1264 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر: أَن عمر حمل على فرسٍ فِي سَبِيل الله، ثمَّ رَآهَا تبَاع، فَأَرَادَ أَن يَشْتَرِيهَا، فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تعد فِي صدقتك يَا عمر ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث اللَّيْث عَن نافعٍ أَن عمر ... بِنَحْوِهِ.
1265 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سالمٍ عَن أَبِيه قَالَ: وجد عمر حلَّة من إستبرق تبَاع بِالسوقِ، فَأَخذهَا، فَأتى بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ابتع هَذِه فتجمل بهَا للعيد والوفد، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّمَا هَذِه لِبَاس من لَا خلاق لَهُ " قَالَ: فَلبث عمر مَا شَاءَ الله ثمَّ أرسل إِلَيْهِ بجبة ديباج، فَأقبل بهَا عمر، حَتَّى أَتَى بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، قلت: " إِنَّمَا يلبس هَذِه من لَا خلاق لَهُ "، ثمَّ أرْسلت إِلَيّ بِهَذِهِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تبيعها وتصيب بهَا حَاجَتك ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي بكر عبد الله بن حَفْص بن عمر بن سعد بن أبي وَقاص عَن سَالم عَن ابْن عمر:
أَن عمر رأى على رجلٍ من آل عُطَارِد قبَاء من ديباج أَو حَرِير، فَقَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو اشْتَرَيْته. فَقَالَ: " إِنَّمَا يلبس هَذَا من لَا خلاق لَهُ ". فأهدي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلةٌ سيراء، فَأرْسل بهَا إِلَيّ، قَالَ: قلت: أرْسلت بهَا إِلَيّ، وَقد سَمِعتك قلت فِيهَا مَا قلت. قَالَ: " إِنَّمَا بعثت بهَا إِلَيْك لتستمتع بهَا ". كَذَا هُوَ عِنْد مُسلم بِطُولِهِ.(2/158)
وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ مُخْتَصر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرسل إِلَى عمر بحلة حريرٍ أَو سيراء، فرآها عَلَيْهِ فَقَالَ: " إِنِّي لم أرسل بهَا إِلَيْك لتلبسها، إِنَّمَا يلبسهَا من لَا خلاق لَهُ، إِنَّمَا بعثت بهَا إِلَيْك لتستمتع بهَا ". يَعْنِي تبيعها.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث يحيى بن أبي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ قَالَ:
قَالَ لي سَالم فِي الإستبرق. قَالَ: قلت: مَا غلظ من الديباج وخشن مِنْهُ. فَقَالَ: سَمِعت عبد الله ابْن عمر قَالَ: رأى عمر على رجل حلَّة من إستبرق، فَأتى بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر نَحْو ذَلِك.
وَفِي حَدِيث ابْن الْمثنى: فَقَالَ:
إِنَّمَا بعثت بهَا إِلَيْك لتصيب بهَا مَالا ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
رأى حلَّة سيراء عِنْد بَاب الْمَسْجِد، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، لَو اشْتريت هَذِه فلبستها يَوْم الْجُمُعَة وللوفد.
فَقَالَ: " إِنَّمَا يلبس هَذِه من لَا خلاق لَهُ فِي الْآخِرَة ". ثمَّ جَاءَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حللٌ فَأعْطى عمر مِنْهَا حلَّة. ثمَّ ذكر قَول عمر لَهُ وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِنِّي لم أكسكها لتلبسها " فكساها عمر أَخا لَهُ مُشْركًا بِمَكَّة.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: رأى عمر حلَّة تبَاع فَقَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ابتع هَذِه الْحلَّة تلبسها يَوْم الْجُمُعَة، وَإِذا جَاءَك الْوَفْد. ثمَّ ذكر نَحْو ذَلِك.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُسلم عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر بِنَحْوِهِ.(2/159)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر، ومُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِنَحْوِ حَدِيث مَالك.
وَمن حَدِيث جرير بن حَازِم عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
رأى عمر عطارداً التَّمِيمِي يُقيم بِالسوقِ حلَّة سيراء - وَكَانَ رجلا يغشى الْمُلُوك ويصيب مِنْهُم. فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله، إِنِّي رَأَيْت عطارداً يُقيم فِي السُّوق حلَّة سيراء، فَلَو اشْتَرَيْتهَا فلبستها لوفود الْعَرَب إِذا قدمُوا عَلَيْك، وَأَظنهُ قَالَ: ولبستها يَوْم الْجُمُعَة. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّمَا يلبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا من لَا خلاق لَهُ فِي الْآخِرَة " فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك أُتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بحللٍ سيراء، فَبعث إِلَى عمر بحلة، وَبعث إِلَى أُسَامَة بن زيد بحلة، وَأعْطى عَليّ بن أبي طَالب حلَّة، وَقَالَ: " شققها خمرًا بَين نِسَائِك " قَالَ: فجَاء عمر بحلته يحملهَا فَقَالَ: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعثت إِلَيّ بِهَذِهِ وَقد قلت بالْأَمْس فِي حلَّة عُطَارِد مَا قلت. فَقَالَ: " إِنِّي لم أبْعث بهَا إِلَيْك لتلبسها، وَلَكِن بعثت بهَا إِلَيْك لتصيب بهَا " وَأما أُسَامَة فراح فِي حلته، فَنظر إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظرا عرف أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أنكر مَا صنع، فَقَالَ: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَا تنظر إِلَيّ؟ فَأَنت بعثت إِلَيّ بهَا. فَقَالَ: " إِنِّي لم أبْعث بهَا إِلَيْك لتلبسها، وَلَكِن بعثت بهَا لتشققها خمرًا بَين نِسَائِك ".
وَحكى البرقاني أَن البُخَارِيّ أخرج من حَدِيث جوَيْرِية عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن عمر رأى حلَّة سيراء من حَرِير، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، لَو ابتعت هَذِه، وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث إِلَى عمر بحلة سيراء كساها إِيَّاه. @ 1266 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا حسد إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رجلٌ آتَاهُ الله الْقُرْآن، فَهُوَ يقوم بِهِ آنَاء اللَّيْل وآناء النَّهَار، ورجلٌ آتَاهُ الله مَالا، فَهُوَ يُنْفِقهُ آنَاء اللَّيْل وآناء النَّهَار ".(2/160)
1267 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن شهَاب أَن سَالم بن عبد الله أخبرهُ أَن عبد الله بن عمر أخبرهُ: أَن عمر بن الْخطاب انْطلق مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رهطٍ من أَصْحَابه قبل ابْن صيادٍ، حَتَّى وجده يلْعَب مَعَ الصّبيان عِنْد أَطَم بني مغالة، وَقد قَارب ابْن صيادٍ يومئذٍ الْحلم، فَلم يشْعر حَتَّى ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظَهره بِيَدِهِ، ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِابْنِ صياد: " أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ " فَنظر إِلَيْهِ ابْن صياد فَقَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الْأُمِّيين. فَقَالَ ابْن صياد لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فرفصه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: " آمَنت بِاللَّه وبرسله " ثمَّ قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَاذَا ترى؟ " قَالَ ابْن صياد: يأتيني صادقٌ وكاذب. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " خلط عَلَيْك الْأَمر " ثمَّ قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنِّي قد خبأت لَك خبيئاً " فَقَالَ ابْن صياد: هُوَ الدخ. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اخْسَأْ، فَلَنْ تعدو قدرك " فَقَالَ عمر بن الْخطاب: ذَرْنِي يَا رَسُول الله أضْرب عُنُقه. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن يكنه فَلَنْ تسلط عَلَيْهِ، وَإِن لم يكنه فَلَا خير لَك فِي قَتله ".
وَقَالَ سَالم:
سَمِعت ابْن عمر يَقُول: انْطلق بعد ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بن كَعْب إِلَى النّخل الَّتِي فِيهَا ابْن صياد، حَتَّى إِذا دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النّخل طفق يَتَّقِي بجذوع النّخل وَهُوَ يخْتل أَن يسمع من ابْن صياد شَيْئا قبل أَن يرَاهُ ابْن صياد، فَرَآهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مُضْطَجع على فرَاش فِي قطيفةٍ، لَهُ فِيهَا زمزمة، فرأت أم ابْن صيادٍ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَتَّقِي بجذوع النّخل، فَقَالَت لِابْنِ صياد: يَا صَاف - وَهُوَ اسْم ابْن صياد - هَذَا مُحَمَّد، فثار ابْن صياد. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَو تركته بَين " قَالَ سَالم: قَالَ عبد الله بن عمر: فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فِي النَّاس، فَأثْنى على الله بِمَا هُوَ لَهُ أهلٌ، ثمَّ ذكر الدَّجَّال فَقَالَ: " إِنِّي(2/161)
لأنذركموه، مَا من نَبِي إِلَّا قد أنذره قومه، لقد أنذره نوحٌ قومه، وَلَكِن أَقُول لكم فِيهِ قولا لم يقلهُ نبيٌّ لِقَوْمِهِ:
تعلمُوا أَنه أَعور، وَأَن الله تبَارك وَتَعَالَى لَيْسَ بأعور ".
زَاد فِي كتاب مُسلم:
قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي عمر بن ثَابت أَنه أخبرهُ بعض أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم حذر النَّاس الدَّجَّال: " إِنَّه مكتوبٌ بَين عَيْنَيْهِ: كافرٌ، يَقْرَؤُهُ من كره عمله، أَو يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن " وَقَالَ: " تعلمُوا أَنه لن يرى أحدٌ ربه عز وَجل حَتَّى يَمُوت ".
1268 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: وَالله مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعيسى: أَحْمَر، وَلَكِن قَالَ: " بَيْنَمَا أَنا نائمٌ أَطُوف بِالْبَيْتِ، فَإِذا رجلٌ آدم، سبط الشّعْر، يهادى بَين رجلَيْنِ، ينطف رَأسه مَاء، أَو يهراق رَأسه مَاء، فَقلت: من هَذَا؟ قَالُوا ابْن مَرْيَم، فَذَهَبت ألتقيه، فَإِذا رجلٌ أَحْمَر، جسيم، جعد الرَّأْس، أَعور عينه الْيُمْنَى، كَأَن عينه عنبةٌ طافية. قلت: من هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا الدَّجَّال، وَأقرب النَّاس بِهِ شبها ابْن قطن ". قَالَ الزُّهْرِيّ: رجلٌ من خُزَاعَة هلك فِي الْجَاهِلِيَّة. لَيْسَ عِنْد مُسلم فِيهِ قَول الزُّهْرِيّ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع، وَرِوَايَة البُخَارِيّ أتم. قَالَ: قَالَ عبد الله بن عمر:
ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بَين ظهراني النَّاس الْمَسِيح الدَّجَّال، فَقَالَ: " إِن الله تبَارك وَتَعَالَى لَيْسَ بأعور، أَلا أَن الْمَسِيح الدَّجَّال أَعور عين الْيُمْنَى، كَأَن عينه عنبةٌ طافية ".(2/162)
قَالَ:
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَرَانِي اللَّيْلَة فِي الْمَنَام عِنْد الْكَعْبَة، فَإِذا رجلٌ آدم كأحسن مَا يرى من ادم الرِّجَال، تضرب لمته بَين مَنْكِبَيْه، رجل الشّعْر يقطر رَأسه ماءاً، وَاضِعا يَدَيْهِ على مَنْكِبي رجلَيْنِ هُوَ بَينهمَا، يطوف بِالْبَيْتِ، فَقلت: من هَذَا؟ فَقَالُوا: الْمَسِيح ابْن مَرْيَم، وَرَأَيْت وَرَاءه رجلا جَعدًا قططاً. أَعور عين الْيُمْنَى، كأشبه من رَأَيْت من النَّاس بِابْن قطن، وَاضِعا يَدَيْهِ على مَنْكِبي رجلَيْنِ، يطوف بِالْبَيْتِ، فَقلت: من هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا الْمَسِيح الدَّجَّال ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" أَرَانِي اللَّيْلَة عِنْد الْكَعْبَة، فَرَأَيْت رجلا آدم كأحسن مَا أَنْت راءٍ من أَدَم الرِّجَال ".
ثمَّ ذكر نَحْو حَدِيث مُوسَى بن عقبَة ... إِلَى آخر هَذِه الرُّؤْيَا.
وَقد أخرجَا من حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر فِي صفة الدَّجَّال خَاصَّة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الدَّجَّال، فَقَالَ: " إِنَّه أَعور عين الْيُمْنَى، كَأَنَّهَا عنبةٌ طافية ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث مُجَاهِد عَن ابْن عمر قَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " رَأَيْت عِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيم عَلَيْهِم السَّلَام، فَأَما عِيسَى فاحمر جعدٌ عريض الصَّدْر، وَأما مُوسَى فآدم، جسيمٌ سليط، كَأَنَّهُ من رجال الزط ".
قَالَ أَبُو مَسْعُود:
كَذَا قَالَ البُخَارِيّ فِي سَائِر النّسخ عَن مجاهدٍ عَن ابْن عمر، وَإِنَّمَا رَوَاهُ النَّاس عَن مُحَمَّد بن كثير، فَقَالُوا: مجاهدٌ عَن ابْن عَبَّاس. وعَلى روايتهم اعْتمد أَبُو بكر البرقاني، فَأخْرجهُ فِي مُسْند ابْن عَبَّاس لَا هَا هُنَا.
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر(2/163)
طرفا من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة:
أَن الْمَسِيح ذكر بَين ظهراني النَّاس، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله لَيْسَ بأعور، أَلا إِن الْمَسِيح الدَّجَّال أَعور عين الْيُمْنَى، كَأَنَّهَا عنبةٌ طافية ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الدَّجَّال بَين ظهراني النَّاس، فَقَالَ: " إِن الله تبَارك وَتَعَالَى لَيْسَ بأعور، إِلَّا إِن الْمَسِيح الدَّجَّال أَعور الْعين الْيُمْنَى، كَأَن عينه عنبةٌ طافية ".
وَمن حَدِيث حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن سَالم عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " رَأَيْت عِنْد الْكَعْبَة رجلا آدم، سبط الرَّأْس، وَاضِعا يَدَيْهِ على رجلَيْنِ، يسْكب رَأسه أَو يقطر رَأسه، فَسَأَلت: من هَذَا؟ فَقَالَ: عِيسَى ابْن مَرْيَم، أَو الْمَسِيح ابْن مَرْيَم " لَا يدْرِي أَي ذَلِك قَالَ: " وَرَأَيْت وَرَاءه رجلا أَحْمَر جعد الرَّأْس، أَعور الْعين الْيُمْنَى، أشبه من رَأَيْت بِهِ ابْن قطن. فَسَأَلت: من هَذَا؟ فَقَالُوا: الْمَسِيح الدَّجَّال ".
1269 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " تقاتلكم الْيَهُود، فتسلطون عَلَيْهِم حَتَّى يَقُول الْحجر: يَا مُسلم، هَذَا يهوديٌّ ورائي فاقتله ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عمر بن حَمْزَة عَن سَالم عَن أَبِيه بِنَحْوِهِ. وَمن حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِمَعْنَاهُ. وَفِي آخِره: " فتعال فاقتله ".
1270 - الثَّلَاثُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/164)
يَقُول وَهُوَ على الْمِنْبَر:
أَلا إِن الْفِتْنَة هَا هُنَا - يُشِير إِلَى الْمشرق - من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان ". وَفِي حَدِيث يُونُس قَالَ: وَهُوَ مُسْتَقْبل الْمشرق: " هَا، إِن الْفِتْنَة هَا هُنَا " ثَلَاثًا ... وَذكره.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث اللَّيْث بن سعد عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مُسْتَقْبل الْمشرق يَقُول: " أَلا إِن الْفِتْنَة هَا هُنَا، من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان ". لم يزدْ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطِيبًا فَأَشَارَ نَحْو مسكن عَائِشَة فَقَالَ: " هَا هُنَا الْفِتْنَة - ثَلَاثًا - من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان ".
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا بِلَفْظ آخر من حَدِيث عبد الله بن عون عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
ذكر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي شامنا، اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي يمننا ".
قَالُوا: وَفِي نجدنا. قَالَ: " اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي شامنا، اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي يمننا " قَالُوا: يَا رَسُول الله: وَفِي نجدنا. فأظنه قَالَ فِي الثَّالِثَة: " هُنَالك الزلازل والفتن، وَمِنْهَا يطلع قرن الشَّيْطَان ".
وَقد اخْتلف على ابْن عون فِيهِ: فَروِيَ عَنهُ مُسْندًا، وَرُوِيَ عَنهُ مَوْقُوفا على ابْن عمر من قَوْله.
وَأخرجه البُخَارِيّ مُخْتَصرا من حَدِيث مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ:
رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُشِير إِلَى الْمشرق وَيَقُول: " أَلا إِن الْفِتْنَة هَا هُنَا من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان " لم يزدْ.(2/165)
وَكَذَلِكَ أخرجه من حَدِيث سُفْيَان عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " الْفِتْنَة من هَا هُنَا " وَأَشَارَ إِلَى الْمشرق.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان الجُمَحِي عَن سَالم عَن أَبِيه:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ يُشِير نَحْو الْمشرق: " إِن الْفِتْنَة هَا هُنَا - ثَلَاثًا - من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان ".
وَفِي حَدِيث عِكْرِمَة بن عمار عَن سَالم عَن أَبِيه:
خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَيت عَائِشَة فَقَالَ: " رَأس الْكفْر من هَا هُنَا، من حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان ".
وَمن حَدِيث فُضَيْل بن غَزوَان عَن سَالم أَنه قَالَ:
يَا أهل الْعرَاق، مَا أَسأَلكُم عَن الصَّغِيرَة، وأركبكم للكبيرة! سَمِعت أبي عبد الله بن عمر يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن الْفِتْنَة تَجِيء من هَا هُنَا - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْو الْمشرق - من حَيْثُ يطلع قرنا الشَّيْطَان، وَأَنْتُم يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض، وَإِنَّمَا قتل مُوسَى الَّذِي قتل من آل فِرْعَوْن خطأ، فَقَالَ الله لَهُ: {وَقتلت نفسا فنجيناك من الْغم وَفَتَنَّاك فُتُونًا} [سُورَة طه] .
وَلَيْسَ لفضيل بن غَزوَان عَن سَالم فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَنَقله أَيْضا من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ عِنْد بَاب حَفْصَة، وَقَالَ بعض الروَاة: عِنْد بَاب عَائِشَة، فَقَالَ بِيَدِهِ نَحْو الْمشرق: " الْفِتْنَة هَا هُنَا من حَيْثُ قرن الشَّيْطَان " قَالَهَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا. أغفله أَبُو مَسْعُود، فَلم يذكرهُ فِي تَرْجَمَة عبيد الله عَن نَافِع فِيمَا عندنَا من كِتَابه.(2/166)
1271 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ:
رأى رجلٌ أَن لَيْلَة الْقدر لَيْلَة سبع وَعشْرين، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أرى رؤياكم فِي الْعشْر الْأَوَاخِر، فاطلبوها فِي الْوتر مِنْهَا ".
وَفِي حَدِيث يُونُس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لليلة الْقدر:
إِن نَاسا مِنْكُم قد أروا أَنَّهَا فِي السَّبع الأول، وأري ناسٌ مِنْكُم أَنَّهَا فِي السَّبع الغوابر. فالتمسوها فِي الْعشْر الغوابر ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أروا لَيْلَة الْقدر فِي الْمَنَام فِي السَّبع الْأَوَاخِر، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أرى رؤياكم قد تواطأت فِي السَّبع الْأَوَاخِر، فَمن كَانَ متحريها فليتحرها فِي السَّبع الْأَوَاخِر.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عقيل أَن ابْن عمر قَالَ:
إِن نَاسا أروا لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع الْأَوَاخِر، وَأَن أُنَاسًا أروا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " التمسوها فِي السَّبع الْأَوَاخِر ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
تحروا لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع الْأَوَاخِر ".
وَمن حَدِيث عقبَة بن حُرَيْث عَن ابْن عمر
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر - يَعْنِي لَيْلَة الْقدر - فَإِن ضعف أحدكُم أَو عجز فَلَا يغلبن على السَّبع الْبَوَاقِي ".(2/167)
وَفِي رِوَايَة جبلة بن سحيم عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من كَانَ ملتمسها فليلتمسها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر ".
وَفِي حَدِيث أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن جبلة ومحارب عَن ابْن عمر قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تَحَيَّنُوا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر ". أَو قَالَ: " فِي التسع الْأَوَاخِر ".
1272 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا رَأَيْتُمُوهُ فصوموا، وَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فأفطروا، فَإِن غم عَلَيْكُم فاقدروا لَهُ ".
وَأَخْرَجَاهُ من رِوَايَة مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر رَمَضَان فَقَالَ: " لَا تَصُومُوا حَتَّى تروا الْهلَال، وَلَا تفطروا حَتَّى تروه، فَإِن غم عَلَيْكُم فاقدروا لَهُ ".
وَمن حَدِيث جبلة بن سحيم عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ لَيْلَة، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تروه، فَإِن غم عَلَيْكُم فأكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ ".
وَفِي حَدِيث معَاذ بن معَاذ:
الشَّهْر كَذَا وَكَذَا وَكَذَا " وصفق بيدَيْهِ مرَّتَيْنِ بِكُل أصابعهما، وَنقص فِي الصَّفْقَة الثَّالِثَة إِبْهَام الْيُمْنَى، أَو الْيُسْرَى.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " إِنَّا أمة أميةٌ، لَا نكتب وَلَا نحسب، الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا " يَعْنِي مرّة تِسْعَة وَعشْرين، وَمرَّة ثَلَاثِينَ.(2/168)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ لَيْلَة، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تروه، فَإِن غم عَلَيْكُم فأكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر رَمَضَان، فَضرب بيدَيْهِ فَقَالَ: " الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - ثمَّ عقد إبهامه فِي الثَّالِثَة - صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته، فَإِن غم عَلَيْكُم، فاقدروا ثَلَاثِينَ ". وَقَالَ يحيى الْقطَّان عَن عبيد الله: " فاقدروا لَهُ ".
وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: " فاقدروا لَهُ ".
وَمن حَدِيث سَلمَة بن عَلْقَمَة عَن نَافِع كَذَلِك.
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر نَحوه.
وَمن حَدِيث عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا " وَقبض إبهامه فِي الثَّالِثَة. لم يزدْ.
وَمن حَدِيث أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
الشَّهْر تسعٌ وَعِشْرُونَ " لم يزدْ.
وَمن حَدِيث مُوسَى بن طَلْحَة عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، عشرا وتسعاً ".
وَمن حَدِيث عقبَة بن حُرَيْث عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الشَّهْر تسعٌ وَعِشْرُونَ " قَالَ عقبَة: وَأَحْسبهُ قَالَ: " الشَّهْر ثَلَاثُونَ " وطبق كفيه ثَلَاث مرار.
وَمن حَدِيث سعد بن عُبَيْدَة عَن ابْن عمر
أَنه سمع رجلا يَقُول: " اللَّيْلَة النّصْف، فَقَالَ لَهُ: مَا يدْريك أَن اللَّيْلَة النّصْف؟ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:(2/169)
" الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا " وَأَشَارَ بأصابعه الْعشْر مرَّتَيْنِ، وَهَكَذَا فِي الثَّالِثَة، وَأَشَارَ بأصابعه كلهَا، وخبس أَو خنس إبهامه.
1273 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على رجل من الْأَنْصَار وَهُوَ يعظ أَخَاهُ فِي الْحيَاء، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " دَعه، فَإِن الْحيَاء من الْإِيمَان ".
وَفِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة عَن الزُّهْرِيّ:
مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل وَهُوَ يُعَاتب أَخَاهُ فِي الْحيَاء، يَقُول: إِنَّك لتستحيي، حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُول: قد أضرّ بك.
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " دَعه؛ فَإِن الْحيَاء من الْإِيمَان ".
1274 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر: أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب على الْمِنْبَر يَقُول: " اقْتُلُوا الْحَيَّات، واقتلوا ذَا الطفيتين والأبتر، فَإِنَّهُمَا يطمسان الْبَصَر ويسقطان الْحَبل " قَالَ عبد الله: فَبينا أَنا أطارد حَيَّة أقتلها، ناداني أَبُو لبَابَة: لَا تقتلها. فَقلت: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بقتل الْحَيَّات. فَقَالَ: إِنَّه نهى بعد ذَلِك عَن ذَوَات الْبيُوت، وَهن العوامر.
وَفِي حَدِيث صَالح وَغَيره:
حَتَّى رَآنِي أَبُو لبَابَة وَزيد بن الْخطاب وَفِي حَدِيث ابْن عُيَيْنَة: أَبُو لبَابَة أَو زيد، بِالشَّكِّ.
وَفِي حَدِيث الزبيدِيّ لمُسلم:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر بقتل الْكلاب، يَقُول " اقْتُلُوا الْحَيَّات وَالْكلاب، واقتلوا ذَا الطفيتين والأبتر، فَإِنَّهُمَا يلتمسان الْبَصَر. ويستسقطان الحبالى ". قَالَ الزُّهْرِيّ: وَترى ذَلِك من سميهما، وَالله أعلم، ثمَّ ذكره نَحوه فِي النَّهْي عَن ذَوَات الْبيُوت، عَن زيد أَو أبي لبَابَة.(2/170)
1275 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تَبِيعُوا الثَّمر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه، وَلَا تَبِيعُوا الثَّمر بِالتَّمْرِ ". قَالَ سَالم: وَأَخْبرنِي عبد الله بن زيد بن ثَابت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص بعد ذَلِك فِي بيع الْعرية بالرطب أَو بِالتَّمْرِ، وَلم يرخص فِي غَيره.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الثَّمَرَة حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا، نهى البَائِع والمبتاع.
وَمن حَدِيث شُعْبَة عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر:
نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الثَّمَرَة حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا، وَكَانَ إِذا سُئِلَ عَن صَلَاحهَا قَالَ: حَتَّى تذْهب عاهته.
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا فَقَالَ:
وَقَالَ اللَّيْث عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ: لَو أَن رجلا ابْتَاعَ ثمراً قبل أَن يَبْدُو صَلَاحه، ثمَّ أَصَابَته عاهةٌ، كَانَ مَا أَصَابَهُ على ربه. أَخْبرنِي سَالم عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تبتاعوا الثَّمر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه، وَلَا تَبِيعُوا الثَّمر بِالتَّمْرِ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع نَحْو حَدِيث مَالك. وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع النّخل حَتَّى يزهو، وَعَن السنبل حَتَّى يبيض ويأمن العاهة، نهى البَائِع وَالْمُشْتَرِي.
وَمن حَدِيث يحيى بن سعيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:(2/171)
لَا تبتاعوا الثَّمَرَة حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا وَتذهب عَنهُ الآفة ". قَالَ: يَبْدُو صَلَاحه: حمرته وصفرته.
وَمن حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع بِمثل حَدِيث مَالك وَعبيد الله عَن نَافِع.
وَمن حَدِيث الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن نَافِع، وَفِيه: " حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا " لم يزدْ.
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر:
أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تَبِيعُوا الثَّمر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه ". فَقيل لِابْنِ عمر: مَا صَلَاحه؟ قَالَ تذْهب عاهته.
وَمن حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ:
نهى رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الثَّمر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه.
1276 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ: رَأَيْت النَّاس فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ابتاعوا الطَّعَام جزَافا يضْربُونَ أَن يبيعوه فِي مَكَانَهُ حَتَّى يؤوه إِلَى رحالهم. وَفِي حَدِيث معمر: حَتَّى يحولوه.
زَاد ابْن وهب عَن يُونُس:
قَالَ ابْن شهَاب: وحَدثني عبيد الله بن عبد الله بن عمر أَن أَبَاهُ كَانَ يَشْتَرِي الطَّعَام جزَافا، فيحمله إِلَى أَهله.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" من اشْترى طَعَاما فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيه " قَالَ: وَكُنَّا نشتري الطَّعَام من الركْبَان جزَافا، فنهانا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نبيعه حَتَّى ننقله من مَكَانَهُ.
وَفِي حَدِيث مُسَدّد عَن يحيى عَن عبيد الله:
كَانُوا يتبايعون الطَّعَام فِي أَعلَى(2/172)
السُّوق، يبيعونه فِي مَكَانَهُ، فنهاهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يبيعوه فِي مَكَانَهُ حَتَّى ينقلوه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" من اشْترى طَعَاما فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيه ".
وَفِي رِوَايَة يحيى بن يحيى عَن مَالك:
كُنَّا فِي زمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نبتاع الطَّعَام، فيبعث علينا من يَأْمُرنَا بانتقاله من الْمَكَان الَّذِي ابتعناه فِيهِ إِلَى مكانٍ سواهُ قبل أَن نبيعه.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
كَانُوا يشْتَرونَ الطَّعَام من الركْبَان على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فيبعث عَلَيْهِم من يمنعهُم أَن يبعوه حَيْثُ اشتروه حتث ينقلوه حَيْثُ يُبَاع الطَّعَام، قَالَ: وَحدثنَا ابْن عمر قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُبَاع الطَّعَام إِذا اشْتَرَاهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيه.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
كُنَّا نتلقى الركْبَان، فنشتري مِنْهُم الطَّعَام، فَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نبيعه حَتَّى يبلغ بِهِ سوق الطَّعَام.
وَمن حَدِيث شُعْبَة عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" من ابْتَاعَ طَعَاما فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يقبضهُ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عمر بن مُحَمَّد عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله.
1277 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن ابْن عمر قَالَ: سَمِعت(2/173)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول " من ابْتَاعَ نخلا بعد أَن يؤبر فثمرها للَّذي بَاعهَا إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع. وَمن ابْتَاعَ عبدا فَمَاله للَّذي بَاعه إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع " كَذَا عِنْد مُسلم.
وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي النّخل خَاصَّة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك بن أنس عَن نَافِع عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من بَاعَ نخلا قد أبرت فثمرها للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ هَذَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر. وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْنَاهُ.
1278 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الْمغرب وَالْعشَاء بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا. زَاد البُخَارِيّ من رِوَايَة ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ: كل واحدةٍ مِنْهُمَا بِإِقَامَة، وَلم يسبح بَينهمَا، وَلَا على إِثْر وَاحِدَة مِنْهُمَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه قَالَ:
جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْمغرب وَالْعشَاء بجمعٍ، لَيْسَ بَينهمَا سجدةٌ، وَصلى الْمغرب ثَلَاث رَكْعَات، وَصلى الْعشَاء رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ عبد الله يُصَلِّي بجمعٍ كَذَلِك حَتَّى لحق بِاللَّه عز وَجل.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر قَالَ:
جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بن الْمغرب وَالْعشَاء بجمعٍ، صَلَاة الْمغرب ثَلَاثًا، وَالْعشَاء رَكْعَتَيْنِ، بِإِقَامَة وَاحِدَة.(2/174)
وَفِي أَلْفَاظ الروَاة اخْتِلَاف، وَالْمعْنَى وَاحِد.
1279 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تتركوا النَّار فِي بُيُوتكُمْ حِين تنامون ".
1280 - الْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أعجله السّير فِي السّفر يُؤَخر الْمغرب حَتَّى يجمع بَينهَا وَبَين الْعشَاء. قَالَ سَالم: وَكَانَ عبد الله يَفْعَله إِذا أعجله السّير.
قَالَ البُخَارِيّ: وَزَاد اللَّيْث:
حَدثنِي يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ سَالم: كَانَ ابْن عمر يجمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِالْمُزْدَلِفَةِ. قَالَ سَالم: وَأخر ابْن عمر الْمغرب، وَكَانَ استصرخ على امْرَأَته صَفِيَّة بنت أبي عبيد، فَقلت لَهُ: الصَّلَاة. فَقَالَ: سر، حَتَّى سَار ميلين أَو ثَلَاثَة ثمَّ نزل فصلى، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي إِذا أعجله السّير. وَقَالَ عبد الله: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أعجله السّير يُقيم الْمغرب فيصليها ثَلَاثًا ثمَّ يسلم، ثمَّ قَلما يلبث حَتَّى يُقيم الْعشَاء، فيصليها رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يسلم، وَلَا يسبح بعد الْعشَاء حَتَّى يقوم من جَوف اللَّيْل.
هَكَذَا فِي زِيَادَة اللَّيْث، وَفِي رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ أَن ذَلِك عَن فعل ابْن عمر من قَول الرَّاوِي، ثمَّ قل مَا يلبث - لم يسْندهُ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أسلم مولى عمر قَالَ:
كنت مَعَ عبد الله بن عمر بطرِيق مَكَّة، فَبَلغهُ عَن صَفِيَّة بنت أبي عبيد شدَّة وجعٍ، فأسرع السّير حَتَّى كَانَ بعد غرُوب الشَّفق، ثمَّ نزل فصلى الْمغرب وَالْعَتَمَة، وَجمع بَينهمَا، وَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جد بِهِ السّير أخر الْمغرب وَجمع بَينهمَا.(2/175)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع أَن ابْن عمر إِذا جد بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بعد أَن يغيب الشَّفق، وَيَقُول:
إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا جد بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء.
وَمن حَدِيث مالكٍ عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عجل بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء.
1281 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينفل بعض من يبْعَث من السَّرَايَا لأَنْفُسِهِمْ خَاصَّة، سوى قسم عَامَّة الْجَيْش. زَاد فِي رِوَايَة شُعَيْب عَن اللَّيْث عَن أَبِيه: وَالْخمس فِي ذَلِك كُله وَاجِب.
وَفِي حَدِيث يُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ:
نفلنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نفلا سوى نصيبنا من الْخمس، فَأَصَابَنِي شارفٌ، والشارف: المسن الْكَبِير.
وَمن الروَاة من قَالَ:
عَن يُونُس أَن ابْن شهَاب قَالَ: بَلغنِي عَن ابْن عمر ... وَذكره.
وَقد أخرجَا من حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة إِلَى نجدٍ، فَخرجت فِيهَا، فبلغت سهماننا اثْنَي عشر بَعِيرًا، ونفلنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعِيرًا بَعِيرًا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة فِيهَا عبد الله بن عمر - وَفِي رِوَايَة يحيى بن يحيى: وَأَنا فيهم، قبل نجد، فغنموا إبِلا كَثِيرَة، فَكَانَت سهماننا اثْنَي عشر بَعِيرًا، أَو أحد عشر بَعِيرًا، ونفلوا بَعِيرًا بَعِيرًا.(2/176)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة إِلَى نجد، فَخرجت فِيهَا، فأصبنا إبِلا وَغنما، فبلغت سهماننا اثْنَي عشر بَعِيرًا، ونفلنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعِيرًا بَعِيرًا.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة قبل نجد وَفِيهِمْ ابْن عمر، وَأَن سُهْمَانهمْ بلغت اثْنَي عشر بَعِيرًا، ونفلوا بَعِيرًا بَعِيرًا، فَلم يُغَيِّرهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَمن حَدِيث مُوسَى بن عقبَة، وَأُسَامَة بن زيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَمن حَدِيث ابْن عون قَالَ:
كتبت إِلَى نافعٍ أسأله عَن النَّفْل، فَكتب إِلَيّ: أَن ابْن عمر كَانَ فِي سَرِيَّة ... بِنَحْوِ حَدِيث عبيد الله بن عمر.
وَلم يذكر أَبُو مَسْعُود هَذَا الْمَتْن فِي تَرْجَمَة عبد الله بن عون فِيمَا عندنَا من كِتَابه، وَذكر متْنا آخر، وَجعل إسنادي المتنين لأَحَدهمَا. وَلكُل واحدٍ مِنْهُمَا إِسْنَاد غير إِسْنَاد الآخر فِي كتاب مُسلم، وَأَحَدهمَا مُتَّفق عَلَيْهِ، وَالْآخر هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي أَفْرَاد مُسلم، وسننبه على الْمُتَّفق عَلَيْهِ بعد هَذَا.
1282 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر: أَنه طلق امْرَأَة لَهُ وَهِي حَائِض، فَذكر ذَلِك عمر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فتغيظ مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ قَالَ: " ليراجعها، ثمَّ يمْسِكهَا حَتَّى تطهر ثمَّ تحيض فَتطهر، فَإِن بدا لَهُ أَن يطلقهَا فَلْيُطَلِّقهَا قبل أَن يَمَسهَا، فَتلك الْعدة كَمَا أَمر الله عز وَجل ".
وَفِي حَدِيث ابْن أخي الزُّهْرِيّ نَحوه، وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مره، فَلْيُرَاجِعهَا حَتَّى تحيض حَيْضَة مُسْتَقْبلَة سوى حَيْضَتهَا الَّتِي طَلقهَا فِيهَا، فَإِن بدا لَهُ أَن يطلقهَا فَلْيُطَلِّقهَا طَاهِرا من حَيْضَتهَا قبل أَن يَمَسهَا ". قَالَ: وَالطَّلَاق للعدة كَمَا أَمر الله عز وَجل، وَكَانَ عبد الله طَلقهَا تَطْلِيقَة، فحسبت من طَلاقهَا، وراجعها عبد الله كَمَا أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.(2/177)
وَفِي حَدِيث الزبيدِيّ نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ: قَالَ ابْن عمر: فَرَاجَعْتهَا وحسبت لَهَا التطليقة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن مولى آل طَلْحَة عَن سَالم عَن ابْن عمر:
أَنه طلق امْرَأَته وَهِي حائضٌ، فَذكر ذَلِك عمر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ:
مره، فَلْيُرَاجِعهَا ثمَّ ليُطَلِّقهَا طَاهِرا أَو حَامِلا ".
وَمن حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
طلقت امْرَأَتي على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذكر ذَلِك عمر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " مره، فَلْيُرَاجِعهَا، ثمَّ لِيَدَعْهَا حَتَّى تحيض حَيْضَة أُخْرَى، فَإِذا طهرت فَلْيُطَلِّقهَا قبل أَن يُجَامِعهَا أَو يمْسِكهَا، فَإِنَّهَا الْعدة الَّتِي أَمر الله عز وَجل أَن يُطلق لَهَا النِّسَاء ". قَالَ عبيد الله: قلت لنافع: مَا صنعت التطليقة؟ قَالَ: واحدةٌ اعْتد بهَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع بِنَحْوِهِ إِلَى قَوْله:
" فَتلك الْعدة الَّتِي أَمر الله عز وَجل أَن يُطلق لَهَا النِّسَاء ".
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث اللَّيْث بن سعد عَن نَافِع عَن عبد الله:
أَنه طلق امْرَأَة لَهُ وَهِي حَائِض تَطْلِيقَة وَاحِدَة، فَأمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُرَاجِعهَا ... بِنَحْوِهِ. وَفِي آخر حَدِيث البُخَارِيّ: وَكَانَ عبد الله إِذا سُئِلَ عَن ذَلِك قَالَ لأَحَدهم: إِن كنت طَلقتهَا ثَلَاثًا فقد حرمت عَلَيْك حَتَّى تنْكح زوجا غَيْرك.
قَالَ البُخَارِيّ:
وَزَاد فِيهِ غَيره عَن اللَّيْث: حَدثنِي نافعٌ، قَالَ ابْن عمر: لَو طلقت مرّة أَو مرَّتَيْنِ، فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمرنِي بِهَذَا.
وَلمُسلم فِي حَدِيث ابْن رمحٍ: وَكَانَ عبد الله إِذا سُئِلَ عَن ذَلِك قَالَ لأَحَدهم:
أما طلقت امْرَأَتك مرّة أَو مرَّتَيْنِ، فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمرنِي بِهَذَا، وَإِن كنت(2/178)
طَلقتهَا ثَلَاثًا فقد حرمت عَلَيْك حَتَّى تنْكح زوجا غَيْرك، وعصيت الله فِيمَا أَمرك بِهِ من طَلَاق امْرَأَتك. قَالَ مُسلم: جود اللَّيْث فِي قَوْله: تَطْلِيقَة وَاحِدَة.
وَقد أخرجه مُسلم من حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع بِنَحْوِ حَدِيث ابْن رمح إِلَى آخِره. وَمن حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر، الْمسند مِنْهُ فَقَط بِنَحْوِهِ، إِلَى قَوْله: فليطلق بعد أَو يمسك.
وَأَخْرَجَاهُ جَمِيعًا من حَدِيث يُونُس بن جُبَير الْبَاهِلِيّ عَن ابْن عمر من رِوَايَة مُحَمَّد بن سِيرِين، قَالَ: مكثت عشْرين سنة يحدثني من لَا أتهم:
أَن ابْن عمر طلق امْرَأَته ثَلَاثًا وَهِي حَائِض، فَأمر أَن يُرَاجِعهَا، فَجعلت لَا أتهمهم وَلَا أعرف الحَدِيث، حَتَّى لقِيت أَبَا غلاب يُونُس بن جُبَير - وَكَانَ ذَا ثَبت، فَحَدثني أَنه سَأَلَ ابْن عمر، فحدثه: أَنه طلق امْرَأَته تَطْلِيقَة وَهِي حَائِض، فَأمر أَن يُرَاجِعهَا. قلت: أفحسبت عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَمه؟ أَو إِن عجز واستحمق؟ وَهَذَا نَص حَدِيث مُسلم عَن عَليّ بن حجر.
وَفِي حَدِيث عبد الْوَارِث: وَقَالَ: يطلقهَا فِي قبل عدتهَا.
وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ بِمَعْنَاهُ عَن ابْن سِيرِين عَن يُونُس عَن ابْن عمر: أَنه طلق. . وَلم يذكر قَول مُحَمَّد بن سِيرِين فِي أَوله.
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث أنس بن سِيرِين عَن ابْن عمر.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث طَاوس بن كيسَان عَن ابْن عمر مُخْتَصرا:
أَنه طلق امْرَأَته حَائِضًا، فَذهب عمر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ الْخَبَر، فَأمره أَن يُرَاجِعهَا.(2/179)
وَمن حَدِيث أبي الزبير:
أَنه سمع عبد الرَّحْمَن بن أَيمن - مولى عزة - يسْأَل ابْن عمر وَأَبُو الزبير يسمع: كَيفَ ترى فِي رجل طلق امْرَأَته حَائِضًا؟ فَقَالَ: طلق ابْن عمر امْرَأَته وَهِي حَائِض على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسَأَلَ عمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ليراجعها "، فَردهَا. وَقَالَ: " إِذا طهرت فليطلق أَو ليمسك ".
قَالَ ابْن عمر:
وَقَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن فِي قبل عدتهن) .
قَالَ مُسلم: فِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير بِمثل حَدِيث حجاج، وَفِيه بعض الزِّيَادَة. وَلم يذكرهَا. وَقَالَ أَبُو مَسْعُود فِي سِيَاق هَذَا الحَدِيث: فَردهَا عَليّ، وَلم يره شَيْئا.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ أَبُو معمر:
حَدثنَا عبد الْوَارِث قَالَ: حَدثنَا أَيُّوب عَن سعيد ابْن جُبَير عَن ابْن عمر حسبت عَليّ تَطْلِيقَة. لم يزدْ.
1283 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع عمر وَهُوَ يحلف بِأَبِيهِ، فَقَالَ: " إِن الله يَنْهَاكُم أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمن كَانَ حَالفا فليحلف بِاللَّه، أَو ليصمت ".
كَذَا رَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ. جعله من مُسْند ابْن عمر. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 7 أدْرك عمر فِي ركبٍ يحلف بِأَبِيهِ، وَذكره. وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك، وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع لَهما. وَفِي حَدِيث الْوَلِيد بن كثير عَن نَافِع لمُسلم وَحده. وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِنَحْوِهِ.(2/180)
وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع عمر يَقُول: وَأبي وَأمي. فَقَالَ: " إِن الله يَنْهَاكُم أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمن كَانَ حَالفا فَلَا يحلف إِلَّا بِاللَّه أَو لِيَسْكُت ".
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
" أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أدْرك عمر فِي بعض أَسْفَاره ... وَذكر نَحوه.
وَقد رَوَاهُ يُونُس وعقيلٌ وَغَيرهمَا عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن عمر.
وَهُوَ مَذْكُور هُنَالك.
وَقد أَخْرجَاهُ من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن أبي كثير عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من كَانَ حَالفا فَلَا يحلف إِلَّا بِاللَّه " وَكَانَت قريشٌ تحلف بِآبَائِهَا فَقَالَ: " لَا تحلفُوا بِآبَائِكُمْ " لم يذكر عمر.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" من كَانَ حَالفا فليحلف بِاللَّه أَو ليصمت ". كَذَا فِي كتاب البُخَارِيّ، لم يزدْ وَقَالَ فِيهِ أَبُو مَسْعُود: قَالَ: سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمر يحلف بِأَبِيهِ وَهُوَ فِي ركب، فناداهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله يَنْهَاكُم أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمن كَانَ حَالفا فليحلف بِاللَّه أَو ليصمت ".
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُسلم الْقَسْمَلِي عَن عبد الله ابْن دِينَار عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تحلفُوا بِآبَائِكُمْ " وَكَانَت الْعَرَب تحلف بِآبَائِهَا.(2/181)
وَمن حَدِيث وَرْقَاء بن عمر عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَا تحلفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمن كَانَ حَالفا فليحلف بِاللَّه ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب، وَالضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" إِن الله يَنْهَاكُم أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ ".
1284 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سَالم - من رِوَايَة ابْنه أبي بكر عَنهُ عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أريت كَأَنِّي أنزع بِدَلْو بكرةٍ على قليب، فجَاء أَبُو بكر فَنزع ذنوباً أَو ذنوبين نزعاً ضَعِيفا - وَالله يغْفر لَهُ، ثمَّ جَاءَ عمر فاستقى، فاستحالت غرباً، فَلم أر عبقرياً من النَّاس يفري فريه، حَتَّى رُوِيَ النَّاس، وضربوا بعطنٍ ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن أَبِيه، عَن رُؤْيا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أبي بكر وَعمر قَالَ:
رَأَيْت النَّاس اجْتَمعُوا، فَقَامَ أَبُو بكرٍ، فَنزع ذنوباً أَو ذنوبين، وَفِي نَزعه ضعفٌ ... "، ثمَّ ذكره نَحوه.
وَفِي رِوَايَة الْمُغيرَة عَن مُوسَى:
رَأَيْت النَّاس مُجْتَمعين فِي صعيدٍ، فَقَامَ أَبُو بكر. ثمَّ ذكره.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي بكر بن سَالم عَن أَبِيه عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أريت كَأَنِّي أنزع بِدَلْو بكرَة على قليبٍ، فجَاء أَبُو بكر فَنزع ذنوباً أَو ذنوبيين نزعا ضَعِيفا ... " ثمَّ ذكره.(2/182)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث صَخْر بن جوَيْرِية عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
بَينا أَنا على بئرٍ أنزع مِنْهَا، إِذْ جَاءَنِي أَبُو بكر وَعمر، فَأخذ أَبُو بكر الدَّلْو، فَنزع ذنوباً أَو ذنوبين، يغْفر الله لَهُ، ثمَّ أَخذهَا ابْن الْخطاب من يَد أبي بكر فاستحالت فِي يَده غرباً ". ثمَّ ذكره.
1285 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عمر بن مُحَمَّد بن زيد عَن سَالم عَن ابْن عمر قَالَ: ذكر عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَاشُورَاء فَقَالَ: " ذَاك يومٌ كَانَ يَصُومهُ أهل الْجَاهِلِيَّة، فَمن شَاءَ صَامَهُ، وَمن شَاءَ تَركه ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يَصُومُونَ يَوْم عَاشُورَاء، وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَامَهُ والمسلمون قبل أَن يفترض رَمَضَان، فَلَمَّا افْترض رَمَضَان قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن عَاشُورَاء يومٌ من أَيَّام الله، فَمن شَاءَ صَامَهُ ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
صَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاشُورَاء، وَأمر أَصْحَابه بصيامه، فَلَمَّا فرض رَمَضَان ترك. وَكَانَ عبد الله لَا يَصُومهُ إِلَّا أَن يُوَافق صَوْمه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَنه ذكر عِنْد رَسُول الله يَوْم عَاشُورَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كَانَ يَوْمًا يَصُومهُ أهل الْجَاهِلِيَّة، فَمن أحب مِنْكُم أَن يَصُومهُ فليصمه، وَمن كره فليدعه ". وَمن حَدِيث الْوَلِيد بن كثير عَن نَافِع عَن ابْن عمر، أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي يَوْم عَاشُورَاء ... بِمثلِهِ.
وَقَالَ: وَكَانَ ابْن عمر لَا يَصُومهُ إِلَّا أَن يُوَافق صِيَامه. وَمن حَدِيث أبي مَالك عبيد الله بن الْأَخْنَس عَن نَافِع نَحْو حَدِيث اللَّيْث.(2/183)
1286 - وَالسَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عمر بن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر عَن عَمه سَالم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يطوي الله عز وَجل السَّمَوَات يَوْم الْقِيَامَة، ثمَّ يأخذهن بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثمَّ يَقُول: أَنا الْملك، أَيْن الجبارون؟ أَيْن المتكبرون؟ " ثمَّ يطوي الْأَرْضين بِشمَالِهِ، ثمَّ يَقُول: أَنا الْملك، أَيْن الجبارون؟ أَيْن المتكبرون " كَذَا فِي رِوَايَة مُسلم، وَهِي أتم.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الله عز وَجل يقبض يَوْم الْقِيَامَة الْأَرْضين، وَتَكون السَّمَوَات بِيَمِينِهِ، ثمَّ يَقُول: أَنا الْملك ".
ثمَّ قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ عمر بن حَمْزَة:
سَمِعت سالما، سَمِعت ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث مَالك تَعْلِيقا فَقَالَ: وَرَوَاهُ سعيد عَن مَالك.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن مقسم:
أَنه نظر إِلَى عبد الله بن عمر كَيفَ يَحْكِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يَأْخُذ الله عز وَجل سماواته وأرضيه بيدَيْهِ، فَيَقُول: أَنا الله - وَيقبض أَصَابِعه ويبسطها - أَنا الْملك "، حَتَّى نظرت إِلَى الْمِنْبَر يَتَحَرَّك من أَسْفَل شيءٍ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي أَقُول: أساقطٌ هُوَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ .
وَفِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم عَن ابْن عمر نَحوه، وَفِي أَوله:
" يَأْخُذ الْجَبَّار عز وَجل سماواته وأرضيه بِيَدِهِ. . ".
1287 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَمْرو بن دِينَار عَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه(2/184)
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من أعتق عبدا بَينه وَبَين آخر قوم عَلَيْهِ فِي مَاله قيمَة عدلٍ، لَا وكس وَلَا شطط، ثمَّ عتق عَلَيْهِ فِي مَاله إِن كَانَ مُوسِرًا ".
وَفِي حَدِيث ابْن الْمَدِينِيّ
" من أعتق عبدا بَين اثْنَيْنِ، فَإِن كَانَ مُوسِرًا قوم عَلَيْهِ يَوْم يعْتق ".
وَأَخْرَجَاهُ جَمِيعًا من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من أعتق شركا لَهُ فِي عبد فَكَانَ لَهُ مالٌ يبلغ ثمن العَبْد قوم العَبْد عَلَيْهِ قيمَة عدلٍ، فَأعْطى شركاءه حصصهم، وَعتق عَلَيْهِ العَبْد، وَإِلَّا فقد عتق مِنْهُ مَا عتق ".
أغفله أَبُو مَسْعُود، فَلم يذكرهُ فِي تَرْجَمَة مَالك عَن نَافِع لواحدٍ مِنْهُمَا فِيمَا عندنَا من كِتَابه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبيد الله بن عمر، وَمن حَدِيث اللَّيْث، رِوَايَة وتعليقاً.
وَمن حَدِيث أَيُّوب بن كيسَان السّخْتِيَانِيّ، وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب تَعْلِيقا وَرِوَايَة. قد جعله أَبُو مَسْعُود من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَهُوَ لمُسلم أَيْضا فِي أول كتاب " الْعتْق ".
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أُميَّة رِوَايَة وتعليقاً، كلهم عَن نَافِع عَن ابْن عمر، بِمَعْنى حَدِيث مَالك عَن نَافِع. وَمن حَدِيث يحيى بن سعيد عَن نَافِع رِوَايَة وتعليقاً.
وللبخاري من حَدِيث أَيُّوب وَيحيى عِنْد قَوْله " وَإِلَّا فقد عتق مِنْهُ مَا عتق " قَالَ أَيُّوب وَيحيى: لَا أَدْرِي أشيءٌ قَالَ نَافِع أَو هُوَ شَيْء من الحَدِيث؟ .(2/185)
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث جرير بن حَازِم عَن نَافِع.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَنه كَانَ يُفْتِي فِي العَبْد أَو الْأمة يكون بَين شُرَكَاء، فَيعتق أحدهم نصِيبه مِنْهُ، يَقُول: قد وَجب عَلَيْهِ عتقه كُله إِذا كَانَ للَّذي أعتق من المَال مَا يبلغ، يقوم من مَاله قيمَة الْعدْل، وَيدْفَع إِلَى الشُّرَكَاء أنصباؤهم، ويخلى سَبِيل الْمُعْتق، يخبر بذلك ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ البُخَارِيّ: وَرَوَاهُ اللَّيْث وَابْن أبي ذِئْب وَابْن إِسْحَق وَجُوَيْرِية وَيحيى بن سعيد وَإِسْمَاعِيل بن أُمِّيّه عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مُخْتَصرا. ذكره أَبُو مَسْعُود عَن ابْن أبي ذِئْب فِي أَفْرَاد البُخَارِيّ تَعْلِيقا.
وَقد أخرجه مُسلم فِي صحه ملك الْيَمين بِالْإِسْنَادِ فصح أَنه لَهما.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من أعتق شركا فِي مَمْلُوك وَجب عَلَيْهِ أَن يعتقهُ كُله إِن كَانَ لَهُ مالٌ قدر ثمنه، يُقَام قيمَة عدلٍ، وَيُعْطى شركاؤه حصصهم، ويخلى سَبِيل الْمُعْتق.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أُسَامَة بن زيد عَن نَافِع، وَفِيه: " من أعتق شركا لَهُ فِي عبد أقيم عَلَيْهِ قيمَة الْعدْل، فَأعْطِي شركاؤه حصصهم، وَعتق العَبْد ".
1288 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن أَبِيه أَنه كَانَ يَقُول: مَا كُنَّا نَدْعُو زيد بن حَارِثَة، إِلَّا زيد بن مُحَمَّد، حَتَّى نزل فِي الْقُرْآن: {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} [سُورَة الْأَحْزَاب] .(2/186)
1289 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ: يبداؤكم هَذِه الَّتِي تكذبون على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا، مَا أهل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا من عِنْد الْمَسْجِد - يَعْنِي مَسْجِد ذِي الحليفة.
وَعند البُخَارِيّ فِيهِ:
مَا أهل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا من عِنْد الْمَسْجِد. وَلم يذكر مَا قبله.
وَفِي حَدِيث قُتَيْبَة عَن حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن مُوسَى:
مَا أهل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا من عِنْد الشَّجَرَة حِين قَامَ بِهِ بعيره.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن عباد عَن حَاتِم عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم وَنَافِع وَحَمْزَة بن عبد الله عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا اسْتَوَت بِهِ رَاحِلَته قَائِمَة عِنْد مَسْجِد ذِي الحليفة أهل فَقَالَ: " لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك، لَا شريك لَك لبيْك، إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك وَالْملك، لَا شريك لَك "، قَالُوا: وَكَانَ عبد الله يَقُول: تَلْبِيَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ نَافِع: كَانَ عبد الله يزِيد مَعَ هَذَا: لبيْك لبيْك وَسَعْديك، وَالْخَيْر بيديك، لبيْك، والرغبى إِلَيْك وَالْعَمَل.
وَعِنْدَهُمَا من حَدِيث عبيد الله بن عمر بن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وضع رجله فِي الغرز واستوت بِهِ رَاحِلَته قَائِمَة، أهل من عِنْد مَسْجِد ذِي الحليفة.(2/187)
وَرَوَاهُ مُسلم من حَدِيث ابْن شهَاب عَن سَالم أَن عبد الله بن عمر قَالَ:
رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يركب رَاحِلَته بِذِي الحليفة ثمَّ يهل حِين تستوي بِهِ قَائِمَة.
وَلم أره لأبي مَسْعُود فِي تَرْجَمَة الزُّهْرِيّ عَن سَالم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل حِين اسْتَوَت بِهِ رَاحِلَته قَائِمَة.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث مَالك عَن سعيد المَقْبُري عَن عبيد بن جريج حَدِيثا، وَفِيه فصل فِي هَذَا الْمَعْنى أَنه قَالَ لعبد الله بن عمر:
رَأَيْتُك تصنع أَرْبعا لم أر أحدا من أَصْحَابك يصنعها. قَالَ: مَا هِيَ يَا ابْن جريج؟ قَالَ: رَأَيْتُك لَا تمس من الْأَركان إِلَّا اليمانيين. ورأيتك تلبس النِّعَال السبتية. ورأيتك تصبغ بالصفرة.
ورأيتك إِذا كنت بِمَكَّة أهل النَّاس إِذا رَأَوْا الْهلَال، وَلم تهلل أَنْت حَتَّى يكون يَوْم التَّرويَة. فَقَالَ عبد الله بن عمر: أما الْأَركان فَإِنِّي لم أر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمس إِلَّا اليمانيين. وَأما النِّعَال السبتية فَإِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلبس النِّعَال الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شعر، وَيتَوَضَّأ فِيهَا، فَأَنا أحب أَن ألبسها. وَأما الصُّفْرَة فَإِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصْبغ بهَا، فَأَنا أحب أَن أصبغ بهَا. وَأما الإهلال فَإِنِّي لم أر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهل حَتَّى تنبعث بِهِ رَاحِلَته.
وَلَيْسَ لِعبيد الله بن جريج فِي الصَّحِيح عَن ابْن عمر غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.(2/188)
1290 - الْخَمْسُونَ: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي وَهُوَ فِي معرسه من ذِي الحليفة فِي بطن الْوَادي. فَقيل لَهُ: إِنَّك ببطحاء مباركة. قَالَ مُوسَى: وَقد أَنَاخَ بِنَا سَالم بالمناخ من الْمَسْجِد الَّذِي كَانَ عبد الله ينيخ بِهِ، يتحَرَّى معرس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ أَسْفَل من الْمَسْجِد الَّذِي بِبَطن الْوَادي بَينه وَبَين الْقبْلَة، وسطا من ذَلِك.
1291 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من اقتنى كَلْبا إِلَّا كلب صيدٍ أَو مَاشِيَة، فَإِنَّهُ ينقص من أجره كل يَوْم قيراطان ". قَالَ سَالم: وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول: أَو كلب حرث، وَكَانَ صَاحب حرث.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مالكٍ عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ:
كلب ماشيةٍ أَو ضارٍ ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُسلم عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من اقتنى كَلْبا لَيْسَ كلب ماشيةٍ أَو صيدٍ، نقص كل يومٍ من عمله قيراطان ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:(2/189)
" من اقتنى كَلْبا إِلَّا كلب صيدٍ أَو ماشيةٍ نقص من أجره كل يَوْم قيراطان ". قَالَ فِيهِ يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة. وَيَجِيء هُنَالك إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من اقتنى كَلْبا إِلَّا كلب ضاريةٍ أَو ماشيةٍ نقص من عمله كل يومٍ قيراطان ".
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة عَن سَالم عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" من اقتنى كَلْبا إِلَّا كلب ماشيةٍ أَو صيدٍ نقص من عمله كل يومٍ قيراطٌ " قَالَ عبد الله: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: " أَو كلب حرث ".
وَمن حَدِيث عمر بن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَيّمَا أهل دارٍ اتَّخذُوا كَلْبا إِلَّا كلب مَاشِيَة أَو كَلْبا صائداً، نقص من عَمَلهم كل يَوْم قيراطان ".
وَمن حَدِيث أبي الحكم عمرَان بن الْحَارِث عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من اتخذ كَلْبا، إِلَّا كلب زرع أَو غنم أَو صيدٍ نقص من أجره كل يَوْم قِيرَاط ".
1292 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَيْنَمَا أَنا نائمٌ أتيت بقدح لبنٍ، فَشَرِبت مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لأرى الرّيّ(2/190)
يخرج فِي أظفاري، ثمَّ أَعْطَيْت فضلي عمر بن الْخطاب ". قَالُوا: فَمَا أولته؟ قَالَ: " الْعلم ".
1293 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا أنزل الله بقومٍ عذَابا أصَاب الْعَذَاب من كَانَ فيهم، ثمَّ بعثوا على أَعْمَالهم ".
1294 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن حَمْزَة بن عبد الله عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تزَال الْمَسْأَلَة بأحدكم حَتَّى يلقى الله وَلَيْسَ فِي وَجهه مزعة لحم ". وَفِي حَدِيث اللَّيْث: " حَتَّى يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة ... ".
1295 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر عَن جده عبد الله بن عمر قَالَ: كُنَّا نتحدث عَن حجَّة الْوَدَاع، وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أظهرنَا، وَلَا نَدْرِي مَا حجَّة الْوَدَاع، حَتَّى حمد الله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ ذكر الْمَسِيح الدَّجَّال، فأطنب فِي ذكره، وَقَالَ: " مَا بعث الله من نبٍّ ي إِلَّا أنذره أمته، أنذره نوحٌ والنبيون من بعده، وَأَنه يخرج فِيكُم، فَمَا خَفِي عَلَيْكُم من شَأْنه، فَلَيْسَ يخفى عَلَيْكُم أَن ربكُم لَيْسَ بأعور، وَإنَّهُ أَعور عين الْيُمْنَى، كَأَن عينة عنبةٌ طافيةٌ. أَلا إِن الله حرم عَلَيْكُم دماءكم وَأَمْوَالكُمْ كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي بلدكم هَذَا. أَلا هَل بلغت "؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ " ثَلَاثًا. " وَيْلكُمْ - أَو وَيحكم، انْظُرُوا، لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض " هَكَذَا عِنْد(2/191)
البُخَارِيّ بِطُولِهِ.
وَأخرج مسلمٌ طرفا مِنْهُ، وَهُوَ قَوْله:
وَيحكم - أَو قَالَ: وَيْلكُمْ - لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعضٍ ".
وَقد أخرج البُخَارِيّ هَذَا الطّرف مِنْهُ فِي مَوضِع آخر من حَدِيث مُحَمَّد بن زيد أَيْضا عَن جده.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا الْفَصْل الَّذِي فِيهِ: " أَتَدْرُونَ أَي يومٍ هَذَا؟ " وَتَحْرِيم الدِّمَاء والأعراض فِي موضعٍ بعده، دون ذكر الدَّجَّال، و " لَا ترجعوا كفَّارًا ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ هِشَام بن الْغَاز عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
وقف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم النَّحْر بَين الجمرات فِي الْحجَّة الَّتِي حج فِيهَا وَقَالَ: " أَي يومٍ هَذَا؟ " نَحْو مَا فِي حَدِيث مُحَمَّد بن زيد، وَقَالَ: هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر. وطفق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ " ثمَّ ودع النَّاس، فَقَالُوا: هَذِه حجَّة الْوَدَاع.
1296 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن مُحَمَّد بن زيدٍ عَن جده عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه ".
1297 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن مُحَمَّد بن زيد عَن جده عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن(2/192)
مُحَمَّدًا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ويقيموا الصَّلَاة، ويؤتوا الزَّكَاة، فَإِذا فعلوا ذَلِك عصموا مني دِمَاءَهُمْ إِلَّا بِحَق الْإِسْلَام، وحسابهم على الله "، كَذَا عِنْد البُخَارِيّ من رِوَايَة حرمي بن عمَارَة عَن شُعْبَة. وَقَوله: " إِلَّا بِحَق الْإِسْلَام " لَيْسَ عِنْد مُسلم فِي رِوَايَته من حَدِيث شُعْبَة.
1298 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن مُحَمَّد بن زيد عَن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا صَار أهل الْجنَّة إِلَى الْجنَّة، وَأهل النَّار إِلَى النَّار جِيءَ بِالْمَوْتِ، حَتَّى يَجْعَل بَين الْجنَّة وَالنَّار، ثمَّ يذبح، ثمَّ يُنَادي منادٍ: يَا أهل الْجنَّة، لَا موت، يَا أهل النَّار، لَا موت، فَيَزْدَاد أهل الْجنَّة فَرحا إِلَى فَرَحهمْ، ويزداد أهل النَّار حزنا إِلَى حزنهمْ ".
وَأَخْرَجَاهُ جَمِيعًا من حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وَيدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة، وَأهل النَّار النَّار، ثمَّ يقوم مؤذنٌ بَينهم، فَيَقُول: يَا أهل الْجنَّة، لَا موت، وَيَا أهل النَّار، لَا موت، كلٌّ خالدٌ فِيمَا هُوَ فِيهِ ".
1299 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: عَن حَفْص بن عمر عَن عَمه عبد الله بن عمر قَالَ: صَحِبت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم أره يسبح فِي السّفر. وَقَالَ الله تَعَالَى: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} . [سُورَة الْأَحْزَاب] .
وَفِي حَدِيث يزِيد بن زُرَيْع قَالَ:
مَرضت فَجَاءَنِي ابْن عمر يعودنِي، فَسَأَلته عَن(2/193)
السبحة فِي السّفر، فَقَالَ: صَحِبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السّفر، فَمَا رَأَيْته يسبح، وَلَو كنت مسبحاً لأتممت، الحَدِيث.
وَلمُسلم فِي حَدِيث خبيب بن عبد الرَّحْمَن عَن حَفْص بن عَاصِم عَن ابْن عمر قَالَ:
صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمنى صَلَاة الْمُسَافِر، وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان ثَمَانِي سِنِين، أَو قَالَ: سِتّ سِنِين، قَالَ حَفْص: وَكَانَ ابْن عمر يُصَلِّي بمنى رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ يَأْتِي فرَاشه. فَقلت: أَي عَم، لَو صليت بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ؛ قَالَ: لَو فعلت لأتممت الصَّلَاة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمنى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبُو بكر بعده، وَعمر بعد أبي بكر، وَعُثْمَان صَدرا من خِلَافَته. ثمَّ إِن عُثْمَان صلى بعد أَرْبعا، فَكَانَ ابْن عمر إِذا صلى مَعَ الإِمَام صلى أَرْبعا، وَإِذا صلاهَا وَحده صلى رَكْعَتَيْنِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَنه صلى صَلَاة الْمُسَافِر بمنى وَغَيره رَكْعَتَيْنِ، وَأَبُو بكر وَعمر، وَعُثْمَان رَكْعَتَيْنِ صَدرا من خِلَافَته ثمَّ أتمهَا أَرْبعا.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه نَحوه، وَلم يقل: وَغَيره.(2/194)
وللبخاري فِي حَدِيث حَفْص بن عَاصِم عَن أَبِيه:
أَنه سمع ابْن عمر يَقُول:
صَحِبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَكَانَ لَا يزِيد فِي السّفر على رَكْعَتَيْنِ، وَأَبا بكرٍ وَعمر وَعُثْمَان كَذَلِك.
وَعند مُسلم فِيهِ قَالَ:
صَحِبت ابْن عمر فِي طَرِيق مَكَّة، قَالَ: فصلى لنا الظّهْر رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أقبل وأقبلنا مَعَه، حَتَّى جَاءَ رَحْله، وَجلسَ وَجَلَسْنَا مَعَه. فحانت مِنْهُ التفاتةٌ نَحْو حَيْثُ صلى، فَرَأى نَاسا قيَاما، فَقَالَ: مَا يصنع هَؤُلَاءِ، قلت: يسبحون. قَالَ: لَو كنت مسبحاً لأتممت صَلَاتي يَا ابْن أخي، إِنِّي صَحِبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السّفر فَلم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى قَبضه الله، ثمَّ صَحِبت عمر فَلم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه الله، ثمَّ صَحِبت عُثْمَان فَلم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبضه الله. وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} .
1300 - السِّتُّونَ: عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " قَالَ: إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا يخسفان لمَوْت أحدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، ولكنهما آيتان من آيَات الله، فَإِذا رأيتموهما فصلوا ".
1301 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: عَن عُرْوَة بن الزبير عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا طلع حَاجِب الشَّمْس فدعوا الصَّلَاة حَتَّى تبرز، فَإِذا غَابَ حَاجِب الشَّمْس فدعوا الصَّلَاة حَتَّى تغيب، وَلَا تَحَيَّنُوا بصلاتكم طُلُوع الشَّمْس وَلَا غُرُوبهَا، فَإِنَّهَا تطلع بَين قَرْني شيطانٍ - أَو الشَّيْطَان " لَا أَدْرِي أَي ذَلِك قَالَ هِشَام.
وَقد أَخْرجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يتحَرَّى أحدكُم فَيصَلي عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَلَا عِنْد غُرُوبهَا ".(2/195)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع: أَن عبد الله بن عمر قَالَ:
سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْهَى عَن الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا ".
وَقد أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أَيُّوب مَوْقُوفا من قَول ابْن عمر أَنه قَالَ:
أُصَلِّي كَمَا رَأَيْت أَصْحَابِي يصلونَ، لَا أنهى أحدا يُصَلِّي بليلٍ أَو نهارٍ مَا شَاءَ، غير أَن لَا تتحروا طُلُوع الشَّمْس وَلَا غُرُوبهَا. وَهَذَا طرف من حَدِيث يَجِيء فِي ذكر قبَاء.
1302 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: عَن عُرْوَة بن الزبير عَن ابْن عمر قَالَ: وقف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قليب بدرٍ فَقَالَ: " هَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا؟ " ثمَّ قَالَ: " إِنَّهُم الْآن يسمعُونَ مَا أَقُول ". وَذكر لعَائِشَة فَقَالَت: إِنَّمَا قَالَ: " إِنَّهُم ليعلمون أَن الَّذِي كنت أَقُول لَهُم هُوَ الْحق "، ثمَّ قَرَأت: {إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى} [سُورَة النَّمْل] .
وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن زيد وَأبي أُسَامَة قَول ابْن عمر:
الْمَيِّت يعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ، وَقَول عَائِشَة فِي ذَلِك، وَلَيْسَ عِنْد مُسلم فِيهِ مَا يدل على أَن عُرْوَة سَمعه من ابْن عمر.
وللبخاري من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب قَالَ:
هَذِه مغازي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذكر الحَدِيث، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُلقيهِمْ: " هَل وجدْتُم مَا وَعدكُم ربكُم حَقًا؟ " قَالَ مُوسَى: قَالَ نَافِع: قَالَ عبد الله: قَالَ ناسٌ من أَصْحَابه: يَا رَسُول الله، تنادي نَاسا أَمْوَاتًا! قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا أَنْتُم بأسمع لما قلت مِنْهُم ".
وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث صَالح عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: اطلع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/196)
على أهل القليب فَقَالَ:
هَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا؟ " فَقيل لَهُ: تَدْعُو أَمْوَاتًا! فَقَالَ: " مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهُم، وَلَكِن لَا يجيبون ".
1303 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ: عَن عبيد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر ابْن الْخطاب عَن سَالم وَنَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة. هَكَذَا فِي حَدِيث عَبدة بن سُلَيْمَان، وَمُحَمّد بن عبيد عَن عبيد الله بن عمر وَقَالَ فِي حَدِيث عبيد بن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى يَوْم خَيْبَر عَن أكل الثوم، وَعَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة. وَقَالَ فِي الحَدِيث: نهى عَن أكل الثوم، هُوَ عَن نَافِع وَحده. وَلُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة عَن سَالم.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن الْمُبَارك عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى يَوْم خَيْبَر عَن أكل لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة.
وَهُوَ عِنْد مُسلم عَن ابْن نمير عَن عبيد الله عَن سَالم وَنَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن أكل لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة.
وَعِنْده من حَدِيث يحيى الْقطَّان عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي غَزْوَة خَيْبَر: " من أكل هَذِه الشَّجَرَة - يَعْنِي الثوم - فَلَا يَأْتِين الْمَسَاجِد ".
وَفِي حَدِيث ابْن نمير عَن عبيد الله:
" من أكل من هَذِه البقلة فَلَا يقربن مَسْجِدنَا حَتَّى يذهب رِيحهَا " يَعْنِي الثوم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مَالك وَابْن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: نهى(2/197)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أكل الْحمار الأهلي يَوْم خَيْبَر، وَكَانَ النَّاس احتاجوا إِلَيْهَا.
1304 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن النَّاس نزلُوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْحجر أَرض ثَمُود، فاستقوا من آبارها، وعجنوا بِهِ الْعَجِين، فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يهريقوا مَا استقوا، ويعلفوا الْإِبِل الْعَجِين، وَأمرهمْ أَن يَسْتَقُوا من الْبِئْر الَّتِي كَانَت تردها النَّاقة قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه أُسَامَة عَن نَافِع.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزل الْحجر فِي غَزْوَة تَبُوك، أَمرهم أَلا يشْربُوا من بئارها، وَلَا يَسْتَقُوا مِنْهَا، فَقَالُوا: قد عَجنا مِنْهَا وَاسْتَقَيْنَا، فَأَمرهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يطْرَحُوا ذَلِك الْعَجِين وَيُهرِيقُوا ذَلِك المَاء.
1305 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: أعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر بِشَطْر مَا يخرج مِنْهَا من ثَمَر أَو زرع، فَكَانَ يُعْطي أَزوَاجه كل سنةٍ مائَة وسقٍ: ثَمَانِينَ وسْقا من تمرٍ، وَعشْرين وسْقا من شعير. فَلَمَّا ولي عمر قسم خَيْبَر، خير أَزوَاج النَّبِي أَن يقطع لَهُنَّ الأَرْض وَالْمَاء، أَو يضمن لَهُنَّ الأوساق فِي كل عامٍ، فاختلفن، فمنهن من اخْتَار الأَرْض ومنهن من اخْتَار الأوساق كل عامٍ، فَكَانَت عَائِشَة وَحَفْصَة مِمَّن اختارنا الأَرْض وَالْمَاء.
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا مِنْهُ من حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْطى خَيْبَر الْيَهُود أَن يعلموها ويزرعوها، وَلَهُم شطر مَا يخرج مِنْهَا.(2/198)
زَاد أَبُو مَسْعُود:
وَأَن رَافعا حدث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن كِرَاء الْمزَارِع. وَلم أجد من رِوَايَة جوَيْرِية حَيْثُ ذكر.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن عمر أجلى الْيَهُود وَالنَّصَارَى من أَرض الْحجاز، وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما ظهر على خَيْبَر أَرَادَ إِخْرَاج الْيَهُود مِنْهَا، وَكَانَت الأَرْض لما ظهر عَلَيْهَا لله وَلِرَسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وللمسلمين، فَأَرَادَ إِخْرَاج الْيَهُود مِنْهَا، فَسَأَلت الْيَهُود رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقرهم بهَا على أَن يكفوا الْعَمَل وَلَهُم نصف الثَّمر، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نقركم بهَا على ذَلِك مَا شِئْنَا " فقروا بهَا حَتَّى أجلاهم عمر فِي إمارته إِلَى تيماء وأريحاء.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
لما افتتحت خَيْبَر سَأَلت يهود رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقرهم فِيهَا، على أَن يعلمُوا على نصف مَا خرج مِنْهَا من الثَّمر وَالزَّرْع، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أقركم فِيهَا على ذَلِك مَا شِئْنَا ". قَالَ وَكَانَ الثَّمر يقسم على السهْمَان من نصف خَيْبَر، فَيَأْخُذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخمس.
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن غنج عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَنه دفع إِلَى يهود خَيْبَر نخل خَيْبَر وأرضها، على أَن يعتملوها من أَمْوَالهم، ولرسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شطر ثَمَرهَا. لم يزدْ.
1306 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أنهكوا الشَّوَارِب، وأعفوا اللحى ". وَفِي رِوَايَة يحيى بن سعيد وَابْن نمير عَن عبد الله " أحفوا الشَّوَارِب ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر عَن نَافِع عَن(2/199)
ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" خالفوا الْمُشْركين، وفروا اللحى، وأحفوا الشَّوَارِب ". وَكَانَ ابْن عمر إِذا حج أَو اعْتَمر قبض على لحيته، فَمَا فضل أَخذه.
وروى البُخَارِيّ عَن مكي بن إِبْرَاهِيم عَن حَنْظَلَة عَن نَافِع مَوْقُوفا عَلَيْهِ. قَالَ البُخَارِيّ وَقَالَ أَصْحَابنَا عَن مكي عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من الْفطْرَة قصّ الشَّارِب ".
وَفِي رِوَايَة إِسْحَاق بن سُلَيْمَان عَن حَنْظَلَة مُسْندًا:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من الْفطْرَة حلق الْعَانَة، وتقليم الْأَظْفَار، وقص الشَّارِب ".
وَحَكَاهُ أَبُو مَسْعُود من حَدِيث إِسْحَاق بن سُلَيْمَان مَوْقُوفا، ثمَّ قَالَ: وَقد أسْندهُ أَبُو سعيد الْأَشَج وَغَيره عَن إِسْحَاق بن سُلَيْمَان وَعَن مكي. وَهُوَ فِي كتاب البُخَارِيّ من رِوَايَة أَحْمد بن أبي رَجَاء عَن إِسْحَاق بن سُلَيْمَان مُسْند كَمَا قدمنَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي بكر بن نَافِع عَن أَبِيه عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أحفوا الشَّوَارِب، وأعفوا اللحى ".
1307 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر يصلونَ الْعِيدَيْنِ قبل الْخطْبَة.
1308 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة قَائِما، ثمَّ يجلس، ثمَّ يقوم، كَمَا تَفْعَلُونَ الْيَوْم.(2/200)
وَفِي حَدِيث مُسَدّد:
وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب خطبتين يقْعد بَينهمَا.
1309 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعرض رَاحِلَته فَيصَلي إِلَيْهَا.
وَفِي حَدِيث ابْن نمير:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى إِلَى بعير.
1310 - السبعون: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا خرج يَوْم الْعِيد أَمر بالحربة فتوضع بَين يَدَيْهِ، فَيصَلي إِلَيْهَا وَالنَّاس وَرَاءه، وَكَانَ يفعل ذَلِك فِي السّفر، فَمن ثمَّ اتخذها الْأُمَرَاء.
وَفِي حَدِيث عبد الْوَهَّاب:
كَانَت تركز الحربة قدامه يَوْم الْفطر والنحر، ثمَّ يُصَلِّي.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي عَمْرو عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَغْدُو إِلَى الْمصلى والعنزة بَين يَدَيْهِ تحمل وتنصب بالمصلى بَين يَدَيْهِ، فَيصَلي إِلَيْهَا.
وَفِي هَذَا الحَدِيث اخْتِلَاف بَين الروَاة عَن الْأَوْزَاعِيّ، وَلَيْسَ للأوزاعي عَن نَافِع عَن ابْن عمر فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
1311 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ(2/201)
الْقُرْآن، فَيقْرَأ سُورَة فِيهَا سجدةٌ فَيسْجد، ونسجد مَعَه، حَتَّى مَا يجد بَعْضنَا موضعا لمَكَان جَبهته. زَاد فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن بشرٍ عَن عبيد الله: فِي غير وَقت صَلَاة.
1312 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن ابْن عمر: أَنه نَادَى بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَة ذَات بردٍ وريح ومطرٍ، فَقَالَ فِي آخر ندائه: أَلا صلوا فِي رحالكُمْ، أَلا صلوا فِي الرّحال. ثمَّ قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْمر الْمُؤَذّن إِذا كَانَت ليلةٌ باردةٌ أَو ذَات مطرٍ فِي السّفر أَن يَقُول: أَلا صلوا فِي رحالكُمْ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِنَحْوِهِ.
1313 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اجعلوا من صَلَاتكُمْ فِي بُيُوتكُمْ، وَلَا تتخذوها قبوراً " وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع كَذَلِك.
1314 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا وضع عشَاء أحدكُم وأقيمت الصَّلَاة فابدءوا بالعشاء، وَلَا يعجل حَتَّى يفرغ مِنْهُ " وَكَانَ ابْن عمر يوضع لَهُ الطَّعَام، وتقام الصَّلَاة، فَلَا يَأْتِيهَا حَتَّى يفرغ، وَإنَّهُ ليسمع قِرَاءَة الإِمَام.(2/202)
وَقد أَخْرجَاهُ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نافعٍ بِنَحْوِهِ، وَلَفظه عِنْد البُخَارِيّ:
إِذا كَانَ أحدكُم على الطَّعَام فَلَا يعجل حَتَّى يقْضِي حَاجته مِنْهُ، وَإِن أُقِيمَت الصَّلَاة ".
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع بِنَحْوِ حَدِيث عبيد الله عَنهُ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر مُسْندًا بِنَحْوِهِ.
1315 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ: عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر صَاعا من تمرٍ، أَو صَاعا من شعير، على كل عبدٍ أَو حرٍّ، صغيرٍ أَو كبيرٍ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع بِنَحْوِهِ، وَفِيه: على كل حرٍّ أَو عبدٍ، ذكرٍ أَو أُنْثَى من الْمُسلمين. وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع بِنَحْوِهِ، وَزَاد: فَعدل النَّاس بِهِ نصف صَاع برٍّ.
وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن زيدٍ بن أَيُّوب:
فَكَانَ ابْن عمر يُعْطي التَّمْر، فأعوز أهل الْمَدِينَة التَّمْر فَأعْطى شَعِيرًا، قَالَ: وَكَانَ ابْن عمر يُعْطي عَن الصَّغِير وَالْكَبِير، حَتَّى إِن كَانَ ليعطي عَن بني، وَكَانَ ابْن عمر يُعْطِيهَا الَّذين يقبلونها، وَكَانُوا يُعْطون قبل الْفطر بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ. قَالَ البُخَارِيّ: عَن بني: يَعْنِي بني نَافِع. وَيَعْنِي يُعْطون: ليجمعوا، فَإِذا كَانَ يَوْم الْفطر أَخْرجُوهُ حينئذٍ.(2/203)
وَمن حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع عَن عبد الله قَالَ:
أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِزَكَاة الْفطر صَاعا من تمر، أَو صَاعا من شعير. قَالَ عبد الله: فَجعل النَّاس عدله مَدين من حِنْطَة.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عمر بن نَافِع عَن أَبِيه عَن ابْن عمر قَالَ:
فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر صَاعا من تمرٍ، أَو صَاعا من شعير، على العَبْد وَالْحر وَالذكر وَالْأُنْثَى وَالصَّغِير وَالْكَبِير من الْمُسلمين، وَأَن يُؤدى قبل خُرُوج النَّاس إِلَى الصَّلَاة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الضَّحَّاك بن عمر الحرامي عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرض زَكَاة الْفطر من رَمَضَان، على كل نفسٍ من الْمُسلمين، وَذكر نَحوه إِلَى آخِره.
وَقد أخرجَا جَمِيعًا هَذَا الْفَصْل الْأَخير فِي إخْرَاجهَا قبل الْخُرُوج إِلَى الْمصلى من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِزَكَاة الْفطر أَن تُؤَدّى قبل خُرُوج النَّاس إِلَى الصَّلَاة.
1316 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تُسَافِر الْمَرْأَة ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يحل لامرأةٍ تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر تُسَافِر مسيرَة ثَلَاث ليالٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم ".(2/204)
1317 - السَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع: أَن عبد الله وَسَالم ابْني عبد الله كلما عبد الله حِين نزل الْحجَّاج لقِتَال ابْن الزبير، قَالَا: لَا يَضرك أَلا تحج الْعَام، فَإنَّا نخشى أَن يكون بَين النَّاس قتالٌ يُحَال بَيْنك وَبَين الْبَيْت. قَالَ: إِن حيل بيني وَبَينه فعلت كَمَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مَعَه حِين حَالَتْ قريشٌ بَينه وَبَين الْبَيْت، أشهدكم أَنِّي قد أوجبت عمْرَة. فَانْطَلق حَتَّى أَتَى ذَا الحليفة، فلبي بِالْعُمْرَةِ، ثمَّ قَالَ: إِن خلي سبيلي قضيت عمرتي، وَإِن حيل بيني وَبَينه فعلت كَمَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ تَلا: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} [سُورَة الْأَحْزَاب] ، ثمَّ سَار حَتَّى إِذا كَانَ بِظهْر الْبَيْدَاء قَالَ: مَا أَمرهمَا إِلَّا واحدٌ، إِن حيل بيني وَبَين الْعمرَة حيل بيني وَبَين الْحَج، أشهدكم أَنِّي قد أوجبت حجَّة مَعَ عمرتي، فَانْطَلق حَتَّى ابْتَاعَ بقديدٍ هَديا، ثمَّ طَاف لَهما طَوافا وَاحِدًا.
وَفِي آخر حَدِيث عبد الله بن نمير عَن عبيد الله عَن نَافِع:
أَن ابْن عمر كَانَ يَقُول: من جمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة كَفاهُ طوافٌ وَاحِد، وَلم يحل حَتَّى يحل مِنْهُمَا جَمِيعًا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع قَالَ:
قَالَ عبد الله بن عبد الله لِأَبِيهِ: أقِم، فَإِنِّي لَا آمن أَن ستصد عَن الْبَيْت. قَالَ: إِذن أفعل كَمَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} ، ثمَّ ذكر إِيجَاب الْعمرَة، ثمَّ الْحَج بعْدهَا. وَفِيه: ثمَّ قدم فَطَافَ لَهما طَوافا وَاحِدًا، وَلم يحل حَتَّى حل مِنْهُمَا جَمِيعًا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث اللَّيْث بن سعد عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِنَحْوِ ذَلِك، وَفِيه:
وَأهْدى هَديا اشْتَرَاهُ بِقديد، ثمَّ انْطلق يهل بهما جَمِيعًا، حَتَّى قدم مَكَّة، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة، وَلم يزدْ على ذَلِك، وَلم ينْحَر، وَلم حلق، وَلم يقصر،(2/205)
وَلم يحلل من شيءٍ حرم عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ يَوْم النَّحْر، فَنحر، وَحلق، وَرَأى أَنه قد قضى طواف الْحَج وَالْعمْرَة بطوافه الأول. وَقَالَ ابْن عمر: كَذَلِك فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك بن أنس عَن نَافِع عَن ابْن عمر نَحوه، وَقَالَ فِي آخِره: فَطَافَ لَهما طَوافا وَاحِدًا، وَرَأى أَن ذَلِك مجزئٌ عَنهُ، وَأهْدى.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم قَالَ:
كَانَ عبد الله بن عمر يَقُول: الْيَسْ حسبكم سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِن حبس أحدكُم عَن الْحَج طَاف بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة، ثمَّ حل من كل شَيْء حَتَّى يحجّ عَاما قَابلا، فيهدي أَو يَصُوم إِن لم يجد هَديا.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث جوَيْرِية عَن نَافِع عَن عبيد الله وَسَالم ابْني عبد الله ابْن عمر بِنَحْوِهِ. وَفِي رِوَايَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن جوَيْرِية أَن ابْني عبد الله قَالَا لَهُ: لَو أَقمت، وَلم يسمهما. وَفِي روايةٍ أَن بعض بني عبد الله قَالَ لَهُ ... بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع قَالَ:
أَرَادَ ابْن عمر الْحَج عَام حجت الحرورية فِي عهد ابْن الزبير، فَقيل لَهُ: إِن النَّاس كائنٌ بَينهم، فَقَالَ: ونخاف أَن يصدوك. فَقَالَ: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} ، إِذن أصنع كَمَا صنع، أشهدكم أَنِّي قد أوجبت عمْرَة. حَتَّى كَانَ بِظَاهِر الْبَيْدَاء قَالَ: مَا شَأْن الْحَج وَالْعمْرَة إِلَّا واحدٌ، أشهدكم أَنِّي قد جمعت حجَّة مَعَ عمْرَة. وَأهْدى هَديا مُقَلدًا اشْتَرَاهُ، حَتَّى قدم، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وبالصفا، وَلم يزدْ على ذَلِك، وَلم يحلل من شَيْء حرم مِنْهُ حَتَّى يَوْم النَّحْر، فحلق وَنحر، وَرَأى أَن قد قضى طواف الْحَج(2/206)
وَالْعمْرَة بطوافه الأول، ثمَّ قَالَ: كَذَلِك صنع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عمر بن مُحَمَّد الْعمريّ عَن نَافِع:
أَن عبد الله وسالماً كلما ابْن عمر، فَقَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معتمرين، فحال كفار قريشٍ دون الْبَيْت، فَنحر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحلق رَأسه. لم يزدْ.
1318 - الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يزور قبَاء رَاكِبًا وماشياً. زَاد ابْن نمير عَن عبيد الله عَن نَافِع: فَيصَلي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع:
فَفِي رِوَايَة أَحْمد بن منيع عَن ابْن علية عَن أَيُّوب:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يزور قبَاء رَاكِبًا وماشياً.
وللبخاري فِي رِوَايَة يَعْقُوب الدَّوْرَقِي عَن ابْن علية عَن نَافِع:
أَن ابْن عمر كَانَ لَا يُصَلِّي من الضُّحَى إِلَّا فِي يَوْمَيْنِ: يَوْم يقدم مَكَّة، فَإِنَّهُ كَانَ يقدمهَا ضحى، فيطوف الْبَيْت، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خلف الْمقَام، وَيَوْم يَأْتِي مَسْجِد قبَاء، فَإِنَّهُ كَانَ يَأْتِيهِ كل سبت، فَإِذا دخل الْمَسْجِد كره أَن يخرج مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّي فِيهِ. قَالَ: وَكَانَ يحدث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يزوره رَاكِبًا وماشياً. قَالَ: وَكَانَ يَقُول لنا: إِنَّمَا أصنع كَمَا رَأَيْت أَصْحَابِي يصنعون، وَلَا أمنع أحدا صلى فِي أَي سَاعَة شَاءَ من ليلٍ أَو نَهَار، غير أَن لَا تتحروا طُلُوع الشَّمْس وَلَا غُرُوبهَا. فالمتفق عَلَيْهِ الْمسند مِنْهُ، وَهُوَ زِيَارَة قبَاء.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْتِي قبَاء رَاكِبًا وماشياً.(2/207)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُسلم عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي مَسْجِد قبَاء كل سبتٍ راكباٍ وماشياً، وَكَانَ عبد الله يَفْعَله.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن عجلَان عَن نَافِع عَنهُ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْتِي مَسْجِد قبَاء رَاكِبًا وماشياً.
وَمن حَدِيث مَالك، وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، وَمن حَدِيث ابْن عُيَيْنَة، كلهم قَالَ: عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي قبَاء رَاكِبًا وماشياً، إِلَّا ابْن عُيَيْنَة، فَإِنَّهُ قَالَ: عَنهُ أَن ابْن عمر كَانَ يَأْتِي قبَاء كل سبت، وَكَانَ يَقُول: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِيهِ كل سبت. زَاد فِي رِوَايَة ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان: كَانَ يَأْتِيهِ رَاكِبًا وماشياً. قَالَ ابْن دِينَار: وَكَانَ ابْن عمر يَفْعَله.
1319 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب اسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يبيت بِمَكَّة ليَالِي منى من أجل سقايته، فَأذن لَهُ.
1320 - الثَّمَانُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخرج من طَرِيق الشَّجَرَة، وَيدخل من طَرِيق المعرس. زَاد البُخَارِيّ فِي رِوَايَته. وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا خرج إِلَى مَكَّة يُصَلِّي فِي مَسْجِد الشَّجَرَة، فَإِذا رَجَعَ صلى بِذِي الحليفة بِبَطن الْوَادي، وَبَات حَتَّى يصبح.
وَقد جعل بَعضهم هَذِه الزِّيَادَة فِي ذكر الصَّلَاة من أَفْرَاد البُخَارِيّ.(2/208)
وَعند مُسلم فِي رِوَايَة ابْن نمير عَن أَبِيه عَن عبيد الله:
وَإِذا دخل مَكَّة دخل من الثَّنية الْعليا. وَفِي رِوَايَة زُهَيْر: الَّتِي بالبطحاء. وَيخرج من الثَّنية السُّفْلى.
وَكَذَا عِنْد البُخَارِيّ من حَدِيث يحيى عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل مَكَّة من كداء من الثَّنية الْعليا الَّتِي عِنْد الْبَطْحَاء، وَخرج من الثَّنية السُّفْلى.
وَعِنْده من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر نَحوه.
1321 - الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ: عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الغادر ينصب لَهُ لواءٌ يَوْم الْقِيَامَة، فَيُقَال: هَذِه غدرة فلَان بن فلَان ".
وَفِي حَدِيث ابْن نمير:
إِذا جمع الله الْأَوَّلين والآخرين يَوْم الْقِيَامَة يرفع لكل غادر لواءٌ " ثمَّ ذكر نَحوه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع قَالَ:
لما خلع أهل الْمَدِينَة يزِيد ابْن مُعَاوِيَة، جمع ابْن عمر حشمه وَولده فَقَالَ:
إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " ينصب لكل غادر لواءٌ يَوْم الْقِيَامَة " وَإِنَّا قد بَايعنَا هَذَا الرجل على بيع الله وَرَسُوله، وَإِنِّي لَا أعلم غدراً أعظم من أَن يُبَايع رجلٌ على بيع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ينصب لَهُ الْقِتَال، وَإِنِّي لَا أعلم أحدا مِنْكُم خلعه وَلَا بَايع فِي هَذَا الْأَمر إِلَّا كَانَت الفيصل بيني وَبَينه ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه(2/209)
وَمن حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَنهُ عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لكل غادرٍ لواءٌ يَوْم الْقِيَامَة يعرف بِهِ ".
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن سَالم وَحَمْزَة ابْني عبد الله عَن أَبِيهِمَا.
وَمن رِوَايَة أَيُّوب عَن نَافِع. وَمن رِوَايَة صَخْر بن جوَيْرِية عَن نَافِع. وَمن رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ وَمَعْنَاهُ.
1322 - الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ: عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: عرضت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَأَنا ابْن أَربع عشرَة سنة، فَلم يجزني، وَعرضت عَلَيْهِ عَام الخَنْدَق وَأَنا ابْن خمس عشرَة فأجازني.
1323 - الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْخَيل فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع. وَمن حَدِيث أُسَامَة بن زيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِمثلِهِ.
زَاد أَبُو مَسْعُود: " معقودٌ فِي نَوَاصِيهَا " وَفِي الْكِتَابَيْنِ كَمَا أوردنا عَن ابْن عمر دون هَذِه الزِّيَادَة.
1324 - الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن العَبْد إِذا نصح لسَيِّده، وَأحسن عبَادَة الله، فَلهُ أجره مرَّتَيْنِ ".(2/210)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أُسَامَة بن زيد عَن نَافِع كَذَلِك.
1325 - الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " على الْمَرْء الْمُسلم السّمع وَالطَّاعَة فِيمَا أحب وَكره، إِلَّا أَن يُؤمر بمعصيةٍ، فَإِذا أَمر بمعصيةٍ فَلَا سمع وَلَا طَاعَة ".
1326 - السَّادِس وَالثَّمَانُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: أجْرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا ضمر من الْخَيل من الحفياء إِلَى ثنية الْوَدَاع، وأجرى مَا لم يضمر من الثَّنية إِلَى مَسْجِد بني زُرَيْق. قَالَ ابْن عمر: وَكنت فِيمَن أجْرى.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مالكٍ عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِمَعْنَاهُ وَمن حَدِيث مُوسَى ابْن عقبَة عَن نَافِع كَذَلِك.
وَمن حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع:
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ: قلت لمُوسَى: كم بَين ذَلِك، يَعْنِي بَين الحفياء إِلَى ثنية الْوَدَاع؟ قَالَ: سِتَّة أَمْيَال أَو سَبْعَة، وَمن ثنية الْوَدَاع إِلَى مَسْجِد بني زُرَيْق ميل.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
سَابق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْخَيل، فَأرْسلت الَّتِي ضمرت مِنْهَا، وأمدها الحفياء إِلَى ثنية الْوَدَاع، وَالَّتِي لم تضمر، أمدها ثنية الْوَدَاع إِلَى مَسْجِد بني زُرَيْق، وَإِن عبد الله كَانَ فِيمَن سَابق.(2/211)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أَيُّوب وَإِسْمَاعِيل بن أُميَّة وَأُسَامَة بن زيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر. زَاد فِي حَدِيث أَيُّوب من رِوَايَة حَمَّاد بن زيد وَابْن علية:
قَالَ عبد الله - هُوَ ابْن عمر: فَجئْت سَابِقًا، فطفف بِي الْفرس الْمَسْجِد.
وَقَالَ أَبُو مَسْعُود فِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أُميَّة:
أَن ابْن عمر أجْرى فرسا، فاقتحم بِهِ فِي جرفٍ، فصرعه.
1327 - السَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم فِي النَّفْل للْفرس سَهْمَيْنِ، وللرجل سهم. وَلَيْسَ فِي رِوَايَة ابْن نمير عَن عبيد الله: فِي النَّفْل.
1328 - الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي غَزْوَة خَيْبَر: " من أكل من هَذِه الشَّجَرَة - يَعْنِي الثوم - فَلَا يقربن مَسْجِدنَا " وَفِي حَدِيث أبي مُوسَى وَزُهَيْر: " فَلَا يَأْتِين الْمَسَاجِد ".
وَفِي حَدِيث ابْن نمير:
من أكل من هَذِه البقلة فَلَا يقربن مَسْجِدنَا حَتَّى يذهب رِيحهَا " يَعْنِي الثوم.
1329 - التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يتبايعون لُحُوم الْجَزُور إِلَى حَبل الحبلة. وصل الحبلة: أَن تنْتج النَّاقة مَا فِي بَطنهَا، ثمَّ تحمل الَّتِي نتجت، فنهاهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مالكٍ عَن نافعٍ عَن ابْن عمر بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: ثمَّ تنْتج الَّتِي فِي بَطنهَا.(2/212)
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث جوَيْرِية عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
كَانُوا يتبايعون الْجَزُور إِلَى حَبل الحبلة فَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ. ثمَّ فسره نَافِع أَن تنْتج النَّاقة مَا فِي بَطنهَا.
وَأخرجه مسلمٌ من حَدِيث اللَّيْث عَن نافعٍ عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع حَبل الحبلة. لم يزدْ.
1330 - التِّسْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الشّغَار. قلت لنافع مَا الشّغَار؟ قَالَ: ينْكح ابْنة الرجل، وينكحه ابْنَته بِغَيْر صداقٍ. وينكح أُخْت الرجل، وينكحه أُخْته بِغَيْر صدَاق.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الشّغَار، والشغار أَن يُزَوّج الرجل ابْنَته على أَن يُزَوجهُ ابْنَته، وَلَيْسَ بَينهمَا صدَاق.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا شغار فِي الْإِسْلَام ".
وَمن حَدِيث عبد الرَّحْمَن السراج عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الشّغَار. لم يزدْ.
1331 - الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رجلا رمى امْرَأَته، فَانْتفى من وَلَدهَا فِي زمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَمرهمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَتَلَاعَنا كَمَا قَالَ الله ثمَّ قضى بِالْوَلَدِ للْمَرْأَة، وَفرق بَين المتلاعنين.(2/213)
وَهُوَ فِي رِوَايَة مُسلم مُخْتَصر:
لَاعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين رجلٍ من الْأَنْصَار وَامْرَأَته، وَفرق بَينهمَا. لم يزدْ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مالكٍ عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَاعن بَين رجلٍ وَامْرَأَته، وانتفى من وَلَدهَا، فَفرق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا، وَألْحق الْوَلَد بِأُمِّهِ.
وَأَخْرَجَاهُ من رِوَايَة سعيد بن جُبَير، وَهُوَ عِنْد مُسلم أتم من رِوَايَة عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان عَنهُ، قَالَ: سُئِلت عَن المتلاعنين فِي إمرة مُصعب بن الزبير، أيفرق بَينهمَا؟ قَالَ: فَمَا دَريت مَا أَقُول، فمضيت إِلَى منزل ابْن عمر بِمَكَّة، فَقلت للغلام: اسْتَأْذن لي. قَالَ: إِنَّه قَائِل. فَسمع صوتي فَقَالَ: ابْن جُبَير؟ قلت: نعم، قَالَ: ادخل، فوَاللَّه مَا جَاءَ بك هَذِه السَّاعَة إِلَّا حاجةٌ. فَدخلت، فَإِذا هُوَ مفترشٌ برذعةً لَهُ، متوسدٌ وسَادَة حشوها لِيف. قلت: أَبَا عبد الرَّحْمَن، المتلاعنان أيفرق بَينهمَا؟ قَالَ: سُبْحَانَ الله، نعم، إِن أول من سَأَلَ عَن ذَلِك فلَان بن فلَان، قَالَ: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت أَن لَو وجد أَحَدنَا امْرَأَته على فاحشةٍ، كَيفَ يصنع؟ إِن تكلم تكلم بِأَمْر عَظِيم، وَإِن سكت سكت على مثل ذَلِك. قَالَ: فَسكت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يجبهُ. فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك أَتَاهُ فَقَالَ: إِن الَّذِي سَأَلتك عَنهُ قد ابْتليت بِهِ، فَأنْزل الله عز وَجل هَؤُلَاءِ الْآيَات فِي سُورَة النُّور {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} [سُورَة النُّور 6 - 9] ، فتلاهن عَلَيْهِ، ووعظه، وَذكره، وَأخْبرهُ أَن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة. فَقَالَ: لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، مَا كذبت عَلَيْهَا، ثمَّ دَعَاهَا، فوعظها، وأخبرها أَن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة. قَالَت: لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، إِنَّه لَكَاذِب. فَبَدَأَ بِالرجلِ، فَشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين، وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين. ثمَّ ثنى بِالْمَرْأَةِ.(2/214)
فَشَهِدت أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الْكَاذِبين، وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين، ثمَّ فرق بَينهمَا.
وَفِي حَدِيث عَمْرو عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للمتلاعنين: " حسابكما على الله، أَحَدكُمَا كاذبٌ، لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا ". قَالَ: يَا رَسُول الله، مَالِي؟ قَالَ: " لَا مَال لَك، إِن كنت صدقت عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا استحللت من فرجهَا، وَإِن كنت كذبت عَلَيْهَا فَذَلِك أبعد لَك مِنْهَا ".
وَفِي حَدِيث أَيُّوب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر قَالَ:
فرق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أخوي بني العجلان، وَقَالَ: " إِن الله يعلم إِن أَحَدكُمَا كَاذِب، فَهَل مِنْكُمَا تائب؟ ".
وَفِي حَدِيث عُرْوَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ:
لم يفرق المصعب بَين المتلاعنين،
قَالَ سعيد: فَذكر ذَلِك لعبد الله بن عمر فَقَالَ:
فرق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أخوي بني العجلان.
وَفِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية عَن سعيد قَالَ:
قلت لِابْنِ عمر: رجلٌ قذف امْرَأَته. فَقَالَ: فرق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أخوي بني العجلان وَقَالَ: " الله يعلم أَن أَحَدكُمَا كَاذِب، فَهَل مِنْكُمَا تائب؟ " ثَلَاثًا، فأبيا، فَفرق بَينهمَا.
وَأخرجه البُخَارِيّ مُخْتَصرا من حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رجلا من الْأَنْصَار قذف امْرَأَته، فَأَحْلفهُمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ فرق بَينهمَا.
وَحكى البرقاني عَن أبي الْفَتْح بن أبي الفوارس أَن البُخَارِيّ أخرج من حَدِيث(2/215)
مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرق بَين رجلٍ وَامْرَأَة قَذفهَا زَوجهَا. وَلم أَجِدهُ فِي الْكتاب، وَلَا ذكره أَبُو مَسْعُود.
1332 - الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الْمُؤمن يَأْكُل فِي معى واحدٍ، وَالْكَافِر يَأْكُل فِي سَبْعَة أمعاء ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث وَاقد بن مُحَمَّد بن زيد عَن نَافِع قَالَ: كَانَ ابْن عمر لَا يَأْكُل حَتَّى يُؤْتى بمسكين يَأْكُل مَعَه، فَأخذت رجلا يَأْكُل مَعَه، فَأكل كثيرا، فَقَالَ: يَا رَافع، لَا تدخل عَليّ هَذَا، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
الْمُؤمن يَأْكُل فِي معى واحدٍ، وَالْكَافِر يَأْكُل فِي سَبْعَة أمعاء ".
وَفِي رِوَايَة شُعْبَة عَن وَاقد من حَدِيث غندرٍ عَنهُ أَن نَافِعًا قَالَ:
رأى ابْن عمر مِسْكينا، فَجعل يضع بَين يَدَيْهِ، وَيَضَع بَين يَدَيْهِ، قَالَ: وَجعل يَأْكُل أكلا، فَقَالَ: لَا يدخلن هَذَا عَليّ. وَذكر هَذَا الحَدِيث.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع مثل حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار قَالَ:
كَانَ أَبُو نهيك رجلا أكولاً، فَقَالَ لَهُ ابْن عمر: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الْكَافِر يَأْكُل فِي سَبْعَة أمعاءٍ " قَالَ: فَأَنا أومن بِاللَّه وَرَسُوله.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَمن حَدِيث أبي الزبير عَن ابْن عمر، وَجَابِر بِمثل حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع.(2/216)
1333 - الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اصْطنع خَاتمًا من ذهب، فَكَانَ يَجْعَل فصه فِي بَاطِن كَفه إِذا لبسه، فَصنعَ النَّاس، ثمَّ إِنَّه جلس على الْمِنْبَر فَنَزَعَهُ، وَقَالَ: " إِنِّي كنت ألبس هَذَا الْخَاتم وَأَجْعَل فصه من دَاخل " فَرمى بِهِ، ثمَّ قَالَ: " وَالله لَا ألبسهُ أبدا " فنبذ النَّاس خواتيمهم.
زَاد فِي رِوَايَة عقبَة بن خَالِد عَن عبيد الله: وَجعله فِي يَده الْيُمْنَى.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع كَذَلِك وَفِي خَاتم الذَّهَب، وَلم يذكر الزِّيَادَة.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث جوَيْرِية عَن أَسمَاء عَن نَافِع بِنَحْوِهِ، وَقَالَ جوَيْرِية فِي آخِره: وَلَا أَحْسبهُ قَالَ إِلَّا: فِي يَده الْيُمْنَى.
قَالَ أَبُو مَسْعُود:
وَقد رُوِيَ عَن جوَيْرِية عَن نَافِع بِغَيْر شكّ.
وَفِي رِوَايَة ابْن نمير عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: اتخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا من ورق، فَكَانَ فِي يَده، ثمَّ كَانَ فِي يَد أبي بكر، ثمَّ كَانَ فِي يَد عمر، ثمَّ كَانَ فِي يَد عُثْمَان، حَتَّى وَقع فِي بِئْر أريس، نقشه: مُحَمَّد رَسُول الله.
وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة عَن عبيد الله بِالْإِسْنَادِ:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتخذ خَاتمًا من ذهب، وَجعل فصه مِمَّا يَلِي بَاطِن كَفه، وَنقش فِيهِ: محمدٌ رَسُول الله، فَاتخذ النَّاس مثله، فَلَمَّا رَآهُمْ قد اتَّخَذُوهَا رمى بِهِ وَقَالَ: " لَا ألبسهُ أبدا " ثمَّ اتخذ خَاتمًا من فضَّة، فَاتخذ النَّاس خَوَاتِيم الْفضة. قَالَ ابْن عمر: فَلبس الْخَاتم بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر، ثمَّ عمر، ثمَّ عُثْمَان، حَتَّى وَقع من عُثْمَان فِي بِئْر أريس.(2/217)
وَأخرجه البُخَارِيّ مُخْتَصرا من حَدِيث مَالك وسُفْيَان عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يلبس خَاتمًا من ذهب، فنبذه وَقَالَ: " لَا ألبسهُ " فنبذ النَّاس خواتيمهم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، ومُوسَى بن عقبَة، وَأُسَامَة بن زيد، كلهم عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِمثل حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع فِي خَاتم الذَّهَب.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أَيُّوب بن مُوسَى عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَفِيه: اتخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا من ذهب، ثمَّ أَلْقَاهُ، ثمَّ اتخذ خَاتمًا من ورقٍ، وَنقش فِيهِ: محمدٌ رَسُول الله، وَقَالَ: " لَا ينقش أحدٌ على نقش خَاتمِي هَذَا " وَكَانَ إِذا لبسه جعل فصه مِمَّا يَلِي بطن كَفه، وَهُوَ الَّذِي سقط من معيقيب فِي بِئْر أريس.
1334 - الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه نهى أَن يُقَام الرجل من مَجْلِسه، وَيجْلس فِيهِ، وَلَكِن تَفَسَّحُوا وتوسعوا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يقيمن أحدكُم الرجل من مَجْلِسه، ثمَّ يجلس فِيهِ " قلت: فِي يَوْم الْجُمُعَة؟ قَالَ: فِي يَوْم الْجُمُعَة وَغَيرهَا.
وَفِي حَدِيث مخلد بن يزِيد عَن ابْن جريج نَحوه، وَفِيه: قلت لنافع: الْجُمُعَة؟ قَالَ: الْجُمُعَة وَغَيرهَا.(2/218)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يُقيم الرجل الرجل من مَجْلِسه، ثمَّ يجلس فِيهِ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" لَا يقيمن أحدكُم أَخَاهُ، ثمَّ يجلس فِي مَجْلِسه ". وَكَانَ ابْن عمر إِذا قَامَ لَهُ رجل عَن مَجْلِسه لم يجلس فِيهِ.
وَمن حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع. وَمن حَدِيث اللَّيْث بن سعد عَنهُ. وَمن حَدِيث الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَنهُ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
1335 - الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: لما توفّي عبد الله - يَعْنِي ابْن أبي بن سلول - جَاءَ ابْنه عبد الله بن عبد الله إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسَأَلَهُ أَن يُعْطِيهِ قَمِيصه يُكفن فِيهِ أَبَاهُ، فَأعْطَاهُ، ثمَّ سَأَلَهُ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليُصَلِّي عَلَيْهِ، فَقَامَ عمر فاخذ بِثَوْب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، تصلي عَلَيْهِ وَقد نهاك رَبك أَن تصلي عَلَيْهِ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّمَا خيرني الله، قَالَ: {اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة} [سُورَة التَّوْبَة] ، وسأزيد عَليّ السّبْعين ". قَالَ: إِنَّه منافقٌ. فصلى عَلَيْهِ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: فَأنْزل الله عز وَجل {وَلَا تصل على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره إِنَّهُم كفرُوا بِاللَّه وَرَسُوله وماتوا وهم فَاسِقُونَ} [سُورَة التَّوْبَة] .
زَاد فِي حَدِيث يحيى بن سعيد عَن عبيد الله:
فَترك الصَّلَاة عَلَيْهِم.
1336 - السَّادِس وَالتِّسْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْحمى من فيح جَهَنَّم، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ ".(2/219)
وَفِي حَدِيث ابْن نمير وَمُحَمّد بن بشر عَن عبيد الله عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" إِن شدَّة الْحمى من فيح جَهَنَّم، فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ ".
وَأَخْرَجَاهُ جَمِيعًا من حَدِيث مَالك عَن نَافِع، وَزَاد فِي رِوَايَة ابْن وهب عَن مَالك: قَالَ نَافِع: وَكَانَ عبد الله يَقُول: اكشف عَنَّا الرجز.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر عَن جده عبد الله. وَمن حَدِيث الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْحمى من فيح جَهَنَّم، فأطفئوها بِالْمَاءِ ".
1337 - السَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطع سَارِقا فِي مجن قِيمَته ثَلَاثَة دَرَاهِم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع كَذَلِك.
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا، ومسلمٌ رِوَايَة من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع كَذَلِك.
وَأَخْرَجَاهُ رِوَايَة من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث جوَيْرِية عَن نَافِع.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، وَأَيوب بن مُوسَى، وَإِسْمَاعِيل بن أُميَّة، وحَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان، وَأُسَامَة بن زيد، كلهم عَن نَافِع كَذَلِك. وَمِنْهُم من قَالَ: ثمنه.(2/220)
1338 - الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ: عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: دخلت امرأةٌ النَّار فِي هرةٍ ربطتها، فَلم تطعمها وَلم تدعها تَأْكُل من خشَاش الأَرْض ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع. وَمن حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " عذبت امرأةٌ فِي هرة سجنتها حَتَّى مَاتَت فَدخلت فِيهَا النَّار، لَا هِيَ أطعمتها وسقتها إِذْ هِيَ حبستها، وَلَا هِيَ تركتهَا تَأْكُل من خشَاش الأَرْض ".
1339 - التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر أخبرهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الَّذين يصنعون هَذِه الصُّور يُعَذبُونَ يَوْم الْقِيَامَة، يُقَال لَهُم: أحيوا مَا خلقْتُمْ ". وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن أَصْحَاب هَذِه الصُّورَة يُعَذبُونَ يَوْم الْقِيَامَة، يُقَال لَهُم: أحيوا مَا خلقْتُمْ.
1340 - الْمِائَة: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " أخبروني بشجرة تشبه - أَو كَالرّجلِ الْمُسلم - لَا يتحات وَرقهَا، وَلَا، وَلَا، وَلَا، تؤتي أكلهَا كل حِين ". قَالَ ابْن عمر: فَوَقع فِي نَفسِي أَنَّهَا النَّخْلَة، وَرَأَيْت أَبَا بكر وَعمر لَا يتكلمان، فَكرِهت أَن أَتكَلّم، فَلَمَّا لم يَقُولُوا شَيْئا، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هِيَ النَّخْلَة " فَلَمَّا قمنا قلت لعمر: يَا أبتاه، وَالله لقد وَقع فِي نَفسِي أَنَّهَا النَّخْلَة. فَقَالَ: مَا مَنعك أَن تَتَكَلَّم؟ قَالَ: لم أركم تكَلمُون، فَكرِهت أَن أَتكَلّم وَأَقُول شَيْئا. فَقَالَ عمر: لِأَن تكون قلتهَا أحب إِلَيّ من كَذَا وَكَذَا.(2/221)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِن من الشّجر شَجَرَة لَا يسْقط وَرقهَا وَإِنَّهَا مثل الْمُسلم، فحدثوني مَا هِيَ؟ " فَوَقع النَّاس فِي شجر الْبَوَادِي. قَالَ عبد الله: وَوَقع فِي نَفسِي أَنَّهَا النَّخْلَة، فَاسْتَحْيَيْت، ثمَّ قَالُوا: حَدثنَا مَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ: " هِيَ النَّخْلَة ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُجَاهِد بن جبر عَن ابْن عمر قَالَ:
بَينا نَحن عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جلوسٌ، إِذْ أُتِي بجمار نَخْلَة، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن من الشّجر لما بركته كبركة الْمُسلم " فَظَنَنْت أَنه يَعْنِي النَّخْلَة، فَأَرَدْت أَن أَقُول: هِيَ النَّخْلَة، ثمَّ الْتفت حَولي فَإِذا أَنا عَاشر عشرَة أَنا أحدثهم فَسكت، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هِيَ النَّخْلَة ".
وَفِي حَدِيث ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد قَالَ:
صَحِبت ابْن عمر إِلَى الْمَدِينَة فَمَا سمعته يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا، قَالَ:
كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأتي بجمار ... فَذكر نَحوه.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حَفْص بن عَاصِم، ومحارب بن دثار، عَن ابْن عمر قَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مثل الْمُؤمن كَمثل شَجَرَة خضراء، لَا يسْقط وَرقهَا وَلَا يتحات " فَقَالَ الْقَوْم: هِيَ شَجَرَة كَذَا، هِيَ شَجَرَة كَذَا ... فَأَرَدْت أَن أَقُول: النَّخْلَة، وَأَنا غلامٌ شابٌّ فَاسْتَحْيَيْت، فَقَالَ: " هِيَ النَّخْلَة " زَاد فِي حَدِيث حَفْص بن عَاصِم: فَحدثت بِهِ عمر فَقَالَ: لَو كنت قلتهَا لَكَانَ أحب إِلَيّ من كَذَا وَكَذَا.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر كَذَلِك، وَذكر الزِّيَادَة بِنَحْوِهِ.
وَمن حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر بِنَحْوِهِ دون الزِّيَادَة.(2/222)
1341 - الأول بعد الْمِائَة: عَن عبيد الله بن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن أمامكم حوضاً كَمَا بَين جرباء وأذرح " وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن الْمثنى: " إِن أمامكم حَوْضِي ".
زَاد عِنْد مُسلم فِي رِوَايَة ابْن نمير وَمُحَمّد بن بشر: قَالَ عبيد الله: فَسَأَلته، فَقَالَ: قريتين بِالشَّام، بَينهمَا مسيرَة ثَلَاث ليالٍ. وَقَالَ ابْن بشر: ثَلَاثَة أَيَّام.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، ومُوسَى بن عقبَة، وَعمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر، كلهم عَن نَافِع عَن ابْن عمر كَذَلِك. وَفِي حَدِيث أَيُّوب:
مَا بَين ناحيتيه كَمَا بَين جرباء وأذرح " زَاد فِي حَدِيث عمر بن مُحَمَّد: " فِيهِ أَبَارِيق كنجوم السَّمَاء، من ورده فَشرب مِنْهُ لم يظمأ بعْدهَا أبدا ".
1342 - الثَّانِي بعد الْمِائَة: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة، والواشمة والمستوشمة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث صَخْر بن جوَيْرِية عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.
1343 - الثَّالِث بعد الْمِائَة: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن عمر قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي نذرت فِي الْجَاهِلِيَّة أَن أعتكف لَيْلَة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام. قَالَ " فأوف بِنَذْرِك " وَمِنْهُم من قَالَ: يَوْمًا.
وَفِي رِوَايَة حَفْص بن غياث أَن ابْن عمر قَالَ: عَن عمر ... جعله من مُسْند عمر.(2/223)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن عمر سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بالجعرانة بعد أَن رَجَعَ من الطَّائِف، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي نذرت فِي الْجَاهِلِيَّة أَن أعتكف يَوْمًا فِي الْمَسْجِد الْحَرَام، فَكيف ترى؟ قَالَ: " اذْهَبْ فاعتكف يَوْمًا " قَالَ: وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أعطَاهُ جَارِيَة من الْخمس، فَلَمَّا أعتق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبَايَا النَّاس سمع عمر بن الْخطاب أَصْوَاتهم يَقُولُونَ: أعتقنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: أعتق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبَايَا النِّسَاء. فَقَالَ عمر: يَا عبد الله، اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْجَارِيَة فَخَل سَبِيلهَا.
وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن نَافِع قَالَ:
ذكر عِنْد ابْن عمر عمْرَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْجِعِرَّانَة فَقَالَ: لم يعْتَمر مِنْهَا، قَالَ: وَكَانَ عمر نذر اعْتِكَاف يومٍ فِي الْجَاهِلِيَّة، ثمَّ ذكر نَحوه.
فِي رِوَايَة بَعضهم الْمسند مِنْهُ فِي النّذر. وَعند البُخَارِيّ فِي بعض أسانيده إرْسَال وَتَعْلِيق، وسائرها مُسْند.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن نَافِع عَن ابْن عمر ... الحَدِيث فِي النّذر، وَقَالَ: اعْتِكَاف يَوْم.
قَالَ أَبُو مَسْعُود:
أَنا أَشك هَل هُوَ عمر، أَو امْرَأَة - يَعْنِي السَّائِل عَن النّذر.
وَقَالَ أَبُو بكر البرقاني:
قد رُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ. وَلم يبين ذَلِك مُسلم، لِأَنَّهُ أدرجه على مَا قبله، ورواياته كلهَا فِي الحَدِيث مُتَّصِلَة.
1344 - الرَّابِع بعد الْمِائَة: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَفَاضَ يَوْم النَّحْر، ثمَّ رَجَعَ فصلى الظّهْر بمنى، قَالَ نَافِع: وَكَانَ ابْن عمر يفِيض يَوْم النَّحْر، ثمَّ يرجع فَيصَلي الظّهْر بمنى، وَيذكر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعله.
أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا، وَمُسلم بِالْإِسْنَادِ.(2/224)
وَقد رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن أبي نعيم عَن سُفْيَان عَن عبيد الله مَوْقُوفا.
1345 - الْخَامِس بعد الْمِائَة: عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الْمُتَبَايعين بِالْخِيَارِ فِي بيعهمَا مَا لم يَتَفَرَّقَا، أَو يكون البيع خياراً " قَالَ نَافِع: وَكَانَ ابْن عمر إِذا اشْترى شَيْئا يُعجبهُ فَارق صَاحبه.
وَأخرجه من حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا، أَو يَقُول أَحدهمَا لصَاحبه اختر " وَرُبمَا قَالَ: " أَو يكون بيع خِيَار ".
وَفِي حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله قَالَ: " الْمُتَبَايعَانِ كل واحدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ على صَاحبه مَا لم يَتَفَرَّقَا، إِلَّا بيع الْخِيَار ".
وَمن حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع كَذَلِك، وَفِيه:
إِذا تبَايع الرّجلَانِ فَكل واحدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيعًا، أَو يُخَيّر أَحدهمَا الآخر، فَإِن خير أَحدهمَا الآخر فتبايعا على ذَلِك فقد وَجب البيع، وَإِن تفَرقا بعد أَن تبَايعا وَلم يتْرك واحدٌ مِنْهُمَا البيع فقد وَجب البيع ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر، للْبُخَارِيّ من رِوَايَة سُفْيَان الثَّوْريّ عَن ابْن دِينَار، وَلمُسلم من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن أبي كثير عَنهُ عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كل بيعين لَا بيع بَينهمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا إِلَّا بيع الْخِيَار ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ اللَّيْث:
حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن خَالِد عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن ابْن عمر قَالَ: بِعْت من أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان مَالا بالوادي بمالٍ لَهُ بِخَيْبَر،(2/225)
فَلَمَّا تبايعنا رجعت على عَقبي حَتَّى خرجت من بَيته خشيَة أَن يرادني البيع، وَكَانَت السّنة أَن البيعين بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَلَمَّا وَجب بيعي وَبيعه رَأَيْت أَنِّي قد غبنته، بِأَنِّي سقته إِلَى أَرض ثَمُود بِثَلَاث ليالٍ وساقني إِلَى الْمَدِينَة بِثَلَاث لَيَال.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع بِنَحْوِ حَدِيث مَالك بن أنس.
وَمن حَدِيث عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا تبَايع الْمُتَبَايعَانِ بِالْبيعِ، فَكل واحدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ من بَيْعه مَا لم يَتَفَرَّقَا، أَو يكون بيعهمَا عَن خيارٍ، فقد وَجب "، زَاد ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان عَن ابْن جريج: قَالَ نَافِع: فَكَانَ ابْن عمر إِذا بَايع رجلا، فَأَرَادَ أَن يقبله قَامَ فَمشى هنيهةً، ثمَّ رَجَعَ.
وَمن حَدِيث الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن نَافِع بِنَحْوِ حَدِيث مَالك عَن نَافِع.
1346 - السَّادِس بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى بصاقاً فِي جِدَار الْقبْلَة، فحكه، ثمَّ أقبل على النَّاس فَقَالَ: " إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي فَلَا يبصق قبل وَجهه، فَإِن الله قبل وَجهه إِذا صلى ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع، وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع، وَمن حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع تَعْلِيقا للْبُخَارِيّ، وَرِوَايَة لمُسلم.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث جوَيْرِية عَن نَافِع عَن عبد الله قَالَ:
بَينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي، رأى فِي قبْلَة الْمَسْجِد نخامة، فحكها بِيَدِهِ وتغيظ، ثمَّ قَالَ: " إِن أحدكُم إِذا كَانَ فِي الصَّلَاة فَإِن الله عز وَجل حِيَال وَجهه، فَلَا يتنخمن حِيَال وَجهه فِي الصَّلَاة ".(2/226)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع، وَمن حَدِيث الضَّحَّاك ابْن عُثْمَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر، بِمَعْنى حَدِيث مَالك عَن نَافِع.
1347 - السَّابِع بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " صَلَاة الْجَمَاعَة أفضل من صَلَاة الْفَذ بسبعٍ وَعشْرين دَرَجَة ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث ابْن الْمسيب وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
تفضل صَلَاة الْجَمِيع صَلَاة أحدكُم وَحده بخمسٍ وَعشْرين جُزْءا. " ثمَّ قَالَ: وَقَالَ شُعَيْب: وحَدثني نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: تفضلها بسبعٍ وَعشْرين دَرَجَة. مَوْقُوف.
وَأخرجه مُسلم عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل حَدِيث مَالك عَن نَافِع. وَمن حَدِيث الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر مُسْندًا، وَقَالَ: " ببضعٍ وَعشْرين " وَكَذَا فِي رِوَايَة ابْن نمير عَن عبيد الله.
1348 - الثَّامِن بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الَّذِي تفوته صَلَاة الْعَصْر كَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن شهَاب عَن سَالم عَن ابْن عمر بِمَعْنى حَدِيث مَالك عَن نَافِع.
1349 - التَّاسِع بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن أحدكُم إِذا مَاتَ عرض عَلَيْهِ مَقْعَده بِالْغَدَاةِ والعشي، إِن كَانَ من أهل الْجنَّة فَمن أهل الْجنَّة، وَإِن كَانَ من أهل النَّار فَمن أهل النَّار. فَيُقَال: هَذَا مَقْعَدك حَتَّى يَبْعَثك الله يَوْم الْقِيَامَة ".(2/227)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ. وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
1350 - الْعَاشِر بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر وَذكر الصَّدَقَة وَالتَّعَفُّف عَن الْمَسْأَلَة: " الْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى، وَالْيَد الْعليا هِيَ المنفقة، والسفلى هِيَ السائلة ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
1351 - الْحَادِي عشر بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اناخ بالبطحاء الَّتِي بِذِي الحليفة فصلى بهَا. وَكَانَ ابْن عمر يفعل ذَلِك.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن عبد الله كَانَ إِذا صدر من الْحَج وَالْعمْرَة أَنَاخَ بالبطحاء الَّتِي بِذِي الحليفة، الَّتِي كَانَ ينيخ بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
ذكره أَبُو مَسْعُود فِي أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَهُوَ عِنْده فِي آخر الحَدِيث الَّذِي أَوله:
كَانَ يبيت بِذِي طوى بَين الثنيتين ".
وَأخرج مُسلم هَذَا الْفَصْل فِي أَوَاخِر كتاب " الْحَج ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع.(2/228)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث. عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا خرج إِلَى مَكَّة صلى فِي مَسْجِد الشَّجَرَة، وَإِذا رَجَعَ صلى بِذِي الحليفة بِبَطن الْوَادي، وَبَات بهَا. أغفله أَبُو مَسْعُود، فَلم يذكرهُ أَبُو مَسْعُود فِيمَا عندنَا من نُسْخَة كِتَابه، وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ فِي " الْحَج " فِي بَاب " الْقدوم بِالْغَدَاةِ ".
1352 - الثَّانِي عشر بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " اللَّهُمَّ ارْحَمْ المحلقين " قَالُوا: والمقصرين يَا رَسُول الله. قَالَ: " اللَّهُمَّ ارْحَمْ المحلقين " قَالُوا: والمقصرين يَا رَسُول الله. قَالَ: " والمقصرين ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ اللَّيْث عَن نَافِع:
" رحم الله المحلقين " مرّة أَو مرَّتَيْنِ. وَقَالَ عبيد الله: حَدثنِي نَافِع: قَالَ فِي الرَّابِعَة: " والمقصرين ".
وَأخرجه مُسلم بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن عبيد الله بن عمر.
وَفِيه: قَالَهَا ثَلَاثًا، فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَة قَالَ: " والمقصرين ". قَالَ فِيهِ البُخَارِيّ: وَقَالَ: عبيد الله ...
وَأخرج مُسلم بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع:
أَن عبد الله قَالَ: حلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحلق طائفةٌ من أَصْحَابه، وَقصر بَعضهم، قَالَ عبد الله: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " رحم الله المحلقين " مرّة أَو مرَّتَيْنِ. ثمَّ قَالَ: " والمقصرين ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء بن عبيد بن مِخْرَاق عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
حلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وطائفةٌ من أَصْحَابه وَقصر بَعضهم. لم يزدْ.(2/229)
وَمن حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة قَالَ: قَالَ نَافِع:
كَانَ ابْن عمر يَقُول: حلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّته. لم يزدْ.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلق فِي حجَّة الْوَدَاع. قَالَ ابْن جريج فِي رِوَايَته عَن مُوسَى: واناسٌ من أَصْحَابه: وَقصر بَعضهم.
قَالَ أَبُو مَسْعُود:
زَاد ابْن جريج: وَزَعَمُوا أَن الَّذِي حلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معمر ابْن عبد الله بن عَوْف بن نَضْلَة.
1353 - الثَّالِث عشر بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قفل من غزوٍ أَو حج أَو عمرةٍ يكبر على كل شرفٍ من الأَرْض ثَلَاث تَكْبِيرَات ثمَّ يَقُول: " لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شيءٍ قدير. آيبون، تائبون،، عَابِدُونَ، ساجدون، لربنا حامدون.
صدق الله وعده، وَنصر عَبده، وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم وَنَافِع عَن ابْن عمر.
وَمن حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن سَالم عَن ابْن عمر بِنَحْوِهِ. وَمن حَدِيث جوَيْرِية عَنهُ.
وَأخرجه مسلمٌ من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قفل من الجيوش أَو السَّرَايَا أَو الْحَج أَو الْعمرَة إِذا أَتَى على ثنيةٍ أَو فدفدٍ كبر ثَلَاثًا.(2/230)
وَمن حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ وَالضَّحَّاك بن عُثْمَان الحرامي عَن نَافِع، إِلَّا أَن فِي حَدِيث أَيُّوب التَّكْبِير مرَّتَيْنِ.
1354 - الرَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا كَانُوا ثَلَاثَة فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَان دون الثَّالِث " وَعند مُسلم: " دون وَاحِد ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع. وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع.
وَمن حَدِيث أَيُّوب بن مُوسَى عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
1355 - الْخَامِس عشر بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " خمسٌ من الدَّوَابّ، لَيْسَ على الْمحرم فِي قتلهن جناحٌ: الْغُرَاب، والحدأة، وَالْعَقْرَب، والفأرة، وَالْكَلب الْعَقُور ".
وَقد أَخْرجَاهُ جَمِيعًا من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن حَفْصَة مُسْندًا.
وَهُوَ عِنْد مُسلم من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث زيد بن جُبَير عَن ابْن عمر قَالَ:
حَدَّثتنِي إِحْدَى نسْوَة النَّبِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي رِوَايَة مُسلم فِي حَدِيث حَفْصَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
خمسٌ من الدَّوَابّ كلهَا فاسقٌ لَا حرج على من قتلهن ... " وَذكره.(2/231)
وَفِي حَدِيث ابْن عُيَيْنَة:
خمسٌ لَا جنَاح على من قتلهن فِي الْحرم وَالْإِحْرَام.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع، وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن أبي كثير عَن عبد الله بن دِينَار بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج عَن نَافِع، وَقَالَ:
" لَا جنَاح على من قتلهن ". وَمن حَدِيث اللَّيْث بن سعد عَن نَافِع. وَمن حَدِيث جرير بن حَازِم عَن نَافِع.
زَاد أَبُو مَسْعُود: قَالَ جرير:
قلت لنافع: فالحية؟ قَالَ: تِلْكَ لَا يخْتَلف فِيهَا.
وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع، وَزَاد أَبُو مَسْعُود أَيْضا فِي حَدِيث أَيُّوب قَول نَافِع فِي الْحَيَّة.
وَمن حَدِيث يحيى بن سعيد عَن نَافِع، وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن نَافِع، وَعبيد الله بن عبد الله. وَلم يذكر يحيى وَلَا ابْن إِسْحَاق قَول نَافِع فِي الْحَيَّة.
1356 - السَّادِس عشر بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْوِصَال قَالُوا: إِنَّك تواصل. قَالَ: " إِنِّي لست كهيئتكم، إِنِّي أطْعم وأسقى " وَفِي رِوَايَة عبد الله عَن يُوسُف: " لست مثلكُمْ ".(2/232)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاصل، فواصل النَّاس، فشق عَلَيْهِم، فناهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يواصلوا، قَالُوا: إِنَّك تواصل. قَالَ: " لست كهيئتكم، إِنِّي أظل أطْعم وأسقى ".
1357 - السَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من حمل علينا السِّلَاح فَلَيْسَ منا ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث جوَيْرِية عَن نَافِع عَن ابْن عمر. وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بِنَحْوِهِ. وَقد رَوَاهُ أَبُو مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1358 - الثَّامِن عشر بعد الْمِائَة: عَن نَافِع عَن مَالك عَن ابْن عمر قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النجش.
1359 - التَّاسِع عشر بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يبع أحدكُم على بيع بعض ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَبِيع الرجل على بيع أَخِيه، أَو يخْطب. كَذَا قَالَ أَبُو مَسْعُود فِي كِتَابه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يبع الرجل على بيع أَخِيه، وَلَا يخْطب على خطْبَة أَخِيه إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ ".(2/233)
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أَيُّوب وَاللَّيْث عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يبع بَعْضكُم على بيع بعض، وَلَا يخْطب بَعْضكُم على خطْبَة بعضٍ " لم يزدْ. كَذَا فِي حَدِيث اللَّيْث. وَفِي حَدِيث أَيُّوب بِمَعْنَاهُ. وَزَاد: " إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ ".
1360 - الْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن تتلقى السّلع حَتَّى يبلغ بهَا الْأَسْوَاق، قَالَ فِيهِ عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك: " لَا يبع بَعْضكُم على بيع بعض، وَلَا تلقوا السّلع حَتَّى يهْبط بهَا إِلَى السُّوق ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر نَحوه فِي التلقي.
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد وَابْن أبي زَائِدَة عَن عبيد الله:
نهى عَن التلقي.
وَقد تقدم للْبُخَارِيّ من حَدِيث جوَيْرِية عَن نَافِع عَن عبد الله، قَالَ: " كُنَّا نتلقى الركْبَان فنشتري مِنْهُم الطَّعَام، فَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نبيعه حَتَّى نبلغ بِهِ السُّوق ".
1361 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْمُزَابَنَة. والمزابنة: بيع الثَّمر بِالتَّمْرِ كَيْلا، وَبيع الْكَرم بالزبيب كَيْلا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث اللَّيْث بن سعد عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمُزَابَنَة: أَن يَبِيع الرجل ثَمَر حَائِطه إِن كَانَ نخلا بتمرٍ كَيْلا، وَإِن كَانَ كرماً أَن يَبِيعهُ بزبيب كَيْلا، وَإِن كَانَ زرعا أَن يَبِيعهُ بكيل طعامٍ، نهى عَن ذَلِك كُله(2/234)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع بِنَحْوِ حَدِيث مَالك عَن نَافِع، وَزَاد فِيهِ: وَبيع الزَّرْع بِالْحِنْطَةِ كَيْلا.
وَفِي حَدِيث أبي أُسَامَة عَن عبيد الله نَحوه، وَزَاد:
عَن كل ثمرٍ بخرصه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْمُزَابَنَة. قَالَ: والمزابنة أَن يُبَاع مَا فِي رُؤُوس النّخل بتمرٍ مُسَمّى، إِن زَاد فلي، وَإِن نقص فعلي.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي عَن نَافِع:
وَمن حَدِيث مُوسَى ابْن عقبَة عَن نَافِع، وَمن حَدِيث يُونُس بن يزِيد، وَالضَّحَّاك بن عُثْمَان بِنَحْوِ حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع.
1362 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يحلبن أحدٌ مَاشِيَة أحدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أحدكُم أَن تُؤْتى مشْربَته. فَينْتَقل طَعَامه، وَإِنَّمَا تخزن لَهُم ضروع مَوَاشِيهمْ أطعمتهم، فَلَا يحلبن أحدٌ مَاشِيَة أحدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر مُسْندًا. وَمن حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع. وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع. وَمن حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر كَذَلِك، وَكلهمْ قَالَ: " فينتثل طَعَامه "، إِلَّا اللَّيْث فَإِنَّهُ قَالَ: " فَينْتَقل " مثل حَدِيث مَالك.(2/235)
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن نَافِع عَن ابْن عمر مُسْندًا بِنَحْوِهِ.
1363 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُسَافر بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو. زَاد أَبُو مَسْعُود: قَالَ مَالك: أرى ذَلِك مَخَافَة أَن يَنَالهُ الْعَدو.
قَالَ البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب:
وَكَذَلِكَ يرْوى عَن مُحَمَّد بن بشر عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر. وَتَابعه مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ أَبُو بكر البرقاني فِي حَدِيث مُحَمَّد بن بشر:
إِنَّه كره أَن يُسَافر بِالْقُرْآنِ. قَالَ البرقاني: وَلم يقل كره إِلَّا مُحَمَّد بن بشر. وَقد رَوَاهُ جمَاعَة عَن عبيد الله، فاتفقوا على لَفْظَة النَّهْي.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِنَحْوِ حَدِيث مَالك، وَقَالَ: نَخَاف أَن يَنَالهُ الْعَدو.
وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تسافروا بِالْقُرْآنِ فَإِنِّي لَا آمن أَن يَنَالهُ الْعَدو ". وَفِي رِوَايَة ابْن علية والثقفي عَن أَيُّوب: " فَإِنِّي أَخَاف أَن يَنَالهُ الْعَدو ". قَالَ أَيُّوب: فقد ناله الْعَدو، وخاصموكم بِهِ.
وَمن حَدِيث الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن نَافِع، وَفِيه:
مَخَافَة أَن يَنَالهُ الْعَدو.(2/236)
1364 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بقتل الْكلاب.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل الْكلاب، فَأرْسل فِي أقطار الْمَدِينَة أَن تقتل. زَاد أَبُو مَسْعُود: وَقَالَ: " من اقتنى كَلْبا نقص من أجره كل يَوْم قيراطان " وَلم أجد هَذِه الزِّيَادَة لمُسلم من حَدِيث عبيد الله.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
كَانَ رَسُول الله يَأْمر بقتل الْكلاب، فننبعث فِي الْمَدِينَة وأطرافها، فَلَا نَدع كَلْبا إِلَّا قَتَلْنَاهُ، حَتَّى إِنَّا لنقتل كلب المرية من أهل الْبَادِيَة يتبعهَا.
وَمن حَدِيث حَمَّاد بن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بقتل الْكلاب إِلَّا كلب صيد أَو كلب غنمٍ أَو ماشيةٍ: فَقيل لِابْنِ عمر: إِن أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: أَو كلب زرعٍ. فَقَالَ ابْن عمر: إِن لأبي هُرَيْرَة زرعا.
1365 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ أَرَادَت أَن تشتري جَارِيَة فتعتقها، فَقَالَ أَهلهَا: نبيعكها على أَن ولاءها لنا، فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " لَا يمنعك ذَلِك، فَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق " ذكره أَبُو مَسْعُود فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي كتاب مُسلم عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن عَائِشَة، وَهَذَا مُخْتَلف فِيهِ لَا مُتَّفق عَلَيْهِ، وَلَعَلَّه قد وجد فِي نُسْخَة: أَن عَائِشَة - بدل: عَن عَائِشَة. وَالله أعلم.(2/237)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث همام بن يحيى بن دِينَار الْأَزْدِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن عَائِشَة ساومت بَرِيرَة، فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الصَّلَاة، فَلَمَّا جَاءَ قَالَت: إِنَّهُم أَبَوا أَن يبيعوها إِلَّا أَن يشترطوا الْوَلَاء. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْوَلَاء لمن أعتق " قلت لنافع: حرا كَانَ زَوجهَا أَو عبدا؟ قَالَ: مَا يدريني.
وَلَيْسَ لهمام بن يحيى فِي الصَّحِيح عَن نَافِع عَن ابْن عمر غير هَذَا الحَدِيث.
1366 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: إِن الْيَهُود جَاءُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا لَهُ أَن امْرَأَة مِنْهُم ورجلاً زَنَيَا، فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة فِي شَأْن الرَّجْم؟ " فَقَالُوا: نفضحهم، ويجلدون. فَقَالَ عبد الله بن سَلام: كَذبْتُمْ، إِن فِيهَا الرَّجْم. فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ، فنشروها، فَوضع أحدهم يَده على آيَة الرَّجْم، فَقَرَأَ مَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا. وفقال عبد الله بن سَلام: ارْفَعْ يدك، فَرفع يَده فَإِذا فِيهَا آيَة الرَّجْم. فَقَالُوا: صدق يَا مُحَمَّد، فِيهَا آيَة الرَّجْم، فَأمر بهما النَّبِي فَرُجِمَا. قَالَ: فَرَأَيْت الرجل يحني على الْمَرْأَة يَقِيهَا الْحِجَارَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
أُتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم برجلٍ وَامْرَأَة من الْيَهُود، وَقد زَنَيَا، فَقَالَ للْيَهُود: " مَا تَصْنَعُونَ بهما؟ " قَالُوا: نسخم وُجُوههمَا ونخزيهما. قَالَ: " فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فاتلوها إِن كُنْتُم صَادِقين ". فَجَاءُوا بهَا، فَقَالُوا لرجلٍ مِمَّن يرضون، أَعور: اقْرَأ، فَقَرَأَ. حَتَّى انْتهى إِلَى مَوضِع مِنْهَا، فَوضع يَده عَلَيْهِ، قَالَ: " ارْفَعْ يدك " فَرفع فَإِذا آيَة الرَّجْم تلوح، فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِن فِيهَا آيَة الرَّجْم، وَلَكنَّا نتكاتمه بَيْننَا، فَأمر بهما فَرُجِمَا. فرأيته يجانئ.(2/238)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن الْيَهُود جَاءُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم برجلٍ وامرأةٍ زَنَيَا، فَرُجِمَا قَرِيبا من مَوضِع الْجَنَائِز قرب الْمَسْجِد. كَذَا فِي البُخَارِيّ. وَقَالَ مُسلم: نَحْو حَدِيث عبيد الله بن عمر.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ:
أُتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّة قد أحدثا جَمِيعًا، فَقَالَ لَهُم: " مَا تَجِدُونَ فِي كتابكُمْ؟ " قَالُوا: إِن أحبارنا أَحْدَثُوا تحميم الْوَجْه وَالتَّجْبِيَة. قَالَ عبد الله بن سَلام: ادعهم يَا رَسُول الله بِالتَّوْرَاةِ، فَأتي بهَا، فَوضع أحدهم يَده على آيَة الرَّجْم، وَجعل يقْرَأ مَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا. فَقَالَ لَهُ ابْن سَلام: ارْفَعْ يدك، فَإِذا آيَة الرَّجْم تَحت يَده، فَأمر بهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرُجِمَا. قَالَ ابْن عمر: فَرُجِمَا عِنْد البلاط، فَرَأَيْت الْيَهُودِيّ أجنأ عَلَيْهَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّة قد زَنَيَا، فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى جَاءَ يهود، فَقَالَ: " مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة على من زنى؟ " قَالُوا: نسود وُجُوههمَا ونحممها، وَنُخَالِف بَين وُجُوههمَا، وَيُطَاف بهما، قَالَ: " فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ إِن كُنْتُم صَادِقين " فَجَاءُوا بهَا، فقرءوها حَتَّى إِذا مروا بِآيَة الرَّجْم وضع الْفَتى الَّذِي يقْرَأ يَده على آيَة الرَّجْم، وَقَرَأَ مَا بَين يَديهَا وَمَا وَرَاءَهَا. فَقَالَ عبد الله بن سَلام وَهُوَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مره فَليرْفَعْ يَده. فَرَفعهَا، فَإِذا تحتهَا آيَة الرَّجْم. فَأمر بهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرجمهما. قَالَ عبد الله بن عمر: كنت فِيمَن رجمهما، فَلَقَد رَأَيْته يَقِيهَا من الْحِجَارَة بِنَفسِهِ.(2/239)
1367 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يقوم النَّاس لرب الْعَالمين، حَتَّى يغيب أحدهم فِي رشحه إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبد الله بن عون عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع. وَمن حَدِيث مُوسَى بن عقبَة وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ، وَصَالح بن كيسَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
1368 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِنَّمَا مثل صَاحب الْقُرْآن كَمثل صَاحب الْإِبِل المعقلة، إِن عَاهَدَ عَلَيْهَا أمْسكهَا، وَإِن أطلقها ذهبت ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله، وَأَيوب، ومُوسَى بن عقبَة، كلهم عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِمَعْنى حَدِيث مَالك، وَزَاد فِي حَدِيث مُوسَى بن عقبَة: " فَإِذا قَامَ صَاحب الْقُرْآن فقرأه بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار ذكره، وَإِذا لم يقم بِهِ نَسيَه. ".
1369 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا دعِي أحدكُم إِلَى الْوَلِيمَة فليأتها ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/240)
قَالَ:
أجِيبُوا هَذِه الدعْوَة إِذا دعيتم لَهَا " قَالَ: وَكَانَ عبد الله يَأْتِي الدعْوَة فِي الْعرس وَغير الْعرس، ويأتيها وَهُوَ صَائِم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
إِذا دعِي أحدكُم إِلَى وَلِيمَة عرس فليجب ".
وَفِي حَدِيث خَالِد بن الْحَارِث عَن عبيد الله:
إِذا دعِي أحدكُم إِلَى وليمةٍ فليجب. قَالَ خَالِد: فَإِذا عبيد الله ينزله على الْعرس. كَذَا فِي كتاب مُسلم.
وَحكى أَبُو مَسْعُود أَن ابْن عمر كَانَ يَضَعهُ على الْعرس.
وَأخرجه مُسلم. أَيْضا من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" ائْتُوا الدعْوَة إِذا دعيتم " وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن نَافِع مثله.
وَمن حَدِيث سُلَيْمَان بن مُوسَى الدِّمَشْقِي عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
إِذا دعِي أحدكُم فليجب. قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَمَا أَظن مُسلم بن الْحجَّاج أخرج لِسُلَيْمَان غير هَذَا الحَدِيث.
وَفِي حَدِيث معمر عَن أَيُّوب عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ يَقُول عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" إِذا دَعَا أحدكُم أَخَاهُ، فليجب، عرساً كَانَ أَو نَحوه ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ عَن نَافِع كَذَلِك، وَقَالَ فِيهِ: " من دعِي إِلَى عرسٍ أَو نَحوه فليجب ".(2/241)
وَمن حَدِيث عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا دعيتم إِلَى كراعٍ فأجيبوا ".
1370 - الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا ثمَّ لم يتب مِنْهَا حرمهَا فِي الْآخِرَة " زَاد فِي رِوَايَة القعْنبِي عَنهُ: " فَلم يسقها ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَقَالَ فِيهِ:
" من شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا لم يشْربهَا فِي الْآخِرَة، إِلَّا أَن يَتُوب ".
وَمن حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر مثله.
وَمن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَزَاد متْنا آخر فَقَالَ:
كل مُسكر خمرٌ، وكل مسكرٍ حرامٌ، وَمن شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا وَمَات وَهُوَ يدمنها لم يشْربهَا فِي الْآخِرَة ".
وَقد أخرج مُسلم هَذَا الْمَتْن الزَّائِد من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كل مسكرٍ خمرٌ، وكل خمرٍ حرامٌ ".
وَمن حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
" كل مسكرٍ خمرٌ، وكل خمرٍ حرَام ". قَالَ: وَلَا أعلمهُ إِلَّا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1371 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع، وَعبد الله بن دِينَار، وَزيد بن أسلم عَن ابْن عمر:
ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا ينظر الله إِلَى من جر ثَوْبه خُيَلَاء ".(2/242)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع، وَمن حَدِيث أَيُّوب وَاللَّيْث بن سعد وَأُسَامَة بن زيد، كلهم عَن نَافِع عَن ابْن عمر، بِمثل حَدِيث مَالك، وَزَادُوا فِيهِ: " يَوْم الْقِيَامَة ".
وَمن حَدِيث عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه، وَسَالم وَنَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الَّذِي يجر ثِيَابه من الْخُيَلَاء لَا ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة ".
وَمن حَدِيث حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث محَارب بن دثار وجبلة بن سحيم عَن ابْن عمر بِنَحْوِهِ.
وَحَدِيث محَارب عِنْد البُخَارِيّ عَن شُعْبَة قَالَ:
لقِيت محَارب بن دثار على فرسٍ وَهُوَ يَأْتِي مَكَانَهُ الَّذِي يقْضِي فِيهِ، فَسَأَلته عَن هَذَا الحَدِيث، فَحَدثني، قَالَ: سَمِعت ابْن عمر يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من جر ثَوْبه مخيلةً لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة " قلت لمحارب: أذكر إزَاره؟ قَالَ: مَا خص إزاراً وَلَا غَيره. ثمَّ قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه جبلة، وَزيد بن أسلم، وَزيد بن عبد الله بن عمر عَن ابْن عمر.
قَالَ: وَقَالَ اللَّيْث عَن نَافِع مثله، وَتَابعه مُوسَى بن عقبَة، وَعمر بن مُحَمَّد، وَقُدَامَة بن مُوسَى عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: " من جر ثَوْبه. . ".
وَقد أخرج البُخَارِيّ بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من جر ثَوْبه خُيَلَاء لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة " فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله، أحد شقي إزَارِي يسترخي إِلَّا أَن أتعاهد ذَلِك مِنْهُ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لست مِمَّن يصنعه خُيَلَاء ".(2/243)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُسلم بن يناق عَن ابْن عمر:
أَن رأى رجلا يجر إزَاره، فَقَالَ: مِمَّن أَنْت؟ فانتسب لَهُ، فَإِذا رجلٌ من بني لَيْث، فَعرفهُ ابْن عمر، فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأذني هَاتين يَقُول: " من جر إزَاره لَا يُرِيد بذلك إِلَّا المخيلة، فَإِن الله لَا ينظر إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة ".
وَلَيْسَ لمُسلم بن يناق فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَأخرج مسلمٌ نَحْو ذَلِك من حَدِيث مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عباد المَخْزُومِي عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا ينظر الله إِلَى من جر ثَوْبه خُيَلَاء ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" بَيْنَمَا رجلٌ يجر إزَاره من الْخُيَلَاء خسف بِهِ، فَهُوَ يتجلجل فِي الأَرْض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
وَفِي رِوَايَة قدامَة بن مُوسَى عَن سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من جر ثَوْبه خُيَلَاء لم ينظر الله إِلَيْهِ ".
وَلَيْسَ لقدامة عَن سَالم عَن ابْن عمر فِي الصَّحِيح غير هَذَا. أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا.
1372 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن يهود بني النَّضِير وَقُرَيْظَة حَاربُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأجلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني النَّضِير، وَأقر بني قُرَيْظَة وَمن عَلَيْهِم، حَتَّى حَارَبت قُرَيْظَة بعد ذَلِك، فَقتل رِجَالهمْ، وَقسم نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادهمْ وَأَمْوَالهمْ بَين الْمُسلمين إِلَّا بَعضهم لَحِقُوا برَسُول(2/244)
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فآمنهم وَأَسْلمُوا. وَأجلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهود الْمَدِينَة كلهم: بني قينقاع، وَهُوَ قوم عبد الله بن سَلام، ويهود بني حَارِثَة، وكل يَهُودِيّ كَانَ بِالْمَدِينَةِ.
زَاد أَبُو مَسْعُود:
وَكَانَ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَمن سواهُم من الْكفَّار لَا يقرونَ فِيهَا ثَلَاثَة أَيَّام على عهد عمر. وَلم أَجِدهُ فِي الْكِتَابَيْنِ.
1373 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطع نخل بني النَّضِير، وَحرق. زَاد ابْن الْمُبَارك عَن مُوسَى: وَلها يَقُول حسان:
(وَهَان على سراة بني لؤيٍّ ... حريقٌ بالبويرة مستطير) .
وَفِي ذَلِك نزلت: {مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا} [سُورَة الْحَشْر] .
