعت عمر بن عبد الْعَزِيز يَقُول لجلسائه: مَا سَمِعْتُمْ فِي سُكْنى مَكَّة؟ فَقَالَ السَّائِب بن يزِيد: سَمِعت الْعَلَاء، أَو: قَالَ الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يُقيم المُهَاجر بِمَكَّة بعد قَضَاء نُسكه ثَلَاثًا ".(3/392)
(104) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند الصعب بن جثامة اللَّيْثِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
حديثان:
2881 - أَحدهمَا: من رِوَايَة عبد الله بن عَبَّاس عَنهُ: أَنه أهْدى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمارا وحشياً وَهُوَ بالأبواء - أَو بودان - فَرده عَلَيْهِ، فَلَمَّا رأى مَا فِي وَجهه قَالَ: " إِنَّا لم نرده عَلَيْك، إِلَّا أَنا حرمٌ ".
وَفِي رِوَايَة يحيى بن يحيى عَن مَالك قَالَ:
فَلَمَّا أَن رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا فِي وَجْهي قَالَ: " إِنَّا لم نرده عَلَيْك، إِلَّا أَنا حرمٌ ".
وَفِي حَدِيث اللَّيْث وَمعمر وَصَالح عَن الزُّهْرِيّ:
أهديت لَهُ حمَار وَحش، وَفِي حَدِيث اللَّيْث وَصَالح: أَن الصعب بن جثامة أخبرهُ. وَفِي حَدِيث ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ: أهديت لَهُ من لحم حمَار وَحش.
وَمن الروَاة من قَالَ:
أهْدى الصعب بن جثامة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمَار وَحش وَهُوَ محرم. جعله فِي مُسْند ابْن عَبَّاس. وَهُوَ مَذْكُور هُنَالك.
2882 - الثَّانِي: يجمع حديثين جَمعهمَا البُخَارِيّ فِي مَوضِع، وَأخرج أَحدهمَا فِي مَوضِع آخر: وهما من رِوَايَة ابْن عَبَّاس عَن العصب بن جثامة قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالأبواء - أَو بودان وَسُئِلَ عَن أهل الدَّار من الْمُشْركين يبيتُونَ فيصاب من نِسَائِهِم وذراريهم، قَالَ: " هم مِنْهُم " وسمعته يَقُول: " لَا حمى إِلَّا لله وَلِرَسُولِهِ ".(3/393)
وَعَن الزُّهْرِيّ أَنه سمع عبيد الله بن عبد الله عَن عَبَّاس قَالَ:
حَدثنَا الصعب فِي الذرادي. قَالَ سُفْيَان: وَكَانَ عَمْرو يحدثنا عَن ابْن شهَاب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسمعناه من الزُّهْرِيّ قَالَ: أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس عَن الصعب قَالَ: " هم مِنْهُم "، وَلم يقل كَمَا قَالَ عَمْرو: " من آبَائِهِم ". هَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ فِي أحد الْمَوْضِعَيْنِ.
وَله من حَدِيث يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس أَن الصعب ابْن جثامة قَالَ:
إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا حمى إِلَّا الله وَلِرَسُولِهِ ". وَقَالَ: بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمى النقيع، وَأَن عمر حمى سرف والربذة.
وَأخرج مُسلم أحد الْفَصْلَيْنِ - وَهُوَ فصل البيات وإصابة الذَّرَارِي، وَلم يخرج قَوْله: " لَا حمى إِلَّا لله وَلِرَسُولِهِ ".
وَلم يبن ذَلِك أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه، بل حكى بِظَاهِر إهماله:
أَنَّهُمَا قد أخرجاهما. وَكتاب مُسلم شَاهد بِمَا قُلْنَا، فَبَان أَن أَحدهمَا مُتَّفق عَلَيْهِ، وَقَوله: " لَا حمى ... " من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
(105) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي يزِيد السَّائِب بن يزِيد [رَضِي الله عَنهُ]
ابْن أُخْت نمر الْكِنْدِيّ، وَقيل: الْهُذلِيّ.
حَدِيث وَاحِد:
2883 - من رِوَايَة الجعيد بن عبد الرَّحْمَن، وَقيل: الْجَعْد، قَالَ: سَمِعت(3/394)
السَّائِب بن يزِيد يَقُول: ذهبت بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن ابْن أُخْتِي وجعٌ، فَمسح رَأْسِي، ودعا لي بِالْبركَةِ، وَتَوَضَّأ فَشَرِبت من وضوئِهِ، ثمَّ قُمْت خلف ظَهره، فَنَظَرت إِلَى خَاتمه بَين كَتفيهِ مثل زر الحجلة.
وَمن الروَاة من قَالَ:
إِن ابْن أُخْتِي وَقع. وَقَالَ: فَنَظَرت إِلَى خَاتم النُّبُوَّة.
وَفِي حَدِيث إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن الْفضل بن مُوسَى أَن الجعيد قَالَ:
رَأَيْت السَّائِب بن يزِيد سنة أَربع وَتِسْعين جلدا معتدلاً، فَقَالَ: قد علمت مَا متعت بِهِ - سَمْعِي وبصري - إِلَّا بِدُعَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِن خَالَتِي ذهبت بِي إِلَيْهِ فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن ابْن أُخْتِي شاكٍ، فَادع الله لَهُ. قَالَ: فَدَعَا لي.
وَفِي حَدِيث قُتَيْبَة وَإِبْرَاهِيم بن حَمْزَة وَمُحَمّد بن عباد نَحوه، وَفِيه: فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن ابْن أُخْتِي وجعٌ. وَقَالَ قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن عباد وَغَيرهمَا: الْجَعْد بن عبد الرَّحْمَن.
أَفْرَاد البُخَارِيّ
2884 - الحَدِيث الأول: عَن الجعيد بن عبد الرَّحْمَن عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ: كَانَ الصَّاع على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مدا وَثلثا بمدكم الْيَوْم، فزيد فِيهِ فِي زمن عمر بن عبد الْعَزِيز.
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن زُرَارَة عَن الْقَاسِم بن مَالك نَحوه، وَزَاد:
وَكَانَ السَّائِب قد حج بِهِ فِي ثقل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فرقه البُخَارِيّ فِي موضِعين.(3/395)
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن يُوسُف ابْن أُخْت نمر عَن السَّائِب قَالَ:
حج بِي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا ابْن سبع سِنِين.
2885 - الثَّانِي: من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب قَالَ: كَانَ النداء يَوْم الْجُمُعَة أَوله إِذا جلس الإِمَام على الْمِنْبَر على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَان، وَكثر النَّاس زَاد النداء الثَّالِث على الزَّوْرَاء.
وَزَاد يُونُس عَن الزُّهْرِيّ: فَثَبت الْأَمر على ذَلِك.
وَفِي حَدِيث عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ قَالَ:
وَلم يكن للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موذنٌ غير وَاحِد
2886 - الثَّالِث: عَن الزُّهْرِيّ عَن السَّائِب قَالَ: أذكر أَنِّي خرجت مَعَ الغلمان إِلَى ثنية الْوَدَاع لتلقي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ سُفْيَان مرّة: مَعَ الصّبيان. زَاد فِي حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد: مقدمه من غَزْوَة تَبُوك.
2887 - الرَّابِع: عَن يزِيد بن خصيفَة عَن السَّائِب قَالَ: كُنَّا نؤتى بالشارب على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإمرة أبي بكر وصدراً من خلَافَة عمر، فنقوم إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا ونعالنا وأرديتنا، حَتَّى كَانَ آخر إمرة عمر، فجلد أَرْبَعِينَ، حَتَّى إِذا عتوا وفسقوا جلد ثَمَانِينَ.(3/396)
(106) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
2888 - من رِوَايَة جَعْفَر بن عَمْرو عَن أَبِيه عَمْرو بن أُميَّة: أَنه رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحتز من كتف شاةٍ فِي يَده، فدعي إِلَى الصَّلَاة، فَألْقى السكين، وَصلى وَلم يتَوَضَّأ. وَفِي رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: فألقاها والسكين الَّتِي يحتز بهَا، ثمَّ قَامَ فصلى وَلم يتَوَضَّأ. وَفِي رِوَايَة صَالح بن كيسَان:
رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل ذِرَاعا يحتز مِنْهَا ... وَذكر الحَدِيث.
وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد وَعَمْرو بن الْحَارِث فِيهِ: قَالَ أَحدهمَا: يحتز من كتفٍ يَأْكُل مِنْهَا، ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ. وَقَالَ الآخر فِي رِوَايَته: يحتز من كتف شَاة فَأكل مِنْهَا، فدعي إِلَى الصَّلَاة، فَقَامَ وَطرح السكين، وَصلى وَلم يتَوَضَّأ.
وللبخاري وَحده حَدِيث وَاحِد:
2889 - من رِوَايَة جَعْفَر بن عَمْرو عَن أَبِيه عَمْرو بن أُميَّة: أَنه رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح على الْخُفَّيْنِ. قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه حَرْب بن شَدَّاد وَأَبَان عَن يحيى.(3/397)
وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن أبي كثير:
رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح على عمَامَته وخفيه. قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه معمر عَن يحيى.
(107) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من أبي شُرَيْح خويلد بن عَمْرو الْخُزَاعِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
حديثان:
2890 - أَحدهمَا: من رِوَايَة سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَنهُ أَنه قَالَ لعَمْرو بن سعيد وَهُوَ يبْعَث الْبعُوث إِلَى مَكَّة: ائْذَنْ لي أَيهَا الْأَمِير أحَدثك قولا قَامَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغَد من يَوْم الْفَتْح، سمعته أذناي، ووعاه قلبِي، وأبصرته عَيْنَايَ حِين تكلم بِهِ: حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " إِن مَكَّة حرمهَا الله وَلم يحرمها النَّاس، فَلَا يحل لامرئٍ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يسفك بهَا دَمًا، وَلَا يعضد بهَا شَجَرَة، فَإِن أحدٌ ترخص لقِتَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا، فَقولُوا لَهُ: إِن الله قد أذن لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يَأْذَن لكم، وَإِنَّمَا أذن لي فِيهَا سَاعَة من نَهَار، ثمَّ عَادَتْ حرمتهَا الْيَوْم كحرمتها بالْأَمْس، وليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب " فَقيل لأبي شُرَيْح: مَاذَا قَالَ لَك عَمْرو؟ قَالَ: قَالَ: أَنا أعلم بذلك مِنْك يَا أَبَا شُرَيْح، إِن الْحرم لَا يعيذ عَاصِيا، وَلَا فَارًّا بدمٍ، وَلَا فَارًّا بخربةٍ.(3/398)
2891 - الثَّانِي: من حَدِيث سعيد بن أبي سعيد أَيْضا عَن أبي شُرَيْح قَالَ: سَمِعت أذناي، وأبصرت عَيْنَايَ، ووعاه قلبِي حِين تكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ:
من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه جائزته ". قَالُوا: وَمَا جائزته يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " يَوْمه وَلَيْلَته، والضيافة ثَلَاثَة أَيَّام، فَمَا كَانَ وَرَاء ذَلِك فَهُوَ صَدَقَة عَلَيْهِ ". وَقَالَ: " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت ".
زَاد عبد الحميد بن جَعْفَر:
وَلَا يحل لرجلٍ مُسلم أَن يُقيم عِنْد أَخِيه حَتَّى يؤثمه " قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَكَيف يؤثمه؟ قَالَ: يُقيم عِنْده وَلَا شَيْء لَهُ يقريه بِهِ ".
وَقد أخرج مُسلم من رِوَايَة نَافِع بن جُبَير عَن ابْن شُرَيْح
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو لِيَسْكُت ".
وللبخاري وَحده حَدِيث وَاحِد
2892 - من رِوَايَة سعيد بن أبي سعيد عَن أبي شُرَيْح أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وَالله لَا يُؤمن، وَالله لَا يُؤمن، وَالله لَا يُؤمن " قيل: من يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " الَّذِي لَا يَأْمَن جَاره بوائقه " قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه شَبابَة وَأسد بن مُوسَى. وَمِنْهُم من رَوَاهُ عَن ابْن أبي ذِئْب عَن المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة.(3/399)
(108) مُسْند خفاف بن إِيمَاء بن رحضة الْغِفَارِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
بَدْرِي.
ذكر أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي هَذَا الْمسند قَول عمر رَضِي الله عَنهُ لما جَاءَتْهُ ابْنة خفاف:
وَالله إِنِّي لأرى أَبَا هَذِه وأخاها قد حاصرا حصناً زَمَانا، فافتتحاه، ثمَّ أَصْبَحْنَا نستفيء سهمانهما فِيهِ. أخرجه البُخَارِيّ وَحده، وَهُوَ مَذْكُور فِي مُسْند عمر، وَلَا مدْخل لَهُ هَا هُنَا، إِذْ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا ذكر عمر لَهُ، وَقَول ابْنَته: أَنا بنت خفاف، شهد أبي الْحُدَيْبِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم تقل إِن أَبَاهَا أخْبرهَا بذلك، وَلَو صحت لَهَا صُحْبَة لَكَانَ ذَلِك فِي مسندها، لَا من روايتهما عَن أَبِيهِمَا كَمَا ترْجم أَبُو مَسْعُود. وَالصَّوَاب أَن يُقَال: إِن خفافاً من الصَّحَابَة الَّذين انْفَرد مُسلم بِالْإِخْرَاجِ عَنْهُم، كَمَا قَالَ أَبُو الْفَتْح بن أبي الفوارس.
وَلمُسلم حَدِيث وَاحِد:
2893 - من رِوَايَة حَنْظَلَة بن الْأَسْقَع والْحَارث بن خفاف عَن خفاف، وَقَالَ الْحَارِث بن خفاف: قَالَ خفاف بن إِيمَاء: ركع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ: " غفار غفر الله لَهَا، وَأسلم سَالَمَهَا الله، وَعصيَّة عَصَتْ الله وَرَسُوله. اللَّهُمَّ الْعَن بني لحيان، والعن رعلاً وذكوان " ثمَّ وَقع سَاجِدا. قَالَ خفاف: فَجعلت لعنة الْكَفَرَة من أجل ذَلِك.(3/400)
(109) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي سُفْيَان صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة بن عبد شمس [رَضِي الله عَنهُ]
2894 - حَدِيث وَاحِد لَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ غَيره، فرقه البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع عدَّة من كِتَابه، وَهُوَ عِنْدهمَا من رِوَايَة عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حَدثنِي أَبُو سُفْيَان من فِيهِ إِلَى فِي قَالَ: انْطَلَقت فِي الْمدَّة الَّتِي كَانَت بيني وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: فَبينا أَنا بِالشَّام، إِذْ جِيءَ بِكِتَاب من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى هِرقل، قَالَ: وَكَانَ دحْيَة الْكَلْبِيّ جَاءَ بِهِ، فَدفعهُ إِلَى عَظِيم بصرى، فَدفعهُ عَظِيم بصرى إِلَى هِرقل قَالَ: فَقَالَ هِرقل: هَل هَا هُنَا أحدٌ من قوم هَذَا الرجل الَّذِي يزْعم أَنه نَبِي؟ قَالُوا: نعم. فَدُعِيت فِي نفرٍ من قُرَيْش، فَدَخَلْنَا على هِرقل، فأجلسنا بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ: أَيّكُم أقرب نسبا من هَذَا الرجل الَّذِي يزْعم أَنه نبيٌّ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَان: فَقلت: أَنا. فأجلسوني بَين يَدَيْهِ، وأجلسوا أَصْحَابِي خَلْفي، ثمَّ دَعَا بترجمانه، فَقَالَ: قل لَهُم: إِنِّي سَائل هَذَا عَن هَذَا الرجل الَّذِي يزْعم أَنه نبيٌّ، فَإِن كَذبَنِي فَكَذبُوهُ. قَالَ أَبُو سُفْيَان: وَايْم الله، لَوْلَا أَن يؤثروا عَليّ الْكَذِب لكذبته. ثمَّ قَالَ لِترْجُمَانِهِ: سَله: كَيفَ حَسبه فِيكُم؟ قَالَ: قلت: هُوَ فِينَا ذُو حسب. قَالَ: فَهَل كَانَ من آبَائِهِ من ملك؟ قلت: لَا. قَالَ: فَهَل كُنْتُم تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قبل أَن يَقُول مَا قَالَ؟ قَالَ: قلت: لَا. قَالَ: فَهَل يتبعهُ أَشْرَاف النَّاس أم ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قَالَ: قلت: بل ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: أيزيدون أم ينقصُونَ؟ قلت: لَا، بل يزِيدُونَ. قَالَ: هَل يرْتَد احدٌ مِنْهُم عَن دينه بعد أَن يدْخل فِيهِ سخطَة لَهُ؟ قَالَ: قلت: لَا. قَالَ: فَهَل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قَالَ: فَكيف كَانَ قتالكم إِيَّاه؟ قَالَ: قلت: تكون الْحَرْب بَيْننَا وَبَينه سجالاً، يُصِيب منا وَنصِيب مِنْهُ. قَالَ: فَهَل يغدر؟(3/401)
قلت: لَا، وَنحن مِنْهُ فِي هَذِه الْمدَّة لَا نَدْرِي مَا هُوَ صانع فِيهَا. قَالَ: وَالله مَا أمكنني من كلمة أَدخل فِيهَا شَيْئا غير هَذِه. قَالَ: فَهَل قَالَ هَذَا القَوْل أحدٌ قبله؟ قلت: لَا.
ثمَّ قَالَ لِترْجُمَانِهِ: قل لَهُ: إِنِّي سَأَلتك عَن حَسبه فِيكُم، فَزَعَمت أَنه فِيكُم ذُو حسب، وَكَذَلِكَ الرُّسُل تبْعَث فِي أَحْسَاب قَومهَا. وَسَأَلْتُك هَل كَانَ فِي آبَائِهِ ملك، فَزَعَمت أَن لَا، فَقلت: لَو كَانَ من آبَائِهِ ملك قلت: رجلٌ يطْلب ملك آبَائِهِ.
وَسَأَلْتُك عَن أَتْبَاعه: أضعفاؤهم أم أَشْرَافهم؟ فَقلت: بل ضُعَفَاؤُهُمْ، وهم أَتبَاع الرُّسُل. وَسَأَلْتُك: هَل تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قبل أَن يَقُول مَا قَالَ؟ فَزَعَمت أَن لَا، فَعرفت أَنه لم يكن ليَدع الْكَذِب على النَّاس ثمَّ يذهب فيكذب على الله.
وَسَأَلْتُك: هَل يرْتَد أحدٌ مِنْهُم عَن دينه بعد أَن يدْخل فِيهِ سخطَة لَهُ؟ فَزَعَمت أَن لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَان إِذا خالط بشاشة الْقُلُوب. وَسَأَلْتُك: هَل يزِيدُونَ أَو ينقصُونَ؟ فَزَعَمت أَنهم يزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَان حَتَّى يتم. وَسَأَلْتُك: هَل قاتلتموه؟ فَزَعَمت انكم قاتلتموه فَتكون الْحَرْب بَيْنكُم وَبَينه سجالاً، ينَال مِنْكُم وتنالون مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُل تبتلى ثمَّ تكون لَهَا الْعَاقِبَة. وَسَأَلْتُك: هَل يغدر؟ فَزَعَمت أَنه لَا يغدر، وَكَذَلِكَ الرُّسُل لَا تغدر. وَسَأَلْتُك: هَل قَالَ هَذَا القَوْل أحدٌ قبله؟ فَزَعَمت أَن لَا.
فَقلت: لَو كَانَ قَالَ هَذَا القَوْل أحدٌ قبله، قلت: رجلٌ ائتم بقولٍ قيل قبله.
قَالَ: ثمَّ قَالَ:
بِمَ يَأْمُركُمْ؟ قُلْنَا: يَأْمُرنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة والصلة والعفاف. قَالَ: إِن يَك مَا تَقول حَقًا فَإِنَّهُ نَبِي، وَقد كنت أعلم أَنه خَارج، وَلم أك أَظُنهُ مِنْكُم، وَلَو أَنِّي أعلم أَنِّي أخْلص إِلَيْهِ لأحببت لقاءه، وَلَو كنت عِنْده لغسلت عَن قَدَمَيْهِ، وليبغلن ملكه مَا تَحت قدمي.
ثمَّ دَعَا بِكِتَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقرأه، فَإِذا فِيهِ: " بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى هِرقل عَظِيم الرّوم، سَلام على من اتبع الْهدى. أما بعد،(3/402)
فَإِنِّي أَدْعُوك بِدِعَايَةِ الْإِسْلَام، أسلم تسلم، وَأسلم يؤتك الله أجرك مرَّتَيْنِ، فَإِن توليت فَإِن عَلَيْك إِثْم الأريسيين. وَيَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم أَلا نعْبد إِلَّا الله وَلَا نشْرك بِهِ شَيْئا، وَلَا يتَّخذ بَعْضنَا بَعْضًا أَرْبَابًا من دون الله، فَإِن توَلّوا فَقولُوا اشْهَدُوا بِأَنا مُسلمُونَ " فَلَمَّا فرغ من قِرَاءَة الْكتاب ارْتَفَعت الْأَصْوَات عِنْده، وَكثر اللَّغط، وَأمر بِنَا فأخرجنا، فَقلت لِأَصْحَابِي حِين خرجنَا: لقد أَمر أَمر ابْن أبي كَبْشَة أَن يخافه ملك بني الْأَصْفَر، فَمَا زلت موقناً بِأَمْر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سَيظْهر، حَتَّى أَدخل الله عَليّ الْإِسْلَام.
قَالَ الزُّهْرِيّ:
فَدَعَا هِرقل عُظَمَاء الرّوم فَجَمعهُمْ فِي دَار لَهُ فَقَالَ: يَا معشر الرّوم، هَل لكم فِي الْفَلاح والرشد آخر الْأَبَد، وَأَن يثبت لكم ملككم. قَالَ: فحاصوا حَيْصَة حمر الْوَحْش إِلَى الْأَبْوَاب، فوجدوها قد غلقت. قَالَ: عَليّ بهم، فَدَعَا بهم فَقَالَ: إِنِّي اختبرت شدتكم على دينكُمْ، فقد رَأَيْت مِنْكُم الَّذِي أَحْبَبْت، فسجدوا لَهُ وَرَضوا عَنهُ. لفظ حَدِيث البُخَارِيّ فِي رِوَايَة هِشَام بن يُوسُف وَعبد الرَّزَّاق عَن معمر.
وَعند مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن رَافع وَغَيره عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر نَحوه، من أَوله إِلَى قَوْله: حَتَّى أَدخل الله عَليّ الْإِسْلَام. وطرف من حَدِيث صَالح عَن ابْن شهَاب بِهَذَا الْإِسْنَاد، قَالَ فِيهِ: وَزَاد فِي الحَدِيث:
وَكَانَ قَيْصر لما كشف الله عَنهُ جنود فَارس مَشى من حمص إِلَى إيلياء، شكرا لما أبلاه الله، قَالَ مُسلم: وَقَالَ فِي الحَدِيث: " من مُحَمَّد بن عبد الله وَرَسُوله ". وَقَالَ: " إِثْم اليريسيين ". وَقَالَ: " بداعية الْإِسْلَام ".(3/403)
اختصر مُسلم زِيَادَة أبي صَالح وَلم يذكر مِنْهَا غير هَذَا الْقدر، وتمامها فِي كتاب أبي بكر البرقاني مُتَّصِلا بقوله: شكرا لما أبلاه الله:
فَلَمَّا جَاءَ قَيْصر كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِين قَرَأَهُ:
التمسوا هَا هُنَا أحدا من قومه نسألهم عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ ابْن عَبَّاس: فَأَخْبرنِي أَبُو سُفْيَان بن حَرْب أَنه كَانَ بِالشَّام، قدمُوا تجارًا فِي الْمدَّة الَّتِي كَانَت بَين رَسُول الله وَبَين كفار قُرَيْش. قَالَ أَبُو سُفْيَان: فَوَجَدنَا رَسُول قَيْصر بِبَعْض الشَّام، فَانْطَلق بِي وبأصحابي حَتَّى قدمنَا إيلياء، فأدخلنا عَلَيْهِ، فَإِذا هُوَ جَالس فِي مجْلِس ملكه، عَلَيْهِ التَّاج، وَإِذا حوله عُظَمَاء الرّوم، فَقَالَ لِترْجُمَانِهِ: سلهم: أَيهمْ أقرب نسبا من هَذَا الرجل الَّذِي يزْعم أَنه نَبِي. وَذكر نَحْو مَا تقدم من حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ.
وَفِي رِوَايَة أبي بكر البرقاني عَن أبي الْعَبَّاس مُحَمَّد بن أَحْمد بن حمدَان النَّيْسَابُورِي من حَدِيث صَالح عَن الزُّهْرِيّ:
فَإِن عَلَيْكُم إِثْم اليريسيين " يَعْنِي الحراثين.
وَفِي رِوَايَة عَن أبي بكر أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن أبي يعلى حمد بن عَليّ بن الْمثنى " إِثْم الركوسيين ".
وللبخاري من حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ نَحْو حَدِيث معمر، وَفِيه: قَالَ: مَاذَا يَأْمُركُمْ؟ قلت: يَقُول: اعبدوا الله وَحده وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ أحدا، واتركوا مَا يَقُول آباؤكم، وَيَأْمُر بِالصَّلَاةِ والصدق والعفاف والصلة. وَفِي آخِره بعد قَوْله: حَتَّى أَدخل الله عَليّ الْإِسْلَام: وَكَانَ ابْن الناطور صَاحبه وهرقل أسقفه على نَصَارَى الشَّام يحدث: أَن هِرقل حِين قدم إيليا، أصبح يَوْمًا خَبِيث النَّفس، فَقَالَ بعض بطارقته: قد استنكرنا هيئتك. قَالَ ابْن الناطور: وَكَانَ هِرقل حزاء، ينظر فِي النُّجُوم، فَقَالَ لَهُم حِين سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْت اللَّيْلَة حِين نظرت فِي النُّجُوم ملك(3/404)
الْخِتَان قد ظهر، فَمن يختتن من هَذِه الْأمة؟ قَالُوا: لَيْسَ يختتن إِلَّا الْيَهُود، فَلَا يهمنك شَأْنهمْ، فَاكْتُبْ إِلَى مَدَائِن ملكك فليقتلوا من فِيهَا من الْيَهُود، فَبينا هم على أَمرهم، أُتِي هِرقل برجلٍ أرسل بِهِ ملك غَسَّان يخبر عَن خبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا استخبره هِرقل قَالَ: اذْهَبُوا فانظروا: أمختتنٌ هُوَ؟ . فنظروا إِلَيْهِ، فحدثوه أَنه مختتن، وَسَأَلَهُ عَن الْعَرَب فَقَالَ: هم مختتنون. فَقَالَ هِرقل: هَذَا ملك هَذِه الْأمة قد ظهر، ثمَّ كتب هِرقل إِلَى صاحبٍ لَهُ بروما - وَكَانَ نَظِيره فِي الْعلم، وَسَار هِرقل إِلَى حمص، فَلم يرم حمص حَتَّى أَتَاهُ كتابٌ من صَاحبه يُوَافق رَأْي هِرقل على خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنه نبيٌّ. فَأذن هِرقل لعظماء الرّوم فِي دسكرة لَهُ بحمص، ثمَّ أَمر بأبوابها فأغلقت، ثمَّ قَالَ: يَا معشر الرّوم، هَل لكم فِي الصّلاح والرشد - وَإِن كنت ملككم فتتابعوا هَذَا النَّبِي؟ فحاصوا حَيْصَة حمر الْوَحْش إِلَى الْأَبْوَاب، فوجدوها قد غلقت، ثمَّ ذكر نَحْو مَا فِي حَدِيث معمر إِلَى آخر هَذَا الْفَصْل، ثمَّ قَالَ: فَكَانَ ذَلِك آخر شَأْن هِرقل. قَالَ البُخَارِيّ: رَوَاهُ صَالح وَيُونُس وَمعمر عَن الزُّهْرِيّ.
(110) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي عبد الرَّحْمَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان [رَضِي الله عَنهُ]
2895 - الحَدِيث الأول: عَن عبد الله بن عَبَّاس عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قصرت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمشقص.(3/405)
وَأوردهُ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي كِتَابه. وَأخرجه أَيْضا عَنهُ أَبُو بكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن غَالب الْخَوَارِزْمِيّ البرقاني فِي كِتَابه، من رِوَايَة مُحَمَّد بن الْمثنى عَن يحيى الْقطَّان عَن ابْن جريج وَفِيه:
أَنه قصر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمشقص. أَو: رَأَيْته يقصر عِنْد الْمَرْوَة.
2896 - الثَّانِي: عَن أبي مُحَمَّد سعيد بن الْمسيب قَالَ: قدم مُعَاوِيَة الْمَدِينَة، فَخَطَبنَا، وَأخرج كبةً من شعر فَقَالَ: مَا كنت أرى أَن أحدا يَفْعَله إِلَّا الْيَهُود، إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلغه فَسَماهُ الزُّور. قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي: يَعْنِي: الْوِصَال.
وَفِي حَدِيث قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب أَن مُعَاوِيَة قَالَ ذَات يَوْم:
إِنَّكُم قد أحدثتم زِيّ سوء، وَإِن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الزُّور. قَالَ: وَجَاء رجلٌ بعصاً على رَأسهَا خرقَة، قَالَ مُعَاوِيَة: أَلا وَهَذَا الزُّور. قَالَ قَتَادَة: يَعْنِي مَا يكثر بِهِ النِّسَاء أشعارهن من الْخرق.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف:
أَنه سمع مُعَاوِيَة - عَام حج - على الْمِنْبَر -، وَتَنَاول قصَّة من شعرٍ كَانَت فِي يَد حرسيٍّ، فَقَالَ: يَا أهل الْمَدِينَة، أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْهَى عَن مثل هَذِه وَيَقُول: " إِنَّمَا هَلَكت بَنو إِسْرَائِيل حِين اتخذها نِسَاؤُهُم ".
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ:
إِنَّمَا عذب بَنو إِسْرَائِيل ... "
2897 - الثَّالِث: عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: سَمِعت مُعَاوِيَة خَطِيبًا يَقُول: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين، وَإِنَّمَا(3/406)
أَنا قاسمٌ، وَالله يُعْطي، وَلَا تزَال هَذِه الْأمة قَائِمَة على أَمر الله، لَا يضرهم من خالفهم حَتَّى يَأْتِي أَمر الله ".
وَفِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن ابْن وهب نَحوه، وَقَالَ: " وَلَا يزَال أَمر هَذِه الْأمة مُسْتَقِيمًا حَتَّى تقوم السَّاعَة، أَو حَتَّى يَأْتِي أَمر الله ". وَفِي حَدِيث عبد الله بن الْمُبَارك عَن يُونُس بن يزِيد نَحوه، وَقَالَ: " وَالله الْمُعْطِي، وَأَنا الْقَاسِم، وَلَا تزَال هَذِه الْأمة ظَاهِرين على من خالفهم حَتَّى يَأْتِي أَمر الله وهم ظاهرون ".
هَذِه أَلْفَاظ أَحَادِيث البُخَارِيّ فِي الرِّوَايَة عَن حميد. وَلَيْسَ عِنْد مُسلم من حَدِيث حميد إِلَّا قَوْله:
وَمن يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين، وَإِنَّمَا أَنا قاسمٌ وَيُعْطِي الله ".
والفصل الثَّالِث هُوَ عِنْد مُسلم وَعند البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث عُمَيْر بن هَانِئ أَنه سمع مُعَاوِيَة على الْمِنْبَر يَقُول:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا تزَال طائفةٌ من أمتِي قَائِمَة بِأَمْر الله، لَا يضرهم من خذلهم أَو خالفهم، حَتَّى يَأْتِي أَمر الله وهم ظاهرون على النَّاس " لفظ حَدِيث مُسلم.
وَلَفظ حَدِيث البُخَارِيّ نَحوه، وَفِيه:
لَا تزَال من أمتِي أمةٌ قائمةٌ بِأَمْر الله " وَزَاد: فَقَالَ مَالك بن يخَامر: سَمِعت معَاذًا يَقُول: وهم بِالشَّام، فَقَالَ مُعَاوِيَة: هَذَا مَالك يزْعم أَنه سمع معَاذًا يَقُول: وهم بِالشَّام.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث يزِيد بن الْأَصَم قَالَ:
سَمِعت مُعَاوِيَة ذكر حَدِيثا رَوَاهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم أسمعهُ روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على منبره حَدِيثا غَيره، قَالَ: قَالَ(3/407)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين، وَلَا تزَال عصابةٌ من الْمُسلمين يُقَاتلُون على الْحق ظَاهِرين على من ناوأهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
2898 - الرَّابِع: عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن أَنه سمع مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان خَطِيبًا بِالْمَدِينَةِ - يَعْنِي فِي قدمة قدمهَا - خطبهم يَوْم عَاشُورَاء، وَفِي حَدِيث البُخَارِيّ: عَام حج، على الْمِنْبَر يَقُول: يَا أهل الْمَدِينَة، أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " هَذَا يَوْم عَاشُورَاء، وَلم يكْتب الله عَلَيْكُم صِيَامه، وَأَنا صَائِم، فَمن شَاءَ صَامَهُ، وَمن شَاءَ فليفطر ".
أَفْرَاد البُخَارِيّ
2899 - الحَدِيث الأول: أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث حميد بن عبد الرَّحْمَن: أَنه سمع مُعَاوِيَة يحدث رهطاً من قُرَيْش بِالْمَدِينَةِ، وَذكر كَعْب الْأَحْبَار فَقَالَ: إِن كَانَ من أصدق هَؤُلَاءِ المخبرين الَّذين يحدثُونَ عَن أهل الْكتاب، وَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك لنبلو عَلَيْهِ الْكَذِب.
2900 - الثَّانِي: عَن عِيسَى بن طَلْحَة: أَنه سمع مُعَاوِيَة يَوْمًا - وَسمع الْمُؤَذّن - فَقَالَ مثله إِلَى قَوْله: وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله.
وَفِي حَدِيث هِشَام صَاحب الدستوَائي عَن يحيى نَحوه - قَالَ يحيى بن أبي كثير:
وحَدثني إِخْوَاننَا أَنه لما قَالَ: حَيّ على الصَّلَاة، قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا الله. ثمَّ قَالَ: هَكَذَا سمعنَا نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي أُمَامَة أسعد بن سهل قَالَ:
سَمِعت مُعَاوِيَة وَهُوَ جَالس على الْمِنْبَر أذن الْمُؤَذّن قَالَ: الله أكبر الله أكبر، فَقَالَ مُعَاوِيَة(3/408)
الله أكبر الله أكبر. قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، فَقَالَ مُعَاوِيَة: وَأَنا أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، فَلَمَّا قضى التأذين قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، إِنِّي سَمِعت رَسُول الله على هَذَا الْمجْلس من الْمِنْبَر حِين أذن الْمُؤَذّن يَقُول مَا سَمِعْتُمْ من مَقَالَتي.
2901 - الثَّالِث: عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم أَنه كَانَ يحدث: أَنه بلغ مُعَاوِيَة وَهُوَ عِنْده فِي وفدٍ من قُرَيْش أَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ يحدث: أَنه سَيكون ملكٌ من قحطان، فَغَضب مُعَاوِيَة، فَقَامَ فَأثْنى على الله بِمَا هُوَ أَهله، ثمَّ قَالَ: أما بعد، فَإِنَّهُ بَلغنِي أَن رجَالًا مِنْكُم يتحدثون أَحَادِيث لَيست فِي كتاب الله، وَلَا تُؤثر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأُولَئِكَ جهالكم، فإياكم والأماني الَّتِي تضل أَهلهَا، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن هَذَا الْأَمر فِي قُرَيْش، لَا يعاديهم أحدٌ إِلَّا كَبه الله على وَجهه، مَا أَقَامُوا الدّين ".
2902 - الرَّابِع: عَن أبي سعيد جمران بن أبان عَن مُعَاوِيَة قَالَ: إِنَّكُم لتصلون صَلَاة، لقد صَحِبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصليهَا، وَلَقَد نهى عَنْهُمَا. يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر.
أَفْرَاد مُسلم
2903 - الحَدِيث الأول: عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: خرج مُعَاوِيَة على حَلقَة فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: مَا أجلسكم؟ قَالُوا: جلسنا نذْكر الله. قَالَ الله مَا أجلسكم إِلَّا ذَاك؟ قَالُوا: مَا أجلسنا إِلَّا ذَاك. قَالَ: أما إِنِّي لم أستحلفكم تُهْمَة لكم، وَمَا كَانَ بمنزلتي من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقل عَنهُ حَدِيثا مني، وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على حَلقَة من أَصْحَابه فَقَالَ: " مَا أجلسكم؟ " قَالُوا جلسنا نذْكر الله ونحمده على مَا هدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمن بِهِ علينا. قَالَ: " آللَّهُ مَا أجلسكم إِلَّا ذَاك؟ " قَالُوا: وَالله مَا(3/409)
أجلسنا إِلَّا ذَاك. قَالَ: " أما إِنِّي لم أستحلفكم تُهْمَة لكم، وَلكنه إِنَّمَا أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، فَأَخْبرنِي أَن الله يباهي بكم الْمَلَائِكَة ".
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه من رِوَايَة أبي بكر بن أبي شيبَة الَّذِي أخرجه عَنهُ مُسلم، وَفِيه:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على حلقةٍ من أَصْحَابه، وَذكر نَحوه إِلَى قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " قَالَ: آللَّهُ، مَا أجلسكم إِلَّا ذَاك؟ " فَقَالُوا: تالله مَا أجلسنا إِلَّا ذَاك. قَالَ: " أما إِن لم أستحلفكم تُهْمَة لكم ... " ثمَّ ذكر الحَدِيث، وَفِيه: وَمن علينا بك.
2904 - الثَّانِي: عَن أبي عَمْرو جرير بن عبد الله البَجلِيّ قَالَ: كُنَّا قعُودا عِنْد مُعَاوِيَة، فَذكرُوا سني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ مُعَاوِيَة: قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ، وَمَات أَبُو بكر وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ، وَقتل عمر وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة أَن جَرِيرًا قَالَ:
إِنَّه سمع مُعَاوِيَة يخْطب فَقَالَ: مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ، وَأَبُو بكر وَعمر، وَأَنا ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ.
2905 - الثَّالِث: من حَدِيث عمر بن عَطاء بن أبي الخوار: أَن نَافِع بن جُبَير أرْسلهُ إِلَى السَّائِب، ابْن أُخْت نمر يسْأَله عَن شيءٍ رَآهُ مِنْهُ مُعَاوِيَة فِي الصَّلَاة.
فَقَالَ: نعم، صليت مَعَه الْجُمُعَة فِي الْمَقْصُورَة، فَلَمَّا سلم الإِمَام قُمْت فِي مقَامي فَصليت، فَلَمَّا د خل أرسل إِلَيّ فَقَالَ: لَا تعد لما فعلت، إِذا صليت الْجُمُعَة فَلَا تصلها بِصَلَاة حَتَّى تَتَكَلَّم أَو تخرج، فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرنَا بذلك: أَن لَا توصل صلاةٌ حَتَّى نتكلم أَو نخرج.
وَفِي حَدِيث حجاج بن مُحَمَّد عَن ابْن جريج:
فَلَمَّا سلم قُمْت فِي مقَامي، وَلم يذكر الإِمَام.(3/410)
2906 - الرَّابِع: عَن همام بن مُنَبّه عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تلحفوا فِي الْمَسْأَلَة، فوَاللَّه لَا يسألني أحدٌ مِنْكُم شَيْئا فَتخرج لَهُ مَسْأَلته مني شَيْئا وَأَنا لَهُ كَارِه فيبارك لَهُ فِيمَا أَعْطيته ".
2907 - الْخَامِس: عَن عبد الله بن عَامر الْيحصبِي قَالَ: سَمِعت مُعَاوِيَة يقو ل: إيَّاكُمْ وَالْأَحَادِيث إِلَّا حَدِيثا كَانَ فِي عهد عمر، فَإِن عمر كَانَ يخيف النَّاس فِي الله، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول: " من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين " وَسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " أَنا خازنٌ، فَمن أَعْطيته عَن طيب نفس فيبارك لَهُ فِيهِ، وَمن أَعْطيته عَن مسألةٍ وشرهٍ كَانَ كَالَّذي يَأْكُل وَلَا يشْبع ".
(111) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي عبد الله الْمُغيرَة بن شُعْبَة [رَضِي الله عَنهُ]
وَيُقَال: كنيته أَبُو عِيسَى.
2908 - الحَدِيث الأول: عَن أبي عَائِشَة مَسْرُوق بن الأجدع عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفرٍ فَقَالَ: " يَا مغير، خُذ الْإِدَاوَة " فأخذتها.
فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى توارى عني فَقضى حَاجته، وَعَلِيهِ جبةٌ شامية، فَذهب ليخرج يَده من كمها فضاقت، فَأخْرج يَده من أَسْفَلهَا، فَصَبَبْت عَلَيْهِ فَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة، وَمسح على خفيه، ثمَّ صلى.
وَحَدِيث أبي أُسَامَة عَن الْأَعْمَش:
وضأت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فسمح على خفيه، وَصلى.(3/411)
وَفِي حَدِيث عبد الْوَاحِد عَن الْأَعْمَش:
انْطلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِحَاجَتِهِ، ثمَّ أقبل فتلقيته بِمَاء، فَتَوَضَّأ، وَعَلِيهِ جُبَّة شامية، فَمَضْمض واستنشق وَغسل وَجهه، فَذهب يخرج يَدَيْهِ من كميه فَكَانَا ضيقين، فأخرجهما من تَحْتَهُ، فغسلهما، وَمسح بِرَأْسِهِ وعَلى خفيه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عُرْوَة بن الْمُغيرَة عَن أَبِيه الْمُغيرَة بن شُعْبَة:
أَنه كَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفرٍ، وانه ذهب لحاجةٍ لَهُ، وَأَن الْمُغيرَة جعل يصب عَلَيْهِ وَيتَوَضَّأ، فَغسل وَجهه وَيَديه، وَمسح بِرَأْسِهِ، وَمسح على الْخُفَّيْنِ.
وَفِي حَدِيث يحيى بن بكير عَن اللَّيْث:
ذهب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبَعض حَاجته، فَقُمْت أسكب عَلَيْهِ المَاء - لَا أعلمهُ إِلَّا قَالَ: فِي غَزْوَة تَبُوك - فَغسل وَجهه، وَذهب يغسل ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ عَلَيْهِ كم الْجُبَّة، فأخرجهما من تَحت جبته، فغسلهما ثمَّ مسح على خفيه.
وَفِي حَدِيث أبي نعيم عَن زَكَرِيَّا:
كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر، فَأَهْوَيْت لأنزع خفيه، فَقَالَ: " دعهما؛ فَإِنِّي أدخلتهما طاهرتين " فَمسح عَلَيْهِمَا.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن نمير عَن زَكَرِيَّا:
كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة فِي مسير فَقَالَ لي: " أَمَعَك ماءٌ؟ " قلت: نعم، فَنزل عَن رَاحِلَته، فَمشى حَتَّى توارى فِي سَواد اللَّيْل، ثمَّ جَاءَ فأفرغت عَلَيْهِ من الْإِدَاوَة، فَغسل وَجهه، وَعَلِيهِ جُبَّة من صوف، فَلم يسْتَطع أَن يخرج ذِرَاعَيْهِ مِنْهَا، حَتَّى أخرجهُمَا من أَسْفَل الْجُبَّة، فَغسل ذِرَاعَيْهِ، وَمسح بِرَأْسِهِ، ثمَّ أهويت لأنزع خفيه فَقَالَ: " دعهما، فَإِنِّي أدخلتهما طاهرتين " وَمسح عَلَيْهِمَا.
وَلمُسلم فِي حَدِيث سلمَان التَّيْمِيّ عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن ابْن الْمُغيرَة،(3/412)
وَعَن الْحسن عَن ابْن الْمُغيرَة:
أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح على الْخُفَّيْنِ ومقدم رَأسه، وعَلى عمَامَته.
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد عَن التَّيْمِيّ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ فَمسح بناصيته وعَلى الْعِمَامَة وعَلى الْخُفَّيْنِ.
وَلمُسلم أَيْضا فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عباد بن زِيَاد عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة عَن الْمُغيرَة:
أَنه غزا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبُوك، قَالَ الْمُغيرَة: فَتبرز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل الْغَائِط، فَحملت مَعَه إداوةً قبل صَلَاة الْفجْر، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخذت أهريق على يَدَيْهِ من الْإِدَاوَة، وَغسل يَدَيْهِ ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ غسل وَجهه، ثمَّ ذكر ضيق كمي الْجُبَّة، وَأَنه غسل ذِرَاعَيْهِ إِلَى الْمرْفقين، ثمَّ تَوَضَّأ على خفيه. قَالَ الْمُغيرَة: فَأَقْبَلت مَعَه حَتَّى نجد النَّاس قد قدمُوا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف يُصَلِّي لَهُم، فَأدْرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ، فصلى مَعَ النَّاس الرَّكْعَة الْأَخِيرَة، فَلَمَّا سلم عبد الرَّحْمَن قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتم صلَاته، فأفزع ذَلِك الْمُسلمين، فَأَكْثرُوا التَّسْبِيح، فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته أقبل عَلَيْهِم، ثمَّ قَالَ: " أَحْسَنْتُم " أَو قَالَ: " أصبْتُم " يَغْبِطهُمْ أَن صلوا الصَّلَاة لوَقْتهَا.
وَلمُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد عَن حَمْزَة بن الْمُغيرَة نَحْو حَدِيث عباد عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة، وَفِيه: قَالَ الْمُغيرَة: فَأَرَدْت تَأْخِير عبد الرَّحْمَن، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " دَعه ".
وَمن رِوَايَة عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن بزيع عَن يزِيد بن زُرَيْع فِي حَدِيث بكر ابْن عبد الله عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة عَن أَبِيه قَالَ:
تخلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَخَلَّفت مَعَه، فَلَمَّا قضى حَاجته قَالَ: " أَمَعَك مَاء؟ " فَأَتَيْته بمطهرة، فَغسل كفيه وَوَجهه، ثمَّ ذهب يحسر عَن ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ كم الْجُبَّة، فَأخْرج يَده من تَحت الْجُبَّة، وَألقى(3/413)
الْجُبَّة على مَنْكِبَيْه، وَغسل ذِرَاعَيْهِ، وَمسح بناصيته وعَلى الْعِمَامَة وعَلى خفيه، ثمَّ ركب وَركبت مَعَه، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْم وَقد قَامُوا فِي الصَّلَاة، يُصَلِّي بهم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَقد ركع بهم رَكْعَة، فَلَمَّا أحس بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذهب يتَأَخَّر، فَأَوْمأ إِلَيْهِ، فصلى بهم، فَلَمَّا سلم قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقمت، فَرَكَعْنَا الرَّكْعَة الَّتِي سبقتنا.
قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي كِتَابه:
كَذَا قَالَ مُسلم فِي حَدِيث ابْن بزيع عَن يزِيد عَن عُرْوَة، وَخَالفهُ النَّاس عَن يزِيد، فَقَالُوا: حَمْزَة بدل عُرْوَة.
وَلمُسلم من حَدِيث الْأسود بن هِلَال الْحَارِثِيّ عَن الْمُغيرَة قَالَ:
بَينا أَنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة، إِذْ نزل فَقضى حَاجته، ثمَّ جَاءَ فَصَبَبْت عَلَيْهِ من إداوةٍ كَانَت معي، فَتَوَضَّأ وَمسح على خفيه. لم يزدْ.
2909 - الثَّانِي: عَن أبي عبد الله قيس بن أبي حَازِم عَن الْمُغيرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يزَال أناسٌ من أمتِي ظَاهِرين حَتَّى يَأْتِيهم امْر الله وهم ظاهرون ".
وَفِي حَدِيث عبيد الله بن مُوسَى:
لَا تزَال طائفةٌ من أمتِي ظَاهِرين ... " وَذكره.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم بن حميد، ومروان الْفَزارِيّ وَغَيرهمَا عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد:
لن يزَال قومٌ من أمتِي ظَاهِرين على النَّاس ... " وَذكره.
2910 - الثَّالِث: عَن قيس بن أبي حَازِم عَن الْمُغيرَة قَالَ: مَا سَأَلَ أحدٌ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الدَّجَّال أَكثر مِمَّا سَأَلته، وَإنَّهُ قَالَ لي: " مَا يَضرك؟ " قلت: إِنَّهُم يَقُولُونَ: إِن مَعَه جبل خبزٍ ونهر مَاء. قَالَ: " هُوَ أَهْون على الله من ذَلِك ".(3/414)
وَفِي حَدِيث يزِيد بن هَارُون عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد:
فَقَالَ لي: " أَي بني، وَمَا ينصبك مِنْهُ؟ إِنَّه لن يَضرك " قَالَ: قلت: إِنَّهُم يَزْعمُونَ أَن مَعَه أَنهَار المَاء وجبال الْخبز. قَالَ: " هُوَ أَهْون على الله من ذَلِك ".
وَفِي حَدِيث هشيم عَن إِسْمَاعِيل:
إِنَّهُم يَقُولُونَ: مَعَه جبالٌ من خبز ونهرٌ من مَاء، قَالَ: " هُوَ أَهْون على الله من ذَلِك ".
2911 - الرَّابِع: يجمع أَحَادِيث:
عَن وراد مولى الْمُغيرَة قَالَ:
أمْلى عَليّ الْمُغيرَة بن شُعْبَة فِي كتاب إِلَى مُعَاوِيَة: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة: " لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير. اللَّهُمَّ لَا مَانع لما أَعْطَيْت، وَلَا معطي لما منعت، وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد ".
زَاد أَبُو عوَانَة فِي عقب حَدِيثه بِهَذَا عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ:
وَكتب إِلَيْهِ: إِنَّه كَانَ ينْهَى عَن قيل وَقَالَ، وإضاعة المَال، وَكَثْرَة السُّؤَال. وَكَانَ ينْهَى عَن عقوق الْأُمَّهَات، ووأد الْبَنَات، وَمنع وهات.
وَفِي حَدِيث غير وَاحِد عَن الشّعبِيّ عَن وراد بِنَحْوِ حَدِيث أبي عوَانَة مَعَ الزِّيَادَة.
وَفِي رِوَايَة عَبدة بن أبي لبَابَة عَن وراد قَوْله الَّذِي كَانَ يَقُول خلف الصَّلَاة فَقَط، إِلَى قَوْله:
وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد " وَفِي آخِره أَن وراداً قَالَ: ثمَّ وفدت بعد على مُعَاوِيَة، فَسَمعته يَأْمر النَّاس بذلك. لفظ أَحَادِيث البُخَارِيّ.(3/415)
وَلم يخرج مُسلم مِنْهُ فِي الصَّلَاة إِلَّا مَا يُقَال فِي أعقاب الصَّلَوَات.
وللبخاري فِي مَوضِع آخر طرفٌ مِنْهُ من رِوَايَة ابْن أَشوع عَن الشّعبِيّ قَالَ:
حَدثنِي كَاتب الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: كتب مُعَاوِيَة إِلَى الْمُغيرَة: أَن أكتب إِلَيّ بشيءٍ سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَكتب إِلَيْهِ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن الله كره لكم ثَلَاثًا. قيل وَقَالَ، وإضاعة المَال، وَكَثْرَة السُّؤَال: ".
وَمن حَدِيث مَنْصُور عَن الشّعبِيّ
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الله حرم عَلَيْكُم عقوق الْأُمَّهَات، ووأد الْبَنَات، ومنعاً وهات. وَكره لكم: قيل وَقَالَ، وَكَثْرَة السُّؤَال، وإضاعة المَال ".
وَمن حَدِيث مَنْصُور عَن الْمسيب بن رَافع عَن وراد بِنَحْوِ هَذَا.
وَلمُسلم فِي غير " الصَّلَاة " من حَدِيث جرير عَن مَنْصُور بِنَحْوِ هَذَا أَيْضا.
وَمن حَدِيث شَيبَان عَن مَنْصُور بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنه قَالَ: وَحرم عَلَيْكُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يقل: " إِن الله حرم عَلَيْكُم.
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ عَن وراد قَالَ: كتب الْمُغيرَة إِلَى مُعَاوِيَة: سلامٌ عَلَيْك، أما بعد، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن الله حرم ثَلَاثًا، وَنهى عَن ثَلَاث، حرم عقوق الْوَالِد، ووأد الْبَنَات، وَلَا وهات. وَنهى عَن ثَلَاث: عَن قيل وَقَالَ، وَكَثْرَة السُّؤَال، وإضاعة المَال ".
2912 - الْخَامِس: عَن وراد كَاتب الْمُغيرَة عَن الْمُغيرَة قَالَ: قَالَ سعد بن عبَادَة: لَو رَأَيْت رجلا مَعَ امْرَأَتي لضربته بِالسَّيْفِ غير مصفح. فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(3/416)
فَقَالَ: " تعْجبُونَ من غيرَة سعد، وَالله لأَنا أغير مِنْهُ، وَالله أغير مني، وَمن أجل غيرَة الله حرم الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن، وَلَا أحد أحب إِلَيْهِ الْعذر من الله، وَمن أجل ذَلِك بعث الْمُنْذرين والمبشرين. وَلَا أحد أحب إِلَيْهِ المدحة من الله، وَمن أجل ذَلِك وعد الْجنَّة ". لفظ حَدِيث البُخَارِيّ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل فِي رِوَايَة أبي عوَانَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر. ثمَّ قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ عبد الله بن عَمْرو عَن ابْن عُمَيْر: " وَلَا شخص أغير من الله ".
وَلمُسلم من حَدِيث أبي عوَانَة عَن عبد الْملك بن وراد نَحوه، وَفِيه: " وَلَا شخص أغير من الله، وَلَا شخص أحب إِلَيْهِ الْعذر من الله، وَمن أجل ذَلِك بعث الله الْمُرْسلين مبشرين ومنذرين، وَلَا شخص أحب إِلَيْهِ المدحة من الله، من أجل ذَلِك وعد الله الْجنَّة " وَفِيه: لضربته بِالسَّيْفِ غير مصفح عَنهُ.
قَالَ مُسلم: وَفِي حَدِيث زَائِدَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله وَقَالَ: غير مصفح، وَلم يقل: عَنهُ.
قَالَ أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه: فِي حَدِيث القواريري وَأبي كَامِل وَأبي الْوَلِيد الطياسي والمقدمي، كلهم عَن أبي عوَانَة: " وَلَا شخص " قَالَ أَبُو مَسْعُود: وأظن مُوسَى اخْتَصَرَهُ للْبُخَارِيّ. قَالَ: وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث زَائِدَة عَن عبد الْملك " وَلَا شخص ".
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني من حَدِيث أبي مَنْصُور الْأَزْهَرِي الأديب، وَقَالَ فِي آخِره: قولي غير مصفح: أَي غير ضَارب بصفح السَّيْف: وَهُوَ وَجهه، وَلَكِنِّي ضاربه بِحَدّ السَّيْف.(3/417)
وَفِي حَدِيث أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن الْحسن بن سُفْيَان مثل حَدِيث الْأَزْهَرِي أَو قريب مِنْهُ.
2913 - السَّادِس: عَن أبي مَالك زِيَاد بن علاقَة الغطفائي عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: انكسفت الشَّمْس على عهد النَّبِي يَوْم مَاتَ إِبْرَاهِيم، فَقَالَ النَّاس: انكسفت لمَوْت إِبْرَاهِيم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله، لَا ينكسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِن رأيتموها فَادعوا الله وصلوا حَتَّى تنجلي ".
2914 - السَّابِع: عَن زِيَاد بن علاقَة أَنه سمع الْمُغيرَة يَقُول: قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى تورمت قدماه، فَقيل لَهُ: قد غفر الله لَك مَا تقدم مِنْهُ ذَنْبك وَمَا تَأَخّر. فَقَالَ: " أَفلا أكون عبدا شكُورًا؟ ".
وَفِي حَدِيث أبي نعيم عَن مسعر:
إِن كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليقوم أَو ليُصَلِّي حَتَّى ترم قدماه أَو ساقاه، فَيُقَال لَهُ، فَيَقُول: " أَفلا أكون عبدا شكُورًا ".
وَفِي حَدِيث خَلاد بن يحيى عَن مسعر:
حَتَّى ترم أَو تنتفخ.
وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة:
صلى حَتَّى انتفخت قدماه، فَقيل لَهُ: أتكلف هَذَا وَقد غفر لَك؟ فَقَالَ: ... وَذكره.
2915 - الثَّامِن: يشْتَمل على معانٍ:
من رِوَايَة عَليّ بن ربيعَة عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ:
سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن كذبا عَليّ لَيْسَ ككذب على أحد، من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار "
وَسمعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
من نيح عَلَيْهِ يعذب بِمَا نيح عَلَيْهِ " لفظ حَدِيث البُخَارِيّ من رِوَايَة سعيد بن عبيد.(3/418)
وَلمُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن قيس وَسَعِيد بن عبيد عَن عَليّ بن ربيعَة قَالَ:
أول من نيح عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ قرظة بن كَعْب، فَقَالَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من نيح عَلَيْهِ يعذب بِمَا نيح عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة " وَلم يزدْ على هَذَا فِي أَبْوَاب " الْجَنَائِز ".
وَأخرج الطّرف الأول فِي أول كِتَابه من حَدِيث سعيد بن عبيد عَن عَليّ بن ربيعَة قَالَ:
أتيت الْمَسْجِد والمغيرة أَمِير الْكُوفَة، فَقَالَ الْمُغيرَة:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن كذبا عَليّ لَيْسَ ككذبٍ على أحد، فَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
جعل أَبُو مَسْعُود هَذَا الطّرف الْأَخير من أَفْرَاد مُسلم، وَذهب عَنهُ مَا فِي كتاب " الْجَنَائِز " للْبُخَارِيّ مِمَّا ذَكرْنَاهُ أَولا.
وَقد أخرج مُسلم فِي معنى الْكَذِب من رِوَايَة مَيْمُون بن أبي شبيب عَن الْمُغيرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من حدث عني بحديثٍ يرى أَنه كذبٌ فَهُوَ أحد الْكَاذِبين " وَهُوَ عِنْده أَيْضا من مُسْند سَمُرَة بن جُنْدُب.
2916 - التَّاسِع: من ترجمتين، وَفِيه مَعَ الْمُغيرَة مُحَمَّد بن مسلمة:
رَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيث أبي عبد الله عُرْوَة بن الزبير عَن الْمُغيرَة:
أَن عمر اسشارهم فِي إملاص الْمَرْأَة، فَقَالَ الْمُغيرَة: قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالغرة: عبدٍ أَو أمة.
وَشهد مُحَمَّد بن مسلمة أَنه شهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِهِ.
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن الْمُغيرَة قَالَ:
سَأَلَ عمر ابْن الْخطاب عَن إملاص الْمَرْأَة: وَهِي الَّتِي يضْرب بَطنهَا فتلقي جَنِينا. فَقَالَ: أَيّكُم سمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ شَيْئا؟ قَالَ: فَقلت: أَنا. قَالَ: مَا هُوَ؟ قلت سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول " فِيهِ غرةٌ: عبدٌ أَو أمةٌ " فَقَالَ: لَا تَبْرَح حَتَّى تجيئني بالمخرج مِمَّا(3/419)
قلت: فَخرجت فَوجدت مُحَمَّد بن مسلمة، فَجئْت بِهِ فَشهد معي أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " فِيهِ غرةٌ: عبدٌ أَو أمة ".
وَرَوَاهُ مُسلم من حَدِيث الْمسور بن مخرمَة قَالَ:
اسْتَشَارَ عمر بن الْخطاب النَّاس فِي إملاص الْمَرْأَة. فَقَالَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة: شهِدت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِيهِ بغرةٍ: عبدٍ أَو أمة. فَقَالَ عمر: ائْتِنِي بِمن يشْهد مَعَك. قَالَ: فَشهد لَهُ مُحَمَّد بن مسلمة.
أخرج أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه مُحَمَّد بن مسلمة من جملَة الصَّحَابَة الَّذين انْفَرد البُخَارِيّ بِالْإِخْرَاجِ عَنْهُم، وَقد أخرج مُسلم لمُحَمد بن مسلمة هَذَا الحَدِيث الْمُشْتَرك مَعَ الْمُغيرَة فِي كتاب " الْحُدُود " فصح أَنه مِمَّن اتفقَا على الْإِخْرَاج عَنهُ.
وَأخرج مُسلم هَذَا الْمَعْنى من حَدِيث عبيد بن نضيلة الْخُزَاعِيّ عَن الْمُغيرَة قَالَ:
ضربت امرأةٌ ضَرَّتهَا بعمود فسطاطٍ وَهِي حُبْلَى فقتلتها، قَالَ: وإحداهما لحيانية.
قَالَ: فَجعل رَسُول الله دِيَة المقتولة على عصبَة القاتلة، وغرة لما فِي بَطنهَا. فَقَالَ رجل من عصبَة القاتلة: أنغرم دِيَة من لَا أكل وَلَا شرب، وَلَا اسْتهلّ، فَمثل ذَلِك يطلّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أسجعٌ كسجع الْأَعْرَاب؟ " قَالَ: وَجعل عَلَيْهِم الدِّيَة.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن مَنْصُور نَحوه، غير أَن فِيهِ: فَأسْقطت، فَرفع ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى فِيهِ بغرة، وَجعله على أَوْلِيَاء الْمَرْأَة. وَلم يذكر فِي حَدِيثه دِيَة الْمَرْأَة.
وللبخاري حَدِيث:
2917 - من رِوَايَة جُبَير بن حَيَّة عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة، وَعَن النُّعْمَان بن مقرن، حديثان:(3/420)
قَالَ جُبَير:
بعث عمر - رَضِي الله عَنهُ - النَّاس فِي أفناء الْأَمْصَار يُقَاتلُون الْمُشْركين، فَأسلم الهرمزان، فَقَالَ: إِنِّي مستشيرك فِي مغازي هَذِه. قَالَ: نعم، مثلهَا وَمثل من فِيهَا من عَدو الْمُسلمين مثل طَائِر لَهُ رَأس وَله جَنَاحَانِ، وَله رجلَانِ، فَإِن كسر أحد الجناحين نهضت الرّجلَانِ بجناح وَالرَّأْس، وَإِن كسر الْجنَاح الآخر نهضت الرّجلَانِ وَالرَّأْس، وَإِن شدخ الرَّأْس ذهبت الرّجلَانِ والجناحان وَالرَّأْس. فالرأس كسْرَى، والجناح قَيْصر، والجناح الآخر فَارس، فَمر الْمُسلمين أَن ينفروا إِلَى كسْرَى. قَالَ جُبَير: فندبنا عمر، وَاسْتعْمل علينا النُّعْمَان بن مقرن، حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَرْض الْعَدو، وَخرج علينا عَامل كسْرَى فِي أَرْبَعِينَ ألفاٍ، فَقَامَ ترجمان فَقَالَ: ليكلمني رجلٌ مِنْكُم، فَقَالَ الْمُغيرَة: سل عَمَّا شِئْت. فَقَالَ: مَا أَنْتُم؟ قَالَ: نَحن أناسٌ من الْعَرَب، كُنَّا فِي شقاء شَدِيد، وبلاء شَدِيد، نمص الْجلد والنوى من الْجُوع، ونلبس الْوَبر وَالشعر، ونعبد الشّجر وَالْحجر، فَبينا نَحن كَذَلِك، إِذْ بعث رب السَّمَوَات وَرب الْأَرْضين إِلَيْنَا نَبيا من أَنْفُسنَا، نَعْرِف إباه وَأمه، فَأمرنَا نَبينَا رَسُول رَبنَا أَن نقاتلكم حَتَّى تعبدوا الله وَحده أَو تُؤَدُّوا الْجِزْيَة، وَأخْبرنَا نَبينَا عَن رِسَالَة رَبنَا: أَنه من قتل منا صَار إِلَى الْجنَّة فِي نعيم لم ير مثله، وَمن بَقِي منا ملك رِقَابكُمْ. فَقَالَ النُّعْمَان: رُبمَا أشهدك الله مثلهَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلم يندمك وَلم يخزك، وَلَكِن شهِدت الْقِتَال مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ إِذا لم يُقَاتل فِي أول النَّهَار انْتظر حَتَّى تهب الْأَرْوَاح، وتحضر الصَّلَاة.
وَلمُسلم حديثان:
2918 - أَحدهمَا: من رِوَايَة عَلْقَمَة بن وَائِل عَن الْمُغيرَة عَن شُعْبَة قَالَ: لما قدمت نَجْرَان سَأَلُونِي فَقَالُوا: إِنَّكُم تقرءون: {يَا أُخْت هَارُون} [مَرْيَم] ومُوسَى قبل عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا. فَلَمَّا قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلته عَن ذَلِك، فَقَالَ: " إِنَّهُم كَانُوا يسمون بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قبلهم ".(3/421)
2919 - الثَّانِي: من حَدِيث أبي عَمْرو عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: سمعته على الْمِنْبَر يرفعهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " سَأَلَ مُوسَى ربه: مَا أدنى أهل الْجنَّة منزلَة؟ قَالَ هُوَ رجل يَجِيء بعد مَا أَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة فَيُقَال لَهُ: ادخل الْجنَّة. فَيَقُول: أَي رب، كَيفَ وَقد نزل النَّاس مَنَازِلهمْ، وَأخذُوا أخذاتهم؟ فَيُقَال لَهُ: أترضى أَن يكون لَك مثل ملك ملك من مُلُوك الدُّنْيَا؟ فَيَقُول: رضيت رب. فَيَقُول: لَك ذَلِك وَمثله، وَمثله، وَمثله، وَمثله، فَقَالَ فِي الْخَامِسَة: رضيت رب. فَيَقُول: هَذَا لَك وَعشرَة أَمْثَاله، وَلَك مَا اشتهت نَفسك، ولذت عَيْنك فَيَقُول: رضيت رب. قَالَ: رب، فأعلاهم منزلَة؟ قَالَ: أُولَئِكَ الَّذين أردْت، غرست كرامتهم بيَدي، وختمت عَلَيْهَا، فَلم تَرَ عينٌ، وَلم تسمع أذنٌ، وَلم يخْطر على قلب بشر. قَالَ: ومصداقه فِي كتاب الله عز وَجل: {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} [الْآيَة السَّجْدَة] .
وَمن الروَاة من قَالَ: عَن الْمُغيرَة: أَن مُوسَى ... لم يسْندهُ.
(112) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي عبد الله عَمْرو بن الْعَاصِ بن وَائِل [رَضِي الله عَنهُ]
2920 - الحَدِيث الأول: عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن عَمْرو بن الْعَاصِ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه على جَيش ذَات السلَاسِل. قَالَ: فَأَتَيْته فَقلت: أَي النَّاس أحب إِلَيْك؟ قَالَ: " عَائِشَة " فَقلت: من الرِّجَال؟ فَقَالَ: " أَبوهَا ". قلت: ثمَّ من؟ قَالَ: ثمَّ " عمر بن الْخطاب ". فعد رجَالًا.(3/422)
زَاد فِي حَدِيث إِسْحَاق بن شاهين بعد قَوْله:
فعد رجَالًا: قَالَ: فَسكت مَخَافَة أَن يَجْعَلنِي فِي آخِرهم.
2921 - الثَّانِي: عَن قيس بن أبي حَازِم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جهاراً غير سرٍّ: " إِن آل أبي ... " فِي كتاب مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة بياضٌ " لَيْسُوا بأوليائي، إِنَّمَا وليي الله وَصَالح الْمُؤمنِينَ ".
وفبي رِوَايَة أَحْمد بن حَنْبَل عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر: " إِن آل أبي فلَان ".
قَالَ البُخَارِيّ: زَاد عَنْبَسَة بن عبد الْوَاحِد عَن بَيَان:
وَلَكِن لَهُم رحمٌ أبلها بِبلَالِهَا ".
أخرجه أَبُو بكر البرقاني عَن أبي بكر بن سلم من رِوَايَة يحيى بن معِين عَن غنْدر عَن شُعْبَة وَفِيه: أَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِنَّمَا وليي الله وَصَالح الْمُؤمنِينَ " لم يزدْ.
2922 - الثَّالِث: عَن أبي قيس مولى عَمْرو عَن عَمْرو بن الْعَاصِ: أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِذا حكم الْحَاكِم فاجتهد ثمَّ أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ، وَإِذا حكم واجتهد وَأَخْطَأ فَلهُ أجرٌ وَاحِد ".
وَمن الروَاة من أوقفهُ على أبي هُرَيْرَة، وَمن أوقفهُ على أبي سَلمَة أَيْضا من قَوْله.
وللبخاري طرفٌ من حديثٍ أخرجه تَعْلِيقا فَقَالَ:
وَقَالَ مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة: حَدثنِي عَمْرو بن الْعَاصِ. وَقَالَ: وَقَالَ عَبدة: عَن هِشَام عَن أَبِيه: قيل لعَمْرو بن الْعَاصِ، بِهَذَا. وَذكر البُخَارِيّ هذَيْن الإسنادين عَن عَمْرو فِي عقب(3/423)
حَدِيث لعروة بن الزبير، قَالَ:
سَأَلت ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ: أَخْبرنِي بأشد شيءٍ صنعه الْمُشْركُونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: بَينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي حجر الْكَعْبَة، إِذا أقبل عقبَة بن أبي معيط فَوضع ثَوْبه فِي عُنُقه فخنقه خنقاً شَدِيدا، فَأقبل أَبُو بكر حَتَّى أَخذ بمنكبه وَدفعه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله. وَهُوَ مَذْكُور فِي مُسْند عبد الله بن عَمْرو، وَتَمَامه هُنَاكَ.
وَلمُسلم حديثان:
2923 - أَحدهمَا: من رِوَايَة أبي قيس مولى عَمْرو عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " فصل مَا بَين صيامنا وَصِيَام أهل الْكتاب أَكلَة السحر ".
2924 - الثَّانِي: من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن شماسَة الْمهرِي قَالَ: حَضَرنَا عَمْرو ابْن الْعَاصِ وَهُوَ فِي سِيَاقَة الْمَوْت يبكي طَويلا، وحول وَجهه إِلَى الْجِدَار، فَجعل ابْنه يَقُول لَهُ: مَا يبكيك يَا أبتاه، أما بشرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَذَا؟ أما بشرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَذَا؟ قَالَ: فَأقبل بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إِن أفضل مَا نعد شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. إِنِّي كنت على أطباق ثَلَاث، لقد رَأَيْتنِي وَمَا أحدٌ أَشد بغضاً لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مني، وَلَا أحب إِلَيّ أَن أكون قد اسْتَمْكَنت مِنْهُ فَقتلته، فَلَو مت على تِلْكَ الْحَال لَكُنْت من أهل النَّار، فَلَمَّا جعل الله الْإِسْلَام فِي قلبِي، أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: ابْسُطْ يدك فلأبايعك، فَبسط يَمِينه، قَالَ: فقبضت يَدي، فَقَالَ: " مَالك يَا عَمْرو؟ " قَالَ: قلت: أردْت أَن أشْتَرط. قَالَ: " تشْتَرط مَاذَا؟ " قلت: أَن يغْفر لي. قَالَ: " أما علمت أَن الْإِسْلَام يهدم مَا كَانَ قبله، وَأَن الْهِجْرَة تهدم مَا كَانَ قبلهَا، وَأَن الْحَج يهدم مَا كَانَ قبله ". وَمَا كَانَ أحدٌ أحب إِلَيّ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا أحلى فِي عَيْني مِنْهُ، وَلَو مت على تِلْكَ الْحَال لرجوت(3/424)
أَن أكون من أهل الْجنَّة. ثمَّ ولينا أَشْيَاء مَا أَدْرِي مَا حَالي فِيهَا، فَإِذا أَنا مت فَلَا تصحبني نائحة وَلَا نارٌ، فَإِذا دفنتموني فسنوا عَليّ التُّرَاب سنا، ثمَّ أقِيمُوا حول قَبْرِي قدر مَا تنحر جزور وَيقسم لَحمهَا حَتَّى أستأنس بكم، وَأنْظر مَاذَا أراجع بِهِ رسل رَبِّي.
(113) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي مُحَمَّد عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ [رَضِي الله عَنهُ]
2925 - الحَدِيث الأول: عَن مَسْرُوق عَن عبد الله بن عَمْرو أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أربعٌ من كن فِيهِ كَانَ منافقاً خَالِصا، وَمن كَانَت فِيهِ خصلةٌ مِنْهُنَّ كَانَت فِيهِ خصْلَة من النِّفَاق حَتَّى يَدعهَا: إِذا أؤتمن خَان، وَإِذا حدث كذب، وَإِذا عَاهَدَ غدر، وَإِذا خَاصم فجر ".
وَفِي رِوَايَة غنْدر عَن شُعْبَة:
إِذا حدث كذب، وَإِذا وعد أخلف، وَإِذا عَاهَدَ غدر، وَإِذا خَاصم فجر ".
2926 - الثَّانِي: عَن مَسْرُوق عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاحِشا وَلَا متفحشاً، وَكَانَ يَقُول: " إِن من خياركم أحسنكم أَخْلَاقًا ".
وَفِي حَدِيث حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة وَفِي حَدِيث جرير عَن الْأَعْمَش:
أَن مسروقاً قَالَ: دخلت على عبد الله بن عَمْرو حِين قدم مُعَاوِيَة إِلَى الْكُوفَة فَذكر(3/425)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لم يكن فَاحِشا وَلَا متفحشاً " وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن من خياركم أحسنكم أَخْلَاقًا ".
2927 - الثَّالِث: عَن مَسْرُوق قَالَ: ذكر عبد الله بن عَمْرو عبد الله بن مَسْعُود فَقَالَ: لَا أَزَال أحبه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " خُذُوا الْقُرْآن من أَرْبَعَة: من عبد الله وَسَالم ومعاذٍ وَأبي بن كَعْب ".
وَفِي حَدِيث غنْدر عَن شُعْبَة:
استقرءوا الْقُرْآن من أَرْبَعَة: من ابْن مَسْعُود وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة وَأبي ومعاذ بن جبل ".
وَفِي حَدِيث أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة:
خُذُوا الْقُرْآن من أَرْبَعَة: من عبد الله بن مَسْعُود ... " فَبَدَأَ بِهِ، كَذَا فِي الحَدِيث، ثمَّ ذكرهم.
2928 - الرَّابِع: عَن سعيد وَأبي سَلمَة أَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي أَقُول: وَالله لأصومن النَّهَار ولأقومن اللَّيْل مَا عِشْت. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " أَنْت الَّذِي تَقول ذَلِك؟ " فَقلت لَهُ: قد قلته بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله. قَالَ: " فَإنَّك لَا تَسْتَطِيع ذَلِك، فَصم وَأفْطر، ونم وقم، وصم من الشَّهْر ثَلَاثَة أَيَّام، فَإِن الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا، وَذَلِكَ مثل صِيَام الدَّهْر ". قَالَ: قلت: إِنِّي أُطِيق أفضل من ذَلِك. قَالَ: " فَصم يَوْمًا وَأفْطر يَوْمَيْنِ ". قَالَ: قلت: فَإِنِّي أُطِيق أفضل من ذَلِك. قَالَ: " فَصم يَوْمًا وَأفْطر يَوْمًا،، فَذَلِك صِيَام دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام، وَهُوَ أعدل الصّيام " وَفِي رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: " فَهُوَ أفضل الصّيام " قَالَ: فَإِنِّي أُطِيق أفضل من ذَلِك. فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا أفضل من ذَلِك ".
وَفِي رِوَايَة يُونُس عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
عبد الله بن عَمْرو: لِأَن أكون قبلت الثَّلَاثَة الْأَيَّام الَّتِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحب إِلَيّ من أَهلِي وَمَالِي.(3/426)
وَفِي حَدِيث الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة وَحده:
قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ألم أخبر أَنَّك تَصُوم النَّهَار. وَتقوم اللَّيْل؟ " قَالَ: قلت: بلَى يَا رَسُول الله. قَالَ: " فَلَا تفعل، صم وَأفْطر، ونم وقم، فَإِن لجسدك عَلَيْك حَقًا، وَإِن لعينيك عَلَيْك حَقًا، وَإِن لزوجك عَلَيْك حَقًا، وَإِن لزورك عَلَيْك حَقًا، وَإِن بحسبك أَن تَصُوم من كل شهرٍ ثَلَاثَة أَيَّام، فَإِن لَك بِكُل حَسَنَة عشر أَمْثَالهَا، فَإِن ذَلِك صِيَام الدَّهْر " فشددت فَشدد عَليّ، قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أجد قُوَّة، قَالَ: " فَصم صِيَام نَبِي الله دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام، لَا تزد عَلَيْهِ " قلت يَا رَسُول الله، وَمَا كَانَ صِيَام دَاوُد؟ قَالَ: " نصف الدَّهْر " فَكَانَ عبد الله يَقُول بعد مَا كبر: يَا لَيْتَني قبلت رخصَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي رِوَايَة عِكْرِمَة بن عمار عَن يحيى بن أبي كثير:
ألم أخبر أَنَّك تَصُوم الدَّهْر وتقرأ الْقُرْآن كل لَيْلَة؟ " فَقلت: بلَى يَا نَبِي الله، وَلم أرد بذلك إِلَّا الْخَيْر. وَفِيه: قَالَ: " فَصم صَوْم دَاوُد، فَإِنَّهُ كَانَ أعبد النَّاس. " وَفِيه قَالَ: " واقرأ الْقُرْآن فِي كل شهر " قَالَ: قلت: يَا نَبِي الله، إِنِّي أُطِيق أفضل من ذَلِك قَالَ: " فاقرأه فِي كل عشْرين " قَالَ قلت: يَا نَبِي الله، إِنِّي أُطِيق أفضل من ذَلِك قَالَ: " أقرأه فِي عشر " قَالَ: قلت: يَا بني الله، إِنِّي أُطِيق أفضل من ذَلِك قَالَ: " فاقرأه فِي سبع، لَا تزد على ذَلِك " قَالَ: فشددت فَشدد عَليّ، وَقَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّك لَا تَدْرِي لَعَلَّك يطول بك عمرٌ " قَالَ: فصرت إِلَى الَّذِي قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَلَمَّا كَبرت وددت أَنِّي كنت قبلت رخصَة نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَزَاد عِنْد مُسلم من رِوَايَة حُسَيْن الْمعلم عَن يحيى: " وَإِن لولدك عَلَيْك حَقًا ".
وللبخاري من حَدِيث حُسَيْن قَالَ:
فَصم من كل جُمُعَة ثَلَاثَة أَيَّام ".
وَفِي حَدِيث أبي الْعَبَّاس السَّائِب بن فروخ الْمَكِّيّ عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ فِي(3/427)
رِوَايَة آدم عَن شُعْبَة وَكَانَ شَاعِرًا، وَكَانَ لَا يتهم فِي حَدِيثه: قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّك لتصوم الدَّهْر وَتقوم اللَّيْل؟ " قلت: نعم. قَالَ: إِنَّك إِذا فعلت ذَلِك هجمت لَك الْعين، ونفهت النَّفس، لَا صَامَ من صَامَ الْأَبَد. صم ثَلَاثَة أَيَّام، صَوْم الدَّهْر كُله " قلت: فَإِنِّي أُطِيق اكثر من ذَلِك قَالَ: " فَصم صَوْم دَاوُد، كَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا، وَلَا يفر إِذا لَاقَى ".
وَفِي حَدِيث أبي عَاصِم عَن ابْن جريج: فِيهِ بعد قَوْله:
وَلَا يفر إِذا لَاقَى ": من لي بِهَذِهِ يَا نَبِي الله؟ لَا أَدْرِي كَيفَ ذكر صِيَام الْأَبَد. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا صَامَ من صَامَ الْأَبَد " مرَّتَيْنِ.
وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج:
ألم أخبر أَنَّك تَصُوم وَلَا تفطر، وَتصلي اللَّيْل؟ فَلَا تفعل، فَإِن لعينيك عَلَيْك حظاً، وَلِنَفْسِك حظاً، ولأهلك حظاً. فَصم وَأفْطر، وصل ونم، وصم من كل عشرَة أَيَّام يَوْمًا وَلَك أجرٍ تِسْعَة " وَفِيه: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا صَامَ من صَامَ الْأَبَد، لَا صَامَ من صَامَ الْأَبَد " ثَلَاثًا.
قَالَ مُسلم بن الْحجَّاج: أَبُو الْعَبَّاس السَّائِب بن فروخ من أهل مَكَّة، ثِقَة عدل.
وَفِي حَدِيث معَاذ عَن شُعْبَة:
هجت لَهُ الْعين ونهكت ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي الْمليح - عَامر، وَيُقَال زيد بن أُسَامَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ:
إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر لَهُ صومي، فَدخل عَليّ فألقيت لَهُ وسَادَة من أَدَم حشوها ليفٌ، فَجَلَسَ على الأَرْض، وَصَارَت الوسادة بيني وَبَينه، فَقَالَ: " أما(3/428)
يَكْفِيك من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام؟ " قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله. قَالَ: " خمْسا " قلت: يَا رَسُول الله، قَالَ: " سبعا " قلت: يَا رَسُول الله. قَالَ: " تسعا ". قلت: يَا رَسُول الله. قَالَ: " أحد عشر ". ثمَّ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا صَوْم فَوق صَوْم دَاوُد، شطر الدَّهْر، صم يَوْمًا وَأفْطر يَوْمًا ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي الْحجَّاج مُجَاهِد بن جبر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ:
أنكحني أبي امْرَأَة ذَات حسب، فَكَانَ يتَعَاهَد كنته فيسألها عَن بَعْلهَا فَتَقول لَهُ: نعم الرجل من رجل، لم يطَأ لنا فراشا، وَلم يفتش لنا كنفاً مُنْذُ أتيناه، فَلَمَّا طَال ذَلِك عَلَيْهِ ذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " القني بِهِ " فَلَقِيته بعد، فَقَالَ: " كَيفَ تَصُوم؟ " قلت: كل يَوْم. قَالَ: " وَكَيف تختم؟ " قلت: كل لَيْلَة. فَقَالَ: " صم فِي كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام، واقرأ الْقُرْآن فِي كل شهر ". قَالَ: قلت: إِنِّي أُطِيق أَكثر من ذَلِك. قَالَ: " صم ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْجُمُعَة ". قلت: اطيق أَكثر من ذَلِك. قَالَ: " أفطر يَوْمَيْنِ وصم يَوْمًا ". قَالَ: قلت: أُطِيق أَكثر من ذَلِك. قَالَ: " صم أفضل الصَّوْم، صَوْم دَاوُد، صِيَام يومٍ وإفطار يومٍ، واقرأ فِي كل سبع لَيَال مرّة ". قَالَ: فليتني قبلت رخصَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذَلِكَ أَنِّي كَبرت وضعفت، وَكَانَ يقْرَأ على بعض أَهله السَّبع من الْقُرْآن بِالنَّهَارِ، وَالَّذِي يقرأه يعرضه من النَّهَار ليَكُون أخف عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ، وَإِذا أَرَادَ أَن يتقوى أفطر أَيَّامًا وأحصى، وَصَامَ مِثْلهنَّ، كَرَاهِيَة أَن يتْرك شَيْئا فَارق عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. لفظ حَدِيث أبي عوَانَة عَن مُغيرَة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي عِيَاض عَمْرو بن الْأسود عَن عبد الله بن عَمْرو
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: " صم يَوْمًا وَلَك أجر مَا بَقِي " قَالَ: إِنِّي أُطِيق أَكثر من ذَلِك. قَالَ: " صم يَوْمَيْنِ وَلَك أجر مَا بَقِي ". قَالَ: إِنِّي أُطِيق أَكثر من ذَلِك. قَالَ: " صم ثَلَاثَة أَيَّام وَلَك أجر مَا بَقِي " قَالَ: إِنِّي أُطِيق أَكثر من ذَلِك. قَالَ: " صم أَرْبَعَة أَيَّام وَلَك أجر مَا بَقِي ". قَالَ: إِنِّي أُطِيق أَكثر من ذَلِك. قَالَ: " صم أفضل(3/429)
الصّيام عِنْد الله:
صَوْم دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا. "
وَمن حَدِيث أبي الْوَلِيد سعيد بن مينا عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ:
قَالَ لي رَسُول الله: " يَا عبد الله بن عَمْرو، بَلغنِي أَنَّك تَصُوم النَّهَار وَتقوم اللَّيْل. فَلَا تفعل، فَإِن لجسدك عَلَيْك حظاً، ولعينيك عَلَيْك حظاً، وَإِن لزوجك عَلَيْك حظاً، صم وَأفْطر، صم من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام، فَذَلِك صَوْم الدَّهْر " قلت: يَا رَسُول الله، إِن بِي قُوَّة.
قَالَ: " فَصم صَوْم دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام، صم يَوْمًا وَأفْطر يَوْمًا " وَكَانَ يَقُول: يَا لَيْتَني أخذت بِالرُّخْصَةِ.
وَأَخْرَجَاهُ مُخْتَصرا جَامعا من رِوَايَة عَمْرو بن أَوْس الثَّقَفِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن أحب الصّيام إِلَى الله صِيَام دَاوُد، وَأحب الصَّلَاة إِلَى الله صَلَاة دَاوُد، كَانَ ينَام نصف اللَّيْل، وَيقوم ثلثه، وينام سدسه. وَكَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا ".
2929 - الْخَامِس: عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا عبد الله، لَا تكن مثل فلانٍ، كَانَ يقوم اللَّيْل، فَترك قيام اللَّيْل ".
2930 - السَّادِس: عَن أبي سَلمَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: لما كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نُودي بِالصَّلَاةِ جَامِعَة. لم يزدْ فِي رِوَايَة يحيى بن صَالح عَن مُعَاوِيَة بن سَلام.
وَزَاد فِي رِوَايَة ابي نعيم وَأبي النَّضر عَن شَيبَان، وَهُوَ أَبُو مُعَاوِيَة النَّحْوِيّ، وَفِي رِوَايَة يحيى بن حسان عَن مُعَاوِيَة بن سَلام قَالَ:
لما كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نُودي: إِن الصَّلَاة جَامِعَة، فَرَكَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَة، ثمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَة، ثمَّ جلس، ثمَّ جلي عَن الشَّمْس. فَقَالَت عَائِشَة: مَا(3/430)
ركعت رُكُوعًا قطّ، وَلَا سجدت سجوداً قطّ كَانَ أطول مِنْهُ.
2931 - السَّابِع: عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الله بن عَمْرو: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من الْكَبَائِر شتم الرجل وَالِديهِ " قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَهل يشْتم الرجل وَالِديهِ؟ قَالَ: " نعم، يسب أَبَا الرجل فيسب الرجل إباه، ويسب أم الرجل فيسب أمه ".
وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد مُسْندًا:
إِن من أكبر الْكَبَائِر أَن يلعن الرجل وَالِديهِ ". قيل: يَا رَسُول الله، كَيفَ يلعن الرجل وَالِديهِ؟ قَالَ: " يسب أَبَا الرجل فيسب أَبَاهُ، ويسب أمه فيسب أمه ".
2932 - الثَّامِن: عَن عُرْوَة بن الزبير من رِوَايَة ابْنه هِشَام عَنهُ عَن عبد الله عَمْرو وَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن الله لَا يقبض الْعلم انتزاعاً ينتزعه من النَّاس ". وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن إِدْرِيس: " من الْعباد، وَلكنه يقبض الْعلم بِقَبض الْعلمَاء، حَتَّى إِذا لم يبْق عالمٌ اتخذ النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا، فسئلوا فأفتوا بِغَيْر علم، فضلوا فأضلوا ".
زَاد فِي رِوَايَة عمر بن عَليّ الْمقدمِي عَن هِشَام:
ثمَّ لقِيت عبد الله بن عَمْرو على رَأس الْحول فَسَأَلته، فَرد عَليّ الحَدِيث كَمَا حدث وَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ...
وللبخاري من رِوَايَة أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة قَالَ:
حج علينا عبد الله بن عَمْرو، فَسَمعته يَقُول: " إِن الله لَا ينْزع الْعلم بعد أَن أعطاهموه، وَلَكِن ينتزعه مِنْهُم مَعَ قبض الْعلمَاء بعلمهم، فَيبقى ناسٌ جهال، يستفتون فيفتون برأيهم، فيضلون ويضلون ".(3/431)
فَحدثت عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ إِن عبد الله بن عَمْرو حج بعد، فَقَالَت:
يَا ابْن أُخْتِي، انْطلق إِلَى عبد الله بن عَمْرو، فاستثبت لي مِنْهُ الَّذِي حَدَّثتنِي عَنهُ، فَجِئْته فَسَأَلته، فَحَدثني بِهِ بِنَحْوِ مَا حَدثنِي، فَأتيت عَائِشَة فَأَخْبَرتهَا، فعجبت وَقَالَت: وَالله، لقد حفظ عبد الله بن عَمْرو.
وَلمُسلم من رِوَايَة أبي الْأسود عَن عُرْوَة قَالَ:
قَالَت لي عَائِشَة: يَا ابْن أُخْتِي، بَلغنِي ان عبد الله بن عَمْرو مارٌّ بِنَا إِلَى الْحَج، فالقه فسائله؛ فَإِنَّهُ قد حمل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علما كثيرا. قَالَ: فَلَقِيته فساءلته عَن أَشْيَاء يذكرهَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ عُرْوَة: فَكَانَ فِيمَا ذكر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الله لَا ينتزع الْعلم من النَّاس انتزاعاً، وَلَكِن يقبض الْعلمَاء فيرفع الْعلم مَعَهم، ويبقي فِي النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا ".
وَفِي رِوَايَة:
وَيبقى فِي النَّاس رُؤَسَاء جهال، يفتونهم بِغَيْر علم، فيضلون ويضلون ".
قَالَ عُرْوَة:
فَلَمَّا حدثت عَائِشَة بذلك أعظمت ذَلِك وأنكرته، وَقَالَت: أحَدثك أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول هَذَا؟ قَالَ عُرْوَة: حَتَّى إِذا كَانَ قابلٌ قَالَت لَهُ: إِن ابْن عَمْرو قد قدم فالقه ثمَّ فاتحه حَتَّى تسأله عَن الحَدِيث الَّذِي ذكره لَك فِي الْعلم، قَالَ: فَلَقِيته فساءلته، فَذكره لي نَحْو مَا حَدثنِي بِهِ فِي مرته الأولى. قَالَ عُرْوَة: فَلَمَّا أخْبرتهَا بذلك قَالَت: مَا أَحْسبهُ إِلَّا قد صدق، أرَاهُ لم يزدْ فِيهِ شَيْئا وَلم ينقص.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عمر بن الحكم عَن عبد الله بن عَمْرو بِنَحْوِ حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه.
