مقتل حجر بن عدي
20324
(ك) } لا تغسلوا عني دما ولا تطلقوا عني قيدا وادفنوني في ثيابي فإنا نلتقي غدا بالجادة {
عن محمد بن سيرين قال قال حجر بن عدي : (ك) عن ابن سيرين أن زيادا أطال الخطبة فقال حجر بن عدي الصلاة فمضى في خطبته فقال له الصلاة وضرب بيده إلى الحصى وضرب الناس بأيديهم إلى الحصى فنزل فصلى ثم كتب فيه إلى معاوية فكتب معاوية أن سرح به إلي فسرحه إليه فلما قدم عليه قال السلام عليك يا أمير المؤمنين قال وأمير المؤمنين أنا إني لا أقيلك ولا أستقيلك فأمر بقتله فلما انطلقوا به طلب منهم أن يأذنوا له فيصلي ركعتين فأذنوا له فصلى ركعتين ثم قال لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما وادفنوني في ثيابي فإني مخاصم قال فقتل قال هشام كان محمد بن سيرين إذا سئل عن الشهيد ذكر حديث حجر
ك(5979)
في سنده انقطاع ، محمد بن سيرين لم حاضراً القصة ، ولم يبين من حدثه بها
وهذا نص الكتاب الذي بعث به زياد لمعاوية :(1/1)
قال الطبري: تسمية الذين بعث بهم إلى معاوية حجر بن عدي بن جبلة سنان والأرقم بن عبدالله سنان من بني الأرقم وشريك بن شداد الحضرمي وصيفي بن فسيل وقبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسي وكريم بن عفيف الخثعمي من بني عامر بن شهران ثم من قحافة وعاصم بن عوف البجلي وورقاء بن سمي البجلي وكدام بن حيان وعبدالرحمن بن حسان من بني هميم ومحرز بن شهاب التميمي من بني منقر وعبدالله بن حوية السعدي من بني تميم فمضوا بهم حتى نزلوا مرج عذراء فحبسوا بها ثم إن زيادا أتبعهم برجلين آخرين مع عامر بن الأسود العجلي بعتبة بن الأخنس من بني سعد بن بكر بن هوازن وسعيد بن نمران الهمداني ثم الناعطي فتموا أربعة عشر رجلا فبعث معاوية إلى وائل بن حجر وكثير بن شهاب فأدخلهما وفض كتابهما فقرأه على أهل الشام فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من زياد بن أبي سفيان أما بعد فإن الله قد أحسن عند أمير المؤمنين البلاء فكاد له عدوه من بغى عليه إن طواغيت من هذه الترابية السبئية رأسهم حجر بن عدي خالفوا أمير المؤمنين وفارقوا جماعة المسلمين ونصبوا لنا الحرب فأظهرنا الله عليهم وأمكننا منهم وقد دعوت خيار أهل المصر وأشرافهم وذوي منهم فشهدوا عليهم بما رأوا وعملوا وقد بعثت بهم إلى أمير المؤمنين وكتبت شهادة صلحاء أهل المصر وخيارهم في أسفل كتابي هذا فلما قرأ الكتاب وشهادة الشهود عليهم قال ماذا ترون في هؤلاء النفر الذين شهد عليهم قومهم بما تستمعون فقال له يزيد بن أسد البجلي أرى أن تفرقهم في قرى الشام ودفع وائل بن حجر كتاب شريح بن هانئ إلى معاوية فقرأه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله معاوية أمير المؤمنين من شريح بن هانئ أما بعد فإنه بلغني أن زيادا كتب إليك بشهادتي على حجر بن عدي وأن شهادتي على حجر أنه ممن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويديم الحج والعمرة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حرام الدم والمال فإن شئت(1/2)
فاقتله وإن شئت فدعه فقرأ كتابه على وائل بن حجر وكثير فقال ما أرى هذا إلا قد أخرج نفسه من شهادتكم فحبس القوم بمرج عذراء وكتب معاوية إلى زياد أما بعد فقد فهمت ما اقتصصت به من أمر حجر وأصحابه وشهادة من قبلك عليهم فنظرت في ذلك فأحيانا أرى قتلهم أفضل من تركهم وأحيانا أرى العفو عنهم أفضل من قتلهم والسلام فكتب إليه زياد مع يزيد بن حجية بن ربيعة التيمي أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت رأيك في حجر وأصحابه فعجبت لاشتباه الأمر عليك فيهم وقد شهد عليهم بما قد سمعت من هو أعلم بهم فإن كانت لك حاجة في هذا المصر فلا تردن حجرا وأصحابه إلي فأقبل يزيد بن حجية حتى مر بهم بعذراء فقال يا هؤلاء أما والله ما أرى ولقد جئت بكتاب فيه الذبح بما أحببتم مما ترون أنه لكم نافع أعمل به لكم وأنطق به فقال حجر أبلغ معاوية أنا على بيعتنا لا نستقيلها ولا نقيلها وأنه إنما شهد علينا الأعداء فقدم يزيد بالكتاب إلى معاوية فقرأه وبلغه يزيد مقالة حجر فقال معاوية زياد أصدق عندنا من حجر فقال عبدالرحمن بن أم الحكم الثقفي ويقال عثمان بن عمير الثقفي جذاذها جذاذها فقال له معاوية لا تعن أبرا فخرج أهل الشام ولا يدرون ما قال معاوية وعبدالرحمن فأتوا النعمان بن بشير فقالوا له مقالة ابن أم الحكم فقال النعمان قتل القوم وأقبل عامر بن الأسود العجلي وهو بعذراء يريد معاوية ليعلمه علم الرجلين اللذين بعث بهما زياد فلما ولى ليمضي قام إليه حجر بن عدي يرسف في القيود فقال يا عامر اسمع مني أبلغ معاوية أن دماءنا عليه حرام وأخبره أنا قد أومنا فليتق الله ولينظر في أمرنا فقال له نحوا من هذا الكلام فأعاد عليه حجر مرارا فكان الآخر عرض فقال قد فهمت لك أكثرت فقال له حجر إني ما سمعت بعيب وعلى أية تلوم إنك والله وتعطى وإن حجرا يقدم ويقتل فلا ألومك أن تستثقل كلامي اذهب عنك فكأنه استحيا فقال لا والله ما ذلك بي ولأبلغن ولأجهدن وكأنه يزعم أنه قد فعل وأن الآخر(1/3)
أبى فدخل عامر على معاوية فأخبره بأمر الرجلين قال وقام يزيد بن أسد البجلي فقال يا أمير المؤمنين هب لي ابني عمي وقد كان جرير بن عبدالله كتب فيهما إن امرأين من قومي من أهل الجماعة والرأي الحسن سعى بهما ساع ظنين إلى زياد فبعث بهما في النفر الكوفيين الذين وجه بهم زياد إلى أمير المؤمنين وهما ممن لا يحدث حدثا في الإسلام ولا بغيا على الخليفة ذلك عند أمير المؤمنين فلما سألهما يزيد ذكر معاوية كتاب جرير فقال قد كتب إلي ابن عمك فيهما جرير محسنا عليهما الثناء وهو أهل أن يصدق قوله وتقبل نصيحته وقد سألتني ابني عمك فهما لك وطلب وائل بن حجر في الأرقم فتركه له وطلب أبو الأعور السلمي في عتبة بن الأخنس فوهبه له وطلب حمرة بن مالك الهمداني في سعيد بن نمران الهمداني فوهبه له وكلمه حبيب بن مسلمة في ابن حوية فخلى سبيله وقام مالك بن هبيرة السكوني فقال لمعاوية يا أمير المؤمنين دع لي ابن عمي حجرا فقال إن ابن ابن عمك حجرا رأس القوم وأخاف إن خليت سبيله أن يفسد علي مصري غدا إلى أن نشخصك وأصحابك إليه بالعراق فقال له والله ما أنصفتني يا معاوية قاتلت معك ابن عمك فتلقاني منهم يوم كيوم صفين حتى ظفرت كفك وعلا كعبك ولم تخف الدوائر ثم سألتك ابن عمي وبسطت من القول بما لا أنتفع به وتخوفت فيما زعمت عاقبة الدوائر ثم انصرف والحاصل في بيته فبعث معاوية هدبة بن فياض القضاعي من بني سلامان بن سعد والحصين بن عبدالله الكلابي وأبا شريف البدي فأتوهم عند المساء فقال الخثعمي حين رأى الأعور مقبلا يقتل نصفنا وينجو نصفنا فقال سعيد بن نمران اللهم اجعلني ممن ينجو وأنت عني راض فقال عبدالرحمن بن حسان العنزي اللهم اجعلني من يكرم الآن وأنت عني راض فطالما عرضت نفسي للقتل فأبى الله إلا فجاء رسول معاوية إليهم بتخلية ستة وبقتل ثمانية فقال لهم رسول معاوية إنا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له فإن فعلتم تركناكم وإن أبيتم(1/4)
قتلناكم وإن أمير المؤمنين يزعم أن دماءكم قد حلت له بشهادة أهل مصركم أنه قد عفا عن ذلك من هذا الرجل نخل سبيلكم قالوا اللهم إنا لسنا فاعلي ذلك فأمر بقبورهم فحفرت وأدنيت أكفانهم وقاموا الليل كله يصلون فلما أصبحوا قال أصحاب معاوية يا هؤلاء لقد رأيناكم البارحة الصلاة وأحسنتم الدعاء فأخبرونا ما قولكم في عثمان قالوا هو أول من جار في الحكم وعمل بغير الحق فقال أصحاب معاوية أمير المؤمنين كان أعلم بكم ثم قاموا إليهم فقالوا تبرؤا من هذا الرجل قالوا بل نتولاه ونتبرأ ممن تبرأ منه فأخذ كل رجل منهم رجلا ليقتله ووقع قبيصة بن ضبيعة في يدي أبي شريف البدي فقال له قبيصة إن الشر بين قومي وقومك أمن سواك فقال له برتك رحم فأخذ الحضرمي فقتله وقتل القضاعي قبيصة بن ضبيعة قال ثم إن حجرا قال لهم دعوني أتوضأ قالوا له توضأ فلما أن توضأ قال لهم دعوني أصل ركعتين فأيم الله ما توضأت قط إلا صليت ركعتين قالوا لتصل فصلى ثم انصرف فقال والله ما صليت صلاة قط أقصر منها ولولا أن تروا أن ما بي جزع من الموت لأحببت أن أستكثر منها ثم قال اللهم إنا نستعديك على أمتنا فإن أهل الكوفة شهدوا علينا وإن أهل الشام يقتلوننا أما والله لئن قتلتموني بها إني لأول فارس من المسلمين هلك في واديها وأول رجل من المسلمين قتل كلابها فمشى إليه الأعور هدبة بن فياض بالسيف فأرعدت فصائله فقال كلا زعمت أنك لا تجزع من الموت فأنا أدعك فأبرأ من صاحبك فقال مالي لا أجزع وأنا أرى قبرا محفورا وكفنا منشورا وسيفا مشهورا وإني والله إن جزعت من القتل لا أقول ما يسخط الرب فقتله وأقبلوا يقتلونهم واحدا واحدا حتى قتلوا ستة فقال عبدالرحمن بن حسان العنزي وكريم بن عفيف الخثعمي ابعثوا بنا إلى أمير المؤمنين فنحن نقول في هذا الرجل مثل مقالته فبعثوا إلى معاوية يخبرونه فبعث إليهم أن ائتوني بهما فلما دخلا عليه قال الخثعمي الله الله يا معاوية فإنك منقول من هذه الدار(1/5)
الزائلة إلى الدار الآخرة الدائمة ثم مسؤول عما أردت بقتلنا وفيم سفكت دماءنا فقال معاوية ما تقول في علي قال أقول فيه قولك قال أتبرأ من دين علي الذي كان يدين الله به فسكت وكره معاوية أن يجيبه وقام شمر بن عبدالله من بني قحافة فقال يا أمير المؤمنين هب لي ابن عمي قال هو أني حابسه شهرا فكان يرسل إليه بين كل يومين فيكلمه وقال له إني لأنفس بك على العراق أن يكون فيهم مثلك ثم إن شمرا عاوده فيه الكلام فقال على هبة ابن عمك فدعاه فخلى سبيله على ألا يدخل إلى الكوفة ما كان له سلطان فقال تخير أي بلاد العرب أحب إليك أن أسيرك إليها فاختار الموصل فكان يقول لو قد مات معاوية قدمت المصر فمات قبل معاوية بشهر ثم أقبل على عبدالرحمن العنزي فقال إيه يا أخا ربيعة ما قولك في علي قال دعني ولا تسألني فإنه خير لك قال والله لا أدعك حتى تخبرني عنه قال أشهد أنه كان من الذاكرين الله كثيرا ومن الآمرين بالحق والقائمين بالقسط والعافين عن الناس قال فما قولك في عثمان قال هو أول من فتح باب الظلم وأرتج أبواب الحق قال قتلت نفسك قال بل إياك قتلت ولا ربيعة بالوادي يقول حين كلم شمر الخثعمي في كريم بن عفيف الخثعمي ولم يكن له أحد من قومه يكلمه فيه فبعث به معاوية إلى زياد وكتب إليه أما بعد فإن هذا العنزي شر من بعثت فعاقبه عقوبته التي هو أهلها واقتله شر قتلة فلما قدم به على زياد بعث به زياد إلى قس الناطف فدفن به حيا قال ولما حمل العنزي والخثعمي إلى معاوية قال العنزي لحجر يا حجر لا يبعدنك الله فنعم أخو الإسلام كنت وقال الخثعمي لا تبعد ولا تفقد فقد كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ثم ذهب بهما بصره وقال كفى بالموت قطاعا لحبل القرائن فذهب بعتبة بن الأخنس وسعيد بن نمران بعد حجر بأيام فخلى سبيلهما تسمية من قتل من أصحاب حجر رحمه الله حجر بن عدي وشريك بن شداد الحضرمي وصيفي بن فسيل الشيباني وقبيصة بن ضبيعة العبسي ومحرز بن شهاب(1/6)
السعدي ثم المنقري وكدام بن حيان العنزي وعبدالرحمن بن حسان العنزي فبعث به إلى زياد فدفن حيا بقس الناطف فهم سبعة قتلوا وكفنوا وصلى عليهم قال فزعموا أن الحسن لما بلغه قتل حجر وأصحابه قال صلوا عليهم وكفنوهم واستقبلوا بهم القبلة قالوا نعم قال ورب الكعبة تسمية من نجا منهم كريم بن عفيف الخثعمي وعبدالله بن حوية التميمي وعاصم بن عوف البجلي وورقاء بن سمي البجلي والأرقم بن عبدالله سنان وعتبة بن الأخنس من بني سعيد بن بكر وسعيد بن نمران الهمداني فهم سبعة وقال مالك بن هبيرة السكوني حين أبى معاوية أن يهب له حجرا وقد اجتمع إليه قومه من كندة والسكون وناس من اليمن كثير فقال والله لنحن أغنى عن معاوية من وإنا لنجد في قومه منه بدلا ولا يجد منا في الناس خلفا سيروا إلى هذا الرجل من أيديهم فأقبلوا يسيرون ولم يشكوا أنهم بعذراء لم يقتلوا فاستقبلتهم قتلتهم قد خرجوا منها فلما رأوه في الناس ظنوا أنما جاء بهم ليخلص حجرا من أيديهم فقال لهم ما وراءكم قال تاب القوم وجئنا معاوية فسكت عنهم ومضى نحو عذراء فاستقبله بعض من جاء منها فأخبره أن القوم قد قتلوا فقال علي بالقوم وتبعتهم الخيل حتى دخلوا على معاوية فأخبروه خبر ما أتى له مالك بن هبيرة ومن معه من الناس فقال لهم معاوية اسكنوا فإنما هي حرارة يجدها في نفسه وكأنها قد طفئت ورجع مالك حتى نزل في منزله ولم يأت معاوية فأرسل إليه معاوية فأبى أن يأتيه فلما كان الليل بعث إليه بمائة ألف درهم وقال له إن أمير المؤمنين لم يمنعه أن يشفعك في ابن عمك إلا شفقة عليك وعلى أصحابك أن يعيدوا لكم حربا أخرى وأن حجر بن عدي لو قد بقي خشيت أن يكلفك وأصحابك الشخوص إليه وأن يكون ذلك من البلاء على المسلمين ما هو أعظم من قتل حجر فقبلها وطابت نفسه وأقبل إليه من غده في جموع قومه حتى دخل عليه ورضي عنه قال أبو مخنف وحدثني عبدالملك بني نوفل بن مساحق أن عائشة رضي الله عنها بعثت عبدالرحمن بن(1/7)
الحارث بن هشام إلى معاوية في حجر وأصحابه فقدم عليه وقد قتلهم فقال له عبدالرحمن أين غاب عنك حلم أبي قال غاب عني حين غاب عني مثلك من حلماء قومي وحملني ابن سمية فاحتملت قال أبو مخنف قال عبدالملك بن نوفل كانت عائشة تقول لولا أنا لم تغير شيئا إلا آلت بنا الأمور إلى أشد مما كنا فيه لغيرنا قتل حجر أما والله إن كان ما علمت لمسلما حجاجا معتمرا قال أبو مخنف وحدثني عبدالملك بن نوفل عن سعيد المقبري أن معاوية حين حج مر على عائشة رضوان الله عليها فاستأذن عليها فأذنت له فلما قعد قالت له يا معاوية ما يأمنك أن أخبأ لك من يقتلك قال بيت الأمن دخلت قالت يا معاوية أما خشيت الله في قتل حجر وأصحابه قال لست أنا قتلتهم إنما قتلهم من شهد عليهم قال أبو مخنف حدثني زكرياء بن أبي زائدة عن أبي إسحاق قال أدركت الناس وهم يقولون إن أول ذل دخل الكوفة موت الحسن بن علي وقتل حجر بن عدي ودعوة زياد قال أبو مخنف وزعموا أن معاوية قال عند موته يوم لي من ابن عدي ثلاث مرات يعني حجرا قال أبو مخنف عن الصقعب بن زهير عن الحسن قال أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذو الفضيلة واستخلافه ابنه بعده سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب وادعاؤه زيادا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر وقتله حجرا ويلا له من حجر مرتين وقالت هند ابنة زيد بن مخرمة الأنصارية وكانت تشيع ترثي حجرا ترفع أيها القمر المنير تبصر هل ترى حجرا يسير يسير إلى معاوية بن حرب ليقتله كما زعم الأمير تجبرت الجبابر بعد حجر وطاب لها الخورنق والسدير وأصبحت البلاد بها محولا كأن لم يحيها مزن مطير ألا يا حجر حجر بني عدي تلقتك السلامة والسرور أخاف عليك ما أردى عديا وشيخا في دمشق له زئير يرى قتل الخيار عليه حقا له من شر أمته وزير ألا يا ليت حجرا(1/8)
مات موتا ولم ينحر كما نحر البعير فإن تهلك فكل زعيم قوم من الدنيا إلى هلك يصير وقالت الكندية ترثي حجرا ويقال بل قائلها هذه الأنصارية دموع عيني ديمة تقطر تبكي على حجر وما تفتر لو كانت القوس على أسره ما حمل السيف له الأعور
تاريخ الطبري ج: 3 ص: 228-232
قلت : وهذه الرواية مملوءة بالمغالطات والأكاذيب ، وهي من ترهات أبي مختف لوط بن يحيى ، ولا يكمن أن يصدقها عاقل ، صحيح أن بعض ما فيها مما اتفق الرواة على نقله لكن قول زياد عن هؤلاء الترابية نسبة إلى أبي تراب علي - رضي الله عنه - فكذب مفضحوح ، وطلب معاوية منهم التبري من علي وسبه ، وكذلك قول بعضهم في عثمان رضي الله عنه وقول الحسن البصري في معاوية وهكذا يفعل هذا الأفاك الأشر يأتي ببعض الحق ويدخل أكاذيبه وسمومه به
قال ابن أبي حاتم في الجرح :
1030 لوط بن يحيى أبو مخنف روى عن صقعب بن زهير ومجالد بن سعيد روى عنه أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء سمعت أبى يقول ذلك نا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول أبو مخنف ليس بثقة نا عبد الرحمن قال سمعت أبى يقول أبو مخنف متروك الحديث
وفي الميزان 6998 6832 لوط بن يحيى أبو مخنف أخباري تالف لا يوثق به تركه ابو حاتم وغيره وقال الدارقطني ضعيف وقال ابن معين ليس بثقة وقال مرة ليس بشيء وقال ابن عدي شيعي محترق صاحب أخبارهم قلت روى عن الصعق بن زهير وجابر الجعفي ومجالد روى عنه المدائني وعبد الرحمن بن مغراء مات قبل السبعين ومائة
وفي الإصابة :(1/9)
1631 حجر بضم أوله وسكون الجيم بن عدي بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي المعروف بحجر بن الأدبر حجر الخير وذكر بن سعد ومصعب الزبيري فيما رواه الحاكم عنه أنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم هو وأخوه هانئ بن عدي وأن حجر بن عدي شهد القادسية وأنه شهد بعد ذلك الجمل وصفين وصحب عليا فكان من شيعته وقتل بمرج عذراء بأمر معاوية وكان حجر هو الذي افتتحها فقدر أن قتل بها وقد ذكر ابن الكلبي جميع ذلك وذكره يعقوب بن سفيان في أمراء علي يوم صفين وروى ابن السكن وغيره من طريق إبراهيم بن الأشتر عن أبيه أنه شهد هو حجر بن الأدبر موت أبي ذر بالربذة أما البخاري وابن أبي حاتم عن أبيه وخليفة بن خياط وابن حبان فذكروه في التابعين وكذا ذكره بن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة فإما أن يكون ظنه آخر وإما أن يكون ذهل وروى بن قانع في ترجمته من طريق شعيب بن حرب عن شعبة عن أبي بكر بن حفص عن حجر بن عدي رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن قوما يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها وروى أحمد في الزهد والحاكم في المستدرك من طريق بن سيرين قال أطال زياد الخطبة فقال حجر الصلاة فمضى في خطبته فحصبه حجر والناس فنزل زياد فكتب إلى معاوية فكتب إليه أن سرح به إلي فلما قدم قال السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال أو أمير المؤمنين أنا قال نعم فأمر بقتله فقال لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما فإني لاق معاوية بالجادة وإني مخاصم وروى الروياني والطبراني والحاكم من طريق أبي إسحاق قال رأيت حجر بن عدي وهو يقول ألا إني على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها وروى بن أبي الدنيا والحاكم وعمر بن شبة من طريق ابن عون عن نافع قال لما انطلق بحجر بن عدي كان ابن عمر يتخبر عنه فأخبر بقتله وهو بالسوق فأطلق حبوته وولى وهو يبكي وروى يعقوب بن سفيان في تاريخه عن أبي الأسود قال دخل معاوية على(1/10)
عائشة فعاتبته في قتل حجر وأصحابه وقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يقتل بعدي أناس يغضب الله لهم وأهل السماء في سنده انقطاع وروى إبراهيم بن الجنيد في كتاب الأولياء بسند منقطع أن حجر بن عدي أصابته جنابة فقال للموكل به أعطني شرابي أتطهر به ولا تعطني غدا شيئا فقال أخاف أن تموت عطشا فيقتلني معاوية قال فدعا الله فانسكبت له سحابة بالماء فأخذ منها الذي احتاج إليه فقال له أصحابه ادع الله أن يخلصنا فقال اللهم خر لنا قال فقتل هو وطائفة منهم قال خليفة وأبو عبيد وغير واحد قتل سنة إحدى وخمسين وقال يعقوب بن إبراهيم بن سعد كان قتله سنة ثلاث وخمسين وقال ابن الكلبي وكان لحجر بن عدي ولدان عبدالله وعبدالرحمن قتلا مع المختار لما غلب عليه مصعب وهرب بن عمهما معاذ بن هانئ بن عدي إلى الشام وابن عمهم هانئ بن الجعد بن عدي كان من أشراف الكوفة.
