مَرْوِيَّاتُ الإِمَامَيْنِ
قَتادَةَ بنِ دِعَامَةَ وَيَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيرٍ
المُعَلَّةُ فِي كِتَابِ العِلَلِ
للإِمَامِ الحَافِظِ أَبِي الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِي
تَخْرِيجُهَا وَدِرَاسَتُهَا وَالحُكْمُ عَلَيْهَا
رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في السنة وعلومها
إعداد
د. عَادِلِ بنِ عَبْدِ الشَّكُورِ الزُّرَقِي
إشراف فضيلة الدكتور محروس حسين عبد الجواد
الأستاذ بقسم السنة وعلومها بكلية أصول الدِّين بالرِّياض
(1424هـ)
مُقَدِّمَةُ البَحْثِ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِالله من شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ محَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
أَمَّا بَعْدُ .
فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ ، وَخَيْرَ الْهَدْي هَدْيُ محَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ، وَشرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ .
وَبَعْدُ .
فَإنَّهُ لمَّا كان عِلْمُ الحَدِيثِ من أَجَلِّ عُلُومِ الشَّرِيعَةِ وَأَفْضَلِهَا . وَكان عِلْمُ عِلَلِ الأَحَادِيثِ من أَصْعَبِ فُرُوعِ هذا العِلْمِ التي تَفَرَّعَتْ مِنْهُ .
كان مِنَ الَّلازِمِ على أَهْلِ العِلْمِ الاهتِمَامُ بهَذَا الأَمْرِ ، خِدْمَةً لدِينِ الله وَسُنَّةِ نَبِّيهِ - صلى الله عليه وسلم - . وذلك من خَلالِ جَمْعِ مَا تَنَاثَرَ من تَعْلِيلاتٍ ، وَدِرَاسَتِهَا دِرَاسَةً عِلْمِيَّةً ، تُبَيِّنُ الرَّاجح من المَرْجُوحِ، وَتُبَيِّنُ مَنَاهِجَ العُلَمَاءِ السَّابِقِينَ الَّذِينَ أَلَّفُوا فِيهِ .(1/1)
إلا أنَّه لمَّا كان هذا الأمر ذا كُلفة ومشقَّة وذا صعوبة بالغة - يدركها من خبر أسرار هذا العلم واطَّلع على خفاياه – فإنَّ الإحاطة بجملة منه ، تجمع أصوله التي يدور عليها ليس بالعسير جداً على المتخصِّص .
فيمكن هذا الأمر من خلال جمع أحاديث بعض الرُّواة الذين تدور عليهم أسانيد الأحاديث ، ويتكرر ذكرهم في الرِّوايات .
وليس عدد هؤلاء بالقليل ، إلا أن المشهور منهم محصور ، يمكن الإحاطة بعدده .
قال أبو داود الطَّيالسي : « وجدنا الحديث عند أربعة : الزهري وَقَتادة والأعمش وأبي إسحاق ... » (1) .
وقال ابن المديني : « نظرت في الأصول من الحديث ، فإذا هي عند ستَّة ممن مضى :-
فلأهل المدينة : ابن شهاب ، ولأهل مكة : عمرو بن دينار ، ولأهل البصرة : قَتادة ويحيى بن أبي كثير ، ولأهل الكوفة : أبو إسحاق عمرو بن عبد الله وسليمان بن مهران ... » (2) .
وقال أيضاً : « كان هؤلاء الستة ممن اعتمد عليهم الناس في الحديث ... » (3) .
وقال أبو أحمد الحاكم عنهم : « هؤلاء السِّتَّة الذين يدور عليهم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التابعين » (4) .
فبجمع الأحاديث المعلَّة لهؤلاء الأئمة ، يمكن للمرء أن يحيط بأكثر الأحاديث المعلَّة التي ذكرها العلماء في كتبهم ، وتناثرت فيها .
ولما كان كتاب العلل للإمام أبي الحسن الدَّارقطني – رحمه الله – من أجلِّ الكتب الجامعة للأحاديث المعلَّة وأوسعها ، فإنَّ جمع مرويات أولئك الأئمة من خلال هذا الكتاب ودراستها ، يأتي على أكبر قدر من الأحاديث المعلَّة .
__________
(1) الجامع لأخلاق الراوي للخطيب (1966) .
(2) العلل لابن المديني (ص36) والجامع للخطيب (1967) وتاريخ دمشق (59/401) .
(3) المعرفة ليعقوب (1/621) .
(4) تاريخ دمشق (59/397) .(1/2)
ولمَّا كانت مرويات الزُّهري والأعمش وأبي إسحاق – رحمهم الله - قد تمَّ العملُ عليها - من خلال ذلك الكتاب - في رسائلَ جامعيةٍ ، فإنَّ إكمالَ هذا الأمر من خلال ما بقي من الرُّواة السَّابقين ، يسدُّ شيئاً من الحاجة إلى خدمة علم العلل .
وفي هذا البحث ، قمت بجمع مرويات إمامين - فقط – هما قَتادة بن دِعَامَةَ البصري ، ويحيى بن أبي كثيرٍ اليَمَامي ، وتخريجها ودراستها والحكم عليها .
وقد بلغ عدد المواضع التي وقفت عليها من هذه المرويات (120) موضعاً .
وبعد دراستها الإجمالية ، وضمِّ ما تفرق منها وتكرَّر ، صار عدد هذه المرويَّات (112) حديثاً معلاً - اختلف فيها أصحاب هذين الإمامين عليهما سنداً أو متناً - (77) منها لقَتادة ، والباقي (35) ليحيى بن أبي كثير .
أهمية البحث وفوائده
لهذا البحث فوائد عديدة تدلُّ على أهميته ، ومن ذلك :-
1) أن العمل في الأحاديث المعلَّة يعطي طالب العلم دُرْبَةً ومَلَكَةً في علوم الحديث .
2) أن دراسة المرويات المعلَّة للمكثرين من الرِّواية تغني المرء عن كثير من العناء والتعب في دراسة العلل بجهد مكرَّر .
3) معرفة مناهج العلماء في التَّعليل والتَّرجيح ، وقواعدهم في ذلك .
4) معرفة ضعف كثير من الأحاديث السَّائرة بين النَّاس ، لخفاء العلة .
5) معرفة علو شأن الإمام الدَّارقطني في هذا العلم ، ورسوخ قدمه فيه ، فيعتمد على أقواله في العلل .
6) بيان أهمية كتابه في العلل ، والحرص على إكمال تحقيقه والاستفادة منه .
خطة البحث
سرت في هذا البحث على الخطة التالية :-
1) قسمت البحث أربعة أقسام تشمل مقدمة وثلاثة أبواب ، مختوماً بفهارس عامة .
2) المقدمة ، وتشمل أهمية البحث وخطَّته ومنهجه .
3) الباب الأول : مدخل ، وفيه فصلان هما :-
أ. الفصل الأول :- مقدمات في علم العلل ، تتضمَّن المباحث التالية :-
1. تعريف العِلَّةِ .
2. أهمية علم العلل وصعوبته .
3. أقسام الحديث المعلّ .(1/3)
4. المؤلفات في العلل .
5. طرق معرفة علَّة الحديث .
6. قرائن التَّرجيح بين الرِّوايات المختلفة .
7. منهج الدَّارقطني في العلل .
ب. الفصل الثاني ترجمة موجزة للإمام الدَّارقطني رحمه الله .
4) الباب الثاني : مرويات قَتادة بن دِعامة المعلَّة ، وفيه ستة فصول هي :-
أ. ترجمة موجزة لقَتادة بن دِعامة رحمه الله .
ب. أحاديث مسند العشرة المبشَّرة بالجنَّة - رضي الله عنهم - .
ج. أحاديث مسند أبي هريرة - رضي الله عنه - .
د. أحاديث مسند أنس - رضي الله عنه - .
ه. أحاديث مسند بقية الصَّحابة - رضي الله عنهم - .
و. أحاديث مسند النِّساء .
5) الباب الثالث : مرويات يحيى بن أبي كثير المعلَّة ، وفيه خمسة فصول هي :-
أ. ترجمة موجزة ليحيى بن أبي كثير رحمه الله .
ب. أحاديث مسند العشرة المبشَّرة بالجنة - رضي الله عنهم - .
ج. أحاديث مسند أبي هريرة - رضي الله عنه - .
د. أحاديث مسند بقية الصَّحابة - رضي الله عنهم - .
ه. أحاديث مسند النِّساء .
6) فهارس عامَّة ، تشمل ما يلي :-
أ. فهرس فقه الأحاديث .
ب. فهرس أطراف الأحاديث .
ج. فهرس الرواة المترجم لهم .
د. فهرس المصادر والمراجع .
ه. فهرس الموضوعات .
7) وضعت كلام الدَّارقطني في صفحة مستقلة وفي هامشها خدمة النَّصِّ .
8) جعلت التَّخريج والدِّراسة في موضع مستقل يعقب كلام الدَّارقطني ، على النحو التالي :-
أ. التَّخريج ، وفيها أخرِّج الرِّوايات التي ذكرها الدَّارقطني حسب ورودها في كلامه .
ب. الرِّوايات الأخرى ، وفيها أذكر ما لم يذكره الدَّارقطني من روايات تتعلق بالحديث بدءاً من الراوي المخالف أو المتابع ، مع الإشارة إلى اختلاف المتن المؤثر ، ثم أذكر من خرَّج الرِّواية ، سواء تابعت أم خالفت .
ج. الدِّراسة ، وفيها يتم النظر في الاختلاف ومناقشة الأقوال والأدلة .
د. الحكم على الحديث ، وفيها خلاصة ما سبق في الدِّراسة من حيث السندُ خصوصاً ومتن الحديث عموماً .
منهج البحث(1/4)
سرت في هذا البحث على النَّهج الآتي :-
1) جعلت نسخة دار الكتب المصرية (1) أصلاً للبحث ، وأكملت ما نقص منها من المطبوع مع ترجيحه عند الاختلاف ، لجودته .
2) انتقيت المواضع المعلَّة على أساس الاختلاف على قَتادة أو يحيى بن أبي كثير فحسب ، سواء حكم الدَّارقطني أم لا ، أما اختلاف أصحابهما فلم أعرِّج عليه ، لخروجه عن أصل البحث .
3) أعرضت عن الرِّوايات التي يذكرها الدَّارقطني وفيها اختلاف الرُّواة على أصحاب قَتادة ويحيى ، إلا إذا كان لها أثرٌ في الحكم على التَّرجيح بين أصحابهما .
4) جمعت المواضع المتناثرة ، وأصلها لحديث واحد ، في موضع واحد ، ولو كثرت .
5) رتبت أحاديث كل فصل حسب ورودها في الكتاب .
6) خرجت الأحاديث من مصادرها الأصلية ، وربما توسعت في ذلك بسبب الوقوف عليها أثناء البحث عن القرائن والأدلة وأقوال العلماء .
7) رتَّبت جميع المخرِّجين على حسب وفياتهم فحسب .
8) إذا لم أجد تخريجاً لروايةٍ ذكرها الدَّارقطنيُّ فإني أهمل الإشارة إلى ذلك ، تجنباً للتِّكرار .
9) رتَّبت الرِّوايات الأخرى بالنَّظر إلى من تابع الرِّواية الأولى فالثَّانية عند الدَّارقطني وهكذا ، وإنْ خالَفَتْ في بقية السَّند أو المتن .
10) صدَّرت الدِّراسةَ بذكر أصل الخلاف على قَتادة أو يحيى . ثم ذكرت أوجه الخلاف، ومن روى كلَّ وجه ومن رجَّحه من العلماء وحجَّةَ كلٍّ ، وقرائن ترجيحه في ذلك ، بتوسع .
11) ترجمت للرُّواة المتعلِّقين بعلِّة الحديث ، بذكر حاله في شيخه بتوسعٍ ، هذا إن كان ثقة ، فإن تُكُلِّمَ في حاله العام بيَّنته .
__________
(1) منها صورة بجامعة الإمام (4756/خ) . وقد تكلَّم محققه - رحمه الله - عن هذه النُّسخة وغيرها بإسهاب ، وفيما ذكره كفاية .(1/5)
12) أهملت – غالباً - التَّرجمة للرُّواة الذين لا أثر لهم في علِّة الحديث الخاصة أو الحكم على الحديث عموماً ، إذا كان ثقة مترجماً له في التَّهذيب لابن حجر ، تجنباً للإطالة ، وما خالف ذلك بيَّنت حاله المهمَّ في الدراسة .
13) في الترجمة للرَّاوي أذكر حاله باختصار جرحاً ، أو تعديلاً ، مع الإشارة إلى المصدر بإيجاز ، معتمداً في ذلك على التَّقريب لابن حجر إن كان قوله راجحاً .
14) إذا كان في الرَّاوي خلافٌ معتبرٌ ، ذكرته مع التَّرجيح والعزو الموجز ، معتمداً في ذلك على التَّهذيب لابن حجر ، لاستيعابه لأقوال أهل العلم غالباً .
15) إذا تكرر الراوي مرة أخرى أحلت على ترجمته بذكر رقم الصفحة فحسب ، وربما ذكرت فيه أيضاً حكماً موجزاً لاقتضاء المقام .
16) اهتممت بالتَّوسُّع في جمع حال أصحاب قَتادة ويحيى بن أبي كثير ، والمفاضلة عند اختلافهم والحاجة إلى الفصل بينهم .
17) اعتمدت على رموز تَّهذيب الكمال وتحفة الأشراف للمزي وإتحاف المَهَرَةِ لابن حجر ، في إثبات وجود الرِّوايات - في الكتب السِّتَّة ومسند أحمد – أونفيها ، كقرينة على التَّرجيح بين روايات أخرى .
18) سلكت في البحث مسلك الاختصار في الأمور الواضحة عند أهل الاختصاص ، كالتَّراجم لكل الأعلام والرُّواة ، والتَّعريفات ونحوها .
19) ذكرت في الحكم على الحديث خلاصة ما تقدَّم في الدِّراسة ، على الرِّوايات المدروسة خصوصاً ، فإن ترجَّح الضَّعف ذكرت رواياتٍ أخرى أو شاهداً إن وجدت ، فإن كان أصل الحديث في الصَّحيحين أو أحدهما سكت عنه غالباً ، إلا لفائدة .(1/6)
وختاماً أشكر اللهَ – - عز وجل - – الذي منَّ عليَّ بالإسلام والاشتغال بخدمة سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - . أعترف بنعمته ، وأنوِّه بمنَّته ، فله من الحمد أرفعه ، وله من الثَّناء أبلغه ، لا نحصي ثناءً عليه ، هو كما أثنى على نفسه . كما أوجه شكري لوالديَّ الكريمين ، ففضلهما مِنَ الله عليَّ عظيم ، يعجز عن قضائه لسانُ الشُّكر .
كما أشكر فضيلة المشرف الدكتور محروس حسين عبد الجواد ، أستاذ الحديث بقسم السُّنة وعلومها ، بكلية أصول الدِّين ، على رعايته الطَّيِّبة لهذا البحث ، وعلى صبره على الباحث .
وأشكر أعضاء قسم السُّنة ، ومنسوبي كلية أصول الدِّين ، والقائمين على جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وكلَّ من أفادني في هذا البحث بشيء ، أسأل الله – - جل جلاله - أن يجزيهم عني أفضلَ الجزاء وأحسَنه .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم .
الباب الأول
وفيه فصلان
الفصل الأول
مقدمات في علم العلل ، تتضمن المباحث التالية :-
1. تعريف العِلَّةِ .
2. أهمية علم العلل وصعوبته .
3. أقسام الحديث المعلّ .
4. المؤلفات في العلل .
5. طرق معرفة علَّة الحديث .
6. قرائن التَّرجيح بين الرِّوايات المختلفة .
7. منهج الدَّارقطني في العلل .
1-
تَعْرِيفُ العِلَّةِ
العِلَّةُ في اللُّغَةِ :-
قال في القَامُوسِ : « والعِلَّةُ - بالكَسْرِ - : المَرَضُ . عَلَّ يَعِلُّ ، واعتلَّ ، وأعلَّه الله تعالى فهو مُعَلٌّ ، وعَلِيل ، ولا تقل : مَعْلُول ... » (1) .
وقال النَّوويُّ عن "مَعْلُول" : « هو لحن » ، وتبعه السّيوطي (2) .
__________
(1) القاموس : مادة « علل » .
(2) تدريب الراوي (1/294) .(1/7)
بينما عبَّر ابن الصلاح بقوله : « والمَعْلُول مرذول عند أهل العربية واللُّغة » ، وعلق العراقي على ذلك بقوله : « واعتُرِض عليه بأنه قد حكاه جماعة من أهل اللُّغة ، منهم قُطْرُب (1) ، بينما حكاه اللَّبْلي (2) والجوهري (3) في الصِّحاح والمُطَرِّزي (4) في المُغْرِب » ، ثم قال العراقيُّ : « والجواب عن المصنِّف - أي ابن الصَّلاح - أنه لا شكَّ في أنَّه ضعيف وإنْ حكاه بعض من صنَّف في الأفعال كابن القُوطيَّة (5) . وقد أنكره غير واحد من أهل اللُّغة كابن سيده (6) والحَريري (7) وغيرهما » (8) .
__________
(1) هو أبو علي محمد بن المستنير البصري ، أحد العلماء بالنحو واللغة ، توفي سنة 206هـ – تاريخ بغداد (3/298) .
(2) هو أبو العباس أحمد بن يوسف الفهري ، ولد بلَبْلَة غرب الأندلس عام 623هـ ، وتوفي سنة 691هـ ، له تحفة المجد الصريح في شرح كتاب الفصيح – مقدمة فهرس اللبلي (ص5) وما بعدها .
(3) هو أبو نصر إسماعيل بن حمَّاد الجوهري الفارابي ، من بلاد الترك ، إمام في علم اللغة ، وخطه يضرب به المثل في الحسن ، توفي سنة 398 هـ - إنباه الرُّوَاة للقفطي (1/229) .
(4) هو ناصر بن عبد السَّيِّد الخوارزمي الحنفي ، شيخ المعتزلة ، له شرح المقامات ، توفي سنة 610هـ – السير (22/28) .
(5) هو أبو بكر محمد بن عمر الأندلسي النحوي ، كَانَ رأساً في اللغة والنحو ، ذا عبادة ونسك ، توفي سنة 376هـ - السير (16/219) .
(6) هو أبو الحسن علي بن إسماعيل المرسي الضرير ، عالم باللغة ، توفي سنة 458هـ – السير (18/144) .
(7) هو أبو محمد القاسم بن علي البصري ، صاحب المقامات ، توفي سنة 516هـ - السير (19/460) .
(8) التقييد (ص116) .(1/8)
وفيما قاله نظر ، ولعلَّ قول الزَّركشي أَقرب حيث قال : « والصَّواب أنه يجوز أن يقال : علَّه ، فهو مَعْلُول ، من العِلَّة والاعتلال ، إلا أنه قليل ... ويشهد لهذه العِلَّة قولهم : عليل كما يقولون قتيل وجريح ... وظهر بما ذكرناه أن قول المصنِّف : "مرذول" ، أجود من قول النَّووي في اختصاره : "لحن" ، لأن اللَّحن ساقط غير معتبر البتة ، بخلاف المرذول . وأما قول المحدِّثين : "علَّله فلان بكذا" ، فهو غير موجود في اللغة ، وإنَّما هو مشهور عندَهم بمعنى ألهاه بالشيء وشغله ، من تعليل الصَّبي بالطَّعام . لكنَّ استعمال المحدِّثين (1) له في هذا المعنى على سبيل الاستعارة » (2) .
وأقدم من وجدته استعمل كلمة معلول بمعنى مريض - ممن يحتجُّ بكلامه في اللُّغة - مع العلم والإمامة في الدِّين - الإمامُ الشَّافعي ، حيث قال في كتاب الرَّهن من كتابه "الأمِّ" : « ومن يجوز ارتهانه ثلاث أصناف :- صحيح وآخر مَعْلُول وآخر فاسد ... » ، إلى أنْ قال : « فهذا الرَّهن الصَّحيح الذي لا علة فيه ، وأما المَعْلُول ... » (3) .
فهذا النَّصُّ يردُّ على كلِّ من أنكره لغةً ، فاللفظة قليلة الاستعمال ، صحيحة لغة ، لا مرذولة .
وأقدم من وجدته استعمل لفظة : "معلّ" هو العقيليُّ (4) ، وهي صحيحة .
أما لفظة : « مَعْلُول » فقليلة عند المتقدِّمين من المحدثين (5) ،
__________
(1) لم أجد عمَّن سلف من المحدثين من استعملها ، فالمراد من تأخر منهم ، فلا ينسب إليهم هذا الاستعمال بإطلاق .
(2) النكت للزركشي (2/205-206) .
(3) الأم (3/184) ، وقد قال عبد الملك بن هشام النحوي وأبو عبيد القاسم : « الشافعي ممن تؤخذ عنه اللغة » - مناقب الشافعي لابن أَبي حاتم (ص136) . ولم أجد شاهداً - بعد البحث - من الشعر القديم المحتج به على المراد هنا .
(4) الضعفاء (3/287) .
(5) من أقدم من ذكر هذه اللفظة :-
i. ... البخاري فيما نقله عنه الترمذي في علله الكبير (1/551-ترتيبه) ، والخليلي في الإرشاد (3/961) .
ii. ... أَبُو داود في رسالته (ص34) .
iii. ... الترمذي في جامعه في موضعين (97و1119) ، ولم أجده عن غيرهم من العلماء ممن هو في طبقتهم المتقدمة .(1/9)
فيما يظهر .
العِلَّة في الاصطلاح :-
عرَّف العراقي (1) العِلَّة في منظومته الألفية بقوله :-
وهي عبارة عن أسباب طرت ... ... ... فيها غموض وخفاء أثَّرت (2)
فيؤخذ مما قال أن العِلَّةَ : سببٌ خفيٌ وغامضٌ مؤثِّرٌ في الحديث الذي ظاهره السَّلامة . فللعلة ركنان هما :-
1. الخفاء والغموض .
2. القدح في الحديث ، سنداً أو متناً .
ويلزم عليه أنه إن تخلَّف أحدهما فلا يسمى الحديث مُعَلاً اصطلاحاً .
وهذا التَّعريف الذي استقرَّ مؤخراً – وهو ما سرت عليه في البحث هنا – .
فهو يخصِّص العلَّة ويحصرها بوصفين ، أما المتقدِّمون من المحدِّثين فإن العِلَّة عندهم أعمُّ مما اشتهر بعد ، فهي : « كلُّ ما أثَّر - ولو لم يقدح - في الحديث سنداً أو متناً ، لفظاً أو معنىً ، ظهر أم خفي » (3) .
__________
(1) وهو مقتضى كلام الحاكم وابن الصلاح وغيرهما ، كما سيأتي .
(2) فتح المغيث (1/258) .
(3) هذا التعريف صغته مما فهمته من دراستي لعلم العلل .(1/10)
حيث نجد في كتب الحديث والعلل الكثيرَ من تعليلِ أحاديثٍ بغيرِ ما تقدَّم في التعريف الأول (1) ، فيعللون بعلل غير خفية بل في غاية الوضوح كالرَّاوي المتروك (2) ، ويعللون بغيْر قادحٍ كتغيير الصَّحابي .
ويشهد لذلك تسميةُ التِّرمذيِّ المنسوخَ معلولاً لعدم العمل به (3) ، لا لعدم صحته ، لاشتمال الصَّحيح على أحاديث منسوخة (4) .
ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه قوله : « حديث ابن مسعود في التطبيق منسوخ » (5) .
ونصَّ ابن الصلاح على ما سبق ، فقال : « إنَّ بعضهم – أي المحدِّثين – أطلق اسم العلة على ما ليس بقادح » (6) .
__________
(1) علوم الحديث لابن الصلاح (122-التقييد) والنكت لابن حجر (2/771) وتوضيح الأفكار (2/27) .
(2) قال ابن أَبي حاتم : « سألت أَبي عن حديث رَوَاهُ عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه أن علياً انكسرت إحدى زنديه فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمسح على الجبائر فقال أَبي : هذا حديث باطل ، لا أصل له ، وعمرو بن خالد : متروك الحديث » - العلل= = (1/46) . وسئل الدارقطني عن حديث آخر من حديث ابن عباس عن أَبي بكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه » . فقال : يرويه الوليد بن سلمة الأردني ، وهو متروك الحديث عن عمر بن قيس سندل ، وهو ضعيف أيضاً ويضطرب في إسناده ... » - العلل للدارقطني (1/213) .
(3) فتح المغيث (1/272) .
(4) النكت للزركشي (2/215) .
(5) العلل (1/91) .
(6) مقدمة ابن الصلاح (ص-التقييد) .(1/11)
ولعلَّ تخصيص المتأخِّرين هذا النوع باسم العلل لأن أكثر أحاديث كتب العلل من هذا النَّوع ، كما هو ظاهر وصرَّح به السخاوي (1) ، أو لأنه أدقُّها وأغمضُها ، وقد اعتَرَض بعضُهم بشدة على هذا التخصيص ، ولكلٍ وجهٍ ما يؤيده ، ولعل ما ذهب إليه المتأخرون نوع من الحصر والتقييد ، لا تغيير في المنهج بالمعنى العام ، وإلا فما سلف من صنيعهم أولى ، وصنيع الخلف أسهل للتعلم والفهم .
وعلى ما سبق ، فالحديث المعلُّ اصطلاحاً متأخراً هو : "الحديث الذي ظاهره السَّلامة ، اطُّلع على قادح في صحته سنداً أو متناً" .
فلا يكون الحديث معلولاً - اصطلاحاً - إلا إذا توفر فيه شرطان هما :-
1. السَّلامة في الظاهر بتحقق شروط صحة الحديث – سنداً (2) - أولاً .
2. الوقوف على قادح في أحد هذه الشروط - غالباً - ثانياً .
قال الحاكم : « وإنَّما يعلَّل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل ، فإنَّ حديث المجروح ساقط واهٍ (3) ، وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثِّقات ، أنْ يحدِّثوا بحديثٍ له علة فيخفى عليهم علمه ، فيصير الحديث معلولاً ... » (4) .
__________
(1) فتح المغيث (1/271) .
(2) عبَّر العراقي عن ذلك بقوله : « ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر » - التقييد (ص116) ، ولذا لا يشتغل بتعليل رواية الضعفاء كما قال أَبُو حاتم لابنه : « ليس عبد الله في هذا الوزن أن يشتغل بخطئه ، عامة حديثه على هذا » - العلل (2/266) .
(3) يعرف ضعف المحدِّث - غالباً - بمخالفة بقية الثقات ، كما قال الدارقطني عن راوٍ : « يحدِّث بأحاديث يسندها ، ويوقفها غيْره » - سؤالات الحاكم للدارقطني (334) .
(4) معرفة علوم الحديث (ص112-113) .(1/12)
ويظهر أن الحاكم أول من خصَّص هذا المصطلح ، وتبعه من بعده دون أن يستدرك عليه ، بل إنَّ ابن حجر قال بعد كلام لابن الصلاح : « وفي هذا ردٌّ على من زعم أن المعلول يشمل كلَّ مردود » (1) ، وقال أيضاً : « المعلول ما علته قادحة خفية » (2) ، وعلى هذا التعريف الأخير سار الرُّكبان من أهل الحديث .
تنبيه : لا يلزم من الإشارة إلى وجود علة في حديث أن يكون معلاً مطلقاً .
قال العلائي : « وإنَّما يقوى القول بالتَّعليل عند عدم المعارض ، وحيث يجزم المعلِّلُ بتقديم التَّعليل ، أو أنَّه أظهر ، فأمَّا إذا اقتصر على الإشارة إلى العِلَّة فقط ، بأن يقول - مثلاً - في الموصول : رواه فلان مرسلاً ، أو نحو ذلك ، ولا يبيِّن أي الرِّوايتين أرجح ، فهذا موجود في كلامهم ، ولا يلزم منه رجحان الإرسال على الموصول » (3) ، وبنحوه لابن حجر (4) أيضاً .
2- أهمية علم العلل وصعوبته
يعتبر علم العلل من أجلِّ أنواع علوم الحديث (5) ، وأدقِّها وأشرفها . وإنَّما يضطَّلع بذلك أهل الحفظ والخبرة والفهم الثَّاقب (6) .
__________
(1) النكت لابن حجر (2/709) .
(2) النكت لابن حجر (2/771) .
(3) النكت لابن حجر (2/777) .
(4) المصدر السابق .
(5) قاله الخطيب في الجامع (2/450) .
(6) علوم الحديث لابن الصلاح (ص 116) .(1/13)
قال ابن حجر عن هذا العلم : « هو من أغمض أنواع علوم الحديث ، وأدقِّها، ولا يقوم به إلا من رزقه الله فهما ثاقباً ، وحفظاً واسعاً ، ومعرفة بمراتب الرُّواة ، وملكة قوية بالأسانيد والمتون . ولذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشَّأن كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري ويعقوب بن شيبة وأبي حاتم وأبي زرعة الرَّازيَّين والدَّارقطني » ، قال : « وقد تقصر عبارة المعلِّلِ عن إقامة الحجَّة على دعواه ، كالصَّيرفيِّ في نقد الدِّينار والدِّرهم » (1) .
قال ابن المديني : « لأنْ أعرف علة حديث هو عندي أحب إليَّ من أن أكتب عشرين حديثاً ليس عندي » (2) .
وقال ابن مهدي : « لأَنْ أعرفَ علةَ حديثٍ واحدٍ أحبُّ إليَّ من أن أستفيد عشرة أحاديث » (3) .
وقال الحاكم : « هو عِلْمٌ برأسه غير الصَّحيح والسَّقيم ، والجرح والتَّعديل » .
وقال أيضاً : « معرفة علل الحديث من أجلِّ هذه العلوم » (4) .
ولأهمية هذا العلم كان بعض المحدِّثين يعقدون مجالس خاصة به .
قال ابن عبد الحكم : « ما رأينا مثل الشَّافعي كان أصحاب الحديث ونقَّاده يجيئون إليه فيعرضون عليه فربما أعلَّ نقد النُّقاد منهم ويوقفهم على غوامض من علل الحديث لم يقفوا عليها فيقومون وهم يتعجَّبون منه » (5) .
__________
(1) نزهة النظر لابن حجر (ص 89) ، وقوله بقصور العبارة أمر نسبي نادر ، والنص كرره في النكت (2/711) بنحوه .
(2) العلل لابن أَبي حاتم (1/10) .
(3) المعرفة للحاكم (ص112) والجامع للخطيب (2/452) والسير (9/206) وشرح العلل (1/199) .
(4) معرفة علوم الحديث للحاكم (ص112و119) .
(5) تاريخ دمشق (51/335) ، والنص يحتمل أن المراد بالعلة فيه الفقهية ونحوها .(1/14)
وقال الخطيب : « أشبه الأشياء بعلم الحديث معرفة الصَّرف ونقد الدِّنانير والدِّراهم ، فإنه لا يعرف جودة الدِّينار والدِّراهم بلون ولا مسٍّ ولا طراوة ولا دنس ولا نقش ولا صفة تعود إلى صغر أو كبر ولا إلى ضيق أو سعة ، وإنَّما يعرفه النَّاقد عند المعاينة ، فيعرف البَهْرَجَ الزَّائِفَ والخالص والمغشوش ، وكذلك تمييز الحديث ، فإنه علم يخلقه الله تعالى في القلوب بعد طول الممارسة له والاعتناء به » (1) .
واقترن بهذه الأهمية صعوبات كثيرة لا يكاد يدركها إلا الحافظ ومن خاض غمار هذا الأمر وعاناه .
قال ابن المديني : « أخذ عبد الرحمن بن مهدي على رجل من أهل البصرة - لا أسميه - حديثاً ، قال فغضب له جماعة ، قال : فأتوه ، فقالوا : يا أبا سعيد من أين قلت هذا في صاحبنا؟ قال فغضب عبد الرحمن بن مهدي وقال : أرأيت لو أن رجلاً أتى بدينار إلى صيرفي فقال : انتقد لي هذا . فقال : هو بهرج . يقول له : من أين قلت لي : إنه بهرج ؟ الزم عملي هذا عشرين سنة حتى تعلم منه ما أعلم » (2) .
قال ابن نمير : قال عبد الرحمن بن مهدي : « معرفة الحديث إلهام . لو قلت للعالم يعلِّل الحديث من أين قلت هذا ؟ لم يكن له حجة » ، قال ابن نمير : « وصدق ، لو قلت له من أين قلت ؟ لم يكن له جواب » (3) .
وعقَّب السخاوي على قول ابن مهدي الأخير : « يعني يعبر بها غالباً ، وإلا ففي نفسه حجج للقبول والرفض » (4) .
وقال ابن مهدي أيضاً : « إنكارنا للحديث عند الجهَّال كهانة » (5) .
وقال ابن نمير : « معرفة الحديث بمنزلة الذهب ، إنما يبصره أهله ، وليس للبصير فيه حجة ... » (6) .
__________
(1) الجامع (2/382) .
(2) الجامع للخطيب (2/383) .
(3) العلل لابن أَبي حاتم (1/10) والجامع للخطيب (2/383) .
(4) فتح المغيث (1/236) .
(5) المصدران السابقان ، وعني بالجهال من لا علم لهم بالعلل .
(6) الجامع للخطيث (2/384) .(1/15)
ومما يدلُّ على قولِ ابنِ مهدي ما حكاه أبو زرعة الرَّازي ، وسأله رجل : « ما الحجَّة في تعليلكم الحديث » ؟ قال : « الحجَّة أن تسألني عن حديث له علَّة ، فأذكر علته . ثم تقصد أبا حاتم فيعلله ، ثم تميِّز كلام كلٍ مِنَّا على ذلك الحديث ، فإن وجدَّت بيننا خلافاً في علته ، فاعلم أنَّ كلاً مِنَّا تكلَّم على مراده ، وإن وجدَّت الكلمة متَّفقة فاعلم حقيقة هذا العلم » . قال : ففعل الرجل فاتفقت كلماتهم . فقال : « أشهد أن هذا العلم إلهام » (1) .
وقال نعيم بن حماد لابن مهدي : « كيف تعرف صحيح الحديث من سقيمه؟ قال : كما يعرف الطبيبُ المجنونَ » (2) .
وقال الحاكم : « إن الصَّحيح لا يعرف بروايته فقط ، وإنَّما يعرف بالفهم والحفظ وكثرة السَّماع ، وليس لهذا النوع من العلم عون أكثر من مذاكرة أهل الفهم والمعرفة ، ليظهر ما يخفى من علة الحديث ، فإذا وجد مثل هذه الأحاديث بالأسانيد الصَّحيحة غير المخرَّجة في كتابي الإمامين البخاري ومسلم ، لزم صاحب الحديث التَّنقير عن علته ، ومذاكرة أهل المعرفة لتظهر علته » (3) .
وقال ابن رجب عن الحفَّاظ : « فإنَّ هؤلاء لهم نقد خاص في الحديث مختصون بمعرفته كما يختصُّ البصير الحاذق بمعرفة النُّقود ، جيِّدها ورديئها ومشوبها ... ، وكلٌّ من هؤلاء لا يمكن أن يعبِّر عن سبب معرفته ، ولا يقيم عليه دليلاً لغيره » ، قال : « وبكل حال ، فالجهابذة النُّقاد والعارفون بعلل الحديث أفراد قليل من أهل الحديث جداً ... » (4) .
__________
(1) المعرفة للحاكم (ص113) والجامع للخطيب (2/384) ، وقد عبر السخاوي عن ذلك بتعبير آخر فقال : « أمر يهجم على قلوبهم لا يمكنهم ردُّه ، وهيئة نفسانية لا معدل لهم عنها » - فتح المغيث (1/274) ، وفي عبارته شيء ، فلو عبر بما عبر السلف لكان أولى وأدق .
(2) الجرح (1/252) والمجروحين (1/32) .
(3) المعرفة للحاكم (ص59-60) .
(4) جامع العلوم (27) .(1/16)
وقوله : « لا يقيم عليه دليلاً لغيره » ، أراد به الدَّليل القطعي اليقيني على ما ذكر من وَهْمٍ أو خطأ للراوي . أما الدليل بالقرائن والخبرة فهذا ما لا يُنفى علمهم به .
وقال ابن قيِّم الجوزية : « وربَّما يظنُّ الغالط الذي ليس له ذَوق القوم ونقدهم أَنَّ هذا تناقضٌ منهم ، فإنهم يحتجُّون بالرَّجل ويوثقونه في موضع ، ثم يضعِّفونه بعينه ولا يحتجُّون به في موضع آخر . ويقولون : إن كان ثقة وجب قبول روايته جملة ، وإن لم يكن ثقة وجب ترك الاحتجاج به جملة . وهذه طريقة فاسدة مُجمعٌ بين أهل الحديث على فسادها ، فإنهم يحتجُّون من حديث الرجل بما تابعه غيره عليه وقامت شهوده من طرقٍ ومتونٍ أخرى ، ويتركون حديثه بعينه إذا روى ما يخالف النَّاس أو انفرد عنهم بما لا يتابعونه عليه . إذِ الغلط في موضع لا يوجب الغلط في كل موضعٍ والإصابة في بعض الحديث أو في غالبه لا توجب العصمة من الخطأ في بعضه ولا سيَّما إذا عُلم من مثل هذا أغلاطٌ عديدةٌ ثم روى ما يخالف النَّاس ولا يتابعونه عليه فإنَّه يغلب على الظن أو يجزم بغلطه .
وهنا يعرِض - لمن قَصُرَ نقدُهُ وذَوقه عن نقد الأئمَّة وذوقهم في هذا الشَّأن - نوعان من الغلط ننبِّه عليهما لعظيم فائدة الاحتراز منهما :-
1. أحدهما :- أن يرى مثل هذا الرَّجل قد وثق وشهد له بالصدق والعدالة أو خرج حديثه في الصَّحيح فيجعل كلَّ ما رواه على شرط الصَّحيح ، وهذا غلط ظاهر فإنه إنَّما يكون على شرط الصَّحيح إذا انتفت عنه العلل والشُّذوذ والنَّكارة وتوبع عليه فأما مع وجود ذلك أو بعضه فإنه لا يكون صحيحاً ولا على شرط الصَّحيح . ومن تأمَّل كلام البخاري ونظرائه في تعليله أحاديث جماعة أخرج حديثهم في صحيحه ، علم إمامته وموقعه من هذا الشأن وتبيَّن به حقيقة ما ذكرنا .(1/17)
2. النوع الثاني من الغلط :- أن يرى الرَّجل قد تكلِّم في بعض حديثه وَضُعِّفَ في شيخ أو في حديث فيجعل ذلك سبباً لتعليل حديثه وتضعيفه أين وجد كما يفعله بعض المتأخِّرين من أهل الظَّاهر وغيرهم وهذا أَيضاً غلط . فإن تضعيفَه في رجل أو في حديث ظهر فيه غلطُه لا يوجب التَّضعيف لحديثه مطلقاً . وأئمَّة الحديث على التَّفصيل والنَّقد واعتبار حديث الرَّجل بغيره ، والفرق بين ما انفرد به أو وافق فيه الثِّقات . وهذه كلمات نافعة في هذا الموضع ، تبيِّن كيف يكون نقد الحديث ومعرفة صحيحه من سقيمه ومعلوله من سليمه { وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورَاً فَمَا لَهُ من نُورٍ } » (1) .
والنَّص التالي عن أبي حاتم الرَّازي - على طوله - يبيِّن أهمية هذا العلم وصعوبته ، بل وغرابته أَيضاً على عموم النَّاس ، حيث قال :
__________
(1) الفروسية (ص44-45) ، وفي النسخة أغلاط كثيرة أصلحت من طبعة أخرى .(1/18)
« جاءني رجل من جلِّة أصحاب الرَّأي من أهل الفهم منهم ، ومعه دفتر فعرضه عليَّ ، فقلت في بعضها : هذا حديث خطأ قد دخل لصاحبه حديث في حديث ، وقلت في بعضه : هذا حديث باطل ، وقلت في بعضه : هذا حديث منكر ، وقلت في بعضه : هذا حديث كذب ، وسائر ذلك أحاديث صحاح ، فقال : من أين علمت أَنَّ هذا خطأ وأَنَّ هذا باطل وأَنَّ هذا كذب ؟ أخبرك راوي هذا الكتاب بأنَّي غلطت وأنَّي كذبت في حديث كذا ؟ فقلت : لا ! ما أدري هذا الجزء من رواية مَن هو ؟ غير أني أعلم أَنَّ هذا خطأ ، وأَنَّ هذا الحديث باطل ، وأَنَّ هذا الحديث كذب فقال : تدَّعي الغيب ؟ قال : قلت : ما هذا ادِّعاء الغيب ، قال : فما الدَّليل على ما تقول ؟ قلت : سلْ عمَّا قلتُ مَنْ يحسن مثلَ ما أحسنُ فإن اتفقنا علمت أنَّا لم نجازف ولم نقله إلا بفهم . قال : من هو الذي يحسن مثلَ ما تحسن ؟ قلت : أبو زرعة . قال : ويقول أبو زرعة مثلَ ما قلتَ ؟ قلت : نعم . قال : هذا عجبٌ ! فأخذ فكتب في كاغدٍ (1) ألفاظي في تلك الأحاديث ثم رجع إليَّ وقد كتب ألفاظ ما تكلَّم به أبا زرعة في تلك الأحاديث . فما قلت : إنه باطل ، قال أبو زرعة : هو كذب . قلت : الكذب والباطل واحد ، وما قلت : إنه كذب قال أبو زرعة : هو باطل ، وما قلت : إنه منكر قال : هو منكر ، كما قلت ، وما قلت : إنه صحاح قال أبو زرعة : هو صحاح فقال : ما أعجب هذا ! تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما . فقلت : فقد دلَّك ، أنَّا لم نجازف ، وإنَّما قلناه بعلم ومعرفة قد أوتينا ، والدَّليل على صحة ما نقوله ، بأنَّ ديناراً نَبَهْرَجاً (2)
__________
(1) الكاغد القرطاس ، كذا في القاموس (ص402) .
(2) قال ابن الأعرابي : « البَهْرَجُ الدرهم المُبْطَلُ السِّكَّةِ، وكلُّ مردود عند العرب بَهْرَجٌ و نَبَهْرَجٌ . والبَهْرَجُ: الباطلُ والرَّدِيءُ من الشيء » - اللسان (2/217) ..(1/19)
يحمل إلى النَّاقد فيقول : هذا دينار نَبَهْرَج ، ويقول لدينار: هو جيد فان قيل له : من أين قلت أَنَّ هذا نبهرج ! هل كنت حاضراً حين بهرج هذا الدينار ؟ قال : لا فان قيل له : فأخبرك الرجل الذي بهرجه أني بهرجت هذا الدينار قال : لا ، قيل : فمن أين قلت : أَنَّ هذا نَبَهْرَج ؟ قال : علماً رزقت . وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك . قلت له : فتحمل فصَّ ياقوت إلى واحد من البصراء من الجوهريين فيقول : هذا زجاج ويقول لمثله : هذا ياقوت ، فان قيل له : من أين علمت أَنَّ هذا زجاج وأَنَّ هذا ياقوت هل حضرت الموضع الذي صنع فيه هذا الزجاج ؟ قال : لا قيل له : فهل أعلمك الذي صاغه بأنه صاغ هذا زجاجاً ؟ قال : لا ، قال : فمن أين علمت ؟ قال : هذا علم رُزقت . وكذلك نحن رُزقنا علماً لا يتهيَّأ لنا أن نخبرك كيف علمنا بأَنَّ هذا الحديث كذب وهذا حديث منكر إلا بما نعرفه» اهـ .
قال ابن أبي حاتم عَقِبَ ذلك : « تعرف جودة الدينار بالقياس إلى غيره فإن تخلف عنه في الحمرة والصَّفاء علم أنه مغشوش ويعلم جنس الجوهر بالقياس إلى غيره فان خالفه بالماء والصَّلابة علم أنه زجاج ويقاس صحة الحديث :-
أ- بعدالة ناقليه .
ب- وأن يكون كلاماً يصلح (1) أن يكون من كلام النُّبوة .
ويعلم سقمه وإنكاره بتفرُّد مَن لم تصحَّ عدالته بروايته ، والله أعلم » (2) .
فأشار – رحمه الله – إلى قرائن معرفة ذلك بالقياس على رواية بقية الرواة ، والقياس لا يحسنه كل أحد ، ولا يصبر عليه السِّنين إلا القليل .
وقال العلائي : « التَّعليل أمر خفي ، لا يقوم به إلا نقاد أئمة الحديث دون من لا اطلاع له على طرقه وخفاياه » (3) .
__________
(1) هذا القيد مهم جداً في تصحيح الأحاديث التي أسانيدها قوية في الظاهر ، وقد غفل عنه كثير من المعاصرين .
(2) الجرح (1/349-351) .
(3) النكت لابن حجر (2/782) .(1/20)
ومما سبق يتبيَّن أَنَّ هذا العلم شاقٌّ وأنَّ معرفة علة الحديث قد لا تظهر إلا بعد سنين .
قال الخطيب : « فمن الأحاديث ما تخفى علته ، فلا توقف عليها إلا بعد النَّظر الشَّديد ، ومضي الزَّمن البعيد » ، ثم أسند عن ابن المديني قوله : « ربما أدركت علة حديث بعد أربعين سنة » (1) .
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه في حديث ذكره : « ولم أزل أفتِّش عن هذا الحديث ، وهمَّني جدَّاً حتى رأيته في موضع ... » (2) .
وقال أيضاً : « قلت لأبي زرعة : أيهما عندَك أشبه ؟ قال : الله أعلم . ثم تفكَّر ساعةً ، فقال : حديث الدَّراوردي أشبه ... » (3) .
ولربما رجَّح العالم ما خفي على من هو أعلم منه بالحديث أو ما خالفه هو بعد زمن ، كما حصل لأبي حاتم الرَّازي ، حيث سأله ابنه عن حديث اختلف فيه ، هل هو عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أو عن جابر - رضي الله عنه - قال : « قلت لأبي أيهما أصحُّ ؟ قال : عبد الله أصحُّ ... ثم قال ابن أبي حاتم : سألت أبي مرةً أخرى عن هذا الحديث فقال : يحيى القطَّان ومعتمر وغيرهما يقولون عن التَّيمي عن أبي نضرة عن جابر عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو أشبه بالصَّواب » (4) .
__________
(1) الجامع للخطيب (2/385) .
(2) العلل لابن أَبي حاتم (2/270) .
(3) العلل لابن أَبي حاتم (2/266) .
(4) العلل لابن أَبي حاتم (2/416) .(1/21)
وقال ابن أبي حاتم : « سألت أبي عن حديث رواه احمد بن حنبل وفضل الأعرج عن هشام بن سعيد أبي أحمد الطَّالقاني عن محمد بن مهاجر عن عقيل بن شبيب عن أبي وهب الجشمى وكانت له صحبة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : سموا أولادكم أسماء الأنبياء وأحسن الأسماء عبد الله وعبد الرحمن وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة وارتبطوا الخيل وامسحوا على نواصيها وقلدوها ولا تقلدوها الأوثان . قال أبي : سمعت هذا الحديث من فضل الأعرج وفاتني من أحمد ، وأنكرته في نفسي وكان يقع في قلبي أنه أبو وهب الكلاعي صاحب مكحول ، وكان أصحابنا يستغربون فلا يمكنني أن أقول شيئاً لما رواه أحمد ، ثم قدمت حمص فإذا قد حدثنا ابن المصفى عن أبي المغيرة قال حدثني محمد بن مهاجر قال حدثني عقيل بن سعيد عن أبي وهب الكلاعي قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ...
قال أبي : فعلمت أن ذلك باطل وعلمت أن إنكاري كان صحيحاً وأبو وهب الكلاعى هو صاحب مكحول الذي يروى عن مكحول واسمه عبيد الله بن عبيد وهو دون التابعين يروى عن التابعين وضربه مثل الأوزاعي ونحوه فبقيت متعجباً من أحمد بن حنبل كيف خَفِيَ عليه فإني أنكرته حين سمعت به قبل أن أقف عليه » (1) .
وهذا الحافظ ابن حجر على سعة علمه بالعلل وطرق التَّرجيح فيه يقول في حديث : « وقد رجَّح البخاري أنه عن جابر ، وخالفه أبو مسعود والبيهقي فرجَّحا أنه عن أبي هريرة ، ولم يظهر لي في ذلك ترجيح ، والله أعلم » (2) .
وكان هذا العلم ذا أهمية وصعوبة لعدَّة أمور منها :-
1- أنه يتعلق بكلام رسول - صلى الله عليه وسلم - ، « والثقة إذا حدَّث بالخطأ ، فحمل عنه وهو لا يشعر أنه خطأ ، يعمل به على الدَّوام للوثوق بنقله ، فيكون سبباً للعمل بما لم يقله الشرع » (3) .
__________
(1) العلل لابن أبي حاتم (2/312) .
(2) الفتح (2/611) .
(3) الفتح (1/265) حديث (107) .(1/22)
2- ظهور صحة الحديث بالنَّظر إلى ظاهر السَّند والمتن ، وفي هذه الحالة يبعد لدى النَّاظر احتمال وجود علة خفية ، ويكثر وقوعه ممن أكثر من الحكم على الأحاديث من المتأخِّرين كالسّيوطي ومن سار على نهجه في التَّصحيح بظواهر الأسانيد فحسب ، أو بتتبع الشَّواهد دون تمحيصها وتتبع عللها الخفيَّة ، أو أهمل إعلال الأئمَّة لها اتكالاً على قوة الطُّرق عنده وكثرة الشَّواهد .
3- اختلال العمل بمنهج المحدثين قرناً بعد قرن ، باعتماد كثير من المتأخِّرين على ظواهر الأسانيد من حيث لا يشعرون ، ودخول علم المنطق في علوم الحديث من خلال كتب المصطلح المتأخِّرة خاصَّة ، فأهمية إبراز علة الحديث تزداد بقدر ذلك الاعتماد المشار إليه .
4- تفرُّق كثير من الأحاديث المعلَّة في بطون عشرات الكتب ، ولا شكَّ أن التَّنقير عن ذلك واستخراجه من الصُّعوبة بمكان .
وهذا العلم قد قلَّ من يفهمه ويُعنى به في العصور السَّابقة ، فكيف بهذا الزمن
قال أبو حاتم : « جرى بيني وبين أبي زرعة يوماً تمييز الحديث ومعرفته ، فجعل يذكر أحاديث ويذكر عللها ، وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها وخطأ الشيوخ ، فقال لي : يا أبا حاتم قلَّ من يفهم هذا ، ما أعزَّ هذا . إذا رفعت هذا من واحد واثنين فما أقلَّ أن تجد من يحسن هذا ... » (1) .
وقال ابن حجر : « لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن وحذاقهم » (2) .
ولا يفهم من النصوص السابقة في صعوبة علم العلل وغرابته أنه لا قيام لشأنه بعد رحيل أهله الأوائل . فإن أصوله وقواعده باقية وطرائق أصحابه متداولة ، تعتمد على الفهم والذكاء والخبرة وطول الممارسة ودقة التنقير .
وقد تصعب العلة وتدق ، بحيث لا يقدر على حل رمزها وكشف غامضها إلا القليل من أهل هذا العلم .
__________
(1) الجرح (1/356) .
(2) النكت (2/711) .(1/23)
وليتنبه إلى أن أهمية علم العلل لا يعني نشر هذا العلم بين العامة ، لعدم فهمهم حقيقته ، ولاحتمال ورود الشك عندهم في الحديث وأصوله .
قال أبو داود : « ضررٌ على العامة أن يكشف لهم كلُّ ما في هذا الباب فيما مضى من عيوب الحديث ، لأن علم العامة يقصر عن مثل هذا » (1) .
3- أقسام الحديث المعل
تنوعت أساليب تقسيم الأحاديث المعلَّة على أنواع منها :-
1. تقسيمها - حسب أثر العِلَّة - قسمين اثنين هما :-
أ- علة قادحة ، كالإرسال في السَّند ، وتغيير المعنى في المتن (2) .
ب- علة غير قادحة ، كتعيين الصَّحابي (3) .
وهذا التقسيم عبر عنه ابن حجر بـ : « مراتب العلل » (4) .
2. تقسيمها حسب موضعها إلى علل في السَّند وعلل في المتن .
أ- فمن علل السَّند :- رفع الموقوف ووصل المنقطع وإبدال راوٍ بآخر وإسقاط راوٍ أو زيادته وإبدال سند بآخر أشهر منه ، ونحو ذلك .
ب- ومن علل المتن :- إدراج متن بآخر ، والرِّواية بالمعنى مع تغيير المراد ، ومخالفة الصَّحابي لما رواه ، والتَّفرد بزيادة في المتن .
3. تقسيم ينظر فيه إلى قوة تأثير العِلَّة في الحديث على التالي :-
__________
(1) رسالة أبي داود لأهل مكة (ص30) .
(2) هذه النوع الأخير قليل جداً في الأحاديث المعلة بحمد الله ، مما يدلُّ على اهتمامهم بألفاظ الحديث أكثر من الأسانيد ، ومن أشهر الأمثلة في ذلك قول ابن أَبي حاتم في علله (1/64و66) : « سألت أَبي عن حديث رواه علي بن عياش عن شعيب بن أَبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال : كان آخر الأمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار . فسمعت أَبي يقول : هذا حديث مضطرب المتن ، إنما هو إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل كتفاً ولم يتوضأ ، كذا رواه الثقات عن ابن المنكدر عن جابر ، ويحتمل أن يكون شعيبٌ حدَّث به من حفظه فوهم فيه » .
(3) النكت لابن حجر (2/746-747) .
(4) الفتح (10/631) .(1/24)
أ- ما يغلب على الظَّنِّ قبول علته .
ب- ما يغلب على الظَّنِّ رده .
ج- ما يجزم بِرَدِّه .
د- ما يتوقف فيه لقوَّة تردُّده (1) .
وهذا التَّقسيم مرتبط بقرائن التَّعليل الآتي ذكرها بعد ، وعلى هذا اختلف العلماء في اعتبار العلة وعدم اعتبارها ، استناداً على قوة العِلَّة وأثرها في صحة الحديث ، مع احتمال اتفاقهم على وجود أصل العِلَّة في حديث معين .
4. تقسيم بالنَّظر إلى نوع العِلَّة الظَّاهرة - وجعل كل قسم نوعاً من أنواع علوم الحديث - ومن هذه الأقسام :-
1- اختلاف الوصل والإرسال .
2- المضطرب (2) .
3- زيادة الثِّقَات (3) .
4- الشَّاذ (4) والمنكر .
5- المقلوب (5) .
6- المدرج (6) .
7- المزِيد في متَّصل الأسانيد .
8- المصحَّف والمحرَّف .
__________
(1) نصب الراية (1/237) .
(2) قال ابن حجر : « الاختلاف على الحفاظ في الحديث لا يوجب أن يكون مضطربا إلا بشرطين :-
1- أحدهما استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قدِّم ولا يعلُّ الصحيح بالمرجوح .
2- ثانيهما - مع الاستواء - أن يتعذر الجمع على قواعد المحدثين ويغلب على الظن أن ذلك الحافظ لم يضبط ذلك الحديث بعينه فحينئذ يحكم على تلك الرواية وحدها بالاضطراب ويتوقف عن الحكم بصحة ذلك الحديث لذلك » - هدي الساري (ص509) .
(3) هذا المبحث من أشكل مسائل علم العلل ، وسيأتي تفصيل القول فيه عند الكلام عن قرينة الحفظ (ص3) .
(4) قليل جداً استخدام المحدثين السابقين لهذه اللفظة فيما اصطلح عليه بعد ، أما النوعان السابقان فكثيران جداً في الأحاديث المعلة كما هُوَ معلوم لمن نظر في كتب العلل وغيرها .
(5) ممن ذكر هذا النوع في التعليل ابن أَبي حاتم (1/70و151و2/24) عن أبيه ، والدارقطني (5/89) كلاهما في علله .
(6) ممن ذكر هذا النوع في التعليل ابن المديني (ص77) وابن أَبي حاتم (2/149) والدارقطني (2/95) في عللهم .(1/25)
وواضح أن هذه الأنواع جزء من الحديث المعل (1) وإن اشتهر عند علماء المصطلح إفرادها في أبواب مستقلة وهي في الواقع جزء من العلل - الذي جعلوه مستقلاً - لأمور منها :-
1- أن الذين ألَّفوا في العلل أو تكلَّموا فيها عَرَضَاً ، قد ذكروا أحاديث فيها أكثر ما تقدَّم .
2- أن هذه الأنواع إنَّما عرفت بالنَّظر إلى رواية المخالف ، وهذا بلا شك داخل في علم علل ، حيث إنَّه يقوم على جمع الرِّوايات ، والنَّظر في الاختلاف ، ومن ثم الحكم كما سيأتي تفصيله فيما بعد (2) .
3- أن في الحكم على حديث بشيء من الأنواع السَّابقة في بعضه تعليل لسند ظاهره الصِّحة ، اضطُّلع على علته الخفية بالاعتبار ، ويبقى بعد التَّعليلِ النَّظرُ في أثر العِلَّة ، أقادحة هي أم لا .
4- أنَّ إفراد جزء من علم بالتأليف ، لا يعني أنه مستقل عنه في قواعده . فإفراد علماء الحديث السَّابقين بعض جزئيات العلل بالتأليف لا يفهم منه أنه علم مستقل يذكر بجانب علم العلل في كتب المصطلح .
ومن المآخذ المترتبة على إهمال ما سبق أمران :-
1- أنه عند التَّمثيل بأحاديث معلَّة لا تذكر بعض الأنواع السَّابقة ، لأنها من علم آخر - اصطلاحاً – عند البعض .
__________
(1) أما قول الحاكم في المعرفة (ص119و120) بأن الشاذ يغاير المعلل من حيث إن المعلل وقف على علته بخلاف الشاذ ، فلا دليل عليه من صنيع من سلف ، ولم يفصل الحاكم في دليله ، بل إنه أسند عقب كلامه عن الشافعي أنه قيد الشاذ بقيدين هما :- 1- المخالفة . 2- من الثقة خصوصاً ، وهذا جزء من علم العلل كما سبق ، وأكثر الروايات الشاذة قد عرف سبب شذوذها ، وقول الشافعي بالمخالفة يدل على خلاف كلام الحاكم .
(2) (ص3) .(1/26)
2- أن ذلك قد يُوحي لدى البعض أيضاً أن قواعد هذه الأنواع وأسس التَّرجيح فيها غير التي في علم العلل . وهذا غير صحيح باعتبار الأصل ، وإن كان قد يتميَّز كل نوع بجزئية تخصُّه لا تخرجه عن أصل علم العلل ، ونوع المدرج يبين صحة ما سبق ذكره ، حيث ظن البعض أن الرواية التي تبين الإدراج فاصلة في الأمر ، وأغفل قرائن قبولها أو ردِّها ، فليس كل من ميز وبين الإدراج في الرواية يقبل قوله إذا خالف من هو أرجح ، وحديث الاستسعاء الآتي (1) شاهد على ما ذكر .
ولعل إفرادهم هذه الأنواع من باب جمع الأمثلة المتشابهة ، وفي هذا لطافة علمية ظاهرة وتجديد ، وممن قام بذلك الحافظ ابن حجر ، فقال السَّخاوي : « وقد أفرد شيخنا من هذا الكتاب - أي علل الدَّارقطني - ما له لقب خاص كالمقلوب والمدرج والموقوف ، فجعل كلاً منها في تصنيف مفرد ، وجعل العلل المجرَّدة في تصنيف مستقل ... » (2) .
وذكر ابن حجر (3) والسَّخاوي (4) أن في العلل للدَّارقطني أمثلة للمضطَّرب . وقال الصَّنعاني عن علمي العلل والمضطَّرب : « والبحثان متقاربان ، والاضِّطراب نوع من العلل » (5) .
وذكر أبو عبد الله الحاكم أجناساً كثيرةً للعلل تمثيلاً فحسب (6) .
وقال ابن حجر عند قول ابن الصلاح "ويصلح مثالاً للمعلل" : « لا يختصُّ هذا بهذا المثال ، بل كلُّ مقلوب لا يخرج عن كونه معللاً ، أو شاذاً ، لأنه إنما يظهر أمره بجمع الطُّرق واعتبار بعضها ببعض ، ومعرفة من يوافق ممن يخالف ... » (7) .
__________
(1) (ص3) .
(2) فتح المغيث (1/275) .
(3) النكت لابن حجر (2/774) .
(4) فتح المغيث (1/275) .
(5) توضيح الأفكار (2/37) .
(6) المعرفة للحاكم (ص113-119) .
(7) النكت لابن حجر (2/874) .(1/27)
فالحاصل أنَّ كلَّ اختلاف على الرَّاوي داخل في علم العلل بصنيع من سلف من علماء الحديث وعلله ، سواء كان الاختلاف قادحاً أم لا ، وسواء كان في السَّند أم المتن . وأما إدخال روايات الضُّعفاء في كتب العلل فلأَنَّ هذا يسمى علة من حيث الأصل ، ولأنَّ الاصطلاح لم يستقرَّ بعد ، والأمر سهل ، ولا مشاحة في الاصطلاح ، إن لم يترتب على ذلك تأثير في النهج العلمي التطبيقي ، والحاجة إلى تنويع العلم وتقسيمه من سمات العصور المتأخرة - كما هو معلوم - في شتى العلوم ، والإنكار على هذا فيه تشديد .
4- المؤلفات في العلل
لعل ما أُلِّفَ في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أكثر المؤلفات التي تركها علماء السَّلف الصالح لمن بعدهم . ومن بين هذه المؤلَّفات ما كتبه المحدثون في علل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . إلا أنَّ ما ألِّف في العلل قليل بالنِّسبة لبقية تلك المؤلَّفات ، كما أنَّ ما سَلِم منها وبقي حتى الآن لا يكاد أن يذكر كذلك . ولا شكَّ أَنَّ هذا يترك شيئاً من الحزن في قلب أهل العلم ، أن فاتهم ما فيها من علم .
قال الخطيب وذكر مصنفات ابن المديني : « وجميع هذه الكتب قد انقرضت ولم نقف على شيء منها إلا على أربعة أو خمسة حسب ولعمري إنَّ في انقراضها ذهاب علوم جمة وانقطاع فوائد ضخمة » (1) .
وقال أَيضاً بعد ذكر العشرات من كتب ابن حبان المفقودة : « مثل هذه الكتب الجليلة كان يجب أن يكثر بها النسخ ويتنافس فيها أهل العلم ويكتبوها لأنفسهم ويخلدوها أحرازهم ، ولا أحسب المانع من ذلك إلا قلة معرفة أهل تلك البلاد لمحل العلم وفضله وزهدهم فيه ورغبتهم عنه وعدم بصيرتهم به ، والله أعلم » (2) .
__________
(1) الجامع للخطيب (2/467) .
(2) الجامع للخطيب (2/471) .(1/28)
ولا شكَّ أنَّ هذه المؤلفات تعطي لنا تصوراً مجملاً عن نشأة علم العلل ، وأنه بدأ في عصر مبكر جداً بالنِّسبة لبقية علوم الحديث التي فرَّعها علماء الحديث بعد سنين من بداية نشأتها . فبينما انتشرت كثير من فروع علوم الحديث بعد زمن ، فإنَّ علم العلل - على قدم نشأته - قوبل بعكس ذلك ، حيث قلَّ الاهتمام به وضعُف جانبه كثيراً ، مع قول علماء الحديث بأهميته وعظم شأنه بين علوم الحديث !!
ومن أشهر المؤلفات في علل الحديث ما يلي :-
1. العلل لعبد بن المبارك (1) .
2. علل الحديث ليحيى القطان (2) .
3. العلل ليحيى بن معين (3) .
4. العلل لابن المديني ، بعدة روايات عنه (4) ، في عدة أجزاء (5) ، وله أَيضاً علل حديث ابن عيينة في (13) جزءاً .
5. العلل لأحمد بن حنبل ، بعدة روايات عنه (6) ، طبع بعضها . ويغلب عليها الجرح والتَّعديل ومسائل فقهية وغير ذلك ، جمعها الخلال في ثلاثة مجلدات ، جمع فيها ما تفرق من الرِّوايات عن أحمد . انتخب منه ابن قدامة ، وطبع بعضه .
6. علل الحديث ومعرفة الشيوخ لابن عمَّار الشَّهيد الموصلي (7) . وله علل أحاديث صحيح مسلم أَيضاً ، وهو مطبوع .
__________
(1) ذكره مغلطاي في إكماله (11/148) ، وأشك في التسمية أو النسبة .
(2) شرح العلل لابن رجب (2/805) وتسمية ما ورد به الخطيبُ دمشقَ (89) .
(3) شرح العلل (2/805) .
(4) كرواية ابنه عبد الله بن علي عنه ، ذكرها حمزة في سؤالاته للدارقطني (323) .
(5) سؤالات حمزة السهمي (323) وتاريخ بغداد (6/280و10/9) والكفاية (ص379) والجامع للخطيب (2/466و467) والمعرفة للحاكم (ص71) ، ولعل المطبوع برواية ابن البراء جزء من هذه العلل .
(6) سردها الذهبي في السير (11/330-331) .
(7) تاريخ بغداد (5/417) وقال ابْنُ حَجَرٍ في ترجمته عن أحد تلاميذه : « الحسين بن إدريس الهروي له عنه سؤالات في العلل والرجال » - التهذيب (3/610) .(1/29)
7. العلل لأبي حفص الفلاس (1) .
8. العلل للبخاري ، برواية أبي محمد الشَّرقي (2) . وكتابه التاريخ الكبير من أهم مصادر العلل وتراجم الرُّواة وغير ذلك .
9. علل حديث الزُّهري لمحمد بن يحيى الذُّهلي (3) ، برواية الخفَّاف (4) .
10. العلل لمسلم بن الحجاج (5) .
11. التمييز لمسلم أَيضاً ، طبع جزءٌ منه برواية مكي بن عبدان ، وهو من كتب العلل كما ذكر الخطيب (6) .
12. المسند المعلل ليعقوب بن شيبة (7) ، عثر على قطعة منه من مسند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - . وهو برواية حفيده أبي بكر محمد بن أحمد بن يعقوب ، وقد طبع ما وجد منه .
13. العلل لأبي زرعة الرَّازي (8) .
14. العلل لأبي بشر إسماعيل بن عبد الله الأصبهاني ، المعروف بسمُّويه (9) .
15. العلل لأبي حاتم الرَّازي ، برواية محمد بن إبراهيم الكتَّاني (10) .
16. العلل لابن ماجة القزويني (11) .
__________
(1) تسمية ما ورد به الخطيب دمشق (88) .
(2) المعجم المفهرس لابن حجر (ل66) وصلة الخلف للروداني (ص303) .
(3) نقل منه ابن خزيمة في صحيحه (2/126) وفي سؤالات السلمي (231) ، ونقل قول الدارقطني : « من أحب أن يعرف قصور علمه عن علم السلف فلينظر في علل الزُّهْرِي » .
(4) فهرست ابن خير (ص203) .
(5) الفهرست للنديم (1/322) وصيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص59) وتذكرة الحفاظ (1/590) .
(6) الجامع لخطيب (2/273) وصيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص59) .
(7) تكلم عنه الخطيب في تاريخه (14/281) .
(8) تسمية ما ورد به الخطيب دمشق (85) .
(9) فتح المغيث للسخاوي (3/311) .
(10) الإعلام (ص435-436) وتوضيح المشتبه (1/225و5/185و7/174) كلاهما لابن ناصر الدين الدمشقي .
(11) ذكره الزركشي في التذكرة (ص218- الباب الثامن في الفتن) ، ونقل منه نصاً !(1/30)
17. العلل الكبير برواية أبي حامد التَّاجر أحمد بن عبد الله المروزي ، والعلل الصَّغير ، وهما لأبي عيسى التِّرمذي (1) .
18. العلل لأبي إسحاق إبراهيم الحربي (2) .
19. العلل لابن أبي عاصم (3) .
20. المسند الكبير المعلل ، لأبي بكر البزَّار - برواية محمد بن أيوب الصَّموت - ، وقد طبع بعضه باسم : « البحر الزَّخار » .
21. العلل لأبي علي عبد الله بن محمد البلخي الحافظ (4) .
22. العلل لأبي إسحاق إبراهيم بن أبي طالب النَّيسابوري (5) .
23. العلل لمحمد بن عثمان بن أبي شيبة (6) .
24. مسند حديث الزُّهري بعلله والكلام عليه للنَّسائي (7) .
25. العلل لزكريا السَّاجي (8) .
26. العلل لأبي جعفر العُقيلي (9) .
27. العلل لابن أبي حاتم الرَّازي ، مطبوع ، وراويه هو أبو أحمد الحسين بن علي التميمي (10) . وقد شرع ابن عبد الهادي في وضع شرح عليه (11) ، فاخترمته المنيَّة بعد أن كتب منه مجلداً على يسير منه (12) .
__________
(1) طبع الكبير بترتيب أَبي طالب القاضي التميمي ، أما الصغير فمطبوع آخر الجامع ، وشرحه ابن رجب الحنبلي .
(2) التهذيب لابن حجر في عدة مواضع منها (1/61) ، والإكمال (4/42و8/10و11/210) وشرح سنن ابن ماجة (1/225) كلاهما لمغلطاي وحاشية البوصيري على تحفة التحصيل لابن العراقي (ص261) .
(3) ذكره في الآحاد في عدة مواضع منها (1/238و240و317) .
(4) السير (13/529) .
(5) السير (13/550) .
(6) الفهرست للنديم (1/320) .
(7) فهرست ابن خير (ص145) .
(8) الكامل لابن عدي (1/430) وتاريخ بغداد (1/349) ونقل منه اللالكائي في السنة (1366) ، وقال الذهبي عنه إنه كتاب جليل يدلُّ على تبحُّره في هذا الفن - التذكرة (2/710) .
(9) ذكره في الضعفاء (4/351) .
(10) تاريخ بغداد للخطيب (9/67-68) .
(11) وقد طبع ما وجد منه .
(12) فتح المغيث للسخاوي (3/311-312) .(1/31)
28. العلل لأبي علي النَّيسابوري (1) .
29. علل حديث الزُّهري في (20) جزءاً ، وعلل حديث مالك في (10) أجزاء ، وعلل ما أسند أبو حنيفة في (10) أجزاء ، وما خالف الثوريُ شعبة في (3) أجزاء ، وما خالف شعبة الثوريَ في جزأين ، وموقوف ما رفع ، وكلها لابن حبَّان البستي (2) .
30. المسند الكبير المعلل لأبي علي الماسرجسي ، في (1300) جزء (3) .
31. العلل لأبي الحسين محمد بن محمد الحجَّاجي (4) .
32. العلل لأبي أحمد الحاكم الكرابيسي (5) .
33. العلل ، والتتبع للدَّارقطني ، وهما مطبوعان ، وسيأتي ذكرهما (6) .
34. الأجوبة لأبي مسعود الدِّمشقي ، أجاب فيها عن انتقادات الدَّارقطني على صحيح مسلم ، وهو مطبوع .
35. العلل لأبي عبد الله الحاكم (7) .
36. تمييز المزِيد في متَّصل الأسانيد (8) ، والفصل للوصل المدرج في النَّقل وهو مطبوع، وهما للخطيب .
هذه أهم الكتب التي ذكرت في علم العلل حتى عصر الخطيب ، الذي قال عنه ابن نقطة : « لا شبهة عند كلِّ لبيب أن المتَّأخرين من أَصحاب الحديث عيالٌ على أبي بكر الخطيب » (9) .
5- طرق معرفة علة الحديث
هذا المبحث من أهم المواضيع في علم العلل ، لأنه الثَّمرة والُّلب في تلك الدِّرَاسَة ، وهو كذلك من أصعب مسائله .
وقبل الحديث عنه يستحسن معرفة سبب إعلال الأئمة للحديث .
والجواب عنه بأن السبب الباعث على إعلالهم للمرويات التي ظاهر سندها الصحة هو : "الغرابة" .
وسبب هذا الاستغراب أمران هما :- المخالفة والتفرد .
__________
(1) الجامع للخطيب (2/273) .
(2) الجامع للخطيب (2/468) .
(3) السير للذهبي (16/288) .
(4) تاريخ بغداد للخطيب (3/223) .
(5) السير (16/372) ، وتذكرة الحفاظ للذهبي (3/976) .
(6) (ص3) .
(7) ذكره في المدخل إلى الصحيح (110) .
(8) ذكره في كتابه الموضح (1/285) وقال عنه ابن رجب إنه مصنَّف حسن - شرح العلل (1/427) .
(9) التقييد لابن نقطة (1/170) .(1/32)
ولذا اشتد نكير المحدثين على من اعتمد أو تتبع الأحاديث الغرائب والأفراد والفوائد ، لتضمن أكثرها المعلَّ من الأحاديث .
قال أحمد : « إذا سمعت أصحاب الحديث يقولون هذا الحديث غريب أو فائدة فاعلم أنه خطأ أو دخل حديث في حديث » .
وقال أيضاً : « تركوا الحديث ، وأقبلوا على الغرائب ، ما أقلَّ الفقه فيهم » .
وقال أيضاً : « شر الحديث الغرائب التي لا يعمل بها » (1) .
وقال ابن معين : « ما أكذب الغرائب » (2) .
فالمخالفة والتفرد تستدعي استغراب العالم ، والغرابة تدل على بعض المخالفة . سواء كانت في السند أو المتن .
وأهم الأسباب التي قد تذكر في أسباب الإعلال راجعة - فيما يظهر لي - إلى سبب واحد هو المخالفة ، وينشأ عنها كثيراً لا دائماً : التفرد ، فبالاهتمام بهما ، يتمكن المرء من دراسة تعليلات العلماء ومعرفة علة الحديث وطريقة ذلك .
وطريقة معرفة علة الحديث إجمالاً تعتمد على أمور ثلاثة :-
1- جمع طرق الحديث المختلفة بتوسع عند الحاجة .
2- تحديد مدار الخلاف على من يكون ، والنَّظر في كل رواية هل فيها خلاف آخر . والنَّظر في حال رواتها وبلدانهم واختصاصهم بالرَّاوي المختلف عليه . قال ابن حجر : « مدار التعليل في الحقيقة على بيان الاختلاف » (3) ، ويتنبه إلى التأكد من سلامة المرويات جملة ، وأن الاختلاف على أصحاب المدار غير مؤثر في أصل الخلاف ، وإلا احتاج إلى دراسة مستقلة .
3- التَّرجيح بين الرُّواة أو الجمع بين رواياتهم على أسس علمية وقواعد منهجية مستنبطة من صنيع علماء العلل السَّابقين فحسب ، دون نظر إلى قواعد المنطق واحتمالات العقل .
وإلى هذا أشار الخطيب البغدادي بقوله : « والسَّبيل إلى معرفة علة الحديث :-
1- أن تجمع بين طرقه .
2- ويعتبر بمكانهم من الحفظ ، ومنزلتهم في الإتقان والضَّبط » (4) .
__________
(1) الكفاية (ص172) .
(2) رواية الدوري (541) .
(3) النكت (2/711) .
(4) الجامع للخطيب (2/452) .(1/33)
أما الأمر الأول :- فمن شواهده من كلام المحدِّثين السَّابقين قول ابن المبارك : «إذا أردت أن يصحَّ لك الحديث ، فاضرب بعضه ببعض » (1) .
وقال أحمد : « الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه ... » (2) .
وقال ابن المديني : « الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه » (3) .
وقال ابن معين : « اكتب الحديث خمسين مرةً ، فإن له آفاتٍ كثيرة » .
وقال أَيضاً : « لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجهاً ما عقلناه » (4) .
ويوضِّحه قوله أيضاً : « إنَّ حماد بن سلمة كان يخطئ ، فأردت أن أميِّز خطأَه من خطأ غيره ، فإذا رأيت أصحابه قد اجتمعوا على شيء ، علمت أن الخطأ من حماد نفسه (5) ، وإذا اجتمعوا على شيء عنه وقال واحد منهم خلافهم ، علمت أن الخطأ منه لا من حماد ، فأميِّز بين ما أخطأ هو بنفسه ، وبين ما أُخْطِئَ عليه » (6) .
قال الميموني : « تعجب إليَّ أبو عبدالله يعني أحمد بن حنبل ممن يكتب الاسناد ويدع المنقطع ، ثم قال : وربما كان المنقطع أقوى إسنادا وأكبر ! قلت : بينه لي كيف ؟ قال : تكتب الإسناد متصلاً وهو ضعيف ويكون المنقطع أقوى إسناداً منه وهو يرفعه ثم يسنده وقد كتبه هو على أنه متصل وهو يزعم أنه لا يكتب إلا ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معناه لو كتب الاسنادين جميعاً عرف المتصل من المنقطع يعني ضعف ذا وقوة ذا » (7) .
وقال أبو حاتم : « لو لم نكتب الحديث من ستين وجهاً ما عقلناه » (8) .
__________
(1) الجامع للخطيب (2/452) .
(2) المجروحين لابن حبان (1/33) والجامع للخطيب (2/315) .
(3) الجامع للخطيب (2/316) .
(4) المجروحين لابن حبان (1/33) والضعفاء لابن شاهين (ص42) والجامع للخطيب (2/315) والإرشاد للخليلي (2/595) .
(5) تأتي قصة تدل على هذا التقعيد (ص3) .
(6) المجروحين لابن حبان (2/32) ، وأعلها الذهبي بالانقطاع – السير (7/456) .
(7) الجامع للخطيب (1576) .
(8) فتح المغيث (2/370) .(1/34)
وهذه القصة على طولها تدلُّ على ما ذكر من النَّظر إلى مَن أخطأ ومَن أُخْطِئَ عليه . قال عبد الرحمن بن مهدى : « ما رأيت صاحب حديث أحفظ من سفيان الثَّوري حدَّث يوماً عن حماد بن أبى سليمان عن عمرو بن عطيَّة عن سلمان الفارسي قال : البصاق ليس بطاهر . فقلت : يا أبا عبد الله هذا خطأ ! فقال لي : كيف ! عمَّن هذا ؟ قلت : حمَّاد عن ربعي عن سلمان . قال : من يحدَّث به عن حماد ؟ قلت : حدثنيه شعبة عن حمَّاد عن ربعي ، قال : أخطأ شعبة فيه ثم سكت ساعة ، ثم قال : وافق شعبة على هذا أحد ، قلت ، نعم ، قال : من ؟ قلت : سعيد بن أبى عروبة وهشام الدَّسْتَوائي وحمَّاد بن سلمة ، فقال : أخطأ حماد هو حدثني عن عمرو بن عطيَّة عن سلمان ، قال عبد الرحمن : فوقع في نفسي ، قلت : أربعة يجتمعون على شيء واحد . يقولون عن حماد عن ربعي ، فلما كان بعد سنة أخرى سنة إحدى وثمانين ومائة أخرج إليَّ غندر كتاب شعبة فإذا فيه عن حماد عن ربعي ، وقد قال حمَّاد مرة : عن عمرو بن عطيَّة ، قال عبد الرحمن : فقلت : رحمك الله يا أبا عبد الله . كنت إذا حفظت الشَّيء لا تبالي من خالفك » (1) .
وقال أيوب السَّختياني : « إذا أردت أن تعرف خطأ معلمك فجالس غيره » (2) .
وبما ذُكر ظهرَ علم الجرح والتَّعديل وعلم العلل .
قال أبو زرعة : « نظرت في نحو من ثمانين ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر ، وفي غير مصر ، ما أعلم أني رأيت له حديثاً لا أصل له » (3) .
ومن رام - في هذا الزمن - جمعَ عُشْرِ ما ذكر أبو زرعة لما استطاع .
__________
(1) تاريخ بغداد (9/168) .
(2) سنن الدارمي (649) ، وهذا النص يصلح قاعدة لكل العلوم .
(3) الجرح والتعديل لابن أَبي حاتم (1/335) ، كذا ذكر أبو زرعة ، بينما قال أحمد في رواية المروذي (456) : « إيش كان عنده من الحديث » ، ولعله يعني به المرفوع .(1/35)
فبرواية الغير تظهر علة الحديث غالباً كما قال أبو حاتم الرازي في حديث : « وروى أبو معاوية الضَّرير عن هشام بن عروة فأظهر علة هذا الحديث » (1) .
الأمر الثاني :- وهو تحديد المدار الذي حصل عليه الخلاف ، فيكون بالنَّظر في الرَّاوي المشترك بين الطُّرق ، ومعرفة الوجه الإسنادي الذي يأتي بعد ذكر اسمه ، وتحديد الرُّواة الذين اختلفوا عليه في كل إسناد وضمِّ كل راوٍ إلى الرَّاوي الذي وافقه في روايته عن ذلك الشَّيخ نفسه ، لذلك الوجه الإسنادي ، وتكرار ذلك حتى تتمَّ معرفة الأوجه التي اختلف فيها على ذلك الشَّيخ ومعرفة عددها ، والتَّنبُّه إلى احتمال وجود خلاف على التَّلاميذ أيضاً ، واستبعاد ما قد يظنُّ أنه اختلاف وهو خلاف ذلك ، كما لو ذكر أحد الرُّواة الاسم ، والآخر ذكر كنيته ، فيظنُّ من لا يعرفه التَّعدد .
ومن شواهد هذا الأمر في طلب تحديد المدار قول أبي حاتم في حديثٍ رواه الحُميديُّ عن ابن عيينة : « هذا عندي من ابن عيينة ، وابن الطَّبَّاع ثبت ، فقال ابنه عبد الرحمن : قلت أنا : حدثنا ابن المقريء عن ابن عيينة كما رواه الحُميديُّ ، وحدثنا سعد بن محمد البيروتي قال : حدثنا حامد بن يحيى عن ابن عيينة كما رواه الحُميديُّ . فدلَّ - لاتفاق هؤلاء الثلاثة – أنَّ الخطأ من ابن الطَّبَّاع » (2) .
__________
(1) المراسيل (ص118) .
(2) العلل لابن أَبي حاتم (1/215) .(1/36)
الأمر الثالث :- الموازنة بين هذه الطُّرق بالفهم والمعرفة ، وتطبيق قواعد وطرائق المحدِّثين السَّابقين في التَّرجيح بين الرِّوايات المختلفة ، وتنزيل كلامهم في الجزئيات على تلك الرِّوايات ، حيث إنَّ كلامهم في تلك الجزئيات بمجموعه يدلُّ على قواعد منهجية ساروا عليها دون خلاف أو اختلاف منهم لها من حيث الأصل ، ولا يعني ذلك أنَّ بعض الحفاظ قد لا يخالف إحدى القواعد في حديث ما ، فإذا خالف رجعنا إلى الأصل الذي أُخذ من خلال التَّطبيقات المتكرِّرة المتعدِّدة من ذلك الحافظ وبقية الحفاظ الآخرين . ومعرفة هذه القواعد والضوابط والإحاطة بمراتب الرُّواة في شيوخهم ليس بالأمر اليسير .
فإنَّ « حذَّاق النُّقاد من الحفَّاظ لكثرة ممارستهم للحديث - ومعرفة بالرِّجال وأحاديث كل واحد منهم - لهم فهمٌ خاص يفهمون به أَنَّ هذا الحديث يشبه حديث فلان ، ولا يشبه حديث فلان ، فيعلِّلون الأحاديث بذلك ، وهذا مما لا يعبر عنه بعبارة تحصره ، وإنَّما يرجع فيه أهله إلى مجرد الفهم والمعرفة التي اختصوا بها عن سائر أهل العلم » (1) .
__________
(1) شرح العلل لابن رجب (2/757-758) .(1/37)
واللهُ - عز وجل - قد خصَّ بمعرفة هذا العلم « نفراً يسيراً من كثيرٍ ممن يدَّعي علم الحديث ، فأما سائر النَّاس ممن يدَّعي كلام الحارث المحاسبي (1) والجنيد (2) وذي النُّون (3) وأهل الخواطر ، فليس لهم أن يتكلموا في شيء من علم الحديث إلا من أخذه عن أهله وأهل المعرفة به ، فحينئذٍ يتكلَّم بمعرفته » (4) .
فإذا ظهر لنا صحة حديث بعد النَّظر في إسناده وطرقه ، ووجدنا أن جماعةً من حفَّاظ الحديث على تضعيفه أو تعليله بعلة ، بدون خلاف معتبر بينهم ، فإنَّه من المتحتِّم علينا الأخذ بقولهم وترك ما عداه ، حيث إنَّ « اتفاق أهل الحديث على شيء يكون حجة » (5) .
قال ابن حجر : « فمتى وجدنا حديثاً قد حكم إمام من الأئمَّة المرجوع إليهم بتعليله ، فالأولى اتباعه في ذلك كما نتبعه في تصحيح الحديث إذا صحَّحه ... ، وهذا حيث لا يوجد مخالف منهم لذلك المعلَّل ... ، وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام المتقدمين ، وشدة فحصهم ، وقوة بحثهم ، وصحة نظرهم ، وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك ، والتسليم لهم فيه » (6) .
__________
(1) هو أبو عبد اللهِ الحارث بن أسد البغدادي شيخ زاهد ، مات سنة 243هـ – السير (12/110) .
(2) هو الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي البغدادي القواريري ، إمام زاهد ، تفقه على أبي ثور ، ومات سنة 298هـ – السير (14/66) .
(3) هو ثوبان بن إبراهيم ، وقيل فيض بن أحمد النوري أبو الفيض ، روى عن مالك والليث ، وروى عنه الجنبد ، مات سنة 245هـ – السير (11/532) .
(4) شرح العلل لابن رجب (1/34) .
(5) قاله أَبُو حاتم فيما نقله عنه ابنه في المراسيل (307) .
(6) النكت لابن حجر (2/711) .(1/38)
والسبب في ذلك أن الله - عز وجل - « بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالاً نقَّاداً تفرَّغوا ، فأفنوا أعمارهم في تحصيله ، والبحث عن غوامضه وعلله ورجاله ومعرفة مراتبهم في القوة واللين . فتقليدهم ، والمشي وراءهم ، وإمعان النَّظر في تواليفهم ، وكثرة مجالسة حفَّاظ الوقت ، مع الفهم ، وجودة التَّصور ، ومداومة الاشتغال ، وملازم التقوى والتواضع ، يوجب لك - إن شاء الله - معرفة السُّنن النبوية ، ولا قوة إلا بالله » (1) .
قال ابن تيمية : « وقد يترك- أي البخاريَّ أو مسلماً - من حديث الثِّقة ما علم أنه أخطأ فيه ، فيظنُّ من لا خبرة له أنَّ كلَّ ما رواه ذلك الشَّخص يحتجُّ به أصحاب الصَّحيح ، وليس الأمر كذلك . فإن معرفة علل الحديث علم شريف يعرفه أئمَّة الفن ... » (2) .
وقال أيضاً : « ... فإنهم أيضاً يضعِّفون من حديث الثِّقَة الصَّدوق الضَّابط أشياء تبيَّن لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلُّون بها ، ويسمُّون هذا "علم العلل" ، وهو أشرف علومهم ، بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط ، وغلط فيه ، وغلطه قد عُرِفَ » (3) .
__________
(1) فتح المغيث للسخاوي (1/274) ، وقوله بالتقليد ، أراد به المحمود منه وهو الاقتداء !
(2) مجموع الفتاوى (18/42) .
(3) مجموع الفتاوى (13/352-353) .(1/39)
وقال ابن القيِّم عند حديث عن مطر الورَّاق : « ولا عيب على مسلمٍ في إخراج حديثه ، لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضَّرب ما يعلم أنه حفظه (1) ، كما يطَّرح من أحاديث الثِّقة ما يعلم أنه غلط فيه ، فغلط في هذا المقام من استدرك عليه إخراج جميع حديث الثِّقة ، ومن ضعَّف جميع حديث سيِّء الحفظ . فالأولى طريقة الحاكم وأمثاله ، والثانية طريقة أبي محمد ابن حزمٍ وأشكاله ، وطريقة مسلم هي طريقة أئمة هذا الشَّأن ، والله المستعان » (2) .
وتقوم قواعد المحدِّثين في التعليل والتَّرجيح على قاعدة عامة مهمة تجمع علوم الحديث كلَّها ، وهي : « إعمال القرائن للجمع أو الترجيح » .
وهذه القاعدة قد نَصَّ على فحواها جماعةٌ من علماء الحديث والمصطلح .
قال ابن الصَّلاح عن العلل : « ويستعان على إدراكها بتفرُّد الرَّاوي ، وبمخالفة غيره له ، مع قرائن تنضمُّ إلى ذلك تنبِّه العارف بهذا الشَّأن ... » (3) .
وبنحوه قال العراقيُّ (4) .
فظهر من كلامهما أن العلَّة تدرك بثلاثة أمور هي :-
1. التَّفرد ، وهو أمر غالبي ، فكم من حديث معل رواه اثنان أو ثلاثة ، وقد لا يكون فيه مخالفة ، فهو أخص من المخالفة من وجه .
2. المخالفة ، وهو أخص من التفرد من وجه ، فقد يتفرد راوٍ بحديث يعله الحفاظ ، ولا يخالف في إسناده أحدٌ ، فبينهما عموم وخصوص وجهي .
3. القرائن .
__________
(1) يعضده قول الإمام أحمد في حسين بن قيس : « متروك الحديث ، وله حديث واحد حسن » - الكامل لابن عدي (3/218) .
(2) زاد المعاد (1/364) .
(3) مقدمة ابن الصلاح (ص116-التقييد والإيضاح) .
(4) التبصرة والتذكرة للعراقي (1/226) .(1/40)
وقال العلائي عند كلامه عن الاختلاف : « فإن استوى مع استواء أوصافهم وجب التَّوقف حتى يترجَّح أحد الفريقين بقرينة من القرائن ، فمتى اعتضدت إحدى الطَّريقين بشيء من وجوه التَّرجيح حكم بها ، ووجوه التَّرجيح كثيرة لا تنحصر ، ولا ضابط لها ، بالنسبة إلى جميع الأحاديث ، بل كلُّ حديث يقوم به ترجيح خاص ، وإنما ينهض بذلك الممارس الفطن ، الذي أكثر من الطرق والروايات » (1) .
وقال ابن عبد الهادي عند ذكر زيادة الثِّقات : « ... وتقبل في موضع آخر لقرائن تخصُّها ، ومن حكم في ذلك حكماً عاماً فقد غلط ، بل كل زيادة لها حكم » (2) .
فَفُهِم مما قال الفرقُ بين الحكم العام والقاعدة الكلية .
وقال ابن حجر : « ثم الوهم إن اطُّلع عليه بالقرائن الدَّالة على وهم راويه من وصل مرسل أو منقطع ، أو إدخال حديث في حديث ، أو نحو ذلك من الأشياء القادحة ، وتحصل معرفة ذلك بكثرة التَّتبع وجمع الطُّرق ، فهذا هو المعلَّل » (3) .
وقال أيضاً : « والذي يجري على قواعد المحدِّثين أنهم لا يحكمون عليه بحكم مستقل من القبول والردِّ ، بل يرجِّحون بالقرائن » (4) .
وقال : « فتبيَّن أن ترجيح البخاريِّ لوصل هذا الحديث على إرساله لم يكن لمجرد أن الوصل معه زيادة ليست مع المرسل ، بل بما يظهر من قرائن التَّرجيح » (5)
أما قول ابن دقيق العيد عن قبول الزِّيادة : « ذلك ليس قانوناً مطرداً ، وبمراجعة أحكامهم الجزئية يعرف صواب ما نقول » (6) ، فلا يفهم منه خلاف ما سبق . لأنه نفى الحكم المطرد (العام) ، وهو ما عبر عنه بقوله : « قانوناً » .
__________
(1) النكت لابن حجر (2/712) وتوضيح الأفكار (2/38) ، وسيأتي ضابط هذه الأوجه - من حيث علم العلل - (ص3) .
(2) نصب الراية (1/336) .
(3) نزهة النظر (ص89) بتصرف .
(4) النكت لابن حجر (2/687) .
(5) النكت لابن حجر (2/607) .
(6) النكت لابن حجر (2/604) .(1/41)
ويوضحه قول البقاعي : « لا يحكمون فيها بحكم مطرد ، وإنَّما يديرون ذلك على القرائن » (1) .
وخلاصة ما سبق نقله ، أنَّ الحكم في علل الحديث ليس قولاً واحداً مطرداً في كلِّ حديث ، بل كلُّ حديث له حكم خاص به ، يعرف ذلك من قواعد عامة كلية استقرائية ، مجموعة من كلام الحفَّاظ ، من خلال أحكامهم على الجزئيات ، بتلمس الأسباب التي دعتهم إلى ترجيح رواية على أخرى مع سلامة المرجوح ابتداءً .
قال العلائي : « التعليل أمر خفي ، لا يقوم به إلا نقاد أئمَّة الحديث دون الفقهاء الذين لا اطلاع لهم على طرقه وخفاياه » (2) .
ومما يجب التَّنبُّه له هنا - ويعدُّ من مهمات علم العلل - أمورٌ منها :-
الأول :-أن قواعد هذا العلم وأصوله وضوابطه الكلية والفرعية لا تؤخذ إلا عن أهله السابقين الراسخين . فلا تؤخذ عن أقوال المعتزلة وأشباههم ممن ألف في الأصول ، وكانوا لا يعرف شيئاً عن الحديث وعلومه ، بل إن بعضهم كان عدواً له ولأهله بقوله بردِّ أخبار الآحاد (3) . ومع هذا يتكلَّمون عن قواعد الحديث والرِّواية بكلام منطقي نظري في الأذهان ، لا نصيب له في الأعيان .
فكما نأخذ القراءات عن القرَّاء ، والفقه عن أهله وهكذا ، ولا نتقدَّم على أقوالهم ، ومن خالفهم جملةً رُدَّ قولهم وصار خارجاً عن العلم ورسمه ، فكذلك يقال لكل من خالف طرائق المحدِّثين السَّابقين تماماً .
قال الإمام مسلم : « أعلم رحمك الله أنَّ صناعةَ الحديث ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم إنما هي لأهل الحديث خاصة لأنهم الحفاظ لروايات الناس العارفين بها دون غيره » (4) .
__________
(1) توضيح الأفكار (1/340) .
(2) النكت لابن حجر (2/606) ، وقد سبق .
(3) من أهم مؤلفاتهم في النكاية بأهل الحديث كتاب : "قبول الأخبار ومعرفة الرجال" لأبي القاسم البلخي المعتزلي ، وقد طبع مؤخراً !!
(4) التمييز (ص218) .(1/42)
قال ابن القيِّم : « طريق الأصوليين وأكثر الفقهاء أنهم لا يلتفتون إلى علَّةٍ للحديث إذا سلمت طريق من الطُّرق منها فإذا وصله ثقة أو رفعه لا يبالون بخلاف من خالفه ولو كثروا ، والصَّواب في ذلك مع أئمة هذا الشَّأن العالمين به وبعلله ، وهو النَّظر والتَّمهر في العلل والنَّظر في الواقفين والرَّافعين والمرسلين والواصلين أنهم أكثر وأوثق وأخص بالشَّيخ وأعرف بحديثه إلى غير ذلك من الأمور التي يجزمون معها بالعلَّة المؤثِّرة في موضع وبانتفائها في موضع آخر لا يرتضون طريق هؤلاء ولا طريق هؤلاء» (1) .
الثاني :- أن مصطلح الاختلاف والمخالفة أعمُّ عند المحدِّثين منه عند غيرهم من الفقهاء والأصوليين - ممن لم يمشِ على طريقتهم في علم الحديث - .
فأيُّ فرقٍ مؤثِّرٍ بين روايتين - سنداً أو متناً - يعدُّ اختلافاً عند المحدِّثين يحتاج إلى ترجيح بينهما - غالباً - ، وإن تعذَّر قيل بالجمع ، هذا إذا لم يكن الاختلاف داخلاً في علم مشكل الحديث (2) .
فوصل المرسل أو المنقطع يعدُّ مخالفة ، ورفع الموقوف يعدُّ مخالفة ، والزِّيادة في المتن تعدُّ مخالفة كما نصَّ على ذلك أكثر المحدِّثين السَّابقين الذين تكلَّموا في العلل ، فنجدهم يقولون : « خالفه فلان » ، ثم يذكرون رواية من أرسل أو أوقف أولم يذكر ما ذكر غيره ، وهكذا مما تواتر في كتبهم .
__________
(1) حاشية أَبي داود (10/25) ، مع التصويب .
(2) هذا العلم من أهم علوم متن الحديث ، ومهمته الإجابة عن متون الأحاديث المشكلة من حيث الدلالة ، أو الجمع بين الأحاديث التي تتعارض في الأذهان عند البعض ، وربما اعتمد في الإجابة على قواعد علل الحديث السابق ذكرها ، ومن أشهر الكتب المؤلفة فيه كتاب : « اختلاف الحديث » للإمام الشافعي وكتاب : « مشكل الحديث » لأبي جعفر الطحاوي ، رحمهما الله تعالى ، وقد طبع باسم : « شرح مشكل الحديث » ، وليس في مخطوطاته هذا الاسم !!(1/43)
قال أحمد وذُكِرَ له حديثُ نافعٍ عن ابن عمر : « من باع عبداً وله مالٌ فماله للبائع » ، فقال : « خالفه سالم ، هكذا رواه الزُّهري عن سالم عن ابن عمر عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - » (1) .
وقال ابن المديني في حديث : « رواه حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة ، وخالفه الأعمش فرواه عن أبي سلمة عن كعب » (2) .
وقال البخاري : « وروى محمد عن نافع عن ابن عمر مرفوع في التيمم . وخالفه أيوب وعبيد الله والنَّاس فقالوا : عن نافع عن ابن عمر فعله » (3) .
وقال ابن معين : « قد روى شعبة أيضاً في القطع في ربع دينار فصاعداً حديث الزُّهري ، لم يروه غيره ، وقد خالفه غيره ولم يرفعه أبو سفيان ... » (4) .
وقال الدَّارقطني : « ... وقد اتفق عنه رجلان ثقتان فأسنده عن عمر ، ولولا أن الثوري خالفه ، فرواه عن زيد العمي فلم يذكر فيه عمر ، لكان القول قول من أسند عن عمر ، لأنه زاد . وزيادة الثِّقَة مقبولة » (5) .
وقال الخطيب : « وخالفه معمر بن راشد فرواه عن الحكم عن عكرمة قوله ، لم يذكر فيه النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أبا هريرة » (6) .
وكل كتب العلل مليئة بمثل هذه النصوص التي تدلُّ أن المخالفة عند المحدِّثين أعمُّ منها عند غيرهم من الفقهاء والأصوليين .
__________
(1) رواية المروذي (274) .
(2) العلل (129) .
(3) التاريخ الكبير (1/50) .
(4) رواية ابن طهمان (58) .
(5) العلل (2/74) .
(6) تاريخ بغداد (1/268) .(1/44)
الثالث :- إن كثيراً من المحدِّثين يذكرون المخالف بمبهماً بقولهم : « خالفه النَّاس أو خالفه الثِّقات أو خالفه غيره » (1) ، ويعتمدون ذلك ، ولم يرُدُّ من بعدهم قولهم بحجَّة أنَّ ما ذكر مبهم ، والمخالف ثقة مسمىً ، فدلَّ هذا على اعتماد ما ذكر إلا إذا ثبت بالأدلَّة أو كلام السَّابقين ما يخالف قول المعِلِّ .
الرابع :- أنَّ الأصل عند المحدِّثين التَّرجيح بين الرِّوايات المختلفة – لحديث واحد - ثم الجمع بينها عند تكافئ (2) الأدلَّة ، خلاف ما تقرَّر في الفقه وأصوله من الجمع بين المتون المتعارضة بادئ الرَّأي ، ثم التَّرجيح عند تعذر ذلك بقواعد مقررة هنالك ، لأن قواعد هذا العلم غير ذاك ، ولا يلزم من ذلك خطأ أحد المنهجين .
فالنَّاظر في كتب العلل وترجيحات علماء الحديث ، يجد أن نسبة القول بالجمع بين الرِّوايات المختلفة قليلة جداً بالنِّسبة لما رجَّحوه من روايات ، فهذا بيان للواقع الذي استند على أدلة وقرائن أدَّت إلى هذه النَّتيجة الاستقرائية .
فلا يصار إلى القول بالجمع بين الرِّوايات أو القول بالاضِّطراب إلا بعد محاولة التَّرجيح بالقرائن الآتي ذكرها .
قال ابن حجر في بيان ذلك : « وإذا كان شعبة – وهو أتقن من غيره – حَفِظَ عن خبيب فيه الشَّكَّ ، فذاك دليل على أنَّ خبيباً لم يضبطه ، فلا يحتاج إلى الجمع الذي جمعه ابن خزيمة ، ثم هجم ابن حبَّان فجزم به » (3) .
__________
(1) الأمثلة على ذلك كثيرة جداً منها :- العلل لابن أَبي حاتم (1/19و66و2/44و208) وعلل الدارقطني (2/14و4/143)
(2) يأتي قول لابن خزيمة ينص على ذلك (ص3) .
(3) النكت لابن حجر (2/881) ، وربما خالف ابن حجر ما قرره هنا ، فيجمع في شرح للبخاري بين روايات مختلفة ، فينقده بعضهم بالتكلُّف في ذلك ، وهذا ظاهر في مواضع يسيرة فحسب ، ولعله في القصص أكثر منه في غيره .(1/45)
وقال أيضاً : « الاختلاف عند النُّقاد لا يضر إذا قامت القرائن على ترجيح إحدى الرِّوايات أو أمكن الجمع على قواعدهم » (1) .
وقال أيضاً : « وأما المخالفة وينشأ عنها الشُّذوذ والنَّكارة ، فإذا روى الضَّابط والصَّدوق شيئاً ، فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عدداً بخلاف ما روى بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدِّثين ، فهذا شاذ ، وقد تشتد المخالفة أو يضعف الحفظ ، فيحكم على ما يخالف فيه بكونه منكراً » (2) .
الخامس :- أنَّ على من أراد الاشتغال بعلم العلل ، والتبحر فيه وضبطه بشكل تام أن يهتم بأمور في الحديث تعدُّ من مهماته ، ومن ذلك :-
أ. معرفة الثقات من الضعفاء .
ب. معرفة مواليدهم ووفياتهم وبلدانهم .
ج. معرفة المكثرين من رواة الحديث (3) .
د. معرفة مراتب أصحابهم فيهم (4) ، كأصحاب الزهري وقتادة ونحوهما .
ه. معرفة أشهر الأسانيد .
و. معرفة المدلسين والمختلطين .
ز. معرفة المنقطع من الأسانيد (5) .
6- قرائن التَّرجيح والموازنة بين الرِّوايات المختلِفة .
ويظهر بعد التَّتبع أن القرائن المسلوكة عند علماء العلل نوعان :-
قرائن أغلبية .
وهذه القرائن يعود الجمع والتَّرجيح إليها في أكثر الأحاديث ، وهي ستة :-
1. العدد
وهي تعدُّ من أقوى القرائن المسلوكة للتَّرجيح بين الرِّوايات المختلفة . واعتمدها كثير من الحفَّاظ السَّابقين . ومن أشهرهم يحيى القطَّان حيث قال : « كنَّا نظنُّ أنَّ الثَّوريَّ وهم فيه لكثرة من خالفه » (6) .
__________
(1) هدي الساري (ص531) .
(2) هدي الساري (ص544) .
(3) قد قمت بجمع أشهرهم في كتاب "طبقات المكثرين" – طبع دار طويق .
(4) قمت بجمعهم في كتاب كبير بعنوان "مراتب الثقات" .
(5) قمت بجمعها في كتاب فجاوز عددها ثلاثة آلاف سند منقطع ، نص العلماء عليها .
(6) العلل للدارقطني (5/211) .(1/46)
ونصَّ عليها الشافعي فقال : « والعدد أولى بالحفظ من الواحد » (1) .
وقال أيضاً : « إنَّما ندع تثبيت ما خالفه فيه غيره مما هو أكثر منه عدداً فأمَّا ما لم يكن يخالفه فيه أحد وهو لفظ غير الَّلفظ الذي خولف فيه وأمر غير الأمر الذي خولف ، فنثبته إذا لم يكن فيه مخالف » (2) .
وقال أيضاً : « إنَّما يغلط الرَّجل بخلاف من هو أحفظ منه ، أو يأتي بشيء في الحديث يشركه فيه من لم يحفظ منه ما حفظ ، وهم عدد وهو منفرد » (3) .
وقال أبو حاتم محتجاً بهذه القرينة في حديثٍ : « اتفق ثلاثة أنفس على التَّوصيل » (4) .
وقال ابن معين في حديث : « الناس يحدثون به مرسلاً » (5) .
وقال البيهقي : « وكما رجَّح الشَّافعي إحدى الرِّوايتين على الأُخْرَى بزيادة الحفظ ، رجَّح أيضاً بزيادة العدد » (6) .
وقال أيضاً : « والجماعة أولى بالحفظ من الواحد » (7) .
وقال الخطيب : « ويرجَّح بكثرة الرُّواة لأحد الخبرين ، لأن الغلط عنهم والسَّهو أبعد ، وهو إلى الأقلِّ أَقرب » (8) .
وقال الدَّارقطني في حديث : « واجتماع هؤلاء الأربعة على خلاف ما رواه ابن أبي كثير يدلُّ على ضبطهم للحديث » (9) .
وسئل الدَّارقطني عن الحديث إذا اختلف فيه الثِّقات ، فقال : « ينظر ما اجتمع عليه ثقتان فيحكم بصحته ، أو ما جاء بلفظة زائدة ، فتقبل تلك الزِّيادة من متقن ، ويحكم لأكثرهم حفظاً وثبتاً على من دونه » (10) .
__________
(1) اختلاف الحديث (ص127) وشرح العلل (1/425) .
(2) السنن المأثورة (481) - برواية المزني - والأم (8/563) .
(3) اختلاف الحديث (ص294) .
(4) العلل لابن أَبي حاتم (2/391) .
(5) رواية الدوري (2973) .
(6) القراءة خلف الإمام للبيهقي (316) .
(7) الشعب (4/7) .
(8) الكفاية (ص476) .
(9) السنن (3/44) .
(10) النكت لابن حجر (2/689) ، والنص ورد في سؤالات السلمي (435) بنحوه .(1/47)
وقال الذهبي : « وإن كان الحديث قد رواه الثَّبت بإسناد ، أو وقفه أو أرسله، ورفقاؤه الأثبات يخالفونه ، فالعبرة بما اجتمع عليه الثِّقات ، فالواحد قد يغلط ... » (1) .
وقال الصَّنعاني : « الملاحظ القرائن . والكثرة أحد القرائن » (2) .
وهذه القرينة إنما تفيد إذا كانت الرواة محتجاً بهم من الطرفين (3) المختلفين ، أما مع الضعف فالأمر يحتاج إلى قرائن أخرى .
2. الحفظ
وهذه القرينة - أيضاً - تعدُّ من أهم القرائن في التَّرجيح بين الرِّوايات المختلفة ، ويشمل الحفظ هنا حفظ الصدر ، وحفظ الكتاب .
أما حفظ الصدر (4) ، فقال ابن رجب : « قاعدة : إذا روى الحفَّاظ الأثبات حديثاً بإسناد واحد، وانفرد واحد منهم بإسناد آخر ، فإن كان المنفرد ثقة حافظاً فحكمه قريب من حكم زيادة الثِّقات في الأسانيد والمتون ... » ، قال : « ويقوى قبول قوله إن كان المرويُّ عنه واسع الحديث يمكن أن يحمل الحديث من طرق عديدة كالزُّهري والثَّوري وشعبة والأعمش » (5) .
وهنا اختلف الحفَّاظ في بعض الأحاديث قبولاً ورداً ، لأجل اعتبار هذا الأمر ، فقال ابن رجب بعد ذلك : « وقد تردَّد الحفَّاظ كثيراً في مثل هذا ، هل يردُّ قول من تفرد بذلك الإسناد لمخالفة الأكثرين له ؟ أم يقبل قوله لثقته وحفظه .
ومثَّل رحمه الله لذلك بحديث ميمونة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في الفأرة إذا وقعت في السَّمن .
حيث رواه أصحاب الزُّهري عنه عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ميمونة .
كذا رواه مالك وابن عيينة والأوْزاعي .
وخالفهم معمر ، رواه عن الزُّهري عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة .
__________
(1) الموقظة (ص52) .
(2) توضيح الأفكار (1/344) .
(3) قاله الزيلعي في نصب الراية (1/360) .
(4) يأتي ذكر حفظ الكتاب (ص3) .
(5) شرح العلل (2/719) .(1/48)
قال ابن رجب : « فمن الحفَّاظ من صحَّح كلا القولين ، ومنهم الإمام أحمد ومحمد بن يحيى الذُّهليُّ وغيرهما ، ومنهم من حكم بغلط معمر لانفراده بهذا الإسناد ، منهم البخاريُّ » (1) .
ووافقه على اختياره التِّرمذيُّ في الجامع حيث قال عن رواية معمر : « غير محفوظ » ، ثم نقل قول البخاريِّ : « أخطأ فيه معمر . والصَّحيح حديث الزُّهريِّ عن عبيد الله ... » (2) .
كما وافقهم أبو حاتم الرَّازيُّ على ذلك (3) .
وقال الدَّارقُطني في حديث : « وعند الزهري فيه أسانيد أخرى صحاح » ، ثم ذكر جملة منها (4) .
والذي يظهر أن سعة رواية المحدِّث الحافظ كالزُّهري وقَتادة - مثلاً - قرينة خاصة - كما سيأتي - تدلُّ على صحة الوجهين عنه ، ومخالفة الرَّاوي الواحد لجماعة من الثِّقات الحفَّاظ ، قرينة عامة أقوى منها ، تدلُّ على وهم الوجه الذي أتى به عنه، فَيُحتاج إلى قرينة أخرى تسند ما قاله .
ومما يعضد رواية الجماعة أنَّ الَّليث رواه عن الزُّهري عن سعيد مرسلاً - كما ذكر الإسماعيليُّ (5) - فلعلَّ مَعْمَراً وهِم فزاد أبا هريرة .
وأكثر مسائل علم العلل دخولاً في هذه القرينة : زيادة الثِّقات .
هل تقبل مطلقاً ، أم تردُّ مطلقاً ، أم يفصَّل في ذلك ، ومن أين يؤخذ هذا التَّفصيل ومن المعتبر قوله في هذا الأمر . آلمحدِّثون أم الفقهاء والمتكلمون من الأصوليين .
يعدُّ الشَّافعي من أوائل من قعَّد لهذه المسألة حيث قال : « ويكون إذا شرك أحداً من الحفَّاظ في حديث لم يخالفه ، فإن خالفه - وُجِدَ حديثه أنقصَ - كانت هذه دلائل على صحَّة مخرج حديثه » (6) .
__________
(1) شرح العلل (2/722) .
(2) الجامع للترمذي (1798) والعلل الكبير (2/758-ترتيبه) .
(3) العلل لابنه (2/12) .
(4) العلل (1/44) .
(5) فتح الباري (9/826) ، عند حديث (5538) .
(6) الرسالة (1272) .(1/49)
قال ابن عبد الهادي معقِّباً على ذلك : « وهذا دليل من الشافعيِّ - رضي الله عنه - على أن زيادة الثِّقَة عنده لا يلزم أن تكون مقبولةً مطلقاً كما يقوله كثير من الفقهاء من أصحابه وغيرهم ، فإنه اعتبر أن يكون حديث هذا المخالف أنقص من حديث من خالفه ، ولم يعتبر المخالف بالزِّيادة ، وجعل نقصان هذا الرَّاوي من الحديث دليلاً على صحَّة مخرج حديثه ، وأخبر أنه متى خالف ما وصف أضرَّ ذلك بحديثه ، ولو كانت الزِّيادة عنده مقبولة مطلقاً لم يكن مخالفته بالزِّيادة مضراً بحديثه » (1) .
وقال الشافعي أيضاً : « إنَّما يغلط الرجل بخلاف من هو أحفظ منه ، أو يأتي بشيء في الحديث يشركه فيه من لم يحفظ منه ما حفظ ، وهم عدد وهو منفرد » (2) .
وقال ابن حجر معقباً على كلامه : « فأشار إلى أن الزِّيادة متى تضمَّنت مخالفةَ الأحفظ أو الأكثر عدداً أنها تكون مردودة » (3) .
وحيث إنَّ هذه المسألة من أهم مسائل علم العلل ، فإنَّ نقل كلام علماء الحديث وعلله مما يزيد الأمر وضوحاً ، فمن المفيد جداً ذكر شيءٍ من ذلك نظرياً وعملياً .
أما النَّظري فمن ذلك :-
ما قاله أبو زرعة الرَّازي : « إذا زاد حافظ على حافظ قُبِلَ » (4) .
وقال أيضاً : « حديث أبي إسحاق عن جرير مرفوع أصح من موقوف ، ولأن زيد بن أبي أنيسة أحفظ من مغيرة بن مسلم » (5) .
وقال مسلم : « والحديث للزائد الحافظ » (6) . وقال أيضاً : « والزِّيادة في الأخبار لا تلزم إلا عن الحفَّاظ الذين لم يكثر عليهم الوهم في حفظهم » (7) .
__________
(1) الصارم المنكي (ص100) .
(2) اختلاف الحديث (ص294) .
(3) النكت لابن حجر (2/688) .
(4) العلل لابن أَبي حاتم (1/318و2/302) .
(5) العلل لابن أَبي حاتم (1/267) .
(6) التمييز (ص199) .
(7) التمييز (ص189) وشرح العلل (1/435) .(1/50)
وقال التِّرمذي : « وربَّ حديث إنَّما يستغرب لزيادة تكون في الحديث ، وإنَّما يصح إذا كانت ممن يعتمد على حفظه ... » (1) .
وقال أبو زرعة : « زيادة الحافظ على الحافظ تقبل » (2) .
وقال البزَّار : « زيادة الحافظ مقبولة إذا زادها على حافظ ، فإنَّما زادها بفضل حفظه » (3) .
وقال ابن طاهر : « إن الزِّيادة إنَّما تقبل من الثِّقة المجمع عليه » (4) .
وقال ابن خزيمة : « لسنا ندفع أن تكون الزِّيادة في الأخبار مقبولة من الحفَّاظ، ولكنَّا إنَّما نقول إذا تكافأت الرُّواة في الحفظ والإتقان والمعرفة بالأخبار فزاد حافظ متقن عالم بالأخبار كلمة قُبِلَت زيادته ، لا أنَّ الأخبار إذا تواترت بنقل أهل العدالة والحفظ والإتقان بخبر ، فزاد راوٍ ليس مثلهم في الحفظ والإتقان زيادة أنَّ تلك الزِّيادة تكون مقبولة » (5) .
وقال ابن المنذر : « والحافظ إذا زاد في الحديث شيئاً فزيادته مقبولة » (6) .
وقال ابن عبد البر في كلام له : « ... ليست حجَّة ، لأنَّ الذي لم يذكره أحفظ ، وإنَّما تقبل الزِّيادة من الحافظ المتقن » (7) .
وقال أيضاً : « إنَّما تقبل الزِّيادة من الحافظ إذا ثبتت عنه ، وكان أحفظ وأتقن ممن قصر أو مثله » (8) .
وقال ابن عبد الهادي بعد سياق الاختلاف : « والصَّحيح التَّفصيل ، وهو أنها تقبل في موضع دون موضع ، فتقبل إذا كان الرَّاوي الذي رواها ثقة حافظاً متقناً ، والذي لم يذكرها مثله أو دونه في الثِّقَة ... » (9) .
__________
(1) العلل الصغير بشرح ابن رجب (1/418) .
(2) العلل لابن أبي حاتم (2/302) .
(3) البحر الزخار (1/54) .
(4) النكت لابن حجر (2/693) .
(5) القراءة خلف الإمام للبيهقي (316) .
(6) الأوسط (2/270) ، وعنده : والحفاظ ...
(7) التمهيد (6/5-6) .
(8) التمهيد (3/306) .
(9) نصب الراية (1/336) .(1/51)
وخالف في تقريراتهم كثير من مقلِّدة الفقهاء ومتكلِّمة الأصوليين فقالوا : « تقبل زيادة الثِّقة مطلقاً ، مالم تخالف (1) رواية من هو أولى » .
ولا يعني هذا أنه لم يقع – تنظيراً - بعضُ كبار المحدِّثين فيما وقع فيه المتكلِّمون والأصوليون ، من نقل أقوالهم على أنَّها مذاهب معتمدة وهي لا تعرف إلا عنهم . فإنَّ علم الكلام قد أثَّر على كثير من متأخري علماء هذه الأمة .
قال ابن رجب في تقرير ذلك : « وكلام أحمد وغيره من الحفَّاظ يدور على اعتبار قول الأوثق في ذلك والأحفظ أيضاً » ، قال : « وقد صنَّف في ذلك الحافظ أبو بكر الخطيب مصنفاً حسناً سمَّاه : "تمييز المزِيد في متصل الأسانيد" ، وقسمه قسمين :-
1. أحدهما :- ما حكم فيه بصحة ذكر الزِّيادة في الإسناد ، وتركها .
2. والثاني :- ما حكم فيه بردِّ الزِّيادة وعدم قبولها .
ثم إنَّ الخطيب تناقض ، فذكر في كتاب "الكفاية" للنَّاس مذاهب في اختلاف الرُّواة في إرسال الحديث ووصله ، كلها لا تعرف عن أحدٍ من متقدمي الحفَّاظ ، وإنَّما مأخوذة من كتب المتكلِّمين . ثم إنه اختار أن الزِّيادة من الثِّقة مقبولة مطلقاً كما نصره المتكلِّمون وكثير من الفقهاء ، وهذا يخالف تصرُّفه في كتاب "تمييز المزِيد" . وعاب تصرُّفَهُ في كتاب "تمييز المزِيد" بعضُ محدثي الفقهاء ، وطمع فيه لموافقته لهم في كتاب "الكفاية" » ، ثم قال : « ... ومن تأمَّل كتاب البخاريِّ تبيَّن له - قطعاً - أنَّه لم يكن يرى زيادة كل ثقة في الإسناد مقبولة ، وهكذا الدَّارقطني . فدلَّ على أنَّ مرادهم زيادة الثِّقَة في مثل تلك المواضع الخاصَّة ، وهي إذا كان الثِّقة مبرزاً في الحفظ» (2) .
__________
(1) تقدم (ص3) أن تفسيرهم للمخالفة أخص من تفسير المحدثين .
(2) شرح العلل (1/427-429) .(1/52)
ولكثير من المتكلِّمين والفقهاء وبعض المتأخِّرين المنتسبين لعلم الحديث ممَّن خالف المحدِّثين في منهجهم في العلل عموماً وفي زيادة الثِّقات خصوصاً حججٌ مأخوذة من علم الكلام لا تنطبق على منهجهم الاستقرائي الواقعي .
فمن ذلك :-
1. قولهم أن الزَّائد معه زيادة علم ، ومن حفظ حجَّة على من لم يحفظ .
والجواب : أن ما ذكر ليس هو موطن النِّزاع ، لأنَّه صحيح عند ثبوت الزِّيادة عن الرَّاوي المختلف عليه ، أما مع قرينة الاختلاف فهذا ما ينازع فيه المحدِّثون، فيقال إنَّ الزِّيادة لم تثبت أصلاً ليقال ما ذكروه .
