بسم الله الرحمن الرحيم
مختصر كتاب
" الأحاديث الواردة في
فضائل المدينة "
للدكتور صالح بن حامد بن سعيد الرفاعي
لخصته الأمة الفقيرة لعفو ربها
أم الليث
بسم الله الرحمن الرحيم
مختصر كتاب
" الأحاديث الواردة في
فضائل المدينة "
للدكتور صالح بن حامد بن سعيد الرفاعي
لخصته الأمة الفقيرة لعفو ربها
أم الليث
- مقدمة -
إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث في مكة ثلاث عشر عاما يدعوا إلى توحيد الله عز وجل وإفراده بالعبادة ، فلم يستجب له من أهلها إلا القليل ولم يكتفوا بذلك بل وقفوا في وجهه - صلى الله عليه وسلم - ، وضيقوا عليه وعلى أصحابه الذين أسلموا معه ، فأذن الله عز وجل لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بالهجرة إلى المدينة فهاجر إليها بعد انتشار الإسلام فيها ، فمنذ أن وطئت قدماه - صلى الله عليه وسلم - أرض المدينة تعلقت قلوب المؤمنين بها وتطلعت أبصارهم إليها ولا تزال قلوب المؤمنين معلقة بها ، وستظل كذلك إلى قيام الساعة إن شاء الله ولا غرابة في ذلك فهي مهاجره - صلى الله عليه وسلم - ومستقره ، وفيها مسجده ومنها خرجت جيوش الإسلام الأولى .. وليس هذا فحسب بل ازدادت المدينة شرفا بورود عدد كبير من الأحاديث النبوية الدالة على فضلها والرغبة في سكناها والموت بها والمحذّرة من إحداث الحدث بها وإيذاء أهلها
دلالة الأحاديث الواردة في فضائل المدينة
على استمرار ما اشتملت عليه من فضل
"إنّ المدينة تنفي خبثها" ، "إنها طيبة تنفي الخبث"
-إذا ثبت وقوع النفي في زمنه- صلى الله عليه وسلم -في بعض الأوقات لبعض الناس فكذلك يحصل بعد زمنه - صلى الله عليه وسلم - حتى يأتي وقت النفي التام يوم ترجف المدينة ولذلك ذكر الإمام مالك أنّ عمر بن عبد العزيز حين خرج من المدينة التفت إليها فبكى ثم قال –لمولاه مزاحم- :"يا مزاحم ، أتخشى أن نكون ممن نفت المدينة؟"(1/1)
وذكر الإمام مالك لهذا القول يشعر بأنه يرى أن قوله - صلى الله عليه وسلم -:"تنفي خبثها" على عمومه ليس خاصا بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا بزمن خروج الدجال .والصحابة الذين خرجوا من المدينة لم يخرجوا منها رغبة عنها وإنما خرجوا لمقاصد صحيحة كنشر العلم وفتح بلاد الشرك والمرابطة في الثغور وهم مع ذلك على اعتقاد فضل المدينة وفضل سكناها وهكذا كل من خرج بعدهم لهذه المقاصد ونحوها لا يكونون ممن نفت المدينة لأنهم لم يخرجوا رغبة عنها
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -:"لا يخرج أحد من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله به خيرا منه" ، قال ابن عبد البرّ :" هذا عندنا على حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -... وأما بعد وفاته فقد خرج منها من لم يعوضها الله خيرا منه من الصحابة - رضي الله عنهم -"
والصحابة - رضي الله عنهم - لم يخرجوا من المدينة رغبة عنها كما تقدّم
ولذلك قال القاضي عياض :"اختلفوا في هذا فقيل : هو مختص بمدة حياته - صلى الله عليه وسلم - وقال آخرون هو عام أبدا ، وهذا أصحّ " وكذا قال محبّ الدين الطّبري
وقوله - صلى الله عليه وسلم -:"إنّ الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها"
فقد نقل الحافظ ابن حجر أبي جعفر بن نصر الداودي قوله :"كان هذا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - والقرن الذي كان منهم ، والذين يلونهم والذين يلونهم خاصة"
وقال الحافظ ابن حجر :"كل مؤمن له من نفسه سائق إلى المدينة لمحبته في النبي - صلى الله عليه وسلم - فيشمل ذلك جميع الأزمنة
ويكون أروز الإيمان إلى المدينة ومكة حين يعود الإسلام غريبا كما بدأ غريبا ، وهكذا بقية الأحاديث الواردة في فضائل المدينة تبقى على عمومها ولا تخصص بزمن خاص بدون مخصص شرعي(1/2)
وقال النووي في شرح صحيح مسلم في باب "الترغيب في سكنى المدينة..":"قال العلماء : وفي هذه الأحاديث المذكورة في الباب مع ما سبق وبعدها دلالات ظاهرة على فضل سكنى المدينة والصبر على شدائدها وضيق العيش فيها وأنّ هذا الفضل باق مستمر إلى يوم القيامة
تسمية المدينة
وقد أكثر مؤرخو المدينة من تعداد أسمائها حتى ذكر لها السمهودي أربعة وتسعين اسما ولا أريد ذكر تلك الأسماء كلها إنما أذكر منها ما ورد التنصيص عليه صراحة أنه من أسمائها في أحاديث مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
- فمنها : طابة وطيبة : فعن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "إنّ الله تعالى سمى المدينة طابة" رواه مسلم وغيره
وروى مسلم وغيره أيضا من حديث فاطمة بنت قيس –في حديث الجساسة – قوله - صلى الله عليه وسلم -:"هذه طيبة ، هذه طيبة ، هذه طيبة" يعني المدينة
-ومنها : مسكينة وجابرة ومجبورة ، ويندد ويثرب والدار وحبار ومحبورة : رواه الزبير بن بكار وعمر بن شبه من طريق زيد بن أسلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرسلا وهو حديث موضوع
-ومنها الإيمان : فقد روى ابن أبي خيثمة من حديث عبد الله بن جعفر قال :"سمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة :"الدار والإيمان" وهو حديث ضعيف جدا
فهذه اثنا عشر اسما لم يثبت منها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا طيبة وطابة والمدينة(1/3)
- أما يثرب فكانت المدينة تسمى به في الجاهلية فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسميتها بهذا الاسم حيث قال - صلى الله عليه وسلم -:"أُمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة..." وسبب كراهته - صلى الله عليه وسلم - لهذا الاسم لأنه مأخوذ من الثرب وهو الفساد أو من التثريب وهو التوبيخ والملامة وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغيّر الاسم القبيح إلى الاسم الحسن ، أما تسميته المدينة بهذا الاسم في قوله تعالى { وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا...} فإنما هو حكاية عن بعض المنافقين والذين في قلوبهم مرض والله أعلم
وقد رويت أحاديث تتضمن النهي عن تسمية المدينة بهذا الاسم : وكلها ضعيفة فهذه الأحاديث ضعيفة لكن يفهم النهي عن تسمية المدينة "يثرب" من الحديث السابق المتفق عليه وفيه قوله صلى الله عليه وسلم :"يقولون يثرب وهي المدينة" قال النووي يعني أنّ بعض الناس من المنافقين وغيرهم يسمونها يثرب وإنما اسمها المدينة وطابة وطيبة ففي هذا كراهة تسميتها بيثرب
حدود المدينة
ذكر بعض العلماء عند تحديدهم بعض المواضع في المدينة – مايفهم منه أنّ المدينة هي المنطقة المحيطة بالمسجد النبوي فمن ذلك قول ياقوت الحموي في قباء :"هي قرية على ميلين من المدينة" وقول محمد بن جبير :"وقباء قبلي المدينة ، ومنها إليها نحو الميلين وكانت مدينة كبيرة متصلة بالمدينة المكرمة" . وقال ياقوت أيضا في العوالي :"ضيعة بينها وبين المدينة أربعة أميال وقيل ثلاثة ، وذلك أدناها وأبعدها ثمانية"(1/4)
والذي تدلّ عليه النصوص أنّ قباء جزء من المدينة وكذلك معظم العوالي على قول ياقوت :"المدينة حرم ما بين عير إلى ثور" وقوله صلى الله عليه وسلم :"المدينة حرم ما بين لابتيها" فهذان الحديثان وغيرهما حددا المدينة من الجهات الأربع فحدها من جهة الجنوب جبل عير وهو جبل ممتد من الغرب إلى الشرق ويشرف طرفه الغربي على ذي الحليفة وطرفه الشرقي على المنطقة المتصلة بمنطقة قباء من جهة الجنوب الغربي وحدها من جهة الشمال جبل ثور وهو جبل صغير شمالي أحد ويحدها من جهة الشرق الحرة الشرقية وهي إحدى اللابتين المذكورتين في قوله - صلى الله عليه وسلم -:"المدينة حرم ما بين لابتيها" واللابة الأخرى هي الحرة الغربية والحرتان داخلتان في حرم المدينة صرّح بذلك النووي وغيره ، وقد وردت أحاديث تدل على أنّ حرم المدينة يزيد على التحديد السابق وهذه الأحاديث ضعيفة لا تقوم بها حجة
أما ما رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :"حرّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بين لابتي المدينة" قال أبو هريرة فلو وجدت الظباء ما بين لابتيها ما ذعرتها-وجعل اثنى عشر ميلا حول المدينة حمى
فالحمى المذكور –الزائد على ما بين اللابتين-خاص بالشجر ولذلك غاير ، وفي الحديث-بينه وبين حرم المدينة وهو بين اللابتين
وقد قال بهذا التفريق الإمام مالك وذكره ابن عبد البر أيضا عن وهب وتحمل الأحاديث الدالة على زيادة حرم المدينة على التحديد السابق على فرض صحتها على أنّ المراد بها الحمى كما ورد في حديث أبي هريرة
الأحاديث المطلقة في تحريم المدينة
* عن عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إنّ إبراهيم حرّم مكة ودعا لها وحرّمت المدينة كما حرّم إبراهيم مكة ودعوت لها في مدّها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم عليه السلام لمكة"(1/5)
* عن سهل بن حنيف - رضي الله عنه - قال :"أهوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده إلى المدينة فقال :"إنها حرم آمن " (مسلم وغيره) ، وفي رواية لمسلم :"إنها حرم آمن إنها حرم آمن"
* عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه ، فسلبه فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم-أو عليهم- ما أخذ من غلامهم-أو عليهم- ما أخذ من غلامهم ، فقال : معاذ الله أن أردّ شيئا نفلنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى أن يرد عليهم (مسلم وغيره)
* عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أنه وجد غلمانا قد لجأو ثعلبا إلى زاوية فطردهم عنه . قال مال : لا أعلم إلا أنه قال : في حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصنع هذا؟ (رواه الطبراني ، رجاله رجال الصحيح)
* عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" إنّ إبراهيم حرّم مكة وإني أحرّم المدينة بمثل ما حرّم" قال :"ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُعضد شجرها أو يُخبط "(الطحاوي بسند حسن)
وروى ابن أبي خيثمة بسند حسن عن أبي هريرة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"نهى أن يعضد شجرها أو يخبط أو يؤخذ طيرها"
الأحاديث الواردة في تحريم ما بين لابتي المدينة
*عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي طلحة :"التمس لي غلاما من غلمانكم يخدمني حتى أخرج إلى خيبر " فذكر الحديث في قصة خيبر ورجوعهم إلى المدينة وفيه فسرنا حتى إذا أشرفنا على المدينة نظر –يعني - صلى الله عليه وسلم - إلى أحد فقال : هذا جبل يحبنا ونحبه" ثم نظر إلى المدينة فقال :"اللهم إني أحرّم ما بين لابتيها مثل ما حرّم إبراهيم مكة ، اللهم بارك لهم في مدّهم وصاعهم (الشيخان)(1/6)
*عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه كان يقول : لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"ما بين لابتيها حرام" (الشيخان"
*عن أبي هريرة أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :"حُرّم ما بين لابتي المدينة على لساني" (البخاري)
*عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثا أو آوى مُحدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يُقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف " (مسلم)
*عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :"اللهم إنّ إبراهيم خليلك ونبيك وإنك حرّمت مكة على لسان إبراهيم ، اللهم وأنا عبدك ونبيك وإني أحرّم ما بين لابتيها (إسناد حسن)
الأحاديث الواردة في تحريم ما بين عير إلى ثور
*عن عاصم بن سليمان الأحول قال : قلت لأنس : أحرّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، قال : نعم ، ما بين كذا وكذا ، لا يقطع شجرها من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" (رواه الشيخان) وزاد مسلم :"لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا"
*قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ما عندنا كتاب نقرؤه إلا كتاب الله غير هذه الصحيفة ، قال : فأخرجها ، فإذا فيها أشياء من الجراحات وأسنان الإبل ، قال : وفيها :"المدينة حرم ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل" (الشيخان)(1/7)
*عن أبي سعيد بكر بن عمرو مولى المهري أنه أصابهم بالمدينة جهد وشدة وأنه أتى أبا سعيد الخدري فقال له : إني كثير العيال ، وقد أصابتنا شدة فأردت أن أنقل عيالي إلى بعض الريف فقال أبو سعيد : لا تفعل إلزم المدينة ، فإنا خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - –أظنّ أنه قال – حتى قدمنا عسفان .. الحديث وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : "اللهم إنّ إبراهيم حرّم مكة فجعلها حرما وإني حرّمت المدينة حراما بين مأزميها أن لا يهراق فيها دم ولا يحمل فيها سلاح لقتال ولا يخبط فيها شجرة إلا لعلف ، اللهم بارك لنا في مدينتنا ، اللهم بارك لنا في صاعنا اللهم بارك لنا في مدنا ، اللهم بارك لنا في صاعنا ، اللهم بارك لنا في مدنا ، اللهم بارك لنا في مدينتنا ، اللهم اجعل مع البركة بركتين والذي نفسي بيده ما من مدينة شٍِعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا إليها" (رواه مسلم) ورواه مسلم أيضا من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي سعيد مولى المهري أنه جاء أبا سعيد الخدري ليالي الحرة فاستشاره في الجلاء من المدينة وشكا إليه أسعارها وكثرة عياله وأخبره أن لا صبر له على جهد المدينة ولأوائها فقال له : ويحك ، لا آمرك بذلك إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :"لا يصبر أحد على لأوائها فيموت إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة إذا كان مسلما
وخلاصة القول : ما تقدّم من الأحاديث الصحيحة في هذا المبحث دال على تحريم المدينة ما بين جبل عير إلى جبل ثور وهما حدّا المدينة من جهتي الجنوب والشمال والله أعلم
الأحاديث الواردة في زيادة حرم المدينة على التحديد المتقدم(1/8)
*عن خارجة بن الحارث بن رافع بن مكيث الجهني عن أبيه الحارث أنه سأل جابر بن عبد الله فقال : لنا غنم وغلمان وهم بثرير وهم يخبطون على غنمهم هذه الثمرة الحبلة؟ -قال خارجة : وهي ثمرة السّمُر- فقال جابر : لا ، ثم قال : لا يخبط ولا يعضد حمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن هشوا هشا ثم قال جابر :"إن كان رسول - صلى الله عليه وسلم - ليمنع أن يُقطع المسد"
*عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:"حرّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة بريدا من نواحيها"
*عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"كل دافعة دفعت علينا من هذه الشعاب فهي حرام أن تعضد أو تخبط أو تُقطع إلا لعصفور قتب أو مسد محالة أو عصا حديدة"
حماية المدينة من الدجال
*عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :"ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة ، ليس من نقابها نقب [طريق] إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها –ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فيخرج الله كل كافر منافق" (الشيخان) وزاد مسلم :" ... فيأتي مسبخة الجرف فيضرب رُواقهفيها فترجف المدينة ثلاث رجفات..."(1/9)
*عن أبي سعيد الخدري قال : حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما حديثا طويلا عن الدجال فكان فيما حدثنا به أن قال :"يأتي الدجال – وهو محرّم عليه أن يدخل نقاب المدينة – فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة ، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس – أو من خيار الناس – فيقول : أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثه ، فيقول الدجال : أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر؟ فيقولون : لا ، فيقتله ثم يحييه ، فيقول : والله ما كنت فيك أشدّ بصيرة مني اليوم فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلّط عليه " (الشيخان) وفي صحيح مسلم –بعد هذا الحديث – قال أبو إسحاق : يقال : إنّ هذا الرجل هو الخضر عليه السلام
*عن أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :"لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال لها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان (البخاري)
*عن أبي بكرة قال : أشهد أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :"كل قرية يدخلها فزع الدجال إلا المدينة يأتيها ليدخلها فيجد على بابها ملكا مصلتا بالسيف فيردّه عنها"
*عن فاطمة بنت قيس (ذكرت قصة الجساسة والدجال وفيها قول الدجال ): "وإني مخبركم عني فأنا المسيح الدجال وإني أوشك أن يُؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرمتان عليّ كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة –أو واحدا- منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها"
قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطعن بمخصرته في المنبر : هذه طيبة هذه طيبة –يعني المدينة- ألا هل كنت حدثتكم ذلك؟ فقال الناس : نعم ، قال : فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة " (مسلم)(1/10)
*عن أبي هريرة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يأتي المسيح من قبل المشرق ، همته المدينة ، حتى ينزل دُبر أحد ثم تصرف الملائكة وجهه قبل المشرق وهناك يهلك (مسلم)
*عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم وله أربعون ليلة يسيحها في الأرض ، اليوم منها كالسنة ، واليوم منها كالشهر واليوم منها كالجمعة ، ثم سائر أيامه كأيامكم هذه ..." يرد كل ماء ومنهل إلا المدينة ومكة حرّمها الله عليه وقامت الملائكة بأبوابها ومعه جبال من خبز.." (إسناده صحيح)
*ورواية أخرى عن زياد بن سعد عن أبي الزبير به بلفظ : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يذكر المسيح الدجال :"إني سأقول لكم فيه كلمة ما قالها نبي قبلي إنه أعور وليس الله بأعور..." " يسيح في الأرض أربعين يوما يرد كل بلد غير هاتين المدينة ومكة حرمها الله عليه ، يوم من أيامه كالسنة ويوم كالشهر ويوم كالجمعة وبقية أيامه كأيامكم هذه لا يبقى إلا أربعين يوما"
*عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي ، فقال :"ما يبكيك؟" قلت : يا رسول الله ذكرت الدجال فبكيت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"إن يخرج الدجال وأنا حيّ كفيتموه وإن يخرج الدجال بعدي فإن ربكم عز وجل ليس بأعور إنه يخرج في يهودية أصبهان حتى يأتي المدينة فينزل ناحيتها ولها يومئذ سبعة أبواب على كل نقب منها ملكان فيخرج إليها شرار أهلها حتى يأتي الشام –مدينة بفلسطين بباب لدّ- وقال أبو داود مرة : حتى يأتي فلسطين باب لدّ – فينزل عيسى عليه السلام فيقتله ثم يمكث عيسى عليه السلام في الأرض أربعين سنة إماما عدلا وحكما مقسطا " (صحيح الإسناد)(1/11)
*عن محجن بن الأدرع رضي الله عنه أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس فقال :"يوم الخلاص وما يوم الخلاص ، يوم الخلاص وما يوم الخلاص ، يوم الخلاص وما يوم الخلاص –ثلاثا- فقيل له : وما يوم الخلاص؟ قال : يجيء الدجال فيصعد أحدا فينظر إلى المدينة فيقول لأصحابه أترون هذا القصر الأبيض؟ هذا مسجد أحمد ، ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب منها ملكا مصلتا فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ثم ترجف ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه فذلك يوم الخلاص" (صحيح)