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرق نخل بني النَّضِير، وَقطع، وَهِي البويرة، قَالَ: فَأنْزل الله عز وَجل: {مَا قطعْتُمْ من لينَة} ، وَذكر الْآيَة.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
حرق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نخل بني النَّضِير.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث جوَيْرِية عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَنه حرق نخل بني النَّضِير وَقطع، وَهِي البويرة، وَلها يَقُول حسان بن ثَابت:
(وَهَان على سراة بني لؤيٍّ ... حريقٌ بالبويرة مستطير)(2/245)
وَزَاد حبَان فِي رِوَايَته عَن جوَيْرِية قَالَ: فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب:
(أدام الله ذَلِك من صنيعٍ ... وَحرق فِي نَوَاحِيهَا السعير)
(ستعلم أَيّنَا فِيهَا بنزهٍ ... وَتعلم أَي أرضينا تضير)
1374 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينزل بِذِي الحليفة حِين يعْتَمر، وَفِي حجَّته حِين يحجّ، تَحت سمرةٍ فِي مَوضِع الْمَسْجِد الَّذِي بِذِي الحليفة. وَكَانَ إِذا رَجَعَ من غزوٍ وَكَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيق، أَو حج أَو عمرةٍ، هَبَط بطن وادٍ، فَإِذا ظهر من بطن وادٍ أَنَاخَ بالبطحاء الَّتِي على شَفير الْوَادي الشرقية، فعرس ثمَّ حَتَّى يصبح، لَيْسَ عِنْد الْمَسْجِد الَّذِي بحجارةٍ، وَلَا على الأكمة الَّتِي عَلَيْهَا الْمَسْجِد، كَانَ ثمَّ خليج يُصَلِّي عبد الله عِنْده، فِي بطن كثب كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يُصَلِّي، فدحا السَّيْل فِيهِ بالبطحاء حَتَّى دفن ذَلِك الْمَكَان الَّذِي كَانَ عبد الله يُصَلِّي فِيهِ.
وَأَن عبد الله بن عمر حَدثهُ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى حَيْثُ الْمَسْجِد الصَّغِير الَّذِي دون الْمَسْجِد الَّذِي بشرف الروحاء. وَقد كَانَ عبد الله يعلم الْمَكَان الَّذِي صلى فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ينزل ثمَّ عَن يَمِينك حِين تقوم فِي الْمَسْجِد وَتصلي، وَذَلِكَ الْمَسْجِد على حافة الطَّرِيق الْيُمْنَى وَأَنت ذاهبٌ إِلَى مَكَّة، بَينه وَبَين الْمَسْجِد الْأَكْبَر رميةٌ بِحجر أَو نَحْو ذَلِك.
وَأَن ابْن عمر كَانَ يُصَلِّي إِلَى الْعرق الَّذِي عِنْد منصرف الروحاء، وَذَلِكَ الْعرق انْتِهَاء طرفه على حافة الطَّرِيق دون الْمَسْجِد الَّذِي بَينه وَبَين المنصرف وَأَنت ذَاهِب إِلَى مَكَّة. وَقد ابتني ثمَّ مَسْجِد، فَلم يكن عبد الله يُصَلِّي فِي ذَلِك الْمَسْجِد، كَانَ يتْركهُ عَن يسَاره ووراءه وَيُصلي أَمَامه إِلَى الْعرق نَفسه، وَكَانَ عبد الله يروح من الروحاء فَلَا يُصَلِّي الظّهْر حَتَّى يَأْتِي ذَلِك الْمَكَان فَيصَلي فِيهِ الظّهْر، وَإِذا أقبل من مَكَّة، فَإِن مر بِهِ قبل الصُّبْح بساعةٍ أَو من آخر السحر، عرس حَتَّى يُصَلِّي بهَا الصُّبْح.(2/246)
وَأَن عبد الله حَدثهُ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينزل تَحت سرحة ضخمةٍ دون الرُّوَيْثَة عَن يَمِين الطَّرِيق، ووجاه الطَّرِيق فِي مَكَان بطح، حِين يُفْضِي فِي أكمة دوين بريد الرُّوَيْثَة بميلين، وَقد انْكَسَرَ أَعْلَاهَا فانثنى فِي جوفها، وَهِي قائمةٌ على سَاق، وَفِي سَاقهَا كثب كَثِيرَة.
وَأَن عبد الله بن عمر حَدثهُ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي طرف تلعةٍ تمْضِي وَرَاء العرج، وَأَنت ذاهبٌ إِلَى هضبة عِنْد ذَلِك الْمَسْجِد قبران أَو ثَلَاثَة، على الْقُبُور رضم من حِجَارَة عَن يَمِين الطَّرِيق عِنْد سلمات الطَّرِيق، بَين أُولَئِكَ السلمات كَانَ عبد الله يروح من العرج بعد أَن تميل الشَّمْس بالهاجرة، فَيصَلي الظّهْر فِي ذَلِك الْمَسْجِد.
وَأَن عبد الله بن عمر حَدثهُ:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزل عِنْد سرحاتٍ عَن يسَار الطَّرِيق فِي مسيل دون هرشى، ذَلِك المسيل لاصق بكراع هرشى، بَينه وَبَين الطَّرِيق قريب من غلوة، وَكَانَ عبد الله يُصَلِّي إِلَى سرحةٍ هِيَ أقرب السرحات إِلَى الطَّرِيق، وَهِي أَطْوَلهنَّ.
وَإِن عبد الله بن عمر حَدثهُ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينزل المسيل الَّذِي فِي أدنى مر الظهْرَان قبل الْمَدِينَة حِين ينزل من الصفراوات، ينزل فِي بطن ذَلِك المسيل عَن يسَار الطَّرِيق وَأَنت ذاهبٌ إِلَى مَكَّة، لَيْسَ بَين منزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين الطَّرِيق إِلَّا رميةٌ بِحجر.
وَأَن عبد الله حَدثهُ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينزل بِذِي طوى، ويبيت حَتَّى يصبح، يُصَلِّي الصُّبْح حِين يقدم مَكَّة، ومصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أكمةٍ غَلِيظَة، لَيْسَ فِي الْمَسْجِد الَّذِي بني ثمَّ، وَلَكِن أَسْفَل من ذَلِك على أكمةٍ غَلِيظَة.
وَأَن عبد الله حَدثهُ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتقْبل فرضتي الْجَبَل الَّذِي بَينه وَبَين الْجَبَل(2/247)
الطَّوِيل نَحْو الْكَعْبَة، فَجعل الْمَسْجِد الَّذِي بني ثمَّ يسَار الْمَسْجِد بِطرف الأكمة، ومصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَسْفَل مِنْهُ على الأكمة السَّوْدَاء تدع من الأكمة عشرَة أَذْرع أَو نَحْوهَا، ثمَّ تصلي مُسْتَقْبل الفرضتين من الْجَبَل الَّذِي بَيْنك وَبَين الْكَعْبَة.
وَلم يخرج مُسلم من هَذَا الحَدِيث غير الْفَصْلَيْنِ الآخرين فِي النُّزُول بِذِي طوى واستقبال الفرضتين. وَأخرجه البُخَارِيّ بِطُولِهِ.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة:
رَأَيْت سَالم بن عبد الله يتحَرَّى أَمَاكِن من الطَّرِيق فَيصَلي فِيهَا، وَيحدث أَن أَبَاهُ كَانَ يُصَلِّي فِيهَا، وَأَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَة. قَالَ: وحَدثني نَافِع عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَة. وَسَأَلت سالما فَلَا أعلمهُ إِلَّا وَافق نَافِعًا فِي الْأَمْكِنَة كلهَا، إِلَّا أَنَّهُمَا اخْتلفَا فِي مسجدٍ بشرف الروحاء.
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا من ذَلِك من حَدِيث فليح بن سُلَيْمَان عَن نَافِع قَالَ:
كَانَ ابْن عمر إِذا أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى مَكَّة ادهن بدهنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَة طيبةٌ، ثمَّ يَأْتِي مَسْجِد ذِي الحليفة، فَيصَلي، ثمَّ يركب، فَإِذا اسْتَوَت بِهِ رَاحِلَته قَائِمَة أحرم، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل.
وَأخرج أَيْضا طرفا مِنْهُ بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع قَالَ:
كَانَ ابْن عمر إِذا دخل أدنى الْحرم أمسك عَن التَّلْبِيَة، ثمَّ يبيت بِذِي طوى، ثمَّ يُصَلِّي بِهِ ويغتسل، وَيحدث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَفْعَله.
وَقد أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أَيُّوب أَيْضا عَن نَافِع بأتم من هَذَا تَعْلِيقا، وَمُسلم بِالْإِسْنَادِ مُخْتَصرا. وَهَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ:
أَن ابْن عمر كَانَ إِذا(2/248)
صلى الْغَدَاة بِذِي الحليفة أَمر براحلته فرحلت، ثمَّ ركب حَتَّى إِذا اسْتَوَت بِهِ اسْتقْبل الْقبْلَة قَائِما، ثمَّ يُلَبِّي، حَتَّى إِذا بلغ الْحرم أمسك، حَتَّى إِذا أَتَى ذَا طوى بَات بِهِ، فَيصَلي بِهِ الْغَدَاة، ثمَّ يغْتَسل وَزعم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعل ذَلِك.
وَالَّذِي عِنْد مُسلم من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع:
أَن ابْن عمر كَانَ لَا يقدم إِلَّا بَات بِذِي طوى، حَتَّى يصبح ويغتسل، ثمَّ يدْخل مَكَّة نَهَارا، وَيذكر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَفْعَله.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَات بِذِي طوى حَتَّى أصبح، ثمَّ دخل مَكَّة، وَكَانَ ابْن عمر يَفْعَله.
وَفِي رِوَايَة يحيى الْقطَّان عَن عبيد الله:
حَتَّى صلى الصُّبْح. قَالَ يحيى: أَو قَالَ: حَتَّى أصبح.
وَذكره أَبُو مَسْعُود فِي أَفْرَاد مُسلم، وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ أَيْضا فِي أَوَائِل كتاب " الْحَج " عَن مُسَدّد عَن يحيى.
1375 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شغل عَنْهَا لَيْلَة - يَعْنِي صَلَاة الْعَتَمَة - فأخرها حَتَّى رقدنا فِي الْمَسْجِد ثمَّ استيقظنا، ثمَّ رقدنا ثمَّ استيقظنا، ثمَّ خرج علينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ قَالَ: " لَيْسَ أحدٌ من أهل الأَرْض اللَّيْلَة ينْتَظر الصَّلَاة غَيْركُمْ ". زَاد البُخَارِيّ: وَكَانَ ابْن عمر لَا يُبَالِي قدمهَا أَو أَخّرهَا إِذا كَانَ لَا يخْشَى أَن يغلبه النّوم عَن وَقتهَا، وَقل مَا كَانَ يرقد قبلهَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الحكم بن عتيبة عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
مكثنا(2/249)
ذَات ليلةٍ نَنْتَظِر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لصَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة، فَخرج إِلَيْنَا حِين ذهب ثلث اللَّيْل أَو بعده، فَلَا نَدْرِي أشيءٌ شغله فِي أَهله أَو غير ذَلِك، فَقَالَ حِين خرج: " إِنَّكُم لتنتظرون صَلَاة مَا ينتظرها أهل دينٍ غَيْركُمْ، وَلَوْلَا أَن يثقل على أمتِي لصليت بهم هَذِه السَّاعَة " ثمَّ أَمر الْمُؤَذّن فَأَقَامَ الصَّلَاة وَصلى.
1376 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن ابْن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ حِين قدمُوا الْمَدِينَة يَجْتَمعُونَ فيتحينون الصَّلَوَات، وَلَيْسَ يُنَادي بهَا أحدٌ، فتكلموا فِي ذَلِك، فَقَالَ بَعضهم: اتَّخذُوا ناقوساً مثل ناقوس النَّصَارَى، وَقَالَ بَعضهم: قرنا مثل قرن الْيَهُود. فَقَالَ عمر: أَو لَا تبعثون رجلا يُنَادي بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا بِلَال، قُم فَنَادِ بِالصَّلَاةِ ".
1377 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن صَالح بن كيسَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ على الْمِنْبَر: " غفار غفر الله لَهَا، وَأسلم سَالَمَهَا الله، وَعصيَّة عَصَتْ الله وَرَسُوله ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمن حَدِيث عبيد الله وَأُسَامَة بن زيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَلَيْسَ فِي حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع، وَلَا فِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن ابْن(2/250)
دِينَار: على الْمِنْبَر. وَهُوَ فِي حَدِيث صَالح وَأُسَامَة.
1378 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عمر بن نَافِع عَن أَبِيه عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن القزع. وَفِي رِوَايَة عبيد الله بن عمر عَن عمر بن نَافِع، قلت: وَمَا القزع، فَأَشَارَ لنا عبيد الله، قَالَ: إِذا حلق الصَّبِي ترك هَا هُنَا وَهَا هُنَا. وَأَشَارَ عبيد الله إِلَى ناصيته وجانبي رَأسه. قيل لِعبيد الله: وَالْجَارِيَة؟ قَالَ: لَا أَدْرِي.
وَفِي رِوَايَة يحيى بن سعيد عَن عبيد الله: قلت لنافع:
وَمَا القزع؟ قَالَ: يحلق بعض رَأس الصَّبِي وَيتْرك بعض.
وَأخرجه البُخَارِيّ مُخْتَصرا من حَدِيث عبد الله بن الْمثنى بن عبد الله بن أنس عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن القزع. لم يزدْ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع، وَمن حَدِيث عبد الرَّحْمَن السراج عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك. هَكَذَا فِي كتاب مُسلم، أدرجه على مَا قبله. وَحكى أَبُو مَسْعُود أَن فِي حَدِيث السراج:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن القزع فَقَط. وَأَن فِي حَدِيث أَيُّوب: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى غُلَاما قد حلق بعض رَأسه وَترك بعضه، فنهاهم عَن ذَلِك وَقَالَ: " احْلقُوا كُله، أَو ذَروا كُله ".(2/251)
1379 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن يُونُس بن يزِيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان. زَاد مُسلم فِي رِوَايَته عَن أبي الطَّاهِر: قَالَ نَافِع: وَقد أَرَانِي عبد الله الْمَكَان الَّذِي كَانَ يعكتف فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمَسْجِد.
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر نَحوه، دون الزِّيَادَة.
1380 - الْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن فِي يَدي قِطْعَة إستبرق، وَلَيْسَ مكانٌ أُرِيد من الْجنَّة إِلَّا طارت إِلَيْهِ، قَالَ: فقصصته على حَفْصَة، فقصته حَفْصَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أرى عبد الله رجلا صَالحا ".
وَفِي رِوَايَة وهيب عَن أَيُّوب نَحوه، وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن أَخَاك رجلٌ صَالح " أَو " إِن عبد الله رجلٌ صَالح ".
وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
رَأَيْت على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَن بيَدي قِطْعَة إستبرق، فَكَأَنِّي لَا أُرِيد مَكَانا من الْجنَّة إِلَّا طارت إِلَيْهِ. وَرَأَيْت كَأَن اثْنَيْنِ أتياني أَرَادَا أَن يذهبا بِي إِلَى النَّار، فتلقاهما ملكٌ فَقَالَ: لم ترع.
خليا عَنهُ. فقصت حَفْصَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَى رُؤْيَايَ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نعم الرجل عبد الله، لَو كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل ". فَكَانَ عبد الله يُصَلِّي من اللَّيْل.
قَالَ: وَكَانُوا لَا يزالون يقصون على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرُّؤْيَا، أَنَّهَا فِي اللَّيْلَة السَّابِعَة من الْعشْر الْأَوَاخِر - يعْنى لَيْلَة الْقدر، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أرى رؤياكم قد تواطأت فِي الْعشْر الْأَوَاخِر، فَمن كَانَ متحريها فليتحرها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر ".(2/252)
هَذَا الْفَصْل وَحده فِي لَيْلَة الْقدر من مُسْند ابْن عمر، وَمَا قبله يصلح أَن يكون فِي مُسْند حَفْصَة، وَقد خرج ذَلِك كُله أَبُو مَسْعُود هَا هُنَا.
1381 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن عون بن أرطبان عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن عمر بن الْخطاب أصَاب أَرضًا بِخَيْبَر، فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستأمره فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أصبت أَرضًا بِخَيْبَر لم أصب مَالا قطّ أنفس عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرنِي فِيهِ؟ قَالَ: " إِن شِئْت حبست أَصْلهَا وتصدقت بهَا " قَالَ: فَتصدق بهَا عمر: أَنه لَا تبَاع، وَلَا توهب، وَلَا تورث. وَتصدق بهَا فِي الْفُقَرَاء، وَفِي الْقُرْبَى، وَفِي الرّقاب، وَفِي سَبِيل الله، وَابْن السَّبِيل، والضيف، لَا جنَاح على من وَليهَا أَن يَأْكُل مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيطْعم غير مُتَمَوّل، قَالَ ابْن عون: فَحَدَّثته ابْن سِيرِين فَقَالَ: غير متأثل مَالا. وَفِي رِوَايَة سليم بن أَخْضَر قَالَ ابْن عون: وأنبأني من قَرَأَ هَذَا الْكتاب أَن فِيهِ: غير متأثلٍ مَالا.
وَمِنْهُم من جعله من مُسْند عمر، فَقَالَ فِيهِ: عَن ابْن عمر عَن عمر.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث صَخْر بن جوَيْرِية عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن عمر تصدق بمالٍ لَهُ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ يُقَال لَهُ ثمغٍ، وَكَانَ نخلا. فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله، إِنِّي اسْتَفَدْت مَالا، وَهُوَ عِنْدِي نفيسٌ، فَأَرَدْت أَن أَتصدق بِهِ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تصدق بِأَصْلِهِ، لَا يُبَاع، وَلَا يُوهب، وَلَا يُورث، وَلَكِن ينْفق ثمره ". فَتصدق بِهِ عمر، فصدقته تِلْكَ فِي سَبِيل الله عز وَجل، وَفِي الرّقاب، وَالْمَسَاكِين، والضيف، وَابْن السَّبِيل، وَلِذِي الْقُرْبَى، وَلَا جنَاح على من وليه أَن يَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ ويؤكل غير متمولٍ بِهِ.
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار قَالَ فِي صَدَقَة عمر:
لَيْسَ على(2/253)
الْوَالِي جنَاح أَن يَأْكُل ويؤكل صديقا غير متأثل. قَالَ: فَكَانَ ابْن عمر هُوَ يَلِي صَدَقَة عمر، يهدي لناسٍ من أهل مَكَّة كَانَ ينزل عَلَيْهِم.
وَقَالَ أَبُو مَسْعُود:
أخرج البُخَارِيّ فِي كتاب " الْوَصَايَا " عَن قُتَيْبَة عَن حَمَّاد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن عمر اشْترط فِي وَقفه أَن يَأْكُل من وليه، ويؤكل مِنْهُ غير متمولٍ. وَلم أَجِدهُ.
1382 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن ابْن عون قَالَ: كتبت إِلَى نَافِع أسأله عَن الدُّعَاء قبل الْقِتَال: فَكتب إِلَيّ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي أول الْإِسْلَام وَقد أغار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بني المصطلق وهم غَارونَ، وأنعامهم تسقى على المَاء، فَقتل مُقَاتلَتهمْ، وسبى ذَرَارِيهمْ، وَأصَاب يومئذٍ جوَيْرِية. وَفِي كتاب مُسلم قَالَ يحيى: أَحْسبهُ جوَيْرِية، أَو الْبَتَّةَ. حَدثنِي بِهِ عبد الله بن عمر، وَكَانَ فِي ذَلِك الْجَيْش.
وَهَذَا هُوَ الْمَتْن الآخر الْمُتَّفق عَلَيْهِ الَّذِي جمعه أَبُو مَسْعُود مَعَ حَدِيث النَّفْل الَّذِي انْفَرد بِهِ مُسلم، وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا إِسْنَاد غير الآخر.
1383 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن صَخْر بن جوَيْرِية عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أَرَانِي فِي الْمَنَام أتسوك بسواكٍ، فَجَاءَنِي رجلَانِ، أَحدهمَا أكبر من الآخر، فناولت الْأَصْغَر مِنْهُمَا، فَقيل لي: كبر، فَدَفَعته إِلَى الْأَكْبَر مِنْهُمَا ". أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا، وَمُسلم بِالْإِسْنَادِ. قَالَ البُخَارِيّ: اخْتَصَرَهُ نعيم - يَعْنِي ابْن حَمَّاد، عَن ابْن الْمُبَارك عَن أُسَامَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر. قَالَ أَبُو مَسْعُود: قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستن. فَأعْطَاهُ أكبر الْقَوْم، وَقَالَ: " أَمرنِي جِبْرِيل أَن أكبر ".(2/254)
1384 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما رَجَعَ من " الْأَحْزَاب ": " لَا يصلين أحدٌ الْعَصْر إِلَّا فِي بني قُرَيْظَة " فَأدْرك بَعضهم الْعَصْر فِي الطَّرِيق، فَقَالَ بَعضهم: لَا نصلي حَتَّى نأتيها، وَقَالَ بَعضهم: بل نصلي، لم يرد ذَلِك منا. فَذكر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلم يعنف وَاحِدًا مِنْهُم.
1385 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: ذكر عمر بن الْخطاب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه تصيبه الْجَنَابَة من اللَّيْل، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تَوَضَّأ، واغسل ذكرك، ثمَّ نم ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
استفتى عمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيَنَامُ أَحَدنَا وَهُوَ جنبٌ؟ قَالَ: " نعم، إِذا تَوَضَّأ ".
وَمن حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن عمر سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أيرقد أَحَدنَا وَهُوَ جنبٌ؟ قَالَ: " نعم، إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فليرقد ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر. وَمن حَدِيث عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج عَن نَافِع عَنهُ بِنَحْوِ ذَلِك.
1386 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: بَيْنَمَا النَّاس بقباء فِي صَلَاة الصُّبْح، إِذْ جَاءَهُم آتٍ فَقَالَ: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أنزل عَلَيْهِ اللَّيْلَة قرآنٌ، وَقد أَمر أَن يسْتَقْبل الْقبْلَة فاستقبلوها. وَكَانَت وُجُوههم إِلَى الشَّام، فاستداروا إِلَى الْكَعْبَة.(2/255)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُسلم الْقَسْمَلِي عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سُفْيَان عَن عبد الله بن دِينَار، وَعَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَنهُ عَن ابْن عمر كَذَلِك.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع، وَعبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ:
" بَيْنَمَا النَّاس فِي صَلَاة الصُّبْح. . " وَذكر نَحوه.
1387 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة الْمَاجشون عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الظُّلم ظلماتٌ يَوْم الْقِيَامَة ".
1388 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عبد الله بن دِينَار أَنه سمع ابْن عمر يَقُول: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثاً وَأمر عَلَيْهِم أُسَامَة بن زيد، فطعن النَّاس فِي إمرته، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " إِن تطعنوا فِي إمرته فقد كُنْتُم تطعنون فِي أمرة أَبِيه من قبل. وَايْم الله، إِن كَانَ لخليقاً للإمرة، وَإِن كَانَ لمن أحب النَّاس إِلَيّ، وَإِن هَذَا من أحب النَّاس إِلَيّ بعده ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر. وَمن حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُسلم عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر بِنَحْوِ ذَلِك. وَمن حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن ابْن عمر، قَالَ: اسْتعْمل(2/256)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُسَامَة، فَقَالُوا فِيهِ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" قد بَلغنِي أَنكُمْ قُلْتُمْ فِي أُسَامَة، وَإنَّهُ من أحب النَّاس إِلَيّ ".
وَمن حَدِيث مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر بِنَحْوِ حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَنهُ، وَمن حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عمر بن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر عَن عَمه سَالم عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر: " إِن تطعنوا فِي إمارته - يُرِيد أُسَامَة بن زيد - فقد طعنتم فِي إِمَارَة أَبِيه من قبله. وَايْم الله، إِن كَانَ لخليقاً لَهَا، وَايْم الله، إِن كَانَ لأحب النَّاس إِلَيّ من بعده، وأوصيكم بِهِ، فَإِنَّهُ من صالحيكم ".
1389 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ عَن عبد الله ابْن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: ذكر رجلٌ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يخدع فِي الْبيُوع فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من بَايَعت فَقل: لَا خلابة ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر. وَمن حَدِيث عبد الْعَزِيز من مُسلم عَن عبد الله بن دِينَار بِنَحْوِهِ. وَزَاد عبد الْعَزِيز قَالَ: فَكَانَ إِذا بَاعَ قَالَ: لَا خلابة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث شُعْبَة، وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر كَذَلِك مَرْفُوعا وَزَاد إِسْمَاعِيل: فَكَانَ إِذا بَايع يَقُول: لَا خيابة.(2/257)
1390 - الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَشعْبَة جَمِيعًا عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الْوَلَاء وَعَن هِبته.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر الْعمريّ، وَسليمَان بن بِلَال، وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَالضَّحَّاك بن عُثْمَان، كلهم عَن عبد الله ابْن دِينَار عَن ابْن عمر بِمثلِهِ، إِلَّا عبد الله فَلم يذكر " الْهِبَة " قَالَ أَبُو الْحُسَيْن مُسلم ابْن الْحجَّاج: النَّاس كلهم عِيَال على عبد الله بن دِينَار فِي هَذَا الحَدِيث.
1391 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن وَاسع بن حبَان عَن ابْن عمر قَالَ: ارتقيت فَوق بَيت حَفْصَة لبَعض حَاجَتي، فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْضِي حَاجته مُسْتَقْبل الشَّام مستدبر القبله.
1392 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكه قَالَ: توفيت بنت لعُثْمَان بن عَفَّان بِمَكَّة، قَالَ: فَجِئْنَا لنشهدها، قَالَ: فحضرها ابْن عمر وَابْن عَبَّاس، قَالَ: وَإِنِّي لجالسٌ بَينهمَا، قَالَ: جَلَست إِلَى أَحدهمَا، ثمَّ جَاءَ الآخر فَجَلَسَ إِلَى جَنْبي، فَقَالَ عبد الله بن عمر لعَمْرو بن عُثْمَان وَهُوَ مواجهه: أَلا تَنْتَهِي عَن الْبكاء؟ فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ " وَهُوَ بِطُولِهِ فِي مُسْند عمر.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر عَن عَم أَبِيه سَالم عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الْمَيِّت ليعذب ببكاء الْحَيّ ".(2/258)
1393 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن عِكْرِمَة بن خَالِد المَخْزُومِي: أَن رجلا قَالَ لعبد الله بن عمر: أَلا تغزو؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن الْإِسْلَام بني على خمس: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصِيَام شهر رَمَضَان، وَحج الْبَيْت ".
وَأخرجه البُخَارِيّ بِزِيَادَة من حَدِيث بكير بن عبد الله بن الْأَشَج عَن نَافِع:
أَن رجلا أَتَى ابْن عمر فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، مَا حملك على أَن تحج عَاما وتعتمر عَاما، وتترك الْجِهَاد فِي سَبِيل الله، وَقد علمت مَا رغب الله فِيهِ؟ قَالَ: يَا ابْن أخي، بني الْإِسْلَام على خمس: إيمانٌ بِاللَّه وَرَسُوله، والصلوات الْخمس، وَصِيَام رَمَضَان، وَأَدَاء الزَّكَاة، وَحج الْبَيْت. .
قَالَ:
يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، أَلا تسمع مَا ذكر الله فِي كِتَابه {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا إِلَى قَوْله: ( ... . . إِلَى أَمر الله} [الحجرات] وَقَالَ: {وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة} [الْبَقَرَة] قَالَ: فعلنَا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ الْإِسْلَام قَلِيلا، فَكَانَ الرجل يفتن فِي دينه: إِمَّا قَتَلُوهُ وَإِمَّا عذبوه، حَتَّى كثر الْإِسْلَام فَلم تكن فتنةٌ. قَالَ: فَمَا قَوْلك فِي عَليّ وَعُثْمَان؟ قَالَ: أما عُثْمَان فَكَانَ الله عَفا عَنهُ، أما أَنْتُم فكرهتم أَن تعفوا عَنهُ. وَأما عليٌّ فَابْن عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَخَتنه، وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقَالَ: هَذَا بَيته حَيْثُ ترَوْنَ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن زيد بن عبيد الله بن عمر جده عبد الله بن عمر قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بني الْإِسْلَام على خمس: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله(2/259)
وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَحج الْبَيْت، وَصَوْم رَمَضَان ".
وَمن حَدِيث سعد بن عُبَيْدَة عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بني الْإِسْلَام على خمس: على أَن يوحد الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصِيَام رَمَضَان، وَالْحج " فَقَالَ رجل: الْحَج وَصِيَام رَمَضَان. فَقَالَ: لَا، صِيَام رَمَضَان وَالْحج، هَكَذَا سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي حَدِيث سعد بن طَارق عَن سعد بن عُبَيْدَة:
" بني الْإِسْلَام على خمس: على أَن تعبد الله وتكفر بِمَا دونه، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَحج الْبَيْت، وَصَوْم رَمَضَان ".
1394 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن عَمْرو بن دِينَار الْمَكِّيّ قَالَ: سَأَلنَا ابْن عمر: أيقع الرجل على امْرَأَته فِي الْعمرَة قبل أَن يطوف بَين الصَّفَا والمروة؟ فَقَالَ: قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَطَافَ بِالْبَيْتِ سبعا، ثمَّ صلى خلف الْمقَام رَكْعَتَيْنِ، وَطَاف بَين الصَّفَا والمروة، وَقَالَ: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} .
وَفِي حَدِيث قُتَيْبَة قَالَ:
وَسَأَلت جَابر بن عبد الله فَقَالَ: لَا يقرب امْرَأَته حَتَّى يطوف بَين الصَّفَا والمروة.
1395 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن سعيد بن الْحَارِث بن الْمُعَلَّى الْأنْصَارِيّ عَن عبد الله بن عمر قَالَ: اشْتَكَى سعد بن عبَادَة شكوى لَهُ، فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودهُ مَعَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن مَسْعُود، فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ وجده فِي غشية، فَقَالَ: " قد قضى؟ " فَقَالُوا: لَا يَا رَسُول الله. فَبكى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَلَمَّا رأى الْقَوْم بكاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكوا. قَالَ: " أَلا(2/260)
تَسْمَعُونَ؟ إِن الله لَا يعذب بدمع الْعين، لَا بحزن الْقلب، وَلَكِن يعذب بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانه - أَو يرحم ".
وأوله عِنْد مُسلم من حَدِيث عمَارَة بن غزيَّة عَن سعيد بن الْحَارِث عَن ابْن عمر قَالَ:
كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذْ جَاءَهُ رجلٌ من الْأَنْصَار، فَسلم عَلَيْهِ، ثمَّ أدبر الْأنْصَارِيّ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أَخا الْأَنْصَار، كَيفَ أخي سعد بن عبَادَة؟ " فَقَالَ: صالحٌ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من يعودهُ مِنْكُم؟ " فَقَامَ وقمنا مَعَه وَنحن بضعَة عشر، مَا علينا نعالٌ وَلَا خفافٌ وَلَا قلانس وَلَا قمصٌ، نمشي فِي تِلْكَ السباخ، حَتَّى جئناه، فاستأخر قومه من حوله، حَتَّى دنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه الَّذين مَعَه. لم يزدْ مُسلم فِي حَدِيث عمَارَة على هَذَا.
1396 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن السَّائِب بن فروخ الشَّاعِر عَن عبد الله بن عمر قَالَ: لما كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالطَّائِف قَالَ: " إِنَّا قافلون غَدا إِن شَاءَ الله ". فَقَالَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا نَبْرَح أَو نفتحها. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فاغدوا على الْقِتَال ". فَغَدوْا فقاتلوهم قتالاً شَدِيدا، وَكثر فيهم الْجِرَاحَات، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّا قافلون غَدا " فَسَكَتُوا، فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ فِي " الْأَدَب " عَن قُتَيْبَة، وَقَالَ فِيهِ:
عَن عبد الله بن عمر. وَأخرجه هُوَ وَمُسلم فِي " الْمَغَازِي "، وَفِيه عِنْدهمَا: عَن عبد الله بن عَمْرو، والْحَدِيث من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة، وَقد اخْتلف فِيهِ عَلَيْهِ، مِنْهُم من قَالَ عَنهُ هَكَذَا، وَمِنْهُم من قَالَ عَنهُ هَكَذَا، وَمِنْهُم من رَوَاهُ بِالشَّكِّ.(2/261)
قَالَ أَبُو بكر البرقاني: وَعبد الله بن عمر أصح. وَهَكَذَا أخرجه أَبُو مَسْعُود فِي مُسْند ابْن عمر.
وَلَيْسَ للسائب فِي مُسْند ابْن عمر غير هَذَا الحَدِيث الْمُخْتَلف فِيهِ.
1397 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: مر ابْن عمر بفتيان من قُرَيْش قد نصبوا طائراً وهم يرمونه، وَقد جعلُوا لصَاحب الطير كل خاطئةٍ من نبلهم، فَلَمَّا رَأَوْا ابْن عمر تفَرقُوا، فَقَالَ ابْن عمر: من فعل هَذَا؟ لعن الله من فعل هَذَا. إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن من اتخذ شَيْئا فِيهِ الرّوح غَرضا.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ عَن ابْن عمر:
أَنه دخل على يحيى سعيد وَغُلَام من بني يحيى رابطٌ دجَاجَة يرميها، فَمشى إِلَيْهَا ابْن عمر حَتَّى حلهَا، ثمَّ أقبل بهَا والغلام مَعَه، فَقَالَ: ازجروا غِلْمَانكُمْ أَن يصبروا هَذَا الطير للْقَتْل، فَإِنِّي سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن تصبر بهيمةٌ أَو غَيرهَا للْقَتْل.
1398 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مَعَه ناسٌ فيهم سعدٌ وَأتوا بِلَحْم ضبٍّ فنادت امرأةٌ من نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه لحم ضبٍّ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كلوا، فَإِنَّهُ حَلَال، وَلكنه لَيْسَ من طَعَامي ".
وَفِي حَدِيث غنْدر عَن شُعْبَة عَن تَوْبَة الْعَنْبَري قَالَ:
قَالَ لي الشّعبِيّ: أَرَأَيْت حَدِيث الْحسن - يَعْنِي ابْن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وقاعدت ابْن عمر(2/262)
قَرِيبا من سنتَيْن أَو سنة وَنصف فَلم أسمعهُ روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير هَذَا، قَالَ: كَانَ نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم سعد، فَذَهَبُوا يَأْكُلُوا من لحم، فنادتهم امرأةٌ من بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه لحم ضبٍّ فأمسكوا، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كلوا واطعموا، فَإِنَّهُ حَلَال " أَو قَالَ: " لَا بَأْس بِهِ - شكّ تَوْبَة - وَلكنه لَيْسَ من طَعَامي ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُسلم الْقَسْمَلِي عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الضَّب، فَقَالَ: " لَا آكله، وَلَا أحرمهُ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: " وَهُوَ على الْمِنْبَر "، وَمن حَدِيث أُسَامَة بن زيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر هَكَذَا، وَمن حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع كَذَلِك، إِلَّا أَنه لم يقل: على الْمِنْبَر. وَمن حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، ومُوسَى بن عقبَة، وَابْن جريج، كلهم عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَّا أَن فِي حَدِيث أَيُّوب: أُتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضبٍّ فَلم يَأْكُلهُ، وَلم يحرمه.
وَمن حَدِيث مَالك بن مغول البَجلِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الضَّب، فَقَالَ: " لَا آكله، وَلَا أنهى عَنهُ ".
1399 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن جبلة بن سحيم عَن ابْن عمر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقرن الرجل بَين التمرتين حَتَّى يسْتَأْذن أَصْحَابه.(2/263)
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن الْمثنى عَن غنْدر قَالَ شُعْبَة:
لَا أرى هَذِه الْكَلِمَة إِلَّا من كَلَام ابْن عمر - يَعْنِي الاسْتِئْذَان.
1400 - السِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن مرّة عَن ابْن عمر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النّذر وَقَالَ: " إِنَّه لَا يرد شَيْئا، وَإِنَّمَا يسْتَخْرج بِهِ من الْبَخِيل ".
وَفِي حَدِيث غند ر عَن شُعْبَة:
أَنه عَلَيْهِ السَّلَام نهى عَن النّذر وَقَالَ: " إِنَّه لَا يَأْتِي بِخَير، وَإِنَّمَا يسْتَخْرج بِهِ من الْبَخِيل ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سعيد بن الْحَارِث بن الْمُعَلَّى الْأنْصَارِيّ:
أَن سمع ابْن عمر يَقُول: أَو لم ينهوا عَن النّذر، إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن النّذر لَا يقدم شَيْئا وَلَا يُؤَخِّرهُ، وَإِنَّمَا يسْتَخْرج بِالنذرِ من الْبَخِيل ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يزِيد بن أبي حَكِيم عَن سُفْيَان عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَذكر نَحوه.
1401 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن صَفْوَان بن مُحرز الْمَازِني قَالَ: بَينا ابْن عمر يطوف إِذْ عرض رجلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، أَو يَا ابْن عمر، كَيفَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " يدنى الْمُؤمن من ربه حَتَّى يضع عَلَيْهِ كتفه، فيقرره بذنوبه: تعرف ذَنْب كَذَا؟ يَقُول: أعرف رب أعرف - مرَّتَيْنِ. فَيَقُول: سترتها فِي الدُّنْيَا وأغفرها لَك الْيَوْم. ثمَّ يعْطى صحيفَة حَسَنَاته. وَأما الْكفَّار والمنافقون فينادى بهم على رُؤُوس الْخَلَائق: هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على الله ".(2/264)
وَفِي حَدِيث همام عَن قَتَادَة:
" إِن الله يدني الْمُؤمن، فَيَضَع عَلَيْهِ كتفه ويستره، يَقُول: أتعرف ذَنْب كَذَا؟ أتعرف ذَنْب كَذَا؟ فَيَقُول: نعم. أَي رب، حَتَّى إِذا قَرَّرَهُ بذنوبه، وَرَأى فِي نَفسه أَنه هلك، قَالَ: سترتها عَلَيْك فِي الدُّنْيَا، وَأَنا أغفرها لَك الْيَوْم، فَيعْطى كتاب حَسَنَاته. وَأما الْكَافِر وَالْمُنَافِق فَيَقُول الأشهاد: هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم، أَلا لعنة الله على الظَّالِمين ".
1402 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن زِيَاد بن جُبَير بن حَبَّة قَالَ: كنت مَعَ ابْن عمر، فَسَأَلَهُ رجل فَقَالَ: نذرت أَن أَصوم كل ثلاثاء أَو أربعاء مَا عِشْت، فَوَافَقَ هَذَا الْيَوْم يَوْم النَّحْر. قَالَ: أَمر الله بوفاء النّذر، ونهينا أَن نَصُوم يَوْم النَّحْر. فَأَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ مثله لَا يزِيد عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَة معَاذ بن معَاذ عَن عبد الله بن عون عَن زِيَاد عَنهُ قَالَ:
أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بوفاء النّذر، وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَوْم هَذَا الْيَوْم.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حَكِيم بن أبي حرَّة الْأَسْلَمِيّ أَنه سمع ابْن عمر [سُئِلَ] فِي رجل نذر أَلا يَأْتِي عَلَيْهِ يَوْم سَمَّاهُ - إِلَّا صَامَ، فَوَافَقَ يَوْم أضحى أَو فطر، فَقَالَ: لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة، لم يكن يَصُوم يَوْم الْأَضْحَى وَالْفطر، وَلَا يرى صيامهما.
1403 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن زِيَاد بن جُبَير قَالَ: رَأَيْت ابْن عمر أَتَى على رجل أَنَاخَ بدنته يَنْحَرهَا، فَقَالَ: ابعثها قيَاما مُقَيّدَة، سنة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1404 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث خَالِد بن الْحَارِث قَالَ: سُئِلَ عبيد الله عَن التحصيب، فحدثنا عَن نَافِع قَالَ: نزل بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/265)
وَعمر وَابْن عمر. وَعَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ يُصَلِّي بهَا - يَعْنِي بالمحصب - الظّهْر وَالْعصر، أَحْسبهُ قَالَ: وَالْمغْرب. قَالَ خَالِد: لَا أَشك فِي الْعشَاء، ويهجع هجعةً، وَيذكر ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي وَأَبا بكر وَعمر كَانُوا ينزلون الأبطح.
وَمن حَدِيث صَخْر بن جوَيْرِية عَن نَافِع: أَن ابْن عمر كَانَ يرى التحصيب سنة، وَكَانَ يُصَلِّي يَوْم النَّفر بالحصبة. وَقَالَ نَافِع: قد حصب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْخُلَفَاء بعده.
وَمن حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم:
أَن أَبَا بكر وَعمر وَابْن عمر كَانُوا ينزلون الأبطح.
1405 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِر، فقد بَاء بهَا أَحدهمَا " أخرجه البُخَارِيّ هَكَذَا بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَأخرجه مُسلم عَن عبد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي قَالَ: " إِذا كفر الرجل أَخَاهُ فقد بَاء بهَا أَحدهمَا ".
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" أَيّمَا امرئٍ قَالَ لِأَخِيهِ كَافِر، فقد بَاء بهَا أَحدهمَا، إِن كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رجعت عَلَيْهِ ".
1406 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك وسُفْيَان عَن عبد الله بن دِينَار(2/266)
أَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" إِن الْيَهُود إِذا سلمُوا على أحدكُم إِنَّمَا يَقُولُونَ: سامٌ عَلَيْك. فَقل: عَلَيْك " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن أبي كثير عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه.
وَمن حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" إِن الْيَهُود إِذا سلمُوا عَلَيْكُم إِنَّمَا يَقُول أحدهم: السام عَلَيْك، فَقولُوا: وَعَلَيْكُم ".
1407 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا إِذا بَايعنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على السّمع وَالطَّاعَة يَقُول لنا: " فِيمَا اسْتَطَعْت " هَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن أبي كثير عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر نَحوه، وَفِيه: فَيَقُول لنا: فِيمَا اسْتَطَعْتُم.
1408 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا حق امرئٍ مُسلم لَهُ شيءٌ يُوصي فِيهِ، يبيت لَيْلَتَيْنِ إِلَّا ووصيته مكتوبةٌ عِنْده. أخرجه البُخَارِيّ من هَذِه الطَّرِيق هَكَذَا، وَأخرجه تَعْلِيقا فَقَالَ: تَابعه مُحَمَّد بن مُسلم عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَنه قَالَ:
" يبيت ثَلَاث ليالٍ "، قَالَ ابْن عمر: مَا مرت عَليّ لَيْلَة مُنْذُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَلِك إِلَّا وَعِنْدِي وصيتي.(2/267)
وَأخرجه من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ، وَفِيه:
" يبيت لَيْلَتَيْنِ وَله شيءٌ يُرِيد أَن يُوصي فِيهِ ".
قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَفِي حَدِيث ابْن نمير - يَعْنِي عَن عبيد الله - لَيْلَة، وَلم أَجِدهُ فِي كتاب مُسلم.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِنَحْوِهِ، وَفِيه:
" يبيت لَيْلَتَيْنِ " وَقَالَ: يُرِيد أَن يُوصي فِيهِ.
وَأخرجه من حَدِيث يُونُس بن يزِيد عَن نَافِع. وَمن حَدِيث هِشَام بن سعد عَن نَافِع عَن ابْن عمر مُسْندًا. وَمن حَدِيث أُسَامَة بن زيد عَن نَافِع كَذَلِك، وَقَالُوا: " لَهُ شيءٌ يُوصي فِيهِ ".
1409 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله عَن جده عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يزَال هَذَا الْأَمر فِي قريشٍ مَا بَقِي مِنْهُم اثْنَان ".
1410 - السبعون بعد الْمِائَة: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: وجدت امْرَأَة مقتولة فِي بعض مغازي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل النِّسَاء وَالصبيان.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث اللَّيْث عَن نافعٍ عَن ابْن عمر:
أَن امْرَأَة وجدت فِي بعض مغازي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقتولةً فَأنْكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل النِّسَاء وَالصبيان.(2/268)
أَفْرَاد البُخَارِيّ
1411 - الأول: عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " فِيمَا سقت السَّمَاء والعيون أَو كَانَ عثرياً الْعشْر، وَمَا سقِِي بالنضح نصف الْعشْر ".
فِي كتاب أبي بكر البرقاني، وَفِي كتاب أبي مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِيهِ:
فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا سقت السَّمَاء والأنهار والعيون أَو مَا كَانَ عثرياً الْعشْر، وَفِيمَا سقِِي بالناضح نصف الْعشْر. قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك. قَالَ: وَقد روى عبيد الله بن عمر هَذَا الحَدِيث عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن عمر من قَوْله مَوْقُوفا، وَرَوَاهُ مُوسَى بن عقبَة وَأَيوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر من قَوْله مَوْقُوفا.
1412 - الثَّانِي: عَن سَالم عَن ابْن عمر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ قَائِم على الْمِنْبَر يَقُول: " إِنَّمَا بقاؤكم فِيمَا سلف قبلكُمْ من الْأُمَم كَمَا بَين صَلَاة الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس، أُوتِيَ أهل التَّوْرَاة التَّوْرَاة فعملوا بهَا حَتَّى انتصف النَّهَار ثمَّ عجزوا، فأعطوا قيراطاً قيراطاً، ثمَّ أُوتِيَ أهل الْإِنْجِيل الْإِنْجِيل فعملوا بهَا إِلَى صَلَاة الْعَصْر ثمَّ عجزوا، فأعطوا قيراطاً قيراطاً، ثمَّ أوتينا الْقُرْآن فعملنا إِلَى غرُوب الشَّمْس، فأعطينا قيراطين قيراطين. فَقَالَ أهل الْكِتَابَيْنِ: أَي رَبنَا، أَعْطَيْت هَؤُلَاءِ قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطاً قيراطاً وَنحن أَكثر عملا. قَالَ الله عز وَجل: هَل ظلمتكم من أجركُم من شَيْء؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَهُوَ فضلي أوتيه من أَشَاء ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" مثلكُمْ من أهل الْكِتَابَيْنِ كَمثل رجلٍ اسْتَأْجر أجراء، فَقَالَ: من يعْمل لي من غدْوَة إِلَى نصف النَّهَار على قِيرَاط؟ فَعمِلت الْيَهُود. ثمَّ قَالَ: من يعْمل لي من نصف النَّهَار إِلَى صَلَاة الْعَصْر على قِيرَاط؟ فَعمِلت النَّصَارَى. ثمَّ قَالَ: من يعْمل(2/269)
لي من الْعَصْر إِلَى أَن تغيب الشَّمْس على قيراطين؟ فَأنْتم هم، فَغضِبت الْيَهُود وَالنَّصَارَى: فَقَالُوا. مَا لنا أَكثر عملا وَأَقل عَطاء؟ قَالَ: هَل نقصتكم من حقكم؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَذَلِك فضلي أوتيه من أَشَاء ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" إِنَّمَا أجلكم فِي أجل من خلا من الْأُمَم كَمَا بَين صَلَاة الْعَصْر إِلَى مغرب الشَّمْس، وَإِنَّمَا مثلكُمْ وَمثل الْيَهُود وَالنَّصَارَى كرجلٍ اسْتعْمل عمالاً، فَقَالَ: من يعْمل إِلَى نصف النَّهَار على قِيرَاط قِيرَاط؟ " ... ثمَّ ذكر نَحوه، وَفِي آخِره: " أَلا فَأنْتم الَّذين يعْملُونَ من صَلَاة الْعَصْر إِلَى مغرب الشَّمْس، أَلا لكم الْأجر مرَّتَيْنِ، فَغضِبت الْيَهُود وَالنَّصَارَى. . وَذكر نَحْو مَا قبله.
وَأخرجه من حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع وَمن حَدِيث مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" إِنَّمَا مثلكُمْ وَمثل الْيَهُود وَالنَّصَارَى كرجلٍ اسْتعْمل عمالاً. . " وَذكر نَحوه.
وَقد أخرجه من حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ، وَهُوَ مَذْكُور فِي مُسْنده. قَالَ أَبُو مَسْعُود: أغفل مسلمٌ هَذَا الأَصْل فَلم يُخرجهُ.
1413 - الثَّالِث: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر قَالَ: بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِد ابْن الْوَلِيد، إِلَى بني جذيمة، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَام، فَلم يحسنوا أَن يَقُولُوا: أسلمنَا، فَجعلُوا يَقُولُونَ: صبأنا صبأنا. فَجعل خالدٌ يقتل ويأسر، وَدفع إِلَى كل رجلٍ منا أسيره، فَقلت: وَالله لَا أقتل أسيري، وَلَا يقتل رجلٌ من أَصْحَابِي أسيره حَتَّى قدمنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فذكرناه لَهُ، فَرفع يَدَيْهِ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأ(2/270)
إِلَيْك مِمَّا صنع خَالِد " مرَّتَيْنِ.
1414 - الرَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر: أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع فِي الرَّكْعَة الْآخِرَة من الْفجْر يَقُول: " اللَّهُمَّ الْعَن فلَانا وَفُلَانًا وَفُلَانًا " بَعْدَمَا يَقُول: " سمع الله لمن حَمده، رَبنَا وَلَك الْحَمد " فَأنْزل الله: {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} إِلَى قَوْله: {فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ} [سُورَة آل عمرَان] .
قَالَ: وَعَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن سَالم قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو على صَفْوَان بن أُميَّة، وَسُهيْل بن عَمْرو، والْحَارث بن هِشَام، فَنزلت: {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} إِلَى قَوْله: {فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ} .
1415 - الْخَامِس: عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَفَاتِيح الْغَيْب خمس: {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت إِن الله عليم خَبِير} [سُورَة لُقْمَان] .
أخرجه أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه عمر قَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَفَاتِيح الْغَيْب خمس، ثمَّ قَرَأَ: {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} .
وَأخرجه من حَدِيث مَالك عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" مَفَاتِيح الْغَيْب خمسٌ لَا يعلمهَا إِلَّا الله ... " نَحوه.
وَمن حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ:
قَالَ رَسُول(2/271)
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" مَفَاتِيح الْغَيْب خمسٌ لَا يعلمهَا إِلَّا الله: لَا يعلم أحدٌ مَا يكون فِي غدٍ إِلَّا الله، وَلَا يعلم أحدٌ مَا يكون فِي الْأَرْحَام، وَلَا تعلم نفسٌ مَاذَا تكسب غَدا، وَمَا تَدْرِي نفسٌ بِأَيّ أَرض تَمُوت، وَمَا يدْرِي أحد مَتى يَجِيء الْمَطَر ".
وَمن رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ:
" مَفَاتِيح الْغَيْب خمسٌ لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله: لَا يعلم مَا تغيض الْأَرْحَام إِلَّا الله، وَلَا يعلم مَا فِي غَد إِلَّا الله، وَلَا يعلم مَتى يَأْتِي الْمَطَر أحدٌ إِلَّا الله، وَلَا تَدْرِي نفسٌ بِأَيّ أرضٍ تَمُوت إِلَّا الله، وَلَا يعلم مَتى تقوم السَّاعَة إِلَّا الله ".
وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ وَالْبرْقَانِي من حَدِيث عمر بن مُحَمَّد عَن سَالم عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
مَفَاتِيح الْغَيْب خمس ... " وَذكر الْآيَة، وَلم يذكرهُ أَبُو مَسْعُود فِي " الْأَطْرَاف ".
1416 - السَّادِس: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَة الدُّنْيَا بِسبع حصياتٍ، يكبر مَعَ كل حَصَاة، ثمَّ يتَقَدَّم فيسهل، فَيقوم مُسْتَقْبل الْقبْلَة طَويلا، وَيَدْعُو، يرفع يَدَيْهِ، ثمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى، ثمَّ يَأْخُذ ذَات الشمَال فيسهل، فَيقوم مُسْتَقْبل الْقبْلَة ثمَّ يَدْعُو وَيرْفَع يَدَيْهِ، وَيقوم طَويلا، ثمَّ يَرْمِي الْجَمْرَة ذَات الْعقبَة من بطن الْوَادي، وَلَا يقف عِنْدهَا، ثمَّ ينْصَرف وَيَقُول: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَفْعَله.
وَأخرجه تَعْلِيقا من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رمى الْجَمْرَة الَّتِي تلِي مَسْجِد منى، يرميها بِسبع حَصَيَات. . ثمَّ ذكر نَحوه. وَفِي آخِره: قَالَ الزُّهْرِيّ: سَمِعت سَالم بن عبد الله يحدث بِمثل هَذَا عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: وَكَانَ ابْن عمر يَفْعَله.(2/272)
1417 - السَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم قَالَ: كتب عبد الْملك إِلَى الْحجَّاج أَلا يُخَالف ابْن عمر فِي الْحَج، فجَاء ابْن عمر وَأَنا مَعَه يَوْم عَرَفَة حِين مَالَتْ الشَّمْس، فصاح عِنْد سرادق الْحجَّاج، فَخرج وَعَلِيهِ ملحفة معصفرة، فَقَالَ: مَا لَك يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن؟ فَقَالَ: الرواح إِن كنت تُرِيدُ السّنة؟ قَالَ: هَذِه السَّاعَة؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فانتظرني حَتَّى أفيض على رَأْسِي ثمَّ أخرج، فَنزل حَتَّى خرج الْحجَّاج، فَسَار بيني وَبَين أبي، فَقلت: إِن كنت تُرِيدُ السّنة فاقصر الْخطْبَة، وَعجل الْوُقُوف، فَجعل ينظر إِلَى عبد الله، فَلَمَّا رأى ذَلِك عبد الله قَالَ: صدق.
وَأخرجه تَعْلِيقا من حَدِيث اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن سَالم:
أَن الْحجَّاج عَام نزل بِابْن الزبير، سَأَلَ عبد الله: كَيفَ تصنع فِي الْموقف يَوْم عَرَفَة؟ فَقَالَ سَالم: إِن كنت تُرِيدُ السّنة فَهجر بِالصَّلَاةِ يَوْم عَرَفَة. فَقَالَ عبد الله بن عمر: صدق، إِنَّهُم كَانُوا يجمعُونَ بَين الظّهْر وَالْعصر فِي السّنة، فَقلت لسالم: أفعل ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ سَالم: وَهل يتبعُون فِي ذَلِك إِلَّا سنته! .
1418 - الثَّامِن: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر، وَعَن ابْن طَاوس عَن عِكْرِمَة بن خَالِد عَن ابْن عمر قَالَ: دخلت على حَفْصَة، ونوساتها تنطف، قلت: قد كَانَ من أَمر النَّاس مَا تَرين، فَم يَجْعَل لي من الْأَمر شيءٌ. فَقَالَ: الْحق، فَإِنَّهُم ينتظرونك، وأخشى أَن يكون فِي احتباسك عَنْهُم فرقةٌ، فَلم تَدعه حَتَّى ذهب. فَلَمَّا تفرق النَّاس خطب مُعَاوِيَة فَقَالَ: من كَانَ يُرِيد أَن يتَكَلَّم فِي هَذَا الْأَمر فليطلع لنا قرنه، فلنحن أَحَق بِهِ مِنْهُ وَمن أَبِيه. قَالَ حبيب بن مسلمة: فَهَلا أَجَبْته؟ قَالَ عبد الله: فحللت حبوتي، وهممت أَن أَقُول: أَحَق بِهَذَا الْأَمر مِنْك من قَاتلك وأباك على الْإِسْلَام، فَخَشِيت أَن أَقُول كلمة تفرق بَين الْجَمِيع، وتسفك(2/273)
الدَّم، وَتحمل على غير ذَلِك. فَذكرت مَا أعد الله فِي الْجنان. قَالَ حبيب: حفظت وعصمت.
1419 - التَّاسِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن عبد الله بن عمر عَن ابْن عمر قَالَ:
الصّيام لمن تمتّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج إِلَى يَوْم عَرَفَة، فَإِن لم يجد هَديا وَلم يصم، صَامَ أَيَّام منى.
وَعَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة مثله، وَقَالا:
لم يرخص فِي أَيَّام التَّشْرِيق أَن يصمن إِلَّا لمن يجد الْهَدْي.
1420 - الْعَاشِر: عَن عمر بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله عَن عَم أَبِيه سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه قَالَ: وعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل، فَرَاثَ عَلَيْهِ - أَي أَبْطَأَ، حَتَّى اشْتَدَّ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقِيَهُ، فَشَكا إِلَيْهِ. فَقَالَ: إِنَّا لَا ندخل بَيْتا فِيهِ صورةٌ وَلَا كلب.
1421 - الْحَادِي عشر: أخرجه تَعْلِيقا فَقَالَ: وَقَالَ عمر بن حَمْزَة عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ: رُبمَا ذكرت قَول الشَّاعِر وَأَنا أنظر إِلَى وَجه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْتَسْقِي، وَمَا ينزل حَتَّى يَجِيش كل ميزاب:
(وأبيض يستسقى الْغَمَام بِوَجْهِهِ ... ثمال الْيَتَامَى عصمةٌ للأرامل)
وَهُوَ قَول أبي طَالب.
وَقد أخرجه بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن دِينَار عَن أَبِيه قَالَ:
سَمِعت ابْن عمر يتَمَثَّل بِشعر أبي طَالب، وَذكر الْبَيْت.(2/274)
1422 - الثَّانِي عشر: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن ابْن عمر فِي رُؤْيا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَدِينَة، قَالَ: " رَأَيْت امْرَأَة سَوْدَاء ثائرة الرَّأْس، خرجت من الْمَدِينَة حَتَّى نزلت مهيعة، فتأولتها أَن وباء الْمَدِينَة نقل إِلَى مهيعة، وَهِي الْجحْفَة ".
1423 - الثَّالِث عشر: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من أَخذ من الأَرْض شبْرًا بِغَيْر حَقه خسف بِهِ يَوْم الْقِيَامَة إِلَى سبع أَرضين ".
وَفِي مُسْند سعيد بن زيد وَعَائِشَة:
طوقه من سبع أَرضين ".
1424 - الرَّابِع عشر: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَقِي زيد بن عَمْرو بن نفَيْل بِأَسْفَل بلدح، وَذَاكَ قبل أَن ينزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي، فَقدم إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سفرة فِيهَا لحم، فَأبى أَن يَأْكُل مِنْهَا، ثمَّ قَالَ زيد: إِنِّي لَا آكل مِمَّا تذبحون على أنصابكم، وَلَا آكل إِلَّا مِمَّا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ.
زَاد فِي رِوَايَة فُضَيْل بن سُلَيْمَان عَن مُوسَى:
وَإِن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل كَانَ يعيب على قُرَيْش ذَبَائِحهم وَيَقُول: الشَّاة خلقهَا الله، وَأنزل لَهَا من السَّمَاء المَاء، وَأنْبت لَهَا من الأَرْض، ثمَّ أَنْتُم تذبحونها على غير اسْم الله، إنكاراً لذَلِك وإعظاماً لَهُ.
قَالَ مُوسَى وحَدثني سَالم - لَا أعلمهُ إِلَّا يحدث بِهِ عَن ابْن عمر:
أَن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل خرج إِلَى الشَّام يسْأَل عَن الدّين ويبتغيه، فلقي عَالما من الْيَهُود، فَسَأَلَهُ عَن دينهم، فَقَالَ: إِنِّي لعَلي أَن أدين دينكُمْ فَأَخْبرُونِي. قَالَ: لَا تكون على ديننَا حَتَّى تَأْخُذ بنصيبك من غضب الله. قَالَ زيدٌ: مَا أفر إِلَّا من غضب الله، وَلَا(2/275)
أحمل من غضب الله شَيْئا أبدا. وأنى أستطيعه؟ فَهَل تدلني على غَيره؟ قَالَ: مَا أعلمهُ إِلَّا أَن يكون حَنِيفا. قَالَ زيد: وَمَا الحنيف؟ قَالَ: دين إِبْرَاهِيم، لم يكن يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا، وَلَا يعبد إِلَّا الله. فَخرج زيدٌ فلقي عَالما من النَّصَارَى، فَذكر مثله، فَقَالَ: لن تكون على ديننَا حَتَّى تَأْخُذ بنصيبك من لعنة الله. قَالَ: مَا أفر إِلَّا من لعنة الله، وَلَا أحمل من لعنة الله وَلَا من غَضَبه شَيْئا أبدا، وأنى أَسْتَطِيع؟ فَهَل تدلني على غَيره؟ قَالَ: لَا أعلمهُ إِلَّا أَن يكون حَنِيفا. قَالَ: وَمَا الحنيف؟ قَالَ: دين إِبْرَاهِيم، لم يكن يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا، وَلَا يعبد إِلَّا الله. فَلَمَّا رأى زيدٌ قَوْلهم فِي إِبْرَاهِيم خرج، فَلَمَّا برز رفع يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ أَنِّي على دين إِبْرَاهِيم.
وَفِي مُسْند أَسمَاء بَقِيَّة من ذكر زيد بن عَمْرو.
1425 - الْخَامِس عشر: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ أَكثر مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحلف: " لَا، ومقلب الْقُلُوب ".
1426 - السَّادِس عشر: عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لِأَن يمتلئ جَوف أحدكُم قَيْحا خيرٌ لَهُ من أَن يمتلئ شعرًا ".
1427 - السَّابِع عشر: عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان عَن سَالم: أَن ابْن عمْرَة كره أَن تعلم الصُّورَة، وَقَالَ: نهى الني صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تضرب.
1428 - الثَّامِن عشر: عَن حَمْزَة بن عبد الله عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت الْكلاب تقبل وتدبر فِي الْمَسْجِد فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلم يَكُونُوا يرشون شَيْئا من ذَلِك.
1429 - التَّاسِع عشر: عَن حَمْزَة بن عبد الله بن عمر عَن عبد الله بن عمر قَالَ: لما اشْتَدَّ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَعه قيل لَهُ فِي الصَّلَاة، فَقَالَ: " مروا أَبَا بكرٍ فَليصل(2/276)
بِالنَّاسِ ". قَالَت عَائِشَة:
إِن أَبَا بكر رجلٌ رَقِيق، إِذا قَرَأَ غَلبه الْبكاء. قَالَ:: مروه فَليصل " فعاودته، قَالَ: " مروه فَليصل، إنكن صَوَاحِب يُوسُف ". قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه الزبيدِيّ وَابْن أخي الزُّهْرِيّ وَإِسْحَاق بن يحيى عَن الزُّهْرِيّ. وَقَالَ عقيل ومعمرٌ عَن الزُّهْرِيّ عَن حَمْزَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن حَمْزَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1430 - الْعشْرُونَ: أخرجه تَعْلِيقا من حَدِيث حَمْزَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن النَّاس يصيرون يَوْم الْقِيَامَة جثا، كل أمةٍ تتبع نبيها، يَقُولُونَ: اشفع يَا فلَان، اشفع، حَتَّى تَنْتَهِي الشَّفَاعَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذَلِك يَوْم يَبْعَثهُ الله الْمقَام الْمَحْمُود ".
وَأخرجه بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث آدم بن عَليّ عَن ابْن عمر مَوْقُوف.
وَلَيْسَ لآدَم بن عَليّ فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عمر غير هَذَا.
1431 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن عبد الله بن عبد الله بن عمر: انه كَانَ يرى عبد الله بن عمر يتربع فِي الصَّلَاة إِذا جلس. ففعلته وَأَنا يومئذٍ حَدِيث السن، فنهاني عبد الله بن عمر، وَقَالَ: إِنَّمَا سنة الصَّلَاة أَن تنصب رجلك الْيُمْنَى، وَتثني الْيُسْرَى. فَقلت: إِنَّك تفعل ذَلِك. فَقَالَ: إِن رجْلي لَا تحملاني.
1432 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر عَن جده عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَو يعلم النَّاس مَا فِي الْوحدَة مَا سَار رَاكب وَحده بليلٍ أبدا ".(2/277)
1433 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن مُحَمَّد بن زيد عَن جده عبد الله أَن نَاسا قَالُوا لَهُ: إِنَّا ندخل على سلطاننا، فَنَقُول لَهُم بِخِلَاف مَا نتكلم إِذا خرجنَا من عِنْدهم.
قَالَ: كُنَّا نعد هَذَا نفَاقًا فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1434 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن مُحَمَّد بن زيد عَن ابْن عمر: أَنه ذكر الحرورية فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَمْرُقُونَ من الْإِسْلَام مروق السهْم من الرَّمية ".
1435 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن وَاقد بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن ابْن عمر، أَو ابْن عَمْرو - قَالَ: شَبكَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصَابِعه وَقَالَ: " كَيفَ أَنْت يَا عبد الله بن عَمْرو إِذا بقيت فِي حثالةٍ من النَّاس، قد مرجت عهودهم وأماناتهم، وَاخْتلفُوا فصاروا هَكَذَا؟ . " قَالَ: فيكف يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " تَأْخُذ مَا تعرف، وَتَدَع مَا تنكر، وَتقبل على خاصتك، وتدعهم وعوامهم ". هَكَذَا فِي حَدِيث بشر بن الْمفضل عَن وَاقد.
وَفِي حَدِيث عَاصِم بن مُحَمَّد بن زيد قَالَ:
سَمِعت هَذَا من أبي فَلم أحفظه، فقومه لي واقدٌ عَن أَبِيه. قَالَ: سَمِعت أبي وَهُوَ يَقُول: قَالَ عبد الله: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا عبد الله بن عَمْرو كَيفَ أَنْت إِذا بقيت. . " وَذكره.
وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث فِي أَكثر النّسخ، وَإِنَّمَا حكى أَبُو مَسْعُود أَنه رَآهُ فِي كتاب أبي رُمَيْح عَن الْفربرِي وَحَمَّاد بن شَاكر عَن البُخَارِيّ.
1436 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ (النَّجْم) فَسجدَ فِيهَا.
قَالَ أَبُو مَسْعُود: رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي " سُجُود الْقُرْآن " وَلم أَجِدهُ فِيهِ فِيمَا عندنَا من النّسخ.(2/278)
1437 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله أَنه كَانَ ينَام وَهُوَ شابٌّ أعزب لَا أهل لَهُ فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
ذكره أَبُو مَسْعُود فِي أَفْرَاد البُخَارِيّ. وَحكى البرقاني أَن مُسلما أخرجه من حَدِيث أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ عَن عبيد الله، وَلم أَجِدهُ لمُسلم فِيمَا عندنَا من كِتَابه.
1438 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن عبد الله عَن نَافِع: أَن ابْن عمر كَانَ ينْحَر فِي المنحر. قَالَ عبيد الله: منحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَمن حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع:
أَن ابْن عمر كَانَ يبْعَث بهديه من جمع من آخر اللَّيْل حَتَّى يدْخل بِهِ منحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ حجاجٍ، فيهم الْحر والمملوك.
1439 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن عبدا لِابْنِ عمر أبق، فَلحقه بالروم، فَظهر عَلَيْهِم خالدٌ، فَرده إِلَى عبد الله. وَأَن فرسا لعبد الله عَار فظهروا عَلَيْهِ، فَردُّوهُ إِلَى عبد الله. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ ابْن نمير عَن عبيد الله فِي الْفرس: على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع أَن خَالِد بن الْوَلِيد حِين بَعثه أَبُو بكر أَخذ غُلَاما كَانَ فر من ابْن عمر إِلَى أَرض الرّوم، فَأَخذه خالدٌ فَرده عَلَيْهِ.
1440 - الثَّلَاثُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} [سُورَة الْبَقَرَة] ، قَالَ: يَأْتِيهَا فِيهِ.
وَأخرجه من حَدِيث عبد الله بن عون عَن نَافِع قَالَ:
كَانَ ابْن عمر إِذا قَرَأَ(2/279)
الْقُرْآن لم يتَكَلَّم حَتَّى يفرغ مِنْهُ، فَأخذت عَلَيْهِ يَوْمًا، فَقَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة حَتَّى انْتهى إِلَى مكانٍ، قَالَ: أَتَدْرِي فيمَ أنزلت؟ فَقلت: لَا. قَالَ: نزلت فِي كَذَا وَكَذَا ثمَّ مضى.
وَفِي عقبَة من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} ،: يَأْتِيهَا فِيهِ. يَعْنِي فِي الْفرج.
وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ البُخَارِيّ، لِأَنَّهُ أورد بعده فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة حَدِيث جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، قَالَ: كَانَت الْيَهُود تَقول:
إِذا جَامعهَا من وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَد أَحول، فَنزلت: {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} .
1441 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَنه قَرَأَ {فديَة طَعَام مِسْكين} [سُورَة الْبَقَرَة] ، فَقَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة.
1442 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَنه أَتَاهُ رجلَانِ فِي فتْنَة ابْن الزبير، فَقَالَا: إِن النَّاس صَنَعُوا مَا ترى، وَأَنت ابْن عمر وَصَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَمَا يمنعك أَن تخرج؟ قَالَ: يَمْنعنِي أَن الله حرم عَليّ دم أخي الْمُسلم. فَقَالَا: ألم يقل الله تَعَالَى: {وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة} [سُورَة الْبَقَرَة] قَالَ: قد قاتلنا حَتَّى لم تكن فتنةٌ، وَكَانَ الدّين لله، وَأَنْتُم تُرِيدُونَ أَن تقاتلوا حَتَّى تكون فتْنَة، وَيكون الدّين لغير الله.
وَأخرجه من حَدِيث سعيد بن جُبَير قَالَ:
خرج إِلَيْنَا ابْن عمر وَنحن نرجو أَن يحدثنا حَدِيثا حسنا، فبدأنا رجلٌ يُقَال لَهُ حَكِيم، فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، كَيفَ ترى فِي الْقِتَال فِي الْفِتْنَة، وَالله تَعَالَى يَقُول: {وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة} ؟ فَقَالَ: هَل تَدْرِي مَا الْفِتْنَة - ثكلتك أمك؟ إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَاتل الْمُشْركين، وَكَانَ الدُّخُول فِي دينهم فتْنَة، وَلَيْسَ بقتالكم على الْملك.(2/280)
وَقد تقدم فِي حَدِيث:
" بني الْإِسْلَام على خمس " مُتَّصِلا بِهِ، للْبُخَارِيّ فصل فِي هَذَا الْمَعْنى من الْفِتْنَة.
1443 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: لما قدم الْمُهَاجِرُونَ الْأَولونَ الْعصبَة - موضعا بقباء - قبل مقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يؤمهم سالمٌ مولى أبي حُذَيْفَة، وَكَانَ أَكْثَرهم قُرْآنًا.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
كَانَ سالمٌ مولى أبي حُذَيْفَة يؤم الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين وَأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجِد قبَاء، فيهم أَبُو بكر وَعمر وَأَبُو سَلمَة وزيدٌ وعامر بن ربيعَة.
1444 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا فِي زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نعدل بِأبي بكر أحدا، ثمَّ عمر، ثمَّ عُثْمَان، ثمَّ نَتْرُك أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نفاضل بَينهم.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
كُنَّا نخير بَين النَّاس فِي زمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنخير أَبَا بكرٍ، ثمَّ عمر بن الْخطاب، ثمَّ عُثْمَان بن عَفَّان.
1445 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن نَافِع: أَن ابْن عمر ذكر لَهُ أَن سعيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل - وَكَانَ بَدْرِيًّا - مرض فِي يَوْم جُمُعَة، فَركب إِلَيْهِ بعد أَن تَعَالَى النَّهَار واقتربت الْجُمُعَة، وَترك الْجُمُعَة.
1446 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن مَالك عَن نَافِع قَالَ: قَالَ ابْن عمر: إِذا مَضَت(2/281)
أَرْبَعَة أشهرٍ يُوقف حَتَّى يُطلق، وَلَا يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق حَتَّى يُطلق. يَعْنِي المؤلي.
قَالَ: وَيذكر ذَلِك عَن عُثْمَان وَعلي وَأبي الدَّرْدَاء وَعَائِشَة واثني عشر رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرج أَيْضا من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع:
أَن ابْن عمر كَانَ يَقُول فِي الْإِيلَاء الَّذِي سمى الله عز وَجل: لَا يحل لأحدٍ بعد الْأَجَل إِلَّا أَن يمسك بِالْمَعْرُوفِ، أَو يعزم الطَّلَاق، كَمَا أَمر الله تَعَالَى.
1447 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن مَالك عَن نَافِع قَالَ: كَانَ ابْن عمر يُعْطي زَكَاة رَمَضَان بِمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - الْمَدّ الأول، وَفِي كَفَّارَة الْيَمين بِمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ أَبُو قُتَيْبَة سلم بن قُتَيْبَة:
قَالَ لنا مَالك: مدنا أعظم من مدكم، وَلَا نرى الْفضل إِلَّا فِي مد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: وَقَالَ لي مالكٌ: لَو جَاءَكُم أَمِير فَضرب مدا أَصْغَر من مد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِأَيّ شَيْء كُنْتُم تعطون؟ قُلْنَا: كُنَّا نعطي بِمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ: أَفلا ترى أَن الْأَمر إِنَّمَا يعود إِلَى مد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1448 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع: أَن ابْن عمر كَانَ يبيت بِذِي طوى بَين الثنيتين، ثمَّ يدْخل من الثَّنية الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّة. وَكَانَ إِذا قدم حَاجا أَو مُعْتَمِرًا لم ينخ نَاقَته إِلَّا عِنْد بَاب الْمَسْجِد، ثمَّ يدْخل فَيَأْتِي الرُّكْن الْأسود، فَيبْدَأ بِهِ، ثمَّ يطوف سبعا: ثَلَاثًا سعياً، وأربعاً مشياً، ثمَّ ينْصَرف فَيصَلي سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يرجع إِلَى منزله، فيطوف بَين الصَّفَا والمروة. وَكَانَ إِذا صدر عَن الْحَج أَو الْعمرَة أَنَاخَ بالبطحاء الَّتِي بِذِي الحليفة، الَّتِي كَانَ رَسُول الله ينيخ بهَا.
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا مِنْهُ تَعْلِيقا، فَقَالَ:
وَقَالَ مُحَمَّد بن عِيسَى: حَدثنَا حَمَّاد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ إِذا أقبل بَات بِذِي طوى، حَتَّى إِذا أصبح دخل، وَإِذا نفر مر بِذِي طوى، وَبَات بهَا حَتَّى يصبح، وَكَانَ يذكر أَن النَّبِي(2/282)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يفعل ذَلِك.
1449 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن عمر بن مُحَمَّد بن زيد الْعمريّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: إِن النَّاس كَانُوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة تفَرقُوا فِي ظلال الشّجر، فَإِذا النَّاس، محدقون بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ - يَعْنِي عمر: يَا عبد الله، انْظُر مَا شَأْن النَّاس قد أَحدقُوا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَوَجَدَهُمْ يبايعون، فَبَايع ثمَّ رَجَعَ إِلَى عمر، فَخرج فَبَايع.
وَأخرجه من حَدِيث صَخْر بن جوَيْرِية عَن نَافِع قَالَ:
إِن النَّاس يتحدثون أَن ابْن عمر أسلم قبل عمر، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَلَكِن عمر يَوْم الْحُدَيْبِيَة أرسل عبد الله إِلَى فرس لَهُ عِنْد رجلٍ من الْأَنْصَار يَأْتِي بِهِ لِيُقَاتل عَلَيْهِ، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايع عِنْد الشَّجَرَة، وَعمر لَا يدْرِي بذلك، فَبَايعهُ عبد الله، ثمَّ ذهب إِلَى الْفرس، فجَاء بِهِ إِلَى عمر، وَعمر يستلئم لِلْقِتَالِ، فَأخْبرهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايع تَحت الشَّجَرَة قَالَ: فَانْطَلق فَذهب مَعَه حَتَّى بَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَهُوَ الَّذِي يتحدث النَّاس أَن ابْن عمر بَايع قبل عمر.
أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا.
1450 - الْأَرْبَعُونَ: عَن صَالح بن كيسَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن الْمَسْجِد كَانَ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَبْنِيا بِاللَّبنِ، وسقفه بِالْجَرِيدِ، وعمده خشب النّخل، فَلم يزدْ فِيهِ أَبُو بكر شَيْئا، وَزَاد فِيهِ عمر، وبناه على بُنْيَانه فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - بِاللَّبنِ والجريد، وَأعَاد عمده خشباً، ثمَّ عمره عُثْمَان، فَزَاد فِيهِ زِيَادَة كَثِيرَة، وَبنى جِدَاره بِالْحِجَارَةِ المنقوشة والقصة، وَجعل عمده من حجارةٍ منقوشة، وسقفه بالساج.(2/283)
1451 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن لَيْث عَن نَافِع: أَن ابْن عمر كَانَ إِذا سُئِلَ عَن نِكَاح النَّصْرَانِيَّة واليهودية قَالَ: إِن الله حرم المشركات على الْمُؤمنِينَ، وَلَا أعلم من الْإِشْرَاك شَيْئا أَكثر من أَن تَقول الْمَرْأَة: رَبهَا عِيسَى، وَهُوَ عبدٌ من عباد الله عز وَجل.
1452 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن يُونُس بن يزِيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقبل يَوْم الْفَتْح من أَعلَى مَكَّة على رَاحِلَته، مردفاً أُسَامَة، وَمَعَهُ بلالٌ، وَمَعَهُ عُثْمَان بن طَلْحَة، من الحجبة، حَتَّى أَنَاخَ فِي الْمَسْجِد، فَأمره أَن يَأْتِي بمفتاح الْبَيْت، فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمَعَهُ أُسَامَة بن زيد وبلالٌ وَمَعَهُ عُثْمَان بن طَلْحَة، فَمَكثَ فِيهَا نَهَارا طَويلا ثمَّ خرج، فَاسْتَبق النَّاس، فَكَانَ عبد الله أول من دخل فَوجدَ بِلَالًا وَرَاء الْبَاب قَائِما، فَسَأَلَهُ: أَيْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَأَشَارَ لَهُ إِلَى الْمَكَان الَّذِي صلى فِيهِ. قَالَ عبد الله: فنسيت أَن أسأله: كم صلى من سَجْدَة.
1353 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا نصيب فِي مغازينا الْعَسَل وَالْعِنَب، فنأكله وَلَا نرفعه.
1454 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع قَالَ: كَانَ ابْن عمر يجمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع، غير أَنه يمر بِالشعبِ الَّذِي أَخذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَيدْخل، فينتفض وَيتَوَضَّأ، وَلَا يُصَلِّي حَتَّى يُصَلِّي بِجمع.
1455 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن جوَيْرِية عَن نَافِع قَالَ: قَالَ ابْن عمر: رَجعْنَا من الْعَام الْمقبل، فَمَا اجْتمع منا اثْنَان على الشَّجَرَة الَّتِي بَايعنَا تحتهَا، كَانَت رَحْمَة من الله فَسَأَلت نَافِعًا: على أَي شَيْء بايعهم - على الْمَوْت؟ قَالَ: لَا، بايعهم على الصَّبْر.(2/284)
1456 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن مَالك بن مغول البَجلِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: لقد حرمت الْخمر، وَمَا بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا شيءٌ.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الْعَزِيز عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ:
نزل تَحْرِيم الْخمر وَإِن بِالْمَدِينَةِ يومئذٍ لخمسة أشربةٍ، مَا مِنْهَا شراب الْعِنَب.
وَلَيْسَ لعبد الْعَزِيز عَن نَافِع عَن ابْن عمر فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
1457 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن فُضَيْل بن غَزوَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا، فَلم يدْخل عَلَيْهَا، وَجَاء عليٌّ، فَذكرت ذَلِك لَهُ، فَذكره للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: " إِنِّي رَأَيْت على بَابهَا سترا موشياً "، وَقَالَ: " مَا لي وللدنيا ". فَأَتَاهَا عليٌّ فَذكر ذَلِك لَهَا، فَقَالَت: ليأمرني فِيهِ بِمَا شَاءَ. قَالَ: ترسلي بِهِ إِلَى فلَان، أهل بَيت بهم حَاجَة.
1458 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن فليح بن سُلَيْمَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج مُعْتَمِرًا، فحال كفار قريشٍ بَينه وَبَين الْبَيْت، فَنحر هَدْيه، وَحلق رَأسه بِالْحُدَيْبِية، وَقَاضَاهُمْ على أَن يعْتَمر الْعَام الْمقبل، وَلَا يحمل سِلَاحا عَلَيْهِم إِلَّا سيوفاً، وَلَا يُقيم إِلَّا مَا أَحبُّوا. فَاعْتَمَرَ من الْعَام الْمقبل، فَدَخلَهَا كَمَا كَانَ صَالحهمْ، فَلَمَّا أَن أَقَامَ بهَا ثَلَاثًا، أَمرُوهُ أَن يخرج، فَخرج.
1459 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن فليح عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفنَاء الْكَعْبَة مُحْتَبِيًا بِيَدِهِ هَكَذَا.
1460 - الْخَمْسُونَ: عَن عبد الله بن سعيد بن أبي هِنْد عَن نَافِع عَن ابْن عمر(2/285)
قَالَ: أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة مُؤْتَة زيد بن حَارِثَة فَقَالَ: " إِن قتل زيدٌ فجعفرٌ، فَإِن قتل جعفرٌ فعبد الله بن رَوَاحَة " قَالَ ابْن عمر: فَكنت مَعَهم فِي تِلْكَ الْغَزْوَة، فالتمسنا جعفراً فوجدناه فِي الْقَتْلَى، وَوجدنَا فِيمَا أقبل من جسده بضعاً وَسبعين: بَين طعنة ورمية.
وَلَيْسَ لعبد الله بن سعيد بن أبي هِنْد عَن نَافِع عَن ابْن عمر فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث سعيد بن أبي هِلَال عَن نَافِع طرفا مِنْهُ عَن ابْن عمر: أَنه وقف على جَعْفَر يومئذٍ وَهُوَ قَتِيل، قَالَ: فعددت بِهِ خمسين طعنة وضربةً، لَيْسَ مِنْهَا شيءٌ فِي دبره.
وَلَيْسَ لسَعِيد بن أبي هِلَال عَن نَافِع عَن ابْن عمر فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
1461 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن عَليّ بن الحكم الْبنانِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عسب الْفَحْل.
1462 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن أبي حَفْص عمر بن الْعَلَاء - وَسَماهُ عُثْمَان بن عمر: معَاذ بن عمر، وَهُوَ أَخُو أبي عَمْرو بن الْعَلَاء - عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب إِلَى جذعٍ، فَلَمَّا اتخذ الْمِنْبَر تحول إِلَيْهِ، فحن الْجذع، فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فمسحه.
وَفِي حَدِيث عُثْمَان بن عمر: فَالْتَزمهُ. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ عبد الحميد: حَدثنَا عُثْمَان بن عمر. وَذكره.(2/286)
وَعبد الحميد هُوَ عبد حميد الكسي، وَلم يذكر لَهُ البُخَارِيّ غير هَذَا، وَمَا سَمعه.
وَأخرجه أَيْضا تَعْلِيقا فَقَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِم عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد يَعْنِي عَن نَافِع فِي حَدِيث الْجذع -
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أسن وَكبر قيل: أَلا تتَّخذ لَك منبراً. . الحَدِيث. وَفِيه: فَلَمَّا صعد حن الْجذع، فَنزل إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاحْتَضَنَهُ، وساره بِشَيْء.
وَلَيْسَ لعبد الْعَزِيز بن أبي رواد فِي الصَّحِيح عَن نَافِع عَن ابْن عمر غير هَذَا الَّذِي أخرجه عَنهُ تَعْلِيقا.
1463 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن أسلم مولى عمر قَالَ: سَأَلَني ابْن عمر عَن بعض شَأْنه - يَعْنِي عمر، فَأَخْبَرته، فَقَالَ: مَا رَأَيْت قطّ بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حِين قبض كَانَ أجد وأجود حَتَّى انْتهى، من عمر رَضِي الله عَنهُ.
1464 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن زيد بن أسلم عَن ابْن عمر قَالَ: قدم رجلَانِ من الْمشرق، فخطبا، فَعجب النَّاس لبيانهما، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن من الْبَيَان لسحراً " أَو " إِن من بعض الْبَيَان لسحراً ".
1465 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن مَالك عَن عبد الله بن دِينَار: أَن عبد الله بن عمر كتب إِلَى عبد الْملك بن مَرْوَان يبايعه: وَأقر لَك بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة على سنة الله وَسنة رَسُوله فِيمَا اسْتَطَعْت(2/287)
وَأخرجه من حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن دِينَار قَالَ:
شهِدت ابْن عمر حَيْثُ اجْتمع النَّاس على عبد الْملك، كتب: إِنِّي أقرّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة لعبد الله عبد الْملك أَمِير الْمُؤمنِينَ على سنة الله وَسنة رَسُوله، مَا اسْتَطَعْت، وَإِن بني قد أقرُّوا بِمثل ذَلِك.
1466 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة الْمَاجشون: عَن عبد الله بن دِينَار قَالَ: نظر ابْن عمر إِلَى رجلٍ يسحب ثِيَابه فِي نَاحيَة الْمَسْجِد، فَقَالَ: انْظُرُوا من هَذَا؟ قَالَ إنسانٌ: هَذَا مُحَمَّد بن أُسَامَة. فطأطأ رَأسه وَقَالَ: لَو رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَأحبهُ.
1467 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن سُفْيَان بن سعيد عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا نتقي الْكَلَام والانبساط إِلَى نسائنا على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينزل فِينَا شيءٌ، فَلَمَّا توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تكلمنا وانبسطنا.
1468 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن دِينَار عَن أَبِيه عَن ابْن عمر قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَبِيع حاضرٌ لبادٍ.
1469 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن دِينَار عَن أَبِيه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم، يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم، صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ ".
1470 - السِّتُّونَ: عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله عَن أَبِيه عَن ابْن عمر قَالَ: مَا شبعنا حَتَّى فتحنا خَيْبَر.(2/288)
1471 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أفرى الفرى أَن يري الرجل عَيْنَيْهِ مَا لم تريا. "
1472 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن ابْن عمر قَالَ: أول مشهدٍ شهدته الخَنْدَق.
1473 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ: عَن سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لن يزَال الْمُؤمن فِي فسحة من دينه مَا لم يصب دَمًا حَرَامًا ".
قَالَ: وَقَالَ ابْن عمر:
إِن من ورطات الْأُمُور الَّتِي لَا مخرج لمن أوقع نَفسه فِيهَا، سفك الدَّم الْحَرَام بِغَيْر حلّه.
1474 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن سعيد بن عَمْرو عَن ابْن عمر قَالَ: رَأَيْتنِي مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بنيت بيَدي بَيْتا يكتني من الْمَطَر، ويظلني من الشَّمْس، مَا أعانني عَلَيْهِ أحدٌ من خلق الله عز وَجل.
وَقد أخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار الْمَكِّيّ عَن ابْن عمر قَالَ:
مَا وضعت لبنة مُنْذُ قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1475 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ: عَن سعيد بن عَمْرو قَالَ: دخل الْحجَّاج على ابْن عمر وَأَنا عِنْده، فَقَالَ: كَيفَ هُوَ؟ قَالَ: صَالح. قَالَ: من أَصَابَك؟ قَالَ: أصابني من أَمر بِحمْل السِّلَاح فِي يومٍ لَا يحل فِيهِ حمله. يَعْنِي الْحجَّاج.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث سعيد بن جُبَير قَالَ:
كنت مَعَ ابْن عمر حِين أَصَابَهُ سِنَان الرمْح فِي أَخْمص قدمه، فلزقت قدمه بالركاب، فَنزلت فنزعتها وَذَلِكَ بمنى. فَبلغ الْحجَّاج، فَجَاءَهُ ويعوده، فَقَالَ الْحجَّاج: لَو نعلم من أَصَابَك؟ فَقَالَ ابْن(2/289)
عمر: أَنْت أصبتني. قَالَ: وَكَيف؟ قَالَ: حملت السِّلَاح فِي يومٍ لم يكن يحمل فِيهِ، وأدخلت السِّلَاح الْحرم، وَلم يكن السِّلَاح يدْخل الْحرم.
1476 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ: عَن مُجَاهِد بن جبر الْمَكِّيّ قَالَ: قلت لِابْنِ عمر: أُرِيد أَن أُهَاجِر إِلَى الشَّام. قَالَ: لَا هِجْرَة، وَلَكِن جهادٌ، فَانْطَلق فاعرض نَفسك، فَإِن وجدت شَيْئا وَإِلَّا رجعت.
وَفِي رِوَايَة عَبدة بن أبي لبَابَة قَالَ:
لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح.
1477 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن مُجَاهِد عَن ابْن عمر قَالَ: أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمنكبي فَقَالَ: " كن فِي الدُّنْيَا كَأَنَّك غريبٌ، أَو عَابِر سَبِيل " وَكَانَ ابْن عمر يَقُول: إِذا أمسيت فَلَا تنْتَظر الصَّباح، وَإِذا أَصبَحت فَلَا تنْتَظر الْمسَاء، وَخذ من صحتك لمرضك، وَمن حياتك لموتك.
1478 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ: عَن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة أَن بني صُهَيْب مولى بني جدعَان ادعوا بَيْتَيْنِ وحجرةٌ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعْطى ذَلِك صهيباً، فَقَالَ مَرْوَان: من يشْهد لكم على ذَلِك؟ قَالُوا: ابْن عمر. فَدَعَاهُ، فَشهد لأعطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صهيباً بَيْتَيْنِ وحجرة، فَقضى مَرْوَان بِشَهَادَتِهِ لَهُم.
1479 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ: عَن عِكْرِمَة بن خَالِد المَخْزُومِي قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن الْعمرَة قبل الْحَج، قَالَ: لَا بَأْس، اعْتَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل الْحَج.
1478 - السبعون: عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر، فَكَانَ عَليّ بكرٍ لعمر صعبٍ، وَكَانَ يتَقَدَّم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَيَقُول أَبوهُ: يَا عبد الله، لَا يتَقَدَّم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدٌ. فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بعنيه " قَالَ عمر: هُوَ لَك.
فَاشْتَرَاهُ، ثمَّ قَالَ: " هُوَ لَك يَا عبد الله بن عمر، فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْت ".(2/290)
وَفِي رِوَايَة الْحميدِي عَن سُفْيَان عَنهُ قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفرٍ، فَكنت على بكرٍ صعبٍ لعمر، فَكَانَ يغلبني، فيتقدم أَمَام الْقَوْم، فيزجره عمر وَيَردهُ، ثمَّ يتَقَدَّم فيزجره عمر وَيَردهُ. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمر: " بعنيه " قَالَ: هُوَ لَك يَا رَسُول الله. قَالَ: " بعنيه " فَبَاعَهُ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هُوَ لَك يَا عبد الله ابْن عمر، تصنع بِهِ مَا شِئْت ".
1481 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: عَن عَمْرو بن دِينَار الْمَكِّيّ قَالَ: قَالَ ابْن عمر: لما أسلم عمر اجْتمع النَّاس عِنْد دَاره وَقَالُوا: صَبأ عمر، وَأَنا غلامٌ فَوق ظهر بَيْتِي، فجَاء رجل عَلَيْهِ قبَاء ديباج فَقَالَ: صَبأ عمر، فَمَا ذَاك؟ فَأَنا لَهُ جارٌ. قَالَ: فَرَأَيْت النَّاس تصدعوا عَنهُ. فَقلت: من هَذَا؟ قَالَ: الْعَاصِ بن وَائِل.
وَفِي مُسْند عمر نَحْو مِنْهُ.
1482 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: عَن أبي عَمْرو عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ ابْن عمر إِذا سلم على ابْن جعفرٍ - يَعْنِي عبد الله، قَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا ابْن ذِي الجناحين.
1483 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ: عَن سعد بن عُبَيْدَة عَن ابْن عمر قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى ابْن عمر فَسَأَلَهُ عَن عُثْمَان، فَذكر محَاسِن عمله. فَقَالَ: لَعَلَّ ذَاك يسوءك.
قَالَ: نعم. قَالَ: فأرغم الله بأنفك. ثمَّ سَأَلَهُ عَن عَليّ، فَذكر محَاسِن عمله، قَالَ: هُوَ ذَاك بَيته أَوسط بيُوت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. ثمَّ قَالَ: لَعَلَّ ذَلِك يسوءك. قَالَ: أجل. قَالَ: فأرغم الله بأنفك، انْطلق فاجهد على جهدك.
وَقد تقدم فِي حَدِيث:
بني الْإِسْلَام على خمس " زيادةٌ فِيهِ للْبُخَارِيّ من هَذَا الْمَعْنى فِي عَليّ وَعُثْمَان.(2/291)
وَقد أخرج البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث عُثْمَان بن عبد الله بن موهب قَالَ:
جَاءَ رجلٌ من أهل مصر يُرِيد حج الْبَيْت، فَرَأى قوما جُلُوسًا، فَقَالَ: من هَؤُلَاءِ الْقَوْم؟ قَالُوا: هَؤُلَاءِ قريشٌ. قَالَ: فَمن الشَّيْخ فيهم؟ قَالُوا: عبد الله بن عمر. قَالَ: يَا ابْن عمر، إِنِّي سَائِلك عَن شَيْء، فَحَدثني: هَل تعلم أَن عُثْمَان فر يَوْم أحد؟ قَالَ: نعم. قَالَ: تعلم أَنه تغيب عَن بدر وَلم يشْهد؟ قَالَ: نعم. قَالَ: تعلم أَنه تغيب عَن بيعَة الرضْوَان فَلم يشهدها؟ قَالَ: نعم، قَالَ: الله أكبر. قَالَ ابْن عمر: تعال أبين لَك:
أما فراره يَوْم أحدٍ فَأشْهد أَن الله عَفا عَنهُ. وَأما تغيبه عَن بدرٍ، فَإِنَّهُ كَانَت تَحْتَهُ رقية بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَت مريضةٌ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن لَك أجر رجل مِمَّن شهد بَدْرًا وسهمه ". وَأما عَن بيعَة الرضْوَان، فَلَو كَانَ أحدٌ أعز بِبَطن مَكَّة من عُثْمَان لبعثه، فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُثْمَان، وَكَانَت بيعَة الرضْوَان بَعْدَمَا ذهب عُثْمَان إِلَى مَكَّة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ الْيُمْنَى: " هَذِه يَد عُثْمَان " فَضرب بهَا على يَده وَقَالَ: " هَذِه لعُثْمَان " ثمَّ قَالَ ابْن عمر: اذْهَبْ بهَا الْآن مَعَك.
1484 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن وبرة بن عبد الرَّحْمَن الْمسلي قَالَ: سَأَلت ابْن عمر: مَتى أرمي الْجمار؟ قَالَ: إِذا رمى إمامك فارمه. فَأَعَدْت عَلَيْهِ الْمَسْأَلَة. قَالَ: كُنَّا نتحين، فَإِذا زَالَت الشَّمْس رمينَا.
1485 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ: عَن حَرْمَلَة مولى أُسَامَة: أَن الْحجَّاج بن أَيمن، ابْن أم أَيمن - وَكَانَ أَخا لأسامة لأمه، من الْأَنْصَار - رَآهُ ابْن عمر لَا يتم رُكُوعه. قَالَ: أعد. زَاد ابْن نمير: فَلَمَّا ولى قَالَ ابْن عمر: من هَذَا؟ قلت: الْحجَّاج بن أَيمن.(2/292)
قَالَ لَو رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا لَأحبهُ. زَاد بعض الروَاة: وَكَانَت حاضنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَلَيْسَ لحرملة مولى أُسَامَة عَن ابْن عمر فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
1486 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ: عَن عبد الرَّحْمَن بن مل، أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: سَمِعت ابْن عمر يغْضب إِذا قيل لَهُ: إِنَّه هَاجر قبل أَبِيه. قَالَ ابْن عمر: قدمت أَنا وَعمر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة، فوجدناه قَائِلا، فرجعنا إِلَى الْمنزل، فأرسلني عمر فَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُر هَل اسْتَيْقَظَ؟ فَوَجَدته قد اسْتَيْقَظَ، فَبَايَعته ثمَّ انْطَلَقت إِلَى عمر، فَجِئْنَا نهرول، فَبَايعهُ ثمَّ بايعته.
وَلَيْسَ لأبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن ابْن عمر فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
1487 - السَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم البَجلِيّ قَالَ: كنت شَاهدا لِابْنِ عمر، وَسَأَلَهُ رجلٌ عَن دم البعوض، فَقَالَ: مِمَّن أَنْت؟ قَالَ: من أهل الْعرَاق. قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا، يسألني عَن دم البعوض وَقد قتلوا ابْن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَسمعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " هما ريحانتاي فِي الدُّنْيَا ".
وَفِي حَدِيث شُعْبَة قَالَ:
وَأَحْسبهُ سَأَلَهُ عَن الْمحرم يقتل الذُّبَاب، قَالَ: يَا أهل الْعرَاق، تسألونا عَن قتل الذُّبَاب وَقد قتلتم ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... وَذكره. .
وَلَيْسَ لعبد الرَّحْمَن بن أبي نعم عَن ابْن عمر فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.(2/293)
1488 - الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ: عَن خَالِد بن أسلم - وَهُوَ أَخُو زيد بن أسلم مولى ابْن عمر - قَالَ: خرجنَا مَعَ عبد الله بن عمر، فَقَالَ أَعْرَابِي: أَخْبرنِي عَن قَول الله عز وَجل: {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} [سُورَة التَّوْبَة] فَقَالَ ابْن عمر: من كنزها فَلم يؤد زَكَاتهَا فويلٌ لَهُ، إِنَّمَا كَانَ هَذَا قبل أَن تنزل الزَّكَاة، فَلَمَّا نزلت جعلهَا الله طهرا للأموال.
وَلَيْسَ لخَالِد بن أسلم عَن ابْن عمر فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
1489 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ: عَن مَرْوَان الْأَصْفَر الْبَصْرِيّ عَن ابْن عمر: أَنَّهَا قد نسخت: {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} [سُورَة الْبَقَرَة] .
وَلَيْسَ لمروان الْأَصْفَر عَن ابْن عمر فِي صَحِيح البُخَارِيّ غير هَذَا.
1490 - الثَّمَانُونَ: عَن مُورق الْعجلِيّ قَالَ: قلت لِابْنِ عمر: تصلي الضُّحَى؟ قَالَ: لَا. قلت: فعمر؟ قَالَ: لَا. قلت: فَأَبُو بكر؟ قَالَ: لَا. قلت: فالنبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا إخَاله.
وَلَيْسَ لمورق الْعجلِيّ فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عمر غير هَذَا الحَدِيث.
1491 - الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ: عَن الزبير بن عدي قَالَ: سَأَلَ رجلٌ ابْن عمر عَن استلام الْحجر. فَقَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستلمه ويقبله: قَالَ: أَرَأَيْت إِن زحمت؟ أَرَأَيْت إِن غلبت؟ قَالَ: اجْعَل " أَرَأَيْت " بِالْيمن، رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستلمه ويقبله.
وَلَيْسَ للزبير بن عدي عَن ابْن عمر فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(2/294)
أَفْرَاد مُسلم
1492 - الأول: عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُعْطي عمر بن الْخطاب الْعَطاء، فَيَقُول لَهُ عمر: أعْطه يَا رَسُول الله أفقر إِلَيْهِ مني. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " خُذْهُ فتموله، أَو تصدق بِهِ، وَمَا جَاءَك من هَذَا المَال وَأَنت غير مشرفٍ وَلَا سائلٍ فَخذه، وَمَا لَا فَلَا تتبعه نَفسك ". قَالَ سَالم: فَمن أجل ذَلِك كَانَ ابْن عمر لَا يسْأَل أحدا شَيْئا، وَلَا يرد شَيْئا أعْطِيه.
جعله بعض الروَاة من مُسْند عمر، فَقَالَ فِيهِ: عَن ابْن عمر عَن عمر، وَهُوَ مَذْكُور هُنَاكَ.
1493 - الثَّانِي: عَن الْقَاسِم بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عَن عَمه سَالم عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يأكلن أحدٌ مِنْكُم بِشمَالِهِ، وَلَا يشربن بهَا، فَإِن الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ وَيشْرب بهَا. قَالَ: وَكَانَ نافعٌ يزِيد فِيهَا: وَلَا يَأْخُذ بهَا، وَلَا يُعْطي بهَا.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أَخِيه أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عَن جده عبد الله بن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا أكل أحدكُم فَليَأْكُل بِيَمِينِهِ، وَإِذا شرب فليشرب بِيَمِينِهِ، فَإِن الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ وَيشْرب بِشمَالِهِ ".
1494 - الثَّالِث: عَن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه أَنه قَالَ:
بَات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذِي الحليفة مبدأه، وَصلى فِي مَسْجِدهَا.
1495 - الرَّابِع: عَن عبد الله بن عبيد الله بن عمر عَن أَبِيه قَالَ: غدونا مَعَ رَسُول(2/295)
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من منى إِلَى عَرَفَات، منا الملبي، وَمنا المكبر.
وَفِي رِوَايَة عمر بن حُسَيْن عَن عبد الله بن أبي سَلمَة:
فمنا المكبر وَمنا المهلل، فَأَما نَحن فنكبر قَالَ: قلت: وَالله لعجباً مِنْكُم، كَيفَ لم تَقولُوا لَهُ: مَاذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع؟ .
1496 - الْخَامِس: عَن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر عَن جده ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الْإِسْلَام بَدَأَ غَرِيبا، وَسَيَعُودُ غَرِيبا كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يأرز بَين المسجدين كَمَا تأرز الْحَيَّة إِلَى جحرها ".
1497 - السَّادِس: عَن عبد الله بن وَاقد بن عبيد الله بن عمر عَن جده عبد الله قَالَ: مَرَرْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي إزَارِي استرخاءٌ، فَقَالَ: " يَا عبد الله، ارْفَعْ إزارك " فَرَفَعته ثمَّ قَالَ: " زد " فزدت، فَمَا زلت أتحراها بعد. فَقَالَ بعض الْقَوْم: أَيْن؟ قَالَ: أَنْصَاف السَّاقَيْن.
وَلَيْسَ لعبد الله بن وَاقد عَن جده فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
1498 - السَّابِع: عَن بكير بن عبد الله بن الْأَشَج، وَزيد بن مُحَمَّد جَمِيعًا عَن نَافِع قَالَ: جَاءَ عبد الله بن عمر إِلَى عبد الله بن مُطِيع حِين كَانَ من أَمر الْحرَّة مَا كَانَ زمن يزِيد بن مُعَاوِيَة، فَقَالَ: اطرحوا لأبي عبد الرَّحْمَن وسَادَة، فَقَالَ: إِنِّي لم آتِك لأجلس، أَتَيْتُك لأحدثك حَدِيثا: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من خلع يدا من طاعةٍ لَقِي الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا حجَّة لَهُ، وَمن مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقه بيعةٌ مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة ". حَدِيث أَحدهمَا نَحْو حَدِيث الآخر.(2/296)
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عَاصِم بن مُحَمَّد عَن نَافِع كَذَلِك.
وَمن حَدِيث أسلم مولى عمر عَن ابْن عمر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من نزع يدا من طاعةٍ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة لَا حجَّة لَهُ: وَمن مَاتَ وَهُوَ مفارقٌ للْجَمَاعَة فَإِنَّهُ يَمُوت ميتَة جَاهِلِيَّة ".
1499 - الثَّامِن: عَن عبيد الله عَن نَافِع ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير اسْم عاصية، وَقَالَ: " أَنْت جميلَة ".
وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن عبيد الله بِالْإِسْنَادِ:
أَن ابْنة لعمر كَانَ يُقَال لَهَا عاصية، فسماها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جميلَة.
1500 - التَّاسِع: عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا جلس فِي الصَّلَاة وضع يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ، وَرفع إصبعه الْيُمْنَى الَّتِي تلِي الْإِبْهَام، فَدَعَا بهَا وَيَده الْيُسْرَى على ركبته باسطها عَلَيْهَا.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قعد فِي التَّشَهُّد وضع يَده الْيُسْرَى على ركبته الْيُسْرَى، وَوضع يَده الْيُمْنَى على ركبته الْيُمْنَى، وَعقد ثَلَاثَة وَخمسين، وَأَشَارَ بالسبابة.
وَمن حَدِيث عَليّ بن عبد الرَّحْمَن المعاوي:
رَآنِي عبد الله بن عمر وَأَنا أعبث بالحصا فِي الصَّلَاة، فَلَمَّا انْصَرف نهاني فَقَالَ: اصْنَع كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع. قَالَ: كَانَ إِذا جلس فِي الصَّلَاة وضع كَفه الْيُمْنَى على فَخذه الْيُمْنَى،(2/297)
وَقبض أَصَابِعه كلهَا، وَأَشَارَ بإصبعه الَّتِي تلِي الْإِبْهَام، وَوضع كَفه الْيُسْرَى على فَخذه الْيُسْرَى.
1501 - الْعَاشِر: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض مغازيه، قَالَ ابْن عمر: فَأَقْبَلت نَحوه، فَانْصَرف قبل أَن أبلغه، فَسَأَلت: مَاذَا قَالَ؟ فَقَالُوا: نهى أَن ينتبذ فِي الدُّبَّاء والمزفت.
وَأخرجه من حَدِيث أَيُّوب، وَمَالك، وَاللَّيْث بن سعد، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَالضَّحَّاك بن عُثْمَان، وَأُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، كلهم عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِنَحْوِ ذَلِك، وَلم يقل: فِي بعض مغازيه - إِلَّا مَالك وَأُسَامَة.
وَمن حَدِيث ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: قلت لِابْنِ عمر:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نَبِيذ الْجَرّ؟ قَالَ: فَقَالَ: قد زَعَمُوا ذَاك. قلت: أنهى عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: قد زَعَمُوا ذَاك.
وَلَيْسَ لِثَابِت عَن ابْن عمر فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَأخرجه من حَدِيث طَاوس بن كيسَان عَن ابْن عمر قَالَ:
كنت جَالِسا عِنْد ابْن عمر، فَجَاءَهُ رجلٌ فَقَالَ: أنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نَبِيذ الْجَرّ والدباء والمزفت؟ قَالَ: نعم.
وَمن حَدِيث محَارب بن دثار قَالَ:
سَمِعت ابْن عمر غير مرّة يَقُول: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الحنتم والدباء، والمزفت. قَالَ: وَأرَاهُ قَالَ: والنقير.
وَمن حَدِيث جبلة بن سحيم عَن ابْن عمر قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الحنتمة. فَقلت: مَا الحنتمة: قَالَ: الجرة.(2/298)
وَمن حَدِيث عَمْرو بن مرّة عَن زَاذَان قَالَ: قلت لِابْنِ عمر:
حَدثنِي بِمَا نهى عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْأَشْرِبَة بلغتك، وَفَسرهُ لي بلغتنا، فَإِن لكم لُغَة غير لغتنا. فَقَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الحنتم: وَهِي الجرة، وَعَن الدُّبَّاء: وَهِي الْقرعَة، وَعَن المزفت: وَهُوَ المقير، وَعَن النقير: وَهِي النَّخْلَة تنسج نسجاً، وتنقر نقراً، وَأمر أَن ينتبذ فِي الأسقية.
وَمن حَدِيث عبد الْخَالِق بن سَلمَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ:
سَمِعت ابْن عمر عِنْد هَذَا الْمِنْبَر وَأَشَارَ إِلَى مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: قدم وَفد عبد الْقَيْس على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسَأَلُوهُ عَن الْأَشْرِبَة، فنهاهم عَن الدُّبَّاء، والنقير، والحنتم.
فَقلت: يَا أَبَا مُحَمَّد، والمزفت - وظننا أَنه نَسيَه - فَقَالَ: لم أسمعهُ يومئذٍ من ابْن عمر، وَقد كَانَ يكره هَذَا.
وَلَيْسَ لعبد الْخَالِق الشَّيْبَانِيّ الْبَصْرِيّ فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد. قَالَه أَبُو مَسْعُود.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي الزبير مُحَمَّد بن مُسلم بن تدرس الْمَكِّيّ عَن ابْن عمر قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْهَى عَن الْجَرّ والدباء والمزفت. قَالَ أَبُو الزبير: وَسمعت جَابر بن عبد الله يَقُول: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجَرّ والمزفت والنقير. وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا لم يجد شَيْئا ينْبذ لَهُ نبذ فِي تورٍ من حِجَارَة.
وَمن حَدِيث سعيد بن جُبَير قَالَ:
أشهد على ابْن عمر وَابْن عَبَّاس أَنَّهُمَا شَهدا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الدُّبَّاء والحنتم والمزفت والنقير.(2/299)
وَفِي حَدِيث يعلى بن حَكِيم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ:
سَأَلت ابْن عمر عَن نَبِيذ الْجَرّ. قَالَ: حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِيذ الْجَرّ فَأتيت ابْن عَبَّاس فَقلت: أَلا تسمع مَا يَقُول ابْن عمر. قَالَ: وَمَا يَقُول؟ قلت: قَالَ: حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِيذ الْجَرّ.
قَالَ: صدق ابْن عمر، حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِيذ الْجَرّ. فَقلت: وَأي شَيْء نَبِيذ الْجَرّ قَالَ: كل شيءٍ يصنع من الْمدر.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عقبَة بن حُرَيْث عَن ابْن عمر قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجَرّ والدباء والمزفت. وَقَالَ: " انتبذوا فِي الأسقية ".
1502 - الْحَادِي عشر: عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الرُّؤْيَا الصَّالِحَة جُزْء من سبعين جُزْءا من النُّبُوَّة ".
وَحكى أَبُو مَسْعُود أَن مُسلما أخرجه من حَدِيث اللَّيْث عَن نَافِع قَالَ:
حسبت ابْن عمر قَالَ: جُزْء من سبعين جُزْءا من النُّبُوَّة. وَلم أَجِدهُ فِي كتاب مُسلم.
وَحكى أَبُو مَسْعُود أَيْضا أَن مُسلما أخرجه بِغَيْر شكٍّ من حَدِيث الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَقَالَ: إِن فِيهِ: " الرُّؤْيَا الصَّالِحَة من العَبْد الصَّالح ".
وَقَالَ: إِن ذَلِك فِي كتاب " الرُّؤْيَا " لمُسلم. وَلم أَجِدهُ فِيهِ.
1503 - الثَّانِي عشر: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مثل الْمُنَافِق كَمثل الشَّاة العائرة بَين الْغَنَمَيْنِ، تعير إِلَيّ هَذِه مرّة، وَإِلَى هَذِه مرّة " زَاد أَبُو مَسْعُود: " لَا تَدْرِي أَيهَا تتبع ". وَلَيْسَ ذَلِك فِي الْكتاب.(2/300)
وَأخرجه من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وأغفل أَبُو مَسْعُود حَدِيث مُوسَى بن عقبَة، فَلم يذكرهُ فِي تَرْجَمته.
1504 - الثَّالِث عشر: عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " صلاةٌ فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صلاةٍ فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَمن حَدِيث مُوسَى بن عبد الله الْجُهَنِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.
وَلَيْسَ لمُوسَى الْجُهَنِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
1505 - الرَّابِع عشر: عَن عباد بن عباد عَن عبيد الله، وَعبد الله ابْني عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، سَمعه مِنْهُمَا سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن أحب أسمائكم إِلَى الله عبد الله وَعبد الرَّحْمَن ".
1506 - الْخَامِس عشر: عَن بكير بن عبد الله بن الْأَشَج عَن نَافِع قَالَ: كَانَ ابْن عمر يستجمر بالألوة غير مطراة، وبكافور يطرحه مَعَ الألوة، وَيَقُول: هَكَذَا كَانَ يستجمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.(2/301)
1507 - السَّادِس عشر: عَن عِيسَى بن حَفْص بن عَاصِم عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من صَبر على لأوائها - يَعْنِي الْمَدِينَة - كنت لَهُ شَفِيعًا أَو شَهِيدا يَوْم الْقِيَامَة ".
وَأخرجه من حَدِيث يحنس مولى مُصعب بن الزبير بن الْعَوام:
أَنه كَانَ جَالِسا عِنْد عبد الله بن عمر فِي الْفِتْنَة، فَأَتَتْهُ مولاةٌ لَهُ تسلم عَلَيْهِ، فَقَالَت: إِنِّي أردْت الْخُرُوج يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، اشْتَدَّ علينا الزَّمَان. فَقَالَ لَهَا عبد الله: اقعدي لكاع، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا يصبر على لأوائها وشدتها أحدٌ إِلَّا كنت لَهُ شَهِيدا أَو شَفِيعًا يَوْم الْقِيَامَة. " يَعْنِي الْمَدِينَة.
1508 - السَّابِع عشر: عَن الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر: أَن رجلا مر وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَبُول، فَسلم، فَلم يرد عَلَيْهِ.
1509 - الثَّامِن عشر: عَن الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يحل لِلْمُؤمنِ أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاثَة أَيَّام ".
1510 - التَّاسِع عشر: عَن مُوسَى بن عقبَة عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ من دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من زَوَال نِعْمَتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وَجَمِيع سخطك ".
1511 - الْعشْرُونَ: عَن يزِيد بن عبد الله بن أُسَامَة بن الْهَاد عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يَا معشر النِّسَاء، تصدقن وأكثرن من الاسْتِغْفَار،(2/302)
فَإِنِّي رأيتكن أَكثر أهل النَّار ". قَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ جزلة: مَا لنا أَكثر أهل النَّار؟ قَالَ: " تكثرن اللَّعْن، وتكفرن العشير، مَا رَأَيْت من ناقصات عقلٍ ودينٍ إغلب لذِي لب مِنْكُن ". قَالَت: مَا نُقْصَان الْعقل وَالدّين؟ قَالَ: " شَهَادَة امْرَأتَيْنِ بِشَهَادَة رجل، وتمكث الْأَيَّام لَا تصلي ".
1512 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن الْوَلِيد بن أبي الْوَلِيد الْقرشِي، وَيزِيد بن عبد الله بن الْهَاد - وَاللَّفْظ ليزِيد على تقاربهما - عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ إِذا خرج إِلَى مَكَّة كَانَ لَهُ حمَار يتروح عَلَيْهِ إِذا مل ركُوب الرَّاحِلَة، وعمامةٌ يشد بهَا رَأسه. فَبَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا على ذَلِك الْحمار، إِذْ مر بِهِ أعرابيٌّ فَقَالَ: أَلَسْت ابْن فلَان بن فلَان؟ قَالَ: بلَى، فَأعْطَاهُ الْحمار، وَقَالَ: اركب هَذَا.
والعمامة، وَقَالَ: اشْدُد بهَا رَأسك. فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه: غفرالله لَك، أَعْطَيْت هَذَا الْأَعرَابِي حمارا كنت تروح عَلَيْهِ، وعمامةً كنت تشد بهَا رَأسك.
فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن من أبر الْبر صلَة الرجل أهل ود أَبِيه بعد أَن يولي " وَإِن أَبَاهُ كَانَ صديقا لعمر.
1513 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن طَاوس بن كيسَان قَالَ: أدْركْت نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ: كل شيءٍ بقدرٍ. قَالَ: وَسمعت عبد الله بن عمر يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كل شَيْء بقدرٍ، حَتَّى الْعَجز والكيس - أَو الْكيس وَالْعجز " لم يُخرجهُ إِلَّا من حَدِيث مَالك بن أنس.
1514 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن مُجَاهِد بن جبر عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل حديثٍ قبله، قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلقَتَيْنِ، فَستر(2/303)
الْجَبَل فلقَة، وَكَانَت فلقةٌ فَوق الْجَبَل، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ ".
1515 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن وبرة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد ابْن عمر، فَجَاءَهُ رجلٌ فَقَالَ: أيصلح لي أَن أَطُوف بِالْبَيْتِ قبل أَن آتِي الْموقف؟ قَالَ: نعم. فَقَالَ: فَإِن ابْن عَبَّاس يَقُول: لَا تطف بِالْبَيْتِ حَتَّى تَأتي الْموقف. فَقَالَ ابْن عمر فقد حج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَطَافَ بِالْبَيْتِ قبل أَن يَأْتِي الْموقف. فبقول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحَق أَن تَأْخُذ، أَو بقول ابْن عَبَّاس إِن كنت صَادِقا؟
وَفِي رِوَايَة بيانٍ عَن وبرة قَالَ:
سَأَلَ رجلٌ ابْن عمر: أَطُوف بِالْبَيْتِ وَقد أَحرمت بِالْحَجِّ؟ فَقَالَ: وَمَا يمنعك؟ قَالَ: إِنِّي رَأَيْت ابْن فلَان يكرههُ، وَأَنت أحب إِلَيْنَا مِنْهُ، رَأَيْنَاهُ قد فتنته الدُّنْيَا. قَالَ: وأينا - أَو قَالَ: وَأَيكُمْ لم تفتنه الدُّنْيَا؟ ثمَّ قَالَ رَأينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحرم بِالْحَجِّ، وَطَاف بِالْبَيْتِ، وسعى بَين الصَّفَا والمروة، فَسنة الله وَرَسُوله أَحَق أَن تتبع من سنة فلانٍ إِن كنت صَادِقا.
1516 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن أبي سَلمَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن ابْن عمر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا تغلبنكم الْأَعْرَاب على اسْم صَلَاتكُمْ، أَلا إِنَّهَا الْعشَاء، وهم يعتمون بِالْإِبِلِ ".
وَفِي حَدِيث وَكِيع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" لَا تغلبنكم الْأَعْرَاب على اسْم صَلَاتكُمْ الْعشَاء، فَإِنَّهَا فِي كتاب الله: الْعشَاء، فَإِنَّهَا تعتم بحلاب الْإِبِل ".
وَقد أخرجه البُخَارِيّ من مُسْند عبد الله بن مُغفل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رِوَايَة ابْن بُرَيْدَة عَنهُ على وَجه آخر فَقَالَ:
" لَا تغلبنكم الْأَعْرَاب على اسْم صَلَاتكُمْ الْمغرب، فَإِن الْأَعْرَاب تَقول: هِيَ الْعشَاء " وَذَلِكَ مَذْكُور فِي مُسْنده.(2/304)
1517 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن مُصعب بن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: دخل ابْن عمر على ابْن عَامر يعودهُ وَهُوَ مَرِيض، فَقَالَ: أَلا تَدْعُو الله لي يَا ابْن عمر؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا تقبل صلاةٌ بِغَيْر طهُور، وَلَا صَدَقَة من غلُول " وَكنت على الْبَصْرَة.
1518 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن صَدَقَة بن يسَار عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي فَلَا يدع أحدا يمر بَين يَدَيْهِ، فَإِن أَبى فليقاتله، فَإِن مَعَه القرين ".
1519 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن عون بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن ابْن عمر قَالَ: بَيْنَمَا نَحن نصلي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذْ قَالَ رجل فِي الْقَوْم: الله أكبر كَبِيرا، وَالْحَمْد لله كثيرا، وَسُبْحَان الله بكرَة وَأَصِيلا. فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من الْقَائِل كلمة كَذَا وَكَذَا؟ " قَالَ رجل من الْقَوْم: أَنا يَا رَسُول الله. قَالَ: " عجبت لَهَا، فتحت لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء ". قَالَ ابْن عمر: فَمَا تركتهن مُنْذُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ذَلِك.
1520 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن عَليّ بن عبد الله الْأَزْدِيّ الْبَارِقي: أَن ابْن عمر علمهمْ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا اسْتَوَى على بعيره خَارِجا إِلَى سفر كبر ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: " سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين، وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك فِي سفرنا هَذَا الْبر وَالتَّقوى، وَمن الْعَمَل مَا ترْضى. اللَّهُمَّ هون علينا سفرنا هَذَا، واطو عَنَّا بعده. اللَّهُمَّ أَنْت الصاحب فِي السّفر، والخليفة فِي الْأَهْل.
اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من وعثاء السّفر، وكآبة المنظر، وَسُوء المنقلب فِي المَال والأهل "، وَإِذا رَجَعَ قالهن، وَزَاد فِيهِنَّ: " آيبون، تائبون، عَابِدُونَ، لربنا حامدون ".(2/305)
1521 - الثَّلَاثُونَ: عَن عبد الله بن الْحَارِث عَن ابْن عمر: أَنه أَمر رجلا إِذا أَخذ مضجعه قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت خلقت نَفسِي، وَأَنت توفاها، لَك مماتها ومحياها، إِن أحييتها فاحفظها، وَإِن أمتها فَاغْفِر لَهَا. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْعَافِيَة. " فَقَالَ لَهُ رجلٌ: أسمعت هَذَا من عمر. فَقَالَ: من خيرٍ من عمر، من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1522 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن زَاذَان أبي عمر، عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من ضرب غُلَاما لَهُ حدا لم يَأْته، أَو لطمه، فَإِن كَفَّارَته أَن يعتقهُ ".
وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة:
" من لطم مَمْلُوكه، أَو ضربه فكفارته أَن يعتقهُ ".
قد بَقِي حَدِيث، اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على إِخْرَاج شَيْء من أَوله، فأخرجناه وَكَذَلِكَ فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ. وَفِي آخِره زِيَادَة لَيست عِنْد البُخَارِيّ. فَأخْرج الحَدِيث بِكَمَالِهِ أَبُو مَسْعُود فِيمَا انْفَرد بِهِ مُسلم، وَلم يُنَبه على مَا اتفقَا عَلَيْهِ من أَوله، لِأَنَّهُ رَاعى التراجم.
وَهُوَ من رِوَايَة سَالم عَن أَبِيه أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
" إِن الْفِتْنَة تَجِيء من هَا هُنَا " وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْو الْمشرق: " من حَيْثُ يطلع قرنا الشَّيْطَان ".
وَهَذَا الْمَعْنى قد أخرجه البُخَارِيّ من طرقه عَن ابْن عمر، ثمَّ زَاد مُسلم بعد هَذَا فِي الحَدِيث نَفسه: وَأَنْتُم يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض، وَإِنَّمَا قتل مُوسَى الَّذِي قتل من آل فِرْعَوْن خطأ، فَقَالَ الله لَهُ: {وَقتلت نفسا فنجيناك من الْغم وَفَتَنَّاك فُتُونًا} [سُورَة طه] ، فَهَذِهِ الزِّيَادَة لمُسلم وَحده من رِوَايَة سَالم عَن أَبِيه.
آخر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من مُسْند ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ.(2/306)
(77) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي عبد الله جَابر بن عبد الله بن عَمْرو بن حرَام الْأنْصَارِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
1523 - الحَدِيث الأول: عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لما كَذبَنِي قريس قُمْت فِي الْحجر، فَجلى الله لي بَيت الْمُقَدّس، فطفقت أخْبرهُم عَن آيَاته وَأَنا أنظر إِلَيْهِ ".
قَالَ البُخَارِيّ:
زَاد يَعْقُوب عَن ابْن أخي ابْن شهَاب عَن عَمه: " لما كذبتني قريشٌ حِين أسرِي بِي إِلَى بَيت الْمُقَدّس. . " نَحوه.
1524 - الثَّانِي: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن جَابر قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يحدث عَن فَتْرَة الْوَحْي فَقَالَ فِي حَدِيثه: " فَبَيْنَمَا أَنا أَمْشِي سَمِعت صَوتا من السَّمَاء، فَرفعت رَأْسِي، فَإِذا الْملك الَّذِي جَاءَنِي بحراء جالسٌ على كرْسِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، فحثثت مِنْهُ رعْبًا، فَرَجَعت فَقلت: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَأنْزل الله عز وَجل: {يَا أَيهَا المدثر} إِلَى: {وَالرجز فاهجر} [سُورَة المدثر] قبل أَن تفترض الصَّلَاة ". وَهِي الْأَوْثَان.(2/307)
وَفِي حَدِيث عقيل عَن ابْن شهَاب:
فجثثت مِنْهُ حَتَّى هويت إِلَى الأَرْض، وَفِيه: قَالَ أَبُو سَلمَة: وَالرجز: الْأَوْثَان. ثمَّ قَالَ: " ثمَّ حمي الْوَحْي وتتابع " وَأول حَدِيث عقيل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " ثمَّ فتر الْوَحْي عني فَتْرَة، فَبينا أَنا أَمْشِي ... " ثمَّ ذكر نَحوه.
وَفِي رِوَايَة يحيى بن أبي كثير قَالَ: سَأَلت أَبَا سَلمَة: أَي الْقُرْآن أنزل قبل؟ قَالَ: {يَا أَيهَا المدثر} ، قلت: أَو {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} . فَقَالَ: سَأَلت جَابر بن عبد الله: أَي الْقُرْآن أنزل قبل؟ قَالَ: {يَا أَيهَا المدثر} ، فَقلت: أَو {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} ، قَالَ جَابر: أحدثكُم مَا حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ: " جَاوَرت بحراء شهرا، فَلَمَّا قضيت جواري نزلت، فَاسْتَبْطَنْت بطن الْوَادي فنوديت، فَنَظَرت أَمَامِي وَخَلْفِي وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي، فَلم أر أحدا، ثمَّ نوديت، فَنَظَرت فَلم أر أحدا، ثمَّ نوديت، فَرفعت رَأْسِي، فَإِذا هُوَ قاعدٌ على عرشٍ فِي الْهَوَاء - يَعْنِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام - فَأَخَذَتْنِي رجفةٌ شَدِيدَة، فَأتيت خَدِيجَة فَقلت: دَثرُونِي، فَدَثَّرُونِي وَصبُّوا عَليّ مَاء، فَأنْزل الله عز وَجل {يَا أَيهَا المدثر قُم فَأَنْذر وَرَبك فَكبر وثيابك فطهر} ".
وَفِي حَدِيث عَليّ بن الْمُبَارك عَن يحيى:
فَإِذا هُوَ جَالس على الْعَرْش بَين السَّمَاء وَالْأَرْض.
1525 - الثَّالِث: عَن أبي سَلمَة عَن جَابر قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمر الظهْرَان نجني الكباث. قَالَ: " عَلَيْكُم بالأسود مِنْهُ، فَإِنَّهُ أطيب " فَقلت: أَكنت ترعى الْغنم؟ قَالَ: " نعم، وَهل من نبيٍّ إِلَّا رعاها؟ ".(2/308)
1526 - الرَّابِع: عَن سِنَان بن أبي سِنَان الدؤَلِي وَأبي سَلمَة عَن جَابر: أَنه غزا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل نجدٍ، فَلَمَّا قفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قفل مَعَه، فأدركتهم الْقَافِلَة فِي وادٍ كثير الْعضَاة، فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وتفرق النَّاس يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحت شجرةٍ، فعلق بهَا سَيْفه، وَنِمْنَا نومَة، فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُونَا وَإِذا عِنْده أعرابيٌّ، فَقَالَ: " إِن هَذَا اخْتَرَطَ عَليّ سَيفي وَأَنا نائمٌ، فَاسْتَيْقَظت وَهُوَ فِي يَده صَلتا، فَقَالَ: من يمنعك مني؟ فَقلت: الله " - ثَلَاثًا، وَلم يُعَاقِبهُ، وَجلسَ.
وَقَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ أبان عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن جَابر: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذَات الرّقاع، فَإِذا أَتَيْنَا على شجرةٍ ظليلة تركناها للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فجَاء رجلٌ من الْمُشْركين، وَسيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معلقٌ بِالشَّجَرَةِ، فاخترطه، فَقَالَ: تخافني؟ فَقَالَ: " لَا " فَقَالَ: من يمنعك مني؟ فَقَالَ: " الله ". فتهدده أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وأقيمت الصَّلَاة، فصلى بطَائفَة رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ تَأَخَّرُوا، وَصلى بالطائفة الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، فَكَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أربعٌ، وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ.
وَأول حَدِيث ابان فِي رِوَايَة عَفَّان عَنهُ:
أَقبلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا كُنَّا بِذَات الرّقاع ... .
وَقَالَ البُخَارِيّ:
وَقَالَ مُسَدّد عَن أبي عوَانَة عَن أبي بشر: اسْم الرجل غورث ابْن الْحَارِث، وَقَاتل فِيهَا محَارب خصفة. لم يزدْ البُخَارِيّ على هَذَا.
وَقد ذكر أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ مَتنه من حَدِيث أبي عوَانَة عَن أبي بشر عَن سُلَيْمَان بن قيس - هُوَ الْيَشْكُرِي وَالِد فليح بن سُلَيْمَان - عَن جَابر قَالَ: قَاتل(2/309)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محَارب خصفة بنخلٍ، فَرَأَوْا من الْمُسلمين غرَّة، فجَاء رجلٌ مِنْهُم يُقَال لَهُ غورث بن الْحَارِث حَتَّى قَامَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: من يمنعك مني؟ قَالَ: " الله " فَسقط السَّيْف من يَده. قَالَ: فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّيْف فَقَالَ: " من يمنعك مني؟ " فَقَالَ: كن خير آخذٍ. فَقَالَ: " تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَنِّي رَسُول الله؟ " قَالَ: لَا، وَلَكِن أعاهدك على أَلا أقاتلك، وَلَا أكون مَعَ قوم يقاتلونك. فخلى سَبيله، فَأتى أَصْحَابه، فَقَالَ: جِئتُكُمْ من عِنْد خير النَّاس. ثمَّ ذكر صَلَاة الْخَوْف، وَأَنه صلى أَربع رَكْعَات، بِكُل طَائِفَة رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ البُخَارِيّ فِي " التَّارِيخ الْكَبِير ": روى أَبُو بشر وَقَتَادَة والجعد أَبُو عُثْمَان عَن كتاب سُلَيْمَان: وَمَات سُلَيْمَان بن قيس قبل جَابر بن عبد الله.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ بكر بن سوَادَة: حَدثنِي زِيَاد بن نَافِع عَن أبي مُوسَى - وَهُوَ مُوسَى بن عَليّ: أَن جَابِرا حَدثهمْ قَالَ: صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم محَارب وثعلبة.
لم يزدْ البُخَارِيّ على هَذَا. حذف الْمَتْن، وَهُوَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام صلى صَلَاة الْخَوْف يَوْم محاربٍ وثعلبة، لكل طَائِفَة رَكْعَة وسجدتين. كَذَا ذكر بَعضهم. قَالَه أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي.
وَأخرج البُخَارِيّ حَدِيث أبان تَعْلِيقا(2/310)
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة عَفَّان عَن أبان مدرجاً على أَحَادِيث الزُّهْرِيّ فِي ذَلِك قبله، وَذكر مِنْهُ أَوله، ثمَّ قَالَ: بِمَعْنى حَدِيث الزُّهْرِيّ. وَلَيْسَ فِي شَيْء مِمَّا قبله من الرِّوَايَات عَن الزُّهْرِيّ مَا فِي حَدِيث أبان من صَلَاة الْخَوْف. وَعلمنَا ذَلِك من أَفْرَاد البُخَارِيّ، ثمَّ وجدنَا مُسلما رَحمَه الله قد أخرجه بِعَيْنِه متْنا وإسناداً فِي " الصَّلَاة " وَلم يدرجه، فصح أَنه عَنى بِمَعْنَاهُ فِي الْبَعْض لَا فِي الْكل، وَإِن كَانَ قد أهمل الْبَيَان.
وَقَالَ البُخَارِيّ فِي كِتَابه فِي " الْمَغَازِي ": وَقَالَ عبد الله بن أبي رَجَاء:
أخبرنَا عمرَان الْقطَّان عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن جَابر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْف فِي غَزْوَة السَّابِعَة غَزْوَة ذَات الرّقاع لم يزدْ.
وَأخرجه مُسلم بِطُولِهِ، وَفِيه كَيْفيَّة الصَّلَاة بِنَحْوِ مَا مر آنِفا فِي حَدِيث أبان عَن يحيى.
وأفرد مُسلم مِنْهُ أَيْضا صَلَاة الْخَوْف من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن سَلام عَن يحيى.
وَأخرج البُخَارِيّ مِنْهُ تَعْلِيقا ذكر صَلَاة الْخَوْف فَقَالَ:
قَالَ ابْن إِسْحَاق: سَمِعت وهب بن كيسَان، سَمِعت جَابِرا قَالَ:
خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَات الرّقاع من نخلٍ، فلقي جمعا من غطفان، فَلم يكن قتالٌ، فَأَخَاف النَّاس بَعضهم بَعْضًا، فصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتي الْخَوْف.
1527 - الْخَامِس: عَن أبي سَلمَة عَن جَابر: أَن عمر جَاءَ يَوْم الخَنْدَق بعد مَا غربت الشَّمْس، فَجعل يسب كفار قريشٍ، وَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا كدت أُصَلِّي الْعَصْر حَتَّى كَادَت الشَّمْس تغرب. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَالله مَا صليتها " قَالَ: فقمنا(2/311)
إِلَى بطحان، فَتَوَضَّأ للصَّلَاة، وتوضأنا لَهَا، فصلى الْعَصْر بَعْدَمَا غربت الشَّمْس، ثمَّ صلى بعْدهَا الْمغرب.
1528 - السَّادِس: عَن أبي سَلمَة عَن جَابر قَالَ: قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعمرى لمن وهبت لَهُ ".
وَفِي حَدِيث مَالك عَن ابْن شهَاب:
أَيّمَا رجلٍ أعمر عمرى لَهُ ولعقبه، فَإِنَّهَا للَّذي أعطيها، لَا ترجع إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا، لِأَنَّهُ أعْطى عَطاء وَقعت فِيهِ الْمَوَارِيث.
وَفِي رِوَايَة اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ:
من أعمر رجلا عمرى لَهُ ولعقبه، فقد قطع قَوْله حَقه فِيهَا، وَهِي لمن أعمر ولعقبه ".
وَفِي حَدِيث معمرٍ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن جَابر قَالَ:
إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أجَاز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَقُول: هِيَ لَك ولعقبك، فَأَما إِذا قَالَ: هِيَ لَك مَا عِشْت فَإِنَّهَا ترجع إِلَى صَاحبهَا. قَالَ معمرٌ. وَكَانَ الزُّهْرِيّ يُفْتِي بِهِ.
وَفِي رِوَايَة ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِيمَن أعمر عمرى لَهُ ولعقبه فَهِيَ لَهُ بتلةً، لَا يجوز للمعطي فِيهَا شرطٌ وَلَا ثنياً.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
الْعُمْرَى جَائِزَة ".(2/312)
وَعند مُسلم أَيْضا فِيهِ فِي رِوَايَته من طَرِيق خَالِد بن الْحَارِث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
الْعُمْرَى ميراثٌ لأَهْلهَا ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من رِوَايَة أبي خَيْثَمَة زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم وَلَا تفسدوها، فَإِنَّهُ من أعمر عمرى فَهِيَ للَّذي أعمرها حَيا وَمَيتًا، ولعقبه ".
وَفِي حَدِيث سُفْيَان وحجاج بن أبي عُثْمَان، وَأَيوب، كلهم عَن أبي الزبير عَن جَابر بِمَعْنى حَدِيث زُهَيْر. وَأول حَدِيث أَيُّوب: جعل الْأَنْصَار يعمرون الْمُهَاجِرين، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم ".
وَفِي رِوَايَة ابْن جريج عَن أبي الزبير قَالَ:
أعمرت امرأةٌ بِالْمَدِينَةِ حَائِطا لَهَا بِالْمَدِينَةِ ابْنا لَهَا، ثمَّ توفّي وَتوفيت بعده، وَتركت ولدا وَله إخْوَة بنُون للمعمرة، فَقَالَ ولد المعمرة: رَجَعَ الْحَائِط إِلَيْنَا. وَقَالَ بَنو المعمر: بل كَانَ لأبينا حَيَاته وَمَوته، فاختصموا إِلَى طَارق مولى عُثْمَان، فَدَعَا جَابِرا، فَشهد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعمرى لصَاحِبهَا، فَقضى بذلك طارقٌ، ثمَّ كتب إِلَى عبد الْملك فَأخْبرهُ بذلك، وَأخْبرهُ بِشَهَادَة جَابر. فَقَالَ عبد الْملك: صدق جَابر، فَأمْضى ذَلِك طارقٌ، وَكَانَ ذَلِك الْحَائِط لبني المعمر حَتَّى الْيَوْم.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث سُلَيْمَان بن يسَار
أَن طَارِقًا قضى بالعمرى للْوَارِث لقَوْل جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَلَيْسَ لِسُلَيْمَان عَن جَابر فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(2/313)
1529 - السَّابِع: عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن جَابر قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفرغ على رَأسه ثَلَاثًا. كَذَا فِي رِوَايَة مخول بن رَاشد عَن أبي جَعْفَر.
وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق عَن أبي جَعْفَر:
أَنه كَانَ عِنْد جَابر بن عبد الله هُوَ وَأَبوهُ، وَعِنْده قومه، فَسَأَلُوهُ عَن الْغسْل، فَقَالَ: يَكْفِيك صاعٌ. فَقَالَ رجل: مَا يَكْفِينِي فَقَالَ جَابر: كَانَ يَكْفِي من هُوَ أوفى مِنْك شعرًا، وخيرٌ مِنْك. ثمَّ أمنا فِي ثوب.
وَفِي حَدِيث معمر بن يحيى بن سامٍ عَن أبي جَعْفَر قَالَ:
قَالَ لي جَابر: أَتَانِي ابْن عمك يعرض بالْحسنِ بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، فَقَالَ: كَيفَ الْغسْل من الْجَنَابَة؟ فَقلت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْخُذ ثَلَاثَة أكفٍّ، فيفيضها على رَأسه، ثمَّ يفِيض على سَائِر جسده. فَقَالَ الْحسن: إِنِّي رجلٌ كثير الشّعْر. فَقلت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكثر مِنْك شعرًا.
وَفِي حَدِيث جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه نَحْو حَدِيث معمر.
1530 - الثَّامِن: عَن مُحَمَّد بن عَليّ عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة وَأذن فِي لُحُوم الْخَيل.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
أكلنَا زمن خَيْبَر الْخَيل وحمر الْوَحْش. وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْحمار الأهلي.
1531 - التَّاسِع: عَن مُحَمَّد بن عَليّ عَن جَابر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَو قد جَاءَ مَال الْبَحْرين قد أَعطيتك هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا " فَلم يجِئ مَال الْبَحْرين حَتَّى قبض(2/314)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَلَمَّا جَاءَ مَال الْبَحْرين أَمر أَبُو بكر فَنَادَى: من كَانَ لَهُ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدةٌ أَو دينٌ فليأتنا. فَأَتَيْته، فَقلت: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَا لي حثيةً، فعددتها فَإِذا هِيَ خَمْسمِائَة، فَقَالَ: خُذ مثلهَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر بِنَحْوِهِ:
زَاد ابْن الْمُنْكَدر فِي رِوَايَة عَليّ عَن سُفْيَان: أَن جَابِرا قَالَ مرّة: فَأتيت أَبَا بكر فَسَأَلته فَلم يُعْطِنِي، ثمَّ أَتَيْته فَلم يُعْطِنِي، ثمَّ أَتَيْته الثَّالِثَة فَقلت: سَأَلتك فَلم تعطني، ثمَّ سَأَلتك فَلم تعطني، فإمَّا أَن تُعْطِينِي وَإِمَّا أَن تبخل عني. قَالَ: قلت تبخل عني؟ مَا منعتك من مرةٍ إِلَّا وَأَنا أُرِيد أَن أُعْطِيك. وَقَالَ - يَعْنِي ابْن الْمُنْكَدر: وَأي داءٍ أدوى من الْبُخْل.
1532 - الْعَاشِر: عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قدم الْحجَّاج - وَفِي حَدِيث معَاذ بن معَاذ - كَانَ الْحجَّاج يُؤَخر الصَّلَوَات، فسألنا جَابر بن عبد الله فَقَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الظّهْر بالهاجرة، وَالْعصر وَالشَّمْس نقيةٌ، وَالْمغْرب إِذا وَجَبت، وَالْعشَاء: أَحْيَانًا يؤخرها، وَأَحْيَانا يعجل، إِذا رَآهُمْ اجْتَمعُوا عجل، وَإِذا رَآهُمْ أبطأوا أخر. وَالصُّبْح كَانُوا - أَو كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصليهَا بعلس.
1533 - الْحَادِي عشر: عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن الْحسن عَن جَابر قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفرٍ، فَرَأى رجلا قد اجْتمع النَّاس عَلَيْهِ وَقد ظلل عَلَيْهِ، فَقَالَ: " مَا لَهُ "؟ قَالُوا: رجلٌ صَائِم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَيْسَ الْبر أَن تَصُومُوا فِي السّفر " وَفِي رِوَايَة آدم عَن شُعْبَة: " لَيْسَ من الْبر الصَّوْم فِي السّفر ".(2/315)
1534 - الثَّانِي عشر: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من أكل ثوماً أَو بصلاً فليعتزلنا أَو ليعتزل مَسْجِدنَا ". وَفِي رِوَايَة أبي الطَّاهِر وحرملة: " وليقعد فِي بَيته " وَأَنه أُتِي بقدرٍ فِيهِ خضراتٌ من بقول: فَوجدَ لَهَا ريحًا فَسَأَلَ، فَأخْبر بِمَا فِيهَا من الْبُقُول، فَقَالَ: " قربوها " إِلَى بعض أَصْحَابه - فَمَا رَآهُ كره أكلهَا، قَالَ: " كل فَإِنِّي أُنَاجِي من لَا تناجي ".
وَفِي رِوَايَة ابْن جريج عَن عَطاء عَن جَابر أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ:
" من أكل من هَذِه البقلة - الثوم " وَقَالَ مرّة: " من أكل البصل والثوم والكراث فَلَا يقربن مَسْجِدنَا، فَإِن الْمَلَائِكَة تتأذى مِمَّا يتَأَذَّى مِنْهُ بَنو آدم ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أكل البصل والكراث، فغلبتنا الْحَاجة، فأكلنا مِنْهَا، فَقَالَ: " من أكل من هَذِه الشَّجَرَة الخبيثة فَلَا يقربن مَسْجِدنَا، فَإِن الْمَلَائِكَة تتأذى مِمَّا يتَأَذَّى مِنْهُ الْإِنْس ".
1535 - الثَّالِث عشر: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن جَابر قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَبَعَثَنِي فِي حاجةٍ فَرَجَعت وَهُوَ يُصَلِّي على رَاحِلَته وَوَجهه على غير الْقبْلَة، فَسلمت عَلَيْهِ، فَلم يرد عَليّ، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: " أما إِنَّه لم يَمْنعنِي أَن أرد عَلَيْك إِلَّا أَنِّي كنت أُصَلِّي ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّع وَهُوَ راكبٌ فِي غير الْقبْلَة.(2/316)
وَفِي رِوَايَة هِشَام عَن يحيى بن أبي كثير عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن:
كَانَ يُصَلِّي على رَاحِلَته نَحْو الْمشرق فَإِذا أَرَادَ أَن يُصَلِّي الْمَكْتُوبَة نزل فَاسْتقْبل الْقبْلَة.
وَلَيْسَ لمُحَمد بن عبد الرَّحْمَن فِي الصَّحِيح عَن جَابر غير هَذَا الحَدِيث.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عُثْمَان بن عبد الله بن سراقَة الْعَدوي عَن جَابر قَالَ:
رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة أَنْمَار يُصَلِّي على رَاحِلَته متوجهاُ قبل الْمشرق، مُتَطَوعا.
وَلَيْسَ لعُثْمَان بن عبد الله بن سراقَة فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن جَابر غير هَذَا الحَدِيث.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر أَنه قَالَ:
إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعَثَنِي لحاجةٍ، ثمَّ أَدْرَكته وَهُوَ يُصَلِّي. وَفِي رِوَايَة أبي رمح - وَهُوَ يسير، فَسلمت عَلَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَيّ، فَلَمَّا فرغ دَعَاني فَقَالَ: " إِنَّك سلمت آنِفا وَأَنا أُصَلِّي " وَهُوَ موجه حينئذٍ قبل الْمشرق.
وَفِي حَدِيث زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي الزبير عَنهُ قَالَ:
أَرْسلنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ منطلق إِلَى بني المصطلق، فَأَتَيْته وَهُوَ يُصَلِّي على بعيره، فكلمته، فَقَالَ لي بِيَدِهِ هَكَذَا - وَأَوْمَأَ زهيرٌ بِيَدِهِ، ثمَّ كَلمته، فَقَالَ لي هَكَذَا - وَأَوْمَأَ زُهَيْر بِيَدِهِ نَحْو الأَرْض، وَأَنا أسمعهُ يقْرَأ، يُومِئ بِرَأْسِهِ، فَلَمَّا فرغ قَالَ: " مَا فعلت فِي الَّذِي أرسلتك لَهُ؟ فَإِنَّهُ لم يَمْنعنِي أَن أُكَلِّمك إِلَّا أَنِّي كنت أُصَلِّي ".(2/317)
1536 - الرَّابِع عشر: عَن عَطاء وَأبي الزبير عَن جَابر قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن المخابرة والمحاقلة وَعَن الْمُزَابَنَة، وَعَن بيع الثَّمر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه. وَألا يُبَاع إِلَّا بالدينار وَالدِّرْهَم إِلَّا الْعَرَايَا. وَحَدِيث عَطاء أتم.
وَفِي حَدِيث مخلد بن يزِيد الْجَزرِي عَن ابْن جريج:
وَعَن بيع الثَّمَرَة حَتَّى تطعم. وَفِيه: قَالَ عَطاء: فسر لنا جابرٌ قَالَ: أما المخابرة: فالأرض الْبَيْضَاء يَدْفَعهَا الرجل إِلَى الرجل، فينفق فِيهَا، ثمَّ يَأْخُذ من الثَّمر. وَزعم أَن الْمُزَابَنَة بيع الرطب فِي النّخل بِالتَّمْرِ كَيْلا. والمحاقلة فِي الزَّرْع على نَحْو ذَلِك، يَبِيع الزَّرْع الْقَائِم بالحب كَيْلا.
وَفِي رِوَايَة زيد بن أبي أنيسَة عَن عَطاء عَن جَابر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن المحاقلة والمزابنة وَالْمُخَابَرَة، وَأَن يَشْتَرِي النّخل حَتَّى يشقه. والإشقاه: أَن يحمر أَو يصفر أَو يُؤْكَل مِنْهُ شَيْء. والمحاقلة: أَن يُبَاع الحقل بكيلٍ من طَعَام معلومٍ.
والمزابنة: أَن يُبَاع النّخل بأوساقٍ من التَّمْر. وَالْمُخَابَرَة: الثُّلُث وَالرّبع وَأَشْبَاه ذَلِك.
قَالَ زيدٌ: قلت لعطاء: أسمعت جَابِرا يذكر هَذَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: نعم.
وَأخرج مسلمٌ من حَدِيث سُفْيَان عَن عَمْرو بن دينارٍ عَن جابرٍ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن المخابرة. وَمن حَدِيث زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الثَّمر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه وَمن حَدِيث زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الثَّمر حَتَّى يطيب.
وَلمُسلم من حَدِيث أبي الْوَلِيد سعيد بن ميناء عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/318)
عَن الْمُزَابَنَة والمحاقلة وَالْمُخَابَرَة، وَعَن بيع التمرة حَتَّى تشقح. قَالَ: قلت لسَعِيد: مَا تشقح قَالَ: تحمار، أَو تصفار، أَو يُؤْكَل مِنْهَا.
وَقد أخرج البُخَارِيّ هَذَا الْفَصْل الْأَخير وَحده من رِوَايَة سليم بن حَيَّان عَن سعيد بن ميناء عَن جَابر قَالَ:
نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تبَاع الثَّمَرَة حَتَّى تشقح. قيل: وَمَا تشقح؟ قَالَ: تحمار، وتصفار، ويؤكل مِنْهَا.
وَقد قَالَ أَبُو مَسْعُود:
إِنَّه من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَأخرجه على ذَلِك. وَهَذَا الْفَصْل بِعَيْنِه عِنْد مُسلم من هَذِه التَّرْجَمَة مجموعاً مَعَ مَا قد ذكر مَعَه كَمَا أوردنا، فَهُوَ من الْمُتَّفق عَلَيْهِ.
هَذَا، وَقد ذكر أَبُو مَسْعُود بعد سطرين من ذكر هَذَا عَن البُخَارِيّ أول الحَدِيث الَّذِي فِي هَذَا الْفَصْل وَجعله من أَفْرَاد مُسلم، وأوله:
نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمُزَابَنَة والمحاقلة. وَقَالَ: أخرجه عَن عبد الله بن هَاشم عَن بهز، وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي آخِره هَذَا الْفَصْل.
وَفِي رِوَايَة أَيُّوب عَن أبي الزبير وَسَعِيد بن ميناء عَن جَابر:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن المحاقلة والمزابنة والمعاومة وَالْمُخَابَرَة. قَالَ أَحدهمَا بيع السنين هِيَ المعاومة، وَعَن الثنيا، وَرخّص فِي الْعَرَايَا.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث سُلَيْمَان بن عَتيق عَن جَابر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع السنين.
1537 - الْخَامِس عشر: عَن عَطاء عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على النَّجَاشِيّ، فَكنت فِي الصَّفّ الثَّانِي أَو الثَّالِث.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن جَابر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/319)
قَالَ: " قد توفّي الْيَوْم رجلٌ صالحٌ من الْحَبَش، فَهَلُمَّ، فصلوا عَلَيْهِ " قَالَ: فصففنا، فصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن. وَقَالَ أَبُو الزبير عَن جَابر: كنت فِي الصَّفّ الثَّانِي. سَمَّاهُ فِي حَدِيث يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن ابْن جريج أَصْحَمَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سعيد بن ميناء عَن جَابر بن عبد الله:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على أَصْحَمَة النَّجَاشِيّ، فَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أَيُّوب عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن أَخا لكم قد مَاتَ، فَقومُوا فصلوا عَلَيْهِ " قَالَ جَابر: فقمنا فصففنا صفّين.
1358 - السَّادِس عشر: عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ: كَانَت لرجال منا فضول أَرضين، فَقَالُوا: نؤاجرها بِالثُّلثِ وَالرّبع وَالنّصف. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من كَانَت لَهُ أرضٌ فليزرعها أَو ليمنحها أَخَاهُ " زَاد فِي رِوَايَة عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان عَنهُ: " وَلَا يؤاجرها إِيَّاه " وَقَالَ سُلَيْمَان بن مُوسَى عَنهُ: وَلَا يكرها ". فِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَن عَطاء: " فَإِن أَبى فليمسك أرضه ".
وَفِي رِوَايَة رَبَاح بن أبي مَعْرُوف عَن عَطاء عَنهُ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كِرَاء الأَرْض وَعَن بيعهَا السنين، وَعَن بيع الثَّمر حَتَّى يطيب.
وَفِي رِوَايَة بكير بن الْأَخْنَس عَن عَطاء عَنهُ:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُؤْخَذ للْأَرْض أجرٌ أَو حظٌّ.
وَفِي رِوَايَة مطر الْوراق عَن عَطاء عَنهُ:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن كِرَاء الأَرْض.(2/320)
وَقد أخرج مُسلم من رِوَايَة سليم بن حبَان عَن سعيد بن مينا عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من كَانَ لَهُ فضل أرضٍ فليزرعها أَو ليزرعها أَخَاهُ، وَلَا تَبِيعُوهَا ". فَقلت لسَعِيد: مَا: " لَا تَبِيعُوهَا "، يَعْنِي الْكِرَاء؟ قَالَ: نعم.
وَمن رِوَايَة زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
كُنَّا نخابر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنصيب من القصري وَمن كَذَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من كَانَت لَهُ أرضٌ فليزرعها أَو فليحرثها أَخَاهُ، وَإِلَّا فليدعها ".
وَفِي رِوَايَة هِشَام بن سعد عَن أبي الزبير نَحوه.
وَلَيْسَ لهشام بن سعد عَن أبي الزبير فِي مُسْند جَابر غير هَذَا.
وَفِي رِوَايَة يحيى بن يحيى عَن زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الأَرْض الْبَيْضَاء سنتَيْن أَو ثَلَاثًا.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث أبي سُفْيَان عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من كَانَت لَهُ أرضٌ فليهبها أَو ليعرها ".
وَفِي رِوَايَة عمار بن زُرَيْق عَن الْأَعْمَش:
فليزرعها أَو ليزرعها رجلا ".
وَمن حَدِيث النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش الزرقي عَن جَابر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن كِرَاء الأَرْض.
وَفِيه عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ كُنَّا نكرِي أَرْضنَا، ثمَّ تركنَا ذَلِك حِين سمعنَا حَدِيث رَافع بن خديج.(2/321)
وَلَيْسَ للنعمان بن أبي عَيَّاش عَن أبي الزبير فِي مُسْند جَابر غير هَذَا.
وَمن حَدِيث يزِيد بن نعيم بن هزال الْأَسْلَمِيّ عَن جَابر:
أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْمُزَابَنَة والحقول. فَقَالَ جَابر: الْمُزَابَنَة: الثَّمر بالثمر، والحقول: كِرَاء الأَرْض.
وَمن حَدِيث سُلَيْمَان بن عَتيق عَن جَابر قَالَ:
نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع السنين.
وَفِي رِوَايَة ابْن أبي شيبَة عَن سُلَيْمَان: عَن بيع الثَّمر سِنِين.
1539 - السَّابِع عشر: عَن عَطاء بن أبي ريَاح عَن جَابر قَالَ:
كُنَّا نعزل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ينزل.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
كُنَّا نعزل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَبلغ ذَلِك نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلم ينهنا.