بل إنَّ في قولهم تناقضاً لأنهم « شرطوا في الصَّحيح ألا يكون شاذاً ، وفسَّروا الشُّذوذ بأنه ما رواه الثِّقة ، وخالفه من هو أضبط ، وأكثر عدداً ، ثم قالوا : تقبل الزِّيادة مطلقاً . فلو اتفق أن يكون من أرسل أكثر عدداً ، أو أضبط حفظاً أو كتاباً على من وصل . أيقبلونه أم لا ؟ أم هل يسمُّونه شاذاً أم لا ؟ والحقُّ في هذا أنَّ زيادة الثِّقة لا تقبل دائماً » (1) .
2. قولهم عمَّن وقف الحديث إنه رأي للرَّاوي ، وأن الواقف قد قصر في حفظه أو شكَّ في رفعه .
وجوابه أَنَّ هذا « مقابل بمثله ، فيترجَّح الوقف بتجويز أن يكون الرَّافع تبع العادة ، وسلك الجادَّة . وهذا إذا كان للمتن إسناد واحد ، أما إذا كان له إسنادان منفصلان تماماً ، فلا يجري فيه هذا الخلاف غالباً » (2) .
__________
(1) النكت لابن حجر (2/612-613) .
(2) النكت لابن حجر (2/610-611) .(1/53)
3. قولهم : إن الرَّاوي : « إذا كان ثقةً وانفرد بالحديث من أصله كان مقبولاً ، فكذلك انفراده بالزِّيادة . وهو احتجاج مردود ، لأنه ليس كلُّ حديث تفرد به أي ثقة - كان - يكون مقبولاً . ثم إن الفرق بين تفرُّد الرَّاوي بالحديث من أصله وبين تفرُّده بالزِّيادة ظاهر ، لأن تفرُّده بالحديث لا يلزم منه تطرُّق السَّهو والغفلة إلى غيره من الثِّقات إذ لا مخالفة لهم ، بخلاف تفرُّده بالزِّيادة إذا لم يروها من هو أوثق وأكثر عدداً ، فالظنُّ غالب بترجيح روايتهم على روايته ، ومبنى هذا الأمر على غلبة الظن » (1) .
قال ابن حجر مبيناً هذه المسألة : « والحقُّ في هذا أن زيادة الثِّقة لا تقبل مطلقاً دائماً ، ومن أطلق ذلك من الفقهاء والأصوليين فلم يصب ، وإنَّما يقبلون ذلك إذا استووا في الوصف ، ولم يتعرض بعضهم لنفيها لفظاً أو معنى » (2) .
وقال أيضاً : « تفرُّد واحد عنه بها - أي الزِّيادة - دونهم مع توفر دواعيهم على الأخذ عنه ، وجمع حديثه يقتضي ريبة توجب التوقُّف عنها » (3) .
وقال السخاوي بعد كلام له : « رواه جماعة من الحفاظ الأثبات على وجه ، ورواه من هو دونهم في الضبط والإتقان والعدد على وجه يشتمل على زيادة في السند، فكيف تقبل زيادتهم وقد خالفهم من لا يغفل مثلهم عنها ، لحفظهم وكثرتهم، والغرض أن شيخهم الزهري ممن يجمع حديثه ويعتني بمروياته بحيث يقال : إنه لو رواها لسمعها منه حفاظ أصحابه ، ولو سمعوها لرووها ، ولما تطابقوا على تركها ، قال شيخنا [أي ابن حجر] : والذي يغلب على الظن في هذا وأمثاله تغليط راوي الزيادة » (4) .
__________
(1) النكت لابن حجر (2/690-691) .
(2) النكت لابن حجر (2/613) .
(3) النكت لابن حجر (2/692) .
(4) الأجوبة المرضية (1/201) .(1/54)
وقد تقدَّم قول ابن عبد الهادي : « ... وتقبل في موضع آخر لقرائن تخصُّها ، ومن حكم في ذلك حكماً عاماً فقد غلط ، بل كل زيادة لها حكم » (1) .
أما العملي فمن ذلك :-
ردُّ جماعةٍ من حفَّاظ الحديث زياداتٍ - في الأسانيد وفي المتون - لرواةٍ ثقاتٍ، ولم يردْ عن هؤلاء الحفَّاظ - عند الاختلاف - احتجاج بحجج المتكلِّمين وغيرهم ، بل إذا قبلوها فذلك لمكان من زادها من الحفظ والعدد وغير ذلك من القرائن ، فكلُّ حديث أعلُّوه بالإرسال أو الوقف هو ردٌّ لزيادة في السَّند ، وهو متواتر في كتبهم .
ومن ذلك ردُّ البخاريِّ زيادةً لشعبة عن سلمة بن كهيل فقال : « وزاد فيه علقمة ، وليس فيه » (2) .
وقال أبو داود : « سمعت أحمد وقد ذكرت له ما زاد هشيم - في حديث عبيد ابن عمير عن عمر في المفقود - على يحيى بن سعيد ، فقال : يحيى أحفظ من هشيم » (3) .
وقال الآجري : « سمعت أبا داود يقول : حماد بن سلمة وهم فيه ، زاد : "وأبوالها" » (4) .
وقال ابن منده في حديث : « رواه جماعة عن أبي الأحوص وفيه زيادة أنَّ الحمار يقال له : عفير ، ورواه أبو مسعود عن أبي داود عن شعبة وفيه هذه الزِّيادة ، وهو وَهْمٌ » (5) .
وقال ابن عمَّار الشهيد : « حديث سليمان التَّيمي عن قَتادة عن أبي غلاب حديث أبي موسى وفيه من الزِّيادة : "وإذا قرأ فأنصتوا" ... وقوله : "وإذا قرأ فأنصتوا" هو عندَنا وهم من التَّيمي ... » (6) .
وفي مقابل ذلك قبول بعض الحفَّاظ لزيادة الضعيف ، لأنَّ النَّقص أسهل .
__________
(1) نصب الراية (1/336) .
(2) التاريخ الكبير (3/73) .
(3) سؤالات الآجري (ص345) .
(4) سؤالات الآجري (439) .
(5) الإيمان لابن منده (108) .
(6) العلل لابن عمار (ص73) .(1/55)
قال ابن أبي حاتم لأبيه : « لِمَ حكمت برواية ابن لهيعة ؟ فقال : لأن في رواية ابن لهيعة زيادة رجل ، ولو كان نقصان رجل كان أسهلَ على ابن لهيعة حفظُهُ » (1) .
إلا أن هذه القرينة ربما أهملت لأسباب أخرى يراها الناقد ، فلا يعترض على الحافظ في ترجيحه إذا كان على أصل ثابت وله فيه حجة مسلوكة ، وإن كان قوله في حديث معين مرجوحاً .
قال ابن معين مرجحاً من هو أقل حفظاً : « القول قول مستلم بن سعيد ، وصحَّف شعبة » (2) .
وقال النسائي في حديث : « قَتادة أثبت وأحفظ من أشعث ، وحديث أشعث أشبه بالصواب » (3) .
وأما حفظ الكتاب (4) ، فإن الكتابة من أهم وسائل الضَّبط والإتقان ، وبدونها وقع كثير من المحدِّثين في الوهم والخطأ .
فإذا اختلف راويان فأكثر على شيخ ، نظر فيمن كان يكتب عنه ، فإذا وجد، كان جانبه أقوى من هذه الحيثية .
قال أحمد عن عبيد الله الأشجعي الكوفي : « كان يكتب في المجلس ، فمن ثَمَّ صحَّ حديثه » (5) ، وتعليله هنا كالنصِّ على القرينة ، لذا قال ابن معين عنه بأنه أعلم النَّاس بسفيان الثَّوريِّ من أهل الكوفة (6) .
ومن دلائل هذه القرينة قول ابن المبارك : « إذا اختلف النَّاس في حديث شعبة ، فكتاب غُنْدَر حكم بينهم » .
وذكر ابن خِراش عن الفلاس قوله : « كان يحيى وعبد الرحمن ومعاذ بن خالد وأصحابنا إذا اختلفوا في حديث شعبة ، رجعوا إلى كتاب غُنْدَر ، فحكم بينهم » .
ولذا أصبح من أقلِّ أصحاب شعبة خطأً كما قال الإمام أحمد (7) .
وقدَّمه أبو زرعة – في حديث - على اثنين ، هما أبو داود الطَّيالسي ويحيى بن زكريا ، خالفاه في شعبة (8) .
__________
(1) العلل لابن أَبي حاتم (1/171) .
(2) رواية الدوري (4849) .
(3) الصغرى (6/59) .
(4) هذا عطف على حفظ الصدر الوارد (ص3) .
(5) تاريخ بغداد (10/312) .
(6) تاريخ بغداد (10/312) والتهذيب (3/20) .
(7) يأتي (ص3) .
(8) العلل لابن أَبي حاتم (1/25) .(1/56)
ومما ذكر في أوهامه النادر عنه قول أبي حاتم : « هذه الزِّيادة التي زاد غُنْدَر عن شعبة في الإسناد ، ليس بمحفوظ » (1) .
ومن شواهد الاعتماد على الكتاب ، الخلافُ على الَّليث بن سعد في حديث ، أهو عن سعد بن مالك مرفوعاً أم سعيد بن أبي سعيد مرسلاً ؟ قال أبو زرعة : « في كتاب الليث في أصله : سعيد بن أبي سعيد ، ولكنْ لُقِّنَ بالعراق : عن سعد » (2) .
وقال يزيد بن هارون : « أدركت البصرة وإذا اختلفوا في حديث ، نطقوا بكتاب عبد الوارث » (3) .
وقال منصور : « قلت لإبراهم النخعي : مالسالم بن أبي الجعد أتمَّ حديثاً منك؟ قال : لأنه كان يكتب » (4) .
وقال أبو حاتم : « وأما الحفَّاظ وأصحاب الكتب فكانوا يميِّزون كلام الزُّهري من الحديث » (5) .
وقال أيضاً مرجحاً بالكتاب : « مالك صاحب كتاب » (6) .
وهذا أحمد يرجِّح بسبب الكتابة .
قال أبو طالب لأحمد : « من أحبُّ إليك ، يونس أو إسرائيل في أبي إسحاق ؟ قال : إسرائيل ، لأنه كان صاحب كتاب » (7) .
وهذه القرينة ربما خانت صاحبها فأثرَّت عليه ، كما حصل لجرير بن عبد الحميد الضَّبِّي حيث قال : « اضطرب عليَّ حديث أشعث وعاصم ، فقلت لبهز بن أَسَد البصري ، فخلَّصها لي ، ، وكانت في دفتر واحد » (8) .
3. الاختصاص
وهذه من أهم القرائن التي بُنِي عليها علم العلل في التَّرجيح بين الرُّواة المختلفين على شيوخهم المكثرين .
__________
(1) الجرح لابن أَبي حاتم (3/507) والعلل أيضاً (1/428) .
(2) العلل لابن أَبي حاتم (1/188) .
(3) التمييز (ص178) ، وعبد الوارث هو ابن سعيد .
(4) علل الترمذي (1/153-الشرح) .
(5) العلل لابن أَبي حاتم (2/30) .
(6) العلل لابن أَبي حاتم (1/32) .
(7) التهذيب (1/133) .
(8) رواية ابن محرز (547) .(1/57)
وقد اهتم علماء الحديث وعلله بمعرفة طبقات الحفَّاظ ومراتب أصحابهم . فقسم ابن المدينيِّ والنَّسائيُّ (1) أصحاب نافع تسع طبقات مع اختلافهما في ذكر رواة كل طبقة .
كما قسم النَّسائي أصحاب الأعمش سبع طبقات (2) .
وهذا الاختصاص يعود إلى عدَّة قرائن ، منها قوة الحفظ أو الكتابة - وقد تقدَّم ذكرها - أو طول الملازمة وقِدَمِهَا ، أو قرابة الرَّاوي ، ونحو ذلك من الأسباب الكثيرة .
والاهتمام بهذه القرينة ومعرفة طبقات أصحاب الحفَّاظ ومنازلهم من شيوخهم ، ومراتبهم بين بعض ، يعطي المرء قوَّة وملكة في تعليل الحديث والتَّرجيح عند الاختلاف ، دون كثير عناء أو جهد ، قد يبذله من جهل ذلك .
فإذا روى جماعة عن حافظٍ له أصحاب ، وتفرد راوٍ عنه - دونهم - بزيادة أو وجه ، وجب التَّوقف عن قبولها لأنَّ « تفرَّد واحد عنه بها دونهم مع توفر دواعيهم على الأخذ عنه وجمع حديثه يقتضي ريبة توجب التَّوقف عنها » (3) .
قال ابن رجب : « اعلم أن معرفة صحة الحديث وسقمه تحصل من وجهين:- أحدهما : معرفة رجاله وثقتهم وضعفهم ، ومعرفة هذا هيِّنٌ (4) ، لأنَّ الثِّقات والضُّعفاء دٌوِّنوا في كثير من التَّصانيف ، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التَّواليف .
الوجه الثاني : معرفة مراتب الثِّقات ، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف ، إما في السَّند ، وإما في الوقف والرَّفع ، ونحو ذلك . وهذا هو الذي يحصل من معرفته وإتقانه وكثرة ممارسته الوقوف على دقائق علل الحديث ... » (5) .
__________
(1) في كتابه : الطبقات (ص53) .
(2) الطبقات (ص78) وشرح العلل (1/104-105) .
(3) النكت لابن حجر (2/692) وقد سبق نقله .
(4) هذا أمر نسبي لا مطلق .
(5) شرح العلل (2/467-468) .(1/58)
ويستخدم علماء الحديث هذه القرينة بقولهم - مثلاً - :- فلان أثبت ، أو أحفظ فيه ، أو كان يعرض ، أو كان يكتب ، أو لازمه كثيراً ، ونحو ذلك مما يدلُّ على التَّميز عن غيره في شيء يقتضي تقديمه عند الاختلاف .
قال ابن القيِّم في تقرير قاعدة هذه القرينة : « ولا تنافي بين قول من ضعَّفه وقول من وثَّقه ، لأنَّ من وثقه جمع بين توثيقه في غير الزُّهري وتضعيفه فيه ، وهذه مسألة غير مسألة تعارض الجرح والتَّعديل ، بل يظنُّ قاصر العلم أنها هي ، فيعارض قول من جرَّحه بقول من عدَّله ، وإنَّما هذه مسألة أخرى غيرها وهي الاحتجاج بالرَّجل فيما رواه عن بعض الشُّيوخ وترك الاحتجاج به بعينه فيما رواه عن آخر ، وهذا كإسماعيل بن عيَّاش ، فإنه عند أئمَّة هذا الشَّأن حجَّة في الشَّاميين أهل بلده وغير حجَّة فيما رواه عن الحجازيين والعراقيين وغير أهل بلده .
ومثل هذا تضعيف من ضعَّف قبيصة في سفيان الثَّوريِّ واحتجَّ به في غيره كما فعل أبو عبد الرحمن النَّسائي .
وهذه طريقة الحذاق من أَصحاب الحديث أطباء علله يحتجُّون بحديث الشَّخص عمن هو معروف بالرِّواية عنه وبحفظ حديثه وإتقانه وملازمته له واعتنائه بحديثه ومتابعة غيره له ويتركون حديثه نفسه عمَّن ليس هو معه بهذه المنزلة » ، إلى آخر كلامه الذي سبق (1) .
ومن الأمثلة عليها قول ابن معين : « حماد بن سلمة أعرف بعلي بن زيد من حماد ابن زيد » (2) .
وقال أبو حاتم : « المسعودي أفهم بحديث عون » (3) .
ويدخل في هذه القرينة من سمع من الراوي قبل الاختلاط ، فيرجح جانبه لاختصاصه بالسماع منه قبل تغيره ، وقد تفرد هذه القرينة ، والأمر سهل .
__________
(1) الفروسية (ص44) ، وقد سبق ذكر بعض كلامه (ص3) .
(2) رواية ابن الجنيد (840) .
(3) العلل لابن أبي حاتم (2/179) .(1/59)
ومن أمثلته قول أبي حاتم : « إسرائيل أقدم سماعاً من زهير في أبي إسحاق » ، ثم ذكر اختلاط أبي اسحاق (1) .
4. سلوك الجادة
وهذا تعبير استعمله جماعة من العلماء كابن حجر (2) ، وقال أيضاً : « تبع العادة » (3) .
ومن تعابير المحدِّثين السابقين قول ابن المديني : « سلك المحجَّة » (4) . أما أبو حاتم فقد أكثر من قوله : « لزم الطَّريق » (5) . وقال الحاكم : « أخذ طريق المجرة » (6) ، والفرق بين العبارات يسير .
قال ابن رجب : « قول أبي حاتم : مبارك لزم الطَّريق ، يعني به أن رواية ثابت عن أنس سلسلة معروفة مشهورة ، تسبق إليها الألسنة والأوهام ، فيسلكها من قلَّ حفظه ، بخلاف ما قاله حمَّاد بن سلمة ، فإن في إسناده ما يستغرب ، فلا يحفظه إلا حافظ ، وأبو حاتم كثيراً ما يعلِّل الأحاديث بمثل هذا ، وكذلك غيره من الأئمَّة » (7) .
وقال أيضاً : « لا ريب أن الذين قالوا فيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - جماعة حفاظ ، لكن الوهم يسبق كثيراً إلى هذا الإسناد ، فإن رواية سعيد المقبري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، أو عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، سلسلة معروفة تسبق إليها الألسن ، بخلاف رواية سعيد عن أبيه عن ابن وديعة عن سلمان ، فإنها سلسلة غريبة ، لا يقولها إلا حافظ لها متقن » (8) .
وهذا السلوك قسمان هما :-
__________
(1) العلل لابن أبي حاتم (1/103) .
(2) بذل الماعون (ص212) .
(3) النكت لابن حجر (2/610) .
(4) نتائج الأفكار لابن حجر (2/194) ومن المعاني الواردة في مادة (حجج) : الطريق – القاموس (حجج) .
(5) العلل لابن أَبي حاتم (1/107و203و428و2/109و249و267) .
(6) معرفة علوم الحديث (ص118) .
(7) شرح العلل (2/726) .
(8) فتح الباري لابن رجب (8/111) .(1/60)
1. سلوك للجادة في المتن ، وهو قليل ، فإن الأصل في الأحاديث المروية الرفع ، فإذا جاء تفصيل من بعض الثقات ، برفع بعضه ووقف بعضه الآخر ، فإن هذا قرينة على سلوك غيره للجادة برفعه كله . ومن أمثلته العملية قول الدَّارقُطني عن حديث أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يخطب يوم الخميس قائماً يقول : يا أيها الناس إنما هما اثنتان الهدى والكلام وأصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة الحديث بطوله ، قال : « يرويه أبو إسحاق واختلف عنه . فرواه إدريس الأودي وموسى بن عقبة ورفعا الخطبة كلها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ورواه شعبة وإسرائيل وشريك من كلام عبد الله إلا قوله ألا أنبئكم ما العضة هو النميمة فإنهم رفعوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - . وكذلك قوله : إن الرجل ليصدق حتى يكتب صديقاً ، وقول شعبة ومن تابعه أولى بالصواب » (1) .
2. سلوك للجادة في السند ، وهو الغالب . فإنه إذا اختلف على قَتادة - مثلاً – في حديث ، فرواه بعض أصحابه عنه بسند غير مشهور ، وآخر رواه عنه عن أنس - رضي الله عنه - ، فإنَّ جانب من رواه بالوجه الأخير يضعُف ، لاحتمال أن يكون وهِم بسبب شهرة هذا السَّند عن قَتادة .
ومثله ما لو روى ثقة عن مالك عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنه - ، وغيره يرويه بسند آخر أقل شهرة ، ولذلك أمثلة كثيرة .
منها ما رواه جرير بن حازم عن ثابت عن أنس - رضي الله عنه - مرفوعاً : « إذا أقيمت الصَّلاة فلا تقوموا حتى تروني » (2) .
__________
(1) العلل (5/323) .
(2) أخرجه أبو داود (1113) وابن ماجة (1117) والترمذي (517) والنسائي (1419) .(1/61)
ضرب على هذا الحديث أبو الوليد الطيالسيُّ (1) ، وأعلِّه أحمد (2) والبخاريُّ
والترمذيُّ (3) وأبو داود (4) والدَّارقطنيُّ (5) بأن جريراً وحجاجاً الصَّوَّاف كانا عند ثابت البناني ، فحدَّث به حجَّاج عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه ... ، فوهم جرير فظنَّ أنَّ الحديث : عن ثابت عن أنس . وإنَّما روى ثابت عن أنس قال : «كان النَّبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أقيمت الصَّلاة يتكلَّم مع الرَّجل حتى ينعس بعض القوم» (6) .
وثابت عن أنس جادة ، حيث قال الإمام أحمد – في رواية الميموني - : « هؤلاء الشيوخ إنما يلحقون عن ثابت عن أنس إسناداً عرفوه » (7) .
__________
(1) نقله عنه أبو داود كما في سؤالات الآجري (577) .
(2) العلل لعبد الله (2/172) ومسائل أَبي داود (ص288) .
(3) العلل الكبير للترمذي (1/276-278-ترتيبه) ، ونقل تعليل البخاري .
(4) حيث قال : « والحديث ليس بمعروف عن ثابت » - السنن (1113) .
(5) العلل (ج4/ل35) .
(6) العلل الكبير للترمذي (1/278-ترتيبه) ، وحديث أنس الأخير أخرجه البخاري في جامعه (642و634) ومسلم (376) ، وقد رواه جرير على الصواب عند الترمذي (517) .
(7) إكمال مغلطاي (4/103) .(1/62)
ومن أقدم النُّصوص التي أشارت إلى هذه القرينة قول يحيى القطَّان : « كنت إذا أخطأت ، قال لي سفيان الثوريُّ : أخطأت يا يحيى ، فحدَّث يوماً عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنَّما يجرجر في بطنه نار جهنَّم » (1) ، قال يحيى بن سعيد : فقلت : أخطأت يا أبا عبد الله ، هذا أهون عليك ، قال : فكيف هو يا يحيى ؟ قال : فقلت أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن زيد بن عبد الله بن عمر عن أمِّ سلمة (2) أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... فقال لي : صدقت يا يحيى ... » (3) .
ومن الأمثلة القديمة أيضاً قول الحميديُّ : « قيل لسفيان – أي ابن عيينة - : إن عبد الرحمن بن مهدي يقول : إن سفيان أصوب في هذا الحديث من مالك ! قال : سفيان : وما يدريه ؟ أدرك صفوان ؟ قالوا : لا ، لكنه قال : إن مالكاً قال : عن صفوان عن عطاء بن يسار ، وقال سفيان : عن أنيسة عن أم سعيد بنت مُرَّة عن أبيها. فمن أين جاء بهذا الإسناد ؟ فقال سفيان : ما أحسن ما قال ! لو قال لنا صفوان عن عطاء بن يسار كان أهون علينا مِن أنْ نجيء بهذا الإسناد الشَّديد » (4) .
__________
(1) رواه كذلك عن نافع به ، برد بن سنان – أخرجه عنه الطبراني في الأوسط (4189) والصغير (563) وفي مسند الشاميين (355) والخطيب من طريقه في تاريخه (1/377) ، وفي سنده العلاء بن برد ، قال ابن ججر : « ذكره بن حبان في الثقات وقال محمود بن غيلان : ضرب أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو خيثمة عليه واسقطوه » - اللسان (4/223) .
(2) أخرجه من طريق نافع البخاري في جامعه (5634) ومسلم (2065) .
(3) تاريخ بغداد (14/136-137) .
(4) شرح العلل (2/728) .(1/63)
وقد يقع في سلوك الجادَّة جماعة عن راوٍ واحد ، كما قال ابن حجر : « ... ورواه سفيان بن عيينة ومعتمر بن سليمان ومحمد بن عبيد عن عبيد الله بن عمر بإسقاطه وكأنهم سلكوا الجادَّة ، لأن عبيد الله بن عمر معروف بالرِّواية عن نافع مكثر عنه » (1) .
ومن الغريب هنا قول ابن حجر عند حديثٍ : « قال ابن عبد البر : رواية عبدالعزيز خطأٌ بيِّن ، لأنَّه لو كان ثمَّ عبد الله بن دينار عن ابن عمر ما رواه عن أبي صالح أصلاً انتهى . وفي هذا التَّعليل نظر وما المانع أن يكون له فيه شيخان . نعم الذي يجري على طريقة أهل الحديث أن رواية عبد العزيز شاذة لأنه سلك الجادَّة ومن عدل عنها دلَّ على مزيد حفظه » (2) .
فكيف يقول بأن في تعليله نظراً وهو موافق لطريقة أهل الحديث كما ذكر .
و هو قد قال في موضع آخر من كتبه : « وأما المخالفة وينشأ عنها الشُّذوذ والنَّكارة ، فإذا روى الضَّابط والصَّدوق شيئاً ، فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عدداً بخلاف ما روى بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدِّثين ، فهذا شاذ ، وقد تشتدُّ المخالفة أو يضعف الحفظ ، فيحكم على ما يخالف فيه بكونه منكراً » (3) .
وقال أيضاً : « والأول أقعد بطريقة المحدِّثين » (4) .
وقوله : « وما المانع ... » ، يجاب عنه بقول ابن القيِّم : « وهذه التجويزات لا يلتفت إليها أئمة الحديث وأطباء علله ... ولهم ذَوق لا يحول بينه وبينهم فيه التجويزات والاحتمالات » (5) . وبقول البلقيني : « ولو فتحنا باب التأويلات لاندفع كثير من علل الحديث » (6) .
__________
(1) الفتح (10/446) .
(2) فتح الباري (3/344) .
(3) هدي الساري (ص544) .
(4) تغليق التعليق (5/363) .
(5) حاشية أبي داود (1/169) .
(6) فتح المغيث (3/81) وتدريب الراوي (1/344) .(1/64)
ومن القواعد المتعلقة بهذه القاعدة ، قول أحمد : « أهل المدينة إذا كان الحديث غلطاً يقولون : ابن المنكدر عن جابر . وأهل البصرة يقولون : ثابت عن أنس، يحيلون عليهما » (1) .
وقال أيضاً : « كان ابن المنكدر رجلاً صالحاً ، وكان يعرف بجابر ، وكان يحدِّث عن يزيد الرَّقاشي ، فربَّما حدَّث بالشَّيء مرسلاً ، فجعلوه عن جابر » (2) .
وقد أكثر ابن عدي من قوله : « أسهل عليه » (3) ، في نقده لمن سلك الجادَّة في الأسانيد من الرُّواة .
وقال أبو حاتم في حديث اختلف فيه على هشام بن عروة : « هذا الحديث أفسد حديث روح بن عبادة وبيَّن علته ، وهذا الصَّحيح ، ولا يحتمل أن يكون عن أبيه عن عائشة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ، فيروى عن يحيى عن سعيد عن عائشة ، ولو كان عن أبيه كان أسهل عليه حفظاً » (4) .
وقد يرجِّح الحفَّاظ رواية من سلك الجادَّة على رواية من أتى بإسناد غريب ، أو تقل الرِّواية به ، كما سيأتي في قرينة غرابة السَّنَد (5) .
كما قد ترجح هذه القرينة على العدد الكثير لقوتها .
قال البخاري : « حدثنا عاصم بن علي حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد عن أبي شريح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل ومن يا رسول الله قال الذي لا يأمن جاره بوايقه" ، تابعه شبابة وأسد بن موسى وقال حميد بن الأسود وعثمان بن عمر وأبو بكر بن عياش وشعيب بن إسحاق عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة » (6) .
__________
(1) شرح العلل لابن رجب (2/502) .
(2) مسائل أحمد برواية أَبي داود (ص302) .
(3) في عدة مواضع من كتابه الكامل ، منها (1/331و2/144و397) .
(4) العلل لابن أَبي حاتم (2/354) .
(5) (ص3) .
(6) الجامع الصحيح (6016) .(1/65)
وعلق ابن حجر على ذلك بقوله : « وإذا تقرر ذلك فالأكثر قالوا فيه : "عن أبي هريرة" فكان ينبغي ترجيحهم . ويؤيده أن الراوي إذا حدث في بلده كان أتقن لما يحدثه به في حال سفره ، ولكن عارض ذلك أن سعيدا المقبري مشهور بالرواية عن أبي هريرة فمن قال عنه : "عن أبي هريرة" سلك الجادة ، فكانت مع من قال عنه : "عن أبي شريح" زيادة علم ليست عند الآخرين ، وأيضا فقد وجد معنى الحديث من رواية الليث عن سعيد المقبري عن أبي شريح كما سيأتي بعد باب ، فكانت فيه تقوية لمن رآه عن ابن أبي ذئب فقال فيه "عن أبي شريح" ومع ذلك فصنيع البخاري يقتضي تصحيح الوجهين ، وإن كانت الرواية عند أبي شريح أصح » (1) .
وبكلِّ حالٍ فإن وقوع الخطأ في الأسانيد المشهورة (2) كان بسبب سلوك الجادة ، لتعلقه بذهن الرواة ، خصوصاً ممن خفَّ ضبطه عن المكثرين ، فكيف بالضُّعفاء إذا رووا عنهم !
5. غرابة السَّنَد
مع أنَّ وصف الحديث بالغرابة مما قد يضعف جانبه ، إلا أنه ربما يقوى جانبه عند الاختلاف . ومعنى ذلك أنه إذا اختلف على راوٍ في حديث ، وروى أحد أصحابه وجهاً غريباً صحيحاً ، لا احتمال فيه لسلوك الجادَّة ، ومثل هذا الوجه يندر الوهم فيه ، ويعد الخطأ فيه نادراً ، فإن روايته تكون أقوى من هذه الجهة .
وشاهده قول عبد الله بن أحمد : « سألت أبي عن حديث هشيم عن حصين عن عمرو بن مرة عن علقمة بن وائل عن أبيه عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في الرفع .
قال : رواه شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن عبد الرحمن اليحصبي عن وائل عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - . خالف حصينٌ شعبة . فقال : شعبة أثبت في عمرو بن مرة من حصين . القول قول شعبة ، من أين يقع شعبة على : أبي البختري عن عبد الرحمن اليحصبي عن وائل » (3) .
__________
(1) الفتح (10/546) .
(2) قمت بجمع أشهرها في كتاب "المشهور من أسانيد الحديث" – طبع دار طويق .
(3) العلل لعبد الله بن أحمد (1/181) .(1/66)
وقال أبو حاتمٍ في حديثٍ : « لو كان عن ابن عمر كان أسهل عليه من أبي الصِّديق ... » (1) .
وقال أيضاً : « حديث عثمان بن حكيم أشبه ، لأن حفظ زيد بن ثابت أسهل من يزيد بن ثابت » (2) .
وهذا الحوار الذي دار بين أبي حاتم وابنه يبيِّن شيئاً من هذه القرينة ، واختلاف الحفَّاظ فيها لاختلاف قوتها .
قال ابن أبي حاتم : « سألت أبي عن حديث رواه سفيان الثوري عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المعوذتين فقيل لأبي : إن أبا زرعة قال : هذا خطأ ! قال أبي : الذي عندي إنه ليس بخطأ ، وكنت أرى قبل ذلك أنه خطأ ، إنَّما هو معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن القاسم بن عبد الرحمن عن معاوية - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . قيل لأبي : كذا قاله أبو زرعة . قال أبي : وليس هو عندي كذا ، الذي عندي أنه صحيح - الذي كان الحديثين جميعاً - كانا عند معاوية بن صالح ، وكان الثوري حافظاً وكان حفظ هذا أسهلَ على الثوري من حديث العلاء فحفظ هذا ولم يحفظ ذاك ومما يدلُّ أَنَّ هذا الحديث صحيح أَنَّ هذا الحديث يرويه الحمصيون عن عبد الرحمن بن جبير عن عقبة - رضي الله عنه - ، ومحال أن يغلط بين هذا الإسناد إلى إسناد آخر ، وإنَّما أكثر ما يغلط النَّاس إذا كان حديثاً واحداً من اسم شيخ إلى شيخ آخر ، فأما مثل هؤلاء فلا أرى يخفى على الثوري » (3) .
فرجح أبو حاتم الوجهين عن معاوية خلافاً لأبي زرعة بقرينة أن الوهم من الثوري في سند كامل غريب مثل ذلك محال عادةً ، بخلاف الوهم في رجل واحد في السَّند .
ومن الغرابة المقوِّيَّة قول ابن رجب : « ... فإنَّ في إسناده ما يُستغرب ، فلا يحفظه إلا حافظ » (4) .
__________
(1) العلل لابن أَبي حاتم (1/315) .
(2) العلل لابن أَبي حاتم (1/359) .
(3) العلل لابن أَبي حاتم (2/60) .
(4) شرح العلل (2/726) .(1/67)
وقال أيضاً : « لا ريب أن الذين قالوا فيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - جماعة حفاظ ، لكن الوهم يسبق كثيراً إلى هذا الإسناد ، فإن رواية سعيد المقبري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، أو عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، سلسلة معروفة تسبق إليها الألسن ، بخلاف رواية سعيد عن أبيه عن ابن وديعة عن سلمان ، فإنها سلسلة غريبة ، لا يقولها إلا حافظ لها متقن » (1) .
ومن أقوى الأمثلة على ما ذكره ما سيأتي (2) ، من ترجيح الدَّارقُطني حرب بن شداد على هشام وشيبان بسبب زيادته اسم غريب ، مع أن هشاماً أثبت بكثير وقد تابعه آخر .
ومن أمثلة الغرابة المضعِّفة للحديث قول أبي حاتم : « أبو سلمة عن ثوبان لا يجيء » (3) . وقال أيضاً : « واصل عن أبي قلابة لا يجيء » (4) .
ويدخل في هذا الباب قول البرقاني للدَّارَقُطْنِي : « قلت موسى بن ثروان ؟ قال : ويقال ابن سروان عن طلحة بن عبيد الله بن كريز عن عائشة رضي الله عنها إسناد محمول حمله النَّاس » (5) .
ومن هذا الباب الاختلاف في تسمية الشيخ على وجهين ، وقد روى عن أحدهما دون الآخر فهو غريب ، فيرجح جانب المتصل لغرابة ذاك السند ، ومن شواهده قول أبي حاتم : « لا يشبه هذا الحديث حديث الأعمش ، لأن الأعمش ، لم يروِ عن أبي تميمة شيئاً ، وهو بأبي إسحاق أشبه » (6) .
ويلحظ أن هذه القرينة عكس لقرينة سلوك الجادة - السابقة - إلى حدٍّ ما .
6. اتفاق البلدان
وهذه القرينة من القرائن القوية ، التي قد تخفى على كثير ممن يعمل بالعلل .
فمما لاشكَّ فيه أنَّ أهل البلد أعلم بحديث شيوخهم ، كما أنهم أعلم بفتواهم من حيث الأصل .
__________
(1) فتح الباري لابن رجب (8/111) .
(2) (ص3) .
(3) العلل لابنه (1/364) .
(4) العلل لابنه (1/376) .
(5) سؤالات البرقاني (500) .
(6) العلل لابن أبي حاتم (2/125) .(1/68)
فإذا اختلف على مالك ، رجَّحنا المدنيين منهم . وإذا اختلف على قَتادة رجَّحنا البصريين منهم ، وإذا اختلف على الأعمش أو أبي إسحاق رجَّحنا الكوفيين منهم ، وهكذا ، مالم تأتِ قرينة أقوى تعارض ذلك .
قال حماد بن زيد : « بلديُّ الرجل أعرف بالرَّجل » (1) .
وقال أبو زرعة الدمشقي أحمد في تفضيل عبيد الله بن عمر عن نافع : « هو من أهل البلد ، يريد أن أهل البلد أهلم بحديثهم » (2) .
وقال أبو حاتم في صالح : « أحبُّ إليَّ من عقيل لأنه حجازيٌّ » (3) ، قدَّمه في الزُّهريِّ وهو مدني .
وقال أيضاً : « الأوزاعي من أهل بلده ، والأوزاعي أفهم به » (4) .
وقال ابن حبان : « الثوري كان أعلم بحديث أهل بلده من شعبة وأحفظ لها منه » (5) .
وقال ابن عدي : « هو من أهل بلدنا ونحن أعرف به » (6) .
وقال أبو سعد السَّمعانيُّ : « هو أعرف بأهل بلده » (7) .
ومن أمثلته العملية اختلاف آدم بن أبي إياس الخراسانيُّ وموسى التَّبوذكيُّ البصري على حماد بن سلمة - وهو بصري - في رفع حديث ووقفه .
وقد رجَّح البخاري (8) رواية موسى بوقف الحديث على رفع آدم . والسَّبب في ذلك أن موسى (9) بصري .
كما غلَّط أبو حاتم الرَّازي ابنَ المبارك في حديثٍ ، وعلَّل ذلك بقوله : « لأنَّ أهل الشَّام أَعرف بحديثهم » ، وقال : « وأهل الشَّام أضبط لحديثهم من الغرباء » (10)
وقال أيضاً : « الأوْزاعي أعلم به ، لأنَّ شدَّاداً دمشقي وقع إلى اليمامة ، والأوْزاعي من أهل بلده ، والأوْزاعي أفهم به ... » (11) .
__________
(1) الكفاية للخطيب (ص133) .
(2) تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1075) .
(3) التهذيب (2/199) .
(4) العلل لابن أبي حاتم (494) .
(5) الإحسان (8/179) .
(6) الكامل (4/398) .
(7) الأنساب (3/173) .
(8) التاريخ الكبير (1/224) .
(9) التهذيب (4/170) .
(10) العلل لابن أَبي حاتم (1/80و369) .
(11) العلل لابن أَبي حاتم (1/173) .(1/69)
وقال أيضاً مرجِّحاً على الثوريِّ غيرَه في نافع : « أهل المدينة أعلم بحديث نافع من أهل الكوفة » (1) . وقال أيضاً : « يحيى بن حمزة أفهم بأهل بلده » (2) .
فهذه القرائن الخمسة العامة هي أصول قرائن الترجيح ، ومن أهم ضوابطه .
قرائن خاصة .
وهذه القرائن يصعب حصرها في عددٍ ، وإنَّما تعرف من كل حديثه بعينه ، وهي كثيرة ، فينبغي الحرص على أهمها ، وقد يدخل بعضها في القرائن الأغلبية .
ومن أهم هذه القرائن - تمثيلاً - مما قد يتكرر في أحاديث أخرى :-
1) رواية الرَّاوي عن أهل بيته
وبيان ذلك أن الإنسان أعلم بأهل بيته - غالباً - .
فإذا روى راوٍ حديثاً عن رجل من أهل بيته ، وخالفه آخر فيه ، فإن الأول أرجح من حيث هذه القرينة .
ومن شواهده قول ابن حجر - عن حديث : « لا نكاح إلا بولي » (3) - : «الاستدلال بأن الحكم للواصل دائماً على العموم من صنيع البخاريِّ في هذا الحديث الخاص ليس بمستقيم ، لأنَّ البخاريَّ لم يحكم فيه بالاتصال من أجل كون الوصل زيادة ، وإنَّما حكم له بالاتصال لمعانٍ أخرى رجحت عنده حكم الموصول . منها أن يونس بن أبي إسحاق وابنيه إسرائيل وعيسى رووه عن أبي إسحاق موصولاً ، ولا شكَّ أن آل الرَّجل أخص به من غيرهم » (4) .
وقال ابن حجر أيضاً مبيِّناً سبب تخريج البخاريِّ لرواية معلَّة : « وترجَّح ذلك عنده بقرينه كونها تختصُّ بأبيه فدواعيه متوفِّرة على حملها عنه » (5) .
2) الرِّواية بالمعنى
__________
(1) العلل لابن أَبي حاتم (1/311) .
(2) العلل لابن أَبي حاتم (2/52) .
(3) أخرجه أَبُو داود في السنن كتاب النكاح / باب في الولي (2076) والترمذي في جامعه كتاب النكاح / باب 14 (1101) من حديث أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - .
(4) النكت لابن حجر (2/606) .
(5) هدي الساري (ص534) .(1/70)
ومن أمثلته ما رواه هشيم بن بشير عن الزُّهري حديث : « لا يتوارث أهل ملتين » (1) ، فقد رواه كلُّ أصحاب الزُّهري عنه بلفظ : « لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم » (2) .
قال ابن حجر : « وقد حكم النَّسائي وغيره على هشيم بالخطأ فيه ، وعندي أنه رواه من حفظه بلفظٍ ظنَّ أنه يؤدِّي معناه . فلم يصبْ ، فإن الَّلفظ الذي أتى به أعمُّ من اللفظ الذي سمعه . وسبب ذلك أن هشيماً سمع من الزُّهري بمكة أحاديث ، ولم يكتبها ، وعلق بحفظه بعضها ، فلم يكن من الضَّابطين عنه ، ولذلك لم يخرج الشَّيخان عنه شيئاً » (3) .
وقال أحمد : « لم يسمع هشيم من الزُّهري حديث علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : « لايتوارث أهل ملتين شتى » ، قال أبي : وقد حدثنا به هشيم » (4) .
ويشهد لقول ابن حجر ما رواه عمرو بن عون عن هشيم قال : « سمعت من الزهري نحواً من مئة حديث ، فلم أكتبها » (5) .
ووقع هشيم بسبب الرِّواية بالمعنى في وهم آخر .
فقد روى سفيان بن عيينة قال حدثنا عمرو قال سمعت أبا فاتخة سعيد بن علاقة يقول سمعت ابن عباس يقول : « يصوم المجاور المعتكف » .
فحكى سفيان أن هشيماً يقوله عن عمرو عن أبي فاتخة أن ابن عباس قال : لا اعتكاف إلا بصوم .
قال سفيان : « أخطأ هشيم ، وهو كما قلت لك » (6) .
__________
(1) أخرجه النسائي في الكبرى (4/82) والطحاوي في شرح المعاني (3/266)
(2) أخرجه البخاري : كتاب الحج / باب توريث دور مكة (1588) ومسلم في أول كتاب الفرائض (1613) .
(3) النكت لابن حجر (/) .
(4) العلل لعبد الله (2/341) .
(5) تاريخ بغداد (14/86) والتهذيب (4/280) .
(6) المعرفة ليعقوب (3/110) .(1/71)
وقال ابن أبي حاتم : « سمعت أبي يذكر حديث عبد الرَّزَّاق عن معمر عن الزُّهري عن أنس أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أشار في الصَّلاة بأصبعه . قال أبي : اختصر عبد الرَّزَّاق هذه الكلمة من حديث النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ضَعُفَ فقدَّم أبا بكرٍ يصلي بالنَّاس فجاء النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث . قال أبي : أخطأ عبد الرَّزَّاق في اختصاره هذه الكلمة لأنَّ عبد الرَّزَّاق اختصر هذه الكلمة وأدخله في باب من كان يشير بأصبعه في التَّشهد وأوهم أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - إنَّما أشار بيده في التشهد وليس كذاك هو ... » (1) .
وقال التِّرمذي : « حدثنا محمود بن غَيلان حدثنا عبد الرَّزَّاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث (2) . سألت محمداً عن هذا الحديث فقال : جاء مثل هذا من قبل عبد الرَّزَّاق وهو غلط إنَّما اختصره عبد الرَّزَّاق من حديث مَعْمَر (3) عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة سليمان بن داود حيث قال : لأطوفنَّ الليلة على سبعين امرأة » (4) .
__________
(1) العلل لابن أَبي حاتم (1/160) .
(2) أخرجه أحمد (2/309) والترمذي في جامعه (1532) وابن ماجة (2104) وابن حبان في صحيحه (4341) .
(3) أخرج روايته البخاري (4944) ومسلم (1654) .
(4) العلل الكبير (2/656-ترتيبه) والجامع (1532) .(1/72)
ونقل ابن حجر عن شيخه العراقي قوله في شرح التِّرمذيِّ : « بأنَّ الذي جاء به عبد الرَّزَّاق في هذه الرِّواية ليس وافياً بالمعنى الذي تضمَّنته الرِّواية التي اختصره منها فإنه لا يلزم من قوله - صلى الله عليه وسلم - لو قال سليمان : إن شاء الله لم يحنث ان يكون الحكم كذلك في حقِّ كل أحد غير سليمان وشرط الرِّواية بالمعنى عدم التَّخالف وهنا تخالف بالخصوص والعموم . قلت : وإذا كان مخرج الحديث واحدا فالأصل عدم التعدد ... » (1) .
وقال ابن حجر في حديث : « قلت : هذا يوهم أن هؤلاء أرسلوه وليس كذلك ، فقد أخرجه الشيخان من رواية حماد بن زيد وسفيان بن عيينة ومسلم من حديث أيوب وابن جريج كلهم عن عمرو بن دينار موصولا ، وإنما أراد الدارقطني أن شعبة خالف هؤلاء الجماعة في سياق المتن واختصره ، وهم إنما أوردوه على حكاية قصة الداخل وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - له بصلاة ركعتين والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب ، وهي قصة محتملة للخصوص وسياق شعبة يقتضي العموم في حقِّ كلِّ داخل فهي مع اختصارها أزيد من روايتهم وليست بشاذة فقد تابعه على ذلك روح بن القاسم عن عمرو بن دينار » (2) .
3) اختلاف المجلس
ومعنى ذلك أن يروي الرَّاوي حديثاً موصولاً - مثلاً في مجلس ، ثم يرسله في مجلس آخر ، فيرجح الوصل لاختلاف المجلس ، ولأنه ثبت أنَّ التَّلميذ لم يهم عليه في الوصل أو الإرسال .
ومن شواهده الحديث السَّابق حيث رواه شعبة وقال : « سمعت الثَّوريَّ يسأل أبا إسحاق ... » فذكره مرسلاً (3) .
__________
(1) فتح الباري (11/737) .
(2) هدي الساري (ص516) .
(3) جامع الترمذي (1102) .(1/73)
قال التِّرمذي عن رواية من وصله عن أبي إسحاق : « أصحُّ ، لأنَّ سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة ، وإن كان شعبة والثوري أحفظ وأثبت من جميع هؤلاء ... ، فإن هؤلاء عندي أشبه ، لأن شعبة والثوري سمعا هذا الحديث من أبي إسحاق في مجلس واحد ... » (1) .
قال ابن رجب : « والذين وصلوه جماعة ، فالظَّاهر أنهم في مجالس متعدِّدة» (2) .
وقال ابن حجر : « ولا يخفى رجحان ما أخذ من لفظ المحدِّث في مجالس متعدِّدة على ما أخذ عنه عرضاً في محل واحد » (3) .
ولم أقف على أمثلة واضحة أو صحيحية يمكن الجزم فيها بهذه القرينة .
وينبغي هنا التنبُّه إلى أمرين اثنين :-
1. أنه لا تقبل دعوى تعدُّد المجلس - التي يتوصل بها البعض لقبول الزيادات - إلا بدليل . أما فتح باب الاحتمالات فسهلٌ على كل أحد .
قال ابن حجر مبيناً ذلك : « فإن قيل : إذا كان الرَّاوي ثقة ، فلم لا يجوز أن يكون للحديث إسنادين عند شيخه حدَّث بأحدهما مروياً وبالآخر من رأيه (4) .
قلنا : هذا التَّجويز لا ننكره ، لكن مبنى هذا العلم على غلبة الظَّنِّ وللحفَّاظ طريق معروفة في الرُّجوع إلى القرائن في مثل هذا ، وإنما يعوَّل في ذلك على النُّقَّاد المطَّلعين منهم » (5) .
وقال أيضاً : « إذا كان مخرج الحديث واحدا فالأصل عدم التَّعدُّد ... » (6) . وقال أيضاً : « فإن أمكن الجمع بالحمل على التَّعدُّد مع بعده وإلا فالصَّحيح الأول » (7) .
2. أنَّ اضَّطراب الرَّاوي وتردُّده في ذكر الزِّيادة - مثلاً - في عدَّة مجالس مما يوجب التَّوقف في صحتها وقبولها منه ، لا في ثبوتها عنه . وفرق بين الأمرين .
4) سعة رواية المختلف عليه
__________
(1) المصدر السابق والكفاية للخطيب (ص254) .
(2) شرح العلل (1/425) .
(3) النكت لابن حجر (2/607) .
(4) في الأصل : مراراً ، ولا معنى لها .
(5) النكت لابن حجر (2/876) .
(6) فتح الباري (11/737) .
(7) العجاب (ص273) .(1/74)
ومعنى ذلك أن يُختلف على راوٍ كثير الرِّواية واسع الحفظ - كقَتادة والزهري ونحوهما - على وجهين من قِبَلِ أصحابه الثِّقات ، فيقبل الوجهان عنه لأجل هذا الأمر.
ولا يعني هذا عدم التَّرجيح لأنه هو الأصل كما سبق (1) .
ومن أمثلته ما تقدَّم قبلُ في قرينة الحفظ (2) ، والخلاف في حديث ميمونة رضي الله عنها .
ومن ذلك أيضاً قول ابن حجر : « ... الزُّهري صاحب حديث فيكون الحديث عنده عن شيخين ، ولا يلزم من ذلك اطَّراده في كل من اختلف عليه في شيخه إلا أن يكون مثل الزُّهري في كثرة الحديث والشُّيوخ » (3) .
وقال أبو حاتم : « كان أبو إسحاق واسع الحديث ، يحتمل أن يكون سمع من أبي بصير ، وسمع من ابن أبي بصير عن أبي بصير ، وسمع من العيزار عن أبي بصير ... » . بينما ضعَّف أبو زرعة الوجه الأخير فقط عنه (4) .
وقال أبو حاتم أيضاً : « وفي حديث قَتادة مثل ذا كثير ، يحدِّث بالحديث عن جماعة ... » (5) .
5) شُذُوذُ السَّنَدِ
ومعنى ذلك أن يُروى الحديث بوجه قد عرف أنه خطأ ، ولا يصحُّ حديث بهذا الإسناد .
ويعرف ذلك بأمرين هما :-
1. الاستقراء ، وهو لحفَّاظ الحديث السَّابقين يسير .
2. تنصيص علماء الحديث على ذلك .
ومن ذلك قول أبي حاتم : « عكرمة عن أنس ليس له نظام » (6) .
وقول البَرْديجي عن سلسلة : قَتادة عن الحسن عن أنس : « لا يثبت منها حديث أصلاً من رواية الثِّقات » وقال عن سلسلة : قَتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة : « هذه الأحاديث كلها معلولة » وقال ابن المديني عن سلسلة : يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة : « لم يصحَّ منها شيء مسند بهذا الإسناد » (7) .
__________
(1) (ص3) .
(2) (ص3) .
(3) الفتح (13/18) .
(4) العلل لابن أَبي حاتم (1/102) .
(5) العلل لابن أَبي حاتم (1/236) .
(6) العلل لابن أَبي حاتم (1/273) .
(7) شرح العلل (2/732-733) وإكمال مغلطاي (12/320) .(1/75)
كذا نقله عنه البَرْدِيجي مطلقاً ثم خصَّه بإسناد معين ، وقد أخرج البخاري في المتابعات في جامعه حديث : « يعقد الشيطان على قافية أحدكم ... » (1) ، من هذا الطريق نفسه !! فلعلَّ ابن المديني أراد الغالب .
6) فقدان الحديث من كتب الرَّاوي :-
وهذا وروده قليل . ومن أمثلته حديث : « الإئمَّة من قريش » .
له عدة طرق منها ما رواه أنس بن مالك - رضي الله عنه - . وجاء بأسانيد منها رواية إبراهيم ابن سعد عن أبيه عن أنس (2) .
وهذا سند ظاهره الصحة ، إلا أن الإمام أحمد أعلَّه بقوله : « ليس هذا في كتب إبراهيم ، ولا ينبغي أن يكون له أصل » (3) .
وقال أيضاً : « كتب ابن جريج مدونة فيها أحاديثه ، من حدَّث عنهم ، ثم لقيت عطاء ، ثم لقيت فلاناً ، فلو كان محفوظاً عنه لكان هذا في كتبه ومراجعاته » (4) .
وقال الذهلي معلاً لحديث نواصي الخيل : « لم يكن في أصل عبد الرزاق » (5) .
وقال ابن معين معلاً لحديث : « لم يوجد في كتاب الدراوردي ، وأخبرني من سمع كتاب العلاء من الدراوردي إنما كانت صحيفة ، ليس هذا فيها » (6) .
وكان أبو حاتم من أكثر العلماء اهتماماً بهذه القرينة ، فمن ذلك قوله معِلاً : «لو كان صحيحاً لكان في مُصنَّفات ابن أبي عَروبة » (7) .
وقال أيضاً : « وكان الوليد[أي ابن مسلم]صنَّف كتاب الصَّلاة ، وليس فيه هذا الحديث » (8) .
__________
(1) الجامع الصحيح (3269) ، وأورد له طريقاً آخر (1142) عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة .
(2) أخرجه الطَّيالسي (2133) ، ومن طريقه البزار (1578-زوائد) – كلاهما في المسند - .
(3) مسائل أَبي داود (ص289) .
(4) العلل لابن أَبي حاتم (1/408) .
(5) أجوبة البرذعي (ص748) .
(6) رواية ابن طهمان (362) .
(7) العلل لابن أَبي حاتم (1/32) .
(8) العلل لابن أَبي حاتم (1/170) .(1/76)
وقال أيضاً : « هذا الحديث ليس هو في كتاب أبي صالح عن الليث ، نظرت في أصل الليث ، وليس فيه هذا الحديث » (1) .
وكذلك قال الدَّارقطني : « ولا يثبت هذا الحديث ، لأنه ليس في كتب حماد بن سلمة المصنفات » (2) .
7) مخالفة الرَّاوي لما روى
وليس المراد هنا ما يذكره الأصوليون ، بل إن حفَّاظ الحديث قد يعلُّون الحديث المرفوع - من جهة الثبوت لا الدلالة - إذا ورد عن الرَّاوي نفسه ما يدلُّ على وهم الرفع أو على مخالفته الصريحة ، سواء اختلف في رواية الرفع أم لا .
قال ابن رجب (3) مبيناً ذلك : « قاعدة : في تضعيف حديث الرَّاوي إذا روى ما يخالف رأيه . قد ضَعَّفَ الإمام أحمد وأكثر الحفَّاظ أحاديث كثيرة بمثل هذا » ، ثم ذكر أمثلة لذلك ومنها : حديث ابن عباس - رضي الله عنه - أن امرأة رفعت صبياً للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقالت: ألهذا حج ؟ قال نعم ، ولك أجر . فقد ذكر البخاري في تاريخه الكبير الاختلاف على إبراهيم ابن عقبة والثوري في وصله وإرساله . ثم قال : « أخشى أن يكون هذا مرسلاً في الأصل ... » ثم ذكر رواية أبي ظبيان وابي السفر عن ابن عباس قال : « أيما صبي حج ثم أدرك فعليه الحج » قال البخاري عَقِبَه : « وهذا المعروف عن ابن عباس » (4) .
فرجح البخاري الإرسال للاختلاف فيه ، وجعل الموقوف المخالف قرينة على ترجيحه لا سبباً وحيداً لذلك .
ومن المعلوم أن الرِّواية مقدَّمة على الرأي المجرَّد إذا ثبتا جميعاً . ولكن الحفَّاظ جعلوا مخالفة الرَّاوي لما روى ، قرينةً على وهم الرِّواية لا مُقَدَّمَةً عليها ، وفرق بين الأمرين واضح ، هذا مع ما قد يحتفُّ بالطُّرق من قرائن أخرى يتبين بها الصَّواب .
__________
(1) العلل لابن أَبي حاتم (2/353) .
(2) العلل (5/346) .
(3) شرح العلل (2/796) .
(4) التاريخ الكبير (1/198-199) ، والمرفوع أخرجه مسلم في صحيحه (1336) وغيره .(1/77)
ومن الأمثلة على ذلك مما قد تخفى مخالفته ، ما رواه مجاهد عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من عشرين مرة يقرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب : « قل يا أيها الكافرون » ، و« قل هو الله أحد » (1) .
قال مسلم معِلاً هذه الرِّواية : « وهذا الخبَرُ وهمٌ عن ابن عمر . والدليل على ذلك الرِّوايات الثابتة عن ابن عمر أنه ذكر ما حفظ عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - من تطوع صلاته بالليل والنهار ، فذكر عشر ركعات ، ثم قال : « وركعتي الفجر ، أخبرتني حفصة ...» قال مسلم : « فكيف سمع منه أكثر من عشرين مرة قراءته فيها ؟ ثم يخبر أنه حفظ الركعتين من حفصة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - » (2) .
وبنحو هذا أعلَّ أبو حاتم الرَّازي أَيْضَاً (3) .
وكذا أعلَّ البخاري حديث أبي هريرة مرفوعاً : « من استقاء فقد أفطر » (4) ، بأنه قد روي عن أبي هريرة أنه كان لا يرى القيء يفطر الصائم (5) .
بل ربَّما أعلَّ الحفَّاظ رواية مختلفاً فيها بقرينةِ مخالفةِ التَّابعيِّ لما روى ، كما أعلَّ الدَّارقطني حديث أبي هريرة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كره السَّدل .
قال الدَّارقطني : « وروي هذا الحديث عن عطاء عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً . وفي رفعه نظر ، لأن ابن جريج روى عن عطاء بن أبي رباح أنه كان يسدل في الصَّلاة » (6) .
__________
(1) أخرجه ابن أَبي شيبة في المصنف كتاب الصلاة / باب ما يقرأ فيهما (2/50) ومسلم في التمييز (ص207) .
(2) التمييز (ص208) .
(3) العلل لابن أَبي حاتم (1/118) .
(4) التاريخ الكبير (1/91-92) .
(5) العلل الكبير للترمذي (1/343-ترتيبه) .
(6) العلل (8/338) .(1/78)
وقال ابن حجر : « قال الدارقطني في العلل : رواه يحيى بن سليم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر . قال الدارقطني : وتابعه بقية عن عبيد الله ، والصحيح عن نافع عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى . وقد روى طلق بن حبيب قال : قلت لابن عمر : هل سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحرير شيئاً ؟ قال : لا . قال : فهذا يدلُّ على وهم بقية ويحيى بن سليم في إسناده » (1) .
8) وجود تفصيل أو قصة في السند أو المتن
فمن روى خبراً مرسلاً - مثلاً - بقصة ، فإن روايته مقدَّمة على من ذكر الخبر وحده موصولاً مجرداً من القصة . لأنَّ ذلك دلالة على حفظ الأول .
قال أحمد : « إذا كان في الحديث قصة دلَّ على أن راوية حفظه » (2) .
قال الخطيب البغدادي : « وقد يُرَجَّح أحد الخبرين بأن يكون مروياً في تضاعيفه قصة مشهورة متداولة معروفة عند أهل النقل ، لأنَّ ما يرويه الواحد مع غيره أقرب في النفس إلى الصحة مما يرويه الواحد عرياً عن قصة مشهورة » (3) .
ومن شواهد اعتبار هذه القرينة في المتن قول ابن أبي حاتم (4) : « سألت أبي عن حديث رواه أشعث بن عبد الملك عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التبتل ، ورواه معاذ بن هشام عن أبيه عن قَتادة عن الحسن عن سمرة أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التبتل . قلت أيهما أصح ؟ قال أبي : قَتادة أحفظ من أشعت ، وأحسب الحديثين صحيحين ، لأن لسعد بن هشام قصةً في سؤاله عائشة عن ترك النِّكاح يعني التبتل » .
وقال الدَّارقُطني : « حديث حجاج غير مدفوع ، لأنه أتى بالقصة على وجهها ، وشعبة اختصرها » (5) .
__________
(1) التلخيص (51) .
(2) هدي الساري (ص525) .
(3) الكفاية (ص475) .
(4) العلل (1/402) .
(5) العلل (11/104) .(1/79)
أما في السند فمن ذلك قول ابن حجر مرجحاً لرواية : « وهذا يشعر بأن من قال : عن أبيه عن جده سلك الجادة ، وإلا فلو كان عنده عن أبيه عن جده لما احتاج أن يرحل فيه إلى المدينة ، ويكتفي فيه بحديث مرسل » (1) .
ومثل قول ابن حجر هنا قول أبي حاتم : « لو كان عند قيس عن المغيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لم يحتج أن يفتقر إلى أن يحدث عن عمر موقوف » (2) .
ومن أمثلة الترجيح بورود تفصيل في رواية دون أخرى قول الدَّارقُطني : «والصحيح قول من فصله » (3) .
وقال أيضاً : « وحديثهما أولى بالصواب ، لأنهما فصلا ما بين حديث أبي مسعود وغيره » (4) .
9) التفرد
وهذه القرينة لا تَرِدُ في الاختلاف بين الرُّواة ، بل تَرِدُ في الحديث الفرد الواحد الذي لا طرق له أخرى . ومن أكثر الحفَّاظ تعليلاً بها الإمام البخاري ، فهو كثيْراً ما يقول في كتبه : « لا يتابع عليه » (5) مع عدم ذكر أي اختلاف على الرُّواة .
وأشدُّ ما يكون ضعفُ ذلك إذا تفرد صدوق أو نحوه عن حافظ كبيْر - كالزُّهري ومالك - له أصحاب كثيرون يحملون حديثه ولا يروون ما روى - ما تتوفر الهمم والدواعي على رواية ما رواه ، فإن الحفَّاظ - غالباً - ما يردُّون هذه الرِّواية ويعلُّونها بالتَّفرد .
فمن ذلك قول أحمد في حديث : « أصحاب أبي هريرة المعروفون ليس هذا عندهم » (6) .
وقال ابن معين : « هذا وهم ، لو كان هذا هكذا لحدَّث به الناس جميعاً عن سفيان » (7) .
ومن شواهد ذلك أيضاً قول أبي حاتم في حديث رواه إسماعيل بن رجاء : « أين كان الثوريُّ وشعبة عن هذا الحديث » (8) .
__________
(1) الفتح (9/476) ، كتاب الطلاق / باب 9 .
(2) العلل لابن أبي حاتم (1/136) .
(3) العلل (5/131) .
(4) العلل (6/184) .
(5) من ذلك في تاريخه الكبير (1/110و127و139) .
(6) المنتخب من علل الخلال (137) .
(7) رواية الدوري (1671) .
(8) العلل لابن أَبي حاتم (1/92) .(1/80)
وقال أيضاً : « فلو كان هذا الحديث عن الحرِّ كان أول ما يسأل عنه ، فأين كان هؤلاء الحفَّاظ عنه » (1) .
وقال أيضاً : « ولو كان هذا الحديث عند شعبة كان أول ما يسأل عن هذا الحديث » (2) .
ومن شواهد الصريحة في ذلك قول أبي حاتم عن حديث رواه قُرَّان بن تمَّام عن أيمن بن نابل ... قال : « لم يروِ هذا الحديث عن أيمن إلا قُرَّان ، ولا أراه محفوظاً ، أين كان أصحاب أيمن بن نابل عن هذا الحديث » (3) .
قال ذلك وأيمن ليس بالمشهور المكثر . فكيف إذا تفرد راوٍ مختلف فيه ، عن مثل الزهري وقَتادة ونحوهما من الحفَّاظ المكثرين ، فكلام أبي حاتم وغيره فيه من باب أولى .
وقد يقبل التفرد لسبب آخر .
قال ابن رجب : « مما يستدل به الأئمة كثيراً على صحة رواية من انفرد بالإسناد ، إذا روى الحديث بالإسناد الذي روى به الجماعة » (4) .
10) غرابة المتن
ومعنى هذا أن يكون في لفظ الحديث من الغرابة ما تجعل كونه مرفوعاً بعيداً ، حيث إنَّ حفَّاظ الحديث لكثرة ممارستهم لهذا العلم ، تكون لديهم ملكة قوية في فقه المتون وعادة النصوص النبوية لفظاً ومعنىً .
ومن شواهد ذلك حديث أبي هريرة مرفوعاً : « إنَّما سمِّي البيت العتيق لأنه عتق من الجبابرة » (5) ، أرسله معمر ووصله غيْره ، فأعله أبو حاتم الرَّازي بقوله : « حديث معمر عندي أشبه ، لأنه لا يحتمل أن يكون عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوع » (6) .
__________
(1) العلل لابن أَبي حاتم (2/392) .
(2) العلل لابن أَبي حاتم (2/401) .
(3) العلل لابن أَبي حاتم (1/296) .
(4) شرح العلل (2/720) .
(5) أخرجه البخاري في الكبير (1/201) والبزار في مسنده (2215) من حديث عبد الله بن الزبير .
(6) العلل لابن أَبي حاتم (1/275) .(1/81)
وفي حديث ابن عباس مرفوعاً : « خير الجيوش أربعة آلاف ... » (1) ، قال أبو حاتم : « مرسل أشبه ، لا يحتمل هذا الكلام [أن] يكون كلام النَّبي - صلى الله عليه وسلم - » (2) .
وقال أيضاً في حديثٍ : « ولا أحسبه إلا وهم ، يشبه كلام الزُّهري » (3) .
ومن هذا الباب أن يكون المتن مما يشتهر مثله عند رواة بلده ، فيأتي من بلد آخر ، فيستغرب من هذه الحيثية ، أن كيف لم يروه أهله ، وهم أولى به .
فقد قال قتادة : إن إنساناً وقع في بئر زمزم ، فمات ، فأمر ابن عباس بالعيون فسُدَّت ، وأن ينزح الماء . قال ابن عيينة عقبه : ولا يعرف أهل مكة هذا الحديث ، وإنما جاء من قِبَلِ العراق (4) .
وهذا المبحث إنما يقدر عليه من عاش مع الحديث وعلله وطرقه وألفاظ رواته السنين الطويلة مع ملازمة أهل الفهم به والعكوف عليه ، فيصير لديهم ملكة لا يعبر عنها بأمر سوى ما يهجم على قلوبهم ويسبق على ألسنتهم .
11) اختلاف ألفاظ الروايتين
ومن أمثلته الاختلاف على قَتادة - على وجهين - في حديث ، فسأل ابن أبي حاتم أباه عن الراجح فقال : « الحديثان عندي صحيحان ، لأنَّ ألفاظهما مختلفة » (5) .
12) اضطراب إحدى الروايتين
وأصل ذلك أن الاضِّطراب مما يوهن الرِّواية وإن لم يستلزم القدح فيها بالكلية
فإذا رُوِيَ حديثٌ عن قَتادة - مثلاً - ورواه عنه سعيد بن أبي عَروبة وهشام الدَّسْتَوائي ، واختلف على سعيد بن أبي عَروبة ، فإن جانب هشام الدَّسْتَوائي هنا أقوى من هذه الحيثية فيقدم لذلك .
وإذا كان الاختلاف عليه قد وصل إلى حدِّ الاضِّطراب فإن روايته مرجوحة قولاً واحداً كما هو معلوم .
__________
(1) أخرجه الترمذي في جامعه (1555) وأعله بالإرسال .
(2) العلل لابن أَبي حاتم (1/347) .
(3) العلل لابن أَبي حاتم (1/380) .
(4) تاريخ ابن أبي خيثمة (424-المكيون) .
(5) العلل (2/442) .(1/82)
قال ابن خلاد الباهليُّ : « سمعت يحيى – وهو ابن سعيد القطَّان – لا يقدِّم على يحيى بن سعيد أحداً من الحجازيين ، فقيل له : الزُّهريُّ ؟ فقال : الزُّهريُّ خولف عنه ، ويحي لم يختلف عنه » (1) .
وقال ابن محرز : « وسمعت يحيى – يعني ابن معين - وقيل له : من كان أثبت أصحاب إبراهيم في إبراهيم ، وأحبُّهم إليك ؟ قال : منصور ، فقيل له : فمن بعده ؟ فقال : الأعمش ، وذلك أنه لم يختلف على منصور » (2) .
قال ابن مهدي : « إنَّما يستدلُّ على حفظ المحدِّث إذا لم يختلف عليه الحفَّاظ» (3) .
وقال الخطيب عند ذكره لبعض قرائن ترجيح أحد الخبرين : « ومما يوجب ذلك أيضاً ، أن يكون سنده عارياً من الاضِّطراب وسند الآخر مضطرباً ، واضطراب السَّند أن يذكر راويه رجالاً فيلبس أسماءهم وأنسابهم ونعوتهم تدليساً للرواية عنهم ... » (4) .
وقال ابن حجر : « فحديث لم يختلف فيه على راويه - أصلاً - أصحُّ من حديث اختلف فيه في الجملة ، وإن كان ذلك الاختلاف في نفسه يرجع إلى أمر لا يستلزم القدح » (5) .
ولذا رجح العلماء رواية على أخرى بحجة أن الراوي روى مثل هذا السند في حديث آخر فوهم فيه .
أما إذا اضطرب الثقات على راوٍ فيه كلام ، فإن إلزاق السبب به أولى .
قال الدَّارقُطني بعد ذكر خلاف : « والاضطراب فيه من جهة ابن عقيل » (6) .
13) وجود أصل للرواية
ومعنى ذلك أن يختلف على راوٍ في زيادة رجل في سند الحديث أو في ذكر الوجه الذي أتى به ، ويكون لذلك الرجل المزِيد أو الوجه الآخر أصل بأن ذكر في روايات أخرى من غير تلك الطريق ، فيكون ذلك قرينة على حفظ الرَّاوي لما ذكر .
__________
(1) تاريخ بغداد (14/105) .
(2) رواية ابن محرز (1/119) .
(3) الكفاية (ص475) .
(4) الكفاية (ص475) .
(5) النكت لابن حجر (2/810) .
(6) العلل (7/19) .(1/83)
قال أبو حاتم : « أنا إلى حديث الشَّعبي بلا عروة أميل ، إذ كان للشَّعبي أصلٌ في المسح » (1) .
وقال أبو حاتم في حديث اختلف في ذكر أبي رافع فيه ، فاحتج برواية أخرى موقوفة خارجة عن ذلك الخلاف بقوله : « كان حديث أبي رافع - رضي الله عنه - أشبه ، لأن حميد الطويل رواه عن بكر بن عبد الله عن أبي رافع عن أبي موسى - رضي الله عنه - موقوفاً » ، ووافقه أبو زرعة على ذلك (2) .
وقال أبو حاتم أيضاً : « حديث موسى أشبه ، لأن الحديث يروى عن سعيد من طرق شتَّى ، ولا يعرف عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا شيء » (3) .
ويشبه هذا ترجيح العلماء رواية على أخرى بحجة أن هذا السند قد روي به أحاديث أخرى ، لم تصل إلى درجة سلوك الجادة .
14) وجود رواية تجمع الوجهين المختلفين
ومعنى ذلك أن يختلف على راوٍ في حديث على وجهين – سواء أمكن التَّرجيح بينهما أم لم يمكن – ونجد رواية أخرى تجمع الوجهين جميعاً عن الشَّيخ نفسه. فتكون هذه قرينة على صحة الوجهين عن ذلك الشَّيخ .
ومن شواهد ذلك قول أبي حاتم : « لولا أن ابن الهاد جمع الحديثين ، لكنا نحكم لهؤلاء الذين يروونه » (4) .
وقال التِّرمذي : « سألت أبا زرعة عن هذين الحديثين ، أيهما أصح ؟ حديث أنس أو حديث أبي سعيد ؟ فقال : كلاهما صحيح ، وقد رواهما عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه الحديثين جميعاً . وسألت محمداً ، فقال مثله » (5) .
وقال الترمذي أيضاً بعد حديثٍ : « وكلا الوجهين صحيح ، لأن إسرائيل جمعهما » (6) .
__________
(1) العلل لابن أَبي حاتم (1/13) .
(2) العلل لابن أَبي حاتم (1/234) .
(3) العلل لابن أَبي حاتم (2/366) .
(4) العلل لابن أَبي حاتم (1/133و193) .
(5) العلل الكبير (1/400-ترتيبه) .
(6) الجامع (1105) .(1/84)
وقال ابن خزيمة بعد حديث اختلف فيه على وجهين عن النخعي : « غير مستنكر لإبراهيم النخعي – مع علمه وطول مجالسته أصحاب ابن مسعود أن يروي خبراً عن جماعة من أصحاب ابن مسعود » (1) .
15) تصحيح الحفَّاظ لإحدى الرِّوَايَات
حيث إنَّ حفَّاظ الحديث السابقين من أعلم النَّاس بعلمهم ، فإن تصحيحهم لوجه من أوجه الخلاف يعد قرينة لمن أتى بعدهم على قوة هذا الوجه على غيرهم ، حيث إنَّ علمهم بالعلل والخلاف وقرائن التَّرجيح ، تجعل تصحيحهم في أعلى درجات القوة . وهذا يختلف بحسب المصحح ومنهجه ، وقوة كتابه الذي اشترط فيه الصحة .
فليس تصحيح ابن حبَّان والحاكم وغيره كتصحيح ابن المديني والبخاري ومسلم وأمثالهم من الكبار .
فإذا اختلف على قَتادة مثلاً على وجهين متقاربين في القوَّة ، وقد صحَّح البخاري أو مسلم أو غيرهما من الحفَّاظ أحد الوجهين ، استدللنا بذلك على صحة هذا الوجه لأن علمهم بالعلة غالب على الظن ، ومنهجهم في التَّرجيح من أصح المناهج ، فلا عذر بعد ذلك لمن خالفهم إلا عند اختلافهم مع قوة قرينة الوجه الآخر .
__________
(1) التوحيد (1/183) .(1/85)
ومن شواهد ذلك قول ابن حجر في حديث أخرجه البخاري بزيادة : « وأغرب الأصيلي فيما حكاه ابن بطال فقال : ذكر العمامة في هذا الحديث من خطأ الأوْزاعي لأن شيبان وغيره رووه عن يحيى بدونها فوجب تغليب رواية الجماعة على الواحدة قال وأما متابعة معمر فليس فيها ذكر العمامة وهي أيضا مرسلة لأن أبا سلمة لم يسمع من عمرو . قلت : سماع أبي سلمة من عمرو ممكن فإنه مات بالمدينة سنة ستين وأبو سلمة مدني ولم يوصف بتدليس وقد سمع من خلق ماتوا قبل عمرو وقد روى بكير بن الأشج عن أبي سلمة أنه أرسل جعفر بن عمرو بن أمية إلى أبيه يسأله عن هذا الحديث فرجع إليه فأخبره به فلا مانع أن يكون أبو سلمة اجتمع بعمرو بعد فسمعه منه ويقويه توفر دواعيهم على الاجتماع في المسجد النبوي وقد ذكرنا أن ابن منده أخرجه من طريق معمر بإثبات ذكر العمامة فيه وعلى تقدير تفرد الأوْزاعي بذكرها لا يستلزم ذلك تخطئته لأنها تكون زيادة من ثقة حافظ غير منافية لرواية رفقته فتقبل ولا تكون شاذة ولا معنى لرد الرِّوايات الصحيحة بهذه التعليلات الواهية » (1) .
فقول ابن حجر : « بهذه التعليلات الواهية » ، يريد بها قرائن التَّرجيح التي يعملها ابن حجر نفسه في كثير من المواضع من شرحه . ولكن لما كانت الرِّواية في الصَّحيح والقرائن مخالفة لما صحَّحه البخاري في الظَّاهر ، ردَّ ابن حجر ذلك بقرينة تصحيح البخاري الذي استند على قرائن أخرى .
16) تشابه الاسمين
ومعنى ذلك أن يختلف على راوٍ ، في تسمية شيخٍ ، ويكون اسمهما متقارب ، فَيَهِمُ الرَّاوي إلى الأشهر منهما .
__________
(1) الفتح (1/408) .(1/86)
ومن أمثلة ذلك قول ابن أبي حاتم : « سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه يزيد بن عطاء عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع وعطاء عن ابن عمر عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خِفت الصبح فأوتر بواحدة" . فقلت : لا نرى أَنَّ هذا خطأ لأنه هذا الحديث رواه جماعة عن عطيَّة ونافعٍ عن ابن عمرَ وليس في شيء من الأخبار ذكر عطاء ويشبه أن يكون يزيد بن عطاء أراد أن يقول عن عطيَّة فقال عن عطاء ، والله أعلم » (1) .
وقال أبو حاتم : « فلعله قاله : عن عبد الله بن مسعود ، فظنَّ أنه يقول : عن عبد الله بن غافل » (2) .
وقال أبو زرعة : « أما القلب ، فقوله عن أبي بردة ، أراد ابن بريدة » (3) .
وقال الدَّارقطني في حديث : « ... وإنَّما الصَّواب : شعبة عن بيان ، فوهم ابن سيف في بيان فجعله سيار ... » (4) .
ومن الأوهام في تعيين الرَّاوي بسبب الاتفاق في الاسم ما رواه أبو سلمة التَّبوذكيُّ قال : حدثنا أبان قال حدثنا شدَّاد بن عبد الله بن الهاد ... فقال أبو حاتم : «كذا قال أبو سلمة : ابن الهاد ، وهو خطأ ، هو عندي شدَّاد أبو عمَّار » (5) .
17) رواية أهل المدينة
والمراد بذلك أن يخالف أهل المدينة غيرهم في حديث – وإن اختلف مخرجه . فيرجح جانبهم لأنَّ علم الحديث نبع من تلك الأرض وأهلها ، فجانبهم عند الاختلاف أقوى .
__________
(1) العلل (1/98) .
(2) العلل لابن أَبي حاتم (2/231) .
(3) العلل (2/24) .
(4) سؤالات حمزة السهمي للدارقطني (34) .
(5) العلل لابن أَبي حاتم (1/357) .(1/87)
ومن شواهد ذلك الاختلاف في ذكر عمَّار وبلالٍ في حديثٍ ، فأهل الكوفة ذكروا عماراً مسنداً ، وأهل المدينة ذكروا بلالاً بروايةٍ مرسلةٍ . فرجَّح أبو زرعة بينهم بأمرٍ جديدٍ فقال : « رواه المدنيون على أنه بلال ، وهم أعلم ، وإن كان روايتهم مرسلاً ، فلولا أنهم سمعوه من أَصحاب النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ما كانوا يقولونه » (1) .
18) احتمال التدليس ممن وصف به
فإذا اختلف على راوٍ - رمي بالتدليس – بزيادة بينه وبين شيخه ، وكانت القرائن متقاربة ، فإن القول بالزيادة في السند محتمل ، لاحتمال التدليس من ذلك الراوي ، فيكون أسقطه مرة .
قال الدَّارقُطني وسئل عن حديث الخوارج فقال : « وروى هذا الحديث أبو إسحاق السبيعي واختلف عنه .
فرواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن سويد بن غفلة عن علي .
ورواه سعاد بن سليمان عن أبي إسحاق عن قيس بن سويد عن علي ووهم .
ورواه يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق فضبطه عن أبي إسحاق فقال عن أبي قيس الأودي عن سويد بن غفلة عن علي . وهو الصواب » (2) .
19) التصريح بالسماع
فإذا روى راوٍ بزيادة في السند ، وأسقطها آخر مع التصريح عن الشيخ الأعلى، أو صرح عن شيخ آخر ، كان ذلك قرينة على صحة هذه الرواية - مالم تعارض بأقوى – ، ويقوى ذلك إذا كان المسقط مدلساً قد عنعن .
قال ابن حجر في ذكر خلاف على سالم : « وليس لجرير بن زيد في البخاري سوى هذا الحديث ، وقد خالف فيه الزهري ، فقال عن سالم عن أبي هريرة والزهري يقول عن سالم عن أبيه . لكن قَوِيَ عند البخاري أنه عن سالم عن أبيه وعن أبي هريرة معاً ، لشدة إتقان الزهري ومعرفته بحديث سالم ، ولقول جرير بن زيد في روايته : كنت مع سالم على باب داره فقال : سمعت أبا هريرة فإنها قرينة في أنه حفظ ذلك » (3) .
__________
(1) العلل لابن أَبي حاتم (1/100) .
(2) العلل (3/229) .
(3) الفتح (10/322) ، حديث (5790) .(1/88)
وللتَّرجيح قرائن خاصة أخرى يمكن استنباطها من تعليلات الحفَّاظ ، والنظر في سياق كلامهم ، واستخراج أسباب ترجيحهم رواية على أخرى ، مع التَّنبُّه إلى أنَّه قد تقدَّم قرينةٌ على أخرى لأسبابٍ تظهر من كل حديثٍ بعينه .
ومن الأمثلة على اختلاف الحفاظ في الترجيح بسبب الاختلاف في تقديم القرائن قول ابن أبي حاتم : « سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه الثوري عن الزبير ابن عدي عن أبي رزين عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المعوذتين .
قال أبو زرعة : ورواه عنبسة بن سعيد قاضي الري عن عمرو بن أبي قيس عن الزبير بن عدي عن أبي رزين عن حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال أبو زرعة : حديث عنبسة وعمرو أشبه عندي اذا اتفق عليه النفسان ، وهما الرواة عن الزبير ، وأخاف أن يكون اشتبه على الثوري عاصم عن زر ، ولعله من الزبير .
قال أبي : حديث الثوري أصح عن أُبيّ ، وهو أحفظهم وأعلى من هؤلاء بدرجات والحديث بأُبي أشبه إذْ كان قد رواه عاصم عن زر عن أبي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس لحذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المعوذتين معنى » (1) .
فاختلافا في قرينة الترجيح ، فبينما اعتمد أبو زرعة على العدد والاختصاص ، اعتمد أبو حاتم على الحفظ والمتابعة القاصرة .
ومما سبق يتبين إجمالاً إنه ينبغي في الترجيح بين الرواة الثقات عند خفاء القرائن العامة النظرُ في تراجمهم لاستنباط قرائن خاصة دقيقة تساعد على الحكم بدقة ، كما لو كان الراوي معروفاً بقصر الأسانيد أو وقفها كما هو مذهب بعض السلف ، وصرَّح به أحمد بن حنبل فقال : « وكان من مذهبهم أن يقصروا بالحديث ويوقفوه » (2) .
وقال الدَّارقُطني إنَّ ابن سيرين وابن عون ومالك ربما أوقفوا المرفوع أو أرسلوا الموصول (3) .
__________
(1) العلل (2/54-55) .
(2) رواية المروذي (78) وشرح العلل (2/689) .
(3) علل الدَّارقُطني (10/14و23و6/63) .(1/89)
ويمكن للناظر في هذه القرائن أن يقسمها إلى ما يلي :-
أ- باعتبار القرب والبعد ، قسمان :-
1- قرائن داخلية . تعرف من الرِّوايات التي تذكر مع العلة فيرجَّح بينها من خلال ذلك دون حاجة - أحياناً - إلى تتبع الطُّرق وجمعها ، ومن أمثلتها قرينة البلد والاختصاص .
2- قرائن خارجية قد يتعذر الحكم على الحديث بدونها ، ومن أمثلتهاقرينة العدد والاختلاف على الرَّاوي ونحو ذلك .
ب- كما إنها باعتبار الظهور والخفاء قسمان آخران :-
1- قرائن ظاهرة ، كالقرائن العامة .
2- قرائن خفية كالرواية عن أهل بيته .
ج- وباعتبار التنصيص ، قسمان :-
1- قرائن نص العلماء على عليها ، كقولهم : « فلان أحفظ » .
2- قرائن مسكوت عنها ، تعلم بالقياس والاستنباط .
والأمثلة على القرائن السابقة من كلام أهل العلم على الأحاديث كثير جداً ، ولعل فيما ذُكر كفاية في الدلالة على أصل المسألة ، والله أعلم .
7- منهج الدَّارقطني في العلل
إن الحديث عن مناهج العلماء في كتبهم أو في تقريرهم لمسائل العلم يعدُّ من الأمور المهمَّة جداً ، حيث إنَّ هذا يسهِّل على طالب العلم الكثير من الجهد والعناء في سلوك الصَّحيح من طرائق العلم ، وسبل اختيار الصَّواب عند الاختلاف .
وهو في الوقت ذاته من أصعب الأمور التي يمكن إثباتها . نظراً لأنه يحتاج إلى ما يلي :-
1. استقراء تامٍّ لجميع كتب العالم أو أكثرها .
2. ضمِّ المتشابه من هذه المسائل بعضها إلى بعض ، وإبعاد ما شذَّ منها .
3. الخروج بسبب أو علاقة بين ما تشابه من هذه المسائل ، بإعمال الذِّهن .
4. صبر طويل وزمن مديد ، فالعجلة في هذا الأمر من مفسدات النَّتائج الصَّحيحة .
5. مقارنة هذا المنهج بمناهج العلماء الآخرين ، لإبراز ما تميَّز به هذا العالم عن غيره في أسلوب العرض والنَّتيجة ، وبيان الخطأ من الصَّواب بين طرائق هؤلاء العلماء في تقريراتهم العلمية التفصيلية من خلال ما عُرف من مجمل صنيعهم في كثير من الأحاديث .(1/90)
ولما كان هذا الأمر ذا طول وعرض ، فإن الإلمام بشيء من جوانبه كافٍ في فهم أهمِّ أصوله من خلال ما سيأتي من أحاديث البابين الآتيين .
ومنهج الدَّارقطنيِّ (1) في هذا العلم ، سائر في ركب من سلف من علماء الحديث وعلله جملة وتفصيلاً ، إلا في النَّادر الذي لا يؤثر على الأصل .
ويمكن أن يدرس هذا المنهج من خلال قسمين اثنين هما :-
1) نوع التعليل .
2) قرائن التعليل .
أما الأول :- فإنه يعود إلى ظواهر الأسانيد – إن صحَّ التَّعبير – ، وأكثرها فيما يلي :-
1. تعليل مرفوع بموقوف (2) .
2. تعليل بذكر واسطة أو حذفها (3) .
3. تعليل موصول بمرسل (4) .
4. تعليل بإبدال راوٍ في السَّنَد (5) .
5. تعليل بإبدال إسناد بآخر (6) .
6. تعليل في المتن (7) .
أما عباراته في التَّرجيح بين هذه الرِّوايات المختلفة ، فكانت بعبارات متنوعة مثل : « الصَّحيح » و« الصَّواب » و« لا يصحُّ » و« المحفوظ » و« أصحُّ » و«أشبه» و« وَهْم » و« المعروف » و« القول قول » و« يشبه » ، وغيرها من الألفاظ ، التي لا يتبين فيها قصده بهذه العبارة دون غيرها ، إلا مجرد الحكم والتعليل والترجيح .
ولم يسلكِ الدَّارقطني طريقةً واحدةً في عرض الرِّوايات ، فمرةً يطيل ، ومرةً يختصر ، ومرةً يرجِّح الأخير منها ، ومرةً يرجِّح الأول حسب حال الحديث ورواته وقوة الاختلاف وطوله . وكل هذا مما لا يؤثِّر على المنهج الأصلي ، وليس في دراسته كثير فائدة من النَّاحية العملية المنهجية .
__________
(1) تكلم محقق العلل للدَّارقُطني عن منهج مؤلفه ، وفيما ذكره كفاية في الجملة ، ولذا لم أتعرض لذلك .
(2) من أمثلة ذلك الأحاديث :- 1و33و66و91 .
(3) من أمثلة ذلك الأحاديث :- 2و58و69و86 .
(4) من أمثلة ذلك الأحاديث :- 5و24و50و96 .
(5) من أمثلة ذلك الأحاديث :- 6و22و71و97 .
(6) من أمثلة ذلك الأحاديث :- 14و45و77و93 .
(7) من أمثلة ذلك الأحاديث :- 26و27و64و81 .(1/91)
أما الثاني :- وهو قرائن التعليل ، فهو من أهم الأمور التي ينبغي الاهتمام بها ، لأنه بها يعرف منهج الدَّارقطني وغيره – أيضاً - في التَّعليل والتَّرجيح .
ومن خلال ما تقدَّم دراسته (1) من قرائن التَّرجيح بين الرِّوايات المختلفة، فإننا نجد أن الدَّارقطني قد سار على النَّهج نفسه تماماً ، حيث إنَّه رجَّح بين هذه الرِّوايات بتلك القرائن ، مع التَّنبُّه إلى أنه ربَّما قدَّم قرينةً على أخرى لأمر عنده - وهو من أهم الأمور – ، وقد يخالفه غيره للسَّبب نفسه .
ولم أجد – بعد البحث - من تكلَّم بإسهاب أو باختصار عن مناهج علماء العلل في التَّعليل ، ليتمكن الباحث من المقارنة بين مناهج هؤلاء العلماء في التَّعليل ، وقرائن التَّرجيح عندهم ، فيظهر بذلك الفرق بين كل منهج للوصول إلى أصحِّ النَّتائج بأقرب طريق علمي مسلوك ، يسهل به تقعيد أصول هذا العلم الذي ما زالت أكثر أصوله العملية منثورة في طيَّات كتب العلماء السَّالفين ، وتحتاج إلى اهتمام بالغ .
ومن خلال أحاديث البابين القادمين ، فإن القرائن التي تلمَّستها استنباطاً من ترجيحاته قسمان – كما سبق تأصيله – هما :-
قرائن عامة وهي :-
1- العدد (2) .
2- الاختصاص (3) .
3- سلوك الجادَّة (4) .
4- الحفظ (5) .
5- اتفاق البلدان (6) .
6- غرابة السَّنَد (7) .
قرائن خاصة :-
1- وجود أصلٍ للرِّواية من طريق آخر (8) .
__________
(1) (ص3) .
(2) أحاديثها :-3و5و6و10و11و14و25و26و27و31و33و40و41و71و96و109و110 .
(3) أحاديثها :- 6و8و10و11و18و25و27و28و31و39و73و74و96و97و106و112 .
(4) أحاديثها كثيرة جداً منها :- 12و14و16و23و25و34و36و39و41و43و ...
(5) أحاديثها :- 6و10 .
(6) حديثها :- 65 .
(7) أحاديثها :- 2و8و12و17و19و31و34وو37و39و48و49و60و71و93و97و101و105و110 .
(8) أحاديثها :- 6و10و12و21و22و36و49و60و96 .(1/92)
2- اضِّطراب إحدى الرِّوايتين (1) .
3- سِعَة الرِّواية (2) .
4- شذوذ السَّند (3) .
5- وجود قصَّة (4) .
وبالرجوع إلى أحاديث هذه القرائن يتبين أنَّ منهجه قائم على إعمالها ، وأن أكثر القرائن لديه أعمالاً هي الغرابة في القرائن العامة ، ووجود أصل للرواية في القرائن الخاصة ، وهذا يفسر لنا اهتمام الدارقطني بالتأليف في الغرائب والأفراد كما سيأتي في مؤلفاته .
الفصل الثاني
ترجمة موجزة للإمام الدارقطني تتضمن المباحث التالية :-
1- اسمه ونسبه .
2- مولده .
3- طلبه للعلم .
4- حفظه .
5- رحلاته .
6- شيوخه .
7- تلاميذه .
8- ثناء العلماء عليه .
9- مؤلفاته .
10- وفاته .
1-
اسمه ونسبه
هو الإمام الحافظ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار بن عبد الله الدَّارقطنيُّ (5) البغداديُّ الشَّافعيُّ .
2- مولده
ذكر الدَّارقطنيُّ أنه ولد سنة 306هـ (6) .
3- طلبه للعلم
كان طلب الدَّارقطنيُّ للعلم من الصِّغر ، فقد قال ابن أبي الفوارس : « كنَّا نمر إلى البغويِّ والدَّارقطنيُّ صبي يمشي خلفنا بيده رغيف عليه كامخ (7) » .
وقال الدَّارقُطني عن نفسه : « كتبت في أول سنة خمسة وعشرين وثلاثمائة » (8) .
4- حفظه
__________
(1) أحاديثها :- 5و21و37و60و69و97و112 .
(2) حديثه :- 23 .
(3) حديثاه :- 36و37 .
(4) حديثه :- 6 .
(5) دار القطن محلة كبيرة ببغداد – الأنساب للسمعاني (2/438) .
(6) سؤالات السلمي (42) .
(7) الكامخ الإدام – القاموس (ص331) ، (كمخ) .
(8) سؤالات البرقاني (ص48) .(1/93)
وقال أبو عبد الله الحاكم : « صار واحد عصره في الحفظ والفهم والورع وإماما في القراء والنحويين أول ما دخلت بغداد كان يحضر المجالس وسنة دون الناس وكان أحد الحفاظ ثم صحبنا في رحلتي الثانية وقد زاد على ما كنت شاهدته وحجَّ شيخنا أبو عبدالله بن أبي ذهل سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وانصرف فكان يصف حفظه وتفرده بالتقدم حتى استنكرت وصفه إلى أن حججت سنة سبع وستين فلما انصرفت إلى بغداد أقمت بها زيادة على أربعة شهر وكثر اجتماعنا بالليالي والنهار فصادفته فوق ما كان وصفه الشيخ أبو عبد الله وسألته عن العلل والشيوخ ودونت أجوبته عن سؤالاتي وقد سمعها مني أصحابي سمع أبا القاسم بن منيع وأقرانه بالعراقين ثم دخل الشام ومصر على كبر السن وحج واستفاد وأفاد وله مصنفات كثيرة مفيدة يطول ذكرها » (1) .
قال الذهبي بعد قول البرقاني : « كان الدَّارقُطني يملي عليَّ العلل من حفظه ، قال : إن كان كتاب العلل الموجود قد أملاه الدَّارقُطني من حفظه كما دلت عليه هذه الحكاية ، فهذا أمر عظيم ، يقضى به للدَّارقُطني أنه أحفظ أهل الدنيا » (2) .
5- رحلاته
رحل الدَّارقطني إلى الكثير من بلاد الإسلام لطلب العلم والحديث .
قال الحاكم : « دخل الدَّارقطني الشَّام ومصر على كِبَر » .
وقال الدَّارقطني إنه كتب ببغداد ثم مضى إلى الكوفة .
وقد سمع من جماعة ببلدان شتى صرَّح بذكرهم في سننه (3) .
ومنها :- مكة ، والأبلة وإسكاف والبصرة ومَفْتَح وواسط ومبارك بالعراق ، وبيت المقدس والرملة ، وغيرها .
6- شيوخه
سمع من أبي القاسم البغوي وابن صاعد وابن أبي داود وأبي بكر بن زياد النَّيسابوي والمحاملي والصفَّار وابن عقدة وخلق كثير .
7- تلاميذه
__________
(1) تاريخ دمشق (43/96) .
(2) السير (16/455) .
(3) مواضعها على الترتيب في السنن : 1/120-1/181-1/215-2/100-2/112-1/133-2/154-4/193-1/97 .(1/94)
حدَّث عنه جماعة من الحفَّاظ وغيرهم ، منهم أبو عبد الله الحاكم وعبد الغنيِّ بن سعيد وتمَّام الرَّازيُّ والسُّلميُّ وأبو نعيم والبرقاني وابن بشران وحمزة السَّهميُّ .
8- ثناء العلماء عليه
قال الخطيب : « كان فريد عصره ، وقريع دهره ، ونسيج وحده ، وإمام وقته ، انتهى اليه علم الأثر ، والمعرفة بعلل الحديث ، وأسماء الرجال ، وأحوال الرُّواة، مع الصِّدق والأمانة ، والفقه والعدالة ، وقبول الشَّهادة ، وصحة الاعتقاد ، وسلامة المذهب ، والاضِّطلاع بعلوم سوى علم الحديث . منها القراءات فان له فيها كتاباً مختصراً موجزاً جمع الأصول في أبواب عقدها أوَّل الكتاب وسمعت بعض من يعتني بعلوم القرآن يقول : لم يسبق أبو الحسن الى طريقته التي سلكها في عقد الأبواب في أول القراءات وصار القُّراء بعده يسلكون طريقته في تصانيفهم ويحذون حذوه . ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء فإن كتاب السُّنن الذي صنَّفه يدل على أنه كان ممن اعتنى بالفقه لأنه لا يقدر على جمع ما تضمن ذلك الكتاب إلا من تقدمت معرفته بالاختلاف في الأحكام وبلغني أنه درس فقه الشَّافعيِّ على أبى سعيد الأصطخريِّ وقيل بل درس الفقه على صاحب لأبي سعيد وكتب الحديث عن أبي سعيد نفسه . ومنها أيضا المعرفة بالأدب والشعر وقيل إنه كان يحفظ دواوين جماعة من الشُّعراء » .
وقال أبو الطيَّب الطَّبري : « كان الدَّارقطنيُّ أمير المؤمنين في الحديث ، وما رأيت حافظاً ورد بغداد إلا مضى إليه ، وسلَّم له » - يعني سلم بتقدمه .
وقال عبد الغني بن سعيد الحافظ : « أحسن الناس كلاماً على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثلاثة :- علي بن المديني في وقته ، وموسى بن هارون في وقته ، وعلي بن عمر في وقته » (1) .
__________
(1) تاريخ دمشق (43/101) .(1/95)
وقال الذَّهبيُّ عنه : « الإمام الحافظ المجوِّد شيخ الإسلام ، علم الجهابِذة ، ... كان من بحور العلم من أئمَّة الدنيا ، انتهى إليه الحفظ ومعرفة علل الحديث ، ورجاله ، مع التقدَّم في القراءات وطرقها ، وقوة المشاركة في الفقه والاختلاف والمغازي وأيام النَّاس وغير ذلك » ، وقال إنه كان سلفياً .
9- مؤلفاته
ألَّف الدَّارقطني عشرات الكتب في عدة علوم من علوم الشريعة ، ومن أشهر ما ألِّف في علوم الحديث خاصة ما يلي :-
1- السُّنن .
2- أحاديث الموطأ .
3- الموطآت واختلاف ألفاظها (1) .
4- الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أنس .
5- تسمية الرُّواة عن مالك (2) .
6- أطراف موطأ مالك (3) .
7- غرائب مالك (4) .
8- المؤتلف والمختلف .
9- الإلزامات .
10- التَّتبع .
11- الغرائب والأفراد (5) .
12- العلل الواردة في الأحاديث النبوية .
ومرويات هذا الكتاب موضوع بحثنا هنا .
قال الحميديُّ الأندلسيُّ : « ثلاث كتب من علوم الحديث يجب الاهتمام بها:-كتاب العلل ، وأحسن ما وضع فيه كتاب الدَّارقطنيُّ ... » (6) .
__________
(1) كذا سماه ابن حجر في التغليق (2/307) ونقل منه في الفتح (1/275و2/253و10/368) ، وسماه في تعجيل المنفعة (2/508) : « اختلاف الموطآت » ، ونقل منه نصاً مسنداً ، وهذا يدلُّ على أن اختلاف الموطآت كتاب مسند كبير غير أحاديث الموطأ ، ولم أجد من ذكره مخطوطاً .
(2) ذكره الخطيب في الموضح (1/324) وابن حجر في الللسان (1/192) .
(3) ذكره الذهبي في السير (8/86) .
(4) ذكره ابن حجر وفي التغليق (2/307) وفي تعجيل المنفعة (1/243) قال : الغرائب عن مالك .
(5) وأكثر ما سبق مطبوع ، أما الغرائب فقد طبع ترتيبه لابن طاهر القيسراني ، وقد أطال محقق المؤتلف والمختلف في جمع ما ألَّف الدارقطني ، فأجاد وأفاد ، فجزاه الله خيراً .
(6) السير (19/124) .(1/96)
وقال الذَّهبيُّ : « إذا شئت أن تبين براعة هذا العالم الفرد فطالع العلل له ، فإنك تندهش ويطول تعجُّبك » (1) .
وقد طبع أكثر من نصف هذا الكتاب ، وما زال باقيه مخطوطاً (2) .
10- وفاته
توفي – رحمه الله - شهر ذي القعدة سنة 385هـ (3) .
الباب الثاني
مرويات قَتادة بن دعامة
وفيه ستة فصول
الفصل الأول
ترجمة موجزة لقَتادة بن دعامة تتضمن المباحث التالية :-
1- اسمه ونسبه .
2- مولده .
3- طلبه للعلم .
4- حفظه .
5- شيوخه .
6- تلاميذه .
7- ثناء العلماء عليه .
8- تدليسه .
9- وفاته .
1- اسمه ونسبه
هو الإمام القدوة أبو الخطاب قَتادة بن دِعَامة بن قَتادة بن عَزِيز بن عمرو بن ربيعة السَّدوسي البصري الأعمى ، من بني أسد بن ربيعة بن نِزار بن عامر بن عدنان (4) .
2- مولده
قال أبو حفص الفلاس : « ولد سنة 61 » ، وقال ابن معين : « سنة 60 » (5) . ويظهر أنَّ ذلك في البصرة .
3- طلبه للعلم
قال قَتادة : « جالست الحسن – يعني البصري – اثنتي عشرة سنة ، أصلي معه الصُّبح ثلاث سنين » (6) .
__________
(1) تذكرة الحفَّاظ (1/993) .
(2) طبع بتحقيق د . محفوظ الرحمن السَّلفي - رحمه الله - . وقد أطال وأجاد في دراسة الكتاب من حيث سنده ونسخه ومنهج تأليفه ، وغَيْر ذلك ، ولولا التكرار لذكرت ما يتعلق بذلك ، ففي الرجوع إلى ما ذكر كفاية ، ولله الحمد .
(3) تاريخ بغداد (12/34-40) للخطيب ، وتاريخ دمشق (43/93) لابن عساكر ، والسير (16/449-460) وتذكرة الحفاظ (3/991-995) للذهبي ، وما لم يعزَ إلى مصدر أخذته من المصادر الأخيرة .
(4) التاريخ الكبير للبخاري (7/185-186) .
(5) تهذيب الكمال للمزي (6/103) .
(6) طبقات ابن سعد (7/119) وتاريخ يعقوب (2/279) .(1/97)
وذكر معمر عن قَتادة أنه أقام عند سعيد بن المسيَّب ثمانية أيام فقال له اليوم الثامن : « ارتحل يا أعمى فقد أنزفتني » (1) .
وقال معمر : « سمعت قَتادة يقول : ما في القرآن آية إلا وقد سمعت فيها شيئاً » (2) .
4- حفظه
قال قَتادة : « ما قلت لأحدٍ أَعِدْ عَلَيَّ » (3) .
وقال أيضاً : « ما سمعت أذناي شيئاً إلا وعاه قلبي » (4) .
وقال أيضاً : « لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة » (5) ، وكان قد قرأها كلها ولم يخطِ منها حرفاً .
وقال ابن سيرين : « قَتادة أحفظ النَّاس » ، وقال سعيد بن المسيَّب : « ما أتانا عراقيٌّ أحفظ من قَتادة » (6) .
قال عمران بن عبد الله : « لما قدِم قَتادة على سعيد بن المسيَّب جعل يسأله أياماً وأكثر ، فقال له سعيد : أكلُّ ما سألتني عنه تحفظه ؟ قال نعم ... - إلى أن قال سعيد : ما كنت أظنُّ أن الله خلق مثلك » (7) .
وقال أحمد : « كان قَتادة أحفظ أهل البصرة ، لا يسمع شيئاً إلا حفظه » (8) .
وقال بكر بن عبد الله المزني : « من سرَّه أن ينظر إلى أحفظ من أدركنا في زمانه ، وأجدر أن يؤدي الحديث كما سمعه ، فلينظر إلى قَتادة » (9) .
5- شيوخه
__________
(1) طبقات ابن سعد (7/119) والحلية لأبي نعيم (2/334) وفي التاريخ الكبير للبخاري (7/186) : « ثلاثة أيام » .
(2) تاريخ الإسلام (7/454) وتذكرة الحفاظ (1/123) للذهبي .
(3) التاريخ الكبير للبخاري (7/186) والحلية لأبي نعيم (2/334) .
(4) الحلية لأبي نعيم (2/334) .
(5) التاريخ الكبير للبخاري (7/186) وتاريخ يعقوب (2/279) ومسند ابن الجعد للبغوي (1054) .
(6) تذكرة الحفاظ (1/123) .
(7) طبقات ابن سعد (7/119) .
(8) تهذيب الكمال (6/103) .
(9) المصدر السابق (6/101) .(1/98)
أخذ قَتادة العلم والحديث عن العشرات من التابعين وغيرهم ، وأكثر من الرِّواية عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - ، وهو الصَّحابي الوحيد الذي سمع منه كما نصَّ عليه الحاكم (1) .
وقال حرب عن أحمد بن حنبل : « ما أعلم قَتادة روى عن أحدٍ من أصحاب النَّبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عن أنس - رضي الله عنه - ، قيل فابن سَرْجِس ؟ فكأنَّه لم يره سماعاً » (2) .
كذا نقل حرب ، والذي رواه عبد الله بن أحمد قال : « قيل سمع قَتادة من عبدالله بن سَرْجِس ؟ قال : نعم ، قد حدَّث عنه هشام يعني عن قَتادة عن عبد الله بن سرجس حديثاً واحداً ، وقد حدَّث عنه عاصم الأحول » (3) .
وبه جزم أبو حاتم الرَّازي (4) وصحَّحه أبو زرعة (5) ، وزاد ابن المديني (6) والبخاريُّ (7) : أبا الطُّفيل .
وقال ابن حجر : « قيل إن قتادة لم يسمع من عبد الله بن سرجس حكاه حرب عن أحمد ، وأثبت سماعه منه علي بن المديني ، وصححه ابن خزيمة وابن السكن » (8) .
ولم يثبتِ التَّصريح بالسَّماع في شيءٍ من روايته عن ابن سَرْجِس وأبي الطُّفيل .
لكن قال الحاكم عن سماعه منه : « ليس هذا ببمستبدع » (9) .
بينما قال في موضع آخر : « لم يسمع قتادة من صحابي غير أنس » (10) .
ومن أشهر شيوخه :- سعيد بن المسيب وأبو العالية الرياحي والحسن البصري وعطاء والشعبي وعكرمة وأبو المليح .
6- تلاميذه
__________
(1) معرفة علوم الحديث (ص111) .
(2) رواية حرب (2162) والمراسيل (619) ، والمختارة للضياء (9/403) .
(3) العلل لعبد الله (2/250) ، وقال في موضع آخر (2/150) : « ما أشبهه ، قد روى عنه عاصم » .
(4) المراسيل (640) والجرح (7/133) .
(5) جامع التحصيل (ص255) .
(6) جامع التحصيل (ص255) .
(7) التاريخ الكبير (7/186) .
(8) التلخيص الحبير (134) .
(9) المستدرك (1/186) .
(10) علوم الحديث (ص111) .(1/99)
روى عنه جماعة من التابعين ومن بعدهم ، ومن أشهرهم :- أيوب وسعيد بن أبي عَروبة والأوْزاعي وهشام الدَّسْتَوائي وهمَّام بن يحيى وشعبة وشيبان وجرير بن حازم ومعمر (1) .
7- ثناء العلماء عليه
قال مطر الوراق : « ما زال قَتادة متعلماً حتى مات » (2) .
وقال أيضاً : « لم أرَ في هؤلاء أفقه من الزُّهري وقَتادة وحماد » (3) .
وقال ابن سعد : « كان ثقة مأموناً حجة في الحديث » (4) .
وقال ابن معين : « ثقة » ، وقال أبو زرعة : « قَتادة من أعلم أصحاب الحسن » (5) .
وقال أحمد : « قَتادة عالم بالتفسير وباختلاف العلماء » ثم وصفه أحمد بالفقه وأطنب في ذكره ، وقال : « قلما تجد من يتقدَّمه » (6) .
وقال ابن حبَّان : « كان أعمى ، وكان من علماء النَّاس بالقرآن والفقه ، ومن أحفظ أهل زمانه » (7) .
وقال أبو عمر بن العلاء : « كان قَتادة من أنسب النَّاس » (8) .
وقال الذهبي : « ومع حفظ قَتادة ، وعلمه بالحديث ، كان رأساً في العربية والُّلغة وأيام العرب » (9) .
8- تدليسه
اشتهر عند أهل العلم بأن قَتادة كان يدلِّس في الحديث .
قال شعبة عنه : « إذا جاء ما لم يسمع يقول : قال سعيد بن جبير ، وقال أبو قلابة ... » (10) .
وقال أبو داود : « حدَّث قَتادة عن ثلاثين رجلاً لم يسمع منهم » (11) .
وقدَّم أبو حاتم قَتادة على أيوبَ في معاذة بقوله : « قَتادة إذا ذكر الخبر – يعني إذا بيَّن السَّماع » (12) .
__________
(1) التهذيب لابن حجر (3/428) .
(2) تهذيب الكمال (6/102) .
(3) السير (5/273) .
(4) الطبقات الكبرى (7/118) .
(5) التهذيب (3/430) .
(6) السير (5/276) وتاريخ الإسلام (7/454) .
(7) الثقات (5/322) .
(8) وفيات الأعيان (4/85) .
(9) تذكرة الحفاظ (1/123) .
(10) الكفاية (ص401) .
(11) التهذيب (3/430) .
(12) الجرح (7/135) .(1/100)
وممن وصفه بالتَّدليس ابن حبان (1) والحاكم (2) والخطيب (3) .
وقال الذَّهبيُّ : « مدلِّس معروف بذلك » (4) .
وقد ذكره ابن حجر في الطَّبقة الثالثة من طبقات المدلِّسين الذين أكثروا من التَّدليس ، فلا يحتجُّ الأئمَّة من أحاديثهم إلا ما صرَّحوا فيه بالسَّماع (5) .
وفي ذكره في هذه الطبقة نظر ، بل هو مرجوح للغاية ، فمثله في المرتبة الثانية - على أقل تقدير – وهم من احتمل الأئمة عنعنتهم ، وأخرجوا له في الصَّحيح وإن لم يصرِّحوا بالسَّماع لعدة أسباب منها :-
1. أن مصطلح التَّدليس عند من وصف بعضَ الرُّواة بالتَّدليس جارٍ على كلامهم بلغة العرب قبل نشأة المصطلح ، والتَّدليس لغة التَّكتم ، وكتمان العيب (6) ، قال البزَّار : « التَّدليس ليس بكذب ، وإنَّما هو تحسين لظاهر الإسناد » (7) . فهو أعمُّ مما عند أهل المصطلح المتأخر . فكل تكتُّم لعيب في الإسناد يعدُّ تدليساً فصاحبه مدلِّس ، ومن حدَّث عن أناس لم يسمع منهم أو لم يلقهم أصلاً ، وكتم هذا العيب على عموم النَّاس ، فقد دلَّس عليهم ، وإن علم بذلك خواص أهل العلم ، فلا يخرجه ذلك من هذا الوصف إجمالاً ، فتنْزيل كلامهم على ما اصطلحوه مؤخراً غير صحيح . ومن شواهد ذلك :-
أ- قول ابن حبَّان في يحيى بن أبي كثير : « كان يدلِّس ، فكلما روى عن أنس فقد دلَّس عنه ولم يسمع من أنس ، ولا من صحابي شيئاً » (8) . وقال أيضاً : « بشير بن المهاجر الغنوي ، من أهل الكوفة ، يروى عن عبد الله بن بريدة ، وقد روى عن أنس ، ولم يره ، دلَّس عنه » (9) .
__________
(1) الثقات (5/322) .
(2) معرفة علوم الحديث (ص103) .
(3) الكفاية (ص496) .
(4) السير (5/271) .
(5) تعريف أهل التقديس (ص63و146) .
(6) القاموس (ص703) ، (دلس) .
(7) النكت للزركشي (2/81) .
(8) الثقات (7/592) .
(9) الثقات (6/98) .(1/101)
ب- قول ابن عبد البر : « يدلِّس كثيراً عمن لم يسمع منه » (1) .
2. أنَّ كلَّ من وصفه بالتَّدليس ، لم يذكر اشتهاره به ، سوى ما نقله ابن حجر عن النَّسائي ، ولم يحكِ لفظه ، فيضعف الاحتجاج به نوعاً ما ، ولا يلزم من الاشتهار بالشيء الإكثار منه ، فالإكثار أخص من الاشتهار ، والذي يظهر لمن سبر أحاديثه وعللها ، أنَّ تدليسه قليل في جنب ما روى ، ولعل وصفه بالكثرة نسبي لمن يشدِّد فيه ، أو لأنَّ أهل البصرة قد أكثروا من ذلك عموماً .
3. أن من وصفه بالتَّدليس من العلماء – كشعبة – ذكر أسماء معينة كان قَتادة يفعل ذلك معهم ، لا مع كل راوٍ ، فكيف إذا كان شيخه أنس - رضي الله عنه - ، وقليلٌ أن يصرح عنه في جنب ما روى عنه .
4. أنَّ الأسماء التي ذكرت في روايته عنهم – ولم يسمع منهم – تخرج المسألة من التَّدليس الاصطلاحي إلى الإرسال الخفي في اصطلاح ابن حجر والانقطاع عموماً عند من سلف ، فكيف يحتجُّ بذلك في باب التَّدليس هذا ، وقد ذكر أبو داود أنَّه حدَّث عن ثلاثين رجلاً لم يسمع منهم كما سبق قبل قليل ، وليس هذا بتدليس عند من تأخر ، وهو كذلك عند السابقين بعموم التعمية .
5. أن البخاريَّ ومسلم والتِّرمذيَّ وابن خزيمة وابن حبَّان والحاكم وغيرهم - ممن ألَّف في الصَّحيح أو تميَّز بالحكم على كثير من الأحاديث – صحَّحوا كثيراً من أحاديث قَتادة التي عنعن فيها ، ولم يردُّوها بالعلَّة هذه ، بل بعلةٍ أخرى إن وجد للحديث علة ما ، فأين الأئمَّة الذين يقول ابن حجر بأنهم يردُّون عنعنتهم ؟
__________
(1) التمهيد (3/307) .(1/102)
ولذا قال ابن دقيق العيد بعد كلام طويل عن هذا الإشكال : « ... وإلا فيجوز أن يرى أنها محمولة على السَّماع حتى يظهر الانقطاع ، وإذا جاز وجاز ، فليس لنا الحكم عليه بأحد الجائزين مع الاحتمال » ، إلى أن قال : « والأقرب في هذا أن نطلب الجواب من غير هذا الطَّريق ، أعني طريق القدح بسبب التَّدليس » (1) .
6. أن صفات الطَّبقة الثَّانية منطبقة عليه تماماً ، وبيانه :-
أ . أن الأئمَّة احتملوا عنعنة قَتادة ، وأخرجوا له في الصَّحيح معنعناً كما سبق ، وقول ابن حجر : « من احتمل الأئمة تدليسه » ، فيه تجوز ، فإن الأئمَّة لا يحتملون التَّدليس عن غير الثِّقة إذا ثبت لهم ، ولعل ابن حجر أراد أن يقول : « عنعنته » (2) ، ويلزم على ظاهر كلام ابن حجر قبول عنعنة كل من في الطبقة الثالثة للوصف الذي ذكره ، وهو ما أراد الحافظ أن يبعد عنه !
ب . أن قَتادة من أئمَّة الحديث ، وهذا متفق عليه بينهم ، وقد تقدَّم (3) أن قَتادة ممن تدور عليه الأسانيد ، ففي اشتراط تصريحه ردٌّ لكثير من الأحاديث الصحيحة .
ت . أن الثابت من تدليسه في جنب ما روى لا يكاد يعدُّ شيئاً ، بدليل كثرة ما رواه معنعاً في كل الطُّرق – وليس له متابع فيه – بجنب ما ردَّه الحفَّاظ بسبب عنعنته . وقد روى مئات الأحاديث عن أنس - رضي الله عنه - وغيره بالعنعنة ، ومن يستطيع أن يثبت أنه دلَّس في عشر عشر ذلك ، بل لم يرد عن السَّلف رد حديث واحد سليم متنه وإسناده بعنعنته .
فالأصح أنَّ قتادة في الطبقة الثانية من المدلسين وأنَّ عنعنته – لا تدليسه - مقبولة بالشُّروط التَّالية :-
__________
(1) النكت للزركشي (2/96-97) .
(2) من النصوص المهمة التي يُرَدُّ بها على من أعل بعنعنة المدلس أن أبا زرعة ضعَّف حديثاً فيه عنعنة بقية ، فقال له ابن أَبي حاتم : «تعرف له علة ؟ قال : لا » – العلل (1/488) .
(3) (ص3) .(1/103)
1) سلامة المتن من الشذوذ أو النَّكارة ، وهذا يعرفه غالباً من له اشتغال بالسُّنة النَّبوية ، ومقاصد الشريعة ، فإذا لم نجد علة في الحديث سوى عنعنة قَتادة مع ما في المتن من نكارة ، أُلزق ذلك باحتمال تدليس قَتادة ، هذا الشرط للحدِّ من التشدد في عنعنته ، أما مع التَّوسط فيقال بقبول عنعنته ، مالم يظهر بجلاء نكارة في المتن .
2) سلامة السَّند من الشذوذ أو المخالفة للأرجح ، ويقال هنا أيضاً ما قيل في الأول .
3) وجود قرائن تدلُّ على ثبوت سماعه من الراوي ، كذكره في شيوخه ونحو ذلك
قال ابن عبد البرِّ في بيان هذين الشرطين : « وقَتادة إذا لم يقل سمعت ، وخولف في نقله فلا تقوم به حجَّة لأنه يدلِّس كثيراً عمن لم يسمع منه ، وربَّما كان بينهما غير ثقة » (1) . فبقوله : « وخولف » ، وقوله : « عمَّن لم يسمع منه » ، يتبين لنا الشَّرطان الأخيران .
4) ألا يوجد تعليل أو تضعيف لإمام حافظ من السَّابقين - لتلك الرِّواية التي لم نجد فيها علة تذكر – سوى عنعنة قَتادة – لم نطَّلع نحن على ما اطَّلع عليه من سبب يوجب القدح في تلك الرِّواية .
فإذا فُقِد أحد هذه الشُّروط جاز التَّوقف للعالم بالحديث في صحة الرِّواية لاحتمال تدليس قَتادة ، دون أن يجزم بلا علم بأنَّ في الحديث تدليس قَتادة كذا بدون برهان قاطع ، أما ردُّ حديثه بمجرد عنعنته ، فقد حكم عليه ابن عبد البر بأنه تعسُّف (2) .
أما إذا أرسل قَتادة الحديث عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو عمَّن لم تثبت قرينة على سماعه منه ، فقد كان القطَّان لا يرى إرسال الزُّهري وقَتادة شيئاً ، ويقول : « هو بمنْزلة الرِّيح » ويقول : « هؤلاء قوم حفَّاظ ، كانوا إذا سمعوا الشيء عَلِقُوه » (3) .
9- وفاته
__________
(1) التمهيد (3/307) .
(2) التمهيد (19/287) .
(3) المراسيل لابن أبي حاتم (1) .(1/104)
توفي – رحمه الله – بواسط في الطَّاعون سنة 117هـ (1) ، عن 56 سنة .
وعلى هذا غالب من ترجم له (2) ، وخالف ابن عُلَيَّةَ فقال : « سنة 118 هـ » (3) .
الفصل الثاني
أحاديث مسند العشرة المبشَّرة بالجنة - رضي الله عنهم -
1. الحديث الأول
أ- وسئل عن حديث أنسٍ - رضي الله عنه - عن أبي بكر - رضي الله عنه - : » أنَّه قطع في مِجَنٍّ (4) قيمته خمسة دراهم « .
فقال :
» يرويه شعبة وأبو عَوانة وسعيد بن أبي عَروبة وحجَّاج بن أرطاة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - : أنَّ أبا بكر - رضي الله عنه - قطع في مجنٍّ .
وكذلك رواه حميد الطويل قال : سمعت قَتادة سأل أنساً - رضي الله عنه - فذكر عن أبي بكر - رضي الله عنه - نحوه .
واختلف عن شعبة ، وعن سعيد .
فرواه يحيى بن أبي بكير عن شعبة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قطع في مِجَنٍّ .
وكذلك رواه عُبيدة بن الأسود وسعيد بن عامر عن سعيد عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - : » أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قطع في مِجَنٍّ « .
وكذلك قال أبو هلال الرَّاسِبي عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - : » قطع النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر - رضي الله عنه - « .
والصَّحيح قول من قال : عن أنس - رضي الله عنه - عن أبي بكر - رضي الله عنه - ، فعله غير مرفوع « (5) .
ب - وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - : » أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قطع في مِجَنٍّ « . فقال :
» يرويه ابن أبي عَروبة وشعبة وأبو هلال الرَّاسِبي وأبان العطَّار عن قَتادة ، واختلف فيه عنهم .