*عن رجاء بن أبي رجاء الباهلي قال : أقبلت مع محجن ذات يوم حتى إذا نتهينا إلى مسجد البصرة فوجدنا بُريدة الأسلمي على باب من أبواب المسجد جالسا –قال : وكان بريدة صاحب مزاحات –قال : يا محجن ألا تصلي كما يصلي سكبة؟ قال : فلم يرد عليه محجن شيئا ورجع ، قال : وقال لي محجن : إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيدي فانطلق يمشي حتى صعد أحدا فأشرف على المدينة فقال :"ويل أمها من قرية يتركها أهلها كأعمر ما تكون يأتيها الدجال فيجد على كل باب من أبوابها ملكا مصلتا فلا يدخلها (حسن)
*عن أبي أمامة الباهلي قال : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال وحذرناه فكان من قوله أن قال :"إنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم من فتنة الدجال فذكر الحديث وفيه :"وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا مكة والمدينة لا يأتيها من نقب من نقابها إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة حتى ينزل عند الظُريب الأحمر عند منقطع السبخة عند مجتمع السيول فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد ويُدعى ذلك اليوم يوم الخلاص.."(صحيح لغيره)(1/12)
*عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لا ينزل الدجال المدينة ولكنه ينزل الخندق وعلى كل نقب منها ملائكة يحرسونها فأول من يتبعه النساء والإماء فيذهب فيتبعه الناس فيؤذونه فيرجع غضبانا حتى ينزل الخندق فينزل عند ذلك عيسى بن مريم (صحيح)
*عن جُنادة بن أبي أمية الأزدي قال : ذهبت أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلنا : حدثنا ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر في الدجال ولا تحدثنا عن غيره وإن كان مصدقا قال : خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : "أنذرتكم الدجال –ثلاثا- فإنه لم يكن نبي قبلي إلا قد أنذره أمته وإنه فيكم أيتها الأمة وإنه جعد ممسوح العين اليسرى معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار ومعه جبل من خبز ونهر من ماء وإنه يمطر المطر ولا يُنبت الشجر وإنه يسلط على نفس فيقتلها ولا يسلط على غيرها وإنه يمكث في الأرض أربعين صباحا يبلغ فيها كل منهل ولا يقرب أربعة مساجد ، مسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الطور ومسجد الأقصى وما يُشبّه عليكم فإنّ ربكم ليس بأعور"(1/13)
وهذه الأحاديث تدل على أنّ فتنة المسيح الدجال فتنة عظيمة لم تكن فتنة في الأرض منذ خلق آدم أعظم من فتنته ولذلك حذّر كل نبي أمته منه ، وهو موجود في إحدى الجزر مكبّل بالحديد ويظهر –حين يأذن الله بخروجه- في المشرق ويتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفا ويطوف الأرض كلها في أربعين يوما إلا مكة والمدينة وبيت المقدس فلا يستطيع أن يدخلها حيث يأتي المدينة فيجد الملائكة واقفين على مداخلها يحرسونها بأيديهم السيوف مسلولة كلما أراد أن يدخلها منعوه فينزل سبخة الجرف عند جبل صغير أحمر عند مجتمع السيول ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج منها كل كافر ومنافق ويخرج إليه رجل من خيار الناس فيقول : أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثه فيسلط الله عليه الدجال – ولا يسلط على أحد غيره- فيقتله ثم يحييه مستدلا بذلك على أنه الرب الذي يحيي ويميت فيصدقه أتباعه أما الرجل فيزداد يقينه بأنه الدجال فيقول :"والله ما كنت فيك أشدّ بصيرة مني اليوم" فيريد الدجال أن يقتله مرة أخرى فلا يسلّط عليه ، ويحاول الدجال دخول المدينة فتصرف الملائكة وجهه إلا الشمال فيذهب إلى الشام فينزل حينئذ عيسى بن مريم عليه السلام فيدرك الدجال في مدخل مدينة "لدّ" بفلسطين فيقتله ، وحماية المدينة من الدجال نعمة عظيمة ومنقبة ظاهرة للمدينة حيث يحفظ الله عز وجل على المؤمنين –من أهلها- إيمانهم من التأثر بتلك الفتنة العظيمة ، وقد بقيت بعض الأحاديث الواردة في حماية المدينة من الدجال سيأتي في المبحث الآتي حيث قرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -الدجال بالطاعون في عدم دخول المدينة وفي منع دخول الدجال حفظ لإيمان أهل المدينة –كما تقدّم وفي منع دخول الطاعون حفظ لأبدانهم وذلك فضل من الله عز وجل فله الحمد والمنة(1/14)
عن عبد الله بن شقيق عن محجن بن الأدرع أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خطب فقال : (( يوم الخلاص و ما يوم الخلاص يوم الخلاص و ما يوم الخلاص يوم الخلاص و ما يوم الخلاص ثلاثا فقيل له : و ما يوم الخلاص قال : يجئ الدجال فيصعد أحداً فينظر المدينة فيقول لأصحابه : أترون هذا القصر الأبيض ؟ هذا مسجد أحمد ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب منها ملكاً مصلتاً فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فلا يبقى منافق و لا منافقة و لا فاسق و لا فاسقة إلا خرج إليه فذلك يوم الخلاص )) . صحيح لغيره).
أخي تأمل قول الدجال هذا (القصر الأبيض) هذا مسجد أحمد ثم تأمل صورة المسجد النبوي و قد التقطت له صورة عبر الأقمار الصناعية و قد صدق عليه وصف البياض بلا شك.
تأمل هذا ثم قل في نفسك أعوذ بالله من شر فتنة المسيح الدجال
حماية المدينة من الطاعون
*عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال" (الشيخان)
*عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :"المدينة يأتيها الدجال فيجد الملائكة يحرسونها فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله" (البخاري) ورواه أحمد وأبو يعلى بلفظ :"إنّ قائلا من الناس قال : يا نبي الله أما يريد الدجال المدينة؟ قال :"أما إنه ليعمد إليها ولكن يجد الملائكة صافة بنقابها وأبوابها يحرسونها من الدجال" راد أبو يعلى :"يخرج في قلة من الناس ونقص من الطعام ، يدخل أمصار العرب كلها غير طيبة وهي المدينة"(1/15)
وعن سعد بن أبي وقاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا يدخلها –يعني المدينة- الطاعون ولا الدجال" (صحيح) وعنه وعن أبي هريرة قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"المدينة مشبكة بالملائكة على كل نقب منها ملك يحرسها" (صحيح) وعن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "مثل المدينة كالكير ، وحرّم إبراهيم مكة ..." وفيه :"ولا يقربها –إن شاء الله – الطاعون ولا الدجال ، والملائكة يحرسونها على أنقابها وأبوابها (حسن)
*والأحاديث دالة على حماية المدينة من الطاعون ولم يقيّد ذلك بزمن معيّن فهذه الحماية مستمرة ، وهي خصوصية اختص الله عز وجل بها المدينة ، والطاعون نوع من الوباء وقد سألت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الطاعون فقال :"غدّة كغدّة البعير المقيم بها كالشهيد والفار منها كالفار من الزحف" (صحيح رواه أحمد) وروى الإمام أحمد أيضا وغيره عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فناء أمتي بالطعن والطاعون" قال : فقلنا : يا رسول الله ، هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون؟ قال :"طعن أعدائكم من الجن وفي كل شهادة" وفي رواية :"وخز أعدائكم من الجن " وهو حديث صحيح وقد اختلف العلماء في وصف أعراض الطاعون ولا يتّسع المقام لذكر أقوالهم في ذلك واستشكل عدم دخول الطاعون المدينة مع كونه شهادة وكيف قرن بالدجال ومدحت المدينة بعدم دخولهما؟ وقد ذكر الحافظ ابن حجر عدة أجوبة لهذا الإشكال منها قوله :"إنّ كون الطاعون شهادة ليس المراد بوصفه بذلك ذاته وإنما المراد أنّ ذلك يترتّب عليه وينشأ عنه لكونه سببه فإذا استحضر ما تقدّم من أنه طعن الجن حسن مدح المدينة بعدم دخوله إياها ، فإنّ فيه إشارة إلى أنّ كفار الجنّ وشياطينهم ممنوعون من دخول المدينة وقد اتفق دخوله إليها لا يتمكن من طعن أحد منهم"
الأحاديث الواردة في إخراج الحمى من المدينة(1/16)
*عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وُعك أبو بكر وبلال فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول :
كل امرئ مصبّح في أهله *** والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمى يرفع عقيرته يقول :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة *** بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أرِدن يوما مياه مجنّه *** وهل يبدون لي شامة وطفيل
وقال : اللهم العن شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"اللهم حبّب غلينا المدينة كحبّنا مكة أو أشدّ ، اللهم بارك لنا في صاعنا وفي مدّنا وصحّحها لنا وانقل حُماها على الجُحفة" . قالت: وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله ، قالت : فكان يطحان يجري نجلا تعني ماء آجنا (الشيخان)
قال ابن حبان :"العلة في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بنقل الحمى إلى الجحفة أنها حينئذ كانت دار اليهود ولم يكن بها مسلم ، فمن أجله قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"وانقل حماها على الجحفة"
*عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :"رأيت كأنّ امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى قدمت بمهْيعة –هي الجحفة- فأولت أن وباء المدينة نُقل إليها " رواه البخاري
*عن جابر - رضي الله عنه - قال : استئذنت الحمى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : من هذه؟ قالت : أمّ ملدم ، قال : فأمر بها إلى أهل قباء فلقوا منها ما يعلم الله ، فأتوه فشكوا ذلك إليه ، فقال :"ما شئتم أن أدعوا الله فيكشفها عنكم وإن شئتم أن تكون لكم طهورا" قالوا : يا رسول الله أو تفعل ذلك؟ قال : نعم ، قالوا ك فدعها (صحيح)(1/17)