وقال ابن كثير :
ما روي من إخبار عن مقتل حجر بن عدي وأصحابه: قال يعقوب بن سفيان ثنا ابن بكير ثنا ابن لهيعة حدثني الحارث عن يزيد عن عبد الله بن رزين الغافقي قال سمعت علي بن أبي طالب يقول يا أهل العراق سيقتل منكم سبعة نفر بعذراء مثلهم كمثل أصحاب الأخدود فقتل حجر بن عدي وأصحابه قال البيهقي لا يقول علي مثل هذا إلا أنه يكون سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم (قلت : فيه ابن لهيعة وفيه كلام وعبد الله بن رزين الغافقي فيه نزعة تشيع وهذا يدعو لنحلته فلا يقبل حديثه فيما ينصر بدعته وسيمر زيادة رد عليه)(1/11)
وقال يعقوب بن سفيان قال أبو نعيم ذكر زياد بن سمية علي بن أبي طالب على المنبر فقبض حجر على الحصباء ثم أرسلها وحصب من حوله زيادا فكتب إلى معاوية يقول إن حجرا حصبني وأنا على المنبر فكتب إليه معاوية أن يحمل حجرا فلما قرب من دمشق بعث من يتلقاهم فالتقى معهم بعذراء فقتلهم(قلت : هذا الخبر بغير سند فلا يعول عليه ، وزياد قد كان من أصحاب علي رضي الله عنه وقاتل معه فلا يجهل فضائله )
وقال يعقوب بن سفيان حدثنا حرملة ثنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود قال دخل معاوية على عائشة فقالت ما حملك على قتل أهل عذراء حجرا وأصحابه فقال يا أم المؤمنين إني رأيت قتلهم إصلاحا للأمة وأن بقاءهم فسادا فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء (قلت في سنده انقطاع أبو الأسود لم يسمع من عائشة ولا معاوية بل من عروة )
وقال يعقوب بن سفيان ثنا عمرو بن عاصم ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن مروان بن الحكم قال دخلت مع معاوية على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت يا معاوية قتلت حجرا وأصحابه وفعلت الذي فعلت أما خشيت أن أخبأ لك رجلا فيقتلك قال لا إني في بيت أمان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الايمان قيد الفتك لا يفتك لا يفتك مؤمن يا أم المؤمنين كيف أنا فيما سوى ذلك من حاجاتك قالت صالح قال فدعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا عز وجل 0(قلت هذا إسناد حسن وهو أقوى ما ورد بين عاءشة أم المؤمنين رضي الله عنها ومعاوية رضي الله عنه)
وقال الذهبي في السير : 95(1/12)
حُجْرُ بنُ عَدِيِّ بنِ جَبَلَةَ بنِ عَدِيِّ بنِ رَبِيْعَةَ الكِنْدِيُّ ابْنِ مُعَاوِيَةَ الأَكْرَمِيْنَ بنِ الحَارِثِ بنِ مُعَاوِيَةَ الكِنْدِيُّ، وَهُوَ حُجْرُ الخَيْرِ، وَأَبُوْهُ عَدِيُّ الأَدْبَرُ. وَكَانَ قَدْ طُعِنَ مُوَلِّياً، فَسُمِّيَ الأَدْبَرَ، الكُوْفِيُّ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّهِيْدُ. لَهُ: صُحْبَةٌ، وَوِفَادَةٌ.قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَفَدَ مَعَ أَخِيْهِ هَانِئِ بنِ الأَدْبَرِ، وَلاَ رِوَايَةَ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.وَسَمِعَ مِنَ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ.رَوَى عَنْهُ: مَوْلاَهُ؛ أَبُو لَيْلَى، وَأَبُو البَخْتَرِيِّ الطَّائِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.وَكَانَ شَرِيفاً، أَمِيْراً مُطَاعاً، أَمَّاراً بِالمَعْرُوفِ، مُقْدِماً عَلَى الإِنْكَارِ، مِنْ شِيْعَةِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.شَهِدَ صِفِّيْنَ أَمِيْراً، وَكَانَ ذَا صَلاَحٍ وَتَعَبُّدٍ.قِيْلَ: كَذَّبَ زِيَادَ بنَ أَبِيْهِ مُتَوَلِّي العِرَاقِ وَهُوَ يَخْطُبُ، وَحَصَبَهُ مَرَّةً أُخْرَى، فَكَتَبَ فِيْهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ.فَعَسْكَرَ حُجْرٌ فِي ثَلاَثَةِ آلاَفٍ بِالسِّلاَحِ، وَخَرَجَ عَنِ الكُوْفَةِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ، وَقَعَدَ، فَخَافَ زِيَادٌ مِنْ ثَوْرَتِهِ ثَانِياً، فَبَعَثَ بِهِ فِي جَمَاعَةٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ.قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ حُجْرٌ جَاهِلِيّاً، إِسْلاَمِيّاً، شَهِدَ القَادِسِيَّةَ.وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَ مَرْجَ عَذْرَاءَ، وَكَانَ عَطَاؤُهُ فِي أَلْفَيْنِ وَخَمْسِ مائَةٍ.(1/13)
وَلَمَّا قَدِمَ زِيَادٌ وَالِياً، دَعَا بِهِ، فَقَالَ:تَعْلَمُ أَنِّيْ أَعْرِفُكَ، وَقَدْ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ عَلَى مَا عَلِمْتَ مِنْ حُبِّ عَلِيٍّ، وَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ غَيْرُ ذَلِكَ، فَأَنْشُدُكَ اللهَ أَنْ يُقْطَرَ لِي مِنْ دَمِكَ قَطْرَةٌ، فَأَسْتَفْرِغَهُ كُلَّهُ، أَمْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ مَنْزِلُكَ، وَهَذَا سَرِيرِي فَهُوَ مَجْلِسُكَ، وَحَوَائِجُكَ مَقْضِيَّةٌ لَدَيَّ، فَاكْفِنِي نَفْسَكَ، فَإِنِّي أَعْرِفُ عَجَلَتَكَ، فَأَنْشُدُكَ اللهَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي نَفْسِكَ، وَإِيَّاكَ وَهَذِهِ السِّفْلَةِ أَنْ يَسْتَزِلُّوكَ عَنْ رَأْيِكَ، فَإِنَّكَ لَوْ هُنْتَ عَلَيَّ، أَوِ اسْتَخْفَفْتُ بِحَقِّكَ، لَمْ أَخُصَّكَ بِهَذَا. (3/464) فَقَالَ: قَدْ فَهِمْتُ، وَانْصَرَفَ.فَأَتَتْهُ الشِّيْعَةُ، فَقَالُوا: مَا قَالَ لَكَ؟فَأَخْبَرَهُم.قَالُوا: مَا نَصَحَ.فَأَقَامَ وَفِيْهِ بَعْضُ الاعْتِرَاضِ، وَالشِّيْعَةُ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ، وَيَقُوْلُوْنَ:إِنَّكَ شَيْخُنَا وَأَحَقُّ مَنْ أَنْكَرَ، وَإِذَا أَتَى المَسْجِدَ، مَشَوْا مَعَهُ.فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ خَلِيْفَةُ زِيَادٍ عَلَى الكُوْفَةِ عَمْرُو بنُ حُرَيْثٍ - وَزِيَادٌ بِالبَصْرَةِ -: مَا هَذِهِ الجَمَاعَةُ؟ فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: تُنكِرُوْنَ مَا أَنْتُم فِيْهِ؟ إِلَيْكَ وَرَاءكَ أَوْسَعُ لَكَ.فَكَتَبَ عَمْرٌو إِلَى زِيَادٍ: إِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِالكُوْفَةِ، فَعَجِّلْ. فَبَادَرَ، وَنَفَّذَ إِلَى حُجْرٍ عَدِيَّ بنَ حَاتِمٍ، وَجَرِيرَ بنَ عَبْدِ اللهِ، وَخَالِدَ بنَ عُرْفُطَةَ، لِيُعْذِرُوا إِلَيهِ، وَأَنْ يَكُفَّ لِسَانَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: يَا غُلاَمُ! اعْلِفِ البَكْرَ.(1/14)
فَقَالَ عَدِيٌّ: أَمَجْنُوْنٌ أَنْتَ؟ أُكَلِّمُكَ بِمَا أُكلِّمُكَ، وَأَنْتَ تَقُوْلُ هَذَا؟! وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ بَلَغَ بِهِ الضَّعْفُ إِلَى كُلِّ مَا أَرَى.وَنَهَضُوا، فَأَخْبَرُوا زِيَاداً، فَأَخْبَرُوْهُ بِبَعْضٍ، وَخَزَنُوا بَعْضاً، وَحَسَّنُوا أَمْرَهُ، وَسَأَلُوا زِيَاداً الرِّفْقَ بِهِ، فَقَالَ: لَسْتُ إِذاً لأَبِي سُفْيَانَ.فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الشُّرَطَ وَالبُخَارِيَّةَ، فَقَاتَلَهُم بِمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ انْفَضُّوا عَنْهُ، وَأُتِيَ بِهِ إِلَى زِيَادٍ وَبِأَصْحَابِهِ، فَقَالَ: وَيْلَكَ! مَا لَكَ؟ قَالَ: إِنِّيْ عَلَى بَيْعَتِي لِمُعَاوِيَةَ. فَجَمَعَ زِيَادٌ سَبْعِيْنَ، فَقَالَ: اكْتُبُوا شَهَادَتَكُم عَلَى حُجْرٍ وَأَصْحَابِهِ. ثُمَّ أَوْفَدَهُم عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَبَعَثَ بِحُجْرٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَيْهِ، فَبَلَغَ عَائِشَةَ الخَبَرُ، فَبَعَثَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ تَسْأَلُهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيْلَهُم. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لاَ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُم، هَاتُوا كِتَابَ زِيَادٍ.فَقُرِئَ عَلَيْهِ، وَجَاءَ الشُّهُودُ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اقْتُلُوْهُم عِنْدَ عَذْرَاءَ.فَقَالَ حُجْرٌ: مَا هَذِهِ القَرْيَةُ؟ قَالُوا: عَذْرَاءُ. قَالَ: أَمَا -وَاللهِ- إِنِّيْ لأَوَّلُ مُسْلِمٍ نَبَّحَ كِلاَبَهَا فِي سَبِيْلِ اللهِ.ثُمَّ أُحْضِرُوا مَصْفُودِيْنَ، وَدَفَعَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُم إِلَى رَجُلٍ، فَقَتَلَهُ. فَقَالَ حُجْرٌ: يَا قَوْمُ، دَعُوْنِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.فَتَرَكُوهُ، فَتَوَضَّأَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَطَوَّلَ. فَقِيْلَ لَهُ: طَوَّلْتَ، أَجَزِعْتَ؟ فَقَالَ: مَا صَلَّيْتُ صَلاَةً أَخَفَّ مِنْهَا، وَلَئِنْ جَزِعْتُ لَقَدْ رَأَيْتُ سَيْفاً مَشْهُوْراً، وَكَفَناً مَنْشُوراً، وَقَبْراً مَحْفُوراً.(1/15)
وَكَانَتْ عَشَائِرُهُم قَدْ جَاؤُوهُم بِالأَكْفَانِ، وَحَفَرُوا لَهُمُ القُبُوْرَ.وَيُقَالُ: بَلْ مُعَاوِيَةُ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ.وَقَالَ حُجْرٌ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعْدِيكَ عَلَى أُمَّتِنَا، فَإِنَّ أَهْلَ العِرَاقِ شَهِدُوا عَلَيْنَا، وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَتَلُوْنَا.فَقِيْلَ لَهُ: مُدَّ عُنُقَكَ.فَقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَدَمٌ مَا كُنْتُ لأُعِيْنَ عَلَيْهِ.وَقِيْلَ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ هُدْبَةَ بنَ فَيَّاضٍ، فَقَتَلَهُم، وَكَانَ أَعْوَرَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُم مِنْ خَثْعَمَ، فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتِ الطَّيرُ، قُتِلَ نِصْفُنَا، وَنَجَا نِصْفُنَا. فَلَمَّا قَتَلَ سَبْعَةً، بَعَثَ مُعَاوِيَةُ بِرَسُولٍ بِإِطْلاَقِهِم، فَإِذَا قَدْ قُتِلَ سَبْعَةٌ، وَنَجَا سِتَّةٌ، وَكَانُوا ثَلاَثَةَ عَشَرَ.وَقَدِمَ ابْنُ هِشَامٍ بِرِسَالَةِ عَائِشَةَ، وَقَدْ قُتِلُوا، فَقَالَ: يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ! أَيْنَ عَزَبَ عَنْكَ حِلْمُ أَبِي سُفْيَانَ؟ قَالَ: غَيْبَةُ مِثْلِكَ عَنِّي - يَعْنِي: أَنَّهُ نَدِمَ -. (3/465)
(قلت: وهذا عندي أقرب خبر للواقع ، فقد نصحه زياد فلم ينتصح وأراد أن يثير فتنة في الكوفة أرض الفتن ، ولا أظن والياً يلاطف مخالفيه كما فعل زياد معه ، وتصرفات حجر لا شك أنها ستؤدي إلى فتنة أشد وبلاء أعظم فيتحمل الضر الخاص في سبيل دفع ضرر عام ، وكم جرت الفتن على المسلمين من مصائب ، وكان لأهل الكوفة قصب السبق فيها من اعتراضهم على الولاة إلى قيامهم على عثمان والمشاركة في قتله وما جر ذلك من ويلات تلت ، فرأى معاوية أن في قتلهم درأً للشر وقطعاً لدابر الفتنة ولا سيما أن حجراً كان السيد المطاع فيهم والرأس المدبر، ولنا أن نقول : كان الأجدر بمعاوية أن ينفيهم إلى أمكنة لا يستطيعون الفتنة فيها ، ولكن قدر الله وما شاء فعل ، ونسأل الله تعلى أن يعفو عنهما )(1/16)
وَقَالَتْ هِنْدُ الأَنْصَارِيَّةُ وَكَانَتْ شِيْعِيَّةً إِذْ بُعِثَ بِحُجْرٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ:
تَرفَّعْ أَيُّهَا القَمَرُ المُنِيْرُ * تَرَفَّعْ هَلْ تَرَى حُجْراً يَسِيْرُ؟
يَسِيْرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بنِ حَرْبٍ * لِيَقْتُلَهُ كَمَا زَعَمَ الخَبِيْرُ
تَجَبَّرَتِ الجَبَابِرُ بَعْدَ حُجْرٍ * فَطَابَ لَهَا الخَوَرْنَقُ وَالسَّدِيرُ
وَأَصْبَحَتِ البِلاَدُ لَهُ مُحُولاً * كَأَنْ لَمْ يُحْيِهَا يَوْماً مَطِيرُ
أَلاَ يَا حُجْرُ - حُجْرَ بَنِي عَدِيٍّ - * تَلَقَّتْكَ السَّلاَمَةُ وَالسُّرُوْرُ
أَخَافُ عَلَيْكَ مَا أَرْدَى عَدِيّاً * وَشَيْخاً فِي دِمَشْقَ لَهُ زَئِيْرُ(1/17)
فَإِنْ تَهْلِكْ فُكُلُّ عَمِيدِ قَوْمٍ * إِلَى هُلْكٍ مِنَ الدُّنْيَا يَصِيرُ (3/466) قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: لَمَّا أُتِيَ بِحُجْرٍ، قَالَ: ادْفِنُوْنِي فِي ثِيَابِي، فَإِنِّيْ أُبْعَثُ مُخَاصِماً.(إسناده صحيح ) وَرَوَى: ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ فِي السُّوقِ، فَنُعِيَ إِلَيْهِ حُجْرٌ، فَأَطْلَقَ حَبْوَتَهُ، وَقَامَ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ النَّحِيْبُ.(نعم إنه يبكي وحق له البكاء وقد حذر من الفتن كثيراً ولم يقع بها ووقع بها غيره فهو يبكي هذه الأمة عندما تعصف بها الفتن ، وهو الذي لا يحب أن تسفك قطرة دم بيم المسلمين فلم لا يبكي وهذا ديدنه ) هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: لَمَّا أُتِيَ مُعَاوِيَةُ بِحُجْرٍ، قَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! قَالَ: أَوَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَنَا؟ اضْرِبُوا عُنُقَهُ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ لأَهْلِهِ: لاَ تُطْلِقُوا عَنِّي حَدِيداً، وَلاَ تَغْسِلُوا عَنِّي دَماً، فَإِنِّي مُلاَقٍ مُعَاوِيَةَ عَلَى الجَادَّةِ.وَقِيْلَ: إِنَّ رَسُوْلَ مُعَاوِيَةَ عَرَضَ عَلَيْهِم البَرَاءةَ مِنْ رَجُلٍ وَالتَّوبَةَ، فَأَبَى ذَلِكَ عَشْرَةٌ، وَتَبَرَّأَ عَشْرَةٌ،( قلت : هكذا ذكره بصيغة التمريض قيل إشارة لعدم صحته) فَلَمَّا انْتَهَى القَتْلُ إِلَى حُجْرٍ، جَعَلَ يُرْعَدُ. وَقِيْلَ: لَمَّا حَجَّ مُعَاوِيَةُ، اسْتَأْذَنَ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: أَقَتَلْتَ حُجْراً؟ قَالَ: وَجَدْتُ فِي قَتْلِهِ صَلاَحَ النَّاسِ، وَخِفْتُ مِنْ فَسَادِهِم.وَكَانَ قَتْلُهُم فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ، وَمَشْهَدُهُم ظَاهِرٌ بِعَذْرَاءَ، يُزَارُ.وَخَلَّفَ حُجْرٌ وَلَدَيْنِ: عُبَيْدَ اللهِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ، قَتَلَهُمَا مُصْعَبُ بنُ الزُّبَيْرِ الأَمِيْرُ، وَكَانَا يَتَشَيَّعَانِ. ((1/18)
3/467)
وقال ابن العربي في العواصم:
فإن قيل: فقد قَتل حُجرَ بن عديّ - وهو من الصحابة مشهور بالخير - صبراً أسيراً بقول زياد، وبَعثت إليه عائشة في أمره فوجدته قد فات بقتله. قلنا: علمنا قتل حجر كلنا، واختلفنا: فقائل يقول قتله [ص 212] ظلماً، وقائل يقول قتله حقاً. فإن قيل: الأصل قتله ظلماً إلا إذا ثبت عليه ما يوجب قتله. قلنا: [ص 213] الأصل أن قتل الإمام بالحق، فمن ادعى أنه بالظلم فعليه الدليل. ولو كان ظلماً محضاً لما بقي بيت إلا لعن فيه معاوية. وهذه مدينة السلام دار خلافة بني العباس - وبينهم وبين بني أمية ما لا يخفى على الناس - مكتوب على أبواب مساجدها: "خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم معاوية خال المؤمنين رضي الله عنهم". ولكن حجراً - فيما يقال - رأى من زياد أموراً منكرة، فحصبه، وخلعه، وأراد أن يقيم الخلق للفتنة، فجعله معاوية ممن سعى في الأرض فساداً. وقد كلمته عائشة في أمره حين حج، فقال لها: دعيني وحجراً حتى نلتقي عند الله. وأنتم معشر المسلمين أولى أن تدَعوهما حتى يقفا بين يدي الله مع صاحبهما العدل الأمين المصطفى المكين، وما أنتم ودخولكم حيث لا تشعرون، فما لكم لا تسمعون؟
(رحمك الله يا أبا بكر بن العربي لقد نطقت بالحق )
وقال ابن عساكر :(1/19)
حجر بن عدي الادبر بن جبلة بن عدي ابن ربيعة بن معاوية بن ثور بن مرتع بن ثور وهو كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة ابن ادد بن زيد بن يشجب بن غريب بن زيد بن كهلان بن سبأ ويسمى أبوه الادبر لانه طعن موليا فسمي الادبر أبو عبد الرحمن الكندي من أهل الكوفة وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمع عليا وعمار بن ياسر وشراحيل بن مرة ويقال شرحبيل روى عنه أبو ليلى الكندي مولاه وعبد الرحمن بن عابس وأبو البختري الطائي وغزا الشام في الجيش الذين افتتحوا عذراء وشهد صفين مع علي أمير المؤمنين أميرا وقتل بعذراء من قرى دمشق ومسجد قبره بها معروف
عن عبادة بن زياد الاسدي نبأنا قيس بن الربيع عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي البختري عن حجر بن عدي قال سمعت شراحيل بن مرة قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ابشر يا علي حياتك وموتك معي انتهى (قلت: فيه عبادة بن زياد قال فيه ابن عدي بعد أن ذكر هذا الحديث : عبادة بن زياد هو من أهل الكوفة من الغالين في الشيعة وله أحاديث مناكير في الفضائل0 الكامل في ضعفاء الرجال ج: 4 ص: 349 فلا يصح حديثه هذا )
عن أبي طوق عن جابر الجعفي وذكر عن محمد بن بشر قال قام حجر بن عدي يخطب على شاطئ الفرات حمد الله تعالى واثنى عليه ثم قال اشهد أني سمعت شرحيل بن مرة يزعم انه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول أ بشر يا علي حياتك وموتك معي انتهى (قلت: في جابر الجعفي غال في التشيع ، فلا تنفع متابعته، وفيه مجاهيل)
عن أبي إسحاق عن أبي ليلى قال قال حجر بن عدي بن سمعت علي بن أبي طالب يقول الوضوء نصف الإيمان (صحيح موقوف)
عن أبي إسحاق عن أبي ليلى الكندي عن حجر بن عدي ورأى ابن أخ له خرج من الخلاء فقال يا ويلتي تلك من الكوة فقرأها فقال حدثنا علي بن أبي طالب أن الطهر نصف الإيمان انتهى (صحيح موقوف)(1/20)
عن أبي إسحاق عن أبي ليلى الكندي قال دخلنا على حجر بن عدي الكندي فقلنا له أن ابنك خرج بالغائط ولم يرفع بالوضوء رأسا فقال له يا جارية ناوليني الصحيفة من الكوة فناولته فقرأ فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما حدثني علي بن أبي طالب أن الطهور نصف الإيمان انتهى (صحيح موقوف)
عن أبي هلال التغلبي عمير بن نمير حدثني غلام لحجر بن عدي الكندي قال قلت لحجر أني رأيت ابيك أتى الخلاء ولم يتوضأ قال ناولني تلك الصحيفة من الكوة فناولته فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما سمعت علي بن أبي طالب أن الطهور نصف الإيمان (صحيح موقوف)
أبو بشر الدولابي نبأنا معاوية بن صالح قال سمعت يحيى بن معين يقول في أهل الكوفة حجر بن الادبر الكندي سمع من علي انتهى
محمد بن سعد قال في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة حجر بن الادبر الكندي والادبر بن عدي بن جبلة قتله معاوية انتهى كذا فيه وعدي الثاني مزيد انتهى
وقال محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من الصحابة حجر الخير بن عدي الادبر وانما طعن موليا فسمي الادبر بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الاكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندي جاهلي إسلامي وفد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد القادسية وهو الذي افتتح مرج عذار وشهد الجمل وصفين مع علي بن أبي طالب وكانوا ألفين وخمسمائة من العطاء وقتله معاوية بن أبي سفيان وأصحابه بمرج عذراء وابناه عبيد الله وعبد الرحمن ابنا حجر بن عدي وقتلهما مصعب بن الزبير صبرا وكانا يتشيعان وكان حجر ثقة معروفا ولم يرو عن غير علي شيئا انتهى كذا قال وقد قدمنا ذكر روايته عن عمار وشراحبيل بن مرة انتهى
قال أبو الحسن الدارقطني : حجر بن عدي بن الادبر الكندي وقيل الادبر هو عدي روى عن علي بن أبي طالب روى عنه أبو ليلى الكندي قيل انه يكنى أبا عبد الرحمن قتل سنة إحدى وخمسين انتهى(1/21)
قال أحمد العسكري وأما حجر الحاء مضمومة والجيم ساكنة ويجوز ضمها في اللغة فمنهم حجر بن عدي بن الادبر جاهلي اسلامي يذكر بعضهم انه وفد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - هو وأخوه وأكثر أصحاب الحديث لا يصححون له رواية شهد القادسية وافتتح مرج عذراء وشهد الجمل وصفين مع علي ثم قتله معاوية بعد ذلك وكان مع علي بصفين حجر الخير وحجر الشر فأما حجر الخير فهذا وأما حجر الشر فهو حجر بن يزيد بن سلمة بن مرة انتهى