__________
(1) نَصَّ عليه تلميذه أَبُو عَوَانَةَ كما في رواية ابن مرثد عن ابْنِ معين (61) والفلاس وابن حبان – التهذيب (3/430) .
(2) المصادر السابقة .
(3) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/120) .
(4) المجن هُوَ الترس – النهاية (ص858) (مجن) .
(5) العلل (ج1/ل14) (1/228) .(1/105)
فرواه عبيدة بن الأسود وسعيد بن عامر عن ابن أبي عَروبة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - : » أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قطع في مِجَنٍّ « .
? وغيرهما [ يرويه ] (1) عن سعيد ... أن أبا بكر - رضي الله عنه - قطع .
? ورواه يحيى بن أبي بكير عن شعبة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - مرفوعاً .
? وكذلك روي عن عمرو بن مرزوق عن شعبة .
والمحفوظ عن شعبة موقوف .
? وروي عن عبدِ الله بن صباح العطَّار عن أبي علي الحنفي عن هشام عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - مرفوعاً أيضاً .
ولا يصحُّ رفعه عن هشام .
? ورفعه أبو هلال عن قَتادة .
والصَّواب عن قَتادة عن أنس عن أبي بكر - رضي الله عنه - قطع - غير مرفوع « (2) .
التَّخْرِيج
? رواية شعبة موقوفةً أخرجها النَّسائي في كتاب قطع السارق / باب القدر الذي إذا سرق ... من الصُّغرى (4912) والكبرى (4/336) والبيهقي في الكبرى كتاب السَّرقة / باب ما جاء عن الصحابة (8/452) من طريق الثوري عنه . وأخرجها عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب اللقطة / باب في كم تقطع ... (10/237) من طريق الثَّوريُّ بإسقاط أبي بكر . وأخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الحدود / باب في السارق ... (5/475) من طريق وكيع عنه . وقال النَّسائي : « هذا الصَّواب » .
? ورواية سعيد موقوفةً أخرجها البيهقي في الكبرى (8/452) من طريق عبد الوهاب بن عطاء عنه ، وسيأتي لها إشارة في رواية الرَّاسِبي .
? ورواية حميد أخرجها الشافعي في المسند (2/83-ترتيبه) وعبد الرَّزَّاق (10/236) وابن أبي شيبة (5/475) - كلاهما في المصنَّف - والبيهقي (8/452) ، وفيها أن عدد الدراهم ثلاثة .
? ورواية يحيى أخرجها الدَّارقطنيُّ في السُّنن كتاب الحدود (3386) والبيهقي (8/452) .
? ورواية عُبيدة أخرجها البيهقي (5/452) .
__________
(1) سقط من الأصل ، ويقتضيها السِّياق .
(2) العلل (ج4/ل30) .(1/106)
? ورواية سعيد بن عامر أخرجها الدَّارقطنيُّ في الأفراد كما في أطرافه (2/146) ، وقال : غريب .
? ورواية أبي هلال أخرجها الطَّبراني في الأوسط (2552) والدَّارقطني في السُّنن (3376) والبيهقي في الكبرى (8/453) ، وفيهما أنه قال : فقالوا لي: إن ابن أبي عَروبة يقول عن أنس - رضي الله عنه - عن أبي بكر - رضي الله عنه - ! قال : فلقيت هشاماً الدَّسْتَوائي فذكرت ذلك له فقال : هو عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? ورواية عبد الله بن صباح أخرجها النَّسائي في الصُّغرى (4912) والكبرى (4/336) ، وقال : هذا خطأ .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث على وجهين اثنين .
الأول :- عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - عن أبي بكر - رضي الله عنه - موقوفاً .
وساق الدَّارقطني هذا الخلاف في موضعين من كتابه ، في مسند أبي بكر - رضي الله عنه - ومسند أنس - رضي الله عنه - ، حيث ذكر الخلاف على قَتادة وعلى أصحابه أيضاً .
ويظهر من كلامه أن الذين رووه بهذا الوجه – موقوفاً - من أصحاب قَتادة الذين لم يختلف عليهم هم :-
1- أبو عَوانة ، الوضاح بن عبد الله اليَشْكُري الثِّقَة الحافظ .
تكلَّم ابن المديني في حديثه عن قَتادة فقال : « كان أبو عَوانة في قَتادة ضعيفاً ، لأنَّه كان قد ذهب كتابه ، وكان أحفظ من سعيد ... » - التَّهذيب (4/309) . وقال أبو عَوانة : « كان قَتادة يقول لي : لا تكتب عني شيئاً ، فسمعت منه وحفظت ، ثم نسيت بعد ، فجلست إلى سعيد فجعل يحدث عن قَتادة بما أعرف أو نحو هذا ... « - شرح العلل (2/504) ، وجعله ابن معين قريباً من حماد في قَتادة - تاريخ الدَّارمي (39) ، وسيأتي (ص3) أن حماداً ليس بالقوي في قَتادة .(1/107)
2- حجَّاج بن أَرْطاة . صدوق كثير الخطأ والتَّدليس - التَّقريب (1127) ، وممن ذكره في أصحاب قَتادة الدَّارمي في تاريخه عن ابن معين (42) ، ونقل قوله فيه : « صالح » .
3- أبان بن يزيد العطَّار البصري ، ثقة من أصحاب قَتادة .
قال الدَّارمي لابن معين : فهمام أَحبُّ إليك عن قَتادة أو أبان ؟ فَقال: ما أقربهما ، كلاهما ثقة – تاريخ الدَّارمي (35) . وسئل ابن معين عن أبانٍ وهمَّام : أيهما أحبُّ إليك ؟ فقال : « كان يحيى يروي عن أبانٍ ، وكان أحبُّ إليَّ ... » - شرح العلل (2/503) . قال ابن عدي : « له أحاديث صالحة عن قَتادة وغيره ، وعامتها مستقيمة » - التَّهذيب (1/57) . وقد أخرج له البخاريُّ حديثاً ، ومسلم حديثين كلها من روايته عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - كما في تحفة الأشراف (1/298) . فاجتمع أبو عوانة وأبان على وجهٍ ، وقد قال أحمد في رواية الأثرم : « إذا خالف أبو عوانة وأبان العطَّار سعيداً ، أعجبني ذاك – يعني حديثهما - . قال : لأنه يكون مما قد حفظاه » - شرح العلل (2/503-504) . فهذا مما يعطي روايتهما قوة ، أمام رواية سعيد الآتي ذكرها .
ورجَّح النَّسائي والدَّارقطنيُّ رواية هؤلاء كما سبق .
الثاني :- رواه اثنان عن قَتادة عن أنس مرفوعاً ، وهما :-
1- أبو هلال الرَّاسِبي ، واسمه محمد بن سليم البصري ، صدوق ، تُكلِّم في حديثه عن قَتادة . فقال أحمد : « مضطرب الحديث عن قَتادة » - العلل للخلال (ص166-المنتخب) . وقال أحمد أيضاً: « يحتمل في حديثه ، إلا إنه يخالف في قَتادة » - التَّهذيب (3/577) . وسأل الدَّارمي في تاريخه (35) ابنَ معين فقال : «فحمَّاد أحبُّ إليك أم أبو هلال » ؟ فقال : «حمَّاد أحبُّ إليَّ ، وأبو هلال صدوق » وقال البزَّار : « الدَّسْتَوائي أحفظ من أبي هلال » - التهذيب (4/273) .
فظهر بذلك أنه عند المخالفة ضعيف .(1/108)
2- هشام الدَّسْتَوَائِي وهو ثقة حافظ من أثبت أصحاب قَتادة ، قال الدَّارمي لابن معين : شعبة أَحبُّ إليك في قَتادة أم هشام ؟ فَقال : كلاهما ، وقال الدَّارمي : « هشام في قَتادة أكبر من شعبة » - تاريخ الدَّارمي (46وقال425) ، ويؤيد قول الدَّارمي قول شعبة : «هشام الدَّسْتَوائي أعلم بقَتادة وأكثر مجالسة له مني » . وقال ابن محرز : « سمعت يحيى بن معين يقول : أوثق الناس في قتادة : سعيد وشعبة وهشام » - رواية ابن محرز (1/115) . وقال أحمد : « أصحاب قَتادة : شعبة وسعيد وهشام، إلا أن شعبة لم يبلغ علم هؤلاء » - شرح العلل (2/506وقال508) . وقال أيضاً: « الاختلاف على عن هشام في حديث قَتادة أقل منه في حديث سعيد » - تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1136) ، ثم قال أبو زرعة الدمشقي : « ورأيت أحمد بن حنبل لهشام أكثر تقديماً في قَتادة لضبطه وقلة الاختلاف عليه » . وقال أبو زرعة الرازي : « أثبت أصحاب قَتادة : هشام وسعيد » - التَّهذيب (2/34) ، وقال أبو حاتم: « هشام أحفظ من همام » - العلل لابن أبي حاتم (1/354) .
وهذا الوجه ليس بالقوي عن قتادة ، لأن الرواية عن هشام مرفوعة خطأ كما نصَّ عليه النسائي ، ولا تصح أصلاً كما قال الدارقطني فيما سبق ، ولأن أبا هلال لا يخلو من ضعف في قتادة ، ويظهر وهمه فيما نسبه لهشام من رفعه عن أنس - رضي الله عنه - .
واختلف على شعبة وسعيد عن قَتادة على الوجهين السَّابقين .
فأما الوجه الأول عن شعبة :- فرواه يحيى بن أبي بكير وعمرو بن مرزوق روياه عنه عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - مرفوعاً .
ويحيى كوفي ثقة - التَّهذيب (4/344) ، ولم أجد - بعد البحث - من ذكره في أصحاب شعبة .
وعمرو بصري ثقة ربما أخطأ ، وهو من أصحاب شعبة . قال أبو حاتم : «لم نكتب عن أحد - من أصحاب شعبة - كان أحسن حديثاً منه » . وقال ابن سعد : «كان ثقة ، كثير الحديث عن شعبة » - التَّهذيب (3/303) .(1/109)
وأما الوجه الثاني عنه :- فرواه ثلاثة خالفوا من سبق ، رووه عن شعبة عن قَتادة عن أنس عن أبي بكر موقوفاً ، وهم :
1- الثَّوري ، وهو من أوثق النَّاس وأحفظهم ، وكان من أقران شعبة - التَّهذيب (2/56) .
2- أبو داود الطيالسي البصري ، وهو ثقة حافظ من أصحاب شعبة. قال سليمان بن حرب : « كان شعبة إذا قام أملى عليهم أبو داود ما مرَّ لشعبة » . سئل أحمد عن كتب حديث شعبة قال : «كنَّا نقول وأبو داود حيٌّ : يكتب عن أبي داود ثم عن ابن وهب . أما أبو داود فللسَّماع ، وأما ابن وهب فللإتقان » ، وقال أبو مسعود بن الفُرات : « ما رأيت أحداً أكبر في شعبة من أبي داود » - التَّهذيب (2/90و91) وجعله ابن عدي خامس أصحاب شعبة - شرح العلل (2/515) ، وقال الدَّارمي لابن معين : «قلت : فأبو داود أَحبُّ إليك فيه أو عبد الرحمن بن مهدي فقال أبو داود أعلم به . قال الدَّارمي: أبو داود أكثر رواية عن شعبة » - تاريخ الدَّارمي (107و110) .
3- وكيع بن الجراح ، وهو من أحفظ النَّاس وأثبتهم - التَّهذيب (4/311) .
ويظهر من الخلاف السَّابق أنَّ الأقرب إلى الصِّحة الوجهُ الثاني ، حيث إنَّ العدد أكثر ، والقوة أظهر .
فإذا ثبت الوقف هنا - وهو ما رجَّحه الدَّارقطنيُّ والنَّسائي - فإن شعبة من أثبت أصحاب قَتادة .
قال الدَّارمي لابن معين : شعبة أَحبُّ إليك في قَتادة أم هشام ؟ فَقال : كلاهما – تاريخ الدَّارمي (46و425) . وقال ابن محرز : « سمعت يحيى بن معين يقول : أوثق الناس في قتادة : سعيد وشعبة وهشام . قيل له : أيما أوثق في قتادة ، شعبة أو سعيد ؟ فقال : شعبة ثقة فيما حدث به ، وسعيد أكثر منه في قتادة » - رواية ابن محرز (1/115) . وقال عنه ابن مهدي في قَتادة : « أثبت » . وقال البَرْديجي: « أصح النَّاس رواية عن قَتادة : شعبة ، كان يوقف قَتادة على الحديث » .(1/110)
قال ابن رجب : كأنَّه يعني بذلك اتصال حديث قَتادة . لأنَّ شعبة كان لا يكتب عن قَتادة إلا ما يقول فيه : حدثنا . ويسأله عن سماعه » ، وقال أحمد : «أصحاب قَتادة: شعبة وسعيد وهشام ، إلا أن شعبة لم يبلغ علم هؤلاء » - شرح العلل (2/504-508) .
أما سعيد بن أبي عَروبة فقد اختلف عليه كما اختلف على شعبة .
فعبد الوهاب بن عطاء رواه عنه موقوفاً على أبي بكر .
وعبد الوهاب صدوق له أوهام ، لازم سعيداً ، وعرف بصحبته كما قال ابن سعد ، وقواه أبو حاتم وأبو زرعة في سعيد ، وقال الأثرم عن أحمد : « كان عالماً بسعيد» . وأنكر أحمد على من قال بأنَّ سماعه من سعيد بن أبي عَروبة في الاختلاط ، وقال الأثرم عن أحمد : « كان عالماً بسعيد » - التَّهذيب (2/639) . وقال ابن نمير: «كان أصحاب الحديث يقولون : « سمع منه بأخرة ، كان شبه المتروك » ، وقال ابن معين : « قلت لعبد الوهاب : سمعت من سعيد في الاختلاط ؟ قال : سمعت منه في الاختلاط وغير الاختلاط ، فلست أميِّز هذا من هذا » - شرح العلل (2/569 و570) ، في هذا تعقُّب على قول أحمد ، فلعله لم يبلغه .
وخالف عبد الوهاب في سعيد اثنان رفعا الحديث :-
1- سعيد بن عامر الضُّبعي البصري ، ثقة .
2- عُبيدة بن الأسود الكوفي ، صدوق ، وعقَّب البيهقي على روايته هذه بقوله : « كذا قال ! والمحفوظ من حديث سعيد ... » ثم ذكر رواية عبد الوهاب - الكبرى (8/452) .
وهذا الوجه الثاني عن سعيد مرجوح لأمور منها :-
1. قول أبي هلال : فقالوا لي: إن ابن أبي عَروبة يقول عن أنس - رضي الله عنه - عن أبي بكر - رضي الله عنه - ! مما يدل على اشتهار وقفه في زمن مبكر .
2. قوة عبد الوهاب في سعيد .
3. قول البيهقي السابق .
فإذا ثبت الوقف عن سعيد ،فإن روايته عن قَتادة تُعَدُّ من أقوى الرِّوايات .(1/111)
قال ابن معين : « أثبت النَّاس في قَتادة : ابن أبي عَروبة » - شرح العلل (2/503) . وقال ابن محرز : « سمعت يحيى بن معين يقول : أوثق الناس في قتادة : سعيد وشعبة وهشام . قيل له : أيما أوثق في قتادة ، شعبة أو سعيد ؟ فقال : شعبة ثقة فيما حدث به ، وسعيد أكثر منه في قتادة » - رواية ابن محرز (1/115)
وقال أبو زرعة : « أثبت أصحاب قَتادة : هشام وسعيد » .
وقال أبو حاتم : « كان أعلم النَّاس بحديث قَتادة » . وقال أبو داود الطَّيالسي : «كان أحفظ أصحاب قَتادة » . وقال ابن عدي : « هو متقدَّم في أصحاب قَتادة ، ومن أثبت النَّاس رواية عنه » - الكامل لابن عدي (3/396) والتَّهذيب (2/34و35) .
وقال أحمد : « كان سعيد يكتب كلَّ شيءٍ » - شرح العلل (2/508) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال النَّسائي والدَّارقطني لا يصحُّ إلا وقفه عن أنس - رضي الله عنه - عن أبي بكر - رضي الله عنه - من فعله . لقوة من روى ذلك عن قتادة من أصحابه الكبار ، ولمتابعة حميد له عن أنس - رضي الله عنه - بحضرة قتادة كما سبق ، والله أعلم .
وجاء الأثر من طريق آخر رواه الشَّعبي قال : « قطع أبو بكر سارقاً في مجنٍّ قيمته خمسة دراهم » - أخرجه البَلاذُري في الأنساب (10/72) ، وهذا منقطع ، لأنَّ الشَّعبيَّ ولد في خلافة عمر - رضي الله عنه - كما في التَّهذيب للمزِّي (4/27) .
وجاء الحديث بلفظ آخر عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قطع في مجنٍّ قيمته ثلاثة دراهم – أخرجه البخاري في جامعه (6795) ومسلم (1686) .
2. الحديث الثاني
وسئل الشَّيخ الإمام أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الحافظ عن حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : »إني لأعلم كلمة لا يقولها عبدٌ حقاً من قلبه فيموت على ذلك إلا حُرِّم على النَّار : لا إله إلا الله « .(1/112)
فقال : » هو حديث يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
? فرواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن مسلم بن يسار عن حِمْران عن عثمان - رضي الله عنه - عن عمر - رضي الله عنه - .
? قال ذلك عبد الوهاب بن عطاء الخفَّاف عن سعيد .
? وخالفه خالد بن الحارث عن سعيد . رواه عنه عن قَتادة عن حِمْران.
? وكذلك رواه أيوب أبو العلاء عن قَتادة عن حِمْران .
وحديث عبد الوهاب بن عطاء أحسنها إسناداً ، وأشبهها بالصَّواب « (1) .
وقال أيضاً : » والصَّواب قول من ذَكر مسلم بن يسار « (2) .
التَّخْرِيج
? رواية عبد الوهاب أخرجها أحمد في المسند (447) والحارث بن أبي أسامة في المسند كما في زوائده (1) وابن خزيمة في التَّوحيد (500) وابن حبَّان في التَّقاسيم (1/434- إحسان) والإسماعيلي كما في مسند ابن كثير (1/227) والحاكم في المستدرك كتاب الإيمان (1/72و351) - وصحَّحه - وأبو نعيم في الحلية (2/296) ، وقال ابن كثير : « هذا إسناد جيد » .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه يزيد بن زُرَيع عن سعيد عن قَتادة عن مسلم عن حِمْران عن عثمان - رضي الله عنه - أشار إليه أبو نعيم في الحلية - (2/296) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث ! هل هو بذكر مسلم بن يسار فيه بين قَتادة وحِمْران أم بدونه ؟
فأيوب بن أبي مسكين رواه عن قَتادة بإسقاطه .
وهو - أي - أيوب مختلف فيه .
فقال عنه أحمد والنَّسائي وابن سعد : « ثقة » . وقال أحمد - مرَّةً أخرى _ وأبو حاتم : « لا بأس به » . وزاد الأخير : « شيخ صالح يكتب حديثه » ، وقال أبو داود : « لم يكن بجيِّد الحفظ للإسناد » ، وقال أبو أحمد الحاكم : « في حديثه بعض الاضِّطراب » - التَّهذيب (1/208) . فمثله صدوق ، ولم يذكر في أصحاب قَتادة .
وخالفه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) ، واختلف عليه في ذكر مسلم أيضاً .
__________
(1) العلل (ج1/ل26) (2/7) .
(2) العلل (ج1/ل75) (3/29) .(1/113)
فعبد الوهاب بن عطاء (ص3) ويزيد بن زُرَيع ذكراه عنه .
وخالفهما خالد بن الحارث فأسقطه .
وخالد قد قال عنه أحمد : « إليه المنتهى في التَّثبت بالبصرة » ، وقال أيضاً : «يجيء بالحديث كما يسمع » - التَّهذيب (2/515) ، وقدَّمه ابن عدي على القطَّان عند سرده لأسماء أصحاب شعبة - شرح العلل (2/515) ، وسيأتي كلام ابن عدي عنه بعدُ .
ويزيد ثقة حافظ قال ابن معين : « أوثق النَّاس في سعيد بن أبي عَروبة : يزيد بن زُرَيع » - رواية ابن محرز (1:102) ، وقال عنه أحمد : « كلُّ شيء رواه يزيد بن زُرَيع عن سعيد بنِ أبي عَروبة فلا تبال أن لا تسمعه من أحدٍ ، سماعه منه قديم » ، وقال عبدالعزيز القَواريري : « لم يكن يحيى بن سعيد يقدم في سعيد بن أبي عَروبة أحداً إلا يزيد ابن زُرَيع » - التَّهذيب (4/411و412) . وقال ابن عدي : « أثبت النَّاس عنه : يزيد ابن زُرَيع ، وخالد بن الحارث ويحيى بن سعيد » - شرح العلل (2/566) .
فالذي يظهر مما سبق أن قَتادة تردَّد في ذكر مسلمٍ وإسقاطه . فمرةً قال ذلك ، ومرةً خالفه - ولعله من تدليساته - حيث إنَّ خالداً من الأثبات ، فوهْمه - مع متابعة أيوب - بعيد .
إلا إن الرَّاجح - كما قال الدَّارقطنيُّ - هو ذكر مسلمٍ ، وذلك لأنَّ رواية قَتادة عن حِمْران غريبة ولا توجد في الكتب السِّتَّة . بل قد ثبتت روايته عن حِمْران بواسطة مسلم في حديثٍ آخر يأتي (ص3) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة عن مسلم عن حِمْران ، ولعلَّ إسقاط مسلم - من السَّند - من قَتادة تدليس ، أو إرسال منه كما هي عادة السَّابقين في ذلك ، وهو لم يسمع من مسلمٍ كما قال يحيى القطَّان – تهذيب الكمال (7/108) وجامع التَّحصيل (ص255) ، وقال ابن المديني : « لم يسمع من مسلم بن يسار شيئاً » - رواية ابن محرز (2/) ، فالسَّند ضعيف للانقطاع .
3. الحديث الثالث(1/114)
وسئل عن حديث معدان بن أبي طلحة اليعمري عن عمر - رضي الله عنه - قوله : »رأيت كان ديكاً نقرني ، وفي الخلافة والكلالة وفي الشَّجرتين البصل والثُّوم « .
فقال : » هو حديث يرويه قَتادة عن سالم بن أبي الجعد عن مِعدان بن أبي طلحة عن عمر - رضي الله عنه - .
? حدَّث به عن قَتادة هشام بن أبي عبد الله وشعبة بن الحجَّاج وسعيد بن أبي عَروبة والحجَّاج بن الحجَّاج وهمَّام بن يحيى ، فرووه عن قَتادة بهذا الإسناد بطوله .
? ورواه ابن عيينة عن يحيى بن صَبِيح الخراساني ، وتابعه عبد الله بن بشر ومطر الورَّاق وإسحاق بن أبي فروة ، رووه عن قَتادة عن سالم عن معدان عن عمر - رضي الله عنه - مختصراً .
? ورواه حماد بن سلمة عن قَتادة عن سالم عن عمر - رضي الله عنه - مرسلاً عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة الثوم والبصل دون غيره ، ولم يذكر في الإسناد معدان ...
والصَّحيح قول شعبة وهشام وابن أبي عَروبة ومن تابعهم عن قَتادة ، والله أعلم « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية هشام أخرجها الطَّيالسي في المسند (53) وابن سعد في الطَّبقات (3/179) وأحمد في المسند (186) ومسلم في صحيحه كتاب المساجد / باب نهي من أكل ثوماً ... (567) والبزَّار في المسند البحر (314) والنَّسائي في كتاب المساجد / باب من يخرج من المسجد من الصُّغرى (708) والكبرى (1/260) وفي الكبرى كتاب التَّفسير في أخر سور النِّساء (6/332) وأبو يعلى في المسند (184) وابن جرير في تفسيره (6/44) والبيهقي في الكبرى كتاب الصَّلاة / باب ما يؤمر به من أكل ... (3/111) .
? ورواية شعبة أخرجها ابن سعد في الطَّبقات (3/179) ومسلم (567) والبَلاذُري في أنساب الأشراف (10/412) والبزَّار (315) والنَّسائي في الكبرى كتاب الوليمة / باب الثُّوم (4/158) وأبو يعلى في المسند (1/219) وابن حبَّان في التَّقاسيم (2091- إحسان) والبيهقي (6/224) .
__________
(1) العلل (جـ 1/ل66) (2/217-218) .(1/115)
? ورواية سعيد أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب العقيقة / باب من كره أكل الثوم (5/137) وأحمد (179) ومسلم (567) وابن ماجة في السُّنن (1014و2726و3363) وابن أبي عاصم في الآحاد (1/102) وابن جرير (6/44) وابن خزيمة في صحيحه (1666) والطَّحاوي في المشكل (13/225) وشرح المعاني (4/238) والبيهقي (8/150) .
? ورواية همَّام أخرجها ابن سعد (3/179) وأحمد (89) .
? ورواية ابن عيينة أخرجها الحميديُّ في المسند (29) ، وفيها ذكر الرُّؤيا والخلافة فقط ، ومن طريقه أخرجها الحاكم في المستدرك كتاب معرفة الصَّحابة (3/90) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث ومتنه على وجهين اثنين .
أما المتن فإن بعض الرُّواة ذكره مطولاً ، وبعضهم اختصره ، فلم يذكر فيه الكلالة والشجرتين ، كما فعل ابن صَبيح .
وأما السَّند ، فكل من رواه عن قَتادة قال فيه : عن سالم بن أبي الجعد عن مِعدان ابن أبي طلحة عن عمر ، وهذا سند صحيح ، رجاله رجال مسلم .
وهؤلاء الرُّواة هم :-
1- هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
2- شعبة بن الحجَّاج (ص3) .
3- سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .(1/116)
4- همَّام بن يحيى ، ثقة في حفظه بعض الشيء ، إلا أنه من أثبت أصحاب قَتادة ، وجعله البَرْديجي في الطَّبقة الثانية من أصحاب قَتادة ، وذكر سعيد بن أبي عَروبة في الأولى - شرح العلل (2/504-505) . وقال ابن المديني بعد ذكره للثَّلاثة السَّابقين : « ولم يكن همَّام عندي بدون القوم فيه » . وقال أيضاً : « همام إذا حدَّث من كتابه عن قتادة فهو ثبت » - رواية ابن محرز (1/122) . وَقال أبو حاتم : « همام أعلم بحديث قَتَادَة من شعبة » - العلل لابن أبي حاتم (1/483) . وخالفه ابن مهدي فقال : « من فاته شعبة يسمع من همام » . وقال الفلاس : « والأثبات من أصحاب قَتادة : ابن أبي عَروبة وهشام وشعبة وهمَّام » . وقال ابن المبارك : « همَّام ثبت في قَتادة » . وقال ابن عدي : « وأحاديثه مستقيمة عن قَتادة » . وقال ابن معين : «همَّام في قَتادة أحبُّ إليَّ من أبي عَوانة » - التَّهذيب (4/284) وقال عفان - مرةً في حديث - : « أصاب همَّام ، وأخطأ هشام وسعيد » - شرح العلل (2/508) . وقال ابن مهدي أيضاً : « أحاديث همَّام عن قَتادة أصحُّ من حديث غيره ، لأنَّه كتبها إملاءً » - نصب الراية (3/282) .
5- حجَّاج بن الحجَّاج الباهلي البصري ، ثقة ، قال عنه ابن خزيمة : « هو أحد أصحاب قَتادة » - التَّهذيب (1/358) .
6- يحيى بن صَبِيح الخراساني ، صدوق - التَّقريب (7620) .
7- عبد الله بن بشر الرَّقي ، صدوق في حديثه عن الزُّهري شيء - التَّهذيب (2/308) ، ولم أقف - بعد البحث - على ذكر له في الرُّواة عن قَتادة .
8- مطر بن طهمان الوراق ، صدوق كثير الخطأ ، كما قال ابن حجر - التَّقريب (6744) . لكن قال قتادة : « أرواهم عني حديثاً مطر ، وأرواهم للحديث على الوجه سعيد بن أبي عروبة » (1) . وقال أبو حاتم : « كان أكبر أصحاب قَتادة » - التَّهذيب (4/88) ، ويظهر أن مراده السنَّ لا القوة .
__________
(1) المعرفة ليعقوب (2/186) .(1/117)
9- إسحاق بن أبي فروة ، وهو ابن عبد الله ، متروك - التَّقريب (371) .
وخالف هؤلاء كلهم حمادُ بن سلمة أسقط مِعدان من السَّند ، فأصبح منقطعاً
قال ابن حجر عن سالم : « روى عن عمر ، ولم يدركه » - التَّهذيب (1/674) .
وهذه المخالفة شاذَّة جداً ، حيث إنَّ حماد بن سلمة - وإن كان ثقة - قد تُكلِّم في روايته عن قَتادة .
قال مسلم في كتابه التَّمييز (ص218) : « وحماد يعدُّ عندهم إذا حدَّث عن غير ثابت كحديثه عن قَتادة وأيوب ويونس وداود بن أبي هند والجُرَيْرِي ويحيى بن سعيد وعمرو بن دينار وأشباههم ، فإنه يخطئ في حديثهم كثيراً » .
وقال البَرْديجي : « وأما أحاديث قَتادة الذي يرويها الشُّيوخ مثل حماد بن سلمة ... إن كان لا يعرف عن أحد عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا من طريق عن أنس إلا من رواية هذا الذي ذكرت لك ، كان منكراً » - شرح العلل (2/507-508) .
فثبت بهذا صحة قول الدَّارقطني ، وأن قَتادة إنَّما رواه عن سالم عن معدان عن عمر - رضي الله عنه - .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطنيُّ إنَّما رواه قَتادة عن سالم عن مِعدان عن عمر - رضي الله عنه - ، ومخالفة حماد بن سلمة لأصحاب قَتادة الباقين شاذَّة ، حيث إنَّ في روايته عن قَتادة ضعفاً.
وجاء طرفه الأول موقوفاً عن عمر ، رواه عنه محمد بن سيرين – أخرجه البلاذري (10/412) وابن شبة في أخبار المدينة (3/888) ، وهذا منقطع كما قال البيهقي في الكبرى (5/349) . والله أعلم .
4. الحديث الرابع
وسئل عن حديث مسلم بن يسار أبي عبد الله البصري عن حِمْران عن عثمان - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في صفة الوُضوء ، وفضل الله .
فقال : » هو حديث يرويه قَتادة ، واختلف عليه .
? فرواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن مسلم بن يسار عن حِمْران .
? وتابعه مُجاعة بن الزُّبير عن قَتادة .(1/118)
? وخالفهما هشام الدَّسْتَوائي وأبو العلاء أيوب بن أبي مسكين ، فروياه عن قَتادة عن حِمْران .
ولم يذكرا بينهما مسلماً .
والقول قول سعيد بن أبي عَروبة « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية سعيد أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الطهارات / باب في الوضوء كم هو مرة (1/16) وأحمد في المسند (415) وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (553) والحارث بن أبي أسامة في المسند (1/147-بغية) والبزَّار في المسند البحر (419و420) وابن حبَّان في التَّقاسيم (1/434-إحسان) والحاكم في المستدرك (1/143) .
? ورواية هشام أخرجها البزَّار في المسند البحر (421) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن أبي قلابة عن مسلم بن يسار عن حِمْران عن عثمان - رضي الله عنه - أخرجه الطَّبراني في الأوسط (7/38) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على ثلاثة أوجه ، ذكر الدَّارقطني منها وجهين اثنين .
الوجه الأول :- رواه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) ومُجاعة بن الزُّبير عن قَتادة عن مسلم بن يسار عن حِمْران .
الوجه الثاني :- رواه هشام (ص3) وأيوب بن أبي مسكين (ص3) عن قَتادة ، بإسقاط مسلم من السَّند .
ورجَّح الدَّارقطني الوجه الأول .
ومُجاعة قد اختلف في حاله . فضعَّفه الدَّارقطني . وقال أحمد : « لم يكن به بأس » ، وقال ابن عدي : « هو ممن يحتمل ، ويكتب حديثه » ، وذكره العقيليُّ في الضُّعفاء وقال عنه ابن خِرَاش : « ليس ممن يعتبر به » - اللسان (5/24) .
الوجه الثالث :- رواه سعيد بن بشير الشامي كالرِّواية الأولى ، إلا أنه زاد بعد قَتادة : أبا قلابة ، وقَتادة لم يسمع منه كما أشار إليه شعبة – الكفاية للخطيب (ص401) ، وبه قال إسحاق بن منصور – جامع التَّحصيل (ص255) والفلاس – تهذيب المزي (4/140) .
وقال أبو حاتم : « يقال : لم يسمع من أبي قلابة إلا أحرفاً » - العلل لابن أبي حاتم (26) .
__________
(1) العلل (ج1/ل74) (3/23-24) .(1/119)
ولم يتابَع سعيد بن بشير على ذلك ، حيث خالف كلَّ أصحاب قَتادة ، هذا مع ضعفه ، خصوصاً في قَتادة .
قال ابن معين في رواية ابن محرز (1/112) : « عنده أحاديث غرائب عن قَتادة » ، وقال ابن حبَّان : « يروي عن قَتادة مالا يتابع عليه » ، وقال السَّاجي : « حدَّث عن قَتادة بمناكير » - التَّهذيب (2/8-9) ، وقال ابن نمير : « يروي عن قَتادة المنكرات » - تاريخ دمشق لابن عساكر (21/31) ، فهذا الوجه عن قَتادة ضعيف منكر .
وبالنَّظر في الوجهين الأولين نجد التَّقارب بينهما في العدد والقوَّة .
فسعيد من أثبت النَّاس في قَتادة وقد تابعه مُجاعة . وكذا يقال في الوجه الثاني ، فاحتمال الوهم هنا قليل .
ولعل الأقرب أن هذا من صنيع قَتادة تدليساً ، حيث إنَّه متَّهم بذلك كما سبق في ترجمته (ص3) . ولعلَّ من قرائن صحَّة ترجيح الدَّارقطنيِّ ما تقدَّم في الحديث الثاني (ص3)، حيث إنَّ قَتادة روى الحديث عن مسلم عن حِمْران ، فدلَّ ذلك على وهم إسقاط مسلم من السَّند .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الإمام الدَّارقطنيُّ إنَّما رواه قَتادة عن مسلم عن حِمْران ، وإسقاطه من السَّند تدليس من قَتادة أو إرسال ، وهو لم يسمع من مسلم كما سبق (ص3) ، فالسَّند ضعيف ، والله أعلم .
5. الحديث الخامس
وسئل عن حديث خِلاس بن عمرو عن علي - رضي الله عنه - أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » نهى أن تحلق المرأة رأسها « .
فقال :
? » رواه همَّام بن يحيى عن قَتادة عن خِلاس عن علي - رضي الله عنه - .
وخالفه هشام الدَّسْتَوائي وحماد بن سلمة ، فروياه عن قَتادة مرسلاً عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
والمرسل أصحُّ « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج1/ل100) (3/195) .(1/120)
? رواية همَّام أخرجها التِّرمذي في الجامع كتاب الحج / باب ما جاء في كراهية الحلق للنساء (914) والنَّسائي في كتاب الزينة / باب النهي عن حلق المرأة رأسها من الصُّغرى (5049) والكبرى (5/407) والطُّوسي في مختصر الأحكام (4/170 و172) وتمَّام في فوائده (1411) والمحاملي في أماليه (128) .
? ورواية هشام أشار إليها عبد الحق في أحكامه كما في نصب الراية (3/95)
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه همَّام أيضاً عن قَتادة عن خلاس بن عمرو عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً - أخرجه التِّرمذي في الجامع (915) ، وسقط من السَّند : قَتادة - تحفة الأشراف (7/370) .
? ورواه حماد بن سلمة أيضاً عن قَتادة عن عائشة - أخرجه التِّرمذي في الجامع عَقِبَ رواية همَّام بقوله : « وروى هذا الحديث حماد بن سلمة عن قَتادة عن عائشة – رضي الله عنها - أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ... » .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في وصل هذا الحديث وإرساله .
فهشام الدَّسْتَوائي وحماد بن سلمة أرسلاه عنه .
وقد اختلف على حماد في روايته هذه ! هل هي مرسلة أم عن عائشة رضي الله عنها ؟ وعلى كلٍّ هي منقطعة ، حيث إنَّ قَتادة لم يسمع إلا من أنس - رضي الله عنه - وآخرَين من الصَّحابة كما سبق (ص3) .
وخالف هشاماً وحماداً في إسناده همَّام بن يحيى (ص3) ، رواه عن خِلاس عن علي - رضي الله عنه - .
وروايته هذه مرجوحة كما ذهب إليه الدَّارقطني لقرينتين هما :-
1- اضطرابه ، حيث رواه مرة موصولاً بعلي - رضي الله عنه - ، ومرة أرسله .
قال التِّرمذي بعد سياق الخلاف بإسناديه عن همَّام : « حديث عليٍ - رضي الله عنه - فيه اضطراب » .
2- مخالفته لاثنين من أصحاب قَتادة ، ورواية الاثنين أقرب إلى الصِّحة من رواية الواحد غالباً ، إن ثبت الإرسال عن حماد ، ولعله اضطرب لضعف في قتادة كما سبق (ص3) .
3- أن هشاماً من أثبت أصحاب قتادة كما سبق (ص3) ، ومخالفته ليست بالأمر اليسير .(1/121)
وعلى تقدير ثبوت رواية همَّام هذه عن قَتادة ، فإنها معلَّة بالانقطاع ، حيث إنَّ خِلاساً وإن كان ثقة فإنَّه لم يسمع من عليٍّ - رضي الله عنه - كما نصَّ عليه القطَّان وأحمد وأبو داود والدَّارقطنيُّ وغيرهم - التَّهذيب (1/558-559) ، وجامع التَّحصيل (ص173) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الإمام الدَّارقطني لا يصحُّ إلا مرسلاً عن قَتادة ، وقد قال الدارقطني في الأفراد (2712-أطرافه) : « غريب من حديث قتادة » . فالسَّند ضعيف ، ورواية همَّام مضطَّربة منقطعة . ولمتنه شاهدان :-
الأول :- من حديث عثمان - رضي الله عنه - أخرجه البزَّار في المسند (1136-زوائد) وضعفه بروح ، وقال الهيثمي : « وفيه روح بن العطاء وهو ضعيف » .
الثاني :- أخرجه البزار في مسنده عن معلى بن عبد الرحمن الواسطي ثنا عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها ، وأعله البزار بقوله : « ومعلى بن عبد الرحمن الواسطي روى عن عبد الحميد بأحاديث لم يتابع عليها ولا نعلم أحداً تابعه على هذا الحديث » - نصب الراية (2/95) .
فطرق الحديث لا تقويه فيما يظهر ، والله أعلم .
6. الحديث السادس
وسئل عن حديث مالك الأشْتَر عن علي - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » إنَّ الله حرَّم مكة « .
فقال : » هو حديث يرويه قَتادة ، واختلف عليه .
? فرواه حجَّاج بن الحجَّاج عن قَتادة عن أبي حَسَّان الأعرج عن الأشتر عن علي - رضي الله عنه - .
? ورواه حجَّاج بن أرطاة عن قَتادة عن مسلم الأحْرَد عن مالك الأشتر ...
? ومسلم الأحْرَد هو أبو حسَّان الأعرج .
? ورواه همَّام وعثمان بن مقسم عن قَتادة عن أبي حسَّان الأعرج عن علي - رضي الله عنه - .
ولم يذكر الأشْتَر .
? ورواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن الحسن عن قيس ين عُباد قال: » انطلقت أنا والأشْتَر إلى علي - رضي الله عنه - « .
وقول سعيد أشبهها بالصَّواب .(1/122)
ولعل قَتادة سمعه أيضاً عن أبي حسَّان الأعرج ، والله أعلم « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية حجَّاج أخرجها إبراهيم بن طَهْمان في مشيخته (51) والنَّسائي في كتاب القسامة / باب سقوط القود من الصُّغرى (4746) والكبرى (4/220) وفي السِّير / باب إعطاء العبد من الكبرى (5/208) .
? ورواية ابن أرْطاة أخرجها الدَّارقطني في الحدود (3128) .
? ورواية همَّام أخرجها أحمد في المسند (959) وأبو داود في المناسك / باب في تحريم المدينة (2035) والنَّسائي في الصُّغرى (4745) والكبرى (4/220) والطَّحاوي في المشكل (3148) والبيهقي في الكبرى كتاب الحج / باب جواز الرعي في الحرم (5/330) .
? ورواية سعيد أخرجها أبو عبيد في الغريب (2/102) وأحمد في المسند (993) وأبو داود في الديات / باب إيقاد المسلم (4530) وعبد الله بن أحمد السنة (1248) والبزَّار في المسند البحر (2/290) والنَّسائي في الصُّغرى (4734) والكبرى (5/208) وأبو يعلى في المسند (338و628) والطَّحاوي في المشكل (3/272) والحاكم في المستدرك كتاب قسم الفيء (2/141) وصحَّحه والبيهقي في الجراح / باب فيمن لا قصاص ... (8/53) .
قال البزَّار عَقِبَه : « هذا أحسن إسنادٍ يروى في ذلك وأصحُّه » .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه عمر بن عامر عن قَتادة عن أبي حَسَّان عن علي - رضي الله عنه - أخرجه عبدالله بن أحمد في زوائد المسند (991) والنَّسائي في الصُّغرى (4735) .
الدِّرَاسَة
أصل هذا الحديث _ مشهور باسم صحيفة علي - رضي الله عنه - . وقد رواه عنه جماعة من أصحابه يزيد بعضهم على بعض في ألفاظه وسياقه .
واختلف على قَتادة في هذا الحديث هل رواه عن أبي حسَّان أم عن الحسن البصري . فرجَّح الدَّارقطني الثاني ، وهي رواية ابن أبي عَروبة .
ولترجيحه قرينتان هما :-
1- أنَّ ابن أبي عروبة من أحفظ أصحاب قَتادة كما سبق (ص3) .
__________
(1) العلل (ج1/ل137) (4/131) .(1/123)
2- متابعة ثابت وحميد لقَتادة ، حيث رواه ثابت وحميد عن الحسن أن قيس بن عباد وجارية بن قدامة قال لهما علي - رضي الله عنه - ... _ أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه (8) ، وثابت وحميد من كبار الثِّقات الأثبات _ التَّهذيب (1/262و493) ، فدلَّ على أنَّ لروايته أصلاً ، إلا أنهما خالفا قتادة فجعلاه عن الحسن مرسلاً ، حيث إنه لم يدرك هذه القصة ، لأنه لم يدرك علياً ، قال علي بن المديني : « الحسن لم يرَ علياً إلا أن يكون رآه بالمدينة وهو غلام » - العلل (ص103-حسام) ، وقال الترمذي : « لا نعرف له سماعاً منه » - الجامع (1423) ، والله أعلم .
وخالف سعيداً جماعة رووا الحديث عن قَتادة عن أبي حَسَّان ، ثم اختلفوا ! هل هو بواسطة الأشتر ، فيتصل الحديث ، أم بدونه فيكون الحديث منقطعاً ، حيث إنَّ أبا حَسَّان لم يسمع من علي - رضي الله عنه - .
قال أبو حاتم : « لم يصح عندي أنَّه سمع من علي - رضي الله عنه - » . وقال أبو زرعة : «أبو حَسَّان عن علي - رضي الله عنه - مرسل » - المراسيل (ص216) .
فالذين رووه عن قَتادة بالانقطاع هم :-
1- همَّام (ص3) .
2- عثمان بن مِقْسم البري البصري ، وهو متروك - اللسان (4/182) .
3- عمر بن عامر البصري ، صدوق له أوهام كما قال ابن حجر في التَّقريب (4959) ، إلا أنَّ في حديثه عن قَتادة شيئاً ، حيث قال أحمد: « كان عبد الصمد بن عبد الوارث يروي عنه عن قَتادة مناكير. بينما قال أبو حاتم : « هو يجري مع همَّام » - التَّهذيب (3/236) .
وخالفهم اثنان وصلوه بالأشتر ، وهما :
1- حجَّاج بن حجَّاج (ص3) .
2- حجَّاج بن أرطاة (ص3) .(1/124)
فالذي يظهر من هذه الطُّرق صحة قول الدَّارقطنيِّ من احتمال سماع قَتادة للحديث من الحسن وأبي حسَّان ، بل إنَّ روايته عن أبي حسَّان أقوى لكثرة العدد وقوة الرُّواة ، وإن كان الدارقطني اختار ما روى سعيد بن أبي عروبة لقوته في قتادة ، وهو كما قال وقد سبقه إليه البزار فقال : « هذا أحسن إسناداً يروى في ذلك وأصحُّه » .
والرَّاجح كذلك أن أبا حَسَّان إنَّما سمع الحديث من الأشْتَر عن علي - رضي الله عنه - ، حيث إنَّ الأشْتَر قد أدرك هذه القصَّة كما في رواية سعيد بن أبي عَروبة ، وإسقاطه من السَّند إما من صنيع أبي حَسَّان أو قَتادة ، وذلك لتكافؤ الطُّرق عن قَتادة ، والله أعلم .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر من طرقه أن قَتادة سمعه من أبي حسَّان والحسن . وروايته عن أبي حسَّان أقوى لكثرة الطُّرق ، فاحتمال الوهم فيها أقلُّ من رواية الواحد ، وأبو حسَّان إنَّما سمعه من الأشتر عن علي - رضي الله عنه - ، فالسَّند صحيح .
7. الحديث السابع
وسئل عن حديث أبي الأسود عن علي - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : »يغسل من بول الجارية ، ويصبُّ على بول الغلام « .
فقال : » يرويه قَتادة عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه .
? رفعه هشام بن أبي عبد الله - من رواية ابنه معاذ وعبد الصمد بن عبد الوارث عن هشام .
? ووقفه غيرهما عن هشام .
? وكذلك رواه سعيد بن أبي عَروبة وهمَّام عن قَتادة موقوفاً .
والله أعلم « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج2/ل100) (4/184-185) .(1/125)
? رواية معاذ أخرجها أحمد في المسند (757و1148) وابن ماجة في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب ما جاء في بول الصبي (525) وأبو داود في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب بول الصبي (378) والتِّرمذي في الجامع كتاب الصَّلاة / باب ما ذكر في نضح بول الغلام (610) وفي العلل الكبير (1/141-ترتيبه) - وصحَّحه – وابن أبي الدنيا في العيال (674) وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1148) والبزَّار في المسند البحر (717) وأبو يعلى في المسند (307) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الوضوء / باب غسل بول الصبية ... (284) وابن المنذر في الأوسط (2/144) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الطَّهارة / باب حكم بول الغلام (1/92) وابن حبَّان في التَّقاسيم (4/212-إحسان) والدَّارقطني في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب الحكم في بول الصبي (462) والحاكم في المستدرك كتاب الطَّهارة (1/165) وصحَّحه والبيهقي في الكبرى كتاب الصَّلاة / باب ما روي في الفرق ... (2/582) والبغوي في شرح السنة كتاب الطَّهارة / باب بول الصبي ... (2/87) والمزِّي في تهذيبه (8/286) .
? ورواية عبد الصمد أخرجها أحمد (563) وابنه (1148) والدَّارقطني (463) .
? ورواية سعيد أخرجها عبد الرَّزَّاق كتاب الصَّلاة / باب بول الصبي (1/381) ومسدَّد في المسند كما في الإتحاف (720-المسندة) وابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الطهارات / باب في بول الصبي ... (1/114) وأبو داود (377) والبيهقي (2/582) ، واختلف عليه في ذكر أبي الأسود ، ووقع في العلل الكبير (1/142-ترتيبه) للترمذي تصحيف من سعيد إلى شعبة .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه مسلم بن إبراهيم عن هشام عن قَتادة عن ابن أبي الأسود عن أبيه مرفوعاً - أخرجه البيهقي (2/582) .
? ورواه شعبة عن قَتادة عن ابن أبي الأسود عن أبيه عن علي - رضي الله عنه - موقوفاً - أشار إليه البخاري فيما نقله عنه التِّرمذي في العلل الكبير (1/142-ترتيبه) .(1/126)
? ورواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن أبي جعفر الباقِر مرسلاً - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (1/114) وابن المنذر في الأوسط (2/145) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في رفع هذا الحديث ووقفه .
فأوقفه همَّام (ص3) عنه .
ورواه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) عن قَتادة بوجهين هما :-
الأول :- كرواية همَّام ، مع الاختلاف عليه في ذكر أبي الأسود وحذفه ، فالقطان ذكره ، وعبدة بن سليمان وعثمان بن مطر أسقطاه ، وهو أصح عنه حيث قال ابن معين : « أثبت النَّاس سماعاً منه عبدة بن أبي سليمان » - شرح العلل (2/566) والتهذيب (2/35) .
وقال الدقاق في روايته (356) عن ابن معين : « سماع عبدةَ من سعيد بالكوفة قبل الاختلاط بدهر » ، وقد تابعه آخر .
الثاني :- جعله عن قَتادة عن أبي جعفر مرسلاً .
وكلا الوجهين صحيح عن سعيد ، والقدر المشترك بينهما أن رواية سعيد لا تجعله مرفوعاً موصولاً .
وخالف سعيداً وهمَّاماً هشامٌ الدَّسْتَوائي ، واختلف عليه .
فمسلم بن إبراهيم أرسله عنه . وهو ثقة مأمون كما قال ابن معين ، وكان يقدِّمه على معاذ بن هشام - التَّهذيب (4/65) .
وذكر الدَّارقطني أنَّ هناك من رواه عن هشام فأوقفه !
وهذا يؤيِّد رواية مسلم بن إبراهيم في عدم ثبوته مرفوعاً موصولاً .
وخالفه اثنان رفعاه ووصلاه عن هشام ، وهما :-
1- معاذ بن هشام الدَّسْتَوَائِي ، وهو صدوق - التَّهذيب (4/102) .
2- عبد الصَّمد بن عبد الوارث ، وهو ثقة - التَّقريب (4108) .
وروايتهما أقرب بقرائن منها :-
1- أن الخطأ من الاثنين أبعد من الواحد .
2- أن معاذاً يروي عن أبيه فهو أعرف بحديثه من غيره غالباً .
3- تصحيح التِّرمذي وابن خزيمة وابن حبَّان والحاكم لروايتهما .(1/127)
وسأل التِّرمذي البخاريَّ عن هذا الاختلاف فقال : « [سعيد] لا يرفعه ، وهشام الدَّسْتَوائي حافظ ، ورواه يحيى القطَّان عن ابن أبي عَروبة عن قَتادة فلم يرفعه » - العلل الكبير (1/142-ترتيبه) والكبرى للبيهقي (2/415) ومنه التصويب .
وقول البخاري هنا - وكذا الدَّارقطني - ليس بالصَّريح في التَّرجيح ، فاثنان من أصحاب قَتادة الكبار يخالفون هشاماً في هذا الحديث يوجب التَّوقف في حال روايته ، خصوصاً وأن هشاماً قد اختلف عليه ، فلعل هذا اضطراب منه .
إلا أن ابن حجر فهم من كلام البخاريِّ والدَّارقطنيِّ تصحيح الحديث فحكاه عنهما في التَّلخيص (33) ، وفي ذلك نظر .
فالذي يظهر بالنَّظر في الطُّرق وكلام الشَّيخين السَّابقين هو التَّوقف في رواية هشام هذه ، وأنَّ في صحتها عن قَتادة نظر قوي ، ولو رُجِّحَ الوقفُ لما بعُد ذلك حيث إنَّ شعبة وهماماً من أصحابه الكبار ، وقد أوقفاه ، ولم يختلف عليهما ، ورواية سعيد تسند أصل ما روياه .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث صحيح عن علي - رضي الله عنه - موقوفاً . وفي رفعه نظر ، لمخالفة هشام لأصحاب قَتادة ، وللاختلاف على هشام أيضاً ، فلعل رفع الحديث خطأٌ من صنيع هشامٍ في إحدى المرَّات .
أما متن الحديث فقد صحَّ مرفوعاً من حديث أبي السَّمح - رضي الله عنه - أخرجه أبو داود في سننه (376) وصحَّحه ابن خزيمة (283) ، وقال عنه البخاريُّ : « حديث حسن » ، وذكر الحافظ له بعض الشواهد الأخرى في التَّلخيص الحبير (33) ونقل قول البزَّار : «أحسنها إسناداً حديث عليٍ - رضي الله عنه - » ، والله أعلم .
8. الحديث الثامن
وسئل عن حديث محمد بن سعد عن سعد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : »لأنْ يمتلئ جوف أحدكم قيحاً ... « .
فقال :
? » يرويه شعبة عن قَتادة عن يونس بن جبير عن محمد بن سعد عن أبيه سعد - رضي الله عنه - .(1/128)
? ورواه حماد بن سلمة عن قَتادة عن عمر بن سعد عن سعد - رضي الله عنه - .
ووهم فيه . والقول قول شعبة ومن تابعه عن قَتادة « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية شعبة أخرجها الطَّيالسي المسند (202) وابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الأدب / باب من كره الشعر (5/282) - وسقط منه ذكر سعد - وأحمد في المسند (1/175و177و181) والدورقي في مسند سعد (81) ومسلم في صحيحه كتاب الشعر (2258) وابن ماجة في السُّنن كتاب الأدب / باب ما كره من الشعر (3760) والتِّرمذي في الجامع كتاب الأدب / باب ما جاء لأن يمتلئ ... (2852) - وصحَّحه - والبزَّار (4/14) وأبو يعلى (2/125و137 -138) - كلاهما في المسند – وابن جرير في تهذيب الآثار (909و910) وأبو عَوانة كما في إتحاف المهرة (5/117) والطَّحاوي في شرح المعاني (4/295) والهيثم بن كليب في المسند (1/177) والمقدسي في أحاديث الشِّعر (34) .
? ورواية حماد أخرجها أحمد في المسند (1/175) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث على وجهين اثنين .
الوجه الأول :- رواه شعبة عنه عن يونس بن جبير عن محمد بن سعد عن أبيه - رضي الله عنه - .
وهذا ما صحَّحه مسلم والتِّرمذي ورجَّحه الدَّارقطني .
الوجه الثاني :- رواه حماد بن سلمة فخالفه في أمرين . حيث أسقط يونس من السَّند ، وأبدل عمر بمحمد ، فضعف السَّند بذلك ، حيث إنَّ عمر بن سعد قد تُرِكَ حديثه لاتهامه بقتل الحسين بن علي - رضي الله عنه - . وإن قال عنه العجلي : ثقة - التَّهذيب (3/227) .
ورواية شعبة يظهر ترجيحها على رواية حماد لقرائن منها :-
1- أن شعبة من كبار أصحاب قَتادة كما سبق (ص3) .
2- أن رواية حماد عن قَتادة مستضعفة كما سبق (ص3) .
__________
(1) العلل (ج2/ل121) (4/362) .(1/129)
3- أن لِقَتادة حديثٌ آخر بمثل رواية شعبة ، وهو في سنن النَّسائي (3635) مرفوعاً : « الثلث ، والثلث كثير » . ولم أقف - بعد البحث - على حديث بمثل رواية حماد السَّابقة .
فهذه قرائن تدلُّ على صحَّة ترجيح الدَّارقطنيِّ في هذا الحديث .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الإمام الدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة عن يونس عن محمد عن أبيه كما رواه شعبة عنه وهذا سند صحيح ، ورواية حماد وهمٌ منه ، والله أعلم .
9. الحديث التاسع
وسئل عن حديث سعيد بن المسيب عن سعد عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي - رضي الله عنه - : » أنت مني بمنزلة هارون من موسى « .
فقال : » ... واختلف عن قَتادة .
? فرواه حرب بن شدَّاد وسعيد بن أبي عَروبة - من رواية عبد الله بن داود الخُرَيبي عنه - ومعمر بن راشد وأبو هلال الرَّاسِبي - واختلف عنه - عن قَتادة عن سعيد بن المسيب عن سعد - رضي الله عنه - .
? وقال يوسف بن عطيَّة الصفار عن ابن أبي عَروبة عن قَتادة عن ابن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وقال يزيد بن زُرَيع عن ابن أبي عَروبة عن قَتادة عن ابن المسيب مرسلاً.
? وكذلك قال حجَّاج بن مِنْهَال عن أبي هلال عن قَتادة .
? وقال خالد بن قيس عن قَتادة مرسلاً عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? وقيل عن قَتادة عن أنس عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
ولا يصحُّ عن أنس .
? وروي عن شعبة عن قَتادة .
ولا يثبت عن شعبة .
وروي عن مطر الوراق عن قَتادة « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية حرب أخرجها الدورقي في مسند سعد (100) وابن أبي عاصم في السنة (1378) والبزَّار في المسند البحر (3/284) وأبو يعلى في المسند (2/86) والنَّسائي في الكبرى كتاب المناقب / باب فضائل علي - رضي الله عنه - (5/44 و119-120) وابن عدي في الكامل (3/334) وتمام في فوائده (931) وابن عساكر في تاريخه (42/ 150-152) .
__________
(1) العلل (ج2/ل122) (4/375) .(1/130)
? ورواية عبد الله بن داود أشار إليها البزَّار في المسند البحر (3/285) وأخرجها المخلص في جزء من أماليه (46) وأبو نعيم في الحلية (7/196) والخطيب في تاريخه (1/325) وابن عساكر في تاريخه (42/149) وقال : « هذا إسناد غريب ، والمحفوظ ما ... » ثم أسند رواية حرب . وقال البزَّار عَقِبَ ذكر الحديث : « فأنكرته عليه ، وهو لا يعرف من حديث ابن أبي عَروبة مسنداً متصلاً » . ونقل الخطيب قول ابن صاعد : « إسناد غريب » .
? ورواية معمر أخرجها في الجامع (11/226-المصنف) ومن طريقه أحمد في المسند (1/177) وفي الفضائل (956) وابن عساكر (42/143) ، وهي عن قَتادة عن سعيد عن ابن لسعد عن أبيه سعد - رضي الله عنه - . وأخرجها ابن أبي عاصم في السنة (1378) والآجريُّ في الشَّريعة (1506) بدون ذكر ابن سعد - رضي الله عنه - ، كما ذكر الدَّارقطنيُّ .
? ورواية قَتادة عن أنس أخرجها الدَّارقطني في الأفراد من طريق خالد بن قيس عن قَتادة به ، وقال : « غريب من حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - ، تفردَّ به عبد الكريم بن يحيى عن نوح بن قيس عن أخيه خالد عنه » - أطراف الغرائب (2/142) ، وأخرجها أيضاً ابن عساكر في تاريخه (42/179) .
? ورواية يزيد بن زُرَيع أخرجها أبو نعيم في الحلية (7/196) ، لكنَّها عنده عن يزيد عن شعبة عن قَتادة عن سعيد عن علي - رضي الله عنه - ، وسنده صحيح ، إلا أنه وقع في الحلية خلاف في تسميته أو شعبة أم سعيد ، ونفيُ الدارقطنيِّ يدلُّ على الوهم في ذكر شعبة هنا .
? ورواية شعبة تقدمت في رواية يزيد السابقة .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف في هذا الحديث على قَتادة على أوجه عدة ، ذكر الدَّارقطني ذلك بإجمال .(1/131)
فحرب روى الحديث عن قَتادة عن سعيد بن المسيب عن سعد - رضي الله عنه - . واشتهر به ، وتفرَّد به عنه في هذه الرِّواية جعفر بن سليمان الضُّبَعِي ، وهو صدوق بصري - التَّهذيب (1/306-308) .
كذا رواه عن قَتادة عن سعيد عن سعد - رضي الله عنه - .
وتابع حرباً على هذه الرِّواية معمر ، فيما أخرجه ابن أبي عاصم والآجريُّ . بينما زاد : ابنَ سعد بين سعيد وسعد في روايته في الجامع وعنه أحمد وابن عساكر .
وسبب ذلك أنَّه في روايته في الجامع كان قَتادة مقروناً بابن جدعان ، وهو علي ابن زيد : ضعيف - التَّهذيب (3/162) .
وابن سعد هذا هو عامر كما نصَّ عليه ابن عساكر في تاريخه (42/143) ، وأسنده من طريق حماد بن زيد عن علي به .
ورواية مَعْمَر عن قَتادة متكلَّم فيها ، حيث إنَّ معمراً سكن اليمن فضعُف حديثه عن أهل العراق ، وعن قَتادة خاصةً كما قال ابن رجب ، ونقل قول ابن معين: « إذا حدَّثك معمر عن العراقيين فخفه ... » - شرح العلل (2/612) . وقال الدَّارقطني : «معمر سيئ الحفظ لحديث قَتادة والأعمش » - شرح العلل (2/508) .
وقال عبد الغني بن سعيد الحافظ : « سماع معمر من قَتادة وثابت البناني فيه ضعف » - تاريخ دمشق (59/416) .
بينما قال معمر عن نفسه : « جلست إلى قَتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة ، فما سمعت منه حديثاً إلا كأنه نقش في صدري » - التَّهذيب (4/125) .
وعلى كلٍ هو لم ينفرد بهذا الحديث ، بل روايته تسند رواية حرب .
وروى الحديثَ سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة ، واختلف عليه كما يلي :-
1- رواه يوسف بن عطيَّة الصفار عنه عن قَتادة عن سعيد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .(1/132)
وهذا منكر لأن يوسف ضعيف بالاتفاق ، بل قال النَّسائي والدَّارقطني والدولابي : «متروك » - التَّهذيب (4/458) . وقد قال ابن رجب : « ذكر الأسانيد التي لا يثبت منها شيء ، أولا يثبت منها إلا الشيء يسير ، وذكر منها هذا السَّند : قَتادة عن سعيد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ... ونقل قول البَرْديجي : هذه الأحاديث كلُّها معلولة » - شرح العلل (2/732) .
2- رواه يزيد بن زُرَيع عنه عن قَتادة عن سعيد مرسلاً .
وهذا الوجه قوي ، حيث إنَّ يزيد قويٌّ في سعيد بن أبي عَروبة كما سبق (ص3) .
3- رواه عبد الله الخُرَيبي عنه كرواية حرب .
وقد استغرب هذه الرِّواية ابن صاعد ، واستنكرها البزَّار . وذلك لأنَّ الخُرَيبي قد اختلفت روايته في تسمية شعبة أم سعيد ، وقد خالفه يزيد ، وهو أوثق منه في سعيد بن أبي عَروبة كما سبق (ص3) ، ففي رواية الخريبي هذه نظر . ولعل هذا وهمُ من الخريبي ، حيث إنَّه قد روى هذا الحديث بإسناد آخر ، رواه عن علي بن صالح عن موسى الجهني عن فاطمة بنت علي عن أسماء بنت عُمَيس مرفوعاً - أخرجه الآجريُّ في الشَّريعة (1509) .
ورواه جماعة عن موسى كما في المسند لأحمد (6/369و328) والسُّنن الكبرى للنَّسائيِّ (5/44و124-125) .
وروى هذا الحديث عن قَتادة مرسلاً اثنان هما :-
1- أبو هلال الرَّاسِبيُّ (ص3) .
2- خالد بن قيس البصري ، وهو ثقة ، لكن قال الأزديُّ عن روايته عن قَتادة : « فيها مناكير » - التَّهذيب (1/529) .
ورُوِيَ الحديث عن خالد هذا مسنداً بأنس - رضي الله عنه - في رواية عبد الكريم بن يحيى - . وضعَّف الدَّارقطني هذه الرِّواية بقوله : « ولا يصحُّ عن أنس » . ولم أقف - بعد البحث - على ترجمة لعبد الكريم هذا ، ولعله سلك الجادَّة بروايته تلك .
وروى الحديث أيضاً مطر الوراق (ص3) عن قَتادة ، ولم يبين الدَّارقطنيُّ بقية السَّند ! ولعله رواه كما روى حرب .(1/133)
فهذا الحديث أسنده عن قَتادة اثنان هما حرب ومعمر . وأرسله سعيد بن أبي عَروبة - في الرَّاجح عنه - وأبو هلال وخالد بن قيس ، ولم يرجِّح الدَّارقطني شيئاً .
ويظهر من هذه الرِّوايات صحة الوجهين عن قَتادة ، لتقارب قوتهما .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني لا يصحُّ من مسند أنس - رضي الله عنه - ولا من مسند أبي هريرة - رضي الله عنه - في رواية قَتادة له . وهو إنَّما رواه عن سعيد موصولاً بسعد - رضي الله عنه - أو مرسلاً. ويقرب أَنَّ هذا من صنيع قَتادة .
وفي رواية قتادة عن سعيد المسيب كلام لعله بسبب تدليسه عنه أحياناً .
قال أبو داود : « سمعت أحمد ، سأله رجل عن حديثٍ لسعيد ، فقال : يحيى عن سعيد أصحُّ من قتادة عن سعيد ، أي شيء يصنع بقتادة » - سؤالات أبي داود لأحمد في الجرح (212) .
وقال أحمد : « أحاديث قَتَادَة عن سعيد ما أدري كيف هي ! قد أدخل بينه وبين سعيد نحواً من عشرة رجال لا يعرفون » - رواية ابن هانيء (ص304) .
وكان ابن مهدي يضعِّف أحاديث قَتَادَة عن سعيد بن المسيب تضعيفاً شديداً ، ويقول : « أحسب أنَّ أكثرها بين قَتَادَة وسعيد فيها رجال » - التهذيب (3/430) .
وجاء حديث أنس وأبي هريرة من طرق أُخرى لا تخلوا من علة أخرجها ابن عساكر في تاريخه (42/171و179) .
وأصل حديث سعد أخرجه البخاريُّ كما سبق ، وأخرجه مسلم أيضاً في صحيحه كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل علي (2404) من طريق ابن المنكدر عن ابن المسيب عن عامر عن سعد - رضي الله عنه - به .
الفصل الثالث
أحاديث مسند أبي هريرة - رضي الله عنه -
10. الحديث الأول
وسئل عن حديث يروى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : كُفِّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثوب نجراني ورَيطتين (1) .
فقال : » يرويه قَتادة واختلف عنه .
__________
(1) الرَيطة الثوب الرقيق اللين – النهاية (ص388) (ريط) .(1/134)
? فرواه محمد بن كثير عن هشام عن قَتادة عن ابن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? كذلك رواه المنجوفي أحمد بن عبد الله بن علي بن سويد عن أبي داود عن هشام وعمران القطَّان عن قَتادة عن ابن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وغيره يرويه عن قَتادة عن ابن المسيب مرسلاً .
وهو الصَّواب « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية المنْجُوفي أخرجها البزَّار في المسند (1/385-زوائد) وابن حبَّان في التَّقاسيم (14/598-إحسان) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه يزيد بن زُرَيع وغيره عن هشام عن قَتادة عن سعيد مرسلاً - أشار إليه البزَّار المسند (1/385-زوائد) .
? ورواه وهب بن جرير بن حازم ومسلم بن إبراهيم الفَرَاهيدي عن هشام عن قَتادة عن سعيد مرسلاً - أخرجه ابن سعد في الطَّبقات في ذكر من قال كفِّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... (2/391) .
? ورواه معمر عن قَتادة عن سعيد مرسلاً - أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الجنائز / باب الكفن (3/420) .
? ورواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن سعيد مرسلاً - أخرجه ابن سعد (2/391) .
? ورواه همَّام بن يحيى عن قَتادة عن سعيد مرسلاً - أخرجه ابن سعد (2/391) .
? ورواه شعبة عن قَتادة عن سعيد مرسلاً - أخرجه ابن سعد (2/391) .
? ورواه سلام بن مسكين عن قَتادة أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كفِّن في ثلاثة أثواب - أخرجه ابن سعد (2/391) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث وصلاً وإرسالاً !
فوصله عنه اثنان :-
1- عمران بن داوَر القَطَّان . صدوق قال عنه ابن شاهين : « كان من أخصِّ النَّاس بقَتادة » - التَّهذيب (3/319) .
وروايته هذه فيها نظر كما سيأتي .
2- هشام الدَّسْتَوائي ، على خلاف عنه . فرواه عنه موصولاً اثنان هما :-
__________
(1) العلل (ج2/ل137) (7/306) .(1/135)
أ . محمد بن كثير العَبدي البصري ، واختلف في حاله . فقال ابن معين : «لم يكن بثقة » ، وفسَّره بقوله : « كان في حديثه ألفاظٌ » كأنَّه يضعِّفه . وقال ابن قانع : « ضعيف » . وخالفهما جماعة ، فقال أحمد: « ثقة » ، وقال أبو حاتم : « صدوق » . وذكره ابن حبَّان في الثِّقات وقال : « كان تقيِّاً فاضلاً » - التَّهذيب (3/683) .
فالرَّجل كما قال أبو حاتم ، أو أكثر ، وهو بصري كهشام .
ب . أبو داود الطَّيالسي البصري (ص3) .
فرواية هذين عن هشام قوية في وصله . وخالفهما جماعة فأرسلوه وهم :-
أ. وهب بن جرير البصري ، ثقة - التَّهذيب (4/329) .
ب. مسلم بن إبراهيم الفَرَاهيدي (ص3) .
ج. يزيد بن زُرَيع (ص3) .
فالذي يظهر مما سبق أنَّ جانب الإرسال عن هشام أقوى من جانب الوصل ، وذلك من حيث العددُ والاختصاصُ .
وقد تقدَّم (ص3) بيان حال هشام في قَتادة وأنه من أكابر أصحابه الثِّقات . وتابعه على الإرسال جماعة منهم :-
1) معمر (ص3) .
2) شعبة (ص3) .
3) سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
4) همَّام (ص3) .
5) سلام بن مسكين ، إلا أنه خالف الجماعة فوهم في موضعين : - في السَّند بإسقاط سعيد منه ، وفي المتن بذكره ثلاثة أثواب . وهو ثقة بصري - التَّهذيب (2/140) .
فالصحيح عن قَتادة هو إرسال الحديث ، فالعدد والقوة يؤيدان ذلك . ويزاد عليه من قرائن ما يلي :-
1) أن ذكر كفن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد جاء مرسلاً من وجه آخر عن أهل البصرة كما أخرجه ابن سعد في الطَّبقات (2/390) عن أبي قلابة . ، فمخرج الحديث عن أهل البصرة مرسل .
2) أن الزُّهري روى حديث الكفن عن سعيد بن المسيب فأرسله كما أخرجه ابن سعد (2/391) وابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الجنائز / باب ما قَالَوا في كم يكفن الميت (2/464) ، والزهري من أصحاب ابن المسيب ، حيث قال : « جلست إلى سعيد بن المسيب ثمان سنين » ، قال - تاريخ دمشق (55/315) .(1/136)
3) أن سلسلة قَتادة عن سعيد عن أبي هريرة لا تصحُّ كما سبق بيانه (ص3) ، ففي تصحيح ابن حبَّان للحديث نظر واضح .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني لا يصح عن قَتادة إلا مرسلاً ، بل لم يُرْوَ عن أهل البصرة وعن سعيد بن المسيَّب إلا مرسلاً ، ومراسيل سعيد قوية كما سيأتي (ص3) ، وقد أطال الحافظ ابن كثير في صفة كفنه - صلى الله عليه وسلم - في البداية والنهاية (8/125) ، والله أعلم .
11. الحديث الثاني
وسئل عن حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : »إذا وَلَغ الكلب ... « .
فقال :
? » ... وقال أبان العطَّار والحكم بن عبد الملك عن قَتادة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? وخالفهما ابن أبي عَروبة ، رواه عن قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه -
? قال ذلك خالد بن يحيى الهلالي عنه ، واتبعه عن يونس بن عُبَيد عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، ورفعه عنهما .
? وروي عن قَتادة عن سعيد بن المسيب عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ، مرسل .
? قاله سعيد بن بشير عن قَتادة .
ووهم فيه .
? وإنَّما رواه قَتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهو الصَّحيح « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية أبان أخرجها أبو داود في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب الوضوء بسؤر الكلب (74) والدَّارقطني في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب ولوغ الكلب (184) والبيهقي في الكبرى كتاب الطَّهارة / باب إدخال التراب ... (1/366) .
? ورواية الحكم أخرجها الدَّارقطني (185) وابن عدي في الكامل (2/500) .
? ورواية خالد أخرجها الدَّارقطني (181) .
__________
(1) العلل (جـ3/ل6) (8/100-101) .(1/137)
? ورواية سعيد بن بشير أخرجها الدَّارقطني (186) ومن طريقه البيهقي (1/367) ، وقال الدَّارقطني عَقِبَه : « هذا صحيح » . ولم يصرِّح عندَهما بالسَّند ! بل ذكرا رواية قَتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وعقباها برواية سعيد بن بشير عن قَتادة قائلَين : « بإسناده نحوه » .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه عبدة بن سليمان عن ابن أبي عَروبة عن قَتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه النَّسائي في الصُّغرى كتاب المياه / باب تعفير الإناء ... (339) وفي الكبرى كتاب الطَّهارة / باب غسل الإناء ... (1/77) .
? ورواه عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه الطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الطَّهارة / باب سؤر الكلب (1/21) .
? ورواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه إسحاق في المسند (1/121) والنَّسائي في الصُّغرى (338) والكبرى (1/78) والدَّارقطني (187) والبيهقي في الكبرى (1/367) من طريق معاذ بن هشام ... وقال البيهقي عَقِبَه : « غريب ، إن كان حفظه معاذ فهو حسن ... » .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث في ذكر الواسطة بينه وبين أبي هريرة – - رضي الله عنه - على أربعة أوجه ، ذكر الإمام الدَّارقطني ثلاثة منها :-
الوجه الأول :- رواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن سعيد بن المسيب مرسلاً – فيما ذكر الدَّارقطني في العلل . والذي يظهر من روايته في السُّنن ، وعنه البيهقي أن روايته عن قَتادة هي عن ابن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وعلى كلتا الحالتين ، سعيد بن بشير ضعيف كما سبق (ص3) .
ولذا ضَعَّفَ الدَّارقطني روايته هذه ، وعدَّها وهماً منه ، وإن كان صحَّحها في السُّنن كما سبق ذكره .
وروى الحديث سعيد بن أبي عَروبة ، واختلف عليه فيه .(1/138)
فرواه خالد بن يحيى الهلالي عنه عن قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وهذا الوجه الثاني عن قَتادة .
وخالد هو السَّدُوسِي البصري ، قال عنه ابن عدي : « أرجو أنه لا بأس به » - الكامل (3/422) ، وقال الذهبي : « صويلح لا بأس به » - الميزان (1/645) .
والحسن لم يسمع من أبي هريرة - رضي الله عنه - كما قال يونس بن عبيد وأحمد وابن المديني وأبو حاتم وأبو زرعة – التَّهذيب (1/390) .
قال البَرْديجي عن هذه السلسلة – قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : « لا يثبت منها حديث أصلاً من رواية الثِّقات » - شرح العلل (2/732) .
وخالف خالداً اثنان ، روياه عن سعيد عن قَتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة ، وهذا هو الوجه الثالث . والراويان هما :-
أ . عبدة بن سليمان الكوفي ، ثقة بل قال أحمد : « ثقة ثقة ، وزيادة » - التَّهذيب (2/642) .
ب . عبد الوهاب بن عطاء البصري (ص3) .
وتابع ابن أبي عَروبة على هذا الوجه اثنان هما :-
1. أبان العطَّار البصري (ص3) .
2. الحكم بن عبد الملك البصري ، ضعيف بالاتفاق – التَّهذيب (1/466) .
فهذا الوجه أصح عن سعيد من حيث العددُ والقوةُ ومتابعةُ من تابعه عليه .
وهذا ما رجَّحه الدَّارقطني هنا . وقد تقدَّم (ص3) بيان قوة سعيد في قَتادة.
الوجه الرابع :- رواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة . ولم يذكر الدَّارقطني هذا الوجه .
وهشام من أثبت أصحاب قَتادة كما سبق (ص3) .
وقد خالف هنا جميع من روى الحديث عن قَتادة ، ولذا استغرب هذه الرِّواية البيهقي ، بينما أخرجها النَّسائي ولم يعلِّها ، ولِقَتادة بهذا السَّند عدة أحاديث كما سيأتي (ص3) .(1/139)
والأقرب – والله أعلم – أنها لا تصحُّ ، ولعلها من أوهام ابنه معاذ عليه كما ذكر البيهقي ، ولذا أعرض عن ذكرها الدَّارقطني في العلل . ويبقى كلامه صحيحاً حيث قال : « وإنَّما رواه قَتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة ، وهو الصَّحيح » .
ولِقَتادة بهذا السَّند عدة أحاديث ، واحد منها عند مسلم متابعة (2263) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة ، وهذا سند صحيح ، وما عداه وهمٌ ، لاتفاق اثنين من كبار أصحاب قَتادة الثِّقات على ذلك .
وجاء الحديث من طريق آخر عن ابن سيرين ، رواه عنه هشام بن حسان – أخرجه مسلم (279) .
ومن طرق أخرى عن أبي هريرة – أخرجها البخاري (172) عن الأعرج عنه ، ومسلم عن أبي صالح وهمَّام وأبي رَزِين الأسديُّ عنه ، والله أعلم .
12. الحديث الثالث
وسئل عن حديث الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » إنَّ أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته ... « .
فقال : » ... ورواه قَتادة عن الحسن ، واختلف عنه .
? فرواه همَّام بن يحيى وسعيد بن بشير عن قَتادة عن الحسن عن حريث بن قبيصة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وقال عمران القطَّان عن قَتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وقال ابن أبي عَروبة وأبان العطَّار عن قَتادة عن الحسن عن أنس بن حكيم الضبي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? ... وقال عثمان البري عن قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية همَّام أخرجها التِّرمذي في الجامع كتاب الصَّلاة / باب 305 (314) وابن نصر في الصَّلاة (185) والنَّسائي في كتاب الصَّلاة / باب المحاسبة على الصَّلاة من الصُّغرى (465) والكبرى (1/144) والطَّحاوي في المشكل (6/187) .
__________
(1) العلل (ج3/ل32) (8/245و247) .(1/140)
? ورواية سعيد بن بشير أخرجها الطَّبراني في مسند الشاميين (2673) وابن عساكر في تاريخه (20/277) .
? ورواية عمران أخرجها النَّسائي في الصُّغرى (466) والمزِّي في تهذيبه (3/394) ، ونقل قولَ ابنِ صاعدٍ : « غريب » .
? ورواية أبان أخرجها ابن أبي شيبة فِي المصنَّف (7/276) والبخاري في تاريخه الكبير (2/33) وابن أبي خَيثمة في تاريخه الكبير (ل167) وابن نصر في الصَّلاة (181) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه موسى بن خلف حدثنا قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه البخاري في تاريخه الكبير (ل67-الخفاف) (2/34) .
? ورواه خُلَيد بن دَعْلَج عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - – أخرجه الطَّبراني في الأوسط (4/127) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث اختلافاً شديداً . وساق الإمام الدَّارقطني من ذلك أربعة أوجه هي :-
الوجه الأول :-رواه اثنان عنه عن الحسن عن حريث بن قبيصة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهذان الاثنان هما :-
1. همَّام بن يحيى (ص3) .
2. سعيد بن بشير (ص3) .
ويظهر هنا قوة هذا الوجه عن قَتادة ، لقرائن منها :-
1) قوة همَّام في قَتادة كما سبق .
2) متابعة سعيد له .
3) غرابة السَّند ، حيث لم يرد به حديث آخر في الكتب السَّبعة ، والوهم من اثنين في مثل هذا نادرٌ غالباً .
وحريث بن قبيصة – ويقال – قبيصة بن حريث مختلف فيه .
فذكره ابن حبَّان في الثِّقات ، وقال العجليُّ : « ثقة » . وقال البخاريُّ : « في حديثه نظر » ، وقال النَّسائي : « لا يصحُّ حديثه » ، وقال ابن حزم : «ضعيف مطرح » - التَّهذيب (3/425) ، فالرَّجل صدوق في نفسه لكن حديثه ضعيف .
الوجه الثاني :- تفرد به عمران بن داوَر القطَّان ، رواه عن قَتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهذه الرِّواية وهم من عمران لسببين هما :-
1) تفرُّده به ، وليس من خاصةِ أصحابِ قَتادة سبق (ص3) .(1/141)
2) كثرة رواية أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - كما تحفة الأشراف (10/385) ، فلعله سلك الجادَّة هنا .
الوجه الثالث :- رواه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) ، وأبان (ص3) عن قَتادة عن الحسن عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ويظهر صحة هذا الوجه أيضاً عن قَتادة لقرائن منها :-
1) قوة سعيد في قَتادة .
2) متابعة أبان له ، واتفاق ثقتين على وهم واحد بعيد عادة .
3) غرابة السَّند الذي أتيا به ، فإنه لم يرد حديث غير هذا للحسن عن أنس ابن حكيم عن أبي هريرة في الكتب السَّبعة ، فالوهم في مثل هذا نادر، فلما رُوِيَ ذلك دلَّ على حفظِ من أتَى به .
4) أن قَتادة قد توبع على هذا الوجه ، حيث رواه علي بن زيد بن جدعان ويونس بن عبيد عن الحسن عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وأنس بن حكيم ذكره ابن حبَّان في الثِّقات ، وجعله ابن المديني في شيوخ الحسن المجهولين ، وقال ابن القطَّان : « مجهول » - التَّهذيب (1/189) .
وقد اختلف على علي بن زيد ويونس في ذلك ، ورجَّح الدَّارقطني بعد ذكر ذلك الاختلاف بقوله : « وأشبهها بالصَّواب قول من قال : عن الحسن عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - » - العلل (8/248) .
الوجه الرابع :- رواه عثمان بن مِقْسم البري وموسى بن خلف ، فأسقطا الواسطة بين الحسن وأبي هريرة - رضي الله عنه - ، وهذا السَّند منقطع كما تقدَّم (ص3) .
وعثمان متروك كما سبق (ص3) .
وموسى بن خلف مختلف فيه ، قال عنه ابن معين : « ليس به بأس » ، وقال في رواية أخرى : « ضعيف » ، وقال أبو حاتم : « صالح الحديث » ، وقال يعقوب بن شيبة : « ثقة » ، وقال أبو داود : « ليس به بأس ليس بذلك القوي » ، وقال ابن حبَّان : « أكثر من المناكير » ، وقال العجلي : « ثقة » ، وقال الدَّارقطني : « ليس بالقوي يعتبر به » - التَّهذيب (4/174) .
فهو كما قال ابن حجر : « صدوق عابد ، له أوهام » - التَّقريب (7007) .(1/142)
وهذا الوجه قد رواه جماعة عن الحسن ، ذكرهم الدَّارقطني في العلل (8/246) .
ويظهر أنَّ في صحَّة هذا الوجه عن قَتادة نظرٌ ، لتفرد موسى به ، مع مخالفته للباقين ، ولا تفيده متابعة عثمان له لشدَّة ضعفه .
الوجه الخامس ، ولم يذكره الدارقطني :- رواه خُلَيد بن دَعْلَج عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - . وهذا الوجه ضعيف لقرائن منها :-
1) سلوك الجادَّة ، لكثرة رواية قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
2) مخالفة كل أصحاب قَتادة السابقين .
3) ضعف خُلَيد المتفق عليه بين العلماء ، بل قال أبو حاتم : « حدَّث عن قَتادة أحاديث مناكير » - التَّهذيب (1/550) .
فالذي يتبيَّن أنَّ الحديث بهذه الطُّرق مضطَّرب كما قال المزِّي في تهذيبه (1/287) .
ولعل هذا الاضِّطراب من الحَسَن ، فاضَّطرب أصحابه تبعاً له ، وإن كان رواية من رواه عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أقوى وأشبه ، كما قال الدَّارقطني آنفاً .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث فيه اضطراب عن قَتادة ، وعن الحسن ، ولعل أقرب الأوجه رواية من روى عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، لقوَّة من قال ذلك عن قَتادة ، وأنس مجهول ، فالسَّند ضعيف . وله شاهد عن تميم الدَّاري - رضي الله عنه - – أخرجه أبو داود في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب قول النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : « كل صلاة ... » (862) وابن ماجة في السُّنن كتاب إقامة الصَّلاة / باب ما جاء في أول ما يحاسب ... (1426) .
13. الحديث الرابع
وسئل عن حديثٍ روي عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وعن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » إذا قعد بين شعبها الأربع وألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل « .
فقال : » ... اختلف عن قَتادة .(1/143)
? فرواه شعبة وهشام وأبان وهمَّام وأبو عَوانة عن قَتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? وكذلك قال يزيد بن زُرَيع عن ابن أبي عَروبة عن قَتادة ...
? وخالفه عبد الأعلى ، فرواه عن سعيد عن قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - موقوفاً ، ولم يرفعه ، ولم يذكر أبا رافع .
? ورواه الليث بن سعد عن قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاُ ، ولم يذكر أبا رافع .
? وتابعه سعيد بن بشير عن قَتادة .
? ورواه حماد بن سلمة عن قَتادة ... عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - موقوفاً ، ولم يذكر فيه أبا رافع ... « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية شعبة أخرجها الطَّيالسي (ص321) وأحمد (2/520) كلاهما في المسند ومسلم في صحيحه كتاب الحيض / باب نسخ الماء ... (348) وأبو داود في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب في الإكسال (218) والنَّسائي في كتاب الطَّهارة / باب وجوب الغسل ... من الصُّغرى (191) والكبرى (1/108) وابن الجارود في المنتقى باب في الجنابة ... (92) وابن المنذر في الأوسط (1/132) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الطَّهارة / باب الذي يجامع ... (1/56) وابن حزم في المحلى (2/2-3) والبيهقي في الكبرى كتاب الطَّهارة / باب وجوب الغسل بالتقاء الختانين (763) وابن حجر في التغليق (2/165) .
__________
(1) العلل (جـ3/ل43) (8/252-254) .(1/144)
? ورواية هشام أخرجها الطَّيالسي (ص321) وأبو نعيم الفضل في كتاب الصَّلاة / باب ما يوجب الغسل (28) وابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الطهارات / باب من قال إذا التقى ... (1/84) وإسحاق (1/109) وأحمد (2/234و393) كلاهما في المسند والبخاري في الجامع كتاب الغسل / باب إذا التقى ... (291) وأبو محمد الدَّارمي في السُّنن كتاب الصَّلاة والطَّهارة / باب في مس الختان (767) ومسلم (348) وابن ماجة في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب ما جاء في وجوب الغسل ... (610) وأبو داود (218) وابن الجارود (92) والطَّحاوي في شرح المعاني (1/56) وابن حبَّان في التَّقاسيم (3/339و453 و456-إحسان) وأبو الشَّيخ في طبقاته (2/338) والدَّارقطني في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب في وجوب الغسل ... (392) وابن حزم في المحلى (2/3) والبيهقي في الكبرى (763و764) والبغوي في شرح السنة (2/4) وابن عساكر في معجمه (2/833) .
? ورواية أبان علقها البخاري في الجامع (291) ، وأخرجها أحمد (2/347) والطَّحاوي في شرح المعاني (1/56) وابن حزم (2/3) والبيهقي في الكبرى (765) .
? ورواية همَّام أخرجها أحمد (2/347) وابن حزم في المحلى (2/3) والبيهقي (765) .
? ورواية يزيد أخرجها البيهقي في الكبرى (766) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث على وجهين اثنين :-
الأول :- رواه جماعة عن قَتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً . وهم:-
1) شعبة (ص3) .
2) هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
3) أبان العطَّار (ص3) .
4) أبو عَوانة (ص3) .
5) همَّام بن يحيى (ص3) .
وهؤلاء أصحاب قَتادة الكبار .
ورواه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) ، واختلف عليه على وجهين عن قَتادة .
الأول :- رواه يزيد بن زُرَيع (ص3) عنه كرواية الجماعة .(1/145)
الثاني :- رواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى القرشي البصري فخالف يزيداً ، فأسقط أبا رافع ، وأوقف الحديث كما سيأتي في الوجه الثاني عن قَتادة .
وعبد الأعلى وإن كان ثقة فليس في درجة يزيد . بل قد قال ابن سعد عنه : « لم يكن بالقوي » ، وقال أبو حاتم : « صالح الحديث » ، وقال النَّسائي : « لا بأس به » . ووثقه ابن معين وأبو زرعة وابن حبَّان والعجلي وابن نُمير وابن وضَّاح – التَّهذيب (2/465) .
فتقديم يزيدَ على عبدِ الأعلى في هذا الحديث أقرب ، والله أعلم .
الوجه الثاني :- رواه عن قَتادة جماعة أسقطوا أبا رافع من السَّند ، فصار منقطعاً ، حيث إنَّ الحسن لم يسمع أبا هريرة - رضي الله عنه - كما سبق (ص3) .
واختلف هؤلاء في رفع الحديث ووقفه على وجهين اثنين .
1. فرفعه عن قَتادة الليث بن سعد ، وسعيد بن بشير وفيه ضعف تقدم (ص3) .
2. وخالفهما حماد بن سلمة ، فرواه عن قَتادة موقوفاً ، كما رواه عبد الأعلى عن سعيد .
وقد تقدَّم (ص3) أن في رواية حماد عن قَتادة ضعفاً ، فرواية الرفع أصحُّ ، حيث إنَّها رواية كل أصحاب قَتادة ، وإن اختلفوا في السَّند .
ولم يرجِّح الدَّارقطني بعد سياق الخلاف على قَتادة إلا إنه ساق - بعد ما تقدَّم - الخلافَ على الحسن ويونس وأشعث . ثم قال (8/59) : « والصَّحيح عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - » .
ويظهر أَنَّ هذا الاختلاف من الحسن نفسه ، فمرةً كان يذكر أبا رافع ، ومرةً يرسله ، كما هي عادته وعادة كثير من محدثي السَّلف ، في إرسال الحديث أو وقفه . ولذا رجَّح الشَّيخان الوصل ، فأخرجا الحديث في الصَّحيح كما سبق .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أنه عن قَتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بالرَّفع أثبت ، وأن الخلاف عنه ناشيء من الحسن ، فروى قتادة ما سمعه منه ، والله أعلم .
14. الحديث الخامس(1/146)
وسئل عن حديث روي عن زُرارة بن أوفى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » إن الله تجاوز لأمتي عما حدَّثت بها أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلَّم به « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
فرواه مسعر (1) ... عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً .
? ورواه شيبان بن عبد الرحمن وابن أبي عَروبة وأبو عَوانة وهشام الدَّسْتَوائي وشعبة ومطر الورَّاق وهمَّام بن يحيى وأبو هلال الرَّاسِبي والقاسم بن الوليد الهمداني ومُجاعة بن الزُّبير ونصر بن طَريف أبو جُزَي عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، ورفعوه إلى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
واختلف عن المسعودي .
? فرواه عاصم بن علي وإسماعيل بن عمر أبو المنذر عن المسعودي عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وغيرهم يرويه عن المسعودي عن قَتادة عن زُرارة عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - .
? وأرسله صالح المري عن قَتادة عن زُرارة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? وحدَّث به شيخ – من أهل الموصل يقال له : أيوب بن سلمة – عن أبي عَوانة – وهم فيه وهماً قبيحاً جعله – عن قَتادة عن النَّضْر بن أنس عن بشير ابن نَهيك عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
والصَّحيح عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً ... « (2) .
التَّخْرِيج
__________
(1) كذا رواه عنه جماعة ، وهو الصحيح عنه .
(2) العلل (جـ3/ل45) (8/314) .(1/147)
? رواية مسعر أخرجها الحميديُّ (1173) وإسحاق (7) وأحمد (2/481) - في مسانيدهم - والبخاريُّ في الجامع كتاب العتق / باب الخطأ ... (2528) وفي كتاب الأيمان / باب إذا حنث ... (6664) ومسلم في صحيحه كتاب الأيمان / باب تجاوز الله ... (127) وابن ماجة في السُّنن كتاب الطلاق / باب طلاق المكره (2044) والنَّسائي في كتاب الطلاق / باب من طلق في نفسه من الصُّغرى (3434) والكبرى (3/360) والطَّحاوي في المشكل (4/321) وابن مندة في الإيمان (348) وأبو نعيم في الحلية (2/259) وابن بشران في أماليه (804) والبيهقي في الشعب (331) والخطيب في تاريخه (9/439) وأبو محمد البغويُّ في شرح السُّنَّة (1/108) من طرق عنه . وروايته مرفوعة عند كلِّ تلاميذه عدا وكيع فأوقفه عند أحمد ومسلم .
? ورواية شيبان أخرجها مسلم (127) والنَّسائي في الصُّغرى (3435) والكبرى (3/360) والطَّحاوي في المشكل (4/322) وابن الأعرابيِّ في المعجم (1586) وابن منده في الأيمان (350) وابن نعيم في أخبار أصبهان (2/331) .
? ورواية ابن أبي عَروبة أخرجها ابن أبي شيبة في المصنف (4/85) وإسحاق (6) وأحمد (2/425و476) كلاهما في المسند ومسلم (127) وابن ماجة (2040) والتِّرمذيُّ في الجامع كتاب الطلاق / باب ما جاء في من يحدث ... (1183) - وصحَّحه - والطَّحاوي (4/320) وابن منده (350) وفي معجمه (1/79) .
? ورواية أبي عَوانة أخرجها لوين في جزئه (101) مسلم (127) وابن منده (351) والبيهقي في الشعب (332) وفي الكبرى كتاب القسم / باب10 (7/486و573) .
? ورواية هشام أخرجها إسحاق (5) وأحمد(2/393و481) والبخاريُّ في الجامع كتاب الطلاق / باب 10 (5269) ومسلم (127) وأبو داود في السُّنن كتاب الطلاق / باب في الوسوسة بالطلاق (2202) والطَّحاوي في المشكل (4/321) وابن منده في الإيمان (349) والقضاعيُّ في مسند الشهاب (2/276) .(1/148)
? ورواية همَّام أخرجها الطَّيالسيُّ (2459) وأحمد (2/491) وأبو يعلى (11/276) - في مسانيدهم – وابن حبَّان في التَّقاسيم (10/178-إحسان) والبيهقي في الكبرى (7/486) والشُّعب (332) .
? ورواية صالح المرِّيِّ أخرجها الحارث في المسند (19-زوائد) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه حماد بن سلمة عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه الطَّحاوي في المشكل (4/320) والبيهقي في الكبرى (7/486) والشُّعب (332) .
? ورواه أبان عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه البيهقي في الكبرى (7/486) والشُّعب (332) . وأشار إليه أبو نعيم في الحلية (7/261) .
? ورواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه الطَّبرانيُّ في مسند الشَّاميين (4/56) .
? ورواه إسماعيل بن مسلم المكيُّ عن قَتادة عن زُرارة عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - – أشار إليه البزَّار في المسند كما في حاشية العلل للدارقطني (8/316) .
? ورواه يزيد بن هارون عن المسعوديِّ عن قَتادة عن زُرارة عن عمران بن حُصين - رضي الله عنه - – أشار إليه ابن أبي حاتم في العلل (1/433) .
? ورواه خالد بن عبد الرحمن الخراساني عن المسعوديِّ عن قَتادة عن زُرارة عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - – أخرجه ابن عدي في الكامل (3/467) .
? ورواه سلام بن سليمان عن المسعوديِّ عن قَتادة عن زُرارة عن عمران ابن حصين - رضي الله عنه - – أخرجه تمام في فوائده (342) والحنَّائي في فوائده (ق8/رقم21) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث اختلافاً يسيْراً .
فكل من رواه عنه جعله عن زُرارة عن أبي هريرة . ومن هؤلاء :-
1. مِسْعَر . وهو ابن كدام ثقة ، كان يسمَّى المصحف لقلة خطئه ، ولقوة حفظه – التَّهذيب (4/60-62) .(1/149)
2. شيبان بن عبد الرحمن ، ثقة . قال عنه أحمدُ : « ثبت في كل المشايخ » ، وقال ابن معين : « شيبان أحبُّ إليَّ من معمر في قَتادة » - التَّهذيب (2/184) .
3. ابن أبي عَروبة (ص3) ، وعنه خلاف شاذٌّ حكاه البزَّار في المسند وغلَّطه – حاشية العلل للدارقطني (8/316) .
4. أبو عَوانة (ص3) وعنه خلاف شاذ ، يأتي بعد .
5. هشام (ص3) .
6. شعبة (ص3) .
7. مطر الورَّاق (ص3) .
8. همَّام بني يحيى (ص3) .
9. أبو هلال الرَّاسِبي (ص3) .
10. القاسم بن الوليد الكوفي . وثقه ابن معين والعجلي وابن سعد ، وقال ابن حبَّان في الثِّقات : « يخطئ ويخالف » - التَّهذيب (3/423) ، ولم يخالف هنا .
11. مُجاعة بن الزُّبير (ص3) .
12. حماد بن سلمة (ص3) .
13. سعيد بن بشير (ص3) .
14. أبان (ص3) .
15. نصر بن طَريف . وهو متروك دلَّسَ عن قَتادة أحاديث – اللسان (6/200) .
وخالف هؤلاء الجماعة في إسناده أربعةٌ ، هم :-
1) صالح بن بشير المُرِّي . رواه عن قَتادة عن زُرارة مرسلاً .
وصالح ضعيف – التهذيب (2/189) . فإرساله للحديث مردود .
2) أيوب بن سلمة ، رواه عن أبي عَوانة عن قَتادة عن النَّضر بن أنس عن بشير بن نَهيك عن أبي هريرة - رضي الله عنه - . ورد الدَّارقطني هذه الرِّواية بشدَّةٍ ، وذلك لقرائن منها :-
أ- احتمال سلوك الجادَّة ، حيث إنَّ قَتادة روى عدة أحاديث بهذا الإسناد كما في تحفة الأشراف (9/303-307) .
ب- مخالفته لكل من رواه عن أبي عَوانة من الثِّقات ، وهم :- سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد ومحمد بن عبيد الغُبَرِي وعفَّان بن مسلم ووهب بن المبارك وغيرهم .
ج- أن أيوب لم أجد - بعد البحث - له ترجمةً ، فيتوقف في روايته حتى يعرف حاله ، ولو كان ثقة ، فقد خالف جماعة .
3) إسماعيل بن مسلم المكي ، رواه عن قَتادة عن زُرارة عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - .
ولِقَتادة بهذا السَّند حديثان في الصَّحيح كما في تحفة الأشراف (8/180) .(1/150)
ولا تصحُّ هذه الرِّواية عن إسماعيل أيضاً ، حيث إنَّه ضعيف بالاتفاق – التَّهذيب (1/167-168) .
4) المسعودي ، واسمه عبد الرحمن بن عبد الله . صدوق اختلط قبل موته، فمن سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط ، ومن هؤلاء ابن مهدي وابن هارون – التَّهذيب (2/523-524) .
واختلف على المسعودي في إسناده على وجهين اثنين هما :-
الأول رواه اثنان عنه عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، كرواية الجماعة عن قَتادة . وهذان الراويان هما :-
1. عاصم بن علي ، صدوق ، قال عنه أحمد : « كان حديثه صحيحاً ، حديث شعبة والمسعودي ما كان أصحها » - التَّهذيب (2/256) .
2. إسماعيل بن عمر ، ثقة – التَّهذيب (1/161) .
وخالفهما جماعة رووه عن المسعودي عن قَتادة عن زُرارة عن عمران بن حصين – كرواية إسماعيل بن مسلم عن قَتادة . وهم :-
1. سلام بن سليمان بن سوَّار الثَّقفي ، وهو صدوق يهم كما في التَّقريب (2719) .
2. يزيد بن هارون ، ثقة حافظ . إلا أنَّه تقدَّم أنَّ في سماعه من المسعودي ضعفاً .
3. خالد بن عبد الرحمن الخراساني ، وثقه ابن معين وابن عبد الحكم وبحر بن نصر ، وقال أبو حاتم وأبو زرعة : « لا بأس به » ، وتكلَّم فيه العقيليُّ بقوله : « في حفظه شيء » ، وقال ابن عدي : « ليس بذاك » - التَّهذيب (1/525) وذكر ابن عدي هذا الحديث في ترجمته ، إلا أنه جعل العُهدة في ذلك على المسعودي ، بسبب اضطرابه فيه – الكامل (3/367) .
وهو كما قال فإنَّ الطَّريقين عن المسعودي متكافئتان ، واضَّطرابه فيه واضح كما قال ابن عدي ، وأشار إليه أبو نعيم في الحلية (7/261) .(1/151)
أما قول أبي حاتم - بعد ذكر ابنه لرواية يزيد بن هارون قال - : « هذا خطأ ، إنَّما رواه عن أبي هريرة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - » ، فليس بصريح في توهيم يزيد بن هارون ، لاحتمال عود الضَّمير إلى المسعودي ، خصوصاً ، وأنَّ يزيد قد روى الحديث عن مسعر عن قَتادة كرواية الجماعة فيما ذكر الدَّارقطني من خلاف على مسعر .
ويظهر من عبارة الدَّارقطنيِّ في قوله : « وغيرهم يرويه عن المسعودي ... » ، أن جانب يزيد وخالد أكثر ، والله أعلم .
وعلى كلٍ فالصَّواب أن قَتادة إنَّما رواه عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، كما رجَّحه الدَّارقطنيُّ وابن عدي في الكامل (3/468) وأبو حاتم ، وقال البزَّار : « المحفوظ إنَّما هو عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - » - حاشية العلل (8/316) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني وغيره إنَّما رواه قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة . وما عدا ذلك فوهم ممن رواه ، لاتفاق أصحاب قَتادة الحفَّاظ على ذلك الوجه ، والله أعلم .
15. الحديث السادس
وسئل عن حديث أبي الأحوص عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : » صلاة في الجميع تزيد على صلاة الفذِّ خمساً وعشرين درجة « .
فقال : » ... روى هذا الحديث قَتادة ، واختلف عليه .
فرواه شعبة عن قَتادة ، واختلف عنه في رفعه .
? فرواه يحيى القطَّان وخالد بن الحارث وغُنْدَر وروح عن شعبة عن قَتادة عن عقبة بن وسَّاج عن أبي الأحوص عن عبدِ الله - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? ورواه عمرو بن مرزوق وحجَّاج بن محمد عن شعبة موقوفاً .
? ورواه همَّام عن قَتادة عن مورِّق العجلي عن أبي الأحوص عن عبدِ الله - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? ورواه سليمان التَّيمي ، واختلف عنه في رفعه .(1/152)
? فرواه معتمر عن أبيه عن قَتادة عن أبي الأحوص عن عبدِ الله - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
لم يذكر بين قَتادة وأبي الأحوص أحداً .
? وتابعه أزهر بن سعد السمان عن التَّيمي عن قَتادة ، إلا أنه وقفه ، ولم يرفعه .
ورواه هشام الدَّسْتَوائي وسعيد بن أبي عَروبة وأبان العطَّار عن قَتادة عن أبي الأحوص عن عبدِ الله - رضي الله عنه - مرفوعاً إلى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
ولم يذكروا بين قَتادة وأبي الأحوص أحداً « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية يحيى أخرجها ابن خزيمة في صحيحه كتاب الإمامة / باب فضل الجماعة (2/363) والهيثم بن كليب في المسند (2/154) .
? ورواية غُنْدَر أخرجها أحمد (1/437) والبزَّار (5/424) كلاهما في المسند وابن خزيمة (2/363) والطَّبراني في الكبير (10/128) .
? ورواية حجَّاج أخرجها أحمد في المسند (1/437) وفيه قال حجَّاج : «ولم يرفعه شعبة لي وقد رفعه لغيري ... » .
? ورواية همَّام أخرجها أحمد (1/437و452) والبزَّار (5/426) وأبو يعلى (8/418) والهيثم بن كليب (2/154) كلهم في مسانيدهم والطَّبراني في الكبير (10/128) وأبو نعيم في الحلية (2/237) وابن عساكر في معجمه (2/632) .
? ورواية هشام أخرجها الهيثم بن كليب في المسند (2/153) .
? ورواية سعيد أخرجها أحمد (1/376و425و465) والطَّبراني في الكبير (10/128) .
? ورواية أبان أخرجها الهيثم بن كليب في المسند (2/153) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه النَّضْر بن شميل عن شعبة عن قَتادة عن عقبة بن وسَّاج عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أخرجه إسحاق في المسند (1/286) .
? ورواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن مورِّق العجلي عن أبي الأحوص عن عبدِ الله - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أشار إليه ابن أبي حاتم في العلل (1/122) .
__________
(1) العلل (جـ3/ل56) (9/44) .(1/153)
? ورواه عمران القطَّان عن قَتادة عن مورِّق العجلي عن أبي الأحوص عن عبدِ الله - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ذكره عفان بن مسلم بقوله : « بلغني أنَّ أبا العوام يعني عمران القطَّان وافق هماماً على مورِّق » - العلل لعبد الله بن أحمد (2/6) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث وعلى أصحابه في رفعه ووقفه ، وفي ذكر الواسطة بين قَتادة وأبي الأحوص .
فجماعة من أصحابه رووه عنه عن أبي الأحوص عن ابن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعاً .
ومن هؤلاء :-
1. هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
2. ابن أبي عَروبة (ص3) .
3. أبان العطَّار (ص3) .
4. سليمان بن طَرْخان التَّيمي البصري .
وهو ثقة حافظ ، إلا أنَّ أبا بكر الأثرمَ تكلَّم في حديثه عن قَتادة ، حيث قال: «كان لا يقوم بحديث قَتادة » ، وقال : « لم يكن التَّيمي من الحفَّاظ من أصحاب قَتادة » ، وذكر له أحاديث وهم فيها عن قَتادة – شرح العلل (2/631) .
والتَّيمي له وهم مشهور عن قَتادة يأتي (ص3) وآخر (ص3) .
ولم أقف - بعد البحث - على من تكلَّم في التَّيمي عن قَتادة غير الأثرم . بل لقد اعتمد البخاري - على هذه السِّلسلة - ومسلم كذلك في عدة أحاديث .
روى التَّيمي هذا الحديث عن قَتادة كرواية هشام وسعيد وأبان ، إلا أنَّه اختلف عليه في رفعه ووقفه .
فرفعه عنه ابنه معتمر ، وهو ثقة كما قال ابن معين وأبو حاتم وابن سعد والعجلي ، وقال أحمد : « ما كان أحفظ معتمر بن سليمان ... » ، وقال ابن خراش : « صدوق يخطئ من حفظه ، وإذا حدَّث من كتابه فهو ثقة » ، وقال يحيى القطَّان : « سَيِّء الحفظ » - التَّهذيب (4/117) .
وخالفه أزهر بن سعد السَّمَّان فوقفه . وأزهر ثقة – التَّهذيب (1/104) .
وَرَفْعُهُ عن التَّيمي أقرب لقرائن منها :-
أ. أنَّها رواية ابنٍ عن أبيهِ ، وهي أقوى غالباً .(1/154)
ب. أن رواية أزهر عن التَّيمي قليلة جداً . فلم يخرج له من أصحاب الكتب السِّتَّة عنه إلا التِّرمذي .
ج. أن رواية معتمر عن أبيه قد أخرج بها الشيخان عشرات الأحاديث .
ولِقَتادة بهذا السَّند حديث آخر يأتي بعد (3) .
وخالف هؤلاء في إسناده جماعة ، رَووه عن قَتادة عن مورِّق العجلي عن أبي الأحوص عن ابن مسعود مرفوعاً ، منهم :-
1. همَّام بن يحيى (ص3) . وله حديث آخر بهذا السَّند يأتي بعد (ص3) .
2. سعيد بن بشير ، وهو ضعيف في قَتادة كما سبق (ص3) .
3. عمران القطان (ص3) .
فهذه الرِّواية لا يشكُّ في قوتها لتعدُّد رواتها ، واتفاقهم على وهم واحد بعيد عادةً .
وخالف الجميعَ شعبة بن الحجَّاج (ص3) ، بأن زاد ذكر عقبة بن وسَّاج بين قَتادة وأبي الأحوص بدلاً من مورق . ومن ثمَّ اختلف عليه في رفعه ووقفه .
وكان شعبة قد تردَّد في رفعه ثم قال : « أنا أهاب أن أرفعه ، لأنَّ عبد الله قلَّما كان يرفع ... » - المسند (1/437) .
وعلى كل حال فإن رواية شعبة هذه لا تخلوا من وهم لقرائن منها :-
1- أن قَتادة ليس له حديث مرفوع عن عقبة في الكتب السِّتَّة ، مما يدلُّ على أنَّ هذه الرِّواية فيها نظر .
2- أنه خالف كلَّ من روى الحديث عن قَتادة ، حيث لم يذكروا عقبة ورفعوا الحديث .
3- الاختلاف عليه في رفعه ووقفه ، مما يدلُّ على عدم ضبطه لأصل الحديث .
وقد رجَّح أبو حاتم رواية شعبة هذه فقال : « حديث شعبة أصحُّ لأنَّه أحفظ» - العلل لابنه (1/81و122) .
ولعل ترجيحه هذا للنَّظر في قوَّة شعبة في قَتادة ، ولأنَّ الوهم في مثل هذا الاسم الغريب نادر .
والذي يظهر من الرِّوايات السَّابقة أن قَتادة قد اضَّطرب في هذا الحديث ، ولم يحفظه ، فمرة يجعله عن مورِّق ، وأخرى يسقطه ، وأخرى يذكر عقبة بدلاً منه ، وذلك لشدَّة الاختلاف عليه وقوَّة رواته وتعددهم .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث الأقرب ضعفه لاضَّطراب قَتادة فيه .(1/155)
وقد شكَّك ابن خزيمة في سماعه منه بل قال : « كأني لا أشكُّ أن قَتادة لم يسمع من أبي الأحوص ، لأنَّه أدخل - في بعض أخبار أبي الأحوص - بينه وبين أبي الأحوص مورِّقاً ... » - الصَّحيح (3/92) ، ولو كانت الواسطة مورِّقاً ، فإنَّ في سماع قَتادة منه نظر كما سيأتي (ص3) .
فالسَّند منقطع حتى يثبت السَّماع .
وقد جاء الحديث من طريق آخر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، رواه عنه أبو صالح – أخرجه البخاري في جامعه (477) ومسلم (1/459) ، وله طرق أخرى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - شواهد ، والله أعلم .
16. الحديث السابع
وسئل عن حديث أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » لو تعلمون ما في الصَّفِّ الأول لكانت قُرعة « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
? فرواه أبو قَطَن عن شعبة عن قَتادة عن خِلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? وكذلك قال يعلى بن عبَّاد عن همَّام عن قَتادة ...
? وغيرهما يرويه عن قَتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - موقوفاً .
? قال ذلك سعيد بن أبي عَروبة وأبان العطَّار عن قَتادة .
هذا أشبه « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية أبي قَطَن أخرجها مسلم في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب تسوية الصفوف (439) وابن ماجة في السُّنن كتاب إقامة الصَّلاة / باب فضل الصف المقدم (998) وأبو يعلى في المسند (1/362) والمعجم (102) وابن خزيمة في صحيحه أبواب قيام المأمومين ... / باب ذكر الاستهام (3/25) وأبو الشَّيخ في طبقاته (3/481-482) وابن الأعرابي في المعجم (48و127) وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/240) والخطيب في تاريخه (6/56-66و12/200) والبيهقي في الكبرى كتاب الصَّلاة / باب فضل الصف الأول (3/145) والمزِّي في تهذيبه (6/273) والذَّهبي في التَّذكرة (2/513) .
__________
(1) العلل (ج3/ل59) (9/61-62) .(1/156)
? ورواية يعلى أخرجها الخطيب في تاريخه (14/354) .
? ورواية سعيد وأبان أشار إليها الخطيب في تاريخه (14/354) والمزِّي في التُّحفة (10/ 390) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث على وجهين هما :-
أ . رفعه ووقفه .
ب . ذكر خلاس وإسقاطه من السَّند .
فرواه بالرَّفع والواسطة اثنان هما :-
1) شعبة بن الحجَّاج (ص3) ، كذا رواه عنه أبو قَطَن عمرو بن الهيثم ، وتفرَّد بذلك عنه كما سيأتي .
2) همَّام بن يحيى (ص3) ، في السَّند إليه يعلى بن عباد ، قال عنه ابن حبَّان في الثِّقات (9/291) : « يخطئ » .
وذكره الدَّارقطني عند هذا الحديث في موضع آخر قائلاً : « وقد رواه يعلى بن عبَّاد – هو بغدادي ضعيف – عن همَّام عن قَتادة عن أبي رافع ، ولا يذكر خلاساً » - تاريخ بغداد (14/355) .
كذا قال هنا : إن يعلى أسقط خلاساً ، والذي في تاريخ بغداد بإسناده إليه بذكره ، وهو ظاهر كلام المزِّي في التحفة (10/390) ، فلعله اختلف عليه !
وخالف شعبة في هذا الحديث اثنان ، أوقفاه وأسقطا خلاساً ، وهما :-
1) سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
2) أبان العطَّار (ص3) .
ورجَّح الدَّارقطني روايتهما ، وسبقه في ذلك الحافظ صالح جَزَرَة فقال : « هذا حديث خطأ ، حدثنا به أبو ثور ويحيى بن معين عن أبي قطن ولم يرفعه إلا أبو قطن » ، فقيل له ما الصَّحيح ؟ فقال : « عن أبي هريرة نفسه - رضي الله عنه - ... » - تاريخ بغداد (12/200) .
وقال ابن عدي : « إنَّما رواه قَتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - » - الكامل (2/303) .
ولعل الأقرب في هذا الحديث أن رواية سعيد وأبان أصحُّ ، وذلك لقرائن منها :-
1) أَنَّ هذا ترجيحَ من سبق من الحفَّاظ .
2) أنَّ رواية الاثنين أبعد عن الوهم .
3) أنَّ الأصل عدم الواسطة .(1/157)
4) أنَّ رواية أبي قَطَن - واسمه عمرو بن الهيثم - عن شعبة ليست مشهورة جداً ، وقد ذكره مسلم في الطبقة الثالثة من أصحاب شعبة مع وكيع ويزيد بن هارون بينما ذكره ابن المديني في الطَّبقة الرَّابعة من أصحابه – التَّهذيب (3/310) ، فتفرُّده عنه فيه نظر مع ما قاله صالح جَزَرَة سابقاً ، حيث إنَّه يفهم من كلامه أنه خولف في شعبة .
5) أن هَمَّاماً وإن كان من الأثبات في قَتادة ، فقد خالفه الأثبت فيه ، وفي السند إليه ليِّن .
6) أن رواية قَتادة عن خلاس مباشرة أكثر من روايته عنه بدونها كما سيأتي (ص3) ، فلعل من ذكره سلك الجادَّة ، كما أنَّ الرَّفع جادَّة .
أما تصحيح مسلم للرِّواية ، فإنَّه قد أوردها بعد رواية أُخرى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بنحو اللفظ السابق (437) ، وهو ما رواه أبو صالحٍ عنه مرفوعاً : « لو يعلم النَّاس ما في النِّداء والصفِّ الأوَّل ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا » - وهو في جامع البخاري أيضاً كتاب الأذان / باب الصف الأول (720) ، فهذه الرِّواية في المتابعات .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني – رحمه الله – الأقرب وقفه بدون ذكر خلاس ، وقد صحَّ من وجه آخر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بنحوه ، فالعلة إسنادية فحسب ، والله أعلم .
17. الحديث الثامن
وسئل عن حديث سعد بن هشام عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : »تقطع الصَّلاة المرأة والكلب والحمار « .
فقال : » يرويه قَتادة واختلف عنه .
فرواه هشام الدَّسْتَوائي واختلف عن هشام .
? فرواه معاذ بن هشام ومحمد بن أبي عدي عن هشام عن قَتادة عن زُرارة ابن أوفى عن سعد بن هشام عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .(1/158)
? وخالفهما عبد الرحمن بن مهدي وابن عُلَيَّةَ ومسلم بن إبراهيم ، رووه عن هشام عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - موقوفاً ، ولم يذكروا فيه سعد ابن هشام .
? وكذلك رواه معاذ بن معاذ وابن أبي عدي عن ابن أبي عَروبة عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - موقوفاً .
? ورواه ابن عُلَيَّةَ عن سعيد فخالفهم فقال : عن قَتادة عن زُرارة عن سعد ابن هشام عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – وقال فيه : أحسبه ذكره – عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن هشام عن قَتادة زُرارة عن سعد بن هشام عن أبي هريرة - رضي الله عنه - موقوفاً .
? وقال يحيى القطَّان عن هشام عن قَتادة عن زُرارة بن أوفى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? ورواه الحكم بن عبد الملك عن قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، ورفعه .
? ورواه ابن أبي عَروبة عن قَتادة عن الحسن عن عبدِ الله بن مغفَّل - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? وتابعه الخليل بن مرة عن قَتادة .
? ورواه شعبة عن قَتادة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها موقوفاً ...
والصَّحيح حديث قَتادة عن زُرارة عن سعد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وحديث قَتادة عن الحسن عن عبدِ الله بن مغفَّل - رضي الله عنه - « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية معاذ بن هشام أخرجها إسحاق (1/301) وأحمد (2/299) – كلاهما في المسند – وابن ماجة في السُّنن كتاب إقامة الصَّلاة / باب ما يقطع الصَّلاة (950) .
? ورواية ابن أبي عدي عن هشام أخرجها البزَّار في المسند كما في حاشية العلل (9/91) .
? ورواية ابن عُلَيَّةَ عن هشام أخرجها أحمد في المسند (2/425) .
__________
(1) العلل (ج3/ل64) (9/91) .(1/159)
? ورواية ابن أبي عَروبة عن قَتادة عن الحسن أخرجها أحمد في المسند (4/86و5/57) وابن حبَّان في التَّقاسيم (6/147-إحسان) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى وغُنْدَر عنه به . وأخرجه الطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الصَّلاة / باب المرور بين يدي المصلى (1/458) ، من طريق معاذ بن معاذ عنه به .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه معمر عن قَتادة عن الحسن مرسلاً – أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الصَّلاة / باب ما يقطع الصَّلاة (2/27) .
? ورواه شعبة عن قَتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس - رضي الله عنه - موقوفاً – أخرجه أحمد في المسند (1/347) وأبو داود في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب ما يقطع الصَّلاة (703) والنَّسائي في الصُّغرى كتاب الأذان / باب ذكر ما يقطع الصَّلاة ... (751) وابن خزيمة في صحيحه (2/22) والطَّحاوي في شرح المعاني (1/458) وابن حبَّان في التَّقاسيم (6/138-إحسان) والبيهقي في الكبرى كتاب الصَّلاة / باب من قال يقطع الصَّلاة ... (2/389) كلهم عن القطان عنه .
? ورواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن جابر عن ابن عباس - رضي الله عنه - موقوفاً – أخرجه النَّسائي (751) .
? ورواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن جابر عن ابن عباس - رضي الله عنه - موقوفاً – أشار إليه أبو داود في السُّنن (703) والبيهقي في الكبرى (2/389) . وأخرجه القطيعي في جزء الألف دينار (284) مرفوعاً من طريق سفيان بن حبيب عنه .
? ورواه همَّام عن قَتادة عن جابر عن ابن عباس - رضي الله عنه - موقوفاً – أشار إليه أبو داود في السُّنن (703) .
? ورواه سويد أبو حاتم عن قَتادة ومطر الوراق عن حميد بن هلال عن عبدِالله بن الصَّامت عن أبي ذر - رضي الله عنه - مرفوعاً – أخرجه الطَّبراني في الكبير (2/151) .(1/160)
? ورواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن حميد بن هلال عن عبدِ الله بن الصَّامت عن أبي ذر - رضي الله عنه - مرفوعاً - أخرجه الطَّبراني في الكبير (2/152) .