وَفِي رِوَايَة زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر:
أَن رجلا أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن لي جَارِيَة هِيَ خادمتنا وساقيتنا فِي النّخل، وَأَنا أَطُوف عَلَيْهَا، وأكره أَن تحمل.
فَقَالَ: " اعزل عَنْهَا إِن شِئْت، فَإِنَّهُ سيأتيها مَا قدر لَهَا " فَلبث الرجل، ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: إِن الْجَارِيَة قد حبلت فَقَالَ: " قد أَخْبَرتكُم أَنه سيأتيها مَا قدر لَهَا ".
وَفِي رِوَايَة عُرْوَة بن عِيَاض الْمَكِّيّ عَن جَابر نَحوه، وَفِيه:
أَن رَسُول الله قَالَ لما قَالَ: يَا رَسُول الله قد حملت: " أَنا عبد الله وَرَسُوله "
وَلَيْسَ لعروة بن عِيَاض عَن جَابر فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(2/322)
وَأخرجه مُسلم عَن معقل بن عبيد الله عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ:
لقد كُنَّا نعزل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. لم يزدْ. حَكَاهُ أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة معقل عَن أبي الزبير عَن جَابر. وَلَيْسَ فِي كتاب مُسلم إِلَّا معقل عَن عَطاء عَن جَابر فِيمَا عندنَا من كِتَابَيْهِمَا.
1540 - الثَّامِن عشر: عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ: كُنَّا لَا نَأْكُل من لُحُوم بدننا فَوق ثَلَاث، فأرخص لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " كلوا وتزودوا ". قَالَ ابْن جريج: قلت لعطاء: قَالَ جَابر: حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَة؟ قَالَ: نعم. كَذَا عِنْد مُسلم فِي رِوَايَة مُحَمَّد ابْن حَاتِم عَن يحيى بن سعيد.
وَعند البُخَارِيّ فِي رِوَايَته عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاءٍ: قَالَ: حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَة؟ قَالَ: لَا.
وَفِي رِوَايَة عَمْرو عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ: كُنَّا نتزود لُحُوم الْهَدْي على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة.
وَفِي رِوَايَة عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان عَن عَمْرو: كُنَّا نتزود لُحُوم الأضافي إِلَى الْمَدِينَة، على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي رِوَايَة زيد بن أبي أنيسَة عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ:
كُنَّا لَا نمسك لُحُوم الْأَضَاحِي فَوق ثَلَاث، فَأمرنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نتزود مِنْهَا وَنَأْكُل مِنْهَا - يَعْنِي فَوق ثَلَاث.(2/323)
وَلمُسلم فِي رِوَايَة مَالك عَن أبي الزبير عَن جَابر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن أكل لُحُوم الضَّحَايَا بعد ثَلَاث. ثمَّ قَالَ بعد: " كلوا وتزودوا وَادخرُوا ".
1541 - التَّاسِع عشر: عَن عَطاء عَن جَابر أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفَتْح وَهُوَ بِمَكَّة يَقُول: " إِن الله وَرَسُوله حرم بيع الْخمر وَالْميتَة وَالْخِنْزِير والأصنام ".
فَقيل: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت شحوم الْميتَة، فَإِنَّهُ يطلى بهَا السفن، ويدهن بهَا الْجُلُود، ويستصبح بهَا النَّاس. فَقَالَ: " لَا، هُوَ حرَام ". ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك: " قَاتل الله الْيَهُود، إِن الله لما حرم عَلَيْهِم شحومها، أجملوه، ثمَّ باعوه فَأَكَلُوا ثمنه ".
1542 - الْعشْرُونَ: عَن عَطاء عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا استجنح اللَّيْل، أَو كَانَ جنح اللَّيْل، فكفوا صِبْيَانكُمْ؛ فَإِن الشَّيَاطِين تَنْتَشِر حينئذٍ، فَإِذا ذهب ساعةٌ من الْعشَاء فخلوهم، وأغلق بابك، وَاذْكُر اسْم الله، وأطفئ مصباحك، وَاذْكُر اسْم الله، وأوك سقاءك وَاذْكُر اسْم الله، وخمر إناءك وَاذْكُر اسْم الله وَلَو تعرض عَلَيْهِ شَيْئا.
وَكَذَا فِي رِوَايَة يحيى بن جَعْفَر عَن الْأنْصَارِيّ.
وَفِي رِوَايَة إِسْحَاق عَن روح نَحوه، وَزَاد:
فَإِن الشَّيْطَان لَا يفتح بَابا مغلقاً ".(2/324)
وَفِيه قَالَ - يَعْنِي ابْن جريج: وَأَخْبرنِي عَمْرو بن دِينَار أَنه سمع جَابر بن عبد الله نَحْو مَا أخبر بِهِ عطاءٌ، وَلم يذكر التَّسْمِيَة.
قَالَ فِي رِوَايَة قُتَيْبَة عَن حَمَّاد:
وأطفئوا المصابيح؛ فَإِن الفويسقة رُبمَا جرت الفتيلة فأحرقت أهل الْبَيْت ".
وَفِي رِوَايَة حسان بن أبي عباد:
وخمروا الطَّعَام وَالشرَاب " قَالَ همام: وَأَحْسبهُ قَالَ: " وَلَو بِعُود ".
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة جمَاعَة عَن أبي الزبير، مِنْهُم مَالك وَاللَّيْث وَالثَّوْري وَزُهَيْر بن مُعَاوِيَة: فَفِي حَدِيث اللَّيْث عَنهُ:
" غطوا الْإِنَاء، وأوكوا السقاء، واغلقوا الْبَاب، وأطفئوا السراج، فَإِن الشَّيْطَان لَا يحل سقاءً، وَلَا يفتح بَابا، وَلَا يكْشف إِنَاء، فَإِن لم يجد أحدكُم إِلَّا أَن يعرض على إنائه عوداً، أَو يذكر اسْم الله عَلَيْهِ فَلْيفْعَل، فَإِن الفويسقة تضرم على أهل الْبَيْت بَيتهمْ " وألفاظ سَائِر الروَاة عَن أبي الزبير مُتَقَارِبَة الْمَعْنى، وَفِي بَعْضهَا تقصيرٌ، وَقد اقتصرنا على أكملها.
وَقَالَ فِي حَدِيث يحيى بن يحيى عَن زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تُرْسِلُوا فَوَاشِيكُمْ وَصِبْيَانكُمْ إِذا غَابَتْ الشَّمْس حَتَّى تذْهب فَحْمَة الْعشَاء، فَإِن الشَّيَاطِين تنبعث إِذا غَابَتْ الشَّمْس حَتَّى تذْهب فَحْمَة الْعشَاء. وَفِي حَدِيث سُفْيَان عَن أبي الزبير عَنهُ بِنَحْوِ حَدِيث زُهَيْر.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الْقَعْقَاع بن حَكِيم عَن جَابر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:(2/325)
" غطوا الْإِنَاء، وأوكوا السقاء، فَإِن فِي السّنة لَيْلَة ينزل فِيهَا وباءٌ، لَا يمر بِإِنَاء لَيْسَ عَلَيْهِ غطاء، أَو سقاء لَيْسَ عَلَيْهِ وعَاء إِلَّا نزل فِيهِ من ذَلِك الوباء ". زَاد فِي رِوَايَة عَليّ بن نصر الْجَهْضَمِي: قَالَ اللَّيْث: فالأعاجم عندنَا يَتَّقُونَ ذَلِك فِي كانون الأول.
وَلَيْسَ للقعقاع بن حَكِيم عَن جَابر فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا طرفا مِنْهُ فِي تَغْطِيَة الْإِنَاء من رِوَايَة جرير عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح ذكْوَان، وَأبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ:
جَاءَ أَبُو حميد بقدحٍ من لبن من النقيع، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَلا خمرته، وَلَو أَن تعرض عَلَيْهِ عوداً ".
قَالَ فِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح وَحده عَن جَابر قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُول الله، فَاسْتَسْقَى، فَقَالَ رجلٌ: يَا رَسُول الله، أَلا نسقيك نبيذاً؟ قَالَ: " بلَى " فَخرج الرجل يسْعَى، فجَاء بقدحٍ فِيهِ نبيذٌ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَلا خمرته وَلَو تعرض عَلَيْهِ عوداً " قَالَ: فَشرب.
قَالَ أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة عَطاء بن أبي رَبَاح عَن جَابر:
وَقد حكى الْمَتْن فَقَالَ: " خمروا الْآنِية، وأوكئوا الأسقية، وأجيفوا الْأَبْوَاب، واكفتوا صِبْيَانكُمْ عَن الْمسَاء ". قَالَ: وَفِي حَدِيث ابْن جريج: " إِذا استجنح اللَّيْل. . ". قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي " بَدْء الْخلق " عَن مُسَدّد عَن حَمَّاد. وَقد بحثت عَمَّا قَالَ فَلم أجد حَدِيث مُسَدّد حَيْثُ ذكر، وَلَا وجدت الْمَتْن على هَذَا النسق بِالَّذِي ذكر. وَوجدت حَدِيث ابْن جريج: " إِذا استجنح اللَّيْل. . " رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي " بَدْء(2/326)
الْخلق " عَن يحيى بن جَعْفَر عَن مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ عَن ابْن جريج.
وَلم يذكر أَبُو مَسْعُود هَذَا الْإِسْنَاد فِيمَا خرجه من أَسَانِيد هَذَا الحَدِيث فِيمَا وَقع إِلَيّ من نسخ كِتَابه.
1543 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن جَابر: أَن رجلا أعتق غُلَاما لَهُ عَن دبر، فَاحْتَاجَ، فَأَخذه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " من يَشْتَرِيهِ مني؟ " فَاشْتَرَاهُ نعيم بن عبد الله بِكَذَا وَكَذَا، فَدفعهُ إِلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن بشر:
بلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا من أَصْحَابه أعتق غُلَاما عَن دبرٍ لم يكن لَهُ مالٌ غَيره، فَبَاعَهُ بثمانمائة دِرْهَم، ثمَّ أرسل بِثمنِهِ إِلَيْهِ.
وَأَخْرَجَاهُ جَمِيعًا من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن عَمْرو بن دِينَار بِنَحْوِهِ.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان قَالَ:
دبر رجلٌ من الْأَنْصَار غُلَاما لَهُ، لم يكن لَهُ مالٌ غَيره، فَبَاعَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَاشْتَرَاهُ ابْن النحام - عبدا قبطياً، مَاتَ عَام الأول فِي إِمَارَة ابْن الزبير.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر:
أَن رجلا أعتق عبدا لَهُ، لَيْسَ لَهُ مالٌ غَيره، فَرده النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فابتاعه مِنْهُ نعيم بن النحام.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر من رِوَايَة اللَّيْث ومطر عَنهُ، ومعاني أَلْفَاظ الروَاة مُتَقَارِبَة: وَفِي حَدِيث اللَّيْث زِيَادَة، قَالَ:
أعتق رجلٌ من بني عذرة عبدا لَهُ عَن دبر، فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " أَلَك مالٌ غَيره؟ " قَالَ: لَا. فَقَالَ: " من يَشْتَرِيهِ مني؟ " فَاشْتَرَاهُ نعيم بن عبد الله الْعَدوي بثمانمائة دِرْهَم.(2/327)
فجَاء بهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَدَفعهَا لَهُ، ثمَّ قَالَ:
" ابدأ بِنَفْسِك فَتصدق عَلَيْهَا فَإِن فضل شيءٌ فلأهلك، فَإِن فضل عَن أهلك شيءٌ فلذي قرابتك، فَإِن فضل عَن ذِي قرابتك شَيْء فَهَكَذَا وَهَكَذَا " يَقُول: فَبين يَديك وَعَن يَمِينك، وَعَن شمالك.
وَفِي حَدِيث أَيُّوب عَن أبي الزبير عَن جَابر:
أَن رجلا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَبُو مَذْكُور أعتق غُلَاما لَهُ عَن دبر، يُقَال لَهُ أَبُو يَعْقُوب. وسَاق الحَدِيث بِمَعْنى حَدِيث اللَّيْث بن سعد.
1544 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الزَّبِيب وَالتَّمْر، والبسر وَالرّطب. وَفِي حَدِيث جرير بن حَازِم عَن عَطاء عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن نخلط الزَّبِيب وَالتَّمْر، والبسر وَالتَّمْر.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن عَطاء عَن جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
نهى أَن ينتبذ التَّمْر وَالزَّبِيب جَمِيعًا، وَنهى أَن ينتبذ الرطب والبسر جَمِيعًا.
وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج بِمَعْنى هَذَا.
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْنَاهُ.
1545 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء عَن جَابر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْم الْفطر، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قبل الْخطْبَة.
وَعَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس وَجَابِر قَالَا:
لم يكن يوذن يَوْم الْفطر.(2/328)
زَاد فِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج:
ثمَّ سَأَلته - يَعْنِي عَطاء - بعد حِين عَن ذَلِك، فَأَخْبرنِي عَن الْأَذَان، قَالَ: أَخْبرنِي جَابر أَن لَا أَذَان يَوْم الْفطر حِين يخرج الإِمَام، وَلَا بَعْدَمَا يخرج، وَلَا إِقَامَة وَلَا نِدَاء وَلَا شَيْء، لَا نِدَاء يومئذٍ وَلَا إِقَامَة.
وَعَن جَابر
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ، ثمَّ خطب النَّاس، فَلَمَّا فرغ نزل فَأتى النِّسَاء، فَذَكرهنَّ وَهُوَ يتَوَكَّأ على يَد بِلَال، وبلالٌ باسطٌ ثَوْبه يلقِي فِيهِ النِّسَاء صَدَقَة.
قلت لعطاء: أَتَرَى حَقًا على الإِمَام أَن يَأْتِي النِّسَاء فيذكرهن؟ قَالَ: إِن ذَلِك لحق عَلَيْهِم، وَمَا لَهُم أَلا يَفْعَلُوا! .
وَفِي حَدِيث عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ:
شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْعِيد، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قبل الْخطْبَة بِلَا أذانٍ وَلَا إِقَامَة، ثمَّ قَامَ متوكئاً على بِلَال، فَأمر بتقوى الله، وحث على طَاعَته، وَوعظ النَّاس وَذكرهمْ، ثمَّ مضى حَتَّى أَتَى النِّسَاء، فوعظهن، وذكرهن، فَقَالَ: " تصدقن، فَإِن أكثركن حطب جَهَنَّم ". فَقَامَتْ امْرَأَة من سطة النِّسَاء سفعاء الْخَدين فَقَالَت: لم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " لأنكن تكثرن الشكاة، وتكفرن العشير ". قَالَ: فَجعلْنَ يتصدقن من حليهن، يلقين فِي ثوب بِلَال من أقرطهن وخواتيمهن.
1546 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن جريج عَن عَطاء وَغَيره، يزِيد بَعضهم على بعض، لم يبلغهُ كلهم. إِلَّا رجلٌ وَاحِد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفرٍ، وَكنت على جمل ثفالٍ. إِنَّمَا هُوَ فِي آخر الْقَوْم، فَمر بِي(2/329)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " من هَذَا؟ " قلت: جَابر بن عبد الله قَالَ: " مَالك؟ " قلت: إِنِّي على جمل ثفالٍ. قَالَ: " أَمَعَك قضيب؟ " قلت: نعم. قَالَ: " أعطنيه ". فأعطيته فَضَربهُ فزجره، فَكَانَ من ذَلِك الْمَكَان فِي أول الْقَوْم. قَالَ: " بعنيه " فَقلت: بل هُوَ لَك يَا رَسُول الله. قَالَ: " بعنيه، قد أَخَذته بأَرْبعَة دَنَانِير، وَلَك ظَهره إِلَى الْمَدِينَة ".
فَلَمَّا دنونا من الْمَدِينَة أخذت أرتجل، قَالَ: أَيْن تُرِيدُ؟ " قلت: تزوجت امْرَأَة قد خلا مِنْهَا. قَالَ: " فَهَلا جَارِيَة تلاعبها وتلاعبك ". قلت: إِن أبي توفّي وَترك بناتٍ، فَأَرَدْت أَن أَتزوّج امْرَأَة قد جربت خلا مِنْهَا. قَالَ: " فَذَلِك ". فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة قَالَ: " يَا بِلَال، اقضه وزده " فَأعْطَاهُ أَرْبَعَة دَنَانِير وزاده قيراطاً. قَالَ جَابر لَا تُفَارِقنِي زِيَادَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَلم يكن القيراط يُفَارق جَابر جَابر بن عبد الله.
هَذَا نَص حَدِيث البُخَارِيّ عَن مكي بن إِبْرَاهِيم، وَهُوَ أتم.
وَاخْتَصَرَهُ مُسلم، فَلم يخرج مِنْهُ إِلَّا طرفا من حَدِيث يحيى بن أبي زَائِدَة عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن جَابر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: " قد أخذت جملك بأَرْبعَة دَنَانِير، وَلَك ظَهره إِلَى الْمَدِينَة " لم يزدْ.
وَأَخْرَجَا هَذَا الْمَعْنى من حَدِيث أبي عَمْرو عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ عَن جَابر قَالَ:
غزوت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فتلاحق بِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا على ناضحٍ لنا قد أعيا، فَلَا يكَاد يسير، فَقَالَ لي: " مَا لبعيرك؟ " قَالَ: قلت: أعيا. قَالَ: فَتخلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزجره ودعا لَهُ، فَمَا زَالَ بَين يَدي الْإِبِل قدامها يسير. فَقَالَ لي: " كَيفَ ترى بعيرك؟ ". فَقلت: بِخَير، قد أَصَابَته بركتك. قَالَ: " أفتبيعنيه؟ " قَالَ: فَاسْتَحْيَيْت وَلم يكن لنا ناضحٌ غَيره، قَالَ: فَقلت: نعم. قَالَ: فَبِعْته إِيَّاه على أَن لي فقار ظَهره حَتَّى أبلغ الْمَدِينَة.(2/330)
فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي عروسٌ، واستأذنته، فَأذن لي، فتقدمت النَّاس إِلَى الْمَدِينَة حَتَّى أتيت الْمَدِينَة، فلقيني خَالِي يسألني عَن الْبَعِير، فَأَخْبَرته بِمَا صنعت فِيهِ، فلامني. قَالَ: وَقد كَانَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين استأذنته: " هَل تزوجت بكرا أم ثَيِّبًا؟ " قلت: تزوجت ثَيِّبًا. فَقَالَ: " هلا تزوجت بكرا تلاعبك وتلاعبها ".
قلت: يَا رَسُول الله، توفّي وَالِدي - أَو اسْتشْهد - ولي اخواتٌ صغَار، فَكرِهت ان أَتزوّج مِثْلهنَّ، فَلَا تؤدبهن وَلَا تقوم عَلَيْهِنَّ. فَتزوّجت ثَيِّبًا لتقوم عَلَيْهِنَّ وتؤدبهن. قَالَ: فَلَمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدَوْت عَلَيْهِ بالبعير، فَأَعْطَانِي ثمنه ورده عَليّ.
وَفِي رِوَايَة زَكَرِيَّاء عَن عَامر عَن جَابر:
أَنه كَانَ يسير على جمل لَهُ قد أعيا، فَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضَربهُ ودعا لَهُ، فَسَار سيراً لَيْسَ يسير مثله. ثمَّ قَالَ: " بعنيه بأوقية " قلت: لَا. ثمَّ قَالَ: " بعنيه بأوقية " فَبِعْته واستثنيت حملانه إِلَى أَهلِي. فَلَمَّا قدمنَا أَتَيْته بالجمل، ونقدني ثمنه، ثمَّ انصرفت، فَأرْسل على أثري فَقَالَ: " مَا كنت لآخذ جملك، فَخذ جملك، فَهُوَ مَالك ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ شُعْبَة عَن مُغيرَة عَن عَامر عَن جَابر
أفقرني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظَهره إِلَى الْمَدِينَة. وَقَالَ إِسْحَاق: عَن جرير عَن مُغيرَة: فَبِعْته على أَن لي فقار ظَهره حَتَّى أبلغ الْمَدِينَة. وَقَالَ عَطاء وَغَيره: " لَك ظَهره إِلَى الْمَدِينَة ". وَقَالَ ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر: شَرط ظَهره إِلَى الْمَدِينَة. وَقَالَ زيد بن أسلم عَن جَابر: " وَلَك ظَهره حَتَّى ترجع ". قَالَ أَبُو الزبير عَن جَابر: " أفقرناك ظَهره إِلَى الْمَدِينَة " وَقَالَ الْأَعْمَش عَن سَالم عَن جَابر: " تبلغ عَلَيْهِ إِلَى أهلك ". وَقَالَ البُخَارِيّ: الِاشْتِرَاط أَكثر وَأَصَح عِنْدِي.
قَالَ: وَقَالَ عبيد الله وَابْن إِسْحَاق عَن وهب بن جَابر:
اشْتَرَاهُ النَّبِي بأوقية، وَتَابعه زيد بن أسلم عَن جَابر. وَقَالَ ابْن جريج عَن عَطاء وَغَيره عَن جَابر: أَخَذته بأَرْبعَة دَنَانِير. قَالَ البُخَارِيّ: وَهَذَا يكون أُوقِيَّة على حِسَاب الدِّينَار بِعشْرَة.(2/331)
وَلم يبين الثّمن مُغيرَة عَن الشّعبِيّ عَن جَابر، وَابْن الْمُنْكَدر وَأَبُو الزبير عَن جَابر. وَقَالَ الْأَعْمَش عَن سَالم عَن جَابر: أُوقِيَّة ذهب. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق عَن إِسْحَاق عَن سَالم عَن جَابر: بِمِائَتي دِرْهَم. وَقَالَ دَاوُد بن قيس عَن عبيد الله بن مقسم عَن جَابر: اشْتَرَاهُ بطرِيق تَبُوك، أَحْسبهُ قَالَ: بِأَرْبَع أواقٍ. وَقَالَ أَبُو نَضرة عَن جَابر: اشْتَرَاهُ بِعشْرين دِينَارا. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَول الشّعبِيّ بأوقية أَكثر.
وَعند مُسلم فِي حَدِيثه ابْن نمير عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن عَامر عَن جَابر: أَنه كَانَ يسير على جمل لَهُ قد أعيا، فَأَرَادَ أَن يسيبه، قَالَ:
فلحقني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضربه، فَسَار سيراً لم يسر مثله، فَقَالَ: " بعنيه بوقية " قلت: لَا. ثمَّ قَالَ: " بعنيه " فَبِعْته بوقية، واستثنيت حملانه إِلَى أَهلِي، ثمَّ ذكر نَحْو مَا تقدم من حَدِيث زَكَرِيَّا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث وهب بن كيسَان عَن جَابر قَالَ:
خرجت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزاةٍ فَأَبْطَأَ بِي جملي فَأتى عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " يَا جَابر " قلت: نعم. قَالَ: " مَا شَأْنك؟ " قلت: أَبْطَأَ بِي جملي وأعيا، فتخلفت. فَنزل يحجنه بِمِحْجَنِهِ ثمَّ قَالَ: " اركب " فركبت، فَلَقَد رَأَيْتنِي أكفه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " تزوجت؟ " فَقلت: نعم. ثمَّ ذكر نَحوه، وَفِيه: " أما إِنَّك قادمٌ، فَإِذا قدمت فالكيس الْكيس ". وَفِيه: فَاشْتَرَاهُ مني بأوقية. وَفِيه: وقدمت بِالْغَدَاةِ فَجئْت الْمَسْجِد فَوَجَدته على بَاب الْمَسْجِد، فَقَالَ: " الْآن قدمت؟ " قلت: نعم. قَالَ: " فدع جملك، وادخل فصل رَكْعَتَيْنِ " قَالَ: فَدخلت فَصليت، ثمَّ رجعت، فَأمر بِلَالًا أَن يزن لي أُوقِيَّة، فوزن لي بِلَال فأرجح فِي الْمِيزَان. قَالَ: فَانْطَلَقت، فَلَمَّا وليت قَالَ: " ادْع لي جَابِرا " فَدُعِيت فَقلت: الْآن يرد عَليّ الْجمل، وَلم يكن شَيْء أبْغض إِلَيّ مِنْهُ، فَقَالَ: " خُذ جملك، وَلَك ثمنه ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سيار عَن الشّعبِيّ عَن جَابر قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/332)
فِي غزاةٍ، فَلَمَّا أَقبلنَا تعجلت على بعير لي قطوفٍ، فلحقني راكبٌ من خَلْفي، فَنَخَسَ بَعِيري بعنزةٍ كَانَت مَعَه، فَانْطَلق بَعِيري كأجود مَا أَنْت راءٍ من الْإِبِل، فَالْتَفت فَإِذا أَنا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " مَا يعجلك يَا جَابر؟ " قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي حَدِيث عهد بعرسٍ، قَالَ: " أبكراً تَزَوَّجتهَا أم ثَيِّبًا؟ " فَذكره. قَالَ: فَلَمَّا ذَهَبْنَا لنَدْخُل قَالَ: " أمهلوا حَتَّى ندخل لَيْلًا - أَي عشَاء - كي تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة ". زَاد فِي رِوَايَة مُسلم عَن يحيى بن يحيى قَالَ: " إِذا قدمت فالكيس ".
وَعِنْدَهُمَا من حَدِيث عَاصِم الْأَحول عَن الشّعبِيّ عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" إِذا أَطَالَ أحدكُم الْغَيْبَة فَلَا يطْرق أَهله لَيْلًا ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث شُعْبَة عَن محَارب عَن جَابر:
نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يطْرق أَهله لَيْلًا. زَاد فِي رِوَايَة سُفْيَان عَن محَارب: " لِئَلَّا يتخونهم أَو يطْلب عثراتهم ". قَالَ عبد الله بن مهْدي عَن سُفْيَان: لَا أَدْرِي هَذَا فِي الحَدِيث أم لَا؟ يَعْنِي: " أَن يتخونهم وَيطْلب عثراتهم ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر قَالَ:
أَقبلنَا من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأعيا جملي. قَالَ: وَذكر نَحْو حَدِيث قبله. وَفِيه: ثمَّ قَالَ لي: " بِعني جملك هَذَا " قلت: لَا، بل هُوَ لَك. قَالَ: " لَا، بل بعنيه " قلت: لَا، بل هُوَ لَك يَا رَسُول الله. قَالَ: " لَا، بل بعنيه ". قلت: فَإِن لرجلٍ عَليّ أُوقِيَّة ذهبٍ، فَهُوَ لَك بهَا. قَالَ: " قد أَخَذته، فتبلغ عَلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَة " فَلَمَّا قدمت الْمَدِينَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبلالٍ: " أعْطه أُوقِيَّة من ذهب وزده " قَالَ:(2/333)
فَأَعْطَانِي أُوقِيَّة من ذهب وَزَادَنِي قيراطاً. قلت: لَا تُفَارِقنِي زِيَادَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ: فَكَانَ فِي كيسٍ لي، فَأَخذه أهل الشَّام يَوْم الْحرَّة.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي نَضرة الْمُنْذر بن مَالك بن قِطْعَة عَن جَابر قَالَ: كُنَّا فِي مسيرٍ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا على ناضحٍ، إِنَّمَا هُوَ فِي أخريات النَّاس، فَضَربهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَو قَالَ: نخسه - أرَاهُ قَالَ: بِشَيْء كَانَ مَعَه. قَالَ: فَجعل بعد ذَلِك يتَقَدَّم النَّاس يُنَازعنِي حَتَّى إِنِّي لأكفه. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أتبيعنيه بِكَذَا وَكَذَا؛ وَالله يغْفر لَك؟ " قَالَ: قلت: هُوَ لَك يَا نَبِي الله، قَالَ: ذَلِك ثَلَاثًا. وَقَالَ لي: " أتزوجت بعد أَبِيك؟ " قلت: نعم. وَذكره. قَالَ أَبُو نَضرة: وَكَانَت كلمة يَقُولهَا الْمُسلمُونَ: افْعَل كَذَا وَكَذَا، وَالله يغْفر لَك.
وَفِي رِوَايَة الْجريرِي عَن أبي نَضرة:
فنخسه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ لي: " اركب باسم الله " وَفِيه: فَمَا زَالَ يزيدني وَيَقُول: " وَالله يغْفر لَك ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
أَتَى عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أعيا بَعِيري، قَالَ فنخسه فَوَثَبَ، فَكنت بعد ذَلِك أحبس خطامه لأسْمع حَدِيثه، فَمَا أقدر عَلَيْهِ، فلحقني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " بعنيه " فَبِعْته بِخمْس أواقٍ. قَالَ: قلت: على أَن لي ظَهره إِلَى الْمَدِينَة. قَالَ: فَلَمَّا قدمت الْمَدِينَة أَتَيْته بِهِ، فزادني أُوقِيَّة، ثمَّ وهبه لي.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي المتَوَكل النَّاجِي - واسْمه عَليّ بن دَاوُد - قَالَ:
أتيت جَابِرا فَقلت: أَخْبرنِي بِمَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: سَافَرت مَعَه فِي بعض أَسْفَاره. قَالَ أَبُو عقيل بشير بن عقبَة الدَّوْرَقِي عَن أبي المتَوَكل: لَا أَدْرِي غَزْوَة أَو عمْرَة، فَلَمَّا أَن أَقبلنَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من أحب أَن يتعجل إِلَى أَهله فليعجل ".(2/334)
قَالَ جَابر:
فأقبلنا وَأَنا على جملٍ لي أرمك، لَيْسَ فِيهِ شيةٌ، وَالنَّاس خَلْفي، فَبَيْنَمَا أَنا كَذَلِك إِذْ قَامَ عَليّ، فَقَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا جَابر، استمسك "، فَضَربهُ بِسَوْطِهِ فَوَثَبَ الْبَعِير مَكَانَهُ. فَقَالَ: " أتبيع الْجمل؟ " قلت: نعم. فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة وَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَسْجِد فِي طوائف من أَصْحَابه دخلت عَلَيْهِ، وعقلت الْجمل فِي نَاحيَة البلاط فَقلت لَهُ: هَذَا جملك. فَخرج فَجعل يطِيف بالجمل وَيَقُول: " الْجمل جملنا " فَبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأواقٍ من ذهب فَقَالَ: " أعطوها جَابِرا " ثمَّ قَالَ: " استوفيت الثّمن؟ " قلت: نعم. قَالَ: " الثّمن والجمل لَك ".
وَلَيْسَ لأبي المتَوَكل النَّاجِي عَن جَابر فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث محَارب بن دثارٍ عَن جَابر قَالَ:
تزوجت، فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا تزوجت؟ " فَقلت: تزوجت ثَيِّبًا. فَقَالَ: " مَا لَك وللعذارى ولعابها " وَفِي حَدِيث مُسلم: " فَأَيْنَ أَنْت من العذارى ولعابها ". قَالَ شُعْبَة: فَذَكرته لعَمْرو ابْن دِينَار فَقَالَ: قد سمعته من جابرٍ، وَإِنَّمَا قَالَ: " فَهَلا جَارِيَة تلاعبها وتلاعبك ".
وَفِي حَدِيث خَلاد عَن مسعر عَن محَارب عَنهُ قَالَ:
أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ مسعر: أرَاهُ قَالَ: ضحى. فَقَالَ: " صل رَكْعَتَيْنِ ". وَكَانَ لي عَلَيْهِ دينٌ وَزَادَنِي.
وَفِي حَدِيث غنْدر عَن شُعْبَة:
بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعِيرًا فِي سفرٍ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَة قَالَ: " ائْتِ الْمَسْجِد فصل رَكْعَتَيْنِ " فوزن، قَالَ شُعْبَة: أرَاهُ قَالَ: فوزن لي فأرجح، فَمَا زَالَ مِنْهَا شَيْء حَتَّى أَصَابَهَا أهل الشَّام يَوْم الْحرَّة.(2/335)
زَاد فِي حَدِيث وَكِيع عَن شُعْبَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قدم الْمَدِينَة نحر جزوراً.
قَالَ البُخَارِيّ: وَزَاد معَاذ - وَهُوَ عِنْد مُسلم بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث معَاذ عَن شُعْبَة عَن محَارب عَن جَابر قَالَ: اشْترى مني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعِيرًا بوقيتين ودرهمٍ أَو دِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا قدم صراراً أَمر ببقرة فذبحت فَأَكَلُوا مِنْهَا، فَلَمَّا قدمُوا الْمَدِينَة أَمرنِي أَن آتِي الْمَسْجِد فأصلي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَوزن لي ثمن الْبَعِير.
وَمن الروَاة من اختصر، وَاقْتصر على ذكر الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِد
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عَمْرو عَن جَابر قَالَ:
هلك أبي وَترك سبع - أَو تسع بناتٍ - فَتزوّجت امْرَأَة، قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تزوجت يَا جَابر؟ " قلت: نعم. وَذكر الحَدِيث، واعتذاره من نِكَاحه الثّيّب، قَالَ: " فَبَارك الله عَلَيْك ". قَالَ: لم يقل ابْن عُيَيْنَة وَمُحَمّد بن مُسلم عَن عَمْرو: " فَبَارك الله عَلَيْك ".
وَعَن مُسلم من رِوَايَة قُتَيْبَة عَن سُفْيَان فِي آخِره قَالَ: " أصبت " وَلم يذكر الدُّعَاء.
وَلمُسلم هَذَا الطّرف فِي " النِّكَاح " وَزِيَادَة معنى آخر فِيهِ من حَدِيث عَطاء عَن جَابر قَالَ: تزوجت امْرَأَة فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَقِيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا جَابر، " تزوجت؟ " قلت: نعم. قَالَ: " بكرٌ أم ثيب؟ " قلت: ثيبٌ قَالَ: " فَهَلا بكرا تلاعبها؟ " قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِن لي أخواتٍ، فَخَشِيت أَن تدخل بيني وبينهن فَقَالَ: " ذَاك إِذن. إِن الْمَرْأَة تنْكح على دينهَا وَمَالهَا وجمالها. فَعَلَيْك بِذَات الدّين - تربت يداك ". حكى أَبُو مَسْعُود أَنه رأى عَلَيْهِ أثر صفرَة. وَلَيْسَ ذَلِك فِيمَا عندنَا من كتاب مُسلم.(2/336)
1547 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ: أهل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه بِالْحَجِّ، وَلَيْسَ مَعَ أحدٍ مِنْهُم هديٌ غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَطَلْحَة. فَقدم عليٌّ من الْيمن مَعَه هديٌ فَقَالَ: أَهلَلْت بِمَا أهل بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه أَن يجعلوها عمْرَة، ويطوفوا ثمَّ يقصروا ويحلوا إِلَّا من كَانَ مَعَه الْهَدْي. فَقَالُوا: ننطلق إِلَى منى وَذكر أَحَدنَا يقطر، فَبلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا أهديت، وَلَوْلَا أَن معي الْهَدْي لأحللت " وحاضت عَائِشَة فنسكت الْمَنَاسِك كلهَا، غير أَن لم تطف بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا طهرت طافت بِالْبَيْتِ، وَقَالَت: يَا رَسُول الله، تنطلقون بحجةٍ وَعمرَة وأنطلق بحجٍّ، فَأمر عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر أَن يخرج مَعهَا إِلَى التَّنْعِيم، فاعتمرت بعد الْحَج.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح عَن جَابر قَالَ:
أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا أَن يُقيم على إِحْرَامه. وَذكر قَول سراقَة، زَاد مُحَمَّد بن بكر عَن ابْن جريج: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: " بِمَ أَهلَلْت يَا عَليّ؟ " قَالَ: بِمَا أهل بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: " فأهد وامكث حَرَامًا ".
وَفِي رِوَايَة أبي شهَاب مُوسَى بن نَافِع قَالَ:
قدمت مَكَّة مُتَمَتِّعا بعمرةٍ فَدَخَلْنَا قبل التَّرويَة بِثَلَاثَة أَيَّام، فَقَالَ أنَاس من أهل مَكَّة:
تصير الْآن حجتك مَكِّيَّة، فَدخلت على عطاءٍ أستفتيه فَقَالَ: حَدثنِي جَابر بن عبد الله أَنه حج مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم سَاق الْهَدْي مَعَه، وَقد أهلوا بِالْحَجِّ مُفردا، فَقَالَ لَهُم: " أحلُّوا من إحرامكم، وَاجْعَلُوا الَّذِي قدمتم بهَا مُتْعَة ".
فَقَالُوا: كَيفَ نَجْعَلهَا مُتْعَة وَقد سمينا الْحَج؟ فَقَالَ: " افعلوا مَا أَقُول لكم، فلولا(2/337)
أَنِّي سقت الْهَدْي لفَعَلت مثل الَّذِي أَمرتكُم، وَلَكِن لَا يحل مني حرامٌ حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله " فَفَعَلُوا. قَالَ البُخَارِيّ لَيْسَ لَهُ مُسْند إِلَّا هَذَا.
وَفِي حَدِيث الْحسن بن عمر بن شَقِيق عَن يزِيد بن زُرَيْع نَحوه، وَفِيه: وَقدمنَا مَكَّة لأَرْبَع خلون من ذِي الْحجَّة، فامرنا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نطوف بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة، ونجعلها عمْرَة، وَنحل إِلَّا من مَعَه هدي. . وَذكره. وَفِيه: قَالَ: ولقيه سراقَة بن مَالك وَهُوَ يَرْمِي الْجَمْرَة: قَالَ فِي حَدِيث عبد الْوَهَّاب: بِالْعقبَةِ، فَقَالَ يَا رَسُول الله، ألنا هَذِه خَاصَّة؟ قَالَ: " بل لِلْأَبَد " وَذكر قصَّة عَائِشَة واعتمارها من التَّنْعِيم.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن عَطاء قَالَ:
سَمِعت جَابر بن عبد الله فِي ناسٍ معي قَالَ: أَهْلَلْنَا - أَصْحَاب مُحَمَّد بِالْحَجِّ خَالِصا وَحده، قَالَ عَطاء: قَالَ جَابر: فَقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صبح رابعةٍ مَضَت من ذِي الْحجَّة فَأمرنَا أَن نحل. . وَذكر نَحْو مَا تقدم، وَقَول سراقَة، وَلم يذكر قصَّة عَائِشَة.
وَفِي حَدِيث عبد الْملك بن سُلَيْمَان عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ:
أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحَجِّ فَلَمَّا قدمنَا مَكَّة أمرنَا أَن نحل ونجعلها عمْرَة، فَكبر ذَلِك علينا، وَضَاقَتْ بِهِ صدورنا، فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَمَا نَدْرِي: أشيءٌ بلغه من السَّمَاء، أم شَيْء من قبل النَّاس. فَقَالَ: " أَيهَا النَّاس، أحلُّوا فلولا الْهَدْي الَّذِي معي فعلت كَمَا فَعلْتُمْ ". قَالَ: فأحللنا حَتَّى وطئنا النِّسَاء، وَفعلنَا مَا يفعل الْحَلَال حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم التَّرويَة، وَجَعَلنَا مَكَّة بظهرٍ، أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ.
وَأَخْرَجَا هَذَا الْمَعْنى مُخْتَصرا من حَدِيث مُجَاهِد بن جبر عَن جَابر قَالَ:
قدمنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن نقُول: لبيْك بِالْحَجِّ. فَأمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجعلناها عمْرَة.(2/338)
وَأخرج مسلمٌ مُخْتَصرا من حَدِيث أبي نَضرة عَن جَابر وَأبي سعيد قَالَا:
قدمنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن نصرخ بِالْحَجِّ صراخاً. لم يزدْ.
وَمن حَدِيث اللَّيْث بِطُولِهِ عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
أَقبلنَا مهلين مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجمع مُفردا، وَأَقْبَلت عَائِشَة بعمرةٍ، حَتَّى إِذا كُنَّا بسرف عركت، حَتَّى إِذا قدمنَا طفنا بِالْكَعْبَةِ، والصفا والمروة، فَأمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحل منا من لم يكن مَعَه هديٌ. قَالَ: فَقُلْنَا: حل مَاذَا؟ قَالَ: " الْحل كُله " فواقعنا النِّسَاء، وتطيبنا بالطيب، ولبسنا ثيابًا، وَلَيْسَ بَيْننَا وَبَين عَرَفَة إِلَّا أَربع لَيَال، ثمَّ أَهْلَلْنَا يَوْم التَّرويَة، ثمَّ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عَائِشَة فَوَجَدَهَا تبْكي، فَقَالَ: " مَا شَأْنك؟ " قَالَت: شأني أَنِّي حِضْت، وَقد حل النَّاس وَلم أحلل، وَلم أطف بِالْبَيْتِ، وَالنَّاس يذهبون إِلَى الْحَج الان. فَقَالَ: " إِن هَذَا أمرٌ كتبه الله على بَنَات آدم، فاغتسلي، ثمَّ أَهلِي بِالْحَجِّ " فَفعلت ووقفت المواقف كلهَا، حَتَّى إِذا طهرت طافت بِالْكَعْبَةِ، والصفا والمروة، ثمَّ قَالَ: " قد حللت من حجك وعمرتك جَمِيعًا " فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أجد فِي نَفسِي أَنِّي لم أطف بِالْبَيْتِ حَتَّى حججْت. قَالَ: " فَاذْهَبْ بهَا يَا عبد الرَّحْمَن، فأعمرها من التَّنْعِيم " وَذَلِكَ لَيْلَة الحصبة.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر: قَالَ:
دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عَائِشَة وَهِي تبْكي. فَذكر مثل حَدِيث اللَّيْث إِلَى آخِره. وَلم يذكر مَا قبل ذَلِك من حَدِيث اللَّيْث.
وَفِي حَدِيث مطر عَن أبي الزبير عَن جَابر بِمَعْنى ذَلِك، وَزَاد: قَالَ: وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا سهلاً، إِذا هويت الشَّيْء تابعها عَلَيْهِ.(2/339)
وَفِي حَدِيث زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مهلين بِالْحَجِّ، مَعنا النِّسَاء والولدان، فَلَمَّا قدمنَا مَكَّة طفنا بِالْبَيْتِ، وبالصفا والمروة، فَقَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من لم يكن مَعَه هديٌ فليحلل. . " وَذكره.
ثمَّ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ يَوْم التَّرويَة أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ، وكفانا الطّواف الأول بَين الصَّفَا والمروة، وأمرنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نشترك فِي الْإِبِل وَالْبَقر، كل سبعةٍ منا فِي بَدَنَة.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر:
أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أَحللنَا أَن نحرم إِذا توجهنا إِلَى منى، قَالَ: فأهللنا من الأبطح.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن بكر عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
لم يطف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا أَصْحَابه بَين الصَّفَا والمروة إِلَّا طَوافا وَاحِدًا، طَوَافه الأول.
وَفِي حَدِيث أبي نَضرة قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَأْمر بِالْمُتْعَةِ، وَكَانَ ابْن الزبير ينْهَى عَنْهَا. قَالَ: فَذكرت ذَلِك لجَابِر بن عبد الله فَقَالَ: على يَدي دَار الحَدِيث، تَمَتعنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا قَامَ عمر قَالَ: إِن الله كَانَ يحل لرَسُوله مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ، وَإِن الْقُرْآن قد نزل مَنَازِله، فَأتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله، كَمَا أَمركُم الله، وأبتوا نِكَاح هَذِه النِّسَاء، فَلَنْ أُوتى برجلٍ نكح امْرَأَة إِلَى أجل إِلَّا رَجَمْته بِالْحِجَارَةِ ".
وَفِي حَدِيث همام عَن قَتَادَة عَن أبي نَضرة:
فَافْصِلُوا حَجكُمْ من عُمْرَتكُمْ، فَإِنَّهُ أتم لحجكم وَأتم لعمرتكم ".
وَأخرج مُسلم فِي كتاب " النِّكَاح " من حَدِيث ابْن جريج عَن عَطاء قَالَ:
قدم جَابر بن عبد الله، فجئناه فِي منزله، فَسَأَلَهُ الْقَوْم عَن أَشْيَاء، ثمَّ ذكرُوا الْمُتْعَة، فَقَالَ: استمتعنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُم.(2/340)
وَظَاهر هَذَا أَنه عَنى مُتْعَة الْحَج، وَقد تَأَول ذَلِك مُسلم على مُتْعَة النِّسَاء.
1548 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: جَاءَ أعرابيٌّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَايعهُ على الْإِسْلَام، فجَاء فِي الْغَد محموماً، فَقَالَ: أَقلنِي بيعتي، فَأبى، ثمَّ جَاءَهُ فَأبى، ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَقلنِي بيعتي، فَأبى فَخرج الْأَعرَابِي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّمَا الْمَدِينَة كالكير تَنْفِي خبثها، وينصع طيبها ".
1549 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: مَا سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا قطّ فَقَالَ لَا.
1550 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: ندب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس يَوْم الخَنْدَق فَانْتدبَ الزبير، ثمَّ ندبهم فَانْتدبَ الزبير، ثمَّ ندبهم فَانْتدبَ الزبير. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن لكل نبيٍّ حوارياً، وحواري الزبير " قَالَ سُفْيَان: الْحوَاري: النَّاصِر.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان الثَّوْريّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم الْأَحْزَاب:
من يأتينا بِخَبَر الْقَوْم؟ " فَقَالَ الزبير: أَنا. ثمَّ قَالَ: " من يأتينا بِخَبَر الْقَوْم؟ " فَقَالَ الزبير. أَنا. ثمَّ قَالَ: " من يأتينا بِخَبَر الْقَوْم؟ " فَقَالَ الزبير: أَنا - ثَلَاثًا، الحَدِيث ... . .
وَفِي حَدِيث عَليّ بن عبد الله الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ:
ندب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَانْتدبَ الزبير ... الحَدِيث. قَالَ سُفْيَان: سمعته من ابْن الْمُنْكَدر قَالَ: قلت لِسُفْيَان: الثَّوْريّ يَقُول: يَوْم قُرَيْظَة، فَقَالَ: كَذَا(2/341)
حفظته كَمَا أَنَّك جالسٌ: يَوْم الخَنْدَق. ثمَّ قَالَ سُفْيَان: هُوَ يَوْم أحد، وَتَبَسم سُفْيَان.
1551 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَل لكم من أنماط؟ " قلت وَأَنِّي يكون لنا الأنماط؟ قَالَ: " أما إِنَّهَا سَتَكُون لكم الأنماط " قَالَ: فَأَنا أَقُول لَهَا - يَعْنِي امْرَأَته - أخري عَنَّا أنماطك، فَتَقول: ألم يقل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " سَتَكُون لكم الأنماط " فأدعها.
1552 - الثَّلَاثُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: كَانَت الْيَهُود تَقول: إِذا جَامعهَا من وَرَائِهَا جَاءَ الْوَلَد أَحول، فَنزلت: {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} [سُورَة الْبَقَرَة] .
1553 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: رَأَيْت جَابر بن عبد الله يحلف بِاللَّه: إِن ابْن صائدٍ الدَّجَّال. فَقلت أتحلف بِاللَّه؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعت عمر يحلف على ذَلِك عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلم يُنكره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1554 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " رَأَيْتنِي دخلت الْجنَّة، فَإِذا أَنا بالرميصاء امْرَأَة أبي طَلْحَة، وَسمعت خشفة فَقلت: من هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا بلالٌ. وَرَأَيْت قصراً بفنائه جاريةٌ، فَقلت: لمن هَذَا؟ فَقَالُوا: لعمر بن الْخطاب، فَأَرَدْت أَن أدخلهُ فَأنْظر إِلَيْهِ، فَذكرت غيرتك، فوليت مُدبرا " فَبكى عمر وَقَالَ: أعليك أغار يَا رَسُول الله؟ .(2/342)
1555 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: أُصِيب أبي يَوْم أحد، فَجعلت أكشف الثَّوْب عَن وَجهه وأبكي، وَجعلُوا ينهونني، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينهاني، وَجعلت فَاطِمَة بنت عَمْرو تبكيه، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " تبكين أَو لَا تبكين، مَا زَالَ الْمَلَائِكَة تظله بأجنحتها حَتَّى رفعتموه ".
وَفِي حَدِيث عبيد الله بن عمر القواريري وَعَمْرو النَّاقِد:
لما كَانَ يَوْم أحد، جِيءَ بِأبي مسجى وَقد مثل بِهِ.
وَفِي حَدِيث عبد الْكَرِيم الْجَزرِي:
جِيءَ بِأبي يَوْم أحدٍ مجدعاً، فَوضع بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... بِنَحْوِهِ.
1556 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: ولد لرجلٍ منا غلامٌ، فَسَماهُ الْقَاسِم، فَقُلْنَا: لَا نكنيك أَبَا الْقَاسِم، وَلَا ننعمك عينا. فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: " اسْم ابْنك عبد الرَّحْمَن ".
وَفِي رِوَايَة صَدَقَة بن الْفضل عَن سُفْيَان: لَا نكنيك أَبَا الْقَاسِم، وَلَا كَرَامَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سَالم بن أبي الْجَعْد الْأَشْجَعِيّ عَن جَابر قَالَ:
ولد لرجلٍ منا غلامٌ فَسَماهُ الْقَاسِم، فَقُلْنَا: لَا تكنيه حَتَّى تسْأَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي ".(2/343)
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان، وَرِوَايَة مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة نَحْو حَدِيث ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر، إِلَّا أَن فِي الرِّوَايَتَيْنِ: فَقَالَت الْأَنْصَار: لَا نكنيك أَبَا الْقَاسِم، وَلَا ننعمك عينا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَحْسَنت الْأَنْصَار، تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي " وَلَيْسَ فِي روايتي ابْن يُوسُف وَابْن جَعْفَر: " اسْم ابْنك عبد الرَّحْمَن ".
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش:
ولد لرجلٍ من الْأَنْصَار غُلَام، فَأَرَادَ تَسْمِيَته مُحَمَّدًا. وَفِي رِوَايَة أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة: أَرَادَ أَن يُسَمِّيه الْقَاسِم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تسموا باسمي، وَلَا تكنوا بكنيتي، فَإِنِّي إِنَّمَا جعلت قاسماً أقسم بَيْنكُم ".
وَلمُسلم فِي حَدِيث جرير عَن مَنْصُور عَن سَالم عَنهُ قَالَ:
ولد لرجلٍ منا غلامٌ، فَسَماهُ مُحَمَّدًا، فَقَالَ لَهُ قومه: لَا نَدعك تسمي باسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَانْطَلق بِابْنِهِ حامله على ظَهره، فَذكر أَنه ذكر لَهُ ذَلِك، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي، فَإِنِّي أَنا قاسمٌ أقسم بَيْنكُم ".
1557 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي دين كَانَ على أبي، فدققت الْبَاب فَقَالَ: " من ذَا؟ " فَقلت: أَنا. قَالَ: " أَنا أَنا "، كَأَنَّهُ كرهها. لفظ حَدِيث أبي الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك عَن شُعْبَة.
1558 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: مَرضت فَأَتَانِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودنِي وَأَبُو بكر، وهما ماشيان، فوجداني أُغمي عَليّ، فَتَوَضَّأ(2/344)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ صب وضوءه عَليّ فَأَفَقْت، فَإِذا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقلت: يَا رَسُول الله، كَيفَ أصنع فِي مَالِي؟ كَيفَ أَقْْضِي فِي مَالِي؟ فَلم يجبني بِشَيْء حَتَّى نزلت آيَة الْمِيرَاث.
وَفِي حَدِيث غنْدر عَن شُعْبَة فعقلت فَقلت: لَا يَرِثنِي إِلَّا كَلَالَة، فَكيف الْمِيرَاث؟ فَنزلت آيَة الْفَرَائِض.
وَفِي حَدِيث هِشَام بن يُوسُف عَن ابْن جريج: فَنزلت: {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} [سُورَة النِّسَاء] .
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن مُحَمَّد عَن سُفْيَان: فَلم يرد عَليّ شَيْئا حَتَّى نزلت آيَة الْمِيرَاث: {يستفتونك قل الله يفتيكم} [سُورَة النِّسَاء] .
وَفِي رِوَايَة بهز بن أَسد عَن شُعْبَة فَقلت لمُحَمد بن الْمُنْكَدر: {يستفتونك قل الله يفتيكم} قَالَ: هَكَذَا أنزلت.
وللبخاري وَحده من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن سُفْيَان. جَاءَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودنِي، لَيْسَ بِرَاكِب بغلٍ وَلَا برذونٍ، لم يزدْ.
1559 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: رَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح وَأبي سُفْيَان طَلْحَة بن نَافِع جَمِيعًا عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اهتز الْعَرْش لمَوْت سعد بن معَاذ ".(2/345)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان وَحده عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله.
زَاد البُخَارِيّ فِي رِوَايَته مُتَّصِلا بِحَدِيث أبي صَالح، فَقَالَ رجل لجَابِر:
فَإِن الْبَراء يَقُول: اهتز السرير. فَقَالَ: إِنَّه كَانَ بَين هذَيْن الْحَيَّيْنِ ضغائن، سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " اهتز عرش الرَّحْمَن لمَوْت سعد بن معاذٍ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجنازة سعد بن معاذٍ بَين أَيْديهم: " اهتز لَهَا عرش الرَّحْمَن ".
1560 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن عَمْرو بن دِينَار الْمَكِّيّ عَن جَابر قَالَ: لما بنيت الْكَعْبَة ذهب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْعَبَّاس ينقلان الْحِجَارَة. فَقَالَ الْعَبَّاس للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اجْعَل إزارك على رقبتك. فَخر إِلَى الأَرْض، وطمحت عَيناهُ إِلَى السَّمَاء. فَقَالَ: " أَرِنِي إزَارِي "، فشده عَلَيْهِ.
وَفِي حَدِيث زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق:
فَسقط مغشياً عَلَيْهِ، فَمَا رئي بعد ذَلِك عُريَانا.
1561 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر قَالَ: قَالَ رجلٌ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد: أَرَأَيْت إِن قتلت، فَأَيْنَ أَنا؟ قَالَ: " فِي الْجنَّة " فَألْقى تمراتٍ كن فِي يَده، ثمَّ قَاتل حَتَّى قتل.(2/346)
1562 - الْأَرْبَعُونَ: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: غزونا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد ثاب مَعَه ناسٌ من الْمُهَاجِرين حَتَّى كَثُرُوا، وَكَانَ من الْمُهَاجِرين رجلٌ لعابٌ، فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا، فَغَضب الْأنْصَارِيّ غَضبا شَدِيدا حَتَّى تداعوا، وَقَالَ الْأنْصَارِيّ: يَا للْأَنْصَار، وَقَالَ المُهَاجر: " يَا للمهاجرين. فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " مَا بَال دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة؟ " ثمَّ قَالَ: " مَا شَأْنهمْ؟ " فَأخْبر بكسعة الْمُهَاجِرِي الْأنْصَارِيّ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " دَعُوهَا، فَإِنَّهَا خبيثة ".
وَقَالَ عبد الله بن أبي سلول:
قد تداعوا علينا، لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل. قَالَ عمر: أَلا نقْتل يَا نَبِي الله هَذَا الْخَبيث؟ لعبد الله. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يتحدث النَّاس: إِنَّه كَانَ يقتل أَصْحَابه ".
وَفِي حَدِيث عبد الرازق عَن معمر نَحوه؛ إِلَّا أَنه قَالَ: فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ الْقود، فَقَالَ: " دَعُوهَا، فَإِنَّهَا مُنْتِنَة " الحَدِيث.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
اقتتل غلامان: غُلَام من الْمُهَاجِرين وغلامٌ من الْأَنْصَار، فَنَادَى المُهَاجر أَو الْمُهَاجِرُونَ: يَا للمهاجرين، ونادى الْأنْصَارِيّ: يَا للْأَنْصَار، فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " مَا هَذَا، دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة؟ " قَالُوا: يَا رَسُول الله، إِلَّا أَن غلامين اقتتلا، فَكَسَعَ أَحدهمَا الآخر. فَقَالَ: " لَا بَأْس، ولينصر الرجل أَخَاهُ ظَالِما أَو مَظْلُوما، إِن كَانَ ظَالِما فلينهه، فَإِنَّهُ لَهُ نصرٌ، وَإِن كَانَ مَظْلُوما فلينصره ".
1563 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْحَرْب خدعة ".(2/347)
1564 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: دخل رجلٌ يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب، فَقَالَ: " صليت؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " فصل رَكْعَتَيْنِ ". فِي حَدِيث حَمَّاد بن زيد وَأَيوب: " قُم فاركع " وَفِي حَدِيث إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن سُفْيَان: " قُم فصل الرَّكْعَتَيْنِ ".
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن عَمْرو عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا جَاءَ أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة وَقد خرج الإِمَام، فليركع رَكْعَتَيْنِ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الزبير، وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان، كِلَاهُمَا عَن جَابر: فَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الزبير قَالَ:
جَاءَ سليك الْغَطَفَانِي يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قاعدٌ على الْمِنْبَر، فَقعدَ سليكٌ قبل أَن يُصَلِّي. وَفِي حَدِيث أبي سُفْيَان: جَاءَ سليك الْغَطَفَانِي يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فَجَلَسَ. وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الزبير: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: " أركعت رَكْعَتَيْنِ؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " قُم فاركع ". وَفِي رِوَايَة أبي سُفْيَان: فَقَالَ لَهُ: " يَا سليك، قُم فاركع رَكْعَتَيْنِ تجوز فيهمَا ". زَاد فِي رِوَايَة أبي سُفْيَان، ثمَّ قَالَ: " إِذا جَاءَ أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يخْطب فليركع رَكْعَتَيْنِ، وليتجوز فيهمَا ".
1565 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن أبي بَعْدَمَا أَدخل حفرته، فَأمر بِهِ فَأخْرج، فَوَضعه على رُكْبَتَيْهِ، وَنَفث فِيهِ رِيقه، وَألبسهُ قَمِيصه: فَالله أعلم. قَالَ: وَكَانَ كسا عباساً قَمِيصًا. قَالَ سُفْيَان. وَقَالَ أَبُو هَارُون: وَكَانَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَمِيصَانِ، فَقَالَ لَهُ ابْن(2/348)
عبد الله: يَا رَسُول الله، ألبس عبد الله قَمِيصك الَّذِي يَلِي جِلْدك. قَالَ سُفْيَان: فيرون أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألبس عبد الله قَمِيصه مُكَافَأَة لما صنع.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد المسندي عَن سُفْيَان عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ:
لما كَانَ يَوْم بدر أُتِي بِأسَارَى وَأتي بِالْعَبَّاسِ وَلم يكن عَلَيْهِ ثوبٌ، فَنظر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ قَمِيصًا، فوجدوا قَمِيص عبد الله بن أبي يقدر عَلَيْهِ، فَكَسَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاه، فَلذَلِك نزع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَمِيصه الَّذِي ألبسهُ.
1566 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن ثَلَاثمِائَة رَاكب، وأميرنا أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح نرصد عيرًا لقريش، فَأَقَمْنَا بالسَّاحل نصف شهر، فأصابنا جوعٌ شَدِيد، حَتَّى أكلنَا الْخبط، فَسُمي جَيش الْخبط، فَألْقى لنا الْبَحْر دَابَّة يُقَال لَهَا العنبر، فأكلنا مِنْهَا نصف شهر. وادهنا من ودكها حَتَّى ثَابت أجسامنا. قَالَ: وَأخذ أَبُو عُبَيْدَة ضلعاً من أضلاعه فنصبه، ثمَّ نظر إِلَى أطول رجلٍ فِي الْجَيْش وأطول جمل، فَحَمله عَلَيْهِ، فَمر تَحْتَهُ. قَالَ: وَجلسَ فِي حجاج عينه نفرٌ، قَالَ: وأخرجنا من عينه كَذَا وَكَذَا قلَّة ودك. قَالَ: وَكَانَ مَعنا جرابٌ من تمر، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يُعْطي كل رجل منا قَبْضَة قَبْضَة، ثمَّ أَعْطَانَا تَمْرَة تَمْرَة. فَلَمَّا فني وجدنَا فَقده. اللَّفْظ لحَدِيث عبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء عَن سُفْيَان، وَهُوَ أتم.(2/349)
وَمن رِوَايَته وَرِوَايَة عبد الله بن مُحَمَّد عَن سُفْيَان:
أَن جَابِرا قَالَ: وَكَانَ فِينَا رجلٌ، فَلَمَّا اشْتَدَّ الْجُوع نحر ثَلَاث جزائر، ثمَّ ثَلَاث جزائر، ثمَّ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَة.
وَفِي حَدِيث مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان:
فَألْقى الْبَحْر حوتاً مَيتا لم نر مثله.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي نعيم وهب بن كيسَان عَن جَابر بِنَحْوِ مِنْهُ.
وَفِي حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة وَمَالك بن أنس والوليد بن كثير عَن وهب:
فَأكل مِنْهَا الْجَيْش ثَمَان عشرَة لَيْلَة. زَاد فِي حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة: وَنحن ثَلَاثمِائَة، نحمل زادنا على رقابنا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبيد الله بن مقسم عَن جَابر قَالَ:
بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثاً إِلَى أَرض جُهَيْنَة وَاسْتعْمل عَلَيْهِم رجلا. لم يذكر مُسلم من حَدِيث ابْن مقسم غير هَذَا، ثمَّ أدرجه على مَا قبله من الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا ذكر الدَّابَّة الَّتِي يُقَال لَهَا العنبر، فَقَالَ: بِنَحْوِ حَدِيثهمْ.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث زُهَيْر عَن أبي الزبير بِطُولِهِ عَن جَابر قَالَ:
بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمر علينا أَبَا عُبَيْدَة نتلقى عيرًا لقريش، وزودنا جراباً من تمر لم يجد لنا غَيره، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يُعْطِينَا تَمْرَة تَمْرَة.
والْحَدِيث مَذْكُور بِطُولِهِ فِي مُسْند أبي عُبَيْدَة، وَفِيه زِيَادَة لَفْظَة من قَول أبي عُبَيْدَة فِيهِ: نَحن رسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1567 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/350)
يَوْم الْحُدَيْبِيَة: " أَنْتُم الْيَوْم خير أهل الأَرْض " وَكُنَّا ألفا وَأَرْبَعمِائَة. قَالَ جَابر: لَو كنت أبْصر الْيَوْم لَأَرَيْتُكُمْ مَكَان الشَّجَرَة ".
1568 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: مر رجلٌ بسهامٍ فِي الْمَسْجِد، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أمسك بنصالها ".
وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن عَمْرو عَنهُ قَالَ:
مر رجلٌ بسهام فِي الْمَسْجِد، قد بدا نصولها، فَأمر أَن يَأْخُذ بنصولها لَا يخدش مُسلما ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَنه أَمر رجلا كَانَ ينْصَرف بِاللَّيْلِ فِي الْمَسْجِد أَلا يمر بهَا إِلَّا وَهُوَ آخذٌ بنصالها.
1569 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَمْرو عَن جَابر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يخرج من النَّار قومٌ بالشفاعة كَأَنَّهُمْ الثعارير " قلت: مَا الثعارير؟ قَالَ: " الضغابيس ". لفظ حَدِيث البُخَارِيّ عَن أبي النُّعْمَان.
وَفِي حَدِيث أبي بكر بن أبي شيبَة عَن سُفْيَان عَن عَمْرو عَن جَابر
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الله يخرج نَاسا من النَّار فيدخلهم الْجنَّة ". وَفِي حَدِيث أبي الرّبيع وَغَيره عَن حَمَّاد بن زيد: " إِن الله يخرج قوما من النَّار بالشفاعة ".
1570 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: كَانَ معَاذ يُصَلِّي مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يَأْتِي فيؤم قومه، فصلى لَيْلَة مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعشَاء، ثمَّ أَتَى قومه فَأمهمْ، فَافْتتحَ بِسُورَة الْبَقَرَة، فانحرف رجلٌ مُسلم ثمَّ صلى وَحده، وَانْصَرف. فَقَالُوا لَهُ:(2/351)
أَنا فقت يَا فلَان؟ قَالَ: لَا وَالله، ولآتين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلأخبرنه. فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّا أَصْحَاب نواضح، نعمل بِالنَّهَارِ، وَإِن معَاذًا صلى مَعَك الْعشَاء، ثمَّ أَتَى فَافْتتحَ بِسُورَة الْبَقَرَة، فَأقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على معَاذ فَقَالَ: " يَا معَاذ، أفتانٌ أَنْت؟ اقْرَأ بِكَذَا، أَو اقْرَأ كَذَا " قَالَ سُفْيَان: فَقلت لعَمْرو: إِن أَبَا الزبير حَدثنَا عَن جَابر أَنه قَالَ: اقْرَأ {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} ، {وَالضُّحَى} ، {وَاللَّيْل إِذا يغشى} ، {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} ، فَقَالَ عَمْرو: بِنَحْوِ هَذَا.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث محَارب بن دثار عَن جَابر قَالَ:
أقبل رجلٌ بناضحين وَقد جنح اللَّيْل، فَوَافَقَ معَاذًا يُصَلِّي ... وَذكر نَحوه. وَقَالَ فِي آخِره: " فلولا صليت ب {سبح اسْم رَبك} ، {الشَّمْس وَضُحَاهَا} ، {وَاللَّيْل إِذا يغشى} ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَك الْكَبِير والضعيف وَذُو الْحَاجة " أَحسب فِي الحَدِيث. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ عَمْرو وَعبيد الله بن مقسم وَأَبُو الزبير عَن جَابر: قَرَأَ معَاذ فِي الْعشَاء بالبقرة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جابرٍ بِطُولِهِ بِنَحْوِ مَا تقدم، وَفِيه ذكر السُّور الَّتِي تقدّمت.
وَمِنْهُم من رَوَاهُ عَن عَمْرو عَن جَابر مُخْتَصرا:
أَن معَاذًا كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشَاء الْآخِرَة، ثمَّ يرجع إِلَى قومه، فَيصَلي بهم تِلْكَ الصَّلَاة ".
1571 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِينَا: {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ مِنْكُم أَن تَفْشَلَا} ، بني سَلمَة وَبني حَارِثَة، وَمَا أحب أَنَّهَا لم تنزل، وَالله عز وَجل يَقُول: {وَالله وليهما} [سُورَة آل عمرَان](2/352)
1572 - الْخَمْسُونَ: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من لكعب ابْن الْأَشْرَف؟ فَإِنَّهُ قد آذَى الله وَرَسُوله " قَالَ مُحَمَّد بن مسلمة: أَتُحِبُّ أَن أَقتلهُ؟ قَالَ: " نعم ". قَالَ: ائْذَنْ لي فلأقل. قَالَ: " قل ". فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ، وَذكر مَا بَينهم، وَقَالَ: إِن هَذَا الرجل قد أَرَادَ الصَّدَقَة، وَقد عنانا. فَلَمَّا سَمعه قَالَ: وَأَيْضًا وَالله لتملنه. قَالَ: إِنَّا قد اتبعناه الْآن، ونكره أَن ندعه حَتَّى نَنْظُر إِلَى أَي شَيْء يصير أمره. قَالَ: وَقد أردْت أَن تسلفني سلفا. قَالَ: فَمَا ترهنني؟ ترهنني نساءكم؟ قَالَ: أَنْت أجمل الْعَرَب، أنرهنك نِسَاءَنَا؟ قَالَ لَهُ: ترهنوني أَوْلَادكُم؟ قَالَ: يسب ابْن أَحَدنَا فَيُقَال: رهن فِي وسقين من تمرٍ، وَلَكِن نرهنك اللأمة - يَعْنِي السِّلَاح. قَالَ: فَنعم. وواعده أَن يَأْتِيهِ بِالْحَارِثِ وَأبي عِيسَى بن جبر وَعباد بن بشر، قَالَ: فَجَاءُوا فَدَعوهُ لَيْلًا، فَنزل إِلَيْهِم. قَالَ سُفْيَان: قَالَ غير عَمْرو: وَقَالَت لَهُ امْرَأَته: إِنِّي لأسْمع صَوتا كَأَنَّهُ صَوت دم. قَالَ: إِنَّمَا هَذَا مُحَمَّد ورضيعه أَبُو نائلة، إِن الْكَرِيم لَو دعِي إِلَى طعنه لَيْلًا لأجاب. قَالَ مُحَمَّد: إِنِّي إِذا جَاءَ فَسَوف أمد يَدي إِلَى رَأسه، فَإِذا اسْتَمْكَنت مِنْهُ فدونكم، قَالَ: فَلَمَّا نزل وَهُوَ متوشحٌ فَقَالُوا: نجد مِنْك ريح الطّيب؟ قَالَ: نعم، تحتي فلانةٌ، أعطر نسَاء الْعَرَب. قَالَ: فتأذن لي أَن أَشمّ مِنْهُ؟ قَالَ: نعم، فشم، فَتَنَاول فشم ثمَّ قَالَ: أتأذن لي أَن أَعُود قَالَ: فاستمكن مِنْهُ، ثمَّ قَالَ: دونكم فَقَتَلُوهُ.
وَفِي حَدِيث عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان نَحوه. وَفِيه: إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّد بن مسلمة، ورضيعي أَبُو نائلة. وَقَالَ فِي آخِره: فَقَتَلُوهُ، ثمَّ أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخبروه.
قَالَ: وَقد جَاءَ مُحَمَّد بن مسلمة مَعَه برجلَيْن. قيل لِسُفْيَان: سماهم عَمْرو؟ قَالَ: سمى بَعضهم، قَالَ عَمْرو: جَاءَ مَعَهم برجلَيْن، وَقَالَ غير عَمْرو: أَبُو عِيسَى بن حبر، والْحَارث بن أَوْس، وَعباد بن بشر.(2/353)
1573 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر قَالَ: سَأَلت جَابر ابْن عبد الله وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ: أنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صِيَام يَوْم الْجُمُعَة؟ قَالَ: نعم، وَرب هَذَا الْبَيْت، قَالَ البُخَارِيّ: زَاد غير أبي عَاصِم: أَن ينْفَرد بصومه.
وَلَيْسَ لمُحَمد بن عباد بن جَعْفَر عَن جَابر فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث.
1574 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة بن النُّعْمَان عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن كَانَ فِي شَيْء من أدويتكم شفاءٌ، فَفِي شرطة محجمٍ، أَو لذعةٍ بِنَار، وَمَا أحب أَن أكتوي ".
وَفِي حَدِيث نصر بن عَليّ عَن أَبِيه:
" إِن كَانَ فِي شَيْء من أدويتكم خيرٌ فَفِي شرطة محجمٍ، أَو شربةٍ من عسل، أَو لذعةٍ بِنَار " وَذكره.
وَفِي حَدِيث ابْن وهب:
أَن جَابر بن عبد الله عَاد الْمقنع بن سِنَان فَقَالَ: لَا أَبْرَح حَتَّى تحتجم، فَإِنِّي سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن فِيهِ شِفَاء ".
وَلَيْسَ لعاصم بن عمر بن قَتَادَة عَن جَابر فِي الصَّحِيحَيْنِ غَيره.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ:
بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أبي بن كَعْب طَبِيبا، فَقطع مِنْهُ عرقا، ثمَّ كواه عَلَيْهِ.
وَمن حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
رمي سعد بن عبَادَة فِي أكحله، فحسمه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ بمشقص، ثمَّ ورمت فحسمه الثَّانِيَة.(2/354)
1575 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن عبيد الله بن مقسم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: مرت جنازةٌ، فَقَامَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وقمنا مَعَه، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، إِنَّهَا يهوديةٌ. فَقَالَ: " إِن الْمَوْت فزعٌ، فَإِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة فَقومُوا ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه لجنازة يَهُودِيّ حَتَّى تَوَارَتْ.
1576 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر قَالَ: بَيْنَمَا نَحن نصلي مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذْ أَقبلت عيرٌ تحمل طَعَاما، فالتفتوا إِلَيْهَا حَتَّى مَا بَقِي مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَّا اثْنَا عشر رجلا، فَنزلت هَذِه الْآيَة: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما} [سُورَة الْجُمُعَة] .
وَفِي حَدِيث جرير عَن حُصَيْن:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب قَائِما، فَجَاءَت عيرٌ من الشَّام، فَانْفَتَلَ النَّاس إِلَيْهَا، وَذكر نَحوه.
وَفِي حَدِيث هشيم عَن حُصَيْن عَن سَالم وَأبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ:
بَينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قائمٌ يَوْم الْجُمُعَة، إِذْ قدمت عيرٌ إِلَى الْمَدِينَة، فَابْتَدَرَهَا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى لم يبْق مَعَه إِلَّا اثْنَا عشر رجلا، فيهم أَبُو بكر وَعمر. قَالَ: وَنزلت هَذِه الْآيَة: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} .
زَاد أَبُو مَسْعُود فِيهِ:
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَو تبايعتم حَتَّى لم يبْق مِنْكُم أحدٌ لَسَالَ بكم الْوَادي نَارا " وَلم أجد هَذِه الزِّيَادَة فِيمَا عندنَا من الْكِتَابَيْنِ، وَلَا فِيمَا أخرجه أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَلَا فِيمَا أخرجه أَبُو بكر البرقاني، وَهِي فَائِدَة من(2/355)
أبي مَسْعُود، ولعلها تقع إِلَيْنَا بِالْإِسْنَادِ إِن شَاءَ الله.
وَفِي حَدِيث رِفَاعَة بن الْهَيْثَم عَن خَالِد الطَّحَّان: فَلم يبْق إِلَّا اثْنَا عشر رجلا أَنا فيهم.
1577 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: عَطش النَّاس يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين يَدَيْهِ ركوة، فَتَوَضَّأ مِنْهَا، ثمَّ أقبل النَّاس نَحوه. وَفِي رِوَايَة: جهش. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا لكم؟ قَالُوا: يَا رَسُول الله، لَيْسَ عندنَا مَا نَتَوَضَّأ بِهِ، وَلَا نشرب إِلَّا مَا فِي ركوتك. قَالَ: فَوضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده فِي الركوة، فَجعل المَاء يفور من بَين أَصَابِعه كأمثال الْعُيُون، قَالَ: فشربنا وتوضأنا، فَقلت لجَابِر: كم كُنْتُم يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: لَو كُنَّا مائَة ألفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خمس عشرَة مائَة.
حَدِيث البُخَارِيّ أتم. وَلم يخرج مُسلم مِنْهُ إِلَّا قَوْله:
لَو كُنَّا مائَة ألف لَكَفَانَا، كُنَّا خمس عشرَة مائَة.
وَلمُسلم أَيْضا من رِوَايَة الْأَعْمَش عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: قلت لجَابِر: كم كُنْتُم يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: ألفا وَأَرْبَعمِائَة. لم يزدْ.
وللبخاري من رِوَايَة قُتَيْبَة أَن جَابِرا قَالَ:
قد رَأَيْتنِي مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد حضرت الْعَصْر، وَلَيْسَ مَعنا مَاء غير فضلةٍ، فَجعل فِي إِنَاء، فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأدْخل يَده فِيهِ، وَفرج بَين أَصَابِعه، وَقَالَ: حَيّ على أهل الْوضُوء وَالْبركَة من الله. فَلَقَد(2/356)
رَأَيْت المَاء يتفجر من بَين أَصَابِعه، فَتَوَضَّأ النَّاس وَشَرِبُوا، فَجعلت لَا آلو مَا جعلت فِي بَطْني مِنْهُ، وَعلمت أَنه بركةٌ. قلت لجَابِر: كم كُنْتُم يومئذٍ؟ قَالَ: ألف وَأَرْبَعمِائَة. قَالَ البُخَارِيّ. وَقَالَ حُصَيْن وَعَمْرو بن مرّة عَن سَالم عَن جَابر: خمس عشرَة مائَة، وَتَابعه سعيد بن الْمسيب عَن جَابر.
وَأخرج مُسلم من رِوَايَة حُصَيْن وَعَمْرو بن مرّة بِالْإِسْنَادِ.
وَأخرجه البُخَارِيّ بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث سعيد بن الْمسيب:
أَن قَتَادَة قَالَ لَهُ: بَلغنِي أَن جَابر بن عبد الله كَانَ يَقُول: كَانُوا أَربع عشرَة مائَة. فَقَالَ سعيد: حَدثنِي جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانُوا خمس عشرَة مائَة الَّذين بَايعُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة.
قَالَ البُخَارِيّ: وَتَابعه أَبُو دَاوُد عَن قُرَّة عَن قَتَادَة.
وَلَيْسَ لسَعِيد بن الْمسيب عَن جَابر فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَقد قَالَ بعض الروَاة عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة:
أَن ابْن الْمسيب قَالَ: نسي جَابر، كَانُوا خمس عشرَة مائَة، وَلم يقل حَدثنِي جَابر.
1578 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن يزِيد بن صُهَيْب الْفَقِير عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ أحدٌ من الْأَنْبِيَاء قبلي: نصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهرٍ، وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا، فأيما رجل من أمتِي أَدْرَكته الصَّلَاة فَليصل، وَأحلت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لأحدٍ قبلي، وَأعْطيت الشَّفَاعَة، وَكَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه خَاصَّة، وَبعثت إِلَى النَّاس عَامَّة ".
1579 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن سعيد بن ميناء عَن جَابر قَالَ: لما حفر الخَنْدَق(2/357)
رَأَيْت بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمصاً، فَانْكَفَأت إِلَى امْرَأَتي فَقلت: هَل عنْدك شيءٌ، فَإِنِّي رَأَيْت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمصاً شَدِيدا؟ فأخرجت إِلَيّ جراباً فِيهِ صَاع من شعير، وَلنَا بَهِيمَة داجنٌ، فذبحتها، وطحنت، ففرغت إِلَى فراغي، وقطعتها فِي برمتها، ثمَّ وليت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت:
لَا تفضحني برَسُول الله وَمن مَعَه. فَجِئْته فساررته، فَقلت: يَا رَسُول الله، ذبحنا بَهِيمَة لنا، وطحنت صَاعا من شعير كَانَ عندنَا، فتعال أَنْت ونفرٌ مَعَك. فصاح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " يَا أهل الخَنْدَق، إِن جَابِرا قد صنع سوراً، فحي هلا بكم ". فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تنزلن برمتكم، وَلَا تخبرن عجينكم حَتَّى أجيء " فَجئْت، وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقدم النَّاس، حَتَّى جِئْت امْرَأَتي، فَقَالَت: بك، وَبِك. . فَقلت: قد فعلت الَّذِي قلت. فأخرجت لَهُ عجيناً فبصق فِيهِ وَبَارك، ثمَّ عمد إِلَى برمتنا فبصق فِيهَا وَبَارك، ثمَّ قَالَ: " ادْع خابزةً فلتخبز مَعَك، واقدحي من برمتكم، وَلَا تنزلوها ". وهم ألف، فأقسم بِاللَّه لأكلوا حَتَّى تَرَكُوهُ، وانحرفوا وَإِن برمتنا لتغط كَمَا هِيَ، وَإِن عجيننا ليخبز كَمَا هُوَ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْوَاحِد بن أَيمن عَن أَبِيه قَالَ:
أتيت جَابِرا فَقَالَ: " إِنَّا يَوْم الخَنْدَق نحفر، فعرضت كدية شديدةٌ، فَجَاءُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: هَذِه كديةٌ عرضت فِي الخَنْدَق. فَقَالَ: " أَنا نازلٌ "، ثمَّ قَامَ وبطنه معصوب، ولبثنا ثَلَاثَة أَيَّام لَا نذوق ذواقاً، فَأخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمعول، فَضرب، فَعَاد كثيباً أهيل(2/358)
أَو أهيم فَقلت: يَا رَسُول الله، ائْذَنْ لي إِلَى الْبَيْت، فَقلت لامرأتي: رَأَيْت بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا مَا كَانَ فِي ذَلِك صَبر، فعندك شيءٌ؟ قَالَت: عِنْدِي شعيرٌ وعناقٌ، فذبحت العناق، وطحنت الشّعير، حَتَّى جعلنَا اللَّحْم فِي البرمة، ثمَّ جِئْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والعجين قد انْكَسَرَ، والبرمة بَين الأثافي قد كَادَت أَن تنضج. فَقلت: طعيمٌ لي، فَقُمْ أَنْت يَا رَسُول الله، وَرجل أَو رجلَانِ. قَالَ: " كم هُوَ؟ " فَذكرت لَهُ.
قَالَ: " كثيرٌ طيب ". قَالَ: " قل لَهَا لَا تنْزع البرمة، وَلَا الْخبز من التَّنور حَتَّى آتِي ".
فَقَالَ: " قومُوا " فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار، فَلَمَّا دخل على امْرَأَته قَالَ: وَيحك، جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالمهاجرين وَالْأَنْصَار وَمن مَعَهم. قَالَت: هَل سَأَلَك؟ قلت: نعم.
فَقَالَ: " ادخُلُوا وَلَا تضاغطوا، فَجعل يكسر الْخبز، وَيجْعَل عَلَيْهِ اللَّحْم، ويخمر البرمة والتنور إِذا أَخذ مِنْهُ، وَيقرب إِلَى أَصْحَابه ثمَّ ينْزع، فَلم يزل يكسر ويغرف حَتَّى شَبِعُوا وَبَقِي مِنْهُ، فَقَالَ: " كلي هَذَا وأهدي، فَإِن النَّاس أَصَابَتْهُم مجاعَة ".
1580 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن سعيد بن ميناء عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مثلي وَمثل الْأَنْبِيَاء كرجلٍ بنى دَارا، فأكملها وأحسنها إِلَّا مَوضِع لبنةٍ، وَجعل النَّاس يدْخلُونَهَا ويعجبون وَيَقُولُونَ: لَوْلَا مَوضِع اللبنة " هَذَا آخر حَدِيث البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن سِنَان.
وَزَاد مُسلم فِي حَدِيثه عَن أبي بكر بن أبي شيبَة. قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَأَنا مَوضِع اللبنة، جِئْت فختمت الْأَنْبِيَاء ".
1581 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: أخرجه البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: رَأَيْت جَابِرا يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد، وَقَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي ثوب.(2/359)
وَفِي حَدِيث عبد الْعَزِيز بن عبد الله:
أَن ابْن الْمُنْكَدر قَالَ: دخلت على جَابر بن عبد الله وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثوب ملتحفاً بِهِ، وَرِدَاؤُهُ موضوعٌ، فَلَمَّا انْصَرف قُلْنَا: يَا أَبَا عبد الله، تصلي ورداؤك مَوْضُوع؟ قَالَ: نعم، أَحْبَبْت أَن يراني الْجُهَّال مثلكُمْ، رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي كَذَلِك.
وَفِي حَدِيث وَاقد بن مُحَمَّد عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ:
صلى جَابر فِي إزارٍ قد عقده من قبل قَفاهُ، وثيابه موضوعةٌ على المشجب، فَقَالَ لَهُ قَائِل: تصلي فِي إِزَار واحدٍ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا صنعت ذَلِك ليراني أَحمَق مثلك، وأينا كَانَ لَهُ ثَوْبَان على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ وَلم يذكر أَبُو مَسْعُود حَدِيث وَاقد، وَلَا إِسْنَاده، وَلَعَلَّه لم يره مُسْندًا، فَتَركه لذَلِك.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سعيد بن الْحَارِث بن الْمُعَلَّى قَالَ:
سَأَلت جَابر بن عبد الله عَن الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد، فَقَالَ:
خرجت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره، فَجئْت مرّة لبَعض أَمْرِي، فَوَجَدته يُصَلِّي، وَعلي ثوبٌ وَاحِد، فاشتملت بِهِ وَصليت إِلَى جَانِبه، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: " مَا السرى يَا جَابر؟ " فَأَخْبَرته بحاجتي، فَلَمَّا فرغت قَالَ: " مَا هَذَا الاشتمال الَّذِي رَأَيْت " قلت: كَانَ ثوبٌ قَالَ: " فَإِن كَانَ وَاسِعًا فالتحف بِهِ، وَإِن كَانَ ضيقا فاتزر بِهِ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ:
كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفرٍ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مشرعةٍ فَقَالَ: " أَلا تشرع يَا جَار؟ " قلت: بلَى. قَالَ: فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأشرعت، قَالَ: ثمَّ ذهب لِحَاجَتِهِ، وَوضعت لَهُ(2/360)
وضُوءًا، قَالَ: فجَاء فَتَوَضَّأ، ثمَّ قَامَ فصلى فِي ثوب وَاحِد خَالف بَين طَرفَيْهِ، فَقُمْت خَلفه، فَأخذ بأذني فجعلني عَن يَمِينه.
وَمن حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن أبي الزبير: أَنه رأى جَابِرا قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد متوحشا بِهِ.
وَمن حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن أبي الزبير:
أَنه رأى جَابِرا يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد متوشحاً بِهِ وَعِنْده ثِيَابه. وَقَالَ جَابر: إِنَّه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع ذَلِك.
1582 - السِّتُّونَ: من ترجمتين أَيْضا.
أخرجه البُخَارِيّ عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر قَالَ:
بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم غنيمَة بالجعرانة، إِذْ قَالَ لَهُ رجلٌ: اعْدِلْ. فَقَالَ: " لقد شقيت إِن لم أعدل ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
أَتَى رجل بالجعرانة مُنْصَرفه من حنين، وَفِي ثوب بِلَال فضةٌ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبض مِنْهُ وَيُعْطِي النَّاس، فَقَالَ: يَا مُحَمَّد اعْدِلْ فَقَالَ: " وَيلك، وَمن يعدل إِذا لم أعدل، لقد خبت وخسرت إِن لم أكن أعدل " فَقَالَ عمر بن الْخطاب: دَعْنِي يَا رَسُول الله فأقتل هَذَا الْمُنَافِق. فَقَالَ: " معَاذ الله أَن يتحدث النَّاس أَنِّي أقتل أَصْحَابِي، إِن هَذَا وَأَصْحَابه يقرأون الْقُرْآن لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ، يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية ".
وَمن حَدِيث قُرَّة بن خَالِد عَن أبي الزبير عَن جَابر:
أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يقسم مَغَانِم. . بِنَحْوِهِ.
وَلَيْسَ ليحيى بن سعيد عَن أبي الزبير عَن جَابر فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَفِي حَدِيث مُسلم زِيَادَة على معنى الْمُتَّفق عَلَيْهِ، قد انْفَرد بهَا.(2/361)
أَفْرَاد البُخَارِيّ
1583 - الأول: عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن جَابر قَالَ: قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالشُّفْعَة فِي كل مالٍ لم يقسم، فَإِذا وَقعت الْحُدُود وصرفت الطّرق فَلَا شُفْعَة.
1584 - الثَّانِي: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن جَابر: أَن إهلال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذِي الحليفة حِين اسْتَوَت بِهِ رَاحِلَته.
1585 - الثَّالِث: عَن عَطاء بن جَابر قَالَ: لما حضر أحدٌ دَعَاني أبي من اللَّيْل، فَقَالَ: مَا أَرَانِي إِلَّا مقتولاً فِي أول من يقتل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِنِّي لَا أترك بعدِي أعز عَليّ مِنْك غير نفس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِن عَليّ دينا فَاقْض، واستوص بأخواتك خيرا، فأصبحنا، فَكَانَ أول قَتِيل، ودفنت مَعَه آخر فِي قَبره، ثمَّ لم تطب نَفسِي أَن أتركه مَعَ آخر فاستخرجته بعد سِتَّة أشهر، فَإِذا هُوَ كَيَوْم وَضعته غير أُذُنه.
وَفِي حَدِيث ابْن أبي نجيح عَن عَطاء:
فَجَعَلته فِي قبر على حدةٍ.
1586 - الرَّابِع: عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمَّن حلق قبل أَن يذبح، وَنَحْوه، فَقَالَ: لَا حرج، لَا حرج " أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا بعد حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي ذَلِك.
1587 - الْخَامِس: عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ: لما رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حجَّته، قَالَ لأم سِنَان الْأَنْصَارِيَّة: " مَا مَنعك من الْحَج؟ " قَالَت: أَبُو فلَان - تَعْنِي زَوجهَا - حج على أَحدهمَا، وَالْآخر يسْقِي أَرضًا. قَالَ: " فَإِن عمْرَة فِي رَمَضَان تقضي حجَّة،(2/362)
أَو حجَّة معي " أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا بعد حَدِيث عَطاء عَن ابْن عَبَّاس بذلك.
1588 - السَّادِس: عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كل معروفٍ صدقةٌ " وَهُوَ عِنْد مُسلم من حَدِيث حُذَيْفَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1589 - السَّابِع: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " رحم الله رجلا سَمحا إِذا بَاعَ، وَإِذا اشْترى، وَإِذا اقْتضى ".
1590 - الثَّامِن: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَالَ حِين يسمع النداء: اللَّهُمَّ رب هَذِه الدعْوَة التَّامَّة، وَالصَّلَاة الْقَائِمَة، آتٍ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَة والفضيلة، وابعثه مقَاما مَحْمُودًا الَّذِي وعدته - حلت لَهُ شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة ".
1591 - التَّاسِع: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلمنَا الاستخارة فِي الْأُمُور كلهَا كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن، يَقُول: " إِذا هم أحدكُم بِالْأَمر فليركع رَكْعَتَيْنِ من غير الْفَرِيضَة، ثمَّ ليقل: اللَّهُمَّ إِنِّي أستخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، وَأَسْأَلك من فضلك الْعَظِيم، فَإنَّك تقدر وَلَا أقدر، وَتعلم وَلَا أعلم، وَأَنت علام الغيوب.
اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَن الْأَمر خيرٌ لي فِي ديني ومعاشي وعاقبة أَمْرِي - أَو قَالَ: فِي عَاجل أَمْرِي وآجله، فاقدره لي، ويسره لي، ثمَّ بَارك لي فِيهِ، وَإِن كنت تعلم أَن هَذَا الْأَمر شرٌّ لي فِي ديني ومعاشي وعاقبة أَمْرِي أَو قَالَ فِي فِي عَاجل أَمْرِي وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عَنهُ، واقدر لي الْخَيْر حَيْثُ كَانَ، ثمَّ رضني بِهِ ".
قَالَ: " ويسمي حَاجته ".
1592 - الْعَاشِر: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: اصطبح الْخمر يَوْم أحدٍ ناسٌ قتلوا شُهَدَاء.(2/363)
1593 - الْحَادِي عشر: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: لما نزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم} قَالَ: " أعوذ بِوَجْهِك " {أَو من تَحت أَرْجُلكُم} . قَالَ: " أعوذ بِوَجْهِك " قَالَ فَلَمَّا نزلت: {أَو يلْبِسكُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض} [سُورَة الْأَنْعَام] ، قَالَ: " هَاتَانِ أَهْون أَو أيسر ".
1594 - الثَّانِي عشر: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: الَّذِي قتل خبيباً هُوَ أَبُو سروعة.
1595 - الثَّالِث عشر: عَن عَمْرو عَن جَابر قَالَ: شهد خالاي الْعقبَة. قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ ابْن عُيَيْنَة: أَحدهمَا الْبَراء بن معْرور.
وَمن حَدِيث عَطاء عَن جَابر قَالَ:
أَنا وَأبي وخالي من أَصْحَاب الْعقبَة.
1596 - الرَّابِع عشر: عَن وهب بن كيسَان عَن جَابر: أَن أَبَاهُ توفّي، وَترك عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ وسْقا لرجل من الْيَهُود، فاستنظره جابرٌ، فَأبى أَن ينظره، فَكلم جابرٌ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليشفع إِلَيْهِ، فَجَاءَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وكلم الْيَهُودِيّ ليَأْخُذ ثَمَر نخله بِالَّذِي لَهُ، فَأبى. فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النّخل فَمشى فِيهَا، ثمَّ قَالَ لجَابِر: " جد لَهُ فأوف الَّذِي لَهُ، فجده بَعْدَمَا رَجَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأوفاه ثَلَاثِينَ وسْقا، وفضلت لَهُ سَبْعَة عشر وسْقا، فجَاء جابرٌ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليخبره بِالَّذِي كَانَ، فَوَجَدَهُ يُصَلِّي الْعَصْر، فَلَمَّا انْصَرف أخبرهُ بِالْفَضْلِ، فَقَالَ: " أخبر بذلك ابْن الْخطاب " فَذهب(2/364)
جَابر إِلَى عمر فَأخْبرهُ، فَقَالَ عمر: لقد علمت حِين مَشى فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليباركن فِيهَا.
وَفِي حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن وهب عَن جَابر قَالَ:
توفّي أبي وَعَلِيهِ دين، فعرضت على غُرَمَائه أَن يَأْخُذُوا التَّمْر بِمَا عَلَيْهِ فَأَبَوا، وَلم يرَوا أَن فِيهِ وَفَاء، فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ. فَقَالَ: " إِذا جددته فَوَضَعته فِي المربد فَأَعْلمنِي " فجددته، فَلَمَّا وَضعته فِي المربد آذَنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فجَاء وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، ودعا بِالْبركَةِ فِيهِ، ثمَّ قَالَ: " ادْع غرماءك فأوفهم " فَمَا تركت أحدا لَهُ دينٌ على أبي إِلَّا قَضيته، وَفضل ثَلَاثَة عشر وسْقا: سَبْعَة عَجْوَة، وَسنة لون، أَو وَسِتَّة وَسَبْعَة. فوافيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمغرب، فَذكرت ذَلِك لَهُ، فَضَحِك وَقَالَ: " ائْتِ أَبَا بكر وَعمر فَأَخْبرهُمَا " فَقَالَا: قد علمنَا إِذْ صنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا صنع أَن سَيكون. وَقَالَ هِشَام بن عُرْوَة عَن وهب: صَلَاة الْعَصْر. وَقَالَ ابْن إِسْحَاق عَن وهب عَن جَابر: صَلَاة الظّهْر.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الشّعبِيّ عَن جَابر قَالَ:
توفّي عبد الله بن عَمْرو بن حرَام وَعَلِيهِ دين، فاستعنت بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على غُرَمَائه أَن يضعوا من دينه، فَطلب إِلَيْهِم فَلم يَفْعَلُوا، فَقَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اذْهَبْ فصنف تمرك أصنافاً: الْعَجْوَة على حِدة، وعذق ابْن زيد على حِدة، ثمَّ أرسل إِلَيّ " فَفعلت، ثمَّ أرْسلت إِلَيْهِ، فَجَلَسَ أَعْلَاهُ أَو فِي وَسطه، ثمَّ قَالَ: " كل للْقَوْم " فكلت لَهُم حَتَّى أوفيتهم الَّذِي لَهُم، وَبَقِي تمري كَأَنَّهُ لم ينقص مِنْهُ شَيْء. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ فراس عَن الشّعبِيّ عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَمَا زَالَ يَكِيل لَهُم حَتَّى أدّى.
وَفِي رِوَايَة أبي عوَانَة عَن مُغيرَة عَن الشّعبِيّ نَحْو، وَفِيه زِيَادَة: قَالَ جَابر:(2/365)
أُصِيب عبد الله وَترك عيالاً وديناً، فطلبت إِلَى أَصْحَاب الدّين أَن يضعوا بَعْضًا، فَأَبَوا، فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستشفعت بِهِ عَلَيْهِم، فَأَبَوا. فَقَالَ: " صنف تمرك، كل شَيْء على حِدة، ثمَّ أحضرهم حَتَّى آتِيك " فَفعلت، ثمَّ جَاءَهُ فَقعدَ عَلَيْهِ، وكال لكل رجلٍ حَتَّى استوفى، وَبَقِي التَّمْر كَمَا هُوَ كَأَنَّهُ لم يمس.
وغزوت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نَاضِح لنا، فأزحف الْجمل، فَتخلف عَليّ، فوكزه.
ثمَّ ذكر نَحْو مَا تقدم من أَمر الْجمل وَبيعه، وسؤاله عَمَّا تزوج، وإتيانه أَهله، ولوم خَاله لَهُ. وَفِي آخِره: فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدَوْت إِلَيْهِ بالجمل، فَأَعْطَانِي ثمن الْجمل والجمل وسهمي مَعَ الْقَوْم.
وَفِي رِوَايَة فراس عَن الشّعبِيّ قَالَ:
حَدثنِي جَابر أَن أَبَاهُ اسْتشْهد يَوْم أحد وَترك سِتّ بَنَات، وَترك عَلَيْهِ دينا، فَلَمَّا حضر جذاد النّخل أتيت فَقلت: يَا رَسُول الله، قد علمت أَن وَالِدي اسْتشْهد يَوْم أحد وَترك دينا كثيرا، وَأحب أَن يراك الْغُرَمَاء. قَالَ: " اذْهَبْ، فبيدر كل تمرٍ على نَاحيَة "، فَفعلت، ثمَّ دَعوته، فَلَمَّا رَأَوْهُ أغروا بِي تِلْكَ السَّاعَة، فَلَمَّا رأى مَا يصنعون طَاف حول أعظمها بيدراً ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ جلس عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " ادْع أَصْحَابك ". فَمَا زَالَ يَكِيل لَهُم حَتَّى أدّى الله أَمَانَة وَالِدي، وَأَنا وَالله راضٍ أَن يُؤَدِّي الله أَمَانَة وَالِدي وَلَا أرجع إِلَيّ أخواتي بتمرة، فَسلم الله البيادر كلهَا، حَتَّى إِنِّي أنظر إِلَى البيدر الَّذِي عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ لم ينقص تَمْرَة وَاحِدَة.
وَفِي حَدِيث زَكَرِيَّا عَن عَامر عَن جَابر اخْتِصَار:
أَن أَبَاهُ توفّي وَعَلِيهِ دين، قَالَ: فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: إِن أبي ترك عَلَيْهِ دينا، وَلَيْسَ عِنْدِي إِلَّا مَا يخرج نخله، وَلَا يبلغ مَا يخرج سِنِين مَا عَلَيْهِ. فَانْطَلق معي لكيلا يفحش عَليّ الْغُرَمَاء، فَمشى حول بيدرٍ من بيادر التَّمْر، فَدَعَا، ثمَّ أخر، ثمَّ جلس عَلَيْهِ، فَقَالَ: " انزعوه "، فأوفاهم الَّذِي لَهُم، وَبَقِي مثل مَا أَعْطَاهُم.(2/366)
وَأخرجه من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك عَن جَابر:
أَن أَبَاهُ قتل يَوْم أحد شَهِيدا، فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاء فِي حُقُوقهم، فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فكلمته، فَسَأَلَهُمْ أَن يقبلُوا تمر حائطي، ويحللوا أبي، فَأَبَوا، فَلم يعطهم رَسُول الله حائطي، وَلم يكسرهُ لَهُم، وَلَكِن قَالَ: " سأغدو عَلَيْك " فغدا علينا حِين أصبح، فَطَافَ فِي النّخل، ودعا فِي تمرها بِالْبركَةِ، فجددتها، فقضيتهم حُقُوقهم وَبَقِي لنا من تمرها نَفَقَة، ثمَّ جِئْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته بذلك، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمر وَهُوَ جَالس: اسْمَع يَا عمر " فَقَالَ عمر: أَلا تكون قد علمنَا أَنَّك رَسُول الله؟ وَالله إِنَّك لرَسُول الله.
1597 - الْخَامِس عشر: عَن عَاصِم عَن الشّعبِيّ عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا وخالتها. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ دَاوُد وَابْن عون عَن الشّعبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة.
1598 - السَّادِس عشر: عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الظروف. فَقَالَ الْأَنْصَار: إِنَّه لابد لنا مِنْهَا. قَالَ: " فَلَا إِذن ".
1599 - السَّابِع عشر: عَن سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر قَالَ: كُنَّا إِذا صعدنا كبرنا، وَإِذا نزلنَا سبحنا.
1600 - الثَّامِن عشر: عَن سعيد بن ميناء عَن جَابر قَالَ: جَاءَت ملائكةٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ نائمٌ، فَقَالَ بَعضهم إِنَّه نَائِم. وَقَالَ بَعضهم. الْعين نَائِمَة وَالْقلب يقظان.
فَقَالُوا: إِن لصاحبكم هَذَا مثلا فاضربوا لَهُ مثلا. فَقَالُوا: مثله كَمثل رجلٍ بنى دَارا وَجعل فِيهَا مائدة وَبعث دَاعيا، فَمن أجَاب الدَّاعِي دخل الدَّار وَأكل من(2/367)
الْمَائِدَة، وَمن لم يجب الدَّاعِي لم يدْخل الدَّار وَلم يَأْكُل من الْمَائِدَة، فَقَالُوا: أولوها يفقهها. فَقَالَ بَعضهم: إِن الْعين نَائِمَة وَالْقلب يقظان. فالدار الْجنَّة. والداعي مُحَمَّد، فَمن أطَاع مُحَمَّدًا فقد أطَاع الله، وَمن عصى مُحَمَّدًا فقد عصى الله، وَمُحَمّد فرق بَين النَّاس. قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه قُتَيْبَة عَن لَيْث عَن خَالِد عَن سعيد بن أبي هِلَال عَن جَابر قَالَ: خرج علينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... لم يزدْ.
وَذكر أَبُو مَسْعُود أَوله فَقَالَ:
خرج علينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " إِنِّي رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن جِبْرِيل عِنْد رَأْسِي، وَمِيكَائِيل عِنْد رجْلي، يَقُول أَحدهمَا لصَاحبه: اضْرِب لَهُ مثلا ... " الحَدِيث.
1601 - التَّاسِع عشر: عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجمع بَين الرجلَيْن من قَتْلَى أحدٍ فِي ثوبٍ وَاحِد، ثمَّ يَقُول: " أَيهمْ أَكثر أخذا لِلْقُرْآنِ؟ " فَإِذا أُشير إِلَى أَحدهمَا قدمه فِي اللَّحْد، وَقَالَ: " أَنا شَهِيد على هَؤُلَاءِ يَوْم الْقِيَامَة " وَأمر بدفنهم فِي دِمَائِهِمْ، وَلم يغسلوا، وَلم يصل عَلَيْهِم.
وَلَيْسَ عِنْد مُسلم لعبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك فِي مُسْند جَابر شَيْء.
1602 - الْعشْرُونَ: عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي عَن جَابر قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ يهوديٌّ، وَكَانَ يسلفني فِي ثمري إِلَى الْجذاذ، وَكَانَت لجَابِر الأَرْض الَّتِي بطرِيق مَكَّة، فَجَلَست، فَخَلا عَاما، فَجَاءَنِي الْيَهُودِيّ عِنْد الْجذاذ وَلم أجد مِنْهَا شَيْئا، فَجعلت أستنظره إِلَى قَابل فيأبى، فَأخْبر بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لأَصْحَابه. " امشوا أستنظر لجَابِر من الْيَهُودِيّ " فجاءوني فِي(2/368)
نخلي، فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكلم الْيَهُودِيّ، فَيَقُول: يَا أَبَا الْقَاسِم، لَا أنظرهُ. فَلَمَّا رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ فَطَافَ فِي النّخل، ثمَّ جَاءَهُ فَكَلمهُ، فَأبى، فَقُمْت، فَجئْت بِقَلِيل رطبٍ، فَوَضَعته بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأكل ثمَّ قَالَ: " أَيْن عريشك يَا جَابر؟ " فَأَخْبَرته. فَقَالَ: " افرش لي " ففرشته، فَدخل فرقد، ثمَّ اسْتَيْقَظَ، فَجِئْته بقبضةٍ أُخْرَى، ثمَّ قَامَ فَكلم الْيَهُودِيّ فَأبى عَلَيْهِ، فَقَامَ فِي الرطاب وَالنَّخْل الثَّانِيَة، ثمَّ قَالَ: " يَا جَابر، جذ واقض " فوقفت فِي الْجذاذ، فجذذت مِنْهَا مَا قَضيته، وَفضل مثله، فَخرجت حَتَّى جِئْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فبشرته، فَقَالَ: " أشهد أَنِّي رَسُول الله ".
1603 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن أنس عَن جَابر قَالَ: كَانَ جذعٌ يقوم إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا وضع الْمِنْبَر سمعنَا للجذع مثل أصوات العشار، حَتَّى نزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوضع يَده عَلَيْهِ.
اخْتلف الروَاة فِي اسْم ابْن أنس، فَقيل: حَفْص بن عبيد الله بن انس. وَقيل: عبيد الله بن حَفْص بن أنس.
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال:
كَانَ الْمَسْجِد مسقوفاً على جُذُوع من نخل، فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خطب يقوم إِلَى جذعٍ مِنْهَا، فَلَمَّا صنع لَهُ الْمِنْبَر فَكَانَ عَلَيْهِ، سمعنَا لذَلِك الْجذع صَوتا كصوت العشار، حَتَّى جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوضع يَده عَلَيْهِ فسكن.(2/369)
وَأخرجه من حَدِيث عبد الْوَاحِد بن أَيمن عَن أَبِيه عَن جَابر:
أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار قَالَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا رَسُول الله، أَلا أجعَل لَك شَيْئا تقعد عَلَيْهِ، فَإِن لي غُلَاما نجاراً؟ قَالَ: " إِن شِئْت ". فَعمِلت لَهُ الْمِنْبَر، فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة قعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر الَّذِي صنع، فصاحت النَّخْلَة الَّتِي كَانَ يخْطب عِنْدهَا حَتَّى كَادَت أَن تَنْشَق. وَفِي رِوَايَة أبي نعيم فصاحت النَّخْلَة صياح الصَّبِي، فَنزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَخذهَا فَضمهَا إِلَيْهِ، فَجعلت تَئِنُّ أَنِين الصَّبِي الَّذِي يسكت، حَتَّى اسْتَقَرَّتْ. قَالَ: " بَكت على مَا كَانَت تسمع من الذّكر ".
وَلَيْسَ لِابْنِ أنس عَن جَابر فِي الصَّحِيح إِلَّا هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد. وَلَا لأيمن عَن جَابر فِي الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وَحَدِيث حفر الخَنْدَق، وَهُوَ فِي السَّابِع وَالْخمسين من الْمُتَّفق عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمسند.
1604 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن سعيد بن الْحَارِث بن الْمُعَلَّى عَن جَابر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على رجلٍ من الْأَنْصَار وَمَعَهُ صاحبٌ لَهُ، فَسلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَاحبه، فَرد الرجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، بِأبي أَنْت وَأمي، وَهِي ساعةٌ حارةٌ، وَهُوَ يحول فِي حَائِط لَهُ، يَعْنِي المَاء - فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن كَانَ عنْدك ماءٌ بَات فِي شنةٍ وَإِلَّا كرعنا ". فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله، كَانَ عِنْدِي ماءٌ باردٌ. فَانْطَلق إِلَى الْعَريش، فسكب فِي قدحٍ مَاء، ثمَّ حلب عَلَيْهِ من داجنٍ لَهُ، فَشرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ أعَاد فَشرب الرجل الَّذِي جَاءَ مَعَه.
وَلم يخرج مُسلم لسَعِيد بن الْحَارِث عَن جَابر شَيْئا.
1605 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن سعيد بن الْحَارِث عَن جَابر قَالَ: كَانَ النَّبِي إِذا(2/370)
كَانَ يَوْم عيدٍ خَالف الطَّرِيق. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ مُحَمَّد بن الصَّلْت عَن فليح عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة، وَحَدِيث جَابر أصح.
1606 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن سعيد بن الْحَارِث أَنه سَأَلَ جَابِرا عَن الْوضُوء مِمَّا مست النَّار، فَقَالَ: لَا، قد كُنَّا زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نجد مثل ذَلِك الطَّعَام إِلَّا قَلِيلا، فَإِذا نَحن وَجَدْنَاهُ لم يكن لنا مناديل إِلَّا أكفنا وسواعدنا وأقدامنا، ثمَّ نصلي وَلَا نَتَوَضَّأ.(2/371)
أَفْرَاد مُسلم
1607 - الأول عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن جَابر أَنه سَأَلَهُ: مَتى كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الْجُمُعَة؟ قَالَ: كَانَ يُصَلِّي ثمَّ نَذْهَب إِلَى جمالنا فنريحها حِين تَزُول الشَّمْس، يَعْنِي النَّوَاضِح.
1608 - الثَّانِي: عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ عَن جَابر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خطب احْمَرَّتْ عَيناهُ وَعلا صَوته وَاشْتَدَّ غَضَبه، حَتَّى كَأَنَّمَا مُنْذر جيشٍ، يَقُول: صبحكم ومساكم. وَيَقُول: " بعثت أَنا والساعة كهاتين ". وَيقرب بَين إصبعيه السبابَة وَالْوُسْطَى. وَيَقُول: " أما بعد، فَإِن خير الحَدِيث كتاب الله، وَخير الْهدى هدى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَشر الْأُمُور محدثاتها، وكل بدعةٍ ضَلَالَة، ثمَّ يَقُول: " أَنا أولى بِكُل مؤمنٍ من نَفسه، من ترك مَالا فلأهله، وَمن ترك دينا أَو ضيَاعًا فَإِلَيَّ وَعلي " هَذَا حَدِيث عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ.
وَفِي حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال:
كَانَت خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة يحمد الله، ويثني عَلَيْهِ ثمَّ يَقُول على إِثْر ذَلِك وَقد علا صَوته ... ثمَّ ذكر نَحوه.
وَفِي حَدِيث وَكِيع عَن سُفْيَان:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب النَّاس، يحمد الله، ويثني عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ يَقُول: " من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَخير الحَدِيث كتاب الله ... " ثمَّ ذكر نَحْو حَدِيث عبد الْوَهَّاب.
1609 - الثَّالِث: عَن مُحَمَّد بن عَليّ عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج عَام الْفَتْح إِلَى مَكَّة فِي رَمَضَان، فصَام حَتَّى بلغ كرَاع الغميم، فصَام النَّاس، ثمَّ دَعَا(2/372)
بقدحٍ من ماءٍ، فرفعه حَتَّى نظر النَّاس، ثمَّ شرب، فَقيل لَهُ بعد ذَلِك:
إِن بعض النَّاس قد صَامَ، فَقَالَ: " أُولَئِكَ العصاة، أُولَئِكَ العصاة ".
زَاد فِي حَدِيث عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي: فَقيل لَهُ:
إِن النَّاس قد شقّ عَلَيْهِم الصّيام، وَإِنَّمَا ينظرُونَ فِيمَا فعلت، فَدَعَا بقدحٍ من ماءٍ بعد الْعَصْر.
1610 - الرَّابِع: عَن مُحَمَّد بن عَليّ عَن جَابر فِي أَسمَاء بنت عُمَيْس حِين نفست بِذِي الحليفة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أَبَا بكرٍ، فَأمرهَا أَن تَغْتَسِل وتهل.
1611 - الْخَامِس: عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ عَن أَبِيه قَالَ: دَخَلنَا على جَابر، فَسَأَلَ عَن الْقَوْم حَتَّى انْتهى إِلَيّ، فَقلت: أَنا مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن، فَأَهوى بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِي، فَنزع زري الْأَعْلَى، ثمَّ نزع زري الْأَسْفَل، ثمَّ وضع يَده بَين ثديي وَأَنا يومئذٍ غلامٌ شابٌّ، فَقَالَ: مرْحَبًا بك يَا ابْن أخي، سل عَمَّا شِئْت.
فَسَأَلته - وَهُوَ أعمى. وَحضر وَقت الصَّلَاة، فَقَامَ فِي نساجةٍ ملتحفاً بهَا، كلما وَضعهَا على مَنْكِبه رَجَعَ طرفاها إِلَيْهِ من صغرها، وَرِدَاؤُهُ إِلَى جنبه على المشجب، فصلى بِنَا. فَقلت: أَخْبرنِي عَن حجَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فعقد بِيَدِهِ تسعا فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مكث تسع سِنِين لم يحجّ، ثمَّ إِذن فِي النَّاس فِي الْعَاشِرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حاجٌّ، فَقدم الْمَدِينَة بشرٌ كثيرٌ، كلهم يلْتَمس أَن يأتم برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيعْمل مثل عمله. فخرجنا مَعَه حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الحليفة، فَولدت أَسمَاء بنت عُمَيْس مُحَمَّد بن أبي بكر، فَأرْسلت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ أصنع؟ فَقَالَ: " اغْتَسِلِي، واستثفري بِثَوْب، وأحرمي ". فصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد، ثمَّ ركب الْقَصْوَاء، حَتَّى إِذا اسْتَوَت بِهِ نَاقَته على الْبَيْدَاء نظرت إِلَيّ مد بَصرِي بَين يَدَيْهِ من راكبٍ وماشٍ، وَعَن يَمِينه مثل ذَلِك، وَعَن يسَاره مثل ذَلِك، وَمن خَلفه مثل(2/373)
ذَلِك. وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أظهرنَا، وَعَلِيهِ ينزل الْقُرْآن، وَهُوَ يعرف تَأْوِيله، وَمَا عمل بِهِ من شيءٍ عَملنَا بِهِ، وَأهل بِالتَّوْحِيدِ: " لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك، لَا شريك لَك لبيْك، إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك وَالْملك، لَا شريك لَك " وَأهل النَّاس بِهَذَا الَّذِي يهلون بِهِ، فَلم يرد عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا مِنْهُ، وَلزِمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتلبيته.
قَالَ جَابر: لسنا ننوي إِلَّا الْحَج، لسنا نَعْرِف الْعمرَة، حَتَّى إِذا أَتَيْنَا الْبَيْت مَعَه اسْتَلم الرُّكْن فَرمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشى أَرْبعا، ثمَّ نفذ إِلَى مقَام إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَقَرَأَ: {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} [سُورَة الْبَقَرَة] ، فَجعل الْمقَام بَينه وَبَين الْبَيْت، فَكَانَ يَقُول - وَلَا أعلمهُ ذكره إِلَّا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ {قل هُوَ الله أحد} ، {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} ، ثمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْن فاستلمه، ثمَّ خرج من الْبَاب إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دنا من الصَّفَا قَرَأَ: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} [سُورَة الْبَقَرَة] ، " أبدأ بِمَا بَدَأَ بِهِ الله " فَبَدَأَ بالصفا فرقي عَلَيْهِ حَتَّى رأى الْبَيْت، فَاسْتقْبل الْقبْلَة، فَوحد الله وَكبره، وَقَالَ: " لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير، لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده، أنْجز وعده، وَنصر عَبده، وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده ". ثمَّ دَعَا بَين ذَلِك. قَالَ هَذَا ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ نزل إِلَى الْمَرْوَة حَتَّى انصبت قدماه فِي بطن الْوَادي رمل، حَتَّى إِذا صعدنا مَشى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَة، فَفعل على الْمَرْوَة كَمَا فعل على الصَّفَا، حَتَّى إِذا كَانَ آخر طواف على الْمَرْوَة قَالَ: " لَو أَنِّي اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت لم أسق الْهَدْي، وجعلتها عمْرَة، فَمن كَانَ مِنْكُم لَيْسَ مَعَه هدي فليحل وليجعلها عمْرَة ". فَقَامَ سراقَة بن جعْشم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ألعامنا هَذَا أم لأبد؟ فشبك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصَابِعه وَاحِدَة فِي الْأُخْرَى وَقَالَ: " دخلت الْعمرَة فِي الْحَج " مرَّتَيْنِ. " لَا بل لأبدٍ أبدٍ ".
وَقدم عليٌّ من الْيمن ببدن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَوجدَ فَاطِمَة مِمَّن حل، ولبست ثيابًا صبيغاً، واكتحلت، فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهَا، فَقَالَت: أبي أَمرنِي بِهَذَا. قَالَ: وَكَانَ عليٌّ رَضِي الله عَنهُ وعنها يَقُول بالعراق: فَذَهَبت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محرشاً على فَاطِمَة(2/374)
للَّذي صنعت، مستفتياً لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا ذكرت عَنهُ، فَأَخْبَرته أَنِّي أنْكرت ذَلِك عَلَيْهَا، فَقَالَ: " صدقت صدقت. مَاذَا قلت حِين فرضت الْحَج؟ " قَالَ: قلت: اللَّهُمَّ إِنِّي أهل بِمَا أهل بِهِ رَسُولك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: " فَإِن معي الْهَدْي، فَلَا تحل ".
قَالَ: فَكَانَ جمَاعَة الْهَدْي الَّذِي قدم بِهِ عليٌّ من الْيمن، وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائَة. قَالَ: فَحل النَّاس كلهم وَقصرُوا إِلَّا النَّبِي وَمن كَانَ مَعَه الْهَدْي.
فَلَمَّا كَانَ يَوْم التَّرويَة توجهوا إِلَى منى، فأهلوا بِالْحَجِّ، وَركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فصلى بهَا الظّهْر وَالْعصر، وَالْمغْرب وَالْعشَاء، وَالْفَجْر. ثمَّ مكث قَلِيلا حَتَّى طلعت الشَّمْس، وَأمر بقبةٍ من شعر تضرب لَهُ بنمرة. فَسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا تشك قريشٌ إِلَّا أَنه واقفٌ عِنْد الْمشعر الْحَرَام كَمَا كَانَت قريشٌ تصنع فِي الْجَاهِلِيَّة.
فَأجَاز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَة، فَوجدَ الْقبَّة قد ضربت لَهُ بنمرة، فَنزل بهَا، حَتَّى إِذا زاغت الشَّمْس أَمر بالقصواء فرحلت لَهُ، فَأتى بطن الْوَادي فَخَطب النَّاس، وَقَالَ:
إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا، فِي شهركم هَذَا، فِي بلدكم هَذَا. أَلا إِن كل شيءٍ من أَمر الْجَاهِلِيَّة تَحت قدمي موضوعٌ، وَدِمَاء الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوعَة، وَإِن أول دمٍ أَضَع من دمائنا دم ابْن ربيعَة بن الْحَارِث، كَانَ مسترضعاً فِي بني سعد، فَقتلته هذيلٌ. وَربا الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع. وَأول رَبًّا أَضَع ربانا، رَبًّا عَبَّاس بن عبد الْمطلب، فَإِنَّهُ موضوعٌ كُله. فَاتَّقُوا الله فِي النِّسَاء، فَإِنَّكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَان الله، واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله. وَلكم عَلَيْهِنَّ أَلا يوطئن فرشكم أحدا تَكْرَهُونَ، فَإِن فعلن ذَلِك فاضربوهن ضربا غير مبرحٍ، ولهن عَلَيْكُم رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ. وَقد تركت فِيكُم مَا لن تضلوا بعده إِن اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كتاب الله. وَأَنْتُم تسْأَلُون عني، فَمَا أَنْتُم قَائِلُونَ؟ " قَالُوا: نشْهد أَنَّك قد بلغت، وَأديت وَنَصَحْت. " وَقَالَ بإصبعه السبابَة يرفعها إِلَى السَّمَاء وينكتها إِلَى النَّاس: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ " ثَلَاث مَرَّات.
ثمَّ أذن ثمَّ أَقَامَ فصلى الظّهْر، ثمَّ أَقَامَ فصلى الْعَصْر، وَلم يصل بَينهمَا شَيْئا، ثمَّ ركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَى الْموقف، فَجعل بطن نَاقَته الْقَصْوَاء إِلَى(2/375)
الصخرات، وَجعل حَبل المشاة بَين يَدَيْهِ، واستقبل الْقبْلَة. فَلم يزل وَاقِفًا حَتَّى غربت الشَّمْس وَذَهَبت الصُّفْرَة قَلِيلا حَتَّى غَابَ القرص، وَأَرْدَفَ أُسَامَة خَلفه، وَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد شنف للقصواء الزِّمَام، حَتَّى إِن رَأسهَا ليصيب مورك رَحْله، وَيَقُول بِيَدِهِ: " أَيهَا النَّاس، السكينَة السكينَة " كلما أَتَى جبلا من الْجبَال أرْخى لَهَا قَلِيلا، حَتَّى تصعد. حَتَّى أَتَى الْمزْدَلِفَة، فصلى بهَا الْمغرب وَالْعشَاء بِأَذَان وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ وَلم يسبح بَينهمَا شَيْئا. ثمَّ اضْطجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى طلع الْفجْر، فصلى الْفجْر حِين تبين لَهُ الصُّبْح - بِأَذَان وَإِقَامَة، ثمَّ ركب الْقَصْوَاء حَتَّى أَتَى الْمشعر الْحَرَام، فَاسْتقْبل الْقبْلَة، فَدَعَاهُ وَكبره وَهَلله وَوَحدهُ، فَلم يزل وَاقِفًا حَتَّى أَسْفر جدا.
فَدفع قبل أَن تطلع الشَّمْس، وَأَرْدَفَ الْفضل بن عَبَّاس، وَكَانَ رجلا حسن الشّعْر، أَبيض، وسيماً، فَلَمَّا دفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرت بِهِ ظعنٌ يجرين، فَطَفِقَ الْفضل ينظر إلَيْهِنَّ، فَوضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على وَجه الْفضل، فحول الْفضل وَجهه إِلَى الشق الآخر ينظر، فحول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده من الشق الآخر على وَجه الْفضل، فصرف وَجهه من الشق الآخر ينظر حَتَّى أَتَى بطن محسر فحرك قَلِيلا، ثمَّ سلك الطَّرِيق الْوُسْطَى الَّتِي تخرج على الْجَمْرَة الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الْجَمْرَة الَّتِي عِنْد الشَّجَرَة، فَرَمَاهَا بِسبع حَصَيَات، يكبر مَعَ كل حَصَاة مِنْهَا، حَصى الْخذف، رمى من بطن الْوَادي.
ثمَّ انْصَرف إِلَى المنحر، فَنحر ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثمَّ أعْطى عليا فَنحر مَا غبر، وأشركه فِي هَدْيه، ثمَّ أَمر من كل بدنةٍ ببضعةٍ، فَجعلت فِي قدرٍ فطبخت، فأكلا من لَحمهَا، وشربا من مرقها.
ثمَّ ركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْت، فصلى بِمَكَّة الظّهْر، فَأتى بني(2/376)
عبد الْمطلب يسقون على زَمْزَم، فَقَالَ: " انزعوا بني عبد الْمطلب، فلولا أَن يغلبكم النَّاس على سِقَايَتكُمْ لنزعت مَعكُمْ " فناولوه دلواً فَشرب مِنْهُ ".
وَفِي حَدِيث حَفْص بن غياث عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بِنَحْوِ هَذَا، وَزَاد:
وَكَانَت الْعَرَب يدْفع بهم أَبُو سيارة، على حمارٍ عري، فَلَمَّا أجَاز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمزْدَلِفَة بالمشعر الْحَرَام لم تشك قريشٌ أَنه سيقتصر عَلَيْهِ، وَيكون منزله ثمَّ. فَأجَاز وَلم يعرض لَهُ حَتَّى أَتَى عَرَفَات فَنزل.
وَفِي حَدِيث حَفْص أَيْضا عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
نحرت هَا هُنَا، وَمنى كلهَا منحر، فَانْحَرُوا فِي رحالكُمْ. ووقفت هَا هُنَا، وعرفة كلهَا موقف. ووقفت هَا هُنَا، وجمعٌ كلهَا موقف ".
وَأخرج مُسلم طرفا مِنْهُ من حَدِيث سُفْيَان عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قدم مَكَّة أَتَى الْحجر فاستلمه، ثمَّ مَشى على يَمِينه، فَرمَلَ ثَلَاثًا وَمَشى أَرْبعا.
وَفِي حَدِيث مَالك وَابْن جريج عَن جَعْفَر عَن أَبِيه عَن جَابر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رمل الثَّلَاثَة الأطواف من الْحجر إِلَى الْحجر.
وَفِي حَدِيث مَالك وَحده عَن جَعْفَر:
رمل من الْحجر الْأسود حَتَّى انْتهى إِلَيْهِ، ثَلَاثَة أطوافٍ.
1612 - السَّادِس: عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِالسوقِ دَاخِلا من بعض الْعَالِيَة وَالنَّاس كنفتيه، فَمر بجدي أصك ميت، فتناوله، فَأخذ بأذنه ثمَّ قَالَ: " أَيّكُم يحب أَن هَذَا لَهُ بدرهم؟ " فَقَالُوا: مَا نحب أَنه لنا بِشَيْء. وَمَا نصْنَع بِهِ؟ قَالَ: " تحبون أَنه لكم؟ " قَالُوا " وَالله لَو كَانَ حَيا كَانَ(2/377)
عَيْبا فِيهِ أَنه أصك فَكيف وَهُوَ ميت. فَقَالَ: " فوَاللَّه للدنيا أَهْون على الله من هَذَا عَلَيْكُم ".
1613 - السَّابِع: عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ: كُنَّا نتمتع مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْعُمْرَةِ، فنذبح الْبَقَرَة عَن سَبْعَة، نشترك فِيهَا.
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث مَالك عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
نحرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْحُدَيْبِيَة الْبَدنَة عَن سعبة، وَالْبَقَرَة عَن سَبْعَة.
وَمن حَدِيث أبي خَيْثَمَة زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مهلين بِالْحَجِّ، فَأمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نشترك فِي الْإِبِل وَالْبَقر، كل سَبْعَة منا فِي بَدَنَة.
وَمن حَدِيث عزْرَة بن ثَابت عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
حجَجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فنحرنا الْبَعِير عَن سَبْعَة، وَالْبَقَرَة عَن سَبْعَة.
وأغفل أَبُو مَسْعُود تَرْجَمَة عزْرَة عَن أبي الزبير فَلم يذكرهَا. وَلم نجد لَهُ عَنهُ غير هَذَا.
وَمن حَدِيث ابْن جريج عَن أبي الزبير عَنهُ قَالَ:
اشتركنا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْحَج وَالْعمْرَة، كل سَبْعَة فِي بَدَنَة. فَقَالَ رجلٌ لجَابِر: أيشترك فِي الْبَدنَة مَا يشْتَرك فِي الْجَزُور؟ قَالَ: مَا هِيَ إِلَّا بَدَنَة.
وَحضر جَابر الْحُدَيْبِيَة فَقَالَ:
نحرنا يومئذٍ سبعين بَدَنَة، اشتركنا كل سَبْعَة فِي بَدَنَة.
1614 - الثَّامِن: عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا من مسلمٍ(2/378)
يغْرس غرساً إِلَّا كَانَ مَا أكل مِنْهُ لَهُ صَدَقَة، وَمَا سرق مِنْهُ لَهُ صَدَقَة، وَلَا يرزؤه أحدٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَة ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر قَالَ:
دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أم معبد حَائِطا فَقَالَ: " يَا أم معبد، من غرس هَذَا النّخل، أمسلم أم كَافِر؟ " فَقَالَت: مُسلم. قَالَ: " فَلَا يغْرس الْمُسلم غرساً فيأكل مِنْهُ إنسانٌ وَلَا دابةٌ وَلَا طيرٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
وَمن حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على أم معبد، أَو أم مُبشر الْأَنْصَارِيَّة فِي نخل لَهَا فَقَالَ:
من غرس هَذَا النّخل، أمسلمٌ أم كَافِر؟ " فَقَالَت: بل مُسلم. فَقَالَ: " لَا يغْرس مسلمٌ غرساً، وَلَا يزرع زرعا فيأكل مِنْهُ إنسانٌ وَلَا دابةٌ وَلَا شيءٌ إِلَّا كَانَت لَهُ صَدَقَة ".
وَمن حَدِيث ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَا يغْرس رجلٌ مسلمٌ غراساً وَلَا زرعا، فيأكل مِنْهُ سبع أَو طَائِر أَو شَيْء إِلَّا كَانَ لَهُ فِيهِ أجر ".
وَمن حَدِيث أبي سُفْيَان عَن جَابر بِنَحْوِ ذَلِك. وَفِي حَدِيثه عَن أم مُبشر. وَمن الروَاة عَنهُ من قَالَ:
عَن امْرَأَة زيد بن حَارِثَة. وَكلهمْ قَالُوا: عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1615 - التَّاسِع: عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ: انكسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم مَاتَ إِبْرَاهِيم، ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ النَّاس: إِنَّمَا انكسفت لمَوْت إِبْرَاهِيم، فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى بِالنَّاسِ سِتّ رَكْعَات بِأَرْبَع سَجدَات، ثمَّ بَدَأَ فَكبر، ثمَّ قَرَأَ فَأطَال الْقِرَاءَة، ثمَّ ركع نَحوا مِمَّا قَامَ، ثمَّ رفع رَأسه من الرُّكُوع فَقَرَأَ قِرَاءَة دون الْقِرَاءَة الأولى، ثمَّ ركع نَحوا مِمَّا قَامَ، ثمَّ رفع رَأسه من الرُّكُوع، فَقَرَأَ(2/379)
قِرَاءَة دون الْقِرَاءَة الثَّانِيَة، ثمَّ ركع نَحوا مِمَّا قَامَ، ثمَّ رفع رَأسه من الرُّكُوع، ثمَّ انحدر بِالسُّجُود فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ، ثمَّ قَامَ أَيْضا فَرَكَعَ ثَلَاث رَكْعَات، لَيْسَ مِنْهَا رَكْعَة إِلَّا الَّتِي قبلهَا أطول من الَّتِي بعْدهَا، وركوعه نحوٌ من سُجُوده. ثمَّ تَأَخّر وتأخرت الصُّفُوف خَلفه، حَتَّى انتهينا إِلَى النِّسَاء، ثمَّ تقدم وَتقدم النَّاس مَعَه، حَتَّى قَامَ فِي مقَامه فَانْصَرف حِين انْصَرف وَقد آضت الشَّمْس فَقَالَ: " يأيها النَّاس، إِنَّمَا الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله، وإنهما لَا ينكسفان لمَوْت أحدٍ من النَّاس، فَإِذا رَأَيْتُمْ شَيْئا من ذَلِك فصلوا حَتَّى تنجلي. مَا من شَيْء توعدونه إِلَّا قد رَأَيْته فِي صَلَاتي هَذِه. لقد جِيءَ بالنَّار، وَذَلِكَ حِين رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرت مَخَافَة أَن تصيبني من لفحها، وَحَتَّى رَأَيْت فِيهَا صَاحب المحجن يجر قصبه فِي النَّار، كَانَ يسرق الْحَاج بِمِحْجَنِهِ، فَإِن فطن لَهُ قَالَ: إِنَّمَا تعلق بمحجني، وَإِن غفل عَنهُ ذهب بِهِ.
وَحَتَّى رَأَيْت فِيهَا صَاحِبَة الْهِرَّة الَّتِي ربطتها فَلم تطعمها وَلم تدعها تَأْكُل من خشَاش الأَرْض حَتَّى مَاتَت جوعا. ثمَّ جِيءَ بِالْجنَّةِ، وَذَلِكَ حِين رَأَيْتُمُونِي تقدّمت، حَتَّى قُمْت فِي مقَامي، وَلَقَد مددت يَدي وَأَنا أُرِيد أَن أتناول من ثَمَرهَا لتنظروا إِلَيْهِ، ثمَّ بدا لي أَلا أفعل، فَمَا من شَيْء توعدونه إِلَّا قد رَأَيْته فِي صَلَاتي هَذِه ".
وَأخرجه من حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
كسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يومٍ شَدِيد الْحر، فصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَصْحَابِهِ فَأطَال الْقيام حَتَّى جعلُوا يخرون، ثمَّ ركع فَأطَال، ثمَّ رفع فَأطَال، ثمَّ ركع فَأطَال، ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ، ثمَّ قَامَ فَصنعَ نَحوا من ذَلِك، فَكَانَت أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات، ثمَّ قَالَ: " إِنَّه عرض عَليّ كل شَيْء ترتجونه، فعرضت عَليّ الْجنَّة حَتَّى لَو تناولت مِنْهَا قطفاً أَخَذته - أَو قَالَ: تناولت مِنْهَا قطفاً - فقصرت يَدي عَنهُ، وَعرضت عَليّ النَّار، فَرَأَيْت فِيهَا امْرَأَة من بني إِسْرَائِيل تعذب فِي هرةٍ لَهَا،(2/380)
ربطتها فَلم تطعمها وَلم تدعها تَأْكُل من خشَاش الأَرْض:
وَرَأَيْت فِيهَا أَبَا ثُمَامَة عَمْرو بن مَالك يجر قَصَبَة فِي النَّار. وَإِنَّهُم كَانُوا يَقُولُونَ: إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا يخسفان إِلَّا لمَوْت عَظِيم. وإنهما آيتان من آيَات الله يريكموهما، فَإِذا خسفا فصلوا حَتَّى تنجلي ".
وَفِي رِوَايَة عبد الْملك بن الصَّباح عَن همام نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ:
" رَأَيْت فِي النَّار امْرَأَة حميرية سَوْدَاء طَوِيلَة. . " وَلم يقل: من بني إِسْرَائِيل.
1616 - الْعَاشِر: عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ: شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف، فصفنا صفّين خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، والعدو بَيْننَا وَبَين الْقبْلَة، فَكبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَبَّرْنَا جَمِيعًا، ثمَّ ثمَّ ركع وركعنا جَمِيعًا، ثمَّ رفع رَأسه من الرُّكُوع ورفعنا جَمِيعًا، ثمَّ انحدر بِالسُّجُود والصف الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الصَّفّ الْمُؤخر فِي نحر الْعَدو، فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السُّجُود وَقَامَ الصَّفّ الَّذِي يَلِيهِ، انحدر الصَّفّ الْمُؤخر بِالسُّجُود، وَقَامُوا، ثمَّ تقدم الصَّفّ الْمُؤخر، وَتَأَخر الصَّفّ الْمُقدم، ثمَّ ركع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وركعنا جَمِيعًا، ثمَّ رفع رَأسه من الرُّكُوع فرفعنا جَمِيعًا، ثمَّ انحدر بِالسُّجُود والصف الَّذِي يَلِيهِ كَانَ مُؤَخرا فِي الرَّكْعَة الأولى، فَقَامَ الصَّفّ الْمُؤخر فِي نحور الْعَدو، فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السُّجُود والصف الَّذِي يَلِيهِ، انحدر الصَّفّ الْمُؤخر بِالسُّجُود فسجدوا ثمَّ سلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسلمنَا جَمِيعًا. قَالَ جَابر: كَمَا يفعل حرسكم هَؤُلَاءِ بأمرائهم.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قوما من جُهَيْنَة، فقاتلونا قتالاً شَدِيدا، فَلَمَّا صلينَا الظّهْر قَالُوا: لَو ملنا عَلَيْهِم مَيْلَة لَاقْتَطَعْنَاهُمْ، فَأخْبر جِبْرِيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذكر ذَلِك لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: وَقَالُوا: إِنَّه سيأتيهم صلاةٌ هِيَ أحب إِلَيْهِم من الْأَوْلَاد. فَلَمَّا حضرت الْعَصْر صفنا صفّين، وَالْمُشْرِكُونَ بَيْننَا وَبَين الْقبْلَة ... ثمَّ ذكره إِلَى أَن قَالَ:(2/381)
كَمَا يُصَلِّي أمراؤكم هَؤُلَاءِ.
1617 - الْحَادِي عشر: عَن أبي صَالح ذكْوَان، وَأبي سُفْيَان طَلْحَة بن نَافِع عَن جَابر قَالَ: قَالَ النُّعْمَان بن قوقلٍ: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت إِن صليت الْمَكْتُوبَة، وَحرمت الْحَرَام، وأحللت الْحَلَال، وَلم أَزْد على ذَلِك شَيْئا، أَأدْخل الْجنَّة؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نعم ".
وَفِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان وَحده عَن جَابر نَحوه، وَلم يقل: وَلم أَزْد على ذَلِك شَيْئا.
وَفِي حَدِيث معقل بن عبيد الله الْجَزرِي عَن أبي الزبير عَن جَابر:
أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَرَأَيْت إِذا صليت الْمَكْتُوبَة، وَصمت رَمَضَان، وأحللت الْحَلَال، وَحرمت الْحَرَام، وَلم أَزْد على ذَلِك شَيْئا، أَأدْخل الْجنَّة؟ قَالَ: " نعم ".
قَالَ: وَالله لَا أَزِيد على ذَلِك شَيْئا.
1618 - الثَّانِي عشر: عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بلعق الْأَصَابِع والصحفة، وَقَالَ: إِنَّكُم لَا تَدْرُونَ فِي أيه الْبركَة ".
وَفِي حَدِيث ابْن نمير عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي الزبير: " إِذا وَقعت لقْمَة أحدكُم فليأخذها، فليمط مَا كَانَ بهَا من أَذَى وليأكلها، وَلَا يَدعهَا للشَّيْطَان، وَلَا يمسح يَده بالمنديل حَتَّى يلعق أَصَابِعه، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي فِي أَي طَعَامه الْبركَة ".
وَفِي حَدِيث أبي دَاوُد الْجفْرِي، وَعبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ مثله، إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا:
وَلَا يمسح يَده بالمنديل حَتَّى يلعقها أَو يلعقها ".
وَفِي حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن الشَّيْطَان يحضر أحدكُم عِنْد كل شَيْء من شَأْنه، حَتَّى يحضرهُ عِنْد طَعَامه، فَإِذا(2/382)
سَقَطت من أحدكُم اللُّقْمَة فليمط مَا كَانَ بهَا من أَذَى فيأكلها، وَلَا يَدعهَا للشَّيْطَان، فَإِذا فرغ فليلعق أَصَابِعه، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي فِي أَي طَعَامه الْبركَة ".
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح وَأبي سُفْيَان ذكر اللعق، نَحوه.
1619 - الثَّالِث عشر: عَن عبيد الله بن مقسم عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " اتَّقوا الظُّلم؛ فَإِن الظُّلم ظلماتٌ يَوْم الْقِيَامَة، وَاتَّقوا الشُّح، فَإِن الشُّح أهلك من كَانَ قبلكُمْ، حملهمْ على أَن سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمهمْ.
1620 - الرَّابِع عشر: عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا من نفسٍ منفوسةٍ تبلغ مائَة سنةٍ " فَقَالَ سَالم: وتذاكرنا ذَلِك عِنْده، إِنَّمَا هِيَ: كل نفسٍ مخلوقةٍ يومئذٍ.
وَمن حَدِيث ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قبل أَن يَمُوت بِشَهْر: " تَسْأَلُونِي عَن السَّاعَة، وَإِنَّمَا علمهَا عِنْد الله، وَأقسم بِاللَّه مَا من نفسٍ منفوسةٍ يَأْتِي عَلَيْهَا مائَة سنةٍ ".
وَمن حَدِيث أبي نَضرة عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ ذَلِك قبل مَوته بِشَهْر:
" مَا من نفسٍ منفوسةٍ يَأْتِي عَلَيْهَا مائَة سنةٍ وَهِي حَيَّة يومئذٍ ".
وَعَن عبد الرَّحْمَن صَاحب السِّقَايَة عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل ذَلِك، وَفَسرهُ لنا عبد الرَّحْمَن فَقَالَ: نقص الْعُمر.(2/383)
وَلَيْسَ لعبد الرَّحْمَن صَاحب السِّقَايَة عَن جَابر فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الْقدر.
1621 - الْخَامِس عشر: عَن يزِيد بن صُهَيْب الْفَقِير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِن قوما يخرجُون من النَّار يحترقون فِيهَا، إِلَّا دارات وُجُوههم حَتَّى يدخلُوا الْجنَّة. . " كَذَا فِي حَدِيث قيس بن سليم عَن يزِيد الْفَقِير، مُخْتَصر.
وَحَدِيث أبي عَاصِم مُحَمَّد بن أَيُّوب عَن يزِيد الْفَقِير أتم، قَالَ: كنت قد شغفني رأيٌ من رَأْي الْخَوَارِج؛ فخرجنا فِي عصابةٍ ذَوي عدد نُرِيد أَن نحج ثمَّ نخرج على النَّاس، قَالَ: فمررنا على الْمَدِينَة، فَإِذا جَابر بن عبد الله يحدث الْقَوْم عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جالسٌ إِلَى سَارِيَة. قَالَ: فَإِذا هُوَ قد ذكر الجهنميين، قَالَ: فَقلت لَهُ: يَا صَاحب رَسُول الله، مَا هَذَا الَّذِي تحدثون؟ وَالله يَقُول: {إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته} [سُورَة آل عمرَان] ، و {كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا} [سُورَة السَّجْدَة] ، فَمَا هَذَا الَّذِي تَقولُونَ؟ قَالَ: فَقَالَ: أَتَقْرَأُ الْقُرْآن؟ قلت: نعم.
قَالَ: فَهَل سَمِعت بمقام مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي الَّذِي يَبْعَثهُ الله فِيهِ؟ قلت: نعم. قَالَ: فَإِنَّهُ مقَام محمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَحْمُود الَّذِي يخرج الله بِهِ من يخرج. قَالَ: ثمَّ نعت وضع الصِّرَاط، وَمر النَّاس عَلَيْهِ. قَالَ: وأخاف أَلا أكون أحفظ ذَاك، قَالَ: غير أَنه زعم أَن قوما يخرجُون من النَّار بعد أَن يَكُونُوا فِيهَا. قَالَ: يَعْنِي فَيخْرجُونَ كَأَنَّهُمْ عيدَان السماسم. قَالَ: فَيدْخلُونَ نَهرا من أَنهَار الْجنَّة، فيغتسلون فِيهِ، فَيخْرجُونَ كَأَنَّهُمْ الْقَرَاطِيس، فرجعنا، قُلْنَا: وَيحكم، أَتَرَوْنَ هَذَا الشَّيْخ يكذب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فرجعنا، فَلَا وَالله مَا خرج منا غير رجل وَاحِد، أَو كَمَا قَالَ.(2/384)
1622 - السَّادِس عشر: عَن سعيد بن ميناء عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مثلي ومثلكم كَمثل رجلٍ أوقد نَارا، فَجعلت الجنادب والفراش يقعن فِيهَا، وَهُوَ يذبهن عَنْهَا، وَأَنا آخذ بِحُجزِكُمْ عَن النَّار، وَأَنْتُم تفلتون من يَدي ".
1623 - السَّابِع عشر: عَن سُلَيْمَان بن عَتيق عَن جَابر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِوَضْع الجوائح.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن بِعْت من أَخِيك ثمراً فأصابته جَائِحَة، فَلَا يحل لَك أَن تَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا، بِمَ تَأْخُذ مَال أَخِيك بِغَيْر حق؟ ".
1624 - الثَّامِن عشر: عَن أبي نَضرة الْمُنْذر بن مَالك بن قِطْعَة عَن جَابر قَالَ: خلت الْبِقَاع حول الْمَسْجِد، فَأَرَادَ بَنو سَلمَة أَن يَنْتَقِلُوا قرب الْمَسْجِد، فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لَهُم: " إِنَّه بَلغنِي أَنكُمْ تُرِيدُونَ أَن تنتقلوا قرب الْمَسْجِد " قَالُوا: نعم يَا رَسُول الله، قد أردنَا ذَلِك. فَقَالَ: " بني سَلمَة، دِيَاركُمْ تكْتب آثَاركُم، دِيَاركُمْ تكْتب آثَاركُم ". زَاد فِي رِوَايَة الْجريرِي عَن أبي نَضرة: فَقَالَ وَا: مَا كَانَ يسرنَا أَنا كُنَّا تَحَوَّلْنَا.
وَقد أخرج أَيْضا نَحوه بِمَعْنَاهُ من حَدِيث زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق عَن أبي الزبير قَالَ:
سَمِعت جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَت دِيَارنَا نائيةً من الْمَسْجِد، فأردنا أَن نبيع بُيُوتنَا فنقترب من الْمَسْجِد فنهانا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ:
" إِن لكم بِكُل خطوةٍ دَرَجَة ".(2/385)
1625 - التَّاسِع عشر: عَن أبي نَضرة قَالَ: كُنَّا عِنْد جَابر بن عبد الله فَقَالَ: يُوشك أهل الْعرَاق أَن لَا يجبى إِلَيْهِم قفيزٌ وَلَا درهمٌ ". قُلْنَا: من أَيْن ذَاك؟ قَالَ: من قبل الْعَجم يمْنَعُونَ ذَاك.
ثمَّ قَالَ:
يُوشك أهل الشَّام أَن لَا يجبى إِلَيْهِم دينارٌ وَلَا مديٌ. قُلْنَا: من أَيْن ذَاك؟ قَالَ من قبل الرّوم.
ثمَّ أسكت هنيَّة، ثمَّ قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يكون فِي آخر أمتِي خليفةٌ يحثي المَال حثياً، لَا يعده عددا ". قَالَ: قلت لأبي نَضرة وَأبي الْعَلَاء: أتريان أَنه عمر بن عبد الْعَزِيز.؟ فَقَالَا: لَا.
1626 - الْعشْرُونَ: عَن أبي نَضرة عَن جَابر قَالَ: لَقِي نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن صيادٍ وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر، وَابْن صيادٍ مَعَ الغلمان. نَحْو حَدِيث قبله، فِيهِ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ " فَقَالَ هُوَ: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " آمَنت بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله. مَا ترى؟ " قَالَ: أرى عرشاً على المَاء. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ترى عرش إِبْلِيس على الْبَحْر " قَالَ: " وَمَا ترى؟ " قَالَ: أرى صَادِقين وكاذباً، وكاذبين وصادقاً. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لبس عَلَيْهِ، دَعوه ".
1627 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن عبد ربه بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لكل داءٍ دواءٌ، فَإِذا أُصِيب دَوَاء الدَّاء برأَ بِإِذن الله عز وَجل ".
وَلَيْسَ لعبد ربه بن سعيد عَن أبي الزبير عَن جَابر فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(2/386)
1628 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن عمَارَة بن غزيَّة الْمَازِني عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن رجلا قدم من جيشان - وجيشان من الْيمن - فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شرابٍ يشربونه بأرضهم من الذّرة يُقَال لَهُ المزر، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَو مسكرٌ هُوَ؟ " قَالَ: نعم. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كل مسكرٍ حرَام، إِن على الله عهدا لمن يشرب الْمُسكر أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال ". قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَمَا طِينَة الخبال؟ قَالَ: " عرق أهل النَّار. أَو عصارة أهل النَّار ".
1629 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن مَالك بن أنس عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن يَأْكُل الرجل بِشمَالِهِ، أَو يمشي فِي نعل واحدةٍ، وَأَن يشْتَمل الصماء، وَأَن يحتبي فِي ثوب واحدٍ كاشفاً فرجه.
وَفِي حَدِيث زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا انْقَطع شسع أحدكُم، أَو انْقَطع شسع نَعله فَلَا يمش فِي نعلٍ واحدةٍ حَتَّى يصلح شسعه، وَلَا يمش فِي خفٍّ وَاحِد، وَلَا يَأْكُل بِشمَالِهِ، وَلَا يحتب بِالثَّوْبِ الْوَاحِد، وَلَا يلتحف الصماء ".
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن اشْتِمَال الصماء، والاحتباء فِي ثوب وَاحِد، وَأَن يرفع الرجل إِحْدَى رجلَيْهِ وَهُوَ مستلقٍ على ظَهره.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تمش فِي نعلٍ وَاحِدَة، وَلَا تحتب فِي إزارٍ واحدٍ، وَلَا تَأْكُل بشمالك، وَلَا تشْتَمل الصماء، وَلَا تضع إِحْدَى رجليك على الْأُخْرَى إِذا استلقيت ".(2/387)
وَأخرج مُسلم أَيْضا من حَدِيث عبيد الله بن الْأَخْنَس طرفا مِنْهُ عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
لَا يستلق أحدكُم ثمَّ يضع إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى.
وَلَيْسَ لِعبيد الله بن الْأَخْنَس عَن أبي الزبير فِي مُسْند جَابر غير هَذَا الْقدر.
1630 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن أبي الزبير: عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " فِيمَا سقت الْأَنْهَار والغيم العشور، وَفِيمَا سقِِي بالسانية نصف العشور ".
1631 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن عِيَاض بن عبد الله البهراني عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَيْسَ فِيمَا دون خمس أواقٍ من الْوَرق صدقةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس ذودٍ من الْإِبِل صدقةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسقٍ من التَّمْر صَدَقَة ".
1632 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أفضل الصَّلَاة طول الْقُنُوت ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام بِنَحْوِهِ.
1633 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " الْمُسلم من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده ".(2/388)
1634 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " بَين الرجل وَبَين الشّرك ترك الصَّلَاة ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.
1635 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: طَاف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْبَيْتِ فِي حجَّة الْوَدَاع على رَاحِلَته، يسْتَلم الْحجر بِمِحْجَنِهِ، لِأَن يرَاهُ النَّاس، وليشرف، وليسألوه، فَإِن النَّاس غشوه.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن بكر عَن ابْن جريج نَحوه، وَقَالَ: بِالْبَيْتِ والصفا والمروة.
1636 - الثَّلَاثُونَ: عَن ابْن جريج وَمَعْقِل بن عبيد الله الْجَزرِي عَن ابي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أسلم سَالَمَهَا الله، وغفار غفر الله لَهَا ".
1637 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِنَّمَا أَنا بشرٌ، وَإِنِّي اشْترطت على رَبِّي أَي عبدٍ من الْمُسلمين سببته أَو شتمته أَن يكون ذَلِك لَهُ زَكَاة وَأَجرا ".
1638 - وَالثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن جَابر قَالَ: أُتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضبٍّ، فَأبى أَن يَأْكُل مِنْهُ وَقَالَ: " لَا أَدْرِي، لَعَلَّه من الْقُرُون الَّتِي مسخت ".(2/389)
1639 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن جَابر قَالَ: رمى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجَمْرَة يَوْم النَّحْر ضحى، وَأما بعد فَإِذا زَالَت الشَّمْس.
1640 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن جَابر قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَرْمِي على رَاحِلَته يَوْم النَّحْر، وَيَقُول: " لِتَأْخُذُوا عني مَنَاسِككُم، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لعَلي لَا أحج بعد حجتي هَذِه ".
1641 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن جَابر قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رمى الْجَمْرَة بِمثل حَصى الْخذف.
1642 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن جريج عَن ابْن الزبير أَنه سمع جَابِرا يَقُول عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لكل نبيٍّ دعوةٌ قد دَعَا بهَا فِي أمته، وخبأت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة ".
1643 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينْهَى أَن يُسمى بيعلى، وببركة، وبأفلح، وبيسارٍ، وبنافع، وَبِنَحْوِ ذَلِك، ثمَّ رَأَيْته سكت بعد عَنْهَا. وَلم يقل شَيْئا، ثمَّ قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم ينْه عَنْهَا.
1644 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل الْكلاب، حَتَّى إِن الْمَرْأَة تقدم من الْبَادِيَة بكلبها فتقتله. ثمَّ نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَتلهَا وَقَالَ: " عَلَيْكُم بالأسود البهيم ذِي الطفيتين؛ فَإِنَّهُ شَيْطَان ".(2/390)
1645 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن جَابر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " طَعَام الْوَاحِد يَكْفِي الْإِثْنَيْنِ، وَطَعَام الْإِثْنَيْنِ يَكْفِي الْأَرْبَعَة، وَطَعَام الْأَرْبَعَة يَكْفِي الثَّمَانِية ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي الزبير عَن جَابر بِمثلِهِ. وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر كَذَلِك.
1646 - الْأَرْبَعُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن جَابر قَالَ: أرخص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رقية الْحَيَّة لبني عَمْرو بن حزم. قَالَ أَبُو الزبير: فَسمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول: لدغت رجلا منا عقربٌ وَنحن جُلُوس مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أرقي؟ قَالَ: " من اسْتَطَاعَ أَن ينفع أَخَاهُ فَلْيفْعَل ".
وَفِي حَدِيث أبي عَاصِم عَن ابْن جريج:
رخص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لآل حزمٍ فِي رقية الْحَيَّة، وَقَالَ لأسماء بنت عُمَيْس: " مَا لي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الْحَاجة ". قَالَت: لَا، وَلَكِن الْعين تسرع إِلَيْهِم. قَالَ: " ارقيهم " قَالَت: فعرضت عَلَيْهِم، فَقَالَ: " ارقيهم ".
وَأخرج أَيْضا من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ:
كَانَ لي خالٌ يرقي من الْعَقْرَب، فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرقى، قَالَ: فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّك نهيت عَن الرقى، وَأَنا أرقي من الْعَقْرَب، فَقَالَ: " من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن ينفع أَخَاهُ فَلْيفْعَل ".
وَعَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرقى، فجَاء آل عَمْرو ابْن حزم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّه كَانَت عندنَا رقيةٌ نرقي بهَا من الْعَقْرَب، وَإنَّك نهيت عَن الرقى، قَالَ: فعرضوها عَلَيْهِ فَقَالَ: " مَا أرى بَأْسا، من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن ينفع أَخَاهُ فلينفعه ".(2/391)
1647 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب يَوْمًا، فَذكر رجلا من أَصْحَابه قبض فَكفن فِي كفنٍ غير طائل وقبر لَيْلًا، فزجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقبر الرجل بِاللَّيْلِ حَتَّى يصلى عَلَيْهِ، إِلَّا أَن يضْطَر إِنْسَان إِلَى ذَلِك. وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا كفن أحدكُم أَخَاهُ فليحسن كَفنه ".