وَلَيْسَ لعمر بن الحكم عَن عبد الله بن عَمْرو فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2933 - التَّاسِع: عَن عِيسَى بن طَلْحَة بن عبيد الله عَن عبد الله بن عَمْرو: أَن(3/432)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف فِي حجَّة الْوَدَاع بمنى للنَّاس يسألونه، فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ: لم أشعر، فحلقت قبل أَن أذبح. قَالَ: " اذْبَحْ، وَلَا حرج " فجَاء آخر " فَقَالَ: لم أشعر، فنحرت قبل أَن أرمي. قَالَ: ارْمِ، وَلَا حرج " فَمَا سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يومئذٍ عَن شيءٍ قدم أَو أخر إِلَّا قَالَ: " افْعَل، وَلَا حرج ".
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد عَن ابْن جريج:
أَن عبد الله بن عَمْرو شهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم النَّحْر، فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: كنت أَحسب أَن كَذَا قبل كَذَا، ثمَّ قَامَ آخر فَقَالَ: كنت أَحسب أَن كَذَا قبل كَذَا، حلقت قبل أَن أنحر، نحرت قبل أَن أرمي. . وأشبه ذَلِك. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " افْعَل وَلَا حرج " لَهُنَّ كُلهنَّ، فَمَا سُئِلَ يَوْمئِذٍ عَن شيءٍ إِلَّا قَالَ: " افْعَل وَلَا حرج "
وَفِي حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
وقف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نَاقَته. . ثمَّ ذكر نَحوه.
وَفِي حَدِيث يُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
فَمَا سمعته سُئِلَ يومئذٍ عَن أَمر مَا ينسى الْمَرْء أَو يجهل من تَقْدِيم بعض الْأُمُور على بعض وأشباهها، إِلَّا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " افعلوا ذَلِك، وَلَا حرج ".
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة أَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَأَتَاهُ رجلٌ يَوْم النَّحْر وَهُوَ وَاقِف عِنْد الْجَمْرَة، فَقَالَ: يَا رَسُول الله: إِنِّي حلقت قبل أَن أرمي، قَالَ: " ارْمِ وَلَا حرج " وَأَتَاهُ آخر فَقَالَ: " إِنِّي أفضت إِلَى الْبَيْت قبل أَن أرمي. قَالَ: ارْمِ وَلَا حرج ".
2934 - الْعَاشِر: عَن أبي الْعَبَّاس السَّائِب بن فروخ عَن عبد الله بن(3/433)
عَمْرو قَالَ: جَاءَ رجلٌ فاستأذنه فِي الْجِهَاد. فَقَالَ: " أحيٌّ والداك؟ " قَالَ: نعم. قَالَ: " ففيهما فَجَاهد ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ناعمٍ مولى أم سَلمَة أَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ:
أقبل رجلٌ إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أُبَايِعك على الْهِجْرَة وَالْجهَاد أَبْتَغِي الْأجر من الله. قَالَ: " فَهَل من والديك أحدٌ حيٌّ؟ " قَالَ: نعم، بل كِلَاهُمَا. قَالَ: " فتبتغي الْأجر من الله؟ " قَالَ: نعم. قَالَ: فَارْجِع إِلَى والديك فَأحْسن صبحتهما.
2935 - الْحَادِي عشر: عَن أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " حَوْضِي مسيرَة شهر، مَاؤُهُ أَبيض من اللَّبن، وريحه أطيب من الْمسك، وكيزانه كنجوم السَّمَاء، من شرب مِنْهُ فَلَا يظمأ أبدا ".
وَفِي حَدِيث دَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ عَن نَافِع بن عمر:
حَوْضِي مسيرَة شهر، وزواياه سَوَاء، وماؤه أَبيض من الْوَرق " وَذكر نَحوه إِلَى قَوْله: " فَلَا يظمأ بعده أبدا ".
2936 - الثَّانِي عشر: عَن يُوسُف بن مَاهك عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: تخلف عَنَّا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفرةٍ سافرها، فَأَدْرَكنَا وَقد أرهقتنا الصَّلَاة وَنحن نَتَوَضَّأ، فَجعلنَا نمسح على أَرْجُلنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته: " ويلٌ لِلْأَعْقَابِ من النَّار " مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا.
وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ عَن مُوسَى: وَقد أرهقتنا الْعَصْر.(3/434)
وَفِي حَدِيث شَيبَان بن فروخ وَأبي كَامِل: وَقد حضرت الصَّلَاة الْعَصْر.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِلَال بن يسَاف عَن مصدع أبي يحيى الْأَعْرَج عَن ابْن عَمْرو قَالَ:
رَجعْنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة، حَتَّى إِذا كُنَّا بِمَاء بِالطَّرِيقِ تعجل قومٌ عِنْد الْعَصْر، فَتَوضئُوا وهم عجالٌ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِم وَأَعْقَابهمْ تلوح لم يَمَسهَا المَاء. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ويلٌ لِلْأَعْقَابِ من النَّار، أَسْبغُوا الْوضُوء ".
2937 - الثَّالِث عشر: عَن أبي الْخَيْر مرْثَد بن عبد الله الْيَزنِي عَن عبد الله ابْن عَمْرو: أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي الْإِسْلَام خير؟ قَالَ: " تطعم الطَّعَام، وتقرأ السَّلَام على من عرفت وَمن لم تعرف ".
2938 - الرَّابِع عشر: عَن أبي الْخَيْر: أَن أَبَا بكر الصّديق قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَا رَسُول الله، عَلمنِي دُعَاء ادعو بِهِ فِي صَلَاتي. قَالَ: " قل: اللَّهُمَّ إِنِّي ظلمت نَفسِي ظلما كَبِيرا، وَلَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، فَاغْفِر لي من عنْدك مغْفرَة، إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم ".
وَفِي حَدِيث أبي الطَّاهِر أَحْمد بن عَمْرو بن السَّرْح عَن ابْن وهب:
أَن أَبَا بكر الصّديق قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
عَلمنِي يَا رَسُول الله دُعَاء أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتي، وَفِي بَيْتِي ... وَذكر الحَدِيث، غير أَنه قَالَ: " ظلما كَبِيرا " وَفِيه: " فَاغْفِر لي مغْفرَة من عنْدك، وارحمني، إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم ".
وَمن الروَاة من قَالَ فِيهِ:
عَن عبد الله بن عَمْرو عَن أبي بكر: أَنه قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلمنِي دُعَاء ... جعله فِي مُسْند أبي بكر رَضِي الله عَنهُ، وَهُوَ مَذْكُور هُنَالك.(3/435)
2939 - الْخَامِس عشر: عَن أبي عِيَاض عَمْرو بن الْأسود عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: لما نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الأسقية، قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ كل النَّاس يجد سقاء، فَرخص لَهُم فِي الْجَرّ غير المزفت. كَذَا فِي رِوَايَة عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان. وَلَعَلَّه نقص: " عَن النَّبِيذ إِلَّا فِي الأسقية ".
وَفِي رِوَايَة عبد الله بن مُحَمَّد وَأبي بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن أبي عمر الْعَدنِي عَن سُفْيَان:
لما نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النَّبِيذ فِي الأوعية قَالُوا: لَيْسَ كل النَّاس يجد - يَعْنِي سقاء. فأرخص لَهُم فِي الْجَرّ غير المزفت.
2940 - السَّادِس عشر: أخرج البُخَارِيّ من حَدِيث الشّعبِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْمُسلم من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده، وَالْمُهَاجِر من هجر مَا نَهَاهُ الله عَنهُ ".
وَأخرج مُسلم طرفا من حَدِيث أبي الْخَيْر مرْثَد بن عبد الله الْيَزنِي عَن عبد الله بن عَمْرو:
أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي الْمُسلمين خيرٌ؟ قَالَ: " من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده ".
2941 - السَّابِع عشر: من ترجمتين أَيْضا:
أخرجه البُخَارِيّ من رِوَايَة عِكْرِمَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ:
سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من قتل دون مَاله فَهُوَ شهيدٌ ".
وَلَيْسَ لأبي عبد الله عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس عَن ابْن عَمْرو فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(3/436)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ثَابت مولى عمر بن عبد الرَّحْمَن:
أَنه لما كَانَ بَين عبد الله بن عَمْرو وَبَين عَنْبَسَة بن أبي سُفْيَان مَا كَانَ، تيسروا لِلْقِتَالِ، وَركب خَالِد ابْن الْعَاصِ إِلَى عبد الله بن عَمْرو، فوعظه خَالِد، فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو: أما علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من قتل دون مَاله فَهُوَ شهيدٌ ".
وَلَيْسَ لِثَابِت مولى عمر بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن عَمْرو فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
أَفْرَاد البُخَارِيّ
2942 - الحَدِيث الأول: عَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ: سَأَلت عبد الله بن عَمْرو عَن أَشد مَا صنع الْمُشْركُونَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: رَأَيْت عقبَة بن أبي معيط جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي، فَوضع رِدَاءَهُ فِي عُنُقه فخنقه بِهِ خنقاً شَدِيدا، فجَاء أَبُو بكر حَتَّى دَفعه عَنهُ وَقَالَ: أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله، وَقد جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ من ربكُم.
وَفِي رِوَايَة عَليّ بن عبد الله عَن الْوَلِيد - بن مُسلم نَحوه، وَفِيه:
جلس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفنَاء الْكَعْبَة، إِذْ أقبل عقبَة بن أبي معيط فَأخذ بمنكب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فلف ثَوْبه فِي عُنُقه، فخنقه خنقاً شَدِيدا، فجَاء أَبُو بكر، فَأخذ بمنكبه وَدفعه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... وَذكر قَول أبي بكر.
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا فَقَالَ:
تَابعه ابْن إِسْحَاق فَقَالَ: حَدثنِي يحيى بن عُرْوَة عَن عُرْوَة قَالَ: قلت لعبد الله بن عَمْرو ... لم يزدْ.(3/437)
وَحَدِيث إِسْحَاق أتم، وَقد وَقع لنا متنة بِطُولِهِ من حَدِيث ابْن إِسْحَاق وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه بِالْإِسْنَادِ من رِوَايَة ابْن إِسْحَق عَن يحيى بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ:
قلت لَهُ: مَا أَكثر مَا رَأَيْت قُريْشًا نَالَتْ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا كَانَت تظهر من عداوته؟ قَالَ: حَضرتهمْ وَقد اجْتمع أَشْرَافهم يَوْمًا فِي الْحجر، فَذكرُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: مَا رَأينَا مثل مَا صَبرنَا على هَذَا الرجل، سفه أَحْلَامنَا، وَشتم آبَاءَنَا، وَعَابَ ديننَا، وَفرق جماعتنا، وَسَب آلِهَتنَا، وَلَقَد صَبرنَا مِنْهُ على أمرٍ عَظِيم - أَو كَمَا قَالُوا. فَبَيْنَمَا هم فِي ذَلِك إِذا طلع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأقبل يمشي حَتَّى اسْتَلم الرُّكْن، ثمَّ مر بهم طَائِفًا بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا مر بهم غَمَزُوهُ بِبَعْض القَوْل. قَالَ: فَعرفت ذَلِك فِي وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ مضى، فَلَمَّا مر بهم الثَّانِيَة غَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فَعرفت ذَلِك فِي وَجهه، ثمَّ مضى، فَمر بهم الثَّالِثَة فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا، حَتَّى وقف ثمَّ قَالَ: " أتسمعون يَا معشر قُرَيْش، أما وَالَّذِي نفس محمدٍ بِيَدِهِ، لقد جِئتُكُمْ بِالذبْحِ " قَالَ: فَأَطْرَقَ الْقَوْم حَتَّى مَا مِنْهُم رجلٌ إِلَّا كَأَنَّمَا على رَأسه طائرٌ وَاقع، حَتَّى إِن أَشَّدهم فِيهِ وصاةً قبل ذَلِك ليرفأه بِأَحْسَن مَا يجد من القَوْل، حَتَّى إِنَّه ليقول: انْصَرف يَا أَبَا الْقَاسِم راشداً، فوَاللَّه مَا كنت جهولاً. قَالَ: فَانْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
حَتَّى إِذا كَانَ الْغَد، اجْتَمعُوا فِي الْحجر وَأَنا مَعَهم، فَقَالَ بَعضهم لبَعض: ذكرْتُمْ مَا بلغ مِنْكُم وَمَا بَلغَكُمْ عَنهُ، حَتَّى إِذا بادأكم بِمَا كُنْتُم تَكْرَهُونَ تَرَكْتُمُوهُ. فَبَيْنَمَا هم فِي ذَلِك طلع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوَثَبُوا عَلَيْهِ وثبة رجل وَاحِد فأحاطوا بِهِ، يَقُولُونَ: أَنْت الَّذِي تَقول كَذَا وَكَذَا؟ لما كَانَ بَلغهُمْ من عيب آلِهَتهم وَدينهمْ، قَالَ: فَيَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نعم، أَنا الَّذِي أَقُول ذَلِك " قَالَ: فقد رَأَيْت مِنْهُم رجلا أَخذ بمجمع رِدَائه. قَالَ: وَقَامَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ دونه يَقُول وَهُوَ يبكي: وَيْلكُمْ، أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول: رَبِّي الله. قَالَ: ثمَّ انصرفوا عَنهُ. فَإِن ذَلِك لأشد مَا رَأَيْت قُريْشًا بلغت مِنْهُ قطّ.(3/438)
2943 - الثَّانِي: عَن أبي مُحَمَّد عَطاء بن يسَار قَالَ: لقِيت عبد الله بن عَمْرو فَقلت: أَخْبرنِي عَن صفة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة. قَالَ: أجل، إِنَّه لموصوف فِي التَّوْرَاة بِبَعْض صفته فِي الْقُرْآن: {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} [الْأَحْزَاب] وحرزاً للأميين. أَنْت عَبدِي ورسولي، سميتك المتَوَكل، لَيْسَ بفظٍّ وَلَا غليظ، وَلَا سخابٍ فِي الْأَسْوَاق، وَلَا يدْفع بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة، وَلَكِن يعْفُو وَيغْفر، وَلنْ يقبضهُ الله حَتَّى يُقيم بِهِ الْملَّة العوجاء، بِأَن يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله، وَيفتح بهَا أعيناً عمياء، وآذاناً صماء، وَقُلُوبًا غلفًا.
2944 - الثَّالِث: عَن مُجَاهِد بن جبر عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من قتل معاهداً لم يرح رَائِحَة الْجنَّة، وَإِن رِيحهَا يُوجد من مسيرَة أَرْبَعِينَ عَاما ".
أخرجه أَبُو بكر البرقاني من حَدِيث الْحسن بن عَمْرو الْفُقيْمِي عَن مُجَاهِد، وَقَالَ فِيهِ:
من قتل معاهداً بِغَيْر حق لم يرح رَائِحَة الْجنَّة ... " وَذكر الحَدِيث.
2945 - الرَّابِع: عَن مُجَاهِد عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَيْسَ الْوَاصِل بالمكافئ، وَلَكِن الْوَاصِل الَّذِي إِذا قطعت رَحمَه وَصلهَا " قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: رَفعه الْحسن وفطرٌ، وَلم يرفعهُ الْأَعْمَش.
2946 - الْخَامِس: عَن أبي عَمْرو عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْكَبَائِر: الْإِشْرَاك بِاللَّه، وعقوق الْوَالِدين، وَقتل النَّفس، وَالْيَمِين الْغمُوس ".
وَفِي رِوَايَة شَيبَان عَن فراس بن يحيى:
أَن أَعْرَابِيًا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا(3/439)
رَسُول الله، مَا الْكَبَائِر؟ قَالَ: " الْإِشْرَاك بِاللَّه ". قَالَ: ثمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " الْيَمين الْغمُوس ". قلت: وَمَا الْيَمين الْغمُوس؟ قَالَ: " الَّذِي يقتطع مَال امرئٍ مُسلم " يَعْنِي بِيَمِين هُوَ فِيهَا كَاذِب.
2947 - السَّادِس: عَن أبي كَبْشَة السَّلُولي عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَرْبَعُونَ خصْلَة، أَعْلَاهَا منيحة العنز، مَا من عَامل بخصلة مِنْهَا رَجَاء ثَوَابهَا وتصديق موعودها، إِلَّا أدخلهُ الله بهَا الْجنَّة ".
قَالَ حسان بن عَطِيَّة الرَّاوِي عَن أبي كَبْشَة:
فعددنا مَا دون منيحة العنز من رد السَّلَام، وتشميت الْعَاطِس، وإماطة الْأَذَى عَن الطَّرِيق، وَنَحْوه، فَمَا استطعنا أَن نبلغ خمس عشرَة خصْلَة.
2948 - السَّابِع: عَن أبي كَبْشَة عَن عبد الله بن عَمْرو أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " بلغُوا عني وَلَو آيَة، وَحَدثُوا عَن بني إِسْرَائِيل وَلَا حرج، وَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
2949 - الثَّامِن: عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، وَاسم أبي الْجَعْد سَالم، عَن عبد الله ابْن عَمْرو قَالَ: كَانَ على ثقل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلٌ يُقَال لَهُ كركرة، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هُوَ فِي النَّار " فَذَهَبُوا ينظرُونَ إِلَيْهِ، فوجدوا ينظرُونَ إِلَيْهِ فوجدوا عباءة قد غلها. قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ ابْن سَلام: كركرة.
وَلَيْسَ لسالم بن أبي الْجَعْد عَن عبد الله بن عَمْرو فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(3/440)
أَفْرَاد مُسلم
2950 - الحَدِيث الأول: عَن عَمْرو بن أَوْس عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِن المقسطين عِنْد الله على مَنَابِر من نور، عَن يَمِين الرَّحْمَن، وكلتا يَدَيْهِ يَمِين، الَّذين يعدلُونَ فِي حكمهم وأهليهم وَمَا ولوا ".
2951 - الثَّانِي: عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد رب الْكَعْبَة الصائدي قَالَ: دخلت الْمَسْجِد، فَإِذا عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ جَالِسا فِي ظلّ الْكَعْبَة وَالنَّاس مجتمعون عَلَيْهِ، فأتيتهم فَجَلَست إِلَيْهِ، فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فنزلنا منزلا، فمنا من يصلح خباءه، وَمنا من ينتضل، وَمنا من فِي جشره، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الصَّلَاة جَامِعَة، فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " إِنَّه لم يكن نبيٌّ قبل إِلَّا كَانَ حَقًا عَلَيْهِ أَن يدل أمته على خير مَا يُعلمهُ لَهُم، وَيُنْذرهُمْ شَرّ مَا يُعلمهُ لَهُم، وَإِن أمتكُم هَذِه جعل عَافِيَتهَا فِي أَولهَا، وسيصيب آخرهَا بلاءٌ وأمورٌ تنكرونها، وتجيء الْفِتْنَة فيزلق بَعْضهَا بَعْضًا، وتجيء الْفِتْنَة، فَيَقُول الْمُؤمن: هَذِه مهلكتي ثمَّ تنكشف، وتجيء الْفِتْنَة فَيَقُول الْمُؤمن: هَذِه هَذِه، فَمن أحب أَن يزحزح عَن النَّار وَيدخل الْجنَّة فلتأته منيته وَهُوَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر، وليأت إِلَى النَّاس الَّذِي يحب أَن يُؤْتى إِلَيْهِ. وَمن بَايع إِمَامًا فَأعْطَاهُ صَفْقَة يَده وَثَمَرَة قلبه، فليعطه إِن اسْتَطَاعَ، فَإِن جَاءَ آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ".
فدنوت مِنْهُ فَقلت:
أنْشدك الله، أَنْت سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَأَهوى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلبه بِيَدِهِ وَقَالَ: سمعته أذناي، ووعاه قلبِي. فَقلت: هَذَا ابْن عمك يَأْمُرنَا أَن نَأْكُل أَمْوَالنَا بِالْبَاطِلِ، ونقتل أَنْفُسنَا، وَالله تَعَالَى يَقُول: (يَا أَيهَا(3/441)
الَّذين آمنُوا لَا تاكلوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن تراضٍ مِنْكُم وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما} [النِّسَاء] قَالَ: فَسكت سَاعَة ثمَّ قَالَ: أطعه فِي طَاعَة الله، واعصه فِي مَعْصِيّة الله.
وَفِيه عِنْد أبي بكر البرقاني من حَدِيث عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير:
فليطعه مَا اسْتَطَاعَ ". وَفِيه " وتجيء فتنٌ يزهق بَعْضهَا بَعْضًا ".
وَلَيْسَ لعبد الرَّحْمَن بن عبد رب الْكَعْبَة عَن عبد الله فِي عَمْرو فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2952 - الثَّالِث: عَن خَيْثَمَة بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُبْرَة الْجعْفِيّ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عبد الله بن عَمْرو، إِذْ جَاءَهُ قهرمانٌ لَهُ، فَدخل فَقَالَ: أَعْطَيْت الرَّقِيق قوتهم؟ فَقَالَ: لَا. قَالَ: فَانْطَلق فأعطهم، فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " كفى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَن يحبس عَمَّن يملك قوته ".
وَلَيْسَ لخيثمة بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الله بن عَمْرو فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2953 - الرَّابِع: عَن أبي زرْعَة هرم بن عَمْرو بن جرير عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: حفظت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثا لم أنسه بعد، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن أول الْآيَات خُرُوجًا طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، وَخُرُوج الدَّابَّة على النَّاس ضحى، وَأيهمَا مَا كَانَت قبل صاحبتها فالأخرى على إثْرهَا قَرِيبا ".
وَأول حَدِيث عبد الله بن نمير عَن أبي حَيَّان التَّيْمِيّ:
جلس إِلَى مَرْوَان بن الحكم ثَلَاثَة نفر من الْمُسلمين، فسمعوه وَهُوَ يحدث عَن الْآيَات: أَن أَولهَا خُرُوجًا(3/442)
الدَّجَّال: فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو: لم يقل مَرْوَان شَيْئا، قد حفظت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثا لم أنسه بعد. . وَذكر الحَدِيث.
وَلَيْسَ لأبي زرْعَة عَن عبد الله فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وأغفله أَبُو مَسْعُود فَلم يُخرجهُ فيمَ وَقع إِلَيْنَا من نسخ كِتَابه.
2954 - الْخَامِس: عَن أبي عبد الرَّحْمَن طَاوس بن كيسَان عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ ثَوْبَيْنِ معصفرين، فَقَالَ: " أمك أَمرتك بِهَذَا؟ " قلت: أغسلهما؟ قَالَ: " بل أحرقهما ".
وَلَيْسَ لطاوس عَن عبد الله بن عَمْرو فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث جُبَير بن نفير عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ:
رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَوْبَيْنِ معصفرين فَقَالَ: " إِن هَذِه من ثِيَاب الْكفَّار، فَلَا تلبسهما ".
وَلَيْسَ لجبير بن نفير عَن ابْن عَمْرو فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2955 - السَّادِس: عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير مولى نَافِع بن عَمْرو بن عبد الله ابْن نَضْلَة الْقرشِي العامري الْمصْرِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن فَقولُوا مثل مَا يَقُول، ثمَّ صلوا عَليّ، فَإِن من صلى عَليّ صلاةٌ صلى الله عَلَيْهِ بهَا عشرا، ثمَّ سلوا لي الله الْوَسِيلَة، فَإِنَّهَا منزلةٌ فِي الْجنَّة لَا تنبغي إِلَّا لعبدٍ من عباد الله، وَأَرْجُو أَن أكون أَنا هُوَ، فَمن سَأَلَ الله لي الْوَسِيلَة حلت عَلَيْهِ الشَّفَاعَة ".
كَذَا نِسْبَة أَبُو سعيد بن يُونُس فَقَالَ:
مولى نَافِع بن عبد عَمْرو الْقرشِي الْمصْرِيّ، وَقد جَاءَت الرِّوَايَة فِيهِ: مولى نَافِع بن عَمْرو.(3/443)
وَقَالَ أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة هَذَا الحَدِيث: عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير - يَعْنِي الْحَضْرَمِيّ الشَّامي. وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا هُوَ عَن الْقرشِي لَا عَن الْحَضْرَمِيّ، وَقد أوضح ذَلِك النَّسَائِيّ أَبُو عبد الرَّحْمَن، أَحْمد بن شُعَيْب بن سِنَان فِي كتاب " الصَّلَاة " فِي " المُصَنّف " فِي رِوَايَته لهَذَا الحَدِيث فَقَالَ: عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير مولى نَافِع بن عَمْرو الْقرشِي. وَكَذَلِكَ أوردهُ ابْن الْمُبَارك فِي رِوَايَته عَن حَيْوَة.
وَكَذَلِكَ ذكره خلف الوَاسِطِيّ صَاحب التَّعْلِيق. وَلَيْسَ لَهُ على قَوْلهم فِي صَحِيح مُسلم غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد عَن عبد الله بن عَمْرو. وَأما الَّذِي بعده فِي الْحَدِيثين الْمَذْكُورين فِي عقب هَذَا الحَدِيث فَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير الْحَضْرَمِيّ الشَّامي.
2956 - السَّابِع: عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن عبد الله بن عَمْرو: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا قَول الله عز وَجل فِي إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: {رب إنَّهُنَّ أضللن كثيرا من النَّاس فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني} [إِبْرَاهِيم] . وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وَإِن تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} [الْمَائِدَة] فَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ: " اللَّهُمَّ أمتِي أمتِي وَبكى. فَقَالَ الله عز وَجل: يَا جِبْرِيل، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد - وَرَبك أعلم - فسله مَا يبكيك؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَسَأَلَهُ، فَأخْبرهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا قَالَ - وَهُوَ أعلم - فَقَالَ الله: يَا جِبْرِيل، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد فَقل: إِنَّا سنرضيك فِي أمتك وَلَا نسوءك ".
2957 - الثَّامِن: عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن عبد الله بن عَمْرو: أَن نَفرا من(3/444)
بني هَاشم دخلُوا على أَسمَاء بنت عُمَيْس، فَدخل أَبُو بكر الصّديق - وَهِي تَحْتَهُ يومئذٍ - فَرَآهُمْ، فكره ذَلِك، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: لم أر إِلَّا خيرا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَإِن الله قد برأها من ذَلِك ". ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر فَقَالَ: " لَا يدخلن رجلٌ بعد يومي هَذَا على مغيبة إِلَّا وَمَعَهُ رجلٌ أَو اثْنَان ".
2958 - التَّاسِع: عَن يَعْقُوب بن عَاصِم بن عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو وجاءه رجلٌ فَقَالَ: مَا هَذَا الحَدِيث الَّذِي تحدث النَّاس؟ تَقول: إِن السَّاعَة تقوم إِلَى كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: سُبْحَانَ الله! أَو: لَا إِلَه إِلَّا الله، أَو كلمة نَحْوهمَا، لقد هَمَمْت أَلا أحدث أحدا شَيْئا أبدا، إِنَّمَا قلت: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ بعد قَلِيل أمرا عَظِيما، يحرق الْبَيْت، وَيكون وَيكون. ثمَّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " يخرج الدَّجَّال فِي أمتِي فيمكث أَرْبَعِينَ - لَا أَدْرِي: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَو أَرْبَعِينَ شهرا، أَو أَرْبَعِينَ عَاما - فيبعث الله عِيسَى بن مَرْيَم كَأَنَّهُ عُرْوَة بن مَسْعُود، فيطلبه فيهلكه ثمَّ يمْكث النَّاس سبع سِنِين لَيْسَ بَين اثْنَيْنِ عَدَاوَة، ثمَّ يُرْسل الله ريحًا بَارِدَة من قبل الشَّام، فَلَا يبْقى على وَجه الأَرْض أحدٌ فِي قلبه ذرةٌ من خير أَو إِيمَان إِلَّا قَبضته، حَتَّى لَو أَن أحدكُم دخل كبد جبلٍ لدخلته عَلَيْهِ حَتَّى تقبضه " قَالَ: سَمعتهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: " فَيبقى شرار النَّاس فِي خفَّة الطير وأحلام السبَاع، لَا يعْرفُونَ مَعْرُوفا وَلَا يُنكرُونَ مُنْكرا، فيتمثل لَهُم الشَّيْطَان فَيَقُول: أَلا تستجيبون؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرنَا؟ فيأمرهم بِعبَادة الْأَوْثَان، وهم فِي ذَلِك دارٌّ رزقهم، حسنٌ عيشهم، ثمَّ ينْفخ فِي الصُّور فَلَا يسمعهُ أحدٌ إِلَّا أصغى ليتاً. قَالَ: وَأول من(3/445)
سَمعه رجلٌ يلوط حَوْض إبِله، قَالَ: فيصعق ويصعق النَّاس، ثمَّ يُرْسل الله - أَو قَالَ: ينزل الله مَطَرا كَأَنَّهُ الطل، أَو الظل - شكّ الرَّاوِي، فتنبت مِنْهُ أجساد النَّاس، ثمَّ ينْفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيامٌ ينظرُونَ، ثمَّ يُقَال: يَا أَيهَا النَّاس، هَلُمَّ إِلَى ربكُم، وقفوهم إِنَّهُم مسئولون. ثمَّ يُقَال: أخرجُوا بعث النَّار. فَيُقَال: من كم؟ فَيُقَال: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين. قَالَ: فَذَلِك يَوْم يَجْعَل الْولدَان شيباً، وَيَوْم يكْشف عَن سَاق ".
وَلَيْسَ ليعقوب بن عَاصِم عَن عبد الله بن عَمْرو فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2959 - الْعَاشِر: عَن عبد الله بن رَبَاح الْأنْصَارِيّ: أَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: هجرت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا، قَالَ: فَسمع أصوات رجلَيْنِ اخْتلفَا فِي آيَة، فَخرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعرف فِي وَجهه الْغَضَب فَقَالَ: " إِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ باختلافهم فِي الْكتاب ".
وَلَيْسَ لعبد الله بن رَبَاح عَن عبد الله بن عَمْرو فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2960 - الْحَادِي عشر: عَن أبي فراس يزِيد بن رَبَاح عَن عبد الله بن عَمْرو عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا فتحت عَلَيْكُم خَزَائِن فَارس وَالروم، أَي قوم أَنْتُم؟ " قَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: نَكُون كَمَا أمرنَا الله. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تتنافسون ثمَّ تحاسدون ثمَّ تدابرون أَو ثمَّ تباغضون أَو غير ذَلِك، ثمَّ(3/446)
تنطلقون إِلَى مَسَاكِين الْمُهَاجِرين فتحملون بَعضهم على رِقَاب بعض ".
2961 - الثَّانِي عشر: عَن أبي أَيُّوب يحيى بن مَالك الْأَزْدِيّ المراغي - والمراغ: حيٌّ من الأزد - عَن عبد الله بن عَمْرو: أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا صليتم الْفجْر فَإِنَّهُ وقتٌ إِلَى أَن يطلع قرن الشَّمْس الأول، ثمَّ إِذا صليتم الظّهْر فَإِنَّهُ وقتٌ إِلَى أَن يحضر الْعَصْر، فَإِذا صليتم الْعَصْر فَإِنَّهُ وقتٌ إِلَى أَن تصفر الشَّمْس، فَإِذا صليتم الْمغرب فَإِنَّهُ وقتٌ إِلَى أَن يسْقط الشَّفق - وَفِي رِوَايَة شُعْبَة: وَوقت الْمغرب مَا لم يسْقط ثَوْر الشَّفق - فَإِذا صليتم الْعشَاء فَإِنَّهُ وقتٌ إِلَى نصف اللَّيْل ".
وَفِي حَدِيث همام عَن قَتَادَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وَقت الظّهْر إِذا زَالَت الشَّمْس وَكَانَ ظلّ الرجل كَطُولِهِ، مَا لم يحضر الْعَصْر، وَوقت الْعَصْر مَا لم تصفر الشَّمْس، وَوقت صَلَاة الْمغرب مَا لم يغب الشَّفق، وَوقت صَلَاة الْعشَاء إِلَى منتصف اللَّيْل الْأَوْسَط، وَوقت صَلَاة الصُّبْح من طُلُوع الْفجْر مَا لم تطلع الشَّمْس، فَإِذا طلعت الشَّمْس فَأمْسك عَن الصَّلَاة، فَإِنَّهَا تطلع بَين قَرْني شَيْطَان ".
2962 - الثَّالِث عشر: عَن مصدع، أبي يحيى الْأَعْرَج عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: حدثت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " صَلَاة الرجل قَاعِدا نصف الصَّلَاة " قَالَ: فَأَتَيْته فَوَجَدته يُصَلِّي جَالِسا، فَوضعت يَدي على رَأسه. وَفِيمَا روينَا من حَدِيث سعيد بن مَنْصُور عَن جرير بن عبد الحميد: فَوضعت يَدي على رَأْسِي، فَقَالَ: " مَالك يَا عبد الله بن عَمْرو؟ " قلت: حدثت يَا رَسُول الله أَنَّك قلت: " صَلَاة الرجل قَاعِدا على نصف الصَّلَاة " وَأَنت تصلي قَاعِدا. وَفِي رِوَايَة سعيد بن مَنْصُور: " على النّصْف من صَلَاة الْقَائِم. " قَالَ: " أجل، وَلَكِنِّي لست كأحدٍ مِنْكُم ".(3/447)
2963 - الرَّابِع عشر: عَن أبي عبد الرَّحْمَن عبد الله بن يزِيد الحبلي عَن عبد الله ابْن عَمْرو: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يغْفر للشهيد كل ذنبٍ إِلَّا الدّين ".
2964 - الْخَامِس عشر: عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عَن عبد الله بن عَمْرو: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قد أَفْلح من أسلم، ورزق كفافاً، وقنعه الله بِمَا آتَاهُ ".
2965 - السَّادِس عشر: عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا من غَازِيَة أَو سَرِيَّة تغزو فتغنم وتسلم إِلَّا كَانُوا قد تعجلوا ثُلثي أُجُورهم. وَمَا من غَازِيَة أَو سَرِيَّة تخفق وتصاب إِلَّا تمّ أُجُورهم ".
وَفِي حَدِيث عبد بن حميد:
مَا من غَازِيَة تغزو فِي سَبِيل الله فيصيبون الْغَنِيمَة إِلَّا تعجلوا ثُلثي أجرهم من الْآخِرَة وَيبقى لَهُم الثُّلُث، وَإِن لم يُصِيبُوا غنيمَة تمّ لَهُم أجرهم ".
2966 - السَّابِع عشر: عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الدُّنْيَا متاعٌ، وَخير مَتَاع الدُّنْيَا الْمَرْأَة الصَّالِحَة ".
2967 - الثَّامِن عشر: عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " كتب الله مقادير الْخَلَائق قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض بِخَمْسِينَ ألف سنة ". قَالَ: " وعرشه على المَاء ".
2968 - التَّاسِع عشر: عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عَن عبد الله بن عَمْرو أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن قُلُوب بني آدم بَين إِصْبَعَيْنِ من أَصَابِع الرَّحْمَن،(3/448)
كقلب واحدٍ يصرفهُ كَيفَ يَشَاء " ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ مصرف الْقُلُوب، صرف قُلُوبنَا على طَاعَتك ".
2969 - الْعشْرُونَ: عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو وَسَأَلَهُ رجلٌ فَقَالَ: أَلسنا من فُقَرَاء الْمُهَاجِرين؟ فَقَالَ لَهُ عبد الله: أَلَك امرأةٌ تأوي إِلَيْهَا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: أَلَك مسكنٌ تسكنه؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَأَنت من الْأَغْنِيَاء.
قَالَ: فَإِن لي خَادِمًا. قَالَ: فَأَنت من الْمُلُوك.
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن:
وَجَاء ثَلَاثَة نفرٍ إِلَى عبد الله بن عَمْرو وَأَنا عِنْده فَقَالَ لَهُم: يَا أَبَا مُحَمَّد، وَالله مَا نقدر على شَيْء، لَا نَفَقَة وَلَا دَابَّة وَلَا مَتَاع. فَقَالَ لَهُم: مَا شِئْتُم؟ إِن شِئْتُم رجعتم إِلَيْنَا فأعطيناكم مَا يسر الله لكم، وَإِن شِئْتُم ذكرنَا أَمركُم للسُّلْطَان، وَإِن شِئْتُم صَبَرْتُمْ؛ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن الْمُهَاجِرين يسبقون الْأَغْنِيَاء يَوْم الْقِيَامَة إِلَى الْجنَّة بِأَرْبَعِينَ خَرِيفًا " قَالُوا: فَإنَّا نصبر لَا نسْأَل شَيْئا.
2970 - حَدِيث ذكره أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عَن عبد الله ابْن عَمْرو فِي أَفْرَاد مُسلم: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " فراشٌ للرجل، وفراش لامْرَأَته، وَالثَّالِث للضيف، وَالرَّابِع للشَّيْطَان ". وَقَالَ أَبُو مَسْعُود فِيمَا نقل لنا من خطه: رَوَاهُ مسلمٌ فِي " اللبَاس " عَن أبي الطَّاهِر عَن وهب عَن أبي هَانِئ عَن الحبلي عَن ابْن عَمْرو بِهَذَا.
وَلَيْسَ هَذَا فِيمَا عندنَا من كتاب مُسلم فِي " اللبَاس " إِلَّا عَن عبد الرَّحْمَن الحبلي عَن جَابر بن عبد الله.
وَأخرجه الإِمَام أَبُو بكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أَحْمد بن غَالب الْخَوَارِزْمِيّ فِي كِتَابَة الْمخْرج على الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث جَابر بن عبد الله على الصِّحَّة، من الطَّرِيق الَّتِي أخرجهَا بِهِ مُسلم من حَدِيث أبي هَانِئ عَن أبي(3/449)
عبد الرَّحْمَن الحبلي، وَفِيه زِيَادَة: أَن جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ برك بِهِ بعيره قد أزحف بِهِ، فَمر عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " مَالك يَا جَابر؟ " فَأخْبرهُ، فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْبَعِير، ثمَّ قَالَ: " اركب يَا جَابر " فَقَالَ: إِنَّه لَا يقوم. فَقَالَ لَهُ: " اركب " فَركب جَابر الْبَعِير، ثمَّ ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَعِير بِرجلِهِ، فَوَثَبَ الْبَعِير وثبةً - لَوْلَا أَن جَابِرا تعلق بالبعير لسقط من فَوْقه، ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تقدم يَا جَابر الْآن على أهلك إِن شَاءَ الله، فتجدهم قد يسروا لَك كَذَا وَكَذَا " حَتَّى ذكر الْفرش، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فراشٌ للرجل، وفراشٌ لامْرَأَته، وَالثَّالِث للضيف، وَالرَّابِع للشَّيْطَان " وَهُوَ فِي مُسْند أَحْمد بن حَنْبَل كَمَا ذكر أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ.
(114) مُسْند عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
يكنى أَبَا حَمَّاد - وَقيل: أَبُو عبد الرَّحْمَن: وَقيل: أَبُو عمر. وَقَالَ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ: يكنى أَبَا عبد الله، سكن مصر.
للْبُخَارِيّ حَدِيث وَاحِد:
2971 - من رِوَايَة أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن عَوْف بن مَالك قَالَ: أَتَيْنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك وَهُوَ فِي قبةٍ من أدمٍ، فَقَالَ: " أعدد سِتا بَين يَدي السَّاعَة: موتى، ثمَّ فتح بَيت الْمُقَدّس، ثمَّ موتانٌ يَأْخُذ بكم كعقاص الْغنم، ثمَّ استفاضة المَال حَتَّى يعْطى الرجل مائَة دِينَار فيظل ساخطاً، ثمَّ فتنةٌ لَا يبْقى بَيت من الْعَرَب إِلَّا دَخلته، ثمَّ هدنةٌ تكون بَيْنكُم وَبَين بنى الْأَصْفَر فيغدرون، فيأتونكم تَحت ثَمَانِينَ غَايَة، تَحت كل غَايَة اثْنَا عشر ألفا ".(3/450)
أَفْرَاد مُسلم
2972 - الحَدِيث الأول: عَن أبي مُسلم عبد الله بن ثوب الْخَولَانِيّ قَالَ: حَدثنِي الحبيب الْأمين: أما هُوَ عِنْدِي فحبيبٌ إِلَيّ، وَأما هُوَ عِنْدِي فأمينٌ - عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسعةٌ أَو ثمانيةٌ أَو سبعةٌ، فَقَالَ: " أَلا تُبَايِعُونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ " وَكُنَّا حَدِيث عهدٍ ببيعةٍ، فَقُلْنَا: قد بايعناك يَا رَسُول الله.
ثمَّ قَالَ: " أَلا تُبَايِعُونَ رَسُول الله؟ ". قَالَ: فبسطنا أَيْدِينَا وَقُلْنَا: قد بايعناك يَا رَسُول الله، فعلام نُبَايِعك؟ قَالَ: " أَن تعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا، والصلوات الْخمس، وتطيعوا - وَأسر كلمة خُفْيَة - وَلَا تسألوا النَّاس شَيْئا " فَلَقَد رَأَيْت بعض أُولَئِكَ النَّفر يسْقط سَوط أحدهم فَمَا يسْأَل أحدا يناوله إِيَّاه.
2973 - الثَّانِي: عَن جُبَير بن نفير عَن عَوْف بن مَالك قَالَ: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على جَنَازَة، فَحفِظت من دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُول: " اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وارحمه، وعافه واعف عَنهُ، وَأكْرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بِالْمَاءِ والثلج وَالْبرد، ونقه من الْخَطَايَا كَمَا نقيت الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس، وأبدله دَارا خيرا من دَاره، وَأهلا خيرا من أَهله، وزوجاً خيرا من زوجه، وَأدْخلهُ الْجنَّة، وأعذه من عَذَاب الْقَبْر - أَو من عَذَاب النَّار " قَالَ: فتمنيت أَن أكون أَنا ذَلِك الْمَيِّت.
وَفِي حَدِيث أبي حَمْزَة بن سليم الْحِمصِي نَحوه، وَفِيه:
وقه فتْنَة الْقَبْر وَعَذَاب النَّار ". قَالَ عَوْف: فتمنيت أَن لَو كنت أَنا الْمَيِّت، لدعاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك الْمَيِّت.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير عَن أَبِيه عَن عَوْف ابْن مَالك كَذَلِك.
وَمن الروَاة من قَالَ فِيهِ:
عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير: سَمِعت عوفاً، لم يقل:(3/451)
عَن أَبِيه، حَكَاهُ أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه.
2974 - الثَّالِث: عَن جُبَير بن نفير عَن عَوْف بن مَالك قَالَ: كُنَّا نرقي فِي الْجَاهِلِيَّة، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، كَيفَ ترى فِي ذَلِك؟ فَقَالَ: " اعرضوا عَليّ رقاكم، لَا بَأْس بالرقى مَا لم يكن فِيهِ شرك ".
2975 - الرَّابِع: عَن جُبَير عَن عَوْف بن مَالك قَالَ: قتل رجلٌ من حمير رجلا من الْعَدو، فَأَرَادَ سلبه، فَمَنعه خَالِد بن الْوَلِيد - وَكَانَ والياً عَلَيْهِم، فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَوْف بن مَالك، فَأخْبرهُ، فَقَالَ لخَالِد: " مَا مَنعك أَن تعطيه سلبه؟ ". قَالَ استكثرته يَا رَسُول الله. قَالَ: " ادفعه إِلَيْهِ ". فَمر خالدٌ بعوف، فجر بردائه ثمَّ قَالَ: هَل أنجزت لَك مَا ذكرت لَك من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَسَمعهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فاستغضب وَقَالَ: " لَا تعطه يَا خَالِد. هَل أَنْتُم تاركو لي أمرائي؟ إِنَّمَا مثلكُمْ وَمثلهمْ كَمثل رجلٍ استرعي إبِلا وَغنما، فرعاها، ثمَّ تحين سقيها، فأوردها حوضاً، فشرعت فِيهِ، فَشَرِبت صَفوه وَتركت كدره، فصفوه لكم، وكدره عَلَيْهِم ".
وَفِي حَدِيث صَفْوَان بن عَمْرو عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن أَبِيه عَن عَوْف قَالَ:
خرجت مَعَ من خرج مَعَ زيد بن حَارِثَة فِي غَزْوَة مُؤْتَة، ورافقني من الْيمن مددي ... وسَاق الحَدِيث. وَفِيه: قَالَ عَوْف: فَقلت: يَا خَالِد، أما علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بالسلب للْقَاتِل؟ فَقَالَ: بلَى، وَلَكِن استكثرته.
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه من حَدِيث إِسْحَق بن رَاهَوَيْه عَن الْوَلِيد بن مُسلم بِإِسْنَادِهِ الَّذِي أخرجه بِهِ مُسلم، وَذكره بِطُولِهِ، وَزَاد فِيهِ بَيَانا: أَن عَوْف بن مَالك قَالَ:
إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يُخَمّس السَّلب، وَأَن مددياً كَانَ رَفِيقًا لَهُم(3/452)
فِي غَزْوَة مُؤْتَة فِي طرف من الشَّام، قَالَ: فَجعل روميٌّ مِنْهُم يشْتَد على الْمُسلمين وَهُوَ على فرسٍ أشقر، وسرج مَذْهَب، ومنطقة ملطفة، وَسيف محلى بِذَهَب.
قَالَ: فيغري بهم. قَالَ: فتلطف لَهُ المددي حَتَّى مر بِهِ. قَالَ: فَضرب عرقوب فرسه فَوَقع، وعلاه بِالسَّيْفِ فَقتله وَأخذ سلاحه، قَالَ: فَأعْطَاهُ خَالِد بن الْوَلِيد وَحبس مِنْهُ. قَالَ عَوْف: فَقلت لَهُ: أعْطه كُله، أَلَيْسَ قد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " السَّلب للْقَاتِل "؟ فَقَالَ: بلَى، ولكنني قد استكثرته. قَالَ عوفٌ: فَكَانَ بيني وَبَينه فِي ذَلِك كَلَام، فَقلت لَهُ: لأخبرن بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ عَوْف: فَلَمَّا اجْتَمَعنَا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر عَوْف ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لخَالِد: " لم لم تعطه؟ " فَقَالَ: قد استكثرته. قَالَ: " فادفعه إِلَيْهِ. " قَالَ عوفٌ: فَقلت لَهُ: ألم أنْجز لَك مَا وعدتك؟ قَالَ: فَغَضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: " يَا خَالِد، لَا تَدْفَعهُ إِلَيْهِ، هَل أَنْتُم تاركوا لي أمرائي ".
2976 - الْخَامِس: عَن مُسلم بن قرظة ابْن عَم عَوْف بن مَالك قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " خِيَار أئمتكم الَّذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عَلَيْهِم وَيصلونَ عَلَيْكُم. وشرار أئمتكم الَّذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم؟ " قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله، أَفلا ننابذهم؟ قَالَ: " لَا مَا أَقَامُوا فِيكُم الصَّلَاة، لَا مَا أَقَامُوا فِيكُم الصَّلَاة، إِلَّا من ولي عَلَيْهِ والٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئا من مَعْصِيّة الله، فليكره مَا يَأْتِي من مَعْصِيّة الله، وَلَا ينزعن يدا من طَاعَة "
قَالَ مُسلم: وَرَوَاهُ مُعَاوِيَة بن صَالح عَن ربيعَة - هُوَ ابْن يزِيد - عَن مُسلم بن قرظة عَن عَوْف عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.(3/453)
(115) مُسْند وَاثِلَة بن الْأَسْقَع بن كَعْب [رَضِي الله عَنهُ]
يكني أَبَا الْأَسْقَع، وَقيل أَبُو قرفاصة
لَهُ فِي الصَّحِيح حديثان:
2977 - أَحدهمَا للْبُخَارِيّ: من رِوَايَة عبد الْوَاحِد بن عبد الله النصري عَن وَاثِلَة ابْن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن من أعظم الفرى أَن يَدعِي الرجل إِلَى غير أَبِيه، أَو يري عَيْنَيْهِ مَا لم تَرَ، وَيَقُول على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لم يقل ".
2978 - الثَّانِي لمُسلم: من رِوَايَة أبي عمار شَدَّاد بن عبد الله عَن وَاثِلَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن الله اصْطفى كنَانَة من ولد إِسْمَاعِيل، وَاصْطفى قُريْشًا من كنَانَة، وَاصْطفى من قريشٍ بني هَاشم، وَاصْطَفَانِي من بني هَاشم ".
(116) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند عقبَة بن عَامر بن عبس الْجُهَنِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
نزل مصر.
2979 - الحَدِيث الأول: عَن أبي الْخَيْر مرْثَد بن عبد الله عَن عقبَة الْجُهَنِيّ: أَن(3/454)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْمًا فصلى على أهل أحد صلَاته على الْمَيِّت، ثمَّ انْصَرف إِلَى الْمِنْبَر فَقَالَ:
إِنِّي فرطٌ لكم، وَأَنا شَهِيد عَلَيْكُم، وَإِنِّي وَالله لأنظر إِلَى حَوْضِي الْآن، وَإِنِّي أَعْطَيْت مَفَاتِيح خَزَائِن الأَرْض، أَو مَفَاتِيح الأَرْض، وَإِنِّي وَالله مَا أَخَاف عَلَيْكُم أَن تُشْرِكُوا بعدِي، وَلَكِن أَخَاف عَلَيْكُم أَن تنافسوا فِيهَا ".
وَفِي حَدِيث ابْن الْمُبَارك عَن حَيْوَة بن شُرَيْح:
صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قَتْلَى أحد بعد ثَمَان سِنِين، كَالْمُودعِ للأحياء والأموات، ثمَّ طلع الْمِنْبَر فَقَالَ: " إِنِّي بَين أَيْدِيكُم فرطٌ، وَأَنا شهيدٌ عَلَيْكُم، وَإِن مَوْعدكُمْ الْحَوْض. وَإِنِّي لأنظر إِلَيْهِ من مقَامي هَذَا، وَإِنِّي لست أخْشَى عَلَيْكُم أَن تُشْرِكُوا، وَلَكِن أخْشَى عَلَيْكُم الدُّنْيَا أَن تنافسوها ". قَالَ: فَكَانَت آخر نظرة نظرتها إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي حَدِيث يحيى بن أَيُّوب عَن يزِيد بن أبي حبيب:
إِنِّي فَرَطكُمْ على الْحَوْض، وَإِن عرضه كَمَا بَين أَيْلَة إِلَى الْجحْفَة " وَفِيه: وَلَكِنِّي أخْشَى عَلَيْكُم الدُّنْيَا أَن تنافسوا فِيهَا، وتقتتلوا فَتَهْلكُوا كَمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ ". قَالَ عقبَة: فَكَانَت آخر مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر.
2980 - الثَّانِي: عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة قَالَ: أهدي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فروج حَرِير، فلبسه ثمَّ صلى فِيهِ، ثمَّ انْصَرف فَنَزَعَهُ نزعاً شَدِيدا كالكاره لَهُ ثمَّ قَالَ: " لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتقين ".
2981 - الثَّالِث: عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعطَاهُ غنما يقسمها على صحابته ضحايا، فَبَقيَ عتودٌ، فَذكره للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " ضح بِهِ أَنْت ".(3/455)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث بعجة بن عبد الله بن بدر عَن عقبَة قَالَ:
قسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أَصْحَابه ضحايا، فَصَارَت لعقبة جَذَعَة، فَقلت: يَا رَسُول الله، أصابني جذع. فَقَالَ: " ضح بِهِ ".
2982 - الرَّابِع: عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّك تبعثنا فَنَنْزِل بقومٍ لَا يقروننا، فَمَا ترى؟ فَقَالَ لنا: " إِن نزلتم بقومٍ فَأمروا لكم بِمَا يَنْبَغِي للضيف فاقبلوا، فَإِن لم يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُم حق الضَّيْف الَّذِي يَنْبَغِي لَهُم ".
2983 - الْخَامِس: عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَحَق الشُّرُوط أَن توفوا بهَا مَا استحللتم بِهِ الْفروج ".
2984 - السَّادِس: عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إيَّاكُمْ وَالدُّخُول على النِّسَاء " فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: أَفَرَأَيْت الحمو؟ قَالَ: " الحمو الْمَوْت ". زَاد عِنْد مُسلم عَن أبي الطَّاهِر عَن ابْن وهب قَالَ: سَمِعت اللَّيْث يَقُول: الحمو: أَخُو الزَّوْج وَمَا أشبهه من أقَارِب الزَّوْج: ابْن الْعم وَنَحْوه.
2985 - السَّابِع: عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: نذرت أُخْتِي أَن تمشي إِلَى بَيت الله، وأمرتني أَن أستفتي لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ: " لتمش ولتركب " قَالَ: وَكَانَ أَبُو الْخَيْر لَا يُفَارق عقبَة. لفظ حَدِيث البُخَارِيّ.
زَاد فِي رِوَايَة الْمفضل بن فضَالة:
نذرت أُخْتِي أَن تمشي إِلَى بَيت الله حافيةً ... ثمَّ ذكره.(3/456)
وللبخاري حَدِيث وَاحِد:
2986 - عَن أبي الْخَيْر قَالَ: أتيت عقبَة بن عَامر فَقلت: أَلا أعْجبك من أبي تَمِيم: يرْكَع رَكْعَتَيْنِ قبل صَلَاة الْمغرب. فَقَالَ عقبَة: إِنَّا كُنَّا نفعله على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قلت: فَمَا يمنعك الْآن؟ قَالَ: الشّغل.
أَبُو تَمِيم هُوَ الجيشاني، حَكَاهُ أَبُو مَسْعُود.
أَفْرَاد مُسلم
2987 - الحَدِيث الأول: عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كَفَّارَة النّذر كَفَّارَة الْيَمين ".
2988 - الثَّانِي: عَن قيس بن أبي حَازِم عَن عقبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ألم تَرَ آيَات أنزلت هَذِه اللَّيْلَة لم ير مِثْلهنَّ قطّ: {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} .
وَفِي حَدِيث إِسْمَاعِيل عَن قيس عَن عقبَة قَالَ:
قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أنزلت عَليّ آياتٌ لم ير مِثْلهنَّ قطّ: المعوذتين ".
قَالَ فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن رَافع عِنْد ذكر عقبَة بن عَامر:
وَكَانَ من رفعاء أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَلَيْسَ لقيس بن أبي حَازِم عَن عقبَة بن عَامر الصَّحِيح غير هَذَا.(3/457)
2989 - الثَّالِث: عَن عبد الرَّحْمَن بن شماسَة أَنه سمع عقبَة بن عَامر على الْمِنْبَر يَقُول: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْمُؤمن أَخُو الْمُؤمن، فَلَا يحل لِلْمُؤمنِ أَن يبْتَاع على بيع أَخِيه، وَلَا يخْطب على خطْبَة أَخِيه حَتَّى يذر ".
2990 - الرَّابِع: عَن عبد الرَّحْمَن بن شماسَة الْمهرِي: أَن فقيماً اللَّخْمِيّ قَالَ لعقبة بن عَامر: تخْتَلف بَين هذَيْن الغرضين وَأَنت كبيرٌ يشق عَلَيْك. قَالَ عقبَة: لَوْلَا كَلَام سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم أَعَانَهُ. قَالَ الْحَارِث بن يَعْقُوب: فَقلت لِابْنِ شماسَة: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: إِنَّه قَالَ: " من علم الرَّمْي ثمَّ تَركه فَلَيْسَ منا " أَو " قد عصى ".
2991 - الْخَامِس: عبد الرَّحْمَن بن شماسَة قَالَ: كنت عِنْد مُسلم بن مخلد وَعِنْده عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، فَقَالَ عبد الله: لَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على شرار الْخلق، هم شرٌّ من أهل الْجَاهِلِيَّة، لَا يدعونَ الله بِشَيْء إِلَّا رده عَلَيْهِم.
فَبينا هم عَليّ ذَلِك أقبل عقبَة بن عَامر، فَقَالَ لَهُ مسلمة: يَا عقبَة: اسْمَع مَا يَقُول عبد الله. فَقَالَ عقبَة: هُوَ أعلم، واما أَنا فَسمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا تزَال عصابةٌ من أمتِي يُقَاتلُون على أَمر الله، قاهرين لعدوهم، لَا يضرهم من خالفهم حَتَّى تأتيهم السَّاعَة وهم على ذَلِك ". قَالَ عبد الله: أجل، ثمَّ يبْعَث الله ريحًا، ريح الْمسك، مَسهَا مس الْحَرِير، فَلَا تتْرك نفسا فِي قلبه مِثْقَال حبةٍ من إِيمَان إِلَّا قَبضته، ثمَّ يبْقى شرار النَّاس، عَلَيْهِم تقوم السَّاعَة ".
2992 - السَّادِس: عَن عَليّ بن رَبَاح اللَّخْمِيّ وَالِد مُوسَى، عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن فِي الصّفة فَقَالَ: أَيّكُم يحب أَن يَغْدُو كل(3/458)
يَوْم إِلَى بطحان أَو العقيق، فَيَأْتِي بناقتين كوماوين من غير إِثْم وَلَا قطيعة رحم؟ " فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، نحب ذَلِك. وَعند أبي بكر البرقاني من رِوَايَة مُوسَى ابْن عَليّ عَن أَبِيه: كلنا يَا رَسُول الله يحب ذَلِك. قَالَ: " أَفلا يَغْدُو أحدكُم إِلَى الْمَسْجِد فَيعلم أَو يقْرَأ آيَتَيْنِ من كتاب الله خيرٌ من ناقتين، وَثَلَاث، وَأَرْبع خير من أَربع، وَمن أعدادهن من الْإِبِل ".
وللبرقاني من رِوَايَة إِسْحَق بن رَاهَوَيْه نَحوه، وَفِيه:
خيرٌ لَهُ من ناقتين، وَثَلَاث خيرٌ من ثَلَاث، وَأَرْبع خيرٌ من أَربع، وَمن أعدادهن من الْإِبِل ".
وَلَيْسَ لعَلي بن رَبَاح اللَّخْمِيّ عَن عقبَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث، والْحَدِيث الَّذِي بعده.
2993 - السَّابِع: عَن عَليّ بن رَبَاح عَن عقبَة قَالَ: ثَلَاث سَاعَات كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينهانا أَن نصلي فِيهِنَّ أَو أَن نقبر فِيهِنَّ مَوتَانا: حِين تطلع الشَّمْس بازغةً حَتَّى ترْتَفع، وَحين يقوم قَائِم الظهيرة حَتَّى تميل الشَّمْس، وَحين تضيف الشَّمْس للغروب حَتَّى تغرب.
2994 - الثَّامِن: عَن أبي عَليّ ثُمَامَة بن شفي الْهَمدَانِي أَنه سمع عقبَة بن عَامر يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على الْمِنْبَر يَقُول: {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة} [الْأَنْفَال] " أَلا إِن الْقُوَّة الرَّمْي، أَلا إِن الْقُوَّة الرَّمْي ".
2995 - التَّاسِع: عَن ثُمَامَة بن شفيٍّ عَن عقبَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " ستفتح عَلَيْكُم أرضون، ويكفيكم الله، فَلَا يعجز أحدكُم أَن يلهو بأسهمه ".
وَلَيْسَ لثمامة بن شفي عَن عقبَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث وَالَّذِي قبله.(3/459)
(117) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي [رَضِي الله عَنهُ]
يُقَال: اسْمه جرثوم بن ناشبٍ. وَقيل: جرهم، حَكَاهُ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ.
2996 - الحَدِيث الأول: من رِوَايَة أبي إِدْرِيس عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا بِأَرْض قوم أهل كتاب، أفنأكل فِي آنيتهم؟ وبأرض صيد، أصيد بقوسي وبكلبي الَّذِي لَيْسَ بمعلم، وبكلبي الْمعلم، فَمَا يصلح لي؟ .
قَالَ:
أما مَا ذكرت - يَعْنِي من آنِية أهل الْكتاب، فَإِن وجدْتُم غَيرهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، فَإِن لم تَجدوا فاغسلوها وكلوا فِيهَا. وَمَا صدت بقوسك وَذكرت اسْم الله عَلَيْهِ فَكل. وَمَا صدت بكلبك الْمعلم فَذكرت اسْم الله عَلَيْهِ فَكل، وَمَا صدت بكلبك غير معلم فأدركت ذَكَاته فَكل ". وَفِي رِوَايَة أبي عَاصِم وَغَيره عَن حَيْوَة: " فَمَا صدت بقوسك فاذكر اسْم الله ثمَّ كل، وَمَا صدت بكلبك الْمعلم فاذكر اسْم الله ثمَّ كل ".
2997 - الثَّانِي: عَن أبي إِدْرِيس عَائِذ بن عبد الله الْخَولَانِيّ عَن أبي ثَعْلَبَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن أكل كل ذِي نابٍ من السبَاع.
وَفِي رِوَايَة ابْن وهب عَن يُونُس:
قَالَ ابْن شهَاب: وَلم أسمع ذَلِك من عُلَمَائِنَا بالحجاز، حَتَّى حَدثنِي أَبُو إِدْرِيس، وَكَانَ من فُقَهَاء أهل الشَّام.(3/460)
وَفِي رِوَايَة أبي بكر بن أبي شيبَة وَمن مَعَه عَن سُفْيَان الزُّهْرِيّ بِالْإِسْنَادِ:
نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كل ذِي نابٍ من السَّبع. وَكَذَا فِي رِوَايَة صَالح بن كيسَان ويوسف ابْن الْمَاجشون عَن الزُّهْرِيّ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كل ذِي نَاب من السَّبع. وَلم يذكرَا الْأكل.
قَالَ البُخَارِيّ: وَزَاد اللَّيْث:
حَدثنِي يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ: وَسَأَلته: هَل نَتَوَضَّأ أَو نشرب ألبان الأتن، اَوْ مرَارَة السَّبع، أَو أَبْوَال الْإِبِل؟ قَالَ: قد كَانَ الْمُسلمُونَ يتداوون بهَا، فَلَا يرَوْنَ بذلك بَأْسا. فَأَما ألبان الأتن فقد بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن لحومها، وَلم يبلغنَا عَن أَلْبَانهَا أمرٌ وَلَا نهي. وَأما مرَارَة السَّبع، فَقَالَ ابْن شهَاب:
أَخْبرنِي أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ أَن أَبَا ثَعْلَبَة الْخُشَنِي حَدثهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن كل ذِي نابٍ من السبَاع.
2998 - الثَّالِث: عَن أبي إِدْرِيس عَن أبي ثَعْلَبَة قَالَ: حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة.
أَخْرجَاهُ جَمِيعًا من حَدِيث صَالح عَن ابْن شهَاب. وَحكى أَبُو مَسْعُود إسناديهما فِي هَذَا الْمَتْن مَعَ أَسَانِيد الْمَتْن الَّذِي قبله فِي السبَاع، وَلم يذكر هَذَا الْمَتْن فِي الْحمر مَعَ ذَلِك الْمَتْن، وَلَا نبه عَلَيْهِ، فأوهم أَن إسنادي هَذَا الْمَتْن للمتن الَّذِي قبله، وَلَيْسَ كَذَلِك، إِنَّمَا هما لهَذَا، والكتابان يَشْهَدَانِ بذلك.
وَلمُسلم حَدِيث وَاحِد:
2999 - من رِوَايَة جُبَير بن نفير عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا رميت بسهمك فَغَاب عَنْك فَأَدْرَكته فكله، مَا لم ينتن ".(3/461)
وَفِي حَدِيث معن بن عِيسَى عَن مُعَاوِيَة بن صَالح فِي الَّذِي يدْرك صَيْده بعد ثَلَاث:
فكله مَا لم ينتن ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث مَكْحُول عَن أبي ثَعْلَبَة
عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... حَدِيثه فِي الصَّيْد. كَذَا قَالَ مُسلم.
وَفِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن جُبَير وَأبي الزَّاهِرِيَّة عَن جُبَير عَن أبي ثَعْلَبَة قَالَ: وَقَالَ فِي الْكَلْب:
كُله بعد ثلاثٍ إِلَّا أَن ينتن، فَدَعْهُ ".
(118) مُسْند أبي أُمَامَة صدي بن عجلَان الْبَاهِلِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
أَفْرَاد البُخَارِيّ:
3000 - الحَدِيث الأول: عَن خَالِد بن معدان عَن أبي أُمَامَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رفع مائدته قَالَ: " الْحَمد لله حمداً كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ، غير مكفيٍّ وَلَا مودعٍ، وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ، رَبنَا ".
وَفِي حَدِيث أبي عَاصِم عَن ثَوْر بن يزِيد:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا فرغ من طَعَامه وَقَالَ مرّة: إِذا رفع مائدته قَالَ: " الْحَمد لله الَّذِي كفانا وأروانا، غير مكفيٍّ وَلَا مكفور " وَقَالَ مرّة:: لَك الْحَمد رَبنَا غير مكفيٍّ وَلَا مودعٍ، وَلَا مُسْتَغْنى، رَبنَا ".
وَلَيْسَ لخَالِد بن معدان عَن صدي بن عجلَان فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(3/462)
3001 - الثَّانِي: عَن مُحَمَّد بن زِيَاد الْأَلْهَانِي عَن أبي أُمَامَة قَالَ - ورأي سكَّة وشيئاً من آلَة الْحَرْث، قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا يدْخل هَذَا بَيت قومٍ، إِلَّا أدخلهُ الذل ".
3002 - الثَّالِث: عَن سُلَيْمَان بن حبيب الْمحَاربي عَن أبي أُمَامَة قَالَ: لقد فتح الْفتُوح قومٌ مَا كَانَت حلية سيوفهم الذَّهَب وَلَا الْفضة، إِنَّمَا كَانَت حليتهم العلابي والآنك وَالْحَدِيد.
وَلَيْسَ لِسُلَيْمَان بن حبيب عَن أبي أُمَامَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
أَفْرَاد مُسلم
3003 - الحَدِيث الأول: عَن أبي عمار شَدَّاد بن عبد الله عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا ابْن آدم، إِنَّك أَن تبذل الْفضل خيرٌ لَك، وَأَن تمسكه شرٌّ لَك، وَلَا تلام على كفافٍ، وابدأ بِمن تعول، وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى ".
3004 - الثَّانِي: عَن أبي عمار عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة ".
3005 - الثَّالِث: عَن شَدَّاد أبي عمار عَن أبي أُمَامَة قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد وَنحن قعودٌ مَعَه، إِذْ جَاءَ رجلٌ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أصبت حدا(3/463)
فأقمه عَليّ، فَسكت عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. ثمَّ أعَاد فَقَالَ:
يَا رَسُول الله، إِنِّي أصبت حدا، فأقمه عَليّ، فَسكت عَنهُ، وأقيمت الصَّلَاة، فَلَمَّا انْصَرف نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو أُمَامَة: فَاتبع الرجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين انْصَرف، وَاتَّبَعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنظر مَا يرد على الرجل، فلحق الرجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أصبت حدا فأقمه عَليّ. فَقَالَ أَبُو أُمَامَة: فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَرَأَيْت حِين خرجت من بَيْتك، أَلَيْسَ قد تَوَضَّأت فأحسنت الْوضُوء؟ " قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله. قَالَ: " ثمَّ شهِدت الصَّلَاة مَعنا؟ " قَالَ: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَإِن الله قد غفر لَك حدك " أَو قَالَ: " ذَنْبك ".
3006 - الرَّابِع: عَن مَمْطُور أبي سَلام عَن أبي أُمَامَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " اقْرَءُوا الْقُرْآن، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة شَفِيعًا لأَصْحَابه. اقْرَءُوا الزهراوين: الْبَقَرَة وَسورَة آل عمرَان، فَإِنَّهُمَا تأتيان يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُمَا غمامتان، أَو كَأَنَّهُمَا غيايتان، أَو كَأَنَّهُمَا فرقان من طير صواف، يحاجان عَن أصحابهما.
اقْرَءُوا سُورَة الْبَقَرَة؛ فَإِن أَخذهَا بركةٌ، وَتركهَا حسرة، وَلَا تستطيعها البطلة " قَالَ مُعَاوِيَة بن سَلام أحد الروَاة لهَذَا الحَدِيث: بَلغنِي أَن البطلة: السَّحَرَة.
وَلَيْسَ للمطورٍ أبي سَلام عَن أبي أُمَامَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(3/464)
(119) مُسْند عبد الله بن بسر السكونِي ثمَّ الْمَازِني [رَضِي الله عَنهُ]
يكنى أَبَا صَفْوَان.
حديثان:
3007 - أَحدهمَا للْبُخَارِيّ: من رِوَايَة جرير بن عُثْمَان: أَنه سَأَلَ عبد الله بن بسرٍ صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ شَيخا؟ قَالَ: كَانَ فِي عنفقته شعراتٌ بيض.
3008 - الثَّانِي لمُسلم: من حَدِيث يزِيد بن خمير عَن عبد الله بن بسر قَالَ: نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي، فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ طَعَاما ورطبة، فَأكل مِنْهَا، ثمَّ أُتِي بتمرٍ فَكَانَ يَأْكُلهُ ويلقي النَّوَى بَين أصبعيه، وَيجمع السبابَة وَالْوُسْطَى - قَالَ شُعْبَة: هُوَ ظَنِّي، وَهُوَ فِيهِ إِن شَاءَ الله: إِلْقَاء النَّوَى بَين الإصبعين - ثمَّ أُتِي بشراب فشربه، ثمَّ نَاوَلَهُ الَّذِي عَن يَمِينه: قَالَ: فَقَالَ أبي - وَأخذ بلجام دَابَّته: أدع الله لنا. فَقَالَ: " اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِيمَا رزقتهم، واغفر لَهُم، وارحمهم ".
وَفِي حَدِيث يحيى بن حَمَّاد وَابْن أبي عدي عَن شُعْبَة نَحوه،
وَلم يشكا فِي إِلْقَاء النَّوَى بَين الإصبعين.
كَذَا فِيمَا رَأينَا من نسخ كتاب مُسلم:
فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ طَعَاما ورطبة بالراء، وَهُوَ تَصْحِيف من الرَّاوِي.
وَقد ذكره أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي كِتَابه بِالْوَاو.
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني من حَدِيث إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه عَن النَّضر بن شُمَيْل عَن شُعْبَة فَقَالَ: وجاءه بوطبة - بِالْوَاو. وَفِي آخِره: قَالَ النَّضر: الوطبة: الحيس يجمع بَين التَّمْر البرني والأقط المدقوق وَالسمن الْجيد. فَلم يتْرك النَّضر إشْكَالًا،(3/465)
وَبَين غَايَة الْبَيَان، وَنَقله عَن شُعْبَة على الصِّحَّة، وَكَانَ من أهل اللُّغَة. رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم أَجْمَعِينَ.
(120) مُسْند أبي مَالك أَو أبي عَامر الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا
كَذَا فِي الحَدِيث بِالشَّكِّ. حَدِيث واحدٌ للْبُخَارِيّ:
3009 - أخرجه تَعْلِيقا فَقَالَ: وَقَالَ هِشَام بن عمار: حَدثنَا صَدَقَة بن خَالِد.
وَأخرجه أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبُو بكر البرقاني بِالْإِسْنَادِ، وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ وَعِنْدَهُمَا من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن غنم الْأَشْعَرِيّ قَالَ: حَدثنِي أَبُو عَامر أَو أَبُو مَالك الْأَشْعَرِيّ - وَالله مَا كَذبَنِي - سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَيَكُونن من أمتِي أقوامٌ يسْتَحلُّونَ الْخَزّ وَالْحَرِير وَالْخمر وَالْمَعَازِف، ولينزلن أقوامٌ إِلَى جنب علم، يروح عَلَيْهِم بسارحةٍ لَهُم، يَأْتِيهم لحَاجَة ". كَذَا فِي الْكتاب للبرقاني عَن الْإِسْمَاعِيلِيّ. وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن مُحَمَّد الباغندي عَن هِشَام بن عمار: " ويأتيهم رجلٌ لحَاجَة ". وَفِي رِوَايَة الْحسن بن سُفْيَان عَن هِشَام: " فيأتيهم طَالب حَاجَة ". ثمَّ اتَّفقُوا: " فَيَقُولُونَ: ارْجع إِلَيْنَا غَدا، فيبيتهم الله، وَيَضَع الْعلم، ويمسخ آخَرين قردةً وَخَنَازِير إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".(3/466)
وَقد رَوَاهُ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن مُحَمَّد الباغندي عَن هِشَام ابْن عمار بِالْإِسْنَادِ، وَفِيه: حَدثنَا أَبُو عَامر الْأَشْعَرِيّ - وَالله مَا كَذبَنِي، وَذكر الحَدِيث - وَلم يشك.
وَكَذَلِكَ أخرجه أَبُو دَاوُد، سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث السجسْتانِي فِي " السّنَن " من كتاب " اللبَاس " فِي ذكر الْخَزّ ولباسه، من حَدِيث عبد الرَّحِيم بن غنم عَن أبي مَالك أَو أبي عَامر بِنَحْوِهِ.
وَالَّذِي ذكره أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق الْحَرْبِيّ فِي بَاب الْحَاء وَالرَّاء، لَيْسَ فِي هَذَا من شيءٍ، إِنَّمَا هُوَ حَدِيث آخر، من رِوَايَة مَكْحُول عَن أبي ثَعْلَبَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أول دينكُمْ نبوةٌ وَرَحْمَة، ثمَّ ملك ورحمةٌ، ثمَّ ملكٌ وَجَبْرِيَّة، ثمَّ ملك عض، يسْتَحل فِيهِ الْحر وَالْحَرِير " يُرِيد استحلال الْحَرَام من الْفروج. وَهَذَا لَا يتَّفق مَعَ الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد فِي متنٍ وَلَا إِسْنَاد. وَإِنَّمَا ذكرنَا ذَلِك لِأَن من النَّاس من توهم فِي ذَلِك شَيْئا فبيناه. وَحَدِيث مَكْحُول أَيْضا لَيْسَ من شَرط الصَّحِيح.
(121) مُسْند أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
بِغَيْر شكٍّ. يُقَال: اسْمه عَمْرو. وَقيل: عبيد. وَقيل: كَعْب.
حديثان وَكِلَاهُمَا لمُسلم:
3010 - أَحدهمَا: من حَدِيث أبي سَلام مَمْطُور عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ:(3/467)
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الطّهُور شطر الْإِيمَان، وَالْحَمْد لله تملأ الْمِيزَان، وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله تملآن أَو تملأ مَا بَين السَّمَوَات وَالْأَرْض. وَالصَّلَاة نورٌ، وَالصَّدَََقَة برهانٌ، وَالصَّبْر ضِيَاء، وَالْقُرْآن حجةٌ لَك أَو عَلَيْك. كل النَّاس يَغْدُو: فبائعٌ نَفسه فمعتقها أَو موبقها " وَهَذَا أول حَدِيث فِي كتاب " الْوضُوء " لمُسلم.
3011 - الثَّانِي: من حَدِيث أبي سَلام أَيْضا عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أربعٌ فِي أمتِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة لَا يتركونهن: الْفَخر بِالْأَحْسَابِ، والطعن فِي الْأَنْسَاب، وَالِاسْتِسْقَاء بالنجوم، والنياحة ".
وَقَالَ:
النائحة إِذا لم تتب قبل مَوتهَا، تُقَام يَوْم الْقِيَامَة وَعَلَيْهَا سربالٌ من قطران، ودرعٌ من جرب ".
مُسْند من شهد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة ذَات الرّقاع
قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَهُوَ سهل بن أبي حثْمَة. وَقد تقدم فِي مُسْنده من رِوَايَة صَالح بن خَوات عَنهُ فِي " صَلَاة الْخَوْف ".(3/468)
أَفْرَاد البُخَارِيّ من الصَّحَابَة
الَّذين أخرج عَنْهُم فِي كِتَابه الصَّحِيح دون مُسلم مِنْهُم:
(122) أَبُو عَمْرو سعد بن معَاذ بن النُّعْمَان الأشْهَلِي [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3012 - من رِوَايَة عَمْرو بن مَيْمُون عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه حدث عَن سعد ابْن معَاذ أَنه قَالَ: كَانَ صديقا لأمية بن خلف، وَكَانَ أُميَّة إِذا مر بِالْمَدِينَةِ نزل على سعد، وَكَانَ سعدٌ إِذا مر بِمَكَّة نزل على أُميَّة. فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَانْطَلق سعدٌ مُعْتَمِرًا، فَنزل على أُميَّة بِمَكَّة، فَقَالَ لأمية: انْظُر لي سَاعَة لعَلي أَطُوف بِالْبَيْتِ. فَخرج بِهِ قَرِيبا من نصف النَّهَار، فلقيهما أَبُو جهل فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَان، من هَذَا مَعَك؟ فَقَالَ: هَذَا سعد. فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل: أَلا أَرَاك تَطوف بِمَكَّة آمنا وَقد آويتم الصباة، وزعمتم أَنكُمْ تنصرونهم وتعينوهم، أما وَالله، لَوْلَا أَنَّك مَعَ أبي صَفْوَان مَا رجعت إِلَى أهلك سالما. فَقَالَ لَهُ سعدٌ وَرفع صَوته عَلَيْهِ: أما وَالله، لَئِن منعتني هَذَا لأمنعنك مَا هُوَ أَشد عَلَيْك مِنْهُ: طريقك على الْمَدِينَة. فَقَالَ لَهُ أُميَّة: لَا ترفع صَوْتك يَا سعد على أبي الحكم سيد أهل الْوَادي. فَقَالَ سعد: دَعْنَا عَنْك يَا أُميَّة، لقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِنَّه قَاتلك " قَالَ: بِمَكَّة؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَفَزعَ لذَلِك أُميَّة فَزعًا شَدِيدا، فَلَمَّا رَجَعَ أُميَّة إِلَى أَهله قَالَ: يَا أم صَفْوَان، ألم تري مَا قَالَ لي سعدٌ؟ قَالَت: وَمَا قَالَ لَك؟ قَالَ: زعم أَن مُحَمَّدًا أخْبرهُم أَنه قاتلي. فَقلت: بِمَكَّة؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَقَالَ أُميَّة: وَالله لَا أخرج من مَكَّة.(3/469)
قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر، اسْتنْفرَ أَبُو جهل، قَالَ: أدركوا عِيركُمْ. قَالَ: فكره أُميَّة أَن يخرج، فَأَتَاهُ أَبُو جهل فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَان، إِنَّك مَتى مَا يراك النَّاس قد تخلفت وَأَنت سيد أهل الْوَادي تخلفوا مَعَك، فَلم يزل بِهِ أَو جهل حَتَّى قَالَ: أما إِذْ غلبتني فوَاللَّه لأشترين أَجود بعيرٍ بِمَكَّة. ثمَّ قَالَ أُميَّة: يَا أم صَفْوَان: جهزيني.
فَقَالَت لَهُ: يَا أَبَا صَفْوَان، وَقد نسيت مَا قَالَ لَك أَخُوك اليثربي؟ قَالَ: لَا، مَا أُرِيد أَن أكون مَعَهم إِلَّا قَرِيبا. فَلَمَّا خرج أُميَّة أَخذ لَا ينزل منزلا إِلَّا عقل بعيره، فَلم يزل بذلك حَتَّى قَتله الله ببدر.
وَفِي حَدِيث إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَق نَحوه، إِلَّا أَن فِيهِ:
فَجعل أُميَّة يَقُول لسعد:
لَا ترفع صَوْتك، وَجعل يمسِكهُ، فَغَضب سعد فَقَالَ: دَعْنَا مِنْك؛ فَإِنِّي سَمِعت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يزْعم أَنه قَاتلك. قَالَ: إيَّايَ؟ قَالَ: نعم. قَالَ: وَالله مَا يكذب مُحَمَّد إِذا حدث، فَرجع إِلَى امْرَأَته فَقَالَ: أتعلمين مَا قَالَ أخي اليثربي؟ قَالَت: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: زعم أَنه سمع مُحَمَّدًا يزْعم أَنه قاتلي. قَالَت: فوَاللَّه مَا يكذب مُحَمَّد. قَالَ: فَلَمَّا خَرجُوا إِلَى بدرٍ وَجَاء الصَّرِيخ، قَالَت لَهُ امْرَأَته: أما ذكرت مَا قَالَ لَهُ أَخُوك اليثربي؟ فَأَرَادَ أَلا يخرج، فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل: إِنَّك من أَشْرَاف الْوَادي: فسر يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ، فَسَار مَعَهم، فَقتله الله.
(123) أَبُو عقبَة سُوَيْد بن النُّعْمَان بن مَالك بن عَامر الْأنْصَارِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّجَرَة.
حَدِيث وَاحِد:
3013 - من رِوَايَة بشير بن يسَار عَن سُوَيْد قَالَ:
خرجنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام خَيْبَر، حَتَّى إِذا كُنَّا بالصهباء - وَهِي من أدنى خَيْبَر - صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَصْر،(3/470)
فَلَمَّا صلى دَعَا بالأطعمة، فَلم يُؤْت إِلَّا بالسويق، فَأمر بِهِ فثري، وَأكل وأكلنا.
ثمَّ قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمغرب، فَمَضْمض ومضمضنا، ثمَّ صلى الْمغرب وَلم يتَوَضَّأ.
وَمن الروَاة من قَالَ:
فدعي بِطَعَام، فَلم يجده إِلَّا سويقاً، فلاك مِنْهُ، وأكلنا مَعَه، ثمَّ دَعَا بماءٍ فَمَضْمض، ثمَّ صلى وصلينا، وَلم يتَوَضَّأ.
(124) أَبُو مُحَمَّد، ثَابت بن قيس بن شماس [رَضِي الله عَنهُ]
وَيُقَال: أَبُو عبد الرَّحْمَن.
حَدِيث وَاحِد:
3014 - من رِوَايَة مُوسَى بن أنس قَالَ - وَذكر يَوْم الْيَمَامَة - قَالَ: أَتَى أنسٌ ثَابت بن قيس وَقد حسر عَن فَخذيهِ وَهُوَ يتحنط فَقَالَ: يَا عَم، مَا يحبسك أَلا تَجِيء؟ قَالَ: الْآن يَا ابْن أخي، وَجعل يتحنط من الحنوط، ثمَّ جَاءَ فَجَلَسَ - يَعْنِي فِي الصَّفّ. فَذكر فِي الحَدِيث انكشافاً من النَّاس، فَقَالَ: هَكَذَا عَن وُجُوهنَا حَتَّى نضارب الْقَوْم، مَا هَكَذَا كُنَّا نَفْعل مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بئس مَا عودتم عَلَيْهِ أَقْرَانكُم.
كَذَا فِيمَا عندنَا من كتاب البُخَارِيّ:
أَن مُوسَى بن أنس قَالَ: أَتَى أنس ثَابت بن قيس، وَلم يقل: عَن أنس.(3/471)
وَأخرجه أَبُو بكر الْخَوَارِزْمِيّ من حَدِيث مُوسَى عَن أنس بن مَالك عَن أَبِيه قَالَ:
أتيت ثَابت بن قيس يَوْم الْيَمَامَة قد حسر عَن ذِرَاعَيْهِ. . وَذكر الحَدِيث.
وَفِيه: " وَالله، مَا هَكَذَا كُنَّا نُقَاتِل مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا فَقَالَ: رَوَاهُ حَمَّاد عَن ثَابت أنس. لم يزدْ، وَلم يذكر لفظ الحَدِيث.
وَقد أخرجه أَبُو بكر البرقاني عَن أبي الْعَبَّاس بن حمدَان بِالْإِسْنَادِ، من حَدِيث قبيصَة بن عقبَة عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: انكشفنا يَوْم الْيَمَامَة، فجَاء ثَابت بن قيس بن الشماس فَقَالَ:
بئس مَا عودتم أَقْرَانكُم مُنْذُ الْيَوْم، وَإِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ، وَأَعُوذ بك مِمَّا يصنع هَؤُلَاءِ، خلوا بَيْننَا وَبَين أقراننا سَاعَة، وَقد كَانَ تكفن وتحنط، فقاتل حَتَّى قتل، قَالَ: وَقتل يومئذٍ سَبْعُونَ من الْأَنْصَار. فَكَانَ أنس يَقُول: يَا رب، سبعين من الْأَنْصَار، وَسبعين يَوْم أحد، وَسبعين يَوْم مُؤْتَة، وَسبعين يَوْم بِئْر مَعُونَة، وَسبعين يَوْم الْيَمَامَة. وَلم يذكر فِي حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة: مَا هَكَذَا كُنَّا نُقَاتِل مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.(3/472)
(125) رِفَاعَة بن رَافع بن مَالك بن العجلان بن عَمْرو الزرقي [رَضِي الله عَنهُ]
شهد بَدْرًا.
ثَلَاثَة أَحَادِيث:
3015 - أَحدهَا: من رِوَايَة ابْنه معَاذ بن رِفَاعَة عَن أَبِيه، وَكَانَ أَبوهُ من أهل بدر - قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا تَعدونَ أهل بدر فِيكُم؟ قَالَ: من أفضل الْمُسلمين، أَو كلمة نَحْوهَا. قَالَ: فَكَذَلِك من شهد بَدْرًا من الْمَلَائِكَة.
وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن زيد:
وَكَانَ رِفَاعَة من أهل بدر، وَكَانَ رافعٌ من أهل الْعقبَة، وَكَانَ يَقُول لِابْنِهِ:
مَا يسرني أَنِّي شهِدت بَدْرًا بِالْعقبَةِ. قَالَ: سَأَلَ جِبْرِيل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَعْنِي فَقَالَ: مَا تَعدونَ أهل بدر فِيكُم؟ وَذكر بَاقِي الحَدِيث نَحوه.
وَفِي حَدِيث يزِيد بن هَارُون عَن يحيى بن سعيد:
سمع معَاذًا أَن ملكا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَعَن يحيى بن يزِيد بن الْهَاد أخبرهُ:
أَنه كَانَ مَعَه يَوْم حَدثهُ معَاذًا هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ يزِيد: قَالَ معاذٌ: إِن السَّائِل هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام هَكَذَا أخرجه.
3016 - الثَّانِي: من رِوَايَة يحيى بن خَلاد الزرقي عَن رِفَاعَة بن رَافع قَالَ: كُنَّا نصلي وَرَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا رفع رَأسه من الرَّكْعَة قَالَ: " سمع الله لمن حَمده "(3/473)
وَقَالَ رجل وَرَاءه رَبنَا وَلَك الْحَمد حمداً كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ. فَلَمَّا انْصَرف قَالَ:
من الْمُتَكَلّم؟ " قَالَ: أَنا. قَالَ: " رَأَيْت بضعَة وَثَلَاثِينَ ملكا يبتدرونها، أَيهمْ يَكْتُبهَا أول ".
3017 - الثَّالِث: من رِوَايَة عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد اللَّيْثِيّ قَالَ: رَأَيْت رِفَاعَة ابْن رَافع الْأنْصَارِيّ، وَكَانَ شهد بَدْرًا. وَلم يزدْ البُخَارِيّ فِي كِتَابه على هَذَا.
وَتَمَامه فِي كتاب أبي بكر البرقاني من حَدِيث شُعْبَة عَن حُصَيْن عَن عبد الله بن شَدَّاد:
أَنه سمع رِفَاعَة بن رَافع رجلا من أهل بدر، كبر فِي صلَاته فَقَالَ: الله أكبر، اللَّهُمَّ لَك الْحَمد كُله، وَلَك الْملك كُله، وَإِلَيْك يرجع الْأَمر كُله، وَأَسْأَلك من الْخَيْر كُله، وَأَعُوذ بك من الشَّرّ كُله.
(126) قَتَادَة بن النُّعْمَان بن يزِيد [رَضِي الله عَنهُ]
أَخُو أبي سعيد الْخُدْرِيّ لأمه.
حديثان:
3018 - أَحدهمَا: أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا فَقَالَ: وَزَاد أَبُو معمر - وَهُوَ إِسْمَاعِيل ابْن إِبْرَاهِيم.
وَأخرجه أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن قَتَادَة ابْن النُّعْمَان:
أَن رجلا قَامَ فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي السحر: {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد} لَا يزِيد عَلَيْهَا، فَلَمَّا أصبح أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... نَحْو حديثٍ قبله.(3/474)
فَذكر ذَلِك لَهُ، وَكَأن الرجل يتقالها، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لتعدل ثلث الْقُرْآن ".
وَمن الروَاة من قَالَ: عَن أبي سعيد، لم يذكر قَتَادَة بن النُّعْمَان، جعله فِي مُسْند أبي سعيد، وَكِلَاهُمَا من حَدِيث مَالك بن أنس.
3019 - الثَّانِي: من حَدِيث عبد الله بن خباب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: أَنه سَمعه يحدث: أَنه كَانَ غَائِبا، فَقدم إِلَيْهِ لحم وَقيل: هَذَا لحم ضحايانا. فَقَالَ: أخروه، لَا أذوقه. قَالَ: ثمَّ قُمْت فَخرجت حَتَّى آتِي أخي قَتَادَة بن النُّعْمَان - وَكَانَ أَخَاهُ لأمه، وَكَانَ بَدْرِيًّا - فَذكرت ذَلِك لَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّه قد حدث بعْدك أَمر
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن يحيى بن سعيد:
وَقد حدث بعْدك أمرٌ، نقضا لما كَانُوا ينهون عَنهُ من أكل لُحُوم الْأَضَاحِي بعد ثَلَاثَة أَيَّام.
(127) عبد الله بن رَوَاحَة [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد مَوْقُوف:
3020 - من رِوَايَة النُّعْمَان بن بشير قَالَ: أُغمي على عبد الله بن رَوَاحَة، فَجعلت أُخْته عمْرَة تبْكي: واجبلاه، واكذا، واكذا، تعدد عَلَيْهِ، فَقَالَ حِين أَفَاق: مَا قلت شَيْئا إِلَّا قيل لي: أَنْت كَذَاك؟ . زَاد فِي رِوَايَة عَبْثَر: فَلَمَّا مَاتَ لم تبك عَلَيْهِ.(3/475)
(128) أَبُو سعيد بن الْمُعَلَّى [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3021 - من رِوَايَة حَفْص بن عَاصِم عَن أبي سعيد بن الْمُعَلَّى قَالَ: كنت أُصَلِّي فِي الْمَسْجِد، فدعاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم أجبه، ثمَّ أَتَيْته فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت أُصَلِّي. فَقَالَ: " ألم يقل الله {اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ} [الْأَنْفَال] ثمَّ قَالَ لي: " لأعلمنك سُورَة هِيَ أعظم السُّور فِي الْقُرْآن قبل أَن تخرج من الْمَسْجِد " ثمَّ أَخذ بيَدي، فَلَمَّا أَرَادَ أَن يخرج قلت: ألم تقل: " لأعلمنك سُورَة هِيَ أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن "؟ قَالَ: {الْحَمد لله رب الْعَالمين} [الْفَاتِحَة] . قَالَ: " هِيَ السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الذى أُوتِيتهُ ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ معَاذ: حَدثنَا شُعْبَة، وَذكر الْإِسْنَاد، وَقَالَ: هِيَ {الْحَمد لله رب الْعَالمين} السَّبع المثاني ".(3/476)
(129) أَبُو عبس، عبد الرَّحْمَن بن جبر الْحَارِثِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
شهد بَدْرًا.