عن أبي إسحاق قال قال سلمان لحجر يا ابن أم حجية لو تقطعت أعضاؤ نا ما بلغنا الإيمان انتهى (صحيح موقوف)
عن حجاج بن محمد نبأنا أبو معشر قال كان حجر بن عدي رجلا من كندة وكان عابدا قال ولم يحدث قط إلا توضأ وما يهريق ماء إلا توضأ وما توضأ إلا صلى انتهى (فيه انقطاع)
عن السري بن يحيى عن عبد الكريم بن رشيد أن حجر بن عدي بن الادبر كان يلمس فراش أمه بيده فيتهم غليظ يده فينقلب على ظهره فإذا أمن أن يكون عليه شيء أضجعها انتهى (صحيح موقوف)
وقال خليفة العصفري في تسمية الأمراء من أصحاب علي يوم صفين قال أبو عبيدة وعلى الكندة حجر بن عدي الكندي انتهى عن جعفر بن سليمان الضبعي حدثني صاحب لنا عن يونس بن عبيد قال كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة أني قد احتجت إلى مال فامدني بمال فجهز المغيرة إليه عيرا تحمل المال فلما فصلت العير بلغ حجرا وأصحابه فجاء حتى اخذ بالقطار فحبس العير قال لا والله حتى توفي كل ذي حق حقه فبلغ المغيرة ذلك أنه قد رد العير معه فقال شباب ثقيف ائذن لنا أصلحك الله فيه فنأتيك برأسه الساعة قال لا والله ما كنت لأركب هذا من حجر أبدا فبلغ معاوية فاستعمل زيادا وعزل المغيرة (قلت : هذا لا يصح فيه جهالة وانقطاع ومعاوية لم يزل المغيرة ن بل بقي أميراً حتى وفاته كما ثبت بالأحاديث الصحيحة)(1/22)
عن محمد بن الزبير الحنظلي حدثني مولى زياد قال ارسلني زياد إلى حجر بن الادبر فأبى أن يأتيه ثم عادني إليه فأبى أن يأتيه قال فأرسل إليه أبي( قلت لا صح هذا الخبر فيه جهالة وضعف محمد بن الزبير )
عن ابن عون عن محمد قال لما كان من حجر الذي كان بعث به إلى معاوية فلما دخل عليه قال السلام عليك أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فقال معاوية أو أمير المؤمنين أنا قال نعم والله قال والله لاقيلك ولا أستقيلك قال فكلمه ثم أمر به فقتل انتهى قال أبي وحجر بن عدي بن جبلة الكندي انتهى (صحيح لكنه مختصر)(1/23)
عن حجاج بن محمد حدثني أبو معشر قال فاعترف به معاوية وأمره على العراقين يعني زيادا قال فلما قدم الكوفة دعا حجر بن الأدبر فقال يا أبا عبد الرحمن كيف تعلم حبي لعلي قال شديد قال فإن ذاك قد انسلخ اجمع فصار بغضا فلا تكلمني بشيء نكرهه فإني احذرك فكان إذا جاء إبان العطاء قال حجر لزياد أخرج العطاء فقال جاء إبانه فكان يخرجه وكان لا ينكر حجر شيئا على زياد إلا رده عليه فخرج زياد إلى البصرة واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث فصنع عمرو شيئا كرهه حجر فناداه وهو على المنبر فرد عليه ما صنع فحصبه هو وأصحابه قال فأبرد عمرو مكانه بريدا إلى زياد وكتب إليه بما صنع حجر فلما قدم البريد على زياد ندم عمرو بن حريث وخشي أن يكون من سطواته ما يكره وخرج زياد من البصرة إلى الكوفة فتلقاه عمرو بن حريث في بعض الطريق فقال إنه لم يكن شيء يكرهه وجعل يسكنه فقال زياد كلا والذي نفسي بيده حتى آتي الكوفة فأنظر ماذا صنع فلما قدم الكوفة سأل عمرا عن البينة وسأل أهل الكوفة فشهد شريح في رجال معه على أنه حصب عمرا ورد عليه واجتمع حجر وثلاثة آلاف من أهل الكوفة فلبسوا السلاح وجلسوا في المسجد فخطب زياد الناس وقال يا أهل الكوفة ليقم كل رجل منكم إلى سفيهه فليأخذه فجعل الرجل يأتي ابن أخيه وابن عمه وقريبه فيقول قم يا فلان قم يا فلان حتى بقي حجر في ثلاثين رجلا فدعاه زياد فقال أبا عبد الرحمن قد نهيتك أن تكلمني وإن لك عهد الله ألا تراب بشيء حتى تأتي أمير المؤمنين وتكلمه فرضي بذلك حجر وخرج إلى معاوية ومعه عشرون رجلا من أصحابه ومعه رسل زياد حتى نزلوا مرج العذراء قال أما والله إني لأول خلق الله كبَّر فيها انتهى(في سنده انقطاع ورجاله ثقات )(1/24)
قال وأنبأنا عبد الله قال اخبرت عن جعفر بن سليمان عن هشام قال قال ابن سيرين لم يكن لزياد هم لما قدم الكوفة إلا حجرا وأصحابه فتكلم يوما زياد وهو على المنبر فقال إن من حق أمير المؤمنين من حق أمير المؤمنين مرارا فقال كذبت ليس ذلك فسكت زياد ونظر إليه ثم عاد في كلامه فقال إن من حق أمير المؤمنين إن من حق أمير المؤمنين مرارا نحوا من كلامه فأخذ حجر كفا من حصا فحصبه وقال كذبت كذبت كذبت عليك لعنة الله قال فانحدر زياد من المنبر وصلى ثم دخل الدار وانصرف حجر فبعث إليه زياد الخيل والرجال أجب قال حجر أني والله ما أنا بالذي يخاف ولا آتيه أخاف على نفسي قال هشام قال ابن سيرين لو مال لمال أهل الكوفة معه ولكن كان رجلا ورعا وأابى زياد أن يقلع عنه الخيل والرجال حتى اصطلحا أن يقيده بسلسلة ويرسله في ثلاثين من أصحابه إلى معاوية فلما خرج اتبعه زياد بردا بالكتب بالركض إلى معاوية إن كان لك في سلطانك حاجة أو في الكوفة حاجة فاكفني حجرا وجعل يرفع الكتب إلى معاوية حتى ألهفه عليه فقدم فدخل عليه فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين قال معاوية أو أمير المؤمنين أنا قال نعم ثلاثا فأمر بحجر وبخمسة عشر رجلا من أصحابه قد كتب زياد فيهم وسماهم وأخرج حجرا وأصحابه الخمسة عشر وقد أمر بضرب أعناقهم فقال حجر للذي أمر بقتله دعني فلأصلي ركعتين قال صله فصلى ركعتين خفيفتين فلما سلم أقبل على الناس فقال لولا أن تقولوا جزع من القتل لأحببت أن تكون ركعتان أنفس مما كانتا وايم الله لئن لم تكن صلاتي فيما مضى تنفعني فما هاتان بنافعتي شيئا ثم أخذ برده فتحرم به ثم قال لمن يليه من قومه ومن يتحرن به لا تخلوا قيودي ولا تغسلوا عني الدم فإني اجتمع أنا ومعاوية غدا على المحجة انتهى (فيه جهالة ولكنه مع الذي قبله أقرب للصحة والواقع )(1/25)
عن محمد بن الزبير الحنظلي عن فيل مولى زياد قال لما قدم زياد الكوفة أميرا أكرم حجر بن الأ دبر وأدناه فلما أراد الانحدار إلى البصرة دعاه فقال يا حجر إنك قد رأيت ما صنعت بك وإني إريد البصرة وأحب أن تشخص معي وإني أكره أن تخلف بعدي فعسى أن أبلغ عنك شيئا فيقع في نفسي فإذا كنت معي لم يقع في نفسي من ذاك شيء فقد علمت رأيك في علي بن أبي طالب وقد كان رأيي فيه قبلك على مثل رأيك فلما رأيت الله صرف ذلك الأمر عنه إلى معاوية لم أتهم الله ورضيت به وقد رأيت ما صار أمر علي وأصحابه وإني أحذرك أن تركب أعجاز أمور هلك من ركب صدرها فقال له حجر إني مريض ولا أستطيع الشخوص معك قال صدقت والله إنك لمريض مريض الدين مريض القلب مريض العقل وايم والله لئن بلغني عنك شيء أكرهه لاحرصن على قتلك فانظر إلى نفسك أو دع فخرج زياد فلحق بالبصرة واجتمع إلى حجر قراء أهل الكوفة فجعل عامل زياد لا ينفذ له أمر ولا يريد شيئا إلا منعوه إياه فكتب إلى زياد إني والله ما أنا في شيء وقد منعني حجر وأصحابه كل شيء فأنت أعلم فركب زياد بعماله حتى اقتحم الكوفة فلما قدمها تغيب حجر وأصحابه فجعل يطلبه فلا يقدر عليه فبينما هو جالس يوما وأصحاب الكراسي حوله فيهم الأشعث بن قيس إذ أتى الأشعث ابنه محمد فناجاه وبلغه أن الكراسي حوله فيهم الأشعث بن قيس إذ أتى الأشعث ابنه محمد فناجاه وبلغه أن حجرا قد لجأ إلى منزله فقال له زياد ما قال لك ابنك قال لا شيء قال والله لتخبرني ما قال لك حتى أعلم انك قد صدقت أو لا تبرح مجلسك حتى أقتلك فلما عرف الأشعث أخبره فقال لرجل من أهل الكوفة من أشرافهم قم فائتني به قال اعفني أصلحك الله من ذلك ابعث غيري قال لعنة الله عليك خبيثا مخبثا والله لتأتيني به وإلا قتلتك فخرج الرجل حتى دخل عليه فأخذه وأخبر حجر الخبر فقال له ابعث إلى جرير بن عبد الله فليكلمه فيك فإني أخاف أن يعجل عليك فدخل جرير على زياد فكلمه فقال هو آمن من أن(1/26)
اقتله ولكن أخرجه فابعث به إلى معاوية فجاء به على ذلك فأخرجه من الكوفة ورهطا معه وكتب إلى معاوية أن اغن عني حجرا إن كان لك فيما قبلي حاجة فبعث معاوية فتلقي بالعذراء فقتل هو وأصحابه وملك زياد العراق خمس سنين ثم مات سنة ثلاث وخمسين انتهى (قلت: في سنده محمد بن البير الحنظلي ضعيف وإن كان معناها قريب من الصحة)
عن يعقوب بن سفيان قال قال أبو نعيم ذكر زياد بن سمية علي بن أبي طالب على المنبر فقبض حجر على الحصباء ثم أرسلها وحصب من حوله زياد فكتب إلى معاوية أن حجرا حصبني وأنا على المنبر فكتب إليه معاوية أن تحمل إليه حجرا فلما قرب من دمشق بعث من يتلقاهم فالتقاهم بعذراء فقتلهم (قلت: هذا معضل وسقط منه رواة فلا يصح)(1/27)
عن محمد بن سعد قال وذكر بعض أهل العلم أنه يعني حجرا وفد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أخيه هانئ بن عدي وكان من أصحاب علي فلما قدم زياد بن أبي سفيان واليا على الكوفة دعا الحجر بن عدي فقال أتعلم أني أعرفك وقد كنت أنا وإياك على ما قد علمت يعني من حب علي بن أبي طالب وإنه قد جاء غير ذلك وإني أنشدك الله أن تقطر لي من دمك قطرة فأستفرغه كله املك عليك لسانك وليسعك منزلك هذا سريري فهو مجلسك وحوائجك مقضية لدي فاكفني نفسك فإني أعرف عجلتك فأنشدك الله يا أبا عبد الرحمن في نفسك وإياك وهذه السفلة وهؤلاء السفهاء أن يستزلوك عن رأيك فإنك لو هنت علي لو استخففت بحقك لم أخصك بهذا من نفسي فقال حجر قد فهمت ثم انصرف إلى منزله فأتاه إخوانه من الشيعة فقالوا ما قال لك الأمير قال قال لي كذا وكذا وكذا قالوا ما نصح لك فأقام وفيه بعض الاعتراض وكانت الشيعة يختلفون إليه ويقولون إنك شيخنا وأحق الناس بإنكار هذا الأمر وكان إذا جاء إلى المسجد مشوا معه فأرسل إليه عمرو بن حريث وهو يومئذ خليفة زياد على الكوفة وزياد بالبصرة أبا عبد الرحمن ما هذه الجماعة وقد أعطيت الأمير من نفسك ما قد علمت قال للرسول تنكرون ما أنتم فيه إليك وراءك أوسع لك فكتب عمرو بن حريث بذلك إلى زياد وكتب إليه إن كانت لك حاجة بالكوفة فالعجل فاغذَّ زياد السير حتى قدم الكوفة فأرسل إلى عدي بن حاتم وجرير بن عبد الله البجلي وخالد بن عرفطة العذري حليف بني زهرة وإلى عدة من أشراف أهل الكوفة فارسلهم إلى حجر بن عدي ليعذر إليه وينهاه عن هذه الجماعة وأن يكف لسانه عن ما يتكلم به فأتوه فلم يجبهم إلى شيء فلم يكلم أحدا منهم وجعل يقول يا غلام اعلف البكر قال وبكر في ناحية الدار فقال له عدي بن حاتم امجنون أنت اكلمك بما اكلمك به وأنت تقول يا غلام اعلف البكر فقال عدي لأصحابه ما كنت أظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما أرى فنهض القوم عنه وأتوا زيادا وأخبروه بعض(1/28)
وخزنوا بعضا وحسنوا آمره وسألوا زيادا الرفق به فقال لست إذا لأبي سفيان فأرسل إليه الشرط والبخارية فقاتلهم بمن معه ثم انفضوا عنه وأتي به زياد وبأصحابه فقال له ويلك ما لك قال إني على بيعتي لمعاوية لا أقيلها ولا أستقيلها فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة فقال اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه ففعلوا ثم وفدهم على معاوية وبعث بحجر وأصحابه إليه وبلغ عائشة الخبر فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي إلى معاوية يسأله أن يخلي سبيلهم فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي يا أمير المؤمنين جدادها جدادها لا تعن بعد العام أثرا فقال معاوية لا أحب أن أراهم ولكن اعرضوا علي كتاب زياد فقرئ عليه الكتاب وجاء الشهود فشهدوا فقال معاوية بن أبي سفيان أخرجوهم إلى عذراء فاقتلوهم هنالك قال فحملوا إليها فقال حجر ما هذه القرية قالوا عذراء قال الحمد لله أنا والله لأول مسلم نبح كلابها في سبيل الله ثم أتي بي اليوم إليها مصفودا ودفع كل رجل منهم إلى رجل من أهل الشام ليقتله قال ودفع حجر إلى رجل من حمير فقدمه ليقتله فقال يا هؤلاء دعوني لأصلي ركعتين فتركوه فتوضأ وصلى ركعتين فطول فيهما فقيل له طولت أجزعت فانصرف فقال ما توضأت قط إلا صليت وما صليت صلاة قط أخف من هذه ولئن جزعت لقد رأيت سيفا مشهورا وكفنا منشورا وقبرا محفورا وكانت عشائرهم جاؤوهم بالأكفان وحفروا لهم القبور ويقال بل معاوية الذي حفر لهم القبور وبعث إليهم بالأكفان وقال حجر اللهم إنا نستعديك على أمتنا فإن أهل العراق شهدوا علينا وإن أهل الشام قتلونا قال فقيل لحجر مد عنقك فقال إن ذاك لدم ما كنت لأعين عليه فقدم فضربت عنقه وكان معاوية قد بعث رجلا من بني سلامان بن سعد يقال له هدبة بن فياض قال الصوري وفي نسخة قباص مضبوط مجود فقتلهم وكان أعور فنظر إليه رجل منهم من خثعم فقال إن صدقت الطير قتل نصفنا ونجا نصفنا قال فلما قتل سبعة أردف معاوية برسول بعافيتهم جميعا فقتل(1/29)
سبعة ونجا ستة وقيل ستة ونجا سبعة قال وكانوا ثلاثة عشر رجلا وقدم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية برسالة عائشة وقد قتلوا فقال يا أمير المؤمنين أين عزب عنك حلم أبي سفيان فقال غيبة مثلك عني من قومي (قلت : فيه جهالة ولكنه أقرب الأخبار للصحة ن وفيه يظهر خوف زياد ومعاوية من الفتنة التي يمكن أن تحدث لو ترك عدي وأصحابه ، ومع أن معاوية قد أمر بقتلهم إلا أنه أراد ان يعفو عنهم ولكن بعد أن قتل نصفهم ، وهذا يدل على عدم حرص معاوية على سفك الدماء ، ولكن سبق السيف العذل )
وقد كانت هند ابنة زيد بن مخربة قال الصوري وفي نسخة مخزية الأنصارية وكانت شيعية قالت حين سير حجر إلى معاوية
ترفع أيها القمر المنير * ترقع هل ترى حجرا يسير
يسير إلى معاوية بن حرب * ليقتله كما زعم الخبير
تجبرت الجبابر بعد حجر * وطاب لها الخورنق والسدير
واصبحت البلاد له محولا * كأن لم يحيها يوم مطير
إلا يا حجر حجر بني عدي * تلقتك السلامة والسرور
أ عليك ما أردى عديا * وشيخا في دمشق له زئير
فإن تهلك فكل عميد قوم * إلى هلك من الدنيا يصير
وقد رويت هذه الأبيات لهندة أخت حجر بن عدي وزيد فيها بيت قبل البيت الأخير وهو
يرى قتل الخيار عليه حقا * له من شر أمته وزير(1/30)
عن إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم الخولاني قال لما أتي معاوية بن أبي سفيان بحجر بن الأدبر وأصحابه استشار الناس في قتلهم فمنهم المشير ومنهم الساكت ثم دخل منزله فلما صلى الظهر قام في الناس فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال أين عمرو بن الأسود فقام عمرو بن الأسود فحمد الله وأثنى عليه وقال ألا أنا بحصن من الله حصين لم نمله ولم نؤمر بتركه فذكر الحديث فقال ابن عياش فقلت لشرحبيل بن مسلم كيف صنع بهم قال قتل بعضا وخلى سبيل بعض فقلت لشرحبيل بن مسلم ما كان شأنهم قال وجدوا كتابا لهم إلى أبي بلال أن محمدا وأصحابه قاتلوا على التنزيل فقاتلوهم أنتم على التأويل انتهى (قلت شرحبيل بن مسلم فيه ضعف)
عن المسعودي عن معاوية بن هشام عن عطا بن مسلم عن عمرو بن قيس قال والله لحدثنيه بعض أصحابنا أن حجر بن عدي كان عند زياد وهو يومئذ على الكوفة إذ جاءه قوم قد قتل منهم رجل فجاء أولياء القتيل وأولياء المقتول فقالوا هذا قتل صاحبنا فقال أولياء القاتل صدقوا ولكن هذا نبطي وصاحبنا عربي ولا يقتل عربي بنبطي فقال زياد صدقتم ولكن أعطوهم الدية فقالوا لا حاجة لنا بالدية إنما كنا نرى أن الناس فيه سواء فقام حجر بن عدي فقال تعطيل كتاب الله وخلاف سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأنا حي لتقتلنه أو لأضربن بسيفي حتى أموت والإسلام عزيز قال فوالله ما برح حتى وضع السكين على حلقه وكان يقول أول ذل دخل على الكوفة قتل حجر بن عدي انتهى اسم المسعودي هذا يوسف بن كليب (قلت : فيه جهالة ، ويوسف بن كليب لم أجد له ترجمة)
عن سفيان عن أبي إسحاق قال رأيت حجر بن عدي وهو يقول ألا إني على بيعتي لا أقيل ولا أستقيل سماع الله والناس انتهى (إسناده صحيح ، لكن إذا كان على بيعته فلم فعل ما فلعل؟)
عن الأعمش عن زياد بن علاقة قال رأيت حجر بن ادبر حين أخرج به زياد إلى معاوية ورجلاه من جانب وهو على بعير انتهى (إسناده صحيح)(1/31)
عن سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن شريحا كان يؤم قومه فاتهموه في حجر يعني حجر بن الأدبر فتقدم ذات يوم فقالوا له تأخر فالتفت إليهم فقال أكلكم على هذا قالوا نعم فتأخر ولم يتقدمهم انتهى (إسناده صحيح)
قال ونبأنا عبد الله نبأنا احمد بن إبراهيم نبأنا حجاج نبأنا أبو معشر قال ركب إليهم معاوية حتى أتاهم بمرج العذراء فلما أتاهم سلم عليهم وسألهم من أنت من أنت من أنت حتى انتهى إلى حجر فقال من أنت قال حجر بن عدي قال كم مر بك من السنين قال كذا وكذا قال كيف أنت والنساء اليوم فأخبره ثم انصرف فأرسل إليهم رجلا أعور معه عشرون كفنا فلما رآه حجر تفاءل وقال يقتل نصفكم ويترك نصفكم قال فجعل الرسول يعرض عليهم التوبة والبراءة من علي فأبى عشرة وتبرأ عشرة فقال فقتل الذين أبوا وترك الذين تبرءوا وحفر لهم قبورهم فجعل يقتلهم ويدفنهم فلما انتهى إلى حجر جعل حجر يرعد فقال له الذي أراد قتله ما لك ترعد قال قبر محفور وكفن منشور وسيف مشهور قال تبرأ من علي قال لا أتبرأ منه فضرب عنقه ودفنه فلما كان بعد ذلك دخل عليه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال أقتلت حجر بن الأدبر قال أقتل حجر بن الأدبر أحب الي من أن أقتل معه مائة ألف قال أفلا سجنته فيكفيكه طواعين أهل الشام قال غاب عني مثلك في قومي يشير علي بمثل هذا المشورة فلما حج معاوية دخل على عائشة فقالت له يا معاوية قتلت حجر بن الأدبر قال أقتل حجر أحب الي من أن أقتل معه مائة ألف انتهى ( قلت في سنده انقطاع أبو نجيح بن عبد الرحمن السندي لم يكن مولوداً أثناء القصة ولا يصح)(1/32)
هشيم نبأنا داود بن عمرعن نجيح بن عبد الرحمن السندي قال لما بعث زياد حجر بن عدي وخرج به إلى معاوية قال فأمر معاوية بسجنهم بمكان يقال له مرج عذراء قال ثم استشار الناس فيهم قال فجعلوا يقولون القتل القتل فقام عبد الله بن يزيد بن أسد البجلي وهو أبو خالد وأسد ابني عبد الله القشيري فقال يا أمير المؤمنين أنت راعينا ونحن رعيتك فإن عاقبت قلنا أصبت وإن عفوت قلنا أحسنت والعفو أقرب وكل راع مسؤول عن رعيته قال قيدوا القوم على قوله انتهى (حسن لغيره )
عنداود بن عمروالأودي عن بسر بن عبيد الله الحضرمي قال لما بعث زياد بحجر بن عدي واصحابه إلى معاوية قال فأمر معاوية بحبسهم بمكان يقال له مرج العذراء قال ثم استشار الناس فيهم قال فجعلوا يقولون القتل القتل قال فقال عبد الله بن يزيد بن أسد البجلي وهو أبو خالد وأسد بني عبد الله القشيري فقال يا أمير المؤمنين أنت راعينا ونحن رعيتك وأنت ركننا ونحن عمادك فان عاقبت قلنا أصبت وإن عفوت قلنا أحسنت والعفو أقرب إلى التقوى وكل راع مسؤول عن رعيته فتفرق القوم على قوله انتهى (حسن لغيره)(1/33)