1648 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا دخل الرجل بَيته، فَذكر الله عِنْد دُخُوله، وَعند طَعَامه، قَالَ الشَّيْطَان: لَا مبيت لكم وَلَا عشَاء. وَإِذا دخل فَلم يذكر الله عِنْد دُخُوله، قَالَ الشَّيْطَان: أدركتم الْمبيت. وَإِذا لم يذكر الله عِنْد طَعَامه قَالَ: أدركتم الْمبيت وَالْعشَاء ".
وَفِي حَدِيث روح بن عبَادَة عَن ابْن جريج بِمثل بِمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنه قَالَ:
لم يذكر اسْم الله " فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
1649 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: لبس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا قبَاء من ديباج أهدي لَهُ، ثمَّ أوشك أَن يَنْزعهُ، فَأرْسل بِهِ إِلَى عمر بن الْخطاب، فَقيل: قد أوشك مَا نَزَعته يَا رَسُول الله. قَالَ: " نهاني عَنهُ جِبْرِيل " فَجَاءَهُ عمر يبكي فَقَالَ: يَا رَسُول الله كرهت أمرا وأعطيتنيه، فَمَا لي؟ فَقَالَ: " إِنِّي لم أعطكه لتلبسه، وَإِنَّمَا أعطيتكه تبيعه " فَبَاعَهُ بألفي دِرْهَم.
1650 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع الصُّبْرَة من التَّمْر لَا يعلم مكيلتها، بِالْكَيْلِ الْمُسَمّى من التَّمْر.
وَفِي حَدِيث روح عَن ابْن جريج مثله، إِلَّا أَنه لم يذكر التَّمْر فِي آخر الحَدِيث.(2/392)
1651 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن جَابر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِذا ابتعت طَعَاما فَلَا تبعه حَتَّى تستوفيه ".
1652 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن جَابر قَالَ: قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالشُّفْعَة فِي كل شركَة لم تقسم: ربعةٍ أَو حائطٍ، لَا يحل لَهُ أَن يَبِيع حَتَّى يُؤذن شَرِيكه، فَإِن شَاءَ أَخذ، وَإِن شَاءَ ترك، فَإِذا بَاعَ وَلم يُؤذنهُ فَهُوَ أَحَق بِهِ.
وَفِي حَدِيث ابْن وهب عَن ابْن جريج:
" الشُّفْعَة فِي كل شركٍ من أَرض أَو ربع أَو حَائِط، لَا يصلح أَن يَبِيع حَتَّى يعرض على شَرِيكه، فَيَأْخُذ أَو يدع، فَإِن أَبى فشريكه أَحَق بِهِ حَتَّى يُؤذنهُ ".
وَمن حَدِيث زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ هَذَا الْمَعْنى.
1653 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: أُتِي بِأبي قُحَافَة يَوْم فتح مَكَّة وَرَأسه ولحيته كالثغامة بَيَاضًا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " غيروا هَذَا بشيءٍ، وَاجْتَنبُوا السوَاد ".
وَفِي حَدِيث زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر نَحوه، وَقَالَ: " غيروا هَذَا بشيءٍ " وَلم يقل: " وَاجْتَنبُوا السوَاد ".
1654 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " غلظ الْقُلُوب والجفاء فِي الْمشرق، وَالْإِيمَان فِي أهل الْحجاز ".(2/393)
1655 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن جَابر قَالَ: نحر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عَائِشَة بقرة يَوْم النَّحْر.
وَفِي رِوَايَة يحيى بن سعيد عَن ابْن جريج:
نحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نِسَائِهِ بقرة فِي حجَّته.
1656 - الْخَمْسُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقتل شيءٌ من الدَّوَابّ صبرا.
1657 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: رجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا من أسلم، ورجلاً من الْيَهُود، وَامْرَأَة.
1658 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير أَنه سمع جَابِرا يسْأَل عَن الْوُرُود، فَقَالَ: نجيء نَحن يَوْم الْقِيَامَة عَن كَذَا وَكَذَا، انْظُر أَي ذَلِك فَوق النَّاس. قَالَ: فَتُدْعَى الْأُمَم بأوثانها وَمَا كَانَت تعبد، الأول فَالْأول، ثمَّ يأتينا رَبنَا بعد ذَلِك، فَيَقُول: من تنْظرُون؟ فَيَقُولُونَ: نَنْظُر رَبنَا، فَيَقُول: أَنا ربكُم.
فَيَقُولُونَ: حَتَّى نَنْظُر إِلَيْك، فيتجلى لَهُم يضْحك. قَالَ: فَينْطَلق بهم ويتبعونه، وَيُعْطى كل إنسانٍ مِنْهُم منافقٌ أَو مؤمنٌ نورا، ثمَّ يتبعونه، وعَلى جسر جَهَنَّم كلاليب وحسكٌ تَأْخُذ من شَاءَ الله، ثمَّ يطفأ نور الْمُنَافِقين، ثمَّ ينجو الْمُؤْمِنُونَ، فتنجو أول زمرة، وُجُوههم كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر، سَبْعُونَ ألفا لَا يحاسبون، ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ كأضوأ نجمٍ فِي السَّمَاء، ثمَّ كَذَلِك، ثمَّ تحل الشَّفَاعَة، ويشفعون حَتَّى يخرج من النَّار من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن شعيرَة،(2/394)
فيجعلون بِفنَاء الْجنَّة، وَيجْعَل أهل الْجنَّة يرشون عَلَيْهِم المَاء، حَتَّى ينبتوا نَبَات الشَّيْء فِي السَّيْل، وَيذْهب حراقه، ثمَّ يسْأَل حَتَّى تجْعَل لَهُ الدُّنْيَا وَعشرَة أَمْثَالهَا. قَالَ أَبُو مَسْعُود: مَوْقُوف.
1659 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: طلقت خَالَتِي، فَأَرَادَتْ أَن تَجِد نخلها، فزجرها رجلٌ أَن تخرج، فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " بلَى، فجدي نخلك، فَإنَّك عَسى أَن تصدقي أَو تفعلي مَعْرُوفا ".
1660 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع ضراب الْجمل، وَعَن بيع المَاء وَالْأَرْض لتحرث. فَعَن ذَلِك نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي رِوَايَة وَكِيع وَيحيى بن سعيد عَن ابْن جريج:
نهى عَن بيع فضل المَاء. لم يزدْ.
1661 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الضَّرْب فِي الْوَجْه، وَعَن الوسم فِي الْوَجْه.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث معقل بن عبيد الله عَن أبي الزبير عَن جَابر:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر عَلَيْهِ حمارٌ قد وسم وَجهه، فَقَالَ: " لعن الله الَّذِي وسمه ".
1662 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يجصص الْقَبْر، وَأَن يقْعد عَلَيْهِ، وَأَن يبْنى عَلَيْهِ.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أَيُّوب عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
نهى عَن تقصيص الْقُبُور.(2/395)
1663 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الشّغَار.
1664 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " مَا من صَاحب إبلٍ لَا يفعل فِيهَا حَقّهَا إِلَّا جَاءَت يَوْم الْقِيَامَة أَكثر مَا كَانَت، وَقعد لَهَا بقاعٍ قرقرٍ تستن عَلَيْهِ بقوائمها وأخفافها.
وَلَا صَاحب بقرٍ لَا يفعل فِيهَا حَقّهَا إِلَّا جَاءَت يَوْم الْقِيَامَة أَكثر مَا كَانَت، وَقعد لَهَا بقاع قرقرٍ تنطحه بقرونها، وتطؤه بقوائمها. وَلَا صَاحب غنمٍ لَا يفعل فِيهَا حَقّهَا إِلَّا جَاءَت يَوْم الْقِيَامَة أَكثر مَا كَانَت، وَقعد لَهَا بقاعٍ قرقرٍ تنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها، لَيْسَ فِيهَا جماءٌ وَلَا منكسرٌ قرنها. وَلَا صَاحب كنزٍ لَا يفعل فِيهِ حَقه إِلَّا جَاءَ كنزه يَوْم الْقِيَامَة شجاعاً أَقرع يتبعهُ فاتحاً فَاه، فَإِذا أَتَاهُ فر مِنْهُ، فيناديه: خُذ كَنْزك الَّذِي خبأته، فَأَنا عَنهُ غَنِي، فَإِذا رأى أَن لابد لَهُ مِنْهُ سلك يَده فِي فِيهِ، فيقضمها قضم الْفَحْل ".
قَالَ أَبُو الزبير:
سَمِعت عبيد بن عُمَيْر يَقُول هَذَا القَوْل، ثمَّ سَأَلنَا جَابر بن عبد الله عَن ذَلِك، فَقَالَ مثل قَول عبيد. وَقَالَ أَبُو الزبير: سَمِعت عبيد بن عُمَيْر يَقُول: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، مَا حق الْإِبِل؟ قَالَ: " حلبها على المَاء، وإعارة دلوها، وإعارة فَحلهَا، ومنيحتها، وحملٌ عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله ".(2/396)
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان الْعَرْزَمِي عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" مَا من صَاحب إبلٍ وَلَا بقرٍ وَلَا غنمٍ لَا يُؤَدِّي حَقّهَا إِلَّا أقعد لَهَا يَوْم الْقِيَامَة بقاعٍ قرقرٍ، تطؤه ذَات الظلْف بظلفها، وتنطحه ذَات الْقرن بقرنها، لَيْسَ فِيهَا يومئذٍ جماء وَلَا مَكْسُورَة الْقرن " قُلْنَا: يَا رَسُول الله، وَمَا حَقّهَا؟ قَالَ: " إطراق فَحلهَا، وإعارة دلوها، ومنيحتها، وحلبها على المَاء، وحملٌ عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله. وَلَا من صَاحب مَال لَا يُؤَدِّي زَكَاته إِلَّا تحول يَوْم الْقِيَامَة شجاعاً أَقرع يتبع صَاحبه حَيْثُمَا ذهب وَهُوَ يفر مِنْهُ، وَيُقَال: هَذَا مَالك الَّذِي كنت تبخل بِهِ. فَإِذا رأى أَنه لَا بُد لَهُ مِنْهُ أَدخل يَده فِي فِيهِ، فَجعل يقضمها كَمَا يقضم الْفَحْل ".
وَلَيْسَ لعبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان عَن أبي الزبير فِي مُسْند جَابر من الصَّحِيح غير هَذَا.
1665 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا تزَال طائفةٌ من أمتِي يُقَاتلُون على الْحق ظَاهِرين إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". قَالَ: " فَينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول أَمِيرهمْ: تعال صل بِنَا، فَيَقُول: لَا، إِن بَعْضكُم على بعضٍ أُمَرَاء، تكرمة الله هَذِه الْأمة ".
1666 - السِّتُّونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: كتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على كل بطنٍ عقوله، ثمَّ كتب بِأَنَّهُ لَا يحل أَن يتوالى مولى رجلٍ مسلمٍ بِغَيْر إِذْنه. ثمَّ أخْبرت أَنه لعن فِي صحيفةٍ من فعل ذَلِك.(2/397)
1667 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن كَانَ فِي شيءٍ فَفِي الرّبع وَالْخَادِم وَالْفرس " يَعْنِي الشؤم.
1668 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا استجمر أحدكُم فليوتر ".
1669 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَنه سُئِلَ عَن الْمهل، فَقَالَ: سَمِعت - أَحْسبهُ رفع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَقَالَ: " مهل أهل الْمَدِينَة من ذِي الحليفة، وَالطَّرِيق الآخر الْجحْفَة، ومهل أهل الْعرَاق ذَات عرق. ومهل أهل نجدٍ من قرنٍ، ومهل أهل الْيمن من يَلَمْلَم ".
1670 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: اعتزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ شهرا، فَخرج إِلَيْنَا صباح تسعٍ وَعشْرين فَقَالَ بعض الْقَوْم: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا أَصْبَحْنَا لتسْع وَعشْرين. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الشَّهْر يكون تسعا وَعشْرين " ثمَّ طبق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيدَيْهِ ثَلَاثًا، مرَّتَيْنِ بأصابع يَدَيْهِ كلهَا، وَالثَّالِثَة بتسع مِنْهَا.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الزبير نَحوه.
1671 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَنه سُئِلَ عَن ركُوب الْهَدْي، فَقَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " اركبها بِالْمَعْرُوفِ إِذا ألجئت إِلَيْهَا حَتَّى تَجِد ظهرا ".
وَفِي حَدِيث معقل عَن أبي الزبير مثله، وَلم يقل: " إِذا ألجئت إِلَيْهَا ".
1672 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: كُنَّا(2/398)
نستمتع بالقبضة من التَّمْر والدقيق الْأَيَّام، على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر، حَتَّى نهى عَنهُ عمر فِي شَأْن عَمْرو بن حُرَيْث.
1673 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا دعِي أحدكُم إِلَى طَعَام فليجب، فَإِن شائ طعم وَإِن شَاءَ ترك ".
وَفِي حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي الزبير عَنهُ مثله.
1674 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: صلى بِنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم النَّحْر بِالْمَدِينَةِ، فَتقدم رجالٌ، فنحروا، وظنوا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد نحر، فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ نحر قبله أَن يُعِيد بنحرٍ آخر، وَلَا ينحروا حَتَّى ينْحَر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1675 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: زجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تصل الْمَرْأَة برأسها شَيْئا.
1676 - السبعون: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: سلم ناسٌ من الْيَهُود على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: السام عَلَيْك يَا أَبَا الْقَاسِم. فَقَالَ: " وَعَلَيْكُم ".
فَقَالَت عَائِشَة وغضبت: ألم تسمع مَا قَالُوا؟ قَالَ: " بلَى قد سَمِعت، فَرددت عَلَيْهِم، وَإِنَّا نجاب عَلَيْهِم وَلَا يجابون علينا ".
1677 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا عدوى، وَلَا صفر، وَلَا غول ".(2/399)
قَالَ:
وَسمعت أَبَا الزبير يذكر أَن جَابِرا فسر لَهُم قَوْله: " وَلَا صفر " فَقَالَ أَبُو الزبير: الصفر: الْبَطن. وَقيل لجَابِر: كَيفَ؟ فَقَالَ: كَانَ يُقَال دَوَاب الْبَطن. وَلم يُفَسر الغول. قَالَ أَبُو الزبير: هَذِه الغول الَّتِي تغول.
وَفِي حَدِيث زُهَيْر عَن أبي الزبير:
" لَا عدوى، وَلَا طيرة، وَلَا غول ".
1678 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَأْكُل أهل الْجنَّة فِيهَا وَيَشْرَبُونَ، وَلَا يَتَغَوَّطُونَ، وَلَا يَمْتَخِطُونَ، وَلَا يَبُولُونَ، وَلَكِن طعامهم ذَاك جشاءٌ كَرَشْحِ الْمسك، يُلْهمُون التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير كَمَا تلهمون النَّفس ".
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد الْأمَوِي عَن ابْن جريج مثله، إِلَّا أَنه قَالَ:
" ويلهمون التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير كَمَا تلهمون النَّفس ".
وَفِي رِوَايَة أبي سُفْيَان عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ، وَزَاد: " وَلَا يَتْفلُونَ ".
قَالُوا: فَمَا بَال الطَّعَام؟ قَالَ: " جشاء ورشحٌ كَرَشْحِ الْمسك، يُلْهمُون التَّسْبِيح والتحميد كَمَا تلهمون النَّفس ".
1679 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " النَّاس تبعٌ لقريشٍ فِي الْخَيْر وَالشَّر ".
1680 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر أَنه سُئِلَ: هَل بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذِي الحليفة؟ فَقَالَ: لَا، وَلَكِن صلى بهَا، وَلم يُبَايع عِنْد شجرةٍ إِلَّا الشَّجَرَة الَّتِي بِالْحُدَيْبِية. قَالَ ابْن جريج: وَأَخْبرنِي أَبُو الزبير أَنه سمع جَابِرا يَقُول: دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بِئْر الْحُدَيْبِيَة.(2/400)
1681 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ: عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير أَنه سمع جَابِرا يسْأَل: كم كَانُوا يَوْم الْحُدَيْبِيَة؟ قَالَ: كُنَّا أَربع عشرَة مائَة، فَبَايَعْنَاهُ وَعمر آخذٌ بِيَدِهِ تَحت الشَّجَرَة، وَهِي سمرةٌ، فَبَايَعْنَاهُ غير جد بن قيس الْأنْصَارِيّ اختفى تَحت بطن بعيره.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر نَحوه، وَزَاد: وَقَالَ: بَايَعْنَاهُ على أَلا نفر، وَلم نُبَايِعهُ على الْمَوْت. وَهَذِه الزِّيَادَة وَحدهَا أَيْضا لِسُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزبير.
وَحكى أَبُو مَسْعُود أَن هَذِه الزِّيَادَة أَيْضا لِابْنِ جريج عَن أبي الزبير من حَدِيث مُحَمَّد بن حَاتِم عَن حجاج عَنهُ، وَلم أجد ذَلِك فِيمَا عندنَا من كتاب مُسلم.
1682 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ: عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَزُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يبع حاضرٌ لبادٍ، دعوا النَّاس يرْزق الله بَعضهم من بعض ".
1683 - السَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن اللَّيْث بن سعد عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن يبال فِي المَاء الراكد.
1684 - الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ: عَن اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " عرض عَليّ الْأَنْبِيَاء، فَإِذا مُوسَى [عَلَيْهِ السَّلَام] ضربٌ من الرجل كَأَنَّهُ من رجال شنُوءَة، وَرَأَيْت عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا أقرب من رَأَيْت بِهِ شبها صَاحبكُم - يَعْنِي نَفسه - وَرَأَيْت جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِذا أقرب من رَأَيْت بِهِ شبها دحْيَة بن خَليفَة ".(2/401)
1685 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ: عَن اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: اشْتَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلينا وَرَاءه وَهُوَ قاعدٌ، وَأَبُو بكر يسمع النَّاس تكبيره. قَالَ: فَالْتَفت إِلَيْنَا فرآنا قيَاما، فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقَعَدْنَا، فصلينا بِصَلَاتِهِ قعُودا. فَلَمَّا سلم قَالَ: " إِن كدتم آنِفا تَفْعَلُونَ فعل فَارس وَالروم، يقومُونَ على مُلُوكهمْ وهم قعودٌ، فَلَا تَفعلُوا، ائتموا بأئمتكم، إِن صلاهَا قَائِما فصلوا قيَاما، وَإِن صلى قَاعِدا فصلوا قعُودا ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن حميد الرُّؤَاسِي عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر خَلفه، فَإِذا كبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كبر أَبُو بكر يسمعنا. قَالَ: ثمَّ ذكر نَحْو حَدِيث اللَّيْث.
وَلَيْسَ لعبد الرَّحْمَن الرُّؤَاسِي عَن أبي الزبير عَن جَابر فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
1686 - الثَّمَانُونَ: عَن اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: جَاءَ عبدٌ فَبَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْهِجْرَة، وَلم يشْعر أَنه عبدٌ، فجَاء سَيّده يُريدهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بعنيه " فَاشْتَرَاهُ بعبدين أسودين، ثمَّ لم يُبَايع أحدا بعد حَتَّى يسْأَله: أعبدٌ هُوَ؟ .
1687 - الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ: عَن اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تَأْكُلُوا بالشمال، فَإِن الشَّيْطَان يَأْكُل بالشمال ".
1688 - الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ: عَن اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن أم سَلمَة اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْحجامَة، فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا طيبَة أَن يحجمها.
حسبت أَنه قَالَ: كَانَ أخاها من الرضَاعَة، أَو غُلَام لم يَحْتَلِم.
1689 - الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ: عَن أبي اللَّيْث. عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن(2/402)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " إِذا رأى أحدكُم الرُّؤْيَة يكرهها فليبصق عَن يسَاره ثَلَاثًا، وليستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان ثَلَاثًا، وليتحول عَن جنبه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ ".
1690 - الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من رَآنِي فِي النّوم فقد رَآنِي، إِنَّه لَا يَنْبَغِي للشَّيْطَان أَن يتَمَثَّل فِي صُورَتي " وَقَالَ: " إِذا حلم أحدكُم فَلَا يخبر أحدا بتلعب الشَّيْطَان بِهِ فِي الْمَنَام ".
وَفِي حَدِيث زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من رَآنِي فِي النّوم فقد رَآنِي، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي للشَّيْطَان أَن يتشبه بِي " لم يزدْ.
وَعِنْده فِي معنى الْفَصْل من حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لأعرابي جَاءَهُ، فَقَالَ:
إِنِّي حلمت أَن رَأْسِي قطع، فَأَنا أتبعه. فزجره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: " لَا تخبر بتلعب الشَّيْطَان بك فِي الْمَنَام ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر:
أَن أَعْرَابِيًا قَالَ: يَا رَسُول الله، رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن رَأْسِي ضرب فتدحرج، فاشتددت فِي أَثَره. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تحدث النَّاس بتلعب الشَّيْطَان بك فِي مَنَامك ".
وَقَالَ:
سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد يخْطب فَقَالَ: " لَا يحدثن أحدكُم بتلعب الشَّيْطَان بِهِ فِي مَنَامه "، وَفِي رِوَايَة وَكِيع عَن الْأَعْمَش نَحوه، وَزَاد فَضَحِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1691 - الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ: عَن اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن عبدا لحاطب جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشكو حَاطِبًا، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ليدخلن حاطبٌ النَّار. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كذبت، لَا يدخلهَا، فَإِنَّهُ شهد بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَة ".(2/403)
زَاد فِيهِ أَبُو مَسْعُود:
وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يدْخل النَّار أحدٌ مِمَّن بَايع تَحت الشَّجَرَة " وَلم أَجِدهُ فِيمَا عندنَا من كتاب مُسلم.
1692 - السَّادِس وَالثَّمَانُونَ: عَن سُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله، فَإِذا قَالُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله، عصموا مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وحسابهم على الله " ثمَّ قَرَأَ: {إِنَّمَا أَنْت مُذَكّر لست عَلَيْهِم بمسيطرٍ} [سُورَة الغاشية] .
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر، وَعَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه بِمَعْنَاهُ، وَلم يذكر قِرَاءَة الْآيَة.
1693 - السَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن عمار الذهْنِي وَابْنه مُعَاوِيَة بن عمار عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل يَوْم فتح مَكَّة وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء. زَاد فِي رِوَايَة مُعَاوِيَة بن عمار: بِغَيْر إِحْرَام.
وَلَيْسَ لعمَّار وَابْنه مُعَاوِيَة عَن أبي الزبير فِي مُسْند جَابر من الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْمُشْتَرك.
1694 - الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ: عَن أبي خَيْثَمَة زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر، فمطرنا، فَقَالَ: " فَليصل من شَاءَ مِنْكُم فِي رَحْله ".
1695 - التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ: عَن أبي خَيْثَمَة عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: جَاءَ سراقَة بن مَالك بن جعْشم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، بَين لنا ديننَا كأنا خلقنَا الْآن، فيمَ الْعَمَل الْيَوْم: فِيمَا جَفتْ بِهِ الأقلام، وَجَرت بِهِ الْمَقَادِير، أم فِيمَا نستقبل؟ قَالَ:(2/404)
" بل فِيمَا جَفتْ بِهِ الأقلام، وَجَرت بِهِ الْمَقَادِير " قَالَ: فيمَ الْعَمَل؟ قَالَ زُهَيْر: ثمَّ تكلم أَبُو الزبير بِشَيْء لم أفهمهُ، فَسَأَلت مَا قَالَ؟ فَقَالَ: " فكلٌّ ميسرٌ ".
وَأخرجه من حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن أبي الزبير عَن جَابر فِي عقب حَدِيث أبي خَيْثَمَة وَقَالَ:
عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا الْمَعْنى. وَفِيه: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كل عاملٍ ميسرٌ لعمله " كَذَا قَالَ مُسلم، أدرجه على مَا قبله، وَلم يذكر لَفظه.
وَحكى أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي انه قَالَ:
يَا رَسُول الله، أنعمل فِي أمرٍ قد فرغ مِنْهُ أم نستأنف؟ فَقَالَ: " لأمر قد فرغ مِنْهُ " فَقَالَ سراقَة: فَفِيمَ الْعَمَل؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كل عَامل ميسرٌ لعمله ". وَهَكَذَا أخرجه أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور من حَدِيث أبي وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث كَمَا حكى أَبُو مَسْعُود من لفظ الحَدِيث. زَاد أَبُو مَسْعُود فِي أول حَدِيث أبي خَيْثَمَة عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: جَاءَ سراقَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله، بَين لنا ديننَا كأننا خلقنَا الْآن، أَرَأَيْت عُمْرَتنَا هَذِه: ألعامنا هَذَا أَو لِلْأَبَد؟ قَالَ: " بل لِلْأَبَد ". قَالَ: يَا رَسُول الله، فَبين لنا ديننَا كأننا خلقنَا الْآن، فيمَ الْعَمَل الْيَوْم؟ قَالَ: وَذكر الحَدِيث. ثمَّ قَالَ أَبُو مَسْعُود: رَوَاهُ مُسلم فِي " الْقدر " عَن أَحْمد وَيحيى - يعْنى أَحْمد بن يُونُس وَيحيى بن يحيى النَّيْسَابُورِي. والْحَدِيث فِي كتاب مُسلم فِي أَحَادِيث " الْقدر " عَن أَحْمد وَيحيى كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ فِيهِ هَذِه الزِّيَادَة، فِي الْعمرَة، والْحَدِيث أطول من هَذَا، وَإِنَّمَا أخرج مُسلم مَا أَرَادَ فِي أَبْوَاب " الْقدر ".
وَأخرج مِنْهُ أَيْضا طرفا فِي آخر " الْحَج " وَقد أوردهُ بِطُولِهِ أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث أبي خَيْثَمَة عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مهلين بِالْحَجِّ، ومعنا النِّسَاء والولدان، فَلَمَّا قدمنَا مَكَّة طفنا بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من لم يكن مَعَه هديٌ فليحلل " فَقُلْنَا: أَي الْحل؟ فَقَالَ: " الْحل كُله ". فَلَمَّا كَانَ يَوْم التَّرويَة أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ، وكفانا(2/405)
الطّواف بَين الصَّفَا والمروة، فَقَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اشْتَركُوا فِي الْإِبِل وَالْبَقر، كل سَبْعَة فِي بَدَنَة " قَالَ: فجَاء سراقَة بن مَالك بن جعْشم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت عُمْرَتنَا هَذِه، ألعامنا أم لِلْأَبَد؟ فَقَالَ: " بل لِلْأَبَد " فَقَالَ: يارسول الله، بَين لنا ديننَا كَأَنَّمَا خلقنَا الْآن، أَرَأَيْت الْعَمَل الَّذِي نعمل الْآن، أفيما جَفتْ بِهِ الأقلام وَجَرت بِهِ الْمَقَادِير. . ثمَّ ذكر الحَدِيث إِلَى آخِره بِنَحْوِ مَا قدمنَا. وَقد فرقه بعض الروَاة ثَلَاثَة أَحَادِيث، وأفرد لكل واحدٍ مِنْهَا إِسْنَادًا.
1696 - التِّسْعُونَ: عَن زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر. قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تذبحوا إِلَّا مُسِنَّة، إِلَّا أَن يعسر عَلَيْكُم فتذبحوا جَذَعَة من الضَّأْن ".
1697 - الْحَادِي التِّسْعُونَ: عَن زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: كَانَ ينْبذ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سقاء فَإِذا لم يَجدوا سقاءً نبذ لَهُ فِي تورٍ من حجارةٍ. فَقَالَ بعض الْقَوْم وَأَنا أسمع لأبي الزبير: من برام. قَالَ: من برام.
وَعَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر نَحوه.
1698 - الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ: عَن زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من لم يجد نَعْلَيْنِ فليلبس خُفَّيْنِ، وَمن لم يجد إزاراً فليلبس سَرَاوِيل ".
1699 - الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ: عَن زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَت امْرَأَة بشير:: انحل بني غلامك، وَأشْهد لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فَقَالَ: إِن ابْنة فلَان سَأَلتنِي أَن أنحل ابْنهَا غلامي، وَقَالَت: أشهد لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَقَالَ: " أَله إخْوَة؟ " قَالَ: نعم. قَالَ: " أفكلهم أَعْطَيْت مثل مَا أَعْطيته؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " فَلَيْسَ يصلح هَذَا، وَإِنِّي لَا أشهد إِلَّا على حق ".(2/406)
1700 - الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن وَاصل مولى أبي عُيَيْنَة عَن أبي الزبير عَن جَابر: سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل مَوته بِثَلَاثَة أَيَّام يَقُول: " لَا يموتن أحدكُم إِلَّا وَهُوَ يحسن الظَّن بِاللَّه عز وَجل ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وَلَيْسَ لواصل عَن أبي الزبير فِي مُسْند جَابر من الصَّحِيح غير هَذَا.
1701 - الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام بن أبي عبد الله الدستوَائي عَن أبي الزبير عَن جَابر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى امْرَأَة، فَأتى امْرَأَته زَيْنَب وَهِي تمعس منيئة لَهَا، فَقضى حَاجته، ثمَّ خرج إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ: " إِن الْمَرْأَة تقبل فِي صُورَة شيطانٍ، فَإِذا أبْصر أحدكُم امْرَأَة فليأت أَهله، فَإِن ذَلِك يرد مَا فِي نَفسه ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث حَرْب بن أبي الْعَالِيَة عَن أبي الزبير عَن جَابر بِمثلِهِ، وَلم يذكر: " وتدبر فِي صُورَة شَيْطَان ".
وَمن حَدِيث معقل بن عبيد الله الْجَزرِي عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا أحدكُم أَعْجَبته الْمَرْأَة فَوَقَعت فِي قلبه، فليعمد إِلَى امْرَأَته فليواقعها، فَإِن ذَلِك يرد مَا فِي نَفسه ".
1702 - السَّادِس وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام الدستوَائي عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: " من لَقِي الله عز وَجل لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل الْجنَّة، وَمن لقِيه يُشْرك بِهِ دخل النَّار ".
وَأخرجه من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ:
جَاءَ أعرابيٌّ إِلَى(2/407)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ:
يَا رَسُول الله، مَا الموجبتان؟ قَالَ: " من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة، وَمن مَاتَ يُشْرك بِهِ دخل النَّار ".
وَمن حَدِيث قُرَّة بن خَالِد السدُوسِي عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل حَدِيث هِشَام الدستوَائي. لم يزدْ مُسلم على هَذَا.
وَزَاد أَبُو مَسْعُود قَالَ:
ودعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَحِيفَة عِنْد مَوته، فَأَرَادَ أَن يكْتب لَهُم كتابا لَا يضلوا بعده، فَكثر اللغظ، وَتكلم عمر، فرفضها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَالَّذِي ذكره أَبُو مَسْعُود كَذَلِك هُوَ فِي الحَدِيث أخرجه أَبُو بكر البرقاني بِطُولِهِ من حَدِيث قُرَّة عَن أبي الزبير عَن جَابر، وَلَكِن مُسلما اقْتصر على مَا أَرَادَ مِنْهُ.
1703 - السَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن قُرَّة بن خَالِد السدُوسِي عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من يصعد الثَّنية ثنية المرار، فَإِنَّهُ يحط عَنهُ مَا حط عَن بني إِسْرَائِيل " قَالَ: فَكَانَ أول من صعدها خَيْلنَا - خيل بني الْخَزْرَج، ثمَّ تتام النَّاس، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وكلكم مغفورٌ لَهُ إِلَّا صَاحب الْجمل الْأَحْمَر ".
فأتيناه فَقُلْنَا: تعال يسْتَغْفر لَك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: وَالله لَئِن أجد ضالتي أحب إِلَيّ من أَن يسْتَغْفر لي صَاحبكُم. قَالَ: وَكَانَ رجلا ينشد ضَالَّة لَهُ.
وَفِي حَدِيث خَالِد بن الْحَارِث عَن قُرَّة:
" من يصعد ثنية المرار أَو المرار " ثمَّ ذكر مثله، وَفِي آخِره: وَإِذا هُوَ أَعْرَابِي جَاءَ ينشد ضَالَّة لَهُ.
1704 - الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ: عَن حجاج بن أبي عُثْمَان الصَّواف عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن الطُّفَيْل بن عَمْرو الدوسي أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَل لَك فِي حصن حُصَيْن ومنعة؟ " قَالَ: حصن كَانَ لدوس فِي الْجَاهِلِيَّة - فَأبى ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للَّذي ذخر الله للْأَنْصَار، فَلَمَّا هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة هَاجر إِلَيْهِ(2/408)
الطُّفَيْل بن عَمْرو، وَهَاجَر مَعَه رجلٌ من قومه، فاجتووا الْمَدِينَة فَمَرض فجزع، فاخذ مشاقص لَهُ فَقطع بهَا براجمه، فشخبت يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ، فَرَآهُ الطُّفَيْل فِي مَنَامه، فَرَآهُ وهيئته حَسَنَة، وَرَآهُ مغطياً يَدَيْهِ، فَقَالَ: مَا صنع بك رَبك؟ قَالَ: غفر لي لهجرتي إِلَى نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ: مَالِي أَرَاك مغطياً يَديك؟ قَالَ: قيل لي: لن نصلح مِنْك مَا أفسدت. فَقَصَّهَا الطُّفَيْل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " اللَّهُمَّ وليديه فَاغْفِر ".
1705 - التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ: عَن حجاج الصَّواف عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على أم السَّائِب أَو الْمسيب، فَقَالَ: " مَالك يَا أم السَّائِب - أَو يَا أم الْمسيب - تزفزفين؟ " قَالَت: الْحمى - لَا بَارك الله فِيهَا. فَقَالَ: " لَا تسبي الْحمى، فَإِنَّهَا تذْهب خَطَايَا بني آدم كَمَا يذهب الْكِير خبث الْحَدِيد ".
1706 - الْمِائَة: عَن زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق الْمَكِّيّ عَن أبي الزبير أَنه سمع جَابِرا يَقُول: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتمسح بعظمٍ أَو ببعر.
1707 - الأول بعد الْمِائَة: عَن زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: دخل أَبُو بكر يسْتَأْذن على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَوجدَ النَّاس جُلُوسًا بِبَابِهِ لم يُؤذن لأحدٍ مِنْهُم، قَالَ: فَأذن لأبي بكر، فَدخل، ثمَّ أقبل عمر فَاسْتَأْذن، فَأذن لَهُ، فَوجدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا حوله نساؤه، واجماً ساكتاً. قَالَ: فَقَالَ أَبُو بكر: لأقولن شَيْئا أضْحك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ: يَا رَسُول الله، لَو رَأَيْت بنت خَارِجَة، سَأَلتنِي(2/409)
النَّفَقَة، فَقُمْت إِلَيْهَا، فوطأت عُنُقهَا. فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: " هن حَولي - كَمَا ترى - سألنني " فَقَامَ أَبُو بكر إِلَى عَائِشَة يجَأ عُنُقهَا، وَقَامَ عمر إِلَى حَفْصَة يجَأ عُنُقهَا، كِلَاهُمَا يَقُول: تسألن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لَيْسَ عِنْده. قُلْنَ: وَالله لَا نسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا أبدا لَيْسَ عِنْده. ثمَّ اعتزلهن شهرا أَو تسعا وَعشْرين، ثمَّ نزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك} حَتَّى بلغ: {للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما} [سُورَة الْأَحْزَاب] ، قَالَ: فَبَدَأَ بعائشة، فَقَالَ: " يَا عَائِشَة، إِنِّي أُرِيد أعرض عَلَيْك أمرا أحب أَلا تعجلِي فِيهِ حَتَّى تستشيري أَبَوَيْك ". قَالَت: وَمَا هُوَ يَا رَسُول الله؟ فَتلا عَلَيْهَا الْآيَة. قَالَت: أفيك يَا رَسُول الله أستشير أَبَوي؟ بل أخْتَار الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة، وَأَسْأَلك أَلا تخبر امْرَأَة من نِسَائِك بِالَّذِي قلت. قَالَ: " لن تَسْأَلنِي امْرَأَة مِنْهُنَّ إِلَّا أخْبرتهَا، لم يَبْعَثنِي مُعنتًا وَلَا مُتَعَنتًا، وَلكنه بَعَثَنِي معلما ميسرًا ".
1708 - الثَّانِي بعد الْمِائَة: عَن زَكَرِيَّا بن إِسْحَاق عَن أبي الزبير أَنه سمع جَابِرا يَقُول: غزوت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسع عشرَة غَزْوَة. قَالَ جَابر: لم أشهد بَدْرًا وَلَا أحدا، مَنَعَنِي أبي، فَلَمَّا قتل عبد الله يَوْم أحدٍ لم أَتَخَلَّف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1709 - الثَّالِث بعد الْمِائَة: عَن هشيم بن بشير الوَاسِطِيّ عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آكل الرِّبَا وموكله. قَالَ: قلت وكاتبه وشاهديه. قَالَ: إِنَّمَا نُحدث بِمَا سمعنَا.
1710 - الرَّابِع بعد الْمِائَة: عَن هشيم عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " أَلا لَا يبيتن رجلٌ عِنْد امرأةٍ ثيبٍ إِلَّا أَن يكون ناكحاً أَو ذَا محرمٍ ".
1711 - الْخَامِس بعد الْمِائَة: عَن معقل بن عبيد الله عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أَيّكُم خَافَ أَلا يقوم من آخر اللَّيْل فليوتر ثمَّ ليرقد. وَمن وثق(2/410)
بِقِيَام من اللَّيْل فليوتر من آخِره فَإِن قِرَاءَة آخر اللَّيْل محضورة، وَذَلِكَ أفضل ".
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر بِمَعْنَاهُ ".
1712 - السَّادِس بعد الْمِائَة: عَن معقل عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن من اللَّيْل سَاعَة لَا يُوَافِقهَا عبدٌ مسلمٌ يسْأَل الله خيرا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ:
سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. . نَحوه. وَقَالَ: " يسْأَل الله خيرا من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة " وَزَاد: " وَذَلِكَ كل لَيْلَة ".
1713 - السَّابِع بعد الْمِائَة: عَن معقل بن عبيد الله عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " الِاسْتِجْمَار توٌّ، وَرمي الْجمار توٌّ، وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة توٌّ، وَإِذا استجمر أحدكُم فليستجمربتوٍّ " يَعْنِي الْوتر. زَاد أَبُو بكر البرقاني فِي رِوَايَته عَن البَجلِيّ: " والكحل توٌّ " يَعْنِي ثَلَاثًا ثَلَاثًا.
1714 - الثَّامِن بعد الْمِائَة: عَن معقل بن عبيد عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يحل أَن يحمل السِّلَاح بِمَكَّة ".
1715 - التَّاسِع بعد الْمِائَة: عَن معقل عَن أبي الزبير قَالَ: سَأَلت جَابِرا عَن ثمن الْكَلْب، والسنور فَقَالَ: زجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك.
1716 - الْعَاشِر بعد الْمِائَة: عَن معقل عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن امْرَأَة من بني مَخْزُوم سرقت، فَأتي بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فعاذت بِأم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَالله لَو كَانَت فَاطِمَة لَقطعت يَدهَا " فَقطعت.(2/411)
1717 - الْحَادِي عشر بعد الْمِائَة: عَن معقل عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي غَزْوَة غزوناها: " استكثروا من النِّعَال، فَإِن الرجل لَا يزَال رَاكِبًا مَا انتعل ".
1718 - الثَّانِي عشر بعد الْمِائَة: عَن معقل عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يقيمن أحدكُم أَخَاهُ يَوْم الْجُمُعَة ثمَّ ليخالف إِلَى مَقْعَده فيقعد فِيهِ، وَلَكِن يَقُول: افسحوا ".
1719 - الثَّالِث عشر بعد الْمِائَة: عَن معقل عَن أبي الزبير: أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستطعمه فأطعمه شطر وسق شعير، فَمَا زَالَ الرجل يَأْكُل مِنْهُ وَامْرَأَته وضيفهما حَتَّى كاله، فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " لَو لم تكله لأكلتم مِنْهُ ولقام لكم ".
1720 - الرَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن معقل عَن أبي الزبير عَن جَابر: أَن أم مَالك كَانَت تهدي للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عكة لَهَا سمناً، فيأتيها بنوها فَيسْأَلُونَ الْأدم وَلَيْسَ عِنْدهم شيءٌ، فتعمد إِلَى الَّذِي كَانَت تهدي فِيهِ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتجد فِيهِ سمناً، فَمَا زَالَ يُقيم لَهَا أَدَم بَيتهَا حَتَّى عصرته. فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " عصرتيها " قَالَت: نعم.
قَالَ: " لَو تركتيها مَا زَالَ قَائِما ".
1721 - الْخَامِس عشر بعد الْمِائَة: عَن معقل عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " يبْعَث الشَّيْطَان سراياه، فيفتنون النَّاس، فأعظمهم عِنْده منزلَة أعظمهم فتْنَة ".
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر بِنَحْوِهِ، وَقَالَ فِيهِ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن إِبْلِيس يضع عَرْشه على المَاء، ثمَّ يبْعَث سراياه، فأدناهم مِنْهُم منزلَة(2/412)
أعظمهم فتْنَة، يَجِيء أحدهم فَيَقُول: فعلت كَذَا وَكَذَا. فَيَقُول: مَا صنعت شَيْئا.
قَالَ: ثمَّ يَجِيء أحدهم فَيَقُول: مَا تركته حَتَّى فرقت بَينه وَبَين امْرَأَته. قَالَ: فيدنيه مِنْهُ وَيَقُول: نعم أَنْت ". قَالَ: أرَاهُ قَالَ: " فيلتزمه ".
1722 - السَّادِس عشر بعد الْمِائَة: عَن معقل عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا يدْخل أحدا مِنْكُم عمله الْجنَّة، وَلَا يجيره من النَّار، وَلَا أَنا، إِلَّا برحمة الله عز وَجل ".
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" قاربوا وسددوا، وَاعْلَمُوا أَنه لن ينجو مِنْكُم أحدٌ بِعَمَلِهِ ". قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَلَا أَنْت؟ قَالَ: " وَلَا أَنا، إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمةٍ مِنْهُ وفضلٍ ".
1723 - السَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان طَلْحَة بن نَافِع عَن جَابر قَالَ: كَانَ عبد الله بن أبي بن سلول يَقُول لجارية لَهُ: اذهبي فابغينا شَيْئا.
قَالَ: فَأنْزل الله عز وَجل: {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} [سُورَة النُّور] .
وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة عَن الْأَعْمَش أَن جَارِيَة لعبد الله بن أبي يُقَال لَهَا مُسَيْكَة وَأُخْرَى يُقَال لَهَا أُمَيْمَة كَانَ يُرِيدهُمَا على الزِّنَا، فَشَكَتَا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأنْزل الله عز وَجل: {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} ، إِلَى قَوْله: {غَفُور رَحِيم} أغفله أَبُو مَسْعُود، فَلم يذكرهُ فِي هَذِه التَّرْجَمَة.
1724 - الثَّامِن عشر بعد الْمِائَة: عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يبْعَث كل عبدٍ على مَا مَاتَ عَلَيْهِ ".(2/413)
1725 - التَّاسِع عشر بعد الْمِائَة: عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن الشَّيْطَان إِذا سمع النداء بِالصَّلَاةِ ذهب حَتَّى يكون مَكَان الروحاء " قَالَ الْأَعْمَش: فَسَأَلته عَن الروحاء، فَقَالَ: هِيَ من الْمَدِينَة على سِتَّة وَثَلَاثِينَ ميلًا.
1726 - الْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزاةٍ فَقَالَ: " إِن بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مسيرًا، وَلَا قطعْتُمْ وَاديا إِلَّا كَانُوا مَعكُمْ، حَبسهم الْمَرَض ".
وَفِي حَدِيث وَكِيع عَن الْأَعْمَش:
" إِلَّا شَركُوكُمْ فِي الْأجر ".
1727 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " مثل الصَّلَوَات الْخمس كَمثل نهرٍ جارٍ غمرٍ على بَاب أحدكُم، يغْتَسل مِنْهُ كل يَوْم خمس مَرَّات "، قَالَ: قَالَ الْحسن: وَمَا يبقي ذَلِك من الدَّرن؟ .
1728 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن الشَّيْطَان قد يئس أَن يعبده المصلون فِي جَزِيرَة الْعَرَب، وَلَكِن فِي التحريش بَينهم ".
أغفله أَبُو مَسْعُود، فَلم يذكرهُ فِي هَذِه التَّرْجَمَة.
1729 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ: " إِذا قضى أحدكُم الصَّلَاة فِي مَسْجده فليجعل لبيته نَصِيبا من صلَاته، فَإِن الله جاعلٌ فِي بَيته من صلَاته خيرا ".(2/414)
1730 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم من سفرٍ، فَلَمَّا كَانَ قرب الْمَدِينَة هَاجَتْ ريحٌ تكَاد أَن تدفن الرَّاكِب. فَزعم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " بعثت هَذِه الرّيح لمَوْت مُنَافِق " فَلَمَّا قدم الْمَدِينَة، فَإِذا منافقٌ عظيمٌ من الْمُنَافِقين قد مَاتَ.
1731 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي بشرٍ جَعْفَر بن أبي وحشية عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر: أَن وَفد ثَقِيف سَأَلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالُوا: إِن أَرْضنَا بَارِدَة، فَكيف بِالْغسْلِ؟ فَقَالَ: " أما أَنا فأفرغ على رَأْسِي ثَلَاثًا ".
1732 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي بشر جَعْفَر بن أبي وحشية عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ أَهله الْأدم، فَقَالُوا: مَا عندنَا إِلَّا خلٌّ، فَدَعَا بِهِ، فَجعل يَأْكُل بِهِ وَيَقُول: " نعم الإدام الْخلّ، نعم الإدام الْخلّ ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الْمثنى بن سعيد عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ:
أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي ذَات يَوْم إِلَى منزله، فَأخْرج إِلَيْهِ فلقٌ من خبز، فَقَالَ: " مَا من أَدَم؟ " فَقَالُوا: لَا، إِلَّا شيءٌ من خلٍّ. قَالَ: " فَإِن الْخلّ نعم الْأدم ". قَالَ جَابر: فَمَا زلت أحب الْخلّ مُنْذُ سَمعتهَا من بني الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ أَبُو سُفْيَان طَلْحَة بن نَافِع: مَا زلت أحب الْخلّ مُنْذُ سَمعتهَا من جَابر.
وَمن حَدِيث أبي يُوسُف الْحجَّاج بن أبي زَيْنَب الوَاسِطِيّ عَن أبي سُفْيَان قَالَ: سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول:
كنت جَالِسا فِي دارٍ، فَمر بِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَشَارَ إِلَيّ، فَقُمْت إِلَيْهِ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَى بعض حجر نِسَائِهِ، فَدخل، ثمَّ أذن لي فَدخلت الْحجاب، فَقَالَ: " هَل من غداء؟ " فَقَالُوا: نعم، فَأتي بِثَلَاثَة قرصةٍ، فوضعن على نَبِي فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قرصاً فَوَضعه بَين يَدَيْهِ وَأخذ قرصاً آخر(2/415)
فَوَضعه بَين يَدي، ثمَّ أَخذ الثَّالِث فَكَسرهُ اثْنَيْنِ، فَجعل نصفه بَين يَدَيْهِ وَنصفه بَين يَدي، ثمَّ قَالَ: " هَل من أَدَم؟ " فَقَالُوا: لَا، إِلَّا شيءٌ من خلٍّ. قَالَ: " هاتوه، فَنعم الْأدم هُوَ ".
آخر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من مُسْند جَابر بن عبد الله(2/416)
(78) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي سعيد، سعد بن مَالك بن سنانٍ الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ
1733 - الحَدِيث الأول: عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن عبد الله عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَأْتِي على النَّاس زمانٌ فيغزو فِئَام من النَّاس فَيَقُولُونَ: هَل فِيكُم من صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَيَقُولُونَ: نعم، فَيفتح لَهُم. ثمَّ يَأْتِي على النَّاس زمانٌ فيغزو فئامٌ من النَّاس، فَيُقَال: هَل فِيكُم من صَاحب أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَيَقُولُونَ: نعم، فَيفتح لَهُم. ثمَّ يَأْتِي عَليّ النَّاس زمانٌ فيغزو فئامٌ من النَّاس فَيُقَال لَهُم: هَل فِيكُم من صَاحب من صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَيَقُولُونَ: نعم. فَيفتح لَهُم ".
وَفِي روايه زُهَيْر وَأحمد بن عَبدة عَن سُفْيَان:
" فِيكُم من رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ " وَفِي الثَّانِي: " فِيكُم من رأى من صحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ " وَفِي الثَّالِث: " فِيكُم من رأى من صحب من صحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ".
وَلمُسلم فِي رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
زعم أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَأْتِي على النَّاس زمانٌ يبْعَث مِنْهُم الْبَعْث فَيَقُولُونَ: انْظُرُوا، هَل تَجِدُونَ فِيكُم أحدا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فيوجد الرجل، فَيفتح لَهُم بِهِ، ثمَّ يبْعَث الْبَعْث الثَّانِي، فَيَقُولُونَ: هَل فيهم من رأى أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَيفتح لَهُم، ثمَّ يبْعَث الْبَعْث الثَّالِث، فَيُقَال: انْظُرُوا، هَل ترَوْنَ فيهم من رأى من رأى أَصْحَاب(2/417)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ يكون بعث الرَّابِع فَيُقَال: انْظُرُوا هَل ترَوْنَ فيهم أحدا رأى من رأى أحدا رأى أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فيوجد فَيفتح لَهُم ".
1734 - الثَّانِي: عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن أبي سعيد قَالَ: حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثا طَويلا عَن الدَّجَّال، فَكَانَ فِيمَا حَدثنَا بِهِ أَن قَالَ: " يَأْتِي الدَّجَّال وَهُوَ محرمٌ عَلَيْهِ أَن يدْخل نقاب الْمَدِينَة، فينتهي إِلَى بعض السباخ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ، فَيخرج إِلَيْهِ يومئذٍ رجلٌ هُوَ خير النَّاس - أَو من خير النَّاس - فَيَقُول: أشهد أَنَّك الدَّجَّال الَّذِي حَدثنَا عَنْك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدِيثه، فَيَقُول الدَّجَّال: أَرَأَيْت إِن قتلت هَذَا ثمَّ أحييته، هَل تشكون فِي الْأَمر؟ فَيَقُولُونَ: لَا. فيقتله ثمَّ يحييه، فَيَقُول حِين يحييه: وَالله مَا كنت قطّ أَشد بَصِيرَة مني الْيَوْم. فَيَقُول الدَّجَّال: أَقتلهُ، وَلَا يُسَلط عَلَيْهِ ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا بِنَحْوِ مَعْنَاهُ، وَفِيه زِيَادَة أَلْفَاظ من حَدِيث أبي الوداك عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يخرج الدَّجَّال، فَيتَوَجَّه قبله رجلٌ من الْمُؤمنِينَ، فَتَلقاهُ المسالح مسالح الدَّجَّال، فَيَقُولُونَ: أَيْن تعمد؟ فَيَقُول: أعمد إِلَى هَذَا الَّذِي خرج. فَيَقُولُونَ لَهُ: أَو مَا تؤمن بربنا؟ فَقَالَ: مَا بربنا خَفَاء.
فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ. فَيَقُول بَعضهم لبَعض: أَلَيْسَ يَنْهَاكُم ربكُم أَن تقتلُوا أحدا دونه.
قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّال، فَإِذا رَآهُ الْمُؤمن قَالَ: يأيها النَّاس، هَذَا الدَّجَّال الَّذِي ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: فيأمر الدَّجَّال فيشبح، فَيَقُول: خذوه وشجوه، فيوسع ظَهره وبطنه ضربا. فَيَقُول: أما تؤمن بِي؟ قَالَ: فَيَقُول: أَنْت الْمَسِيح الْكذَّاب. قَالَ: فَيُؤْمَر بِهِ فيؤشر بالمئشار من مفرقه حَتَّى يفرق بَين رجلَيْهِ. قَالَ: ثمَّ يمشي الدَّجَّال بَين القطعتين. قَالَ: ثمَّ يَقُول لَهُ: قُم، فيستوي قَائِما. قَالَ: ثمَّ(2/418)
يَقُول لَهُ: أتؤمن بِي؟ فَيَقُول: مَا ازددت فِيك إِلَّا بَصِيرَة. قَالَ: ثمَّ يَقُول: يأيها النَّاس، إِنَّه لَا يفعل بعدِي بأحدٍ من النَّاس. قَالَ: فَيَأْخذهُ الدَّجَّال ليذبحه، فَيجْعَل مَا بَين رقبته إِلَى ترقوته نُحَاسا، فَلَا يَسْتَطِيع إِلَيْهِ سَبِيلا. قَالَ: فَيَأْخُذ بيدَيْهِ وَرجلَيْهِ فيقذف بِهِ، فيحسب النَّاس أَنما قذفه إِلَى النَّار، وَإِنَّمَا ألقِي فِي الْجنَّة ". فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَذَا أعظم النَّاس شَهَادَة عِنْد رب الْعَالمين ".
1735 - الثَّالِث: عَن عبيد الله بن عبد الله عَن أبي سعيد أَنه قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن اختناث الأسقية، أَن يشرب من أفواهها. قَالَ فِي رِوَايَة معمر: واختناثها أَن يقلب رَأسهَا فيشرب مِنْهُ.
1736 - الرَّابِع: عَن أبي سَلمَة وَعَطَاء بن يسَار أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ فَسَأَلَاهُ عَن الحرورية: هَل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكرهَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي من الحرورية، وَلَكِن سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " يخرج فِي هَذِه الْأمة - وَلم يقل مِنْهَا - قومٌ تحقرون صَلَاتكُمْ مَعَ صلَاتهم، يقرءُون الْقُرْآن لَا يُجَاوز حُلُوقهمْ - أَو قَالَ حَنَاجِرهمْ، يَمْرُقُونَ من الدّين مروق السهْم من الرَّمية، فَينْظر الرَّامِي إِلَى سَهْمه، إِلَى نصله، إِلَى رصافه، فيتمارى فِي الفوقة، هَل علق بهَا من الدَّم شيءٌ ". هَكَذَا فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة وَعَطَاء.
وللبخاري فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي مسلمة وَحده عَن أبي سعيد أَنه قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " يخرج فِيكُم قوم تحقرون صَلَاتكُمْ مَعَ صلَاتهم، وَصِيَامكُمْ مَعَ صِيَامهمْ، وعملكم مَعَ عَمَلهم، يقرءُون الْقُرْآن لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ، يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية، ينظر فِي النصل فَلَا يرى(2/419)
شَيْئا، وَينظر فِي الْقدح فَلَا يرى شَيْئا، وَينظر فِي الريش فَلَا يرى شَيْئا، ويتمارى فِي الفوق ".
وَلَهُمَا فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَالضَّحَّاك الْهَمدَانِي أَن أَبَا سعيد قَالَ:
بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقسم قسما، أَتَاهُ ذُو الْخوَيْصِرَة، وَهُوَ رجل من بني تَمِيم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، اعْدِلْ. فَقَالَ: " وَيلك، وَمن يعدل إِذا لم أعدل؟ " زَاد فِي رِوَايَة يُونُس وَشُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: " قد خبت وخسرت إِن لم أعدل؟ " فَقَالَ عمر بن الْخطاب: ائْذَنْ لي فِيهِ أضْرب عُنُقه. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " دَعه، فَإِن لَهُ أصحاباً يحقر أحدكُم صلَاته مَعَ صلَاتهم، وصيامه مَعَ صِيَامهمْ ". زَاد يُونُس وَشُعَيْب: " يقرءُون الْقُرْآن لَا يُجَاوز تراقيهم، يَمْرُقُونَ من الْإِسْلَام - وَفِي رِوَايَة من الدّين - كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية، ينظر إِلَى نصله فَلَا يُوجد فِيهِ شَيْء، ثمَّ ينظر إِلَى رصافه فَلَا يُوجد فِيهِ شيءٌ، ثمَّ ينظر إِلَى نضيه فَلَا يُوجد فِيهِ شيئ - وَهُوَ الْقدح - ثمَّ ينظر إِلَى قذذه فَلَا يُوجد فِيهِ شيءٌ، سبق الفرث وَالدَّم، آيَتهم رجلٌ أسود، إِحْدَى عضديه - وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ إِحْدَى يَدَيْهِ - مثل الْبضْعَة تدَرْدر، يخرجُون على حِين فرقةٍ من النَّاس " قَالَ أَبُو سعيد: فَأشْهد أَنِّي سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، واشهد أَن عَليّ بن أبي طَالب قَاتلهم وَأَنا مَعَه، فَأمر بذلك الرجل فالتمس، فَوجدَ، فَأتي بِهِ، حَتَّى نظرت إِلَيْهِ على نعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي نعت.
أَلْفَاظ الروَاة عَن الزُّهْرِيّ مُتَقَارِبَة، إِلَّا فِيمَا بَينا من الزِّيَادَة، وَرِوَايَة معمر وَشُعَيْب إِنَّمَا هِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَحده عَن أبي سعيد.(2/420)
وَأَخْرَجَاهُ على نَحْو من هَذَا من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم عَن أبي سعيد قَالَ:
بعث عليٌّ رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ بِالْيمن إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذهيبة فِي تربَتهَا، فَقَسمهَا بَين أَرْبَعَة: الْأَقْرَع بن حَابِس الْحَنْظَلِي ثمَّ أحد بني مجاشع، وَبَين عُيَيْنَة بن بدر الْفَزارِيّ، وَبَين عَلْقَمَة بن علائة العامري ثمَّ أحد بني كلاب، وَبَين زيد الْخَيل الطَّائِي ثمَّ أحد بني نَبهَان، فَغضِبت قريشٌ وَالْأَنْصَار، فَقَالُوا: يُعْطِيهِ صَنَادِيد أهل نجد ويدعنا. قَالَ: " إِنَّمَا أتألفهم " فَأقبل رجلٌ غائر الْعَينَيْنِ، ناتئ الجبين، كث اللِّحْيَة، مشرق الوجنتين، محلوق الرَّأْس، فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، اتَّقِ الله، فَقَالَ: " فَمن يُطِيع الله إِذا عصيته، فيأمنني على أهل الأَرْض، وَلَا تأمنوني؟ " فَسَأَلَ رجلٌ من الْقَوْم قَتله - أرَاهُ خَالِد بن الْوَلِيد، فَمَنعه، فَلَمَّا ولى قَالَ: " إِن من ضئضئ هَذَا قوما يقرءُون الْقُرْآن لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ، يَمْرُقُونَ من الْإِسْلَام مروق السهْم من الرَّمية، يقتلُون أهل الْإِسْلَام وَيدعونَ أهل الْأَوْثَان، لَئِن أدركتهم لأقتلنهم قتل عَاد ".
وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن قُتَيْبَة نَحوه وَزِيَادَة أَلْفَاظ، وفيهَا: وَالرَّابِع إِمَّا عَلْقَمَة بن علائة، وَإِمَّا عَامر بن الطُّفَيْل. وفيهَا: " أَلا تأمنوني وَأَنا أَمِين من فِي السَّمَاء، يأتيني خبر السَّمَاء صباحاً وَمَسَاء؟ " وفيهَا: فَقَالَ: يَا رَسُول الله، اتَّقِ الله. فَقَالَ: " وَيلك، أَو لست أَحَق أهل الأَرْض أَن يَتَّقِي الله ". قَالَ ثمَّ ولى الرجل. فَقَالَ خَالِد بن الْوَلِيد: يَا رَسُول الله، أَلا أضْرب عُنُقه؟ فَقَالَ: لَا، لَعَلَّه أَن يكون يُصَلِّي ". قَالَ خَالِد: وَكم من مصل يَقُول بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قلبه. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنِّي لم أُؤمر أَن أنقب عَن قُلُوب النَّاس، وَلَا أشق بطونهم ": قَالَ: ثمَّ نظر إِلَيْهِ وَهُوَ مقفٍّ(2/421)
فَقَالَ لَهُ: " يخرج من ضئضئ هَؤُلَاءِ قومٌ يَتلون كتاب الله رطبا، لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ، يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية " قَالَ: أَظُنهُ قَالَ: " لَئِن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثَمُود ".
وَفِي حَدِيث جرير عَن عمَارَة:
فَقَامَ إِلَيْهِ عمر بن الْخطاب فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَلا أضْرب عُنُقه؟ قَالَ: " لَا " فَقَامَ إِلَيْهِ خَالِد سيف الله فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَلا أضْرب عُنُقه؟ قَالَ: " لَا ".
وَأخرج البُخَارِيّ مِنْهُ طرفا مُخْتَصرا من حَدِيث معبد بن سِيرِين عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
سيخرج ناسٌ من قبل الْمشرق، يقرءُون الْقُرْآن لَا يُجَاوز تراقيهم، يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية، لَا يعودون فِيهِ حَتَّى يعود السهْم إِلَى فَوْقه ". قيل: مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: " سِيمَاهُمْ التحليق " أَو قَالَ: " التسبيد ".
وَأخرجه مُسلم على مساقٍ آخر، وَفِيه زِيَادَة من حَدِيث أبي نَضرة عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر قوما يكونُونَ فِي أمته، يخرجُون فِي فرقة من النَّاس سِيمَاهُمْ التحاليق. قَالَ: هم شَرّ الْخلق أَو من أشر الْخلق، يقتلهُمْ أدنى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحق ". قَالَ: فَضرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُم مثلا أَو قَالَ قولا: " الرجل يَرْمِي الرَّمية - أَو قَالَ الْغَرَض، فَينْظر فِي النصل فَلَا يرى بَصِيرَة، وَينظر فِي الفوق فَلَا يرى بَصِيرَة " قَالَ أَبُو سعيد: وَأَنْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ يَا أهل الْعرَاق.
وَفِي رِوَايَة الْقَاسِم بن الْفضل الْحدانِي عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يَمْرُق مارقةٌ عِنْد فرقة من الْمُسلمين، يَقْتُلهَا أولى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ " مُخْتَصر.(2/422)
وَفِي رِوَايَة قَتَادَة، وَدَاوُد بن أبي هِنْد عَن أبي نَضرة كَذَلِك بِمَعْنَاهُ.
وَأخرج مُسلم هَذَا الطّرف مِنْهُ من حَدِيث الضَّحَّاك المشرفي عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذكر فِيهِ قوما يخرجُون على فرقة مُخْتَلفَة، يقتلهُمْ أقرب الطَّائِفَتَيْنِ من الْحق. هَكَذَا قَالَ، وَلم يزدْ.
1737 - الْخَامِس: عَن أبي سَلمَة عَن أبي سعيد قَالَ: كُنَّا نرْزق تمر الْجمع على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَهُوَ الْخَلْط من التَّمْر - فَكُنَّا نبيع صَاعَيْنِ بصاعٍ. فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " لَا صَاعَيْنِ تَمرا بِصَاع، وَلَا صَاعَيْنِ حِنْطَة بِصَاع، وَلَا دِرْهَم بِدِرْهَمَيْنِ ".
وَفِي رِوَايَة أبي نعيم عَن شَيبَان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
وَلَا دِرْهَمَيْنِ بدرهم ".
وَعِنْدَهُمَا من حَدِيث عقبَة بن عبد الغافر العوذي عَن أبي سعيد قَالَ:
جَاءَ بلالٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتمرٍ برنيٍّ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من أَيْن هَذَا؟ " فَقَالَ بِلَال: كَانَ عندنَا تمرٌ رديءٌ، فَبِعْت مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاع لمطعم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك: " أوه، عين الرِّبَا، عين الرِّبَا، لَا تفعل، وَلَكِن إِذا أردْت أَن تشتري فبع التَّمْر ببيعٍ آخر، ثمَّ اشْتَرِ بِهِ ".
وَلمُسلم من حَدِيث أبي نَضرة الْمُنْذر بن مَالك بن قِطْعَة الْعَبْدي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ:
أُتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتمرٍ، فَقَالَ: " مَا هَذَا التَّمْر من تمرنا " فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله، بعنا تمرنا صَاعَيْنِ بصاعٍ من هَذَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَذَا الرِّبَا، فَردُّوهُ، ثمَّ بيعوا تمرنا واشتروا لنا من هَذَا ".(2/423)
وَمن حَدِيث أبي نَضرة أَيْضا قَالَ:
سَأَلت ابْن عمر وَابْن عَبَّاس عَن الصّرْف، فَلم يريَا بِهِ بَأْسا، فَإِنِّي لقاعدٌ عِنْد أبي سعيد الْخُدْرِيّ، فَسَأَلته عَن الصّرْف فَقَالَ: مَا زَاد فَهُوَ رَبًّا. فأنكرت ذَلِك لقولهما. فَقَالَ: لَا أحَدثك إِلَّا مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جَاءَهُ صَاحب نخلةٍ بصاعٍ من تمرٍ طيب، وَكَانَ تمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا اللَّوْن، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَنى لَك هَذَا؟ " قَالَ: انْطَلَقت بصاعين فاشتريت بِهِ هَذَا الصَّاع، فَإِن سعر هَذَا فِي السُّوق كَذَا، وسعر هَذَا كَذَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أربيت، إِذا أردْت ذَلِك، فبع تمرك بسلعةٍ، ثمَّ اشْتَرِ بسلعتك أَي تمرٍ شِئْت ". قَالَ أَبُو سعيد: فالتمر بِالتَّمْرِ أَحَق أَن يكون رَبًّا أم الْفضة بِالْفِضَّةِ؟ قَالَ: فَأتيت ابْن عمر بعد فنهاني، وَلم آتٍ ابْن عَبَّاس. قَالَ: فَحَدثني أَبُو الصَّهْبَاء أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس عَنهُ بِمَكَّة فكرهه.
وَفِي رِوَايَة سعيد الْجريرِي عَن أبي نَضرة قَالَ:
سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الصّرْف فَقَالَ: أيداً بيدٍ؟ فَقلت: نعم. قَالَ: لَا بَأْس. فَأخْبرت أَبَا سعيد فَقلت:
إِنِّي سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الصّرْف، فَقَالَ: أيداً بيدٍ؟ قلت: نعم، قَالَ: فَلَا بَأْس بِهِ. قَالَ: أَو قَالَ ذَلِك؟ إِنَّا سنكتب إِلَيْهِ فَلَا يفتكموه. قَالَ: فوَاللَّه لقد جَاءَ بعض فتيَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتمرٍ فَأنكرهُ، قَالَ: " كَأَن هَذَا لَيْسَ من تمر أَرْضنَا " قَالَ: كَانَ فِي تمر أَرْضنَا - أَو فِي تمرنا - الْعَام بعض الشَّيْء، فَأخذت هَذَا وزدت بعض الزِّيَادَة. فَقَالَ: " أضعفت، أربيت، لَا تقربن هَذَا، إِذا رَابَك من تمرك شَيْء فبعه، ثمَّ اشْتَرِ الَّذِي تُرِيدُ من التَّمْر ".
وَهُوَ فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِ هَذَا الْمَعْنى، عَنهُ وَعَن أبي سعيد من رِوَايَة سعيد ابْن الْمسيب عَنْهُمَا، وَهُوَ مَذْكُور هُنَالك.(2/424)
وَقد أخرجَا من حَدِيث أبي صَالح السمان قَالَ:
سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: " الدِّينَار بالدينار، وَالدِّرْهَم بالدرهم " كَذَا فِي رِوَايَة ابْن جريج عَن عَمْرو، لم يزدْ. وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو: " الدِّينَار بالدينار، وَالدِّرْهَم بالدرهم مثلا بِمثل، من زَاد أَو ازْدَادَ فقد أربى " وَمن الرِّوَايَتَيْنِ بعد هَذَا القَوْل: فَقلت لَهُ: فَإِن ابْن عَبَّاس لَا يَقُوله. فَقَالَ: أَبُو سعيد: سَأَلته فَقلت: سمعته من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو وجدته فِي كتاب الله؟ قَالَ: كل ذَلِك لَا أَقُول، وَأَنْتُم أعلم برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مني، وَلَكِن أَخْبرنِي أُسَامَة بن زيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا رَبًّا إِلَّا فِي النَّسِيئَة ".
أخرجه أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي مُسْند أبي سعيد، وَلَيْسَ لأبي سعيد فِيهِ إِلَّا متن مَوْقُوف عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ من مُسْند أُسَامَة. وَقد أَخْرجَاهُ جَمِيعًا كَمَا ذَكرْنَاهُ أَو بِمَعْنَاهُ، فَكَانَ يلْزمه إِخْرَاجه فِي مُسْند أُسَامَة كَمَا أخرج هُنَاكَ حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي سعيد:
إِذْ لَقِي ابْن عَبَّاس فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْت قَوْلك فِي الصّرْف، أشيئاً سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... الحَدِيث بِنَحْوِ حَدِيث أبي صَالح.
وَقد أخرج مُسلم بن الْحجَّاج قَول أبي سعيد مُسْندًا من حَدِيث سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَب، وَلَا الْوَرق بالورق إِلَّا وزنا بِوَزْن، مثلا بِمثل، سَوَاء بِسَوَاء ".
وَقد انْفَرد مُسلم بِإِخْرَاج هَذَا الْمَعْنى من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي سعيد.
وَلَيْسَ هَذَا الْمَتْن أصلا عِنْد البُخَارِيّ من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي سعيد، بل هُوَ عِنْده وَعند مُسلم من غير حَدِيث أبي صَالح، أَخْرجَاهُ جَمِيعًا من حَدِيث نَافِع مولى ابْن عمر عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَب إِلَّا مثلا بِمثل، وَلَا تشفوا بَعْضهَا على بعض، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرق بالورق إِلَّا مثلا بِمثل،(2/425)
وَلَا تشفوا بَعْضهَا على بعض، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبا بناجزٍ " زَاد فِي رِوَايَة اللَّيْث عَن نَافِع " إِلَّا يدا بيد ".
وَلَيْسَ لنافع عَن أبي سعيد فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث سَالم عَن ابْن عمر
أَن ابْن عمر لَقِي أَبَا سعيد، فَقَالَ: أَبَا سعيد، مَا هَذَا الَّذِي تحدث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ أَبُو سعيد: فِي الصّرْف سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " الذَّهَب بِالذَّهَب مثلا بِمثل، وَالْوَرق بالورق مثلا بِمثل ".
وَأخرجه مُسلم بأكمل من هَذَا من حَدِيث أبي المتَوَكل عَليّ بن دَاوُد النَّاجِي عَن أبي سعيد قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الذَّهَب بِالذَّهَب، وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ، وَالْبر بِالْبرِّ، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ، وَالْملح بالملح، مثلا بِمثل، يدا بيدٍ، فَمن زَاد أَو اسْتَزَادَ فقد أربى، الْآخِذ والمعطي فِيهِ سَوَاء ".
1738 - السَّادِس: عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة فَقومُوا، فَمن تبعها فَلَا يقْعد حَتَّى تُوضَع ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي صَالح السمان عَن أبي سعيد قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا اتبعتم جَنَازَة فَلَا تجلسوا حَتَّى تُوضَع ".(2/426)
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث أبي سعيد المَقْبُري - واسْمه كيسَان - قَالَ:
كُنَّا فِي جنازةٍ، فَأخذ أَبُو هُرَيْرَة بيد مَرْوَان فَجَلَسَ قبل أَن تُوضَع، فجَاء أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ فَأخذ بيد مَرْوَان فَقَالَ: قُم، فوَاللَّه لقد علم هَذَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن ذَلِك. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: صدق.
1739 - السَّابِع: عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي سعيد قَالَ: اعتكفنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعشْر الْأَوْسَط، فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَة عشْرين نقلنا متاعنا، فَأَتَانَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " من كَانَ اعْتكف فَليرْجع إِلَى معكتفه، فَإِنِّي رَأَيْت هَذِه اللَّيْلَة، ورأيتني أَسجد فِي مَاء وطين ". فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُعْتَكفه هَاجَتْ السَّمَاء فمرطنا، فوالذي بَعثه بِالْحَقِّ لقد هَاجَتْ السَّمَاء فِي آخر ذَلِك الْيَوْم، وَكَانَ الْمَسْجِد على عريشٍ، فَلَقَد رَأَيْت على أَنفه وأرنبته أثر المَاء والطين.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة من رِوَايَة مَالك عَن يزِيد بن عبد الله بن الْهَاد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ:
حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين - وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي يخرج من صبيحتها من اعْتِكَافه قَالَ: " من كَانَ اعْتكف معي فليعتكف الْعشْر الْأَوَاخِر ".
وَفِي حَدِيث الدَّرَاورْدِي وَابْن أبي حَازِم عَن يزِيد عَن مُحَمَّد نَحوه أَيْضا، إِلَّا أَنه قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجاور فِي رَمَضَان الْعشْر الَّتِي فِي وسط الشَّهْر، فَإِذا كَانَ حِين يُمْسِي من عشْرين لَيْلَة تمْضِي وَيسْتَقْبل إِحْدَى وَعشْرين رَجَعَ إِلَى مَسْكَنه، وَرجع من كَانَ يجاور مَعَه. وَأَنه أَقَامَ فِي شهر جاور فِيهِ اللَّيْلَة الَّتِي كَانَ يرجع فِيهَا، فَخَطب النَّاس، وَأمرهمْ بِمَا شَاءَ الله، ثمَّ قَالَ: " كنت أجاور هَذِه الْعشْر، ثمَّ قد بدا لي أَن أجاور هَذِه الْعشْر الْأَوَاخِر، فَمن كَانَ اعْتكف معي فليثبت فِي مُعْتَكفه. " ثمَّ(2/427)
ذكره، وَفِيه: فوكف الْمَسْجِد فِي مصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين.
الحَدِيث.
وَفِي رِوَايَة يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة قَالَ:
انْطَلَقت إِلَى أبي سعيد فَقلت: أَلا تخرج بِنَا إِلَى النّخل فنتحدث، فَخرج، فَقلت: حَدثنِي مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لَيْلَة الْقدر. قَالَ: اعْتكف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر الأول من رَمَضَان واعتكفنا مَعَه، فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: إِن الَّذِي تطلب أمامك، فاعتكف الْعشْر الْأَوْسَط واعتكفنا مَعَه، فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: إِن الَّذِي تطلب أمامك، ثمَّ قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطِيبًا صَبِيحَة عشْرين من رَمَضَان فَقَالَ: " من كَانَ اعْتكف مَعَ النَّبِي فَليرْجع، فَإِنِّي رَأَيْت كَأَنِّي أَسجد فِي طين وَمَاء " وَكَانَ سقف الْمَسْجِد جريد النّخل، وَمَا نرى فِي السَّمَاء شَيْئا، فَجَاءَت قزعة فمطرنا، فصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى رَأَيْت أثر الطين وَالْمَاء على جبهة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأرنبته، تَصْدِيق رُؤْيَاهُ.
قَالَ البُخَارِيّ:
كَانَ الْحميدِي يحْتَج بِهَذَا الحَدِيث، يَقُول: لَا تمسح الْجَبْهَة فِي الصَّلَاة، بل تمسح بعد الصَّلَاة، لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رئي المَاء والطين فِي أرنبته وجبهته بَعْدَمَا صلى.
أعَاد البُخَارِيّ طرفا مِنْهُ فِي الصَّلَاة من رِوَايَة يحيى عَن أبي سَلمَة عَن أبي سعيد قَالَ:
رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي المَاء والطين، حَتَّى رَأَيْت أثر الطين فِي جَبهته. لم يزدْ.(2/428)
وَهَذَا عِنْد مُسلم بِأَلْفَاظ فِيهَا زِيَادَة بَيَان من حَدِيث عمَارَة بن غزيَّة عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَنهُ:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْتكف فِي الْعشْر الأول من رَمَضَان، ثمَّ اعْتكف الْعشْر الْأَوْسَط فِي قبَّة تركية على سدتها حصيرٌ، فَأخذ الْحَصِير بِيَدِهِ فنحاها من نَاحيَة الْقبَّة، ثمَّ أطلع رَأسه فَكلم النَّاس، فدنوا مِنْهُ فَقَالَ: " إِنِّي اعتكفت الْعشْر الأول ألتمس هَذِه اللَّيْلَة، ثمَّ إِنِّي اعتكفت الْعشْر الْأَوْسَط، ثمَّ أتيت فَقيل لي: إِنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر، فَمن أحب مِنْكُم أَن يعْتَكف فليعتكف " فاعتكف النَّاس مَعَه، فَقَالَ: " وَإِنِّي أريتها لَيْلَة وترٍ، وَإِنِّي أَسجد فِي صبيحتها فِي طين وَمَاء. " فَأصْبح من لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقد قَامَ إِلَى الصُّبْح، فمطرت السَّمَاء، فوكف الْمَسْجِد، فَأَبْصَرت الطين وَالْمَاء، فَخرج حِين فرغ من صَلَاة الصُّبْح، وجبينه وروثة أَنفه فِيهَا الطين وَالْمَاء، وَإِذا هِيَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين، من الْعشْر الْأَوَاخِر.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ:
اعْتكف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعشْر الْأَوْسَط من رَمَضَان يلْتَمس لَيْلَة الْقدر، قبل أَن تبان لَهُ، فَلَمَّا انقضين أَمر بِالْبِنَاءِ فقوض، ثمَّ أبينت لَهُ أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر، فَأمر بِالْبِنَاءِ فأعيد، ثمَّ خرج على النَّاس فَقَالَ: " يأيها النَّاس، إِنَّهَا كَانَت أبينت لي لَيْلَة الْقدر، وَإِنِّي خرجت لأخبركم بهَا، فجَاء رجلَانِ يحتقان مَعَهُمَا الشَّيْطَان فنسيتها، فالتمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان، التموسها فِي التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة ". قَالَ: قلت: يَا أَبَا سعيد، إِنَّكُم بِالْعدَدِ أعلم منا. قَالَ: أجل، نَحن أَحَق بِذَاكَ مِنْكُم. قَالَ: قلت: مَا التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة؟ قَالَ: إِذا مَضَت(2/429)
وَاحِدَة وَعِشْرُونَ فالتي تَلِيهَا ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ، فهى التَّاسِعَة، وَإِذا مَضَت ثَلَاث وَعِشْرُونَ فالتي تَلِيهَا السَّابِعَة، فَإِذا مَضَت خمس وَعِشْرُونَ فالتي تَلِيهَا الْخَامِسَة.
قَالَ ابْن خَلاد مَكَان يحتقان: يختمصان.
1740 - الثَّامِن عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى نخامةً فِي جِدَار الْمَسْجِد - وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة: فِي قبْلَة الْمَسْجِد - فَتَنَاول حَصَاة فحتها، وَقَالَ: " إِذا تنخم أحدكُم فَلَا يتنخمن قبل وَجهه وَلَا عَن يَمِينه، وليبصق عَن يسَاره أَو تَحت قدمه الْيُسْرَى ".
لَيْسَ فِي حَدِيث ابْن عُيَيْنَة ذكر أبي هُرَيْرَة، وَهُوَ عِنْده عَن أبي سعيد وَحده، وَقَالَ: فحكها بحصاة، ثمَّ نهى أَن يبصق الرجل بَين يَدَيْهِ أَو عَن يَمِينه وَلَكِن عَن يسَاره أَو تَحت قدمه الْيُسْرَى.
1741 - التَّاسِع: عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن أبي سعيد قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لبستين وَعَن بيعَتَيْنِ: نهى عَن الْمُلَامسَة والمنابذة فِي البيع.
وَالْمُلَامَسَة: لمس الرجل ثوب الآخر بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَو بِالنَّهَارِ وَلَا يقلبه. والمنابذة: أَن ينْبذ الرجل بِثَوْبِهِ، وينبذ الآخر بِثَوْبِهِ، وَيكون ذَلِك بيعهمَا عَن غير نظرٍ وَلَا تراضٍ. واللبستين: اشْتِمَال الصماء، والصماء: أَن يَجْعَل ثَوْبه على أحد عَاتِقيهِ، فيبدو أحد شقيه لَيْسَ عَلَيْهِ ثوب. واللبسة الْأُخْرَى احتباؤه بِثَوْبِهِ وَهُوَ جَالس لَيْسَ على فرجه مِنْهُ شيءٌ. هَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ، وَهُوَ أتم.
وَلَيْسَ لعامر بن سعد فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.(2/430)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن أبي سعيد قَالَ:
نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لبستين، وَعَن بيعَتَيْنِ: اشْتِمَال الصماء، والاحتباء فِي ثوب وَاحِد لَيْسَ على فرج الْإِنْسَان مِنْهُ شَيْء.
وَمن حَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن أبي سعيد:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن اشْتِمَال الصماء، وَأَن يحتبي الرجل فِي ثوبٍ لَيْسَ على فرجه مِنْهُ شيءٌ. لم يزدْ.
1742 - الْعَاشِر: عَن أبي أُمَامَة أسعد بن سهل بن حنيف عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بَينا أَنا نَائِم، رَأَيْت النَّاس يعرضون عَليّ وَعَلَيْهِم قمص، مِنْهَا مَا يبلغ الثدي، وَمِنْهَا مَا يبلغ دون ذَلِك، وَعرض عَليّ عمر بن الْخطاب وَعَلِيهِ قميصٌ يجره ". قَالُوا: فَمَا أولت ذَلِك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " الدّين ".
1743 - الْحَادِي عشر: عَن أبي أُمَامَة عَن أبي سعيد: أَن أهل قُرَيْظَة نزلُوا على حكم سعد، فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى سعد - هُوَ ابْن معَاذ - فَأَتَاهُ على حِمَاره، فَلَمَّا دنا قَرِيبا من الْمَسْجِد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " قومُوا إِلَى سيدكم " أَو قَالَ " خَيركُمْ ".
فَقعدَ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " إِن هَؤُلَاءِ نزلُوا على حكمك " قَالَ: فَإِنِّي أحكم أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ، وتسبى ذَرَارِيهمْ. فَقَالَ: " لقد حكمت بِمَا حكم بِهِ الْملك ".
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن الْمثنى عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة نَحوه، وَقَالَ: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
قضيت بِحكم الله ".(2/431)
1744 - الثَّانِي عشر: عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد قَالَ: جَاءَ أعرابيٌّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن الْهِجْرَة، فَقَالَ: " وَيحك، إِن الْهِجْرَة شَأْنهَا شديدٌ، فَهَل لَك من إبل؟ ". قَالَ: نعم. قَالَ: " فتعطي صدقتها؟ " قَالَ: نعم. قَالَ: " فَهَل تمنح مِنْهَا ".
قَالَ: نعم. قَالَ: " فتحلبها يَوْم وردهَا؟ " قَالَ: نعم، قَالَ: فاعمل من وَرَاء الْبحار، فَإِن الله لن يتْرك من عَمَلك شَيْئا ".
1745 - الثَّالِث عشر: عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد: أَن نَاسا من الْأَنْصَار سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَعْطَاهُمْ، ثمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نفد مَا عِنْده، فَقَالَ لَهُم حِين أنْفق كل شيءٍ بِيَدِهِ: " مَا يكن عِنْدِي من خير فَلَنْ أدخره عَنْكُم، وَمن يستعفف يعفه الله، وَمن يسْتَغْن يغنه الله، وَمن يتصبر يصبره الله، وَمَا أعطي أحدٌ عطاءٌ خيرا وأوسع من الصَّبْر ".
1746 - الرَّابِع عشر: عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رجل: أَي النَّاس أفضل يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " مؤمنٌ يُجَاهد بِنَفسِهِ وَمَاله فِي سَبِيل الله ". قَالَ: ثمَّ من؟ قَالَ: " ثمَّ رجلٌ معتزلٌ فِي شعبٍ من الشعاب، يعبد ربه " وَفِي رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: " يَتَّقِي الله ويدع النَّاس من شَره ".
1747 - الْخَامِس عشر: عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا سَمِعْتُمْ النداء فَقولُوا مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن ".
1748 - السَّادِس عشر: عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا صَلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى ترْتَفع الشَّمْس، وَلَا صَلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغيب الشَّمْس ".(2/432)
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ:
" لَا صَلَاة بعد صَلَاة الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس، وَلَا صَلَاة بعد صَلَاة الْفجْر حَتَّى تطلع الشَّمْس ".
وَقد أخرج البُخَارِيّ هَذَا الْفَصْل مَعَ فُصُول أخر من حَدِيث قزعة بن يحيى مولى زِيَاد عَن أبي سعيد، وَأخرج مُسلم بَعْضهَا وَلم يذكر بَاقِيهَا. والْحَدِيث بِكَمَالِهِ الْمُشْتَمل على الْفُصُول الَّتِي هَذَا الْفَصْل مِنْهَا عِنْد البُخَارِيّ فِي غير مَوضِع من كِتَابه، وَهَذَا نَصه:
عَن قزعة قَالَ:
سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يحدث بأربعٍ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأعجبتني وآنقتني قَالَ: " لَا تُسَافِر الْمَرْأَة يَوْمَيْنِ إِلَّا مَعهَا زَوجهَا أَو ذُو محرم. وَلَا صَوْم فِي يَوْمَيْنِ: الْفطر والأضحى. وَلَا صَلَاة بعد صَلَاتَيْنِ: بعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس، وَبعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس. وَلَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: مَسْجِد الْحَرَام، وَمَسْجِد الْأَقْصَى، ومسجدي ".
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن حَرْب عَن شُعْبَة:
أَن قزعة مولى زِيَاد قَالَ: سَمِعت أَبَا سعيدٍ وَقد غزا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنْتَيْ عشرَة غَزْوَة، قَالَ: أَربع سَمِعتهنَّ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو قَالَ: يحدثهن عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأعجبتني وآنقتني، وَذكر نَحوه.
وَالَّذِي أخرج مُسلم مِنْهُ من حَدِيث قزعة عَن أبي سعيد فِي كتاب " الْحَج " قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تشدوا الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: مَسْجِدي هَذَا، وَالْمَسْجِد الْحَرَام، وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى ". قَالَ: وسمعته يَقُول: " لَا تُسَافِر الْمَرْأَة يَوْمَيْنِ من الدَّهْر إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرمٍ مِنْهَا أَو زَوجهَا ".
وَعِنْده من رِوَايَة سهم بن منْجَاب عَن قزعة عَن أبي سعيد
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/433)
قَالَ:
لَا تُسَافِر امرأةٌ ثَلَاثًا إِلَّا مَعَ ذِي محرم ".
وَمن رِوَايَة قَتَادَة عَن قزعة عَن أبي سعيد:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تُسَافِر امرأةٌ فَوق ثلاثٍ إِلَّا مَعَ ذِي محرم ".
وَفِي كتاب " الصّيام " عَن قزعة قَالَ: سَمِعت مِنْهُ - يَعْنِي أَبَا سعيد - حَدِيثا فَأَعْجَبَنِي. قلت لَهُ: آنت سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: فَأَقُول على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لم أسمع؟ قَالَ: سمعته يَقُول: " لَا يصلح الصّيام فِي يَوْمَيْنِ: يَوْم الْأَضْحَى، وَيَوْم الْفطر فِي رَمَضَان ".
هَذَا الَّذِي أخرج مُسلم من الْفُصُول الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث البُخَارِيّ فَقَط، وَقد أهمل أَبُو مَسْعُود بَيَان ذَلِك فِي الْأَطْرَاف، فيوهم ذَلِك أَنَّهُمَا قد أخرجَا جَمِيعه، لِأَنَّهُ ذكره فِيمَا اتفقَا عَلَيْهِ. وَقد أهمل أَبُو مَسْعُود مثل هَذَا الإهمال فِي تَرْجَمَة أُخْرَى متن هَذَا الحَدِيث: فَإِن البُخَارِيّ أخرج من حَدِيث يحيى بن عمَارَة عَن أبي سعيد قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَوْم يَوْمَيْنِ: الْفطر والنحر، وَعَن الصماء، وَأَن يحتبي الرجل فِي ثوب وَاحِد، وَعَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح.
وَأخرج مِنْهُ مُسلم من حَدِيث يحيى بن عمَارَة عَن أبي سعيد:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن صِيَام يَوْمَيْنِ: يَوْم الْفطر، وَيَوْم النَّحْر. لم يزدْ شَيْئا. فقد انْفَرد البُخَارِيّ بالفصول الثَّلَاثَة الْبَاقِيَة من هَذِه التَّرْجَمَة، وَذكر ذَلِك أَبُو مَسْعُود فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ، وَلم يبين هَذَا.
وَقد أخرج البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث قزعة فِي مَوضِع من كِتَابه طرفا من أَوله مُنْقَطِعًا، قَالَ:
سَمِعت أَبَا سعيد أَرْبعا. قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَكَانَ غزا مَعَ(2/434)
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنْتَيْ عشرَة غَزْوَة - لم يزدْ. فأهمل وَلم يبين، وأوقع السَّامع فِي حيرة، لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ هَا هُنَا مُنْقَطِعًا مِمَّا يتم بِهِ.
وَقد أخرجه فِي مَوضِع آخر من كِتَابه فِي " الصَّوْم " وَفِي " الْحَج " فِي التَّرْجَمَة بِعَينهَا، من حَدِيث قزعة قَالَ:
سَمِعت أَبَا سعيد - وَقد غزا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: أربعٌ سَمِعتهنَّ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَو قَالَ: يحدثهن عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأعجبتني وآنقتني: أَن لَا تُسَافِر الْمَرْأَة مسيرَة يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعهَا زَوجهَا أَو ذُو محرمٍ، وَلَا صَوْم يَوْمَيْنِ: الْفطر والأضحى، وَلَا صَلَاة بعد صَلَاتَيْنِ: بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس، وَبعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس، وَلَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: مَسْجِد الْحَرَام، ومسجدي، وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي سعيد
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يحل لامرأةٍ تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تُسَافِر سفرا يكون ثَلَاثَة أَيَّام فَصَاعِدا إِلَّا وَمَعَهَا أَبوهَا أَو ابْنهَا أَو زَوجهَا أَو أَخُوهَا أَو ذُو محرم مِنْهَا ".
1749 - السَّابِع عشر: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إيَّاكُمْ وَالْجُلُوس فِي الطرقات " فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، مَا لنا من مجالسنا بدٌّ، نتحدث فِيهَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَإِذا أَبَيْتُم إِلَّا الْمجْلس فأعطوا الطَّرِيق حَقه " قَالُوا: وَمَا حق الطَّرِيق يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " غض الْبَصَر، وكف الْأَذَى، ورد السَّلَام، وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْي عَن الْمُنكر ".
1750 - الثَّامِن عشر: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " غسل الْجُمُعَة واجبٌ على كل محتلم ". وَفِي رِوَايَة يحيى بن يحيى: " الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة واجبٌ على كل مُسلم ".(2/435)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عَمْرو بن سليم الزرقي عَن أبي سعيد قَالَ: " الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة واجبٌ على كل محتلم، وَأَن يستن، وان يمس طيبا إِن وجد " قَالَ عَمْرو:
أما الْغسْل فَأشْهد انه وَاجِب، وَأما الاستنان وَالطّيب - فَالله أعلم - أواجبٌ هُوَ أم لَا، وَلَكِن هَكَذَا فِي الحَدِيث. كَذَا عِنْد البُخَارِيّ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَمْرو بن سليم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أَبِيه
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " غسل الْجُمُعَة على كل محتلمٍ، وسواكٌ، ويمس من الطّيب مَا قدر عَلَيْهِ " إِلَّا أَن بعض الروَاة لم يذكر عبد الرَّحْمَن، وَقَالَ فِي الطّيب: " وَلَو من طيب الْمَرْأَة ".
1751 - التَّاسِع عشر: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تكون الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة خبْزَة وَاحِدَة، يتكفأها الْجَبَّار بِيَدِهِ كَمَا يَتَكَفَّأ أحدكُم خبزته فِي السّفر، نزلا لأهل الْجنَّة " فَأتى رجل من الْيَهُود فَقَالَ: بَارك الرَّحْمَن عَلَيْك يَا أَبَا الْقَاسِم، أَلا أخْبرك بِنزل أهل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة؟ " قَالَ: " بلَى ". قَالَ: تكون الأَرْض خبْزَة وَاحِدَة. كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَنظر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْنَا ثمَّ ضحك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه، ثمَّ قَالَ: أَلا أخْبرك بِإِدَامِهِمْ؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: إدَامهمْ بَالَام وَنون قَالُوا وَمَا هَذَا؟ قَالَ: ثَوْر وَنون. يَأْكُل من زَائِدَة كبدهما سَبْعُونَ ألفا.
1752 - الْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجَالًا من الْمُنَافِقين على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْغَزْو تخلفوا عَنهُ، وفرحوا بِمَقْعَدِهِمْ خلاف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِذا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعتذروا إِلَيْهِ وحلفوا وأحبوا أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا، فَنزلت: {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} , الْآيَة [سُورَة آل عمرَان] .(2/436)
1753 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لتتبعن سنَن من قبلكُمْ، شبْرًا بشبرٍ، وذراعاً بِذِرَاع، حَتَّى لَو دخلُوا جُحر ضَب لتبعتموهم " قُلْنَا: يَا رَسُول الله، الْيَهُود وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: " فَمن؟ ".
1754 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله، هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نعم، فَهَل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الشَّمْس بالظهيرة ضحواً لَيْسَ مَعهَا سَحَاب؟ وَهل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر ضحواً لَيْسَ فِيهَا سَحَاب؟ " قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله. قَالَ: " مَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة الله تبَارك وَتَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا كَمَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة أَحدهمَا. إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أذن مُؤذن: لتتبع كل أمةٍ مَا كَانَت تعبد، فَلَا يبْقى أحدٌ كَانَ يعبد غير الله من الْأَصْنَام والأنصاب إِلَّا يتساقطون فِي النَّار، حَتَّى إِذا لم يبْق إِلَّا من كَانَ يعبد الله من برٍّ وفاجرٍ وَغير أهل الْكتاب، فيدعى الْيَهُود فَيُقَال لَهُم: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نعْبد عُزَيْر، ابْن الله. فَيُقَال: كَذبْتُمْ، مَا اتخذ الله من صاحبةٍ وَلَا ولدٍ، فَمَاذَا تبغون؟ قَالُوا: عطشنا يَا رب فاسقنا، فيشار إِلَيْهِم: أَلا تردون؟ فيحشرون إِلَى النَّار كَأَنَّهَا سرابٌ يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، فيتساقطون فِي النَّار، ثمَّ يدعى النَّصَارَى، فَيُقَال لَهُم: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نعْبد الْمَسِيح، ابْن الله. فَيُقَال لَهُم: كَذبْتُمْ، مَا اتخذ الله من صاحبةٍ وَلَا ولدٍ، فَمَاذَا تبغون؟ فَيَقُولُونَ: عطشنا يَا رَبنَا فاسقنا. قَالَ: فيشار إِلَيْهِم: أَلا تردون؟ فيحشرون إِلَى جَهَنَّم كَأَنَّهُمْ سرابٌ يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، فيتساقطون فِي النَّار، حَتَّى إِذا لم يبْق إِلَّا من كتاب يعبد الله من برٍّ وفاجرٍ، أَتَاهُم الله فِي أدنى صورةٍ من الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا، قَالَ: فَمَا تنْظرُون؟ تتبع كل أمةٍ مَا كَانَت تعبد. قَالُوا: يَا رَبنَا، فارقنا النَّاس فِي الدُّنْيَا أفقر مَا كُنَّا إِلَيْهِم، وَلم نصاحبهم. فَيَقُول: أَنا ربكُم. فَيَقُولُونَ: نَعُوذ بِاللَّه مِنْك، لَا نشْرك بِاللَّه شَيْئا - مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، حَتَّى إِن بَعضهم ليكاد أَن يَنْقَلِب. فَيَقُول: هَل بَيْنكُم وَبَينه آيةٌ فتعرفونه بهَا؟ فَيَقُولُونَ نعم. فَيكْشف عَن سَاقه، فَلَا(2/437)
يبْقى من كَانَ يسْجد لله من تِلْقَاء نَفسه إِلَّا أذن الله لَهُ بِالسُّجُود، وَلَا يبْقى من كَانَ يسْجد اتقاء ورياءً إِلَّا جعل الله ظَهره طبقَة وَاحِدَة، كلما أَرَادَ أَن يسْجد خر على قَفاهُ، ثمَّ يرفعون رؤوسهم وَقد تحول فِي صورته الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أول مرّة، فَقَالَ: أَنا ربكُم. فَيَقُولُونَ: أَنْت رَبنَا. ثمَّ يضْرب الجسر على جَهَنَّم، وَتحل الشَّفَاعَة، وَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ سلم سلم ". قيل: يَا رَسُول الله، وَمَا الجسر؟ قَالَ: " دحضٌ مزلة، فِيهِ خطاطيف وكلاليب وحسكٌ يكون بنجدٍ، فِيهَا شويكة يُقَال لَهَا سَعْدَان، فيمر الْمُؤْمِنُونَ كطرف الْعين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الْخَيل والركاب، فناجٍ مُسلم، ومخدوش مرسلٌ، ومكدوسٌ فِي نَار جَهَنَّم، حَتَّى إِذا خلص الْمُؤْمِنُونَ من النَّار، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من أحد مِنْكُم بأشد مناشدةً لله فِي استقصاء الْحق من الْمُؤمنِينَ لله يَوْم الْقِيَامَة لإخوانهم الَّذين فِي النَّار " وَفِي رِوَايَة يحيى بن بكير عَن اللَّيْث: " فَمَا أَنْتُم بأشد مناشدةً فِي الْحق، قد تبين لكم من الْمُؤمنِينَ يؤمئذٍ للجبار إِذا رَأَوْا أَنهم قد نَجوا فِي إخْوَانهمْ، يَقُولُونَ: رَبنَا، كَانُوا يَصُومُونَ مَعنا وَيصلونَ ويحجون، فَيُقَال لَهُم: أخرجُوا من عَرَفْتُمْ، فَتحرم صورهم على النَّار، فَيخْرجُونَ خلقا كثيرا قد أخذت النَّار إِلَى نصف سَاقه، وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ، ثمَّ يَقُولُونَ: رَبنَا مَا بَقِي أحدٌ مِمَّن أمرتنا بِهِ. فَيَقُول: ارْجعُوا فَمن وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال دينارٍ من خير فأخرجوه، فَيخْرجُونَ خلقا كثيرا، ثمَّ يَقُولُونَ: رَبنَا لم نذر فِيهَا مِمَّن أمرتنا أحدا. ارْجعُوا، فَمن وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال نصف دِينَار من خيرٍ فأخرجوه، فَيخْرجُونَ خلقا كثيرا، ثمَّ يَقُولُونَ: رَبنَا لم نذر فِيهَا مِمَّن أمرتنا أحدا، ثمَّ يَقُول: ارْجعُوا، فَمن وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال ذرةٍ من خيرٍ فأخرجوه، فَيخْرجُونَ خلقا كثيرا ثمَّ يَقُولُونَ: لم نذر فِيهَا خيرا " وَكَانَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: إِن لم تصدقوني بِهَذَا الحَدِيث فاقرءوا إِن شِئْتُم: {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} [سُورَة النِّسَاء] ، فَيَقُول الله عز وَجل: شفعت الْمَلَائِكَة، وشفع النَّبِيُّونَ، وَلم يبْق إِلَّا أرْحم الرَّاحِمِينَ، فَيقبض قَبْضَة من(2/438)
النَّار، فَيخرج مِنْهَا قوما من النَّار لم يعملوا خيرا قطّ، قد عَادوا حمماً، فيلقيهم فِي نهر فِي أَفْوَاه الْجنَّة يُقَال لَهُ نهر الْحَيَاة، فَيخْرجُونَ كَمَا تخرج الْحبَّة من حميل السَّيْل أَلا ترونها تكون إِلَى الْحجر، أَو إِلَى الشّجر، مَا يكون إِلَى الشَّمْس أصيفر وأخيضر، وَمَا يكون مِنْهَا إِلَى الظل يكون أَبيض " فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، كَأَنَّك كنت ترعى بالبادية. قَالَ: " فَيخْرجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ، فِي رقابهم الخواتيم، يعرفهُمْ أهل الْجنَّة، هَؤُلَاءِ عُتَقَاء الله الَّذين أدخلهم الْجنَّة بِغَيْر عمل عملوه، وَلَا خيرٍ قدموه، ثمَّ يَقُول: ادخُلُوا الْجنَّة، فَمَا رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لكم، فَيَقُولُونَ: رَبنَا أَعطيتنَا مَا لم تعط أحدا من الْعَالمين. فَيَقُول: لكم عِنْدِي أفضل من هَذَا. فَيَقُولُونَ. يَا رَبنَا، وَأي شيءٍ افضل من هَذَا؟ فَيَقُول: رضاي فَلَا أَسخط عَلَيْكُم أبدا ".
وَقد أخرجَا جَمِيعًا فِي هَذَا الْمَعْنى الْمَخْصُوص أَنه يَقُول تَعَالَى أَيْضا لعامة أهل الْجنَّة، من رِوَايَة عَطاء بن يسَار بأسانيد أخر عَن أبي سعيد
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الله عز وَجل يَقُول لأهل الْجنَّة: أهل الْجنَّة. فَيَقُولُونَ: لبيْك رَبنَا وَسَعْديك، وَالْخَيْر فِي يَديك. فَيَقُول: هَل رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لنا لَا نرضى يَا رب وَقد أَعطيتنَا مَا لم تعط أحدا من خلقك؟ فَيَقُول: أَلا أُعْطِيكُم أفضل من ذَلِك؟ فَيَقُولُونَ: يَا رب، وَأي شيءٍ أفضل من ذَلِك؟ أحل عَلَيْكُم رضاي، فَلَا أَسخط عَلَيْكُم بعده أبدا ".
وَفِي حَدِيث زيد بن أسلم عَن عَطاء فِي الحَدِيث الَّذِي بدأنا بِهِ بعد قَوْله:
بِغَيْر عمل عملوه، وَلَا قدم قدموه " فَيُقَال لَهُم: " لكم مَا رَأَيْتُمْ وَمثله مَعَه " قَالَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ: بَلغنِي أَن الجسر أدق من الشعرة، وَأحد من السَّيْف.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا طرفا مِنْهُ من حَدِيث يحيى بن عمَارَة بن أَبى حسن الْمَازِني عَن(2/439)
أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" يدْخل الله أهل الْجنَّة الْجنَّة، وَيدخل أهل النَّار النَّار، ثمَّ يَقُول: " انْظُرُوا، من وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال حبةٍ من خردلٍ من إِيمَان فأخرجوه، فَيخْرجُونَ مِنْهَا حمماً قد امتحشوا، فيلقون فِي نهر الْحَيَاة أَو الحيا، فينبتون فِيهِ كَمَا تنْبت الْحبَّة إِلَى جَانب السَّيْل، ألم تَرَوْهَا كَيفَ تخرج صفراء ملتوية ".
وَفِي رِوَايَة وهيب وخَالِد نَحوه، وَقَالا: فيلقون فِي نهرٍ يُقَال لَهُ الْحَيَاة - وَلم يشكا - لفظ حَدِيث مُسلم.
وَفِي حَدِيث مَالك للْبُخَارِيّ
" فَيخْرجُونَ مِنْهَا قد اسودوا ". وَقَالَ البُخَارِيّ: قَالَ وهيب: حَدثنَا عَمْرو - يَعْنِي ابْن يحيى: الْحَيَاة. وَقَالَ: " خَرْدَل من خير ".
وَأخرج مُسلم طرفا مِنْهُ بِمَعْنَاهُ وَفِيه أَلْفَاظ أخر وزوائد من حَدِيث الْمُنْذر بن مَالك ابْن قِطْعَة الْعَبْدي عَن أبي سعيد قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أما أهل النَّار الَّذين هم أَهلهَا، فَإِنَّهُم لَا يموتون فِيهَا وَلَا يحيون، وَلَكِن ناسٌ أَصَابَتْهُم النَّار بِذُنُوبِهِمْ - أَو قَالَ: بخطاياهم - وأماتتهم إماتةً، حَتَّى إِذا كَانُوا فحماً أذن بالشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثوا على أَنهَار الْجنَّة، ثمَّ قيل: يَا أهل الْجنَّة، أفيضوا عَلَيْهِم، فينبتون نَبَات الْحبَّة فِي حميل السَّيْل " فَقَالَ رجل من الْقَوْم: كَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد كَانَ بالبادية.
وَفِي رِوَايَة يحيى بن بكير عَن اللَّيْث أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قُلْنَا:
يَا رَسُول الله هَل نرى رَبنَا؟ قَالَ: " هَل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الشَّمْس إِذا كَانَ صحوٌ؟ " قُلْنَا: لَا.
قَالَ: " فَإِنَّكُم لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة ربكُم يومئذٍ إِلَّا كَمَا تضَارونَ فِي رؤيتها ". ثمَّ قَالَ: " يُنَادي منادٍ: ليذْهب كل قومٍ إِلَى مَا كَانُوا يعْبدُونَ " فَذكر نَحْو معنى حَدِيث عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد بِطُولِهِ. وَفِيه: قُلْنَا: يَا رَسُول الله، وَمَا الجسر؟ قَالَ:(2/440)
" مدحضةٌ مزلة، عَلَيْهِ خطاطيف وكلاليب وحسكٌ مفلطحة، لَهُ شَوْكَة عقيفاء، تكون بِنَجْد يُقَال لَهَا السعدان " وَفِيه: " فناجٍ مُسلم، وناج مخدوش، ومكدوسٌ فِي نَار جَهَنَّم، حَتَّى يمر آخِرهم يسحب سحباً. . " ثمَّ ذكره إِلَى آخِره كَذَلِك.
1755 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن أهل الْجنَّة ليتراءون أهل الغرف من فَوْقهم كَمَا تتراءون الْكَوْكَب الدُّرِّي الغابر فِي الْأُفق من الْمشرق أَو الْمغرب، لتفاضل مَا بَينهم ". قَالُوا: يَا رَسُول الله، تِلْكَ منَازِل الْأَنْبِيَاء لَا يبلغهَا غَيرهم. قَالَ: " بلَى، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، رجالٌ آمنُوا بِاللَّه، وَصَدقُوا الْمُرْسلين ".
1756 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء عَن يسَار عَن أبي سعيد قَالَ: جلس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر، وَجَلَسْنَا حوله، فَقَالَ: " إِن مِمَّا أَخَاف عَلَيْكُم بعدِي مَا يفتح عَلَيْكُم من زهرَة الدُّنْيَا وَزينتهَا " فَقَالَ رجل: أَو يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: فَسكت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقيل: مَا شَأْنك تكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يكلمك؟ قَالَ: ورأينا أَنه ينزل عَلَيْهِ، فأفاق يمسح عَنهُ الرحضاء. وَقَالَ: " أَيْن هَذَا السَّائِل؟ " وَكَأَنَّهُ حَمده، فَقَالَ: " إِنَّه لَا يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ ". وَفِي رِوَايَة: فَقَالَ: " أَيْن السَّائِل آنِفا؟ أَو خير هُوَ " ثَلَاثًا. " إِن الْخَيْر لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيرِ، وَإِن مِمَّا ينْبت الرّبيع يقتل حَبطًا أَو يلم، إِلَّا آكِلَة الْخضر، فَإِنَّهَا أكلت حَتَّى إِذا امتدت خاصرتاها اسْتقْبلت عين الشَّمْس، فثلطت وبالت، ثمَّ رتعت، وَإِن هَذَا المَال خضرٌ حلوٌ، وَنعم صَاحب الْمُسلم هُوَ لمن أعْطى مِنْهُ الْمِسْكِين واليتيم وَابْن السَّبِيل " أَو كَمَا قَالَ(2/441)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، " وَإنَّهُ من يَأْخُذهُ بِغَيْر حَقه كَالَّذي يَأْكُل وَلَا يشْبع، وَيكون عَلَيْهِ شَهِيدا يَوْم الْقِيَامَة ".
وأوله عِنْد ابْن وهبٍ عَن مَالك:
" أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم مَا يخرج الله لكم من زهرَة الدُّنْيَا " قَالُوا: وَمَا زهرَة الدُّنْيَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " بَرَكَات الأَرْض. . " وَذكره. وَفِي آخِره: " فَمن أَخذه بِحقِّهِ، وَوَضعه فِي حَقه، فَنعم المعونة هُوَ، وَمن أَخذه بِغَيْر حَقه كَانَ كَالَّذي يَأْكُل وَلَا يشْبع ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عِيَاض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ بِنَحْوِهِ.
1757 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن أبي محيريز عبد الله بن محيريز الجُمَحِي قَالَ: دخلت الْمَسْجِد فَرَأَيْت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ، فَجَلَست إِلَيْهِ فَسَأَلته عَن الْعَزْل، فَقَالَ أَبُو سعيد: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة بني المصطلق، فأصبنا سبياً من سبي الْعَرَب، فاشتهينا النِّسَاء، واشتدت علينا الْعزبَة، وأحببنا الْعَزْل، فأردنا أَن نعزل، وَقُلْنَا: نعزل وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أظهرنَا قبل أَن نَسْأَلهُ، فَسَأَلْنَاهُ عَن ذَلِك، فَقَالَ: " مَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا، مَا من نسمَة كائنة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا وَهِي كائنة ".
وَفِي رِوَايَة يُونُس عَن الزُّهْرِيّ نَحوه، وَفِيه أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ:
" لَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا، فَأَنَّهُ لَيست نسمةٌ كتب الله أَن تَجِيء إِلَّا وَهِي كائنة ". وَفِي رِوَايَة عبد الله عَن يُوسُف عَن مَالك: " إِلَّا وَهِي خَارِجَة. وَفِي رِوَايَة وهيب، وَمُحَمّد بن الزبْرِقَان عَن مُوسَى بن عقبَة: " مَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا، فَإِن الله قد كتب من هُوَ خَالق إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
وَلمُسلم من حَدِيث عَليّ بن حجر وَيحيى بن أَيُّوب عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر: " لَا(2/442)
عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا، مَا كتب الله خلق نسمةٍ هِيَ كائنةٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا سَتَكُون ".
وَلَيْسَ لِابْنِ محيريز عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَأخرجه مُسلم بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث مُجَاهِد عَن قزعة عَن أبي سعيد قَالَ:
ذكر الْعَزْل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " وَلم يفعل ذَلِك أحدكُم؟ " وَلم يقل: " فَلَا يفعل ذَلِك أحدكُم " " فَإِنَّهُ لَيست نفسٌ مخلوقة إِلَّا الله خَالِقهَا " وَقد جعله أَبُو مَسْعُود من أَفْرَاد مُسلم.
وَقد أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا فَقَالَ: وَقَالَ مُجَاهِد عَن قزعة قَالَ:
سَأَلت أَبَا سعيد فَقَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَيست نفسٌ مخلوقةٌ إِلَّا الله خَالِقهَا " وَلم يذكر أَبُو مَسْعُود إِخْرَاج البُخَارِيّ لَهُ تَعْلِيقا، وَقد جرت عَادَته بِإِخْرَاج التَّعَالِيق.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث معبد بن سِيرِين عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا ذَلِكُم، فَإِنَّمَا هُوَ الْقدر ".
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عبد الرَّحْمَن بن بشر بن مَسْعُود الْأنْصَارِيّ عَن أبي سعيد قَالَ:
سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَزْل، فَقَالَ: " لَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا ذاكم، فَإِنَّمَا هُوَ الْقدر " قَالَ ابْن سِيرِين: وَقَوله: " لَا عَلَيْكُم " أقرب إِلَى النَّهْي.
وَقَالَ فِي رِوَايَة ابْن عون عَن ابْن سِيرِين عَن عبد الرَّحْمَن أَن أَبَا سعيد قَالَ: ذكر الْعَزْل عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " وَمَا ذاكم؟ " قَالُوا: الرجل تكون لَهُ الْمَرْأَة ترْضع، فَيُصِيب مِنْهَا وَيكرهُ أَن تحمل مِنْهُ، وَالرجل تكون لَهُ الْأمة فَيُصِيب مِنْهَا وَيكرهُ أَن تحمل مِنْهُ. قَالَ: " فَلَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا ذاكم، فَإِنَّمَا هُوَ الْقدر ".
قَالَ ابْن عون: فَحدثت بِهِ الْحسن فَقَالَ: وَالله لكأن هَذَا زجر.
وَلَيْسَ لأبي بشر عبد الرَّحْمَن بن بشر عَن أبي سعيد فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(2/443)
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي الوداك جبر بن نوف عَن أبي سعيد، قَالَ:
سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَزْل، فَقَالَ: " مَا من كل المَاء يكون الْوَلَد، وَإِذا أَرَادَ الله خلق شيءٍ لم يمنعهُ شيءٌ ".
1758 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن يحيى بن عمَارَة بن أبي حسن الْمَازِني عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: جَاءَ رجلٌ من الْيَهُود إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد لطم وَجهه، وَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِن رجلا من الْأَنْصَار من أَصْحَابك لطم فِي وَجْهي. فَقَالَ: " ادعوهُ " فَدَعوهُ. قَالَ: " لم لطمت وَجهه؟ قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي مَرَرْت باليهودي، فَسَمعته يَقُول: وَالَّذِي اصْطفى مُوسَى على الْبشر. فَقلت: وعَلى مُحَمَّد؟ فَأَخَذَتْنِي غضبةٌ فلطمته. فَقَالَ: " لَا تخيروني من بَين الْأَنْبِيَاء، فَإِن النَّاس يصعقون يَوْم الْقِيَامَة فَأَكُون أول من يفِيق، فَإِذا أَنا بمُوسَى آخذٌ بقائمةٍ من قَوَائِم الْعَرْش، فَلَا أَدْرِي أَفَاق قبلي أَو جزي بصعقة الطّور ".
وَفِي حَدِيث وهيب:
فَأَكُون أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض، فَإِذا أَنا بمُوسَى آخذٌ بقائمة من قَوَائِم الْعَرْش ... " وَذكر نَحوه.
1759 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن يحيى بن عمَارَة عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَيْسَ فِيمَا دون خمس أواقٍ صدقةٌ، وَلَا فِيمَا دون خمس ذود صَدَقَة، وَلَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسقٍ صَدَقَة ".
وَفِي حَدِيث وَكِيع عَن سُفْيَان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوساق من تمرٍ وَلَا حب صدقةٌ " لم يزدْ.
وَفِي حَدِيث ابْن مهْدي عَن سُفْيَان
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَيْسَ فِي حبٍّ وَلَا تمرٍ صدقةٌ حَتَّى يبلغ خَمْسَة أوسق، وَلَا فِيمَا دون خمس ذودٍ، وَلَا فِيمَا دون خمس أواقٍ صَدَقَة ".(2/444)
وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ
ومعمرٍ مثل حَدِيث ابْن مهْدي، غير أَنه قَالَ بدل التَّمْر: ثَمَر، هَكَذَا فِي كتاب مُسلم.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة عَن أبي سعيد
أَن رَسُول الله، قَالَ: " لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسقٍ من التَّمْر صدقةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس أواقٍ من الْوَرق صدقةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس ذودٍ من الْإِبِل صَدَقَة ".
ذكره البُخَارِيّ فِي كِتَابه بعد حَدِيث ابْن عمر
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " فِيمَا سقت السَّمَاء أَو الْعُيُون أَو كَانَ عثرياً الْعشْر، وَمَا سقِِي بالنضح نصف الْعشْر " ثمَّ قَالَ البُخَارِيّ: هَذَا تَفْسِير الأول، لِأَنَّهُ لم يُوَقت فِي الأول - يَعْنِي حَدِيث ابْن عمر: " فِيمَا سقت السَّمَاء الْعشْر " وَبَين فِي هَذَا وَوقت. وَالزِّيَادَة مَقْبُولَة، والمفسر يقْضِي على الْمُبْهم إِذا رَوَاهُ أهل الثبت، كَمَا روى الْفضل بن الْعَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصل فِي الْكَعْبَة، وَقَالَ بلالٌ: قد صلى، فَأخذ بقول بلالٍ، وَترك قَول الْفضل. هَذَا آخر كَلَام البُخَارِيّ فِي هَذَا.
1760 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن بسر بن سعيد من رِوَايَة يزِيد بن خصيفَة عَنهُ عَن أبي سعيد قَالَ: كنت فِي مجْلِس من مجَالِس الْأَنْصَار، إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى كَأَنَّهُ مذعور فَقَالَ: اسْتَأْذَنت على عمر ثَلَاثًا فَلم يُؤذن لي، فَرَجَعت، قَالَ: مَا مَنعك؟ قلت: اسْتَأْذَنت ثَلَاثًا فَلم يُؤذن فَرَجَعت، وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا اسْتَأْذن أحدكُم ثَلَاثًا فَلم يُؤذن لَهُ فَليرْجع " فَقَالَ: وَالله لتقيمن عَلَيْهِ بَيِّنَة. أمنكم أحدٌ سَمعه من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ أبي بن كَعْب: فوَاللَّه لَا يقوم مَعَك إِلَّا أَصْغَر الْقَوْم، فَكنت أَصْغَر الْقَوْم، فَقُمْت مَعَه، فَأخْبرت عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَلِك.
أَلْفَاظ الروَاة فِي الْحِكَايَة عَن عمر وَأبي مُوسَى فِي هَذَا الحَدِيث مُخْتَلفَة،(2/445)
والمعاني مُتَقَارِبَة، وَلَفظ الْمَتْن فِيهِ واحدٌ كَمَا قدمنَا، إِلَّا أَن فِي رِوَايَة ابْن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث أَن أَبَا مُوسَى قَالَ:
أنْشدكُمْ بِاللَّه، هَل سمع أحدٌ مِنْكُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " الاسْتِئْذَان ثَلَاث، فَإِن أذن لَك وَإِلَّا فَارْجِع " قَالَ أَبُو سعيد: فَقُمْت حَتَّى أتيت عمر، فَقلت: قد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول هَذَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي عَاصِم عبيد بن عُمَيْر بن قَتَادَة اللَّيْثِيّ:
أَن أَبَا مُوسَى اسْتَأْذن على عمر ثَلَاثًا، فَكَأَنَّهُ وجده مَشْغُولًا، فَرجع، فَقَالَ عمر: ألم أسمع صَوت عبد الله بن قيس؟ ائذنوا لَهُ، فدعي، فَقَالَ: مَا حملك على مَا صنعت؟ قَالَ: إِنَّا كُنَّا نؤمر بِهَذَا. قَالَ: لتقيمن على هَذَا بَيِّنَة، أَو لَأَفْعَلَنَّ. فَخرج، فَانْطَلق إِلَى مجلسٍ من الْأَنْصَار، فَقَالُوا: لَا يشْهد لَك على هَذَا إِلَّا أصغرنا، فَقَامَ أَبُو سعيد فَقَالَ: كُنَّا نؤمر بِهَذَا. فَقَالَ عمر: خَفِي عَليّ هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ألهاني عَنهُ الصفق بالأسواق.
وَلَيْسَ لأبي عَاصِم عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ عَن أبي سعيد فِي الصَّحِيحَيْنِ غَيره.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي نَضرة عَن أبي سعيد: أَن أَبَا مُوسَى أَتَى بَاب عمر، فَاسْتَأْذن، فَقَالَ عمر: وَاحِدَة، ثمَّ اسْتَأْذن الثَّانِيَة، فَقَالَ عمر: ثِنْتَانِ، ثمَّ اسْتَأْذن الثَّالِثَة، فَقَالَ عمر: ثَلَاث، ثمَّ انْصَرف، فَأتبعهُ فَرده، فَقَالَ: إِن كَانَ هَذَا شَيْئا حفظته من رَسُول الله، فها، وَإِلَّا لأجعلنك عظةً. فَقَالَ: أَبُو سعيد: فَأَتَانَا فَقَالَ: ألم تعلمُوا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الاسْتِئْذَان ثَلَاث "؟ قَالَ: فَجعلُوا يَضْحَكُونَ، قَالَ: فَقلت: أَتَاكُم أخوكم الْمُسلم قد أفزع، تضحكون؟ قَالَ: انْطلق، فَأَنا شريكك فِي هَذِه الْعقُوبَة، فَأَتَاهُ فَقَالَ: هَذَا أَبُو سعيد.
1761 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن بسر بن سعيد عَن أبي سعيد قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس وَقَالَ: " إِن الله عز وَجل خير عبدا بَين الدُّنْيَا وَبَين مَا عِنْده،(2/446)
فَاخْتَارَ ذَلِك العَبْد مَا عِنْد الله "، قَالَ: فَبكى أَبُو بكر، فعجبنا لبكائه، أَن يخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عبد خير فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الْمُخَير، وَكَانَ أَبُو بكر أعلمنَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن أَمن النَّاس عَليّ فِي صحبته وَمَاله أَبُو بكر، وَلَو كنت متخذاً غير رَبِّي لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا، وَلَكِن أخوة الْإِسْلَام ومودته، لَا يبْقين فِي الْمَسْجِد بابٌ إِلَّا سد إِلَّا بَاب أبي بكر ".
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث عبيد بن حنين عَن أبي سعيد بِنَحْوِهِ.
1762 - الثَّلَاثُونَ: عَن أبي صَالح السمان - واسْمه ذكْوَان - عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ النِّسَاء للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: غلبنا عَلَيْك الرِّجَال، فَاجْعَلْ لنا يَوْمًا من نَفسك.
فوعدهن يَوْمًا لقيهن فِيهِ، فوعظهن وأمرهن، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ: " مَا مِنْكُن امرأةٌ تقدم ثَلَاثَة من وَلَدهَا إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابا من النَّار " فَقَالَت امْرَأَة: واثنين؟ قَالَ: " واثنين ".
وَفِي رِوَايَة مُسَدّد عَن أبي عوَانَة:
جَاءَت امرأةٌ إِلَى رَسُول الله، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، ذهب الرِّجَال بحديثك، فَاجْعَلْ لنا من نَفسك يَوْمًا نأتي فِيهِ تعلمنا مِمَّا علمك الله، فَقَالَ: " اجْتَمعْنَ فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا، فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا " فاجتمعن، فأتاهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلمهن مِمَّا علمه الله، ثمَّ قَالَ: " مَا مِنْكُن امرأةٌ تقدم بَين يَديهَا ثَلَاثَة إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابا من النَّار " فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ: يَا رَسُول الله: اثْنَيْنِ. فأعادتها مرَّتَيْنِ قَالَ: " واثنين واثنين واثنين ".
قَالَ البُخَارِيّ:
قَالَ شريك عَن ابْن الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ:
حَدثنِي أَبُو صَالح عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ أَبُو هُرَيْرَة " لم يبلغُوا الْحِنْث ".
1763 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي صَالح السمان قَالَ: رَأَيْت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ(2/447)
فِي يَوْم جُمُعَة يُصَلِّي إِلَى شيءٍ يستره من النَّاس، فَأَرَادَ شابٌّ من بني أبي معيط أَن يجتاز بَين يَدَيْهِ. فَدفع بِهِ أَبُو سعيد فِي صَدره، فَنظر الشَّاب، فَلم يجد مساغاً إِلَّا بَين يَدَيْهِ، فَعَاد ليجتاز، فَدفعهُ أَبُو سعيد أَشد من الأولى، فنال من أبي سعيد، ثمَّ دخل على مَرْوَان فَشَكا إِلَيْهِ مَا لَقِي من أبي سعيد، وَدخل أَبُو سعيد خَلفه على مَرْوَان، فَقَالَ: مَا لَك وَلابْن أَخِيك يَا أَبَا سعيد؟ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِذا صلى أحدكُم إِلَى شيءٍ يستره من النَّاس، فَأَرَادَ أحدٌ أَن يجتاز بَين يَدَيْهِ فليدفعه، فَإِن أَبى فليقاتله، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان ".
وَأخرج مُسلم الْمسند مِنْهُ من حَدِيث أبي حَفْص عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي فَلَا يدع أحدا يمر بَين يَدَيْهِ، وليدرأه مَا اسْتَطَاعَ، فَإِن أَبى فليقاتله، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان ".
1764 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرسل إِلَى رجل من الْأَنْصَار، فجَاء وَرَأسه يقطر، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَعَلَّنَا أعجلناك " فَقَالَ: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ: " إِذا أعجلت أَو قحطت فَلَا غسل عَلَيْك، وَعَلَيْك الْوضُوء " وَلَفظ حَدِيث مُسلم أتم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد عَن أَبِيه قَالَ:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ إِلَى قبَاء، حَتَّى إِذا كُنَّا فِي بني سَالم، وقف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بَاب عتْبَان، فَصَرَخَ بِهِ، فَخرج يجر إزَاره، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أعجلنا الرجل " فَقَالَ عتْبَان: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت الرجل يعجل عَن امْرَأَته وَلم يمن، مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّمَا المَاء من المَاء ".
وَمن حَدِيث أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه
قَالَ: " إِنَّمَا المَاء من المَاء ".(2/448)
1765 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " يُؤْتى بِالْمَوْتِ كَهَيئَةِ كبشٍ أَمْلَح، فينادي منادٍ " يَا أهل الْجنَّة، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُول: هَل تعرفُون هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نعم، هَذَا الْمَوْت، وَكلهمْ قد رَآهُ.
ثمَّ يُنَادي: يَا أهل النَّار، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُول: هَل تعرفُون هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نعم، هَذَا الْمَوْت، وَكلهمْ قد رَآهُ، فَيذْبَح، ثمَّ يَقُول: يَا أهل الْجنَّة، خلودٌ فَلَا موت، وَيَا أهل النَّار، خلودٌ فَلَا موت، ثمَّ قَرَأَ: {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قضي الْأَمر وهم فِي غَفلَة} - أهل الدُّنْيَا -[وهم لَا يُؤمنُونَ} [سُورَة مَرْيَم] .
1766 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " يَقُول الله يَوْم الْقِيَامَة: يَا آدم. يَقُول: لبيْك وَسَعْديك " زَاد فِي رِوَايَة جريج عَن الْأَعْمَش: " وَالْخَيْر فِي يَديك. فينادي بِصَوْت: إِن الله يَأْمُرك أَن تخرج من ذريتك بعثاً إِلَى النَّار. قَالَ: يَا رب، وَمَا بعث النَّار؟ أرَاهُ قَالَ: من كل ألفٍ تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين، فحينئذٍ تضع الْحَامِل حملهَا، ويشيب الْوَلِيد، وَترى النَّاس سكارى وَمَا هم بسكارى وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد " فشق ذَلِك على النَّاس حَتَّى تَغَيَّرت وُجُوههم زَاد بعض الروَاة: قَالُوا: يَا رَسُول الله، أَيّنَا ذَلِك الرجل؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من يَأْجُوج وَمَأْجُوج تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ، ومنكم وَاحِد. ثمَّ أَنْتُم فِي النَّاس كالشعرة السَّوْدَاء فِي جنب الثور الْأَبْيَض، أَو كالشعرة الْبَيْضَاء فِي جنب الثور الْأسود " وَفِي رِوَايَة جرير: " أَو كالرقمة فِي ذِرَاع الْحمار، وَإِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا ربع أهل الْجنَّة فكبرنا، قَالَ: " ثلث أهل الْجنَّة " فكبرنا. قَالَ: " شطر أهل الْجنَّة " فكبرنا.
اللَّفْظ للْبُخَارِيّ من حَدِيث حَفْص بن غياث عَن الْأَعْمَش، إِلَّا مَا بيّنت من رِوَايَة جرير عَن الْأَعْمَش.(2/449)
1767 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تسبوا أَصْحَابِي، فَلَو أَن أحدكُم أنْفق مثل أحدٍ ذَهَبا مَا بلغ مد أحدهم وَلَا نصيفه ".
وَفِي حَدِيث جرير عَن الْأَعْمَش:
كَانَ بَين خَالِد بن الْوَلِيد وَبَين عبد الرَّحْمَن بن عَوْف شيءٌ فَسَبهُ خالدٌ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تسبوا أَصْحَابِي، فَإِن أحدكُم لَو أنْفق ملْء أحدٍ ذَهَبا مَا أدْرك مد أحدهم وَلَا نصيفه ".
رَوَاهُ أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه الْمخْرج على الصَّحِيح، من حَدِيث أبي بكر بن عَيَّاش عَن الْأَعْمَش، وَفِيه:
" لَا تسبوا أَصْحَابِي، دعوا أَصْحَابِي، فَإِن أحدكُم لَو أنْفق كل يومٍ مثل أحدٍ ذَهَبا لم يبلغ مد أحدهم ". ثمَّ قَالَ أَبُو بكر البرقاني: " كل يَوْم " حسن مليح.
1768 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن عِيَاض بن عبد الله بن أبي سرح عَن أبي سعيد قَالَ: " كُنَّا نخرج زَكَاة الْفطر صَاعا من طعامٍ، أَو صَاعا من شعير، أَو صَاعا من تمرٍ، أَو صَاعا من أقطٍ، أَو صَاعا من زبيب " زَاد فِي رِوَايَة سُفْيَان عَن زيد ابْن أسلم عَن عِيَاض عَنهُ: فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَة، وَجَاءَت السمراء، قَالَ: أرى مدا من هَذَا يعدل مَدين.
وَفِي رِوَايَة حَفْص بن ميسرَة عَن زيد:
كُنَّا نخرج فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفطر صَاعا من طَعَام. قَالَ أَبُو سعيد: وَكَانَ طعامنا الشّعير وَالزَّبِيب والأقط وَالتَّمْر.(2/450)
قَالَ قبيصَة فِي رِوَايَته عَن سُفْيَان عَن زيد عَن عِيَاض عَن أبي سعيد:
كُنَّا نطعم الصَّدَقَة صَاعا من شعير، لم يزدْ.
وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن عِيَاض عَنهُ:
كُنَّا نخرج زَكَاة الْفطر وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِينَا، عَن كل صَغِير وكبير، حرٍّ ومملوك، من ثَلَاثَة أَصْنَاف، صَاعا من تمرٍ، صَاعا من أقط، صَاعا من شعير. فَلم نزل نخرجهُ حَتَّى كَانَ مُعَاوِيَة، فَرَأى أَن مَدين من برٍّ تعدل صَاعا من تمر. قَالَ أَبُو سعيد: أما أَنا فَلَا أَزَال أخرجه كَذَلِك.
وَفِي رِوَايَة دَاوُد بن قيس عَن عِيَاض عَنهُ قَالَ:
فَأَما أَنا فَلَا أَزَال أخرجه كَمَا كنت أخرجه، مَا عِشْت.
1769 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن عِيَاض بن عبد الله من رِوَايَة زيد بن أسلم عَنهُ عَن أبي سعيد قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخرج يَوْم الْفطر والأضحى إِلَى الْمصلى، وَأول شيءٍ يبْدَأ بِهِ الصَّلَاة، ثمَّ ينْصَرف فَيقوم مُقَابل النَّاس، وَالنَّاس جلوسٌ على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم وَيَأْمُرهُمْ، وَإِن كَانَ يُرِيد أَن يقطع بعثاً، أَو يَأْمر بشيءٍ أَمر بِهِ، ثمَّ ينْصَرف. قَالَ أَبُو سعيد: فَلم يزل النَّاس على ذَلِك، حَتَّى خرجت مَعَ مَرْوَان - وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة - فِي أضحى أَو فطر، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمصلى، إِذا منبرٌ قد بناه كثير بن الصَّلْت، فَإِذا مَرْوَان يُرِيد أَن يرتقيه قبل أَن يُصَلِّي، فجبذت بِثَوْبِهِ، فجبذني وارتفع، فَخَطب قبل الصَّلَاة. فَقلت لَهُ: غيرتم وَالله، فَقَالَ: أَبَا سعيد، ذهب مَا تعلم. فَقلت: مَا أعلم - وَالله - خيرٌ مِمَّا لَا أعلم. فَقَالَ لي: إِن النَّاس لم يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لنا بعد الصَّلَاة، فجعلتها قبل الصَّلَاة.
وَهُوَ عِنْد مُسلم من حَدِيث دَاوُد بن قيس عَن عِيَاض عَن أبي سعيد:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخرج يَوْم الْأَضْحَى وَيَوْم الْفطر، فَيبْدَأ بِالصَّلَاةِ، فَإِذا صلى صلَاته قَامَ فَأقبل على النَّاس وهم جلوسٌ فِي مصلاهم، فَإِن كَانَت لَهُ حَاجَة ببعثٍ ذكره(2/451)
للنَّاس، أَو حَاجَة بِغَيْر ذَلِك أَمرهم بهَا. وَكَانَ يَقُول:
" تصدقوا، تصدقوا، تصدقوا " فَكَانَ أَكثر من يتَصَدَّق النِّسَاء، ثمَّ ينْصَرف، فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى كَانَ مَرْوَان بن الحكم، فَخرجت مخاصراً مَرْوَان حَتَّى أَتَيْنَا الْمصلى، فَإِذا كثير بن الصَّلْت قد بنى منبراً من طينٍ ولبنٍ، وَإِذا مَرْوَان يُنَازعنِي بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يجْرِي نَحْو الْمِنْبَر وَأَنا أجره نَحْو الصَّلَاة. فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك قلت: أَيْن الِابْتِدَاء بِالصَّلَاةِ؟ قَالَ: لَا يَا أَبَا سعيد، قد ترك مَا تعلم. قلت: كلا، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تأتون بِخَير مِمَّا أعلم - ثَلَاث مَرَّات - ثمَّ انْصَرف.
وَأَخْرَجَا طرفا مِنْهُ من رِوَايَة زيد بن أسلم عَن عِيَاض، إِلَّا أَن مُسلما لم يذكر لَفظه، وأدرجه على مَا قبله، وَذكر البُخَارِيّ لَفظه:
أَن أَبَا سعيد قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أضحى أَو فطر إِلَى الْمصلى، فَمر على النِّسَاء فَقَالَ: " يَا معشر النِّسَاء تصدقن، فَإِنِّي أريتكن أَكثر أهل النَّار " فَقُلْنَ: لم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " تكثرن اللَّعْن، وتكفرن العشير، مَا رَأَيْت من ناقصات عقلٍ ودينٍ أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن " قُلْنَ: وَمَا نُقْصَان عقلنا وَدِيننَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " أَلَيْسَ شَهَادَة الْمَرْأَة مثل نصف شَهَادَة الرجل؟ " قُلْنَ: بلَى. قَالَ: " أَلَيْسَ إِذا حَاضَت لم تصل وَلم تصم؟ " قُلْنَ: بلَى. قَالَ: " فَذَلِك من نُقْصَان دينهَا ".
وَقد أعَاد البُخَارِيّ طرفا مِنْهُ، وَهُوَ:
أَلَيْسَ إِذا حَاضَت لم تصل وَلم تصم؟ فَذَلِك من نُقْصَان دينهَا ".
هَذَا هُوَ الَّذِي اتفقَا عَلَيْهِ عَن عِيَاض من الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ، إِلَّا مَا يتَكَرَّر بعض مَعْنَاهُ فِيمَا يَأْتِي الْآن، وكل مَا أخرجه البُخَارِيّ من هَذَا الحَدِيث فِيمَا تقدم، وَفِيمَا يَأْتِي(2/452)
الْآن مِنْهُ فَهُوَ عِنْده كُله بِإِسْنَاد وَاحِد إِلَى زيد بن أسلم عَن عِيَاض، فرقه فِي مَوَاضِع من كِتَابه. وَمن ذَلِك فِي كتاب " الزَّكَاة " أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ:
خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أضحى أَو فطر إِلَى الْمصلى، ثمَّ انْصَرف فوعظ النَّاس، فَأَمرهمْ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ:
أَيهَا النَّاس، تصدقوا " ثمَّ ذكر قَوْله للنِّسَاء بِنَحْوِ مَا تقدم، وَزَاد: قَالَ: فَلَمَّا صَار إِلَى منزله جَاءَت زَيْنَب امْرَأَة ابْن مَسْعُود تستأذن عَلَيْهِ، فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله، هَذِه زَيْنَب. قَالَ: " أَي الزيانب؟ " فَقيل: امْرَأَة ابْن مَسْعُود.
فَقَالَ: " نعم، ائذنوا لَهَا، فَأذن لَهَا، فَقَالَت: يَا نَبِي الله، إِنَّك أمرت الْيَوْم بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِنْدِي حليٌّ لي، فَأَرَدْت أَن أَتصدق بِهِ، فَزعم ابْن مَسْعُود أَنه وَولده أَحَق من تَصَدَّقت بِهِ عَلَيْهِم. فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " صدق ابْن مَسْعُود، زَوجك وولدك أَحَق من تَصَدَّقت بِهِ عَلَيْهِم ".
وَهَذِه الزِّيَادَة فِي أَمر زَيْنَب لَيست عِنْد مُسلم أصلا فِي حَدِيث عِيَاض من الطَّرِيقَيْنِ، وَلَا فِيمَا أدرجه عَلَيْهِ، وَهُوَ مِمَّا انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ، وَلم يبين ذَلِك أَبُو مَسْعُود، وَهُوَ حكم قَائِم بِنَفسِهِ، كاملٌ منفصلٌ مِمَّا قبله.
1770 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبد الله بن خباب عَن أبي سعيد أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر عِنْده عَمه، فَقَالَ: " لَعَلَّه تَنْفَعهُ شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة، فَيجْعَل فِي ضحضاحٍ من النَّار يبلغ كعبيه، يغلي مِنْهُ دماغه ".
وَفِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم وَعبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي:
يغلي مِنْهُ أم دماغه ".
1771 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش الزرقي عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله بعد الله وَجهه عَن النَّار سبعين خَرِيفًا ".(2/453)
1772 - الْأَرْبَعُونَ: عَن النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب الْجواد الْمُضمر السَّرِيع مائَة عامٍ، مَا يقطعهَا ".
أخرجه جَمِيعًا مُتَّصِلا بحديثٍ لسهل بن سعد السَّاعِدِيّ فِي هَذَا الْمَعْنى، هُوَ مَذْكُور هُنَالك.
1773 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي سُفْيَان مولى ابْن أبي أَحْمد عَن أبي سعيد قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمُزَابَنَة والمحاقلة. والمزابنة: اشْتِرَاء التَّمْر فِي رُؤُوس النّخل. زَاد ابْن وهب فِي رِوَايَته: والمحاقلة: كِرَاء الأَرْض.
وَلم يخرجَاهُ إِلَّا من حَدِيث مَالك عَن دَاوُد بن الْحصين عَن أبي سُفْيَان.
وَلَيْسَ لأبي سُفْيَان مولى ابْن أبي أَحْمد عَن أبي سعيد فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
1774 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ من رِوَايَة معبد بن سِيرِين عَنهُ قَالَ: كُنَّا فِي مسيرٍ لنا، فنزلنا منزلا، فَجَاءَت جاريةٌ فَقَالَت: إِن سيد الْحَيّ سليمٌ، وَإِن نفرنا غيبٌ، فَهَل مِنْكُم راقٍ؟ فَقَامَ مَعهَا رجلٌ، مَا كُنَّا نأبنه برقيةٍ، فرقاه فبرأ، فَأمر لَهُ بِثَلَاثِينَ شَاة وَسَقَانَا لَبَنًا، فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ: أَكنت تحسن رقية، أَو كنت ترقي؟ قَالَ: لَا، مَا رقيت إِلَّا بِأم الْكتاب. قُلْنَا: لَا تحدثُوا شَيْئا حَتَّى نأتي - أَو نسْأَل - رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة ذَكرْنَاهُ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فَقَالَ:
" وَمَا كَانَ يدريه أَنَّهَا رقية؟ اقسموا واضربوا لي بِسَهْم ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي المتَوَكل عَليّ بن دَاوُد النَّاجِي عَن أبي سعيد قَالَ:
انْطلق نفرٌ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفرة سافروها، حَتَّى نزلُوا على حيٍّ من(2/454)
أَحيَاء الْعَرَب، فاستضافوهم، فَأَبَوا أَن يضيفوهم، فلدغ سيد ذَلِك الْحَيّ، فسعوا لَهُ بِكُل شيءٍ، لَا يَنْفَعهُ شيءٌ، فَقَالَ بَعضهم: لَو أتيتم هَؤُلَاءِ الرَّهْط الَّذين نزلُوا، لَعَلَّهُم أَن يكون عِنْدهم بعض شيءٍ، فأتوهم، قَالُوا: " يأيها الرَّهْط، إِن سيدنَا لدغ، وسعينا لَهُ بِكُل شيءٍ لَا يَنْفَعهُ، فَهَل عِنْد أحدٍ مِنْكُم من شيءٍ؟ قَالَ بَعضهم: إِنِّي وَالله لأرقي، وَلَكِن وَالله لقد استضفناكم فَلم تضيفونا، فَمَا أَنا براق لكم حَتَّى تجْعَلُوا لنا جعلا. فصالحوهم على قطيع من الْغنم، فَانْطَلق يتفل عَلَيْهِ وَيقْرَأ {الْحَمد لله رب الْعَالمين} [سُورَة الْفَاتِحَة] ، فَكَأَنَّمَا نشط من عقالٍ، فَانْطَلق يمشي وَمَا بِهِ قلبةٌ. قَالَ: فأوفوهم جعلهم الَّذِي صالحوهم عَلَيْهِ. وَقَالَ بَعضهم: اقتسموا. فَقَالَ الَّذِي رقى: لَا تَفعلُوا حَتَّى نأتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَذْكُر لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُر الَّذِي يَأْمُرنَا. فقدموا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذكرُوا لَهُ، فَقَالَ: " وَمَا يدْريك أَنَّهَا رقية؟ " ثمَّ قَالَ: " قد أصبْتُم، اقسموا واضربوا لي مَعكُمْ سَهْما " وَضحك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. هَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ عَن أبي النُّعْمَان وَهُوَ أتم.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة:
فَجعل يقْرَأ بِأم الْقُرْآن، وَيجمع بزاقه ويتفل، فبرأ الرجل.
1775 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي نَهَار عقبَة بن عبد الغافر العوذي عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن رجلا كَانَ قبلكُمْ، رغسه الله مَالا، فَقَالَ لِبَنِيهِ لما حضر: أَي أبٍ كنت لكم؟ قَالُوا: خير أَب، قَالَ: فَإِنِّي لم أعمل خيرا قطّ، فَإِذا مت فأحرقوني، ثمَّ اسحقوني، ثمَّ ذروني فِي يَوْم عاصفٍ. فَفَعَلُوا، فَجَمعه الله فَقَالَ: مَا حملك؟ فَقَالَ: مخافتك. فَتَلقاهُ برحمته ".(2/455)
وَفِي حَدِيث عبد الله بن أبي الْأسود عَن مُعْتَمر نَحوه، وَفِيه:
فَإِنَّهُ لم يبتئر عِنْد الله خيرا، وَإِن يقدر الله عَلَيْهِ يعذبه. فسر قَتَادَة قَوْله: لم يبتئر: لم يدّخر.
قَالَ مُسلم بن الْحجَّاج: وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة: مَا امتأر عِنْد الله خيرا، بِالْمِيم.
1776 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عبد الله بن عتبَة، وَمِنْهُم من يَقُول: عبد الله بن أبي عتبَة، مولى أنس عَن أبي سعيد قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشد حَيَاء من الْعَذْرَاء فِي خدرها، وَإِذا كره شَيْئا عرف فِي وَجهه.
1777 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي الصّديق، بكر بن عَمْرو النَّاجِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كَانَ فِيمَن كَانَ قبلكُمْ رجلٌ قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا، فَسَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض، فَدلَّ على رَاهِب، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّه قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا، فَهَل لَهُ من تَوْبَة؟ فَقَالَ: لَا،. فَقتله، فكمل بِهِ مائَة. ثمَّ سَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض، فَدلَّ على عالمٍ، فَقَالَ: إِنَّه قتل مائَة نفسٍ، فَهَل لَهُ من تَوْبَة؟ فَقَالَ: نعم، وَمن يحول بَينه وَبَين التَّوْبَة؟ انْطلق إِلَى أَرض كَذَا وَكَذَا، فَإِن بهَا أُنَاسًا يعْبدُونَ الله، فاعبد الله مَعَهم، وَلَا ترجع إِلَى أَرْضك، فَإِنَّهَا أَرض سوء.
فَانْطَلق حَتَّى إِذا نصف الطَّرِيق أَتَاهُ الْمَوْت، فاختصمت فِيهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب: فَقَالَت مَلَائِكَة الرَّحْمَة: جَاءَ تَائِبًا مُقبلا بِقَلْبِه إِلَى الله. وَقَالَت مَلَائِكَة الْعَذَاب: إِنَّه لم يعْمل خيرا قطّ. فَأَتَاهُم ملكٌ فِي صُورَة آدَمِيّ، فجعلوه بَينهم، فَقَالَ: " قيسوا مَا بَين الْأَرْضين، فَإلَى أَيَّتهمَا كَانَ أدنى فَهُوَ لَهُ، فقاسوا، فوجدوه أدنى إِلَى الأَرْض الَّتِي أَرَادَ، فقبضته مَلَائِكَة الرَّحْمَة " لفظ حَدِيث هِشَام الدستوَائي، وَهُوَ أتم.(2/456)
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة نَحوه، وَفِيه: " فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق أدْركهُ الْمَوْت، فنَاء بصدره نَحْوهَا. وَفِيه: فَكَانَ إِلَى الْقرْيَة الصَّالِحَة أقرب مِنْهَا بشبر، فَجعل من أَهلهَا ".
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن أبي عدي عَن شُعْبَة نَحوه، وَزَاد: " فَأوحى الله إِلَى هَذِه أَن تباعدي وَإِلَى هَذِه أَن تقربي، وَقَالَ: قيسوا مَا بَينهمَا، فَوجدَ: إِلَى هَذِه أقرب بشبر، فغفر لَهُ ".
1778 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي عَن أبي سعيد قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن أخي اسْتطْلقَ بَطْنه. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اسْقِهِ عسلاً " فَسَقَاهُ، ثمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي سقيته عسلاً وَلم يزده إِلَّا اسْتِطْلَاقًا. فَقَالَ لَهُ ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ جَاءَ الرَّابِعَة فَقَالَ: " اسْقِهِ عسلاً " فَقَالَ: لقد سقيته فَلم يزده إِلَّا اسْتِطْلَاقًا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " صدق الله، وَكذب بطن أَخِيك " فَسَقَاهُ فبرأ.
وَفِي حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة:
أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " إِن أخي عرب. قَالَ: اسْقِهِ عسلاً، ثمَّ ذكر نَحوه وَمَعْنَاهُ.(2/457)
أَفْرَاد البُخَارِيّ
1779 - الأول: عَن أبي سَلمَة عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا اسْتخْلف من خَليفَة " - قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي: زَاد بَعضهم: " مَا بعث الله من نبيٍّ " - إِلَّا لَهُ بطانتان: بطانة تَأمره بِالْخَيرِ وتحضه عَلَيْهِ، وبطانةٌ تَأمره بِالشَّرِّ وتحضه عَلَيْهِ، والمعصوم من عصم الله عز وَجل ".
1780 - الثَّانِي: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أبردوا بِالظّهْرِ؛ فَإِن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم ".
1781 - الثَّالِث: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَجِيء نوحٌ وَأمته فَيَقُول الله تَعَالَى: هَل بلغت؟ فَيَقُول: نعم، أَي وَرب، فَيَقُول لأمته: " هَل بَلغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، مَا جَاءَنَا من نَبِي، فَيَقُول لنوح: من يشْهد لَك؟ فَيَقُول: مُحَمَّد وَأمته. فَيشْهد أَنه قد بلغ وَهُوَ قَوْله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} [سُورَة الْبَقَرَة] .
1782 - الرَّابِع: عَن عبد الله بن خباب عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " صَلَاة الْجَمَاعَة تفضل صَلَاة الْفَذ بخمسٍ وَعشْرين دَرَجَة ".
1783 - الْخَامِس: عَن عبد الله بن خباب عَن أبي سعيد قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله، هَذَا السَّلَام عَلَيْك، فَكيف نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك، كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم، وَبَارك على محمدٍ وَآل محمدٍ، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم ".
1784 - السَّادِس: عَن عبد الله بن خباب عَن أبي سعيد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:(2/458)
" إِذا رأى أحدكُم الرُّؤْيَا يُحِبهَا فَإِنَّهَا من الله، فليحمد الله عَلَيْهَا، وليحدث بهَا، وَإِذا رأى غير ذَلِك مِمَّا يكره فَإِنَّمَا هِيَ من الشَّيْطَان، فليستعذ بِاللَّه من شَرها، وَلَا يذكرهَا لأحدٍ، فَإِنَّهَا لن تضره ".
1785 - السَّابِع: عَن عبد الله بن خباب عَن أبي سعيد أَن سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " الرُّؤْيَا الصَّالِحَة جزءٌ من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة ".
1786 - الثَّامِن: عَن عبد الله خباب عَن أبي سعيد أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من رَآنِي فقد رأى الْحق، فَإِن الشَّيْطَان لَا يتكونني ".
1787 - التَّاسِع: عَن عبد الله بن أبي عتبَة مولى أنس عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " ليحجن الْبَيْت، وليعتمرن بعد خُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج " قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه أبان وَعمْرَان عَن قَتَادَة، وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن شُعْبَة: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يحجّ الْبَيْت ". قَالَ البُخَارِيّ: وَالْأول أَكثر.
1788 - الْعَاشِر: عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يخلص الْمُؤْمِنُونَ من النَّار، فيحبسون على قنطرة بَين الْجنَّة وَالنَّار، فيقتص لبَعْضهِم من بعضٍ، مظالم كَانَت بَينهم فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذا هذبوا ونقوا أذن لَهُم فِي دُخُول الْجنَّة، فوالذي نفس محمدٍ بِيَدِهِ، لأَحَدهم أهْدى بمنزله فِي الْجنَّة بمنزله كَانَ فِي الدُّنْيَا ".
1789 - الْحَادِي عشر: عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة عَن أَبِيه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: أَن رجلا سمع رجلا يقْرَأ: {قل هُوَ الله أحد} ، يُرَدِّدهَا، فَلَمَّا أصبح جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ - وَكَأن الرجل يتقللها - فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لتعدل ثلث الْقُرْآن ".(2/459)
قَالَ البُخَارِيّ:
زَاد إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن مَالك عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي سعيد قَالَ: أَخْبرنِي أخي قَتَادَة بن النُّعْمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. .
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا هَذَا الْمَعْنى من حَدِيث إِبْرَاهِيم، وَالضَّحَّاك المشرقي عَن أبي سعيد قَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه: " أَيعْجزُ أحدكُم أَن يقْرَأ بِثلث الْقُرْآن فِي لَيْلَة؟ " فشق ذَلِك عَلَيْهِم وَقَالُوا: أَيّنَا يُطيق ذَلِك يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ: " الله أحد الله الصَّمد) ، ثلث الْقُرْآن ".
كَذَا وَقع فِي كتاب البُخَارِيّ: إِبْرَاهِيم وَالضَّحَّاك عَن أبي سعيد. وَإِبْرَاهِيم عَن أبي سعيد مرسلٌ، لِأَنَّهُ لم يلقه، وَالضَّحَّاك المشرقي عَنهُ مُسْند. وَهَذَا الْمَعْنى مَذْكُور عِنْد البُخَارِيّ فِي بعض النّسخ.
1790 - الثَّانِي عشر: عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ لَهُ: " إِنِّي أَرَاك تحب الْغنم والبادية، فَإِذا كنت فِي غنمك أَو باديتك، فَأَذنت بِالصَّلَاةِ فارفع صَوْتك بالنداء، فَإِنَّهُ لَا يسمع مدى صَوت الْمُؤَذّن جنٌّ وَلَا إنسٌ وَلَا شيءٌ إِلَّا شهد لَهُ يَوْم الْقِيَامَة ". قَالَ أَبُو سعيد: سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَلم يُخرجهُ فِي هَذِه التَّرْجَمَة إِلَّا من حَدِيث مَالك بن أنس.
1791 - الثَّالِث عشر: عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " يُوشك أَن يكون خير مَال الْمُسلم غنمٌ يتبع بهَا شعف الْجبَال ومواقع الْقطر، يفر بِدِينِهِ من الْفِتَن ".
1792 - الرَّابِع عشر: عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا وضعت الْجِنَازَة واحتملها الرِّجَال على أَعْنَاقهم، فَإِن كَانَت(2/460)
صَالِحَة قَالَت: قدموني، وَإِن كَانَت غير صالحةٍ قَالَت: يَا وَيْلَهَا، أَيْن يذهبون بهَا، يسمع صَوتهَا كل شيءٍ إِلَّا الْإِنْسَان، وَلَو سَمعه صعق ".
1793 - الْخَامِس عشر: عَن فليح عَن سعيد بن الْحَارِث بن الْمُعَلَّى قَالَ: صلى لنا أَبُو سعيد فجهر بِالتَّكْبِيرِ حِين رفع رَأسه من السُّجُود، وَحين سجد، وَحين رفع، وَحين قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. لم يزدْ.