حَدِيث وَاحِد:
3022 - من رِوَايَة عَبَايَة بن رِفَاعَة بن رَافع قَالَ: أدركني أَبُو عبس وَأَنا أذهب إِلَى الْجُمُعَة فَقَالَ: أسمعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله حرمه الله على النَّار ".
وَفِي حَدِيث يحيى بن حَمْزَة:
مَا اغبرت قدما عبدٍ فِي سَبِيل الله فَتَمَسهُ النَّار ".(3/477)
(130) معن بن يزِيد [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3023 - من رِوَايَة أبي الجويرية عَن معن قَالَ: بَايَعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا وَأبي وجدي، وخطب عَليّ، فأنكحني، وخاصمت إِلَيْهِ: كَانَ أبي يزِيد أخرج دَنَانِير يتَصَدَّق بهَا، فوضعها عِنْد رجل فِي الْمَسْجِد، فَجئْت فأخذتها، فَأَتَيْته بهَا فَقَالَ: وَالله مَا إياك أردْت. فَخَاصَمته إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ " لَك مَا نَوَيْت يَا يزِيد، وَلَك مَا أخذت يَا معن ".
(131) مَحْمُود بن الرّبيع بن الْحَارِث بن الْخَزْرَج الْأنْصَارِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3024 - من رِوَايَة الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ قَالَ: عقلت من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مجةً مجها فِي وَجْهي وَأَنا ابْن خمس سِنِين من دلو. جوده الزبيدِيّ من رِوَايَة مُحَمَّد ابْن حَرْب عَنهُ.
وَفِي رِوَايَة صَالح عَن الزُّهْرِيّ عَن مَحْمُود:
وَهُوَ الَّذِي مج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَجهه وَهُوَ غُلَام من بئرهم.(3/478)
(132) أَبُو سروعة، عقبَة بن الْحَارِث بن عَامر المَخْزُومِي [رَضِي الله عَنهُ]
ثَلَاثَة أَحَادِيث:
3025 - أَحدهَا: من رِوَايَة عبد الله بن أبي مليكَة عَن عقبَة بن الْحَارِث: أَنه تزوج بِنْتا لأبي إهَاب بن عَزِيز، فَأَتَتْهُ امرأةٌ فَقَالَت: إِنِّي قد أرضعت عقبَة وَالَّتِي تزوج. فَقَالَ لَهَا عقبَة: مَا أعلم أَنَّك أرضعتني، وَلَا أَخْبَرتنِي. فَركب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " كَيفَ وَقد قيل؟ ". ففارقها عقبَة، ونكحت زوجا غَيره.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج:
أَنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهَاب، فَجَاءَت أمةٌ سَوْدَاء فَقَالَت: قد أرضعتكما. قَالَ: فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَعْرض عني. قَالَ: فتنحيت، فَذكرت ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: " وَكَيف، وَقد زعمت أَن قد أرضعتكما؟ " فَنَهَاهُ عَنْهَا.
وَفِي حَدِيث أبي عَاصِم عَن عمر بن سعد:
كَيفَ وَقد قيل؟ دعها عَنْك " أَو نَحوه.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن:
فَأَعْرض عَنهُ، وَتَبَسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: " وَكَيف وَقد قيل؟ " وَكَانَت تَحْتَهُ بنت أبي إهَاب التَّمِيمِي.
وَفِي حَدِيث أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة نَحوه، وَفِيه: فَأَعْرض عَنهُ. قَالَ: فَأَتَيْته من(3/479)
قبل وَجهه. قلت: إِنَّهَا كَاذِبَة. قَالَ:
كَيفَ بهَا وَقد زعمت أَنَّهَا قد أرضعتكما؟ دعها عَنْك ".
3026 - الثَّانِي: من رِوَايَة ابْن أبي مليكَة عَن عقبَة قَالَ: صليت وَرَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ الْعَصْر، فَسلم ثمَّ قَامَ مسرعاً، فتخطى رِقَاب النَّاس إِلَى بعض حجر نِسَائِهِ، فَفَزعَ النَّاس من سرعته، فَخرج عَلَيْهِم، فَرَأى أَنهم قد عجبوا من سرعته. قَالَ: " ذكرت شَيْئا من تبرٍ عندنَا، فَكرِهت أَن يحبسني، فَأمرت بقسمته ". وَفِي رِوَايَة عمر بن سعيد عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ:
كنت خلفت فِي الْبَيْت تبراً، فَكرِهت أَن أبيته، فقسمته ".
3027 - الثَّالِث: من رِوَايَة ابْن أبي مليكَة: عَن عقبَة بن الْحَارِث قَالَ: جِيءَ بالنعمان، أَو ابْن النُّعْمَان - شارباً، فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ فِي الْبَيْت أَن يضربوه، قَالَ: فَكنت أَنا فِيمَن ضربه، فضربناه بالنعال والجريد.
وَفِي رِوَايَة وهيب عَن أَيُّوب:
أَنه جِيءَ بِهِ وَهُوَ سَكرَان، فشق عَلَيْهِ، وَأمر من فِي الْبَيْت أَن يضربوه، فضربوه بِالْجَرِيدِ وَالنعال، وَكنت فِيمَن ضربه.(3/480)
(133) عبد الله بن ثَعْلَبَة بن صعير [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد مَوْقُوف:
3028 - من رِوَايَة الزُّهْرِيّ قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن ثَعْلَبَة - وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد مسح عَنهُ: أَنه رأى سعد بن أبي وَقاص يُوتر بِرَكْعَة.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ اللَّيْث عَن يُونُس:
وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد مسح وَجهه عَام الْفَتْح.
(134) مرداس الْأَسْلَمِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّجَرَة، لَهُ حَدِيث وَاحِد:
3029 - من رِوَايَة قيس بن أبي حَازِم عَن مرداس الْأَسْلَمِيّ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " يدعى الصالحون الأول فَالْأول، وَيبقى حثالةٌ كحثالة الشّعير أَو التَّمْر، لَا يباليهم الله بالةً ". قَالَ البُخَارِيّ: يُقَال: حفالة وحثالة.
وَفِي حَدِيث إِسْمَاعِيل عَن قيس:
أَنه سمع مرداساً يَقُول - وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّجَرَة: يقبض الصالحون. . وَذكره إِلَى قَوْله: " لَا يعبأ الله بهم شَيْئا " مَوْقُوف.(3/481)
(135) الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3030 - من رِوَايَة عَمْرو بن دِينَار قَالَ: قلت لجَابِر بن زيد: يَزْعمُونَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْحمر الْأَهْلِيَّة. فَقَالَ: قد كَانَ يَقُول ذَلِك الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ عندنَا بِالْبَصْرَةِ، وَلَكِن أَبى ذَلِك الْبَحْر ابْن عَبَّاس. وَقَرَأَ: {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} [الْأَنْعَام] .
(136) عَمْرو بن سَلمَة الْجرْمِي [رَضِي الله عَنهُ]
عَن أَبِيه، حَدِيث وَاحِد:
3031 - من رِوَايَة أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن أبي قلَابَة عَن عَمْرو بن سَلمَة، قَالَ أَيُّوب: فَقَالَ لي ابو قلَابَة: أَلا تَلقاهُ فتسأله؟ قَالَ: فَلَقِيته فَسَأَلته فَقَالَ: كُنَّا بماءٍ ممر النَّاس، يمر بِنَا الركْبَان فنسألهم: مَا للنَّاس؟ مَا للنَّاس؟ مَا هَذَا الرجل؟ فَيَقُولُونَ: يزْعم أَن الله أرْسلهُ، أُوحِي إِلَيْهِ، أُوحِي إِلَيْهِ كَذَا. فَكنت أحفظ ذَلِك الْكَلَام، فَكَأَنَّمَا يغرى فِي صَدْرِي. وَكَانَت الْعَرَب تلوم بِإِسْلَامِهِمْ الْفَتْح، فَيَقُولُونَ: اتركوه وَقَومه، فَإِنَّهُ إِن ظهر عَلَيْهِم فَهُوَ نبيٌّ صَادِق، فَلَمَّا كَانَت وقْعَة الْفَتْح بَادر كل قوم بِإِسْلَامِهِمْ، وَبدر أبي قومِي بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قدم قَالَ: جِئتُكُمْ(3/482)
وَالله من عِنْد النَّبِي حَقًا. فَقَالَ:
صلوا صَلَاة كَذَا فِي حِين كَذَا. وَصَلَاة كَذَا فِي حِين كَذَا. فَإِذا حضرت الصَّلَاة فليؤذن أحدكُم، وليؤمكم أَكْثَرَكُم قُرْآنًا " فنظروا فَلم يكن أحدٌ أَكثر قُرْآنًا مني، لما كنت أتلقى من الركْبَان، فقدموني بَين أَيْديهم وَأَنا ابْن سِتّ أَو سبع سِنِين. وَكَانَ عَليّ بردةٌ، كنت إِذا سجدت تقلصت عني. فَقَالَت امْرَأَة من الْحَيّ: أَلا تغطوا عَنَّا است قارئكم، فاشتروا، فَقطعُوا لي قَمِيصًا، فَمَا فرحت بِشَيْء فرحي بذلك الْقَمِيص.
(137) زَاهِر الْأَسْلَمِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
3032 - من رِوَايَة ابْنه مجزأَة بن زَاهِر عَن زَاهِر وَكَانَ مِمَّن شهد الشَّجَرَة قَالَ: إِنِّي لأوقد تَحت الْقُدُور بلحوم الْحمر، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَنْهَاكُم عَن لُحُوم الْحمر.
(138) أهبان بن أَوْس الْأَسْلَمِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد مَوْقُوف:
3033 - من رِوَايَة مجزأَة بن زَاهِر عَن رجل مِنْهُم من أَصْحَاب الشَّجَرَة اسْمه أهبان بن أَوْس، وَكَانَ اشْتَكَى رُكْبَتَيْهِ، فَكَانَ إِذا سجد جعل تَحت ركبته وسَادَة ".(3/483)
(139) عَمْرو بن الْحَارِث الْخُزَاعِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
ختن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخُو جوَيْرِية.
حَدِيث وَاحِد
3034 - من رِوَايَة أبي إِسْحَق السبيعِي عَنهُ قَالَ: مَا ترك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد مَوته درهما وَلَا دِينَارا وَلَا عبدا وَلَا أمة وَلَا شَيْئا، إِلَّا بغلته الْبَيْضَاء الَّتِي كَانَ يركبهَا، وسلاحه، وأرضاً جعلهَا لِابْنِ السَّبِيل صَدَقَة.
(140) عبد الله بن هِشَام الْقرشِي [رَضِي الله عَنهُ]
جد زهرَة بن معبد حديثان:
3035 - أَحدهمَا: من رِوَايَة أبي عقيل زهرَة بن معبد أَنه سمع جده عبد الله ابْن هِشَام قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ آخذٌ بيد عمر بن الْخطاب، فَقَالَ لَهُ عمر: يَا رَسُول الله، لأَنْت أحب إِلَيّ من كل شَيْء إِلَّا نَفسِي. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، حَتَّى أكون أحب إِلَيْك من نَفسك " فَقَالَ لَهُ عمر: فَإِنَّهُ الْآن - لأَنْت أحب إِلَيّ من نَفسِي. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْآن يَا عمر ".(3/484)
3036 - الثَّانِي: من رِوَايَة سعيد بن أبي أَيُّوب عَن زهرَة بن معبد عَن جده عبد الله بن هِشَام - وَكَانَ قد أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذَهَبت بِهِ أمه زَيْنَب بنت حميد إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: بَايعه يَا رَسُول الله، فَقَالَ: " هُوَ صغيرٌ " فَمسح رَأسه، ودعا لَهُ بِالْبركَةِ.
وَعَن زهرَة بن معبد:
أَنه كَانَ يخرج بِهِ جده عبد الله بن هِشَام إِلَى السُّوق، فيشتري الطَّعَام، فيلقاه ابْن عمر وَابْن الزبير، فَيَقُولَانِ لَهُ: أشركنا؛ فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد دَعَا لَك بِالْبركَةِ، فيشركهم، فَرُبمَا أصَاب الرَّاحِلَة كَمَا هِيَ، فيبعث بهَا إِلَى الْمنزل.
زَاد فِي حَدِيث عبد الله بن يزِيد الْمقري عَن سعيد بن أبي أَيُّوب:
وَكَانَ يُضحي بِالشَّاة الْوَاحِدَة عَن جَمِيع أَهله.
(141) شيبَة بن عُثْمَان الحَجبي [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3037 - من رِوَايَة أبي وَائِل شَقِيق بن سَلمَة قَالَ: جَلَست مَعَ شيبَة على الْكُرْسِيّ فِي الْكَعْبَة، فَقَالَ: لقد جلس هَذَا الْمجْلس عمر، فَقَالَ: لقد هَمَمْت أَلا أدع فِيهَا صفراء وَلَا بَيْضَاء إِلَّا قسمته. فَقلت: إِن صاحبيك لم يفعلا. قَالَ: هما المرآن أقتدي بهما.
وَفِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن الثَّوْريّ:
هَمَمْت أَلا أدع فِيهَا صفراء وَلَا بَيْضَاء إِلَّا قسمتهَا بَين الْمُسلمين. فَقلت: مَا أَنْت بفاعل. قَالَ: لم؟ قَالَ: لم يَفْعَله صاحباك. قَالَ: هما المرآن يقْتَدى بهما.(3/485)
(142) عَمْرو بن تغلب [رَضِي الله عَنهُ]
حديثان:
3038 - أَحدهمَا: عَن الْحسن بن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن تغلب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بِمَال أَو شَيْء فَقَسمهُ، فَأعْطى رجَالًا وَترك رجَالًا، فَبَلغهُ أَن الَّذين ترك عتبوا. فَحَمدَ الله ثمَّ أثنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " أما بعد، فوَاللَّه إِنِّي لأعطي الرجل وأدع الرجل، وَالَّذِي أدع أحب إِلَيْهِ من الَّذِي أعطي، وَلَكِنِّي أعطي أَقْوَامًا لما أرى فِي قُلُوبهم من الْجزع والهلع، وَأكل أَقْوَامًا إِلَيّ مَا جعل الله فِي قُلُوبهم من الْغنى وَالْخَيْر، فيهم عَمْرو بن تغلب " فوَاللَّه مَا أحب أَن لي بِكَلِمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمر النعم.
3039 - الثَّانِي: من حَدِيث الْحسن بن أبي الْحسن أَيْضا عَن عَمْرو قَالَ: قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تقاتلوا أَقْوَامًا ينتعلون نعال الشّعْر. وَإِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تقاتلوا قوما عراض الْوُجُوه، كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة ".
(143) سلمَان بن عَامر الضَّبِّيّ [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3040 - من رِوَايَة مُحَمَّد بن سِيرِين عَن سلمَان بن عَامر قَالَ: سَمِعت رَسُول(3/486)
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " مَعَ الْغُلَام عقيقته، فأهريقوا عَنهُ دَمًا، وأميطوا عَنهُ الْأَذَى ".
وَفِي حَدِيث أبي النُّعْمَان عَن حَمَّاد بن زيد مَوْقُوف: أَن سلمَان قَالَ:
مَعَ الْغُلَام عقيقته. لم يزدْ.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ حجاج:
حَدثنَا حمادٌ عَن أَيُّوب وَقَتَادَة وَهِشَام وحبِيب عَن ابْن سِيرِين عَن سلمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَرَوَاهُ يزِيد بن إِبْرَاهِيم عَن ابْن سِيرِين مَوْقُوفا.
(144) أَبُو كَرِيمَة، الْمِقْدَام بن معدي كرب [رَضِي الله عَنهُ]
حديثان:
3041 - أَحدهمَا: من رِوَايَة خَالِد بن معدان عَن الْمِقْدَام عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كيلوا طَعَامكُمْ يُبَارك لكم فِيهِ ".
3042 - الثَّانِي: عَن خَالِد بن معدان أَيْضا عَن الْمِقْدَام عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا أكل أحدٌ طَعَاما قطّ خيرا من أَن يَأْكُل من عمل يَده. وَإِن نَبِي الله دَاوُد كَانَ يَأْكُل من عمل يَده ".(3/487)
(145) مُحَمَّد إِيَاس بن البكير [رَضِي الله عَنهُ]
وَكَانَ أَبوهُ شهد بَدْرًا:
3043 - قَالَ أَبُو مَسْعُود: قَالَ البُخَارِيّ فِي " الْمَغَازِي ": وَقَالَ اللَّيْث عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب وسألناه فَقَالَ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان أَن مُحَمَّد ابْن إِيَاس بن البكير، وَكَانَ أَبوهُ شهد بَدْرًا، أخبرهُ. هَكَذَا رَوَاهُ مُخْتَصرا، كَذَا قَالَ أَبُو مَسْعُود، وَقد أوهم بِهَذِهِ التَّرْجَمَة من لم يتَأَمَّل أَن مُحَمَّد بن إِيَاس بن البكير من الصَّحَابَة، وَإِن أَبَاهُ قد أخرج عَنهُ البُخَارِيّ شَيْئا، وَإِنَّمَا فِي هَذَا ذكرٌ لَهُ.
وَقد أخرج أَبُو بكر البرقاني رَحمَه الله الحَدِيث كُله الَّذِي هَذَا طرف مُخْتَصر مِنْهُ، من حَدِيث يُونُس بن يزِيد قَالَ:
سَأَلت ابْن شهَاب عَن رجل جعل أَمر امْرَأَته بيد أَبِيه قبل أَن يدْخل بهَا، فَقَالَ أَبوهُ:
هِيَ طَالِق ثَلَاثًا، كَيفَ السّنة فِي ذَلِك؟ فَقَالَ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان - مولى بن عَامر بن لؤَي أَن مُحَمَّد ابْن إِيَاس بن البكير - وَكَانَ أَبوهُ شهد بَدْرًا - أخبرهُ أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: بَانَتْ مِنْهُ فَلَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره. وَأَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس عَن ذَلِك فَقَالَ مثل قَول أبي هُرَيْرَة، وَسَأَلَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فَقَالَ مثل قَوْلهمَا.
فاختصر البُخَارِيّ حَاجته مِنْهُ فِي ذكر من شهد بَدْرًا.(3/488)
(146) سِنِين أَبُو جميلَة [رَضِي الله عَنهُ]
طرف:
3044 - من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَنهُ قَالَ: وَزعم أَبُو جميلَة أَنه أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَخرج مَعَه عَام الْفَتْح.
(147) حزن، جد سعيد بن الْمسيب [رَضِي الله عَنهُ]
حديثان:
3045 - أَحدهمَا: من رِوَايَة سعيد بن الْمسيب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: جَاءَ سيلٌ فِي الْجَاهِلِيَّة، فكسا مَا بَين الجبلين. قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: كَانَ عَمْرو بن دِينَار يَقُول: حَدثنَا سعيد بن الْمسيب ... وَذكر هَذَا الْخَبَر. وَيَقُول: إِن هَذَا الحَدِيث لَهُ شَأْن.
3046 - الثَّانِي: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: " مَا اسْمك؟ " قَالَ: حزن قَالَ: " بل أَنْت سهل ". وَهُوَ فِي مُسْند الْمسيب بن حزن.(3/489)
(148) عَمْرو بن مَيْمُون الأودي [رَضِي الله عَنهُ]
3047 - حكى أَبُو مَسْعُود أَن لَهُ فِي الصَّحِيح حِكَايَة من رِوَايَة حُصَيْن عَنهُ قَالَ: رَأَيْت فِي الْجَاهِلِيَّة قردةً اجْتمع عَلَيْهَا قردةٌ، قد زنت فرجموها فرجمتها مَعَهم. كَذَا حَكَاهُ أَبُو مَسْعُود، وَلم يذكر فِي أَي مَوضِع أخرجه البُخَارِيّ من كِتَابه، فبحثنا عَن ذَلِك فوجدناه فِي بعض النّسخ لَا فِي كلهَا، قد ذكر فِي أَيَّام الْجَاهِلِيَّة. وَلَيْسَ فِي رِوَايَة النعيمي عَن الْفربرِي أصلا شيءٌ من هَذَا الْخَبَر فِي القردة، ولعلها من الْمُقْحمَات الَّتِي أقحمت فِي كتاب البُخَارِيّ.
وَالَّذِي قَالَ البُخَارِيّ فِي " التَّارِيخ الْكَبِير ". قَالَ لي نعيم بن حَمَّاد: أخبرنَا هشيم عَن أبي بلج وحصين بن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ:
رَأَيْت فِي الْجَاهِلِيَّة قردةً اجْتمع عَلَيْهَا قرودٌ فرجموها، فرجمتها مَعَهم. وَلَيْسَ فِيهِ: قد زنت. فَإِن صحت هَذِه الزِّيَادَة، فَإِنَّمَا أخرجهَا البُخَارِيّ دلَالَة على أَن عَمْرو بن مَيْمُون قد أدْرك الْجَاهِلِيَّة، وَلم يبال بظنه الَّذِي ظن فِي الْجَاهِلِيَّة.
وَقد أوهم أَبُو مَسْعُود بِهَذِهِ التَّرْجَمَة الَّتِي أفردها باسمه أَنه من جملَة الصَّحَابَة الَّذين انْفَرد بهم البُخَارِيّ، كَمَا ترْجم أَولا، وكما فعل فِي اسْم أبي رَجَاء العطاردي. وَإِنَّمَا رِوَايَة البُخَارِيّ أَنه قَالَ:
كُنَّا نعْبد الْحجر. وَسَائِر مَا ذكر عَنهُ دلَالَة على أَنه قد أدْرك الْجَاهِلِيَّة، وَلم يسلم فِي أول الْإِسْلَام.(3/490)
(149) أَبُو رَجَاء العطاردي [رَضِي الله عَنهُ]
واسْمه عمرَان بن ملْحَان. وَقيل: عمرَان بن تيم.
3048 - حكى أَبُو بكر أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْإِسْمَاعِيلِيّ لَهُ فِي الصَّحِيح حِكَايَة من رِوَايَة مهْدي بن مَيْمُون قَالَ: سَمِعت أَبَا رَجَاء العطاردي يَقُول: كُنَّا نعْبد الْحجر، فَإِذا وجدنَا حجرا هُوَ خيرٌ مِنْهُ ألقيناه وأخذنا بِالْآخرِ، فَإِذا لم نجد حجرا جَمعنَا جثوَة من تُرَاب، ثمَّ جِئْنَا بِالشَّاة فحلبنا عَلَيْهِ، ثمَّ طفنا بِهِ، فَإِذا دخل شهر رَجَب قُلْنَا: منصل الأسنة. فَلَا نَدع رمحاً فِيهِ حديدةٌ، وَلَا سَهْما فِيهِ حَدِيدَة إِلَّا نزعناه فألقيناه. وَكَانَ يَقُول: كنت يَوْم بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غُلَاما أرعى الْإِبِل على أَهلِي، فَلَمَّا سمعنَا بِخُرُوجِهِ فَرَرْنَا إِلَى النَّار، إِلَى مُسَيْلمَة الْكذَّاب.
(150) وَحشِي الحبشي مولى جُبَير بن مطعم [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد فِي مقتل حَمْزَة بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ:
3049 - من رِوَايَة جَعْفَر بن عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي قَالَ: خرجت مَعَ عبيد الله ابْن عدي بن الْخِيَار، فَلَمَّا قدمنَا حمص قَالَ لي عبيد الله: هَل لَك فِي وحشيٍّ نَسْأَلهُ عَن قتل حَمْزَة؟ قلت: نعم. وَكَانَ وحشيٌّ سكن حمص، فسألنا عَنهُ، فَقيل لنا: هُوَ ذَاك فِي ظلّ قصره، كَأَنَّهُ حميت.(3/491)
قَالَ: فَجِئْنَا حَتَّى وقفنا عَلَيْهِ بِيَسِير، فسلمنا عَلَيْهِ، فَرد السَّلَام، وَعبيد الله معتجرٌ بعمامة، مَا يرى وحشيٌّ إِلَّا عَيْنَيْهِ وَرجلَيْهِ، فَقَالَ عبيد الله: يَا وَحشِي، أتعرفني؟ قَالَ: فَنظر إِلَيْهِ. ثمَّ قَالَ: لَا وَالله، إِلَّا أَنِّي أعلم أَن عدي بن الْخِيَار تزوج امْرَأَة يُقَال لَهَا أم قتال بنت أبي الْعيص فَولدت لَهُ غُلَاما بِمَكَّة، فَكنت استرضع لَهُ، فَحملت ذَلِك الْغُلَام مَعَ أمه فناولتها إِيَّاه، فَكَأَنِّي نظرت إِلَى قَدَمَيْك. قَالَ: فكشف عبيد الله عَن وَجهه ثمَّ قَالَ: أَلا تخبرنا بقتل حَمْزَة؟ قَالَ: نعم.
إِن حَمْزَة قتل طعيمة بن عدي بن الْخِيَار ببدرٍ، فَقَالَ لي مولَايَ جُبَير بن مطعم: إِن قتلت حَمْزَة بعمي فَأَنت حرٌّ. فَلَمَّا أَن خرج النَّاس عَام عينين، وعينين: جبلٌ بحيال أحد، بَينه وَبَينه وادٍ، خرجت مَعَ النَّاس إِلَى الْقِتَال، فَلَمَّا أَن اصطفوا لِلْقِتَالِ خرج سباعٌ فَقَالَ: هَل من مناور؟ فَخرج إِلَيْهِ حَمْزَة فَقَالَ: يَا سِبَاع، يَا ابْن أم أَنْمَار، مقطعَة البظور، أتحاد الله وَرَسُوله؟ ثمَّ شدّ عَلَيْهِ، فَكَانَ كأمسٍ الذَّاهِب.
قَالَ: وكمنت لِحَمْزَة تَحت صَخْرَة، فَلَمَّا دنا مني رميته بحربتي، فأضعها بَين ثدييه، حَتَّى خرجت من بَين وركيه، قَالَ: فَكَانَ ذَلِك الْعَهْد بِهِ.
فَلَمَّا رَجَعَ النَّاس رجعت مَعَهم، فأقمت بِمَكَّة حَتَّى فَشَا الْإِسْلَام، ثمَّ خرجت إِلَى الطَّائِف، فأرسلوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رسلًا، فَقيل لي: إِنَّه لَا يهيج الرُّسُل.
قَالَ: فَخرجت مَعَهم حَتَّى قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: " أَنْت وحشيٌّ؟ " قلت: نعم. قَالَ: " أَنْت قتلت حَمْزَة؟ " قلت: قد كَانَ من الْأَمر مَا بلغك. قَالَ: " فَهَل تَسْتَطِيع ان تغيب وَجهك عني؟ " قَالَ: فَخرجت. فَلَمَّا قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَخرج مُسَيْلمَة الْكذَّاب قلت: لأخْرجَن إِلَى مُسَيْلمَة، فلعلي أَقتلهُ، فأكافي بِهِ حَمْزَة. قَالَ: فَخرجت مَعَ النَّاس، فَكَانَ من أمره مَا كَانَ، فَإِذا رجلٌ قَائِم فِي ثلمة جِدَار كَأَنَّهُ جمل أَوْرَق ثَائِر الرَّأْس، فرميته بحربتي، فأضعها بَين ثدييه، حَتَّى خرجت من بَين كَتفيهِ، قَالَ: ووثب إِلَيْهِ رجلٌ من الْأَنْصَار فَضَربهُ بِالسَّيْفِ على هامته.(3/492)
قَالَ عبد الله بن الْفضل:
فَأَخْبرنِي سُلَيْمَان بن يسَار أَنه سمع عبد الله بن عمر يَقُول: فَقَالَت جَارِيَة على ظهر بَيته: وَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، قَتله العَبْد الْأسود.
(151) مُحَمَّد بن مسلمة [رَضِي الله عَنهُ]
ولمحمد بن مسلمة حَدِيث مَذْكُور فِي مُسْند الْمُغيرَة بن شُعْبَة، فِي شَهَادَته مَعَه عِنْد عمر بِقَضَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إملاص الْمَرْأَة.
(152) النُّعْمَان بن مقرن [رَضِي الله عَنهُ]
وللنعمان بن مقرن أَيْضا حَدِيث مَذْكُور فِي مُسْند الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَحَدِيث آخر فِي مُسْند بُرَيْدَة، أخرجه مُسلم بن الْحجَّاج.
(153) سعيد بن الْمسيب [رَضِي الله عَنهُ] عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
حَدِيث فِي الْحَوْض:
3050 - من رِوَايَة يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب أَنه كَانَ يحدث عَن(3/493)
أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
يرد عَليّ رجالٌ من أَصْحَابِي، فيحلئون عَنهُ، فَأَقُول: يَا رب، أَصْحَابِي، فَيَقُول: إِنَّك لَا علم لَك بِمَا أَحْدَثُوا بعْدك، إِنَّهُم ارْتَدُّوا على أدبارهم الْقَهْقَرَى " وَله ذكر فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة، من رِوَايَة سعيد عَنهُ.
(154) عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى [رَضِي الله عَنهُ] عَن أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
3051 - حَدِيث أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا، من رِوَايَة عَمْرو بن مرّة عَن أبي ليلى قَالَ:
حَدثنَا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: نزل شهر رَمَضَان، فشق عَلَيْهِم، فَكَانَ من أطْعم كل يَوْم مِسْكينا ترك الصَّوْم مِمَّن يطيقه، وَرخّص لَهُم فِي ذَلِك، فنسختها: {وَأَن تَصُومُوا خير لكم} [الْبَقَرَة] فَأمروا بِالصَّوْمِ.
(155) عبد الرَّحْمَن بن جَابر [رَضِي الله عَنهُ] عَمَّن سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
3052 - حَدِيث أخرجه من رِوَايَة مُسلم بن أبي مَرْيَم عَن عبد الرَّحْمَن عَمَّن سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا عُقُوبَة فَوق عشر ضربات إِلَّا فِي حد من حُدُود الله عز وَجل ".(3/494)
قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَهُوَ أَبُو بردة بن نيار.
(156) سراقَة بن مَالك بن جعْشم [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد مَذْكُور فِي جملَة حَدِيث لعَائِشَة.
3053 - من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَنْهَا - وَفِيه مُتَّصِلا بِهِ:
قَالَ الزُّهْرِيّ:
فَأَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن مَالك المدلجي - وَهُوَ ابْن أخي سراقَة: أَن أَبَاهُ أخبرهُ أَنه سمع سراقَة يَقُول: جَاءَنَا رسل كفار قُرَيْش يجْعَلُونَ فِي رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر دِيَة كل رجلٍ مِنْهُمَا لمن قَتله أَو أسره. فَبَيْنَمَا أَنا جالسٌ فِي مجلسٍ من مجَالِس قومِي بني مُدْلِج، أقبل رجلٌ مِنْهُم حَتَّى قَامَ علينا وَنحن جلوسٌ فَقَالَ: يَا سراقَة، إِنِّي قد رَأَيْت آنِفا أَسْوِدَة بالسَّاحل، أَرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه. قَالَ سراقَة: فَعرفت أَنهم هم. فَقلت لَهُ: إِنَّهُم لَيْسُوا بهم، وَلَكِنَّك رَأَيْت فلَانا وَفُلَانًا، انْطَلقُوا بأعيننا. ثمَّ لَبِثت فِي الْمجْلس سَاعَة، ثمَّ دخلت فَأمرت جاريتي أَن تخرج فرسي وَهِي من وَرَاء أكمة فتحبسها عَليّ، وَأخذت رُمْحِي، فَخرجت من ظهر الْبَيْت، فخططت بزجه الأَرْض، وخفضت عاليه، ثمَّ أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرب بِي حَتَّى دَنَوْت مِنْهُم، فَعَثَرَتْ بِي فرسي، فَخَرَرْت عَنْهَا، فَقُمْت فَأَهْوَيْت يَدي إِلَى كِنَانَتِي، فاستخرجت مِنْهَا الأزلام، فاستقسمت بهَا: أضرهم أم لَا؟ فَخرج الَّذِي أكره، فركبت وعصيت الأزلام، تقرب بِي، حَتَّى إِذا سَمِعت قِرَاءَة رَسُول(3/495)
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ لَا يلْتَفت، وَأَبُو بكر يكثر الِالْتِفَات، ساخت يدا فرسي فِي الأَرْض حَتَّى بلغتا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْت عَنْهَا، ثمَّ زجرتها فَنَهَضت، فَلم تكد تخرج يَديهَا، فَلَمَّا اسْتَوَت قَائِمَة إِذا لأثر يَديهَا عثانٌ سَاطِع فِي السَّمَاء مثل الدُّخان، فاستقسمت بالأزلام، فَخرج الَّذِي أكره، فناديتهم: الْأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حَتَّى جئتهم، وَوَقع فِي نَفسِي حِين لقِيت مَا لقِيت من الْحَبْس عَنْهُم أَن سَيظْهر أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقلت لَهُ: إِن قَوْمك قد جعلُوا فِيك الدِّيَة، وأخبرتهما أَخْبَار مَا يُرِيد النَّاس بهم، وَعرضت عَلَيْهِم الزَّاد وَالْمَتَاع، فَلم يرزآني وَلم يسألاني إِلَّا أَن قَالَ: " أخف عَنَّا " فَسَأَلته أَن يكْتب لي كتاب أَمن، فَأمر عَامر بن فهَيْرَة فَكتب فِي رقْعَة من أَدَم، ثمَّ مضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.(3/496)
أَفْرَاد مُسلم من الصَّحَابَة الَّذين أخرج عَنْهُم دون البُخَارِيّ (157) عبد الْمطلب بن ربيعَة ابْن الْحَارِث بن عبد الْمطلب [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3054 - من رِوَايَة عبد الله بن عبد الله بن نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب عَن عبد الْمطلب بن ربيعَة قَالَ: اجْتمع ربيعَة بن الْحَارِث وَالْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فَقَالَا: لَو بعثنَا هذَيْن الغلامين - قَالَ لي وللفضل بن الْعَبَّاس - إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَلمَاهُ، فَأَمرهمَا على هَذِه الصَّدقَات، فأديا مِمَّا يُؤَدِّي النَّاس، وأصابا مِمَّا يُصِيب النَّاس. قَالَ: فَبَيْنَمَا هما على ذَلِك جَاءَ عَليّ بن أبي طَالب فَوقف عَلَيْهِمَا، فذكرا لَهُ ذَلِك، فَقَالَ عليٌّ: لَا تفعلا، فوَاللَّه مَا هُوَ بفاعل، فانتحاه ربيعَة بن الْحَارِث فَقَالَ: وَالله مَا تصنع هَذَا إِلَّا نفاسةً مِنْك علينا، فوَاللَّه لقد نلْت صهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَمَا نفسناه عَلَيْك، فَقَالَ عَليّ: أرسلوهما. فَانْطَلقَا، واضطجع. قَالَ: فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر، سبقناه إِلَى الْحُجْرَة، فقمنا عِنْدهَا، حَتَّى جَاءَ فَأخذ بآذاننا ثمَّ قَالَ: " أخرجَا مَا تصرران " ثمَّ دخل ودخلنا مَعَه، وَهُوَ يومئذٍ عِنْد زَيْنَب بنت جحش. قَالَ: فتواكلنا الْكَلَام، ثمَّ تكلم أَحَدنَا فَقَالَ: يَا رَسُول الله،(3/497)
أَنْت أبر النَّاس، وأوصل النَّاس، وَقد بلغنَا النِّكَاح، فَجِئْنَا لتؤمرنا على بعض هَذِه الصَّدقَات، فنؤدي إِلَيْك كَمَا يُؤَدِّي النَّاس، وَنصِيب كَمَا يصيبون: فَسكت طَويلا حَتَّى أردنَا أَن نكلمه. قَالَ: وَجعلت زَيْنَب تلمع إِلَيْنَا من وَرَاء الْحجاب:
أَن لَا تكلماه. قَالَ: ثمَّ قَالَ: " إِن هَذِه الصَّدَقَة لَا تنبغي لآل مُحَمَّد، إِنَّمَا هِيَ لأوساخ النَّاس، ادعوا إِلَيّ محمية - وَكَانَ على الْخمس - وَنَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب ". قَالَ: فجاءاه فَقَالَ لمحمية: " أنكح هَذَا الْغُلَام ابْنَتك " - للفضل بن الْعَبَّاس - فأنكحه. وَقَالَ لنوفل بن الْحَارِث: " أنكح هَذَا الْغُلَام ابْنَتك " فأنكحني.
وَقَالَ لمحمية: أصدق عَنْهُمَا من الْخمس كَذَا وَكَذَا " قَالَ الزُّهْرِيّ: وَلم يسمه لي.
وَفِي حَدِيث يُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ نَحوه. وَفِيه قَالَ:
فَألْقى عليٌّ رِدَاءَهُ ثمَّ اضْطجع عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَنا أَبُو حسن القرم، وَالله لَا أريم مَكَاني حَتَّى يرجع إلَيْكُمَا ابناكما بحور مَا بعثتما بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ فِي الحَدِيث: ثمَّ قَالَ: " إِن هَذِه الصَّدقَات إِنَّمَا أوساخ النَّاس، وَإِنَّهَا لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد " وَقَالَ أَيْضا: ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ادعوا إِلَيّ محمية بن جُزْء " وَهُوَ رجلٌ من بني أَسد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَعْملهُ على الْأَخْمَاس.(3/498)
(158) هِشَام بن حَكِيم بن حزَام [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3055 - من رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه: أَن هِشَام بن حَكِيم مر بِالشَّام على أنَاس من الأنباط وَقد أقِيمُوا فِي الشَّمْس وصب على رؤوسهم الزَّيْت. فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قيل: يُعَذبُونَ فِي الْخراج. وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة: حبسوا فِي الْجِزْيَة. فَقَالَ: هِشَام: أشهد لسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن الله يعذب الَّذين يُعَذبُونَ النَّاس فِي الدُّنْيَا ".
زَاد فِي حَدِيث جرير قَالَ:
وأميرهم يومئذٍ عُمَيْر بن سعيد الْأنْصَارِيّ على فلسطين، فَدخل عَلَيْهِ فحدثه، فَأمر بهم فَخلوا.
وَفِي حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير نَحوه. وَلَيْسَ فِيهِ:
صب على رؤوسهم الزَّيْت.
(159) أَبُو وهب، صَفْوَان بن أُميَّة بن خلف [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3056 - من رِوَايَة الزُّهْرِيّ قَالَ: غزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة الْفَتْح - فتح مَكَّة. ثمَّ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمن مَعَه من الْمُسلمين فَاقْتَتلُوا بحنين، فنصر الله دينه(3/499)
وَالْمُسْلِمين، وَأعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يومئذٍ صَفْوَان بن أُميَّة مائَة من النعم، ثمَّ مائَة، ثمَّ مائَة.
قَالَ ابْن شهَاب:
فَحَدثني سعيد بن الْمسيب أَن صَفْوَان قَالَ: وَالله لقد أَعْطَانِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أَعْطَانِي وَإنَّهُ لأبغض النَّاس إِلَيّ، فَمَا برح يعطيني حَتَّى إِنَّه لأحب النَّاس إِلَيّ.
أخرجه مُسلم من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ. وَكَذَلِكَ أَبُو بكر البرقاني عَن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ.
وَفِيه زِيَادَة اختصرها مُسلم فِي ذكر مَا أعْطى حَكِيم بن حزَام، وَقَوله لَهُ: " هَذَا المَال خضرةٌ حلوة " وامتناعه من الْأَخْذ من أحدٍ بعده، وَمَا أعْطى الْأَقْرَع بن حَابِس وعيينه بن حصن. وَفِي آخِره: ثمَّ قفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة، حَتَّى إِذا وردهَا أَمر أَبَا بكر الصّديق بِالْحَجِّ.
(160) الشريد بن سُوَيْد الثَّقَفِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
حديثان:
3057 - أَحدهمَا: من رِوَايَة ابْنه عَمْرو بن الشريد عَنهُ قَالَ: كَانَ فِي وَفد ثَقِيف رجلٌ مجذومٌ، فَأرْسل إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّا قد بايعناك، فَارْجِع ".
3058 - الثَّانِي: عَن عَمْرو بن الشريد أَيْضا عَن أَبِيه - وَمن الروَاة من قَالَ: عَن عَمْرو بن الشريد أَو يَعْقُوب بن عَاصِم عَن الشريد قَالَ: أردفني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَلفه. وَفِي رِوَايَة من قَالَ عَن عَمْرو وَحده بِلَا شكّ عَن أَبِيه قَالَ: ردفت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَقَالَ: " هَل مَعَك من شعر أُميَّة بن أبي الصَّلْت شيءٌ؟ " قلت: نعم.(3/500)
قَالَ: " هيه "، فَأَنْشَدته بَيْتا، فَقَالَ: " هيه ". ثمَّ أنشدته بَيْتا، فَقَالَ: " هيه "، حَتَّى أنشدته مائَة بَيت.
وَفِي رِوَايَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الطَّائِفِي عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ:
استنشدني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... وَذكره نَحوه. وَزَاد - يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن كَاد ليسلم ".
وَفِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن الطَّائِفِي: " فَلَقَد كَاد يسلم فِي شعره ".
(161) نَافِع بن عتبَة بن أبي وَقاص [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3059 - من رِوَايَة جَابر بن سَمُرَة عَن نَافِع بن عتبَة قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة قَالَ: فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قومٌ من قبل الْمغرب، عَلَيْهِم ثِيَاب الصُّوف، فوافقوه عِنْد أكمة، فَإِنَّهُم لقيامٌ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعد، قَالَ: قَالَت لي نَفسِي: ائتهم فَقُمْ بَينهم وَبَينه، لَا يغتالونه. قَالَ: ثمَّ قلت: لَعَلَّه نجيٌّ مَعَهم. فأتيتهم فَقُمْت بَينهم وَبَينه، قَالَ: فَحفِظت مِنْهُ أَربع كَلِمَات أعدهن فِي يَدي: قَالَ: " تغزون جَزِيرَة الْعَرَب فيفتحها الله، ثمَّ تغزون فَارس فيفتحها الله، ثمَّ تغزون الرّوم فيفتحها الله، ثمَّ تغزون الدَّجَّال فيفتحه الله " قَالَ: فَقَالَ: نَافِع: يَا جَابر، لَا نرى الدَّجَّال يخرج حَتَّى تفتح الرّوم.(3/501)
ذكره البُخَارِيّ فِي " التَّارِيخ " تَعْلِيقا، الْمسند مِنْهُ فَقَط، فَقَالَ: وَقَالَ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل:
حَدثنَا أَبُو عوَانَة، حَدثنَا عبد الْملك بن عُمَيْر عَن جَابر بن سَمُرَة عَن نَافِع بن عتبَة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " تغزون جَزِيرَة الْعَرَب، فيفتحها الله عَلَيْكُم، وتغزون الدَّجَّال فَيفتح الله عَلَيْكُم، وتغزون الرّوم فَيفتح الله عَلَيْكُم، وتغزون فَارس فَيفتح الله عَلَيْكُم " لم يزدْ.
(162) مُطِيع بن الْأسود بن حَارِثَة [رَضِي الله عَنهُ]
وَقيل: ابْن خَارِجَة، ابْن نَضْلَة بن عَوْف
حَدِيث وَاحِد:
3060 - من رِوَايَة ابْنه عبد الله بن مُطِيع عَنهُ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَوْم فتح مَكَّة: " لَا يقتل قرشيٌّ صبرا بعد هَذَا الْيَوْم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
وَفِي رِوَايَة عبد الله بن نمير نَحوه، وَزَاد قَالَ:
وَلم يكن أسلم أحدٌ من عصاة قُرَيْش غير مُطِيع: كَانَ اسْمه العَاصِي، فَسَماهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُطيعًا.(3/502)
(163) أَبُو مَحْذُورَة سَمُرَة بن معير [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد فِي الْأَذَان.
3061 - من رِوَايَة مَكْحُول عَن عبد الله بن محيريز عَنهُ: أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علمه هَذَا الْأَذَان: الله أكبر، الله أكبر، كَذَا عِنْد مُسلم. أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله. أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. ثمَّ يعود فَيَقُول: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، مرَّتَيْنِ، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله - مرَّتَيْنِ. حَيّ عَليّ الصَّلَاة - مرَّتَيْنِ. حَيّ على الْفَلاح - مرَّتَيْنِ. الله أكبر، الله أكبر، لَا إِلَه إِلَّا الله.
(164) أَبُو سريحَة، حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
حديثان:
3062 - أَحدهمَا: من رِوَايَة أبي الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة عَن حُذَيْفَة بن أسيد قَالَ: اطلع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علينا وَنحن نتذاكر، فَقَالَ: " مَا تذاكرون؟ " قَالُوا: نذْكر السَّاعَة. قَالَ: " إِنَّهَا لن تقوم حَتَّى تروا قبلهَا عشر آيَات " فَذكر الدُّخان، والدجال وَالدَّابَّة، وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، ونزول عِيسَى بن مَرْيَم، ويأجوج وَمَأْجُوج، وَثَلَاثَة خُسُوف: خسف بالمشرق، وَخسف بالمغرب، وَخسف بِجَزِيرَة الْعَرَب، وَآخر ذَلِك نارٌ تطرد النَّاس إِلَى مَحْشَرهمْ.(3/503)
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن فرات الْقَزاز:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غرفَة وَنحن أَسْفَل مِنْهُ، فَاطلع إِلَيْنَا ... وَذكر نَحوه. قَالَ شُعْبَة: وحَدثني عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن أبي الطُّفَيْل عَن أبي سريحَة مثله، لَا يذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ أَحدهمَا فِي الْعَاشِرَة: نزُول عِيسَى بن مَرْيَم، وَقَالَ الآخر: وريح تلقي النَّاس فِي الْبَحْر. قَالَ شُعْبَة: وَلم يرفعهُ عبد الْعَزِيز.
3063 - الثَّانِي: من رِوَايَة عَامر بن وَاثِلَة أَنه سمع عبد الله ابْن مَسْعُود يَقُول: الشقي من شقي فِي بطن أمه، والسعيد من وعظ بِغَيْرِهِ. فَأتى رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُ حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ، فحدثه بذلك من قَول ابْن مَسْعُود، وَقَالَ لَهُ: وَكَيف يشقى رجلٌ بِغَيْر عمل؟ فَقَالَ لَهُ الرجل: أتعجب من ذَلِك؟ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا مر بالنطفة اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَة بعث الله إِلَيْهَا ملكا فصورها، وَخلق سَمعهَا وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثمَّ قَالَ: يَا رب، أذكرٌ أم أُنْثَى؟ فَيَقْضِي رَبك مَا شَاءَ، وَيكْتب الْملك، ثمَّ يَقُول: يَا رب، أَجله. فَيَقُول رَبك مَا شَاءَ، فَيكْتب الْملك، ثمَّ يَقُول: يَا رب رزقه، فَيقْضى رَبك مَا شَاءَ، فَيكْتب الْملك، ثمَّ يَقُول: يَا رب رزقه. فَيقْضى رَبك مَا شَاءَ، وَيكْتب الْملك، ثمَّ يخرج الْملك بالصحيفة فِي يَده، فَلَا يزِيد على أَمر، وَلَا ينقص. " هَكَذَا فِي حَدِيث أبي الزبير عَن أبي الطُّفَيْل عَن أبي سريحَة.
وَفِي حَدِيث عِكْرِمَة بن خَالِد عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ:
دخلت على أبي سريحَة، حُذَيْفَة بن أسيد فَقَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأذني هَاتين يَقُول: " إِن النُّطْفَة تقع فِي الرَّحِم أَرْبَعِينَ لَيْلَة، ثمَّ يتَصَوَّر عَلَيْهَا الْملك؟ ".
قَالَ زُهَيْر: قَالَ أَبُو خَيْثَمَة: حسبته قَالَ:
الَّذِي يخلقها، فَيَقُول: يَا رب، أذكرٌ أم أُنْثَى، فَيَجْعَلهُ الله ذكرا أَو أُنْثَى، ثمَّ يَقُول: يَا رب أسويٌّ أَو غير سوي؟ ، فَيَجْعَلهُ الله سوياً أَو غير سوي. ثمَّ يَقُول: يَا رب، مَا رزقه؟ مَا أَجله؟ مَا خلقه؟(3/504)
ثمَّ يَجعله الله شقياً أَو سعيداً ".
وَفِي رِوَايَة كُلْثُوم عَن أبي الطُّفَيْل عَنهُ، رفع الحَدِيث إِلَى رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن ملكا موكلاً بالرحم، إِذا أَرَادَ الله أَن يخلق شَيْئا يَأْذَن الله لبضع وَأَرْبَعين لَيْلَة. . " ثمَّ ذكر نَحوه.
(165) سُبْرَة بن معبد الْجُهَنِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث الْمُتْعَة:
3064 - من رِوَايَة الرّبيع بن سُبْرَة عَن أَبِيه قَالَ: أذن لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمُتْعَةِ، فَانْطَلَقت أَنا ورجلٌ إِلَى امرأةٍ من بني عَامر كَأَنَّهَا بكرةٌ عيطاء، فعرضنا عَلَيْهَا أَنْفُسنَا، فَقَالَت: مَا تُعْطِي؟ فَقلت: رِدَائي. وَقَالَ صَاحِبي: رِدَائي، وَكَانَ رِدَاء صَاحِبي أَجود من رِدَائي، وَكنت أشب مِنْهُ، فَإِذا نظرت إِلَى رِدَاء صَاحِبي أعجبها، وَإِذا نظرت إِلَيّ أعجبتها، ثمَّ قَالَت: أَنْت ورداؤك يَكْفِينِي، فَمَكثت مَعهَا ثَلَاثًا. ثمَّ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من كَانَ عِنْده شيءٌ من هَذِه النِّسَاء الَّتِي يتمتع فَلْيخل سَبِيلهَا " كَذَا فِي رِوَايَة اللَّيْث عَن الرّبيع.
وَفِي حَدِيث عمَارَة بن غزيَّة عَن الرّبيع:
إِن أَبَاهُ غزا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتح مَكَّة، قَالَ: فَأَقَمْنَا بهَا خمس عشرَة - ثَلَاثِينَ بَين لَيْلَة وَيَوْم - فَأذن لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مُتْعَة النِّسَاء، فَخرجت أَنا ورجلٌ من قومِي، ولي عَلَيْهِ فضلٌ فِي الْجمال، وَهُوَ(3/505)
قريب من الدمامة، مَعَ كل وَاحِد مِنْهَا بردٌ، فبردي خلق، وَأما برد ابْن عمي فبردٌ جديدٌ غض، حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَسْفَل مَكَّة أَو بِأَعْلَاهَا، فتلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة ... ثمَّ ذكره نَحوه بِمَعْنَاهُ. وَفِيه: ويراها صَاحِبي تنظر إِلَى عطفها، فَقَالَ: عَن برد هَذَا خلقٌ وبردي جَدِيد غضٌّ، فَتَقول: برد هَذَا لَا بَأْس بِهِ، ثَلَاث مرار، أَو مرَّتَيْنِ. ثمَّ استمتعت مِنْهَا، فَلم أخرج حَتَّى حرمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي حَدِيث وهيب عَن عمَارَة نَحوه، وَزَاد: قَالَت: وَهل يصلح ذَاك؟ وَفِيه: قَالَ: إِن برد هَذَا خلقٌ محٌّ.
وَفِي حَدِيث عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الْعَزِيز عَن الرّبيع بن سُبْرَة:
أَن أَبَاهُ حَدثهُ: انه كَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " يَا أَيهَا النَّاس، إِنِّي كنت أَذِنت لكم فِي الِاسْتِمْتَاع من النِّسَاء، وَإِن الله قد حرم ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، فَمن كَانَ عِنْده مِنْهُنَّ شيءٌ فَلْيخل سَبيله، وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا. ".
زَاد فِي رِوَايَة عَبدة بن سُلَيْمَان عَن عبد الْعَزِيز بن عمر:
رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما بَين الرُّكْن وَالْبَاب وَهُوَ يَقُول: فَذكره، وَذكر التَّحْرِيم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَفِي حَدِيث عبد الْملك بن الرّبيع عَن أَبِيه عَن جده سُبْرَة قَالَ:
أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمُتْعَةِ عَام الْفَتْح حِين دَخَلنَا مَكَّة، ثمَّ لم نخرج مِنْهَا حَتَّى نَهَانَا عَنْهَا.
وَفِي حَدِيث عبد الْعَزِيز بن الرّبيع عَن أَبِيه عَن جده نَحوه، وَفِيه:
فَأمرت نَفسهَا سَاعَة، ثمَّ اختارتني على صَاحِبي، فَكُن مَعنا ثَلَاثًا، ثمَّ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بفراقهن.(3/506)
حَدِيث الزُّهْرِيّ من رِوَايَة معمرعنه، عَن الرّبيع بن سُبْرَة مُخْتَصرا:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى زمَان الْفَتْح عَن مُتْعَة النِّسَاء. زَاد فِي حَدِيث صَالح عَن الزُّهْرِيّ، عَن الرّبيع: وَأَن أَبَاهُ تمتّع ببردين أحمرين.
وَفِي رِوَايَة يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير: أَن عبد الله بن الزبير قَامَ بِمَكَّة فَقَالَ:
إِن نَاسا أعمى الله قُلُوبهم كَمَا أعمى أَبْصَارهم يفتون بِالْمُتْعَةِ، يعرض بِرَجُل. فناداه فَقَالَ: إِنَّك لجلفٌ جافٍ، فلعمري، لقد كَانَت الْمُتْعَة تفعل فِي عهد إِمَام الْمُتَّقِينَ - يُرِيد بِهِ رَسُول الله - فَقَالَ ابْن الزبير: فجرب بِنَفْسِك، فوَاللَّه لَئِن فعلتها لأرجمنك بأحجارك. قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي خَالِد بن المُهَاجر بن سيف الله: أَنه بَيْنَمَا هُوَ جَالس عِنْد رجل جَاءَهُ رجلٌ فاستفتاه فِي الْمُتْعَة، فَأمره بهَا، فَقَالَ لَهُ ابْن أبي عمْرَة الْأنْصَارِيّ: مهلا. قَالَ: مَا هِيَ؟ وَالله لقد فعلت فِي عهد إِمَام الْمُتَّقِينَ. قَالَ ابْن أبي عمْرَة: إِنَّهَا كَانَت رخصَة فِي أول الْإِسْلَام لمن اضْطر إِلَيْهَا كالميتة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير، ثمَّ أحكم الله الدّين وَنهى عَنْهَا.
قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي الرّبيع بن سُبْرَة أَن أَبَاهُ قَالَ:
استمتعت فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ببردين أحمرين امْرَأَة من بني عَامر، ثمَّ نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمُتْعَة.
قَالَ ابْن شهَاب: وَسمعت الرّبيع بن سُبْرَة يحدث ذَلِك عمر بن عبد الْعَزِيز وَأَنا جالسٌ.
وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن أبي عبلة، عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ:
حَدثنِي الرّبيع ابْن سُبْرَة عَن أَبِيه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْمُتْعَة، وَقَالَ: " أَلا إِنَّهَا حرامٌ من يومكم هَذَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَمن أعْطى شَيْئا فَلَا يَأْخُذهُ ".(3/507)
(166) عبد الله بن السَّائِب بن أبي السَّائِب المَخْزُومِي [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3065 - من رِوَايَة عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَعبد الله ابْن الْمسيب بن عَابِد بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم العابدي، وَأبي سَلمَة بن سُفْيَان، عَن عبد الله ابْن السَّائِب قَالَ: صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصُّبْح بِمَكَّة، فَاسْتَفْتَحَ بِسُورَة " الْمُؤمنِينَ "، حَتَّى جَاءَ ذكر مُوسَى وَهَارُون، أَو ذكر عِيسَى - شكّ الرَّاوِي أَو اخْتلف عَلَيْهِ - أخذت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سعلةٌ، فَرَكَعَ وَعبد الله بن السَّائِب حاضرٌ ذَلِك.
وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق: فَحذف: فَرَكَعَ.
أخرجه مُسلم بِالْإِسْنَادِ كَذَلِك، وَجعله أَبُو مَسْعُود من أَفْرَاده. وَقد أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا، فَقَالَ: وَيذكر عَن عبد الله بن السَّائِب:
قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " الْمُؤْمِنُونَ " فِي الصُّبْح، حَتَّى إِذا جَاءَ ذكر مُوسَى وَهَارُون، أَو ذكر عِيسَى، أَخَذته سعلةٌ فَرَكَعَ.(3/508)
(167) عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سهم السَّهْمِي [رَضِي الله عَنهُ]
أَبُو حذافة، مدنِي.
حَدِيث وَاحِد:
3066 - حكى خلفٌ الوَاسِطِيّ فِي كِتَابه أَن مُسلما أخرجه عَن إِسْحَاق عَن روح عَن مَالك. وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه عَن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ، من حَدِيث سُفْيَان عَن سَالم أبي النَّضر وَعبد الله بن أبي بكير عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن عبد الله بن حذافة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره أَن يُنَادي فِي أَيَّام التَّشْرِيق: إِنَّهَا أَيَّام أكلٍ وَشرب. قَالَ: فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي حِين حدث بِهَذَا الحَدِيث: حَدثنَا مَالك بن أنس - وَلَا أرَاهُ إِلَّا كَانَ أحفظ من سُفْيَان - عَن عبد الله بن أبي بكر عَن سُلَيْمَان بن يسَار: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر ابْن حذافة يُنَادي أَيَّام التَّشْرِيق: إِنَّهَا أَيَّام أكل وَشرب.
وَقَالَ البُخَارِيّ فِي " التَّارِيخ ": عبد الله بن حذافة أَبُو حذافة السَّهْمِي الْقرشِي // لَا يَصح، حَدِيثه مُرْسل //.
وَهَكَذَا روينَاهُ فِي الْمُوَطَّأ مُرْسلا كَمَا قَالَ ابْن مهْدي.
وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ خلفٌ الوَاسِطِيّ لم أَجِدهُ فِيمَا عندنَا من كتاب مُسلم، وَلَا حَكَاهُ أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه، وَلَو وجده أَبُو بكر البرقاني فِي كتاب مُسلم لما حَكَاهُ عَن خلف، وَلَعَلَّه قد رَآهُ فِي بعض النّسخ عَن مُسلم. وَالله أعلم.(3/509)
(168) معمر بن عبد الله بن نَافِع بن نَضْلَة بن عبيد بن عويج بن عدي بن كَعْب [رَضِي الله عَنهُ]
حديثان:
3067 - أَحدهمَا: من رِوَايَة بسر بن سعيد، عَن معمر بن عبد الله: أَنه أرسل غُلَامه بِصَاع من قَمح، فَقَالَ: بِعْهُ ثمَّ اشْتَرِ بِهِ شَعِيرًا، فَذهب الْغُلَام فَأخذ صَاعا وَزِيَادَة بعض صَاع، فَلَمَّا جَاءَ معمرٌ أخبرهُ بذلك. فَقَالَ لَهُ معمر: لم فعلت ذَلِك؟ انْطلق فَرده، وَلَا تأخذن إِلَّا مثلا بِمثل، فَإِنِّي كنت أسمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " الطَّعَام بِالطَّعَامِ مثلا بِمثل " وَكَانَ طعامنا يومئذٍ الشّعير. قيل لَهُ: إِنَّه لَيْسَ بِمثلِهِ.
قَالَ: إِنِّي أَخَاف أَن يضارع.
3068 - الثَّانِي: من رِوَايَة سعيد بن الْمسيب عَن معمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من احتكر فَهُوَ خاطئٌ " فَقيل لسَعِيد: فَإنَّك تحتكر. قَالَ سعيد: إِن معمراً الَّذِي كَانَ يحدث هَذَا الحَدِيث كَانَ يحتكر.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن عَطاء، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن معمر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... مثله.
قَالَ فِي رِوَايَة عَمْرو بن يحيى عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن عَطاء عَن ابْن الْمسيب عَن معمر بن أبي معمر - أحد بني عدي بن كَعْب قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... فَذكر مثله. زَاد أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه: قَالَ: وَكَانَ ابْن الْمسيب يحتكر الزَّيْت.
شكّ أَبُو مَسْعُود إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي فِي هَذَا الِاسْم، فَجعله فِي ترجمتين، قَالَ فِي الأولى: معمر بن عبد الله بن نَضْلَة. وَقَالَ فِي الثَّانِيَة: معمر بن أبي معمر، أحد بنى كَعْب. ثمَّ قَالَ: وَأَظنهُ الأول.(3/510)
وَلَا شكّ أَنَّهُمَا وَاحِد، لِأَن كتاب مُسلم يشْهد بذلك وَقد قَالَ فيهمَا جَمِيعًا: معمر بن عبد الله، وَنسبه الْمُتَّصِل يشْهد بذلك.
وَقَالَ فِيهِ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ: معمر بن عبد الله بن نَافِع بن نَضْلَة الْعَدوي من مهاجرة الْحَبَشَة، سكن الْمَدِينَة، قَالَه فِي كِتَابه " المعجم ".
وَقَالَ الْحَاكِم فِي كِتَابه: وَمعمر بن عبد الله بن نَافِع بن نَضْلَة الْعَدوي، وَهُوَ معمر بن أبي معمر.
(169) أَبُو الطُّفَيْل، عَامر بن وَاثِلَة بن عبد الله بن خُنَيْس [رَضِي الله عَنهُ]
وَهُوَ آخر من مَاتَ مِمَّن رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سنة ثِنْتَيْنِ وَمِائَة. وَقَالَ مُسلم بن الْحجَّاج:
وَمَات سنة مائَة. وَمَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين.
حديثان:
3069 - أَحدهمَا: من رِوَايَة سعيد الْجريرِي عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: قلت لَهُ: أَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: نعم، كَانَ أَبيض، مليح الْوَجْه.
وَفِي رِوَايَة عبد الْأَعْلَى عَن الْجريرِي عَنهُ قَالَ:
رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمَا على وَجه الأَرْض رجلٌ رَآهُ غَيْرِي. قَالَ: قلت: فَكيف رَأَيْته؟ قَالَ: كَانَ أَبيض مليحاً مقصداً.(3/511)
زَاد أَبُو بكر البرقاني عَن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي حَدِيث سعيد الْجريرِي عَنهُ بعد قَوْله مقصداً:
إِذا مَشى كَأَنَّهُ يهوي فِي صبوب.
3070 - الثَّانِي: من رِوَايَة مَعْرُوف بن خَرَّبُوذ عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يطوف بِالْبَيْتِ، ويستلم الرُّكْن بمحجن مَعَه، وَيقبل المحجن.
وَقد أخرج مُسلم من حَدِيث عبد الْملك بن سعيد بن الأبجر عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس:
أَرَانِي قد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: فصفه لي. قَالَ: قلت: رَأَيْته عِنْد الْمَرْوَة على ناقةٍ وَقد كثر النَّاس عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ذَاك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِنَّهُم كَانُوا لَا يدعونَ عَنهُ وَلَا يكْرهُونَ.
(170) عُمَيْر مولى آبي اللَّحْم [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3071 - من رِوَايَة يزِيد بن أبي عبيد عَن عُمَيْر قَالَ: أَمرنِي مولَايَ أَن أقدد لَحْمًا، فَجَاءَنِي مسكينٌ فأطعمته مِنْهُ، فَعلم بذلك مولَايَ فضربني، فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ، فَدَعَاهُ فَقَالَ: " لم ضَربته؟ " قَالَ: يُعْطي طَعَامي بِغَيْر أَن آمره، فَقَالَ " الْأجر بَيْنكُمَا ".
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن زيد، عَن عُمَيْر قَالَ:
كنت مَمْلُوكا، فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتصدق من مَال مولَايَ بِشَيْء لله؟ قَالَ: " نعم، وَالْأَجْر بَيْنكُمَا نِصْفَانِ ".(3/512)
(171) عبد الله بن أنيس الْجُهَنِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث وَاحِد:
3072 - من رِوَايَة بسر بن سعيد عَن عبد الله بن أنيس الْجُهَنِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أريت لَيْلَة الْقدر ثمَّ أنسيتها، وَأرَانِي صبيحتها أَسجد فِي مَاء وطين. " قَالَ: فمطرنا لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين، فصلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَانْصَرف وَإِن أثر المَاء والطين على جَبهته وَأَنْفه. قَالَ: وَكَانَ عبد الله بن أنيس يَقُول: ثَلَاث وَعشْرين.
(172) أَبُو الْيُسْر، كَعْب بن عَمْرو السّلمِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
حَدِيث فِيهِ أَحَادِيث، لَهُ ولجابر بن عبد الله.
3073 - من رِوَايَة عبَادَة بن الْوَلِيد بن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: خرجت أَنا وَأبي نطلب الْعلم فِي هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار قبل أَن يهْلكُوا، فَكَانَ أول من لَقينَا أَبَا الْيُسْر صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ غلامٌ لَهُ، مَعَه ضمامةٌ من صحف، وعَلى أبي الْيُسْر بردةٌ ومعافري، وعَلى غُلَامه بردةٌ ومعافريٌّ، فَقَالَ لَهُ أبي: يَا عَم، إِنِّي أرى فِي وَجهك سفعة من غضبٍ، قَالَ: أجل، كَانَ لي على فلَان بن(3/513)
فُلَانَة الحرامي مَال، فَأتيت أَهله فَسلمت فَقلت: أَثم هُوَ؟ قَالُوا: لَا، فَخرج عَليّ ابنٌ لَهُ جفر، فَقلت لَهُ، أَيْن أَبوك؟ قَالَ: سمع صَوْتك فَدخل أريكة أُمِّي.
فَقلت: أخرج إِلَيّ، فقد علمت أَيْن أَنْت. فَخرج فَقلت: مَا حملك على أَن اخْتَبَأْت مني؟ قَالَ: أَنا وَالله أحَدثك ثمَّ لَا أكذبك، خشيت وَالله أَن أحَدثك فأكذبك، وَأَن أعدك فأخلفك، وَكنت صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكنت وَالله مُعسرا، قَالَ: قلت: آللَّهُ؟ قَالَ: الله. قَالَ: قلت: آللَّهُ؟ قَالَ: الله. قَالَ: قلت: الله؟ قَالَ: الله. قَالَ: قَالَ: فَأتى بصحيفته فمحاها بِيَدِهِ وَقَالَ: فَإِن وجدت قَضَاء فاقضني، وَإِلَّا فَأَنت فِي حلٍّ. فَأشْهد بصر عَيْني هَاتين - وَوضع يَدَيْهِ على عَيْنَيْهِ - وَسمع أُذُنِي هَاتين، ووعاه قلبِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَيّ نِيَاط قلبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول: " من أنظر مُعسرا أَو وضع عَنهُ أظلهُ الله فِي ظله ".
قَالَ: فَقلت لَهُ أَنا: يَا عَم، لَو أَنَّك أخذت بردة غلامك وأعطيته معافريك، وَأخذت معافريه وأعطيته بردتك، فَكَانَت عَلَيْك حلةٌ وَعَلِيهِ حلَّة. فَمسح رَأْسِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارك فِيهِ، يَا ابْن أخي، بصر عَيْني هَاتين، وَسمع أُذُنِي هَاتين، ووعاه قلبِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى نِيَاط قلبه، رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول: " أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ، وألبسوهم مِمَّا تلبسُونَ " وَكَانَ أَن أعْطِيه من مَتَاع الدُّنْيَا أَهْون عَليّ من أَن يَأْخُذ من حسناتي يَوْم الْقِيَامَة.
ثمَّ مضينا حَتَّى أَتَيْنَا جَابر بن عبد الله فِي مَسْجده وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد مُشْتَمِلًا، فتخطينا الْقَوْم حَتَّى جَلَست بَينه وَبَين الْقبْلَة، فَقلت: يَرْحَمك الله، أَتُصَلِّي فِي ثوبٍ واحدٍ وبرداك إِلَى جَنْبك. قَالَ: فَقَالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي هَكَذَا وَقرن بَين أَصَابِعه وقوسها: أردْت أَن يدْخل عَليّ الأحمق مثلك فيراني كَيفَ أصنع فيصنع مثله.(3/514)
أَتَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجِدنَا هَذَا وَفِي يَده عرجون ابْن طَابَ، فَرَأى فِي قبْلَة الْمَسْجِد نخامةً، فحكها بالعرجون، ثمَّ أقبل علينا فَقَالَ:
أَيّكُم يحب أَن يعرض الله عَنهُ "؟ قَالَ: فخشعنا. ثمَّ قَالَ: " أَيّكُم يحب أَن يعرض الله عَنهُ؟ " قُلْنَا: لَا أَيّنَا يَا رَسُول الله. قَالَ: " فَإِن أحدكُم إِذا قَامَ يُصَلِّي، فَإِن الله تبَارك وَتَعَالَى قبل وَجهه، فَلَا يبزقن قبل وَجهه وَلَا عَن يَمِينه، وليبصق عَن يسَاره تَحت رجله الْيُسْرَى، فَإِن عجلت بِهِ بادرةً فَلْيقل بِثَوْبِهِ هَكَذَا " ثمَّ طوى بعضه على بعض. فَقَالَ:
أروني عبيراً " فَقَامَ فَتى من الْحَيّ يشْتَد إِلَى أَهله، فجَاء بخلوق فِي رَاحَته، فَجعله على رَأس العرجون، ثمَّ لطخ بِهِ على أثر النخامة: فَقَالَ جَابر: فَمن أجل ذَلِك جعلتم الخلوق فِي مَسَاجِدكُمْ.
سرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة بطن بواط وَهُوَ يطْلب المجدي بن عَمْرو الْجُهَنِيّ، وَكَانَ الناضح يعقبه منا الْخَمْسَة والستة والسبعة، فدارت عقبَة رجلٍ من الْأَنْصَار على ناضحٍ لَهُ، فأناخه فَرَكبهُ، ثمَّ بَعثه، فتلدن عَلَيْهِ بعض التلدن فَقَالَ لَهُ:
شأ، لعنك الله. فَقَالَ رَسُول الله: " من هَذَا اللاعن بعيره؟ " قَالَ: أَنا يَا رَسُول الله. قَالَ: " انْزِلْ عَنهُ، فَلَا تصحبنا بملعون، لَا تدعوا على أَنفسكُم، وَلَا تدعوا على أَوْلَادكُم، وَلَا تدعوا على أَمْوَالكُم، لَا توافقوا من الله سَاعَة يسْأَل فِيهَا عطاءٌ فيستجاب لكم ".
سرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا كُنَّا عشيشية، ودنونا مَاء من مياه الْعَرَب، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من رجلٌ يتقدمنا فيمدر الْحَوْض، فيشرب ويسقينا؟ " قَالَ(3/515)
جَابر: فَقُمْت فَقلت:
هَذَا رجل يَا رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَي رجل مَعَ جَابر؟ " فَقَامَ جَبَّار بن صَخْر، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبِئْر فنزعنا من الْحَوْض سجلاً أَو سَجْلَيْنِ، ثمَّ مدرناه ثمَّ نَزَعْنَا فِيهِ حَتَّى أصفقناه، فَكَانَ أول طالعٍ علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " أتأذنان؟ " قُلْنَا: نعم يَا رَسُول الله، فأشرع نَاقَته فَشَرِبت، شنق لَهَا فشجت فبالت، ثمَّ عدل بهَا فأناخها، ثمَّ جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْحَوْض فَتَوَضَّأ مِنْهُ، ثمَّ قُمْت فَتَوَضَّأت من متوضأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذهب جَبَّار بن صَخْر يقْضِي حَاجته، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليُصَلِّي، فَكَانَت عَليّ بردةٌ، ذهبت أَن أُخَالِف بَين طرفيها فَلم تبلغ لي، وَكَانَ لَهَا ذباذب، فنكستها ثمَّ خَالَفت بَين طرفيها، ثمَّ تواقصت عَلَيْهَا، ثمَّ جِئْت حَتَّى قُمْت عَن يسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأخذ بيَدي فأدارني حَتَّى أقامني عَن يَمِينه، ثمَّ جَاءَ جَبَّار بن صَخْر فَتَوَضَّأ، ثمَّ جَاءَ فَقَامَ عَن يسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا، فدفعنا حَتَّى أقامنا خَلفه، فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرمقني وَأَنا لَا أشعر، ثمَّ فطنت لَهُ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا - يَعْنِي: شدّ وسطك، فَلَمَّا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يَا جَابر " قلت: لبيْك يَا رَسُول الله. قَالَ: " إِذا كَانَ وَاسِعًا فَخَالف بَين طَرفَيْهِ، وَإِذا كَانَ ضيقا فاشدده على حقوك ".
سرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ قوت كل رجل منا فِي كل يَوْم تَمْرَة، فَكَانَ يمصها ثمَّ يصرها فِي ثَوْبه، وَكُنَّا نختبط بقسينا وَنَأْكُل، حَتَّى قرحت أشداقنا، فأقسم أخطئها رجلٌ منا يَوْمًا، فَانْطَلَقْنَا بِهِ ننعشه، فَشَهِدْنَا لَهُ أَنه لم يُعْطهَا، فأعطيها فَقَامَ فَأَخذهَا.(3/516)
سرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نزلنَا وَاديا أفيح، فَذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْضِي حَاجته، فَأَتْبَعته بإداوة من مَاء، فَنظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم ير شَيْئا يسْتَتر بِهِ، وَإِذا شجرتان بشاطيء الْوَادي، فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى إِحْدَاهمَا، فاخذ بِغُصْن من أَغْصَانهَا، فَقَالَ: " انقادي عَليّ بِإِذن الله " فانقادت مَعَه كالبعير المخشوش الَّذِي يصانع قائده، حَتَّى أَتَى الشَّجَرَة الْأُخْرَى، فَأخذ بغصنٍ من أَغْصَانهَا فَقَالَ: " انقادي عَليّ بِإِذن الله " فانقادت مَعَه كَذَلِك، حَتَّى إِذا كَانَ بالمنصف بَينهمَا لأم بَينهمَا - يَعْنِي جَمعهمَا، فَقَالَ، " التئما عَليّ بِإِذن الله " فألتأمتا. قَالَ جَابر: فَخرجت أحضر مَخَافَة أَن يحس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقربي، فيبتعد، فَجَلَست أحدث نَفسِي، فحانت مني لفتةٌ، فَإِذا أَنا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِذا الشجرتان قد افترقتا، فَقَامَتْ كل وَاحِدَة على سَاق، فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف وَقْفَة فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا - وَأَشَارَ الرَّاوِي بِرَأْسِهِ يَمِينا وَشمَالًا - ثمَّ أقبل، فَلَمَّا انْتهى إِلَيّ قَالَ: " يَا جَابر، هَل رَأَيْت مقَامي؟ " قلت: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ: " فَانْطَلق إِلَى الشجرتين، فاقطع من كل واحدةٍ مِنْهُمَا غصناً، فَأقبل بهما حَتَّى إِذا قُمْت مقَامي فَأرْسل غصناُ عَن يَمِينك وغصناً عَن يسارك " قَالَ جَابر: فَقُمْت، فَأخذت حجرا وكسرته وحسرته، فاندلق لي، فَأتيت الشجرتين، فَقطعت من كل واحدةٍ مِنْهُمَا غصناً ثمَّ أَقبلت أجرهما، حَتَّى قُمْت مقَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أرْسلت غصناً عَن يَمِيني وغصناً عَن يساري، ثمَّ لحقته فَقلت: قد فعلت يَا رَسُول الله، فَعم ذَاك؟ قَالَ: " إِنِّي مَرَرْت بقبرين يعذبان، فَأَحْبَبْت بشفاعتي أَن يرفه عَنْهُمَا مَا دَامَ هَذَانِ الغصنان رطبين ".
قَالَ:
فأتينا الْعَسْكَر، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا جَابر، نَاد بِوضُوء " فَقلت: أَلا(3/517)
وضوء، أَلا وضوء، أَلا وضوء. قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، مَا وجدت فِي الركب من قَطْرَة، وَكَانَ رجلٌ من الْأَنْصَار يبرد لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المَاء فِي أشجابٍ لَهُ على حمارة من جريد قَالَ: فَقَالَ: " انْطلق إِلَى فلَان الْأنْصَارِيّ فَانْظُر: هَل فِي أشجابه من شيءٍ؟ " قَالَ: فَانْطَلَقت إِلَيْهِ، فَنَظَرت فِيهَا فَلم أجد إِلَّا قَطْرَة فِي عزلاء شجبٍ مِنْهَا، لَو أَنِّي أفرغه لشربه يابسه. فاتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله، لم أجد فِيهَا إِلَّا قَطْرَة فِي عزلاء شجبٍ لَو أَنِّي أفرغه لشربه يابسه.
قَالَ: " اذْهَبْ فأتني بِهِ " فَأَتَيْته بِهِ، فَأَخذه بِيَدِهِ، فَجعل يتَكَلَّم بشيءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، ويغمزه بِيَدِهِ، ثمَّ أعطانيه، ثمَّ قَالَ: " يَا جَابر، نَاد بِجَفْنَة " فَقلت: يَا جَفْنَة الركب، فَأتيت بهَا تحمل، فَوَضَعتهَا بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ فِي الْجَفْنَة هَكَذَا، فبسطها وَفرق بَين أَصَابِعه، ثمَّ وَضعهَا فِي قَعْر الْجَفْنَة، وَقَالَ: " خُذ يَا جَابر، فصب عَليّ وَقل: باسم الله " فَصَبَبْت عَلَيْهِ وَقلت: باسم الله. فَرَأَيْت المَاء يفور من بَين أَصَابِع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. ثمَّ فارت الْجَفْنَة ودارت حَتَّى امْتَلَأت.
فَقَالَ: " يَا جَابر، نَاد من كَانَ لَهُ حاجةٌ بماءٍ ". قَالَ: فَأتى النَّاس، فاستقوا حَتَّى رووا. قَالَ: فَقلت: هَل بَقِي أحدٌ لَهُ حَاجَة؟ فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده فِي الْجَفْنَة وَهِي ملأى. وشكا النَّاس إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجُوع، فَقَالَ: " عَسى الله أَن يطعمكم " فأتينا سيف الْبَحْر، فزخر الْبَحْر زخرةً، فَألْقى دَابَّة فأورينا على شقها النَّار، فاطَّبخنا واشتوينا، وأكلنا وشبعنا. قَالَ جَابر: فَدخلت أَنا وفلانٌ وَفُلَان حَتَّى عد خَمْسَة - فِي حجاج عينهَا، مَا يَرَانَا أحدٌ، حَتَّى خرجنَا، فأخذنا ضلعاً من أضلاعها فقوسناه، ثمَّ دَعونَا بأعظم رجلٍ فِي الركب، وَأعظم جملٍ فِي الركب، وَأعظم كفلٍ فِي الركب، فَدخل تَحْتَهُ مَا يُطَأْطِئ رَأسه.(3/518)
(173) حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3074 - من رِوَايَة أبي مراوح عَن حَمْزَة بن عَمْرو أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أجد بِي قُوَّة على الصّيام فِي السّفر، فَهَل عَليّ جنَاح؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هِيَ رخصَة من الله، فَمن أَخذ بهَا فحسنٌ، وَمن أحب أَن يَصُوم فَلَا جنَاح عَلَيْهِ ".
(174) أَبُو نجيح، عَمْرو بن عبسة بن عَامر السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3075 - من رِوَايَة أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ عَمْرو بن عبسة: كنت وَأَنا فِي الْجَاهِلِيَّة أَظن أَن النَّاس على ضَلَالَة، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا على شَيْء وهم يعْبدُونَ الْأَوْثَان. قَالَ: فَسمِعت برجلٍ بِمَكَّة يخبر أَخْبَارًا، فَقَعَدت على رَاحِلَتي، فَقدمت عَلَيْهِ، فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستخفياً، حراءٌ عَلَيْهِ قومه، فتلطفت حَتَّى دخلت عَلَيْهِ بِمَكَّة، فَقلت لَهُ: مَا أَنْت؟ قَالَ: " أَنا نبيٌّ فَقلت: وَمَا نبيٌّ؟ قَالَ: " أَرْسلنِي الله " فَقلت: بِأَيّ شيءٍ أرسلك؟ قَالَ: " أَرْسلنِي بصلَة الْأَرْحَام، وَكسر الْأَوْثَان، وَأَن يوحد الله وَلَا يُشْرك بِهِ شيءٌ ".(3/519)
قلت لَهُ: فَمن مَعَك على هَذَا الْأَمر؟ قَالَ: " حرٌّ وعبدٌ " قَالَ: وَمَعَهُ يومئذٍ أَبُو بكر وبلال. فَقلت: إِنِّي متبعك. قَالَ: " إِنَّك لَا تَسْتَطِيع ذَلِك يَوْمك هَذَا، أَلا ترى حَالي وَحَال النَّاس. وَلَكِن ارْجع إِلَى أهلك، فَإِذا سَمِعت بِي قد ظَهرت فائتني " قَالَ: فَذَهَبت إِلَى أَهلِي، وَقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكنت فِي أَهلِي، فَجعلت أتخبر الْأَخْبَار، وأسأل النَّاس حِين قدم الْمَدِينَة، حَتَّى قدم نفر من أهل يثرب من أهل الْمَدِينَة، فَقلت: مَا فعل هَذَا الرجل الَّذِي قدم الْمَدِينَة؟ فَقَالُوا: النَّاس إِلَيْهِ سراعٌ، وَقد أَرَادَ قومه قَتله فَلم يستطيعوا ذَلِك، فَقدمت الْمَدِينَة، فَدخلت عَلَيْهِ، فَقلت: يَا رَسُول الله، أتعرفني؟ قَالَ: " نعم، أَنْت الَّذِي لقيتني بِمَكَّة " فَقلت: يَا رَسُول الله، أَخْبرنِي عَمَّا علمك الله وأجهله، أَخْبرنِي عَن الصَّلَاة. قَالَ: " صل صَلَاة الصُّبْح ثمَّ أقصر عَن الصَّلَاة حَتَّى تطلع الشَّمْس وترتفع؛ فَإِنَّهَا تطلع حِين تطلع بَين قَرْني شَيْطَان، وحينئذٍ يسْجد لَهَا الْكفَّار. ثمَّ صل؛ فَإِن الصَّلَاة مَشْهُودَة محضورة حَتَّى يسْتَقلّ الظل بِالرُّمْحِ، ثمَّ أقصر عَن الصَّلَاة؛ فَإِن حينئذٍ تسجر جَهَنَّم، فَإِذا أقبل الْفَيْء فصل، فَإِن الصَّلَاة مَشْهُودَة محضورةٌ حَتَّى تصلي الْعَصْر، ثمَّ أقصر عَن الصَّلَاة حَتَّى تغرب الشَّمْس؛ فَإِنَّهَا تغرب بَين قَرْني شَيْطَان، وحينئذٍ يسْجد لَهَا الْكفَّار ".
قَالَ: فَقلت: يَا نَبِي الله، فالوضوء، حَدثنِي عَنهُ قَالَ:
مَا مِنْكُم رجلٌ يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر إِلَّا خرت خَطَايَا وَجهه وَفِيه وخياشيمه، ثمَّ إِذا غسل وَجهه كَمَا أمره الله إِلَّا خرت خَطَايَا وَجهه من أَطْرَاف لحيته مَعَ المَاء، ثمَّ يغسل يَدَيْهِ إِلَى الْمرْفقين إِلَّا خرت خَطَايَا يَدَيْهِ من أنامله مَعَ المَاء، ثمَّ يمسح رَأسه إِلَّا خرت خَطَايَا رَأسه من أَطْرَاف شعره مَعَ المَاء. ثمَّ يغسل قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ إِلَّا خرت خَطَايَا رجلَيْهِ مَعَ أنامله مَعَ المَاء، فَإِن هُوَ قَامَ إِلَى الصَّلَاة، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ومجده بِالَّذِي هُوَ لَهُ أهلٌ، وَفرغ قلبه لله، إِلَّا انْصَرف من خطيئته كَهَيْئَته يَوْم وَلدته أمه ".(3/520)
فَحدث عَمْرو بن عبسة بِهَذَا الحَدِيث أَبَا أُمَامَة صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لَهُ أَبُو أُمَامَة: يَا عَمْرو بن عبسة، انْظُر مَا تَقول، فِي مقامٍ واحدٍ يعْطى هَذَا الرجل؟ فَقَالَ عَمْرو: يَا أَبَا أُمَامَة، كَبرت سني، ورق عظمي، واقترب أَجلي، وَمَا بِي حاجةٌ أَن أكذب على الله وَلَا على رَسُول الله. لَو لم أسمعهُ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا - حَتَّى عد سبع مَرَّات - مَا حدثت بِهِ أبدا، وَلَكِنِّي سمعته أَكثر من ذَلِك.
زَاد أَبُو بكر البرقاني فِي أَوله عَن أبي الْعَبَّاس مُحَمَّد بن أَحْمد بن حمدَان فِي تَخْرِيجه، من رِوَايَة شَدَّاد بن عبد الله أبي عمار - وَقد كَانَ أدْرك نَفرا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: قَالَ أَبُو أُمَامَة لعَمْرو بن عبسة صَاحب الْعقل، رجل من بني سليم: بِأَيّ شيءٍ تَدعِي أَنَّك ربع الْإِسْلَام؟ قَالَ: إِنِّي كنت أرى النَّاس على الضَّلَالَة، وَلَا أرى الْأَوْثَان شَيْئا، ثمَّ سَمِعت عَن رجلٍ ... وَذكر الحَدِيث.
(175) ذُؤَيْب بن حلحلة رَضِي الله عَنهُ
وَيُقَال: ابْن حبيب - وَالِد قبيصَة الْأَسْلَمِيّ، وَقيل الْخُزَاعِيّ، وَكَذَا قَالَ الْحَاكِم: ذُؤَيْب بن قبيصَة بن ذُؤَيْب.
3076 - من رِوَايَة عبد الله بن عَبَّاس أَن ذُؤَيْب أَبَا قبيصَة حَدثهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يبْعَث مَعَه بِالْبدنِ، ثمَّ يَقُول: " إِن عطب مِنْهَا شيءٌ فَخَشِيت عَلَيْهَا موتا(3/521)
فانحرها، ثمَّ اغمس نعلها فِي دَمهَا، ثمَّ اضْرِب بِهِ صفحتها، وَلَا تطعمها أَنْت وَلَا أحدٌ من أهل رفقتك ".
وَمن الروَاة من قَالَ: عَن ابْن عَبَّاس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث ... جعله من مُسْند ابْن عَبَّاس وَذَلِكَ مَذْكُور هُنَاكَ.
(176) أَبُو مرْثَد، كناز بن الْحصين الغنوي رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3077 - من رِوَايَة وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رَضِي الله عَنهُ عَن أبي مرْثَد قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا تصلوا إِلَى الْقُبُور، وَلَا تجلسوا عَلَيْهَا ".
(177) فضَالة بن عبيد الْأنْصَارِيّ، أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ
حديثان:
3078 - أَحدهمَا: من رِوَايَة أبي عَليّ ثُمَامَة بن شفي قَالَ: كُنَّا مَعَ فضَالة بن عبيد بِأَرْض الرّوم، برودس، فَتوفي صاحبٌ لنا، فَأمر فضَالة بقبره فسوي، ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر بتسويتها.(3/522)
3079 - الثَّانِي: من رِوَايَة عَليّ بن رَبَاح اللَّخْمِيّ قَالَ: سَمِعت فضَالة بن عبيد الْأنْصَارِيّ يَقُول: أُتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِخَيْبَر بقلادة فِيهَا خرز وَذهب، وَهِي من الْمَغَانِم، تبَاع، فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالذَّهَب الَّذِي فِي القلادة فَنزع وَحده، ثمَّ قَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الذَّهَب بِالذَّهَب وزنا بوزنٍ ".
وَفِي رِوَايَة حَنش الصَّنْعَانِيّ عَن فضَالة قَالَ:
اشْتريت يَوْم خَيْبَر قلادة بِاثْنَيْ عشر دِينَارا، فِيهَا ذهب وخرز، ففصلتها، فَوجدت فِيهَا أَكثر من اثْنَي عشر دِينَارا، فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " لَا تبَاع حَتَّى تفصل ".
فِي رِوَايَة الجلاح أبي كثير عَن حَنش عَن فضَالة قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم خَيْبَر نُبَايِع الْيَهُود: الوقية الذَّهَب بِالدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَة، فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَب إِلَّا وزنا بِوَزْن ".
وَفِي رِوَايَة عَامر بن يحيى الْمعَافِرِي عَن حَنش قَالَ:
كُنَّا مَعَ فضَالة فِي غَزْوَة، فطارت لي ولأصحابي قلادة فِيهَا ذهب وورق وجوهر، فَأَرَدْت أَن أشتريها، فَسَأَلت فضَالة بن عبيد فَقَالَ: انْزعْ ذهبها فاجعله فِي كفة، وَاجعَل ذهبك فِي كفة، ثمَّ لَا تأخذن إِلَّا مثلا بِمثل، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يَأْخُذن إِلَّا مثلا بِمثل ".(3/523)
(178) النواس بن سمْعَان الْكلابِي رَضِي الله عَنهُ
ثَلَاثَة أَحَادِيث:
3080 - أَحدهَا: من رِوَايَة جُبَير بن نفير قَالَ: أَقمت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ سنة مَا يَمْنعنِي من الْمَسْأَلَة إِلَّا الْهِجْرَة، كَانَ أَحَدنَا إِذا هَاجر لم يسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شَيْء، قَالَ: فَسَأَلته عَن الْبر وَالْإِثْم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْبر حسن الْخلق، وَالْإِثْم مَا حاك فِي صدرك وكرهت أَن يطلع عَلَيْهِ النَّاس ".
3081 - الثَّانِي: من رِوَايَة جُبَير بن نفير عَن النواس بن سمْعَان قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " يُؤْتى بِالْقُرْآنِ يَوْم الْقِيَامَة وَأَهله الَّذين كَانُوا يعْملُونَ بِهِ، تقدمه سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان " وَضرب لَهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة أَمْثَال مَا نسيتهن بعد، قَالَ: " كَأَنَّهُمَا غمامتان، أَو ظلتان سوداوان بَينهمَا شرقٌ، أَو كَأَنَّهُمَا حزقان من طير صافٍّ، تحاجان عَن صَاحبهمَا ".
