زاد فى رواية : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ مِنَ الطَّائِفِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى نَذَرْتُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْماً فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَكَيْفَ تَرَى قال « اذْهَبْ فَاعْتَكِفْ يَوْماً ». قال وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَعْطَاهُ جَارِيَةً مِنَ الْخُمْسِ فَلَمَّا أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَبَايَا النَّاسِ سَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَصْوَاتَهُمْ يَقُولُونَ أَعْتَقَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالُوا أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَبَايَا النَّاسِ. فَقَالَ عُمَرُ يَا عَبْدَ اللَّهِ اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْجَارِيَةِ فَخَلِّ سَبِيلَهَا.
بَابُ صحبة ملك اليمين
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَعْتَقَ مَمْلُوكاً - قال - فَأَخَذَ مِنَ الأَرْضِ عُوداً أَوْ شَيْئاً فَقَالَ مَا فِيهِ مِنَ الأَجْرِ مَا يَسْوَى هَذَا إِلاَّ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ ».
وَعَنْهُ أَنَّهُ دَعَا بِغُلاَمٍ لَهُ فَرَأَى بِظَهْرِهِ أَثَراً فَقَالَ لَهُ أَوْجَعْتُكَ قال لاَ. قال فَأَنْتَ عَتِيقٌ. قال ثُمَّ أَخَذَ شَيْئاً مِنَ الأَرْضِ فَقَالَ مَا لِى فِيهِ مِنَ الأَجْرِ مَا يَزِنُ هَذَا إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَنْ ضَرَبَ غُلاَماً لَهُ حَدًّا لَمْ يَأْتِهِ أَوْ لَطَمَهُ فَإِنَّ كَفَّارَتَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ ».(2/216)
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ قال لَطَمْتُ مَوْلًى لَنَا فَهَرَبْتُ ثُمَّ جِئْتُ قُبَيْلَ الظُّهْرِ فَصَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِى فَدَعَاهُ وَدَعَانِى ثُمَّ قال امْتَثِلْ مِنْهُ. فَعَفَا ثُمَّ قال كُنَّا بَنِى مُقَرِّنٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ لَنَا إِلاَّ خَادِمٌ وَاحِدَةٌ فَلَطَمَهَا أَحَدُنَا فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « أَعْتِقُوهَا ». قَالُوا لَيْسَ لَهُمْ خَادِمٌ غَيْرُهَا قال « فَلْيَسْتَخْدِمُوهَا فَإِذَا اسْتَغْنَوْا عَنْهَا فَلْيُخَلُّوا سَبِيلَهَا ».
وَعَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ قال عَجِلَ شَيْخٌ فَلَطَمَ خَادِماً لَهُ فَقَالَ لَهُ سُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ عَجَزَ عَلَيْكَ إِلاَّ حُرُّ وَجْهِهَا لَقَدْ رَأَيْتُنِى سَابِعَ سَبْعَةٍ مِنْ بَنِى مُقَرِّنٍ مَا لَنَا خَادِمٌ إِلاَّ وَاحِدَةٌ لَطَمَهَا أَصْغَرُنَا فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُعْتِقَهَا.
وَفِى رِوَايَةٍ : عَنْ هِلاَلِ أَنَّهُ قال كُنَّا نَبِيعُ الْبَزَّ فِى دَارِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ أَخِى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ فَخَرَجَتْ جَارِيَةٌ فَقالت : لِرَجُلٍ مِنَّا كَلِمَةً فَلَطَمَهَا فَغَضِبَ سُوَيْدٌ. وََذَكَرَ مَا قال فِى الْحَدِيثِ قَبْلَهُ.
وَفِى رِوَايَةٍ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الصُّورَةَ مُحَرَّمَةٌ فَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَإِنِّى لَسَابِعُ إِخْوَةٍ لِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا لَنَا خَادِمٌ غَيْرُ وَاحِدٍ فَعَمَدَ أَحَدُنَا فَلَطَمَهُ فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُعْتِقَهُ (1).
__________
(1) : في الأصل : نُعْتِقَهَا(2/217)
وَعَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الْبَدْرِىِّ قال كُنْتُ أَضْرِبُ غُلاَماً لِى بِالسَّوْطِ فَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنْ خَلْفِى « اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ ». فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ - قال - فَلَمَّا دَنَا مِنِّى إِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا هُوَ يَقُولُ « اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ ». قال فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِى فَقَالَ « اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ أَنَّ اللَّهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلاَمِ ». قال فَقُلْتُ لاَ أَضْرِبُ مَمْلُوكاً بَعْدَهُ أَبَداً.
وَفِى رِوَايَةٍ : فَسَقَطَ مِنْ يَدِى السَّوْطُ مِنْ هَيْبَتِهِ.
وَفِى رِوَايَةٍ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ. فَقَالَ « أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ ».(2/218)
وَفِى رِوَايَةٍ : أَنَّهُ قال أَعُوذُ بِاللَّهِ - قال - فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ فَقَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ (1)بِرَسُولِ اللَّهِ (2). فَتَرَكَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَاللَّهِ لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ ». قال فَأَعْتَقَهُ.
بَابُ قذف المملوك بالزنا
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بِالزِّنَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ كَمَا قال ».
بَابُ الإحسان إلى المملوك
__________
(1) : كذا في الأصل، وليست هذه الزيادة في الصحيح، وإثباتها أشبه بالصواب والله أعلم حتى توافق تعقيب مسلم الذي ذكر بعد هذه الرواية. والله أعلم
(2) : خرج مسلم هذا المتن من طريق شعبة، ثم خرج بعدها من طريق غندر عن شعبة بِهَذَا الإِسْنَادِ فَقَالَ : وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَعُوذُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وكأنه يخطئ هذه الزيادة. وظاهر هذا الأمر أن هناك سقط في الصحيح لأن المتن في الصحيح فيه فقط في الجملة الثانية : أعوذ برسول الله. أما تعقيب مسلم ففيه : فلم يذكر قوله : أعوذ بالله أعوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا الصنيع من مسلم يدل على أن الرواية الأولى فيها هذه الزيادة. والله أعلم(2/219)
عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قال مَرَرْنَا بِأَبِى ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ وَعَلَى غُلاَمِهِ مِثْلُهُ فَقُلْنَا يَا أَبَا ذَرٍّ لَوْ جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ حُلَّةً. فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِى كَلاَمٌ وَكَانَتْ أَمُّهُ أَعْجَمِيَّةً فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَشَكَانِى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَقِيتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ سَبَّ الرِّجَالَ سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمُّهُ. قال « يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ هُمْ إِخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ وَلاَ يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا يُطِيقُ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا صَنَعَ لأَحَدِكُمْ خَادِمُهُ طَعَامَهُ ثُمَّ جَاءَهُ بِهِ وَقَدْ وَلِىَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ فَلْيَأْكُلْ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوهاً قَلِيلاً فَلْيَضَعْ فِى يَدِهِ مِنْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ ». قال دَاوُدُ يَعْنِى لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ.
بَابُ أجر العبد إذا نصح
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ اللَّهِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ ».(2/220)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الْمُصْلِحِ أَجْرَانِ ». وَالَّذِى نَفْسُ أَبِى هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ لَوْلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّى لأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ. قال وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ يَحُجُّ حَتَّى مَاتَتْ أُمُّهُ لِصُحْبَتِهَا.
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا أَدَّى الْعَبْدُ حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ كَانَ لَهُ أَجْرَانِ ». قال فَحَدَّثْتُهَا كَعْباً فَقَالَ كَعْبٌ لَيْسَ عَلَيْهِ حِسَابٌ وَلاَ عَلَى مُؤْمِنٍ مُزْهِدٍ.
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « نِعِمَّا لِلْمَمْلُوكِ أَنْ يُتَوَفَّى يُحْسِنُ عِبَادَةَ اللَّهِ وَصَحَابَةَ سَيِّدِهِ نِعِمَّا لَهُ ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِى عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « مَنْ أَعْتَقَ عَبْداً بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ قُوِّمَ عَلَيْهِ فِى مَالِهِ قِيمَةَ عَدْلٍ لاَ وَكْسَ وَلاَ شَطَطَ ثُمَّ عَتَقَ عَلَيْهِ فِى مَالِهِ إِنْ كَانَ مُوسِراً ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال فِى الْمَمْلُوكِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمَا قال « يَضْمَنُ »(1).
__________
(1) : زاد في رواية : « مَنْ أَعْتَقَ شَقِيصاً مِنْ مَمْلُوكٍ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ مَالِهِ ».(2/221)
زاد فى رواية : « ثُمَّ يُسْتَسْعَى فِى نَصِيبِ الَّذِى لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ » (1).
بَابُ الرجل يعتق مماليكه عند الموت
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ. أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ فَدَعَا بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَزَّأَهُمْ أَثْلاَثاً ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَقَالَ لَهُ قَوْلاً شَدِيداً.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلاَماً لَهُ عَنْ دُبُرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّى ». فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ. قال عَمْرٌو سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ عَبْداً قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ.
كتاب القسامة والحدود والديات
__________
(1) : ينظر المدرج من المدرج للنظر في هذه الزيادة(2/222)
عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِى حَثْمَةَ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُمَا قَالاَ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلِ بْنِ زَيْدٍ وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ حَتَّى إِذَا كَانَا بِخَيْبَرَ تَفَرَّقَا فِى بَعْضِ مَا هُنَالِكَ ثُمَّ إِذَا مُحَيِّصَةُ يَجِدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَتِيلاً فَدَفَنَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ وَحُوَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِيَتَكَلَّمَ قَبْلَ صَاحِبَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كَبِّرِ ». الْكُبْرَ فِى السِّنِّ فَصَمَتَ فَتَكَلَّمَ صَاحِبَاهُ وَتَكَلَّمَ مَعَهُمَا فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقْتَلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ فَقَالَ لَهُمْ « أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِيناً فَتَسْتَحِقُّونَ صَاحِبَكُمْ ». أَوْ « قَاتِلَكُمْ ». قَالُوا وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ قال « فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِيناً ». قَالُوا وَكَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى عَقْلَهُ.
زاد فى رواية : قال سَهْلٌ فَدَخَلْتُ مِرْبَداً لَهُمْ يَوْماً فَرَكَضَتْنِى نَاقَةٌ مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ رَكْضَةً بِرِجْلِهَا.
زاد فى أخرى : فَوُجِدَ فِى شَرَبَةٍ مَقْتُولاً فَدَفَنَهُ صَاحِبُهُ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ(2/223)
وَعَنْ [أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانِ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى] مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقَرَّ الْقَسَامَةَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِى الْجَاهِلِيَّةِ.
زاد فى رواية : وَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ نَاسٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِى قَتِيلٍ ادَّعَوْهُ عَلَى الْيَهُودِ.
بَابُ الحكم فيمن ارتد
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَاساً مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ فَاجْتَوَوْهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا ». فَفَعَلُوا فَصَحُّوا ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرِّعَاءِ فَقَتَلُوهُمْ وَارْتَدُّوا عَنِ الإِسْلاَمِ وَسَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ فِى أَثْرِهِمْ فَأُتِىَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَتَرَكَهُمْ فِى الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا.
وَفِى رِوَايَةٍ : وَسُمِرَتْ أَعْيُنُهُمْ وَأُلْقُوا فِى الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلاَ يُسْقَوْنَ.
وفى أخرى : وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ.
وفى أخرى : وَعِنْدَهُ شَبَابُ مِنَ الأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ عِشْرِينَ فَأَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِمْ وَبَعَثَ مَعَهُمْ قَائِفاً يَقْتَصُّ أَثَرَهُمْ.
زاد فى رواية : إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْيُنَ أُولَئِكَ لأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ.
بَابُ من قتل بحجر قتل بمثله(2/224)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوْضَاحٍ لَهَا فَقَتَلَهَا بِحَجَرٍ - قال - فَجِىءَ بِهَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبِهَا رَمَقٌ فَقَالَ لَهَا « أَقَتَلَكِ فُلاَنٌ ». فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لاَ ثُمَّ قال لَهَا الثَّانِيَةَ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لاَ ثُمَّ سَأَلَهَا الثَّالِثَةَ فَقالت : نَعَمْ. وَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ حَجَرَيْنِ.
وَعَنْهُ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الْيَهُودِ قَتَلَ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى حُلِىٍّ لَهَا ثُمَّ أَلْقَاهَا فِى الْقَلِيبِ وَرَضَخَ رَأْسَهَا بِالْحِجَارَةِ فَأُخِذَ فَأُتِىَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ حَتَّى يَمُوتَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ.
بَابُ من عض يد رجلٍ فانتزع ثنيته
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قال قَاتَلَ يَعْلَى ابْنُ مُنْيَةَ أَوِ ابْنُ أُمَيَّةَ رَجُلاً فَعَضَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ فَمِهِ فَنَزَعَ ثَنِيَّتَهُ - وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى ثَنِيَّتَيْهِ - فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ لاَ دِيَةَ لَهُ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « أَرَدْتَ أَنْ تَأْكُلَ لَحْمَهُ ».
وفى أخرى : « [أَرَدْتَ] أَنْ تَقْضَمَهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «....... ادْفَعْ يَدَكَ حَتَّى يَعَضَّهَا ثُمَّ انْتَزِعْهَا ».(2/225)
وَعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قال غَزَوْتُ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ تَبُوكَ - قال وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ تِلْكَ الْغَزْوَةُ أَوْثَقُ عَمَلِى عِنْدِى - فَقَالَ عَطَاءٌ قال صَفْوَانُ قال يَعْلَى كَانَ لِى أَجِيرٌ فَقَاتَلَ إِنْسَاناً فَعَضَّ أَحَدُهُمَا يَدَ الآخَرِ - قال لَقَدْ أَخْبَرَنِى صَفْوَانُ أَيُّهُمَا عَضَّ الآخَرَ - فَانْتَزَعَ الْمَعْضُوضُ يَدَهُ مِنْ فِى الْعَاضِّ فَانْتَزَعَ إِحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ فَأَتَيَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ.
بَابُ الأمر بالقصاص إلا أن يرضوا بالدية
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُخْتَ الرُّبَيِّعِ أُمَّ حَارِثَةَ جَرَحَتْ إِنْسَاناً فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْقِصَاصَ الْقِصَاصَ ». فَقالت : أُمُّ الرَّبِيعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُقْتَصُّ مِنْ فُلاَنَةَ وَاللَّهِ لاَ يُقْتَصُّ مِنْهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أُمَّ الرَّبِيعِ الْقِصَاصُ كِتَابُ اللَّهِ ». قالت : لاَ وَاللَّهِ لاَ يُقْتَصُّ مِنْهَا أَبَداً. قال فَمَا زَالَتْ حَتَّى قَبِلُوا الدِّيَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ ».
بَابُ ما يحل دم المسلم(2/226)
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِ وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ » (1).
بَابُ إثم من سن القتل
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْماً إِلاَّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ ».
بَابُ أول ما يقضى يوم القيامة فى الدماء
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِى الدِّمَاءِ ».
بَابُ التشديد فى القتل والمال والعرض
__________
(1) : زاد في رواية : قال : الأَعْمَشُ فَحَدَّثْتُ بِهِ إِبْرَاهِيمَ فَحَدَّثَنِى عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِهِ.(2/227)
عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ - ثُمَّ قال - أَىُّ شَهْرٍ هَذَا ». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قال - فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قال « أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ ». قُلْنَا بَلَى. قال « فَأَىُّ بَلَدٍ هَذَا ». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قال - فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قال « أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ ». قُلْنَا بَلَى. قال « فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا ». قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قال - فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ. قال « أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ ». قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قال مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قال - وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ فَلاَ تَرْجِعُنَّ بَعْدِى كُفَّاراً - أَوْ ضُلاَّلاً - يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ ». ثُمَّ قال « أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ».
فى رواية : « وَرَجَبُ مُضَرَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى ».(2/228)
وفى أخرى : ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَإِلَى جُزَيْعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا.
وفى أخرى : « كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ». قَالُوا نَعَمْ. قال « اللَّهُمَّ اشْهَدْ ».
بَابُ الرجل يقر بالقتل ثم يعفى عنه
عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قال إِنِّى لَقَاعِدٌ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَ رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ بِنِسْعَةٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا قَتَلَ أَخِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَقَتَلْتَهُ ». فَقَالَ إِنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ أَقَمْتُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ. قال نَعَمْ. قَتَلْتُهُ قال « كَيْفَ قَتَلْتَهُ ». قال كُنْتُ أَنَا وَهُوَ نَخْتَبِطُ مِنْ شَجَرَةٍ فَسَبَّنِى فَأَغْضَبَنِى فَضَرَبْتُهُ بِالْفَأْسِ عَلَى قَرْنِهِ فَقَتَلْتُهُ. فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « هَلْ لَكَ مِنْ شَىْءٍ تُؤَدِّيهِ عَنْ نَفْسِكَ ». قال مَا لِى مَالٌ إِلاَّ كِسَائِى وَفَأْسِى. قال « فَتَرَى قَوْمَكَ يَشْتَرُونَكَ ». قال أَنَا أَهْوَنُ عَلَى قَوْمِى مِنْ ذَاكَ. فَرَمَى إِلَيْهِ بِنِسْعَتِهِ. وَقَالَ « دُونَكَ صَاحِبَكَ ». فَانْطَلَقَ بِهِ الرَّجُلُ فَلَمَّا وَلَّى قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ ». فَرَجَعَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّكَ قُلْتَ « إِنْ قَتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ ». وَأَخَذْتُهُ بِأَمْرِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بِإِثْمِكَ وَإِثْمِ صَاحِبِكَ ». قال يَا نَبِىَّ اللَّهِ - لَعَلَّهُ قال - بَلَى. قال « فَإِنَّ ذَاكَ كَذَاكَ ». قال فَرَمَى(2/229)
بِنِسْعَتِهِ وَخَلَّى سَبِيلَهُ.