عن ابن عياش يعني إسماعيل حدثني شرحبيل بن مسلم حدثني أبو شرحبيل شيخ ثقة من ثقات أهل الشام قال لما بعث بحجر بن عدي بن الادبر وأصحابه من العراق إلى معاوية بن أبي سفيان استشار الناس في قتلهم فمنهم المشير ومنهم الساكت فدخل معاوية إلى منزله فلما صلى الظهر قام في الناس فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم جلس على المنبر فقام المنادي فنادى أين عمرو بن الأسود العنسي فقام فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال أنا بحصن من الله حصين لم نؤمر بتركه قولك يا أمير المؤمنين في أهل العراق ألا وأنت الراعي ونحن الرعية ألا وأنت أعلمنا برأيهم وأقدرنا على دوائهم وإنما علينا أن نقول سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير قال معاوية أما عمرو بن الاسود فقد تبرأ إلينا من دمائهم ورمى بها ما بين عيني معاوية ثم قام المنادي فنادى أين أبو مسلم الخولاني فقام فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال أما بعد فو الله ما أبغضناك منذ أحببناك ولا عصيناك منذ أطعناك ولا فارقناك منذ جامعناك ولا نكثنا ببيعتك منذ بايعناك سيوفنا على عواتقنا إن أامرتنا أطعناك وإن دعوتنا أجبناك وإن سبقتنا أدركناك وإن سبقناك نظرناك ثم جلس ثم قام المنادي فقال أين عبد الله بن محمد الشرعبي فقام فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال وقولك يا أمير المؤمنين في هذه العصابة من أهل العراق أن تعاقبهم فقد أصبت وإن تعفوا فقد أحسنت ثم جلس ثم قام المنادى فنادى أين عبد الله بن أسد القشيري فقام فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال يا أمير المؤمنين رعيتك وولايتك وأهل طاعتك إن تعاقبهم فقد جنوا على أنفسهم العقوبة وإن تعفوا فإن العفو أقرب للتقوى يا أمير المؤمنين لا تطع فينا من كان غشوما لنفسه ظلوما بالليل نؤوما عن عمل الآخرة سؤوما يا أمير المؤمنين إن الدنيا قد انخسفت أوتادها ومالت بها عمادها وأحبها أصحابها واقترب منها ميعادها ثم جلس فقلت لشرحبيل فكيف صنع قال قتل بعض واستحيا بعضا(1/34)
وكان فيمن قتل حجر بن عدي بن الأدبر ( إسناده حسن)
عن محمد بن بشر العبدي نبأنا يونس بن أبي إسحاق عن أبيه قال قال حجر والله لئن قتلت بعذراء أني لأول الناس ادعوهم بالتكبير في زمن أبي بكر انتهى (صحيح)
عن العوام عن سلمة بن كهيل قال قال حجر حيث أمر معاوية بضرب عنقه اللهم إني على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها انتهى (صحيح ، لكن لماذا فعل ما فعل ؟ )
عن عبد الله حدثني زهير بن حرب قال سمعت أبا بكر بن عياش قال سمعت أبا يحيى يعني بن سفيان نسنة يقول قال حجرا أبلغوا عني معاوية أنا والله ما افتتنا ولا اتت علينا ليلة إلا صليناها أو صلينا فيها انتهى (فيه جهالة )
عن عمر بن مجاشع عن تميم بن الحارث قال قالوا لحجر حين أراد أن يقتل مد عنقك قال ما كنت لأاعين على دم رجل مسلم أو قال مهاجر انتهى (فيه جهالة )
عن معمر عن هشام بن حسان عن ابن سيرين قال أتي بحجر بن عدي حين دعا به معاوية فقال إني لا أرى هذا إلا قاتلي فان هو قتلني فلا تطلقوا عني حديدا وادفنوني بثيابي ودمي فاني ملاقي معاوية على الجادة انتهى (قلت قد صححته من قبل لكن بدا لي الآن أن فيه انقطاعا بين ابن سيرين وحجر بن عدي ، لأنه لم يكن معه أثناء وجوده بعذراء وإسناده إلى ابن سيرين صحيح)
عن هشام بن حسان قال كان محمد بن سيرين إذا سئل عن الشهيد ايغسل حدث عن حجر بن عدي إذ قتله معاوية قال قال حجر لا تلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما وادفنوني في ثيابي حتى القى معاوية على الجادة غدا انتهى (قلت فيه انقطاع)(1/35)
عن عون عن محمد قال لما جيء بحجر إلى معاوية فأمر به أن يقتل فقال اتركوني أصلي ركعتين قال فصلى ركعتين تحرز فيهما قال ثم قال لولا أن تروا أن بي جزعا لطولتها فأمر به فقتل فلما قدم المدينة قدم على أم المؤمنين عائشة فاستأذن عليها فأبت أن تأذن له فلم يزل حتى أذنت له فلما دخل عليها قالت له أنت الذي قتلت حجرا قال لم يكن عندي أحد ينهاني انتهى (قلت فيه انقطاع لكنه قريب من الصحة)
عن عبد الله بن مطيع بن هشيم بن مطيع عن بعض اشياخه أن الحسين بن علي سأل حيث صنع معاوية بحجر واصحابه قال ادفنوهم واستقبلوا بهم القتلة يعني فقالوا نعم قال حجة القوم (فيه جهالة )
يعقوب حدثني حرملة أنبأنا ابن وهب اخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود قال دخل معاوية على عائشة فقالت ما حملك على قتل حجر وأصحابه فقال يا أم المؤمنين أني رأيت قتلهم صلاحا للأمة وأان بقاءهم فسادا للأمة فقالت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم أهل السماء انتهى رواه ابن المبارك عن ابن لهيعة فلم يرفعه انتهى (قلت فيه انقطاع ، والصواب عدم رفعه)
اخبرناه أبو عبد الله البلخي أنبأنا أبو القاسم بن العلاف أنبأنا أبو الحسن الحمامي أنبأنا القاسم بن سالم نبأنا عبد الله بن احمد حدثني محمد بن محمد نبأنا احمد بن شبوية حدثني سليمان بن صالح حدثني عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال أن معاوية حج فدخل على عائشة رضي الله تعالى عنها فقالت يا معاوية قتلت حجر بن الأدبر وأصحابه أما والله لقد بلغني أنه سيقتل بعذراء سبعة رجال يغضب الله تعالى لهم أهل السماء انتهى(قلت وهذا لايصح لأن سعيداً لم يدرك معاوية )(1/36)
قال وأنبأنا عبد الله نبأنا سويد بن سعيد نبأنا أبو عبد الرحمن المقرىء عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن عبد الله بن زرير عن علي بن أبي طالب قال يا أهل الكوفة سيقتل فيكم سبعة نفر خياركم مثلهم كمثل أصحاب الأخدود منهم حجر بن الأدبر وأصحابه قتلهم معاوية بالعذراء من دمشق كلهم من أهل الكوفة ( سويد بن سعيد فيه كلام ، وفيه ابن لهيعة فيه كلام )
عن يعقوب بن سفيان نبأنا ابن أبي بكير حدثني ابن لهيعة حدثني الحارث بن يزيد عن عبد الله بن زرير الغافقي قال سمعت علي بن أبي طالب يقول يا أهل العراق سيقتل منكم سبعة نفر بعذراء يعني مثلهم كمثل أصحاب الأخدود قتل حجر وأصحابه انتهى (قلت فيه ابن لهيعة فيه كلام ، وفيه إشكال من حيث المعنى ، فجميع الروايات الصحيحة تبين أن حجراً فعل أشياء تستحق المؤاخذة ، وهذا الأثر الموقوف ، يبين أنه مثل أصحاب الخدود ، وقد أولئك ظلماً وعدواناً على يدي كافر ظالم ، فهل يصح هذا التشبيه ؟ معاذ الله أن نقول هذا عن معاوية رضي الله عنه ، وعبد الله بن زرير كان فيه نزعة تشيع ، ولذلك في نفسي من هذا الخبر شيء)
عن ابن عون عن نافع قال لما انطلق بحجر إلى معاوية كان ابن عمر يتحرى عنه يقول ما فعل حجر فجاء الخبر بقتله وهو محتبي في السوق فأطلق حبوته وولى يبكي انتهى(حسن)(1/37)
عن هشام بن حسان عن محمد قال أطال زياد الخطبة فقال له حجر الصلاة فمضى زياد في الخطبة فضرب حجر بيده إلى الحصى وقال الصلاة وضرب الناس بأيديهم الحصى فنزل زياد فصلى وكتب فيه زياد إلى معاوية فكتب معاوية أن سرح به الي فسرح به إليه فلما قدم عليه قال السلام عليك يا أمير المؤمنين قال أفأمير المؤمنين أنا قال نعم لا اقيلك ولا أستقيلك قال فأمر بقتله فلما انطلق به قال لهم دعوني لأصلي ركعتين قالوا نعم فصلى ركعتين ثم قال لهم لولا أن تروا غير الذي بي لأحببت أن تكون أطول مما كانتا ثم قال لا تطلقوا عني حديدا ولا تغسلوا عني دما وادفنوني في ثيابي فإني لاق معاوية بالجادة وإني مخاصم قال هشام فكان محمد إذا سئل عن الشهيد أيغسل ذكر حديث حجر بن عدي (قلت فيه انقطاع)
عن نافع قال كان ابن عمر في السوق فنعي له حجر فأطلق حبوته وقام وغلبه النحيب (صحيح ،قلت : كان ابن عمر رضي الله عنهما يؤثر العافية ولا يحب أن يقتل مسلم ، ولذلك لم يشترك في فتنة لا في سنانه ولا في لسانه)
قال ونبانا عبد الله نبأنا احمد بن إبراهيم نبأنا حجاج قال قال طلحة وحدثنا أبو عبيد الازدي أن علي بن الحسين أتاه ناس من أهل الكوفة من الشيعة فشكوا إليه ما صنع زياد بحجر وأصحابه وجعلوا يبكون عنده وقالوا نسأل الله أن يجعل قتله بأيدينا فقال مه إن في القتل كفارات ولكن نسأل الله تعالى أن يميته على فراشه كذا قال أبو عبيد وانما هو أبو عبيدة (قلت فيه جهالة ، وكذلك كيف يأتي أهل الكوفة إلى علي بن الحسين وهو لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره آنذاك ويدعون أبوه الحسين ؟!)(1/38)
عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن مروان بن الحكم قال دخلت مع معاوية على أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها قالت يا معاوية قتلت حجرا وأصحابه وفعلت الذي فعلت أما خشيت أن أخبأ لك رجلا فيقتلك قال لا إني في بيت أمان سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن يا أم المؤمنين كيف أنا فيما سوى ذلك من حاجاتك وأمورك قالت صالح قال فدعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا عز وجل انتهى (حسن)
عن عبد الله بن أبي مليكة أو غيره شك إسماعيل قال لما قدم معاوية دخل على عائشة فقالت اقتلت حجرا قال يا أم المؤمنين أني وجدت قتل رجل في صلاح الناس خير من استحيائه في فسادهم انتهى (حسن )
عن ابن عون عن محمد قال بلغ أم المؤمنين يعني عائشة أن معاوية قتل حجرا فجاء يستأذن عليها فمنعته فاستأذن حتى دخل فقالت أنت صاحب حجر قال لم يكن عندي من يمنعني (حسن)
قال ابن عون وأنبأنا نافع قال بلغ ابن عمر قتله وانه لفي السوق يحتبي فأطلق حبوته وقفا قال وسمعت نحيبه حين قفا (صحيح)(1/39)
عن ابن أبي مليكة أن معاوية جاء يستأذن على عائشة فأبت أن تأذن له فخرج غلام لها يقال له ذكوان قال ويحك أدخلني على عائشة فإنها قد غضبت علي فلم يزل بها غلامها حتى أذنت له وكان أطوع مني عندها فلما دخل عليها قال أمتاه فيما وجدت علي يرحمك الله قالت غضبت عليك في أنك جعلت منازل الحج قصورا وفجرت فيها العيون وجعلتها نخلا ووجدت عليك في شأن حجر وأصحابه إنك قتلتهم فقال لها أما قولك أني جعلت منازل الحاج بيوتا فان الحاج كانوا يقدمون فلا يجدون ظلا يستظلون فيه ولا يكون فيه أمتعتهم وأدواتهم ولا يستكنون من حر لا برد ولا مطر فجعلناها لهم ظلا يستظلون بها وما كان لي فيها قالت فإن كنت إنما فعلت ذلك لذلك فلا بأس وأما حجر وأصحابه فإني تخوفت أمرا وخشيت فتنة تكون تهراق فيها الدماء وتستحل فيها المحارم وأنت تخافيني دعيني والله يفعل بي ما يشاء قالت تركتك والله تركتك والله تركتك والله انتهى (حسن)
قال ونبأنا عبد الله قال اخبرت عن محمد بن حميد الرازي حدثنا أبو تميله عن عيسى بن عبيد عن عبد الخالق بن عمرو قال لما قتل معاوية بن أبي سفيان حجرا وأصحابه كتب إلي مروان بما دخله من الندامة فكتب إليه مروان فأين كان رأيك وأين كان حلمك وأين كان ما يرجى منك فكتب إليه أنك غبت عني وأصحابك في جفاء قيس وطغام اليمن قال وقتله رجل من بني قيس من بني مرة(فيه انقطاع ومحمد بن حميد الرازي فيه كلام )
عن عبد الله بن المبارك عن أبي بكر بن عياش قال دخل عبد الله بن يزيد بن أسد على معاوية وهو في مرضه الذي مات فيه فرأى منه جزعا فقال ما يجزعك يا أمير المؤمنين إن مت فإ لى الجنة وإن عشت فقد علم الله حاجة الناس إليك ؟ قال رحم الله إباك إن كان لناصحا نهاني عن قتل حجر بن الأدبر ثم عاده عبد الله بن يزيد فعاد معاوية مثل ذلك القول (حسن)(1/40)
عن سفيان الثوري قال قال معاوية ما قتلت أحدا إلا وأنا أعرف فيم قتلته وما أردت به ما خلا حجر بن عدي فإني لا أعرف فيما قتلته (قلت فيه انقطاع ، قلت وقد صح عنه سبب قتله ، فهذا الخبر بعيد عن الصحة)
عن يوسف بن موسى القطان قال سمعت جرير (بن عبد الحميد )الرازي يقول قال معاوية ما قتلت أحدا إلا وأنا اعلم فيم قتلته إلا حجر بن عدي ( قلت: وهذا لا يصح جرير ولد بعد موت معاوية بخمسين سنة)
عن الاحوص بن المفضل نبأنا أبي قال وفي سنة إحدى وخمسين قتل حجر بن عدي واصحابه انتهى
عن عبيد الله بن سعد الزهري قال قرأت بخط عمي يعقوب بن إبراهيم مات زياد بن أبي سفيان سنة ثلاث وخمسين وفيها قتل حجر بن الادبر الكندي انتهى
عن محمد بن الحكم نبأنا أبو مخنف لوط بن يحيى (قلت لوط متروك وتالف) قال قال عبد الله بن خليفة الطائي يرثي حجر بن عدي من قصيدة طويلة
اقول ولا والله انسى فعالهم * سجيس الليالي أو اموت فأقبرا
على أهل عذرا السلام مضاعف * من الله يسقيها السحاب الكهورا
ولاقى بها حجر من الله رحمة * فقد كان ارضى الله حجرا واعذرا
فيا حجر من للخيل تدمى نحورها * أو الملك العادي إذا ما تغشمرا
ومن صادع بالحق بعدك ناطق * بتقوى ومن يان قيل بالجور غبرا
فنعم اخو الإسلام كنت وانني * لاطمع أن تعطى الخلود وتحبرا
قد كنت تعطي السيف في الحرب حقه * وتعرف معروفا تنكر منكرا
قال وقال قيس بن فهدان الكندي يرثيه *
يا حجر يا ذا الخير والحجر يا ذا الفعال ونابه الذكر *
كنت المدافع عن ظلامتنا * عند الطلوع ومانع الثغر
أما فقلت فأنت خيرهم * في العسر ذي العيصاء واليسر
يا عين بكي خير ذي يمن * وزعيمها في العرف والنكر
فلأبكين عليك مكتئبا * فلنعم ذو القربى وذي الصهر
يا حجر من للمعتفين إذا * لزم الشتاء وقل من يقري
من لليتامى والأرامل أن * حقب الربيع وضن بالوفر
أم من لنا في الحرب أن بعثت * مستبسلا يفري كما يفري(1/41)
فسعدت ملتمس التقى وسقى * جدثا اجنك مسبل القطر
كانت حياتك إذ حييت لنا * عزا وموتك قاصم الظهر
وتريثنا في كل نازلة * نزلت بساحتنا ولا تبرى
يا طول مكتأبي لقتلهم حجرا * وطول حرارة الصدر
قد كدت اصعق جزعا * اسفا واموت من جزع على حجر
فلقد جدلت وقد قتلت * ومن لم تستعبه حوادث الدهر
فلذاك قلبي مشعر كمدا * ولذاك دمعي ليس بالنزر
ولذاك نسوتنا حواسر * يستبكين بالأشراق والظهر
ولذاك رهطي كلهم اسف * جم التأوه دمعه يجري
وقد تقدم في ترجمة الارقم بن عبد الله الكندي حديث طويل في ذكر قصة حجر وتسمية من قدم به معه ومن قتل منهم من رواية أبي مخنف لوط بن يحيى الازدي الكوفي يغنينا عن إعادتها 0 عساكر 12/207-234
ويقول الشيخ العلامة فيصل نور : مطاعن التيجاني في معاوية بن أبي سفيان والرد عليه في ذلك:(1/42)
من المسلم به أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه كان من أبرز من قاتل علياً رضي الله عنه بشأن مقتل عثمان والذي مثل زعامة الجانب المقابل لعلي في معركة صفين فما كان من التيجاني إلا أن صب جام غضبه عليه واتهمه بالظلم والضلال وسوف أسوق ادعاءات التيجاني على هذا الصحابي مفنداً لها ومدافعاً عن كاتب الوحي الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم (( اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به ))(*)يقول التيجاني (( أن عمر بن الخطاب الذي اشتهر بمحاسبة ولاته وعزلهم لمجرّد الشبهة نراه يلين مع معاوية بن أبي سفيان ولا يحاسبه أبداً وقد ولاّه أبو بكر وأقرّه عمر طيلة حياته ولم يعترض عليه حتى بالعتاب واللّوم، رغم كثرة الساعين الذين يشتكون من معاوية ويقولون له بأنّ معاوية يلبس الذهب والحرير اللذين حرمهما رسول الله على الرّجال، فكان عمر يجيبهم: دعوه فإنه كسرى العرب، واستمر معاوية في الولاية أكثر من عشرين عاماً لم يتعرّض له احد بالنقد ولا بالعزل ولمّا ولي عثمان خلافة المسلمين أضاف إليه ولايات أخرى مكّنته من الاستيلاء على الثروة الإسلامية وتعبئة الجيوش وأوباش العرب للقيام بالثورة على إمام الأمة والاستيلاء على الحكم بالقوة والغضب والتحكّم في رقاب المسلمين وارغامهم بالقوّة والقهر على بيعة ابنه الفاسق شارب الخمر يزيد وهذه قصّة أخرى طويلة بصدد تفصيلها في هذا الكتاب ))(1)، فأقول:1 يبدو أن التيجاني في كل ما يسوقه لا يستطيع أن يتخلى عن بعض الخصال التي يتمتع بها ومن ضمنها الجهل! فهو يدعي أن أبا بكر قد ولى معاوية فأقره عمر طيلة حياته! ولكن المعروف عند كل من درس سيرة الخلفاء أن أبا بكر قد ولى يزيد بن أبي سفيان الشام، وبقي واليا عليها في خلافة عمر وأقره عمر فلما توفي يزيد ولى أخاه معاوية بن أبي سفيان.(1/43)
2 أما أن عمر كان يلين مع معاوية ولا يحاسبه أبداً فما هو الدليل على ذلك؟ ومن أين يستقي هذا التيجاني هذه الإدعاءات؟ فهل من مصدر يرشدنا إليه وإلا فأقول له كما يقول الشاعر: والدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات أصحابها أدعياء! ولكن الثابت يشهد بخلاف ذلك فقد أورد ابن كثير في البداية (( أن معاوية دخل على عمر وعليه حلة خضراء فنظر إليها الصحابة، فلما رأى ذلك عمر وثب إليه بالدرة فجعل يضربه بها، وجعل معاوية يقول: يا أمير المؤمنين الله الله في، فرجع عمر إلى مجلسه فقال له القوم: لم ضربته يا أمير المؤمنين؟ وما في قومك مثله؟ فقال: والله ما رأيت إلا خيراً، وما بلغني إلا خير، ولو بلغني غير ذلك لكان مني إليك غير ما رأيتم، ولكن رأيته وأشار بيده فأحببت أن أضع منه ما شمخ ))(2).3 أما قوله (... رغم كثرة الساعين الذين يشتكون من معاوية ويقولون له بأن معاوية يلبس الذهب والحرير (!) اللذين حرمهما رسول الله على الرجال، فكان عمر يجيبهم: دعوه فإنه كسرى العرب )، فأقول: أ أما قوله رغم كثرة الساعين الذين يشتكون من معاوية يكذبه الواقع والتاريخ فقد مكث معاوية أربعين عاماً يحكم أهل الشام وكانت علاقته بهم علاقة حب وولاية لدرجة أنهم أجابوه بقوة للأخذ بدم عثمان. ب أما أنّ عمر قد قال في معاوية بأنه كسرى العرب عندما علم بأنه يلبس الذهب والحرير! فأرجو من المؤلف أن يرشدنا إلى المصدر الذي استقى منه هذا الكذب، والغريب أن يضرب عمر معاوية للبسه حلّة خضراء مباحة، ويسكت عليه عندما يلبس الذهب والحرير المحرّم؟! ت أما الرواية عن عمر هو ما رواه ابن أبي الدنيا عن أبي عبد الرحمن المدني قال (( كان عمر بن الخطاب إذا رأى معاوية قال: هذا كسرى العرب ))(3).(1/44)
4 ثم يقول ( واستمر معاوية في الولاية أكثر من عشرين عاماً لم يتعرض له أحد بالنقد ولا بالعزل ولما ولي عثمان خلافة المسلمين أضاف إليه ولايات أخرى مكنته من الإستيلاء على الثورة الإسلامية ...)، فأقول: أ ليس في تولية معاوية للشام أي مطعن في عمر أو عثمان فإنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ولى أبوه أبو سفيان على نجران حتى توفي بل كان الكثير من أمراء النبي صلى الله عليه وسلم من بني أمية (( فإنه استعمل على مكة عتّاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية، واستعمل خالد بن سعيد بن العاص بن أمية على صدقات مَذْحج وصنعاء اليمن، ولم يزل عليها حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم، واستعمل عمرو على تيماء وخيبر وقرى عرينة، وأبان بن سعيد بن العاص استعمله على البحرين برها وبحرها حين عزل العلاء بن الحضرمي، فلم يزل عليها حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم وأرسله قبل ذلك أميراً على سرايا منها سرية إلى نجد ))(4). ب وعندما ولي معاوية الشام كانت سياسته مع رعيته من أفضل السياسات وكانت رعيته تحبه ويحبُّهم (( قال قبيصة بن جابر: ما رأيت أحداً أعظم حلماً ولا أكثر سؤدداً ولا أبعد أناة ولا ألين مخرجاً، ولا أرحب باعاً بالمعروف من معاوية. وقال بعضهم: أسمع رجل معاوية كلاماً سيئاً شديداً، فقيل له لو سطوت عليه؟ فقال: إني لاستحي من الله أن يضيقَ حلمي عن ذنب أحد رعيتي. وفي رواية قال له رجل: يا أمير المؤمنين ما أحلمك؟ فقال: إني لأستحي أن يكون جرم أحد أعظم من حلمي ))(5)، لذلك استجابوا له عندما أراد المطالبة بدم عثمان وبايعوه على ذلك ووثقوا له أن يبذلوا في ذلك أنفسهم وأموالهم، أو يدركوابثأره أو ينفي الله أرواحهم قبل ذلك(6).(1/45)