3082 - الثَّالِث: من رِوَايَة جُبَير بن نفير عَن النواس بن سمْعَان قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدَّجَّال ذَات غداةٍ، فخفض فِيهِ وَرفع، حَتَّى ظنناه فِي طَائِفَة من النّخل، فَلَمَّا رحنا إِلَيْهِ عرف ذَلِك فِينَا، فَقَالَ: " مَا شَأْنكُمْ؟ " قُلْنَا: يَا رَسُول الله، ذكرت حَال الدَّجَّال، فخفضت فِيهِ وَرفعت، حَتَّى ظنناه فِي طَائِفَة النّخل. فَقَالَ: " غير الدَّجَّال أخوفني عَلَيْكُم، إِن يخرج وَأَنا فِيكُم فَأَنا حجيجه دونكم، وَإِن يخرج وَلست فِيكُم فامرؤٌ حجيج نَفسه، وَالله خليفتي على كل مُسلم. إِنَّه شابٌّ قططٌ، عينه طافئة، كَأَنِّي أشبهه بِعَبْد الْعُزَّى بن قطن، فَمن أدْركهُ مِنْكُم فليقرأ(3/524)
فواتح سُورَة الْكَهْف " وَفِي رِوَايَة أبي بكر البرقاني فِيهِ: " فليقرأ خَوَاتِيم سُورَة الْكَهْف - إِنَّه خَارج خلةً بَين الشَّام وَالْعراق، فعاث يَمِينا، وعاث شمالاً، يَا عباد الله فاثبتوا " قُلْنَا: يَا رَسُول الله، وَمَا لبثه فِي الأَرْض؟ قَالَ: " أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يومٌ كسنةٍ، ويومٌ كشهرٍ، ويومٌ كجمعةٍ، وَسَائِر أَيَّامه كأيامكم ". قُلْنَا: يَا رَسُول الله، فَذَلِك الْيَوْم الَّذِي كَسنة، أتكفينا فِيهِ صَلَاة يَوْم؟ قَالَ: " لَا "، اقدروا لَهُ قدره " قُلْنَا: يَا رَسُول الله، وَمَا إسراعه فِي الأَرْض؟ قَالَ: " كالغيث استدبرته الرّيح فَيَأْتِي على الْقَوْم فيدعوهم، فيؤمنون بِهِ ويستجيبون لَهُ، فيأمر السَّمَاء فتمطر، وَالْأَرْض فتنبت، فتروح عَلَيْهِم سارحتهم أطول مَا كَانَت ذراً، وأسبغه ضروعاً، وأمده خواصر. ثمَّ يَأْتِي الْقَوْم فيدعوهم فيردون عَلَيْهِ قَوْله، فَيَنْصَرِف عَنْهُم فيصبحون ممحلين لَيْسَ بِأَيْدِيهِم شَيْء من أَمْوَالهم، ويمر بالخربة فَيَقُول لَهَا: أَخْرِجِي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النَّحْل، ثمَّ يَدْعُو رجلا ممتلئاً شبَابًا، فيضربه بِالسَّيْفِ فيقطعه جزلتين رمية الْغَرَض، ثمَّ يَدعُوهُ فَيقبل، ويتهلل وَجهه ويضحك، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك، إِذْ بعث الله الْمَسِيح بن مَرْيَم، فَينزل عِنْد المنارة الْبَيْضَاء شَرْقي دمشق، بَين مهرودتين وَاضِعا كفيه على أَجْنِحَة ملكَيْنِ، إِذا طأطأ رَأسه قطر، وَإِذا رَفعه تحدر مِنْهُ جمانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يحل لكافرٍ يجد ريح نَفسه إِلَّا مَاتَ، وَنَفسه يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طرفه، حَتَّى يُدْرِكهُ بِبَاب لدٍّ، فيقتله، ثمَّ يَأْتِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قومٌ قد عصمهم الله مِنْهُ، فيمسح عَن وُجُوههم، ويحدثهم بدرجاتهم فِي الْجنَّة. فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك، إِذْ أوحى الله إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنِّي قد أخرجت عباداً لي لَا يدان لأحد بقتالهم، فحرز عبَادي إِلَى الطّور. وَيبْعَث(3/525)
الله يَأْجُوج وَمَأْجُوج وهم من كل حدبٍ يَنْسلونَ، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون مَا فِيهَا، ويمر آخِرهم فَيَقُول: لقد كَانَ بِهَذِهِ مرّة ماءٌ، ويحضر نَبِي الله عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأَصْحَابه، حَتَّى يكون رَأس الثور لأَحَدهم خيرا من مائَة دِينَار، فيرغب نَبِي الله عِيسَى وَأَصْحَابه، فَيُرْسل الله عَلَيْهِم النعف فِي رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفسٍ وَاحِدَة، ثمَّ يهْبط نَبِي الله عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأَصْحَابه إِلَى الأَرْض، فَلَا يَجدونَ فِي الأَرْض مَوضِع شبر إِلَّا ملأَهُ زهمهم ونتنهم، فيرغب نَبِي الله عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأَصْحَابه إِلَى الله، فَيُرْسل الله طيراً كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حَيْثُ شَاءَ الله، ثمَّ يُرْسل الله مَطَرا لَا يكن مِنْهُ بَيت مدر وَلَا وبر، فَيغسل الأَرْض حَتَّى يَتْرُكهَا كالزلفة، ثمَّ يُقَال للْأَرْض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فيومئذٍ تَأْكُل الْعِصَابَة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك فِي الرُّسُل، حَتَّى أَن اللقحة من الْإِبِل لتكفي الفئام من النَّاس، واللقحة من الْبَقر لتكفي الْقَبِيلَة من النَّاس بَيْنَمَا هم كَذَلِك، إِذْ بعث الله ريحًا طيبَة، فتأخذ تَحت آباطهم، فتقبض روح كل مُؤمن وَمُسلم، وَيبقى شرار النَّاس يتهارجون فِيهَا تهارج الْحمر، فَعَلَيْهِم تقوم السَّاعَة ".
وَفِي حَدِيث عَليّ بن حجر السَّعْدِيّ نَحوه، وَزَاد بعد قَوْله:
لقد كَانَ بِهَذِهِ مرّة(3/526)
ماءٌ: ثمَّ يَسِيرُونَ حَتَّى ينْتَهوا إِلَى جبل الْخمر، وَهُوَ جبل بَيت الْمُقَدّس، فَيَقُولُونَ: لقد قتلنَا من فِي الأَرْض، هَلُمَّ فلنقتل من فِي السَّمَاء، فيرمون بنشابهم إِلَى إِلَى السَّمَاء، فَيرد الله عَلَيْهِم نشابهم مخضوبة دَمًا ".
(179) أَبُو أُمَامَة، إِيَاس بن ثَعْلَبَة الْحَارِثِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3083 - من رِوَايَة عبد الله بن كَعْب بن مَالك السّلمِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من اقتطع حق امْرِئ مُسلم بِيَمِينِهِ فقد أوجب الله لَهُ النَّار، وَحرم عَلَيْهِ الْجنَّة ". فَقَالَ لَهُ رجلٌ: وَإِن كَانَ شَيْئا يَسِيرا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " وَإِن قَضِيبًا من أَرَاك ".
(180) أَبُو يحيى صُهَيْب بن سِنَان [رَضِي الله عَنهُ]
ثَلَاثَة أَحَادِيث:
3084 - أَحدهَا: من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن صُهَيْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة، قَالَ: يَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئا(3/527)
أَزِيدكُم؟ يَقُولُونَ: ألم تبيض وُجُوهنَا؟ ألم تُدْخِلنَا الْجنَّة وتنجنا من النَّار؟ قَالَ: فَيكْشف الْحجاب، فَمَا أعْطوا شَيْئا أحب إِلَيْهِم من النّظر إِلَى رَبهم ".
زَاد فِي رِوَايَة يزِيد بن هَارُون عَن حَمَّاد بن سَلمَة:
ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة: {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} [يُونُس] .
3085 - الثَّانِي: عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن صُهَيْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " عجبا لأمر الْمُؤمن، أَن أمره كُله لَهُ خيرٌ، وَلَيْسَ ذَلِك لأحد إِلَّا لِلْمُؤمنِ، إِن أَصَابَته سراء شكر فَكَانَ خيرا لَهُ، وَإِن أَصَابَته ضراء صَبر فَكَانَ خيرا لَهُ ".
3086 - الثَّالِث: عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى أَيْضا عَن صُهَيْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كَانَ ملك فِيمَن كَانَ قبلكُمْ، وَكَانَ لَهُ ساحرٌ، فَلَمَّا كبر قَالَ للْملك: إِنِّي قد كَبرت، فَابْعَثْ إِلَيّ غُلَاما أعلمهُ السحر، فَبعث إِلَيْهِ غُلَاما يُعلمهُ، وَكَانَ فِي طَرِيقه إِذا سلك راهبٌ، فَقعدَ إِلَيْهِ، وَسمع كَلَامه، فَكَانَ إِذا أَتَى السَّاحر مر بِالرَّاهِبِ وَقعد إِلَيْهِ، فَإِذا أَتَى السَّاحر ضربه، فَشَكا ذَلِك إِلَى الراهب فَقَالَ: إِذا خشيت السَّاحر فَقل: حَبَسَنِي أَهلِي، وَإِذا خشيت أهلك فَقل: حَبَسَنِي الراهب.
فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك، إِذا أَتَى على دابةٍ عَظِيمَة قد حبست النَّاس فَقَالَ: الْيَوْم أعلم: السَّاحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فَأخذ حجرا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ أَمر الراهب أحب إِلَيْك من أَمر السَّاحر فَاقْتُلْ هَذِه الدَّابَّة حَتَّى يمْضِي النَّاس، فَرَمَاهَا فَقَتلهَا، وَمضى النَّاس. فَأتى الراهب فَأخْبرهُ، فَقَالَ لَهُ الراهب: أَي بني، أَنْت الْيَوْم أفضل مني، قد بلغ من أَمرك مَا أرى، وَإِن ستبتلى، فَإِن ابْتليت فَلَا تدل عَليّ.
وَكَانَ الْغُلَام يُبرئ الأكمه والأبرص، ويداوي النَّاس سَائِر الأدواء، فَسمع جليسٌ للْملك كَانَ قد عمي، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَة، فَقَالَ: مَا هَا هُنَا لَك إِن أَنْت شفيتني. قَالَ: إِنِّي لَا أشفي أحدا، إِنَّمَا يشفي الله، فَإِن آمَنت بِاللَّه دَعَوْت الله(3/528)
فشفاك، فَآمن بِاللَّه فشفاه الله. فَأتى الْملك فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يجلس، فَقَالَ لَهُ الْملك: من رد عَلَيْك بَصرك؟ قَالَ: رَبِّي: قَالَ: وَلَك ربٌّ غَيْرِي؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبك الله. فَأَخذه، فَلم يزل يعذبه حَتَّى دلّ على الْغُلَام، فجيء بالغلام فَقَالَ لَهُ الْملك: أَي بني، قد بلغ من سحرك مَا تبرئ الأكمه والأبرص وَتفعل وَتفعل. قَالَ: فَقَالَ: إِنِّي لَا أشفي أحدا، إِنَّمَا يشفي الله، فَلم يزل يعذبه حَتَّى دلّ على الراهب. فجيء بِالرَّاهِبِ، فَقيل لَهُ: ارْجع عَن دينك، فَأبى، فَدَعَا بالمئشار، فَوضع المئشار فِي مفرق رَأسه، فشقه حَتَّى وَقع شقاه، ثمَّ جِيءَ بجليس الْملك فَقيل لَهُ: ارْجع عَن دينك، فَأبى فَوضع المئشار فِي مفرق رَأسه، فشقه حَتَّى وَقع شقاه، ثمَّ جِيءَ بالغلام فَقيل لَهُ: ارْجع عَن دينك، فَأبى، فَدفعهُ إِلَى نفرٍ من أَصْحَابه، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جبل كَذَا وَكَذَا، فاصعدوا بِهِ الْجَبَل، فَإِذا بَلغْتُمْ ذروته، فَإِن رَجَعَ عَن دينه وَإِلَّا فاطرحوه. فَذَهَبُوا بِهِ، فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَل، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أكفنيهم بِمَا شِئْت. فَرَجَفَ بهم الْجَبَل، فسقطوا، وَجَاء يمشي إِلَى الْملك، فَقَالَ لَهُ الْملك: مَا فعل أَصْحَابك؟ فَقَالَ: كفانيهم الله، فَدفعهُ إِلَى نفرٍ من أَصْحَابه فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فاحملوه فِي قُرْقُور، وتوسطوا بِهِ الْبَحْر، فَإِن رَجَعَ عَن دينه وَإِلَّا فاقذفوه.
فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أكفينهم بِمَا شِئْت. فَانْكَفَأت بهم السَّفِينَة، فَغَرقُوا، وَجَاء يمشي إِلَى الْملك، فَقَالَ لَهُ الْملك: مَا فعل أَصْحَابك؟ قَالَ: كفانيهم الله، فَقَالَ للْملك: إِنَّك لست بِقَاتِلِي حَتَّى تفعل مَا آمُرك بِهِ. قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: تجمع النَّاس فِي صعيدٍ وَاحِد، وَتَصْلُبنِي على جذع، ثمَّ خُذ سَهْما من كِنَانَتِي، ثمَّ ضع السهْم فِي كبد الْقوس، ثمَّ قل: باسم الله رب الْغُلَام، ثمَّ ارْمِ، فَإنَّك إِذا فعلت ذَلِك قتلتني. فَجمع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد، وصلبه على الْجذع، ثمَّ أَخذ سَهْما من كِنَانَته، ثمَّ وضع السهْم فِي كبد الْقوس، ثمَّ قَالَ: باسم الله رب الْغُلَام، ثمَّ رَمَاه، فَوَقع السهْم فِي صُدْغه، فَوضع يَده فِي صُدْغه فَمَاتَ. فَقَالَ النَّاس: آمنا بِرَبّ الْغُلَام، فَأتي الْملك فَقيل لَهُ: أَرَأَيْت مَا كنت تحذر، قد وَالله نزل بك حذرك،(3/529)
قد آمن النَّاس. فَأمر بِالْأُخْدُودِ بأفواه السكَك فخدت، وأضرم فِيهَا النيرَان، وَقَالَ: من لم يرجع عَن دينه فأقحموه فِيهَا. أَو قيل لَهُ اقتحم، فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَت امْرَأَة وَمَعَهَا صبيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ، فَقَالَ لَهَا الْغُلَام: يَا أُمَّاهُ، اصْبِرِي؛ فَإنَّك على الْحق ".
(181) سفينة، مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقيل: مولى أم سَلمَة. قَالَ ابْن سعد: واسْمه نَجْرَان، سكن الْمَدِينَة، رَضِي الله عَنهُ.
حَدِيث وَاحِد:
3087 - يرويهِ بشر بن الْمفضل وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن علية عَن أبي رَيْحَانَة عَن سفينة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يغْتَسل الصَّاع، ويتطهر بِالْمدِّ.
وَفِي حَدِيث بشر:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يغسلهُ الصَّاع من المَاء من الْجَنَابَة، ويوضئه الْمَدّ.(3/530)
(182) ثَوْبَان مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَضِي الله عَنهُ
عشرَة أَحَادِيث:
3088 - الحَدِيث الأول: من رِوَايَة معدان بن طَلْحَة، وَمِنْهُم من يَقُول: ابْن أبي طَلْحَة الْيَعْمرِي قَالَ: صَحِبت ثَوْبَان مولى رَسُول الله، فَقلت: حَدثنِي بِحَدِيث عَسى الله أَن يَنْفَعنِي، فَسكت، ثمَّ أعدته فَسكت، ثمَّ أعدته عَلَيْهِ فَسكت - ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ قَالَ: عَلَيْك بِالسُّجُود لله، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " عَلَيْك بِكَثْرَة السُّجُود، فَإنَّك لن تسْجد لله سَجْدَة إِلَّا رفعك الله بهَا دَرَجَة، وَحط عَنْك بهَا خَطِيئَة ". ثمَّ لقِيت أَبَا الدَّرْدَاء فَسَأَلته، فَقَالَ مثل مَا قَالَ ثَوْبَان.
3089 - الحَدِيث الثَّانِي: عَن معدان عَن ثَوْبَان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من صلى على جنازةٍ فَلهُ قيراطٌ، فَإِن شهد دَفنهَا فَلهُ قيراطان، القيرط مثل أحد ".
وَفِي حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة وَهِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة:
سُئِلَ النَّبِي عَن القيراط، فَقَالَ: " مثل أحد "
وَحكى أَبُو مَسْعُود:
فَلهُ قيراطان، أصغرهما مثل أحد ". وَكَذَا أخرجه أَبُو بكر البرقاني من رِوَايَة عَمْرو بن مَرْزُوق عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة.
3090 - الثَّالِث عَن معدان عَن ثَوْبَان أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِنِّي لبعقر حَوْضِي أذود النَّاس لأهل الْيمن، أضْرب بعصاي حَتَّى يرفض عَلَيْهِم " فَسئلَ عَن(3/531)
عرضه فَقَالَ: " من مقَامي إِلَى عمان ". وَسُئِلَ عَن شرابه فَقَالَ: " أَشد بَيَاضًا من اللَّبن، وَأحلى من الْعَسَل، يغت فِيهِ مِيزَابَانِ يمدانه من الْجنَّة، أَحدهمَا من ذهب وَالْآخر من ورق ".
وَفِي حَدِيث شَيبَان عَن قَتَادَة:
أَنا يَوْم الْقِيَامَة عِنْد عقر الْحَوْض ". ثمَّ ذكره.
قَالَ أَبُو مَسْعُود:
أهل الشَّام يَقُولُونَ: معدان بن طَلْحَة. وَسَالم بن أبي الْجَعْد يَقُول: ابْن أبي طَلْحَة.
3091 - الرَّابِع: عَن جُبَير بن نفير عَن ثَوْبَان قَالَ: ذبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحيته ثمَّ قَالَ: " يَا ثَوْبَان، أصلح لحم هَذِه "، فَلم أزل أطْعمهُ مِنْهَا حَتَّى قدم الْمَدِينَة.
وَفِي حَدِيث أبي مسْهر عَن يحيى بن حَمْزَة:
قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع: " أصلح هَذَا اللَّحْم " فأصلحته. قَالَ: فَلم يزل يَأْكُل مِنْهُ حَتَّى بلغ الْمَدِينَة.
3092 - الْخَامِس: عَن أبي أَسمَاء عَمْرو بن مرْثَد عَن ثَوْبَان قَالَ: كنت قَائِما عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء حبرٌ من أَحْبَار الْيَهُود فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا مُحَمَّد، فَدَفَعته دفْعَة قد كَاد يصرع مِنْهَا، فَقَالَ: لم تدفعني؟ فَقلت: أَلا تَقول: يَا رَسُول الله. فَقَالَ الْيَهُودِيّ: إِنَّمَا نَدْعُوهُ باسمه الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهله. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن اسْمِي مُحَمَّد الَّذِي سماني بِهِ أَهلِي ". فَقَالَ الْيَهُودِيّ: جِئْت أَسأَلك. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أينفعك شيئٌ إِن حدثتك؟ " قَالَ: أسمع بأذني. فَنكتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعودٍ مَعَه، فَقَالَ: " سل " فَقَالَ الْيَهُودِيّ: أَيْن يكون النَّاس يَوْم تبدل الأَرْض وَالسَّمَوَات؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هم فِي الظلمَة دون الجسر ". قَالَ: فَمن أول(3/532)
النَّاس إجَازَة؟ قَالَ: " فُقَرَاء الْمُهَاجِرين ". قَالَ الْيَهُودِيّ: فَمَا تحفتهم حِين يدْخلُونَ الْجنَّة؟ قَالَ: " زِيَادَة كبد الْحُوت ". قَالَ: فَمَا غذاؤهم على إثْرهَا؟ قَالَ: " ينْحَر لَهُم ثَوْر الْجنَّة الَّذِي كَانَ يَأْكُل من أطرافها ". قَالَ: فَمَا شرابهم عَلَيْهِ؟ قَالَ: " من عين فِيهَا تسمى سلسبيلاً ". قَالَ: صدقت.
قَالَ: وَجئْت أَسأَلك عَن شَيْء لَا يُعلمهُ أحدٌ إِلَّا نبيٌّ، أَو رجلٌ أَو رجلَانِ.
قَالَ: قَالَ: " ينفعك إِن حدثتك؟ " قل: أسمع بأذني. قَالَ: جِئْت أَسأَلك عَن الْوَلَد. قَالَ: " مَاء الرجل أَبيض، وَمَاء الْمَرْأَة أصفر، فَإِذا اجْتمعَا فعلا مني الرجل مني الْمَرْأَة أذكرا بِإِذن الله، وَإِذا علا مني الْمَرْأَة مني الرجل آثنا بِإِذن الله ".
قَالَ الْيَهُودِيّ: لقد صدقت، وَإنَّك لنبيٌّ، ثمَّ انْصَرف فَذهب، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لقد سَأَلَني هَذَا عَن الَّذِي سَأَلَني عَنهُ وَمَالِي علمٌ بشيءٍ مِنْهُ حَتَّى أَتَانِي الله بِهِ ".
وَفِي رِوَايَة يحيى بن حسان عَن مُعَاوِيَة بن سَلام مثله، غير أَنه قَالَ:
كنت قَاعِدا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. . وَقَالَ: " زَائِدَة كبد النُّون ". وَقَالَ: " أذكر وآنث " وَلم يقل " أذكرا وآنثا ".
3093 - السَّادِس: عَن أبي أَسمَاء عَن ثَوْبَان قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا انْصَرف من صلَاته اسْتغْفر ثَلَاثًا وَقَالَ: " اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام، ومنك السَّلَام، تَبَارَكت يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام ".
قَالَ الْوَلِيد بن مُسلم: قلت للأوزاعي:
الاسْتِغْفَار قَالَ: تَقول: أسْتَغْفر الله، أسْتَغْفر الله.
3094 - السَّابِع: عَن أبي قلَابَة عَن أبي أَسمَاء عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أفضل دِينَار يُنْفِقهُ الرجل دينارٌ يُنْفِقهُ على عِيَاله، ودينارٌ يُنْفِقهُ الرجل على دَابَّته فِي سَبِيل الله ".(3/533)
قَالَ أَبُو قلَابَة:
وَبَدَأَ بالعيال، ثمَّ قَالَ أَبُو قلَابَة: وَأي رجل أعظم أجرا من رجلٍ ينْفق على عيالٍ صغارٍ، يعفهم، أَو يَنْفَعهُمْ الله بِهِ ويغنيهم.
3095 - الثَّامِن: عَن أَسمَاء عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تزَال طائفةٌ من أمتِي ظَاهِرين على الْحق، لَا يضرهم من خذلهم، حَتَّى يَأْتِي أَمر الله وهم كَذَلِك ".
3096 - التَّاسِع: عَن أبي أَسمَاء عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " عَائِذ الْمَرِيض فِي مخرفة الْجنَّة ".
وَفِي حَدِيث هشيم عَن خالدٍ الْحذاء:
من عَاد مَرِيضا لم يزل فِي خرفة الْجنَّة حَتَّى يرجع ".
وَفِي حَدِيث عَاصِم الْأَحول
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من عَاد مَرِيضا لم يزل فِي خرفة الْجنَّة. قيل: يَا رَسُول الله، وَمَا خرفة الْجنَّة؟ قَالَ: " جناها ".
3097 - الْعَاشِر: عَن أبي أَسمَاء عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله: " إِن الله زوى لي الأَرْض، فَرَأَيْت مشارقها وَمَغَارِبهَا، وَإِن أمتِي سيبلغ ملكهَا مَا زوي لي مِنْهَا، وَأعْطيت الكنزين الْأَحْمَر والأبيض، وَإِنِّي سَأَلت رَبِّي لأمتي أَلا يهلكها بِسنة، بعامةٍ، وَألا يُسَلط عَلَيْهِم عدوا من سوى أنفهم فيستبيح بيضتهم، وَإِن رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنِّي إِذا قضيت قَضَاء فَإِنَّهُ لَا يرد، وَإِنِّي أَعطيتك لأمتك أَنِّي لَا أهلكهم بِسنة، بعامة، وَلَا أسلط عَلَيْهِم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، وَلَو اجْتمع عَلَيْهِم من بأقطارهم - أَو قَالَ: من بَين أقطارها حَتَّى يكون(3/534)
بَعضهم يهْلك بَعْضًا، وَيَسْبِي بَعضهم بَعْضًا ".
وَفِي رِوَايَة هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة
أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الله زوى لي الأَرْض حَتَّى رَأَيْت مشارقها وَمَغَارِبهَا، وَأَعْطَانِي الكنزين الْأَحْمَر والأبيض ... " ثمَّ ذكر نَحْو مَا تقدم.
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني من حَدِيث أبي الرّبيع الزهْرَانِي وقتيبة، وَمن حَدِيث أبي مُوسَى وَبُنْدَار عَن هِشَام - كَمَا أخرجه مُسلم من حَدِيثهمْ، وَبِالْإِسْنَادِ، وَزَاد بعد معنى مَا تقدم:
وَإِنَّمَا أَخَاف على أمتِي الْأَئِمَّة المضلين، وَإِذا وَقع عَلَيْهِم السَّيْف لم يرفع إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يلْحق حيٌّ من أمتِي بالمشركين، وَحَتَّى يعبد فئامٌ من أمتِي الْأَوْثَان. وَإنَّهُ سَيكون من أمتِي كذابون ثَلَاثُونَ، كلهم يزْعم أَنه نبيٌّ، وَأَنا خَاتم النَّبِيين، لَا نَبِي بعدِي، وَلَا تزَال طائفةٌ من أمتِي على الْحق منصورين، لَا يضرهم من خذلهم حَتَّى يَأْتِي أَمر الله تبَارك وَتَعَالَى ".
(183) أَبُو رقية، تَمِيم بن أَوْس الدَّارِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3098 - من رِوَايَة عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الدّين(3/535)
النَّصِيحَة ". قُلْنَا: لمن؟ قَالَ " الله، ولكتابه، وَلِرَسُولِهِ، ولأئمة الْمُسلمين وعامتهم ".
(184) أَبُو عَمْرو، سُفْيَان بن عبد الله الثَّقَفِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد: 3099 - من رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عَن الزبير عَن سُفْيَان بن عبد الله قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، قل لي فِي الْإِسْلَام قولا لَا أسأَل عَنهُ أحدا بعْدك. قَالَ: " قل: آمَنت بِاللَّه، ثمَّ اسْتَقِم ".
وَعند أبي بكر البرقاني عَن أبي بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة أبي أُسَامَة عَن هِشَام بِهَذَا الْإِسْنَاد. قلت: يَا رَسُول الله، قل لي فِي الْإِسْلَام وأقلل، لعَلي أعيه. قَالَ: " لَا تغْضب " فَأَعَادَ عَلَيْهِ، قَالَ: " لَا تغْضب " قَالَ أَبُو أُسَامَة: أَحْسبهُ قَالَ ثَلَاث مَرَّات. قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: هَكَذَا قَالَ أَبُو أُسَامَة.(3/536)
(185) الْمُسْتَوْرد بن شَدَّاد، أَخُو بني فهر رَضِي الله عَنهُ
حديثان:
3100 - أَحدهمَا: من رِوَايَة قيس بن أبي حَازِم عَن الْمُسْتَوْرد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا مثل مَا يَجْعَل أحدكُم إصبعه هَذِه - وَأَشَارَ يحيى بالسبابة - فِي اليم، بِمَ ترجع؟ ".
3101 - الثَّانِي: من حَدِيث مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ الْمُسْتَوْرد الْقرشِي عِنْد عَمْرو بن الْعَاصِ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " تقوم السَّاعَة وَالروم أَكثر النَّاس " فَقَالَ عَمْرو: أبْصر مَا تَقول. قَالَ: أَقُول مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: لَئِن قلت ذَاك، إِن فيهم لخصالاً أَرْبعا: إِنَّهُم لأحلم النَّاس عِنْد فتنةٍ، وأسرعهم إفاقةً بعد مُصِيبَة، وأوشكهم كرة بعد فرةٍ، وَخَيرهمْ لمسكينٍ ويتيم وَضَعِيف، وخامسةً حَسَنَة جميلَة: وأمنعهم من ظلم الْمُلُوك ".
وَفِي حَدِيث عبد الْكَرِيم بن الْحَارِث عَن الْمُسْتَوْرد قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " تقوم السَّاعَة وَالروم أَكثر النَّاس " قَالَ: فَبلغ ذَلِك عَمْرو بن الْعَاصِ، فَقَالَ: مَا هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي تذكر عَنْك أَنَّك تَقُولهَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرد: قلت الَّذِي سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: فَقَالَ عَمْرو: لَئِن: قلت ذَاك، إِنَّهُم لأحلم النَّاس عِنْد فتْنَة، وأجبر النَّاس عِنْد مُصِيبَة، وَخير النَّاس لمساكينهم وضعفائهم.(3/537)
(186) عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3102 - من رِوَايَة يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب عَن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن لقطَة الْحَاج.
(187) أَبُو بصرة، حميل بن بصرة الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ
وَيُقَال: جميل بِالْجِيم، قَالَه الداروردي. قَالَ البُخَارِيّ: هُوَ وهم
3103 - من رِوَايَة أبي تَمِيم الجيشاني عَن أبي بصرة الْغِفَارِيّ قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَصْر بالمخمص، فَقَالَ: " إِن هَذِه الصَّلَاة عرضت على من كَانَ قبلكُمْ فضيعوها، فَمن حَافظ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أجره مرَّتَيْنِ، وَلَا صَلَاة بعْدهَا حَتَّى يطلع الشَّاهِد " وَالشَّاهِد: النَّجْم.(3/538)
(188) ربيعَة بن كَعْب الْأَسْلَمِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3104 - من رِوَايَة يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن ربيعَة قَالَ: كنت أَبيت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فآتيه بوضوئه وَحَاجته، فَقَالَ: " سلني " فَقلت: أَسأَلك مرافقتك فِي الْجنَّة. قَالَ: " أَو غير ذَلِك؟ " قلت: هُوَ ذَاك. قَالَ: " فأعني على نَفسك بِكَثْرَة السُّجُود ".
(189) أَبُو هنيدة، وَائِل بن حجر الْكِنْدِيّ رَضِي الله عَنهُ
سِتَّة أَحَادِيث:
3105 - الحَدِيث الأول: من رِوَايَة ابْنه عَلْقَمَة بن وَائِل بن حجر قَالَ: جَاءَ رجل من حَضرمَوْت ورجلٌ من كِنْدَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ الْحَضْرَمِيّ: يَا رَسُول الله، إِن هَذَا قد غلبني على أرضٍ كَانَت لأبي. فَقَالَ الْكِنْدِيّ: هِيَ أرضي، فِي يَدي أزرعها، لَيْسَ لَهُ فِيهَا حقٌّ. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للحضرمي: " أَلَك بينةٌ؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " فلك يَمِينه ". قَالَ: يَا رَسُول الله، إِن الرجل فاجرٌ لَا يُبَالِي على مَا حلف عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يتورع من شَيْء فَقَالَ: " لَيْسَ لَك مِنْهُ إِلَّا ذَلِك " فَانْطَلق ليحلف، فَقَالَ(3/539)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أدبر: " أما لَئِن حلف على مَاله ليأكله ظلما ليلقين الله وَهُوَ عَنهُ معرض ".
وَفِي رِوَايَة عبد الْملك بن عُمَيْر عَن عَلْقَمَة عَن أَبِيه قَالَ:
كنت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَتَاهُ رجلَانِ يختصمان فِي أَرض، فَقَالَ أَحدهمَا: إِن هَذَا انتزى على أرضي يَا رَسُول الله فِي الْجَاهِلِيَّة، وَهُوَ امْرُؤ الْقَيْس بن عَابس الْكِنْدِيّ، وخصمه ربيعَة بن عَبْدَانِ. قَالَ: " بينتك " قَالَ: لَيْسَ لي بينةٌ. قَالَ: " يَمِينه " قَالَ إِذن يذهب بهَا. قَالَ: " لَيْسَ لَك إِلَّا ذَلِك ". فَلَمَّا قَامَ ليحلف قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من اقتطع أَرضًا ظَالِما لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان ".
وَفِي رِوَايَة إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم: ربيعَة بن عيدَان.
3106 - الثَّانِي: من رِوَايَة عبد الْجَبَّار بن وَائِل عَن عَلْقَمَة بن وَائِل، وَمولى لَهُم عَن وَائِل بن حجر:
أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع يَدَيْهِ حِين دخل فِي الصَّلَاة، كبر - وصف همامٌ أحد الروَاة - حِيَال أُذُنَيْهِ، ثمَّ التحف بِثَوْبِهِ، ثمَّ وضع يَده الْيُمْنَى على الْيُسْرَى، فَلَمَّا أَرَادَ أَن يرْكَع أخرج يَدَيْهِ من الثَّوْب ثمَّ رفعهما، ثمَّ كبر فَرَكَعَ، فَلَمَّا قَالَ: " سمع الله لمن حَمده " رفع يَدَيْهِ، فَلَمَّا سجد سجد بَين كفيه.
أخرج أَبُو بكر البرقاني من حَدِيث مُحَمَّد بن جحادة عَن عبد الْجَبَّار بن وَائِل ابْن حجر مُسْندًا وَزَاد فِيهِ:
فَإِذا رفع رَأسه من السُّجُود رفع يَدَيْهِ، فَلم يزل يفعل ذَلِك حَتَّى فرغ من صلَاته.
3107 - الثَّالِث: عَن عَلْقَمَة بن وَائِل عَن أَبِيه قَالَ: إِنِّي لقاعد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذْ جَاءَ رجلٌ يَقُود آخر بنسعة، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن هَذَا قتل أخي. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أقتلته؟ " فَقَالَ: إِنَّه لَو لم يعْتَرف أَقمت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة. فَقَالَ:(3/540)
نعم، قتلته. قَالَ: " كَيفَ قتلته؟ " قَالَ: " كنت أَنا وَهُوَ نختبط من شَجَرَة، فسبني فأغضبني، فضربته بالفأس على قرنه فَقتلته. فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَل لَك من شَيْء تُؤَدِّيه عَن نَفسك؟ " قَالَ: مَالِي مالٌ إِلَّا كسائي وفأسي. قَالَ: " فترى قَوْمك يشترونك؟ " قَالَ: أَنا أَهْون على قومِي من ذَلِك. فَرمي إِلَيْهِ بنسعتة، وَقَالَ: " دُونك صَاحبك " فَانْطَلق بِهِ الرجل، فَلَمَّا ولى قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن قَتله فَهُوَ مثله ". فَرجع فَقَالَ: يَا رَسُول الله بَلغنِي أَنَّك قلت: " إِن قَتله فَهُوَ مثله " وأخذته بِأَمْرك. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أما تُرِيدُ أَن يبوء بإثمك وإثم صَاحبك؟ " قَالَ: يَا نَبِي الله - لَعَلَّه قَالَ - بلَى. قَالَ: " فَإِن ذَاك كَذَاك " قَالَ: فَرمى بنسعته وخلى سَبيله.
3108 - الرَّابِع: من رِوَايَة عَلْقَمَة بن وَائِل عَن أَبِيه قَالَ: سَأَلَ سَلمَة بن يزِيد الْجعْفِيّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله، أَرَأَيْت إِن قَامَت علينا أُمَرَاء يسألونا حَقهم ويمنعونا حَقنا، فَمَا تَأْمُرنَا؟ فَأَعْرض عَنهُ. ثمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَة أَو فِي الثَّالِثَة، فَجَذَبَهُ الْأَشْعَث بن قيس، فَقَالَ: " اسمعوا وَأَطيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِم مَا حملُوا وَعَلَيْكُم مَا حملتم ".
وَفِي حَدِيث شَبابَة عَن شُعْبَة مثله، وَقَالَ:
فَجَذَبَهُ الْأَشْعَث بن قيس، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اسمعوا وَأَطيعُوا وَعَلَيْكُم مَا حملتم ".
3109 - الْخَامِس: من رِوَايَة عَلْقَمَة بن وَائِل عَن أَبِيه: أَن طَارق بن سُوَيْد الْجعْفِيّ سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْخمر، فَنَهَاهُ، اَوْ كره أَن يصنعها، فَقَالَ: إِنَّمَا أصنعها للدواء. فَقَالَ: " إِنَّه لَيْسَ بدواء، وَلكنه دَاء ".
3110 - السَّادِس: عَن عَلْقَمَة بن وَائِل عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تَقولُوا الْكَرم، وَلَكِن قُولُوا الْعِنَب والحبلة ".(3/541)
(190) عَمْرو بن حُرَيْث رَضِي الله عَنهُ
حديثان:
3111 - أَحدهمَا: من رِوَايَة جَعْفَر بن عَمْرو بن حُرَيْث عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب النَّاس وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن مساور الْوراق:
كَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء قد أرْخى طرفيها بَين كَتفيهِ.
وَعَن أبي بكر البرقاني من رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي عمر عَن أبي أُسَامَة:
كَأَنِّي أنظر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّاعَة وَهُوَ على الْمِنْبَر يخْطب وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء، قد أرْخى طرفيها بَين كَتفيهِ.
3112 - الثَّانِي: من رِوَايَة الْوَلِيد بن سريع مولى عَمْرو بن حُرَيْث أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْفجْر: {وَاللَّيْل إِذا عسعس} [التكوير] .
وَفِي رِوَايَة مُحرز بن عون عَن خلف بن خَليفَة:
صليت خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفجْر، فَسَمعته يقْرَأ {فَلَا أقسم بالخنس الْجوَار الكنس} . وَكَانَ لَا يحني رجل منا ظَهره حَتَّى يستتم سَاجِدا.
وَقد جعله أَبُو مَسْعُود حديثين من أجل هَذِه الزِّيَادَة فِي وصف اتباعهم لَهُ فِي السُّجُود، وَكَذَلِكَ فرقه مُسلم فِي موضِعين.(3/542)
(191) عمَارَة بن رؤيبة رَضِي الله عَنهُ
حديثان:
3113 - أَحدهمَا: من رِوَايَة حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَن عمَارَة بن رؤيبة: أَنه رأى بشر بن مَرْوَان على الْمِنْبَر رَافعا يَدَيْهِ، فَقَالَ: قبح الله هَاتين الْيَدَيْنِ، لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يزِيد على أَن يَقُول بِيَدِهِ هَكَذَا. وَأَشَارَ بإصبعه المسبحة.
وَفِي رِوَايَة أبي عوَانَة عَن حُصَيْن قَالَ:
رَأَيْت بشر عَن مَرْوَان يَوْم الْجُمُعَة يرفع يَدَيْهِ. فَقَالَ عمَارَة نَحوه.
وَعند أبي بكر البرقاني من حَدِيث شُعْبَة بن حُصَيْن:
يرفع يَدَيْهِ فِي الدُّعَاء وَهُوَ على الْمِنْبَر.
3114 - الثَّانِي: من رِوَايَة أبي بكر بن عمَارَة بن رؤيبة عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لن يلج النَّار أحدٌ صلى قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا " يَعْنِي الْفجْر وَالْعصر. فَقَالَ لَهُ رجلٌ من أهل الْبَصْرَة: آنت سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: نعم. فَقَالَ الرجل: وَأَنا أشهد أَنِّي سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(3/543)
(192) عدي بن عميرَة الْكِنْدِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3115 - من رِوَايَة قيس بن أبي حَازِم عَن عدي بن عميرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من استعملناه مِنْكُم على عملٍ فكتمنا مخيطاً فَمَا فَوْقه كَانَ غلولاً يَأْتِي بِهِ يَوْم الْقِيَامَة ". فَقَامَ إِلَيْهِ رجلٌ أسود من الْأَنْصَار كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أقبل عني عَمَلك. قَالَ: " وَمَا لَك؟ " قَالَ: سَمِعتك تَقول كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: " وَأَنا أَقُول الْآن: من استعملناه مِنْكُم على عملٍ فليجيء بقليله وَكَثِيره، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخذ، وَمَا نهي عَنهُ انْتهى ".
(193) عرْفجَة بن شُرَيْح رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3116 - من رِوَايَة زِيَاد بن علاقَة عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِنَّه سَتَكُون هَنَات وهناتٌ، فَمن أَرَادَ أَن يفرق أَمر هَذِه الْأمة وَهِي جميعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنا من كَانَ ". وَمن الروَاة عَن زِيَاد بن علاقَة من قَالَ: " فَاقْتُلُوهُ ".
وَفِي رِوَايَة يُونُس بن أبي يَعْقُوب من أَبِيه عَن عرْفجَة قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله(3/544)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من أَتَاكُم وأمركم جميعٌ على رجلٍ وَاحِد، يُرِيد أَن يشق عصاكم أَو يفرق جماعتكم، فَاقْتُلُوهُ ".
(194) أَبُو عبد الله، طَارق بن أَشْيَم وَالِد أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ رَضِي الله عَنهُ
حديثان:
3117 - أَحدهمَا: من رِوَايَة أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه طَارق بن أَشْيَم قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله، وَكفر بِمَا يعبد من دون الله، حرم مَاله وَدَمه، وحسابه على الله ".
وَأول حَدِيث أبي خَالِد الْأَحْمَر يزِيد بن هَارُون عَن أبي مَالك،
من وحد الله ... " ثمَّ ذكر مثله.
3118 - الثَّانِي: من رِوَايَة أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ أَيْضا عَن أَبِيه طَارق قَالَ: كَانَ الرجل إِذا أسلم علمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة، ثمَّ أمره أَن يَدْعُو بهؤلاء الْكَلِمَات: " اللَّهُمَّ اغْفِر لي، وارحمني، وَعَافنِي، وارزقني ".
وَفِي رِوَايَة يزِيد بن هَارُون عَن أبي مَالك عَن أَبِيه
أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَتَاهُ رجلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ أَقُول حِين أسأَل رَبِّي؟ قَالَ: " قل: اللَّهُمَّ اغْفِر لي، وارحمني، وَعَافنِي، وارزقني - وَيجمع أَصَابِعه إِلَّا الْإِبْهَام - فَإِن هَؤُلَاءِ تجمع لَك دنياك وآخرتك ".(3/545)
(195) قُطْبَة بن مَالك رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3119 - من رِوَايَة زِيَاد بن علاقَة عَنهُ قَالَ: صليت وَصلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَرَأَ: {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} حَتَّى قَرَأَ: {وَالنَّخْل باسقات} فَجعلت أرددها، وَلَا أَدْرِي مَا قَالَ.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن زِيَاد بن علاقَة عَن عَمه - يعْنى قُطْبَة
أَنه صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصُّبْح فَقَرَأَ فِي أول رَكْعَة: {وَالنَّخْل باسقات} وَرُبمَا قَالَ {ق} .
(196) سُوَيْد بن مقرن، أَبُو عَليّ
سكن الْكُوفَة، قَالَه أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ. وَقيل: كنيته أَبُو عدي، رَضِي الله عَنهُ.
3120 - من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن سُوَيْد بن مقرن قَالَ: لطمت مولى لنا فهربت، ثمَّ جِئْت قبل الظّهْر، فَصليت خلف أبي، فَدَعَاهُ وَدَعَانِي، ثمَّ قَالَ: امتثل مِنْهُ، فَعَفَا، ثمَّ قَالَ: كُنَّا بني مقرن - على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ لنا إِلَّا خَادِم واحدةٌ، فلطمها أَحَدنَا، فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " أعتقوها " قَالُوا لَيْسَ لَهُم خَادِم غَيرهَا. قَالَ: " فيستخدموها فَإِذا استغنوا عَنْهَا فليخلوا سَبِيلهَا ".(3/546)
وَفِي رِوَايَة هِلَال بن يسَاف قَالَ:
عجل شيخٌ فلطم خَادِمًا لَهُ، فَقَالَ لَهُ سُوَيْد بن مقرن: عجز عَلَيْك إِلَّا حر وَجههَا، لقد رَأَيْتنِي سَابِع سَبْعَة من بني مقرن، مَا لنا خادمٌ إِلَّا وَاحِدَة، لطمها أصغرنا، فَأمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نعتقها.
وَفِي رِوَايَة شُعْبَة عَن حُصَيْن عَن هِلَال بن يسَاف قَالَ:
كُنَّا نبيع الْبَز فِي دَار سُوَيْد مقرن أخي النُّعْمَان بن مقرن، فَخرجت جاريةٌ فَقَالَت لرجل منا كلمة، فلطمها، فَغَضب سويدٌ، ثمَّ ذكر نَحْو مَا قبله.
وَفِي رِوَايَة شُعْبَة قَالَ: قَالَ لي مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر:
مَا اسْمك؟ قلت: شُعْبَة. قَالَ مُحَمَّد:
حَدثنِي أَبُو شُعْبَة الْعِرَاقِيّ عَن سُوَيْد بن مقرن: أَن جَارِيَة لطمها إنسانٌ، فَقَالَ لَهُ سُوَيْد: أما علمت أَن الصُّورَة مُحرمَة؟ وَقَالَ: لقد رَأَيْتنِي وَإِنِّي لسابع إخْوَة لي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا لنا خَادِم غير وَاحِد، فَعمد أَحَدنَا فَلَطَمَهُ، فَأمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان نعتقها.
(197) عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ رَضِي الله عَنهُ
ثَلَاثَة أَحَادِيث:
3121 - أَحدهَا: من رِوَايَة سعيد بن الْمسيب عَنهُ قَالَ: آخر مَا عهد إِلَيّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا أممت قوما فأخف بهم الصَّلَاة ".
وَفِي رِوَايَة مُوسَى بن طَلْحَة عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ(3/547)
لَهُ: " أم قَوْمك، فَمن أم قومه فليخفف، فَإِن فيهم الْكَبِير، وَإِن فيهم الْمَرِيض، وَإِن فيهم الضَّعِيف، وَإِن فيهم ذَا الْحَاجة، وَإِذا صلى أحدكُم وَحده فَليصل كَيفَ شَاءَ ".
3122 - الثَّانِي: من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ: أَنه شكا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجعاً يجده فِي جسده مُنْذُ أسلم، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ضع يدك على الَّذِي تألم من جسدك، وَقل: باسم الله - ثَلَاثًا - وَقل سبع مَرَّات: أعوذ بِاللَّه وَقدرته من شَرّ مَا أجد وأحاذر ". -
3123 - الثَّالِث: من رِوَايَة أبي الْعَلَاء يزِيد بن عبد الله بن الشخير، عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ أَنه قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِن الشَّيْطَان قد حَال بيني وَبَين صَلَاتي، وقراءتي يلبسهَا عَليّ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ذَاك شَيْطَان يُقَال لَهُ خنزب، فَإِذا أحسسته فتعوذ بِاللَّه مِنْهُ، واتفل على يسارك ثَلَاثًا ". فَفعلت ذَلِك فأذهبه الله عني.
(198) هِشَام بن عَامر الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3124 - من رِوَايَة حميد بن هِلَال عَن رَهْط، مِنْهُم أَبُو الدهماء وَأَبُو قَتَادَة قَالُوا: كُنَّا نمر على هِشَام بن عَامر نأتي عمرَان بن حُصَيْن، فَقَالَ ذَات يَوْم: إِنَّكُم لتجاوزونني إِلَى رجالٍ مَا كَانُوا بأحضر مني لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا أعلم بحَديثه(3/548)
مني، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
مَا بَين خلق آدم إِلَى قيامٍ السَّاعَة خلقٌ أكبر من الدَّجَّال ".
وَفِي حَدِيث عبيد الله بن عَمْرو عَن أَيُّوب مثله، غير أَنه قَالَ:
أمرٌ أكبر من الدَّجَّال ".
(199) عتبَة بن غَزوَان، أَبُو عبد الله رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3125 - من رِوَايَة حميد بن هِلَال عَن خَالِد بن عميرٍ الْعَدوي - زَاد إِسْحَق بن عَمْرو - وَكَانَ قد أدْرك الْجَاهِلِيَّة - قَالَ: خَطَبنَا عتبَة بن غَزوَان - زَاد ابْن إِسْحَق: وَكَانَ أَمِيرا على الْبَصْرَة - فَحَمدَ الله، وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: أما بعد، فَإِن الدُّنْيَا قد آذَنت بِصرْم، وَوَلَّتْ حذاء، وَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا صبابةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاء، يتصابها صَاحبهَا، وَإِنَّكُمْ منتقلون مِنْهَا إِلَى دَار لَا زَوَال لَهَا، فانتقلوا بِخَير مَا بحضرتكم، فَإِنَّهُ قد ذكر لنا أَن الْحجر يلقى فِي شَفير جَهَنَّم فَيهْوِي فِيهَا سبعين عَاما لَا يدْرك لَهَا قعراً، وَالله لتملأن، أفعجبتم؟ وَلَقَد ذكر لنا أَن مَا بَين مصراعين من مصاريع الْجنَّة مسيرَة أَرْبَعِينَ عَاما، وليأتين عَلَيْهَا يومٌ وَهُوَ كظيط من الزحام.
وَلَقَد رَأَيْتنِي سَابِع سَبْعَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَا لنا طعامٌ إِلَّا ورق الشّجر، حَتَّى(3/549)
قرحت أشداقنا، فالتقطت بردة، فشققتها بيني وَبَين سعد بن مَالك، فاتزرت بِنِصْفِهَا، واتزر سعدٌ بِنِصْفِهَا، فَمَا أصبح الْيَوْم منا أحدٌ إِلَّا أصبح أَمِيرا على مصر من الْأَمْصَار، وَإِنِّي أعوذ بِاللَّه أَن أكون فِي نَفسِي عَظِيما، وَعند الله صَغِيرا، وَإِنَّهَا لم تكن نبوةٌ قطّ إِلَّا تناسخت حَتَّى يكون آخر عَاقبَتهَا ملكا، وستخبرون وتجربون الْأُمَرَاء بَعدنَا ".
وَحَدِيث وَكِيع عَن قُرَّة بن خَالِد مُخْتَصر:
لقد رَأَيْتنِي سَابِع سَبْعَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَا طعامنا إِلَّا ورق الحبلة، حَتَّى قرحت أشداقنا. لم يزدْ.
(200) عبد الله بن الشخير بن عَوْف بن مَالك بن ربيعَة أَبُو مطرف رَضِي الله عَنهُ
حديثان:
3126 - أَحدهمَا: من رِوَايَة أبي الْعَلَاء يزِيد بن الشخير عَن أَبِيه قَالَ: صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فرأيته نخع، فدلكها بنعله الْيُسْرَى.
3127 - الثَّانِي: من رِوَايَة مطرف بن عبد الله بن الشخير عَن أَبِيه قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقْرَأ {أَلْهَاكُم التكاثر} قَالَ: " يَقُول ابْن آدم: مَالِي مَالِي.
قَالَ: وَهل لَك من مَالك إِلَّا مَا أكلت فأفنيت أَو لبست فأبليت، أَو تَصَدَّقت فأمضيت ".(3/550)
(201) حَنْظَلَة بن الرّبيع الأسيدي الْكَاتِب رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3128 - من رِوَايَة أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَنهُ قَالَ: - وَكَانَ من كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بكر فَقَالَ: كَيفَ أَنْت يَا حَنْظَلَة؟ قَالَ: قلت: نَافق حَنْظَلَة. قَالَ: سُبْحَانَ الله! مَا تَقول؟ قَالَ: قلت: نَكُون عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكرنَا بالنَّار وَالْجنَّة كأنا رَأْي عين، فَإِذا خرجنَا من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عافسنا الْأزْوَاج وَالْأَوْلَاد والضيعات، نَسِينَا كثيرا. قَالَ: أَبُو بكر: فوَاللَّه إِنَّا لنلقى مثل هَذَا.
فَانْطَلَقت أَنا وَأَبُو بكر حَتَّى دَخَلنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقلت: نَافق حَنْظَلَة يَا رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله: " وَمَا ذَاك؟ " قلت: يَا رَسُول الله، نَكُون عنْدك تذكرنا بالنَّار وَالْجنَّة، كأنا رَأْي عين، فَإِذا خرجنَا من عنْدك عافسنا الْأزْوَاج وَالْأَوْلَاد والضيعات، نَسِينَا كثيرا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَو تدومون على مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذّكر، لصافحتكم الْمَلَائِكَة على فرشكم، وَفِي طرقكم، وَلَكِن يَا حَنْظَلَة، سَاعَة وَسَاعَة " ثَلَاث مرار.
وَفِي حَدِيث عبد الْوَارِث، عَن سعيد الْجريرِي:
كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذكر النَّار، ثمَّ جِئْت إِلَى الْبَيْت فضاحكت الصّبيان، ولاعبت الْمَرْأَة. قَالَ: فَخرجت فَلَقِيت أَبَا بكر فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: وَأَنا قد فعلت مثل مَا تذكر. فلقينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقلت: يَا رَسُول الله، نَافق حَنْظَلَة. فَقَالَ: " مَه ". فَحَدَّثته بِالْحَدِيثِ، فَقَالَ أَبُو بكر: وَأَنا قد فعلت مثل ذَلِك: فَقَالَ: " يَا حَنْظَلَة، سَاعَة سَاعَة. لَو كَانَت(3/551)
تكون قُلُوبكُمْ كَمَا تكون عِنْد الذّكر لصافحتكم الْمَلَائِكَة حَتَّى تسلم عَلَيْكُم فِي الطَّرِيق ".
(202) الْأَغَر الْمُزنِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3129 - من رِوَايَة أبي بردة عَن الْأَغَر الْمُزنِيّ - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِنَّه ليغان على قلبِي، وَإِنِّي لأستغفر الله فِي الْيَوْم مائَة مرّة ".
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن مرّة عَن أبي بردة قَالَ:
سَمِعت الْأَغَر - وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحدث ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أَيهَا النَّاس، تُوبُوا إِلَى الله، فَإِنِّي أَتُوب فِي الْيَوْم مائَة مرّة ".
وَقد أخرجه البُخَارِيّ فِي " التَّارِيخ " عَن حجاج بن منهال عَن شُعْبَة عَن عَمْرو ابْن مرّة قَالَ:
سَمِعت أَبَا بردة أَنه سمع رجلا يُقَال لَهُ الْأَغَر، يحدث ابْن عمر، سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " تُوبُوا إِلَى الله، فَإِنِّي أَتُوب إِلَى الله فِي الْيَوْم مائَة مرّة ".
وَأخرجه فِي " التَّارِيخ " أَيْضا عَن حجاج عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أبي بردة عَن الْأَغَر - أغر بني مزينة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
ليغان على قلبِي، حَتَّى اسْتغْفر الله مائَة مرّة ". وَلم يُخرجهُ فِي الْجَامِع، وَهُوَ لاحقٌ بِشَرْطِهِ فِيهِ.(3/552)
(203) مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد يجمع أطرافاً:
3130 - من رِوَايَة أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بعضه، وَهُوَ بِطُولِهِ من رِوَايَة عَطاء ابْن يسَار عَن مُعَاوِيَة بن الحكم قَالَ: بَينا أَنا أُصَلِّي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذْ عطس رجلٌ من الْقَوْم، فَقلت: يَرْحَمك الله، فَرَمَانِي الْقَوْم بِأَبْصَارِهِمْ، فَقلت: واثكل أمِّياه، مَا شَأْنكُمْ تنْظرُون إِلَيّ؟ فَجعلُوا يضْربُونَ بِأَيْدِيهِم على أَفْخَاذهم، فَلَمَّا رَأَيْتهمْ يُصمتُونِي، لكني سكت. فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فبأبي هُوَ وَأمي، مَا رَأَيْت معلما قبله وَلَا بعده أحسن تَعْلِيما مِنْهُ، فوَاللَّه مَا كَهَرَنِي، وَلَا ضَرَبَنِي، وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: " إِن هَذِه الصَّلَاة لَا يصلح فِيهَا شيءٌ من كَلَام النَّاس، إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وَقِرَاءَة الْقُرْآن " أَو كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي حَدِيث عهدٍ بجاهلية، وَقد جَاءَ الله بِالْإِسْلَامِ، وَإِن منا رجَالًا يأْتونَ الْكُهَّان. قَالَ: " فَلَا تأتهم ". وَقَالَ: وَمنا رجال يَتَطَيَّرُونَ. قَالَ: " ذَاك شيءٌ يجدونه فِي صُدُورهمْ، فَلَا يصدنهم قَالَ: قلت: وَمنا رجال يخطون. قَالَ: " كَانَ نبيٌّ من الْأَنْبِيَاء؟ فَمن وَافق خطه فَذَاك ".
قَالَ:
وَكَانَ لي جاريةٌ ترعى غنما قبل أحد والجوانية، فاطلعت ذَات يَوْم فَإِذا الذِّئْب قد ذهب بِشَاة من غنمها، وَأَنا رجلٌ من بني آدم آسَف كَمَا يأسفون، لَكِن(3/553)
صَكَكْتهَا صَكَّة، فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعظم ذَلِك عَليّ. قلت: يَا رَسُول الله، أَفلا أعْتقهَا؟ قَالَ: " ائْتِنِي بهَا " فَأَتَيْته بهَا، فَقَالَ لَهَا: " أَيْن الله؟ " قَالَت: فِي السَّمَاء.
قَالَ: " من أَنا؟ " قَالَت: أَنْت رَسُول الله. قَالَ: " أعْتقهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤمنَة ".
وَقد أخرجه البُخَارِيّ فِي كِتَابه فِي " الْقِرَاءَة خلف الإِمَام " عَن مُسَدّد بن يحيى عَن الْحجَّاج الصَّواف وَهُوَ من شَرطه، وَلم يتَّفق لَهُ إِخْرَاجه فِي الْجَامِع الصَّحِيح.
(204) عبد الله بن سرجس الْمُزنِيّ رَضِي الله عَنهُ
ثَلَاثَة أَحَادِيث:
3131 - أَحدهَا: من رِوَايَة عَاصِم الْأَحول قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأكلت مَعَه خبْزًا وَلَحْمًا، أَو قَالَ: ثريداً. قَالَ: فَقلت لَهُ: يَا رَسُول الله، غفر الله لَك.
قَالَ: " وَلَك ". قَالَ: فَقلت لَهُ: أسْتَغْفر لَك رَسُول الله؟ قَالَ: نعم. وَلَك، ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة: {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ} [مُحَمَّد] قَالَ: ثمَّ درت خَلفه، فَنَظَرت إِلَى خَاتم النُّبُوَّة بَين كَتفيهِ عِنْد ناغض كتفه الْيُسْرَى، جمعا عَلَيْهِ خيلانٌ كأمثال الثآليل.(3/554)
3132 - الثَّانِي: عَن عَاصِم الْأَحول عَن عبد الله بن سرجس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَافر يتَعَوَّذ من وعثاء السّفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، ودعوة الْمَظْلُوم، وَسُوء المنظر فِي الْأَهْل وَالْمَال وَالْولد.
وَمن الروَاة من قَالَ عَن عَاصِم الْأَحول، فِي أَوله:
اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من وعثاء السّفر ".
3133 - الثَّالِث: عَن عَاصِم عَن عبد الله بن سرجس قَالَ: دخل رجلٌ الْمَسْجِد وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة الْغَدَاة، فصلى رَكْعَتَيْنِ فِي جَانب الْمَسْجِد، ثمَّ دخل مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا سلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يَا فلَان، بِأَيّ الصَّلَاتَيْنِ اعتددت، أبصلاتك وَحدك، أم بصلاتك مَعنا؟ ".
(205) قبيصَة بن مُخَارق بن عبد الله الْهِلَالِي وَزُهَيْر بن عَمْرو الْهِلَالِي رَضِي الله عَنْهُمَا
حَدِيث وَاحِد:
3124 - من رِوَايَة أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَنْهُمَا قَالَا: لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} [الشُّعَرَاء] انْطلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رضمة جبل فعلا أَعْلَاهَا(3/555)
حجرا، ثمَّ نَادَى: " يَا بني عبد منافاه، إِنِّي نذيرٌ لكم، إِنَّمَا مثلي ومثلكم كَمثل رجلٍ أَتَى الْعَدو، فَانْطَلق يربأ أَهله، فخشي أَن يسبقوه، فَجعل يَهْتِف: يَا صَبَاحَاه ".
(206) قبيصَة بن مُخَارق وَحده
حَدِيث وَاحِد:
3135 - من رِوَايَة كنَانَة بن نعيم الْعَدوي عَن قبيصَة بن مُخَارق الْهِلَالِي قَالَ: تحملت حمالَة، فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسأله فِيهَا، فَقَالَ: " أقِم حَتَّى تَأْتِينَا الصَّدَقَة فنأمر لَك بهَا ". قَالَ: ثمَّ قَالَ: " يَا قبيصَة، إِن الْمَسْأَلَة لَا تحل إِلَّا لأحد ثَلَاثَة: رجل تحمل حمالَة، فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يُصِيبهَا ثمَّ يمسك. وَرجل أَصَابَته جائحةٌ اجتاحت مَاله، فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يُصِيب قواماً من عَيْش أَو قَالَ - سداداً من عَيْش، وَرجل أَصَابَته فاقة، حَتَّى يقوم ثَلَاثَة من ذَوي الحجا من قومه: لقد أَصَابَت فلَانا فاقةٌ، فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يُصِيب قواماً من عَيْش - أَو قَالَ: سداداً من عَيْش، فَمَا سواهن من الْمَسْأَلَة يَا قبيصَة - سحتٌ، يأكلها صَاحبهَا سحتاً ".(3/556)
(207) أَبُو رِفَاعَة الْعَدوي، تَمِيم بن أسيد بن عبد مَنَاة
يُقَال ابْن أَسد. وَيُقَال: ابْن أسيد بِالْفَتْح، وَالْأَشْهر أسيد بِالضَّمِّ، رَضِي الله عَنهُ. قَالَه عبد الْغَنِيّ بن سعيد.
حَدِيث وَاحِد:
3136 - من رِوَايَة حميد بن هِلَال قَالَ: قَالَ أَبُو رِفَاعَة الْعَدوي: انْتَهَيْت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يخْطب، قَالَ: فَقلت: يَا رَسُول الله، رجلٌ غريبٌ جَاءَ يسْأَل عَن دينه، لَا يدْرِي مَا دينه. قَالَ: فَأقبل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَترك خطبَته حَتَّى انْتهى إِلَيّ، فَأتي بكرسي حسبت قوائمه حديداً. قَالَ: فَقعدَ عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَجعل يعلمني مِمَّا علمه الله، ثمَّ أَتَى خطبَته فَأَتمَّ آخرهَا.
(208) أَبُو زيد، عَمْرو بن أَخطب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3137 - من رِوَايَة علْبَاء بن أَحْمَر قَالَ: حَدثنِي عَمْرو بن أَخطب قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفجْر، وَصعد الْمِنْبَر، فَخَطَبنَا حَتَّى حضرت الظّهْر، فَنزل(3/557)
فصلى، ثمَّ صعد الْمِنْبَر فَخَطَبنَا حَتَّى حضرت الْعَصْر، ثمَّ نزل فصلى، ثمَّ صعد الْمِنْبَر حَتَّى غربت الشَّمْس، وَأخْبرنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كائنٌ، فأعلمنا أحفظنا.
(209) نُبَيْشَة الْهُذلِيّ رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3138 - من رِوَايَة أبي الْمليح عَن نُبَيْشَة الْهُذلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَيَّام التَّشْرِيق أَيَّام أكلٍ وَشرب وذكرٍ لله ".
وَفِيه عِنْد أبي بكر البرقاني زِيَادَة، من حَدِيث خَالِد الْحذاء عَن أبي الْمليح عَن نُبَيْشَة الْهُذلِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِنَّا كُنَّا نَهَيْنَاكُمْ عَن الْأَضَاحِي فَوق ثلاثةٍ حَتَّى يَسَعكُمْ نسككم، فقد جَاءَ الله بِالسَّعَةِ، فَكُلُوا وَادخرُوا وَاتَّجرُوا، أَلا وَإِن هَذِه الْأَيَّام أَيَّام أكلٍ وشربٍ وَذكر الله تَعَالَى ".
وَهَكَذَا أخرجه أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن خَالِد الْحذاء.
وَقد أخرج لَهُ أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه الْمخْرج على الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثا آخر فِي العتيرة من حَدِيث هشيم عَن خَالِد الْحذاء عَن أبي الْمليح عَن نُبَيْشَة. وَلم أره فِيمَا عندنَا من كتاب مُسلم. لَا ذكره أَبُو مَسْعُود فِي هَذِه التَّرْجَمَة.(3/558)
وَقد أخرجه أَبُو دَاوُد فِي " السّنَن " من حَدِيث خَالِد الْحذاء عَن أبي قلَابَة عَن.
أبي الْمليح عَن نُبَيْشَة.
(210) عِيَاض حمَار بن عرْفجَة ابْن نَاجِية بن عقال الْمُجَاشِعِي رَضِي الله عَنهُ
حَدِيث وَاحِد:
3139 - من رِوَايَة مطرف بن عبد الله بن الشخير عَن عِيَاض بن حمَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَات يومٍ فِي خطبَته: " أَلا إِن رَبِّي أَمرنِي أَن أعلمكُم مَا جهلتم، مِمَّا عَلمنِي يومي هَذَا. كل مَال نحلته عبدا حَلَال، وَإِنِّي خلقت عبَادي حنفَاء كلهم، وَإِنَّهُم أَتَتْهُم الشَّيَاطِين فَاجْتَالَتْهُمْ عَن دينهم، وَحرمت عَلَيْهِم مَا أحللت لَهُم، وأمرتهم أَن يشركوا بِي مَا لم أنزل بِهِ سُلْطَانا. وَإِن الله نظر إِلَى أهل الأَرْض فمقتهم عربهم وعجمهم، إِلَّا بقايا من أهل الْكتاب. وَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عَلَيْك كتابا لَا يغسلهُ المَاء، تقرؤه نَائِما ويقظان: وَإِن الله أَمرنِي أَن أحرق قُريْشًا، فَقلت: رب، إِذن يثلغوا رَأْسِي فيدعوه خبْزَة. قَالَ:(3/559)
استخرجهم كَمَا أخرجوك، واغزهم نعنك وَأنْفق فسننفق عَلَيْك، وَابعث جَيْشًا نبعث خَمْسَة مثله، وَقَاتل بِمن أطاعك من عصاك ".
قَالَ:
وَأهل الْجنَّة ثلاثةٌ: ذُو سُلْطَان مقسط متصدق موفق. وَرجل رحيمٌ رَقِيق الْقلب لكل ذِي قربى وَمُسلم. وعفيفٌ متعفف ذُو عِيَال. وَأهل النَّار خَمْسَة: الضَّعِيف الَّذِي لَا زبر لَهُ، الَّذِي هم فِيكُم تبعا لَا يتبعُون أَهلا وَلَا مَالا. والخائن الَّذِي لَا يخفى لَهُ طمعٌ وَإِن دق إِلَّا خانه، وَرجل لَا يصبح وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ مخادعك عَن أهلك وَمَالك " وَذكر الْبُخْل أَو الْكَذِب، والشنظير الفحاش.
زَاد فِي حَدِيث مطرٍ عَن قَتَادَة عَن مطرف:
وَإِن الله أوحى إِلَيّ: أَن تواضعوا، حَتَّى لَا يفخر أحدٌ على أحد، وَلَا يَبْغِي أحدٌ على أحد " وَقَالَ فِي حَدِيثه: " وهم فِيكُم تبعا لَا يَبْغُونَ أَهلا وَلَا مَالا " فَقلت: وَكَيف يكون ذَلِك يَا أَبَا عبد الله؟ قَالَ: نعم، وَالله لقد أدركتهم فِي الْجَاهِلِيَّة، وَإِن الرجل ليرعى على الْحَيّ مَا بِهِ إِلَّا وليدتهم فيطؤها.
(211) رجلٌ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
حَدِيث وَاحِد:
3140 - من رِوَايَة أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَسليمَان بن يسَار عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْأَنْصَار: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقرّ الْقسَامَة على مَا كَانَت عَلَيْهِ(3/560)
فِي الْجَاهِلِيَّة.
وَفِي رِوَايَة ابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ عَنْهُمَا بِهَذَا الْإِسْنَاد مثله. وَزَاد:
وَقضى بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين ناسٍ من الْأَنْصَار فِي قَتِيل ادعوهُ على الْيَهُود.
وَفِي حَدِيث صَالح عَن ابْن شهَاب عَنْهُمَا
عَن ناسٍ من الْأَنْصَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله.
بقيت ثَلَاثَة أَحَادِيث:
3141 - مِنْهَا مُسْند خُزَيْمَة بن ثَابت فِي " الطَّاعُون "، وَقد تقدم فِي مُسْند أُسَامَة، لاشتراكه مَعَه فِي رِوَايَته.
3142 - وَالثَّانِي: حَدِيث رَافع بن عَمْرو الْغِفَارِيّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن بعدِي من أمتِي - أَو سَيكون بعدِي قومٌ يقرؤون الْقُرْآن لَا يُجَاوز تراقيهم، يخرجُون من الدّين " وَقد تقدم فِي مُسْند أبي ذَر لاشتراكه مَعَه أَيْضا فِي رِوَايَته.
3143 - وَالثَّالِث: حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن رجل من الْأَنْصَار فِي النَّجْم الَّذِي رمي بِهِ فَاسْتَنَارَ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا كُنْتُم تَقولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا رمي بِمثل هَذَا؟ . . " الحَدِيث بِطُولِهِ. وَقد تقدم فِي مُسْند ابْن عَبَّاس من رِوَايَة عَليّ بن الْحُسَيْن عَنهُ. وَهُنَاكَ أخرجه أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي، وَكَانَ يلْزمه إِخْرَاجه هَا هُنَا.
آخر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث المقلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين(3/561)
(212) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة بنت أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُمَا
3144 - الحَدِيث الأول: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: اسْتَأْذَنت سَوْدَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة جمعٍ، وَكَانَت ثَقيلَة ثبطةً. فَأذن لَهَا.
وَفِي حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت:
كَانَت سَوْدَة امْرَأَة ضخمةً ثبطة، فاستأذنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تفيض من جمعٍ بلَيْل، فَأذن لَهَا. فَقَالَت عَائِشَة: فليتني كنت أستأذنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا استأذنته سَوْدَة. وَكَانَت عَائِشَة لَا تفيض إِلَّا مَعَ الإِمَام.
وَفِي حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَنْهَا قَالَت:
وددت أَنِّي كنت اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا استأذنته سَوْدَة، فأصلي الصُّبْح بمنى، فأرمي الْجَمْرَة قبل أَن يَأْتِي النَّاس، فَقيل لعَائِشَة: فَكَانَت سَوْدَة استأذنته؟ قَالَت: نعم، إِنَّهَا كَانَت امْرَأَة ثَقيلَة ثبطة، فاستأذنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأذن لَهَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَفْلح بن حميد بن نَافِع عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت:
نزلنَا إِلَى الْمزْدَلِفَة، فاستأذنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَوْدَة أَن تدفع قبل حطمة النَّاس، وَكَانَت امْرَأَة بطيئة، فَأذن لَهَا، فَدفعت قبل حطمة النَّاس، وأقمنا حَتَّى(4/5)
أَصْبَحْنَا نَحن، ثمَّ دفعنَا بِدَفْعِهِ، فَلِأَن أكون اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا اسْتَأْذَنت سَوْدَة أحب إِلَيّ من مفروح بِهِ.
وَفِي حَدِيث القعْنبِي عَن أَفْلح نَحوه، وَفِيه:
كَانَت امْرَأَة ثبطة، يَقُول الْقَاسِم: والثبطة: الثَّقِيلَة. وَفِيه: وحسبنا حَتَّى أَصْبَحْنَا، فدفعنا بِدَفْعِهِ. وَفِيه: وَلِأَن أكون اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا استأذنته سَوْدَة فَأَكُون أدفَع بِإِذْنِهِ أحب إِلَيّ من مفروحٍ بِهِ.
3145 - الثَّانِي: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة: أَن صَفِيَّة بنت حييّ زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَاضَت، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " أحابستنا هِيَ؟ " قَالُوا: إِنَّهَا قد أفاضت. قَالَ: " فَلَا إِذن ".
وَلمُسلم من حَدِيث اللَّيْث وسُفْيَان وَأَيوب عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَنْهَا بِمَعْنى حَدِيث قبله، فِيهِ:
أَن عَائِشَة قَالَت: حَاضَت صَفِيَّة بنت حييّ بعد مَا أفاضت.
قَالَت عَائِشَة: فَذكرت حَيْضَتهَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أحابستنا هِيَ؟ " قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله إِنَّهَا قد كَانَت أفاضت وطافت بِالْبَيْتِ، ثمَّ حَاضَت بعد الْإِفَاضَة. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فلتنفر ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَعُرْوَة أَن عَائِشَة قَالَت:
حَاضَت صَفِيَّة بعد مَا أفاضت ... وَذكر مثله.
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ:
طمثت صَفِيَّة بنت حييّ فِي حجَّة الْوَدَاع بَعْدَمَا أفاضت ... . وَذكر مثله.
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ:
طمثت صَفِيَّة بنت حييّ فِي حجَّة الْوَدَاع بَعْدَمَا أفاضت طَاهِرا.(4/6)
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث الْأسود بن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ عَن عَائِشَة:
لما أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينفر، رأى صَفِيَّة على بَاب خبائها كئيبة حزينة لِأَنَّهَا حَاضَت، فَقَالَ: " عقرى حلقي ": لُغَة لقريش: " إِنَّك حابستنا " ثمَّ قَالَ: " كنت أفضت يَوْم النَّحْر؟ " يَعْنِي الطّواف. قَالَت: نعم. قَالَ: " فانفري إِذن ".
وَفِي رِوَايَة حَفْص بن غياث عَن الْأَعْمَش أَن عَائِشَة قَالَت:
حَاضَت صَفِيَّة لَيْلَة النَّفر، فَقَالَت: مَا أَرَانِي إِلَّا حابستكم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " عقرى حلقى، أطافت يَوْم النَّحْر؟ . " قيل: نعم. قَالَ: " فانفري ".
وَفِي حَدِيث محَاضِر بن الْمُوَرِّع نَحوه وَزِيَادَة، وَأول حَدِيثه:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نذْكر إِلَّا الْحَج، فَلَمَّا قدمنَا أمرنَا أَن نحل، فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة النَّفر حَاضَت صَفِيَّة، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " حلقى عقرى، مَا أَرَاهَا إِلَّا حابستنا " ثمَّ قَالَ: " كنت طفت يَوْم النَّحْر؟ " قَالَت: نعم. قَالَ " فانفري " قلت يَا رَسُول الله، لم أكن أحللت. قَالَ: " فاعتمري من التَّنْعِيم " فَخرج مَعهَا أَخُوهَا، فلقيناه مدلجاً فَقَالَ: " موعدك مَكَان كَذَا وَكَذَا ".
وَأَخْرَجَا من حَدِيث أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة قَالَت:
يَا رَسُول الله، إِن صَفِيَّة بنت حييّ قد حَاضَت.
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَعَلَّهَا تحبسنا. ألم تكن طافت معكن بِالْبَيْتِ؟ " قَالُوا: بلَى قَالَ: " فاخرجن ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي دَاوُد عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن عَائِشَة قَالَت:
حجَجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأفضنا يَوْم النَّحْر، فَحَاضَت صَفِيَّة، فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا مَا يُرِيد الرجل من أَهله، فَقَالَت:(4/7)
يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِنَّهَا حَائِض. قَالَ: " حابستنا هِيَ؟ " قَالُوا: يَا رَسُول الله، أفاضت يَوْم النَّحْر. قَالَ: " اخْرُجُوا ".
وَأخرج مُسلم هَذَا الْمَعْنى بِعَيْنِه من حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث بن خَالِد التَّمِيمِي عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ من صَفِيَّة بعض مَا يُرِيد الرجل من أَهله، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّهَا حَائِض يَا رَسُول الله، قَالَ: " وَإِنَّهَا لحابستنا " قَالُوا يَا رَسُول الله، إِنَّهَا قد زارت يَوْم النَّحْر. قَالَ: " فلتنفر معكن ".
// هَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ من ترجمتين //.
وَأخرجه مُسلم وَحده من حَدِيث أَفْلح بن حميد بن نَافِع عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت:
كُنَّا نتخوف أَن تحيض صَفِيَّة قبل أَن تفيض. قَالَت: فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " أحابستنا صَفِيَّة؟ ". قُلْنَا: قد أفاضت. قَالَ: " فَلَا إِذن ".
3146 - الثَّالِث: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت عَائِشَة تَقول: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نرى إِلَّا الْحَج، فَلَمَّا كنت بسرف أَو قَرِيبا مِنْهَا حِضْت، فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أبْكِي، فَقَالَ: " مَالك؟ أنفست؟ " قلت: نعم. قَالَ: إِن هَذَا أَمر كتبه الله على بَنَات آدم، فاقضي مَا يقْضِي الْحَاج غير أَن لَا تطوفي بِالْبَيْتِ. " قَالَت: وضحى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نِسَائِهِ بالبقر.
وَفِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة الْمَاجشون عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نذْكر إِلَّا الْحَج، حَتَّى جِئْنَا سرف،(4/8)
فطمثت، فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أبْكِي، فَقَالَ: " مَا يبكيك؟ " قلت: وَالله، لَوَدِدْت أَنِّي لم أكن خرجت الْعَام، فَقَالَ: " مَالك؟ لَعَلَّك نفست؟ " قلت: نعم. قَالَ: " هَذَا شَيْء كتبه الله على بَنَات آدم، افعلي مَا يفعل الْحَاج، غير أَن لَا تطوفي بِالْبَيْتِ حَتَّى تطهري " قَالَت: فَلَمَّا قدمت مَكَّة قَالَ رَسُول الله لأَصْحَابه: " اجْعَلُوهَا عمْرَة " فأحل النَّاس إِلَّا من كَانَ مَعَه الْهَدْي. قَالَت: فَكَانَ الْهَدْي مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَذَوي الْيَسَار، ثمَّ أهلوا حِين راحوا.
قَالَت:
فَلَمَّا كَانَ يَوْم النَّحْر طهرت، فَأمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأفضت، قَالَت: فأتينا بِلَحْم بقر، فَقلت: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: أهْدى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نِسَائِهِ بالبقر. فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة الحصبة قلت: يَا رَسُول الله، أيرجع النَّاس بِحجَّة وَعمرَة وأرجع بِحجَّة؟ قَالَت: فَأمر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر فأردفني على جمله، قَالَت: فَإِنِّي لأذكر وَأَنا حَدِيثَة السن أنعس، فَيُصِيب وَجْهي مؤخرة الرحل، حَتَّى جِئْنَا إِلَى التَّنْعِيم، فَأَهْلَلْت مِنْهَا بِعُمْرَة جَزَاء بِعُمْرَة النَّاس الَّتِي اعتمروا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَفْلح بن حميد عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أشهر الْحَج وليالي الْحَج وَحرم الْحَج، قَالَت: فَخرج إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ: " من لم يكن مِنْكُم مَعَه هدي فَأحب أَن يَجْعَلهَا عمْرَة فَلْيفْعَل، وَمن كَانَ مَعَه الْهَدْي فَلَا " قَالَت: فالآخذ بهَا أَو التارك لَهَا من أَصْحَابه. قَالَت: فَأَما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجالٌ من أَصْحَابه فَكَانُوا أهل قُوَّة، وَكَانَ مَعَهم الْهَدْي، فَلم يقدروا على الْعمرَة، قَالَت: فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أبْكِي فَقَالَ: " مَا يبكيك يَا هنتاه؟ " قلت: سَمِعت قَوْلك لأصحابك، فمنعت الْعمرَة. قَالَ: " وَمَا شَأْنك؟ " قلت لَا أُصَلِّي، قَالَ: " فَلَا يضيرك، إِنَّمَا أَنْت امْرَأَة من بَنَات آدم، كتب الله عَلَيْك مَا كتب عَلَيْهِنَّ، فكوني فِي حجك، فَعَسَى الله أَن يرزقكها " قَالَ:(4/9)
فخرجنا فِي حجَّة. وَفِي حَدِيث إِسْحَق بن سُلَيْمَان:
فَخرجت فِي حجتي حَتَّى قدمنَا منى فطهرت، ثمَّ خرجت من منى فأفضت بِالْبَيْتِ. قَالَت: ثمَّ خرجت مَعَه فِي النَّفر الآخر حَتَّى نزلنَا المحصب، ونزلنا مَعَه، فَدَعَا عبد الرَّحْمَن ابْن أبي بكر فَقَالَ: أخرج بأختك من الْحرم، فلتهل بِعُمْرَة، ثمَّ افرغا، ثمَّ ائتياها هُنَا، فَإِنِّي أنظركما حَتَّى تأتيا " قَالَ: فخرجنا حَتَّى إِذا فرغت وفرغت من الطّواف جِئْته بِسحر، فَقَالَ: " هَل فَرَغْتُمْ؟ " قلت: نعم. فآذن بالرحيل فِي أَصْحَابه، فارتحل النَّاس، فَمر مُتَوَجها إِلَى الْمَدِينَة.
وَفِي حَدِيث إِسْحَق بن سُلَيْمَان عَن أَفْلح نَحوه، وَفِي آخِره:
فآذن فِي أَصْحَابه بالرحيل، فَخرج، فَمر بِالْبَيْتِ، فَطَافَ بِهِ قبل صَلَاة الصُّبْح، ثمَّ خرج إِلَى الْمَدِينَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله فِي حجَّة الْوَدَاع، فمنا من أهل بِعُمْرَة وَمنا من أهل بِحَجّ، فقدمنا مَكَّة، فَقَالَ رَسُول الله: " من أحرم بِعُمْرَة وَلم يهد فليحلل، وَمن أحرم بِعُمْرَة وَأهْدى فَلَا يحل حَتَّى يحل نحر هَدْيه، وَمن أهل بِحَجّ فليتم حجه قَالَت: فحضت، فَلم أزل حَائِضًا حَتَّى كَانَ يَوْم عَرَفَة وَلم أهلل إِلَّا بِعُمْرَة، فَأمرنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أنقض رَأْسِي وامتشط، وَأهل بِالْحَجِّ وأترك الْعمرَة، فَفعلت ذَلِك حَتَّى قضيت حجتي، فَبعث معي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، فَأمرنِي أَن أعتمر مَكَان عمرتي - من التَّنْعِيم.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع، فأهللنا بِعُمْرَة، ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من كَانَ مَعَه هديٌ فليهلل بِالْحَجِّ مَعَ الْعمرَة ثمَّ لَا يحل حَتَّى يحل مِنْهُمَا جَمِيعًا " فَقدمت مَكَّة(4/10)
وَأَنا حَائِض، وَلم أطف بِالْبَيْتِ وَلَا بَين الصَّفَا والمروة، فشكوت ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " انقضي رَأسك وامتشطي، وَأَهلي بِالْحَجِّ، ودعي الْعمرَة ". قَالَت فَفعلت، فَلَمَّا قضينا الْحَج أَرْسلنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر إِلَى التَّنْعِيم، فاعتمرت، فَقَالَ: " هَذِه مَكَان عمرتك " قَالَت: فَطَافَ الَّذين كَانُوا أهلوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ، وَبَين الصَّفَا والمروة، ثمَّ حلوا، ثمَّ طافوا طَوافا آخر بعد أَن رجعُوا من منى لحجهم. وَأما الَّذين جمعُوا الْحَج وَالْعمْرَة فَإِنَّمَا طافوا طَوافا وَاحِدًا.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ أَنَّهَا قَالَت:
أَهلَلْت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع، فَكنت مِمَّن تمتّع وَلم يسق الْهَدْي، فَزَعَمت أَنَّهَا حَاضَت وَلم تطهر حَتَّى دخلت لَيْلَة عَرَفَة. قَالَت: يَا رَسُول الله " هَذِه لَيْلَة عَرَفَة، وَإِنَّمَا كنت تمتعت بِعُمْرَة. فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " انقضي رَأسك وامتشطي، وأمسكي عَن عمرتك " فَفعلت. فَلَمَّا قضيت الْحَج، أَمر عبد الرَّحْمَن لَيْلَة الحصبة فأعمرني مَكَان عمرتي الَّتِي نسكت.
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ أَنَّهَا قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله عَام حجَّة الْوَدَاع، فَأَهْلَلْت بِعُمْرَة، وَلم أكن سقت الْهَدْي. . ثمَّ ذكر نَحوه.
وَفِي رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ أَنَّهَا قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " من أَرَادَ مِنْكُم أَن يهل بِحَجّ وَعمرَة فَلْيفْعَل، وَمن أَرَادَ أَن يهل بِحَجّ فليهل، وَمن أَرَادَ أَن يهل بِعُمْرَة فليهل " قَالَت عَائِشَة: وَأهل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَجّ، وَأهل بِهِ نَاس مَعَه بِالْعُمْرَةِ وَالْحج، وَأهل ناسٌ بِالْعُمْرَةِ، وَكنت فِيمَن أهل بِعُمْرَة.(4/11)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موافين لهِلَال ذِي الْحجَّة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من أحب أَن يهل بِعُمْرَة فليهل، وَمن أحب أَن يهل بِحجَّة فليهل. فلولا أَنِّي أهديت لأهللت بِعُمْرَة، فَمنهمْ من أهل بِعُمْرَة وَمِنْهُم من أهل بِحجَّة، وَكنت فِيمَن أهل بِعُمْرَة، فحضت قبل أَن أَدخل مَكَّة، فأدركني يَوْم عَرَفَة وَأَنا حائضة، فشكوت ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " دعِي عمرتك، وانقضى رَأسك، وامتشطي، وَأَهلي بِالْحَجِّ " فَفعلت، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة الحصبة أرسل معي عبد الرَّحْمَن إِلَى التَّنْعِيم، فأردفها، فأهلت بِعُمْرَة مَكَان عمرتها، فَقضى الله حَجهَا وعمرتها، وَلم يكن فِي شَيْء من ذَلِك هدي وَلَا صَدَقَة وَلَا صَوْم.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة ووكيع عَن هِشَام عَن عُرْوَة نَحْو ذَلِك. وَفِي آخِره: قَالَ هِشَام: وَلم يكن فِي ذَلِك هديٌ وَلَا صَدَقَة وَلَا صَوْم.
وَأَخْرَجَا طرفا مِنْهُ من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نَوْفَل عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام حجَّة الْوَدَاع، فمنا من أهل بِعُمْرَة، وَمنا من أهل بِحَجّ وَعمرَة، وَمنا من أهل بِحَجّ، وَأهل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحَجِّ، فَأَما من أهل بِعُمْرَة فَحل، وَأما من أهل بِحَجّ أَو جمع الْحَج وَالْعمْرَة فَلم يحلوا حَتَّى كَانَ يَوْم النَّحْر.(4/12)
وَلمُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت:
منا من أهل بِالْحَجِّ مُفردا، وَمنا من قرن، وَمنا من تمتّع.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم قَالَ:
جَاءَت عَائِشَة حَاجَة. لم يزدْ.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت الْهَدْي، ولحللت مَعَ النَّاس حَيْثُ حلواً ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث ذكْوَان أبي عَمْرو مولى عَائِشَة عَن عَائِشَة قَالَت:
قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأربعٍ خلون من ذِي الْحجَّة أَو خمس، فَدخل عَليّ وَهُوَ غَضْبَان، فَقلت: من أغضبك أدخلهُ الله النَّار. قَالَ: " أَو مَا شَعرت أَنِّي أمرت النَّاس بأمرٍ فَإِذا هم يَتَرَدَّدُونَ، وَلَو أَنِّي اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت الْهَدْي معي حَتَّى أشتريه ثمَّ أحل كَمَا حلوا ".
وَأَخْرَجَا من حَدِيث الْأسود بن يزِيد بن قيس عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا نرى إِلَّا الْحَج، فَلَمَّا قدمنَا تطوفنا بِالْبَيْتِ، فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لم يكن سَاق الْهَدْي أَن يحل. قَالَت: فَحل من لم يكن سَاق الْهَدْي، ونساؤه لم يسقن الْهَدْي فأحللن. قَالَت عَائِشَة: فحضت فَلم أطف بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة الحصبة قَالَت: قلت يَا رَسُول الله، أيرجع النَّاس بِعُمْرَة وَحجَّة، وأرجع أَنا بِحجَّة؟ قَالَ: " أَو مَا كنت طفت ليَالِي قدمنَا مَكَّة؟ " قَالَت: قلت: لَا. قَالَ: " فاذهبي مَعَ أَخِيك إِلَى التَّنْعِيم فأهلي بِعُمْرَة، ثمَّ موعدك مَكَان كَذَا وَكَذَا ". قَالَت صَفِيَّة: مَا أَرَانِي إِلَّا حابستكم. قَالَ: " عقرى حلقى. أَو مَا كنت(4/13)
طفت يَوْم النَّحْر؟ " قَالَت: بلَى. قَالَ: " لَا بَأْس عَلَيْك، انفري " قَالَت عَائِشَة: فلقيني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مصعدٌ من مَكَّة وَأَنا منهبطة عَلَيْهَا، أَو أَنا مصعدة وَهُوَ منهبط مِنْهَا.
وَفِي حَدِيث الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَنْهَا قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نذْكر حجا وَلَا عمْرَة. . وَذكر الحَدِيث بِمَعْنَاهُ.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث عبد الله بن عون عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، وَمن رِوَايَة إِبْرَاهِيم عَن الْأسود بن يزِيد قَالَا: قَالَت عَائِشَة: قلت:
يَا رَسُول الله، يصدر النَّاس بنسكين وأصدر بنسك وَاحِد. قَالَ: " انتظري، فَإِذا طهرت فاخرجي إِلَى التَّنْعِيم فأهلي مِنْهُ، ثمَّ ائتنا بمَكَان كَذَا. وَلكنهَا على قدر نَفَقَتك أَو نصبك ".
وَلَهُمَا من حَدِيث يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لخمس بَقينَ من ذِي الْقعدَة، وَلَا نرى إِلَّا أَنه الْحَج، فَلَمَّا كُنَّا بسرف حِضْت، حَتَّى إِذا دنونا من مَكَّة، أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لم يكن مَعَه هدي إِذا كَانَ بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة أَن يحل. قَالَت عَائِشَة: فَدخل علينا يَوْم النَّحْر بِلَحْم بقر، فَقلت: مَا هَذَا؟ فَقيل: ذبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَزوَاجه.
قَالَ يحيى: فَذكرت هَذَا الحَدِيث للقاسم بن مُحَمَّد فَقَالَ: أتتك وَالله بِالْحَدِيثِ على وَجهه.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث أَيمن بن نابل عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
يَا رَسُول الله، اعْتَمَرت وَلم أعتمر. فَقَالَ: " يَا عبد الرَّحْمَن، اذْهَبْ بأختك فأعمرها من التَّنْعِيم " فأحقبها على نَاقَة فاعتمرت.(4/14)
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا تَعْلِيقا من حَدِيث مَالك بن دِينَار عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث مَعهَا أخاها عبد الرَّحْمَن، فاعتمرها من التَّنْعِيم، وَحملهَا على قتب.
وللبخاري من حَدِيث عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
يَا رَسُول الله، يرجع أَصْحَابك بِأَجْر حج وَعمرَة، وَلم أَزْد على الْحَج؟ فَقَالَ لَهَا: " اذهبي، وليردفك عبد الرَّحْمَن " فَأمر عبد الرَّحْمَن أَن يعمرها من التَّنْعِيم، وانتظرها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَعْلَى مَكَّة حَتَّى جَاءَت.
وَلمُسلم من حَدِيث طَاوس بن كيسَان عَن عَائِشَة
أَنَّهَا أهلت بِعُمْرَة، فَقدمت وَلم تطف بِالْبَيْتِ حَتَّى حَاضَت، فنسكت الْمَنَاسِك كلهَا، وَقد أهلت بِالْحَجِّ، فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم النَّفر: " يسعك طوافك لحجك وعمرتك ". فَأَبت، فَبعث مَعهَا عبد الرَّحْمَن إِلَى التَّنْعِيم، فاعتمرت بعد الْحَج.