زاد فى رواية : قال إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ فَقَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ أَشْوَعَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا سَأَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ فَأَبَى.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا فَقَضَى فِيهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ.
زاد فى رواية : فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا.
وفى أخرى : قال حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الْهُذَلِىُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لاَ شَرِبَ وَلاَ أَكَلَ وَلاَ نَطَقَ وَلاَ اسْتَهَلَّ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ ». مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِى سَجَعَ (1). (2)
__________
(1) : كذا في الصحيح. وفي الأصل : شََجْعِهِ الَّذِى شََجَعَ
(2) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث المغيرة : وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قال : ضَرَبَتِ امْرَأَةٌ ضَرَّتَهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ وَهِىَ حُبْلَى فَقَتَلَتْهَا - قال : - وَإِحْدَاهُمَا لِحْيَانِيَّةٌ - قال : - فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِيَةَ الْمَقْتُولَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ وَغُرَّةً لِمَا فِى بَطْنِهَا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ أَنَغْرَمُ دِيَةَ مَنْ لاَ أَكَلَ وَلاَ شَرِبَ وَلاَ اسْتَهَلَّ فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الأَعْرَابِ ». قال : وَجَعَلَ عَلَيْهِمُ الدِّيَةَ.(2/230)
وَعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قال اسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاسَ فِى إِمْلاَصِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ شَهِدْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِيهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ. قال فَقَالَ عُمَرُ ائْتِنِى بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ قال فَشَهِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ.
بَابُ حد السرقة وما تقطع فيه اليد
عَنْ عَائِشَةَ قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْطَعُ السَّارِقَ فِى رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِداً.
وَفِى رِوَايَةٍ : «......إِلاَّ فِى رُبْعِ دِينَارٍ فَمَا فَوْقَهُ » (1).
عَنْ عَائِشَةَ قالت : لَمْ تُقْطَعْ يَدُ سَارِقٍ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِجَنِّ حَجَفَةٍ أَوْ تُرْسٍ وَكِلاَهُمَا ذُو ثَمَنٍ (2).
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ سَارِقاً فِى مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ ».
بَابُ النهى عن الشفاعة فى الحدود
__________
(1) : هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم والرواية الأولى من قول عائشة.
(2) : وفي رواية : وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ذُو ثَمَنٍ(2/231)
عَنَ عَائِشَةَ أَنَّ قُرَيْشاً أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِى سَرَقَتْ فَقَالُوا مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَتَشْفَعُ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ». ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ فَقَالَ « أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ».
وَفِى رِوَايَةٍ : فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « أَتَشْفَعُ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ».......ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِى سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ يَدُهَا. قال يُونُسُ قال ابْنُ شِهَابٍ قال عُرْوَةُ قالت : عَائِشَةُ فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدُ وَتَزَوَّجَتْ وَكَانَتْ تَأْتِينِى بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِى مَخْزُومٍ سَرَقَتْ فَأُتِىَ بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَاذَتْ بِأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « وَاللَّهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ». فَقُطِعَتْ.
بَابُ حد الثيب والبكر فى الزنا(2/232)
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خُذُوا عَنِّى خُذُوا عَنِّى قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْىُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ ».
وَعَنْهُ قال كَانَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ لَهُ وَجْهُهُ - قال - فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ فَلُقِىَ كَذَلِكَ فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْهُ قال « خُذُوا عَنِّى فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاَ الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ الثَّيِّبُ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ وَالْبِكْرُ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ نَفْىُ سَنَةٍ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « الْبِكْرُ تُُجْلَدُ وَتُُنْفَى وَالثَّيِّبُ تُُجْلَدُ وَتُُرْجَمُ ». لاَ يَذْكُرَانِ سَنَةً وَلاَ مِائَةً.
بَابُ رجم الثيب فى الزنا
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ قَرَأْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ مَا نَجِدُ الرَّجْمَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ وَإِنَّ الرَّجْمَ فِى كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوْ الاِعْتِرَافُ.
بَابُ حد من اعترف بالزنا(2/233)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قال أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِى الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى زَنَيْتُ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى ثَنَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « أَبِكَ جُنُونٌ ». قال لاَ. قال « فَهَلْ أَحْصَنْتَ ». قال نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ ». قال ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ فَأَدْرَكْنَاهُ بِالْحَرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قال رَأَيْتُ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ جِىءَ بِهِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ قَصِيرٌ أَعْضَلُ لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَنَّهُ زَنَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَلَعَلَّكَ ». قال لاَ وَاللَّهِ إِنَّهُ قَدْ زَنَى الأَخِرُ - قال - فَرَجَمَهُ ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ « أَلاَ كُلَّمَا نَفَرْنَا غَازِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ خَلَفَ أَحَدُهُمْ لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ يَمْنَحُ أَحَدُهُمُ الْكُثْبَةَ أَمَا وَاللَّهِ إِنْ يُمْكِنِّى مِنْ أَحَدِهِمْ لأُنَكِّلَنَّهُ عَنْهُ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : إِنَّهُ رَدَّهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.
وفى أخرى : مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً.(2/234)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ « أَحَقٌّ مَا بَلَغَنِى عَنْكَ ». قال وَمَا بَلَغَكَ عَنِّى قال « بَلَغَنِى أَنَّكَ وَقَعْتَ بِجَارِيَةِ آلِ فُلاَنٍ ». قال نَعَمْ. قال فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ. ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ.
بَابُ صفة الرجم فى الزنا
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ يُقَالُ لَهُ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى أَصَبْتُ فَاحِشَةً فَأَقِمْهُ عَلَىَّ. فَرَدَّهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِرَاراً قال ثُمَّ سَأَلَ قَوْمَهُ فَقَالُوا مَا نَعْلَمُ بِهِ بَأْساً إِلاَّ أَنَّهُ أَصَابَ شَيْئاً يَرَى أَنَّهُ لاَ يُخْرِجُهُ مِنْهُ إِلاَّ أَنْ يُقَامَ فِيهِ الْحَدُّ - قال - فَرَجَعَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَنَا أَنْ نَرْجُمَهُ - قال - فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ - قال - فَمَا أَوْثَقْنَاهُ وَلاَ حَفَرْنَا لَهُ - قال - فَرَمَيْنَاهُ بِالْعَظْمِ وَالْمَدَرِ وَالْخَزَفِ - قال - فَاشْتَدَّ فَاشْتَدَدْنَا خَلْفَهُ حَتَّى أَتَى عُرْضَ الْحَرَّةِ فَانْتَصَبَ لَنَا فَرَمَيْنَاهُ بِجَلاَمِيدِ الْحَرَّةِ - يَعْنِى الْحِجَارَةَ - حَتَّى سَكَتَ - قال - ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطِيباً مِنَ الْعَشِىِّ فَقَالَ « أَوَكُلَّمَا انْطَلَقْنَا غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ تَخَلَّفَ رَجُلٌ فِى عِيَالِنَا لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ عَلَىَّ أَنْ لاَ أُوتَى بِرَجُلٍ فَعَلَ ذَلِكَ إِلاَّ نَكَّلْتُ بِهِ ». قال فَمَا اسْتَغْفَرَ لَهُ وَلاَ سَبَّهُ.(2/235)
وَعَنْ بُرَيْدَةَ قال جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِى. فَقَالَ « وَيْحَكَ ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ ». قال فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَيْحَكَ ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ ». قال فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِى. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّابِعَةُ قال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فِيمَ أُطَهِّرُكَ ». فَقَالَ مِنَ الزِّنَى. فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَبِهِ جُنُونٌ ». فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ. فَقَالَ « أَشَرِبَ خَمْراً ». فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحَ خَمْرٍ. قال فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَزَنَيْتَ ». فَقَالَ نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فِرْقَتَيْنِ قَائِلٌ يَقُولُ لَقَدْ هَلَكَ لَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ وَقَائِلٌ يَقُولُ مَا تَوْبَةٌ أَفْضَلَ مِنْ تَوْبَةِ مَاعِزٍ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعَ يَدَهُ فِى يَدِهِ ثُمَّ قال اقْتُلْنِى بِالْحِجَارَةِ - قال - فَلَبِثُوا بِذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُمْ جُلُوسٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ « اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ ». قال فَقَالُوا غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ. - قال - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ(2/236)
لَوَسِعَتْهُمْ ». قال ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ غَامِدٍ مِنَ الأَزْدِ فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ طَهِّرْنِى. فَقَالَ « وَيْحَكِ ارْجِعِى فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ ». فَقالت : أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تُرَدِّدَنِى كَمَا رَدَّدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ. قال « وَمَا ذَاكِ ». قالت : إِنَّهَا حُبْلَى مِنَ الزِّنَا. فَقَالَ « آنْتِ ». قالت : نَعَمْ. فَقَالَ لَهَا « حَتَّى تَضَعِى مَا فِى بَطْنِكِ ». قال فَكَفَلَهَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ قال فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ قَدْ وَضَعَتِ الْغَامِدِيَّةُ. فَقَالَ « إِذًا لاَ نَرْجُمَهَا وَنَدَعَ وَلَدَهَا صَغِيراً لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ ». فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ إِلَىَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ. قال فَرَجَمَهَا.
بَابُ ما جاء فى صفة الحفر للمرجوم
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهِىَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَى فَقالت : يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ فَدَعَا نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلِيَّهَا فَقَالَ « أَحْسِنْ إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فَائْتِنِى بِهَا ». فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ تُصَلِّى عَلَيْهَا يَا نَبِىَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ فَقَالَ « لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى ».(2/237)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّهُمَا قَالاَ إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ لِى بِكِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ الْخَصْمُ الآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ نَعَمْ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَائْذَنْ لِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قُلْ ». قال إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسِيفاً عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ وَإِنِّى أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِى الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِى أَنَّمَا عَلَى ابْنِى جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا ». قال فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَتْ.(2/238)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِيَهُودِىٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ زَنَيَا فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى جَاءَ يَهُودَ فَقَالَ « مَا تَجِدُونَ فِى التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى ». قَالُوا نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا وَنُحَمِّلُهُمَا وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا وَيُطَافُ بِهِمَا. قال « فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ». فَجَاءُوا بِهَا فَقَرَءُوهَا حَتَّى إِذَا مَرُّوا بِآيَةِ الرَّجْمِ وَضَعَ الْفَتَى الَّذِى يَقْرَأُ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ وَقَرَأَ مَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا وَرَاءَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ وَهْوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُرْهُ فَلْيَرْفَعْ يَدَهُ فَرَفَعَهَا فَإِذَا تَحْتَهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا. قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُمَا فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَقِيهَا مِنَ الْحِجَارَةِ بِنَفْسِهِ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجَمَ فِى الزِّنَى يَهُودِيَّيْنِ رَجُلاً وَامْرَأَةً زَنَيَا فَأَتَتِ الْيَهُودُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِهِمَا. وَبَاقِى الْحَدِيثِ كَمَا مَرَّ.(2/239)
وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال مُرَّ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَهُودِىٍّ مُحَمَّماً مَجْلُوداً فَدَعَاهُمْ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِى فِى كِتَابِكُمْ ». قَالُوا نَعَمْ. فَدَعَا رَجُلاً مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ « أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِى فِى كِتَابِكُمْ ». قال لاَ وَلَوْلاَ أَنَّكَ نَشَدْتَنِى بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ نَجِدُهُ الرَّجْمَ وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِى أَشْرَافِنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ قُلْنَا تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَىْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ إِنِّى أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ ». فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِى الْكُفْرِ ) إِلَى قَوْلِهِ ( إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ ) يَقُولُ ائْتُوا مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) فِى الْكُفَّارِ كُلُّهَا (1)
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله تعالى حديث جابر : وَعَنْ جَابِرٍ قال : رَجَمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ وَرَجُلاً مِنَ الْيَهُودِ وَامْرَأَتَهُ.(2/240)
.
وَعَنْ أَبِى إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِىِّ قال سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى هَلْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال نَعَمْ. قال قُلْتُ بَعْدَ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةُ النُّورِ أَمْ قَبْلَهَا قال لاَ أَدْرِى.
بَابُ الأمر بجلد الأمة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلاَ يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلاَ يُثَرِّبْ عَلَيْهَا ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ ».
زاد فى رواية : فِى جَلْدِ الأَمَةِ إِذَا زَنَتْ ثَلاَثاً « ثُمَّ لْيَبِعْهَا فِى الرَّابِعَةِ » (1).
بَابُ تأخير إقامة الحد على النفساء
عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ قال خَطَبَ عَلِىٌّ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَقِيمُوا عَلَى أَرِقَّائِكُمُ الْحَدَّ مَنْ أَحْصَنَ مِنْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُحْصِنْ فَإِنَّ أَمَةً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَنَتْ فَأَمَرَنِى أَنْ أَجْلِدَهَا فَإِذَا هِىَ حَدِيثُ عَهْدٍ بِنِفَاسٍ فَخَشِيتُ إِنْ أَنَا جَلَدْتُهَا أَنْ أَقْتُلَهَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « أَحْسَنْتَ ».
بَابُ حد الخمر ( والفرية )
__________
(1) : ظاهر صنيع مسلم أنه يضعف هذه الرواية المرفوعة ؛ لكونه قد أورد أن الشك في قول الرابعة أنه من الزهري، حيث ذكر بسنده من طريق مالك : قال : ابْنُ شِهَابٍ لاَ أَدْرِى أَبَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ. وانظر النكت
ولم يذكر النووي رحمه الله رواية أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني في هذا الحديث، بمثل حديث أبي هريرة.(2/241)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ. قال وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ. فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ.
وَعَنْهُ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَلَدَ فِى الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ ثُمَّ جَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ. فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ وَدَنَا النَّاسُ مِنَ الرِّيفِ وَالْقُرَى قال مَا تَرَوْنَ فِى جَلْدِ الْخَمْرِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا كَأَخَفِّ الْحُدُودِ. قال فَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ.
وَعَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَبُو(1)سَاسَانَ قال شَهِدْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَأُتِىَ بِالْوَلِيدِ قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قال أَزِيدُكُمْ فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا حُمْرَانُ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ فَقَالَ عُثْمَانُ إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْ حَتَّى شَرِبَهَا فَقَالَ يَا عَلِىُّ قُمْ فَاجْلِدْهُ. فَقَالَ عَلِىٌّ قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ. فَقَالَ الْحَسَنُ وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا - فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ - فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قُمْ فَاجْلِدْهُ. فَجَلَدَهُ وَعَلِىٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَقَالَ أَمْسِكْ. ثُمَّ قال جَلَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعِينَ وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إِلَىَّ.
__________
(1) : كذا بالأصل.(2/242)
وَعَنْ عَلِىٍّ قال مَا كُنْتُ أُقِيمُ عَلَى أَحَدٍ حَدًّا فَيَمُوتَ فِيهِ فَأَجِدَ مِنْهُ فِى نَفْسِى إِلاَّ صَاحِبَ الْخَمْرِ لأَنَّهُ إِنْ مَاتَ وَدَيْتُهُ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَسُنَّهُ.
وَعَنْ أَبِى بُرْدَةَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إِلاَّ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ».
بَابُ اجتناب المحارم وترك أمور الجاهلية وما يكفر الحد
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قال كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَجْلِسٍ فَقَالَ « تُبَايِعُونِى عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئاً وَلاَ تَزْنُوا وَلاَ تَسْرِقُوا وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : [وَلاَ] نَنْتَهِبَ وَلَا نَعْصِى فَالْجَنَّةُ إِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ فَإِنْ غَشِينَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا كَانَ قَضَاءُ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِى الرِّكَازِ الْخُمْسُ ».
كتاب القضايا والشهادات
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لاَدَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ».
بَابُ القضاء بالشاهد واليمين(2/243)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ.
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَىَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِى لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئاً فَلاَ يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنْ نَّارِ ».
وَعَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعَ جَلَبَةَ خَصْمٍ بِبَابُ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ « إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِى الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِى لَهُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِىَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ فَلْيَحْمِلْهَا أَوْ يَذَرْهَا ».
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : دَخَلَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِى سُفْيَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ لاَ يُعْطِينِى مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِى وَيَكْفِى بَنِىَّ إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ. فَهَلْ عَلَىَّ فِى ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خُذِى مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِى بَنِيكِ ».(2/244)
وَفِى رِوَايَةٍ : [فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ] مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ [أَنْ] يُذِلَّهُمُ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ وَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ يُعِزَّهُمُ اللَّهُ مِنْ [أَهْلِ] خِبَائِكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « وَأَيْضاً وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ ». ثُمَّ قالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ فَهَلْ عَلَىَّ حَرَجٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُنْفِقِى عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ ».
بَابُ النهى عن إضاعة المال
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثاً وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلاَثاً فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ » (1).
بَابُ ما للحاكم إذا اجتهد
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث المغيرة : عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَمَنْعاً وَهَاتِ وَكَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثاً قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ».(2/245)
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ. وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ » (1).