*عن أبي هريرة قال : جاءت الحمى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله ابعثني إلى آثر أهلك فبعثها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الأنصار فغبّت عليهم سبعة أيام ولياليهنّ حتى اشتدّ ذلك عليهم فشكو ذلك إليه فأتاهم في ديارهم فجعل يدخل دارا دارا وبيتا بيتا يدعوا لهم بالعافية ، فلما رجع تبعته امرأة منهم فقالت : يا رسول الله : والذي بعثك بالحق إنّ أبي لمن الأنصار وإنّ أمي لمن الأنصار فادع الله لي كما دعوت لأصحابي . فقال : ما شئت دعوت الله لك فعفاك وإن شئت صبرت ثلاثا ولك الجنة" قالت : يا رسول الله بل أصبر ثلاثا وثلاثا مع ثلاث ولا أجعل للجنة خطرا" والحديث إسناده حسن
*عن أبي عسيب مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"أتاني جبريل عليه السلام بالحمى والطاعون فأمسك الحمى بالمدينة وأرسلت الطاعون إلى الشام فالطاعون شهادة لأمتي ورحمة لهم ، ورجس على الكافرين" . قال الشيخ الألباني إسناده صحيح
*وفي هذه الأحاديث المتقدمة شيء من التعارض حيث ورد في حديث عائشة وابن عمر ما يدل على خروج الحمى من المدينة وفي حديث أبي عسيب هذا وكذلك الأحاديث التي قبله ما يدل على بقاء الحمى فيها ، وقد ذكر الحافظ ابن حجر ما يزيل هذا التعارض فقال بعد ذكر حديث أبي عسيب:" ...الحكمة في ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لما دخل المدينة كان في قلة من أصحابه عددا ومددا وكانت المدينة وبئة كما سبق من حديث عائشة ثم خيّر النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمرين يحصل منهما الأجر الجزيل فاختار الحمى حينئذ لقلة الموت بها غالبا بخلاف الطاعون ثم لما احتاج إلى جهاد الكفار بالمدينة أن تضعف أجساد الذين يحتاجون إلى التقوية لأجل الجهاد فدعا بنقل الحمى من المدينة إلى الجحفة فعادت المدينة أصحّ بلاد الله بعد أن كانت بخلاف ذلك ..."
الأحاديث الواردة في الحث على سكنى المدينة(1/18)
*عن سفيان بن أبي زهير - رضي الله عنه - أنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :"تفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، وتفتح الشام فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون" (الشيخان)
*عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :"يأتي على الناس زمان يدعوا الرجل ابن عمه وقريبه هلمّ إلى الرخاء ، هلمّ إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه ألا إن المدينة كالكير يخرج الخبيث ، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد" (مسلم)
*عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"يكون في أمتي خليفة يحثي المال حثيا لا يعده عدا" ثم قال :"والذي نفسي بيده ليعودن الأمر كما بدأ ، ليعودن كل إيمان إلى المدينة كما بدأ منها حتى يكون كل إيمان بالمدينة" ثم قال :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لا يخرج رجل من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرا منها وليسمعنّ ناس برخص من أسعار ورزق فيتبعونه والمدينة خير لهم لو كانزا يعلمون"
الأحاديث الواردة في الصبر على شدة المدينة
*عن يحنس مولى آل الزبير بن العوام أنه كان جالسا عند عبد الله بن عمر في الفتنة فأتته مولاة له تسلم عليه ، فقالت : إني أردت الخروج يا ابا عبد الرحمن اشتدّ علينا الزمان فقال لها عبد الله : اقعدي لكاع فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة" (مسلم وغيره)(1/19)
*عن أبي هريرة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :"لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد من أمتي إلا كنت له شفيعا يوم القيامة أو شهيدا"(رواه مسلم وغيره)
وفي حديث :"... على لأواء المدينة وحرها.."
"..لا يثبت أحد على لأوائها وجهدها ... يوم القيامة"
"لا يصبر أحد على لأوائها فيموت ... يوم القيامة ، إن كان مسلما"
*وهذه الأحاديث دالة على فضل الصبر على لأواء المدينة وشدتها واللأواء في اللغة : الشدة ، وعطف "الشدة " عليها للتفسير والتأكيد أو أنّ "اللأواء" المراد بها ضيق المعيشة وتعسّر الكسب ، و"الشدة" ما يصيب الإنسان في بدنه بسبب شدة الحر والبرد ونحو ذلك ، وقال أبو عبد الله الأبي :"الحديث خرج مخرج الحث على سكناها ومن لزم سكناها ولم يلحقه لأواء داخل في ذلك لأنّ التعليل بالغالب والمظنة لا يضر فيه التخلف في بعض الصور كتعليل القصر بمشقة السفر فإن الملك يقصر ولو لم تلحقه مشقة لوجود السفر "وأو" في قوله - صلى الله عليه وسلم -:"كنت له شفيها أو شهيدا " ليست للشك لاتفاق الرواة عليها كما تقدّم . فإما يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أُعلم بهذه الجملة هكذا وإما أن يكون (أو) للتقسيم ، فيكون شهيدا لبعض أهل المدينة وشفيعا لبقيتهم ، إما شفيعا للعاصين وشهيدا للمطيعين ، وإما شهيدا لمن مات في حياته وشفيعا لمن مات بعده ، أو غير ذلك ، وقد يكون (أو) بمعنى الواو فيكون أهل المدينة شفيعا وشهيدا . ذكر معاني (أو) القاضي عياض
الأحاديث الواردة في الدعاء للمدينة بالبركة في صاعها ومدها
*عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال :"اللهم بارك لهم في مكيالهم وبارك لهم في صاعهم ومدّهم " يعني أهل المدينة (الشيخان)
*عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة " (الشيخان)(1/20)
وقوله - صلى الله عليه وسلم -"من البركة" : أي من بركة الدنيا بقرينة قوله في الحديث الآخر :"اللهم بارك لنا في صاعنا ومدّنا" ، ويحتمل أن يريد ما هو أعمّ من ذلك لكن يستثني من ذلك ما خرج بدليل كتضعيف الصلاة بمكة على المدينة واستُدل به على تفضيل المفضول في شيء من الأشياء ثبوت الأفضلية له على الإطلاق" قاله ابن حجر
*عن أبي هريرة قال : كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا أخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال :"اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مدنا ، اللهم إنّ إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإني عبدك ونبيك وإنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه " ثم يدعو أصغر ولد يراه فيعطيه ذلك الثمر" (مسلم وغيره)
*عن أبي عبد الله القراظ أنه سمع أبا هريرة وسعد بن مالك يقولان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"اللهم بارك لأهل المدينة في مدينتهم وبارك لهم في صاعهم وبارك لهم في مدهم ، اللهم إنّ إبراهيم عبدك وخليلك وإني عبدك ورسولك وإنّ إبراهيم سألك لأهل مكة وإني أسألك لأهل المدينة كما سألك إبراهيم لأهل مكة ومثله معه ، إنّ المدينة مشبكة بالملائكة على كل نقب منها ملكان يحرسانها لا يدخلها الطاعون ولا الدجال ، فمن أرادها بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء" (صحيح)
*عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :"اللهم بارك لنا في مدينتنا وفي صاعنا ومدنا ومدينتنا وشامنا ثم استقبل مطلع الشمس فقال : من ها هنا يطلع قرن الشيطان ، من ها هنا الزلازل والفتن(1/21)
*عن علي بن أبي طالب قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -حتى إذا كنا بالحرة بالسقيا التي كانت لسعد بن أبي وقاص قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"ائتوني بوضوء" فلما توضأ قام فاستقبل الكعبة ثم كبّر ثم قال :"اللهم إنّ إبراهيم كان عبدك وخليلك دعا لأهل مكة بالبركة وأنا محمد عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في مدهم وصاعهم مثلي ما باركت لأهل مكة مع البركة بركتين" (صحيح)
*وفي هذه الأحاديث دلالة ظاهرة على فضل المدينة حيث خصها النبي - صلى الله عليه وسلم -بالدعاء بالبركة في صاعها ومدها ، قال ابن عبد البر في قوله - صلى الله عليه وسلم -:"اللهم بارك لهم في صاعهم ومدهم" هذا من فصيح كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وبلاغته وفيه إستعارة بينة لأن الدعاء إنما هو للبركة في الطعام المكيل بالصاع والمد لا في الظروف والله أعلم
وقد يحتمل –على ظاهر العموم- أن يكون في الطعام والظروف ، وقال أبو زكريا النووي بعد أن نقل عن القاضي عياض عدة معاني لهذا الحديث قال :"والظاهر من هذا كله أنّ البركة في نفس المكيل في المدينة بحيث يكفي المد فيها ما لا يكفيه في غيرها والله أعلم" ، وفي الأحاديث ماهو أعمّ من الدعاء بالبركة في الصاع والمدّ وهو دعاؤه - صلى الله عليه وسلم -للمدينة بمثلي ما دعا به إبراهيم لمكة وقد ذكر الله عز وجل في كتابه العزيز دعاء إبراهيم لمكة فقال تعالى :"وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر" ، وقال :"ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرّم ربنا ليقيموا الصلاة ، فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون"
التحذير من إحداث الحدث بالمدينة وإرادة السوء بأهلها(1/22)
*عن سعد بن أبي وقاص قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم -يقول :"لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء" (البخاري)
*عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"من أراد أهل المدينة بسوء –يعني المدينة- أذابه الله كما يذوب الملح في الماء" (مسلم)
*عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"المدينة من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا" إسناده حسن
*عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :"من أخاف أهل المدينة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ومن أخاف أهلها فقد أخاف ما بين هذين وأشار إلى ما بين جنبيه (إسناده صحيح)
*عن جابر بن عبد الله أن أميرا من أمراء الفتنة قدم المدينة وكان قد ذهب بصر جابر فقيل لجابر : لو تنحيت عنه ، فخرج يمشي بين ابنيه فنُكب فقال : تعس من أخاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فقال ابناه أو أحدهما : يا أبت وكيف أخاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وقد مات ؟؟ قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :"من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي"
-وعنه - صلى الله عليه وسلم -"من أخاف الأنصار فقد أخاف ما بين هذين" يعني جنبيه (حسن)
- وعنه - صلى الله عليه وسلم -"من أخاف أهل المدينة أخافه الله"
*عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"المدينة مُهاجري ومضجعي فيها بيتي وحق على أمتي حفظ جيراني"(صحيح)
*عن عبادة بن الصامت عن رسول - صلى الله عليه وسلم -أنه قال :"اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه صرف ولا عدل (صحيح)(1/23)
*عن زيد بن أسلم رحمه الله أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم -قال :"اللهم من أراد المدينة بسوء فأذبه كما يذوب الرصاص في النار وكما يذوب الملح في الماء وكما تذوب الإهالة في الشمس"
*والأحاديث في هذا الفصل دالة على خطورة إحداث الحدث في المدينة وذلك يشمل الإحداث في أمر الدين بنشر الآراء المحدثة والبدع المضلة ويشمل أيضا ترويع أهل المدينة وإيذاءهم ظلما وعدوانا فمن فعل شيئا من ذلك فقد استحق لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ولا يُقبل منه صرفا ولا عدلا ، أي لا يقبل منه فريضة ولا نافلة –ويستحق أن يذيبه الله في النار كما يذوب الرصاص في النار أو كذوب الملح في الماء وهذا الوعيد لا يقتصر على مُحدث الحدث بالمدينة بل يتناول أيضا من يحميه ويقدم له العون
الأحاديث الواردة في أن المدينة تنفي خبثها
*عن جابر بن عبد الله أنّ أعرابيا بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -على الإسلام فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فقال : يا رسول الله أقلني بيعتي فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ثم جاءه فقال : أقلني بيعتي فأبى ثم جاءه فقال : أقلني بيعتي فأبى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها" (الشيخان)(1/24)
*عن زيد بن ثابت قال : رجع ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -من أحد وكان الناس فيهم فريقين : فريق يقول : اقتلهم ، وفريق يقول : لا ، فنزلت :{فمالكم في المنافقين فئتين} ، وقال -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم --:"إنها طيبة تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة" (الشيخان) ، وعند البخاري :"إنها تنفي الرجال كما تنفي النار خبث الحديد" ، وعنده :"إنها طيبة تنفي الذنوب كما تنفي النار خبث الفضة" ، وعنده :"إنها طيبة تنفي النار خبث الفضة" ، ولا تنافي بين الألفاظ فقوله :"تنفي الرجال" مفسرة الواية المشهورة :"تنفي الخبث" وقوله :"تنفي الذنوب" يحتمل أن يكون فيه حذف تقديره : أهل الذنوب فيلتئم مع باقي الروايات قاله الحافظ ابن حجر
*عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة ، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد" (الشيخان) ، وفي رواية :"تنفي الخبث" ، وفي أخرى :"تنفي شرار الناس"
*وفي الأحاديث الصحيحة المتقدمة بيان أن المدينة طيبة لا يستقر فيها ولا يأنس بها إلا الطيبون وأنّ أهل الباطل والشر لا تستقيم فيها حياتهم ولا يأنسون بها إما لخروجهم منها كما حصل للأعرابي في حديث جابر المتقدم وإما بفضحهم وكشف فساد قلوبهم وسوء أعمالهم ليحذرهم المؤمنون كما حصل للمنافقين في غزوة أحد كما تقدّم في حديث زيد بن ثابت وتقدم أيضا أن ما تضمنته هذه الأحاديث لا يختص بزمن معيّن
"اللهم إني أسألك أنك الله الأحد الصمد لا إله إلا أنت أن تيسر لي الذهاب للمدينة وأن أقيم بها وأن أحيا فيها حياة طيبة بذكرك وعبادتك ، وأن تجعلني طيبة النفس كالريح المرسلة بالخير وأن تتوفاني هناك شهيدة آمين آمين آمين
الأحاديث الواردة في فضل الموت بالمدينة(1/25)
*عن عبد الله بن عمر أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم -قال :"من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل فإني أشفع لمن مات بها" وفي رواية:"فإني أشهد لمن مات بها" ، وفي رواية :"فإنه من مات بها كنت له شفيعا أو شهيدا"
*عن صُميتة –امرأة من بني ليث بن بكر كانت في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم -قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :"من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت فإنه من مات بالمدينة كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة" إسناده صحيح
*عن سُبيعة الأسلمية رضي الله عنها أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال :"من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت فإنه لا يموت بها أحد إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة" صحيح
*فيه دلالة على فضل الموت بالمدينة وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -:"من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل" حثّ على تحري الموت بها وذلك بلزوم الإقامة بها والتضرع إلى الله عز وجل أن يجعل موته بها ، وقد كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول :"اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك - صلى الله عليه وسلم -" (رواه البخاري)
اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك - صلى الله عليه وسلم -
الأحاديث الواردة في أروز الإيمان إلى المدينة
*عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إنّ الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحيّة إلى جُحرها" (الشيخان) ، وفي رواية "يوشك الإيمان أن يأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها"(1/26)
*عن عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال :"إنّ الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية إلى جحرها" ، وفي رواية " بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ وليأرزن الإسلام بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها " وفي رواية "والذي نفسي بيده ليعودنّ الأمر كما بدأ ليعودنّ كل إيمان إلى المدينة كما بدأ منها حتى يكون كل إيمان بالمدينة"
*عن سعد بن أبي وقاص قال :سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :"إنّ الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء إذا فسد الناس والذي نفسي بيده إنّ الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها"
الأحاديث الواردة في أسماء المدينة وصفاتها التي تدل على فضلها
*عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :"إن الله تعالى سمى المدينة طابة" (مسلم) وفي رواية "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -سمى المدينة طابة "
*عن عبد الله بن جعفر أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم -سمى المدينة طيبة"
*وتسمية المدينة بطابة وطيبة دال على فضلها لأنهما إما من الطيب وهو الرائحة الحسنة وإما من طيب العيش بها أو لحلول الطيّب - صلى الله عليه وسلم -بها أو لغير ذلك من الأقوال التي ذكرها العلماء في هذا المعنى
*عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال :"رأيت كأني في درع حصينة ورأيت بقرا يُنحر فأوّلت الدرع المدينة وأن البقر نفر والله خير..." إسناده صحيح
*عن ابن عباس قال : تنفّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -سيفه ذا الفقار يوم بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد ..." وفيه :"رأيت أني في درع حصينة فأولتها المدينة"
*إخباره - صلى الله عليه وسلم -بأن المدينة هي الدرع الحصينة وهذه منقبة عظيمة للمدينة ولذلك ذكر بعض العلماء هذه الصفة ضمن أسماء المدينة"(1/27)
*عن عبد الله بن عباس قال :كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة ثم أُمر بالهجرة وأُنزل عليه{وقل ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا} وروي عن قتادة بإسناد صحيح أنه قال :"مدخل صدق" : "المدينة" و"مخرج صدق" : "مكة"
وبإسناد صحيح عن الحسن البصري في قوله تعالى :{أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} قال :كفار أهل المدينة ، فأمره أن يخرج إلى المدينة فهو الذي قال الله {أدخلني مدخل صدق} ، وهذه الآية دالة على فضل المدينة لأن الله عز وجل بدأ بذكرها في قوله تعالى :{وقل ربي أدخلني مدخل صدق} وهو المدينة والمخرج صدق مكة ، وكان القياس أن يبدأ بمكة لأنه خرج منه قبل أن يدخل المدينة ويأبى الله أن ينقل نبيه - صلى الله عليه وسلم -إلا إلى ما هو خير منه ، وهذا أحد الأدلة للقائلين بتفضيل المدينة على مكة وأجيب عنه بأن تفسير "مدخل صدق" بأنه المدينة غير متفق عليه بين المفسرين فقد ذكر أحمد العباسي أربعة عشر معنى لقوله تعالى {مدخل صدق} وإن سُلم بأن المراد به المدينة فإن البداءة بها في الذكر لا يعيّن أفضليتها على مكة وإنما التقديم غايته الاهتمام واهتمامه بأمر المدخل أعظم من المخرج فإنه حاصل فيه ولهذا بدأ به
الأحاديث الواردة في حبّ النبي - صلى الله عليه وسلم -المدينة
*عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا لمكة أو أشد ..."