أغفله أَبُو مَسْعُود، فَلم يذكرهُ فِي تَرْجَمَة طَاوس عَن عَائِشَة فِيمَا عندنَا من كِتَابه.
وَمن حَدِيث مُجَاهِد عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا حَاضَت بسرف، فتطهرت بِعَرَفَة، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يُجزئ عَنْك طوافك بالصفا والمروة عَن حجك وعمرتك ".
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث عبد الحميد بن جُبَير بن شيبَة عَن صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
يَا رَسُول الله، أيرجع النَّاس بأجرين وأرجع بِأَجْر؟ فَأمر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر أَن ينْطَلق بهَا إِلَى التَّنْعِيم، قَالَت: فأردفني خَلفه على جمل لَهُ. قَالَت: فَجعلت أرفع خماري أحسره عَن عنقِي، فَيضْرب رجْلي بعلة(4/15)
الرَّاحِلَة. فَقلت لَهُ: وَهل ترى من أحد؟ قَالَت: فَأَهْلَلْت بِعُمْرَة، ثمَّ أَقبلنَا حَتَّى انتهينا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بالحصبة.
أخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه من حَدِيث قُرَّة بن خَالِد عَن عبد الحميد، وَفِيه:
وأردفني خَلفه على جمل لَهُ فِي لَيْلَة شَدِيدَة الْحر، فَجعلت أحسر خماري عَن عنقِي، فَيضْرب رجْلي، وَقَالَ فِي آخِره: فَانْتَهَيْنَا إِلَى التَّنْعِيم، فَأَهْلَلْت بِعُمْرَة ثمَّ أَقبلت، فَقدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي الْبَطْحَاء لم يبرح - وَذَلِكَ لَيْلَة النَّفر، فَقلت: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أَدخل الْبَيْت؟ قَالَ: " ادخلي الْحجر، فَإِنَّهُ من الْبَيْت ".
وَلَيْسَ لعبد الحميد بن جُبَير عَن صَفِيَّة فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
3147 - الرَّابِع: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ - أَو بِذَات الْجَيْش - انْقَطع عقد لي، فَأَقَامَ رَسُول الله على التماسه وَأقَام النَّاس مَعَه وَلَيْسوا على مَاء، وَلَيْسَ مَعَهم مَاء، فَأتى النَّاس أَبَا بكر فَقَالُوا: أَلا ترى إِلَى مَا صنعت عَائِشَة: أَقَامَت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبالناس مَعَه وَلَيْسوا على مَاء، وَلَيْسَ مَعَهم مَاء، قَالَت: فعاتبني أَبُو بكر، وَقَالَ مَا شَاءَ الله أَن يَقُول، وَجعل يطعن بِيَدِهِ فِي خاصرتي، فَلَا يَمْنعنِي من التحرك إِلَّا مَكَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على فَخذي. فَنَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أصبح على غير مَاء، فَأنْزل الله تَعَالَى آيَة التَّيَمُّم: {فَتَيَمَّمُوا} [الْمَائِدَة](4/16)
فَقَالَ أسيد بن الْحضير وَهُوَ أحد النُّقَبَاء: مَا هِيَ بِأول بركتكم يَا آل أبي بكر. قَالَت عَائِشَة: فَبَعَثنَا الْبَعِير الَّذِي كنت عَلَيْهِ فَوَجَدنَا العقد تَحْتَهُ.
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه أَن عَائِشَة قَالَت:
سَقَطت قلادة لي بِالْبَيْدَاءِ وَنحن داخلون الْمَدِينَة، فَأَنَاخَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنزل، وثنى رَأسه فِي حجري رَاقِدًا، فَأقبل أَبُو بكر فلكزني لكزةً شَدِيدَة وَقَالَ:
حبست النَّاس فِي قلادة، فَبِي الْمَوْت لمَكَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد أوجعني. ثمَّ إِن النَّبِي اسْتَيْقَظَ، وَحَضَرت الصُّبْح فالتمس المَاء فَلم يُوجد، فَنزلت: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق} وَذكر الْآيَة إِلَى قَوْله: {لَعَلَّكُمْ تشكرون} فَقَالَ أسيد بن حضير: لقد بَارك الله للنَّاس فِيكُم يَا آل أبي بكر، مَا أَنْتُم إِلَّا بركةٌ لَهُم.
وَأَخْرَجَاهُ على وَجه آخر من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا استعارت من أَسمَاء قلادة، فَهَلَكت، فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَاسا من أَصْحَابه فِي طلبَهَا، فأدركتهم الصَّلَاة، فصلوا بِغَيْر وضوء، فَلَمَّا أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شكوا ذَلِك إِلَيْهِ، فَنزلت آيَة التَّيَمُّم. فَقَالَ أسيد بن حضير: جَزَاك الله خيرا، فوَاللَّه مَا نزل بك أمرٌ قطّ إِلَّا جعل الله لَك مِنْهُ مخرجا، وللمسلمين فِيهِ بركَة.
3148 - الْخَامِس: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَنَّهَا أَرَادَت أَن تشتري بَرِيرَة، وَأَنَّهُمْ اشترطوا ولاءها، فَذكر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اشتريها فأعتقيها، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ".
وأهدي لَهَا لحم، فَقَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
هَذَا تصدق بِهِ على بَرِيرَة. فَقَالَ: " هُوَ لَهَا صَدَقَة، وَلنَا هَدِيَّة ".(4/17)
وخيرت - قَالَ عبد الرَّحْمَن: وَزوجهَا حرٌّ، قَالَ شُعْبَة: ثمَّ سَأَلت عبد الرَّحْمَن عَن زَوجهَا، فَقَالَ: لَا أَدْرِي أحرٌّ أم عبد.
وَلمُسلم من حَدِيث يزِيد بن رُومَان عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ زوج بَرِيرَة عبدا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي عُثْمَان، ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ فِي بَرِيرَة ثَلَاث سنَن: إِحْدَى السّنَن أَنَّهَا عتقت فخيرت فِي زَوجهَا، وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْوَلَاء لمن أعتق " وَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والبرمة تَفُور بِلَحْم، فَقرب إِلَيْهِ خبز وأدم من أَدَم الْبَيْت، فَقَالَ: " ألم أر برمة فِيهَا لحم؟ " قَالُوا: بلَى، وَلَكِن ذَلِك لحم تصدق بِهِ على بَرِيرَة، وَأَنت لَا تَأْكُل الصَّدَقَة. قَالَ: " عَلَيْهَا صَدَقَة وَلنَا هَدِيَّة ".
وَفِي رِوَايَة ابْن وهب عَن مَالك عَن ربيعَة نَحوه، وَفِيه: فَقَالَ:
هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَة، وَهُوَ لنا هَدِيَّة " وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا: " إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ".
وَفِي حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم قَالَ كَانَ فِي بَرِيرَة ثَلَاث قضيات: أَرَادَ أَهلهَا أَن يبيعوها ويشترطوا ولاءها، فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " اشتريها وأعتقيها، فَإِن الْوَلَاء لمن أعتق ".
وعتقت، فَخَيرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاخْتَارَتْ نَفسهَا.
قَالَت:
وَكَانَ النَّاس يتصدقون عَلَيْهَا وتهدي لنا، فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَة، وَهُوَ لكم هَدِيَّة، فكلوه ".(4/18)
وَفِي حَدِيث سماك عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم نَحوه.
وَأَخْرَجَاهُ من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة
أَن بَرِيرَة جَاءَت تستعين بهَا فِي كتَابَتهَا، وَلم تكن قَضَت من كتَابَتهَا شَيْئا. فَقَالَت لَهَا عَائِشَة: ارجعي إِلَى أهلك، فَإِن أَحبُّوا أَن أَقْْضِي عَنْك كتابتك وَيكون ولاؤك لي فعلت، فَذكرت ذَلِك بَرِيرَة لأَهْلهَا، فَأَبَوا وَقَالُوا: إِن شَاءَت أَن تحتسب عَلَيْك فلتفعل، وَيكون لنا ولاؤك. فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ابتاعي فأعتقي، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ". ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ابتاعي فأعتقي، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق " ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " مَا بَال أناسٍ يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله. من اشْترط شرطا لَيْسَ فِي كتاب الله فَلَيْسَ لَهُ، وَإِن شَرط مائَة مرّة، شَرط الله أَحَق وأوثق " وَهَكَذَا عِنْدهمَا من حَدِيث قُتَيْبَة عَن اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ. وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ نَحوه.
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ: قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة:
إِن بَرِيرَة دخلت عَلَيْهَا تستعينها فِي كتَابَتهَا، وَعَلَيْهَا خمس أواقٍ نجمت عَلَيْهَا فِي خمس سِنِين. فَقَالَت لَهَا عَائِشَة ونفست فِيهَا: أَرَأَيْت إِن عددت لَهُم عدَّة وَاحِدَة، أيبيعك أهلك وأعتقك، فَيكون ولاؤك لي؟ فَذَهَبت بَرِيرَة إِلَى أَهلهَا، فعرضت ذَلِك عَلَيْهِم، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَن يكون لنا الْوَلَاء، قَالَت عَائِشَة: فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذكرت ذَلِك لَهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اشتريها فأعتقيها، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق " ثمَّ ذكر نَحوه إِلَّا أَنه قَالَ: " من اشْترط شرطا لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل ".(4/19)
وَفِي حَدِيث ابْن وهب عَن يُونُس بِمَعْنى حَدِيث قُتَيْبَة عَن اللَّيْث، وَفِيه: فَقَالَ:
لَا يمنعك ذَلِك، ابتاعي وأعتقي " قَالَ: ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاس، فَحَمدَ الله، ثمَّ قَالَ: " أما بعد ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
جَاءَتْنِي بَرِيرَة فَقَالَت: كاتبت أَهلِي على تسع أَوَاقٍ، فِي كل عَام أُوقِيَّة، فأعينيني. . ثمَّ ذكر ذَلِك، وَفِيه: ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاس، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " مَا بَال أقوامٍ يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله؟ مَا كَانَ من شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل، وَإِن كَانَ مائَة شَرط، قَضَاء الله أَحَق، وَشرط الله أوثق، وَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ".
وَعند البُخَارِيّ من رِوَايَة عبيد بن إِسْمَاعِيل نَحوه، وَفِي آخِره:
مَا بَال رجالٍ يَقُول أحدهم: أعتق يَا فلَان ولي الْوَلَاء، إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ".
وَهَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم عَن أبي كريب عَن أبي أُسَامَة بِنَحْوِهِ.
وَفِي رِوَايَة جرير عَن هِشَام قَالَ:
وَكَانَ زَوجهَا عبدا، فَخَيرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَو كَانَ حرا لم يخيرها.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا أَرَادَت أَن تشتري بَرِيرَة لِلْعِتْقِ، ثمَّ ذكر نَحْو مَا تقدم فِي أَن الْوَلَاء لمن أعتق، وَفِي إِبَاحَة مَا تصدق بِهِ عَلَيْهَا.
وَفِي حَدِيث آدم عَن شُعْبَة نَحوه، وَقَالَ:
فخيرت من زَوجهَا.(4/20)
وَفِي حَدِيث عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير، فَقَالَ:
أعتقيها، فَإِن الْوَلَاء لمن أعْطى الْوَرق " فأعتقتها. فَدَعَاهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَيرهَا من زَوجهَا، فَقَالَت: لَو أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا ثَبت عِنْده، فَاخْتَارَتْ نَفسهَا.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن الحكم قَالَ:
وَكَانَ زَوجهَا حرا. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَول الحكم مُرْسل. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: رَأَيْته عبدا.
وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة وَجَرِير عَن مَنْصُور نَحوه. قَالَ الْأسود:
وَكَانَ زَوجهَا حرا. قَالَ البُخَارِيّ: قَول الْأسود مُنْقَطع، وَقَول ابْن عَبَّاس: رَأَيْته عبدا - أصح.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مَنْصُور قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
الْوَلَاء لمن أعْطى الْوَرق، وَولي النِّعْمَة ".
وَلمُسلم عَن حَدِيث غنْدر عَن شُعْبَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بِلَحْم بقر، فَقيل: هَذَا مَا تصدق بِهِ على بَرِيرَة، فَقَالَ: " هُوَ لَهَا صَدَقَة، وَلنَا هَدِيَّة ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث أَيمن الْمَكِّيّ قَالَ:
دخلت على عَائِشَة فَقلت: كنت غُلَاما لعتبة بن أبي لَهب، وَمَات وورثني بنوهٍ، وَإِنَّهُم باعوني من ابْن أبي عَمْرو، وَاشْترط بَنو عتبَة الْوَلَاء. فَقَالَت: دخلت عَليّ بَرِيرَة، فَقَالَت: اشتريني وأعتقيني. قلت: نعم. قَالَت: لَا يبيعوني حَتَّى يشترطوا ولائي، قلت: لَا حَاجَة لي فِيك، فَسمع بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو بلغه، فَقَالَ: " مَا شَأْن بَرِيرَة؟ " فَذكرت(4/21)
عَائِشَة مَا قَالَت. فَقَالَ: " اشتريها فأعتقيها، وليشترطوا مَا شَاءُوا " قَالَ: فاشترتها فأعتقتها، وَاشْترط أَهلهَا ولاءها، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْوَلَاء لمن أعتق، وَإِن اشترطوا مائَة شَرط ".
وَمن حَدِيث عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن: أَن بَرِيرَة جَاءَت تستعين عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، فَقَالَت لَهَا: إِن أحب أهلك أَن أصب لَهُم ثمنك صبة وَاحِدَة، فأعتقك فعلت. فَذكرت بَرِيرَة ذَلِك لأَهْلهَا، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَن يكون ولاؤك لنا.
فَزَعَمت عمْرَة أَن عَائِشَة ذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: " اشتريها فأعتقيها، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ". كَذَا فِي رِوَايَة مَالك عَن يحيى بن سعيد.
وَفِي رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن يحيى عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت:
أتتها بَرِيرَة تسألها فِي كتَابَتهَا، فَقَالَت:
إِن شِئْت أَعْطَيْت أهلك وَيكون الْوَلَاء لي. فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي قَالَ: " ابتاعيها فأعتقيها، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق " ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر فَقَالَ: " مَا بَال أَقوام يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله؟ من اشْترط شرطا لَيْسَ فِي كتاب الله فَلَيْسَ لَهُ، وَإِن اشْترط مائَة شَرط ".
3149 - السَّادِس: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سفر وَقد سترت سهوةً لي بقرام فِيهِ تماثيل، فَلَمَّا رَآهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هتكه، وتلون وَجهه وَقَالَ: " يَا عَائِشَة، أَشد النَّاس عذَابا عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يضاهون بِخلق الله " قَالَت عَائِشَة: فَجعلنَا مِنْهُ وسَادَة أَو وسادتين.(4/22)
وَفِي حَدِيث بكير عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا نصبت سترا فِيهِ تصاوير، فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَزَعَهُ، قَالَت: فقطعته وسادتين، فَقَالَ رجلٌ فِي الْمجْلس حينئذٍ يُقَال لَهُ ربيعَة بن عَطاء مولى بني زهرَة: أفما سَمِعت أَبَا مُحَمَّد - يَعْنِي أَبَاهُ - يذكر أَن عَائِشَة قَالَت: فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرتفق عَلَيْهِمَا؟ فَقَالَ ابْن الْقَاسِم: لَا. فَقَالَ: لكني قد سمعته - يُرِيد الْقَاسِم بن مُحَمَّد.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت:
دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي الْبَيْت قرامٌ فِيهِ صور، فلتون وَجهه، ثمَّ تنَاول السّتْر فهتكه، وَقَالَ " من أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يصورون هَذِه الصُّور ".
وَفِي حَدِيث مَنْصُور بن أبي مُزَاحم: ثمَّ قَالَ:
إِن من أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يشبهون بِخلق الله ".
وَفِي رِوَايَة من قَالَ:
إِن أَشد النَّاس عذَابا ".
وَلَيْسَ لِلزهْرِيِّ عَن الْقَاسِم فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي عبد الله نَافِع مولى ابْن عمر عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا أخْبرته: أَنَّهَا اشترت نمرقةً فِيهَا تصاوير، فَلَمَّا رَآهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ على الْبَاب فَلم يدْخل، فَعرفت فِي وَجهه الْكَرَاهِيَة. قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، أَتُوب إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله، مَاذَا أذنبت؟ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا بَال هَذِه النمرقة؟ " قَالَت: اشْتَرَيْتهَا لَك لتقعد عَلَيْهَا وتوسدها. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِن أَصْحَاب هَذِه الصُّور يُعَذبُونَ يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال لَهُم: أحيوا مَا خلقْتُمْ " وَقَالَ: " إِن الْبَيْت الَّذِي فِيهِ الصُّور لَا تدخله الْمَلَائِكَة ".(4/23)
وَفِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن نَافِع عَنهُ أَنَّهَا قَالَت:
حشوت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسَادَة فِيهَا تماثيل، كَأَنَّهَا نمرقه، فجَاء، فَقَامَ بَين الْبَابَيْنِ، وَجعل يتَغَيَّر وَجهه، فَقلت: مَا لنا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " مَا بَال هَذِه الوسادة؟ " قلت: وسَادَة جَعلتهَا لَك لتضطجع عَلَيْهَا. قَالَ: " أما علمت أَن الْمَلَائِكَة لَا تدخل بَيْتا فِيهِ صُورَة، وَأَن من صنع هَذِه الصُّور يعذب يَوْم الْقِيَامَة؟ فَيَقُول: أحيوا مَا خلقْتُمْ ".
زَاد فِي حَدِيث عبد الْعَزِيز بن أخي الْمَاجشون عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع قَالَت:
فَأَخَذته فَجَعَلته مرفقتين، فَكَانَ يرتفق بهما فِي الْبَيْت.
وَحَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع مُخْتَصر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن أَصْحَاب هَذِه الصُّور يُعَذبُونَ يَوْم الْقِيَامَة، وَيُقَال لَهُم: أحيوا مَا خلقْتُمْ ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَنْهَا قَالَت:
قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سفر وَقد علقت درنوكاً فِيهِ تماثيل، فَأمرنِي أَن أنزعه، فنزعته. وَكنت أَغْتَسِل أَنا وَالنَّبِيّ فِي إِنَاء وَاحِد ". هَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَنْهَا قَالَت:
قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سفر وَقد سترت على بَابي درنوكاً فِيهِ الْخَيل ذَوَات الأجنحة، فَأمرنِي فنزعته.
وَحَدِيث عَبده بن سُلَيْمَان عَن هِشَام نَحوه، إِلَّا أَنه لَيْسَ فِيهِ عِنْده:
قدم من سفر. وَلَا عِنْد مُسلم من هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد ذكر اغتسالها مَعَه عَلَيْهِ السَّلَام فِي إِنَاء وَاحِد. فَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ فِي هَذِه التَّرْجَمَة.(4/24)
وَلمُسلم من حَدِيث سعد بن هِشَام بن عَامر عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ سترٌ فِيهِ تِمْثَال طائرٍ، وَكَانَ الدَّاخِل إِذا دخل استقبله، فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " حَولي هَذَا، فَإِنِّي كلما دخلت فرأيته ذكرت الدُّنْيَا. " قَالَت: وَكَانَ لنا قطيفة، كُنَّا نقُول: علمهَا حَرِير، فَكُنَّا نلبسها، قَالَ ابْن الْمثنى: وَزَاد فِيهِ عبد الْأَعْلَى: فَلم يَأْمُرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقطعِهِ.
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ عَن أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ كلبٌ وَلَا تماثيل. " قَالَ: فَأتيت عَائِشَة فَقلت: أَن هَذَا يُخْبِرنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ كلبٌ وَلَا تماثيل " فَهَل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر ذَلِك؟ فَقَالَت: لَا وَلَكِن سأحدثكم مَا رَأَيْته فعل: رَأَيْته خرج فِي غزاته، فَأخذت نمطاً فَسترته على الْبَاب، فَلَمَّا قدم فَرَأى النمط عرفت الْكَرَاهِيَة فِي وَجهه، فَجَذَبَهُ حَتَّى هتكه أَو قطعه، وَقَالَ: " إِن الله لم يَأْمُرنَا أَن نكسو الْحِجَارَة والطين " قَالَت: فقطعنا مِنْهُ وسادتين، وحشوتهما ليفاً، فَلم يعب ذَلِك عَليّ.
وَقد أخرج البُخَارِيّ مِنْهُ مَا لأبي طَلْحَة فَقَط، وَلم يخرج الزِّيَادَة عَن عَائِشَة.
وَلم يذكرهَا أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه عَنْهَا، وَلَا نبه عَلَيْهَا، وَلَا ذكر لزيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ تَرْجَمَة عَن عَائِشَة، وَكَانَ يلْزمه ذَلِك.
3150 - السَّابِع: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت: طيبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي هَاتين حِين أحرم، ولحله حِين أحل قبل أَن يطوف.
وَبسطت يَديهَا.(4/25)
وَفِي حَدِيث مَالك عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أطيب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لإحرامه ولحله قبل أَن يطوف بِالْبَيْتِ.
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد عَن عبد الرَّحْمَن نَحوه، وَفِيه: طيبته قبل أَن يفِيض بمنى.
وَفِي حَدِيث مَنْصُور بن زَاذَان عَن عبد الرَّحْمَن قَالَت:
كنت أطيب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يحرم، وَيَوْم النَّحْر، وَقبل أَن يطوف بِالْبَيْتِ بطيبٍ فِيهِ مسك.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عمر بن عبد الله بن عُرْوَة، عَن عُرْوَة وَالقَاسِم بن مُحَمَّد جَمِيعًا عَن عَائِشَة قَالَت:
طيبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي بذريرة فِي حجَّة الْوَدَاع، للْحلّ وَالْإِحْرَام ".
وَلَيْسَ لعمر بن عبد الله بن عُرْوَة عَن عُرْوَة، وَلَا عَن الْقَاسِم فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث. وَلمُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت:
طيبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِحلِّهِ ولحرمه.
وَمن حَدِيث أَفْلح بن حميد عَن الْقَاسِم، وَمن حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة، كِلَاهُمَا عَن عَائِشَة قَالَت:
طييت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحرمه حِين أحرم، ولحله قبل أَن يطوف بِالْبَيْتِ. زَاد أَفْلح عَن الْقَاسِم: بيَدي.(4/26)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عُثْمَان بن عُرْوَة عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أطيب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد إِحْرَامه بأطيب مَا أجد.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عُثْمَان أَن أَبَاهُ قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة: بِأَيّ شيءٍ طيبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد إِحْرَامه؟ قَالَت: بأطيب الطّيب.
وَفِي حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَخِيه عُثْمَان قَالَت:
كنت أطيب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأطيب مَا أقدر عَلَيْهِ قبل أَن يحرم، ثمَّ يحرم.
وَلَيْسَ لعُثْمَان بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد بن قيس عَن عَائِشَة قَالَت: كنت أطيب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأطيب مَا أجد حَتَّى أجد وبيص الطّيب فِي رَأسه ولحيته.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن الْأسود عَنْهَا قَالَت:
كَأَنِّي أنظر إِلَى وبيص الطّيب فِي مفارق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم. وَفِي رِوَايَة الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم: وَهُوَ يهل.
وَفِي حَدِيث سعيد بن جُبَير قَالَ:
كَانَ ابْن عمر يدهن بالزيت، فَذَكرته لإِبْرَاهِيم فَقَالَ: مَا تصنع بقوله: حَدثنِي الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت: كَأَنِّي أنظر إِلَى وبيص الطّيب فِي مفارق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محرم؟
وَقَالَ خلف بن هِشَام فِي رِوَايَته عَن حَمَّاد بن زيد:
وَذَلِكَ طيب إِحْرَامه(4/27)
وَفِي رِوَايَة أبي إِسْحَق السبيعِي عَن ابْن الْأسود عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ أَن يحرم تطيب بأطيب مَا يجد، ثمَّ أرى وبيص الدّهن فِي رَأسه ولحيته بعد ذَلِك.
وَلمُسلم فِي رِوَايَة أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت:
كَأَنِّي أنظر إِلَى وبيص الطّيب فِي مفارق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُلَبِّي.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر قَالَ:
سَأَلت عبد الله بن عمر عَن الرجل يتطيب ثمَّ يصبح محرما. فَقَالَ: مَا أحب أَن أصبح محرما أنضخ طيبا.
لِأَن أطلي بقطران أحب إِلَيّ من أَن أفعل ذَلِك. فَقَالَت عَائِشَة: أَنا طيبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد إِحْرَامه، ثمَّ طَاف فِي نِسَائِهِ، ثمَّ أصبح محرما. قَالَ فِي حَدِيث شُعْبَة: ينضخ طيبا.
وَلمُسلم من حَدِيث أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن أمه عمْرَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
طيبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحرمه حِين أحرم، ولحله قبل أَن يفِيض بِالْبَيْتِ بأطيب مَا وجدت.
3151 - الثَّامِن: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ عُرْوَة بن الزبير لعَائِشَة: ألم تري إِلَى فُلَانَة بنت الحكم، طَلقهَا زَوجهَا الْبَتَّةَ فَخرجت فَقَالَت: بئس مَا صنعت. فَقَالَ: ألم تسمعي إِلَى قَول فَاطِمَة؟ فَقَالَت: أما إِنَّه لَا خير لَهَا فِي ذكر ذَاك.(4/28)
وَلمُسلم فِي حَدِيث شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
مَا لفاطمة خيرٌ أَن تذكر هَذَا. تَعْنِي قَوْلهَا: لَا سُكْنى وَلَا نَفَقَة.
وللبخاري فِي حَدِيث مُحَمَّد بن بشار:
أَن عَائِشَة قَالَت: مَا لفاطمة أَلا تتقي الله فِي قَوْلهَا: لَا سُكْنى وَلَا نَفَقَة.
وللبخاري أَيْضا من حَدِيث ابْن شهَاب عَن عُرْوَة أَن عَائِشَة أنْكرت ذَلِك على فَاطِمَة.
وَمن حَدِيث مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم وَسليمَان بن يسَار:
أَنه سمعهما يذكران أَن يحيى بن سعيد بن الْعَاصِ طلق بنت عبد الرَّحْمَن بن الحكم، فانتقلها عبد الرَّحْمَن، فَأرْسلت عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ إِلَى مَرْوَان وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة: اتَّقِ الله وارددها إِلَى بَيتهَا. قَالَ مَرْوَان فِي حَدِيث سُلَيْمَان: إِن عبد الرَّحْمَن غلبني. وَقَالَ فِي حَدِيث الْقَاسِم: أَو مَا بلغك شَأْن فَاطِمَة بنت قيس؟ قَالَت: لَا يَضرك أَن تذكر حَدِيث فَاطِمَة. فَقَالَ مَرْوَان: إِن كَانَ بك شرٌّ فحسبك مَا بَين هذَيْن من الشَّرّ. قَالَ البُخَارِيّ: وَزَاد ابْن أبي الزِّنَاد عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ: عابت عَائِشَة ذَلِك أَشد الْعَيْب، وَقَالَت: إِن فَاطِمَة كَانَت فِي مَكَان وحشٍ مخيف على ناحيتها، فَلذَلِك أرخص لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
تزوج يحيى بن سعيد بن الْعَاصِ بنت عبد الرَّحْمَن بن الحكم، فَطلقهَا، فأخرجها من عِنْده، فعاب ذَلِك(4/29)
عَلَيْهِم عُرْوَة، فَقَالُوا: إِن فَاطِمَة قد خرجت. قَالَ عُرْوَة: فَأتيت عَائِشَة فَأَخْبَرتهَا بذلك، فَقَالَت: مَا لفاطمة خيرٌ فِي أَن تذكر هَذَا الحَدِيث.
3152 - التَّاسِع: عَن أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة، عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة: {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مِنْهُ آياتٌ محكماتٌ هن أم الْكتاب وَأخر متشابهات فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغٌ فيتبعون مَا تشابه مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَة وابتغاء تَأْوِيله وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ كلٌّ من عِنْد رَبنَا مَا يذكر إِلَّا أولُوا الْأَلْبَاب} [آل عمرَان] قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا رَأَيْت الَّذين يتبعُون مَا تشابه مِنْهُ فَأُولَئِك الَّذين سمى الله فاحذروهم.
3153 - الْعَاشِر: عَن عبد الله بن عبيد الله عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة حُفَاة عُرَاة غرلًا ". قلت: يَا رَسُول الله، النِّسَاء وَالرِّجَال جَمِيعًا ينظر بَعضهم إِلَى بعض؟ قَالَ: " يَا عَائِشَة، الْأَمر أَشد من أَن ينظر بَعضهم إِلَى بعض ".
وَفِي حَدِيث خَالِد بن الْحَارِث:
الْأَمر اشد من أَن يهمهم ذَاك ".
3154 - الْحَادِي عشر: عَن أبي مليكَة عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ سفرا أَقرع بَين نِسَائِهِ، فَصَارَت الْقرعَة لعَائِشَة وَحَفْصَة.
وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ بِاللَّيْلِ سَار مَعَ عَائِشَة يتحدث، فَقَالَت حَفْصَة: أَلا تركبين(4/30)
اللَّيْلَة بَعِيري وأركب بعيرك تنظرين وَأنْظر؟ فَقَالَت: بلَى. فركبت، فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جمل عَائِشَة وَعَلِيهِ حَفْصَة، فَسلم عَلَيْهَا، ثمَّ سَار حَتَّى نزلُوا، وافتقدته عَائِشَة، فَلَمَّا نزلُوا جعلت رِجْلَيْهَا بَين الْإِذْخر، وَتقول: يَا رب سلط عَليّ عقرباً أَو حَيَّة تلدغني، وَلَا أَسْتَطِيع أَن أَقُول لَهُ شَيْئا.
3155 - الثَّانِي عشر: عَن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أَبِيه عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ ردٌ ".
وَفِي حَدِيث عبد الله بن جَعْفَر الزُّهْرِيّ عَن سعد بن إِبْرَاهِيم:
من عمل عملا لَيْسَ عيه أمرنَا فَهُوَ رد ".
3156 - الثَّالِث عشر: عَن عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة: أَن رجلا طلق امْرَأَته ثَلَاثًا، فَتَزَوجهَا رجل ثمَّ طَلقهَا، فَسئلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك، فَقَالَ: " لَا، حَتَّى يَذُوق الآخر من عسيلتها مَا ذاق الأول ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة قَالَت:
طلق رجلٌ امْرَأَته، فَتزوّجت زوجا غَيره فَطلقهَا، وَكَانَ مَعَه مثل الهدبة فَلم تصل مِنْهُ إِلَى شيءٍ تريده، فَلم يلبث أَن طَلقهَا، فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن زَوجي طَلقنِي، وَإِنِّي تزوجت زوجا غَيره، فَدخل بِي، فَلم يكن مَعَه إِلَّا مثل الهدبة، فَلم يقربنِي إِلَّا هنةً وَاحِدَة لم يصل مني إِلَى شَيْء، فأحل لزوجي الأول؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تحلين لزوجك الأول حَتَّى يَذُوق عُسَيْلَتك وتذوقي عُسَيْلَته " لفظ حَدِيث البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد عَن أبي مُعَاوِيَة.(4/31)
وَأَخْرَجَا هَذَا الْمَعْنى من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
جَاءَت امْرَأَة رِفَاعَة الْقرظِيّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: كنت عِنْد رِفَاعَة الْقرظِيّ، فَأَبت طَلَاقي، فَتزوّجت عبد الرَّحْمَن بن الزبير، إِنَّمَا مَعَه مثل هدبة الثَّوْب. فَقَالَ: " تريدين أَن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَة؟ لَا، حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَته وَيَذُوق عُسَيْلَتك " زَاد فِي حَدِيث سُفْيَان: وَأَبُو بكر جَالس عِنْده، وخَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ بِالْبَابِ ينْتَظر أَن يُؤذن لَهُ. فَقَالَ: يَا أَبَا بكر، أَلا تسمع إِلَى هَذِه وَمَا تجْهر بِهِ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي حَدِيث معمر وَغَيره:
أَلا تزجر هَذِه عَمَّا تجْهر بِهِ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَمَا يزِيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على التبسم. وَفِيه: وَمَا مَعَه يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا مثل هَذِه الهدبة - لهدبة أَخَذتهَا من جلبابها.
وَفِي حَدِيث يزِيد وَغَيره:
أَن رِفَاعَة طَلقهَا آخر ثَلَاث تَطْلِيقَات.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس:
أَن رِفَاعَة طلق امْرَأَته، فَتَزَوجهَا عبد الرَّحْمَن بن الزبير، فَأَتَت عَائِشَة وَعَلَيْهَا خمارٌ أَخْضَر، فشكت إِلَيْهَا خضرَة بجلدها، فَلَمَّا جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنِّسَاء ينصر بَعضهنَّ بَعْضًا، قَالَت عَائِشَة: مَا رَأَيْت مثل مَا يلقى الْمُؤْمِنَات، لجلدها أَشد خضرَة من ثوبها. قَالَ: وَسمع أَنَّهَا قد أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فجَاء وَمَعَهُ ابْنَانِ من غَيرهَا، فَقَالَت: وَالله مَالِي إِلَيْهِ من ذَنْب إِلَّا أَن مَا مَعَه لَيْسَ بأغنى عني من هَذِه - وَأخذت هدبة من ثوبها. فَقَالَ: كذبت وَالله يَا رَسُول الله، إِنِّي لأنفضها نفض الْأَدِيم، وَلكنهَا ناشزٌ تُرِيدُ رِفَاعَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَإِن كَانَ ذَلِك لم تحلي وَلم تصلحي لَهُ،(4/32)
حَتَّى يَذُوق عُسَيْلَتك ". قَالَ: وَأبْصر مَعَه ابْنَيْنِ لَهُ، قَالَ: " أبنوك هَؤُلَاءِ؟ " قَالَ: نعم. قَالَ: " هَذَا الَّذِي تزعمين، فوَاللَّه لَهُم أشبه من الْغُرَاب بالغراب ".
قَالَ الإِمَام أَبُو بكر البرقاني:
هَكَذَا رَوَاهُ البُخَارِيّ مُرْسلا عَن بنْدَار، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّاد بن زيد ووهيب عَن أَيُّوب مُرْسلا. وَقد أسْندهُ سُوَيْد بن سعيد عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ فَقَالَ فِيهِ: عَن ابْن عَبَّاس: أَن رِفَاعَة طلق امْرَأَته، فَتَزَوجهَا عبد الرَّحْمَن بن الزبير. . وَذكر الحَدِيث.
3157 - الرَّابِع عشر: عَن عبيد الله بن عمر عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن بِلَالًا يُؤذن بليلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادي ابْن أم مَكْتُوم ".
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن عبيد الله قَالَ:
حَدثنَا الْقَاسِم عَن عَائِشَة، وَعَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ... يَعْنِي وَذكره. هَذَا لفظ حَدِيث إِسْحَق ابْن مَنْصُور عَن أبي أُسَامَة.
وَفِي حَدِيث عبيد الله بن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَعَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة:
أَن بِلَالًا كَانَ يُؤذن بلَيْل، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤذن ابْن أم مَكْتُوم، فَإِنَّهُ لَا يُؤذن حَتَّى يطلع الْفجْر " إِلَى هُنَا لفظ أَحَادِيث البُخَارِيّ.
وَفِي حَدِيث مُسلم نَحوه بالإسنادين وَفِيه زِيَادَة، وَهَذَا نَص مَا أخرج من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ:
كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مؤذنان: بلالٌ وَابْن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن بِلَالًا يُؤذن بلَيْل، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤذن ابْن أم مَكْتُوم ". قَالَ، وَلم يكن بَينهمَا إِلَّا أَن ينزل هَذَا ويرقى هَذَا.(4/33)
وَفِي عقبه عِنْده مُتَّصِلا بِهِ من حَدِيث عبيد الله عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ. كَذَا قَالَ.
وَقد أفرد مُسلم الزِّيَادَة وَحدهَا فِي كتاب " الْأَذَان " من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ:
كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مؤذنان: بلالٌ وَابْن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى.
وَفِي عقبه من حَدِيث عبيد الله عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة مثله.
وَقد أخرج مُسلم بعض هَذِه الزِّيَادَة من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ ابْن أم مَكْتُوم يُؤذن لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أعمى.
3158 - الْخَامِس عشر: عَن ابْن عون - عبد الله بن عون - عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: أَنا فتلت تِلْكَ القلائد من عهنٍ كَانَ عندنَا، فَأصْبح فِينَا حَلَالا، يَأْتِي مَا يَأْتِي الْحَلَال من أَهله، أَو يَأْتِي مَا يَأْتِي الرجل من أَهله.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَفْلح بن حميد عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت:
فتلت قلائد بدن رَسُول الله، ثمَّ أشعرها وقلدها، ثمَّ بعث بهَا إِلَى الْبَيْت، فَمَا حرم عَلَيْهِ شَيْء كَانَ لَهُ حلا ".
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أفتل قلائد هدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي هَاتين، ثمَّ لَا يعتزل شَيْئا وَلَا يتْركهُ.(4/34)
وَمن حَدِيث أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة السّخْتِيَانِيّ عَن الْقَاسِم وَأبي قلَابَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبْعَث بِالْهَدْي، أفتل قلائدها بيَدي، ثمَّ لَا يمسك عَن شَيْء، لَا يمسك عَن الْحَلَال.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث ابْن شهَاب عَن عُرْوَة وَعمرَة أَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهدي من الْمَدِينَة، فأفتل قلائد هَدْيه، ثمَّ لَا يجْتَنب شَيْئا مِمَّا يجْتَنب الْمحرم.
وَلمُسلم من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَأَنِّي أنظر إِلَى قلائد هدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... ثمَّ ذكر نَحوه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أفتل القلائد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فيقلد الْغنم، وَيُقِيم فِي أَهله حَلَالا.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن جحادة، قَالَت:
كُنَّا نقلد الشَّاء فنرسل بهَا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلالٌ لم يحرم مِنْهُ شيءٌ.
وَمن حَدِيث مَسْرُوق بن الأجدع أَنه أَتَى عَائِشَة فَقَالَ:
يَا أم الْمُؤمنِينَ، إِن رجلا يبْعَث بِالْهَدْي إِلَى الْكَعْبَة، وَيجْلس فِي الْمصر فيوصي أَن تقلد بدنته فَلَا يزَال من ذَلِك الْيَوْم محرما حَتَّى يحل النَّاس، قَالَ: فَسمِعت تصفيقها من وَرَاء الْحجاب، وَقَالَت: لقد كنت أفتل قلائد هدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فيبعث هَدْيه إِلَى الْكَعْبَة، فَمَا يحرم عَلَيْهِ شَيْء مِمَّا حل للرجل من أَهله حَتَّى يرجع النَّاس.(4/35)
وَحَدِيث أبي نعيم عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة مُخْتَصر، قَالَت:
فتلت لهدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَعْنِي القلائد - قبل أَن يحرم.
وَأَخْرَجَا أَيْضا من حَدِيث عبيد الله بن أبي بكر بن حزم عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن أَن زِيَاد بن أبي سُفْيَان كتب إِلَى عَائِشَة:
إِن عبيد الله بن عَبَّاس قَالَ: من أهْدى هَديا حرم عَلَيْهِ مَا يحرم على الْحَاج حَتَّى ينْحَر هَدْيه، وَقد بعثت بهديي فاكتبي إِلَيّ بِأَمْرك، قَالَت عمْرَة: قَالَت عَائِشَة: لَيْسَ كَمَا قَالَ ابْن عَبَّاس، أَنا فتلت قلائد هدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي ثمَّ قلدها بِيَدِهِ، ثمَّ بعث بهَا مَعَ أبي، فَلم يحرم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شيءٌ أحله الله لَهُ حَتَّى نحر الْهَدْي.
3159 - السَّادِس عشر: عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة دَعَا بِشَيْء نَحْو الحلاب، فَأخذ بكفه، بَدَأَ بشق رَأسه الْأَيْمن، ثمَّ الْأَيْسَر، ثمَّ أَخذ بكفيه فَقَالَ بهما على رَأسه.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يغْتَسل من إِنَاء هُوَ الْفرق - من الْجَنَابَة.
وَفِي حَدِيث ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
كنت أَغْتَسِل أَنا وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِنَاء وَاحِد من قدح يُقَال لَهُ الْفرق.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث وسُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ بِنَحْوِهِ. قَالَ سُفْيَان: وَالْفرق ثَلَاثَة آصَع.(4/36)
قَالَ أَبُو عبيد الْهَرَوِيّ فِي كِتَابه فِي " الغريبين ": الْفرق بِالْفَتْح سِتَّة عشر رطلا - وَالْفرق بالتسكين مائَة وَعِشْرُونَ رطلا.
وَقد حكى أَبُو مَسْعُود فِي أَفْرَاد مُسلم من تَرْجَمَة هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن مُسلما أخرجه من حَدِيث هِشَام عَن أَبِيه، وَلَيْسَ فِيمَا عندنَا من كتاب مُسلم إِلَّا الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة.
وَأَخْرَجَا أَيْضا من حَدِيث أبي بكر عبد الله بن حَفْص بن عمر بن سعد عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ:
دخلت على عَائِشَة أَنا وأخوها من الرضَاعَة، فَسَأَلَهَا عَن غسل الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْجَنَابَة، فدعَتْ بِإِنَاء قدر الصَّاع، فاغتسلت وبيننا وَبَينهَا ستر، وأفرغت على رَأسهَا ثَلَاثًا. قَالَ: وَكَانَ أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْخُذن من رؤوسهن حَتَّى يكون كالوفرة.
وَفِي حَدِيث عبد الصَّمد عَن شُعْبَة:
نَحوا من صَاع. قَالَ البُخَارِيّ: فَقَالَ يزِيد بن هَارُون وبهز والجدي عَن شُعْبَة: قدر صَاع.
جمع مُسلم هَذِه الْأَحَادِيث فِي مَوضِع وَاحِد، وتأولها على مَا ظهر من جمعه لَهَا. وَمن التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة فِي حَاشِيَة كِتَابه على أَنه عني بهَا الْمَقَادِير والآنية وَجعل حَدِيث الحلاب مَعهَا.
وَفِي كتاب البُخَارِيّ مَا رُبمَا ظن الظَّان أَنه قد تَأَوَّلَه على أَنه نوع الطّيب يكون قبل الْغسْل، لِأَنَّهُ ترْجم الْبَاب بذلك، فَقَالَ:
بَاب من بَدَأَ بالحلاب وَالطّيب عِنْد الْغسْل " وَفِي بعض النّسخ: " أَو الطّيب " ثمَّ ذكر الحَدِيث، وَلم يذكر غَيره فِي الْبَاب.(4/37)
وَقد ذكر أَبُو عبيد الْهَرَوِيّ فِي " الغريبين " فِي بَاب الْحَاء فَقَالَ: وَفِي حَدِيث:
كَانَ إِذا اغْتسل دَعَا بِإِنَاء نَحْو الحلاب، قَالَ: والحلاب والمحلب: الْإِنَاء الَّذِي تحلب فِيهِ ذَوَات الألبان. ثمَّ رَأَيْت بعد ذَلِك لأبي سُلَيْمَان، أَحْمد بن مُحَمَّد ابْن إِبْرَاهِيم الْخطابِيّ قَالَ: الحلاب: إِنَاء يَتَّسِع قدر حلبة نَاقَة. قَالَ: وَقد ذكره مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل فِي كِتَابه، وتأوله على اسْتِعْمَال الطّيب فِي الطّهُور، قَالَ: وَأَحْسبهُ توهم أَنه أُرِيد بِهِ المحلب الَّذِي يسْتَعْمل فِي غسل الْأَيْدِي، وَلَيْسَ هَذَا من الطّيب فِي شَيْء، وَإِنَّمَا هُوَ على مَا فسرت لَك من ذَلِك.
3160 - السَّابِع عشر: عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان الجُمَحِي عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، مِنْهَا الْوتر وركعتا الْفجْر.
وَلَفظ حَدِيث عبد الله بن نمير عَن حَنْظَلَة:
كَانَت صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر رَكْعَات، ويوتر بِسَجْدَة، ويركع رَكْعَتي الْفجْر، فَتلك ثَلَاث عشرَة.
وَأَخْرَجَا أَيْضا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي من اللَّيْل إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، فَإِذا طلع الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ثمَّ اضْطجع على شقة الْأَيْمن حَتَّى يَجِيء الْمُؤَذّن فيؤذنه.
وَفِي حَدِيث شُعَيْب الزُّهْرِيّ قَالَ: حَدثنِي عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، كَانَت تِلْكَ صلَاته - تَعْنِي بِاللَّيْلِ - فَيسْجد السَّجْدَة من ذَلِك قدر مَا يقْرَأ أحدكُم خمسين آيَة - قبل أَن يرفع رَأسه، ويركع رَكْعَتَيْنِ قبل(4/38)
صَلَاة الْفجْر، ثمَّ يضطجع على شقَّه الْأَيْمن حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن للصَّلَاة.
وَفِي حَدِيث يحيى بن يحيى عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، يُوتر مِنْهَا بِوَاحِدَة، فَإِذا فرغ مِنْهَا اضْطجع على شقَّه حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ خفيفتين.
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن الزُّهْرِيّ، قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي مَا بَين أَن يفرغ من صَلَاة الْعشَاء - وَهِي الَّتِي يَدْعُو النَّاس الْعَتَمَة - إِلَى الْفجْر، إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، يسلم بَين كل رَكْعَتَيْنِ، ويوتر بِوَاحِدَة، فَإِذا سكت الْمُؤَذّن من صَلَاة الْفجْر وَتبين لَهُ الْفجْر وجاءه الْمُؤَذّن قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ثمَّ اضْطجع على شقَّه الْأَيْمن حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن للإقامة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، ويوتر من ذَلِك بِخمْس، لَا يجلس فِي شئ إِلَّا فِي آخرهَا.
وَفِي حَدِيث مَالك بن هِشَام:
كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، ثمَّ يُصَلِّي إِذا سمع النداء بالصبح رَكْعَتَيْنِ خفيفتين.
وَلمُسلم من حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي ثَلَاث عشرَة رَكْعَة بركعتي الْفجْر.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي سَلمَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة:
كَيفَ كَانَت صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَمَضَان؟ قَالَت: مَا كَانَ يزِيد فِي رَمَضَان وَلَا فِي غَيره على إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، يُصَلِّي أَرْبعا، فَلَا تسْأَل عَن حسنهنَّ وطولهن،(4/39)
ثمَّ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات لَا تسْأَل عَن حسنهنَّ وطولهن، ثمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا، قَالَت عَائِشَة: فَقلت يَا رَسُول الله أتنام قبل أَن توتر؟ فَقَالَ: " يَا عَائِشَة، إِن عَيْني تنامان وَلَا ينَام قلبِي ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة عَن صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: كَانَ يُصَلِّي ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، يُصَلِّي ثَمَان ركعاتٍ، ثمَّ يُوتر، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس، فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع قَامَ فَرَكَعَ، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَين النداء وَالْإِقَامَة من صَلَاة الصُّبْح.
وَلمُسلم من حَدِيث شَيبَان وَمُعَاوِيَة بن سَلام عَن يحيى بِنَحْوِهِ،
غير أَن فِي حَدِيثهمَا تسع رَكْعَات قَائِما، يُوتر مِنْهُنَّ.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عرَاك بن مَالك الْغِفَارِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت:
صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعشَاء، ثمَّ ثَمَان رَكْعَات، وَرَكْعَتَيْنِ جَالِسا، وَرَكْعَتَيْنِ بَين النداءين، وَلم يكن يدعهما أبدا.
وَلَيْسَ لعراك بن مَالك عَن أبي سَلمَة فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الله بن أبي لبيد عَن أبي سَلمَة قَالَ:
أتيت عَائِشَة فَقلت: أَي أمه، أَخْبِرِينِي عَن صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَت: كَانَت صلَاته فِي شهر رَمَضَان وَغَيره ثَلَاث عشرَة رَكْعَة بِاللَّيْلِ، مِنْهَا رَكعَتَا الْفجْر.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث مَسْرُوق قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة عَن صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: سبع وتسع، وَإِحْدَى عشرَة رَكْعَة، سوى رَكْعَتي الْفجْر.(4/40)
وَأخرج مُسلم من حَدِيث عبد الله بن شَقِيق قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة عَن صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن تطوعه، فَقَالَت: كَانَ يُصَلِّي فِي بَيته قبل الظّهْر أَرْبعا، ثمَّ يخرج فَيصَلي النَّاس، ثمَّ يدْخل فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْمغرب ثمَّ يدْخل فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ، وَيُصلي بِالنَّاسِ الْعشَاء وَيدخل بَيْتِي فَيصَلي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل تسع رَكْعَات فِيهِنَّ الْوتر، وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَويلا قَائِما، وليلاً طَويلا قَاعِدا، وَكَانَ إِذا قَرَأَ وَهُوَ قائمٌ ركع وَسجد وَهُوَ قائمٌ، وَإِذا قَرَأَ قَاعِدا ركع وَسجد وَهُوَ قاعدٌ، وَكَانَ إِذا صلى الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ.
3161 - الثَّامِن عشر: عَن أَفْلح بن حميد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: كنت أَغْتَسِل أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِنَاء وَاحِد، تخْتَلف أَيْدِينَا فِيهِ، من الْجَنَابَة.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعْبَة عَن أبي بكر عبد الله بن حَفْص بن عمر بن سعد عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أَغْتَسِل أَنا وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِنَاء وَاحِد، من جَنَابَة.
وَعَن شُعْبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مثله.
وَمن حَدِيث هِشَام بن حسان عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ يوضع لي ولرسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا المركن، فنشرع فِيهِ جَمِيعًا.
قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي: وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أَغْتَسِل وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِنَاء وَاحِد. وَذكره أَبُو بكر البرقاني من حَدِيث مُسَدّد عَن حَمَّاد بن زيد كَمَا حكى أَبُو مَسْعُود. وَلم(4/41)
أجد فِيمَا عندنَا من كتاب البُخَارِيّ. بلَى وجدت فِي الْموضع الَّذِي دلّ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُود من كتاب " الطَّهَارَة " حَدِيثا عَن مُسَدّد عَن حَمَّاد بن زيد عَن هِشَام عَن أَبِيه أَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة غسل يَده. لم يزدْ. وَهَذَا طرف لم يذكرهُ أَبُو مَسْعُود فِي التَّرْجَمَة، فَإِن كَانَ أَبُو مَسْعُود أَشَارَ إِلَى هَذَا فَلَيْسَ مِنْهُ مَا ذكر.
وَأخرجه مُسلم مَعَ زِيَادَة معنى آخر من حَدِيث بكير بن الْأَشَج عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اغْتسل بَدَأَ بِيَمِينِهِ، فصب عَلَيْهَا من المَاء فغسلها، ثمَّ صب المَاء على الأذي الَّذِي بِهِ بِيَمِينِهِ، وَغسل عَنهُ بِشمَالِهِ، حَتَّى إِذا فرغ من ذَلِك صب على رَأسه. قَالَت عَائِشَة: وَكنت أَغْتَسِل أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِنَاء وَاحِد وَنحن جنبان.
وَمن حَدِيث معَاذَة العدوية عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أَغْتَسِل أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِنَاء بيني وَبَينه وَاحِد، فيبادرني حَتَّى أَقُول: دع لي دع لي. قَالَ: وهما جنبان.
3162 - التَّاسِع عشر: عَن نَافِع عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق - وَيعرف بِأبي بكر بن أبي عَتيق - أَنه أخبر عبد الله بن عمر عَن عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: " ألم تري أَن قَوْمك حِين بنوا الْكَعْبَة اقتصروا عَن قَوَاعِد إِبْرَاهِيم؟ " فَقلت: يَا رَسُول الله، أَلا تردها على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَوْلَا حدثان قَوْمك بالْكفْر لفَعَلت " فَقَالَ عبد الله بن عمر: لَئِن كَانَت عَائِشَة سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَا أرى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترك استلام الرُّكْنَيْنِ اللَّذين يليان الْحجر، إِلَّا أَن الْبَيْت لم يتمم على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم.(4/42)
وَفِي حَدِيث بكير بن الْأَشَج عَن نَافِع أَنَّهَا قَالَت:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَوْلَا أَن قَوْمك حديثو عهد بجاهلية - أَو قَالَ: بِكفْر - لأنفقت كنز الْكَعْبَة فِي سَبِيل الله، ولجعلت بَابهَا بِالْأَرْضِ، ولأدخلت فِيهَا من الْحجر ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَوْلَا حَدَاثَة عهد قَوْمك بالْكفْر، لنقضت الْكَعْبَة، ثمَّ لبنيته على أساس إِبْرَاهِيم؛ فَإِن قُريْشًا استقصرت بناءه، وَجعلت لَهُ خلفا ". قَالَ هِشَام: يَعْنِي بَابا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت:
سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجدر، أَمن الْبَيْت هُوَ؟ قَالَ: " نعم " قلت: فَمَا لَهُم لم يدخلوه فِي الْبَيْت؟ قَالَ: " إِن قَوْمك قصرت بهم النَّفَقَة ". قلت: فَمَا شَأْن بَابه مرتفعاً؟ قَالَ: " فعل ذَلِك قَوْمك ليدخلوا من شَاءُوا ويمنعوا من شَاءُوا، وَلَوْلَا أَن قَوْمك حَدِيث عَهدهم بالجاهلية، فَأَخَاف أَن تنكر قُلُوبهم أَن أَدخل الْجدر فِي الْبَيْت، وَأَن ألصق بَابه بِالْأَرْضِ ".
وَفِي حَدِيث شَيبَان عَن أَشْعَث بن أبي الشعْثَاء قَالَت:
سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْحجر ... وَذكره بِمَعْنَاهُ. وَفِيه: فَقلت: مَا شَأْن بَابه مرتفعاً لَا يصعد إِلَيْهِ إِلَّا بسلم؟ وَفِيه: " مَخَافَة أَن تنفر قُلُوبهم ".
وَفِي حَدِيث عبيد الله بن مُوسَى عَن إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَق أَن الْأسود قَالَ:
قَالَ لي ابْن الزبير: كَانَت عَائِشَة تسر إِلَيْك كثيرا، فَمَا حدثتك فِي الْكَعْبَة؟ قلت: قَالَت لي: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا عَائِشَة، لَوْلَا أَن قَوْمك حديثٌ عَهدهم - قَالَ ابْن الزبير: بكفرٍ - لنقضت الْكَعْبَة، فَجعلت لَهَا بَابَيْنِ: بَاب يدْخل النَّاس مِنْهُ، وَبَاب يخرجُون " فَفعله ابْن الزبير.(4/43)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي روح يزِيد بن رُومَان عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: " يَا عَائِشَة، لَوْلَا أَن قَوْمك حَدِيث عهدٍ بجاهلية، لأمرت بِالْبَيْتِ فهدم، فأدخلت فِيهِ مَا أخرج مِنْهُ، ولألزقته بِالْأَرْضِ، وَجعلت لَهُ بَابَيْنِ: بَابا شرقياً، وباباً غربياً، فبلغت بِهِ أساس إِبْرَاهِيم ". فَذَلِك الَّذِي حمل ابْن الزبير على هَدمه. قَالَ يزِيد: وَشهِدت ابْن الزبير حِين هَدمه وبناه، وَأدْخل فِيهِ من الْحجر.
وَقد رَأَيْت أساس إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حِجَارَة كأسنمة الْإِبِل. قَالَ جرير بن حَازِم: فَقلت لَهُ - يَعْنِي ليزِيد بن رُومَان: أَيْن مَوْضِعه؟ فَقَالَ: أريكه الْآن. فَدخلت مَعَه الْحجر، فَأَشَارَ إِلَى مكانٍ، فَقَالَ: هَا هُنَا. قَالَ جرير: فحزرت من الْحجر سِتَّة أذرعٍ أَو نَحْوهَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سعيد بن ميناء قَالَ:
سَمِعت عبد الله بن الزبير يَقُول: حَدَّثتنِي خَالَتِي - يَعْنِي عَائِشَة - قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا عَائِشَة، لَوْلَا أَن قَوْمك حديثو عهد بشرك، لهدمت الْكَعْبَة فألزقتها بِالْأَرْضِ، وَجعلت لَهَا بَابَيْنِ: بَابا شرقياً وباباً غربياً، وزدت فِيهَا سِتَّة أَذْرع من الْحجر، فَإِن قُريْشًا اقتصرتها حَيْثُ بنت الْكَعْبَة ".
وَمن حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح بأطول من هَذَا قَالَ:
لما احْتَرَقَ الْبَيْت زمن يزِيد ابْن مُعَاوِيَة حِين غَزَاهَا أهل الشَّام، فَكَانَ من أمره مَا كَانَ، تَركه ابْن الزبير حَتَّى قدم النَّاس الْمَوْسِم يُرِيد أَن يرجئهم أَو يحربهم على أهل الشَّام، فَلَمَّا صدر النَّاس قَالَ: يأيها النَّاس، أَشِيرُوا عَليّ فِي الْكَعْبَة، أأنقضها ثمَّ أبني بناءها أَو أصلح مَا وَهِي مِنْهَا؟ قَالَ ابْن عَبَّاس: فَإِنِّي قد فرق لي رأيٌ فِيهَا: أَن تصلح مَا وهى مِنْهَا، وَتَدَع بَيْتا أسلم النَّاس عَلَيْهِ، وأحجاراً أسلم النَّاس عَلَيْهَا، وَبعث عَلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فَقَالَ ابْن الزبير: لَو كَانَ أحدكُم احْتَرَقَ بَيته مَا رَضِي حَتَّى يجده، فَكيف بَيت(4/44)
ربكُم؟ إنى مستخيرٌ رَبِّي ثَلَاثًا، ثمَّ عازمٌ على أَمْرِي. فَلَمَّا مضى الثَّلَاث أجمع رَأْيه على أَن ينقضها، فتحاماه النَّاس أَن ينزل بِأول النَّاس يصعد فِيهِ أمرٌ من السَّمَاء، حَتَّى صعده رجلٌ، فَألْقى مِنْهُ حِجَارَة، فَلَمَّا لم يره النَّاس أَصَابَهُ شيءٌ تتابعوا، فنقضوه حَتَّى بلغُوا بِهِ الأَرْض، فَجعل ابْن الزبير أعمدة، فَستر عَلَيْهَا الستور حَتَّى ارْتَفع بِنَاؤُه.
وَقَالَ ابْن الزبير:
إِنِّي سَمِعت عَائِشَة تَقول: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَوْلَا أَن النَّاس حديثٌ عَهدهم بِكفْر، وَلَيْسَ عِنْدِي من النَّفَقَة مَا يُقَوي على بنائِهِ، لَكُنْت أدخلت قيه من الْحجر خمس أَذْرع، ولجعلت بِهِ بَابا يدْخل النَّاس مِنْهُ وباباً يخرج النَّاس مِنْهُ. " قَالَ: فَأَنا الْيَوْم أجد مَا أنْفق، وَلست أَخَاف النَّاس، قَالَ: فَزَاد فِيهِ خمس أَذْرع من الْحجر، حَتَّى أبدى أساً نظر النَّاس إِلَيْهِ. فَبنى عَلَيْهِ الْبناء، وَكَانَ طول الْكَعْبَة ثَمَانِيَة عشر ذِرَاعا، فَلَمَّا زَاد فِيهِ استقصره، فَزَاد فِي طوله عشرَة أَذْرع، وَجعل لَهُ بَابَيْنِ أَحدهمَا يدْخل مِنْهُ، وَالْآخر يخرج مِنْهُ.
فَلَمَّا قتل ابْن الزبير كتب الْحجَّاج إِلَى عبد الله بن مَرْوَان يُخبرهُ بذلك، ويخبره أَن ابْن الزبير قد وضع الْبناء على أسٍّ نظر إِلَيْهِ الْعُدُول من أهل مَكَّة، فَكتب إِلَيْهِ عبد الْملك: إِنَّا لسنا من تلطيخ ابْن الزبير فِي شَيْء. أما مَا زَاد فِي طوله فأقره، وَأما مَا زَاد فِيهِ من الْحجر فَرده إِلَى بنائِهِ، وسد الْبَاب الَّذِي فَتحه. فنقضه وَأَعَادَهُ إِلَى بنائِهِ.
وَمن حَدِيث عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر والوليد بن عَطاء عَن الْحَارِث بن عبد الله ابْن أبي ربيعَة، قَالَ عبد الله بن عبيد:
وَفد الْحَارِث على عبد الْملك بن مَرْوَان فِي خِلَافَته، فَقَالَ: مَا أَظن أَبَا خبيبٍ - يَعْنِي ابْن الزبير - سمع من عَائِشَة مَا كَانَ يزْعم أَنه سَمعه مِنْهَا. قَالَ الْحَارِث: بلَى، أَنا سمعته مِنْهَا. قَالَ: سَمعتهَا تَقول مَاذَا؟ قَالَ: قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن قَوْمك استقصروا من بُنيان الْبَيْت، وَلَوْلَا حدثان(4/45)
عَهدهم بالشرك أعدت مَا تركُوا مِنْهُ، فَإِن بدا لقَوْمك من بعدِي أَن يبنوه فهلمي لأريك مَا تركُوا مِنْهُ ". فأراها قَرِيبا من سَبْعَة أَذْرع. هَذَا حَدِيث عبد الله بن عبيد.
وَزَاد عَلَيْهِ الْوَلِيد بن عَطاء:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ولجعلت لَهَا بَابَيْنِ مَوْضُوعَيْنِ فِي الأَرْض: شرقياً وغربياً. وَهل تدرين لم كَانَ قَوْمك رفعوا بَابهَا؟ " قَالَت: لَا. قَالَ: " تعززاً أَلا يدخلهَا إِلَّا من أَرَادوا، فَكَانَ الرجل إِذا هُوَ أَرَادَ أَن يدخلهَا يَدعُونَهُ يرتقي حَتَّى إِذا كَاد أَن يدْخل دفعوه فَسقط ". قَالَ عبد الْملك لِلْحَارِثِ: أَأَنْت سَمعتهَا تَقول هَذَا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَنكتَ سَاعَة بعصاه، ثمَّ قَالَ: وددت أَنِّي تركته وَمَا تحمل.
وَمن حَدِيث حَاتِم بن أبي صَغِيرَة عَن أبي قزعة:
أَن عبد الْملك بن مَرْوَان، بَيْنَمَا هُوَ يطوف بِالْبَيْتِ، إِذْ قَالَ: قَاتل الله ابْن الزبير حَيْثُ يكذب على أم الْمُؤمنِينَ، يَقُول: سَمعتهَا تَقول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا عَائِشَة، لَوْلَا حدثان قَوْمك بالْكفْر، لنقضت الْبَيْت حَتَّى أَزِيد فِيهِ من الْحجر، فَإِن قَوْمك قصروا فِي الْبناء ". فَقَالَ الْحَارِث بن عبد الله بن أبي ربيعَة: لَا تقل هَذَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَأَنا سَمِعت أم الْمُؤمنِينَ تحدث هَذَا. قَالَ: لَو كنت سمعته قبل أَن أهدمه لتركته على مَا بنى ابْن الزبير.
3163 - الْعشْرُونَ: عَن مُحَمَّد بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن أبي عبد الله عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام عَن عَائِشَة قَالَت: الصَّلَاة أول مَا فرضت رَكْعَتَيْنِ، فأقرت صَلَاة السّفر، وأتمت صَلَاة الْحَضَر. قَالَ الزُّهْرِيّ: فَقلت لعروة: فَمَا بَال عَائِشَة تتمّ؟ قَالَ: تأولت كَمَا تَأَول عُثْمَان.
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ بِالْإِسْنَادِ:
فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفرضت أَرْبعا، وَتركت صَلَاة السّفر على الأول. كَذَا رَوَاهُ يزِيد بن زُرَيْع عَن معمر.(4/46)
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن ابْن شهَاب:
فرض الله الصَّلَاة حِين فَرضهَا رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ أتمهَا فِي الْحَضَر، وأقرت صَلَاة السّفر على الْفَرِيضَة الأولى.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث صَالح بن كيسَان مولى بني غفار عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
فرض الله الصَّلَاة حِين فَرضهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَر وَالسّفر، فأقرت صَلَاة السّفر، وَزيد فِي صَلَاة الْحَضَر.
3164 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يحدث حَدِيثا لَو عده الْعَاد لأحصاه.
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
أَلا يُعْجِبك أَبُو فلَان؟ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانب حُجْرَتي يحدثني عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسمعني ذَلِك، وَكنت أسبح، فَقَامَ قبل أَن أَقْْضِي سبحتي، وَلَو أَدْرَكته لرددت عَلَيْهِ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يسْرد الحَدِيث كَسَرْدِكُمْ.
3165 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: جَاءَت هِنْد بنت عتبَة بن ربيعَة فَقَالَت: وَالله يَا رَسُول الله مَا كَانَ على ظهر الأَرْض أهل خباء أحب إِلَيّ أَن يذلوا من أهل خبائك، وَمَا أصبح الْيَوْم على ظهر الأَرْض أهل خباءٍ أحب إِلَيّ أَن يعزوا من أهل خبائك. ثمَّ قَالَت: إِن أَبَا سُفْيَان رجل مسيك، فَهَل(4/47)
عَليّ جناحٌ فِي أَن أطْعم من الَّذِي لَهُ عيالنا؟ قَالَ لَهَا: " لَا حرج عَلَيْك أَن تطعميهم بِالْمَعْرُوفِ ".
وَمن حَدِيث عَبْدَانِ عَن ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس. وَفِي حَدِيث معمر وَابْن أخي الزُّهْرِيّ عَن الزُّهْرِيّ بعد قَول هِنْد فِي الْمحبَّة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ " ثمَّ قَالَت: إِن أَبَا سُفْيَان رجل مسيك. . الحَدِيث.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عَائِشَة
أَن هنداً قَالَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَبَا سُفْيَان رجلٌ شحيحٌ فأحتاج إِلَى أَن آخذ من مَاله قَالَ: " خذي مَا يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ ".
وَفِي حَدِيث يحيى الْقطَّان عَن هِشَام قَالَت:
يَا رَسُول الله، إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح، وَلَيْسَ يعطيني مَا يَكْفِينِي وَوَلَدي إِلَّا مَا أخذت مِنْهُ وَهُوَ لَا يعلم.
قَالَ: " خذي مَا يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ ".
3166 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: إِن أَفْلح أَخا أبي القعيس اسْتَأْذن عَليّ بعد مَا نزل الْحجاب، فَقلت: وَالله لَا آذن لَهُ حَتَّى اسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِن أَخا أبي القعيس لَيْسَ هُوَ أرضعني، وَلَكِن أرضعتني امْرَأَة أبي القعيس: فَدخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقلت لَهُ: يَا رَسُول الله، إِن الرجل لَيْسَ هُوَ أرضعني وَلَكِن أرضعتني امْرَأَته. فَقَالَ: " ائذني لَهُ، فَإِنَّهُ عمك - تربت يَمِينك ". قَالَ عُرْوَة: فبذلك كَانَت عَائِشَة تَقول: حرمُوا من الرضَاعَة مَا يحرم من النّسَب.(4/48)
وَفِي حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ نَحوه، وَفِيه:
فَدخل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله، إِن أَفْلح أَخا أبي القعيس اسْتَأْذن، فأبيت أَن آذن لَهُ حَتَّى استأذنك.
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يمنعك أَن تَأْذَنِي لعمك؟ " قلت: يَا رَسُول الله، إِن الرجل لَيْسَ أرضعني. . وَذكر الحَدِيث.
وَحَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ مُخْتَصر:
أَن أَفْلح أَخا أبي القعيس جَاءَ يسْتَأْذن عَلَيْهَا، وَهُوَ عَمها من الرضَاعَة بعد أَن نزل الْحجاب، فأبيت أَن آذن لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبرته بِالَّذِي صنعت، فَأمرنِي أَن آذن لَهُ ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة. . وَذكر الحَدِيث بِنَحْوِهِ وَمَعْنَاهُ، وَفِيه:
إِنَّه عمك، فليلج عَلَيْك ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
اسْتَأْذن عَليّ أَفْلح فَلم آذن لَهُ، فَقَالَ: أتحتجبين مني وَأَنا عمك؟ فَقلت: كَيفَ ذَلِك: قَالَ: أَرْضَعتك امْرَأَة أخي بِلَبن أخي. قَالَت: فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " صدق أَفْلح، ائذني لَهُ ".
وَفِي حَدِيث الحكم عَن عرَاك نَحوه، وَفِيه:
فأبيت أَن آذن لَهُ، فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت لَهُ ذَلِك فَقَالَ: " ليدْخل عَلَيْك، فَإِنَّهُ عمك ".
وَلمُسلم من حَدِيث يزِيد بن أبي حبيب عَن عرَاك:
أَن عَمها من الرضَاعَة يُسمى أَفْلح اسْتَأْذن عَلَيْهَا فَحَجَبَتْهُ، فَأخْبرت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " لَا تَحْتَجِبِي مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ يحرم من الرضَاعَة مَا يحرم من النّسَب ".
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن(4/49)
عمْرَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عِنْدهَا، وَأَنَّهَا سَمِعت صَوت رجل يسْتَأْذن فِي بَيت حَفْصَة، قَالَت عَائِشَة: فَقلت: يَا رَسُول الله، هَذَا رجلٌ يسْتَأْذن فِي بَيْتك. قَالَت: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أرَاهُ فلَانا " لعم حَفْصَة فِي الرضَاعَة. فَقَالَت عَائِشَة: يَا رَسُول الله: لَو كَانَ فلانٌ حَيا - لعمها من الرضَاعَة - دخل عَليّ؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نعم، إِن الرضَاعَة تحرم مَا تحرم الْولادَة ".
وَفِي حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة وَابْن جريج عَن عبد الله بن أبي بكر - الْمسند مِنْهُ فَقَط:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يحرم من الرضَاعَة مَا يحرم من الْولادَة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَطاء عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
اسْتَأْذن عَليّ عمي من الرضَاعَة أَبُو الْجَعْد، فرددته. قَالَ هِشَام بن عُرْوَة: إِنَّمَا هُوَ أَبُو القعيس. فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبرته ذَلِك فَقَالَ: " فَهَلا أَذِنت لَهُ، تربت يَمِينك - أَو يدك ".
3167 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة قَالَ: {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} إِلَى قَوْله: {أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} [النِّسَاء] .
قَالَت: يَا ابْن أُخْتِي، هَذِه الْيَتِيمَة تكون فِي حجر وَليهَا، فيرغب فِي جمَالهَا وَمَالهَا، وَيُرِيد أَن ينتقص صَدَاقهَا، فنهوا عَن نِكَاحهنَّ إِلَّا أَن يقسطوا لَهُنَّ فِي إِكْمَال الصَدَاق، وَأمرُوا بِنِكَاح من سواهن. قَالَت عَائِشَة: فاستفتى النَّاس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك، فَأنْزل الله. . {ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ} إِلَى قَوْله: {وترغبون أَن تنكحوهن} [النِّسَاء] فَبين الله لَهُم أَن الْيَتِيمَة إِذا كَانَت ذَات جمال وَمَال رَغِبُوا فِي نِكَاحهَا وَلم يلحقوها بسنتها فِي إِكْمَال الصَدَاق، وَإِذا كَانَت مرغوبةً عَنْهَا فِي قلَّة المَال وَالْجمال تركوها والتمسوا غَيرهَا من(4/50)
النِّسَاء. قَالَ: فَكَمَا يتركونها حِين يرغبون عَنْهَا فَلَيْسَ لَهُم أَن ينكحوها إِذا رَغِبُوا فِيهَا إِلَّا أَن يقسطوا لَهَا ويعطوها حَقّهَا الأوفى فِي الصَدَاق.
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن ابْن شهَاب نَحوه، وَفِيه قَالَت:
يَا ابْن أُخْتِي، هِيَ الْيَتِيمَة تكون فِي حجر وَليهَا، تشاركه فِي مَاله، فيعجبه مَالهَا وجمالها، وَيُرِيد أَن يَتَزَوَّجهَا بِغَيْر أَن يقسط فِي صَدَاقهَا، فيعطيها مثل مَا يُعْطهَا غَيره، فنهوا عَن نِكَاحهنَّ إِلَّا أَن يقسطوا لَهُنَّ، ويبلغوا لَهُنَّ أَعلَى سنتهن من الصَدَاق. وَفِيه: قَالَت عَائِشَة: وَالَّذِي ذكر الله أَنه يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب الْآيَة الأولى الَّتِي قَالَ فِيهَا: {فَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم} [النِّسَاء] قَالَت: وَقَول الله فِي الْآيَة الْأُخْرَى: {وترغبون أَن تنكحوهن} [النِّسَاء] رَغْبَة أحدكُم عَن الَّتِي تكون فِي حجره حِين تكون قَليلَة المَال، فنهوا أَن ينكحوا مَا رَغِبُوا فِي مَالهَا وجمالها من يتامى النِّسَاء إِلَّا بِالْقِسْطِ، من أجل رغبتهم عَنْهُن.
وَفِي حَدِيث صَالح عَن ابْن شهَاب نَحوه، وَزَاد فِي آخِره:
من أجل رغبتهم عَنْهُن إِذا كن قليلات المَال وَالْجمال.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي قَوْله: {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا} [النِّسَاء] قَالَت:
أنزلت فِي الرجل تكون لَهُ الْيَتِيمَة، وَهُوَ وَليهَا ووارثها، وَلها مَال، وَلَيْسَ لَهَا أحدٌ يُخَاصم دونهَا، فَلَا ينْكِحهَا لمالها، فَيضر بهَا ثمَّ يسيء صحبتهَا، فَقَالَ: {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} [النِّسَاء] يَقُول: مَا أحللت لكم، ودع الَّتِي تضر بهَا.(4/51)
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن هِشَام بِالْإِسْنَادِ:
أَن رجلا كَانَت لَهُ يتيمة فنكحها، وَكَانَ لَهَا عذقٌ، وَكَانَ يمْسِكهَا عَلَيْهِ، وَلم يكن لَهَا من نَفسه شَيْء، فَنزلت فِيهِ {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} [النِّسَاء] أَحْسبهُ قَالَ: كَانَت شريكته فِي ذَلِك العذق وَفِي مَاله.
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي قَوْله تَعَالَى:
{ويستفتونك فِي النِّسَاء} [النِّسَاء] إِلَى آخر الْآيَة، قَالَت: هِيَ الْيَتِيمَة تكون فِي حجر الرجل قد شركته فِي مَاله، فيرغب عَنْهَا أَن يَتَزَوَّجهَا وَيكرهُ أَن يُزَوّجهَا غَيره، فَيدْخل عَلَيْهِ فِي مَاله، فيحبسها، فنهاهم الله عَن ذَلِك.
وألفاظ سَائِر الروَاة مُتَقَارِبَة الْمَعْنى.
3168 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسترني بردائه، وَأَن أنظر إِلَى الْحَبَشَة يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِد، حَتَّى أكون أَنا الَّذِي أسأمه، فاقدروا قدر الْجَارِيَة الحديثة السن الحريصة على اللَّهْو.
وَفِي حَدِيث عقيل عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن أَبَا بكر دخل عَلَيْهَا وَعِنْدهَا جاريتان فِي أَيَّام منى، تدفقان، وتضربان، وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متغشٍّ بِثَوْبِهِ، فانتهرهما أَبُو بكر، فكشف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن وَجهه فَقَالَ: " دعهما يَا أَبَا بكر، فَإِنَّهَا أَيَّام عيد "، وَتلك الْأَيَّام أَيَّام منى.
وَقَالَت عَائِشَة:
رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسترني وَأَنا أنظر إِلَى الْحَبَشَة وهم يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِد، فزجرهم عمر، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أمنا يَا بني أرفدة " يَعْنِي من الْأَمْن.(4/52)
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن ابْن شهَاب نَحوه، وَفِيه تُغنيَانِ وتضربان.
وَفِيه:
وَأَنا جَارِيَة، فاقدروا قدر الْجَارِيَة العربة الحديثة السن.
وَفِي حَدِيث أبي الطَّاهِر عَن ابْن وهب:
وَالله لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوم على بَاب حُجْرَتي والحبشة يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسترني بردائه، لكني أنظر إِلَى لعبهم، ثمَّ يقوم من أَجلي حَتَّى أكون أَنا الَّتِي انْصَرف.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْأَسدي عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْدِي جاريتان تُغنيَانِ بغناء بُعَاث، فاضطجع على الْفراش، وحول وَجهه، وَدخل أَبُو بكر فَانْتَهرنِي، وَقَالَ: مزمارة الشَّيْطَان عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَأقبل عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " دعهما ". فَلَمَّا غفل غمزتهما، فخرجتا.
وَكَانَ يَوْم عيد يلْعَب السودَان بالدرق والحراب.
فإمَّا سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِمَّا قَالَ: " تشتهين تنظرين؟ " فَقلت: نعم. فأقامني وَرَاءه، خدي على خَدّه، وَيَقُول: " دونكم يَا بني أرفدة " حَتَّى إِذا مللت. قَالَ: " حَسبك؟ ". قلت: نعم.
قَالَ: " فاذهبي ".
وَأَخْرَجَا بعضه من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
دخل عَليّ أَبُو بكر وَعِنْدِي جاريتان من جواري الْأَنْصَار تُغنيَانِ بِمَا تقاولت بِهِ الْأَنْصَار يَوْم بُعَاث. قَالَت: وليستا بمغنيتين. فَقَالَ أَبُو بكر: أبمزمور الشَّيْطَان فِي بَيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم} وَذَلِكَ فِي يَوْم عيد. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أَبَا بكر، إِن لكل قومٍ عيداً، وَهَذَا عيدنا ".(4/53)
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن هِشَام:
أَن أَبَا بكر دخل عَلَيْهَا وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْدهَا يَوْم فطر - أَو أضحى - وَعِنْدهَا قينتان تُغنيَانِ بِمَا تقاذفت بِهِ الْأَنْصَار يَوْم بُعَاث. فَقَالَ أَبُو بكر: مزمار الشَّيْطَان! مرَّتَيْنِ. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أَبَا بكر، إِن لكل قوم عيداً، وَإِن عيدنا هَذَا الْيَوْم ".
وَأخرج مُسلم ذكر الْحَبَشَة من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
جَاءَ حبش يزفنون فِي يَوْم عيد فِي الْمَسْجِد، فدعاني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَوضعت رَأْسِي على مَنْكِبه، فَجعلت أنظر إِلَى لعبهم، حَتَّى كنت أَنا الَّتِي انصرفت عَن النّظر إِلَيْهِم.
وَمن حَدِيث أبي عَاصِم عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت للعابين:
وددت أَنِّي أَرَاهُم. فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقمت على الْبَاب أنظر بَين أُذُنَيْهِ وعاتقه وهم يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِد. قَالَ عَطاء: فرسٌ أَو حبش. قَالَ: وَقَالَ ابْن أبي عَتيق: حبش.
3169 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايع النِّسَاء بالْكلَام بِهَذِهِ الْآيَة: {لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا} [سُورَة الممتحنة] قَالَت: وَمَا مست يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَد امْرَأَة لَا يملكهَا.
وَفِي حَدِيث عقيل وَيُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَ:
كَانَ الْمُؤْمِنَات إِذا هَاجَرْنَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمتحنهن بقول الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا} [الممتحنة] إِلَى آخر الْآيَة. قَالَت عَائِشَة: فَمن أقرّ بِهَذَا الشَّرْط من الْمُؤْمِنَات فقد أقرّ بالمحنة. فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أقررن بذلك من قولهن قَالَ لَهُنَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " انطلقن، فقد بايعتكن " لَا وَالله مَا مست يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَد امْرَأَة قطّ، غير أَنه بايعهن بالْكلَام. وَالله مَا أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(4/54)
على النِّسَاء قطّ إِلَّا بِمَا أمره الله، وَكَانَ يَقُول لَهُنَّ إِذا أَخذ عَلَيْهِنَّ: " قد بايعتكن " كلَاما.
قَالَ البُخَارِيّ وَقد ذكر من رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد - ثمَّ قَالَ:
قَالَ إِسْحَاق ابْن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة عَن عَائِشَة.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ مُخْتَصر أَنَّهَا قَالَت:
مَا مس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ امْرَأَة قطّ، إِلَّا أَن يَأْخُذ عَلَيْهَا، فَإِذا أَخذ عَلَيْهَا فَأَعْطَتْهُ قَالَ: " اذهبي، فقد بَايَعْتُك ".
3170 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة قَالَ: سَأَلت عَائِشَة فَقلت لَهَا: أَرَأَيْت قَول الله تَعَالَى: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما وَمن تطوع خيرا فَإِن الله شَاكر عليم} [سُورَة الْبَقَرَة] فوَاللَّه مَا على أحدٍ جناحٌ أَلا يطوف بالصفا والمروة. قَالَت: بئس مَا قلت يَا ابْن أُخْتِي، إِن هَذِه لَو كَانَت على مَا أولتها عَلَيْهِ كَانَت: لَا جنَاح عَلَيْهِ أَلا يطوف بهما، وَلكنهَا أنزلت فِي الْأَنْصَار: كَانُوا قبل أَن يسلمُوا يهلون لمناة الطاغية الَّتِي كَانُوا يعبدونها عِنْد المشلل، وَكَانَ من أهل بهما يتحرج أَن يطوف بالصفا والمروة، فَلَمَّا أَسْلمُوا سَأَلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّا كُنَّا نتحرج أَن نطوف بَين الصَّفَا والمروة، فَأنْزل الله عز وَجل: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} الْبَقَرَة الْآيَة: قَالَت عَائِشَة: وَقد سنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطّواف بَينهمَا، فَلَيْسَ لأحدٍ أَن يتْرك الطّواف بَينهمَا.
فَأخْبرت أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن فَقَالَ:
إِن هَذَا لعلمٌ مَا كنت سمعته، وَلَقَد سَمِعت رجَالًا من أهل الْعلم يذكرُونَ أَن النَّاس إِلَّا من ذكرت عَائِشَة مِمَّن كَانَ يهل لمناة - كَانُوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فَلَمَّا ذكر الطّواف بِالْبَيْتِ وَلم يذكر الصَّفَا(4/55)
والمروة فِي الْقُرْآن، قَالُوا: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّا كُنَّا نطوف بالصفا والمروة، وَإِن الله أنزل الطّواف بِالْبَيْتِ، فَلم يذكر الصَّفَا، فَهَل علينا من حرجٍ أَلا نطوف بالصفا والمروة؟ فَأنْزل الله تَعَالَى: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة] الْآيَة.
قَالَ أَبُو بكر:
فَأَسْمع هَذِه الْآيَة نزلت فِي الْفَرِيقَيْنِ كليهمَا: فِي الَّذين كَانُوا يتحرجون أَن يطوفوا فِي الْجَاهِلِيَّة بالصفا والمروة، وَالَّذين كَانُوا يطوفون ثمَّ تحرجوا أَن يطوفوا بهما فِي الْإِسْلَام، من أجل أَن الله أَمر بِالطّوافِ بِالْبَيْتِ، وَلم يذكر الصَّفَا حَتَّى ذكر ذَلِك بعد مَا ذكر الطّواف بِالْبَيْتِ.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: قَالَ الزُّهْرِيّ:
فَذكرت ذَلِك لأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام، فأعجبه ذَلِك وَقَالَ: إِن هَذَا الْعلم. وَلَقَد سَمِعت رجَالًا من أهل الْعلم يَقُولُونَ: إِنَّمَا كَانَ من لَا يطوف بَين الصَّفَا والمروة من الْعَرَب يَقُول: إِن طواف مَا بَين هذَيْن الحجرين من أَمر الْجَاهِلِيَّة.
وَقَالَ آخَرُونَ من الْأَنْصَار:
إِنَّمَا أمرنَا بِالطّوافِ وَلم نؤمر بَين الصَّفَا والمروة، فَأنْزل الله عز وَجل: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة] قَالَ أَبُو بكر: فأراها نزلت فِي هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء.
وَفِي رِوَايَة عقيل عَن الزُّهْرِيّ بِالْإِسْنَادِ:
قَالَت عَائِشَة: وَقد سنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطّواف بَينهمَا، فَلَيْسَ لأحدٍ ان يتْرك الطّواف بهما.
وَفِي رِوَايَة يُونُس عَن الزُّهْرِيّ:
إِن الْأَنْصَار كَانُوا قبل أَن يسلمُوا، هم وغسان يهلون لمناة، فتحرجوا أَن يطوفوا بَين الصَّفَا والمروة، وَكَانَ ذَلِك سنة فِي آبَائِهِم: من أحرم لمناة لم يطف بَين الصَّفَا والمروة، وَإِنَّهُم سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك حِين أَسْلمُوا، فَأنْزل الله فِي ذَلِك: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة] وَذكر إِلَى آخر الْآيَة.(4/56)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة -
فَذكر نَحْو مَا تقدم من قَوْله لَهَا فِي الْآيَة، وَقَوْلها لَهُ، ثمَّ قَالَت: إِنَّمَا أنزل هَذَا فِي أنَاس من الْأَنْصَار كَانُوا إِذا أهلوا لمناة فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَا يحل لَهُم أَن يطوفوا بَين الصَّفَا والمروة. فَلَمَّا قدمُوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَج ذكرُوا ذَلِك لَهُ، فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة، ولعمري، مَا أتم الله حج من لم يطف بَين الصَّفَا والمروة.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ: قلت لعَائِشَة وَأَنا يومئذٍ حَدِيث السن:
أَرَأَيْت قَول الله تَعَالَى: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة] ثمَّ ذكر قَوْله وَقَوْلها لَهُ، وَأَنَّهَا قَالَت: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي الْأَنْصَار، كَانُوا يهلون لمناة فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَت مَنَاة حَذْو قديد، وَكَانُوا يتحرجون أَن يطوفوا بَين الصَّفَا والمروة، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك، فَأنْزل الله عز وَجل: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة] .
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام أَنَّهَا قَالَت:
وَهل تَدْرِي فيمَ كَانَ ذَاك؟ إِنَّمَا كَانَ ذَاك أَن الْأَنْصَار كَانُوا يهلون فِي الْجَاهِلِيَّة لصنمين على شط الْبَحْر يُقَال لَهما إسافٌ ونائلة، ثمَّ يجيئون فيطوفون بَين الصَّفَا والمروة، ثمَّ يحلقون، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام، كَرهُوا أَن يطوفوا بَينهمَا للَّذي كَانُوا يصنعون فِي الْجَاهِلِيَّة، فَأنْزل الله عز وَجل: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [الْبَقَرَة] إِلَى آخرهَا. قَالَت: فطافوا.
انْفَرد أَبُو مُعَاوِيَة بِمَا فِي حَدِيثه:
أَن الْأَنْصَار كَانُوا يجيئون فيطوفون بَين الصَّفَا والمروة. وَفِي سَائِر الرِّوَايَات عَن هِشَام عَن عُرْوَة: أَنهم كَانُوا لَا يطوفون بَين الصَّفَا والمروة.
3171 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: دخل رهطٌ من الْيَهُود على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: السام عَلَيْك. قَالَت عَائِشَة: ففهمتها،(4/57)
فَقلت: عَلَيْكُم السام واللعنة. قَالَت: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مهلا يَا عَائِشَة، إِن الله يحب الرِّفْق فِي الْأَمر كُله " فَقلت: يَا رَسُول الله، ألم تسمع مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " قد قلت: وَعَلَيْكُم ".
وَفِي رِوَايَة أبي نعيم عَن ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ بِنَحْوِهِ، وَفِيه
إِن الله رفيقٌ، يحب الرِّفْق فِي الْأَمر كُله ".
وَفِي حَدِيث صَالح بن كيسَان - وَفِي بعض الرِّوَايَات عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " قد قلت: عَلَيْكُم " وَلم يذكر الْوَاو.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة عَن عَائِشَة:
أَن الْيَهُود أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: السام عَلَيْك. قَالَ: " وَعَلَيْكُم ". فَقَالَت عَائِشَة: السام عَلَيْكُم، ولعنكم الله وَغَضب عَلَيْكُم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مهلا يَا عَائِشَة، عَلَيْك بالرفق، وَإِيَّاك والعنف وَالْفُحْش " قَالَت: أَو لم تسمع مَا قَالُوا؟ قَالَ: " أَو لم تسمعي مَا قلت؟ رددت عَلَيْهِم، فيستجاب لي فيهم، وَلَا يُسْتَجَاب لَهُم فِي ". هَذَا حَدِيث عبد الْوَهَّاب عَن أَيُّوب، وَهُوَ أتم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي عَائِشَة مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة قَالَت:
أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ناسٌ من الْيَهُود، فَقَالُوا: السام عَلَيْك يَا أَبَا الْقَاسِم. قَالَ: " وَعَلَيْكُم ".
قَالَت عَائِشَة: بل عَلَيْكُم السام والذام. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا عَائِشَة، لَا تكون فَاحِشَة ". فَقَالَت: مَا سَمِعت مَا قَالُوا؟ فَقَالَ: " أَو لَيْسَ قد رددت عَلَيْهِم الَّذِي قَالُوا، قلت: وَعَلَيْكُم ".(4/58)
وَفِي رِوَايَة يعلى بن عبيد عَن الْأَعْمَش نَحوه غير أَنه قَالَ:
ففطنت بهم عَائِشَة فسبتهم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَه يَا عَائِشَة، فَإِن الله لَا يحب الْفُحْش والتفحش ". وَزَاد. فَأنْزل الله: {وَإِذا جاءوك حيوك بِمَا لم يحيك بِهِ الله. .} إِلَى آخر الْآيَة [المجادلة] .
3172 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن قُريْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْن الْمَرْأَة المخزومية الَّتِي سرقت، فَقَالُوا: من يكلم فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالُوا: وَمن يجترئ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَة بن زيد حب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَكَلمهُ أُسَامَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَتَشفع فِي حدٍّ من حُدُود الله؟ " ثمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثمَّ قَالَ: " إِنَّمَا أهلك الَّذين قبلكُمْ أَنهم كَانُوا إِذا سرق فيهم الشريف تَرَكُوهُ، وَإِذا سرق فيهم الضَّعِيف أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَد، وَايْم الله، لَو أَن فَاطِمَة بنت مُحَمَّد سرقت لَقطعت يَدهَا ". هَذَا لفظ قُتَيْبَة عَن اللَّيْث.
وَفِي حَدِيث عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان قَالَ:
ذهبت أسأَل الزُّهْرِيّ عَن حَدِيث المخزومية فصاح بِي، قلت لِسُفْيَان: فَلم تحمله عَن أحد؟ قَالَ: وجدته فِي كتابٍ كَانَ كتبه أَيُّوب بن مُوسَى عَن الزُّهْرِيّ، وَذكره نَحوه بِمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنه قَالَ: " إِن بني إِسْرَائِيل كَانَ إِذا سرق فيهم الشريف تَرَكُوهُ ... ".