بَابُ أدب القاضى وما عليه من تعاهد نفسه
عَنْ [عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ] أَبِى بَكْرَةَ. قال كَتَبَ أَبِى - وَكَتَبْتُ لَهُ - إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ وَهُوَ قَاضٍ بِسِجِسْتَانَ أَنْ لاَ تَحْكُمَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ يَحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ ».
بَابُ معرفة الحكم الذى يمكن رده
عَنْ عَائِشَةَ قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ».
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قال سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ ثَلاَثَةُ مَسَاكِنَ فَأَوْصَى بِثُلُثِ كُلِّ مَسْكَنٍ مِنْهَا قال يُجْمَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِى مَسْكَنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ قال أَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ».
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِى يَأْتِى بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا ».
__________
(1) : زاد في رواية : عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ بِمثْلِهِ(2/246)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا. فَقالت : هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ. وَقالت : الأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ. فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا. فَقالت : الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى ». قال قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ مَا كُنَّا نَقُولُ إِلاَّ الْمُدْيَةَ.
وَعَنْهُ قال [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -] « اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِى اشْتَرَى الْعَقَارَ فِى عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ فَقَالَ لَهُ الَّذِى اشْتَرَى الْعَقَارَ خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّى إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ. فَقَالَ الَّذِى شَرَى الأَرْضَ إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا - قال - فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ فَقَالَ الَّذِى تَحَاكَمَا إِلَيْهِ أَلَكُمَا وَلَدٌ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِى غُلاَمٌ وَقَالَ الآخَرُ لِى جَارِيَةٌ. قال أَنْكِحُوا الْغُلاَمَ الْجَارِيَةَ وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِكُمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا ».
بَابُ اللقطة وحكمها وحفظها(2/247)
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّهُ قال جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ « اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا ». قال فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قال « لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ ». قال فَضَالَّةُ الإِبِلِ قال « مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا ». قال يَحْيَى أَحْسِبُ قَرَأْتُ عِفَاصَهَا.
وَفِى رِوَايَةٍ : أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ.
وَفِى رِوَايَةٍ : «..... فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْماً مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ ».
وفى أخرى : «.... فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ وَإِلاَّ فَهْىَ لَكَ ».(2/248)
وَعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قال خَرَجْتُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ غَازِينَ فَوَجَدْتُ سَوْطاً فَأَخَذْتُهُ فَقَالاَ لِى دَعْهُ. فَقُلْتُ لاَ وَلَكِنِّى أُعَرِّفُهُ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ وَإِلاَّ اسْتَمْتَعْتُ بِهِ. قال فَأَبَيْتُ عَلَيْهِمَا فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ غَزَاتِنَا قُضِىَ لِى أَنِّى حَجَجْتُ فَأَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِشَأْنِ السَّوْطِ وَبِقَوْلِهِمَا فَقَالَ إِنِّى وَجَدْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « عَرِّفْهَا حَوْلاً ». قال فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ثُمَّ أَتَيْتُهُ. فَقَالَ « عَرِّفْهَا حَوْلاً ». فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ثُمَّ أَتَيْتُهُ. فَقَالَ « عَرِّفْهَا حَوْلاً ». فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا. فَقَالَ « احْفَظْ عَدَدَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا ». فَاسْتَمْتَعْتُ بِهَا. فَلَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ فَقَالَ لاَ أَدْرِى بِثَلاَثَةِ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلٍ وَاحِدٍ.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ.
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « مَنْ آوَى ضَالَّةً فَهُوَ ضَالٌّ مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا ».(2/249)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيُنْتَثَلَ(1) طَعَامُهُ إِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ فَلاَ يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ».
بَابُ الضيافة يومٌ وليلةٌ
عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ الْعَدَوِىِّ أَنَّهُ قال سَمِعَتْ أُذُنَاىَ وَأَبْصَرَتْ عَيْنَاىَ حِينَ تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ ». قَالُوا وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ وَالضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ - وَقَالَ - مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «.... لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ ». قَالَوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يُؤْثِمُهُ قال « يُقِيمُ عِنْدَهُ وَلاَ شَىْءَ لَهُ يَقْرِيهِ بِهِ ».
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قال قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّك تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلاَ يَقْرُونَنَا فَمَا تَرَى فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِى لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِى يَنْبَغِى لَهُمْ ».
__________
(1) : وفي رواية : فَيُنْتَقَلَ(2/250)
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال بَيْنَمَا نَحْنُ فِى سَفَرٍ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قال فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِيناً وَشِمَالاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ ». قال فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لاَ حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِى فَضْلٍ.
وَعَنْ سَلَمَةَ قال خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةٍ فَأَصَابَنَا جَهْدٌ حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظَهْرِنَا فَأَمَرَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَمَعْنَا مَزَاوِدَنَا فَبَسَطْنَا لَهُ نِطَعاً فَاجْتَمَعَ زَادُ الْقَوْمِ عَلَى النِّطَعِ قال فَتَطَاوَلْتُ لأَحْزُرَهُ كَمْ هُوَ فَحَزَرْتُهُ كَرَبْضَةِ الْعَنْزِ وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً قال فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا جَمِيعاً ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبَنَا فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَهَلْ مِنْ وَضُوءٍ ». قال فَجَاءَ رَجُلٌ بِإِدَاوَةٍ لَهُ فِيهَا نُطْفَةٌ فَأَفْرَغَهَا فِى قَدَحٍ فَتَوَضَّأْنَا كُلُّنَا نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَةً أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قال ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ فَقَالُوا هَلْ مِنْ طَهُورٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَرِغَ الْوَضُوءُ ».
بَابُ الدعوة للقتال والإغارة(2/251)
عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قال كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ قال فَكَتَبَ إِلَىَّ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِى أَوَّلِ الإِسْلاَمِ قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَنِى الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ - قال يَحْيَى أَحْسِبُهُ قال - جُوَيْرِيَةَ - أَوْ قال الْبَتَّةَ - ابْنَةَ الْحَارِثِ [وَحَدَّثَنِى هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَكَانَ فِى ذَاكَ الْجَيْشِ].(2/252)
وَعَنْ بُرَيْدَةَ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَمَّرَ أَمِيراً عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِى خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْراً ثُمَّ قال « اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَ لاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمْثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيداً وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ - أَوْ خِلاَلٍ - فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ يَجْرِى عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِى يَجْرِى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَكُونُ لَهُمْ فِى الْغَنِيمَةِ وَالْفَىْءِ شَىْءٌ إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ. وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلاَ تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلاَ ذِمَّةَ نَبِيِّهِ وَلَكِنِ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ(2/253)
رَسُولِهِ. وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلاَ تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِى أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لاَ ». (1)
بَابُ الأمر بحسن السيرة فى معاملة الناس والنهى عن الغدر
عَنْ أَبِى مُوسَى قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا بَعَثَ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِهِ فِى بَعْضِ أَمْرِهِ قال « بَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا وَيَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا » (2).
وَعَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا وَسَكِّنُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا » (3).
بَابُ الغادر
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ فَقِيلَ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ ».
__________
(1) : زاد مسلم في آخر الحديث : قال : عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا أَوْ نَحْوَهُ وَزَادَ إِسْحَاقُ فِى آخِرِ حَدِيثِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ قال : فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ - قال : يَحْيَى يَعْنِى أَنَّ عَلْقَمَةَ يَقُولُهُ لاِبْنِ حَيَّانَ - َقَالَ حَدَّثَنِى مُسْلِمُ بْنُ هَيْصَمٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ
(2) : وفي رواية : أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ وَمُعَاذاً إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ.... الحديث
(3) : هكذا في الصحيح، وفي الأصل : وفي رواية. وهذا يعني أن هذا الحديث من حديث أبي موسى. والصواب ما أثبتناه. والله أعلم(2/254)
وَعَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يُعْرَفُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «..... يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ أَلاَ وَلاَ غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْراً مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ »(1).
بَابُ الحرب خدعة
عَنْ جَابِرٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْحَرْبُ خَدْعَةٌ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْحَرْبُ خُدْعَةٌ ».
بَابُ لا تمنوا لقاء العدو
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا » (2).
__________
(1) : لم يذكر النووي حديث ابن مسعود : عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنٍ ».
(2) : كذا في الصحيح، غير أنه في الأصل دخل عليه حديث ابن أبي أوفى في حديث أبي هريرة فأكمل حديث أبي هريرة من حديث ابن أبي أوفى ولم يذكر حديث ابن أبي أوفى. والصواب ما أثبتناه. والله أعلم(2/255)
وَعَنْ أَبِى النَّضْرِ عَنْ كِتَابِ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى أَوْفَى فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ حِينَ سَارَ إِلَى الْحَرُورِيَّةِ يُخْبِرُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِى بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِى لَقِىَ فِيهَا الْعَدُوَّ يَنْتَظِرُ حَتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهَمْ فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ ». ثُمَّ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ « اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِىَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ ».
بابٌ قَوْلُهُ عليه السلام يوم أحد، والنهى عن قتل النساء والصبيان
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ يَوْمَ أُحُدٍ « اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تَشَأْ لاَ تُعْبَدْ فِى الأَرْضِ ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِى بَعْضِ مَغَازِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ (1).
وَعَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ قال سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الذَّرَارِىِّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ. فَقَالَ « هُمْ مِنْهُمْ ».
بَابُ ما ورد فى النبات
__________
(1) : وفي رواية : فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.(2/256)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَرَّقَ نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهِىَ بِالْبُوَيْرَةِ (1). فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِىَ الْفَاسِقِينَ )
قال فى رواية : وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ :
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِى لُؤَىٍّ ……حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
بَابُ إحلال الغنائم
__________
(1) : في الصحيح : وَهِىَ الْبُوَيْرَةُ. قال : النووي : وهي موضع نخل بني النضير(2/257)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « غَزَا نَبِىٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لاَ يَتْبَعْنِى رَجُلٌ قَدْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِىَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ وَلاَ آخَرُ قَدْ بَنَى بُنْيَاناً وَلَمَّا يَرْفَعْ سُقُفَهَا وَلاَ آخَرُ قَدِ اشْتَرَى غَنَماً أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ وِلاَدَهَا. قال فَغَزَا فَأَدْنَى لِلْقَرْيَةِ حِينَ صَلاَةِ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيباً مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ أَنْتِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَىَّ شَيْئاً. فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ - قال - فَجَمَعُوا مَا غَنِمُوا فَأَقْبَلَتِ النَّارُ لِتَأْكُلَهُ فَأَبَتْ أَنْ تَطْعَمَهُ فَقَالَ فِيكُمْ غُلُولٌ فَلْيُبَايِعْنِى مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ. فَبَايَعُوهُ فَلَصِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمُ الْغُلُولُ فَلْتُبَايِعْنِى قَبِيلَتُكُ. فَبَايَعَتْهُ - قال - فَلَصِقَتْ بِيَدِ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ فَقَالَ فِيكُمُ الْغُلُولُ أَنْتُمْ غَلَلْتُمْ - قال - فَأَخْرَجُوا لَهُ مِثْلَ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ ذَهَبٍ - قال - فَوَضَعُوهُ فِى الْمَالِ وَهُوَ بِالصَّعِيدِ فَأَقْبَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهُ. فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لأَحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَطَيَّبَهَا لَنَا ».
بَابُ الأنفال
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ [عَنْ أَبِيهِ] قال أَخَذَ أَبِى مِنَ الْخُمْسِ سَيْفاً فَأَتَى بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ هَبْ لِى هَذَا. فَأَبَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ )(2/258)
وَعَنْ سَعْدٍ قال نَزَلَتْ فِىَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ أَصَبْتُ سَيْفاً فَأَتَى بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفِّلْنِيهِ. فَقَالَ « ضَعْهُ ». ثُمَّ قَامَ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ ». ثُمَّ قَامَ فَقَالَ نَفِّلْنِيهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ « ضَعْهُ ». فَقَامَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفِّلْنِيهِ أَأُجْعَلُ كَمَنْ لاَ غَنَاءَ لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهَ ». قال فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالُ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ )
بَابُ هل ينفل الإمام من الغنيمة، وإعطاء السلب للقاتل بالاجتهاد ومنعه
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال بَعَثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً وَأَنَا فِيهِمْ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إِبِلاً كَثِيرَةً فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمُ اثْنَى عَشَرَ بَعِيراً أَوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيراً وَنُفِّلُوا بَعِيراً بَعِيراً.
وَفِى رِوَايَةٍ : نَفَّلَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَفَلاً سِوَى نَصِيبِنَا مِنَ الْخُمْسِ فَأَصَابَنِى شَارِفٌ وَالشَّارِفُ الْمُسِنُّ الْكَبِيرُ.
وَفِى رِوَايَةٍ عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً سِوَى قَسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ وَالْخُمْسُ فِى ذَلِكَ وَاجِبٌ كُلِّهِ.(2/259)
وَعَنْ أَبِى قَتَادَةَ قال خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ حُنَيْنٍ فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ. قال فَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلاَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَدَرْتُ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ وَأَقْبَلَ عَلَىَّ فَضَمَّنِى ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِى فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ مَا لِلنَّاسِ فَقُلْتُ أَمْرُ اللَّهِ. ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ « مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ ». قال فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِى ثُمَّ جَلَسْتُ ثُمَّ قال مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِى ثُمَّ جَلَسْتُ ثُمَّ قال ذَلِكَ الثَّالِثَةَ فَقُمْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ ». فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِى فَأَرْضِهِ مِنْ حَقِّهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لاَهَا اللَّهِ إِذاً لاَ يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسُدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « صَدَقَ فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ ». فَأَعْطَانِى قال فَبِعْتُ الدِّرْعَ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفاً فِى بَنِى سَلِمَةَ فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِى الإِسْلاَمِ.
بَابُ ذكر السلب(2/260)
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ قال بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِى الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ نَظَرْتُ عَنْ يَمِينِى وَشِمَالِى فَإِذَا أَنَا بَيْنَ غُلاَمَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا تَمَنَّيْتُ لَوْ كُنْتُ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا فَغَمَزَنِى أَحَدُهُمَا. فَقَالَ يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ قال قُلْتُ نَعَمْ وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِى قال أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لاَ يُفَارِقُ سَوَادِى سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الأْعْجَلُ مِنَّا. قال فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ فَغَمَزَنِى الآخَرُ فَقَالَ مِثْلَهَا - قال - فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِى جَهْلٍ يَزُولُ فِى النَّاسِ فَقُلْتُ أَلاَ تَرَيَانِ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِى تَسْأَلاَنِ عَنْهُ قال فَابْتَدَرَاهُ فَضَرَبَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا حَتَّى قَتَلاَهُ ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَاهُ. فَقَالَ « أَيُّكُمَا قَتَلَهُ ». فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا قَتَلْتُ. فَقَالَ « هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا ». قَالاَ لاَ. فَنَظَرَ فِى السَّيْفَيْنِ فَقَالَ « كِلاَكُمَا قَتَلَهُ ». وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَالرَّجُلاَنِ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَمُعَاذُ ابْنُ عَفْرَاءَ.(2/261)
وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ قال قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ رَجُلاً مِنَ الْعَدُوِّ فَأَرَادَ سَلَبَهُ فَمَنَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَكَانَ وَالِياً عَلَيْهِمْ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لِخَالِدٍ « مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ ». قال اسْتَكْثَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « ادْفَعْهُ إِلَيْهِ ». فَمَرَّ خَالِدٌ بِعَوْفٍ فَجَرَّ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قال هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتُغْضِبَ فَقَالَ « لاَ تُعْطِهِ يَا خَالِدُ لاَ تُعْطِهِ يَا خَالِدُ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِى أُمَرَائِى إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتُرْعِىَ إِبِلاً أَوْ غَنَماً فَرَعَاهَا ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا فَأَوْرَدَهَا حَوْضاً فَشَرَعَتْ فِيهِ فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ وَتَرَكَتْ كَدْرَهُ فَصَفْوُهُ لَكُمْ وَكَدْرُهُ عَلَيْهِمْ ».(2/262)
وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قال غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَوَازِنَ فَبَيْنَا نَحْنُ نَتَضَحَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ فَأَنَاخَهُ ثُمَّ انْتَزَعَ طَلَقاً مِنْ حَقَبِهِ فَقَيَّدَ بِهِ الْجَمَلَ ثُمَّ تَقَدَّمَ يَتَغَدَّى مَعَ الْقَوْمِ وَجَعَلَ يَنْظُرُ وَفِينَا ضَعْفَةٌ وَرِقَّةٌ فِى الظَّهْرِ وَبَعْضُنَا مُشَاةٌ إِذْ خَرَجَ يَشْتَدُّ فَأَتَى جَمَلَهُ فَأَطْلَقَ قَيْدَهُ ثُمَّ أَنَاخَهُ وَقَعَدَ عَلَيْهِ فَأَثَارَهُ فَاشْتَدَّ بِهِ الْجَمَلُ فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ عَلَى نَاقَةٍ وَرْقَاءَ. قال سَلَمَةُ وَخَرَجْتُ أَشْتَدُّ فَكُنْتُ عِنْدَ وَرِكِ النَّاقَةِ. ثُمَّ تَقَدَّمْتُ حَتَّى كُنْتُ عِنْدَ وَرِكِ الْجَمَلِ ثُمَّ تَقَدَّمْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِخِطَامِ الْجَمَلِ فَأَنَخْتُهُ فَلَمَّا وَضَعَ رُكْبَتَهُ فِى الأَرْضِ اخْتَرَطْتُ سَيْفِى فَضَرَبْتُ رَأْسَ الرَّجُلِ فَنَدَرَ ثُمَّ جِئْتُ بِالْجَمَلِ أَقُودُهُ عَلَيْهِ رَحْلُهُ وَسِلاَحُهُ فَاسْتَقْبَلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ مَعَهُ فَقَالَ « مَنْ قَتَل الرَّجُلَ ». قَالُوا ابْنُ الأَكْوَعِ. قال « لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ ».(2/263)
وَعَنْهُ قال غَزَوْنَا فَزَارَةَ وَعَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْنَا فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَاءِ سَاعَةٌ أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ فَعَرَّسْنَا ثُمَّ شَنَّ الْغَارَةَ فَوَرَدَ الْمَاءَ فَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ عَلَيْهِ وَسَبَى وَأَنْظُرُ إِلَى عُنُقٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِمُ الذَّرَارِىُّ فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِى إِلَى الْجَبَلِ فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ فَلَمَّا رَأَوُا السَّهْمَ وَقَفُوا فَجِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ وَفِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِى فَزَارَةَ عَلَيْهَا قِشْعٌ مِنْ أَدَمٍ - قال الْقِشْعُ النِّطَعُ - مَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ فَسُقْتُهُمْ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِمْ أَبَا بَكْرٍ فَنَفَّلَنِى أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْباً فَلَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى السُّوقِ فَقَالَ « يَا سَلَمَةُ هَبْ لِى الْمَرْأَةَ ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِى وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْباً ثُمَّ لَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْغَدِ فِى السُّوقِ فَقَالَ لِى « يَا سَلَمَةُ هَبْ لِى الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ ». فَقُلْتُ هِىَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْباً فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ فَفَدَى بِهَا نَاساً مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا أُسِرُوا بِمَكَّةَ.