*وذكر حديث :"اللهم إنك تعلم أنهم أخرجوني من أحب البلاد إلي فأسكني في أحب البلاد إليك" وذكر أنه موضوع
وهذا الحديث الموضوع هو أحد أدلة القائلين بتفضيل المدينة على مكة ومما يدل على بطلانه أيضا ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه قال حين خرج من مكة :"والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله عز وجل ولولا أني خرجت منك ما خرجت"
الأحاديث الواردة في تضاعف الأعمال بالمدينة(1/28)
وذكر أحاديث كلها ضعيفة ، ثم قال : وهذه الأحاديث كلها ضعيفة لا يعضد بعضها بعضا لشدة ضعفها وقد احتج بعض العلماء بهذه الأحاديث على تضاعف الأعمال بالمدينة كل عمل بألف ولا حجة فيها لشدة ضعفها ، أما تضعيف الصلاة إلى ألف صلاة فهو ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -كما سيأتي
الأحاديث الواردة في خلق - صلى الله عليه وسلم -من تربة المدينة التي دفن بها
والأحاديث المذكورة في هذا الباب بعضها موضوع والبعض الآخر ضعيف لا تقوم به حجة إلا حديث أبي سعيد الخدري في قصة الحبشي فهو صحيح ، فعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -مرّ بالمدينة فرأى جماعة يحفرون قبرا فسأل عنه فقالوا : حبشي قدم فمات فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"لا إله إلا الله ، سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي خلق منها"
وليس فيه أن كل الناس كذلك ، وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الموضوع بكلام شاف فقال رحمه الله :"..وما ذكره بعضهم من الإجماع على تفضيل قبر من القبور على المساجد كلها فقول محدث في الإسلام لم يعرف عن أحد من السلف ولكن ذكره بعض المتأخرين فأخذه عنه آخر وظنه إجماعا لكون أجساد الأنبياء أنفسها أفضل من المساجد فقولهم يعم المؤمنين كلهم فأبدانهم أفضل من كل تراب في الأرض ولا يلزم من كون أبدانهم أفضل أن تكون مساكنهم أحياء وأمواتا أفضل بل قد علم بالإضطرار من دينهم لأن مساجدهم أفضل من مساكنهم(1/29)
وقد يحتج بعضهم بما روي من أن :"كل مولود يُذرّ عليه من تراب حفرته ، فيكون قد خُلق من تراب قبره ، وهذا الاحتجاج باطل لوجهين : أحدهما : أنّ هذا لا يثبت وما رُوي فيه كله ضعيف والجنين في بطن أمه يعلم قطعا أنه لم يذر عليه تراب ولكن آدم نفسه هو الذي خلق من تراب ... وبسط له موضع آخر والمقصود هنا : التنبيه على مثل هذه الإجماعات التي يذكرها بعض الناس ويبنون عليها ما يخالف دين المسلمين : الكتاب والسنة والإجماع ، والوجه الثاني أنه لو ثبت أن الميت خلق من ذلك التراب فمعلوم أن خلق الإنسان من أبويه أقرب من خلقه من التراب ، مع هذا فالله يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي يخرج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ... فغذا كانت المادة القريبة التي يخلق منها الأنبياء والصالحون لا يجب أن تكون مساوية لأبدانهم في الفضيلة ...فالمادة البعيدة وهي التراب أولى أن تساوى أبدان الأنبياء والصالحين ، وهذه الأبدان عبدت الله وجاهدت فيه ، ومستقرها الجنة وأما المواد التي خلقت منها هذه الأبدان فما استحال منها وصار هو البدن فحكمه حكم البدن وأما ما فضل منها فذاك بمنزلة أمثاله
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في موضع آخر :"وأما التربة التي دفن فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -فلا أعلم أحدا من الناس قال إنها أفضل من المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو المسجد الأقصى إلا القاضي عياض فذكر ذلك إجماعا وهو قول لم يسبقه إليه أحد فيما علمنا ولا حجة عليه بل بدن النبي - صلى الله عليه وسلم -أفضل من المساجد وأما ما منه خلق أو فيه دفن فلا يلزم إذا كان هو أفضل أن يكون ما منه خلق أفضل..
الأحاديث الواردة في تبرئة المدينة من الشرك وأن الشيطان أيس من أن يعبد فيها(1/30)
*عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إنّ الشيطان قد أيس أن تعبد الأصنام بأرضكم ، أو ببلدكم هذا ولكنه رضي منكم بالمحقرات من أعمالكم فاتقوا المحقرات فإنهن الموبقات" وفي رواية :"إنّ إبليس يئس أن تعبد الأصنام بأرض العرب ولكنه سيرضى بدون ذلك منكم بالمنكرات من أعمالكم وهي الموبقات"
-ويبيّن المراد من قوله - صلى الله عليه وسلم -:"بأرضكم ، أو ببلدكم"وهي أرض العرب والمراد بها الجزيرة العربية وليس الحديث خاصا بالمدينة ، وهذه الأحاديث تتفق مع الأحاديث الأخرى الصحيحة الدالة على أن إبليس قد أيس أن يعبد في جزيرة العرب ، ومن تلك الأحاديث حديث جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :"إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم"(رواه مسلم) . والمدينة من الجزيرة العربية فهي داخلة في هذه الأحاديث لكن تلك الأحاديث ليس المراد منها أن الشرك لا يحدث في الجزيرة العربية مطلقا بل يحدث كلما دلت عليه النصوص الأخرى منها : حديث عائشة رضي الله عنها قالت :سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :"لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى" فقلت : يا رسول الله ، إن كنت لأظنّ حين أنزل الله :"هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" أن ذلك تاما ، قال :"إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ثم يبعث الله ريحا طيبة فتوفى كل من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم "(مسلم)(1/31)
*وتقدم في حديث أنس عند الشيخين في حديث الدجال :"إن المدينة ترجف بأهلها ثلاث رجفات فيخرج الله كل كافر ومنافق" فدل ذلك على أنه قد يوجد كفار بالمدينة ، وقد أجيب عن الأحاديث الأولى بأجوبة منها : أن اليأس الحاصل من الشيطان إنما بسبب ما رآه من ظهور الإسلام وانتشاره في جزيرة العرب وتمكنه من القلوب في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلذلك أيس أن يرجع الناس إلى عبادته وهو لا يعلم الغيب بما يحدث بعد ذلك
الأحاديث الواردة في المفاضلة بين المدينة وبين غيرها من البلدان
*لم يصح أي حديث في هذا الباب
الأحاديث الواردة في تأسيس المسجد النبوي على التقوى
* عن أبي سعيد الخدري قال : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في بيت بعض نسائه فقلت : يا رسول الله أي المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال : فأخذ كفا من حصباء فضرب به الأرض ثم قال :"هو مسجدكم هذا" (لمسجد المدينة" (رواه مسلم)
وذكر روايات بأسانيد أخرى
*وهذه الأحاديث دالة على أن المسجد الذي أُسس على التقوى هو المسجد النبوي وقد تكلم بعض العلماء في هذه الأحاديث بحجة أنها معارضة لقوله تعالى :"لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين"(1/32)
قال أبو بكر بن العربي :"ولا خلاف أنهم أهل قباء والأمر مشهور جدا صحيح منقول عن جماعة لا يحصون عدا فهو أولى من العمل بحديث يرويه أنيس بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري ورواة ما قلناه أولى منه ..." وقد اختلف العلماء في المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى في الآية السابقة فقال بعضهم : هو مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -وقال آخرون هو مسجد قباء وقد ذكر أقوالهم محمد بن جرير الطبري في تفسيره ثم قال :"وأولى القولين عندي بالصواب قول من قال : هو مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -لصحة الخبر بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وقوله - صلى الله عليه وسلم -–في المسجد الذي أسس على التقوى- "هو مسجدي هذا" لم ينفرد به أنس بن أبي يحيى ، ولا معارضة بين هذا الحديث والآية السابقة-على القول بأن المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى فيها هو مسجد قباء-لأن كلا من المسجدين أسس على التقوى . وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الآية السابقة نزلت بسبب مسجد قباء ثم قال :"لكن الحكم يتناوله ويتناول ما هو أحق منه بذلك ، وهو مسجد المدينة وهذا يوجه ما ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى لكن مسجد المدينة أكمل في هذا النعت فهو أحق بهذا الاسم ومسجد قباء كان سبب نزول الآية...