وَفِي حَدِيث ابْن وهب عَن يُونُس بن يزِيد نَحْو من حَدِيث اللَّيْث، وَفِيه:
إِن قُريْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْن الْمَرْأَة الَّتِي سرقت فِي غَزْوَة الْفَتْح، وَفِي أَن أُسَامَة كَلمه، فَتَلَوَّنَ وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " أَتَشفع فِي حدٍّ من حُدُود الله؟ " فَقَالَ أُسَامَة: اسْتغْفر لي يَا رَسُول الله. فَلَمَّا كَانَ العشيُّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَأثْنى على الله بِمَا هُوَ أَهله، ثمَّ قَالَ: " أما بعد، فَإِنَّمَا أهلك الَّذين من قبلكُمْ ... " ثمَّ ذكره، وَقَالَ فِي آخِره: ثمَّ أَمر بِتِلْكَ الْمَرْأَة الَّتِي سرقت فَقطعت يَدهَا.(4/59)
قَالَ يُونُس: قَالَ ابْن شهَاب: قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة:
فحسنت توبتها بعد، وَتَزَوَّجت، فَكَانَت تَأتي بعد ذَلِك فأرفع حَاجَتهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَلمُسلم من حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَت امْرَأَة مخزومية تستعير الْمَتَاع وتجحده، فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقطع يَدهَا، فَأتى أَهلهَا أُسَامَة فكلموه، فَكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ. . ثمَّ ذكر نَحوه حَدِيث اللَّيْث وَيُونُس.
3173 - الثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَليّ مَسْرُورا تبرق أسارير وَجهه. فَقَالَ: " ألم تري مجززاً نظر آنِفا إِلَى زيد بن حَارِثَة وَأُسَامَة بن زيد فَقَالَ: إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا من بعض ".
وَفِي حَدِيث يحيى عَن عبد الرَّزَّاق:
أَو لم تسمعي مَا قَالَ المدلجي لزيد وَأُسَامَة وَرَأى أقدامهما: إِن بعض هَذِه الْأَقْدَام لمن بعض ".
قَالَ الْحميدِي: لم ينْسب البُخَارِيّ يحيى هَذَا الَّذِي يروي عَن عبيد الرَّزَّاق، وَيُقَال: إِنَّه يحيى بن قزعة.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ أَن عَائِشَة قَالَت:
دخل قائف وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَاهد، وَأُسَامَة بن زيد وَزيد بن حَارِثَة مضطجعان، فَقَالَ: إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا مَعَ بعض. فسر بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَأَعْجَبهُ، وَأخْبر بِهِ عَائِشَة.(4/60)
وَفِي حَدِيث زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة:
ألم تري مجززاً المدلجي دخل عَليّ، فَرَأى أُسَامَة وزيداً وَعَلَيْهِمَا قطيفةٌ قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما فَقَالَ: إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا من بعض ".
وَفِي حَدِيث يُونُس بن يزِيد: وَكَانَ مجززٌ قائفاً.
3174 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " خمسٌ من الدَّوَابّ كُلهنَّ فَاسق يقتلن فِي الْحرم: الْغُرَاب، والحدأة، وَالْعَقْرَب، والفأرة، وَالْكَلب الْعَقُور ".
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد، قَالَت:
أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل خمس فواسق فِي الْحل وَالْحرم. وَذكر مثل حَدِيث يزِيد بن زُرَيْع. يَعْنِي معمراً.
وَفِي حَدِيث يزِيد: الحديا مَكَان الحدأة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن مقسم عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أربعٌ كُلهنَّ فَاسق، يقتلن فِي الْحل وَالْحرَام: الحدأة، والغراب، والفأرة، وَالْكَلب الْعَقُور " وَقَالَ: فَقلت للقاسم: أَرَأَيْت الْحَيَّة؟ قَالَ: تقتل بصغرٍ لَهَا.
وَفِي حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " خمسٌ فواسق يقتلن فِي الْحرم: الْعَقْرَب، والفأرة، والحديا، والغراب، وَالْكَلب الْعَقُور ".(4/61)
وَمن حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
خمسٌ فواسق يقتلن فِي الْحل وَالْحرم؟ : الْحَيَّة، والغراب الأبقع، والفأرة، وَالْكَلب الْعَقُور، والحديا ".
3175 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ من رِوَايَة عقيل عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: " أول مَا بُدِئَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْوَحْي الرُّؤْيَا الصَّالِحَة فِي النّوم.
وَكَانَ لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح، وحبب إِلَيْهِ الْخَلَاء، وَكَانَ يَخْلُو بِغَار حراء، فَيَتَحَنَّث فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّد - اللَّيَالِي ذَوَات الْعدَد، قبل أَن ينْزع إِلَى أَهله ويتزود لذَلِك، ثمَّ يرجع إِلَى خَدِيجَة فيتزود لمثلهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحق - وَفِي رِوَايَة حَتَّى فجئه الْحق - وَهُوَ فِي غَار حراء، فَجَاءَهُ الْملك فَقَالَ: اقْرَأ، فَقَالَ: " مَا أَنا بقارئ " قَالَ: " فأخذني فغطني حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: اقْرَأ، فَقلت: مَا أَنا بقارئ ". قَالَ: " فأخذني فغطني الثَّانِيَة حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي " فَقَالَ: اقْرَأ. فَقلت: " مَا أَنا بقارئ ". فأخذني، فغطني الثَّالِثَة حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق خلق الْإِنْسَان من علقٍ اقْرَأ وَرَبك الأكرم الَّذِي علم بالقلم علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم} " [سُورَة العلق] .
فَرجع بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرجف فُؤَاده، فَدخل على خَدِيجَة بنت خويلد فَقَالَ: " زَمِّلُونِي، زَمِّلُونِي ". فزملوه حَتَّى ذهب عَنهُ الروع، فَقَالَ لِخَدِيجَة وأخبرها الْخَبَر: " لقد خشيت على نَفسِي ". فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة أبشر، فوَاللَّه مَا يخزيك الله أبدا، إِنَّك لتصل الرَّحِم، وَتصدق الحَدِيث، وَتحمل الْكل، وتكسب الْمَعْدُوم، وتقري الضَّيْف، وَتعين على نَوَائِب الْحق. فَانْطَلَقت بِهِ خَدِيجَة حَتَّى أَتَت بِهِ ورقة بن نَوْفَل بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي، وَهُوَ ابْن عَم خَدِيجَة، أخي أَبِيهَا، وَكَانَ أمرأً تنصر فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَ يكْتب الْكتاب العبراني، فَكتب من الْإِنْجِيل بالعبرانية(4/62)
مَا شَاءَ الله أَن يكْتب، وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد عمي. فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة: يَا ابْن عَم، اسْمَع من ابْن أَخِيك. فَقَالَ لَهُ ورقة: يَا ابْن أخي، مَاذَا ترى؟ فَأخْبرهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَبَر مَا رأى، فَقَالَ لَهُ ورقة: هَذَا الناموس الَّذِي نزله الله على مُوسَى، يَا لَيْتَني فِيهَا جذعاً، يَا لَيْتَني أكون حَيا أنصرك نصرا مؤزراً. ثمَّ لم ينشب ورقة أَن توفّي، وفتر الْوَحْي.
قَالَ البُخَارِيّ: وَتَابعه هِلَال بن رداد عَن الزُّهْرِيّ، وَقَالَ يُونُس وَمعمر: بوادره.
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ عِنْد مُسلم:
فوَاللَّه لَا يحزنك الله أبدا. بِالْحَاء وَالنُّون.
انْتهى حَدِيث عقيل الْمُفْرد عَن ابْن شهَاب إِلَى حَيْثُ ذكرنَا. وَزَاد عِنْد البُخَارِيّ فِي حَدِيثه المقترن بِمَعْمَر عَن الزُّهْرِيّ فِي آخِره: فَقَالَ:
وفتر الْوَحْي فَتْرَة حَتَّى حزن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِيمَا بلغنَا - حزنا غَدا مِنْهُ مرَارًا حَتَّى يتردى من رُؤُوس شَوَاهِق الْجبَال، فَكلما أوفى بِذرْوَةِ جبل لكَي يلقِي نَفسه مِنْهُ تبدى لَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنَّك رَسُول الله حَقًا، فيسكن لذَلِك جأشه، وتقر نَفسه، فَإِذا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَة الْوَحْي غَدا لمثل ذَلِك، فَإِذا أوفى بِذرْوَةِ جبلٍ تبدى لَهُ جِبْرِيل فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك.
3176 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل وَأَنا معترضةٌ بَينه وَبَين الْقبْلَة كاعتراض الْجِنَازَة.(4/63)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي صلَاته من اللَّيْل كلهَا وَأَنا معترضةٌ بَينه وَبَين الْقبْلَة، فَإِذا أَرَادَ أَن يُوتر أيقظني فأوترت ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عُرْوَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي وَعَائِشَة معترضةٌ بَينه وَبَين الْقبْلَة على الْفراش الَّذِي ينامان عَلَيْهِ. كَذَا وَقع مُرْسلا، لم يقل: عَن عَائِشَة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي عُثْمَان ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي صلَاته بِاللَّيْلِ وَهِي معترضةٌ بَين يَدَيْهِ فَإِذا بَقِي الْوتر أيقظها فأوترت.
وَمن حَدِيث تَمِيم بن سَلمَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي من اللَّيْل، فَإِذا أوتر قَالَ: " قومِي فأوتري يَا عَائِشَة ".
وَمن حَدِيث أبي بكر عبد الله بن حَفْص بن عمر بن سعد عَن عُرْوَة قَالَ:
قَالَت عَائِشَة: مَا يقطع الصَّلَاة؟ فَقُلْنَا: الْمَرْأَة وَالْحمار. فَقَالَت: إِن الْمَرْأَة لدابة سوءٍ! لقد رَأَيْتنِي بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُعْتَرضَة كاعتراض الْجِنَازَة وَهُوَ يُصَلِّي.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ:
أَن عَائِشَة ذكر عِنْدهَا مَا يقطع الصَّلَاة، فَذكر الْكَلْب وَالْحمار وَالْمَرْأَة، فَقَالَت: لقد شبهتمونا بالحمر وَالْكلاب، وَالله لقد رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي وَأَنا على السرير بَينه وَبَين الْقبْلَة مُضْطَجِعَة، فتبدو لي الْحَاجة فأكره أَن أَجْلِس فأوذي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأنسل من قبل رجلَيْهِ.(4/64)
وَفِي حَدِيث مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَنْهَا قَالَت:
عدلتمونا بالكلاب وَالْحمير، لقد رَأَيْتنِي مُضْطَجِعَة على السرير، فَيَجِيء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيتوسط السرير فَيصَلي، فأكره أَن أسنحه، فأنسل من قبل رجْلي السرير حَتَّى أنسل من لِحَافِي.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة بِنَحْوِ حَدِيث الْأسود.
وَفِي حَدِيث جرير عَن الْأَعْمَش قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي وسط السرير وَأَنا مضطجعةٌ بَينه وَبَين الْقبْلَة، تكون لي الْحَاجة فأكره أَن أقوم فَاسْتَقْبلهُ، فأنسل انسلالاً.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سَالم أبي النَّضر عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أَنَام بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجلاي فِي قبلته، فَإِذا سجد غمزني فقبضت رجْلي، وَإِذا قَامَ بسطتهما. قَالَت: والبيوت يومئذٍ لَيْسَ فِيهَا مصابيح.
3177 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: أعتم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعشاء، حَتَّى ناداه عمر: الصَّلَاة، نَام النِّسَاء وَالصبيان. فَخرج فَقَالَ: " مَا ينتظرها من أهل الأَرْض أحدٌ غَيْركُمْ " قَالَ: وَلَا تصلي يومئذٍ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ، وَكَانُوا يصلونَ فِيمَا بَين أَن يغيب الشَّفق إِلَى ثلث اللَّيْل الأول.
قَالَ: وَفِي حَدِيث عقيل بن خَالِد وَيُونُس بن يزِيد: وَذَلِكَ قبل أَن يفشو الْإِسْلَام. زَاد حَرْمَلَة فِي رِوَايَته عَن ابْن وهب عَن يُونُس: قَالَ ابْن شهَاب:
وَذكر لي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وَمَا كَانَ لكم أَن تنزروا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على(4/65)
الصَّلَاة، وَذَلِكَ حِين صَاح عمر بن الْخطاب.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أم كُلْثُوم بنت أبي بكر عَن أُخْتهَا عَائِشَة قَالَت:
أعتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة حَتَّى ذهب عَامَّة اللَّيْل، وَحَتَّى نَام أهل الْمَسْجِد، ثمَّ خرج فصلى فَقَالَ: " إِنَّه لوَقْتهَا لَوْلَا أَن أشق على أمتِي. " وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق: " لَوْلَا أَن يشق على أمتِي ".
3178 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج من جَوف اللَّيْل، فصلى فِي الْمَسْجِد، فصلى رجالٌ بِصَلَاتِهِ، فَأصْبح النَّاس يتحدثون بذلك، فَاجْتمع أَكثر مِنْهُم، فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي اللَّيْلَة الثَّانِيَة فصلوا بِصَلَاتِهِ، فَأصْبح النَّاس يذكرُونَ ذَلِك، فَكثر أهل الْمَسْجِد من اللَّيْلَة الثَّالِثَة، فَخرج فصلوا بِصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَة الرَّابِعَة عجز الْمَسْجِد عَن أَهله، فَلم يخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَطَفِقَ رجال مِنْهُم يَقُولُونَ: الصَّلَاة، فَلَا يخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَتَّى خرج لصَلَاة الْفجْر، فَلَمَّا قضى الْفجْر أقبل على النَّاس، ثمَّ تشهد فَقَالَ: " أما بعد، فَإِنِّي لم يخف عَليّ شَأْنكُمْ اللَّيْلَة، وَلَكِن خشيت أَن تفرض عَلَيْكُم صَلَاة اللَّيْل فتعجزوا عَنْهَا " كَذَا فِي حَدِيث يُونُس.
وَفِي حَدِيث مَالك بِنَحْوِهِ وَمَعْنَاهُ مُخْتَصرا، قَالَ: وَذَلِكَ فِي رَمَضَان. زَاد فِي حَدِيث عقيل:
فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْأَمر على ذَلِك.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي فِي حجرته وجدار الْحُجْرَة قصير، فَرَأى النَّاس شخص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَامَ ناسٌ يصلونَ بِصَلَاتِهِ، فَأَصْبحُوا فتحدثوا، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(4/66)
الثَّانِيَة يُصَلِّي، فَقَامَ نَاس يصلونَ بِصَلَاتِهِ، فصنعوا ذَلِك لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، حَتَّى إِذا كَانَ بعد ذَلِك جلس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يخرج، فَلَمَّا أصبح ذكر ذَلِك لَهُ النَّاس، فَقَالَ: " إِنِّي خفت أَن تكْتب عَلَيْكُم صَلَاة اللَّيْل ".
وَقد أَخْرجَاهُ من حَدِيث سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حصيرٌ، وَكَانَ يحجره بِاللَّيْلِ فَيصَلي فِيهِ، ويبسطه بِالنَّهَارِ فيجلس عَلَيْهِ، فَجعل النَّاس يثوبون إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصلونَ بِصَلَاتِهِ حَتَّى كَثُرُوا، فَأقبل فَقَالَ: " يَا أَيهَا النَّاس، خُذُوا من الْأَعْمَال مَا تطيقون، فَإِن الله لَا يمل حَتَّى تملوا، وَإِن أحب الْأَعْمَال إِلَى الله مَا دَامَ وَإِن قل ". زَاد فِي رِوَايَة عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ: وَكَانَ آل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عمِلُوا عملا أثبتوه.
وَلَهُمَا طرفٌ مِنْهُ من حَدِيث سعد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ: أَي الْعَمَل أحب إِلَى الله؟ قَالَ: " أَدْوَمه وَإِن قل ". زَاد فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن عرْعرة عَن شُعْبَة: " فاكلفوا من الْأَعْمَال مَا تطيقون ".
وَلَهُمَا أَيْضا من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة بِزِيَادَة عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
سددوا وقاربوا، وَاعْلَمُوا أَنه لن يدْخل أحدكُم عمله الْجنَّة، وَإِن أحب الْأَعْمَال إِلَى الله أدومها وَإِن قل "
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن الزبْرِقَان عَن مُوسَى بن عقبَة:
سددوا وقاربوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لن يدْخل أحدا الْجنَّة عمله ". قَالُوا: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " وَلَا أَنا، إِلَّا أَن يتغمدني الله مِنْهُ بمغفرةٍ وَرَحْمَة ". قَالَ البُخَارِيّ وَقَالَ مُجَاهِد: سديداً: صدقا.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث مَسْرُوق بن الأجدع قَالَ:
سُئِلت عَائِشَة: أَي الْعَمَل كَانَ(4/67)
أحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَت: الدَّائِم. قَالَ: قلت: فَأَي حينٍ كَانَ يقوم؟ قَالَت: كَانَ يقوم إِذا سمع الصَّارِخ.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
كَانَ أحب الْعَمَل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي يَدُوم عَلَيْهِ صَاحبه.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث سعد بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله: " أحب الْأَعْمَال إِلَى الله أدومها وَإِن قل ".
وَكَانَت عَائِشَة إِذا عملت الْعَمَل لَزِمته.
وَلَيْسَ لسعد بن سعيد عَن الْقَاسِم فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
3179 - السَّادِس الثَّلَاثُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: إِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَدع الْعَمَل وَهُوَ يحب أَن يعْمل بِهِ خشيَة أَن يعْمل بِهِ النَّاس فيفرض عَلَيْهِم. وَمَا سبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبْحَة الضُّحَى قطّ، وَإِنِّي لأسبحها.
وَفِي حَدِيث يحيى بن يحيى عَن مَالك:
مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي سبْحَة الضُّحَى قطّ، وَإِنِّي لأسبحها.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الله بن شَقِيق قَالَ: قلت لعَائِشَة:
أَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَت: لَا، إِلَّا أَن يَجِيء من مغيبة.
وَمن حَدِيث معَاذَة العدوية عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي(4/68)
الضُّحَى أَرْبعا، وَيزِيد مَا شَاءَ الله.
وَفِي رِوَايَة عبد الْوَارِث:
سَأَلت عَائِشَة كم كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَت: أَربع رَكْعَات، وَيزِيد مَا شَاءَ.
3180 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ وَهِشَام بن عُرْوَة، عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كسفت الشَّمْس على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فصلى بِالنَّاسِ فَأطَال الْقِرَاءَة، ثمَّ ركع فَأطَال الرُّكُوع، ثمَّ رفع رَأسه فَأطَال الْقِرَاءَة، وَهِي دون قِرَاءَته الأولى، ثمَّ ركع فَأطَال الرُّكُوع، وَهُوَ دون رُكُوعه الأول، ثمَّ رفع رَأسه، فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ، ثمَّ قَامَ فَصنعَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة مثل ذَلِك، ثمَّ قَامَ فَقَالَ: " إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان لَا ينكسفان لمَوْت أحدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، ولكنهما آيتان من آيَات الله يريهما عباده، فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فافزعوا إِلَى الصَّلَاة ".
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن عقيل عَن الزُّهْرِيّ وَحده نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ:
فَسلم وَقد تجلت الشَّمْس، فَخَطب النَّاس. ثمَّ ذكر الحَدِيث.
وَقَالَ فِي حَدِيث عَنْبَسَة عَن يُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة:
خسفت الشَّمْس فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج إِلَى الْمَسْجِد، فَصف النَّاس وَرَاءه فَكبر ... فَذكر نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ: ثمَّ قَالَ: " سمع الله لمن حَمده. رَبنَا وَلَك الْحَمد " ثمَّ سجد.
وَفِيه: وانجلت الشَّمْس قبل أَن ينْصَرف.
ثمَّ وصل بِهِ حَدِيثا عَن كثير بن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبع سَجدَات. ثمَّ قَالَ الزُّهْرِيّ: فَقلت لعروة: إِن أَخَاك يَوْم كسفت الشَّمْس بِالْمَدِينَةِ لم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ مثل الصُّبْح. قَالَ: أجل، لِأَنَّهُ أَخطَأ السّنة ".(4/69)
وَفِي حَدِيث الْوَلِيد عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن نمر:
أَن عَلَيْهِ السَّلَام فِي صَلَاة الخسوف جهر بقرَاءَته، فَإِذا فرغ من قِرَاءَته كبر فَرَكَعَ، وَإِذا رفع من الرَّكْعَة قَالَ:
سمع الله لمن حَمده. رَبنَا وَلَك الْحَمد " ثمَّ يعاود الْقِرَاءَة فِي صَلَاة الْكُسُوف، أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبع سَجدَات. قَالَ: وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
خسفت الشَّمْس على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَبعث منادياً: " الصَّلَاة جَامِعَة " فَقَامَ فصلى أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبع سَجدَات.
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه سُلَيْمَان بن كثير، وسُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ فِي الْجَهْر.
وَفِي حَدِيث أبي الطَّاهِر وحرملة وَمُحَمّد بن سَلمَة الْمرَادِي عَن ابْن وهب عَن يُونُس نَحْو مَا تقدم فِي أَوله، وَفِيه: ثمَّ قَالَ:
سمع الله لمن حَمده. رَبنَا وَلَك الْحَمد " فاقترأ قِرَاءَة طَوِيلَة هِيَ أدنى من الْقِرَاءَة الأولى، ثمَّ كبر فَرَكَعَ رُكُوعًا طَويلا هُوَ أدنى من الرُّكُوع الأول، ثمَّ قَالَ: " سمع الله لمن حَمده، رَبنَا وَلَك الْحَمد " ثمَّ سجد. وَلم يذكر أَبُو الطَّاهِر: ثمَّ سجد ثمَّ فعل فِي الرَّكْعَة الْأُخْرَى مثل ذَلِك حَتَّى اسْتكْمل أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات. ثمَّ ذكره إِلَى قَوْله: " ... فافزعوا إِلَى الصَّلَاة ". قَالَ: وَقَالَ أَيْضا: " فصلوا حَتَّى يفرج عَنْكُم ".
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
رَأَيْت فِي مقَامي هَذَا كل شَيْء وعدتم، حَتَّى لقد رَأَيْتنِي أُرِيد أَن آخذ قطفاً من الْجنَّة حِين رَأَيْتُمُونِي جعلت أقدم. وَقَالَ الْمرَادِي: أتقدم - وَلَقَد رَأَيْت جَهَنَّم يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، حِين رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرت. وَرَأَيْت فِيهَا ابْن لحي - وَهُوَ الَّذِي سيب السوائب " وانْتهى حَدِيث أبي الطَّاهِر عِنْد قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " فافزعوا إِلَى الصَّلَاة " وَلم يذكر مَا بعده.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة وَحده عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
خسفت(4/70)
الشَّمْس فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَامَ ... ثمَّ ذكر الْأَرْبَع رَكْعَات، وإطالته فِيهَا، وَأَن الْقيام وَالرُّكُوع فِي كل مِنْهَا دون مَا قبله. وَفِيه: ثمَّ انْصَرف وَقد انجلت الشَّمْس، فَخَطب النَّاس، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله، لَا يخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فَادعوا الله وَكَبرُوا وتصدقوا وصلوا " ثمَّ قَالَ: " يَا أمة مُحَمَّد، وَالله مَا من أحدٍ أغير من الله يَزْنِي عَبده أَو تَزني أمته. يَا أمة مُحَمَّد، وَالله لَو تعلمُونَ مَا أعلم، لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا ".
زَاد فِي آخر حَدِيث عبد الله بن نمير عَن هِشَام:
أَلا هَل بلغت ".
وَقَالَ فِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام بن عُرْوَة:
ثمَّ رفع يَدَيْهِ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ هَل بلغت؟ ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة:
أَن يَهُودِيَّة جَاءَت تسألها، فَقَالَت لَهَا: أَعَاذَك الله من عَذَاب الْقَبْر. فَسَأَلت عَائِشَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أيعذب النَّاس فِي قُبُورهم؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " عائذاٍ بِاللَّه من ذَلِك ". ثمَّ ركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات غَدَاة مركبا، فخسفت الشَّمْس، فَرجع ضحى، فَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين ظهراني الْحجر، ثمَّ قَامَ يُصَلِّي، وَقَامَ النَّاس وَرَاءه. ثمَّ ذكر نَحْو مَا تقدم فِي عدد الرُّكُوع، وَطول الْقيام، وَأَن مَا بعد كل من ذَلِك دون مَا قبله. وَقَالَ فِي آخِره: ثمَّ انْصَرف، فَقَالَ مَا شَاءَ الله أَن يَقُول، ثمَّ أَمرهم أَن يتعوذوا من عَذَاب الْقَبْر.
وَفِي حَدِيث القعْنبِي عَن سُلَيْمَان بن بِلَال نَحوه، وَفِي آخِره: قَالَ:
إِنِّي قد رأيتكم تفتنون فِي الْقُبُور كفتنة الدَّجَّال ". قَالَت عمْرَة: فَسمِعت عَائِشَة تَقول: فَكنت أسمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك يتَعَوَّذ من عَذَاب النَّار وَعَذَاب الْقَبْر.(4/71)
وَأخرجه مُسلم بِخِلَاف ذَلِك فِي عدد الرَّكْعَات من حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي عَاصِم عبيد بن عُمَيْر عَن عَائِشَة:
أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى سِتّ رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات.
وَفِي رِوَايَة ابْن جريج عَن عَطاء:
أَن الشَّمْس انكسفت على عهد رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، فَقَامَ قيَاما شَدِيدا، يقوم قَائِما ثمَّ يرْكَع، ثمَّ يقوم ثمَّ يرْكَع، ثمَّ يقوم ثمَّ يرْكَع، رَكْعَتَيْنِ فِي ثَلَاث رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات، فَانْصَرف وَقد تجلت الشَّمْس. وَكَانَ إِذا ركع قَالَ: " الله أكبر " ثمَّ يرْكَع، وَإِذا رفع رَأسه قَالَ: " سمع الله لمن حَمده " فَقَامَ، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا ينكسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ، ولكنهما من آيَات الله يخوف بهما، فَإِذا رَأَيْتُمْ كسوفاً فاذكروا الله حَتَّى ينجليا ".
3181 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كن نسَاء الْمُؤْمِنَات يشهدن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْفجْر متلفعات بمروطهن، ثمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتهنَّ حِين يقضين الصَّلَاة، لَا يعرفهن أحدٌ من الْغَلَس.
وَفِي رِوَايَة حَرْمَلَة بن يحيى عَن ابْن وهب:
ثمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتهنَّ وَمَا يعرفن من تغليس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّلَاةِ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة بِنَحْوِهِ.
وللبخاري من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي بالصبح بِغَلَس، فينصرفن نسَاء الْمُؤمنِينَ لَا يعرفن من الْغَلَس، وَلَا يعرف بَعضهنَّ بَعْضًا.(4/72)
3182 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الْعَصْر وَالشَّمْس فِي حُجْرَتهَا، لم يظْهر الْفَيْء من حُجْرَتهَا. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ أَبُو أُسَامَة عَن هِشَام: من قَعْر حُجْرَتهَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الْعَصْر وَالشَّمْس لم تخرج من حُجْرَتهَا.
وَفِي رِوَايَة وَكِيع عَن هِشَام:
كَانَ يُصَلِّي الْعَصْر وَالشَّمْس واقعةٌ فِي حُجْرَتي.
3183 - الْأَرْبَعُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي خميصةٍ لَهَا أعلامٌ، فَنظر إِلَى أعلامها نظرةً، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: " اذْهَبُوا بخميصتي هَذِه إِلَى أبي جهم، وائتوني بأنبجانية أبي جَهَنَّم، فَإِنَّهَا ألهتني آنِفا عَن صَلَاتي ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت لَهُ خميصةٌ لَهَا علمٌ، فَكَانَ يتشاغل بهَا فِي الصَّلَاة، فَأَعْطَاهَا أَبَا جهم، وَأخذ كسَاء لَهُ أنبجانياً.
وَجعله أَبُو مَسْعُود من أَفْرَاد مُسلم. وَقد أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا فِي أَوَائِل كتاب " الصَّلَاة " فِي بَاب:
إِذا صلى فِي ثوب لَهُ أَعْلَام وَنظر إِلَى علمه " فِي عقب حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، قَالَ: وَقَالَ هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كنت أنظر إِلَى علمهَا وَأَنا فِي الصَّلَاة، فَأَخَاف أَن يفتنني ".(4/73)
3184 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا حدثته أَنَّهَا قَالَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل أَتَى عَلَيْك يومٌ كَانَ أَشد من يَوْم أحد؟ قَالَ: " لقد لقِيت من قَوْمك، وَكَانَ أَشد مَا لَقيته مِنْهُم يَوْم الْعقبَة، إِذْ عرضت نَفسِي على ابْن عبد يَا ليل بن عبد كلال، فَلم يجبني إِلَى مَا أردْت، فَانْطَلَقت - وَأَنا مهمومٌ - على وَجْهي، فَلم أستفق إِلَّا وَأَنا بقرن الثعالب، فَرفعت رَأْسِي فَإِذا بسحابة قد أظلتني، فَنَظَرت فَإِذا فِيهَا جِبْرِيل، فناداني فَقَالَ: إِن الله قد سمع قَول قَوْمك لَك، وَمَا ردوا عَلَيْك، وَقد بعث إِلَيْك ملك الْجبَال لتأمره بِمَا شِئْت فيهم، فناداني ملك الْجبَال، فَسلم عَليّ ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد، إِن الله سمع قَول قَوْمك لَك، وَأَنا ملك الْجبَال، وَقد بَعَثَنِي رَبك إِلَيْك لتأمرني بِأَمْرك، فَمَا شِئْت؟ إِن شِئْت أطبقت عَلَيْهِم الأخشبين ". فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بل أَرْجُو أَن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وَحده لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا ". 3185 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. " مَا من مصيبةٍ تصيب الْمُسلم إِلَّا كفر الله بهَا عَنهُ، حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يُصِيب الْمُؤمن شوكةٌ فَمَا فَوْقهَا إِلَّا نقص الله بهَا من خطيئته ".
وَمن حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا يُصِيب الْمُؤمن شوكةٌ فَمَا فَوْقهَا إِلَّا رَفعه الله بهَا دَرَجَة، أَو حط عَنهُ بهَا خَطِيئَة ".
وَمن حَدِيث يزِيد بن خصيفَة عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(4/74)
قَالَ:
لَا يُصِيب الْمُؤمن من مصيبةٍ حَتَّى الشَّوْكَة إِلَّا قصّ بهَا - أَو كفر - بهَا من خطاياه " لَا يدْرِي يزِيد أَيَّتهمَا قَالَ عُرْوَة.
وَلَيْسَ ليزِيد بن خصيفَة عَن عُرْوَة فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن من رِوَايَة أبي بكر بن مُحَمَّد ابْن عَمْرو بن حزم عَنْهَا عَن عَائِشَة قَالَت:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " مَا من شَيْء يُصِيب الْمُؤمن حَتَّى الشَّوْكَة تصيبه، إِلَّا كتب الله لَهُ بهَا حَسَنَة، أَو حطت عَنهُ بهَا خطيئةٌ ".
3186 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أردن أَن يبْعَثْنَ عُثْمَان إِلَى أبي بكر يسألنه ميراثهن.
فَقَالَت عَائِشَة: أَلَيْسَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا نورث، مَا تركنَا صدقةٌ ".
3187 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: مَا خير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أَمريْن قطّ إِلَّا أَخذ أيسرهما مَا لم يكن إِثْمًا، فَإِن كَانَ إِثْمًا كَانَ أبعد النَّاس مِنْهُ.
وَمَا انتقم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنَفسِهِ من شيءٍ قطّ إِلَّا أَن تنتهك حُرْمَة الله، فينتقم لله بهَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة بِنَحْوِهِ.
3188 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَنَّهَا كَانَت تَأمر(4/75)
بالتلبين للْمَرِيض وللمحزون على الْهَالِك، وَكَانَت تَقول: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن التَّلْبِيَة تجم فؤاد الْمَرِيض، وَتذهب بِبَعْض الْحزن ".
وَأخرجه البُخَارِيّ مَوْقُوفا من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا كَانَت تَأمر بِالتَّلْبِيَةِ، وَتقول: هُوَ البغيض النافع.
3189 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاة: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر، وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال، وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات. اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من المآثم والمغرم ". قَالَت: فَقَالَ لَهُ قَائِل: مَا أَكثر مَا تستعيذ من المغرم يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ:
إِن الرجل إِذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف ". لفظ حَدِيث مُسلم.
وَلمُسلم من حَدِيث يُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْدِي امْرَأَة من الْيَهُود وَهِي تَقول: هَل شعرب أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور؟ قَالَت: فارتاع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: " إِنَّمَا تفتن يهود " فلبثنا ليَالِي، ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَل شَعرت أَنه أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور ". قَالَت عَائِشَة: فَسمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك يستعيذ من عَذَاب الْقَبْر.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت:
دخلت عجوزان من عجز يهود الْمَدِينَة فَقَالَتَا: إِن أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ فِي قُبُورهم. قَالَت: فكذبتهما، وَلم أنعم. أَن أصدقهما. فخرجتا، فَدخل رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت لَهُ: يَا رَسُول الله إِن عجوزين من عجز يهود الْمَدِينَة دخلتا عَليّ، فزعمتا أَن أهل الْقُبُور يُعَذبُونَ فِي(4/76)
قُبُورهم. قَالَ: " صدقتا، إِنَّهُم يُعَذبُونَ عذَابا تسمعه الْبَهَائِم كلهَا " ثمَّ قَالَت: فَمَا رَأَيْته بعد فِي صَلَاة إِلَّا يتَعَوَّذ من عَذَاب الْقَبْر ".
وَفِي حَدِيث أَشْعَث بن أبي الشعْثَاء نَحوه، وَفِيه:
قَالَت: وَمَا صلى صَلَاة بعد ذَلِك إِلَّا سمعته يتَعَوَّذ من عَذَاب الْقَبْر.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة:
أَن يَهُودِيَّة دخلت عَليّ فَذكرت عَذَاب الْقَبْر، وَقَالَت لَهَا أَعَاذَك الله من عَذَاب الْقَبْر، فَسَأَلت عَائِشَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عَذَاب الْقَبْر، فَقَالَ: " نعم، عَذَاب الْقَبْر "، زَاد غنْدر: " عَذَاب الْقَبْر حقٌّ " قَالَت عَائِشَة: فَمَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد صلى صَلَاة إِلَّا تعوذ من عَذَاب الْقَبْر.
وَمن حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول:
اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الكسل والهرم، والمغرم، وَمن فتْنَة الْقَبْر وَعَذَاب الْقَبْر، وَمن فتْنَة النَّار وَعَذَاب النَّار، وَمن شَرّ فتْنَة الْغنى، وَمن شَرّ فتْنَة الْفقر، وَأَعُوذ بك من شَرّ الْمَسِيح الدَّجَّال. اللَّهُمَّ اغسل عني خطاياي بِمَاء الثَّلج وَالْبرد، ونق قلبِي من الْخَطَايَا كَمَا نقيت الثَّوْب الْأَبْيَض، وباعد بيني وَبَين خطاياي كَمَا باعدت بَين الْمشرق وَالْمغْرب ".
وَقد أخرجَا جَمِيعًا الِاسْتِعَاذَة من الدَّجَّال مُفردا، من حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستعيذ فِي صلَاته من فتْنَة الدَّجَّال. لم يزدْ.
3190 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ(4/77)
عَاشُورَاء يصام قبل رَمَضَان، فَلَمَّا نزل رَمَضَان قَالَ:
من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر ".
وَفِي حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن عَائِشَة قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بصيام يَوْم عَاشُورَاء، فَلَمَّا فرض رَمَضَان كَانَ من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاء قبل أَن يفْرض رَمَضَان، وَكَانَ يَوْمًا تستر فِيهِ الْكَعْبَة.
قَالَ: فَلَمَّا فرض رَمَضَان قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من شَاءَ أَن يَصُومهُ فليصمه، وَمن شَاءَ أَن يتْركهُ تَركه ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ يَوْم عَاشُورَاء تصومه قريشٌ فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصُومهُ فِي الْجَاهِلِيَّة، فَمَا قدم الْمَدِينَة صَامَهُ وَأمر بصيامه، فَلَمَّا فرض رَمَضَان ترك عَاشُورَاء. فَمن شَاءَ صَامَهُ وَمن شَاءَ تَركه.
وَفِي رِوَايَة جرير عَن هِشَام:
فَلَمَّا فرض رَمَضَان قَالَ: " من شَاءَ صَامَهُ وَمن شَاءَ تَركه ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عرَاك بن مَالك الْغِفَارِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن قُريْشًا كَانَت تَصُوم عَاشُورَاء فِي الْجَاهِلِيَّة، ثمَّ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصيامه حَتَّى فرض رَمَضَان، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من شَاءَ فليصمه، وَمن شَاءَ فليفطره ".(4/78)
3191 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كن يخْرجن اللَّيْل قبل المناصع - وَهُوَ صعيدٌ أفيح، فَكَانَ عمر يَقُول للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: احجب نِسَاءَك. فَلم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل. فَخرجت سَوْدَة بنت زَمعَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة من اللَّيَالِي عشَاء، وَكَانَت امْرَأَة طَوِيلَة، فناداها عمر: أَلا قد عرفناك يَا سَوْدَة. حرصاً على أَن ينزل الْحجاب، فَأنْزل الله عز وَجل الْحجاب.
وَفِي حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن الزُّهْرِيّ نَحوه، وَفِيه:
وَكَانَ أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْرجن لَيْلًا إِلَى ليلٍ قبل المناصع، فَخرجت سَوْدَة، فرآها عمر وَهُوَ فِي الْمجْلس فَقَالَ: عرفتك يَا سَوْدَة ... ثمَّ ذكره.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
خرجت سَوْدَة بعد مَا ضرب الْحجاب لحاجتها، وَكَانَت امْرَأَة جسيمةً تفرع النِّسَاء جسماً، لَا تخفى على من يعرفهَا، فرآها عمر بن الْخطاب فَقَالَ: يَا سَوْدَة، أما وَالله مَا تخفين علينا، فانظري كَيفَ تخرجين. قَالَ: فَانْكَفَأت رَاجِعَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيْتِي، وَإنَّهُ ليتعشى وَفِي يَده عرقٌ، فَدخلت فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي خرجت فَقَالَ لي عمر كَذَا وَكَذَا. قَالَت: فَأوحى الله إِلَيْهِ، ثمَّ رفع عَنهُ، وَإِن الْعرق فِي يَده مَا وَضعه فَقَالَ: " إِنَّه قد أذن لَكِن أَن تخرجن لحاجتكن " أَخْرجَاهُ جَمِيعًا فِي " الاسْتِئْذَان " من حَدِيث أبي أُسَامَة وَعلي بن مسْهر عَن هِشَام وَاخْتَصَرَهُ البُخَارِيّ فِي " الطَّهَارَة " من حَدِيث أبي أُسَامَة: أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " أذن أَن تخرجن فِي حاجتكن ". قَالَ هِشَام: يَعْنِي البرَاز.(4/79)
3192 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان حَتَّى توفاه الله، ثمَّ اعْتكف أَزوَاجه بعده.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان.
وَفِي حَدِيث عَبدة بن هِشَام:
يجاور الْعشْر الْأَوَاخِر فِي رَمَضَان،، وَيَقُول: " تحروا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان ".
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الله بن نمير عَن هِشَام: " التمسوا ... ". وَقَالَ وَكِيع عَنهُ: " تحروا. . " فرقهما مُسلم: حَدِيث الِاعْتِكَاف، وَحَدِيث التَّحَرِّي.
وللبخاري من حَدِيث مَالك بن أبي عَامر عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
تحروا لَيْلَة الْقدر فِي الْوتر من الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان ".
وَلَيْسَ لمَالِك بن أبي عَامر عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف فِي كل رَمَضَان، فَإِذا صلى الْغَدَاة جَاءَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتكف فِيهِ، قَالَ: فاستأذنته عَائِشَة أَن تعتكف فَأذن لَهَا، فَضربت فِيهِ قبَّة، فَسمِعت بهَا(4/80)
حَفْصَة، فَضربت قبَّة، وَسمعت زَيْنَب بهَا، فَضربت قبَّة أُخْرَى. فَلَمَّا انْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْغَدَاة أبْصر أَربع قبات، فَقَالَ: " مَا هَذَا؟ " فَأخْبر خبرهن، فَقَالَ: " مَا حَملهنَّ على هَذَا الْبر. انزعوها فَلَا أَرَاهَا. فنزعت، فَلم يعْتَكف فِي رَمَضَان حَتَّى اعْتكف فِي آخر الْعشْر من شَوَّال.
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ أَن يعْتَكف صلى الْفجْر ثمَّ دخل مُعْتَكفه ... ثمَّ ذكر نَحوه إِلَى أَن قَالَ: فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفجْر نظر، فَإِذا الأخبية، فَقَالَ: " آلبر تردن؟ " فَأمر بخبائه فقوض، وَترك الِاعْتِكَاف فِي شهر رَمَضَان، حَتَّى اعْتكف فِي الْعشْر الأول من شَوَّال.
3193 - الْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ. قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب مثله.
3194 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير فِي رجال من أهل الْعلم، أَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَهُوَ صَحِيح: " إِنَّه لن يقبض نبيٌّ حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة، ثمَّ يُخَيّر ". قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا نزل بِهِ وَرَأسه على فَخذي غشي عَلَيْهِ، ثمَّ أَفَاق فأشخص بَصَره إِلَى السّقف، ثمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ، الرفيق الْأَعْلَى " قلت: إِذن لَا يختارنا. قَالَت: وَعرفت أَنه الحَدِيث الَّذِي كَانَ يحدثنا بِهِ وَهُوَ صَحِيح فِي قَوْله: " إِنَّه لن يقبض نبيٌّ قطّ حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة ثمَّ يُخَيّر " قَالَت عَائِشَة: فَكَانَت تِلْكَ آخر كلمة تكلم بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ، الرفيق الْأَعْلَى ".(4/81)
وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَحده عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ صحيحٌ يَقُول: " إِنَّه لن يقبض نبيٌّ قطّ حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة، ثمَّ يحيا أَو يُخَيّر ". فَلَمَّا اشْتَكَى وحضره الْقَبْض وَرَأسه على فَخذ عَائِشَة غشي عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق شخص بَصَره نَحْو سقف الْبَيْت، ثمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ، فِي الرفيق الْأَعْلَى " فَقلت: إِذن لَا يختارنا، فَعرفت أَنه حَدِيثه الَّذِي كَانَ يحدثنا وَهُوَ صَحِيح.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سعد بن إِبْرَاهِيم عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قلت:
كنت أسمع أَنه لَا يَمُوت نبيٌّ حَتَّى يُخَيّر بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، فَسمِعت النَّبِي فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ - وأخذته بحةٌ - يَقُول: {مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم} [النِّسَاء] قَالَت: فَظَنَنْت أَنه خير حينئذٍ.
وَمن حَدِيث مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن شُعْبَة عَن سعد قَالَت:
لما مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ، جعل بقوله: " فِي الرفيق ".
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه بِالْإِسْنَادِ:
أَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " مَا من نبيٍّ يمرض إِلَّا خير بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة " وَكَانَ فِي شكواه الَّذِي قبض فِيهِ أَخَذته بحةٌ شَدِيدَة، فَسَمعته يَقُول {مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} فَعلمت أَنه خير.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عباد بن عبد الله بن الزبير عَن عَائِشَة أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأصغت إِلَيْهِ قبل أَن يَمُوت وَهُوَ مستندٌ إِلَيْهَا يَقُول:
اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الْأَعْلَى ".(4/82)
وَأخرج البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث الزبيدِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم قَالَ: أَخْبرنِي أبي عَن عَائِشَة قَالَت:
شخص بصر النَّبِي ثمَّ قَالَ: " فِي الرفيق الْأَعْلَى " حَكَاهُ أَبُو مَسْعُود.
3195 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَنَّهَا كَانَت ترجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي حَائِض، وَهُوَ معتكفٌ فِي الْمَسْجِد، وَهِي فِي حُجْرَتهَا، يناولها رَأسه.
فِي رِوَايَة اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة عَن عَائِشَة بِنَحْوِهِ، وَزَاد:
وَكَانَ لَا يدْخل الْبَيْت إِلَّا لحاجةٍ إِذا كَانَ معتكفاً.
وَفِي رِوَايَة يحيى بن يحيى عَن مَالك بِنَحْوِ حَدِيث اللَّيْث. وَفِيه:
وَكَانَ لَا يدْخل الْبَيْت إِلَّا لحَاجَة الْإِنْسَان.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن رمح عَن اللَّيْث نَحوه، وَزَاد أَن عَائِشَة قَالَت:
إِنِّي كنت لأدخل الْبَيْت للْحَاجة وَالْمَرِيض فِيهِ، فَمَا أسأَل عَنهُ إِلَّا وَأَنا مارة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَت:
كنت أرجل رَأس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا حَائِض لم يزدْ.
قَالَ فِي رِوَايَة أبي خَيْثَمَة زُهَيْر بن مُعَاوِيَة:
كَانَ يدني إِلَيّ رَأسه وَأَنا فِي حُجْرَتي، فأرجل رَأسه وَأَنا حَائِض.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن هِشَام عَن أَبِيه أَنه سُئِلَ:
أتخدمني الْحَائِض، أَو تَدْنُو مني الْمَرْأَة وَهِي جنب؟ فَقَالَ عُرْوَة: كل ذَلِك عَليّ هينٌ، وَلَيْسَ على أحدٍ فِي(4/83)
ذَلِك بأسٌ، أَخْبَرتنِي عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت ترجل رَأس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي حَائِض، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حينئذٍ مجاورٌ فِي الْمَسْجِد، يدني لَهَا رَأسه وَهِي فِي حُجْرَتهَا، فترجله وَهِي حَائِض.
وَفِي حَدِيث يحيى الْقطَّان:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصغي إِلَيّ رَأسه وَهُوَ مجاور فِي الْمَسْجِد، فأرجله وَأَنا حَائِض.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت:
كنت أغسل رَأس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا حَائِض. لم يزدْ. كَذَا فِي رِوَايَة مُسلم من حَدِيث زَائِدَة عَن مَنْصُور.
وَفِي حَدِيث قبيصَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ:
وَكَانَ يخرج رَأسه إِلَيّ وَهُوَ معتكفٌ، فأغسله وَأَنا حَائِض. وَزَاد فِي أول حَدِيثه:
كنت أَغْتَسِل وَأَنا وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي إناءٍ وَاحِد، كِلَانَا جنبٌ، وَكَانَ يَأْمُرنِي فأتزر فيباشرني وَأَنا حَائِض.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن نَوْفَل عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخرج إِلَيّ رَأسه فِي الْمَسْجِد وَهُوَ مجاورٌ فأغسله وَأَنا حَائِض.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اعْتكف يدني إِلَيّ رَأسه فأرجله، وَكَانَ لَا يدْخل الْبَيْت إِلَّا لحَاجَة الْإِنْسَان. كَذَا وَقع فِي الْمُوَطَّأ.
وَلَيْسَ لعروة عَن عمْرَة فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا.(4/84)
3196 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للوزغ: الفويسق، قَالَت: وَلم أسمعهُ أَمر بقتْله.
قَالَ الْحميدِي: قلت:
وَقد سمع ذَلِك سعد بن أبي وَقاص، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَأم شريك إِحْدَى نسَاء بنى عَامر بن لؤَي، وكل هَؤُلَاءِ قَالَ: عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر بقتلها. وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة ذكر الثَّوَاب فِي ذَلِك. وَذَلِكَ مذكورٌ هُنَالك فِي مسانيدهم.
3197 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه كل لَيْلَة جمع كفيه ثمَّ نفث فيهمَا فَقَرَأَ فيهمَا: {قل هُوَ الله أحد} [الْإِخْلَاص] و {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} [الفلق] و {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} [النَّاس] ثمَّ يمسح بهما مَا اسْتَطَاعَ من جسده، يبْدَأ بهما على رَأسه وَوَجهه، وَمَا أقبل من جسده، يفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات.
وَفِي حَدِيث يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب نَحوه بِمَعْنَاهُ، وَفِيه:
وَمسح بهما وَجهه وَمَا بلغت يَدَاهُ من جسده. قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرنِي أَن أفعل ذَلِك. قَالَ يُونُس: كنت أرى ابْن شهَاب يصنع ذَلِك إِذا أَتَى إِلَى فرَاشه.
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينفث على يَده فِي الْمَرَض الَّذِي مَاتَ فِيهِ بالمعوذات، فَلَمَّا ثقل عَلَيْهِ كنت أنفث عَلَيْهِ بِهن، وأمسح بيد نَفسه لبركتها. قَالَ: فَسَأَلت الزُّهْرِيّ: كَيفَ ينفث؟ قَالَ: كَانَ ينفث على يَدَيْهِ، ثمَّ يمسح بهما وَجهه.(4/85)
وَفِي حَدِيث مَالك:
كَانَ إِذا اشْتَكَى يقْرَأ على نَفسه بالمعوذات وينفث، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعه كنت أَقرَأ عَلَيْهِ وأمسح عَنهُ بِيَدِهِ، وَجَاء بركتها.
3198 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن عتبَة بن أبي وَقاص عهد إِلَى أَخِيه سعد بن أبي وَقاص: أَن ابْن وليدة زَمعَة مني، فاقبضه إِلَيْك. فَلَمَّا كَانَ عَام الْفَتْح أَخذه سعد، فَقَالَ: ابْن أخي، عهد إِلَيّ فِيهِ. فَقَالَ عبد ابْن زَمعَة: أخي، وَابْن وليدة أبي، ولد على فرَاشه. فتساوقا إِلَى النَّبِي، فَقَالَ سعد: يَا رَسُول الله، ابْن أخي، قد كَانَ عهد إِلَيّ فِيهِ، إِنَّه ابْنه، انْظُر إِلَى شبهه.
وَقَالَ عبد بن زَمعَة:
أخي، وَابْن وليدة أبي، ولد على فرَاشه. وَفِي رِوَايَة اللَّيْث: فَنظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى شبهه فَرَأى شبها بَينا بِعتبَة. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هُوَ لَك يَا عبد ابْن زَمعَة. الْوَلَد للْفراش، وللعاهر الْحجر ". ثمَّ قَالَ لسودة بنت زَمعَة: " احتجبي مِنْهُ " لما رأى شبهه بِعتبَة، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِي الله عز وَجل، وَكَانَت سَوْدَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
3199 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة عَن عَائِشَة: أَن أم حَبِيبَة بنت جحش ختنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَحْت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف - استحيضت سبع سِنِين، فاستفتت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن هَذِه
لَيست بالحيضة، وَلَكِن هَذَا عرقٌ، فاغتسلي وَصلي ". قَالَت عَائِشَة: فَكَانَت تَغْتَسِل فِي مركن فِي حجرَة أُخْتهَا زَيْنَب بنت جحش حَتَّى تعلو حمرَة الدَّم المَاء. قَالَ ابْن شهَاب: فَحدثت بذلك أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام فَقَالَ:
يرحم الله هنداً، لَو سَمِعت بِهَذِهِ الْفتيا، وَالله إِن كَانَت لتبكي، لِأَنَّهَا كَانَت لَا تصلي. لفظ حَدِيث مُسلم.(4/86)
وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ مُخْتَصر:
أَن أم حَبِيبَة استحيضت سبع سِنِين، فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمرهَا أَن تَغْتَسِل، وَقَالَ: " هَذَا عرق ". فَكَانَت تَغْتَسِل لكل صَلَاة.
وَلمُسلم فِي حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد عَن ابْن شهَاب عَن عمْرَة عَن عَائِشَة نَحوه إِلَى قَوْله:
حَتَّى تعلو حمرَة الدَّم المَاء، وَلم يذكر مَا بعده.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
استفتت أم حَبِيبَة بنت جحش رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِنِّي أسْتَحَاض. فَقَالَ: " إِنَّمَا ذَلِك عرقٌ، فاغتسلي ثمَّ صلي بِهِ " فَكَانَت تَغْتَسِل عِنْد كل صَلَاة. قَالَ اللَّيْث: وَلم يذكر ابْن شهَاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أم حَبِيبَة بنت جحش أَن تَغْتَسِل عِنْد كل صَلَاة، وَلكنه شَيْء فعلته هِيَ.
ذكر أَبُو مَسْعُود حَدِيث اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ فِي أَفْرَاد مُسلم. وَقد رَوَاهُ البُخَارِيّ بِمَعْنَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعمرَة.
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن أم حَبِيبَة بنت جحش الَّتِي كَانَت تَحت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف شكت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدَّم، فَقَالَ لَهَا: " امكثي قدر مَا كَانَت تحبسك حيضتك، ثمَّ اغْتَسِلِي " فَكَانَت تَغْتَسِل عِنْد كل صَلَاة.
وَفِي حَدِيث يزِيد بن أبي حبيب:
ثمَّ اغْتَسِلِي وَصلي ". وَفِيه: وَقَالَت عَائِشَة: رَأَيْت مركنها ملآن دَمًا ".
وَلَهُمَا من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
قَالَت فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش - وَأَبُو حُبَيْش هُوَ ابْن عبد الْمطلب بن أَسد - لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي امْرَأَة أسْتَحَاض فَلَا أطهر، فأدع الصَّلَاة؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّمَا ذَلِك عرقٌ(4/87)
وَلَيْسَ بالحيضة، فَإِذا أَقبلت الْحَيْضَة فاتركي الصَّلَاة، فَإِذا ذهب قدرهَا فاغسلي عَنْك الدَّم وَصلي " وَفِي حَدِيث سُفْيَان:
فَإِذا أَقبلت الْحَيْضَة فدعي الصَّلَاة، وَإِذا أَدْبَرت فاغتسلي وَصلي ". وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة:
وَلَكِن دعِي الصَّلَاة قدر الْأَيَّام الَّتِي تحيضين فِيهَا، ثمَّ اغْتَسِلِي وَصلي ".
3200 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن يحيي بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ناسٌ عَن الْكُهَّان، فَقَالَ: " لَيْسَ بِشَيْء ".
فَقَالُوا: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِنَّهُم يحدثوننا أَحْيَانًا بِشَيْء فَيكون حَقًا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تِلْكَ الْكَلِمَة من الْحق، يَخْطفهَا الجني فيقرها فِي أذن وليه، فَيَخْلِطُونَ مَعهَا مائَة كذبة ".
وَفِي حَدِيث عَنْبَسَة بن خَالِد عَن يُونُس بن يزِيد نَحوه، وَفِيه: فَقَالَ:
إِنَّهُم لَيْسُوا بشيءٍ " وَفِيه: " تِلْكَ الْكَلِمَة من الْحق يَخْطفهَا الجني فيقرها فِي أذن وليه كقرقرة الدَّجَاجَة ". وَفِي رِوَايَة ابْن جريج: " فيقرها فِي أذن وليه قر الدَّجَاجَة ".
وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن معمر أَن عَائِشَة قَالَت:
يَا رَسُول الله، إِن الْكُهَّان يحدثوننا بالشَّيْء فنجده حَقًا. قَالَ: " تِلْكَ الْكَلِمَة الْحق يَخْطفهَا الجني فيقذفها فِي أذن وليه، وَيزِيد فِيهَا مائَة كذبة ".
وَلَيْسَ ليحيى بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
إِن الْمَلَائِكَة تنزل فِي الْعَنَان - وَهُوَ(4/88)
السَّحَاب - فَتذكر الْأَمر قضي فِي السَّمَاء فتسترق الشَّيَاطِين السّمع، فتسمعه فتوحيه إِلَى الْكُهَّان، فيكذبون مَعهَا مائَة كذبة من عِنْد أنفسهم ".
وَقد أخرجه تَعْلِيقا من حَدِيث أبي الْأسود أَيْضا عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن الْمَلَائِكَة تحدث فِي الْعَنَان - والعنان. الْغَمَام - بِالْأَمر يكون فِي الأَرْض، فتستمع الشَّيَاطِين الْكَلِمَة فتقرها فِي أذن الكاهن كَمَا تقر القارورة، فيزيدون مَعهَا مائَة كذبة ".
3201 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَخِيه عبد الله بن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: جَلَست إِحْدَى عشرَة امْرَأَة، فتعاهدن وتعاقدن إِلَّا يكتمن من أَخْبَار أَزوَاجهنَّ شَيْئا: قَالَت الأولى:
زَوجي لحم جملٍ غثٌّ على رَأس جبل، لَا سهلٍ فيرتقى، وَلَا سمين فَينْتَقل. وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ: فينتقى.
قَالَ الثَّانِيَة:
زَوجي لَا أبث خَبره، إِنِّي أَخَاف أَلا أذره، إِن أذكرهُ أذكر عُجَره وبجره ".
قَالَت الثَّالِثَة:
زَوجي العشنق، إِن أنطق أطلق، وَإِن أسكت أعلق.(4/89)
قَالَت الرَّابِعَة:
زَوجي كليل تهَامَة، لَا حرٌّ وَلَا قرٌّ، وَلَا مَخَافَة وَلَا سآمة.
قَالَت الْخَامِسَة:
زَوجي إِن دخل فَهد، وَإِن خرج أَسد، وَلَا يسْأَل عَمَّا عهد.
قَالَت السَّادِسَة: زَوجي أَن أكل لف، وَإِن شرب اشتف، وَإِن اضْطجع التف، وَلَا يولج الْكَفّ ليعلم البث ".
قَالَت السَّابِعَة:
زَوجي غياياء - أَو عياياء - طباقاء - الرَّاوِي شكّ - كل داءٍ لَهُ دَاء، شجك أَو فلك، أَو جمع كلا لَك.
قَالَت الثَّامِنَة:
زَوجي الرّيح ريح زرنب، والمس مس أرنب.
قَالَت التَّاسِعَة:
زَوجي رفيع الْعِمَاد، طَوِيل النجاد، عَظِيم الرماد، قريب الْبَيْت من الناد.
قَالَت الْعَاشِرَة:
زَوجي مَالك، وَمَا مَالك؟ مالكٌ خيرٌ من ذَلِك، لَهُ إبلٌ كثيرات الْمُبَارك، قليلات المسارح، وَإِذا سَمِعت صَوت المزهر أَيقَن أَنَّهُنَّ هوالك.
قَالَ الْحَادِيَة عشرَة:
زَوجي أَبُو زرع، فَمَا أَبُو زرع؟ أنَاس من حلي أُذُنِي، وملأ من شَحم عضدي، وبجحني فبجحت إِلَى نَفسِي. وجدني فِي أهل غنيمةٍ(4/90)
بشق، فجعلني فِي أهل صَهِيل وأطيط، ودائسٍ ومنق، فَعنده أَقُول فَلَا أقبح، وأرقد فأتصبح، وأشرب فأتقنح - وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ: فأتقمح.
أم أبي زرع، فَمَا أم أبي زرع، عكومها رداح. وبيتها فساح.
ابْن أبي زرع، فَمَا ابْن أبي زرع، مضجعه كمسل شطبةٍ، ويشبعه ذِرَاع الجفرة.
بنت أبي زرع، وَمَا بنت أبي زرع، طوع أَبِيهَا وطوع أمهَا، وملء كسائها، وغيظ جارتها.
جَارِيَة أبي زرع، وَمَا جَارِيَة أبي زرع، لَا تبث حديثنا تبثيثاً، وَلَا تنقث ميرتنا تنقيثاً، وَلَا تملأ بيتنا تعشيشاً.
قَالَت:
خرج أَبُو زرع والأوطاب تمخض، فلقي امْرَأَة مَعهَا ولدان لَهَا كالفهدين، يلعبان من تَحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، وفنكحت بعده رجلا سرياً، ركب شرياً، وَأخذ خطياً، وأراح عَليّ نعما ثريا، وَأَعْطَانِي من كل رائحةٍ زوجا، وَقَالَ: كلي أم زرع، وميري أهلك. فَلَو جمعت كل شَيْء أَعْطَانِي مَا بلغ أَصْغَر آنِية أبي زرع.
قَالَت عَائِشَة:
قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كنت لَك كَأبي زرعٍ لأم زرع ".(4/91)
وَفِي رِوَايَة سعيد بن سَلمَة بن أبي الحسام عَن هِشَام بن عُرْوَة نَحوه، غير أَنه قَالَ::
عياياء طباقاء، وَلم يشك. وَقَالَ: وصفر ردائها، وَخير نسائها، وعقر جارتها. وَقَالَ: وَأَعْطَانِي من كل ذابحة زوجا.
قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي:
سعيد بن سَلمَة هَذَا لَا أعلم لَهُ فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
3202 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: عَن أبي الْمُنْذر هِشَام بن عُرْوَة بن الزبير عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن الْحَارِث بن هِشَام سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ يَأْتِيك الْوَحْي؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَحْيَانًا يأتيني الْوَحْي فِي مثل صلصلة الجرس، وَهُوَ أشده عَليّ، فَيفْصم. عني وَقد وعيت مَا قَالَ. وَأَحْيَانا يتَمَثَّل لي الْملك رجلا فيكلمني فأعي مَا يَقُول " قَالَت عَائِشَة: وَلَقَد رَأَيْته ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي فِي الْيَوْم الشَّديد الْبرد، فَيفْصم عَنهُ وَإِن جَبينه ليتفصد عرقاً. لفظ حَدِيث البُخَارِيّ، وَهُوَ أتم.
3203 - السِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: أُتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصبيٍّ فَبَال على ثَوْبه، فَدَعَا بِمَاء فَأتبعهُ إِيَّاه.
وَفِي رِوَايَة يحيى الْقطَّان:
أُتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصبي يحنكه، فَبَال عَلَيْهِ فَأتبعهُ المَاء.(4/92)
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن الْمثنى عَن يحيى:
وضع صَبيا فِي حجره فَبَال عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاء فَأتبعهُ.
وَلمُسلم من رِوَايَة عبد الله بن نمير:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُؤْتى بالصبيان، فيبرك عَلَيْهِم ويحنكهم، فَأتي بصبيٍّ فَبَال عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاء فَأتبعهُ بَوْله وَلم يغسلهُ.
3204 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي كَانَ إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة بَدَأَ فَغسل يَدَيْهِ، ثمَّ يتَوَضَّأ كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة، ثمَّ يدْخل أَصَابِعه فِي المَاء فيخلل بهَا أصُول شعره، ثمَّ يصب على رَأسه ثَلَاث غرف بيدَيْهِ، ثمَّ يفِيض المَاء على جلده كُله.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن الْمُبَارك:
ثمَّ يخلل بِيَدِهِ شعره، حَتَّى إِذا ظن أَنه قد أروى بَشرته أَفَاضَ عَلَيْهِ المَاء ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ غسل سَائِر جسده. وَقَالَت: كنت أَغْتَسِل أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من إِنَاء واحدٍ نغرف مِنْهُ جَمِيعًا.
وَلمُسلم فِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة، يبْدَأ فَيغسل يَدَيْهِ، ثمَّ يفرغ بِيَمِينِهِ على شِمَاله فَيغسل فرجه، ثمَّ يتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة، ثمَّ يَأْخُذ المَاء وَيدخل أَصَابِعه فِي أصُول الشّعْر، حَتَّى إِذا رأى أَنه قد اسْتَبْرَأَ حفن على رَأسه ثَلَاث حفنات، ثمَّ أَفَاضَ على سَائِر جسده، ثمَّ غسل رجلَيْهِ.
وَفِي حَدِيث وَكِيع عَن هِشَام:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اغْتسل من الْجَنَابَة، فَبَدَأَ فَغسل كفيه ثَلَاثًا، ثمَّ ذكر نَحْو حَدِيث أبي مُعَاوِيَة. وَلم يذكر غسل الرجلَيْن.(4/93)
وَفِي حَدِيث زَائِدَة:
كَانَ إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة بَدَأَ فَغسل يَدَيْهِ قبل أَن يدْخل يَدَيْهِ فِي الْإِنَاء، ثمَّ تَوَضَّأ مثل وضوئِهِ للصَّلَاة.
3205 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا نعس أحدكُم وَهُوَ يُصَلِّي فليرقد حَتَّى يذهب عَنهُ النّوم، فَإِن أحدكُم إِذا صلى وَهُوَ ناعسٌ لَا يدْرِي لَعَلَّه يذهب فيستغفر، فيسب نَفسه ".
3206 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهَا وَعِنْدهَا امرأةٌ، قَالَ: " من هَذِه؟ " قَالَت: هَذِه فُلَانَة - تذكر من صلَاتهَا - قَالَ: " مَه، عَلَيْكُم بِمَا تطيقون، فوَاللَّه لَا يمل الله حَتَّى تملوا " وَكَانَ أحب الدّين إِلَيْهِ مَا دوَام عَلَيْهِ صَاحبه.
وَفِي حَدِيث مَالك وَأبي أُسَامَة أَنَّهَا امْرَأَة من بني أَسد.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن الحولاء بنت تويت ابْن حبيب بن أَسد بن عبد الْعُزَّى مرت بهَا وَعِنْدهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَت: فَقلت: هَذِه الحولاء بنت تويت - وَزَعَمُوا أَنَّهَا لَا تنام اللَّيْل، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تنام اللَّيْل! خُذُوا من الْعَمَل مَا تطيقون، فوَاللَّه لَا يسأم الله حَتَّى تسأموا ".
3207 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى بصاقاً فِي جِدَار الْقبْلَة - أَو مخاطاً أَو نخامةً - فحكه.
3208 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيته وَهُوَ شاكٍ، فصلى جَالِسا، وَصلى وَرَاءه قوم قيَاما،(4/94)
فَأَشَارَ إِلَيْهِم: أَن اجلسوا، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: " إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِذا ركع فاركعوا، وَإِذا رفع فارفعوا، وَإِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا ".
قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ الْحميدِي:
هَذَا مَنْسُوخ. قَالَ البُخَارِيّ: لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخر مَا صلى قَاعِدا وَالنَّاس خَلفه قيام. والْحميدِي هَذَا هُوَ عبد الله بن الزبير صَاحب سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
3209 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا أخْبرته: أَنَّهَا لم تَرَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي صَلَاة اللَّيْل قَاعِدا قطّ حَتَّى أسن، فَكَانَ يقْرَأ قَاعِدا، حَتَّى إِذا أَرَادَ أَن يرْكَع قَامَ فَقَرَأَ نَحوا من ثَلَاثِينَ أَو أَرْبَعِينَ آيَة، ثمَّ ركع.
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد، قَالَت:
مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي شَيْء من صَلَاة اللَّيْل جَالِسا، حَتَّى إِذا كبر قَرَأَ جَالِسا، حَتَّى إِذا بَقِي عَلَيْهِ من السُّورَة ثَلَاثُونَ أَو أَرْبَعُونَ آيَة قَامَ فقرأهن، ثمَّ ركع.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبد الله بن يزِيد وَسَالم أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي جَالِسا، فَيقْرَأ وَهُوَ جالسٌ، فَإِذا بَقِي من قِرَاءَته نحوٌ من ثَلَاثِينَ أَو أَرْبَعِينَ آيَة قَامَ فقرأها وَهُوَ قَائِم ثمَّ ركع، ثمَّ سجد، فَفعل فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة مثل ذَلِك، فَإِذا قضى صلَاته - فَإِن كنت يقظي تحدث معي، وَإِن كنت نَائِمَة اضْطجع. لفظ حَدِيث عبد الله بن يُوسُف، وَهُوَ أتم. وانْتهى حَدِيث يحيى بن يحيى إِلَى قَوْله: " مثل ذَلِك " وَلم يذكر مَا بعده.
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الله بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
لما بدن رَسُول(4/95)
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَثقل، كَانَ أَكثر صلَاته جَالِسا.
وَمن حَدِيث عُثْمَان بن أبي سُلَيْمَان عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن عَائِشَة أخْبرته:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يمت حَتَّى كَانَ كثيرٌ من صلَاته وَهُوَ جَالس.
وَمن حَدِيث عَلْقَمَة بن وَقاص قَالَ: قلت لعَائِشَة:
كَيفَ كَانَ يصنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس؟ قَالَت: كَانَ يقْرَأ فيهمَا، فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع قَامَ فَرَكَعَ.
وَلَيْسَ لعلقمة بن وَقاص عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَمن حَدِيث عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ قَالَ: قلت لعَائِشَة:
هَل كَانَ النَّبِي يُصَلِّي وَهُوَ قَاعد؟ قَالَت: نعم، بَعْدَمَا حطمه النَّاس.
زَاد أَبُو مَسْعُود فِيمَا حَكَاهُ: وَكَانَ يقرن بَين السورتين من الْمفصل.
وَمن حَدِيث أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ وَهُوَ قَاعد، فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع قَامَ قدر مَا يقْرَأ إنسانٌ أَرْبَعِينَ آيَة.
3210 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} [الْإِسْرَاء] فِي الدُّعَاء.
3211 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: مَا ترك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر عِنْدِي قطّ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت:
صلاتان مَا تَركهمَا(4/96)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيْتِي قطّ سرا وَلَا عَلَانيَة: رَكْعَتَانِ قبل صَلَاة الصُّبْح، وركعتان بعد الْعَصْر.
وَمن حَدِيث أبي إِسْحَق السبيعِي قَالَ:
رَأَيْت الْأسود ومسروقاً شَهدا على عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يأتيني فِي يومي بعد الْعَصْر إِلَّا صلى رَكْعَتَيْنِ.
وَلم يذكر أَبُو مَسْعُود مسروقاً فِي تَرْجَمَة الْأسود، وَلَا فِي تَرْجَمَة مَسْرُوق.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن رفيع قَالَ:
رَأَيْت عبد الله بن الزبير يطوف بعد الْفجْر، وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ. وَرَأَيْت عبد الله بن الزبير يُصَلِّي بعد الْعَصْر، ويخبر أَن عَائِشَة حدثته: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يدْخل بَيتهَا إِلَّا صلاهما.
وَمن حَدِيث أَيمن الْمَكِّيّ أَنه سمع عَائِشَة تَقول:
وَالَّذِي ذهب بِهِ، وَمَا تَركهمَا حَتَّى لَقِي الله، حَتَّى ثقل عَن الصَّلَاة، وَكَانَ يُصَلِّي كثيرا من صلَاته قَاعِدا - تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر. وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّيهمَا وَلَا يُصَلِّيهمَا فِي الْمَسْجِد مَخَافَة أَن يثقل على أمته، وَكَانَ يحب مَا يُخَفف عَنْهُم.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن
أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَن السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّيهمَا بعد الْعَصْر.
فَقَالَت: كَانَ يُصَلِّيهمَا قبل الْعَصْر، ثمَّ إِنَّه شغل عَنْهُمَا أَو نسيهما فصلاهما بعد الْعَصْر، ثمَّ أثبتهما. وَكَانَ إِذا صلى صَلَاة أثبتها، تَعْنِي: دوَام عَلَيْهَا.
وَمن حَدِيث طَاوس بن كيسَان عَن عَائِشَة قَالَت:
لم يدع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر، قَالَ: وَقَالَت عَائِشَة: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَا تتحروا طُلُوع الشَّمْس وَلَا غُرُوبهَا، فتصلوا عِنْد ذَلِك ".(4/97)
وَفِي حَدِيث بهز عَن وهيب أَنَّهَا قَالَت:
وهم عمر، إِ نما نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتحَرَّى طُلُوع الشَّمْس وغروبها.
3212 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا يقْرَأ فِي سُورَة بِاللَّيْلِ، فَقَالَ: " يرحمه الله، لقد أذكرني كَذَا آيَة أنسيتها من سُورَة كَذَا وَكَذَا ".
وَفِي رِوَايَة عِيسَى بن يُونُس:
أسقطتهن من سُورَة كَذَا ".
وَفِي حَدِيث عَبدة وَأبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستمع قِرَاءَة رجل من الْمَسْجِد، فَقَالَ: " رَحمَه الله، لقد أذكرني آيَة كنت أنسيتها ".
3213 - السبعون: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة وَحضر الْعشَاء فابدءوا بالعشاء. " قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ وهيب وَيحيى بن سعيد عَن هِشَام بن عُرْوَة: " إِذا وضع الْعشَاء ".
وَأخرجه مُسلم بِمَعْنَاهُ وَبِزِيَادَة من حَدِيث أبي بكر عبد الله بن أبي عَتيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا صَلَاة بِحَضْرَة طَعَام، وَلَا وَهُوَ يدافعه الأخبثان ".
3214 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: لما اشْتَكَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر بعض نِسَائِهِ كَنِيسَة رأتها بِأَرْض الْحَبَشَة يُقَال لَهَا مَارِيَة، وَكَانَت أم سَلمَة، وَأم حَبِيبَة أتتا أَرض الْحَبَشَة - وذكرتا من حسنها وتصاوير فِيهَا.(4/98)
فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه فَقَالَ:
أُولَئِكَ شرار الْخلق عِنْد الله ".
وَأَخْرَجَا من حَدِيث هِلَال بن أبي حميد الْوزان عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَرضه الَّذِي لم يقم مِنْهُ: " لعن الله الْيَهُود وَالنَّصَارَى، اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد " قَالَت: لَوْلَا ذَلِك أبرز قَبره، غير أَنه خشِي أَن يتَّخذ مَسْجِدا.
وَفِي رِوَايَة عبيد الله بن مُوسَى عَن شَيبَان قَالَت:
وَلَوْلَا ذَلِك لأبرز قَبره، غير أَنِّي أخْشَى أَن يتَّخذ مَسْجِدا.
وَقَالَ أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي رِوَايَته:
لَوْلَا ذَلِك ... لم يذكر: قَالَت.
وَفِي رِوَايَة موسي بن إِسْمَاعِيل عَن أبي عوَانَة:
لَوْلَا ذَلِك أبرز قَبره غير أَنه خشِي أَو خشِي أَن يتَّخذ مَسْجِدا، وَلم يذكر: قَالَت.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة أَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس قَالَا:
لما نزل برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طفق يطْرَح خميصةً لَهُ على وَجهه، فَإِذا اغتم كشفها عَن وَجهه، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِك: " لعنة الله على الْيَهُود وَالنَّصَارَى، اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد " يحذر مثل مَا صَنَعُوا.
3215 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي مَرضه: " مروا أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ ". قَالَت عَائِشَة: قلت: إِن أَبَا بكر إِذا قَامَ مقامك لم يسمع النَّاس من الْبكاء. فَمر عمر فَليصل. فَقَالَ: " مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. " فَقَالَت عَائِشَة: فَقلت لحفصة: قولي لَهُ: إِن أَبَا بكر إِذا قَامَ فِي مقامك لم يسمع النَّاس من الْبكاء، فَمر عمر فَليصل بِالنَّاسِ، فَفعلت حَفْصَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إنكن لأنتن صَوَاحِب يُوسُف، مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ " فَقَالَت حَفْصَة لعَائِشَة: مَا كنت لأصيب مِنْك خيرا ".(4/99)
وَلَهُمَا من حَدِيث ابْن نمير عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي مَرضه، فَكَانَ يُصَلِّي بهم، فَوجدَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَفسه خفَّة فَخرج، فَإِذا أَبُو بكر يؤم النَّاس، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بكر اسْتَأْخَرَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن كَمَا أَنْت، فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حذاء أبي بكر إِلَى جنبه، فَكَانَ أَبُو بكر يُصَلِّي بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة أبي بكر.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث الْأسود بن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ قَالَ:
كُنَّا عِنْد عَائِشَة، فَذَكرنَا الْمُوَاظبَة على الصَّلَاة والتعظيم لَهَا، قَالَت: لما مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَحَضَرت الصَّلَاة، فأوذن، فَقَالَ: " مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ " فَقيل لَهُ: إِن أَبَا بكر رجل أسيف، إِذا قَامَ مقامك لم يسْتَطع أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَأَعَادَ فَأَعَادُوا لَهُ، فَأَعَادَ الثَّالِثَة، فَقَالَ: " إنكن صَوَاحِب يُوسُف، مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. " فَخرج أَبُو بكر يُصَلِّي، فَوجدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَفسه خفَّة، فَخرج يهادى بَين رجلَيْنِ، كَأَنِّي أنظر رجلَيْهِ تخطان الأَرْض من الوجع، فَأَرَادَ أَبُو بكر أَن يتَأَخَّر، فَأَوْمأ إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن مَكَانك. ثمَّ أَتَيَا بِهِ حَتَّى جلس إِلَى جنبه. قيل للأعمش: فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي وَأَبُو بكر يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة أبي بكر؟ قَالَ بِرَأْسِهِ: نعم. لفظ حَدِيث البُخَارِيّ. قَالَ البُخَارِيّ: وَزَاد أَبُو مُعَاوِيَة: جلس عَن يَاسر أبي بكر، وَكَانَ أَبُو بكر قَائِما.
وَقد أخرج البُخَارِيّ حَدِيث أبي مُعَاوِيَة بِالْإِسْنَادِ، وَفِيه:
جَاءَ بِلَال يُؤذنهُ بِالصَّلَاةِ فَقَالَ: " مروا أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ. " قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، إِن أَبَا بكر(4/100)
رجل أسيف، وَأَنه مَتى يقوم مقامك لَا يسمع النَّاس، فَلَو أمرت عمر، فَقَالَ: " مروا أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ " ثمَّ ذكر قَوْلهَا: فَلَو أمرت عمر، فَقَالَ: " مروا أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ " ثمَّ ذكر قَوْلهَا لحفصة، وَقَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إنكن لأنتن صَوَاحِب يُوسُف " وَأَنه عَلَيْهِ السَّلَام وجد خفَّة، فَخرج. ثمَّ ذكره إِلَى قَوْله: حَتَّى جلس عَن يسَار أبي بكر، فَكَانَ أَبُو بكر يُصَلِّي قَائِما، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي قَاعِدا، يَقْتَدِي أَبُو بكر بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالنَّاس بِصَلَاة أبي بكر.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن دَاوُد عَن الْأَعْمَش نَحوه، وَفِيه:
إِن أَبَا بكر رجلٌ أسيف، إِن يقم مقامك يبك فَلَا يقدر على الْقِرَاءَة، وَلم تذكر قَوْلهَا لحفصة. وَفِي آخِره: فَتَأَخر أَبُو بكر، وَقعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جنبه، وَأَبُو بكر يسمع النَّاس التَّكْبِير.
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه محَاضِر عَن الْأَعْمَش.
وَفِي حَدِيث يحيى بن يحيى عَن أبي مُعَاوِيَة نَحوه، وَفِي آخِره قَالَت:
فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسا، وَأَبُو بكر يَقْتَدِي بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ويقتدي النَّاس بِصَلَاة أبي بكر.
وَلَهُمَا من حَدِيث ابْن شهَاب عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة ابْن مَسْعُود أَن عَائِشَة قَالَت:
لقد راجعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك، وَمَا حَملَنِي على كَثْرَة مُرَاجعَته إِلَّا أَنه لم يَقع فِي قلبِي أَن يحب النَّاس بعده رجلا يقوم مقَامه أبدا، وَإِنِّي كنت أرى أَنه لن يقوم مقَامه أحدٌ إِلَّا تشاءم النَّاس بِهِ، فَأَرَدْت أَن يعدل ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أبي بكر.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر عَن عَائِشَة قَالَت:
لما دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْتِي قَالَ: مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول(4/101)
الله، إِن أَبَا بكر رجلٌ رَقِيق إِذا قَرَأَ الْقُرْآن لَا يملك دمعه، فَلَو أمرت غير أبي بكر، قَالَت: فوَاللَّه مَا بِي إِلَّا كَرَاهِيَة أَن يتشاءم النَّاس بِأول من يقوم فِي مقَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَت: فراجعته مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا. فَقَالَ: " ليصل بِالنَّاسِ أَبُو بكر، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِب يُوسُف ".
وَلَيْسَ لِحَمْزَة عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي:
وَرَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن عمر، وَيُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن حَمْزَة مُرْسلا.
وَأَخْرَجَا خُرُوجه
فِي مَرضه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين رجلَيْنِ، وَمَا يتَّصل بِهِ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود أَن عَائِشَة قَالَت: لما ثقل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعه، استاذن أَزوَاجه فِي أَن يمرض فِي بَيْتِي، فَأذن لَهُ، فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين رجلَيْنِ تخط رِجْلَاهُ فِي الأَرْض بَين الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَرجل آخر.
قَالَ عبيد الله:
فَأخْبرت عبد الله بن عَبَّاس بِالَّذِي قَالَت عَائِشَة، فَقَالَ: أَتَدْرِي من الرجل الآخر؟ قَالَ: لَا. قَالَ: هُوَ عَليّ بن أبي طَالب. قَالَ: فَكَانَت عَائِشَة تَتَحَدَّث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَعْدَمَا دخل بَيْتِي وَاشْتَدَّ وَجَعه: " هريقوا عَليّ من سبع قربٍ لم تحل أوكيتهن، لعَلي أَعهد إِلَى النَّاس " فأجلسناه فِي مخضب لحفصة زوج النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، ثمَّ طفقنا نصب عَلَيْهِ من تِلْكَ الْقرب حَتَّى طفق يُشِير إِلَيْنَا بِيَدِهِ: أَن قد فعلتن. قَالَت: ثمَّ خرج إِلَى النَّاس فصلى بهم وخطبهم.
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله أَن عَائِشَة أخْبرته قَالَت:
أول مَا اشْتَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيت مَيْمُونَة، فَاسْتَأْذن أَزوَاجه أَن يمرض فِي بَيْتِي فَأذن(4/102)
لَهُ. قَالَت: فَخرج ويدٌ لَهُ على الْفضل بن عَبَّاس ويدٌ على رجل آخر، وَهُوَ يخط برجليه الأَرْض. وَذكر قَول ابْن عَبَّاس أَن الرجل الآخر هُوَ عَليّ بن أبي طَالب.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا بِإِسْنَاد وَاحِد من حَدِيث مُوسَى بن أبي عَائِشَة عَن عبيد الله قَالَ:
دخلت على عَائِشَة فَقلت لَهَا: أَلا تحدثيني عَن مرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَت: بلَى، ثقل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " أصلى النَّاس؟ " قُلْنَا: لَا، هم ينتظرونك يَا رَسُول الله. قَالَ: " ضَعُوا لي مَاء فِي المخضب " قلت: فَفَعَلْنَا " فاغتسل، ثمَّ ذهب لينوء، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثمَّ أَفَاق، فَقَالَ: " أصلى النَّاس؟ " قُلْنَا: لَا، هم ينتظرونك يَا رَسُول الله. قَالَ: " ضَعُوا لي مَاء فِي المخضب ". قَالَت: فَفَعَلْنَا.
فاغتسل ثمَّ ذهب لينوء، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثمَّ أَفَاق فَقَالَ: " أُصَلِّي النَّاس؟ " قُلْنَا: لَا، هم ينتظرونك يَا رَسُول الله. قَالَ: " ضَعُوا لي مَاء فِي المخضب ". فَفَعَلْنَا فاغتسل ثمَّ ذهب لينوء فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثمَّ أَفَاق فَقَالَ: " أصلى النَّاس "؟ قُلْنَا: لَا، هم ينتظرونك يَا رَسُول الله. قَالَت: وَالنَّاس عكوفٌ فِي الْمَسْجِد ينتظرون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لصَلَاة الْعشَاء الاخرة ". قَالَت: فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أبي بكر أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَأَتَاهُ الرَّسُول فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرك أَن تصلي بِالنَّاسِ. فَقَالَ أَبُو بكر - وَكَانَ رجلا رَقِيقا: يَا عمر صل بِالنَّاسِ. فَقَالَ عمر: أَنْت أَحَق بذلك. فصلى بهم أَبُو بكر فِي تِلْكَ الْأَيَّام، ثمَّ إِن رَسُول الله وجد من نَفسه خفَّة، فَخرج بَين رجلَيْنِ - أَحدهمَا الْعَبَّاس - لصَلَاة الظّهْر، وَأَبُو بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بكر ذهب ليتأخر، فَأَوْمأ إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن لَا يتَأَخَّر، وَقَالَ لَهما: " أجلساني إِلَى جنبه ". فأجلساه إِلَى جنب أبي بكر، فَكَانَ أَبُو بكر يُصَلِّي وَهُوَ يأتم - بِصَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة أبي بكر، وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعد.
قَالَ عبيد الله:
فَدخلت على عبد الله بن عَبَّاس فَقلت: أَلا أعرض عَلَيْك مَا(4/103)
حَدَّثتنِي عَائِشَة عَن مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: هَات. فعرضت حَدِيثهَا عَلَيْهِ، فَمَا أنكر مِنْهُ شَيْئا، غير أَنه قَالَ: أسمت لَك الرجل الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَبَّاس؟ قلت: لَا. قَالَ: هُوَ عليٌّ.
3216 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسْأَل فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَقُول: " أَيْن أَنا غَدا؟ أَيْن أَنا غَدا؟ " يُرِيد يَوْم عَائِشَة. فَأذن لَهُ أَزوَاجه يكون حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيت عَائِشَة حَتَّى مَاتَ عِنْدهَا. قَالَت عَائِشَة: فَمَاتَ فِي الْيَوْم الَّذِي كَانَ يَدُور عَليّ فِيهِ - فِي بَيْتِي، فَقَبضهُ الله وَإِن رَأسه بَين نحري وسحري، وخالط رِيقه ريقي: دخل عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر وَمَعَهُ سواكٌ يستن بِهِ، فَنظر إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَقلت لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاك يَا عبد الرَّحْمَن، فأعطانيه، فقضمته، ثمَّ مضغته، فأعطيته رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فاستن بِهِ وَهُوَ مُسْتَند إِلَى صَدْرِي؟ لفظ حَدِيث البُخَارِيّ، وَهُوَ أكملها.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة وَمُحَمّد بن حَرْب:
إِن كَانَ ليتفقد فِي مَرضه، يَقُول: " أَيْن أَنا الْيَوْم؟ أَيْن أَنا غَدا؟ " استبطاءً ليَوْم عَائِشَة. فَلَمَّا كَانَ يومي قَبضه الله بَين سحرِي وَنَحْرِي. وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن حَرْب: وَدفن فِي بَيْتِي.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
دخل عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مسندته إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عبد الرَّحْمَن سواك رطب يستن بِهِ، فأبده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَصَره، فَأخذت السِّوَاك فقضمته وطيبته، ثمَّ دَفعته إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فاستن بِهِ، فَمَا رَأَيْت رَسُول الله(4/104)
اسْتنَّ استناناً أحسن مِنْهُ. فَمَا عدا أَن فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع يَده، أَو إصبعه، ثمَّ قَالَ: " فِي الرفيق الْأَعْلَى " ثَلَاثًا. ثمَّ قضى. وَكَانَت تَقول: مَاتَ بَين حاقتني وذاقنتي.
وَفِي رِوَايَة ابْن الْهَاد عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإنَّهُ لبين حاقنتي وذاقنتي. فَلَا أكره شدَّة الْمَوْت لأحدٍ أبدا بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وللبخاري من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما كَانَ فِي مَرضه يَدُور فِي نِسَائِهِ وَيَقُول:
أَيْن أَنا غَدا؟ أَيْن أَنا غَدا، حرصاً على بَيت عَائِشَة. قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا كَانَ يومي سكن.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة عَن عَائِشَة قَالَت:
توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيْتِي وَفِي يومي، وَبَين سحرِي وَنَحْرِي.
وَكَانَ إحدانا تعوذه بدعاءٍ إِذا مرض، فَذَهَبت أعوذه، فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء، وَقَالَ: " فِي الرفيق الْأَعْلَى، فِي الرفيق الْأَعْلَى ". وَمر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر فِي يَده جريدةٌ رطبَة، فَنظر إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَظَنَنْت أَن لَهُ بهَا حَاجَة، فأخذتها، فمضغت رَأسهَا ونفضتها، فدفعتها إِلَيْهِ، فاستن بهَا كأحسن مَا كَانَ مستناً، ثمَّ ناولنيها فَسَقَطت يَده، أَو سَقَطت من يَده، فَجمع الله بَين ريقي وريقه فِي آخر يومٍ من الدُّنْيَا وَأول يَوْم من الْآخِرَة.
وَفِي حَدِيث نَافِع بن عمر الجحمي عَن ابْن أبي مليكَة نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ: قَالَت:
دخل عبد الرَّحْمَن بسواك، فضعف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ، فمضغته ثمَّ سننته بِهِ.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي عَمْرو، ذكْوَان مولى عَائِشَة:
أَن عَائِشَة كَانَت(4/105)
تَقول: إِن من نعم الله عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي فِي بَيْتِي ويومي، وَبَين سحرِي وَنَحْرِي وَأَن الله جمع بَين ريقي وريقه عِنْد مَوته:
دخل عَليّ عبد الرَّحْمَن وَبِيَدِهِ سواك وَأَنا مسندةٌ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فرأيته ينظر إِلَيّ، وَعرفت أَنه يحب السِّوَاك فَقلت: آخذه لَك؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: أَن نعم. فتناولته، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَقلت: ألينه لَك؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: أَن نعم. فلينته فَأمره، وَبَين يَدَيْهِ ركوة - أَو علبة - شكّ الرَّاوِي - فِيهَا مَاء، فَجعل يدْخل يَدَيْهِ فِي المَاء فيمسح بهَا وَجهه، يَقُول: " لَا إِلَه إِلَّا الله، إِن للْمَوْت سكراتٍ " ثمَّ نصب يَده فَجعل يَقُول: " فِي الرفيق الْأَعْلَى " حَتَّى قبض، فمالت يَده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
3217 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: نَهَاهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْوِصَال رَحْمَة لَهُ. فَقَالُوا: إِنَّك تواصل، قَالَ: " لست كهيئتكم، إِنِّي يطعمني رَبِّي ويسقيني ".
3218 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: إِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليقبل بعض أَزوَاجه وَهُوَ صَائِم. ثمَّ ضحِكت.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة:
قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبل ويباشر وَهُوَ صَائِم، وَكَانَ أملككم لإربه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي حَفْص عمر بن عبد الْعَزِيز عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَنَّهَا أخْبرته: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبلهَا وَهُوَ صَائِم.(4/106)
وَمن حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: قلت لعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم: أسمعت أَبَاك يحدث عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبلهَا وَهُوَ صَائِم؟ فَسكت سَاعَة ثمَّ قَالَ: نعم.
وَمن حَدِيث عبيد الله بن عَمْرو عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبلني وَهُوَ صَائِم، وَأَيكُمْ يملك إربه كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يملك إربه؟ .