ت أما ادعاؤه على معاوية أنه استولى على الثورة الإسلامية وتعبئة الجيوش وأوباش العرب للقيام بالثورة على إمام الأمة والاستيلاء على الحكم بالقوة والغصب والتحكم في رقاب المسلمين فهذا من أكبر الكذب على معاوية فإنه ما أراد الحكم ولا اعترض على إمامة عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه بل طالب بتسليمه قتلة عثمان ثم يدخل في طاعته بعد ذلك، فقد أورد الذهبي في ( السير ) عن يعلى بن عبيد عن أبيه قال (( جاء بو مسلم الخولاني وناس معه إلى معاوية فقالوا له: أنت تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال معاوية: لا والله إني لأعلم أن علياً أفضل مني، وإنه لأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أنّ عثمان قتل مظلوما، وأنا ابن عمه، وإنما أطلب بدم عثمان، فأتوه فقولوا له فليدفع إليّ قتلة عثمان وأسلّم لهُ فأتوْا علياً فكلّموه بذلك فلم يدفعهم إليه ))(7)، طالما أكّد معاوية ذلك بقوله (( ما قاتلت علياً إلا في أمر عثمان )) ، وهذا هو ما يؤكده عليّ ومن مصادر الشيعة الاثني عشرية أنفسهم، فقد أورد الشريف الرضي في كتاب نهج البلاغة في خطبة لعليّ قوله (( وبدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام، والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله، ولا يستزيدوننا، الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء ))(8)، فهذا عليّ يؤكد أن الخلاف بينه وبين معاوية هو مقتل عثمان وليس من أجل الخلافة أو التحكم في رقاب المسلمين كما يدعي التيجاني.5 أما قوله بأن معاوية أرغم المسلمين بالقوة والقهر على بيعة إبنه الفاسق شارب الخمر يزيد، فهذا من الكذب الظاهر فإن معاوية لم يرغم الناس على بيعة ابنه يزيد ولكنه عزم على الأخذ بعقد ولاية عهده ليزيد وتم له ذلك، فقد بايع الناس ليزيد بولاية العهد ولم يتخلّف إلا الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، وتوفيّ معاوية ولم يرغمهم على البيعة.(1/46)
أما أن يزيد فاسق شارب للخمر فهذا كذب أيضاً وندع محمد بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يجيب على هذا الادعاء لأنه أقام عند يزيد وهو أدرى به، قال ابن كثير في البداية (( لما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر ويترك الصلاة ويتعدّى حكم الكتاب. فقال لهم: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواضباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة، قالوا: فإن ذلك كان منه تصنّعاً لك. فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا. قالوا: إنه عندنا لحق وإن لم يكن رأيناه. فقال لهم أبى الله ذلك على أهل الشهادة، فقال { إلا من شهد بالحق وهم يعلمون } ولست من أمركم في شيء، قالوا: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نولّيك أمرنا. قال: ما استحل القتال على ما تريدونني عليه تابعاً ولا متبوعاً، فقالوا: فقد قاتلت مع أبيك، قال: جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه، فقالوا: فمر ابنيك أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا، قال: لو أمرتهما قاتلت. قالوا: فقم معنا مقاماً نحض الناس فيه على القتال، قال: سبحان الله!! آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه إذاً ما نصحت لله في عباده قالوا: إذاً نكرهك. قال: إذا آمر الناس بتقوى الله ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق، وخرج إلى مكة ))(9).(1/47)
ثانياً ادعاء التيجاني على معاوية بأنه أمر بسبّ عليّ، وأنه ليس من كتبة الوحي والرد عليه في ذلك: يقول التيجاني (( وقد بحثت كثيراً عن الدوافع التي جعلت هؤلاء الصحابة يغيرون سنة رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - )، واكتشفت أن الأمويين وأغلبهم من صحابة النبي وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان ( كاتب الوحي ) كما يسمّونه كان يحمل الناس ويجبرهم على سبّ علي بن أبي طالب ولعنه من فوق منابر المساجد، كما ذكر ذلك المؤرخون، وقد أخرج مسلم في صحيحه في باب ( فضائل علي بن أبي طالب) مثل ذلك، وأمر عمّاله يعني معاوية في كل الأمصار باتخاذ ذلك اللعن سنّة يقولها الخطباء على المنابر ))(1)، ويقول في موضع آخر (( كيف يحكمون باجتهاده ويعطوه أجراً وقد حمل الناس على لعن علي واهل البيت ذرية المصطفى من فوق المنابر ))(2)، وفي موضع آخر يقول (( حمل الناس على لعن علي وأهل البيت ذرية المصطفى من فوق المنابر وأصبحت سنة متبعة لستين عاماً ))(3)، ويقول (( وكيف يسمّونه ( كاتب الوحي )... وقد نزل الوحي على رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - ) طيلة ثلاثة وعشرين عاماً، كان معاوية لأحد عشر عاماً منها مشركاً بالله... ولمّا أسلم بعد الفتح لم نعثر على رواية تقول بأنه سكن المدينة في حين أن الرسول ( - صلى الله عليه وسلم - ) لم يسكن مكة بعد الفتح.....(1/48)
فكيف تسنى لمعاوية كتابة الوحي يا ترى؟! ))(4)، فأقول: 1 أما ان معاوية أمر بسبّ عليّ من على المنابر فكذب، ولا يوجد دليل صحيح ثابت بذلك، وسيرة معاوية وأخلاقه تستبعد هذه الشبهة، أما ما يذكره بعض المؤرخين من ذلك فلا يلتفت إليه لأنهم بإيرادهم لهذا التقول لا يفرقون بين صحيحها وسقيمها، إضافة إلى أن أغلبهم من الشيعة، ولكن بعض المؤرخين رووا في كتبهم روايات فيها الصحيح والباطل، ولكنهم أُعْذروا عندما أسندوا هذه المرويات إلى رواتها لنستطيع الحكم عليها من حيث قبولها أو ردها، ومن هؤلاء الطبري الذي عاش تحت سطوة وتعاظم قوة الرافضة، الذي يقول في مقدمة تاريخه (( ولْيعلم الناظر في كتابنا هذا أنّ اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما اشترطت أني راسمه فيه، إنما هو على ما رويتُ من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه، والآثار التي أنا مسندها إلى رواتها فيه، دون ما أدرك بحجج العقول، واستنبط بفكر النفوس، إلا اليسير القليل منه، إذ كان العلم بما كان من أخبار الماضين، وما هو كائن من أنباء الحادثين، غير واصل إلى من لم يشاهدهم ولم يدرك زمانهم، إلا بإخبار المخبرين ونقل الناقلين دون الاستخراج بالعقول، والاستنباط بفكَر النفوس. فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجهاً من الصحة، ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم يُؤتَ في ذلك من قِبَلنا، وإنما أُتي من قِبَل بعض ناقليه إلينا، وأناّ إنما أدينا ذلك على نحو ما أدِّيَ إلينا ))(5)، لذلك يجب على التيجاني عندما يحتج بالمؤرخين أن يذكر الرواية التي تبين أن معاوية أمر بلعن عليّ من على المنابر، ثم يرغي ويزبد بعد ذلك كما يشاء.(1/49)
2 أما قوله أن مسلم أخرج في صحيحه باب فضائل علي مثل ذلك فكذب أيضاً، فالرواية التي يقصدها هي ما رواه عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال (( أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسُبَّ أبا تراب؟ فقال: أمّا ذكرت ثلاثاً قالهنَّ له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلن أسُبّهُ لأن تكون لي واحدة منهنَّ أحبُّ إليَّ من حُمر النَّعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له خلّفه في مغازيه فقال له عليُّ: يا رسول الله، خلَّفْتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضىأن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوّة بعدي. وسمعته يقول يوم خيبر: لأُ عْطينَّ الراية رجلاً يحبُّ الله ورسوله ويحبُّه الله ورسوله، قال: فتطاولنا لها فقال: ادعوا لي علياً، فأُتي به أرْمَد فبصق في عَيْنه ودفع الراية إليه، ففتح الله عليه، ولمّا نزلت هذه الآية: { قل تعالوْا ندعُ أبْنائنا وأبْناءَكم ...}، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحُسيناً فقال: اللهم، هؤلاء أهلي ))(6).وهذا الحديث لا يفيد أن معاوية أمر سعداً بسبِّ عليّ، ولكنه كما هو ظاهر فإن معاوية أراد أن يستفسر عن المانع من سب عليّ، فأجابه سعداً عن السبب ولم نعلم أن معاوية عندما سمع رد سعد غضب منه ولا عاقبه، وسكوت معاوية هو تصويب لرأي سعد، ولو كان معاوية ظالماً يجبر الناس على سب عليّ كما يدّعي هذا التيجاني، لما سكت على سعد ولأجبره على سبّه، ولكن لم يحدث من ذلك شيءٌ فعلم أنه لم يؤمر بسبّه ولا رضي بذلك، ويقول النووي (( قول معاوية هذا، ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبه، وإنما سأله عن السبب المانع له من السب، كأنه يقول هل امتنعت تورعاً أو خوفاً أو غير ذلك.(1/50)
فإن كان تورعاً وإجلالاً له عن السب، فأنت مصيب محسن، وإن كان غير ذلك، فله جواب آخر، ولعل سعداً قد كان في طائفة يسبّون، فلم يسب معهم، وعجز عن الإنكار وأنكر عليهم فسأله هذا السؤال. قالوا: ويحتمل تأويلاً آخر أن معناه ما منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده، وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه أخطأ ))(7).3 من الغرائب أنّ هذا التيجاني ينكر سبَّ عليّ ولم يتورّع هو والهداة عن سب خيرة الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان! وكتبهم طافحة بذلك، ومنها كتاب التيجاني نفسه، لذلك لا بد لي من القول أن (( هؤلاء الرافضة، الذين يدّعون أنهم المؤمنون، إنما لهم الذل والصغار ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ))(8).4 أما أن معاوية من كتبة الوحي فامر ثابت، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن ابن عباس أن أبا سفيان طلب من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة مطالب (( فقال للنبي : يا نبي الله ثلاثٌ أعطينهن قال: نعم منها قال: معاوية، تجعله كاتباً بين يديك، قال: نعم ...))(9)، وروى أحمد في المسند ومسلم عن ابن عباس قال (( كنت غلاماً أسعى مع الصبيان، قال: فالتفتُّ فإذا نبي الله صلى الله عليه وسلم خلفي مقبلاً، فقلت: ما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ إليّ، قال: فسعيت حتى أختبيء وراء باب دارٍ قال: فلم أشعر حتى تناولني، قال: فأخذ بقفاي، فحطأني حطأةً، قال: اذهب فادع لي معاوية، وكان كاتبهُ، قال: فسعيتُ فقلت: أجِب نبي الله صلى الله عليه وسلم فإنه على حاجة ))(10)، فهذان الحديثان يثبتان أن معاوية كان من كتبة الوحي.(1/51)
5 أما قوله أن الوحي نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم طيلة ثلاثة وعشرين عاماً كان معاوية لأحد عشر عاماً منها مشركاً بالله!؟لقد قلت أن أبا سفيان طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل معاوية كاتباً له فقبل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وأصبح يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم مدة أربع سنوات كاملة فهل هذا أمر يصعب تصديقه؟! ثم يهذي فيقول ( ولما أسلم بعد الفتح لم نعثر على رواية تقول بأنه سكن المدينة في حين أن الرسول (ص) لم يسكن مكة بعد الفتح )، أقول: وهل الرواية السابقة لا تثبت أن معاوية سكن المدينة؟ وهل الرواية التي أخرجها الترمذي عن أبي مجلز قال: خرج معاوية فقام عبد الله بن الزبير، وابن صفوان حين رأوه فقال اجلسا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (( من سره أن يتمثّل له الرجال قياماً، فليتبوّأ من النار ))(11)، لا تثبت ذلك؟ ولكن يبدو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ابن عباس أن ينادي معاوية من مكة؟! وأنا لا أعتب على التيجاني بقوله ( لم نعثر على رواية ) لأنه لو بحث لوجدها، ولكن نسأل الله له الشفاء من عقدة الإنصاف! ثالثاً ادعاء التيجاني أنّ سبب قتل حجر بن عدي على يد معاوية استنكاره لسبّ عليّ والرد عليه في ذلك: يقول التيجاني (( ولمّا استاء لذلك بعض الصحابة واستنكر هذا الفعل أمر معاوية بقتلهم وحرقهم وقد قتل من مشاهير الصحابة حجر بن عدي الكندي وأصحابه ودفن بعضهم أحياءً لأنهم امتنعوا عن لعن علي واستنكروه ))(1)، ويقول في موضع آخر (( كيف يحكمون بإجتهاده وقد قتل حجر بن عدي وأصحابه صبراً ودفنهم في مرج عذراء ببادية الشام لأنهم امتنعوا عن سب علي بن أبي طالب ))(2)، فأقول: 1 اختلف الناس في صحبة حجر بن عدي ( المشهور )! فعدّه البخاري وآخرون من التابعين، وعده البعض الآخر من الصحابة.(1/52)
2 لم يقتل معاوية حجراً لأنه امتنع عن سب عليّ، فهذا تخرّص واضح والذي ذكره المؤرخون في سبب مقتل حجر بن عدي هو أن زياد أمير الكوفة من قبل معاوية(3) قد خطب خطبة أطال فيها فنادى حجر بن عدي الصلاة فمضى زياد في الخطبة فما كان من حجر إلا أن حصبه هو وأصحابه فكتب زياد إلى معاوية ما كان من حجر وعدّ ذلك من الفساد في الأرض وقد كان حجر يفعل مثل ذلك مع من تولّى الكوفة قبل زياد، فأمر أن يسرح إليه فلما جيء به إليه أمر بقتله، وسبب تشدد معاوية في قتل حجر هو محاولة حجر البغي على الجماعة وشق عصا المسلمين واعتبره من السعي بالفساد في الأرض، وخصوصاً في الكوفة التي خرج منها جزء من أصحاب الفتنة على عثمان فإن كان عثمان سمح بشيء من التسامح في مثل هذا القبيل الذي انتهى بمقتله، وجرّ على الأمة عظائم الفتن حتى كلّفها ذلك من الدماء أنهاراً، فإن معاوية أراد قطع دابر الفتنة من منبتها بقتل حجر، والغريب أن هذا التيجاني يصيح من أجل قتل حجر ولا يعترض على عليٍّ عندما قاتل الخارجين على خلافته في الجمل وصفين، والتي تسببت في مقتل خيار الصحابة إضافة إلى الآلاف من المسلمين، مع أنّ السبب واحد وهو الخروج على سلطة الخليفة!!رابعاً ادعاء التيجاني أنّ الحسن البصري طعن في معاوية والرد عليه في ذلك: يقول التيجاني (( وقد أخرج أبو الأعلى المودودي في كتابه ( الخلافة والملك ) نقلا عن الحسن البصري قال: أربع خصال كن في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة له:(1) أخذه الأمر من غير مشورة وفيهم بقايا الصحابة ونور الفضيلة.(2) إستخلافه بعده ابنه سكيراً خمّيراً يلبس الحرير ويضرب الطنابير.(3) ادّعاؤه زياداً وقد قال رسول الله (ص) الولد للفراش وللعاهر الحجر.(4) قتله حجراً وأصحاب حجر فيا ويلا له من حجر ويا ويلا له من حجر وأصحاب حجر.(1/53)
))(4) فأقول: 1 هذه الرواية مدارها على أبي مخنف(5)، وأبو مخنف هذا هو لوط بن يحى الأزدي الكوفي قال عنه الذهبي وابن حجر(( أخباري تالف لا يوثق به ))(6)، (( تركه أبو حاتم وغيره، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال مرة ليس بشيء، وقال ابن عدي: شيعي محترق ))(7)، وعده العقيلي من الضعفاء(8)، وعلى ذلك فالخبر ساقط ولا حجة فيه.(1/54)
2 لو فرضنا صحة هذا الكلام عن الحسن، لما كان فيه أي مطعن في معاوية، فالادعاء بأن معاوية أخذ الأمر من غير مشورة فباطل، لأن الحسن تنازل له عن الخلافة وقد بايعه جميع الناس ولم نعلم أن أحداً من الصحابة امتنع عن مبايعته، وأما استخلافه يزيد فقد تم بمبايعة الناس ومنهم عبد الله بن عمر، ولم يتخلّف إلا الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، وليس تخلّف من تخلف عن البيعة بناقض لها ولا يمثل أي مطعن في معاوية، أما أن يزيد خميراً يلبس الحريرالخ، فقد كذّبه ابن عليّ محمد بن الحنفية الذي أقام عند يزيد فوجده بخلاف ما يدعون(9)، أما ادعاؤه زياداً بخلاف حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال ( لعبد بن زمعة، هو لك الولد للفراش وللعاهر الحجر) باعتبار أنه قضى بكونه للفراش وباثبات النسب فباطل (( لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت النسب، لأن عبداً ادعى سببين: أحدهما الأخوة، والثاني ولادة الفراش، فلو قال النبي صلى الله عليه وسلم هو أخوك، الولد للفراش لكان اثباتاً للحكم وذكراً للعلة، بيد أن النبي صلى الله عليه وسلم عدل عن الأخوة ولم يتعرض لها وأعرض عن النسب ولم يصرح به وإنما هو في الصحيح في لفظ ( هو أخوك ) وفي آخر ( هو لك ) معناه فأنت أعلم به بخلاف زياد فإن الحارث بن كلدة الذي ولد زياد على فراشه لم يدّعيه لنفسه ولا كان ينسب إليه فكل من ادعاه فهو له إلا أن يعارضه من هو أولى به منه فلم يكن على معاوية في ذلك مغمز بل فعل فيه الحق على مذهب الإمام مالك ))(10)، ومن رأى أن النسب لا يلحق بالوارث الواحد أنكر ذلك مثل الحسن على فرض صحة نسبة هذا الادعاء له فكيف إذا ظهر كذب هذه النسبة إليه، وعلى كل فالمسألة اجتهادية بين أهل السنة، وأما قتل حجر فقد ذكرت الأسباب التي دعت معاوية لذلك بما يغني عن الإعادة هنا(11)، ومما سبق يتضح لدينا أن هذه المآخذ الأربعة على معاوية لا تمثل في حقيقتها أي مطعن به والحمد لله رب العالمين.(1/55)
خامساً: الرد على فهم التيجاني السقيم لأحداث الفتنة بين معاوية وعلي: يقول التيجاني (( وعندما نسأل بعض علمائنا عن حرب معاوية لعلي وقد بايعه المهاجرون والأنصار، تلك الحرب الطاحنة التي سبّبت انقسام المسلمين إلى سنة وشيعة وانصدع الإسلام ولم يلتئم حتى اليوم، فإنهم يجيبون كالعادة وبكل سهولة قائلين:أن علياً ومعاوية صحابيان جليلان اجتهدا فعلي اجتهد وأصاب فله أجران أما معاوية اجتهد وأخطأ فله أجر واحد. وليس من حقّنا نحن أن نحكم لهم أو عليهم وقد قال الله تعالى { تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عمّا كانوا يعملون }، هكذا وللأسف تكون إجاباتنا وهي كما ترى سفسطة لا يقول بها عقل ولا دين ولا يقرّ بها شرع، اللهم أبرأ إليك من خطل الآراء وزلل الأهواء وأعوذ بك من همزات الشياطين واعوذ بك ربّ أن يحضرون، كيف يحكم العقل السليم باجتهاد معاوية ويعطيه أجراً على حربه إمام المسلمين وقتله المؤمنين الأبرياء وارتكابه الجرائم والآثام التي لا يحصي عددها إلا الله وقد اشتهر عند المؤرخين بقتله معارضيه وتصفيتهم بطريقته المشهورة وهو إطعامهم عسلاً مسموماً وكان يقول ( إن لله جنوداً من عسل )، كيف يحكم هؤلاء باجتهاده ويعطوه أجراً وقد كان إمام الفئة الباغية ففي الحديث المشهور الذي أخرجه كل المحدثين والذي جاء فيه ( ويح عمّار تقتله الفئة الباغية ) وقد قتله معاوية وأصحابه .... والسؤال يعود دائماً ويتكرر ويلح: ترى أي الفريقين على الحق وأيهما على الباطل؟ فأما أن يكون علي وشيعته ظالمين وعلى غير الحق.(1/56)
وأمّا أن يكون معاوية وأتباعه ظالمين وعلى غير الحق، وقد أوضح رسول الله (ص) كل شيء، وفي كلا الحالين فإن عدالة الصحابة كلهم من غير استثناء أمر مستحيل، لا ينسجم مع المنطق السليم ))(1)، فأقول: 1 لقد قلت أن معاوية لم يقاتل علي إلا في أمر عثمان وقد رأى أنه ولي دم عثمان وهو أحد أقربائه واستند إلى النصوص النبوية التي تبين وتظهر أن عثمان يقتل مظلوماً ويصف الخارجين عليه بالمنافقين إشارة إلى ما رواه الترمذي وابن ماجه عن عائشة قالت (( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا عثمان! إن ولاّك الله هذا الأمر يوماً، فأَرادكَ المنافقون أن تخْلع قميصك الذي قمَّصَكَ الله، فلا تخلعه ) يقول ذلك ثلاث مرات ))(2)، وقد شهد كعب بن مرة أمام جيش معاوية بذلك فقال (( لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت أي ما قمت بالقتال بجانب معاوية للقصاص من قتلة عثمان وذكر الفتن فقرّ بها فمر رجل مقنع في ثوب فقال: هذا يومئذ على الهدى فقمت إليه فإذا هو عثمان بن عفان، فأقبلت عليه بوجهه فقلت: هذا ؟ قال: نعم ))(3)، وأيضاً عن عبد الله بن شقيق بن مرة قال (( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تهيج على الأرض فتن كصياصي البقر فمر رجل متقنع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا وأصحابه يومئذ على الحق فقمت إليه فكشفت قناعه وأقبلت بوجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هو هذا؟ قال هو هذا، قال: فإذا بعثمان بن عفان ))(4)، وقد رأى معاوية وأنصاره أنهم على الحق بناء على ذلك، وأنهم على الهدى وخصوصاً عندما نعلم أن المنافقين الثائرين على عثمان كانوا في جيش علي فاعتبروهم على ضلال فاستحلّوا قتالهم متأولين.(1/57)