? ورواه عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن حميد بن هلال عن عبدِ الله بن الصَّامت عن أبي ذر - رضي الله عنه - مرفوعاً – أخرجه ابن حبَّان في التَّقاسيم (6/144-إحسان) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة وأصحابه وأصحابهم في هذا الحديث اختلافاً كبيراً ، وهذه أوجه الخلاف مع دراستها :-
الوجه الأول :- رواه شعبة (ص3) فأتى فيه بإسناد غريب جداً ، حيث قال : عن قَتادة عن عروة عن عائشة ، وهذا السَّند فيه علل :-
1) أن هذه الرِّواية نادرة ، فليس في الكتب السَّبعة بمثلها سوى حديث واحد عند أحمد (6/252) .
2) أن الثَّابت عن عائشة مخالف لهذا اللفظ ، حيث استدركته على أبي هريرة فيما رواه القاسم عنها ، وأخرجه أبو القاسم البَغوي كما في الإجابة للزَّركشي (ص114) .
وقالت أيضاً : « لا يقطع الصَّلاة شيء إلا الكلب الأسود » - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (1/251) بسند صحيح .
3) أن شعبة اختلف عليه في إسناده .
فما ذكره الدَّارقطني هو الوجه الأول عنه .
والوجه الثاني عنه :- رواه القطَّان كما سبق ، واختلفت روايته لهذا الطريق . فعندَما رواه بواسطة شعبة رفعه ، وعندَما رواه بواسطة هشام أوقفه على أبي هريرة كما سيأتي . وقد تقدَّم تصحيحُ ابن خزيمة وابن حبَّان لرواية القطَّان المرفوعة .
والوجه الثالث عنه :- رواه عنه أبو الوليد الطَّيالسي وحجَّاج بن مِنْهَال عند الدَّارمي (1421) وغُنْدَر عند مسلم (510) ومحمد بن كثير عند ابن حبَّان في التَّقاسيم (6/182-إحسان) وشبابة بن سوار عند البيهقي (2/388) ، كلهم عن شعبة عن حميد ابن هلال عن عبدِ الله بن الصَّامت عن أبي ذرٍ - رضي الله عنه - .(1/161)
فالصَّواب في هذه الرِّواية أن شعبة (ص3) وَهِمَ في روايته عن قَتادة هنا ، حيث أتى بالإسناد الأول - ولم يتابعه أحد عليه - ورفعه في إسناده عن ابن عباس ، وقد خالفه ثلاثة :-
1. هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
2. ابن أبي عَروبة (ص3) ، وسيأتي الاختلاف عليهما ، وهذا الوجه الأول عن سعيد ، رواه عنه سفيان بن حبيب مرفوعاً ، وسفيان هذا ثقة ، قال عنه أبو حاتم : « كان أعلم الناس بحديث ابن أبي عروبة » ، وقال القطان : «كان عالماً بحديث شعبة وابن أبي عروبة » - التهذيب (2/54) .
3. همَّام بن يحيى (ص3) .
كلهم أوقفه على قَتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس - رضي الله عنه - ، وقد أخرج الشيخان بهذا السَّند حديثاً واحداً فحسب كما في تحفة الأشراف (4/372) .
وهذا الوجه الثاني عن قَتادة لهذا الحديث .
الوجه الثالث :- رواه جماعة أيضاً عن قَتادة عن الحسن البصري ، واختلف عليه فيه على ثلاثة أوجه هي:-
1. رواه معمر عن قَتادة عن الحسن مرسلاً . ومعمر ليس بالقوي في قَتادة كما سبق (ص3) ، فإرساله لا يضر ولا ينفع هنا .
2. رواه الحكم بن عبد الملك عن قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة ، فسلك الجادَّة . وقد تقدَّم (ص3) أن الحكم ضعيف بالاتفاق ، فلا تصح هذه الرِّواية . وسيأتي آخر الدِّرَاسَة وجه آخر عن أبي هريرة .
3. رواه قَتادة عن الحسن عن عبدِ الله بن مغفَّل .
وروى هذا الوجه عنه اثنان هما :-
أ . خليل بن مرَّة ، وهو ضعيف كما قال ابن حجر – التَّقريب (1767) . لكن قال عنه أحمد بن صالح المصري : « ما رأيت أحداً يتكلم فيه ، ورأيت أحاديثه عن قَتادة ويحيى بن أبي كثير صحاحاً » - التَّهذيب (1/555) . فالرَّجل أقوى حالاً فيهما عن غيرهما ، وسيأتي حاله في يحيى ابن أبي كثير (ص3) .
ب . سعيد بن أبي عَروبة (ص3) ، في رواية عبد الأعلى وغندر (ص3) ومعاذ بن معاذ .
وسيأتي لمعاذ بن معاذ إسناد آخر عن سعيد .(1/162)
وقد اختلف على سعيد في هذا الحديث على أربعة أوجه ، هذا الثاني منها ، والأول تقدَّم قبل قليل ، وسيأتي الباقي بعد .
وهذا الوجه – الثالث - قَوَّاهُ الدَّارقطني عن قَتادة ، وصحَّحه ابن حبَّان .
ومن قرائن قوته :-
1) أن لِقَتادة حديثين بهذا السَّند أخرجهما أحمد في المسند ، فلا غرابة في هذه الرِّواية .
2) أن جماعة اتفقوا على تسمية الحسن في شيوخ قَتادة لهذا الحديث ، وإن اختلفوا بعد ذلك في بقية السَّند ، فاتفاقهم على وهم واحد نادر جداً .
3) أن الوهم في مثل هذا السَّند يعدُّ نادراً عادةً .
الوجه الرابع :- رواه قَتادة عن حميد عن عبدِ الله بن الصَّامت عن أبي ذر .
وهذا الوجه رواه عنه جماعة منهم :-
1) سويد بن إبراهيم الجَحْدَري أبو حاتم البصري ضعيف ، قال عنه ابن عدي : « حديثه عن قَتادة ليس بذاك ، وسويد فيه ضعف ، وإنَّما يخلط عن قَتادة ، ويأتي عنه بأحاديث لا يأتي بها عنه أحد غيره ... » - التَّهذيب (2/132) .
2) سعيد بن بشير (ص3) .
3) سعيد بن أبي عَروبة (ص3) ، في رواية عبد الوهاب بن عطاء (ص3) ، وهذا الوجه الثالث عن سعيد ، وسيأتي الرابع بعد .
وعبد الوهَّاب في هذا الوجه خالف جماعة من أصحاب سعيد الثِّقات .
وهذا الحديث بهذا الوجه رواه جماعة عن حميد ، ولم يعرِّج الدَّارقطني على هذه الرِّواية ، وفي صحتها نظر لسببين هما :-
1- أن قَتادة ليس معروفاً بالرِّواية عن حميد ، بل ليس له في الكتب السِّتَّة شيء من ذلك .
2- أن الذين رَوَوا هذا الوجه إما ضعفاء وإما مختلف عليهم في إسناده ، ولعلَّ الدَّارقطني لم يعدَّ هذا الوجه شيئاً ، فلم يعرِّج عليه ، وإن كان قد صحَّحه ابن حبَّان كما سبق ، وفي بعض تصحيحاته نظر عند العلماء .
الوجه الخامس :- رواه قَتادة عن زُرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ورواه بهذا الوجه عنه اثنان هما :-(1/163)
1) سعيد بن أبي عَروبة (ص3) – في رواية معاذ بن معاذ – وهو الوجه الثاني عن معاذ . والأول تقدَّم عند ذكر عبد الله بن مغفَّل . وكذا رواه سعيد في رواية ابن أبي عدي ، وهو وجه ثانٍ عنه ، وسيأتي له وجه آخر بعد قليل .
ورواية سعيد موقوفة من هذين الطريقين .
ورواه ابن عُلَيَّةَ – في الوجه الأول عنه – عن سعيد ، وقال فيه : « أحسبه ذكر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - » ، ولم يصرِّح بالرَّفع .
وهذا الوجه الرابع عن سعيد ، وهو أقواها بعد رواية عبد الله بن مغفَّل السابقة
2) هشام الدَّسْتَوائي (ص3) . واختلف عليه في الرفع والوقف وفي ذكر سعد ابن هشام وإسقاطه .
فبذكر سعد بن هشام رواه معاذ بن هشام وابن أبي عدي – في الوجه الثاني عنه – مرفوعاً ، وابن مهدي – في وجه عنه – موقوفاً . وبإسقاط سعد أوقفه الباقون ، وهم :- ابن مهدي وابن عُلَيَّةَ والقطَّان – في وجهٍ عنهم – ومسلم بن إبراهيم .
وليس لزُرارة عن سعد عن أبي هريرة في الكتب السَّبعة سوى هذا الحديث .
وله – أي زُرارة – عن سعد عن عائشة ، وعن أبي هريرة مباشرة أحاديث في الكتب السَّبعة .
ورجَّح الدَّارقطني رواية الواسطة عن أبي هريرة ، وفي هذا نظر لقرائن منها :-
1) أنَّ الأصل عدم الواسطة ، وزُرارة يروي عن أبي هريرة كما سبق .
2) أنَّ زُرارة عندَما يروي عن سعد يسند غالباً عن عائشة ، وبهذا السَّند في الكتب السَّبعة أحاديث كثيرة ، فالطَّريق هذا مسلوك ، بخلاف إسنادِهِ بأبي هريرة فقليلٌ ، فالوهم فيه نادر ، ويأتي مثله في حديث آخر (ص3) .
3) أنَّ هشاماً عندما رواه عن قَتادة عن زُرارة اختلف عليه في ذكر الواسطة ، أما سعيد بن أبي عَروبة فإنَّه عندَما رواه عن قَتادة عن زُرارة لم يختلف عليه في إسقاطها .
4) أنَّ الذين رووه عن هشام بذكر الواسطة قد جاء عنهم إسقاطها من وجه آخر . فدلَّ ذلك على اضطراب هشام فيه .
5) أنَّ الذين رووه بإسقاطها أكثر وأحفظ .
الحُكْمُ عَلَيْه(1/164)
الحديث الأقرب فيه أن قَتادة إنَّما رواه عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، بدون واسطة خلافاً لما رجَّحه الدَّارقطني ، وكذا رواه عن الحسن عن عبدِ الله بن مغفَّل - رضي الله عنه - كما رجَّحه أيضاً الدَّارقطني ، وما عداه من الأوجه فاضَّطراب من قَتادة أو من أصحابه .
وقد جاء حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - من وجه آخر رواه عنه يزيد بن الأصمِّ – أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب قدر ما يستر المصلِّي (511) .
18. الحديث التاسع
وسئل عن حديث زُرارة بن أوفى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوتر بثلاث : بـ » سبِّح اسم ربِّك الأعلى ، وقل يا أيها الكافرون ، وقل هو الله أحد « .
فقال : » يرويه قَتادة واختلف عليه .
? فرواه حجَّاج عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? ورواه شعبة عن قَتادة عن زُرارة عن ابن أَبْزَى عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقول شعبة أشبه بالصَّواب ... « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية حجَّاج بن أرطاة أخرجها أبو نعيم في مسند أبي حنيفة (ص112) عن أبي هريرة . وأخرجها الحارث بن أبي أسامة في المسند (224-زوائد) والطَّحاوي في المشكل كتاب الصَّلاة / باب الوتر (1/290) والطَّبراني في الكبير (18/215) عن عمران بن حصين !
? ورواية شعبة بالسَّند السابق رواها عنه كُلٌّ من :-
1- أبو داود الطَّيالسي – أخرجه أحمد في المسند (3/406) والنَّسائي في الصُّغرى كتاب قيام الليل / باب 50 (1714) وفي الكبرى كتاب الوتر / باب مد الصوت بالتسبيح (1/453) وفي عمل اليوم / باب ما يقول إذا فرغ من وتر (6/186) .
2- غُنْدَر – أخرجه أحمد (3/406) والنَّسائي في الصُّغرى (1742)
3- حجَّاج – أخرجه أحمد (3/406) .
4- يحيى القطَّان – أخرجه أحمد (3/407) وأبو نعيم في مسند أبي حَنيفة (ص111) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
__________
(1) العلل (ج3/ل64) (9/94) .(1/165)
? رواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن عَزْرَةَ عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه ابن أَبْزَى – أخرجه عبد بن حميد في المسند (312-المنتخب) والنَّسائي في الكبرى (6/186) والصُّغرى (1754) .
وأخرجه ابن نصر في قيام الليل (ص303) والنَّسائي في الصُّغرى كتاب قيام الليل / باب 37 (1700و1701) والكبرى (6/185) وأبو نعيم في مسند أبي حنيفة (ص112) وزادوا : « عن أبي بن كعب » وسقط من رواية النَّسائي الأولى ذكر عَزْرَةَ ! وقَتادة إنَّما يروي عنه .
? ورواه همَّام عن قَتادة عن عَزْرَةَ عن سعيد عن أبيه – أخرجه أحمد (3/406) .
? ورواه هشام عن قَتادة عن عَزْرَةَ عن سعيد مرسلاً – أخرجه النَّسائي في الصُّغرى (1755) .
? ورواه أبو داود الطَّيالسي عن شعبة عن قَتادة عن عَزْرَةَ عن سعيد عن أبيه – أخرجه أحمد - كما في الأطراف لابن حجر (4/251) – والنَّسائي في الصُّغرى (1740) والكبرى (1/452) .
? ورواه شبابة عن شعبة عن قَتادة عن زُرارة عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - – أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الصَّلاة / باب في الوتر ما يقرأ فيه (1/93-94) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث على ثلاثة أوجه ذكر الدَّارقطني منها اثنين .
الوجه الأول :- رواه حجَّاج بن أرطاة عن قَتادة عن زُرارة بن أوفى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – فيما ذكر الدَّارقطني – والذي في مصادر التَّخريج أنه من مسند عمران بن حصين . ولم أجد - بعد البحث - لأبي هريرة ذكر في كتب الحديث الأخرى عند هذه الرِّواية ، فأخشى أن يكون فيما ذكر هنا وهمٌ .
وحجَّاج بن أرطاة تقدَّم بيان ضعفه (ص3) .
وعلى رواية عمران بن حصين ، فقد تابع حجاجاً على ذلك شبابة عن شعبة عن قَتادة . وهذا أحد أوجه الخلاف على شعبة كما سيأتي بعد .(1/166)
ويظهر أنَّ النَّسائي يعلُّ هذه الرِّواية عن شعبة ، حيث قال في الصُّغرى (1743) : « لا أعلم أحداً تابع شبابة على هذا الحديث ، خالفه يحيى بن سعيد » .
ثم ذكر روايته عن شعبة عن قَتادة عن زُرارة عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر فقرأ رجل بسبح اسم ربك الأعلى ... » .
وهذا الحديث بهذا اللفظ رواه أبو عَوانة وغُنْدَر وأبو الوليد ومحمد بن كثير عن شعبة ، وكذا رواه ابن أبي عَروبة عن قَتادة – تحفة الأشراف (8/181) .
وشبابة بن سوار صدوق ، قال الدَّارمي : قلت ليحيى : فشبابة في شعبة ؟ قال : ثقة – التَّهذيب (2/148) . وقد خالف الحفَّاظ من أصحاب شعبة .
الوجه الثاني :- رواه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) وهمَّام (ص3) عن قَتادة عن عَزْرَةَ عن سعيد عن أبيه ابن أَبْزَى .
واختلف على سعيد فيه . فمرةً ذكر أبياً في السَّند ، ومرةً أسقطه ، وعلى كلٍ لم يتابعه أحد عن قَتادة في ذلك ، فكأنه وهمٌ منه .
وهذا الوجه يظهر قوته عن قَتادة لقرائن منها :-
1. أنه قد اجتمع عليه اثنان من أصحاب قَتادة الكبار .
2. أنه قد تابع قَتادةَ على هذا الوجه عن سعيد كل من ذرٍ وزبيدٍ كما في التُّحفة للمزي (7/188) .
3. أن لِقَتادة عدة أحاديث عن عَزْرَةَ منها اثنان في صحيح مسلم .
4. متابعة هشام وشعبة الآتيتين لأصل السَّند .
الوجه الثالث :- رواه شعبة ، واختلف عليه – كما سبق – على ثلاثة أوجه :-
1) ما ذكره الدَّارقطني ، وهذا الوجه رواه عنه أكثر أصحابه الحفَّاظ .
2) رواه الطَّيالسي مرة أخرى عن شعبة كرواية سعيد وهمَّام السابقة في الوجه الثاني .
3) رواه شبابة ، وقد تقدَّم بيان ضعف هذا الوجه .
ورجَّح الدَّارقطني رواية شعبة على رواية حجَّاج ، وهذا واضح من حيث هذين فحسب ، فشعبة من أثبت أصحاب قَتادة كما سبق (ص3) .(1/167)
ألا أن الذي يظهر أن شعبة قد اضَّطرب في هذا الحديث . حيث إنَّه لم يذكر لزُرارة رواية عن ابن أَبْزَى في الكتب السِّتَّة سوى هذا الحديث . وقد تقدَّم أن شعبة روى حديث زُرارة عن عمران - رضي الله عنه - بلفظ آخر ، وبه أعلَّ النَّسائي رواية شبابة .
وأيضاً فإن أحداً من أصحاب قَتادة الآخرين لم يتابع شعبة على هذا السَّند الغريبِ ، فسعيد وهمَّام وهشام جعلوه عن عَزْرَةَ عن سعيد ، والجماعة أقرب إلى الصِّحَّة من الواحد ، ولذا قال المزِّي في التَّهذيب (3/22) : « وهو المحفوظ » .
الوجه الرابع :- رواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة كالوجه الثاني إلا أنه أرسله .
وهذا الوجه على قوته لقوة هشام في قَتادة كما سبق (ص3) ، إلا أنه مخالف لكل الروايات عن قَتادة في وصل الحديث ، ولعل إعراض الدَّارقطني عن هذا الوجه لضعفه عنده .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أنه لا يصح عن قَتادة إلا عن عَزْرَةَ عن سعيد عن أبيه ابن أَبْزَى . وهذا سند صحيح . ورواية شعبة فيها اضطراب ، وترجيح الدَّارقطني فيه نظر ، والله أعلم .
19. الحديث العاشر
وسئل عن حديث ابن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : » ما من أيام أحب إلى الله تعالى أن يتعبد له فيها من أيام العشر . صيام يوم منها يعدل صيام سنة وقيامها ... « الحديث .
فقال : » حدَّث به قَتادة عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وهو حديث تفرد به مسعود بن واصل عن النَّهاس بن قهم عن قَتادة عن ابن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
والنَّهاس بن قهم مضطرب الحديث ، تركه يحيى القطَّان .
ومسعود بن واصل ضعفه أبو داود الطَّيالسي .
وهذا الحديث إنَّما روي عن قَتادة عن سعيد بن المسيب مرسلاً ... « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج3/ل65) (9/199) .(1/168)
? رواية مسعود أخرجها التِّرمذي في الجامع كتاب الصِّيام / باب ما جاء في العمل أيام العشر (578) – وقال : « غريب » – وابن ماجة في السُّنن كتاب الصِّيام / باب صيام العشر (1728) وابن الأعرابي في المعجم (938) وابن عدي في الكامل (8/327) والبيهقي في الشعب (3757) وفي فضائل الأوقات (ص345) والخطيب في تاريخه (11/208) وقوام السنة في الترغيب (361) والمزِّي في تهذيبه (7/92) .
? ورواية قَتادة عن سعيد بن المسيب أشار إليها البخاري فيما نقله عنه التِّرمذي في الجامع بعد الرِّواية السابقة .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في وصل هذا الحديث وإرساله .
فالنَّهاس وصله بأبي هريرة - رضي الله عنه - .
وأعلَّه الدَّارقطني بضعف النَّهاس . وهو كما قال ، فضعفه متفق عليه – التَّهذيب (4/243) . وأورد ابن عدي هذا الحديث في ترجمته ، واستغربه التِّرمذي عليه ، ونقل قول البخاري : « قد روي عن قَتادة عن سعيد بن المسيب عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً شيء من هذا » - الجامع (758) .
وبهذا أيضاً أعلَّه الدَّارقطني - كما سبق – أن قَتادة إنَّما رواه مرسلاً .
ويؤيِّده أن هذه السلسلة : - قَتادة عن سعيد عن أبي هريرة – لا يصح منها شيء كما سبق تقريره (ص3) .
ومسعود بن واصل ضعفه أبو داود الطَّيالسي - كما سبق – وقال أبو داود السجستاني : « ليس بذاك » ، وقال ابن حبَّان في الثِّقات : « ربما أغرب » - التَّهذيب (4/64) . فالرَّجل ليِّنُ الحديث كما قال ابن حجر في التَّقريب (6658) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث لا يصح وصله عن قَتادة ، لضعف النَّهَّاس .
والأصح أنه عن قَتادة عن سعيد مرسلاً . ومراسيل سعيد حسَّنها الشافعي ، وقال أحمد : « مرسلات سعيد صحاح ، لا نرى أصحَّ من مرسلاته » - شرح العلل (1/292و306) والتَّهذيب (2/44) .(1/169)
إلا أن البخاريَّ والدَّارقطنيَّ لم يذكرا السَّند إلى قَتادة للنَّظر فيه ، ولم يذكرا لفظه .
وقد جاء الحديث بنحوه عن قَتادة من قوله ، رواه عنه حميد قال : « صوم كل يوم من العشر يعدل سنة » - أخرجه أبو عمرو النيسابوري في كتاب الحكايات كما في لطائف المعارف لابن رجب (ص460) ، وهذا يؤيِّد ما سبق .
ويغني عنه حديث ابن عباس - رضي الله عنه - مرفوعاً : « ما العمل في أيام أفضل منها في هذا العشر ... » الحديث – أخرجه البخاري في الجامع كتاب العيدين / باب فضل العمل في أيام التشريق (969) ، واللفظ من الفتح (2/583) .
20. الحديث الحادي عشر
وسئل عن حديث ابن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما « .
فقال :» يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
فرواه أبو هلال عن قَتادة عن ابن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? قاله عبد الصمد وعمَّار بن هارون عنه .
? وغيرهما يقول فيه عن ابن المسيب مرسلاً .
والمرسل أشبه « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية عبد الصمد أخرجها البزَّار في المسند (1595-زوائد) وابن الأعرابي في المعجم (1067) وابن عدي في الكامل (7/437) والقضاعي في مسند الشهاب (767) .
? ورواية عمَّار أخرجها الطَّبراني في الأوسط (2734) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه همَّام عن قَتادة عن سعيد مرسلاً – أخرجه الخلال في العلل (87-المنتخب) وابن عدي في الكامل (7/436) .
? ورواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشيَّة عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن الزُّبير عن معاوية - رضي الله عنه - – أشار إليه الدَّارقطني في العلل (7/52) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث وصلاً وإرسالاً على ثلاثة أوجه :-
__________
(1) العلل (ج3/ل84) (9/204) .(1/170)
الوجه الأول :- رواه سعيد بن بشير فأتى فيه بإسناد غريب ، حيث قال عن قَتادة عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير عن عبد الله بنِ الزُّبير عن معاوية - رضي الله عنه - .
وهذا ضعيف لأوجه منها :-
1. ضعف سعيد في قَتادة كما سبق (ص3) .
2. إنه لا يعرف لِقَتادة عن أبي بشر رواية ، وليس في الكتب السِّتَّة من ذلك شيء . ونزول هذا السَّند بيِّن .
3. مخالفة سعيد لبقية أصحاب قَتادة في سنده كما سيأتي .
4. الاختلاف على الرَّاوي عن سعيد بن بشير في هذا الحديث كما ذكره الدَّارقطني في العلل (7/52) .
الوجه الثاني :- رواه أبو هلال عن قَتادة عن سعيد فوصله لأبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهذا معلٌّ بأمورٍ منها :-
1. ضعف أبي هلال في قَتادة كما سبق (ص3) ، وقد قال أحمد عقب روايته : « هذا مرسل عن سعيد بن المسيب » .
2. أن هذه السلسلة : قَتادة عن سعيد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قد سبق (ص3) أنها معلٌّة .
3. مخالفة همَّام بن يحيى (ص3) ، وهو من أصحابه الأثبات .
ولذا رجَّح الدَّارقطني رواية الإرسال . وسبقه في ذلك أبو الوليد الطَّيالسي حيث أسند رواية همَّام ثم قال عن رواية أبي هلال : « إن أبا هلال لا يحتمل هذا » - سؤالات الآجري (1404-البستوي) والكامل لابن عدي (7/437) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني لا يصح عن قَتادة عن سعيد إلا مرسلاً ، وقد تقدَّم (ص3) بيان قوة مراسيل سعيد بن المسيب . وللمتن شاهد من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مثله – أخرجه مسلم في صحيحه (1853) .
21. الحديث الثاني عشر
وسئل عن حديث ابن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : » نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُزوَّج المرأة على عمتها أو على خالتها « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
? فرواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن ابن المسيَّب وأبي العالية عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .(1/171)
? وخالفه ابن أبي عَروبة عن قَتادة عنهما مرسلاً .
? وخالفه همَّام بن يحيى ، فرواه عن قَتادة عن ابن المسيب مرسلاً .
وهو المحفوظ .
وقال أبو قلابة الرقاشي عن أبي عاصم عن همَّام عن قَتادة عن ابن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - . فلم يتابع عليه « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية سعيد بن بشير أخرجها العقيلي في الضُّعفاء (4/37) وابن أبي حاتم في العلل (1/419) والطَّبراني في الأوسط (4681) وفي مسند الشاميين (4/23) .
? ورواية ابن أبي عَروبة أشار إليها البخاري في تاريخه الكبير (1/43) وابن أبي حاتم في العلل (1/420) عن أبيه ، وأخرجها العقيلي في الضُّعفاء (4/37) من طريق يزيد بن زُرَيع عنه به .
وأخرجها ابن نصر في السنة (281) والطَّبراني في الكبير (11/336) وفي الأوسط (8/140) من طريق محمد بن بكر البرساني عن سعيد عن قَتادة عن أبي حريز عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً .
? ورواية همَّام أشار إليها البخاري في تاريخه الكبير (1/43) والعقيلي في الضُّعفاء (4/37) ، وأخرجها الطَّبراني في الأوسط (6/95) .
? ورواية أبي قلابة أخرجها ابن عبد البر في التَّمهيد (18/276) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه أبو سليمان محمد بن يحيى القزاز البصري عن أبي عاصم عن همَّام عن قَتادة عن سعيد عن أبي هريرة – أخرجه العقيلي في الضُّعفاء (4/37) والطَّبراني في الأوسط (6/95) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث وصلاً وإرسالاً .
فرواه سعيد بن بشير عنه موصولاً . وقد تقدَّم بيان ضعفه في قَتادة (ص3) .
وخالفه اثنان فأرسلاه ، وهما :-
1. سعيد بن أبي عَروبة (ص3) – في رواية يزيد بن زُرَيع - .
وقد تقدَّم بيان حال يزيد (ص3) ، وأنه من أثبت النَّاس في ابن أبي عَروبة .
وخالف ابن زُرَيع في إسناده البرسانيُّ ، فَرواه عن سعيد عن قَتادة عن أبي حريز عن عكرمة عن ابن عباس .
وهذه الرِّواية مرجوحة بأمور منها :-
__________
(1) العلل (ج3/ل84) (9/204-205) .(1/172)
أن يزيد من الأثبات في سعيد كما سبق .
أن البرساني وإن كان من أصحاب سعيد ، فليس هو مثل يزيد . قال أحمد : «سماع محمد بن بشر وعبدة منه جيد ، ومحمد بن بكر البرساني » - شرح العلل (2/566) .
أن سعيداً إنَّما روى هذا الإسناد الأخير عن أبي حريز نفسه ، كذا رواه عنه روح عند أحمد في المسند (1/372) وعبد الأعلى عند التِّرمذي (1125) وصحَّحه .
وأبو حريز صدوق له أوهام – التَّهذيب (2/321) .
ووهَّم ابنُ عديُّ البرسانيَّ في روايته هذه فقال : « ... فزاد في الإسناد قَتادة ، وإنَّما هو ابن أبي عَروبة عن أبي حريز عن عكرمة كما قال من تقدَّم » .
فالصَّواب أن ابن أبي عَروبة وصله من حديث ابن عباس ، وأرسله عن قَتادة . وهذا ما رجَّحه أبو حاتم فقال بعد ذكر رواية ابن بشير ثم رواية ابن أبي عَروبة : « وهو أشبه ، وابن أبي عَروبة أحفظ » - العلل لابنه (1/420) .
وقال العقيلي بعد ذكر رواية ابن أبي عَروبة : « المراسيل في هذا الحديث أولى » - الضُّعفاء ( 4/37) .
2. همَّام (ص3) .
روى هذا الحديث عنه أبو عاصم النَّبِيل (ص3) ، واختلف عليه .
فذكر البخاري في تاريخه (1/43) والعقيلي في الضُّعفاء (4/37) أنه أرسل الحديث عنه .
بينما وصله عنه اثنان هما :-
أ . أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي . وهو ثقة حافظ تكلم فيه الدَّارقطني مستنداً على ما بلغه عن شيخه ابن بنت ابن منيع قال : « كان يحدث من حفظه فكثرة الأوهام منه » - التَّهذيب (2/624) .
ب . أبو سليمان محمد بن يحيى القزاز . ذكره الذهبي في السِّير (13/418) وقال : « ما علمت بعد فيه جرحاً » .
ورواية القزَّاز هذه يستدرك بها على قول الدَّارقطني : « فلم يتابع عليه » . إلا إن كان قد علم علةً لها .
وعلى كلٍ فالصَّواب أن هَمَّاماً إنَّما رواه عن قَتادة مرسلاً كما قال الدَّارقطني : «وهو المحفوظ » .(1/173)
أما المرفوع فإنَّما همام عن يحيى بن أبي كثير نفسه كما رجَّحه أبو زرعة الرَّازي – العلل لابن أبي حاتم (1/406) .
ولهمَّام سند آخر لهذا الحديث عن قَتادة جعله عن الحسن عن سمرة – أخرجه الطَّبراني في الكبير (7/218) والأوسط (6/117) وابن عدي في الكامل (7/303) .
وقد تقدَّم (ص3) أن سلسلة : « قَتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة » ليست بالقوية .
ومما يؤيد الإرسال أن يحيى بن سعيد روى الحديث عن سعيد بن المسيب قال : «كان يُنهى أن تنكح المرأة على خالتها أو عمتها ... » - أخرجه مالك في الموطأ (ص259-رواية سويد) عنه ، فمخرج الحديث عن سعيد مرسل .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة عن سعيد مرسلاً ، ومراسيل سعيد قوية كما سبق (ص3) .
وقد جاء من وجه آخر مرفوعاً عن أبي هريرة ، رواه عنه أبو سلمة – أخرجه مسلم في صحيحه كتاب النِّكاح / باب تحريم الجمع ... (1408) .
22. الحديث الثالث عشر
وسئل عن حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من اثنتين ! فقال له ذو اليدين : » أقصرت الصَّلاة أم نسيت ؟ « ... الحديث .
فقال : » ... اختلف عن قَتادة في إسناده ...
? فإن عمرو بن الحارث روى عنه عن ابن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وخالفه سعيد بن بشير ، رواه عن قَتادة عن ابن سيرين عن الخرباق السلمي عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يذكر أبا هريرة - رضي الله عنه - « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية عمرو أخرجها النَّسائي في كتاب السهو / باب 23 من الصُّغرى (1234) وباب 114 من الكبرى (2/202و367) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب إيجاب سجدتي السهو ... (2/118) والدَّارقطني في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب صفة السهو ... (1380) .
__________
(1) العلل (ج3/ل124) (10/7-11) .(1/174)
? ورواية سعيد بن بشير أخرجها العقيلي في الصحابة كما في الاستيعاب (2/40) والطَّبراني في مسند الشاميين (4/42) وأبو نعيم في المعرفة (2/1005) وعزاه ابن حجر في الإصابة (2/272) للعقيلي في الضُّعفاء ، ولم أجده فيه !
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في تسمية راوي هذا الحديث من الصحابة .
فعمرو بن الحارث المصري جعله عن أبي هريرة .
وعمرو ثقة حافظ ، أخرج الشيخان له عن قَتادة ، وتكلَّم أحمد في روايته عنه ، فذكر الأثرم أنَّه حمل عليه حملاً شديداً وقال : « يروي عن قَتادة أحاديث يضَّطرب فيها ويخطئ » - تاريخ دمشق (45/467) والتهذيب (3/262) .
وقال أحمد عنه في رواية الأثرم : « روى عن قَتادة مناكير » - شرح العلل (2/509) .
وخالفه في إسناده سعيد بن بشير فجعله من مسند الخِرباق . وروايته هذه وهم منه لقرائن منها :-
1. أن عَمراً أثبت وأحفظ منه .
2. أن سعيد بن بشير ضعيف خصوصاً في قَتادة كما سبق (ص3) .
3. أن الخرباق جاء ذكره صريحاً ضمن حديث عمران عند مسلم (574) وغيره ، فدلَّ ذلك على وهم سعيد حيث عدل عن رجال السَّند إلى الرجال المذكورين في المتن . وقد أطال الحافظ العلائي في كتابه " نظم الفرائد " (ص61-77) في تقرير اسم ذي اليدين الوارد ذكره في هذا الحديث .
4. أن قَتادة تابعه جماعة في إسناده بأبي هريرة ، منهم أيوب وابن عون وهشام بن حَسَّان وسلمة بن علقمة ويونس وعاصم الأحول وابن أبي عَروبة وسفيان بن حسين وغيرهم .
وتابع ابن سيرين في إسناده عن أبي هريرة جماعة آخرون ، ذكرهم بتوسع الحافظ العلائي في كتابه السابق ذكره (ص79-83) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أن سعيد بن بشير وهم في إسناده ، وأن رواية عمرو بن الحارث أصح ، وسنده صحيح ، والله أعلم .
23. الحديث الرابع عشر(1/175)
وسئل عن حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال رجل : يا رسول الله ! أكلت ناسياً في رمضان ، قال - صلى الله عليه وسلم - : » أطعمك الله وسقاك « .
فقال : » ... رواه قَتادة واختلف عنه .
? فرواه حجَّاج بن أرطاة ونصر بن طَريف أبو جُزَي عن قَتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وتابعهما سعيد بن بشير .
? وخالفهما ابن أبي عَروبة ، رواه عن قَتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - . ولعل قَتادة روى عنهما .
? وقال عمران بن خالد الخزاعي عن قَتادة عن زُرارة بن أوفى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية حجَّاج أخرجها التِّرمذي في الجامع كتاب الصوم / باب ما جاء في الصائم ... (721) وأبو يعلى في المسند (10/425) والدَّارقطني في السُّنن كتاب الصِّيام / باب 3 (2230) ، وقال آخر الباب عنه : ضعيف .
? ورواية نصر أخرجها الدَّارقطني (2225) .
? ورواية سعيد بن بشير أخرجها ابن الأعرابي في المعجم (236) والطَّبراني في مسند الشاميين (4/41) والدَّارقطني (2229) من طريق أبي الجماهِر التَّنُّوخي عنه .
? ورواية ابن أبي عَروبة أخرجها إسحاق (1/107) وأحمد (2/489) - كلاهما في المسند - وابن الجارود في المنتقى (390) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه حماد بن سلمة عن قَتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة - أخرجه ابن حبَّان في التَّقاسيم (8/288-إحسان) .
? ورواه عمَّار بن مطر عن سعيد بن بشير عن قَتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة - أخرجه الدَّارقطني في السُّنن (2224) وقال : عمَّار ضعيف .
الدِّرَاسَة
اختلف في هذا الحديث على قَتادة على ثلاثة أوجه ، هي :-
الوجه الأول :- رواه جماعة عن قَتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة ، منهم :-
1. حجَّاج بن أرطاة . وفيه ضعف تقدَّم (ص3) ، وَضَعَّفَ الدَّارقطني روايته هذه .
2. نصر بن طَريف ، وهو متروك كما سبق (ص3) .
__________
(1) العلل (ج3/ل125) (10/14-16) .(1/176)
3. سعيد بن بشير ، ضعيف في قَتادة كما سبق (ص3) . وروايته هذه من رواية أبي الجماهر ، وقد خولف كما سيأتي .
4. حماد بن سلمة ، ثقة تكلِّم في حديثه عن قَتادة كما سبق (ص3) .
وخالفهم – وهو الوجه الثاني - في إسناده اثنان روياه عن أبي رافع عن أبي هريرة ، وهما :-
أ- سعيد بن بشير (ص3) – في رواية عمَّار بن مطر ، وَضَعَّفَ الدَّارقطني عماراً ، وهو كما قال ، ضعيف باتفاق الحفَّاظ ، بل قال أبو حاتم : كان يكذب – اللسان (4/317-319) .
وخالف عماراً كما سبق أبو الجماهر واسمه محمد بن عثمان التنوخي ، ثقة ، صحَّح أبو زرعة الدِّمشقي سماعه من سعيد بن بشير ، وقدَّمه على غيره – التَّهذيب (3/645-646) ، فرواية أبي الجماهر السَّابقة عن ابن بشير أصحُّ .
ب- سعيد بن أبي عَروبة (ص3) عن قَتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة .
ولم يرجِّح الدَّارقطني أحد الروايتين بل قال : « لعل قَتادة روى عنهما » .
وما قاله محتمل لقوة ابن أبي عَروبة وضعف مخالفيه . إلا أنَّ اجتماعهم على قول مما يبعد وهمهم ، خصوصاً وأن قَتادة واسع الرِّواية ، وقد تابعه على روايته عن ابن سيرين جماعة من أهل البصرة كما ذكر الدَّارقطني في علله قبل رواية قَتادة هذه .
ورواية قَتادة عن أبي رافع وابن سيرين مخرجة في الصَّحيح بعدة أحاديث .
الوجه الثالث :- رواه عمران بن خالد الخزاعي عن قَتادة عن زُرارة بن أوفى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً .
ولم يحكم الدَّارقطني على هذا الوجه ، وضعفه ظاهر لقرائن :-
1) أن عمران هذا ضعيف – اللسان (4/395) .
2) سلوك الجادَّة .
3) مخالفة جميع أصحاب قَتادة .
4) التَّفرُّد ، حيث لم يتابعه أحدٌ على ما ذكر .
5) أنني لم أجد - بعد البحث - له رواية عن قَتادة ، ولم يذكر في أصحابه .
الحُكْمُ عَلَيْه(1/177)
الحديث كما قال الإمام الدَّارقطني لعل قَتادة رواه عن أبي رافع وابن سيرين جميعاً ، وإن كانت روايته عن ابن سيرين أقوى لما تقدَّم ، والسند صحيح ، والله أعلم .
24. الحديث الخامس عشر
وسئل عن حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : » نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الاختصار (1) في الصَّلاة « .
فقال : » ... رواه قَتادة واختلف عنه .
فرواه أبو جعفر الرَّازي عن قَتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? ورواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة مرسلاً عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - « (2) .
التَّخْرِيج
? رواية أبي جعفرٍ أخرجها أبو عَوانة في المسند كتاب الصلوات / باب 35 (1549) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث على وجهين اثنين – ذكرهما الدَّارقطني ولم يرجح بينهما - .
الوجه الأول :- رواه أبو جعفر الرَّازي – في وجه عنه – عن قَتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً .
الوجه الثاني :- رواه ابنُ أبي عَروبة فخالفه ، حيث رواه عن قَتادة مرسلاً .
ويترجَّح الوجه الثاني بأمور منها :-
1. أن ابن أبي عَروبة من أثبت أصحاب قَتادة كما سبق (ص3) .
2. أن أبا جعفر واسمه عيسى بن ماهان مختلف فيه ، فبينما وثَّقه ابن معين وابن المديني وأبو حاتم وابن سعد وابن عدي وابن عمَّار والحاكم وابن عبد البر ، فقد جرحه آخرون .
قال أحمد – في رواية - : ليس بقوي ، وقال النَّسائي والعجلي : ليس بقوي ، وقال أبو زرعة : يهم كثيراً . وقال أبو حفص الفلاس وابن خِراش : سَيِّء الحفظ – التَّهذيب (4/503) .
__________
(1) هو أن يصلي وهو واضع يده على خصره – النهاية (ص266) (خصر) .
(2) العلل (ج3/ل126) (10/25) .(1/178)
3. أن أبا جعفر اختلف عليه ! حيث رواه في وجه آخر عن هشام بن حَسَّان عن ابن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه عنه أبو عَوانة في المسند (1549) ثم قال : « أبو جعفر هذا هو الرَّازي عن هشام وهو المعروف ، وعن قَتادة غريب ! وأرجوا أن يكون لِقَتادة صحيح ... » .
ورواية هشام بن حسان - لهذا لحديث - عن ابن سيرين عن أبي هريرة في الصحيحين كما سيأتي .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث مرسل من رواية قَتادة ، ومراسيله ضعيفة كما سبق (ص3) ، وقد وصله هشام بن حَسَّان عن ابن سيرين به - أخرجها البخاري في جامعه (1220) ومسلم (545) ، ورواية الرَّازي عن قَتادة وهم منه . والله أعلم .
25. الحديث السادس عشر
وسئل عن حديث الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » من توضأ فبها ونعمت ، ومن اغتسل فالغسل أفضل « .
فقال :
? » ... وقيل عن قَتادة عن الحسن عن أنس - رضي الله عنه - .
وكلها وهم ، والمحفوظ ما
رواه شعبة عن قَتادة عن الحسن عن سمرة « (1) .
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ، ومن اغتسل فالغسل أفضل « .
فقال : » اختلف فيه على قَتادة .
? فرواه عباد بن العوام عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
ووهم فيه .
وخالفه يزيد بن زُرَيع ، فرواه عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن الحسن عن سمرة - رضي الله عنه - .
وكذلك رواه شعبة عن قَتادة ... « (2) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج3/ل172) (10/263) .
(2) العلل (ج4/ل30) .(1/179)
? رواية شعبة أخرجها أحمد في المسند (5/11) والتِّرمذي في الجامع كتاب الصَّلاة / باب ما جاء في الوضوء يوم الجمعة (497) – وحسنه – وفي العلل الكبير (1/272-ترتيبه) والنَّسائي في كتاب الجمعة / باب فضل الغسل من الكبرى (1/522) وباب 9 من الصُّغرى (1380) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الجمعة / باب 27 (3/128) وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (1/514) والطَّبراني في الكبير (7/199) والقطيعي في جزء الألف دينار (148) والبيهقي في الكبرى (1/441-442) والخطيب في تاريخه (2/352) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه همَّام عن قَتادة عن الحسن عن سمرة - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد في المسند (5/8و 15 و16 و22) وأبو داود في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب الرخصة في ترك الغسل ... (358) والدَّارمي في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب الغسل يوم الجمعة (1548) وابن الجارود في المنتقى (285) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الطَّهارة / باب غسل يوم الجمعة (1/119) والطَّبراني في الكبير (7/199) والبيهقي في الكبرى (1/441 و3/270) .
? ورواه أبو عَوانة عن قَتادة عن الحسن عن سمرة - رضي الله عنه - – أشار إليه العقيلي في الضُّعفاء (2/167) .
? ورواه عبد الوهاب بن عطاء عن ابن أبي عَروبة عن قَتادة عن الحسن عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً – أخرجه البيهقي في الكبرى (1/442) ، وأشار إليه البخاري عن ابن أبي عَروبة – العلل الكبير للترمذي (1/272-ترتيبه) .
? ورواه أبان بن يزيد عن قَتادة عن الحسن عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً – أشار إليه البخاري وابن أبي حاتم في العلل لابنه (1/200) والبيهقي في الكبرى (1/442) .
? ورواه معمر عن قَتادة عن الحسن عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً – أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الجمعة / باب الغسل يوم الجمعة ... (3/199) .(1/180)
? ورواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن الحسن عن جابر - رضي الله عنه - – أشار إليه العقيلي في الضُّعفاء (2/167) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث على عدة أوجه ، ذكر الدَّارقطني بعضاً منها .
الوجه الأول :- رواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن الحسن عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - . فخالف كل أصحاب قَتادة . وقد تقدَّم (ص3) أن سعيد بن يشير ضعيف ، خصوصاً في قَتادة . وهذه السِّلسلة فيها نظر ! حيث إنَّ الحسن لم يلق جابراً كما قال أبو زرعة . وقال أبو حاتم : إنَّما الحسن عن جابر كتاب – التَّهذيب (1/390) .
فهذا الوجه ضعيف منكر حيث خالف فيه سعيد أصحاب قَتادة الحفَّاظ .
الوجه الثاني :- رُوِي عن قَتادة عن الحسن عن أنس .
ولم يذكر الدَّارقطني من رواه كذا عنه . وهو لا يصحُّ لقرينتين هما :-
1) مخالفته للوجه الآتي عن قَتادة ، الذي رواه عنه أصحابه الكبار .
2) أن هذه السلسلة : « قَتادة عن الحسن عن أنس » ، غريبة .
قال البَرْديجي عنها : « لا يثبت منها حديث أصلاً من رواية الثِّقات » - شرح العلل (2/732) .
الوجه الثالث :- رواه جماعة عن قَتادة عن الحسن عن سمرة ، ومن هؤلاء :-
1) شعبة (ص3) .
2) همَّام (ص3) .
3) أبو عَوانة (ص3) .
4) سعيد بن أبي عَروبة (ص3) ، في وجه عنه يأتي ذكر الآخر بعد .
وهذا الوجه قوته ظاهرةٌ من حيث إنَّ رواته جماعة من كبار أصحاب قَتادة الأثبات .
الوجه الرابع :- رواه أيضاً جماعة عن قَتادة عن الحسن مرسلاً ، ومن هؤلاء :-
1- أبان العطَّار (ص3) .
2- معمر بن راشد ، وفيه ضعف في قَتادة تقدَّم (ص3) .
3- سعيد بن أبي عَروبة - في رواية عبد الوهاب بن عطاء (ص3) عنه - .
ولعل البخاريَّ اعتمد روايته عندَما حكى إرسال ابن أبي عَروبة له .
وخالف عبد الوهاب - في ابن أبي عَروبة – اثنان وصلاه .
الأول :- عباد بن العوام الواسطي فوصله بقَتادة عن أنس . وعباد ثقة ، إلا أن هذه الرِّواية معلة بأمور منها :-(1/181)
1. قول أحمد – في رواية الأثرم - : مضطَّرب الحديث عن سعيد ابنِ أبي عَروبة – التَّهذيب (2/280) ، ولذا لم يخرِّج لعباد هذا عن سعيد في الكتب السِّتَّة إلا النَّسائي .
2. احتمال سلوك الجادَّة ، لكثرة ما روى قَتادة عن أنس .
3. مخالفة يزيد له في سعيد كما يأتي بعد .
الثاني :- يزيد بن زُرَيع ، رواه عن سعيد عن قَتادة عن الحسن عن سمرة ، كرواية الجماعة عن قَتادة .
ويزيد من أثبت النَّاس في سعيد كما سبق (ص3) .
فالرَّاجح أن سعيداً وصله ، لاتفاق اثنين على ذلك ، أحدهما بصري مثله ، بخلاف مخالفه فقد تكلِّم فيه أيضاً .
فيظهر مما تقدَّم أن أكثر أصحاب قَتادة رووه عن الحسن عن سمرة ، وأنَّ من خالفهم قد وهم أو قصر بالإسناد كما فعل أبان ومعمر .
قال العقيليُّ بعد ذكر رواية شعبة وهمَّام وأبي عَوانة : « وهو الصَّواب » -الضُّعفاء (2/167) .
وقال ابن حجر : « والصَّواب كما قال الدَّارقطني : عن قَتادة عن الحسن عن سمرة ، وكذلك قال العقيلي » - التلخيص (2/134) .
وذهب أبو حاتم الرَّازي إلى صحَّة الوجهين الأخيرين عن قَتادة فقال : « جميعاً صحيحين ! همَّام ثقة وصله ، وأبان لم يوصله » - العلل لابنه (1/200) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما ذهب إليه الدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة عن الحسن عن سمرة ، وما عداه فوهم . وفي سماع الحسن من سمرة خلاف طويل ، حاصله في ثلاثة أقوال هي :-
1. النَّفي مطلقاً ، وإليه ذهب شعبة وابن معين والبَرْديجي وابن حبَّان .
2. الإثبات مطلقاً ، وإليه ذهب ابن المديني والتِّرمذي والحاكم .
3. إثبات سماعه لحديث العقيقة فقط ، وإليه ذهب النَّسائي والبزَّار والدَّارقطني – نصب الراية (1/89) .
وعلى هذا فالدَّارقطني يعلُّ هذا الحديث من هذا الطريق .
وللحديث شواهد عديدة معلَّة ، ذكرها الزيلعي في نصب الراية (1/91-93) .
والأقرب أنَّ حديث سمرة صحيح السَّند كما حكم به ابن خزيمة ، والله أعلم .
26. الحديث السابع عشر(1/182)
وسئل عن حديث بشير بن نَهيك عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » من أعتق شقيصاً (1) له من عبد ، ولم يكن له مال استسعى (2) العبد في ثمن رقبته غير مشقوق (3) عليه « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه في إسناده ومتنه .
فأما الخلاف في إسناده :-
? فإنَّ سعيد بن أبي عَروبة عَروبة وحجَّاج بن حجَّاج وجرير بن حازم وأبان العطَّار وهَمَّاماً وشعبة ، رووه عن قَتادة عن النَّضْر بن أنس عن بشير بن نَهيك عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وخالفهم الحجَّاج بن أَرْطاة ، رواه عن قَتادة عن موسى بن أنس ، مكان النَّضْر بن أنس . ووهم .
وأما الخلاف في متنه :-
? فإن سعيد بن أبي عَروبة وحجَّاج بن حجَّاج وأبان العطَّار وجرير بن حازم وحجَّاج بن أرطاة ، اتفقوا في متنه ، وجعلوا الاستسعاء مدرجاً في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - .
? وأما شعبة وهشام فلم يذكرا فيه الاستسعاء بوجه .
? وأما همَّام فتابع شعبة وهَمَّاماً على متنه ، وجعل الاستسعاء من قول قَتادة ، وَفَصَلَ بين كلام النَّبي - صلى الله عليه وسلم - . ويشبه أن يكون همَّام قد حفظه .
? قال ذلك أبو عبد الرحمن المقرئ – وهو من الثِّقات – عن همَّام ...
? ورواه محمد بن كثير وعمرو بن عاصم عن همَّام ، فتابعا شعبة على متنه وسنده ، ولم يذكرا فيه الاستسعاء بوجه « (4) .
التَّخْرِيج
__________
(1) الشَّقيص : النَّصيب في العين المشتركة – النهاية (ص487) (شقص) .
(2) الاستسعاء : أن يسعى في فكاك ما بقي من رقِّه ، فيعمل ويكسب ويصرف ثمنه إلى مولاه – النهاية (ص431) (سعى) .
(3) من المشقة وهي الشِّدة – النهاية (ص487) (شقق) .
(4) العلل (ج3/ل179) (10/313-317) .(1/183)
? رواية سعيد أخرجها ابن المبارك (217) والحميدي (1093) - كلاهما في المسند - وابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب البيوع / باب العبد يكون بين الرَّجلين ... (4/422) وإسحاق (1/160) وأحمد (2/255و426و472) – كلاهما في المسند – والبخاريُّ في الجامع كتاب الشركة / باب تقوين الأشياء (2492) وفي كتاب العتق / باب إذا أعتق ... (2527) ومسلم في صحيحه كتاب العتق / باب ذكر سعاية العبد (1503) وفي كتاب الأيمان / باب من أعتق ... (1503) وابن ماجة في السُّنن كتاب العتق / باب من أعتق شركاً ... (2527) وأبو داود في السُّنن كتاب / باب من ذكر السعاية (3934و 3935) والتِّرمذي في الجامع كتاب الأحكام / باب ما جاء في العبد ... (1348) – وصحَّحه – وعبد الله بن أحمد في العلل (2/349) والنَّسائي في الكبرى كتاب العتق / باب 15 (3/185) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب العتاق / باب العبد يكون ... (3/107) وفي المشكل (13/431و432) وابن حبَّان في التَّقاسيم (10/156-158-إحسان) والدَّارقطنيُّ في السُّنن كتاب المكاتب (4179) والحاكم في المعرفة (ص40-41) والبيهقي في الكبرى كتاب العتق / باب 11 (10/474-475) والخطيب في الفصل للوصل (1/349-352) .
? ورواية حجَّاج بن حجَّاج علقها البخاريُّ في الجامع _ نسخة منه - كما ذكر ابن حجر في التعليق (3/341) .
? ورواية جرير أخرجها البخاري في الجامع (2526) ومسلم (1503) والطَّحاوي في شرح المعاني (3/107) والمشكل (13/433) وابن عدي في الكامل (2/352) والدَّارقطنيُّ (4178) والبيهقي (10/475) والخطيب في الفَصْل (1/353-354) والبغويُّ في شرح السنة (9/357) .
? ورواية أبان أخرجها أبو داود (3933) والنَّسائي في الكبرى (3/185) والطَّحاوي في شرح المعاني (3/107) والمشكل (13/433) والخطيب في الفصل (1/353) .(1/184)
? ورواية همَّام أخرجها ابن أبي عمر العَدَني في المسند كما في النُّكَتِ الظِّراف لابن حجر (9/303-التحفة) وأبو داود (3930) وعبد الله بن أحمد في العلل (1/349) والطَّحاوي في المشكل (13/436) والإسماعيلي في مستخرجه كما في النُّكَتِ والدَّارقطني في السُّنن (4177) والحاكم في المعرفة (ص40) والبيهقي (10/476و477) والخطيب في الفصل (1/358و359) .
? ورواية شعبة أخرجها الطَّيالسي (2451) وإسحاق (1/160) – كلاهما في المسند – ومسلم (1503) وأبو داود (3929) والطَّحاوي في المشكل (13/434) والدَّارقطني في السُّنن (4175) والبيهقي (10/466) والخطيب (1/356) وابن حجر في التغليق (3/342) .
? ورواية حجَّاج بن أرطاة أخرجها الطَّحاوي في شرح المعاني (3/107) والمشكل (13/433) ، إلا أنه أشار إلى أن إسناده كسابقه ، أي بذكر النضر لا أنس - رضي الله عنه - .
? ورواية هشام أخرجها أبو داود (3932) والنَّسائي (3/186) والطَّحاوي في المشكل (13/435) والدَّارقطني (4176) والخطيب (1/357) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه يحيى بن صبيح عن قَتادة عن النَّضْر عن بشير عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بدون ذكر الاستسعاء – أخرجه الحميدي في المسند (1093) وابن أحمد في العلل (1/349) والطَّحاوي في المشكل (13/432) وابن حبَّان (10/157) .
? ورواه موسى بن خلف عن قَتادة عن النَّضْر عن بشير عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بذكر الاستسعاء – أشار إليه البخاري في الجامع (2527) وأبو داود في السُّنن (3935) والبيهقي في الكبرى 03(10/475) ، وأخرجه الخطيب في الفصل (1/355) من طريقه ابن حجر في التغليق (3/342) .(1/185)
? ورواه معمر عن قَتادة عن بشير عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بذكر الاستسعاء وإسقاط النضر – أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب المدبر / باب من أعتق شركاً ... (9/151) ، ومن طريقه إسحاق في المسند (1/162) ، وذكر أحمد أن معمراً لم يذكر الاستسعاء كما في تهذيب ابن القيِّم (5/396) ، وكذا نصَّ عليه البيهقي في الكبرى (10/476) .
? ورواه أيوب بن خَوط عن قَتادة عن النَّضْرِ عن بشير عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أشار إليه أبو مسعود الدِّمشقي في الأجوبة (ص169) .
? ورواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن بشير عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بدون ذكر النَّضْرِ – أشار إليه البيهقي في الكبرى (10/476) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث سنداً متناً كما قال الدَّارقطني .
أما السَّند فعلى عدة أوجه :-
الوجه الأول :- فإنَّ عامَّةَ أصحاب قَتادة ذكر النَّضْر بن أنس بين قَتادة وبشير ، وهم :-
1- سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
2- أبان (ص3) .
3- شعبة ، (ص3) .
4- همَّام (ص3) .
5- يحيى بن صبيح ، (ص3) .
6- حجَّاج بن حجَّاج ، (ص3) .
7- موسى بن خلف (ص3) .
8- وأيوب بن خوط وهو متروك – التَّهذيب (1/203) .
9- جرير بن حازم وقد تكلم في حديثه عن قَتادة .
فنقل ابن رجب عن أحمد : « كان يحدِّث بالتَّوهُّم أشياء عن قَتادة يسندها بواطيل » ، قال ابن رجب : وكذلك ضَعَّفَ يحيى وغيره حديث جرير خاصَّة – شرح العلل (2/509) .
وقال عبد الله بن أحمد : « سألت ابن معين عنه فقال : ليس به بأس ، فقلت : إنه يحدث عن قَتادة عن أنس أحاديث مناكير ! فقال : ليس بشيء ، هو عن قَتادة ضعيف » .
وقال ابن عدي : هو مستقيم الحديث : صالح فيه ، إلا روايته عن قَتادة ، فإنه يروي عنه أشياء لا يرويها غيره – التَّهذيب (1/295) .
وقد أخرج الشيخان له أحاديث من روايته عن قَتادة .
وبهذا الوجه – سنداً – أحاديث في الكتب السَّبعة .(1/186)
الوجه الثاني :- رواه عن قَتادة ثلاثة أسقطوا النَّضْر ، وهم :-
1. هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
2. معمر (ص3) ، وقد اختلف عليه في ذكره وإسقاطه كما أخرجه الخطيب ونصَّ عليه ابن حجر في الفتح (5/197) .
3. سعيد بن بشير (ص3) .
وهذا الوجه منقطع ، حيث إنَّ قَتادة إنَّما يروي عن بشير بواسطة ، ولم يذكر المزِّي في تهذيبه (1/365) قَتادة في الرواة عن بشير ، وقد نَصَّ البخاري على أنه لم يسمع منه – العلل الكبير للترمذي (1/554-ترتيبه) وجامع التَّحصيل (ص255) .
الوجه الثالث :- رواه حجَّاج بن أرطاة - فيما ذكر الدَّارقطني – عن قَتادة عن موسى بن أنس مكان النضر ، وكلاهما ابنان لأنس بن مالك - رضي الله عنه - .
وهذا الوجه معلٌّ من عدة أوجه منها :-
1. أن حجاجاً كثير الوهم كما سبق (ص3) .
2. مخالفته كل أصحاب قَتادة الكبار السابقين .
3. أنه ليس لِقَتادة – في الكتب السِّتَّة - رواية عن موسى ، بل لم يذكر في شيوخه أصلاً .
فالوجه الأول عن قَتادة أصح بلا شك .
أما المتن ، فإنه اختلف على قَتادة في ذكر الاستسعاء خاصة على ثلاثة أوجه ، منهم من لم يذكره أصلاً ، ومنهم من رفعه ، ومنهم من جعله من قول قَتادة غير مرفوع .
الوجه الأول :- رواه شعبة (ص3) وهشام (ص3) ويحيى بن صبيح (ص3) .
الوجه الثاني :- رواه بقية أصحاب قَتادة عدا همَّام ، وعددهم سبعة .
الوجه الثالث :- رواه همَّام (ص3) – في رواية ابن المقرئ - ، وخالفه محمد بن كثير وعمرو بن عاصم ، أسقطاه عن همَّام .
وفي هذين الوجهين اعترك الأقران . هل ذكر الاستسعاء مرفوع ، أم من قول قَتادة ، أدرجه بعضهم في أصل الحديث المرفوع .
فذهب إلى القول الأول جماعة منهم :-
1. البخاري ، حيث أخرج رواية جرير وسعيد ثم قال : تابعه حجَّاج بن حجَّاج وأبان وموسى بن خلف عن قَتادة ، اختصره شعبة .(1/187)
وعقَّب ابن حجر على ذلك بقوله : « أراد البخاريُّ بهذا الرد على من زعم أن الاستسعاء في هذا الحديث غير محفوظ ، وأن سعيد بن أبي عَروبة تفرد به ، فاستظهر له برواية جرير بن حازم بموافقته ، ثم ذكر ثلاثة تابعوهما على ذكرها ... » - الفتح (5/197) . وقال التِّرمذيُّ وعنه : « وكأنَّه قوَّى حديث سعيد بن أبي عَروبة في أمره بالسِّعاية » - العلل الكبير (1/549-ترتيبه) .
2. مسلم بن الحجَّاج .
3. التِّرمذي .
4. ابن حبَّان . وقد سبق تصحيحهم .
5. الطَّحاوي ، وسيأتي كلامه بعد .
وخالفهم جماعة آخرون ذهبوا إلى ضعف رفع الاستسعاء ، ومنهم :-
1. الإمام الشافعي في الأم قال : « وحديث الاستسعاء ضعيف » - الأم (7/21) . وقال أيضاً : « سمعت بعض أهل النظر والدين منهم وأهل العلم بالحديث يقول : لو كان حديث سعيد بن أبي عروبة في الاستسعاء منفرداً لا يخالفه غيره ما كان ثابتاً » - الأم (8/675) .
2. الإمام أحمد بن حنبل ، حيث قال : « ليس في الاستسعاء حديث يثبت » .
3. ابن المنذر قال : « لا يصحُّ حديث الاستسعاء ... » .
4. سليمان بن حرب ، قال الأثرم : « طعن سليمان بن حرب في هذا الحديث وضعفه » - نقله عنهم ابن القيِّم في تهذيبه (10/319) .
5. النَّسائي ، حيث قال : « الكلام الأخير – يعني الاستسعاء – من قول قَتادة ، بلغني أن هَمَّاماً روى هذا الحديث فجعل هذا الكلام من قول قَتادة » - تحفة الأشراف (9/304) .
6. أبو بكر النَّيسابوري قال : « ما أحسن ما رواه همَّام وضبطه ، فصل بين قول النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قول قَتادة » - سنن الدَّارقطني (4/71) .
7. الإسماعيلي ، حيث قال : « قوله "ثم استسعى" ليس في الخبر مسنداً ، وإنَّما هو قول قَتادة ، مدرج في الخبر على ما رواه همَّام » - الفتح (5/198) .(1/188)
8. الدَّارقطني ، وقد سبق كلامه في الأصل ، بل قال عن رواية سعيد وجرير : « وأحسبهما وهِما فيه ، لمخالفة شعبة وهشام وهمَّام إياهما » - السنن (4/70) .
9. الخطيب البغدادي ، حيث ذكر الحديث في الفصل (1/348) وخرَّجه ، ولم يعترض على القول بإدراجه .
10. أبو مسعود الدِّمشقي ، قال في الأجوبة (ص168) : « حديث همَّام حسن ، وعندي أنه لم يقع للبخاري ولا لمسلم أيضاً ، ولو وقع لهما لحكما بقوله » ، كذا قال .
وغاية ما عند المضعِّفين أمران :-
الأول :- أن شعبة وهشاماً ، أثبت أصحاب قَتادة ، وقد تابعهما جماعة ، وسعيد ابن أبي عَروبة قد اختلط .
الثاني :- أن هَمَّاماً ميَّز بين المرفوع والمدرج ، فدلَّ ذلك على حفظه للحديث .
وقد أجاب الأولون وغيرهم عن ذلك بحجج أقوى مما احتج به المضعِّفون .
فقال الطَّحاوي : « فكان جوابنا له في ذلك أنَّ الذي في هذين الحديثين ليس بخلاف لما في الأحاديث الأولى المرويَّة عن قَتادة ، ولكنه على التقصير من شعبة وهشام عن حفظ ما حفظه سعيد ومن ذكرناه معه عن قَتادة ، ولما حفظوه عنه في هذا الحديث ، ومن حفظ شيئاً كان أولى ممن قصر عنه ، وسعيد أولى النَّاس بقَتادة وأحفظهم لحديثه ... » ، إلى أن قال : « وكيف يجوز أن يدع ما رواه سعيد ويحيى بن صَبيح وجرير بن حازم وحجَّاج بن أرطاة وأبان بن يزيد عن قَتادة في ذلك ، مع موافقة معمر بن راشد إياهم عن قَتادة في ذلك – وإن كان قد قصر في إسناده ، وأسقط منه رجلاً - ، ومع موافقة من سواهم إياهم عليه ، مع كثرة عددهم ، ويصير إلى ما رواه من عدده أقلُّ من عددهم ، وإن كان ما روي في ذلك لا يخالف ما رووا ، وإنَّما في التقصير عما رووا ، ومن لم يقصر أولى بقبول الرِّواية في ذلك ممن قصر ، وبالله التوفيق » - المشكل (13/435-438) .(1/189)
وقال ابن القيِّم في حاشية السنن (10/320) : « وقال آخرون : الحديث صحيح ، وترك ذكر شعبة وهشام للاستسعاء لا يقدح في رواية من ذكرها ، وهو سعيد ابن أبي عَروبة ، ولا سيَّما فأنه أكبر أصحاب قَتادة ومن أخصهم به ، وعنده عن قَتادة ما ليس عند غيره من أصحابه ، ولهذا أخرجه أصحاب الصحيحين في صحيحيهما ، ولم يلتفتا إلى ما ذكر في تعليله . وأما الطعن في رواية سعيد عن قَتادة - ولو لم يخالف - : فطعن ضعيف ، لأن سعيداً عن قَتادة حجة بالاتفاق ، وهو من أصح الأسانيد المتلقاة بالقبول التي أكثر منها أصحاب الصحيحين وغيرهم ، فكيف ولم ينفرد سعيد عن قَتادة بالاستسعاء ، بل قد رواه عن قَتادة جرير بن حازم ، وناهيك به ...
فهؤلاء خمسة رووه عن قَتادة : سعيد ، وجرير بن حازم وأبان وحجَّاج بن حجَّاج ، وموسى بن خلف . ثم لو قدر تفرُّد سعيد به لم يضره ، وسعيد وإن كان قد اختلط في آخر عمره فهذا الحديث من رواية يزيد بن زُرَيع وعبدة وإسماعيل والجُلَّة عن سعيد وهؤلاء أعلم بحديثه . ولم يرووا عنه إلا ما كان قبل اختلاطه ، ولهذا أخرج أصحاب الصَّحيح حديثهم عنه . فالحديث صحيح محفوظ بلا شك » .
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح بعد حكاية أقوال المضعفين : « وفي قول هؤلاء الأئمة نظر ، فإن سعيد بن أبي عَروبة من الأثبات في قَتادة ، وليس هو بدون همَّام ، وقد تابعه جماعة على ذكر الاستسعاء ... » ، ثم ذكر أسماءهم السابقة – نصب الراية (3/283) .(1/190)
وقال ابن جحر بعد أن حكى أقوال المُضَعِّفِينَ : « هكذا جزم هؤلاء بأنه مدرج . وأبى ذلك آخرون منهم صاحبا الصَّحيح فصحَّحا كون الجميع مرفوعاً ، وهو الذي رجَّحه ابن دقيق العيد وجماعة ، لأن سعيد بن أبي عَروبة أعرف بحديث قَتادة لكثرة ملازمته له وكثرة أخذه عنه من همَّام وغيره ، وهشام وشعبة إن كانا أحفظ من سعيد لكنهما لم ينفيا ما رواه ، وإنَّما اقتصرا من الحديث على بعضه ، وليس المجلسُ متَّحداً حتى يتوقَّف في زيادة سعيد ، فإن ملازمة سعيد لِقَتادة كانت أكثر منهما فسمع منه ما لم يسمعه غيره ، وهذا كلُّه لو انفرد ، وسعيد لم ينفرد ، وقد قال النَّسائي في حديث أبي قَتادة عن أبي المليح في هذا الباب بعد أن ساق الاختلاف فيه على قَتادة : هشام وسعيد أثبت في قَتادة من همَّام ، وما أُعِلَّ به حديث سعيد من كونه اختلط أو تفرَّد به مردود لأنه في الصَّحيحين وغيرهما من رواية من سمع منه قبل الاختلاط كيزيد بن زُرَيع ووافقه عليه أربعة تقدَّم ذكرهم وآخرون معهم لا نطيل بذكرهم ، وهمَّام هو الذي انفرد بالتَّفصيل ، وهو الذي خالف الجميع في القدر المتَّفق على رفعه فإنه جعله واقعة عين وهم جعلوه حكماً عاماً ، فدلَّ على أنَّه لم يضبطه كما ينبغي .
والعجب ممن طعن في رفع الاستسعاء بكون همَّام جعله من قول قَتادة ولم يطعن فيما يدلُّ على ترك الاستسعاء وهو قوله في حديث ابن عمر في الباب الماضي "وإلا فقد عتق منه ما عتق" بكون أيوب جعله من قول نافع كما تقدَّم شرحه ، ففصل قول نافع من الحديث وميَّزه كما صنع همَّام سواء فلم يجعلوه مدرجاً كما جعلوا حديث همَّام مدرجاً ، مع كون يحيى بن سعيد وافق أيوب في ذلك وهمَّام لم يوافقه أحد ، وقد جزم بكون حديث نافع مدرجاً محمد بن وضَّاح وآخرون .(1/191)
والذي يظهر أن الحديثين صحيحان مرفوعان وفاقاً لعمل صاحبي الصَّحيح ، وقال ابن الموَّاق : والإنصاف أن لا نوهم الجماعة بقول واحد مع احتمال أن يكون سمع قَتادة يفتي به ، فليس بين تحديثه به مرة وفتياه به أخرى منافاة .
قلت : ويؤيد ذلك أن البيهقي أخرج من طريق الأوْزاعي عن قَتادة أنه أفتى بذلك ، والجمع بين حديثي ابن عمر وأبي هريرة ممكن بخلاف ما جزم به الإسماعيليُّ .
قال ابن دقيق العيد : حسبك بما اتفق عليه الشيخان فإنه أعلى درجات الصَّحيح ، والذين لم يقولوا بالاستسعاء تعللوا في تضعيفه بتعليلات لا يمكنهم الوفاء بمثلها في المواضع التي يحتاجون إلى الاستدلال فيها بأحاديث يَرِدُ عليها مثل تلك التَّعليلات .
وكأن البخاري خشي من الطعن في رواية سعيد بن أبي عَروبة فأشار إلى ثبوتها بإشارات خفية كعادته ، فإنه أخرجه من رواية يزيد بن زُرَيع عنه وهو من أثبت النَّاس فيه وسمع منه قبل الاختلاط ، ثم استظهر له برواية جرير بن حازم بمتابعته لينفي عنه التَّفرُّد ، ثم أشار إلى أنَّ غيرهما تابعهما ثم قال : اختصره شعبة ، وكأنَّه جواب عن سؤال مقدر ، وهو أن شعبة أحفظ النَّاس لحديث قَتادة فكيف لم يذكر الاستسعاء ، فأجاب بأَنَّ هذا لا يؤثر فيه ضعفاً لأنَّه أورده مختصراً وغيره ساقه بتمامه ، والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد والله أعلم .
وقد وقع ذكر الاستسعاء في غير حديث أبي هريرة : أخرجه الطَّبراني من حديث جابر ، وأخرجه البيهقي من طريق خالد بن أبي قلابة عن رجل من بني عذرة » - الفتح (5/198-199) .
فتبيَّن بما سبق أن من ضَعَّفَ رواية السِّعاية له حجة قويَّة وأدلة ظاهرة . إلا أنَّ أدلة المصحِّحين أقوى وأظهر بكثير ، فالمصير إلى ما كان هذا سبيله أولى وأحرى كما ذهب إلى ذلك من سبق ذكرهم .(1/192)
ورواية همَّام شاذةٌ جداً ، لأنَّ أحداً من الرُّواة عن قَتادة لم يوافقه على ما قاله ، فقَتادة ، إما أن يكون قد ذكرها مرفوعة أو لم يذكرها أصلاً ، كما قال كل الرُّواة عن قَتادة .
أما التفصيل الذي أتى به همَّام فلا أصل له – كما أشار إلى ذلك الحافظ - ، فالاستدلال به ضعيف ، والاعتماد عليه أضعف ، خصوصاً مع الاختلاف عليه في ذكرها ، وتفرد ابن المقرئ بذلك مقابل اثنين لم يذكراها ، فدلَّ على اضطرابه فيها .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث برواية السِّعاية صحيح مرفوعاً ، كما ذهب إليه صاحبا الصَّحيح وغيرهما ، وفي ترجيح الدَّارقطني ومن وافقه نظرٌ لما سبق ، والله أعلم .
27. الحديث الثامن عشر
وسئل عن زُرارة بن أوفى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : » لا تصحب الملائكة رفقةً فيها جرسٌ « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
? فرواه عمران القطَّان عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - موقوفاً .
? وخالفه سعيد بن بشير ، فرواه عن قَتادة عن زُرارة عن سعد بن هشام عن عائشة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
واختلف عن سعيد بن بشير في متنه ، فقيل عنه : لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر .
? قاله الوليد بن مسلم .
ولا يصح القولان « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية عمران أخرجها أبو داود في السُّنن كتاب اللباس / باب في جلود النمور (4127) بلفظ : « جلد نمر » ، وعلقها ابن المنذر في الأوسط (2/299) .
? ورواية سعيد بن بشير أخرجها ابن المنذر في الأوسط (2/299) والطَّبراني في مسند الشَّاميين (4/57) ، باللفظين عن الوليد بن مسلم .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
__________
(1) العلل (ج3/ل181) (10/328) .(1/193)
? رواه هشام عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً – أخرجه إسحاق (1/302) وأحمد (2/385و414) – كلاهما في المسند – والنَّسائي في الكبرى كتاب السِّير / باب التغليظ في الأجراس (5/215) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الجهاد / باب ما قَالَوا في الأجراس (6/424) موقوفاً ، كلهم بلفظ : « جرس » .
? ورواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً – أخرجه أبو مسعود الدِّمشقي في الأجوبة (ص273) ، بلفظ : «جرس » .
? ورواه أبو جُزَي نصر بن طريف عن قَتادة عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً – أخرجه الدَّارقطني في الأفراد (5/166-أطرافه) ، بلفظ : «جرس » .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث ، في متنه وسنده ورفعه .
ولم يعرِّج الحافظ الدَّارقطني هنا على رواية هشام ، وهي أقوى الرِّوايات وأشهرها ، ولعله أراد الاقتصار على روايات المخالفين ، فمثله لا تخفى عليه غالباً . كما لم يذكر رواية نصر التي أخرجها في الأفراد .
وحاصل الخلاف ، أنَّ كلَّ من رواه عن قَتادة جعله عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ : « جرس » ، وهم :-
1. هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
2. سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
3. عمران القطَّان (ص3) . وروايته عند الدَّارقطني موقوفة معلقة بلفظ : «جرس » ، وعند أبي داود مرفوعة مسندة بلفظ : « جلد نمر » . ولم يتبيَّن لي أيُّهما أصحُّ ، ولعله اختلف عليه فيها ، وإن كان الإسناد أقوى من التَّعليق .
4. أبو جُزَي ، وقد سبق بيان ضعفه (ص3) .
وخالفهم سعيد بن بشير ، فرواه عن قَتادة عن زُرارة عن سعد بن هشام عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وقال فيه : « جلد نمر » ، في رواية ، وفي أخرى : « جرس » .
وعقب الدَّارقطني على ذلك بقوله : « ولا يصحُّ القولان » ، أي السَّند والمتن .
وقرائن ما قاله هي :-(1/194)
1. أن سعيد بن بشير ضعيف في قَتادة كما سبق (ص3) .
2. مخالفته لكل من رواه عن قَتادة في إسناده ، وفيهم الأثبات عنه .
3. احتمال تركيبه هذا الحديث لسند حديث آخر شبيه به ، وهو ما رواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن زُرارة عن سعد بن هشام عن عائشة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقطع الأجراس – أخرجه إسحاق (3/711) وأحمد (6/150) - كلاهما في المسند - .
فلعل سعيد بن بشير روى الحديثين فجعل سند هذا لمتنِ ذاك وسوَّاه سهواً .
4. أنَّ مما يدلُّ على اضِّطرابه فيه ، أنه روى هذا الحديث عن أبي الزُّبير عن أنس - رضي الله عنه - أيضاً – أخرجه ابن عدي في الكامل (4/421) ، وأعلَّه به .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أنه لا يصح عن قَتادة إلا عن زُرارة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ : «جرس » ، وما عداه فوهم كما ذهب إليه الدَّارقطني ، وهذا سند صحيح .
وقد جاء الحديث من طريق آخر مرفوعاً عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، رواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه به – أخرجه مسلم في صحيحه كتاب اللباس / باب كراهية الكلب والجرس (2113) .
وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إنَّ مع كل جرس شيطاناً » - أخرجه أبو داود في (4230) ، وقال المنذري : « قال المنذري : مولاة لهم مجهولة ، وعامر بن عبد الله بن الزبير لم يدرك عمر » ، فالسند ضعيف .
28. الحديث التاسع عشر
وسئل عن حديث زياد بن رياح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » بادروا الأعمال بست : طلوع الشَّمس من مغربها والدَّجال والدُّخان ودابَّة الأرض ... « .
فقال : » يرويه قَتادة واختلف عنه .
? فرواه شعبة وهمَّام عن قَتادة عن الحسن عن زياد بن رباح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .(1/195)
? وخالفهما عمران القطَّان ، فرواه عن قَتادة عن عبدِ الله بن رباح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، ولم يذكر الحسن .
والأول أصح « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية شعبة أخرجها مسلم في صحيحه كتاب الفتن / باب في بقية ... (2947) وابن حبَّان في التَّقاسيم (15/1990-إحسان) وابن منده في الإيمان (2/921) وأبو عمرو الدَّاني في الفتن (526) والمزِّي في تهذيبه (3/47) .
? ورواية همَّام أخرجها أحمد في المسند (2/324و407) ومسلم (2947) والمزِّي (3/47) .
? ورواية عمران أخرجها الطَّيالسي (2549) وأحمد (2/511) – كلاهما في المسند – والحاكم في الفتن من المستدرك (4/516) – وصحَّحه - .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على وجهين اثنين :-
الأول :- رواه اثنان عن قَتادة عن الحسن البصري عن زياد بن رباح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - . وزياد بصري ثقة – التَّقريب (2085) .
وهذان الرَّاويان هما :-
1. شعبة (ص3) .
2. همَّام (ص3) .
وخالفهما عمران بن داوَر القطَّان ، جعله عن قَتادة عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
فأسقط الحسن وجعل عبد الله مكان زياد .
وعبد الله هذا كسابقه ثقة بصري – التَّهذيب (3327) .
وأخرج لهما مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ورجَّح الدَّارقطني الوجه الأول ، ولذلك قرائن منها :-
1. أن عمران ليس كمن خالفه في قَتادة ، بل هو مختلف فيه كما سبق (ص3) .
2. أن شعبة وهمَّام من أثبت النَّاس في قَتادة كما سبق .
3. أنَّ احتمال الخطأ من واحد أقرب من الاثنين .
4. أن رواية قَتادة عن الحسن أكثر من روايته عن عبدِ الله بن رباح ، فليس له في الكتب السِّتَّة عنه ، وهو لم يسمع منه كما سيأتي عن ابن رجب (ص3) .
الحُكْمُ عَلَيْه
__________
(1) العلل (ج3/ل181) (10/3239) .(1/196)
الحديث كما قال الدَّارقطني ، الصَّواب رواية شعبة وهمَّام ، ورواية عمران وهم منه .
وقد جاء الحديث من طريق آخر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، رواه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه مسلم (2947) .
29. الحديث العشرون
وسئل عن حديث شهر بن حوشب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » الكمأة من المنِّ (1) ، وماؤها شفاء للعين ، والعجوة (2) من الجنة « .
فقال : » ... واختلف عن قَتادة .
? فرواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن شهر عن عبدِ الرحمن بن غَنْم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وقال عدي بن أبي عمارة عن قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ...
? وقال هشام الدَّسْتَوائي وهمَّام وأبان وحماد بن سلمة عن قَتادة عن شهر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - « (3) .
التَّخْرِيج
? رواية سعيد أخرجها أحمد في المسند (2/325) من طريق روح عنه . وأخرجه أحمد أيضاً (2/356و490) من طريق عبد الله بن بكر عن سعيد بإسقاط عبد الرحمن بن غنم . وبالوجه الأول عن سعيد أخرجه أيضاً النَّسائي في الكبرى كتاب الأطعمة / باب 31و55 (4/157و166) .
? ورواية هشام أخرجها أحمد في المسند (2/511) والتِّرمذي في الجامع كتاب الطب / باب ما جاء في الكمأة ... (2068) – وحسنه – والنَّسائي في الكبرى (4/157و166) .
? ورواية أبان أخرجها أحمد (2/357) .
? ورواية حماد أخرجها أحمد (2/421) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف في هذا الحديث على قَتادة على ثلاثة أوجه ساقها الدَّارقطني ولم يرجح بينها ، إلا أنه يظهر من مقتضى منهجه ترجيح الوجه الأخير .
__________
(1) أي : هي مما منَّ الله به على عباده – النهاية (ص885) (منن) .
(2) نوع من تمر المدينة – النهاية (ص596) (عجا) .
(3) العلل (ج3/ل197) (11/26) .(1/197)
وهذا بيان الأوجه وحكمها :-
الوجه الأول :- رواه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) عن قَتادة عن شهر عن عبدالرحمن بن غَنْم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
كذا أطلق الدَّارقطني عن سعيد بنِ أبي عَروبة . ويظهر من التَّخريج أن خلافاً حصل عليه ، ولم يذكره الدَّارقطني اختصاراً ، أو أنه لم يقف عليه .
الوجه الثاني :- رواه عدي بن أبي عمارة عن قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهذا الوجه مرجوح ووهمٌ لعدة قرائن منها :-
1. أن عدياً مختلف فيه ، حيث ذكره ابن حبَّان في الثِّقات ، وقال عنه العقيلي : « في حديثه اضطراب » - اللسان (4/188) .
2. مخالفته لكل أصحاب قَتادة الحفَّاظ .
3. سلوكه للجادة في هذا السَّند ، وقد تقدَّم (ص3) أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة - رضي الله عنه - .
الوجه الثالث :- رواه بقية أصحاب قَتادة عنه عن شهر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهؤلاء هم :-
1. هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
2. همَّام (ص3) .
3. أبان (ص3) .
4. حماد بن سلمة (ص3) .
فرواية هؤلاء أصحُّ من حيثُ العددُ والحفظُ . ومن حيث إنَّ لشهرٍ عدة أحاديث في المسند والسُّنن .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أنه لا يصحُّ إلا عن شهر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وشهر صدوق – التَّهذيب (2/182) ، فالسَّند حسن .
وقد تابع قَتادة عليه عن شهر اثنان ، هما :- ابنُ أبي وحشيَّة وعبَّادُ بن منصور – أخرجه عنهما أحمد (2/421) .
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، منها ما رواه :-
1. أبو سلمة – أخرجه التِّرمذي في الجامع (2066) وقال : « حسن غريب » .
2. أبو صالح – أخرجه العقيلي في الضُّعفاء (1/119) ، وأعلَّه .
وله شواهد في الصَّحيح وغيره .
30. الحديث الحادي والعشرون(1/198)
وسئل عن حديث شهر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : »طلَّقت امرأتي ، فقال : تزوَّج ولا تطلِّق ، فإنَّ الله - عز وجل - لا يحبُّ والذَّوَّاقين (1) والذَّوَّاقات « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
? فقال بكر بن بكَّار عن سعيد عن قَتادة عن شهر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وخالفه أبان بن يزيد العطَّار ، فرواه عن قَتادة عن شهر مرسلاً .
? وأرسله هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة ، لم يجاوز به .
والمرسل أشبه « (2) .
التَّخْرِيج
? رواية بكر أخرجها الدَّارقطني في الأفراد (5/205-أطرافه) .
? ورواية أبان أخرجها الخطَّابي في غريب الحديث (1/455) .
? ورواية هشام أخرجها البَنْدَهي في شرح المقامات كما في المداوي (2/330) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه ابن أبي عدي وعبد الأعلى عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن شهر عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً – أخرجه ابن جرير في تفسيره (2/539) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث وصلاً وإرسالاً .
فأرسل عنه اثنان هما :-
1. أبان العطَّار (ص3) ، أرسله عن شهر .
2. هشام الدَّسْتَوائي (ص3) ، أرسله عن قَتادة وأسقط شهراً .
وروى الحديث سعيد بن أبي عَروبة ، واختلف عليه .
فرواه بكر بن بكَّار عنه عن قَتادة عن شهر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً .
وبكر ضعيف – التَّقريب (744) .
وخالفه اثنان من أصحاب سعيد ، روياه عنه مرسلاً بشهر ، وهما :-
1. ابن أبي عدي ، واسمه محمد بن إبراهيم السُّلمي ، ثقة بصري – التَّهذيب (3/492) .
2. عبد الأعلى (ص3) .
فرواية هذين عن سعيد أصح ، ورواية بكر منكرة ، لمخالفتها لرواية الثِّقات ، هذا مع ضَعَّفَ بكر نفسه . بقي أنه هل لشهر مدخل في طرق الحديث أما لا .
__________
(1) أي سريعي النِّكاح سريعي الطَّلاق .
(2) العلل (ج3/ل197) (11/29) .(1/199)
فكلُّ من روى الحديث ذكره عدا أبان ، والذي يظهر وهمه في إسقاطه - وإن لم يؤثر هذا شيئاً في الحديث - لسببين هما :-
1- أن ذكر شهر ورد في رواية سعيد وهشام ، وهما أثبت أصحاب قَتادة .
2- أن الحديث قد جاء من طريق آخر عن شهر مرسلاً ، رواه ليث عنه – أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الطلاق / باب منكره الطلاق من غير ريبة (4/187) .
وليث بن أبي سليم ضعيف – التَّهذيب (3/484) . فدلَّ ذلك على أن قَتادة إنَّما رواه عن شهر مرسلاُ ، وشهر صدوق كما سبق (ص3) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني لا يصح عن قَتادة إلا مرسلاً .
والأقرب أنه أرسله عن شهر ، فالسَّند ضعيف .
ولحديث أبي هريرة طريق آخر رواه عنه الأعرج – أخرجه ابن وهب في الجامع (534) قال أخبرنا يزيد بن عياض عن عبدِ الرحمن الأعرج ... به .
ويزيد هذا متروك متهم – التَّهذيب (4/425) .
وله شاهد من حديث أبي موسى الشعري - رضي الله عنه - – أخرجه الطَّبراني في الأوسط (8748) . وشاهد آخر عن عبادة بن الصَّامت - رضي الله عنه - . قال عنه الهيثمي : « رواه الطَّبراني ، وفيه راوٍ لم يسمَّ » - المجمع (4/335) .
ففي ثبوت الحديث نظر لأن مصادره متأخرة – عدا ابن وهب - وبأسانيد لا تخلوا من علة ، وفي المتن غرابة .
31. الحديث الثاني والعشرون
وسئل عن حديث عبد الرحمن بن آدم – وهو عبد الرحمن مولى ابن بُرثن (1) – عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : » إنَّ الله كتب الجمعة على من كان قبلنا ، قد اختلف النَّاس فيها ، فهدانا الله لها ، والنَّاس تبع ... « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
__________
(1) كذا في الأصل ، والمؤلف ذكره في المؤتلف (1/187) فقال : « عبد الرحمن مولى أم برثن » ، وقال المزي : « ربما قيل له ابن برثن » - التهذيب (4/336) .(1/200)
? فرواه سعيد بن أبي عَروبة وهشام الدَّسْتَوائي وهمَّام عن قَتادة عن عبدالرحمن بن آدم – مولى أم بُرْثٌن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وخالفهم سعيد بن بشير ، فرواه عن قَتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أَبْزَى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ووهم فيه . والصَّواب قول ابن أبي عَروبة ومن تابعه « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية سعيد أخرجها أحمد في المسند (2/512) وابن عدي في الكامل (8/79) .
? ورواية هشام أخرجها إسحاق في المسند (1/125) .
? ورواية همَّام أخرجها الطَّيالسي (2571) وأحمد (2/491و509) – كلاهما في المسند – والخطيب في الموضح (2/239) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه شعبة عن قَتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد في المسند (2/236) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في تسمية شيخه في هذا الحديث .
فكل من رواه عنه من أصحابه الثِّقات جعله عبد الرحمن بن آدم ، وهم :-
1. سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
2. هشام (ص3) .
3. همَّام (ص3) .
4. شعبة (ص3) .
وخالفهم سعيد بن بشير فجعله عن ابن أَبْزَى .
ورجَّح الدَّارقطني رواية الجماعة ، لقرائن منها :-
1. أن سعيد بن بشير ضعيف في قَتادة كما سبق (ص3) .
2. أن رواية الجماعة أقوى من رواية الواحد .
3. أن كل من خالفه من أثبت النَّاس في قَتادة .
4. أن قَتادة لا تعرف له رواية عن ابن أَبْزَى مباشرة ، بل هو يروي عنه - عادة - بواسطة كما سبق (ص3) .
5. أن لِقَتادة حديث آخر يرويه عن ابن آدم – أخرجه أحمد (2/406) إسحاق (1/124) – كلاهما في المسند - وأبو داود في السُّنن (4324) ، وسنده حسن .
فدلَّ ذلك كله على صحة ترجيح الدَّارقطني ، ووهم سعيد بن بشير .
الحُكْمُ عَلَيْه
__________
(1) العلل (ج3/ل205) (11/77-78) .(1/201)
الحديث كما قال الدَّارقطني ، إنَّما رواه قَتادة عن ابن آدم لا ابن أَبْزَى ، وسنده منقطع لقول ابن معين بأنَّ قَتادة لم يسمع من عبد الرحمن مولى أمِّ بُرْثُن – المراسيل (633) .
وقد جاء الحديث من طريق آخر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - رواه عنه الأعرج – أخرجه البخاري في الجامع كتاب الجمعة / باب فرض الجمعة (876) ومسلم في صحيحه كتاب الجمعة / باب هداية هذه الأمة ... (855) ، وفيه طرق أخرى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
32. الحديث الثالث والعشرون
وسئل عن حديث عكرمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » من صوَّر صورة ... « الحديث ، وفيه : » من استمع إلى حديث قوم ... « ،
» من كذب في رؤياه ... « .
فقال : » ... فرواه قَتادة عن عكرمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
واختلف عنه في رفعه .
? فرفعه همَّام والحكم بن عبد الملك عن قَتادة .
? ووقفه أبو عَوانة عن قَتادة ... « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية همَّام أخرجها أحمد في المسند (2/504) وابن أبي الدنيا في الورع (86) والنَّسائي في كتاب الزينة / باب التصاوير من الكبرى (5/502) وباب ذكر ما يكلف أصحاب التصاوير ... من الصُّغرى (5360) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الكراهية / باب الصور (4/287) .
? ورواية أبي عَوانة أشار إليها البخاري في الجامع كتاب التعبير / باب من كذب في حلمه (7042) بقوله : وقال قتيبة حدثنا أبو عَوانة ... ...
وأخرجها أبو نعيم في مستخرجه كما في فتح الباري (12/531) وابن حجر في التَّغليق (5/275) من جهة النَّسائي .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه طلحة بن عبد الرحمن عن قَتادة عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنه - مرفوعاً – أخرجه الطَّبراني في الكبير (11/309) .
__________
(1) العلل (ج3/ل212) (11/124) .(1/202)
? ورواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن النَّضْر بن أنس عن ابن عباس - رضي الله عنه - – أخرجه الطَّبراني في الكبير (12/204) والإسماعيلي في مستخرجه كما في الفتح (10/482) .
? ورواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن النَّضْر عن ابن عباس – أخرجه مسلم في صحيحه كتاب اللباس / باب 26 (2110) والإسماعيلي في مستخرجه .
? ورواه مجاعة بن الزبير عن قَتادة عن عكرمة عن ابن عباس – أخرجه ابن شاهين في جزئه عن شيوخه (8) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على ثلاثة أوجه . ذكر الدَّارقطني وجهاً واحداً منها ، وحكى الخلاف في رفعه ووقفه .
أما الوجه الأول فرواه عنه ثلاثة هم :-
1. همَّام (ص3) .
2. الحكم بن عبد الملك (ص3) ، وكلاهما رفع الحديث .
3. أبو عَوانة (ص3) ، وأوقف الحديث .
كلهم رووه عن قَتادة عن عكرمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
الوجه الثاني رواه اثنان هما :-
1. سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
2. هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
روياه عن قَتادة عن النَّضْر عن ابن عباس - رضي الله عنه - .
وواضح من هذه الطُّرق صحة الوجهين عن قَتادة مرفوعاً .
أما الوجه الأول فإن العدد والحفظ ظاهر فيه ، وقد تابع قَتادة على هذا الوجه عن عكرمة : أبو هاشم الرُّماني فيما أخرجه الإسماعيلي في مستخرجه - كما في الفتح (12/531) والتغليق (5/275) لابن حجر .
وأما الوجه الثاني فاجتمع فيه الحفظ والإتقان ، ويؤيده ما رواه سعيد بن أبي عَروبة قال : سمعت النضر بن أنس بن مالك يحدث قَتادة قال : كنت عند ابن عباس ... فذكر الحديث – أخرجه البخاري في الجامع (5963) .
الوجه الثالث ، رواه مجاعة بن الزبير وطلحة بن عبد الرحمن عن قَتادة ، فخالفا الجميع ولفَّقا بين الإسنادين ، حيث جعلاه عنه عن عكرمة عن ابن عباس .
وهذا ضعيف لقرائن منها :-
1. احتمال سلوك للجادة .(1/203)
2. أنهما متكلم فيهما ، فمجاعة مختلف فيه كما سبق (ص3) ، وطلحة ذكره ابن حبَّان في الثِّقات ، وقال ابن عدي : « له مناكير » – كذا في اللسان (3/252-253) ، ولم أجده في الثِّقات ، وعبارة ابن عدي في الكامل (5/182) : « روى هو عن قَتادة شيئاً لا يتابعوه عليه » .
3. مخالفتهما كل أصحاب قَتادة .
فقَتادة إنَّما رواه عن عكرمة عن أبي هريرة ، وأما عن ابن عباس فإنَّما رواه بواسطة النَّضر كما سبق .
أما وقف أبي عَوانة للحديث فلا يضره ، لأنه خالف كلَّ أصحاب قَتادة ، ورواية الجماعةِ أصحُّ وأولى .
ولا يعني هذا أن عكرمة لم يروهِ عن ابن عباس ، لأنَّ القول في خصوص رواية قَتادة لهذا الحديث .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث صحيح بوجهيه عن قَتادة ، عدا رواية طلحة .
وقد جاء الحديث من طريق آخر عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنه - – أخرجه البخاريُّ في الجامع (7042) عن أيوب عنه .
33. الحديث الرابع والعشرون
وسئل عن حديث هشام بن يحيى بن العاص بن هشام المخزومي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » أيُّما رجل وجد متاعه بعينه عند مفلس فهو أحقُّ به « .
فقال : » ... واختلف فيه عن قَتادة .
? فرواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن بشير بن نَهيك عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ولم يذكر بين قَتادة وبشير أحداً . واختلف عليه في رفعه .
? فوقفه مسلم بن إبراهيم عن هشام . ورفعه غيره .
? ورواه ابن أبي عَروبة وشعبة وأبان بن يزيد وحماد بن سلمة عن قَتادة عن النَّضْر بن أنس عن بشير بن نَهيك عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وهو المحفوظ عن قَتادة « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج3/ل220) (11/172) .(1/204)
? رواية هشام مرفوعة أخرجها عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب البيوع / باب الرجل يفلس ... (8/264) وابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب البيوع والأقضية / باب الرجل يموت ... (4/278) – كلاهما من طريق وكيع عن هشام به - .
وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب المساقاة / باب من أدرك ما باعه ... (1559) والبيهقي في الكبرى كتاب التفليس / باب المشتري يفلس بالثمن (6/77) من طريق معاذ بن هشام عن أبيه به ، ولم يبِّينا سنده ! بل أحالا على رواية سابقة بذكر النضر !!
? ورواية سعيد بن أبي عَروبة أخرجها أحمد في المسند (2/487و508) ومسلم (1559) والدَّارقطني في العلل (11/173) .
? ورواية شعبة أخرجها الطَّيالسي (2450) وإسحاق (1/162) وأحمد (2/410) – كلهم في مسانيدهم – ومسلم (1559) والطَّحاوي في المشكل (12/16) وشرح المعاني كتاب البيوع / باب الرجل يبتاع سلعة ... (4/164) والبيهقي (6/76) .
? ورواية أبان أخرجها أحمد (2/413) .
? ورواية حماد أخرجها أحمد (2/385) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه همَّام عن قَتادة عن النَّضْر عن بشير عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد في المسند (2/347) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث كما سبق (ص3) في حديث آخر .
فكل من رواه عن قَتادة جعله عن بشير عن النَّضْر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وهم :-
1. سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
2. شعبة (ص3) .
3. أبان بن يزيد (ص3) .
4. حماد بن سلمة (ص3) .
5. همَّام بن يحيى (ص3) .
وخالفهم هشام الدَّسْتَوائي (ص3) فأسقط النَّضْر من السَّند .
وقد تقدَّم (ص3) أن قَتادة إنَّما يروي عن بشير بواسطة ، فمخالفة هشام لكلِّ أصحاب قَتادة تعدُّ شاذة ، وإن كان ظاهر صنيع مسلم والبيهقي يدلُّ على أنَّ رواية هشام بواسطة ! فترجيح الدَّارقطنيِّ واضح ، حيث إنَّ قرينة العدد وما عرف من رواية قَتادة عن بشير يؤيد كلامه .(1/205)
بقي أنه اختلف على هشام الدَّسْتَوائي في رفعه ووقفه فكل من رواه عنه رفعه ، وخالفهم مسلم الفَرَاهيدي (ص3) فوقفه عنه . والرَّفع أصحُّ عنه ، لأنَّه رواية الجماعة ، ولمتابعة من رواه عن قَتادة .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، إنَّما رواه قَتادة عن بشير بواسطة النَّضر مرفوعاً ، وهو سند صحيح ، ورواية هشام الدَّسْتَوائي وهم منه . والله أعلم .
34. الحديث الخامس والعشرون
وسئل عن حديث أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » إذا ضرب أحدكم فليتَّقِ الوجه ، فإنَّ الله خلق آدم على صورته « .
فقال : » رواه قَتادة ، واختلف عنه .
? فرواه ابن سَوَاء عن سعيد عن قَتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وخالفه همَّام ومثنى بن سعيد ، روياه عن قَتادة عن أبي أيوب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ويشبه أن يكون الصَّحيح « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية ابن سواء أخرجها ابن أبي عاصم في السُّنة (528) والطَّبرانيُّ في الأوسط (8/25) .
? ورواية همَّام أخرجها أحمد في المسند (2/347و463) ومسلم في صحيحه كتاب الصلة / باب النهي عن ضرب الوجه (2612) .
? ورواية المثنى أخرجها الطَّيالسيُّ (2558) وإسحاق (1/182) وأحمد (2/519) – كلهم في مسانيدهم – ومسلم (2612) وابن خزيمة في التَّوحيد (1/82) والبيهقي في الأسماء (ص370) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه شعبة عن قَتادة عن أبي أيوب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه مسلم (2612) وابن الأعرابيِّ في المعجم (1314) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث عن أبي هريرة ! هل هو بواسطة أبي رافع نفيع الصَّائغ أم أبي أيوب يحيى بن مالك ؟ وكلاهما ثقة .
فسعيد بن أبي عَروبة (ص3) رواه عن قَتادة عن أبي رافع .
__________
(1) العلل (ج3/ل225) (11/205) .(1/206)
كذا رواه عنه ابن سواء واسمه محمد السَّدوسي البصري أبو الخطاب ، وهو صدوق – التَّقريب (5976) .
وكان يزيد بن زُرَيع (ص3) – وهو أثبت أصحاب سعيد بن أبي عَروبة - يقول : « عليكم به » – التَّهذيب (3/583) .
وخالف سعيداً جماعة رووه عن قَتادة عن أبي أيوب ، وهم :-
أ . همَّام (ص3) .
ب . المثنى بن سعيد ، ثقة بصري ، لمزه ابن حبَّان بقوله : « كان يخطئ » - التَّهذيب (4/21) .
ت . شعبة (ص3) .
ورجَّح الدَّارقطني الوجه الثاني الذي صحَّحه مسلم ، ولذلك قرائن منها :-
1) أَنَّ هذا رواية جماعة من أوثق أصحاب قَتادة ، فالوهم منهم أبعد من واحد .
2) أَنَّ هذا السَّند غريب ليس بالمشهور ، فالوهم فيه من الحفَّاظ نادر .
3) أن لِقَتادة عن أبي رافع عدَّة أحاديث ، اثنان منها عند البخاريِّ ، فاحتمال سلوك الجادَّة من سعيد بن أبي عَروبة وارد هنا . هذا فيما إذا لم يختلف عليه في هذا الحديث ، فإنَّ ذكر الدَّارقطني لابن سواء يشعر بخلاف على سعيد بن أبي عَروبة احتمالاً فحسب .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، إنَّما رواه قَتادة عن أبي أيوب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وللمتن طرق أخرى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، منها ما رواه الأعرج – أخرجه أحمد في المسند (2/244) .
35. الحديث السادس والعشرون
وسئل عن حديث أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : »في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
فرواه ابن أبي عَروبة ، واختلف عنه .
? فرواه غُنْدَر وروح بن عبادة وأبو بحر البَكراوي عن سعيد عن قَتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وخالفه عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، فرواه عن سعيد عن قَتادة قال : بلغنا عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .(1/207)
? ورواه مُجاعة بن الزُّبير عن قَتادة عن خِلاسٍ بن عمرو عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - . وهو أشبهها بالصَّواب « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية غُنْدَر وروح أخرجها أحمد في المسند (2/489) عنهما قالا : ثنا شعبة أو سعيد عن قَتادة ، وأخرجها أبو عمرو السَّمرقندي في الفوائد المنتقاة العوالي (44) عن شعبة وحده .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة – أخرجه الطبراني في الدعاء (163) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في ذكر الواسطة بينه وبين أبي رافع .
فمُجاعة بن الزُّبير (ص3) رواه عن قَتادة عن خلاس بن عمرو عن أبي رافع
ولِقَتادة عدة أحاديث عن أبي رافع بواسطة خلاس ، منها واحد في مسلم (439) ، وقد قال أحمد : « كان يحيى بن سعيد لا يحدِّث عن قَتادة عن خلاس بن عمرو شيئاً ، كأنَّه لم يسمع منه » - جامع التَّحصيل (633) .
ولم يتبين لي ما المراد بقوله : « لم يسمع » ! هل المراد صورة هذا السَّند بخصوصه ، أم هو قَتادة عن خلاس ، وقول أحمد ليس بالصَّريح في الانقطاع عند ابن القطان ، فلعله ترك التَّحديث عنه لأمر آخر غير الانقطاع .
وروى سعيد بن أبي عَروبة الحديث عن قَتادة ، واختلف عليه فيه .
فرواه عنه جماعة بإسقاطه منهم :-
1. غُنْدَر ، ، واسمه محمد بن جعفر ثقة حافظ ، قال عبد الرحمن بن مهدي : « كتب غندر عن سعيد بعد الاختلاط » - التهذيب (2/35) .
وقال ابن الجنيد : « قلت لابن معين : غُنْدَر سمع من سعيد بن أبي عروبة في الاختلاط أو قبل ؟ فقال لي يحيى : زعموا أنه لم يسمع منه إلا في الصحة ، وإن أول من عرف اختلاط سعيد بن أبي عروبة : غندر » - رواية ابن الجنيد (67) .
2. روح بن عبادة .قال روح : « سمعت عن سعيد قبل الاختلاط ، ثُمَّ غبت وقدمت ، فقيل لي : إنه اختلط » - التهذيب (1/615) .
__________
(1) العلل (ج3/ل225) (11/206) .(1/208)
وقال أحمد : « روح حديثه عنه صالح » - شرح العلل (2/566) .
وقال الآجري عن أبي داود : « سماع روح منه قبل الهزيمة وكذا سرَّار » - التهذيب (2/34) .
3. أبو بحر ، واسمه عبد الرحمن بن عثمان ، ضعيف – التَّقريب (3968) .
وخالفهم فيه عبد الأعلى (ص3) ذكرها مبهمة عن قَتادة بقوله : بلغنا عن أبي رافع .
ورجَّح الدَّارقطني رواية مُجاعة على لينها لسببين هما :-
1. احتمال سلوك الجادَّة من سعيد – في رواية الجماعة عنه – لكثرة ما روى قَتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - كما سبق (ص3) .
2. قوة عبد الأعلى في سعيد ، فمتابعته تقوي رواية مُجاعة .
فإن قال قائل : لنرجِّح رواية عبد الأعلى بالإبهام فيكون السَّند ضعيفاً لجهالة الرَّاوي ! فيقال جواباً عن ذلك : إن رواية مُجاعة من قبيل التَّفسير لا الزِّيادة ، فكلاهما اتفق على الواسطة ، إلا أنَّ أحدهما أبهم والآخر فسَّر .
أما رواية سعيد بن بشير التي أعرض عنها الدَّارقُطني ، فإنها منكرة ، لمخالفتها ما رواه أصحاب قَتادة ، مع ضعف سعيد في قَتادة كما سبق (ص3) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الإمام الدَّارقطني ، إنَّما رواه قَتادة عن أبي رافع بواسطة خلاس ، وهو سند صحيح ، وأصل الحديث عن أبي هريرة أخرجه البخاري في جامعه (5295) ومسلم (852) من طريق آخر ، والله أعلم .
36. الحديث السابع والعشرون
وسئل عن حديث أبي رافع عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : »إذا أتيتم الصَّلاة فأتوها وعليكم السَّكينة والوقار ، فما أدركتم فصلُّوا ، وما فاتكم فأتمُّوا « .
فقال : » ... وخالفه قَتادة .
? فرواه عن الحسن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ولم يذكر فيه أبا رافع ...
? ورواه ابن أبي عَروبة عن قَتادة عن أبي رافع .
? وخالفه قول همَّام وحجَّاج عن قَتادة .
وحديث أبي رافع أشبه بالصَّواب ... « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج3/ل225) (11/208) .(1/209)
? رواية سعيد بن أبي عَروبة أخرجها أحمد في المسند (2/489) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث .
فهمَّام (ص3) وحجَّاج (ص3) روياه عنه عن الحسن عن أبي هريرة .
وهذا السَّند منقطع لعدم سماع الحسن من أبي هريرة كما سبق (ص3) .
وخالفهما سعيد بن أبي عَروبة ، رواه عن قَتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة .
ورجَّح الدَّارقطني هذا الوجه لقرائن منها :-
1. أن رواية قَتادة عن أبي رافع مشهورة كما سبق (ص3) .
2. قوة سعيد بن أبي عَروبة في قَتادة كما سبق (ص3) .
3. أن سلسلة قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة لا تصح كما سبق (ص3) .
4. أنَّ الحديث قد رُوِيَ من طريق يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة فيما ذكر الدَّارقطني قبل رواية قَتادة هذه . فدلَّ على أنَّ لذكر أبي رافع أصلاً في سند هذا الحديث .
5. احتمال سلوك الجادَّة من همَّام وحجَّاج ، وإن كان اجتماع اثنين على وهم واحد بعيد عادةً .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، الأقرب فيه أن قَتادة رواه عن أبي رافع عن أبي هريرة ، وما عداه فوهم عليه ، وهذا سند صحيح ، والله أعلم .
37. الحديث الثامن والعشرون
وسئل عن حديث أبي سعيد الأزدي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : » وصَّاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث : صوم ثلاثة أيام ، والغسل يوم الجمعة ، وأن لا أنام إلا على وتر « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
? فرواه أبو حاتم سويد بن إبراهيم عن قَتادة عن سالم بن أبي الجعد عن أبي سعيد الأزدي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وخالفه أبان العطَّار ، فرواه عن قَتادة عن أبي سعيد الأزدي ، لم يذكر سالم ابن أبي الجعد . وقيل عن سويد أبي حاتم أيضاً مثل قول أبان العطَّار .
? ورواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ...(1/210)
قال : ليس فيها شيء ثابت « (1) .
التَّخْرِيج
? رواية أبان أخرجها البخاري في تاريخه الكبير (4/15) وأبو داود في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب في الوتر قبل النوم (1427) وتمام في فوائده (658) .
? ورواية سعيد بن أبي عَروبة أخرجها ابن البختري في جزئه (76) وأبو نعيم في الحلية (10/27) - وتحرف فيه سعيد إلى سفيان ، وهو خطأ - .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
? رواه معمر عن قَتادة عن الحسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الصَّلاة / باب أي ساعة ... (3/15) وفي كتاب الصِّيام / باب صيام ثلاثة أيام (4/299) ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (5/170) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على ثلاثة أوجه .
الوجه الأول :- رواه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) ومعمر (ص3) عنه عن الحسن عن أبي هريرة .
وهذا أقوى الأوجه عن قَتادة لقوة سعيد مع متابعة معمر له .
إلا أن هذه السِّلسلة قد تقدَّم (ص3) أنه لا يصحُّ فيها شيء .
وتقدَّم (ص3) أنَّ الحسن لم يسمع من أبي هريرة - رضي الله عنه - .
الوجه الثاني :- رواه أبو حاتم سويد عن قَتادة عن سالم بن أبي الجعد عن أبي سعيد الأزدي عن أبي هريرة .
وهذا الوجه ضعيف لقرائن منها :-
1. ضعف أبي حاتم كما سبق (ص3) .
2. مخالفته كل أصحاب قَتادة الثِّقات .
3. غرابة هذا السَّند الذي أتى به ، حيث لم أقف - بعد البحث - له على نظيرٍ له في الكتب السَّبعة .
4. مجيء رواية أخرى عنه بإسقاط سالم ، فدلَّ ذلك على اضَّطرابه في السَّند .
5. أن قَتادة إنما يروي عن أبي سعيد الأزدي بدون واسطة كما في سنن أبي داود (1427) .
الوجه الثالث :- رواه أبان العطَّار (ص3) كرواية أبي حاتم ، لكنه أسقط سالماً .
ويظهر قوة هذا الوجه عن قَتادة أيضاً ، حيث إنَّ أبان قوي في قَتادة ، وقد تابعه أبو حاتم على ذكر أبي سعيد الأزدي .
__________
(1) العلل (ج3/ل228) (11/222) .(1/211)
وأبو سعيد ذكره ابن حبَّان في الثِّقات (5/565) ، ولم أقف - بعد البحث - له في الكتب السِّتَّة على حديث غير هذا ، ففي توثيقه نظر .
ولذا ضَعَّفَ الدَّارقطنيُّ كل هذه الأوجه السَّابقة . بينما رجَّح أبو حاتم وأبو زرعة الوجه الأول – العلل لابن أبي حاتم (1/109و236) .
وهو أصحها عن قَتادة كما قالا ، على انقطاعه . إلا أنَّ الذي يظهر مما سبق أن قَتادة اضَّطرب فيه .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني لا يثبت بتلك الطُّرق عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، لاضطراب قَتادة فيه ، فهو ضعيف من جهته . إلا أنه جاء من طرق أخرى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، منها ما رواه :-
د- أبو عثمان النَّهدي – أخرجه البخاري في الجامع كتاب التهجد / باب صلاة الضُّحى (1178) ومسلم في صحيحه كتاب صلاة المسافرين / باب استحباب صلاة الضُّحى (721) .
ه- أبو رافع – أخرجه مسلم (721) .
وله شاهد من حديث أبي ذر – أخرجه أحمد في المسند (5/173) .
الحديث التاسع والعشرون
وسئل عن حديث أبي الجوزاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » إن المؤمن إذا حضره الموت حضرته الملائكة [ فتسلُّ ] نفسه في حريرة بيضاء فينطلق بها إلى باب السَّماء فيقول : ما وجدنا ريحاً أطيب من هذه ... « الحديث وفيه طول .
فقال :
? » يرويه همَّام عن قَتادة عن أبي الجوزاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
? وخالفه القاسم بن الفضل ، فرواه عن قَتادة عن قَسامة بن زهير عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
والله أعلم بالصَّواب « (1) .
التَّخْرِيج
رواية همَّام أخرجها الطَّيالسي في المسند (2389) وابن حبَّان في التَّقاسيم (7/283-إحسان) والحاكم في المستدرك كتاب الجنائز (1/353) .
__________
(1) العلل (ج3/ل228) (11/223) .(1/212)
ورواية القاسم أخرجها البزَّار في المسند كما في حاشية العلل (11/223) والطَّبراني في الأوسط (742) وأبو نعيم في الحلية (3/104) والمزِّي في تهذيبه (6/122) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن قَسامة بن زهير عن أبي هريرة – أخرجه النَّسائي في كتاب الجنائز / باب ما يلقى به المؤمن ... من الصُّغرى (1833) والكبرى (1/603) وابن حبَّان في التَّقاسيم (7/284-إحسان) والحاكم في المستدرك (1/353) والبيهقي في إثبات عذاب القبر (45) .
ورواه معمر عن قَتادة عن قَسامة بن زهير عن أبي هريرة – أخرجه الحاكم في المستدرك (1/352) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث على وجهين اثنين :-
الأول :- رواه جماعة من أصحابه عنه عن قَسامة عن أبي هريرة .
وهذا السَّند صحيح ، وليس له نظير في الكتب السَّبعة .
وهؤلاء الذين رووه بهذا الوجه هم :-
ج- معمر (ص3) .
د- هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
ه- القاسم بن الفضل ، ثقة من رجال مسلم ، قال عنه أبو زرعة : «أحفظ من أبي هلال الرَّاسِبي » - التَّهذيب (3/418) ، ولعله يعني في قَتادة ، لأنه من أصحابه كما سبق (ص3) .
الثاني :- رواه همَّام (ص3) عن قَتادة عن أبي الجوزاء أوس بن عبد الله عن أبي هريرة . فخالف كل من سبق .
وروايته هذه فيها نظر ، من حيث مخالفته الجماعة ، وغرابة السَّند الذي أتى به . فليس لِقَتادة عن أبي الجوزاء ولا لأبي الجوزاء عن أبي هريرة شيء عند السَّبعة . فاحتمال وهم همَّام قوي جداً .
ولم يرجِّح الدَّارقطني هنا ، إما لأنَّ الأمر واضح ، أو لأنه لم يطَّلع على متابعة معمر وهشام الدَّسْتَوائي للقاسم .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر وهم همَّام في إسناده ، والصَّواب رواية الجماعة ، وهو سند صحيح ، والله أعلم .
الفصل الرابع
أحاديث مسند أنس بن مالك - رضي الله عنه -
الحديث الأول(1/213)
وسئل حديث النَّضْر عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربع مائة ألف . فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : زدنا يا رسو الله ، فقال : كذا وكذا ، قال زدنا يارسول الله ، قال عمر - رضي الله عنه - : دعنا يا أبا بكر ، وقال حسبك ، قال أبو بكر : وما عليك أن يدخلنا الله كلنا الجنة ! فقال عمر - رضي الله عنه - : إنَّ الله إنْ شاء أن يدخل خلقه بكفٍّ واحدة فعل . فقال النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : صدق « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
? فرواه معمر عن قَتادة عن النَّضْر بن أنس عن أنس - رضي الله عنه - .
? وخالفه أبو هلال الرَّاسِبي ، فرواه عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
وخالفهما هشام الدَّسْتَوائي ، رواه عن قَتادة عن أبي بكر بن عمير عن أبيه عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
والقول ما قال هشام ، لأنَّ أبا هلال ضعيف ، ومعمر سَيِّء الحفظ لحديث قَتادة والأعمش « (1) .
التَّخْرِيج
رواية معمر في الجامع (11/286-المصنف) ، وأخرجها من طريقه أحمد في المسند (3/165) وفي الفضائل (1/445) – وفي رواية قال : عن أنس أو عن النضر عن أنس – وابن أبي عاصم في السُّنَّة (603) – وعنده عن أنس وعن النضر عن أنس - والطَّبراني في الصغير (334) والأوسط (3/359) والضِّياء في المختارة (7/254-255) وابن نقطة في التَّكملة (1/431) وابن عساكر في تاريخه (41/208) .
ورواية أبي هلال أخرجها أحمد في المسند (3/193) والطَّبراني في الأوسط (8/364) وأبو نعيم في الحلية (2/344) .
ورواية هشام أخرجها الطَّبراني في الكبير (17/64) وابن منده في الكنى (1045) وأبو نعيم في المعرفة (5272) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
__________
(1) العلل (ج4/ل13و14) .(1/214)
رواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن أبي بكر بن أنس عن محمود بن عمير بن سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشار إليه ابن أبي حاتم في العلل (2/223) .
ورواه سعيد بن بشير أيضاً عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - أخرجه تمام في فوائده (1004) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث اختلافاً كثيراً كما قال ابن حجر – الفتح (11/500) ، وجملتها أربعة أوجه هي :-
الوجه الأول :- رواه معمر عنه عن النَّضْر عن أبيه أنس - رضي الله عنه - .
وليس في الكتب السَّبعة حديث آخر بهذا السَّند ، وظاهره الصِّحة .
وَضَعَّفَ الدَّارقطني هذا الوجه لقرائن منها :-
5. مخالفته لبقية أصحاب قَتادة الآتي ذكرهم .
6. غرابة السَّند الذي أتى به .
7. اضطرابه فيه ، فمرَّة قال : عن أنس - رضي الله عنه - ، ومرَّة عن النضر عن أنس - رضي الله عنه - .
8. ضَعْفُهُ في قَتادة كما نصَّ عليه هنا وقد سبق (ص3) .
الوجه الثاني :- رواه أبو هلال الرَّاسِبي وسعيد بن بشير عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
وَضَعَّفَ أيضاً الدَّارقطني هذا الوجه لضعف أبي هلال (ص3) وابن بشير (ص3) كما سبق ، ولاحتمال سلوكهما الجادَّة لكثرة رواية قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
ولعل من سبق دخلهم الوهم في ذكر أنس ، أن أنساً - رضي الله عنه - روى حديثاً شبيهاً بذاك اللفظ ، رواه عنه حميد ، وأخرجه أبو يعلى في المسند (6/417) ، فأدرجا هذا السَّند في ذلك المتن ، أو لأنَّ في السند أبا بكر بن أنس ، فذهبا إلى أنس بن مالك - رضي الله عنه - .
الوجه الثالث :- رواه سعيد بن بشير أيضاً عن قَتادة عن أبي بكر بن أنس عن محمود بن عمير بن سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - .(1/215)
وهذا الوجه ضعيف أيضاً لأن سعيد بن بشير ضعيف في قَتادة كما سبق (ص3) . إلا أنه قد تابعه على أصل الحديث بهذا السند : حجَّاج بن حجَّاج (ص3) عند النَّسائي في الكبرى (6/271) وابن شاهين في الصحابة كما قال ابن حجر في الإصابة (6/41) ، وهذا مما يقوي روايته هذه .
الوجه الرابع :- رواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن أبي بكر بن عمير عن أبيه - رضي الله عنه - .
ورجَّح الدَّارقطني هذا الوجه ، من قرائنه :-
6. قوة هشام الدَّسْتَوائي في قَتادة كما سبق (ص3) .
7. بعد احتمال الوهم في السَّند الذي أتى به .
8. أنَّ من خالفه أقلُّ شأناً منه في قَتادة .