وَمن حَدِيث عَلْقَمَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبل وَهُوَ صَائِم، وَكَانَ أملككم لإربه، وَأَنه كَانَ يُبَاشر وَهُوَ صَائِم.
وَمن حَدِيث أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبل وَهُوَ صائمٌ، ويباشر وَهُوَ صَائِم، وَلكنه أملككم لإربه.
وَمن حَدِيث عَمْرو بن مَيْمُون عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبل فِي شهر الصَّوْم.
وَفِي رِوَايَة أبي بكر النَّهْشَلِي عَن زِيَاد بن علاقَة:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبل وَهُوَ صَائِم فِي رَمَضَان.
وَلَيْسَ لعَمْرو بن مَيْمُون عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَمن حَدِيث عَليّ بن الْحُسَيْن عَن عَائِشَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقبل وَهُوَ صَائِم.
3219 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: سَأَلَ حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصّيام فِي السّفر، فَقَالَ: " إِن شِئْت فَصم، وَإِن شِئْت فَأفْطر ".(4/107)
وَفِي حَدِيث يحيى الْقطَّان وَحَمَّاد بن زيد وَأبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام:
إِنِّي أسرد الصَّوْم.
وَفِي حَدِيث مَالك بن أنس، أَنه قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أأصوم فِي السّفر؟ وَكَانَ كثير الصّيام. فَقَالَ: " إِن شِئْت فَصم، وَإِن شِئْت فَأفْطر ".
3220 - السَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفن فِي ثَلَاثَة أثوابٍ بيضٍ سحُولِيَّة من كرسفٍ، لَيْسَ فِيهَا قميصٌ وَلَا عِمَامَة
وَفِي حَدِيث عَليّ بن مسْهر عَن هِشَام أَنَّهَا قَالَت:
أدرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حلَّة يمنية كَانَت لعبد الله بن أبي بكر، ثمَّ نزعت عَنهُ. وكفن فِي ثَلَاثَة أثوابٍ سحولٍ يَمَانِية، لَيْسَ فِيهَا عمامةٌ وَلَا قميصٌ، فَرفع عبد الله الْحلَّة فَقَالَ: أكفن فِيهَا. ثمَّ قَالَ: لم يُكفن فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأكفن فِيهَا! قَالَ: فَتصدق بهَا.
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام نَحوه، وَزَاد: أما الْحلَّة فَإِنَّمَا شبه على النَّاس فِيهَا، أَنَّهَا اشْتريت لَهُ ليكفن فِيهَا، فَتركت الْحلَّة وكفن فِي ثَلَاثَة أثوابٍ بيضٍ سحُولِيَّة، فَأَخذهَا عبد الله بن أبي بكر، فَقَالَ: لأحبسنها حَتَّى أكفن فِيهَا نَفسِي، ثمَّ قَالَ: لَو رضيها الله لنبية لكفنه فِيهَا، فَبَاعَهَا وَتصدق بِثمنِهَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة: فِي كم كفن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَت: فِي ثَلَاثَة أثوابٍ سحُولِيَّة.
وَأَخْرَجَاهُ جَمِيعًا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين توفّي سجي بِبرد حبرَة.(4/108)
3221 - الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أريتك فِي الْمَنَام ثَلَاث ليالٍ، جَاءَنِي الْملك فِي سَرقَة من حَرِير، فَيَقُول: هَذِه امْرَأَتك، فأكشف عَن وَجهك، فَإِذا أَنْت هِيَ، فَأَقُول: إِن يَك من عِنْد الله يمضه ".
وَفِي حَدِيث عبيد ابْن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة. وَفِي حَدِيث وهيب عَن هِشَام:
أريتك فِي الْمَنَام مرَّتَيْنِ ... " وذكرا نَحوه.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
قلت: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَو نزلت وَاديا فِيهِ شَجَرَة قد أكل مِنْهَا، وَوجدت شَجرا لم يُؤْكَل مِنْهَا، فِي أَيهَا كنت ترتع بعيرك؟ قَالَ: " فِي الَّتِي لم يرتع مِنْهَا " تَعْنِي: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يتَزَوَّج بكرا غَيرهَا.
وَمن حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عُرْوَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب عَائِشَة إِلَى أبي بكر، فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: إِنَّمَا أَنا أَخُوك. فَقَالَ: " أَنْت أخي فِي الله وَكتابه، وَهِي لي حلالٌ ". كَذَا أخرجه البُخَارِيّ مُرْسلا.
3222 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: تزَوجنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا بنت سِتّ سِنِين، فقدمنا الْمَدِينَة، فنزلنا فِي بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج، فوعكت، فتمزق شعري فوفى جميمةً، فأتتني أُمِّي أم رُومَان وَإِنِّي لفي أرجوحة وَمَعِي صَوَاحِب لي، فأتيتها لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ مني، فَأخذت بيَدي، حَتَّى وقفتني على بَاب الدَّار، وَإِنِّي لأنهج حَتَّى سكن بعض(4/109)
نَفسِي، ثمَّ أخذت شَيْئا من مَاء فمسحت بِهِ وَجْهي ورأسي، ثمَّ أدخلتني الدَّار، فَإِذا نسوةٌ من الْأَنْصَار فِي الْبَيْت، فَقُلْنَ: على الْخَيْر وَالْبركَة وعَلى خير طَائِر، فأسلمتني إلَيْهِنَّ، فأصلحن من شأني، فَلم يرعني إِلَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأسلمتني إِلَيْهِ وَأَنا يومئذٍ بنت تسع سِنِين.
وَفِي حَدِيث أبي كريب وَغَيره عَن أبي أُسَامَة نَحوه، إِلَّا أَن فِيهِ:
فَأخذت بيَدي فأوقفتني على الْبَاب، فَقلت: هه هه، حَتَّى ذهب نَفسِي. وَفِيه: فغسلن رَأْسِي وأصلحنني، فَلم يرعني إِلَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأسلمنني إِلَيْهِ.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن هِشَام عَن أَبِيه:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزَوجهَا وَهِي بنت سِتّ سِنِين، وأدخلت عَلَيْهِ وَهِي بنت تسع سِنِين وَمَكَثت عِنْده تسعا.
وَفِي حَدِيث قبيصَة عَن سُفْيَان عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
تزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَائِشَة وَهِي بنت ستٍّ، وَبنى بهَا وَهِي بنت تسعٍ، وَمَكَثت عِنْده تسعا، من قَول عُرْوَة، وَلم يقل: عَائِشَة.
وَفِي حَدِيث عبيد بن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
توفيت خَدِيجَة قبل مخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة بِثَلَاث سِنِين، فَلبث سنتَيْن أَو قَرِيبا من ذَلِك، ونكح عَائِشَة وَهِي بنت سِتّ سِنِين، وَبنى بهَا وَهِي بنت تسع سِنِين. وَهَذَا أَيْضا مَوْقُوف على عُرْوَة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزَوجهَا وَهِي بنت سبع سِنِين، وزفت إِلَيْهِ وَهِي بنت تسع سِنِين ولعبها مَعهَا، وَمَات عَنْهَا(4/110)
وَهِي بنت ثَمَانِي عشرَة.
وَمن حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت:
تزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي بنت سِتّ سِنِين، وَبنى بهَا وَهِي بنت تسع، وَمَات عَنْهَا وَهِي بنت ثَمَانِي عشرَة.
وَمن حَدِيث عبد الله بن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
تزَوجنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَوَّال، وَبنى بِي فِي شَوَّال، فَأَي نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أحظى عِنْده مني. قَالَ: وَكَانَت عَائِشَة تسْتَحب أَن تدخل نساءها فِي شَوَّال.
3223 - الثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: مَا غرت على أحدٍ من نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا غرت على خَدِيجَة، وَمَا رَأَيْتهَا قطّ، وَلَكِن كَانَ يكثر ذكرهَا، وَرُبمَا ذبح الشَّاة، ثمَّ يقطعهَا أَعْضَاء، ثمَّ يبعثها فِي صدائق خَدِيجَة، فَرُبمَا قلت لَهُ: كَأَنَّهُ لم يكن فِي الدُّنْيَا امرأةٌ إِلَّا خَدِيجَة. فَيَقُول: " إِنَّهَا كَانَت وَكَانَت. . وَكَانَ لي مِنْهَا ولد ".
وَفِي حَدِيث حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن هِشَام قَالَت:
وَتَزَوَّجنِي بعْدهَا بِثَلَاث سِنِين، وَأمره ربه أَو جِبْرِيل - أَن يبشرها بِبَيْت فِي الْجنَّة من قصب. قَالَ فِي حَدِيث سعيد بن عفير عَن اللَّيْث: وَأمره أَن يبشرها ببيتٍ من قصبٍ، وَإِن كَانَ ليذبح الشَّاة فيهدي فِي خلائلها مِنْهَا مَا يسعهن.
وَفِي حَدِيث حَفْص بن غياث عَن هِشَام:
وَكَانَ إِذا ذبح الشَّاة يَقُول: " أرْسلُوا بهَا إِلَى أصدقاء خَدِيجَة " قَالَت: فأغضبته يَوْمًا، فَقلت: خَدِيجَة. فَقَالَ: " إِنِّي رزقت حبها ".
وَأَخْرَجَا من حَدِيث عَليّ بن مسْهر عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة - ذكره البُخَارِيّ(4/111)
تَعْلِيقا وَمُسلم بِالْإِسْنَادِ - أَنَّهُمَا قَالَا:
اسْتَأْذَنت هَالة بت خويلد أُخْت خَدِيجَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَعرف اسْتِئْذَان خَدِيجَة، فارتاع لذَلِك، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ، هَالة بنت خويلد " فغرت، فَقلت: وَمَا تذكر من عجوزٍ من عَجَائِز قُرَيْش حَمْرَاء الشدقين، هَلَكت فِي الدَّهْر، قد أبدلك الله خيرا مِنْهَا.
وَلمُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
مَا غرت على امْرَأَة مَا غرت على خَدِيجَة، لِكَثْرَة ذكره إِيَّاهَا، وَمَا رَأَيْتهَا قطّ. وَقَالَت: لم يتَزَوَّج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على خَدِيجَة حَتَّى مَاتَت.
3224 - الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن سَوْدَة بنت زَمعَة وهبت يَوْمهَا لعَائِشَة، فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم لعَائِشَة يَوْمهَا وَيَوْم سَوْدَة.
وَفِي حَدِيث جرير بن عبد الحميد عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَ:
مَا رَأَيْت امْرَأَة أحب إِلَيّ أَن أكون فِي مسلاخها من سَوْدَة بنت زَمعَة، من امْرَأَة فِيهَا حِدة. قَالَت: فَلَمَّا كَبرت جعلت يَوْمهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة. قَالَت: يَا رَسُول الله، جعلت يومي مِنْك لعَائِشَة. فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم لعَائِشَة يَوْمَيْنِ: يَوْمهَا وَيَوْم سَوْدَة.
زَاد فِي حَدِيث شريك عَن هِشَام: قلت:
وَكَانَت أول امْرَأَة تزَوجهَا من بعدِي.(4/112)
3225 - الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَ: كنت أَلعَب بالبنات عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ لي صَوَاحِب يلعبن معي وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل يتقمعن مِنْهُ، فيسربهن إِلَيّ فيلعبن معي.
وَفِي حَدِيث جرير بن عبد الحميد:
وَكنت أَلعَب بالبنات فِي بَيته - وَهن اللّعب.
3226 - الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام عَن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت خَوْلَة بنت حَكِيم من اللائى وهبْنَ أَنْفسهنَّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت عَائِشَة: أما تَسْتَحي الْمَرْأَة أَن تهب نَفسهَا للرجل فَلَمَّا نزلت: {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} [الْأَحْزَاب] قلت: يَا رَسُول الله، مَا أرى رَبك إِلَّا يُسَارع فِي هَوَاك.
قَالَ البُخَارِيّ:
رَوَاهُ أَبُو سعيد الْمُؤَدب وَمُحَمّد بن بشر وَعَبدَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، يزِيد بَعضهم على بعض.
وَفِي حَدِيث زَكَرِيَّا بن يحيى عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت. .
كنت أغار على اللائي وهبْنَ أَنْفسهنَّ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَذكر نَحوه.
وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي كريب عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت. .
وَذكر نَحوه، وَفِيه: فَلَمَّا أنزل الله: {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} [الْأَحْزَاب] قَالَت: قلت: وَالله مَا أرى رَبك إِلَّا يُسَارع فِي هَوَاك.
وَلمُسلم من حَدِيث عَبدة بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِل إِلَى عَائِشَة نَحْو ذَلِك.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث معَاذَة العدوية عَن عَائِشَة قَالَت:
إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستأذننا إِذا كَانَ فِي يَوْم الْمَرْأَة منا بعد أَن نزلت هَذِه الْآيَة: (ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ(4/113)
وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك} [الْأَحْزَاب] فَقلت لَهَا: مَا كنت تَقُولِينَ؟ . قَالَت: كنت أَقُول لَهُ: إِن كَانَ ذَلِك إِلَيّ، فَإِنِّي لَا أُرِيد يَا رَسُول الله أَن أوثر عَلَيْك أحدا.
وَفِي حَدِيث عباد بن عباد: لم أوثر على نَفسِي أحدا.
3227 - الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي قَوْله عز وَجل: {وَإِن امرأةٌ خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا} [النِّسَاء] قَالَت: هِيَ الْمَرْأَة تكون عِنْد الرجل لَا يستكثر مِنْهَا، فيريد طَلاقهَا ويتزوج غَيرهَا، تَقول لَهُ: أمسكني وَلَا تُطَلِّقنِي، ثمَّ تزوج غَيْرِي وَأَنت فِي حلٍّ من النَّفَقَة عَليّ وَالْقِسْمَة لي، فَذَلِك قَوْله {فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يصلحا بَينهمَا صلحا وَالصُّلْح خير} [النِّسَاء] .
وَفِي حَدِيث عبد الله بن الْمُبَارك نَحوه، وَفِي آخِره: فَنزلت هَذِه الْآيَة فِي ذَلِك.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَت:
هُوَ الرجل يرى من امْرَأَته مَا لَا يُعجبهُ كبرا أَو غَيره، فيريد فراقها، فَتَقول: أمسكني واقسم لي مَا شِئْت. قَالَت: فَلَا بَأْس إِذا تَرَاضيا.
3228 - الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} [النِّسَاء] قَالَت: أنزلت فِي وَالِي الْيَتِيم أَن يُصِيب من مَاله إِذا كَانَ مُحْتَاجا بِقدر مَاله بِالْمَعْرُوفِ.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن نمير:
أَنَّهَا نزلت فِي وَالِي الْيَتِيم إِذا كَانَ فَقِيرا، أَنه يَأْكُل مِنْهُ مَكَان قِيَامه عَلَيْهِ بِمَعْرُوف.(4/114)
وَفِي رِوَايَة عُثْمَان بن فرقد قَالَ:
أنزلت فِي وَالِي الْيَتِيم الَّذِي يقوم عَلَيْهِ، وَيصْلح فِي مَاله إِن كَانَ فَقِيرا أكل مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ.
3229 - السَّادِس وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح للَّذين أَحْسنُوا مِنْهُم وَاتَّقوا أجر عَظِيم} [آل عمرَان] قَالَت لعروة: يَا ابْن أخي، كَانَ أَبَوَاك مِنْهُم: الزبير وَأَبُو بكر، لما أصَاب نَبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أصَاب يَوْم أحد، فَانْصَرف عَنهُ الْمُشْركُونَ خَافَ أَن يرجِعوا، فَقَالَ: " من يذهب فِي إثرهم؟ " فَانْتدبَ مِنْهُم سَبْعُونَ رجلا كَانَ فيهم أَبُو بكر وَعمر. لفظ حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام، وَهُوَ أتم.
وَفِي رِوَايَة عبد الله بن نمير وَعَبدَة بن سُلَيْمَان عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
قَالَت عَائِشَة: أَبَوَاك - وَالله - من الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح.
زَاد فِي حَدِيث أبي أُسَامَة: تَعْنِي أَبَا بكر وَالزُّبَيْر.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الله بن الْبَهِي مولى الصعب بن الزبير عَن عُرْوَة قَالَ: قَالَت لي عَائِشَة:
كَانَ أَبَوَاك من الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح.
3230 - السَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي قَوْله عز وَجل: {إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنودا لم تَرَوْهَا وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصيرًا} [الْأَحْزَاب] قَالَت: كَانَ ذَلِك يَوْم الخَنْدَق.
3231 - الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ: فِي حَدِيث الْإِفْك: أَخْرجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة، أحدهم بِالْإِسْنَادِ، وَالْبُخَارِيّ تَعْلِيقا،(4/115)
وَحَدِيثه أتم، قَالَ: وَقَالَ أَبُو أُسَامَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
لما ذكر من شأني الَّذِي ذكر وَمَا علمت بِهِ، قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خَطِيبًا، فَتشهد وَحمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ:
أما بعد، فأشيروا عَليّ فِي أنَاس أبنوا أَهلِي، وأيم الله، مَا علمت على أَهلِي من سوء قطّ، وأبنوهم بِمن - وَالله - مَا علمت عَلَيْهِ من سوء قطّ، وَلَا دخل بَيْتِي قطّ إِلَّا وَأَنا حَاضر، وَلَا غبت فِي سفر إِلَّا غَابَ معي ". فَقَامَ سعد بن معَاذ فَقَالَ: ائْذَنْ يَا رَسُول الله أَن نضرب أَعْنَاقهم.
وَقَامَ رجل من بني الْخَزْرَج - وَكَانَت أم حسان من رَهْط ذَلِك الرجل - فَقَالَ: كذبت، أما وَالله لَو كَانُوا من الْأَوْس مَا أَحْبَبْت أَن تضرب أَعْنَاقهم. حَتَّى كَاد يكون بَين الْأَوْس والخزرج شرٌّ فِي الْمَسْجِد - وَمَا علمت.
فَلَمَّا كَانَ مسَاء ذَلِك الْيَوْم خرجت لبَعض حَاجَتي وَمَعِي أم مسطح، فَعَثَرَتْ، وَقَالَت: تعس مسطحٌ، فَقلت لَهَا: أَي أم، تسبين ابْنك. ثمَّ عثرت الثَّانِيَة فَقَالَت: تعس مسطحٌ. فَقلت لَهَا: أَي أم، تسبين ابْنك، وسكتت، ثمَّ عثرت الثَّالِثَة فَقَالَت: تعس مسطح، فانتهرتها. فَقَالَت: وَالله مَا أسبه إِلَّا فِيك، فَقلت: فِي أَي شأني؟ فَذكرت لي الحَدِيث. فَقلت: وَقد كَانَ هَذَا؟ قَالَت: نعم وَالله. فَرَجَعت إِلَى بَيْتِي كَأَن الَّذِي خرجت لَهُ لَا أجد مِنْهُ قَلِيلا وَلَا كثيرا، ووعكت، وَقلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرْسلنِي إِلَى بَيت أبي. فَأرْسل معي الْغُلَام، فَدخلت الدَّار، فَوجدت أم رُومَان فِي أَسْفَل وَأَبا بكر فَوق الْبَيْت يقْرَأ، فَقَالَت أُمِّي: مَا جَاءَ بك يَا بنية؟ فَأَخْبَرتهَا وَذكرت لَهَا الحَدِيث، فَإِذا هُوَ لم يبلغ مِنْهَا مثل مَا بلغ مني، فَقَالَت: أَي بنية خفضي عَلَيْك الشَّأْن، فَإِنَّهُ وَالله لقل مَا كَانَت امرأةٌ حسناء عِنْد رجل يُحِبهَا لَهَا ضرائر، إِلَّا حسدنها وَقيل فِيهَا. قلت: وَقد علم بِهِ أبي؟ قَالَت: نعم. قلت: وَرَسُول الله؟ قَالَت: نعم، وَرَسُول الله. فاستعبرت وبكيت، فَسمع أَبُو بكر صوتي وَهُوَ فَوق الْبَيْت يقْرَأ، فَنزل، فَقَالَ لأمي: مَا شَأْنهَا؟ فَقلت: بلغَهَا الَّذِي ذكر فِي شَأْنهَا، فَفَاضَتْ عَيناهُ وَقَالَ: أَقْسَمت عَلَيْك يَا بنية إِلَّا رجعت إِلَى بَيْتك. فَرَجَعت(4/116)
وَلَقَد جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْتِي فَسَأَلَ عني خادمي، فَقَالَت:
لَا وَالله، مَا علمت عَلَيْهَا عَيْبا، إِلَّا أَنه كَانَت ترقد حَتَّى تدخل الشَّاة فتأكل خبزها أَو عَجِينهَا - فِي حَدِيث مُسلم: فتأكل عَجِينهَا، أَو قَالَت: خميرها - شكّ هِشَام. وانتهرها بعض أَصْحَابه فَقَالَ: اصدقي رَسُول الله، حَتَّى أسقطوا لَهَا بِهِ. فَقَالَت: سُبْحَانَ الله، وَالله مَا علمت عَلَيْهَا إِلَّا كَمَا يعلم الصَّائِغ على تبر الذَّهَب الْأَحْمَر. وَبلغ الْأَمر ذَلِك الرجل الَّذِي قيل لَهُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ الله، وَالله مَا كشفت كنف أُنْثَى قطّ.
قَالَت عَائِشَة: فَقتل شَهِيدا فِي سَبِيل الله.
قَالَت: وَأصْبح أبواي عِنْدِي، فَلم يَزَالَا حَتَّى دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد صلى الْعَصْر، ثمَّ دخل وَقد اكتنفني أبواي عَن يَمِيني وَعَن شمَالي، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " أما بعد يَا عَائِشَة، إِن كنت قارفت سوءا أَو ظلمت فتوبي إِلَى الله، فَإِن الله يقبل التَّوْبَة عَن عباده ". قَالَت: وَقد جَاءَت امْرَأَة من الْأَنْصَار، فَهِيَ جالسةٌ بِالْبَابِ فَقلت: أَلا تَسْتَحي من هَذِه الْمَرْأَة أَن تذكر شَيْئا؟ فوعظ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَالْتَفت إِلَى أبي فَقلت: أجبه. قَالَ: فَمَاذَا أَقُول؟ فَالْتَفت إِلَى أُمِّي فَقلت: أجيبيه. فَقَالَت: أَقُول مَاذَا؟ فَلَمَّا لم يجيباه تشهدت، فحمدت الله وأثنيت عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله، ثمَّ قلت: أما بعد، فوَاللَّه لَئِن قلت لكم: إِنِّي لم أفعل - وَالله يعلم إِنِّي لصادقة - مَا ذَاك بنافعي عنْدكُمْ، لقد تكلمتم بِهِ وأشربته قُلُوبكُمْ، وَإِن قلت إِنِّي قد فعلت - وَالله يعلم أَنِّي لم افْعَل لتقولن: قد باءت بِهِ على نَفسهَا، وَإِنِّي وَالله مَا أجد لي وَلكم مثلا - والتمست اسْم يَعْقُوب فَلم أقدر عَلَيْهِ - إِلَّا أَبَا يُوسُف حِين قَالَ: {فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون} [يُوسُف] .
وَأنزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَاعَته، فسكتنا، فَرفع عَنهُ وَإِنِّي لأتبين السرُور فِي وَجهه وَهُوَ يمسح جَبينه، وَيَقُول: " أَبْشِرِي يَا عَائِشَة، فقد أنزل الله براءتك " قَالَت: وَكنت أَشد مَا كنت غَضبا، فَقَالَ لي أبواي: قومِي إِلَيْهِ، فَقلت: لَا وَالله، لَا أقوم(4/117)
إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَده وَلَا أحمدكما، وَلَكِن أَحْمد الله الَّذِي أنزل براءتي، لقد سمعتموه فَمَا أنكرتموه وَلَا غيرتموه.
وَكَانَت عَائِشَة تَقول:
أما زَيْنَب بنت جحش فعصمها الله بدينها، فَلم تقل إِلَّا خيرا. وَأما أُخْتهَا حمْنَة فَهَلَكت فِيمَن هلك، وَكَانَ الَّذِي يتَكَلَّم بِهِ مسطحٌ وَحسان بن ثَابت وَالْمُنَافِق عبد الله بن أبي، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يستوشيه ويجمعه، وَهُوَ الَّذِي تولى كبره مِنْهُم هُوَ وَحمْنَة. قَالَت: فَحلف أَبُو بكر أَلا ينفع مسطحًا بنافعةٍ أبدا، فَأنْزل الله عز وَجل: {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة} [النُّور] إِلَى آخر الْآيَة، يَعْنِي أَبَا بكر: {أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين} [النُّور] يَعْنِي مسطحًا، إِلَى قَوْله: {أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم وَالله غَفُور رَحِيم} [النُّور] فَقَالَ أَبُو بكر: بلَى وَالله يَا رَبنَا، إِنَّا نحب أَن تغْفر لنا، وَعَاد لَهُ بِمَا كَانَ يصنع.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن حَرْب طرف مِنْهُ:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب النَّاس، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، فَقَالَ: " مَا تشيرون عَليّ فِي قومٍ يسبون أَهلِي، مَا علمت عَلَيْهِم من سوء قطّ ".
وَعَن عُرْوَة:
أَن عَائِشَة لما أخْبرت بِالْأَمر قَالَت: يَا رَسُول الله، أتأذن لي أَن أَنطلق إِلَى أَهلِي؟ فَأذن لَهَا، وَأرْسل مَعهَا الْغُلَام. وَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: سُبْحَانَكَ مَا يكون لنا أَن نتكلم بِهَذَا، سُبْحَانَكَ هَذَا بهتانٌ عَظِيم. لم يزدْ.
وَأَخْرَجَاهُ جَمِيعًا بِالْإِسْنَادِ بأطول من هَذَا وأوضح، من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير وَسَعِيد بن الْمسيب وعلقمة بن وَقاص اللَّيْثِيّ وَعبيد الله بن عبد الله ابْن عتبَة بن مَسْعُود، عَن حَدِيث عَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ لَهَا أهل الْإِفْك مَا قَالُوا فبرأها الله مِمَّا قَالُوا. قَالَ الزُّهْرِيّ: وَكلهمْ حَدثنِي طَائِفَة من حَدِيثهَا وَبَعْضهمْ كَانَ أوعى لَهُ من بعض وأثبتهم لَهُ اقتصاصاً، وَقد وعيت عَن كل وَاحِد مِنْهُم الحَدِيث الَّذِي حَدثنِي عَن عَائِشَة وَبَعض حَدِيثهمْ يصدق بَعْضًا. قَالُوا: قَالَت:(4/118)
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ أَن يخرج سفرا أَقرع بَين أَزوَاجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بهَا مَعَه. قَالَت: فأقرع بَيْننَا فِي غزاةٍ غَزَاهَا فَخرج سهمي فِيهَا، فَخرجت مَعَه بَعْدَمَا أنزل الْحجاب، فَأَنا أحمل فِي هودجي وَأنزل فِيهِ، فسرنا حَتَّى إِذا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غزوته تِلْكَ وقفل، ودنونا من الْمَدِينَة، آذن لَيْلَة بالرحيل، فَقُمْت حِين آذنوا بالرحيل، فمشيت حَتَّى جَاوَزت الْجَيْش، فَلَمَّا قضيت من شأني أَقبلت إِلَى الرحيل، فلمست صَدْرِي فَإِذا عقدٌ لي من جزع أظفار قد انْقَطع، فَرَجَعت فَالْتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه، وَأَقْبل الرَّهْط الَّذين كَانُوا يرحلون لي، فاحتملوا هودجي فرحلوه على بَعِيري الَّذِي كنت أركب وهم يحسبون أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاء إِذْ ذَاك خفافاً لم يثقلن، وَمِنْهُم من قَالَ: لم يهبلن وَلم يغشهن اللَّحْم، وَإِنَّمَا يأكلن الْعلقَة من الطَّعَام، فَلم يستنكر الْقَوْم حِين رَفَعُوهُ ثقل الهودج. وَمِنْهُم من قَالَ: خفَّة الهودج، فاحتملوه، وَكنت جَارِيَة حَدِيثَة السن، فبعثوا الْجمل وَسَارُوا، فَوجدت عقدي بَعْدَمَا اسْتمرّ الْجَيْش، فَجئْت منزلهم وَلَيْسَ فِيهِ أحد، وَمِنْهُم من قَالَ: فَجئْت مَنَازِلهمْ وَلَيْسَ بهَا مِنْهُم داعٍ وَلَا مُجيب، فَتَيَمَّمت منزلي الَّذِي كنت فِيهِ وظننت أَنهم سيفقدونني فيرجعون إِلَيّ.
فَبينا أَنا جالسة غلبتني عيناني فَنمت، وَكَانَ صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ ثمَّ الذكواني قد عرس من وَرَاء الْجَيْش فادلج، فَأصْبح عِنْد منزلي، فَرَأى سَواد إِنْسَان نَائِم، فَأَتَانِي فعرفني حِين رَآنِي، وَكَانَ يراني قبل الْحجاب، فَاسْتَيْقَظت باسترجاعه حِين عرفني، فخمرت وَجْهي بجلبابي، وَوَاللَّه مَا يكلمني بِكَلِمَة، وَلَا سَمِعت مِنْهُ كلمة غير استرجاعه، وَهوى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَته، فوطئ على يَديهَا فركبتها، فَانْطَلق يَقُود بِي الرَّاحِلَة حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْش بعد مَا نزلُوا معرسين - وَفِي رِوَايَة صَالح بن كيسَان وَغَيره: موغرين فِي نحر الظهيرة. قَالَ عبد بن حميد: قلت لعبد الرَّزَّاق: مَا قَوْله موغرين؟ قَالَ: الوغرة شدَّة الْحر.(4/119)
قَالَت: فَهَلَك من هلك فِي شأني، وَكَانَ الَّذِي تولى كبر الْإِفْك عبد الله بن أبي ابْن سلول، فقدمنا الْمَدِينَة، فاشتكيت بهَا شهرا، وَالنَّاس يفيضون فِي قَول أَصْحَاب الْإِفْك لَا أشعر، وَهُوَ يريبني فِي وجعي أَنِّي لَا أرى من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللطف الَّذِي كنت أرى مِنْهُ حِين أشتكي، إِنَّمَا يدْخل فَيسلم، ثمَّ يَقُول: " كَيفَ تيكم "؟ ثمَّ ينْصَرف، وَلَا أشعر بِالشَّرِّ حَتَّى نقهت، فَخرجت أَنا وَأم مسطح قبل المناصع، وَهِي متبرزنا، وَكُنَّا لَا نخرج إِلَّا لَيْلًا إِلَى ليل، ذَلِك قبل أَن نتَّخذ الكنف قَرِيبا من بُيُوتنَا، وأمرنا أَمر الْعَرَب الأول من التبرز قبل الْغَائِط، وَكُنَّا نتأذى بالكنف أَن نتخذها عِنْد بُيُوتنَا. فَأَقْبَلت أَنا وَأم مسطح وَهِي ابْنة أبي وهب بن الْمطلب بن عبد منَاف، وَأمّهَا بنت صَخْر بن عَامر خَالَة أبي بكر الصّديق، وَابْنهَا مسطح بن أَثَاثَة ابْن عباد بن الْمطلب - حِين فَرغْنَا من شَأْننَا نمشي، فَعَثَرَتْ أم مسطح فِي مرْطهَا، فَقَالَت: تعس مسطحٌ، فَقلت لَهَا: بئس مَا قلت، أتسبين رجلا شهد بَدْرًا؟ فَقَالَت: يَا هنتاه، ألم تسمعي مَا قَالَ؟ قلت: وَمَا قَالَ؟ فأخبرتني بقول أهل الْإِفْك، فازددت مَرضا على مرضِي. فَلَمَّا رجعت إِلَى بَيْتِي دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسلم وَقَالَ: " كَيفَ تيكم؟ " قلت ائْذَنْ لي إِلَى أَبَوي. قَالَت: وَأَنا حِينَئِذٍ أُرِيد أَن أستيقن الْخَبَر من قبلهمَا. فَأذن لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأتيت أَبَوي فَقلت لأمي: يَا أمتاه، مَاذَا يتحدث النَّاس بِهِ؟ فَقَالَت: يَا بنية، هوني على نَفسك الشَّأْن، فوَاللَّه لقل مَا كَانَت امرأةٌ قطّ وضيئةً عِنْد رجل يُحِبهَا وَلها ضرائر إِلَّا أكثرن عَلَيْهَا. فَقَالَت: سُبْحَانَ الله، وَلَقَد تحدث النَّاس بِهَذَا! قَالَت: فَبَكَيْت تِلْكَ اللَّيْل حى أَصبَحت لَا يرقأ لي دمعٌ وَلَا أكتحل بنومٍ، ثمَّ أَصبَحت أبْكِي، فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بن أبي طَالب وَأُسَامَة بن زيد حِين استلبث الْوَحْي، يستسشيرهما فِي فِرَاق أَهله. قَالَت: فَأَما أُسَامَة فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِمَا يعلم من بَرَاءَة أَهله، وَبِالَّذِي يعلم فِي نَفسه من الود لَهُم، فَقَالَ أُسَامَة: هم أهلك يَا رَسُول الله، وَلَا نعلم وَالله إِلَّا خيرا. وَأما عَليّ ابْن أبي طَالب فَقَالَ: يَا رَسُول الله، لم يضيق الله عَلَيْك، وَالنِّسَاء سواهَا كثير، وسل الْجَارِيَة تصدقك. قَالَت: فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَرِيرَة، فَقَالَ: " أَي بَرِيرَة، هَل(4/120)
رَأَيْت فِيهَا شَيْئا يريبك؟ " قَالَت لَهُ بَرِيرَة: لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، إِن رَأَيْت مِنْهَا أمرا أغمصه عَلَيْهَا أَكثر من جاريةٌ حَدِيثَة السن، تنام عَن عجين أَهلهَا، فتأتي الدَّاجِن فتأكله، قَالَت: فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يَوْمه، فاستعذر من عبد الله ابْن أبي بن سلول، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على الْمِنْبَر: " من يعذرني من رجل بَلغنِي أَذَاهُ فِي أَهلِي ". وَمن الروَاة من قَالَ: " فِي أهل بَيْتِي. فوَاللَّه مَا علمت على أهل بَيْتِي إِلَّا خيرا. وَلَقَد ذكرُوا رجلا مَا علمت عَلَيْهِ إِلَّا خيرا، وَمَا كَانَ يدْخل على أَهلِي إِلَّا معي " قَالَت: فَقَامَ سعد بن معَاذ أحد بني الْأَشْهَل فَقَالَ: أعذرك مِنْهُ، إِن كَانَ من الْأَوْس ضربنا عُنُقه، وَإِن كَانَ من إِخْوَاننَا من الْخَزْرَج أمرتنا فَفَعَلْنَا فِيهِ أَمرك. فَقَامَ سعد بن عبَادَة وَهُوَ سيد الْخَزْرَج - وَكَانَت أم حسان بنت عَمه من فَخذه، وَكَانَ رجلا صَالحا، وَلَكِن احتملته الحمية - وَمن الروَاة من قَالَ اجتهلته الحمية، فَقَالَ لسعد بن معَاذ: كذبت، لعمر الله لَا تقتله وَلَا تقدر على ذَلِك، فَقَامَ أسيد بن حضير - وَهُوَ ابْن عَم سعد - يَعْنِي ابْن معَاذ، فَقَالَ لسعد بن عبَادَة: كذبت، لعمر الله لنقتلنه، فَإنَّك مُنَافِق تجَادل عَن الْمُنَافِقين. فتثاور الْحَيَّانِ: الْأَوْس والخزرج، حَتَّى هموا أَن يقتتلوا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قائمٌ على الْمِنْبَر، فَلم يزل رَسُول الله يخفضهم حَتَّى سكتوا وَسكت.
قَالَت: وبكيت يومي ذَلِك لَا يرقأ لي دمع، وَلَا أكتحل بنوم، ثمَّ بَكَيْت لَيْلَتي الْمُقبلَة لَا يرقأ لي دمع، وَلَا أكتحل بنوم، فَأصْبح عِنْدِي أبواي، قد بَكَيْت لَيْلَتي وَيَوْما، حَتَّى أَظن أَن الْبكاء فالق كَبِدِي. وَمن الروَاة من قَالَ: وأبواي يظنان أَن الْبكاء فالق كَبِدِي، قَالَت: فَبَيْنَمَا هما جالسان عِنْدِي وَأَنا أبْكِي إِذْ اسْتَأْذَنت امرأةٌ من الْأَنْصَار، فَأَذنت لَهَا، فَجَلَست تبْكي معي. فَبينا نَحن كَذَلِك، إِذْ دخل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسلم ثمَّ جلس، قَالَت: وَلم يجلس عِنْدِي من يَوْم قيل لي مَا قيل(4/121)
قبلهَا، وَقد مكث شهرا لَا يُوحى إِلَيْهِ فِي شأني بِشَيْء. قَالَت:
فَتشهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين جلس، ثمَّ قَالَ: " أما بعد يَا عَائِشَة، فَإِنَّهُ بَلغنِي عَنْك كَذَا وَكَذَا، فَإِن كنت بريئةً فسيبرئك الله، وَإِن كنت أَلممْت بذنبٍ فاستغفري الله وتوبي إِلَيْهِ، فَإِن العَبْد إِذا اعْترف بِذَنبِهِ ثمَّ تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ ". فَلَمَّا قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَالَته قلص دمعي حَتَّى مَا أحس مِنْهُ قَطْرَة، وَقلت لأبي: أجب عني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا قَالَ.
قَالَ: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُول لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقلت لأمي: أجيبي عني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا قَالَ. قَالَت: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُول لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَت: وَأَنا جاريةٌ صغيرةٌ لَا أَقرَأ كثيرا من الْقُرْآن، فَقلت: إِنِّي وَالله لقد علمت أَنكُمْ سَمِعْتُمْ مَا تحدث بِهِ النَّاس حَتَّى اسْتَقر فِي أَنفسكُم وصدقتم بِهِ، فلئن قلت لكم: إِنِّي بريئة - وَالله يعلم إِنِّي لبريئة - لَا تصدقونني بذلك، وَلَئِن اعْترفت لكم بِأَمْر - وَالله يعلم أَنِّي مِنْهُ بريئة - لتصدقنني، فوَاللَّه مَا أجد لي وَلكم مثلا إِلَّا أَبَا يُوسُف، قَالَ: {فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون} .
ثمَّ تحولت فاضطجعت على فِرَاشِي، وَأَنا وَالله حينئذٍ أعلم أَنِّي بريئة، وَأَن الله مبرئي ببراءتي، وَلَكِن - وَالله مَا كنت أَظن أَن ينزل فِي شأني وَحيا يُتْلَى، ولشأني فِي نَفسِي كَانَ أَحْقَر من أَن يتَكَلَّم الله فِي بِأَمْر يُتْلَى. وَمن الروَاة من قَالَ: ولأنا أَحْقَر فِي نَفسِي من أَن يتَكَلَّم الله بِالْقُرْآنِ فِي أَمْرِي، وَلَكِن كنت أَرْجُو أَن يرى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم رُؤْيا يبرئني الله بهَا. فوَاللَّه مَا رام مَجْلِسه وَلَا خرج أحد من أهل الْبَيْت حَتَّى أنزل الله على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَخذه مَا كَانَ يَأْخُذهُ من البرحاء، حَتَّى إِنَّه ليتحدر مِنْهُ مثل الجمان من الْعرق فِي يَوْم شاتٍ من ثقل القَوْل الَّذِي أنزل عَلَيْهِ. قَالَت: فَسرِّي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يضْحك، فَكَانَ أول كلمة تكلم بهَا أَن قَالَ لي: " يَا عَائِشَة، احمدي الله " وَمن الروَاة من قَالَ: " أَبْشِرِي يَا عَائِشَة، أما الله فقد براك ". فَقَالَت أُمِّي: قومِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقلت: لَا وَالله، لَا(4/122)
أقوم إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمد إِلَّا الله، هُوَ الَّذِي أنزل براءتي. فَأنْزل الله: {إِن الَّذين جَاءُوا بالإفك عصبةٌ مِنْكُم} الْعشْر آيَات [النُّور] فَلَمَّا أنزل الله هَذَا فِي براءتي قَالَ أَبُو بكر الصّديق - وَكَانَ ينْفق على مسطح بن أَثَاثَة لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقره: وَالله لَا أنْفق على مسطح شَيْئا أبدا بعد مَا قَالَ لعَائِشَة: فَأنْزل الله: {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة} إِلَى قَوْله: {غَفُور رَحِيم} [النُّور] فَقَالَ أَبُو بكر الصّديق: بلَى وَالله، إِنِّي لأحب أَن يغْفر الله لي. فَرجع إِلَى مسطح الَّذِي كَانَ يجْرِي عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَالله لَا أَنْزعهَا مِنْهُ أبدا.
قَالَت عَائِشَة:
وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ زَيْنَب بنت جحش عَن أَمْرِي، فَقَالَ: " يَا زَيْنَب، مَا علمت؟ مَا رَأَيْت؟ " فَقَالَت: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أحمي سَمْعِي وبصري، وَالله مَا علمت عَلَيْهَا إِلَّا خيرا.
قَالَت عَائِشَة:
وَهِي الَّتِي كَانَت تساميني من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فعصمها الله بالورع. قَالَ: وطفقت أُخْتهَا حمْنَة تحارب لَهَا، فَهَلَكت فِيمَن هلك من أَصْحَاب الْإِفْك.
قَالَ ابْن شهَاب: فَهَذَا الَّذِي بَلغنِي من حَدِيث هَؤُلَاءِ الرَّهْط.
وَمن الروَاة من زَاد ك
قَالَت عَائِشَة: وَالله، إِن الرجل الَّذِي قيل لَهُ مَا قيل ليقول: سُبْحَانَ الله، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ، مَا كشفت من كنف أُنْثَى. قَالَت: ثمَّ قتل بعد ذَلِك فِي سَبِيل الله.
وَأخرج البُخَارِيّ فِي عقب حَدِيث فليح عَن الزُّهْرِيّ بِطُولِهِ من حَدِيث فليح بن سُلَيْمَان عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَعبد الله ابْن الزبير مثله. وَمن حَدِيث فليح عَن ربيعَة وَيحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد مثله. هَكَذَا فِي(4/123)
كتاب البُخَارِيّ فِي " الشَّهَادَات ". وَلم يذكر هَذَا أَبُو مَسْعُود فِيمَا عندنَا من كِتَابه، وَلَا نبه عَلَيْهِ.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا مُخْتَصرا من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ وَفِيه
من يعذرنا من رجلٍ بَلغنِي أَذَاهُ فِي أهل بَيْتِي ".
وللبخاري من حَدِيث عبيد الله بن أبي مليكَة:
أَن عَائِشَة كَانَت تقْرَأ: {إِذا تلقونه بألسنتكم} وَتقول: الولق: الْكَذِب. قَالَ ابْن أبي مليكَة: وَكَانَت أعلم بذلك من غَيرهَا، لِأَنَّهُ نزل فِيهَا.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ النُّعْمَان بن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ:
كَانَ حَدِيث الْإِفْك فِي غَزْوَة الْمُريْسِيع، ذكره البُخَارِيّ فِي غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة، قَالَ: وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع. قَالَ ابْن إِسْحَق: وَذَلِكَ سنة سِتّ. وَقَالَ مُوسَى بن عقبَة: سنة أَربع، إِلَى هُنَا مَا حَكَاهُ البُخَارِيّ.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
قَالَ لي الْوَلِيد بن عبد الْملك: أبلغك أَن عليا كَانَ فِيمَن قذف عَائِشَة؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن أَخْبرنِي رجلَانِ من قَوْمك: أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام أَن عَائِشَة قَالَت لَهما: كَانَ عليٌّ مُسلما فِي شَأْنهَا.
وَأخرجه أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي كِتَابه الْمخْرج على الصَّحِيح على وَجه آخر من حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ وَفِيه:
كنت عِنْد الْوَلِيد بن عبد الْملك فَقَالَ: الَّذِي تولى كبره مِنْهُم هُوَ عَليّ بن أبي طَالب. فَقلت: لَا، حَدثنِي سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة وعلقمة وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة، كلهم سمع عَائِشَة: الَّذِي تولى كبره عبد الله بن أبي.(4/124)
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة:
وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم عبد الله بن أبي. زَاد فِي حَدِيث صَالح بن كيسَان قَالَ: أخْبرت أَنه كَانَ يشاع ويتحدث بِهِ عِنْده، فيقره ويشيعه ويستوشيه. قَالَ عُرْوَة: لم يسم من أهل الْإِفْك أَيْضا إِلَّا حسان بن ثَابت، ومسطح بن أَثَاثَة، وَحمْنَة بنت جحش، فِي نَاس آخَرين لَا علم لي بهم، غير أَنهم عصبةٌ كَمَا قَالَ الله عز وَجل. قَالَ عُرْوَة: وَكَانَت عَائِشَة تكره أَن يسب عِنْدهَا حسان، وَتقول: إِنَّه الَّذِي قَالَ:
(فَإِن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمدٍ مِنْكُم وقاء) .
وَأَخْرَجَا من حَدِيث مَسْرُوق بن الأجدع قَالَ:
دخلت على عَائِشَة وَعِنْدهَا حسان ينشدها شعرًا يشبب من أَبْيَات، فَقَالَ:
(حصانٌ رزانٌ مَا تزن بريبةٍ ... وتصبح غرثى من لُحُوم الغوافل)
فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: وَلَكِنَّك لست كَذَلِك.
قَالَ مَسْرُوق: فَقلت لَهَا: أَتَأْذَنِينَ لَهُ أَن يدْخل عَلَيْك وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم} [النُّور] قَالَت: وَأي عَذَاب أَشد من الْعَمى. وَقَالَت: إِنَّه كَانَ ينافح، أَو يهاجي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
3232 - التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت قُرَيْش وَمن دَان دينهَا يقفون بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَكَانُوا يسمون الحمس، وَكَانَ سَائِر الْعَرَب يقفون بِعَرَفَة، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام أَمر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْتِي عَرَفَات فيقف بهَا ثمَّ يفِيض مِنْهَا، فَذَلِك قَول الله عز وَجل: {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} [الْبَقَرَة] .
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ كَانَت الْعَرَب تَطوف بِالْبَيْتِ عُرَاة(4/125)
إِلَّا الحمس، والحمس قريشٌ وَمَا ولدت، وَكَانُوا يطوفون عُرَاة إِلَّا أَن يعطيهم الحمس ثيابًا، فتغطي الرِّجَال الرِّجَال، وَالنِّسَاء النِّسَاء. وَكَانَت الحمس لَا يخرجُون من الْمزْدَلِفَة، وَكَانَ النَّاس كلهم يبلغون عَرَفَات قَالَ هِشَام: فَحَدثني أبي عَن عَائِشَة قَالَت: الحمس: هم الَّذين أنزل الله فيهم: {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} [الْبَقَرَة] قَالَت: كَانَ النَّاس يفيضون من عَرَفَات وَكَانَ الحمس يفيضون من الْمزْدَلِفَة، وَيَقُولُونَ: إِلَّا من الْحرم. فَلَمَّا نزلت: {أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} [الْبَقَرَة] رجعُوا إِلَى عَرَفَات. وَهَذَا لفظ حَدِيث مُسلم.
3233 - التِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: نزُول الأبطح لَيْسَ بِسنة، إِنَّمَا نزله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ كَانَ أسمح لِخُرُوجِهِ إِذا خرج.
وَلمُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم:
أَن أَبَا بكر وَعمر وَابْن عمر كَانُوا ينزلون الأبطح. وَقَالَ الزُّهْرِيّ: وأخبرتني عَائِشَة أَنَّهَا لم تكن تفعل ذَلِك. وَقَالَت: إِنَّمَا نزله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ كَانَ منزلا أسمح لِخُرُوجِهِ.
3234 - الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ضباعة بنت الزبير فَقَالَ لَهَا: " لَعَلَّك أردْت الْحَج؟ " قَالَت: وَالله مَا أجدني إِلَّا وجعةً. فَقَالَ لَهَا: " حجي واشترطي، وَقَوْلِي: اللَّهُمَّ محلي حَيْثُ حبستني " وَكَانَت تَحت الْمِقْدَاد بن الْأسود.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ضباعة بنت الزبير بن عبد الْمطلب فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أُرِيد الْحَج وَأَنا شاكية، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " حجي واشترطي أَن محلي حَيْثُ حبستني ".
3235 - الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: لم تقطع يَد سَارِق على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أدنى من ثمن الْمِجَن: ترس أَو حجفة،(4/126)
وَكَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا ذَا ثمن. قَالَ البُخَارِيّ: رَوَاهُ وَكِيع وَابْن إِدْرِيس عَن هِشَام عَن أَبِيه مُرْسلا.
وَفِي حَدِيث عَبدة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
يَد السَّارِق لم تقطع على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا فِي ثمن مجن: حجفة أَو ترس.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عمْرَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تقطع يَد السَّارِق إِلَّا فِي ربع دينارٍ ".
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عمر عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله يقطع السَّارِق فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا.
وَفِي حَدِيث الْوَلِيد بن شُجَاع:
لَا تقطع يَد السَّارِق إِلَّا فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه عمْرَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " تقطع فِي ربع دِينَار ".
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة سُلَيْمَان بن يسَار عَن عمْرَة عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تقطع الْيَد إِلَّا فِي ربع دِينَار فَمَا فَوْقه ".
وَمن حَدِيث أبي بكر بن مُحَمَّد بن عُرْوَة بن حزم عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَ:
لَا تقطع يَد سارقٍ إِلَّا فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا ".
3236 - الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: أول مَوْلُود فِي الْإِسْلَام عبد الله بن الزبير، أَتَوا بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَمْرَة(4/127)
فلاكها ثمَّ أدخلها فِي فِيهِ. فَأول مَا دخل بَطْنه ريق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَلَيْسَ لمُسلم فِي حَدِيثه بِهَذَا الْإِسْنَاد: أول مَوْلُود عبد الله.
وَفِي حَدِيث أبي خَالِد الْأَحْمَر عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
جِئْنَا بِعَبْد الله ابْن الزبير إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحنكه، فطلبنا تَمْرَة فعز علينا طلبَهَا لم يزدْ.
وَفِي حَدِيث شُعَيْب بن إِسْحَق عَن هِشَام بن عُرْوَة وَفَاطِمَة بنت الْمُنْذر بن الزبير قَالَا:
خرجت أَسمَاء بنت أبي بكر حِين هَاجَرت وَهِي حُبْلَى بِعَبْد الله بن الزبير، فَقدمت قبَاء فنفست بِعَبْد الله بقباء، ثمَّ خرجت حِين نفست إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليحنكه، فَأَخذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا فَوَضعه فِي حجره. قَالَ: قَالَت عَائِشَة: فَمَكثْنَا سَاعَة نلتمسها - تَعْنِي تَمْرَة - قبل أَن نجدها، فمضغها ثمَّ بصقها فِي فِيهِ، فَإِن أول شيءٍ دخل بَطْنه لريق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَت أَسمَاء: ثمَّ مَسحه وَصلى عَلَيْهِ، وَسَماهُ عبد الله، ثمَّ جَاءَ وَهُوَ ابْن سبع سِنِين أَو ثَمَان سِنِين ليبايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأمره بذلك الزبير فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين رَآهُ مُقبلا إِلَيْهِ، ثمَّ بَايعه.
3237 - الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَام الْفَتْح من كداء الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّة.
وَفِي حَدِيث أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن أبي عمر عَن ابْن عُيَيْنَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما جَاءَ إِلَى مَكَّة دَخلهَا من أَعْلَاهَا وَخرج من أَسْفَلهَا.
وَفِي رِوَايَة أبي كريب عَن أبي أُسَامَة قَالَ هِشَام:
فَكَانَ أبي يدخلهَا مِنْهُمَا كليهمَا، وَكَانَ أَكثر مَا يدْخل من كداء.
وَمِنْهُم من أرْسلهُ فَقَالَ:
عَن هِشَام عَن أَبِيه: دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفَتْح من أَعلَى مَكَّة، من كداء.(4/128)
3238 - الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ فرَاش رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أدمٍ وحشوه لِيف.
وَمن حَدِيث عَبدة بن سُلَيْمَان:
كَانَ وساد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي يتكيء عَلَيْهِ من أدمٍ وحشوه لِيف.
وَفِي حَدِيث عَليّ بن مسْهر:
الَّذِي ينَام عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَة وَعبد الله بن نمير: ضجاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
3239 - السَّادِس وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَا يَقُولَن أحدكُم: خبثت نَفسِي، وَلَكِن ليقل: لقست نَفسِي ".
3240 - السَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا فِي بَيْتِي شيءٌ يَأْكُلهُ ذُو كبد، إِلَّا شطر شعير فِي رفٍّ لي، فَأكلت مِنْهُ حَتَّى طَال عَليّ، فكلته ففني.
3241 - الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: قدم نَاس من الْأَعْرَاب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: أتقبلون صِبْيَانكُمْ؟ فَقَالُوا: نعم.
قَالُوا: لَكنا وَالله مَا تقبل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَو أملك إِن كَانَ الله نزع مِنْكُم الرَّحْمَة؟ ".
3242 - التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رجالٌ من الْأَعْرَاب جُفَاة يأْتونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيسألونه: مَتى السَّاعَة؟ فَكَانَ ينظر إِلَى أَصْغَرهم فَيَقُول " إِن يَعش هَذَا لَا يُدْرِكهُ الْهَرم حَتَّى تقوم عَلَيْكُم سَاعَتكُمْ. " قَالَ هِشَام: يَعْنِي مَوْتهمْ.(4/129)
3243 - الْمِائَة: عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنِّي لأعْلم إِذا كنت عني راضيةً وَإِذا كنت عَليّ غاضبةً " قَالَت: فَقلت: وَمن أَيْن تعرف ذَلِك؟ قَالَ " أما إِذا كنت عني راضية فَإنَّك تَقُولِينَ: لَا، وَرب مُحَمَّد.
وَإِذا كنت غَضَبي قلت: لَا، وَرب إِبْرَاهِيم. " قَالَت: قلت: أجل وَالله يَا رَسُول الله، مَا أَهجر إِلَّا اسْمك.
وَفِي حَدِيث عَبدة:
إِنِّي أعرف غضبك من رضاك ... " ثمَّ ذكره بِمَعْنَاهُ.
3244 - الأول بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: اسْتَأْذن حسان بن ثَابت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هجاء الْمُشْركين، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَكيف بنسبي؟ " فَقَالَ حسان: لأسلنك مِنْهُم كَمَا تسل الشعرة من الْعَجِين. كَذَا فِي حَدِيث عَبدة عَن هِشَام.
وَفِيه: عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
ذهبت أسب حسان عِنْد عَائِشَة، فَقَالَت: لَا تسبه، فَإِنَّهُ كَانَ ينافح عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة وَغَيره عَن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
إِن حسان بن ثَابت كَانَ مِمَّن كثر على عَائِشَة فسببته، فَقَالَت: يَا ابْن أُخْتِي، دَعه، وَذكر بَاقِي الحَدِيث.
وَفِي حَدِيث يحيى بن زَكَرِيَّا عَن هِشَام عَن أَبِيه عَنْهَا قَالَت: قَالَ حسان:
يَا رَسُول الله، ائْذَنْ لي فِي أبي سُفْيَان. قَالَ: " كَيفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ؟ " قَالَ: وَالَّذِي أكرمك لأسلنك مِنْهُم كَمَا يسل الشّعْر من الخمير. فَقَالَ حسان.
(وَإِن سَنَام الْمجد من آل هاشمٍ ... بَنو بنت مخزومٍ ووالدك العَبْد} ...
قصيدته هَذِه.(4/130)
وَأخرج البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضع لحسان منبراً فِي الْمَسْجِد يقوم عَلَيْهِ، فإمَّا يفاخر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِمَّا ينافح، وَيَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله يُؤَيّد حسان بِروح الْقُدس، مَا نافح أَو فاخر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث بن خَالِد التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
اهجوا قُريْشًا، فَإِنَّهُ أَشد عَلَيْهَا من رشق النبل، فَأرْسل إِلَى ابْن رَوَاحَة، فَقَالَ: " اهجهم " فهجاهم فَلم يرض، فَأرْسل إِلَى كَعْب بن مَالك، ثمَّ أرسل إِلَى حسان بن ثَابت. فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ حسان: قد آن لكم أَن تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأسد الضَّارِب بِذَنبِهِ، ثمَّ أدلع لِسَانه، فَجعل يحركه، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، لأفرينهم بلساني فري الْأَدِيم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تعجل، فَإِن أَبَا بكر أعلم قريشٍ بأنسابها، وَإِن لي فيهم نسبا حَتَّى يلخص لَك بِشَيْء. " فَأَتَاهُ حسان، ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ.
وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، لأسلنك مِنْهُم كَمَا تسل الشعرة من الْعَجِين.
قَالَت عَائِشَة:
فَسمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لحسان: " إِن روح الْقُدس لَا يزَال يؤيدك مَا نافحت عَن الله وَرَسُوله. " وَقَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " هجاهم حسان فشفى واشتفى ".
قَالَ حسان:
(أَلا أبلغ أَبَا سُفْيَان عني ... مغلغلةً، فقد برح الخفاء)
(هجوت مُحَمَّدًا فأجبت عَنهُ ... وَعند الله فِي ذَاك الْجَزَاء)
(هجوت مُحَمَّدًا برا تقياً ... رَسُول الله، شيمته الْوَفَاء)(4/131)
(فَإِن أبي ووالده وعرضي ... لعرض مُحَمَّد مِنْكُم وقاء)
(ثكلت بنيتي إِن لم تَرَوْهَا ... تثير النَّقْع من كنفي كداء)
(يبارين الأعنة مصعدات ... على أكنافها الأسل الظماء)
(تظل جيادنا متمطرات ... تلطمهن بِالْخمرِ النِّسَاء)
(فَإِن أعرضتم عَنَّا اعتمرنا ... وَكَانَ الْفَتْح وانكشف الغطاء)
(وَإِلَّا فَاصْبِرُوا لضراب يَوْم ... يعز الله فِيهِ من يَشَاء)
(وَقَالَ الله: قد أرْسلت عبدا ... يَقُول الْحق لَيْسَ بِهِ خَفَاء)
(وَقَالَ الله: قد يسرت جنداً ... هم الْأَنْصَار عرضتها اللِّقَاء)
(لنا فِي كل يَوْم من معدٍّ ... سبابٌ أَو قتالٌ أَو هجاء)
(فَمن يهجو رَسُول الله مِنْكُم ... ويمدحه وينصره سَوَاء)
(وجبريلٌ رَسُول الله فِينَا ... وروح الْقُدس لَيْسَ لَهُ كفاء)
3245 - الثَّانِي بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب الْعَسَل والحلوى، وَكَانَ إِذا انْصَرف من الْعَصْر دخل على بعض نِسَائِهِ فيدنو من إِحْدَاهُنَّ. فَدخل على حَفْصَة بنت عمر فاحتبس أَكثر مِمَّا يحتبس، فغرت، فَسَأَلت عَن ذَلِك، فَقيل لي: أَهْدَت لَهَا امرأةٌ من قَومهَا عكةً من عسل، فسقت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُ شربةً. فَقلت: أما وَالله لنحتالن لَهُ. فَقلت لسودة بنت زَمعَة: إِنَّه سيدنو مِنْكُم، فَإِن دنا مِنْك فَقولِي لَهُ: يَا رَسُول الله، أكلت مَغَافِير فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَك: لَا، فَقولِي لَهُ: مَا هَذِه الرّيح الَّتِي أجد. زَاد فِي حَدِيث(4/132)
أبي كريب وَغَيره:
وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشْتَد عَلَيْهِ أَن يُوجد مِنْهُ الرّيح. فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَك: سقتني حَفْصَة شربة عسل. فَقولِي لَهُ: جرست نحله العرفط.
وسأقول ذَلِك، وَقَوْلِي أَنْت يَا صَفِيَّة ذَلِك.
قَالَت: تَقول سَوْدَة:
فوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، مَا هُوَ إِلَّا أَن قَامَ على الْبَاب فَأَرَدْت أَن أبادئه بِمَا أَمرتنِي فرقا مِنْك، فَلَمَّا دنا مِنْهَا قَالَت لَهُ سَوْدَة: يَا رَسُول الله، أكلت مَغَافِير. قَالَ: " لَا ". قَالَت: فَمَا هَذِه الرّيح الَّتِي أجد مِنْك؟ قَالَ: " سقتني حَفْصَة شربة عسل " فَقَالَت: جرست نحله العرفط. فَلَمَّا دَار إِلَيّ قلت لَهُ نَحْو ذَلِك، فَلَمَّا دَار إِلَى صَفِيَّة قَالَت لَهُ مثل ذَلِك. فَلَمَّا دنا إِلَى حَفْصَة قَالَت: يَا رَسُول الله، أَلا أسقيك مِنْهُ. قَالَ: " لَا حَاجَة لي فِيهِ. " قَالَت: تَقول سَوْدَة: وَالله لقد حرمناه. قلت لَهَا: اسكتي.
وَأَخْرَجَاهُ - وَفِيه بعض الْخلاف من حَدِيث عبيد بن عُمَيْر عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمْكث عِنْد زَيْنَب بنت جحش فيشرب عِنْدهَا عسلاً. قَالَت: فتواصيت أَنا وَحَفْصَة أَن أَيَّتنَا مَا دخل عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلْتَقُلْ لَهُ: إِنِّي أجد مِنْك ريح مَغَافِير، أكلت مَغَافِير، فَدخل على إِحْدَاهمَا فَقَالَت ذَلِك لَهُ. قَالَ: " بل شربت عسلاً عِنْد زَيْنَب بنت جحش، وَلنْ أَعُود لَهُ ". فَنزل: {لم تحرم مَا أحل الله لَك} [التَّحْرِيم] {إِن تَتُوبَا إِلَى الله} [التَّحْرِيم] لعَائِشَة وَحَفْصَة. {وَإِذا أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} [التَّحْرِيم] لقَوْله: " بل شربت عسلاً. ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن مُوسَى عَن هِشَام: " لن أَعُود لَهُ، وَقد حَلَفت، فَلَا تُخْبِرِي بذلك أحدا. ".
3246 - الثَّالِث بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: أُصِيب(4/133)
سعدٌ يَوْم الخَنْدَق، رَمَاه رجلٌ من قُرَيْش: ابْن العرقة، رَمَاه فِي الأكحل. فَضرب عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خيمةً فِي الْمَسْجِد يعودهُ من قريب، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الخَنْدَق وضع السِّلَاح فاغتسل، فَأتى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ ينفض رَأسه من الْغُبَار، فَقَالَ: وضعت السِّلَاح؟ وَالله مَا وضعناه، اخْرُج إِلَيْهِم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَأَيْنَ؟ " فَأَشَارَ إِلَى بني قُرَيْظَة. فَقَاتلهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فنزلوا على حكم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَرد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحكم فِيهِ إِلَى سعد، قَالَ: فَإِنِّي أحكم فيهم: أَن تقتل الْمُقَاتلَة، وَأَن تسبى الذُّرِّيَّة وَالنِّسَاء، وتقسم.
وَهَذَا لفظ حَدِيث أبي بكر بن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن الْعَلَاء عَن عبد الله بن نمير، وحديثهما أتم.
قَالَ أَبُو كريب عَن ابْن نمير: حَدثنَا هِشَام:
قَالَ أبي: فَأخْبرت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لقد حكمت فيهم بِحكم الله ".
وَفِي رِوَايَة زَكَرِيَّا بن يحيى عَن ابْن نمير بِالْإِسْنَادِ أَن سَعْدا قَالَ:
اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنه لَيْسَ أحدٌ أحب إِلَيّ أَن أجاهدهم فِيك من قوم كذبُوا رَسُولك وأخرجوه، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظن أَنَّك قد وضعت الْحَرْب بَيْننَا وَبينهمْ. لم يزدْ.
وَقَالَ أبان بن يزِيد: وَذكر نَحوه مُخْتَصرا.
وَفِي حَدِيث أبي كريب وَحده عَن ابْن نمير بِالْإِسْنَادِ:
أَن سَعْدا قَالَ - وتحجر كَلمه للبرء فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنه لَيْسَ أحدٌ أحب إِلَيّ أَن أجاهد فِيك من قوم كذبُوا رَسُولك وأخرجوه. اللَّهُمَّ فَإِن كَانَ بَقِي من حَرْب قُرَيْش فأبقني أجاهد فِيك. اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَظن أَنَّك قد وضعت الْحَرْب بَيْننَا وَبينهمْ، فَإِن كنت وضعت(4/134)
الْحَرْب بَيْننَا وَبينهمْ فافجرها وَاجعَل موتِي فِيهَا. فانفجرت من لبته، فَلم يرعهم - وَفِي الْمَسْجِد مَعَه خيمةٌ من بني غفار - إِلَّا وَالدَّم يسيل إِلَيْهِم. فَقَالُوا: يَا أهل الْخَيْمَة، مَا هَذَا الَّذِي يأتينا من قبلكُمْ؟ . فَإِذا سعدٌ، جرحه يغذ دَمًا فَمَاتَ مِنْهَا.
وَفِي حَدِيث عَبدة بن سُلَيْمَان عَن هِشَام بِهَذَا الْإِسْنَاد نَحوه غير أَنه قَالَ:
فانفجر من ليلته، فَمَا زَالَ يسيل حَتَّى مَاتَ.
3247 - الرَّابِع بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سحر حَتَّى كَانَ يخيل إِلَيْهِ أَنه يصنع الشَّيْء وَلم يصنعه. كَذَا فِي رِوَايَة يحيى ابْن سعيد الْقطَّان عَن هِشَام مختصرة.
وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة عَن هِشَام بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَت:
سحر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِنَّه ليُخَيل إِلَيْهِ فعل الشَّيْء وَمَا فعله. حَتَّى إِذا كَانَ ذَات يَوْم وَهُوَ عِنْدِي، دَعَا الله وَدعَاهُ ثمَّ قَالَ: " أشعرت يَا عَائِشَة أَن الله قد أفتاني فِيمَا استفتيته فِيهِ؟ " قلت: وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " جَاءَنِي رجلَانِ، فَجَلَسَ أَحدهمَا عِنْد رَأْسِي، وَالْآخر عِنْد رجْلي، ثمَّ قَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: مَا وجع الرجل؟ قَالَ: مطبوبٌ. قَالَ: وَمن طبه؟ قَالَ: لبيد بن الأعصم الْيَهُودِيّ من زُرَيْق. قَالَ: فيمَ ذَا؟ قَالَ: فِي مشط ومشاطة وجف طلعه. قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْر ذِي أروان. وَمن الروَاة من قَالَ: فِي بِئْر ذروان. قَالَ: وذروان بِئْر فِي بني زُرَيْق. فَذهب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أنَاس من أَصْحَابه إِلَى الْبِئْر، فَنظر إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نخل. قَالَ: ثمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَة فَقَالَ:(4/135)
" وَالله لكأن ماءها فقاعة الْحِنَّاء. ولكأن نخلها رُؤُوس الشَّيَاطِين " قلت: يَا رَسُول الله، أفأخرجته؟ قَالَ: " لَا، أما أَنا فقد عافاني الله وشفاني، وخشيت أَن أثور على النَّاس مِنْهُ شرا. " وَأمر بهَا، فدفنت.
وَفِي حَدِيث عِيسَى بن يُونُس عَن هِشَام نَحوه. قَالَ البُخَارِيّ:
تَابعه أَبُو أُسَامَة وَأَبُو ضَمرَة وَابْن أبي الزِّنَاد عَن هِشَام. وَقَالَ اللَّيْث وَابْن عُيَيْنَة عَن هِشَام: فِي مشط ومشاقه. قَالَ البُخَارِيّ: يُقَال: المشاطة: مَا يخرج من الشّعْر إِذا مشط، ومشاقه: من مشاقة الْكَتَّان.
وَقد أخرج البُخَارِيّ حَدِيث ابْن عُيَيْنَة بِالْإِسْنَادِ، وَفِيه:
كَانَ رَسُول الله سحر حَتَّى كَانَ يرى أَنه يَأْتِي النِّسَاء وَلَا يأتيهن. قَالَ سُفْيَان: وَهَذَا أَشد مَا يكون من السحر إِذا كَانَ كَذَا. وَفِيه قَالَ: وَمن طبه؟ قَالَ: لبيد بن الأعصم، رجلٌ من بني زُرَيْق، حَلِيف الْيَهُود، وَكَانَ منافقاً. قَالَ: وفيم؟ قَالَ: فِي مشط ومشاقة. قَالَ: وَأَيْنَ؟ قَالَ: فِي جف طلعة ذكرٍ تَحت راعوفة فِي بِئْر ذروان. قَالَ: فَأتى الْبِئْر حَتَّى استخرجه. وَقَالَ: " هَذِه الْبِئْر الَّتِي أريتها ".
وَفِي حَدِيث أبي كريب عَن ابْن نمير قَالَت: فَقلت:
يَا رَسُول الله، أَفلا أحرقته. قَالَ: " لَا، أما أَنا فقد عافاني الله، وكرهت أَن أثير على النَّاس شرا، فَأمرت بهَا فدفنت ".
3248 - الْخَامِس بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل الأبتر، وَقَالَ: " إِنَّه يُصِيب الْبَصَر، وَيذْهب الْحَبل ".
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن هِشَام بِهَذَا الْإِسْنَاد:
اقْتُلُوا ذَا الطفيتين، فَإِنَّهُ(4/136)
يلْتَمس الْبَصَر، ويصيب الْحَبل. " قَالَ البُخَارِيّ: تَابع حَمَّاد بن سَلمَة أَبَا أُسَامَة.
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام نَحوه، وَقَالَ: " الأبتر وَذَا الطفيتين ".
3249 - السَّادِس بعد الْمِائَة: عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ يَأْتِي علينا الشَّهْر مَا نوقد فِيهِ نَارا، إِنَّمَا هُوَ التَّمْر وَالْمَاء، إِلَّا إِن نؤتى باللحيم.
وَفِي رِوَايَة حَفْص بن غياث عَن هَاشم عَن أَبِيه عَنْهُمَا قَالَت:
مَا شبع آل مُحَمَّد من خبز الْبر ثَلَاثًا حَتَّى مضى لسبيله.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأسود بن يزِيد عَن عَائِشَة قَالَت:
مَا شبع آل مُحَمَّد مُنْذُ قدم الْمَدِينَة من طَعَام الْبر ثَلَاث لَيَال تباعا حَتَّى قبض.
وَفِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن يزِيد الْأسود:
مَا شبع آل مُحَمَّد من خبز شعير يَوْمَيْنِ مُتَتَابعين حَتَّى قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عَابس بن ربيعَة قَالَ: قلت لعَائِشَة:
أنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان تُؤْكَل لُحُوم الْأَضَاحِي فَوق ثَلَاث؟ قَالَت: مَا فعله إِلَّا فِي عامٍ جَاع النَّاس فِيهِ، فَأَرَادَ أَن يطعم الْغَنِيّ الْفَقِير، وَإِن كُنَّا لنرفع الكراع فنأكله بعد خمس عشرَة لَيْلَة.
قلت: وَمَا اضطركم إِلَيْهِ؟ . فَضَحكت وَقَالَت: مَا شبع آل مُحَمَّد من خبز مأدوم ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى لحق بِاللَّه.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ ابْن كثير:
أخبرنَا سُفْيَان قَالَ: أخبرنَا عبد الرَّحْمَن بن عَابس. كَذَا لفظ الحَدِيث للْبُخَارِيّ، وَهُوَ عِنْد مُسلم مُخْتَصر.
وَلَيْسَ لعابس بن ربيعَة فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَلَهُمَا من حَدِيث هِلَال بن حميد - وَقيل: ابْن أبي حميد - عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
مَا أكل آل مُحَمَّد أكلتين فِي يومٍ إِلَّا إِحْدَاهمَا تمر.(4/137)
وَمن حَدِيث أبي روح يزِيد بن رُومَان عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تَقول:
وَالله يَا ابْن أُخْتِي إِن كُنَّا لنَنْظُر إِلَى الْهلَال ثمَّ الْهلَال ثمَّ الْهلَال، ثَلَاثَة أهلة فِي شَهْرَيْن، وَمَا أوقد فِي أَبْيَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَار. قَالَ: قلت: يَا خَالَة، فَمَا كَانَ يعيشكم؟ قَالَت: الأسودان: التَّمْر وَالْمَاء، إِلَّا أَنه قد كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جيرانٌ من الْأَنْصَار، وَكَانَت لَهُم منائح، فَكَانُوا يرسلون إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَلْبَانهَا فيسقيناه.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن الحَجبي عَن أمه صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت:
توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين شبع النَّاس من الأسودين: التَّمْر وَالْمَاء.
وَفِي حَدِيث الْأَشْجَعِيّ وَأبي أَحْمد عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور:
وَمَا شبعنا من الأسودين.
وَلمُسلم من حَدِيث يزِيد بن عبد الله بن قسيط اللَّيْثِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
لقد مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا شبع من خبزٍ وزيتٍ فِي يومٍ وَاحِد مرَّتَيْنِ.
3250 - السَّابِع بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْحمى من فيح جَهَنَّم، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ ".
3251 - الثَّامِن بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرقي، يَقُول: " امسح الباس، رب النَّاس، بِيَدِك الشِّفَاء، لَا كاشف لَهُ إِلَّا أَنْت ".(4/138)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَسْرُوق عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعوذ بعض أَهله يمسح بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُول: " اللَّهُمَّ رب النَّاس، اذْهَبْ الباس، اشف وَأَنت الشافي، لَا شِفَاء إِلَّا شفاؤك، شِفَاء لَا يُغَادر سقماً ".
وَفِي حَدِيث جرير عَن الْأَعْمَش نَحوه، وَزَاد:
فَلَمَّا مرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَثقل أخذت بِيَدِهِ لأصنع بِهِ نَحْو مَا كَانَ يصنع، فَانْتزع يَده من يَدي، ثمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ اغْفِر لي واجعلني مَعَ الرفيق الْأَعْلَى " قَالَت: فَذَهَبت أنظر، فَإِذا هُوَ قد قضى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
3252 - التَّاسِع بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن النَّاس كَانُوا يتحرون بهداياهم يَوْم عَائِشَة، يَبْتَغُونَ بهَا، أَو يَبْتَغُونَ بذلك مرضاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. هَكَذَا فِي حَدِيث عَبدة بن سُلَيْمَان عَن هِشَام لَهما. لم يزدْ.
وللبخاري من حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة:
أَن نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كن حزبين: فحزبٌ فِيهِ عَائِشَة وَحَفْصَة وَصفِيَّة وَسَوْدَة، والحزب الآخر أم سَلمَة وَسَائِر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ الْمُسلمُونَ قد علمُوا حب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَائِشَة، فَإِذا كَانَت عِنْد أحدهم هديةٌ يُرِيد أَن يهديها إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخّرهَا، حَتَّى إِذا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيت عَائِشَة بعث صَاحب الْهَدِيَّة بهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيت عَائِشَة، فَكلم حزب أم سَلمَة أم سَلمَة، فَقُلْنَ: كلمي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكلم النَّاس، فَيَقُول: من أَرَادَ أَن يهدي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَدِيَّة فليهد إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ من نِسَائِهِ، فكلمته أم سَلمَة بِمَا قُلْنَ، فَلم يقل لَهَا شَيْئا. فسألنها فَقَالَت: مَا قَالَ لي شَيْئا. فَقُلْنَ لَهَا: كلميه. قَالَ: فكلمته حِين دَار إِلَيْهَا أَيْضا وَلم يقل لَهَا شَيْئا. فسألنها فَقَالَت: مَا قَالَ لي شَيْئا. فَقُلْنَ لَهَا: كلميه حَتَّى يكلمك. فدار إِلَيْهَا فكلمته فَقَالَ لَهَا: " لَا تؤذيني فِي عَائِشَة، فَإِن الْوَحْي لم يأتني وَأَنا فِي ثوب امراة إِلَّا عَائِشَة " قَالَت: فَقلت: أَتُوب إِلَى الله من أذاك يَا رَسُول الله.(4/139)
ثمَّ إنَّهُنَّ دعون فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأرسلنها إِلَى رَسُول الله تَقول:
إِن نِسَاءَك يسألنك الْعدْل فِي بنت أبي بكر. فكلمته فَقَالَ: " يَا بنية، أَلا تحبين مَا أحب؟ " فَقَالَت: بلَى. فَرَجَعت إلَيْهِنَّ فأخبرتهن. فَقُلْنَ: ارجعي إِلَيْهِ، فَأَبت أَن ترجع، فأرسلن زَيْنَب بنت جحش، فَاتَتْهُ فأغلظت وَقَالَت: إِن نِسَاءَك ينشدنك الله الْعدْل فِي بنت أبي قُحَافَة. فَرفعت صَوتهَا حَتَّى تناولت عَائِشَة وَهِي قاعدةٌ، فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لينْظر إِلَى عَائِشَة. هَل تكلم؟ قَالَ: فتكلمت عَائِشَة ترى على زَيْنَب، حَتَّى أسكتتها قَالَ: فَنظر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَائِشَة فَقَالَ: " إِنَّهَا ابْنة أبي بكر ".
وَفِي حَدِيث عبد الله بن عبد الْوَهَّاب الحَجبي عَن حَمَّاد بن زيد عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه طرف مِنْهُ:
كَانَ النَّاس يتحرون بهداياهم يَوْم عَائِشَة، قَالَت عَائِشَة: فَاجْتمع صواحبي إِلَى أم سَلمَة فَقُلْنَ: يَا أم سَلمَة، إِن النَّاس يتحرون بهداياهم يَوْم عَائِشَة، وَإِنَّا نُرِيد الْخَبَر كَمَا تُرِيدُ عَائِشَة، فمري رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْمر النَّاس أَن يهدوا إِلَيْهِ حَيْثُ مَا كَانَ أَو حَيْثُ مَا دَار. قَالَت: فَذكرت ذَلِك أم سَلمَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَت: فَأَعْرض عني، فَلَمَّا عَاد إِلَيّ ذكرت ذَلِك لَهُ فَأَعْرض عني، فَلَمَّا كَانَ الثَّالِثَة، ذكرت لَهُ ذَلِك فَقَالَ: " يَا أم سَلمَة، لَا تؤذيني فِي عَائِشَة، فَإِنَّهُ وَالله مَا نزل عَليّ الْوَحْي وَأَنا فِي لِحَاف امرأةٍ مِنْكُن غَيرهَا ".
وَلمُسلم من حَدِيث صَالح بن كيسَان وَيُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام أَن عَائِشَة قَالَت:
أرسل أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فاستأذنت عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجع فِي مِرْطِي، فَأذن لَهَا، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن أَزوَاجك أرسلنني يسألنك الْعدْل فِي ابْنة أبي قُحَافَة. وَأَنا ساكتة. قَالَت: فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَي بنية، أَلَسْت تحبين مَا أحب؟ " فَقَالَت: بلَى، قَالَ: " فأحبي هَذِه " قَالَت: فَقَامَتْ فَاطِمَة حِين سَمِعت ذَلِك من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَرَجَعت إِلَى أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأخبرتهن بِالَّذِي(4/140)
قَالَت وَبِالَّذِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقُلْنَ لَهَا: مَا نرَاك أغنيت عَنَّا من شَيْء، فارجعي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقولِي لَهُ: إِن أَزوَاجك ينشدنك الْعدْل فِي ابْنة أبي قُحَافَة. فَقَالَت فَاطِمَة: وَالله لَا ُأكَلِّمهُ فِيهَا أبدا. قَالَت عَائِشَة: فَأرْسل أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب بنت جحش زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهِي الَّتِي كَانَت تساميني مِنْهُنَّ فِي الْمنزلَة عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم أر امْرَأَة قطّ خيرا فِي الدّين من زَيْنَب، أتقى لله، وأصدق حَدِيثا، وأوصل للرحم، وَأعظم صَدَقَة، وَأَشد ابتذالاً لنَفسهَا فِي الْعَمَل الَّذِي تصدق بِهِ وتقرب بِهِ إِلَى الله، مَا عدا سُورَة من حِدة كَانَ فِيهَا، تسرع مِنْهُ الْفَيْئَة. قَالَت: فاستأذنت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ عَائِشَة فِي مرْطهَا على الْحَال الَّتِي دخلت فَاطِمَة عَلَيْهَا وَهُوَ بهَا، فَأذن لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن أَزوَاجك أرسلنني يسألنك الْعدْل فِي ابْنة أبي قُحَافَة، قَالَت: ثمَّ وَقعت بِي، فاستطالت عَليّ وَأَنا أرقب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأرقب طرفه، هَل يَأْذَن لي فِيهَا، قَالَت: فَلم تَبْرَح زَيْنَب حَتَّى عرفت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يكره أَن أنتصر. قَالَت: فَلَمَّا وَقعت بهَا لم أنشبها حَتَّى أثخنت عَلَيْهَا. وَفِي حَدِيث يُونُس: لم أنشبها أَن أثخنت عَلَيْهَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَبَسم: " إِنَّهَا ابْنة أبي بكر ".
وَلم يخرج البُخَارِيّ من هَذَا الحَدِيث إِلَّا طرفا تَعْلِيقا، فَقَالَ:
قَالَ أَبُو مَرْوَان عَن هِشَام عَن رجل من قُرَيْش وَرجل من الموَالِي عَن الزُّهْرِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام قَالَ: قَالَت: قَالَت عَائِشَة: كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فاستأذنته فَاطِمَة لم يزدْ.(4/141)
وَلَيْسَ لمُحَمد بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا مَا ذكرنَا.
3253 - الْعَاشِر بعد الْمِائَة: عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن رجلا قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أُمِّي افتلتت نَفسهَا، وأراها لَو تَكَلَّمت تَصَدَّقت، أفأتصدق عَنْهَا؟ قَالَ: " نعم، تصدق عَنْهَا ".
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير عَن هِشَام:
فَهَل لَهَا أجرٌ إِن تَصَدَّقت عَنْهَا. قَالَ: " نعم ".
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن بشر وَأبي أُسَامَة:
افتلتت نَفسهَا وَلم توص ... ثمَّ ذكر نَحْو حَدِيث مُحَمَّد بن جَعْفَر.
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد وَأبي أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة وروح بن الْقَاسِم عَن هِشَام:
فلي أجر أَن أَتصدق عَنْهَا؟ قَالَ: " نعم ".
وَفِي حَدِيث شُعَيْب بن إِسْحَق وجعفر بن عون: أفلها أجرٌ؟ كَرِوَايَة ابْن بشر وَغَيره.
3245 - الْحَادِي عشر بعد الْمِائَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وعك أَبُو بكر وبلال. قَالَت: فَدخلت عَلَيْهِمَا فَقلت: يَا أَبَت، كَيفَ تجدك؟ يَا بِلَال، كَيفَ تجدك؟ قَالَت: وَكَانَ أَبُو بكر إِذا أَخَذته الْحمى يَقُول:
(كل امرئٍ مصبحٌ فِي أَهله ... وَالْمَوْت أدنى من شِرَاك نَعله)(4/142)
وَكَانَ بِلَال إِذا أقلع عَنهُ يرفع عقيرته يَقُول:
(أَلا لَيْت شعري، هَل أبيتن لَيْلَة ... بوادٍ، وحولي إذخر وجليل)
(وَهل أردن يَوْمًا مياه مجنةٍ ... وَهل يبدون لي شامةٌ وطفيل)
قَالَت عَائِشَة:
فَجئْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ حبب إِلَيْنَا الْمَدِينَة كحبنا مَكَّة أَو أَشد، اللَّهُمَّ وصححها، وَبَارك لنا فِي مدها وصاعها، وأنقل حماها، فاجعلها بِالْجُحْفَةِ ".
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة عَن هِشَام نَحوه، وَزَاد بعد بَيْتِي بِلَال من قَوْله:
اللَّهُمَّ الْعَن شيبَة بن ربيعَة، وَعتبَة بن ربيعَة، وَأُميَّة بن خلف، كَمَا أخرجونا من أَرْضنَا إِلَى أَرض الوباء. ثمَّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ حبب إِلَيْنَا الْمَدِينَة. . " وَذكر بَاقِي الدُّعَاء قَالَت: وَقدمنَا الْمَدِينَة وَهِي أوبأ أَرض الله، قَالَت: وَكَانَ بطحان يجْرِي نجلاً. تَعْنِي: مَاء آجناً.
3255 - الثَّانِي عشر بعد الْمِائَة: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح - وَاسم أبي رَبَاح أسلم - عَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ: كنت أَنا وَابْن عمر مستندين إِلَى حجرَة عَائِشَة، وَإِنَّا لنسمع صَوتهَا بِالسِّوَاكِ تستن. قَالَ: فَقلت: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، أعتمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَجَب؟ قَالَ: نعم. قلت لعَائِشَة: أَي أمتاه، أَلا تسمعين مَا يَقُول أَبُو عبد الرَّحْمَن؟ قَالَت: وَمَا يَقُول؟ قلت: يَقُول: اعْتَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَجَب. فَقَالَت: يغْفر الله لأبي عبد الرَّحْمَن، لعمري، مَا اعْتَمر عمْرَة فِي رَجَب، وَمَا اعْتَمر من عمرةٍ إِلَّا وَإنَّهُ لمعه. قَالَ: وَابْن عمر يسمع، مَا قَالَ لَا وَلَا نعم، سكت.(4/143)
وَفِي رِوَايَة أبي عَاصِم عَن ابْن جريج مُخْتَصر عَن عَطاء عَن عُرْوَة قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة، قَالَت: مَا اعْتَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَجَب.
وَأَخْرَجَاهُ بِطُولِهِ من حَدِيث أبي الْحجَّاج مُجَاهِد بن جبر قَالَ:
دخلت أَنا وَعُرْوَة الْمَسْجِد، فَإِذا ابْن عمر جَالس إِلَى جَانب حجرَة عَائِشَة، وَإِذا أنَاس يصلونَ فِي الْمَسْجِد صَلَاة الضُّحَى. قَالَ: فَسَأَلْنَاهُ عَن صلَاتهم، فَقَالَ: بِدعَة. ثمَّ قَالَ لَهُ: كم اعْتَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: أَربع، إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَب، فكرهنا أَن نرد عَلَيْهِ.
قَالَ: وَسَمعنَا استنان عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ عُرْوَة: يَا أم الْمُؤمنِينَ، أَلا تسمعين مَا يَقُول أَبُو عبد الرَّحْمَن؟ قَالَت: وَمَا يَقُول؟ قَالَ: يَقُول: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْتَمر أَربع عمرات إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَب. قَالَت: يرحم الله أَبَا عبد الرَّحْمَن، مَا اعْتَمر عمْرَة إِلَّا وَهُوَ شَاهده، وَمَا اعْتَمر فِي رَجَب قطّ.
3256 - الثَّالِث عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي عبد الله مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن رجلا اسْتَأْذن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: " بئس أَخُو الْعَشِيرَة، وَبئسَ ابْن الْعَشِيرَة " فَلَمَّا جلس تطلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَجهه وانبسط إِلَيْهِ، فَلَمَّا انْطلق الرجل قَالَت لَهُ عَائِشَة: يَا رَسُول الله، حِين رَأَيْت الرجل قلت كَذَا وَكَذَا، ثمَّ تطللقت فِي وَجهه وانبسطت إِلَيْهِ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا عَائِشَة، مَتى عهدتني فحاشاً؟ إِن شَرّ النَّاس يَوْم الْقِيَامَة من تَركه النَّاس اتقاء شَره ".
وَفِي حَدِيث ابْن عُيَيْنَة:
اسْتَأْذن رجلٌ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " ائذنوا لَهُ، بئس أَخُو الْعَشِيرَة أَو ابْن الْعَشِيرَة " فَلَمَّا دخل لِأَن لَهُ فِي الْكَلَام. ثمَّ ذكر نَحوه.
وَمن الروَاة من قَالَ عَنهُ:
فلبئس ابْن الْعَشِيرَة أَو بئس رجل الْعَشِيرَة ".(4/144)
وَفِي حَدِيث معمر:
بئس أَخُو الْقَوْم وَابْن الْعَشِيرَة هَذَا ".
وَلَيْسَ لمُحَمد بن الْمُنْكَدر عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا ".
3357 - الرَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة فِي شكواه الَّذِي قبض فِيهِ، فسارها بشيءٍ فَبَكَتْ، ثمَّ دَعَاهَا فسارها فَضَحكت، فسألتها عَن ذَلِك، فَقَالَت: سَارَّنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يقبض فِي وَجَعه الَّذِي توفّي فِيهِ فَبَكَيْت، ثمَّ سَارَّنِي فَأَخْبرنِي أَنِّي أول أَهله يتبعهُ، فَضَحكت.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة من رِوَايَة الشّعبِيّ عَنهُ بأطول من هَذَا وَبِنَحْوِ مَعْنَاهُ:
أَن عَائِشَة قَالَت: كن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْده لم يُغَادر مِنْهُنَّ وَاحِدَة، فَأَقْبَلت فَاطِمَة تمشي، مَا تخطئ مشيتهَا من مشْيَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا، فَلَمَّا رَآهَا رحب بهَا وَقَالَ: " مرْحَبًا بِابْنَتي " ثمَّ أَجْلِسهَا عَن يَمِينه - أَو عَن شِمَاله، ثمَّ سَارهَا فَبَكَتْ بكاء شَدِيدا، فَلَمَّا رأى جزعها سَارهَا الثَّانِيَة فَضَحكت.
فَقلت لَهَا:
خصك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَين نِسَائِهِ بالسرار، ثمَّ أَنْت تبكين، فَلَمَّا قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلتهَا: مَا قَالَ لَك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَت: مَا كنت لأفشي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سره. قَالَت: فَلَمَّا توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت: عزمت عَلَيْك بِمَا لي لَك من الْحق لما حَدَّثتنِي مَا قَالَ لَك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَت: أما الْآن فَنعم: أما حينما سَارَّنِي فِي الْمرة الأولى فَأَخْبرنِي " أَن جِبْرِيل كَانَ يُعَارضهُ الْقُرْآن فِي كل سنة، مرّة أَو مرَّتَيْنِ، وَأَنه عَارضه الْآن مرَّتَيْنِ، وَإِنِّي لَا أرى الْأَجَل إِلَّا قد اقْترب، فاتقي الله واصبري، فَإِنَّهُ نعم السف أَنا لَك ". فَبَكَيْت بُكَائِي الَّذِي رَأَيْت، فَلَمَّا رأى جزعي سَارَّنِي الثَّانِيَة فَقَالَ: " يَا فَاطِمَة، أما ترْضينَ أَن تَكُونِي سيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ، أَو سيدة نسَاء هَذِه الْأمة؟ " قَالَت: فَضَحكت ضحكي الَّذِي رَأَيْت. اللَّفْظ لحَدِيث مُسلم.(4/145)
وَهَذَا أَيْضا فِي مُسْند فَاطِمَة رضوَان الله عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهَا فِي الصَّحِيح عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَيره.