2 إضافة إلى أن أنصار معاوية يقولون لا يمكننا أن نبايع إلا من يعدل علينا ولا يظلمنا ونحن إذا بايعنا علياً ظلمنا عسكره كما ظلم عثمان وعلي عاجز عن العدل علينا وليس علينا أن نبايع عاجزاً عن العدل علينا(5) ويقولون أيضاً أن جيش علي فيه قتلة عثمان وهم ظلمة يريدون الاعتداء علينا كما اعتدوا على عثمان فنحن نقاتلهم دفعاً لصيالهم علينا وعلى ذلك فقتالهم جائز ولم نبدأهم بالقتال ولكنهم بدأونا بالقتال.3 وعلى ذلك فالنصوص الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم تفيد أن ترك القتال كان خيراً للطائفتين فلم يكن واجباً ولا مستحباً وأن علياً مع أنه أولى بالحق وأقرب إليه من معاوية ولو ترك القتال لكان فيه خيراً عظيماً وكفاً للدماء التي أسيلت ولهذا كان عمران بن حصين رضي الله عنه ينهى عن بيع السلاح فيه ويقول: لا يباع السلاح في الفتنة وهذا قول سعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وابن عمر وأسامة بن زيد وأكثر من كان بقي من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار(6) الذين اعتزلوا الفتنة ولم يشاركوا في القتال لذلك قال الكثيرمن أئمة أهل السنة (( لا يشترط قتال الطائفة الباغية فإن الله لم يأمر بقتالها ابتداءً، بل أمر إذا اقتتلت طائفتان أن يصلح بينهما ثم إن بغت إحداهما على الأخرى قوتلت التي تبغي ))(7) فادعاء التيجاني أن معاوية هو الذي أمر بقتال علي كذب فاضح.(1/58)
4 ولو فرضنا أن الذين قاتلوا علياً عصاة وليسوا مجتهدين متأولين فلا يكون ذلك قادحاً في إيمانهم واستحقاقهم لدخول الجنان فالله سبحانه وتعالى يقول { وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما بالعدل فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسِطوا إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون } ( الحجرات 9 10)، فوصفهم بالإيمان وجعلهم إخوة رغم قتالهم وبغي بعضهم على بعض فكيف إذا بغى بعضهم على بعض متأولاً أنه على الحق فهل يمنع أن يكون مجتهداً سواءٌ أخطأ أو أصاب؟! لهذا فأهل السنة يترحمون على الفريقين كما يقول الله تعالى { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوفٌ رحيم } ( الحشر 10) 5 الأحاديث الثابتة تبين أن كِلا الطائفتين دعوتهما واحدة وتسعيان للحق الذي تعتقدان وتبرئهما من قصد الهوى واتباع البطلان فقد أخرج البخاري في صحيحه أن أبا هريرة رضي الله عنه قال (( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان(8) دعواهما واحدة ))(9)، وهذا الحديث كما ترى يثبت أنهما أصحاب دعوة واحدة ودين واحد، وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق ))(10)، فهذا الحديث يبين أن كلا الطائفتين يطالبان بالحق ويتنازعان عليه أي أنهما يقصدان الحق ويطلبانه ويبين أن الحق هو مع علي لأنه قاتل هذه الطائفة وهي طائفة الخوارج التي قاتلها في النهروان، وقال النووي (( فيه التصريح بأن الطائفتين مؤمنون لا يخرجون بالقتال عن الإيمان ولا يفسقون ))(11).(1/59)
6 بالنسبة لبغي معاوية فإما أن يكون فيه متأولاً أن الحق معه، أو يكون متعمداً في بغيه وفي كلا الحالتين فإن معاوية ليس معصوماً من الوقوع في ذلك أو غيره من الذنوب فأهل السنة لا ينزهونه من الوقوع في الذنوب بل يقولون أن الذنوب لها أسباب ترفعها بالاستغفار والتوبة منها أوفي غير ذلك وقد ذكر ابن كثير في البداية عن المسور بن مخرمة أنه وفد على معاوية قال: (( فلما دخلت عليه حسبت أنه قال سلمت عليه فقال: ما فعل طعنك على الأئمة يا مسور؟ قال قلت: ارفضنا من هذا وأحسن فيما قدمنا له، فقال: لتكلمني بذات نفسك، قال: فلم أدع شيئاًَ أعيبه عليه إلا أخبرته به، فقال: لا تبرأ من الذنوب، فهل لك من ذنوب تخاف أن تهالك إن لم يغفرها الله لك؟ قال: قلت: نعم، إن لي ذنوباً إن لم يغفرها هلكت بسببها، قال: فما الذي يجعلك أحق بأن ترجوا أنت المغفرة مني، فولله لما إلي من إصلاح الرعايا وإقامة الحدود والاصلاح بين الناس والجهاد في سبيل الله والأمور العظام التي لا يحصيها إلا الله ولا نحصيها أكثر من العيوب والذنوب، وإني لعلى دين يقبل الله فيه الحسنات ويعفو عن السيئات، والله على ذلك ما كنت لأخيَّر بين الله وغيره إلا اخترت الله على غيره مما سواه، قال: ففكرت حين قال لي ما قال فعرفت أنه قد خصمني.(1/60)
قال: فكان المسور إذا ذكره بعد ذلك دعا له بخير))(12)، فكيف إذا كان متأولاً؟ 7 بالنسبة لحديث ( ويح عمار تقتله الفئة الباغية )، فإنه من أعظم الدلائل أن الحق مع عليّ، لكن معاوية تأوّل الحديث فعندما هزَّ مقتل عمار، عمرو بن العاص وابنه تملّكتهما الرهبة ففي الحديث الذي أخرجه أحمد في المسند عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال (( لمّا قتل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال: قُتل عمار وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تقتله الفئة الباغية فقام عمرو بن عاص فزعاً يُرجِّع حتى دخل على معاوية فقال له معاوية: ما شأنك؟ قال: قتل عمار فقال معاوية: قتل معاوية فماذا؟ قال عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية، فقال له معاوية: دحضْتَ في بولك أو نحنقتلناه؟ إنما قتله عليٌ وأصحابه، جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا أو قال: سيوفنا ))(13)، فخرج الناس يقولون: إنما قتل عماراً من جاء به، فأرجع الثقة لجيشه، والذي جعل معاوية يأول الحديث هذا التأويل أنه لم يكن يتصور أن قتلة عثمان أهل حق في ضوء الأحاديث التي تثبت أن عثمان يقتل مظلوماً، وأن قتلته هم الظالمون، فلا شك أن الفئة الباغية هي التي في جيش عليّ، ولكن الحق الذي يقال أن هذه التأويلات باطلة قطعاً وأن الحق مع عليّ، ولكن فئة معاوية معذورون في اجتهادهم لأنهم أرادوا الحق ولكنهم لم يصيبوه، وهذا هو الذي جعل عمرو بن العاص يقترح رفع المصاحف لايقاف الحرب لأنه كان في قلبه شيء من هذا الحديث.(1/61)
8 وإذا أصرَّ التيجاني على جعل معاوية ظالماً فسيجيبه الناصبة(14)بأن علياً ظالماً أيضاً لأنه قاتل المسلمين لا لشيء بل لإمارته، وهو الذي بدأهم بالقتال وسفك الدماء دون فائدة تجنى للمسلمين، ثم تراجع وصالح معاوية، فلن يستطيع التيجاني وشيعته الاجابةعلى ذلك، ولو احتج بحديث عمار فسيردّ عليه بأن الله لم يشترط البدء في قتال الطائفة الباغية إلا إذا ابتدأت هي بالقتال ولكن علياً هو الذي بدأهم بالقتال فما هو جواب التيجاني؟ وقد ضربت صفحاً عن حجج الخوارج والمعتزلة التي تقدح في علي، المهم أن نعلم أن كل حجة يأتي بها التيجاني على معاوية سيقابل بمثلها من جانب الطوائف الأخرى ولكن أهل السنة يترضون عن الطائفتين ولا يفسقون أحدهما ويقولون أن الحق مع علي رضي الله عنه ويردون على جميع حجج الطوائف التي تقدح في علي أو معاوية لأن مذهبهم مستقيم بخلاف مذهب الرافضة والحمد لله.9 من المسلم عند كل من اطلع على مذهب الإمامية يعلم أنهم يكفرون معاوية لقتاله علياً ولكن الثابت أن الحسن بن علي وهو من الإئمة المعصومين عندهم فكل ما يصدر عنه فهو حق والحسن قد صالح(15) معاوية وبايعه على الخلافة فهل صالح الحسن ( المعصوم ) كافر وسلّم له بالخلافة؟! أم أصلح بين فئتين مسلمتين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (( ابني هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين فئتين من المسلمين ))(16)، أرجو من التيجاني الإجابة؟! 10 أما ادعاؤه أن معاوية ارتكب جرائم لا تحصى وقد اشتهر عند المؤرخين بقتله معارضيه وتصفيتهم بطريقته المشهورة وهو إطعامهم عسلاً مسموماً وكان يقول (إن لله جنوداً من عسل )!! فهذا القول فيه من الجهل والكذب ما لايخفى على عاقل وأنا أريد من التيجاني إرشادنا إلى هؤلاء المؤرخين حتى يتسنى لنا التثبت من هذا الادعاء المكشوف وإلا فالكلام سهل جداً.(1/62)
11 الغريب أن يعترض التيجاني على أبي بكر قتاله لمانعي الزكاة مع أن ذلك باتفاق الأمة، بينما تراه يقف مع عليّ في قتاله لمعاوية والذي اختلف فيه مع الصحابة ولم يأتي بنتائجه المرجوة وتسبب بقتل الألوف من المسلمين ولعل السبب هو إنصافه المزعوم والعقلانيته المذؤومة! 12 أستطيع الإجابة على سؤال التيجاني الذي يتكرر ويلح بالقول أن فريق عليّ على الحق وأما معاوية فليس بظالم ولا داع إلى باطل، ولكنه طالب للحق ولم يصبْهُ وهو مأجور على اجتهاده فليس أحدهما ظالم أو فاسق، والوقع بالذنب لا يقدح بعدالة المذنب وفي كل الأحوال فإن عدالة الصحابة كلهم من غير استثناء أمر مسلّم بالكتاب والسنة والإجماع، وينسجم مع المنطق السليم ولكنه لا ينسجم بالطبع مع المنطق السقيم الذي يتمتع به التيجاني! وأخيراً إذا لم يقتنع التيجاني بذلك فسأضطر لكي استقي من مصادر هداته الاثني عشرية ما يثبت أن علي ومعاوية على حق ومأجورين على اجتهادهما فقد ذكر الكليني في كتابه( الروضة من الكافي ) الذي يمثل أصول وفروع مذهب الاثني عشرية عن محمد بن يحيى قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول (( اختلاف بني العباس من المحتوم والنداء من المحتوم وخروج القائم من المحتوم، قلت: وكيف النداء؟ قال: ينادي مناد من السماء أول النهار: ألا إن علياً وشيعته هم الفائزون، وقال: وينادي مناد في آخر النهار: ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون ))(17)، وهذا علي بن أبي طالب يقرر أن عثمان وشيعته هم أهل إسلام وإيمان ولكن القضية اجتهادية كل يرى نفسه على الحق في مسألة عثمان فيذكر الشريف الرضي في كتابكم ( نهج البلاغة ) عن علي أنه قال (( وكان بدء أمرنا أن إلتقينا والقوم من أهل الشام، والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا، الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء ))(18).(1/63)
أقول: كلامه في غاية الأهمية فجزاه الله عنا كل خير
ويقول د. سليمان العودة في مقال بعنوان : نزعة التشيع وأثرها في الكتابة التاريخية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد : أشير قبل البدء بهذا الموضوع " في نزعة التشيع وأثرها في الكتابة التاريخية " إلى نقطتين هامتين : الأولى: أن فكرة البحث في هذا الموضوع قد راود تني منذ زمن الاحساسي بأهميته ، وقد حدثت بعض الزملاء من أهل الاختصاص بهذا الموضوع فشاركوني الرأي في أهميته ، ولذا جاءت ندوة " نزعة التشيع " تأكيداً واقعياً لهذه الهموم المشتركة والتي اشترك معي فيها الأخوة الزملاء : أ. محمد بن صامل السلمي ،أ. يحيى بن إبراهيم بن اليحيى المحاضران وقتها فى جامعة أم القرى ، والجامعة الإسلامية، وإذ أقدم اليوم هذا الموضوع بشكل أعمق فأنني أقدم الجهد الخاص بي في هذا الصدد ، وأشير إلى مجهود غيري في هذا المجال .الثانية : أنني قدمت بحثاً آخر: حول كامل ابن الأثير ونزعة التشيع فيه ، ومع أن البحث يمكن أن يكون استكمالا للموضوع السابق فقد آثرت فصله حتى لا يظن المطلع لأول وهلة أنني أصنف ابن الأثير مع المؤلفين الشيعة، بل ولإبعاد هذا الاحتمال فقد رأيت عنونته ب " نظرة " في كتاب الكامل لابن الأثير" ، وقد تم نشر البحث في مجلة البيان اللندنية في عددها الثاني عشر : شوال /1408ه/ 1988م مع بعض التعديل الطفيف فيه .(1/64)
نزعة التشيع وأثرها في الكتابة التاريخية ماذا نقصد بنزعة التشيع ؟ يقابل الباحث في الشيعة والتشيع مصطلحات تحتاج إلى تحرير وتمييز، ذلك أن مصطلح الشيعة مرّ بعدة مراحل، تطور المفهوم خلالها من مسمى لم يكن يعد قصد أصحابه تفضيل بعض الصحابة على بعض مع الاحتفاظ لهم بالمحبة وسلامة الصدر، إلى مفهوم عقدي ومذهبي لم يكتف منتحلوه بمسألة الاختلاف بالتفضيل بين عثمان وعلى رضى الله عنهما، بل إلى اعتبار علي وصي رسول الله وهو الأجدر والأحق بالخلافة من أبي بكر وعمر فضلا عن عثمان ، بل غالى بعض أصحاب هذه النزعة إلى اعتبار الخلفاء قبله مغتصبين للخلافة ، ومن لم ير ذلك من الأصحاب فهو متهم في دينه مختل في عقيدته ، ومن هنا انتحلت الروايات في انتقاص الصحابة ، والتجني عليهم ، في الوقت الذي انتحلت فيه روايات أخرى مبالغة في وصف علي ووصفه بما لا يرضى أن يوصف هو به (1) . وعلى ذلك فالشيعة الأولى مصطلح لا يدخل فيما نحن بصدده وحتى نميزه عن غيره نعرف به ونحدد المقصود منه .الشيعة الأولى :جاء في صحيح البخاري – في كتاب الجهاد – " 0000 عن أبي عبد الرحمن وكان عثمانياً، فقال لابن عطية وكان علوياً إني لأعلم ما الذي جرّأ صاحبك- يعني علياً (*) – على الدماء الخ (2) قال الحافظ في الفتح معلقاً: وقوله " وكان عثمانياً " أي يقدم عثمان على علي في الفضل، وقوله " وكان علوياً " أي يقدم علياً في الفضل على عثمان وهو مذهب مشهور لجماعة من أهل السنة بالكوفة (3) .(1/65)
وقال ابن عبد البر – رحمه الله – " وقف جماعة من أئمة أهل السنة والسلف في علي عثمان – رضي الله عنهما – فلم يفضلوا أحداً منهما على صاحبه منهم مالك بن أنس، ويحيى نب سعيد القطان،وأما اختلاف السلف في تفضيل علي فقد ذكر ابن أبي خيثمة في كتابه من ذلك ما فيه كفاية، - ثم نقل ابن عبد البر إجماع عامة أهل السنة على تفيل عثمان فقال: وأهل السنة اليوم على ما ذكرت لك من تقديم أبي في الفضل على عمر، وتقديم عمر على عثمان، وتقديم عثمان على علي ، وعلى هذا عامة أهل الحديث من زمن أحمد ابن حنبل إلا خواص من جلّة الفقهاء وأئمة العلماء فإنهم على ما ذكرنا عن مالك ويحيى القطان وابن معين، فهذا ما بين أهل الفقه والحديث في هذه المسألة،وهم أهل السنة، وأما اختلاف سائر المسلمين في ذلك فيطول ذكره ، وقد جمعه القوم (4) .وهذا الذي ذكره ابن عبد البر عن مالك في تقديم علي على عثمان ذكر ابن تيمية رحمه الله رواية أخرى عنه تخالفه، حين نقل ما استقر عليه أهل الحديث وأئمة الفقه في ذلك فقال: " وأما جمهور الناي ففضلوا عثمان، وعليه استقر أمر أهل السنة،وهو مذهب أهل الحديث، ومشايخ الزهد والتصوف،وأئمة الفقهاء كالشافعي وأصاحبه، وأحمد وأصحابه، وأبي حنيفة وأصحابه، وإحدى الروايتين عن مالك وأصحابه، قال مالك: لا أجعل من خاض في الدماء كمن لم يخض فيها، وقال الشافعي وغيره إنه بهذا قصد والي المدينة الهاشمي، ضرب مالك، وجعل طلاق المكره سببا ظاهراُ ..(5) كما نقل عن " مالك " – رحمه الله – رأياً ثالثاً يفيد توقفه وعدم تفضيل أحدهما على صاحبه وهو الذي حكاه ابن القاسم عن مالك عمن أدركه من المدنيين (6) ويحدد ابن تيمية مصطلح الشيعة الأولى ورأيهم في تقديم الصحابة فيقول: وكانت الشيعة الأولى لا يشكون في تقديم أبي بكر وعمر، وأما عثمان فكثير من الناس- يقصد من هؤلاء- يفضل عليه علياً، وهذا قول كثير من الكوفيين وغيرهم، وهذا القول الأول للشورى ثم رجع عنه..(1/66)
وأما جمهور الناس ففضلوا عثمان وعليه استقر أمر أهل السنة ... قال أيوب السختياني: من لم يقدم عثمان على علي فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار " (7) .وبعد أن ينقل ابن تيمية في الفتاوى استقرار أمر أهل السنة على تقديم عثمان يشير إلى أن هذه المسألة الخلافية ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة، لكن المسألة التي يضلل المخالف فيها هي مسألة الخلافة (8) . وهو بهذا يؤكد الفرق الذي أشرنا إليه آنفاً، ويحدد مصطلح التشيع الذي نريد أن نتحدّث عنه كنزقة مذهبية كان لها أثرها في الكتابة التاريخية، فمتى نشأت هذه النزعة وما هو أثرها ؟ نشأة التشيع :لا أريد هنا استعراض مختلف الآراء في نشأة التشيع والترجيح بينها- قلت أمر يطول، وليس هو المقصود بهذه الدراسة- بل الهدف الإشارة إلى تاريخ النشأة وأصولها .ولئن كان الناس في الفتنة صاروا شيعتين – كما يقول ابن تيمية – شيعة عثمان وشيعة علوية، فهذا يؤكد أن زمن الفتنة بين الصحابة بداية الاختلاف لكن ذلك لا يعني استواء التشيع بالمفهوم المذهبي والانتحال العقدي الذي كان له أثره فيما بعد، وابن تيمية يؤكد هذا وهو يشير- في النص نفسه – إلى أنه ليس كل من قاتل مع علي كان يفضله على عثمان، بل كان كثير منهم يفضل عثمان عليه كما هو قول سائر أهل السنة (9) .ولكن ذلك كذلك لا يعني عدم القوم بظهور بذور التشيع في تلك الفترة،وخاصة بعد ظهور عبد الله بن سبأ اليهودي – أواخر أيام عثمان – وإعلانه أفكاراً غريبة لم يقل بها أحد من قبله كالقول بالوصية لعلي ، والرجعة للأئمة، وسب الصحابة ... وغيرها من الأفكار التي أصبحت بعد من أصول ومنطلقات التشيع،ولهذا نقل الأئمة عن سواهم اعتبار عبد الله بن سبأ مبدأ الرفض والتشيع (10) .ونقلوا أن علياً " طلب أن يقتل عبد ا لله بن سبأ أول الرافضة حتى هرب منه " (11) .(1/67)
وهذا ليس قصراً على أهل السنة وحدهم، بل لم يستطع الشيعة أنفسهم إنكار هذه الحقيقة، ومدونات الشيعة المتقدمة تثبت أهل أصل الرفض إنما كان من عبد الله بن سبأ (12) . ومع التسليم بكون المصطلح لم يتبلور، والشيعة- الرافضة- لم تجتمع وتصير لهم قوة إلا بعد مقتل الحسين، بل لم يظهر اسم الرفض – كما يقول ابن تيمية – إلا حين خروج زيد بن علي بن الحسين بعد المائة الأولى لما أظهر الترحم على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما رفضته الرافضة فسمّوا " رافضة " اعتقدوا أن أبا جعفر هو الإمام المعصوم، واتبعه آخرون فسمّوا " زيدية " نسبة إليه (12) .أقول مع التسليم بذلك فتبقى عقائد السبئية وأفكار عبد الله بن سبأ التي طرحها لأول مرّة، ومازالت الشيعة تتشبث بها في المنطلقات الأساسية والبذور الأولى لنزعة التشيع، ومن أبرزها : والوصية، والرجعة، وسب الصحابة. ومعنى الوصية- كما وضعها بن سبأ – " أنه كان ألف نبي ولكل نبي وصي، وكان علي وصي محمد، ثم قال: محمد خاتم الأنبياء وعلي خاتم الأوصياء، ثم قال بعد ذلك من أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله ووثب على وصي رسول الله " (13) .وينشأ عن القول بالوصية القول بفرض إمامة الموصى له- وهذا هو المقصود – وكان ابن سبأ – كما يقول القمي أول من قال بفرض إمامة علي (14) .وأول من أظهر القول بالنص بإمامة علي كما يقول الشهرستاني (15) .أما الرجعة فتعني رجعة الأموات إلى الدنيا، وابن سبأ أول من قال ذلك (16) .وكان يقول: العجب ممن يزعم أن عيسى يرجع ويكذب بأن محمداً يرجع، وقد قال الله (( إن الذين فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد )) فمحمد أحق بالرجوع من عيسى، ووضع لهم الرجعة فتكلموا فيها (17) .ومن لوازم هذه العقيدة عندهم الاعتقاد بأن علياً حي لم يمت، ولهذا فالشيعة يقولون بأن علياً لم يقتل ولم يمت ولا يموت حتى يملك الأرض، ويسوق العرب بعصاه (18) .(1/68)
أما سب الصحابة فيؤكد علمان من أعلام الشيعة – القمي، والنوبختي – بأن عبد الله بن سبأ كان أول من أظهر الطعن في أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم (19) .ويقول الهيتمي: أن السبأية – وهم أصل التشيع كما سبق- كانوا يسبون أصحاب رسول الله إلا قليلا منهم، وينسبونهم إلى الكفر والزندقة ويتبرأون منهم (20) .أكتفي بإيراد هذه النماذج من معتقدات الشيعة . لأنها ستبدوا لنا أكثر من غيرها وضوحا حين الحديث عن نماذج من أثر نزعة التشيع في الكتابة التاريخية .والآن لنحدد أثر النزعة المذهبية – بشكل عام- في الكتابة التاريخية ثم نتوقف بشيء من البيان والتفصيل عن أثر نزعة التشيع بشكل خاص . أثر النزعة المذهبية : تشكل النزعة المذهبية – أيّاً كانت – مورداً من موارد الزلل والتحريف وتعد واحدة من أبرز أسباب الكذب في التاريخ،وكيف لا يكون ذلك كذلك وصاحب النزعة إنما يحاول بشكل إرادي أولا إرادي أن يفسر الحدث وفق مشربه، ويصور الأمور كما يشتهي ويعتقد .ولقد تطرق ابن خلدون – رحمه الله- في مقدمته للكذب في الأخبار والأسباب المقتضية، فذكر – أول ما ذكر من ذلك – النزعة للمذهب والتشيع للآراء فقال: " ولما كان الكذب متطرقاً للخبر بطبيعته وله أسباب تقتضيه، وفمنا التشيعات للآراء والمذاهب، فإن النفس إذا كانت على حال الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر حتى تتبين صدقه من كذبه، وإذا خامرها تشيع لرأي أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهله، وكان ذلك الميل والتشيع غطاء على عين بصيرتها من الانتقاد والتمحيص فتقع في قبول الكذب ونقله (21) .(1/69)