و رجَّح أبو حاتم الرَّازي هذا الوجه كذلك ، فقال : « هشام الدَّسْتَوائي أحفظ ، ويحتمل أن يكون كنية النضر بن أنس : أبو بكر ، ويحتمل أيضا أن يكون محمود بن عمير كنيته : أبو بكر ، وعمير بن سعد - رضي الله عنه - له صحبة ، فقصر سعيد بن بشير ولم يقل عن أبيه » - العلل (2/223) .
وأبو بكر هذا سكت عنه البخاري في الكنى (90) وابن أبي حاتم في الجرح (9/342) ، وذكر أنه يروي عن أبيه ، وأنَّ أبا بكر بن أنس يروي عنه !
وذكر ابن حجر أنَّ قَتادة يروي عن أبي بكر بن أنس ! وذكر توثيق العجلي وابن حبَّان له ، وأن مسلماً قد أخرج له – التَّهذيب (4/487) .
وليس في رواية هشام هنا ذكر لأبي بكر بن أنس .
قال البغوي في معجمه : « بلغني أنَّ معاذ بن هشام كان في أول أمره لا يذكر أبا بكر بن أنس في الإسناد ، وفي آخر أمره كان يزيده في السند » - الإصابة (4/729) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، إنَّما رواه قَتادة عن أبي بكر بن أنس عن أبي بكر ابن عمير عن أبيه عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
ورواية من خالفه شاذة ، وأبو بكر بن عمير فيه جهالة ، فالسَّند فيه ضعف ، والمتن فيه غرابة ، والله أعلم .
الحديث الثاني(1/216)
وسئل عن حديث الزُّهري : » أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين « .
فقال : ... » وكذلك روي عن حاتم بن إسماعيل عن شريك عن إسماعيل المكي عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بـ : "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" .
وهذا خلاف ما روى أصحاب قَتادة ، على أنهم قد اختلفوا في اللفظ .
? فمنهم من روى عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يستفتحون بالحمد .
ومنهم من روى عن قَتادة [ عن أنس ] عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر فلم أسمع أحداً منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم .
ومنهم من روى عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - فلم يكونوا يجهرون ... « (1) .
التَّخْرِيج
رواية حاتم أخرجها الدَّارقطني في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب وجوب قراءة ... (1165) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواية : « كانوا يستفتحون أو يفتتحون » رواها عن قَتادة كلٌّ من :-
3. شعبة – أخرجه البخاري في الجامع الصَّحيح كتاب الأذان / باب ما يقول بعد التكبيْر (743) وأبو يعلى في المسند (5/360) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب افتتاح القراءة ... (492) وابن أبي حاتم في الجرح (1/167) والدَّارقطني في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب 31 (1/314) وأبو نعيم والإسماعيلي في المستخرج كما في النكت لابن حجر (2/761) والبيهقي في الكبرى كتاب الصَّلاة / باب من قال لا يجهر بها (2/74) .
__________
(1) العلل (ج4/ل27) ، وما بين قوسين سقط منه .(1/217)
4. هشام الدَّسْتَوائي – أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الصَّلاة / باب قراءة بسم الله ... (2/88) وأحمد في المسند (3/114و183و273) والدَّارمي في المسند كتاب الصَّلاة / باب كراهية الجهر ... (1243) وأبو داود في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب 123 (778) وأبو يعلى في المسند (5/345و434) والإسماعيلي في المعجم (2/663) وابن طاهر (ص45) .
5. أبو عَوانة – أخرجه ابن ماجة في السُّنن كتاب إقامة الصَّلاة / باب افتتاح القراءة (813) والتِّرمذي في الجامع كتاب الصَّلاة / باب ما جاء في افتتاح القراءة ... (246) والنَّسائي في الصُّغرى كتاب الافتتاح / باب البداءة ... (902) وابن خزيمة في صحيحه (491) (491) .
6. أبان – أخرجه الطَّبراني في الأوسط (8/18) .
7. أيوب السختياني – أخرجه الشافعي في الأم (1/78) والحميدي (1199) وأحمد (3/111) – كلهم في المسند – وعبد الله بن أحمد في العلل (2/308) وابن الجارود في المنتقى كتاب الصَّلاة / باب صفة صلاة ... (182) وابن الأعرابي في المعجم (1223) والبيهقي في الكبرى (2/75) .
8. الأوْزاعي – أخرجه أحمد في المسند (3/223) ومسلم في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب حجة من قال ... (399) وأبو عَوانة في المسند (1657) والبيهقي (2/73) – وعندَهم : « لا يذكرون بسم الله » - وأخرجه الطَّحاوي في شرح المعاني (1/203) والعُذري في فوائده كما في النكت لابن حجر (2/754) .
9. حميد – أخرجه ابن حبَّان في التَّقاسيم (5/101-إحسان) والدَّارقطني في الأفراد (2/141 –أطرافه) .
10. حماد بن سلمة – أخرجه أحمد (3/168و203و286) وأبو يعلى (5/412 و6/232و467) – كلاهما في المسند – وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (411) وابن حبَّان في التَّقاسيم (5/104-إحسان) والدَّارقطني في السُّنن (1/314) والبغوي في شرح السنة (581) .(1/218)
11. سعيد بن أبي عَروبة – أخرجه أحمد (3/101و205و255) وأبو يعلى (5/344 و345و435) وأبو عَوانة (1659) – كلهم في المسند – والطَّحاوي (1/202) .
12. همَّام - أخرجه أحمد (3/289) وأبو يعلى (5/261) – كلاهما في المسند – وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (412) .
13. معمر - أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف (2598) وأبو يعلى (5/375) .
14. عمران القطَّان - أخرجه الدَّارقطني في السُّنن (1/314) .
ورواية : « فلم أسمع أحداً منهم ... » رواها عن قَتادة :-
3. شعبة – أخرجه مسلم في صحيحه (399) وابن الجارود في المنتقى (183) وأبو عَوانة في المسند (1656) وابن خزيمة في صحيحه (494) والطَّحاوي في شرح المعاني (1/202) والدَّارقطني في السُّنن (1/313) والبيهقي في الكبرى (2/74) وابن عساكر في تاريخه (13/343و47/335) وفي معجمه (1/32) .
4. شيبان – أخرجه ابن حبَّان في التَّقاسيم (5/103-إحسان) وابن عساكر في تاريخه (13/343و47/335) وفي معجمه (1/32) .
رواية : « لا يجهرون » رواها عن قَتادة :-
3. شعبة – أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (495) والدَّارقطني في السُّنن (1/313) .
4. سعيد بن أبي عَروبة – أخرجه ابن الحارود في المنتقى (181) وابن خزيمة في الصَّحيح (496) وابن حبَّان في التَّقاسيم (5/106-إحسان) .
5. شيبان – أخرجه الطَّحاوي في شرح المعاني (1/202) .
6. مسعر – أخرجه الدَّارقطني في الأفراد (2/167-أطرافه) .
7. همَّام – أخرجه الدَّارقطني (1/314) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في متن هذا الحديث ، أهو بإثبات الجهر بالبسملة أم البدء بالحمد مباشرةً دون الجهر بالبسملة .
فكلُّ أصحاب قَتادة رووه بالوجه الثاني على اختلاف يسير بينهم في اللفظة المعبرة عن ذلك عدا الأوْزاعي الذي كانت روايته أصرح الرِّوايات بالنفي ، فشملت الجهر والإسرار فيما يظهر .(1/219)
والأوْزاعي روايته عن قَتادة ليست كرواية غيره من أصحابه الثِّقات الكبار ، فهو وإن كان ثقة فإن البَرْديجي جعله في رتبة دون رتبة الحفَّاظ من أصحابه ، جعله في رتبة الشُّيوخ عنه مثل حماد بن سلمة وغيره - شرح العلل (2/507) ، ففي روايته شيء من الشُّذوذ .
ولعله روى الحديث بالمعنى فوهم . قال الدَّارقطني بعد ذكر رواية الجماعة عن قَتادة : « وهو المحفوظ عن قَتادة وغيره عن أنس - رضي الله عنه - » - السُّنن (1/314) .
وقال السيوطي إن لهذه الرِّواية تسعُ عللٍ : « المخالفة من الحفَّاظ والأكثرين والانقطاع وتدليس التَّسوية من الوليد والكِّتابة وجهالة الكاتب والاضِّطراب في لفظه والإدراج وثبوت ما يخالفه عن صحابيه ومخالفته لما رواه عدد التَّواتر » - تدريب الرَّاوي (1/302) .
وخالف كلَّ أصحاب قَتادة في اللفظ إسماعيلُ بن مسلم المكي ، رواه عن قَتادة بلفظ : « كان يجهر ببسم الله ... » . وهذه الرِّواية منكرة لقرائن منها :-
ج- ضعف إسماعيل كما تقدَّم (ص3) .
د- مخالفته لجميع أصحاب قَتادة الحفَّاظ الكبار .
ه- أنَّ كلَّ من روى صفة صلاة النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وقراءته ، لم يذكر الجهر بالبسملة .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث متنه برواية إسماعيل منكر لا يصحُّ ، ورواية الباقين أصحُّ ، والحديث أصله متفق عليه .
الحديث الثالث
وسئل عن حديث [ قَتادة] (1) عن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » أمر بالبدن بذي الحليفة فقلدت ، ثم أشعرها (2) في جنبها الأيمن ثم استوى على راحلته ، فلما أجدت به في السِّير أهلَّ « .
__________
(1) في الأصل : محمد بن سيرين وهو خطأ .
(2) الإشعار أن يشقُّ أحد جنبي سنام البدنة حتى يسيل دمها ، ويجعل ذلك علامة تعرف بها أنها هدي – النهاية (شعر) .(1/220)
فقال : » يرويه إبراهيم بن طهمان عن سعيد (1) عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
? قاله غسان بن سليمان عنه .
والمحفوظ :
عن قَتادة عن أبي حَسَّان الأعرج عن ابن عباس - رضي الله عنه - « (2) .
التَّخْرِيج
رواية إبراهيم بن طهمان أخرجها البزَّار في المسند (1105-زوائد) وابن الأعرابي في المعجم (795) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه إسحاق عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - – أشار إليه الدَّارقطني في الأفراد (2/18-أطرافه) .
ورواه سعيد بن سالم القداح عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن أبي حَسَّان عن ابن عباس - رضي الله عنه - – أخرجه الشافعي في المسند (1/307) .
ورواه ابن عُلَيَّةَ عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن أبي حَسَّان عن ابن عباس - رضي الله عنه - – أشار إليه ابن عبد البر في كتاب ابن عُلَيَّةَ كما في اللسان (1/213) .
__________
(1) في الأصل شعبة ، والتصويب من مصادر الحديث ، ولأن شعبة رواه عن قَتادة عن أبي حسان ، كما سيأتي .
(2) العلل (ج4/ل23) .(1/221)
ورواه شعبة عن قَتادة عن أبي حَسَّان عن ابن عباس - رضي الله عنه - – أخرجه الطَّيالسي (2696) وأحمد (1/216و254و280و339و347) – كلاهما في المسند – والدَّارمي في المسند كتاب مناسك الحج / باب في الإشعار (1918) ومسلم في صحيحه كتاب الحج / باب تقليد الهدي ... (1243) والحربي في غريب الحديث (1/141) والنَّسائي في كتاب الحج / باب أي الشقين ... وباب سلت الدَّم من الصُّغرى (2773و2774) والكبرى (2/359) وابن الجارود في المنتقى كتاب المناسك / باب المناسك (424) وابن خزيمة في صحيحه كتاب المناسك / باب تقليد البدن (4/153و167) والبغوي في مسند ابن الجعد (976) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب مناسك الحج / باب الإهلال ... (2/120) وابن أبي حاتم في الجرح (2/17) وابن الأعرابي في المعجم (2436) وابن حبَّان في التَّقاسيم (9/413-إحسان) والطَّبراني في الكبير (12/204) والبيهقي في الكبرى (5/379) والخطيب في الكفاية (ص209) .
ورواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن أبي حَسَّان عن ابن عباس - رضي الله عنه - – أخرجه الخطيب في الكفاية (ص209) .
ورواه همَّام عن قَتادة عن أبي حَسَّان عن ابن عباس - رضي الله عنه - – أشار إليه أبو داود في السُّنن (1750) وعنه البيهقي في الكبرى (5/379) .
ورواه طلحة بن عبد الرحمن عن قَتادة عن أبي حَسَّان عن ابن عباس - رضي الله عنه - – أخرجه الطَّبراني في الكبير (12/205) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على وجهين .
الوجه الأول :- رواه إسحاق عنه عن أنس .
ولم يتبين لي من إسحاق هذا ، والرَّاوي عنه هو الحافظ دحيم .
وعقَّب الدَّارقطني في الأفراد على هذه الرِّواية بقوله : « ولا يصح » .
وهذا واضح حيث إنَّ إسحاق هذا سلك الجادَّة وخالف كل أصحاب قَتادة الحفَّاظ الآتي ذكرهم .
الثاني :- رواه جماعة عن قَتادة عن أبي حَسَّان عن ابن عباس . وهم :-
شعبة (ص3) .
أبان (ص3) .
همَّام (ص3) .(1/222)
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
طلحة بن عبد الرحمن (ص3) .
وخالف سعيد بن أبي عَروبة واختلف عنه على الوجهين السابقين .
فرواه سعيد بن سالم القداح وابن عُلَيَّةَ عنه كرواية الجماعة عن قَتادة .
وسعيد بن سالم قال عنه ابن حجر : « صدوق يهم » - التَّقريب (2328) .
وابن عُلَيَّةَ ثقة حافظ مكثر عن سعيد بنِ أبي عَروبة .
وخالفهما ابن طهمان ، رواه عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن أنس كما رواه إسحاق عن قَتادة .
وهذه الرِّواية مرجوحة ، حيث خالف اثنين في سعيد بن أبي عَروبة ، وسلك الجادَّة ، وهو وإن كان ثقة ، فقد قال ابن حبَّان عنه : « تفرد عن الثِّقات بأشياء معضلات » - التَّهذيب (1/70) .
وابن عُلَيَّةَ أكثر حديثاً عن ابن أبي عروبة من ابن طهمان ، فهو أعلم به غالباً .
لذا رجَّح الدَّارقطني رواية من روى عن قَتادة عن أبي حَسَّان عن ابن عباس ، وهو ظاهر ، فقد صحَّحه مسلم وابن خزيمة وابن حبَّان وغيرهم .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما ذهب إليه الدَّارقطني ، إنَّما رواه قَتادة عن أبي حَسَّان عن ابن عباس ومن رواه عنه عن أنس ، فقد وهم وسلك الجادَّة ، والله أعلم .
الحديث الرابع
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » الله رفيق يحب الرِّفق ، ويعطي على الرِّفق ما لا يعطي على العنف « .
فقال : » يرويه أبو عبيدة الحدَّاد عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
? حدَّث به سعيد الجَرمي عنه .
والمحفوظ عن قَتادة مرسلاً (1) .
التَّخْرِيج
رواية الجَرمي أخرجها البزَّار في المسند (2/403-زوائد) وابن أبي حاتم في العلل (2/289) والطَّبراني في الصغير (213) وفي الأوسط (3/206) وابن مردويه في جزء ابن حيان (ص144) والبيهقي في الشعب (7/480) والخطيب في تاريخه (6/124) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
__________
(1) العلل (ج4/ل28) .(1/223)
رواه معمر عن قَتادة عن أنس مرفوعاً بلفظ : « ما كان الرِّفق في شيء إلا زانَهُ ... » - أخرجه ابن حبَّان في التَّقاسيم (2/312-إحسان) .
الدِّرَاسَة
روى هذا الحديث قَتادة ، واختلف عليه في وصله بأنس - رضي الله عنه - وإرساله .
فوصله عنه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
كذا قال سعيد بن محمد الجَرمي عن أبي عبيدة عبد الواحد بن واصل الحداد عنه ، وهذا سند صحيح عنه .
إلا أنَّ أبا عبيدة خالفه – فيما يظهر – جماعة رووه عن سعيد بنِ أبي عَروبة فأرسلوه .
قال ابن أبي حاتم : « سمعت أبا زرعة يقول : ذاكرت بهذا الحديث أحمد بن حنبل فقال : عن من كتبت ؟! قلت : حدثنا به سعيد الجَرمي ، فأثنى على سعيد خيراً ، وقال : يرويه عن سعيد عن قَتادة أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال ... » - العلل (2/289-290) .
وظاهر صنيع الدَّارقطني أن سعيد بن أبي عَروبة هو الذي خولف في قَتادة . ولعله هو أو من دونه وهم فأدرج الإسناد الذي أتى به معمر في هذا المتن .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال أحمد والدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة مرسلاً بهذا اللفظ ، فالسند ضعيف .
وقد جاء المتن من حديث ابن مغفَّل - رضي الله عنه - عند البخاري في الأدب المفرد (472) .
كما ورد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند ابن حبَّان في التقاسيم (2/309-إحسان) .
وجاء بعضه من حديث عائشة في صحيح مسلم كتاب السلام / باب 4 (2165) بلفظ : « إنَّ الله يحب الرِّفق في الأمر كلِّه » .
الحديث الخامس
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » السُّلطان ظلُّ الله في الأرض (1) « .
فقال :
? » يرويه أبو هلال الرَّاسِبي وعقبة بن الأصم عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? وخالفه هشام ، رواه عن قَتادة عن كعب قوله .
__________
(1) لأنه يدفع الأذى عن الناس كما يدفع الظل أذى حرِّ الشمس – النهاية (ص581) (ظلل) .(1/224)
وهو الأصح « (1) .
التَّخْرِيج
رواية عقبة أخرجها العقيلي في الضُّعفاء (3/354) والدَّارقطني في الأفراد (2/164-أطرافه) وقال : « غريب » والبيهقي في الشعب (6/18) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه الأشعث بن بَرَاز الهُجَيمي عن قَتادة عن أبي الشَّيخ الهُنَائِي عن كعب الحبر قوله – أخرجه البيهقي في الشعب (6/19) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على وجهين اثنين .
الوجه الأول :- رواه اثنان عنه عن أنس . وهذان الراويان هما :-
أبو هلال الرَّاسِبي (ص3) .
عقبة الأصم . وهو مختلف فيه .
فقال عنه ابن معين والنَّسائي : ليس بثقة ، وقال أبو داود : ضعيف . وقال أبو حاتم : لين الحديث ، وقال ابن عدي : بعض أحاديثه مستقيمة ، وبعضها ما لا يتابع عليه ، وقال السَّاجي : ليس هو ممن يحتج بحديثه ، وفيه ضعف ، وخالفهم أحمد بن صالح فقال ثقة ، وقد حُكي عن أحمد – التَّهذيب (3/124-125) .
وعقبة هذا هو الذي يقال له العنزي ، قال عنه العقيلي : مجهول النقل ، ثم قال عن حديثه هذا : « منكر ، غير محفوظ ، ولا يعرف إلا به » - الضُّعفاء (3/353) .
وأخرج حديثه هذا الأزدي وقال : عن عقبة « حديثه غير محفوظ » - اللسان (4/216) .
الوجه الثاني :- رواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة فجعله عن كعب الأحبار من قوله .
ورجَّح الدَّارقطني هذا الوجه لقرائن منها :-
5. قوة هشام الدَّسْتَوائي في قَتادة كما سبق (ص3) .
6. ضعف عقبة الأصم .
7. احتمال سلوك الجادَّة في قوله : عن أنس .
8. متابعة الأشعث بن بَرَاز لهشام . إلا أنَّ أشعث متروك – المؤتلف للدَّارقُطني (1/206) واللسان (1/572) .
ولم يذكر المزِّي لقَتادة رواية عن كعب بل عن أبي الشَّيخ الهُنَائِي 0 تهذيب الكمال (6/100) ، فلعل الدَّارقطني اختصر الإسناد .
__________
(1) العلل (ج4/ل28) .(1/225)
وظاهر من كلام العقيلي والدَّارقطني في الأفراد أن عقبة تفرد بهذه الرِّواية عن قَتادة عن أنس . ويشكل عليه ما ذكره الدَّارقطني في العلل من متابعة أبي هلال له ، وإن كانت لا تفيد لضعفه في قَتادة كما سبق .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث لا يصح من مسند أنس ، بل هو من قول كعب الأحبار - رحمه الله – على الأصحِّ .
وقد جاء الحديث من وجه آخر عن أنس - رضي الله عنه - ، رواه عنه الحسن البصري – أخرجه البيهقي في الكبرى (8/281) والشعب (6/18) ، وفي سنده الربيع بن صَبيح ، وهو ضعيف – التَّهذيب (1/593) .
وله شواهد من حديث أبي عبيدة وأبي بكرة - عند البيهقي في الشعب (6/17) - وآخر من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - عند البزَّار (1590-زوائد) وغيره ، ولا تخلو من مقال ، ففي ثبوت سند الحديث ومتنه نظر ، وقد أعرض عنه أصحاب الكتب المشهورة .
الحديث السادس
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له « .
فقال :
? » تفرد به أبو هلال الرَّاسِبي عنه .
? وغيره يرويه عن قَتادة عن الحسن مرسلاً .
والمرسل أصح « (1) .
التَّخْرِيج
رواية أبي هلال أخرجها ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان (7) وأحمد (3/135 و154و210) وعبد بن حميد (ص361) والبزَّار (100-زوائد) – كلهم في المسند – وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (278) وعبد الله بن أحمد في السنة (805) والطَّحاوي في المشكل (10/42) وابن نصر في تعظيم قدر الصَّلاة (1/470) والخرائطي في مكارم الأخلاق (147) وأبو عمرو السَّمرقندي في العوالي المنتقاة الحسان (19) والطَّبراني في الأوسط (5923) وابن عدي في الكامل (7/441) والقضاعي في مسند الشهاب (2/43) والبيهقي في السُّنن (6/471و 9/387) وفي الشعب (4/87) والخطيب في الموضح (2/174) وأبو محمد البغوي في شرح السنة (1/75) .
__________
(1) العلل (ج4/ل28) .(1/226)
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
ذكر الدَّارقطني أن أبا هلال قد تفرد بوصل هذا الحديث عن قَتادة ، وأن غيره رواه عن قَتادة عن الحسن مرسلاً .
ومراسيل الحسن ضعيفة كما نصَّ عليه الدَّارقطني – التَّهذيب (1/391) .
وأبو هلال تقدَّم (ص3) أنه ضعيف في قَتادة عند المخالفة ، وقد خولف هنا .
ألا أنَّ الدَّارقطني لم يسمِّ أحداً ممن خالفه ، فإن كان ثقة فذاك ، وإلا فالأمر يحتاج إلى نظر آخر ، لأن الحديث له طرق أخرى عن أنس - رضي الله عنه - مرفوعة متصلة ، كما سيأتي .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني في صحته عن قَتادة نظر .
وقد جاء الحديث من طرق أخرى عن أنس - رضي الله عنه - ، يصحُّ الحديث بها ، منها ما رواه كل من :-
ج- المغيرة بن زياد – أخرجه أحمد (3/251) .
د- ثابت – أخرجه أبو يعلى في المسند (6/164) وابن حبَّان في التَّقاسيم (194-إحسان) .
ه- رجل من ولد أبي بكرة – أخرجه الطَّحاوي في المشكل (10/43) .
و- سنان بن سعد – أخرجه ابن عدي في الكامل (4/394) .
الحديث السابع
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - : » كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها « .
فقال :
? » روي عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قَتادة عن أنس .
والمحفوظ :
عن قَتادة عن عبدِ الله بن أبي عتبة - مولى أنس - عن أبي سعيد الخدري « (1) .
التَّخْرِيج
رواية معاذ أخرجها البزَّار في المسند (2/405-زوائد) وأبو الشَّيخ في أخلاق النَّبي - صلى الله عليه وسلم - (ص39) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
__________
(1) العلل (ج4/ل29) .(1/227)
رواه شعبة عن قَتادة عن عبدِ الله بن أبي عتبة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - – أخرجه ابن المبارك في الزهد (676) والطَّيالسي في المسند (2222) وابن سعد في الطَّبقات (1/177-ذكر صفة أخلاق ... ) وابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الأدب / باب 3 (5/213) وأحمد (3/71و79و88 و91و92) وعبد بن حميد (978-المنتخب) – كلاهما في المسند – والبخاري في الجامع الصَّحيح كتاب المناقب / باب صفة النَّبي - صلى الله عليه وسلم - (3562و6102و 6119) وفي الأدب المفرد باب الحياء (599) ومسلم في صحيحه كتاب الفضائل / باب 16 (2302) وابن ماجة في السُّنن كتاب الزهد / باب الحياء (4180) والتِّرمذي في الشمائل (341) وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (81) وابن نصر في تعظيم قدر الصَّلاة (867و868) وأبو يعلى في المسند (991و1156) وأبو عَوانة في المسند كما في إتحاف المهرة (5/271) وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (1029) وابن حبَّان في التَّقاسيم (14/213-215) وأبو الشَّيخ في أخلاق النَّبي - صلى الله عليه وسلم - (ص38) والبيهقي في الكبرى كتاب الشهادات / باب بيان مكارم الأخلاق (10/323) وأبو محمد البغوي في شرح السنة (13/254) وابن عساكر في تاريخه (4/94و50) والذهبي في تذكرة الحفَّاظ (4/1351) .
ورواه أبو جُزَي عن قَتادة عن عبدِ الله بن أبي عتبة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - – أخرجه أبو الشَّيخ (ص39) .
ورواه ابن أبي عدي عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن مولى لأنس عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - – أخرجه ابن عساكر في تاريخه (4/50) .
ورواه عمر بن سعيد الأبح عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - – أخرجه أبو يعلى في المسند (5/432) وأبو الشَّيخ (ص39) والدَّارقطني في الأفراد (2/147-أطرافه) وابن عساكر في تاريخه (4/51) والمزِّي في تهذيبه (4/203) .
الدِّرَاسَة(1/228)
اختلف في هذا الحديث على قَتادة وعلى أصحابه على وجهين .
الوجه الأول :- رواه جماعة عن قَتادة عن عبد الله بن أبي عتبة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - . ومن هؤلاء :-
ه- شعبة (ص3) .
و- أبو جُزَي (ص3) .
ز- سعيد بن أبي عَروبة (ص3) – في رواية ابن أبي عدي (ص3) عنه .
وهذه الرِّواية هي التي اعتمدها الشَّيخان في صحيحيهما .
وخالف أولئك اثنان روياه عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - ، فسلكا الجادَّة ، وهما :-
3- هشام الدَّسْتَوائي (ص3) - في رواية معاذ عنه - ، ولم يُذكر له مخالف أو موافق عن أبيه .
4- سعيد بن أبي عَروبة . في رواية عمر بن سعيد الأبح .
وعمر هذا ضعيف بالاتفاق . جعل أحاديث سعيد بن بشير لابن أبي عَروبة ، وقال ابن عدي : « روى عن سعيد أحاديث غير محفوظة » 0 التَّهذيب (3/229) .
فمخالفته لابن أبي عدي – وهو ثقة حافظ - منكرة جداً .
ولذا قال الدَّارقطني بعد روايته هذه : « المحفوظ عن قَتادة عن عبدِ الله بن أبي عتبة عن الخدري - رضي الله عنه - » - أطراف الغرائب (2/147) .
أما رواية هشام الدَّسْتَوائي فهي سلوك للجادة ، حيث خالف كل أصحاب قَتادة في إسناده . وقال البزَّار عَقِبَ روايته : « وإنَّما نعرف هذا من حديث عبد الله بن أبي عتبة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - » - كشف الأستار (2/405) .
فصحَّ بذلك ما قاله الدَّارقطني .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة عن عبدِ الله عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - وهو في الصحيحين - وما عداه فوهم ممن رواه ، أو ممن روى عنه ، والله أعلم .
الحديث الثامن
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - : » كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على خفيه وعلى نعليه « .
فقال : » اختلف فيه على قَتادة . رواه عمر بن نبهان عنه مسنداً .
? قال ذلك أبو قتيبة عنه .(1/229)
? وخالفه همَّام وسعيد – وهما حافظان – فروياه عن قَتادة : أن أنساً - رضي الله عنه - كان يمسح على جوربيه .
وهو الأصح « (1) .
التَّخْرِيج
رواية عمر أخرجها البخاري في الأوسط تعليقاً (2/100-الخفاف) والبزَّار (1/287-زوائد) وأبو يعلى (5/290) – كلاهما في المسند – والدَّارقطني في السُّنن (1180) والعقيلي في الضُّعفاء (3/193) وابن عدي في الكامل (6/62) ، بلفظ : « يصلي في خفيه ونعليه » ، وأصلها عند أبي داود في سننه كتاب الصَّلاة / باب الدعاء (1482) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - أنه كان يمسح على الجوربين – أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الطهارات / باب في المسح على الجوربين (1/172) .
ورواه معمر عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - أنه كان يمسح على الجوربين ... - أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الطَّهارة / باب المسح على الجوربين (1/200) ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (1/462) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث رفعاً ووقفاُ .
فكل من رواه عن قَتادة من أصحابه الكبار أوقفه عليه ، وهم :-
5- همَّام (ص3) .
6- سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
7- هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
8- معمر (ص3) .
وخالفهم فرفعه عمر بن نبهان العبدي البصري .
والعبدي ضعيف كما قال أبو حاتم والفلاس ويعقوب بن سفيان . وكان أحمد يذمُّه ، وقال البخاري بعد ذكر روايته هذه : « لا يتابع على حديثه » – الأوسط (2/130) ، فروايته هذه منكرة .
والمتن الذي ذكره الدَّارقطني في العلل يخالف ما جاء عند مخرجيه ، ولعلَّ الدَّارقطني أراد أصل الرِّواية .
وعلى كلٍّ فمسح الرسول - صلى الله عليه وسلم - على خفيه متواتر ، وصلاته منتعلاً ثابت عن أنس - رضي الله عنه - من رواية أبي مسلمة عنه – أخرجه البخاري في جامعه (5850) ومسلم (555) .
__________
(1) العلل (ج4/ل29) .(1/230)
أما مسحه على الجوربين فأقوى ما ورد مرفوعاً فيه ، ما رواه أبو قيس عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - مرفوعاً – أخرجه التِّرمذي في الجامع (99) ، وقال : « حسن صحيح » .
وحديث المغيرة في المسح على الخفين متواتر عنه - رضي الله عنه - ، وليس فيه ذكر للجوربين سوى هذا الطَّريق . ولذا ضَعَّفَ هذه الرِّواية مسلمٌ وابن مهدي وابن المديني وابن معين وأبو داود وغيرهم كما في السُّنن الكبرى للبَيهقي (1/425-426) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - موقوفاً عليه ، ورواية عمر وهم منه ، لضعفه ، ومخالفته أصحاب قَتادة الثِّقات ، والله أعلم .
الحديث التَّاسع
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : » عُذِّبَ رجل في قبره في البول « .
فقال :
» يرويه خُلَيد بن دَعْلَج عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
? وخالفه أبو جعفر الرَّازي ، فرواه عن قَتادة مرسلاً .
وقيل عن أبي جعفر عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
ولا يصحُّ عنه . والمرسل هو الصَّواب « (1) .
التَّخْرِيج
رواية خُلَيد أخرجها الطَّبراني في الأوسط (2/8) وابن عدي في الكامل (3/486) والبيهقي في الشعب (7/492) وفي إثبات عذاب القبر (142) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث وصلاً وإرسالاً .
فوصله خُلَيد بن دَعْلَج . وأرسله أبو جعفر الرَّازي .
ورجَّح الدَّارقطني رواية أبي جعفر المرسلة لقرائن منها :-
تفرد خُلَيد بالوصل وهو ضعيف كما سبق (ص3) .
مخالفته لأبي جعفر وهو أحسن حالاً منه (ص3) .
إعراض أصحاب قَتادة عن هذا الحديث ، فلو صحَّ عنه لرواه أحد ثقات أصحابه ، لما عرف من كثرتهم واهتمامهم بمروياته .
__________
(1) العلل (ج4/ل30) .(1/231)
احتمال سلوك الجادَّة من خليد ، لكثرة ما روى قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، لا يصح عن أنس - رضي الله عنه - من هذا الوجه بل هو مرسل لقَتادة إن ثبت عنه للاختلاف في حال أبي جعفر .
وقد جاء الحديث من طريق آخر عن أنس ، رواه عنه عيسى بن طهمان – أخرجه البيهقي في إثبات عذاب القبر (140و141) ، وفي سنده عُبيد بن الصَّبَّاح ، ضعفه أبو حاتم والعقيلي ، وذكره ابن حبَّان في الثِّقات – اللسان (4/140) ، والرَّاوي عنه هو أبو أمامة الكلبي ، لم أجده ، ففي السَّند ضعف .
وأصل معناه ورد من حديث آخر – يغني عن هذا - رواه ابن عباسٍ قال : « مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قبرين فقال : أما إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله . قال : فدعا بعسيب رطب فشقه باثنين ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً ثم قال : لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا » - أخرجه البخاري (218) ومسلم (292) واللفظ له ، والله أعلم .
الحديث العاشر
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - قال : » لم يكن شيء أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد النِّساء من الخيل « .
فقال : » يرويه إبراهيم بن طهمان عن سعيد عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
? حدث به حفص بن عبد الله النيسابوري .
? ورواه أبو هلال الرَّاسِبي عن قَتادة عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - .
? وقيل عن قَتادة عن الحسن عن معقل - رضي الله عنه - .
والمرسل أصح « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج4/ل31) .(1/232)
رواية ابن طهمان أخرجها النَّسائي في كتاب الخيل / باب حب الخيل من الكبرى (3/36) والصُّغرى (3564) وفي كتاب العشرة / باب حب النساء من الكبرى (5/280) وأبو عَوانة في المسند كتاب النِّكاح / باب 6 (3/14) والطَّبراني في الأوسط (1708) وأبو الشَّيخ في أخلاق النَّبي - صلى الله عليه وسلم - (ص130) .
ورواية أبي هلال أخرجها ابن سعد في الطَّبقات (1/192) وابن أبي حاتم في العلل (1/406-407) وفي المراسيل (639) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه أبو هلال أيضاً عن قَتادة عن رجل – هو الحسن إن شاء الله - عن الحسن عن معقل - أخرجه أحمد في المسند (5/27) ، وكذا ورد في إتحاف المهرة (13/394) عن المسند .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث على ثلاثة أوجه :-
الوجه الأول :- رواه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
كذا رواه حفص عن ابن طهمان عنه ، وقد تقدَّم حاله في سعيد (ص3) .
الوجه الثاني :- رواه أبو هلال الرَّاسِبي (ص3) عن قَتادة عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - .
وقَتادة لم يسمع من معقل ، حيث إنَّ أبا زرعة قال عَقِبَ روايته هذه : «قَتادة عن معقل مرسل » - المراسيل لابن أبي حاتم (ص174) ، وقد سبق (ص3) أن قَتادة لم يسمع إلا من أنس وابن سرجس من الصحابة - رضي الله عنهم - . فالسَّند ضعيف .
الوجه الثالث :- روي عن قَتادة عن الحسن عن معقل - رضي الله عنه - ، كذا رواه أبو هلال في رواية المسند ، فلعله اختلف عليه .
وهذا سند صحيح قد أخرج به البخاري في الجامع حديثاً (5331) ، من رواية سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة به .
ورجَّح الدَّارقطني رواية قَتادة عن معقل مباشرة بدون واسطة ، وهي منقطعة ، وهو ما عبَّر عنه بقوله : « مرسل أصح » . ولعل ذلك لقرائن منها :-
5- أن رواية سعيد بن أبي عَروبة الأولى سلوك للجادة .
6- أن رواية قَتادة عن معقل بالإرسال نادرة فالوهم فيها نادر .(1/233)
7- أن إرسال قَتادة كثير ، فلا يبعد أن يكون هذا منها .
8- أن في المتن غرابة ظاهرة .
وهذا ما ذهب إليه أبو حاتم الرَّازي كما في العلل لابنه (1/407) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أنه كما قال الدَّارقطني ، إنَّما رواه قَتادة عن معقل - رضي الله عنه - بالإرسال . وقد جاء نحوه من رواية ثابت عن أنس - رضي الله عنه - – أخرجه النَّسائي في عشرة النساء / باب حبِّ النساء ، من الصُّغرى (6/61و62) ، وقال الدَّارقطني : « والمرسل أشبه بالصَّواب » - تخريج الكشاف للزيلعي (1/62) .
فالحديث لا يتقوى بطريقيه لأنَّ مخرجه واحد وهو البصرة ، والله أعلم .
الحديث الحادي عشر
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس أن رجلاً سأل النَّبي - صلى الله عليه وسلم - عن العزل فقال : » أنت تخلقه أنت ترزقه ؟ أقرَّه مستقره ، فإنَّما هو ما قدر له « .
فقال : » يرويه معاذ بن هشام عن أبيه عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
? حدث به عنه عبد الله بن محمد بن الحجَّاج الصَّوَّاف كذلك .
وذكر أنس - رضي الله عنه - فيه وهم ، والمحفوظ :
عن قَتادة عن الحسن عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - « (1) .
التَّخْرِيج
رواية عبد الله أخرجها الضِّياء في المختارة (7/124) ، وقال قبلها : «معلول » .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه همَّام عن قَتادة عن الحسن عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد في المسند (3/96) .
ورواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن الحسن عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد (3/53و78) وابن أبي عاصم في السنة (378) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على وجهين اثنين .
الوجه الأول :- رواه هشام الدَّسْتَوائي (ص3) عنه عن أنس - رضي الله عنه - .
الوجه الثاني :- همَّام (ص3) وسعيد بن أبي عَروبة (ص3) عنه عن الحسن عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - .
__________
(1) العلل (ج4/ل31) .(1/234)
ورجَّح الدَّارقطني الوجه الثاني ، ولذلك قرائن منها :-
4- احتمال سلوك الجادَّة من هشام الدَّسْتَوائي في روايته تلك ، حيث إنَّ قَتادة مكثرٌ عن أنس - رضي الله عنه - .
5- أن اجتماع اثنين على وهم واحد قليل ، بخلاف الوهم من الواحد .
6- أنَّ الوهم بمثل هذا السند نادر ، لغرابته ، فلم يرد في الكتب السبعة به حديث إلا هذا عند أحمد .
7- أَنَّ هذا الحديث بهذا الَّلفظ قد جاء من طريق آخر عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، رواه عنه قزعة بن يحيى – أخرجه الطَّبراني في الأوسط (2/212) وفي مسند الشاميين (1/120) ، وأصله في صحيح البخاري (2229) مسلم (1438) بمعناه في العزل ، فدلَّ على أن لذكر أبي سعيد - رضي الله عنه - في الحديث - أصلاً .
فرواية هشام الدَّسْتَوائي معلة كما قال الضِّياء المقدسي ، هذا إن كان الوهم منه ، ولعله من ابنه معاذ أو الصَّوَّاف .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، إنَّما رواه قَتادة عن الحسن عن أبي سعيد الخدري ، وهو سند صحيح ، إن ثبت سماع الحسن من أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، لأنَّ ابن المديني قال بأنه لم يسمع منه – جامع التَّحصيل (135) ، وقد حسَّن الترمذي روايته عنه في جامعه (1209) حديث : « التَّاجر الصدوق » ، ورواية هشام الدَّسْتَوائي وهم ، والله أعلم .
الحديث الثاني عشر
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - : » كانت قَبيعة (1) سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فضة « .
فقال : » اختلف فيه على قَتادة .
? فرواه جرير بن حازم عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
? ورواه هشام الدَّسْتَوائي ونصر بن طريف عن قَتادة عن سعيد بن أبي الحسن أخي الحسن مرسلاً .
وهو الصَّواب « (2) .
التَّخْرِيج
__________
(1) القبيعة هي التي تكون على رأس قائم السيف – النهاية (ص728) (قبع) .
(2) العلل (ج4/ل31) .(1/235)
رواية جرير أخرجها ابن سعد في الطَّبقات (1/238) وعبد الله بن أحمد في العلل (1/86و219) والدَّارمي في السُّنن كتاب السِّير / باب 21 (2461) وأبو داود في السُّنن كتاب الجهاد / باب في السيف يحلى (2576) والتِّرمذي في الجامع كتاب الجهاد / باب ما جاء في السيوف (1691) – وقال : « حسن غريب » - وأخرجه في الشمائل (99) والنَّسائي في كتاب الزينة / باب حلية السيف من الصُّغرى (5374) والكبرى (5/508) والطَّحاوي في المشكل (4/12) والعقيلي في الضُّعفاء (1/199) وابن عدي في الكامل (2/346) والخطابي في الغريب (1/687) وأبو الشَّيخ في أخلاق النَّبي - صلى الله عليه وسلم - (ص123) وتمام في فوائده (1512) والبيهقي في الكبرى كتاب الزكاة / باب 76 (4/241) وأبو محمد البغوي في شرح السنة (10/397) وابن عساكر في تاريخه (4/214) .
ورواية هشام الدَّسْتَوائي أخرجها ابن سعد في الطَّبقات (1/238) وأبو داود في السُّنن (2577) والتِّرمذي في الشمائل (100) والنَّسائي في الصُّغرى (5375) والكبرى (5/508) والطَّحاوي في المشكل (4/21) والبيهقي في الكبرى (4/241) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه همَّام عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - – أخرجه ابن سعد في الطَّبقات (1/238) والنَّسائي في الصُّغرى (5374) والكبرى (5/508) والطَّحاوي في المشكل (4/20) .
ورواه أبو عَوانة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - – أخرجه الطَّحاوي في المشكل (4/40) وابن حبَّان في المجروحين (3/87) .
ورواه شعبة عن قَتادة عن سعيد بن أبي الحسن مرسلاً – أشار إليه العقيلي في الضُّعفاء (2/199) .
ورواه أبو جُزَي نصر بن طَريف عن قَتادة عن سعيد بن أبي الحسن مرسلاً – أخرجه عبد الله بن أحمد في العلل (1/86و219) ومن طريقه العقيلي (2/199) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في هذا الحديث وصلاً وإرسالاً على وجهين اثنين .(1/236)
الوجه الأول :- رواه جماعة عنه عن أنس - رضي الله عنه - . وهذه جادة مسلوكة يحال عليها كثيراً .
كذا رواه عن قَتادة كُلٌّ من :-
7. أبو عَوانة (ص3) ، وفي السَّند إليه هلال بن يحيى ، وقد قال عنه ابن حبَّان : « يخطئ كثيراً على قلة روايته ، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ... » - المجروحين (3/88) .
8. همَّام (ص3) .
9. جرير بن جازم ، وفيه ضعف عن قَتادة (ص3) .
الوجه الثاني :- رواه جماعة أيضاً عن قَتادة عن سعيد بن أبي الحسن مرسلاً . منهم :-
4. شعبة (ص3) .
5. هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
6. نصر بن طَريف (ص3) .
وبالنَّظر في الطُّرق والخلاف نجد أن جانب الإرسال أقوى لقرائن منها :-
أن إسناد أبي عَوانة ضعيف .
احتمال سلوك الجادَّة في الوجه الأول .
قوة شعبة وهشام في قَتادة .
قلة الوهم في مثل الوجه الثاني ، حَيْثُ إن قَتادة لم يكثر من الرِّواية عن سعيد ابن أبي الحسن .
اجتماع أكثر حفَّاظ الحديث على ترجيح الإرسال وتوهيم الوجه الأول ، وإلزاق الوهم بجرير بن حازم لضعفه في قَتادة كما سبق .
قال أبو جُزَي نصر بن طريف بعدما سمع رواية جرير : « كذب والله ، ما حدثناه قَتادة إلا عن سعيد بن أبي الحسن » .
قال الإمام أحمد عَقِبَه : « وهو قول أبي جُزَي – يعني أصاب – ، وأخطأ جرير » - العلل لأحمد (1/86و219) والضُّعفاء للعقيلي (2/199) .
وقال أبو جُزَي أيضاً : « أخطأ فيه جرير بن حازم » - رواية صالح (838) .
وقال الدَّارمي عَقِبَ رواية هشام : « وزعم النَّاس أنه هو المحفوظ » - السُّنن (3/140) .
وقال أبو داود عن أحاديث الفضَّة في السَّيف : « أقواها حديث سعيد بن أبي الحسن ، والباقي كلُّها ضعاف » - السنن (2578-من نسخة في الحاشية) .
وقال النَّسائي عن رواية جرير وهمَّام : « وهذا حديث منكر ، والصَّواب : قَتادة عن سعيد بن أبي الحسن » - تحفة الأشراف (1/301) .(1/237)
وقال ابن حجر عن المرسل : « ورجَّحه أحمد وأبو داود والنَّسائي وأبو حاتم والبزَّار والدَّارمي والبيهقي » - التلخيص (50) .
وخالفهم في ذلك ابن القيِّم فقال : « والصَّواب أن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - محفوظ من رواية الثِّقات الضابطين المتثبتين جرير بن حازم وهمَّام عن قَتادة عن أنس . والذي رواه عن قَتادة عن سعيد بن أبي الحسن مرسلاً هو هشام الدَّسْتَوائي ، وهشام وإن كان مقدماً في أصحاب قَتادة فليس همَّام وجرير إذا اتفقا بدونه . والله أعلم » - حاشية السُّنن (7/180) .
وفي كلامه نظر واضح فرواية أبي عوانة لا تصح أصلاً ، وجرير ضعيف في قتادة ، بقي همام ، وفيه كلام عن قتادة كما سبق ، واجتماع الأئمة السابقين كافٍ في ترجيح الإرسال .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني وغيره ، الصَّواب فيه إرساله ، ورواية الوصل وهم من همام وجرير ، فالسند ضعيف .
وقد جاء الحديث عن أنس - رضي الله عنه - من طريق آخر ، رواه عنه عثمان بن سعد مرفوعاً – أخرجه أبو داود (2578) ، وعثمان الكاتب بصريٌّ قال عنه ابن حجر : « ضعيف » - التَّقريب (4503) .
فمخرج هذا الحديث أهل البصرة .
وللمتن شاهد من حديث أبي أمامة بن سهل – أخرجه النَّسائي في الصُّغرى (5373) والكبرى (5/508) ، وصحَّح إسناده ابن حجر في التَّلخيص (50) .
وأبو أمامة قال عنه البخاري : أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمع منه ، وكذا قال البغوي وابن السكن وابن حبَّان وغيرهم – الإصابة (1/181) ، فالسَّند مرسل .
والحديث بطريقه المرسل وشاهده : حسن ، كما قال التِّرمذي .
الحديث الثالث عشر
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - : » أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر صاحب بدنه إن عطب منها شئ أن لا يأكل منها ، ولا أحد من أصحابه ، وأن يغمس نعلها في دمها ... « الحديث .
فقال :
»(1/238)
يرويه [ ابن ] (1) وهب عن جرير بن حازم عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
والصَّحيح :
عن قَتادة عن سنان بن سلمة عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنَّ ذويباً أبا قبيصة - رضي الله عنه - حدَّثه « (2) .
التَّخْرِيج
رواية ابن وهب أشار إليها ابن أبي حاتم في العلل (1/285) وأخرجها أبو نعيم في المعرفة (2/1024) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن سنان عن ابن عباس عن ذؤيب - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد في المسند (4/225) والبخاري في تاريخه الكبير (3/262) ومسلم في صحيحه كتاب الحج / باب 66 (1326) وابن ماجة في السُّنن كتاب المناسك / باب في الهدي إذا عطب (3105) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الحج / باب 517 (2578) والطَّبراني في الكبير (4/230) والبيهقي في الكبرى كتاب الحج /باب 335 (5/398) .
ورواه معمر عن قَتادة عن سنان عن ابن عباس عن ذؤيب - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد في المسند (4/225) والبخاري في الكبير (3/262) والطَّبراني في الكبير (4/229) وأبو نعيم في المعرفة (2/1023) والبيهقي في الكبرى (5/398) .
ورواه همَّام عن قَتادة عن سنان مرسلاً – أشار إليه ابن عمَّار في العلل (ص89) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على ثلاثة أوجه :-
الوجه الأول :- رواه جرير بن حازم عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
وهذا الوجه قد تفرد به جرير ، ولا يصح عن قَتادة لقرائن منها :-
3- أن جرير بن حازم ضعيف في قَتادة كما سبق (ص3) .
4- أن أصحاب قَتادة الثِّقات خالفوه في ذلك ، كما سيأتي .
5- احتمال سلوك الجادَّة .
لذا قال أبو حاتم عن هذا الوجه : « هذا خطأ » - العلل لابنه (1/285) .
الوجه الثاني :- رواه جماعة عن قَتادة عن سنان بن سلمة عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن ذؤيب - رضي الله عنه - .
وهذا الوجه رواه كُلٌّ من :-
__________
(1) سقط من الأصل ، وهي من مصدر التخريج .
(2) العلل (ج4/ل32) .(1/239)
سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
معمر (ص3) .
ورجَّح الدَّارقطني وأبو حاتم هذا الوجه وأخرجه مسلم وابن خزيمة في صحيحيهما .
الوجه الثالث :- رواه همَّام (ص3) عن قَتادة عن سنان مرسلاً .
وهذا الوجه قريب من الوجه الثاني إلا أنه مرسل .
ولعل الوجه الثاني أصح منه ، لقرائن منها :-
37. أن كل من رواه عن قَتادة وصله بذكر الصَّحابي .
38. أن سعيد بن أبي عَروبة أثبت من همَّام في قَتادة .
39. متابعة معمر لسعيد بن أبي عَروبة .
40. تصحيح من تقدَّم لرواية الوصل .
وبناءً على ما ذكر ، فإن السَّند هذا قد أُعِلَّ بأن قَتادة لم يسمع من سنان هذا الحديث ، كما نصَّ عليه يحيى القطان - في رواية ابن المديني - الجرح (1/236) .
وقال ابن الجنيد في روايته (284) : « قلت لابن معين : إن يحيى بن سعيد يزعم أنَّ قَتادة لم يسمع من سنان بن سلمة الهذلي حديث ذؤيب الخزاعي - رضي الله عنه - في البدن ! فقال : ومن يشك في هذا ، إن قَتادة لم يسمع منه ، ولم يلقه » ، ونصَّ عليه في رواية الدُّوري (3462) وقال : « أحاديثه عنه مرسلة » .
وقال ابن حبَّان في ترجمة سنان : « أحاديث قَتادة عنه مدلَّسة » - الثِّقات (3/179) والتَّهذيب (2/118) .
فالسَّند بذلك ضعيف لانقطاعه ، ومراسيل قَتادة ضعيفة كما سبق (ص3)
أما تخريج مسلم لذلك ففي المتابعات .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال أبو حاتم والدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة عن سنان ، وهو لم يسمع منه ، وقد تابعه عن سنان : أبو التيَّاح الضُّبَعِي - أخرجه مسلم (1325) .
الحديث الرابع عشر
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : »أي الشَّجر أمنع ؟ قَالَوا : فرعها . قال كذلك الصف المقدم ، أحصن من الشيطان « .
فقال : » اختلف فيه على قَتادة .
? فرواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن أنس .(1/240)
? وهو غريب من حديث سعيد بن أبي عَروبة ، لم يروه عنه غير يحيى بن سلام وثابت بن حماد ، فإنهما روياه عن سعيد عن قَتادة عن أنس .
? وقيل عن يحيى بن سلام عن شعبة .
وليس بصحيح ، والمحفوظ :
? عن سعيد عن قَتادة مرسلاً .
? ورواه عمران القطَّان عن قَتادة عن أنس أيضاً .
قاله عيسى بن واقد عنه .
? ورواه منصور بن زَاذَان عن قَتادة عن أبي قلابة مرسلاً .
? ورواه أيوب بن خوط أبو أمية عن قَتادة عن مسلم بن يسار مرسلاً .
وأشبهها بالصَّواب قول منصور « (1) .
التَّخْرِيج
رواية يحيى أخرجها البَرْذَعي في أجوبة أبي زرعة له (2/340) وابن عدي في الكامل (9/123) .
ورواية ثابت أخرجها ابن عدي (2/303) .
ورواية منصور أخرجها البَرْذَعي في أجوبة أبي زرعة له (2/341) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث وصلاً وإرسالاً على وجهين :-
الوجه الأول :- رواه عن قَتادة عن أنس اثنان هما :-
9- سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
كذا رواه عنه كُلٌّ من :-
3. يحيى بن سلام البَصْرِي ، ضعفه الدَّارقطني ، وقال عنه ابن حبَّان في الثِّقات : ربما أخطأ ، وقال أبو زرعة : لا بأس به ، ربما وهم ، وقال أبو حاتم : صدوق - اللسان (6/339-440) . وذكر ابن عدي هذا الحديث وغيره مستنكراً عليه وقال عنه : « يكتب حديثه مع ضعفه » - الكامل (9/125) .
4. ثابت بن حماد البَصْرِي ، تركه الأزدي ، وقال عنه الدَّارقطني : ضعيف جداً وقال العقيلي : حديثه غير محفوظ ، وهو مجهول . ونقل اللالكائي اتفاق أهل النقل على تركه . وقال البيهقي : متهم بالوضع - اللسان (2/90-91) .
فهذه الرِّواية ضعفها عن سعيد بيّنٌ لقرائن منها :-
ضعف الراويين ، مع الاختلاف على يحيى بن سلام .
سلوك الجادَّة منهما .
رواية من أرسله عن قَتادة كما سيأتي .
__________
(1) العلل (ج4/ل32) .(1/241)
ما ذكره الدَّارقطني عن سعيد بقوله : « والمحفوظ عن سعيد عن قَتادة مرسلاً » .
فدلَّ ذلك على أنه هنالك من رواه عن سعيد - من الثِّقات - مرسلاً .
وقد استنكر أبو زرعة هذه الرِّواية على يحيى بن سلام - أجوبة البَرْذَعي (2/341) .
10- عمران بن داوَر القطَّان .
كذا رواه عنه عيسى بن واقد ، ولم أجده له ترجمة . إلا أن ابن خزيمة أخرج له حديثاً في صحيحه (3/165) ، ولم يتعقبه بشيء ، فدل على قوته عنده .
وعلى كلٍ فهذه الرِّواية معلة أيضاً ، فعيسى غير مشهور ، وعمران ليس بالقوي كما سبق (ص3) ، وقد خالفه من هو أثبت منه في قَتادة .
الوجه الثاني :- أرسله عن قَتادة اثنان ، مع اختلافهما في السَّند .
4. فأما منصور بن زَاذَان ، فإنه رواه عن قَتادة عن أبي قلابة مرسلاً .
ومنصور ثقة بالاتفاق ، وهو من رجال الجماعة - التَّهذيب (4/156) .
وقد احتج البَرْذَعي بهذه الرِّواية فقال : « وهذا عندَنا علة حديث يحيى بن سلام ، وله أصل من حديث قَتادة ، إلا أنه أوهم في قوله : عن أنس » - أجوبة البَرْذَعي (2/341) . وقَتادة لم يسمع من أبي قلابة كما سبق (ص3) .
5. أما أبو أمية أيوب بن خوط ، فإنه رواه عن قَتادة عن مسلم بن يسار مرسلاً .
وهذا يوافق رواية سعيد ومنصور في أصل الإرسال ، ويخالفهما في تسمية المرسل . إلا أن هذه الرِّواية لا تضر ولا تنفع ، لأن أيوب بن خوط متروك كما سبق (ص3) ، وقَتادة لم يسمع من مسلم كما سبق (ص3) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، الصَّواب فيه إرساله ، ومن وصله بأنس - رضي الله عنه - فقد وهم وسلك الجادَّة ، فالسند ضعيف ، ولم أجد له شاهداً .
الحديث الخامس عشر
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على حراء : » اسكن فما عليك إلا نبي وصِدِّيق وشهيد « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .(1/242)
? فرواه سعيد بن أبي عَروبة ومطر الوراق وعمران القطَّان عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
? وكذلك قيل عن شعبة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
? ورواه معمر عن قَتادة مرسلاً .
? ورواه سليمان التَّيمي عن قَتادة عن أبي غلاب عن رجل من أصحاب النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
والقول قول ابن أبي عَروبة ومن تابعه : عن أنس - رضي الله عنه - « (1) .
التَّخْرِيج
رواية سعيد أخرجها أحمد في الفضائل (1/217و438و502) والبخاري في الجامع كتاب الفضائل باب 5 (3675) وباب 6 (3686) وباب 7 (3697) وأبو داود في السُّنن كتاب السنة / باب في الخلفاء (4619) والتِّرمذي في الجامع كتاب المناقب / باب مناقب الأنصار (3697) - وقال : « صحيح » - وابن أبي عاصم في السنة (2/956-957) وأبو يعلى في المسند (5/290و338و454و466) والنَّسائي في الكبرى كتاب المناقب / باب 3 (5/43) وابن البختري في جزئه (76) والطَّبراني في الأوسط (6566) والبيهقي في الدلائل (6/350) والخطيب في تاريخه (5/365) ، بلفظ : « أحد » لا «حراء » .
ورواية مطر أخرجها أحمد في الفضائل (1/438) والطَّبراني في الأوسط (6566) ، بلفظ : « حراء » .
ورواية شعبة أخرجها أحمد في المسند (3/112) - بلفظ : « أحد » - والقطيعي في زيادات الفضائل لأحمد (1/524) والقزويني في التدوين (3/411) من طريق روح والقطَّان عنه به .
ورواية عمران أخرجها الطَّيالسي في المسند (1985) ومن طريقه ابن أبي عاصم في السنة (2/957) بلفظ : « حراء » .
ورواية معمر أخرجها في الجامع (11/229-المصنف) بلفظ : « أحد » ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل (6/351) بلفظ : « حراء » .
ورواية سليمان أخرجها أحمد في الفضائل (1/220) - وعنده : « أحد » - وابن أبي عاصم في الآحاد (5/341) وفي السنة (2/957) . - وعنده : «حراء » - .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
__________
(1) العلل (ج4/ل33) .(1/243)
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف في هذا الحديث على قَتادة على ثلاثة أوجه .
الوجه الأول :- رواه أكثر أصحاب قَتادة عنه عن أنس ، وهم :-
سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
مطر الوراق (ص3) .
عمران القطَّان (ص3) .
شعبة (ص3) ، ولعل الدَّارقطني لم يقف عليه من وجه صحيح فلم يجزم به عنه ، وقد رواه عنه اثنان من كبار أصحابه الثِّقات كما سبق ، فالسَّنَدان عنه صحيحان .
وهذا الوجه ظاهر قوته ، من حيث العدد والقوة والاختصاص . لذا رجحه الدَّارقطني كما سبق ، ومن قبله أبو زرعة حيث قال : « سعيد بن أبي عَروبة أحفظ من التَّيمي . قال له ابن أبي حاتم : فذاك الصَّحيح ؟ قال : أجل » - العلل لابن أبي حاتم (2/380) .
الوجه الثاني :- رواه معمر عن قَتادة فأرسله .
وهذا الوجه لا يؤثر كثيراً لأسباب منها :-
3. أن معمراً ليس بذاك القوي في قَتادة كما سبق (ص3) .
4. احتمال اختصار معمر للسند حيث قال في روايته : « وسمعت قَتادة يحدث بمثله » .
5. مخالفته كل من رواه عن قَتادة ، حيث وصلوه عنه .
الوجه الثالث :- رواه سليمانُ التَّيمي عن قَتادة عن أبي غلاب يونس بن جبير عن رجل من الصحابة مرفوعاً .
وهذا الوجه يوافق الأول في وصله ، إلا أنه مرجوح بأمرين هما :-
3. تليين التَّيمي في قَتادة كما سبق (ص3) .
4. مخالفته لكل أصحاب قَتادة السابقين .
ورجَّح أبو حاتم رواية التَّيمي هذه فقال : « هذا أشبه بالصَّواب ، وإن كان سعيد حافظاً إلا أن يكون عند قَتادة الإسنادان جميعاً » - العلل لابنه (2/380) .(1/244)
وما ذهب إليه من التَّرجيح والاحتمال محتمل ، ولعله نظر إلى أنَّ من رواه عن قَتادة عن أنس سلك الجادَّة ، بخلاف إسناد التَّيمي فنادر الوهم فيه لغرابته ، وقد اضطرب أصحاب قَتادة في تعيين الموضع ، هل هو أحد أم حراء ، وتعدد القصة بعيد عادة ، والأقرب رواية سعيد لأنها في الصحيح وهي أقوى الطرق ، وقد تابعه شعبة ومعمر في جامعه .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث عن أنس - رضي الله عنه - أصح ، وما رواه التَّيمي محتمل غير بعيد كما قال أبو حاتم . وكلا الإسنادين صحيح ، والله أعلم .
الحديث السادس عشر
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم « .
فقال :
? » يرويه يوسف بن عطيَّة الصفار عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
وخالفه همَّام ، رواه عن قَتادة عن مطرف (1) عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - .
وحديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - أصح « (2) .
التَّخْرِيج
رواية همَّام أخرجها الطَّبراني في الكبير (18/212) ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (2/78) ، لكنها عندَهما : عن قَتادة عن زُرارة عن عمران - رضي الله عنه - .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن زُرارة عن عمران - رضي الله عنه - أخرجه الطَّيالسي (852) وأحمد (4/426) - كلاهما في المسند - ومسلم في صحيحه كتاب فضائل الصحابة / باب فضل الصحابة (4/1965) والتِّرمذي في الجامع كتاب الفتن / باب ما جاء في القرن الثالث (2222) - وقال : « حسن صحيح » - والطَّحاوي في المشكل (6/259) والطَّبراني في الكبير (18/213) والبيهقي في الكبرى كتاب الشهادات / باب 16 (10/269و270) .
__________
(1) كذا في العلل ، وفي مصادر التخريج : عن زرارة عن عمران !
(2) العلل (ج4/ل33) .(1/245)
ورواه أبو عَوانة عن قَتادة عن زُرارة عن عمران - رضي الله عنه - أخرجه أحمد في المسند (4/440) ومسلم (4/1965) وأبو داود في السُّنن كتاب السنة / باب 10 (4624) والطَّحاوي في شرح المعاني (4/151) وابن حبَّان في التَّقاسيم (15/123-إحسان) والطَّبراني في الكبير (18/213) .
ورواه شعبة عن قَتادة عن زُرارة عن عمران - رضي الله عنه - أخرجه الطَّحاوي في المشكل (6/258) .
ورواه مطر عن قَتادة عن زُرارة عن عمران - رضي الله عنه - أخرجه الطَّبراني في الأوسط (8/358) والكبير (18/213) وأبو عمرو الداني في الفتن (316) .
الدِّرَاسَة
روى قَتادة هذا الحديث عن زُرارة عن عمران - رضي الله عنه - .
كذا رواه كل أصحابه الثِّقات الكبار ، وهم :-
ث . همَّام (ص3) ، والذي ذكره الدَّارقطني عنه عن قَتادة عن مطرف عن عمران - رضي الله عنه - .
وهذا مخالف لكل ما ورد في مصادر التخريج ، ولبقية من تابعه .
ج . شعبة (ص3) .
ح . هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
خ . أبو عَوانة (ص3) .
د . مطر الوراق (ص3) .
وخالف السابقين راوٍ واحد ، رواه عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - ، وهو يوسف بن عطيَّة . وهذه الرِّواية منكرة لأسباب منها :-
مخالفته لكل من رواه عن قَتادة كما سبق .
سلوك الجادَّة .
أن يوسف هذا متروك كما سبق (ص3) .
فهذه الرِّواية لا تصح عن قَتادة أصلاً .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، الصَّواب أنه من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - ، كما رواه عن قَتادة أصحابه الكبار ، والله أعلم .
الحديث السابع عشر
وسئل عن حديث قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - : » أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كان في بيته فخرج إلى الحجرة فسمع قوماً يتكلمون في القدر : ألم يقل الله كذا ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : آلله اختلفتم ، إنَّما أهلك من كان قبلكم بهذا ، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض « .
فقال :(1/246)
? » يرويه يوسف بن عطيَّة الصفار بهذا الإسناد .
وهو وهم . والصَّواب :
? عن قَتادة ومطر الوراق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - رضي الله عنه - « (1) .
التَّخْرِيج
رواية يوسف أخرجها أبو يعلى في المسند (5/429) والطَّبراني في الأوسط (7/124) عن يوسف قال : حدثنا قَتادة وعبد الله الدَّاناج ومطر الوراق كلهم عن أنس - رضي الله عنه - ...
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه حماد بن سلمة عن قَتادة ومطر الوراق وداود بن أبي هند وعامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - رضي الله عنه - أخرجه الطَّبراني في الأوسط (2/79) .
ورواه سويد أبو حاتم عن قَتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أخرجه الطَّبراني في الكبير (6/37) والأوسط (8/225) .
الدِّرَاسَة
اختلف في هذا الحديث على قَتادة على عدة أوجه هي :-
الوجه الأول :- رواه يوسف بن عطيَّة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
وهذا الوجه سبق نظيره في الحديث الماضي ، وقد تقدَّم (ص3) أن يوسف هذا متروك ، ولذا وهَّم الدَّارقطني هذه الرِّواية .
الوجه الثاني :- رواه حماد بن سلمة عن قَتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - رضي الله عنه - ، ولقَتادة بهذا السَّند حديثان في المسند والسنن .
ورجَّح الدَّارقطني هذا الوجه لأنه أقوى الأوجه إسناداً ورجالاً ، فرواية قَتادة عن عمرو ليست بالغريبة ، ورواية عمرو عن أبيه عن جده - رضي الله عنه - مشهورة في الكتب الخمسة وغيرها .
و حماد وإن تكلم في روايته عن قَتادة كما سبق (ص3) ، فإنه هنا لم يخالفه من هو أقوى منه ، ويؤيد روايته مجيء الحديث من طرق أخرى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، كما سيأتي بعد قليل .
الوجه الثالث :- رواه سويد أبو حاتم فخالف كلا الراويين ، حيث قال : عن قَتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - .
وفي صحيح مسلم والمسند عدة أحاديث لقَتادة بهذا السَّند .
__________
(1) العلل (ج4/ل33) .(1/247)
وسويد ضعيف خصوصاً في قَتادة كما سبق (ص3) ، فروايته هذه منكرة لاحتمال سلوك الجادة منه .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .
وقد جاء الحديث من وجه آخر عن عمرو رواه عنه أبو حازم - أخرجه أحمد في المسند (6702) .
كما جاء الحديث من وجه آخر عن عبدِ الله بن عمرو ، رواه عنه عبد الله بن رباح الأنصاري - أخرجه مسلم في صحيحه كتاب العلم / الباب الأول (2666) .
الفصل الخامس
أحاديث مسند بقية الصحابة - رضي الله عنهم -
الحديث الأول
وسئل عن حديث علقمة عن عبد الله - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » أنه كان في سفر فسمع رجلاً يقول : الله أكبر ، فقال : على الفطرة « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
? فرواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة ، واختلف عن سعيد .
? فرواه معاذ بن معاذ وعبد العزيز بن الحصين عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن أبي الأحوص عن علقمة عن عبدِ الله - رضي الله عنه - .
? ورواه سلام بن مسكين عن قَتادة عن صاحب له عن علقمة عن عبدِ الله - رضي الله عنه - .
? ورواه عدي بن أبي عمارة عن قَتادة فقال : حدثني علقمة عن عبدِ الله - رضي الله عنه - .
ووهم .
? ورواه محمد بن بشر وعبد الوهاب بن عطاء وشعيب بن إسحاق وعبدة بن سليمان وعمرو بن حِمْران وغيرهم عن سعيد عن قَتادة عن أبي الأحوص عن عبدِ الله - رضي الله عنه - .
? وكذلك قال مطين عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن سعيد عن قَتادة عن أبي الأحوص عن عبدِ الله - رضي الله عنه - ، - لم يذكر علقمة - .
? وكذلك قال داود بن الزبرقان عن مطر وسعيد عن قَتادة .
? ورواه أيوب أبو العلاء بن أبي مسكين عن قَتادة عن الحسن البصري عن ابن مسعود - رضي الله عنه - .
? ورواه حميد الطويل وخليد بن دعلج ويوسف بن عطيَّة فقالوا : عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .(1/248)
ويشبه أن يكون الصَّواب قول معاذ بن معاذ ومن تابعه عن سعيد « .
وقال أيضاً : » وأشبهها بالصَّواب قول معاذ بن معاذ « (1) .
التَّخْرِيج
رواية معاذ أخرجها الطَّحاوي في شرح المعاني (1/146) وابن أبي حاتم في العلل (1/174) والهيثم في المسند (1/366) والطَّبراني في الكبير (10/116) والدعاء (465) .
ورواية عبد العزيز أخرجها الطبراني في الدعاء (466) .
ورواية سلام أخرجها الطبراني في الدعاء (467) .
ورواية محمد بن بشر أخرجها ابن أبي شيبة (324) وأحمد (1/406-407) وأبو يعلى (9/276) - كلهم في مسانيدهم - .
ورواية عبد الوهاب بن عطاء أخرجها أحمد في المسند (1/406-407) والبيهقي في الكبرى كتاب الصَّلاة / باب سنة الأذان ... (1/596) .
ورواية عبدة أخرجها ابن أبي حاتم في العلل (1/174) .
ورواية أيوب أخرجها إسحاق في المسند كما في النُّكَتِ الظراف لابن حجر (7/131-التحفة) .
ورواية حميد أخرجها ابن خزيمة في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب الأذان في السفر (399) وابن حبَّان في التَّقاسيم (4/550-إحسان) والطَّبراني في الأوسط (6/109) والدعاء (472) والدَّارقطني في الأفراد (2/141-أطرافه) ، من طريق عبد الأعلى عنه ، وقال الدَّارقطني : « غريب » ، ونقل عن ابن صاعد قوله : « إسناد صحيح غريب » .
ووقع عند النَّسائي في الكبرى (6/207) : عن سعيد ، بدلاً من حميد ، وكذا ذكره في التحفة (1/319) ، وهو غريب !
ورواية خليد أخرجها ابن عدي في الكامل (3/487) وتمام في فوائده (311) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه العباس بن الفضل عن سعيد عن قَتادة عن أبي الأحوص عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أخرجه أبو يعلى في المسند (9/276) .
ورواه يزيد بن زُرَيع عن سعيد عن قَتادة عن أبي الأحوص عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أشار إليه ابن أبي حاتم في العلل (1/174) .
__________
(1) العلل (ج1/155وج4/ل32)(5/116-118) .(1/249)
ورواه سعيد بن أبي أوس أبو زيد النحوي عن سعيد عن قَتادة عن أبي الأحوص عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أخرجه الطبراني في الدعاء (465) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في تسمية راوي هذا الحديث من الصحابة على وجهين :-
الوجه الأول :- رواه جماعة عنه عن أنس - رضي الله عنه - . كذا رواه كُلٌّ من :-
5) خليد بن دعلج ، وقد سبق ضعفه في قَتادة (ص3) .
6) يوسف بن عطيَّة ، متروك وقد تقدَّم (ص3) .
7) حميد الطويل (ص3) ، وهذا الوجه كذا رواه عنه عبد الأعلى (ص3) ، وهو معلٌّ برواية غيره من الثِّقات عن حميد عن أنس مباشرة بدون واسطة ، كما رواه عنه كل من أبي إسحاق السَّبيعي وإسماعيل بن جعفر وعبد الله بن مسلمة - أخرجه عنهم البخاري في الجامع (2943و610و2944و2945) ، وروايتهم جاءت مقتصرة على أصل الحديث .
فالذي يظهر أن عبد الأعلى قد وهم هنا ، ورواية الصَّحيح أثبت وأقوى .
فهذا الوجه لا يصح عن قَتادة لضعف طرقه عنه ، وإن ثبت عن أنس - رضي الله عنه - من وجه آخر ، رواه عنه ثابت - أخرجه مسلم في صحيحه (382) .
الوجه الثاني :- رواه جماعة عن قَتادة جعلوه من مسند ابن مسعود - رضي الله عنه - ، إلا إنهم اختلفوا في الواسطة على أوجه هي :-
20) رواه أيوب بن أبي مسكين عن قَتادة عن الحسن عن ابن مسعود .
وهذا الوجه معلٌّ بأمور منها :-
د. أن أيوب ليس بالقوي كما سبق (ص3) .
ه. أن قَتادة إنَّما يروي أحاديث عن الحسن عن ابن مسعود بواسطة عمران بن حصين عن ابن مسعود كما ورد في مسند أحمد (1/401و420و421) .
ولم يذكر للحسن رواية أو سماع عن ابن مسعود ، فقد توفي ابن مسعود والحسن في حدود العاشرة من عمره ، كما يعرف ذلك من وفاتهما – التَّقريب (1237و3638) ، وقال ابن حزم : « الحسن لم يدرك ابن مسعود » - المحلى (7/77) .
و. مخالفة أيوب لكل أصحاب قَتادة الباقين .
21) ورواه عدي بن أبي عمارة عن قَتادة حدثني علقمة عن عبدِ الله .(1/250)
وَضَعَّفَ الدَّارقطني هذا الوجه ، وذلك لقرائن منها :-
4. أن عدياً مختلف فيه كما سبق (ص3) .
5. مخالفته جميع أصحاب قَتادة .
6. أنه لم يذكر لقَتادة رواية عن علقمة بن قيس . ولم يقع له من ذلك شيء في الكتب السِّتَّة .
فهذا السَّند وهم واضح .
22) رواه سلام بن مسكين عن قَتادة عن صاحب له عن علقمة عن ابن مسعود .
فأبهم الواسطة ، وسيأتي من بيَّنها من الرُّواة بعد قليل .
وسلام قد تقدَّم توثيقه (ص3) . وروايته هذه لها ما يسندها كما سيأتي عن سعيد .
23) رواه عمران القطَّان عن قَتادة عن أبي الأحوص عن ابن مسعود .
وعمران قد تقدَّم حاله (ص3) . ، وقد تابعه على هذا الوجه سعيد كما سيأتي .
24) رواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن أبي الأحوص عن علقمة عن ابن مسعود - في رواية - وفي أخرى بإسقاط علقمة .
ورجَّح الدَّارقطني ذكر علقمة كما سبق ، ووافقه على ذلك أبو حاتم الرَّازي فيما نقله عنه ابنه في العلل (1/174) .
وخالفهما أبو زرعة الرَّازي فرجح عن سعيد إسقاط علقمة ، وقال : « يزيد ابن زُرَيع أحفظ » - العلل (1/174) .
ويؤيده أمور منها :-
رواية عمران القطان عن قَتادة بهذا الوجه .
أن أبا الأحوص يروي الكثير عن ابن مسعود بدون واسطة ، وهي في الكتب السبعة . إلا أن في سماع قَتادة منه نظر كما سبق (ص3) .
أن غالب رواية قَتادة عن الصحابة بواسطة واحدة .
رواية أكثر أصحاب سعيد بن أبي عَروبة عنه بهذا الوجه ، مع قوة سعيد في قَتادة كما سبق (ص3) .
أمَّا ترجيح أبي حاتم والدَّارقطني فيسنده أمران هما :-
38. أن الزِّيادة جاءت من رواية اثنين من أصحاب سعيد وهما معاذ وعبدالعزيز بن الحصين .
39. أن سلاماً روى الحديث عن قَتادة فأبهم أبا الأحوص ، فدلَّ على أن للواسطة أصلاً .(1/251)
والذي يظهر أنَّ اختيار أبي زرعة أقرب . وذلك لأن عبد العزيز بن الحصين ضعيف ، حيث قال عنه البخاري : « ليس بالقوي عندَهم » وقال ابن معين وأبو حاتم : « ضعيف » . وقال أبو داود : « متروك الحديث » ، وقال النَّسائي : « ليس بثقة » - اللسان (4/ 30) ، فروايته ساقطة . فبقي أن معاذ بن معاذ خالف كلَّ أصحاب سعيد السابقين فهم أولى بالصَّواب منه . وعليه فترجيح الدَّارقطني فيه - والحال كذلك - غرابة .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث إنَّما رواه قَتادة من مسند ابن مسعود - رضي الله عنه - ، والأقرب أنه رواه بواسطة أبي الأحوص فقط كما رجحه أبو زرعة .
وهذا السَّند منقطع كما سبق (ص3) ، وأصل الحديث في الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه - كما سبق ، والله أعلم .
الحديث الثاني
وسئل عن حديث أبي الأحوص عن عبدِ الله - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
7. فرواه همَّام وسعيد بن بشير وسويد بن إبراهيم عن قَتادة عن مورق العجلي عن أبي الأحوص عن عبدِ الله - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
? ورواه سليمان التَّيمي عن قَتادة عن أبي الأحوص ، لم يذكر بينهما مورقاً ، ورفعه أيضاً .
... ورفْعُهُ صحيح من حديث قَتادة « (1) .
التَّخْرِيج
رواية همَّام أخرجها التِّرمذي في الجامع كتاب الرضاع / باب 18 (1173) - وقال : حسن غريب - والبزَّار في المسند (5/427) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب 175 (3/93) وابن حبَّان في التَّقاسيم (12/413-إحسان) .
ورواية سعيد أخرجها ابن خزيمة في صحيحه (3/94) .
ورواية سويد أخرجها الطَّبراني في الكبير (10/132) والأوسط (8/101) وابن عدي في الكامل (4/488) .
__________
(1) العلل (ج2/ل27)(5/314) .(1/252)
ورواية التَّيمي أخرجها البزَّار في المسند (5/428) وابن خزيمة في صحيحه (3/93) وابن حبَّان في التَّقاسيم (12/412-إحسان) والدَّارقطني في الأفراد (4/141-أطرافه) والخطيب في تاريخه (8/451) .
الروايات الأخرى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناده هذا الحديث ، هل هو بواسطة مورق أم لا .
فرواه ثلاثة من أصحاب قَتادة بذكره ، وهم :-
3) همَّام (ص3) .
4) سعيد بن بشير وفيه ضعف كما تقدم (ص3) .
5) سويد بن إبراهيم وفيه ضعف كما تقدم (ص3) .
وهذا السَّند له نظير آخر في السُّنن ، ذكره المزِّي في التحفة (7/131) وتكلَّم عليه ابن حجر في نكته على التحفة ، واجتماع ثلاثة على وهم واحد نادر عادةً .
وخالف هؤلاء في قَتادة سليمانُ التَّيمي ، فأسقط مورقاً من السَّند .
وهذا معلٌّ بأمور منها :-
7. مخالفته الجماعة .
8. الكلام في رواية التَّيمي عن قَتادة السابق (ص3) .
9. أن قتادة يروي غالباً عن أبي الأحوص بواسطة كما سبق في حديث ماضٍ (ص3) ، وتقدَّم (ص3) أنَّ ابن خزيمة شكك في سماعه من أبي الأحوص .
10. أن من زاد معه زيادة علم ، فهو حجَّة على من قصر .
ولم يرجِّح الدَّارقطني في هذا الاختلاف ، والذي يظهر أن رواية الجماعة أصح ، وأن التَّيمي وهم في إسقاط مورق من السَّند .
وشكك ابن خزيمة أيضاً في سماع قَتادة من مورقِّ فقال : « لا أقف على سماع قَتادة هذا الخبَر من مورِّق » - الصَّحيح (3/94) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث إنَّما رواه قَتادة عن مورق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود مرفوعاً .
وهو صحيح كما ذهب إلى ذلك ابن خزيمة - مع شكِّه - وابن حبَّان ، وقد حسَّنه التِّرمذي كما سبق في التخريج ، والله أعلم .
الحديث الثالث(1/253)
وسئل عن حديث عبدِ الله بن معبد الزماني عن أبي قَتادة - رضي الله عنه - : » أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن رجل صام الدهر ؟ فقال : لا صام ولا أفطر . وسئل عمن يصوم يومين ويفطر يوماً ؟ قال : وأيكم يطيق ذلك ... « ، الحديث مطولاً .
فقال :
» يرويه غَيلان بن جرير عن عبدِ الله بن معبد الزماني واختلف عنه .
8. فقال سعيد بن أبي عَروبة وحماد بن سلمة - وقيل عن شعبة - عن قَتادة عن غَيلان عن عبدِ الله بن معبد عن أبي قَتادة - رضي الله عنه - .
9. ورواه منصور بن زَاذَان والحكم بن هشام عن قَتادة عن عبدِ الله بن معبد عن أبي قَتادة - رضي الله عنه - .
لم يذكر بينهما غَيلان ... « (1) .
التَّخْرِيج
رواية سعيد بن أبي عَروبة أخرجها أحمد في المسند (5/297) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصِّيام / باب 174 (2117) وابن حبَّان في التَّقاسيم (8/394و403-إحسان) وابن عدي في الكامل (5/373) والحاكم في المستدرك (2/602) .
ورواية حماد أخرجها ابن عدي في الكامل (5/372) وابن عساكر في معجمه (2/747) ، وعنده : عن أبي قَتادة عن أنس ! وقال : « حسن صحيح غريب » .
ورواية منصور أخرجها أحمد في المسند (5/295) .
ورواية الحكم أخرجها العقيلي في الضُّعفاء (2/305) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن غَيلان عن عبدِ الله بن معبد عن أبي قَتادة - رضي الله عنه - أخرجه البيهقي في الكبرى كتاب الصِّيام / باب فضل يوم عاشوراء (4/473) .
ورواه معمر عن قَتادة عن عبدِ الله بن معبد عن أبي قَتادة - رضي الله عنه - بإسقاط غَيلان - أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف (4/284و285و295) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على وجهين اثنين :-
الوجه الأول :- رواه جماعة عنه عن غَيلان عن عبدِ الله بن معبد عن أبي قَتادة - رضي الله عنه - .
وهؤلاء هم :-
__________
(1) العلل (ج2/ل58)(6/145-147) .(1/254)
5- سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
6- حماد بن سلمة (ص3) .
7- هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
وذكر الدَّارقطني أنَّه قد قيل عن شعبة عن قَتادة بذلك .
وفي ثبوته عنه نظر لما سيأتي بعد .
وهذا الوجه قوي لعدة قرائن ، منها :-
4- العدد .
5- قوة رواته في قَتادة .
6- تصحيح ابن خزيمة له .
7- الزيادة في السند مع وصف قتادة بالتدليس .
8- أنَّ قَتادة قد توبع على هذا الوجه عن غَيلان من قبل حماد بن زيد وشعبة وأبان العطَّار ومهدي بن ميمون كما أخرجه عنهم مسلم في صحيحه (1162) .
ولعل الدَّارقطني يرجِّح هذا الوجه ، حيث قال في آخر السُّؤال : « والصَّواب قول قَتادة وشعبة ومن وافقهما » .
الوجه الثاني :- رواه جماعة - أيضاً - عن قَتادة عن عبدِ الله بن معبد عن أبي قَتادة - بإسقاط غَيلان من السَّند – ، وبهذا الوجه رواه كُلٌّ من :-
منصور بن زاذان ، وقد تقدَّم أنه ثقة بالاتفاق (ص3) .
الحكم بن هشام وهو صدوق - التَّقريب (1473) .
معمر بن راشد ، وروايته عن قَتادة ضعيفة كما سبق (ص3) .
وهذا الوجه يؤيِّده قرائن ، منها :-
العدد ، فاجتماعهم على وهم واحد بعيد عادة .
قوة منصور ، وإن لم يذكر في أصحاب قَتادة .
أن لقَتادة رواية عن عبد الله بن معبد مباشرة بخلاف روايته عن غَيلان عنه ، فليس له في الكتب السِّتَّة سوى هذا الحديث . وروايته عن عبد الله بن معبد مباشرة في صحيح مسلم (3030) .
فهذه قرينة قوية على صحة هذا الوجه .
والذي يظهر مما سبق قوة الوجهين عن قَتادة ، وأنَّه هو الذي أسقطه في هذا السَّند ، ولا مانع من أن يروي عن ابن معبد حديثاً بواسطة يصرِّح بها تارة ، ويسقطها تارة تدليساً ، كما سبق وصفه بهذا في ترجمته (ص3) .
وقد ذكر البخاري أنَّ ابن معبد يروي عنه غَيلان وقَتادة - التاريخ الكبير (5/198) .
ولعل صنيع قَتادة هذا جعل أصحاب الكتب السِّتَّة يعرضون عن روايته لهذا الحديث تماماً .
الحُكْمُ عَلَيْه(1/255)
الحديث يظهر أن قَتادة رواه بواسطة غَيلان ، ولعله دلَّس مرَّة فأسقطه لأن غَيلان يروي عن ابن معبد وكذا يروي عنه قَتادة .
والحديث قد صحَّحه مسلم وغيره إلا أنَّ البخاريَّ قال عن ابن معبد : « ولا نعرف سماعه من أبي قَتادة » - التاريخ الكبير (5/198) . وليس له عن أبي قَتادة في الكتب السَّبعة سوى هذا الحديث في الصَّوم ، ولم يصرِّح فيه بالسَّماع .
الحديث الرابع
وسئل عن حديث عبد الله بن الصَّامت عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : » صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات في مسجد بيت المقدس ... « .
فقال : » يرويه قَتادة واختلف عنه .
فرواه حجَّاج بن الحجَّاج عن قَتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الصَّامت عن أبي ذر - رضي الله عنه -
واختلف عن سعيد بن بشير .
10. فرواه محمد بن عقبة السدوسي عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قَتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن عبد الله بن الصَّامت .
وكذلك روى سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة .
وقال علي بن حجر وهشام بن خالد وغيرهما عن الوليد عن سعيد بن بشير عن قَتادة عن عبد الله بن الصَّامت - لم يذكر بينهما أحداً -
وقَتادة لم يسمعه من عبد الله بن الصَّامت « (1) .
التَّخْرِيج
رواية حجَّاج أخرجها ابن طهمان في مشيخته (ص118-119) ، ومن طريقه الطَّبراني في الأوسط (7/و8103/148) والحاكم في المستدرك (4/509) وصحَّحه .
ورواية سعيد الأولى أخرجها ابن عساكر في تاريخه (1/174) .
ورواية سعيد الثانية أخرجها البيهقي في الشعب (3/486) وابن عساكر في تاريخه (1/174و175و5/379) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه أبو يعلى في المسند (10/241) والذهبي في التذكرة (1/339) بلفظ : « صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام » .
__________
(1) العلل (ج2/ل74)(6/244) .(1/256)
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه .
الوجه الأول :- رواه حجَّاج بن الحجَّاج (ص3) عنه عن أبي الخليل صالح ابن أبي مريم عن عبد الله بن الصَّامت عن أبي ذر - رضي الله عنه - .
وهذا السَّند صحيح إن ثبت سماع أبي الخليل من عبد الله بن الصَّامت ، حيث لم أجد - بعد البحث - من ذكر روايته عنه ، وغالب روايته عن التَّابعين . وليس بهذه الرِّواية حديث في الكتب السِّتَّة ، أما رواية قَتادة عن أبي الخليل فمشهورة فيها .
الوجه الثاني :- رواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن عبدالله بن الصَّامت عن أبي ذر .
وهذا أحد الأوجه عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير .
وسعيد تقدَّم (ص3) أنه ضعيف في قَتادة . وليس في الكتب السِّتَّة حديث بهذا الوجه إلا واحداً عند أحمد (5/156و176) .
فهذا الوجه ضعيف . وذكر الدَّارقطني أن سعيد بن أبي عَروبة روى هذا الوجه عن قَتادة ، ولعله اختلف عليه فرواه عبد الوهاب بن عطاء عنه عن قَتادة عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة بلفظ آخر مقارب كما سبق ! وعبد الوهاب ليس بذاك ، وفي سماعه من سعيد بن أبي عَروبة كلام تقدَّم (ص3) .
الوجه الثالث :- رواه أيضاً سعيد بن بشير فأسقط سعيد بن أبي الحسن .
وهذا كسابقه ، وقَتادة لم يسمع من ابن الصَّامت كما قال الدَّارقطني ، بل بينهما واسطة ، ونص على ذلك أبو حاتم كما في العلل لابنه (210) .
وعلى كلٍّ فرواية حجَّاج مقدمة على رواية ابن بشير لضعفه ، ولأنَّ حجاجاً ثقة من أصحاب قَتادة كما سبق ، وقد صحح الحاكم روايته .
بقي أن يقال إن سعيد بن أبي عَروبة خالف حجاجاً في لفظ الحديث كما سبق ، وسعيد وإن كان أثبت منه ، إلا أن روايته لا تصحُّ لقرائن منها :-
أنه من رواية عبد الوهاب عنه وفيها كلام كما سبق (ص3) .
أن رواية قَتادة عن ابن المسيب عن أبي هريرة لا يصحُّ منها شيء كما سبق بيانه (ص3) .(1/257)
متابعة ابن بشير لحجَّاج كما سبق ، واجتماعهما على وهم واحد - في سند غير مشهور - بعيد عادة .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث إنَّما رواه قَتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الصَّامت عن أبي ذر ، وهذا سند صحيح إن ثبت سماع أبي الخليل من عبد الله بن الصَّامت ، ورواية ابن بشير وابن أبي عَروبة لا تصحُّ ، والله أعلم .
الحديث الخامس
وسئل عن حديث أبي الطُّفيل عن معاوية - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في استلام أركان الكعبة .
فقال : » يرويه قَتادة واختلف عنه .
فرواه شعبة ، وقد اختلف عنه أيضاً .
فرواه غُنْدَر ومعاذ بن معاذ وأبو أسامة عن شعبة عن قَتادة عن أبي الطُّفيل عن معاوية - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وخالفهم خالد بن الحارث ويحيى القطَّان ، فروياه عن شعبة عن قَتادة عن أبي الطُّفيل عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
ووقفه وهب بن جرير عن شعبة عن قَتادة عن أبي الطُّفيل عن معاوية - رضي الله عنه - قوله ، ولم يرفعه .
ورواه عمرو بن الحارث عن قَتادة عن أبي الطُّفيل عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر معاوية - رضي الله عنه - .
والصَّواب قول من قال : عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النَّبي « (1) .
التَّخْرِيج
رواية غُنْدَر أخرجها أحمد في المسند (4/94-95و98) وفي العلل (2/267) .
ورواية يحيى أخرجها الطَّبراني في الكبير (10/329) وهي عند أحمد في العلل (2/267) بخلاف ما ذكر الدَّارقطني والطَّبراني .
ورواية عمرو أخرجها مسلم في صحيحه كتاب الحج / باب 40 (1269) والطَّبراني في الكبير (10/330) والبيهقي في الكبرى كتاب الحج / باب الركنين ... (5/124) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
__________
(1) العلل (ج2/ل93)(7/55) .(1/258)
رواه حجَّاج الأعور عن شعبة عن قَتادة عن أبي الطُّفيل عن معاوية - رضي الله عنه - أخرجه أحمد في المسند (4/94) .
ورواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن أبي الطُّفيل عن ابن عباس - رضي الله عنه - مرفوعاً - أخرجه أحمد في العلل (2/267) والطَّبراني في الكبير (10/330) والبيهقي في الكبرى (5/124) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث .
أهو عن ابن عباس أم عن معاوية - رضي الله عنهم - .
فرواه عن قَتادة عن أبي الطُّفيل عن ابن عباس - رضي الله عنه - اثنان هما :-
3- عمرو بن الحارث (ص3) .
4- سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
وخالفهما شعبة ، واختلف عليه كذلك على وجهين اثنين :-
الوجه الأول :- روي عنه عن قَتادة كرواية عمرو وسعيد بن أبي عَروبة .
كذا رواه عنه :-
7- خالد بن الحارث(ص3) .
8- يحيى القَطَّان ، وهو إمام حافظ من كبار أصحاب شعبة .
قال ابن المديني : « سمعت يحيى بن سعيد يقول : اختلفت إلى شعبة عشرين سنة » - التهذيب (4/358) .
قال يحيى القطان : « كنا إذا قمنا من عند شعبة ، جلس خالد ناحية وعاذ ناحية ، فكتب كل واحد منهما بحفظه ، وأما أنا فكنت لا أكتب حتى أجيء إلى البيت » - شرح العلل (2/513-514) .
قال أحمد : « كان يحيى يحفظ ويذهب إلى بيته ، فيكتبها ، وكان في حديثه بعض ترك الأخبار والألفاظ » - رواية المروذي وغيره (10) .
وقال صالح بن أحمد عن أبيه أحمد وقيل له في يحيى القطان : كان يكتب عن سفيان ؟ قال : « إنما كان يتسمَّع ما لم يكن سمعه فيكتبه » - التهذيب (4/358) .
وقال الدَّارمي لابن معين : « يحيى أَحبُّ إليك في شعبة أو يزيد بن زُرَيع فقال : ثقتان » - تاريخ الدَّارمي (105) وشرح العلل (2/515) .
وقال الفلاس : « أعلى من روى عن شعبة : يزيد بن زُرَيع ويحيى بن سعيد » - التهذيب (4/412) .
وقال الدُّوري عن ابن معين : « يحيى القطان أثبت من ابن مهدي في سفيان » - التهذيب (4/358) .(1/259)
وقال ابن عدي : « أصحاب شعبة : معاذ بن معاذ وخالد بن الحارث ويحيى القطان وغندر ، وأبو داود خامسهم » - شرح العلل (2/515) .
وخالفهما جماعة جعلوه من مسند معاوية وهم :-
3- غُنْدَر . واسمه محمد بن جعفر ، وهو ثقة حافظ .
قال عنه ابن المبارك : « إذا اختلف النَّاس في حديث شعبة ، فكتاب غُنْدَر حكم فيما بينهم » . وقال أحمد : « ما في أصحاب شعبة أقل خطاً من محمد بن جعفر « . وقال العجلي : « غُنْدَر من أثبت النَّاس في حديث شعبة » . وذكر ابن خراش عن الفلاس قال : « كان يحيى وعبد الرحمن ومعاذ وخالد إذا اختلفوا في حديث عن شعبة رجعوا إلى كتاب غُنْدَر فحكم بينهم » - شرح العلل (2/513-514) .
4- معاذ بن معاذ ، وهو أيضاً من كبار أصحاب شعبة .
قال يحيى القطَّان : « كنا إذا قمنا من عند شعبة جلس خالد ناحية ، ومعاذ ناحية فكتب كل واحد منهما بحفظه » - شرح العلل (2/513) .
قال الدَّارمي لابن معين : « قلت : فمعاذ أثبت في شعبة أم غندر ؟ فقال : ثقة وثقة » - تاريخ الدَّارمي (109) وشرح العلل (2/515) والتهذيب (4/101) .
وقال ابن عدي : « أصحاب شعبة : معاذ بن معاذ وخالد بن الحارث ويحيى القطان وغندر ، وأبو داود خامسهم » - شرح العلل (2/515) .
5- أبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي ، قال عنه أحمد : ما كان أثبته ، لا تكاد يخطئ - التَّهذيب (1/477) .
6- حجَّاج بن محمد المصيصي الأعور ، ثقة ثبت اختلط في آخر عمره - التَّقريب (1144) .
ويؤيِّد رواية هؤلاء أنَّ شعبة قال : « النَّاس يختلفون في هذا الحديث ، يقولون معاوية هو الذي قال : ليس من البيت شيء مهجور ، ولكنه حفظه من قَتادة هكذا » - مسند أحمد (4/95) .
فالأقرب أنَّ شعبة رواه عن قَتادة من مسند معاوية - رضي الله عنه - ، وأنه كذا حفظه منه ، وأما من خالف عن شعبة فلعله حمل روايته على الصَّواب .
ورجَّح الدَّارقطني رواية عمرو وسعيد بن أبي عَروبة ، ولذلك قرائن منها :-(1/260)
7) أنَّ رواية الاثنين أقرب إلى الصِّحة من رواية الواحد .
8) الاختلاف على شعبة ، وهذا يضعف جانبه هنا .
9) متابعة جماعة لقَتادة عن أبي الطُّفيل عن ابن عباس - رضي الله عنه - ، منهم ابن خثيم فيما أخرجه أحمد في المسند (2210و3074) ، وكذا رواه مجاهد عن ابن عباس - رضي الله عنه - فيما أخرجه أحمد (1877) أيضاً .
10) أنه ليس لأبي الطُّفيل رواية عن معاوية - رضي الله عنه - في الكتب السَّبعة سوى هذا الحديث ، بخلاف روايته عن ابن عباس - رضي الله عنه - فهي في صحيح مسلم وغيره .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، الصَّواب فيه أنَّه من مسند ابن عبَّاس - رضي الله عنه - ، وأنَّه هو الذي قال لمعاوية - رضي الله عنه - : إنَّما كان رسول - صلى الله عليه وسلم - يستلم الركن اليماني والحجر .
الحديث السادس
وسئل عن حديث معاوية بن حيدة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - » حين سأله الرجل أيجامع أهله إذا بعد عن الماء ؟ قال : نعم ويتيمَّم « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
فرواه قَتادة (1) عن حكيم بن معاوية عن أبيه - رضي الله عنه - .
وخالفه سعيد بن بشير (2) ، رواه عن قَتادة عن معاوية بن حكيم عن عمه - رضي الله عنه - .
والأول أشبه بالصَّواب « (3) .
التَّخْرِيج
رواية ابن بشير أخرجها ابن أبي عاصم في الآحاد (3/161) والطَّبراني في الكبير (20/337) والحاكم في المستدرك (3/643) والبيهقي في الكبرى كتاب الطَّهارة / باب الرجل يعزب عن الماء ... (1/334) ، وسمى عمَّه : مخْمَراً .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن قَتادة لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
روى قَتادة هذا الحديث عن حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه معاوية - رضي الله عنه - .
__________
(1) كذا في المخطوط والمطبوع لم يرد فيه ذكر الراوي عن قَتَادَة .
(2) في الأصل : بن قسر ، وهو خطأ .
(3) العلل (ج2/ل98)(7/89) .(1/261)
ولم يسمِّ الدَّارقطني من رواه كذلك عن قَتادة ، فلعله أسقطه هو أو أحد من النُّساخ من بعده .
وروى سعيد بن بشير هذا الحديث عن قَتادة عن معاوية بن حكيم عن عمه .
ورجَّح أبو حاتم أنَّ اسم عمِّه حكيم بن معاوية - العلل لابنه (1/299) .
وقال ابن حجر : « مخمر بن معاوية ويقال حكيم بن معاوية النُمَيري روى عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : « لا شؤم ... » الحديث ، وعنه حكيم بن معاوية ، ويقال معاوية بن حكيم ، قلت : قال [أبو] أحمد العسكري : مِخْمَر بن حيدة القشيري ، روى عنه ابن أخيه حكيم بن معاوية بن حَيدة » - التَّهذيب (4/43) .
وهو مختلف في صحبته ، بل قال البخاري : في صحبته نظر - التَّهذيب (1/475) ، بينما أثبت صحبته أبو حاتم ، وقال ابن عبد البَرِّ : « كل من جمع في الصَّحابة ذكره فيهم » - الإصابة (2/115) ، وعليه فرواية قَتادة عنه منقطعة ، لأنَّه لم يسمع من أحد من الصَّحابة سوى أنس بن مالك - رضي الله عنه - وابن سرجس - رضي الله عنه - كما سبق في ترجمته (ص3) .
أما معاوية فقد قال عنه ابن حجر : « مقبول » - التَّقريب (6082) .
وهذا السَّند في ثبوته عن قَتادة نظر ، حيث سبق (ص3) أنَّ ابن بشير ضعيف في قَتادة ، والسَّند الذي أتى به غريب جداً .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أنَّه كما قال الإمام الدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة عن حكيم عن أبيه مرفوعاً ، وسند صحيح .
وله شاهد بمعناه رواه أبو ذر - رضي الله عنه - مرفوعاً : « إن الصَّعيد الطَّيب طهور المسلم ، وإن لم يجد الماء عشر سنين ... » - أخرجه أحمد (5/180) وصحَّحه التِّرمذي (124) ، وأطال أحمد شاكر - رحمه الله - في تحقيقه .
وقال البيهقي : « ومثل هذا بالشَّواهد يقوى » - الكبرى (1/334) .
الحديث السابع
وسئل عن حديث حمزة بن المغيرة عن أبيه عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخُفَّين .
فقال : » ... حدَّث به قَتادة ، واختلف عنه .(1/262)
فرواه عمر بن عامر عن قَتادة عن الحسن عن المغيرة - رضي الله عنه - .
وقال عبد الصَّمد بن عبد الوارث عن همَّام عن يحيى عن الحسن ومحمد عن المغيرة - رضي الله عنه - .
11. وقال هُدْبة بن خالد عن همَّام عن قَتادة عن الحسن وزُرارة بن أوفى عن المغيرة - رضي الله عنه - ... « (1) .
التَّخْرِيج
رواية هُدْبة أخرجها أبو في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب المسح على الخفين (153) والطَّبراني في الكبير (20/432) والبيهقي في الكبرى كتاب الصَّلاة / باب الإمام يسهو ... (2/496) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه معمر بن راشد عن قَتادة عن المغيرة - رضي الله عنه - أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الطَّهارة / باب وضوء المقطوع (1/189) ومن طريقه ابن الأعرابي في المعجم (1454) .
ورواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن محمد بن سيرين عن عمرو بن وهب الثقفي عن المغيرة - رضي الله عنه - أخرجه الطَّبراني في الكبير (20/426) وفي مسند الشَّاميين (4/43) ، إلا أنَّ فيه : « عن أنس بن سيرين » !
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه .
الوجه الأول :- رواه عمر بن عامر عنه عن الحسن عن المغيرة .
وعمر قد تقدَّم (ص3) أنه ليس بالقوي في قَتادة ، وأنَّ أبا حاتم قال عنه : «يجري مع همَّام » .
الوجه الثاني :- رواه همَّام عنه عن الحسن عن المغيرة - رضي الله عنه - أيضاً ، واختلف عليه في زيادة المتابع للحسن ، أهو زُرارة أم محمد بن سيرين .
وهمَّام قد تقدَّم بيان قوته في قَتادة (ص3) .
الوجه الثالث :- رواه معمر عن قَتادة عن المغيرة - رضي الله عنه - ، فأرسله ، حيث إنَّ قَتادة لم يسمع من أحد من الصَّحابة سوى أنس بن مالك - رضي الله عنه - وابن سرجس - رضي الله عنه - كما سبق في ترجمته (ص3) .
ومعمر تقدَّم بيان ضعفه في قَتادة (ص3) . فهذا الوجه ضعيف من جهتين :-
9) ضعف معمر في قَتادة .
__________
(1) العلل (ج2/ل100)(7/105) .(1/263)
10) مخالفته للجماعة .
الوجه الرابع :- رواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن محمد بن سيرين عن عمرو ابن وهب عن المغيرة - رضي الله عنه - .
وهذا ضعيف من جهتين هما :-
8. أنَّ سعيد بن بشير ضعيف في قَتادة كما سبق (ص3) .
9. مخالفته بقية أصحاب قَتادة ، وإن كان قَتادة قد تابعه جماعة على هذا الوجه كما ذكره الدَّارقطني في العلل (7/108) .
والدَّارقطني ذكر الوجهين الأولين ، ولم يرجِّح شيئاً ، وهما معلان بأنَّ بكر بن عبد الله المزني روى الحديث عن الحسن عن ابن المغيرة عن أبيه - رضي الله عنه - أخرجه مسلم في صحيحه (1/231) .
فالذي يظهر أن قَتادة قد اضَّطرب في الحديث فاختلفت الأقوال عنه ، وإن كان الوجه الأول عنه أقوى الأوجه .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث من رواية قَتادة مضطرب ، ولعل هذا جعل الدَّارقطني لم يحكم فيه بشيء ، وأصل حديث المغيرة مشهور عنه ، في الكتب الستة وغيرها ، والله أعلم .
الحديث الثامن
وسئل عن حديث أبي بردة عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » أنَّه اختُصم إليه في بعير أو دابة ليس عليها بينة فقضى به بينهما « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
فرواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى - رضي الله عنه - .
وتابعه همَّام عن قَتادة - من رواية عفان عنه - .
ورواه عبد الصمد بن عبد الوارث عن همَّام عن قَتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه مرسلاً .
وخالفه الضَّحاك بن حُمْرة ، فرواه عن قَتادة عن أبي مجلز عن أبي بردة عن أبي موسى - رضي الله عنه - .
ورواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن أبي بردة ... لم يذكر بينهما أحداً .
واختلف عن حماد بن سلمة .
فرواه محمد بن كثير المصِّيصي عن حماد عن قَتادة عن النَّضْر بن أنس عن أبي بردة عن أبي موسى - رضي الله عنه - .(1/264)
ورواه أبو كامل مُظَفَّر بن مُدْرك عن حماد بن سلمة عن قَتادة عن النَّضْر بن أنس عن أبي بردة مرسلاً ...
والمحفوظ حديث أبي كامل عن حماد عن قَتادة ... « (1) .
التَّخْرِيج
رواية سعيد أخرجها أبو داود في السُّنن كتاب الأقضية / باب في الرجلين ... (3608و3609) وابن ماجة في السُّنن - كما في تحفة الأشراف (6/452) - والتِّرمذي في العلل الكبير (1/565-ترتيبه) والنَّسائي في الصُّغرى كتاب آداب القضاء /باب القضاء فيمن لم تكن له بينة (8/248) وفي الكبرى كتاب القضاء / باب الشيء يدعيه الرجلان ... (3/487) والروياني في المسند (486) والحاكم في المستدرك كتاب الأحكام (4/94-95) - وصحَّحه - والبيهقي في الكبرى كتاب الصلح / باب الرجلين يتداعيان ... (6/110) .
ورواية الضَّحاك أخرجها الطَّبراني في الأوسط (1/5) والدَّارقطني في الأفراد (5/146-أطرافه) والبيهقي في الكبرى كتاب الدعوى / باب 7 (10/435) .
ورواية سعيد بن بشير أخرجها الدَّارقطني في الأفراد (5/144-أطرافه) .
ورواية محمد بن كثير أخرجها النَّسائي في الكبرى (3/487) وقال : «خطأ » .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه شعبة عن قَتادة عن سعيد عن أبيه عن أبي موسى - رضي الله عنه - أخرجه أحمد في المسند (19832) والبيهقي في الكبرى (10/435) . وأخرجه أيضاً عنه مرسلاً (10/431) .
ورواه هُدْبة عن همَّام عن قَتادة عن سعيد عن أبيه عن أبي موسى - رضي الله عنه - أخرجه أبو يعلى في المسند (13/268) والبيهقي في الكبرى (10/438) والحاكم في المستدرك (4/95) - وصحَّحه - .
ورواه حجَّاج بن مِنْهال عن همَّام عن قَتادة عن سعيد عن أبيه عن أبي موسى - رضي الله عنه - أخرجه أبو داود في السُّنن (3610)
ورواه حفص بن عمر عن حماد بن سلمة عن قَتادة عن النضر بن أنس عن أبي بردة عن أبي موسى - رضي الله عنه - أخرجه البيهقي الكبرى (10/435-436) .
__________
(1) العلل (ج2/ل117)(7/203) .(1/265)
ورواه عبد الصَّمد بن عبد الوارث عن حماد بن سلمة عن قَتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نَهيك عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه إسحاق في المسند (114) ومن طريقه ابن حبَّان في التَّقاسيم (11/457-إحسان) والبيهقي في الكبرى (10/435) .
ورواه أبو الوليد الطَّيالسي عن حماد بن سلمة عن قَتادة عن النضر بن أنس عن أبي بردة مرسلاً - أشار إليه البيهقي في الكبرى (10/436) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه .
الوجه الأول :- روي عنه عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى - رضي الله عنه - .
وهذا الوجه رواه عنه كُلٌّ من :-
ز. سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
ح. شعبة بن الحجَّاج (ص3) ، في وجه عنه .
ط. همَّام (ص3) ، في رواية عفان وحجَّاج بن مِنْهَال وهُدْبة .
ولقَتادة بهذا السَّند حديث آخر في صحيح مسلم (2767) .
الوجه الثاني :- رواه اثنان عن قَتادة كسابقه بالإرسال ، وهما :-
شعبة (ص3) ، في وجه آخر عنه .
همَّام (ص3) ، في رواية عبد الصمد بن عبد الوارث .
الوجه الثالث :- رواه الضَّحاك بن حُمْرة عن قَتادة عن أبي مجلز عن أبي بردة عن أبي موسى - رضي الله عنه - .
والضَّحاك ضعيف - التَّهذيب (2/222) . فهذا الوجه عن قَتادة منكر .
الوجه الرابع :- رواه سعيد بن بشير عن قَتادة كسابقه إلا أنه أسقط أبا مجلز من السَّند .
وهذا منكر أيضاً لضعف سعيد في قَتادة كما سبق (ص3) .
وليس لقَتادة بهذا السَّند حديث في الكتب السِّتَّة .
الوجه الخامس :- رواه حماد بن سلمة فاضطرب فيه ، وخالف كل أصحاب قَتادة .
فمرة رواه عن النَّضْر عن بشير عن أبي هريرة ، وهذا سند مشهور كما سبق (ص3) .
ومرَّة رواه عن النَّضْر عن أبي بردة عن أبي موسى .
ومرَّة رواه كالسَّابق بإرساله . وهو ما رجَّحه الدَّارقطني عن أبي كامل لمتابعة أبي الوليد له . وقال البيهقي عن هذا السَّند : « غريب » - الكبرى (10/436) .(1/266)
وعلى كلٍ فإن رواية حمَّاد بن سلمة عن قَتادة ضعيفة كما سبق (ص3) .
والنَّسائي بعد أن أخرج رواية محمد بن كثير عن حماد قال : « خالفه سعيد بن أبي عَروبة في إسناده ومتنه » ، ثم أخرج روايته وقال : « إسناد هذا الحديث جيِّد » - الكبرى (3/487) .
فيظهر أنه يرجِّح رواية سعيد بن أبي عَروبة ، ولا شكَّ أنَّه مقدَّم على حماد في قَتادة .
وبالنَّظر نجد أنَّ الوجه الأول أقوى الأوجه عن قَتادة ، إلا أنَّ الاختلاف على همَّام وشعبة يدلُّ على أنَّ قَتادة اضَّطرب فيه ، فمرَّة وصله ، ومرَّة أرسله .
وقد سأل التِّرمذيُّ البخاريَّ عن هذا الحديث بعد ذكر رواية سعيد عن قَتادة فأجاب : « يرجع هذا الحديث إلى حديث سماك بن حرب عن تميم بن طرفة » ، قال البيهقي عَقِبَه : « والحديث معلول عند أهل الحديث ، مع الاختلاف في إسناده على قَتادة » - الكبرى (10/435) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر اضطراب قَتادة فيه ، ولم يرجِّح الدَّارقطني عنه شيئاً ، والله أعلم .
الحديث التَّاسع
وسئل عن حديث حِطَّان بن عبد الله الرَّقاشي عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في صفة الصَّلاة .
فقال : » يرويه قَتادة واختلف عنه .
فرواه سعيد بن أبي عَروبة وهشام الدَّسْتَوائي وأبان وأبو عَوانة ومعمر وعدي ين أبي عمارة عن قَتادة عن يونس بن جبير عن حِطَّان عن أبي موسى .
وألفاظهم متقاربة .
ورواه سليمان التَّيمي عن قَتادة بهذا الإسناد فزاد عليهم في الحديث : وإذا قرأ فأنصتوا .
ورواه سالم بن نوح العطَّار عن عمر بن عامر وسعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة بهذا الإسناد ، : إذا قرأ فأنصتوا ، ولم يزد على هذا .
ورواه شعبة عن قَتادة بهذا الإسناد ، ولم يشرح التَّشهد ، وقال فيه : ذكر حديث التَّشهد .
ورواه المثنى بن سعيد عن قَتادة فخالف الجماعة في إسناده ، جعله عن أبي العالية عن أبي موسى ، وذكر قصة التشهد خاصة دون غيره من الصَّلاة .(1/267)
ووهم في قوله : عن أبي العالية . والصَّواب من ذلك ما :
رواه سعيد بن أبي عَروبة وهشام الدَّسْتَوائي ، ومن تابعهما عن قَتادة .
وسليمان التَّيمي من الثِّقات ، وزاد عليهم قوله : وإذا قرأ فأنصتوا ، ولعله شبه عليه لكثرة من خالفه من الثِّقات ... « (1) .
التَّخْرِيج
رواية سعيد بن أبي عَروبة أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الصَّلاة / باب 68 في التشهد (1/260) وأحمد في المسند (1/401و405) والدَّارمي في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب 71و92 (1/243و255) ومسلم في صحيحه كتاب الصَّلاة باب التشهد (404) وابن ماجة في السُّنن كتاب إقامة الصَّلاة / باب ما جاء في التشهد (901) والنَّسائي في كتاب الإمامة / باب مبادرة الإمام من الصُّغرى (830) والكبرى (1/291) وفي كتاب التَّطبيق / باب قوله : ربنا ولك الحمد - من الصُّغرى (1064) والكبرى (1/222) وأبو يعلى في المسند (13/190) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب 91 (3/38) وباب 100 (3/44) وأبو عَوانة في المسند كتاب الصَّلاة / باب 95 (2020) والطَّحاوي في شرح المعاني (1/221و264) وابن حبَّان في التَّقاسيم (5/540-إحسان) .
ورواية هشام الدَّسْتَوائي أخرجها الطَّيالسي في مسند (517) ومسلم في صحيحه (404) وابن ماجة في السُّنن (901) وأبو داود في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب التشهد (964) والنَّسائي في الصُّغرى كتاب السهو / باب 44 (1280) وفي الكبرى (1/252و379) وابن خزيمة في صحيحه (3/38و44) والبيهقي في الكبرى كتاب الصَّلاة / باب 248 (2/202) وفي القراءة (ص129) .
ورواية أبان أشار إليها البيهقي في القراءة (ص130) وأخرجها الطَّحاوي في شرح المعاني (1/238) .
ورواية أبي عَوانة أخرجها مسلم في صحيحه (404) وأبو داود في السُّنن (964) .
__________
(1) العلل (ج2/ل127)(7/252) .(1/268)
ورواية معمر أخرجها عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الصَّلاة / باب التشهد (2/201) وأحمد في المسند (4/393و394) ومسلم في صحيحه (404) .
ورواية سليمان أخرجها أحمد في المسند (4/415) ومسلم في صحيحه (404) وابن ماجة في (847) وأبو داود (965) - كلاهما في السُّنن - والبزَّار في المسند - كما في نصب الراية (2/15) - والنَّسائي في الصُّغرى (1173) والدَّارقطني في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب 33 (1236) والبيهقي في القراءة (ص128) .
ورواية سالم أخرجها الروياني في المسند (565) وابن عدي في الكامل (4/380) والدَّارقطني في السُّنن (1235) وفي الأفراد (5/129-أطرافه) والبيهقي في القراءة (ص130) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه همَّام عن قَتادة عن يونس عن حِطَّان عن أبي موسى - رضي الله عنه - بدون الزِّيادة - أخرجه الطَّحاوي في شرح المعاني (1/238و265و221) .
ورواه حجَّاج بن الحجَّاج عن قَتادة عن يونس عن حِطَّان عن أبي موسى - رضي الله عنه - بدون الزِّيادة - أشار إليها البيهقي في القراءة (ص130) .
ورواه حماد بن سلمة قَتادة عن يونس عن حِطَّان عن أبي موسى - رضي الله عنه - بدون الزِّيادة - أشار إليها البيهقي في القراءة (ص130) .
الدِّرَاسَة
روى هذا الحديث عن قَتادة جماعة من أصحابه منهم :-
سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
أبان العطَّار (ص3) .
أبو عَوانة (ص3) .
عدي بن أبي عمارة (ص3) .
شعبة (ص3) .
حماد بن سلمة (ص3) .
حجَّاج بن حجَّاج الباهلي (ص3) .
كلهم رووه عن قَتادة عن يونس عن حِطَّان عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - ، بدون ذكر الزِّيادة السابقة .
وخالف هؤلاء في سنده ومتنه اثنان هما :-
و. سليمان التَّيمي .
خالف في المتن فزاد قوله : « وإذا قرأ فأنصتوا » .
وقد تقدَّم (ص3) بيان حال التَّيمي في قَتادة ، وأنه متكلم فيه .(1/269)
واجتمع قول أكثر الحفَّاظ على توهيم سليمان في زيادته هذه ، مخالفين مسلماً الذي أخرجها في صحيحه وقدَّم التَّيمي على كل الرُّواة حيث قال : « تريد أحفظ من سليمان » - الصَّحيح (1/304) .
وممن خالف مسلماً فضعَّف هذه الزِّيادة :-
و. البخاري .
ز. ابن خزيمة ، حيث نقل البيهقي أنهما وهَّنا هذه الزِّيادة - القراءة خلف الإمام (ص131) .
ح. ابن معين .
ط. أبو حاتم ، كذا نقله عنه النووي في شرح مسلم (4/123) .
ي. أبو داود ، حيث قال : « قوله : وأنصتوا » ليس بمحفوظ ، لم يجئ به إلا سليمان التَّيمي في هذا الحديث » - السنن (965) ، وقال أيضاً : « ليس بشئ » - القراءة خلف الإمام (ص131) .
ك. الدَّارقطني ، حيث قال في السُّنن بعد رواية التَّيمي : « ورواه هشام الدَّسْتَوائي وسعيد وشعبة وهمَّام وأبو عَوانة وأبان وعدي بن أبي عمارة ، كلهم عن قَتادة ، فلم يقل أحد منهم : وإذا قرأ فأنصتوا ، وهم أصحاب قَتادة الحفَّاظ عنه » ، وأورد هذا الحديث في التتبع على مسلم (43) .
ل. أبو علي النيسابوري الحافظ قال : « وهو عندي وهم ، والمحفوظ عن قَتادة حديث هشام الدَّسْتَوائي وهمَّام وسعيد ... » - القراءة خلف الإمام (ص131) .
فالذي يظهر - بلا شك - أنَّ هذه الزِّيادة وهم من التَّيمي ، لم يحدِّث بها قَتادة البتَّة . وأن اجتماع هؤلاء على الحفَّاظ على تضعيفها مقدَّم على تصحيح مسلم - شرح مسلم (4/123) . أما رواية سالم فإنها شاذة عن شيخه .
قال أبو علي النيسابوري : « وأما رواية سالم بن نوح فإنه أخطأ على عمر بن عامر كما أخطأ على ابن أبي عَروبة لأن حديث سعيد رواه يحيى بن سعيد ويزيد بن زُرَيع وإسماعيل بن عُلَيَّةَ وابن أبي عدي وغيرهم ، فإذا جاء هؤلاء فسالم بن نوح دونهم » - القراءة خلف الإمام (ص131) .
هذا وسالم صدوق له أوهام كما قال ابن حجر - رحمه الله - في التَّقريب (2198) . فروايته هذه مرجوحة ضعيفة .
ز. المثنى بن سعيد .(1/270)
رواه عن قَتادة فخالف كل أصحاب قَتادة في إسناده حيث قال عن قَتادة عن أبي العالية عن أبي موسى - رضي الله عنه - وهذا وهم من أوجه منها :-
ه. أنه ليس لأبي العالية رواية عن أبي موسى في الكتب السَّبعة .
و. أنه خالف كل أصحاب قَتادة الثِّقات الحفَّاظ .
ز. أن المثنى لم يذكر في أصحاب قَتادة المختصين به .
ح. أنه وإن كان ثقة فقد لمزه ابن حبَّان بأنه كان يخطئ كما سبق (ص3) .
ط. أن قَتادة لم يسمع من أبي العالية إلا ثلاثة أحاديث - ليس هذا منها - كما قال شعبة – جامع التَّحصيل (ص255) .