بابٌ قَوْلُهُ عليه السلام : لا نورث. وما يليه(2/264)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَيُّمَا قَرْيَةٍ أَتَيْتُمُوهَا وَأَقَمْتُمْ فِيهَا فَسَهْمُكُمْ فِيهَا وَأَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ خُمُسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ثُمَّ هِىَ لَكُمْ ».
بَابُ قصة (…) وما بقى من خمس خيبر
عَنْ عُمَرَ(1) قال كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِى النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِخَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ فَكَانَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَمَا بَقِىَ يَجْعَلُهُ فِى الْكُرَاعِ وَالسِّلاَحِ عُدَّةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجّلَّ.
بَابُ معرفة ما تقع فيه القسمة وما يكونُ فَيئًا للإمام
__________
(1) : في الأصل : عَنْ اِبْنِ عُمَر. والصواب ما أثبتناه.(2/265)
عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ حَدَّثَهُ قال أَرْسَلَ إِلَىَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ - قال - فَوَجَدْتُهُ فِى بَيْتِهِ جَالِساً عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِياً إِلَى رِمَالِهِ مُتَّكِئاً عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ. فَقَالَ لِى يَا مَالُ إِنَّهُ قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ فَخُذْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ - قال - قُلْتُ لَوْ أَمَرْتَ بِهَذَا غَيْرِى قال خُذْهُ يَا مَالُ. قال فَجَاءَ يَرْفَا فَقَالَ هَلْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِى عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ فَقَالَ عُمَرُ نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا ثُمَّ جَاءَ. فَقَالَ هَلْ لَكَ فِى عَبَّاسٍ وَعَلِىٍّ قال نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمَا فَقَالَ عَبَّاسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ الآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ. فَقَالَ الْقَوْمُ أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَاقْضِ بَيْنَهُمْ وَأَرِحْهُمْ. فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ يُخَيَّلُ إِلَىَّ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا قَدَّمُوهُمْ لِذَلِكَ - فَقَالَ عُمَرُ اتَّئِدَا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ». قَالُوا نَعَمْ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ وَعَلِىٍّ فَقَالَ أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ الَّذِى بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ ». قَالاَ نَعَمْ. فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - بِخَاصَّةٍ لَمْ يُخَصِّصْ بِهَا أَحَداً(2/266)
غَيْرَهُ قال ( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ) مَا أَدْرِى هَلْ قَرَأَ الآيَةَ الَّتِى قَبْلَهَا أَمْ لاَ. قال فَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَكُمْ أَمْوَالَ بَنِى النَّضِيرِ فَوَاللَّهِ مَا اسْتَأْثَرَ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَخَذَهَا دُونَكُمْ حَتَّى بَقِىَ هَذَا الْمَالُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْخُذُ مِنْهُ نَفَقَةَ سَنَةٍ ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِىَ أُسْوَةَ الْمَالِ. ثُمَّ قال أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِىِ بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ أَتَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ. ثُمَّ نَشَدَ عَبَّاساً وَعَلِيًّا بِمِثْلِ مَا نَشَدَ بِهِ الْقَوْمَ أَتَعْلَمَانِ ذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. قال فَلَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال أَبُو بَكْرٍ أَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجِئْتُمَا تَطْلُبُ مِيرَاثَكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ وَيَطْلُبُ هَذَا مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ». فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِباً آثِماً غَادِراً خَائِناً وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ تُوُفِّىَ أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا وَلِىُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَوَلِىُّ أَبِى بَكْرٍ فَرَأَيْتُمَانِى كَاذِباً آثِماً غَادِراً خَائِناً وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّى لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ فَوَلِيتُهَا ثُمَّ جِئْتَنِى أَنْتَ وَهَذَا وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إِلَيْنَا فَقُلْتُ إِنْ شِئْتُمْ دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللَّهِ أَنْ تَعْمَلاَ(2/267)
فِيهَا بِالَّذِى كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذْتُمَاهَا بِذَلِكَ قال أَكَذَلِكَ قَالاَ نَعَمْ. قال ثُمَّ جِئْتُمَانِى لأَقْضِىَ بَيْنَكُمَا وَلاَ وَاللَّهِ لاَ أَقْضِى بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَرُدَّاهَا إِلَىَّ.
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قالت : إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَيَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قالت : عَائِشَةُ لَهُنَّ أَلَيْسَ قَدْ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ ».(2/268)
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ وَمَا بَقِىَ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ - - صلى الله عليه وسلم - - فِى هَذَا الْمَالِ ». وَإِنِّى وَاللَّهِ لاَ أُغَيِّرُ شَيْئاً مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ حَالِهَا الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهَا فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ شَيْئاً فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِى بَكْرٍ فِى ذَلِكَ - قال - فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ لَيْلاً وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا عَلِىٌّ وَكَانَ لِعَلِىٍّ مِنَ النَّاسِ وِجْهَةٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِىٌّ وُجُوهَ النَّاسِ فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِى بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ بَايَعَ تِلْكَ الأَشْهُرَ فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ أَنِ ائْتِنَا وَلاَ يَأْتِنَا مَعَكَ أَحَدٌ - كَرَاهِيَةَ مَحْضَرِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - فَقَالَ عُمَرُ لأَبِى بَكْرٍ وَاللَّهِ لاَ تَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا عَسَاهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِى(2/269)
إِنِّى وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ. فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ. فَتَشَهَّدَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ ثُمَّ قال إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْراً سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ وَكُنَّا نَحْنُ نَرَى لَنَا حَقًّا لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُ أَبَا بَكْرٍ حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِى بَكْرٍ فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قال وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِى وَأَمَّا الَّذِى شَجَرَ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ فَإِنِّى لَمْ آلُ فِيهِ عَنِ الْحَقِّ وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْراً رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلاَّ صَنَعْتُهُ. فَقَالَ عَلِىٌّ لأَبِى بَكْرٍ مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةُ لِلْبَيْعَةِ. فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ صَلاَةَ الظُّهْرِ رَقِىَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِىٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ وَعُذْرَهُ بِالَّذِى اعْتَذَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِى بَكْرٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِى صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِى بَكْرٍ وَلاَ إِنْكَاراً لِلَّذِى فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَى لَنَا فِى الأَمْرِ نَصِيباً فَاسْتُبِدَّ عَلَيْنَا بِهِ فَوَجَدْنَا فِى أَنْفُسِنَا فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا أَصَبْتَ. وََكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِىٍّ قَرِيباً حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ (1).
__________
(1) : كذا بالأصل، وفي الصحيح : الْمَعْرُوفَِ(2/270)
بابٌ قَوْلُهُ عليه السلام : لا نورث، ما تركنا صدقة. وعمل الأئمة بعده فى الأموال بعمله
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ». قال وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ وَصَدَقَتِهِ بِالْمَدِينَةِ فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَقَالَ لَسْتُ تَارِكاً شَيْئاً كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْمَلُ بِهِ إِلاَّ عَمِلْتُ بِهِ إِنِّى أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِىٍّ وَعَبَّاسٍ فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا عَلِىٌّ وَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكُ فَأَمْسَكَهُمَا عُمَرُ وَقَالَ هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِى تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِىَ الأَمْرَ قال فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَقْتَسِمُ وَرَثَتِى دِيِنَاراً مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِى وَمَئُونَةِ عَامِلِى فَهُوَ صَدَقَةٌ » (1).
بَابُ سهمان الفارس والراجل من الغنيمة
__________
(1) : وفي رواية : « لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ».(2/271)
عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَسَمَ فِى النَّفَلِ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّجُلِ سَهْماً.
بَابُ فى ترك الإمام المَنِّ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قال لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثُمِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَاسْتَقْبَلَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ « اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِى مَا وَعَدْتَنِى اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِى اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ فِى الأَرْضِ ». فَمَازَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ. وَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ كَذَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّى مُمِدُّكُمْ بَأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ ) فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلاَئِكَةِ. قال أَبُو زُمَيْلٍ فَحَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ قال بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِى أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ أَقْدِمْ حَيْزُومُ. فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِياً فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ. فَجَاءَ(2/272)
الأَنْصَارِىُّ فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « صَدَقْتَ ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ». فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ. قال أَبُو زُمَيْلٍ قال ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا أَسَرُوا الأُسَارَى قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ « مَا تَرَوْنَ فِى هَؤُلاَءِ الأُسَارَى ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا نَبِىَّ اللَّهِ هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ». قُلْتُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِى رَأَى أَبُو بَكْرٍ وَلَكِنِّى أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ وَتُمَكِّنِّى مِنْ فُلاَنٍ - نَسِيباً لِعُمَرَ - فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَإِنَّ هَؤُلاَءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا فَهَوِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا قال أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى مِنْ أَىِّ شَىْءٍ تَبْكِى أَنْتَ وَصَاحِبُكَ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَبْكِى لِلَّذِى عَرَضَ عَلَىَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ لَقَدْ عُرِضَ عَلَىَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ». شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله(2/273)
عليه وسلم -. وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِى الأَرْضِ ) إِلَى قَوْلِهِ ( فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً ) فَأَحَلَّ اللَّهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ.
بَابُ ذكر أحد
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ. فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ». فَقَالَ عِنْدِى يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ. فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ فَقَالَ « مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ». قال مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ. فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى كَانَ مِنَ الْغَدِ فَقَالَ « مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ». فَقَالَ عِنْدِى مَا قُلْتُ لَكَ إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ تُعْطَ مَنْهُ مَا شِئْتَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ ». فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. يَا مُحَمَّدُ(2/274)
وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ وَجْهِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ كُلِّهَا إِلَىَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ دِينِكَ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَىَّ وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ بَلَدِكَ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلاَدِ كُلِّهَا إِلَىَّ وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِى وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَمَاذَا تَرَى فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قال لَهُ قَائِلٌ أَصَبَوْتَ فَقَالَ لاَ وَلَكِنِّى أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ وَاللَّهِ لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.(2/275)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال بَيْنَا نَحْنُ فِى الْمَسْجِدِ إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ ». فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَاهُمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَادَاهُمْ فَقَالَ « يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا ». فَقَالُوا قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ذَلِكَ أُرِيدُ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا ». فَقَالُوا قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ذَلِكَ أُرِيدُ ». فَقَالَ لَهُمُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ « اعْلَمُوا أَنَّمَا الأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنِّى أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَرْضِ فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئاً فَلْيَبِعْهُ وَإِلاَّ فَاعْلَمُوا أَنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ يَهُودَ بَنِى النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَنِى النَّضِيرِ وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلاَدَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ أَنَّ بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا وَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ بَنِى قَيْنُقَاعَ - وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ - وَيَهُودَ بَنِى حَارِثَةَ وَكُلَّ يَهُودِىٍّ كَانَ بِالْمَدِينَةِ.(2/276)
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لاَ أَدَعَ إِلاَّ مُسْلِماً ».
بَابُ نزول أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى سَعْدٍ فَأَتَاهُ عَلَى حِمَارٍ فَلَمَّا دَنَا قَرِيباً مِنَ الْمَسْجِدِ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلأَنْصَارِ « قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ - أَوْ خَيْرِكُمْ ». ثُمَّ قال « إِنَّ هَؤُلاَءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ ». قال تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ وَتَسْبِى ذُرِّيَّتَهُمْ. قال فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ - وَرُبَّمَا قال - قَضَيْتَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ ».(2/277)
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ. رَمَاهُ فِى الأَكْحَلِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْمَةً فِى الْمَسْجِدِ يَعُودُهُ مِنْ قَرِيبٍ فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلاَحَ فَاغْتَسَلَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الْغُبَارِ فَقَالَ وَضَعْتَ السِّلاَحَ وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَأَيْنَ ». فَأَشَارَ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ فَقَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدٍ قال فَإِنِّى أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ.(2/278)
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَعْداً قال وَتَحَجَّرَ كَلْمُهُ لِلْبُرْءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أُجَاهِدَ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ - صلى الله عليه وسلم - وَأَخْرَجُوهُ اللَّهُمَّ فَإِنْ كَانَ بَقِىَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَىْءٌ فَأَبْقِنِى أُجَاهِدْهُمْ فِيكَ اللَّهُمَّ فَإِنِّى أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَافْجُرْهَا وَاجْعَلْ مَوْتِى فِيهَا. فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ فَلَمْ يَرُعْهُمْ - وَفِى الْمَسْجِدِ مَعَهُ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِى غِفَارٍ - إِلاَّ وَالدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ مَا هَذَا الَّذِى يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ فَإِذَا سَعْدٌ جُرْحُهُ يَغِذُّ دَماً فَمَاتَ مِنْهَا.
وَفِى رِوَايَةٍ : فَانْفَجَرَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَمَازَالَ يَسِيلُ حَتَّى مَاتَ وَزَادَ فِى الْحَدِيثِ قال فَذَاكَ حِينَ يَقُولُ الشَّاعِرُ :
أَلاَ يَا سَعْدُ سَعْدَ بَنِى مُعَاذٍ ……فَمَا فَعَلَتْ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ
لَعَمْرُكَ إِنَّ سَعْدَ بَنِى مُعَاذٍ ……غَدَاةَ تَحَمَّلُوا لَهُوَ الصَّبُورُ
تَرَكْتُمْ قِدْرَكُمْ لاَ شَىْءَ فِيهَا …وَقِدْرُ الْقَوْمِ حَامِيَةٌ تَفُورُ
وَقَدْ قال الْكَرِيمُ أَبُو حُبَابُ ……أَقِيمُوا قَيْنُقَاعُ وَلاَ تَسِيرُوا
وَقَدْ كَانُوا بِبَلْدَتِهِمْ ثِقَالاً ……كَمَا ثَقُلَتْ بِمَيْطَانَ الصُّخُورُ(2/279)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال نَادَى فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ انْصَرَفَ عَنِ الأَحْزَابِ « أَنْ لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إِلاَّ فِى بَنِى قُرَيْظَةَ ». فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ فَصَلُّوا دُونَ بَنِى قُرَيْظَةَ. وَقَالَ آخَرُونَ لاَ نُصَلِّى إِلاَّ حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنْ فَاتَنَا الْوَقْتُ قال فَمَا عَنَّفَ وَاحِداً مِنَ الْفَرِيقَيْنِ.