وَأخرجه أَبُو بكر البرقاني بأكمل من هَذَا من حَدِيث فليح عَن سعيد بن الْحَارِث قَالَ: اشْتَكَى أَبُو هُرَيْرَة أَو غَابَ، فصلى لنا أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، فجهر بِالتَّكْبِيرِ حِين افْتتح، وَحين ركع، وَحين قَالَ: سمع الله لمن حَمده، وَحين رفع رَأسه من السُّجُود، وَحين سجد، وَحين رفع، وَحين قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ، حَتَّى قضى صلَاته على ذَلِك. فَقيل لَهُ: إِن النَّاس قد اخْتلفُوا فِي صَلَاتك، فَخرج فَقَامَ على الْمِنْبَر فَقَالَ: وَالله مَا أُبَالِي اخْتلفت صَلَاتكُمْ أَو لم تخْتَلف، هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي.
وَقد أخرجه أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ على ذَلِك. وَهُوَ فِي مُسْند أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل على هَذَا.
1794 - السَّادِس عشر: عَن عِكْرِمَة من رِوَايَة خَالِد الْحذاء عَنهُ: قَالَ لي ابْن عَبَّاس ولابنه عليٍّ: انْطَلقَا إِلَى أبي سعيد فاسمعا من حَدِيثه. فَانْطَلَقْنَا، فَإِذا هُوَ فِي حائطٍ يصلحه، فَأخذ رِدَاءَهُ فاحتبى، ثمَّ أنشأ يحدثنا حَتَّى أَتَى على ذكر بِنَاء الْمَسْجِد فَقَالَ: كُنَّا نحمل لبنةً لبنةً، وعمارٌ لبنتين لبنتين، فَرَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَجعل ينفض التُّرَاب عَنهُ وَيَقُول: " وَيْح عمارٍ، يَدعُوهُم إِلَى الْجنَّة ويدعونه إِلَى النَّار " قَالَ: يَقُول عمار: أعوذ بِاللَّه من الْفِتَن.
وَفِي حَدِيث عبد الْوَهَّاب عَن خَالِد عَن عِكْرِمَة:
أَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَهُ ولعلي بن(2/461)
عبد الله: ائتيا أَبَا سعيدٍ فاسمعا من حَدِيثه. قَالَ: فأتيناه وَهُوَ وَأَخُوهُ فِي حَائِط لَهما، فَلَمَّا رآنا جَاءَنَا، فاحتبى وَجلسَ. وَقَالَ: كُنَّا ننقل لبن الْمَسْجِد لبنةً لبنةً، وَكَانَ عمار ينْقل لبنتين لبنتين فَمر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمسح عَن رَأسه الْغُبَار وَقَالَ: وَيْح عمارٍ، يَدعُوهُم إِلَى الله ويدعونه إِلَى النَّار " أعوذ بِاللَّه من الْفِتَن.
فِي هَذَا الحَدِيث زِيَادَة مَشْهُورَة لم يذكرهَا البُخَارِيّ أصلا فِي طريقي هَذَا الحَدِيث، ولعلها لم تقع إِلَيْهِ فيهمَا، أَو وَقعت فحذفها لغرضٍ قَصده فِي ذَلِك.
وأخرجها أَبُو بكر البرقاني، وَأَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ قبله، وَفِي هَذَا الحَدِيث عِنْدهمَا:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وَيْح عمارٍ، تقتله الفئة الباغية، يَدعُوهُم إِلَى الْجنَّة ويدعونه إِلَى النَّار ".
قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي من كِتَابه: لم يذكر البُخَارِيّ هَذِه الزِّيَادَة، وَهِي فِي حَدِيث عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار، وخَالِد بن عبد الله الوَاسِطِيّ، وَيزِيد بن زُرَيْع، ومحبوب بن الْحسن، وَشعْبَة، كلهم عَن خَالِد الْحذاء. وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن عبد الْوَهَّاب هَكَذَا. وَأما حَدِيث عبد الْوَهَّاب الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ دون هَذِه الزِّيَادَة فَلم يَقع إِلَيْنَا من غير حَدِيث البُخَارِيّ. هَذَا آخر معنى مَا قَالَه أَبُو مَسْعُود.(2/462)
أَفْرَاد مُسلم
1795 - الحَدِيث الأول: عَن جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فرأيته يُصَلِّي على حصيرٍ يسْجد عَلَيْهِ، قَالَ: ورأيته يصلى فِي ثوب واحدٍ متوشحاً بِهِ.
1796 - الثَّانِي: عَن أبي سَلمَة عَن أبي سعيد وَعَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد عَن أبي سعيد: قَالَ: دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيت بعض نِسَائِهِ، فَقلت: يَا رَسُول الله، أَي المسجدين الَّذِي أسس على التَّقْوَى؟ قَالَ: فَأخذ كفا من حَصْبَاء، فَضرب بِهِ الأَرْض ثمَّ قَالَ: " هُوَ مَسْجِدكُمْ هَذَا " الْمَدِينَة.
1797 - الثَّالِث: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد قَالَ: " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر كم صلى: ثَلَاثًا أم أَرْبعا، فليطرح الشَّك وليبن على مَا استيقن، ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم، فَإِن كَانَ صلى جَمِيعًا شفعن لَهُ صلَاته، وَإِن كَانَ صلى إتماماً لأَرْبَع كَانَتَا ترغيماً للشَّيْطَان.
1798 - الرَّابِع: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تكْتبُوا عني، وَمن كتب عني غير الْقُرْآن فليمحه. وَحَدثُوا عَن بني إِسْرَائِيل وَلَا حرج - وَمن كذب عَليّ - قَالَ همام: أَحْسبهُ قَالَ: مُتَعَمدا - فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".
1799 - الْخَامِس: عَن يحيى بن عمَارَة عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لقنوا مَوْتَاكُم: لَا إِلَه إِلَّا الله ".
1800 - السَّادِس: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يبغض(2/463)
الْأَنْصَار رجلٌ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ".
1801 - السَّابِع: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " مثلي وَمثل النَّبِيين كَمثل رجلٍ بنى دَارا وأتمها إِلَّا لبنةً فَجئْت أَنا فأتتمت تِلْكَ اللبنة ".
أدرجه مُسلم على حَدِيث قبله عَن أبي هُرَيْرَة فِي هَذَا الْمَعْنى، وَلم يذكر من حَدِيث أبي سعيد بعد الْإِسْنَاد إِلَّا قَوْله: " مثلي وَمثل النَّبِيين. . " ثمَّ قَالَ: فَذكر نَحوه.
وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة أتم من هَذَا وأزيد لفظا وَمعنى. وَالَّذِي ذكرنَا هُوَ متن حَدِيث أبي سعيد، بَين ذَلِك أَبُو بكر البرقاني وَأَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي. 1802 - الثَّامِن: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " احتجت الْجنَّة وَالنَّار، فَقَالَت النَّار: فِي الجبارون والمتكبرون. وَقَالَت الْجنَّة: فِي ضعفاء النَّاس ومساكينهم. فَقضى بَينهمَا: أَنَّك الْجنَّة رَحْمَتي، أرْحم بك من أَشَاء، وَأَنَّك النَّار عَذَابي، أعذب بك من أَشَاء، ولكليكما عَليّ ملؤُهَا " لم يزدْ.
أدرجه أَيْضا مسلمٌ على حَدِيث قبله لأبي هُرَيْرَة فِي نَحْو مَعْنَاهُ، وَلم يذكر من أَوله إِلَّا قَوْله:
احتجت الْجنَّة وَالنَّار " فَقَط. وَهَذَا الَّذِي أوردنا هُوَ لفظ حَدِيث أبي سعيد على مَا بَينه أَبُو بكر البرقاني وَأَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي.
1803 - التَّاسِع: عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَو عَن أبي سعيد - شكٍّ الْأَعْمَش الرَّاوِي عَن أبي صَالح - قَالَ: لما كَانَ يَوْم غَزْوَة تَبُوك، أصَاب النَّاس مجاعةٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، لَو أَذِنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنا، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " افعلوا ". فجَاء عمر فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن فعلت قل الظّهْر، وَلَكِن ادعهم بِفضل أَزْوَادهم، ثمَّ ادْع الله لَهُم عَلَيْهَا بِالْبركَةِ، لَعَلَّ الله أَن يَجْعَل فِي ذَلِك. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نعم ". قَالَ: فَدَعَا بنطع فبسطه، ثمَّ دَعَا بِفضل(2/464)
أَزْوَادهم، قَالَ: فَجعل الرجل يَجِيء بكف ذرةٍ، قَالَ: وَيَجِيء الآخر بكف تمرٍ، وَيَجِيء الآخر بكسرةٍ، حَتَّى اجْتمع على النطع من ذَلِك شَيْء يسير، قَالَ: فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْبركَةِ، ثمَّ قَالَ: " خُذُوا فِي أوعيتكم " قَالَ: فَأخذُوا فِي أوعيتهم حَتَّى مَا تركُوا فِي الْعَسْكَر وعَاء إِلَّا ملأوه. قَالَ: وأكلوا حَتَّى شَبِعُوا، وفضلت فضلَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَنِّي رَسُول الله، لَا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاكٍّ فيحجب عَن الْجنَّة ".
1804 - الْعَاشِر: عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِن الله يَقُول: إِن الصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ، إِن للصَّائِم فرحتين: إِذا أفطر فَرح، وَإِذا لَقِي الله عز وَجل فجزاه فَرح. وَالَّذِي نفس محمدٍ بِيَدِهِ، لخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك ".
1805 - الْحَادِي عشر: عَن عِيَاض بن عبد الله عَن أبي سعيد قَالَ: أُصِيب رجلٌ فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثمارٍ ابتاعها، فَكثر دينه، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تصدقوا عَلَيْهِ " فَلم يبلغ ذَلِك وَفَاء دينه، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لغرمائه: " خُذُوا مَا وجدْتُم، وَلَيْسَ لكم إِلَّا ذَلِك ".
1806 - الثَّانِي عشر: عَن عبد الله بن خباب أَن أَبَا سعيد حَدثهُ: أَن أسيد بن حضير بَيْنَمَا هُوَ لَيْلَة يقْرَأ فِي مربده، إِذْ جالت فرسه، فَقَرَأَ، ثمَّ جالت أُخْرَى، فَقَرَأَ، ثمَّ جالت أَيْضا. قَالَ أسيدٌ: فَخَشِيت أَن تطَأ يحيى، فَقُمْت إِلَيْهَا، فَإِذا مثل الظلة فَوق رَأْسِي، فِيهَا أَمْثَال السرج، عرجت فِي الجو حَتَّى مَا أَرَاهَا. قَالَ: فَغَدَوْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله، بَيْنَمَا أَنا البارحة من جَوف اللَّيْل اقْرَأ فِي مربدي، إِذْ جالت فرسي. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اقْرَأ ابْن حضير "(2/465)
قَالَ: فَقَرَأت ثمَّ جالت أُخْرَى. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اقْرَأ ابْن حضير " قَالَ: فَقَرَأت ثمَّ جالت أَيْضا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " " اقْرَأ ابْن حضير " قَالَ: فَانْصَرَفت وَكَانَ يحيى قَرِيبا مِنْهَا، خشيت أَن تطأه، فَرَأَيْت مثل الظلة فِيهَا أَمْثَال السرج، عرجت فِي الجو حَتَّى مَا أَرَاهَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تِلْكَ الْمَلَائِكَة كَانَت تستمع لَك، وَلَو قَرَأت لأصبحت يَرَاهَا النَّاس، مَا تستتر مِنْهُم ".
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا تَعْلِيقا فَقَالَ: وَقَالَ اللَّيْث. . فَذكر بِإِسْنَادِهِ إِلَى أسيد بن حضير. قَالَ: وَقَالَ ابْن الْهَاد: حَدثنِي بِهَذَا عبد الله بن خباب عَن أبي سعيد عَن أسيد.
وَأخرج أَبُو مَسْعُود حَدِيث مُسلم فِي أَفْرَاده من هَذَا الْمسند، وَأخرجه أَيْضا فِي مُسْند أسيد، وَهُوَ عِنْدِي أَحَق بِمُسْنَد أسيد بن حضير، وَأَن يكون مُتَّفقا عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْمسند.
1807 - الثَّالِث عشر: عَن عبد الله بن خباب عَن أبي سعيد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على زراعة بصلٍ هُوَ وَأَصْحَابه، فَنزل ناسٌ مِنْهُم فَأَكَلُوا مِنْهُ وَلم يَأْكُل آخَرُونَ، فرحنا إِلَيْهِ، فَدَعَا الَّذين لم يَأْكُلُوا البصل، وَأخر الآخرين حَتَّى ذهب رِيحهَا. هَكَذَا فِي كتاب مُسلم.
وَحَكَاهُ أَبُو مَسْعُود بِلَفْظ آخر فِي هَذِه التَّرْجَمَة فَقَالَ:
غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر، فمررنا بمبقلةٍ، وَكُنَّا نخرج إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيمسح رؤوسنا وَيَدْعُو لنا، فَلَمَّا رحنا إِلَيْهِ وجد ريح البصل، فَقَالَ:
" من أكل من هَذِه الشَّجَرَة فَلَا يقربنا " ثمَّ قَالَ أَبُو مَسْعُود: رَوَاهُ مُسلم فِي كتاب " الصَّلَاة "، وَذكر الْإِسْنَاد بِعَيْنِه، وَمن كتاب " الصَّلَاة " كتبناه على اللَّفْظ الأول الَّذِي ذَكرْنَاهُ.(2/466)
وَأخرج مُسلم من حَدِيث أبي نَضرة الْمُنْذر بن مَالك بن قِطْعَة الْعَبْدي عَن أبي سعيد قَالَ:
لم نعد أَن فتحت خَيْبَر، فوقعنا أَصْحَاب محمدٍ - فِي تِلْكَ البقلة - الثوم - وَالنَّاس جياعٌ فأكلنا مِنْهَا آكلاً شَدِيدا، ثمَّ رحنا إِلَى الْمَسْجِد، فَوجدَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرّيح، فَقَالَ: " من أكل من هَذِه الشَّجَرَة الخبيثة فَلَا يقربنا فِي الْمَسْجِد " فَقَالَ النَّاس: حرمت، حرمت، فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " أَيهَا النَّاس، لَيْسَ بِي تَحْرِيم مَا أحل الله لي، وَلكنهَا شجرةٌ أكره رِيحهَا ".
1808 - الرَّابِع عشر: عَن النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش الزرقي عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن أدنى أهل النَّار عذَابا ينتعل بنعلين من نارٍ، يغلي دماغه من حرارة نَعْلَيْه ".
وَهَذَا الْفَصْل مقرون من فصل آخر بِإِسْنَاد وَاحِد، فرقهما مسلمٌ فِي موضِعين، وَأخرج الآخر مدرجاً لم يذكر مِنْهُ إِلَّا طرفا، ثمَّ قَالَ: وسَاق الحَدِيث نَحْو حَدِيث ذكره قبل، وَهُوَ:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة رجلٌ صرف الله وَجهه عَن النَّار قبل الْجنَّة، وَمثل لَهُ شَجَرَة ذَات ظلّ فَقَالَ: أَي رب، قدمني إِلَى هَذِه الشَّجَرَة لأَكُون فِي ظلها " إِلَى هُنَا ذكر مُسلم مِنْهُ فَقَط.
وَتَمَامه فِي كتاب أبي بكر البرقاني بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَالَ: " فَقَالَ الله عز وَجل: هَل عَسَيْت إِن فعلت أَن تَسْأَلنِي غَيره؟ قَالَ: لَا وَعزَّتك، فَيقدمهُ الله إِلَيْهَا، ويمثل لَهُ شَجَرَة ذَات ظلٍّ وثمرٍ أُخْرَى، فَقَالَ: أَي رب، قدمني إِلَى هَذِه الشَّجَرَة أستظل بظلها وآكل من ثَمَرهَا، فَقَالَ لَهُ: هَل عَسَيْت إِن أَعطيتك ذَلِك أَن تَسْأَلنِي غَيره، قَالَ: لَا وَعزَّتك، فَيقدمهُ الله إِلَيْهَا، فيمثل لَهُ شَجَرَة أُخْرَى ذَات ظلٍّ وثمر وَمَاء، فَيَقُول: أَي رب، قدمني إِلَى هَذِه الشَّجَرَة فَأَكُون فِي ظلها وآكل من ثَمَرهَا وأشرب(2/467)
من مَائِهَا. فَيَقُول: هَل عَسَيْت إِن فعلت ذَلِك أَن تَسْأَلنِي غَيره؟ قَالَ: لَا وَعزَّتك لَا أَسأَلك غَيره. فَيقدمهُ الله إِلَيْهَا، فَتبرز لَهُ الْجنَّة، فَيَقُول: أَي رب، قدمني إِلَى بَاب الْجنَّة فَأَكُون نجاف الْجنَّة ". وَفِي رِوَايَة ابْن حَنْبَل " فَأَكُون تَحت نجاف الْجنَّة أنظر إِلَى أَهلهَا، فَيقدمهُ الله إِلَيْهَا، فَيرى أهل الْجنَّة وَمَا فِيهَا فَيَقُول: أَي رب، أدخلني الْجنَّة، فيدخله الْجنَّة، فَإِذا أَدخل الْجنَّة قَالَ: هَذَا لي؟ فَيَقُول الله لَهُ: تمن. قَالَ: فيتمنى - ويذكره الله: سل كَذَا وَكَذَا، فَإِذا انْقَطَعت لَهُ الْأَمَانِي قَالَ الله: هُوَ لَك وَعشرَة أَمْثَاله. قَالَ: ثمَّ يدْخل بَيته، فَيدْخل عَلَيْهِ زوجتاه من الْحور الْعين، فَيَقُولَانِ: الْحَمد لله الَّذِي أحياك لنا، وَأَحْيَانا لَك، فَيَقُول: مَا أعطي أحدٌ مثل مَا أَعْطَيْت ".
هَذَا آخر هَذَا الْفَصْل، ويتصل بِهِ هَا هُنَا فِي الرِّوَايَة عِنْد أبي بكر البرقاني الْفَصْل الْأَخير فِي أدنى أهل النَّار عذَابا بِنَحْوِ مَا قدمنَا.
1809 - الْخَامِس عشر: عَن قزعة بن يحيى عَن أبي سعيد قَالَ: لقد كَانَت صَلَاة الظّهْر تُقَام، فَيذْهب الذَّاهِب إِلَى البقيع فَيَقْضِي حَاجته، ثمَّ يتَوَضَّأ، ثمَّ يَأْتِي وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الرَّكْعَة الأولى، مِمَّا يطولها. هَذَا لفظ حَدِيث مُسلم فِي كِتَابه.
1810 - السَّادِس عشر: عَن قزعة عَن أبي سعيد قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع قَالَ: " اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد ملْء السَّمَوَات وَالْأَرْض، وملء مَا شِئْت من شيءٍ بعد، أهل الثَّنَاء وَالْمجد، أَحَق مَا قَالَ العَبْد، وكلنَا لَك عبد.
اللَّهُمَّ لَا مَانع لما أَعْطَيْت، وَلَا معطي لما منعت، وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد ".(2/468)
1811 - السَّابِع عشر: عَن قزعة قَالَ: أتيت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ وَهُوَ مكثورٌ عَلَيْهِ، فَلَمَّا تفرق النَّاس عَنهُ قلت: إِنِّي لَا أَسأَلك عَمَّا يَسْأَلك هَؤُلَاءِ عَنهُ، فَسَأَلته عَن الصَّوْم فِي السّفر فَقَالَ: سافرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَكَّة وَنحن صِيَام، قَالَ: فنزلنا منزلا، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّكُم قد دنوتم من عَدوكُمْ، وَالْفطر أقوى لكم " فَكَانَت رخصَة، فمنا من صَامَ، وَمنا من أفطر. ثمَّ نزلنَا منزلا آخر فَقَالَ: " إِنَّكُم مصبحو عَدوكُمْ، وَالْفطر أقوى لكم فأفطروا " وَكَانَت عَزمَة، فأفطرنا، ثمَّ لقد رَأَيْتنَا نَصُوم مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك فِي السّفر.
وَأخرج مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ:
غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسِتَّة عشرَة مَضَت من رَمَضَان، فمنا من صَامَ وَمنا من أفطر، فَلم يعب الصَّائِم على الْمُفطر وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم.
1812 - الثَّامِن عشر: عَن أبي الصّديق النَّاجِي عَن أبي سعيد قَالَ: كُنَّا نحزر قيام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الظّهْر وَالْعصر، فحزرنا قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الظّهْر قدر {الم} [سُورَة السَّجْدَة] ، وحزرنا قِيَامه فِي الْأُخْرَيَيْنِ قدر النّصْف من ذَلِك، وحزرنا قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الْعَصْر على قدر قِيَامه فِي الْأُخْرَيَيْنِ من الظّهْر وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ من الْعَصْر على النّصْف من ذَلِك.
وَفِي رِوَايَة أبي بكر بن أبي شيبَة:
قدر ثَلَاثِينَ آيَة، بدل قَوْله: {الم تَنْزِيل} وَكَذَا فِي رِوَايَة شَيبَان بن فروخ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي صَلَاة الظّهْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين، فِي كل رَكْعَة قدر ثَلَاثِينَ آيَة، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قدر قِرَاءَة خمس عشرَة آيَة، أَو قَالَ: نصف ذَلِك. وَفِي الْعَصْر: فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين فِي كل رَكْعَة قدر قِرَاءَة خمس عشرَة آيَة، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قدر نصف ذَلِك.(2/469)
1813 - التَّاسِع عشر: عَن أبي المتَوَكل عَليّ بن دَاوُد النَّاجِي عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِذا أَتَى أحدكُم أَهله ثمَّ اراد أَن يعود فَليَتَوَضَّأ " قَالَ أَبُو بكر بن أبي شيبَة فِي رِوَايَته: " فَليَتَوَضَّأ بَينهمَا وضُوءًا " هَكَذَا فِي كتاب مُسلم زَاد أَبُو مَسْعُود: وَقَالَ مَرْوَان، يَعْنِي ابْن مُعَاوِيَة: " فَليَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة ".
1814 - الْعشْرُونَ: عَن أبي المتَوَكل عَن أبي سعيد قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الشّرْب من الحنتمة والدباء والنقير.
وَقد أخرج مُسلم من حَدِيث أبي نَضرة عَن أبي سعيد:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْجَرّ أَن ينْبذ فِيهِ.
وَعَن أبي نَضرة عَنهُ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الدُّبَّاء والحنتم والنقير والمزفت.
وَبَعض الروَاة قَالَ: نهى أَن ينتبذ.
1815 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " من شرب النَّبِيذ مِنْكُم فليشربه زبيباً فَردا أَو تَمرا فَردا ".
وَفِي حَدِيث روح بن عبَادَة: نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نخلط بسراً بِتَمْر، أَو زبيباً بِتَمْر، أَو زبيباً ببسرٍ، وَقَالَ: من شربه مِنْكُم فليشربه زبيباً فَردا. . الحَدِيث.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث أبي نَضرة عَن أبي سعيد:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن التَّمْر وَالزَّبِيب أَن يخلط بَينهمَا، وَعَن التَّمْر والبسر أَن يخلط بَينهمَا، وَعَن التَّمْر والبسر أَن يخلط بَينهمَا. يَعْنِي فِي الانتباذ.
1816 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن أبي حَفْص عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا تثاءب أحدكُم فليمسك بِيَدِهِ على فَمه،(2/470)
فَإِن الشَّيْطَان يدْخل ".
وَفِي حَدِيث سُفْيَان عَن سُهَيْل عَن ابْن أبي سعيد عَن أَبِيه قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا تثاءب أحدكُم فليكظم مَا اسْتَطَاعَ؛ فَإِن الشَّيْطَان يدْخل ".
وَفِي الْإِسْنَاد بَين الروَاة اخْتِلَاف.
1817 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد عَن أَبِيه أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِنِّي حرمت مَا بَين لابتي الْمَدِينَة كَمَا حرم إِبْرَاهِيم مَكَّة ".
قَالَ: ثمَّ كَانَ أَبُو سعيد يَأْخُذ - أَو قَالَ: يجد - أَحَدنَا فِي يَده الطير، فيفكه من يَده ثمَّ يُرْسِلهُ.
1818 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي سعيد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا ينظر الرجل إِلَى عَورَة الرجل، وَلَا الْمَرْأَة إِلَى عَورَة الْمَرْأَة، وَلَا يُفْضِي الرجل إِلَى الرجل فِي ثوب وَاحِد، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَة إِلَى الْمَرْأَة فِي الثَّوْب الْوَاحِد ".
وَفِي حَدِيث ابْن أبي فديك مَكَان " عَورَة ": " عرية ".
1819 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: أول من بَدَأَ بِالْخطْبَةِ يَوْم الْعِيد قبل الصَّلَاة مَرْوَان. فَقَامَ إِلَيْهِ رجلٌ فَقَالَ: الصَّلَاة قبل الْخطْبَة. قَالَ: قد ترك مَا هُنَالك. فَقَالَ أَبُو سعيد: أما هَذَا فقد قضى مَا عَلَيْهِ، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من رأى مِنْكُم مُنْكرا فليغيره بِيَدِهِ، فَإِن لم يسْتَطع فبلسانه، فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه، وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان ".(2/471)
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن رَجَاء بن ربيعَة عَن أَبِيه عَن أبي سعيد بِمثلِهِ.
وَلَيْسَ لطارق بن شهَاب، وَلَا لِابْنِ رَجَاء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
1820 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن عبد الرَّحْمَن بن سعيد مولى آل أبي سُفْيَان عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِن من أشر النَّاس عِنْد الله منزلَة يَوْم الْقِيَامَة الرجل يُفْضِي إِلَى الْمَرْأَة وتفضي إِلَيْهِ، ثمَّ ينشر سرها ".
وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة:
" إِن من أعظم الْأَمَانَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الرجل يُفْضِي إِلَى امْرَأَته وتفضي إِلَيْهِ، ثمَّ ينشر سرها ".
1821 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن أبي السَّائِب مولى هِشَام بن زهرَة - وَقيل فِي اسْمه: السَّائِب، وَأَبُو السَّائِب أصح: أَنه دخل على أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي بَيته، قَالَ: فَوَجَدته يُصَلِّي، فَجَلَست أنتظره حَتَّى يقْضِي صلَاته، فَسمِعت تحريكاً فِي عراجين فِي نَاحيَة الْبَيْت، فَالْتَفت، فَإِذا حيةٌ، فَوَثَبت لأقتلها، فَأَشَارَ إِلَيّ: أَن أَجْلِس فَجَلَست، فَلَمَّا انْصَرف أَشَارَ إِلَى بَيت فِي الدَّار فَقَالَ: أَتَرَى هَذَا الْبَيْت؟ فَقلت: نعم. فَقَالَ: كَانَ فِيهِ فَتى منا حَدِيث عهد بعرس، قَالَ: فخرجنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الخَنْدَق، فَكَانَ ذَلِك الْفَتى يسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأنصاف النَّهَار، فَيرجع إِلَى أَهله، فَاسْتَأْذن يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " خُذ عَلَيْك سِلَاحك، فَإِنِّي أخْشَى عَلَيْك قُرَيْظَة " فَأخذ الرجل سلاحه ثمَّ رَجَعَ، فَإِذا امْرَأَته بَين النَّاس قَائِمَة، فَأَهوى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ ليطعنها بِهِ - وأصابته غيرةٌ، فَقَالَت لَهُ: اكفف عَلَيْك رمحك وادخل الْبَيْت حَتَّى تنظر مَا الَّذِي أخرجني، فَدخل، فَإِذا بحيةٍ عظيمةٍ(2/472)
منطويةٍ على الْفراش، فَأَهوى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ، فانتظمها بِهِ، ثمَّ خرج فركزه فِي الدَّار، فاضطربت عَلَيْهِ، فَمَا يدْرِي أَيهمَا كَانَ أسْرع موتا: الْحَيَّة أم الْفَتى. قَالَ: فَجِئْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَكرنَا ذَلِك لَهُ، وَقُلْنَا: ادْع الله يحييه لنا. فَقَالَ: " اسْتَغْفرُوا لصاحبكم ". ثمَّ قَالَ: " إِن بِالْمَدِينَةِ جناً قد أَسْلمُوا، فَإِذا رَأَيْتُمْ مِنْهُم شَيْئا فآذنوه ثَلَاثَة أَيَّام، فَإِن بدا لكم بعد ذَلِك فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان ".
وَفِي حَدِيث أَسمَاء بن عبيد عَن السَّائِب نَحوه. وَقَالَ فِيهِ:
إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن لهَذِهِ الْبيُوت عوامر، فَإِذا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئا فحرجوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا، فَإِن ذهبت وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّهُ كَافِر ". وَقَالَ لَهُم: " اذْهَبُوا فادفنوا صَاحبكُم ".
1822 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن يحنس بن أبي مُوسَى مولى مُصعب بن الزبير عَن أبي سعيد قَالَ: " بَينا نَحن نسير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعرج، إِذْ عرض شاعرٌ ينشد، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " خُذُوا الشَّيْطَان " أَو " أَمْسكُوا الشَّيْطَان، لَئِن يمتلئ جَوف أحدكُم قَيْحا خيرٌ لَهُ من أَن يمتلئ شعرًا ".
1823 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي قَالَ: حَدثنِي من لَقِي الْوَفْد الَّذين قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عبد الْقَيْس، وَذكر قَتَادَة أَبَا نَضرة عَن أبي سعيد فِي حَدِيثه هَذَا: أَن أُنَاسًا من عبد الْقَيْس قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: يَا نَبِي الله، إِنَّا حيٌّ من ربيعَة، وبيننا وَبَيْنك كفار مُضر، وَلَا نقدر عَلَيْك إِلَّا فِي أشهر الْحرم، فمرنا بأمرٍ نأمر بِهِ من وَرَاءَنَا، وندخل بِهِ الْجنَّة إِذا نَحن أَخذنَا بِهِ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " آمركُم بِأَرْبَع وأنهاكم عَن أَربع: اعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا، وَأقِيمُوا الصَّلَاة، وَآتوا الزَّكَاة، وصوموا رَمَضَان، وأعطوا الْخمس من الْغَنَائِم. وأنهاكم عَن أَربع: عَن الدُّبَّاء والحنتم والمزفت والنقير ".
قَالُوا: يَا نَبِي الله، مَا علمك بالنقير؟ قَالَ: " بلَى، جذع تنقرونه، فتقذفون فِيهِ من القطيعاء. أَو قَالَ من التَّمْر، ثمَّ تصبون فِيهِ من المَاء، حَتَّى إِذا سكن غليانه(2/473)
شربتموه، حَتَّى إِن أحدكُم - أَو إِن أحدهم - ليضْرب ابْن عَمه بِالسَّيْفِ ". قَالَ: وَفِي الْقَوْم رجل أَصَابَته جراحةٌ كَذَلِك، قَالَ: وَكنت أخبأها حَيَاء من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: فيمَ نشرب يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " فِي أسقية الْأدم الَّتِي يلاث على أفواهها " قَالُوا: يَا نَبِي الله، أَن أَرْضنَا كَثِيرَة الجرذان، لَا تبقى بهَا أسقية الْأدم.
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَإِن أكلتها الجرذان، وَإِن أكلتها الجرذان، وَأَن أكلتها الجرذان ".
قَالَ: وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن فِيك خَصْلَتَيْنِ يحبهما الله: الْحلم والأناة ".
وَفِي حَدِيث ابْن أبي عدي نَحوه، وَقَالَ فِيهِ: " وتذيفون فِيهِ من القطيعاء وَالتَّمْر ".
وَفِي حَدِيث أبي قزعة عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد أَن وَفد عبد الْقَيْس قَالُوا:
يَا نَبِي الله، جعلنَا الله فداءك، مَاذَا يصلح لنا من الْأَشْرِبَة؟ قَالَ: " لَا تشْربُوا فِي النقير " فَقَالُوا: يَا نَبِي الله - جعلنَا الله فداءك - أَو تَدْرِي مَا النقير؟ قَالَ: " نعم، الْجذع ينقر وَسطه. وَلَا فِي الدُّبَّاء، وَلَا فِي الحنتمة، وَعَلَيْكُم بالموكى ".
1824 - الثَّلَاثُونَ: عَن أبي نَضرة الْمُنْذر بن مَالك بن قِطْعَة الْعَبْدي عَن أبي سعيد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى فِي أَصْحَابه تأخراً - وَفِي رِوَايَة الْجريرِي: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قوما فِي مُؤخر الْمَسْجِد، فَقَالَ لَهُم: " تقدمُوا فأئتموا بِي، وليأتم بكم من بعدكم، وَلَا يزَال قومٌ يتأخرون حَتَّى يؤخرهم الله ".
1825 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا كَانُوا ثَلَاثَة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بِالْإِمَامَةِ أقرؤهم ".(2/474)
1826 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أوتروا قبل أَن تصبحوا " وَفِي حَدِيث شَيبَان " أوتروا قبل الصُّبْح ".
1827 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول لله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن نصرخ بِالْحَجِّ صراخاً، فَلَمَّا كَانَ يَوْم التَّرويَة ورحنا إِلَى منى أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ.
وَفِي رِوَايَة وهيب بن خَالِد عَن دَاوُد بن أبي هِنْد عَن أبي نَضرة عَن جَابر وَأبي سعيد قَالَا:
قدمنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن نصرخ بِالْحَجِّ صراخاً.
1828 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " يأيها النَّاس، إِن الله يعرض بِالْخمرِ، وَلَعَلَّ الله سينزل فِيهَا أمرا، فَمن كَانَ عِنْده مِنْهَا شيءٌ فليبعه ولينتفع بِهِ ". قَالَ: فَمَا لبثنا إِلَّا يَسِيرا حَتَّى قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله حرم الْخمر، فَمن أَدْرَكته هَذِه الْآيَة وَعِنْده مِنْهَا شيءٌ فَلَا يشرب وَلَا يبع " قَالَ: فَاسْتقْبل النَّاس بِمَا كَانَ عِنْدهم مِنْهَا طرق الْمَدِينَة فسفكوها.
1829 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد: أَن رجلا من أسلم يُقَال لَهُ مَاعِز بن مَالك أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي أصبت فَاحِشَة فأقمه عَليّ، فَرده النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَارًا، قَالَ: ثمَّ سَأَلَ قومه فَقَالُوا: مَا نعلم بِهِ بَأْسا، إِلَّا أَنه أصَاب شَيْئا يرى أَنه لَا يُخرجهُ مِنْهُ إِلَّا أَن يُقَام فِيهِ الْحَد. قَالَ: فَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمرنَا أَن نرجمه. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى بَقِيع الْغَرْقَد، قَالَ: فَمَا أوثقناه وَلَا حفرنا لَهُ، فرميناه بالعظام والمدر والخزف. قَالَ: فَاشْتَدَّ واشتددنا خَلفه حَتَّى أَتَى عرض الْحرَّة، فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الْحرَّة - يَعْنِي الْحِجَارَة - حَتَّى سكت. قَالَ: ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطِيبًا فِي الْعشي، قَالَ: " أَو كلما انطلقنا غزَاة فِي سَبِيل الله تخلف رجلٌ فِي عيالنا، لَهُ نبيبٌ كنبيب التيس، على أَن لَا أُوتى برجلٍ فعل(2/475)
ذَلِك إِلَّا نكلت بِهِ ". قَالَ: فَمَا اسْتغْفر لَهُ وَلَا سبه.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ: فاعترف بِالزِّنَا ثَلَاث مَرَّات.
1830 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: بَينا نَحن فِي سفرٍ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذْ جَاءَ رجلٌ على رَاحِلَة لَهُ، قَالَ: فَجعل يصرف بَصَره يَمِينا وَشمَالًا، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من كَانَ مَعَه فضل ظهرٍ فليعد بِهِ على من لَا ظهر لَهُ، وَمن كَانَ لَهُ فضل زادٍ فليعد بِهِ على من لَا زَاد لَهُ " قَالَ: فَذكر من أَصْنَاف المَال مَا ذكر، حَتَّى رَأينَا أَنه لَا حق لأحدٍ منا فِي فضل.
1831 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لكل غادرٍ لواءٌ عِنْد استه يَوْم الْقِيَامَة ".
وَفِي رِوَايَة المستمر بن الريان عَن أبي نَضرة:
" لكل غادرٍ لواءٌ يَوْم الْقِيَامَة يرفع لَهُ بِقدر غدره، أَلا وَلَا غادر أعظم غدراً من أَمِير عامةٍ ".
1832 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِذا بُويِعَ لخليفتين فَاقْتُلُوا الْأَخير مِنْهُمَا ".
1833 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد: أَن أَعْرَابِيًا أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " إِنِّي فِي غائطٍ مضبةٍ، وَإنَّهُ عَامَّة طَعَام أَهلِي. قَالَ: فَلم يجبهُ.
فَقُلْنَا: عاوده، فعاوده فَلم يجبهُ، ثَلَاثًا، ثمَّ ناداه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الثَّالِثَة فَقَالَ: " يَا أَعْرَابِي، إِن الله لعن أَو غضب على سبط من بني إِسْرَائِيل، فمسخهم دَوَاب يدبون فِي الأَرْض، فَلَا أَدْرِي لَعَلَّ هَذَا مِنْهَا، فلست آكلها، وَلَا أنهى عَنْهَا.(2/476)
وَفِي رِوَايَة دَاوُد بن أبي هِنْد عَن أبي نَضرة قَالَ أَبُو سعيد:
فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك قَالَ عمر: إِن الله عز وَجل لينفع بِهِ غير واحدٍ، وَإِنَّمَا عافه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1834 - الْأَرْبَعُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أهل الْمَدِينَة، لَا تَأْكُلُوا لحم الْأَضَاحِي فَوق ثَلَاث " فشكوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَهُم عيالاً وحشماً وخدماً، فَقَالَ: " كلوا، وأطعموا، واحبسوا - أَو ادخروا " شكّ الرَّاوِي.
1835 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، اشتكيت؟ قَالَ: " نعم " قَالَ: باسم الله أرقيك من كل شَيْء يُؤْذِيك، من شَرّ كل نفسٍ أَو عين حَاسِد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك.
1836 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الدُّنْيَا حلوةٌ خضرةٌ، وَإِن الله مستخلفكم فِيهَا فَينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الله، وَاتَّقوا النِّسَاء، فَإِن أول فتْنَة بني إِسْرَائِيل كَانَت فِي النِّسَاء ".
1837 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كَانَت امرأةٌ من بني إِسْرَائِيل قصيرةٌ تمشي بَين امْرَأتَيْنِ طويلتين، فاتخذت رجلَيْنِ من خشب وخاتماً من ذهب مطبق، ثمَّ حشته مسكاً، والمسك أطيب الطّيب.
1738 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد وَجَابِر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يكون خليفةٌ من خلفائم فِي آخر الزَّمَان، يحثو المَال حثوا وَلَا يعده ".
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة: " يُعْطي النَّاس بِغَيْر عدٍّ ".(2/477)
1839 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: صَحِبت ابْن صياد إِلَى مَكَّة، فَقَالَ لي: مَا قد لقِيت من النَّاس، يَزْعمُونَ أَنِّي الدَّجَّال، أَلَسْت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِنَّه لَا يُولد لَهُ "؟ قلت: بلَى. قَالَ: فقد ولد لي.
أوليس سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا يدْخل الْمَدِينَة وَلَا مَكَّة "؟ قلت: بلَى.
قَالَ: فقد ولدت بِالْمَدِينَةِ، وَهَذَا أَنا أُرِيد مَكَّة. قَالَ: ثمَّ قَالَ لي فِي آخر قَوْله: أما وَالله، إِنِّي لأعْلم مولده ومكانه، وَأَيْنَ هُوَ. قَالَ: فلبسني.
وَفِي حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي نَضرة عَنهُ قَالَ:
قَالَ لي ابْن صائدٍ وأخذتني مِنْهُ ذمَامَة: هَذَا عذرت النَّاس، مَالِي وَلكم يَا أَصْحَاب مُحَمَّد، ألم يقل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّه يَهُودِيّ " وَقد أسلمت. وَقَالَ: " وَلَا يُولد لَهُ " وَقد ولد لي. وَقَالَ: " إِن الله حرم عَلَيْهِ مَكَّة ". وَقد حججْت. قَالَ: فَمَا زَالَ حَتَّى كَاد أَن يَأْخُذ فِي قَوْله.
قَالَ: ثمَّ قَالَ: أما وَالله، إِنِّي لأعْلم الْآن حَيْثُ هُوَ، وَأعرف أَبَاهُ وَأمه. قَالَ: وَقيل لَهُ: أَيَسُرُّك أَنَّك ذَاك الرجل؟ قَالَ: فَقَالَ: لَو عرض عَليّ مَا كرهت.
1840 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِابْنِ صائد: " مَا تربة الْجنَّة؟ " قَالَ: درمكةٌ بَيْضَاء، مسكٌ، يَا أَبَا الْقَاسِم. قَالَ " صدقت ".
وَفِي حَدِيث الْجريرِي أَن ابْن صياد سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تربة الْجنَّة فَقَالَ: " درمكةٌ، بَيْضَاء، مسكٌ خالصٌ ".
1841 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: لقِيه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر - يَعْنِي ابْن صياد - فِي بعض طرق الْمَدِينَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ " فَقَالَ هُوَ: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَقَالَ رَسُول الله(2/478)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " آمَنت بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه. مَا ترى؟ " قَالَ: أرى عرشاً على المَاء. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ترى عرش إِبْلِيس على الْبَحْر. وَمَا ترى؟ " قَالَ: أرى صَادِقين وكاذباً، أَو كاذبين وصادقاً. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لبس عَلَيْهِ، دَعوه ".
وَقَالَ فِيهِ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي نَضرة عَن جَابر، وَهُوَ مَذْكُور فِي مُسْنده.
1842 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي سعيد مولى الْمهرِي: أَنه أَصَابَهُم بِالْمَدِينَةِ جهدٌ وشدةٌ، وَأَنه أَتَى أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي كثير الْعِيَال، وَقد أصابتنا شدةٌ، فَأَرَدْت أَن أنقل عيالي إِلَى بعض الرِّيف. فَقَالَ أَبُو سعيد: لَا تفعل، الزم الْمَدِينَة، فَإنَّا خرجنَا مَعَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَظن أَنه قَالَ: حَتَّى قدمنَا عسفان - فَأَقَمْنَا بهَا ليَالِي، فَقَالَ النَّاس: وَالله مَا نَحن هَا هُنَا فِي شَيْء، وَإِن عيالنا لخلوف، مَا نَأْمَن عَلَيْهِم، فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " مَا هَذَا الَّذِي يبلغنِي من حديثكم، لقد هَمَمْت - أَو إِن شِئْتُم، لَا أَدْرِي أَيَّتهمَا قَالَ - لآمرن بناقتي ترحل، ثمَّ لَا أحل لَهَا عقدَة حَتَّى أقدم الْمَدِينَة ". وَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة فَجَعلهَا حَرَامًا، وَإِنِّي حرمت الْمَدِينَة حَرَامًا مَا بَين مأزميها، أَن لَا يهراق فِيهَا دمٌ، وَلَا يحمل فِيهَا سلاحٌ لقتالٍ، وَلَا يخبط فِيهَا شجرةٌ إِلَّا لعلفٍ. اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي مدينتنا، اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي صاعنا، اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي مدنا، اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي صاعنا، اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي مدينتنا، اللَّهُمَّ اجْعَل مَعَ الْبركَة بركتين. وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من الْمَدِينَة شعبٌ وَلَا نقبٌ إِلَّا عَلَيْهِ ملكان يحرسانها حَتَّى تقدمُوا إِلَيْهَا " ثمَّ قَالَ للنَّاس: " ارتحلوا " فارتحلنا، فأقبلنا إِلَى الْمَدِينَة. فوالذي نحلف بِهِ أَو يحلف بِهِ، مَا وَضعنَا رحالنا حِين دَخَلنَا الْمَدِينَة حَتَّى أغار علينا بَنو عبد الله بن غطفان، وَمَا يهيجهم قبل ذَلِك شَيْء.(2/479)
وَفِي حَدِيث يحيى بن أبي كثير
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي مدنا وصاعنا، وَاجعَل مَعَ الْبركَة بركتين ".
وَفِي حَدِيث اللَّيْث بن سعد عَن سعيد بن أبي سعيد عَن أبي سعيد مولى الْمهرِي:
أَنه جَاءَ إِلَى أبي سعيد الْخُدْرِيّ ليَالِي الْحرَّة، فَاسْتَشَارَهُ فِي الْجلاء عَن الْمَدِينَة وشكا إِلَيْهِ أسعارها وَكَثْرَة عِيَاله، وَأخْبرهُ أَن لَا صَبر لَهُ على جهد الْمَدِينَة ولأوائها، فَقَالَ لَهُ: وَيحك، لَا آمُرك بذلك، إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا يصبر أحدٌ على لأوائها فَيَمُوت إِلَّا كنت لَهُ شَفِيعًا يَوْم الْقِيَامَة، إِذا كَانَ مُسلما ".
1843 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي سعيد مولى الْمهرِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث بعثاً إِلَى بني لحيان من هذيلٍ، فَقَالَ: " لينبعث من كل رجلَيْنِ أَحدهمَا، وَالْأَجْر بَينهمَا " وَفِي حَدِيث يزِيد بن أبي حبيب: " ليخرج من كل رجلَيْنِ رجلٌ " ثمَّ قَالَ للقاعد: " أَيّكُم خلف الْخَارِج فِي أَهله وَمَاله بِخَير كَانَ لَهُ مثل نصف أجر الْخَارِج ".
1844 - الْخَمْسُونَ: عَن أبي عَلْقَمَة الْهَاشِمِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين بعث جَيْشًا إِلَى أَوْطَاس، فلقي عدوا فقاتلوهم، فظهروا عَلَيْهِم، وَأَصَابُوا لَهُم سَبَايَا، فَكَأَن نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أَزوَاجهنَّ من الْمُشْركين، فَأنْزل الله عز وَجل فِي ذَلِك: {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} [سُورَة النِّسَاء] أَي فهن لَهُم حلالٌ إِذا انْقَضتْ عدتهن.
وَفِي حَدِيث عبد الْأَعْلَى عَن سعيد بِمَعْنَاهُ، غير أَنه قَالَ:
إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم مِنْهُنَّ فحلالٌ لكم. إِذا انْقَضتْ عدتهن.(2/480)
أخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث صَالح أبي الْخَلِيل عَن أبي سعيد مُخْتَصرا قَالَ:
أَصَابُوا سبياً يَوْم أَوْطَاس لَهُنَّ أَزوَاج، فتحرجوا فأنزلت هَذِه الْآيَة {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} .
1845 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي واسْمه عبد الله بن يزِيد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يَا أَبَا سعيد، من رَضِي بِاللَّه رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دينا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَجَبت لَهُ الْجنَّة " فَعجب لَهَا أَبُو سعيد فَقَالَ: أعدهَا عَليّ، فَفعل، ثمَّ قَالَ: " وَأُخْرَى يرفع بهَا العَبْد مائَة دَرَجَة فِي الْجنَّة، مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض " قَالَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " الْجِهَاد فِي سَبِيل الله، الْجِهَاد فِي سَبِيل الله، الْجِهَاد فِي سَبِيل الله ".
وَلَيْسَ لأبي عبد الرَّحْمَن الحبلي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
1846 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن أبي عِيسَى الأسواري عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زجر عَن الشّرْب قَائِما. وَفِي حَدِيث همام: نهى عَن الشّرْب قَائِما.
وَلَيْسَ لأبي عِيسَى الأسواري عَن أبي سعيد فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَلأبي مُسلم الْأَغَر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَحَادِيث هِيَ مُسْند أبي هُرَيْرَة لاشْتِرَاكهمَا فِيهَا.
آخر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من مُسْند أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ وَعَن جَمِيع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وأئمة الْمُسلمين.(2/481)
(79) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي حَمْزَة، أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ [رَضِي الله عَنهُ]
1847 - الحَدِيث الأول: عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من سره أَن يبسط عَلَيْهِ رزقه، أَو ينسأ فِي أَثَره، فَليصل رَحمَه ".
1848 - الثَّانِي: عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " اللَّهُمَّ اجْعَل بِالْمَدِينَةِ ضعْفي مَا جعلت بِمَكَّة من الْبركَة ".
وَأَخْرَجَا من حَدِيث إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَعْنِي الْمَدِينَة: " وَبَارك لَهُم فِي صاعهم، وَبَارك لَهُم فِي مدهم ".
وَعِنْدَهُمَا فِي طرق من حَدِيث عَمْرو بن أبي عَمْرو - مولى الْمطلب - عَن أنس، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه، من الْبركَة فِي الْمَدّ والصاع.
1849 - الثَّالِث: عَن ابْن شهَاب عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا قدم الْعشَاء فابدءوا بِهِ قبل أَن تصلوا صَلَاة الْمغرب، وَلَا تعجلوا عَن عشائكم ".
1850 - الرَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تباغضوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تدابروا، وَكُونُوا - عباد الله - إخْوَانًا " زَاد ابْن عُيَيْنَة وَغَيره: " وَلَا تقاطعوا ".(2/482)
وَفِي حَدِيث مَالك وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ:
" وَلَا يحل لمسلمٍ أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث "
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تباغضوا، وَلَا تقاطعوا، وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا ".
1851 - الْخَامِس: عَن ابْن شهَاب عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل مَكَّة عَام الْفَتْح وعَلى رَأسه مغفر، فَلَمَّا نَزعه جَاءَهُ رجلٌ فَقَالَ: ابْن خطل مُتَعَلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة، فَقَالَ: " اقْتُلُوهُ ".
1852 - السَّادِس: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس قَالَ: قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَأَنا ابْن عشر وَمَات وَأَنا ابْن عشْرين، وَكن أمهاتي يحثثني على خدمته، فَدخل علينا دَارنَا، فحلبنا لَهُ من شاةٍ داجنٍ، وشيب لَهُ من بئرٍ فِي الدَّار، فَشرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لَهُ عمر - وَأَبُو بكر عَن شِمَاله: يَا رَسُول الله، أعْط أَبَا بكر، فَأعْطَاهُ أَعْرَابِيًا عَن يَمِينه، وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْأَيْمن فالأيمن " كَذَا فِي حَدِيث سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ.
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس:
أَنه رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شرب لَبَنًا وأتى دَاره فحلبت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَاة، فشبت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْبِئْر، فَتَنَاول الْقدح، فَشرب وَعَن يسَاره أَبُو بكر وَعَن يَمِينه أَعْرَابِي، فَأعْطى الْأَعرَابِي فَضله ثمَّ قَالَ: " الْأَيْمن فالأيمن ".(2/483)
وَفِي حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ نَحْو هَذَا.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ مُخْتَصر:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بِلَبن، فشيب بماءٍ، وَعَن يَمِينه أَعْرَابِي، وَعَن يسَاره أَبُو بكر، فَشرب ثمَّ أعْطى الْأَعرَابِي وَقَالَ " الْأَيْمن فالأيمن ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي طواله عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن معمر بن حزم الْأنْصَارِيّ عَن أنس قَالَ:
أَتَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي دَارنَا هَذِه، فحلبنا لَهُ شَاة لنا، ثمَّ شبت من مَاء بئرنا هَذِه، فأعطيته وَأَبُو بكر عَن يسَاره وَعمر تجاهه، وأعرابيٌّ عَن يَمِينه، فَلَمَّا فرغ قَالَ عمر: هَذَا أَبُو بكر، فَأعْطى الْأَعرَابِي وَقَالَ: " الأيمنون الأيمنون " قَالَ أنس: فَهِيَ سنة، فَهِيَ سنة، فَهِيَ سنة.
1853 - السَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس: أَنه كَانَ ابْن عشر سِنِين مقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: وَكَانَ أمهاتي يواظبنني على خدمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فخدمته عشر سِنِين، وَتُوفِّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا ابْن عشْرين سنة، وَكنت أعلم النَّاس بشأن الْحجاب حِين أنزل، وَكَانَ أول مَا أنزل فِي مبتنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِزَيْنَب بنت جحش: أصبح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهَا عروساً، فَدَعَا الْقَوْم، فَأَصَابُوا من الطَّعَام ثمَّ خَرجُوا، وَبَقِي رهطٌ مِنْهُم عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَطَالُوا الْمكْث، فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَخرج وَخرجت مَعَه لكَي يخرجُوا، فَمشى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومشيت، حَتَّى جَاءَ عتبَة حجرَة عَائِشَة، ثمَّ ظن أَنهم خَرجُوا، فَرجع وَرجعت مَعَه، حَتَّى إِذا دخل على زَيْنَب فَإِذا هم جُلُوس لم يقومُوا، فَرجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرجعت مَعَه حَتَّى إِذا بلغ عتبَة حجرَة عَائِشَة وَظن أَنهم(2/484)
خَرجُوا، فَرجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرجعت مَعَه، فَإِذا هم قد خَرجُوا، فَضرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيني وَبَينه بالستر، وَأنزل الْحجاب. كَذَا فِي رِوَايَة عقيل عَن الزُّهْرِيّ.
وَفِي رِوَايَة يُونُس بن يزِيد وَصَالح بن كيسَان نَحوه، وَعِنْدَهُمَا عَن أنس أَنه قَالَ: أَنا أعلم النَّاس بالحجاب، كَانَ أبي بن كَعْب يسألني عَنهُ. وَفِي حَدِيث صَالح: قَالَ أنس: وَكَانَ تزَوجهَا بِالْمَدِينَةِ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي مجلز لَاحق بن حميد عَن أنس قَالَ:
لما تزوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب بنت جحش، دَعَا الْقَوْم فطعموا، ثمَّ جَلَسُوا يتحدثون. قَالَ: فَأخذ كَأَنَّهُ يتهيأ للْقِيَام فَلم يقومُوا، فَلَمَّا رأى ذَلِك قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ من قَامَ وَقعد ثَلَاثَة نفرٍ، ثمَّ إِنَّهُم قَامُوا، فَأخْبرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ ذكر فِي رُجُوعه، وإرخاء السّتْر ونزول الْآيَة نَحْو مَا تقدم.
وَأَخْرَجَاهُ مُخْتَصرا فِي " الْوَلِيمَة " من حَدِيث حَمَّاد بن ثَابت عَن أنس قَالَ:
مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولم على امْرَأَة من نِسَائِهِ مَا أولم على زَيْنَب، فَإِنَّهُ ذبح شَاة.
وَأخرجه مُسلم كَذَلِك من حَدِيث شُعْبَة عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
مَا أولم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على امْرَأَة من نِسَائِهِ أَكثر أَو أفضل مِمَّا أولم على زَيْنَب.
فَقَالَ ثَابت الْبنانِيّ؟ بِمَ أولم؟ قَالَ: أطْعمهُم خبْزًا وَلَحْمًا حَتَّى تَرَكُوهُ.
وَأَخْرَجَاهُ بأطول من هَذَا من حَدِيث الْجَعْد أبي عُثْمَان عَن أنس، أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا، وَمُسلم بِالْإِسْنَادِ:(2/485)
وَأول متن حَدِيث البُخَارِيّ:
مر بِنَا أنسٌ فِي مَسْجِد بني رِفَاعَة، فَسَمعته يَقُول: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مر بجنبات أم سليم دخل فَسلم عَلَيْهَا، ثمَّ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عروساً بِزَيْنَب، فَقَالَت لي أم سليم: لَو أهدينا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَدِيَّة. فَقلت لَهَا: افعلي. فعمدت إِلَى تمرٍ وَسمن وأقط، فاتخذت حَيْسًا فِي برمة، فَأرْسلت بهَا معي إِلَيْهِ، فَانْطَلَقت بهَا إِلَيْهِ فَقَالَ لي: " ضعها " ثمَّ أَمرنِي فَقَالَ: " ادْع لي رجَالًا - سماهم - وادع لي من لقِيت ". فَفعلت الَّذِي أَمرنِي. فَرَجَعت فَإِذا الْبَيْت غاص بأَهْله، وَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضع يَده على تِلْكَ الحيسة، وَتكلم بِمَا شَاءَ الله، ثمَّ جعل يَدْعُو عشرَة عشرَة يَأْكُلُون مِنْهُ، وَيَقُول لَهُم " اذْكروا اسْم الله، وليأكل كل رجل مِمَّا يَلِيهِ " حَتَّى تصدعوا كلهم عَنْهَا، فَخرج من خرج، وَبَقِي نفرٌ يتحدثون.
ثمَّ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحْو الحجرات، وَخرجت فِي أَثَره، فَقلت: إِنَّهُم قد ذَهَبُوا، فَرجع فَدخل الْبَيْت، وأرخى السّتْر، وَإِنِّي لفي الْحُجْرَة، وَهُوَ يَقُول: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} إِلَى قَوْله: {وَالله لَا يستحيي من الْحق} [الْأَحْزَاب] وَقَالَ أَبُو عُثْمَان: قَالَ أنس: إِنَّه خدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر سِنِين.
وَفِي حَدِيث مُسلم زِيَادَة، وَهَذَا أَوله، قَالَ: تزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل بأَهْله، قَالَ: فصنعت أُمِّي أم سليم حيسةً، فَجَعَلته فِي تورٍ فَقَالَت: يَا أنس، اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقل: بعثت بِهَذَا إِلَيْك أُمِّي، وَهِي تقرئك السَّلَام، وَتقول: إِن هَذَا لَك منا قَلِيل يَا رَسُول الله. قَالَ: فَذَهَبت بِهِ إِلَى رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: إِن أُمِّي تقرئك السَّلَام وَتقول: إِن هَذَا لَك منا قَلِيل. فَقَالَ: " ضَعْهُ " ثمَّ قَالَ: " اذْهَبْ فَادع لي فلَانا وَفُلَانًا وَفُلَانًا وَمن لقِيت ". قَالَ: فدعوت لَهُ من سمى وَمن لقِيت. قَالَ: قلت لأنس: عدد كم كَانُوا؟ قَالَ: زهاء ثَلَاثمِائَة. وَقَالَ(2/486)
لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أنس، هَات التور " قَالَ: فَدَخَلُوا حَتَّى امْتَلَأت الصّفة والحجرة. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ليتحلق عشرَة عشرَة. وليأكل كل إِنْسَان مِمَّا يَلِيهِ " فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا. قَالَ: فَخرجت طَائِفَة، وَدخلت طَائِفَة حَتَّى أكلُوا كلهم.
قَالَ لي: " يَا أنس، ارْفَعْ ". قَالَ: فَرفعت، فَمَا أَدْرِي حِين وضعت كَانَ أَكثر أم حِين رفعت. قَالَ: وَجلسَ طوائف مِنْهُم يتحدثون فِي بَيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جالسٌ وَزَوجته موليةٌ وَجههَا إِلَى الْحَائِط، فثقلوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسلم على نِسَائِهِ ثمَّ رَجَعَ، فَلَمَّا رَأَوْا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد رَجَعَ ظنُّوا أَنهم قد ثقلوا، قَالَ: فابتدروا الْبَاب، فَخَرجُوا كلهم، وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أرْخى السّتْر، وَدخل وَأَنا جالسٌ فِي الْحُجْرَة، فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى خرج عَليّ، وأنزلت هَذِه الْآيَة، فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقرأهن على النَّاس {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم} [الْأَحْزَاب] إِلَى آخر الْآيَة. قَالَ الْجَعْد: قَالَ أنس: أَنا أحدث النَّاس عهدا بِهَذِهِ الْآيَات، وحجبن نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي قلَابَة عَن أنس مُخْتَصرا قَالَ:
أَنا أعلم النَّاس بِهَذِهِ الْآيَة - آيَة الْحجاب: لما أهديت زَيْنَب إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت مَعَه فِي الْبَيْت، صنع طَعَاما ودعا الْقَوْم. فقعدوا يتحدثون، وَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج ثمَّ رَجَعَ وهم قعودٌ يتحدثون، فَأنْزل الله عز وَجل: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم} [الْأَحْزَاب] إِلَى قَوْله: {من وَرَاء حجاب} ، فَضرب الْحجاب، وَقَامَ الْقَوْم.
وَمن حَدِيث عبد الْوَارِث عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
بنى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِزَيْنَب فأولم بِخبْز ولحمٍ، فَأرْسلت على الطَّعَام دَاعيا، فَيَجِيء قومٌ فَيَأْكُلُونَ وَيخرجُونَ، ثمَّ يَجِيء قومٌ فَيَأْكُلُونَ وَيخرجُونَ، فدعوت حَتَّى مَا أجد أحدا أَدْعُو،(2/487)
فَقلت: يَا نَبِي الله، مَا أجد أحدا أَدْعُو. قَالَ: " ارْفَعُوا طَعَامكُمْ ". وَبَقِي ثَلَاثَة رَهْط يتحدثون فِي الْبَيْت، فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلق إِلَى حجرَة عَائِشَة فَقَالَ: " السَّلَام عَلَيْكُم أهل الْبَيْت وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته " فَقَالَت: وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله، كَيفَ وجدت أهلك بَارك الله لَك. فتقرى حجر نِسَائِهِ كُلهنَّ يَقُول لَهُنَّ كَمَا يَقُول لعَائِشَة، وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالَت عَائِشَة. ثمَّ رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِذا رهطٌ ثَلَاثَة فِي الْبَيْت يتحدثون، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَدِيد الْحيَاء، فَخرج مُنْطَلقًا نَحْو حجرَة عَائِشَة، فَمَا أَدْرِي آخبرته أم أخبر أَن الْقَوْم قد رجعُوا، فَرجع حَتَّى وضع رجله فِي أُسْكُفَّة الْبَاب. دَاخله وَأُخْرَى خَارجه، أرْخى السّتْر بيني وَبَينه، وَأنزل الْحجاب.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس قَالَ:
أولم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بنى بِزَيْنَب بنت جحش، فأشبع النَّاس خبْزًا وَلَحْمًا، وَخرج إِلَى حجر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ كَمَا كَانَ يصنع صَبِيحَة بنائِهِ، فَيسلم عَلَيْهِنَّ وَيَدْعُو لَهُنَّ، ويسلمن عَلَيْهِ وَيدعونَ لَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيته رأى رجلَيْنِ جرى بَينهمَا الحَدِيث، فَلَمَّا رآهما رَجَعَ عَن بَيته، فَلَمَّا رأى الرّجلَانِ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَجَعَ عَن بَيته وثبا مُسْرِعين، فَمَا أَدْرِي أَنا أخْبرته بخروجهما أَو أخبر، فَرجع حَتَّى دخل الْبَيْت، فَأرْخى السّتْر بيني وَبَينه، وأنزلت آيَة الْحجاب.
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا طرفا مِنْهُ وَزِيَادَة من حَدِيث عِيسَى بن طهْمَان عَن أنس قَالَ:
نزلت آيَة الْحجاب فِي زَيْنَب بنت جحش، وَأطْعم عَلَيْهَا يومئذٍ خبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَت تَفْخَر على نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتقول: إِن الله أنكحني من السَّمَاء.(2/488)
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا طرفا من هَذَا وَزِيَادَة من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: جَاءَ زيد بن حَارِثَة يشكو، فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " اتَّقِ الله وَأمْسك عَلَيْك زَوجك " قَالَ: لَو كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَاتِما شَيْئا لكَتم هَذِه الْآيَة، قَالَ: وَكَانَت تَفْخَر على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تَقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فَوق سبع سموات.
وَعَن ثَابت عَن أنس: {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} [الْأَحْزَاب] نزلت فِي شَأْن زَيْنَب بنت جحش وَزيد بن حَارِثَة.
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث بَيَان بن بشر عَن أنس قَالَ:
بنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِامْرَأَة، فأرسلني فدعوت رجَالًا إِلَى الطَّعَام، لم يزدْ، وَلم يسمهَا.
وَأخرج مُسلم حَدِيث نِكَاح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب مُتَّصِلا بالوليمة عَلَيْهَا، من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: لما انْقَضتْ عدَّة زَيْنَب قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزيد: " اذْهَبْ فاذكرها عَليّ ". قَالَ: فَانْطَلق زيدٌ حَتَّى أَتَاهَا وَهِي تخمر عَجِينهَا. قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتهَا عظمت فِي صَدْرِي حَتَّى مَا أَسْتَطِيع أَن أنظر إِلَيْهَا - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرهَا، فَوليتهَا ظَهْري، وَنَكَصت على عَقبي فَقلت: يَا زَيْنَب، أَرْسلنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكرك، قَالَت: مَا أَنا بصانعةٍ شَيْئا حَتَّى أؤامر رَبِّي. فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدهَا، وَنزل الْقُرْآن، وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدخل عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن، قَالَ: فَلَقَد رَأَيْتنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطعمنَا الْخبز وَاللَّحم حَتَّى امْتَدَّ النَّهَار. فَخرج النَّاس، وَبَقِي رجال يتحدثون فِي الْبَيْت بعد الطَّعَام، فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واتبعته، فَجعل يتتبع حجر نِسَائِهِ وَيسلم عَلَيْهِنَّ وَيَقُلْنَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ وجدت أهلك؟ قَالَ: فَمَا أَدْرِي: أَنا أخْبرته أَن الْقَوْم خَرجُوا أَو غَيْرِي. قَالَ:(2/489)
فَانْطَلق حَتَّى دخل الْبَيْت، فَذَهَبت أَدخل مَعَه، فَألْقى السّتْر بيني وَبَينه، وَنزل الْحجاب، قَالَ وَوعظ الْقَوْم بِمَا وعظوا بِهِ.
زَاد فِي حَدِيث هَاشم بن الْقَاسِم عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة ذكر الاية: {لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} [الْأَحْزَاب] إِلَى قَوْله: {لَا يستحيي من الْحق} .
1854 - الثَّامِن: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس قَالَ: سقط النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن فرس فجحش شقَّه الْأَيْمن، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نعوده، فَحَضَرت الصَّلَاة، فصلى بِنَا قَاعِدا، فصلينا وَرَاءه قعُودا، فَلَمَّا قضى الصَّلَاة قَالَ: " إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِذا كبر فكبروا، وَإِذا سجد فاسجدوا، وَإِذا رفع فارفعوا، وَإِذا قَالَ سمع الله لمن حَمده فَقولُوا: رَبنَا وَلَك الْحَمد، وَإِذا صلى قَاعِدا فصلوا قعُودا أَجْمَعِينَ ".
زَاد بعض الروَاة:
" إِذا صلى قَائِما فصلوا قيَاما " ومعاني سَائِر الرِّوَايَات مُتَقَارِبَة زَاد فِي كتاب البُخَارِيّ: قَالَ الْحميدِي: قَوْله: " إِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا ". هُوَ فِي مَرضه الْقَدِيم، وَقد صلى فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَالِسا وَالنَّاس خَلفه قيَاما لم يَأْمُرهُم بالقعود، وَإِنَّمَا يُؤْخَذ بِالْآخرِ فالآخر من أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1855 - التَّاسِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس بن مَالك: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج حِين زاغت الشَّمْس، فصلى الظّهْر، فَقَامَ على الْمِنْبَر، فَذكر السَّاعَة، فَذكر أَن فِيهَا أموراً عظاماً، ثمَّ قَالَ: " من أحب أَن يسْأَل عَن شَيْء فليسأل، فَلَا تَسْأَلُونِي عَن شَيْء إِلَّا أَخْبَرتكُم مَا دمت فِي مقَامي " فَأكْثر النَّاس الْبكاء، وَأكْثر أَن يَقُول: " سلوا " فَقَامَ عبد الله بن حذافة السَّهْمِي فَقَالَ: من أبي؟ فَقَالَ: " أَبوك حذافة " ثمَّ أَكثر أَن يَقُول: " سلوني " " فبرك عمر على رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دينا،(2/490)
وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا. فَسكت. ثمَّ قَالَ: " عرضت عَليّ الْجنَّة وَالنَّار آنِفا فِي عرض هَذَا الْحَائِط لم أر كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْر وَالشَّر ".
قَالَ ابْن شهَاب:
وَأَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة قَالَ: قَالَت أم عبد الله بن حذافة لعبد الله بن حذافة: مَا سَمِعت قطّ أعق مِنْك، أأمنت أَن تكون أمك قارفت بعض مَا يقارف أهل الْجَاهِلِيَّة فتفضحها على أعين النَّاس. قَالَ عبد الله بن حذافة: وَالله لَو ألحقني بعبدٍ أسود للحقته.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُوسَى بن أنس عَن أنس قَالَ:
خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة مَا سَمِعت مثلهَا قطّ فَقَالَ: " لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا ". قَالَ: فَغطّى أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وُجُوههم لَهُم حنينٌ، فَقَالَ رجل: من أبي؟ قَالَ: " فلَان " فَنزلت هَذِه الْآيَة: {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} [الْمَائِدَة] .
وَفِي حَدِيث النَّضر بن شُمَيْل:
أَن أنس بن مَالك قَالَ بلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَصْحَابه شَيْء، فَخَطب فَقَالَ: " عرضت عَليّ الْجنَّة وَالنَّار، فَلم أر كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْر وَالشَّر، وَلَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا " قَالَ: فَمَا أَتَى على أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يومٌ أَشد مِنْهُ. قَالَ: غطوا رؤوسهم وَلَهُم حنين. ثمَّ ذكر قيام عمر وَقَوله، وَقَول الرجل: من أبي، ونزول الْآيَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
سَأَلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أشْفق فِي الْمَسْأَلَة، فَصَعدَ ذَات يَوْم الْمِنْبَر فَقَالَ: " لَا تَسْأَلُونِي عَن شيءٍ إِلَّا بيّنت لكم. "(2/491)
فَجعلت أنظر يَمِينا وَشمَالًا، فَأرى كل رجل رَأسه فِي ثَوْبه يبكي، فَأَنْشَأَ رجل كَانَ إِذا لاحى دعِي إِلَى غير أَبِيه، فَقَالَ: يَا نَبِي الله، من أبي؟ قَالَ: " أَبوك حذافة " ثمَّ أنشأ عمر فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دينا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا، نَعُوذ بِاللَّه من الْفِتَن. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا رَأَيْت الْخَيْر وَالشَّر كَالْيَوْمِ قطّ، صورت لي الْجنَّة وَالنَّار، حَتَّى رأيتهما دون الْحَائِط. " قَالَ قَتَادَة: يذكر هَذَا الحَدِيث عِنْد هَذِه الْآيَة: {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} [الْمَائِدَة] .
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن قَتَادَة عَن أنس بِنَحْوِهِ، وَمن حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس بِنَحْوِهِ أَيْضا.
1856 - الْعَاشِر: عَن ابْن شهَاب عَن انس بن مَالك قَالَ: لما قدم الْمُهَاجِرُونَ من مَكَّة الْمَدِينَة قدمُوا وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِم شَيْء، وَكَانَت الْأَنْصَار أهل الأَرْض وَالْعَقار، فقاسمهم الْأَنْصَار على أَن أعطوهم أَنْصَاف ثمار أَمْوَالهم كل عَام، ويكفونهم الْعَمَل والمؤنة، وَكَانَت أم أنس بن مَالك - وَهِي تدعى أم سليم، وَكَانَت أم عبد الله ابْن أبي طَلْحَة - كَانَ أَخا لأنس لأمه، وَكَانَت أَعْطَتْ أم أنسٍ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عذاقاً لَهَا، فَأَعْطَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم أَيمن مولاته، أم أُسَامَة بن زيد. فَلَمَّا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتال أهل خَيْبَر وَانْصَرف إِلَى الْمَدِينَة، رد الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الْأَنْصَار منائحهم الَّتِي كَانُوا منحوهم من ثمارهم. قَالَ: فَرد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أُمِّي عذاقها، وَأعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم أَيمن مكانهن من حَائِطه. وَفِي رِوَايَة أَحْمد ابْن شبيب: من خالصه.
زَاد مُسلم: وَقَالَ ابْن شهَاب،
وَكَانَ من شَأْن أم أَيمن، أم أُسَامَة بن زيد - أَنَّهَا كَانَت وصيفةً لعبد الله عبد الْمطلب، وَكَانَت من الْحَبَشَة، فَلَمَّا ولدت آمِنَة رَسُول(2/492)
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَمَا توفّي أَبوهُ كَانَت أم أَيمن تحضنه، حَتَّى كبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعْتقهَا، ثمَّ أنْكحهَا زيد بن حَارِثَة، ثمَّ توفيت بَعْدَمَا توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَمْسَة أشهر.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أنس قَالَ:
كَانَ الرجل يَجْعَل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النخلات من أرضه حَتَّى افْتتح قُرَيْظَة وَالنضير، فَجعل بعد ذَلِك يرد عَلَيْهِم، وَإِن أَهلِي أمروني أَن آتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأسأله مَا كَانَ أَهلِي أَعْطوهُ أَو بعضه، وَكَانَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أعطَاهُ أم أَيمن، فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعطانيهن، فَجَاءَت أم أَيمن فَجعلت الثَّوْب فِي عنقِي وَقَالَت: وَالله لَا يعطيكهن وَقد أعطانيهن. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أم أَيمن، " اتركيه وَلَك كَذَا وَكَذَا " وَتقول: كلا، وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ. فَجعل يَقُول: " كَذَا " حَتَّى أَعْطَاهَا عشرَة أَمْثَاله أَو قَرِيبا من عشرَة أَمْثَاله.
1857 - الْحَادِي عشر: عَن ابْن شهَاب عَن أنس بن مَالك: أَن نَاسا من الْأَنْصَار قَالُوا يَوْم حنين حِين أَفَاء الله على رَسُوله من أَمْوَال هوَازن مَا أَفَاء، فَطَفِقَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعْطي رجَالًا من قُرَيْش الْمِائَة من الْإِبِل، فَقَالُوا: يغْفر الله لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُعْطي قُريْشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دِمَائِهِمْ. قَالَ أنس: فَحدث ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَوْلهم، فَأرْسل إِلَى الْأَنْصَار، فَجَمعهُمْ فِي قبَّة من أَدَم، وَلم يدع مَعَهم غَيرهم، فَلَمَّا اجْتَمعُوا جَاءَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " مَا حديثٌ بَلغنِي عَنْكُم؟ ". فَقَالَ لَهُ فُقَهَاء الْأَنْصَار: أما ذَوُو رَأينَا يَا رَسُول الله فَلم يَقُولُوا شَيْئا، وَأما أناسٌ منا حديثةٌ أسنانهم فَقَالُوا: يغْفر الله لرَسُوله، يُعْطي قُريْشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دِمَائِهِمْ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَإِنِّي أعطي رجَالًا حَدِيثي عهد بكفرٍ أتألفهم. أَفلا ترْضونَ أَن يذهب النَّاس بالأموال وترجعوا إِلَى رحالكُمْ برَسُول الله؟ فوَاللَّه لما تنقلبون بِهِ خيرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُون بِهِ قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله، قد رَضِينَا. قَالَ: " فَإِنَّكُم سَتَجِدُونَ بعدِي أَثَرَة شَدِيدَة، فَاصْبِرُوا حَتَّى تلقوا الله(2/493)
وَرَسُوله على الْحَوْض " قَالُوا: سنصبر. وَفِي رِوَايَة شُعَيْب وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ: قَالَ أنس: فَلم نصبر.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَنْصَار فَقَالَ: " أفيكم أحدٌ غَيْركُمْ؟ " قَالُوا: لَا، إِلَّا ابْن أختٍ لنا. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ابْن أُخْت الْقَوْم مِنْهُم " فَقَالَ: " إِن قُريْشًا حَدِيثَة عهدٍ بجاهلية، ومصيبة، وَإِنِّي أردْت أَن أجبرهم وأتألفهم، أما ترْضونَ أَن يرجع النَّاس بالدنيا، وترجعون برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بُيُوتكُمْ؟ . " قَالُوا: بلَى. قَالَ: " لَو سلك النَّاس وَاديا، وسلك الْأَنْصَار شعبًا لَسَلَكْت شعب الْأَنْصَار ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي التياح يزِيد بن حميد عَن أنس قَالَ:
لما فتحت مَكَّة قسم الْغَنَائِم فِي قُرَيْش، فَقَالَت الْأَنْصَار: إِن هَذَا لَهو الْعجب، إِن سُيُوفنَا تقطر من دِمَائِهِمْ، وَإِن غنائمنا ترد عَلَيْهِم، فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَجَمعهُمْ، فَقَالَ: " مَا الَّذِي بَلغنِي عَنْكُم؟ " قَالُوا: هُوَ الَّذِي بلغك، وَكَانُوا لَا يكذبُون، فَقَالَ: " أما ترْضونَ أَن يرجع النَّاس بالدنيا إِلَى بُيُوتهم وترجعون برَسُول الله إِلَى بُيُوتكُمْ؟ " قَالُوا: بلَى. فَقَالَ: " لَو سلك النَّاس وَاديا أَو شعبًا، وسلكت الْأَنْصَار وَاديا أَو شعبًا لَسَلَكْت وَادي الْأَنْصَار وَشعب الْأَنْصَار ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام بن زيد عَن أنس قَالَ:
لما كَانَ يَوْم حنين أَقبلت هوَازن وغَطَفَان وَغَيرهم بذراريهم ونعمهم، وَمَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يومئذٍ عشرَة آلَاف وَمَعَهُ الطُّلَقَاء، فأدبروا عَنهُ حَتَّى بَقِي وَحده. قَالَ: فَنَادَى يومئذٍ نداءين لم يخلط بَينهمَا شَيْئا، قَالَ: الْتفت عَن يَمِينه فَقَالَ: " يَا معشر الْأَنْصَار " قَالُوا: لبيْك يَا رَسُول الله، نَحن مَعَك، أبشر. قَالَ: ثمَّ الْتفت عَن يسَاره فَقَالَ: " يَا معشر الْأَنْصَار " قَالُوا: لبيْك يَا رَسُول الله، أبشر نَحن مَعَك، قَالَ: وَهُوَ على بغلة(2/494)
بَيْضَاء، فَنزل فَقَالَ: " أَنا عبد الله وَرَسُوله " فَانْهَزَمَ الْمُشْركُونَ، وَأصَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَنَائِم كَثِيرَة، فقسم فِي الْمُهَاجِرين والطلقاء، وَلم يُعْط الْأَنْصَار شَيْئا. فَقَالَت الْأَنْصَار: إِذا كَانَت الشدَّة فَنحْن ندعى، وتعطى الْغَنَائِم غَيرنَا، فَبَلغهُ ذَلِك، فَجَمعهُمْ فِي قبَّة فَقَالَ: " يَا معشر الْأَنْصَار، مَا حديثٌ بَلغنِي عَنْكُم؟ " فَسَكَتُوا.
فَقَالَ: " يَا معشر الْأَنْصَار، أما ترْضونَ أَن يذهب النَّاس بالدنيا وَتَذْهَبُونَ بِمُحَمد تحوزونه إِلَى بُيُوتكُمْ؟ " قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله. قَالَ: فَقَالَ: " لَو سلك النَّاس وَاديا، وسلكت الْأَنْصَار شعبًا لأخذت شعب الْأَنْصَار ". قَالَ هِشَام: فَقلت: يَا أَبَا حَمْزَة، أَنْت شاهدٌ ذَاك؟ قَالَ: وَأَيْنَ أغيب عَنهُ؟ وَهَذَا حَدِيث معَاذ بن معَاذ عَن ابْن عون، وَهُوَ أتم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث السميط عَن أنس قَالَ: افتتحنا مَكَّة، ثمَّ إِنَّا غزونا حنيناً، قَالَ:
فجَاء الْمُشْركُونَ بِأَحْسَن صُفُوف رَأَيْت. قَالَ: فصفت الْخَيل، ثمَّ صفت الْمُقَاتلَة، ثمَّ صفت النِّسَاء من وَرَاء ذَلِك، ثمَّ صفت الْغنم، ثمَّ صفت النعم. قَالَ: فونحن بشر كثير وَقد بلغنَا سِتَّة آلَاف، وعَلى مجنبة خَيْلنَا خَالِد بن، الْوَلِيد. قَالَ: فَجعلت الْخَيل تلوي خلف ظُهُورنَا، فَلم نَلْبَث أَن انكشفت خَيْلنَا، وفرت الْأَعْرَاب وَمن نعلم من النَّاس، قَالَ: فَنَادَى رَسُول الله وَمُسلم: يَا للمهاجرين، يَا للمهاجرين " ثمَّ قَالَ: " يَا للْأَنْصَار، يَا للْأَنْصَار ". قَالَ أنس: هَذَا حَدِيث عميه. قَالَ: قُلْنَا لبيْك يَا رَسُول الله. قَالَ: فَتقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ: وَايْم الله، مَا أتيناهم حَتَّى هَزَمَهُمْ الله تَعَالَى. قَالَ: فقبضنا ذَلِك المَال، ثمَّ انطلقنا إِلَى الطَّائِف، فحاصرناهم أَرْبَعِينَ لَيْلَة، ثمَّ رَجعْنَا إِلَى مَكَّة، فنزلنا. قَالَ: فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعْطي الرجل الْمِائَة، ثمَّ ذكر بَاقِي الحَدِيث كنحو حَدِيث قَتَادَة وَأبي التياح وَهِشَام بن زيد.
وَلَيْسَ للسميط عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(2/495)
1858 - الثَّانِي عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس قَالَ: إِن الله عز وَجل تَابع الْوَحْي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل وَفَاته حَتَّى توفّي أَكثر مَا كَانَ الْوَحْي، ثمَّ توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد.
1859 - الثَّالِث عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ارتحل قبل أَن تزِيغ الشَّمْس أخر الظّهْر إِلَى وَقت الْعَصْر، ثمَّ نزل فَجمع بَينهمَا، فَإِن زاغت الشَّمْس قبل أَن يرتحل صلى الظّهْر ثمَّ ركب.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ أَن يجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر أخر الظّهْر حَتَّى يدْخل أول وَقت الْعَصْر. وَفِي حَدِيث جَابر بن إِسْمَاعِيل: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا عجل عَلَيْهِ السّير يُؤَخر الظّهْر إِلَى أول وَقت الْعَصْر فَيجمع بَينهمَا، وَيُؤَخر الْمغرب حَتَّى يجمع بَينهَا وَبَين الْعشَاء.
1860 - الرَّابِع عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الْعَصْر وَالشَّمْس مُرْتَفعَة حيةٌ، فَيذْهب الذَّاهِب إِلَى العوالي، فيأتيهم وَالشَّمْس مُرْتَفعَة، وَبَعض العوالي من الْمَدِينَة على أَرْبَعَة أَمْيَال أَو نَحوه.
وَفِي رِوَايَة مَالك وَحده عَن الزُّهْرِيّ:
يذهب الذَّاهِب منا إِلَى قبَاء.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ: كُنَّا نصلي الْعَصْر، ثمَّ يخرج الْإِنْسَان إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف فيجدهم يصلونَ الْعَصْر.(2/496)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي أُمَامَة أسعد بن سهل بن حنيف قَالَ:
صلينَا مَعَ عمر ابْن عبد الْعَزِيز الظّهْر، ثمَّ خرجنَا حَتَّى دَخَلنَا على أنس بن مَالك، فوجدناه يُصَلِّي الْعَصْر، فَقلت: يَا عَم، مَا هَذِه الصَّلَاة الَّتِي صليت؟ قَالَ: الْعَصْر، وَهَذِه صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي كُنَّا نصلي مَعَه.
وَلمُسلم وَحده من حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن
أَنه دخل على أنس بن مَالك فِي دَاره بِالْبَصْرَةِ حِين انْصَرف من الظّهْر، وداره بِجنب الْمَسْجِد. قَالَ: فَلَمَّا دَخَلنَا عَلَيْهِ قَالَ: أصليتم الْعَصْر؟ فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّمَا انصرفنا السَّاعَة من الظّهْر. قَالَ: فصلوا الْعَصْر. قَالَ: فقمنا فصلينا، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " تِلْكَ صَلَاة الْمُنَافِق، يجلس يرقب الشَّمْس، حَتَّى إِذا كَانَت بَين قَرْني الشَّيْطَان قَامَ فنقرها أَرْبعا، لَا يذكر الله فِيهَا إِلَّا قَلِيلا ".
وَلَيْسَ للعلاء عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَلمُسلم وَحده أَيْضا من حَدِيث حَفْص بن عبيد الله عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ:
صلى لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَصْر، فَلَمَّا انْصَرف أَتَاهُ رجلٌ من بني سَلمَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّا نُرِيد أَن نَنْحَر جزوراً لنا، ونحب أَن تحضرها. قَالَ: " نعم " فَانْطَلق وانطلقنا مَعَه، فَوَجَدنَا الْجَزُور لم تنحر فنحرت، ثمَّ قطعت ثمَّ طبخ مِنْهَا، ثمَّ أكلنَا قبل أَن تغيب الشَّمْس.
1861 - الْخَامِس عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تنتبذوا فِي الدُّبَّاء، وَلَا فِي المزفت " كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يلْحق مَعهَا الحنتم والنقير.(2/497)
1862 - السَّادِس عشر: عَن ابْن شهَاب عَن أنس: أَنه رأى فِي يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا من ورق يَوْمًا وَاحِدًا، ثمَّ إِن النَّاس اصطنعوا الخواتيم من الْوَرق ولبسوها، فَطرح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمه، فَطرح النَّاس خواتيمهم.
وَفِي حَدِيث طَلْحَة بن يحيى وَسليمَان بن بِلَال عَن يُونُس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبس خَاتم خضة فِي يَمِينه، فِيهِ فصٌّ حبشِي، كَانَ يَجْعَل فصه مِمَّا يَلِي كَفه.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث حميد بن تيرويه الطَّوِيل فِي رِوَايَة يزِيد بن زُرَيْع عَنهُ قَالَ:
سُئِلَ أنس: أَتَّخِذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا؟ قَالَ: أخر لَيْلَة الْعشَاء إِلَى شطر اللَّيْل، ثمَّ أقبل علينا بِوَجْهِهِ، فَكَأَنِّي أنظر إِلَى وبيص خَاتمه. وَقَالَ: " إِن النَّاس قد صلوا وناموا، وَإِنَّكُمْ لن تزالوا فِي صَلَاة مَا انتظرتموها ".
وَفِي حَدِيث الْمُعْتَمِر عَن حميد عَن أنس
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ خَاتمه من فضةٍ وَكَانَ فصه مِنْهُ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من رِوَايَة قُرَّة بن خَالِد عَن الْحسن عَن أنس، وَمُسلم من رِوَايَة قُرَّة عَن قَتَادَة عَن أنس:
فَعِنْدَ البُخَارِيّ من رِوَايَة قُرَّة قَالَ:
انتظرنا الْحسن، وراث علينا حَتَّى قربنا من وَقت قِيَامه، فجَاء فَقَالَ: دَعَانَا جيراننا هَؤُلَاءِ، ثمَّ قَالَ: قَالَ أنس: نَظرنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة حَتَّى كَانَ شطر اللَّيْل، فجَاء فصلى بِنَا، ثمَّ خَطَبنَا فَقَالَ: " أَلا إِن النَّاس قد صلوا ثمَّ رقدوا، وَإِنَّكُمْ لن تزالوا فِي صَلَاة مَا انتظرتم الصَّلَاة ". قَالَ الْحسن: وَإِن الْقَوْم لَا يزالون فِي خير مَا انتظروا الْخَيْر.(2/498)
وَفِي حَدِيث حميد عَن أنس نَحوه بِمَعْنَاهُ، قَالَ البُخَارِيّ: زَاد ابْن أبي مَرْيَم:
كَأَنِّي أنظر إِلَى وبيص خَاتمه ليلتئذٍ.
وَعند مُسلم من حَدِيث قُرَّة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
نَظرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة حَتَّى كَانَ قَرِيبا من نصف اللَّيْل، ثمَّ جَاءَ فصلى، ثمَّ أقبل علينا بِوَجْهِهِ، فَكَأَنَّمَا أنظر إِلَى وبيص خَاتمه فِي يَده. لم يزدْ.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
كَانَ خَاتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذِه. وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصر فِي يَده الْيُسْرَى. لم يزدْ.
وَذكره فِي مَوضِع آخر بِطُولِهِ من حَدِيث حَمَّاد أَيْضا عَن ثَابت:
أَنهم سَأَلُوا أنسا عَن خَاتم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: أخر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعشَاء ذَات لَيْلَة إِلَى شطر اللَّيْل أَو كَاد يذهب شطر اللَّيْل، ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: " إِن النَّاس قد صلوا وناموا، وَإِنَّكُمْ لن تزالوا فِي صَلَاة مَا انتظرتم الصَّلَاة " قَالَ أنس: كَأَنِّي أنظر إِلَى وبيص خَاتمه من فضَّة - وَرفع إصبعه الْيُسْرَى - بالخنصر.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
كتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتابا، أَو أَرَادَ أَن يكْتب، فَقيل لَهُ: إِنَّهُم لَا يقرءُون كتابا إِلَّا مَخْتُومًا، فَاتخذ خَاتمًا من فضَّة ونقشة: مُحَمَّد رَسُول الله، كَأَنِّي أنظر إِلَى بياضه فِي يَده، فَقلت لِقَتَادَة: من قَالَ: نقشه مُحَمَّد رَسُول الله؟ قَالَ: أنس.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس ابْن مَالك:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتخذ خَاتمًا من فضَّة، وَنقش فِيهِ: مُحَمَّد رَسُول الله، وَقَالَ للنَّاس: " إِنِّي اتَّخذت خَاتمًا من فضَّة، ونقشت فِيهِ: مُحَمَّد رَسُول الله، فَلَا ينقشن أحدٌ على نقشه ".(2/499)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْوَارِث عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
اصْطنع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا، فَقَالَ: " إِنَّا اتخذنا خَاتمًا، ونقشنا فِيهِ نقشاً، فَلَا ينقش عَلَيْهِ أحد " قَالَ: فَإِنِّي لأرى بريقه فِي خِنْصره.
وَمن حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن يكْتب إِلَى رَهْط - أَو أنَاس - من الْعَجم، فَقيل: إِنَّهُم لَا يقبلُونَ كتابا إِلَّا عَلَيْهِ خَاتم، فَاتخذ خَاتمًا من فضه، نقشه: مُحَمَّد رَسُول الله، كَأَنِّي بوبيص أَو بصيص الْخَاتم فِي إِصْبَع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو كَفه.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث ثُمَامَة عَن أنس:
أَن أَبَا بكر لما اسْتخْلف كتب لَهُ، وَكَانَ نقش الْخَاتم ثَلَاثَة أسطر: محمدٌ سطرٌ، وَرَسُول سطرٌ، وَالله سطرٌ.
وَمن حَدِيث ثُمَامَة أَيْضا عَن أنس قَالَ:
كَانَ خَاتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَده، وَفِي يَد أبي بكر بعده، وَفِي يَد عمر بعد أبي بكر. فَلَمَّا كَانَ عُثْمَان جلس على بِئْر أريس، أخرج الْخَاتم فَجعل يعبث بِهِ، فَسقط، فاختلفنا ثَلَاثَة ايام مَعَ عُثْمَان فننزح الْبِئْر، فَلم نجده.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس حَدِيث اتِّخَاذ الْخَاتم، والنقش عَلَيْهِ، وَالنَّهْي عَن النقش على نقشه، مثل حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن عبد الْعَزِيز عَن صُهَيْب، وَلم يذكر فِي الحَدِيث: مُحَمَّد رَسُول الله.
وَأخرج أَيْضا من حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
أَرَادَ أَن يكْتب إِلَى الْعَجم ... ، بِنَحْوِ حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة.(2/500)
وَمن حَدِيث خَالِد بن قيس عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ ان يكْتب إِلَى كسْرَى وَقَيْصَر وَالنَّجَاشِي، فَقيل: إِنَّهُم لَا يقبلُونَ كتابا إِلَّا بِخَاتم، فصاغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا حلقته فضَّة، وَنقش فِيهِ: مُحَمَّد رَسُول الله.
1863 - السَّابِع عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس: أَن الْمُسلمين بَيْنَمَا هم فِي صَلَاة الْفجْر يَوْم الْإِثْنَيْنِ، وَأَبُو بكر يُصَلِّي بهم، لم يفجأهم إِلَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد كشف ستر حجرَة عَائِشَة، فَنظر إِلَيْهِم وهم فِي صُفُوف الصَّلَاة، ثمَّ تَبَسم يضْحك، فنكص أَبُو بكر على عَقِبَيْهِ ليصل الصَّفّ، وَظن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد أَن يخرج إِلَى الصَّلَاة. قَالَ أنس: وهم الْمُسلمُونَ أَن يفتتنوا فِي صلَاتهم فَرحا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَشَارَ إِلَيْهِم بِيَدِهِ: ان أَتموا صَلَاتكُمْ، ثمَّ وصل إِلَى الْحُجْرَة وأرخى السّتْر.
وَفِي حَدِيث شُعَيْب نَحوه، وَفِيه:
فكشف ستر الْحُجْرَة ينظر إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِم، كَأَن وَجهه ورقةٌ مصحف، وَفِيه: فَتوفي من يَوْمه.
وَفِي حَدِيث صَالح نَحوه. وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة:
آخر نظرة نظرتها إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كشف الستارة يَوْم الْإِثْنَيْنِ ... وَذكر نَحوه. وَالَّذِي قبله أتم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبد الْوَارِث بن سعيد عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
لم يخرج إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثًا. فأقيمت الصَّلَاة، فَذهب أَبُو بكر يتَقَدَّم، فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحجاب فرفعه، فَلَمَّا وضح لنا وَجه نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَا نَظرنَا منْظرًا قطّ كَانَ أعجب إِلَيْنَا من وَجه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين وضح لنا. قَالَ: فَأَوْمأ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ إِلَى أبي بكر أَن يتَقَدَّم، وأرخى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحجاب، فَلم نقدر عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.(2/501)
1864 - الثَّامِن عشر: عَن ابْن شهَاب عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَو أَن لِابْنِ آدم وَاديا من ذهب أحب أَن يكون لَهُ واديان، وَلنْ يمْلَأ فَاه إِلَّا التُّرَاب، وَيَتُوب الله على من تَابَ ".
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس بِنَحْوِهِ وَمَعْنَاهُ، وَمن رِوَايَة أبي عوَانَة عَن قَتَادَة عَن أنس بِنَحْوِهِ.
وَفِي رِوَايَة شُعْبَة:
فَلَا أَدْرِي أشيءٌ أنزل أم شَيْء كَانَ يَقُوله. وَقَالَ ثَابت عَن أنس عَن أبي: كُنَّا نرى هَذَا من الْقُرْآن حَتَّى نزلت: {أَلْهَاكُم التكاثر} .
1865 - التَّاسِع عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قدر حَوْضِي كَمَا بَين أَيْلَة وَصَنْعَاء من الْيمن، وَإِن فِيهِ من الأباريق كعدد نُجُوم السَّمَاء ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" مَا بَين ناحيتى حَوْضِي كَمَا بَين صنعاء وَالْمَدينَة ".
وَفِي حَدِيث هِشَام الدستوَائي وَأبي عوَانَة عَن قَتَادَة عَن أنس بِمثلِهِ، غير أَنَّهُمَا شكا، فَقَالَا:
" أَو مثل مَا بَين الْمَدِينَة وعمان ".
وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة:
" مَا بَين لابتي حَوْضِي ".
وَفِي حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس:
قَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ترى فِيهِ أَبَارِيق الذَّهَب وَالْفِضَّة كعدد نُجُوم السَّمَاء ".
وَمن حَدِيث شَيبَان عَن قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مثله، وَزَاد:
أَو أَكثر من عدد نُجُوم السَّمَاء ".(2/502)
1866 - الْعشْرُونَ: عَن النَّضر بن أنس عَن أنس قَالَ: لَوْلَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت " لتمنيته.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث شُعْبَة عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس قَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يتمنين أحدكُم الْمَوْت من ضرٍّ أَصَابَهُ، فَإِن كَانَ لابد فَاعِلا فَلْيقل: اللَّهُمَّ أحيني مَا كَانَت الْحَيَاة خيرا لي، وتوفني إِذا كَانَت الْوَفَاة خيرا لي ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث ابْن علية عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
1867 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الله قد وكل بالرحم ملكا، يَقُول: أَي رب، نطفةٌ، أَي رب، علقةٌ، أَي رب، مضغةٌ، فَإِذا أَرَادَ أَن يقْضِي خلقا قَالَ الْملك: أَي رب، ذكر أَو أُنْثَى، شقيٌّ أَو سعيد؟ فَمَا الرزق؟ فَمَا الْأَجَل؟ فَيكْتب كَذَلِك فِي بطن أمه ".
1868 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن عبيد الله بن أبي بكر قَالَ: سَمِعت أنس بن مالكٍ قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكَبَائِر - أَو: سُئِلَ عَن الْكَبَائِر، فَقَالَ: " الشّرك بِاللَّه، وَقتل النَّفس، وعقوق الْوَالِدين ". وَقَالَ: " أَلا أنبئكم بأكبر الْكَبَائِر؟ قَول الزُّور " أَو قَالَ: " شَهَادَة الزُّور " قَالَ شُعْبَة: وأكبر ظَنِّي أَنه قَالَ: " شَهَادَة الزُّور.(2/503)
1869 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن عبيد الله بن أبي بكر عَن أنس: أَن رجلا اطلع من بعض حجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَامَ إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمشقص - أَو بمشاقص، فَكَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ يخْتل الرجل ليطعنه.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس:
أَن رجلا اطلع فِي بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فسدد إِلَيْهِ مشقصاً. لم يزدْ. زَاد فِي مُسْند سهل بن سعد مِنْهُ: " إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر ".
1870 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن عبيد الله بن أبي بكر عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا سلم عَلَيْكُم أهل الْكتاب فَقولُوا: وَعَلَيْكُم ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن أهل الْكتاب يسلمُونَ علينا، فَكيف نرد عَلَيْهِم؟ " فَقَالَ: " قُولُوا: وَعَلَيْكُم ".
1871 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتنفس فِي الْإِنَاء ثَلَاثًا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي عِصَام عَن أنس قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتنفس فِي الشَّرَاب ثَلَاثًا، وَيَقُول: " إِنَّه أروى وَأَبْرَأ وأمرأ ". قَالَ أنس: وَأَنا أتنفس فِي الشَّرَاب ثَلَاثًا.(2/504)
1872 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام بن زيد بن أنس عَن أنس قَالَ: أنفجنا أرنباً بمر الظهْرَان فسعى الْقَوْم، فلغبوا، وأدركتها فأخذتها، فَأتيت بهَا أَبَا طَلْحَة فذبحها وَبعث إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بوركها وفخذيها، فَقبله.
1873 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام بن زيد قَالَ: دخلت مَعَ جدي أنس بن مَالك دَار الحكم بن أَيُّوب، فَإِذا قومٌ نصبوا دجَاجَة يَرْمُونَهَا، فَقَالَ أنس: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تصبر الْبَهَائِم.
1874 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام بن زيد عَن أنس: أَن امْرَأَة يَهُودِيَّة أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَاة مَسْمُومَة، فَأكل مِنْهَا، فجيء بهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهَا عَن ذَلِك فَقَالَت: أردْت لأقتلك. قَالَ: " مَا كَانَ الله لِيُسَلِّطك على ذَلِك. " أَو قَالَ " على " قَالُوا: أَلا نقتلها؟ قَالَ: " لَا " قَالَ: فَمَا زلت أعرفهَا فِي لَهَوَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1875 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام بن زيد عَن أنس: أَن يَهُودِيّا قتل جَارِيَة على أوضاحٍ لَهَا. فَقَتلهَا بِحجر، فجيء بهَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبهَا رمقٌ، فَقَالَ لَهَا: " أَقْتلك فلَان؟ " فَأَشَارَتْ برأسها: أَن لَا. ثمَّ قَالَ لَهَا الثَّانِيَة، فَأَشَارَتْ برأسها: أَن لَا. ثمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَة فَقَالَت: نعم، وأشارت برأسها، فَقتله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بحجرين. وَفِي حَدِيث ابْن إِدْرِيس: فرضخ رَأسه بَين حجرين.(2/505)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث همام بن يحيى عَن قَتَادَة عَن أنس بِنَحْوِهِ، وَفِيه:
أَن يَهُودِيّا رض رَأس جَارِيَة بَين حجرين، فَأخذ الْيَهُودِيّ، فَأقر، فَأمر بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرض رَأسه بِالْحِجَارَةِ. وَقد قَالَ همام: بحجرين.
وَقد أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل يَهُودِيّا بِجَارِيَة، قَتلهَا على أوضاح لَهَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي قلَابَة عَن أنس:
أَن رجلا من الْيَهُود قتل جَارِيَة على حليٍّ لَهَا، ثمَّ أَلْقَاهَا فِي القليب، ورضخ رَأسهَا بِالْحِجَارَةِ، فَأخذ، فَأتي بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأمر أَن يرْجم حَتَّى يَمُوت، فرجم حَتَّى مَاتَ.
1876 - الثَّلَاثُونَ: عَن هِشَام بن زيد قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يحدث أَن أمه حِين ولدت انْطَلقُوا بِالصَّبِيِّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحنكه، فَإِذا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مربد يسم غنما. قَالَ شُعْبَة: وأكبر علمي أَنه قَالَ: فِي آذانها.
وَهَذَا طرف من حَدِيث أَخْرجَاهُ بِطُولِهِ من أَوله، من حَدِيث أنس بن سِيرِين عَن أنس بن مَالك قَالَ:
كَانَ ابْن لأبي طَلْحَة يشتكي، فَخرج أَبُو طَلْحَة، فَقبض الصَّبِي، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَة قَالَ: مَا فعل ابْني؟ قَالَت أم سليم: هُوَ أسكن مَا كَانَ، فقربت لَهُ الْعشَاء فتعشى، ثمَّ أصَاب مِنْهَا، فَلَمَّا فرغ قَالَت: واروا الصَّبِي.
فَلَمَّا أصبح أَبُو طَلْحَة أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ، فَقَالَ: " أعرستم اللَّيْلَة؟ " قَالَ: نعم. " قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لَهما ". فَولدت غُلَاما، فَقَالَ لي أَبُو طَلْحَة: احمله حَتَّى تَأتي بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَبعثت مَعَه بتمرات، فَقَالَ: " أمعه شَيْء؟ " قَالَ. نعم، تمرات، فَأَخذهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فمضغها ثمَّ أَخذهَا من فِيهِ، فَجَعلهَا فِي فِي الصَّبِي، ثمَّ حنكه وَسَماهُ عبد الله.(2/506)
وَقد رَوَاهُ حَمَّاد بن مسْعدَة، وَابْن أبي عدي عَن أبي عون عَن مُحَمَّد عَن أنس نَحوه.
وَأَخْرَجَاهُ مُخْتَصرا من حَدِيث إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ:
غَدَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَبْد الله بن أبي طَلْحَة ليحنكه، فوافيته فِي يَده الميسم يسم إبل الصَّدَقَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس فِي الْمَوْلُود فَقَط، قَالَ:
لما ولدت أم سليم قَالَت: يَا أنس، انْظُر إِلَى هَذَا الْغُلَام، فَلَا يصيبن شَيْئا حَتَّى تغدوا بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحنكه، فَغَدَوْت فَإِذا هُوَ على الْحَائِط، عَلَيْهِ خميصة حونية، وَهُوَ يسم الظّهْر الَّذِي قدم فِي الْفَتْح.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث إِسْحَاق بن عبد الله عَن أنس قَالَ: اشْتَكَى ابْن لأبي طَلْحَة، قَالَ: فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَة خارجٌ، فَلَمَّا رَأَتْ امْرَأَته أَنه قد مَاتَ، هيأت شَيْئا، ونحته فِي جَانب الْبَيْت، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَة قَالَ: كَيفَ الْغُلَام؟ قَالَت: قد هدأت نَفسه، وَأَرْجُو أَن يكون قد استراح. وَظن أَبُو طَلْحَة أَنَّهَا صادقةٌ. قَالَ: فَبَاتَ، فَلَمَّا أصبح اغْتسل، فَلَمَّا أَرَادَ أَن يخرج أعلمته أَنه قد مَاتَ، فصلى مَعَ النَّبِي، ثمَّ أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا كَانَ مِنْهُمَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَعَلَّه أَن يُبَارك لَهما فِي ليلتهما ". قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: فَرَأَيْت تِسْعَة أَوْلَاد كلهم قد قَرَأَ الْقُرْآن.(2/507)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
مَاتَ ابنٌ لأبي طَلْحَة من أم سليم، فَقَالَت لأَهْلهَا: لَا تحدثُوا أَبَا طَلْحَة بِابْنِهِ حَتَّى أكون أَنا أحدثه. قَالَ: فجَاء فقربت إِلَيْهِ عشَاء، فَأكل وَشرب، وَقَالَ: ثمَّ تصنعت لَهُ أحسن مَا كَانَ تصنع قبل ذَلِك، فَوَقع بهَا، فَلَمَّا رَأَتْ أَنه قد شبع وَأصَاب مِنْهَا قَالَت: يَا أَبَا طَلْحَة أَرَأَيْت لَو أَن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيتٍ فطلبوا عاريتهم، ألهم أَن يمنعوهم؟ قَالَ: لَا. قَالَت: فاحتسب ابْنك. قَالَ: فَغَضب وَقَالَ: تَرَكتنِي حَتَّى إِذا تلطخت ثمَّ أَخْبَرتنِي بِابْني. فَانْطَلق حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأخْبرهُ بِمَا كَانَ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بَارك الله لَكمَا فِي ليلتكما " فَحملت. قَالَ: فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر وَهِي مَعَه، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى الْمَدِينَة من سفرٍ لَا يطرقها طروقاً، فدنوا من الْمَدِينَة، فضربها الْمَخَاض، فاحتبس عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَة، فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: يَقُول أَبُو طَلْحَة: إِنَّك لتعلم يَا رب أَنه يُعجبنِي أَن أخرج مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خرج، وَأدْخل مَعَه إِذا دخل، وَقد احْتبست بِمَا ترى.
قَالَ: تَقول أم سليم: يَا أَبَا طَلْحَة، مَا أجد الَّتِي كنت أجد، انْطلق فَانْطَلَقْنَا، وضربها الْمَخَاض حِين قدما، فَولدت غُلَاما، فَقَالَت لي أُمِّي: يَا أنس، لَا يرضعه أحدٌ حَتَّى تَغْدُو بِهِ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا أصبح احتملته فَانْطَلَقت بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: فصادفته وَمَعَهُ ميسم، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: " لَعَلَّ أم سليم ولدت؟ " قلت: نعم. فَوضع الميسم: قَالَ: وَجئْت بِهِ فَوَضَعته فِي حجره، ودعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعجوةٍ من عَجْوَة الْمَدِينَة فلاكها فِي فِيهِ حَتَّى ذَابَتْ ثمَّ قَذفهَا فِي فِي الصَّبِي، فَجعل الصَّبِي يتلمظها. قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " انْظُرُوا إِلَى حب الْأَنْصَار التَّمْر " قَالَ: فَمسح وَجهه، وَسَماهُ عبد الله.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس مُخْتَصرا قَالَ: ذهبت بِعَبْد الله بن أبي طَلْحَة الْأنْصَارِيّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين(2/508)
ولد، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عباءة يهنأ بَعِيرًا لَهُ. فَقَالَ: " هَل مَعَك تمرٌ؟ " فَقلت: نعم. فناولته تمرات فألقاهن فِي فِيهِ، فلاكهن، ثمَّ فغرفا الصَّبِي فمجه فِي فِيهِ، فَجعل الصَّبِي يتلمظه، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " حب الْأَنْصَار التَّمْر " وَسَماهُ عبد الله.
1877 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن هِشَام بن زيد قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك قَالَ: جَاءَت امْرَأَة من الْأَنْصَار إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهَا صبيٌّ لَهَا، فكلمها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُم لأحب النَّاس إِلَيّ " مرَّتَيْنِ.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن جَعْفَر ووهب بن جرير: ثَلَاث مَرَّات.
1878 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس أَنه قَالَ: كنت أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح وَأَبا طَلْحَة وَأبي بن كَعْب شرابًا من فضيخ زهرٍ وتمر، فَأَتَاهُم آتٍ فَقَالَ: إِن الْخمر قد حرمت. فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا أنس، قُم إِلَى هَذِه الجرة فاكسرها. فَقُمْت إِلَى مهراس لنا فضربتها بأسفله حَتَّى تَكَسَّرَتْ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
كنت ساقي الْقَوْم فِي منزل أبي طَلْحَة فَكَانَ خمرهم يومئذٍ الفضيخ، فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منادياً يُنَادي: أَلا إِن الْخمر قد حرمت. قَالَ: فجرت فِي سِكَك الْمَدِينَة، فَقَالَ لي أَبُو طَلْحَة: اخْرُج فَأَهْرقهَا، فَخرجت فَهَرَقْتهَا، فجرت فِي سِكَك الْمَدِينَة فَقَالَ بعض الْقَوْم: قد قتل قومٌ وَهِي فِي بطونهم، فَأنْزل الله عز وَجل: {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} [الْمَائِدَة] .(2/509)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن علية عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب قَالَ:
سَأَلُوا أنس بن مَالك عَن الفضيخ، فَقَالَ: مَا كَانَت لنا خمرٌ غير فضيخكم هَذَا الَّذِي تسمونه الفضيخ، إِنِّي لقائمٌ أسقيها أَبَا طَلْحَة وَأَبا أَيُّوب ورجالاً من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بيتنا، إِذْ جَاءَ رجلٌ فَقَالَ: هَل بَلغَكُمْ الْخَبَر؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَإِن الْخمر قد حرمت. فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا أنس، أرق هَذِه القلال.
قَالَ: فَمَا راجعوها وَلَا سَأَلُوا عَنْهَا بعد خبر الرجل.
وَمن حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أنس قَالَ:
كنت أَسْقِي عمومتي من فضيخ لَهُم وَأَنا أَصْغَرهم سنا، فجَاء رجلٌ فَقَالَ: إِنَّمَا حرمت الْخمر، فَقَالُوا: اكفأها يَا أنس فكفأتها. قَالَ: قلت لأنس: مَا هُوَ؟ قَالَ: بسرٌ وَرطب.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
إِنِّي لأسقي أَبَا طَلْحَة وَأَبا دُجَانَة وَسُهيْل بن بَيْضَاء من مزادة فِيهَا خليط بسر وتمر، فَدخل دَاخل فَقَالَ: حدث خبرٌ، نزل تَحْرِيم الْخمر، فأكفأناها يومئذٍ.
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا قَالَ:
وَقَالَ عَمْرو - يَعْنِي ابْن الْحَارِث عَن قَتَادَة: سَمِعت أنسا ... .
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سعيد بن أبي عروية عَن قَتَادَة عَن أنس بِنَحْوِهِ، وَزَاد: معَاذ بن جبل فِي رَهْط من الْأَنْصَار.
وَأخرج البُخَارِيّ وَحده من حَدِيث يُونُس بن عبيد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
حرمت علينا الْخمر حِين حرمت وَمَا نجد خمر الأعناب إِلَّا قَلِيلا، وَعَامة خمرنا الْبُسْر وَالتَّمْر.(2/510)
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن أنس قَالَ:
إِن الْخمر حرمت وَالْخمر يومئذٍ الْبُسْر وَالتَّمْر.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث جَعْفَر بن عبد الله بن الحكم عَن أنس قَالَ:
لقد أنزل الله هَذَا الْآيَة الَّتِي حرم فِيهَا الْخمر وَمَا بِالْمَدِينَةِ شرابٌ إِلَّا من تمر.
1879 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس: أَن جدته مليكَة دعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لطعامٍ صَنعته، فَأكل ثمَّ قَالَ: " قومُوا فأصلي لكم " قَالَ أنس بن مَالك: فَقُمْت إِلَى حَصِير لنا قد اسود من طول مَا لبس، فنضحته بِمَاء، فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فصففت أَنا واليتيم وَرَاءه، والعجوز وَرَاءَنَا، فصلى لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْصَرف.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُوسَى بن أنس عَن أنس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بِهِ وبأمه أَو خَالَته. قَالَ: فأقامني عَن يَمِينه، وَأقَام الْمَرْأَة خلفنا.
وَمن حَدِيث أبي التياح يزِيد بن حميد عَن أنس قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحسن النَّاس خلقا، فَرُبمَا تحضر الصَّلَاة وَهُوَ فِي بيتنا، قَالَ: فيأمر بالبساط الَّذِي تَحْتَهُ فيكنس ثمَّ ينضح، ثمَّ يؤم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونقوم خَلفه، فَيصَلي بِنَا. قَالَ: وَكَانَ بساطهم من جريد النّخل.
1880 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن إِسْحَق بن عبد الله عَن أنس قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله، وحانت صَلَاة الْعَصْر، فالتمس النَّاس الْوضُوء فَلم يجدوه، فَأتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/511)
بِوضُوء، فَوضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك الْإِنَاء يَده، وَأمر النَّاس أَن يتوضأوا مِنْهُ.
قَالَ: فَرَأَيْت المَاء يَنْبع من تَحت أَصَابِعه، فَتَوَضَّأ النَّاس، حَتَّى توضأوا من عِنْد آخِرهم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا بِمَاء، فَأتي بقدح رحراح، فَجعل الْقَوْم يتوضأون، فحزرت مَا بَين السّبْعين إِلَى الثَّمَانِينَ، فَجعلت أنظر إِلَى المَاء يَنْبع من بَين أَصَابِعه.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس قَالَ:
حضرت الصَّلَاة، فَقَامَ من كَانَ قَرِيبا من الدَّار وَبَقِي قوم، فَأتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمخضب من حِجَارَة فِيهِ مَاء، فصغر المخضب عَن أَن يبسط فِيهِ كَفه، فَتَوَضَّأ الْقَوْم كلهم، فَقُلْنَا: كم كُنْتُم؟ قَالَ: ثَمَانِينَ وَزِيَادَة.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث الْحسن بن أبي الْحسن عَن أنس بن مَالك قَالَ:
خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض مخارجه، وَمَعَهُ أناسٌ من أَصْحَابه، فَانْطَلقُوا يَسِيرُونَ، فَحَضَرت الصَّلَاة فَلم يَجدوا مَاء يتوضأون بِهِ، فَانْطَلق رجلٌ من الْقَوْم، فجَاء بقدح من مَاء يسير، فَأَخذه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَوَضَّأ، ثمَّ مد أَصَابِعه الْأَرْبَع على الْقدح، ثمَّ قَالَ: " قومُوا توضأوا " فَتَوَضَّأ الْقَوْم حَتَّى بلغُوا فِيمَا يُرِيدُونَ من الْوضُوء، وَكَانُوا سبعين أَو نَحوه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
أُتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِنَاء وَهُوَ بالزوراء، فَوضع يَده فِي الْإِنَاء، فَجعل يَنْبع من بَين أَصَابِعه. فَتَوَضَّأ(2/512)
الْقَوْم. قَالَ قَتَادَة: قلت لأنس: كم كُنْتُم يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: ثَلَاثمِائَة، أوزهاء ثَلَاثمِائَة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ وَأَصْحَابه بالزوراء - قَالَ: والزوراء بِالْمَدِينَةِ عِنْد السُّوق وَالْمَسْجِد فِيمَا ثمَّة - دَعَا بقدح فِيهِ مَاء، فَوضع كَفه فِيهِ، فَجعل يَنْبع من بَين أَصَابِعه، فَتَوَضَّأ جَمِيع أَصْحَابه. قَالَ: قلت: كم كَانُوا يَا أَبَا حَمْزَة؟ قَالَ كَانُوا زهاء ثَلَاثمِائَة.
1881 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ: قَالَ أَبُو طَلْحَة لأم سليم: قد سَمِعت صَوت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضَعِيفا أعرف فِيهِ الْجُوع، فَهَل عنْدك من شَيْء؟ فَقَالَت: نعم، فأخرجت أقراصاً من شعير، ثمَّ أخذت خماراً لَهَا فلفت الْخبز بِبَعْضِه، ثمَّ دسته تَحت ثوبي، وردتني بِبَعْضِه، وأرسلتني إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: فَذَهَبت فَوجدت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا فِي الْمَسْجِد وَمَعَهُ النَّاس، فَقُمْت عَلَيْهِم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أرسلك أَبُو طَلْحَة؟ " فَقلت: نعم. فَقَالَ: " ألطعام؟ " فَقلت: نعم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمن مَعَه: " قومُوا ". قَالَ: فَانْطَلقُوا وَانْطَلَقت بَين أَيْديهم حَتَّى جِئْت أَبَا طَلْحَة، فَأَخْبَرته، فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا أم سليم، قد جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عندنَا مَا نطعمهم. فَقَالَت: الله وَرَسُوله أعلم. وَقَالَ: فَانْطَلق أَبُو طَلْحَة حَتَّى لَقِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَه حَتَّى دخلا، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا عنْدك يَا أم سليم؟ " فَأَتَت بذلك الْخبز، فَأمر بِهِ ففت، وعصرت عَلَيْهِ أم سليم عكةً لَهَا فأدمته، ثمَّ قَالَ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَاءَ الله أَن يَقُول، ثمَّ قَالَ: " ائْذَنْ لعشرة " فَأذن لَهُم فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثمَّ خَرجُوا، ثمَّ قَالَ: " ائْذَنْ لعشرة " فَأذن لَهُم فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثمَّ خَرجُوا ثمَّ قَالَ: " ائْذَنْ لعشرة " حَتَّى أكل الْقَوْم كلهم وشبعوا، وَالْقَوْم سَبْعُونَ رجلا أَو ثَمَانُون ".(2/513)
وَأخرج البُخَارِيّ نَحوه من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين والجعد أبي عُثْمَان وَسنَان ابْن أبي ربيعَة، جَمِيعًا عَن أنس:
أَن أم سليم عَمَدت إِلَى مدٍّ من شعير، جشته وَجعلت مِنْهُ خطيفة، وعصرت عَلَيْهِ عكة لَهَا، ثمَّ بعثتني إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَتَيْته وَهُوَ فِي أَصْحَابه، فدعوته، فَقَالَ: " وَمن معي " فَجئْت فَقلت: إِنَّه يَقُول " وَمن معي "، فَخرج إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّمَا هُوَ شَيْء صَنعته لَك أم سليم، فَدخل، فجيء بِهِ، وَقَالَ: " أَدخل عَليّ عشرَة " ... حَتَّى عد أَرْبَعِينَ، ثمَّ أكل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَجعلت أنظر: هَل نقص مِنْهَا شَيْء.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سعد بن سعيد عَن أنس قَالَ:
بَعَثَنِي أَبُو طَلْحَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأدعوه وَقد جعل طَعَاما، قَالَ: فَأَقْبَلت وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ النَّاس، فَنظر إِلَيّ، فَاسْتَحْيَيْت، فَقلت: أجب أَبَا طَلْحَة، فَقَالَ للنَّاس: " قومُوا " فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا صنعت لَك شَيْئا. قَالَ: فمسها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودعا فِيهَا بِالْبركَةِ، ثمَّ قَالَ: " أَدخل نَفرا من أَصْحَابِي، عشرَة " وَقَالَ: " كلوا " وَأخرج لَهُم شَيْئا من بَين أَصَابِعه، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا فَخَرجُوا، فَقَالَ: " أَدخل عشرَة "، فَأَكَلُوا حَتَّى خَرجُوا، فَمَا زَالَ يدْخل عشرَة وَيخرج عشرَة، حَتَّى لم يبْق مِنْهُم أحدٌ إِلَّا دخل، فَأكل حَتَّى شبع، ثمَّ هيأها فَإِذا هِيَ مثلهَا حِين أكلُوا مِنْهَا.
وَفِي حَدِيث يحيى الْأمَوِي عَن سعد بن سعيد نَحوه، وَفِي آخِره: ثمَّ أَخذ مَا بَقِي فَجَمعه، ثمَّ دَعَا فِيهِ بِالْبركَةِ، قَالَ: فَعَاد كَمَا كَانَ فَقَالَ: " دونكم هَذَا ".
وَلَيْسَ لسعد بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أنس فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.(2/514)
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن أنس قَالَ: أَمر أَبُو طَلْحَة أم سليم أَن تصنع للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما لنَفسِهِ خَاصَّة، ثمَّ أَرْسلنِي إِلَيْهِ. وَقَالَ فِيهِ، فَوضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده، وسمى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " ائْذَنْ لعشرة " فَأذن لَهُم فَدَخَلُوا، فَقَالَ: " كلوا وَسموا الله، فَأَكَلُوا حَتَّى فعل ذَلِك بِثَمَانِينَ رجلا، ثمَّ أكل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك وَأهل الْبَيْت، وَتركُوا سؤراً.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث يحيى بن عمَارَة بن أبي حُسَيْن عَن أنس بِهَذِهِ الْقِصَّة، وَفِيه: فَقَامَ أَبُو طَلْحَة على الْبَاب حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ:
يَا رَسُول الله، إِنَّمَا كَانَ شَيْئا يَسِيرا. فَقَالَ: " هلمه، فَإِن الله سَيجْعَلُ فِيهِ الْبركَة ".
وَمن حَدِيث عبد الله بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس بِنَحْوِ هَذَا، وَفِيه: ثمَّ
أكل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأكل أهل الْبَيْت، ثمَّ أفضلوا مَا بلغُوا جيرانهم.
وَمن حَدِيث عَمْرو بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ:
رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُضْطَجعا فِي الْمَسْجِد يتقلب ظهرا لبطنٍ، وظنه جائعاً، وسَاق الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ: ثمَّ أكل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو طَلْحَة وَأم سليم وَأنس، وفضلت فضلةٌ، فأهدينا لجيراننا.
وَمن حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الله بن أبي طَلْحَة
أَنه سمع أنس بن مَالك يَقُول: جِئْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَوَجَدته جَالِسا مَعَ أَصْحَابه وَقد عصب بَطْنه بعصابة، قَالَ أُسَامَة بن زيد: وَأَنا أَشك - على حجر، قَالَ: فَقلت لبَعض أَصْحَابه: لم عصب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَطْنه؟ فَقَالَ: من الْجُوع. فَذَهَبت إِلَى أبي طَلْحَة، وَهُوَ زوج أم سليم بنت ملْحَان فَقلت: يَا أبتاه قد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عصب بَطْنه بعصابة، فَسَأَلت بعض أَصْحَابه فَقَالُوا: من الْجُوع. وَدخل أَبُو طَلْحَة على أُمِّي فَقَالَ: هَل من شَيْء؟ قَالَت: نعم، عِنْدِي كسرٌ من خبز وتمرات، فَإِن جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/515)
وَحده أشبعناه، وَإِن جَاءَ آخر مَعَه قل عَنْهُم، ثمَّ ذكر سَائِر الحَدِيث.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث النَّضر بن أنس عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَعَام أبي طَلْحَة بِنَحْوِ حَدِيثهمْ فِي إشباع الْقَوْم كلهم جَمِيعًا.
فِي هَذَا الحَدِيث وَفِي الَّذِي قبله مَا فِي مَعْنَاهُمَا من المعجزة.
1882 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن إِسْحَق عَن أنس قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَة أَكثر الْأَنْصَار بِالْمَدِينَةِ مَالا من نخل، وَكَانَ أحب أَمْوَاله إِلَيْهِ بيرحاء، وَكَانَت مُسْتَقْبلَة الْمَسْجِد، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدخلهَا وَيشْرب من مَاء فِيهَا طيب، قَالَ أنس: فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} [آل عمرَان] قَامَ أَبُو طَلْحَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول: {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} وَإِن أحب مَالِي إِلَيّ بيرحاء، وَإِنَّهَا صَدَقَة لله أَرْجُو برهَا وَذُخْرهَا عِنْد الله، فضعها يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ أَرَاك الله. قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ذَلِك مالٌ رابحٌ، ذَلِك مَال رابح. وَقد سَمِعت مَا قلت، وَإِنِّي أرِي أَن تجعلها فِي الْأَقْرَبين ". فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: أفعل يَا رَسُول الله. فَقَسمهَا أَبُو طَلْحَة فِي أَقَاربه وَبني عَمه.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ ثَابت عَن أنس:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي طَلْحَة: " اجْعَلْهُ لفقراء أقاربك " فَجَعلهَا لحسان وَأبي بن كَعْب. قَالَ: وَقَالَ الْأنْصَارِيّ. حَدثنِي أبي عَن ثُمَامَة عَن أنس بِمثل حَدِيث ثَابت، وَقَالَ: " اجْعَلْهَا لفقراء قرابتك " قَالَ أنس: فَجَعلهَا لحسان وَأبي بن كَعْب، وَكَانَ أقرب إِلَيْهِ مني، وَكَانَت قرَابَة حسان وَأبي من أبي طلحه - واسْمه زيدين سهل بن الْأسود بن حرَام بن عَمْرو بن زيد مَنَاة بن عدي بن عَمْرو بن مَالك بن النجار. وَحسان بن ثَابت بن الْمُنْذر بن حرَام، يَجْتَمِعَانِ إِلَى حرَام، وَهُوَ الْأَب الثَّالِث.(2/516)
وَقَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ إِسْمَاعِيل:
أَخْبرنِي عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة - لَا أعلمهُ إِلَّا عَن أنس قَالَ: لما نزلت: {لن تنالوا الْبر} جَاءَ أَبُو طَلْحَة، ثمَّ ذكر نَحْو مَا تقدم ... إِلَى أَن قَالَ: فَهِيَ إِلَى الله عز وَجل وَإِلَى رَسُوله، أَرْجُو بره وذخره فضعها - أَي رَسُول الله - حَيْثُ أَرَاك الله. فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بخ يَا أَبَا طَلْحَة، ذَلِك مَال رابحٌ، قبلناه مِنْك، ورددناه عَلَيْك، فاجعله فِي الْأَقْرَبين " فَتصدق بِهِ أَبُو طَلْحَة على ذَوي رَحمَه.
قَالَ: وَكَانَ مِنْهُم أبي وَحسان، قَالَ: فَبَاعَ حسان حِصَّته مِنْهُ من مُعَاوِيَة، فَقيل لَهُ: تبيع صَدَقَة أبي طَلْحَة؟ فَقَالَ: أَلا أبيع صَاعا من تمر بِصَاع من دَرَاهِم؟ قَالَ: وَكَانَت تِلْكَ الحديقة فِي مَوضِع قصر بني حديلة الَّذِي بناه مُعَاوِيَة. وَهَذَا الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ تَعْلِيقا هُوَ من رِوَايَة أبي الْهَيْثَم وَحده دون الْحميدِي وَأبي إِسْحَق.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
لما نزلت هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر} قَالَ أَبُو طَلْحَة: أرى رَبنَا يسألنا من أَمْوَالنَا، فأشهدك أَنِّي قد جعلت أرضي بيرحى لله، فَقَالَ: " اجْعَلْهَا فِي قرابتك " قَالَ: فَجَعلهَا فِي حسان بن ثَابت وَأبي بن كَعْب.
1883 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن إِسْحَق عَن أنس قَالَ: كنت أَمْشِي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ برد نجراني غليظ الْحَاشِيَة، فأدركه أعرابيٌّ، فجبذه بردائه جبذةً شَدِيدَة، قَالَ أنس فَنَظَرت إِلَى صفحة عاتق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أثرت بهَا حَاشِيَة الرِّدَاء من شدَّة جبذته ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد، مر لي من مَال الله الَّذِي عنْدك، فَالْتَفت إِلَيْهِ فَضَحِك، ثمَّ أَمر لَهُ بعطاء.
وَفِي حَدِيث عِكْرِمَة بن عمار عَن إِسْحَق بن عبد الله قَالَ:
ثمَّ جبذه إِلَيْهِ جبذةً رَجَعَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نحر الْأَعرَابِي.
وَفِي حَدِيث همام:
فجاذبه حَتَّى انْشَقَّ الْبرد، حَتَّى بقيت حَاشِيَته فِي عنق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/517)
1884 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن إِسْحَق أَيْضا عَن أنس: أَن خياطاً دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لطعام صنعه، قَالَ أنس: فَذَهَبت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَلِك الطَّعَام، فَقرب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خبْزًا من شعير ومرقاً فِيهِ دباء وقديدٌ. قَالَ أنس: فَرَأَيْت رَسُول الله يتتبع الدُّبَّاء من حوالي الصحفة، فَلم أزل أحب الدُّبَّاء من يَوْمئِذٍ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس قَالَ:
دخلت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على غُلَام خياط، فَقدم إِلَيْهِ قَصْعَة فِيهَا ثريد وَعَلِيهِ دباء، قَالَ: وَأَقْبل على عمله - يَعْنِي الْغُلَام - قَالَ فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتتبع الدُّبَّاء. قَالَ أنس: فَجعلت أتتبعه وأضعه بَين يَدَيْهِ، قَالَ: وَمَا زلت بعد أحب الدُّبَّاء.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلٌ فَانْطَلَقت مَعَه، فجيء بمرقة فِيهَا دباء، فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل من ذَلِك الدُّبَّاء وَيُعْجِبهُ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك جعلت ألقيه إِلَيْهِ وَلَا أطْعمهُ، قَالَ انس: فَمَا زلت بعد يُعجبنِي الدُّبَّاء
وَعَن حَدِيث معمر عَن ثَابت وَعَاصِم الْأَحول عَن أنس:
أَن رجلا خياطاً دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذكر نَحوه، وَزَاد: قَالَ ثَابت: فَسمِعت أنسا يَقُول: فَمَا صنع لي طَعَام بعد أقدر على أَن يصنع لي فِيهِ دباء إِلَّا صنع.
1885 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن إِسْحَق عَن أنس قَالَ: دَعَا رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الَّذين قتلوا أَصْحَاب بِئْر مَعُونَة ثَلَاثِينَ صباحاً، يَدْعُو على رعل ولحيان وَعصيَّة عَصَتْ الله وَرَسُوله. قَالَ أنس: وَأنزل الله عز وَجل فِي الَّذين قتلوا ببئر مَعُونَة قُرْآنًا قرأناه حَتَّى نسخ بعد: أَن بلغُوا قَومنَا أَن قد لَقينَا رَبنَا فَرضِي عَنَّا ورضينا عَنهُ. كَذَا فِي حَدِيث مَالك عَن إِسْحَق مُخْتَصرا.(2/518)
وَفِي رِوَايَة همام عَن إِسْحَق قَالَ:
بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقْوَامًا من بني سليم إِلَى بني عَامر فِي سبعين. وَفِي رِوَايَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن همام عَن إِسْحَق عَنهُ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث خَاله أَخا لأم سليم، واسْمه حرَام فِي سبعين رَاكِبًا. وَفِي رِوَايَة حَفْص بن عمر عَن همام: فَلَمَّا قدمُوا قَالَ لَهُم خَالِي: أتقدمكم، فَإِن أمنوني حَتَّى أبلغهم عَن رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِلَّا كُنْتُم مني قَرِيبا. فَتقدم فأمنوه، فَبَيْنَمَا يُحَدِّثهُمْ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أومأوا إِلَى رجل مِنْهُم فطعنه، فأنفذه، فَقَالَ: الله أكبر، فزت وَرب الْكَعْبَة. ثمَّ مالوا على بَقِيَّة أَصْحَابه، فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا رجلا أعرج صعد الْجَبَل. قَالَ همام: وَأرَاهُ أخر مَعَه، فَأخْبر جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم قد لقوا رَبهم، فَرضِي عَنْهُم وأرضاهم، قَالَ: فَكُنَّا نَقْرَأ: أَن بلغُوا قَومنَا أَنا لَقينَا رَبنَا، فَرضِي عَنْهُم وأرضانا، ثمَّ نسخ بعد. فَدَعَا عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعِينَ صباحاً، على رعل وذكوان وَبني عصيه، الَّذين عصوا الله وَرَسُوله.
وللبخاري من حَدِيث ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس قَالَ:
لما طعن حرَام بن ملْحَان - وَكَانَ خَاله - يَوْم بِئْر مَعُونَة قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا، فنضحه على وَجهه وَرَأسه، ثمَّ قَالَ: فزت وَرب الْكَعْبَة.
وَمن حَدِيث عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبعين رجلا لحَاجَة - يُقَال لَهُم الْقُرَّاء، فَعرض لَهُم حَيَّان من سليم: رعل وذكوان، عِنْد بِئْر يُقَال لَهَا مَعُونَة، فَقَالَ الْقَوْم: وَالله مَا إيَّاكُمْ أردنَا، وَإِنَّمَا نَحن مجتازون فِي حاجةٍ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَتَلُوهُمْ، فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِم شهرا فِي صَلَاة الْغَدَاة، وَذَلِكَ بَدْء الْقُنُوت، وَمَا كُنَّا نقنت. قَالَ عبد الْعَزِيز: فَسَأَلَ رجلٌ أنسا عَن الْقُنُوت: أبعد الرُّكُوع أَو عِنْد فرَاغ الْقِرَاءَة؟ فَقَالَ: لَا، بل عِنْد فرَاغ الْقِرَاءَة.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
قنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا بعد الرُّكُوع يَدْعُو على أَحيَاء من الْعَرَب(2/519)
وَمن حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن رعلاً وذكوان [وَعصيَّة] وَبني لحيان استمدوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عدوٍّ، فَأَمَدَّهُمْ بسبعين من الْأَنْصَار، كُنَّا نسميهم الْقُرَّاء فِي زمانهم، كَانُوا يحتطبون بِالنَّهَارِ، وَيصلونَ بِاللَّيْلِ، حَتَّى إِذا كَانُوا ببئر مَعُونَة قتلوهم وغدروا بهم، فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقنت شهرا يَدْعُو فِي الصُّبْح على أَحيَاء من الْعَرَب: على رعلٍ وذكوان وَعصيَّة وَبني لحيان.
قَالَ أنس: فقرأنا فيهم قُرْآنًا، ثمَّ إِن ذَلِك رفع: بلغُوا قَومنَا ... وَذكره.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ:
قلت لأنس: هَل قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة؟ قَالَ: نعم بعد الرُّكُوع يَسِيرا.
وَمن حَدِيث أبي مجلز لَاحق بن حميد عَن أنس قَالَ:
قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا بعد الرُّكُوع فِي صَلَاة الصُّبْح يَدْعُو على رعل وذكوان وَيَقُول: " عصية عَصَتْ الله وَرَسُوله ".
وَلمُسلم من حَدِيث أنس بن سِيرِين عَن أنس بن مَالك:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قنت شهرا بعد الرُّكُوع فِي صَلَاة الْفجْر يَدْعُو على بني عصية.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول عَن أنس قَالَ:
سَأَلته عَن الْقُنُوت: قبل الرُّكُوع أَو بعد الرُّكُوع؟ فَقَالَ: قبل الرُّكُوع. قلت: فَإِن نَاسا يَزْعمُونَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قنت بعد الرُّكُوع. فَقَالَ: إِنَّمَا قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا يَدْعُو على أنَاس قتلوا أُنَاسًا من أَصْحَابه يُقَال لَهُم الْقُرَّاء، زهاء سبعين رجلا. زَاد فِي رِوَايَة ثَابت بن يزِيد عَن عَاصِم: وَكَانَ بَينهم وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد. وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة: أصيبوا يَوْم بِئْر مَعُونَة.(2/520)
وَفِي رِوَايَة أبي الْأَحْوَص عَن عَاصِم عَن أنس قَالَ:
بعث نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة يُقَال لَهُم الْقُرَّاء فأصيبوا، فَمَا رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجد على شَيْء مَا وجد عَلَيْهِم، فقنت شهرا فِي صَلَاة الْفجْر وَيَقُول: " إِن عصية عَصَتْ الله وَرَسُوله ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث أبي قلَابَة عَن أنس قَالَ:
كَانَ الْقُنُوت فِي الْمغرب وَالْفَجْر.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث مُوسَى بن أنس عَن أنس، وَمن حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قنت شهرا يلعن رعلاً وذكوان وَعصيَّة، عصوا الله وَرَسُوله، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر للعرنيين.
وَحكى أَبُو مَسْعُود فِي أَفْرَاد مُسلم، فِي تَرْجَمَة مُوسَى بن أنس عَن أنس:
أَن فِيهِ ذكر العرنيين. وَلَيْسَ لذَلِك فِي كتاب مُسلم ذكر. ثمَّ جمع أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس بَين هَذَا الحَدِيث الَّذِي ذكر أَنه من أَفْرَاد مُسلم وَبَين حَدِيث البُخَارِيّ فِي العرنيين من هَذِه الطَّرِيق. وَلَيْسَ فِي حَدِيث البُخَارِيّ فِي العرنيين أصلا ذكر الدُّعَاء على بني لحيان وَعصيَّة، وَجعله من الْمُتَّفق عَلَيْهِ، فَلْيتَأَمَّل. وَحَدِيث البُخَارِيّ فِي آخر، " الزَّكَاة "، وَحَدِيث مُسلم فِي " الصَّلَاة " فِي ذكر الْقُنُوت.
وَلمُسلم من حَدِيث حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
جَاءَ نَاس إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسألوا: أَن ابْعَثْ مَعنا رجَالًا يعلمونا الْقُرْآن وَالسّنة، فَبعث إِلَيْهِم سبعين رجلا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُم الْقُرَّاء، فيهم خَالِي حرَام، يقرءُون الْقُرْآن، ويتدارسون بِاللَّيْلِ يتعلمونه، وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يجيئون بِالْمَاءِ فيضعونه فِي الْمَسْجِد، ويحتطبون فيبيعونه ويشترون بِهِ الطَّعَام لأهل الصّفة والفقراء، فبعثهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم فعرضوا لَهُم،(2/521)
فَقَتَلُوهُمْ قبل أَن يبلغُوا الْمَكَان، فَقَالُوا: " اللَّهُمَّ أبلغ عَنَّا نَبينَا أَنا قد لقيناك فرضينا عَنْك ورضيت عَنَّا. قَالَ:
وأتى رجلٌ حَرَامًا خَال أنس من خَلفه فطعنه بِرُمْح حَتَّى أنفذه، فَقَالَ حرَام: فزت وَرب الْكَعْبَة. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه: " إِن إخْوَانكُمْ قد قتلوا، وَإِنَّهُم قَالُوا: اللَّهُمَّ بلغ عَنَّا نَبينَا أَنا قد لقيناك فرضيت عَنَّا ورضينا عَنْك ".
1886 - الْأَرْبَعُونَ: عَن إِسْحَق بن عبد الله عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يطْرق أَهله لَيْلًا، وَكَانَ يَأْتِيهم غدْوَة أَو عَشِيَّة.
1887 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن إِسْحَق عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدْخل على أحدٍ من النِّسَاء إِلَّا على أَزوَاجه، إِلَّا أم سليم، فَإِنَّهُ كَانَ يدْخل عَلَيْهَا، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: " إِنِّي أرحمها، قتل أَخُوهَا معي " وَأم سليم هِيَ أم أنس بن مَالك، وَلَعَلَّه أَرَادَ: على الدَّوَام، فَإِنَّهُ كَانَ يدْخل على أم حرَام، وَهِي خَالَة أنس.
1888 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن إِسْحَق أَيْضا عَن أنس قَالَ: أصَاب النَّاس سنة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَبينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة، قَامَ أعرابيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هلك المَال، وجاع الْعِيَال، فَادع الله لنا. فَرفع يَدَيْهِ وَمَا نرى فِي السَّمَاء قزعة، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا وضعهما حَتَّى ثار السَّحَاب أَمْثَال الْجبَال، ثمَّ لم ينزل عَن منبره حَتَّى رَأَيْت السَّحَاب يتحادر على لحيته، فمطرنا يَوْمنَا ذَلِك، وَمن الْغَد، وَمن بعد الْغَد، وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى الْجُمُعَة الْأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِك(2/522)
الْأَعرَابِي - أَو قَالَ غَيره - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، تهدم الْبناء، وغرق المَال، فَادع الله لنا. فَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ:
اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا " فَمَا يُشِير بِيَدِهِ إِلَى نَاحيَة من السَّحَاب إِلَّا انفرجت، وَصَارَت الْمَدِينَة مثل الجوبة، وسال وَادي قناة شهرا، وَلم يَأْتِ أحدٌ من نَاحيَة إِلَّا حدث بالجود.
وَأَخْرَجَاهُ بِمَعْنَاهُ من حَدِيث شريك بن عبد الله بن أبي نمر عَن أنس:
أَن رجلا دخل الْمَسْجِد يَوْم جُمُعَة من بابٍ كَانَ نَحْو دَار الْقَضَاء، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قائمٌ يخْطب، فَاسْتقْبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله، هَلَكت الْأَمْوَال، وانقطعت السبل، فَادع الله يغثنا. قَالَ فَرفع رَسُول الله يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا ". قَالَ أنس: وَالله مَا نرى فِي السَّمَاء من سَحَاب وَلَا قزعة، وَمَا بَيْننَا وَبَين سلع من بَيت وَلَا دارٍ، قَالَ: فطلعت من وَرَائه سحابةٌ مثل الترس، فَلَمَّا توسطت السَّمَاء انتشرت ثمَّ أمْطرت، قَالَ: فَلَا وَالله مَا رَأينَا الشَّمْس سِتا. قَالَ: ثمَّ دخل رجل من ذَلِك الْبَاب فِي الْجُمُعَة الْمُقبلَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم يخْطب، فَاسْتَقْبلهُ قَائِما فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَلَكت الْأَمْوَال، وانقطعت السبل، فَادع الله يمْسِكهَا عَنَّا. قَالَ: فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا، اللَّهُمَّ على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشَّجَرَة " قَالَ: فانقلعت، وَخَرجْنَا نمشي فِي الشَّمْس. قَالَ شريك: فَسَأَلت أنس بن مَالك: أهوَ الرجل الأول؟ قَالَ: لَا أَدْرِي.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن ثَابت عَن أنس بِنَحْوِهِ، قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة، فَقَامَ النَّاس فصاحوا، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، قحط(2/523)
الْمَطَر، واحمرت الشّجر، وَهَلَكت الْبَهَائِم، فَادع الله أَن يسقينا فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اسقنا " مرَّتَيْنِ، وَايْم الله، مَا نرى فِي السَّمَاء من قزعة من سَحَاب، فَنَشَأَتْ سَحَابَة وأمطرت، وَنزل عَن الْمِنْبَر، فصلى بِنَا، فَلَمَّا انْصَرف لم تزل تمطر إِلَى الْجُمُعَة الَّتِي تَلِيهَا. فَلَمَّا قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب صاحوا إِلَيْهِ: تهدمت الْبيُوت، وانقطعت السبل، فَادع الله يحبسها عَنَّا. فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا " وتكشطت الْمَدِينَة، فَجعلت تمطر حولهَا وَلَا تمطر الْمَدِينَة قَطْرَة، فَنَظَرت إِلَى الْمَدِينَة وَإِنَّهَا لفي مثل الإكليل.
وَلَيْسَ لِعبيد الله بن عمر عَن ثَابت عَن أنس فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وطرفاً من حَدِيث يحيى وَشريك عَن أنس تَعْلِيقا، وَفِيه: رفع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْت بَيَاض إبطَيْهِ. كَذَا ذكر أَبُو مَسْعُود.
وَأخرجه البُخَارِيّ مُخْتَصرا من حَدِيث أبي عوَانَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة إِذْ جَاءَ رجلٌ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، قحط الْمَطَر، فَادع الله أَن يسقينا، فَدَعَا، فمطرنا، فَمَا كدنا أَن نصل إِلَى مَنَازلنَا، وَمَا زلنا نمطر إِلَى الْجُمُعَة الْمُقبلَة. قَالَ: فَقَامَ ذَلِك الرجل أَو غَيره فَقَالَ " يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يصرفهُ عَنَّا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا " قَالَ: فَلَقَد رَأَيْت السَّحَاب يتقطع يَمِينا وَشمَالًا، يمطرون وَلَا يمطر أهل الْمَدِينَة.
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا مُخْتَصرا من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، وَمن حَدِيث يُونُس بن عبيد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة إِذْ قَامَ رجلٌ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هلك الكراع، هلك الشَّاء، فَادع الله أَن يسقينا، فَمد يَدَيْهِ ودعا.(2/524)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث حَفْص بن عبيد الله بن أنس عَن أنس قَالَ:
جَاءَ أعرابيٌّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ الْمِنْبَر، وَذكر نَحوه، وَقَالَ: وَرَأَيْت السَّحَاب يتمزق، فَكَأَنَّهُ الملاء حِين تطوى.
وَمن حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب، وَذكر نَحْو حَدِيث عبيد الله بن عمر بن ثَابت. وَقَالَ: فألف الله السَّحَاب، ومكثنا حَتَّى رَأَيْت الرجل الشَّديد تهمه نَفسه أَن يَأْتِي أَهله.
1889 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن إِسْحَق عَن أنس قَالَ: كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أصبت حدا. فأقمه على، وَلم يسْأَله، قَالَ: وَحَضَرت الصَّلَاة، فصلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة قَامَ إِلَيْهِ الرجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أصبت حدا، فأقم فِي كتاب الله. قَالَ: " أَلَيْسَ قد صليت مَعنا؟ " قَالَ: نعم. قَالَ: " فَإِن الله قد غفر لَك ذَنْبك أَو حدك ".
1890 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن إِسْحَق بن عبد الله عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَيْسَ من بلدٍ إِلَّا سيطؤه الدَّجَّال إِلَّا مَكَّة وَالْمَدينَة، لَيْسَ نقبٌ من نقابها إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة صافين يحرسونها، فَينزل السبخة، ثمَّ ترجف الْمَدِينَة بِأَهْلِهَا ثَلَاث رجفات، فَيخرج إِلَيْهِ كل كافرٍ ومنافق ".
وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن إِسْحَق نَحوه، وَقَالَ:
" فَيَأْتِي سبخَة الجرف، فَيضْرب رواقه ". وَقَالَ: " فَيخرج إِلَيْهِ كل مُنَافِق وَمُنَافِقَة ".
1891 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن إِسْحَق عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى أَعْرَابِيًا يَبُول فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: " دَعوه " حَتَّى إِذا فرغ دَعَا بماءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ.(2/525)
وَفِي رِوَايَة عِكْرِمَة بن عمار عَن إِسْحَق عَن أنس - وَهُوَ عَم إِسْحَق - قَالَ بَيْنَمَا نَحن فِي الْمَسْجِد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذْ جَاءَ أعرابيٌّ فَقَامَ يَبُول فِي الْمَسْجِد، فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَه، مَه، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تزرموه، دَعوه " فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَال. ثمَّ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: " إِن هَذِه الْمَسَاجِد لَا تصلح لشَيْء من هَذَا الْبَوْل والقذر، إِنَّمَا هِيَ لذكر الله وَالصَّلَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآن " أَو كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: وَأمر رجلا من الْقَوْم، فجَاء بدلوٍ من مَاء فشنه عَلَيْهِ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أنس:
أَن أَعْرَابِيًا قَامَ إِلَى نَاحيَة فِي الْمَسْجِد فَبَال فِيهَا، فصاح بِهِ النَّاس، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " دَعوه " فَلَمَّا فرغ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذنوبٍ، فصب على بَوْله.
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال عَن يحيى:
فَبَال فِي طائفه الْمَسْجِد، فزجره النَّاس فنهاهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا قضى بَوْله أَمر بذنوبٍ من مَاء فأهريق عَلَيْهِ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس بِنَحْوِ هَذَا.
1892 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر وَإِبْرَاهِيم بن ميسرَة - سمعا أنس بن مَالك يَقُول: صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر بِالْمَدِينَةِ أَرْبعا، وَصليت مَعَه الْعَصْر بِذِي الحليفة رَكْعَتَيْنِ. كَذَا فِي حَدِيث سُفْيَان عَنْهُمَا.
وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث ابْن جريج عَن ابْن الْمُنْكَدر وجده عَن أنس قَالَ:
صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ أَرْبعا، وبذي الحليفة رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ بَات حَتَّى أصبح بِذِي الحليفة، فَلَمَّا ركب رَاحِلَته واستوت بِهِ أهل.(2/526)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي قلَابَة عَن أنس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... مثل حَدِيث مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم.
وَفِي رِوَايَة عبد الْوَهَّاب عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة، وَأَحْسبهُ بَات بهَا حَتَّى أصبح.
وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب،
وسمعتهم يصرخون بهما جَمِيعًا.
1893 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " خير دور الْأَنْصَار بَنو النجار، ثمَّ بَنو عبد الْأَشْهَل، ثمَّ بَنو الْحَارِث بن الْخَزْرَج، ثمَّ بَنو سَاعِدَة. وَفِي كل دور الْأَنْصَار خيرٌ ".
1894 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عَن أنس قَالَ: مَا صليت وَرَاء إِمَام قطّ أخف صَلَاة وَلَا أتم صَلَاة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
زَاد فِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال عَن شريك عَن أنس قَالَ:
وَإِن كَانَ ليسمع بكاء الصَّبِي، فيخفف مَخَافَة أَن تفتتن أمه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبد الْعَزِيز صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يوجز الصَّلَاة ويكملها.
وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن زيد عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يوجز الصَّلَاة وَيتم.(2/527)
وَأخرجه البُخَارِيّ من رِوَايَة عبد الْوَارِث بن سعيد عَن عبد الْعَزِيز.
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة حَمَّاد عَنهُ. وَمن حَدِيث أبي عوَانَة عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ من أخف النَّاس صَلَاة فِي تَمام.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِنِّي لأدخل فِي الصَّلَاة وَأَنا أُرِيد إطالتها، فَأَسْمع بكاء الصَّبِي، فأتجوز فِي صَلَاتي مِمَّا أعلم من شدَّة وجد أمه من بكائه ".
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا فَقَالَ بعقب حَدِيث سعيد: وَقَالَ مُوسَى:
حَدثنَا أبان عَن قَتَادَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَعْنِي بِهِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث جَعْفَر بن سُلَيْمَان عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسمع بكاء الصَّبِي مَعَ أمه وَهُوَ فِي الصَّلَاة، فَيقْرَأ بالسورة الْخَفِيفَة أَو بالسورة القصيرة.
وَمن حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
مَا صليت خلف أحدٍ أوجز صَلَاة، وَلَا أتم من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَت صلَاته مقاربةً، وَصَلَاة أبي بكر مقاربة، فَلَمَّا كَانَ عمر مد فِي صَلَاة الصُّبْح.
1895 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن شريك بن عبد الله بن أبي نمر: أَنه سمع أنس ابْن مَالك يَقُول لَيْلَة أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَسْجِد الْكَعْبَة: إِنَّه جَاءَهُ ثَلَاثَة نفرٍ قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ - وَهُوَ نائمٌ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام، فَقَالَ أَوَّلهمْ: أَيهمْ هُوَ؟ فَقَالَ: أوسطهم: هُوَ خَيرهمْ. فَقَالَ أحدهم: خُذُوا خَيرهمْ. فَكَانَت تِلْكَ اللَّيْلَة، فَلم(2/528)
يرهم حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَة أُخْرَى فِيمَا يرى قلبه، وتنام عينه وَلَا ينَام قلبه، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاء، تنام أَعينهم وَلَا تنام قُلُوبهم، فَلم يكلموه حَتَّى احتملوه، فوضعوه عِنْد بِئْر زَمْزَم، فتولاه مِنْهُم جِبْرِيل، فشق جِبْرِيل مَا بَين نَحره إِلَيّ لبته حَتَّى فرغ من صَدره وجوفه، وغسله من مَاء زَمْزَم بِيَدِهِ حَتَّى أنقى جَوْفه، ثمَّ أَتَى بطست من ذهب فِيهِ تور من ذهب محشوٌّ إِيمَانًا وَحِكْمَة، فحشا بِهِ صَدره ولغاديده - يَعْنِي عروق حلقه - ثمَّ أطبقه، ثمَّ خرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، فَضرب بَابا من أَبْوَابهَا، فناداه أهل السَّمَاء: من هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قَالُوا: وَمن مَعَك؟ قَالَ معي مُحَمَّد قَالُوا: وَقد بعث؟ قَالَ: نعم قَالَ: فمرحباً بِهِ وَأهلا، يستبشر بِهِ أهل السَّمَاء، لَا يعلم أهل السَّمَاء مَا يُرِيد الله بِهِ فِي الأَرْض حَتَّى يعلمهُمْ، فَوجدَ فِي السَّمَاء الدُّنْيَا آدم، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: هَذَا أَبوك آدم، فَسلم عَلَيْهِ، فَرد عَلَيْهِ آدم وَقَالَ: مرْحَبًا وَأهلا يَا بني، نعم الابْن أَنْت. فَإِذا هُوَ فِي السَّمَاء الدُّنْيَا بنهرين يطردان، فَقَالَ: مَا هَذَانِ النهران يَا جِبْرِيل؟ قَالَ: هَذَا النّيل والفرات عنصرهما. ثمَّ مضى بِهِ فِي السَّمَاء فَإِذا هُوَ بنهر آخر، عَلَيْهِ قصر من لُؤْلُؤ وَزَبَرْجَد، فَضرب يَده، فَإِذا هُوَ مسك أذفر، قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي خبأ لَك رَبك.
ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة، فَقَالَت الْمَلَائِكَة لَهُ مثل مَا قَالَت الأولى:
من هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قَالُوا: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قَالُوا: وَقد بعث إِلَيْهِ؟ قَالَ: نعم. قَالُوا: مرْحَبًا بِهِ وَأهلا.
ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة، وَقَالُوا لَهُ مثل مَا قَالَت الأولى وَالثَّانيَِة، ثمَّ عرج بِهِ إِلَى الرَّابِعَة فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك، ثمَّ عرج بِهِ إِلَى الْخَامِسَة، فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك، ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّادِسَة، فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك، ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّابِعَة فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك. كل سماءٍ فِيهَا أَنْبيَاء قد سماهم، فأوعيت مِنْهُم إِدْرِيس فِي الثَّانِيَة،(2/529)
وَهَارُون فِي الرَّابِعَة، وَآخر فِي الْخَامِسَة لم أحفظ اسْمه، وَإِبْرَاهِيم فِي السَّادِسَة، ومُوسَى فِي السَّابِعَة بتفضيل كَلَام الله. فَقَالَ مُوسَى: رب، لم أَظن أَن ترفع عَليّ أحدا، ثمَّ علا بِهِ فَوق ذَلِك بِمَا لَا يُعلمهُ أحد إِلَّا الله، حَتَّى جَاءَ سِدْرَة الْمُنْتَهى، ودنا الْجَبَّار رب الْعِزَّة فَتَدَلَّى، حَتَّى كَانَ مِنْهُ قاب قوسين أَو أدنى، فَأوحى الله إِلَيْهِ فِيمَا يُوحى إِلَيْهِ خمسين صَلَاة على أمتك كل يَوْم وَلَيْلَة، ثمَّ هَبَط حَتَّى بلغ مُوسَى، فاحتبسه مُوسَى فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، مَاذَا عهد إِلَيْك رَبك؟ قَالَ: " عهد إِلَيّ خمسين صَلَاة كل يَوْم وَلَيْلَة ". قَالَ: إِن أمتك لَا تَسْتَطِيع ذَلِك، فَارْجِع فليخفف عَنْك رَبك وعنهم، فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جِبْرِيل كَأَنَّهُ يستشيره فِي ذَلِك، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيل: أَن نعم إِن شِئْت، فعلا بِهِ إِلَى الْجَبَّار تَعَالَى، فَقَالَ وَهُوَ مَكَانَهُ: خفف عَنَّا، فَإِن أمتِي لَا تَسْتَطِيع هَذَا، فَوضع عَنهُ عشر صلوَات، ثمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى، فاحتبسه، فَلم يزل يردده مُوسَى إِلَى ربه حَتَّى صَارَت إِلَى خمس صلوَات، ثمَّ احتبسه مُوسَى عِنْد الْخمس فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، وَالله لقد راودت بني إِسْرَائِيل قومِي على أدنى من هَذَا، فضعفوا وتركوه، فأمتك أَضْعَف أجساداً وَقُلُوبًا وأبصاراً وأسماعاً، فَارْجِع فليخفف عَنْك رَبك. كل ذَلِك يلْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جِبْرِيل ليشير عَلَيْهِ، فَلَا يكره ذَلِك جِبْرِيل، فرفعه عِنْد الْخَامِسَة، فَقَالَ: " يَا رب، إِن أمتِي ضعفاء أَجْسَادهم وَقُلُوبهمْ وأسماعهم وأبدانهم، فَخفف عَنَّا ". فَقَالَ الْجَبَّار: " يَا مُحَمَّد "، قَالَ: " لبيْك وَسَعْديك ". قَالَ: " إِنَّه لَا يُبدل القَوْل لدي كَمَا فرضت عَلَيْك فِي أم الْكتاب، فَكل حَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا، فَهِيَ خَمْسُونَ بِأم الْكتاب، وَهِي خمسٌ عَلَيْك " فَرجع إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كَيفَ فعلت؟ فَقَالَ: " خفف عَنَّا، أَعْطَانَا بِكُل حسنةٍ عشر أَمْثَالهَا ". فَقَالَ مُوسَى: قد وَالله راودت بني إِسْرَائِيل على أدنى من ذَلِك فَتَرَكُوهُ فَارْجِع إِلَى رَبك فليخفف عَنْك أَيْضا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا مُوسَى، قد وَالله استحييت من رَبِّي مِمَّا أختلف إِلَيْهِ ". قَالَ: فاهبط باسم الله. فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام. هَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ.(2/530)
وأدرج مسلمٌ حَدِيث شريك عَن أنس الْمَوْقُوف عَلَيْهِ على حَدِيث ثَابت الْبنانِيّ الْمسند، وَذكر من أول حَدِيث شريك طرفا، ثمَّ قَالَ: وسَاق الحَدِيث نَحْو حَدِيث ثَابت. قَالَ مُسلم: وَقدم وَأخر، وَزَاد وَنقص، وَلَيْسَ فِي حَدِيث ثَابت من هَذِه الْأَلْفَاظ إِلَّا مَا نورده على نَصه.
أخرجه مُسلم وَحده من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أتيت بِالْبُرَاقِ - وَهُوَ دَابَّة أَبيض طَوِيل، فَوق الْحمار وَدون الْبَغْل، يضع حَافره عِنْد مُنْتَهى طرفه. قَالَ: فركبته حَتَّى أتيت بَيت الْمُقَدّس. قَالَ: فربطته بالحلقة الَّتِي يرْبط بهَا الْأَنْبِيَاء. قَالَ: ثمَّ دخلت الْمَسْجِد فَصليت فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ خرجت فَجَاءَنِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِإِنَاء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللَّبن، فَقَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: اخْتَرْت الْفطْرَة. قَالَ: ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل، فَقيل: من أَنْت؟ قَالَ: جِبْرِيل. قيل: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ؟ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ. فَفتح لنا، فَإِذا أَنا بِآدَم، فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير. ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل، فَقيل لَهُ: من أَنْت؟ قَالَ: جِبْرِيل. قيل: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ. قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ فَفتح لنا، فَإِذا أَنا بِابْني الْخَالَة عِيسَى بن مَرْيَم وَيحيى بن زَكَرِيَّا صلوَات الله عَلَيْهِمَا، فرحبا ودعوا لي بِخَير، ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من أَنْت؟ قَالَ: جِبْرِيل. قيل: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قَالَ: قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ؟ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ، فَفتح لنا، فَإِذا أَنا بِيُوسُف، إِذا هُوَ قد أعطي شطر الْحسن. قَالَ: فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير، ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل، قيل: من هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. وَقيل: وَمن مَعَك؟ قَالَ مُحَمَّد. قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ؟ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ. فَفتح لنا، فَإِذا أَنا بِإِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام فَرَحَّبَ ودعا لي بِخَير، قَالَ الله عز وَجل: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا} [مَرْيَم] ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل، قيل: من هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قيل: وَمن مَعَك؟ قَالَ:(2/531)
مُحَمَّد. قيل: قد بعث إِلَيْهِ. قَالَ: وَقد بعث إِلَيْهِ. فَإِذا أَنا بهَارُون عَلَيْهِ السَّلَام، فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير. ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل، قيل: من هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قيل: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ؟ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ، فَفتح لنا، فَإِذا أَنا بمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير، ثمَّ عرج، إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل. فَقيل: من هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قيل: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ؟ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ. فَفتح لنا، فَإِذا أَنا بإبراهيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسْندًا ظَهره إِلَى الْبَيْت الْمَعْمُور، وَإِذا هُوَ يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون إِلَيْهِ. ثمَّ ذهب إِلَى السِّدْرَة الْمُنْتَهى، وَإِذا وَرقهَا كآذان الفيلة، وَإِذا ثَمَرهَا كالقلال. قَالَ: فَلَمَّا غشيها من أَمر الله عز وَجل مَا غشي، تَغَيَّرت، فَمَا أحدٌ من خلق الله يَسْتَطِيع أَن ينعتها من حسنها، فَأوحى إِلَيّ مَا أوحى، فَفرض عَليّ خمسين صَلَاة فِي كل يومٍّ وَلَيْلَة، فَنزلت إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فرض رَبك على أمتك؟ قلت: خمسين صَلَاة. قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف، فَإِن أمتك لَا تطِيق ذَلِك، فَإِنِّي قد بلوت بني إسرئيل أَو خبرتهم. قَالَ: " فَرَجَعت إِلَى رَبِّي فَقلت: يَا رب خفف على أمتِي، فحط عني خمْسا، فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقلت: حط عني خمْسا. فَقَالَ: إِن أمتك لَا يُطِيقُونَ ذَلِك، فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف. قَالَ: فَلم أزل أرجع بَين رَبِّي تبَارك وَتَعَالَى وَبَين مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّد، إنَّهُنَّ خمس صلوَات كل يَوْم وَلَيْلَة، لكل صَلَاة عشر. فَذَلِك خَمْسُونَ صَلَاة، وَمن هم بحسنة وَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة، فَإِن عَملهَا كتبت عشرا. وَمن هم بسيئة فَلم يعملها لم تكْتب شَيْئا، فَإِن عَملهَا كتبت سَيِّئَة وَاحِدَة. قَالَ: فَنزلت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى مُوسَى، فَأَخْبَرته فَقَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَقلت: قد رجعت إِلَى رَبِّي حَتَّى استحييت مِنْهُ ".(2/532)
وَأخرج مُسلم أَيْضا طرفا مِنْهُ من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أتيت فَانْطَلقُوا بِي إِلَى زَمْزَم، فشرح عَن صَدْرِي، ثمَّ غسل بِمَاء زَمْزَم، ثمَّ أنزلت " لم يزدْ مُسلم على هَذَا فِيمَا رَأينَا من نسخ كِتَابه.
وَتَمَامه فِي كتاب أبي بكر البرقاني بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " ثمَّ أنزلت طستاً من ذهب ممتلئةً إِيمَانًا وَحِكْمَة، فحشا بهَا صَدْرِي، ثمَّ عرج بِي الْملك إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، فَاسْتَفْتَحَ الْملك فَقَالَ: من ذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قَالَ: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قَالَ: وَقد بعث؟ قَالَ: نعم فَفتح فَإِذا آدم. فَقَالَ: مرْحَبًا بك من ولد، ومرحباً بك من رَسُول. ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة، واستفتح فَقَالَ: من ذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل.
قَالَ: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قَالَ: وَقد بعث؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَفتح، فَإِذا عِيسَى وَيحيى. فَقَالَا: مرْحَبًا بك من أخٍ، ومرحباً بك من رَسُول. قَالَ: ثمَّ عرج بِي الْملك إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة، ثمَّ استفتح قَالَ: من ذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قَالَ: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قَالَ: وَقد بعث إِلَيْهِ. قَالَ: نعم، فَفتح، فَإِذا يُوسُف، قَالَ مرْحَبًا بك من أخٍ، ومرحباً بك من رَسُول. قَالَ: ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة، ثمَّ استفتح فَقَالَ: من ذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قَالَ: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قَالَ وَقد بعث؟ قَالَ: نعم. فَإِذا إِدْرِيس فِي الرَّابِعَة، فَقَالَ: مرْحَبًا بك من أخٍ، ومرحباً بك من رَسُول. قَالَ: ثمَّ عرج إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة، ثمَّ استفتح فَقَالَ: من ذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قَالَ: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قَالَ: وَقد بعث؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَفتح فَإِذا هَارُون. فَقَالَ: مرْحَبًا بك من أخٍ. ومرحباً بك من رَسُول. ثمَّ عرج بِي الْملك إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة، ثمَّ استفتح فَقَالَ: من ذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل قَالَ: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قَالَ: وَقد بعث؟ قَالَ: نعم. فَفتح فَإِذا مُوسَى فَقَالَ: مرْحَبًا بك من أَخ، ومرحباً بك من رَسُول. ثمَّ عرج إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة ثمَّ استفتح.
فَقَالَ: من ذَا؟ قَالَ: جِبْرِيل. قَالَ: وَمن مَعَك؟ قَالَ: مُحَمَّد. قَالَ: وَقد بعث؟ قَالَ نعم. فَفتح فَإِذا إِبْرَاهِيم فَقَالَ: مرْحَبًا بك من ولد، ومرحباً بك من رَسُول.
فانتهيت إِلَى بناءٍ فَقلت للْملك: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا بناءٌ بناه الله عز وَجل للْمَلَائكَة(2/533)
يدْخل فِيهِ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك، يقدسون الله ويسبحونه وَلَا يعودون فِيهِ.
قَالَ: ثمَّ انْتَهَيْت إِلَى السِّدْرَة، وَأَنا أعرف أَنَّهَا سِدْرَة، أعرف وَرقهَا وَثَمَرهَا، قَالَ: فَلَمَّا غشيها من أَمر الله مَا غشيها تحركت حَتَّى مَا يَسْتَطِيع أحدٌ نعتها. قَالَ: وَفرض عَليّ خَمْسُونَ صَلَاة، فَأتيت على مُوسَى، قَالَ: بكم أمرت؟ قلت: أمرت بِخَمْسِينَ صَلَاة. قَالَ: فَإِن أمتك لَا تطِيق هَذَا، فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف. فَرَجَعت إِلَى رَبِّي، فَوضع عني عشرا. قَالَ: فَمَا زلت بَين رَبِّي ومُوسَى حَتَّى جعلهَا خمس صلوَات، فَأتيت على مُوسَى، فَقَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف. قَالَ: لَا بل أسلم لرَبي، فنوديت: إِنِّي قد كملت فريضتي، وخففت عَن عبَادي بِكُل صَلَاة عشر صلوَات ".
1896 - الْخَمْسُونَ: عَن أبي طواله عبد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " فضل عَائِشَة على النِّسَاء كفضل الثَّرِيد على سَائِر الطَّعَام ".
1897 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن أبي طواله عَن أنس قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أم حرَام بنت ملْحَان. قَالَ بعض الروَاة: وَهِي خَالَة أنس - فاتكأ عِنْدهَا، ثمَّ ضحك فَقَالَت: مِم تضحك يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ: " ناسٌ من أمتِي يركبون الْبَحْر الْأَخْضَر فِي سَبِيل الله، مثلهم مثل الْمُلُوك على الأسرة " " قَالَت: يَا رَسُول الله أدع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. قَالَ: " اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مِنْهُم " ثمَّ عَاد فَضَحِك فَقَالَت لَهُ مثل ذَلِك، فَقَالَ لَهَا مثل ذَلِك، فَقَالَت: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: " أَنْت من الْأَوَّلين، وَلست من الآخرين " قَالَ أنس: تزوجت عبَادَة بن الصَّامِت، فركبت الْبَحْر مَعَ بنت قُرَيْظَة، فَلَمَّا قفلت ركبت دابتها، فَوَقَعت بهَا فَسَقَطت بهَا فَمَاتَتْ.
وَعند مُسلم من رِوَايَة مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن أنس عَن أم حرَام - ذكر الرُّؤْيَا، جعله فِي مُسْند أم حرَام. وَسَيَجِيءُ فِي مسندها إِن شَاءَ الله تَعَالَى.(2/534)
1898 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يتبع الْمَيِّت ثلاثةٌ: أَهله وَمَاله وَعَمله، فَيرجع اثْنَان وَيبقى واحدٌ، يرجع أَهله وَمَاله، وَيبقى عمله ".
وَلَيْسَ لعبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أنس فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
1899 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن أنس أَنه وصف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: كَانَ ربعَة من الْقَوْم، لَيْسَ بالطويل الْبَائِن، وَلَا بالقصير، أَزْهَر اللَّوْن، لَيْسَ بأبيض وَلَا آدم، لَيْسَ بجعدٍ قططٍ وَلَا سبطٍ، رجلٌ، أنزل عَلَيْهِ وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ، فَلبث بِمَكَّة عشر سِنِين ينزل عَلَيْهِ، وبالمدينة عشر سِنِين، وتوفاه الله على رَأس سِتِّينَ، وَلَيْسَ فِي رَأسه ولحيته عشرُون شَعْرَة بَيْضَاء. قَالَ ربيعَة: فَرَأَيْت شعرًا من شعره عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا هُوَ أَحْمَر، فَسَأَلت، فَقيل: أَحْمَر من الطّيب.
وَلَيْسَ لِرَبِيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن فِي مُسْند أنس عَنهُ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث همام عَن قَتَادَة عَن أنس، أَو عَن رجل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضخم الْقَدَمَيْنِ، حسن الْوَجْه، لم أر بعده مثله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَمن حَدِيث جرير بن حَازِم عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضخم الْيَدَيْنِ، لم أر بعده مثله، وَكَانَ شعر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا، لَا جعد وَلَا سبط.(2/535)
وَفِي رِوَايَة أبي النُّعْمَان عَن جرير بن حَازِم عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضخم الرَّأْس والقدمين، لم أر قبله وَلَا بعده مثله. وَكَانَ سبط الْكَفَّيْنِ.
قَالَ البُخَارِيّ:
قَالَ هِشَام بن يُوسُف عَن معمر عَن قَتَادَة عَن أنس: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شثن الْكَفَّيْنِ والقدمين. وَقَالَ أَبُو هِلَال عَن قَتَادَة عَن أنس أَو جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضخم الْكَفَّيْنِ والقدمين، لم أر بعده شَبِيها لَهُ.
وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
مَا مسست حَرِيرًا وَلَا ديباجاً أَلين من كف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا شممت ريحًا قطّ وَلَا عرقاً أطيب من ريح أَو عرق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَعند مُسلم من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَزْهَر اللَّوْن، كَأَن عرقه اللُّؤْلُؤ، إِذا مَشى تكفأ، وَلَا مسست ديباجة وَلَا حريرة أَلين من كف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا شممت مسكةً وَلَا عنبرةً أطيب من رَائِحَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَمن حَدِيث جَعْفَر بن سُلَيْمَان وَسليمَان بن الْمُغيرَة جَمِيعًا عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
مَا شممت عنبراً قطّ، وَلَا مسكاً، وَلَا شَيْئا أطيب من ريح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا مسست شَيْئا قطّ: ديباجاً وَلَا حَرِيرًا أَلين مساً من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1900 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو مولى الْمطلب بن عبد الله ابْن حنْطَب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي طَلْحَة: " التمس لنا غُلَاما من غِلْمَانكُمْ يخدمني " يَعْنِي عِنْد خُرُوجه إِلَى خَيْبَر. فَخرج بِي أَبُو طَلْحَة يردفني وَرَاءه(2/536)
فَكنت أخدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلما نزل، فَكنت أسمعهُ يكثر أَن يَقُول.
" اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن، وَالْعجز والكسل، وَالْبخل، والجبن، وضلع الدّين، وَغَلَبَة الرِّجَال " فَلم أزل أخدمه حَتَّى أَقبلنَا من خَيْبَر، وَأَقْبل بصفيه بنت حييّ قد حازها، فَكنت أرَاهُ يحوي وَرَاءه بعباءة أَو بكساء، ثمَّ يردفها وَرَاءه، حَتَّى إِذا كُنَّا بالصهباء صنع حَيْسًا فِي نطع، ثمَّ أَرْسلنِي فدعوت رجَالًا فَأَكَلُوا، وَكَانَ ذَلِك بناءه بهَا، ثمَّ أقبل حَتَّى إِذا بدا لَهُ أحد قَالَ: " هَذَا جبلٌ يحبنا ونحبه ". فَلَمَّا أشرف على الْمَدِينَة قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أحرم مَا بَين جبليها مثل مَا حرم إِبْرَاهِيم مَكَّة، اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِي مدهم وصاعهم ".
وَفِي حَدِيث عبد الْغفار بن دَاوُد وَابْن وهب أَن أنسا قَالَ:
قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر. فَلَمَّا فتح الله عَلَيْهِ الْحصن ذكر لَهُ جمال صَفِيَّة بنت حييّ بن أَخطب، وَقد قتل زَوجهَا وَكَانَت عروساً، فاصطفاها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنَفسِهِ، فَخرج بهَا حَتَّى بلغنَا سد الروحاء، فَحلت فَبنى بهَا، ثمَّ صنع حَيْسًا فِي نطع صَغِير، ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " آذن من حولك " فَكَانَت تِلْكَ وَلِيمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على صَفِيَّة ثمَّ خرجنَا إِلَى الْمَدِينَة قَالَ: فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحوي لَهَا وَرَاءه بعباءة، ثمَّ يجلس عِنْد بعيره، فَيَضَع ركبته، فتضع صَفِيَّة رجلهَا على ركبته حَتَّى تركب.
وَقد أخرجَا هَذَا الطّرف الْمَذْكُور فِيهِ من الدُّعَاء بأتم من هَذَا من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أنس قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْعَجز والكسل، والجبن، والهرم، وَالْبخل. وَأَعُوذ بك من عَذَاب الْقَبْر، وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات ".(2/537)
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث شُعَيْب بن الحبحاب عَن أنس قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو بِهَذِهِ الدَّعْوَات: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْبُخْل، والكسل، وأرذل الْعُمر، وَعَذَاب الْقَبْر، وفتنة الْمحيا وَالْمَمَات ".
وَعند البُخَارِيّ هَذَا الطّرف مِنْهُ فِي الدُّعَاء مُخْتَصرا من حَدِيث عبد الْوَارِث عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَعَوَّذ يَقُول: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الكسل، وَأَعُوذ بك من الْجُبْن، وَأَعُوذ بك من الْهَرم، وَأَعُوذ بك من الْبُخْل ".
وَعِنْدَهُمَا طرف مِنْهُ فِي تَحْرِيم الْمَدِينَة، وَزِيَادَة فِيهِ من حَدِيث عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول قَالَ: قلت لأنس:
أحرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة؟ قَالَ: نعم، مَا بَين كَذَا إِلَى كَذَا، فَمن أحدث فِيهَا حَدثا، ثمَّ قَالَ لي: هَذِه شَدِيدَة: " من أحدث فِيهَا حَدثا فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا يقبل الله مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة صرفا وَلَا عدلا ".
وَفِي رِوَايَة يزِيد بن هَارُون عَن عَاصِم قَالَ:
سَأَلت أنسا: أحرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة؟ قَالَ: نعم، هِيَ حرَام، لَا يخْتَلى خَلاهَا، فَمن فعل ذَلِك فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا فِي أَمر صَفِيَّة وخيبر من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت وَعبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الصُّبْح بِغَلَس، ثمَّ ركب فَقَالَ: " الله أكبر، خربَتْ خَيْبَر إِنَّا إِذا نزلنَا بساحه قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين " فَخَرجُوا يسعون فِي السكَك وَيَقُولُونَ: مُحَمَّد وَالْخَمِيس - وَالْخَمِيس الْجَيْش - فَظهر(2/538)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقتل الْمُقَاتلَة وسبى الذَّرَارِي، فَصَارَت صَفِيَّة لدحية الْكَلْبِيّ وَصَارَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ تزَوجهَا وَجعل صَدَاقهَا عتقهَا. فَقَالَ عبد الْعَزِيز لِثَابِت: يَا أَبَا مُحَمَّد، أَنْت سَأَلت أنسا: مَا مهرهَا، قَالَ: أمهرها نَفسهَا؟ فَتَبَسَّمَ.
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد: فحرك ثَابت رَأسه تَصْدِيقًا لَهُ.
وَفِي رِوَايَة قُتَيْبَة عَن حَمَّاد عَن ثَابت، وَشُعَيْب بن الحبحاب عَن أنس: أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أعتق صَفِيَّة وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا. لم يزدْ.
وَفِي حَدِيث يُونُس بن عبيد عَن أنس مثل ذَلِك - من رِوَايَة سُفْيَان عَنهُ عَن شُعَيْب.
وللبخاري نَحْو هَذَا من حَدِيث شُعْبَة عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
سبى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَفِيَّة، فَأعْتقهَا وَتَزَوجهَا. فَقَالَ ثَابت لأنس: مَا أصدقهَا؟ قَالَ: نَفسهَا، فَأعْتقهَا.
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا من ذكر صَفِيَّة من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس:
أَن صَفِيَّة كَانَت فِي السَّبي، فَصَارَت إِلَى دحْيَة، ثمَّ صَارَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرج مُسلم مِنْهُ طرفا فِي " الْعتْق " من حَدِيث أبي عوَانَة عَن قَتَادَة، وَعبد الْعَزِيز عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعتق صَفِيَّة وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا.
وَفِي " النِّكَاح " من حَدِيث الْجَعْد أبي عُثْمَان عَن أنس مثله.(2/539)
وَأَخْرَجَاهُ بِطُولِهِ من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غزا خَيْبَر، قَالَ: فصلينا عِنْدهَا صَلَاة الْغَدَاة بِغَلَس، فَركب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَركب أَبُو طَلْحَة وَأَنا رَدِيف أبي طَلْحَة، فَأجرى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي زقاق خَيْبَر، وَإِن ركبتي لتمس فَخذ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وانحسر الْإِزَار عَن فَخذ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِنِّي لأرى بَيَاض فَخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَفِي رِوَايَة يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن ابْن علية: ثمَّ حسر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِزَار عَن فَخذه، حَتَّى إِنِّي لأنظر إِلَى بَيَاض فَخدَّ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَلَمَّا دخل الْقرْيَة قَالَ: " الله أكبر، خربَتْ خَيْبَر، إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين " قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات. قَالَ: وَقد خرج الْقَوْم إِلَى أَعْمَالهم، فَقَالُوا: مُحَمَّد. قَالَ عبد الْعَزِيز: وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: وَالْخَمِيس.
قَالَ: فأصبناها عنْوَة، وَجمع السَّبي، فجَاء دحْيَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَعْطِنِي جَارِيَة من السَّبي. فَقَالَ اذْهَبْ فَخذ جَارِيَة. فَأخذ صَفِيَّة بنت حييّ. فجَاء رجلٌ إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله، أَعْطَيْت دحْيَة صَفِيَّة بنت حييٍّ سيد قُرَيْظَة وَالنضير، مَا تصلح إِلَّا لَك. قَالَ: " ادعوهُ بهَا " قَالَ: فجَاء بهَا، فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " خُذ جَارِيَة من السَّبي غَيرهَا " وأعتقها وَتَزَوجهَا. فَقَالَ لَهُ ثَابت: يَا أَبَا حَمْزَة، مَا أصدقهَا؟ قَالَ: نَفسهَا، أعْتقهَا وَتَزَوجهَا، حَتَّى إِذا كَانَ بِالطَّرِيقِ جهزتها لَهُ أم سليم فأهدتها لَهُ من اللَّيْل، فَأصْبح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عروساً. فَقَالَ: " من كَانَ عِنْده شَيْء فليجئني بِهِ " قَالَ: وَبسط نطعاً. قَالَ: فَجعل الرجل يَجِيء بالأقط، وَجعل الرجل يَجِيء بِالتَّمْرِ، وَجعل الرجل يَجِيء بالسمن، فحاسوا حَيْسًا، فَكَانَت وَلِيمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.(2/540)
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا مِنْهُ من حَدِيث مَالك عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس بن مَالك:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى خَيْبَر لَيْلًا، وَكَانَ إِذا أَتَى قوما بلَيْل لم يغز حَتَّى يصبح، فَلَمَّا أصبح خرجت الْيَهُود بِمساحِيهِمْ وَمَكَاتِلهمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّد وَالْخَمِيس. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " خربَتْ خَيْبَر، إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين ".
وَفِي رِوَايَة يحيى عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقَامَ على صَفِيَّة بنت حييّ بطرِيق خَيْبَر ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى أعرس بهَا، وَكَانَت فِيمَن ضرب عَلَيْهَا الْحجاب.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس نَحْو حَدِيث مَالك عَن حميد عَن أنس، وَزَاد:
فأصبنا من لُحُوم الْحمر، فَنَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله وَرَسُوله ينهيانكم عَن لُحُوم الْحمر، فَإِنَّهَا رجسٌ. وَمِنْهُم من قَالَ عَنهُ: فَإِنَّهَا رجسٌ أَو نجس، وَإِن الْمُنَادِي كَانَ أَبَا طَلْحَة.
وَفِي وَفِي رِوَايَة عبد التواب عَن أَيُّوب عَن مُحَمَّد:
إِن الله وَرَسُوله ينهيانكم عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة فأكفيت الْقُدُور، وَإِنَّهَا لتفور بِاللَّحْمِ.
وَقد أخرجَا هَذَا الْمَعْنى فِي الْحمر من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس مُفردا.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير عَن حميد عَن أنس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ بَين خَيْبَر وَالْمَدينَة ثَلَاث لَيَال يَبْنِي بصفية، فدعوت الْمُسلمين إِلَى وليمته، وَمَا كَانَ فِيهَا من خبز وَلَا لحم، وَمَا كَانَ فِيهَا أَلا أَن أَمر بالأنطاع فبسطت، فألقي عَلَيْهَا التَّمْر(2/541)
والأقط وَالسمن، فَقَالَ الْمُسلمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ أَو مَا ملكت يَمِينه؟ فَقَالُوا: إِن حجبها فَهِيَ إِحْدَى أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، وَإِن لم يحجبها فَهِيَ مِمَّا ملكت يَمِينه. فَلَمَّا ارتحل وطأ لَهَا خَلفه وَمد الْحجاب ".
وَأخرج مسلمٌ طرفا يَسِيرا مِنْهُ فِي خَيْبَر من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
لما أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر قَالَ: " إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين ".
وَأخرج مُسلم أَيْضا حَدِيث خَيْبَر وَصفِيَّة بِطُولِهِ ومختصراً من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
كنت ردف أبي طَلْحَة يَوْم خَيْبَر، وَقدمي تمس قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: فأتينا حِين بزغت الشَّمْس، وَقد أخرجُوا مَوَاشِيهمْ، وَخَرجُوا بفؤوسهم وَمَكَاتِلهمْ ومرورهم، فَقَالُوا: هَذَا مُحَمَّد وَالْخَمِيس. قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " خربَتْ خَيْبَر، إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين " قَالَ: وَهَزَمَهُمْ الله، وَوَقعت فِي سهم دحْيَة جاريةٌ جميلَة، فاشتراها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسبعة أرؤس، ثمَّ دَفعهَا إِلَى أم سليم تصنعها وتهيئها. قَالَ: وَأَحْسبهُ قَالَ: وَتعْتَد فِي بَيتهَا، وَهِي صَفِيَّة بنت حييّ، قَالَ: فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وليمتها التَّمْر والأقط وَالسمن، فحصت الأَرْض أفاحيص، وَجِيء بالأنطاع، فَوضعت فِيهَا، وَجِيء بالأقط وَالسمن، فشبع النَّاس. قَالَ: وَقَالَ النَّاس: لَا نَدْرِي، أَتَزَوَّجهَا أم اتخذها أم ولد؟ قَالُوا: إِن حجبها فَهِيَ امْرَأَته، وَإِن لم يحجبها فَهِيَ أم ولد. فَلَمَّا أَرَادَ أَن يركب حجبها، فَقَعَدت على عجز الْبَعِير، فعرفوا أَنه قد تزَوجهَا. فَلَمَّا دنوا من الْمَدِينَة دفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودفعنا. قَالَ: فَعَثَرَتْ النَّاقة العضباء، وندر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وندرت، فَقَامَ فسترها وَقد أشرفت النِّسَاء، فَقُلْنَ: أبعد الله الْيَهُودِيَّة.
قَالَ: قلت: يَا أَبَا حَمْزَة، أوقع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: إِي وَالله، لقد وَقع.(2/542)
قَالَ أنس:
وَقد شهِدت وَلِيمَة زَيْنَب، فأشبع النَّاس خبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَ يَبْعَثنِي فأدعو النَّاس، فَلَمَّا فرغ قَامَ وتبعته، فَتخلف رجلَانِ استأنس بهما الحَدِيث لم يخرجَا، فَجعل يمرعلى نِسَائِهِ يسلم على كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ: " سَلام عَلَيْكُم، كَيفَ أَنْتُم يَا أهل الْبَيْت؟ " فَيَقُولُونَ: بِخَير يَا رَسُول الله، كَيفَ وجدت أهلك؟ فَيَقُول: " بِخَير " فَلَمَّا فرغ رَجَعَ وَرجعت مَعَه، فَلَمَّا بلغ الْبَاب إِذا هُوَ بِالرجلَيْنِ قد استأنس بهما الحَدِيث، فَلَمَّا رأياه قد رَجَعَ قاما فَخَرَجَا، فوَاللَّه مَا أَدْرِي أَنا أخْبرته أم أنزل عَلَيْهِ الْوَحْي بِأَنَّهُمَا قد خرجا، فَرجع وَرجعت مَعَه، فَلَمَّا وضع رجله فِي أُسْكُفَّة الْبَاب أرْخى الْحجاب بيني وَبَينه، وَأنزل الله عز وَجل هَذِه الْآيَة: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم} [الْأَحْزَاب] .
وَمن حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
صَارَت صَفِيَّة لدحية فِي مقسمه وَجعلُوا يمدحونها عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُولُونَ: مَا رَأينَا فِي السَّبي مثلهَا. قَالَ: فَبعث إِلَى دحْيَة فَأعْطَاهُ بهَا مَا أَرَادَ، ثمَّ دَفعهَا إِلَى أُمِّي فَقَالَ: " أصلحيها " ثمَّ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَيْبَر، حَتَّى إِذا جعلهَا فِي ظَهره نزل ثمَّ ضرب عَلَيْهَا الْقبَّة، فَلَمَّا أصبح قَالَ: " من كَانَ عِنْده فضل زادٍ فليأتنا " قَالَ: فَجعل الرجل يَجِيء بِفضل التَّمْر، وَفضل السويق، حَتَّى جعلُوا من ذَلِك سواداً حَيْسًا، فَجعلُوا يَأْكُلُون من ذَلِك الحيس وَيَشْرَبُونَ من حِيَاض إِلَى جنبهم من مَاء السَّمَاء.
قَالَ: فَقَالَ أنس: فَكَانَت تِلْكَ وَلِيمَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذا رَأينَا جدر الْمَدِينَة هششنا إِلَيْهَا فرفعنا مطيناً وَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مطيته، قَالَ: وَصفِيَّة خَلفه قد أردفها. قَالَ: فَعَثَرَتْ مَطِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصرع وصرعت. قَالَ: فَلَيْسَ أحدٌ من النَّاس ينظر إِلَيْهِ وَلَا إِلَيْهَا حَتَّى قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسترها، قَالَ: فأتيناه فَقَالَ: " لم نضر " قَالَ: فَدَخَلْنَا الْمَدِينَة، فَخرج جواري نِسَائِهِ يتراءينها ويشمتن بصرعتها.(2/543)
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث يحيى بن أبي إِسْحَاق عَن أنس فِي عثار النَّاقة قَالَ:
كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقفله من عسفان، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رَاحِلَته، وَقد أرْدف صَفِيَّة بنت حييّ، فَعَثَرَتْ نَاقَته، فصرعا جَمِيعًا، فاقتحم أَبُو طَلْحَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله، جعلني الله فداءك، هَل أَصَابَك شَيْء. قَالَ: " لَا، وَلَكِن عَلَيْك بِالْمَرْأَةِ " فَقلب أَبُو طَلْحَة ثوبا على وَجهه وَقصد قَصدهَا، فَألْقى ثَوْبه عَلَيْهَا، فَقَامَتْ الْمَرْأَة، وَأصْلح لَهَا مركبها فركبا، واكتنفنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا أَشْرَفنَا على الْمَدِينَة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " آيبون تائبون عَابِدُونَ، لربنا حامدون " قَالَ: فَلم يزل يَقُول ذَلِك حَتَّى دخل الْمَدِينَة. كَذَا عِنْد البُخَارِيّ. وَدخل بعض حَدِيث رُوَاته فِي بعض.
وَأخرج مُسلم مِنْهُ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام حِين أشرف على الْمَدِينَة، وَلم يذكر عثار النَّاقة.
1901 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَوْف الثَّقَفِيّ قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك وَنحن غاديان من منى إِلَى عَرَفَات عَن التَّلْبِيَة: كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: كَانَ يُلَبِّي الملبي فَلَا يُنكر عَلَيْهِ، وَيكبر المكبر فَلَا يُنكر عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَة مُوسَى بن عقبَة عَن مُحَمَّد بن أبي بكر قَالَ:
قلت لأنس غَدَاة عَرَفَة: مَا تَقول فِي التَّلْبِيَة - هَذَا الْيَوْم؟ قَالَ: سرت هَذَا الْمسير مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه، فمنا المكبر وَمنا المهلل، وَلَا يعيب أَحَدنَا على صَاحبه.
وَلَيْسَ لمُحَمد بن أبي بكر الثَّقَفِيّ عَن أنس فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.(2/544)
1902 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن معبد بن هِلَال الْعَنزي قَالَ: انطلقنا إِلَى أنس ابْن مَالك. وتشفعنا بِثَابِت، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي الضُّحَى، فَاسْتَأْذن لنا ثابتٌ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، وأجلس ثَابتا مَعَه على سَرِيره، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا حَمْزَة. إِن إخوانك من أهل الْبَصْرَة يَسْأَلُونَك أَن تحدثهم حَدِيث الشَّفَاعَة، فَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة ماج النَّاس بَعضهم إِلَى بعض، فَيَأْتُونَ آدم فَيَقُولُونَ لَهُ: اشفع لذريتك، فَيَقُول: لست لَهَا، وَلَكِن عَلَيْكُم بإبراهيم، فَإِنَّهُ خَلِيل الله. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُول: لست لَهَا، وَلَكِن عليكمبموسى، فَإِنَّهُ كليم الله، فَيُؤتى مُوسَى فَيَقُول: لست لَهَا، وَلَكِن عَلَيْكُم بِعِيسَى، فَإِنَّهُ روح الله وكلمته، فَيُؤتى عِيسَى فَيَقُول: لست لَهَا، وَلَكِن عَلَيْكُم بِمُحَمد، فأوتى فَأَقُول: أَنا لَهَا، وأنطلق فَاسْتَأْذن على رَبِّي فَيُؤذن لي، فأقوم بَين يَدَيْهِ، فأحمده بِمَحَامِد لَا أقدر عَلَيْهِ الْآن يلهمنيه الله، ثمَّ أخر لَهُ سَاجِدا، فَيُقَال: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك، وَقل يسمع لَك، وسل تعطه، وَاشْفَعْ تشفع. فَأَقُول: يَا رب، أمتِي أمتِي. فَيُقَال: انْطلق، فَمن كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من برة أَو شعيرَة من إِيمَان فَأخْرجهُ مِنْهَا. فأنطلق فأفعل، ثمَّ ارْجع إِلَى رَبِّي فأحمده بِتِلْكَ المحامد، ثمَّ أخر لَهُ سَاجِدا، فَيُقَال لي: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك وَقل يسمع لَك، وسل تعطه، وَاشْفَعْ تشفع. فَأَقُول: رب، أمتِي أمتِي، فَيُقَال لي: انْطلق، فَمن كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من إِيمَان فَأخْرجهُ مِنْهَا. فأنطلق فأفعل، ثمَّ أَعُود إِلَى رَبِّي فأحمده بِتِلْكَ المحامد، ثمَّ أخر لَهُ سَاجِدا، فَيُقَال لي: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك، وَقل يسمع لَك، وسل تعطه، وَاشْفَعْ تشفع. فَأَقُول: يَا رب أمتِي أمتِي، فَيُقَال لي: انْطلق، فَمن كَانَ فِي قلبه أدنى أدنى أدنى من مِثْقَال حَبَّة من خردلٍ من إِيمَان فَأخْرجهُ من النَّار، فأنطلق فأفعل ".
هَذَا حَدِيث أنس الَّذِي أَنبأَنَا بِهِ، فخرجنا من عِنْده، فَلَمَّا كُنَّا بِظهْر الجبان قُلْنَا: لَو ملنا إِلَى الْحسن فسلمنا عَلَيْهِ وَهُوَ مستخفٍ فِي دَار أبي خَليفَة، قَالَ:(2/545)
فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فسلمنا عَلَيْهِ، قُلْنَا: يَا أَبَا سعيدٍ، جِئْنَا من عِنْد أَخِيك أبي حَمْزَة، فَلم نسْمع بِمثل حَدِيث حدّثنَاهُ فِي الشَّفَاعَة. قَالَ: هيه. فَحَدَّثنَاهُ الحَدِيث. فَقَالَ: هيه. قُلْنَا: مَا زادنا. قَالَ: قد حَدثنَا بِهِ مُنْذُ عشْرين سنة وَهُوَ يومئذٍ جَمِيع، وَلَقَد ترك شَيْئا مَا أَدْرِي أنسي الشَّيْخ أم كره أَن يُحَدثكُمْ فتتكلوا. قُلْنَا لَهُ: حَدثنَا، فَضَحِك وَقَالَ: خلق الْإِنْسَان من عجل، مَا ذكرت لكم هَذَا إِلَّا وَأَنا أُرِيد أَن أحدثكموه، قَالَ: " ثمَّ أرجع إِلَى رَبِّي فِي الرَّابِعَة فأحمده بِتِلْكَ المحامد، ثمَّ أخر لَهُ سَاجِدا فَيُقَال لي: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك، وَقل يسمع لَك، وسل تعطه، وَاشْفَعْ تشفع، فَأَقُول: يَا رب، ائْذَنْ لي فِي من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله. قَالَ: لَيْسَ ذَلِك لَك، أَو قَالَ: لَيْسَ ذَلِك إِلَيْك، وَلَكِن وَعِزَّتِي وكبريائي وعظمتي لأخْرجَن مِنْهَا من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله " قَالَ: فَأشْهد على الْحسن أَنه حَدثنَا بِهِ أَنه سمع أنس بن مَالك - أرَاهُ قَالَ: قبل عشْرين سنة وَهُوَ يَوْمئِذٍ جَمِيع.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة وَهِشَام الدستوَائي وَأبي عوَانَة وَأَلْفَاظهمْ مُتَقَارِبَة، وَهَذَا لفظ حَدِيث أبي عوَانَة عَن قَتَادَة عَن أنس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" يجمع الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة، فَيَهْتَمُّونَ لذَلِك فَيَقُولُونَ: لَو اسْتَشْفَعْنَا على رَبنَا حَتَّى يُرِيحنَا من مَكَاننَا هَذَا. قَالَ: فَيَأْتُونَ آدم فَيَقُولُونَ: أَنْت آدم أَبُو الْخلق، خلقك الله بِيَدِهِ، وَنفخ فِيك من روحه، وَأمر الْمَلَائِكَة فسجدوا لَك، اشفع لنا عِنْد رَبك حَتَّى يُرِيحنَا من مَكَاننَا هَذَا. فَيَقُول: لست هُنَاكُم، فيذكر خطيئته الَّتِي أصَاب، فيستحيي ربه مِنْهَا، وَلَكِن ائْتُوا نوحًا أول رَسُول بَعثه الله إِلَى أهل الأَرْض، قَالَ: فَيَأْتُونَ نوحًا فَيَقُول: لست هُنَاكُم، فيذكر خطيئته الَّتِي أصَاب، فيستحيي ربه مِنْهَا، وَلَكِن ائْتُوا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام الَّذِي اتَّخذهُ الله خَلِيلًا، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم، فَيَقُول: لست هُنَاكُم، وَيذكر خطيئته الَّتِي أصَاب فيستحيي ربه مِنْهَا، وَلَكِن ائْتُوا مُوسَى الَّذِي كَلمه الله وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاة. قَالَ: فَيَأْتُونَ(2/546)
مُوسَى فَيَقُول: لست هُنَاكُم، وَيذكر خطيئته الَّتِي أصَاب، فيستحيي ربه مِنْهَا، وَلَكِن ائْتُوا عِيسَى روح الله وكلمته، فَيَأْتُونَ عِيسَى روح الله وكلمته فَيَقُول: لست هُنَاكُم، وَلَكِن ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عبدا قد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر " قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فيأتونني، فَأَسْتَأْذِن على رَبِّي فَيُؤذن لي، فَإِذا أَنا رَأَيْته وَقعت سَاجِدا، فيدعني مَا شَاءَ الله، فَيُقَال: يَا مُحَمَّد، ارْفَعْ رَأسك، قل تسمع، سل تعطه، اشفع تشفع. فأرفع رَأْسِي، فَأَحْمَد رَبِّي بتحميد يعلمنيه رَبِّي، ثمَّ أشفع، فَيحد لي حدا فَأخْرجهُمْ من النَّار وأدخلهم الْجنَّة، ثمَّ أَعُود فأقع سَاجِدا، فيدعني مَا شَاءَ الله أَن يدعني، ثمَّ يُقَال لي: ارْفَعْ يَا مُحَمَّد، قل تسمع، وسل تعطه، اشفع تشفع، فأرفع رَأْسِي، فَأَحْمَد رَبِّي بتحميد يعلمنيه، ثمَّ أشفع فَيحد لي حدا، فَأخْرجهُمْ من النَّار وأدخلهم الْجنَّة. قَالَ: فَلَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَة أَو فِي الرَّابِعَة فَأَقُول: يَا رب، مَا بَقِي فِي النَّار إِلَّا من حَبسه الْقُرْآن أَو وَجب عَلَيْهِ الخلود ".
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا بِلَا إِسْنَاد فَقَالَ:
وَقَالَ حجاج بن منهال عَن همام بن يحيى عَن قَتَادَة عَن أنس: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يحبس الْمُؤْمِنُونَ يَوْم الْقِيَامَة. . " وَذكر نَحْو حَدِيث هِشَام، وَفِي آخِره: " مَا بقى فِي النَّار إِلَّا من حَبسه الْقُرْآن " أَي وَجب عَلَيْهِ الخلود. ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} [الْإِسْرَاء] قَالَ: وَهَذَا الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي وعده نَبِيكُم.
زَاد فِي حَدِيث هِشَام:
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يخرج من النَّار من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله، وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن شعيرَة، ثمَّ يخرج من النَّار من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن برةً، ثمَّ يخرج من النَّار من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن ذرة. " قَالَ يزِيد بن زُرَيْع: فَلَقِيت شُعْبَة، فَحَدَّثته بِهَذَا الحَدِيث، فَقَالَ شُعْبَة: حَدثنَا بِهِ قَتَادَة عَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/547)
بِالْحَدِيثِ، إِلَّا أَن شُعْبَة جعل مَكَان " الذّرة ": " ذرة ". قَالَ يزِيد: صحف فِيهَا أَبُو يسطام. كَذَا فِي كتاب مُسلم وَلم أره لأبي مَسْعُود فِي تَرْجَمَة شُعْبَة عَن قَتَادَة.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ أبانٌ عَن قَتَادَة بِنَحْوِهِ، وَفِيه: " من إِيمَان " مَكَان " خير ".
زَاد فِي حَدِيث حجاج بن منهال عَن همام بن يحيى:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي حَدِيث سُؤال الْمُؤمنِينَ الشَّفَاعَة: " فيأتونني فَأَسْتَأْذِن على رَبِّي فِي دَاره، فَيُؤذن لي عَلَيْهِ " قَالَ الْخطابِيّ أَبُو سُلَيْمَان رَحمَه الله: " قَوْله فِي دَاره " يُوهم مَكَانا، وَالْمَكَان للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمعْنَى: فِي دَاره الَّتِي دورها لأوليائه: وَهِي الْجنَّة، وَكَذَلِكَ قَوْله فِي حَدِيث أنس فِي الشَّفَاعَة " وَهُوَ مَكَانَهُ " وَالْمَكَان لَا يُضَاف إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَقَوْلِه عز وَجل {لَهُم دَار السَّلَام عِنْد رَبهم} [الْأَنْعَام] وكما يُقَال: بَيت الله، وَحرم الله، يُرِيدُونَ: الْبَيْت الَّذِي جعله الله مثابة للنَّاس، وَالْحرم الَّذِي جعله الله أمنا لَهُم، وَمثله: روح الله، على سَبِيل التَّفْضِيل لَهُ على سَائِر الْأَرْوَاح.
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا من حَدِيث حميد عَن أنس قَالَ:
سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة شفعت فَقلت: يَا رب، أَدخل الْجنَّة من كَانَ فِي قلبه خردلة فَيدْخلُونَ ثمَّ أَقُول: أَدخل الْجنَّة من كَانَ فِي قلبه أدنى شيءٍ ". فَقَالَ أنس: كَأَنِّي أنظر إِلَى أَصَابِع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1903 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم النَّحْر: " من كَانَ ذبح قبل الصَّلَاة فليعد " فَقَامَ رجلٌ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَذَا يَوْم يشتهى فِيهِ اللَّحْم. وَذكر هنةً من جِيرَانه - يَعْنِي فقرا وحاجةً، وَأَنه ذبح قبل الصَّلَاة، كَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدقه، قَالَ: وَعِنْدِي جَذَعَة هِيَ أحب إِلَيّ(2/548)
من شاتي لحم، أفأذبحها؟ قَالَ: فَرخص لَهُ. فَقَالَ: لَا أَدْرِي: أبلغت رخصته من سواهُ أم لَا؟ وانكفأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى كبشين فذبحهما، فَقَامَ النَّاس إِلَى غنيمةٍ فتوزعوها، أَو قَالَ: فتجزعوها.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا طرفا مِنْهُ فِي الكبشين من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
ضحى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكبشين أملحين، فرأيته وَاضِعا قدمه على صفاحهما يُسَمِّي وَيكبر، فذبحهما بِيَدِهِ. زَاد وَكِيع عَن شُعْبَة أقرنين.
وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة عَن قَتَادَة عَن أنس مثل حَدِيث وَكِيع.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث همام عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُضحي بكبشين أقرنين، وَيَضَع رجله على صفحتهما، ويذبحهما بِيَدِهِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة بِنَحْوِ حَدِيث وَكِيع، غير أَنه قَالَ: وَيَقُول: " بِسم الله، وَالله أكبر ".
وللبخاري من حَدِيث شُعْبَة عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب أَن أنس قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُضحي بكبشين، وَأَنا أضحي بكبشين.
من حَدِيث أبي قلَابَة عبد الله بن زيد عَن أنس
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انكفأ إِلَى كبشين أملحين أقرنين، فذبحهما بِيَدِهِ.(2/549)
1904 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس قَالَ: نهينَا أَن يَبِيع حاضرٌ لبادٍ. وَزَاد يُونُس عَن ابْن سِيرِين: وَإِن كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأمه.
1905 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما حلق رَأسه كَانَ أَبُو طَلْحَة أول من أَخذ من شعره. كَذَا فِي رِوَايَة ابْن عون عَن مُحَمَّد، لم يزدْ.
وَفِي رِوَايَة هِشَام بن حسان عَن مُحَمَّد عَن أنس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى منى فَأتى الْجَمْرَة فَرَمَاهَا، ثمَّ أَتَى منزله بمنى، وَنحر، ثمَّ قَالَ للحلاق: " خُذ " وَأَشَارَ إِلَى جَانِبه الْأَيْمن، ثمَّ الْأَيْسَر، ثمَّ جعل يُعْطِيهِ النَّاس.
وَفِي رِوَايَة أبي بكر بن أبي شيبَة عَن حَفْص بن غياث عَن هِشَام:
أَنه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ للحلاق: " هَا " وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِب الْأَيْمن فقسم شعره بَين من يَلِيهِ، ثمَّ أَشَارَ إِلَى الحلاق إِلَى الْجَانِب الْأَيْسَر فحلقه، فَأعْطَاهُ أم سليم.
وَفِي رِوَايَة أبي كريب عَن حَفْص أَنه قَالَ:
فَبَدَأَ بالشق الْأَيْمن فوزعه الشعرة والشعرتين بَين النَّاس، ثمَّ قَالَ: " الْأَيْسَر " فَصنعَ مثل ذَلِك، ثمَّ قَالَ: " هَا هُنَا أَبُو طَلْحَة " فَدفعهُ إِلَى أبي طَلْحَة.
وَفِي رِوَايَة عبد الْأَعْلَى عَن هِشَام:
أَنه عَلَيْهِ السَّلَام رمى جَمْرَة الْعقبَة ثمَّ انْصَرف إِلَى الْبدن فنحرها، والحجام جَالس، وَقَالَ بِيَدِهِ عَن رَأسه، فحلق شقَّه الْأَيْمن، فَقَسمهُ بَين من يَلِيهِ، ثمَّ قَالَ: " احْلق الشق الآخر " فَقَالَ: " أَيْن أَبُو طَلْحَة "؟ فَأعْطَاهُ إِيَّاه.(2/550)
وَفِي رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن هِشَام بن حسان أَنه عَلَيْهِ السَّلَام لما رمى الْجَمْرَة، وَنحر نُسكه، وَحلق، ناول الحلاق شقَّه الْأَيْمن فحلقه، ثمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَة الْأنْصَارِيّ فَأعْطَاهُ إِيَّاه، ثمَّ نَاوَلَهُ شقَّه الْأَيْسَر فَقَالَ: " احْلق " فحلقه، فَأعْطَاهُ أَبَا طَلْحَة وَقَالَ: " اقسمه بَين النَّاس ".
1906 - السِّتُّونَ: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: سَأَلت أنسا: أخضب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ: لم يبلغ من الشيب إِلَّا قَلِيلا. وَفِي رِوَايَة عبد الله بن إِدْرِيس عَن ابْن سِيرِين قَالَ: وَقد خضب أَبُو بكر وَعمر بِالْحِنَّاءِ والكتم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت قَالَ:
سُئِلَ أنس عَن خضاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: لَو شِئْت أَن أعد شمطاتٍ كن فِي رَأسه فعلت. قَالَ: وَلم يختضب.
زَاد فِي رِوَايَة أبي الرّبيع الْعَتكِي عَن حَمَّاد:
وَقد اختضب أَبُو بكر بِالْحِنَّاءِ والكتم، واختضب عمر بِالْحِنَّاءِ بحتاً.
وَقد تقدم من رِوَايَة ربيعَة عَن أنس:
أَنه عَلَيْهِ السَّلَام توفّي وَلَيْسَ فِي رَأسه ولحيته عشرُون شَعْرَة بَيْضَاء.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث همام عَن قَتَادَة قَالَ:
سَأَلت أنسا: هَل خضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ: لم يبلغ ذَلِك، إِنَّمَا كَانَ شَيْئا يَسِيرا فِي صدغيه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمثنى بن سعيدٍ عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
يكره أَن ينتف الرجل الشعرة الْبَيْضَاء من رَأسه ولحيته. قَالَ: وَلم يخضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِنَّمَا كَانَ الْبيَاض فِي عنفقته، وَفِي الصدغين، وَفِي الرَّأْس نبذٌ.(2/551)
وَمن حَدِيث أبي إِيَاس مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أنس:
أَنه سُئِلَ عَن شيب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: مَا شانه الله ببيضاء.
1907 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: عَن أنس بن سِيرِين قَالَ: استقبلنا أنسا حِين قدم من الشَّام، فلقيناه بِعَين التَّمْر، فرأيته يُصَلِّي على حمَار وَوَجهه من ذَا الْجَانِب - يَعْنِي عَن يسَار الْقبْلَة. فَقلت: رَأَيْتُك تصلي لغير الْقبْلَة. فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَفْعَله لم أَفعلهُ.
1908 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: عَن حَفْصَة بنت سِيرِين قَالَت: قَالَ لي أنس بن مَالك: بِمَ مَاتَ يحيى بن أبي عمْرَة؟ قلت: بالطاعون. فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " الطَّاعُون شَهَادَة لكل مُسلم ".
وَلَيْسَ لحفصة بنت سِيرِين فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
1909 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ: عَن أَبى قلَابَة عبد الله بن زيد عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " ثلاثٌ من كن فِيهِ وجد بِهن حلاوة الْإِيمَان: من كَانَ الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا، وَأَن يحب الْمَرْء لَا يُحِبهُ إِلَّا لله، وَإِن يكره أَن يعود فِي الْكفْر بعد أَن أنقذه الله كَمَا يكره أَن يقذف فِي النَّار ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنسٍ
عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ. وَعند مُسلم فِيهِ: " ثلاثٌ من كن فِيهِ وجد طعم الْإِيمَان. . " ثمَّ ذكر نَحوه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ:
وَمن كَانَ أَن يلقى فِي النَّار أحب إِلَيْهِ من أَن يرجع يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا ".(2/552)
1910 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن أبي قلَابَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن لكل أمةٍ أَمينا، وَإِن أميننا - أيتها الْأمة - أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس:
أَن أهل الْيمن قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: ابْعَثْ مَعنا رجلا يعلمنَا السّنة وَالْإِسْلَام. قَالَ: فَأخذ بيد أبي عُبَيْدَة فَقَالَ: " هَذَا أَمِين هَذِه الْأمة ".
1911 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ: عَن أبي قلَابَة عَن أنس قَالَ: لما كثر النَّاس ذكرُوا أَن يعلمُوا وَقت الصَّلَاة بِشَيْء يعرفونه، فَذكرُوا أَن ينوروا نَارا، أَو يضْربُوا ناقوساً. فَأمر بلالٌ أَن يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة. وَفِي رِوَايَة أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن أبي قلَابَة: وَأَن يُوتر الْإِقَامَة إِلَّا الْإِقَامَة.
1912 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ: عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره، وغلامٌ أسود يُقَال لَهُ أَنْجَشَة يَحْدُو، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَيحك يَا أَنْجَشَة، رويدك سوقك بِالْقَوَارِيرِ " قَالَ أَبُو قلَابَة: يَعْنِي النِّسَاء.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس بِنَحْوِهِ.
وَمن حَدِيث همام بن يحيى عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حادٍ يُقَال لَهُ أَنْجَشَة، وَكَانَ حسن الصَّوْت، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " رويدك يَا أَنْجَشَة، لَا تكسر الْقَوَارِير " قَالَ قَتَادَة: يَعْنِي ضعفة النِّسَاء.(2/553)
وَعند البُخَارِيّ من رِوَايَة وهيب عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أنس قَالَ:
كَانَت أم سليم فِي الثّقل، وأنجشة غُلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسُوق بِهن فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أَنْجَشَة، رويدك سوقك بِالْقَوَارِيرِ ".
زَاد مُسلم فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن علية عَن أَيُّوب:
قَالَ أَبُو قلَابَة: تكلم رَسُول الله بكلمةٍ لَو تكلم بهَا بَعْضكُم لعبتموها عَلَيْهِ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعْبَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسيرٍ، فحدا الْحَادِي، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ارْفُقْ يَا أَنْجَشَة، وَيحك بِالْقَوَارِيرِ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام عَن قَتَادَة عَن أنس
عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ حَدِيث همام عَن قَتَادَة، وَلم يذكر: حسن الصَّوْت.
وَمن حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أنس قَالَ:
كَانَت أم سَلمَة مَعَ نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهن يَسُوق بِهن سواق، فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أَنْجَشَة، رويداً سوقك بِالْقَوَارِيرِ ". 1913 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن أَيُّوب وخَالِد عَن أبي قلَابَة عَن أنس قَالَ: من السّنة إِذا تزوج الْبكر على الثّيّب أَقَامَ عِنْدهَا سبعا وَقسم، وَإِذا تزوج الثّيّب أَقَامَ عِنْدهَا ثَلَاثًا ثمَّ قسم. قَالَ أَبُو قلَابَة: وَلَو شِئْت لَقلت: إِن أنسا رَفعه إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِي رِوَايَة سُفْيَان أَن خَالِدا قَالَ هَذَا القَوْل الْمَنْسُوب إِلَى أبي قلَابَة.
1914 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ: عَن أبي قلَابَة أَن عمر بن عبد الْعَزِيز أبرز سَرِيره يَوْمًا للنَّاس ثمَّ أذن لَهُم فَدَخَلُوا، فَقَالَ لَهُم: مَا تَقولُونَ فِي الْقسَامَة؟ قَالُوا: نقُول فِي(2/554)
الْقسَامَة: الْقود بهَا حقٌّ، وَقد أقادت بهَا الْخُلَفَاء. فَقَالَ لي: مَا تَقول يَا أَبَا قلَابَة؟ ونصبني للنَّاس، فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، عنْدك رُؤُوس الأجناد وأشراف الْعَرَب.
أَرَأَيْت لَو أَن خمسين مِنْهُم شهدُوا على رجل مُحصن بِدِمَشْق أَنه قد زنى وَلم يرَوا أَكنت تَرْجمهُ؟ قَالَ: لَا. قلت: أَرَأَيْت لَو أَن خمسين مِنْهُم شهدُوا على رجلٍ بحمص أَنه قد سرق، أَكنت تقطعه وَلم يروه؟ قَالَ: لَا. قلت: فوَاللَّه مَا قتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدا قطّ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاث خِصَال: رجلٌ قتل بجريرة نَفسه فَقتل، أَو رجل زنى بعد إحصانٍ، أَو رجلٌ حَارب الله وَرَسُوله وارتد عَن الْإِسْلَام. فَقَالَ الْقَوْم: أَو لَيْسَ قد حدث أنس بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطع فِي السرق، وَسمر الْأَعْين ونبذهم فِي الشَّمْس؟ فَقلت: أَنا أحدثكُم حَدِيث انس:
حَدثنِي أنس أَن نَفرا من عكل ثَمَانِيَة قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَبَايعُوهُ على الْإِسْلَام، فاستوخموا الْمَدِينَة، فسقمت أجسامهم، فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ " أَلا تخرجُونَ مَعَ راعينا فِي إبِله فتصيبون من أَلْبَانهَا وَأَبْوَالهَا؟ " قَالُوا: بلَى، فَخَرجُوا فَشَرِبُوا من أَلْبَانهَا وَأَبْوَالهَا فصحوا، فَقتلُوا راعي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأطردوا النعم، فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل فِي آثَارهم فأدركوا، فجيء بهم، فَأمر بهم فَقطعت أَيْديهم، وَسمر أَعينهم، ثمَّ نبذهم فِي الشَّمْس حَتَّى مَاتُوا. قلت: وَأي شيءٍ أَشد مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ؟ ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام، وَقتلُوا، وسرقوا. فَقَالَ عَنْبَسَة بن سعيد: وَالله إِن سَمِعت كَالْيَوْمِ قطّ. قلت: أترد عَليّ حَدِيثي يَا عَنْبَسَة؟ فَقَالَ لَا، وَلَكِن جِئْت بِالْحَدِيثِ على وَجهه، وَالله لَا يزَال هَذَا(2/555)
الْخَبَر بخيرٍ مَا عَاشَ هَذَا الشَّيْخ بَين أظهرهم.
قلت: وَقد كَانَ فِي هَذَا سنةٌ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
دخل عَلَيْهِ نفر من الْأَنْصَار، فتحدثوا عِنْده، فَخرج رجلٌ مِنْهُم بَين أَيْديهم فَقتل، فَخَرجُوا بعده، فَإِذا هم بِصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّط فِي الدَّم، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، صاحبنا كَانَ تحدث مَعنا، فَخرج بَين أَيْدِينَا، فَإِذا نَحن بِهِ يَتَشَحَّط فِي الدَّم. فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " من تظنون، أَو من ترَوْنَ قَتله "؟ قَالُوا: نرى أَن الْيَهُود قتلته. فَأرْسل إِلَى الْيَهُود فَدَعَاهُمْ، فَقَالَ: " آنتم قتلتم هَذَا؟ " قَالُوا: لَا. قَالَ: " أَتَرْضَوْنَ نفل خمسين من الْيَهُود مَا قَتَلُوهُ؟ " قَالُوا: مَا يبالون أَن يقتلونا أَجْمَعِينَ ثمَّ ينفلون. قَالَ: " أفتستحقون الدِّيَة بأيمان خمسين مِنْكُم؟ " قَالُوا: مَا كُنَّا لنحلف. فوداه من عِنْده.
قلت: وَقد كَانَت هُذَيْل خلعوا خليعاً لَهُم فِي الْجَاهِلِيَّة، فطرق أهل بَيت بالبطحاء، فانتبه لَهُ رجلٌ مِنْهُم، فَحَذفهُ بِالسَّيْفِ فَقتله، فَجَاءَت هُذَيْل، وَأخذُوا الْيَمَانِيّ، فَرَفَعُوهُ إِلَى عمر بِالْمَوْسِمِ، وَقَالُوا: قتل صاحبنا. فَقَالَ: إِنَّهُم قد خلعوه. فَقَالَ: يقسم خَمْسُونَ من هذيلٍ مَا خلعوه. قَالَ: فأقسم مِنْهُم تسعةٌ وَأَرْبَعُونَ رجلا، وَقدم رجلٌ مِنْهُم من الشَّام، فَسَأَلُوهُ أَن يقسم، فَافْتدى يَمِينه مِنْهُم بِأَلف دِرْهَم، فأدخلوا مَكَانَهُ رجلا آخر، فَدفعهُ إِلَى أخي الْمَقْتُول، فقرنت يَده بِيَدِهِ. قَالَ: فَانْطَلقَا وَالْخَمْسُونَ الَّذين أَقْسمُوا، حَتَّى إِذا كَانُوا بنخلة أخذتهم السَّمَاء، فَدَخَلُوا فِي غَار فِي الْجَبَل، فانهجم الْغَار على الْخمسين الَّذين أَقْسمُوا، فماتوا جَمِيعًا. وأفلت القرينان واتبعهما حجرٌ، فَكسر رجل أخي الْمَقْتُول، فَعَاشَ حولا ثمَّ مَاتَ.(2/556)
قلت: وَقد كَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان أقاد رجلا بالقسامة، ثمَّ نَدم بَعْدَمَا صنع، فَأمر بالخمسين الَّذين أَقْسمُوا، فمحوا من الدِّيوَان، وسيرهم إِلَى الشَّام. هَكَذَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ من حَدِيث أبي بشر - إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْأَسدي، وَهُوَ ابْن علية - عَن حجاج الصَّواف بِطُولِهِ.
وَفِي رِوَايَته عَن سُلَيْمَان بن حَرْب من حَدِيث أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أنس،
الْمسند مِنْهُ قصَّة العرنيين فَقَط. وَكَذَا فِي رِوَايَته عَن عَليّ بن عبد الله الْمَدِينِيّ عَن الْوَلِيد بن مُسلم. وَفِي بعض الرِّوَايَات: لم يحسمهم. وَكَذَا فِي رِوَايَته عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم، وَفِيه طرفٌ من كَلَام أبي قلَابَة عِنْد عمر بن عبد الْعَزِيز.
وَفِي حَدِيث عَن عَليّ بن عبد الله عَن الْأنْصَارِيّ نَحوه مُخْتَصر، وَفِيه: فَقَالَ عَنْبَسَة: حَدثنَا أنس بِكَذَا. فَقَالَ: إيَّايَ حدث أنس، وَذكر حَدِيث العرنيين.
وَكَذَا عِنْد مُسلم الْمسند فِي حَدِيث العرنيين فَقَط، وَاخْتصرَ مَا عدا ذَلِك فَلم يذكرهُ.
وَأَخْرَجَا هَذَا الطّرف مِنْهُ من حَدِيث سعيدٍ عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن نَاسا من عكل وعرينة قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَتَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ، فَقَالُوا يَا نَبِي الله، إِنَّا كُنَّا أهل ضرعٍ وَلم نَكُنْ أهل ريفٍ، واستوخموا الْمَدِينَة، فَأمر لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذود وراعٍ، وَأمرهمْ أَن يخرجُوا فِيهِ، فيشربوا من أَلْبَانهَا وَأَبْوَالهَا، فَانْطَلقُوا حَتَّى إِذا كَانُوا نَاحيَة الْحرَّة كفرُوا بعد إسْلَامهمْ، وَقتلُوا راعي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَاسْتَاقُوا الذود.
فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَبعث الطّلب فِي آثَارهم، فَأمر بهم، فسمروا أَعينهم، وَقَطعُوا أَيْديهم، وَتركُوا فِي نَاحيَة الْحرَّة حَتَّى مَاتُوا على حَالهم. قَالَ قَتَادَة: بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك كَانَ يحث على الصَّدَقَة، وَينْهى عَن الْمثلَة.(2/557)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث همام بن يحيى بِنَحْوِهِ. وَزَاد مُوسَى عَن همام: قَالَ قَتَادَة: فَحَدثني ابْن سِيرِين أَن ذَلِك قبل أَن تنزل الْحُدُود.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن نَاسا من عرينة اجتووا الْمَدِينَة، فَرخص لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْتُوا إبل الصَّدَقَة، فيشربوا من أَلْبَانهَا وَأَبْوَالهَا، فَقتلُوا الرَّاعِي، وَاسْتَاقُوا الذود، فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتى بهم، فَقطع أَيْديهم، وأرجلهم، وَسمر أَعينهم، وتركهم بِالْحرَّةِ يعضون الْحِجَارَة. لم يزدْ.
وَقد جمع أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس بَين هَذَا الحَدِيث الَّذِي للْبُخَارِيّ، وَبَين حَدِيث أبي الْحُسَيْن مُسلم بن الْحجَّاج فِي الدُّعَاء على رعل وذكوان وعصيه، فَجعل الْفَصْلَيْنِ بِظَاهِر كَلَامه مُتَّفقا عَلَيْهِمَا من هَذِه التَّرْجَمَة. وَلَيْسَ حَدِيث مُسلم هَذَا ذكر لأمر العرنيين، وَالْحكم فيهم أصلا، وَلَا فِي حَدِيث البُخَارِيّ الْمَذْكُور ذكر للدُّعَاء على رعل وذكوان. وأضاف أَيْضا أَبُو مَسْعُود إِلَى هَذِه التَّرْجَمَة حَدِيث شُعْبَة عَن مُوسَى بن أنس، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الدُّعَاء على رعل وذكوان، وَلَيْسَ فِيهِ:
إِن نَاسا من عرينة اجتووا الْمَدِينَة. وَقد قَالَ فِي تَرْجَمَة مُوسَى بن أنس عَن أنس: إِنَّه من أَفْرَاد مُسلم. وَحَدِيث البُخَارِيّ بِمَا قُلْنَا فِي آخر كتاب " الزَّكَاة " وَحَدِيث مُسلم بِمَا ذكرنَا فِي " الصَّلَاة " فِي أَحَادِيث الْقُنُوت، فَلْيتَأَمَّل ذَلِك من أَرَادَ تَحْقِيق النّظر فِيهِ. وَقد أفرد ذَلِك خلف الوَاسِطِيّ فِي كِتَابه على الصَّوَاب، فَجعل ذكر الَّذين اجتووا الْمَدِينَة من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَجعل ذكر الدُّعَاء على رعل وذكوان من أَفْرَاد مُسلم. وَحَدِيث مُوسَى بن أنس من أَفْرَاد مُسلم أَيْضا كَمَا ذكره أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة مُوسَى.(2/558)
وللبخاري وَحده من حَدِيث سَلام بن مِسْكين عَن ثَابت عَن أنس:
أَن نَاسا كَانَ بهم سقمٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله آونا وأطعمنا. فَلَمَّا صحوا قَالُوا: إِن الْمَدِينَة وخمة، فأنزلهم الْحرَّة فِي ذودٍ لَهُ، فَقَالَ: " اشربوا من أَلْبَانهَا ". فَلَمَّا صحوا قتلوا راعي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاسْتَاقُوا ذوده، فَبعث فِي آثَارهم، وَقطع أَيْديهم وأرجلهم، وَسمر أَعينهم، فَرَأَيْت الرجل مِنْهُم يكدم الأَرْض بِلِسَانِهِ حَتَّى يَمُوت. قَالَ سَلام: فبلغني أَن الْحجَّاج قَالَ لأنس: حَدثنِي بأشد عُقُوبَة عاقب بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فحدثه بهَا. فَبلغ الْحسن فَقَالَ: وددت انه لم يحدثه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هشيم بن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، وَحميد بن تيرويه الطَّوِيل عَن أنس، وَفِيه: ثمَّ مالوا على الرعاء فَقَتَلُوهُمْ، وَذكر نَحْو حَدِيث العرنيين فَقَط وَمن حَدِيث مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أنس بِنَحْوِهِ، وَفِيه: كَانَ قد وَقع بِالْمَدِينَةِ الموم وَهُوَ البرسام، وَذكره. وَزَاد: وَكَانَ عِنْده شبابٌ من الْأَنْصَار قريب من عشْرين فأرسلهم إِلَيْهِم، وَبعث قائفاً يقْتَصّ آثَارهم.
وَمن حَدِيث سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ عَن أنس قَالَ:
إِنَّمَا سمل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعين أُولَئِكَ لأَنهم سلمُوا أعين الرعاء.
1915 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من وَالِده وَولده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن علية عَن عبد الْعَزِيز صُهَيْب عَن أنس كَذَلِك.(2/559)
1916 - السبعون: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ " كَذَا عِنْد البُخَارِيّ.
وَقَالَ مُسلم فِي رِوَايَة لَهُ من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة:
حَتَّى يحب لِأَخِيهِ - أَو قَالَ - لجاره مَا يحب لنَفسِهِ ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث حُسَيْن الْمعلم عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يُؤمن عبدٌ حَتَّى يحب لجاره - أَو لِأَخِيهِ - مَا يحب لنَفسِهِ " كَذَا فِي رِوَايَة مُسلم. وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ كَمَا فِي حَدِيث شُعْبَة عِنْده، إِلَّا أَنه أدرجه عَلَيْهِ.
1917 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: أَلا أحدثكُم حَدِيثا سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُحَدثكُمْ أحدٌ بعدِي سَمعه مِنْهُ: " إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم، وَيظْهر الْجَهْل، ويفشو الزِّنَا، وَيشْرب الْخمر، وَيذْهب الرِّجَال وَيبقى النِّسَاء، حَتَّى يبْقى لخمسين امْرَأَة قيمٌ وَاحِد ".
وَعَن أبي التياح يزِيد بن حميد عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس بِنَحْوِهِ وَمَعْنَاهُ، وَفِيه: " ويقل الرِّجَال وَيكثر النِّسَاء ".
وَمن حَدِيث همام عَن قَتَادَة بِنَحْوِهِ عَن أنس.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.(2/560)
1918 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الْمُؤمن إِذا كَانَ فِي الصَّلَاة فَإِنَّمَا يُنَاجِي ربه، فَلَا يبزقن بَين يَدَيْهِ وَلَا عَن يَمِينه، وَلَكِن عَن يسَاره تَحت قدمه ".
وَفِي رِوَايَة حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة:
" وَلَكِن عَن يسَاره أَو تَحت رجله ".
قَالَ فِي رِوَايَة مُسلم:
" وَلَكِن عَن شِمَاله تَحت قدمه ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى نخامة فِي الْقبْلَة، فشق ذَلِك عَلَيْهِ حَتَّى رئي فِي وَجهه، فَقَامَ فحكه بِيَدِهِ وَقَالَ: " إِن أحدكُم إِذا قَامَ فِي صلَاته فَإِنَّمَا يُنَاجِي ربه، وَإِن ربه بَينه وَبَين الْقبْلَة، فَلَا يبزق أحدكُم قبل قبلته، وَلَكِن عَن يسَاره أَو تَحت قدمه " ثمَّ أَخذ طرف رِدَائه فبصق فِيهِ، ورد بعضه على بعض فَقَالَ: " أَو يفعل هَكَذَا ".
وَأخرجه البُخَارِيّ مُخْتَصرا فِي مَوضِع آخر من حَدِيث حميد عَن أنس قَالَ:
بزق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثَوْبه: لم يزدْ. ثمَّ قَالَ البُخَارِيّ: طوله ابْن أبي مَرْيَم قَالَ: أخبرنَا يحيى عَن أَيُّوب عَن حميد قَالَ: سَمِعت أنسا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَمن حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" إِن أحدكُم إِذا صلى يُنَاجِي ربه، فَلَا يتفلن عَن يَمِينه، وَلَكِن تَحت قدمه الْيُسْرَى ".
وَمن حَدِيث يزِيد بن إِبْرَاهِيم عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" اعتدلوا فِي السُّجُود، وَلَا يبسط أحدكُم ذِرَاعَيْهِ كَالْكَلْبِ، وَإِذا بزق فَلَا يبزق بَين يَدَيْهِ وَلَا عَن يَمِينه، فَإِنَّمَا يُنَاجِي ربه ".(2/561)
وَلَيْسَ ليزِيد بن إِبْرَاهِيم عَن قَتَادَة عَن أنس فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
1919 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " البزاق فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة، وكفارتها دَفنهَا ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي عوَانَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
1920 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " سووا صفوفكم، فَإِن تَسْوِيَة الصَّفّ من تَمام الصَّلَاة ".
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث عبد الْوَارِث بن سعيد عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَتموا الصُّفُوف، فَإِنِّي أَرَاكُم خلف ظَهْري " وَمِنْهُم من قَالَ فِيهِ: " أقِيمُوا الصُّفُوف ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس قَالَ:
أُقِيمَت الصَّلَاة، فَأقبل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " أقِيمُوا صفوفكم وتراصوا، فَإِنِّي أَرَاكُم من وَرَاء ظَهْري " زَاد فِي حَدِيث زُهَيْر عَن حميد عَن أنس: وَكَانَ أَحَدنَا يلزق مَنْكِبه بمنكب صَاحبه، وَقدمه بقدمه.(2/562)
1921 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أقِيمُوا الرُّكُوع وَالسُّجُود، فوَاللَّه أَنِّي لأَرَاكُمْ من بعدِي " وَرُبمَا قَالَ: " من بعد ظَهْري إِذا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث همام عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " أَتموا الرُّكُوع وَالسُّجُود، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَرَاكُمْ من بعد ظَهْري إِذا مَا رَكَعْتُمْ وَإِذا مَا سجدتم ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام الدستوَائي وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أَتموا الرُّكُوع وَالسُّجُود فَإِنِّي أَرَاكُم. . " ثمَّ ذكر نَحْو حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة
1922 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " اعتدلوا فِي السُّجُود، وَلَا يبسط أحدكُم ذِرَاعَيْهِ انبساط الْكَلْب ".
1923 - السَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس، وَعَن شُعْبَة عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس، وَلمُسلم من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة وَحميد عَن أنس: أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف تزوج امْرَأَة على وزن نواةٍ من ذهب، وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أولم وَلَو بِشَاة " كَذَا عِنْد مُسلم. وَكَذَا عِنْده من حَدِيث أبي عوانه عَن قَتَادَة عَن أنس.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث حميد وَحده عَن أنس قَالَ:
قدم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فآخى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينه وَبَين سعيد بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ، وَعند الْأنْصَارِيّ امْرَأَتَانِ(2/563)
فَعرض عَلَيْهِ أَن يناصفه أَهله وَمَاله، فَقَالَ: بَارك الله لَك فِي أهلك وَمَالك، دلوني على السُّوق. فَأتى السُّوق فربح شَيْئا من أقط، وشيئاً من سمن، فَرَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَيَّام وَعَلِيهِ وضرٌ من صفرَة، فَقَالَ: " مَهيم يَا عبد الرَّحْمَن؟ " فَقَالَ: تزوجت أنصارية. قَالَ: " فَمَا سقت؟ " قَالَ: وزن نواةٍ من ذهب. فَقَالَ: " أولم وَلَو بِشَاة ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى على عبد الرَّحْمَن أثر صفرةٍ، قَالَ: " مَا هَذَا؟ " قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي تزوجت امْرَأَة على وزن نواة من ذهب. قَالَ: " فَبَارك الله لَك، أولم وَلَو بِشَاة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث شُعْبَة عَن أبي حَمْزَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عبد الله عَن أنس أَن عبد الرَّحْمَن
تزوج امْرَأَة على وزن نواة من ذهب لم يزدْ.
وَقَالَ أَبُو مَسْعُود: وَذكر الحَدِيث، فأوهم السَّامع أَن فِي الحَدِيث زِيَادَة.
1924 - الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَالزُّبَيْر فِي لبس الْحَرِير لحكة بهما.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث همام عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَالزُّبَيْر ابْن الْعَوام شكوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقمل، فَرخص لَهما فِي قمص الْحَرِير فِي غزَاة لَهما.(2/564)
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن سِنَان عَن همام:
أَنَّهُمَا شكيا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقمل، فَرخص لَهما فِي الْحَرِير، فرأيته عَلَيْهِمَا فِي غزَاة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَالزُّبَيْر بن الْعَوام فِي القمص الْحَرِير فِي السّفر من حكةٍ كَانَت بهما، أَو وجعٍ كَانَ بهما ".
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن بسر عَن سعيد نَحوه، وَلم يذكر: فِي السّفر.
1925 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بِلَحْم تصدق بِهِ على بَرِيرَة، فَقَالَ: " هُوَ عَلَيْهَا صدقةٌ، وَهُوَ لنا هَدِيَّة ".
وَفِي رِوَايَة معَاذ بن معَاذ الْعَنْبَري عَن شُعْبَة:
أَهْدَت بَرِيرَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَحْمًا تصدق بِهِ عَلَيْهَا، فَقَالَ: " هُوَ لَهَا صدقةٌ، وَلنَا هَدْيه ".
1926 - الثَّمَانُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر كَانُوا يفتتحون الصَّلَاة ب (الْحَمد لله رب الْعَالمين) .
وَفِي رِوَايَة غنْدر عَن شُعْبَة:
صليت مَعَ أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان، فَلم أسمع أحدا مِنْهُم يقْرَأ (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) .
وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن شُعْبَة:
فَقلت لِقَتَادَة: أَنْت سمعته من أنس؟ قَالَ: نعم، نَحن سألناه عَنهُ.(2/565)
وَلمُسلم وَحده من حَدِيث الْوَلِيد بن مُسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ عَن عَبدة:
أَن عمر بن الْخطاب كَانَ يجْهر بهؤلاء الْكَلِمَات، يَقُول: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك، وَلَا إِلَه غَيْرك " قَالَ الْأَوْزَاعِيّ عَن قَتَادَة: إِنَّه كتب إِلَيْهِ يُخبرهُ عَن أنس بن مَالك أَنه حَدثهُ أَنه قَالَ: صليت خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان، فَكَانُوا يستفتحون ب (الْحَمد لله رب الْعَالمين) لَا يذكرُونَ (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) فِي أول قِرَاءَة وَلَا فِي آخرهَا. وَعَن الْأَوْزَاعِيّ عَن إِسْحَاق بن أبي طَلْحَة أَنه سمع أنس بن مَالك يذكر ذَلِك.
وَلَيْسَ للأوزاعي عَن قَتَادَة عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
1927 - الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: كَانَ فزعٌ بِالْمَدِينَةِ، فاستعار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرسا من أبي طَلْحَة يُقَال لَهُ الْمَنْدُوب فَرَكبهُ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: " مَا رَأينَا من شَيْء، وَإِن وَجَدْنَاهُ لبحراً ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث حَمَّاد عَن زيد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحسن النَّاس، وَكَانَ أَجود النَّاس، وَكَانَ أَشْجَع النَّاس، وَلَقَد فزع أهل الْمَدِينَة ذَات لَيْلَة، فَانْطَلق ناسٌ قبل الصَّوْت، فلتقاهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاجعا وَقد سبقهمْ إِلَى الصَّوْت.
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد:
وَقد اسْتَبْرَأَ الْخَبَر، وَهُوَ على فرس لأبي طَلْحَة عري، فِي عُنُقه السَّيْف، وَهُوَ يَقُول: " لم تراعوا، لم تراعوا " فَقَالَ: " وَجَدْنَاهُ بحراً " أَو " إِنَّه لبحرٌ " وَكَانَ فرسا يبطأ(2/566)
وَحَدِيث عَمْرو بن عون عَن حَمَّاد مُخْتَصر:
اسْتَقْبَلَهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على فرس عري مَا عَلَيْهِ سرج، فِي عُنُقه سيف. لم يزدْ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن أهل الْمَدِينَة فزعوا مرّة، فَركب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرسا لأبي طَلْحَة كَانَ يقطف " أَو كَانَ بِهِ قطاف، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: " وجدنَا فرسكم هَذَا بحراً " فَكَانَ بعد ذَلِك لَا يجارى.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس قَالَ:
فزع النَّاس، فَركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرسا لأبي طَلْحَة بطيئاً، ثمَّ خرج يرْكض وَحده، فَركب النَّاس يركضون خَلفه، فَقَالَ: " لم تراعوا، إِنَّه لبحر " فَمَا سبق بعد ذَلِك الْيَوْم.
1928 - الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: " مَا أحدٌ يدْخل الْجنَّة يحب أَن يرجع إِلَى الدُّنْيَا وَله مَا على الأَرْض من شَيْء إِلَّا الشَّهِيد، يتَمَنَّى أَن يرجع إِلَى الدُّنْيَا فَيقْتل عشر مَرَّات، لما يرى من الْكَرَامَة ".
وَفِي رِوَايَة أبي خَالِد الْأَحْمَر عَن شُعْبَة:
لما يرى من فضل الشَّهَادَة ".
وَأخرجه مُسلم من حميد عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَذكر نَحوه.
1929 - الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الْأَنْصَار كرشي وعيبتي، وَإِن النَّاس سيكثرون ويقلون، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عَن مسيئهم ".(2/567)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث هِشَام بن زيد عَن أنس قَالَ:
مر أَبُو بكر وَالْعَبَّاس بِمَجْلِس من مجَالِس الْأَنْصَار وهم يَبْكُونَ، فَقَالَ: مَا يبكيكم؟ قَالُوا: ذكرنَا مجْلِس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منا. فَدخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بذلك، قَالَ: فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد عصب على رَأسه حَاشِيَة برد. قَالَ: فَصَعدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمِنْبَر، وَلم يَصْعَدهُ بعد ذَلِك الْيَوْم، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " أوصيكم بالأنصار، فَإِنَّهُم كرشي وعيبتي، وَقد قضوا الَّذِي عَلَيْهِم، وَبَقِي الَّذِي لَهُم، فاقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عَن مسيئهم ".
1930 - الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس، وَعَن شُعْبَة عَن أبي إِيَاس مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " اللَّهُمَّ لَا عَيْش إِلَّا عَيْش الْآخِرَة، فَاغْفِر للْأَنْصَار والمهاجرة " وَمِنْهُم من قَالَ: " فَأصْلح الْأَنْصَار والمهاجرة " وَكَذَا فِي رِوَايَة مُعَاوِيَة بن قُرَّة. وَمِنْهُم من قَالَ: " فَأكْرم ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حميد بن تيرويه الطَّوِيل عَن أنس قَالَ:
خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الخَنْدَق، فَإِذا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار يحفرون فِي غَدَاة بَارِدَة، وَلم يكن لَهُم عبيدٌ يعْملُونَ ذَلِك لَهُم، فَلَمَّا رأى مَا بهم من النصب والجوع قَالَ: " اللَّهُمَّ إِن الْعَيْش عَيْش الْآخِرَة، فَاغْفِر للْأَنْصَار والمهاجرة " قَالُوا مجيبين لَهُ:
(نَحن الَّذين بَايعُوا مُحَمَّدًا ... على الْجِهَاد مَا بَقينَا أبدا) .
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن حميد عَن أنس قَالَ: كَانَت الْأَنْصَار يَوْم الخَنْدَق تَقول:
(نَحن الَّذين بَايعُوا مُحَمَّدًا ... على الْجِهَاد مَا بَقينَا أبدا)
فأجابهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" اللَّهُمَّ لَا عَيْش إِلَّا عَيْش الْآخِرَة، فَأكْرم الْأَنْصَار والمهاجرة ".(2/568)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْوَارِث عَن الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
جعل الْمُهَاجِرُونَ يحفرون الخَنْدَق حول الْمَدِينَة، وينقلون التُّرَاب على متونهم وهم يَقُولُونَ:
(نَحن الَّذين بَايعُوا مُحَمَّدًا ... على الْإِسْلَام مَا بَقينَا أبدا)
قَالَ:
يَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُجِيبهُمْ: " اللَّهُمَّ لَا خير إِلَّا خير الْآخِرَة، فَبَارك فِي الْأَنْصَار والمهاجرة " قَالَ: فيؤتون بملء كف من الشّعير، فيصنع لَهُم بإهالة سنخةٍ تُوضَع بَين يَدي الْقَوْم وَالْقَوْم جِيَاع، وَهِي بشعة فِي الْحلق، وَلها ريحٌ مُنكرَة.
1931 - الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: جمع الْقُرْآن على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة كلهم من الْأَنْصَار: أبي، ومعاذ بن جبل، وَأَبُو زيد، وَزيد - يَعْنِي ابْن ثَابت. قلت لأنس: من أَبُو زيد؟ قَالَ: أحد عمومتي.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث همام عَن قَتَادَة بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الله بن الْمثنى عَن ثَابت وثمامة عَن أنس قَالَ:
مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يجمع الْقُرْآن غير أَرْبَعَة: أَبُو الدَّرْدَاء، ومعاذ بن جبل، وَزيد ابْن ثَابت، وَأَبُو زيد، وَنحن ورثناه.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
مَاتَ أَبُو زيد وَلم يتْرك عقباً، وَكَانَ بَدْرِيًّا، لم يزدْ. اسْم أبي زيد: سعيد بن عبيد.(2/569)
1932 - السَّادِس وَالثَّمَانُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي: " إِن الله عز وَجل أَمرنِي أَن أَقرَأ عَلَيْك: {لم يكن الَّذين كفرُوا} [فَاتِحَة الْبَيِّنَة] " قَالَ: وسماني؟ قَالَ: " نعم " فَبكى.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث همام بن يحيى عَن قَتَادَة عَن أنس.
وَلم يسم سُورَة، وَفِيه: قَالَ: آللَّهُ سماني لَك؟ قَالَ: " الله سماك لي " قَالَ: فَجعل أبيٌّ يبكي.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بن كَعْب:
إِن الله أَمرنِي أَن أقرئك الْقُرْآن ". قَالَ: آللَّهُ سماني لَك؟ قَالَ: " نعم ". قَالَ: وَقد ذكرت عِنْد رب الْعَالمين؟ قَالَ: " نعم " فذرفت عَيناهُ.
1933 - السَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَر فرْقَتَيْن.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
سَأَلَ أهل مَكَّة أَن يُرِيهم آيَة. فَأَرَاهُم انْشِقَاق الْقَمَر.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس بِنَحْوِ حَدِيث شَيبَان.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث معمر عَن قَتَادَة عَن أنس.
1934 - الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا عدوى، وَلَا طيرة، ويعجبني الفأل " قَالُوا: وَمَا الفأل؟ قَالَ: " كلمة طيبَة ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس بِمثلِهِ، وَقَالَ:
" ويعجبني الفأل الصَّالح: الْكَلِمَة الْحَسَنَة ".(2/570)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث همام عَن قَتَادَة مثله، وَقَالَ:
" الْكَلِمَة الْحَسَنَة، الْكَلِمَة الطّيبَة ".
1935 - التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَت أم سليم: يَا رَسُول الله، خادمك أنس، ادْع الله لَهُ. فَقَالَ: " اللَّهُمَّ أَكثر مَاله وَولده، وَبَارك لَهُ فِيمَا أَعْطيته ".
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن أم سليم - جعله فِي مسندها وَسَيَأْتِي هُنَالك.
وللبخاري من حَدِيث حميد عَن أنس قَالَ:
دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أم سليم فَأَتَتْهُ بِتَمْر وَسمن، فَقَالَ: " أعيدوا سمنكم فِي سقائه وتمركم فِي وعائه " ثمَّ قَامَ إِلَى نَاحيَة فصلى غير الْمَكْتُوبَة، فَدَعَا لأم سليم وَأهل بَيتهَا، فَقَالَت أم سليم: يَا رَسُول الله، إِن لي خويصة قَالَ: " وَمَا هِيَ؟ " قَالَت: خادمك أنسٌ. فَمَا ترك خير آخِرَة وَلَا دنيا إِلَّا دَعَا بِهِ: " اللَّهُمَّ ارزقه مَالا وَولدا، وَبَارك لَهُ " فَإِنِّي لمن أَكثر الْأَنْصَار مَالا. وحدثتني ابْنَتي أمينة أَنه دفن لصلبي إِلَى مقدم الْحجَّاج الْبَصْرَة بضع وَعِشْرُونَ وَمِائَة. وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام بن زيد بن أنس عَن أنس: أَن أم سليم قَالَت:
يَا رَسُول الله خادمك أنس، ادْع الله لَهُ، وَذكر نَحْو حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس. وَلم يذكرهُ أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة هِشَام بن زيد.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علينا وَمَا هُوَ إِلَّا أَنا وَأمي وَأم حرامٍ خَالَتِي، فَقَالَ: " قومُوا فلأصلي لكم " فِي غير وَقت صَلَاة، فصلى بِنَا. فَقَالَ رجلٌ لِثَابِت: أَيْن جعل أنسا مِنْهُ؟(2/571)
قَالَ: جعله على يَمِينه ثمَّ دَعَا لنا - أهل الْبَيْت بِكُل خير من خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
فَقَالَت أُمِّي: يَا رَسُول الله، خويدمك، ادْع الله لَهُ. قَالَ: فَدَعَا لي بِكُل خير.
وَكَانَ فِي آخر مَا دَعَا لي أَن قَالَ:
" اللَّهُمَّ أَكثر مَاله وَولده، وَبَارك لَهُ فِيهِ ".
وَمن حَدِيث إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ:
جَاءَت بِي أُمِّي أم سليم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أزرتني بِنصْف خمارها وردتني بِنصفِهِ، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، هَذَا أنسٌ ابْني، أَتَيْتُك بِهِ يخدمك، فَادع الله لَهُ. فَقَالَ: " اللَّهُمَّ أَكثر مَاله وَولده ". قَالَ: فوَاللَّه إِن مَالِي لكثيرٌ، وَإِن وَلَدي وَولد وَلَدي ليتعادون على نَحْو الْمِائَة الْيَوْم.
وَمن حَدِيث الْجَعْد أبي عُثْمَان عَن أنس قَالَ:
مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَسمِعت أم سليم صَوته فَقَالَت: بِأبي وَأمي يَا رَسُول الله، أنيسٌ. فَدَعَا لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاث دعوات، قد رَأَيْت مِنْهَا اثْنَتَيْنِ فِي الدُّنْيَا، وَأَنا أَرْجُو الثَّالِثَة فِي الْآخِرَة.
1936 - التِّسْعُونَ عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة وَأبي التياح عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " بعثت أَنا والساعة كهاتين " يَعْنِي إصبعيه.
وَفِي رِوَايَة غنْدر عَن شُعْبَة قَالَ:
وَسمعت قَتَادَة يَقُول فِي قصصه: كفضل إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى، فَلَا أَدْرِي أذكرهُ عَن أنس أَو قَالَه قَتَادَة.
وَفِي حَدِيث خَالِد بن الْحَارِث عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة وَأبي التياح عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
بعثت أَنا والساعة هَكَذَا " وَقرن شُعْبَة بَين إصبعيه: المسبحة وَالْوُسْطَى يحكيه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن معبد بن هِلَال عَن أنس قَالَ:
لضعف اللُّغَة عِنْد الشُّعَرَاء أنفسهم، ولأسباب طارئة على لغتنا وَلَيْسَ وسطى.(2/572)
وَفِي حَدِيث أبي حَمْزَة عبد الرَّحْمَن بن أبي عبد الله عَن أنس بِنَحْوِ حَدِيث أبي التياح.
1937 - الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ: عَن شُعْبَة وَعَن هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضرب فِي الْخمر والجريد وَالنعال، وَجلد أَبُو بكر أَرْبَعِينَ.
وَفِي رِوَايَة غنْدر عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بِرَجُل قد شرب الْخمر، فجلده بجريد نَحْو أَرْبَعِينَ. قَالَ: وَفعله أَبُو بكر. فَلَمَّا كَانَ عمر اسْتَشَارَ النَّاس، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: أخف الْحُدُود ثَمَانِينَ. فَأمر بِهِ عمر.
1938 - الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة، وَعَن شُعْبَة عَن قَتَادَة بِنَحْوِهِ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يهرم ابْن آدم وتشب مَعَه اثْنَتَانِ: الْحِرْص على المَال، والحرص على الْعُمر ".
وَفِي حَدِيث هِشَام:
" يكبر ابْن آدم وتكبر مَعَه اثْنَتَانِ: حب المَال، وَطول الْعُمر ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي عوَانَة عَن قَتَادَة عَن أنس كَذَلِك.
1939 - الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا من نَبِي إِلَّا وَقد أنذر أمته الْأَعْوَر الْكذَّاب، أَلا إِنَّه أَعور، وَإِن ربكُم عز وَجل لَيْسَ بأعور. مكتوبٌ بَين عَيْنَيْهِ: ك ف ر ".(2/573)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الدَّجَّال مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ: ك ف ر، أَي كَافِر " لم يزدْ.
وَمن حَدِيث شُعَيْب بن الحبحاب عَن أنس قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الدَّجَّال مَمْسُوح الْعين، مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ: كَافِر - ثمَّ تهجاها: ك ف ر، يقْرؤهَا كل مُسلم ".
1940 - الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام الدستوَائي وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: " يجاء بالكافر يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال لَهُ: أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك ملْء الأَرْض ذَهَبا، أَكنت تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُول: نعم، فَيُقَال لَهُ: قد كنت سُئِلت مَا هُوَ أيسر من ذَلِك ".
وَلمُسلم فِي حَدِيث ابْن أبي عرُوبَة: " فَيُقَال لَهُ: كذبت، قد سُئِلت مَا هُوَ أيسر من ذَلِك ".
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث أبي عمرَان عبد الْملك بن حبيب الْجونِي عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى لأهون أهل الأَرْض عذَابا:
لَو كَانَ لَك الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا - كنت مفتدياً؟ فَيَقُول: نعم. فَيَقُول: قد أردْت مِنْك أَهْون من هَذَا وَأَنت فِي صلب آدم: أَلا تشرك، فأبيت إِلَّا الشّرك ".
1941 - الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام وَهَمَّام عَن قَتَادَة عَن أنس، فِي رِوَايَة هِشَام: كَانَ أحب الثِّيَاب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يلبسهَا الْحبرَة.(2/574)
وَفِي رِوَايَة همام: قُلْنَا لأنس:
أَي اللبَاس كَانَ أحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو أعجب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: الْحبرَة.
1942 - السَّادِس وَالتِّسْعُونَ: عَن هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومعاذٌ رديفه على الرحل قَالَ: " يَا معَاذ " قَالَ: لبيْك رَسُول الله وَسَعْديك قَالَ: " يَا معَاذ " قَالَ: لبيْك رَسُول الله وَسَعْديك. ثَلَاثًا. قَالَ: " مَا من أحد يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله - صدقا من قلبه، إِلَّا حرمه الله على النَّار " قَالَ: يَا رَسُول الله، أَفلا أخبر بِهِ النَّاس فيستبشروا؟ قَالَ: " إِذن يتكلوا " فَأخْبر بهَا معاذٌ عِنْد مَوته تأثماً ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أنس قَالَ:
ذكر لي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِمعَاذ: " من لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل الْجنَّة ". قَالَ: أَلا أبشر النَّاس؟ قَالَ: " لَا، أَخَاف أَن يتكلوا ".
1943 - السَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يرفع يَدَيْهِ فِي شَيْء من دُعَائِهِ إِلَّا فِي الاسْتِسْقَاء، فَإِنَّهُ كَانَ يرفع حَتَّى يرى بَيَاض إبطَيْهِ.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث شُعْبَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع يَدَيْهِ فِي الدُّعَاء حَتَّى يرى بَيَاض إبطَيْهِ.
وَمن حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استسقى، فَأَشَارَ بِظهْر كفيه إِلَى السَّمَاء.(2/575)
1944 - الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ: عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن العَبْد إِذا وضع فِي قَبره وَتَوَلَّى وَذهب عَنهُ أَصْحَابه حَتَّى إِنَّه ليسمع قرع نعَالهمْ " وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن منهال. " إِنَّه ليسمع خَفق نعَالهمْ إِذا انصرفوا، أَتَاهُ ملكان فأقعداه، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل مُحَمَّد؟ فَأَما الْمُؤمن فَيَقُول أشهد أَنه عبد الله وَرَسُوله. فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَقْعَدك من النَّار، أبدلك الله بِهِ مقْعدا من الْجنَّة " قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا ". قَالَ قَتَادَة: وَذكر لنا أَنه يفسح لَهُ فِي قَبره، ثمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيث أنس: " وَأما الْكَافِر أَو الْمُنَافِق " وَفِي رِوَايَة عبد الْأَعْلَى عَن سعيد: وَأما الْكَافِر وَالْمُنَافِق فَيَقُول: لَا أَدْرِي، كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس فِيهِ. فَيُقَال: لَا دَريت وَلَا تليت. ثمَّ يضْرب بِمِطْرَقَةٍ من حَدِيد ضَرْبَة بَين أُذُنَيْهِ، فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا من يَلِيهِ إِلَّا الثقلَيْن " وَلَفظ حَدِيث البُخَارِيّ أتم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" إِن العَبْد إِذا وضع فِي قَبره. . " ثمَّ ذكر نَحْو مَا ذكرنَا فِي حَدِيث سعيد عَن قَتَادَة، إِلَى أَن قَالَ: قَالَ قَتَادَة: وَذكر لنا أَنه يفسح فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا، ويملأ عَلَيْهِ خضرًا إِلَيّ يَوْم يبعثون. لم يزدْ فِيهِ وَلَا فِي حَدِيث سعيد على هَذَا.
1945 - التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ: عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تزَال جَهَنَّم يلقى فِيهَا وَتقول: هَل من مزِيد، حَتَّى يضع رب الْعَرْش - وَفِي رِوَايَة - رب الْعِزَّة فِيهَا قدمه فينزوي بَعْضهَا إِلَى بعض وَتقول قطّ قطّ بعزتك وكرمك. وَلَا يزَال فِي الْجنَّة فضلٌ حَتَّى ينشئ الله لَهَا خلقا فيسكنهم فضل الْجنَّة ".(2/576)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن عَن قَتَادَة عَن أنس أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" لَا تزَال جَهَنَّم تَقول: هَل من مزِيد حَتَّى يضع فِيهَا رب الْعِزَّة قدمه فَتَقول: قطّ قطّ، وَعزَّتك، ويزوى بَعْضهَا على بعض " لم يزدْ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ وَشعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس بِنَحْوِ حَدِيث سعيد.
وَأخرج مُسلم طرفا مِنْهُ من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ
" يبْقى من الْجنَّة مَا شَاءَ الله أَن يبْقى، ثمَّ ينشئ الله لَهَا خلقا مِمَّا يَشَاء ".
وَمن حَدِيث أبان بن يزِيد الْعَطَّار عَن قَتَادَة عَن أنس بِمَعْنى حَدِيث شَيبَان.
1946 - الْمِائَة: عَن همام عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من نسي صَلَاة فَليصل إِذا ذكر، لَا كَفَّارَة لَهَا إِلَّا ذَلِك ".
وَفِي رِوَايَة هدبة عَن همام نَحْو وَذَلِكَ، إِلَى قَوْله:
لَا كَفَّارَة لَهَا إِلَّا ذَلِك " ثمَّ قَالَ: قَالَ قَتَادَة: {وأقم الصَّلَاة لذكري} [طه]
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" من نسي صَلَاة أَو نَام عَنْهَا فكفارتها أَن يُصليهَا إِذا ذكرهَا ".
وَمن حَدِيث أبي عوَانَة عَن قَتَادَة بِنَحْوِ حَدِيث هدبة، وَلم يذكر:
" لَا كَفَّارَة لَهَا إِلَّا ذَلِك ".
وَمن حَدِيث الْمثنى بن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا رقد أحدكُم عَن الصَّلَاة أَو غفل عَنْهَا فليصلها إِذا ذكرهَا، فَإِن الله يَقُول: {أقِم الصَّلَاة لذكري} .(2/577)
1947 - الأول بعد الْمِائَة: عَن همام عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْتَمر أَربع عمرٍ، كلهَا فِي ذِي الْقعدَة إِلَّا الَّتِي مَعَ حجَّته: عمْرَة من الْحُدَيْبِيَة أَو زمن الْحُدَيْبِيَة فِي ذِي الْقعدَة، وَعمرَة من الْعَام الْمقبل فِي ذِي الْقعدَة، وَعمرَة من جعرانة حَيْثُ قسم غَنَائِم حنين فِي ذِي الْقعدَة، وَعمرَة فِي حجَّته.
وَفِي حَدِيث عبد الصَّمد عَن همام عَن قَتَادَة قَالَ:
سَأَلت أنسا: كم حج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: حج حجَّة وَاحِدَة، وَاعْتمر أَربع عمر، ثمَّ ذكر نَحوه.
1948 - الثَّانِي بعد الْمِائَة: عَن همام عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يضْرب شعره مَنْكِبَيْه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث جرير بن حَازِم عَن قَتَادَة قَالَ:
سَأَلت أنس بن مَالك: كَيفَ كَانَ شعر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: كَانَ شعرًا رجلا، لَيْسَ بالجعد وَلَا السبط، بَين أُذُنَيْهِ وعاتقه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث حميد عَن أنس قَالَ:
كَانَ شعر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ.
1949 - الثَّالِث بعد الْمِائَة: عَن همام عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الله أفرح بتوبة عَبده من أحدكُم سقط على بعيره وَقد أضلّهُ فِي أرضٍ فلاة ".(2/578)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِسْحَاق بن أبي طَلْحَة عَن أنس - وَهُوَ عَمه - قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لله أَشد فَرحا بتوبة عَبده حِين يَتُوب إِلَيْهِ من أحدكُم كَانَ على رَاحِلَته بِأَرْض فلاة، فانفلتت مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامه وَشَرَابه، فأيس مِنْهَا، فَأتى شَجَرَة فاضطجع فِي ظلها قد أيس من رَاحِلَته، فَبينا هُوَ كَذَلِك إِذا هُوَ بهَا قَائِمَة عِنْده، فَأخذ بخطامها، ثمَّ قَالَ من شدَّة الْفَرح: اللَّهُمَّ أَنْت عَبدِي وَأَنا رَبك، أَخطَأ من شدَّة الْفَرح ".
1950 - الرَّابِع بعد الْمِائَة: عَن شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله، يحْشر الْكَافِر على وَجهه يَوْم الْقِيَامَة. قَالَ: " أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ على رجلَيْهِ فِي الدُّنْيَا قَادِرًا على أَن يمْشِيه على وَجهه يَوْم الْقِيَامَة؟ " قَالَ قَتَادَة: بلَى وَعزة رَبنَا.
1951 - الْخَامِس بعد الْمِائَة: عَن شَيبَان عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: أهدي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جبةٌ من سندس، وَكَانَ ينْهَى عَن الْحَرِير، فَعجب النَّاس مِنْهَا، فَقَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، إِن مناديل سعد بن معَاذ فِي الْجنَّة أحسن من هَذَا ".
وَقَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس:
إِن أكيدر دومة أهْدى.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عمر بن عَامر عَن قَتَادَة عَن أنس أَن أكيدر دومة الجندل أهْدى ... بِنَحْوِ حَدِيث شَيبَان وَلم يذكر فِيهِ: وَكَانَ ينْهَى عَن الْحَرِير.
وَمن حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس بِنَحْوِ حَدِيث شَيبَان.(2/579)
1952 - السَّادِس بعد الْمِائَة: عَن أبي عوَانَة وَأَبَان بن يزِيد عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا من مُسلم يغْرس غرساً، أَو يزرع زرعا، فيأكل مِنْهُ طيرٌ أَو إِنْسَان أَو بَهِيمَة، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَة ".
1953 - السَّابِع بعد الْمِائَة: عَن قُرَّة بن خَالِد عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن أحدا جبلٌ يحبنا ونحبه ".
1954 - الثَّامِن بعد الْمِائَة: عَن حميد عَن ثَابت عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى شَيخا يهادى بَين ابنيه، فَقَالَ: " مَا بَال هَذَا؟ " قَالُوا: نذر أَن يمشي. قَالَ: " إِن الله عَن تَعْذِيب هَذَا نَفسه لغنيٌّ " وَأمره أَن يركب.
1955 - التَّاسِع بعد الْمِائَة: عَن حميد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: وَاصل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخر شهر رَمَضَان فواصل ناسٌ من الْمُسلمين، فَبَلغهُ ذَلِك فَقَالَ: " لَو مد لنا الشَّهْر لواصلنا وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم. إِنَّكُم لَسْتُم مثلي - أَو قَالَ: لست مثلكُمْ. إِنِّي أظل يطعمني رَبِّي ويسقيني ".
وَقَالَ البُخَارِيّ: وَتَابعه سُلَيْمَان بن ثَابت.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" لَا تواصلوا " قَالُوا: إِنَّك تواصل. قَالَ: " لست كأحدٍ مِنْكُم، إِنِّي أطْعم وأسقى " أَو: " إِنِّي أَبيت أطْعم وأسقى ".
وأخرحه مُسلم بِزِيَادَة، من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي رَمَضَان، فَجئْت فَقُمْت إِلَى جنبه، وَجَاء رجل فَقَامَ أَيْضا، حَتَّى كُنَّا رهطاً، فَلَمَّا أحس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا خَلفه جعل يتجوز فِي الصَّلَاة، ثمَّ دخل رَحْله يُصَلِّي صَلَاة لَا يُصليهَا عندنَا. قَالَ: فَقُلْنَا حِين أَصْبَحْنَا: أفطنت لنا اللَّيْلَة؟ قَالَ: فَقَالَ: " نعم، ذَاك الَّذِي حَملَنِي على الَّذِي صنعت ".(2/580)
قَالَ:
فَأخذ يواصل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذَاكَ فِي آخر الشَّهْر، فَأخذ رجال من أَصْحَابه يواصلون. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
مَا بَال رجال يواصلون. إِنَّكُم لَسْتُم مثلي، أما وَالله لَو تَمَادى لي الشَّهْر لواصلت وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم ".
1956 - الْعَاشِر بعد الْمِائَة: عَن سيار بن ثَابت قَالَ: مر أنسٌ على صبيانٍ، فَسلم عَلَيْهِم، وَقَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَفْعَله.
1957 - الْحَادِي عشر بعد الْمِائَة: عَن شُعْبَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لكل غادرٍ لواءٌ يَوْم الْقِيَامَة ".
1958 - الثَّانِي عشر بعد الْمِائَة: عَن شُعْبَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى ".
وَفِي حَدِيث عُثْمَان بن عمر عَن شُعْبَة أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى على امْرَأَة تبْكي على صبي لَهَا، فَقَالَ:
اتقِي الله واصبري " فَقَالَت: وَمَا تبالي بمصيبتي. فَلَمَّا ذهب قيل لَهَا: إِنَّه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَأَخذهَا مثل الْمَوْت، فَأَتَت بَابه، فَلم تَجِد على بَابه بوابين، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، لم أعرفك. فَقَالَ: " إِنَّمَا الصَّبْر عِنْد أول صدمةٍ " أَو قَالَ: " عِنْد أول الصدمة ".
وَفِي حَدِيث آدم عَن شُعْبَة نَحوه، وَأَنَّهَا قَالَت:
إِلَيْك عني، فَإنَّك لم تصب بمصيبتي، وَلم تعرفه، وَأَنه قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لما جَاءَتْهُ وَقَالَت: لم أعرفك: " إِنَّمَا الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى ".(2/581)
1959 - الثَّالِث عشر بعد الْمِائَة: عَن حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: إِنِّي لَا آلو أَن أُصَلِّي بكم كَمَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِنَا. قَالَ ثَابت: فَكَانَ أنسٌ يصنع شَيْئا لَا أَرَاكُم تصنعونه. كَانَ إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع انتصب قَائِما حَتَّى يَقُول الْقَائِل: قد نسي، وَإِذا رفع رَأسه من السَّجْدَة مكث حَتَّى يَقُول الْقَائِل: قد نسي.
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ:
وَإِذا رفع رَأسه بَين السَّجْدَتَيْنِ.
وللبخاري من حَدِيث شُعْبَة عَن ثَابت قَالَ:
كَانَ أنس ينعَت لنا صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَكَانَ يُصَلِّي، وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع قَامَ حَتَّى نقُول: قد نسي.
1960 - الرَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن حَمَّاد بن زيد بن ثَابت عَن أنس قَالَ: مر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجنَازَة، فَأَثْنوا عَلَيْهَا خيرا، فَقَالَ: " وَجَبت " ثمَّ مر بِأُخْرَى، فَأَثْنوا عَلَيْهَا شرا أَو قَالَ غير ذَلِك، فَقَالَ: " وَجَبت " فَقيل: يَا رَسُول الله، قلت لهَذَا وَجَبت وَلِهَذَا وَجَبت. قَالَ: " شَهَادَة الْقَوْم، الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاء الله فِي الأَرْض " هَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا مُخْتَصرا من حَدِيث شُعْبَة عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ:
مروا بِجنَازَة، فَأَثْنوا عَلَيْهَا خيرا. . فَذكر نَحْو حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت وَفِيه.
فَقَالَ عمر: مَا وَجَبت؟ فَقَالَ: " هَذَا أثنيتم عَلَيْهِ خيرا فَوَجَبت لَهُ الْجنَّة، وَهَذَا أثنيتم عَلَيْهِ شرا فَوَجَبت لَهُ النَّار. أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض ".(2/582)
وأدرج مُسلم حَدِيث حَمَّاد بن ثَابت على حَدِيث عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس. وَأخرجه مُسلم من حَدِيث جَعْفَر بن سُلَيْمَان عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
مر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجنَازَة، ثمَّ قَالَ مُسلم بعد ذكره لإسناد حَدِيث حَمَّاد بن زيد وجعفر بن سُلَيْمَان عَن ثَابت: فَذكر بِمَعْنى حَدِيث عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، غير أَن حَدِيث عبد الْعَزِيز أتم.
وَهَذَا حَدِيث عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب بِتَمَامِهِ، أخرجه مُسلم وَحده من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن علية عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ:
مر بِجنَازَة، فأثني عَلَيْهَا خيرٌ، فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت ". وَمر بِجنَازَة، فأثني عَلَيْهَا شرٌّ، فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت " فَقَالَ عمر: فدى لَك أبي وَأمي، مر بِجنَازَة فأثني عَلَيْهَا خيرٌ فَقلت " وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت ". وَمر بِجنَازَة فأثني عَلَيْهَا شَرّ فَقلت: " وَجَبت، وَجَبت، وَجَبت " فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من أثنيتم عَلَيْهِ خيرا وَجَبت لَهُ الْجنَّة، وَمن أثنيتم عَلَيْهِ شرا وَجَبت لَهُ النَّار. أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض ".
1961 - الْخَامِس عشر بعد الْمِائَة: عَن حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس: أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السَّاعَة، فَقَالَ: مَتى السَّاعَة؟ فَقَالَ: " وَمَا أَعدَدْت لَهَا؟ قَالَ: لَا شَيْء، إِلَّا أَنِّي أحب الله وَرَسُوله. فَقَالَ: " أَنْت مَعَ من أَحْبَبْت " قَالَ أنس: فَمَا فرحنا بشيءٍ فرحنا بقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَنْت مَعَ من أجببت " قَالَ أنس: فَأَنا أحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر، وَأَرْجُو أَن أكون مَعَهم بحبي إيَّاهُم، وَإِن لم أعمل أَعْمَالهم.
وَفِي رِوَايَة أبي الرّبيع عَن حَمَّاد عَن أنس:
فَأَنا أحب الله وَرَسُوله، وَذكره.(2/583)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَنهُ بِنَحْوِهِ، غير أَنه قَالَ:
مَا أَعدَدْت لَهَا من كَبِير، أَحْمد عَلَيْهِ نَفسِي، وَلم يذكر قَول أنس.
وَمن حَدِيث إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس:
أَن أَعْرَابِيًا قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَتى السَّاعَة؟ قَالَ لَهُ: مَا أَعدَدْت لَهَا؟ قَالَ: حب الله وَرَسُوله. قَالَ: " أَنْت مَعَ من أَحْبَبْت ".
وَفِي حَدِيث جَعْفَر بن سُلَيْمَان عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ، وَلم يذكر قَول أنس عَن نَفسه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سَالم بن أبي الْجَعْد عَن أنس قَالَ:
بَيْنَمَا أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خارجان من الْمَسْجِد، فلقينا رجلٌ عِنْد سدة الْمَسْجِد، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَتى السَّاعَة "؟ فَقَالَ: " مَا أَعدَدْت لَهَا؟ "، فَكَأَن الرجل استكان، ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله، مَا أَعدَدْت لَهَا كَبِير صِيَام وَلَا صَلَاة وَلَا صَدَقَة، وَلَكِنِّي أحب الله وَرَسُوله. قَالَ: " أَنْت مَعَ من أَحْبَبْت ".
وَأخرجه البُخَارِيّ بِزِيَادَة من حَدِيث همام عَن قَتَادَة عَن أنس
أَن رجلا من أهل الْبَادِيَة أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَتى السَّاعَة قائمةٌ؟ قَالَ: " وَيلك، وَمَا أَعدَدْت لَهَا؟ " قَالَ: مَا أَعدَدْت لَهَا، إِلَّا أَنِّي أحب الله وَرَسُوله. قَالَ: " إِنَّك مَعَ من أَحْبَبْت ". قَالَ: وَنحن كَذَلِك؟ قَالَ: " نعم ". ففرحنا يومئذٍ فَرحا شَدِيدا، فَمر غُلَام للْمُغِيرَة - وَكَانَ من أقراني فَقَالَ:
إِن أخر هَذَا لم يُدْرِكهُ الْهَرم حَتَّى تقوم السَّاعَة ".(2/584)
وَهَذِه الزِّيَادَة الَّتِي أَولهَا:
فَمر غُلَام للْمُغِيرَة " إِلَى آخر الحَدِيث، قد أخرجهَا مُسلم فِي " الْفِتَن " من حَدِيث همام عَن قَتَادَة عَن أنس. وَجعلهَا أَبُو مَسْعُود من أَفْرَاد مُسلم. وَقد أخرجهَا البُخَارِيّ فِي كتاب " الْأَدَب " مُتَّصِلا بِالْحَدِيثِ الَّذِي أوردنا. وَقَالَ البُخَارِيّ: اخْتَصَرَهُ شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَعْنِي أَنه لم يذكر إِلَّا حَدِيث. " الْمَرْء مَعَ من أحب " دون الزِّيَادَة.
وَقد أخرجه مُسلم كَذَلِك بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس. وَمن حَدِيث أبي عوَانَة عَن قَتَادَة عَن أنس. وَمن حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَقد وهم أَيْضا خلف الوَاسِطِيّ، فَجعل الزِّيَادَة الَّتِي أَولهَا:
فَمر غلامٌ للْمُغِيرَة إِلَى آخِره من أَفْرَاد مُسلم، وَكَأن أَبَا مَسْعُود وخلفاً لما يتأملا مَا فِي آخر حَدِيث البُخَارِيّ الَّذِي أَوله سُؤال البدوي لَهُ: مَتى السَّاعَة، وَفِيه هَذَا الْفَصْل الَّذِي أخرجه مُسلم سَوَاء بِسَوَاء من التَّرْجَمَة بِعَينهَا، من رِوَايَة همام عَن قَتَادَة عَن أنس.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس:
أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَتى تقوم السَّاعَة؟ وَعِنْده غُلَام من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ مُحَمَّد، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن يَعش هَذَا الْغُلَام فَعَسَى أَلا يُدْرِكهُ الْهَرم حَتَّى تقوم السَّاعَة ".
وَمن حَدِيث معبد بن هِلَال عَن أنس:
أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَتى السَّاعَة؟ قَالَ: فَسكت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هنيهةً ثمَّ نظر إِلَى غُلَام بَين يَدَيْهِ من أَزْد شنُوءَة فَقَالَ " إِن عمر هَذَا لم يُدْرِكهُ الْهَرم حَتَّى تقوم السَّاعَة " قَالَ أنس: ذَلِك الْغُلَام من أقراني يومئذٍ.(2/585)
1962 - السَّادِس عشر بعد الْمِائَة: عَن سَلام بن مِسْكين عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس قَالَ: خدمت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر سِنِين، وَالله مَا قَالَ لي أُفٍّ قطّ، وَلَا قَالَ لي لشَيْء: لم فعلت كَذَا، وهلا فعلت كَذَا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس بِنَحْوِهِ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن علية عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة، أَخذ أَبُو طَلْحَة بيَدي فَانْطَلق إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن أنسا غُلَام كيسٌ فليخدمك. قَالَ: فخدمته فِي السّفر والحضر، وَالله مَا قَالَ لي لشَيْء صَنعته: لم صنعت هَذَا هَكَذَا؟ وَلَا لشَيْء لم أصنعه. لم لم تصنع هَذَا هَكَذَا؟ .
وَأول حَدِيث يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن ابْن عَلَيْهِ:
قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة لَيْسَ لَهُ خادمٌ، فاخذ أَبُو طَلْحَة بيَدي، فَانْطَلق بِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ذكره.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سعيد بن أبي بردة عَن أنس قَالَ:
خدمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسع سِنِين، فَمَا أعلمهُ قَالَ لي قطّ: لم فعلت كَذَا وَكَذَا؟ وَلَا عَابَ عَليّ شَيْئا قطّ.
وَمن حَدِيث إِسْحَق أبي طَلْحَة عَن أنس، وَفِيه زِيَادَة، قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أحسن النَّاس خلقا، فأرسلني يَوْمًا لحَاجَة، فَقلت: وَالله لَا أذهب - وَفِي نَفسِي أَن أذهب لما أَمرنِي بِهِ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَخرجت حَتَّى أَمر على صبيانٍ وهم يَلْعَبُونَ فِي السُّوق، فَإِذا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد قبض بقفاي من ورائي، قَالَ: فَنَظَرت(2/586)
إِلَيْهِ وَهُوَ يضْحك، فَقَالَ: " يَا أنس، ذهبت حَيْثُ أَمرتك؟ " قَالَ: قلت: نعم، أَنا أذهب يَا رَسُول الله
قَالَ أنس: وَالله لقد خدمته تسع سِنِين، مَا عَلمته قَالَ لشَيْء صَنعته: لم فعلت كَذَا وَكَذَا، أَو شَيْء تركته: هلا فعلت كَذَا وَكَذَا.
1963 - السَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن حميد الطَّوِيل عَن أنس: أَنه سُئِلَ عَن أجر الْحجام، فَقَالَ: احْتجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حجمه أَبُو طيبَة، وَأَعْطَاهُ صَاعَيْنِ من طَعَام، وكلم موَالِيه فخففوا عَنهُ. وَقَالَ: " إِن أمثل مَا تداويتم بِهِ الْحجامَة والقسط البحري ". " وَقَالَ: " لَا تعذبوا صِبْيَانكُمْ بالغمز من الْعذرَة، وَعَلَيْكُم بِالْقِسْطِ ".
وَفِي رِوَايَة شُعْبَة عَن حميد عَن أنس:
دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غُلَاما فحجمه، وَأمر لَهُ بصاعٍ أَو صَاعَيْنِ، أَو مد أَو مَدين، وكلم فِيهِ فَخفف من ضريبته.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عَمْرو بن عَامر عَن أنس قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحتجم، وَلم يكن يظلم أحدا أجره.
1964 - الثَّامِن عشر بعد الْمِائَة: عَن حميد بن تيرويه الطَّوِيل عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه نهى عَن بيع التَّمْر حَتَّى يزهو. فَقُلْنَا لأنسٍ: مَا زهوها؟ قَالَ: تحمر وَتَصْفَر. قَالَ: " أَرَأَيْت إِن منع الله الثَّمَرَة، بِمَ تستحل مَال أَخِيك؟ ".(2/587)
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن عباد عَن الدَّرَاورْدِي عَن حميد عَن أنس
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن لم يثمرها الله، فَبِمَ تستحل مَال أَخِيك؟ " لم يزدْ.
1965 - التَّاسِع عشر بعد الْمِائَة: عَن حميد عَن أنس قَالَ: كُنَّا نسافر مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يعب الصَّائِم على الْمُفطر، وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم.
وَفِي حَدِيث أبي خَالِد الْأَحْمَر عَن حميد قَالَ:
خرجت فَصمت، فَقَالُوا لي: أعد، فَقلت: إِن أنسا أَخْبرنِي أَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يسافرون، فَلَا يعيب الصَّائِم على الْمُفطر، وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم. فَلَقِيت ابْن أبي مليكَة فَأَخْبرنِي عَن عَائِشَة بِمثلِهِ.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث مُورق الْعجلِيّ عَن أنس قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السّفر، فمنا الصَّائِم وَمنا الْمُفطر. قَالَ: فَنزل منزلا فِي يَوْم حارٍّ، أكثرنا ظلا صَاحب الكساء، فمنا من يَتَّقِي الشَّمْس بِيَدِهِ. قَالَ: فَسقط الصوام وَقَامَ المفطرون، فَضربُوا الْأَبْنِيَة، وَسقوا الركاب، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " ذهب المفطرون الْيَوْم بِالْأَجْرِ ".
1966 - الْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن حميد عَن أنس قَالَ: نَادَى رجلٌ رجلا بِالبَقِيعِ: يَا أَبَا الْقَاسِم. فَالْتَفت إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي لم أعنك، أَنا دَعَوْت فلَانا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي ".
1967 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ عَن أنس قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أتيت عبد الله بن أبي. فَانْطَلق إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَركب حمارا، وَانْطَلق الْمُسلمُونَ يَمْشُونَ مَعَه - وَهِي أرضٌ سبخةٌ، فَلَمَّا أَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/588)
قَالَ: إِلَيْك عني، وَالله لقد آذَانِي حِمَارك. فَقَالَ رجلٌ من الْأَنْصَار مِنْهُم: وَالله لحِمَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطيب ريحًا مِنْك، فَغَضب لعبد الله رجلٌ من قومه، فَغَضب لكل وَاحِد مِنْهُمَا أَصْحَابه، فَكَانَ بَينهمَا ضربٌ بِالْجَرِيدِ وَالْأَيْدِي وَالنعال، فَبَلغنَا أَنَّهَا نزلت فيهم: {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا} [الحجرات] .
1968 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُلَيْمَان عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر: " من ينظر لنا مَا صنع أَبُو جهل؟ " فَانْطَلق ابْن مَسْعُود فَوَجَدَهُ قد ضربه ابْنا عفراء حَتَّى برد، قَالَ: فَأخذ بلحيته فَقَالَ: أَنْت أَبُو جهل؟ فِي كتاب البُخَارِيّ من حَدِيث ابْن علية: أَنْت أَبَا جهل قَالَ سُلَيْمَان: هَكَذَا قَالَهَا أنس: أَنْت أَبَا جهل. فَقَالَ: وَهل فَوق رجل قَتَلْتُمُوهُ، أَو قَالَ: قَتله قومه. قَالَ فِي آخر حَدِيث ابْن علية ومعتمر عَن سُلَيْمَان، قَالَ: وَقَالَ أَبُو مجلز: قَالَ أَبُو جهل: وَلَو غير أكار قتلني.
1969 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أنس قَالَ: عطس رجلَانِ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فشمت أَحدهمَا وَلم يشمت الآخر، فَقَالَ الَّذِي لم يشمت: عطس فلَان فشمته، وعطست فَلم تشمتني. فَقَالَ: " إِن هَذَا حمد الله، وَإنَّك لم تحمد الله ".
1970 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أنس قَالَ: أسر إِلَيّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سرا، فَمَا أخْبرت بِهِ أحدا بعده، وَلَقَد سَأَلتنِي عَنهُ أم سليم فَمَا أخْبرتهَا بِهِ.(2/589)
وَأخرج مُسلم حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
أَرْسلنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أَلعَب مَعَ الغلمان، قَالَ: فَسلم علينا، فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَة فأبطأت على أُمِّي، فَلَمَّا جِئْت قَالَت: مَا حَبسك؟ قلت: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحَاجَة. قَالَت مَا حَاجته؟ قلت: إِنَّهَا سرٌّ. قَالَت: لَا تخبرن بسر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدا. قَالَ أنسٌ: وَالله لَو حدثت بِهِ أحدا لحدثتك بِهِ يَا ثَابت.
1971 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أنس أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لكل نَبِي دعوةٌ دَعَاهَا لأمته، وَإِنِّي اخْتَبَأْت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث شُعْبَة وَهِشَام الدستوَائي ومسعر، كلهم عَن قَتَادَة عَن أنس أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لكل نبيٍّ دعوةٌ " وَذكر نَحوه.
أغفل أَبُو مَسْعُود ذكر مسعر، فَلم يذكر لَهُ تَرْجَمَة فِي الروَاة عَن قَتَادَة، وَهُوَ لمُسلم فِي كتاب " الْإِيمَان ".
وَلمُسلم من حَدِيث الْمُخْتَار بن فلفل عَن أنس قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَنا أول النَّاس يشفع فِي الْجنَّة، وَأَنا أَكثر الْأَنْبِيَاء تبعا " زَاد سُفْيَان عَن الْمُخْتَار فِي رِوَايَته " يَوْم الْقِيَامَة " وَزَاد: " أَنا أول من يقرع بَاب الْجنَّة ".
وَفِي رِوَايَة زَائِدَة عَن الْمُخْتَار عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أَنا أول شَفِيع فِي الْجنَّة، لم يصدق نبيٌّ من الْأَنْبِيَاء مَا صدقت، وَإِن من الْأَنْبِيَاء نَبيا مَا يصدقهُ من أمته إِلَّا رجل وَاحِد ".(2/590)
1972 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن أنس قَالَ: كُنَّا نصلي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شدَّة الْحر، فَإِذا لم يسْتَطع أَحَدنَا أَن يُمكن جَبهته من الأَرْض بسط ثَوْبه فَسجدَ عَلَيْهِ.
1973 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن بكر بن عبد الله بن أنس قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة جَمِيعًا. قَالَ بكر: فَحدثت بذلك ابْن عمر فَقَالَ: لبّى بِالْحَجِّ وَحده. فَلَقِيت أنسا فَحَدَّثته بقول ابْن عمر، فَقَالَ أنس: مَا تعدونا إِلَّا صبياناً، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لبيْك عمْرَة وحجاً ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث حميد الطَّوِيل، وَعبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، وَيحيى بن أبي إِسْحَق كلهم عَن أنس قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل بهما جَمِيعًا: " لبيْك عمْرَة وحجاً، لبيْك عمْرَة وحجاً ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن علية عَن يحيى بن أبي إِسْحَاق وَحميد، قَالَ يحيى:
سَمِعت أنسا يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول.
" لبيْك عمْرَة وحجاً " وَقَالَ حميد عَن أنس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول " لبيْك بعمرةٍ وَحج ".
1974 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ: أُقِيمَت الصَّلَاة ورجلٌ يُنَاجِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَمَا زَالَ يناجيه حَتَّى نَام أَصْحَابه، ثمَّ قَامَ فصلى، وَفِي حَدِيث عبد الْوَارِث: فَمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاة حَتَّى نَام الْقَوْم. وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن عبد الْعَزِيز فَلم يزل يناجيه حَتَّى نَام أَصْحَابه، فصلى بهم.(2/591)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حميد بن تيرويه قَالَ:
سَأَلت ثَابتا عَن الرجل يكلم الرجل بَعْدَمَا تُقَام الصَّلَاة، فَحَدثني عَن أنس قَالَ: أُقِيمَت الصَّلَاة فَعرض للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلٌ، فحبسه بَعْدَمَا أُقِيمَت.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
أُقِيمَت الصَّلَاة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نجي رجل، وَذكره.
وَلمُسلم من رِوَايَة شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصلونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ. قَالَ: قلت: سمعته من أنس؟ قَالَ: إِي وَالله.
وَمن حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس أَنه قَالَ:
أُقِيمَت صَلَاة الْعشَاء، فَقَالَ رجل: لي حاجةٌ، فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يناجيه حَتَّى نَام الْقَوْم - أَو بعض الْقَوْم، ثمَّ صلوا.
1975 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الْوَارِث بن سعيد عَن عبد الْعَزِيز قَالَ: قيل لأنس: مَا سَمِعت من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الثوم؟ قَالَ: " من أكل من هَذِه الشَّجَرَة فَلَا يقربن مَسْجِدنَا ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِسْمَاعِيل عَن إِبْرَاهِيم بن علية عَن الْعَزِيز بن صُهَيْب أَيْضا.
1976 - الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الْوَارِث عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد انهزم النَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَبُو طَلْحَة بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/592)
مجوبٌ بِهِ عَلَيْهِ بحجفة. وَكَانَ أَبُو طَلْحَة رجلا رامياً شَدِيد النزع، لقد كسر يومئذٍ قوسين أَو ثَلَاثًا، وَكَانَ الرجل يمر مَعَه الجعبة من النبل فَيَقُول: " انثرها لأبي طَلْحَة " قَالَ: ويشرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينظر إِلَى الْقَوْم، فَيَقُول أَبُو طَلْحَة: يَا نَبِي الله، بِأبي أَنْت وَأمي، لَا تشرف يصبك سهمٌ من سِهَام الْقَوْم، نحري دون نحرك. وَلَقَد رَأَيْت عَائِشَة وَأم سليم وإنهما لمشمرتان، أرى خدم سوقهما، تنقلان الْقرب على متونهما، تفرغانه فِي أَفْوَاه الْقَوْم، ثمَّ تَرْجِعَانِ تملآنها ثمَّ تجيئان فتفرغانه فِي أَفْوَاه الْقَوْم، وَلَقَد وَقع السَّيْف من يَد أبي طَلْحَة إِمَّا مرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلَاثًا.
وللبخاري من حَدِيث إِسْحَاق بن عبد الله عَن أنس قَالَ:
كَانَ أَبُو طَلْحَة يتترس مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بترس وَاحِد، وَكَانَ أَبُو طَلْحَة حسن الرَّمْي، فَكَانَ إِذا رمى يشرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَينْظر إِلَى مَوضِع نبله.
1977 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن وهيب بن خَالِد عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " ليردن على الْحَوْض رجال مِمَّن صاحبني، حَتَّى إِذا رَأَيْتهمْ وَرفعُوا لي اختلجوا دوني، فلأقولن: أَي رب، أصيحابي أصيحابي، فليقالن لي: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك ".
وَلَيْسَ لوهيب بن خَالِد عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب فِي مُسْند أنس من الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.(2/593)
وَهُوَ مُخْتَصر من حَدِيث أخرجه مُسلم بِطُولِهِ من رِوَايَة الْمُخْتَار بن فلفل عَن أنس قَالَ:
بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم بَين أظهرنَا فِي الْمَسْجِد، إِذْ أغفى إغْفَاءَة ثمَّ رفع رَأسه مُبْتَسِمًا، فَقُلْنَا: مَا أضْحكك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " نزلت عَليّ آنِفا سورةٌ فَقَرَأَ: {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم. إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر فصل لِرَبِّك وانحر إِن شانئك هُوَ الأبتر} [سُورَة الْكَوْثَر] ثمَّ قَالَ: " تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَر؟ " فَقُلْنَا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: " فَإِنَّهُ نهرٌ وعدنيه رَبِّي عز وَجل عَلَيْهِ خير كثيرٌ، هُوَ حوضٌ ترد عَلَيْهِ أمتِي يَوْم الْقِيَامَة، آنيته عدد النُّجُوم، فيختلج العَبْد مِنْهُم فَأَقُول: رب، إِنَّه من أمتِي. فَيَقُول: مَا تَدْرِي مَا أحدث بعْدك ".
وَفِي حَدِيث ابْن فُضَيْل نَحوه، غير أَنه قَالَ:
" نهرٌ وعدنيه رَبِّي فِي الْجنَّة، عَلَيْهِ حَوْضِي " وَلم يذكر: " آنيته عدد النُّجُوم ".
1978 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن علية عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا دَعَا أحدكُم فليعزم الْمَسْأَلَة، وَلَا يَقُولَن: " اللَّهُمَّ إِن شِئْت فَأعْطِنِي، فَإِنَّهُ لَا مستكره لَهُ ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دعوتم فاعزموا فِي الدُّعَاء. " وَذكر نَحوه.
1979 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي التياح يزِيد بن حميد عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " يسروا وَلَا تُعَسِّرُوا، وبشروا وَلَا تنفرُوا " وَفِي رِوَايَة: " وَسَكنُوا وَلَا تنفرُوا ".(2/594)
1980 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي التياح عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي مرابض الْغنم، ثمَّ سمعته بعد يَقُول: كَانَ يُصَلِّي فِي مرابض الْغنم قبل أَن يبْنى الْمَسْجِد. هَكَذَا أَخْرجَاهُ مُخْتَصرا من حَدِيث أبي التياح.
وَأخرجه مُسلم بِطُولِهِ من حَدِيث شُعْبَة عَن أبي التياح.
وَأَخْرَجَاهُ بِطُولِهِ من حَدِيث عبد الْوَارِث عَن أبي التياح عَن أنس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم الْمَدِينَة، فَنزل فِي علو الْمَدِينَة فِي حيٍّ يُقَال لَهُم بَنو عَمْرو بن عَوْف، فَأَقَامَ فيهم أَربع عشرَة لَيْلَة. ثمَّ إِنَّه أرسل إِلَى مَلأ بني النجار، فَجَاءُوا متقلدين بسيوفهم، قَالَ: فَكَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رَاحِلَته وَأَبُو بكر ردفه، وملأ بني النجار حوله، حَتَّى ألْقى بِفنَاء أبي أَيُّوب. قَالَ: فَكَانَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكته الصَّلَاة، وَيُصلي فِي مرابض الْغنم. ثمَّ إِنَّه أَمر بِالْمَسْجِدِ فَبنِي، فَأرْسل إِلَى بني النجار فَجَاءُوا، فَقَالَ: " يَا بني النجار، ثامنوني بحائطكم هَذَا " قَالُوا: لَا وَالله، مَا نطلب ثمنه إِلَّا إِلَى الله. قَالَ أنس: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُول: كَانَ فِيهِ نخلٌ، وقبور الْمُشْركين، وَخرب. فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنَّخْلِ فَقطع، وبقبور الْمُشْركين فنبشت، وبالخرب فسويت. قَالَ: فصفوا النّخل قبْلَة لَهُ، وَجعلُوا عضادتيه حِجَارَة. قَالَ: فَكَانُوا يرتجزون وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَهم وهم يَقُولُونَ:
(اللَّهُمَّ إِنَّه لَا خير إِلَّا خير الْآخِرَه ... فانصر الْأَنْصَار والمهاجره)
وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ عَن مُسَدّد نَحوه، وَفِيه وَجعلُوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَهم وَهُوَ يَقُول:
اللَّهُمَّ إِن الْخَيْر خير الْآخِرَة، فَاغْفِر للْأَنْصَار والمهاجرة ".
وَقد تقدم رجزهم بِمثل ذَلِك فِي حفر الخَنْدَق.(2/595)
1981 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي التياح عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحسن النَّاس خلقا، وَكَانَ لي أَخ يُقَال لَهُ أَبُو عُمَيْر - أَحْسبهُ قَالَ: فطيماً، قَالَ: فَكَانَ إِذا جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَآهُ قَالَ: " أَبَا عُمَيْر، مَا فعل النغير " نغرٌ كَانَ يلْعَب بِهِ. زَاد فِيهِ فِي رِوَايَة مُسَدّد عَن عبد الْوَارِث عَنهُ: فَرُبمَا حضرت الصَّلَاة وَهُوَ فِي بيتنا، فيأمر بالبساط الَّذِي تَحْتَهُ فيكنس وينضح، ثمَّ يقوم ونقوم خَلفه، فَيصَلي بِنَا.
1982 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي التياح عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الْبركَة فِي نواصي الْخَيل ".
وَعند البُخَارِيّ من رِوَايَة خَالِد بن الْحَارِث عَن شُعْبَة:
الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر ".
1983 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن يحيى بن أبي إِسْحَاق عَن أنس قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمَدِينَة إِلَى مَكَّة، فصلى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة " قلت. أقمتم بهَا شَيْئا؟ قَالَ: أَقَمْنَا بهَا عشرا.
وَفِي رِوَايَة أبي نعيم وَقبيصَة عَن الثَّوْريّ:
أَقَمْنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشرَة نقصر الصَّلَاة لم يزدْ.
1984 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول قَالَ: قلت لأنس: أَكُنْتُم تَكْرَهُونَ السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة؟ فَقَالَ: نعم، لِأَنَّهَا كَانَت من شَعَائِر الْجَاهِلِيَّة حَتَّى أنزل الله تَعَالَى: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} [الْبَقَرَة] .(2/596)
وَفِي رِوَايَة سُفْيَان عَن عَاصِم: كُنَّا نرى ذَلِك من أَمر الْجَاهِلِيَّة، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام أمسكنا عَنْهَا، فَأنْزل الله عز وَجل ... وَذكر الْآيَة.
وَفِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة عَن عَاصِم عَن أنس قَالَ:
كَانَت الْأَنْصَار يكْرهُونَ أَن يطوفوا بَين الصَّفَا والمروة، حَتَّى نزلت: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} .
1985 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عَاصِم بن سُلَيْمَان قَالَ: قلت لأنس: أبلغك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " لَا حلف فِي الْإِسْلَام " قَالَ: قد حَالف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين قُرَيْش وَالْأَنْصَار فِي دَاري.
1986 - الْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن مَرْوَان الْأَصْفَر عَن أنس قَالَ: قدم عليٌّ رَضِي الله عَنهُ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْيمن، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بِمَ أَهلَلْت يَا عليٌّ؟ " فَقَالَ: أَهلَلْت كإهلال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: " لَوْلَا أَنِّي معي الْهَدْي لأحللت ".
وَلَيْسَ لمروان الْأَصْفَر عَن أنس فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
1987 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي مسلمة سعد بن يزِيد، قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك: أَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي نَعْلَيْه؟ قَالَ: نعم.
1988 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي معَاذ عَطاء بن أبي مَيْمُون عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خرج لحَاجَة تَبعته أَنا وغلامٌ منا، مَعنا إداوة من مَاء، يَعْنِي يستنجي بِهِ.(2/597)
وَفِي رِوَايَة غنْدر عَن شُعْبَة عَنهُ قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدْخل الْخَلَاء، فأحمل أَنا وَغُلَام إداوة من مَاء وعنزة، يستنجي بِالْمَاءِ.
وَفِي رِوَايَة خَالِد عَن عَطاء عَنهُ:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل حَائِطا، وَتَبعهُ غُلَام وَمَعَهُ ميضأة - وَهُوَ أصغرنا - فوضعها عِنْد سِدْرَة، فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَاجته، فَخرج علينا وَقد استنجى بِالْمَاءِ.
1989 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الحميد صَاحب الزيَادي عَن أنس قَالَ: قَالَ أَبُو جهل: اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء أَو ائتنا بِعَذَاب أَلِيم. فَنزلت: {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله وهم يصدون عَن الْمَسْجِد الْحَرَام} إِلَى الآخر الْآيَة [الْأَنْفَال] .
1990 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن طَلْحَة بن مصرف عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجد تَمْرَة فَقَالَ: " لَوْلَا أَن تكون من الصَّدَقَة لأكلتها " وَمِنْهُم من قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بتمرة فِي الطَّرِيق فَقَالَ: " لَوْلَا أَنِّي أَخَاف أَن تكون من الصَّدَقَة لأكلتها ".
وَلَيْسَ لطلْحَة بن مصرف عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَأخرجه مسلمٌ أَيْضا من حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه.(2/598)
1991 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك قلت: أَخْبرنِي عَن شَيْء عقلته عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَيْن صلى الظّهْر وَالْعصر يَوْم التَّرويَة؟ قَالَ: بمنى. قلت: فَأَيْنَ صلى الْعَصْر يَوْم النَّفر؟ قَالَ: بِالْأَبْطح. ثمَّ قَالَ: افْعَل كمل يفعل أمراؤك. هَكَذَا فِي رِوَايَة سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الْعَزِيز.
وَفِي رِوَايَة أبي بكر بن عَيَّاش عَن عبد الْعَزِيز قَالَ:
خرجت إِلَى منى يَوْم التَّرويَة، فَلَقِيت أنسا ذَاهِبًا على حمَار، فَقلت لَهُ: أَيْن صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر هَذَا الْيَوْم؟ . قَالَ: انْظُر حَيْثُ يُصَلِّي أمراؤك.
وَلم يخرج مُسلم رِوَايَة أبي بكر بن عَيَّاش، وعول على رِوَايَة الثَّوْريّ.
قَالَ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي كِتَابه: جوده سُفْيَان وَلم يجوده أَبُو بكر.
وَلَيْسَ لعبد الْعَزِيز بن رفيع عَن أنس فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث.
1992 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن عبد الله بن جبر عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " آيَة الْإِيمَان حب الْأَنْصَار، وَآيَة النِّفَاق بغض الْأَنْصَار ".
وَفِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن شُعْبَة عَن ابْن جبر:
آيَة الْمُنَافِق بغض الْأَنْصَار، وَآيَة الْمُؤمن حب الْأَنْصَار ".
1993 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الله بن عبد الله بن جبر عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يغْتَسل بالصاع إِلَى خَمْسَة أَمْدَاد، وَيتَوَضَّأ بِالْمدِّ ".(2/599)
وَفِي رِوَايَة معَاذ عَن شُعْبَة قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يغْتَسل بِخمْس مكاكيك، وَيتَوَضَّأ بمكوك، وَفِي رِوَايَة ابْن مهْدي: بِخمْس مكاكي.
1994 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: من الْمُتَّفق على مَتنه من ترجمتين.
أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْوَارِث بن سعيد التنوري عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ:
كَانَ رجلٌ نَصْرَانِيّا فَأسلم، وَقَرَأَ " الْبَقَرَة " و " آل عمرَان "، وَكَانَ يكْتب للنَّبِي، فَعَاد نَصْرَانِيّا، وَكَانَ يَقُول: مَا يدْرِي مُحَمَّد إِلَّا مَا كتبت لَهُ، فأماته الله، فدفنوه، فَأصْبح وَقد لفظته الأَرْض. فَقَالُوا: هَذَا فعل مُحَمَّد وَأَصْحَابه، نبشوا عَن صاحبنا فألقوه، فَحَفَرُوا لَهُ فأعمقوا، فَأصْبح وَقد لفظته الأَرْض. فَقَالُوا: هَذَا فعل مُحَمَّد وَأَصْحَابه، نبشوا عَن صاحبنا فألقوه، فَحَفَرُوا لَهُ وأعمقوا فِي الأَرْض مَا اسْتَطَاعُوا، فَأصْبح وَقد لفظته الأَرْض، فَعَلمُوا أَنه لَيْسَ من النَّاس، فألقوه.
وَأخرجه مُسلم بِمَعْنَاهُ من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
كَانَ منا رجلٌ من بني النجار قد قَرَأَ " الْبَقَرَة " و " آل عمرَان "، وَكَانَ يكْتب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَانْطَلق هَارِبا حَتَّى لحق بِأَهْل الْكتاب، قَالَ: فَرَفَعُوهُ، قَالُوا: هَذَا كَانَ يكْتب لمُحَمد، فَأُعْجِبُوا بِهِ، فَمَا لبث أَن قضم الله عُنُقه فيهم، فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحت الأَرْض قد نَبَذته على وَجههَا، ثمَّ عَادوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحت الأَرْض قد نَبَذته على وَجههَا، ثمَّ عَادوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأَصْبَحت الأَرْض قد نَبَذته على وَجههَا، فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا.(2/600)
1995 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: من هَذَا الْبَاب.
أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْوَارِث عَن الْعَزِيز عَن أنس قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " اللَّهُمَّ آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار ".
وَفِي رِوَايَة مُسَدّد عَن عبد الْوَارِث:
كَانَ أَكثر دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن علية عَن عبد الْعَزِيز قَالَ:
سَأَلَ قَتَادَة أنسا: أَي دَعْوَة كَانَ يَدْعُو بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكثر؟ قَالَ: كَانَ أَكثر دَعْوَة يَدْعُو بهَا يَقُول: " اللَّهُمَّ آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار " قَالَ: وَكَانَ أنسٌ إِذا أَرَادَ أَن يَدْعُو بدعوة دَعَا بهَا، وَإِذا أَرَادَ أَن يَدْعُو بِدُعَاء دَعَا فِيهِ.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث شُعْبَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة. . " وَذكر الْآيَة.
1996 - الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي طوالة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لن يبرح النَّاس يسْأَلُون حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا الله خَالق كل شيءٍ، فَمن خلق الله؟ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُخْتَار بن فلفل عَن أنس
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَالَ الله عز وَجل: إِن أمتك لَا يزالون يَقُولُونَ: مَا كَذَا؟ مَا كَذَا؟ حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا الله خلق الْخلق، فَمن خلق الله؟ ".
1997 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث هِشَام الدستوَائي وَشعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يَسُوق بَدَنَة، قَالَ: " اركبها ". قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة. قَالَ: " اركبها " قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة. قَالَ: " اركبها " ثَلَاثًا.(2/601)
أغفل أَبُو مَسْعُود حَدِيث الدستوَائي فَلم يذكرهُ فِي تَرْجَمته.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث همام عَن قَتَادَة عَن أنس نَحوه، وَقَالَ فِي الثَّالِثَة: " اركبها وَيلك ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي عوَانَة عَن قَتَادَة بِنَحْوِهِ، وَفِي آخِره قَالَ: فَقَالَ فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة: " اركبها، وَيلك أَو وَيحك ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث حميد عَن ثَابت عَن أنس، قَالَ حميد:
وأظنني قد سمعته من أنس قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل يَسُوق بَدَنَة فَقَالَ: " اركبها " قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة. قَالَ: " اركبها " مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث بكير بن الْأَخْنَس عَن أنس قَالَ:
مر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ببدنة أَو هَدِيَّة، فَقَالَ: " اركبها " قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة أَو هَدِيَّة قَالَ: " وَإِن ".
1998 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حميد الطَّوِيل عَن أنس قَالَ: جَاءَ ثَلَاثَة رَهْط إِلَى بيُوت أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَلُون عَن عبَادَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا أخبروا كَأَنَّهُمْ تقالوها وَقَالُوا: فَأَيْنَ نَحن من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر. قَالَ أحدهم: أما أَنا فأصلي اللَّيْل أبدا، وَقَالَ الآخر: وَأَنا أَصوم الدَّهْر وَلَا أفطر. وَقَالَ آخر: وَأَنا أعتزل النِّسَاء وَلَا أَتزوّج أبدا. فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم فَقَالَ: " أَنْتُم الَّذين قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أما وَالله إِنِّي لأخشاكم لله وأتقاكم لَهُ، لكني أَصوم وَأفْطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النِّسَاء، فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني ".
وَقد أخرجه مُسلم بِمَعْنَاهُ من حَدِيث حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس.(2/602)
1999 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس أَن الرّبيع عمته كسرت ثنية جَارِيَة، فطلبوا إِلَيْهَا الْعَفو، فَأَبَوا، فعرضوا الْأَرْش فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأبوا إِلَّا الْقصاص، فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقصاصِ. فَقَالَ أنس بن النَّضر: يَا رَسُول الله، أتكسر ثنية الرّبيع {لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، لَا تكسر ثنيتها. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " يَا أنس، كتاب الله الْقصاص " فَرضِي الْقَوْم فعفوا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن من عباد الله من لَو أقسم على الله لَأَبَره ".
وَأخرج مُسلم عَن ثَابت عَن أنس:
أَن أُخْت الرّبيع أم حَارِثَة جرحت إنْسَانا فاختصموا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " الْقصاص الْقصاص " فَقَالَت أم الرّبيع: يَا رَسُول الله " أيقتص من فُلَانَة؟ وَالله لَا يقْتَصّ مِنْهَا. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " سُبْحَانَ الله يَا أم الرّبيع} الْقصاص كتاب الله " فَذكره، وَفِيه أَنهم قبلوا الدِّيَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن من عباد الله من لَو أقسم على الله لَأَبَره ".
2000 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حميد الطَّوِيل عَن أنس قَالَ: غَابَ عمي أنس بن النَّضر عَن قتال بدر فَقَالَ: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، غبت عَن أول قتالٍ قَاتَلت الْمُشْركين، لَئِن الله أشهدني قتال الْمُشْركين ليرين الله مَا أصنع. فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد انْكَشَفَ الْمُسلمُونَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أعْتَذر إِلَيْك مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ - يَعْنِي أَصْحَابه، وَأَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ - يَعْنِي الْمُشْركين. ثمَّ تقدم، واستقبله سعد بن معَاذ، فَقَالَ: يَا سعد بن معَاذ، الْجنَّة، وَرب النَّضر، إِنِّي لأجد رِيحهَا من دون أحد. فَقَالَ سعد: فَمَا اسْتَطَعْت يَا رَسُول الله مَا صنع. قَالَ أنس: فَوَجَدنَا بِهِ بضعاً وَثَمَانِينَ ضَرْبَة بِالسَّيْفِ، أَو طعنة بِرُمْح، أَو رمية بِسَهْم، ووجدناه قد قتل وَمثل بِهِ الْمُشْركُونَ، فَمَا عرفه أحدٌ إِلَّا أُخْته ببنانه. قَالَ أنس: كُنَّا نرى(2/603)
ونظن أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِيهِ وَفِي أشباهه: {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} إِلَى آخر الْآيَة [الْأَحْزَاب] .