3258 - الْخَامِس عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي روح يزِيد بن رُومَان عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الرَّحِم معلقةٌ بالعرش، تَقول: من وصلني وَصله الله، وَمن قطعني قطعه الله ".
3259 - السَّادِس عشر بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر الزبير عَن عَمه عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّاس ينتابون الْجُمُعَة من مَنَازِلهمْ وَمن العوالي، فَيَأْتُونَ فِي العباء، ويصيبهم الْغُبَار والعرق، فَتخرج مِنْهُم الرّيح، فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنسانٌ مِنْهُم وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَو إِنَّكُم تطهرتم ليومكم هَذَا ".
وَأَخْرَجَا من حَدِيث يحيى بن سعيد:
أَنه سَأَلَ عمْرَة عَن الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَت: قَالَت عَائِشَة كَانَ النَّاس مهنة أنفسهم، وَكَانُوا إِذا راحوا إِلَى الْجُمُعَة راحوا فِي هيئتهم، فَقيل لَهُم: " لَو اغتسلتم " لفظ حَدِيث عبد الله بن الْمُبَارك.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث: قَالَت عَائِشَة:
كَانَ النَّاس أهل عمل، وَلم يكن لَهُم كفاةٌ، فَكَانُوا يكونُونَ لَهُم تفل، فَقيل لَهُم: " لَو اغتسلتم يَوْم الْجُمُعَة ".
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُمَّال أنفسهم، فَكَانَ يكون لَهُم أَرْوَاح، فَقيل لَهُم: " لَو اغتسلتم " أدرجه على مَا قبله.(4/146)
وَقد أخرجه البُخَارِيّ بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، فَذكره.
3260 - السَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر الزبير عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من مَاتَ وَعَلِيهِ صيامٌ صَامَ عَنهُ وليه ".
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه ابْن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث، وَرَوَاهُ يحيى بن أَيُّوب عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر.
3261 - الثَّامِن عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن: أَن رجلا من أهل الْعرَاق قَالَ لَهُ: سل لي عُرْوَة بن الزبير عَن رجل يهل بِالْحَجِّ، فَإِذا طَاف بِالْبَيْتِ، أَيحلُّ أم لَا؟ فَإِن قَالَ لَك: لَا يحل، فَقل لَهُ: إِن رجلا يَقُول ذَلِك.
قَالَ: فَسَأَلته، فَقَالَ: لَا يحل من أهل بِالْحَجِّ إِلَّا بِالْحَجِّ. قلت: فَإِن رجلا كَانَ يَقُول ذَلِك. فَقَالَ: بئس مَا قَالَ. فتصداني الرجل فَسَأَلَنِي، فَحَدَّثته، فَقَالَ: فَقل لَهُ: إِن رجلا كَانَ يخبر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد فعل ذَلِك، وَمَا شَأْن أَسمَاء وَالزُّبَيْر فعلا ذَلِك؟ قَالَ: فَجِئْته فَذكرت لَهُ ذَلِك، فَقَالَ: من هَذَا؟ فَقلت: لَا أَدْرِي. قَالَ: فَمَا باله لَا يأتيني بِنَفسِهِ يسألني، أَظُنهُ عراقياً؟ قلت: لَا أَدْرِي. قَالَ: فَإِنَّهُ قد كذب، قد حج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأخبرتني عَائِشَة أَن أول شيءٍ بَدَأَ بِهِ حِين قدم مَكَّة أَنه تَوَضَّأ ثمَّ طَاف بِالْبَيْتِ. ثمَّ حج أَبُو بكر، وَكَانَ أول شَيْء بَدَأَ بِهِ الطّواف، ثمَّ لم تكن عمْرَة، ثمَّ مُعَاوِيَة، وَعبد الله بن عمر، ثمَّ حججْت مَعَ أبي الزبير بن الْعَوام، فَكَانَ أول شيءٍ بَدَأَ بِهِ الطّواف بِالْبَيْتِ، ثمَّ لم تكن عمْرَة، ثمَّ آخر من رَأَيْت الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار يَفْعَلُونَ ذَلِك، ثمَّ لم تكن عمْرَة، ثمَّ آخر من رَأَيْت فعل ذَلِك(4/147)
ابْن عمر، ثمَّ لم ينقضها بِعُمْرَة، وَهَذَا ابْن عمر عِنْدهم أَفلا يسألونه؟ . وَلَا أحد مِمَّن مضى كَانُوا يبدأون بِشَيْء حِين يضعون أَقْدَامهم أول من الطّواف بِالْبَيْتِ، ثمَّ لَا يحلونَ، وَقد رَأَيْت أُمِّي وخالتي حِين تقدمان لَا تبدآن بِشَيْء أول من الطّواف بِالْبَيْتِ، تطوفان بِهِ، ثمَّ لَا تحلان. وَقد أَخْبَرتنِي أُمِّي أَنَّهَا أَقبلت هِيَ وَأُخْتهَا وَالزُّبَيْر وَفُلَان وَفُلَان بِعُمْرَة قطّ، فَلَمَّا مسحوا الرُّكْن حلوا. وَقد كذب فِيمَا ذكر من ذَلِك.
وَفِي حَدِيث أصبغ بن الْفرج عَن ابْن وهب مُخْتَصر: ذكرت لعروة قَالَ:
فأخبرتني عَائِشَة أَن أول شَيْء بَدَأَ بِهِ حِين قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ ثمَّ طَاف، ثمَّ لم تكن عمْرَة، ثمَّ حج أَبُو بكر وَعمر مثله، ثمَّ حججْت مَعَ الزبير أبي، فَأول شَيْء بَدَأَ بِهِ الطّواف، ثمَّ رَأَيْت الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار يَفْعَلُونَ، وَقد أَخْبَرتنِي أُمِّي أَنَّهَا أهلت هِيَ وَأُخْتهَا وَالزُّبَيْر وَفُلَان وَفُلَان بِعُمْرَة، فَلَمَّا مسحوا الرُّكْن حلوا.
وَفِي حَدِيث أَحْمد بن عِيسَى عَن ابْن وهب نَحوه مُخْتَصر.
3262 - التَّاسِع عشر بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن أبي بكر بن عَمْرو بن حزم عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: دخلت عَليّ امرأةٌ وَمَعَهَا ابنتان لَهَا تسْأَل، فَلم تَجِد عِنْدِي شَيْئا غير تَمْرَة وَاحِدَة، فأعطيتها إِيَّاهَا، فقسمتها بَين ابنتيها وَلم تَأْكُل مِنْهَا شَيْئا، ثمَّ قَامَت فَخرجت، فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علينا، فَأَخْبَرته، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من ابْتُلِيَ من هَذِه الْبَنَات بِشَيْء فَأحْسن إلَيْهِنَّ كن لَهُ سترا من النَّار ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
جَاءَتْنِي مسكينةٌ تحمل ابْنَتَيْن لَهَا، فأطعمتها ثَلَاث تمرات، فأعطت كل واحدةٍ مِنْهُمَا تَمْرَة، وَرفعت إِلَى فِيهَا تَمْرَة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة الَّتِي كَانَت تُرِيدُ أَن تأكلها بَينهمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنهَا، فَذكرت الَّذِي صنعت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " إِن(4/148)
الله قد أوجب لَهَا الْجنَّة، أَو أعْتقهَا من النَّار ".
وَلَيْسَ لعراك بن مَالك عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
3263 - الْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي بكر مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كل شرابٍ أسكر فَهُوَ حرَام ".
وَفِي حَدِيث مَالك:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن البتع، فَقَالَ: " كل شراب أسكر فَهُوَ حرَام ".
وَفِي حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة أَنَّهَا قَالَت:
سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن البتع وَهُوَ نَبِيذ الْعَسَل - وَكَانَ أهل الْيمن يشربونه، فَقَالَ: " كل شراب أسكر فَهُوَ حرَام ".
3264 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: " يَا عَائِشَة، هَذَا جِبْرِيل يُقْرِئك السَّلَام " قَالَت: وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، ترى مَالا أرى، تُرِيدُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ:
يَا عَائِشَة هَذَا جِبْرِيل يُقْرِئك السَّلَام " قَالَت: وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته. قَالَت: وَهُوَ يرى مَا لَا أرى.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي عَمْرو عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا حدثته أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا:
إِن جِبْرِيل يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام " قَالَت: فَقلت: وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
وَلَيْسَ لِلشَّعْبِيِّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(4/149)
3265 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا أخْبرته: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جاءها حِين أمره الله أَن يُخَيّر أَزوَاجه، قَالَت: فَبَدَأَ بِي، فَقَالَ: " إِنِّي ذاكرق لَك امراً، فَلَا عَلَيْك أَن تستعجلي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك " وَقد علم أَن أَبَوي لم يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَت: ثمَّ قَالَ: " إِن الله قَالَ: {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وَإِن كنتن تردن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِن الله أعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما} " [الْأَحْزَاب] إِلَى تَمام الْآيَتَيْنِ. فَقلت لَهُ: وَفِي أَي هَذَا استأمر أَبَوي؟ فَإِنِّي أُرِيد الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة.
زَاد فِي حَدِيث اللَّيْث وَابْن وهب عَن يُونُس: ثمَّ فعل أَزوَاج النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مثل مَا فعلت. وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت:
قد خيرنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلم نعده طَلَاقا ".
وَفِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ قَالَ:
قَالَ مَسْرُوق: مَا أُبَالِي خيرت امْرَأَتي وَاحِدَة أَو مائَة أَو ألفا بعد أَن تختارني، وَلَقَد سَأَلت عَائِشَة فَقَالَت: قد خيرنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَفَكَانَ طَلَاقا؟ .
وَفِي حَدِيث أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق أَنَّهَا قَالَت:
خيرنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاخترناه، فَلم يعدها علينا شَيْئا.
3266 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة: أَنه كَانَ بَينه وَبَين أنَاس خُصُومَة فِي أَرض، فَدخل على عَائِشَة فَذكر لَهَا(4/150)
ذَلِك، فَقَالَت: يَا أَبَا سَلمَة، اجْتنب الأَرْض؛ فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من ظلم قيد شبرٍ من الأَرْض طوقه من سبع أَرضين ".
3267 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ يكون عَليّ الصَّوْم من رَمَضَان، فَمَا أَسْتَطِيع أَن أَقْْضِي إِلَّا فِي شعْبَان. قَالَ يحيى: ذَاك عَن الشّغل من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال: وَذَلِكَ لمَكَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث بن خَالِد التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
إِن كَانَت إحدانا لتفطر فِي زمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَمَا تقدر على أَن تقضيه مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يَأْتِي شعْبَان.
زَاد أَبُو مَسْعُود مُتَّصِلا بِهِ:
وَمَا كَانَ يَصُوم فِي شهرٍ مَا كَانَ يَصُوم فِي شعْبَان، إِن كَانَ يَصُومهُ إِلَّا قَلِيلا، كَانَ يَصُومهُ كُله. وَلم أجد هَذِه الزِّيَادَة فِيمَا عندنَا من كتاب مُسلم.
وَقد أخرج هَذِه الزِّيَادَة مَعَ الحَدِيث أَبُو بكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن غَالب الْخَوَارِزْمِيّ البرقاني فِي كِتَابه الْمخْرج على الصَّحِيحَيْنِ، بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أخرجه بِهِ مُسلم، وَلَعَلَّ مُسلما حذفهَا لِأَنَّهَا عِنْده من وَجه آخر.
وَقد أخرجَا هَذِه الزِّيَادَة مَعَ زِيَادَة أُخْرَى من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة أَن عَائِشَة حدثته قَالَت:
لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصُوم شهرا أَكثر من شعْبَان، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُوم شعْبَان كُله، وَكَانَ يَقُول: " خُذُوا من الْعَمَل مَا تطيقون، فَإِن الله لَا(4/151)
يمل حَتَّى تملوا. وَأحب الصَّلَاة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا دووم عَلَيْهَا وَإِن قلت، وَكَانَ إِذا صلى صَلَاة داوم عَلَيْهَا " لفظ الحَدِيث للْبُخَارِيّ.
وَفِي حَدِيث مُسلم: وَكَانَ يَقُول:
أحب الْعَمَل إِلَى الله مَا داوم عَلَيْهِ صَاحبه وَإِن قل ".
3268 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن عَمه أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت: مَا ألفاه السحر عِنْدِي إِلَّا نَائِما. تَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي رِوَايَة مسعر عَن سعد قَالَت:
مَا ألفى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السحر الْأَعْلَى فِي بَيْتِي أَو عِنْدِي إِلَّا نَائِما.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث الْأسود بن يزِيد قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة: كَيفَ كَانَت صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّيْلِ؟ قَالَت: كَانَ ينَام أَوله وَيقوم آخِره، فَيصَلي ثمَّ يرجع إِلَى فرَاشه، فَإِذا أذن الْمُؤَذّن وثب، فَإِن كَانَت بِهِ حَاجَة اغْتسل، وَإِلَّا تَوَضَّأ وَخرج.
3269 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة: أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خفيفتين بَين النداء وَالْإِقَامَة من صَلَاة الصُّبْح.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر فيخففهما، حَتَّى إِنِّي أَقُول: هَل قَرَأَ فيهمَا بِأم الْقُرْآن؟ .(4/152)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر إِذا سمع الْأَذَان، ويخففهما.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة:
إِذا طلع الْفجْر.
3270 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن سَالم أبي النَّضر مولى عمر بن عبيد الله عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى رَكْعَتي الْفجْر - فَإِن كنت مستيقظةً حَدثنِي، وَإِلَّا اضْطجع. زَاد بشر بن الحكم عَن سُفْيَان: حَتَّى يُؤذن بِالصَّلَاةِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي عتاب عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة مثله، وَلم يذكر مَا زَاده بشر.
وَقد أخرج البُخَارِيّ من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى رَكْعَتي الْفجْر اضْطجع على شقَّه الْأَيْمن.
3271 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي النَّضر عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصُوم حَتَّى نقُول: لَا يفْطر. وَيفْطر حَتَّى نقُول: لَا يَصُوم. وَمَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتكْمل صِيَام شهرٍ قطّ إِلَّا شهر رَمَضَان، وَمَا رَأَيْته فِي شهرٍ أَكثر مِنْهُ صياما فِي شعْبَان.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث عبد الله بن أبي لبيد عَن أبي سَلمَة قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة(4/153)
عَن صِيَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَت: كَانَ يَصُوم حَتَّى نقُول: قد صَامَ. وَيفْطر حَتَّى نقُول: قد أفطر. وَلم أره صَائِما فِي شهرٍ قطّ أَكثر مِنْهُ فِي شعْبَان. كَانَ يَصُوم شعْبَان كُله، كَانَ يَصُوم شعْبَان إِلَّا قَلِيلا.
وَمن حَدِيث عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة عَن صَوْم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: كَانَ يَصُوم حَتَّى نقُول: قد صَامَ، قد صَامَ، وَيفْطر حَتَّى نقُول: قد أفطر، قد أفطر. قَالَت: وَمَا رَأَيْته صَامَ شهرا كَامِلا مُنْذُ قدم الْمَدِينَة إِلَّا أَن يكون رَمَضَان.
وَفِي رِوَايَة كهمس عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَت:
مَا عَلمته صَامَ شهرا كُله إِلَّا رَمَضَان، وَلَا أفطره كُله حَتَّى يَصُوم مِنْهُ، حَتَّى مضى لسبيله.
3272 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن عباد بن عبد الله بن الزبير عَن عَائِشَة قَالَت: إِن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّه احْتَرَقَ. فَقَالَ: " مَا لَك؟ " قَالَ: أصبت أَهلِي فِي رَمَضَان. فَأتي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمكتل يدعى الْعرق، فَقَالَ: " أَيْن المحترق؟ " قَالَ: أَنا. قَالَ: " تصدق بِهَذَا ".
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن يحيى بن سعيد قَالَ:
وطِئت امْرَأَتي فِي رَمَضَان نَهَارا، قَالَ: " تصدق ". قَالَ: مَا عِنْدِي شيءٌ. فَأمره أَن يجلس، فَجَاءَهُ عرقان فيهمَا طَعَام، فَأمره أَن يتَصَدَّق بِهِ.
وَفِي حَدِيث ابْن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث:
آتِي رجلٌ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد فِي رَمَضَان، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، احترقت احترقت. فَسَأَلَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا شَأْنه؟ فَقَالَ: أصبت أَهلِي. قَالَ: " تصدق " فَقَالَ: وَالله يَا نَبِي الله مَا(4/154)
لي شَيْء، وَمَا أقدر عَلَيْهِ. قَالَ: " اجْلِسْ " فَجَلَسَ. فَبينا هُوَ على ذَلِك، أقبل رجل يَسُوق حمارا عَلَيْهِ طَعَام، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَيْن المحترق آنِفا؟ " فَقَامَ الرجل، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تصدق بِهَذَا " فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أغيرنا، فوَاللَّه إِنَّا لجياعٌ، مَا لنا شيءٌ. قَالَ: " فكلوه ".
3273 - الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن عَائِشَة قَالَت: كنت أغسل الْجَنَابَة من ثوب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَيخرج إِلَى الصَّلَاة، وَإِن بقع المَاء فِي ثَوْبه.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن بشر وَيحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يغسل الْمَنِيّ، ثمَّ يخرج إِلَى الصَّلَاة فِي ذَلِك الثَّوْب وَأَنا أنظر إِلَى أثر الْغسْل فِيهِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَلْقَمَة وَالْأسود:
أَن رجلا نزل بعائشة، فَأصْبح يغسل ثَوْبه، فَقَالَت عَائِشَة: إِنَّمَا كَانَ يجزئك أَن تغسل مَكَانَهُ، وَإِن لم تره نضحت حوله. لقد رَأَيْتنِي أفركه من ثوب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فركاً، فَيصَلي فِيهِ.
وَمن حَدِيث الْأسود وَهَمَّام عَن عَائِشَة فِي الْمَنِيّ قَالَت:
كنت أفركه من ثوب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَمن حَدِيث عبد الله بن شهَاب الْخَولَانِيّ قَالَ:
كنت نازلاً على عَائِشَة فاحتلمت فِي ثوبي، فغمستهما فِي المَاء، فرأتني جاريةٌ لعَائِشَة فَأَخْبَرتهَا، فَبعثت إِلَيّ عَائِشَة فَقَالَت: مَا حملك على مَا صنعت بثوبيك؟ قَالَ: فَقلت: رَأَيْت مَا يرى النَّائِم فِي مَنَامه. قَالَت: هَل رَأَيْت فيهمَا شَيْئا؟ قلت: لَا. قَالَت: فَلَو رَأَيْت شَيْئا غسلته، لقد رَأَيْتنِي وَإِنِّي لأحكه من ثوب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَابسا بظفري.(4/155)
وَلَيْسَ لعبد الله بن شهَاب عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
3274 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُلَيْمَان يسَار عَن عَائِشَة قَالَت: مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستجمعاً قطّ ضَاحِكا حَتَّى ترى لهواته، إِنَّمَا كَانَ يتبسم.
وَفِي حَدِيث أَحْمد بن عِيسَى عَن ابْن وهب نَحوه، وَزَاد:
وَكَانَ إِذا رأى غيماً عرف فِي وَجهه. قلت: يَا رَسُول الله، النَّاس إِذا رَأَوْا الْغَيْم فرحوا رَجَاء أَن يكون فِيهِ الْمَطَر، وأراك إِذا رَأَيْت غيماً عرف فِي وَجهك الْكَرَاهَة. فَقَالَ: " يَا عَائِشَة، وَمَا يؤمنني أَن يكون فِيهِ عذابٌ أَلِيم؟ قد عذب قومٌ بِالرِّيحِ، وَقد رأى قومٌ الْعَذَاب فَقَالُوا: {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} [الْأَحْقَاف] .
وَأَخْرَجَا بَعْضًا مِنْهُ من حَدِيث أبي مُحَمَّد عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رأى مخيلة فِي السَّمَاء أقبل وَأدبر، وَدخل وَخرج، وَتغَير وَجهه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِذا أمْطرت السَّمَاء سري عَنهُ، فعرفته عَائِشَة ذَلِك، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَمَا أَدْرِي، لَعَلَّه كَمَا قَالَ قوم: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عارضا مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} [الْأَحْقَاف] .
وَفِي حَدِيث جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن عَطاء:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الرّيح والغيم عرف ذَلِك فِي وَجهه، وَأَقْبل وَأدبر، فَإِذا مطرَت سر بِهِ وَذهب عَنهُ ذَلِك، قَالَت عَائِشَة: فَسَأَلته فَقَالَ: " إِنِّي خشيت أَن يكون عذَابا سلط على أمتِي " وَيَقُول إِذا رأى الْمَطَر: " رَحْمَة ".
وَفِي حَدِيث ابْن وهب عَن ابْن جريج عَن عَطاء أَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(4/156)
إِذا عصفت الرّيح قَالَ:
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا، وَخير مَا فِيهَا، وَخير مَا أرْسلت بِهِ، وَأَعُوذ بك من شَرها، وَشر مَا فِيهَا، وَشر مَا أرْسلت بِهِ ". وَإِذا تَخَيَّلت السَّمَاء تغير لَونه، وَخرج وَدخل، وَأَقْبل وَأدبر، فَإِذا أمْطرت سري عَنهُ، فَعرفت ذَلِك عَائِشَة، فَسَأَلته فَقَالَ: " لَعَلَّه يَا عَائِشَة كَمَا قَالَ قوم عَاد: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عارضا مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} [الْأَحْقَاف] .
3275 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة عَن عَائِشَة قَالَت: سهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقدمه إِلَى الْمَدِينَة لَيْلَة، فَقَالَ: " لَيْت رجلا صَالحا من أَصْحَابِي يَحْرُسنِي اللَّيْلَة " قَالَت: فَبينا نَحن كَذَلِك سمعنَا خشخشة سلَاح. فَقَالَ: " من هَذَا؟ " قَالَ: سعد بن أبي وَقاص. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا جَاءَ بك؟ " فَقَالَ: وَقع فِي نَفسِي خوفٌ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَجئْت أحرسه. فَدَعَا لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ نَام.
وَفِي حَدِيث خَالِد بن مخلد، قَالَت:
أرق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة ... فَذكر نَحوه، وَقَالَ فِي آخِره: فَنَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى سمعنَا غَطِيطه.
3276 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن أَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُدْرِكهُ الْفجْر فِي رَمَضَان جنبا من غير حلمٍ، فيغتسل ويصوم.
هُوَ لَهما من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ، وَلم يذكرهُ أَبُو مَسْعُود إِلَّا لمُسلم وَحده.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْحَارِث بن هِشَام بن الْمُغيرَة
أَنه سمع أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن يَقُول: كنت أَنا(4/157)
وَأبي، فَذَهَبت مَعَه حَتَّى دَخَلنَا على عَائِشَة، فَقَالَت:
أشهد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن كَانَ ليُصبح جنبا من جماع غير احْتِلَام، ثمَّ يَصُوم. ثمَّ دَخَلنَا على أم سَلمَة فَقَالَت مثل ذَلِك.
وَفِي حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن:
أَن أَبَاهُ عبد الرَّحْمَن أخبر مَرْوَان أَن عَائِشَة وَأم سَلمَة أخبرتاه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُدْرِكهُ الْفجْر وَهُوَ جنب من أَهله، ثمَّ يغْتَسل ويصوم. فَقَالَ مَرْوَان لعبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث: أقسم بِاللَّه لتقرعن بهَا أَبَا هُرَيْرَة - ومروان يَوْمئِذٍ على الْمَدِينَة. قَالَ أَبُو بكر: فكره ذَلِك عبد الرَّحْمَن، ثمَّ قدر لنا أَن نَجْتَمِع بِذِي الحليفة، وَكَانَت لأبي هُرَيْرَة هُنَالك أَرض، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن لأبي هُرَيْرَة: إِنِّي ذاكرٌ لَك أمرا، وَلَوْلَا مَرْوَان أقسم عَليّ فِيهِ لم أذكرهُ، فَذكر قَول عَائِشَة وَأم سَلمَة، فَقَالَ: كَذَلِك حَدثنِي الْفضل بن عَبَّاس، وَهِي أعلم.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ همام وَابْن عبد الله بن عمر عَن أبي هُرَيْرَة:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر بِالْفطرِ، وَالْأول أسْند.
وَفِي حَدِيث عبد الْملك بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي بكر قَالَ:
سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يقص، يَقُول فِي قصصه: من أدْركهُ الْفجْر جنبا فَلَا يَصُوم. فَذكرت ذَلِك لعبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث - يَعْنِي لِأَبِيهِ، فَأنْكر ذَلِك. فَانْطَلق عبد الرَّحْمَن فَانْطَلَقت مَعَه حَتَّى دَخَلنَا على عَائِشَة وَأم سَلمَة، فَسَأَلَهُمَا عبد الرَّحْمَن عَن ذَلِك، فكلتاهما قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصبح جنبا من غير حلم، ثمَّ يَصُوم. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلنَا على مَرْوَان، فَذكر ذَلِك لَهُ عبد الرَّحْمَن، فَقَالَ مَرْوَان: عزمت عَلَيْك إِلَّا مَا ذهبت إِلَى أبي هُرَيْرَة فَرددت عَلَيْهِ مَا يَقُول: قَالَ: فَجِئْنَا أَبَا هُرَيْرَة وَأَبُو بكر حَاضر ذَلِك كُله، قَالَ: فَذكر لَهُ عبد الرَّحْمَن، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: أَهما قَالَتَا لَك؟ قَالَ:(4/158)
نعم قَالَ: هما أعلم: ثمَّ رد أَبُو هُرَيْرَة مَا كَانَ يَقُول فِي ذَلِك إِلَى الْفضل بن الْعَبَّاس، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: سَمِعت ذَلِك من الْفضل وَلم أسمعهُ من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فَرجع أَبُو هُرَيْرَة عَمَّا كَانَ يَقُول فِي ذَلِك.
قَالَ يحيى بن سعيد:
قلت لعبد الْملك: أقالتا: فِي رَمَضَان؟ قَالَ: كَذَلِك، يصبح جنبا من غير حلم ثمَّ يَصُوم.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن عبد ربه بن سعيد عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن عَائِشَة وَأم سَلمَة أَنَّهُمَا قَالَتَا:
إِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليُصبح جنبا من جماع غير احتلامٍ فِي رَمَضَان، ثمَّ يَصُوم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي يُونُس مولى عَائِشَة عَن عَائِشَة:
أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستفتيه وَهِي تسمع من وَرَاء الْبَاب، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، تدركني الصَّلَاة وَأَنا جنب، فأصوم؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَأَنا تدركني الصَّلَاة وَأَنا جنب فأصوم " فَقَالَ: لست مثلنَا يَا رَسُول الله، قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر. فَقَالَ: وَالله إِنِّي لأرجو أَن أكون أخشاكم لله، وَأعْلمكُمْ بِمَا أتقي ".
3277 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي مُحَمَّد عبيد الله بن أبي مليكَة: أَن عَائِشَة كَانَت لَا تسمع شَيْئا لَا تعرفه إِلَّا راجعت فِيهِ حَتَّى تعرفه، وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من حُوسِبَ يومٍ الْقِيَامَة عذب ". قَالَت عَائِشَة: فَقلت: أَو لَيْسَ يَقُول الله: {فَسَوف يُحَاسب حسابا يَسِيرا} [الانشقاق] قَالَت: فَقَالَ: " إِنَّمَا ذَلِك الْعرض، وَلَكِن من نُوقِشَ الْحساب يهْلك " وَمن الروَاة من قَالَ: " من نُوقِشَ الْحساب يَوْم الْقِيَامَة عذب ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبيد الله بن أبي مليكَة عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَيْسَ أحدٌ يُحَاسب إِلَّا هلك " قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله، جعلني فداءك، أَلَيْسَ يَقُول الله (فَأَما من أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَسَوف(4/159)
يُحَاسب حسابا يَسِيرا} [الانشقاق] قَالَ: " ذَلِك الْعرض، يعرضون، وَمن نُوقِشَ الْحساب هلك ".
3278 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن أبْغض الرِّجَال إِلَى الله الألد الْخصم ".
3279 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي عَمْرو ذكْوَان مولى عَائِشَة قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله، يستأمر النِّسَاء فِي أبضاعهن؟ قَالَ: " نعم ". قلت: فَإِن الْبكر تستأمر فتستحيي فتسكت. قَالَ: سكاتها إِذْنهَا ".
وَفِي حَدِيث أبي عَاصِم عَن ابْن جريج أَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْبكر تستأذن " قلت: إِن الْبكر تستحيي. قَالَ: " إِذْنهَا صماتها ".
وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج، قَالَت:
سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجَارِيَة ينْكِحهَا أَهلهَا، أتستأمر أم لَا؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تستأمر ". قَالَت عَائِشَة: فَقلت لَهُ: فَإِنَّهَا تستحيي. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَذَلِك إِذْنهَا إِذا هِيَ سكتت "
3280 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي عَاصِم عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على شَيْء من النَّوَافِل أَشد تعاهداً مِنْهُ على رَكْعَتي الْفجْر. وَمن الروَاة من قَالَ: أَشد معاهدة.
وَفِي حَدِيث حَفْص بن غياث عَن ابْن جريج:
مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شيءٍ، من النَّوَافِل أسْرع مِنْهُ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر.
وَأخرج مُسلم فِي فضلهما من حَدِيث سعد بن هِشَام بن عَامر عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
رَكعَتَا الْفجْر خيرٌ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ".(4/160)
وَفِي حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن قَتَادَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي شَأْن الرَّكْعَتَيْنِ عِنْد طُلُوع الْفجْر: " لَهما أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا جَمِيعًا ".
3281 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي مُحَمَّد عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح، وَلَكِن جهادٌ وَنِيَّة، وَإِذا استنفرتم فانفروا " هَذَا حَدِيث عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن عَن عَطاء.
وَفِي حَدِيث الْأَوْزَاعِيّ عَن عَطاء قَالَ:
زرت عَائِشَة مَعَ عبيد بن عُمَيْر فَسَأَلَهَا عَن الْهِجْرَة فَقَالَت: لَا هِجْرَة الْيَوْم، كَانَ الْمُؤمن يفر بِدِينِهِ إِلَى الله وَرَسُوله مَخَافَة أَن يفتن، فَأَما الْيَوْم فقد أظهر الله الْإِسْلَام، فالمؤمن يعبد ربه حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِن جهادٌ وَنِيَّة.
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن دِينَار وَابْن جريج عَن عَطاء قَالَت:
قد انْقَطَعت الْهِجْرَة حيت فتح الله على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة.
قَالَ فِي حَدِيث عَبدة عَن مُجَاهِد:
أَن ابْن عمر كَانَ يَقُول: لَا هِجْرَة. قَالَ: وحَدثني الْأَوْزَاعِيّ عَن عَطاء. قَالَ: زرت عَائِشَة مَعَ عبيد بن عُمَيْر ... فَذكره.
3282 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي شبْل عَلْقَمَة بن قيس قَالَ: قلت لعَائِشَة: هَل كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْتَص من الْأَيَّام شَيْئا؟ قَالَت: لَا، كَانَ عمله دِيمَة. وَأَيكُمْ يُطيق مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُطيق.
3283 - الْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأسود بن يزِيد بن قيس عَن عَائِشَة قَالَت: اشْترى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يَهُودِيّ بنسيئة، وَأَعْطَاهُ درعاً لَهُ رهنا.
وَفِي حَدِيث عبد الْوَاحِد بن زِيَاد عَن الْأَعْمَش قَالَ:
تَذَاكرنَا عِنْد إِبْرَاهِيم الرَّهْن(4/161)
وَالْكَفِيل فِي السّلم، فَقَالَ: حَدثنِي الْأسود عَن عَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْترى طَعَاما من يَهُودِيّ إِلَى أجلٍ، وَرَهنه درعاً من حَدِيد.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن الْأَعْمَش أَنَّهَا قَالَت:
توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدِرْعه مرهونةٌ عِنْد يَهُودِيّ بِثَلَاثِينَ صَاعا من شعير.
3284 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت إحدانا إِذا كَانَت حَائِضًا فَأَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُبَاشِرهَا، أمرهَا أَن تأتزر بإزار فِي فَور حَيْضَتهَا، ثمَّ يُبَاشِرهَا. قَالَت: وَأَيكُمْ يملك إربه كَمَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يملك إربه.
3285 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأسود عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهْدى مرّة غنما.
وَلمُسلم من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش بِالْإِسْنَادِ أَنَّهَا قَالَت:
أهْدى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْبَيْت غنما، فقلدها.
3286 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت: رخص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأهل بَيت من الْأَنْصَار فِي الرّقية من كل ذِي حمة.
وَفِي رِوَايَة عبد الْوَاحِد بن زِيَاد:
سَأَلت عَائِشَة عَن الرّقية من الْحمة فَقَالَت: رخص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الرّقية من كل ذِي حمة.(4/162)
وَقد أخرجَا من حَدِيث عبد الله بن شَدَّاد عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرنِي أَن أسترقي من الْعين.
3287 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة:
عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قلت للأسود: هَل سَأَلت عَائِشَة عَمَّا يكره أَن ينتبذ فِيهِ؟ فَقَالَ: نعم، قلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ، عَم نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينتبذ فِيهِ؟ قَالَت: نَهَانَا فِي ذَلِك - أهل الْبَيْت - أَن ننتبذ فِي الدُّبَّاء والمزفت. قَالَ: قلت لَهُ: أما ذكرت الحنتم والجر؟ قَالَ: إِنَّمَا أحَدثك بِمَا سَمِعت، أأحدثك مَا لم أسمع! .
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ثُمَامَة بن حزن الْقشيرِي قَالَ:
لقِيت عَائِشَة فسألتها عَن النَّبِيذ. فحدثتني ان وَفد عبد الْقَيْس قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسَأَلُوهُ عَن النَّبِيذ، فنهاهم أَن ينتبذوا فِي الدُّبَّاء والنقير والمزفت والحنتم.
ودعت عَائِشَة جَارِيَة حبشية فَقَالَت:
سل هَذِه، فَإِنَّهَا كَانَت تنبذ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَت الحبشية: كنت أَنْبِذ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سقاء من اللَّيْل، فأوكيه وأعلقه، فَإِذا أصبح شرب مِنْهُ. فرقة مُسلم فِي موضِعين من كتاب " الْأَشْرِبَة " بِإِسْنَاد وَاحِد.
وَلَيْسَ لثمامة بن حزن عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث معاذوة العدوية عَن عَائِشَة قَالَت:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الدُّبَّاء والحنتم والنقير والمزفت.
وَفِي حَدِيث عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ مثله، إِلَّا أَنه جعل مَكَان المزفت: المقير.(4/163)
وَمن حَدِيث الْحسن بن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ عَن أمه خيرة عَن عَائِشَة قَالَت:
كُنَّا ننبذ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سقاء يوكى أَعْلَاهُ، وَله عزلاء، ننبذه غدْوَة، فيشربه عشياً، وننبذه عشياً فيشربه غدْوَة.
3288 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأسود بن يزِيد قَالَ: ذكرُوا عِنْد عَائِشَة: أَن عليا كَانَ وَصِيّا. قَالَت: مَتى أوصى إِلَيْهِ وَقد كنت مسندته إِلَى صَدْرِي - أَو قَالَت: حجري، فَدَعَا بالطست، فَلَقَد انخنث فِي حجري فَمَا شَعرت انه مَاتَ، فَمَتَى أوصى إِلَيْهِ؟ .
قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَفِي حَدِيث أَزْهَر:
قَالَت: يَزْعمُونَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوصى إِلَى عَليّ ... . . الحَدِيث. وَلَيْسَت فِي حَدِيث أَزْهَر فِيمَا رَأينَا من كتاب البُخَارِيّ هَذَا اللَّفْظ: يَزْعمُونَ أَنه أوصى إِلَى عَليّ.
3289 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا أنفقت الْمَرْأَة من طَعَام بَيتهَا غير مفْسدَة فلهَا أجرهَا بِمَا أنفقت، وَللزَّوْج بِمَا اكْتسب، وللخازن مثل ذَلِك، لَا ينقص بَعضهم من أجر بعضٍ شَيْئا ".
3290 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق بن الأجدع عَن عَائِشَة قَالَت: مَا رَأَيْت أحدا الوجع عَلَيْهِ أَشد من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
3291 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق قَالَ: قلت لعَائِشَة: يَا أُمَّاهُ، هَل رأى محمدٌ ربه؟ فَقَالَت: لقد قف شعري مِمَّا قلت. أَيْن أَنْت من ثَلَاث، من(4/164)
حدثكهن فقد كذب: من حَدثَك أَن مُحَمَّدًا رأى ربه فقد كذب. ثمَّ قَرَأت: {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا أَو من وَرَاء حجاب أَو يُرْسل رَسُولا} [الشورى] {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير} [الْأَنْعَام] .
وَمن حَدثَك انه يعلم مَا فِي غَد فقد كذب، ثمَّ قَرَأت:
{وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت إِن الله عليم خَبِير} [لُقْمَان] .
وَمن حَدثَك أَنه كتم فقد كذب، ثمَّ قَرَأت: {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} [الْمَائِدَة] وَلكنه رأى جِبْرِيل فِي صورته مرَّتَيْنِ.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة أَن مسروقاً قَالَ: قلت لعَائِشَة:
فَأَيْنَ قَوْله تَعَالَى: {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى} [النَّجْم] قَالَت: ذَاك جِبْرِيل، كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَة الرجل، وَإنَّهُ أَتَاهُ هَذِه الْمرة فِي صورته الَّتِي هِيَ صورته، فسد الْأُفق.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان:
وَمن حَدثَك أَنه يعلم الْغَيْب فقد كذب، وَهُوَ يَقُول: لَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله.
وَفِي حَدِيث زُهَيْر بن حَرْب عَن ابْن علية - وَهُوَ أتم:
أَن مسروقاً قَالَ: كنت مُتكئا عِنْد عَائِشَة فَقَالَت: يَا أَبَا عَائِشَة، ثلاثٌ من تكلم بواحدةٍ مِنْهُنَّ فقد أعظم على الله الْفِرْيَة. قلت: وَمَا هن؟ قَالَت: من زعم أَن مُحَمَّدًا رأى بِهِ ربه فقد أعظم على الله الْفِرْيَة. قَالَ: وَكنت مُتكئا فَجَلَست فَقلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ، انظريني وَلَا تعجليني - ألم يقل الله عز وَجل: {وَلَقَد رَآهُ بالأفق الْمُبين} [التكوير] {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} [النَّجْم] فَقَالَت: أَنا أول هَذِه الْأمة سَأَلَ عَن ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيل، لم أره على صورته الَّتِي خلق عَلَيْهَا(4/165)
غير هَاتين الْمَرَّتَيْنِ، رَأَيْته منهبطاً من السَّمَاء، سَادًّا عظم خلقه مَا بَين السَّمَاء إِلَى الأَرْض. فَقَالَت: أَو لم تسمع أَن الله يَقُول: {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير} [الْأَنْعَام] أَو لم تسمع أَن الله يَقُول: {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا أَو من وَرَاء حجاب أَو يُرْسل رَسُولا فَيُوحِي بِإِذْنِهِ} [الشورى] إِلَى قَوْله: {عَليّ حَكِيم} [الشورى] .
قَالَت:
وَمن زعم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتم شَيْئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الْفِرْيَة، وَالله تَعَالَى يَقُول: {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته} [الْمَائِدَة] .
قَالَت:
وَمن زعم أَنه يخبر بِمَا يكون فِي غَد فقد أعظم على الله الْفِرْيَة، وَالله تَعَالَى يَقُول: {قل لَا يعلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا الله} [النَّمْل] .
وَفِي حَدِيث أبي مُوسَى مُحَمَّد بن الْمثنى عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن دَاوُد نَحوه.
وَزَاد: قَالَت: وَلَو كَانَ محمدٌ كَاتِما شَيْئا مِمَّا أنزل عَلَيْهِ لكَتم هَذِه الْآيَة: {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه وتخشى النَّاس وَالله أَحَق أَن تخشاه} [الْأَحْزَاب] .
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا من حَدِيث عبد الله بن عون عَن الْقَاسِم قَالَت:
من زعم أَن مُحَمَّدًا رأى ربه فقد أعظم، وَلَكِن قد رأى جِبْرِيل فِي صورته وخلقه، سَادًّا مَا بَين الْأُفق.
3292 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة:
عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْدِي رجلٌ، فَقَالَ: " يَا عَائِشَة، من هَذَا؟ " قلت: أخي من الرضَاعَة.
قَالَ: " يَا عَائِشَة، انظرن من إخوانكن، فَإِنَّمَا الرضَاعَة من المجاعة ".(4/166)
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه ابْن مهْدي عَن سُفْيَان - يَعْنِي الثَّوْريّ.
وَفِي حَدِيث هناد بن السّري عَن أبي الْأَحْوَص أَنَّهَا قَالَت:
دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْدِي رجل قَاعد، فَاشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِ، وَرَأَيْت الْغَضَب فِي وَجهه، قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّه أخي من الرضَاعَة. فَقَالَ: " انظرن إخوتكن من الرضَاعَة، فَإِنَّمَا الرضَاعَة من المجاعة ".
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الله بن الزبير عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تحرم المصة وَلَا المصتان ".
3293 - الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعجبهُ التَّيَمُّن فِي تنعله وَترَجله وَطهُوره، وَفِي شَأْنه كُله.
وَفِي رِوَايَة أبي الشعْثَاء عَن مَسْرُوق: يحب التَّيَمُّن مَا اسْتَطَاعَ.
3294 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت الْآيَات الْأَوَاخِر من سُورَة الْبَقَرَة - فِي الرِّبَا - خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتلاهن فِي الْمَسْجِد وَحرم التِّجَارَة فِي الْخمر.
وَفِي رِوَايَة مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن شُعْبَة:
خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " حرمت التِّجَارَة فِي الْخمر ".
3295 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: مَا صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة بعد أَن نزلت عَلَيْهِ: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} [سُورَة النَّصْر] إِلَّا يَقُول فِيهَا: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، اللَّهُمَّ اغْفِر لي ".(4/167)
وَفِي رِوَايَة جرير عَن مَنْصُور، قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر أَن يَقُول فِي رُكُوعه وَسُجُوده: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، اللَّهُمَّ اغْفِر لي. " يتَأَوَّل الْقُرْآن.
وَفِي حَدِيث أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر أَن يَقُول قبل أَن يَمُوت: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك. " قَالَت: فَقلت: يَا رَسُول الله، مَا هَذِه الْكَلِمَات الَّتِي أَرَاك أحدثتها وتقولها؟ قَالَ: " جعلت لي علامةٌ فِي أمتِي إِذا رَأَيْتهَا قلتهَا: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} إِلَى آخر السُّورَة.
وَفِي رِوَايَة عَامر الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر من قَوْله: " سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ " وَقَالَ: " خبرني رَبِّي أَنِّي سأرى عَلامَة فِي أمتِي، فَإذْ رَأَيْتهَا أكثرت من قَول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ. فقد رَأَيْتهَا: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} فتح مَكَّة. {وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا} .
3296 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: صنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فترخص فِيهِ، فتنزه عَنهُ قومٌ، فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَخَطب فَحَمدَ الله ثمَّ قَالَ: " مَا بَال أقوامٍ يتنزهون عَن الشَّيْء أصنعه، فوَاللَّه إِنِّي لأعلمهم بِاللَّه، وأشدهم لَهُ خشيَة ".
3297 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل الْعشْر أَحْيَا اللَّيْل، وَأَيْقَظَ أَهله، وَشد المئزر.
وَلمُسلم من حَدِيث الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجْتَهد فِي الْعشْر الْأَوَاخِر مَا لَا يجْتَهد فِي غَيره.(4/168)
3298 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة قَالَت: من كل اللَّيْل قد أوتر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من أول اللَّيْل وأوسطه وَآخره، فَانْتهى وتره إِلَى السحر. لفظ حَدِيث يحيى بن وثاب عَن مَسْرُوق.
3299 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن سعد بن هِشَام بن عَامر عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الماهر بِالْقُرْآنِ مَعَ السفرة الْكِرَام البررة. وَالَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن ويتتعتع فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ ".
وَلَيْسَ لسعد بن هِشَام عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
3300 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي بردة عَامر بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: أخرجت إِلَيْنَا عَائِشَة كسَاء وإزاراً غليظاً، فَقَالَت: قبض روح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هذَيْن.
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن حميد بن هِلَال أَن أَبَا بردة قَالَ:
دخلت على عَائِشَة، فأخرجت لنا إزاراً غليظاً مِمَّا يصنع بِالْيمن وَكسَاء من الَّتِي تسمونها الملبدة.
قَالَ: وَأَقْسَمت بِاللَّه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبض فِي هذَيْن الثَّوْبَيْنِ.
وَلَيْسَ لأبي بردة بن أبي مُوسَى عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث.
3301 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن نَافِع مولى ابْن عمر قَالَ: حدث ابْن عمر أَن أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: من تبع جَنَازَة فَلهُ قِيرَاط. قَالَ: أَكثر أَبُو هُرَيْرَة علينا.
فَبعث إِلَى عَائِشَة، فصدقت أَبَا هُرَيْرَة، وَقَالَت: سَمِعت الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله. فَقَالَ ابْن عمر: لقد فرطنا فِي قراريط كَثِيرَة.(4/169)
3302 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن - وَكَانَت فِي حجر عَائِشَة - عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث رجلا على سَرِيَّة، وَكَانَ يقْرَأ لأَصْحَابه فِي صلَاتهم، فيختم ب {قل هُوَ الله أحد} فَلَمَّا رجعُوا ذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ " سلوه، لأي شيءٍ صنعت ذَلِك؟ " فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لِأَنَّهَا صفة الرَّحْمَن، فَأَنا أحب أَن أَقرَأ بهَا.
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَخْبرُوهُ أَن الله يُحِبهُ ".
3303 - السِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي الرِّجَال عَن أمه عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت: سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَوت خصومٍ بِالْبَابِ، عاليةً أصواتهما، وَإِذا أَحدهمَا يستوضع الآخر ويسترفقه فِي شيءٍ، وَهُوَ يَقُول: وَالله لَا أفعل. فَخرج عَلَيْهِمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " أَيْن المتألي على الله لَا يفعل الْمَعْرُوف؟ " فَقَالَ: أَنا رَسُول الله، فَلهُ أَي ذَلِك أحب.
3304 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت: لما جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل ابْن حَارِثَة وجعفر بن أبي طَالب وَعبد الله ابْن رَوَاحَة، جلس يعرف فِيهِ الْحزن، وَأَنا أنظر من صائر الْبَاب - تَعْنِي شقّ الْبَاب - فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: إِن نسَاء جَعْفَر ... وَذكر بكاءهن. فَأمره أَن ينهاهن، فَذهب ثمَّ أُتِي الثَّانِيَة، فَذكر إنَّهُنَّ لم يطعنه، فَقَالَ: " انههن ". فَأَتَاهُ الثَّالِثَة فَقَالَ: وَالله لقد غلبننا يَا رَسُول الله، فَزَعَمت أَنه قَالَ: " فاحث فِي أفواههن التُّرَاب " قَالَت عَائِشَة: فَقلت: أرْغم الله أَنْفك، وَالله مَا تفعل مَا أَمرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم تتْرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من العناء.
3305 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت: لَو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى مَا أحدث النِّسَاء لمنعهن الْمَسَاجِد كَمَا منعت نسَاء(4/170)
بني إِسْرَائِيل، قَالَ: فَقلت لعمرة: أنساء بني إِسْرَائِيل منعن الْمَسْجِد؟ قَالَت: نعم.
3306 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد ربه بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا اشْتَكَى الْإِنْسَان الشَّيْء مِنْهُ، أَو إِذا كَانَت بِهِ قرحَة أَو جرح قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإصبعه هَكَذَا - وَوضع سُفْيَان سبابته بِالْأَرْضِ ثمَّ رَفعهَا - وَقَالَ: " باسم الله، تربة أَرْضنَا، بريقة بَعْضنَا، يشفى بِهِ سقيمنا بِإِذن رَبنَا " اللَّفْظ لِابْنِ أبي عمر عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة.
وَفِي حَدِيث صَدَقَة بن الْفضل الْمروزِي عَنهُ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي الرّقية: " تربة أَرْضنَا، وريقة بَعْضنَا، يشفى بِهِ سقيمنا بِإِذن رَبنَا ".
وَلَيْسَ لعبد ربه بن سعيد عَن عمْرَة فِي مُسْند عَائِشَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
3307 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عمر بن حزم عَن عمْرَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه ".
وَفِي رِوَايَة عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ: " حَتَّى ظَنَنْت ليورثنه ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي الْمُنْذر هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه ليورثنه ".
3308 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي بكر مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عمْرَة أَنَّهَا سَمِعت عَائِشَة - وَذكر لَهَا أَن عبد الله بن عمر يَقُول: إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء الْحَيّ، فَقَالَت عَائِشَة: يغْفر الله لأبي عبد الرَّحْمَن، أما إِنَّه لم يكذب، وَلكنه نسي(4/171)
أَو أَخطَأ، إِنَّمَا مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على يَهُودِيَّة يبكى عَلَيْهَا، فَقَالَ: " إِنَّه ليبكى عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لتعذب فِي قبرها " اللَّفْظ لقتيبة بن سعيد عَن مَالك، وَهُوَ أتم.
ولهشام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة نَحوه. وَهُوَ مَذْكُور فِي مُسْند ابْن عمر.
3309 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن عَن أمه صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة: أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْغسْل من الْمَحِيض، فَأمرهَا كَيفَ تَغْتَسِل ثمَّ قَالَ: " خذي فرْصَة من مسك فتطهري بهَا " قَالَت: كَيفَ أتطهر بهَا؟ فاجتذبتها إِلَيّ فَقلت: تتبعي أثر الدَّم. وَمن الروَاة من قَالَ: " خذي فرْصَة ممسكة فتوضئي بهَا ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن المُهَاجر عَن صَفِيَّة عَن عَائِشَة:
أَن أَسمَاء سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن غسل الْمَحِيض، فَقَالَ: " تَأْخُذ إحداكن ماءها وسدرها، فَتطهر فتحسن الطّهُور، ثمَّ تصب على رَأسهَا فتدلكه دلكا شَدِيدا حَتَّى تبلغ شؤون رَأسهَا، ثمَّ تصب عَلَيْهَا المَاء، ثمَّ تَأْخُذ فرْصَة ممسكة فَتطهر. " فَقَالَت أَسمَاء: وَكَيف تطهر بهَا؟ فَقَالَ: " سُبْحَانَ الله، تطهري بهَا " قَالَت عَائِشَة: كَأَنَّهَا تخفي ذَلِك: تتبعي بهَا أثر الدَّم.
وَسَأَلته عَن غسل الْجَنَابَة، فَقَالَ:
تَأْخُذ مَاء فَتطهر فتحسن الطّهُور أَو تبلغ الطّهُور، ثمَّ تصب على رَأسهَا فتدلكه حَتَّى تبلغ شؤون رَأسهَا، ثمَّ تفيض عَلَيْهَا المَاء " فَقَالَت عَائِشَة: نعم النِّسَاء نسَاء الْأَنْصَار، لم يكن يمنعهن الْحيَاء أَن يتفقهن فِي الدّين.(4/172)
وَفِي حَدِيث معَاذ الْعَنْبَري عَن شُعْبَة نَحوه، وَقَالَ: " سُبْحَانَ الله " واستتر.
وَفِي حَدِيث أبي الْأَحْوَص عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر:
دخلت أَسمَاء بنت شكل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: كَيفَ تَغْتَسِل إحدانا إِذا طهرت من الْحيض؟ وَذكر الحَدِيث، وَلم يذكر غسل الْجَنَابَة.
3310 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَنْصُور بن صَفِيَّة أَن أمه حدثته أَن عَائِشَة حدثتها قَالَت: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتكئ فِي حجري وَأَنا حَائِض وَيقْرَأ الْقُرْآن.
وَفِي حَدِيث قبيصَة عَن سُفْيَان قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ الْقُرْآن وَرَأسه فِي حجري وَأَنا حَائِض.
3311 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن الْحسن بن مُسلم بن يناق عَن صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة: أَن جَارِيَة من الْأَنْصَار تزوجت، وَأَنَّهَا مَرضت فتمعط شعرهَا، فأرادوا أَن يصلوها، فسألوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " لعن الله الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة " قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه ابْن إِسْحَاق عَن أبان بن صَالح عَن الْحسن بن مُسلم عَن صَفِيَّة.
وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن نَافِع عَن الْحسن بن مُسلم:
أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار زوجت ابْنَتهَا، فتمعط شعر رَأسهَا، فَجَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ، وَقَالَت: إِن زَوجهَا أَمرنِي أَن أصل فِي شعرهَا، فَقَالَ: " لَا، إِنَّه قد لعن الموصلات ".(4/173)
وَفِي رِوَايَة زيد بن الْحباب عَن إِبْرَاهِيم بن نَافِع، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لعن الواصلات ".
وَفِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن إِبْرَاهِيم
لعن الموصلات ".
وَفِي رِوَايَة يحيى بن أبي بكر
عَن شُعْبَة فتمعط شعرهَا، فأرادوا أَن يصلوه، فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك، فلعن الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة.
3312 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن معَاذَة العدوية عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ: إِن امْرَأَة قَالَت لعَائِشَة أتجزئ إحدانا صلَاتهَا إِذا طهرت؟ فَقَالَت: أحروريةٌ أَنْت؟ . كُنَّا نحيض مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَا يَأْمُرنَا، أَو قَالَت: فَلَا نفعله.
وَفِي حَدِيث عَاصِم الْأَحول عَن معَاذَة قَالَت:
سَأَلت عَائِشَة فَقلت: مَا بَال الْحَائِض تقضي الصَّوْم وَلَا تقضي الصَّلَاة؟ فَقَالَت: أحروية أَنْت؟ قلت: لست بحرورية، وَلَكِنِّي أسأَل. قَالَت: كَانَ يصيبنا ذَلِك فنؤمر بِقَضَاء الصَّوْم وَلَا نؤمر بِقَضَاء الصَّلَاة.
وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن زيد عَن يزِيد الرشك عَن معَاذَة:
أَن امْرَأَة سَأَلت عَائِشَة فَقَالَت: أتقضي إحدانا الصَّلَاة أَيَّام محيضها؟ فَقَالَت: أحروريةٌ أَنْت؟ قد كَانَت إحدانا تحيض على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ لَا تُؤمر بِقَضَاء.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن يزِيد:
قد كن نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحضن، أفأمرهن أَن يجزين؟ قَالَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، غنْدر: تَعْنِي يقضين.(4/174)
3313 - السبعون بعد الْمِائَة: من الْمُتَّفق عَلَيْهِ من ترجمتين: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقوم من اللَّيْل حَتَّى تتفطر قدماه. فَقَالَت عَائِشَة: لم تصنع هَذَا يَا رَسُول الله وَقد غفر الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر؟ قَالَ: " أَفلا أحب أَن أكون عبدا شكُورًا " فَلَمَّا كثر لَحْمه صلى جَالِسا، فَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع قَامَ فَقَرَأَ ثمَّ ركع.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يزِيد بن عبد الله بن قسيط عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى قَامَ حَتَّى تتفطر قدماه. فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: أتصنع هَذَا وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر؟ فَقَالَ: " يَا عَائِشَة، أَفلا أكون عبدا شكُورًا ".
3314 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: من ذَلِك:
أخرجه البُخَارِيّ عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ أَن ينَام وَهُوَ جنبٌ غسل فرجه وَتَوَضَّأ للصَّلَاة.
أخرجه أَبُو بكر البرقاني من حَدِيث يحيى بن بكير بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أخرجه بِهِ البُخَارِيّ: أَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِذا أَرَادَ أَن ينَام وَهُوَ جنب غسل فرجه، ثمَّ تَوَضَّأ للصَّلَاة ثمَّ ينَام. وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة: أَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرقد وَهُوَ جنب؟ قَالَت: نعم، وَيتَوَضَّأ. وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي بكر مُحَمَّد بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة(4/175)
عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن عَائِشَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ أَن ينَام وَهُوَ جنبٌ تَوَضَّأ للصَّلَاة قبل أَن ينَام.
وَفِي حَدِيث الْأسود بن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ عَن عَائِشَة قَالَت:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ جنبا، فَإِن أَرَادَ أَن يَأْكُل أَو ينَام تَوَضَّأ وضوءه.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن أبي قيس قَالَ:
سَأَلت عَائِشَة عَن وتر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... فَذكر الحَدِيث، وَفِيه: قلت: كَيفَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع فِي الْجَنَابَة: أَكَانَ يغْتَسل قبل أَن ينَام، أَو ينَام قبل أَن يغْتَسل؟ قَالَت: كل ذَلِك قد كَانَ يفعل، فَرُبمَا اغْتسل فَنَامَ، وَرُبمَا تَوَضَّأ فَنَامَ. قلت: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي الْأَمر سَعَة.
اخْتَصَرَهُ مُسلم فَأخْرج مِنْهُ غَرَضه فِي النّوم قبل الْغسْل، وَنَبَّهنَا على ذَلِك بقوله. . وَذكر الحَدِيث. فبحثنا عَنهُ لنجد تَمَامه، فَوَجَدنَا الإِمَام أَبَا بكر البرقاني قد أخرجه بِطُولِهِ فِيمَا خرج على الصَّحِيحَيْنِ، من حَدِيث قُتَيْبَة عَن اللَّيْث، كَمَا أخرج مُسلم مِنْهُ مَا أخرج، وأوله قَالَ: سَأَلت عَائِشَة عَن وتر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقلت: كَانَ يُوتر من أول اللَّيْل أم من آخِره؟ قَالَت: رُبمَا أوتر من أول اللَّيْل، وَرُبمَا أوتر من آخِره. قلت: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي الْأَمر سَعَة.
فَقلت: فَكيف كَانَت قِرَاءَته:
أَكَانَ يسر بِالْقِرَاءَةِ أَو يجْهر؟ قَالَت: كل ذَلِك قد كَانَ يفعل، رُبمَا أسر وَرُبمَا جهر. فَقلت: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي الْأَمر سَعَة.
فَقلت: كَيفَ كَانَ يصنع فِي الْجَنَابَة: أَكَانَ يغْتَسل قبل أَن ينَام، أَو ينَام قبل أَن يغْتَسل؟ قَالَت: كل ذَلِك قد كَانَ يفعل، فَرُبمَا اغْتسل فَنَامَ، وَرُبمَا تَوَضَّأ فَنَامَ.
قلت: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي الْأَمر سَعَة.(4/176)
وَلَيْسَ لعبد الله بن أبي قيس عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا. وَلم يخرج لَهُ البُخَارِيّ عَنْهَا شَيْئا.
3315 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: من ذَلِك أَيْضا اتفقَا فِي الْمسند مِنْهُ.
فَأخْرجهُ البُخَارِيّ من حَدِيث مَسْرُوق عَن عَائِشَة:
أَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُلْنَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيّنَا أسْرع بك لُحُوقا؟ قَالَ: " أَطْوَلكُنَّ يدا " فَأخذُوا قَصَبَة يَذْرَعُونَهَا، فَكَانَت سَوْدَة أَطْوَلهنَّ يدا. فَعلمنَا بعد أَنما كَانَ طول يَدهَا الصَّدَقَة، وَكَانَت أَسْرَعنَا لُحُوقا بِهِ، وَكَانَت تحب الصَّدَقَة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَائِشَة بنت طَلْحَة عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَسْرَعكُنَّ لحَاقًا بِي أَطْوَلكُنَّ يدا " قَالَت: فَكُن يَتَطَاوَلْنَ أيتهن أطول يدا. قَالَت: فَكَانَت أطولنا يدا زَيْنَب، لِأَنَّهَا كَانَت تعْمل بِيَدِهَا وَتصدق.
3316 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: من ذَلِك:
أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة قَالَت:
الضحية كُنَّا نملح مِنْهُ، فَتقدم بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: " لَا تَأْكُلُوا إِلَّا ثَلَاثَة أَيَّام " وَلَيْسَت بعزيمة، وَلَكِن أَرَادَ أَن نطعم مِنْهُ، وَالله أعلم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عبد الله بن وَاقد قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أكل لُحُوم الضَّحَايَا بعد ثَلَاث. قَالَ عبد الله بن أبي بكر: فَذكرت ذَلِك لعمرة، فَقَالَت: صدق، سَمِعت عَائِشَة تَقول: دف أهل أبياتٍ من أهل الْبَادِيَة حَضْرَة الْأَضْحَى زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ(4/177)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
ادخروا ثَلَاثًا، ثمَّ تصدقوا بِمَا بَقِي " فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك قَالُوا: يَا رَسُول الله، إِن النَّاس يتخذون الأسقية من ضحاياهم، ويجملون فِيهَا الودك.
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَمَا ذَاك؟ " قَالُوا: نهيت أَن تُؤْكَل لُحُوم الضَّحَايَا بعد ثَلَاث.
فَقَالَ:
إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ لأجل الدافة الَّتِي دفت، فَكُلُوا وَادخرُوا وتصدقوا ".
3317 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن أَبَا حُذَيْفَة بن عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس - وَكَانَ مِمَّن شهد بَدْرًا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - تبنى سالما، وأنكحه بنت أَخِيه الْوَلِيد بن عتبَة بن ربيعَة - وَهُوَ مولى لامْرَأَة من الْأَنْصَار، كَمَا تبنى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيدا، وَكَانَ من تبنى رجلا فِي الْجَاهِلِيَّة دَعَاهُ النَّاس إِلَيْهِ، وَورثه من مِيرَاثه، حَتَّى أنزل الله: {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} إِلَى قَوْله: {ومواليكم} [الْأَحْزَاب] فَردُّوا إِلَى آبَائِهِم. فَمن لم يعلم لَهُ أبٌ كَانَ مولى وأخاً فِي الدّين. فَجَاءَت سهلة بنت سُهَيْل بن عَمْرو الْقرشِي ثمَّ العامري، وَهِي امْرَأَة أبي حُذَيْفَة - النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنَّا كُنَّا نرى سالما ولدا، وَقد أنزل الله فِيهِ مَا قد علمت. وَذكر الحَدِيث. هَكَذَا هُوَ عِنْد البُخَارِيّ، لم يخرج تَمَامه. وَقد وَقع الحَدِيث بِطُولِهِ من حَدِيث أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ.
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه بِطُولِهِ، من حَدِيث أبي الْيَمَان أَيْضا وَعنهُ أخرج البُخَارِيّ مَا أخرج مِنْهُ، وَفِيه بعد قَوْلهَا:
وَكُنَّا نرى سالما ولدا: وَكَانَ يأوي معي وَمَعَ أبي حُذَيْفَة فِي بَيت وَاحِد، ويراني فضلا، وَقد أنزل الله مَا قد علمت، فَكيف ترى يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أرضعيه " فأرضعته خمس رَضعَات، فَكَانَ بِمَنْزِلَة وَلَدهَا من الرضَاعَة، فبذلك كَانَت عَائِشَة تَأمر بَنَات(4/178)
إخوتها وَبَنَات أخواتها أَن يرضعن من أحبت عَائِشَة أَن يَرَاهَا وَيدخل عَلَيْهَا - وَإِن كَانَ كَبِيرا - خمس رَضعَات، ثمَّ يدْخل عَلَيْهَا. وأبت أم سَلمَة وَسَائِر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يدخلن عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرضَاعَة أحدا من النَّاس حتي يرضع من المهد.
وقلن لعَائِشَة: وَالله مَا نَدْرِي، لَعَلَّهَا رخصَة لسالم من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون النَّاس.
وَقد أخرج مُسلم مَجِيء سهلة فِي ذَلِك من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت:
جَاءَت سهلة بنت سُهَيْل بن عَمْرو إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أرى فِي وَجه أبي حُذَيْفَة من دُخُول سَالم وَهُوَ حليفه، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أرضعيه " قَالَت: وَكَيف أرضعه وَهُوَ رجل كَبِير؟ فَتَبَسَّمَ رَسُول الله، وَقَالَ: " قد علمت أَنه رجل كَبِير " وَكَانَ قد شهد بَدْرًا.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة:
أَن سالما مولى أبي حُذَيْفَة كَانَ مَعَ أبي حُذَيْفَة وَأَهله فِي بَيتهمْ، فَأَتَت - يَعْنِي سهلة بنت سُهَيْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن سالما قد بلغ مَا يبلغ الرِّجَال، وعقل مَا عقلوا، وَإنَّهُ يدْخل علينا، وَإِنِّي أَظن أَن فِي نفس أبي حُذَيْفَة من ذَلِك شَيْئا، فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أرضعيه تحرمي عَلَيْهِ، وَيذْهب الَّذِي فِي نفس أبي حُذَيْفَة " فَرَجَعت فَقَالَت: إِنِّي قد أَرْضَعَتْه، فَذهب الَّذِي فِي نفس أبي حُذَيْفَة.
وَأخرج أَيْضا من حَدِيث زَيْنَب بنت أم سَلمَة قَالَت:
قَالَت أم سَلمَة لعَائِشَة: إِنَّه يدْخل عَلَيْك الْغُلَام الأيفع الَّذِي مَا أحب أَن يدْخل عَليّ. قَالَت: فَقَالَت عَائِشَة: أما لَك فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُسْوَة وَقَالَت: إِن امْرَأَة أبي حُذَيْفَة قَالَت: يَا(4/179)
رَسُول الله، إِن سالما يدْخل عَليّ وَهُوَ رجل، وَفِي نفس أبي حُذَيْفَة مِنْهُ شيءٌ.
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أرضعيه حَتَّى يدْخل عَلَيْك ".
وَفِي حَدِيث بكير بن الْأَشَج عَن حميد بن نَافِع عَن زَيْنَب:
أَن أم سَلمَة قَالَت لعَائِشَة: وَالله مَا تطيب نَفسِي أَن يراني الْغُلَام وَقد اسْتغنى عَن الرضَاعَة. فَقَالَت: وَلم؟ قد جَاءَت سهلة بنت سُهَيْل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله، وَالله إِنِّي لأرى فِي وَجه أبي حُذَيْفَة من دُخُول سَالم. فَذكر نَحوه بِمَعْنَاهُ، وَفِيه: " أرضعيه يذهب مَا فِي وَجه أبي حُذَيْفَة ".
وَلَيْسَ لِزَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن عَائِشَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَفِي حَدِيث أبي عُبَيْدَة بن زَمعَة عَن أمه زَيْنَب عَن أمهَا أم سَلمَة أَنَّهَا كَانَت تَقول:
أَبى سَائِر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يدخلن عَلَيْهِنَّ أحدا بِتِلْكَ الرضَاعَة، وقلن لعَائِشَة: مَا نرى هَذَا إِلَّا رخصَة أرخصها رَسُول الله، لسالم خَاصَّة، فَمَا هُوَ بداخلٍ علينا أحدٌ بِهَذِهِ الرضَاعَة وَلَا رائينا.
وَلمُسلم من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت وَهِي تذكر الَّذِي يحرم من الرضَاعَة:
نزل فِي الْقُرْآن عشر رَضعَات مَعْلُومَات، ثمَّ نزل أَيْضا خمس مَعْلُومَات.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عمْرَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت:
كَانَ فِيمَا أنزل من الْقُرْآن عشر رضعاتٍ مَعْلُومَات يحرمن، ثمَّ نسخن بخمسٍ مَعْلُومَات، فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي فِيمَا يقْرَأ من الْقُرْآن.
زَاد أَبُو مَسْعُود مُتَّصِلا بِهِ قَالَ:
فبلغني أَن عَائِشَة كَانَ لَا يَرَاهَا أحدٌ إِلَّا أحدا أرضع خمس رَضعَات.(4/180)
3318 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الْمِائَة: من الْمُتَّفق عَلَيْهِ من ترجمتين:
أخرجه البُخَارِيّ من رِوَايَة نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَغْزُو جيشٌ الْكَعْبَة، فَإِذا كَانُوا ببيداء من الأَرْض يخسف بأولهم وَآخرهمْ ". قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله، كَيفَ يخسف بأولهم وَآخرهمْ وَفِيهِمْ أسواقهم وَمن لَيْسَ مِنْهُم؟ قَالَ: " يخسف بأولهم وَآخرهمْ، ويبعثون على نياتهم ".
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة مُحَمَّد بن زِيَاد عَن عبد الله بن الزبير أَن عَائِشَة قَالَت:
عَبث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَنَامه، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، صنعت شَيْئا فِي مَنَامك لم تكن تَفْعَلهُ. فَقَالَ: " الْعجب أَن نَاسا من أمتى يؤمُّونَ هَذَا الْبَيْت لرجلٍ من قُرَيْش، قد لَجأ بِالْبَيْتِ، حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم ". فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، إِن الطَّرِيق قد تجمع النَّاس. قَالَ: " نعم، فيهم المستبصر، وَالْمَجْبُور، وَابْن السَّبِيل، يهْلكُونَ مهْلكا وَاحِدًا، وَيَصْدُرُونَ مصَادر شَتَّى، يَبْعَثهُم الله عز وَجل على نياتهم ".
أَفْرَاد البُخَارِيّ
3319 - الحَدِيث الأول: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم: أَن الْقَاسِم كَانَ يمشي بَين يَدي الْجِنَازَة وَلَا يقوم لَهَا، ويخبر عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يقومُونَ لَهَا يَقُولُونَ إِذا رأوها: كنت فِي أهلك مَا أَنْت، مرَّتَيْنِ.
3320 - الثَّانِي: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت(4/181)
إحدانا تحيض ثمَّ تقترص الدَّم من ثوبها عِنْد طهرهَا، فتغسله وتنضح على سائره، ثمَّ تصلي فِيهِ.
3321 - الثَّالِث: عَن نَافِع مولى ابْن عمر عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رأى الْمَطَر قَالَ: " صيباً نَافِعًا ".
قَالَ البُخَارِيّ:
تَابعه الْقَاسِم بن يحيى عَن عبيد الله - هُوَ ابْن عمر، وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ وَعقيل عَن نَافِع.
3322 - الرَّابِع: عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: قَالَت عَائِشَة: وارأساه، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ذَاك لَو كَانَ وَأَنا حيٌّ فأستغفر لَك وأدعو لَك " فَقَالَت عَائِشَة: " واثكلاه، وَالله إِنِّي لأظنك تحب موتِي، وَلَو كَانَ ذَلِك لظللت آخر يَوْمك معرساً بِبَعْض أَزوَاجك. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بل أَنا وارأساه، لقد هَمَمْت - أَو أردْت - أَن أرسل إِلَى أبي بكر وَابْنه فأعهد، أَن يَقُول الْقَائِلُونَ، أَو يتَمَنَّى المتمنون، ثمَّ قلت: يَأْبَى الله وَيدْفَع الْمُؤْمِنُونَ. أَو يدْفع الله ويأبى الْمُؤْمِنُونَ ".
وَيحْتَمل أَن يُضَاف إِلَى هَذَا مَا أخرجه مُسلم من حَدِيث عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت:
قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَرضه: " ادعِي لي أَبَا بكر أَبَاك وأخاك، حَتَّى أكتب كتابا، فَإِنِّي أَخَاف أَن يتَمَنَّى متمن، وَيَقُول قَائِل: أَنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إِلَّا أَبَا بكر ".
3323 - الْخَامِس: عَن طَلْحَة بن عبد الْملك الْأَيْلِي عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من نذر أَن يُطِيع الله فليطعمه، وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ ".(4/182)
3324 - السَّادِس: عَن أبي بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق - وَأَبُو بكر عبد الله بن أبي عَتيق، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن هُوَ أَبُو عَتيق ولد على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - عَن عَائِشَة أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن هَذِه الْحبَّة السَّوْدَاء شفاءٌ من كل داءٍ إِلَّا السام " قلت: وَمَا السام؟ قَالَ: " الْمَوْت ".
وأوله: أَن خَالِد بن سعد قَالَ:
خرجنَا ومعنا غَالب بن أبجر، فَمَرض فِي الطَّرِيق، فقدمنا الْمَدِينَة وَهُوَ مَرِيض، فعاده ابْن أبي عَتيق فَقَالَ لنا: عَلَيْكُم بِهَذِهِ الْحبَّة السَّوْدَاء، فَخُذُوا مِنْهَا خمْسا أَو سبعا، فاسحقوها ثمَّ اقطروها فِي أَنفه بقطرات زيتٍ فِي هَذَا الْجَانِب وَفِي هَذَا الْجَانِب، فَإِن عَائِشَة حَدَّثتنِي أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ... وَذكر الحَدِيث.
3325 - السَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: يرحم الله نسَاء الْمُهَاجِرَات الأول: لما أنزل الله: {وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} [النُّور] شققْنَ مُرُوطهنَّ فَاخْتَمَرْنَ بهَا.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث الْحسن بن مُسلم بن يناق عَن صَفِيَّة بنت شيبَة أَن عَائِشَة كَانَت تَقول:
لما نزلت هَذِه الْآيَة: {وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} أخذن أزرهن فشققنها من قبل الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بهَا.
3326 - الثَّامِن: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن أَبَا بكر تزوج امْرَأَة من كلب يُقَال لَهَا أم بكر، فَلَمَّا هَاجر أَبُو بكر طَلقهَا فتروجها ابْن عَمها هَذَا(4/183)
الشَّاعِر الَّذِي قَالَ هَذِه القصيدة، رثى كفار قُرَيْش:
(وماذا بالقليب قليب بدرٍ ... من الشيزى تزين بالسنام)
(وماذا بالقليب قليب بدرٍ ... من الْقَيْنَات وَالشرب الْكِرَام)
(تحيينا السَّلامَة أم بكر ... وَهل لي بعد قومِي من سَلام)
(يحدثنا الرَّسُول بِأَن سنحيا ... وَكَيف حَيَاة أصداءٍ وهام)
3327 - التَّاسِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة أَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " رَأَيْت جَهَنَّم يحطم بَعْضهَا بَعْضًا. وَرَأَيْت عمرا يجر قصبه، وَهُوَ أول من سيب السوائب " هُوَ عَمْرو بن لحي بن قمعة. كَذَا حكى أَبُو مَسْعُود.
وَفِي حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة: عَمْرو بن عَامر الْخُزَاعِيّ. 3328 - الْعَاشِر: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة: أَن عَائِشَة أخْبرته: أَن النِّكَاح كَانَ على أَرْبَعَة أنحاء: فنكاحٌ مِنْهَا نِكَاح النَّاس الْيَوْم، يخْطب الرجل إِلَى الرجل وليته أَو ابْنَته، فيصدقها ثمَّ ينْكِحهَا. وَنِكَاح آخر: كَانَ الرجل يَقُول لامْرَأَته إِذا طهرت من طمثها: أرسلي إِلَى فلَان فاستبضعي مِنْهُ، ويعتزلها زَوجهَا وَلَا يَمَسهَا حَتَّى يتَبَيَّن حملهَا من ذَلِك الرجل الَّذِي تستبضع مِنْهُ، فَإِذا تبين حملهَا أَصَابَهَا زَوجهَا إِذا أحب، وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك رَغْبَة فِي نجابة الْوَلَد، فَكَانَ هَذَا النِّكَاح نِكَاح الاستبضاع. وَنِكَاح آخر: يجْتَمع الرَّهْط مَا دون الْعشْرَة، فَيدْخلُونَ على الْمَرْأَة، كلهم يُصِيبهَا، فَإِذا حملت(4/184)
وَوضعت وَمر ليالٍ بعد أَن تضع حملهَا، أرْسلت إِلَيْهِم فَلم يسْتَطع مِنْهُم أَن يمْتَنع حَتَّى يجتمعوا عِنْدهَا، فَتَقول لَهُم: قد عَرَفْتُمْ الَّذِي كَانَ من أَمركُم، وَقد ولدت فَهُوَ ابْنك يَا فلَان - تسمي من أحبت باسمه، فَيلْحق بِهِ وَلَدهَا، لَا يَسْتَطِيع أَن يمْتَنع مِنْهُ الرجل. وَنِكَاح رَابِع: يجْتَمع النَّاس الْكثير فَيدْخلُونَ على الْمَرْأَة، لَا تمنع من جاءها، وَهن البغايا، كن ينصبن على أبوابهن الرَّايَات - وَتَكون علما، فَمن أرادهن دخل عَلَيْهِنَّ، فَإِذا حملت إِحْدَاهُنَّ وَوضعت حملهَا، جمعُوا لَهَا ودعوا لَهَا الْقَافة، ثمَّ ألْحقُوا وَلَدهَا بِالَّذِي يرَوْنَ، فالتاط ودعي ابْنه لَا يمْتَنع من ذَلِك. فَلَمَّا بعث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحَقِّ هدم نِكَاح الْجَاهِلِيَّة كُله، إِلَّا نِكَاح النَّاس الْيَوْم.
3329 - الْحَادِي عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا أَظن فلَانا وَفُلَانًا يعرفنا من ديننَا شَيْئا " قَالَ اللَّيْث: كَانَا رجلَيْنِ من الْمُنَافِقين.
وَفِي حَدِيث بكير عَن اللَّيْث، قَالَت:
دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا وَقَالَ: " يَا عَائِشَة: مَا أَظن فلَانا وَفُلَانًا يعرفان من ديننَا الَّذِي نَحن عَلَيْهِ ".
3330 - الثَّانِي عشر: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَن قَوْله: {حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كذبُوا} أَو {كذبُوا} . [يُوسُف]- قَالَت: بل كذبهمْ قَومهمْ. فَقلت: وَالله لقد استيقنوا أَن قَومهمْ كذبوهم، وَمَا هُوَ بِالظَّنِّ. فَقَالَت: يَا عُرْوَة، أجل، لقد استيقنوا بذلك. قلت: فلعلها: (قد كذبُوا) قَالَت: معَاذ الله، لم تكن الرُّسُل تظن ذَلِك بربها. قلت: فَمَا هَذِه الْآيَة؟ قَالَت: هم أَتبَاع الرُّسُل الَّذين آمنُوا برَبهمْ وصدقوهم، وَطَالَ عَلَيْهِم الْبلَاء، واستأخر عَلَيْهِم النَّصْر، حَتَّى إِذا استيأست الرُّسُل مِمَّن كذبهمْ من قَومهمْ، وظنوا أَن أتباعهم(4/185)
كذبوهم جَاءَهُم نصر الله عِنْد ذَلِك.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي مُحَمَّد عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة قَالَ:
قَالَ ابْن عَبَّاس: {إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كذبُوا} خَفِيفَة. قَالَ: ذهب بهَا هُنَالك، وتلا: {حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَالَّذين آمنُوا مَعَه مَتى نصر الله أَلا إِن نصر الله قريب} [الْبَقَرَة] قَالَ: فَلَقِيت عُرْوَة بن الزبير فَذكرت ذَلِك لَهُ. فَقَالَ: قَالَت عَائِشَة: معَاذ الله، وَالله مَا وعد الله رَسُوله من شَيْء قطّ إِلَّا علم أَنه كَائِن قبل أَن يَمُوت. وَلَكِن لم يزل الْبلَاء بالرسل حَتَّى خَافُوا أَن يكون من مَعَهم من قَومهمْ يكذبونهم، وَكَانَت تقرؤها: {وظنوا أَنهم قد كذبُوا} مثقلة.
3331 - الثَّالِث عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ سفرا أَقرع بَين نِسَائِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأيتهن خرج سهمها خرج بهَا مَعَه، وَكَانَ يقسم لكل امْرَأَة مِنْهُنَّ يَوْمهَا وليلتها، غير أَن سَوْدَة بنت زَمعَة وهبت يَوْمهَا وليلتها لعَائِشَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تبتغي بذلك رضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
3332 - الرَّابِع عشر: فِي الْهِجْرَة: عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: لم أَعقل أَبَوي قطّ إِلَّا وهما يدينان الدّين، وَلم يمر علينا يومٌ إِلَّا يأتينا فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طرفِي النَّهَار: بكرَة وَعَشِيَّة. فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسلمُونَ خرج أَبُو بكر مُهَاجرا نَحْو أَرض الْحَبَشَة، حَتَّى إِذا بلغ برك الغماد لقِيه ابْن الدغنة، وَهُوَ سيد القارة.
فَقَالَ: أَيْن تُرِيدُ يَا أَبَا بكر؟ فَقَالَ أَبَا بكر: أخرجني قومِي، فَأُرِيد أَن أسيح فِي الأَرْض فأعبد رَبِّي، فَقَالَ ابْن الدغنة: فَإِن مثلك يَا أَبَا بكر لَا يخرج وَلَا يخرج.
إِنَّك تكسب الْمَعْدُوم، وَتصل الرَّحِم، وَتحمل الْكل، وتقري الضَّيْف، وَتعين على نَوَائِب الْحق، فَأَنا لَك جَار، فَارْجِع واعبد رَبك ببلدك. فَرجع، وارتحل مَعَه ابْن(4/186)
الدغنة، فَطَافَ ابْن الدغنة فِي أَشْرَاف كفار قُرَيْش، فَقَالَ لَهُم:
إِن أَبَا بكر لَا يخرج مثله، وَلَا يخرج، أتخرجون رجلا يكْسب الْمَعْدُوم، ويصل الرَّحِم، وَيحمل الْكل، ويقري الضَّيْف، ويعين على نَوَائِب الْحق، فَلم تكذب قُرَيْش بجوار ابْن الدغنة.
وَفِي رِوَايَة يُونُس:
فأنفذت قُرَيْش جوَار ابْن الدغنة، وَقَالُوا: فليعبد ربه فِي دَاره، وَليصل فِيهَا، وليقرأ مَا شَاءَ وَلَا يؤذنا وَلَا يستعلن بِهِ، فَإنَّا نخشى أَن يفتن نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا. قَالَ ذَلِك ابْن الدغنة لأبي بكر. فَلبث أَبُو بكر بذلك، يعبد ربه فِي دَاره وَلَا يستعلن بِصَلَاتِهِ، وَلَا يقْرَأ فِي غير دَاره، ثمَّ بدا لأبي بكر فابتنى مَسْجِدا بِفنَاء دَاره، وَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ، فيتقصف عَلَيْهِ نسَاء الْمُشْركين وأبناؤهم، يعْجبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو بكر رجلا بكاء لَا يملك عينه إِذا قَرَأَ الْقُرْآن، فأفزع ذَلِك أَشْرَاف قُرَيْش من الْمُشْركين، فأرسلوا إِلَى ابْن الدغنة، فَقدم عَلَيْهِم، فَقَالُوا: إِنَّا كُنَّا أجرنا أَبَا بكر بجوارك على أَن يعبد ربه فِي دَاره، فقد تجاور ذَلِك، فابتنى مَسْجِدا بِفنَاء دَاره وأعلن بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَة فِيهِ، وَإِنَّا قد خشينا أَن يفتن نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فأته، فَإِن أحب أَن يقْتَصر على أَن يعبد ربه فِي دَاره فعل، وَإِن أَبى إِلَّا أَن يعلن بذلك فسله أَن يرد إِلَيْك ذِمَّتك، فَإنَّا قد كرهنا أَن نخفرك، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان. قَالَت عَائِشَة: فَأتى ابْن الدغنة إِلَى أبي بكر فَقَالَ: قد علمت الَّذِي عاقدت لَك عَلَيْهِ، فإمَّا أَن تقتصر على ذَلِك، وَإِمَّا أَن ترجع إِلَيّ ذِمَّتِي، فَإِنِّي لَا أحب أَن تسمع الْعَرَب أَنِّي أخفرت فِي رجل عقدت لَهُ. فَقَالَ أَبُو بكر: فَإِنِّي أرد إِلَيْك جوارك، وأرضى بجوار الله، وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ بِمَكَّة.
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْمُسلمين:
إِنِّي أريت دَار هجرتكم سبخَة، ذَات نخل، بَين لابتين " وهما الحرتان، فَهَاجَرَ من هَاجر قبل الْمَدِينَة، وَيرجع عَامَّة من كَانَ بِأَرْض الْحَبَشَة إِلَى الْمَدِينَة، وتجهز أَبُو بكر قبل الْمَدِينَة، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " على رسلك، فَإِنِّي أَرْجُو أَن يُؤذن لي " فَقَالَ أَبُو بكر وَهل ترجو ذَلِك بِأبي أَنْت؟ قَالَ: " نعم ". فحبس أَبُو بكر نَفسه على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وعلف راحلتين كَانَتَا عِنْده من(4/187)
ورق السمر - وَهُوَ الْخبط - أَرْبَعَة أشهر.
قَالَ ابْن شهَاب:
قَالَ عُرْوَة: قَالَت عَائِشَة: فَبينا نَحن يَوْمًا جُلُوس فِي بَيت أبي بكر فِي نحر الظهيرة قَالَ قائلٌ لأبي بكر: هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متقنعاً - فِي سَاعَة لم يكن يأتينا فِيهَا - فَقَالَ أَبُو بكر: فدَاء لَهُ أبي وَأمي؛ وَالله مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِه السَّاعَة إِلَّا أمرٌ. قَالَت: فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَأْذن، فَأذن لَهُ فَدخل، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر: " أخرج من عنْدك " فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّمَا هم أهلك بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله. قَالَ: " فَإِنِّي قد أذن لي فِي الْخُرُوج ". قَالَ أَبُو بكر: الصَّحَابَة بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نعم " فَقَالَ أَبُو بكر، فَخذ بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله - إِحْدَى رَاحِلَتي هَاتين. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بِالثّمن ".
قَالَت عَائِشَة:
فجهزناهما أحث الجهاز، وصنعنا لَهما سفرة فِي جراب قطعت أَسمَاء بنت أَبى بكر قِطْعَة من نطاقها فَربطت بِهِ على فَم الجراب، فبذلك سميت ذَات النطاق. قَالَت: ثمَّ لحق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر بِغَار فِي جبل ثورٍ، فمكثا فِيهِ ثَلَاث لَيَال، يبيت عِنْدهمَا عبد الله بن أبي بكر وَهُوَ غُلَام شَاب ثقف لقن، يدلج من عِنْدهمَا بِسحر، فَيُصْبِح مَعَ قُرَيْش بِمَكَّة كبائت، فَلَا يسمع أمرا يكادان بِهِ إِلَّا وعاه حَتَّى يأتيهما بِخَبَر ذَلِك حِين يخْتَلط الظلام، ويرعى عَلَيْهِمَا عَامر بن فهَيْرَة مولى أَبى بكر منحةً من غنم، فيريحها عَلَيْهِمَا حِين تذْهب سَاعَة الْعشَاء، فيبيتان فِي رسلٍ حَتَّى ينعق بهما عَامر بن فهَيْرَة بِغَلَس، يفعل ذَلِك فِي كل لَيْلَة من تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاث. واستأجر رَسُول الله وَأَبُو بكر رجلا من بني الديل، وَهُوَ من بني عبد بن عدي هادياً خريتاً. والخريت: الماهر بالهداية، قد غمس حلفا فِي آل الْعَاصِ بن وَائِل السَّهْمِي، وَهُوَ على دين كفار قُرَيْش، فأمناه، فدفعا إِلَيْهِ راحلتها وواعداه فِي غَار ثَوْر بعد ثَلَاث لَيَال براحلتيهما. فأتاهما صبح ثلاثٍ فارتحلا، وَانْطَلق مَعَهُمَا عَامر بن فهَيْرَة وَالدَّلِيل الديلِي، فَأخذ بهم طَرِيق السواحل. وَفِي رِوَايَة: طَرِيق السَّاحِل(4/188)
قَالَ ابْن شهَاب:
فَأَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن مَالك المدلجي - وَهُوَ ابْن أخي سراقَة ابْن مَالك - أَن أَبَاهُ أخبرهُ أَنه سمع سراقَة بن جعْشم يَقُول: جَاءَنَا رسل كفار قُرَيْش يجْعَلُونَ فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر دِيَة كل رجل مِنْهُمَا لمن قَتله أَو أسره، فَبينا أَنا جَالس فِي مجْلِس من مجَالِس قومِي بني مُدْلِج، أقبل رجل مِنْهُم حَتَّى قَامَ علينا وَنحن جُلُوس، فَقَالَ: يَا سراقَة، إِنِّي قد رَأَيْت آنِفا أَسْوِدَة بالسَّاحل أَرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه. قَالَ سراقَة: فَعرفت أَنهم هم، فَقلت لَهُ: إِنَّهُم لَيْسُوا بهم، وَلَكِنَّك رَأَيْت فلَانا وَفُلَانًا، انْطَلقُوا بأعيننا، ثمَّ لَبِثت فِي الْمجْلس سَاعَة، ثمَّ قُمْت فَدخلت، فَأمرت جاريتي أَن تخرج بفرسي وَهِي من وَرَاء أكمة فتحبسها عَليّ. وَأخذت رُمْحِي فَخرجت بِهِ من ظهر الْبَيْت، فخططت بزجه الأَرْض وخفضت عاليه، حَتَّى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بِي حَتَّى دَنَوْت مِنْهُم، فَعَثَرَتْ بِي فرسي فَخَرَرْت عَنْهَا، فَقُمْت فَأَهْوَيْت يَدي إِلَى كِنَانَتِي، فاستخرجت مِنْهَا الأزلام، فاستقسمت بهَا أضرهم أم لَا؟ فَخرج الَّذِي أكره، فركبت فرسي وعصيت، تقرب بِي، حَتَّى إِذا سَمِعت قِرَاءَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ لَا يلْتَفت، وَأَبُو بكر يكثر الِالْتِفَات، ساخت يدا فرسي فِي الأَرْض حَتَّى بلغتا الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْت عَنْهَا ثمَّ زجرتها فَنَهَضت، فَلم تكد تخرج يَديهَا. فَلَمَّا اسْتَوَت قَائِمَة إِذا لأثر يَديهَا عثانٌ سَاطِع فِي السَّمَاء مثل الدُّخان، فاستقسمت بالأزلام فَخرج الَّذِي أكره، فناديتهم: الْأمان، فوقفوا، فركبت فرسي حَتَّى جئتهم. وَوَقع فِي نَفسِي حِين لقِيت مَا لقِيت من الْحَبْس عَنْهُم أَن سَيظْهر أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقلت لَهُ: إِن قَوْمك قد جعلُوا فِيك الدِّيَة، وَأَخْبَرتهمْ أَخْبَار مَا يُرِيد النَّاس بهم، وَعرضت عَلَيْهِم الزَّاد وَالْمَتَاع، فَلم يرزآني وَلم يسألاني، إِلَّا أَن قَالَ: " أخف عَنَّا " فَسَأَلته أَن يكْتب لي كتاب أَمن، فَأمر عَامر بن فهَيْرَة، فَكتب فِي رقْعَة من أَدَم، وَمضى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] .(4/189)