بَابُ رد المهاجرين على الأنصار يوم خيبر(2/280)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ مَكَّةَ الْمَدِينَةَ قَدِمُوا وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَىْءٌ وَكَانَ الأَنْصَارُ أَهْلَ الأَرْضِ وَالْعَقَارِ فَقَاسَمَهُمُ الأَنْصَارُ عَلَى أَنْ أَعْطَوْهُمْ أَنْصَافَ ثِمَارِ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ وَيَكْفُونَهُمُ الْعَمَلَ وَالْمَئُونَةَ وَكَانَتْ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهْىَ تُدْعَى أُمَّ سُلَيْمٍ - وَكَانَتْ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ كَانَ أَخاً لأَنَسٍ لأُمِّهِ - وَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِذَاقاً لَهَا فَأَعْطَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلاَتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. قال ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ خَيْبَرَ وَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَدَّ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ الَّتِى كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ - قال - فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أُمِّى عِذَاقَهَا وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ. قال ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ مِنْ شَأْنِ أُمِّ أَيْمَنَ أُمِّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهَا كَانَتْ وَصِيفَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَتْ مِنَ الْحَبَشَةِ فَلَمَّا وَلَدَتْ آمِنَةُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَا تُوُفِّىَ أَبُوهُ فَكَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تَحْضُنُهُ حَتَّى كَبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْتَقَهَا ثُمَّ أَنْكَحَهَا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ بَعْدَ مَا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِخَمْسَةِ(2/281)
أَشْهُرٍ.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَجْعَلُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - النَّخَلاَتِ مِنْ أَرْضِهِ. حَتَّى فُتِحَتْ عَلَيْهِ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ فَجَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا كَانَ أَعْطَاهُ. قال أَنَسٌ وَإِنَّ أَهْلِى أَمَرُونِى أَنْ آتِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْأَلَهُ مَا كَانَ أَهْلُهُ أَعْطَوْهُ أَوْ بَعْضَهُ وَكَانَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَانِيهِنَّ فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتِ الثَّوْبَ فِى عُنُقِى وَقالت : وَاللَّهِ لاَ نُعْطِيكَاهُنَّ وَقَدْ أَعْطَانِيهِنَّ. فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا أُمَّ أَيْمَنَ اتْرُكِيهِ وَلَكِ كَذَا وَكَذَا ». وَتَقُولُ كَلاَّ وَالَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ. فَجَعَلَ يَقُولُ كَذَا حَتَّى أَعْطَاهَا عَشْرَةَ أَمْثَالِهِ أَوْ قَرِيباً مِنْ عَشْرَةِ أَمْثَالِهِ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قال أَصَبْتُ جِرَاباً مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ - قال - فَالْتَزَمْتُهُ فَقُلْتُ لاَ أُعْطِى الْيَوْمَ أَحَداً مِنْ هَذَا شَيْئاً - قال - فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَبَسِّماً.
وَفِى رِوَايَةٍ : فَوَثَبْتُ لآِخُذَهُ قال فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ.(2/282)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيهِ قال انْطَلَقْتُ فِى الْمُدَّةِ الَّتِى كَانَتْ بَيْنِى وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّأْمِ إِذْ جِىءَ بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى هِرَقْلَ يَعْنِى عَظِيمَ الرُّومِ - قال - وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِىُّ جَاءَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ فَقَالَ هِرَقْلُ هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ قَالُوا نَعَمْ - قال - فَدُعِيتُ فِى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَباً مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا. فَأَجْلَسُونِى بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِى خَلْفِى ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ لَهُ قُلْ لَهُمْ إِنِّى سَائِلٌ هَذَا عَنِ الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ فَإِنْ كَذَبَنِى فَكَذِّبُوهُ. قال فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَايْمُ اللَّهِ لَوْلاَ مَخَافَةَ أَنْ يُؤْثَرَ عَلَىَّ الْكَذِبُ لَكَذَبْتُ. ثُمَّ قال لِتَرْجُمَانِهِ سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ قال قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ قال فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ لاَ. قال فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قال قُلْتُ لاَ. قال وَمَنْ يَتَّبِعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ قال قُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قال أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ قال قُلْتُ لاَ بَلْ يَزِيدُونَ. قال هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ قال قُلْتُ لاَ.(2/283)
قال فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قُلْتُ نَعَمْ. قال فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ قال قُلْتُ تَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالاً يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ. قال فَهَلْ يَغْدِرُ قُلْتُ لاَ. وَنَحْنُ مِنْهُ فِى مُدَّةٍ لاَ نَدْرِى مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا. قال فَوَاللَّهِ مَا أَمْكَنَنِى مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئاً غَيْرَ هَذِهِ. قال فَهَلْ قال هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قال قُلْتُ لاَ. قال لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُ إِنِّى سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِى أَحْسَابِ قَوْمِهَا. وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ فِى آبَائِهِ مَلِكٌ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ. فَقُلْتُ لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ. وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ فَقُلْتَ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قال فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ. فَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَهُ سَخْطَةً لَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ. وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَدْ قَاتَلْتُمُوهُ فَتَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالاً يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ(2/284)
فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ. وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ قال هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ. فَقُلْتُ لَوْ قال هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ قُلْتُ رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. قال ثُمَّ قال بِمَ يَأْمُرُ كُمْ قُلْتُ يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالْعَفَافِ قال إِنْ يَكُنْ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِىٌّ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ وَلَوْ أَنِّى أَعْلَمُ أَنِّى أَخْلُصُ إِلَيْهِ لأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَىَّ. قال ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ « بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّى أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ وَ ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّغْطُ وَأَمَرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا. قال فَقُلْتُ لأَصْحَابِى حِينَ خَرَجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِى كَبْشَةَ إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِى الأَصْفَرِ - قال - فَمَا زِلْتُ(2/285)
مُوقِناً بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَىَّ الإِسْلاَمَ.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَتَبَ إِلَى كِسْرَى وَإِلَى قَيْصَرَ وَإِلَى النَّجَاشِىِّ وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِىِّ الَّذِى صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -.
وَعَنْ الْعَبَّاسِ قال شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ فَلَزِمْتُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ نُفَارِقْهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِىُّ فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الْكُفَّارِ قال عَبَّاسٌ وَ أَنَا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَكُفُّهَا إِرَادَةَ أَنْ لاَ تُسْرِعَ وَأَبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَىْ عَبَّاسُ نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ ». فَقَالَ عَبَّاسٌ وَكَانَ رَجُلاً صَيِّتاً فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِى أَيْنَ أَصْحَابُ السَّمُرَةِ قال فَوَاللَّهِ لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِى عَطْفَةُ الْبَقَرِ عَلَى أَوْلاَدِهَا. فَقَالُوا يَا لَبَّيْكَ يَا لَبَّيْكَ - قال - فَاقْتَتَلُوا وَالْكُفَّارَ وَالدَّعْوَةُ فِى الأَنْصَارِ يَقُولُونَ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ قال ثُمَّ قُصِرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِى(2/286)
الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ فَقَالُوا يَا بَنِى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ يَا بَنِى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ كَالْمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إِلَى قِتَالِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « هَذَا حِينَ حَمِىَ الْوَطِيسُ ». قال ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الْكُفَّارِ ثُمَّ قال « انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ ». قال فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا الْقِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيمَا أَرَى - قال - فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَمَاهُمْ بِحَصَيَاتِهِ فَمَا زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلاً وَأَمْرَهُمْ مُدْبِراً.
زاد فى رواية : وَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْكُضُ خَلْفَهُمْ عَلَى بَغْلَتِهِ.
وَعَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قال قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ يَا أَبَا عُمَارَةَ أَفَرَرْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ قال لاَ وَاللَّهِ مَا وَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّراً لَيْسَ عَلَيْهِمْ سِلاَحٌ أَوْ كَثِيرُ سِلاَحٍ فَلَقُوا قَوْماً رُمَاةً لاَ يَكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْمٌ جَمْعَ هَوَازِنَ وَبَنِى نَصْرٍ فَرَشَقُوهُمْ رَشْقاً مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ فَأَقْبَلُوا هُنَاكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَقُودُ بِهِ فَنَزَلَ فَاسْتَنْصَرَ وَقَالَ « أَنَا النَّبِىُّ لاَ كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ ». ثُمَّ صَفَّهُمْ.(2/287)
وَعَنْ سَلَمَةَ قال غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُنَيْناً فَلَمَّا وَاجَهْنَا الْعَدُوَّ تَقَدَّمْتُ فَأَعْلُو ثَنِيَّةً فَاسْتَقْبَلَنِى رَجُلٌ مِنَ الْعَدُوِّ فَأَرْمِيهِ بِسَهْمٍ فَتَوَارَى عَنِّى فَمَا دَرَيْتُ مَا صَنَعَ وَنَظَرْتُ إِلَى الْقَوْمِ فَإِذَا هُمْ قَدْ طَلَعُوا مِنْ ثَنِيَّةٍ أُخْرَى فَالْتَقَوْا هُمْ وَصَحَابَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَلَّى صَحَابَةُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَرْجِعُ مُنْهَزِماً وَعَلَىَّ بُرْدَتَانِ مُتَّزِراً بِإِحْدَاهُمَا مُرْتَدِياً بِالأُخْرَى فَاسْتَطْلَقَ إِزَارِى فَجَمَعْتُهُمَا جَمِيعاً وَمَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنْهَزِماً وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَقَدْ رَأَى ابْنُ الأَكْوَعِ فَزَعاً ». فَلَمَّا غَشُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَزَلَ عَنِ الْبَغْلَةِ ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ مِنَ الأَرْضِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهِ وُجُوهَهُمْ فَقَالَ « شَاهَتِ الْوُجُوهُ ». فَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُمْ إِنْسَاناً إِلاَّ مَلأَ عَيْنَيْهِ تُرَاباً بِتِلْكَ الْقَبْضَةِ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَنَائِمَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
بَابُ ذكر الطائف(2/288)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قال حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئاً فَقَالَ « إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ». قال أَصْحَابُهُ نَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَتِحْهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ ». فَغَدَوْا عَلَيْهِ فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّا قَافِلُونَ غَداً ». قال فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
بَابُ غزوة بدر وهى أول غزوة(2/289)
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِى سُفْيَانَ قال فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا الْبَحْرَ لأَخَضْنَاهَا وَلَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَضَرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَفَعَلْنَا - قال - فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ فَانْطَلَقُوا حَتَّى نَزَلُوا بَدْراً وَوَرَدَتْ عَلَيْهِمْ رَوَايَا قُرَيْشٍ وَفِيهِمْ غُلاَمٌ أَسْوَدُ لِبَنِى الْحَجَّاجِ فَأَخَذُوهُ فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ. فَيَقُولُ مَا لِى عِلْمٌ بِأَبِى سُفْيَانَ وَلَكِنْ هَذَا أَبُو جَهْلٍ وَعُتْبَةُ وَشَيْبَةُ وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ. فَإِذَا قال ذَلِكَ ضَرَبُوهُ فَقَالَ نَعَمْ أَنَا أُخْبِرُكُمْ هَذَا أَبُو سُفْيَانَ. فَإِذَا تَرَكُوهُ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ مَا لِى بِأَبِى سُفْيَانَ عِلْمٌ وَلَكِنْ هَذَا أَبُو جَهْلٍ وَعُتْبَةُ وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ فِى النَّاسِ. فَإِذَا قال هَذَا أَيْضاً ضَرَبُوهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يُصَلِّى فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ انْصَرَفَ قال « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَضْرِبُوهُ إِذَا صَدَقَكُمْ وَتَتْرُكُوهُ إِذَا كَذَبَكُمْ ». قال فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « هَذَا مَصْرَعُ فُلاَنٍ ». قال وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى الأَرْضِ هَا هُنَا وَهَا هُنَا قال فَمَا مَاطَ أَحَدُهُمْ عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
بَابُ قصة الفتح(2/290)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال وَفَدَتْ وُفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَذَلِكَ فِى رَمَضَانَ فَكَانَ يَصْنَعُ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ الطَّعَامَ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَنَا إِلَى رَحْلِهِ فَقُلْتُ أَلاَ أَصْنَعُ طَعَاماً فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى رَحْلِى فَأَمَرْتُ بِطَعَامٍ يُصْنَعُ ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنَ الْعَشِىِّ فَقُلْتُ الدَّعْوَةُ عِنْدِى اللَّيْلَةَ فَقَالَ سَبَقْتَنِى. قُلْتُ نَعَمْ. فَدَعَوْتُهُمْ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَلاَ أُعْلِمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ثُمَّ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ فَقَالَ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ وَبَعَثَ خَالِداً عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الأُخْرَى وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِى وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى كَتِيبَةٍ - قال - فَنَظَرَ فَرَآنِى فَقَالَ « أَبُو هُرَيْرَةَ ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ « لاَ يَأْتِينِى إِلاَّ أَنْصَارِىٌّ ». زَادَ غَيْرُ شَيْبَانَ فَقَالَ « اهْتِفْ لِى بِالأَنْصَارِ ». قال فَأَطَافُوا بِهِ وَوَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشاً لَهَا وَأَتْبَاعاً. فَقَالُوا نُقَدِّمُ هَؤُلاَءِ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَىْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ. وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِى سُئِلْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ ». ثُمَّ قال بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى ثُمَّ قال « حَتَّى تُوَافُونِى بِالصَّفَا ». قال فَانْطَلَقْنَا فَمَا شَاءَ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَداً إِلاَّ قَتَلَهُ وَمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئاً - قال(2/291)
- فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لاَ قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ. ثُمَّ قال « مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِى سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ». فَقالت : الأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِى قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ. قال أَبُو هُرَيْرَةَ وَجَاءَ الْوَحْىُ وَكَانَ إِذَا جَاءَ الْوَحْىُ لاَ يَخْفَى عَلَيْنَا فَإِذَا جَاءَ فَلَيْسَ أَحَدٌ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَنْقَضِىَ الْوَحْىُ فَلَمَّا انْقَضَى الْوَحْىُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ». قَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِى قَرْيَتِهِ ». قَالُوا قَدْ كَانَ ذَاكَ. قال « كَلاَّ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ وَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ ». فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ وَاللَّهِ مَا قُلْنَا الَّذِى قُلْنَا إِلاَّ الضِّنَّ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ ». قال فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى دَارِ أَبِى سُفْيَانَ وَأَغْلَقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ - قال - وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ - قال - فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ - قال - وَفِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّنَمِ جَعَلَ يَطْعُنُهُ فِى عَيْنِهِ وَيَقُولُ « جَاءَ الْحَقُّ(2/292)
وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ». فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا فَعَلاَ عَلَيْهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ.
بَابُ إخراج الأصنام من حول الكعبة
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُباً فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ كَانَ بِيَدِهِ وَيَقُولُ « ( جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ) ( جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ )
وَعَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ عَنْ أَبِيهِ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ « لاَ يُقْتَلُ قُرَشِىٌّ صَبْراً بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ».
زاد فى رواية : وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ أَحَدٌ مِنْ عُصَاةِ قُرَيْشٍ غَيْرَ مُطِيعٍ كَانَ اسْمُهُ الْعَاصِى فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُطِيعاً.
بَابُ قصة الحديبية(2/293)
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال كَتَبَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ الصُّلْحَ بَيْنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فَكَتَبَ « هَذَا مَا كَاتَبَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ». فَقَالُوا لاَ تَكْتُبْ رَسُولُ اللَّهِ فَلَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ نُقَاتِلْكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَلِىٍّ « امْحُهُ ». فَقَالَ مَا أَنَا بِالَّذِى أَمْحَاهُ. فَمَحَاهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ قال وَكَانَ فِيمَا اشْتَرَطُوا أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ فَيُقِيمُوا بِهَا ثَلاَثاً وَلاَ يَدْخُلُهَا بِسِلاَحٍ إِلاَّ جُلُبَّانَ السِّلاَحِ. قُلْتُ لأَبِى إِسْحَاقَ وَمَا جُلُبَّانُ السِّلاَحِ قال الْقِرَابُ وَمَا فِيهِ (1).
__________
(1) : زاد في رواية : فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَمْحَاهَا فَقَالَ عَلِىٌّ لاَ وَاللَّهِ لاَ أَمْحَاهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَرِنِى مَكَانَهَا ». فَأَرَاهُ مَكَانَهَا فَمَحَاهَا وَكَتَبَ « ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ »(2/294)
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ قُرَيْشاً صَالَحُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَلِىٍّ « اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ». قال سُهَيْلٌ أَمَّا بِاسْمِ اللَّهِ فَمَا نَدْرِى مَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَلَكِنِ اكْتُبْ مَا نَعْرِفُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ فَقَالَ « اكْتُبْ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ». قَالُوا لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لاَتَّبَعْنَاكَ وَلَكِنِ اكْتُبِ اسْمَكَ وَاسْمَ أَبِيكَ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « اكْتُبْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ». فَاشْتَرَطُوا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكُمْ وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَكْتُبُ هَذَا قال « نَعَمْ إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ فَرَجاً وَمَخْرَجاً ».(2/295)
وَعَنْ أَبِى وَائِلٍ قال قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَوْمَ صِفِّينَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا وَذَلِكَ فِى الصُّلْحِ الَّذِى كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ قال « بَلَى ». قال أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِى الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِى النَّارِ قال « بَلَى ». قال فَفِيمَ نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِى دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَقَالَ « يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِى اللَّهُ أَبَداً ». قال فَانْطَلَقَ عُمَرُ فَلَمْ يَصْبِرْ مُتَغَيِّظاً فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ قال بَلَى. قال أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِى الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِى النَّارِ قال بَلَى. قال فَعَلاَمَ نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فَى دِينِنَا وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَقَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَداً. قال فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْفَتْحِ فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَأَقْرَأَهُ إِيَّاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَفَتْحٌ هُوَ قال « نَعَمْ ». فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ.(2/296)
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُولُ بِصِفِّينَ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِى يَوْمَ أَبِى جَنْدَلٍ وَلَوْ أَنِّى أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَرَدَدْتُهُ وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَا سُيُوفَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا إِلَى أَمْرٍ قَطُّ إِلاَّ أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ إِلاَّ أَمْرَكُمْ هَذَا.
بَابُ نزول الفتح والوفاء بالعهد
عَنْ أَنَسٍ قال لَمَّا نَزَلَتْ ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ) إِلَى قَوْلِهِ ( فَوْزاً عَظِيماً ) مَرْجِعَهُ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَهُمْ يُخَالِطُهُمُ الْحُزْنُ وَالْكَآبَةُ وَقَدْ نَحَرَ الْهَدْىَ بِالْحُدَيْبِيَةِ فَقَالَ « لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَىَّ آيَةٌ هِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعاً ».