فهذا السَّند غريب شاذ .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني وغيره ، إنَّما رواه قَتادة عن يونس عن حِطَّان عن أبي موسى - رضي الله عنه - بدون الزِّيادة ، وما خالف ذلك فوهم وشذوذ من راويه .
وللزيَّادة شاهد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، إلا أنَّه أعلَّه جماعة من الحفَّاظ ذكرهم البيهقي في القراءة خلف الإمام (ص131-134) .
الحديث العاشر
وسئل عن حديث أبي نضرة عن أبي سعيد - رضي الله عنه - : » سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان ، فصام بعضنا ، وأفطر بعضنا ... « الحديث .
فقال : » يرويه قَتادة عن أبي نضرة ، واختلف فيه .
فرواه شعبة وهشام وسعيد ويزيد التُّستري عن قَتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد - رضي الله عنه - .
وخالفهم عبد الحميد بن الحسن الهلالي ، فرواه عن قَتادة عن أبي المليح الهُذَلي عن أبيه . ووهم فيه .
ووهم فيه أيضاً إسماعيل بن محمد بن جحادة ، رواه عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
والصَّواب قول من قال عن قَتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد - رضي الله عنه - « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج3/ل5)(11/331)(ج3/ل32) .(1/271)
رواية شعبة أخرجها ابن سعد في الطَّبقات (2/319) وأحمد في المسند (3/71و92) ومسلم في صحيحه كتاب الصِّيام / باب 15 (1116) وأبو عَوانة في المسند كتاب الصِّيام / باب 20 (2823) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الصِّيام / باب الصِّيام في السفر (2/68) وابن حبَّان في التَّقاسيم (8/328-إحسان) .
ورواية هشام الدَّسْتَوائي أخرجها الطَّيالسي في المسند (2157) وابن سعد في الطَّبقات (2/319) ومسلم (1116) وأبو عَوانة في المسند (2824و2825) والطَّحاوي في شرح المعاني (2/68) .
ورواية سعيد بن أبي عَروبة أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الصِّيام / باب 11 (2/281) وأحمد في المسند (3/45) ومسلم (1116) وأبو عَوانة (2826) والطَّحاوي (2/68) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه همَّام عن قَتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أخرجه أحمد (3/74) ومسلم (1116) .
ورواه سليمان التَّيمي عن قَتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أخرجه مسلم (1116) .
ورواه عمر بن عامر عن قَتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أخرجه مسلم (1116) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على ثلاثة أوجه :-
الوجه الأول :- رواه جماعة من أصحابه عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - .
كذا رواه عنه كُلٌّ من :-
شعبة (ص3) .
سليمان التَّيمي (ص3) .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
عمر بن عامر (ص3) .
سعيد بن أبي عَروبة (ص3) - في رواية روح (ص3) ومحمد بن بشر العبدي (ص3) وعبد الوهاب ومحمد بن جعفر : غُنْدَر (ص3) عنه - .
وخالفهم في سعيد إسماعيلُ بنُ محمد بن جحادة ، حيث رواه عنه عن قَتادة عن أنس ، وهذا الوجه الثاني .
وهذا الوجه ردَّه الدَّارقطني لقرائن منها :-(1/272)
أنَّ ابن حجادة مختلف فيه . قال ابن معين - في رواية - : « ليس بذاك » . وقال في أخرى : « لم يكن به بأس » ، وقال أبو داود : « ليس بذاك القوي » . وقال عثمان بن أبي شيبة : « لا يسوى شيئاً » . وقال أبو حاتم : « صدوق » . وذكره ابن حبَّان في الثِّقات والضُّعفاء - التَّهذيب (1/116) .
أنَّ سعيداً بصري بينما ابن جحادة كوفي .
سلوك الجادَّة .
مخالفته لكل أصحاب قَتادة السابقين .
الوجه الثالث :- رواه عبد الحميد بن الحسن الهلاليُّ عن قَتادة عن أبي المليح عن أبيه .
وبهذا السَّند عدة أحاديث في الكتب الخمسة ، إلا أَنَّ هذا الوجه مردود بأمور منها :-
20) أنَّ عبد الحميد ضعيف - التَّهذيب (2/475) .
21) أنَّه كوفي بخلاف قَتادة وأصحابه الآخرين .
22) مخالفته لرواية كلِّ أصحاب قَتادة السَّابقين .
فترجيح الدَّارقطني في الموضعين صحيح ، وكلُّ القرائن تؤيِّده .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الإمام الدَّارقطني ، الصَّواب فيه أنَّ قَتادة إنَّما رواه عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري ، وما خالفه فوهم من راويه ، والله أعلم .
الحديث الحادي عشر
وسئل عن حديث يروى عن أبي الصديق النَّاجي عن ابن عمر - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » إذا وضعتم موتاكم في القبر فقولوا : بسم الله وعلى ملة رسول الله ... « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
فرواه هشام عن قَتادة عن أبي الصِّدِّيق عن ابن عمر - رضي الله عنه - .
حدَّث به عنه يزيد بن هارون وسعيد بن عامر وحجَّاج بن مِنْهَال وهُدْبة ...
وقيل عن سعيد بن عامر عن هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن أبي الصِّدِّيق عن ابن عمر - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
والمحفوظ عن هشام موقوف من قول ابن عمر - رضي الله عنه - وفعله .
12. وكذلك رواه مسلم بن إبراهيم ومعاذ بن هشام عن هشام .(1/273)
13. وكذلك رواه شعبة عن قَتادة عن أبي الصديق عن ابن عمر - رضي الله عنه - موقوفاً
وهو المحفوظ « (1) .
التَّخْرِيج
رواية هشام أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الجنائز / باب 124 (3/18) من طريق وكيع عنه مرفوعاً .
وأخرجه الطَّبراني في الدُّعاء (1208) والبيهقي في الكبرى كتاب الجنائز / باب 135 (4/91) من طريق مسلم بن إبراهيم عنه موقوفاً .
ورواية شعبة أخرجه ابن أبي شيبة (3/18) والنَّسائي في كتاب عمل اليوم / باب 266 من الكبرى (6/268) والطَّبراني في الدُّعاء (1209) والحاكم في المستدرك كتاب الجنائز (2/366) والبيهقي في الكبرى (4/91) .
وأخرجه ابن حبَّان في التَّقاسيم (7/375-إحسان) عنه مرفوعاً . والذي نقله ابن حجر عنه في الإتحاف (8/279) أنَّه من فعل ابن عمر - رضي الله عنه - !
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه همَّام عن قَتادة عن أبي الصِّدِّيق النَّاجي عن ابن عمر - رضي الله عنه - مرفوعاً - أخرجه أحمد في المسند (2/72و41و59و69و127) وعبد بن حميد في المسند (815) وأبو داود في السُّنن كتاب الجنائز / باب الدُّعاء للميت (3205) والنَّسائي في الكبرى (6/268) وأبو يعلى في المسند (10/129-130) وابن الجارود في المنتقى (548) وابن حبَّان في التَّقاسيم (7/376-إحسان) والطَّبراني في الدُّعاء (207و1208) وأبو نعيم في الحلية (3/102) والحاكم في المستدرك (2/366) - وصحَّحه - والبيهقي في الكبرى (4/91) والضياء في المختارة (13/143و144) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة وأصحابه في رفع هذا الحديث ووقفه .
فهشام الدَّسْتَوائي (ص3) رواه عنه مرفوعاً - في رواية وكيع (ص3) - على خلاف عليه في إسناده أيضاً ، حكاه الدَّارقطني عنه عند هذا الحديث .
وخالفه في هشامٍ مسلمُ بن إبراهيم (ص3) فأوقفه ، وهو ما رجَّحه الدَّارقطنيُّ هنا واستند بمتابعة معاذ له .
__________
(1) العلل (ج4/ل62) .(1/274)
وقيل عن سعيد بن عامر (ص3) عن هشام الدَّسْتَوائي بالرَّفع . وفي هذا نظر أيضاً ، ويظهر أن سعيد بن عامر اضَّطرب فيه ، فمرة رواه عن هشام وأخرى عن همَّام كما هي رواية النَّسائي في الكبرى ، ومرَّة رواه عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر كما أخرجه الطَّبراني في الأوسط (7/228) .
وروى الحديث شعبة (ص3) عن قَتادة موقوفاً إلا فيما أخرجه ابن حبَّان ، ويؤيِّد الوقف ما سبق عن ابن حجر .
وروى الحديث همَّام (ص3) عن قَتادة مرفوعاً في كل الطُّرق عنه .
ولم يعرِّج الدَّارقطني على روايته هذه ، وهي مهمة لقوته في قَتادة . والذي يظهر أن رواية الوقف على قَتادة أقرب – كما رجحه الدَّارقطني - لقرائن منها :-
3. أنَّ الأصحَّ عن هشام الدَّسْتَوائي الوقف . ورواية وكيع - برواية الجماعة عنه - عن همَّام لا عن هشام الدَّسْتَوائي كما ذكر الدَّارقطني .
4. أنَّ هشام الدَّسْتَوائي تابعه شعبة ، وهما أقوى في قَتادة من همَّام .
5. أنَّ رواية الاثنين أبعد عن الوهم من رواية الواحد .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أن قَتادة إنَّما رواه عن أبي الصِّدِّيق عن ابن عمر - رضي الله عنه - موقوفاً ، وأنَّ هَمَّاماً تفرَّد برفعه عن قَتادة كما قال أبو نعيم في الحلية (3/102) .
وقد رواه أيضاً حجَّاج بن أرطاة عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنه - مرفوعاً - أخرجه ابن أبي شيبة (3/19) والتِّرمذي في الجامع (1046) وابن ماجة في السُّنن (1550) وابن السُّنِّي في عمل اليوم والليلة (584) ، وحجَّاج ضعيف كما سبق (ص3) .
ورواه أيضاً ليث بن أبي سليم عن نافع به - أخرجه ابن ماجة (1550) ، وليث ضعيف كما سبق (ص3) .
وتابع نافعاً عليه سعيد بن المسيَّب - أخرجه ابن ماجة (1553) والبيهقي في الكبرى (4/91) ، وفي سنده حمَّاد بن عبد الرحمن الكلبيُّ وهو ضعيف - التَّهذيب (1/484) .(1/275)
وله شاهد من حديث البياضيِّ - رضي الله عنه - مثله - أخرجه الحاكم (1/36) ، وسكت عنه الذَّهبي . فالحديث صحيح بطرقه وشاهده ، والله أعلم .
الحديث الثاني عشر
وسئل عن حديث مالك بن صعصعة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في المعراج .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
فرواه هشام الدَّسْتَوائي وسعيد بن أبي عَروبة ومُجاعة بن الزُّبير عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - عن مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - .
واختلف عن سعيد .
فرواه عكرمة بن إبراهيم عن سعيد عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وروى حماد بن قيس عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا فرض الصَّلوات الخمس دون غيره ، ولم يذكر مالك بن صعصعة .
وروي عن سعيد بنِ أبي عَروبة ومعمر عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - أنَّ البُرَاق استصعب على النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له جبريل : ما ركبك أحد أكرم على الله من محمد - صلى الله عليه وسلم - ...
وروى سليمان التَّيمي وشيبان عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - لما عرَجَ به عرض له الكوثر .
وهو صحيح عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - ، ليس فيه مالك بن صعصعة .
وروى شعبة وشيبان عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ...
ولم يذكروا فيه مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - كما ذكره هشام ومن تابعه « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج4/ل124) .(1/276)
رواية هشام أخرجها أحمد في المسند (4/207-208) والبخاري في الجامع كتاب بدء الخلق / باب ذكر الملائكة (3207) ومسلم في صحيحه كتاب الإيمان / باب الإسراء (164) والنَّسائي في كتاب الصَّلاة / باب فرض الصَّلاة من الصُّغرى (448) والكبرى (1/138) والطبري في تفسيره (27/53) وأبو عَوانة في المسند (1/369) وابن قانع في المعجم (3/52) والطَّبراني في الكبير (19/571) وابن منده في الإيمان (715) والبيهقي في الدلائل (2/377) وابن عساكر في تاريخه (3/480و483) .
ورواية سعيد أخرجها أحمد (4/210) وهناد في الزهد (117) والبخاري (3207) ومسلم (164) والفاكهي في أخبار مكة (2/52) والتِّرمذي في الجامع كتاب التفسير / باب 83 (3346) وابن نصر في قيام الليل (6-مختصره) والنَّسائي في الصُّغرى (448) والكبرى (1/138) والطبري في تفسيره (3/15) وابن خزيمة في صحيحه (1/153و156) وأبو عَوانة في المسند (1/367) وابن قانع في المعجم (3/52) والطَّبراني في الكبير (19/271) وابن المقرئ في المعجم (151) والدَّارقطني في الأفراد (4/314-أطرافه) وابن منده في الإيمان (716) والبيهقي في الكبرى كتاب الصَّلاة / باب 2 (1/527) وابن عساكر في تاريخه (3/483) .
ورواية مُجاعة أشار إليها أبو نعيم في المعرفة (5989) أخرجها ابن عدي في الكامل (8/176) .
ورواية معمر أخرجها أحمد في المسند وأبو يعلى في المسند (5/460) والطبري في تفسيره (15/15و27/55) وابن الأعرابي في المعجم (895) والحاكم في المستدرك (1/81) .
ورواية شيبان أخرجها أحمد في المسند (4/208) وأبو عَوانة في المسند (1/367) وابن منده في الإيمان (718) وأبو نعيم في المعرفة (5989) .
ورواية شعبة أخرجها ابن طهمان في مشيخته (119) والطَّبراني في الصغير (1110) والحاكم في المستدرك (1/81) وابن حجر في التغليق (5/27-28) ، وعلقه البخاري في الجامع (5610) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى(1/277)
رواه همَّام عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - عن مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - أخرجه أحمد في المسند (4/208-209) والبخاري في الجامع (3207و3393و3430 و3887) وابن أبي خيثمة في تاريخه (105-المكِّيون) وابن أبي عاصم في الآحاد (4/114) وابن خزيمة في صحيحه (1/156) وابن قانع في المعجم (3/52) وابن حبَّان في التَّقاسيم (1/236 و16/431-إحسان) والطَّبراني في الكبير (19/270و274) وابن منده في الإيمان (717) والبيهقي في الدلائل (2/387) والغوي في شرح السنة (13/336) وابن حجر في التغليق (3/495) .
ورواه أبو عَوانة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - عن مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - أخرجه الطَّبراني في الكبير (19/271) وابن منده الإيمان (1/713) وابن عساكر في تاريخه (3/487) .
ورواه الخليل بن مرَّة عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - عن مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - أخرجه الطَّبراني في الكبير (19/271) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث ، أهو عن أنس - رضي الله عنه - ! أم عنه عن أنس عن مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - .
فأكثر أصحاب قَتادة رووه عنه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - ، كذا رواه كُلٌّ من :-
4. هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
5. همَّام (ص3) .
6. أبو عَوانة (ص3) .
7. الخليل بن مرة (ص3) .
8. مُجاعة (ص3) .
9. شيبان (ص3) فيما وقفت عليه ، خلافاً لما ذكر الدَّارقطني عنه !
أما رواية عكرمة بن إبراهيم فإنها منكرة لأنَّه ضعيف - اللسان (4/221) وتعجيل المنفعة (747) .
وخالف هؤلاء جماعة أسقطوا مالك بن صعصعة من السَّند ، وهم :-
3) معمر (ص3) .
4) شعبة (ص3) .
5) سليمان التَّيمي (ص3) .
6) حماد بن قيس ، ولم أجده ، ولعله خالد بن قيس المتقدَّم (ص3) .(1/278)
وصحَّح الدَّارقطني هذا الوجه عن قَتادة ، وهو كما قال ، إلا أن الوجه الآخر صحيح أيضاً . قال الحاكم : « وليعلم طالب العلم أنَّ حديث المعراج قد سمع أنس - رضي الله عنه - بعضه من النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ، وبعضه من أبي ذر الغِفاري - رضي الله عنه - ، وبعضه من مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - ... » - المستدرك (1/81) .
فأنس - رضي الله عنه - روى ألفاظاً من حديث الإسراء بدون واسطة ، ورواه جملة بواسطة ، وهذا لا يؤثِّر على صحَّة الحديث ، إلا أنَّ إسناده بمالك أصحُّ وأقوى ، لذا لم يخرج الشيخان غير ذلك مسنداً .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث صحيح بوجهيه عن قَتادة ، وإسناده بمالك بن صعصعة أصحُّ ، والله أعلم .
الحديث الثالث عشر
وسئل عن حديث معقل بن سنان الأشْجعي - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - » قصة بَرْوَع بن واشِق « .
فقال : » ... وأما قَتادة فاختلف عنه .
فرواه هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن خِلاسٍ بن عمرو عن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وقال فيه : فقام رجلٌ من أشْجع فشهد على رسول - صلى الله عليه وسلم - بذلك . فقال : هلمَّ من شهد لك ، فشهد ابن الجرَّاح بذلك .
قاله عنه يحيى القطَّان عن هشام .
وقال أبو عامر العقدي عن هشام ... فشهد أبو سنان والجرَّاح - رجلان من أشْجع - ...
وخالفه سعيد بن أبي عَروبة قال عن قَتادة عن خِلاسٍ وأبي حَسَّان الأعرج عن عبد الله بن عتبة ، وقال فيه : فشهد رهط من أشْجع منهم أبو الجرَّاح وأبو سنان ، وشهدوا بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال ذلك غُنْدَر عن سعيد .
وقال عبد الوهاب بن عطاء وعمرو بن حِمْران عن سعيد عن قَتادة ... فشهد الجرَّاح وأبو سنان ...
ورواه همَّام عن قَتادة عن خِلاسٍ وأبي حَسَّان الأعرج عن عبد الله بن عتبة ... وقال فيه : فشهد الجرَّاح وأبو سنان « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج5/ل11و12) .(1/279)
رواية القطَّان أخرجها أحمد في المسند (1/430و447) وعنده أبو الجرَّاح !!
ورواية غُنْدَر أخرجها أحمد في المسند (1/447) ، وزاد في رواية أخرى أبا حَسَّان .
ورواية عبد الوهاب أخرجها البيهقي في الكبرى كتاب الصَّداق / باب 9 (7/401) وزاد أبا حَسَّان .
ورواية همَّام أخرجها أحمد في المسند (1/448) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه أبو داود الطَّيالسي في المسند (1273) عن هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن خلاس عن عبد الله بن عتبة أن ابن مسعود - رضي الله عنه - ... وفيه : « فشهد له الجراح وأبو سنان رجلان من أشجع » - أخرجه من طريقه أحمد في المسند (4/279) .
ورواه سعيد بن الربيع عن هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن خلاس عن عبدالله بن عتبة أن ابن مسعود - رضي الله عنه - ... وفيه : فشهد أبو سنان والجرَّاح رجلان من أشجع - أخرجه المحاملي في أماليه (362) .
ورواه عبد الملك بن عمرو عن هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن خلاس عن عبد الله بن عتبة أن ابن مسعود ... وفيه أبو سنان والجرَّاح - أخرجه أحمد في المسند (1/431) .
ورواه عبد الله بن بكر عن سعيد بنِ أبي عَروبة عن قَتادة عن خلاس عن عبد الله بن عتبة أن ابن مسعود ... - أخرجه أحمد (1/447) .
ورواه يزيد بن زُرَيع سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن خلاس عن عبدالله ابن عتبة أنَّ ابن مسعود ... وفيه الجراح وأبو سنان - أخرجه أبو داود في السُّنن كتاب النِّكاح / باب 32 (2109) وأبو القاسم البغوي في معجمه (5/329) ، وزادا مع خلاس : أبا حسان .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث في زيادة أبي حَسَّان الأعرج ، وهو مسلم بن عبد الله .
فقرنه بخلاس كل من سعيد بن أبي عَروبة (ص3) وهمَّام (ص3) .
وأسقطه هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
والأقرب رواية سعيد وهمَّام لقرائن منها :-
6) أنَّ اجتماعهما على خطأ كهذا نادر .
7) أنَّ رواية الاثنين مقدمة على رواية الواحد .(1/280)
8) أنهما من كبار أصحاب قَتادة .
وإسقاط هشام الدَّسْتَوائي لايضرُّ شيئاً ، لأنَّ خِلاسَاً ثقة كما تقدَّم (ص3) .
وخالف يحيى القطَّان (ص3) في الحديث بأن قال في المتن : « ابن الجرَّاح » ، فيما ذكر الدَّارقطني ، والذي في المسند عنه : « أبو الجرَّاح » !
وعلى كلٍّ فرواية الجماعة أصحُّ بلا شك ، ومخالفة القطَّان لهم في ذلك وهم نادر منه - رحمه الله – ، حيث لم يوافقه أحد على قوله .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث صحيح عن قَتادة عن خِلاس عن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود - رضي الله عنه - ، ورواية سعيد وهمَّام أصح ، ورواية هشامٍ والقطَّان فيها وهمٌ يسيرٌ . ورواية قَتادة عن خلاس صحيحة كما سبق (ص3) ، ولم يرجح الدارقطني شيئاً ، والله أعلم .
فصل السادس
أحاديث مسند النساء
الحديث الأول
وسئل ... عن حديث روي عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن عائشة - رحمها الله - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في التقاء الختانين أنه قال : » يوجب الغسل « .
فقال : » ... واختلف عن قَتادة .
فرواه عبدة بن سليمان وعبد الوهاب بن عطاء عن ابن أبي عَروبة عن قَتادة عن عبد الله بن رباح عن عائشة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وخالفهما سعيد بن إسحاق ، فرواه عن ابن أبي عَروبة عن قَتادة عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن عائشة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وتابعه الخليل بن مرَّة عن سعيد .
ورواه الحجَّاج بن الحجَّاج عن قَتادة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن عائشة موقوفاً .
وتابعه أبان بن يزيد العطَّار فوقفه عن قَتادة .
ورواه شعبة عن قَتادة عن رجل عن عبد الله بن رباح ...
وهذا الرَّجل هو ثابت البُناني ، ولم يرفعه أيضاً « (1) .
التَّخْرِيج
رواية عبدة أخرجها إسحاق في المسند (3/745) .
ورواية عبد الوهاب أخرجها أحمد في المسند (6/265) وابن عساكر في تاريخه (28/70) .
__________
(1) العلل (ج5/ل17-19) .(1/281)
ورواية الخليل أخرجها الدَّارقطني في الأفراد (5/437-أطرافه) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن أمِّ كلثوم عن عائشة - أخرجه الطَّبراني في مسند الشاميين (4/69) .
وقيل عن قَتادة قال : ذُكِرَ لنا أنَّ عبد الله بن رباح سأل عائشة - ذكره ابن رجب وقال عَقِبَه : « فدلَّ على أنَّه لم يسمع منه » - فتح الباري (1/369) لابن رجب .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في زيادة ثابت البناني في إسناد هذا الحديث ، وفي رفعه ووقفه .
فالذين رووه موقوفاً جماعة منهم :-
ج. الحجَّاج بن الحجَّاج (ص3) ، رواه بزيادة ثابت .
د. أبان العطَّار (ص3) ، رواه بزيادة ثابت .
ه. شعبة (ص3) ، رواه بإبهام ثابت كما نصَّ عليه الدَّارقطني ، ورواية السَّابقين تفسِّر إبهامه .
ورواية قَتادة عن ثابت غريبة ، فليس له في الكتب السِّتَّة شيء من ذلك ، وقد توفي ثابت بعد قَتادة بنحوٍ من عشر سنين – التَّهذيب (1/262) لابن حجر ، وهو من أقرانه كما قال المزِّي في تهذيبه (1/402) .
ولقَتادة عن عبد الله بن رباح أحاديث في مسند أحمد ، هذا أحدها ، أما رواية ثابت عن عبد الله بن رباح فهي في صحيح مسلم والسُّنن الأربعة .
وخالف أولئك الثَّلاثةَ في قَتادة سعيدُ بن أبي عَروبة (ص3) ، حيث رفع الحديث ، واختلف عليه في زيادة ثابت البناني .
فأسقطه عنه عبدة (ص3) وعبد الوهاب (ص3) .
وزاده عنه اثنان الخليل بن مرة (ص3) وسعيد بن إسحاق ، ولعله المترجم في اللسان (3/28) ، ونقل عن ابن خزيمة قوله : « أنا أبرأ من عهدته » ، وهو يروي عن الَّليث .
فالوجه الأول أثبت عن سعيد لقوة رواته ، إلا أنَّ اتفاق اثنين على زيادة راوٍ دون أن يكون لذلك أصل - مع عدم وجود قرينة خارجية - نادر .
والأقرب أنَّ سعيداً اضَّطرب في الحديث ، ولم يحفظه عن قَتادة كما حدَّث به ، فاضِّطرابه في الزِّيادة يدلُّ على وهمه في رفعه .
الحُكْمُ عَلَيْه(1/282)
الحديث الأقرب أنه عن قَتادة عن ثابت موقوفاً ، وهو من المزِيد في متَّصل الأسانيد ، وسنده صحيح ، وقد تقدم للحديث شاهدٌ (ص3) ، والله أعلم .
الحديث الثاني
وسئل عن حديث سعد بن هشام عن عائشة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » الماهر بالقرآن ... « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
فرواه [ شعبة و] هشام الدَّسْتَوائي وسعيد بن أبي عَروبة ومعمر بن راشد وأبو عَوانة وروح بن القاسم عن قَتادة عن زُرارة عن سعد بن هشام عن عائشة .
ورواه حسين بن عمران عن قَتادة عن زُرارة عن عائشة .
والقول الأول أصح « (1) .
التَّخْرِيج
رواية شعبة أخرجها الطَّيالسي في المسند (1499) وأبو عبيد في فضائل القرآن (ص49) وأحمد في المسند (6/110) والبخاري في الجامع كتاب التفسير / سورة عَبَس (4937) وفي خلق أفعال العباد (295) والتِّرمذي في الجامع كتاب فضائل القرآن / باب 13 (2904) والنَّسائي في الكبرى كتاب التفسير / باب سورة عبس (6/506) وأبو عَوانة في المسند (2/454و455) وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (991) وتمام في فوائده (2/81) وأبو نعيم في الحلية (2/260) - وصحَّحه - والبيهقي في الكبرى كتاب الصَّلاة / باب المعاهدة ... (2/553) وابن عساكر في تاريخه (56/131) .
رواية هشام أخرجها الطَّيالسي في المسند (1499) وابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب فضائل القرآن / باب في الماهر بالقرآن (6/128) وإسحاق (3/709) وأحمد (6/48و192) والدَّارمي (3371) - كلهم في مسانيدهم - ومسلم في صحيحه كتاب الصَّلاة المسافرين / باب 38 (798) وأبو داود في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب في ثواب ... (1449) والتِّرمذي في الجامع (2904) - وصحَّحه - والنَّسائي في الكبرى فضائل القرآن / باب المُتَتِع بالقرآن (5/21) وأبو عَوانة في المسند (2/454) وأبو نعيم في الحلية (2/260) - وصحَّحه - وابن حجر في التغليق (5/374) .
__________
(1) العلل (ج5/ل77) .(1/283)
ورواية سعيد أخرجها أحمد في المسند (6/98و170و266) ومسلم (798) وابن ماجة في السُّنن كتاب الأدب / باب ثواب القرآن (3779) والنَّسائي في الكبرى (5/21) وأبو عَوانة في المسند (2/455) وابن البختري في جزئه (502) وابن عدي في الكامل (4/450) وتمام في فوائده (2/81) .
ورواية معمر أخرجها عبد الرَّزَّاق في المصنَّف (2/491و3/375) وأبو عَوانة (2/455) .
ورواية أبي عَوانة أخرجها مسلم (798) والنَّسائي في الكبرى (5/20) وأبو عَوانة (2/455) والبيهقي في الكبرى (2/554) وابن حجر في التغليق (5/373) .
ورواية روح أشار إليها أبو نعيم في الحلية (2/260) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه همَّام عن قَتادة عن زُرارة عن سعد عن عائشة - أخرجه أبو عبيد (ص48) وأحمد (6/94و239) والدَّارمي (3371) ومسلم (798) وأبو داود (1449) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث ، هل بواسطة سعد بن هشام أم بدونها .
فكلُّ أصحاب قَتادة رووه عنه بذكر الواسطة ، وهم :-
شعبة بن الحجاج (ص3) .
وهشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
وسعيد بنُ أبي عَروبة (ص3) .
ومعمر بن راشد (ص3) .
وهمَّام (ص3) .
وأبو عَوانة (ص3) .
وروح بن القاسم البصري ، وهو ثقة يروي عن قَتادة - التَّهذيب (1/616) .
وهذا السَّند مشهور أخرج به السَّبعة عدة أحاديث .
وخالف كلَّ من سبق حسينُ بنُ عمران ، رواه عن قَتادة فأسقط سعداً .
وهذا الوجه فيه عدة علل :-
أنَّ حسيناً لم أجد - بعد البحث - من ذكره في الرُّواة عن قَتادة .
أنَّه متكلَّم فيه ، فبينما ذكره ابن حبَّان في الثِّقات ، قال عنه البخاري : «لا يتابع على حديثه في النَّذر » ، وقال الدَّارقطني : « لا بأس به » - التَّهذيب (1/433) .
مخالفته كلَّ أصحاب قَتادة الحفَّاظ الكبار .(1/284)
أنَّ رواية زُرارة عن عائشة مباشرة غريبة ، وليس له في الكتب السَّبعة سوى حديث واحد عند أحمد (6/236) وأبي داود كما في تحفة الأشراف (11/399) ، وفيه خلاف في ذكر سعد ، ولذا قال ابن حجر : « إنَّ المحفوظ أنَّ بينهما سعد بن هشام » - التَّهذيب (1/628) ، وقال أيضاً : « لم يسمع منها » - إتحاف المهرة (16/1078) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الإمام الدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة عن زُرارة عن سعد عن عائشة ، ورواية حُسَين وَهْمٌ ، والله أعلم .
الحديث الثالث
وسئل عن حديث صفيَّة بنت شيبة عن عائشة : » كان النَّبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمدِّ ، ويغتسل بالصاع « .
فقال : » وروى هذا الحديث قَتادة ، واختلف عنه .
فرواه هشام الدَّسْتَوائي وسعيد بن أبي عَروبة وعمران القطَّان ومُجاعة بن الزُّبير وأبان بن يزيد - وقيل عن شعبة - كلهم عن قَتادة عن صفيَّة بنت شيبة عن عائشة .
وقال عمر بن عامر عن قَتادة عن سعيد بن جبير عن عائشة
وقال حماد بن سلمة عن قَتادة عن معاذة عن عائشة .
وقال شيبان عن قَتادة عن الحسن عن أمه عائشة .
... وأصحها قول من قال عن قَتادة عن صفيَّة بنت شيبة عن عائشة « (1) .
التَّخْرِيج
رواية هشام أخرجها الدَّارقطني في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب 34 (309) .
ورواية سعيد أخرجها إسحاق (727) وأحمد (6/234) - كلاهما في المسند - والنَّسائي في الصُّغرى كتاب الحيض / باب 13 (1/180) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الزكاة / باب وزن الصاع (2/49) .
ورواية أبان أخرجها ابن سعد في الطَّبقات (1/186) وأحمد (6/121و246) والطَّحاوي في شرح المعاني (2/41) والبيهقي في الكبرى كتاب الطَّهارة / باب 200 (1/300) .
ورواية حماد أخرجها أحمد (6/219) .
__________
(1) العلل (ج5/ل105) .(1/285)
ورواية شيبان أخرجها النَّسائي (1/180) وابن الأعرابي في المعجم (2239) والطَّبراني في الأوسط (9/126) والدَّارقطني في الأفراد (5/546-أطرافه) - وقال : « غريب » - .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه همَّام عن قَتادة عن صفيَّة عن عائشة - أخرجه أحمد (6/234و239) وابن ماجة في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب 1 (268) وأبو داود في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب 54 (93) وأبو يعلى في المسند (8/271) وابن المنذر في الأوسط (2/117) والطَّحاوي (1/49) .
ورواه إبراهيم بن عبد الملك القناد عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - أخرجه العقيلي في الضُّعفاء (1/85) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه :-
الوجه الأول :- رواه جماعة من أصحابه عنه عن صفيَّة بنت شيبة عن عائشة ، ومن هؤلاء :-
4. هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
5. سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
6. أبان بن يزيد (ص3) .
7. همَّام بن يحيى (ص3) .
8. عمران القطَّان (ص3) .
9. مُجاعة بن الزُّبير (ص3) .
10. شعبة (ص3) - فيما قيل عنه - . ويظهر أن هذا لم يثبت عند الدَّارقطني عن شعبة .
وهذا الوجه رجَّحه الدَّارقطني ، ويؤيِّده أنَّ رواته جماعة من أصحاب قَتادة الكبار ، وبهذا السَّند حديث آخر أخرجه أحمد في المسند (6/46و239) .
الوجه الثاني :- رواه عمر بن عامر عن قَتادة عن سعيد بن جبير عن عائشة .
وهذا معلٌّ بأمور منها :-
أن عمر ليس بالقوي في قَتادة كما سبق (ص3) .
مخالفته الجماعة .
أَنَّ هذا السَّند غريب لم يرد به حديث في الكتب السَّبعة ، ولابن جبير ثلاثة أحاديث عن عائشة عند أحمد ، ذكرها ابن حجر في الإتحاف (16/1096) .
أن رواية سعيد بن جبير عن عائشة منقطعة ، حيث إنَّها توفيت وعمره 11 سنة . لذا قال أحمد : « لا أراه سمع منها » - التَّهذيب (2/10) . وقال أبو حاتم : « لم يسمع سعيد بن جبير من عائشة رضي الله عنها » - المراسيل (260) .(1/286)
أن رواية قَتادة عن ابن جبير منقطعة كما قال ابن معين في رواية الدُّوري (3354) ، وأكثر روايته عنه بواسطة عزرة . وقال عبد الله بن أحمد : « قيل لأبي رحمه الله : قتادة سمع من سعيد بن جبير قال : لا . يقول : كتبنا إلى سعيد بن جبير » - تحفة التحصيل (ص418) .
الوجه الثالث :- رواه حماد بن سلمة عن قَتادة عن معاذة عن عائشة .
ولقَتادة بهذا السَّند عدة أحاديث مخرجة في الصَّحيحين والسُّنن . إلا أنَّ هذا معلٌّ بأنَّ حماداً ضعيف في قَتادة كما سبق (ص3) ، وقد خالف كلَّ أصحاب قَتادة الثِّقات السابقين ، ولعله سلك الجادَّة فيما روى .
الوجه الرابع :- رواه شيبان عن قَتادة عن الحسن عن أمِّه خَيرة عن عائشة .
وهذا السَّند غريب لم يرد به حديث آخر في الكتب السَّبعة أيضاً . وشيبان وإن كان ثقة من أصحاب قَتادة كما سبق (ص3) ، فإنه هنا قد خالف بقية أصحابه الثِّقات الحفَّاظ .
لذا قال أبو حاتم الرَّازي : « هذا خطأ ، إنَّما هو قَتادة عن صفيَّة بنت شيبة عن عائشة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا أشبه » ، وقال أبو زرعة : « من حديث قَتادة حديث صفيَّة بنت شيبة عن عائشة : صحيح » - العلل لابن أبي حاتم (1/26) .
الوجه الخامس :- رواه إبراهيم بن عبد الملك البصري القنَّاد عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
وهذا الوجه أضعف الأوجه لقرائن منها :-
13- مخالفة الجماعة الثِّقات .
14- سلوك الجادَّة .
15- الاختلاف في حال القَنَّاد ، حيث قال النَّسائي عنه : « لا بأس به » ، وقال ابن حبَّان في الثِّقات : « يخطئ » ، ونقل السَّاجِي عن ابن معين تضعيفه ، وضعَّفه أبو العرب - التَّهذيب (1/75) .
وحديثه هذا ضعَّفه أبو زرعة فقال : « هذا خطأ ، إنما هو قَتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - » - العلل لابن أبي حاتم (1/12) .(1/287)
وقال العقيلي في ترجمة إبراهيم : « يهم في الحديث » ثم قال : « وحديث هشام وأبان أولى » - الضُّعفاء (1/58) .
فالصَّحيح عن قَتادة الوجه الأول وهو ما رجَّحه هؤلاء الحفَّاظ ، وصحَّحه العقيلي في الضُّعفاء (2/149) ، وما عداه فوهم من راويه .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الإمام الدَّارقطني وغيره ، إنَّما رواه قَتادة عن صفيَّة عن عائشة ، وسنده صحيح ، والله أعلم .
الحديث الرابع
وسئل عن حديث صفيَّة بنت الحارث - أم طلحة الطَّلحات - عن عائشة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » لا يقبل الله صلاة الحائض إلا بخمار « .
فقال : » ... فرواه قَتادة عن ابن سيرين ، واختلف عن قَتادة .
فأسنده حماد بن سلمة عن قَتادة عن ابن سيرين عن صفيَّة بنت الحارث عن عائشة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وخالفه شعبة وسعيد بن بشير ، فروياه عن قَتادة موقوفاً « (1) .
التَّخْرِيج
رواية حماد أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الصَّلاة / باب المرأة تصلي ... (2/40) وإسحاق (3/687) وأحمد (6/150و218و259) - كلاهما في المسند - وابن ماجة في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب إذا حاضت الجارية ... (1/215) وأبو داود في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب المرأة تصلي بغير خمار (641) والتِّرمذي في الجامع كتاب الصَّلاة / باب 277 (377) - وحسنه - وابن الجارود في المنتقى (173) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب 256 (1/380) وابن حبَّان في التَّقاسيم (4/612-إحسان) والحاكم في المستدرك (1/251) والبيهقي في الكبرى (2/330و6/95) والبغوي في شرح السنة (2/436) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن الحسن مرسلاً - أشار إليه أبو داود في السُّنن (641) وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/251) والبيهقي في الكبرى (2/330) .
الدِّرَاسَة
__________
(1) العلل (ج5/ل105) .(1/288)
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على ثلاثة أوجه ، ذكر الدَّارقطني منها اثنين . وهذا بيانها :-
الوجه الأول :- رواه حماد بن سلمة عن قَتادة عن ابن سيرين عن صفيَّة بنت الحارث عن عائشة .
وهذا الوجه معلٌّ بعدة علل منها :-
أن حماداً ليس بالقوي في قَتادة كما سبق (ص3) .
أنه خالف كلَّ أصحاب قَتادة في ذلك .
أَنَّ هذا السَّند غريب ، لم يرد به حديث آخر في الكتب السَّبعة ، والمشهور بالرِّواية عن عائشة صفيَّة بنت شيبة ، فلها عدة أحاديث عنها كما في التحفة (12/394) .
الوجه الثاني :- رواه شعبة وسعيد بن بشير عن قَتادة عن صفيَّة عن عائشة موقوفاً .
وهذا الوجه قوي من جهة أنَّ شعبة من كبار أصحاب قَتادة كما سبق (ص3) ، ولمتابعة ابن بشير له - على ضعفه كما سبق (ص3) - .
الوجه الثالث :- رواه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) عن قَتادة عن الحسن مرسلاً .
وهذا الوجه على قوته لم يعرِّج عليه الدَّارقطني ، وهو يوافق الوجه الثاني في أنَّه غير مسند عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، خلافاً للوجه الأول .
وبما سبقَ يظهر أنَّ في تصحيح من صححه - من هذا الطريق - نظرٌ ، وأن الأقرب وقفه على عائشة ، وهو لا يقال من قبل الرأي فيما يظهر .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أنه لا يصحُّ مسنداً من رواية قَتادة ، وأنَّه إما مرسل أو موقوف .
وقد تابع قَتادةَ عليه أيوب وهشام عن ابن سيرين عن عائشة مرفوعاً - كما قال الدَّارقطني في علله (ج5/ل105) ، وهذا منقطع لابن سيرين ، حيث قال ابن أبي حاتم في المراسيل (687) عن أبيه : « لم يسمع من عائشة شيئاً » .(1/289)
وله شاهد من حديث أبي قَتادة بنحوه - أخرجه الطَّبراني في الأوسط (7606) والصغير (902) من طريق عمرو بن هاشم البيروتي ثنا الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « لا يقبل الله من امرأة صلاة حتى تواري زينتها ، ولا من جارية بلغت المحيض حتى تختمر » .
وعمرو قال عنه ابنُ وَارَةَ : « ليس بذاك ، كان صغيراً حين كتب عن الأوْزاعي » ، وقال العقيلي : « لا يتابع على حديثه » ، وقال ابن عدي : « ليس به بأس » - التَّهذيب (3/309) .
فالرَّجل ضعيف في الأوْزاعي ، والحديث بطريقيه حسن ، والله أعلم .
الحديث الخامس
وسئل عن حديث أم الهذيل عن عائشة : » كُنَّا لا نعدُّ الصُّفْرَةَ والكُدْرَةَ ... « (1) .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه
فرواه حماد بن سلمة عن قَتادة عن أمِّ الهذيل - وهي حفصة بنت سيرين - .
ووهم فيه .
وإنَّما رواه قَتادة عن حفصة عن أمِّ عطيَّة « (2) .
التَّخْرِيج
رواية حماد أخرجها أبو داود في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب في المرأة ترى الصفرة (311) والدَّارمي في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب الكدرة (876) وعبد الله بن أحمد في العلل عن أبيه (1/271) وابن المنذر في الأوسط (2/236) والطَّبراني في الكبير (25/64) والحاكم في المستدرك (1/174) - وصحَّحه - والبيهقي في الكبرى كتاب الحيض / باب الصفرة والكدرة ... (1/498) - وعندَهم : عن أمِّ عطيَّة . لا عائشة ! عدا العلل لعبد الله بن أحمد .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن حفصة بنت سيرين عن أمِّ عطيَّة - أخرجه الطَّبراني في الكبير (25/64) .
__________
(1) لفظ الحديث عن أم عطية وكانت بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : « كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً » .
(2) العلل (ج5/ل107) .(1/290)
ورواه أبان عن قَتادة عن حفصة بنت سيرين عن أمِّ عطيَّة - أخرجه البيهقي في الكبرى (1/498) .
الدِّرَاسَة
روى أصحاب قَتادة هذا الحديث عن أمِّ الهُذيل حفصة بنت سيرين عن أمِّ عطيَّة .
ورواية حفصة عن أمِّ عطيَّة مشهورة في الكتب السَّبعة .
وهذا السَّند كذا رواه عن قَتادة كُلٌّ من :-
8- سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
9- أبان (ص3)
10- حماد بن سلمة .
هذا ما ورد عن حماد بن سلمة في مصادر الحديث عدا كِتَابَي العلل ، ففيهما أنَّه من مسند عائشة ، وليس لأمِّ الهُذيل حفصةَ عن عائشة رواية في الكتب السَّبعة .
فإن ثبت هذا عن حماد - ولعله اختلف عليه - فإنَّ روايته هذه مرجوحة بأمور منها :-
8. غرابة السَّند .
9. ضعف حماد في قَتادة كما سبق (ص3) .
10. مخالفته لأصحاب قَتادة الآخرين ، كما يدلُّ عليه كلام الدَّارقُطني وأحمد حيث قال : « إنَّما هو قَتادة عن حفصة عن أمِّ عطيَّة » - العلل لابنه (1/271) .
فما قاله الشيخان واضح ، ولا إشكال فيه بحمد الله .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال أحمد والدَّارقطني إنَّما رواه قَتادة عن حفصة عن أمِّ عطيَّة ، وسنده صحيح إن ثبت سماع قَتادة من حفصة بنت سيرين . ومن جعله من مسند عائشة فقد وهم .
وأصل الحديث قد أخرجه البخاري في الجامع (326) من طريق ابن سيرين عن أمِّ عطيَّة بدون لفظة : « بعد الطُّهْرِ » ، والله أعلم .
الحديث السادس
وسئل عن حديث سفينة - مولى أمِّ سلمة - عن أمِّ سلمة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ عامَّة وصيته كانت عند موته : » الصَّلاة ، وما ملكت أيمانكم « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
فرواه ابن أبي عَروبة وأبو عَوانة عن قَتادة عن سفينة عن أمِّ سلمة
وخالفهما سليمان التَّيمي ، رواه عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - .
ولم يتابع همَّام على قوله : عن أبي الخليل (1) .
__________
(1) كذا في المخطوط ، لم يذكر رواية همام .(1/291)
وحديث التَّيمي عن قَتادة عن أنس - رضي الله عنه - غير محفوظ « (1) .
التَّخْرِيج
رواية ابن أبي عَروبة أخرجها أحمد في المسند (6/290و315) والنَّسائي في الكبرى كتاب الوفاة / باب 8 (4/258) .
ورواية أبي عَوانة أخرجها أبو عَوانة في المسند (12/365) والنَّسائي في الكبرى (4/258) والطَّحاوي في المشكل (8/227) والطَّبراني في الكبير (23/306) والبيهقي في الدلائل (7/205) .
ورواية التَّيمي أخرجها ابن سعد في الطَّبقات وأحمد (3/117) وابن ماجة في السُّنن كتاب الوصايا / باب 1 (2697) وابن نصر في الصَّلاة (322) وأبو يعلى (5/309و347) والنَّسائي في الكبرى (4/258) والطَّحاوي في المشكل (8/226) وابن حبَّان في التَّقاسيم (14/570-إحسان) والبيهقي في الدلائل (7/205) والضِّياء (7/3) – وصحَّحه – .
ورواية همَّام أخرجها ابن سعد في الطَّبقات (2/376) وأحمد (6/311و 321) وعبد حميد (1542) - كلاهما في المسند - وابن ماجة في السُّنن كتاب الجنائز/ باب 64 (1625) والنَّسائي في الكبرى (4/258) وأبو يعلى في المسند (12/414) والطَّبراني في الكبير (23/306و379) والبيهقي في الدَّلائل (7/205) - وصحَّحه - والخطيب في المتَّفق (3/1452) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه شيبان عن قَتادة قال حُدِّثنا عن سفينة قال : كان عامة وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... مرسلاً - أخرجه النَّسائي في الكبرى (4/259) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على ثلاثة أوجه :-
الوجه الأول :- رواه سليمان التَّيمي عنه عن أنس .
وقد اختلف على التَّيمي في ذكر قَتادة وحذفه من هذا السَّند كما أشار إليه الدَّارقطني بعد ذكر تلك الرِّوايات .
وهذه الرِّواية مرجوحة كما قال الدَّارقطني ، وسبقه إلى ذلك أبو حاتم حيث قال : « نرى أَنَّ هذا خطأ » - العلل لابنه (1/111) .
ويدلُّ على ما ذكر أمور منها :-
__________
(1) العلل (ج5/ل166) .(1/292)
11- ما سبق (ص3) من حال التَّيمي في قَتادة .
12- مخالفته جميع أصحاب قَتادة .
13- سلوك الجادَّة .
14- الاختلاف عليه في ذكر قَتادة وحذفه ، مما يدلُّ على عدم ضبطه لهذا الحديث .
الوجه الثاني :- رواه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) وأبو عَوانة (ص3) عن قَتادة عن سفينة - مولى سفينة - عن أمِّ سلمة .
وهذا الوجه يظهر أنَّ الدَّارقطني يميل إلى ترجيحه حيث ضَعَّفَ كل ما خالفه .
وقوة هذا الوجه ظاهرة من حيث ما يلي :-
قوة سعيد في قَتادة .
متابعة أبي عوانة له .
اتفاقهما على وجه واحد .
غرابة السَّند ، فالوهم فيه نادر .
الوجه الثالث :- رواه همَّام عن قَتادة عن أبي الخليل صالح بن أبي مريم عن سفينة عن أمِّ سلمة .
وهذا الوجه رجَّحه أبو حاتم فقال : « والصَّحيح حديث همَّام » ، وقال أبو زرعة : « ابن أبي عَروبة أحفظ ، وحديث همَّام أشبه ، زاد همَّام رجلاً » - العلل لابن أبي حاتم (1/111) .ووافقهما البيهقي على ذلك - الدلائل (7/205) .
ويقوِّي هذا الوجه عدَّة قرائن منها :-
11- أنَّ هَمَّاماً من كبار أصحاب قَتادة كما سبق (ص3) .
12- أنَّ معه زيادة علم .
13- ترجيح ثلاثة من كبار الحفَّاظ لروايته ، ويظهر أَنَّ هذا ترجيحُ النَّسائي أيضاً ، حيث قال بعد رواية أبي عَوانة وابن أبي عَروبة : « قَتادة لم يسمعه من سفينة » ، ثم ذكر رواية شيبان وقال عقبها : « رواه همَّام عن قَتادة عن أبي الخليل عن سفينة » - الكبرى (4/258-259) .
14- أن قَتادة ليست له رواية عن سفينة في الكتب السِّتَّة إلا عند النَّسائي ، أما روايته عن أبي الخليل فهي مشهورة فِيها .
15- متابعة شيبان لهمَّام ، إلا أنه أبهم أبا الخليل ، وأرسل الحديث ، ولم يذكر المزِّي إلا أنَّه أرسل الحديث - تحفة الأشراف (4/23) .
ولم أجد - بعد البحث - روايته عند غير النَّسائي . ففي إرساله نظر ، حيث خالف كل أصحاب قَتادة الذين وصلوه ، وقد تقدَّم حاله في قَتادة (ص3) .(1/293)
ومما سبق يظهر أنَّ الوجهين الأخيرين هما أقوى الأوجه ، وأن رواية همَّام أقرب إلى الصِّحة ، ولعل قَتادة دلَّس بإسقاط أبي الخليل ، حيث قد سبق وصفه بالتَّدليس في ترجمته (ص3) ، وهو لم يسمع من سفينة كما قال المزِّي في تهذيبه (3/230) ، وقال العلائي : « هو مكثر من الإرسال عن مثل النعمان بن مقرن وسفينة » - جامع التحصيل (633) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث صحيح من رواية همَّام عن قَتادة كما رجَّحه الرَّازيان وغيرهما ، وأبو الخليل لم يسمع من سفينة فهو مرسل كما قال المزِّي في تهذيبه (3/436) ، فالسَّند منقطع ضعيف ، والله أعلم .
الحديث السابع
وسئل عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن أمِّ سلمة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : »يبايع بين الرُّكن والمقام لرجل ، وعدَّتهم عدَّة أهل بدر ، فتأتيه عصابة من أهل العراق ... « الحديث .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
فرواه عمران القطَّان عن قَتادة عن صالح أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أمِّ سلمة .
وخالفه هشام الدَّسْتَوائي ، فرواه عن قَتادة عن أبي الخليل عن أمِّ سلمة .
وخالفهما معمر ، رواه عن قَتادة عن مجاهد عن أمِّ سلمة .
وروي عن إدريس الأودي عن قَتادة عن أمِّ سلمة « (1) .
التَّخْرِيج
رواية عمران أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الفتن / باب 1 (7/460) وأبو داود في السُّنن كتاب الفتن / باب في ذكر المهدي (4287) والطَّبراني في الكبير (32/295و390) وفي الأوسط (9/175) والحاكم في المستدرك كتاب الفتن (4/431) وابن عساكر في تاريخه (1/294) .
ورواية هشام أخرجها إسحاق (1954) وأحمد (6/316) - كلاهما في المسند - وأبو داود (4285) وأبو يعلى في المسند (12/369) وابن عساكر في تاريخه (1/292-294) ، وعندَهم : عن صالح أبي الخليل عن صاحبٍ له .
__________
(1) العلل (ج5/ل172) .(1/294)
ورواية معمر وأخرجها الطَّبراني في الكبير (23/390) وفي الأوسط (2/35) عنه عن قَتادة عن مجاهد عن أمِّ سلمة ، وعلَّقه ابن عساكر في تاريخه (1/294) عن معمر ، وأخرجه أبو عمرو الدَّاني في الفتن (595) عنه عن قَتادة عن مجاهد عن الخليل أو أبي الخليل عن أمِّ سلمة !! وهو في جامع معمر (11/371-المصنف) عن قَتادة مرسلاً .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه هشام - أيضاً - عن قَتادة عن صالح أبي الخليل عن مجاهد عن أمِّ سلمة - أخرجه إسحاق (1955) وأبو يعلى (12/369) وابن حبَّان في التَّقاسيم (15/158-إحسان) ، ووقع عند أبي يعلى : « وربما قال صالح : عن مجاهد » .
ورواه همَّام عن قَتادة عن صالح عن صاحبٍ له عن أمِّ سلمة - أخرجه أبو داود في السُّنن (4286) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه .
الوجه الأول :- رواه عمران بن داوَر القطَّان عنه عن صالح أبي الخليل عن عبد الله ابن الحارث عن أمِّ سلمة .
وهذا الوجه فيه عدَّة علل منها :-
10- أن عمران ليس بالقوي في قَتادة كما سبق (ص3) .
11- أن رواية عبد الله بن الحارث عن أمِّ سلمة غريبة ، حيث لم يقع - في الكتب السَّبعة - بهذا السَّند سوى حديثين هذا أحدها ، والآخر عند ابن ماجة (1149) ، وفي سنده يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف كما في التَّهذيب (4/413) .
12- مخالفته جميع أصحاب قَتادة في ذكر عبد الله في السَّند .
الوجه الثاني :- رواه هشام الدَّسْتَوائي (ص3) كرواية عمران ، إلا أنه أسقط "ابن الحارث" ، فيما ذكر الدَّارقطني - فالسند منقطع لأن رواية صالح أبي الخليل عن الصحابة مرسلة كما يظهر من تهذيب المزي (3/436) - وأبهمه في رواية أخرى ، لم يذكر غيرها أبو حاتم كما في العلل لابنه (1/410) . وفي رواية أخرى سماه مجاهداً ! واختار أبو حاتم أنَّ المبهم هو ابن الحارث كما رواه عمران القطَّان عن قَتادة .(1/295)
ووافق هشاماً على إبهامه همَّام (ص3) ، وصحَّح روايته ابنُ حبَّان .
الوجه الثالث :- رواه معمر ، واختلف عنه على عدة أوجه هي :-
عن قَتادة مرسلاً .
عن قَتادة عن مجاهد عن أمِّ سلمة .
عن قَتادة عن مجاهد عن الخليل أو أبي الخليل عن أمِّ سلمة .
وهذا الوجه الأخير خطأ بلا شك ، حيث إنَّ مجاهداً لا يروي عن صالح ، وهو منقطع أيضاً كما تقدَّم .
وعلى كلٍ فإن معمراً في قَتادة ضعيف كما سبق تقريره (ص3) .
وروايته هذه تسند أنَّ الرَّاوي عن أمِّ سلمة هو مجاهد ، وقد روى عن أمِّ سلمة ثلاثة أحاديث في المسند وسنن التِّرمذي ، وكذا روى عنه صالح في صحيح مسلم وغيره .
ورواية قَتادة عن مجاهد منقطعة لأنه لم يسمع منه كما نَصَّ عليه أحمد في رواية حرب (2082) وابنُ معين في رواية الدُّوري (3318و3354) ، والبَرْديجي – جامع التَّحصيل (ص255) .
أما رواية إدريس بن يزيد الأَوْدي عن قَتادة فإنها مخالفة لكل الرِّوايات السَّابقة ، ولم تذكر له رواية عن قَتادة . وقَتادة لم يسمع من أم سلمة أصلاً ، حيث سبق (ص3) أنه لم يسمع من الصحابة إلا من أنس وابن سرجس ، فالسَّند منقطع بذلك .
ومما سبق يظهر أنَّ أقوى الرِّوايات عن قَتادة هي رواية همَّام التي لم يختلف عليه فيها ، وأنَّ المبهم هو مجاهد بروايتي هشام الدَّسْتَوائي ومعمر - المختلف عليهما - كما اختاره أبو حاتم - .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أن قَتادة إنَّما رواه عن صالح عن مجاهد عن أمِّ سلمة ، وما عداه فوهم .
وفي سماع مجاهد من أم سلمة نظر حيث قال التِّرمذي بإرسال حديث عنها في جامعه (3022) . وقال الحاكم : « ... إن كان سمع مجاهد من أمِّ سلمة » - المستدرك (2/306) ، وصحَّح ابن خزيمة له رواية عنها في صحيحه (278) ، وفي سنده راوٍ ضعيف . وقال ابن القيِّم : « والحديث حسن ، ومثله مما يجوز أن يقال فيه صحيح » - المنار المنيف (ص145) .
الحديث الثامن(1/296)
وسئل عن حديث جُوَيرية عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنه دخل عليها صائمة يوم الجمعة ، فقال : » أصمت أمس ؟ قالت : لا ، قال : فتصومين غداً ، قَالَت : لا ، قال : فأفطري « .
فقال : » يرويه قَتادة ، واختلف عنه .
فرواه شعبة وهمَّام وحماد بن الجعد عن قَتادة عن أبي أيوب عن جُوَيرية
وقال بقية عن شعبة عن قَتادة عن أبي أيوب عن صفيَّة .
ووهم فيه ، وإنَّما هو جُوَيرية .
وخالفهم ابن أبي عَروبة ومطر الوراق قالا : عن قَتادة عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على جُوَيرية ...
وقول شعبة ومن تابعه أشبه « (1) .
التَّخْرِيج
رواية شعبة أخرجها الطَّيالسي في المسند (1623) وابن أبي شيبة في المنصف كتاب الصِّيام / باب 39 (2/302) وأحمد (6/324و430) وعبد بن حميد (1557) - كلاهما في المسند - والبخاري في الجامع كتاب الصوم / باب صوم يوم الجمعة (1986) والنَّسائي في الكبرى كتاب الصِّيام / 90 (2/142) وعبد الله بن أحمد في العلل (2/153) وأبو يعلى في المسند (12/488) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الصِّيام / باب صوم يوم عاشوراء (2/78) وأبو نعيم في مستخرجه كما في الفتح (4/293) والبيهقي في الكبرى كتاب الصِّيام / باب صيام التطوع (2/458) وفي باب النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصوم (2/497و498) والبغوي في شرح السنة (1805) من طرق عنه .
ورواية همَّام أخرجها أحمد في المسند (6/324و430) وأبو داود في السُّنن كتاب الصِّيام / باب 53 (2414) وأبو يعلى في المسند (12/490) والطَّحاوي في شرح المعاني (2/78) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (626) وابن عساكر في معجمه (2/1149) .
ورواية حماد بن الجعد أخرجها المزِّي في تهذيبه (2/271) وابن حجر في التغليق (3/203) - كلاهما من طريق أبي القاسم البغوي في جمعه لحديث هُدْبة ابن خالد عن حماد به - .
__________
(1) العلل (ج5/ل190) .(1/297)
ورواية بقية أخرجها الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص151) ، وأشار إليها ابن أبي حاتم في العلل (1/259) .
ورواية سعيد بن أبي عَروبة أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف (2/301) وأحمد في المسند (2/189) وابنه عبد الله في العلل (2/153) والنَّسائي في الكبرى (2/142) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصِّيام / باب 203 (3/316) والطَّحاوي في شرح المعاني (2/78) وابن حبَّان في التَّقاسيم (8/375-376) .
ورواية مطر ذكرها سعيد بن أبي عَروبة بقوله : « ووافقني عليه مطر عن سعيد بن المسيب » !! - ذكره أحمد بعد رواية سعيد السابقة . وأشار إليه أبو حاتم كما في العلل لابنه (1/236) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه حماد بن سلمة عن قَتادة عن أبي أيوب عن جُوَيرية - أخرجه والطَّحاوي في شرح المعاني (2/78) .
ورواه معمر عن قَتادة عن سعيد بن المسيب مرسلاً - أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الصِّيام / باب صيام يوم الجمعة (4/280) .
ورواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن عياش بن عبد الله عن أبي قَتادة - أشار إليه ابن أبي حاتم في العلل (1/235) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه منها :-
الوجه الأولى :- رواه جماعة من أصحابه عنه عن أبي أيوب يحيى بن مالك عن جُوَيرية ، كذا رواه كُلٌّ من :-
? شعبة (ص3) .
? همَّام (ص3) .
? حماد بن سلمة (ص3) .
? حماد بن الجعد ، وهو ضعيف ، قال عنه ابن حبَّان : « يروي عن قَتادة ، اختلطت عليه صحائفه ، فلم يحسن أن يميِّز شيئاً ، فاستحقَّ التَّرك» - التَّهذيب (1/478) .
وهذا الوجه صحَّحه الإمام البخاري ، ورجحه الدَّارقطني كما سبق .
أما رواية بقية عن شعبة فهي وهمٌ كما قال الدَّارقطني ، حيث خالف كلَّ أصحاب شعبة الثِّقات ، وبقية ضعيف - التَّهذيب (1/239) .
وسئل أبو حاتم عن روايته هذه فقال : « إنَّما هو عن أبي أيوب العتكي عن جُوَيرية ... » - العلل لابنه (1/259) .(1/298)
وقال الحاكم : « صحَّف بقية بن الوليد في ذكر صفيَّة ، ولم يتابع عليه ، والحديث عند يحيى بن سعيد وغُنْدَر والنَّاس عن شعبة عن قَتادة عن أبي أيوب ... » - معرفة علوم الحديث (ص151) .
الوجه الثاني :- رواه جماعة عن قَتادة عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - ، كذا رواه :-
10- سعيد بن أبي عَروبة (ص3) .
11- مطر الوراق (ص3) .
12- معمر (ص3) ، إلا أنه أرسله .
قال عبد الله بن أحمد : كتب إليَّ أبو بكر بن خلاد : سمعت يحيى يقول : « كان ابن أبي عَروبة إذا سئل عن حديث جُوَيرية قال : فخالفوني فيه ! دخل عليها النَّبي - صلى الله عليه وسلم - وهي صائمة يوم جمعة ! كأنَّه يتَّقيه » - الضُّعفاء للعقيلي (2/112) .
وهذا النصُّ يدلُّ على أنَّ سعيداً قد اشتهر عنه هذا الحديث موصولاً في زمنه .
ورواية معمر (ص3) ، تؤيد أصل الوجه . وسيأتي كلام أبي حاتم وأبي زرعة - بعد قليل - عن هذين الوجهين .
الوجه الثالث :- رواه سعيد بن بشير عن قَتادة عن عياش بن عبد الله عن أبي قَتادة - رضي الله عنه - .
وهذا الوجه معلٌّ بعدَّة قرائن ، منها :-
ج- ضعف سعيد بن بشير في قَتادة كما سبق (ص3) .
د- مخافته كُلَّ من روى الحديث عن قَتادة من أصحابه .
ه- غرابة السَّند الذي أتى به ، حيث ليس له نظير في الكتب السَّبعة .
و- أن عياشاً إنَّما رواه عن رجل آخر تابعي كنيته أبو قَتادة من قوله ، فظنَّه ابنُ بشير الصَّحابي ، كما سيأتي عن أبي حاتم .
ز- أن عياش بن عبد الله شبه مجهول ، حيث سكت عنه البخاري في تاريخه الكبير (7/47) وابن أبي حاتم في الجرح (7/5) وذكر أنَّه يروي عن أبي قَتادة العدوي .
وأبو قَتادة العدوي اسمه تميم بن نُذَير تابعي ثقة - التَّقريب (8376) .(1/299)
قال أبو حاتم بعد ذكر الخلاف على قَتادة : « كلها صحاح ، ما خلا حديث سعيد بن بشير ، فإنَّما هو عياش عن أبي قَتادة العدوي قوله ، وإنَّما قلنا إنها صحاح كلها ، لأن شعبة قد تابع هَمَّاماً ، فأما من قال : قَتادة عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - ، فإن ابن أبي عَروبة حافظ لحديث قَتادة ، وقال : تابعني عليه مطر ... » .
وقال أبو زرعة : « حديث قَتادة عن أبي أيوب عن جُوَيرية صحيح ، وحديث سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - صحيح ... ، وحديث سعيد بن بشير لا أحفظه » - العلل لابن أبي حاتم (1/236) .
وبناءً على ما سبق ، فإن الأقوى من الأوجه الأول والثاني ، لكن بقي التَّرجيح بينهما .
فالدَّارقطني يرجِّح الأول ، ولعلَّ البخاري يرى ذلك حيث اقتصر على رواية شعبة ، ودعمها بتعليقه لرواية ابن الجعد في الجامع .
والرَّازيان يصحِّحان الوجهين جميعاً عن قَتادة .
ولعل ما ذهبا إليه أقرب ، حيث إنَّ الوجهين متقاربان من حيث العدد والقوة . وقَتادة واسع الرِّواية ، لا يمتنع أن يسمع حديثاً من أكثر من شيخ ، وإن كان الوجه الأول أشهر وأكثر قوة وعدداً في الجملة .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أنَّ قَتادة رواه بوجهيه ، والوجه الأول أثبتهما وأشهرهما ، وكلاهما سنده صحيح ، والله أعلم .
الحديث التاسع
وسئل عن حديث عبد الله بن الحارث بن نوفل عن أمِّ حكيم بنت الزُّبير » أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على ضباعة [ فأكل عندها كتف شاة ] (1) ثم قام إلى الصَّلاة ولم يتوضأ « .
فقال : » يرويه قَتادة ... واختلف عنه أصحابه .
فرواه ابن أبي عَروبة ، واختلف عنه .
__________
(1) في الأصل كلمة "كتف" فقط ، وما بين قوسين زيادة من مسند إسحاق ، يقتضيها السياق .(1/300)
فرواه خالد بن عبد الله الواسطي وعبد الله بن نمير عن سعيد عن قَتادة عن عبد الله بن الحارث - قال خالد : - عن أمِّ حكيم بنت الزُّبير ، وقال ابن نمير عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنه دخل على ضباعة .
وقال خالد بن الحارث وابن أبي عدي ويزيد بن هارون وروح بن عبادة عن سعيد عن قَتادة عن صالح أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أمِّ الحكم عن أُختها ضباعة .
وقال هشام الدَّسْتَوائي عن قَتادة عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أمِّ حكيم بنت الزُّبير عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال محمد بن بشير عن هشام عن قَتادة عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن جدته أمِّ الحكم عن أُختها ضباعة بنت الزُّبير عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وكذلك رواه همَّام بن يحيى عن قَتادة ...
14. وقال موسى بن خلف العمي عن قَتادة عن إسحاق بن عبد الله عن أمِّ عطيَّة عن أختها ضباعة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
ووهم في قوله : أم عطيَّة . وإنَّما هي أمِّ الحكم ...
ويشبه أن يكون قَتادة حفظه عن أبي الخليل عن إسحاق « (1) .
التَّخْرِيج
رواية سعيد المتصلة أخرجها ابن أبي شيبة في المسند (ج2/ل6) وفي المصنَّف كتاب الطَّهارة / باب من كان لا يتوضأ مما مست النار (1/52) وإسحاق (2170) وأحمد (6/419) - كلاهما في المسند - والبخاري في تاريخه (1/394) وابن أبي عاصم في الآحاد (5/465) والطَّبراني في الكبير (25/84) وأبو نعيم في الصحابة (7896) وابن عساكر في تاريخه (8/237-238) ، وهو عندَهم من مسند أم حكيم لا ضباعة !!
ورواية هشام أخرجها أحمد (6/419) وابن أبي عاصم (5/467) والطَّبراني (25/85) وابن عساكر (8/237) .
ورواية همَّام أخرجها أحمد (6/419) وابن أبي عاصم (5/461) وأبو يعلى في المسند (13/73) والطَّبراني (24/336) والحاكم في المستدرك (4/65) وأبو نعيم في الصحابة (7746) وابن عساكر (8/234-236) .
__________
(1) العلل (ج5/ل224) .(1/301)
ورواية موسى أخرجها أحمد (6/420) وابن أبي عاصم (5/461) والطَّبراني في الأوسط (4/116) وفي الكبير (24/335) وابن منده في الصحابة (4/352) وأبو نعيم في الصحابة (7745) وابن عساكر (8/237)
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه حجَّاج بن حجَّاج عن قَتادة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أمِّ الحكم عن أختها ضباعة ... - أخرجه البخاري في تاريخه (1/394-395) - تعليقاً - وابن عساكر في تاريخه (8/236) .
الدِّرَاسَة
اختلف على قَتادة في إسناد هذا الحديث على وجهين إجمالاً :-
الوجه الأول :- رواه سعيد بن أبي عَروبة (ص3) ، واختلف عنه على أوجه أشهرها ما رواه جماعة من أصحابه عنه عن قَتادة عن صالح أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أمِّ حكيم . وذكر الدَّارقطني أنه روايته من مسند ضباعة ، وهو مخالف لبقية المصادر - وما فيها أصحُّ - ولعله اختلف عليه .
الوجه الثاني :- رواه جماعة عنه عن إسحاق بن عبد الله ، ثم اختلفوا بعد في السَّند وفي تعيين إسحاق هذا على عدة أوجه هي :-
6- رواه هشام الدَّسْتَوائي (ص3) عن قَتادة عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أمِّ الحكم .
وهذا الوجه يؤيِّده رواية سعيد بن أبي عَروبة في أنَّه ليس من مسند ضباعة فحسب .
7- رواه همَّام عن قَتادة كرواية هشام الدَّسْتَوائي ، إلا أنَّه زاد : عن أُختها ضباعة .
وكذا رواه محمد بن بشير عن هشام الدَّسْتَوائي ، وهو مخالف لرواية الجماعة عن هشام .
ومحمد بن بشير هذا لم يتبين لي من هو !
8- رواه حجَّاج بن حجَّاج (ص3) كرواية همَّام ، إلا أنه جعل إسحاق بن عبد الله هو ابن أبي طلحة لا ابن الحارث . فخالف بذلك كل من روى الحديث قَتادة ، وقد قال البخاريُّ عَقِبَ روايته : « ولا أرى يصحُّ ابن أبي طلحة » .
وابن أبي طلحة مات بعد قَتادة سنة (132) كما في التَّقريب (370) .
ولم تذكر رواية لقَتادة عنه في الكتب السِّتَّة ، ولم يذكر في شيوخه ، فهذا الوجه شاذّ .(1/302)
9- رواه موسى بن خلف عن قَتادة عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أمِّ عطيَّة عن ضباعة .
وَضَعَّفَ الدَّارقطني هذا الوجه لأنَّ أحداً لم يتابع موسى على قوله : « أم عطيَّة » ، وإن توبع في بقية الإسناد ، وقد تقدَّم (ص3) أنَّ موسى له أوهام .
ومما سبق يتبيَّن أنَّ الذين ذكروا ضباعة عن قَتادة هم : همَّام وحجَّاج وموسى ، وأنَّ الذين أسقطوها اثنان هما :- سعيد بن أبي عَروبة وهشام الدَّسْتَوائي - على الأرجح عنهما - ، وهما أثبت أصحاب قَتادة .
ورجَّح الدَّارقطني الوجه الأول وهو : رواية سعيد بن أبي عَروبة عن قَتادة عن صالح . وهذا السَّند قد تكرر به أحاديث في صحيح مسلم والسُّنن .
وهذا الوجه مخالف لبقية الأوجه في أمرين ، هما :-
6. ذكر صالح أبي الخليل .
7. ذكر عبد الله بن الحارث .
فكلُّ أصحاب قَتادة الآخرين لم يذكروا صالحاً ولا عبد الله بن الحارث ، فهذا الوجه فيه سلوك للجادة ومخالفة للجماعة .
فالأقرب أنَّ قَتادة إنَّما رواه عن إسحاق عن أمِّ حكيم - ويقال لها أم الحكم - كما هي رواية أكثر أصحاب قَتادة ، ورواية سعيد بن أبي عَروبة لعلها سلوك للجادَّة ، حيث إنَّ قَتادة قد أكثر عن صالح كما سبق .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أن قَتادة إنَّما رواه عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أمِّ الحكم - وهذا سند صحيح - ، وأنَّ ضباعة إنَّما لها ذكر في المتن لا السَّند ، وما عدا ذلك فوهم من راويه .
وللحديث طريق آخر عن أمِّ حكيم ، رواه عنها عمَّار بن أبي عمَّار - أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد (5/465) .
الباب الثالث
مرويات يحيى بن أبي كثير
وفيه خمسة فصول
الفصل الأول
ترجمة موجزة ليحيى بن أبي كثير تتضمن المباحث التالية :-
اسمه ونسبه .
شيوخه .
تلاميذه .
ثناء العلماء عليه .
تدليسه .
وفاته .
اسمه ونسبه
هو الإمام العالم أبو نصر يحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم اليمامي .(1/303)
واسم أبيه صالح بن المتوكل ، وقيل يسار ، وقيل غير ذلك (1) .
وفي كنيةِ يحيى بن أبي كثير قيل أبو أيوب (2) .
شيوخه
قال يحيى بن أبي كثير : « رأيت أنس بن مالك - رضي الله عنه - يصلي وبين يديه سهم » (3) . وحديثه عنه مرسل (4) ، ولم يدرك أحداً من الصحابة غيرَه (5) .
ومن أشهر شيوخه :- أبو سلمة بن عبد الرحمن وزيد بن سلام وعكرمة وعطاء ، وغيرهم .
تلاميذه
روى عنه جماعة من التابعين وتابعيهم ، ومن أشهرهم أيوب السَّختياني وهشام الدَّسْتَوائي وحجَّاج الصَّوَّاف وشيبان بن عبد الرحمن ومعمر بن راشد والأوْزاعي
وهمَّام وحرب بن شدَّاد وحسين المعلم ، وغيرهم (6) .
ثناء العلماء عليه
قال أيوب السَّختياني : « ما بقي على الأرض مثل يحيى بن أبي كثير » (7) .
وقال شعبة : « يحيى بن أبي كثير أحسن حديثاً من الزُّهري » (8) .
وقال أحمد : « هو أثبت النَّاس ، إنَّما يعدُّ مع الزُّهري ويحي بن سعيد » (9) .
وقال أبو حاتم الرَّازي : « هو إمام ، لا يروي إلا عن ثقة » (10) .
وقال ابن حبَّان : « كان يحيى بن أبي كثير من العبَّاد إذا رأى جنازة لم يتعشَّ تلك الليلة ، ولا قدر أحدٌ من أهله أن يكلِّمه » (11) .
وقال العجلي : « ثقة ، حسن الحديث » (12) .
__________
(1) السير (6/27-28) والتهذيب (4/383) .
(2) الطبقات الكبرى (6/358) .
(3) تاريخ الإسلام (8/298) .
(4) نصَّ عليه أَبُو حاتم وأبو زرعة كما جامع التحصيل للعلائي (880) وابن حبان في الثقات (7/592) .
(5) المراسيل لابن أَبي حاتم (910) .
(6) أطال المزي – رحمه الله – في سرد أسما ء شيوخه وتلاميذه في التهذيب (8/80) .
(7) الطبقات الكبرى (5/358) والتاريخ الكبير (8/302) .
(8) السير (6/28) ، وهذا الحسن نسبي فيما يظهر لي .
(9) السير (6/28) .
(10) السير (6/28) .
(11) الثقات (7/592) .
(12) الثقات (1823-ترتيبه) .(1/304)
وقال الذهبي : « كان طلابةً للعلم ، حجَّةً » (1) .
وقد جمع الحافظ الإسماعيلي حديثه في جزءٍ (2) .
تدليسه
وصفه بالتَّدليس النسائيُّ (3) ، وابن حبَّان فقال : « كان يدلِّس ، فكلَّما روى عن أنس - رضي الله عنه - فقد دلس عنه ولم يسمع من أنس - رضي الله عنه - ، ولا من صحابي شيئاً » (4) . وأشار إليه العقيلي بقوله : « ذُكِرَ بالتَّدليس » (5) .
وذكره ابن حجر في الطبقة الثانية (6) ، وقد تقدَّم وصفهم (ص3) ، بينما ذكرهم في كتاب آخر في الطبقة الثالثة (7) .
والصَّواب الأول لما سبق ذكره في تدليس قَتادة (ص3) ، وقول ابن حبَّان صريح في أنَّ تدليسه يسمى اصطلاحاً إرسالاً .
وفاته
توفي - رحمه الله - سنة 132هـ (8) ، وقيل سنة 129هـ (9) ، باليمامة .
الفصل الثاني
أحاديث مسند العشرة المبشَّرة بالجنة - رضي الله عنهم -
الحديث الأول
وسئل عن حديث مسلم بن يسار أبي عبد الله البصري عن حِمْران عن عثمان - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : في صفة الوضوء وفضل ذلك .
فقال : » ... فأما يحيى بن أبي كثير ، فاختلفوا عليه .
__________
(1) السير (6/27) .
(2) ذكره ابن حجر عند شرح حديث رقم (311) من جامع البخاري – الفتح (1/534) .
(3) تعريف أهل التقديس لابن حجر (63) .
(4) الثقات (7/592) .
(5) الضعفاء (4/423) .
(6) تعريف أهل التقديس لابن حجر (63) .
(7) النكت على ابن الصلاح (2/643) .
(8) نَصَّ عليه ابن المديني كما التاريخ الكبير (8/301) والأوسط (2/24-الخفاف) للبخاري ، وقال الذهبي عن هذا : « وهم » - تاريخ الإسلام (8/299) .
(9) نَصَّ عليه أَبُو نعيم الفضل بن دكين كما في التاريخ الكبير للبخاري (8/302) وأبو حفص الفلاس كما في التهذيب لابن حجر (4/384) وابن حبان في الثقات (7/592) – وهو الذي ذكر مكان الوفاة – واختاره الذهبي في التذكرة (1/128) وتاريخ الإسلام (8/299) .(1/305)
فقال ابن أبي العشرين عن يحيى عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن حِمْران عن عثمان .
15. وتابعه أيوب بن سويد عن الأوْزاعي .
وقال الوليد بن مسلم ويحيى البابلتي وأبو المغيرة وعمرو بن أبي سلمة عن الأوْزاعي عن محمد بن إبراهيم عن شقيق بن سلمة عن حِمْران .
16. وقال شيبان النحوي عن يحيى عن محمد بن إبراهيم عن معاذ بن عبدالرحمن بن عثمان التَّيمي عن حِمْران « (1) .
التَّخْرِيج
رواية ابن أبي العشرين أخرجها ابن ماجة في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب ثواب الطهور (285) .
ورواية الوليد أخرجها ابن ماجة (285) والنَّسائي في الكبرى كتاب الطَّهارة / باب 113 (1/103) ، وضعَّفها أبو حاتم كما في العلل لابنه (1/157) .
ورواية أبي المغيرة أخرجها أحمد (1/66) .
ورواية عمرو أخرجها البيهقي في الشعب (3/8) .
ورواية شيبان أخرجها أحمد (1/64) والبخاري في الجامع كتاب الرقاق / باب 8 (6433) والبزَّار في المسند (2/84) والنَّسائي في الكبرى (1/103) وابن حبَّان في التَّقاسيم (2/75-إحسان) والبيهقي في الشعب (3/7) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن أبي وائل عن حِمْران - كذا قال البزَّار في المسند (2/85) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث .
فرواه شيبان بن عبد الرحمن عنه عن محمد بن إبراهيم التَّيمي عن معاذ بن عبدالرحمن بن عثمان عن حِمْران عن عثمان - رضي الله عنه - .
وهذا السَّند رجاله ثقات رجال الصحيحين .
وخالفه الأوْزاعي فعدل به عن الوجه السَّابق ، واختلف عليه على عدَّة أوجه سبق ذكرها قبل قليل .
ولم يرجِّح الدَّارقطني بينهما ، بينما فصل ابن حجر بقوله : « ورواية شيبان أرجح من رواية الأوْزاعي ... » - الفتح (11/301) .
وقرائن هذا التَّرجيح هي :-
__________
(1) العلل (ج1/ل74)(3/23و25) .(1/306)
أنَّ شيبان بن عبد الرحمن من أصحاب يحيى الثِّقات كما أشار إلى ذلك أحمد - شرح العلل لابن رجب (2/486) .
وقال أيضاً : « هشام حافظ ، وشيبان صاحب كتاب » ، وقال أبو القاسم البغوي : « شيبان أثبت في يحيى بن أبي كثير من الأوْزاعي » - التَّهذيب (2/184) ، وقد أخرج له الشيخان عن يحيى بن أبي كثير عدة أحاديث . يحيى بن أبي كثير
أنَّ الأوْزاعي في روايته عن يحيى بن أبي كثير ليس بالمتين ، حيث إنَّ له بعض الأوهام عليه .
فقد قال أحمد في رواية الميموني (268) : « كثيراً ما يخطئ على يحيى » ، وكذا في العلل للخلال (93- المنتخب) .
وقال في مسائل أبي داود (ص307) : « زعموا أنَّ كتبه عنه ضاعت » .
وقال أيضاً : « حديث الأوْزاعي عن يحيى مضطَّرب » - مسند يعقوب (ص68) .
وقال أيضاً : « كان لا يقيم حديث يحيى بن أبي كثير ، ولم يكن عنده في كتاب ، إنَّما كان يحدث به من حفظه ، ويهم فيه » - شرح العلل (2/486و646) .
وقال : « لم يكن يحفظه جيِّداً فيخطئ فيه » - شرح العلل (2/645) .
وذكر الأوْزاعي أنَّه كتب عن يحيى بن أبي كثير أربعة عشر كتاباً أو ثلاثة عشر كتاباً ، فاحترق كلُّه – المعرفة ليعقوب (2/409) .
وقال : « دفع إليَّ يحيى بن أبي كثير صحيفة فقال : اروها عني » - الكفاية (ص358) .
وذكر أبو زرعة أنَّ كتبه ذهبت - التَّهذيب (4/273) .
ولا يعني هذا أنه ضعيف فيه مطلقاً . فقد أخرج له الشيخان أحاديث كثيرة من روايته عنه .
وقال أحمد بعد ذكره أصحاب يحيى بن أبي كثير : « هشام يرجع إلى كتاب ، والأوْزاعي حافظ » - الكامل لابن عدي (3/332) .
واحتراق كتبه لم يؤثِّر فيه كثيرا فقد قال : « نتحدَّث بما حفظنا منها » - مسائل أبي داود (ص307) . وقال ابن معين : « ليس أحد في يحيى بن أبي كثير مثل هشام الدَّسْتَوائي والأوْزاعي ... » - رواية الدُّوري (4/180) .(1/307)
وجعله ابن المديني وأبو حاتم وأبو زرعة ثاني أصحاب يحيى بن أبي كثير بعد هشام الدَّسْتَوائي - الجرح (9/60و61) .
وقرنه أبو داود بهشام الدَّسْتَوائي - تاريخ بغداد (12/260) .
اضطراب الأوْزاعي ، حيث رواه على عدَّة أوجه عن يحيى ، وهذا يدلُّ على عدم حفظه للسَّند .
تصحيح البخاريِّ لهذه الرِّواية ، واختياره لها في الجامع .
متابعة نافع بن جبير وعبد الله بن أبي سلمة لمحمد بن إبراهيم عن معاذ - أخرجه مسلم (1/208) .
وبهذا القرينة استدلَّ ابن حجر علىترجيحه لرواية شيبان - الفتح (11/301) .
بقي أن رواية هشام الدَّسْتَوائي (ص3) قد تفرد بذكرها معلقةً البزَّارُ ، وهي توافق أحد الأوجه عن الأوْزاعي ، وفي النَّفس منها شيء ، لأنَّ البزَّار لم يسندها ، وقد تفرَّد بذكرها ، وأخشى أن يكون ثمَّ خطأ في النُّسخة .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث صحيح من رواية شيبان ، ورواية الأوْزاعي مرجوحة ، والله أعلم .
الحديث الثاني
وسئل عن مولى لآل الزُّبير عن الزُّبير عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : » دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم : الحسد والبغضاء « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير عن يعيش بن الوليد بن هشام عن مولى لآلِ الزُّبير .
قال ذلك عنه حرب بن شدَّاد وعلي بن المبارك ومعمر بن راشد وشيبان ، واختلف عنه .
فقيل عن شيبان عن يحيى عن يعيش عن الزُّبير - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال موسى بن خلف عن يحيى عن يعيش مولى ابن الزُّبير عن الزُّبير - رضي الله عنه - .
وقال هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى عن يعيش عن الزُّبير - رضي الله عنه - .
والقول قول حرب بن شدَّاد ومن تابعه عن يحيى « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج1/ل108)(4/247-248) .(1/308)
رواية حرب أخرجها الطَّيالسيُّ (193) وأحمد (1/167) - كلاهما في المسند - والتِّرمذيُّ في الجامع كتاب صفة القيامة / باب 56 (2510) وابن نصر في تعظيم قدر الصَّلاة (1/449) وابن قانع في المعجم (1/224) والبيهقي في الشعب (6/424) وابن عبد البر في التَّمهيد (6/121) .
ورواية علي أخرجها أحمد (1/167) وأبو يعلى (2/32) - كلاهما في المسند – .
ورواية معمر أخرجها في الجامع (10/385-المصنف) بإسقاط المولى والزُّبير ، ومن طريقه أحمد (1/167) كما ذكر الدَّارقطنيُّ ، بينما ذكر ابن حجر أنَّ معمراً أسقط الزُّبير في رواية المسند - الإتحاف (4/556) .
ورواية شيبان الأولى أخرجها عبد بن حميد (97) والهيثم بن كليب (1/114) - كلاهما في المسند - وابن عبد البر في التَّمهيد (6/120) .
ورواية شيبان الثانية أخرجها أحمد (1/164-165) والهيثم (1/115) - كلاهما في المسند - والضِّياء في المختارة (3/81) ، وقال : « إسناده منقطع » .
ورواية موسى أخرجها البزَّار في المسند (2002-زوائد) .
ورواية هشام أخرجها أحمد (1/164-165) والهيثم (1/115) - كلاهما في المسند - والبيهقي في الكبرى كتاب الشهادات / باب شهادة أهل العصبية (10/232) ، بينما ذكر البزَّار أنَّ هشاماً رواه كرواية حرب والباقين - كشف الأستار (2/419) !!
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه سليمان التَّيمي عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش عن مولى الزُّبير مرسلاً - أخرجه البيهقي في الكبرى (10/232) وفي الشُّعب (5/267) والرَّافعي في التَّدوين (4/142) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه :-
الوجه الأول :- رواه جماعة عنه عن يعيش بن الوليد عن مولى لآل الزُّبير عن الزُّبير - رضي الله عنه - .
وهذا السَّند ضعيف لإبهام الرَّاوي .
كذا رواه عن يحيى بن أبي كثير كُلٌّ من :-
6) حرب بن شدَّاد ، وهو ثقة - التَّهذيب (1/369) .(1/309)
وقد سئل عنه أحمد في جماعة من أصحاب يحيى فقال : « ثقة ثبت » - الكامل لابن عدي (3/333) وشرح العلل (2/486) .
وقال أبو زرعة الدِّمشقي : « سمعت أحمد بن حنبل يُسألُ : من أثبت النَّاس في يحيى بن أبي كثير ؟ قال هشام الدَّسْتَوائي . ثم قال : هؤلاء الأربعة : علي بن المبارك وأبان وهمَّام وحرب بن شدَّاد ، يعني بعد هشام » - تاريخ أبي زرعة (1/452) .
وقد أخرج له السِّتَّة - عدا ابن ماجة - أحاديث عن يحيى بن أبي كثير .
7) علي بن المبارك ، ثقة ، تكلِّم في حديثه عن يحيى بشيء يسير .
قال عنه أحمد : « كانت عنده كتب ، بعضها سمعها وبعضه عرض » - العلل لعبد الله (1/189) ورواية صالح (886) .
ونقل ابن معين عن بعض البصريين قوله : « علي بن المبارك عرض على يحيى ابن أبي كثير عرضاً ، وهو ثقة » - رواية الدُّوري (4/180) .
وقال يعقوب بن شيبة : « رِوَايَة علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير خاصة فيها وَهْاء ، وقد سمع من يحيى ، وكان يحدث عنه بما سمع منه ، ويحدث عنه بما كتب به إليه ، ويحدث عنه من كتاب كان يحيى تركه عنده » ، ونقل عن يحيى القطان قوله : « كتاب يحيى بن أبي كثير هذا بعث به إليَّ من اليمامة ، أو خلفه عندي - شك يحيى بن سعيد - قال : ولم أسمعه من يحيى بن أبي كثير - مسند عمر (10/137) .
ووضَّح القطَّان ذلك أكثر بقوله : « كان له كتابان ، أحدهما سمعه ، والآخر لم يسمعه ، فأما ما رويناه نحن فممَّا سمع ، وأما ما رواه الكوفيون عنه فالكتاب الذي لم يسمع » - المعرفة ليعقوب (3/183) والكامل (6/308) .
وقال أبو داود : « كان عند علي بن المبارك كتابان عن يحيى بن أبي كثير ، كتاب سماع ، وكتاب إرسال ... » سؤالات الآجري (ص308) .
ولا يعني هذا أنه ليس بالقوي في يحيى بن أبي كثير ، فقد قال ابن معين : « ليس أحد في يحيى بن أبي كثير مثل هشام الدَّسْتَوائي والأوْزاعي . وعلي بن المبارك بعد هؤلاء » - رواية الدُّوري (4/180) .(1/310)
وقال أيضاً : « علي بن المبارك في يحيى ليس به بأس » - الكامل (6/308) .
وقال أبو زرعة الدِّمشقي : « سمعت أحمد بن حنبل يُسألُ : من أثبت النَّاس في يحيى بن أبي كثير ؟ قال هشام الدَّسْتَوائي . ثم قال : هؤلاء الأربعة : علي بن المبارك وأبان وهمَّام وحرب بن شدَّاد ، يعني بعد هشام » - تاريخ أبي زرعة الدِّمشقي (1/452) .
وقال ابن عدي : « هو ثبت في يحيى بن أبي كثير ، ومقدَّم في يحيى ... » - الكامل (6/310) .
وأخرج له السِّتَّة عدة أحاديث عن يحيى بن أبي كثير .
8) معمر بن راشد ، وهو ثقة حافظ مشهور - التَّهذيب (4/ 125) .
قال عنه أحمد : « هشام الدَّسْتَوائي أثبت في حديث يحيى من معمر » - شرح العلل (2/486) . وهذا يفيد أنَّه قوي في يحيى بمقارنته بأقوى أصحاب يحيى بن أبي كثير ، وقد أخرج له مسلم عدة أحاديث من روايته عن يحيى ، أما البخاري فإنَّما علق له عنه حديثاً ، وآخر في المتابعات .
وروايته التي في الجامع معضلة مرسلة ، والتي ذكرها ابن حجر مرسلة فحسب .
9) شيبان (ص3) ، في رواية عبيد الله بن موسى ، وفي رواية يزيد بن هارون بإسقاط المولى ، ورواية عبيد الله أصح ، حيث إنَّه روى عنه عدة أحاديث في الكتب السِّتَّة - وفات المزِّي رمز النَّسائي وقد ذكره في التحفة (2/267) - بخلاف يزيد ، فليس له سوى حديثين هذا أحدها ، والآخر استغربه التِّرمذي في الجامع (1695) ، بعد أن حسَّنه .
10) هشام الدَّسْتَوائي - فيما ذكر البزَّار – ، وما قاله مخالف لما أُسنِدَ عنه ، ولما نصَّ عليه الدَّارقطني ! ولعله اختلف عليه .
الوجه الثاني :- رواه شيبان (ص3) - في رواية يزيد بن هارون - وهشام الدَّسْتَوائي - في الأصح عنه - عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش عن الزُّبير .
وهذا السَّند منقطع كما قال الحافظ الضِّياء .
وهشام الدَّسْتَوَائِي ثقة حافظ من كبار أصحاب يحيى ، بل هو من أقواهم فيه .(1/311)
قال أحمد : « هشام أحبُّ إليَّ ممن روى عن يحيى بن أبي كثير » . وقال أبو حاتم : « سألت علي بن المديني : من أثبت أصحاب يحيى بن أبي كثير ؟ قال : هشام الدَّسْتَوائي » ، ونقل ابن رجب عن ابن معين أن هشاماً هو الثبت في يحيى بن أبي كثير - شرح العلل (2/486-487) .
وسئل أبو حاتم وأبو زرعة : من أحبُّ إليكما من أصحاب يحيى بن أبي كثير ؟ قالا : هشام - التَّهذيب (4/272-273) .
الوجه الثالث :- رواه اثنان عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش عن مولى الزُّبير مرسلاً ، وهما :-
21. معمر بن راشد (ص3) ، فيما أخرجه في الجامع ، وما ذكره ابن حجر في الإتحاف كما سبق .
22. سليمان التَّيمي (ص3، وليس له عن يحيى في الكتب السِّتَّة شيء .
الوجه الرابع :- تفرد به موسى بن خلف ، حيث رواه عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش - مولى الزُّبير - عن الزُّبير ، وجعل يعيش هو المولى ، وهذا القول منه وهمٌ بلا شك لأسباب منها :-
ح. الاختلاف في حاله كما سبق (ص3) .
ط. مخالفته كل أصحاب يحيى الثِّقات .
ي. أن يعيش بن الوليد ليس بمولى ، بل هو أموي من أنفسهم ، وأبوه الوليد كان شريفاً كما قال مصعب الزُّبيري في نسب قريش (ص146) .
وبالنَّظر في الطُّرق السَّابقة ، نجدها كلها تتَّفق على أنَّ الحديث لا يصحُّ ، فهو إما مرسل أو متصل بإبهام الرَّاوي . وأنَّ أقواها من حيث العددُ الوجهُ الأول ، وهو ما رجَّحه الدَّارقطني هنا ، واختاره أيضاً أبو زرعة حيث قال عن رواية حرب وشيبان وعلي : « الصَّحيح هذا ، وحديث موسى بن خلف وهْم » - العلل لابن أبي حاتم (2/327) .
أما رواية هشام ومعمر والتَّيمي فإنها بمجملها تدلُّ على أنَّ يحيى ربما أسقط الواسطة ودلَّسه ، فإنَّه قد وُصِفَ بذلك كما سبق (ص3) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني وغيره ، الصَّحيح فيه ما رواه الجماعة عن يحيى ابن أبي كثير عن يعيش عن مولى الزُّبير ، ورواية موسى بن خلف وهم منه .(1/312)
وهذا المولى سماه الطَّبراني خباباً ، وقال عنه ابن حجر : « مجهول من الثالثة » - التَّقريب (8614) ، فالسَّند ضعيف ، ولم أجد له شاهداً .
الحديث الثالث
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : كان رسول - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى على جنازة قال : » اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا « ، الحديث .
فقال : » ... ورواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة واختلف عنه
فرواه أيوب بن عتبة وسعيد بن يوسف وخالد بن يزيد الهدادي عن يحيى ابن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
17. وكذلك قال سويد أبو حاتم عن صاحب له عن يحيى .
18. ورواه الأوْزاعي عن يحيى ، واختلف عنه ...
وكذلك رواه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بالإسنادين جميعاً عن [ أبي ] إبراهيم عن أبيه ، وعن يحيى عن أبي سلمة مرسلاً .
ورواه محمد بن يعقوب عن يحيى بن أبي كثير عن ابراهيم عن أبيه .
ولم يذكر حديثه عن أبي سلمة .
ورواه عكرمة بن عمَّار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال شيبان عن يحيى عن المهاجر بن عكرمة عن أبي هريرة .
وقال همَّام عن يحيى عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه .
والصَّحيح عن يحيى قول من قال عن أبي إبراهيم عن أبيه وعن أبي سلمة ، مرسل .
ومن قال إنَّ أبا إبراهيم : عبد الله بن أبي قَتادة فقد وهِم « (1) .
التَّخْرِيج
رواية أيوب بن عتبة أخرجها أحمد في المسند (2/368) .
ورواية سعيد بن يوسف أخرجها أبو يعلى في المسند (10/403-404) والطَّبراني في الدُّعاء (1174) .
ورواية سويد أخرجها أبو يعلى في المسند (10/404) .
__________
(1) العلل (ج1/ل110وج2/ل90وج3/ل105-106)(4/270و7/34و9/322-325) .(1/313)
ورواية الأوْزاعي أخرجها أبو داود في السُّنن كتاب الجنائز / باب الدُّعاء للميِّت (3139) والتِّرمذي في الجامع كتاب الجنائز / باب 38 (1024) وأبو يعلى في المسند (10/404) والنَّسائي في الكبرى كتاب عمل اليوم / باب 264 (6/266) وابن حبَّان في التَّقاسيم (7/340-إحسان) والحاكم في المستدرك كتاب الجنائز (1/358) والبيهقي في الكبرى كتاب الجنائز / باب 120 (4/67) عنه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً .
وأخرجه التِّرمذي (1024) - وصحَّحه - والنَّسائي في الكبرى (6/267) والطَّبراني في الدُّعاء (1167) والبيهقي في الكبرى (4/66) عنه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم عن أبيه مرفوعاً .
ورواية هشام أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الجنائز / باب 82 (2/488) وفي كتاب الدُّعاء / باب 118 (6/98) وأحمد في المسند (4/170 و412) وابن أبي عاصم في الآحاد (4/204) والنَّسائي في الجنائز / باب الدُّعاء من الصُّغرى (1986) والكبرى (1/643) وابن الجارود في المنتقى كتاب الجنائز (541) والطَّبراني في الدُّعاء (1166) .
ورواية محمد بن يعقوب أخرجها الطَّبراني في الدُّعاء (1169) .
ورواية عكرمة أخرجها النَّسائي في الكبرى (6/266) والحاكم في المستدرك (1/358) - وصحَّحه - والبيهقي في الكبرى (4/67) .
ورواية همَّام أخرجها أحمد في المسند (4/170و5/299و308) وابن أبي عاصم في الآحاد (4/203) والنَّسائي في الكبرى (6/267) والطَّبراني في الدُّعاء (1171) والبيهقي في الكبرى (4/68) والمزِّي في تهذيبه (8/224) . ورواه عندَهم همَّام عن أبي سلمة مرسلاً .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مرسلاً - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (2/488) ، وعلَّقه التِّرمذي في الجامع (1024) .(1/314)
ورواه معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مرسلاً - أخرجه عبدالرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الجنائز / باب القراءة والدُّعاء ... (3/486) .
ورواه أبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم عن أبيه - أخرجه أحمد في المسند (4/70و5/308) - وعنده أيضاً عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مرسلاً - والمزِّي في تهذيبه (8/224) .
ورواه حرب بن شدَّاد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم عن أبيه - أخرجه الطَّبراني في الدُّعاء (1170) .
ورواه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه الطَّبراني في الدُّعاء (1176) .
ورواه هشام بن حَسَّان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه الطَّبراني في الدُّعاء (1175) .
ورواه عاصم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه الطَّبراني في الدُّعاء (1177) .
ورواه محمد بن ذكوان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أشار إليه ابن أبي حاتم في العلل (1/354) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه منها :-
الوجه الأول :- رواه جماعة عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، كذا رواه عنه كُلٌّ من :-
أيوب بن عتبة اليمامي ، وهو ضعيف - التَّقريب (624) ، وحديثه عن يحيى بن أبي كثير خاصة أضعف .
قال أبو زرعة الدِّمشقي : « رأيت أحمد يضعِّف حديثه عن يحيى » .
وقال أحمد : « مضطرب الحديث عن يحيى ، وفي غير يحيى » ، وقال أيضاً : « لا يقيم حديث يحيى بن أبي كثير » - التَّهذيب (1/206) .
سعيد بن يوسف الرَّحبي ، ضعيف - التَّقريب (2438) ، قال ابن طاهر : «حدَّث عن يحيى بن أبي كثير بالمناكير » - التَّهذيب (2/52) .(1/315)
خالد بن يزيد الهدادي ، قال عنه النَّسائي : « لا بأس به » - التَّهذيب (1/537) ، وكذا قال ابن حجر في التَّقريب (1703) ، وليس له في الكتب السِّتَّة حديث عن يحيى بن أبي كثير .
سويد أبي حاتم ، وقد تقدَّم ضعفه (ص3) .
الأوْزاعي وفي روايته عن يحيى كلام تقدَّم تفصيله (ص3) ، وقد اختلف عليه على أوجه أخرى حكاها الدَّارقطني ، وهذه رواية الجماعة عنه ، وصحَّحها ابن حبَّان .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) . وقد اختلف عليه على ثلاثة أوجه ، وهذا أحدها .
هشام بن حَسَّان ثقة - التَّقريب (7339) وليس له عن يحي في الكتب السِّتَّة سوى حديث واحد عند ابن ماجة (3257) .
محمد بن ذكوان الأزدي البصري ، منكر الحديث - التَّهذيب (3/558) ، وسيأتي آخر الأوجه تعليل أبي حاتم لروايته هذه .
عاصم ، ولم يتبين لي من هو ! ولم أجد - بعد البحث - في الرُّواة عن يحيى بن أبي كثير من اسمه عاصم .
وهذا الوجه صحَّحه ابن حبَّان بناءً على صحَّة إسناده ، ولأنَّ يحيى روى عشرات الأحاديث عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في كتب الحديث عامة .
وهذا الوجه على كثرة طرقه لا يخلو من علَّة كما هو ظاهر ، مع ما فيه من
سلوك للجادة ، وسيأتي في آخر الأوجه أنَّ أصله مرسل .
الوجه الثاني :- رواه عكرمة بن عمَّار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها .
وبهذا السَّند حديث واحد أخرجه مسلم والخمسة ، ولعكرمة عن يحيى عدة أحاديث في الكتب السِّتَّة عدا البخاري فقد علق له فحسب ، وفات المزِّيَّ الرمزُ للتِّرمذي والنَّسائي .
وعكرمة قال عنه ابن رجب : « ثقة لكنَّ حديثه عن يحيى بن أبي كثير خاصَّة مضطَّرب لم يكن عنده في كتاب ، قاله يحيى القطَّان وأحمد والبخاري وغيرهم » - شرح العلل (2/487) .
وقال حرب عن أحمد : « عكرمة بن عمار ليس في يحيى بن أبي كثير بذاك » - رواية حرب (2311) .(1/316)
وقال أبو زرعة الدِّمشقي : « سمعت أحمد يضعف رواية أيوب بن عتبة وعكرمة ابن عمَّار عن يحيى بن أبي كثير » .
وقال ابن المديني : « أحاديث عكرمة عن يحيى بن أبي كثير ليست بذاك ، مناكير ، كان يحيى بن سعيد يضعِّفها » .
وقال البخاري : « مضطَّرب في حديث يحيى بن أبي كثير ، ولم يكن عنده كتاب » .
وقال أبو داود : « ثقة ، وفي حديثه عن يحيى بن أبي كثير اضِّطراب » .
وقال أبو حاتم : « في حديثه عن يحيى بن أبي كثير بعض الأغاليط » .
وقال ابن حبَّان : « في روايته عن يحيى بن أبي كثير اضِّطراب ، كان يحدِّث من غير كتاب » - التَّهذيب (3/133-134) .
فهذا الوجه ضعيف كما رجحه التِّرمذي في الجامع (1024) حيث قال بعد حديث الأوْزاعي : « وحديث عكرمة بن عمَّار غير محفوظ ، وعكرمة ربما يهم في حديث يحيى » .
الوجه الثالث :- رواه شيبان (ص3) عن يحيى بن أبي كثير عن المهاجر بن عكرمة عن أبي هريرة .
والمهاجر ذكره ابن حبَّان في الثِّقات ، وقال عنه أبو حاتم : « ليس بالمشهور » .
وقال الخطَّابي : « ضَعَّفَ الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق حديث مهاجر ... لأن مهاجراً عندَهم مجهول » - التَّهذيب (4/164) .
وقد تقدَّم (ص3) أنَّ أبا حاتم قال عن يحيى بن أبي كثير إنَّه لا يروي إلا عن ثقة .
وهذه الرِّواية من شيبان فيها نظر حيث خالف كلَّ أصحاب يحيى بن أبي كثير من الثِّقات والضُّعفاء . وليس في الكتب السَّبعة حديث بمثل هذا الإسناد ، ولم أجد - بعد البحث - من خرَّج هذه الرِّواية عن شيبان ، فهذا الوجه لا يصح .
الوجه الرابع :- رواه همَّام عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه أبي قَتادة - رضي الله عنه - . فسمى أبا إبراهيم : عبد الله بن أبي قَتادة .
وهَمَّام من كبار أصحاب يحيى الثِّقات .(1/317)
قال أحمد : « همَّام ثقة ، وهو أثبت من أبان العطَّار في يحيى بن أبي كثير » ، وقال ابن عدي : « هو مقدَّم في يحيى بن أبي كثير » - التَّهذيب (4/284و285) . وخالف أحمدَ البَرْديجي فقال : « أبانُ أمثلُ من همَّام » - شرح العلل (2/487)
وقد أخرج الشيخان لهمَّام عن يحيى بن أبي كثير بعض الأحاديث . ولعلَّ هَمَّاماً حدَّث بهذا الوجه من حفظه فأخطأ فيه .
قال يزيد بن زُرَيع : « همَّام حفظه رديء ، وكتابه صالح » . وقال السَّاجي : «صدوق سَيِّء الحفظ ، ما حدَّث من كتابه فهو صالح ، وما حدَّث من حفظه فليس بشيء » - التَّهذيب (4/285) .
وهذا الوجه غريب ، حيث قال التِّرمذي للبخاري : « فالذي يقول هو عبد الله ابن أبي قَتادة ! فأنكر أن يكون هو عبد الله بن أبي قَتادة ، وقال : أبو قَتادة هو سلمي ، وهذا أشهلي » - الكبرى للبيهقي (4/68) .
وقال ابن أبي حاتم : « توهَّم بعض النَّاس أنه عبد الله بن أبي قَتادة ، وغلط ، فإنَّ أبا قَتادة من بني سلمة ، وأبو إبراهيم رجا من بني عبد الأشهل » - العلل (1/364) .
ويسند ما قَالاه ما يأتي في الوجه الخامس .
فهذا الوجه من همَّام معلٌّ مخالف لكل من رواه عن يحيى من أصحابه . ولعل هَمَّاماً سلك الجادَّة ، حيث إنَّ يحيى روى عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه عدة أحاديث ذكرها المزِّي في التحفة (9/251-259) ، ولذا ضَعَّفَ الدَّارقطني هذا الوجه كما سبق .
وَضَعَّفَ البخاري جميع هذه الأوجه فقال : « وحديث أبي سلمة عن أبي هريرة ، وعائشة وأبي قَتادة - رضي الله عنهم - في هذا الباب غير محفوظ ... » - الكبرى للبيهقي (4/68) .
الوجه الخامس :- رواه جماعة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه . كذا رواه كُلٌّ من :-
الأوْزاعي (ص3) - في وجه عنه صحَّحه التِّرمذي - .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) ، وهذا الوجه الثاني عنه .(1/318)
محمد بن يعقوب اليمامي ، ذكره ابن حبَّان في الثِّقات (9/46) ، وسكت عنه البخاري في تاريخه (1/267) وابن أبي حاتم في الجرح (8/121) ، وقال ابن عدي : « بعض أحاديثه فيه نكارة » - الكامل (7/363) ، وكلُّ الأحاديث التي ذكرها ابن عدي لمعانيها شواهد .
أبان العطَّار ، تقدَّم (ص3) أنَّ البَرْديجي قدمه على همَّام ، وكذا قال أبو حاتم الرَّازي .
وقال أحمد : « ثبت في كلِّ المشايخ » ، وقال أيضاً : « هو أحب إليَّ من شيبان » - التَّهذيب (1/56-57) ، وقال أحمد - في رواية : « هو مثل همَّام » - شرح العلل (2/486) .
وقد اعتمده مسلم والخمسة في كثير من الأحاديث عن يحيى بن أبي كثير ، أمَّا البخاري فإنَّما علَّق له في المتابعات ، وكأن هذا يومئ إلى نزول درجته في يحيى بن أبي كثير عنده .
حرب بن شدَّاد (ص3) .
وهذا الوجه عن يحيى بن أبي كثير واضح قوته وكثرة رواته ، ولذا رجَّحه البخاريُّ فقال : « أصحُّ الرِّوايات في هذا : حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه » - جامع التِّرمذي (1024) . وقال ابن عساكر : « المحفوظ حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه » - تاريخ دمشق (21/330) .
الوجه السادس :- رواه جماعة أيضاً عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مرسلاً .
كذا رواه كُلٌّ من :-
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) ، وهذا الوجه الثالث عنه .
همَّام (ص3) .
علي بن المبارك (ص3) .
معمر بن راشد (ص3) .
وهذا الوجه قد اجتمع فيه العدد والقوَّة ، ولذا رجَّحه أبو حاتم الرَّازي فقال عَقِبَ رواية محمد بن ذكوان السابقة : « هذا خطأ ، الحفَّاظ لا يقولون : أبو هريرة ، إنَّما يقولون أبو سلمة أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - » - العلل لابنه (1/354) .
وقال أيضاً : « لا يقول أبو هريرة ، ولا يوصله عن أبي هريرة إلا غير متقن ، والصَّحيح مرسل » - العلل لابنه (1/357) .(1/319)
ورجَّح الدَّارقطني كما سبق الوجهين الأخيرين ، وأنَّ يحيى بن أبي كثير إن وصله فبإبراهيم عن أبيه ، وإن أرسله فعن أبي سلمة ، وما عداه فلا يصحُّ ، وما قاله أقرب ، وهو يجمع بين كلام البخاريِّ وأبي حاتم .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني وغيره ، إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم عن أبيه ، وعن أبي سلمة مرسلاً ، وأبو إبراهيم تفرد عنه يحيى بالرِّواية ، وقال أبو حاتم عنه : « مجهول هو وأبوه » - العلل (1/363) .
وقد تقدَّم (ص3) أن أبا حاتم قال عن يحيى بن أبي كثير إنه لا يروي إلا عن ثقة .
وتصحيح التِّرمذي لحديثه - كما سبق – يدلُّ على قوته عنده ، ويدلُّ على أنَّ أباه صحابي عنده ، وقد صرَّح بالسَّماع من النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في رواية هشام الدَّسْتَوائي عند أحمد (4/170) ، فالسَّند حسن .
ولحديث أبي سلمة عن أبي هريرة طريق آخر رواه عنه محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيمي - أخرجه ابن ماجة في السُّنن (1498) وابن ماسي في فوائده عن شيوخه (20) ، فخالف محمد هنا يحيى بن أبي كثير فأسنده . وقد تقدَّم قول أبي حاتم : « الحفَّاظ لا يقولون : أبو هريرة ، إنَّما يقولون أبو سلمة أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - » .
ومحمد وإن كان ثقة ، فقد قال عنه أحمد : « يروي أحاديث مناكير أو منكرة» - التهذيب (3/489) ، والرَّاوي عنه هو ابن إسحاق ، وقد عنعن ، وهو يدلِّس – التَّقريب (5762) ، ففي ثبوت هذا الطريق نظر .
ولم أجد - بعد البحث - له شاهداً بلفظه ، أما الدُّعاء في صلاة الجنازة فثابت في أحاديث أخر .
الحديث الرابع
وسئل عن حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » أول ثلاثة يدخلون الجنة هم :- فقير عفيف ، وإمام مقسط ، وعبد أحسن عبادة ربه ، وأطاع مولاه .(1/320)
وعن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » اقرأوا القرآن ولا تأكلوا به ، ولا تستكثروا به ، ولا تجفوا عنه ، ولا تغلوا فيه « .
فقال :
» رواه مغيرة السَّراج عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبيه - رضي الله عنه - المتن الأول .
ووهم فيه .
والحفَّاظ من أصحاب يحيى يروونه عن يحيى عن عامر العقيلي عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهو الصَّواب .
وقد حدثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول القاضي قال حدثني أبي عن حماد بن يحيى الأبحِّ السلمي البصري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبيه - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : » اقرؤوا القرآن ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به ولا تجفوا عنه ولا تغلوا « .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : » أول ثلاثة يدخلون الجنَّة : ذو عيال عفيف متعفِّف وإمام مسقط وعبد أحسن عبادة ربه ونصح لسيِّده ، وأول ثلاثة يدخلون النَّار ذو ثروة من مال لا يعطي حقَّ ماله وفقير فجور وإمام جائر « .
كذا قال عن يحيى عن أبي سلمة عن أبيه - رضي الله عنه - .
وفيه وهمٌ من وجهين :-
أحدهما :- أنَّ أول الحديث رواه يحيى عن زيد بن سلام عن جده أبي سلام عن عبد الرحمن بن شبل - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وثانيهما أنَّ الحديث الثاني رواه يحيى عن عامر العقيلي عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وسئل عن حديث يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » أوَّل من يدخل النَّار ثلاثة :- ذو ثروة من المال لا يعطي حقَّ الله تعالى ، وفقير فخور ... « وذكر الثالث .
فقال : يرويه [ خليل بن مرة عن ] (1) يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ووهم فيه .
__________
(1) سقط من المطبوع .(1/321)
وخالفه حميد بن مهران المالكي وهشام الدَّسْتَوائي وعلي بن المبارك وأبان العطَّار وشيبان ، رووه عن يحيى بن أبي كثير عن عامر بن عقبة العقيلي عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهو الصَّواب ...
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : »اقرأوا القرآن ، لا تأكلوا به ولا تستكثروا به ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه « .
فرواه الضَّحاك بن نبراس البصري - وهو ضعيف - عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ووهم فيه . والصَّحيح :
3- عن يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد عن عبد الرحمن بن شبل - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ... « (1) .
التَّخْرِيج
رواية حماد الأبح أخرجها البزَّار في المسند (3/253) والدَّارقطني في الأفراد (1/353-أطرافه) .
ورواية الخليل أخرجها ابن عدي في الكامل (5/176-177) والدَّارقطني في الأفراد (5/327-أطرافه) – من طريق طلحة بن زيد عنه به – ، وقال الدَّارقطني : « تفرَّد به الخليل » .
ورواية هشام الدَّسْتَوائي أخرجها الطَّيالسي في المسند (2567) وابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الأوائل (7/268) وأحمد في المسند (2/425) وابن حبَّان في التَّقاسيم (10/151و513و16/233-إحسان) والحاكم في المستدرك كتاب الزكاة (1/387) وتمام في فوائده (2/146) وابن بشران في أماليه (842) والبيهقي في الكبرى كتاب الزكاة / باب 1 (4/138) وابن عساكر في تاريخه (51/152) .
ورواية علي أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الجهاد / باب 1 (4/205) وأحمد في المسند (2/479) والتِّرمذي في الجامع كتاب الجهاد / باب 13 (1643) – وحسنَّه - .
ورواية الضَّحاك أخرجها الطَّبراني في الأوسط (8/344) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
الطرف الأول :-
__________
(1) العلل (ج1/ل110وج3/ل96و98)(4/272و9/269و 278) .(1/322)
رواه الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عامر عن أبيه عن أبي هريرة – أخرجه تمام في فوائده (1/193) وابن عساكر في تاريخه (15/421) .
ورواه حميد بن عبد الرحمن الكندي عن يحيى بن أبي كثير عن عامر عن أبيه عن أبي هريرة – أخرجه الخطيب في المتفق (1/717) .
الطرف الثاني :-
رواه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل – أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الصَّلاة / باب الرجل يقوم بالنَّاس ... (2/168) وأحمد في المسند (3/428) وابن منيع في المسند كما في إتحاف الخيرة (4/205) والبيهقي في الشعب (6/386) .
ورواه أيوب عن يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن ابن شبل – أخرجه أشار ابن أبي حاتم في العلل (2/63) وأخرجه الطَّبراني في الأوسط (3/86) .
ورواه أبان عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده أبي سلام ممطور عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل – أخرجه ابن أبي شيبة في المسند كما في إتحاف الخيرة (4/206) وأحمد في المسند (3/444) وأبو يعلى في المسند (3/88) وفي المفاريد (30) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب النِّكاح / باب التزويج على سورة (3/18) وابن قانع في المعجم (2/175) والطَّبراني في الكبير (19/314) والبيهقي في الكبرى كتاب الصَّلاة / باب وجوب تعلم ... (2/27) وفي الشعب (2/532) .
ورواه همَّام عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده أبي سلام ممطور عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل – أخرجه أحمد في المسند (3/444) ، وذكر ابن حجر أنه في المسند مرسلاً – إتحاف المهرة (10/613)
ورواه معمر عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده أبي سلام ممطور عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل – أخرجه في الجامع (10/387-المصنف) ، ومن طريقه عبد بن حميد (314) وأحمد (3/444) – كلاهما في المسند – والبيهقي في الكبرى (2/72) .(1/323)
ورواه علي المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده أبي سلام ممطور عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل – أخرجه الطَّحاوي في شرح المعاني (3/18) والبيهقي في الكبرى (2/206) وفي الشُّعب (2/206) .
ورواه موسى بن خلف عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن جده أبي سلام ممطور عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل – أخرجه أحمد في المسند (3/444) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في هذا الحديث بسنده ومتنيه .
فجمع بين المتنين في إسناد واحد حماد بن يحيى الأبح ، حيث جعله عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - .
ووهَّم الدَّارقطني هذا الوجه كما سبق ، وذلك لقرائن منها :-
أن حماداً ضعيف – التَّهذيب (1/486) .
أنه لم يذكر في أصحاب يحيى بن أبي كثير بل ليس له عنه رواية في الكتب السِّتَّة .
أنه ليس ليحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبيه عبد الرحمن بن عوف كثير حديث ، بل لا يوجد في الكتب السَّبعة حديث بهذا الإسناد ، فهو غريب جداً . وقد صرَّح البخاري وابن معين بأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه عبد الرحمن بن عوف كما في جامع التَّحصيل (ص213) ، فهو منقطع أيضاً .
مخالفته كلَّ من روى الحديث عن يحيى من أصحابه الكبار ، حيث قسموا الحديث متنين بإسنادين كما سيأتي تفصيله .
فهذه قرائن وهمه في هذا الحديث .
أما الخلاف في طرفي الحديث فعلى النَّحو التالي :-
الطرف الأول :-
اختلف على يحيى بن أبي كثير فيه على ثلاثة أوجه :-
الوجه الأول :- رواه جماعة من أصحاب يحيى بن أبي كثير عنه عن عامر العقيلي عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - . كذا رواه كُلٌّ من :-
حميد بن مهران المالكي ، وهو ثقة – التَّقريب (1569) .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
علي بن المبارك (ص3) .
أبان العطَّار (ص3) .
الأوْزاعي (ص3) .
شيبان (ص3) .(1/324)
وهذا الوجه اختاره الدَّارقطني لقوَّة رواته في يحيى ، ولكثرة عددهم .
الوجه الثاني :- رواه مغيرة بن مسلم السَّرَّاج عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبيه عبد الرحمن بن عوف . وهذا الوجه معلٌّ بأمور منها :-
أن مغيرة ليس في درجة من خالفه في الحفظ والقوة ، فهو صدوق – التَّقريب (6898) .
أنه لم يذكر في أصحاب يحيى ، بل ليس له في الكتب السِّتَّة عنه شيءٌ .
أَنَّ هذا السَّند الذي أتى به غريب كما سبق (ص3) .
مخالفته للجماعة من أصحاب يحيى ، وهو واحد .
الوجه الثالث :- رواه خليل بن مرة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنهم - .
وَضَعَّفَ الدَّارقطني هذا الوجه لقرائن منها :-
مخالفته كل أصحاب يحيى الكبار .
أنه ضعيف في يحيى كما سيأتي (ص3) .
سلوكه للجادة ، لكثرة ما روى يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة .
أنَّ الرَّاوي عنه هو طلحة بن زيد ، وهو متروك . قال عنه أحمد وعلي وأبو داود : « كان يضع الحديث » - التَّقريب (3037) .
فهذان الوجهان الأخيران لا يثبتان عن يحيى بن أبي كثير ، كما قال الدَّارقطني ، والرَّاجح هو الوجه الأول لهذا الطرف من الحديث .