نزعة التشيع : وإذا كان هذا في عموم النزعات المذهبية، فلنزعة التشيع – وهي موضع البحث – من ذلك نصيب وافر، ويشخص لنا شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – داء المذهبية عند الرافضة،وعمق الكذب عن الشيعة حين يقول: ولهذا كانوا أكذب فرق الأمة، فليس في الطوائف المنتسبة إلى القبلة أكثر كذبا ولا أكثر تصديقا للكذب وتكذيبا للصدق منهم، وسيما النفاق فيهم أظهر من في سائر الناس، وهي التي قال فيها النبي " آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان " وفي رواية " أربع من كن فيه كان منافقا خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف ،وإذا عاهد غدر،وإذا خاصم فجر" وكل من جربهم يعرف اشتمالهم على هذه الخصال، ولهذا يستعملون " التقية " التي هي سيما للمنافقين واليهود ويستعملونها مع المسلمين (( يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم )) ويحلفون ما قالوا وقد قالوا، ويحلفون بالله ليرضوا المؤمنين والله ورسوله أحق أن يرضوه 0000 (22) . وينتهي – ابن تيمية – إلى أنهم شرّ من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج، وهذا – كما يقول- هو السبب فيما شاع في العرف العام أن أهل البدع هم الرافضة (23) .وأنهم إن لم يكونوا شراً من " الخوارج " المنصوصين فليسوا دونهم (24) ,ثم يعرض للمقارنة بين النحلتين، ومؤكداً أن الخوارج أقل ضلالا من الروافض مع أن كل واحدة من الطائفتين مخالفة لكتاب الله وسنة رسول الله ومخالفة لصحابته وقرابته، ومخالفون لسنة خلفائه الراشدين ولعترته أهل بيته(25) .وينقل لنا في كتابه " منهاج السنة " اتفاق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، وأن الكذب فيهم قديم (26) .(1/70)
ثم يقول: ومن تأمل كتب الجرح والتعديل المصنفة في أسماء الرواة والنقلة وأحوالهم مثل كتب يحيى من معين، والبخاري، وأبي أحمد ن عدي، والدارقطني، وإبراهيم بن يعقوب الجزوجاني السعدي، ويعقوب بن سفيان الفسوي، وأحمد بن صالح العجلي، والعقيلي، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، والحاكم النيسابوري، والحافظ عبد الغني بن سعيد المصري ، وأمثال هؤلاء الذين هم جهابذة ونقاد وأهل معرفة بأحوال الإسناد رأي المعروف عندهم الكذب في الشيعة أكثر منهم في جميع الطوائف (27) .ثم ينقل – ابن تيمية – تحرج أصحاب الصحيح عن النقل عن خيارهم فضلا عن من دونهم فيقول: حتى أن أصحاب الصحيح كالبخاري لم يرو عن أحد من قدماء الشيعة مثل عاصم ين ضمرة، والحرث الأعور وعبد الله بن سلمة وأمثالهم، منع أن هؤلاء من خيار الشيعة (28) .ثم يوثق (*) ابن تيمية نقولاً عن الأئمة الأعلام في كذب الرافضة، فيروي عن " مالك " قوله: وقد سئل عن الرافضة: لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون (29) .وكان يقول: نزّلوا أحاديث أهل العراق منزلة أحاديث أهل الكتاب لا تصدّقوهم ولا تكذّبوهم (30) .ولما اشتهرت الكوفة اختصت بالكذب فقد شبّهها " مالك" رحمه الله بدار الضرب، فقد قال له عبد الرحمن ابن مهدي: يا أبا عبد الله سمعنا في بلدكم أربعمائة حديث في أربعين يوماً، ونحن في يوم واحد نسمع هذا كله . فقال له عبد الرحمن: ومن أين لنا دار الضرب، أنتم عندكم دار الضرب تضربون بالليل وتنفقون بالنهار (31) .وعن الشافعي قوله: لم أر أحد أشهد بالزور من الرافضة(32) ، وعن الأعمش أنه قال: أدركت الناس وما يسمّونهم إلا الكذابين يعني أصحاب المغيرة بن سعيد (33) – وهم من الرافضة .كما نقل ابن تيمية عن يزيد بن هارون قوله: نكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة فإنهم يكذبون(34) .(1/71)
وعن شريك– مع أن فيه تشيعاً – قوله- أحمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه دينا ويعلق ابن تيمية على كلام شريك هذا بقوله: وشريك هذا هو ابن عبد الله القاضي قاضي الكوفة من أقران الثوري وأبي حنيفة ، وهو من الشيعة الذي يقول بلسانه أنا من الشيعة، وهذه شهادة فيهم (35) .وفوق ذلك ينقل الذهبي عن ابن المبارك قوله: الدين لأهل الحديث والكلام والحيل لأهل الرأي، والكذب للرافضة (36) .وقد ثبت عن الشعبي أنه قال: ما رأيت أحمق من الخشبية (37) لو كانوا من الطير لكانوا رخماً، ولو كانوا من البهائم لكانوا حمراً، والله لو طلبت منهم أن يملؤا هذا البيت ذهباً على أن أكذب على علي أعطوني، ووالله ما أكذب عليه أبداً (38) .وهو القائل: أحذركم أهل هذه الأهواء المضلّة وشرّها الرافضة (39) .ولم تكن الشيعة تتورع عن الكذب البتة ، وفي هذا يقول حماد بن سلمة: حدثني شيخ لهم قال: كنا إذا اجتمعنا استحسنا شيئا جعلنا حديثاً (40) .ولفرط كذبهم وتزويرهم امتنع بعض الأئمة الأعلام عن الحديث في فضائل علي ، حتى قال سفيان الثوري: منعتنا الشيعة أن نذكر فضائل علي (41) . وكان يقول: إذا كنت بالشام فاذكر مناقب علي وإذا كنت بالكوفة فاذكر مناقب أبي بكر وعمر (42) . وقال الشعبي – قد ذكرت الرافضة يوماً عنده – " لقد بغضوا إلينا حديث علي بن أبي طالب (43) .وقد أكد ابن أبي الحديد – مع تشيعه (*) – تأصل الكذب في الرافضة فقال: " إن أصل الأكاذيب في أحاديث الفضائل كان من جهة الشيعة، فإنهم وضعوا في مبدأ الأمر أحاديث مختلفة في صاحبهم، وحملهم عل وضعها عداوة خصومهم"(44) " .أكتفي بإيراد هذه النصوص ولعل فيها كفاية لبيان المقصود، وإلا فهناك غيرها لمن تأمل .ولعل آن الأوان لأن ننتقل من التوصيف النظري إلى التطبيق العملي لنتبين من خلاله كذب الشيعة وافتراؤهم من خلال المرويات التاريخية التي رووها، والمصنفات التي ألفوها.(1/72)
ومن هنا سوف يكون الحديث عن نزعة التشيع جامعا بين الرواة والمصنفات .ولئن لم يكن بالإمكان نقصي كل راو، والإحاطة بكل مصنف شيعي فحسبنا الوقوف على نماذج من هذا وذاك.أولا : الرواة الشيعة : سأكتفي بإيراد نموذجين لرواة الشيعة، ونموذجين آخرين للمصنفات الشيعية، لا بقصد الحصر لأثر نزعة التشيع في الكتابة التاريخية بقدر ما أقصد منها إبراز نموذج لأثر هذه النزعة في مروياتنا ومصنفات أسلافنا . ( أ ) لوط بن يحيى " أبو مخنف "وهو من رواة المتقدمين ( ت 157 ه) والمكثرين حتى بلغت مروياته في تاريخ الطبري (585) رواية، وفي فترة مهمة من فترات التاريخ الإسلامي ابتدأت من وفاة الرسول حتى سقوط الدولة الأموية سنة 132 ه (45) .وهذا الراوي غارق في التشيع من شحمة أذنيه حتى أخمص قدميه ولهذا قال عنه ابن عدي: شيعي محترق (46) .ولئن كان أمره مكشوفا لعلماء الجرح والتعديل وأرباب التاريخ المتقدمين، فليس الأمر كذلك لبعض المؤرخين المتأخرين الذين تناقلوا مروياته دون نظر أن تمحيص، ويكشف لنا المتقدمين حقيقته فيقول ابن معين: ليس بشيء(47).وقال ابن حيان: رافضي يشتم الصحابة ويروي الموضوعات عن الثقات (48) .وقال فيه الذهبي: إخباري تالف لا يوثق به (49) ومثله قال ابن حجر (50) .أما ابن عدي فقد فضل القول فيه فقال: ط حدث بأخبار من تقدم من السلف الصالحين، ولا يبعد منه أن يتناولهم، وهو شيعي محترق صاحب أخبارهم، وإنما وصفته للاستغناء عن ذكر حديثه فإني لا أعلم من الأحاديث المسندة ما أذكره ، وإنما له من الأخبار المكروه الذي لا أستجيز ذكره (51) .وقد ذكره العقيلي في الضعفاء مشيراً إلى تضعيف ابن معين له (52) .تلك نصوص تكفي لإدانة أبي مخنف وتعرف بهن وإليكم ما يثبت أدانته من خلال بعض مروياته وسأقتصر كذلك على نموذجين.(1/73)
الرواية الأولى في سقيفة بني ساعدة : ذكر الطبري ضمن أحداث سنة 11 للهجرة خبر ما جرى بين المهاجرين والأنصار في أمر الإمامة في سقيفة بن ساعدة- بسنده عن أبي مخنف قال:اجتمعت الأنصار في سقفية بن ساعدة، فقالوا: نولى هذا الأمر بعد محمد عليه السلام سعد بن عبادة، وأخرجوا سعداً وهو مريض، فلما اجتمعوا تكلم فيهم بصوت ضعيف كان يبلغ القوم عنه ابن له أو بعض بني عمه، وكان مما قاله – بعد أن ذكره سابقة الأنصار وجهادهم وأن لهم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب !! وأن العرب دانت لرسول الله بأسيافهم وتوفى الله ورسوله وهو راض الناس " (53) .ثم أن القوم أجابوه بأجمعهم: أن قد ورفقت في الرأي وأصبت في القول ولن نعد ما رأيت ونوليك هذا الأمر، ثم ترادوا الكلام بينهم فقالوا فإن أبت مهاجرة قريش فقالوا: نحن المهاجرون وصحابة رسول الله الأولون ونحن عشيرته وأولياؤه فعلام تنازعوننا هذا الأمر بعده ! فقالت طائفة منهم: فإنا نقول إذاً: منّا أمير ومنكم أمير، ولن نرضى بدون هذا الأمر أبداً، فقال سعد بن عبادة حين سمعها : هذا أول الوهن (54) . وأتى عمر الخبر فأقبل إلى منزل النبي ، فأرسل إلى أبي بك ر وأبو بك ر في الدار، وعلي بن أبي طالب دائب في جهاز رسول الله ويعد مجيئه تكل أبو بكر، ثم عمر، ثم قال الحباب بن المنذر فتكلم، ومما قال:" يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقالة هذا وأصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر، فإن أبوا عليكم ما سألتموه فأجلوهم عن هذه البلاد .. فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم .. إلى أن قال: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، أما والله لئن شئتم لتقيدنها جذعة، فقال عمر: إذاً يقتلك الله ! قال: بل إياك يقتل ..(55) .(1/74)
وعن أبي مخنف قال عبد الله بن عبد الرحمن: فأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر وكادوا يطئون سعد بن عبادة، فقال ناس من أصحاب سعد، اتقوا سعداً لا تطئوه، فقال عمر: اقتلوه قتله الله ! ثم قام على رأسه فقال: لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضدك، فأخذ يعد بلحية عمر فقال: والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة، فقال أبو بكر: مهلا يا عمر! الرفق ها هنا أبلغ، فأعرض عنه عمر ، وقال سعد: وأما والله لو أن بي قوة ما أقوى على النهوض لسمعت مني في أقطارها وسككها زئيراً يحجرك وأصحابك 000 الخ (56) .هذه مقتطفات من رواية أبي مخنف الطويلة في حادثة السقيفة ويظهر منها التعدي على الصحابة وتصويرهم بصورة لا تليق بمن هو أقل منهم من صالحي المسلمين فكيف بخيار الأمة وأصحاب رسول الله ؟ فهو يصوّر القضية صراعا على السلطة يتناسى معه الأصحاب كل فضيلة وسابقة في الدين لمن سواهم ، وهل يليق بالأنصار أن ينسبوا لأنفسهم فضلا دون المهاجرين فيعتبروا أنفسهم أصحاب سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب! وهو يعلمون تقديم المهاجرين عليهم في القرآن، أو أن يستبدوا لهذا الأمر دون الناس ؟ وهل يعقل أن يعتبر زعماء الأنصار أن اختيار أمير من المهاجرين وآخر من الأنصار أول الوهن ! كما يلاحظ رائحة التشيع التي تفوح من الرواية وأبو مخنف يبرز عليا وحده مهتما بجهاز رسول الله ، وغيره من أمثال أبي بكر في داره وعمر لا يعلم حتى يأتيه الخبر؟ وليت شعري أيليق بنبلاء الرجال الذين جمع الله قلوبهم على التقى، وآخى الرسول بينهم حتى كان الرجل منهم يرث أخاه بعد موته – حتى نسخ ذلك – هل يليق بهؤلاء أن تصدر منهم لإخوانهم عبارات الجلاء عن بلادهم ؟ " فإن أبو عليكم ما سألتم فأجلوهم عن هذه البلاد " .(1/75)
أما إعادة نعرات الجاهلية، فتلك قد اندثرت في نفوس أولئك الأخيار، لكنها حية في نفوس الشعوبيين وأصحاب النزعات المذهبية المنحرفة، وبالتالي يحاولون إسقاطها على أولئك القرون الظاهرة وهم منها براء .وهكذا تمتلئ الرواية بألفاظ المهاترة والكلمات البذيئة ، بل ربما وصلت إلى الاعتداء والضرب بين الصحابة! وتلك آفة الروايات المختلقة، وهي أثر من آثار معتقد الشيعة في سب الصحابة والنيل منهم، فهل ينتبه قرّاء التاريخ لمثل هذه المرويات الساقطة، وهل يستتبع ذلك همم عالية لنقدها سنداً ومتناً ؟! خاصة إذا علم أن هناك مرويات أخرى في مصادر أخرى، وعن طريق رواة موثقين في هذه الحادثة أو غيرها(33) .الرواية الثانية: في قصة الشورى : وقد ساقها الطبري في تاريخه بسند فيه" أبو مخنف " وبمتن طويل أقبس منه الفقرات التالية : قال العباس لعلي ( رضي الله عنهما) – بعد أن حدّد عمر الستة النفر الذين تكون فيهم – لا تدخل معهم، قال علي: أكره الخلاف، فقال له العباس: إذاً ترى ما تكره (34) .وهكذا يبدأ أبو مخنف الرواية بامتعاض العباس من دخول علي ويحذره مما يكره إن قبل، وكأنه بذلك يصوّر العباس مدركاً لأمر غاب عن علي، وأن الأمر مبيت على غير ما يأملون ؟! قال علي للعباس – حين تلقاه – عدلت عنّا، فقال: وما علمك ؟ قال: قرن بي عثمان، وقال كونوا مع الأكثر فإن رضي رجلان رجلاً، ورجلان رجلاً، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، فسعد لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن، وعبد الرحمن صهر عثمان عبد الرحمن، فلو كان الآخران معي لم ينفعاني، بله أني لا أرجو إلا أحدهما ... فرد عليه العباس مذكرا بما قاله له حين سمي في الستة ثم أوصاه قائلا: أحفظ عني واحدة: كلما عرض عليك القوم فقل: لا ، إلا أن يولوك، واحذر هؤلاء الرهط فإنهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتى يقوم لنابه غيرنا ..(1/76)
فقال علي: أما لئن بقي عثمان لأذكرته ما أتى، ولئن مات ليتداولنها بينهم ، ولئن فعلوا ليجدني حيث يكرهون (35) .واعتقد أن ما ورد في الرواية من عبارات نابية غريبة، واتهام مشين بين الصحابة كاف لسقوطها متناً، فضلا عن سقوطها سنداً!! كما ورد في الرواية أن عبد الرحمن بن عوف دعا علياً فقال: عليك عهد الله وميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده ؟ قال: أرجو أن أفعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي، ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلي، قال: نعم فبايعه، فقال علي: حبوته حبو دهر ، ليس هذا أول يوم تظاهر ثم فيه علينا، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون، والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك، والله كل يوم هو في شأن (36) .وهذا الجزء من الرواية لا يختلف في غرابته عما قبله، وقد كفانا الحافظ ابن كثير مؤنة الرد عليه، حيث أبان في تاريخه بكلام جزل تفرد الرواة الشيعة وغيرهم من القصاص برواية هذه الأخبار الساقطة حيث قال ما نصه : " وما يذكره كثير من المؤرخين كابن جرير وغيره عن رجال لا يعرفون أن علياً قال لعبد الرحمن: خدعتني، وإنك إنما وليته لأنه صهرك وليشاورك كل يوم في شأنه إلى غير ذلك من الأخبار المخالفة لما ثبت في الصحاح فهي مردودة على قاليها وناقليها، والله أعلم. والمظنون بالصحابة خلاف ما يتوهم كثير من الرافضة وأغبياء القصاص الذين لا تمييز عندهم بين صحيح الأخبار وضعيفها ومستقيمها وسقيمها وميادها وقويمها والله الموفق للصواب (37) .وهكذا تمتلي الرواية بكثير من الأخطاء والتجاوزات والمغالطات ويكشف عورها غيرهما من الروايات الصحيحة(38) . ((1/77)
ب) هشام بن محمد بن السائب الكلبي : وهذا راو آخر من رواة الشيعة، وممن أكثر الرواية عنهم إمام المؤرخين ابن جرير الطبري، إذ بلغت رواياته في تاريخ الطبري ما يقرب من ثلاثمائة رواية شملت تاريخ الأنبياء والسيرة النبوية وتاريخ الخلفاء وطرفا من أخبار الدولة الأموية(39) .وقد تحث أئمة الجرح والتعديل عن تشيعه وغرابة مروياته قال العقيلي: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: سمعت أبي يقول: هشام بن محمد بن السائب الكلبي من يحدّث عنه! إنما هو صاحب سمر ونسب، ما ظننت أن أحداً يحدّث عنه (40) .وقال عنه ابن حبان: من أهل الكوفة، يروي عن أبيه ومعروف مولى سليمان والعراقيين العجائب والأخبار التي لا أصول لها، وكان غالياً في التشيع ، وأخباره في الأغلوطات أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفها (41) .وقال الذهبي: هشام لا يوثق به، ونقل عن ابن عساكر قوله: رافضي ليس بثقة، مات سنة أربع ومائتين، وقيل: أن مصنفاته أزيد من مائة وخمسين مصنفاً ؟! (42) .وهاك نموذجين من مروياته : النموذج الأول: اتهام معاوية باختلاق الكتب :روى الطبري من حديث هشام عن أبي مخنف أن معاوية أن معاوية لما أيس من قيس أن يتابعه على أمره شق عليه ذلك لما يعرف من حزمه ويأسه وأظهر للناس قبله أن قيس بن سعد قن تابعكم فادعوا الله له وقرأ عليهم كتابه الذي لأن فيه وقاربه، قال: واختلق معاوية كتابا من قيس بن سعد فقرأه على أهل الشام .ثم أورد الطبري نص الخطاب، وموقف علي بن أبي طالب واستنكاره لذلك، ثم رد قيس بن سعد عليه، وما جرى بينهما من محاورة في كلام يطول (43) .(1/78)
هكذا يقتفي هشام أثر شيخه أبي مخنف في النيل من الصحابة وتشويه صورتهم، مستخدما في ذلك تزوير الحقائق، وهل بعد اتهام معاوية باختلاق الكتب لتدعيهم موقفه شيء؟! النموذج الأخر: وصف معاوية بأوصاف مشينة وفي مقابل الصورة الأخرى يختلق هشام رواية أخرى، يتهم فيها معاوية – على لسان قيس بن سعد – بالزيغ والضلال، وقول الزور، بل وفوق ذلك بكونه طاغوتا من طواغيت إبليس ؟! وإليك قطعة من نص هذه الرسالة :" 0000 من قيس بن سعد إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد: فإن العجب من اغترارك بي وطمعك في واستسقائك رأيي، أتسومني الخروج من طاعة أولى الناس بالإمرة، وأقوالهم للحق، وأهداهم سبيلا، وأقربهم من رسول الله وسيلة، وتأمرني بالدخول في طاعتك، طاعة أبعد الناس من هذا الأمر، وأقولهم للزور، وأضلهم سبيلا وأبعدهم من الله عز وجل ورسوله ، ولد ضالون مضلين، طاغوت من طواغيت إبليس !! 0000(44) .أكتفي بهذين النموذجين من رواة الشيعة، وأكتفي بهذه النماذج الواقعية من مروياتهم، لأن الدراسة لا تهدف إلى حصر النماذج والمرويات قدر ما تهدف إلى إبراز النزعة وأثرها في المرويات التاريخية، لانتقل بعد ذلك إلى نماذج المصادر الشيعية وما تفطح به من غثاء المرويات السقيمة والأخبار الواهية والتشويه المتعمد خير قرون الأمة !ثانياً: المصنفات الشيعة : ( أ ) وقعة صفين : وهو أحد كتب نصر بن مزاحم المنقري الكوفي المتوفى سنة 212ه، وله كتب أخرى أمثال: الغارات ، كتاب الجمل، مقتل حجر ابن عدي، مقتل الحسين بن علي (45) .ونصر بن مزاحم هذا من أعلام الشيعة الغالين، قال فيه العقيلي: كان يذهب إلى التشيع وفي حديثه اضطراب وخطأ كثير، ثم ساق له نموذجا يمثل انحرافه في المرويات في تفسير قوله تعالى: (( والذي جاء بالصدق وصدق به )) " الآية 33: الزمر " .قال نصر: الذي جاء بالصدق محمد ، والذي صدق به علي ، ثم علق العقيلي على ذلك بقوله: وهذا لا يتابع عليه(46) .(1/79)
كما ترجم له الخطيب في تاريخه، ونقل طرفا من أقوال العلماء فيه، فعن الجوزجاني قولهك كان نصر زائغاً عن الحق مائلاً ، ثم علق الخطيب بقوله: أراد بذلك علوّه في الرفض، كما أنه نقل عن صالح بن محمد قوله: نصر بن مزاحم روى عن الضعفاء أحاديث مناكير، وعن الحافظ أبي الفتح محمد بن الحسين قوله: نصر بن مزاحم غال في مذهبه (47) ,وقال عنه الذهبي: رافضي جلد تركوه، ثم نقل عن أبي خيثمة: كان كذّاباً .وعن أبي حاتم: واهي الحديث متروك، وقال الدارقطني: ضعيف (48) .كما ذكره ابن عدي في الضعفاء وساق عدداً من أحاديث رواها، ثم علق ابن عدي بقوله: " وهذه الأحاديث لنصر بن مزاحم مع غيرها مما لم أذكرها عمن رواها عامتها غير محفوظة " (49) .نماذج من وقعة صفّين : ومن مروياته أسوق النماذج التالية :نقل أو اختلق صاحب " وقعة صفين " خطبة علي - - حين عزم على الخروج إلى صفين، وكان مما جاء فيها :" ... سيروا إلى أعداء السنن والقرآن، سيروا إلى بقية الأحزاب ، قتلة المهاجرين والأنصار .. " (50) .وفي خطبة أخرى لا تقل سوء عن سابقتها ينسب نصر ابن مزاحم إلى علي - - أن سبب امتناع معاوية عن البيعة إنما كان ثأراً لدماء في الجاهلية إذ يقول: " ثم التفت – يعني علياً – إلى الناس فقال: فكيف يبايع معاوية علياً وقد قتل أخاه حنظلة ، وخاله الوليد، وجدّه عتبة في موقف واحد، والله ما أظن أن يفعلوا، ولن يستقيموا لكم دون أن نقصد فيه المرّان، وتقطع على هامتهم السيوف وتشرحوا حواجبهم يعمد الحديد، وتكون أمور جمة بين الفريقين (51) وحاشا علياً أن يقول مثل ذلك، وقاتل الله داء النزعة المذهبية وتلك آثارها .(1/80)