وذكر الحافظ ابن حجر : أنّ السر في جوابه - صلى الله عليه وسلم -بأنّ المسجد الذي أسس على التقوى مسجده رفع توهم أن ذلك خاص بمسجد قباء
فضل الصلاة في المسجد النبوي
*عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام"(الشيخان) [فإني آخر الأنبياء وإنّ مسجدي آخر المساجد](1/33)
*عن عبد الله بن الزبير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا" وفي رواية :"وصلاة في المسجد الحرام تفضل بمائة " وفي أخرى :"وهو أفضل منه بمائة صلاة" وفي أخرى :"فضل المسجد الحرام على مسجدي مائة صلاة" وفي أخرى:"فضل المسجد الحرام على مسجدي كفضل مسجدي على المساجد"
*عن الأرقم بن أبي الأرقم أنه تجهز يريد بيت المقدس فلما فرغ من جهازه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -يودعه فقال :"ما يخرجك؟ في حاجة أو تجارة؟ قال : لا يا نبي الله –بأبي أنت وأمي- ولكني أريد الصلاة في بيت المقدس فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"صلاة..... في المسجد الحرام" ، فجلس الأرقم ولم يخرج(حديث صحيح)
*عن مسلم بن أسلم بن بجرة أخي بني الحارث بن الخزرج –وكان شيخا كبيرا قد حدّث نفسه قال : إن كان ليدخل المدينة فيقضي حاجته بالسوق ثم يرجع إلى أهله فإذا وضع رداءه ذكر أنه لم يصل في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فيقول : والله ما صليت في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فإنه قد قال لنا : "من هبط منكم إلى هذه القرية فلا يرجعنّ إلى أهله حتى يركع ركعتين في هذا المسجد ثم يرجع إلى أهله" (إسناده جيد)
ما ورد في أجر من صلى في المسجد النبوي أربعين صلاة متتابعة
*عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه قال :"من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتبت له براءة من النار ونجاة من العذاب وبرئ من النفاق"(ضعيف)
*عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"من صلى لله أربعين يوما في جماعة يُدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءة من النار وبراءة من النفاق"
وقد ذكره بهذا اللفظ الشيخ الألباني في الصحيحة وحكم عليه بالحسن وذكر أيضا أنّ هذا اللفظ يدل على ضعف اللفظ الأول ونكارته(1/34)
ما ورد في أنّ الصلاة في المسجد النبوي بمنزلة حجة وبمنزلة الجهاد في سبيل الله
*لم يصح أي حديث في هذا الباب
المسجد النبوي أحد المساجد الثلاثة التي لا تشدّ الرحال إلا إليها
*عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :"لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجد الحرام ، ومسجد الأقصى ومسجدي هذا" (الشيخان)
*عن أبي هريرة قال :أتيت الطور فلقيت حُميل بن بصرة الغفاري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :"لا تُعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجدي هذا ومسجد إيليا " (تاريخ البخاري)
*عن سعيد المقبري أن أبا بصرة حميل بن بصرة لقي أبا هريرة وهو مقبل من الطور، فقال :"لو لقيتك قبل أن تأتيه لم تأته إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :"إنما تُضرب أكباد المطي إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" (إسناد صحيح)
*عن قزعة بن يحيى البصري قال : أردت الحج إلى الطور فسألت ابن عمر ، فقال : أما علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال :"لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسجد الأقصى" دع عنك الطور فلا تأته (صحيح)
الأحاديث الواردة في الروضة
*عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال :"ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي" (الشيخان) وفي رواية :"منبري هذا على تُرعة من ترع الجنة وما بين حجرتي ومنبري روضة من رياض الجنة"(صحيح) وروى مسلم وغيره :"ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة"
قوله "ما بين قبري ومنبري " رواية بالمعنى واللفظ الصحيح "ما بين بيتي ومنبري"
*عن أم سلمة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة وقوائم منبري رواتب في الجنة" (إسناده صحيح)(1/35)
*"منبري على ترعة من ترع الجنة"
الأحاديث الواردة في بعض المواضع في الروضة
*عن يزيد بن أبي عبيد قال : كنت آتي مع سلمة بن الأكوع فيصلي عند الاسطوانة التي عند المصحف فقلت: يا أبا مسلم ، أراك تتحرى الصلاة عند هذه الاسطوانة ، قال :"فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يتحرى الصلاة عندها" (الشيخان)
قال الحافظ ابن حجر :"والاسطوانة المذكورة حقق لنا بعض مشايخنا أنها المتوسطة في الروضة المكرمة وأنها تعرف باسطوانة المهاجرين" وقد تعقب السمهودي هذا القول وذكر بأنه وهم وأن الأسطوانة المشار إليها التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم -يصلي إليها هي التي عن يمين الواقف في المصلى الشريف من جهة القبلة"
وهي اليوم واقعة في ظهر المحراب الذي هو علم على مصلى النبي - صلى الله عليه وسلم -مائلة إلى جهة اليمين ملاصقة له وقد كتب في الثلث الأعلى منها بخط بارز "هذه أسطوانة "المخلقة"
والموضع المشار إليه هو المكان الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم -يصلي فيه إماما بالناس ولم أقف على حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -يخص الصلاة فيه بفضل زائد على الصلاة في المواضع الأخرى من الروضة
الأحاديث الواردة في فضل منبره - صلى الله عليه وسلم -
*تقدمت عدة أحاديث :"منبري على حوضي" ، منبري على ترعة من ترع الجنة" ، "قوائم منبري رواتب في الجنة" ، وهذه الألفاظ كلها ثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
*عن أبي سعيد الخدري قال : بينما نحن جلوس في المسجد إذ خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في المرض الذي توفي فيه عاصبا رأسه بخرقة فخرج يمشي حتى قام على المنبر فلما استوى عليه قال : والذي نفسي بيده إني لقائم على الحوض الساعة .." وفي رواية :"والذي نفسي بيده إني لأنظر إلى حوضي من مقامي هذا "
الأحاديث الواردة في إثم من حلف عند منبره - صلى الله عليه وسلم -كاذبا(1/36)
*عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال :"من حلف على منبري آثما تبوأ مقعده من النار"(صحيح)
*عن أبي هريرة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال :"لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين آثمة ولو على سواك رطب إلا وجب له النار" (صحيح)
ما ورد في كونه أحد المساجد الثلاثة التي لا اعتكاف إلا فيها
*عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال : قال حذيفة لعبد الله : الناس عكوف بين دارك ودار أبي موسى لا تغير ؟؟ وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال : لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة : المسجد الحرام ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -ومسجد بيت المقدس" وقال عبد الله : لعلك نسيت وحفظوا أو أخطأت وأصابوا
* وعلق الكاتب بقوله : " وهو وإن صح محمول على نفي كمال الإعتكاف في غير المساجد الثلاثة كقوله - صلى الله عليه وسلم -:"لا ربا إلا في النسيئة " وكقول العرب :"لا عالم إلا زيد" مع أنّ فيها علماء غيره وإنما القصد نفي الأصل وهو بهذا المعنى يدل على فضل هذه المساجد الثلاثة على غيرها من المساجد"
هذا رأي الكاتب ويرجى الرجوع إلى ما كتبه الشيخ الألباني في رسالته الاعتكاف .. فالأصل أنه لا يعتكف إلا في هذه المساجد ، ولا يعتكف في غيرها .. والله أعلم
ما ورد في فضل التعلم والتعليم في المسجد النبوي
*عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول :"من دخل مسجدنا هذا يتعلم خيرا أو يعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله ومن دخله لغير ذلك كان كالناظر إلى ما ليس له" وفي رواية :"فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره" وفي أخرى :"..كان كالرجل يرى الشيء يعجبه وليس له" وفي أخرى :"يرى المصلين وليس منهم ويرى الذاكرين وليس منهم " (الحديث صحيح )(1/37)
*عن أبي أمامة الباهلي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال :"من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له كأجر حاج تاما حجته" (صححه الألباني رحمه الله) وفي رواية :"من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له أجر حاج تام الحجة "
ما ورد في منع المشركين من دخول المسجد النبوي
*لا يوجد حديث صحيح في هذا الباب
ما ورد في كيفية تحديد اتجاه قبلة المسجد النبوي
*الأحاديث المذكورة كلها واهية لا تقوم بها الحجة ومما يدل على بطلانها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسس مسجده في أول مقدمه المدينة وكان يصلي نحو بيت المقدس سنة عشر أو سبعة عشر شهرا ثم أمر بالتوجه شطر المسجد الحرام بعد ذلك وأما قبلة مسجده - صلى الله عليه وسلم -فهي على الصواب قطعا
قال بدر الدين الزركشي :"لا يُجتهد في محراب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -لأنه صواب قطعا إذ لا يُقر على خطأ فلا مجال للاجتهاد فيه حتى لا يُجتهد فيه باليمنة واليسرة بخلاف محاريب المسلمين والمراد بمحرابه - صلى الله عليه وسلم -مكان مصلاه فإنه لم يكن في زمنه - صلى الله عليه وسلم -محراب
ما ورد في فضل المؤذنين في المسجد النبوي
*لم يصح أي حديث في هذا الباب
ما ورد في فضل إنارة المسجد النبوي وتطييبه
*لم يصح أي حديث في هذا الباب
*قال الذهبي بعد ذكر حديث لايصح في فضل تعليق القناديل في المساجد :"وعلمنا بطلان هذا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم -مات ولم يوقد في حياته في المسجد قنديل ولا بُسط فيه حصير ولو كان قال لأصحابه هذا لبادروا إلى هذه الفضيلة"
ما ورد في توكيل بعض الملائكة بالمسجد النبوي
*لم يصح أي حديث في هذا الباب
الأحاديث الواردة في مشاركة النبي - صلى الله عليه وسلم -في تأسيس مسجد قباء(1/38)