الطرف الثاني :-
اختلف فيه على يحيى بن أبي كثير على ثلاثة أوجه أيضاً :-
الوجه الأول :- رواه الضَّحاك بن نَبْراس عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، وهذا الوجه ضعفه الدَّارقطني ، ولذلك قرائن منها :-
أن الضَّحاك ضعيف كما قال الدَّارقطني ، وسبقه إلى ذلك ابن معين وغيره ، بل قال النَّسائي : « متروك » - التَّهذيب (2/227) ، ولم يخرِّج له أصحاب الكتب السِّتَّة شيئاً أصلاً .
مخالفته كل من رواه عن يحيى من أصحابه الثِّقات .
سلوك الجادَّة ، لكثرة ما روى يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
الوجه الثاني :- رواه اثنان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد الحبراني عن عبدالرحمن بن شبل - رضي الله عنه - ، وهما :-(1/325)
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
أيوب السخياني ، وهو ثقة حافظ بصري – التَّهذيب (1/200) . وقد أخرج له مسلم عن يحيى ثلاثة أحاديث ، بينما قال ابن معين : « ما روى أيوب – يعني السختياني - عن يحيى بن أبي كثير شيئاً فيه خير » - شرح العلل (2/487) .
وهذا الوجه على قوته عن يحيى مخالف لرواية الجماعة الآتي ذكرها .
ولم يتبين لي هل سمع يحيى من أبي راشد أم لا ، حيث لم يذكر في شيوخه ، وليس له في الكتب السِّتَّة رواية عنه .
وهذا الوجه رجَّحه الدَّارقطني كما سبق ، وصحَّحه أبو حاتم الرَّازي حيث سأله ابنُه عن رواية أيوب والجماعة فقال : « كلاهما صحيح ، غير أن أيوب ترك من الإسناد رجلين » - العلل لابن أبي حاتم (2/63) .
الوجه الثالث :- رواه جماعة من أصحاب يحيى بن أبي كثير عنه عن زيد بن سلام عن جده أبي سلام ممطور عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل - رضي الله عنه - .
كذا رواه كُلٌّ من :-
أبان (ص3) .
همَّام (ص3) .
معمر (ص3) .
علي بن المبارك (ص3) .
موسى بن خلف (ص3) .
ويظهر أَنَّ هذا الوجه أقوى الأوجه وأرجحها لقرائن منها :-
أن رواته أكثر من رواة الوجهين الأوليين .
أن اجتماعهم على زيادة : « زيد عن جده » في السَّند يدل على أن يحيى إنَّما رواه كذلك . والخطأ من الجماعة أبعد من الواحد والاثنين .
أن ليحيى بن أبي كثير عن زيد عن جده أحاديث في صحيح مسلم وغيره ، فهذا السَّند مشهور ، أمَّا نفي ابن معين سماع ابن أبي كثير من زيد فيجاب عنه بأن أحمد وأبا حاتم أثبتاه كما جامع التَّحصيل (880) ، وقد صرَّح عند مسلم (223) والنَّسائي (5140) .
أن رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد ليست بالمشهورة كما سبق من قبل .(1/326)
فدلَّ ذلك جملة على أَنَّ هذا الوجه أصح وأقوى مما اختاره الدَّارقطني ، ولعله حكم بذلك في مقابل رواية الضَّحاك لا مطلقاً ، حيث إنَّه لم يشر إلى رواية الجماعة ، واختيار أبي حاتم أصح من اختياره وأقرب ، لأن الوجه الثاني قوي براوييه ، واجتماع اثنين على إسقاط : « زيد عن جده » بعيد الاحتمال ، لذا صار القول بصحة الوجهين الأخيرين عن يحيى بن أبي كثير أقوى ، وأن يحيى دلَّس بإسقاط ما ذكر في الوجه الثالث ، وقد تقدَّم في ترجمته (ص3) أنه ربما فعل ذلك .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث بطرفه الأول إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن عامر العقيلي عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وعامر وأبوه قال عن كلٍ منهما ابن حجر : « مقبول » - التَّقريب (3123و4692) .
وحسَّن التِّرمذي حديثهما هذا ، وصحَّحه ابن حبَّان ، فالسَّند جيد .
وبطرفه الثاني رواه يحيى بن أبي كثير عن زيد عن جده عن أبي راشد عن عبدالرحمن بن شبل - رضي الله عنه - ، وربما أسقط زيداً وجدَّه تدليساً ، وبذكرهما السَّند صحيح ، وما عداه من أوجه فمعلَّة ، والله أعلم .
الحديث الخامس
وسئل عن حديث إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يقول الله : أنا الرحمن ، وهي الرحم ، شققت لها من اسمي ، فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها قطعته « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فرواه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ أن أباه حدثه عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - .
ورواه شيبان عن يحيى قال : حدثني إبراهيم بن عبد الله بن قارظ أن رجلاً أخبره عن عبد الرحمن - رضي الله عنه - .
وكذلك قال أبان عن يحيى .
واختلف عن الأوْزاعي .
19. وقال عكرمة بن عمَّار عن يحيى حدثني نسيب لعبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن - رضي الله عنه - .(1/327)
وقد اختلف أصحاب يحيى عليه فيه . وأحسنهم قولاً عنه ما قاله شيبان وأبان ، والله أعلم « (1) .
التَّخْرِيج
رواية هشام أخرجها أحمد (1/191و194) وأبو يعلى (2/155) – كلاهما في المسند – والخرائطي في مساوئ الأخلاق (264) والهيثم بن كليب في المسند (253) والحاكم في المستدرك كتاب البر (4/157) والضِّياء في المختارة (3/95) ، وصحَّح سنده ابن حجر في التَّهذيب (1/604) .
ورواية شيبان أخرجها البخاري في تاريخه الكبير (1/312) .
ورواية أبان أخرجها البرتي في مسند عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - كما في حاشية العلل للدارقطني (4/295) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن يحيى لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه :-
الوجه الأول :- رواه هشام الدَّسْتَوائي (ص3) عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - .
وإبراهيم ذكره ابن حبَّان في الثِّقات ، وأخرج له مسلم – التَّهذيب (1/72) .
وأبوه لم أجده بعد البحث ، ولم يتبيَّن لي هل سمع من ابن عوف - رضي الله عنه - أم لا ؟
وخالفه أصحاب يحيى كما سيأتي ، فأبهموا شيخ إبراهيم عدا الأوْزاعي، الذي اضطرب في روايته هذه ، ولم يرجح الدَّارقطني عنه شيئاً ، وقد تقدَّم (ص3) أنه في يحيى ليس بذاك القوي .
الوجه الثاني :- رواه شيبان (ص3) وأبان (ص3) عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم أن رجلاً أخبره عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - .
وهذا الوجه أقوى من سابقه من حيث العدد .
الوجه الثالث :-رواه عكرمة بن عمَّار فأسقط إبراهيم ، وجعله عن يحيى قال : حدثني نسيب لعبد الرحمن .
وهذا الوجه أضعف الأوجه ، حيث إنَّ كل من رواه عن يحيى جعله عن إبراهيم .
وعكرمة قد تقدَّم (ص3) أنه مضطَّرب الرِّواية عن يحيى ، فروايته هذه مرجوحة .
__________
(1) العلل (ج1/ل74)(3/23و25) .(1/328)
بقي أن الدَّارقطني رجَّح رواية شيبان وأبان على رواية هشام الدَّسْتَوائي ، ولعل هذا لأنهما من كبار أصحاب يحيى ، مع اجتماعهما على وجه واحد ، ومتابعة عكرمة لهما في الإبهام . وعلى كلٍ قولهما ليسا بالمتباعدين .
أما قول الضِّياء المقدسي : « لو أن الدَّارقطني رحمه الله قال : وأحسنهم قولاً هشام كان أولى ، لأن شيبان وأبان – في روايتهما – لم يبين لهما إبراهيم من هو المخبر له ، وفي رواية هشام أنه بين له أن المخبر له أبوه ، والله أعلم » - المختارة (3/95) .
كذا قال ! وليس هذا من علم العلل في شيء كما هو معلوم ، فليس من سمَّى مبهماً مخالفاً لرواية الجماعة في شيخ واحد ، يكون قوله راجحاً .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، رواية شيبان وأبان أقوى الرِّوايات عن يحيى في هذا الحديث ، وفي السَّند مبهم ، فهو ضعيف .
وللحديث طريق آخر اختلف فيه على الزُّهري ، وساق الخلاف فيه الدَّارقطني في العلل (4/262-265) ، ولا تخلو طرقه من علة ، ولعل الوجهين يتقويان معاً ، والله أعلم .
الفصل الثالث
أحاديث مسند أبي هريرة - رضي الله عنه -
الحديث الأول
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » يقال لقارئ القرآن : اقرأ وارقه ... « الحديث .
فقال : » يرويه شريك عن عبد الله بن عيسى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
20. قاله الحمَّاني عن شريك .
وغيره يرويه عن يحيى بن أبي كثير عن رجل من أصحاب النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وهو أشبه بالصَّواب « (1) .
التَّخْرِيج
لم أجد - بعد البحث - تخريجاً للرِّوايات التي ذكرها الدَّارقطني .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
__________
(1) العلل (ج2/ل138)(8/12) .(1/329)
رواه عبد الرزاق في المصنف (3/374) عن معمر عن يحيى بن أبي كثير قال : « بلغنا ... ثم يقال : اقرأ وارق ، فمن كان يرتِّله فبحساب ذلك ومن كان يهذُّه فبحساب ذلك » .
الدِّرَاسَة
روى عبد الله بن عيسى هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنهم - .
ورجَّح الدَّارقطني أنه عن يحيى بن أبي كثير عن رجل من أصحاب النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وهذا سند منقطع حيث إنَّ يحيى لم يسمع من الصحابة كما سبق في ترجمته (ص3) .
ويترجَّح قول الدَّارقطني بأمور منها :-
رواية من خالفه في يحيى كما أشار إليه الدَّارقطني ، وإن لم يسمِّه .
رواية معمر التي جعلت النَّص بلاغاً ليحيى بن أبي كثير ، ومعمر من أصحاب يحيى بن أبي كثير كما سبق (ص3) .
أن عبد الله بن عيسى ، وإن كان ثقة – التَّهذيب (2/400) ، فليس من أصحاب يحيى ، وليس له عنه رواية في الكتب السِّتَّة .
أن في السَّند إليه الحماني ، وهو يحيى بن عبد الحميد ، عنده عن شريك سبعة آلاف حديث ، وكان مستملياً له ، وقد اتهمه جماعة من حفَّاظ الحديث بسرقته – التَّهذيب (4/370-374) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، حيث إنَّه أعلم به ، ولم أقف - بعد البحث - على شيء يخالف ما ذكره .
وللحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - طريق آخر رواه عنه أبو صالح بلفظ : « ... فيقال له اقرأ وارق وتزاد بكل آية حسنة » - أخرجه الترمذي في جامعه (2915) وصحَّحه ، إلا أنه رجَّح وقفه بعد ذلك !
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - مرفوعاً بلفظ : « يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإنَّ منزلتك عند آخر آية تقرؤها » - أخرجه التِّرمذي في جامعه (2914) وأبو داود في سننه (1464) ، والله أعلم .
الحديث الثاني
وسئل عن يروى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : »توضؤا مما غيَّرت النَّار « .(1/330)
فقال : » ... ورواه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فرواه الحسن بن أبي جعفر عن أيوب عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وتابعه هارون بن موسى النحوي ، واختلف عنه .
21. فرواه أبو قتيبة عن هارون النَّحوي عن معمر عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وكذلك قال موسى بن خلف عن يحيى .
وقال مسكين بن بكير عن هارون عن يحيى .
لم يذكر بينهما معمراً .
وخالفه حسين المعلم وأبان بن يزيد العطَّار ، فروياه عن يحيى بن أبي كثير عن الأوْزاعي عن المطَّلب بن حنطب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهو أشبه بالصَّواب « (1) .
التَّخْرِيج
رواية أبي قتيبة أخرجها الطَّبراني في الأوسط (2/353) .
ورواية حسين أخرجها أحمد في المسند (2/529) والنَّسائي في الصُّغرى كتاب الطَّهارة / باب الوضوء مما غيرت النار (174) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الطَّهارة / باب أكل ما غيرت النار ... (1/63) .
ورواية أبان أخرجها الطَّحاوي في شرح المعاني (1/63) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه عبد العزيز بن الحصين عن أيوب عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنهم - – أخرجه الطَّبراني في الأوسط (1/220) .
ورواه عبيد الله بن الأخنس عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنهم - – أخرجه الدَّارقطني في الأفراد (5/321-أطرافه) .
ورواه أبان العطَّار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سفيان بن سعيد بن المغيرة عن أمِّ حبيبة – أخرجه أحمد في المسند (6/326) وأبو داود في سنن كتاب الطَّهارة / باب 77 (197) والطَّبراني في الكبير (23/239) .
ورواه حرب بن شدَّاد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سفيان ابن سعيد بن المغيرة عن أمِّ حبيبة – أخرجه أحمد في المسند (6/427) والطَّحاوي في شرح المعاني (1/62-63) .
الدِّرَاسَة
__________
(1) العلل (ج2/ل142)(8/32) .(1/331)
اختلف على يحيى بن أبي كثير في الواسطة بينه وبين أبي هريرة - رضي الله عنه - في هذا الحديث على ثلاثة أوجه ، ذكر الدَّارقطني منها وجهين اثنين :-
الوجه الأول :- رواه أربعة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وهم :-
أيوب السختياني (ص3) .
موسى بن خلف ، مختلف كما سبق (ص3) .
عبيد الله بن الأخنس ، قال عنه أحمد وابن معين وأبو داود والنَّسائي : « ثقة » ، بينما قال ابن حبَّان : « يخطئ كثيراً » - التَّهذيب (3/5) . وليس له عن يحيى في الكتب السِّتَّة شيءٌ .
معمر (ص3) – في رواية أبي قتيبة عن هارون بن موسى النحوي عنه - .
وأبو قتيبة هو سلم بن قتيبة ، صدوق – التَّقريب (2484) .
وخالفه في هارونَ مسكينُ بنُ بكير ، فأسقط معمراً ، ومسكينٌ صدوق يخطئ – التَّقريب (6659) .
فرواية أبي قتيبة أصحُّ عن هارون ، إلا أنَّ هارون قد خالفه في معمر إسماعيلُ ابنُ عُلَيَّةَ وعبد الرَّزَّاق ، روياه عن معمر عن الزُّهري عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن أبي سلمة عن أبي هريرة – أخرجه النَّسائي في الصُّغرى (171) .
وتابعهما عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، – أخرجه الطَّحاوي في شرح المعاني (1/63) ، بإسقاط الواسطة من السَّند ، فالرِّواية عن معمر هذه لا تصحُّ عن يحيى بن أبي كثير أصلاً ، لأنَّ مَن خالف هارون جماعة أوثق في معمر منه .
وهذا الوجه عن يحيى فيه نظر لقرائن منها :-
أنَّ احتمال سلوك الجادَّة فيه ظاهر .
أنَّه لا يسلم إلا من رواية أيوب ، للعلة التي في رواية معمر ، وضَعْفِ موسى .
مخالفته لما رواه أصحاب يحيى الثِّقات الآتي ذكرهم .
الوجه الثاني :- رواه اثنان عن يحيى بن أبي كثير عن الأوْزاعي عن المطلب بن عبدالله بن حَنْطَب عن أبي هريرة . كذا رواه كُلٌّ من :-
أبان العطَّار (ص3) .
حسين بن ذكوان المعلِّم .(1/332)
قال عنه ابن معين وأبو حاتم والنَّسائي والدَّارقطني : « ثقة » ، وقال عنه يحيى القطَّان : « فيه اضِّطراب » ، وتبعه العقيلي بقوله : « ضعيف مضطَّرب الحديث » - التَّهذيب (1/423) . وسئل أحمد عن أصحاب يحيى فذكره بعد هشام الدَّسْتَوائي في جماعة بقوله : « هؤلاء ثقات » ، وقال أبو حاتم : « سألت علي بن المديني من أثبت أصحاب يحيى ؟ قال : هشام الدَّسْتَوائي ، قلت : ثم من ؟ قال الأوْزاعي وحجَّاج الصَّوَّاف وحسين المعلم » - شرح العلل (2/486-487) .
وقد أخرج الشيخان له عدة أحاديث عن يحيى ، فالرَّجل ثقة له بعض الأوهام عن غير يحيى ، وقد توبع هنا ، فانتفى اضَّطرابه في هذا الحديث .
ورجَّح الدَّارقطني روايتهما ، ولعل هذا يعود إلى قرائن منها :-
قوتهما في يحيى .
أنَّ روايتهما عن يحيى مشهورة بخلاف السَّابقين .
أنَّ سند السَّابقين جادة ، فسلوكها – وهماً – واردٌ .
أنَّ رواية السَّابقين لم تخرج إلا في المصادر المتأخِّرة ، فإعراض الحفَّاظ المتقدِّمين عنها دليل على عدم شهرتها أو ضعفها عندهم .
وهذا الوجه فيه انقطاع حيث إنَّه اختلف في سماع المطلب من الصحابة .
قال أبو حاتم : « عامة حديثه مراسيل » ، وقال أيضاً : « لم يدرك أحداً من الصحابة إلا سهل بن سعد ومن في طبقته » ، وقال ابن سعد : « ليس له لقي » - التَّهذيب (4/93) .
ولم أجد - بعد البحث - ما يثبت سماعه من أبي هريرة ، ورواية يحيى بن أبي كثير عن الأوْزاعي ، من رواية الأكابر عن الأصاغر لأنه من شيوخه ، وله حديث آخر عند البخاري في الأدب المفرد (720) .
الوجه الثالث :- رواه اثنان – أيضاً – عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سفيان بن سعيد بن المغيرة عن أمِّ حبيبة . كذا رواه كُلٌّ من :-
أبان (ص3) .
حرب بن شدَّاد (ص3) .
وهذا الوجه قوي – أيضاً – عن يحيى بن أبي كثير ، ولم يعرِّج الدَّارقطني عليه .(1/333)
... وأبو سفيان تفرَّد بذكره ابن حبَّان في الثِّقات – التَّهذيب (4/530) فيما يطهر ، ففي السَّند جهالة هذا الرجل .
وقد تابع يحيى على هذا الوجه عن أبي سلمة : الزُّهري – أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (1/53) والنَّسائي (180و181) وغيرهما من طرق عنه . وهذا مما يؤيِّد صحة هذا الوجه عن يحيى بن أبي كثير ، بل لعله أقوى الأوجه ، حيث إنَّ أبان رواه عن يحيى على الوجهين .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر منه صحة وجهيه الأخيرين عن يحيى ، لتعدُّد رواته وقوتهم في يحيى ، ولأنَّ يحيى مكثر ، يحمل مثله هذه الطُّرق ، وبالوجهين يقوى هذا الحديث من رواية يحيى ابن أبي كثير له . أما الوجه الأول فالأقرب ضعفه .
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجه مسلم في صحيحه (352) عن عبد الله بن إبراهيم بن قارظ عنه .
وله شاهدان عن زيد بن ثابت وعائشة رضي الله عنهما - أخرجه مسلم في صحيحه (351و353) ، ثم أورد بعده أحاديث تدل على عدم الوجوب .
الحديث الثالث
وسئل عن حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » إذا قال الرجل لأخيه : يا كافر ، فقد باء بها أحدهما « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فرواه النَّضْر بن محمد عن عكرمة بن عمَّار عن يحيى عن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ووقفه أبو حذيفة عن عكرمة .
وغيره يرويه عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، ولا يذكر بينهما أحداً .
ويشبه أن يكون النَّضْر بن محمد حفظه عن عكرمة « (1) .
التَّخْرِيج
رواية النَّضْر أخرجها الطَّبراني في الأوسط (5/24) والحارث بن أبي أسامة في المسند وأبو نعيم في المستخرج – كما في فتح الباري لابن حجر (10/631) – وعلَّقها البخاري في الجامع الصَّحيح كتاب الأدب / باب 73 (6103) عن عكرمة .
__________
(1) العلل (ج2/ل142)(8/33) .(1/334)
ورواية أبي حذيفة أخرجها الإسماعيلي في مستخرجه كما في فتح الباري (10/631) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه علي بن المبارك عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه البخاري في الجامع (6103) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى في إسناد هذا الحديث إلى أبي هريرة - رضي الله عنه - ، أهو بواسطة عبد الله ابن يزيد الأعور عن أبي سلمة . أم عن أبي سلمة مباشرة كما هي الجادَّة ؟ وجهان اثنان .
الوجه الأول :- بالواسطة رواه عكرمة بن عمَّار ، مرفوعاً – في رواية النضر ابن محمد اليمامي . وموقوفاً في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود النَّهدي ، وهو صدوق سَيِّء الحفظ – التَّقريب (7159) ، فرواية النَّضر أصحُّ لأنَّه ثقة – التَّقريب (7198) ، وقد أخرج مسلم بها حديثاً آخر يأتي بعد قليل .
الوجه الثاني :- رواه علي بن المبارك فأسقطه ، وهو ما اختاره البخاريُّ ، وتعقَّبه الدَّارقطنيُّ برواية عكرمة التي علَّقها البخاري بعد رواية علي .
وقد أجاب ابن حجر على الدَّارقطنيِّ بقوله : « فهو عنده على الاحتمال » - هدي الساري (ص537) .
وقال أيضاً : « ودلَّ صنيع البخاري على أنَّ زيادة عبد الله بن يزيد بين يحيى وأبي سلمة في هذه الرِّواية المعلَّقة لم تقدح في رواية علي بن المبارك عن يحيى بدون ذكر عبدالله ابن يزيد عنده ، إما لاحتمال أن يكون يحيى سمعه من أبي سلمة بواسطة ثم سمعه من أبي سلمة ، وإما أن يكون لم يعتدَّ بزيادة عكرمة بن عمَّار لضعف حفظه عنده .(1/335)
وقد استدرك الدَّارقطني عليه إخراجه لرواية علي بن المبارك ، وقال : يحيى بن أبي كثير مدلس ، وقد زاد فيه عكرمة رجلاً ، والحقُّ أنَّ مثل هذا لا يُتعقَّب به البخاريُّ لأنَّه لم تخفَ عليه العلَّة ، بل عرفها وأبرزها وأشار إلى أنها لا تقدح ، وكان ذلك لأنَّ أصل الحديث معروف ومتنه مشهور مروي من عدَّة طرق ، فيستفاد منه أنَّ مراتب العلل متفاوتة ، وأنَّ ما ظاهره القدح منها إذا انجبر زال عنه القدح ، والله أعلم » - الفتح (10/631) .
وترجيح الدَّارقطني هنا فيه نظر ، ولعلَّ الأَقْرَبَ ترجيحُ رواية من أسقط عبد الله ابن يزيد كما فعل عليٌّ ، واختاره البخاريُّ ، وذلك لقرائن منها :-
أنَّ رواية يحيى بن أبي كثير عن عبد الله نادرة ، فلم يسند له من أصحاب الكتب السِّتَّة سوى أبي داود في السُّنن (3353) .
أنَّ عكرمة ضعيف في يحيى كما سبق (ص3) .
أنَّه قد اختلف عليه في رفعه ووقفه مما يدلُّ على اضطرابه فيه .
أنَّ علياً من كبار أصحاب يحيى الثِّقات كما سبق (ص3) .
أنَّ النَّضْر قد روى عن عكرمة عن يحيى - حديثاً آخر – مثل رواية علي ، أي عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنهم - ، بدون واسطة – أخرجه مسلم في صحيحه (135) .
فكلُّ هذه القرائن تؤيد اختيار البخاريِّ لا الدَّارقطني .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر منه صحةُ رواية علي بن المبارك بإسقاط عبد الله من السَّند كما اختاره البخاريُّ ، وفي ترجيح الدَّارقطني نظر لما سبق بيانه .
وقد جاء حديث أبي هريرة من طريق آخر بنحوه ، رواه عنه أبو المهزَّم مرفوعاً بلفظ : « لا يجتمع رجلان في الجنة أحدهما قال لأخيه : يا كافر » - أخرجه إسحاق في المسند (1/435) .
وأبو المهزَّم : متروك – التَّهذيب (8463) ، فهذه الرواية لا يعتدُّ بها ، والعبرة بما في الصحيح .
الحديث الرابع(1/336)
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أفطر عند قوم قال : » أفطر عندَكم الصَّائمون ، وأكل طعامكم الأبرار ، وزارتكم الملائكة « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فرواه الخليل بن مُرَّة عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
والصَّواب عن يحيى عن أنس - رضي الله عنه - ...
22. وكذلك رواه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى « (1) .
التَّخْرِيج
رواية الخليل أخرجها الدَّارقطني في الأفراد (5/326) وتمَّام في فوائده (902) ، وعلَّقه أبو نعيم في الحلية (3/72) .
ورواية هشام أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الصِّيام / باب ما قَالَوا في الصائم إذا أفطر ما يقول (2/344) وأحمد في المسند (3/118و201) والدَّارمي في كتاب الصوم / باب دعاء الصائم ... (1779) وعبد بن حميد (1234) – كلهم في مسانيدهم – والنَّسائي في الكبرى كتاب الدُّعاء / باب 8 (4/202) وفي كتاب عمل اليوم / باب 87 (6/81) وأبو يعلى في المسند (7/291) والطَّبراني في الأوسط (1/99) وفي الدُّعاء (922) والحاكم في المعرفة (ص117) والبيهقي في الكبرى الصِّيام كتاب / باب 52 (4/403) وابن عساكر في معجمه (2/773) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أنس - رضي الله عنه - – أشار إليه أبو نعيم في الحلية (3/72) ، وأخرجه ابن حبَّان في الثِّقات (8/269) .
ورواه الأوْزاعي أيضاً عن يحيى بن أبي كثير عن القاسم بن محمد عن عائشة – أخرجه الطَّبراني في الدُّعاء (926) .
__________
(1) العلل (ج2/ل142)(837) .(1/337)
ورواه هشام بن حَسَّان عن يحيى قال حُدِّثت عن أنس - رضي الله عنه - – أخرجه ابن المبارك في الزهد (1099) والنَّسائي في الكبرى (6/82) وأبو نعيم في الحلية (3/72) ، ورجَّح ابن حجر أنه الدَّسْتَوائي في النُّكت الظراف (1/431-تحفة) . وقال أيضاً : « قوله : ابن حَسَّان ، غلط ابن كوثر أو شيخه » - إتحاف المهرة (2/381) . كذا قال ابن حجر ، وهو غريب ! فالرِّواية في كتاب متقدَّم على ابن كوثر – شيخ أبي نعيم - وشيخه ، وهو الزهد لابن المبارك قال فيه : « ابن حَسَّان » !
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث .
فكل أصحاب يحيى الكبار رووه عنه عن أنس - رضي الله عنه - .
كذا رواه كُلٌّ من :-
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
الأوْزاعي (ص3) . في وجه عنه ، وفي آخر جعله عن يحيى بن أبي كثير عن القاسم عن عائشة ، وقال ابن حجر عن ذلك : « وخالف الجميعَ الأوْزاعيُّ » فذكره ، ولم يشر إلى الوجه السابق عنه – النُّكت الظراف (1/431-تحفة) .
هشام بن حسان ، وهو ثقة ، كما تقدَّم (ص3) . وروايته صريحة في الإبهام .
وخالفهم في يحيى خليلُ بن مرة ، رواه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهذا الوجه ضعيف لقرائن منها :-
أنَّ الخليل ضعيف عموماً وخصوصاً في يحيى . قال ابن حبَّان بعد ذكره لحديث هذا : « روى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - نسخة طويلة كلها مقلوبة » - المجروحين (1/282) ، بينما قال أحمد بن صالح المصري : « ما رأيت أحداً يتكلَّم فيه ، ورأيت أحاديثه عن قَتادة ويحيى ابن أبي كثير صحاحاً » وقد تقدَّم هذا النَّقل (ص3) .
سلوكه للجادة المشهورة عن يحيى .
مخالفته الأثبات عن يحيى .
أنه واحد مقابل للجماعة .(1/338)
الاختلاف عليه ، فقد ذكر الدَّارقطني في علله (8/37) أنَّ بعضهم رواه عنه كرواية الباقين ، وأنَّ طلحة بن زيد هو الذي تفرَّد بهذا الوجه عنه ، وطلحة متروك كما سبق (ص3) ، ثم رجح الدَّارقُطنيُّ عنه رواية من رواه عن أنس - رضي الله عنه - .
وقد أعلَّ الحديث عن أنس - رضي الله عنه - جماعةٌ من أهل العلم منهم أبو زرعة - فيما نقله عنه ابن أبي حاتم – حيث قال : « حديثه عنه مرسل أصح ، وهذا وهم ، يعني المرفوع » - المراسيل (906و907) . وأعلَّه الحاكم برواية ابن حَسَّان – المعرفة (ص117و118) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني إما رواه يحيى بن أبي كثير عن أنس - رضي الله عنه - ، وهذا منقطع لأن يحيى لم يسمع من أنس - رضي الله عنه - كما سبق في ترجمته (ص3) . ونصَّ عليه في خصوص هذا الحديث النَّسائي في الكبرى (4/202) عَقِبَ روايته ، وكذا قال البيهقي : « هذا مرسل ، لم يسمعه يحيى بن أبي كثير عن أنس - رضي الله عنه - ، إنَّما سمعه من رجل من أهل البصرة يقال له : عمرو بن زينب ، ويقال : ابن زينب عن أنس - رضي الله عنه - » - الكبرى (4/403) . وتابع يحيى بنَ أبي كثير في هذا الحديث عن أنس - رضي الله عنه - : ثابتٌ – أخرجه عنه أبو داود في السُّنن كتاب الأطعمة / باب الدُّعاء لربِّ الطعام (3850) .
الحديث الخامس
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : » إنَّ اليهود تقول : إنَّ العزل هو الموؤدة الصُّغرى ! فقال رسول الله : كذبت اليهود ، لو أراد الله خلقاً لم يستطع عزلها « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فرواه معتمر عن أبي عامر الخزاز عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ووهم فيه .(1/339)
23. إنَّما رواه يحيى عن [ محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن ] أبي مطيع بن رفاعة عن أبي سعيد الخدري ... « (1) .
التَّخْرِيج
رواية معتمر أخرجها البزَّار في المسند (1/171-زوائده) والنَّسائي في الكبرى كتاب عشرة النساء / باب العزل (3/341) وأبو يعلى في المسند (10/405) والدَّارقطني في الغرائب (5/330-أطرافه) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه أبو إسماعيل القناد عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي مطيع رفاعة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - – أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (377) والنَّسائي في الكبرى (5/341) والمزِّي في تهذيبه (8/430) .
ورواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي مطيع رفاعة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد في المسند (3/33) والبخاري في الكنى (ص31) والنَّسائي في الكبرى (5/341) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب النِّكاح / باب العزل (3/31) .
ورواه معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي مطيع رفاعة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - – أشار إليه البخاري في الكنى (ص31) وابن أبي حاتم في الجرح (9/371) .
ورواه حرب بن شدَّاد عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي مطيع رفاعة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - – أخرجه أشار إليه البخاري في الكنى (ص31) .
ورواه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي رفاعة عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - – أخرجه ابن طهمان في مشيخته (92) ومسدَّد في المسند كما في إتحاف الخيرة (4/544) وأحمد في المسند (3/51و53) والنَّسائي في الكبرى (5/341) والطَّحاوي في شرح المعاني (3/31) .
__________
(1) العلل (ج2/ل143)(8/41) زما بين قوسين سقط من الأصل .(1/340)
ورواه أبان عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن أن رفاعة حدثه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - – أخرجه أبو داود في السُّنن كتاب النِّكاح / باب ما جاء في العزل (2164) والبيهقي في الكبرى كتاب النِّكاح / باب العزل (7/375) .
ورواه معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن عن جابر - رضي الله عنه - – أخرجه التِّرمذي في الجامع كتاب النِّكاح / باب ما جاء في العزل (1136) – وصحَّحه – والنَّسائي في الكبرى (3/340) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث على ثلاثة أوجه ، ذكر الدَّارقطني منها وجهين اثنين :-
الوجه الأول :- رواه جماعة عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي مطيع - وقيل رفاعة ، وقيل أبي رفاعة – عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - .
وعلى هذا الوجه أكثر أصحاب يحيى ، وإن اختلفوا في تحديد اسم الرَّاوي عن أبي سعيد الخدري ، وأكثرهم كنَّاه بأبي مطيع ، وهو ما رجَّحه البخاريُّ في الكنى (ص31) ، كما أنَّ أكثرهم سمَّاه رفاعة ولا يؤثِّر هذا في الحديث شيئاً .
وممن روى هذا الوجه الثاني عن يحيى بن أبي كثير :-
أبو إسماعيل القنَّاد ، وقد تقدَّم حاله (ص3) ، وقد اعتمد النَّسائيُّ عليه عن يحيى في عدة أحاديث .
علي بن المبارك (ص3) .
معاوية بن سلام ، ثقة ذكره أحمد في أصحاب يحيى ، وقال : « حرب ومعاوية ابن سلام ثقتان » ، وقال أحمد والعجلي بأنه دفع إلى يحيى بن أبي كثير كتاباً فيه أحاديث زيد بن سلام ، ولم يقرأه ، ولم يسمعه منه » - الثقات للعجلي (1823-ترتيبه) وتاريخ دمشق (59/43و44) والتَّهذيب (4/108) . وقال الغلابي عن ابن معين : « قدم معاوية بن سلام على يحيى بن أبي كثير فأعطاه كتاباً فيه أحاديث زيد بن سلام ، فرواه ولم يسمعه منه » - الكفاية (ص384) ، وقد أخرج له أصحاب الكتب السِّتَّة عن يحيى بن أبي كثير .
حرب بن شدَّاد (ص3) .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .(1/341)
أبان بن يزيد (ص3) .
الوجه الثاني :- رواه أبو عامر صالح بن رستم الخزاز البصري عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وأبو عامر مختلف فيه ، فقال ابن معين : « ضعيف » ، وقال أبو حاتم : « يكتب حديثه ، ولا يحتج به » ، وقال الدَّارقطني : « ليس بالقوي » ، وقال أحمد : « صالح الحديث » ، وقال أبو داود السجستاني والطَّيالسي وابن وضاح: « ثقة » ، وذكره ابن حبَّان في الثِّقات ، وقال ابن عدي : « لا بأس به » ، فالرَّجل كما قال أحمد : صالح ، مالم يخالف فيضعف أمره .
وروايته هذه مرجوحة بقرائن منها :-
الاختلاف في حاله كما سبق بيانه .
مخالفته كلِّ أصحاب يحيى الحفَّاظ .
سلوك الجادَّة .
أنَّ أبا سلمة إنَّما رواه مرسلاً كما رواه عنه أبو الزُّبير – أخرجه البغوي في مسند ابن الجعد (2/943) ، فتوهيم الدَّارقطني له واضح .
الوجه الثالث :- تفرد به معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن عن جابر - رضي الله عنه - ، وهذا الوجه لم يعرج عليه الدَّارقطنيُّ ، وأعلَّه أبو حاتم الرَّازي بقوله : «حديث هشام الدَّسْتَوائي أشبه من حديث معمر » - العلل لابنه (1/437) .
وهذا الوجه ضعيف لقرائن منها :-
أنَّ هشاماً أثبت من معمر في يحيى كما قال أحمد ، وقد سبق (ص3).
مخالفته أصحاب يحيى الحفَّاظ .
أنه واحد مقابل لجماعة .
أنَّ له وهماً آخر بهذا الإسناد عند أبي داود في السُّنن (1228) ، حيث قال : « غير معمر لا يسنده » . مما يدلُّ على ضعفه في هذه السِّلسلة .
الحُكْمُ عَلَيْه(1/342)
الحديث كما قال الدَّارقطني لا يصح من مسند أبي هريرة - رضي الله عنه - ، كما إنه لا يصح من مسند جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - . والصَّواب أنه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، وأبو مطيع لم أجد - بعد البحث - فيه جرحاً أو تعديلاً ، وقال الذهبيُّ : « لا يعرف » - الميزان (4/574) ، وقال ابن حجر : « مقبول » - التَّقريب (1962) ، فالسند فيه ضعف .
وقد تابع يحيى بنَ أبي كثير على هذا الحديث : يحيى بنُ سعيد الأنصاري – أخرجه الطَّبراني في الأوسط (7/345) ، وفي سنده خارجة بن مصعب السَّرخسي ، وهو متروك – التَّقريب (1622) ، فهذه المتابعة لا تصحُّ أصلاً .
وتابع أبا مطيع عليه موسى بنُ وردان – أخرجه الطَّحاوي في شرح المعاني (3/31) ، وسنده حسن ، فالحديث جيِّد .
الحديث السادس
وسئل عن يروى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » المؤمن غرٌ كريم ، والفاجر خِبٌ لئيم « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فرواه حجَّاج بن الفرافصة وبشر بن رافع عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
24. ورواه أسامة بن زيد عن رجل من بلحارث عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مرسلاً « (1) .
التَّخْرِيج
رواية حجَّاج أخرجها أبو يعلى في المسند (4/402) والطَّحاوي في المشكل (8/150) وأبو نعيم في الحلية (3/110) والحاكم في المستدرك (1/43) والقضاعي في مسند الشهاب (133) والبيهقي في الكبرى كتاب الشهادات / باب بيان مكارم الأخلاق (10/328) وفي الشعب (6/269و270) .
__________
(1) العلل (ج2/ل144)(8/47-48) .(1/343)
ورواية بشر أخرجها البخاري في الأدب المفرد باب ما ذكر في المكر (418) وأبو داود في السُّنن كتاب الأدب / باب في حسن العشرة (4757) والتِّرمذي في السُّنن كتاب البر / باب ما جاء في البخل (1964) – وقال : غريب – وأبو يعلى في المسند (10/401) والعقيلي في الضُّعفاء (1/141) وابن حبَّان في المجروحين (1/188) والحاكم في المستدرك (1/43و44) وابن بشران في أماليه (374و808) والبيهقي في الشعب (6/270) .
ورواية أسامة أخرجها ابن المبارك في الزهد (631) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن يحيى لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث على وجهين اثنين ، لم يرجح الدَّارقطني بينهما بشيء .
الوجه الأول :- رواه اثنان عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، كذا رواه :-
1- حجَّاج بن الفرافصة ، وقد اختلف في حاله فقال ابن معين : « لا بأس به » ، وذكره ابن حبَّان في الثِّقات ، وقال أبو زرعة : « ليس بالقوي » ، وقال أبو حاتم : «شيخ صالح متعبد » - التَّهذيب (1/360) . وقرَّب هذه الأقوال ابنُ حجر بقوله عنه : « صدوق عابد يهم » - التَّقريب (1142) .
2- بشر بن رافع الحارثي ، وهو ضعيف – التَّقريب (691) ، وقال ابن حبَّان : « يأتي بالطَّامات عن يحيى بن أبي كثير ، موضوعة » - التَّهذيب (1/227) .
ويظهر أنَّ التِّرمذي يضعِّف هذا السَّند حيث سبق قوله : « غريب » ، وقال العقيليُّ بعد تخريحه أحاديث لبشر : « وكلُّها لا يتابع عليها بشر بن رافع إلا من هو قريب منه في الضَّعف » - الضُّعفاء (1/141) .
ويظهر كذلك أنَّ حجاجاً وهم في قوله "عن يحيى" هنا ، لأنَّه قد رواه مرة أخرى عن رجل عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، بدون ذكر يحيى – أخرجه أحمد في المسند (2/394) وأبو داود في السُّنن (4757) وأبو الشَّيخ في الأمثال (159) وغيرهم .(1/344)
ولعلَّ هذا اختلاف على حجَّاج أو اضَّطراب منه ، وهذا الرَّجل المبهم هنا يحتمل أنَّه بشر بن رافع .
الوجه الثاني :- رواه أسامة بن زيد - رجل من بلحارث - عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مرسلاً . وبشر بن رافع من بلحارث كما سبق قبل قليل ، فلعله هذا .
وبهذا الوجه أعلَّ الحاكم هذه الرِّواية في كتابه معرفة علوم الحديث (ص117) .
وأسامة بن زيد اثنان يروي عنهما ابن المبارك ، وكلاهما ضعيف – التَّهذيب (1/107و108) ، ولم يتبين لي أهو العدوي أم الليثي .
ولم يرجِّح الدَّارقطني هنا شيئاً ، ولعل هذا لظهور الضَّعف على الوجهين .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أنَّه لا يصحُّ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، لضعف بشر واضطراب حجَّاج فيه ، وإرساله عن يحيى ضعيف أيضاً كما سبق ، ولم أجد - بعد البحث - له شاهداً قوياً .
أما معناه فقال الطَّحاوي : « الغِرُّ في كلام العرب : هو الذي لا غائلة معه ، ولا باطن له يخالف ظاهره ، ومن كانت هذه سبيله ، أمن المسلمون من لسانه ويده ، وهي صفة المؤمنين ، ووجدنا الفاجر ظاهره خلاف باطنه ، لأنَّ باطنه هو ما يكره ، وظاهره فمخالف لذلك ، كالمنافق الذي يظهر شيئاً غير مكروه منه وهو الإسلام الذي يحمده أهله عليه ، ويبطن خلافه وهو الكفر الذي يذمُّه المسلمون عليه ، فكان مثل ذلك الخِبُّ ... » - المشكل (8/152) .
الحديث السابع
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : »المتعجِّل إلى الجمعة كالمهدي جزوراً ، ثم كالمهدي بقرة ، ثم كالمهدي شاةً « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فرواه الأوْزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال شيبان وعكرمة عن يحيى عن علي بن سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - موقوفاً .
ويشبه أن يكون هذا أصحُّ « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج2/ل144)(8/48) .(1/345)
رواية الأوْزاعي أخرجها أبو محمد الدَّارمي في المسند كتاب الصَّلاة / باب فضل التهجير إلى الجمعة (1551) والبخاري في تاريخه الكبير (6/276) وأبو يعلى في المسند (10/393) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الجمعة / باب 36 (3/133) وابن عبد البر (22/26) .
ورواية شيبان أشار إليها البخاري في الكبير (6/276) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن علي بن سلمة القرشي أنه سمع أبا هريرة - رضي الله عنه - موقوفاً – أخرجه البخاري في الكبير (6/276) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث على وجهين اثنين :-
الوجه الأول :- رواه جماعة عنه عن علي بن سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - موقوفاً . كذا رواه كُلٌّ من :-
شيبان (ص3) .
عكرمة بن عمَّار (ص3) .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
الوجه الثاني :- رواه الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، فخالف الجماعة في يحيى .
وهذا الوجه رجَّحه الدَّارقطني عن يحيى ولعل ذلك لقرائن منها :-
مخالفته لرواية الجماعة الحفَّاظ من أصحاب يحيى .
أنَّ الأوْزاعي له أوهام عن يحيى كما سبق (ص3) .
سلوك الجادَّة ، لكثرة ما روى يحيى بهذا السَّند .
أنَّ الوجه الأول ليس بالمشهور ، فالوهم فيه من جماعة غير وارد .
اشتباه اسم علي بن سلمة بكنية أبي سلمة ، فلعل الأوْزاعي سبق لسانه فيما قال .
ولذا رجَّح الدَّارقطنيُّ وقفه من الوجه الثاني ، وسبقه إلى ذلك أبو حاتم فقال عن رواية الأوْزاعي : « هذا عندي غلط ، لأنَّ النَّاس يروونه عن يحيى عن علي بن سلمة عن أبي هريرة موقوف » - العلل لابنه (1/201) .
الحُكْمُ عَلَيْه(1/346)
الحديث كما قال أبو حاتم والدَّارقطني إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن علي بن سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - موقوفاً . وعلي هذا ذكره ابن حبَّان في الثِّقات ، وقال عنه ابن المديني : « مجهول ، ما روى عنه غير يحيى » - اللسان (4/273) .
وقد تقدَّم (ص3) أنَّ أبا حاتم قال عن يحيى بن أبي كثير إنه لا يروي إلا عن ثقة . فهذا السَّند لا بأس به .
وقد جاء الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - من طريق آخر ، رواه عنه أبو صالح – أخرجه البخاري (881) ومسلم (850) .
الحديث الثامن
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » اقتلوا الأسودين في الصلاة : الحية والعقرب « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فرواه أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وخالفه معمر وهشام الدَّسْتَوائي وعلي بن المبارك ، رووه عن يحيى بن أبي كثير عن ضَمْضَم بن جَوْس عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهو الصَّواب « (1) .
التَّخْرِيج
رواية أيوب أخرجها البزَّار في المسند كما في حاشية العلل للدارقطني (8/49) .
ورواية معمر أخرجها الطَّيالسي (2438) وعبد الرزاق في مصنفه كتاب الصلاة / باب قتل الحيات (1/449) وأحمد (2/233و248و 255و284و490) وابن ماجة في السُّنن كتاب إقامة الصَّلاة / باب 146 (1245) والنَّسائي في الصُّغرى كتاب السهو / باب قتل الحية (3/10) والكبرى كتاب صفة الصَّلاة / باب العمل في الصَّلاة (1/358) وابن الجارود في المنتقى (213) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب 313 (2/41) والعقيلي في الضُّعفاء (2/237) وابن حبَّان في التَّقاسيم (6/115-إحسان) والحاكم في المستدرك كتاب الصَّلاة (1/256) .
__________
(1) العلل (ج2/ل144)(8/49) .(1/347)
ورواية هشام أخرجها أبو محمد الدَّارمي في مسند كتاب الصَّلاة / باب قتل الحية (1512) والنَّسائي في الصُّغرى (3/10) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (697و698و837و8388) .
ورواية علي أخرجها الطَّيالسي (2539) وأحمد (2/473و475) – كلاهما في المسند – وأبو داود في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب العمل في الصَّلاة (918) والتِّرمذي في الجامع كتاب الصَّلاة / باب 170 (390) وصحَّحه ، والبَرْذَعي في أجوبة أبي زرعة له (2/754) وابن حبَّان في التَّقاسيم (6/116 -إحسان) وابن عدي في الكامل (6/309) وابن عساكر في تاريخه (34/161) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن يحيى لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف علي يحيى في إسناد هذا الحديث على وجهين اثنين :-
الوجه الأول :- رواه جماعة من أصحاب يحيى بن أبي كثير عنه عن ضَمْضَم بن جَوْس عن أبي هريرة . وهذا السَّند صحيح .
ووصف ابن عدي هذا الحديث مع حديثين آخرين بأنها مستقيمة – الكامل (6/309) ، وليحيى بهذا السَّند حديث آخر في السُّنن كما في تحفة الأشراف (10/117) ، وسرد الدَّارقطني لضمضم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - اثني عشر حديثاً في الأفراد كما في أطرافه (5/207) ، وذكر هذا منها .
وهذا الوجه رواه عن يحيى كُلٌّ من :-
معمر (ص3) .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
علي بن المبارك (ص3) .
وهذا الوجه رجحه الدَّارقطني ، وسبق إلى ذلك العقيليُّ فقال عنه : « هذا أولى » - الضُّعفاء (2/237) .
الوجه الثاني :- رواه أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، فخالف كل من تقدَّم في يحيى ، وما رواه مرجوح لقرائن منها :-
أن أيوب بن عتبة ضعيف كما سبق (ص3) .
أنه واحد مقابل جماعة من الحفَّاظ .
سلوك الجادَّة لكثرة ما روى يحيى بهذا السَّند الذي أتى به .
أن إسناد الوجه الأول قليلٌ وروده ، فالوهم فيه من قبل جماعة بعيد جداً .
الحُكْمُ عَلَيْه(1/348)
الحديث كما قال العقيلي والدَّارقطني ، إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن ضمضم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وهذا سند صحيح كما سبق ، ورواية أيوب وهمٌ منه .
الحديث التاسع
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » أنَّه بينما هو قائم يخطب إذ قرأ رسول الله آية من القرآن فقال زيد بن كعب أو أبُي بن كعب وهو جالس مع أبي ذر : يا أبا ذر ! متى أنزلت هذه الآية فلم يكلمه ثم سأله الثانية فلم يكلمه فلما صلى قال : يا أبا ذر ما منعك أن تكلمني أتحقرني قال لا ولكن ليس لك من صلاتك إلا ما لغوت فقال رسول الله : صدق أبو ذر ليس لك من صلاتك إلا ما لغوت « .
فقال : » ... وأما يحيى بن أبي كثير .
25. فرواه معاوية بن سلام عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
26. قال ذلك محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن يحيى بن بشر عنه .
27. وخالفه بشر بن موسى فرواه عن يحيى بن بشر ولم يذكر أبا هريرة - رضي الله عنه - .
28. ورواه الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال دخل أبو ذر ولم يذكر أبا هريرة - رضي الله عنه - « (1) .
التَّخْرِيج
لم أجد - بعد البحث - تخريجاً للروايات التي ذكرها الدَّارقطني .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن يحيى لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى في إسناد هذا الحديث .
فالأوْزاعي رواه عنه عن أبي سلمة مرسلاً .
ورواه يحيى بن بشر عن معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ، ثم اختلف على ابن بشر في وصل وإرساله .
فوصله عنه محمد بن إبراهيم بن عثمان بن أبي شيبة ، وهو ثقة – التَّقريب (5732) . وخالفه بشر بن موسى فأرسله عنه . وبشر هذا وثقه الدَّارقطني والخطيب في تاريخه (7/86و87) .
ويحيى بن بشر الحريري ثقة – التَّهذيب (4/344) .
__________
(1) العلل (ج2/ل144)(8/50-51) .(1/349)
ويظهر أنَّ الوجهين محفوظان عن يحيى بن بشر - لتقارب الوجهين في القوة – ، وأنه مرةً أرسله ، ومرة وصله .
ورواية الأوْزاعي لعلها أقوى عن يحيى لقرائن منها :-
أنَّ الأوْزاعي من أصحاب يحيى الكبار ، على أوهام له عنه كما سبق (ص3) .
أنَّ رواية معاوية (ص3) قد اختلف عليها في يحيى ، والاختلاف على الراوي قرينة على ترجيح غيره عليه .
أن معاوية ليس هو في يحيى بن أبي كثير بالكبير كالأوْزاعي ، فروايته - هنا - مرجوحة .
ورجَّح الدَّارقطني - بعد ذكر رواية يحيى ومحمد بن عمرو عن أبي سلمة - جانبَ الإرسال ، فقال : « والمرسل أصح » - العلل (8/51) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر أنه كما قال الدَّارقطني ، إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مرسلاً ، وله طريق آخر عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، رواه عنه محمد بن عمرو وأعله الدَّارقطني في الموضع نفسه ، فالحديث ضعيف .
وللحديث عدة شواهد يتقوى بها ، منها ما رواه :-
أُبيُّ بن كعب نحوه – أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/143) وابن ماجة في السُّنن (1/352) ، وصحح إسناده البوصيري في زوائده (402) .
أبو ذر الغِفاري – أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (3/154) والبيهقي في الكبرى (3/311) والضِّياء في المختارة (3/343) ، قال ابن حجر : « أظنُّ فيه انقطاعاً » - إتحاف المهرة (14/173) .
جابر بن عبد الله – أخرجه ابن حبَّان في التَّقاسيم (7/34-إحسان) .
أبو الدَّرداء – أخرجه الطَّحاوي في شرح المعاني (1/367) .
الحديث العاشر
وسئل عن حديث عباد بن أوس عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : »تفضل صلاة الجمع على صلاة الرَّجل وحده خمسة وعشرين درجة « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
29. فرواه يزيد بن سنان عن يحيى بن أبي كثير عن ابن شهاب الزُّهري عن عبَّاد بن أوس عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .(1/350)
30. وخالفه شيبان ، رواه عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن الزُّهري عن عباد بن أوس عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهو الصَّواب « (1) .
التَّخْرِيج
رواية يزيد أخرجها ابن أبي حاتم في العلل (1/156) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن يحيى لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في هذا الحديث على وجهين اثنين :-
الوجه الأول :- رواه شيبان عنه عن محمد بن عبد الرحمن الزُّهري عن عباد بن أوس عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ومحمد هذا هو ابن ثوبان كما جزم به أبو حاتم – العلل لابنه (1/156) .
وهو قرشي ثقة – التَّهذيب (6108) . قال ابن حجر : « ذكر ابن حبَّان في الثِّقات أنه مولى الأخنسِ بن شريق الثَّقفي ، وكان الأخنس ينسب زهرياً ، لأنه كان من حلفائهم ، وجزم جماعة بأنَّ ابن ثوبان عامري ، فلعله كان ينسب عامريَّاً بالأصالة ، وزهريَّاً بالحلف ، والله أعلم » - الفتح (9/120) .
وقد وقع لشيبان - عن يحيى بن أبي كثير عن محمد هذا منسوباً لبني زهرة - حديثٌ أخرجه البخاري في الجامع (5054) ومسلم (2/814) .
ووقع عند أحمد (2/69) حديث آخر عن شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن محمد ابن عبد الرحمن – يعني بن ثوبان مولى بني زهرة ... - كذا في المسند .
فهذا يؤكِّد ما ذكر ابن حجر سابقاً .
الوجه الثاني :-رواه يزيد بن سنان عن يحيى بن أبي كثير عن ابن شهاب الزُّهري عن عباد بن أوس عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ورجَّح الدَّارقطني ما رواه شيبان ، وكذا أبو حاتم حيث قال بعد أن سُئِلَ عن رواية يزيد بن سنان : « ليس بينهما الزُّهري » - العلل لابنه (1/156) ، ويعني به ابن شهاب .
ويؤيد ما قَالاه قرائن ، منها :-
أنَّ يزيد الرهاوي أبو فروة ضعيف – التَّهذيب (7778) .
أنَّ شيبان من كبار أصحاب يحيى الحفَّاظ كما سبق (ص3) .
__________
(1) العلل (ج3/53)(9/28) .(1/351)
أنَّ ابن شهاب لم يذكر في شيوخ يحيى ، بل ليس له رواية عنه في الكتب السِّتَّة .
أنَّ رواية يحيى بن أبي كثير عن ابن ثوبان ليست بالغريبة فهي في الصَّحيح وغيره كما سبق .
أنَّ ابن شهاب الزُّهري عندَما روى هذا الحديث ، رواه بواسطة سعيد بن المسيب وأبي سلمة كما أخرجه البخاري في الجامع (648) ومسلم (649) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني وغيره ، إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن ابن ثوبان ، ورواية يزيد وهم منه عليه . وعبَّاد بن أوس سكت عنه البخاري في الكبير (6/33) وابن أبي حاتم في الجرح (6/77) ، وذكره ابن حبَّان في الثِّقات (5/141) ، ففي الرَّجل جهالة .
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في الصَّحيح ، كما سبق ذكره .
الحديث الحادي عشر
وسئل عن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » إذا أخذ فليأخذ أحدكم بيمينه ، وإذا أعطى فليعطِ بيمينه ، وإذا أكل فليأكل بيمينه « .
فقال : يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فرواه هشام الدَّسْتَوائي – من رواية زياد بن الربيع اليَحْمُدي – عنه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وكذلك قال هقل بن زياد عن هشام بن حَسَّان عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
والصَّواب :-
عن يحيى عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه « (1) .
التَّخْرِيج
رواية زياد أخرجها الدَّارقطني في الأفراد (2295-أطرافه) .
ورواية هقل أخرجها ابن ماجة في السُّنن كتاب الأطعمة / باب الأكل باليمين (3266) وابن عبد البر في التَّمهيد (11/114) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه جرير بن حازم عن هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عبدالله أبي قَتادة عن أبيه - رضي الله عنه - – أخرجه أبو عَوانة في المسند (8206) وابن حبَّان في التَّقاسيم (12/32 -إحسان) .
__________
(1) العلل (ج3/ل96)(9/269) .(1/352)
ورواه حجَّاج الصَّوَّاف عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد (5/311) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث على وجهين اثنين :-
الوجه الأول :- رواه اثنان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وهذان الاثنان هما :-
هشام بن حَسَّان (ص3) .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) ، في رواية زياد بن الرَّبيع ، وهو ثقة – التَّقريب (2083) ، وخالفه جرير بن حازم فيه كما سيأتي بعد قليل .
الوجه الثاني :- حجَّاج الصَّوَّاف عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه ، وتابعه على هذا الوجه هشام الدَّسْتَوائي - في رواية جرير بن حازم عنه - .
وحَجَّاج ثقة قال عنه أبو حاتم : « سألت علي بن المديني : من أثبت أصحاب يحيى بن أبي كثير ؟ قال : هشام الدَّسْتَوائي ، قلت ثم من ؟ قال الأوْزاعي ، وحجَّاج الصَّوَّاف وحسين المعلم » - شرح العلل (2/487) والتَّهذيب (1/360) .
ورواية جرير عن هشام الدَّسْتَوائي غريبة ، لم أجدها في غير هذا الحديث بعد البحث في عدة كتب مسندة ، وهو إنَّما يروي عن هشام بن عروة عند أحمد في المسند (6/193) . وجرير (ص3) والدَّسْتَوائي كلاهما يروي عن يحيى بن أبي كثير .
وهذا الوجه رجحه الدَّارقطني - كما سبق بدون ذكر من رواه عن يحيى ، ويؤيد ترجيحه قرائن ، منها :-
أَنَّ هذا الوجه أثبت وأقوى في الجملة .
أنَّ الوجه الأول جادة مسلوكة ، فالوهم فيها أكثر .
أنَّ ليحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه - رضي الله عنه - عدة أحاديث في الكتب السِّتَّة ، كما سبق (ص3) ، وقد روى حجَّاج بعضها كما سبق (ص3) أيضاً .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، الأقرب فيه ما رواه حجَّاج عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه ، وهذا سند صحيح ، والله أعلم .
الحديث الثاني عشر(1/353)
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » إيما نائحة ماتت قبل أن تتوب ، ألبسها الله سربالاً من قَطِران ، وأقامها للناس يوم القيامة « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
31. فرواه عبيس بن ميمون عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ووهم فيه ، والصَّحيح :-
32. عن يحيى عن أبي راشدعن عبد الرحمن بن شبل - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - « (1) .
التَّخْرِيج
رواية عبيس أخرجها أبو يعلى في المسند (10/400) والعقيلي في الضُّعفاء (3/418) – وقال : « ولا يتابع عليه » - وابن حبَّان في المجروحين (2/186) وابن عدي في الكامل (7/90) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن يحيى لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى في إسناد هذا الحديث على وجهين اثنين .
حيث رواه عبيس بن ميمون عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة .
وأعله الدَّارقطني بوهم عبيس فيه ، وأنَّ الصَّحيح عن يحيى بن أبي كثير عنه عن أبي راشد عن عبد الرحمن بن شبل - رضي الله عنه - ، ولم يذكر من رواه كذلك عن يحيى .
ويؤيِّد قوله أن عبيساً ضعيف – التَّقريب (4449) ، واحتمالُ سلوكه الجادَّة ، لكثرة ما روى يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني لا يصح من مسند أبي هريرة ، ورواية يحيى عن أبي راشد فيها نظر كما سبق (ص3) . وسيأتي معناه من شاهد آخر (ص3) .
الحديث الثالث عشر
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : »الخمر من هاتين الشجرتين « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
33. فرواه مُؤَمِّلُ بن إسماعيل عن هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة .
__________
(1) العلل (ج3/ل97)(9/271-272) .(1/354)
34. وكذلك قيل عن أيوب بن عتبة عن يحيى .
وكلاهما وهم ، والصحيح
35. عن يحيى بن أبي كثير عن أبي كثير الغُبَرِي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - « (1) .
التَّخْرِيج
لم أجد - بعد البحث - تخريجاً للروايات التي ذكرها الدَّارقطني .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه عمر بن عبد الله بن أبي خثعم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه البزَّار في المسند كما في حاشية العلل للدارقطني (9/273) .
ورواه الضَّحاك بن مخلد عن هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي كثير الغُبَرِي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد في المسند (2/518) .
ورواه حجَّاج الصَّوَّاف عن هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي كثير الغُبَرِي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الأشربة / باب 4 (1985) والنَّسائي في الصُّغرى كتاب الأشربة / باب 19 (5573) .
ورواه معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي كثير الغُبَرِي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الأشربة / باب أسماء الخمر (9/234) وأحمد في المسند (2/279) وفي الأشربة (137) .
ورواه أبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي كثير الغُبَرِي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد (2/408) وأبو داود في السُّنن كتاب الأشربة / باب في الخمر مما هي (3670) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى في إسناد هذا الحديث وعلى أصحابه على وجهين اثنين :-
الوجه الأول :- روي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
كذا رواه كُلٌّ من :-
أيوب بن عتبة ، وهو ضعيف كما سبق (ص3) ، ولم يجزم الدَّارقطني بالرِّواية عنه .
عمر بن عبد الله بن أبي خثعم ، وهو ضعيف أيضاً – التَّقريب (4962) .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) - في رواية مؤمل بن إسماعيل - .
__________
(1) العلل (ج3/ل97)(9/273) .(1/355)
ومؤمل كثير الخطأ كما قال أبو حاتم والساجي والدَّارقطني وابن مسعود وابن نصر – التَّهذيب (4/193-194) ، وقد خالفه الضَّحاك كما سيأتي .
فهذا الوجه - كما هو ظاهر - لا يخلو من ضعف .
الوجه الثاني :- رواه جماعة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي كثير الغُبَرِي يزيد بن عبد الرحمن السُّحَيمي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
كذا روى هذا الوجه كُلٌّ من :-
حجَّاج الصَّوَّاف (ص3) .
معمر (ص3) .
أبان (ص3) .
هشام الدَّسْتَوائي – في رواية – الضَّحاك بن مخلد - .
والضَّحاك بن مخلد هو أبو عاصم النَّبِيل البصري ، ثقة حافظ – التَّهذيب (2/225) .
فهذه الرِّواية عن هشام الدَّسْتَوائي أثبت وأصحُّ من رواية مؤمِّل .
وهذا الوجه عن يحيى بن أبي كثير أصح وأرجح لقرائن منها :-
أنَّ ليحيى بن أبي كثير حديث آخر بهذا السَّند – أخرجه النَّسائي الصُّغرى (4486) .
أنَّ رواته أكثر وأقوى في خاصتهم ، وفي يحيى بن أبي كثير .
احتمال سلوك الجادَّة في الوجه الأول .
وجود الضَّعف في أسانيد الوجه الأول .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي كثير الغُبَرِي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، والله أعلم .
الحديث الرابع عشر
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : » أنَّ امرأة أتت النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فقَالَت : إنَّ أبي زوجني وأنا كارهة ، فجعل رسول الله أمرها بيدها ، وكانت ثيباً « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير وعمر بن أبي سلمة ، واختلف عنه .
36. فرواه حجَّاج الصَّوَّاف وشيبان بن عبد الرحمن –- من رواية الوليد بن مسلم وسورة بن الحكم عنه –- عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
37. وتابعهم أبو الأسباط بشر بن رافع الحارثي ، رواه عن يحيى كذلك .
38. وخالفهم هشام الدَّسْتَوائي ومعمر وأبان العطَّار وعلي بن المبارك ، رووه عن يحيى عن المهاجر بن عكرمة مرسلاً .(1/356)
وهو الصَّحيح .
39. وقال زيد بن حبَّان عن أيوب السختياني عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مرسلاً .
40. وقال يحيى القطَّان عن هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى عن المهاجر بن عكرمة عن عبد الله بن أبي بكر عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً .
وهو أصح « (1) .
التَّخْرِيج
رواية الوليد أخرجها البيهقي في الكبرى كتاب النِّكاح / باب ما جاء في إنكاح الثيب (7/194) .
ورواية سورة أخرجها أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (822) .
ورواية زيد أخرجها النَّسائي في الكبرى كتاب النِّكاح / باب البكر يزوجها أبوها وهي كارهة (3/284) وابن عدي في الكامل (4/159) والدَّارقطني في السُّنن كتاب النِّكاح / باب 1 (3527) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن يحيى لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث وإرساله على وجهين اثنين .
الوجه الأول :- رواه جماعة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - موصولاً ، كذا رواه كُلٌّ من :-
حجَّاج الصَّوَّاف (ص3) .
شيبان (ص3) .
بشر بن رافع أبو الأسباط : ضعيف كما سبق (ص3) .
الوجه الثاني :- رواه جماعة أيضاً عن يحيى بن أبي كثير فأرسلوه ، إلا أنهم اختلفوا في وجه الإرسال وعمَّن هو !
فمنهم من جعله عن يحيى بن أبي كثير عن المهاجر بن عكرمة ، كذا رواه :-
معمر (ص3) .
أبان العطَّار (ص3) .
علي بن المبارك (ص3) .
__________
(1) العلل (ج3/ل97)(9/274-275) .(1/357)
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) في وجه عنه . وفي آخر رواه عنه القطان زاد بعد المهاجر : عبد الله بن أبي بكر ، وهو المخزومي المدني ، تابعي ، قال عنه ابن حجر : « صدوق » - التَّقريب (3254) . والمهاجر فيه جهالة ، وقد تقدم حاله (ص3) . وعلى كلٍ هو وجه مرسل رجَّحه الدَّارقطني عن هشام الدَّسْتَوائي، وفي رواية القطَّان نظر لأنها مخالفة لكل الرِّوايات عن يحيى ، وسيأتي هذا السَّند في موضع آخر (ص3) .
ورواه أيوب السختياني عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مرسلاً . كذا رواه عنه زيد بن حبان ، وهو ضعيف – التَّهذيب (1/662) .
وهذا الوجه الأخير الذي رواه أيوب رجَّحه أبو حاتم الرَّازي فقال بعد رواية شيبان : « لا يَصِلُوْنَ هذا الحديث ، يقولون أبو سلمة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل ، ومرسل أشبه » - العلل لابنه (1/414) .
ورجَّح الدَّارقطني الوجه المرسل الأول ، ويؤيد ذلك قرائن ، منها :-
أنَّ رواة هذا الوجه أثبت وأكثر .
أنَّ الوهم فيه من جماعة نادر .
احتمال سلوك الجادَّة في الوجه الأول الموصول .
أنَّ رواية أيوب السختياني فيها ضعف إليه .
أنَّ الثابت عن أبي سلمة إرسال الحديث كما رواه عنه عبد العزيز بن رفيع – أخرجه البيهقي في الكبرى (7/194) ، وقال : « هذا هو الصَّحيح ، مرسل عن أبي سلمة » .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير مرسلاً ، على خلاف عنه في وجه الإرسال ، أقواه ما رواه الجماعة عنه كما سبق ، فالسَّند ضعيف .
وورد الحديث عن أبي سلمة من وجه آخر رواه عنه ابنه عمر – أخرجه الدَّارقُطني في سننه كتاب النكاح / باب 1 (3514) ، ورجَّح أرساله أيضاً في العلل (9/275) عقب حديث يحيى بن أبي كثير هذا .(1/358)
وقد ورد معناه من حديث خَنساء بنت خِذَام الأنصارية أنَّ أباها زوجها وهي ثيِّب فكرهت ذلك ، فأتت النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ، فردَّ نكاحها – أخرجه البخاري في الجامع كتاب النِّكاح / باب 3 (5138و5139) .
الحديث الخامس عشر
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : »إذا مضى شطر الليل ينزل الله - عز وجل - إلى السماء الدنيا فيقول : هل من سائل يعطى ، هل من داعٍ يستجاب له « ، الحديث .
فقال : » اختلف فيه على يحيى بن أبي كثير .
41. فرواه الأوْزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
42. وخالفه هشام الدَّسْتَوائي ، فرواه عن يحيى عن أبي جعفر عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وهو الصَّحيح « (1) .
التَّخْرِيج
رواية الأوْزاعي أخرجها مسلم في صحيحه كتاب صلاة المسافرين / باب 24 (758) وابن أبي عاصم في السنة (509) والنَّسائي في الكبرى كتاب عمل اليوم / باب الوقت الذي يستحب في الاستغفار (6/123) وابن خزيمة في التَّوحيد (301) وابن حبَّان في التَّقاسيم (3/198-إحسان) والدَّارقطني في النُّزول (22) من طريق المغيرة وابن أبي العشرين عنه به .
ورواية هشام أخرجها الطَّيالسي (2638) وأحمد (2/258و521) – كلاهما في المسند – والدَّارمي في الرد على الجهمية (129) والنَّسائي في الكبرى (6/123) وابن خزيمة في التَّوحيد (1/307) والدَّارقطني في النُّزول (49) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه شعيب بن إسحاق عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر عن أبي هريرة – أخرجه النَّسائي في الكبرى (6/123) ، وفيه : سفيان عن الأوْزاعي ، والتَّصويب من تحفة الأشراف (10/433) .
الدِّرَاسَة
__________
(1) العلل (ج3/ل97)(9/276) .(1/359)
اختلف على يحيى بن أبي كثير في تسمية الواسطة بينه وبين أبي هريرة - رضي الله عنه - في هذا الحديث ، أهو أبو سلمة كما هي الجادَّة ، أم هو أبو جعفر الأنصاري المؤذن .
فبالوجه الأول رواه الأوْزاعي – في رواية اثنين عنه كما سبق - .
وخالفه هشام الدَّسْتَوائي فرواه بالوجه الثاني ، ورجَّح الدَّارقطني ، وهو كما قال لقرائن منها :-
أنَّ هشاماً أثبت النَّاس في يحيى بن أبي كثير كما سبق (ص3) .
أنَّ الأوْزاعي متكلَّم في روايته عن يحيى بن أبي كثير كما سبق (ص3) .
أنَّ الوجه الأَوَّل جادَّةٌ مسلوكةٌ ، فالوهم فيها كثير .
الاختلاف على الأوْزاعي ، حيث ورد عنه كما رواه هشام الدَّسْتَوائي .
أنَّ الوهم في مثل الوجه الثاني نادر لغرابة السَّند ، مع قوة راويه .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر ، وهو لا يعرف اسمه كما قال التِّرمذي ، وقال ابن القطَّان : « لا يعرف » - التَّهذيب (4/502) ، وفي تخريج ابن خزيمة لهذا الحديث في التَّوحيد - مع عدم التَّفرُّد بمتن الحديث - تقوية لرواية أبي جعفر هذه .
وله طرق أخرى عن أبي هريرة ساقها الدَّارقطني بتوسع في كتابه النُّزول (ص102-139) .
كما إنَّ ليحيى بن أبي كثير طريق آخر لهذا الحديث من مسند رفاعة بن عَرَابة ، رواه عنه هشام الدَّسْتَوائي والأوْزاعي وشيبان ، وأخرجها عنه أحمد في المسند (4/16) وغيره ، والله أعلم .
الحديث السادس عشر
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : » كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يزوِّج بعض بناته جلس عند خدرها يقول : إنَّ فلاناً يخطب فلانة ، فإن سكتت فهو إذنها ، وإن بقرت (1) الستر لم ينكحها « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
__________
(1) أي فتحته وكشفته – النهاية (بقر) .(1/360)
43. فرواه أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
44. وكذلك قال السَّكن بن أبي السَّكن الأصم عن حجَّاج الصَّوَّاف عن يحيى .
45. وكذلك قال أبو الأسباط الحارثي ، وزاد فيه : عن يحيى عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنه - .
وخالفهم همَّام بن يحيى ، فرواه عن يحيى عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه - رضي الله عنه - .
46. قاله داود بن شبيب عنه .
وكلها وهمٌ ، والصَّحيح ما :-
47. رواه هشام الدَّسْتَوائي ومعمر وشيبان وعلي بن المبارك عن يحيى عن المهاجر بن عكرمة مرسلاً عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - « (1) .
التَّخْرِيج
لم أجد - بعد البحث - تخريجاً للروايات التي ذكرها الدَّارقطني .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن يحيى لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه .
الوجه الأول :- رواه جماعة عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
كذا رواه كُلٌّ من :-
أيوب بن عتبة (ص3) .
حجَّاج الصَّوَّاف (ص3) – في رواية السَّكن عنه – ، وقد خالفه ابن عُلَيَّةَ ، فرواه عن حجَّاج بلفظ آخر كما سيأتي بعد ، وكلاهما ثقة ، إلا أنَّ ابن عُلَيَّةَ أثبت وأحفظ .
أبو الأسباط بشر بن رافع الحارثي (ص3) ، وزاد وجهاً آخر عن يحيى بن أبي كثير كما سبق .
وهذا الوجه معلٌّ بأمور منها :-
سلوك الجادَّة .
أنَّ رواته ضعفاء في يحيى بن أبي كثير إلا حجاجاً فقد اختلف عليه .
مخالفتهم أصحاب يحيى بن أبي كثير الحفَّاظ الآتي ذكرهم .
الوجه الثاني :- رواه همَّام عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه - رضي الله عنه - .
وهذا الوجه فيه شذوذ لقرائن منها :-
أنَّ هَمَّاماً قد تكرر منه الإحالة على هذا السَّند (ص3) ، فوهمه فيه أكثر .
__________
(1) العلل (ج3/ل98)(9/277) .(1/361)
أنَّه ليس بالمتقن الحافظ لحديث يحيى بن أبي كثير كمن خالفه فيه فأرسله ، وقد تقدَّم حاله (ص3) .
مخالفته كلَّ أصحاب يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث ، فتفرُّده هنا شديد ، وهو من علامات الضَّعف .
الوجه الثالث :- رواه بقية أصحاب يحيى بن أبي كثير الحفَّاظ الكبار عنه عن المهاجر بن عكرمة (ص3) مرسلاً .
كذا رواه كُلٌّ من :-
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
معمر (ص3) .
شيبان (ص3) .
علي بن المبارك (ص3) .
ورجَّح الدَّارقطني هذا الوجه عن يحيى بن أبي كثير ، وحكم على ما عداه بالوهم ، وما ذكره واضح لا إشكال فيه . ولعل مما يؤيِّد وهم همَّام وغيره هنا أنَّ يحيى بن أبي كثير روى هذا الحديث بلفظ آخر بالسَّند الوجه الأول ، فوهم همام وغيره فجعلوا ذاك اللفظ لكلا الإسنادين .
وخالفهم أصحاب يحيى بن أبي كثير ، رووه عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ : « لا تنكح الأيِّم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن » ، كذا رواه هشام الدَّسْتَوائي وشيبان عند البخاري (5136و6968و6970) ومسلم (1419) ، وحجَّاج الصَّوَّاف والأوْزاعي ومعمر ومعاوية بن سلام عند مسلم (1419) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، لا تصحُّ رواية همام وغيره بذلك اللفظ ، بل هو مرسل للمهاجر بن عكرمة ، فالسند ضعيف ، وله شاهد مرسل رواه عبد الرزاق في مصنفه (6/144) عن ابن جريج عن عطاء الخراساني قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتي خدر المخطوبة من بناته فيقول : « إنَّ فلاناً يخطب فلانة » ، فإن طعنت بيدها في خدرها فذلك نهي منها فلا ينكحها ، وإن هي لم تطعن بيدها في خدرها أنكحها النبي - صلى الله عليه وسلم - وسكت . والله أعلم .
الحديث السابع عشر
وسئل عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : »إذا صلى أحدكم فلا يدري ! أصلى أربعاً أم ثلاثاً ، فليسجد سجدتين وهو جالس ثم يسلم « .(1/362)
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ، واختلف في متنه .
48. فرواه عمر بن يونس عن عكرمة بن عمَّار عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، وقال فيه : ويسجد سجدتين ثم يسلم .
49. ورواه شيبان وعلي بن المبارك وهشام الدَّسْتَوائي والأوْزاعي وغيرهم عن يحيى ، ولم يذكروا فيه التَّسليم قبل ولا بعد « (1) .
التَّخْرِيج
رواية عمر أخرجه الطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الصَّلاة / باب الرجل يشك في صلاته (1/432) والدَّارقطني في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب صفة السَّهو (1388) والبيهقي في الكبرى كتاب الصَّلاة / باب من قال يسجدهما ... (2/479) ، وقال ابن حجر : « إسناده قوي » - الفتح (3/134) .
ورواية شيبان أخرجها أحمد في المسند (2/423) .
ورواية هشام أخرجها أحمد في المسند (2/522) والدَّارمي في المسند كتاب الصَّلاة / باب الرجل لا يدري ... (1502) والبخاري في الجامع كتاب السَّهو / باب 6 (1231) ومسلم في صحيحه كتاب المساجد / باب السَّهو في الصَّلاة (1/398) والنَّسائي في كتاب السَّهو / باب التحري من الصُّغرى (1253) والكبرى (1/371) والطَّحاوي في شرح المعاني (1/431) والبيهقي في الكبرى (1/468) .
ورواية الأوْزاعي أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الصلوات / باب في الرجل يصلي فلا يدري ... (1/385) والطَّحاوي (1/432) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة كرواية الجماعة – أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الصَّلاة / باب السَّهو في الصَّلاة (2/303) .
الدِّرَاسَة
روى هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير جماعة من أصحابه ، منهم :-
شيبان (ص3) .
علي بن المبارك (ص3) .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
الأوْزاعي (ص3) .
معمر (ص3) .
رووه عنه ، ولم يذكروا فيه موضع السُّجود للسَّهو .
وخالفهم فيه عكرمة بن عمَّار ، رواه عن يحيى بن أبي كثير فزاد فيه : « ثم يسلِّم » .
__________
(1) العلل (ج3/ل98)(9/279) .(1/363)
وَضَعَّفَ الدَّارقطني هذه الزِّيادة لقرائن منها :-
أنَّ الذي زادها واحد مقابل جماعة .
أنَّ الذين لم يذكروها جماعة من خواص أصحاب يحيى بن أبي كثير .
أنَّ عكرمة بن عمَّار ليس بالقوي في يحيى بن أبي كثير ، بل هو مضعَّف فيه كما سبق (ص3) . فقول ابن حجر عن هذا السَّند بأنه قوي مرجوحٌ – الفتح (3/135) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، لا تصحُّ فيه زيادة عكرمة عن يحيى بن أبي كثير .
ولها شاهد من حديث أبي هريرة ذكره ابن حجر بعد حديث في الصَّحيح (1231) فقال : « ولأبي داود [1022و1023] من طريق ابن أخي الزُّهري عن عمِّه نحوه بلفظ : وهو جالس قبل التسليم . وله من طريق ابن إسحاق قال حدثني الزُّهري بإسناده ، وقال فيه : فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم يسلم . قال العلائي : هذه الزِّيادة في هذا الحديث بمجموع هذه الطُّرق لا تنزل عن درجة الحسن المحتج به ، والله أعلم » - الفتح (3/135) .
الحديث الثامن عشر
وسئل عن حديث إسحاق الدوسي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » من غسَّل ميتاً فليغتسل « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فرواه أبان العطَّار عن يحيى عن رجل - من ليث - عن أبي إسحاق عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
50. قال ذلك أبان العطَّار .
51. وتابعه هشام الدَّسْتَوائي .
52. وقال معمر عن رجل يقال له : أبو إسحاق عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
53. وكذلك قال هُدْبة بن خالد عن هشام عن يحيى قال حدثني أبو إسحاق عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
54. وخالفه محمد بن كثير عن هشام . فقال عن يحيى عن رجل - من أهل المدينة - عن مولى لهم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
والصَّحيح قول أبان ومن تابعه « (1) .
التَّخْرِيج
رواية أبان أخرجها أحمد في المسند (2/280) والبخاري في تاريخه الكبير (1/397) .
__________
(1) العلل (ج3/ل229)(11/224-225) .(1/364)
ورواية معمر أخرجها عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الجنائز / باب من غسَّل ميِّتاً (3/407) وأحمد في المسند (2/280) والبخاري في الكبير (1/397) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن يحيى لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف في هذا الحديث على يحيى بن أبي كثير على وجهين اثنين إجمالاً :-
الوجه الأول :- رواه اثنان عنه عن رجل مبهم ، كذا رواه :-
أبان العطَّار (ص3) ، وجعله عن أبي إسحاق عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) – في رواية محمد بن كثير (ص3) – وأبهم أبا إسحاق ، وجعله مولى .
الوجه الثاني :- رواه اثنان أيضاً عن يحيى بن أبي كثير ، فأسقطا المبهم ، وجعلاه عن أبي إسحاق مباشرة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، كذا رواه :-
معمر (ص3) .
هشام الدَّسْتَوائي – في رواية هُدْبة بن خالد ، وهو ثقة – التَّهذيب (4/263) .
ورجَّح الدَّارقطني الوجه الأول ، ويؤيِّده أمور منها :-
أنَّ مع رواة هذا الوجه زيادة علم ، والأصل قبولها مع القرائن .
أنَّ أبان قد تقدَّم أنه قوي في يحيى بن أبي كثير ، وأن أحمد جعله بعد هشام الدَّسْتَوائي في يحيى بن أبي كثير .
متابعة هشام الدَّسْتَوائي له في وجه عنه .
أنَّ معمراً وإن ذكر في أصحاب يحيى بن أبي كثير فليس هو كأبان وهشام فيه . ومتابعة هشام الدَّسْتَوائي له في هذا الوجه يضعِّفها الاختلاف عليه .
ولعلَّ يحيى بن أبي كثير اضطرب فيه فمرة زاد ومرة أسقط ، والأصحُّ عنه ما تقرَّر .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر ضعفه بهذه الرِّوايات عن يحيى بن أبي كثير ، للاختلاف فيه والإبهام ، وأبو إسحاق لم يسمَّ كما قال أبو حاتم – العلل لابنه (1/369) .
وذكر ابن حجر اثنين ممن كنيته أبو إسحاق ويروي عن أبي هريرة ، ولم يذكر فيهما جرحاً ولا تعديلاً – التَّهذيب (4/480) .(1/365)
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة ذكرها البخاري في التاريخ الكبير (1/397) وقال عقبها : « ولا تصحُّ » .
وله شواهد أخرى لا تخلو من كلام ، لذا ضَعَّفَ غير واحد متن الحديث مطلقاً .
قال البخاري : « إنَّ أحمد بن حنبل وعلي بن المديني قالا : لا يصحُّ في هذا الباب شيء » - العلل الكبير للترمذي (1/401-ترتيبه) والأوسط لابن المنذر (1/181) .
وقال الذهلي : « لا أعلم فيه حديثاً ثابتاً » ، وقال ابن المنذر : « ليس فيه حديث ثابت » - نصب الرَّاية (1/282) .
الحديث التاسع عشر
وسئل عن حديث رجل من أهل [ المدينة ] عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - : » لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
55. فرواه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى عن رجل لم يسمه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وخالفهم شيبان ، فرواه عن يحيى عن رجل عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - .
وقول حرب بن شدَّاد ، أشبه بالصَّواب « (1) .
التَّخْرِيج
رواية هشام أخرجها أحمد في المسند (2/427) .
ورواية شيبان أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب ا لجنائز/ باب 57 (2/473) .
ورواية حرب أخرجها أحمد في المسند (2/528و531-532) وأبو داود في السُّنن كتاب الجنائز / باب النار يتبع بها الميت (3163) والبيهقي في الكبرى كتاب الجنائز / باب لا يتبع الميت بنار (3/554) عنه يحيى بن أبي كثير قال حدثني باب بن عمير حدثني رجل – من أهل المدينة – عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه عبد الله بن محرر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر – أخرجه أبو يعلى في المسند (5/38) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث على أربعة أوجه ، ذكر الدَّارقطني منها ثلاثة :-
__________
(1) العلل (ج3/ل332)(11/243) .(1/366)
الوجه الأول :- رواه هشام الدَّسْتَوائي (ص3) عن يحيى بن أبي كثير عن رجل عن أبي هريرة - رضي الله عنه - . وهذا الوجه ضعيف للإبهام .
الوجه الثاني :- رواه شيبان (ص3) عن يحيى بن أبي كثير عن رجل عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، وهذا الوجه كسابقه إلا أنَّ الصَّحابي تغيَّر ، ولا يؤثِّر هذا في الحديث .
الوجه الثالث :- رواه حرب بن شدَّاد عن يحيى بن أبي كثير عن رجل عن باب ابن عمير عن رجل عن أبيه عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وهذا السَّند فيه مبهمان وباب ابن عمير ، ، وقال البرقاني : « قلت لأبي الحسن : روى حرب بن شدَّاد عن يحيى بن أبي كثير عن باب بن عمير عن رجل عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - . قال : باب لا أدري من هو ، يحدِّث عنه الأوْزاعي ويحيى ، يترك هذا الحديث » - سؤالات البرقاني (45) والتَّهذيب (1/211) ، فهذا الوجه أضعف من سابقيه .
الوجه الرابع :- رواه عبد الله بن محرَّر فأتى فيه بسند مختلف ، حيث جعله عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر - رضي الله عنه - .
وليحي بهذا السَّند أحاديث في الكتب السَّبعة عدا ابن ماجة .
وهذه الوجه عن يحيى بن أبي كثير واهٍ . حيث إنَّ ابن المحرَّر خالف كل أصحاب يحيى بن أبي كثير الثِّقات ، وهو متروك – التَّقريب (3598) .
ورجَّح الدَّارقطني رواية حرب بن شدَّاد ، وهي توافق رواية هشام الدَّسْتَوائي وشيبان من حيث الضَّعف بالإبهام ، إلا أنَّ زيادة حرب فيه : « باب بن عمير » من قبيل زيادة الثِّقات ، وهي مقبولة هنا لقرائن منها :-
حفظه وقوته في يحيى بن أبي كثير كما سبق (ص3) .
أنَّ الوهم في مثل هذا الاسم الغريب نادر جداً .
أن من خالفه اثنان فقط ، وليوا بالعدد الكثير .(1/367)
ولعل يحيى بن أبي كثير أسقطه في أحدى المرَّات ، وإن كان اجتماع هشام الدَّسْتَوائي وشيبان على إسقاطها يعدُّ أقوى الأوجه المرويَّة عن يحيى بن أبي كثير ، والأقرب ما رواه حرب كما قال الدَّارقطني .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن باب بن عمير عن رجل عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، ولعل يحيى أسقط مرةً باب بن عمير من السَّند ، والسَّند ضعيف للإبهام والجهالة ، والله أعلم .
الحديث العشرون
وسئل عن حديث عياض بن هلال عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » لا يتحدث المتغوِّطان ، فإنَّ الله يمقت على ذلك « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فرواه عكرمة بن عمَّار ، واختلف عن عكرمة أيضاً .
56. فرواه الثوري عن عكرمة [ عن يحيى ] عن عياض بن هلال عن أبي سعيد - رضي الله عنه - .
57. وكذلك قال عبد الملك بن الصَّباح عن عكرمة .
58. وقال عبيد بن عقيل عن عكرمة بن عمَّار عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
وقال أبان العطَّار عن يحيى عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه - رضي الله عنه - .
وقال مسكين بن بكير عن الأوْزاعي عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - .
وقال غير مسكين عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً .
وأشبهها بالصَّواب حديث عياض بن هلال عن أبي سعيد - رضي الله عنه - « (1) .
التَّخْرِيج
رواية الثوري أخرجها ابن ماجة في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب 24 (1/124) والنَّسائي في الكبرى كتاب الطَّهارة / باب النهي للمتغوِّطين أن يتحدثا (32) والحاكم في المستدرك كتاب الطَّهارة (1/157) ، وعند ابن ماجة : « عياض بن عبد الله » ، ولم يذكر أباه في المصدرين الآخرين !
__________
(1) العلل (ج3/ل241)(11/296) .(1/368)
ورواية عبد الملك أخرجها الخطيب في تاريخه (12/122) ، وعنده هلال ابن عياض .
ورواية عبيد أخرجها النَّسائي في الكبرى (31) والطَّبراني في الأوسط (2/65) .
ورواية مسكين أخرجها ابن السَّكن كما في إتحاف المهرة لابن حجر (3/325) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه ابن مهدي عن عكرمة عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض عن أبي سعيد – أخرجه أحمد في المسند (3/36) وأبو داود في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب كراهية الكلام عند الخلاء (15) والنَّسائي في الكبرى (33) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الطَّهارة / باب النهي عن المحادثة على الغائط (71) وابن المقرئ في الأربعين (10) وأبو نعيم في الحلية (9/46) والبيهقي في الكبرى كتاب الطَّهارة / باب كراهية الكلام عند الخلاء (1/162) .
ورواه إسماعيل بن سنان عن عكرمة عن يحيى بن أبي كثير عن عياض عن أبي سعيد – أخرجه ابن حبَّان في التَّقاسيم (4/270-إحسان) .
ورواه سلْم بن إبراهيم عن عكرمة عن يحيى بن أبي كثير عن عياض عن أبي سعيد – أخرجه ابن ماجة في السُّنن (342) وابن خزيمة في صحيحه (71) والحاكم في المستدرك (1/157) والمزِّي في تذهيبه (3/232) .
ورواه عبد الله بن رجاء عن عكرمة عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض عن أبي سعيد موقوفاً – أخرجه ابن ماجة (342) .
ورواه أبان عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً – أشار إليه المزِّي في تحفة الأشراف (3/477) عن رواية لسنن أبي داود .
ورواه عبد الملك بن الصَّباح أيضاً عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض عن أبي سعيد - أخرجها الخطيب في تاريخه (12/122) .
ورواه الوليد بن مسلم عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً – أخرجه الحاكم في المستدرك (1/158) والبيهقي في الكبرى (1/162) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير وأصحابه في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه :-
الوجه الأول :- رواه عنه عكرمة بن عمَّار ، واختلف عليه فيه .(1/369)
فرواه أكثر أصحابه عنه عن يحيى بن أبي كثير عن عياض بن هلال – وقال بعضهم : هلال بن عياض – عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - .
كذا رواه عنه كُلٌّ من : الثوري وابن مهدي وعبد الملك بن الصَّباح وإسماعيل بن سنان وسلْم بن إبراهيم وعبد الله بن رجاء .
وخالفهم عبيد بن عقيل ، رواه عن عكرمة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وهذا ، معلٌّ بأمور منها :-
أنَّ عبيداً هذا ليس بالمشهور في عكرمة ، فليس له عنه رواية في الكتب السِّتَّة ، وقد قال عنه أبو حاتم : « صدوق » ، وقال أبو داود : « لا بأس به » - التَّهذيب (3/38) .
مخالفته كلَّ من رواه عن عكرمة من الثِّقات .
سلوك الجادَّة ، لكثرة ما روى يحيى بن أبي كثير من أحاديث بهذا السَّند .
وعكرمة تقدَّم (ص3) أنه ليس بالقوي في يحيى بن أبي كثير ، فهذا الوجه لا يصحُّ . وقال عنه أبو حاتم : « وهم » - العلل لابنه (1/41) .
الوجه الثاني :- رواه الأوْزاعي ، واختلف عليه فيه على ما يلي :-
رواه مسكين بن بكير عنه عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر - رضي الله عنه - .
وبهذا السَّند حديث واحد عند مسلم (1671) متابعة . ومسكين صدوق يخطئ كما سبق (ص3) .
ورواه عبد الملك بن الصَّباح عنه عن يحيى بن أبي كثير عن عياض عن أبي سعيد - رضي الله عنه - كما سبق في روايته عن عكرمة ، فقد رواه عنهما مقروناً . وعبد الملك قال عنه ابن حجر : « صدوق » - التَّقريب (4214) ، وأخرج له الشَّيخان .
ورواه الوليد بن مسلم عنه عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً .
قال موسى بن هارون الحافظ : « رواه الأوْزاعي مرتين ، فقال مرةً عن يحيى عن هلال بن عياض ... » ثم ذكر رواية الوليد – المستدرك (1/158) .
وهذا الوجه هو الذي حكاه أبو حاتم الرَّازي عن الأوْزاعي ، ولم يحكِ غيره . وقال عنه : « الصَّحيح في هذا المعنى حديث الأوْزاعي مرسلاً » - العلل لابنه (1/41) .(1/370)
وقول الدَّارقطني السَّابق يدلُّ على أَنَّ هذا الوجه رواه جماعة عن الأوْزاعي . وعلى كلٍ هذا الوجه أقوى عن الأوْزاعي ، لأنَّ الوليد بن مسلم ثقة حافظ من أثبت أصحاب الأوْزاعي مع تدليسه الشَّديد عنه – التَّهذيب (4/326) . وقد تقدَّم حال الأوْزاعي في يحيى بن أبي كثير (ص3) ، وأنَّه ليس بالحافظ المتقن فيه .
الوجه الثالث :- رواه أبان العطَّار ، واختلف النَّقل في بيان روايته .
فالذي ذكره الدَّارقطني عنه عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه . والذي ذكره المزِّي فيما سبق عن أبي داود كرواية الجماعة عن يحيى بن أبي كثير عن عياض عن أبي سعيد - رضي الله عنه - . ولعل هذا اختلاف على أبان ، ولم يتبيَّن لي الأصحُّ منهما ، وإن كان ما ذكره المزِّي أقرب لموافقته رواية الأوْزاعي المرسلة ، ولأَنَّ هذا الوجه لم أجده عند غير الدَّارقطنيِّ .
وأبان قد تقدَّم (ص3) أنَّه قوي في يحيى بن أبي كثير . وهذا الوجه هو الذي رجَّحه أبو حاتم كما سبق النَّقل عنه ، بينما رجَّح الدَّارقطنيُّ رواية الجماعة عن عكرمة عن يحيى بن أبي كثير ، وصحَّحها ابن خزيمة وابن حبَّان . وضعَّفها أبو حاتم كما سبق عنهم . حيث إنَّ عكرمة في يحيى بن أبي كثير ضعيف كما تقدَّم ، فكيف تقوى روايته مع المخالفة للأقوى .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث الأصح فيه عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً . كما رجَّحه أبو حاتم ، خلافاً لما ذهب إليه الدَّارقطني ، فالسند ضعيف ، والله أعلم .
الفصل الرابع
أحاديث مسند بقية الصحابة - رضي الله عنهم -
الحديث الأول
وسئل عن حديث عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا فيطول في الركعتين الأوليين ، ويقصر في الثانية .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
59. فرواه أصحاب يحيى عنه عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه .
60. وكذلك قال معمر والأوْزاعي وعلي بن المبارك وغيرهم .(1/371)
61. وقال حجَّاج الصَّوَّاف عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي قَتادة ، وعن عبدالله بن أبي قَتادة .
فزاد أبا سلمة في الإسناد « (1) .
التَّخْرِيج
رواية معمر أخرجها عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الصَّلاة / باب القراءة في الظهر (2/104) ومن طريقه عبد بن حميد في المسند (198-المنتخب) وأبو داود في السُّنن كتاب الصَّلاة / باب القراءة في الظهر (796) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب87 (1580) وابن حبَّان في التَّقاسيم (5/164-إحسان) .
ورواية الأوْزاعي أخرجها البخاري في الجامع كتاب الأذان / باب إذا سمع الإمام الآية (778) والدَّارمي في المسند كتاب الصَّلاة / باب 63 (1295و1296) والنَّسائي في الصُّغرى كتاب الافتتاح / باب إِسماع الإمام الآية (975) وفي الكبرى كتاب صفة الصَّلاة / باب إِسماع الإمام الآية (1/331) وابن الجارود في المنتقى (187) وأبو عَوانة في المسند (1/474) وابن خزيمة في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب إباحة الجهر ... (507) والطَّحاوي في شرح المعاني (1/207) .
ورواية علي أخرجها أحمد في المسند (5/310) .
ورواية حجاج أخرجها أحمد (4/383و5/311) ومسلم (451) وابن ماجة في سننه كتاب الصلاة / باب القراءة في صلاة الفجر (819) وأبو داود (794) والنَّسائي في الصُّغرى كتاب الافتتاح / باب القراءة في الركعتين من صلاة العصر (978) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد (5/295) والبخاري في الجامع (762) .
ورواه شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه - رضي الله عنه - – أخرجه البخاري في الجامع (759) .
__________
(1) العلل (ج2/ل56)(6/136) .(1/372)
ورواه همَّام عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه - رضي الله عنه - – أخرجه البخاري في الجامع (776) ومسلم في صحيحه كتاب الصَّلاة / باب القراءة في الظهر والعصر (451) .
ورواه أبان عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه - رضي الله عنه - – أخرجه أحمد في المسند (5/300و308) ومسلم (451) .
الدِّرَاسَة
روى هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير جماعة من أصحابه عنه عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه - رضي الله عنه - .
كذا رواه كل من :-
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
ومعمر (ص3) .
والأوْزاعي (ص3) .
وعلي بن المبارك (ص3) .
وشيبان (ص3) .
وهمَّام (ص3) .
وأبان (ص3) .
وكذا رواه حجَّاج الصَّوَّاف عن يحيى بن أبي كثير ، إلا أنه زاد فيه إسناداً آخر فقال : عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي قَتادة - رضي الله عنه - .
وسكت الدَّارقطني عن هذا السَّند ، وقد أخرجه مسلمٌ كما سبق .
وفي هذه الزِّيادة نظر ، من حيثُ تفرَّدُ حجَّاج بها عن بقية أصحاب يحيى بن أبي كثير ، فلم يتابعه عليها أحد منهم على حفظهم وكثرتهم ، وقد تقدَّم (ص3) أن حجاجاً يأتي بعد هشام الدَّسْتَوائي والأوْزاعي في أصحاب يحيى بن أبي كثير .
وعلى كلٍّ فإنَّ ليحيى بالإسنادين عدَّة أحاديث في الصَّحيحين ، وزيادة حجَّاج لا تؤثر ، وتخريج مسلم لروايته إنَّما وقع في المتابعات .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قَتادة عن أبيه . وزيادة حجَّاج فيه لا تصحُّ ، والله أعلم .
الحديث الثاني
وسئل عن أبي سلام عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : » على كل نفس كل يوم صدقة « ، الحديث بطوله .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
62. فرواه علي بن المبارك عن يحيى عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن أبي ذر - رضي الله عنه - .(1/373)
63. وخالفه معمر ، فرواه عن يحيى عن ابن معانق أو أبي معانق عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ، والله أعلم « (1) .
التَّخْرِيج
رواية علي أخرجها أحمد في المسند (5/168-169) وابن نصر في الصَّلاة (815) والنَّسائي في الكبرى كتاب عشرة النساء / باب الترغيب في المباعضة (5/325) والبيهقي في الشعب (7/514) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن يحيى لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
روى علي بن المبارك هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن أبي ذر - رضي الله عنه - .
وهذا السَّند صحيح ، وليحيى عن زيد عن أبي سلام عدَّة أحاديث في صحيح مسلم وغيره .
وقال ابن معين : « إنَّ يحيى لم يسمع من زيد بن سلام » ، وخالفه أبو حاتم الرَّازي فأثبت سمعه منه ، ومال إليه أحمد في رواية الأثرم – جامع التَّحصيل (880) ، وقد صرَّح عند مسلم بالسَّماع في حديثٍ (1007) ، قال معاوية بن سلام : « أخذ مني يحيى بن أبي كثير كتب أخي زيد بن سلام » - المعرفة ليعقوب (3/10) .
وعليٌ تقدَّم حاله في يحيى بن أبي كثير (ص3) .
وذكر الدَّارقطني أنَّ معمراً خالفه في إسناده ، ولم أقف - بعد البحث - على روايته ، إلا أنَّ له حديثين آخرين بهذا السَّند ، أحدهما في الجامع (11/418-المصنف) ، والآخر يأتي بعد هذا الحديث (ص3) .
وابن معانق أو أبو معانق في هذا السَّند هو عبد الله ، وثَّقه ابن حبَّان والعجلي ، وقال الدَّارقطني : « لا شيء ، مجهول »- التَّهذيب (2/436) ، وقال ابن خزيمة : « لا أعرف ابن معانق ولا أبا معانق » - إتحاف المَهَرَة (14/361) .
__________
(1) العلل (ج4/ل82)(6/288) .(1/374)
والذي يظهر أَنَّ هذا الرَّجل صدوق ، حيث صحَّح ابن حبَّان في التَّقاسيم (509-إحسان) حديثاً ، واجتماع ابن حبَّان والعجلي على توثيقه وهو تابعي مما يقوِّي أمره ، مع ما تقدَّم (ص3) من قول أبي حاتم عن يحيى بن أبي كثير إنه لا يروي إلا عن ثقةٍ ، فهذه أربع قرائن .
ولم يرجِّح الدَّارقطني هنا شيئاً ، والذي يظهر أيضاً أن رواية علي بن المبارك أقوى لقرائن منها :-
أنه أثبت في يحيى بن أبي كثير من معمر (ص3) .
أَنَّ هذا السَّند غريب جداً ، تفرد به معمر .
أنَّ لمعمر وهماً آخر في مثل هذا السَّند خالف فيه أصحاب يحيى بن أبي كثير كما سيأتي في الحديث الآتي (ص3) .
أنَّ معاوية بن سلام قد روى الحديث عن زيد بن سلام بسند آخر ، حيث قال : « عن زيد أنه سمع أبا سلام يقول : حدثني عبد الله بن فرُّوخ أنه سمع عائشة » بنحوه – أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الزكاة / باب 16 (1007) .
فكلُّ ذلك مما يؤيِّد وَهْمَ معمر فيما أتى به .
وفي رواية أبي سلام عن أبي ذر - رضي الله عنه - نظر ، حيث إنَّه ليس له عنه حديث سوى هذا - في الكتب السَّبعة - ، وقد قال المزِّي عنها : « يقال : مرسل » - تهذيب الكمال (7/221) ، وكذا أشار إليه العلائي في جامع التَّحصيل (797) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر فيه أن رواية علي أقوى ، وفي ثبوت أصل الحديث نظر ، لاحتمال الانقطاع بين أبي سلام وأبي ذر - رضي الله عنه - .
وقد جاء أول الحديث من طريق آخر عن أبي ذر - رضي الله عنه - ، رواه عنه أبو الأسود الدِّيلي – أخرجه مسلم في صحيحه (720و1006) .
وشطره الأخير في ذكر العزل تقدَّم شاهده (ص3) .
الحديث الثالث
وسئل عن حديث أبي سلام عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : » أربع في أمتي من الجاهلية لا يتركونهنَّ : الفخر بالأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنُّجوم ، والنِّياحة . والنَّائحة إذا لم تتب ... « ، الحديث .(1/375)
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
64. فرواه أبان العطَّار وعلي بن المبارك عن يحيى عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن أبي مالك - رضي الله عنه - .
65. وخالفهما معمر ، فرواه عن يحيى عن ابن معانق أو أبي معانق عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - .
وحديث أبي سلام أشبه بالصَّواب « (1) .
التَّخْرِيج
رواية أبان أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الجنائز / باب في النائحة ... (3/60) وأحمد في المسند (5/342و344) ومسلم في صحيحه كتاب الجنائز / باب التَّشديد في النِّياحة (934) وأبو يعلى في المسند (3/148) وفي المفاريد (89) وابن حبَّان في التَّقاسيم (7/412-إحسان) والطَّبراني في الكبير (3/285) والبيهقي في الكبرى كتاب الجنائز / باب 154 (4/104) .
ورواية علي أخرجها أحمد (5/343) والحاكم في المستدرك كتاب الجنائز (1/383) – وصحَّحه - .
ورواية معمر أخرجها عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الجنائز / باب الصبر (3/559) وابن ماجة في السُّنن كتاب الجنائز / باب في النهي عن النِّياحة (1581) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه موسى بن خلف عن يحيى بن أبي كثير عن زيد عن أبي سلام عن أبي مالك - رضي الله عنه - – أخرجه الطَّبراني في الكبير (3/385) .
ورواه عمر بن راشد اليمامي عن يحيى عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنه - – أشار إليه ابن أبي حاتم في العلل (1/359) وأخرجه ابن عدي في الكامل (6/27) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث على ثلاثة أوجه ، ذكر الدَّارقطني منها وجهين اثنين :-
الوجه الأول :- رواه جماعة عنه عن زيد عن أبي سلام عن أبي مالك .
كذا رواه كُلٌّ من :-
أبان العطَّار (ص3) .
علي بن المبارك (ص3) .
موسى بن خلف (ص3) .
__________
(1) العلل (ج2/ل89)(7/26) .(1/376)
وهذا الوجه تقدَّم الكلام عنه في الحديث السَّابق (ص3) ، وقد رجَّحه الدَّارقطني هنا ، وصحَّحه مسلمٌ وابن حبَّان ، وقرينة ترجيحه العدد والاختصاص وثبوت أصل السَّند في حديث آخر .
الوجه الثاني :- رواه معمر (ص3) عن يحيى بن أبي كثير عن ابن معانق أو أبي معانق عن أبي سلام عن أبي مالك - رضي الله عنه - .
وهذا الوجه تقدَّم الكلام عليه أيضاً في الحديث السَّابق (ص3) ، ويظهر هنا ضعفه لمخالفته رواية الجماعة .
الوجه الثالث :- رواه عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنه - .
وليحيى بهذا السَّند عدة أحاديث ذكرها المزِّي في التحفة (5/173) . ولم يعرِّج الدَّارقطني على الوجه ، وهو أضعفها لسببين هما :-
أن عمر بن راشد ضعيف ، خوصاً في يحيى بن أبي كثير . قال أحمد والبزَّار : «حدَّث عن يحيى بن أبي كثير بأحاديث مناكير » ، وقال البخاري : « حديثه عن يحيى مضطَّرب ، ليس بالقائم » - التَّهذيب (3/224-225) .
مخالفته لأصحاب يحيى بن أبي كثير الحفَّاظ ، وقد قال أبو حاتم عن هذه الرِّواية : « هذا حديث منكر – يعني بهذا الإسناد ، وعمر بن راشد ضعيف الحديث » - العلل لابنه (1/359) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن زيد ، وما عداه فوهم ، والله أعلم .
الحديث الرابع
وسئل عن حديث أبي أسيد - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : » لا صلاة بعد العصر « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير عن قرة بن أبي قرة عن أبي أسيد - رضي الله عنه - .
ومن قال فيه : عن أبي سعد الساعدي فقد وهم .
وقال ابن أبي داود : الصَّواب عن أبي سعد الساعدي .
وهو وهم « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج2/ل89)(7/33) .(1/377)
رواية أبي أسيد أخرجها البغوي في المعجم كما في الإصابة (5/437) وابن قانع في المعجم (3/37) والطَّبراني في الكبير (19/268) من طريق أبان ابن يزيد عن يحيى بن أبي كثير ... به . ووقع عند البغوي أن قرة هو الصَّحابي ، وأسقط أبا أسيد ، وهو وهم .
ورواية أبي سعد أخرجها ابن شاهين في الصَّحابة كما في الإصابة (7/172) من طريق الأوْزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني قرة بن أبي قرة قال : رأى أبو سعد ... وأخرجه الهيثم بن كليب في المسند (1518) من طريق الأوْزاعي إلا أنَّ راوي الكتاب – عن الهيثمِ – أبا يحيى عيسى بن أحمد العسقلانيَّ شكَّ فقال : « أبو أسيد أو أبو سعيد أو أبو أسيد السَّاعدي - رضي الله عنه - » .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
لم أقف - بعد البحث - على روايات أخرى عن يحيى لهذا الحديث .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في تسمية الصَّحابي الرَّاوي لهذا الحديث ، أهو أبو أسيد مالك بن ربيعة الساعدي - رضي الله عنه - وهو صحابي مشهور بكنيته ، شهد بدراً وغيرها ، وهو آخر من مات من البدريين – التَّقريب (6476) – أم أبو سعد السَّاعدي ، ولم يرد له ذكر إلا في هذا الحديث كما يدلُّ عليه كلام ابن حجر في الإصابة (7/172) ، وبالوجه الأول رواه أبان عن يحيى بن أبي كثير .
ويظهر أنَّ البخاريَّ يرجِّح هذا الوجه ، حيث ترجم لأبي أسيد السَّاعدي ، وذكر أنَّ قرة يروي عنه ، وعن قرةَ يحيى بنُ أبي كثير – التاريخ الكبير (7/182) . وكذا ذكر ابن حبَّان في الثِّقات (5/320) .
وخالف أبانَ فيه الأوْزاعيُّ ، فرواه عن يحيى بن أبي كثير بالوجه الثاني .
وصحَّح هذا الوجه عن يحيى بن أبي كثير ابنُ أبي داود الحافظ ، ووهَّمه الدَّارقطنيُّ في ذلك .ورجَّح الوجه الأول ، ويؤيِّده قرائن منها :-
أنَّ الأوْزاعي في يحيى بن أبي كثير ليس بالمتقن ما سبق (ص3) .
أنَّ أبان أثبت منه فيه ، كما يتبين من حاله (ص3) .(1/378)
أنَّ أبا أسيد السَّاعدي - رضي الله عنه - معروف بالصُّحبة بخلاف أبي سعد ، فإنه لم يذكر في غير هذا الحديث كما سبق ، ولعل أبان دخل عليه الوهم في الكنية ، أن أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - روى الحديث كما سيأتي .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، الصَّواب فيه أنه عن أبي أسيد لا عن أبي سعد .
وقرَّة بن أبي قرَّة ، قال عنه ابن المديني : « مجهول » ، وذكره ابن حبَّان في الثِّقات ، وقال الذَّهبي : « لا يعرف » - اللسان (4/562) .
وقد تقدَّم (ص3) أنَّ أبا حاتم قال عن يحيى بن أبي كثير إنه لا يروي إلا عن ثقة ، فالسَّند لا بأس به .
وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - بلفظ : « ... ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشَّمس » - أخرجه البخاري في الجامع كتاب مواقيت الصَّلاة / باب 31 (586) ومسلم في صحيحه كتاب صلاة المسافرين / باب 51 (837) .
الحديث الخامس
وسئل عن حديث أبي شيخ عن معاوية - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في النَّهي عن لبس الذهب ، والحرير ، وجلود النمور ، والجمع بين الحج والعمرة .
فقال : » ... ورواه يحيى بن أبي كثير واختلف عنه .
66. فرواه الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو شيخ قال حدثني حمان - وحمان لا يضبط - قال : حج معاوية - رضي الله عنه - .
67. قال ذلك شعيب بن إسحاق عن الأوْزاعي .
وقال عقبة بن علقمة عن الأوْزاعي عن يحيى حدثني أبو إسحاق .
ووهم في ذلك ، وإنَّما أراد : حدثني أبو شيخ ، ثم قال : حدثني أبو حمان عن معاوية - رضي الله عنه - .
68. وقال علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو شيخ عن أبي حمان عن معاوية - رضي الله عنه - .
وقال حرب بن شدَّاد عن يحيى حدثني أبو شيخ عن أخيه حمان عن معاوية - رضي الله عنه - .
واضطرب به يحيى بن أبي كثير فيه « (1) .
التَّخْرِيج
__________
(1) العلل (ج2/ل97)(9/72-74) .(1/379)
رواية شعيب أخرجها النَّسائي في الصُّغرى كتاب الزينة / باب تحريم الذهب على الرجال (5515) وفي الكبرى كتاب الزينة / باب لبس الحرير (5/469) والطَّبراني في الكبير (19/355) وابن حزم في حجة الوداع (554) ، والذي ذكره الدَّارقطني عن النَّسائي : « جمَّاز » - المؤتلف (2/733) !
ورواية عقبة أخرجها النَّسائي في الصُّغرى (5157) والكبرى (5/470) ، وباقي السَّند : « عن ابن حِمَّان قال حج معاوية ... » . والذي عند الدَّارقطني عن النَّسائي : « أبو جَمَّان » - المؤتلف (2/733) .
ورواية علي أخرجها النَّسائي في الصُّغرى (5153) والكبرى (5/469) والدَّارقطني في المؤتلف (2/732) وابن حزم في حجة الوداع (552) ، وذكر نصر بن علي أنه : « جُمَان » بالتخفيف ، كذا – التاريخ الكبير (3/129) ، وعند الدَّارقطني : « جُمَّان » ، بالتشديد !
ورواية حرب أخرجها أحمد في المسند (4/96) والنَّسائي في الصُّغرى (5154) والكبرى (5/469 والطَّبراني في الكبير (19/355) وابن حزم في حجَّة الوداع (553) والمزِّي في تهذيبه (2/288) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه عمارة بن بشر عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو إسحاق قال حدثني حِمَّان عن معاوية - رضي الله عنه - – أخرجه النَّسائي في الصُّغرى (5156) والكبرى (5/469) ، وضبطه الدَّارقطني : « حُمَان » - المؤتلف (2/733) .
ورواه يحيى بن حمزة عن الأوْزاعي قال حدثني يحيى قال حدثني حِمَّان عن معاوية - رضي الله عنه - – أخرجه النَّسائي في الصُّغرى (5158) والكبرى (5/470) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الكراهية / باب لبس الحرير (4/245) . والذي ذكره الدَّارقطني عن النَّسائي : « حِمْران » - المؤتلف (2/734) !
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في تسمية الرَّاوي عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - على عدة أوجه منها حكاها الدَّارقطني ولم يرجح منها شيئاً ، وهي :-(1/380)
الوجه الأول :- رواه حرب بن شدَّاد (ص3) عنه عن أبي شيخ عن أخيه حِمَّان عن معاوية .
الوجه الثاني :- رواه علي بن المبارك (ص3) عنه عن أبي شيخ عن أبي حِمَّان عن معاوية - رضي الله عنه - .
الوجه الثالث :- ورواه الأوْزاعي عنه ، واختلف أصحابه عليه في تسمية شيخ يحيى ، وفي ذكره وإسقاطه على أوجه عديدة كما سبق .
ويظهر من هذا الخلاف على الأوْزاعي أنه اضطرب فيه ، وقد تقدَّم (ص3) أن الأوْزاعي ليس بالمتقن لحديث يحيى بن أبي كثير . ورجَّح النَّسائي عنه رواية من سماه : « أبا إسحاق » ، وقال : « اختلف أصحابه عليه فيه » - الصُّغرى (8/162) .
والذي يظهر أيضاً مما سبق أنَّ يحيى بن أبي كثير قد اضَّطرب فيه ، فاضَّطرب فيه أصحابه تبعاً له ، وهو ما جزم الدَّارقطني فقال : « واضَّطرب به يحيى بن أبي كثير فيه » .
قال ابن ماكولا : « ورواه يحيى بن أبي كثير فاختلف عليه فيه . فقيل عنه عن أبي شيخ عن أخيه وقيل عنه عن أبي إسحاق بدلاً من أبي شيخ عن حِمَّان يقال حِمَّان بالحاء المهملة وكسرها وتشديد الميم ويقال بضم الحاء وتشديد الميم ويقال جُمَان بضم الجيم وتخفيف الميم ويقال جَمَّان بفتح الجيم وتشديد الميم وبضم الجيم وقيل جَمَّاز بفتح الجيم وتشديد الميم وآخره زاي ، وقيل أبو جَمَّاز وقيل حِمْران » - الإكمال (2/554) .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني قد اضَّطرب يحيى بن أبي كثير فيه .
وحمان ذكره ابن حبَّان بقوله : « شيخ بصري ، يروي عن معاوية المراسيل » - الثِّقات (4/191) .
وقال البخاري : « حمان الهُنَائِي شيخ بصري روى عنه أبو شيخ ، قال علي بن نصر : حيوان أبو شيخ عن أخيه حمان ، يقوله أصحاب الحديث . وأما أصحابنا لا يعرفون إلا جمان وله بنو أخ ههنا ونحن لا نعرفه إلا جمان ، وقال يحيى بن كثير بن درهم عن علي بن مبارك جَمَان بالتخفيف » - التاريخ الكبير (3/129) .(1/381)
وقال أبو حاتم عن أبي شيخ : « أدخل أخاه ، وهو مجهول ، فأفسد الحديث » - العلل لابنه (1/484) . فهذا السَّند ضعيف للجهالة والانقطاع .
وقد خالف يحيى بنَ أبي كثير فيه قَتادةُ .
قال النَّسائي : « وخالفه قَتادةُ ، فرواه عن أبي شيخ الهُنَائِي أنه سمع معاوية - رضي الله عنه - ، ولم يذكر بينهما أحداً . وقَتادة أحفظ من يحيى بن أبي كثير ، وحديثه أولى بالصَّواب . ورواه بَيْهَسُ بن فهدان عن أبي شيخٍ قال سمعت معاوية - رضي الله عنه - ، قاله النَّضر عنه . وهذا موافق لقَتادة » - المؤتلف للدارقطني (2/734) . وحديثهما في التَّحفة للمزي (8/453) .
ووافق النَّسائي على ذلك الدَّارقطني عند هذا الحديث ، وخالفهما أبو حاتم ، فأعلَّ رواية قَتادة برواية يحيى بن أبي كثير ثم قال عنه : « فأفسد الحديث » .
وقال ابن القيِّم : « وقال عبد الحق : لم يسمع أبو شيخ من معاوية هذا الحديث ، وإنَّما سمع منه النَّهي عن ركوب جلود النمور . فأما النَّهي عن القِرَان فسمعه من أبي حَسَّان عن معاوية - رضي الله عنه - ، مرة يقول عن أخيه حمان ومرة يقول جمان وهم مجهولون . وقال ابن القطَّان : يرويه عن أبي شيخ رجلان قَتادة ومطرِّف ، لا يجعلان بين أبي شيخ وبين معاوية أحداً ، ورواه عنه بَيْهَسُ بن فهدان فذكر سماعه من معاوية لفظ النَّهي عن ركوب جلود النُّمور خاصة . وقال النَّسائي : ورواه عن أبي شيخ يحيى بن أبي كثير فأدخل بينه وبين معاويةَ - رضي الله عنه - رجلاً اختلفوا في ضبطه . فقيل أبو جماز وقيل حمان وهو أخو أبي شيخ . وقال الدَّارقطني : القول قول من لم يدخل بين أبي شيخ ومعاوية - رضي الله عنه - فيه أحداً يعنى قتادة ومطرفاً وبَيْهَس بن فهدان » - تهذيب السُّنن (5/152) ، والله أعلم .
الحديث السادس
وسئل عن حديث جابر بن عتيك عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال : » من الغيرة ... « .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير ، وقد اختلف فيه .(1/382)
فروى ابن أبي عدي وابن عُلَيَّةَ عن حجَّاج الصَّوَّاف عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن ابن جابر بن عتيك عن أبيه .
وكذلك قال أبو المغيرة والفريابي عن الأوْزاعي عن يحيى .
وكذلك قال أبان العطَّار عن يحيى .
69. ورواه محمد بن بشر عن حجَّاج الصَّوَّاف عن يحيى بن أبي كثير عن محمد ابن إبراهيم عن ابن عتيك عن أبيه ، ولم [ يقل ] ابن جابر .
وكذلك قال حرب بن شدَّاد عن يحيى كذلك .
70. وكذلك قال محمد بن يحيى الذُّهلي عن الفريابي عن الأوْزاعي .
وكذلك قال ابن المبارك عن الأوْزاعي . لكن ابن المبارك أرسله ، ولم يقل فيه : عن أبيه .
وقول من قال : عن ابن جابر بن عتيك ، أشبه بالصَّواب « (1) .
التَّخْرِيج
رواية ابن أبي عدي أخرجها ابن حبَّان في التَّقاسيم (1/530-إحسان) .
ورواية ابن عُلَيَّةَ أخرجها أحمد في المسند (5/445) وأبو نعيم في المعرفة (2/540) .