وفي رواية ثالثة يصوّر – صاحب وقعة صفين – معاوية رجلا محتالاً يبحث عن رجال يتحدثوا له في مسبّة علي ويقول: " لما قدم عبيد الله بن عمر بن الخطاب على معاوية بالشام أرسل معاوية إلى عمرو بن العاص فقال: إن الله قد أحيا لك " عمر " بالشام بقدوم " عبيد الله " وقد رأيت أن أقيمه خطيبا فيشهد على علي بقبل عثمان وينال منه، فقال الرأي ما رأيت، فبعث إلى عبيد الله فأتاه فقال له معاوية: يا ابن أخي إن لك اسم أبيك فانظر بملء عينيك وتكلم بكل فيك ... فاصعد المنبر واشتم علياً واشهد عليه أنه قتل عثمان " .فاقتنع بذلك، ولكنه حينما صعد المنبر وبدا له غير ذلك، وأحجم عن الحديث عن علي هجره معاوية واستخف بحقه وفسقه !! (52) .ولنصر في وقعة صفين مرويات غير هذه، وهي تخرج من مشكاتها .وفوق ذلك نقل عنه الطبري في تاريخه روايات لا تقف عند سب معاوية واتهامه وحده، بل تشمل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وطلحة، وأبا موسى الأشعري وغيرهم من الصحابة أجمعين، وحتى علي لم يسلم من أذاه. فهو يرى – في إحدى رواياته – أن دم عثمان ثلاثة أثلاث: ثلث على صاحبة الهودج – يعني عائشة – وثلث على صاحب الجمل الأحمر يعني طلحة - وثلث على علي بن أبي طالب (53) .بل ينسب إلى عائشة ما هو أكبر من ذلك فقد روى أنها قالت: اقتلوا نعثلا تعني عثمان فقد كفر ؟! (54) .أما أبو موسى فعداده في المنافقين في مرويات " نصر" حيث ينقل على لسنان " الأشتر ": أنه قال له: فوالله إنك لمن المنافقين قديما، ثم أمره الأشتر بالخروج من القصر، وأن الناس دخلوا ينتهبون متاع أبي موسى حتى منعهم الأشتر فكفوا عنه !! (55) . (ب) تاريخ المسعودي ( مروج الذهب ) وهو نموذج أخر للمصنفات الشيعية التي مزخر بالمرويات الواهية، وتشيع السمعودي وانحرافه في الكتابة التاريخية وبخاصة تاريخ الصحابة غير خاف على العلماء قديما وحديثا .(1/81)
فابن العربي المتوفى سنة 543 ه حذر منه في كتابه القيّم: العواصم من القواصم في عاصمة: " الاحتراز من المفسرين والمؤرخين وأهل الآداب حيث نسبهم إلى الجهالة بحرمات الدين، أوهم على البدعة مصرين (56) إلى أن قال : ومن أشد الناس شيء على الناس جاهل عاقل أو مبتدع محتال (57) إلى أن قال : " وأما المبتدع المحتال فالمسعودي، فإنه يأتي منه متاخمة الإلحاد فيما روى من ذلك، وأما البدعة فلا شك فيه " (58) .وكثير ما ينعى ابن العربي على بعض أرباب التاريخ ويصفهم ب " الطائفة التاريخية الركيكة " (59) . وهم الذين يصفون بعض الصحابة بالبلاهة والضعف والخداع، ولعل "المسعودي " في عداد هؤلاء عند " ابن العربي ". وكيف لا يكون كذلك وابن العربي يتحدث عن الذين ينشئون أحاديث فيها استحقار الصحابة والسلف، والاستخفاف بهم واختراع الاسترسال في الأقوال والأفعال عنهم، وخروج مقاصدهم عن الدين إلى الدنيا ، وعن الحق إلى الهوى (60) ثم يتحدث بعد ذلك عن المسعودي .أما بن تيمية فقد ال: " وفي تاريخ المسعودي من الأكاذيب ما لا يحصيه إلا الله تعالى (61) .كما تعرض الحافظ ابن حجر لنقد المسعودي وكتبه فقال: " وكتبه طافحة بأنه كان شيعياً معتزلياً حتى أنه قال في حق ابن عمر أنه امتنع من بيعة علي بن أبي طالب ثم بايع بعد ذلك يزيد بن معاوية والحجاج لعبد الملك بن مروان، وله من ذلك أشياء كثيرة " (62) .أما ابن خلدون فقد ترددت عباراته عن المسعودي بين القدح والمدح، والإعجاب والذم، ففي بداية حديثه في " المقدمة" ذكر وهو يتحدث عن مشاهير المؤرخين ما في كتب المسعودي من المطاعن والمغامز فقال: " وإن كان في كتب المسعودي والواقدي من الطعن والغمز ما هو معروف عند الإثبات و مشهور بين الحفظة الثقات " (63) .ثم ذكر ابن خلدون نماذج من الوهم والخطأ في تاريخ المسعودي (64) .(1/82)
وفي موطن آخر يشير " ابن خلدون " إلى نوع من أنواع التأليف في التاريخ، هو ذكر الأحوال العامة للآفاق والأخبار والأعصار، ثم قال: فذلك أسّ للمؤرخ، ومثل ذلك بمروج الذهب للمسعودي ، قال : إن المسعودي بذلك صار إماماً للمؤرخين يرجعون إليه، واصلا يعولون في تحقيق الكثير من أخبارهم عليه (64) .والذي يظهر أن مدح ابن خلدون للمسعودي لعموم منهجه، وشموله في كتابه لأحداث المشرق والمغرب، والعرب والعجم ، ووصفه الجبال والبلدان والبحار، والممالك والدول، وهذا حق، لكن فرق بين هذا وبين تحقيق الروايات والبعد عن السواقط والمنكرات، وهو ما نحن بصدده (65) .ومن الباحثين المحدثين يؤكد الدكتور السويكت على الميول الشيعية القوية عند المسعودي (66)، وعلى تعاطفه العلوي في معالجته التاريخ الإسلامي وأثرها على أحكامه على الرغم من محاولته الظهور بالمؤرخ الحيادي المصنف! (67) .وأنه خدم التشيع جيداً وبطريقة تخفي على كثير من الناس (68) .وأن ما دونه في مؤلفاته من معلومات عن التاريخ الإسلامي الأول يم يكن محل رضا من العلماء المسلمين المحققين، بسبب عدم التزامه في بالمنهج الإسلامي القويم الذي يحفظ لصحابة رسول الله مكانتهم في النفوس(69).كما يلاحظ أن نزعة المسعودي الشيعية قد أثرت على كتابته في تاريخ الخلفاء الراشدين والأمويين، ولم يستطع أن يكتب تاريخا مجردا من الهوى (70) .وبعد فقد آن الأوان لنقل بعض مرويات المسعودي التي لم تكن ولن تكون محل رضا العلماء المسلمين والباحثين المنصفين .نماذج لروايات في كتاب المسعودي ( مروج الذهب) إذا كان للمسعودي عدد من المصنفات في التاريخ (71) فحسبنا في هذه الدراسة أن نقف على واحد من أشهر كتبه وأكثرها رواجا وهو " مروج الذهب " .(1/83)
وقبل نقل المرويات يسجل على المسعودي في " مروج الذهب" الملاحظات التالية :(1) اختصر الحديث في خلافة أبي بكر الصديق اختصارا مخلا، حيث لم يتجاوز حديثه ثماني صفحات قال في نهايتها معللا ذلك: وقد أعرضنا عن ذكر كثير من الأخبار في هذا الكتاب للاختصار والإيجاز (72) .ولا أدري لماذا يكون الاختصار هنا، بينما في خلافة علي تبلغ ثمانين صفحة، ومع ذلك يعتذر في النهاية عن حصر مناقب علي وفضائله معللا ذلك بعرضه في كتب أخرى(73) . (2) ليس ذلك فحسب بل الأدعى من ذلك أن المتأمل بالتمرد الندم على قبول الخلافة (74) .وهو لم يقبلها إلا خشية الفتنة (75) .وإشارة المسعودي – في معرض حديثه عن خلافة أبي بكر – إلى إمامة المفضول (76) يؤكد ذلك كله ؟! (3) يصف المسعودي نهاية عمر وعثمان بالقتل (77) ونهاية علي بالاستشهاد (78) . (4) تعدى المسعودي وتجاوز في حديثه على كثير من الصحابة الذين كانت لهم مواقف مع علي ، ووصفهم بما لا يليق بمكانتهم، كطلحة والزبير، وعائشة، ومعاوية أجمعين (79) .نماذج من كتابة المسعودي في " المروج "النموذج الأول : التهكم بمعاوية ومن معه ؟ يقول السمعودي (80) : وبلغ – يعني معاوية- من إحكامه للسياسة وإتقانه لها واجتذابه قلوب خواصه وعوامه أن رجلا من أهل الكوفة دخل على بعير له إلى دمشق في حالة منصرفهم عن صفين فتعلق به رجل من دمشق فقال: هذه ناقتي أخذت مني بصفين، فارتفع أمرهما إلى معاوية، وأقام الدمشقي خمسين رجلا بينه يشهدون أنها ناقته، فقضى معاوية على الكوفي، وأمره بتسليم البعير إليه ، فقال الكوفي: أصلحك الله إنه جمل وليس بناقة، فقال معاوية: هذا حكم قد مضى، ودس إلى الكوفة بعد تفرقهم فأحضره وسأله عن ثمن بعير فدفع إليه ضعفه ، وبرّه وأحسن إليه، وقال له: أبلغ علياً أني أقاتله بمائة ألف ما فيهم من يفرق بين الناقة والجمل .(1/84)
ثم يتمادى المسعودي – في بقية ورايته – بالتهكم والسخرية بمعاوية واستغفال من معه إلى درجة يقول معها : وقد بلغ من أمرهم ف طاعتهم له أنه صلّى بهم عند مسيرهم إلى صفين الجمعة في يوم الأربعاء ؟! إلى أن يقول: ثم ارتقى بهم الأمر في طاعته إلى أن جعلوا لعن علي سنة ينشأ عليها الصغير ويهلك عليها الكبير ! (81) .ثم يقول السمعودي: وذكر بعض الإخباريين أن قال لرجل من أهل الشام من زعمائهم وأهل الرأي والعقل منهم : من أبو تراب هذا الذي يلعنه الإمام على المنبر ؟ قال: أراه لصاً من لصوص الفتن (82) .النموذج التالي: بين معاوية والحسن ( رضي الله عنهما) ومع أن الحسين بن علي رضي الله عنهما صالح معاوية ، وتنازل له عن الخلافة، وحقق بذلك نبوءة النبي حيث قال :" إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين " (83) .وباركت الأمة هذه الخطوة، وأكبرت للحسن صنيعه، وخرج المعتزلون للفتنة من الصحابة وبايعوا معاوية وسمي العام عام الجماعة لاجتماع الناس وانقطاع الحرب (84) . إلا أن الرافضة لم ترض بذلك ، وبات علماؤهم يسردون روايات ساقطة في الوقيعة بين الحسن ومعاوية .(1/85)
فالمسعودي يذكر– مثلا– أن معاوية وراء قتل الحسن بن علي وأنه دسّ إلى زوجته " جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي " إنك إن احتلت في قتل الحسن وجهت إليك بمائة ألف درهم، وزوجتك من يزيد، فكان ذلك الذي بعثها على سمّه(85) وثمة رواية أخرى ينقلها المسعودي وعزوها إلى ابن جرير الطبري ويسندها إ‘لى محمد بن حميد الرازي وفيها سرور معاوية حين بلغه موت الحسن،وأنه كبر وتكبيرة كبر معه أهل الخضراء، ثم كبر أهل المسجد بتكبيرهم، وأن ابن عباس حين بلغه ذلك دخل على معاوية فقال علمت يا ابن عباس أن الحسن توفى، قال ألذلك كبرت ؟ قال: نعم، قال: أما والله ما موته بالذي يؤخر أجلك ولا حفرته بسادة حفرتك، ولئن أصبنا به لفقد أصبنا قبله بسيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين ثم بعده بسيد الأوصياء، فجبر الله تلك المصيبة، ورفع تلك العترة، فقال ويحك يا ابن عباس ما كلمتك قط إلا وجدتك معداً (86) .(1/86)
وهكذا يبدو النفس الشيعي واضحاً في هذه الرواية، فالحسن وابن عباس في جانب، ومعاوية في جانب آخر، وفوق ذلك فعلي يحشر في الرواية حشراً، ويوصف بسيد الأوصياء!! ومعاوية لا يسر فحسب بموت الحسن ويخفى ذلك في نفسه، بل يعلنه على الملأ، وتتلاقى تكبيرات أهل الخضراء وأهل المسجد مع تكبيراته، أذلك لانتصار المسلمين في معركة، أم تراه لهلاك طاغية ؟! كلا وإنما فرحاً بموت سبط رسول الله ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم !! وبعد فهذه نماذد مختصرة أكتفي بإيرادها، واقتصر بها عن ما سواها من نماذج، لأن هذه الدراسة لا تهدف إلى حصر الرواة الشيعة وليس القصد منها جمع المرويات الشيعية وإنما القصد الإبانة عن هذه النزعة أثرها في الكتابة التاريخية، والتمثيل لها القدر الذي يكشف للقارئ وجودها وخطرها ، ويهديه بعد إلى تتبع نظائرها، ورصد مثيلاتها، والتعرف على أصحابها، وأرجو أن تكون حلقة في سلسلة لدراسات أوسع، وبداية لبحوث أعمق في هذا الميدان، فليس ينقصنا في الدراسات التاريخية جمع النصوص والتأليف بينها. وإنما الذي نحتاج إليه كشف مخبوء النصوص ومعرفة من وراءها، وتتبع عورات بعض الرواة والكشف عن مناهجهم ونزعاتهم وأثر ذلك على مروياتهم، وهذا وذاك من الوسائل الناجعة لإعادة كتابة تاريخنا ، وهو المنهج الأقوم والأسلوب الأمثل لرسم الصورة الحقيقية لحضارتنا وتاريخ أسلافنا .والله من وراء القصد وصلى الله على نبينا محمد . (1) ورد عن علي بأسانيد جيدة أنه قال لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر إلا جلدته حد المفترى . ( فتاوى ابن تيمية 28/475) .(*) كما جاء ذلك مصرحاً به في الرواية الأخرى في استتابة المرتدين، باب ما جاء في المتأويلين (صحيح البخاري8/45).(2) 4/38 باب إذا اضطر الرجل إلى النظر في شعور أهل الذمة والمؤمنات إذا عصين الله وتجريدهن .(3) فتح الباري 6/191 ، 21/306 .(5) منهاج السنة 4/202 .(6) المصدر السابق 4/202.(1/87)
وقال ابن تيمية معلقاً على هذا الرأي: وهذا يحتمل السكوت عن الكلام في ذلك فلا يكون قولا وهو الأظهر، ويحتمل التسوية بينهما .(7) المصدر السابق 4/202، وقريبا منه في المصدر نفسه 2/178 .(8) الفتاوى 3/153 .(9) منهاج السنة 2/178 .(10) انظر: الفتاوى 28/483 .(10) الفتاوى 28/500 .(11) انظر القمي: المقالات والفرق ص 20 ، النوبختي: فرق الشيعة ص 20، ابن المرتضى : طبقات المعتزلة ص 5-6.(12) الفتاوى 4/490 .(13) انظر: تاريخ الطبري 4/430 .(14) المقالات والفرق ص20- والنظر لمزيد التفضيل كتب المقالات والفرق وكتاب عبد الله بن سبأ وأثره في أحداث الفتنة للمؤلف .(15) الملل والنحل 1/155 .(16) السكسكي: البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان ص 50 .(17) تاريخ الطبري 4/140 .(18) القمي: المقالات والفرق ص 19 .(19) المصدر السابق ص 20، وفرق الشيعة للنوبختي ص 44 .(20) الصواعق المحرقة ص 6 .(21) انظر: مقدمة ابن خلدون " نشر دار إحياء التراث العربي " ص 35 .(22) انظر الفتاوى 28/479 .(23) المصدر السابق 28/482 .(24) المصدر السابق 28/477 .(25) المصدر السابق 28/483 -493 .(26) منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية 1/16.(27) المصدر السابق 1/18 . (28) المصدر السابق 1/18 .(*) قال ابن تيمية معلقا على هذه النصوص: وهذه آثار ثابته قد رواها أبو عبد الله بن بطة في الإبانة الكبرى هو وغيره .( المنهاج 1/16-17 ) .(29) المصدر السابق 1/16 .(30) منهاج السنة 1/309 .(31) المصدر السابق 1/309 = لهذا قال أحد الباحثين إن الكذب في الكوفة نشأ مع التشيع جنباً إلى جنب " يحيى اليحي: مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري ص 40 .(32) منهاج السنة 1/16 .(33) المصدر السابق 1/16 .(32) المصدر السابق 1/16 .(34) المصدر السابق 1/16 .(35) المصدر السابق 1/16 .(36) المنتقى من منهاج الاعتدال ص480 ط: السلفية .((1/88)
37) المقصود بهم الشيعة، فقد نقل ابن تيمية النص في مواطن آخر بلفظ " الشيعة " ( المنهاج 1/8 ) ، كما نقل ابن تيمية أن مصطلح الرافضة إنما ظهر لما رفضوا زيد بن علي بن الحسين في خلافة هشام ( المنهاج 1/9) .(38) منهاج السنة 1/7-8 .(39) المصدر السابق 1/7 .(40) الموضوعات لان الجوزي 1/39 .(41) أبو نعيم: حلية الأولياء 7/27 .(42) المصدر السابق 7/27 .(43) ابن عبد ربه: العقد الفريد 2/223 .(*) وصفه ابن كثير بالشيعي الغالي ( البداية والنهاية 13/190.(44) شرح نهج البلاغة 11/48-49 .(45) انظر: يحي اليحى: مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري ص 487 .(46) الكامل في ضعفاء الرجال 6/2110 .(47) يحي بن معين: تاريخ يحي بن معين 2/500 .(48) لسان الميزان 4/366 .(49) ميزان الاعتدال 3/419 ، 430 .(50) لسان الميزان 4/492 .(51) الكامل في ضعفاء الرجال 6/2110 .(52) الضعفاء الكبير 4/ 18-19 .(53) تاريخ الطبري 3/218 .(54) المصدر السابق 3/219، 220، 221 .(55) انظر: تاريخ الطبري 3/219 (56) انظر تاريخ الطبري 3/222 .(33) ذكر الأستاذ يحيى اليحيى أن البخاري أخرج في صحيحه ثلاث روايات في السقبفة، وأخرج الإمام أحمد في مسنده خمس روايات، والنسائي رواية واحدة ، وابن أبي شيبة أربع روايات، وابن سعد ثلاث روايات، هذا فضلا عن روايات المؤرخين كالبلاذرري ، والذهبي وابن كثير، وغيرهم، بل أن الطبري نفسه ساق روايات آخر لا ينتهي سندها إلى أبي مخنف ( انظر مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري ص 112، 126) وقد استقصى، وقارن اليحيى بين هذه الروايات ورواية أبي مخنف فليرجع إليه .(34) تاريخ الطبري 4/228 .(35) المصدر السابق 4/229230 .(36) تاريخ الطبري 4/233 .(37) البداية والنهاية 7/161 .(38) وردت قصة الشورى بروايات صحيحة وبمصادر أخرى ، فقد أخرجها البخاري في صحيحه من طريقين، وابن حبان وغيرهما ( انظر: يحيى اليحى: مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري ص 170، 180) .(1/89)
كما تطرق العلماء لقصة البيعة لعثمان ولم يذكروا غرائب رواية أبي مخنف بل أكدوا بيعة علي وغيره لعثمان، ومن قدم علياً عليه فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار واتهمهم بما ليس فيهم ... ( انظر: فتاوى ابن تيمية 4/427-428 ، مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري ص175) .(39) محمد السلمي: نزعة التشيع وأثرها في الكتابة التاريخية، ندوة مسجلة اشترك في إلقائها د/ سليمان بن حمد العودة ، أ/محمد بن صامل السلمي، أ/يحيى بن إبراهيم اليحيى – وقد سحبت على (الاستنسل) ولم تطبع في كتاب حتى كتابة هذا البحث– ص17، وانظر في كثرة مرويات هشام في تاريخ الطبري فهارس الطبري 10/443-444 .(40) الضعفاء الكبير 4/339 .(41) المجروحين من المحدثين والمتروكين 3/91 .(42) ميزان الاعتدال 4/304-305 .(43) تاريخ الطبري 4/553 .(44) المصدر السابق 4/551، وانظر: سند الرواية عن هشام عن أشياخه 4/547 من المصدر نفسه .(45) انظر: محمد السلمي: منهج كتابة التاريخ الإسلامي ص 489 .(46) الضعفاء الكبير 4/300 .(47) تاريخ بغداد 13/283 .(48) الميزان 4/235 ، 254 .(49) الكامل في ضعفاء الرجال 7/2502 .(50) نصر بن مزاحم: وقعة صفين ص 94 .(51) وقعة صفين ص 102 .(52) المصدر السابق ص82 .(53) تاريخ الطبري 4/465 .(54) المصدر السابق 4/459 .(55) المصدر نفسه 4/487 .(56) هذا القول من ابن العربي – رحمه الله – ليس على إطلاقه فهناك من أصحاب هذه الفنون أئمة موثُقُون، ويكفي أن يستثني ابن العربي من هؤلاء الإمام الطبري فحسب ، فهناك غيره على كالته ، بل لقد أجاد المحقق " محب الدين الخطيب " حين لقت النظر إلى أن في تاريخ الطبري من الأخبار الواهية ما لا يقبل وقد أبان عنه الطبري في مقدمته، والمعول في ذلك على دراسة الأسانيد ونقد المتون سواء أكان عند الطبري أم غيره .(57) العواصم من القواصم ( تحقيق محب الدين الخطيب " ص(1/90)
248 (58) المصدر السابق ص 249 .(59) المصدر نفسه ص 174 .(60) المصدر نفسه ص248 .(61) منهاج السنة 2/163 .(62) لسان الميزان 4/225 .(62) مقدمة ابن خلدون ص 4 .(63) المصدر السابق ص10، 12 (64) مقدمة ابن خلدون ص 32 .(65) وهذا الرأي الذي أره هو ما استلمحه من رأي الدكتور سليمان السويكت في كتابه: منهج المسعودي في كتابه التاريخ ص 442 .(66) سليمان السويكت: منهج السمعودي في كتابه التاريخ ص 74 ، 358 .(67) المرجع السابق ص 397 ، 359 .(68) المرجع نفسه ص 400.(69) المرجع السابق ص 444 .(70) منهج المسعودي في كتابة التاريخ ص 368 .(71) انظر: السويكت: منهج المسعودي في كتابة التاريخ الفصل الخامس: المسعودي مؤرخا - ص 305 .(72) مروج الذهب 2/310 .(73) مروج الذهب 2/437 .(74) المصدر السابق 2/308 .(75) المصدر السابق 2/307 .(76) المصدر السابق 2/311 (77) المصدر السابق 2/329، 355 .(78) انظر: منهج المسعودي في كتابة التاريخ ص 359 = ولم أقف على ذلك في حديث المسعودي عن علي، بل ذكر مقتل أمير المؤمنين علي 2/423 .(79) انظر: منهج المسعودي في كتابة التاريخ ص 260 .(81) مروج الذهب 3/41-42 .(82) المصدر السابق 3/43 .(80) يلاحظ أن المسعودي في كتابه لا يستخدم الإسناد في الروايات، وإنما كتفي قال المسعودي، وذكر بعض الإخباريين أو نحوها من العبارات .(83) صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة 7/94 من فتح الباري، وفي كتاب الفتن 13/61 من الفتح .(84) ابن الحجر: الفتح 13/63 .(85) مروج الذهب 3/5 (86) مروج الذهب 3/8 .(1/91)