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس:
قَالَ أنس: عمي سميت بِهِ، لم يشْهد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدْرًا، فشق عَلَيْهِ وَقَالَ: أول مشْهد شهده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غبت عَنهُ، وَلَئِن أَرَانِي الله مشهداً فِيمَا بعد مَعَ رَسُول الله ليرين الله مَا أصنع. قَالَ: وهاب أَن يَقُول غَيرهَا قَالَ: فَشهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحدٍ. قَالَ: فَاسْتقْبل سعد بن معَاذ، فَقَالَ لَهُ أنس: يَا أَبَا عَمْرو، أَيْن؟ ثمَّ قَالَ: واها لريح الْجنَّة أَجِدهُ دون أحد. قَالَ: فَقَاتلهُمْ حَتَّى قتل. قَالَ: فَوجدَ فِي جسده بضعٌ وَثَمَانُونَ من بَين ضَرْبَة ورمية وطعنة، ثمَّ ذكر نَحْو مَا تقدم.
2001 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لغدوةٌ فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَذكر مثله.
2002 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث حميد عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفْطر من الشَّهْر حَتَّى نظن أَنه لَا يَصُوم مِنْهُ، ويصوم حَتَّى نظن أَنه لَا يفْطر مِنْهُ شَيْئا. وَكَانَ لانشاء أَن نرَاهُ من اللَّيْل مُصَليا إِلَّا(2/604)
رَأَيْته، وَلَا نَائِما إِلَّا رَأَيْته.
وَفِي رِوَايَة أبي خَالِد الْأَحْمَر عَن حميد قَالَ:
سَأَلت أنسا عَن صِيَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا كنت أحب أَن أرَاهُ من الشَّهْر صَائِما إِلَّا رَأَيْته، وَلَا مُفطرا إِلَّا رَأَيْته، وَلَا من اللَّيْل قَائِما إِلَّا رَأَيْته، وَلَا نَائِما إِلَّا رَأَيْته، وَلَا مسست خزةً وَلَا حريرةً أَلين من كف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا شممت مسكةً وَلَا عنبرةً أطيب رَائِحَة من رَائِحَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه مُسلم مُخْتَصرا من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَصُوم حَتَّى يُقَال: قد صَامَ صَامَ، وَيفْطر حَتَّى يُقَال: أفطر أفطر.
2003 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعْبَة عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تسحرُوا، فَإِن فِي السّحُور بركَة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث هشيم عَن عبد الْعَزِيز، وَمن حَدِيث أبي عوَانَة عَن قَتَادَة وَعبد الْعَزِيز عَن أنس. وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس.
2004 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعْبَة عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل الْخَلَاء قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث ".
وَأخرجه أَيْضا تَعْلِيقا من حَدِيث حَمَّاد عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس بِنَحْوِهِ. قَالَ: قَالَ(2/605)
سعيد بن زيد: حَدثنَا عبد الْعَزِيز:
إِذا أَرَادَ أَن يدْخل الْخَلَاء ... .
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث حَمَّاد بن زيد وهشيم عَن عبد الْعَزِيز بن عِيسَى عَنهُ
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا دخل الكنيف قَالَ: ... وَذكر مثله.
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية عَن عبد الْعَزِيز بِنَحْوِهِ وَقَالَ:
أعوذ بِاللَّه من الْخبث والخبائث ".
2005 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعْبَة عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك: قَالَ شُعْبَة: فَقلت: أعن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ: شَدِيدا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: " من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا فَلَنْ يلْبسهُ فِي الْآخِرَة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... وَذكر نَحوه.
2006 - السِّتُّونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْوَارِث عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ: أبْصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صبياناً مُقْبِلين من عرس، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ أَنْتُم من أحب النَّاس إِلَيّ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صبياناً وَنسَاء مُقْبِلين من عرس، فَقَامَ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنَّهُم من أحب النَّاس إِلَيّ. اللَّهُمَّ إِنَّهُم من أحب النَّاس إِلَيّ. اللَّهُمَّ إِنَّهُم من أحب النَّاس إِلَيّ " يعْنى الْأَنْصَار.
2007 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الْوَارِث عَن(2/606)
عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ:
نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتزعفر الرجل.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله.
وَمن حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن التزعفر. قَالَ أنس: يَعْنِي للرِّجَال.
2008 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عَمْرو بن عَامر الْأنْصَارِيّ عَن أنس قَالَ: كَانَ الْمُؤَذّن إِذا أذن قَامَ ناسٌ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبتدرون السَّوَارِي حَتَّى يخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم كَذَلِك، يصلونَ رَكْعَتَيْنِ قبل الْمغرب. وَلم يكن بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة شَيْء. وَقَالَ عُثْمَان بن جبلة وَأَبُو دَاوُد عَن شُعْبَة: لم يكن بَينهمَا إِلَّا قَلِيل.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الْوَارِث عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ:
كُنَّا بِالْمَدِينَةِ، فَإِذا أذن الْمُؤَذّن لصَلَاة الْمغرب ابتدروا السَّوَارِي فركعوا رَكْعَتَيْنِ، حَتَّى إِن الرجل الْغَرِيب ليدْخل الْمَسْجِد فيحسب أَن الصَّلَاة قد صليت من كَثْرَة من يُصَلِّيهمَا.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث الْمُخْتَار بن فلفل قَالَ:
سَأَلت أنس بن مَالك عَن التَّطَوُّع بعد الْعَصْر. فَقَالَ: كَانَ عمر يضْرب الْأَيْدِي على صَلَاة بعد الْعَصْر، وَكُنَّا نصلي على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ بعد غرُوب الشَّمْس قبل صَلَاة الْمغرب.
فَقلت لَهُ: أَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلاهما؟ قَالَ: كَانَ يَرَانَا نصليهما، فَلم يَأْمُرنَا وَلم ينهنا.
2009 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة(2/607)
عَن أنس {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} [فَاتِحَة الْفَتْح] قَالَ: الْحُدَيْبِيَة: فَقَالَ أَصْحَابه هَنِيئًا مريئاً فَمَا لنا؟ فَأنْزل الله عز وَجل: {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات} [الْفَتْح] قَالَ شُعْبَة: فَقدمت الْكُوفَة، فَحدثت بِهَذَا كُله عَن قَتَادَة، ثمَّ رجعت فَذكرت لَهُ، فَقَالَ: أما: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فَعَن أنس، وَأما هَنِيئًا مريئاً فَعَن عِكْرِمَة.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة وَهَمَّام بن يحيى وشيبان بن عبد الرَّحْمَن، جَمِيعًا عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: لما نزلت: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله} إِلَى قَوْله: {فوزا عَظِيما} [الْفَتْح] مرجعه من الْحُدَيْبِيَة وهم يخالطهم الْحزن والكآبة، وَقد نحر الْهَدْي بِالْحُدَيْبِية. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أنزلت عَليّ آيَة هِيَ أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا جَمِيعًا ".
2010 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مُوسَى بن أنس عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم افْتقدَ ثَابت بن قيس، فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أَنا أعلم لَك علمه، فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسا فِي بَيته، مُنَكسًا رَأسه، فَقَالَ: مَا شَأْنك؟ قَالَ: شرٌّ، كَانَ يرفع صَوته فَوق صَوت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فقد حَبط عمله، وَهُوَ من أهل النَّار، فَأتى الرجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأخْبرهُ أَنه قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ مُوسَى بن أنس: فَرجع إِلَيْهِ الْمرة الْآخِرَة بِبِشَارَة عَظِيمَة، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقل لَهُ: " إِنَّك لست من أهل النَّار، وَلَكِنَّك من أهل الْجنَّة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ وَحَمَّاد بن سَلمَة وجعفر بن سُلَيْمَان وَسليمَان بن الْمُغيرَة جَمِيعًا عَن ثَابت عَن أنس، وَاللَّفْظ لحَدِيث حَمَّاد:
أَنه لما نزلت هَذِه الْآيَة: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} الْآيَة [الحجرات] جلس ثَابت فِي بَيته وَقَالَ: أَنا من أهل النَّار، وَاحْتبسَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،(2/608)
فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سعد بن معَاذ فَقَالَ:
يَا أَبَا عَمْرو، مَا شَأْن ثَابت؟ اشْتَكَى؟ " فَقَالَ سعد: إِنَّه لجاري، وَمَا علمت لَهُ بشكوى. قَالَ: فَأَتَاهُ سعد، فَذكر لَهُ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ ثَابت: أنزلت هَذِه الْآيَة وَقد علم أَنِّي من أرفعكم صَوتا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَنا من أهل النَّار، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " بل هُوَ من أهل الْجنَّة ".
وَأَحَادِيث البَاقِينَ بِنَحْوِ حَدِيث حَمَّاد، وَلَيْسَ عِنْدهم فِيهِ ذكر سعد بن معَاذ.
وَأول حَدِيث جَعْفَر بن سُلَيْمَان: كَانَ ثَابت بن قيس بن شماس خطيب الْأَنْصَار، فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة ... وَذكر قَول ثَابت.
زَاد فِي حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، فَكُنَّا نرَاهُ يمشي بَين أظهرنَا، رجلٌ من أهل الْجنَّة.
وَلَيْسَ لِسُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن ثَابت عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2011 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ عَن ثُمَامَة عَن أنس أَن أم سليم كَانَت تبسط للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نطعاً، فيقيل عِنْدهَا على ذَلِك النطع، فَإِذا قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخذت من عرقه وشعره، فجمعته فِي قَارُورَة، ثمَّ جعلته فِي سك قَالَ: فَلَمَّا حضر أنس بن مَالك الْوَفَاة أوصى أَن يَجْعَل فِي حنوطه من ذَلِك السك.
قَالَ: فَجعل فِي حنوطه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِسْحَق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدْخل بَيت أم سليم، فينام على فراشها - وَلَيْسَت فِيهِ، قَالَ: فجَاء ذَات يَوْم فَنَامَ على فراشها، فَأتيت فَقيل لَهَا: هَذَا النَّبِي نَائِم فِي بَيْتك على فراشك. قَالَ: فَجَاءَت وَقد عرق واستنقع عرقه على قِطْعَة أَدِيم على الْفراش،(2/609)
ففتحت عتيدتها، فَجعلت تنشف ذَلِك الْعرق فتعصره فِي قواريرها، فَفَزعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " مَا تصنعين يَا أم سليم؟ " فَقَالَت: يَا رَسُول الله، نرجو بركته لصبياننا، قَالَ: " أصبت ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
دخل علينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَامَ عندنَا، فعرق، وَجَاءَت أُمِّي بقارورة، فَجعلت تسلت الْعرق فِيهَا، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " يَا أم سليم، مَا هَذَا الَّذِي تصنعين؟ " قَالَت هَذَا عرقك نجعله فِي طيبنَا، وَهُوَ أطيب الطّيب.
وَقد رُوِيَ هَكَذَا عَن أنس عَن أم سليم، وَهُوَ مَذْكُور فِي مسندها إِن شَاءَ الله.
2012 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن قُرَيْش بن حبَان عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: دَخَلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي سيف الْقَيْن - وَكَانَ ظِئْرًا لإِبْرَاهِيم، فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِبْرَاهِيم فَقبله وَشمه، ثمَّ دَخَلنَا عَلَيْهِ بعد ذَلِك وَإِبْرَاهِيم يجود بِنَفسِهِ، فَجعلت عينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَذْرِفَانِ. فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: وَأَنت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " يَا ابْن عَوْف، إِنَّهَا رَحْمَة " ثمَّ أتبعهَا بِأُخْرَى فَقَالَ:
" إِن الْعين تَدْمَع، وَالْقلب يحزن، وَلَا نقُول إِلَّا مَا يُرْضِي رَبنَا، وَإِنَّا بك يَا إِبْرَاهِيم لَمَحْزُونُونَ " لفظ حَدِيث البُخَارِيّ.(2/610)
وَلَيْسَ لقريش بن حَيَّان فِي الصَّحِيح عَن ثَابت عَن أنس غير هَذَا.
قَالَ البُخَارِيّ فِي عقب هَذَا الْخَبَر: رَوَاهُ مُوسَى بن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَقد أخرج مُسلم بِالْإِسْنَادِ حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " ولد لي اللَّيْلَة غلامٌ، فسميته باسم أبي إِبْرَاهِيم " ثمَّ دَفعه إِلَى أم سيف امْرَأَة قين يُقَال لَهُ أَبُو سيف، فَانْطَلق يَأْتِيهِ، فاتبعته، فَانْتَهَيْنَا إِلَى أبي سيف وَهُوَ ينْفخ بكيره وَقد امْتَلَأَ الْبَيْت دخاناً، فأسرعت الْمَشْي بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقلت: يَا أَبَا سيف، أمسك، جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأمْسك فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فضمه إِلَيْهِ، وَقَالَ مَا شَاءَ الله أَن يَقُول: فَقَالَ أنس: لقد رَأَيْته وَهُوَ يكيد بِنَفسِهِ بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَدَمَعَتْ عينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: " تَدْمَع الْعين، ويحزن الْقلب، وَلَا نقُول إِلَّا مَا يُرْضِي رَبنَا، وَالله يَا إِبْرَاهِيم إِنَّا بك لَمَحْزُونُونَ ".
2013 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث إِسْحَق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الرُّؤْيَا الْحَسَنَة من الرجل الصَّالح جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة ".
وَأخرجه أَيْضا وَفِيه زِيَادَة من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن الْمُخْتَار عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" من رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي، فَإِن الشَّيْطَان لَا يتخيل بِي، ورؤيا الْمُؤمن جزءٌ من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة ".(2/611)
قَالَ البُخَارِيّ: وَرَوَاهُ ثَابت وَحميد وَإِسْحَق وَشُعَيْب عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَعْنِي قَوْله
" رُؤْيا الْمُؤمن ... ". وَأخرجه مُسلم من حَدِيث شُعْبَة عَن ثَابت عَن انس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
" رُؤْيا الْمُؤمن جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جَزَاء من النُّبُوَّة ".
2014 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ بعد الْمِائَة: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شريك بن عبد الله بن أبي نمر عَن أنس بن مَالك قَالَ: بَيْنَمَا نَحن جُلُوس مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد، إِذْ دخل رجلٌ على جمل، ثمَّ أناخه فِي الْمَسْجِد، ثمَّ عقله، ثمَّ قَالَ: أَيّكُم مُحَمَّد؟ وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متكئ بَين ظهرانيهم. فَقُلْنَا: هَذَا الرجل الْأَبْيَض المتكئ. فَقَالَ لَهُ: ابْن عبد الْمطلب. فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " قد أَجَبْتُك " فَقَالَ الرجل: إِنِّي سَائِلك فمشدد عَلَيْك فِي الْمَسْأَلَة، فَلَا تَجِد عَليّ فِي نَفسك. فَقَالَ: " سل مَا بدا لَك " فَقَالَ: أَسأَلك بِرَبِّك وَرب من قبلك، آللَّهُ أرسلك إِلَى النَّاس كلهم؟ قَالَ: " اللَّهُمَّ نعم " قَالَ أنْشدك بِاللَّه، آللَّهُ أَمرك أَن تصلي الصَّلَوَات الْخمس فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة؟ قَالَ " اللَّهُمَّ نعم " قَالَ: أنْشدك بِاللَّه، آللَّهُ أَمرك أَن تَصُوم هَذَا الشَّهْر من السّنة؟ قَالَ: " اللَّهُمَّ نعم ". قَالَ: أنْشدك بِاللَّه، آللَّهُ آمُرك أَن تَأْخُذ هَذِه الصَّدَقَة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ نعم " فَقَالَ الرجل: آمَنت بِمَا جِئْت بِهِ، وَأَنا رَسُول من ورائي من قومِي، وَأَنا همام بن ثَعْلَبَة، أَخُو بني سعدبن بكر.
قَالَ البُخَارِيّ فِي عقبَة: رَوَاهُ مُوسَى وَعلي بن عبد الحميد عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس. هَكَذَا ذكره البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، وَلم يذكر لَهُ إِسْنَادًا إِلَى مُوسَى وَعلي عَنهُ(2/612)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن أنس - وَهُوَ أتم، قَالَ:
نهينَا فِي الْقُرْآن أَن نسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شَيْء، فَكَانَ يعجبنا أَن يَجِيء الرجل من أهل الْبَادِيَة، الْعَاقِل، فيسأله وَنحن نسْمع، فجَاء رجلٌ من أهل الْبَادِيَة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، أَتَانَا رَسُولك فَزعم لنا أَنَّك تزْعم أَن الله أرسلك. قَالَ: " صدق " قَالَ: فَمن خلق السَّمَاء؟ قَالَ: " الله " قَالَ: فَمن خلق الأَرْض؟ قَالَ: " الله " قَالَ: فَمن نصب هَذِه الْجبَال وَجعل فِيهَا مَا جعل؟ قَالَ: " الله ". قَالَ: فبالذي خلق السَّمَاء وَخلق الأَرْض وَنصب هَذِه الْجبَال، آللَّهُ أرسلك؟ قَالَ: " نعم " قَالَ: وَزعم رَسُولك أَن علينا خمس صلوَات فِي يَوْمنَا وليلتنا. قَالَ: " صدق " قَالَ: فبالذي أرسلك، آللَّهُ أَمرك بِهَذَا؟ قَالَ: " نعم ". قَالَ: وَزعم رَسُولك أَن علينا زَكَاة فِي أَمْوَالنَا.
قَالَ: " صدق ": قَالَ: فبالذي أرسلك، آللَّهُ أَمرك بِهَذَا؟ قَالَ: " نعم " قَالَ: وَزعم رَسُولك أَن علينا صَوْم شهر رَمَضَان فِي سنتنا. قَالَ: " صدق " قَالَ: فبالذي أرسلك، آللَّهُ أَمرك بِهَذَا؟ قَالَ: " نعم ". قَالَ. وَزعم رَسُولك أَن علينا حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا. قَالَ: " صدق " قَالَ: ثمَّ ولى، وَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أَزِيد عَلَيْهِنَّ وَلَا أنقص مِنْهُنَّ. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَئِن صدق ليدخلن الْجنَّة ".
أَفْرَاد البُخَارِيّ
2015 - الحَدِيث الأول: عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: دخلت على أنس بن مَالك بِدِمَشْق وَهُوَ يبكي فَقلت: مَا يبكيك؟ فَقَالَ: لَا أعرف شَيْئا مِمَّا أدْركْت إِلَّا هَذِه الصَّلَاة، وَهَذِه الصَّلَاة قد ضيعت.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث غيلَان بن جرير عَن أنس قَالَ:
مَا أعرف شَيْئا مِمَّا كَانَ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قيل: الصَّلَاة. قَالَ: أَلَيْسَ صَنَعْتُم مَا صَنَعْتُم فِيهَا؟ .(2/613)
وللبخاري أَيْضا من حَدِيث بشير بن يسَار عَن أنس:
أَنه قدم الْمَدِينَة، فَقيل لَهُ: مَا أنْكرت منا مُنْذُ يَوْم عهِدت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ: مَا أنْكرت شَيْئا إِلَّا أَنكُمْ لَا تقيمون الصُّفُوف.
2016 - الثَّانِي: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس قَالَ: لم يكن أحدٌ أشبه بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحسن بن عَليّ.
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْحُسَيْن نَحْو هَذَا أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ:
أُتِي عبيد الله بن زِيَاد بِرَأْس الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ، فَجعل فِي طست، فَجعل ينكت، وَقَالَ فِي حسنه شَيْئا. فَقَالَ أنس: كَانَ أشبههم برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ مخضوباً بالوسمة.
2017 - الثَّالِث: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس: أَن رجَالًا من الْأَنْصَار اسْتَأْذنُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: ائْذَنْ لنا فلنترك لِابْنِ أُخْتنَا عَبَّاس فداءه. فَقَالَ: " لَا تدعون مِنْهُ درهما ".
2018 - الرَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس: أَنه رأى على أم كُلْثُوم بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم برد حريرٍ سيراء.
2019 - الْخَامِس: عَن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " انصر أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما " فَقَالَ رجلٌ: يَا رَسُول الله، أنصره إِذا كَانَ(2/614)
مَظْلُوما، أَفَرَأَيْت إِن كَانَ ظَالِما، كَيفَ أنصره؟ قَالَ: " تحجزه - أَو تَمنعهُ - الظُّلم، فَإِن ذَلِك نَصره ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث حميد عَن أنس بِنَحْوِهِ، وَفِيه: قَالُوا: كَيفَ ننصره ظَالِما؟ قَالَ: " تَأْخُذ فَوق يَدَيْهِ ".
2020 - السَّادِس: عَن عبيد الله بن أبي بكر عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَغْدُو يَوْم الْفطر حَتَّى يَأْكُل تمرات. زَاد فِي رِوَايَة مرجأ بن رَجَاء عَن عبيد الله عَنهُ: ويأكلهن وترا.
2021 - السَّابِع: عَن ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ إِذا تكلم بِكَلِمَة أَعَادَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تفهم عَنهُ، وَإِذا أَتَى على قومٍ فَسلم عَلَيْهِم سلم عَلَيْهِم ثَلَاثًا.
2022 - الثَّامِن: عَن ثُمَامَة عَن أنس قَالَ: نرى هَذِه الْآيَة نزلت فِي أنس بن النَّضر {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} [الْأَحْزَاب] .
وَقد تقدم نَحْو هَذَا الْمَعْنى من رِوَايَة حميد عَن أنس.
2023 - التَّاسِع: عَن ثُمَامَة قَالَ: حج أنسٌ على رحلٍ - وَلم يكن شحيحاً، وَحدث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حج على رحلٍ، وَكَانَت زاملته.
2024 - الْعَاشِر: عَن ثُمَامَة عَن أنس: أَن قيس بن سعد بن عبَادَة كَانَ يكون بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَنْزِلَة صَاحب الشَّرْط من الْأَمِير.(2/615)
2025 - الْحَادِي عشر: عَن ثُمَامَة قَالَ: كَانَ أنسٌ لَا يرد الطّيب. قَالَ: وَزعم أنسٌ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يرد الطّيب.
2026 - الثَّانِي عشر: عَن هِشَام بن زيد عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّكُم سَتَلْقَوْنَ بعدِي أَثَرَة، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي على الْحَوْض ".
وَأخرج أَيْضا من حَدِيث يحيى بن سعيد عَن أنس قَالَ:
دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَنْصَار إِلَى أَن يقطع لَهُم الْبَحْرين، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَن تقطع لإِخْوَانِنَا من الْمُهَاجِرين مثلهَا. فَقَالَ: " إِمَّا لَا، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي، فَإِنَّهُ سيصيبكم أثرةٌ بعدِي ".
2027 - الثَّالِث عشر: عَن هِشَام بن زيد بن أنس عَن أنس قَالَ: مر يَهُودِيّ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: السام عَلَيْكُم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَعَلَيْك. أَتَدْرُونَ مَا يَقُول؟ قَالَ: السام عَلَيْك ". قَالُوا: يَا رَسُول الله، أَلا نَقْتُلهُ؟ قَالَ: " لَا. إِذا سلم عَلَيْكُم أهل الْكتاب فَقولُوا: وَعَلَيْكُم ".
2028 - الرَّابِع عشر: عَن حَفْص بن عبيد الله بن أنس عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يجمع بَين هَاتين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر - يَعْنِي الْمغرب وَالْعشَاء.
2029 - الْخَامِس عشر: عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ: خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسرف، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هَذِه زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِذا رفعتم جَاءَ الْخط الْأَقْرَب ".
2030 - السَّادِس عشر: عَن إِسْحَاق بن عبد الله عَن أنس بن مَالك قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن المحاقلة والمخاضرة وَالْمُلَامَسَة والمنابذة ".(2/616)
2031 - السَّابِع عشر: عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو مولى الْمطلب - عَن أنس بن مَالك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الله عز وَجل قَالَ: إِذا ابْتليت عَبدِي بحبيبتيه ثمَّ صَبر عوضته مِنْهُمَا الْجنَّة " يُرِيد عَيْنَيْهِ. قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه أَشْعَث بن جَابر وَأَبُو هِلَال عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2032 - الثَّامِن عشر: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: قلت لعبيدة: عندنَا من شعر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصبناه من قبل أنس وَمن قبل أهل أنس. قَالَ: لِأَن تكون عِنْدِي شَعْرَة مِنْهُ أحب إِلَيْنَا من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
2033 - التَّاسِع عشر: عَن أنس بن سِيرِين عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رجل من الْأَنْصَار - وَكَانَ ضخماً - للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لَا أَسْتَطِيع الصَّلَاة مَعَك. فَصنعَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما فَدَعَاهُ إِلَى بَيته، ونضح لَهُ طرف حَصِير بِمَاء فصلى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ فلَان بن فلَان بن الْجَارُود لأنس: أَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَ: مَا رَأَيْته غير ذَلِك الْيَوْم. كَذَا فِي رِوَايَة شُعْبَة.
وَقَالَ خَالِد الْحذاء فِي رِوَايَته عَن أنس بن سِيرِين عَن أنس:
إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زار أهل بَيت من الْأَنْصَار، فَطَعِمَ عِنْدهم طَعَاما، فَلَمَّا أَرَادَ أَن يخرج أَمر بمكانٍ من الْبَيْت، فنضح لَهُ على بساطٍ، فصلى عَلَيْهِ ودعا لَهُم.
2034 - الْعشْرُونَ عَن أبي قلَابَة عَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا نعس أحدكُم فِي الصَّلَاة فلينم حَتَّى يعلم مَا يقْرَأ ".(2/617)
2035 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن أبي قلَابَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا وضع الْعشَاء وأقيمت الصَّلَاة، فابدءوا بالعشاء ".
2036 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن أبي قلَابَة فِيمَا قرئَ على أَيُّوب عَنهُ عَن أنس أَن أَبَا طَلْحَة وَأنس بن النَّضر كوياه، وكواه أَبُو طَلْحَة بِيَدِهِ.
وَقَالَ عباد بن مَنْصُور عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أنس قَالَ:
أذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأهل بَيت من الْأَنْصَار أَن يرقوا من الْحمة وَالْأُذن. قَالَ أنس: كويت من ذَات الْجنب وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حيٌّ، وشهدني أَبُو طَلْحَة وَأنس بن النَّضر وَزيد بن ثَابت، وَأَبُو طَلْحَة كواني.
2037 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الْمَدِينَة يَأْتِيهَا الدَّجَّال، فيجد الْمَلَائِكَة يحرسونها، فَلَا يقربهَا الدَّجَّال وَلَا الطَّاعُون إِن شَاءَ الله تَعَالَى ".
2038 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن شُعْبَة - تَعْلِيقا - عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " رفعت لي السِّدْرَة، فَإِذا أَرْبَعَة أَنهَار: نهران ظاهران ونهران باطنان. فَأَما الظاهران فالنيل والفرات، وَأما الباطنان، فنهران فِي الْجنَّة، وأتيت بِثَلَاثَة أقداح: قدح فِيهِ لبن، وقدح فِيهِ عسل، وقدح فِيهِ خمر، فَأخذت الَّذِي فِيهِ اللَّبن، فَقيل لي: أصبت الْفطْرَة ".
2039 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرويهِ عَن ربه عز وَجل قَالَ: " إِذا تقرب العَبْد إِلَيّ شبْرًا تقربت إِلَيْهِ ذِرَاعا، وَإِذا تقرب إِلَيّ ذِرَاعا تقربت مِنْهُ باعاً، وَإِذا أَتَانِي مشياً أَتَيْته هرولة ".(2/618)
2040 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدُور على نِسَائِهِ فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة من اللَّيْل وَالنَّهَار وَهن إِحْدَى عشرَة. قلت لأنس: وَكَانَ يطيقه؟ قَالَ: كُنَّا نتحدث أَنه أعطي قُوَّة ثَلَاثِينَ.
وَأخرجه من حَدِيث سعيد عَن قَتَادَة أَن أنس بن مَالك حَدثهمْ:
أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يطوف على نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَة الْوَاحِدَة، وَله يومئذٍ تسع نسْوَة.
وَأخرج مُسلم طرفا من هَذَا من حَدِيث هِشَام بن زيد بن أنس عَن أنس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يطوف على نِسَائِهِ بِغسْل وَاحِد.
2041 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن رجلَيْنِ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرجا من عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لَيْلَة مظْلمَة، ومعهما مثل المصباحين بَين أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرقَا صَار مَعَ كل واحدٍ مِنْهُمَا واحدٌ حَتَّى أَتَى أَهله.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا بِنَحْوِهِ من حَدِيث همام عَن قَتَادَة عَن أنس.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ معمر عَن ثَابت:
إِن أسيد بن حضير ورجلاً من الْأَنْصَار.
قَالَ: وَقَالَ حَمَّاد. وَأخْبرنَا ثَابت عَن أنس قَالَ: كَانَ أسيد بن حضير وَعباد بن بشر عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2042 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: وَلَقَد رهن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم درعة بشعير، ومشيت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخبْز شعير وإهالة سنخة، وَلَقَد سمعته يَقُول: " مَا أصبح لآل مُحَمَّد إِلَّا صَاع وَلَا أَمْسَى، وَإِنَّهُم لتسعة أَبْيَات ".(2/619)
2043 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن هِشَام عَن قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " ليصيبن أَقْوَامًا سفعٌ من النَّار بذنوب أصابوها، عُقُوبَة، ثمَّ يدخلهم الله الْجنَّة بِفضل رَحمته، فَيُقَال لَهُم الجهنميون ".
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث همام عَن قَتَادَة عَن أنس بِنَحْوِ ذَلِك.
2044 - الثَّلَاثُونَ: عَن هِشَام عَن قَتَادَة قَالَ: مَا نعلم حَيا من أَحيَاء الْعَرَب أَكثر شُهَدَاء من الْأَنْصَار. قَالَ قَتَادَة: وَحدثنَا أنس بن مَالك أَنه قتل مِنْهُم يَوْم أحد سَبْعُونَ، وَيَوْم بِئْر مَعُونَة سَبْعُونَ، وَيَوْم الْيَمَامَة سَبْعُونَ.
2045 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: من حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الظّهْر وَالْعصر، وَالْمغْرب وَالْعشَاء، ثمَّ رقد رقدة بالمحصب، ثمَّ ركب إِلَى الْبَيْت، فَطَافَ بِهِ. قَالَ البُخَارِيّ: وَتَابعه اللَّيْث عَن خَالِد عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ...
2046 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزيد بن ثَابت تسحرا، فَلَمَّا فرغا من سحورهما قَامَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الصَّلَاة، فصلى. قُلْنَا لأنس: كم كَانَ بَين فراغهما من سحورهما ودخولهما فِي الصَّلَاة؟ قَالَ: قدر مَا يقْرَأ الرجل خمسين آيَة.
وَقد روى همام عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن زيد بن ثَابت حَدثهُ قَالَ:
تسحرنا ... وَذكره، جعله فِي مُسْند زيد. وَهُوَ مَذْكُور هُنَالك.(2/620)
2047 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن سعيد عَن قَتَادَة: عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا بَال أَقوام يرفعون أَبْصَارهم إِلَى السَّمَاء فِي صلَاتهم؟ " فَاشْتَدَّ قَوْله فِي ذَلِك حَتَّى قَالَ " لينتهن أَو لتخطفن أَبْصَارهم ".
2048 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن سعيد عَن قَتَادَة قَالَ: حَدثنَا أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا ".
2049 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صعد أحدا وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان، فَرَجَفَ بهم، فَقَالَ: " أثبت أحد، فَإِنَّمَا عَلَيْك نبيٌّ وصديق وشهيدان ".
وَفِي رِوَايَة يزِيد بن عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس مثله، وَقَالَ:
اثْبتْ، فَمَا عَلَيْك إِلَّا نبيٌّ أَو صديق أَو شَهِيد ".
2050 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: لم يَأْكُل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على خوان حَتَّى مَاتَ، وَمَا أكل خبْزًا مرققاً حَتَّى مَاتَ.
وَأخرجه من حَدِيث همام بن يحيى عَن قَتَادَة قَالَ:
كُنَّا نأتي أنسا وخبازه قائمٌ فَيَقُول: كلوا، فَمَا أعلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى لَهُ رغيفاً مرققاً حَتَّى لحق بِاللَّه عز وَجل، وَلَا رأى شَاة سميطاً بِعَيْنِه قطّ.
وَأخرجه من حَدِيث هِشَام الدستوَائي عَن يُونُس الإسكاف عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
مَا علمت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكل على سكرجة قطّ، وَلَا خبز لَهُ مرقق قطّ، وَلَا أكل على خوان قطّ. قيل لِقَتَادَة: فعلام كَانُوا يَأْكُلُون؟ قَالَ: على السّفر.(2/621)
2051 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن همام عَن قَتَادَة سُئِلَ أنس: كَيفَ كَانَت قِرَاءَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ: كَانَت مدا. ثمَّ قَرَأَ (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) يمد (بِسم الله) ويمد ب (الرَّحْمَن) ويمد ب (الرَّحِيم) .
وَأخرجه من حَدِيث جرير بن حَازِم عَن قَتَادَة قَالَ:
سَأَلت أنسا عَن قِرَاءَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: كَانَ يمد مدا.
2052 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن همام عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن نعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَهَا قبالان.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث عِيسَى بن طهْمَان قَالَ: أخرج إِلَيْنَا أنس نَعْلَيْنِ جرداوين. لَهما قبالان. فَحَدثني ثَابت الْبنانِيّ بعد عَن أنس: أَنَّهُمَا نعلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2053 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن همام عَن قَتَادَة قَالَ: قلت لأنس: أَكَانَت المصافحة فِي أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: نعم.
2054 - الْأَرْبَعُونَ: عَن همام عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " بَينا أَنا أَسِير فِي الْجنَّة إِذا بنهر حافتاه قباب الدّرّ المجوف قلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي أَعْطَاك رَبك، فَإِذا طينه أَو طينته مسك أذفر " شكّ الرَّاوِي.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
لما عرج بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى السَّمَاء قَالَ: أتيت على نهر حافتاه قباب اللُّؤْلُؤ المجوف، فَقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَر ".(2/622)
2055 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن أم الرّبيع بنت الْبَراء وَهِي أم حَارِثَة بن سراقَة أَتَت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا نَبِي الله، أَلا تُحَدِّثنِي عَن حَارِثَة - وَكَانَ قتل يَوْم بدر أَصَابَهُ سهمٌ غربٌ - فَإِن كَانَ فِي الْجنَّة صبرت، وَإِن غير ذَلِك اجتهدت عَلَيْهِ فِي الْبكاء، قَالَ: " يَا أم حَارِثَة، إِنَّهَا جنانٌ فِي الْجنَّة، وَإِن ابْنك أصَاب الفردوس الْأَعْلَى ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث حميد عَن أنس بِمَعْنَاهُ.
2056 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا، قَالَ: وَقَالَ عبيد الله - يَعْنِي ابْن عمر - عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: كَانَ رجلٌ من الْأَنْصَار يؤمهم فِي مَسْجِد قبَاء، وَكَانَ كلما افْتتح سُورَة يقْرَأ بهَا لَهُم فِي الصَّلَاة مِمَّا يقْرَأ بِهِ افْتتح ب (قل هُوَ الله أحد) حَتَّى يفرغ مِنْهَا، ثمَّ يقْرَأ سُورَة أُخْرَى مَعهَا، فَكَانَ يصنع ذَلِك فِي كل رَكْعَة، فَكَلمهُ أَصْحَابه، فَقَالُوا: إِنَّك تفتتح بِهَذِهِ السُّورَة ثمَّ لَا ترى أَنَّهَا تجزئك حَتَّى تقْرَأ بِأُخْرَى، فإمَّا أَن تقْرَأ بهَا وَإِمَّا أَن تدعها وتقرأ بِأُخْرَى. فَقَالَ: مَا أَنا بتاركها، إِن أَحْبَبْتُم أَن أؤمكم بذلك فعلت، وَإِن كرهتم تركتكم، وَكَانُوا يرَوْنَ أَنه أفضلهم، فكرهوا أَن يؤمهم غَيره، فَلَمَّا أَتَاهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبرُوهُ الْخَبَر، فَقَالَ: " يَا فلَان، مَا يمنعك أَن تفعل مَا يَأْمُرك بِهِ أَصْحَابك وَمَا يحملك على لُزُوم هَذِه السُّورَة كل رَكْعَة؟ " قَالَ: إِنِّي أحبها. قَالَ: " حبك إِيَّاهَا أدْخلك الْجنَّة ".
2057 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن شُعْبَة عَن ثَابت قَالَ: سَمِعت أنسا قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَة قل مَا يَصُوم على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا رَأَيْته مُفطرا إِلَّا يَوْم فطر أَو أضحى.
2058 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن شُعْبَة عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: سُئِلَ أنس بن(2/623)
مَالك: كُنْتُم تَكْرَهُونَ الْحجامَة للصَّائِم؟ فَقَالَ: لَا، إِلَّا من أجل الضعْف. قَالَ البُخَارِيّ: زَاد شَبابَة عَن شُعْبَة: على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2059 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: كَانَ غُلَام يَهُودِيّ يخْدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَمَرض، فَأَتَاهُ يعودهُ، فَقعدَ عِنْد رَأسه، فَقَالَ لَهُ: " أسلم "، فَنظر إِلَى أَبِيه وَهُوَ عِنْده، فَقَالَ: أطع أَبَا الْقَاسِم. فَأسلم، فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول " الْحَمد لله الَّذِي أنقذه من النَّار ".
2060 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: لما ثقل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل يتغشاه الكرب، فَقَالَت فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا: واكرب أبتاه. فَقَالَ: " لَيْسَ على أَبِيك كربٌ بعد الْيَوْم " فَلَمَّا مَاتَ قَالَت: يَا أبتاه، أجَاب رَبًّا دَعَاهُ، يَا أبتاه، جنَّة الفردوس مَأْوَاه، يَا أبتاه، إِلَى جِبْرِيل ننعاه. فَلَمَّا دفن قَالَت فَاطِمَة: أطابت أَنفسكُم أَن تحثوا على رَسُول الله التُّرَاب! .
2061 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن مَرْحُوم بن عبد الْعَزِيز عَن ثَابت قَالَ: كنت عِنْد أنس وَعِنْده بنتٌ لَهُ، فَقَالَ أنس: جَاءَت امرأةٌ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعرض عَلَيْهِ نَفسهَا فَقَالَت: يَا رَسُول الله، أَلَك بِي حَاجَة؟ . فَقَالَت بنت أنس: مَا أقل حياءها، واسوءتاه، واسوءتاه. فَقَالَ أنس: فَهِيَ خير مِنْك، رغبت فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعرضت عَلَيْهِ نَفسهَا.
2062 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حميد عَن أنس قَالَ: رَجعْنَا من غَزْوَة تَبُوك مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: " إِن أَقْوَامًا خلفنا بِالْمَدِينَةِ، مَا سلكنا شعبًا وَلَا وَاديا إِلَّا وهم مَعنا، حَبسهم الْعذر ". وَمِنْهُم من قَالَ: عَن حميد عَن مُوسَى بن أنس عَن أنس.
قَالَ البُخَارِيّ: وَالْأول عِنْدِي أصح وَفِي حَدِيث نصر عَن حميد: أَن أنسا حَدثهمْ بذلك.(2/624)
2063 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حميد عَن أنس قَالَ: كَانَت نَاقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهَا العضباء. زَاد فِي رِوَايَة زُهَيْر عَن حميد: لَا تسبق، فجَاء أعرابيٌّ على قعُود لَهُ فسبقها، فشق ذَلِك على الْمُسلمين حَتَّى عرفه، فَقَالَ: " حقٌّ على الله أَن لَا يرْتَفع شيءٌ من الدُّنْيَا إِلَّا وَضعه ".
2064 - الْخَمْسُونَ: عَن حميد عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قدم من سفر فَنظر إِلَى جدرات الْمَدِينَة أوضع رَاحِلَته، وَإِن كَانَ على دَابَّة حركها، من حبها.
2065 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن حميد عَن أنس قَالَ: آلى رَسُول الله من نِسَائِهِ شهرا، وَكَانَت انفكت قدمه، فَجَلَسَ فِي علية لَهُ، فجَاء عمر فَقَالَ: أطلقت نِسَاءَك؟ قَالَ: " لَا وَلَكِن آلَيْت مِنْهُنَّ شهرا " فَمَكثَ تسعا وَعشْرين، ثمَّ نزل فَدخل على نِسَائِهِ.
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال عَن حميد نَحوه، وَلم يذكر عمر. وَفِيه: فَقَالُوا يَا رَسُول الله، آلَيْت شهرا. فَقَالَ: " إِن الشَّهْر يكون تسعا وَعشْرين ".
وَفِي رِوَايَة يزِيد بن هَارُون عَن حميد عَن أنس:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صرع من فرسه، فجحش شقَّه أَو كتفه، وآلى من نِسَائِهِ شهرا، فَجَلَسَ فِي مشربةٍ لَهُ، درجتها من جُذُوع، فَأَتَاهُ أَصْحَابه يعودونه، فصلى بهم جَالِسا وهم قيام، فَلَمَّا سلم قَالَ: " إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ، فَإِن صلى قَائِما فصلوا قيَاما، وَإِن صلى قَاعِدا فصلوا قعُودا، وَلَا تركعوا حَتَّى يرْكَع، وَلَا تَرفعُوا حَتَّى يرفع " قَالَ وَنزل لتسْع وَعشْرين، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّك آلَيْت شهرا. فَقَالَ: " إِن الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ ".
2066 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن حميد عَن أنس قَالَ: أَرَادَ بَنو سَلمَة أَن يَتَحَوَّلُوا إِلَى قرب الْمَسْجِد، فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تعرى الْمَدِينَة، وَقَالَ: " يَا بني سَلمَة، أَلا تحتسبون آثَاركُم فأقاموا.(2/625)
2067 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن حميد عَن أنس قَالَ: كُنَّا نبكر إِلَى الْجُمُعَة، ثمَّ نقِيل - يَعْنِي بعْدهَا.
وَفِي رِوَايَة عَبْدَانِ عَن عبد الله: كُنَّا نبكر بِالْجمعَةِ، ونقيل بعد الْجُمُعَة.
2068 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن حميد عَن أنس قَالَ: كَانَت الرّيح إِذا هبت عرف ذَلِك فِي وَجه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2069 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن حميد عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد بعض نِسَائِهِ، فَأرْسلت إِحْدَى أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ بصحفة فِيهَا طَعَام، فَضربت الَّتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيتهَا يَد الْخَادِم، فَسَقَطت الصحفة فانفلقت، فَجمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلق الصحفة، ثمَّ جعل يجمع فِيهَا الطَّعَام الَّذِي كَانَ فِي الصحفة، وَيَقُول: " غارت أمكُم " ثمَّ حبس الْخَادِم حَتَّى أَتَى بصحفةٍ من عِنْد الَّتِي هُوَ فِي بَيتهَا، فَدفع الصحفة الصَّحِيحَة إِلَى الَّتِي كسرت صحفتها، وَأمْسك الْمَكْسُورَة فِي بَيت الَّتِي كسرت.
2070 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن حميد عَن أنس قَالَ: بلغ عبد الله بن سلا م مقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة، قَالَ عبد الله بن بكر عَن حميد: وَهُوَ فِي أَرض يخْتَرف، فَأَتَاهُ وَقَالَ: إِنِّي سَائِلك عَن ثَلَاث لَا يعلمهُنَّ إِلَّا نَبِي: مَا أول أَشْرَاط السَّاعَة؟ وَمَا أول طَعَام يَأْكُلهُ أهل الْجنَّة؟ وَمن أَي شَيْء ينْزع الْوَلَد إِلَى أَبِيه؟ وَمن أَي شَيْء ينْزع إِلَى أَخْوَاله؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " خبرني بِهن آنِفا جِبْرِيل " قَالَ: فَقَالَ عبد الله: ذَاك عَدو الْيَهُود من الْمَلَائِكَة. زَاد فِي رِوَايَة عبد الله بن بكر عَن حميد: فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة: {من كَانَ عدوا لجبريل فَإِنَّهُ نزله على قَلْبك} [الْبَقَرَة] فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أما أول أَشْرَاط السَّاعَة فنارٌ تحْشر النَّاس من الْمشرق(2/626)
إِلَى الْمغرب. وَأما أول طَعَام يَأْكُل أهل الْجنَّة فَزِيَادَة كبد حوت. وَأما الشّبَه فِي الْوَلَد فَإِن الرجل إِذا غشي الْمَرْأَة فسبقها مَاؤُهُ كَانَ الشّبَه لَهُ، وَإِذا سبقت كَانَ الشّبَه لَهَا ".
قَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الله.
ثمَّ قَالَ:
يَا رَسُول الله، إِن الْيَهُود قوم بهت، إِن علمُوا بِإِسْلَامِي قبل أَن تَسْأَلهُمْ بَهَتُونِي عنْدك. فَجَاءَت الْيَهُود، وَدخل عبد الله الْبَيْت، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" أَي رجل فِيكُم عبد الله بن سَلام؟ " قَالُوا: أعلمنَا وَابْن أعلمنَا، وَأخْبرنَا وَابْن أخبرنَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَفَرَأَيْتُم إِن أسلم عبد الله؟ " قَالُوا: أَعَاذَهُ الله من ذَلِك. زَاد فِي رِوَايَة بشر بن الْمفضل عَن حميد: فَأَعَادَ عَلَيْهِم، فَقَالُوا مثل ذَلِك. قَالَ: فَخرج عبد الله إِلَيْهِم فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. فَقَالُوا: شَرنَا وَابْن شَرنَا، ووقعوا فِيهِ. زَاد فِي رِوَايَة بشر بن بكر: قَالَ يَعْنِي ابْن سَلام: هَذَا الَّذِي كنت أَخَاف يَا رَسُول الله.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا بأتم من هَذَا فِي حَدِيث أَوله ذكر الْهِجْرَة، ومقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة - من حَدِيث عبد الْوَارِث بن سعيد عَن عبد الْعِزّ يز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ: أقبل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة وَهُوَ مردفٌ أَبَا بكر، وَأَبُو بكر يعرف وَنَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شابٌّ لَا يعرف. فَيلقى الرجل أَبَا بكر فَيَقُول: يَا أَبَا بكر، من هَذَا الرجل الَّذِي بَين يَديك؟ فَيَقُول: هَذَا الرجل يهديني السَّبِيل. فيحسب الحاسب أَنه إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيق، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيل الْخَيْر. فَالْتَفت أَبُو بكر فَإِذا هُوَ بِفَارِس قد لحقهم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَذَا فارسٌ قد لحق بِنَا، فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اصرعه "، فصرعه فرسه، ثمَّ قَامَت تحمحم فَقَالَ: يَا نَبِي الله، مرني بِمَا شِئْت.
فَقَالَ: " فقف مَكَانك، لَا تتركن أحدا يلْحق بِنَا ". قَالَ فَكَانَ أول النَّهَار جاهداً على نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ آخر النَّهَار مسلحة لَهُ.
فَنزل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَانب الْحرَّة، ثمَّ بعث إِلَى الْأَنْصَار، فَجَاءُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/627)
وَأبي بكر، فَسَلمُوا عَلَيْهِمَا وَقَالُوا:
اركبا آمِنين مطاعين. فَركب نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وحفوا دونهمَا بِالسِّلَاحِ، فَقيل فِي الْمَدِينَة: جَاءَ نَبِي الله، جَاءَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
فَأقبل يسير حَتَّى نزل جَانب دَار أبي أَيُّوب، فَإِنَّهُ ليتحدث أَهله، إِذْ سمع بِهِ عبد الله بن سَلام وَهُوَ فِي نخل لَهُ يخْتَرف لَهُم فِيهَا، فَعجل أَن يضع الَّذِي يخْتَرف لَهُم فِيهَا فجَاء وَهِي مَعَه، فَسمع من نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله، فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أَي بيُوت أَهْلينَا أقرب؟ " فَقَالَ أَبُو أَيُّوب: أَنا يَا نَبِي الله، هَذِه دَاري، وَهَذَا بَابي. قَالَ: " فَانْطَلق فهيئ لنا مقيلاً ". قَالَ: قوما على بركَة الله.
فَلَمَّا جَاءَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ عبد الله بن سَلام فَقَالَ:
أشهد أَنَّك رَسُول الله وَأَنَّك جِئْت بِحَق، وَقد علمت يهود أَنِّي سيدهم وَابْن سيدهم، وأعلمهم وَابْن أعلمهم، فادعهم فاسألهم عني قبل أَن يعلمُوا أَنِّي قد أسلمت، فَإِنَّهُم إِن يعلمُوا أَنِّي قد أسلمت قَالُوا فِي مَا لَيْسَ فِي. فَأرْسل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا معشر الْيَهُود، وَيْلكُمْ، اتَّقوا الله، فوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِنَّكُم لتعلمون أَنِّي رَسُول الله حَقًا، وَأَنِّي جِئتُكُمْ بحقٍّ، فأسلموا " فَقَالُوا: مَا نعلمهُ. قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَهَا ثَلَاث مَرَّات قَالَ: " فَأَي رجلٍ فِيكُم عبد الله بن سَلام؟ " قَالُوا: ذَلِك سيدنَا وَابْن سيدنَا، وَأَعْلَمنَا وَابْن أعلمنَا. قَالَ: " أَفَرَأَيْتُم إِن أسلم؟ " قَالُوا: حاشا لله، مَا كَانَ ليسلم. قَالَ: " أَفَرَأَيْتُم إِن أسلم؟ " قَالُوا: حاشا لله، مَا كَانَ ليسلم. قَالَ: " أَرَأَيْتُم إِن أسلم؟ " قَالُوا: حاشا لله، مَا كَانَ ليسلم. قَالَ " يَا ابْن سَلام، اخْرُج عَلَيْهِم " فَخرج فَقَالَ: يَا معشر الْيَهُود، اتَّقوا الله، فوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، إِنَّكُم لتعلمون أَنه رَسُول الله، وَأَنه جَاءَ بِالْحَقِّ، قَالُوا: كذبت. فَأخْرجهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2071 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن حميد عَن أنس قَالَ: كَانَت الْأمة من إِمَاء الْمَدِينَة لتأْخذ بيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتنطلق بِهِ حَيْثُ شَاءَت.(2/628)
2072 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن حميد عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، فَإِذا شهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا، وصلوا صَلَاتنَا، حرمت علينا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا " وَفِي رِوَايَة ابْن الْمُبَارك عَن حميد: " وحسابهم على الله ".
وَفِي رِوَايَة خَالِد عَن حميد:
سَأَلَ مَيْمُون بن سياه أنسا: مَا يحرم دم العَبْد وَمَاله؟ فَقَالَ: من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، واستقبل قبلتنا وَصلى صَلَاتنَا، وَأكل ذبيحتنا، فَهُوَ الْمُسلم، لَهُ مَا للْمُسلمِ، وَعَلِيهِ مَا على الْمُسلم. مَوْقُوف.
2073 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: عَن سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ عَن أنس: لم يبْق مِمَّن صلى الْقبْلَتَيْنِ غَيْرِي.
2074 - السِّتُّونَ: عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ: رَأَيْت على أنس برنساً أصفر من خَز.
2075 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: عَن عبد الْوَارِث عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ: كَانَ قرام لعَائِشَة سترت بِهِ جَانب بَيتهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أميطي عَنهُ، فَإِنَّهُ لَا تزَال تصاويره تعرض لي فِي صَلَاتي ".
2076 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: عَن عبد الْوَارِث عَن عبد الْعَزِيز قَالَ: دخلت انا وثابت على أنس بن مَالك، فَقَالَ ثَابت: يَا أَبَا حَمْزَة، اشتكيت. فَقَالَ أنس: أَلا(2/629)
أرقيك برقية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: " اللَّهُمَّ رب النَّاس، مَذْهَب الباس، اشف أَنْت الشافي، لَا شافي إِلَّا أَنْت، شِفَاء لَا يُغَادر سقماً ".
2077 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ: عَن عبد الْوَارِث عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ: دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِذا حبلٌ مَمْدُود بَين الساريتين، فَقَالَ: " مَا هَذَا الْحَبل؟ " قَالُوا: هَذَا حبلٌ لِزَيْنَب، فَإِذا فترت تعلّقت. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " حلوه، ليصل أحدكُم نشاطه، فَإِذا فتر فليقعد ".
2078 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ عَن عبد الْوَارِث وَإِسْمَاعِيل بن علية عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا من النَّاس مُسلم يَمُوت لَهُ ثلاثةٌ من الْوَلَد لم يبلغُوا الْحِنْث إِلَّا أدخلهُ الله الْجنَّة بِفضل رَحمته إيَّاهُم ".
2079 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ: من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن طهْمَان تَعْلِيقا عَن عبد الْعَزِيز عَن أنس قَالَ: أُتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَال من الْبَحْرين، فَقَالَ: " انثروه فِي الْمَسْجِد " وَكَانَ أَكثر مالٍ أُتِي بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الصَّلَاة وَلم يلْتَفت إِلَيْهِ، فَلَمَّا قضى الصَّلَاة جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَمَا كَانَ يرى أحدا إِلَّا أعطَاهُ، إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاس فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَعْطِنِي، فَإِنِّي فاديت نَفسِي وفاديت عقيلاً. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " خُذ " فَحَثَا فِي ثَوْبه، ثمَّ ذهب يقلهُ فَلم يسْتَطع، فَقَالَ يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. مر بَعضهم يرفعهُ إِلَيّ. قَالَ: " لَا ". قَالَ: فارفعه أَنْت عَليّ. قَالَ: " لَا "(2/630)
فنثر مِنْهُ ثمَّ ذهب يقلهُ فَلم يسْتَطع، فَقَالَ: يَا رَسُول الله مر بَعضهم يرفعهُ عَليّ فَقَالَ: " لَا " قَالَ. فارفعه أَنْت عَليّ قَالَ: " لَا " قَالَ: فنثر مِنْهُ، ثمَّ احتمله فَأَلْقَاهُ على كَاهِله، ثمَّ انْطلق، فَمَا زَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتبعهُ بَصَره حَتَّى خَفِي علينا، عجبا من حرصه، فَمَا قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَثمّ مِنْهَا دِرْهَم.
2080 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ: عَن أبي التياح يزِيد بن حميد عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اسمعوا وَأَطيعُوا وَإِن اسْتعْمل عَلَيْكُم عبدٌ حبشيٌّ، كَأَن رَأسه زبيبة ".
وَفِي حَدِيث غنْدر قَالَ لأبي ذَر:
اسْمَع وأطع وَلَو لحبشي كَأَن رَأسه زبيبة ".
2081 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن عَاصِم بن سُلَيْمَان الْأَحول قَالَ: رَأَيْت قدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد أنس بن مَالك، وَكَانَ قد انصدع، فسلسله بِفِضَّة. قَالَ: وَهُوَ قدح جيد عريض من نضار. قَالَ أنس: لقد سقيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْقدح أَكثر من كَذَا وَكَذَا. قَالَ: وَقَالَ ابْن سِيرِين: إِنَّه كَانَ فِيهِ حَلقَة من حَدِيد، فَأَرَادَ أنس أَن يَجْعَل مَكَانهَا حَلقَة من ذهب أَو فضَّة، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَة: لَا تغير شَيْئا صنعه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَتَركه. هَكَذَا فِي رِوَايَة أبي عوَانَة عَن عَاصِم.
وَقَالَ فِي رِوَايَة عَبْدَانِ عَن أبي حَمْزَة عَن عَاصِم عَن ابْن سِيرِين عَن أنس أَن
قدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْكَسَرَ، فَاتخذ مَكَان الشّعب سلسلة من فضَّة. قَالَ عَاصِم: رَأَيْت الْقدح، وشربت فِيهِ.(2/631)
ذكر أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي، فِي " الْأَطْرَاف " هذَيْن الْحَدِيثين فِي تَرْجَمَة أنس، وجعلهما حَدِيثا وَاحِدًا، وَذكر لَهما الطَّرِيقَيْنِ الْمَذْكُورين دون بَيَان، واللفظان والإسنادان مُخْتَلِفَانِ كَمَا ترى، وَقد بَين ذَلِك خلفٌ الوَاسِطِيّ، فَجعل رِوَايَة عَبْدَانِ عَن أبي حَمْزَة فِي تَرْجَمَة ابْن سِيرِين عَن أنس، وَالْأُخْرَى فِي تَرْجَمَة عَاصِم عَن أنس، على الصَّوَاب، وَمن تَأمل فِي التعليقين وَمَا فِي كتاب البُخَارِيّ استبان لَهُ مَا بَينا.
وَعند مُسلم طرف من ذَلِك، من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ:
لقد سقيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقدحي هَذَا الشَّرَاب كُله: الْعَسَل والنبيذ وَالْمَاء وَاللَّبن.
2082 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ: عَن شُعَيْب بن الحبحاب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " أكثرت عَلَيْكُم فِي السِّوَاك ".
2083 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ: عَن أبي عمرَان الْجونِي - وَهُوَ عبد الْملك بن حبيب قَالَ: نظر أنس إِلَى النَّاس يَوْم الْجُمُعَة، فَرَأى طيالسة فَقَالَ: كَأَنَّهُمْ السَّاعَة يهود خَيْبَر.
2084 - السبعون: عَن عبد الله بن عبد الله بن جبر عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمَرْأَة من نِسَائِهِ يغتسلان فِي إِنَاء وَاحِد. زَاد وهب وَغَيره عَن شُعْبَة من الْجَنَابَة.
2085 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: عَن عَمْرو بن عَامر عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله(2/632)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ عِنْد كل صَلَاة. قلت: كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ فِي ذَلِك. قَالَ: يُجزئ أَحَدنَا الْوضُوء مَا لم يحدث.
2086 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: عَن الزبير بن عدي قَالَ: أَتَيْنَا أنس بن مَالك فشكونا إِلَيْهِ مَا يلقون من الْحجَّاج. فَقَالَ: " اصْبِرُوا، فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُم زمانٌ إِلَّا وَالَّذِي بعده شرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تلقوا ربكُم " سمعته من نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2087 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ: عَن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان التَّيْمِيّ الْمدنِي عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَة حِين تميل الشَّمْس.
وَلَيْسَ لعُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن عَن أنس فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
وهم فِيهِ أَبُو مَسْعُود - أَو من كتبه عَنهُ - فَقَالَ فِي التَّرْجَمَة: عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان عَن أنس - وَالصَّوَاب: عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن. كَذَا فِي أصل البُخَارِيّ، وَهَكَذَا ذكره خلف الوَاسِطِيّ فِي كِتَابه.
2088 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن هِلَال بن عَليّ عَن أنس قَالَ: شَهِدنَا بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تدفن، وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جالسٌ فِي الْقَبْر، فَرَأَيْت عَيْنَيْهِ تدمعان، فَقَالَ: " هَل فِيكُم من أحد لم يقارف اللَّيْلَة؟ " فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: أَنا. قَالَ: " فَانْزِل فِي قبرها " قَالَ فليح: أرَاهُ يَعْنِي الذَّنب.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هِلَال بن عَليّ هُوَ ابْن أبي مَيْمُونَة، وَابْن أُسَامَة. وَقيل: ابْن أبي هِلَال.
2089 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ: عَن هِلَال بن عَليّ عَن أنس قَالَ: لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاحِشا وَلَا لعاناً وَلَا سباباً. كَانَ يَقُول عِنْد المعتبة: " مَاله تربت يَمِينه ".(2/633)
2090 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ: عَن هِلَال بن عَليّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بِنَا يَوْمًا الصَّلَاة ثمَّ رقي الْمِنْبَر، وَأَشَارَ بِيَدِهِ قبل قبْلَة الْمَسْجِد فَقَالَ: " قد رَأَيْت الْآن مُنْذُ صليت لكم الصَّلَاة الْجنَّة وَالنَّار ممتلئتين فِي قبل هَذَا الْجِدَار، فَلم أر كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْر وَالشَّر ".
2091 - السَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن حميد بن هِلَال عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " أَخذ الرَّايَة زيدٌ فأصيب، ثمَّ أَخذهَا جعفرٌ فأصيب، ثمَّ أَخذهَا عبد الله ابْن رَوَاحَة فأصيب - وَإِن عَيْني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لتذرفان - ثمَّ أَخذهَا خَالِد بن الْوَلِيد من غير إمرةٍ فَفتح لَهُ ".
قَالَ فِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن علية عَن أَيُّوب:
خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " أَخذ الرَّايَة زيدٌ فأصيب " وَذكره نَحوه. وَقَالَ فِي آخِره: " مَا نسر أَنهم عندنَا " قَالَ أَيُّوب أَو قَالَ: " مَا يسرهم أَنهم عندنَا " وَعَيناهُ تَذْرِفَانِ.
وَفِي حَدِيث حَمَّاد عَن زيد عَن أَيُّوب عَن حميد عَنهُ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعى زيدا وجعفراً وَابْن رَوَاحَة للنَّاس قبل أَن يَأْتِيهم خبرهم، فَقَالَ: " أَخذ الرَّايَة زيد ... . " فَذكرهمْ، وَقَالَ فِي آخِره: " حَتَّى أَخذ الرَّايَة سيفٌ من سيوف الله، حَتَّى فتح الله عَلَيْهِم ".
2092 - الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ: عَن حميد بن هِلَال عَن أنس قَالَ: كَأَنِّي أنظر إِلَى غُبَار سَاطِع فِي سكَّة بني غنم، موكب جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام حِين سَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني قُرَيْظَة.(2/634)
2093 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ: عَن غيلَان بن جرير عَن أنس قَالَ: إِنَّكُم لتعملون أعمالاً هِيَ أدق فِي أعينكُم من الشّعْر، كُنَّا نعدها على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الموبقات. قَالَ البُخَارِيّ: يَعْنِي المهلكات.
2094 - الثَّمَانُونَ: عَن غيلَان بن جرير قَالَ:
قلت لأنس: أَرَأَيْتُم اسْم الْأَنْصَار أَكُنْتُم تسمون بِهِ أم سَمَّاكُم الله تبَارك وَتَعَالَى؟ قَالَ: بل سمانا الله عز وَجل.
قَالَ غيلَان: كُنَّا ندخل على أنس فيحدثنا بمناقب الْأَنْصَار ومشاهدهم، وَيقبل عَليّ أَو على رجل من الأزد فَيَقُول: فعل قَوْمك يَوْم كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا.
2095 - الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ: عَن أبي خلدَة خَالِد بن دِينَار عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اشْتَدَّ الْبرد بكر بِالصَّلَاةِ، وَإِذا اشْتَدَّ الْحر أبرد بِالصَّلَاةِ. يَعْنِي الْجُمُعَة.
قَالَ: وَقَالَ بشر بن ثَابت:
قَالَ: حَدثنَا أَبُو خلدَة قَالَ: صلى بِنَا أميرٌ الْجُمُعَة ثمَّ قَالَ لأنس: كَيفَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الظّهْر فِيكُم؟ فَذكره.
2096 - الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ: عَن عقبَة بن وساج عَن أنس قَالَ: قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ فِي أَصْحَابه أشمط غير أبي بكر، فغلفها بِالْحِنَّاءِ والكتم.(2/635)
أَفْرَاد مُسلم
2097 - الحَدِيث الأول: عَن مُوسَى بن أنس عَن أنس قَالَ: مَا سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْإِسْلَام شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ. قَالَ: فجَاء رجلٌ فَأعْطَاهُ غنما بَين جبلين فَرجع إِلَى قومه فَقَالَ: يَا قوم، أَسْلمُوا، فَإِن مُحَمَّدًا يُعْطي عَطاء لَا يخْشَى الْفَاقَة.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس:
أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غنما بَين جبلين فَأعْطَاهُ إِيَّاه، فَأتى قومه فَقَالَ: يَا قوم، أَسْلمُوا، فوَاللَّه إِن مُحَمَّدًا يُعْطي عَطاء مَا يخَاف الْفقر. فَقَالَ أنس: إِن كَانَ الرجل ليسلم مَا يُرِيد إِلَّا الدُّنْيَا، فَمَا يسلم حَتَّى يكون الْإِسْلَام أحب إِلَيْهِ من الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا.
2098 - الثَّانِي: عَن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من عَال جاريتين حَتَّى تبلغا، جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة أَنا وَهُوَ " وَضم أَصَابِعه.
2099 - الثَّالِث: عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن أنس قَالَ: كَانَت عِنْد أم سليم يتيمةٌ، وَهِي أم أنس فَرَأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَتِيمَة، فَقَالَ: " آنت هيه؟ . لقد كَبرت لَا كبر سنك " فَرَجَعت الْيَتِيمَة إِلَى أم سليم تبكى. فَقَالَت أم سليم: مَالك يَا بنية؟ قَالَت الْجَارِيَة: دَعَا عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا يكبر سني أبدا، فَالْآن لَا يكبر سني أبدا، أَو قَالَت: قَرْني - فَخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خمارها، حَتَّى لقِيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَالك يَا أم سليم؟ " فَقَالَت: يَا نَبِي الله، أدعوت على يتيمتي؟ قَالَ: " وَمَا ذَاك يَا أم سليم؟ " قَالَت: زعمت أَنَّك دَعَوْت أَن لَا يكبر سنّهَا وَلَا يكبر قرنها. قَالَ: فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. ثمَّ قَالَ: " يَا أم سليم، أما تعلمين أَن شرطي على رَبِّي، أَنِّي اشْترطت على رَبِّي فَقلت: إِنَّمَا أَنا بشر، أرْضى كَمَا يرضى الْبشر، وأغضب كَمَا يغْضب الْبشر،(2/636)
فأيما أحدٍ دَعَوْت عَلَيْهِ من أمتِي بدعوة لَيْسَ لَهَا بأهلٍ أَن تجعلها لَهُ طهُورا وَزَكَاة وقربةً يقربهُ بهَا مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة ".
2100 - الرَّابِع: عَن إِسْحَق بن عبد الله عَن أنس قَالَ: جَاءَت أم سليم - وَهِي جدة إِسْحَق إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت لَهُ وَعَائِشَة عِنْده: يَا رَسُول الله، الْمَرْأَة ترى مَا يرى الرجل فِي الْمَنَام فترى من نَفسهَا مَا يرى الرجل من نَفسه. فَقَالَت عَائِشَة: يَا أم سليم، فضحت النِّسَاء، تربت يَمِينك، فَقَالَ لعَائِشَة: " بل أَنْت فتربت يَمِينك. نعم فلتغتسل يَا أم سليم إِذا رَأَتْ ذَلِك " زَاد الرَّاوِي فِي نفس الحَدِيث قَوْلهَا: تربت يَمِينك خيرٌ. كَذَا فِي كتاب مُسلم. وَلَعَلَّه من قَول الرَّاوِي فِي أَنه لَا يُرَاد بِهَذِهِ اللَّفْظَة إِلَّا الْخَيْر.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن أم سليم حدثت أَنَّهَا سَأَلت نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمَرْأَة، ترى فِي منامها مَا يرى الرجل ... الحَدِيث. هَكَذَا فِيمَا عندنَا من كتاب " مُسلم " أَن أم سليم حدثت أَنَّهَا سَأَلت. وَهُوَ على هَذَا يَقع فِي مُسْند أم سليم.
وَلَكِن قد أخرجه أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس فِي مُسْند أنس، وَقَالَ فِيهِ: عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس:
أَن أم سليم سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَهَكَذَا أخرجه البرقاني فِي كِتَابه الْمخْرج على الصَّحِيحَيْنِ، عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن أم سليم سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمَرْأَة ترى فِي منامها مَا يرى الرجل. فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أم سليم، إِذا رَأَتْ الْمَرْأَة ذَلِك فلتغتسل " فَقَالَت أم سليم - وَاسْتَحْيَيْت من ذَلِك: وَهل يكون هَذَا؟ فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نعم، فَمن أَيْن يكون الشّبَه؟ إِن مَاء الرجل غليظٌ أَبيض، وَمَاء الْمَرْأَة رقيقٌ أصفر، فَمن أَيهمَا علا أَو سبق يكون مِنْهُ الشّبَه ".(2/637)
وَأخرجه مسلمٌ أَيْضا من حَدِيث أبي مَالك سعد بن طَارق الْأَشْجَعِيّ عَن أنس قَالَ:
سَأَلت امْرَأَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمَرْأَة ترى فِي منامها مَا يرى الرجل فِي مَنَامه فَقَالَ: " إِذا كَانَ مِنْهَا مَا يكون من الرجل فلتغتسل ".
2101 - الْخَامِس: عَن إِسْحَق عَن أنس، وَعَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس: أَن أم سليم اتَّخذت يَوْم خَيْبَر خنجراً، فَكَانَ مَعهَا، فرآها أَبُو طَلْحَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَذِه أم سليم مَعهَا خنجر. فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا هَذَا الخنجر؟ " قَالَت: اتخذته إِن دنا مني أحدٌ من الْمُشْركين بقرت بَطْنه. فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضْحك. قَالَت: يَا رَسُول الله، اقْتُل من بَعدنَا من الطُّلَقَاء انْهَزمُوا بك يَعْنِي يَوْم هوَازن - فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا أم سليم، إِن الله قد كفى وَأحسن ".
2102 - السَّادِس: عَن إِسْحَق بن عبد الله عَن عَمه أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يتبع الدَّجَّال من يهود أَصْبَهَان سَبْعُونَ ألفا، عَلَيْهِم الطيالسة ".
2103 - السَّابِع: عَن إِسْحَق أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتغْفر للْأَنْصَار، قَالَ: وَأَحْسبهُ قَالَ: ولذراري الْأَنْصَار، ولموالي الْأَنْصَار، لَا أَشك فِيهِ.
2104 - الثَّامِن: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك - وَأَنا أرى أَن عِنْده مِنْهُ علما فَقَالَ: إِن هِلَال بن أُميَّة قذف امْرَأَته بِشريك بن سَحْمَاء، وَكَانَ أَخا الْبَراء بن مَالك لأمه، فَكَانَ أول رجل لَاعن فِي الْإِسْلَام. قَالَ: فلاعنها. فَقَالَ(2/638)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" أبصروها فَإِن جَاءَت بِهِ أَبيض سبطاً، قضيء الْعَينَيْنِ، فَهُوَ لهِلَال بن أُميَّة، وان جَاءَت بِهِ أكحل جَعدًا، حمش السَّاقَيْن فَهُوَ لِشَرِيك بن سَحْمَاء " قَالَ: فأنبئت أَنَّهَا جَاءَت بِهِ أكحل جَعدًا حمش السَّاقَيْن.
2105 - التَّاسِع: عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن قَتَادَة عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الْكَافِر إِذا عمل حَسَنَة أطْعم بهَا طعمةً من الدُّنْيَا. وَأما الْمُؤمن فَإِن الله يدّخر لَهُ حَسَنَاته فِي الْآخِرَة، ويعقبه رزقا فِي الدُّنْيَا على طَاعَته.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث همام بن يحيى عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله لَا يظلم مُؤمنا حَسَنَة يُعْطي بهَا فِي الدُّنْيَا، وَيجْزِي بهَا فِي الْآخِرَة. وَأما الْكَافِر فيطعم بحسنات مَا عمل بهَا لله فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذا أفْضى إِلَى الْآخِرَة لم يكن لَهُ بهَا حَسَنَة يجزى بهَا ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْنى حَدِيث سُلَيْمَان وَهَمَّام.
2106 - الْعَاشِر: عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَوْلَا أَلا تدافنوا لَدَعَوْت الله أَن يسمعكم عَذَاب الْقَبْر ".
2107 - الْحَادِي عشر: عَن هِشَام الدستوَائي وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة وَهَمَّام عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زجر عَن الشّرْب قَائِما. زَاد فِي حَدِيث سعيد: قَالَ قَتَادَة: فَقُلْنَا: فالأكل. فَقَالَ: " ذَاك أشر وأخبث ".(2/639)
2108 - الثَّانِي عشر: عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس: أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى كسْرَى وَإِلَى قَيْصر، وَإِلَى النَّجَاشِيّ، وَإِلَى كل جَبَّار، يَدعُوهُم إِلَى الله. وَلَيْسَ بالنجاشي الَّذِي صلى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث خَالِد بن قيس عَن قَتَادَة عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَلم يذكر فِيهِ، وَلَا فِي رِوَايَة عبد الْوَهَّاب بن عَطاء عَن سعيد بن أبي عرُوبَة قَوْله: وَلَيْسَ بالنجاشي الَّذِي صلى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَلَيْسَ لخَالِد بن قيس عَن قَتَادَة فِي مُسْند أنس من صَحِيح مُسلم إِلَّا حديثان، هَذَا أَحدهمَا:
أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى كسْرَى وَقَيْصَر وَالنَّجَاشِي وَإِلَى كل جَبَّار. . الحَدِيث. والْحَدِيث الثَّانِي: أَنه أَرَادَ أَن يكْتب إِلَى كسْرَى وَقَيْصَر وَالنَّجَاشِي، فَقيل: إِنَّهُم لَا يقبلُونَ كتابا إِلَّا بِخَاتم وَأَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صاغ خَاتمًا. . الحَدِيث. وَقد ذَكرْنَاهُ قبل هَذَا فِي السَّادِس عشر من الْمُتَّفق عَلَيْهِ.
وَقد وهم فِي أَحدهمَا خلفٌ الوَاسِطِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي كِتَابه، فَأخْرج الَّذِي فِيهِ: أَنه كتب إِلَى كسْرَى وَقَيْصَر وَالنَّجَاشِي من رِوَايَة حَنْظَلَة بن قيس عَن قَتَادَة. وَأخرج الثَّانِي فِي اتِّخَاذ الْخَاتم من رِوَايَة خَالِد بن قيس عَن قَتَادَة. وَالْحَدِيثَانِ جَمِيعًا من رِوَايَة خَالِد بن قيس عَن قَتَادَة. وَكتاب مُسلم شاهدٌ بذلك، فَإِنَّهُ أخرج الأول فِي أَوَائِل " الْمَغَازِي " وَأخرج الثَّانِي فِي اتِّخَاذ الْخَاتم من كتاب " اللبَاس ".
وَقد أخرجهُمَا أَبُو مَسْعُود على الصَّوَاب فِي تَرْجَمَة خَالِد بن قيس عَن قَتَادَة، إِلَّا أَنه قَالَ فِي حَدِيث اتِّخَاذ الْخَاتم: رَوَاهُ مُسلم فِي " اللبَاس " عَن نصر بن عَليّ عَن أَبِيه عَن خَالِد. كَذَا فِيمَا عندنَا من كتاب أبي مَسْعُود، وَإِنَّمَا هُوَ فِي أصل كتاب مُسلم فِي " اللبَاس " عَن نصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي عَن نوح بن قيس عَن أَخِيه خَالِد بن قيس عَن قَتَادَة. وَهَكَذَا أخرجه فِي كِتَابه على الصَّوَاب الْمَوْجُود فِي كتاب مُسلم.(2/640)
وَرَأَيْت بِخَط أبي عبد الله الصُّورِي الْحَافِظ فِي ذكر خلف الوَاسِطِيّ حَنْظَلَة بن قيس فِي أحد هذَيْن الْحَدِيثين، فَقَالَ: هَذَا خطأ فَاحش من خلف رَحمَه الله، وَالصَّوَاب خَالِد بن قيس. وكلا الْحَدِيثين عِنْده، وَقد جَعلهمَا ترجمتين. وَلَيْسَ لحنظلة بن قيس هَا هُنَا عملٌ أصلا، ذَلِك تابعيٌّ يروي عَن أبي هُرَيْرَة، وَرَافِع بن خديج روى عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَرَبِيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، وَحَدِيثه فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَهُوَ حَنْظَلَة بن قيس الْأنْصَارِيّ الزرقي. وَلَا أعلم فِي الروَاة مِمَّن اسْمه حَنْظَلَة أحدا يُشَارِكهُ فِي اسْم أَبِيه. هَذَا آخر كَلَام الصُّورِي.
2109 - الثَّالِث عشر: عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وجنازته مَوْضُوعَة " اهتز لَهَا عرش الرَّحْمَن " يَعْنِي سعد بن معَاذ. وَذكره فِي حَدِيث قبله.
2110 - الرَّابِع عشر: عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس، وَمن حَدِيث حميد الطَّوِيل وَحَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاد رجلا من الْمُسلمين قد خفت فَصَارَ مثل الفرخ، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَل كنت تَدْعُو بِشَيْء، أَو تسأله إِيَّاه؟ " قَالَ: نعم. كنت أَقُول: اللَّهُمَّ مَا كنت معاقبي فِي الْآخِرَة فعجله لي فِي الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " سُبْحَانَ الله! لَا تُطِيقهُ اَوْ لَا تستطيعه.
أَلا قلت: اللَّهُمَّ آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة، وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة، وقنا عَذَاب النَّار. " قَالَ: فَدَعَا الله لَهُ فشفاه. هَكَذَا فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي عدي عَن حميد.
وَفِي حَدِيث حَمَّاد عَن ثَابت بِنَحْوِهِ وَمَعْنَاهُ، غير أَنه قَالَ " لَا طَاقَة لَك بِعَذَاب الله ". وَلم يذكر: فَدَعَا الله لَهُ فشفاه. وَحَدِيث ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة بِهَذَا.(2/641)
2111 - الْخَامِس عشر: عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن يخلط التَّمْر والزهو ثمَّ يشرب، وَإِن ذَلِك كَانَ عَامَّة خمورهم يَوْم حرمت الْخمر.
2112 - السَّادِس عشر: عَن معمر عَن ثَابت عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة على أحدٍ يَقُول: الله الله "
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
" لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض: الله الله ".
2113 - السَّابِع عشر: عَن حبيب بن الشَّهِيد بن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على قبر.
وَلَيْسَ لحبيب عَن ثَابت عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2114 - الثَّامِن عشر: عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ جِبْرِيل وَهُوَ يلْعَب مَعَ الغلمان، فَأَخذه فصرعه، فشق عَن قلبه، فاستخرج الْقلب، فاستخرج مِنْهُ علقَة، فَقَالَ: هَذَا حطظ الشَّيْطَان مِنْك، ثمَّ غسله فِي طست من ذهب بِمَاء زَمْزَم، ثمَّ لأمه ثمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانَهُ. وَجَاء الغلمان يسعون إِلَى أمه يَعْنِي ظئره فَقَالُوا: إِن مُحَمَّدًا قد قتل، فاستقبلوه وَهُوَ منتقع اللَّوْن. قَالَ أنس: وَقد كنت أرى أثر الْمخيط فِي صَدره.
2115 - التَّاسِع عشر: عَن حَمَّاد عَن أبي عمرَان وثابت عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يخرج من النَّار أربعةٌ، فيعرضون على الله - زَاد فِي رِوَايَة أبي بكر البرقاني - ثمَّ يرمونهم إِلَى النَّار، فيلتفت أحدهم فَيَقُول: أَي رب، إِذْ أخرجتني مِنْهَا فَلَا تعيدني فِيهَا، فينجيه الله مِنْهَا ".(2/642)
2116 - الْعشْرُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله أَيْن أبي؟ قَالَ: " فِي النَّار " فَلَمَّا قفى دَعَاهُ فَقَالَ: " إِن أبي وأباك فِي النَّار ".
2117 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: أَن الْيَهُود كَانُوا إِذا حَاضَت الْمَرْأَة فيهم لم يؤاكلوها، وَلم يجامعوهن فِي الْبيُوت. فَسَأَلَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأنْزل الله عز وَجل {ويسألونك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} إِلَى آخر الْآيَة [الْبَقَرَة] فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " اصنعوا كل شيءْ إِلَّا النِّكَاح " فَبلغ ذَلِك الْيَهُود، فَقَالُوا: مَا يُرِيد هَذَا الرجل أَن يدع من أمرنَا شَيْئا إِلَّا خَالَفنَا فِيهِ. فجَاء أسيد بن حضير وَعباد بن بشر فَقَالَا: يَا رَسُول الله، إِن الْيَهُود تَقول كَذَا وَكَذَا، فَلَا نجامعهن؟ فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى ظننا أَن قد وجد عَلَيْهِمَا، فَخَرَجَا، فَاسْتَقْبَلَهُمَا هَدِيَّة من لبن إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأرْسل فِي آثارهما فَسَقَاهُمَا، فعرفا أَنه لم يجد عَلَيْهِمَا.
2118 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُغير إِذا طلع الْفجْر. وَكَانَ يستمع الْأَذَان، فَإِن سمع أذاناً أمسك، وَإِلَّا أغار. فَسمع رجلا يَقُول: الله أكبر الله أكبر، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " على الْفطْرَة " ثمَّ قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله. فَقَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " خرجت من النَّار " فَنظر فَإِذا هُوَ راعي معزى.
2119 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي نَحْو بَيت الْمُقَدّس، فَنزلت: {قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء فلنولينك قبْلَة ترضاها فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام} [الْبَقَرَة] فَمر رجل من بني سَلمَة وهم ركوعٌ فِي صَلَاة الْفجْر، وَقد صلوا رَكْعَة، فَنَادَى: أَلا إِن الْقبْلَة حولت، فمالوا كَمَا هم نَحْو الْقبْلَة.(2/643)
2120 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت، وَقَتَادَة وَحميد عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي، إِذْ جَاءَ رجل وَقد حفزه النَّفس فَقَالَ: الله أكبر، الْحَمد لله كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ. فَلَمَّا قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته قَالَ: " أَيّكُم الْمُتَكَلّم بالكلمات؟ " فأرم الْقَوْم. فَقَالَ: " إِنَّه لم يقل بَأْسا " فَقَالَ الرجل: أَنا يَا رَسُول الله قلتهَا. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لقد رَأَيْت اثْنَي عشر ملكا يبتدرونها، أَيهمْ يرفعها ".
2121 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول يَوْم أحد: " اللَّهُمَّ إِنَّك إِن تشأ لَا تعبد فِي الأَرْض ".
2122 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شاور حِين بلغه إقبال أبي سُفْيَان. قَالَ: فَتكلم أَبُو بكر فَأَعْرض عَنهُ، ثمَّ تكلم عمر فَأَعْرض عَنهُ، فَقَامَ سعد بن عبَادَة فَقَالَ: إيانا تُرِيدُ يَا رَسُول الله. وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أمرتنا أَن نخيضها الْبَحْر لأخضناها، وَلَو أمرتنا أَن نضرب أكبادها إِلَى برك الغماد لفعلنَا. قَالَ: فندب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس، فَانْطَلقُوا حَتَّى نزلُوا بَدْرًا، ووردت عَلَيْهِم رواياً قُرَيْش وَفِيهِمْ غلامٌ أسود لبني الْحجَّاج، فَكَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسألونه عَن أبي سُفْيَان وَأَصْحَابه، فَيَقُول: مَا لي علمٌ بِأبي سُفْيَان، وَلَكِن هَذَا أَبُو جهل وَعقبَة وَشَيْبَة وَأُميَّة بن خلف. فَإِذا قَالَ ذَلِك ضربوه، فَقَالَ: نعم، أَنا أخْبركُم، هَذَا أَبُو سُفْيَان، فَإِذا(2/644)
تَرَكُوهُ فَسَأَلُوهُ قَالَ: مَالِي بِأبي سُفْيَان علمٌ، وَلَكِن هَذَا أَبُو جهل وَعتبَة وَشَيْبَة وَأُميَّة ابْن خلف فِي النَّاس. فَإِذا قَالَ هَذَا أَيْضا ضربوه. وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم يُصَلِّي، فَلَمَّا رأى ذَلِك انْصَرف، وَقَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتضربونه إِذا صدقكُم وتتركونه إِذا كذبكم " قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَذَا مصرع فلَان " وَيَضَع يَده على الأَرْض هَهُنَا وَهَهُنَا. قَالَ فَمَا مَاطَ أحدهم عَن مَوضِع يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2123 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس: أَن قُريْشًا صَالحُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم سُهَيْل بن عَمْرو، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي: " اكْتُبْ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " قَالَ سُهَيْل: أما بِسم الله فَمَا نَدْرِي مَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، وَلَكِن اكْتُبْ مَا نَعْرِف: بِاسْمِك اللَّهُمَّ. فَقَالَ " اكْتُبْ: من مُحَمَّد رَسُول الله " قَالَ: لَو علمنَا أَنَّك رَسُول الله لأتبعناك، وَلَكِن اكْتُبْ اسْمك وَاسم أَبِيك. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اكْتُبْ: من مُحَمَّد بن عبد الله ". فَاشْتَرَطُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن من جَاءَ مِنْكُم لم نرده عَلَيْكُم، وَمن جَاءَ منا رددتموه علينا. فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، أنكتب هَذَا قَالَ: " نعم، إِنَّه من ذهب منا إِلَيْهِم فَأَبْعَده الله تَعَالَى، وَمن جَاءَنَا مِنْهُم سَيجْعَلُ الله لَهُ فرجا ومخرجاً ".
2124 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَليّ بن زيد وثابت الْبنانِيّ عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفرد يَوْم أحد فِي سَبْعَة من الْأَنْصَار وَرجلَيْنِ من قُرَيْش، فَلَمَّا رهقوه قَالَ: " من يردهم عَنَّا وَله الْجنَّة. أَو: هُوَ رفيقي فِي الْجنَّة؟ " فَتقدم رجلٌ من الْأَنْصَار، فقاتل حَتَّى قتل، ثمَّ رهقوه أَيْضا فَقَالَ: " من يردهم عَنَّا وَله الْجنَّة. أَو: هُوَ رفيقي فِي الْجنَّة؟ " فَتقدم رجلٌ من الْأَنْصَار فقاتل حَتَّى قتل سَبْعَة، فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى قتل، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لصاحبيه: " مَا أنصفنا أَصْحَابنَا "(2/645)
2125 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كسرت رباعيته يَوْم أحد، وشج فِي رَأسه، فَجعل يَسْلت الدَّم عَنهُ وَيَقُول: " كَيفَ يفلح قومٌ شجوا نَبِيّهم وكسروا رباعيته وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى الله " فَأنْزل الله عز وَجل: {لَيْسَ لَك من الْأَمر شيءٌ} [آل عمرَان] .
2126 - الثَّلَاثُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: أَن فَتى من أسلم قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أُرِيد الْغَزْو، وَلَيْسَ معي مَا أتجهز بِهِ. قَالَ: " ائْتِ فلَانا، فَإِنَّهُ قد كَانَ تجهز فَمَرض. " فَأَتَاهُ فَقَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول: أَعْطِنِي الَّذِي تجهزت بِهِ قَالَ: يَا فُلَانَة أعْطِيه الَّذِي تجهزت بِهِ، وَلَا تحبسي عَنهُ شَيْئا، فوَاللَّه لَا تحبسي مِنْهُ شَيْئا فيبارك لَك فِيهِ.
2127 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من طلب الشَّهَادَة صاقا أعطيها وَلَو لم تصبه ".
2128 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أكل طَعَاما لعق أَصَابِعه الثَّلَاث، قَالَ: وَقَالَ: " إِذا سَقَطت لقْمَة أحدكُم فليمط عَنْهَا الْأَذَى، وليأكلها وَلَا يَدعهَا للشَّيْطَان " وأمرنا أَن نسلت الْقَصعَة، قَالَ: " فَإِنَّكُم لَا تَدْرُونَ فِي أَي طَعَامكُمْ الْبركَة ".
2129 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: أَن جاراً لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فارسياً كَانَ طيب المرق، فَصنعَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما، ثمَّ جَاءَ يَدعُوهُ فَقَالَ: " وَهَذِه "؟ لعَائِشَة فَقَالَ: لَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا " ثمَّ عَاد يَدعُوهُ، فَقَالَ(2/646)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَهَذِه؟ " قَالَ: لَا. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " لَا " ثمَّ عَاد يَدعُوهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَهَذِه؟ " قَالَ: نعم فِي الثَّالِثَة. فقاما يتدافعان حَتَّى أَتَيَا منزله.
2130 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مَعَ إِحْدَى نِسَائِهِ، فَمر بِهِ رجلٌ، فَدَعَاهُ فجَاء، فَقَالَ: " يَا فلَان، هَذِه زَوْجَتي ". فَقَالَ يَا رَسُول الله، من كنت أَظن بِهِ، فَلم اكن أَظن بك. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّيْطَان يجْرِي من ابْن آدم مجْرى الدَّم ".
2131 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " رَأَيْت ذَات لَيْلَة فِيمَا يرى النَّائِم كأنا فِي دَار عقبَة بن رَافع. فأتينا برطب من رطب ابْن طَابَ، فأولت الرّفْعَة لنا فِي الدُّنْيَا، والعافية فِي الْآخِرَة، وَأَن ديننَا قد طَابَ ".
2132 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس أَن امْرَأَة كَانَ فِي عقلهَا شَيْء فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن لي إِلَيْك حَاجَة. فَقَالَ: " يَا أم فلَان، انظري أَي السكَك شِئْت حَتَّى أَقْْضِي لَك حَاجَتك " فَخَلا مَعهَا فِي بعض الطّرق حَتَّى فرغت من حَاجَتهَا.
2133 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: وَعَن حَمَّاد عَن هِشَام ابْن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِقوم يُلَقِّحُونَ، فَقَالَ: " لَو لم تفلعوا لصلح " قَالَ: فَخرج شيصاً، فَمر بهم فَقَالَ: " مَا لنخلكم؟ قَالُوا: قلت كَذَا وَكَذَا. قَالَ: " أَنْتُم أعلم بِأَمْر دنياكم ".(2/647)
2134 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت الْبنانِيّ، وَسليمَان التَّيْمِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَرَرْت على مُوسَى لَيْلَة أسرِي بِي عِنْد الْكَثِيب الْأَحْمَر وَهُوَ قائمٌ يُصَلِّي فِي قَبره ".
2135 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " دخلت الْجنَّة فَسمِعت خشفةً. قلت: من هَذَا؟ قَالُوا: هَذِه الغميصاء بنت ملْحَان، أم أنس بن مَالك ".
2136 - الْأَرْبَعُونَ: عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ سَيْفا يَوْم أحد، فَقَالَ: " من يَأْخُذ مني هَذَا؟ " فبسطوا أَيْديهم كل إِنْسَان مِنْهُم يَقُول: أَنا أَنا. قَالَ: " فَمن يَأْخُذهُ بِحقِّهِ؟ " فأحجم الْقَوْم. فَقَالَ سماك أَبُو دُجَانَة: أَنا آخذه بِحقِّهِ. قَالَ: فَأَخذه ففلق بِهِ هام الْمُشْركين.
2137 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخى بَين طَلْحَة وَأبي عُبَيْدَة.
2138 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لما صور الله آدم فِي الْجنَّة تَركه مَا شَاءَ أَن يتْركهُ، فَجعل إِبْلِيس يطِيف بِهِ وَينظر إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ أجوف عرف أَنه خلقٌ لَا يَتَمَالَك ".
2139 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن أنس: أَن ثَمَانِينَ رجلا من أَهله مَكَّة هَبَطُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جبل التَّنْعِيم مسلحين يُرِيدُونَ(2/648)
غرَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فاخذهم سلما فاستحياهم، وَأنزل الله عز وَجل {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم بِبَطن مَكَّة من بعد أَن أَظْفَرَكُم عَلَيْهِم} [الْفَتْح] .
2140 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه قَالَ: " الْحَمد لله الَّذِي أطعمنَا وَسَقَانَا وآوانا، فكم من لَا كَافِي لَهُ وَلَا مؤوي ".
2141 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: أَن رجلا كَانَ يتهم بِأم ولد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي: " اذْهَبْ فَاضْرب عُنُقه " فَأَتَاهُ عليٌّ، فَإِذا هُوَ فِي ركي يتبرد، فَقَالَ لَهُ عليٌّ: اخْرُج، فَنَاوَلَهُ يَده، فَأخْرجهُ، فَإِذا هُوَ مجبوبٌ لَيْسَ لَهُ ذكرٌ، فَكف عليٌّ عَنهُ، ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّه لمجبوب مَا لَهُ ذكرٌ.
2142 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " يُؤْتى بأنعم أهل الدُّنْيَا من أهل النَّار يَوْم الْقِيَامَة، فيصبغ فِي النَّار صبغةً ثمَّ يُقَال: يَا ابْن آدم، هَل رَأَيْت خيرا قطّ؟ هَل مر بك نعيمٌ قطّ؟ فَيَقُول: لَا وَالله يَا رب. وَيُؤْتى بأشد النَّاس بؤساً فِي الدُّنْيَا من أهل الْجنَّة، فَيُقَال لَهُ: يَا ابْن آدم، هَل رَأَيْت بؤساً قطّ؟ هَل مر بك شدةٌ قطّ؟ فَيَقُول: لَا وَالله، مَا مر بِي بؤسٌ قطّ، وَلَا رَأَيْت شدَّة قطّ ".
2143 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت وَحميد عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " حفت الْجنَّة بالمكاره، وحفت النَّار بالشهوات ".(2/649)
2144 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " إِن فِي الْجنَّة لسوقاً يأتونها كل جُمُعَة، فتهب ريح الشمَال فتحثو فِي وُجُوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالاً، فيرجعون إِلَى أَهْليهمْ وَقد ازدادوا حسنا وجمالاً، فَيَقُول لَهُم أهلوهم: وَالله، لقد ازددتم بَعدنَا حسنا وجمالاً.
فَيَقُولُونَ: وَأَنْتُم وَالله لقد ازددتم بَعدنَا حسنا وجمالاً ".
2145 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من يدْخل الْجنَّة ينعم لَا يبأس، وَلَا تبلى ثِيَابه، وَلَا يفنى شبابه ".
كَذَا حكى أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي وخلفٌ الوَاسِطِيّ فِي الْإِسْنَاد، وَهُوَ فِيمَا رَأينَا من كتاب مُسلم من رِوَايَة زُهَيْر بن حَرْب عَن ابْن مهْدي عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة. وَالله أعلم.
2146 - الْخَمْسُونَ: عَن حَمَّاد عَن ثَابت عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترك قَتْلَى بدر ثَلَاثًا ثمَّ أَتَاهُم، فَقَامَ عَلَيْهِم فناداهم، فَقَالَ: " يَا أَبَا جهل بن هِشَام، يَا أُميَّة بن خلف، يَا عتبَة بن ربيعَة، يَا شيبَة بن ربيعَة، أَلَيْسَ قد وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا؟ فَإِنِّي قد وجدت مَا وَعَدَني رَبِّي حَقًا " فَسمع عمر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ يسمعُونَ، أَو أَنى يجيبون وَقد جيفوا؟ قَالَ " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، مَا أَنْتُم بأسمع لما أَقُول مِنْهُم، وَلَكِن لَا يقدرُونَ أَن يجيبوا " ثمَّ أَمر بهم فسحبوا، فَألْقوا فِي قليب بدر.(2/650)
2147 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " آتِي بَاب الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة فأستفتح، فَيَقُول الخازن: من أَنْت؟ فَأَقُول: مُحَمَّد. فَيَقُول: بك أمرت لَا أفتح لأحدٍ قبلك ".
2148 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسع نسْوَة، فَكَانَ إِذا قسم بَينهُنَّ لَا يَنْتَهِي إِلَى الْمَرْأَة الأولى فِي تسع، فَكُن يجتمعن كل لَيْلَة فِي بَيت الَّتِي يَأْتِيهَا، فَكَانَ فِي بَيت عَائِشَة، فَجَاءَت زَيْنَب فَمد يَده إِلَيْهَا، فَقَالَت: هَذِه زَيْنَب، فَكف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده، فتقاولتا حَتَّى استخبتا، وأقيمت الصَّلَاة، فَمر أَبُو بكر على ذَلِك، فَسمع أصواتهما فَقَالَ: أخرج يَا رَسُول الله إِلَى الصَّلَاة، واحث فِي أفواههن التُّرَاب. فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت عَائِشَة: الْآن يقْضِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته، فَيَجِيء أَبُو بكر فيفعل بِي وَيفْعل، فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته، أَتَاهَا أَبُو بكر فَقَالَ لَهَا قولا شَدِيدا. وَقَالَ: أتصنعين هَذَا! .
2149 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسيسة عينا ينظر مَا صنعت عير أبي سُفْيَان، فَجَاءُوا مَا فِي الْبَيْت غير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وغيري. قَالَ: لَا أَدْرِي مَا اسْتثْنى بعض نسائة قَالَ: فحدثه الحَدِيث فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَتكلم فَقَالَ: " إِن لنا طلبة، فَمن كَانَ ظَهره حَاضرا فليركب مَعنا " فَجعل رجال يستأذنونه فِي ظهْرهمْ فِي علو الْمَدِينَة.
فَقَالَ: " لَا، إِلَّا من كَانَ ظَهره حَاضرا ". فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه حَتَّى سبقوا الْمُشْركين إِلَى بدر، وَجَاء الْمُشْركُونَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يقدمن أحد مِنْكُم إِلَى شَيْء حَتَّى أكون أَنا أوذنه " فَدَنَا الْمُشْركُونَ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/651)
" قومُوا إِلَى جنَّة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض " قَالَ: يَقُول عُمَيْر بن الْحمام الْأنْصَارِيّ: يَا رَسُول الله جنَّة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض؟ قَالَ: " نعم " قَالَ: بخ بخ يَا رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا يحملك على قَوْلك بخ بخ؟ " قَالَ: لَا، وَالله يَا رَسُول الله إِلَّا رَجَاء أَن أكون من أَهلهَا. قَالَ: " فَإنَّك من أَهلهَا " فاخترج تمراتٍ من قرنه، فَجعل يَأْكُل مِنْهُنَّ ثمَّ قَالَ: لَئِن أَنا حييت حَتَّى آكل تمراتي هَذِه إِنَّهَا لحياة طَوِيلَة. قَالَ: فَرمى بِمَا كَانَ مَعَه من التَّمْر، ثمَّ قَاتلهم حَتَّى قتل.
2150 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى الْغَدَاة جَاءَ خدم الْمَدِينَة بآنيتهم فِيهَا المَاء، فَمَا يُؤْتى بإناءٍ إِلَّا غمس يَده فِيهِ، فَرُبمَا جَاءُوهُ فِي الْغَدَاة الْبَارِدَة، فيغمس يَده فِيهَا.
2152 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن سُلَيْمَان عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والحلاق يحلقه، وأطاف بِهِ أَصْحَابه، فَمَا يُرِيدُونَ أَن تقع شعرةٌ إِلَّا فِي يَد رجل.
2152 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: انْطلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أم أَيمن، فَانْطَلَقت مَعَه، فناولته إِنَاء فِيهِ شراب قَالَ: فَلَا أَدْرِي أصادفته صَائِما أَو لم يردهُ " فَجعلت تصخب عَلَيْهِ وتذمر عَلَيْهِ. وَذكر من حَدِيث سُلَيْمَان عَن ثَابت عَن أنس زِيَارَة أبي بكر وَعمر لأم أَيمن بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقد تقدم ذَلِك فِي مُسْند أبي بكر.
2153 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن إِسْمَاعِيل بن علية عَن عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس قَالَ: إِنَّه ليمنعني أَن أحدثكُم حَدِيثا كثيرا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من تعمد عَليّ كذبا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار ".(2/652)
2154 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن أبي عمرَان الْجونِي واسْمه عبد الْملك بن حبيب عَن أنس قَالَ: وَقت لنا - وَحكى أَبُو مَسْعُود - وَقت لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قصّ الشَّارِب، وتقليم الْأَظْفَار، ونتف الْإِبِط، وَحلق الْعَانَة، أَن لَا نَتْرُك أَكثر من أَرْبَعِينَ لَيْلَة.
2155 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: عَن الْجَعْد أبي عُثْمَان عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَا بني ".
2156 - السِّتُّونَ: عَن الزبير بن عدي عَن أنس قَالَ: قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ، وَأَبُو بكر وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ، وَعمر وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ.
2157 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: عَن عَامر الشّعبِيّ عَن أنس قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَضَحِك، فَقَالَ: " هَل تَدْرُونَ مِم أضْحك؟ " قَالَ: قلت: الله وَرَسُوله أعلم.
قَالَ: " من مُخَاطبَة العَبْد ربه، يَقُول: يَا رب، ألم تجزني من الظُّلم؟ قَالَ: يَقُول: بلَى. قَالَ: فَيَقُول: فَإِنِّي لَا أُجِيز على نَفسِي إِلَّا شَاهدا مني. قَالَ: فَيَقُول: كفى بِنَفْسِك الْيَوْم عَلَيْك شَهِيدا، والكرام الْكَاتِبين شَهِيدا. قَالَ: فيختم عَليّ فِيهِ، فَيُقَال لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي. قَالَ: فَتَنْطِق بِأَعْمَالِهِ، قَالَ: ثمَّ يخلى بَينه وَبَين الْكَلَام، فَيَقُول: بعدا وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كنت أُنَاضِل ".
وَلَيْسَ لعامر الشّعبِيّ عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
2158 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: عَن يحيى بن عباد عَن أنس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْخمر تتَّخذ خلا. فَقَالَ: " لَا ".
وَلَيْسَ ليحيى بن عباد عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا.(2/653)
2159 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ: عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن السّديّ قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك: كَيفَ أنصرف إِذا سلمت: عَن يَمِيني أَو عَن يساري؟ فَقَالَ: أما أَنا فَأكْثر مَا رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْصَرف عَن يَمِينه.
وَلَيْسَ لإسماعيل السّديّ عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2160 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن سعيد بن أبي بردة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِ " ن الله ليرضى عَن العَبْد يَأْكُل الْأكلَة فيحمده عَلَيْهَا، وَيشْرب الشربة فيحمده عَلَيْهَا ".
2161 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ: عَن الْمُخْتَار بن فلفل مولى عَمْرو بن حُرَيْث عَن أنس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا خير الْبَريَّة. فَقَالَ: " ذَاك إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ".
2162 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ: عَن الْمُخْتَار بن فلفل عَن أنس قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم، فَلَمَّا قضى الصَّلَاة أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: " إِنِّي إمامكم، فَلَا تسبقوني بِالرُّكُوعِ، وَلَا بِالْقيامِ، وَلَا بالانصراف، فَإِنِّي أَرَاكُم من أَمَامِي، وَمن خَلْفي " ثمَّ قَالَ: " وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ، لَو رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْت لضحكتم قَلِيلا، ولبكيتم كثيرا " قَالُوا: وَمَا رَأَيْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " الْجنَّة وَالنَّار ".
2163 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن مُصعب بن سليم عَن أنس قَالَ: أُتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَمْر، فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسمهُ وَهُوَ محتفزٌ، يَأْكُل مِنْهُ أكلا ذريعاً. وَفِي رِوَايَة زُهَيْر: أكلا حثيثاً.(2/654)
وَفِي رِوَايَة حَفْص بن غياث عَن مُصعب عَن أنس:
رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقعياً يَأْكُل تَمرا.
وَلَيْسَ لمصعب بن سليم فِي الصَّحِيح عَن أنس غير هَذَا. وَقد جعله أَبُو مَسْعُود حَدِيثا وَاحِدًا.
2164 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ: عَن يُوسُف بن عبد الله بن الْحَارِث عَن أنس - فِي الرقى قَالَ: رخص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الرّقية من الْعين والحمة والنملة.
وَلَيْسَ ليوسف بن عبد الله عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2165 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ. عَن عَمْرو بن سعيد عَن أنس قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا أرْحم بالعيال من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. كَانَ إِبْرَاهِيم مسترضعاً لَهُ فِي عوالي الْمَدِينَة، وَكَانَ ينْطَلق وَنحن مَعَه، فَيدْخل الْبَيْت، وَإنَّهُ ليدخن، وَكَانَ ظئره قينا، فَيَأْخذهُ فيقبله، ثمَّ يرجع. قَالَ عَمْرو: فَلَمَّا توفّي إِبْرَاهِيم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن إِبْرَاهِيم ابْني، وَإنَّهُ مَاتَ فِي الثدي، وَإِن لَهُ لظئرين تكملان رضاعه فِي الْجنَّة ".
وَلَيْسَ لعَمْرو بن سعيد عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
2166 - السبعون: عَن يحيى بن يزِيد الْهنائِي قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك عَن(2/655)
قصر الصَّلَاة فَقَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خرج مسيرَة ثَلَاثَة أَمْيَال، أَو ثَلَاثَة فراسخ - شُعْبَة الشاك - صلى رَكْعَتَيْنِ.
وَلَيْسَ ليحيى بن يزِيد الْهنائِي عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
2167 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: عَن عبد الرَّحْمَن الْأَصَم عَن أنس قَالَ: بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيّ عمر بجبة سندسٍ، فَقَالَ عمر: بعثت بهَا إِلَيّ وَقد قلت فِيهَا مَا قلت؟ " قَالَ: " إِنِّي لم أبْعث بهَا إِلَيْك لتلبسها، وَإِنَّمَا بعثت بهَا إِلَيْك لتنتفع بِثمنِهَا ".
وَلَيْسَ لعبد الرَّحْمَن بن الْأَصَم عَن أنس فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.(2/656)
(80) الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي هُرَيْرَة الدوسي رَضِي الله عَنهُ
2168 - الحَدِيث الأول: عَن عبد الله بن عَبَّاس قَالَ: مَا رَأَيْت شَيْئا أشبه باللمم مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الله كتب على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا، أدْرك ذَلِك لَا محَالة: فزنا الْعَينَيْنِ النّظر، وزنا اللِّسَان النُّطْق، وَالنَّفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذَلِك أَو يكذبهُ ".
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث طَاوس عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث وهيب بن خَالِد عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كتب على ابْن آدم نصِيبه من الزِّنَا، مدركٌ ذَلِك لَا محَالة: العينان زناهما النّظر، والأذنان زناهما الِاسْتِمَاع، وَاللِّسَان زِنَاهُ الْكَلَام، وَالْيَد زنَاهَا الْبَطْش، وَالرجل زنَاهَا الخطا، وَالْقلب يهوى ويتمنى، وَيصدق ذَلِك الْفرج، ويكذبه ".
2169 - الثَّانِي: عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم مُسَيْلمَة الْكذَّاب على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَجعل يَقُول: إِن جعل لي محمدٌ الْأَمر من بعده تَبعته. قَالَ: وقدمها فِي بشر كثير من قومه. فَأقبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ ثَابت بن قيس بن شماس. زَاد فِي رِوَايَة عبيد الله بن عتبَة: وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ خطيب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي يَد(3/5)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطعةٌ من جريد، حَتَّى وقف على مُسَيْلمَة فِي أَصْحَابه فَقَالَ: " لَو سَأَلتنِي هَذِه الْقطعَة مَا أعطيتكها، وَلَئِن أَدْبَرت ليَعْقِرنك الله، وَإِنِّي لأرَاك الَّذِي أريت فِيك مَا أريت، وَهَذَا ثَابت يجيبك عني " ثمَّ انْصَرف.
قَالَ ابْن عَبَّاس:
سَأَلت عَن قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّك الَّذِي أريت فِيك مَا أريت " فَأَخْبرنِي أَبُو هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " بَينا أَنا نَائِم، رَأَيْت فِي يَدي سِوَارَيْنِ من ذهب، فَأَهَمَّنِي شَأْنهمَا، فَأُوحي إِلَيّ فِي الْمَنَام أَن انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتهمَا فطَارَا، فَأَوَّلْتهمَا كَذَّابين يخرجَانِ بعدِي، فَكَانَ أَحدهمَا الْعَنسِي صَاحب صنعاء، وَالْآخر مُسَيْلمَة صَاحب الْيَمَامَة ".
وَأَخْرَجَا حَدِيث السوارين من رِوَايَة همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فِي حَدِيث البُخَارِيّ قَالَ: " نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ " ثمَّ اتفقَا، وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بَينا أَنا نائمٌ، إِذْ أُوتيت خَزَائِن الأَرْض، فَوضع بَين يَدي سِوَارَيْنِ من ذهب، فَكَبرَا عَليّ وَأَهَمَّانِي، فَأُوحي إِلَيّ أَن انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتهمَا فطَارَا، فَأَوَّلْتهمَا الْكَذَّابين اللَّذين أَنا بَينهمَا: صَاحب صنعاء وَصَاحب الْيَمَامَة ".
2170 - الثَّالِث: عَن أنس بن مَالك عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَالَ الله عز وَجل: إِذا تقرب عَبدِي مني شبْرًا تقربت مِنْهُ ذِرَاعا، وَإِذا تقرب مني ذِرَاعا تقربت مها باعاً - أَو بوعاً - وَإِذا أَتَانِي يمشي أَتَيْته هرولةً " لفظ حَدِيث مُسلم. زَاد أَبُو مَسْعُود: " وَإِن هرول سعيت إِلَيْهِ، وَالله أسْرع بالمغفرة ". أَو كَمَا قَالَ. وَلم أر هَذَا فِي الْكِتَابَيْنِ.(3/6)
وَأَخْرَجَاهُ بِزِيَادَة من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَقُول الله عز وَجل: أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي، وَأَنا مَعَه حِين يذكرنِي، فَإِن ذَكرنِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي، وَإِن ذَكرنِي فِي مَلأ ذكرته فِي مَلأ هم خيرٌ مِنْهُم، وَإِن اقْترب إِلَيّ شبْرًا تقربت إِلَيْهِ ذِرَاعا، وَإِن تقرب إِلَيّ ذِرَاعا اقْتَرَبت إِلَيْهِ باعاً، وَإِن أَتَانِي يمشي أَتَيْته هرولة ".
وَأخرج البُخَارِيّ الزِّيَادَة الَّتِي فِي أَوله من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَالَ الله عز وَجل: أَنا عِنْد حسن ظن عَبدِي بِي " لم يزدْ.
وأخرجها مُسلم من حَدِيث يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِن الله يَقُول: أَنا عِنْد حسن ظن عَبدِي بِي، وَأَنا مَعَه إِذا دَعَاني ".
وَأخرجه مُسلم بِطُولِهِ وَبِزِيَادَة أُخْرَى من حَدِيث زيد بن أسلم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَالَ الله عز وَجل: أَنا عِنْد حسن ظن عَبدِي، وانا مَعَه حَيْثُ يذكرنِي. وَالله، لله أفرح بتوبة عَبده من أحدكُم يجد ضالته بالفلاة. وَمن تقرب إِلَيّ شبْرًا تقربت إِلَيْهِ ذِرَاعا، وَمن تقرب إِلَيّ ذِرَاعا تقربت إِلَيْهِ باعاً، وَإِذا أقبل إِلَيّ يمشى أَقبلت إِلَيْهِ أهرول ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله قَالَ: إِذا تَلقانِي عَبدِي بشبر تلقيته بِذِرَاع، وَإِذا تَلقانِي بِذِرَاع تلقيته بباع، وَإِذا تَلقانِي بباعٍ أَتَيْته بأسرع ".(3/7)
2171 - الرَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب: أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله، فَمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله، فقد عصم مني نَفسه وَمَاله إِلَّا بِحقِّهِ، وحسابه على الله ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر، وَعَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " أمرت أَن أقَاتل النَّاس. . " بِمثل حَدِيث ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث روح بن الْقَاسِم، وَعبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الداروردي جَمِيعًا عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، ويؤمنوا بِي وَبِمَا جِئْت بِهِ، فَإِذا فعلوا ذَلِك عصموا مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وحسابهم على الله ". 2172 - الْخَامِس: عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَقُول: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تضطرب أليات نسَاء دوس على ذِي الخلصة " وَذُو الخلصة: طاغية دوس الَّتِي كَانَ يعْبدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة. زَاد معمر: بتبالة. 2173 - السَّادِس: عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قَالَ سعيد بن الْمسيب: أَخْبرنِي أَبُو هُرَيْرَة أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تخرج نارٌ من أَرض الْحجاز تضيء أَعْنَاق الْإِبِل ببصرى ".
2174 - السَّابِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله(3/8)
[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " إِذا هلك كسْرَى فَلَا كسْرَى بعده، وَإِذا هلك قَيْصر فَلَا قَيْصر بعده. وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتنفقن كنوزهما فِي سَبِيل الله ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث همام بن منبة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
هلك كسْرَى ثمَّ لَا يكون كسْرَى بعده، وَقَيْصَر ليهلكن ثمَّ لَا يكون قَيْصر بعده، ولتنفقن كنوزهما فِي سَبِيل الله ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْنى حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد.
2175 - الثَّامِن: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا من مَوْلُود إِلَّا والشيطان يمسهُ حِين يُولد، فَيَسْتَهِل صَارِخًا من مس الشَّيْطَان إِيَّاه، إِلَّا مَرْيَم " ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة اقْرَءُوا إِن شِئْتُم: {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم} [آل عمرَان] .
وَفِي رِوَايَة عبد الْأَعْلَى وَغَيره عَن عبد الرَّزَّاق نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ: مَا من مَوْلُود يُولد إِلَّا نخسه الشَّيْطَان، فَيَسْتَهِل صَارِخًا من نخسة الشَّيْطَان إِلَّا ابْن مَرْيَم وَأمه ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كل بني آدم يطعن الشَّيْطَان فِي جَنْبَيْهِ بإصبعه حِين يُولد غير عِيسَى بن مَرْيَم ذهب يطعن فطعن فِي الْحجاب ".(3/9)
وَأخرجه مُسلم فِي حَدِيث أبي يُونُس مولى أبي هُرَيْرَة عَن أبي وليد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كل بني آدم يمسهُ الشَّيْطَان يَوْم وَلدته أمه، إِلَّا مَرْيَم وَابْنهَا ".
وَمن حَدِيث أبي عوَانَة عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " صياح الْمَوْلُود حِين يَقع نزغةٌ من الشَّيْطَان ".
2176 - التَّاسِع: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليوشكن أَن ينزل فِيكُم ابْن مَرْيَم حكما مقسطاً، فيكسر الصَّلِيب، وَيقتل الْخِنْزِير، وَيَضَع الْجِزْيَة، وَيفِيض المَال حَتَّى لَا يقبله أحدٌ " زَاد فِي حَدِيث صَالح عَن الزُّهْرِيّ: " وَحَتَّى تكون السَّجْدَة الْوَاحِدَة خيرا من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا " ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: اقْرَءُوا إِن شِئْتُم: {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} الْآيَة [النِّسَاء] .
وَأَخْرَجَا من حَدِيث ابْن شهَاب عَن نَافِع مولى أبي قَتَادَة الْأنْصَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " كَيفَ أَنْتُم إِذا نزل ابْن مَرْيَم فِيكُم وإمامكم مِنْكُم " وَفِي رِوَايَة ابْن أخي ابْن شهَاب " فأمكم " وَفِي رِوَايَة ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ " فأمكم مِنْكُم " وَقَالَ ابْن أبي ذِئْب: تَدْرِي مَا أمكُم مِنْكُم؟ قلت: تُخبرنِي. قَالَ: فأمكم بِكِتَاب ربكُم تبَارك وَتَعَالَى، وَسنة نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه عقيل وَالْأَوْزَاعِيّ.
وَلَيْسَ لنافع مولى أبي قَتَادَة عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.(3/10)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَطاء بن ميناء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَالله لينزلن ابْن مَرْيَم حكما عادلاً، فليكسرن الصَّلِيب، وليقتلن الْخِنْزِير، وليضعن الْجِزْيَة، ولتتركن القلاص فَلَا يستقى عَلَيْهَا، ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد، وليدعون إِلَى المَال فَلَا يقبله أحد ".
2177 - الْعَاشِر: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يتقارب الزَّمَان، وينقض الْعلم، ويلقى الشُّح، وَتظهر الْفِتَن، وَيكثر الْهَرج " قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: " الْقَتْل الْقَتْل ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يتقارب الزَّمَان، وَينْقص الْعلم. . " وَذكر مثله. وَفِيه قَالُوا: وَمَا الْهَرج؟ قَالَ: " الْقَتْل ".
وَفِي رِوَايَة يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن حميد: يتقارب الزَّمَان، وَيقبض الْعلم. . " ثمَّ ذكره.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يقبض الْعلم، وتكثر الْفِتَن، وَيكثر الْهَرج ". قيل: يَا رَسُول الله، وَمَا الْهَرج؟ قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فحرفها، كَأَنَّهُ يُرِيد الْقَتْل.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: بِمثل حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن حميد عَن أبي هُرَيْرَة، وَلم يذكر: " يلقى الشُّح "(3/11)
وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر زِيَادَة على حَدِيث حميد لم يذكرهَا مُسلم، وَقد ذكرهَا أَبُو بكر البرقاني وَأَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي، وَهِي: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج ثَلَاثُونَ دجالون، كلهم يزْعم أَنه رَسُول الله، وَحَتَّى يقبض الْعلم، وَتظهر الْفِتَن، وَيكثر الْهَرج " قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَمَا الْهَرج؟ قَالَ: " الْقَتْل الْقَتْل " وَقد حكى أَبُو مَسْعُود فِي تَرْجَمَة إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر أَن مُسلما أخرجه كُله كَذَلِك وَذكر الطَّرفَيْنِ جَمِيعًا، وَلم يخرج مُسلم مِنْهُ أَوله، وَإِنَّمَا أخرج فصل قبض الْعلم إِلَى آخِره.
وَقد أخرج مُسلم فِي مَوضِع آخر من كِتَابه ذكر الدجالين، من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة. وَمن حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا، وَلم يُخرجهُ من حَدِيث إِسْمَاعِيل عَن الْعَلَاء.
وَأخرج مُسلم أَيْضا حَدِيث الْهَرج مُفردا من حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكثر الْهَرج " قَالُوا: وَمَا الْهَرج يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " الْقَتْل الْقَتْل ".
وَقد أخرج مُسلم أَيْضا حَدِيث قبض الْعلم من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ: مثل حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن حميد، وَلم يذكر " يلقى الشُّح ".
وَفِي الحَدِيث زِيَادَة على حَدِيث حميد ذكرهَا أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه بذلك الْإِسْنَاد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكثر المَال وَيفِيض حَتَّى يهم رب المَال من يقبض مِنْهُ صدقته " وَقَالَ: " يقبض الْعلم، ويقترب الزَّمن، وَتظهر الْفِتَن، وَيكثر الْهَرج. . " وَذكره.
وَأخرج مُسلم أَيْضا حَدِيث قبض الْعلم من حَدِيث أبي يُونُس سليم بن جُبَير عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ: مثل حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن حميد. قَالَ: وَلم يذكر " يلقى الشُّح ".(3/12)
وَذكر أَبُو مَسْعُود أَن أَوله: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكثر فِيكُم المَال فيفيض حَتَّى يهم رب الْملك من يقبله مِنْهُ، ويدعى إِلَيْهِ الرجل فَيَقُول: لَا أرب لي فِيهِ. " وَهَذَا الْفَصْل قد فَصله مُسلم مِنْهُ. وَأخرجه فِي " الزَّكَاة ".
وَأخرجه أَيْضا هُنَاكَ من حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكثر المَال وَيفِيض حَتَّى يخرج الرجل بِزَكَاة مَاله فَلَا يجد أحدا يقبلهَا مِنْهُ، وَحَتَّى تعود أَرض الْعَرَب مروجاً وأنهاراً ".
قَالَ مُسلم فِي أَحَادِيث قبض الْعلم: إِنَّه لَيْسَ فِي حَدِيث سَالم عَن أبي هُرَيْرَة، وَلَا فِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء، وَلَا فِي حَدِيث همام وَأبي يُونُس سليم عَن أبي هُرَيْرَة " يلقى الشُّح ".
2178 - الْحَادِي عشر: عَن ابْن شهَاب عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يقبض الله الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة ويطوي السَّمَاء بِيَمِينِهِ، ثمَّ يَقُول: " أَنا الْملك، أَيْن مُلُوك الأَرْض؟ ".
2179 - الثَّانِي عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر. لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة " قَالَ سُفْيَان: وَزَاد فِيهِ أَبُو الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رِوَايَة: " صغَار الْأَعْين، ذلف الأنوف، كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة ". اللَّفْظ للْبُخَارِيّ.(3/13)
وَلمُسلم نَحوه إِلَّا أَنه لَيْسَ لمُسلم من حَدِيث سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد:
كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة " وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ فِيهِ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث قيس بن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تقاتلون بَين يَدي السَّاعَة قوما نعَالهمْ الشّعْر، كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة، حمر الْوُجُوه، صغَار لأعين " وَهَذَا لفظ حَدِيث مُسلم عَن أبي كريب.
وللبخاري فِي حَدِيثَة عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ أَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ:
أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَة فَقَالَ: صَحِبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث سِنِين، لم أكن فِي سني أحرص على أَن أعي الحَدِيث مني فِيهِنَّ، سمعته يَقُول - وَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ: " بَين يَدي السَّاعَة تقاتلون قوما نعَالهمْ الشّعْر، وَهُوَ هَذَا البارز " وَقَالَ سُفْيَان مرّة: وهم أهل البارز.
وَأخرجه البُخَارِيّ، وَزَاد فِي أَوله زِيَادَة من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر، وَحَتَّى تقاتلوا التّرْك صغَار الْأَعْين، حمر الْوُجُوه، ذلف الأنوف، كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة، وتجدون خير النَّاس أَشَّدهم كَرَاهِيَة لهَذَا الْأَمر حَتَّى يَقع فِيهِ، وَالنَّاس معادن، خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الْإِسْلَام إِذا فقهوا. وليأتين على أحدكُم زمانٌ لَئِن يراني أحب إِلَيْهِ من أَن يكون لَهُ مثل أَهله وَمَاله ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل حَدِيث شُعَيْب دون الزِّيَادَة، مَعَ تَقْدِيم وَتَأْخِير.(3/14)
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا حوزاً وكرمان من الْأَعَاجِم، حمر الْوُجُوه، فطس الأنوف، صغَار الْأَعْين، وُجُوههم المجان المطرقة، نعَالهمْ الشّعْر ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يُقَاتل الْمُسلمُونَ التّرْك، قوما وُجُوههم كالمجان المطرقة، يلبسُونَ الشّعْر، ويمشون فِي الشّعْر ".
2180 - الثَّالِث عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يلْدغ الْمُؤمن من جحرٍ واحدٍ مرَّتَيْنِ ".
2181 - الرَّابِع عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَقُول: " اللَّهُمَّ فأيما عبد سببته فَاجْعَلْ ذَلِك لَهُ قربَة إِلَيْك يَوْم الْقِيَامَة ". وَفِي رِوَايَة ابْن أخي ابْن شهَاب عَن عَمه: " اللَّهُمَّ إِنِّي اتَّخذت عنْدك عهدا لن تخلفينه، فأيما مسلمٍ سببته أَبُو جلدته فَاجْعَلْ ذَلِك كَفَّارَة لَهُ يَوْم الْقِيَامَة ".
وَفِي رِوَايَة ابْن أخي ابْن شهَاب عَن عَمه:
اللَّهُمَّ إِنِّي اتَّخذت عنْدك عهدا لن
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنا بشر، فأيما رجلٍ من الْمُسلمين سببته أَو لعنته أَو جلدته فاجعلها لَهُ زَكَاة وَرَحْمَة ".
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ:
زَكَاة وَأَجرا ".(3/15)
وَمن حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
اللَّهُمَّ إِنِّي اتَّخذت عنْدك عهدا لن تخلفنيه، فَأَي الْمُؤمنِينَ آذيته، شتمته، لعنته جلدته، فاجعلها لَهُ صَلَاة وَزَكَاة وقربة تقربه بهَا إِلَيْك يَوْم الْقِيَامَة ".
وَمن حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة كَذَلِك نَحوه إِلَّا أَنه قَالَ: " أَو جلده " وَهِي لُغَة أبي هُرَيْرَة.
وَمن حَدِيث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وَلَيْسَ لأيوب عَن الْأَعْرَج فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح غير هَذَا.
وَأخرجه من حَدِيث سَالم مولى النصريين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
اللَّهُمَّ إِنَّمَا مُحَمَّد بشرٌ، يغْضب كَمَا يغْضب الْبشر، وَإِنِّي قد اتَّخذت عنْدك عهدا لن تخلفنيه، فأيما مُؤمن آذيته أَو سببته، أَو جلدته، فاجعلها لَهُ كَفَّارَة وقربة تقربه بهَا إِلَيْك يَوْم الْقِيَامَة ".
وَلَيْسَ لسالم مولى النصريين عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
2182 - الْخَامِس عشر: عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " يدْخل من أمتِي زمرة هم سَبْعُونَ ألفا، تضيء وُجُوههم إضاءة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر ". وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَقَامَ عكاشة بن مُحصن الْأَسدي، فَرفع نمرة عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُم " ثمَّ قَامَ رجلٌ من الْأَنْصَار فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: " سَبَقَك بهَا عكاشة ".(3/16)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد الْقرشِي عَن أبي هُرَيْرَة
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
يدْخل من أمتِي الْجنَّة سَبْعُونَ ألفا بِغَيْر حِسَاب " فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُم " ثمَّ قَامَ آخر فَقَالَ: يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: " سَبَقَك بهَا عكاشة ".
وَمن حَدِيث حَيْوَة عَن أبي يُونُس سليم بن جُبَير عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يدْخل الْجنَّة من أمتِي سَبْعُونَ ألفا زمرةً وَاحِدَة، فهم على صُورَة الْقَمَر ".
2183 - السَّادِس عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " جعل الله الرَّحْمَة مائَة جزءٍ، فَأمْسك عِنْده تِسْعَة وَتِسْعين وَأنزل فِي الأَرْض جُزْءا وَاحِدًا، فَمن ذَلِك الْجُزْء تتراحم الْخَلَائق حَتَّى ترفع الدَّابَّة حافرها عَن وَلَدهَا خشيَة أَن تصيبه ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن لله مائَة رحمةٍ، أنزل مِنْهَا رَحْمَة وَاحِدَة بَين الْجِنّ وَالْإِنْس والبهائم والهوام، فِيهَا يتعاطفون وَبهَا يتراحمون، وَبهَا تعطف الْوَحْش على وَلَدهَا، وَأخر الله تسعا وَتِسْعين رَحْمَة يرحم بهَا عباده يَوْم الْقِيَامَة ".
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
خلق الله مائَة رحمةٍ، فَوضع وَاحِدَة بَين خلقه، وخبأ عِنْده مائَة إِلَّا وَاحِدَة ".(3/17)
وللبخاري من حَدِيث سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن الله خلق الرَّحْمَة يَوْم خلقهَا مائَة رحمةٍ، فَأمْسك عِنْده تِسْعَة وَتِسْعين رَحْمَة، وَأرْسل فِي خلقه كلهم رَحْمَة وَاحِدَة، فَلَو يعلم الْكَافِر بِكُل الَّذِي عِنْد الله من الرَّحْمَة لم ييأس من الْجنَّة، وَلَو يعلم الْمُؤمن بِكُل الَّذِي عِنْد الله من الْعَذَاب لم يَأْمَن من النَّار ".
2184 - السَّابِع عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب قَالَ: الْبحيرَة: الَّتِي يمْنَع درها للطواغيت، فَلَا يحلبها أحدٌ من النَّاس. والسائبة: كَانُوا يسيبونها لآلهتهم، لَا يحمل عَلَيْهَا شَيْء. وَقَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " رَأَيْت عَمْرو بن عامرٍ الْخُزَاعِيّ يجر قصبه فِي النَّار، كَانَ أول من سيب السوائب ".
وَأخرج مُسلم مِنْهُ الْمسند فَقَط من حَدِيث جرير عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " رَأَيْت عَمْرو بن لحي بن قمعة بن خندف أَخا بني كَعْب هَؤُلَاءِ يجر قصبه فِي النَّار ".
وللبخاري من حَدِيث أبي حُصَيْن عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " عَمْرو بن لحي بن قمعة بن خندف أَبُو خُزَاعَة ".
2185 - الثَّامِن عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قلب الشَّيْخ شابٌّ على حب اثْنَتَيْنِ: طول الْحَيَاة، وَحب المَال ".(3/18)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة بلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
قلب الشَّيْخ شابٌّ على حب اثْنَتَيْنِ: حب الْعَيْش وَالْمَال ".
2186 - التَّاسِع عشر: عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: شَهِدنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر، فَقَالَ لرجلٍ مِمَّن يدعى بِالْإِسْلَامِ: " هَذَا من أهل النَّار " فَلَمَّا حضر الْقِتَال قَاتل الرجل قتالاً شَدِيدا، فأصابته جِرَاحَة، فَقيل: يَا رَسُول الله، الرجل الَّذِي قلت لَهُ آنِفا " إِنَّه من أهل النَّار " فَإِنَّهُ قَاتل الْيَوْم قتالاً شَدِيدا، وَقد مَاتَ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِلَى النَّار " فكاد بعض الْمُسلمين أَن يرتاب. فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذْ قيل: إِنَّه لم يمت، وَلَكِن بِهِ جراحاً شَدِيدَة، فَلَمَّا كَانَ من اللَّيْل لم يصبر على الْجراح فَقتل نَفسه، فَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " الله أكبر، أشهد أَنِّي عبد الله وَرَسُوله ". ثمَّ أَمر بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاس: " إِنَّه لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفسٌ مسلمة، وَإِن الله يُؤَيّد هَذَا الدّين بِالرجلِ الْفَاجِر ".
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ:
شَهِدنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر. . وَمن حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب عَن عبد الله بن كَعْب قَالَ أَخْبرنِي من شهد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر.
2187 - الْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: سَمِعت سعيد بن الْمسيب يَقُول: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " للْعَبد الْمَمْلُوك المصلح أَجْرَانِ " وَالَّذِي نفس أبي هُرَيْرَة بِيَدِهِ، لَوْلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله، وَالْحج، وبر أُمِّي، لأحببت أَن أَمُوت وَأَنا(3/19)
مَمْلُوك. زَاد فِي رِوَايَة حَرْمَلَة وَأبي الطَّاهِر قَالَ: وبلغنا أَن أَبَا هُرَيْرَة
لم يكن يحجّ حَتَّى مَاتَت أمه لصحبتها.
وَفِي رِوَايَة بشر بن مُحَمَّد:
للْعَبد الْمَمْلُوك الصَّالح ".
وَأَخْرَجَا نَحوه من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نعما لأَحَدهم يحسن عبَادَة ربه، وَينْصَح لسَيِّده ".
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش بِالْإِسْنَادِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا أدّى العَبْد حق الله وَحقّ موَالِيه، كَانَ لَهُ أَجْرَانِ " قَالَ: فَحدثت بهَا كَعْبًا فَقَالَ كَعْب: لَيْسَ عَلَيْهِ حسابٌ وَلَا على مُؤمن مزهدٍ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
نعما للمملوك الَّذِي يتوفى يحسن عبَادَة الله، وصحابة سَيّده، نعما لَهُ ".
2188 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
حق الْمُسلم على الْمُسلم خمسٌ: رد السَّلَام، وعيادة الْمَرِيض، وَاتِّبَاع الْجَنَائِز، وَإجَابَة الدعْوَة، وتشميت الْعَاطِس ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله] 7] : " حق الْمُسلم على الْمُسلم سِتّ " قيل: مَا هن يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " إِذا لَقيته فَسلم عَلَيْهِ. وَإِذا دعَاك فأجبه. وَإِذا استنصحك فانصح لَهُ. وَإِذا عطس فَحَمدَ الله فشمته. وَإِذا مَاتَ فَاتبعهُ ".(3/20)
2189 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَيْلَة أسرِي بِي لقِيت مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام " قَالَ: فنعته النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَإِذا هُوَ رجلٌ حسبته قَالَ - مُضْطَرب، رجل الرَّأْس، كَأَنَّهُ من رجال شنُوءَة " قَالَ: " وَلَقِيت عِيسَى " فنعته النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " ربعةٌ، أَحْمَر، كَأَنَّمَا خرج من ديماس - يعْنى الْحمام. وَرَأَيْت إِبْرَاهِيم، وَأَنا أشبه وَلَده بِهِ ". قَالَ: " وأتيت بإناءين: فِي أَحدهمَا لبن وَالْآخر فِيهِ خمر، فَقيل لي: خُذ أَيهمَا شِئْت، فَأخذت اللَّبن فَشَربته. فَقيل: هديت الْفطْرَة، أَو أصبت الْفطْرَة، أما إِنَّك لَو أخذت الْخمر غوت أمتك ".
وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن معمر نَحوه، وَفِيه " رَأَيْت مُوسَى، فَإِذا ضرب رجل كَأَنَّهُ من رجال شنُوءَة ".
2190 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَاتل الله الْيَهُود، حرم الله عَلَيْهِم الشحوم فَبَاعُوهَا وأكلوا أثمانها ".
2191 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَاتل الله الْيَهُود، اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لعن الْيَهُود وَالنَّصَارَى، اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد ".
2192 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يخرب الْكَعْبَة ذُو السويقتين من الْحَبَشَة ".(3/21)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سَالم أبي الْغَيْث عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " ذُو السويقتين من الْحَبَشَة يخرب بَيت الله ".
2193 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " الْحلف منفقةٌ، للسلعة، ممحقةٌ للكسب ".
2194 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تشد، الرّحال إِلَّا ثَلَاثَة مَسَاجِد: الْمَسْجِد الْحَرَام، وَمَسْجِد الرَّسُول، وَمَسْجِد الْأَقْصَى ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سلمَان الْأَغَر عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِنَّمَا يُسَافر إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: الْكَعْبَة، ومسجدي، وَمَسْجِد إيلياء ".
2195 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
كل عمل ابْن آدم لَهُ إِلَّا الصّيام هُوَ لي، وَأَنا أجزي بِهِ. ولخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك ".
فِي حَدِيث حَرْمَلَة عَن ابْن وهب:
فوالذي نفس محمدٍ بِيَدِهِ، لخلوف فَم الصَّائِم. . "
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ: فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لخلفة فَم الصَّائِم. . ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح ذكْوَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
كل عمل ابْن آدم لَهُ، يُضَاعف الْحَسَنَة عشرَة أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة(3/22)
ضعف، قَالَ الله عز وَجل:
إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي، وَأَنا أجزى بِهِ، يدع شَهْوَته وَطَعَامه من أَجلي. للصَّائِم فرحتان: فرحةٌ عِنْد فطره، وفرحةٌ عِنْد لِقَاء ربه.
ولخلوف فِيهِ أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك " لفظ حَدِيث وَكِيع عَن الْأَعْمَش، وَهُوَ أتم.
وَأَخْرَجَاهُ بِزِيَادَة من حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي صَالح الزيات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كل عمل ابْن آدم لَهُ إِلَّا الصّيام فَإِنَّهُ لي، وَأَنا أجزي بِهِ. وَالصِّيَام جنَّة. وَإِذا كَانَ يَوْم صَوْم أحدكُم فَلَا يرْفث يومئذٍ وَلَا يصخب، فَإِن شاتمه أحدٌ أَو قَاتله فَلْيقل: إِنِّي امْرُؤ صَائِم، إِنِّي صَائِم. وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة من ريح الْمسك.
وللصائم فرحتان يفرحهما: إِذا أفطر فَرح بفطره، وَإِذا لَقِي ربه فَرح بصومه ".
وَلَيْسَ لعطاء عَن أبي صَالح فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
وَأخرجه البُخَارِيّ مُخْتَصرا من حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد الْقرشِي عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرويهِ عَن ربكُم قَالَ:
لكل عملٍ كَفَّارَة، وَالصَّوْم لي، وَأَنا أجزي بِهِ، ولخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك ".
وَمن حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " الصّيام جنَّة، فَلَا يرْفث وَلَا يجهل، فَإِن امْرُؤ قَاتله أَو شاتمه فَلْيقل: إِنِّي صَائِم - مرَّتَيْنِ. وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك، يتْرك طَعَامه وَشَرَابه وشهوته من أَجلي. الصّيام لي وَأَنا أجزي بِهِ.
والحسنة بِعشر أَمْثَالهَا ".(3/23)
وَأخرج مُسلم بعض هَذَا من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رِوَايَة قَالَ:
إِذا أصبح أحدكُم صَائِما فَلَا يرْفث وَلَا يجهل. فَإِن امرؤٌ شاتمه أَو قَاتله فَلْيقل: إِنِّي صائمٌ إِنِّي صَائِم ".
وَمن حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " الصّيام جنةٌ، فَإِذا كَانَ أحدكُم صَائِما. . " الحَدِيث. كَذَا حكى أَبُو مَسْعُود.
وَمن حَدِيث أبي سِنَان ضرار بن مرّة عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.: إِن الله يَقُول: إِن الصَّوْم لي، وَأَنا أجزي بِهِ، إِن للصَّائِم فرحتين. إِذا أفطر فَرح، وَإِذا لَقِي الله عز وَجل فَرح. وَالَّذِي نفس محمدٍ بِيَدِهِ لخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك ".
وَفِي حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُسلم عَن أبي سِنَان:
" وَإِذا لَقِي الله فجزاه فَرح ".
2196 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَيْسَ الشَّديد بالصرعة، إِنَّمَا الشَّديد الَّذِي يملك نَفسه عِنْد الْغَضَب ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.
2197 - الثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة: أَن سَائِلًا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّلَاة فِي ثوب وَاحِد، فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " أَو لكلكم ثَوْبَان؟ ".(3/24)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
نَادَى رجلٌ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أيصلي أَحَدنَا فِي ثوب واحدٍ؟ فَقَالَ: " أَو كلكُمْ يجد ثَوْبَيْنِ ".
زَاد فِي حَدِيث حَمَّاد بن زيد قَالَ:
ثمَّ سَأَلَ رجلٌ عمر، فَقَالَ: إِذا وسع الله فأوسعوا، جمع رجلٌ عَلَيْهِ ثِيَابه، صلى رجلٌ فِي إزارٍ ورداءٍ، فِي إزارٍ وقميص، فِي إزارٍ وقباء، فِي سَرَاوِيل ورداء، فِي سَرَاوِيل وقميص، فِي سَرَاوِيل وقباء، فِي تبان وقباء، فِي تبان وقميص. قَالَ: وَأَحْسبهُ قَالَ: فِي تبان ورداء.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل مَا تقدم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَحده.
2198 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " بَيْنَمَا أَنا نَائِم رَأَيْتنِي على قليب عَلَيْهَا دلوٌ، فنزعت مِنْهَا مَا شَاءَ الله، ثمَّ أَخذهَا ابْن أبي قُحَافَة، فَنزع بهَا ذنوباً أَو ذنوبين، وَفِي نَزعه ضعف - وَالله يغْفر لَهُ، ثمَّ استحالت غرباً، فَأَخذهَا ابْن الْخطاب فَلم أر عبقرياً من النَّاس ينْزع نزع عمر، حَتَّى ضرب النَّاس بِعَطَن ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " وبينما أَنا نائمٌ رَأَيْت أَنِّي على حوضٍ أَسْقِي النَّاس، فَأَتَانِي أَبُو بكر، فَأخذ الدَّلْو من يَدي ليريحني، فَنزع ذنوبين. وَفِي نَزعه ضعف - وَالله يغْفر لَهُ، فَأتى ابْن الْخطاب، فَأخذ مِنْهُ، فَلم ينْزع حَتَّى تولى النَّاس والحوض يتفجر ".(3/25)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
رَأَيْت ابْن أبي قُحَافَة ينْزع. " بِنَحْوِ حَدِيث الزُّهْرِيّ.
وَفِي حَدِيث أبي يُونُس سليم بن جُبَير مولى أبي هُرَيْرَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
بَيْنَمَا أَنا نَائِم رَأَيْت أَنِّي أنزع على حَوْضِي، أَسْقِي النَّاس، فَجَاءَنِي أَبُو بكر، فَأخذ الدَّلْو من يَدي ليروحني فَنزع دلوين، وَفِي نَزعه ضعف وَالله يغْفر لَهُ، فجَاء ابْن الْخطاب فَأَخذه مِنْهُ، فَلم أر نزع رجلٍ قطّ أقوى حَتَّى تولى النَّاس، والحوض ملآن يتفجر ".
2199 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " بَيْنَمَا أَنا نائمٌ، رَأَيْتنِي فِي الْجنَّة فَإِذا امرأةٌ تتوضأ إِلَى جَانب قصرٍ فَقلت: لمن هَذَا الْقصر؟ فَقَالُوا: لعمر. فَذكرت غيرته، فوليت مُدبرا " فَبكى عمر وَقَالَ: أعليك أغار يَا رَسُول الله {.
وَفِي حَدِيث حَرْمَلَة عَن ابْن وهب:
فَذكرت غيرَة عمر، فوليت مُدبرا " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَبكى عمر وَنحن جَمِيعًا فِي ذَلِك الْمجْلس مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ عمر: يأبي أَنْت يَا رَسُول الله، أعليك أغار} .
2200 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن رُؤْيا الْمُؤمن جُزْء من ستٍّ وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة ".
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث عَوْف عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا اقْترب الزَّمَان لم تكد رُؤْيا الْمُؤمن تكذب. وَمِنْهُم من قَالَ لم(3/26)
تكذب رُؤْيا الْمُؤمن. ورؤيا الْمُؤمن جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة ". زَاد بَعضهم: فَإِنَّهُ لَا يكذب. قَالَ مُحَمَّد: وَأَنا أَقُول هَذِه. قَالَ: وَكَانَ يُقَال: الرُّؤْيَا ثَلَاثَة: حَدِيث النَّفس، وتخويف الشَّيْطَان، وبشرى من الله، فَمن رَأْي مِنْكُم شَيْئا يكرههُ فَلَا يقصه على أحد، وليقم فَليصل. قَالَ: وَكَانَ يكره الغل فِي النّوم، وَكَانَ يعجبهم الْقَيْد. وَيُقَال: الْقَيْد ثبات فِي الدّين.
قَالَ البُخَارِيّ: رَوَاهُ قَتَادَة وَيُونُس وَهِشَام وَأَبُو هِلَال عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وأدرجه بَعضهم كُله فِي الحَدِيث. وَحَدِيث عَوْف أبين.
وَقَالَ يُونُس: لَا أَحْسبهُ إِلَّا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْقَيْد.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
رُؤْيا الرجل الصَّالح جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة.
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
رُؤْيا الْمُسلم أَو ترى لَهُ - وَفِي رِوَايَة على بن مسْهر عَن الْأَعْمَش: " الرُّؤْيَا الصَّالِحَة جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة ".
وَفِي حَدِيث أَيُّوب عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا اقْترب الزَّمَان لم تكد رُؤْيا الْمُسلم تكذب، وأصدقكم رُؤْيا أصدقكم حَدِيثا، ورؤيا الْمُسلم جزءٌ من خمس وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة. والرؤيا ثَلَاث: فرؤيا الصَّالِحَة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشَّيْطَان، ورؤيا مِمَّا تحدث الْمَرْء نَفسه. فَإِن رأى أحدكُم مَا يكره فَليصل وَلَا يحدث بهَا النَّاس ". قَالَ: " وَأحب الْقَيْد وأكره الغل، والقيد ثَابت فِي الدّين. " فَلَا أَدْرِي هُوَ فِي الحَدِيث أَو قَالَه ابْن سِيرِين.(3/27)
وَفِي حَدِيث معمر عَن أَيُّوب نَحوه، وَقَالَ فِيهِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَيُعْجِبنِي الْقَيْد وأكره الغل، والقيد ثباتٌ فِي الدّين.
وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب وَهِشَام عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
إِذا اقْترب الزَّمَان. . وسَاق الحَدِيث، وَلم يذكر فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي حَدِيث قَتَادَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه، وأدرج فِي الحَدِيث قَوْله:
وأكره الغل ... إِلَى تَمام الْكَلَام. وَلم يذكر: رُؤْيا الْمُؤمن جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة. وَذكره فِي آخر حَدِيث معمر عَن أَيُّوب مُسْندًا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
2201 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا فرع وَلَا عتيرة " وَالْفرع: أول النِّتَاج، كَانُوا يذبحونه لطواغيتهم.
وَالْعَتِيرَة فِي رَجَب.
2202 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " تتركون الْمَدِينَة على خير مَا كَانَت لَا يَغْشَاهَا إِلَّا العوافي - يُرِيد عوافي السبَاع وَالطير. وَآخر من يحْشر راعيان من مزينة يُريدَان الْمَدِينَة، ينعقان بغنمهما، فيجدانها وحوشاً، حَتَّى إِذا بلغا ثنية الْوَدَاع خرا على وُجُوههمَا ".
وَفِي حَدِيث حَرْمَلَة عَن ابْن وهب:
الْمَدِينَة ليتركنها أَهلهَا على خير مَا كَانَت مذللة للعوافي " يعْنى السبَاع وَالطير.
2203 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يَقُول: لَو رَأَيْت الظباء بِالْمَدِينَةِ ترتع مَا ذعرتها. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا بَين لابتيها حرَام ".(3/28)
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَنهُ قَالَ:
حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بَين لابتي الْمَدِينَة. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَلَو وجدت الظباء مَا بَين لابتيها مَا ذعرتها. قَالَ: وَجعل اثْنَي عشر ميلًا حول الْمَدِينَة حمى.
2204 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنِين امْرَأَة بالغرة، توفيت، فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَن مِيرَاثهَا لبنيها وَزوجهَا، وَأَن الْعقل على عصبتها.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
اقْتتلَتْ امْرَأَتَانِ من هُذَيْل، فرمت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بِحجر فقتلتها وَمَا فِي بَطنهَا، فاختصموا إِلَى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن دِيَة جَنِينهَا غرةٌ: عبدٌ أَو وليدة. وَقضى بدية الْمَرْأَة على عاقلتها.
زَاد فِي رِوَايَة حَرْمَلَة عَن يحيى عَن ابْن وهب قَالَ:
وورثها وَلَدهَا وَمن مَعَهم.
فَقَالَ حمل بن النَّابِغَة الْهُذلِيّ: يَا رَسُول الله، كَيفَ أغرم من لَا شرب وَلَا أكل، وَلَا نطق وَلَا اسْتهلّ، فَمثل ذَلِك يطلّ؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنَّمَا هَذَا كُله من إخْوَان الْكُهَّان " من أجل سجعه الَّذِي سجع.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي سَلمَة وَحده عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن امْرَأتَيْنِ من هُذَيْل رمت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى، فطرحت جَنِينهَا، فَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بغرة: عبد أَو أمة. لم يزدْ.
2205 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا قلت لصاحبك: أنصت، يَوْم الْجُمُعَة - وَالْإِمَام يخْطب - فقد لغوت ".(3/29)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ.
وَمن حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز عَن عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن قارظ وَابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة بِمثلِهِ. قَالَ فِي حَدِيث ابْن جريج: إِبْرَاهِيم بن عبد الله ابْن قارظ.
2206 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي الْعَمَل أفضل؟ قَالَ: " إِيمَان بِاللَّه وَرَسُوله ". قيل: ثمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " الْجِهَاد فِي سَبِيل الله "، قيل: ثمَّ مَاذَا؟ قَالَ: " حج مبرور ".
2207 - الْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يَمُوت لأحدٍ من الْمُسلمين ثلاثةٌ من الْوَلَد فَتَمَسهُ النَّار إِلَّا تَحِلَّة الْقسم ".
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة: " فيلج النَّار إِلَّا تَحِلَّة الْقسم ".
وَأخرج مسلمٌ من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه أَن رَسُول الله قَالَ لنسوةٍ من الْأَنْصَار: " لَا يَمُوت لإحداكن ثلاثةٌ من الْوَلَد فتحتسبه إِلَّا دخلت الْجنَّة " فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ: أَو اثْنَان يَا رَسُول الله قَالَ: " أَو اثْنَان ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ شريك عَن ابْن الْأَصْبَهَانِيّ، حَدثنَا أَبُو صَالح عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة: لم يبلغُوا الْحِنْث.
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ
ثَلَاثَة لم يبلغُوا الْحِنْث ".(3/30)
وَأخرج مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
أَتَت امرأةٌ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصبي لَهَا فَقَالَت: يَا نَبِي الله، ادْع الله لي، فَلَقَد دفنت ثَلَاثَة. فَقَالَ: " دفنت ثَلَاثَة؟ " قَالَت: نعم. فَقَالَ: " لقد احتظرت بحظارٍ شَدِيد من النَّار ".
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي حسان قَالَ:
قلت لأبي هُرَيْرَة: إِنَّه قد مَاتَ لي ابْنَانِ فَمَا أَنْت محدثي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَدِيث يطيب أَنْفُسنَا عَن مَوتَانا؟ قَالَ: نعم صغارهم دعاميص الْجنَّة، يتلَقَّى أحدهم أَبَاهُ - أَو قَالَ أَبَوَيْهِ - فَيَأْخُذ بِثَوْبِهِ كَمَا آخذ أَنا بصنفة ثَوْبك هَذَا، فَلَا يتناهى - أَو قَالَ يَنْتَهِي - حَتَّى يدْخلهُ ار وأباه الْجنَّة.
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ:
فَهَل سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا تطيب بِهِ أَنْفُسنَا عَن مَوتَانا؟ قَالَ: نعم. وَذكره.
وَلَيْسَ لأبي حسان عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
2208 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجل من بني فَزَارَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن امْرَأَتي ولدت غُلَاما أسود. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَل لَك من إبل؟ " قَالَ: نعم. قَالَ: " فَمَا ألوانها؟ " قَالَ: حمر. قَالَ: " هَل فِيهَا من أَوْرَق؟ " قَالَ: إِن فِيهَا لورقاً. قَالَ: " فَأنى أَتَاهَا ذَلِك؟ " فَقَالَ: عَسى أَن يكون نَزعه عرقٌ. قَالَ: " وَهَذَا عِيسَى أَن يكون نَزعه عرق ".
وَفِي حَدِيث معمر وَابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ نَحوه، إِلَّا أَن فِي حَدِيث معمر:
فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ولدت امْرَأَتي غُلَاما أسود، وَهُوَ حينئذٍ يعرض بِأَن يَنْفِيه.
وَزَاد فِي آخر الحَدِيث قَالَ: وَلم يرخص لَهُ فِي الانتفاء مِنْهُ.(3/31)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن أَعْرَابِيًا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن امْرَأَتي ولدت غُلَاما أسود، وإنى أنكرته ثمَّ ذكر نَحْو ذَلِك.
2209 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " وَيَقُولُونَ الْكَرم، وَإِنَّمَا الْكَرم قلب الْمُؤمن ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تسموا الْعِنَب الْكَرم، فَإِن الْكَرم الْمُسلم ".
وَمن حَدِيث وَرْقَاء بن عَمْرو عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا يَقُولَن أحدكُم الْكَرم، فَإِنَّمَا الْكَرم قلب الْمُؤمن ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يَقُولَن أحدكُم للعنب الْكَرم، إِنَّمَا الْكَرم الرجل الْمُسلم ".
2210 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: مر عمر فِي الْمَسْجِد وَحسان ينشد الشّعْر، فلحظ إِلَيْهِ، فَقَالَ: كنت أنْشد فِيهِ وَفِيه من هُوَ خيرٌ مِنْكُم، ثمَّ الْتفت إِلَى أبي هُرَيْرَة فَقَالَ: أنْشدك بِاللَّه، أسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " أجب عني، اللَّهُمَّ أيده بِروح الْقُدس؟ " قَالَ نعم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف:
أَنه سمع حسان بن ثَابت يستشهد أَبَا هُرَيْرَة: أنْشدك الله، هَل سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " يَا حسان، أجب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. اللَّهُمَّ أيده بِروح الْقُدس؟ " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: نعم.(3/32)
2211 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: بَينا الْحَبَشَة يَلْعَبُونَ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحِرَابِهِمْ، إِذْ دخل عمر فَأَهوى إِلَى الْحَصْبَاء فحصبهم فِيهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " دعهم يَا عمر ". قَالَ البُخَارِيّ: زَاد عليٌّ: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق: حَدثنَا معمر: فِي الْمَسْجِد.
2212 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَالَ الله: يُؤْذِينِي ابْن آدم، يسب الدَّهْر وَأَنا الدَّهْر، بيَدي الْأَمر، أقلب اللَّيْل وَالنَّهَار ".
وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن معمر:
قَالَ الله عز وَجل: يُؤْذِينِي ابْن آدم يَقُول: يَا خيبة الدَّهْر. فَلَا يَقُولَن أحدكُم: يَا خيبة الدَّهْر فَإِنِّي أَنا الدَّهْر، أقلب ليله ونهاره، فَإِذا شِئْت قبضتهما ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " قَالَ الله عز وَجل: يسب ابْن آدم الدَّهْر وَأَنا الدَّهْر، بيَدي اللَّيْل وَالنَّهَار ". أغفله أَبُو مَسْعُود، فَلم يذكرهُ فِي تَرْجَمَة أبي سَلمَة لوَاحِد مِنْهُمَا.