ورواية أبي المغيرة أخرجها الدَّارمي في المسند كتاب النِّكاح / باب في الغيرة (2232) والبيهقي في الكبرى كتاب القسم / باب غيرة الأزواج (7/503) .
ورواية الفريابي أخرجها النَّسائي في كتاب النِّكاح / باب في الغيرة من الصُّغرى (5/78) والكبرى (2/40) والطَّبراني في الكبير (2/190) من طريق إسحاق بن منصور وعبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم عنه به ، وذكر أبو نعيم أن روايته مع ابن المبارك مرسلةً ! – المعرفة (2/540) .
ورواية أبان أخرجها أحمد في المسند (5/446) وأبو داود في السُّنن كتاب الجهاد / باب في الخيلاء في الحرب (2625) والطَّبراني في الكبير (2/189) وأبو نعيم في المعرفة (3/539) والبيهقي في الكبرى كتاب السِّير / باب الخيلاء في الحرب (9/262) وفي الشعب (7/413) .
__________
(1) العلل (ج4/ل99) .(1/383)
ورواية ابن بشر أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب النِّكاح / باب في الغيرة ... (3/53) وابن أبي عاصم في الآحاد (2124) والطَّبراني في الكبير (2/190) وأبو نعيم في المعرفة (2/540) ، وصرَّح عند الأخيرَين بابن جابر عن أبيه .
ورواية حرب أخرجها أحمد في المسند (5/445) والطَّبراني في الكبير (2/190) وأبو نعيم في المعرفة (2/540) .
ورواية ابن المبارك أخرجها سعيد بن منصور في السُّنن كتاب الجهاد / باب ما يستحب من الخيلاء (2548) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه الوليد بن مسلم عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن ابن جابر عن أبيه – أخرجه ابن قانع في المعجم (1/140) وابن حبَّان في التَّقاسيم (11/77-إحسان) والطَّبراني في الكبير (2/190) والبيهقي في الكبرى (7/503) .
ورواه محمد بن شعيب عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن ابن جابر عن أبيه – أخرجه ابن حبَّان في التَّقاسيم (11/77-إحسان) .
ورواه يحيى بن حمزة عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن جابر بن عتيك عن أبيه – أخرجه ابن قانع في المعجم (2/298) .
ورواه شيبان بن عبد الرحمن عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن ابن جابر عن أبيه – أخرجه الطَّبراني في الكبير (2/190) من طريق عبيد الله بن موسى عنه به .
ورواه شيبان – أيضاً – عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سهم عن أبي هريرة – أخرجه ابن ماجة في السُّنن كتاب النِّكاح / باب الغيرة (1996) من طريق وكيع عنه به .
ورواه معمر في الجامع (10/409-المصنف) عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن عبد الله بن زيد بن الأزرق عن عقبة بن عامر الجهني – أخرجه من طريق أحمد في المسند (4/154) وابن خزيمة في الصَّحيح كتاب الزكاة / باب الرخصة في الخيلاء (4/113) والطَّبراني في الكبير (17/340) والحاكم في المستدرك (1/418) – وصحَّحه - .
الدِّرَاسَة(1/384)
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه ، ذكر الدَّارقطني منها وجهين مشهورين رواهما يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم بن الحارث القرشي .
فرواه شيبان (ص3) – في رواية عبيد الله بن موسى – عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن ابن جابر بن عتيك عن أبيه ، وهذا الوجه الأول .
وخالف عبيدَ الله فيه وكيعٌ ، فأتى بإسناد آخر ، حيث قال عن شيبان عن يحيى ابن أبي كثير عن أبي سهم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
قال البوصيري : « هذا إسناد ضعيف ، أبو سهم هذا مجهول » - مصباح الزجاجة (716) ، وفيما ذكر نظر ، لأنَّه قد تقدَّم (ص3) أنَّ أبا حاتم قال عن يحيى ابن أبي كثير إنه لا يروي إلا عن ثقة .
وقال المزِّي : « أبو سهم ، وهم ، والصَّواب أبو سلمة » - التحفة (11/83) .
وهذا الوجه الثاني غريب جداً ، حيث ليس لوكيع رواية عن شيبان في الكتب السِّتَّة سوى هذا الحديث ، خلافاً لعبيد الله الذي أُخرج له فيها عدَّة أحاديث كما سبق (ص3) ، فروايته مقدمة هنا ، وإن كان وكيع من أحفظ النَّاس وأثبتهم كما سبق (ص3) .
ولعل إعراض الدَّارقطني عن ذكرها أو الإشارة إليها يؤيِّد ما سبق .
وابن جابر قال عنه ابن حجر : « إمَّا أن يكون عبد الرحمن أو أخاً له » - التَّهذيب (4/612) .
وعبد الرحمن قال عنه ابن القطَّان : « مجهول » - التَّهذيب (2/496) .
وله أخٌ آخر اسمه عبد الملك ، وهو ثقة – التَّقريب (4196) .
وآخر اسمه عبد الله ، تُرجم لابنه عبد الله في التَّهذيب (2/367) ، على خلاف في ثبوت ذلك ، ذكره ابن حجر .
وخالف شيبان فيه حربُ بن شدَّاد (ص3) ، فرواه عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن جابر بن عتيك عن أبيه عتيك . فجعل عتيكاً صحابياً ، وهذا الوجه الثالث .(1/385)
ورواه حجَّاج الصَّوَّاف (ص3) عن يحيى بن أبي كثير على الوجه الأول في رواية ابن عُلَيَّةَ وابن أبي عدي ، وعلى الوجه الثالث في رواية محمد بن بشر ، وكلهم ثقات .
ورواه الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه على وجهين أيضاً :-
فرواه الوليد بن مسلم ومحمد بن شعيب وأبو المغيرة عبد القدوس بن الحجَّاج على الوجه الأول .
ورواه يحيى بن حمزة وابن المبارك على الوجه الثاني .
إلا أن ابن المبارك أرسله ، فخالف كل الرُّواة عن الأوْزاعي ، وكلهم ثقات أيضاً .
وهذا الاختلاف من الأوْزاعي ، بدليل رواية الفريابي عنه على الوجهين كذلك .
ورجَّح الدَّارقطني الوجه الأول ، وهو ما أخرجه أبو داود والنَّسائي وصحَّحه ابن حبَّان ، وهو رواية الأكثر .
والذي يظهر أنَّ يحيى بن أبي كثير قد اضَّطرب في إسناده ، حيث إنَّ هذا الاختلاف على أصحاب يحيى وعلى أصحابهم يدلُّ على ذلك ، ويبعد عادة أن يجتمعوا على وهم واحد ، كالذي معنا هنا .
بقي أنَّ معمراً خالف كلَّ الرُّواة فأتى فيه بإسناد جديد ، حيث قال فيه عن يحيى ابن أبي كثير عن زيد بن سلام عن عبد الله بن يزيد بن الأزرق عن عقبة ، وهذا الوجه الرابع .
وهذا رجاله ثقات عدا ابن الأزرق تفرَّد عنه أبو سلام ، وذكره ابن حبَّان في الثِّقات – التَّهذيب (2/340) .
ومعمر وإن كان من أصحاب يحيى بن أبي كثير كما سبق (ص3) ، فالذي يظهر أنه ليس في منزلة شيبان وحرب وحجَّاج في يحيى بن أبي كثير ، فروايته هذه شاذَّة للتفرد ولمخالفتها ما رواه الحفَّاظ الأثبات من أصحاب يحيى بن أبي كثير .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن ابن جابر عن أبيه ، وابن جابر ابن صحابي . وقد صحح حديثه ابن حبَّان ، فهذا السَّند لابأس به ، لسلامة متنه ، والله أعلم .
الفصل الخامس
أحاديث مسند النساء
الحديث الأول(1/386)
وسئل عن حديث عمرة عن عائشة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - القطع في ربع دينار .
فقال : » رواه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فقال حسين المعلم وعلي بن المبارك وسليمان بن أبي سليمان وسعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة .
ولم ينسبوه أكثر من هذا .
وقال أبو إسماعيل القناد عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان عن عمرة .
وكذلك قال يحيى بن حمزة عن الأوْزاعي عن يحيى عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان .
وكذلك قال معقل عن الأوْزاعي ، إلا أنه أسقط عمرة .
وقال همَّام عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن بن زُرارة عن عمرة عن عَائِشَةَ .
وهو الصَّواب « (1) .
التَّخْرِيج
رواية حسين أخرجها البخاري في الجامع الصَّحيح كتاب الحدود / باب 13 (6791) وابن نصر في السنة (324) والنَّسائي في الكتاب قطع السارق / باب ذكر اختلاف أبي بكر ... من الصُّغرى (4933) والكبرى (4/339) وأبو عَوانة في المسند كتاب الحدود / باب 13 (6219) والإسماعيلي كما في الفتح (12/121) .
ورواية علي أخرجها البخاري التاريخ الكبير (7/210) تعليقاً .
ورواية القناد أشار إليها المزِّي في التحفة (12/416) ، وأخرجها الإسماعيلي كما في الفتح (12/121) . وأخرجها النَّسائي في الصُّغرى (4932) والكبرى (4/339) ، وليس في سنده : « ابن ثوبان » .
ورواية همَّام أخرجها أحمد في المسند (6/249) والبخاري في التاريخ الكبير (1/149) تعليقاً في ترجمة محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة الأنصاري ، وعنده : « ابن أبي زُرارة » .
الروايات الأخرى
رواه حرب عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري عن عمرة عن عائشة – أخرجه أحمد في المسند (6/252) .
الدِّرَاسَة
روى يحيى بن أبي كثير هذا الحديث عن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري عن عمرة عن عائشة .
__________
(1) العلل (ج5/ل98) .(1/387)
كذا رواه جماعة من أصحاب يحيى بن أبي كثير دون تقييد لمحمد هذا بأكثر مما ذكر ، وبعضهم لم يذكر النسب أصلاً ، ومن هؤلاء :-
حسين المعلم (ص3) .
علي بن المبارك (ص3) .
حرب بن شدَّاد (ص3) .
سليمان بن أبي سليمان ، ولم أهتدِ إليه .
سعيد بن يوسف الرحبي ، ضعيف كما سبق (ص3) ، ولم ينفرد هنا .
وروى همَّام (ص3) هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير ، وجعل محمد بن عبدالرحمن هو ابن زُرارة ، وهو مارجَّحه الدَّارقطني هنا ، وتبعه ابن حجر– الفتح (12/121) .
وخالف هَمَّاماً في ذلك اثنان جعلاه : ابن ثوبان . وليحيى بن أبي كثير عنه عدة أحاديث عند البخاري والأربعة .
كذا رواه عن يحيى بن أبي كثير : كُلٌّ من :-
أبو إسماعيل القنَّاد ، وقد تقدَّم (ص3) أنَّ فيه ضعفاً .
الأوْزاعي ، وقد تقدَّم أيضاً (ص3) أن له أوهاماً عن يحيى بن أبي كثير ، وقد اختلف عليه في وصله وإرساله .
وهذا الوجه ضعيف عن يحيى بن أبي كثير لقرائن منها :-
قلة إتقان رواته في حديث يحيى بن أبي كثير .
مخالفتهم للأكثر والأحفظ عن يحيى بن أبي كثير .
أن رواية ابن ثوبان عن عمرة لم ترد في الكتب السِّتَّة ، ولم تذكر في شيوخ ابن ثوبان عند من ترجم له كالمزِّي في تهْذِيب الكمال (6/397و8/556) .
ولذا قال ابن حجر : « والذي قبله أصحُّ ، وجزم البيهقي أن من قال فيه ابن ثوبان فقد غلط » - الفتح (12/121) .
بقي أنَّ المزِّي يرى أنَّ محمداً هذا هو أبو الرِّجال ، فوضع الحديث في ترجمته عن عمرة عن عائشة ، في التحفة (12/416) وبه رمز في تهذيبه (8/556) ، وعمرة تصير أماً له ، كما إنها أخت لابن زُرارة السَّابق ذكره كما في التَّهذيب (4/682) .
ولعل الذي حمله على ذلك أمران :-
أن رواية ابن زُرارة عن عمرة نادرة ، فلم يذكر له في التُّحفة (12/414) سوى حديثٍ واحدٍ ، بينما روى أبو الرِّجال عنها خمسة أحاديث أخرى في التُّحفة (12/415-417) ، فحملُهُ على الأكثرِ أولى .(1/388)
أن أبا الرِّجال قد روى الحديث عن عمرة من رواية ابنه عنه كما أخرجه النَّسائي في الصُّغرى (4931) . وكلا الراويين ثقة .
والأصحُّ ما رجَّحه الدَّارقطنيُّ والبيهقيُّ وابن حجر ، حيث إنَّ رواية همَّام فاصلةٌ في الأمر ، ومبينةٌ لما أُهمل .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير عن ابن زُرارة ، وما عداه فوهم ، والله أعلم .
الحديث الثاني
وسئل عن حديث أبي سلمة عن عائشة : » كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... يقبل وهو صائم « .
فقال : » ... وأما يحيى بن أبي كثير ، فاختلف عنه في روايته عن أبي سلمة .
فرواه هشام الدَّسْتَوائي وعلي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عروة عن عائشة .
وخالفهما شيبان بن عبد الرحمن ومعاوية بن سلام وأيوب بن خوط وسليمان بن أرقم ، رووه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة [ بن عبد الرحمن عن ] (1) عمر بن عبد العزيز عن عروة عن عائشة .
واختلف عن الأوْزاعي .
فرواه الوليد بن مسلم – من رواية يزيد بن عبد الله بن رُزَيق – عن الوليد عن الأوْزاعي عن يحيى بمتابعة رواية شيبان ومن تابعه .
وتابعه يزيد بن سنان أبو فروة [ الجزري ] (2) عن الأوزاعي .
وخالفهم مبشر بن إسماعيل وهقل ، فروياه عن الأوْزاعي عن يحيى [ عن ] أبي سلمة عن عائشة .
والقول قول [ شيبان ] ومن تابعه ، ممن ذكر عمر بن عبد العزيز .
ورواه يحيى بن أبي كثير بإسناد آخر ، واختلف عنه فيه أيضاً .
فرواه الأوْزاعي عن يحيى عن أبي سلمة .
71. وخالفه معاوية بن سلام وشيبان وهشام الدَّسْتَوائي ، فرووه عن يحيى عن أبي سلمة عن زينب عن أمِّ سلمة « (3) .
التَّخْرِيج
__________
(1) رسمها في الأصل : بن عبد الواحد بن ، وهو خطأ .
(2) في الأصل كأنه : الخدري ، وما أُثبت من التهذيب وغيره .
(3) العلل (ج5/ل148) .(1/389)
رواية هشام أخرجها إسحاق (843) وأحمد (6/193و241و318) والدَّارمي كتاب الصَّلاة / باب مباشرة الحائض (1050) – كلهم في مسانيدهم – والتِّرمذي في العلل الكبير (1/345-ترتيبه) والنَّسائي في الكبرى كتاب الصِّيام / باب 153 (2/201) ، وأخرجه من طريق آخر بإسقاط عروة ، وذكره المزِّي في التُّحفة (12/374) ، وهو وجه مرجوح ، مخالف للمشهور عن هشام .
ورواية علي أخرجها النَّسائي في الكبرى (2/202) والطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الصِّيام / باب القبلة للصائم (2/91) .
ورواية شيبان الأولى أخرجها أحمد (6/280) والدَّارمي في كتاب الصِّيام / باب الرخصة في القبلة للصائم (1730) – كلاهما في المسند – ومسلم في الصَّحيح كتاب الصِّيام / باب 12 (2/778) والنَّسائي في الكبرى (2/202) وأبو عَوانة في المسند كتاب الصِّيام / باب 29 (2870) وابن حبَّان في التَّقاسيم (8/310-الإحسان) .
ورواية معاوية أخرجها النَّسائي في الكبرى (2/202) والباغندي في مسند عمر (ص105) وأبو عَوانة (2/210) .
ورواية يزيد بن عبد الله أخرجها أبو عَوانة (2/210) .
ورواية يزيد بن سنان أخرجها الطَّبراني في الأوسط (3805) .
ورواية شيبان الثانية أخرجها البخاري في الجامع كتاب الحيض / باب 21 (322) والطَّحاوي في شرح المعاني (2/90) .
ورواية هشام الثانية أخرجها ابن أبي شيبة في المصنَّف كتاب الصِّيام / باب 59 (2/314) وأحمد في المسند (6/318) والدَّارمي في المسند كتاب الصِّيام / باب مباشرة الحائض (1050) والبخاري في الجامع كتاب الحيض / باب 4 (298) وباب 22 (323) وفي كتاب الصوم / باب القبلة للصائم (1929) وأبو عَوانة في المسند (897) والطَّحاوي في شرح المعاني (2/90) والطَّبراني في الكبير (23/246و384) والبيهقي في الكبرى كتاب الصوم / باب 4 (4/394) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه همَّام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب عن أمِّ سلمة – أخرجه أحمد في المسند (6/300) .(1/390)
ورواه حرب بن شدَّاد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب عن أمِّ سلمة – أخرجه أبو عَوانة في المسند (898) .
ورواه حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب عن أمِّ سلمة – أخرجه أبو عَوانة في المسند (899) .
ورواه قَتادة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب عن أمِّ سلمة – أخرجه النَّسائي في الكبرى (2/202) ، وقال : « هذا خطأ من حديث ، قَتادة » ، والطَّبراني في الأوسط (2/195) من طريق عمر بن عامر عنه به .
ورواه محمد بن يعقوب عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب عن أمِّ سلمة – أخرجه الطَّبراني في الكبير (23/346) .
ورواه الوليد بن مسلم عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة – أخرجه النَّسائي في الكبرى (2/201) الطَّحاوي في شرح المعاني (2/91) عن محمد بن عبد الله بن ميمون عنه به .
ورواه بشر بن بكر عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة – أخرجه الطَّحاوي في شرح المعاني (2/91) .
ورواه يحيى بن عبد الله البابلتي عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة – أخرجه القطيعي في جزء الألف دينار (101) والخطيب في التاريخ (7/426) .
الدِّرَاسَة
روى يحيى بن أبي كثير هذا الحديث بإسنادين ، الأول من مسند عائشة ، والثاني من مسند أم سلمة مختصراً بهذا اللفظ ، ومطولاً بذكر حيضتها وغسلها مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد .
أما السَّند الأول ، فاختلف عليه فيه على وجهين اثنين :-
الوجه الأول :- رواه اثنان عنه عن أبي سلمة عن عروة عن عائشة ، وهما :-
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
علي بن المبارك (ص3) .
وهذا السَّند لم يرد به حديث آخر في الكتب السَّبعة .
الوجه الثاني :- رواه جماعة عنه فذكروا عمر بن عبد العزيز بين أبي سلمة وعروة ، كذا رواه عنه كُلٌّ من :-
شيبان (ص3) .
معاوية بن سلام (ص3) .
أيوب بن خوط ، وهو متروك كما سبق (ص3) .(1/391)
سليمان بن أرقم ، وهو أيضاً متروك – التَّهذيب (2/83) ، وليس له عن يحيى ابن أبي كثير في السُّنن سوى هذا الحديث الواحد ، وقد استغربه التِّرمذي في الجامع (1525) .
الأوْزاعي – في وجه عنه - . وقد اختلف فيه على يحيى بن أبي كثير ، واختلف عليه أصحابه – أيضاً – ، مما يدلُّ على اضطرابه فيه ، وعلى كلٍ هو ليس بالمتقن لحديث يحيى بن أبي كثير كما سبق (ص3) .
ومما سبق يظهر أن الوجه الثاني أصحُّ كما قال الدَّارقطني لقرائن ، منها :-
أنها رواية الأكثر .
أن عمر صرَّح بتحديث عروة له بهذا الحديث وكذا أبو سلمة من عمر في رواية معاوية .
أن الوهم في هذا السَّند نادر ، وقد أخرج مسلم والنَّسائي لعمر بن عبد العزيز عن عروة ، فذكره هنا زيادة من ثقات ، فهي مقبولة .
ولذا صحَّح مسلمٌ هذا الوجه وأعرض عمَّا عداه .
وكذا قال البخاري - بعد ذكر رواية هشام الدَّسْتَوائي وشيبان - : « وكأنَّ حديث شيبان عندي أحسن » - العلل الكبير للتِّرمذي (1/346-ترتيبه) .
واقتصر أبو حاتم على رواية شيبان ومعاوية عند ذكره لرواية يحيى بن أبي كثير لهذا الحديث – العلل لابنه (1/251) .
ولعل يحيى بن أبي كثير أسقط عمر من السند في مرة لسبب أو نسيان .
وأما السَّند الثاني ، فاختلف عليه فيه على وجهين اثنين – أيضاً - .
الوجه الأول :- رواه الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أمِّ سلمة .
وليحيى بهذا السَّند حديثان عند النَّسائي كما في التحفة (13/43) .
وهذا الوجه تفرد به الأوْزاعي ، ولم أجد - بعد البحث - من خرَّجه عنه .
الوجه الثاني :- رواه جماعة من أصحاب يحيى بن أبي كثير عنه عن أبي سلمة عن زينب عن أمِّ سلمة .
وليس يحيى في الكتب السِّتَّة سوى هذا الحديث بألفاظه السابق ذكرها .
كذا رواه عن يحيى بن أبي كثير كُلٌّ من :-
معاوية بن سلام (ص3) .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) .
همَّام (ص3) .
شيبان (ص3) .
حرب (ص3) .
حسين المعلم (ص3) .
محمد بن يعقوب (ص3) .(1/392)
قَتادة ، وردَّ النَّسائي هذه الرِّواية بقوله : « هذا خطأ من حديث قَتادة » - الكبرى (2/202) .
ولعل هذا لأنه من رواية عمر بن عامر ، وروايته عن قَتادة فيها ضَعَّفَ كما سبق (ص3) .
وهذا الوجه أصحُّ عن يحيى بن أبي كثير لقرائن منها :-
اتفاق أصحاب يحيى بن أبي كثير عليه .
أن المخالف لهم واحد ، وهم جماعة .
أن رواية الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير ليست بالمتِينة ، كما سبق (ص3) .
أنه قد سبق له اضطراب في هذا الحديث في السَّند الأول ، فدلَّ ذلك على عدم ضبطه له .
تصحيح البخاريِّ وغيره لهذا الوجه .
أن مع من ذكر زينب زيادة علم ، فهي مقبولة مع الحفظ والعدد .
فظهر بذلك أن يحيى بن أبي كثير إنَّما رواه من مسند أم سلمة بواسطة أبي سلمة عن زينب عنها .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث كما قال الدَّارقطني ، إنَّما رواه يحيى بن أبي كثير من مسند عائشة بواسطة أبي سلمة عن عمر بن عبد العزيز عن عمرة عنها .
وكذلك رواه من مسند أم سلمة بواسطة أبي سلمة عن زينب عنها ، والله أعلم .
الحديث الثالث
وسئل عن حديث بسرة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في مس الذكر والوضوء منه ...
فقال : » ... حدَّث به عنه يحيى بن أبي كثير ، واختلف عنه .
فرواه عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه عن حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير عن المهاجر بن عكرمة عن الزُّهري عن عروة عن عائشة – رحمها الله – أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أعاد الوضوء ، وقال : إني حككت ذكري ...
... ورواه عبد الوهاب الخفاف عن هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن الزُّهري مرسلاً ، ولم يذكر فيه المهاجر بن عكرمة .
72. وخالفه ... بن ... (1) رواه عن هشام عن يحيى عن (2) المهاجر بن عكرمة أن عبد الله بن أبي بكر حدثه أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) غيْر واضح بالأصل .
(2) في الأصل : بن ، وهو خطأ .(1/393)
وخالفه عبد العزيز بن أبان وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد الله بن علي الحنفي وشعيب بن إسحاق ، رووه عن هشام عن يحيى عن عروة عن عائشة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
ورواه عبد الوهاب بن عطاء وأبو داود عن هشام عن يحيى عن رجل عن عروة عن عائشة .
73. وكذلك رواه شيبان عن يحيى عن رجل عن عروة عن عائشة .
ورواه أبو أمية البصري – وهو أيوب بن خوط – عن يحيى عن عروة عن عائشة .
ورواه مسلم بن إبراهيم عن هشام عن يحيى مرسلاً عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
74. وكذلك رواه عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً « (1) .
التَّخْرِيج
رواية عبد الصمد أخرجها ابن شاهين في الناسخ (117) وأشار إليها ابن أبي حاتم في العلل (1/36) عن أبيه .
ورواية عبد العزيز بن أبان أخرجها الحارث في المسند (85-زوائد) .
ورواية شعيب أشار إليها ابن أبي حاتم في العلل (1/36) .
ورواية أبي داود أخرجها الطَّحاوي في شرح المعاني كتاب الطَّهارة / باب مس الفرج ... (1/73) .
ورواية عمر أخرجها عبد الرَّزَّاق في المصنَّف كتاب الطَّهارة / باب الوضوء من مس الذكر (1/113) ، ووقع عنده : « معمر » ، وهو خطأ .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه معاذ بن هشام عن أبيه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن رجل عن عروة عن عائشة – أخرجه إسحاق في المسند (2/339) .
رواه معاذ بن هشام عن أبيه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن المهاجر بن عكرمة عن الزُّهري مرسلاً – أخرجه إسحاق في المسند (2/340) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث على عدة أوجه .
الوجه الأول :- رواه عمر بن راشد عنه مرسلاً .
وتابعه عليه هشام الدَّسْتَوائي في رواية ابنه عنه ، على اختلاف قوله فيه أيضاً .
وهذا الوجه معلٌّ بقرائن منها :-
أن عمر ضعيف في يحيى بن أبي كثير كما سبق (ص3) .
أن هشاماً مختلف عليه كما سيأتي ، فمتابعته لا تفيد .
__________
(1) العلل (ج5/ل196و199) .(1/394)
مخالفته لبقية أصحاب يحيى بن أبي كثير الثِّقات كما سيأتي .
الوجه الثاني :-رواه أيوب بن خوط عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة .
وتابعه أيضاً عليه هشام الدَّسْتَوائي في رواية جماعة من أصحابه .
وهذا معلٌّ بقرائن أيضاً ، منها :-
أن أيوب متروك كما سبق (ص3) .
الاختلاف على هشام كما سيأتي .
أن يحيى بن أبي كثير إنَّما يروي عن عروة بواسطة ، كما ورد في عدة أحاديث في الصَّحيحين وغيرها ، وما ورد عنه بإسقاطه فلا يصحُّ أصلاً .
قال أبو حاتم : « يحيى بن أبي كثير ، ما أراه سمع من عروة بن الزُّبير ، لأنه يدخل بينه وبينه : رجل أو رجلان ، ولا يذكر سماع ، ولا رؤية ، ولا سؤاله عن مسألة » - المراسيل (904) .
وكذا قال البخاري وأبو زرعة ، وخالفهما ابن معين فأثبت له السَّماع منه – جامع التَّحصيل (ص299) .
الوجه الثالث :- رواه حسين بن ذكوان المعلم عن يحيى عن المهاجر بن عكرمة عن الزُّهري عن عروة عن عائشة .
وهذا فيه المهاجر ، وقد تقدَّم حاله (ص3) .
وهذا السَّند غريب ، فأين أصحاب الزُّهري على كثرتهم ، وحرصهم على حديثه عن هذه الرِّواية ، بل قد قال أبو حاتم الرَّازي : « هذا حديث ضعيف لم يسمعه يحيى من الزُّهري ، وأدخل بينهم رجلاً ليس بالمشهور ، ولا أعلم أحداً روى عنه إلا يحيى ، وإنَّما يرويه الزُّهري عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن مروان عن بسرة ... » - العلل لابنه (1/36) ، فهذا الوجه ضعيف عن الزُّهري .
وحسين المعلم وإن كان من أصحاب يحيى بن أبي كثير كما تقدَّم (ص3) إلا أنه موصوف بالاضِّطراب في عموم حديثه .
وتابعه على الوجه هشام الدَّسْتَوائي – في رواية عنه – إلا أنه أرسله عن ابن أبي بكر ، وقد تقدَّم (ص3) حديث لهشام – برواية القطَّان بمثل هذا السَّند ، وفي رواية أخرى عنه أرسله عن الزُّهري بإسقاط المهاجر مرة ، وبذكره مرة أخرى في رواية لابنه معاذ عنه .(1/395)
الوجه الرابع :- رواه شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن رجل عن عروة عن عائشة .
وكذا رواه جماعة عن هشام الدَّسْتَوائي .
وهذا الوجه يظهر أنه أقوى الأوجه عن يحيى بن أبي كثير لقرائن منها :-
أن شيبان من أصحاب يحيى بن أبي كثير الكبار كما سبق (ص3) .
متابعة هشام الدَّسْتَوائي له - في وجه عنه رواه عنه ابنه معاذ (ص3) وآخران .
أن أكثر أصحاب يحيى بن أبي كثير ذكروا في روايتهم : عروة عن عائشة ، خلافاً من أرسله .
أن هشاماً ، وإن كان أثبت في يحيى بن أبي كثير ، فقد اختلف عليه على عدة أوجه تدلُّ على اضطرابه الشَّديد فيه ، وأنه لم يحفظه كشيبان ، فهو مقدَّم عليه ، ومن خالفه في يحيى بن أبي كثير ، فليس هو مثله فيه ، بل شيبان أثبت . وحسين وإن خالفه في الرِّواية ، إلا أن تؤيد أصل الرِّواية ، بالجهالة أو الإبهام ، وكلاهما مضعف للحديث .
ويظهر من الخلاف السابق على يحيى بن أبي كثير احتمال اضطرابه فيه .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث لا يصحُّ ، من رواية يحيى بن أبي كثير ، لأنه إما مرسل أو فيه جهالة أو إبهام ، وهو أقرب الأوجه عن يحيى بن أبي كثير .
وللحديث طرق عن بسرة ، وخلاف فيه ، ذكره المزي في التحفة (11/272) وابن حجر في إتحاف المهرة (21362) ، والله أعلم .
الحديث الرابع
وسئل عن حديث زينب بنت أم سلمة عن أمِّ حبيبة بنت جحش أنها تهراق الدم ، فأمرها النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أن تتوضأ عند كل صلاة .
فقال : » يرويه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة وعكرمة أن زينب بنت أم سلمة اعتلت ، وهي تهراق الدم ، فأمرها النَّبي أن تغتسل .
قال ذلك الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير .
75. وقال البابلتي عن الأوْزاعي عن يحيى عن أبي سلمة أو عكرمة بالشَّك .
ورواه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى فخالف الأوْزاعي .
واختلف عن هشام .
فرواه يزيد بن زُرَيع عن هشام عن يحيى عن أبي سلمة عن زينب بنت جحش .(1/396)
وتابعه أبو عمر الحوضي ، إلا أنه قال : إن زينب كانت تهراق الدم ، ولم يقل : عن زينب ، وسمى زينب ، ولم ينسبها .
وقال يحيى القطَّان ومسلم بن إبراهيم عن هشام عن يحيى عن أبي سلمة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فسألت النَّبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال أبان العطَّار عن يحيى عن أبي سلمة عن أمِّ حبيبة بنت جحش .
وكذلك قال معمر عن يحيى بن أبي كثير .
وقال حسين المعلم عن يحيى عن أبي سلمة أخبرتني زينب بنت أم سلمة أن امرأة عبد الرحمن كانت تهراق .
وهو أشبه الأقاويل بالصَّواب .
وقول الأوْزاعي وهم ، ولم يذكر أحد من أصحاب يحيى في حديثه عكرمة عدا الأوْزاعي ، وهو معروف عن عكرمة « (1) .
التَّخْرِيج
رواية مسلم أخرجها أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (587) وابن عبد البر في التَّمهيد (16/89) والبيهقي في الكبرى كتاب الحيض / باب غسل المستحاضة (1/517) .
ورواية أبان أخرجها أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (587) وابن عبد البر في التَّمهيد (16/89) .
ورواية معمر أخرجها إسحاق في المسند (2060) – وعنده : « أن أم حبيبة » مرسلةً . وعند ابن أبي حاتم في العلل (1/50) مسندةً .
ورواية حسين أخرجها أبو داود في السُّنن كتاب الطَّهارة / باب 111 (297) وابن الجارود في المنتقى (115) والبيهقي في ا لكبرى (1/517) وابن حزم في المحلى (2/11) .
الرِّوَايَات الأُخْرَى
رواه محمد بن يوسف الفريابي عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة أو عكرمة قال : كانت زينب ... مرسلاً – أخرجه الدَّارمي في المسند كتاب الصَّلاة والطَّهارة / باب 95 (903) .
ورواه بشر بن بكر عن الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة وعكرمة أن زينب ... مرسلاً – أخرجه البيهقي في الكبرى (1/518) .
ورواه معاذ بن هشام عن أبيه هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أن أم حبيبة ... مرسلاً – أخرجه إسحاق في المسند (2059) .
__________
(1) العلل (ج5/ل216-217) .(1/397)
ورواه يزيد بن هارون عن هشام الدَّسْتَوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أن أم حبيبة ... مرسلاً – أخرجه الدَّارمي (906) .
ورواه وهب بن جرير عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أن أم حبيبة ... مرسلاً – أخرجه الدَّارمي (906) وابن حزم في المحلى (2/211) .
ورواه حرب بن شدَّاد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أن أم حبيبة ... مرسلاً – أشار إليه أبو حاتم الرَّازي – العلل لابنه (1/50) .
الدِّرَاسَة
اختلف على يحيى بن أبي كثير في إسناد هذا الحديث وصلاً وإرسالاً ، وعمَّن هو مرسل ، على عدة أوجه .
الوجه الأول :- رواه جماعة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أن أمَّ حبيبة بنت جحش ... مرسلاً . كذا رواه عنه كُلٌّ من :-
حرب بن شدَّاد (ص3) .
معمر (ص3) ، فيما أخرجه إسحاق في المسند ، وذكرها ابن أبي حاتم مسندة – كما ذكر الدَّارقطني – ولم يثبتْها أبو حاتم – العلل لابنه (1/50) ، وقد روى معمر الحديث عن الزُّهري عن عمرة عن أمِّ حبيبة بنت جحش قَالَت : استحضت ... - أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف (1/303) ومن طريقه إسحاق في المسند (2061) .
هشام الدَّسْتَوائي (ص3) – في رواية الجماعة عنه – .
وخالفهم اثنان هما :-
أبو عمر حفص بن عمر الحَوْضِي ، أرسله عن زينب ، ولم ينسِبها .
يزيد بن زُرَيع (ص3) ، وصله بزينب بنت جحش ، وأسنده عنها .
وهذا الوجه الثاني عن يحيى بن أبي كثير . ولعل الوهم دخل عليه من رواية عروة وعمرة لهذا الحديث عن عائشة قالت : إن أم حبيبة بنت جحش كانت تغتسل في مركن في حجرة أختها زينب بنت جحش – أخرجه مسلم (334) ، فانتقل ذهنه من السند إلى المتن .
الوجه الثالث :- رواه اثنان عن يحيى بن أبي كثير كرواية هشام وحرب إلا أنهما أسنداه ، وهما :-
أبان العطَّار (ص3) .(1/398)
معمر بن راشد (ص3) ، فيما علقه ابن أبي حاتم والدَّارقطني ، وهو عند إسحاق عنه مرسل كما تقدَّم ، وهو أقرب لأن إسحاق أسنده ولم يعلقه ، وبه جزم ابن حجر في النُّكَتِ الظراف (11/325-التحفة) ، ولعله اختلف عليه .
الوجه الرابع :- رواه الأوْزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة وعكرمة – وقيل : أو عكرمة – أن زينب بنت أبي سلمة ... مرسلاً .
وهذا الوجه يوافق الوجه الأول في أصل الإرسال ، وَضَعَّفَ الدَّارقطني هذا الوجه بقوله : « وَهْمٌ » ، وذلك لقرائن :-
أن الأوْزاعي ليس بالمتين في يحيى بن أبي كثير كما سبق (ص3) .
مخالفته للأثبات في يحيى بن أبي كثير كما سبق ، حيث زاد – أي الأوْزاعي - : « عكرمة » ، وجعل الاستحاضة لزينب بنت أبي سلمة ، ولم يقلْ أحدٌ من أصحاب يحيى بن أبي كثير ذلك . واجتماعهم على خلافه يدلُّ على وهمه .
الاختلاف عليه في ذكر عكرمة ، مما يدلُّ على اضطرابه فيه ، وإن كان ذكر عكرمة فيه قد صَحَّ من وجه آخر عنه كما دلَّ عليه كلام الدَّارقطني آنفاً .
الوجه الخامس :- رواه حسين المعلِّم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب أن امرأة عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - كانت تهراق الدم ...
وهذا الوجه يعود أخيراً إلى الوجه الثالث الذي رواه حربٌ ومعمر ، لأن امرأة عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - هي أم حبيبة بنت جحش كما نصَّ عليه الواقديُّ ، ورجَّحه إبراهيم الحربيُّ والدَّارقطني ، ومال إليه ابن حجر في التَّهذيب – (4/670) ، وقد جاء مصرَّحاً في رواية عروة وعمرة لهذا الحديث عن عائشة – أخرجه مسلم (334) وابن حبَّان (4/185) .
وهذا السَّند متصل ، بينما قال أبو حاتم بعد رواية حسين هذه : « هو مرسل » - العلل لابنه (1/50) ، ولعله إنَّما أراد التَّرجيح لا الحكم على ذات الرِّواية .
وحسين تقدَّم (ص3) أن ابن المديني جعله بعد هشام الدَّسْتَوائي في جماعة ذكرهم .(1/399)
ورجَّح الدَّارقطني هذا الوجه عن يحيى بقوله : « وهو أشبه الأقاويل بالصَّواب » ، ويؤيد ترجيحه متابعة أبان ومعمر – في وجه عنه – له .
وخالفه أبو حاتم فرجَّح الوجه الأول المرسل ، ويؤيِّده أنَّ هشام الدَّسْتَوائي من كبار أصحاب يحيى بن أبي كثير كما سبق ، وقد تابعه حرب ومعمر – في الراجح عنه – والأوْزاعي في أصل الإرسال ، لا الوجه نفسه .
ووجه الإرسال في روايتهم الراجحة أنَّ أبا سلمة لم يدرك الواقعة التي حصلت لأمِّ حبيبةَ فسألت بعدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وبذا حَكَمَ أحمد بن حنبل وغَيْره على بعض الأحاديث بالإرسال - الكفاية للخطيب (ص446) وفتح المغيث (1/197-198) للسَّخاوي .
قال الزركشي في نُكَتِهِ (2/35) : « وإنْ روى التابعيُّ عن الصَّحابي قصةً أدرك وقوعها كان متَّصلاً ، وإن لم يدرِك وقوعَها وأسندها إلى الصَّحابي كانت متَّصلة ، وإن لم يدركها ولا أسند حكايتها إلى الصَّحابي فهي منقطعة ... » .
وقال ابن حجر في نكته (2/591) أيضاً : « ... وإن كان خبرها فعلاً ، نظر إن كان الرَّاوي أدرك ذلك ، التحقت بحكم "عن" ، وإن كان لم يدركه لم تلتحق بحكمها » .
والذي يظهر مما سبق أن الوجهين المتصل والمرسل محفوظان ، فاختلف قول أصحابه فيه ، وأن جانب الإرسال أقوى وأكثر عدداً ، فهو أرجح لاضطراب يحيى بن أبي كثير فيه .
الحُكْمُ عَلَيْه
الحديث يظهر صحة وجهيه عن يحيى بن أبي كثير ، وجانب الإرسال أقوى ، كما قال أبو حاتم ، خلافاً لما ذهب إليه الدَّارقطني ، فالسند ضعيف ، والله أعلم .
الخاتمة
الحمد لله ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، وسيد النبيين ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً ، وبعد .(1/400)
فإنني بعد مضي عدة أشهر مع علم العلل وكتاب الدَّارقُطني وكتب العلل والحديث والرجال وغيرها بحثاً ودرساً وكتابة ، قد خرجت بعدها بنتائج علمية قد يكون من المناسب ذكرها في هذه الخاتمة ، مدعمة ببعض التوصيات الخاصة بهذا العلم الهام .
ومن أهم هذه النتائج :-
أن علم العلل من أصعب علوم الحديث ، وأدقها ، وهذا يلزم منه حذرٌ أشد وحيطة أكثر في الدراسة والترجيح والحكم .
أن علم العلل علمٌ متكامل الأسس والقواعد ، قائم على منهج مقعد بأصول ، مدعم بقرائن وأقوال الراسخين من أهله السابقين .
أن قرائن الترجيح بين الروايات هي أهم أسس هذا العلم ، وأن من أهملها أضاع أكبر أسباب إتقانه .
أن قرائن الترجيح العامة خمسة ، يحكم بها على غالب الأحاديث المعلة .
أن الاهتمام بأحاديث المكثرين من الرواية من الصحابة والتابعين ومن بعدهم جمعاً وتعليلاً وحفظاً ودراسةً ، يختصر على المرء الكثير من الجهد ، في علم الحديث رواية ودراية .
أن أكثر الأحاديث إعلالاً تقع في مسند الستة المكثرين من الرواية السابق ذكرهم في المقدمة .
أن مسند أبي هريرة أكثر المسانيد حديثاً معلاً ، فالاهتمام بجمعه يختصر الكثير من الوقت والجهد .
أن كتاب الدَّارقُطني أكبر كتب العلل ، وأكثرها حديثاً وطرقاً ، فالاهتمام به مفيد جداً في هذا الباب .
أن منهج الدَّارقُطني قائم على كثرة الجمع والترجيح بالقرائن العامة والخاصة ، وأن أكثر القرائن للتعليل لديه : سلوك الجادة .
أن الدَّارقُطني لعلمه الفائق بالعلل قليل المخالفة لأقوال من سبقه في التعليل ، وإذا وجد منه مخالفة فلقرائن قوية عنده .
أنه ينبغي لمن ترجَّح لديه بالقرائن مخالفة السابقين في حديث ، زيادة البحث والتنقيب عن أدلة وقرائن أخرى قبل الحكم .(1/401)
أن كتب الأجزاء والفوائد والغرائب مليئة بالروايات المفيدة في الترجيح بين الروايات ، إلا أنها لا تنفرد بأمر يصعب الفصل بدونها إلا نادراً ، وكتب الأصول تغني عنها دائماً .
أن كثيراً من تصحيحات المتأخرين التي لم يسبقوا لها مدخولة ، خصوصاً عند مخالفة من تقدم عنهم من علماء السلف ، وهذا يعني الحذر من الاعتماد عليها ممن تمكن من آلته .
أما التوصيات حول هذا الموضوع فهي :-
الاهتمام بإكمال إخراج كتاب العلل للدَّارقُطني محققاً .
الاهتمام بعلم العلل وكتبه ومظانِّ وجوده في الكتب المخطوطة .
الحذر من العجلة في الحكم على الحديث بالصِّحة بظاهر السَّند ، بدون بحث عن علة له محتملة ، خصوصاً مع غرابة المتن ، أو تأخر المصدر .
مساعدة طلبة العلم الرَّاغبين في خدمة هذا العلم الهام .
الاهتمام بالبحث في كتب العلل عند دراسة الأحاديث والحكم عليها ، بدلاً من التوسع في التخريج ، عند عدم الحاجة لذلك .
الحرص على إخراج موسوعات شاملة تخدم هذا العلم ، ولو بالفهرسة .
التقليل من الحكم على كلِّ حديث باستقلال - دون دراسة - ، والاهتمام بعزو ذلك إلى إمام سالف ممن يعتمد على قوله في الحكم ، إلا لمن رسخ علمه بالحديث ، وتمرَّس فيه السِّنين الطويلة .
والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد ،
وعلى آله وصحبه ،
وسلم تسليماً
كثيراً .
الفهارس العامة
فهرس فقه الحديث
فهرس أطراف الأحاديث
فهرس الرواة المترجم لهم
فهرس المصادر والمراجع
فهرس الموضوعات
فهرس فقه الأحاديث
التوحيد
الراوي ... ... ... ... الحديث ... ... ... ... رقمه
عمر بن الخطاب ... ... إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد ... ... 2
أنس بن مالك ... ... ... أنت تخلقه أنت ترزقه ... ... ... 49
أنس بن مالك ... ... ... آلله اختلفتم ... ... ... ... 55
عبد الله بن مسعود ... ... على الفطرة ... ... ... ... 56
عبد الرحمن بن عوف ... ... يقول الله : أنا الرحمن ... ... ... 82
أبو هريرة ... ... ... إذا قال الرجل لأخيه : يا كافر ... ... 85
أبو هريرة ... ... ... إذا مضى شطر الليل بنزل الله ... 97
الطهارة
عثمان بن عفان ... ... ... في صفة الوضوء ... ... ... 4و78(1/402)
علي بن أبي طالب ... ... يغسل من بول الجارية ... ... ... 7
أبو هريرة ... ... ... إذا ولغ الكلب ... في إناء ... ... ... 11
أبو هريرة ... ... ... إذا قعد بين شعبها الأربع ... ... 13
أبو هريرة ... ... ... من توضأ يوم الجمعة فبها ... ... 25
أبو هريرة ... ... ... وصَّاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ... ... 37
أنس بن مالك ... ... ... كان يمسح على خفيه ... ... ... 46
الراوي ... ... ... ... الحديث ... ... ... ... رقمه
معاوية بن حيدة ... ... نعم ويتيمم ... ... ... ... 61
المغيرة بن شعبة ... ... ... في المسح على الخفين ... ... ... 62
عائشة ... ... ... ... يوجب الغسل ... ... ... ... 69
عائشة ... ... ... ... كان النَّبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمد ... ... 71
عائشة ... ... ... ... كنا لا نعد الصفرة والكدرة ... ... 73
أم حكيم ... ... ... أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على ضباعة ... 77
أبو هريرة ... ... ... توضؤا مما غيرت النار ... ... ... 84
أبو هريرة ... ... ... لا يتحدث المتغوطان ... ... ... 102
بسرة ... ... ... ... في مس الذكر ... ... ... ... 111
أم حبيبة ... ... ... أنها تهراق الدم ... ... ... ... 112
الصلاة
أبو هريرة ... ... ... أن أول ما يحاسب به العبد ... ... 12
أبو هريرة ... ... ... صلاة في الجميع تزيد ... ... ... 15
أبو هريرة ... ... ... لو تعلمون ما في الصف الأول ... ... 16
أبو هريرة ... ... ... تقطع الصلاة المرأة والكلب ... ... 17
أبو هريرة ... ... ... أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوتر بثلاث ... ... 18
أبو هريرة ... ... ... أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من اثنتين ... 22
أبو هريرة ... ... ... نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الاختصار ... 24
أبو هريرة ... ... ... إن الله كتب الجمعة ... ... ... 31
الراوي ... ... ... ... الحديث ... ... ... ... رقمه
أبو هريرة ... ... ... إذا أتيتم الصلاة فأتوها ... ... ... 36
أنس بن مالك ... ... ... كانوا يستفتحون القراءة ... ... 40
أنس بن مالك ... ... ... أي الشَّجر أمنع ... ... ... ... 52
أبو ذر ... ... ... ... صلاة في مسجدي هذا ... ... ... 59
أبو موسى ... ... ... في صفة الصلاة ... ... ... ... 64
عائشة ... ... ... ... لا يقبل الله صلاة الحائض إلا بخمار ... 72
أم سلمة ... ... ... الصلاة ، وما ملكت أيمانكم ... ... 74
أبو هريرة ... ... ... المتعجل إلى الجمعة ... ... ... 89
أبو هريرة ... ... ... اقتلوا الأسودين في الصلاة ... ... 90
أبو هريرة ... ... ... صدق أبو ذر ليس لك من صلاتك ... 91
أبو هريرة ... ... ... تفضل صلاة الجمع على ... ... 82
أبو هريرة ... ... ... إذا صلى أحدكم فلا يدري ... ... 99(1/403)
أبو قَتادة ... ... ... كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا فيطول ... 103
أبو أسيد ... ... ... لا صلاة بعد العصر ... ... ... 106
الجنائز
أبو هريرة ... ... ... إن المؤمن إذا حضره الموت ... ... 38
أنس بن مالك ... ... ... عذب رجل في قبره في البول ... ... 47
عبد الله بن عمر ... ... إذا وضعتم موتاكم في القبر ... ... 66
أبو هريرة ... ... ... اللهم اغفر لحينا وميتنا ... ... ... 80
الراوي ... ... ... ... الحديث ... ... ... ... رقمه
أبو هريرة ... ... ... إيما نائحة ماتت قبل أن تتوب ... ... 94
أبو هريرة ... ... ... من غسل ميتا فليغتسل ... ... ... 100
أبو هريرة ... ... ... لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار ... ... 101
أبو مالك ... ... ... أربع في أمتي من الجاهلية ... ... 105
الصيام
أبو هريرة ... ... ... ما من أيام أحب إلى الله تعالى ... ... 19
أبو هريرة ... ... ... أطعمك الله وسقاك ... ... ... 23
أبو هريرة ... ... ... وصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ... ... 37
أبو قَتادة ... ... ... لا صام ولا أفطر ... ... ... 58
أبو سعيد الخدري ... ... سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان ... 65
جويرية ... ... ... ... أصمت أمس ... ... ... ... 76
أبو هريرة ... ... ... أفطر عندَكم الصائمون ... ... ... 86
عائشة ... ... ... ... كان يقبل وهو صائم ... ... ... 110
الزكاة والصدقة
أبو ذر ... ... ... ... على كل نفس كل يوم صدقة ... ... 104
الحج
علي بن أبي طالب ... ... إن الله حرم مكة ... ... ... 6
الراوي ... ... ... ... الحديث ... ... ... ... رقمه
أنس بن مالك ... ... ... أمر بالبدن بذي الحليفة ... ... ... 41
أنس بن مالك ... ... ... أمر صاحب بدنه ... ... ... 51
معاوية بن أبي سفيان ... ... في استلام أركان الكعبة ... ... 60
النكاح
أبو هريرة ... ... ... نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُزوج ... ... 21
معقل بن سنان ... ... ... قصة بروع بن واشق ... ... ... 68
أبو هريرة ... ... ... إن اليهود تقول : إن العزل ... ... 87
أبو هريرة ... ... ... أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ... ... 96
جابر بن عتيك ... ... ... من الغيرة ... ... ... ... 108
الطلاق
أبو هريرة ... ... ... تزوج ولا تطلق ... ... ... ... 30
العتق
أبو هريرة ... ... ... من أعتق شقيصا له من عبد ... ... 26
البيوع
أبو هريرة ... ... ... أيما رجل وجد متاعه ... ... ... 33
الراوي ... ... ... ... الحديث ... ... ... ... رقمه
الحدود والقضاء
أبو بكر ... الصديق ... ... أنه قطع في مجن ... ... ... ... 1
أبو موسى ... ... ... أنه اختصم إليه في بعير ... ... ... 63
عائشة ... ... ... ... القطع في ربع دينار ... ... ... 109(1/404)
الأطعمة والأشربة
أبو هريرة ... ... ... الكمأة من المن ... ... ... ... 29
أبو هريرة ... ... ... الخمر من هاتين الشجرتين ... ... 95
الأيمان
أبو هريرة ... ... ... إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت ... ... 14
أبو هريرة ... ... ... إن فلانا يخطب فلانة ... ... ... 98
الأدب واللباس
علي بن أبي طالب ... ... نهى أن تحلق المرأة رأسها ... ... 5
علي بن أبي طالب ... ... لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا ... ... 8
أبو هريرة ... ... ... لا تصحب الملائكة رفقة فيها ... ... 27
أبو هريرة ... ... ... بادروا الأعمال بست ... ... ... 28
أبو هريرة ... ... ... من صور صورة ... ... ... 32
الراوي ... ... ... ... الحديث ... ... ... ... رقمه
أبو هريرة ... ... ... إذا ضرب أحدكم فليتق ... ... 34
أنس بن مالك ... ... ... الله رفيق يحب الرِفق ... ... ... 42
أنس بن مالك ... ... ... لا إيمان لمن لا أمانة له ... ... ... 44
عبد الله بن مسعود ... ... المرأة عورة ... ... ... ... 57
أبو هريرة ... ... ... المؤمن غر كريم ... ... ... ... 88
أبو هريرة ... ... ... إذا أخذ فليأخذ أحدكم بيمينه ... ... 93
معاوية بن أبي سفيان ... ... في النهي عن لبس الذهب والحرير ... 107
السيرة
أبو هريرة ... ... ... كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثوب ... ... 10
أنس بن مالك ... ... ... كان أشد حياء من العذراء ... ... 45
أنس بن مالك ... ... ... لم يكن شيء أحب إلى ... ... ... 48
أنس بن مالك ... ... ... كانت قبيعة سيفه من فضة ... ... 50
مالك بن صعصعة ... ... في المعراج ... ... ... ... 67
الخلافة والفتن
أبو هريرة ... ... ... إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر ... ... 20
أنس بن مالك ... ... ... السلطان ظل الله في الأرض ... ... 43
أم سلمة ... ... ... يبايع بين الركن والمقام لرجل ... ... 75
الزبير بن العوام ... ... ... دب إليكم داء الأمم قبلكم ... ... 79
الراوي ... ... ... ... الحديث ... ... ... ... رقمه
القرآن والأدعية
أبو هريرة ... ... ... في الجمعة ساعة ... ... ... ... 35
عائشة ... ... ... ... الماهر بالقرآن ... ... ... ... 70
عبد الرحمن بن عوف ... ... اقرأوا القرآن ولا تأكلوا به ... ... 81
أبو هريرة ... ... ... يقال لقارئ القرآن ... ... ... 83
الفضائل والجنة
عمر بن الخطاب ... ... رأيت كان ديكا نقرني ... ... ... 3 ...
علي بن أبي طالب ... ... أنت مني بمنزلة هارون من موسى ... 9
أنس بن مالك ... ... ... إن الله وعدني أن يدخل الجنة ... ... 39
أنس بن مالك ... ... ... اسكن فما عليك إلا نبي ... ... 53
أنس بن مالك ... ... ... خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ... 54
عبد الرحمن بن عوف ... ... أول ثلاثة يدخلون الجنة ... ... 8(1/405)
فهرس أطراف الأحاديث
.
. إبراهيم بن عبد الله بن قارظ ... 481
. إبراهيم بن عبد الملك القَنَّاد ... 410
. إسماعيلُ بنُ مُحَمَّد بن جحادة ... 384
. الضحاك بن نبراس ... 476
. باب بن عمير ... 552
. بشر بن موسى ... 518
. حسين بن عمران ... 406
. خليلُ بن مرة ... 499
. صالح بن رستم الخزاز ... 504
. عبد الحميد بن الحسن الهلالي ... 384
. عبد الله بن يزيد بن الأزرق ... 585
. عبد الملك بن الصباح ... 557
. عبيد بن عقيل ... 557
. عبيس بن ميمون ... 527
. عمرو بن هاشم البيروتي ... 415
. معاوية بن حكيم ... 366
. مغيرة بن مسلم السراج ... 475
.أبان العطار ... 466
.أبان بن يزيد العطار ... 113
.إبراهيم بنِ طهمان ... 292
.ابن جابر ... 584
.أَبُو إِسْحَاق ... 549
.أَبُو الجماهر ... 216
.أَبُو المهزم ... 496
.أبو بكر بن أنس ... 283
.أَبُو بكر بن عمير ... 283
.أبو جعفر المؤذن ... 539
.أَبُو حريز ... 208
.أَبُو داود الطيالسي ... 115
.أَبُو سَعِيد الأزدي ... 274
.أبو سفيان بن سَعِيد بن المُغِيرَة ... 491
.أَبُو سهم ... 584
.أَبُو مطيع ... 505
.أَبِي قطن ... 184
.أزهر بن سعد السَّمَّان ... 180
.أسامة بن زيد ... 508
.إِسْحَاق بن أَبِي فروة ... 124
.إسماعيل بن عمر ... 174
.الأشعث بن براز ... 298
.الأوزاعي ... 287, 448
.الحكم بن عبد الملك البَصْرِي ... 158
.الحكم بن هشام ... 354
.الربيع بن صبيح ... 298
.الضحاك بن حمرة ... 373
.الضَّحاك بن مخلد النبيل ... 530
.القاسم بن الفضل ... 278
.القاسم بن الوليد الكوفي ... 172
.المثنى بن سَعِيد البصري ... 264
.المهاجر بن عكرمة ... 464
.النَّهاس بن قهم ... 201
.الوضاح بن عبد الله اليشكري ... 112
.أنس بن حكيم ... 162
.أيوب السخياني ... 476
.أيوب بن أبي مسكين ... 119
.أيوب بن خوط ... 232
.أيوب بن سلمة ... 173
.أيوب بن عتبة اليمامي ... 462
.بشر بن رافع الحارثي ... 508
.بقية بن الوليد ... 431
.بكر بن بكار ... 250
.تميم بن نُذَير ... 432
.ثابت بن حماد البَصْرِي ... 328
.جعفر بن سليمان الضُّبَعِي ... 146
.حجاج الصواف ... 525
.حَجَّاج بن أَرْطَاة ... 112
.حَجَّاج بن الحجَّاج الباهلي ... 124
.حَجَّاج بن الفرافصة ... 508
.(1/406)
حَجَّاج بن محمد المصيصي الأعور ... 362
.حرب بن شداد ... 453
.حريث بن قبيصة ... 161
.حسين بن ذكوان المعلم ... 490
.حماد بن أسامة الكوفي ... 362
.حماد بن الجعد ... 430
.حماد بن قيس ... 394
.حماد بن يحيى الأبح ... 474
.حمَّاد بن عبد الرَّحْمَن الكلبي ... 389
.حِمَّان الهُنَائِي ... 578
.خارجة بن مصعب السرخسي ... 505
.خالد بن الحارث ... 120
.خالد بن عبد الرَّحْمَن الخراساني ... 174
.خالد بن قيس البَصْرِي ... 147
.خالد بن يحيى الهلالي ... 157
.خالد بن يزيد الهدادي ... 462
.خلاس بن عمرو ... 131
.خليل بن مرة ... 191
.روح بن عبادة ... 267
.زيد بن حبان ... 535
.سالم بن نوح ... 380
.سَعِيد بن أبي عروبة ... 117
.سَعِيد بن سالم القداح ... 292
.سَعِيد بن عامر الضُّبعي ... 116
.سَعِيد بن يوسف الرحبي ... 462
.سفيان بن سعيد الثوري ... 115
.سلام بن مسكين ... 154
.سلم بن قتيبة ... 489
.سليمان بن أرقم ... 595
.سليمان بن طرخان التَيْمِي ... 179
.سُوِيْدُ بن إبراهيم الجحدري ... 192
.شبابة بن سوار ... 198
.شُعْبَة بن الحجاج ... 115
.شهر بن حوشب ... 248
.شَيْبَان بن عبد الرحمن ... 172, 448
.صالح بن بَشِيْر المُرِّي ... 173
.طلحة بن زيد ... 476
.طلحة بن عبد الرحمن ... 258
.عاصم بن علي ... 174
.عامر العقيلي ... 478
.عباد بن العوام الواسطي ... 225
.عبَّاد بن أوس ... 522
.عبد الأعلى بن عبد الأعلى القرشي ... 167
.عبد الرَّحْمَن بن عبد الله المسعودي ... 173
.عبد الرَّحْمَن بن عثمان ... 267
.عبد الصمد بن عبد الوارث ... 139
.عبد العزيز بن الحصين ... 347
.عبد الله بن أَبِي بكر ... 535
.عبد الله بن بشر الرقي ... 124
.عبد الله بن رباح ... 245
.عبد الله بن عيسى ... 485
.عبد الله بن محرر ... 552
.عبد الله بن معانق ... 566
.عبد الملك بن محمد الرقاشي ... 209
.عبد الوهاب بن عطاء ... 116
.عبدة بن سليمان الكوفي ... 157
.عبيد الله بن الأخنس ... 489
.عبيد بن الصباح ... 311
.عُبيدة بن الأسود الكوفي ... 116
.عثمان بن سعد ... 322
.عثمان بن مقسم البري ... 134
.عقبة الأصم ... 297
.عكرمة بن إبراهيم ... 394
.عكرمة بن عمار ... 463
.علي بن المبارك ... 453
.عمار بن مطر ... 216
.(1/407)
عمر بن راشد ... 570
.عمر بن سَعِيد الأبح ... 304
.عمر بن عامر البَصْرِي ... 135
.عمر بن عبد الله بن أَبِي خثعم ... 530
.عمر بن نبهان العبدي ... 308
.عمران بن خالد الخزاعي ... 216
.عمران بن داور القَطَّان ... 153
.عمرو بن الحارث المصري ... 212
.عياش بن عبد الله ... 432
.عيسى بن ماهان ... 219
.عيسى بن واقد ... 329
.قرَّة بن أَبِي قرَّة ... 574
.ليث بن أَبِي سليم ... 251
.مؤمل بن إسماعيل ... 530
.مالك بن ربيعة الساعدي ... 573
.مجاعة بن الزبير ... 127
.محمد بن إبراهيم السلمي ... 250
.محمد بن جعفر
غندر ... 266, 361
.محمد بن ذكوان الأزدي ... 463
.محمد بن سليم البَصْرِي ... 113
.محمد بن سواء السَّدوسي ... 263
.محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ... 521
.محمد بن كثير العبدي ... 153
.محمد بن يحيى القزاز ... 209
.محمد بن يعقوب اليمامي ... 466
.مُحَمَّد بن بشر ... 208
.مُحَمَّد بن بكر البرساني ... 208
.مِسْعَر بن كدام ... 172
.مسعود بن واصل ... 202
.مسكينُ بنُ بكير ... 489
.مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ... 139
.مطر بن طهمان الوراق ... 124
.معاذ بن معاذ ... 362
.معاذ بن هشام الدَّسْتَوَائِي ... 139
.معاوية بن سلام ... 504
.معتمر بن سليمان التيمي ... 179
.مَعْمَر بن راشد ... 146, 455
.منصور بن زَاذَان ... 329
.موسى بن خلف ... 162
.موسى بن مسعود النهدي ... 494
.نصر بن طريف ... 172
.هدبة بن خالد ... 548
.هشام الدَّسْتَوَائِي ... 113, 455
.هشام بن حَسَّان ... 463
.هلال بن يحيى ... 320
.هَمَّام بن يحيى ... 123, 464
.وكيع بن الجراح ... 115
.وهب بن جرير البَصْرِي ... 153
.يحيى بن أبي بكير ... 114
.يحيى بن سعيد القَطَّان ... 361
.يحيى بن سلام البَصْرِي ... 328
.يحيى بن صبيح الخراساني ... 124
.يحيى بن عبد الحميد الحماني ... 486
.يزيد بن زريع ... 120
.يزيد بن سنان الرهاوي ... 522
.يزيد بن عياض ... 251
.يزيد بن هارون ... 174
.يعلى بن عباد ... 184
.يوسف بن عطية الصفار ... 147
:
: صدق أَبُو ذر ليس لك من صلاتك إلا ما لغوت ... 517
ا
ا قعد بين شعبها الأربع ... 164, 615
إ
إذا أتيتم الصلاة فأتوها ... 269
إذا أخذ فليأخذ أحدكم بيمينه ... 523, 620(1/408)
إذا بويع لخليفتين ... 203, 620
إذا صلى أحدكم فلا يدري ... 544
إذا ضرب أحدكم فليتقِ ... 262
إذا قَالَ الرجل لأخيه : يا كافر ... 493
إذا مضى شطر الليل ينزل الله ... 537
إذا وضعتم موتاكم فِي القبر ... 386
إذا ولغ الكلب ... 155, 615
أ
أربع فِي أمتي من الجاهلية ... 568
ا
استلام أركان الكعبة ... 359, 618
اسكن فما عليك إلا نبي وصِدِّيق ... 331
أ
أطعمك الله وسقاك ... 214, 618
أفطر عندَكم الصَّائمون ... 497
ا
اقتلوا الأسودين فِي الصلاة ... 513
اقرأوا القرآن ولا تأكلوا به ... 469, 621
الخمر من هاتين الشجرتين ... 528
السُّلطان ظل الله فِي الأرض ... 296
الصَّلاة ، وما ملكت أيمانكم ... 419
القطع فِي ربع دينار ... 587
الكمأة من المنِّ ... 246
الله? - ?أنا الرَّحْمَن ... 479, 615
آ
آلله اختلفتم ، إِنَّمَا أهلك ... 338
ا
الله رفيق يحب الرِّفق ... 293
اللهم اغفر لحينا وميتنا ... 458, 617
المؤمن غرٌ كريم ... 506
الماهر بالقرآن ... 403, 621
المتعجل إلى الجمعة ... 510
المرأة عورة ... 349
أ
أمر بالبدن بذي الحليفة فقلدت ... 289
إ
إن الله تجاوز لأمتي ... 168
إن الله حرم مكة ... 132, 618
إن الله كتب الجمعة ... 252
إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي ... 280
إن المؤمن إذا حضره الموت ... 276
أ
أن امرأة أتت النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - فقَالَت? - ?إن أَبِي زوجني ... 532
أن تتوضأ عِنْدَ كل صلاة ... 604
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من اثنتين ... 211, 616
أن رسول الله? - صلى الله عليه وسلم - ?أوتر بثلاث ... 195, 616
أنت تخلقه أنت ترزقه ... 315, 615
أنت مني بمنزلة هارون ... 144, 621
أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على ضباعة [ فأكل عندها ... 434
أنه اختصم إليه فِي بعير ... 370, 619
أنه قطع فِي مِجَن ... 109
ا
اني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ... 272
إ
إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقاً ... 118
أ
أول ثلاثة يدخلون الجنة ... 469
أول ما يحاسب به العبد ... 159, 616
أي الشَّجر أمنع ... 327
أيما رجل وجد متاعه بعينه ... 259
إ
إيما نائحة ماتت قبل أن تتوب ... 526
ب(1/409)
بادروا الأعمال بست ... 243
بت اليهود ... 501
ت
تزوج و لا تطلق ... 249
تفضل صلاة الجمع على صلاة ... 520
تقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار ... 186
توضؤوا مما غيرت النار ... 487, 616
ح
حماد بن سلمة ... 124
خ
خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ... 335
د
دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم ... 451
ر
رأيت كأن ديكاً نقرني ... 121, 621
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تزوج المرأة على عمتها ... 206
س
سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي رمضان ... 382, 618
سَعِيدُ بن بشير ... 128
ص
صفة الصَّلاة ... 375, 617
صلاة فِي الجميع تزيد على صلاة الفذِّ ... 176
صلاة فِي مسجدي هذا أفضل من أربع ... 356
ع
عُذِّبَ رجل فِي قبره فِي البول ... 309
على الفطرة ... 342, 615
على كل نفس كل يوم صدقة ... 564
عمرو. بن مرزوق ... 114
ف
فأفطري ... 428
فِي الجمعة ساعة لا يوافقها ... 265
فِي المسْحِ على الخُفَّين ... 367
فِي المعراج ... 390
فِي النهي عَنْ لبس الذهب ، ... 575, 620
فِي صفة الوضوء ... 126
فِي صفة الوضوء وفضل ذلك ... 446
فِي مس الذكر والوضوء منه ... 598
ق
قصة بروع بن واشق ... 395
ك
كان النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمدِّ ... 407, 616
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... يقبل وهو صائم ... 591, 618
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يزوج بعض بناته ... 540
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشدَّ حياءً ... 302, 620
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا فيطول فِي الركعتين ... 560
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على خفيه ... 306, 615
كانت قبيعة سيف رسول الله ... 318
كانوا يستفتحون القراءة ... 284, 616
كفِّن رسول الله? - صلى الله عليه وسلم - فِي ثوب نجراني ... 151
كُنَّا لا نعدُّ الصُّفْرَةَ والكُّدْرَةَ ... 416, 616
ل
لا إيمان لمن لا أمانة له ... 299
لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار ... 550
لا تصحب الملائكة رفقةً ... 239, 620
لا صام ولا أفطر ... 352, 618
لا صلاة بعد العصر ... 572, 617
لا يتحدث المتغوِّطان ... 554(1/410)
لا يقبل الله صلاة الحائض إلا بخمار ... 412, 617
لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً ... 141, 620
لم يكن شيء أحب إلى رسول الله ... 312
لو تعلمون ما فِي الصف الأول ... 182, 616
م
ما من أيام أحب إلى الله تعالى ... 200, 618
من استمع إلى حديث قوم ... 255
من أعتق شقيصاً ... 227
من الغيرة ... 580
من توضأ فبها ونعمت ... 221
من صوَّر صورة ... 255
من غسل ميتاً فليغتسل ... 547
من كذب فِي رؤياه ... 255
ن
ن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر صاحب بدنه ... 323, 618
نعم ويتيمم ... 364, 615
نهى أنْ تحلقَ المرأةُ رَأسَها ... 129
نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الاختصار ... 218, 616
ي
يبايع بين الرُّكن والمقام لرجل ... 424
يغسل من بول الجارية ... 136, 615
يقَالَ لقارئ القرآن : اقرأ وارقه ... 484
يوجب الغسل ... 400
فهرس الرواة المترجم لهم
أبان بن يزيد العطار ... 134و517
إبراهيم بن طهمان ... 333
إبراهيم بن عبد الله بن قارظ ... 534
إبراهيم بن عبد الملك القناد ... 462
أزهر بن سعد السمان ... 215
أسامة بن زيد ... 564
إسحاق بن أبي فروة ... 149
إسماعيل بن عمر ... 209
إسماعيل بن محمد بن جحادة ... 432
الأشعث بن براز ... 339
أنس بن حكيم ... 194
أيوب السخياني ... 529
أيوب بن أبي مسكين ... 142
أيوب بن خوط ... 269
أيوب بن سلمة ... 208
أيوب بن عتبة اليمامي ... 513
باب بن عمير ... 611
بشر بن رافع الحارثي ... 564
بشر بن موسى ... 574
بقية بن الوليد ... 482
بكر بن بكار ... 289
تميم بن نذير ... 483
ثابت بن حماد البصري ... 372
جعفر بن سليمان الضبعي ... 174
حجاج الصواف ... 581
حجاج بن أرطاة ... 134
حجاج بن الحجاج الباهلي ... 149
حجاج بن الفرافصة ... 564
حجاج بن محمد المصيصي الأعور ... 409
حرب بن شداد ... 504
حريث بن قبيصة ... 193
حسين بن ذكوان المعلم ... 545
حسين بن عمران ... 457
الحكم بن عبد الملك البصري ... 189
الحكم بن هشام ... 398
حماد بن أسامة الكوفي ... 409
حماد بن الجعد ... 482
حماد بن سلمة ... 149
حماد بن عبد الرحمن الكلبي ... 437
حماد بن قيس ... 442
حماد بن يحيى الأبح ... 527
حمان الهنائي ... 640
خارجة بن مصعب السرخسي ... 561
خالد بن الحارث ... 143(1/411)
خالد بن عبد الرحمن الخراساني ... 210
خالد بن قيس البصري ... 177
خالد بن يحيى الهلالي ... 188
خالد بن يزيد الهدادي ... 513
خلاس بن عمرو ... 157
خليل بن مرة ... 227و554
الربيع بن صبيح ... 339
روح بن عبادة ... 307
زيد بن حبان ... 591
سالم بن نوح ... 429
سعيد بن أبي عروبة ... 138
سعيد بن بشير ... 153
سعيد بن سالم القداح ... 333
سعيد بن عامر الضبعي ... 138
سعيد بن يوسف الرحبي ... 513
سفيان بن سعيد الثوري ... 136
سلام بن مسكين ... 183
سلم بن قتيبة ... 544
سليمان بن أرقم ... 660
سليمان بن طرخان التيمي ... 214
سويد بن إبراهيم الجحدري ... 228
شبابة بن سوار ... 234
شعبة بن الحجاج ... 137
شهر بن حوشب ... 286
شيبان بن عبد الرحمن ... 207و 499
صالح بن بشير المري ... 208
صالح بن رستم الخزاز ... 559
الضحاك بن حمرة ... 421
الضحاك بن مخلد النبيل ... 586
الضحاك بن نبراس ... 529
طلحة بن زيد ... 528
طلحة بن عبد الرحمن ... 298
عاصم بن علي ... 209
عامر العقيلي ... 531
عباد بن أوس ... 578
عباد بن العوام الواسطي ... 261
عبد الأعلى بن عبد الأعلى القرشي ... 201
عبد الحميد بن الحسن الهلالي ... 433
عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي ... 209
عبد الرحمن بن عثمان ... 307
عبد الصمد بن عبد الوارث ... 166
عبد العزيز بن الحصين ... 391
عبد الله بن أبي بكر ... 591
عبد الله بن بشر الرقي ... 149
عبد الله بن رباح ... 283
عبد الله بن عيسى ... 540
عبد الله بن محرر ... 611
عبد الله بن معانق ... 626
عبد الله بن يزيد بن الأزرق ... 648
عبد الملك بن الصباح ... 617
عبد الملك بن محمد الرقاشي ... 245
عبد الوهاب بن عطاء ... 137
عبدة بن سليمان الكوفي ... 189
عبيد الله بن الأخنس ... 544
عبيد بن الصباح ... 353
عبيد بن عقيل ... 617
عبيدة بن الأسود الكوفي ... 138
عبيس بن ميمون ... 583
عثمان بن سعد ... 364
عثمان بن مقسم البري ... 162
عقبة الأصم ... 338
عكرمة بن إبراهيم ... 442
عكرمة بن عمار ... 515
علي بن المبارك ... 504
عمار بن مطر ... 252
عمر بن راشد ... 631
عمر بن سعيد الأبح ... 346
عمر بن عامر البصري ... 162
عمر بن عبد الله بن أبي خثعم ... 586
عمر بن نبهان العبدي ... 350
عمران بن خالد الخزاعي ... 253(1/412)
عمران بن داور القطان ... 182
عمرو بن الحارث المصري ... 248
عمرو بن مرزوق ... 136
عمرو بن هاشم البيروتي ... 466
عياش بن عبد الله ... 483
عيسى بن ماهان ... 255
عيسى بن واقد ... 372
القاسم بن الفضل ... 318
القاسم بن الوليد الكوفي ... 208
قرة بن أبي قرة ... 634
ليث بن أبي سليم ... 290
مؤمل بن إسماعيل ... 586
مالك بن ربيعة الساعدي ... 633
المثنى بن سعيد البصري ... 304
مجاعة بن الزبير ... 153
محمد بن إبراهيم السلمي ... 290
محمد بن بشر ... 244
محمد بن بكر البرساني ... 244
محمد بن جعفرغندر ... 307و 408
محمد بن ذكوان الأزدي ... 514
محمد بن سليم البصري ... 134
محمد بن سواء السدوسي ... 303
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ... 577
محمد بن كثير العبدي ... 182
محمد بن يحيى القزاز ... 245
محمد بن يعقوب اليمامي ... 517
مسعر بن كدام ... 207
مسعود بن واصل ... 238
مسكين بن بكير ... 544
مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ... 166
مطر بن طهمان الوراق ... 149
معاذ بن معاذ ... 408
معاذ بن هشام الدستوائي ... 166
معاوية بن حكيم ... 412
معاوية بن سلام ... 559
معتمر بن سليمان التيمي ... 215
معمر بن راشد ... 175و 506
مغيرة بن مسلم السراج ... 528
منصور بن زاذان ... 372
المهاجر بن عكرمة ... 515
موسى بن خلف ... 195
موسى بن مسعود النهدي ... 549
نصر بن طريف ... 208
النهاس بن قهم ... 237
هدبة بن خالد ... 607
هشام الدستوائي ... 135و 507
هشام بن حسان ... 514
هلال بن يحيى ... 362
همام بن يحيى ... 148و 516
الوضاح بن عبد الله اليشكري ... 133
وكيع بن الجراح ... 137
وهب بن جرير البصري ... 182
يحيى بن أبي بكير ... 136
يحيى بن سعيد القطان ... 407
يحيى بن سلام البصري ... 371
يحيى بن صبيح الخراساني ... 149
يحيى بن عبد الحميد الحماني ... 540
يزيد بن زريع ... 143
يزيد بن سنان الرهاوي ... 578
يزيد بن عياض ... 290
يزيد بن هارون ... 209
يعلى بن عباد ... 219
يوسف بن عطية الصفار ... 176
أبو إسحاق ... 608
أبو الجماهر ... 252
أبو المهزم ... 551
أبو بكر بن أنس ... 323
أبو بكر بن عمير ... 323
أبو جعفر المؤذن ... 595
أبو حريز ... 244
أبو داود الطيالسي ... 136
أبو سعيد الأزدي ... 314
أبو سفيان بن سعيد بن المغيرة ... 546(1/413)
أبو سهم ... 646
أبو قطن ... 220
أبو مطيع ... 560
الأوزاعي ... 329و499
ابن جابر ... 647
فهرس المصادر والمراجع
« الآحاد والمثاني » : أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم ، تحقيق د . باسم ابن فيصل الجوابرة ، دار الرَّاية ، الرياض 1411هـ .
« آداب الشَّافعي ومناقبه » : أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، تحقيق عبد الغني عبد الخالق ، مكتبة التراث الإسلامي ، حلب .
« إتحاف المهرة » : أحمد بن أبي بكر البوصيري ، تحقيق عادل والسيِّد ، مكتبة الرشد ، الرياض ، ط1 ، 1419هـ .
« إثبات عذاب القبر » : أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، مكتبة التراث الإسلامي ، القاهرة .
« الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة - رضي الله عنهم - » : محمد بن عبد الله الزركشي ، تحقيق سعيد الأفغاني ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، ط4 ، 1405هـ .
« الأجوبة » : أبو مسعود الدِّمشقي . تحقيق د. إبراهيم بن علي الكليب ، دار الوراق ، الرياض ، ط1 ، 1419هـ .
« الأجوبة المرضية » : محمد بن عبد الرحمن السَّخاوي ، تحقيق د. محمد إسحاق ، دار الراية ، الرياض ، ط1 ، 1418هـ .
« الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبَّان » : علي بن بلبان الفاسي ، تحقيق شعيب الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة ، ط2 ، 1414هـ .
« أخبار مكة » : أبو عبد الله محمد بن إسحاق الفاكهي ، تحقيق عبد الملك الدهيش ، مكتبة النهضة ، مكة ، ط1 ، 1407هـ .
« اختلاف الحديث » : أبو عبد الله محمد بن إدريس الشَّافعي ، تحقيق محمد أحمد ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1406هـ .
« أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - » : أبو الشَّيخ عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني ، تحقيق السيد الجميلي دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط1 ، 1405هـ .
« الأدب المفرد » : أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، توضيح فضل الله الجيلاني ، دار المطبعة السلفية ، القاهرة ، ط3 ، 1407هـ .(1/414)
« الأربعون » : أبو بكر ابن المقرئ الأصبهاني ، تحقيق محمد زياد عمر ، مكتبة العبيكان ، الرياض ، ط1 ، 1421هـ .
« الإرشاد في معرفة علماء الحديث » : أبو يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي ، تحقيق محمد سعيد ، مكتبة الرشد ، الرياض 1409هـ .
« أسئلة البَرْذَعي لأبي زرعة » : تحقيق د . سعدي الهاشمي ، الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية 1402هـ .
« الاستيعاب في معرفة الأصحاب » : أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1415هـ .
« الأسماء والصفات » : أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1405هـ .
« الإصابة في معرفة الصحابة » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق علي البجاوي ، دار النهضة ، مصر .
« أطراف الغرائب والأفراد للدارقطني » : أبو الفضل محمد بن طاهر القيسراني ، تحقيق محمود والسيد ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1419هـ .
« الإعلام بما وقع في مشتبه الذهبي من الأوهام » : محمد بن عبد الله : ابن ناصر الدين الدِّمشقي ، تحقيق عبد ربِّ النبي محمد ، مكتبة العلوم والحكم ، المدينة النبوية ، ط1 ، 1407هـ .
« الإكمال » : ابن ماكولا أبو نصر علي بن هبة الله ، تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي ، مجلس دائرة المعارف ، الهند ، ط1 ، 1381هـ .
« إكمال تهذيب الكمال » : مغلطاي بن قليج البكجري الحنفي ، تحقيق عادل وأسامة ، الفاروق الحديثة ، القاهرة ، ط1 ، 1422هـ .
« الأمّ » : أبو عبد الله محمد بن إدريس الشَّافعي ، دار المعرفة ، بيروت .
« الأمالي » : الحسين بن إسماعيل المحاملي ، تحقيق إبراهيم القيسي ، المكتبة الإسلامية ، عمان ، ط1 ، 1412هـ .
« الأمالي » : ابن بشران عبد الملك بن محمد الأموي ، تحقيق عادل العزازي، دار الوطن ، الرياض ، ط1 ، 1418هـ .(1/415)
« الأمثال » : أبو الشَّيخ عبد الله بن محمد الأنصاري ، تحقيق عبد العلي عبدالحميد ، الدار السلفية ، الهند ، ط1 ، 1402هـ .
« إنباه الرواة » : علي بن يوسف القفطي ، تحقيق محمد أبو الفضل ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، ط1 ، 1406هـ .
« الأنساب » : أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني ، تحقيق عبد الله البارودي ، دار الجنان ، بيروت ، ط1 ، 1408هـ .
« أنساب الأشراف » : أحمد بن يحيى البلاذُري ، تحقيق سهيل زكار ورياض زركلي ، دار الفكر ، بيروت ، ط1 ، 1417هـ .
« الأوسط » : أبو بكر محمد بن المنذر ، تحقيق د . صغير بن أحمد ، دار طيبة ، الرياض ط1 ، 1405هـ .
« الإيمان » : أبو عبد الله محمد بن إسحاق : ابن منده ، تحقيق علي بن محمد الفقيهي ، الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية ، ط1 ، 1401هـ .
« البحر الزَّخار » : أبو بكر أحمد بن عمرو البزَّار ، تحقيق د . محفوظ الرحمن السلفي ، مؤسسة علوم القرآن ، بيروت ، ط1 ، 1409هـ .
« البداية والنهاية » : عمر بن كثير الدِّمشقي ، تحقيق د .عبد الله بن عبد المحسن التركي ، دار هجر ، مصر ، 1418هـ .
« بذل الماعون في فضل الطاعون » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق أحمد الكاتب ، دار العاصمة ، الرياض ، ط1 ، 1411هـ .
« بغية الباحث » : علي بن أبي بكر الهيثمي ، تحقيق مسعد السعدني ، دار الطلائع ، القاهرة .
« التاريخ » : أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدِّمشقي ، تحقيق شكر الله القوجاني ، مجمع اللغة العربية ، دمشق .
« التاريخ » : أحمد بن زهير : ابن أبي خيثمة ، تحقيق إسماعيل حسن ، دار الوطن ، الرياض ، ط1 ، 1418هـ ، ومخطوط آخر .
« تاريخ ابن معين » : عباس بن محمد الدُّوري ، تحقيق أحمد بن محمد ، مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى ، ط1 ، 1399 هـ .
« تاريخ الإسلام » : محمد بن أحمد الذهبي ، تحقيق د . عبد السلام تدمري ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط 1 ، 1412 هـ .(1/416)
« التاريخ الأوسط » : أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري – رواية الخفاف – تحقيق محمد اللحيدان ، دار الصميعي ، الرياض ، ط1 ، 1418هـ .
« تاريخ الثقات » : أحمد بن عبد الله العجلي ، ترتيب الهيثمي ، تحقيق قلعجي ، دار الكتب العلمية ، ط 1 ، 1405هـ .
« التاريخ الكبير » : محمد بن إسماعيل البخاري ، تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
« تاريخ بغداد » : أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، دار الكتاب العربي ، بيروت .
« تاريخ دمشق » : علي بن الحسن : ابن عساكر ، تحقيق عمر العمروي ، دار الفكر ، بيروت ، ط1 ، 1415هـ .
« التاريخ عن ابن معين » : عثمان بن سعيد الدَّارمي ، تحقيق أحمد نور سيف ، دار المأمون ، دمشق وبيروت .
« التبصرة والتذكرة » : أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي ، تصحيح محمد بن الحسين ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
« التتبع » : أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني ، تحقيق مقبل الوادعي ، المكتبة السلفية ، المدينة النبوية .
« تحفة الأشراف » : يوسف بن عبد الرحمن المزِّي ، تحقيق عبد الصمد بن شرف الدين ، الدار القيِّمة ، الهند ، ط1 ، 1384هـ .
« تحفة التحصيل » : أبو زرعة العراقي ، تحقيق رفعت وغيره ، مكتبة الرشد، الرياض ، ط1 ، 1420هـ .
« تدريب الراوي » : عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، تحقيق نظر الفاريابي ، مكتبة الكوثر ، الرياض ، ط4 ، 1418هـ .
« التَّدوين في أخبار قزوين » : عبد الكريم بن محمد الرافعي ، تحقيق عزيز الله العطَّاردي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1408هـ .
« تذكرة الحفَّاظ » : محمد بن أحمد الذهبي ، تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي ، دار إحياء التُّراث ، بيروت .
« التذكرة في الأحاديث المشتهرة » : محمد بن عبد الله الزركشي ، تحقيق مصطفى عطا ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1406هـ .(1/417)
« الترغيب والترهيب » : قوام السنة ، إسماعيل بن محمد الأصبهاني .
« تسمية ما ورد به الخطيب دمشق » : محمد بن أحمد المالكي ، ترتيب يوسف العش ، ضمن كتابه « الخطيب البغدادي » ، مطبعة الترقي ، دمشق ، 1364هـ .
« تعجيل المنفعة » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق إكرام الله، دار البشائر الإسلامية ، بيروت ، ط1 ، 1416هـ .
« تعريف أهل التَّقديس » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق البنداري ومحمد ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1405هـ .
« تعظيم قدر الصَّلاة » : محمد بن نصر المروزي ، تحقيق عبد الرحمن الفريوائي ، مكتبة الدار ، المدينة النبوية ، ط1 ، 1406هـ .
« تغليق التَّعليق » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق سعيد القزقي ، المكتب الإسلامي ، بيروت ودمشق ، ط1 ، 1405هـ .
« تقريب التَّهذيب » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق أبي الأشبال ، دار العاصمة ، الرياض ، ط1 ، 1416هـ .
« التَّقييد » : ابن نقطة ، أبو بكر محمد بن عبد الغني الحنبلي ، مجلس دائرة المعارف ، الهند ، ط1 ، 1403هـ .
« التَّقييد والإيضاح » : أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي – حاشية مقدمة ابن الصلاح – تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان ، دار الفكر ، بيروت .
« تكملة الإكمال » : ابن نقطة ، أبو بكر محمد بن عبد الغني الحنبلي ، تحقيق عبد القيوم ، جامعة أم القرى ، مكة .
« التَّلخيص الحبير » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق حسن ابن عباس ، مؤسسة قرطبة ، مكة ، ط1 ، 1416هـ .
« التَّمهيد » : أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر ، تحقيق جماعة ، وزارة الأوقاف ، المغرب .
« التمييز » : أبو الحسين مسلم بن الحجَّاج النيسابوري ، تحقيق محمد الأعظمي ، شركة الطباعة العربية ، الرياض ، ط2 ، 1402هـ .(1/418)
« تهذيب التهذيب » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، اعتناء إبراهيم وعادل ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1 ، 1416هـ .
« تهذيب الكمال » : يوسف بن عبد الرحمن المزِّي ، تحقيق بشَّار عوَّاد ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1 ، 1418هـ .
« التَّوحيد » : أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، تحقيق عبد العزيز الشهوان ، دار الرشد ، الرياض ، ط1 ، 1408هـ .
« توضيح الأفكار » : محمد بن إسماعيل الصنعاني الأمير ، تحقيق محمد محي الدين ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط1 ، 1366هـ .
« توضيح المشتبه » : محمد بن عبد الله : ابن ناصر الدين الدِّمشقي ، تحقيق محمد نعيم العرقسوسي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1 ، 1414هـ .
« الثِّقات » : أبو حاتم محمد بن حبَّان البستي ، مراقبة محمد خان ، مجلس دائرة المعارف ، الهند ، ط1 ، 1393هـ .
« الجامع » : أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، دار السلام ، الرياض ، ط1 ، 1420هـ .
« الجامع في الحديث » : عبد الله بن وهب ، تحقيق مصطفى أبو الخير ، دار ابن الجوزي ، الرياض ، ط1 ، 1416هـ .
« الجامع » : معمر بن راشد – آخر مصنف عبد الرزاق – تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، ط2 ، 1403هـ .
« جامع البيان » : أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، مكتبة البابي الحلبي ، مصر ، ط3 ، 1388هـ .
« جامع التَّحصيل » : أبو سعيد خليل بن كَيْكَلْدي العلائي ، تحقيق حمدي السَّلفي ، عالم الكتب ، بيروت ، ط2 ، 1407هـ .
« الجامع الصَّحيح » : أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، دار السلام ، الرياض ، ط1 ، 1417هـ .
« جامع العلوم والحكم » : أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب ، تحقيق طارق ابن عوض الله ، دار ابن الجوزي ، الرياض ، ط2 ، 1420هـ .
« الجامع لأخلاق الراوي » : أبو بكر أحمد بن علي الخطيب ، تحقيق محمد عجاج الخطيب ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1 ، 1412هـ .(1/419)
« الجامع لشعب الإيمان » : أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، تحقيق محمد السعيد ، دار الكتب العلمية ، ط1 ، 1410هـ .
« الجرح والتعديل » : أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، ، مجلس دائرة المعارف ، الهند ، ط1 ، 1371هـ ، تصوير دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
« جزء ابن البختري » : أبي جعفر الرزاز ، تحقيق نبيل سعد الدين ، دار البشائر ، بيروت ، ط1 ، 1422هـ .
« جزء ابن حيَّان » : أحمد بن محمد ، ابن مردويه ، تحقيق بدر البدر ، مكتبة الرشد ، الرياض ، ط1 ، 1414هـ .
« جزء الألف دينار » : أحمد بن جعفر القطيعي ، تحقيق بدر البدر ، دار النفائس ، الكويت ، ط1 ، 1414هـ .
« جزء لوين » : أبي جعفر المصيصي ، تحقيق مسعد السعدني ، أضواء السلف ، الرياض ، ط1 ، 1418هـ .
« جزء في سبعة مجالس » : أبو طاهر المخلص ، تحقيق د. غالب الحامضي ، دار الوطن ، ط1 ، 1419هـ .
« حاشية سنن أبي داود » : أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الزَرْعي : ابن قيم الجوزية ، تحقيق محمد حامد الفقي وأحمد شاكر ، نشر مكتبة السنة المحمدية ، القاهرة
« حلية الأولياء » : أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، دار بيان ، بيروت ، ط5 ، 1407هـ .
« خلق أفعال العباد » : أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، تحقيق بدر البدر ، الدار السلفية ، الكويت ، ط1 ، 1405هـ .
« الدُّعاء » : سليمان بن أحمد الطبراني ، تحقيق محمد البخاري ، دار البشائر ، بيروت ، ط1 ، 1407هـ .
« دلائل النبوة » : أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، تحقيق عبد المعطي قلعجي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1405هـ .
« ذكر أخبار أصبهان » : أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، الدار العلمية ، الهند ، ط2 ، 1405هـ .
« الرسالة » : أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ، تحقيق أحمد شاكر ، مصور .(1/420)
« رسالة أبي داود لأهل مكة » : أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، تحقيق لطفي الصباغ ، دار العربية ، بيروت .
« الزهد والرقائق » : عبد الله بن المبارك ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
« سؤالات أبي عبد الرحمن السلمي للدارقطني في الجرح والتعديل » : تحقيق سليمان آتش ، دار العلوم ، الرياض ، ط1 ، 1408هـ .
« سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود السجستاني » : تحقيق محمد علي العمري ، المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية ، المدينة النبوية ، ط1 ، 1403هـ .
« سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود السجستاني » : تحقيق عبد العليم البستوي ، مكتبة دار الاستقامة ، مكة ، ط1 ، 1418هـ .
« سؤالات ابن الجنيد ليحيى بن معين » : تحقيق د . أحمد نور سيف ، مكتبة الدار ، المدينة النبوية ، ط1 ، 1408هـ .
« سؤالات البرقاني للدارقطني » : تحقيق عبد الرحيم القشقري ، كتب خانة ، باكستان ، ط1 ، 1404هـ .
« سؤالات الحاكم للدارقطني » : أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم ، تحقيق موفق بن عبد الله ، مكتبة المعارف ، الرياض ، ط1 ، 1404هـ .
« سؤالات حمزة السهمي للدارقطني وغيره » : تحقيق موفق عبد القادر ، مكتبة المعارف ، الرياض ، ط1 ، 1404هـ .
« السنة » : أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم ، تحقيق د . باسم بن فيصل الجوابرة ، دار الصميعي ، الرياض ، ط1 ، 1419هـ .
« السنة » : محمد بن نصر المروزي ، تحقيق سالم بن أحمد السلفي ، مؤسسة الكتب الثقافية ط1 ، 1408هـ .
« السنن » : أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني ، تحقيق مجدي الشوري، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1417هـ .
« السنن » : أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، تحقيق محمد عوامة ، دار القبلة ، جدة ، ط1 ، 1419هـ .
« السنن » : أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدَّارمي ، تحقيق عبد الله هاشم ، حديث أكادمي ، باكستان ، 1404هـ .(1/421)
« السنن » : سعيد بن منصور النيسابوري ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط3 ، 1405هـ .
« السنن » : محمد بن يزيد ، ابن ماجة القزويني ، تحقيق محمد فؤاد ، المكتبة الإسلامية ، تركيا .
« السنن الصُّغرى » : أحمد بن شعيب النَّسائي ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ، دار البشائر الإسلامية ، بيروت ، ط2 ، 1406هـ .
« السنن الكبرى » : أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، مجلس دائرة المعارف ، الهند ، ط1 ، 1344هـ .
« السنن الكبرى » : أحمد بن شعيب النَّسائي ، تحقيق البنداري وكسروي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1411هـ .
« السنن المأثورة » : محمد بن إدريس الشافعي ، رواية المزني ، تحقيق ملا خاطر .
« سير أعلام النبلاء » : محمد بن أحمد الذهبي ، تحقيق شعيب الأرنوؤط وجماعة ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط2 ، 1402هـ .
« شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة » : هبة الله بن الحسن اللالكائي ، تحقيق أحمد بن سعد الغامدي ، دار طيبة ، الرياض ، ط3 ، 1415هـ .
« شرح السنة » : الحسين بن مسعود البغوي ، تحقيق شعيب الأرنؤوط وزهير الشاويش ، المكتب الإسلامي ، بيروت ودمشق ، ط1 ، 1403هـ .
« شرح سنن ابن ماجة » : مغلطاي بن قليج البكجري الحنفي (مخطوط) .
« شرح سنن ابن ماجة » : مغلطاي بن قليج البكجري الحنفي ، تحقيق كامل عويضة ، مكتبة نزار الباز ، مكة ، ط1 ، 1419هـ .
« شرح علل الترمذي » : أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب ، تحقيق نور الدين عتر ، دار الملاح ، بيروت ، ط1، 1398هـ .
« شرح معاني الآثار » : أحمد بن محمد الطَّحاوي ، تحقيق محمد النجار ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1399هـ .
« الشَّريعة » : أبو بكر محمد بن الحسين الآجُري ، تحقيق عبد الله الدميجي ، دار الوطن ، الرياض ، ط1 ، 1418هـ .
« الشمائل » أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، تحقيق(1/422)
« الصارم المنكي في الردِّ على السُّبكي » : محمد بن أحمد بن عبد الهادي، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1405هـ .
« الصَّحيح » : أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، تحقيق محمد مصطفى الأعظمي ، المكتب الإسلامي ، ط1 ، 1390هـ .
« الصَّحيح المسند » : أبو الحسين مسلم بن الحجَّاج النيسابوري ، تحقيق محمد فؤاد ، المكتبة الإسلامية ، تركيا ، ط1 ، 1374هـ .
« الصَّلاة » : أبو نعيم الفضل بن دكين ، تحقيق صلاح الشلاحي ، مكتبة الغرباء ، المدينة النبوية ، ط1 ، 1417هـ .
« صلة الخلف » : محمد بن سليمان الروداني ، تحقيق محمد حجي ، دار الغرب ، بيروت ، ط1 ، 1408هـ .
« صيانة صحيح مسلم » : أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن الصلاح، تحقيق موفق عبد القادر ، دار الغرب ، بيروت ، ط2 ، 1408هـ .
« الضُّعفاء الكبير » : أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي ، تحقيق عبد المعطي قلعجي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1404هـ .
« الطَّبقات » : أحمد بن شعيب النَّسائي ، تحقيق مشهور والوريكات ، مكتبة المنار ، الأردن ، ط1 ، 1408هـ .
« الطَّبقات الكبرى » : محمد بن سعد ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
« طبقات المحدِّثين بأصبهان » : أبو الشَّيخ عبد الله بن محمد الأنصاري ، تحقيق عبد الغفور البلوشي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1 ، 1407هـ .
« العجاب في بيان الأسباب » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق فواز زمرلي ، دار ابن حزم ، بيروت ، ط1 ، 1422هـ .
« علل الأحاديث في صحيح مسلم » : أبو الفضل محمد بن الحسين الجارودي : ابن عمَّار الشهيد ، تحقيق علي بن حسن ، دار الهجرة ، الرياض ، ط1 ، 1412هـ .
« علل الحديث » : أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، تحقيق محب الدين الخطيب ، تصوير دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، 1405هـ .(1/423)
« العلل الكبير » : أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي – ترتيب أبي طالب القاضي – تحقيق حمزة مصطفى ، مكتبة الأقصى ، الأردن ، ط1 ، 1406هـ .
« العلل الواردة في الأحاديث النبوية » : أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني ، تحقيق محفوظ الرحمن السلفي ، دار طيبة ، الرياض ، ط1 ، 1405هـ .
« العلل الواردة في الأحاديث النبوية » : أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني – مخطوط بدار الكتب المصرية .
« العلل ومعرفة الرجال عن أحمد » : رواية المروذي وغيره ، تحقيق وصي الله عباس ، الدار السلفية ، بومباي ، ط1 ، 1408هـ .
« العلل ومعرفة الرجال عن أحمد » : رواية عبد الله ، تحقيق طلعت وإسماعيل ، المكتبة الإسلامية ، ط1 ، 1487م .
« علوم الحديث » : أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن الصلاح – مع شرح العراقي – تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان ، دار الفكر ، بيروت ، ط1 ، 1401هـ .
« عمل اليوم والليلة » : أحمد بن محمد الدينوري ، ابن السني ، تحقيق بشير عيون ، مكتبة دار البيان ، دمشق ، ط1 ، 1407هـ .
« غريب الحديث » : أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي ، تحقيق سليمان بن إبراهيم العايد ، مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى ، مكة ، ط1 1405هـ .
« غريب الحديث » : أبو سليمان حمْد بن محمد الخطَّابي ، تحقيق عبد الكريم العزباوي ، مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى ، مكة ، ط1 ، 1402هـ .
« غريب الحديث » : أبو عبيد القاسم بن سلام ، مجلس دائرة المعارف ، الهند ، ط 1 ، 1384هـ .
« فتح الباب في الكنى والألقاب » : محمد بن إسحاق بن منده الأصبهاني ، تحقيق نظر الفاريابي ، مكتبة الكوثر ، الرياض ، ط1 ، 1417هـ .
« فتح الباري » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، دار السلام ، الرياض ، ط3 ، 1421هـ .
« فتح الباري » : أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب ، تحقيق جماعة ، مكتبة الغرباء ، المدينة النبوية ، ط1 ، 1417هـ .(1/424)
« فتح المغيث » : محمد بن عبد الرحمن السَّخاوي ، تحقيق علي حسين علي ، دار الإمام الطبري ، ط2 ، 1412هـ .
« الفتن » : أبو عمرو عثمان بن سعيد الدَّاني ، تحقيق رضا الله المباركفوري ، دار العاصمة ، الرياض ، ط1 ، 1416هـ .
« الفروسية » : محمد بن أبي بكر الزَّرعي ، ابن قيم الجوزية ، تصحيح عزت العطَّار ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
« الفصل للوصل المدرج في النقل » : أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، تحقيق محمد الزهراني ، دار الهجرة ، الرياض ، ط1 ، 1418هـ .
« فضائل الأوقات » : أحمد بن الحسين البيهقي ، تحقيق عدنان القيسي ، مكتبة المنارة ، مكة ، ط1 ، 1410هـ . ...
« فضائل القرآن » : أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي ، تحقيق جماعة ، دار ابن كثير ، دمشق وبيروت ، ط1 ، 1415هـ .
« فهرس اللبلي » : أحمد بن يوسف اللبلي ، تحقيق ياسين وعواد أبو زينة ، دار الغرب ، بيروت ، ط1 ، 1408هـ .
« الفهرست » : النَّديم : أبو الفرج محمد بن أبي يعقوب الوراق ، تحقيق رضا المازنداري ، دار المسيرة ، ط3 ، 1988م .
« فهرست ما رواه عن شيوخه » : محمد بن خير الإشبيلي ، تحقيق زيدين وطرغوه ، دار الآفاق الجديدة ، بيروت ، ط2 ، 1399هـ .
« الفوائد » : تمام بن محمد الرازي ، تحقيق حمدي السلفي ، مكتبة الرشد ، الرياض ، ط1 ، 1412هـ .
« فوائد ابن ماسي عن شيوخه » : أبي محمد عبد الله البزاز ، تحقيق مسعد السعدني ، أضواء السلف ، الرياض ، ط1 ، 1418هـ .
« فوائد الحنَّائي » : تخريج أبي القاسم الحسين النَّخشبي ، إعداد محمود الحدَّاد ، دار تيسير السُّنَّة ، القاهرة ، ط1 ، 1411هـ .
« الفوائد المنتقاة الحسان العوالي » : أبو عمرو السمرقندي ، تحقيق أبي إسحاق الحويني ، مكتبة ابن تيمية ، القاهرة ، ط1، 1418هـ .
« القاموس المحيط » : محمد بن يعقوب الفيروزبادي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1 ، 1406هـ .(1/425)
« القراءة خلف الإمام » : أحمد بن الحسين البييهقي ، تحقيق محمد السعيد ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1405هـ .
« قيام الليل » : محمد بن نصر المرزوي – اختصار المقريزي – إشراف محمد عبد القادر ، حديث أكادمي ، باكستان ، ط1 ، 1408هـ .
« الكامل في أسماء الرجال » : أبو أحمد عبد الله بن عدي ، تحقيق عادل وعلي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط 1 ، 1418هـ .
« كتاب المجروحين » : أبو حاتم محمد بن حبَّان البستي ، تحقيق محمود إبراهيم ، دار الوعي ، حلب ، ط1 ، 1396هـ .
« كشف الأستار عن زوائد البزَّار » : علي بن أبي بكر الهيثمي ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1 ، 1405هـ .
« الكفاية في علم الرِّواية » : أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، تحقيق أحمد هاشم ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط1 ، 1405هـ .
« الكنى » : أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، ملحق بآخر التاريخ الكبير .
« لسان العرب » : ابن منظور .
« لسان الميزان » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق عادل وعلي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1416هـ .
« لطائف المعارف » : أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب ، تحقيق ياسين محمد السواس ، دار ابن كثير ، دمشق وبيروت ، ط1 ، 1416هـ .
« المؤتلف والمختلف » : أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني ، تحقيق موفق عبد القادر ، دار الغرب ، بيروت ، ط1 ، 1406هـ .
« المتفق والمفترق » : أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، تحقيق د. محمد الحامدي ، دار القادري ، دمشق ، ط1 ، 1417هـ .
« مجمع الزوائد » : علي بن أبي بكر الهيثمي ، دار الكتاب ، بيروت ، ط3 ، 1402هـ .
« مجموع فتاوى ابن تيمية » : جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد القاسم ، مجمع الملك فهد ، المدينة النبوية ، 1416هـ .
« المحلَّى » : أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي ، تحقيق أحمد شاكر ، دار الفكر ، بيروت .(1/426)
« مختصر الأحكام » : أبو علي الحسن بن علي الطوسي ، تحقيق أنيس الأندنوسي ، مكتبة الغرباء ، المدينة النبوية ، ط1 ، 1415هـ .
« المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي » : أحمد بن محمد المناوي ، دار الكُتبي ، مصر ، ط1 ، 1996م .
« المدخل إلى الصَّحيح » : أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم ، تحقيق ربيع المدخلي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1 ، 1404هـ .
« المراسيل » : أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، تحقيق شكر الله القوجاني ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط2 ، 1402هـ .
« مسائل أحمد » : أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، تقديم محمد رشيد رِضا ، دار المعرفة ، بيروت .
« مسائل الإمام أحمد » : رواية ابن هانئ ، تحقيق زهير الشاويش ، المكتب الإسلامي ، بيروت ودمشق ، ط1 ، 1400هـ .
« مسائل الإمام أحمد » : رواية صالح ، تحقيق طارق بن عوض الله ، دار الوطن ، الرياض ، ط1 ، 1420هـ .
« مساوئ الأخلاق » : محمد بن جعفر الخرائطي ، تحقيق مصطفى شلبي ، مكتبة السَّوادي ، جدة ، ط1 ، 1412هـ .
« المستخرج من الأحاديث المختارة » : ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي ، تحقيق عبد الملك الدهيش ، مكتبة النهضة الحديثة ، ط1 ، 1412هـ .
« المستدرك على الصحيحين » : أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم ، دار المعرفة ، بيروت .
« المسند » : أبو داود سليمان بن داود الطَّيالسي ، تحقيق د . محمد التركي ، هجر ، مصر ، ط1 ، 1419هـ .
« المسند » : أبو عبد الله أحمد بن حنبل ، تحقيق جماعة ، عالم الكتب ، بيروت ، ط1 ، 1419هـ .
« المسند » : أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني ، تحقيق أيمن الدِّمشقي ، دار المعرفة ، بيروت ، ط1 ، 1419هـ .
« المسند » : أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي ، تحقيق حسين أسد دار المأمون ، بيروت ، ط1 1404هـ .(1/427)
« المسند » : إسحاق بن راهويه الحنظلي ، تحقيق عبد الغفور البلوشي ، مكتبة الإيمان ، المدينة النبوية ، ط1 ، 1412هـ .
« المسند » : أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ، مخطوط بالمكتبة العامة بالرباط .
« المسند » : محمد بن هارون الروياني ، تحقيق أيمن أبو يماني ، مؤسسة قرطبة ، مكة ، ط1 ، 1416هـ .
« المسند » : الهيثم بن كليب الشاشي ، تحقيق محفوظ الرحمن السلفي مكتبة العلوم والحكم ، ، المدينة ، ط1 ، 1410هـ .
« المسند » : عبد الله بن الزبير الحُميدي ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، عالم الكتب ، بيروت .
« المسند » : عبد بن حميد الكشي – المنتخب منه – تحقيق السامرائي والصعيدي ، مكتبة السُّنة ، القاهرة ، ط1 ، 1408هـ .
« مسند أبي حنيفة » : أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، تحقيق نظر الفاريابي ، مكتبة الكوثر ، الرياض ، ط1 ، 1415هـ .
« مسند الشَّاميين » : سليمان بن أحمد الطبراني ، تحقيق حمدي السلفي ، مؤسسة الرسالة ، ط1 ، 1409هـ .
« مسند الشهاب » : محمد بن سلامة القضاعي ، تحقيق حمدي السلفي ، مؤسسة الرسالة ، ط1 ، 1405هـ .
« مسند سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - » : أحمد بن إبراهيم الدَّورقي ، تحقيق عامر صبري ، دار البشائر ، بيروت ، ط1 ، 1407هـ .
« مسند عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - » : أبو العباس أحمد بن محمد البِرْتي ، تحقيق صلاح الشَّلاحي ، دار ابن حزم ، بيروت ، ط1 ، 1414هـ .
« مسند علي بن الجعد » : أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي ، تحقيق عبد الهادي بن عبد القادر ، مكتبة الفلاح ، الكويت ، ط1 ، 1405هـ .
« مسند عمر - رضي الله عنه - » : عمر بن كثير الدِّمشقي ، تحقيق د . عبد المعطي قلعجي ، دار الوفاء ، مصر ، ط1 ، 1411هـ .
« مسند عمر - رضي الله عنه - » : محمد بن محمد الباغندي ، تحقيق محمد عوامة ، مؤسسة القرآن ، ط2 ، 1404هـ .(1/428)
« مسند عمر - رضي الله عنه - » : يعقوب بن شيبة السدوسي ، تحقيق د. علي الصياح ، دار الغرباء ، الرياض ، 1423هـ .
« مشكل الآثار » : أحمد بن محمد الطَّحاوي ، تحقيق شعيب الأرنوؤط ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1 ، 1415هـ .
« المشيخة » : إبراهيم بن طهمان ، تحقيق د . محمد مالك ، مجمع اللغة العريبة ، دمشق ، ط1 ، 1403هـ .
« مصباح الزُّجاجة في زوائد ابن ماجة » : أحمد بن أبي بكر البوصيري ، تحقيق كمال الحوت ، دار الجنان ، بيروت ، ط1 ، 1406هـ .
« المصنف » : أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ، تحقيق كمال الحوت ، دار الجنان ، بيروت ، ط1 ، 1409هـ .
« المصنف » : عبد الرزاق بن همام الصنعاني ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، ط2 ، 1403هـ .
« المطالب العالية بزوائد المسانيد الثَّمانية » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق غنيم وياسر ، دار الوطن ، الرياض ط1 ، 1418هـ .
« المعجم » : أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، تحقيق زياد منصور ، مكتبة العلوم والحكم ، المدينة النبوية ، ط1 ، 1410هـ .
« المعجم » : أبو سعيد أحمد بن محمد : ابن الأعرابي ، تحقيق أحمد البلوشي ، مكتبة الكوثر ، الرياض ، ط1 ، 1412هـ .
« المعجم » : ابن المقرئ ، تحقيق عادل بن سعد ، شركة الرياض ومكتبة الرشد ، الرياض ، ط1 ، 1419هـ .
« المعجم الأوسط » : سليمان بن أحمد الطبراني ، تحقيق طارق بن عوض الله ، دار الحرمين ، القاهرة ، ط1 ، 1415هـ .
« معجم الشيوخ » : علي بن الحسن : ابن عساكر ، تحقيق د. وفاء تقي الدين ، دار البشائر دمشق ، ط1 ، 1421هـ .
« معجم الصحابة » : أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي ، تحقيق محمد الأمين الجكني ، مكتبة دار البيان ، الكويت ، "1 ، 1421هـ .
« معجم الصحابة » : أبو الحسين عبد الباقي بن قانع الأموي ، تحقيق صلاح المصراتي ، مكتبة الغرباء الأثرية ، المدينة النبوية ، ط1 ، 1418هـ .(1/429)
« المعجم الصغير » : سليمان بن أحمد الطبراني ، تحقيق كمال الحوت ، مؤسسة الكتب الثقافية ، بيروت ، ط1 ، 146هـ .
« المعجم الكبير » : سليمان بن أحمد الطبراني ، تحقيق حمدي السلفي .
« المعجم المفهرس » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني – مخطوط بدار الكتب المصرية .
« معرفة الرجال عن ابن معين » : رواية أحمد بن محمد بن محرز ، تحقيق محمد القصَّار ، مجمع اللغة العربية ، دمشق ، ط1 ، 1405هـ .
« معرفة الصحابة » : أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، تحقيق عادل العزازي ، دار الوطن ، الرياض ، ط1 ، 1419هـ .
« معرفة علوم الحديث » : أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم ، تحقيق معظم حسين ، دار الآفاق الجديدة ، بيروت ، ط4 ، 1400هـ .
« المعرفة والتاريخ » : يعقوب بن سفيان الفسوي ، تحقيق أكرم العمري ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط2 ، 1401هـ .
« المفاريد » : أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي ، تحقيق عبد الله الجديع ، مكتبة دار الأقصى ، الكويت ، ط1 ، 1405هـ .
« مكارم الأخلاق » : أبو بكر عبد الله بن محمد : ابن أبي الدنيا ، تحقيق محمد عطا ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1409هـ .
« مكارم الأخلاق » : محمد بن جعفر الخرائطي ، تحقيق سعاد الخندقاوي ، مطبعة المدني ، مصر ، ط1 ، 1411هـ .
« من كلام أبي زكريا يحيى بن معين » : رواية يزيد بن الهيثم بن طهمان البادي ، تحقيق أحمد نور سيف ، دار المأمون ، دمشق وبيروت .
« المنار المنيف في الصَّحيح والضعيف » : أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الزَرْعي : ابن قيم الجوزية ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ، مكتب المطبوعات الإسلامية ، حلب ، ط2 ، 1403هـ .
« المنتخب من علل الخلال » : عبد الله بن أحمد : ابن قدامة المقدسي ، تحقيق طارق بن عوض الله ، دار الراية ، الرياض ، ط1 ، 1419هـ .(1/430)
« المنتقى » : ابن الجارود : عبد الله بن علي النيسابوري ، تحقيق مسعد السعدني ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1417هـ .
« الموضح لأوهام الجمع والتفريق » : أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ، تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي ، مجلس دائرة المعارف ، الهند ، تصوير مؤسسة الكتب الثقافية ، ط1 ، 1378هـ .
« الموطَّأ » : مالك بن أنس الأصبحي – برواية سويد – تحقيق عبد المجيد التركي ، دار الغرب ، بيروت ، ط1 ، 1996م .
« الموقظة » : محمد بن أحمد الذهبي ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ، دار البشائر الإسلامية ، بيروت ، ط1 ، 1405هـ .
« ميزان الاعتدال » : محمد بن أحمد الذهبي ، تحقيق علي البجاوي ، دار المعرفة ، بيروت .
« ناسخ الحديث » : أبو حفص عمر بن أحمد : ابن شاهين ، تحقيق سمير الزهيري ، مكتبة المنار ، الأردن ، ط1 ، 1408هـ .
« نتائج الأفكار » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق حمدي السَّلفي ، مكتبة الإرشاد ، بغداد ، ط1 ، 1406هـ .
« نزهة النَّظر » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق نور الدين عتر ، مطبعة الصباح ، دمشق ، ط2 ، 1414هـ .
« النُّزول » : علي بن عمر الدارقطني ، تحقيق علي الفقيهي .
« نسب قريش » : مصعب بن عبد الله الزبيري ، دار المعارف ، القاهرة ، ط3 .
« نصب الرَّاية » : عبد الله بن يوسف الزيلعي ، دار المأمون ، القاهرة، ط1 ، 1357هـ .
« نقض الدَّارمي على المريسي » : عثمان بن سعيد الدَّارمي ، تحقيق رشيد الألمعي ، مكتبة الرشد ، الرياض ، ط1 ، 1418هـ .
« النُّكت الظِّراف » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني – حاشية تحفة الأشراف – تحقيق عبد الصمد بن شرف الدين ، الدار القيمة ، الهند ، ط2 ، 1403هـ .
« النُّكت على كتاب ابن الصلاح » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، تحقيق د . ربيع المدخلي ، ، المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية ، المدينة النبوية ، ط1 ، 1404هـ .(1/431)
« النُّكت على مقدمة ابن الصلاح » : محمد بن عبد الله الزركشي ، تحقيق زين العابدين بن محمد ، أضواء السلف ، الرياض ، ط1 ، 1419هـ .
« النهاية في غريب الحديث » : المبارك بن محمد بن الأثير الجزري ، تحقيق علي بن حسن ، دار ابن الجوزي ، الرياض ، ط1 ، 1421هـ .
« هدي السَّاري » : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني ، دار السلام ، الرياض ، ط3 ، 1420هـ .
« وفيات الأعيان » : أحمد بن محمد بن خَلِّكان ، تحقيق د . إحسان عباس ، دار صادر ، بيروت .
فهرس الموضوعات
مقدمة البحث ... 2
أهمية البحث وفوائده ... 3
خطة البحث ... 3
منهج البحث ... 3
الباب الأول ... 3
الفصل الأول : مقدمات في علم العلل ... 3
تعريف العلة ... 3
أهمية علم العلل وصعوبته ... 3
أقسام الحديث المعل ... 3
المؤلفات في العلل ... 3
طرق معرفة علة الحديث ... 3
قرائن الترجيح بين الروايات المختلفة . ... 3
أ- قرائن أغلبية :- ... 3
1- العدد ... 3
2- الحفظ ... 3
3- الاختصاص ... 3
4- سلوك الجادة ... 3
5- اتفاق البلدان ... 3
ب_ قرائن خاصة :- ... 3
رواية الراوي عن أهل بيته ... 3
الرِّواية بالمعنى ... 3
اختلاف المجلس ... 3
سعة رواية المختلف عليه ... 3
شذُوذ السند ... 3
فقدان الحديث من كتب الراوي ... 3
مخالفة الراوي لما روى ... 3
وجود تفصيل أو قصة في السند أو المتن ... 3
التفرد ... 3
غرابة المتن ... 3
غرابة السند ... 3
اختلاف ألفاظ الروايتين ... 3
اضطراب إحدى الروايتين ... 3
وجود أصل للرواية ... 3
وجود رواية تجمع الوجهين المختلفين ... 3
تصحيح الحفَّاظ لأحد الرِّوايات ... 3
تشابه الاسمين ... 3
رواية أهل المدينة ... 3
احتمال التدليس ممن وصف به ... 3
التصريح بالسماع ... 3
منهج الدارقطني في العلل ... 3
الفصل الثاني : ترجمة الدارقطني ... 3
اسمه ونسبه ... 3
مولده ... 3
طلبه للعلم ... 3
حفظه ... 3
رحلاته ... 3
شيوخه ... 3
تلاميذه ... 3
ثناء العلماء عليه ... 3
مؤلفاته ... 3
وفاته ... 3
الباب الثاني : مرويات قتادة بن دعامة ... 3
الفصل الأول : ترجمة قتادة ... 3
اسمه ونسبه ... 3
مولده ... 3
طلبه للعلم ... 3
حفظه ... 3
شيوخه ... 3
تلاميذه ... 3
ثناء العلماء عليه ... 3
تدليسه ... 3
وفاته ... 3(1/432)
الفصل الثاني : أحاديث مسند العشرة ... 3
الفصل الثالث : أحاديث مسند أبي هريرة ... 3
الفصل الرابع : أحاديث مسند أنس ... 3
الفصل الخامس : أحاديث مسند بقية الصحابة ... 3
فصل السادس : أحاديث مسند النساء ... 3
الباب الثالث : مرويات يحيى بن أبي كثير ... 3
الفصل الأول : ترجمة يحيى ... 3
اسمه ونسبه ... 3
شيوخه ... 3
تلاميذه ... 3
ثناء العلماء عليه ... 3
تدليسه ... 3
وفاته ... 3
الفصل الثاني : أحاديث مسند العشرة ... 3
الفصل الثالث : أحاديث مسند أبي هريرة ... 3
الفصل الرابع : أحاديث مسند بقية الصحابة ... 3
الفصل الخامس : أحاديث مسند النساء ... 3
الخاتمة ... 3
الفهارس العامة ... 3
فهرس فقه الأحاديث ... 3
فهرس أطراف الأحاديث ... 3
فهرس الرواة المترجم لهم ... 3
فهرس المصادر والمراجع ... 3
فهرس الموضوعات ... 3(1/433)