*عن عروة بن الزبير رحمه الله قال في قصة هجرته - صلى الله عليه وسلم -"...فلبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذي أُسس على التقوى وصلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ثم ركب راحلة فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة
والحديث دال على مشاركة النبي - صلى الله عليه وسلم -في تأسيس مسجد قباء
الأحاديث الواردة في فضل الصلاة في مسجد قباء
*عن سهل بن حنيف قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"من خرج حتى يأتي هذا المسجد –يعني مسجد قباء- فيصلي فيه كان كعدل عمرة" ، وفي رواية :"من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان له أجر عمرة" وفي أخرى :"من توضأ في أهله فأحسن في وضوئه ثم خرج عامدا إلى المسجد لا تنزعه حاجة إلا الصلاة فيه كانت صلاته له بمنزلة عمرة" وفي أخرى :"من أتى مسجد عمرو بن عوف : مسجد قباء لا ينزعه إلا الصلاة كان له أجر عمرة"
*عن سعد بن أبي وقاص قال : لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلي من أن آتي بيت المقدس مرتين ، لو يعلمون ما في قباء لضربوا إليه أكابد الإبل" صحيح
*والأحاديث دالة على فضل الصلاة في مسجد قباء ، وأنها تعدل عمرة من غير تقييد بعدد الركعات حيث إن الروايات الواردة بذكر عدد الركعات ضعيفة
الأحاديث الواردة في إتيانه - صلى الله عليه وسلم -إلى مسجد قباء كل أسبوع
*عن عبد الله بن عمر قال :"كان النبي - صلى الله عليه وسلم -يأتي قباء راكبا أو ماشيا" (الشيخان) ، ولهما :"كان النبي - صلى الله عليه وسلم -يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيا أو راكبا" ، ولهما زيادة :"فيصلي فيه ركعتين"
*والثابت عنه - صلى الله عليه وسلم -الذهاب كل سبت إلى قباء وقال ابن عبد البر :"وأشبه ما قيل في ذلك بأصول سنته - صلى الله عليه وسلم -أنه كان يأتي مسجد قباء للصلاة فيه"(1/39)
وعلى هذا القول لا تعارض بين كونه - صلى الله عليه وسلم -يذهب إلى قباء راكبا وبين الأحاديث الناهية على شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة لأن الذهاب إلى قباء من أي ناحية في المدينة لا يحتاج إلى شد الرحال إليه ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم -يذهب إليه تارة راكبا وتارة ماشيا
في قوله - صلى الله عليه وسلم -في أحد :"هذا جبل يحبنا ونحبه"
*عن أبي حميد الساعدي قال : أقبلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -من غزوة تبوك حتى إذا أشرفنا على المدينة قال : هذه طابة ، وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه " (الشيخان)
*أن الحديث صحيح متفق عليه بلفظ :"هذا جبل يحبنا ونحبه"
وقوله :"وإنه على ترعة من ترع الجنة.." ، و"إن أحد على باب من أبواب الجنة.." أسانيد ضعيفة جدا لا يعول عليها ،وقوله :"فكلوا من شجره.." مدرج من كلام زينب بنت نبيط
*عن سويد الأنصاري قال : قفلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -من غزوة خيبر فلما بدا له أحد قال :"الله أكبر جبل يحبنا ونحبه" (حسن)
الأحاديث الواردة في أن أحد جبل من جبال الجنة
*كلها ضعيفة.قال السمهودي :"بأحد شعب تعرف بشعب هارون يزعمون أن قبر هارون عليه السلام في أعلاه وهو بعيد حسا ومعنى وليس ثمّ ما يصلح للحفر وإخراج التراب
ما ورد في زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم -
*من الأحاديث الضعيفة :"من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة"
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"ليس في شيء من الكتب بإسناد موضوع ولا غير موضوع ، وقد قيل : إن هذا لم يُسمع في الإسلام حتى فتح المسلمون بيت المقدس في زمن صلاح الدين.."(1/40)
*والأحاديث في الحث على زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -كلها ضعيفة لا تقوم بها حجة ، وبعضها موضوع وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية :"ليس في هذا الباب ما يجوز الاستدلال به بل كلها ضعيفة بل موضوعة " ومن المعلوم أن زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم -عمل صالح مستحب لمن وصل إلى مسجده - صلى الله عليه وسلم -لعموم الأحاديث الواردة في زيارة القبور لكن لا يشرع السفر لأجل ذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -:"لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد..." وقد أوضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في عدد من كتبه
الأحاديث الواردة في البقيع ومقبرة بني سلمة
-زيارته - صلى الله عليه وسلم -لأهل البقيع واستغفاره لهم
*عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كلما كان ليلتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول :"السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا ، مؤجلون وإن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم اغفر لأهل البقيع الغرقد"(مسلم)
*"السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون" (مسلم)
*"إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم" (صحيح)
وقوله - صلى الله عليه وسلم -"لأصلي عليهم " معناه : الدعاء والاستغفار
-ما ورد في فضل البقيع أيضا : ذكر حديثا ضعيفا والجملة الأولى منه ثابتة في صحيح مسلم :"أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع "
-ما ورد في مقبرة بني سلمة : لم يصح أي حديث
ذكر السمهودي أن هذه المقبرة لا تعرف عينها ولكن تعرف جهتها وهي منازل بني سلمة عند منزل بني حرام منهم ومنزل بني حرام يقع غربي جبل سلع
الأحاديث الواردة في زيارة قبور شهداء أحد(1/41)
*عن طلحة بن عبيد الله قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يريد قبور الشهداء حتى إذا أشرفنا على حرة واقم ،فلما تدلينا منها وإذا قبور بمحنية ، قال :قلنا :يا رسول الله ، أقبور إخواننا هذه؟ قال : قبور أصحابنا ، فلما جئنا قبور الشهداء قال :"هذه قبور إخواننا" (صحيح)
*والأحاديث بالأمر بزيارة قبور شهداء أحد وكذلك الأحاديث الدالة على زيارتهم في وقت معين كلها ضعيفة وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -أنه زار قبورهم من غير تخصيص بزمن معين
الأحاديث الواردة في فضل وادي العقيق
-وادي العقيق : أحد أودية المدينة المشهورة وهو يمر بالجهة الغربية منها وبعضها داخل في حرم المدينة فما حاذى جبل عير إلى جهة المدينة فهو داخل في حرم المدينة لوقوعه بين جبلي عير وثور
*عن عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بوادي العقيق يقول : " أتاني الليلة آت من ربي فقال : صلّ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة " (البخاري)
*عن عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قيل له وهو بالعقيق إنك بالوادي المبارك أو ببطحاء مكة" (صحيح) ، وللشيخين :"إنك ببطحاء مباركة"
ما ورد في فضل وادي بطحان
*عن عائشة قالت:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:بطحان على ترعة من ترع الجنة "(ضعفه الألباني)
-بطحان : أحد أودية المدينة المشهورة ، يمر وسطها متجها من الجنوب إلى الشمال ، واشتهر عند بعض الناس في العصر الحاضر بوادي أبي جيدة ، وهو يمر غرب المصلى (مسجد الغمامة) وغروب جبل سلع وقد رُدم الوادي وأصبح شارعا معبدا تسير عليه السيارات مع بقاء مجرى صغير لمرور الماء تحت الشارع المذكور
الأحاديث الواردة في تربة المدينة
*لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -شيء ينص على فضيلة خاصة لتربة المدينة وما ورد من أحاديث في ذلك فهي ضعيفة لا تقوم بها حجة ولا يعضد بعضها بعضا لشدة ضعفها
الأحاديث الواردة في تمر المدينة(1/42)
*عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"من تصبّح كل يوم بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر" (الشيخان) ، وفي رواية :"من تمر العالية" ، ولمسلم :"من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها حين يصبح لم يضره سم حتى يمسي"
*عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال :"إنّ في عجوة العالية شفاء-أو إنها ترياق- أول البكرة" (مسلم) ، وفي رواية :"في عجوة العالية أول البكرة على ريق النفس شفاء من كل سحر أو سم "
وعن عائشة :"أنها كانت تأمر من الدوام أو الدوار بسبع تمرات عجوة في سبع غدوات على الريق " إسناده صحيح
*عن سعيد بن يزيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين والعجوة من الجنة" (صحيح)
*عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين والعجوة من الجنة وهي شفاء من السم "(صحيح)
قال الجوهري :"العجوة : ضرب من أجود تمر المدينة ونخلتها تسمى لينة"
قال الزمخشري :"هي تمر بالمدينة من غرس النبي - صلى الله عليه وسلم -"
قال أبو موسى المديني : "قيل :هي تمر نخلة مدينة ليست بأجودها وقيل عجوة العالية أجود تمرها "
وذكر الأزهري أن العجوة أنواع فقال :"العجوة التي بالمدينة هي الصيحانية وبها ضروب من العجوة ليس لها عذوبة الصيحانية ولا ريها ولا امتلاؤها
وقول الزمخشري :"من غرس النبي - صلى الله عليه وسلم -" فيه نظر فقد كانت العجوة معروفة في المدينة قبل ذلك
وقال النووي في شرح حديثي سعد وعائة السابقين :"وفي هذه الأحاديث فضيلة تمر المدينة وعجوتها وفضيلة التصبح بسبع تمرات منه وتخصيص عجوة المدينة دون غيرها وعدد السبع من الأمور التي علمها الشارع ولا نعلم نحن حكمتها فيجب الإيمان بها واعتقاد فضلها والحكمة فيها وهذا كأعدادا الصلوات ونصب الزكاة وغيرها فهذا هو الصواب في هذا الحديث ..."
الخاتمة(1/43)
وقال : وفي الختام : أسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يتقبل منا جميعا أعمالنا وأن يرزقنا حسن الخاتمة في الدنيا والآخرة
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
والحمد لله رب العالمين.(1/44)