وَعَنْ حُذَيْفَةَ قال مَا مَنَعَنِى أَنْ أَشْهَدَ بَدْراً إِلاَّ أَنِّى خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِى - حُسَيْلٌ - قال فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ قَالُوا إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّداً فَقُلْنَا مَا نُرِيدُهُ مَا نُرِيدُ إِلاَّ الْمَدِينَةَ. فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ « انْصَرِفَا نَفِى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ».(2/297)
وَعَنْ حُذَيْفَةَ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ لَوْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَاتَلْتُ مَعَهُ وَأَبْلَيْتُ فَقَالَ حُذَيْفَةُ أَنْتَ كُنْتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الأَحْزَابِ وَأَخَذَتْنَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ وَقُرٌّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَلاَ رَجُلٌ يَأْتِينِى بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ ثُمَّ قال « أَلاَ رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ ثُمَّ قال « أَلاَ رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ فَقَالَ « قُمْ يَا حُذَيْفَةُ فَأْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ». فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِى بِاسْمِى أَنْ أَقُومَ قال « اذْهَبْ فَأْتِنِى بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَلاَ تَذْعَرْهُمْ عَلَىَّ ». فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِنْ عِنْدِهِ جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِى فِى حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ فَرَأَيْتُ أَبَا سُفْيَانَ يَصْلِى ظَهْرَهُ بِالنَّارِ فَوَضَعْتُ سَهْماً فِى كَبِدِ الْقَوْسِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَلاَ تَذْعَرْهُمْ عَلَىَّ ». وَلَوْ رَمَيْتُهُ لأَصَبْتُهُ فَرَجَعْتُ وَأَنَا أَمْشِى فِى مِثْلِ الْحَمَّامِ فَلَمَّا أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَفَرَغْتُ قُرِرْتُ فَأَلْبَسَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّى فِيهَا فَلَمْ أَزَلْ نَائِماً حَتَّى أَصْبَحْتُ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قال « قُمْ يَا(2/298)
نَوْمَانُ ».
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُفْرِدَ يَوْمَ أُحُدٍ فِى سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا رَهِقُوهُ قال « مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ أَوْ هُوَ رَفِيقِى فِى الْجَنَّةِ ». فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ثُمَّ رَهِقُوهُ أَيْضاً فَقَالَ « مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ أَوْ هُوَ رَفِيقِى فِى الْجَنَّةِ ». فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِصَاحِبَيْهِ « مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا ».
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ جُرِحَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ فَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَغْسِلُ الدَّمَ وَكَانَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ يَسْكُبُ عَلَيْهَا بِالْمِجَنِّ فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لاَ يَزِيدُ الدَّمَ إِلاَّ كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى صَارَ رَمَاداً ثُمَّ أَلْصَقَتْهُ بِالْجُرْحِ فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَشُجَّ فِى رَأْسِهِ فَجَعَلَ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْهُ وَيَقُولُ « كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ ).(2/299)
بَابُ صبر الأنبياء على أذى قومهم وما لقى - صلى الله عليه وسلم - من المشركين ودعائه عليهم
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِى نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ « رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِى فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا هَذَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ». وَهُوَ حِينَئِذٍ يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ».(2/300)
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالأَمْسِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلاَ جَزُورِ بَنِى فُلاَنٍ فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ فِى كَتِفَىْ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَأَخَذَهُ فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ قال فَاسْتَضْحَكُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ. لَوْ كَانَتْ لِى مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ فَجَاءَتْ وَهِىَ جُوَيْرِيَةُ فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ. ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَشْتِمُهُمْ فَلَمَّا قَضَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاَثاً. وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلاَثاً ثُمَّ قال « اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمُ الضِّحْكُ وَخَافُوا دَعْوَتَهُ ثُمَّ قال « اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِى جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ ». وَذَكَرَ السَّابِعَ وَلَمْ أَحْفَظْهُ فَوَالَّذِى بَعَثَ مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ. قال أَبُو إِسْحَاقَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ غَلَطٌ فِى هَذَا الْحَدِيثِ (1)
__________
(1) : يعني ذكر الوليد بن عقبة في الحديث خطأ.(2/301)
.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْتَ فَدَعَا عَلَى سِتَّةِ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ. فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِى مُعَيْطٍ فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى عَلَى بَدْرٍ. قَدْ غَيَّرَتْهُمُ الشَّمْسُ وَكَانَ يَوْماً حَارًّا.
بَابُ ما لقى النبى - صلى الله عليه وسلم - من أذى قومه(2/302)
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قالت : لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ فَقَالَ « لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ فَلَمْ يُجِبْنِى إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِى فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ قال فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَىَّ. ثُمَّ قال يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِى رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِى بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ ». فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ».
وَعَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ قال دَمِيَتْ إِصْبَعُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ تِلْكَ الْمَشَاهِدِ فَقَالَ « هَلْ أَنْتِ إِلاَّ إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ ».
بَابُ إبطاء الوحى عن النبى - صلى الله عليه وسلم -(2/303)
عَنْ جُنْدُبٍ قال أَبْطَأَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ قَدْ وُدِّعَ مُحَمَّدٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى )
وَفِى رِوَايَةٍ : اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقالت : يَا مُحَمَّدُ إِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ قال فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى )
بَابُ دعائه إلى الله وصبره على المنافقين(2/304)
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ حِمَاراً عَلَيْهِ إِكَافٌ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ وَأَرْدَفَ وَرَاءَهُ أُسَامَةَ وَهُوَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِى بَنِى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَذَاكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ وَفِى الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قال لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَيُّهَا الْمَرْءُ لاَ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَلاَ تُؤْذِنَا فِى مَجَالِسِنَا وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ مِنَّا فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ اغْشَنَا فِى مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. قال فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَتَوَاثَبُوا فَلَمْ يَزَلِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ ثُمَّ رَكِبَ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ « أَىْ سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى مَا قال أَبُو حُبَابُ - يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ - قال كَذَا وَكَذَا ». قال اعْفُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاصْفَحْ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ الَّذِى أَعْطَاكَ وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ فَلَمَّا(2/305)
رَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَهُ شَرِقَ بِذَلِكَ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -.
بَابُ قتل أبى جهل
عَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ يَنْظُرُ لَنَا مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ ». فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَكَ - قال - فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ آنْتَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ - أَوْ قال - قَتَلَهُ قَوْمُهُ.
وَفِى رِوَايَةٍ : فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِى (1).
بَابُ قتل كعب بن الأشرف
__________
(1) : في الصحيح بعد الرواية الأولى : قال : وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ قال : أَبُو جَهْلٍ فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِى.(2/306)
عَنْ جَابِرٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ ». فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ قال « نَعَمْ ». قال ائْذَنْ لِى فَلأَقُلْ قال « قُلْ ». فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ وَذَكَرَ مَا بَيْنَهُمَا وَقَالَ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَرَادَ صَدَقَةً وَقَدْ عَنَّانَا. فَلَمَّا سَمِعَهُ قال وَأَيْضاً وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ. قال إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ الآنَ وَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَىِّ شَىْءٍ يَصِيرُ أَمْرُهُ - قال - وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ تُسْلِفَنِى سَلَفاً قال فَمَا تَرْهَنُنِى قال مَا تُرِيدُ. قال تَرْهَنُنِى نِسَاءَكُمْ قال أَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ أَنَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا قال لَهُ تَرْهَنُونِى أَوْلاَدَكُمْ. قال يُسَبُّ ابْنُ أَحَدِنَا فَيُقَالُ رُهِنَ فِى وَسْقَيْنِ مِنْ تَمْرٍ. وَلَكِنْ نَرْهَنُكَ الَّلأْمَةَ - يَعْنِى السِّلاَحَ - قال فَنَعَمْ. وَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِالْحَارِثِ وَأَبِى عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ وَعَبَّادِ بْنِ بِشْرٍ قال فَجَاءُوا فَدَعَوْهُ لَيْلاً فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ قال سُفْيَانُ قال غَيْرُ عَمْرٍو قالت : لَهُ امْرَأَتُهُ إِنِّى لأَسْمَعُ صَوْتاً كَأَنَّهُ صَوْتُ دَمٍ قال إِنَّمَا هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعُهُ وَأَبُو نَائِلَةَ إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِىَ إِلَى طَعْنَةٍ لَيْلاً لأَجَابَ. قال مُحَمَّدٌ إِنِّى إِذَا جَاءَ فَسَوْفَ أَمُدُّ يَدِى إِلَى رَأْسِهِ فَإِذَا اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَدُونَكُمْ قال فَلَمَّا نَزَلَ نَزَلَ وَهُوَ مُتَوَشِّحٌ فَقَالُوا نَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الطِّيبِ قال نَعَمْ تَحْتِى فُلاَنَةُ هِىَ أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ. قال فَتَأْذَنُ لِى أَنْ أَشُمَّ مِنْهُ قال(2/307)
نَعَمْ فَشُمَّ. فَتَنَاوَلَ فَشَمَّ ثُمَّ قال أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أَعُودَ قال فَاسْتَمْكَنَ مِنْ رَأْسِهِ ثُمَّ قال دُونَكُمْ. قال فَقَتَلُوهُ.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزَا خَيْبَرَ قال فَصَلَّيْنَا عِنْدَهَا صَلاَةَ الْغَدَاةِ بِغَلَسٍ فَرَكِبَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ وَأَنَا رَدِيفُ أَبِى طَلْحَةَ فَأَجْرَى نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى زُقَاقِ خَيْبَرَ وَإِنَّ رُكْبَتِى لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَانْحَسَرَ الإِزَارُ عَنْ فَخِذِ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِنِّى لأَرَى بَيَاضَ فَخِذِ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا دَخَلَ الْقَرْيَةَ قال « اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ ». قَالَهَا ثَلاَثَ مِرَارٍ قال وَقَدْ خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى أَعْمَالِهِمْ فَقَالُوا مُحَمَّدٌ - قال عَبْدُ الْعَزِيزِ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا - وَالْخَمِيسَ قال وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً.
وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قال خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ فَتَسَيَّرْنَا لَيْلاً فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرِ بْنِ الأَكْوَعِ أَلاَ تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِراً فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ :
اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ……وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا ……وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ……إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا(2/308)
وَبِالصُّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا (1)…
__________
(1) : وفي رواية : …وَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا …وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « صَدَقْتَ ».
وَأَنْزِلَنَّ سَكِينَةً عَلَيْنَا ……وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا …
وَالْمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
وفي رواية : …إِنَّ الْمَلاَ قَدْ أَبَوْا عَلَيْنَا ……إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا(2/309)
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ هَذَا السَّائِقُ ». قَالُوا عَامِرٌ. قال « يَرْحَمُهُ اللَّهُ ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْلاَ أَمْتَعْتَنَا بِهِ. قال فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ ثُمَّ قال « إِنَّ اللَّهَ فَتَحَهَا عَلَيْكُمْ ». قال فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِى فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَاناً كَثِيرَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ ». فَقَالُوا عَلَى لَحْمٍ. قال « أَىُّ لَحْمٍ ». قَالُوا لَحْمُ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا ». فَقَالَ رَجُلٌ أَوْ يُهْرِيقُوهَا وَيَغْسِلُوهَا فَقَالَ « أَوْ ذَاكَ ». قال فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ فِيهِ قِصَرٌ فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِىٍّ لِيَضْرِبَهُ وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ فَأَصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ قال فَلَمَّا قَفَلُوا قال سَلَمَةُ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِى قال فَلَمَّا رَآنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَاكِتًا قال « مَا لَكَ ». قُلْتُ لَهُ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى زَعَمُوا أَنَّ عَامِراً حَبِطَ عَمَلُهُ قال « مَنْ قَالَهُ ». قُلْتُ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ الأَنْصَارِىُّ فَقَالَ « كَذَبَ مَنْ قَالَهُ إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ ». وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ « إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِىٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ ».(2/310)
وَفِى رِوَايَةٍ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ نَاساً لَيَهَابُونَ الصَّلاَةَ عَلَيْهِ يَقُولُونَ رَجُلٌ مَاتَ بِسِلاَحِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَاتَ جَاهِدًا مُجَاهِدًا ».
بَابُ غزوة الأحزاب
عَنِ الْبَرَاءِ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُّرَابَ وَلَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَهُوَ يَقُولُ «
وَ[اللَّهِ] لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ……وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ………إِنَّ الأُلَى قَدْ أَبَوْا عَلَيْنَا ».
قَالَ وَرُبَّمَا قال «
إِنَّ الْمَلاَ قَدْ أَبَوْا عَلَيْنَا ………إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا ».
وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ.
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قال جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَنَنْقُلُ التُّرَابَ عَلَى أَكْتَافِنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الآخِرَةِ فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «....... فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ ».
وَعَنْ أَنَسٍ(1) قال كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُونَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّداً عَلَى الإِسْلاَمِ مَا بَقِينَا أَبَداً - أَوْ قال عَلَى الْجِهَادِ - وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « اللَّهُمَّ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ ».
بَابُ غزوة ذى قرد
__________
(1) : في الأصل : وَعَنْهُ. وما أثبتناه من الصحيح.(2/311)
عَنْ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ يَقُولُ خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالأُولَى وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرْعَى بِذِى قَرَدٍ - قال - فَلَقِيَنِى غُلاَمٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ مَنْ أَخَذَهَا قال غَطَفَانُ قال فَصَرَخْتُ ثَلاَثَ صَرَخَاتٍ يَا صَبَاحَاهْ. قال فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لاَبَتَىِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِى حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ بِذِى قَرَدٍ وَقَدْ أَخَذُوا يَسْقُونَ مِنَ الْمَاءِ فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِى وَكُنْتُ رَامِياً وَأَقُولُ أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَأَرْتَجِزُ حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً - قال - وَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنِّى قَدْ حَمَيْتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ فَقَالَ « يَا ابْنَ الأَكْوَعِ مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ ». - قال - ثُمَّ رَجَعْنَا وَيُرْدِفُنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ.