وَقد أخرج البُخَارِيّ بِإِسْنَاد آخر من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تسموا الْعِنَب الْكَرم، وَلَا تَقولُوا: يَا خيبة الدَّهْر، فَإِن الله هُوَ الدَّهْر ".
وَأخرجه أَيْضا مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يَقُولَن أحدكُم: يَا خيبة الدَّهْر، فَإِن الله هُوَ الدَّهْر ".(3/33)
وَأخرج مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تسبوا الدَّهْر، فَإِن الله هُوَ الدَّهْر " زَاد فِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن معمر " وَلَا يَقُولَن أحدكُم للعنب الْكَرم، فَإِن الْكَرم الرجل الْمُسلم ".
2213 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَسْرعُوا بالجنازة، فَإِن تَكُ صَالِحَة فخيرٌ تقدمونها إِلَيْهِ، وَإِن يَك غير ذَلِك فشرٌّ تضعونه عَن رِقَابكُمْ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أَسْرعُوا بالجنازة، فَإِن كَانَت صَالِحَة قربتموها إِلَى الْخَيْر، وَإِن كَانَت غير ذَلِك كَانَ شرا تضعونه عَن رِقَابكُمْ ".
وَلَيْسَ لأبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
2214 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " الْفطْرَة خمسٌ: الْخِتَان، والاستحداد، وقص الشَّارِب، وتقليم الْأَظْفَار، ونتق الآباط ".
وَفِي رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة:
الْفطْرَة خمس، أَو خمسٌ من الْفطْرَة. . " وَذكر نَحوه.
2215 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " بعثت بجوامع الْكَلم، ونصرت بِالرُّعْبِ. وَبينا أَنا نَائِم رَأَيْتنِي أتيت بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض، فَوضعت فِي يَدي " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فقد ذهب رَسُول الله(3/34)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنْتُم تنتثلونها. قَالَ البُخَارِيّ: بَلغنِي أَن جَوَامِع الْكَلم: أَن الله يجمع لَهُ الْأُمُور الْكَثِيرَة الَّتِي كَانَت تكْتب فِي الْكتب قبله فِي الْأَمر الْوَاحِد أَو الِاثْنَيْنِ.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " أَعْطَيْت مَفَاتِيح الْكَلم، ونصرت بِالرُّعْبِ. وببينا أَنا نائمٌ البارحة إِذْ أتيت بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض حَتَّى وضعت فِي يَدي " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنْتُم تنتقلونها.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِمثل حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَحده.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَنهُ عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " فضلت على الْأَنْبِيَاء بست: أَعْطَيْت جَوَامِع الْكَلم، ونصرت بِالرُّعْبِ، وَأحلت لي الْغَنَائِم، وَجعلت لي الأَرْض طهُورا ومسجداً، وَأرْسلت إِلَى الْخلق كَافَّة، وَختم بِي النَّبِيُّونَ ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ.
نصرت بِالرُّعْبِ، وَأُوتِيت جَوَامِع الْكَلم ".
وَمن حَدِيث أبي يُونُس سليم بن جُبَير مولى أبي هُرَيْرَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله أَنه قَالَ:
نصرت بِالرُّعْبِ على الْعَدو، وَأُوتِيت جَوَامِع الْكَلم. وَبينا أَنا نائمٌ أتيت بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض، فَوضعت فِي يَدي ".
2216 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " نسَاء قُرَيْش خير نسَاء ركبن الْإِبِل، أحناه على طفلٍ، وأرعاه على زوجٍ(3/35)
فِي ذَات يَده " قَالَ: يَقُول أَبُو هُرَيْرَة على إِثْر ذَلِك: وَلم تركب مَرْيَم بنت عمرَان بَعِيرًا قطّ. كَذَا فِي حَدِيث يُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ.
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب أم هَانِئ بنت أبي طَالب فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي قد كَبرت، ولي عِيَال. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " خير نساءٍ ركبن الْإِبِل ... " ثمَّ ذكر مثل حَدِيث يُونُس، غير أَنه قَالَ: " أحناه على ولد فِي صغره ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سُفْيَان بن عيينه عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة.
وَعَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " خير نساءٍ ركبن الْإِبِل " قَالَ أَحدهمَا: " صَالح نسَاء قُرَيْش " وَقَالَ الآخر: " نسَاء قُرَيْش. أحناه على يَتِيم فِي صغره، وأرعاه على زوج فِي ذَات يَده ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
خير نسَاء ركبن الْإِبِل صَالح نسَاء قُرَيْش، أحناه على ولد فِي صغره، وأرعاه على زوج فِي ذَات يَد ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث طَاوس وَهَمَّام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
خير نسَاء ركبن الْإِبِل صَالح نسَاء قُرَيْش، أحناه على ولد فِي صغره. . " وَبَاقِيه بِنَحْوِهِ.
وَمن حَدِيث سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.(3/36)
2217 - الْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَبِيع حاضرٌ لبادٍ " وَلَا تناجشوا، وَلَا يَبِيع الرجل على بيع أَخِيه، وَلَا يخْطب على خطْبَة أَخِيه، وَلَا تسْأَل الْمَرْأَة طَلَاق أُخْتهَا لتكفأ مَا فِي إنائها ".
وَفِي حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ:
وَلَا يزيدن على بيع أَخِيه ".
وَفِي رِوَايَة عَمْرو النَّاقِد عَن سُفْيَان: وَلَا يسم الرجل على سوم أَخِيه ".
وَأَخْرَجَاهُ بِزِيَادَة من حَدِيث أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن التلقي، وَأَن يبْتَاع المُهَاجر للأعرابي، وَأَن تشْتَرط الْمَرْأَة طَلَاق أُخْتهَا، وَأَن يستام الرجل على سوم أَخِيه، وَنهى عَن النجش والتصرية. هَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن عرْعرة.
وَلَفظ حَدِيث مُسلم مثله، إِلَّا أَنه قَالَ:
نهى عَن التلقي، وَأَن يَبِيع حَاضر لبادٍ.
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه معَاذ وَعبد الصَّمد عَن شُعْبَة. وَقَالَ غنْدر وَعبد الرَّحْمَن: نهي. وَقَالَ آدم: نهينَا. وَقَالَ النَّضر وحجاج: نهى.
وَأخرج البُخَارِيّ بعضه من حَدِيث سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التلقي، وَأَن يَبِيع حاضرٌ لبادٍ.(3/37)
وَأخرج أَيْضا طرفا آخر مِنْهُ من حَدِيث سعد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يحل لامْرَأَة تسْأَل طَلَاق أُخْتهَا لتستفرغ صحفتها، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قدر لَهَا.
وَمن حَدِيث مَالك بن أنس عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لَا تسْأَل الْمَرْأَة طَلَاق أُخْتهَا لتستفرغ صحفتها، ولتنكح، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قدر لَهَا ".
وَأخرج مسلمٌ أَيْضا بَعْضًا من ذَلِك من حَدِيث شُعْبَة عَن الْعَلَاء - هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن - وَسُهيْل - هُوَ ابْن أبي صَالح - عَن أَبِيهِمَا عَن أبي هُرَيْرَة. كَذَا قَالَ.
وَعَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يسم الْمُسلم على سوم أَخِيه الْمُسلم، وَلَا يخْطب على خطْبَة أَخِيه.
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِ حَدِيث الْعَلَاء.
وَأخرج مُسلم أَيْضا فِي التلقي من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتلَقَّى الجلب.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج:
فَمن تلقى فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ، فَإِذا أَتَى سَيّده السُّوق فَهُوَ بِالْخِيَارِ.
2218 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعى النَّجَاشِيّ الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَخرج بهم إِلَى الْمصلى، فَصف بهم، وَكبر عَلَيْهِ أَربع تَكْبِيرَات.(3/38)
وَلَهُمَا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
نعى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّجَاشِيّ صَاحب الْحَبَشَة يَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ. قَالَ: " اسْتَغْفرُوا لأخيكم " لم يزدْ
2219 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما رفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه من الرَّكْعَة الثَّانِيَة قَالَ: " اللَّهُمَّ أَنْج الْوَلِيد بن الْوَلِيد، وَسَلَمَة ابْن هِشَام، وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّة. اللَّهُمَّ اشْدُد وطأتك على مُضر. اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِم سِنِين كَسِنِي يُوسُف. "
وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد وَيُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة:
وَكَانَ يَقُول فِي بعض صلَاته فِي صَلَاة الْفجْر. قَالَ يُونُس: حِين يفرغ من صَلَاة الْفجْر من الْقِرَاءَة، يكبر وَيرْفَع رَأسه: " سمع الله لمن حَمده، رَبنَا لَك الْحَمد " ثمَّ يَقُول وَهُوَ قَائِم: " اللَّهُمَّ أَنْج الْوَلِيد " وَذكره إِلَى قَوْله: " ... كَسِنِي يُوسُف " اللَّهُمَّ الْعَن فلَانا وَفُلَانًا - لأحياء من الْعَرَب، حَتَّى أنزل الله عز وَجل: {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة [آل عمرَان] .
سماهم فِي رِوَايَة يُونُس فَقَالَ:
اللَّهُمَّ الْعَن لحيان وَرِعْلًا وذكوان، وَعصيَّة عَصَتْ الله وَرَسُوله " قَالَ: ثمَّ بلغنَا أَنه ترك ذَلِك لما أنزل: {لَيْسَ لَك من الْأَمر شيءٌ أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ} .
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
بَينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الْعشَاء، إِذْ قَالَ: " سمع الله لمن حَمده " ثمَّ قَالَ قبل أَن يسْجد: " اللَّهُمَّ نج عَيَّاش بن أبي ربيعَة. اللَّهُمَّ نج سَلمَة بن هِشَام. اللَّهُمَّ نج الْوَلِيد ابْن الْوَلِيد. اللَّهُمَّ نج الْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤمنِينَ. اللَّهُمَّ اشْدُد وطأتك على مُضر.
اللَّهُمَّ اجعلهما سِنِين كَسِنِي يُوسُف ".(3/39)
وللبخاري من حَدِيث هِلَال بن أُسَامَة عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاة: " اللَّهُمَّ أَنْج عَيَّاش بن أبي ربيعَة. . " ثمَّ ذكر الدُّعَاء نَحْو حَدِيث يحيى عَن أبي سَلمَة إِلَى قَوْله: ". . كَسِنِي يُوسُف ".
وَفِي حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِ هَذَا.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث الْمُغيرَة عَن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رفع رَأسه من الرَّكْعَة الْآخِرَة قَالَ:. . وَذكر الدُّعَاء بِنَحْوِهِ إِلَى قَوْله: " كَسِنِي يُوسُف ". ثمَّ قَالَ: وَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " غفار غفر الله لَهَا، وَأسلم سَالَمَهَا الله ". قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ ابْن أبي الزِّنَاد: هَذَا كُله فِي الصُّبْح.
وَلَهُمَا جَمِيعًا أَيْضا فصل من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ:
لأقربن بكم صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يقنت فِي الرَّكْعَة الْآخِرَة من صَلَاة الظّهْر، وَالْعشَاء الْآخِرَة، وَصَلَاة الصُّبْح، بَعْدَمَا يَقُول: سمع الله عَن حَمده، فيدعو للْمُؤْمِنين ويلعن الْكفَّار.
2220 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا أَمن الإِمَام فَأمنُوا، فَإِن من وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه. " قَالَ ابْن شهَاب: وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول " آمين ".
وللبخاري من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا أَمن الْقَارئ فَأمنُوا فَأمنُوا، فَإِن الْمَلَائِكَة تؤمن، فَمن وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".(3/40)
وَمن حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا قَالَ أحدكُم: آمين، وَقَالَت الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء: آمين، فَوَافَقت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى، غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة عَن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا مثله.
وللبخاري من حَدِيث مَالك عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا قَالَ الإِمَام: {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقولُوا: آمين.
فَإِنَّهُ من وَافق قَوْله قَول الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ونعيمٌ المجمر عَن أبي هُرَيْرَة.
وَلمُسلم من حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن بن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا قَالَ الْقَارئ. {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} وَقَالَ من خَلفه: آمين، فَوَافَقَ قَوْله قَول أهل السَّمَاء غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث عَن أبي يُونُس سليم بن جُبَير عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ.
2221 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَة فامشوا إِلَى الصَّلَاة وَعَلَيْكُم السكينَة وَالْوَقار، وَلَا تسرعوا، فَمَا أدركتم فصلوا، وَمَا فاتكم فَأتمُّوا ".(3/41)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث شُعَيْب وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَحده عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي قَالَ:
إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا تأتوها تسعون وائتوها تمشون وَعَلَيْكُم السكينَة، فَمَا أدركتم فصلوا، وَمَا فاتكم فَأتمُّوا ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن عَيْنِيَّة عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَحده عَن أبي هُرَيْرَة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا ثوب بِالصَّلَاةِ فَلَا يسع إِلَيْهَا أحدكُم، وَلَكِن ليمش وَعَلِيهِ السكينَة وَالْوَقار، فصل مَا أدْركْت، واقض مَا سَبَقَك ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ ".
وَمن حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِ ذَلِك. وَزَاد الْعَلَاء فِي آخر حَدِيثه:
فَإِن أحدكُم إِذا كَانَ يعمد إِلَى الصَّلَاة فَهُوَ فِي صَلَاة ".
2222 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أنزل الله عز وَجل: {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} [الشُّعَرَاء] . قَالَ: يَا معشر قُرَيْش - أَو كلمة نَحْوهَا - اشْتَروا أَنفسكُم، لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا. يَا بني عبد منافٍ، لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا. يَا عَبَّاس بن عبد الْمطلب، لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا. يَا صَفِيَّة عمَّة رَسُول الله، لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا. يَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد، سليني مَا شِئْت من مَالِي، لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا ".(3/42)
وَفِي رِوَايَة يُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ:
يَا معشر قُرَيْش، اشْتَروا أَنفسكُم من الله، لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا. يَا بني عبد الْمطلب، لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا ... " ثمَّ ذكر نَحوه، وَلم يذكر بني عبد منَاف.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يَا نَبِي عبد منَاف، اشْتَروا أَنفسكُم من الله. يَا بني عبد الْمطلب، اشْتَروا أَنفسكُم من الله. يَا أم الزبير عمَّة رَسُول الله، يَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد، اشتريا أنفسكما من الله، لَا أملك لَكمَا من الله شَيْئا، سلاني من مَالِي مَا شئتما ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث زَائِدَة عَن عبد الله بن ذكْوَان أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ حَدِيث يُونُس.
وَمن حَدِيث مُوسَى بن طَلْحَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
لما نزلت هَذِه الْآيَة: {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُريْشًا، فَاجْتمعُوا، فَعم وَخص، فَقَالَ: يَا بني كَعْب بن لؤَي، أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّهَار، يَا بني مرّة بن كَعْب، أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار، يَا بني عبد شمس، أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار. يابني هَاشم، أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار. يَا بني عبد الْمطلب، أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار، يَا فَاطِمَة، أَنْقِذِي نَفسك من النَّار، فَإِنِّي لَا أملك لكم من الله شَيْئا، غير أَن لكم رحما سَأَبلُّهَا بِبلَالِهَا ".
وَلَيْسَ لمُوسَى بن طَلْحَة عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
2223 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " تفضل صَلَاة الْجَمِيع صَلَاة أحدكُم وَحده(3/43)
بِخمْس وَعشْرين جُزْءا. وتجتمع مَلَائِكَة اللَّيْل وملائكة النَّهَار فِي صَلَاة الْفجْر " ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة:
اقْرَءُوا إِن شِئْتُم {وَقُرْآن الْفجْر إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهودا} [الْإِسْرَاء] .
قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ شُعَيْب: وحَدثني نَافِع عَن ابْن عمر: تفضلها بِسبع وَعشْرين.
وَمن الروَاة من قَالَ: عَن سعيد وَحده. وَهِي رِوَايَة مَالك وَمعمر عَن الزُّهْرِيّ.
وَحَدِيث مَالك مُخْتَصر فِي فضل الْجَمَاعَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي " فضل صَلَاة الْجَمَاعَة " بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي عبد الله سلمَان الْأَغَر مولى جُهَيْنَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " صَلَاة الْجَمَاعَة تعدل خمْسا وَعشْرين صَلَاة من صَلَاة الْفَذ ".
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن عمر بن عَطاء بن أبي الخوار:
أَنه بَيْنَمَا هُوَ جالسٌ مَعَ نَافِع بن جُبَير بن مطعم، إِذْ مر بهم أَبُو عبد الله ختن زيد بن زبان - مولى الجهنيين، فَدَعَاهُ نَافِع فَقَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " صلاةٌ مَعَ الإِمَام أفضل من خمس وَعشْرين صَلَاة يُصليهَا وَحده ".(3/44)
2224 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " العجماء جرحها جَبَّار، والبئر جَبَّار، والمعدن جَبَّار، وَفِي الرِّكَاز الْخمس " وَفِي رِوَايَة مَالك " العجماء جَبَّار ".
وَفِي رِوَايَة يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن ابْن الْمسيب وَعبيد الله بن عبد الله عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
العجماء عقلهَا جَبَّار ... " وَذكر الحَدِيث.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي حُصَيْن عُثْمَان بن عَاصِم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " الْمَعْدن جَبَّار، والبئر جَبَّار، والعجماء جَبَّار وَفِي الرِّكَاز الْخمس ".
وَلمُسلم من حَدِيث الْأسود بن الْعَلَاء عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن:
الْبِئْر جَبَّار، والمعدن جرحه جَبَّار، والعجماء جرحها جَبَّار، وَفِي الرِّكَاز الْخمس "
وَلَيْسَ للأسود بن الْعَلَاء عَن أبي سَلمَة فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة غَيره.
2225 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " نَحن أَحَق بِالشَّكِّ من إِبْرَاهِيم إِذْ قَالَ: {رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى قَالَ أولم تؤمن قَالَ بلَى وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} [الْبَقَرَة] وَيرْحَم الله لوطاً، لقد كَانَ يأوي إِلَى ركن شَدِيد. وَلَو لَبِثت فِي السجْن طول لبث يُوسُف لَأَجَبْت الدَّاعِي ".(3/45)
وَفِي حَدِيث أَحْمد بن صَالح عَن ابْن وهب نَحوه، وَقَالَ فِي أَوله " نَحن أَحَق بِالشَّكِّ من إِبْرَاهِيم إِذْ قَالَ: {رب أَرِنِي} " وَكَذَا فِي رِوَايَة عَمْرو بن الْحَارِث عَن يُونُس.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي عبيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
رحم الله لوطاً، لقد كَانَ يأوي إِلَى ركن شَدِيد، وَلَو لَبِثت فِي السجْن مَا لبث يُوسُف ثمَّ أَتَانِي الدَّاعِي لَأَجَبْت ".
قَالَ مُسلم: فِي رِوَايَة جوَيْرِية عَن مَالك عَن سعيد وَأبي عبيد بِمثل حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ وَفِيه ذكر إِبْرَاهِيم. قَالَ: وَفِي حَدِيث مَالك: {وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة حَتَّى جازها.
وَفِي حَدِيث أبي أويس عَن الزُّهْرِيّ كَرِوَايَة مَالك بِإِسْنَادِهِ، وَقَالَ: ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة حَتَّى أنجزها.
وَأخرج البُخَارِيّ مِنْهُ طرفا من حَدِيث شُعَيْب عَن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يغْفر الله للوطٍ، إِن كَانَ ليأوي إِلَى ركن شَدِيد " لم يزدْ.
وَأخرج هَذَا أَيْضا مُسلم من حَدِيث وَرْقَاء بن عمر عَن أبي الزِّنَاد بِنَحْوِهِ، لم يزدْ.
2226 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: " إِنَّكُم تَقولُونَ: إِن أَبَا هُرَيْرَة يكثر الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وتقولون: مَا بَال الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار لَا يحدثُونَ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل حَدِيث أبي هُرَيْرَة؟ وَإِن إخوتي من الْمُهَاجِرين كَانَ يشغلهم الصفق بالأسواق، وَكنت ألزم رَسُول الله(3/46)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ ملْء بَطْني، فَأشْهد إِذا غَابُوا، وأحفظ إِذا نسوا. وَكَانَ يشغل إخْوَانِي من الْأَنْصَار عمل أَمْوَالهم، وَكنت امْرأ مِسْكينا من مَسَاكِين الصّفة، أعي حِين ينسون.
وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث يحدثه:
إِنَّه لن يبسط أحدٌ ثَوْبه حَتَّى أَقْْضِي مَقَالَتي ثمَّ يجمع إِلَيْهِ ثَوْبه إِلَّا وعى مَا أَقُول. " فبسطت نمرةً عَليّ، حَتَّى إِذا قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَالَته جمعتها إِلَى صَدْرِي، فَمَا نسيت من مقَالَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ من شَيْء.
وَفِي رِوَايَة يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد قَالَ:
قَالَ أَبُو هُرَيْرَة. . وَذكر نَحوه، وَفِي آخِره: وَلَوْلَا آيتان أنزلهما الله فِي كِتَابه مَا حدثت شَيْئا أبدا: {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزلنَا من الْبَينَات وَالْهدى} إِلَى آخر الْآيَتَيْنِ [الْبَقَرَة] .
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ، وَفِيه ذكر الْآيَتَيْنِ. وَفِي آخِره فِي حَدِيث سُفْيَان: فَمَا نسيت شَيْئا سَمِعت مِنْهُ.
وللبخاري من حَدِيث سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِنِّي أسمع مِنْك حَدِيثا كثيرا أنساه. قَالَ: " أبسط رداءك " فبسطت، فغرف بيدَيْهِ ثمَّ قَالَ: " ضمه " فضممته، فَمَا نسيت شَيْئا بعد.
2227 - السِّتُّونَ: عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب وَعَطَاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهما أَن النَّاس قَالُوا: يَا رَسُول الله، هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ: " هَل تمارون فِي الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر لَيْسَ دونه سحابٌ؟ " قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله. قَالَ: " فَهَل تمارون فِي الشَّمْس لَيْسَ دونهَا سحابٌ؟ " قَالُوا: لَا.
قَالَ: فَإِنَّكُم تَرَوْنَهُ كَذَلِك، يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة، فَيَقُول: من كَانَ يعبد شَيْئا فَليتبعْ، فَمنهمْ من يتبع الشَّمْس، وَمِنْهُم من يتبع الْقَمَر، وَمِنْهُم من يتبع الطواغيت، وَتبقى هَذِه الْأمة فِيهَا منافقوها، فيأتيهم الله فَيَقُولُونَ: أَنا ربكُم.(3/47)
فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَاننَا حَتَّى يأتينا رَبنَا، فَإِذا جَاءَ رَبنَا عَرفْنَاهُ، فيأتيهم الله فَيَقُول: أَنا ربكُم. فَيَقُولُونَ أَنْت رَبنَا. فيدعوهم، وَيضْرب الصِّرَاط بَين ظهراني جَهَنَّم، فَأَكُون أول من يجوز من الرُّسُل بأمته، وَلَا يتَكَلَّم يومئذٍ أحدٌ إِلَّا الرُّسُل، وَكَلَام الرُّسُل يومئذٍ: اللَّهُمَّ سلم سلم، وَفِي جَهَنَّم كلاليب مثل شوك السعدان، هَل رَأَيْتُمْ شوك السعدان؟ " قَالُوا: نعم. قَالَ: " فَإِنَّهَا مثل شوك السعدان، غير أَنه لَا يعلم قدر عظمها إِلَّا الله، تخطف النَّاس بأعمالهم، فَمنهمْ من يوبق بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُم من يخردل ثمَّ ينجو، حَتَّى إِذا أَرَادَ الله رَحْمَة من أَرَادَ من أهل النَّار أَمر الْمَلَائِكَة أَن يخرجُوا من كَانَ يعبد الله، فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السُّجُود، وَحرم الله على النَّار أَن تَأْكُل أثر السُّجُود، فَيخْرجُونَ من النَّار وَقد امتحشوا، فَيصب عَلَيْهِم مَاء الْحَيَاة فينبتون كَمَا تنْبت الْحبَّة فِي حميل السَّيْل، ثمَّ يفرغ الله مِنْهُ الْقصاص بَين الْعباد، وَيبقى رجلٌ بَين الْجنَّة وَالنَّار، وَهُوَ آخر أهل النَّار دُخُولا الْجنَّة، مقبلٌ بِوَجْهِهِ قبل النَّار فَيَقُول: يَا رب، اصرف وَجْهي عَن النَّار، قد قشبني رِيحهَا، وأحرقني ذكاؤها. فَيَقُول: هَل عَسَيْت إِن فعل ذَلِك أَن تسْأَل غير ذَلِك؟ فَيَقُول: لَا، وَعزَّتك، فيعطي الله مَا شَاءَ من عهدٍ وميثاقٍ، فَيصْرف الله وَجهه عَن النَّار، فَإِذا أقبل بِهِ على الْجنَّة رأى بهجتها سكت مَا شَاءَ الله أَن يسكت ثمَّ قَالَ: يَا رب، قدمني عِنْد بَاب الْجنَّة. فَيَقُول الله لَهُ: أَلَيْسَ قد أَعْطَيْت العهود والميثاق أَلا تسْأَل غير الَّذِي سَأَلت؟ فَيَقُول: يَا رب، لَا أكون أَشْقَى خلقك. فَيَقُول: فَمَا عَسَيْت أَن أَعْطَيْت ذَلِك أَن تسْأَل غَيره؟ فَيَقُول: لَا، وَعزَّتك لَا أَسأَلك غير هَذَا، فيعطي ربه مَا شَاءَ من عهدٍ وميثاق، فَيقدمهُ إِلَى بَاب الْجنَّة، فَإِذا بلغ بَابهَا، فَرَأى زهرتها وَمَا فِيهَا من النضرة وَالسُّرُور " وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد: " فَإِذا قَامَ إِلَى بَاب الْجنَّة انفقهت لَهُ الْجنَّة، فَرَأى مَا فِيهَا من الْحبرَة وَالسُّرُور، فَسكت مَا شَاءَ الله أَن(3/48)
يسكت، فَيَقُول: يَا رب، أدخلني الْجنَّة، فَيَقُول الله: وَيحك يَا ابْن آدم، مَا أغدرك، أَلَيْسَ قد أَعْطَيْت العهود أَلا تسْأَل غير الَّذِي أَعْطَيْت. فَيَقُول: يَا رب، لَا تجعلني أَشْقَى خلقك. فيضحك الله مِنْهُ، ثمَّ يَأْذَن الله فِي دُخُول الْجنَّة. فَيَقُول تمن، فيتمنى حَتَّى إِذا انْقَطع أمْنِيته قَالَ الله: تمن من كَذَا وَكَذَا - يذكرهُ ربه، حَتَّى إِذا انْتَهَت بِهِ الْأَمَانِي، قَالَ الله: لَك ذَلِك وَمثله مَعَه ".
قَالَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ لأبي هُرَيْرَة:
إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " قَالَ الله: لَك ذَلِك وَعشرَة أَمْثَاله " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: لم أحفظ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا قَوْله " لَك ذَلِك وَمثله مَعَه " قَالَ أَبُو سعيد إِنِّي سمعته يَقُول: " لَك ذَلِك وَعشرَة أَمْثَاله ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ عَن عَطاء بن يزِيد وَحده عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِ مَا تقدم عَنْهُمَا.
وَذكر أَبُو مَسْعُود أَن مُسلما أخرجه فِي كتاب " الْإِيمَان " من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا أَيْضا.
2228 - الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: استب رجلٌ من الْمُسلمين ورجلٌ من الْيَهُود، فَقَالَ الْمُسلم: وَالَّذِي اصْطفى مُحَمَّدًا على الْعَالمين - فِي قسم يقسم بِهِ. فَقَالَ الْيَهُودِيّ: وَالَّذِي اصْطفى مُوسَى على الْعَالمين. فَرفع الْمُسلم عِنْد ذَلِك يَده فلطم الْيَهُودِيّ، فَذهب الْيَهُودِيّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ الَّذِي كَانَ من أمره وَأمر الْمُسلم. فَقَالَ: " لَا تخيروني على مُوسَى، فَإِن النَّاس يصعقون، فَأَكُون أول من يفِيق، فَإِذا مُوسَى باطشٌ بِجَانِب الْعَرْش، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَن صعق فأفاق، أَو كَانَ مِمَّن اسْتثْنى الله عز وَجل ".(3/49)
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث أبي شهَاب عَن أبي سَلمَة وَعبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبد الله بن الْفضل عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
بَيْنَمَا يهوديٌّ يعرض سلْعَته، أعطي بهَا شَيْئا كرهه، فَقَالَ: لَا، وَالَّذِي اصْطفى مُوسَى على الْبشر. فَسَمعهُ رجل من الْأَنْصَار، فَقَامَ فلطم وَجهه وَقَالَ: تَقول: وَالَّذِي اصْطفى مُوسَى على الْبشر وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أظهرنَا؟ فَذهب إِلَيْهِ فَقَالَ: أَبَا الْقَاسِم، إِن لي ذمَّة وعهداً، فَمَا بَال فلانٍ لطم وَجْهي؟ فَقَالَ: " لم لطمت وَجهه؟ " فَذكره، فَغَضب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى رئي فِي وَجهه، ثمَّ قَالَ: " لَا تفضلوا بَين أَنْبيَاء الله، فَإِنَّهُ ينْفخ فِي الصُّور فيصعق من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله، ثمَّ ينْفخ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُون أول من بعث، فَإِذا مُوسَى آخذٌ بالعرش، فَلَا أَدْرِي أحوسب بصعقة يَوْم الطّور، أم بعث قبلي. وَلَا أَقُول إِن أحدا أفضل من يُونُس ابْن مَتى ".
وَلَيْسَ لعبد الله بن الْفضل عَن الْأَعْرَج فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا مِنْهُ تَعْلِيقا من حَدِيث عبد الله بن الْفضل عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ:
فَأَكُون أول من بعث، فَإِذا مُوسَى آخذٌ بالعرش. . " لم يزدْ.
وَلَيْسَ لعبد الله بن الْفضل عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
وَعند البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث عَامر الشّعبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِنِّي لأوّل من يرفع رَأسه بعد النفخة، فَإِذا مُوسَى متعلقٌ بالعرش ".(3/50)
2229 - الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف وَسَعِيد بن الْمسيب أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: أَتَى رجلٌ من أسلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي الْمَسْجِد، فناداه فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن الْأُخَر قد زنا - يَعْنِي نَفسه، فَأَعْرض عَنهُ، فَتنحّى بشق وَجهه الَّذِي أعرض قبله فَقَالَ لَهُ ذَلِك، فَأَعْرض عَنهُ، فَتنحّى الرَّابِعَة، فَلَمَّا شهد على نَفسه أَربع مَرَّات دَعَاهُ فَقَالَ: " هَل بك جُنُون؟ " قَالَ: لَا. قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اذْهَبُوا بِهِ فارجموه " وَكَانَ قد أحصن.
قَالَ ابْن شهَاب:
فَأَخْبرنِي من سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: فرجمناه بالمصلى بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أذلقته الْحِجَارَة جمز، حَتَّى أدركناه بِالْحرَّةِ، فرجمناه حَتَّى مَاتَ.
2230 - الثَّالِث وَالسِّتُّونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " سَتَكُون فتنٌ الْقَاعِد فِيهَا خيرٌ من الْقَائِم، والقائم فِيهَا خيرٌ من الْمَاشِي، والماشي خير من السَّاعِي، من تشرف لَهَا تستشرفه، وَمن وجد ملْجأ أَو معَاذًا فليعذ بِهِ ".
قَالَ ابْن شهَاب:
وحَدثني أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الرَّحْمَن بن مُطِيع عَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة بِمثل حَدِيث أبي هُرَيْرَة، إِلَّا أَن أَبَا بكر زَاد: " من الصَّلَاة صَلَاة من فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سعد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة: فَأَما البُخَارِيّ فَأخْرجهُ من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ إِبْرَاهِيم: وحَدثني صَالح بن كيسَان عَن ابْن شهَاب عَن سعيد عَن أبي(3/51)
هُرَيْرَة، وَلَفظه عَنْهُمَا:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " سَتَكُون فتنةٌ الْقَاعِد فِيهَا خيرٌ من الْقَائِم، والقائم فِيهَا خيرٌ من الْمَاشِي، والماشي خيرٌ من السَّاعِي، من تشرف لَهَا تستشرفه، فَمن وجد ملْجأ أَو معَاذًا فليعذ بِهِ ".
وَهُوَ عِنْد مُسلم من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد وَحده عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " تكون فتنةٌ النَّائِم فِيهَا خيرٌ من الْيَقظَان، وَالْيَقظَان فِيهَا خيرٌ من الْقَائِم، والقائم فِيهِ خير من السَّاعِي، فَمن وجد ملْجأ أَو معَاذًا فليستعذ ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
سَتَكُون فتْنَة الْقَاعِد فِيهَا خيرٌ من الْقَائِم، والقائم فِيهَا خير من الْمَاشِي، والماشي خيرٌ من السَّاعِي، من تشرف لَهَا تستشرفه، فَمن وجد ملْجأ أَو معَاذًا فليعذ بِهِ ".
2231 - الرَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَأبي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مؤمنٌ، وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن ".
قَالَ ابْن شهَاب:
فَأَخْبرنِي عبد الْملك بن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن أَن أَبَا بكر كَانَ يُحَدِّثهُمْ بهؤلاء عَن أبي هُرَيْرَة ثمَّ يَقُول: وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يلْحق مَعَهُنَّ: وَلَا ينتهب نهبةً ذَات شرف يرفع النَّاس إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارهم حِين ينتهبها وَهُوَ مُؤمن " هَكَذَا فِي حَدِيث عقيل وَيُونُس بن يزِيد.
وَفِي حَدِيث اللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة مثل حَدِيث أبي بكر. وَفِيه ذكر النهبة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يَقُولَا:
ذَات شرفٍ ".(3/52)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث صَفْوَان بن سليم عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَعَطَاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَمن حَدِيث الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة. غير أَن الْعَلَاء وَصَفوَان لَيْسَ فِي حَدِيثهمَا:
يرفع النَّاس إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارهم ". وَفِي حَدِيث همام: " يرفع إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ أَعينهم فِيهَا، وَهُوَ حِين ينتهبها مؤمنٌ " وَزَاد: " وَلَا يغل أحدكُم حِين يغل وَهُوَ مُؤمن، فإياكم إيَّاكُمْ ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث سلميان الْأَعْمَش عَن أبي صَالح ذكْوَان عَن أبي هُرَيْرَة
أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ:
لَا يَزْنِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن، وَلَا يسرق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن، لَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن، وَالتَّوْبَة معروضة بعد ".
2232 - الْخَامِس وَالسِّتُّونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " بَيْنَمَا راعٍ فِي غنمه عدا الذِّئْب فَأخذ مِنْهَا شَاة، فطلبها حَتَّى استنقذها مِنْهُ، فَالْتَفت إِلَيْهِ الذِّئْب فَقَالَ: من لَهَا يَوْم السَّبع، لَيْسَ لَهَا راعٍ غَيْرِي. " فَقَالَ النَّاس: سُبْحَانَ الله {فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَإِنِّي أومن بِهِ وَأَبُو بكر وَعمر، وَمَا ثمَّ أَبُو بكر وَعمر ". كَذَا عِنْد البُخَارِيّ من حَدِيث عقيل عَن الزُّهْرِيّ عَنْهُمَا.
وَعند مُسلم من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَنْهُمَا أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بَيْنَمَا رجلٌ يَسُوق بقرة قد حمل عَلَيْهَا، التفتت إِلَيْهِ فَقَالَت: إِنِّي لم أخلق لهَذَا، وَلَكِنِّي إِنَّمَا خلقت للحرث " فَقَالَ النَّاس: سُبْحَانَ الله - تَعَجبا وفزعاً - أبقرةٌ تَتَكَلَّم} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " فَإِنِّي أُؤْمِن بِهِ، وَأَبُو بكر وَعمر ".(3/53)
قَالَ أَبُو هُرَيْرَة:
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " بَيْنَمَا راعٍ فِي غنمه عدا عَلَيْهِ الذِّئْب فَأخذ مِنْهُ شَاة، فَطَلَبه الرَّاعِي حَتَّى استنقذها مِنْهُ. . " وَذكر الحَدِيث بِنَحْوِ مَا تقدم. وَلَيْسَ فِيهِ عِنْده: " وَمَا ثمَّ أَبُو بكر وَعمر ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سعد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
صلى الرَّسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الصُّبْح، ثمَّ أقبل على النَّاس فَقَالَ: " بَينا رجلٌ يَسُوق بقرة إِذْ ركبهَا فضربها، فَقَالَت: إِنَّا لم نخلق لهَذَا، إِنَّمَا خلقنَا للحرث " فَقَالَ النَّاس: سُبْحَانَ الله، بقرة تَتَكَلَّم! فَقَالَ: " فَإِنِّي أُؤْمِن بِهَذَا أَنا وَأَبُو بكر وَعمر، وَمَا هما ثمَّ " ذكر بَاقِي الحَدِيث فِي الشاه وَالذِّئْب بِنَحْوِ مَا تقدم إِلَى قَوْله: " فَإِنِّي أُؤْمِن بِهَذَا أَنا وَأَبُو بكر وَعمر، وَمَا هما ثمَّ " لفظ الحَدِيث للْبُخَارِيّ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا فِي قصَّة الشَّاة وَالْبَقَرَة بِمثل حَدِيث سعد بن إِبْرَاهِيم.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - الحديثان جَمِيعًا فِي الشَّاة وَالْبَقَرَة بِنَحْوِ حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ.
2233 - السَّادِس وَالسِّتُّونَ: عَن ابْن شهَاب عَن سعيد وَأبي سَلمَة أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " قرصت نملةٌ نَبيا من الْأَنْبِيَاء، فَأمر بقرية النَّمْل فاحرقت، فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن قرصتك نملةٌ أحرقت أمة من الْأُمَم تسبح ".(3/54)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
نزل نبيٌّ من الْأَنْبِيَاء تَحت شَجَرَة، فلدغته نملةٌ، فَأمر بجهازه فَأخْرج من تحتهَا، ثمَّ أَمر ببيتها فَأحرق بالنَّار، فَأوحى الله عز وَجل إِلَيْهِ: فَهَلا نملةً وَاحِدَة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
نزل نبيٌّ من الْأَنْبِيَاء تَحت شَجَرَة. . " بِنَحْوِ حَدِيث مَالك.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ ذَلِك.
2234 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَسَعِيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي الْحبَّة السَّوْدَاء شِفَاء من كل دَاء إِلَّا السام " قَالَ ابْن شهَاب: والسام: الْمَوْت. والحبة السَّوْدَاء الشونيز.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن شهَاب عَن سعيد وَحده عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا.
وَمن حَدِيث ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة وَحده عَن أبي هُرَيْرَة. وَلَيْسَ ذكر الشونيز فِي رِوَايَة سُفْيَان وَيُونُس عَن الزُّهْرِيّ.
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا من داءٍ إِلَّا فِي الْحبَّة السَّوْدَاء مِنْهُ شِفَاء، إِلَّا السام ".
2235 - الثَّامِن وَالسِّتُّونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَسَعِيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا تمنعوا فضل المَاء لتمنعوا بِهِ الْكلأ ".(3/55)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يمْنَع فضل المَاء ليمنع الْكلأ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث اللَّيْث عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة كَذَلِك.
وَمن حَدِيث هِلَال بن أُسَامَة عَن أبي سَلمَة وَأبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يُبَاع فضل المَاء ليباع بِهِ الْكلأ ".
وَحكى أَبُو مَسْعُود أَن مُسلما أخرجه بِهَذَا الْإِسْنَاد فَقَالَ:
لَا يمْنَع فضل المَاء ليمنع بِهِ الْكلأ ".
2236 - التَّاسِع وَالسِّتُّونَ: عَن عبد الْمجِيد بن سُهَيْل بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتعْمل رجلا على خَيْبَر، فجَاء بِتَمْر جنيب، فَقَالَ " أكل تمر خَيْبَر هَكَذَا؟ " قَالَ: أَنا لنأخذ الصَّاع بالصاعين، والصاعين بِالثَّلَاثَةِ. فَقَالَ " لَا تفعل، بِعْ الْجمع بِالدَّرَاهِمِ، ثمَّ ابتع بِالدَّرَاهِمِ جنيباً " وَقَالَ فِي الْمِيزَان مثل ذَلِك.
قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن عبد الْمجِيد عَن سعيد: أَن أَبَا سعيد وَأَبا هُرَيْرَة حَدَّثَاهُ بِهَذَا، وَعَن عبد الْمجِيد بن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة بِهَذَا.
وألفاظ الروَاة مُتَقَارِبَة فِي الْمَعْنى.
2237 - السبعون: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أُقِيمَت الصَّلَاة، وَعدلت الصُّفُوف قيَاما. قَالَ فِي رِوَايَة هَارُون بن مَعْرُوف وحرملة بن يحيى: فعدلنا الصُّفُوف قبل أَن يخرج إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَخرج إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا قَامَ فِي مصلاة ذكر أَنه جنب، فَقَالَ لنا: " مَكَانكُمْ ".(3/56)
فِي حَدِيث مُحَمَّد بن يُوسُف عَن الْأَوْزَاعِيّ:
فَمَكثْنَا على هيئتنا - يَعْنِي قيَاما - ثمَّ رَجَعَ فاغتسل ثمَّ خرج إِلَيْنَا وَرَأسه يقطر، فَكبر فصلينا مَعَه.
وَأخرج مُسلم بعض هَذَا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة:
إِن الصَّلَاة كَانَت تُقَام لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَيَأْخُذ النَّاس مَصَافهمْ قبل أَن يقوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَامه.
2238 - الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من أدْرك رَكْعَة من الصَّلَاة فقد أدْرك الصَّلَاة ".
قَالَ فِي حَدِيث يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب:
من أدْرك رَكْعَة من الصَّلَاة مَعَ الإِمَام ". وَفِي حَدِيث عبيد الله عَن الزُّهْرِيّ: " فقد أدْرك الصَّلَاة كلهَا ".
وللبخاري من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا أدْرك أحدكُم سَجْدَة من صَلَاة الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فليتم صلَاته، وَإِذا أدْرك سَجْدَة من صَلَاة الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس فليتم صلَاته ".
2239 - الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لكل نبيٍّ دعوةٌ يدعوها، فَأُرِيد - إِن شَاءَ الله - أَن أختبئ دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك بن أنس عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ ".(3/57)
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عَمْرو - مِنْهُم من يَقُول: عَمْرو بن أبي سُفْيَان بن أسيد بن جَارِيَة الثَّقَفِيّ عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا.
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن عمر بن أبي سُفْيَان أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ لكعب الْأَحْبَار: إِن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لكل نبيٍّ دعوةٌ يدعوها، فَأُرِيد - إِن شَاءَ الله - أَن أختبئ دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة ". فَقَالَ كَعْب لأبي هُرَيْرَة: أَنْت سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: نعم.
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لكل نبيٍّ دعوةٌ مستجابةٌ، فتعجل كل نبيٍّ دَعوته، وَإِنِّي اخْتَبَأْت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة، فَهِيَ نائلة إِن شَاءَ الله من مَاتَ من أمتِي لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا ".
وَمن حَدِيث أبي زرْعَة هرم بن عَمْرو بن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لكل نبيٍّ دَعْوَة مستجابة يَدْعُو بهَا، فيستجاب لَهُ فيؤتاها، وَإِنِّي اخْتَبَأْت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة ".
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لكل نبيٍّ دعوةٌ دَعَا بهَا فِي أمته فاستجيب لَهُ، وَإِنِّي أُرِيد أَن أدخر دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي يَوْم الْقِيَامَة ".
2240 - الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْوِصَال فِي الصَّوْم. فَقَالَ لَهُ رجلٌ من الْمُسلمين: إِنَّك تواصل يَا رَسُول الله. قَالَ: " وَأَيكُمْ مثلي؟ إِنِّي أَبيت يطعمني رَبِّي ويسقيني ". فَلَمَّا أَبَوا أَن ينْتَهوا عَن الْوِصَال وَاصل بهم يَوْمًا ثمَّ يَوْمًا، ثمَّ رَأَوْا الْهلَال فَقَالَ: " لَو تَأَخّر لزدتكم " كالتنكيل لَهُم حِين أَبَوا أَن ينْتَهوا.(3/58)
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن خَالِد عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد. قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَإِنَّمَا هُوَ عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إيَّاكُمْ والوصال " مرَّتَيْنِ. فَقيل: إِنَّك تواصل. قَالَ: " أَبيت يطعمني رَبِّي ويسقيني، فاكلفوا من الْأَعْمَال مَا تطيقون ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي زرْعَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إيَّاكُمْ والوصال " قَالُوا: فَإنَّك تواصل يَا رَسُول الله. قَالَ: " إِنَّكُم لَسْتُم فِي ذَلِك مثلي، إِنِّي أَبيت يطعمني رَبِّي ويسقيني، فاكلفوا من الْأَعْمَال مَا تطيقون ".
وَمن حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله، غير أَنه قَالَ:
فاكلفوا مَا لكم بِهِ طَاقَة ".
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل حَدِيث أبي زرْعَة.
2241 - الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة: أَنه كَانَ يُصَلِّي بهم، فيكبر كلما خفض وَرفع، فَإِذا انْصَرف قَالَ: إِنِّي لأشبهكم صَلَاة برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة يكبر حِين يقوم، ثمَّ(3/59)
يكبر حِين يرْكَع، ثمَّ يَقُول:
سمع الله لمن حَمده " حِين يرفع صلبه من الرَّكْعَة، ثمَّ يَقُول وَهُوَ قَائِم: " رَبنَا لَك الْحَمد " ثمَّ يكبر حِين يهوي سَاجِدا، ثمَّ يكبر حِين يسْجد، ثمَّ يكبر حِين يرفع رَأسه، ثمَّ يفعل ذَلِك فِي الصَّلَاة كلهَا حَتَّى يَقْضِيهَا، وَيكبر حِين يقوم من الثِّنْتَيْنِ بعد الْجُلُوس.
زَاد فِي حَدِيث ابْن جريج: ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة:
إِنِّي لأشبهكم صَلَاة برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. زَاد هُوَ وَغَيره الْوَاو فِي قَوْله: " وَلَك الْحَمد ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي بكر وَأبي سَلمَة:
أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يكبر فِي كل صَلَاة من الْمَكْتُوبَة وَغَيرهَا فِي رَمَضَان وَغَيره، فيكبر حِين يقوم، وَيكبر حِين يرْكَع ثمَّ يَقُول: سمع الله لمن حَمده، ثمَّ يَقُول: رَبنَا وَلَك الْحَمد، وَذكر نَحوه. وَقَالَ فِي آخِره وَيفْعل ذَلِك فِي كل رَكْعَة حَتَّى يفرغ من الصَّلَاة، ثمَّ يَقُول حِين ينْصَرف: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لأقربكم شبها بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِن كَانَت هَذِه لصلاته حَتَّى فَارق الدُّنْيَا.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين يرفع رَأسه يَقُول: " سمع الله لمن حَمده، رَبنَا وَلَك الْحَمد "، يَدْعُو لرجال فيسميهم بِأَسْمَائِهِمْ، فَيَقُول: " اللَّهُمَّ أَنْج الْوَلِيد بن الْوَلِيد، وَسَلَمَة بن هِشَام، وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤمنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُد وطأتك على مُضر، وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِم سِنِين كَسِنِي يُوسُف وَأهل الْمشرق يومئذٍ من مُضر مخالفون لَهُ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة:
أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يكبر فِي الصَّلَاة كلما رفع وَوضع. فَقُلْنَا: يَا أَبَا هُرَيْرَة، مَا هَذَا التَّكْبِير؟ فَقَالَ: إِنَّهَا لصَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.(3/60)
وَمن حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة:
أَنه كَانَ يكبر كلما خفض وَرفع، وَيحدث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يفعل ذَلِك.
2242 - الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " مَا أذن الله لشَيْء مَا أذن لنَبِيّ بِأَن يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ " قَالَ سُفْيَان: تَفْسِيره: أَن يَسْتَغْنِي بِهِ. وَفِي حَدِيث عقيل بن خَالِد. يُرِيد: يجْهر بِهِ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ:
وَمَا أذن الله لشيءٍ مَا أذن لنبيٍّ حسن الصَّوْت بِالْقُرْآنِ، يجْهر بِهِ ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
مَا أذن الله لشيءٍ كَإِذْنِهِ لنَبِيّ يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ، يجْهر بِهِ ".
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله.
وَأخرجه البُخَارِيّ وَحده بلفظٍ آخر من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ " زَاد غَيره " يجْهر بِهِ " كَذَا فِي كتاب البُخَارِيّ.
2243 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ. " ننزل غَدا - إِن شَاءَ الله - بخيف بني كنَانَة حَيْثُ تقاسموا على الْكفْر " يُرِيد المحصب.(3/61)
وَفِي رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِين أَرَادَ قدوم مَكَّة:
منزلنا غَدا إِن شَاءَ الله - بخيف بني كنَانَة حَيْثُ تقاسموا على الْكفْر ".
وَفِي رِوَايَة الْوَلِيد عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْغَد يَوْم النَّحْر وَهُوَ بمنى:
نَحن نازلون غَدا بخيف بني كنَانَة حَيْثُ تقاسموا على الْكفْر " يَعْنِي بذلك المحصب. وَذَلِكَ أَن قُريْشًا وكنانة تحالفت على بني هَاشم وَبني عبد الْمطلب - أَو بني الْمطلب - أَلا يناكحوهم وَلَا يبايعوهم حَتَّى يسلمُوا إِلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ سَلامَة عَن عقيل، وَيحيى عَن الضَّحَّاك عَن الْأَوْزَاعِيّ، أَخْبرنِي ابْن شهَاب وَقَالا: بني هَاشم وَبني الْمطلب. قَالَ البُخَارِيّ: وَبني الْمطلب أشبه.
وَفِي حَدِيث مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِين أَرَادَ حنيناً:
منزلنا غَدا - إِن شَاءَ الله - بخيف بني كنَانَة، حَيْثُ تقاسموا على الْكفْر ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
منزلنا إِن شَاءَ الله - إِذا فتح الله - الْخيف، حَيْثُ تقاسموا على الْكفْر ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث وَرْقَاء بن عمر عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ... وَذكر مثله.
2244 - السَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: حَدثنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
اشتكت النَّار إِلَى رَبهَا فَقَالَت: رب(3/62)
أكل بَعْضِي بَعْضًا، فَأذن لَهَا بنفسين:
نفسٍ فِي الشتَاء وَنَفس فِي الصَّيف، فَهُوَ أَشد مَا تَجِدُونَ من الْحر، وَأَشد مَا تَجِدُونَ من الزَّمْهَرِير ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا اشْتَدَّ الْحر فأبردوا بِالصَّلَاةِ، فَإِن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم. واشتكت النَّار إِلَى رَبهَا فَقَالَت: رب أكل بَعْضِي بَعْضًا، فَأذن لَهَا بنفسين: نفس فِي الشتَاء، وَنَفس فِي الصَّيف، فَهُوَ أَشد مَا تَجِدُونَ من الْحر، وَأَشد مَا تَجِدُونَ من الزَّمْهَرِير.
وَأخرج فصل الْإِبْرَاد من حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: وحدثناه نَافِع مولى ابْن عمر عَن ابْن عمر أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا اشْتَدَّ الْحر فأبردوا بِالصَّلَاةِ، فَإِن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن شهَاب عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ... مثله.
وَأخرج أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
قَالَت النَّار: رب، أكل بَعْضِي بَعْضًا، فَأذن لي أَن أتنفس، فَأذن لَهَا بنفسين: نفسٍ فِي الشتَاء وَنَفس فِي الصَّيف، فَمَا وجدْتُم من بردٍ أَو زمهرير فَمن نفس جَهَنَّم، وَمَا وجدْتُم من حر أَو حرور فَمن نفس جَهَنَّم ".
وَمن حَدِيث مَالك بن أنس عَن عبد الله بن يزِيد مولى الْأسود بن سُفْيَان عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا كَانَ الْحر فأبردوا عَن الصَّلَاة، فَإِن شدَّة الْحر من فيح(3/63)
جَهَنَّم " وَذكر أَن النَّار اشتكت إِلَى رَبهَا فَأذن لَهَا فِي كل عامٍ بنفسين: نفسٍ فِي الشتَاء، وَنَفس فِي الصَّيف.
وَفِي فصل الْإِبْرَاد وَحده من حَدِيث سلمَان الْأَغَر وَبسر بن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا كَانَ الْيَوْم الْحَار فأبردوا بِالصَّلَاةِ، فَإِن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أبردوا عَن الْحر فِي الصَّلَاة؛ فَإِن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم ".
وَمن حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن هَذَا الْحر من فيح جَهَنَّم، فأبردوا بِالصَّلَاةِ ".
وَمن حَدِيث أبي يُونُس سليم بن جُبَير عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ... بِنَحْوِ ذَلِك.
2245 - الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول " الفخار وَالْخُيَلَاء فِي الْفَدادِين أهل الْوَبر، والسكينة فِي أهل الْغنم " زَاد شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: " وَالْإِيمَان يمانٍ، وَالْحكمَة يَمَانِية " قَالَ أَبُو عبد الله البُخَارِيّ: وَسميت الْيمن لِأَنَّهَا عَن يَمِين الْكَعْبَة، وَالشَّام عَن يسَار الْكَعْبَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
رَأس الْكفْر نَحْو الْمشرق، وَالْفَخْر وَالْخُيَلَاء فِي أهل الْخَيل وَالْإِبِل، الْفَدادِين أهل الْوَبر، والسكينة فِي أهل الْغنم ".(3/64)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح ذكْوَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَتَاكُم أهل الْيمن، هم أَلين قلوباً وأرق أَفْئِدَة، الْإِيمَان يمانٍ، وَالْحكمَة يَمَانِية، وَرَأس الْكفْر قبل الْمشرق " زَاد شُعْبَة عَن الْأَعْمَش: " وَالْفَخْر وَالْخُيَلَاء فِي أَصْحَاب الْإِبِل، والسكينة وَالْوَقار فِي أَصْحَاب الْغنم ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي الْغَيْث سَالم عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
الْإِيمَان يمانٍ والفتنة هَا هُنَا، حَيْثُ يطلع قرن الشَّيْطَان ".
وَمن حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أَتَاكُم أهل الْيمن، أَضْعَف قلوباً، وأرق أَفْئِدَة، الْفِقْه يمانٍ، وَالْحكمَة يَمَانِية ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
جَاءَ أهل الْيمن، هم أرق أَفْئِدَة، وأضعف قلوباً، الْإِيمَان يمانٍ، وَالْحكمَة يَمَانِية. السكينَة فِي أهل الْغنم، وَالْفَخْر وَالْخُيَلَاء فِي الْفَدادِين، أهل الْوَبر قبل مطلع الشَّمْس ".
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
جَاءَ أهل الْيمن، هم أرق أَفْئِدَة، الْإِيمَان يمانٍ، وَالْفِقْه يمانٍ، وَالْحكمَة يَمَانِية ".
وَمن حَدِيث صَالح بن كيسَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِهِ.
وَمن حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
الْإِيمَان يمانٍ، وَالْكفْر قبل الْمشرق، والسكينة فِي أهل الْغنم، وَالْفَخْر والرياء فِي الْفَدادِين أهل الْخَيل والوبر ".(3/65)
2246 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التَّسْبِيح للرِّجَال والتصفيق للنِّسَاء ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَأبي سَلمَة عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة كَذَلِك مُسْندًا. زَاد حَرْمَلَة: قَالَ ابْن شهَاب:
وَقد رَأَيْت رجَالًا من أهل الْعلم يسبحون ويشيرون.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ. وَلم أره لأبي مَسْعُود فِي تَرْجَمَة الْأَعْمَش عَن أبي صَالح.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.
2247 - الثَّمَانُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليصل رَحمَه، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت " زَاد فِي رِوَايَة يُونُس عَن الزُّهْرِيّ " وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم جَاره ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي حُصَيْن عُثْمَان بن عَاصِم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يؤذ جَاره، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه، وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو لِيَسْكُت ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي بِمثل حَدِيث أبي حُصَيْن، غير أَنه قَالَ:
فليحسن إِلَى جَاره ".(3/66)
2248 - الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله، وَمن عَصَانِي فقد عصى الله، وَمن أطَاع أَمِيري فقد أَطَاعَنِي، وَمن عصى أَمِيري فقد عَصَانِي ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:
نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ " وَقَالَ: " من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله وَمن عَصَانِي فقد عصى الله، وَمن يطع الْأَمِير فقد أَطَاعَنِي، وَمن يعْص الْأَمِير فقد عَصَانِي " وَزَاد: " وَالْإِمَام جنَّة يُقَاتل من وَرَائه، ويتقى بِهِ، فَإِن أَمر بتقوى وَعدل، فَإِن لَهُ بذلك أجرا، وَإِن قَالَ بِغَيْرِهِ فَإِن عَلَيْهِ مِنْهُ ".
وَأخرج مُسلم فصل " الْجنَّة " من حَدِيث وَرْقَاء عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِنَّمَا الإِمَام جنةٌ، يُقَاتل من وَرَائه، ويتقى بِهِ، فَإِن أَمر بتقوى الله، وَعدل، كَانَ لَهُ بذلك أجرٌ، وَإِن يَأْمر بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ ".
وَأخرج الْفَصْل الأول من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد دون الزِّيَادَة، وَلم يذكر فِي أَوله: " نَحن الاخرون السَّابِقُونَ ".
وَأخرج أَيْضا هَذَا الْفَصْل الأول وَحده من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد بِهَذَا الْإِسْنَاد وَلم يذكر:
وَمن يعْص الْأَمِير فقد عَصَانِي ".
وَمن حَدِيث أبي عَلْقَمَة الْهَاشِمِي عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ هَذَا(3/67)
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَمن حَدِيث أبي يُونُس سليم بن جُبَير مولى أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا، وَقَالَ:
من أطَاع الْأَمِير ".
2249 - الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحسن بن عَليّ وَعِنْده الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي جالسٌ، فَقَالَ الْأَقْرَع بن حَابِس: إِن لي عشرَة من الْوَلَد مَا قبلت مِنْهُم أحدا. فَنظر إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: من لَا يرحم لَا يرحم ".
2250 - الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " إِن أحدكُم إِذا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَان فَلبس عَلَيْهِ حَتَّى لَا يدْرِي كم صلى، فَإِذا وجد ذَلِك أحدكُم فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ".
وَلَهُمَا من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا نُودي بِالصَّلَاةِ أدبر الشَّيْطَان لَهُ ضراط حَتَّى لَا يسمع الْأَذَان، فَإِذا قضي الْأَذَان أقبل، فَإِذا ثوب بهَا أدبر، فَإِذا قضي التثويب أقبل حَتَّى يخْطر بَين الْمَرْء وَنَفسه، يَقُول: اذكر كَذَا، اذكر كَذَا - لما لم يذكر.
حَتَّى يظل الرجل إِن يدْرِي كم صلى، فَإِذا لم يدر أحدكُم ثَلَاثًا صلى أم أَرْبعا فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك بن أنس عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا نُودي للصَّلَاة أدبر الشَّيْطَان. . " ثمَّ ذكر نَحوه إِلَى قَوْله: " حَتَّى يظل الرجل لَا يدْرِي كم صلى ".(3/68)
وَمن حَدِيث جَعْفَر بن ربيعَة عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا نُودي بِالصَّلَاةِ أدبر الشَّيْطَان وَله ضراط ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا نُودي بِالصَّلَاةِ أدبر الشَّيْطَان لَهُ ضراط حَتَّى لَا يسمع التأذين، حَتَّى إِذا قضي التثويب أقبل حَتَّى يخْطر بَين الْمَرْء وَنَفسه. يَقُول اذكر كَذَا، وَاذْكُر كَذَا - لما لم يكن يذكر من قبل - حَتَّى يظل رجلٌ مَا يدْرِي كم صلى ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة بِمثل حَدِيث الْمُغيرَة، غير أَنه قَالَ:
حَتَّى يظل الرجل ... ".
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن الشَّيْطَان إِذا سمع النداء بِالصَّلَاةِ أحَال لَهُ ضراط، حَتَّى لَا يسمع صَوته، فَإِذا انْتَهَت رَجَعَ فوسوس ".
وَمن حَدِيث خَالِد بن عبد الله عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا أذن الْمُؤَذّن أدبر الشَّيْطَان وَله حصاصٌ ".
وَمن حَدِيث روح بن الْقَاسِم عَن سُهَيْل بن أبي صَالح قَالَ:
أَرْسلنِي أبي إِلَى بني حَارِثَة. قَالَ وَمَعِي غلامٌ لنا - أَو صاحبٌ لنا - فناداه منادٍ من حَائِط باسمه، قَالَ: وأشرف الَّذِي معي على الْحَائِط فَلم ير شَيْئا، قَالَ: فَذكرت ذَلِك لأبي، فَقَالَ: لَو شَعرت أَنَّك تلقى هَذَا لم أرسلك، وَلَكِن إِذا سَمِعت صَوتا فنادٍ بِالصَّلَاةِ، فَإِنِّي سَمِعت أبي هُرَيْرَة يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " إِن الشَّيْطَان إِذا نُودي بِالصَّلَاةِ ولى وَله حصاصٌ ".(3/69)
2251 - الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
مَا من مَوْلُود إِلَّا يُولد على الْفطْرَة " ثمَّ يَقُول: {فطرت الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدّين الْقيم} " [الرّوم] كَذَا عِنْد مُسلم.
زَاد فِي حَدِيث البُخَارِيّ عَن عَبْدَانِ:
فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تنْتج الْبَهِيمَة بَهِيمَة جَمْعَاء، هَل تُحِسُّونَ فِيهَا من جَدْعَاء " ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: {فطرت الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدّين الْقيم} ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من يُولد يُولد على هَذِه الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ، كَمَا تنتجون الْإِبِل، فَهَل تَجِدُونَ فِيهَا جَدْعَاء حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُم تجدعونها " قَالُوا: يَا رَسُول الله، أَفَرَأَيْت من يَمُوت صَغِيرا؟ قَالَ: " الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ".
وَأخرجه البُخَارِيّ مُنْقَطِعًا من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
يصلى على كل مَوْلُود متوفى وَإِن كَانَ لغية من أجل أَنه ولد على فطْرَة الْإِسْلَام، يَدعِي أَبَوَاهُ الْإِسْلَام، وَأَبوهُ خَاصَّة، وَإِن كَانَت أمه على غير الْإِسْلَام إِذا اسْتهلّ صَارِخًا، وَلَا يصلى على من لم يستهل، من أجل أَنه سقط، فَإِن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يحدث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا من مَوْلُود إِلَّا يُولد على الْفطْرَة، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تنْتج الْبَهِيمَة بَهِيمَة جَمْعَاء، هَل تُحِسُّونَ فِيهَا من جَدْعَاء " ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: {فطرت الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} الْآيَة: أخرجه البُخَارِيّ - وَإِن كَانَ مُنْقَطِعًا - لما فِيهِ من كَلَام الزُّهْرِيّ فِي فقهه، وَلِأَنَّهُ عِنْد الزهرى مُسْند.
وَالْبُخَارِيّ قد أخرجه مُتَّصِلا من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.(3/70)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ وَزَاد فِيهِ زِيَادَة عَبْدَانِ، وَفِي آخِره: ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة اقْرَءُوا إِن شِئْتُم {فطرت الله. .} الْآيَة.
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
مَا من مولودٍ إِلَّا يُولد على الْفطْرَة، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ ويشركانه " فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت لَو مَاتَ قبل ذَلِك؟ قَالَ: " الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ".
وَفِي رِوَايَة عبد الله بن نمير عَن الْأَعْمَش:
مَا من مَوْلُود يُولد إِلَّا وَهُوَ على الْملَّة ... ".
وَفِي رِوَايَة أبي بكر بن أبي شيبَة عَن أبي مُعَاوِيَة: ". . إِلَّا على هَذِه الْملَّة، حَتَّى يبين عَنهُ لِسَانه ".
وَفِي رِوَايَة أبي كريب عَن أبي مُعَاوِيَة:
لَيْسَ من مَوْلُود يُولد إِلَّا على الْفطْرَة، حَتَّى يعبر عَنهُ لِسَانه ".
وَمن حَدِيث عبد الْعَزِيز الدراودي عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
كل إِنْسَان تلده أمه على الْفطْرَة، وَأَبَوَاهُ بعد يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ، فَإِن كَانَا مُسلمين فمسلمٌ. كل إِنْسَان تلده أمه يلكزه الشَّيْطَان فِي حضنيه إِلَّا مَرْيَم وَابْنهَا ".
وَقد أخرجَا جَمِيعًا فِي "
من مَاتَ مِنْهُم صَغِيرا " من حَدِيث عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَرَارِي الْمُشْركين فَقَالَ: " الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ".(3/71)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَطْفَال الْمُشْركين، عَمَّن يَمُوت مِنْهُم صَغِيرا، فَقَالَ: " الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ".
2252 - الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُؤْتى بِالرجلِ الْمُتَوفَّى عَلَيْهِ الدّين، فَيسْأَل: " هَل ترك لدينِهِ قَضَاء؟ " فَإِن حدث أَنه ترك وَفَاء صلى، وَإِلَّا قَالَ للْمُسلمين: " صلوا على صَاحبكُم ". فَلَمَّا فتح الله الْفتُوح قَالَ: " أَنا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم، فَمن توفّي من الْمُؤمنِينَ فَترك دينا فعلي قَضَاؤُهُ، وَمن ترك مَالا فلورثته ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي حَازِم سُلَيْمَان مولى عزة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
من ترك مَالا فلورثته، وَمن ترك كلا فإلينا "
وَفِي حَدِيث غنْدر عَن شُعْبَة:
وَمن ترك كلا وليته ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
مَا من مُؤمن إِلَّا وَأَنا أولى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، واقرءوا إِن شِئْتُم: {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم} [الْأَحْزَاب] فأيما مُؤمن مَاتَ وَترك مَالا فليرثه عصبته من كَانُوا، وَمن ترك دينا أَو ضيَاعًا فَليَأْتِنِي، فَأَنا مَوْلَاهُ ".
وَأخرجه أَيْضا من رِوَايَة أبي حُصَيْن عُثْمَان بن عَاصِم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَنا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم، فَمن مَاتَ وَترك مَالا فَمَاله لموَالِي الْعصبَة، وَمن ترك كلا أَو ضيَاعًا فَأَنا وليه فلأدعى لَهُ ".(3/72)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث وَرْقَاء بن عمر عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ، إِن على الأَرْض من مُؤمن إِلَّا أَنا أولى النَّاس بِهِ، فَأَيكُمْ ترك دينا أَو ضيَاعًا فَأَنا مَوْلَاهُ، وَأَيكُمْ ترك مَالا فَإلَى الْعصبَة من كَانَ ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَنا أولى النَّاس بِالْمُؤْمِنِينَ فِي كتاب الله، فَأَيكُمْ مَا ترك دينا أَو ضَيْعَة فادعوني فَأَنا وليه، وَأَيكُمْ مَا ترك مَالا فليؤثر بِمَالِه عصبته من كَانَ ".
2253 - السَّادِس وَالثَّمَانُونَ: عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " أَنا أولى النَّاس بِابْن مَرْيَم، الْأَنْبِيَاء أَوْلَاد علاتٍ، وَلَيْسَ بيني وَبَينه نبيٌّ ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَنا أول النَّاس بِعِيسَى بن مَرْيَم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. الْأَنْبِيَاء أخوة لعَلَّات، أمهاتهم شَتَّى وَدينهمْ وَاحِد ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أَنا أولى النَّاس بِعِيسَى بن مَرْيَم فِي الأولى وَالْآخِرَة ". قَالُوا: كَيفَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " الْأَنْبِيَاء إخوةٌ من علاتٍ، وأمهاتهم شَتَّى، وَدينهمْ واحدٌ، فَلَيْسَ بَيْننَا نَبِي "(3/73)
2254 - السَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من رَآنِي فِي الْمَنَام فسيراني فِي الْيَقَظَة، أَو لكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَة، لَا يتَمَثَّل الشَّيْطَان بِي " زَاد فِي حَدِيث يُونُس وَابْن أخي الزُّهْرِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: وَقَالَ أَبُو سَلمَة: قَالَ أَبُو قَتَادَة: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من رَآنِي فقد رأى الْحق ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
من رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي، فَإِن الشَّيْطَان لَا يتَمَثَّل بِي ".
2255 - الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرغب فِي قيام رَمَضَان من غير أَن يَأْمُرهُم فِيهِ بعزيمة، فَيَقُول: " من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ". فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْأَمر على ذَلِك، ثمَّ كَانَ الْأَمر على ذَلِك فِي خلَافَة أبي بكر، وصدراً من خلَافَة عمر رَضِي الله عَنهُ. كَذَا فِي رِوَايَة معمرٍ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة.
وَقَالَ فِي رِوَايَة عقيل عَنهُ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لرمضان: " من قامه إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ". لم يزدْ.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه. وَمن قَامَ لَيْلَة الْقدر إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ". قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه سُلَيْمَان بن كثير عَن الزُّهْرِيّ.(3/74)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من قَامَ لَيْلَة الْقدر إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه، وَمن صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
زَاد فِي رِوَايَة عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ:
فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم و [النَّاس على ذَلِك، ثمَّ كَانَ] الْأَمر على ذَلِك فِي خلَافَة أبي بكر وصدراً من خلَافَة عمر
وَعَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَارِي أَنه قَالَ:
خرجت مَعَ عمر بن الْخطاب لَيْلَة فِي رَمَضَان إِلَى الْمَسْجِد، فَإِذا النَّاس أوزاعٌ متفرقون، يُصَلِّي الرجل لنَفسِهِ، وَيُصلي الرجل فَيصَلي بِصَلَاتِهِ الرَّهْط، فَقَالَ عمر: إِنِّي أرى لَو جمعت هَؤُلَاءِ على قَارِئ واحدٍ لَكَانَ أمثل. ثمَّ عزم فَجَمعهُمْ على أبي بن كَعْب. ثمَّ خرجت مَعَه لَيْلَة أُخْرَى وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة قارئهم.
قَالَ عمر: نعمت الْبِدْعَة هَذِه، وَالَّتِي ينامون عَنْهَا أفضل من الَّتِي يقومُونَ - يُرِيد آخر اللَّيْل، وَكَانَ النَّاس يقومُونَ أَوله.
وَأخرج البُخَارِيّ طرفا من ذَلِك من حَدِيث يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".(3/75)
وَلَيْسَ ليحيى الْأنْصَارِيّ عَن أبي سَلمَة فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة من الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا طرفا من ذَلِك من حَدِيث شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من يقم لَيْلَة الْقدر إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
وَأخرج مُسلم طرفا آخر من ذَلِك من حَدِيث وَرْقَاء عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من يقم لَيْلَة الْقدر فيوافقها - أرَاهُ إِيمَانًا واحتساباً - غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ".
2256 - التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَغَيره أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا عدوى، وَلَا صفر، وَلَا هَامة " فَقَالَ أعرابيٌّ: يَا رَسُول الله، فَمَا بَال إبلٍ تكون فِي الرمل كَأَنَّهَا الظباء، فَيَأْتِي الْبَعِير الأجرب فَيدْخل فِيهَا فيجربها؟ فَقَالَ: " فَمن أعدى الأول؟ ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَرَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة، وَسنَان بن أبي سِنَان.
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث سُفْيَان بن أبي سِنَان وَحده من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَنهُ بِنَحْوِ ذَلِك.
وَعَن أبي سَلمَة أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة بعد يَقُول: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا يُورد ممرضٌ على مصح " وَأنكر أَبُو هُرَيْرَة حَدِيثه الأول. قُلْنَا: ألم تحدث أَنه: " لَا عدوى " فرطن بالحبشية. قَالَ أَبُو سَلمَة: فَمَا رَأَيْته نسي حَدِيثا غَيره.(3/76)
وَفِي حَدِيث أبي الطَّاهِر وحرملة عَن ابْن وهب عَن يُونُس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا عدوى " وَيحدث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يُورد ممرضٌ على مصح " قَالَ الزُّهْرِيّ: قَالَ أَبُو سَلمَة: كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يحدث بهما كليهمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ صمت أَبُو هُرَيْرَة بعد ذَلِك عَن قَوْله: " لَا عدوى " وَأقَام على أَن " لَا يُورد ممرضٌ عَليّ مصحٍّ " قَالَ: فَقَالَ الْحَارِث بن أبي ذياب وَهُوَ ابْن عَم أبي هُرَيْرَة: قد كنت أسمعك يَا أَبَا هُرَيْرَة تحدثنا مَعَ هَذَا الحَدِيث حَدِيثا آخر قد سكت عَنهُ، كنت تَقول. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا عدوى " فَأبى أَبُو هُرَيْرَة أَن يعرف ذَلِك، فَقَالَ: " لَا يُورد ممرضٌ على مصح " فَمَا رَآهُ الْحَارِث فِي ذَلِك حَتَّى غضب أَبُو هُرَيْرَة فرطن بالحبشية. فَقَالَ لِلْحَارِثِ: أَتَدْرِي مَاذَا قلت؟ قَالَ: لَا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: إِنِّي قلت: أَبيت.
قَالَ أَبُو سَلمَة: ولعمري، لقد كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يحدثنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا عدوى " فَلَا أَدْرِي، أنسي أَبُو هُرَيْرَة، أَو نسخ أحد الْقَوْلَيْنِ الآخر.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لَا طيرة، وَخَيرهَا الفأل " قيل: يَا رَسُول الله، وَمَا الفأل؟ قَالَ: " الْكَلِمَة الصَّالِحَة يسْمعهَا أحدكُم ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث أبي حُصَيْن عُثْمَان بن عَاصِم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا عدوى وَلَا طيرة وَلَا هَامة وَلَا صفر "، زَاد أَبُو مَسْعُود: " والمعدن جَبَّار. . " الحَدِيث. وَزَاد أَبُو بكر البرقاني مَعَ " الْمَعْدن " " والبئر جَبَّار، وَفِي الرِّكَاز الْخمس " قَالَ: وَزَاد مكي بن إِبْرَاهِيم: " والعجماء جَبَّار ". قَالَ: وَحَدِيث ابْن نَاجِية إِلَى قَوْله " وَلَا هَامة ". وَلَيْسَ فِي كتاب البُخَارِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد إِلَّا مَا ذكرنَا فِيمَا رَأينَا من النّسخ.(3/77)
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا تَعْلِيقا من حَدِيث سعيد بن ميناء عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ.
لَا عدوى، وَلَا طيرة، وَلَا هَامة، وَلَا صفر، وفر من المجذوم كَمَا تَفِر من الْأسد ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا عدوى، وَلَا هَامة، وَلَا نوء، وَلَا صفر ".
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا عدوى، وَلَا هَامة، وَلَا طيرة، وَأحب الفأل الصَّالح ".
2257 - التِّسْعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَأبي عبد الله الْأَغَر عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " ينزل رَبنَا كل لَيْلَة إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الآخر، يَقُول من يدعوني فأستجيب لَهُ، من يسألني فَأعْطِيه من يستغفرني فَأغْفِر لَهُ ".
وَقد أخرجه مُسلم من حَدِيث سلمَان الْأَغَر وَحده عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة أَيْضا، وَفِيه: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ
إِن الله يُمْهل حَتَّى إِذا ذهب ثلث اللَّيْل الأول نزل إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول: هَل من مستغفرٍ، هَل من تائب، هَل من سائلٍ، هَل من داعٍ، حَتَّى ينفجر الْفجْر ".
وَمن حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا مضى شطر اللَّيْل أَو ثُلُثَاهُ ينزل الله تبَارك وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا(3/78)
فَيَقُول: هَل من سائلٍ فَيعْطى، هَل من داعٍ فيستجاب لَهُ، هَل من مستغفرٍ فَيغْفر لَهُ، حَتَّى ينفجر الصُّبْح ".
من حَدِيث سعيد بن يسَار، وَهُوَ سعيد بن أبي مرْجَانَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ينزل الله فِي السَّمَاء الدُّنْيَا لشطر اللَّيْل أَو ثلث اللَّيْل الآخر، فَيَقُول: من يدعوني فأستجيب لَهُ، أَو يسألني فَأعْطِيه " ثمَّ يَقُول: " من يقْرض غير عديم وَلَا ظلوم " زَاد فِي حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال بعد قَوْله: " فَأعْطِيه " ثمَّ يبسط يَدَيْهِ تبَارك وَتَعَالَى، يَقُول: " من يقْرض ... " وَذكره.
وَمن حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
ينزل الله إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا كل لَيْلَة حِين يمْضِي ثلث اللَّيْل الأول فَيَقُول أَنا الْملك، أَنا الْملك، من ذَا الَّذِي يدعوني فأستجيب لَهُ، من ذَا الَّذِي يسألني فَأعْطِيه، من ذَا الَّذِي يستغفرني فَأغْفِر لَهُ، فَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يضيء الْفجْر ".
2258 - الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَسليمَان بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى لَا يصبغون، فخالفوهم ".
2259 - الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ: عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة، والأغر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة كَانَ على كل بَاب من أَبْوَاب الْمَسْجِد ملائكةٌ يَكْتُبُونَ الأول فَالْأول، فَإِذا جلس الإِمَام طَوَوْا الصُّحُف، وَجَاءُوا يسمعُونَ الذّكر " لم يزدْ. كَذَا فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ. وَقَالَ: عَن أبي سَلمَة والأغر ".(3/79)
وَفِي حَدِيث ابْن أبي ذِئْب وَيُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ عَن الْأَغَر وَحده عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة وقفت الْمَلَائِكَة على بَاب الْمَسْجِد يَكْتُبُونَ الأول فَالْأول، وَمثل المهجر كَمثل الَّذِي يهدي بَدَنَة، ثمَّ كَالَّذي يهدي بقرة، ثمَّ كَبْشًا، ثمَّ دجَاجَة، ثمَّ بَيْضَة، وَإِذا خرج الإِمَام طَوَوْا صُحُفهمْ ويسمعون الذّكر ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن سمي مولى أبي بكر عَن أبي صَالح السمان عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة غسل الْجَنَابَة ثمَّ رَاح فَكَأَنَّمَا قرب بَدَنَة، وَمن رَاح فِي السَّاعَة الثَّانِيَة فَكَأَنَّمَا قرب بقرة، وَمن رَاح فِي السَّاعَة الثَّالِثَة فَكَأَنَّمَا قرب كَبْشًا أقرن، وَمن رَاح فِي السَّاعَة الرَّابِعَة فَكَأَنَّمَا قرب دجَاجَة، وَمن رَاح فِي السَّاعَة الْخَامِسَة فَكَأَنَّمَا قرب بَيْضَة، فَإِذا خرج الإِمَام حضرت الْمَلَائِكَة يَسْتَمِعُون الذّكر ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ حَدِيث ابْن أبي ذِئْب وَيُونُس.
وَمن حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
على كل بَاب من أَبْوَاب الْمَسْجِد ملكٌ يكْتب الأول فَالْأول مثل الْجَزُور " ثمَّ نزلهم حَتَّى صغر إِلَى مثل الْبَيْضَة " فَإِذا جلس الإِمَام طويت الصُّحُف، وحضروا للذّكر " هَكَذَا لفظ الحَدِيث فِي كتاب مُسلم.
2260 - الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ: عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
أَرَأَيْتُم لَو أَن نَهرا بِبَاب أحدكُم يغْتَسل مِنْهُ كل يَوْم خمس مراتٍ، هَل يبْقى من درنه شيءٌ؟ " قَالُوا: لَا يبْقى من درنه شيءٌ. قَالَ: " فَذَلِك مثل الصَّلَوَات الْخمس، يمحو الله بِهن الْخَطَايَا ".(3/80)
2261 - الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لقد كَانَ فِيمَا قبلكُمْ من الْأُمَم ناسٌ محدثون، فَإِن يكن فِي أمتِي أحدٌ فَإِنَّهُ عمر ".
قَالَ البُخَارِيّ: زَاد زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن سعد عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
قد كَانَ قبلكُمْ فِي بني إِسْرَائِيل محدثون من غير أَن يَكُونُوا أَنْبيَاء، فَإِن يكن فِي أمتِي أحدٌ فعمر ".
أخرجه أَبُو مَسْعُود فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ. وَلم يُخرجهُ مُسلم من حَدِيث أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَإِنَّمَا أخرجه من حَدِيث ابْن وهب عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة. وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن عجلَان عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة بِنَحْوِهِ. قَالَ أَبُو مَسْعُود: حَدِيث ابْن عجلَان مَشْهُور بِأَنَّهُ من عَائِشَة، وَأما حَدِيث ابْن وهب عَن إِبْرَاهِيم فعندي أَنه خطأ وَالله أعلم، قَالَ ابْن وهب: محدثون: ملهمون.
2262 - الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ: عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " حَاج آدم مُوسَى فَقَالَ: أَنْت الَّذِي أخرجت النَّاس من الْجنَّة بذنبك وأشقيتهم. قَالَ: قَالَ آدم لمُوسَى: أَنْت الَّذِي اصطفاك الله بِرِسَالَاتِهِ وَكَلَامه، أتلومني على أَمر كتبه الله عَليّ قبل أَن يخلقني أَو قدره عَليّ قبل أَن يخلقني؟ " قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " فحج آدم مُوسَى ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث طَاوس بن كيسَان عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
احْتج آدم ومُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: يَا آدم، أَنْت أَبونَا، خيبتنا وأخرجتنا من الْجنَّة؟ فَقَالَ لَهُ آدم: أَنْت مُوسَى، اصطفاك الله بِكَلَامِهِ، وَخط لَك بِيَدِهِ، أتلومني على(3/81)
أَمر قدره الله عَليّ قبل أَن يخلقني بِأَرْبَعِينَ عَاما؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
فحج آدم مُوسَى ".
قَالَ البُخَارِيّ عقب حَدِيث طَاوس: وَقَالَ سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... يَعْنِي بِنَحْوِهِ.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
احْتج آدم ومُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْت آدم، أخرجتك خطيئتك من الْجنَّة؟ ... ".
وَفِي حَدِيث عقيل عَن الزُّهْرِيّ:
أَنْت آدم، أخرجتنا وذريتك من الْجنَّة؟ قَالَ: أَنْت مُوسَى الَّذِي اصطفاك الله بِرِسَالَاتِهِ وبكلامه، ثمَّ تلومني على أمرٍ قد قدر عَليّ قبل أَن أخلق؟ فحج آدم مُوسَى ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
التقى آدم مُوسَى، قَالَ مُوسَى: أَنْت الَّذِي أشقيت النَّاس وأخرجتهم من الْجنَّة؟ قَالَ آدم: أَنْت الَّذِي اصطفاك الله برسالته واصطنعك لنَفسِهِ، وَأنزل عَلَيْك التَّوْرَاة؟ قَالَ: نعم قَالَ: فَوَجَدتهَا كتب عَليّ قبل أَن يخلقني؟ قَالَ نعم. فحج آدم مُوسَى ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مَالك بن أنس عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
تحاج آدم ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام، فحج آدم مُوسَى فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْت آدم الَّذِي أغويت النَّاس وأخرجتهم من الْجنَّة؟ فَقَالَ آدم: أَنْت الَّذِي أَعْطَاك الله علم كل شيءٍ واصطفاك على النَّاس برسالته؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فتلومني على أمرٍ قدر عَليّ قبل أَن أخلق؟ ".(3/82)
وَمن حَدِيث الْحَارِث بن أبي ذُبَاب عَن يزِيد بن هُرْمُز وَعبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
احْتج آدم ومُوسَى عِنْد ربهما، فحج آدم مُوسَى. قَالَ مُوسَى: أَنْت الَّذِي خلقك الله بِيَدِهِ، وَنفخ فِيك من روحه، وأسجد لَك مَلَائكَته، وأسكنك فِي جنته، ثمَّ أهبطت النَّاس بخطيئتك إِلَى الأَرْض؟ . قَالَ آدم: أَنْت مُوسَى الَّذِي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فِيهَا تبيان كل شيءٍ، وقربك نجياً، فبكم وجدت الله كتب التَّوْرَاة قبل أَن أخلق؟ قَالَ مُوسَى بِأَرْبَعِينَ عَاما. قَالَ آدم: فَهَل وجدت فِيهَا: وَعصى آدم ربه فغوى؟ قَالَ نعم. قَالَ: فتلومني على أَن أعمل عملا كتبه الله عَليّ أَن أعمله قبل أَن يخلقني بِأَرْبَعِينَ سنة ".
وَمن حَدِيث همام بن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْنى حَدِيثه.
2263 - السَّادِس وَالتِّسْعُونَ: عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما فتح الله عز وَجل على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة، قَامَ فِي النَّاس، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " إِن الله حبس عَن مَكَّة الْفِيل، وسلط عَلَيْهَا رَسُوله وَالْمُسْلِمين، وَإِنَّهَا لَا تحل لأحدٍ قبلي، وَإِنَّهَا أحلّت لي سَاعَة من نَهَار، وَإِنَّهَا لَا تحل لأحدٍ بعدِي، فَلَا ينفر صيدها، وَلَا يخْتَلى شَوْكهَا، وَلَا تحل ساقطتها إِلَّا لمنشدٍ، وَمن قتل لَهُ قتيلٌ فَهُوَ بِخَير النظرين، إِمَّا أَن يفدى وَإِمَّا أَن يقتل " فَقَالَ الْعَبَّاس: إِلَّا الْإِذْخر، فَإنَّا نجعله لِقُبُورِنَا وَبُيُوتنَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِلَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " اكتبوا لأبي شاه " قلت للأوزاعي: مَا قَوْله: اكتبوا لي يَا رَسُول الله؟ قَالَ: هَذِه الْخطْبَة الَّتِي شَهِدَهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(3/83)
وَفِي رِوَايَة أبي نعيم عَن شَيبَان:
أَن خُزَاعَة قتلوا رجلا من بني لَيْث عَام فتح مَكَّة بقتيل مِنْهُم قَتَلُوهُ، فَأخْبر بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَركب رَاحِلَته، فَخَطب فَقَالَ: " إِن الله حبس عَن مَكَّة الْقَتْل، أَو الْفِيل - شكّ الرَّاوِي - وسلط عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُؤمنِينَ. أَلا وَإِنَّهَا لم تحل لأحدٍ قبلي، وَلَا تحل لأحد بعدِي: أَلا. وَإِنَّهَا حلت لي سَاعَة من نَهَار، أَلا وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِه حرَام، لَا يخْتَلى شَوْكهَا، وَلَا يعضد شَجَرهَا، وَلَا تلْتَقط ساقطتها إِلَّا لِمُنْشِد، فَمن قتل فَهُوَ بِخَير النظرين، إِمَّا أَن يعقل، وَإِمَّا أَن يُقَاد أهل الْقَتِيل " فجَاء رجلٌ من أهل الْيمن فَقَالَ: اكْتُبْ لي يَا رَسُول الله: فَقَالَ: " اكتبوا لأبي فلَان " فَقَالَ رجل من قُرَيْش: إِلَّا الْإِذْخر يَا رَسُول الله، فَإنَّا نجعله فِي بُيُوتنَا وَقُبُورنَا. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِلَّا الْإِذْخر ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ عبد الله بن رَجَاء: حَدثنَا حَرْب عَن يحيى. . وَذكر نَحوه.
وَقَالَ: تَابعه عبيد الله عَن شَيبَان. وَقَالَ بَعضهم: عَن أبي نعيم: " الْقَتْل ". وَقَالَ عبيد الله: إِمَّا أَن يفادى أهل الْقَتِيل.
2264 - السَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من أمسك كَلْبا فَإِنَّهُ ينقص كل يَوْم من عمله قِيرَاط، إِلَّا كلب حرث أَو مَاشِيَة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَمن اقتنى كَلْبا - لَيْسَ بكلب صيدٍ وَلَا ماشيةٍ وَلَا أَرض - فَإِنَّهُ ينقص من أجره قيراطان كل يَوْم ".(3/84)
وَمن حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من اتخذ كَلْبا إِلَّا كلب مَاشِيَة أَو صيد أَو زرع انْتقصَ من أجره كل يومٍ قيراطٌ ".
قَالَ الزُّهْرِيّ: فَذكر لِابْنِ عمر قَول أبي هُرَيْرَة فَقَالَ: يرحم الله أَبَا هُرَيْرَة، فَإِنَّهُ كَانَ صَاحب زرع.
وَمن حَدِيث أبي رزين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من اتخذ كَلْبا لَيْسَ بكلب صيدٍ وَلَا غنم نقص من عمله كل يَوْم قِيرَاط ".
وَيُقَال: إِن اسْم أبي رزين: مَسْعُود بن مَالك.
2265 - الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ: عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كَانَت لَهُ أَرض فليزرعها أَو ليمنحها أَخَاهُ، فَإِن أَبى فليمسك أرضه " هُوَ عِنْد مُسلم بِالْإِسْنَادِ، وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا فَقَالَ: وَقَالَ الرّبيع بن نَافِع ...
2266 - التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ: عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تنْكح الأيم حَتَّى تستأمر، وَلَا تنْكح الْبكر حَتَّى تستأذن ". قَالُوا: يَا رَسُول الله وَكَيف إِذْنهَا؟ قَالَ: " أَن تسكت ".
2267 - الْمِائَة: عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر، وَمن عَذَاب النَّار، وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات، وَمن فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث حسان بن عَطِيَّة عَن مُحَمَّد بن أبي عَائِشَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَعَن يحيى أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله(3/85)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
إِذا تشهد أحدكُم فليستعذ بِاللَّه من أَربع: يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب جَهَنَّم، وَمن عَذَاب الْقَبْر، وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات، وَمن شَرّ فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال ".
وَلَيْسَ لمُحَمد بن أبي عَائِشَة عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث طَاوُوس عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
عوذوا بِاللَّه من عَذَاب الله، عوذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر، عوذا بِاللَّه من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال، عوذوا بِاللَّه من فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات ".
وَمن حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة مثله.
وَمن حَدِيث عبد الله بن شَقِيق عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه
كَانَ يتَعَوَّذ من عَذَاب جَهَنَّم، وفتنة الدَّجَّال.
وَمن حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستعيذ من عَذَاب الْقَبْر.
2268 - الأول بعد الْمِائَة: عَن يحيى عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " إِن الله يغار، وغيرة الله أَن يَأْتِي الْمَرْء مَا حرم الله عَلَيْهِ ".
وَفِي حَدِيث الْحجَّاج بن أبي عُثْمَان عَن يحيى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن الله يغار، وَإِن الْمُؤمن يغار، وغيرة الله أَن يَأْتِي الْمُؤمن مَا حرمه عَلَيْهِ ".(3/86)
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
الْمُؤمن يغار، وَالله أَشد غيراً ".
2269 - الثَّانِي بعد الْمِائَة: عَن يحيى عَن أبي سَلمَة قَالَ: رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَة قَرَأَ {إِذا السَّمَاء انشقت} فَسجدَ بهَا. فَقلت: يَا أَبَا هُرَيْرَة ألم أرك تسْجد؟ فَقَالَ: لَو لم أر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْجد لم أَسجد.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي رَافع الصَّائِغ قَالَ:
صليت مَعَ أبي هُرَيْرَة الْعَتَمَة، فَقَرَأَ: {إِذا السَّمَاء انشقت} فَسجدَ، فَقلت: مَا هَذِه؟ قَالَ: سجدت بهَا خلف أبي الْقَاسِم، فَلَا أَزَال أَسجد بهَا حَتَّى أَلْقَاهُ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الله بن يزِيد مولى الْأسود بن سُفْيَان عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة:
أَنه قَالَ لَهُم: {إِذا السَّمَاء انشقت} فَسجدَ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرف أخْبرهُم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد فِيهَا.
وَمن حَدِيث عَطاء بن ميناء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
سجدنا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي {إِذا السَّمَاء انشقت} و {اقْرَأ باسم رَبك} .
وَمن حَدِيث عبيد الله بن أبي جَعْفَر عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
سجد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي {إِذا السَّمَاء انشقت} ، و {اقْرَأ باسم رَبك} .
وَمن حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سعد الْأَعْرَج مولى بني مَخْزُوم عَن أبي هُرَيْرَة مثله.
2270 - الثَّالِث بعد الْمِائَة: عَن يحيى عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يتقدمن أحدكُم رَمَضَان بِصَوْم يومٍ أَو يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَن يكون رجلا كَانَ يَصُوم صوما فليصمه ".(3/87)
2271 - الرَّابِع بعد الْمِائَة: عَن يحيى عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من أنْفق زَوْجَيْنِ فِي سَبِيل الله دَعَاهُ خَزَنَة الْجنَّة كل خَزَنَة بَاب: أَي فل هَلُمَّ " فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله، ذَاك الَّذِي لَا توى عَلَيْهِ. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِنِّي لأرجو أَن تكون مِنْهُم ".
وَأَخْرَجَاهُ على وَجه آخر من حَدِيث ابْن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من أنْفق زَوْجَيْنِ فِي سَبِيل الله نُودي من أَبْوَاب الْجنَّة " وَفِي رِوَايَة يُونُس عَن ابْن شهَاب: " نُودي فِي الْجنَّة: يَا عبد الله، هَذَا خيرٌ، فَمن كَانَ من أهل الصَّلَاة دعِي من بَاب الصَّلَاة، وَمن كَانَ من أهل الْجِهَاد دعِي من بَاب الْجِهَاد، وَمن كَانَ من أهل الصَّدَقَة دعِي من بَاب الصَّدَقَة، وَمن كَانَ من أهل الصّيام دعِي من بَاب الريان " قَالَ أَبُو بكر الصّديق: يَا رَسُول الله، مَا على أحد يدعى من تِلْكَ الْأَبْوَاب من ضَرُورَة، فَهَل يدعى أحدٌ من تِلْكَ الْأَبْوَاب كلهَا؟ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " نعم، وَأَرْجُو أَن تكون مِنْهُم يَا أَبَا بكر ".
وَفِي رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ:
من أنْفق زَوْجَيْنِ من شَيْء من الْأَشْيَاء فِي سَبِيل الله دعِي من أَبْوَاب الْجنَّة ... " وَذكر نَحوه.
2272 - الْخَامِس بعد الْمِائَة: عَن يحيى عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَلا أحدثكُم حَدِيثا عَن الدَّجَّال مَا حدث بِهِ نَبِي قومه؟ إِنَّه أَعور، وَإنَّهُ يَجِيء بمثال الْجنَّة وَالنَّار، فالتي يَقُول إِنَّهَا الْجنَّة هِيَ النَّار، وَإِنِّي لأنذركم كَمَا أنذر نوحٌ قومه ".(3/88)
2273 - السَّادِس بعد الْمِائَة: عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أشعر كلمةٍ تَكَلَّمت بهَا الْعَرَب كلمة لبيد: أَلا كل شيءٍ مَا خلا الله بَاطِل ".
وَفِي رِوَايَة ابْن مهْدي عَن سُفْيَان عَنهُ "
أصدق كلمة قَالَهَا شاعرٌ كلمة لبيد ... " وَذكره، وَزَاد: " وَكَاد ابْن أبي الصَّلْت يسلم ".
وَلَيْسَ لعبد الْملك بن عُمَيْر عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
2274 - السَّابِع بعد الْمِائَة: عَن سَلمَة بن كهيل عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتقاضاه، فَأَغْلَظ لَهُ، فهم بِهِ أَصْحَابه، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " دَعوه، فَإِن لصَاحب الْحق مقَالا. " ثمَّ قَالَ: " أَعْطوهُ سنا مثل سنه " قَالُوا: يَا رَسُول الله، لَا نجد إِلَّا أمثل من سنه. قَالَ: " أَعْطوهُ، فَإِن من خَيركُمْ أحسنكم قَضَاء ".
وَفِي حَدِيث أبي نعيم عَن سُفْيَان:
كَانَ لرجل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنٌّ من الْإِبِل، فجَاء يتقاضاه فَقَالَ: " أَعْطوهُ "، فطلبوا سنه فَلم يَجدوا إِلَّا سنا فَوْقهَا، فَقَالَ: " أَعْطوهُ " فَقَالَ أوفيتني، أوفاك الله. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن خَيركُمْ أحسنكم قَضَاء ".
وَلَيْسَ لسَلمَة بن كهيل عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد(3/89)
2275 - الثَّامِن بعد الْمِائَة: عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " بَيْنَمَا نَحن جُلُوس عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذْ جَاءَهُ رجلٌ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَلَكت. فَقَالَ: " مَالك؟ " قَالَ: وَقعت على امْرَأَتي وَأَنا صائمٌ. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَل نجد رَقَبَة تعتقها؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " فَهَل تَسْتَطِيع صِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " فَهَل تَجِد إطْعَام سِتِّينَ مِسْكينا؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " اجْلِسْ " قَالَ: فَمَكثَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَبينا نَحن على ذَلِك أُتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعرقٍ فِيهِ تمرٌ - والعرق: المكتل الضخم. قَالَ: " أَيْن السَّائِل؟ " قَالَ: أَنا. قَالَ: " خُذ هَذَا فَتصدق بِهِ " فَقَالَ الرجل: أَعلَى أفقر مني يَا رَسُول الله؟ فوَاللَّه مَا بَين لابتيها - يُرِيد الحرتين - أهل بَيت أفقر من أهل بَيْتِي. فَضَحِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بَدَت أنيابه، ثمَّ قَالَ: " أطْعمهُ أهلك ".
وَفِي رِوَايَة جرير عَن مَنْصُور عَن الزُّهْرِيّ نَحوه، وَقَالَ:
بعرق فِيهِ تمرٌ، وَهُوَ الزبيل، وَلم يذكر: فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه.
وَفِي حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ:
أَن رجلا أفطر فِي رَمَضَان، فَأمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يكفر بِعِتْق رَقَبَة ... وَذكره نَحوه.
وَفِي حَدِيث ابْن جريج عَن ابْن شهَاب:
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر رجلا أفطر فِي رَمَضَان أَن يعْتق رَقَبَة أَو يَصُوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين، أَو يطعم سِتِّينَ مِسْكينا. لم يزدْ.
كَذَا فِي رِوَايَة مَالك وَابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ فِيهِ بِلَفْظ الْإِفْطَار: وَأخرجه مُسلم من حَدِيثهمَا كَذَلِك.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَاللَّيْث، وَمعمر، وَإِبْرَاهِيم بن سعد، وَمَنْصُور، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ بِنَحْوِ حَدِيث ابْن عُيَيْنَة:
أَن رجلا قَالَ: وَقعت على امْرَأَتي فِي رَمَضَان بِمَعْنى الْجِمَاع.(3/90)
2276 - التَّاسِع بعد الْمِائَة: عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كَانَ رجلٌ يسرف على نَفسه، فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت قَالَ لِبَنِيهِ: إِذا أَنا مت فأحرقوني، ثمَّ اطحنوني ثمَّ ذروني فِي الرّيح. فوَاللَّه لَئِن قدر عَليّ رَبِّي ليعذبني عذَابا مَا عذبه أحدا. فَلَمَّا مَاتَ فعل بِهِ ذَلِك، فَأمر الله الأَرْض فَقَالَ: اجمعي مَا فِيك مِنْهُ، فَإِذا هُوَ قائمٌ فَقَالَ: مَا حملك على مَا صنعت؟ فَقَالَ: يَا رب - وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن معمر قَالَ: خشيتك يَا رب. أَو قَالَ: مخافتك يَا رب.
فغفر لَهُ بذلك ". وَفِي حَدِيث هِشَام بن يُوسُف عَن معمر: فغفر لَهُ. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ غَيره: خشيتك.
وَفِي حَدِيث الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
فَقَالَ الله لكل شَيْء أَخذ مِنْهُ شَيْئا: أد مَا أخذت مِنْهُ ".
وَعند مُسلم من حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن معمر قَالَ: قَالَ لي الزُّهْرِيّ: أَلا أحَدثك بحديثين عجيبين: قَالَ الزُّهْرِيّ: أَخْبرنِي حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " أسرف رجل على نَفسه، فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت أوصى بنيه فَقَالَ: إِذا أَنا مت فأحرقوني، ثمَّ اسحقوني، ثمَّ اذروني فِي الرّيح فِي الْبَحْر، فوَاللَّه لَئِن قدر عَليّ رَبِّي ليعذبني عذَابا مَا عذبه أحدا. قَالَ: " فَفَعَلُوا ذَلِك، فَقَالَ للْأَرْض: أُدي مَا أخذت، فَإِذا هُوَ قَائِم، فَقَالَ لَهُ. مَا حملك على مَا صنعت؟ قَالَ: خشيتك يَا رب. أَو قَالَ: مخافتك. قَالَ: فغفر لَهُ بذلك ".
قَالَ الزُّهْرِيّ: وحَدثني حميد عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
دخلت امْرَأَة النَّار فِي هرةٍ ربطتها، فَلَا هِيَ أطعمتها، وَلَا هِيَ أرسلتها تَأْكُل من خشَاش الأَرْض، حَتَّى مَاتَت ". قَالَ الزُّهْرِيّ: ذَلِك لِئَلَّا يتكل رجلٌ، وَلَا ييأس رجل.(3/91)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
قَالَ رجلٌ لم يعْمل حَسَنَة قطّ لأَهله: إِذا مَاتَ فحرقوه، ثمَّ اذروا نصفه فِي الْبر، وَنصفه فِي الْبَحْر، فوَاللَّه لَئِن قدر الله عَلَيْهِ ليعذبنه عذَابا لَا يعذبه أحدا من الْعَالمين. فَلَمَّا مَاتَ الرجل فعلوا مَا أَمرهم، فَأمر الله الْبر فَجمع مَا فِيهِ، وَأمر الْبَحْر فَجمع مَا فِيهِ، ثمَّ قَالَ: لم فعلت هَذَا؟ قَالَ: من خشيتك يَا رب - وَأَنت تعلم، فغفر الله لَهُ ".
2277 - الْعَاشِر بعد الْمِائَة: عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من حلف مِنْكُم فَقَالَ فِي حلفه: بِاللات والعزى، فَلْيقل: لَا إِلَه إِلَّا الله. وَمن قَالَ لصَاحبه: تعال أقامرك فليتصدق ".
قَالَ مُسلم بن الْحجَّاج:
هَذَا الْحَرْف يَعْنِي قَوْله: " أقامرك، فليتصدق ". لَا يرويهِ أحدٌ غير الزُّهْرِيّ. وَقَالَ: وللزهري نَحْو تسعين حرفا يرويهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُشَارِكهُ فِيهِ أحد، بأسانيد جِيَاد.
2278 - الْحَادِي عشر بعد الْمِائَة: عَن ابْن شهَاب، عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى نخامةً فِي جِدَار الْمَسْجِد، فَتَنَاول حَصَاة فحتها، ثمَّ قَالَ: " إِذا تنخم أحدٌ فَلَا يتنخمن قبل وَجهه وَلَا عَن يَمِينه، وليبصق عَن يسَاره أَو تَحت قدمه الْيُسْرَى ".
ذكره أَبُو مَسْعُود فِي آخر أَفْرَاد مُسلم، وَقَالَ: هُوَ فِي مُسْند أبي سعيد، فأوهم بِهَذَا أَنه من الْأَفْرَاد لمُسلم. وَقد أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّلَاة، وَذكره أَبُو مَسْعُود فِي مُسْند أبي سعيد فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ.
وللبخاري من حَدِيث همام عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا قَامَ أحدكُم إِلَى الصَّلَاة فَلَا يبصق أَمَامه، فَإِنَّمَا يُنَاجِي الله مَا دَامَ فِي(3/92)
مُصَلَّاهُ، وَلَا عَن يَمِينه، فَإِن عَن يَمِينه ملكا، وليبصق عَن يسَاره أَو تَحت قَدَمَيْهِ فيدفنها ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي رَافع الصَّائِغ عَن أبي هُرَيْرَة:
أَنه رأى نخامة فِي قبْلَة الْمَسْجِد فَأقبل على النَّاس فَقَالَ: مَا " بَال أحدكُم يقوم مُسْتَقْبل ربه فيتنخع أَمَامه؟ أَيُحِبُّ أَن يسْتَقْبل فيتنخع فِي وَجهه؟ فَإِذا تنخع أحدكُم فليتنخع عَن يسَاره تَحت قدمه، فَإِن لم يجد فَلْيقل هَكَذَا " وَوصف الْقَاسِم بن مهْرَان - وَهُوَ الرَّاوِي عَن أبي رَافع: فتفل فِي ثَوْبه ثمَّ مسح بعضه على بعض. وَفِي حَدِيث هشيم: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: كَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرد ثَوْبه بعضه على بعض.
وَفِي حَدِيث هشيم: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة:
كَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرد ثَوْبه بعضه على بعض.
2279 - الثَّانِي عشر بعد الْمِائَة: عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن عَمه حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " مَا يَنْبَغِي لعبدٍ أَن يَقُول: أَنا خيرٌ من يُونُس بن مَتى ".
وَعند مُسلم فِي رِوَايَة غنْدر عَن شُعْبَة أَنه قَالَ: قَالَ - يَعْنِي الله عز وَجل: " لَا يَنْبَغِي لعبدٍ لي - وَقَالَ ابْن الْمثنى عَن غنْدر: لعبدي - أَن يَقُول: أَنا خيرٌ من يُونُس ابْن متَّي ".
2280 - الثَّالِث عشر بعد الْمِائَة: عَن عُرْوَة بن الزبير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يَأْتِي الشَّيْطَان أحدكُم فَيَقُول: من خلق كَذَا؟ من خلق كَذَا؟ حَتَّى يَقُول: من خلق رَبك؟ فَإِذا بلغه فليستعذ بِاللَّه ولينته ".(3/93)
وَفِي حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يزَال النَّاس يتساءلون حَتَّى يُقَال: هَذَا، خلق الله الْخلق، فَمن خلق الله؟ فَمن وجد شَيْئا فَلْيقل: آمَنت بِاللَّه وَرَسُوله ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يزَال النَّاس يسألونكم عَن الْعلم، حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا الله خلقنَا، فَمن خلق الله؟ " قَالَ: وَهُوَ آخذٌ بيد رجل - يَعْنِي قد سَأَلَهُ - فَقَالَ صدق الله وَرَسُوله، قد سَأَلَني اثْنَان وَهَذَا الثَّالِث، أَو: قد سَأَلَني وَاحِد وَهَذَا الثَّانِي. وَلم يذكر فِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية عَن أَيُّوب فِي الْإِسْنَاد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلكنه قَالَ فِي آخر الحَدِيث: صدق الله وَرَسُوله.
وَأخرجه من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا يزالون يَسْأَلُونَك يَا أَبَا هُرَيْرَة، حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا الله خلقنَا، فَمن خلق الله؟ " قَالَ: فَبينا أَنا فِي الْمَسْجِد إِذْ جَاءَنِي ناسٌ من الْأَعْرَاب فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَة، هَذَا الله خلقنَا، فَمن خلق الله؟ قَالَ: فَأخذ حَصى بكفه فَرَمَاهُمْ. ثمَّ قَالَ: قومُوا قومُوا.
وَمن حَدِيث يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
ليسألنكم النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: الله خلق كل شيءٍ، فَمن خلقه؟ ".
2281 - الرَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " كَانَ رجلٌ يداين النَّاس، فَكَانَ يَقُول لفتاه إِذا أتيت مُعسرا فَتَجَاوز عَنهُ لَعَلَّ الله أَن يتَجَاوَز عَنَّا " " قَالَ: " فلقي الله عز وَجل فَتَجَاوز عَنهُ ".(3/94)
2282 - الْخَامِس عشر بعد الْمِائَة: عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من أدْرك مَاله بِعَيْنِه عِنْد رجل قد أفلس - أَو إِنْسَان قد أفلس - فَهُوَ أَحَق بِهِ من غَيره ".
وَفِي رِوَايَة أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم فِي الرجل الَّذِي يعْدم إِذا وجد عِنْده الْمَتَاع وَلم يفرقه أَنه لصَاحبه الَّذِي بَاعه.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث بشير بن نهيك عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا أفلس الرجل فَوجدَ الرجل مَتَاعه بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَق بِهِ من الْغُرَمَاء ".
وَمن حَدِيث عرَاك بن مَالك الْغِفَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِذا أفلس الرجل فَوجدَ الرجل عِنْده سلْعَته بِعَينهَا فَهُوَ أَحَق بهَا ".
2283 - السَّادِس عشر بعد الْمِائَة: عَن سَالم بن عبد الله بن عمر قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " كل أمتِي معافى إِلَّا المجاهرين، وَإِن من المجاهرة - وَفِي حَدِيث يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد - وَإِن من الإجهاز أَن يعْمل الرجل بِاللَّيْلِ عملا ثمَّ يصبح وَقد ستره الله عَلَيْهِ، فَيَقُول: يَا فلَان، عملت البارحة كَذَا وَكَذَا، وَقد بَات يستره ربه، وَيُصْبِح يكْشف ستر الله عَلَيْهِ ".
2284 - السَّابِع عشر بعد الْمِائَة: عَن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا بَين بَيْتِي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة، ومنبري على حَوْضِي ".
2285 - الثَّامِن عشر بعد الْمِائَة: عَن حَفْص بن عَاصِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " سَبْعَة يظلهم الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله: إمامٌ عادلٌ، وشابٌّ(3/95)
نَشأ فِي عبَادَة الله، ورجلٌ قلبه مُعَلّق فِي الْمَسَاجِد، ورجلان تحابا فِي الله، اجْتمعَا عَلَيْهِ وتفرقا عَلَيْهِ، ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذَات منصب وجمال فَقَالَ: إِنِّي أَخَاف الله، وَرجل تصدق بِصَدقَة فأخفاها حَتَّى لَا تعلم شِمَاله مَا تنْفق يَمِينه، ورجلٌ ذكر الله خَالِيا فَفَاضَتْ عَيناهُ ".
وَفِي حَدِيث مَالك بن أنس عَن خبيب بن عبد الرَّحْمَن عَن حَفْص بن عَاصِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - أَو عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... وَذكر نَحوه، وَقَالَ: " ورجلٌ مُعَلّق بِالْمَسْجِدِ إِذا خرج مِنْهُ حَتَّى يعود إِلَيْهِ ".
2286 - التَّاسِع عشر بعد الْمِائَة: عَن حَفْص بن عَاصِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِن الْإِيمَان ليأرز إِلَى الْمَدِينَة كَمَا تأرز الْحَيَّة إِلَى جحرها ".
2287 - الْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن حَفْص بن عَاصِم عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيعَتَيْنِ، وَعَن لبستين، وَعَن صَلَاتَيْنِ. نهى عَن الصَّلَاة بعد الْفجْر حَتَّى تطلع الشَّمْس، وَبعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس. وَعَن اشْتِمَال الصماء، وَعَن الاحتباء فِي ثوب وَاحِد، يُفْضِي بفرجه إِلَى السَّمَاء، وَالْمُلَامَسَة والمنابذة.
وَأخرجه مُسلم مُخْتَصرا من حَدِيث حَفْص عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] نهى عَن الْمُلَامسَة والمنابذة. لم يزدْ. وأدرجه على مَا قبله.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لبستين: أَن يحتبي الرجل فِي الثَّوْب الْوَاحِد لَيْسَ على فرجه مِنْهُ شيءٌ، وَأَن يشْتَمل بِالثَّوْبِ الْوَاحِد لَيْسَ على أحد شقيه مِنْهُ شَيْء، وَعَن الْمُلَامسَة والمنابذة.(3/96)
وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل عَن مَالك عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن الْأَعْرَج مُخْتَصر، وَعَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَيْضا:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْمُلَامسَة والمنابذة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عَطاء بن ميناء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
نهي عَن صيامين وبيعتين: الْفطر والنحر، وَالْمُلَامَسَة والمنابذة. كَذَا عِنْد البُخَارِيّ.
وَفِي كتاب مُسلم عَن عَطاء بن ميناء عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ:
نهي عَن بيعَتَيْنِ: الْمُلَامسَة والمنابذة. أما الْمُلَامسَة فَأن يلمس كل وَاحِد مِنْهُمَا ثوب صَاحبه بِغَيْر تَأمل.
والمنابذة: أَن ينْبذ كل واحدٍ مِنْهُمَا ثَوْبه إِلَى الآخر، وَلم ينظر واحدٌ مِنْهُمَا إِلَى ثوب صَاحبه.
وَعند أبي مَسْعُود فِي الْحِكَايَة عَنْهُمَا أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ:
نهى عَن صِيَام يَوْمَيْنِ، وَعَن بيعَتَيْنِ، وَعَن لبستين ... الحَدِيث. وَقد ذكره أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه الْمخْرج على الصَّحِيحَيْنِ على خلاف مَا ذكره أَبُو مَسْعُود بِهَذَا الْإِسْنَاد: أَنه نهى - يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذكره فِي الْيَوْمَيْنِ، والبيعتين، واللبستين. وروى عَن بعض الروَاة فِيهِ أَنه فَسرهَا، فَأَما الَّذِي فِي الْكِتَابَيْنِ للْبُخَارِيّ وَمُسلم فَهُوَ الَّذِي قدمنَا.
وَأَخْرَجَا أَيْضا من حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْمُلَامسَة والمنابذة. لم يزدْ وَكِيع عَنهُ.
وَفِي حَدِيث قبيصَة:
نهى عَن بيعَتَيْنِ، وَأَن يشْتَمل الصماء، وَأَن يحتبى. . كَذَا قَالَ أَبُو مَسْعُود.(3/97)
وَأخرج البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: نهى - وَفِي بعض النّسخ - نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - عَن لبستين: أَن يحتبي الرجل فِي الثَّوْب الْوَاحِد ثمَّ يرفعهُ على مَنْكِبه، وَعَن بيعَتَيْنِ اللماس والنباذ.
وَأخرج مُسلم مِنْهُ من حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن الْقَاسِم أَنه نهى عَن الْمُلَامسَة والمنابذة. لم يزدْ.
وَأخرج أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن صِيَام يَوْمَيْنِ: الْأَضْحَى وَالْفطر.
2288 - الْحَادِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن حَفْص بن عَاصِم عَن أبي هُرَيْرَة: قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " يُوشك الْفُرَات أَن يحسر عَن كنز من ذهب، فَمن حَضَره فَلَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ، إِلَّا أَنه قَالَ:
عَن جبل من ذهب ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يحسر الْفُرَات عَن جبل من ذهب يقتتل النَّاس عَلَيْهِ، فَيقْتل من كل مائَة تسعةٌ وَتسْعُونَ، وَيَقُول كل رجل مِنْهُم: لعَلي أكون أَنا الَّذِي أنجو ".
وَمن حَدِيث روح بن الْقَاسِم عَن سُهَيْل كَذَلِك بِنَحْوِهِ، وَزَاد: فَقَالَ: " إِن رَأَيْته فَلَا تقربنه ".(3/98)
2289 - الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن عِيسَى بن طَلْحَة بن عبيد الله التَّيْمِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن العَبْد ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ مَا يتَبَيَّن فِيهَا، يزل بهَا فِي النَّار أبعد مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
إِن العَبْد ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من رضوَان الله لَا يلقِي لَهَا بَالا يرفعهُ الله بهَا دَرَجَات، وَإِن العَبْد ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من سخط الله لَا يلقِي لَهَا بَالا يهوي بهَا فِي نَار جَهَنَّم ".
2290 - الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن عِيسَى بن طَلْحَة عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من مَنَامه فليستنثر ثَلَاث مَرَّات؛ فَإِن الشَّيْطَان يبيت على خياشيمه ".
وَلَيْسَ لعيسى بن طَلْحَة عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث وَالَّذِي قبله.
2291 - الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب الكعبي - من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَنهُ أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا، وَالْمَرْأَة على خَالَتهَا، فنرى خَالَة أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمنزلَة، لِأَن عُرْوَة حَدثنِي عَن عَائِشَة قَالَت: حرمُوا من الرضَاعَة مَا تحرمون من النّسَب. هَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ عَن عبد الله.
وَفِي حَدِيث مُسلم عَن القعْنبِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا تنْكح الْعمة على بنت الْأَخ، وَلَا ابْنة الْأُخْت على الْخَالَة ".(3/99)
وَفِي حَدِيث حَرْمَلَة بن يحيى:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يجمع الرجل بَين المراة وعمتها، وَبَين الْمَرْأَة وخالتها. قَالَ الزُّهْرِيّ: فنرى خَالَة أَبِيهَا، وعمة أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمنزلَة.
وَلَيْسَ لقبيصة بن ذُؤَيْب عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها، وَلَا بَين الْمَرْأَة وخالتها ".
وَأخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث عَامر الشّعبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا وخالتها.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا، وَلَا على خَالَتهَا ".
وَمن حَدِيث عَمْرو بن دِينَار عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه.
وَمن حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن أبي هُرَيْرَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن أَربع نسْوَة أَن يجمع بَينهُنَّ: الْمَرْأَة وعمتها، وَالْمَرْأَة وخالتها.
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
أَنه نهى أَن تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا وخالتها، أَو تسْأَل الْمَرْأَة طَلَاق أُخْتهَا لتكتفي مَا فِي صحفتها.(3/100)
وَفِي حَدِيث هِشَام عَن مُحَمَّد بن سِيرِين فِي أَوله:
لَا يخْطب الرجل على خطْبَة أَخِيه، وَلَا يسوم على سوم أَخِيه. . " وَذكر الحَدِيث فِي الْعمة وَالْخَالَة.
2292 - الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي عبيد مولى ابْن أَزْهَر - وَيُقَال: مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف - وَهُوَ أصح، وَكَانَ من الْقُرَّاء وَأهل الْفِقْه - عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يُسْتَجَاب لأحدكم مَا لم يعجل، يَقُول: قد دَعَوْت رَبِّي فَلم يستجب لي ".
وَأخرجه مسلمٌ بِزِيَادَة من حَدِيث أبي إِدْرِيس عَائِذ الله الْخَولَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
لَا يزَال يُسْتَجَاب للْعَبد مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم، مَا لم يستعجل ".
قيل: يَا رَسُول الله، مَا الاستعجال؟ قَالَ: " يَقُول: قد دَعَوْت، قد دَعَوْت، فَلم أر يستجيب لي، فيستحسر عِنْد ذَلِك ويدع الدُّعَاء ".
2293 - السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي عبيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لِأَن يحتطب أحدكُم حزمةً على ظَهره خيرٌ من أَن يسْأَل أحدا، فيعطيه أَو يمنعهُ ".
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن الْحَارِث:
لِأَن يحتزم أحدكُم حزمةً من حطب فيحملها على ظَهره فيبيعها، خيرٌ لَهُ من أَن يسْأَل رجلا، يُعْطِيهِ أَو يمنعهُ ".(3/101)
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لِأَن يَأْخُذ أحدكُم حبله فيحتطب على ظَهره خيرٌ من أَن يَأْتِي رجلا، أعطَاهُ أَو مَنعه ".
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لِأَن يَأْخُذ أحدكُم أحبله ثمَّ يَغْدُو - وَأَحْسبهُ قَالَ: إِلَى الْجَبَل - فيحتطب وَيبِيع وَيتَصَدَّق، خيرٌ لَهُ من أَن يسْأَل النَّاس ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث قيس بن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " لِأَن يَغْدُو أحدكُم فيحتطب على ظَهره فَيتَصَدَّق بِهِ ويستغني بِهِ عَن النَّاس، خيرٌ من أَن يسْأَل رجلا أعطَاهُ أَو مَنعه، ذَلِك بِأَن الْيَد الْعليا خيرٌ من الْيَد السُّفْلى، وابدأ بِمن تعول ".
2294 - السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي عبيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لن يدْخل أحدا مِنْكُم عمله الْجنَّة " قَالُوا: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " وَلَا أَنا، إِلَّا أَن يتغمدني الله مِنْهُ بِفضل وَرَحْمَة ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث بسر بن سعيد نَحوه. وَزَاد فِي رِوَايَة قُتَيْبَة بن سعيد فِي آخِره: " وَلَكِن سددوا ".
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا. وَمن حَدِيث سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا، وَلَيْسَ فِي روايتهما: " وَلَكِن سددوا ". وَقَالَ فِي رِوَايَة سُهَيْل: " إِلَّا أَن يتداركني الله مِنْهُ برحمة ".(3/102)
وَمن حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
قاربوا وسددوا وَاعْلَمُوا أَنه لن ينجو أحدٌ مِنْكُم بِعَمَلِهِ " قَالُوا: وَلَا أَنْت؟ قَالَ: " وَلَا أَنا، إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمة مِنْهُ وَفضل ".
قَالَ ابْن نمير: وَحدثنَا الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثلِهِ.
2295 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت أَبَا الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من قذف مَمْلُوكه وَهُوَ بَرِيء مِمَّا قَالَ جلد يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا أَن يكون كَمَا قَالَ ".
وَفِي حَدِيث عبد الله بن نمير:
من قذف مَمْلُوكَة بِالزِّنَا يُقَام عَلَيْهِ الْحَد يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا أَن يكون كَمَا قَالَ ".
2296 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الْمِائَة: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " من غَدا إِلَى الْمَسْجِد أَو رَاح أعد الله لَهُ فِي الْجنَّة نزلا كلما غَدا أَو رَاح ".
2297 - الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عَطاء بن يسَار - مولى مَيْمُونَة، وَعبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة الْأنْصَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَيْسَ الْمِسْكِين الَّذِي ترده التمرة وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَا اللُّقْمَة وَلَا اللقمتان، إِنَّمَا الْمِسْكِين الَّذِي يتعفف. اقْرَءُوا إِن شِئْتُم: {لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا} " [الْبَقَرَة] .
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن زِيَاد الْقرشِي عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَيْسَ الْمِسْكِين الَّذِي ترده الْأكلَة وَالْأكْلَتَان، وَلَكِن الْمِسْكِين الَّذِي لَيْسَ لَهُ غنى، ويستحيي، أَو لَا يسْأَل النَّاس إلحافاً ".(3/103)
وَمن حَدِيث مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَيْسَ الْمِسْكِين الَّذِي يطوف على النَّاس، ترده اللُّقْمَة وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَة وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِن الْمِسْكِين الَّذِي لَا يجد غنى يُغْنِيه، وَلَا يفْطن بِهِ فَيتَصَدَّق عَلَيْهِ، وَلَا يقوم فَيسْأَل النَّاس ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَيْسَ الْمِسْكِين بِهَذَا الطّواف الَّذِي يطوف على النَّاس ... " وَذكر نَحوه.
2298 - الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة أَنَّهُمَا سمعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " مَا يُصِيب الْمُؤمن من وصب لَا نصب وَلَا سقم وَلَا حزن، حَتَّى الْهم يهمه إِلَّا كفر بِهِ من سيئاته ".
2299 - الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي الْحباب سعيد بن يسَار - وَيُقَال لَهُ: ابْن مرْجَانَة، وَهِي أمه - عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أمرت بقرية تَأْكُل الْقرى. يَقُولُونَ: يثرب، وَهِي الْمَدِينَة، تَنْفِي النَّاس كَمَا يَنْفِي الْكِير خبث الْحَدِيد ".
2300 - الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن سعيد بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِن الله خلق الْخلق حَتَّى إِذا فرغ مِنْهُم قَامَت الرَّحِم فَقَالَت: هَذَا مقَام العائذ بك من القطيعة، قَالَ: نعم، أما ترْضينَ أَن أصل من وصلك، وأقطع من قَطعك؟ قَالَت: بلَى. قَالَ: فَذَاك لَك " ثمَّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " اقْرَءُوا إِن(3/104)
شِئْتُم: {إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم} [مُحَمَّد] .
وَأخرجه البُخَارِيّ بِمَعْنَاهُ من حَدِيث عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ:
إِن الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن، فَقَالَ الله: من وصلك وصلته، وَمن قَطعك قطعته ".
2301 - الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن سعيد بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا من يَوْم يصبح الْعباد فِيهِ إِلَّا ملكان، فَيَقُول أَحدهمَا: اللَّهُمَّ أعْط منفقاً خلفا، وَيَقُول الآخر: اللَّهُمَّ أعْط ممسكاً تلفاً.
2302 - الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن سعيد بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " مَا تصدق أحدٌ بِصَدقَة من طيب - وَلَا يقبل الله إِلَّا الطّيب إِلَّا أَخذهَا الرَّحْمَن بِيَمِينِهِ وَإِن كَانَت تَمْرَة، فتربو فِي كف الرَّحْمَن حَتَّى تكون أعظم من الْجَبَل، كَمَا يُربي أحدكُم فلوه أَو فَصِيله ". لفظ حَدِيث مُسلم عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه البُخَارِيّ بِالْإِسْنَادِ وتعليقاً من حَدِيث عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من تصدق بِعدْل تَمْرَة من كسبٍ طيب - وَلَا يصعد إِلَى الله، وَفِي الْإِسْنَاد: وَلَا يقبل الله - إِلَّا الطّيب، فَإِن الله يقبلهَا بِيَمِينِهِ ثمَّ يُرَبِّيهَا لصَاحبه كَمَا يُربي أحدكُم فلوه، حَتَّى تكون مثل الْجَبَل ".
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه سُلَيْمَان عَن ابْن دِينَار. قَالَ: وَرَوَاهُ مُسلم بن أبي مَرْيَم، وَزيد بن أسلم وَسُهيْل بن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ البُخَارِيّ:(3/105)
وَرَوَاهُ وَرْقَاء عَن عبد الله بن دِينَار عَن سعيد بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
وَلَا يصعد إِلَى الله إِلَّا الطّيب ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث زيد بن أسلم عَن أبي صَالح. وَمن حَدِيث يَعْقُوب ابْن عبد الرَّحْمَن، وَسليمَان بن بِلَال وروح بن الْقَاسِم عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يتَصَدَّق أحدٌ بتمرة من كسب طيب إِلَّا أَخذهَا الله بِيَمِينِهِ، يُرَبِّيهَا كَمَا يُربي أحدكُم فلوه أَو قلوصه، حَتَّى تكون مثل الْجَبَل ".
وَفِي حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال:
من الْكسْب الطّيب فَيَضَعهَا فِي حَقّهَا " وَفِي رِوَايَة روح: " فَيَضَعهَا فِي موضعهَا ".
2303 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن سعيد بن مرْجَانَة صَاحب عَليّ بن الْحُسَيْن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " أَيّمَا رجلٍ أعتق امْرأ مُسلما استنقذ الله بِكُل عضوٍ مِنْهُ عضوا مِنْهُ من النَّار، قَالَ ابْن مرْجَانَة: فَانْطَلَقت بِهِ إِلَى عَليّ بن الْحُسَيْن، فَعمد عَليّ بن الْحُسَيْن إِلَى عبدٍ لَهُ قد أعطَاهُ بِهِ عبد الله بن جَعْفَر عشرَة آلَاف دِرْهَم أَو ألف دِينَار، فَأعْتقهُ. هَذَا لفظ حَدِيث وَاقد بن مُحَمَّد عَن سعيد.
وَفِي حَدِيث عَليّ بن حُسَيْن عَن سعيد بن مرْجَانَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
من أعتق رَقَبَة مسلمة أعتق الله بِكُل عُضْو مِنْهُ عضوا من النَّار، حَتَّى فرجه بفرجه ".(3/106)
وَفِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أبي حَكِيم عَن سعيد:
من أعتق رَقَبَة مُؤمنَة أعتق الله بِكُل إربٍ مِنْهُ إرباً مِنْهُ من النَّار ".
2304 - السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يَحْكِي عَن ربه عز وَجل قَالَ: " أذْنب عبدٌ ذَنبا فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي، فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى: أذْنب عَبدِي ذَنبا فَعلم أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذُّنُوب وَيَأْخُذ بالذنب. ثمَّ عَاد فأذنب، فَقَالَ: أَي رب، اغْفِر لي ذَنبي، فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى: عَبدِي أذْنب ذَنبا فَعلم أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بالذنب. ثمَّ عَاد فأذنب فَقَالَ: أَي رب، اغْفِر لي ذَنبي، فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى: أذْنب عَبدِي ذَنبا، فَعلم أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بالذنب ".
فِي حَدِيث عبد الْأَعْلَى عَن حَمَّاد عَن سَلمَة:
اعْمَلْ مَا شِئْت فقد غفرت لَك " قَالَ عبد الْأَعْلَى: لَا أَدْرِي قَالَ فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة: " اعْمَلْ بِمَا شِئْت ".
وَفِي حَدِيث عبد بن حميد بِمَعْنَاهُ، وَذكر ثَلَاث مَرَّات، وَفِي الثَّالِثَة:
فقد غفرت لعبدي، فَلْيفْعَل مَا شَاءَ ".
2305 - الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة عَن عبد الرَّحْمَن بن عمْرَة أَن أَبَا هُرَيْرَة حَدثهُ أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " إِن ثَلَاثَة من بني إِسْرَائِيل: أبرص وأقرع وأعمى، فَأَرَادَ الله أَن يبتليهم، فَبعث إِلَيْهِم ملكا، فَأتى الأبرص فَقَالَ. أَي شَيْء أحب إِلَيْك؟ قَالَ: لونٌ حسنٌ وَجلد حسن، وَيذْهب(3/107)
عني الَّذِي قد قذرني النَّاس. قَالَ: فمسحه فَذهب عَنهُ قذره، وَأعْطِي لوناً حسنا
وجلداً حسنا. قَالَ: فَأَي المَال أحب إِلَيْك؟ قَالَ: الْإِبِل - أَو قَالَ: الْبَقر، شكّ إِسْحَق، إِلَّا أَن الأبرص أَو الْأَقْرَع، قَالَ أَحدهمَا الْإِبِل وَقَالَ الآخر: الْبَقر - قَالَ: فَأعْطِي نَاقَة عشراء، فَقَالَ: بَارك الله لَك فِيهَا.
قَالَ: فَأتى الْأَقْرَع فَقَالَ:
أَي شيءٍ أحب إِلَيْك؟ قَالَ: شعر حسن، وَيذْهب عني هَذَا الَّذِي قد قذرني النَّاس. قَالَ: فمسحه فَذهب عَنهُ. قَالَ: وَأعْطِي شعرًا حسنا. قَالَ: فَأَي المَال أحب إِلَيْك؟ قَالَ: الْبَقر. قَالَ فَأعْطِي بقرة حَامِلا. قَالَ: بَارك الله لَك فِيهَا.
قَالَ: فَأتى الْأَعْمَى فَقَالَ: أَي شيءٍ أحب إِلَيْك؟ قَالَ: أَن يرد الله إِلَيّ بَصرِي فأبصر بِهِ النَّاس. قَالَ: فمسحه فَرد الله إِلَيْهِ بَصَره. قَالَ: فَأَي المَال أحب إِلَيْك؟ قَالَ: الْغنم، فَأعْطِي شَاة والداً.
فأنتج هَذَانِ، وَولد هَذَا، فَكَانَ لهَذَا وادٍ من الْإِبِل، وَلِهَذَا وادٍ من الْبَقر، وَلِهَذَا وادٍ من الْغنم. قَالَ: ثمَّ إِنَّه أَتَى الأبرص فِي صورته وهيئته، فَقَالَ:
رجلٌ مِسْكين، قد انْقَطَعت بِي الحبال فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغ لي الْيَوْم إِلَّا بِاللَّه ثمَّ بك، أَسأَلك بِالَّذِي أَعْطَاك اللَّوْن الْحسن، وَالْجَلد الْحسن، وَالْمَال، بَعِيرًا أتبلغ بِهِ فِي سَفَرِي. فَقَالَ: الْحُقُوق كثيرةٌ. فَقَالَ: كَأَنِّي أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك النَّاس، فَقِيرا، فأعطاك الله؟ فَقَالَ: إِنَّمَا ورثت هَذَا المَال كَابِرًا عَن كَابر. فَقَالَ: إِن كنت كَاذِبًا فصيرك الله إِلَى مَا كنت.
قَالَ:
وأتى الْأَقْرَع فِي صورته، فَقَالَ لَهُ مثل مَا قَالَ لهَذَا، ورد عَلَيْهِ مثل مَا رد على هَذَا، فَقَالَ: إِن كنت كَاذِبًا فصيرك الله إِلَى مَا كنت.
قَالَ:
وأتى الْأَعْمَى فِي صورته وهيئته فَقَالَ: رجلٌ مِسْكين، وَابْن سَبِيل انْقَطَعت بِي الحبال فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغ لي الْيَوْم إِلَّا بِاللَّه ثمَّ بك، أَسأَلك بِالَّذِي رد عَلَيْك(3/108)
بَصرك شَاة أتبلغ بهَا فِي سَفَرِي. فَقَالَ: قد كنت أعمى فَرد الله إِلَيّ بَصرِي، فَخذ مَا شِئْت ودع مَا شِئْت، فوَاللَّه لَا أجهدك الْيَوْم بشيءٍ أَخَذته لله. فَقَالَ: أمسك مَالك، فَإِنَّمَا ابتليتم، فقد رَضِي عَنْك وَسخط على صاحبيك ".
2306 - التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي أنس مَالك بن أبي عَامر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " آيَة الْمُنَافِق ثَلَاث: إِذا حدث كذب، وَإِذا وعد أخلف، وَإِذا ائْتمن خَان ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث دَاوُد بن أبي هِنْد عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكره نَحوه. وَقَالَ فِيهِ:
وَإِن صَامَ وَصلى وَزعم أَنه مُسلم ".
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي كثير عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب مولى الحرقة عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
من عَلَامَات الْمُنَافِق ثَلَاث: إِذا حدث كذب، وَإِذا وعد أخلف، وَإِذا ائْتمن خَان ".
وَفِي رِوَايَة يحيى بن أبي زُكَيْرٍ - وَاسم أبي زُكَيْرٍ مُحَمَّد بن قيس، عَن الْعَلَاء بِالْإِسْنَادِ نَحوه، وَقَالَ فِيهِ:
آيَة الْمُنَافِق ثَلَاث، وَإِن صلى وَصَامَ، وَزعم أَنه مُسلم ".
2307 - الْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي أنس مَالك بن أبي عَامر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِذا دخل رَمَضَان فتحت أَبْوَاب السَّمَاء، وأغلقت أَبْوَاب جَهَنَّم، وسلسلت الشَّيَاطِين ".(3/109)
وَفِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر:
إِذا جَاءَ رَمَضَان فتحت أَبْوَاب الْجنَّة ".
وَفِي حَدِيث حَرْمَلَة عَن ابْن وهب:
إِذا دخل رَمَضَان فتحت أَبْوَاب الرَّحْمَة ... . ".
2308 - الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي الْغَيْث سَالم - مولى عبد الله بن مُطِيع - عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَيْبَر، فَفتح الله علينا، فَلم نغنم ذَهَبا وَلَا وَرقا، غنمنا الْمَتَاع وَالطَّعَام وَالثيَاب، ثمَّ انطلقنا إِلَى الْوَادي يَعْنِي وَادي الْقرى - وَمَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد لَهُ وهبه لَهُ رجلٌ من جذام يدعى رِفَاعَة بن زيد، من بني الضبيب، فَلَمَّا نزلنَا الْوَادي قَامَ عبد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحل رَحْله، فَرمي بسهمٍ، فَكَانَ فِيهِ حتفه، فَقُلْنَا: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَة يَا رَسُول الله. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " كلا، وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ، إِن الشملة لتلتهب نَارا، أَخذهَا من الْغَنَائِم يَوْم خَيْبَر، لم تصبها المقاسم " قَالَ: فَفَزعَ النَّاس. قَالَ: فجَاء رجلٌ بِشِرَاك أَو شراكين، فَقَالَ: أصبته يَوْم خَيْبَر. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " شِرَاك من نَار، أَو شراكان من نَار ".
وَحَدِيث مَالك بن أنس نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ:
وَمَعَهُ عبدٌ لَهُ يُقَال مدعم، أهداه لَهُ أحد بني الضباب " وَقَالَ: إِذْ جَاءَهُ سهم عائر.
2309 - الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي الْغَيْث مولى ابْن مُطِيع عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " السَّاعِي على الأرملة والمسكين كالمجاهد فِي سَبِيل الله " وَأَحْسبهُ قَالَ: " وكالقائم لَا يفتر، وكالصائم لَا يفْطر " كَذَا فِي رِوَايَة القعْنبِي عَن مَالك عَن ثَوْر بن يزِيد، شكّ القعْنبِي فَإِنَّهُ قَالَ: " وكالقائم لَا يفتر ... " وَمَا بعده.(3/110)
وَفِي رِوَايَة مَالك عَن صَفْوَان بن سليم يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " السَّاعِي على الأرملة والمسكين كالمجاهد فِي سَبِيل الله، أَو كَالَّذي يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل ".
وَفِي عقب هَذَا من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عبد الله عَن مَالك عَن ثَوْر عَن أبي الْغَيْث عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله.
2310 - الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي الْغَيْث عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " اجتنبوا السَّبع الموبقات ". قَالُوا: يَا رَسُول الله، وَمَا هن؟ قَالَ: " الشّرك بِاللَّه، وَالسحر، وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم، والتولي يَوْم الزَّحْف، وَقذف الْمُحْصنَات الْمُؤْمِنَات الْغَافِلَات ".
2311 - الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي الْغَيْث عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يقوم رجلٌ من قحطان، يَسُوق النَّاس بعصاه ".
2312 - الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي الْغَيْث عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " يعرق النَّاس يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يذهب عرقهم فِي الأَرْض سبعين ذِرَاعا، ويلجمهم حَتَّى يبلغ آذانهم ".
وَفِي حَدِيث قُتَيْبَة عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد:
إِن الْعرق يَوْم الْقِيَامَة ليذْهب فِي الأَرْض سبعين باعاً ".
2313 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي الْغَيْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْجُمُعَة: {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم} [الْجُمُعَة] ، قَالَ قَائِل: من هم: يَا رَسُول الله؟ فَلم يُرَاجِعهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلَاثًا،(3/111)
وَفينَا سلمَان الْفَارِسِي، فَوضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على سلمَان ثمَّ قَالَ:
لَو كَانَ الْإِيمَان عِنْد الثريا لَنَالَهُ رجالٌ، أَو رجلٌ _ من هَؤُلَاءِ " وَفِي رِوَايَة عبد الله عبد الْوَهَّاب وقتيبة: " لنا لَهُ رجال من هَؤُلَاءِ " وَلم يشك الرَّاوِي.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَو كَانَ الدّين عِنْد الثريا لذهب بِهِ رجلٌ من فَارس _ أَو قَالَ: من أَبنَاء فَارس - حَتَّى يتَنَاوَلهُ ".
2314 - السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
يَا نسَاء المسلمات، لَا تحقرن جارةٌ لجارتها وَلَو فرسن شاةٍ ".
2315 - الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " مَا من الْأَنْبِيَاء نبيٌّ إِلَّا أعطي من الْآيَات مَا مثله آمن عَلَيْهِ الْبشر، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتيت وَحيا أوحاه الله إِلَيّ، فأرجو أَن أكون أَكْثَرهم تَابعا يَوْم الْقِيَامَة ".
2316 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: بَينا نَحن فِي الْمَسْجِد إِذْ خرج إِلَيْنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " انْطَلقُوا إِلَى يهود " فخرجنا مَعَه حَتَّى جِئْنَا بَيت الْمدَارِس، فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فناداهم فَقَالَ: " يَا معشر يهود، أَسْلمُوا تسلموا " فقالو لَهُ قد بلغت يَا أَبَا الْقَاسِم. فَقَالَ لَهُم رَسُول الله(3/112)
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ذَلِك أُرِيد " ثمَّ قَالَهَا، الثَّالِثَة، فَقَالَ: " اعلموا أَن الأَرْض لله وَلِرَسُولِهِ، وَإِنِّي أُرِيد أَن أجليكم من هَذِه الأَرْض، فَمن وجد مِنْكُم بِمَالِه شَيْئا فليبعه، وَإِلَّا فاعلموا أَنما الأَرْض لله وَلِرَسُولِهِ ".
2317 - الْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " لَا يحل لامرأةٍ تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تُسَافِر مسيرَة يومٍ وليلةٍ وَلَيْسَ مَعهَا حُرْمَة ". قَالَ البُخَارِيّ تَابعه مَالك وَيحيى بن أبي كثير وَسُهيْل عَن سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه.
وَعند مُسلم من رِوَايَة مَالك عَن سعيد بن أبي سعيد عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة - وَقيل عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة - عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
لَا يحل لامرأةٍ تُسَافِر مسيرَة يَوْم وَلَيْلَة إِلَّا مَعَ ذِي محرمٍ عَلَيْهَا ".
وَفِي رِوَايَة يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن ابْن أبي ذِئْب:
لَا يحل لامرأةٍ تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر تُسَافِر مسيرَة يومٍ، إِلَّا مَعَ ذِي محرم ".
وَفِي رِوَايَة قُتَيْبَة عَن اللَّيْث:
لَا يحل لامرأةٍ مسلمةٍ تُسَافِر مسيرَة لَيْلَة إِلَّا وَمَعَهَا رجلٌ ذُو حُرْمَة مِنْهَا ".
وَأخرج مُسلم من حَدِيث بشر بن الْمفضل عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَا يحل لامرأةٍ تُسَافِر ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم مِنْهَا ".
2318 - الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول:
لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده، أعز جنده، وَنصر عَبده، وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده، فَلَا شَيْء بعده ".(3/113)
2319 - الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة: قيل: يَا رَسُول الله، من أكْرم النَّاس؟ قَالَ: " أَتْقَاهُم " فَقَالُوا: لَيْسَ عَن هَذَا نَسْأَلك.
قَالَ: " فيوسف نَبِي الله، ابْن نَبِي الله، ابْن خَلِيل الله " قَالُوا: لَيْسَ عَن هَذَا نَسْأَلك، قَالَ: " فَعَن معادن الْعَرَب تَسْأَلُونِي؟ خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الْإِسْلَام إِذا فقهوا ".
وَأخرجه البُخَارِيّ بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث عبيد الله بن عمر عَن سعيد بن أبي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ وَقَالَ البُخَارِيّ: قَالَ أَبُو أُسَامَة ومعتمر عَن عبيد الله عَن سعيد ابْن أبي سعيد عَن أبي سعيد هُرَيْرَة.
2320 - الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " تنْكح الْمَرْأَة لأَرْبَع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بِذَات الدّين، تربت يداك ".
2321 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل الْمَسْجِد، فَدخل رجلٌ فصلى، فَسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَرد وَقَالَ: " ارْجع فصل؛ فَإنَّك لم تصل " فَرجع فصلى كَمَا صلى، ثمَّ جَاءَ فَسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَرد وَقَالَ: " ارْجع فصل؛ فَإنَّك لم تصل " ثَلَاثًا. فَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، مَا أحسن غَيره فعلمني، فَقَالَ: " إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكبر، ثمَّ اقْرَأ مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن، ثمَّ اركع حَتَّى تطمئِن رَاكِعا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تعتدل قَائِما، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تطمئِن جَالِسا، وَافْعل ذَلِك فِي صَلَاتك كلهَا ".(3/114)
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ، وَفِيه:
وَعَلَيْك السَّلَام، ارْجع " وَفِيه: " فَإِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فأسبغ الْوضُوء، ثمَّ اسْتقْبل الْقبْلَة فَكبر، ثمَّ اقْرَأ بِمَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن. . " وَذكر نَحوه، وَزَاد فِي آخِره بعد قَوْله: " حَتَّى تطمئِن جَالِسا، ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تطمئِن جَالِسا، ثمَّ افْعَل ذَلِك فِي صَلَاتك كلهَا ".
2322 - الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " إِذا زنت الْأمة فَتبين زنَاهَا، فليجلدها الْحَد وَلَا يثرب عَلَيْهَا، ثمَّ إِن زنت فليجلدها الْحَد وَلَا يثرب عَلَيْهَا، ثمَّ إِذا زنت الثَّالِثَة فليبعها وَلَو بِحَبل من شعر ".
وَمن الروَاة من قَالَ: عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة. وَأخرجه كَذَلِك مُسلم.
وَأَخْرَجَا أَيْضا هَذَا الْمَعْنى من حَدِيث عبيد الله بن عبد الله عَن أبي هُرَيْرَة، وَزيد ابْن خَالِد الْجُهَنِيّ
عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن الْأمة إِذا زنت وَلم تحصن.
قَالَ:
إِن زنت فاجلدوها، ثمَّ إِن زنت فاجلدوها، ثمَّ إِن زنت فاجلدوها، ثمَّ بيعوها وَلَو بضفير " قَالَ ابْن شهَاب: لَا أَدْرِي بعد الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة. قَالَ ابْن شهَاب: والضفير: الْحَبل.
2323 - السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " إِذا أَوَى أحدكُم إِلَى فرَاشه فلينفض فرَاشه بداخلة إزَاره، فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا خلف عَلَيْهِ، ثمَّ يَقُول: بِاسْمِك رَبِّي وضعت جَنْبي وَبِك أرفعه، إِن أَمْسَكت نَفسِي فارحمها، وَإِن أرسلتها فاحفظها بِمَا تحفظ بِهِ عِبَادك الصَّالِحين ".(3/115)
قَالَ البُخَارِيّ: تَابعه أَبُو ضَمرَة، وَإِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا. قَالَ: وَرَوَاهُ مَالك وَابْن عجلَان عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة مُسْندًا. وَقَالَ يحيى الْقطَّان وَبشر بن الْمفضل عَن عبيد الله عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة.
وَعند مُسلم فِي حَدِيث أبي ضَمرَة، أنس بن عِيَاض عَن عبيد الله:
فليأخذ دَاخِلَة إزَاره فلينفض بهَا فرَاشه، وليسم الله، فَإِنَّهُ لَا يعلم مَا خَلفه بعده على فرَاشه، فَإِذا أَرَادَ أَن يضطجع فليضطجع على شقَّه الْأَيْمن، وَليقل: سُبْحَانَكَ رَبِّي، لَك وضعت جَنْبي، وَبِك أرفعه ... " ثمَّ ذكر نَحوه.
2324 - السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن سعيد بن أبي سعيد أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خيلاً قبل نجدٍ، فَجَاءَت برجلٍ من بني حنيفَة يُقَال لَهُ ثُمَامَة بن أثالٍ، سيد أهل الْيَمَامَة، فربطوه بِسَارِيَة من سواري الْمَسْجِد، فَخرج إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " مَاذَا عنْدك يَا ثُمَامَة؟ " فَقَالَ: عِنْدِي يَا مُحَمَّد خيرٌ، إِن تقتل تقتل ذَا دم، وَإِن تنعم تنعم على شاكرٍ، وَإِن كنت تُرِيدُ المَال فسل تعط مِنْهُ مَا شِئْت. فَتَركه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَتَّى إِذا كَانَ الْغَد قَالَ: " مَا عنْدك يَا ثُمَامَة "؟ قَالَ: مَا قلت لَك، إِن تنعم تنعم على شاكرٍ، وَإِن تقتل تقتل ذَا دم، وَإِن كنت تُرِيدُ المَال فسل تعط مِنْهُ مَا شِئْت. فَتَركه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا كَانَ بعد الْغَد، قَالَ: مَاذَا عنْدك يَا ثُمَامَة؟ " " قَالَ: عِنْدِي مَا قلت لَك، إِن تنعم تنعم على شاكرٍ، وَإِن تقتل تقتل ذَا دم، وَإِن كنت تُرِيدُ المَال فسل تعط مِنْهُ مَا شِئْت. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " أطْلقُوا ثُمَامَة " فَانْطَلق إِلَى نخلٍ قريب من الْمَسْجِد، فاغتسل، ثمَّ دخل الْمَسْجِد فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله.(3/116)
وَالله مَا كَانَ على الأَرْض أبْغض إِلَيّ من وَجهك، فقد أصبح وَجهك أحب الْوُجُوه كلهَا إِلَيّ. وَالله مَا كَانَ من دين أبْغض إِلَيّ من دينك، فَأصْبح دينك أحب الدّين كُله إِلَيّ. وَالله مَا كَانَ من بلدٍ أبْغض إِلَيّ من بلدك، فَأصْبح بلدك أحب الْبِلَاد كلهَا إِلَيّ. وَإِن خيلك أخذتني وَأَنا أُرِيد الْعمرَة، فَمَاذَا ترى؟ فبشره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأمره أَن يعْتَمر، فَلَمَّا قدم مَكَّة قَالَ لَهُ قَائِل: أَصَبَوْت؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أسلمت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَلَا وَالله لَا يأتيكم من الْيَمَامَة حَبَّة حِنْطَة حَتَّى يَأْذَن فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. لفظ حَدِيث مُسلم عَن قُتَيْبَة بِطُولِهِ. وَاخْتَصَرَهُ البُخَارِيّ.
2325 - الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن ابْن شهَاب عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: " لَا يمْنَع جارٌ جَاره أَن يغرز خَشَبَة فِي جِدَاره " ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: مَالِي أَرَاكُم عَنْهَا معرضين؟ وَالله لأرمين بهَا بَين أكتافكم.
وَأخرجه البُخَارِيّ مَعَ طرف آخر من حَدِيث عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس قَالَ:
أَلا أخْبركُم بأَشْيَاء قصارٍ؟ حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الشّرْب من فَم الْقرْبَة والسقاء، وَأَن يمْنَع جارٌ جَاره أَن يغرز خَشَبَة فِي جِدَاره.
2326 - التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الْمِائَة: عَن الزُّهْرِيّ عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يَقُول: " بئس الطَّعَام طَعَام الْوَلِيمَة، يدعى إِلَيْهَا الْأَغْنِيَاء وَيتْرك الْفُقَرَاء، وَمن ترك الدعْوَة فقد عصى الله وَرَسُوله ".
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب وَعَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ:
شَرّ الطَّعَام طَعَام الْوَلِيمَة ... " وَذكر نَحوه.(3/117)
وَمن حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: قلت لِلزهْرِيِّ: يَا أَبَا بكر، كَيفَ هَذَا الحَدِيث:
شَرّ الطَّعَام طَعَام الْأَغْنِيَاء؟ فَضَحِك وَقَالَ: لَيْسَ هُوَ: شَرّ الطَّعَام طَعَام الْأَغْنِيَاء. قَالَ سُفْيَان: وَكَانَ أبي غَنِيا، فأفزعني هَذَا الحَدِيث حِين سَمِعت بِهِ، فَسَأَلت عَنهُ الزُّهْرِيّ فَقَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: " شَرّ الطَّعَام طَعَام الْوَلِيمَة، يمْنَعهَا من يَأْتِيهَا، ويدعى إِلَيْهَا من يأباها، وَمن لم يجب الدعْوَة فقد عصى الله وَرَسُوله ".
2327 - السِّتُّونَ بعد الْمِائَة: عَن الزُّهْرِيّ عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " من شهد الْجِنَازَة حَتَّى يصلى عَلَيْهَا فَلهُ قِيرَاط، وَمن شَهِدَهَا حَتَّى تدفن فَلهُ قيراطان، " قيل: وَمَا القيراطان؟ قَالَ: " مثل الجبلين العظيمين ".
زَاد فِي رِوَايَة حَرْمَلَة وَهَارُون بن سعيد عَن ابْن وهب: قَالَ ابْن شهَاب: قَالَ سَالم بن عبد الله: وَكَانَ ابْن عمر يُصَلِّي عَلَيْهَا ثمَّ ينْصَرف، فَلَمَّا بلغه حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: لقد ضيعنا قراريط كَثِيرَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث نَافِع مولى ابْن عمر قَالَ: قيل لِابْنِ عمر: إِن أَبَا هُرَيْرَة يَقُول:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " من تبع جَنَازَة فَلهُ قِيرَاط من الْأجر. " فَقَالَ ابْن عمر: أَكثر علينا أَبُو هُرَيْرَة. فَبعث إِلَى عَائِشَة فَسَأَلَهَا، فصدقت أَبَا هُرَيْرَة، فَقَالَ ابْن عمر: لقد فرطنا فِي قراريط كَثِيرَة.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن الْأَعْرَج إِلَى قَوْله: " الجبلين العظيمين ".
وَفِي حَدِيث عبد الْأَعْلَى:
حَتَّى يفرغ مِنْهَا ".(3/118)