بَابُ الحديبية والمبايعة تحت الشجرة(2/312)
عَنْ سَلَمَةَ قال قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً لاَ تُرْوِيهَا - قال - فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى جَبَا الرَّكِيَّةِ فَإِمَّا دَعَا وَإِمَّا بَسَقَ فِيهَا - قال - فَجَاشَتْ فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا. قال ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ فِى أَصْلِ الشَّجَرَةِ. قال فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ ثُمَّ بَايَعَ وَبَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِى وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ قال « بَايِعْ يَا سَلَمَةُ ». قال قُلْتُ قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِى أَوَّلِ النَّاسِ قال « وَأَيْضاً ». قال وَرَآنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَزِلاً - يَعْنِى لَيْسَ مَعَهُ سِلاَحٌ - قال فَأَعْطَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَجَفَةً أَوْ(2/313)
دَرَقَةً ثُمَّ بَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِى آخِرِ النَّاسِ قال « أَلاَ تُبَايِعُنِى يَا سَلَمَةُ ». قال قُلْتُ قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِى أَوَّلِ النَّاسِ وَفِى أَوْسَطِ النَّاسِ قال « وَأَيْضاً ». قال فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ ثُمَّ قال لِى « يَا سَلَمَةُ أَيْنَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِى أَعْطَيْتُكَ ». قال قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقِيَنِى عَمِّى عَامِرٌ عَزِلاً فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا - قال - فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ « إِنَّكَ كَالَّذِى قال الأَوَّلُ اللَّهُمَّ أَبْغِنِى حَبِيباً هُوَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى ». ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ حَتَّى مَشَى بَعْضُنَا فِى بَعْضٍ وَاصْطَلَحْنَا. قال وَكُنْتُ تَبِيعاً لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَسْقِى فَرَسَهُ وَأَحُسُّهُ وَأَخْدُمُهُ وَآكُلُ مِنْ طَعَامِهِ وَتَرَكْتُ أَهْلِى وَمَالِى مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - قال فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا فَاضْطَجَعْتُ فِى أَصْلِهَا - قال - فَأَتَانِى أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَبْغَضْتُهُمْ فَتَحَوَّلْتُ إِلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى وَعَلَّقُوا سِلاَحَهُمْ وَاضْطَجَعُوا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِى يَا لَلْمُهَاجِرِينَ قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ. قال فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِى ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَى أُولَئِكَ الأَرْبَعَةِ وَهُمْ رُقُودٌ فَأَخَذْتُ سِلاَحَهُمْ. فَجَعَلْتُهُ ضِغْثاً فِى يَدِى قال ثُمَّ قُلْتُ وَالَّذِى كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لاَ يَرْفَعُ أَحَدٌ(2/314)
مِنْكُمْ رَأْسَهُ إِلاَّ ضَرَبْتُ الَّذِى فِيهِ عَيْنَاهُ. قال ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - قال - وَجَاءَ عَمِّى عَامِرٌ بِرَجُلٍ مِنَ الْعَبَلاَتِ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزٌ. يَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَرَسٍ مُجَفَّفٍ فِى سَبْعِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « دَعُوهُمْ يَكُنْ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ » فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْزَلَ اللَّهُ ( وَهُوَ الَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ) الآيَةَ كُلَّهَا. قال ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِى لَحْيَانَ جَبَلٌ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ رَقِىَ هَذَا الْجَبَلَ اللَّيْلَةَ كَأَنَّهُ طَلِيعَةٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ - قال سَلَمَةُ - فَرَقِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِظَهْرِهِ مَعَ رَبَاحٍ غُلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مَعَهُ وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُنَدِّيهِ مَعَ الظَّهْرِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَزَارِىُّ قَدْ أَغَارَ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ وَقَتَلَ رَاعِيَهُ قال فَقُلْتُ يَا رَبَاحُ خُذْ هَذَا الْفَرَسَ فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ(2/315)
الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِهِ - قال - ثُمَّ قُمْتُ عَلَى أَكَمَةٍ فَاسْتَقْبَلْتُ الْمَدِينَةَ فَنَادَيْتُ ثَلاَثاً يَا صَبَاحَاهْ. ثُمَّ خَرَجْتُ فِى آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ أَقُولُ أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَأَلْحَقُ رَجُلاً مِنْهُمْ فَأَصُكُّ سَهْماً فِى رَحْلِهِ حَتَّى خَلَصَ نَصْلُ السَّهْمِ إِلَى كَتِفِهِ - قال - قُلْتُ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قال فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ فَإِذَا رَجَعَ إِلَىَّ فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَجَلَسْتُ فِى أَصْلِهَا ثُمَّ رَمَيْتُهُ فَعَقَرْتُ بِهِ حَتَّى إِذَا تَضَايَقَ الْجَبَلُ فَدَخَلُوا فِى تَضَايُقِهِ عَلَوْتُ الْجَبَلَ فَجَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ بِالْحِجَارَةِ - قال - فَمَا زِلْتُ كَذَلِكَ أَتْبَعُهُمْ حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ بَعِيرٍ مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِى وَخَلَّوْا بَيْنِى وَبَيْنَهُ ثُمَّ اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً وَثَلاَثِينَ رُمْحاً يَسْتَخِفُّونَ وَلاَ يَطْرَحُونَ شَيْئاً إِلاَّ جَعَلْتُ عَلَيْهِ آرَاماً مِنَ الْحِجَارَةِ يَعْرِفُهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ حَتَّى أَتَوْا مُتَضَايِقاً مِنْ ثَنِيَّةٍ فَإِذَا هُمْ قَدْ أَتَاهُمْ فُلاَنُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِىُّ فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ - يَعْنِى يَتَغَدَّوْنَ - وَجَلَسْتُ عَلَى رَأْسِ قَرْنٍ قال الْفَزَارِىُّ مَا هَذَا الَّذِى أَرَى قَالُوا لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحَ وَاللَّهِ مَا فَارَقَنَا مُنْذُ غَلَسٍ يَرْمِينَا حَتَّى انْتَزَعَ كُلَّ شَىْءٍ فِى أَيْدِينَا. قال فَلْيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ(2/316)
مِنْكُمْ أَرْبَعَةٌ. قال فَصَعِدَ إِلَىَّ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ فِى الْجَبَلِ - قال - فَلَمَّا أَمْكَنُونِى مِنَ الْكَلاَمِ - قال - قُلْتُ هَلْ تَعْرِفُونِى قَالُوا لاَ وَمَنْ أَنْتَ قال قُلْتُ أَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ وَالَّذِى كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لاَ أَطْلُبُ رَجُلاً مِنْكُمْ إِلاَّ أَدْرَكْتُهُ وَلاَ يَطْلُبُنِى رَجُلٌ مِنْكُمْ. فَيُدْرِكَنِى قال أَحَدُهُمْ أَنَا أَظُنُّ. قال فَرَجَعُوا فَمَا بَرِحْتُ مَكَانِى حَتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ - قال - فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأَخْرَمُ الأَسَدِىُّ عَلَى إِثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِىُّ وَعَلَى إِثْرِهِ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ الْكِنْدِىُّ - قال - فَأَخَذْتُ بِعِنَانِ الأَخْرَمِ - قال - فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ قُلْتُ يَا أَخْرَمُ احْذَرْهُمْ لاَ يَقْتَطِعُوكَ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ. قال يَا سَلَمَةُ إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ فَلاَ تَحُلْ بَيْنِى وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ. قال فَخَلَّيْتُهُ فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ - قال - فَعَقَرَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ وَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ وَتَحَوَّلَ عَلَى فَرَسِهِ وَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ فَوَالَّذِى كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو عَلَى رِجْلَىَّ حَتَّى مَا أَرَى وَرَائِى مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ غُبَارِهِمْ شَيْئاً حَتَّى يَعْدِلُوا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ(2/317)
مَاءٌ يُقَالُ لَهُ ذُو قَرَدٍ لِيَشْرَبُوا مِنْهُ وَهُمْ عِطَاشٌ - قال - فَنَظَرُوا إِلَىَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ فَحَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ - يَعْنِى أَجْلَيْتُهُمْ عَنْهُ - فَمَا ذَاقُوا مِنْهُ قَطْرَةً - قال - وَيَخْرُجُونَ فَيَشْتَدُّونَ فِى ثَنِيَّةٍ - قال - فَأَعْدُو فَأَلْحَقُ رَجُلاً مِنْهُمْ فَأَصُكُّهُ بِسَهْمٍ فِى نُغْضِ كَتِفِهِ. قال قُلْتُ خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ قال يَا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ قال قُلْتُ نَعَمْ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ أَكْوَعُكَ بُكْرَةَ - قال - وَأَرْدَوْا فَرَسَيْنِ عَلَى ثَنِيَّةٍ قال فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - قال - وَلَحِقَنِى عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ فَتَوَضَّأْتُ وَشَرِبْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِى حَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الإِبِلَ وَكُلَّ شَىْءٍ اسْتَنْقَذْتُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَكُلَّ رُمْحٍ وَبُرْدَةٍ وَإِذَا بِلاَلٌ نَحَرَ نَاقَةً مِنَ الإِبِلِ الَّذِى اسْتَنْقَذْتُ مِنَ الْقَوْمِ وَإِذَا هُوَ يَشْوِى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا - قال - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلِّنِى فَأَنْتَخِبُ مِنَ الْقَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فَأَتَّبِعُ الْقَوْمَ فَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلاَّ قَتَلْتُهُ - قال - فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فِى ضَوْءِ النَّارِ فَقَالَ « يَا سَلَمَةُ أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلاً ». قُلْتُ نَعَمْ وَالَّذِى أَكْرَمَكَ. فَقَالَ « إِنَّهُمُ الآنَ لَيُقْرَوْنَ فِى أَرْضِ غَطَفَانَ(2/318)
». قال فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ فَقَالَ نَحَرَ لَهُمْ فُلاَنٌ جَزُوراً فَلَمَّا كَشَفُوا جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَاراً فَقَالُوا أَتَاكُمُ الْقَوْمُ فَخَرَجُوا هَارِبِينَ. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ ». قال ثُمَّ أَعْطَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَهْمَيْنِ سَهْمُ الْفَارِسِ وَسَهْمُ الرَّاجِلِ فَجَمَعَهُمَا لِى جَمِيعاً ثُمَّ أَرْدَفَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ - قال - فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ قال وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ لاَ يُسْبَقُ شَدًّا - قال - فَجَعَلَ يَقُولُ أَلاَ مُسَابِقٌ إِلَى الْمَدِينَةِ هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذَلِكَ - قال - فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلاَمَهُ قُلْتُ أَمَا تُكْرِمُ كَرِيماً وَلاَ تَهَابُ شَرِيفاً قال لاَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى وَأُمِّى ذَرْنِى فَلأُسَابِقَ الرَّجُلَ قال « إِنْ شِئْتَ ». قال قُلْتُ اذْهَبْ إِلَيْكَ وَثَنَيْتُ رِجْلَىَّ فَطَفَرْتُ فَعَدَوْتُ - قال - فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفاً أَوْ شَرَفَيْنِ أَسْتَبْقِى نَفَسِى ثُمَّ عَدَوْتُ فِى إِثْرِهِ فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفاً أَوْ شَرَفَيْنِ ثُمَّ إِنِّى رَفَعْتُ حَتَّى أَلْحَقَهُ - قال - فَأَصُكُّهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ - قال - قُلْتُ قَدْ سُبِقْتَ وَاللَّهِ قال أَنَا أَظُنُّ. قال فَسَبَقْتُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ قال فَوَاللَّهِ مَا لَبِثْنَا إِلاَّ ثَلاَثَ لَيَالٍ حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال فَجَعَلَ عَمِّى عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ(2/319)
تَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ هَذَا ». قال أَنَا عَامِرٌ. قال « غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ ». قال وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إِلاَّ اسْتُشْهِدَ. قال فَنَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ لَوْلاَ مَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ. قال فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ قال خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ وَيَقُولُ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّى مَرْحَبُ شَاكِى السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ قال وَبَرَزَ لَهُ عَمِّى عَامِرٌ فَقَالَ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّى عَامِرٌ شَاكِى السِّلاَحِ بَطَلٌ مُغَامِرٌ قال فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِى تُرْسِ عَامِرٍ وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ. قال سَلَمَةُ فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُونَ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ قال فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ قال ذَلِكَ ». قال قُلْتُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ. قال « كَذَبَ مَنْ قال ذَلِكَ بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ ». ثُمَّ أَرْسَلَنِى إِلَى عَلِىٍّ وَهُوَ أَرْمَدُ فَقَالَ « لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ».(2/320)
قال فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ وَهُوَ أَرْمَدُ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَسَقَ فِى عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ وَخَرَجَ مَرْحَبٌ فَقَالَ قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّى مَرْحَبُ شَاكِى السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فَقَالَ عَلِىٌّ أَنَا الَّذِى سَمَّتْنِى أُمِّى حَيْدَرَهْ كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ قال فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ.
وَعَنْ أَنَسِ بَنِ مَالِكٍ أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ مُتَسَلِّحِينَ يُرِيدُونَ غِرَّةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ فَأَخَذَهُمْ سَلَماً فَاسْتَحْيَاهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَهُوَ الَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ).
وَعَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَراً فَكَانَ مَعَهَا فَرَآهَا أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خَنْجَرٌ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا هَذَا الْخَنْجَرُ ». قالت : اتَّخَذْتُهُ إِنْ دَنَا مِنِّى أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ قالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْتُلْ مَنْ بَعْدَنَا مِنَ الطُّلَقَاءِ انْهَزَمُوا بِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ ».(2/321)
وَعَنْهُ (1)كَانَ [رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -] يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ وَنِسْوَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا فَيَسْقِينَ الْمَاءَ وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى.
وَعَنْهُ قال لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ - قال - وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلاً رَامِياً شَدِيدَ النَّزْعِ وَكَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً - قال - فَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الْجَعْبَةُ مِنَ النَّبْلِ فَيَقُولُ انْثُرْهَا لأَبِى طَلْحَةَ. قال وَيُشْرِفُ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى لاَ تُشْرِفْ لاَ يُصِبْكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ نَحْرِى دُونَ نَحْرِكَ قال وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تَنْقُلاَنِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِى أَفْوَاهِهِمْ ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآنِهَا ثُمَّ تَجِيئَانِ تُفْرِغَانِهِ فِى أَفْوَاهِ الْقَوْمِ وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَىْ أَبِى طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلاَثاً مِنَ النُّعَاسِ.
__________
(1) : يعني : أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ(2/322)
وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ خَمْسِ خِلاَلٍ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَوْلاَ أَنْ أَكْتُمَ عِلْماً مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ. كَتَبَ إِلَيْهِ نَجْدَةُ أَمَّا بَعْدُ فَأَخْبِرْنِى هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْزُو بِالنِّسَاءِ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ وَهَلْ كَانَ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ وَمَتَى يَنْقَضِى يُتْمُ الْيَتِيمِ وَعَنِ الْخُمْسِ لِمَنْ هُوَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِى هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْزُو بِالنِّسَاءِ وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى وَيُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ فَلاَ تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِى مَتَى يَنْقَضِى يُتْمُ الْيَتِيمِ فَلَعَمْرِى إِنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الأَخْذِ لِنَفْسِهِ ضَعِيفُ الْعَطَاءِ مِنْهَا فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحِ مَا يَأْخُذُ النَّاسُ فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْيُتْمُ وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِى عَنِ الْخُمْسِ لِمَنْ هُوَ وَإِنَّا كُنَّا نَقُولُ هُوَ لَنَا. فَأَبَى عَلَيْنَا قَوْمُنَا ذَاكَ.
زاد فى رواية : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ [فَلاَ تَقْتُلِ الصِّبْيَانَ] إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تَعْلَمُ مَا عَلِمَ الْخَضِرُ مِنَ الصَّبِىِّ الَّذِى قَتَلَ. [وَتُمَيِّزَ الْمُؤْمِنَ] فَتَقْتُلَ الْكَافِرَ وَتَدَعَ الْمُؤْمِنَ.(2/323)
وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الأَنْصَارِيَّةِ قالت : غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ أَخْلُفُهُمْ فِى رِحَالِهِمْ فَأَصْنَعُ لَهُمُ الطَّعَامَ وَأُدَاوِى الْجَرْحَى وَأَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى.
بَابُ كم غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ خَرَجَ يَسْتَسْقِى بِالنَّاسِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ اسْتَسْقَى قال فَلَقِيتُ يَوْمَئِذٍ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ - وَقَالَ - لَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ غَيْرُ رَجُلٍ أَوْ بَيْنِى وَبَيْنَهُ رَجُلٌ - قال - فَقُلْتُ لَهُ كَمْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال تِسْعَ عَشْرَةَ فَقُلْتُ كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَهُ قال سَبْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً - قال - فَقُلْتُ فَمَا أَوَّلُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا قال ذَاتُ الْعُسَيْرِ أَوِ الْعُشَيْرِ.
وَعَنْهُ قال غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً وَحَجَّ بَعْدَ مَا هَاجَرَ حَجَّةً لَمْ يَحُجَّ غَيْرَهَا حَجَّةَ الْوَدَاعِ.
وَعَنْ جَابِرٍ قال غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً - قال جَابِرٌ - لَمْ أَشْهَدْ بَدْراً وَلاَ أُحُداً مَنَعَنِى أَبِى فَلَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ يَوْمَ أُحُدٍ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةٍ قَطُّ.
وَعَنْ بُرَيْدَةَ قال غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً قَاتَلَ فِى ثَمَانٍ مِنْهُنَّ.
وَفِى رِوَايَةٍ عنه : أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعَ (1)عَشْرَةَ غَزْوَةً.
__________
(1) : كذا في الأصل. وفي الصحيح : تِسْعَ.(2/324)
وَعَنْ سَلَمَةَ قال غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ الْبُعُوثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ.
غزوة ذات الرقاع
عَنْ أَبِى مُوسَى قال خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزَاةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ - قال - فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا فَنَقِبَتْ قَدَمَاىَ وَسَقَطَتْ أَظْفَارِى فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِمَا كُنَّا نُعَصِّبُ عَلَى أَرْجُلِنَا مِنَ الْخِرَقِ. قال أَبُو بُرْدَةَ فَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ كَرِهَ ذَلِكَ. قال كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَيْئاً مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ. قال أَبُو أُسَامَةَ وَاللَّهُ يَجْزِى بِهِ (1).
بَابُ ترك الاستعانة بالمشركين
__________
(1) : كذا في الأصل. وفي الصحيح : قال : أَبُو أُسَامَةَ وَزَادَنِى غَيْرُ بُرَيْدٍ وَاللَّهُ يَجْزِى بِهِ.(2/325)
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قالت : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَأَوْهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قال لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِئْتُ لأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ قال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ». قال لاَ قال « فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ ». قالت : ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ كَمَا قال أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا قال أَوَّلَ مَرَّةٍ قال « فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ ». قال ثُمَّ رَجَعَ فَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قال أَوَّلَ مَرَّةٍ « تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ». قال نَعَمْ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَانْطَلِقْ ».
كتاب الإمارة
بَابُ فضل قريش وتقدمهم واستحقاقهم للخلافة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى حَدِيثِ زُهَيْرٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ عَمْرٌو رِوَايَةً « النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِى هَذَا الشَّأْنِ مُسْلِمُهُمْ لِمُسْلِمِهِمْ وَكَافِرُهُمْ لِكَافِرِهِمْ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «..... فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ».
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ فِى قُرَيْشٍ مَا بَقِىَ مِنَ النَّاسِ اثْنَانِ ».(2/326)
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قال دَخَلْتُ مَعَ أَبِى عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ « إِنَّ هَذَا الأَمْرَ لاَ يَنْقَضِى حَتَّى يَمْضِىَ فِيهِمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً ». قال ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلاَمٍ خَفِىَ عَلَىَّ - قال - فَقُلْتُ لأَبِى مَا قال قَالَ « كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « لاَ يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِياً مَا وَلِيَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً ». ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَلِمَةٍ خَفِيَتْ عَلَىَّ فَسَأَلْتُ أَبِى مَاذَا قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « لاَ يَزَالُ الإِسْلاَمُ عَزِيزاً إِلَى اثْنَىْ عَشَرَ خَلِيفَةً ». ثُمَّ قال كَلِمَةً لَمْ أَفْهَمْهَا فَقُلْتُ لأَبِى مَا قال فَقَالَ « كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « لاَ يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ عَزِيزاً إِلَى اثْنَىْ عَشَرَ خَلِيفَةً ». قال ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَىْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ فَقُلْتُ لأَبِى مَا قال فَقَالَ « كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ».
وَعَنْهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ جُمُعَةٍ عَشِيَّةَ رُجِمَ الأَسْلَمِىُّ يَقُولُ « لاَ يَزَالُ الدِّينُ قَائِماً حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ أَوْ يَكُونَ عَلَيْكُمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ « عُصَيْبَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَفْتَتِحُونَ الْبَيْتَ الأَبْيَضَ بَيْتَ كِسْرَى أَوْ آلِ كِسْرَى ». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ « إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ كَذَّابِينَ فَاحْذَرُوهُمْ ». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ « إِذَا أَعْطَى اللَّهُ أَحَدَكُمْ خَيْراً فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ « أَنَا الْفَرَطُ عَلَى الْحَوْضِ ».(2/327)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال حَضَرْتُ أَبِى حِينَ أُصِيبَ فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ وَقَالُوا جَزَاكَ اللَّهُ خَيْراً. فَقَالَ رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ قَالُوا اسْتَخْلِفْ فَقَالَ أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيًّا وَمَيِّتاً لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّى مِنْهَا الْكَفَافُ لاَ عَلَىَّ وَلاَ لِى فَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى - يَعْنِى أَبَا بَكْرٍ - وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قال عَبْدُ اللَّهِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ.(2/328)
وَعَنْهُ قال دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقالت : أَعَلِمْتَ أَنَّ أَبَاكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ قال قُلْتُ مَا كَانَ لِيَفْعَلَ. قالت : إِنَّهُ فَاعِلٌ. قال فَحَلَفْتُ أَنِّى أُكَلِّمُهُ فِى ذَلِكَ فَسَكَتُّ حَتَّى غَدَوْتُ وَلَمْ أُكَلِّمْهُ - قال - فَكُنْتُ كَأَنَّمَا أَحْمِلُ بِيَمِينِى جَبَلاً حَتَّى رَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَأَلَنِى عَنْ حَالِ النَّاسِ وَأَنَا أُخْبِرُهُ - قال - ثُمَّ قُلْتُ لَهُ إِنِّى سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ مَقَالَةً فَآلَيْتُ أَنْ أَقُولَهَا لَكَ زَعَمُوا أَنَّكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ وَإِنَّهُ لَوْ كَانَ لَكَ رَاعِى إِبِلٍ أَوْ رَاعِى غَنَمٍ ثُمَّ جَاءَكَ وَتَرَكَهَا رَأَيْتَ أَنْ قَدْ ضَيَّعَ فَرِعَايَةُ النَّاسِ أَشَدُّ قال فَوَافَقَهُ قَوْلِى فَوَضَعَ رَأْسَهُ سَاعَةً ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَىَّ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَحْفَظُ دِينَهُ وَإِنِّى لَئِنْ لاَ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدِ اسْتَخْلَفَ. قال فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَعْدِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَدًا وَأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ.
بَابُ لا تسأل الإمارة
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قال قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ أُكِلْتَ إِلَيْهَا وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا ».(2/329)
وَعَنْ أَبِى مُوسَى قال دَخَلْتُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَرَجُلاَنِ مِنْ بَنِى عَمِّى فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِّرْنَا عَلَى بَعْضِ مَا وَلاَّكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَالَ الآخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ « إِنَّا وَاللَّهِ لاَ نُوَلِّى عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ وَلاَ أَحَداً حَرَصَ عَلَيْهِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ ». قال فَقُلْتُ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِى عَلَى مَا فِى أَنْفُسِهِمَا وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ. قال وَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ وَقَدْ قَلَصَتْ فَقَالَ « لَنْ أَوْ لاَ نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسِ ». فَبَعَثَهُ عَلَى الْيَمَنِ ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قال انْزِلْ وَأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ قال مَا هَذَا قال هَذَا كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ دِينَ السَّوْءِ فَتَهَوَّدَ قال لاَ أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ اجْلِسْ نَعَمْ. قال لاَ أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ثُمَّ تَذَاكَرَا الْقِيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا مُعَاذٌ أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ وَأَرْجُو فِى نَوْمَتِى مَا أَرْجُو فِى قَوْمَتِى.(2/330)
وَعَنْ أَبِى ذَرٍّ قال قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِى قال فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِى ثُمَّ قال « يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ ضَعِيفٌ وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْىٌ وَنَدَامَةٌ إِلاَّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِى عَلَيْهِ فِيهَا ».
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّى أَرَاكَ ضَعِيفاً وَإِنِّى أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِى لاَ تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ وَلاَ تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ ».
بَابُ من ولى شيئًا فعدل فيه ورفق
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِى حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا ».
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ قال أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ شَىْءٍ فَقالت : مِمَّنْ أَنْتَ فَقُلْتُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ. فَقالت : كَيْفَ كَانَ صَاحِبُكُمْ لَكُمْ فِى غَزَاتِكُمْ هَذِهِ فَقَالَ مَا نَقَمْنَا مِنْهُ شَيْئاً إِنْ كَانَ لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا الْبَعِيرُ فَيُعْطِيهِ الْبَعِيرَ وَالْعَبْدُ فَيُعْطِيهِ الْعَبْدَ وَيَحْتَاجُ إِلَى النَّفَقَةِ فَيُعْطِيهِ النَّفَقَةَ فَقالت : أَمَا إِنَّهُ لاَ يَمْنَعُنِى الَّذِى فَعَلَ فِى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ أَخِى أَنْ أُخْبِرَكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى بَيْتِى هَذَا « اللَّهُمَّ مَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئاً فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِىَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِى شَيْئاً فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ ».(2/331)
بَابُ الرعية والعدل فيها وكيف إن غش
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالأَمِيرُ الَّذِى عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِىَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ».
وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ الْمُزَنِىِّ أَنَّهُ قال فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ إِنِّى مُحَدِّثُكَ حَدِيثاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِى حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِى أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لاَ يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ إِلاَّ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ ».
وَعَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالَ أَىْ بُنَىَّ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطَمَةُ فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ». فَقَالَ لَهُ اجْلِسْ فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ وَهَلْ كَانَتْ لَهُمْ نُخَالَةٌ إِنَّمَا كَانَتِ النُّخَالَةُ بَعْدَهُمْ وَفِى غَيْرِهِمْ.(2/332)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ ثُمَّ قال « لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئاً قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئاً قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئاً قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئاً قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِى. فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئاً قَدْ أَبْلَغْتُكَ. لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِى فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئاً قَدْ أَبْلَغْتُكَ ».(2/333)
وَعَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىِّ قال اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مِنَ الأَسْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ - قال عَمْرٌو وَابْنُ أَبِى عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ - فَلَمَّا قَدِمَ قال هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِى أُهْدِىَ لِى قال فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ « مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِىَ لِى. أَفَلاَ قَعَدَ فِى بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِى بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لاَ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئاً إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ ». ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَىْ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قال « اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ». مَرَّتَيْنِ.
وَفِى رِوَايَةٍ : اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى صَدَقَاتِ بَنِى سُلَيْمٍ فَجَاءَ بِسَوَادٍ كَثِيرٍ....
وَعَنْ عَدِىِّ بْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِىِّ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطاً فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولاً يَأْتِى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». قال فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَسْوَدُ مِنَ الأَنْصَارِ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْبَلْ عَنِّى عَمَلَكَ قال « وَمَا لَكَ ». قال سَمِعْتُكَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا. قال « وَأَنَا أَقُولُهُ الآنَ مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ فَمَا أُوتِىَ مِنْهُ أَخَذَ وَمَا نُهِىَ عَنْهُ انْتَهَى ».(2/334)
بَابُ وجوب طاعة السلطان إذا أمر بطاعة الله عز وجل فى العسر واليسر
عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قال نَزَلَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ ) فِى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِىٍّ السَّهْمِىِّ بَعَثَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَرِيَّةٍ. أَخْبَرَنِيهِ يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ أَطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ يَعْصِنِى فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ يُطِعِ الأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِى وَمَنْ يَعْصِ الأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِى ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «...... أَمِيرِى....... »
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِى عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ ». ( ورقة 123)
بَابُ العمل بطاعة السلطان وإن كان عبدًا إذا عدل بكتاب الله عز وجل
عَنْ أَبِى ذَرٍّ قال إِنَّ خَلِيلِى أَوْصَانِى أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْداً مُجَدَّعَ الأَطْرَافِ.
وَفِى رِوَايَةٍ : عَبْداً حَبَشِيًّا.
وَعَنْ يَحْيَى بْنِ حُصَيْنٍ قال سَمِعْتُ جَدَّتِى تُحَدِّثُ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ يَقُولُ « وَلَوِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاسْمَعُوا [لَهُ] وَأَطِيعُوا ».(2/335)
وَعَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ جَدَّةِ يَحْيَى بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهَا حَجَّتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَجَّةَ الْوَدَاعِ - قالت : - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَوْلاً كَثِيراً ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ « إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ - حَسِبْتُهَا قالت : - أَسْوَدُ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلاَّ أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ فَإِنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ ».
وَعَنْ عَلِىٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ جَيْشاً وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً فَأَوْقَدَ نَاراً وَقَالَ ادْخُلُوهَا. فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا وَقَالَ الآخَرُونَ إِنَّا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا « لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ». وَقَالَ لِلآخَرِينَ قَوْلاً حَسَناً وَقَالَ « لاَ طَاعَةَ فِى مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِى الْمَعْرُوفِ ».
زاد فى رواية : أَلَمْ يَأْمُرْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَسْمَعُوا لِى وَتُطِيعُوا قَالُوا بَلَى. قال فَادْخُلُوهَا.
بَابُ السمع والطاعة إلا أن يروا كفرًا بواحًا(2/336)
عَنْ عُبَادَةَ قال بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِى الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَعَلَى أَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا لاَ نَخَافُ فِى اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ.
زاد فى رواية : « إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ [فِيهِ] بُرْهَانٌ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ ».
بَابُ الوفاء بالبيعة للخلافة الأول فالأول
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِىٌّ خَلَفَهُ نَبِىٌّ وَإِنَّهُ لاَ نَبِىَّ بَعْدِى وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ ». قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قال « فُوا بِبَيْعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ ».
بَابُ ما يجب على العبد استعماله إذا تغيرت الأمور والأمراء
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِى أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ قال « تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِى عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِى لَكُمْ ».(2/337)
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قال دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِى جَشَرِهِ إِذْ نَادَى مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ جَامِعَةً. فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِىٌّ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِى أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاَءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا وَتَجِىءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضاً وَتَجِىءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِى. ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِىءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ هَذِهِ. فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِى يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ وَمَنْ بَايَعَ إِمَاماً فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ ». فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ أَنْشُدُكَ اللَّهَ آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ وَقَالَ سَمِعَتْهُ أُذُنَاىَ(2/338)
وَوَعَاهُ قَلْبِى. فَقُلْتُ لَهُ هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا وَاللَّهُ يَقُولُ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ) قال فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قال أَطِعْهُ فِى طَاعَةِ اللَّهِ وَاعْصِهِ فِى مَعْصِيَةِ اللَّهِ.
بَابُ الأمر بالصبر عند الأثرة
عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَلاَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِى كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلاَناً فَقَالَ « إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ ».
بَابُ الأمر بطاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق
عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِىِّ عَنْ أَبِيهِ قال سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِىُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فِى الثَّانِيَةِ أَوْ فِى الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ « اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ ».
بَابُ من سأل عن الشر مخافة أن يدركه(2/339)
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قال كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قال « نَعَمْ » فَقُلْتُ هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قال « نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ ». قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قال « قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِى وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِى تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ ». فَقُلْتُ هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قال « نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. قال « نَعَمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِى ذَلِكَ قال « تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ». فَقُلْتُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قال « فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ». قال قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قال « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ لَهُ وَأَطِعْ ».
بَابُ إثم من فارق الجماعة(2/340)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِى لِذِى عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ ».
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْراً فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ ».
وَعَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِىِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَدْعُو عَصَبِيَّةً أَوْ يَنْصُرُ عَصَبِيَّةً فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ ».
وَعَنْ نَافِعٍ قال جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ اطْرَحُوا لأَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً فَقَالَ إِنِّى لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ أَتَيْتُكَ لأُحَدِّثَكَ حَدِيثاً سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ لَقِىَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِى عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ».
بَابُ إذا بويع اثنان قتل الثانى كائنًا من كان(2/341)
عَنْ عَرْفَجَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ وَهْىَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِناً مَنْ كَانَ » (1).
وَعَنْهُ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ ».
بَابُ إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخِرَ منهما
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الآخِرَ مِنْهُمَا ».
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِىَ وَتَابَعَ ». قَالُوا أَفَلاَ نُقَاتِلُهُمْ قال « لاَ مَا صَلَّوْا ». أَىْ مَنْ أَنْكَرَ بِقَلْبِهِ وَكَرِهَ بِقَلْبِهِ
بَابُ خيار الأئمة وشرارها
عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ فَقَالَ « لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاَتِكُمْ شَيْئاً تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلاَ تَنْزِعُوا يَداً مِنْ طَاعَةٍ ».
بَابُ عدد أصحاب الشجرة الذين بايعوا على ترك الفرار
__________
(1) : وفي رواية : « فَاقْتُلُوهُ »(2/342)
عَنْ جَابِرٍ قال كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفاً وَأَرْبَعَمِائَةٍ فَبَايَعْنَاهُ وَعُمَرُ آخِذٌ بِيَدِهِ [تَحْتَ الشَّجَرَةِ] وَهِىَ سَمُرَةٌ. وَقَالَ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَلاَ نَفِرَّ. وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ.
وَفِى رِوَايَةٍ : بَايَعْنَاهُ غَيْرَ جَدِّ ابْنِ قَيْسٍ الأَنْصَارِىِّ اخْتَبَأَ تَحْتَ بَطْنِ بَعِيرِهِ.
[وَفِى رِوَايَةٍ :] دَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بِئْرِ الْحُدَيْبِيَةِ.
وَفِى رِوَايَةٍ : فَقَالَ لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ ». وَقَالَ جَابِرٌ لَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ لأَرَيْتُكُمْ مَوْضِعَ الشَّجَرَةِ.
وَفِى رِوَايَةٍ : كُنَّا أَلْفاً وَخَمْسَمِائَةٍ.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قال كَانَ أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ أَلْفاً وَثَلاَثَمِائَةٍ وَكَانَتْ أَسْلَمُ ثُمُنَ الْمُهَاجِرِينَ.
وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قال لَقَدْ رَأَيْتُنِى يَوْمَ الشَّجَرَةِ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَايِعُ النَّاسَ وَأَنَا رَافِعٌ غُصْناً مِنْ أَغْصَانِهَا عَنْ رَأْسِهِ وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً قال لَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لاَ نَفِرَّ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قال كَانَ أَبِى مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ الشَّجَرَةِ. قال فَانْطَلَقْنَا فِى قَابِلٍ حَاجِّينَ فَخَفِىَ عَلَيْنَا مَكَانُهَا فَإِنْ كَانَتْ تَبَيَّنَتْ لَكُمْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ.
وَفِى رِوَايَةٍ : عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الشَّجَرَةِ قال فَنَسُوهَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ.
بَابُ من قال إنما بايعنا يوم الحديبية على الموت(2/343)
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ قال قُلْتُ لِسَلَمَةَ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قال عَلَى الْمَوْتِ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قال أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ هَذَاكَ ابْنُ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ فَقَالَ عَلَى مَاذَا قال عَلَى الْمَوْتِ قال لاَ أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَداً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وَعَنْهُ (1) أَنَّ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَقَالَ يَا ابْنَ الأَكْوَعِ ارْتَدَدْتَ عَلَى عَقِبَيْكَ تَعَرَّبْتَ قال لاَ وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ لِى فِى الْبَدْوِ.
بَابُ لا هجرة بعد الفتح
عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ السُّلَمِىِّ قال أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُبَايِعُهُ عَلَى الْهِجْرَةِ فَقَالَ « إِنَّ الْهِجْرَةَ قَدْ مَضَتْ لأَهْلِهَا وَلَكِنْ عَلَى الإِسْلاَمِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ ».
وَعَنْهُ قال جِئْتُ بِأَخِى أَبِى مَعْبَدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ الْفَتْحِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ عَلَى الْهِجْرَةِ. قال « قَدْ مَضَتِ الْهِجْرَةُ بِأَهْلِهَا ». قُلْتُ فَبِأَىِّ شَىْءٍ تُبَايِعُهُ قال « عَلَى الإِسْلاَمِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ ». قال أَبُو عُثْمَانَ فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ مُجَاشِعٍ فَقَالَ صَدَقَ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ « لاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا ».
__________
(1) : كذا بالأصل، وهو : يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ.(2/344)
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ « لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا ».
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ « وَيْحَكَ إِنَّ شَأْنَ الْهِجْرَةِ لَشَدِيدٌ فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ ». قال نَعَمْ. قال « فَهَلْ تُؤْتِى صَدَقَتَهَا ». قال نَعَمْ. قال « فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئاً ».
بَابُ هجرة المؤمنات وامتحانهن عند المبايعة(2/345)
عَنْ عَائِشَةَ قالت : كَانَتِ الْمُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُمْتَحَنَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ( يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قالت : عَائِشَةُ فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ قال لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ ». وَلاَ وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ. غَيْرَ أَنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بِالْكَلاَمِ - قالت : عَائِشَةُ - وَاللَّهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى النِّسَاءِ قَطُّ إِلاَّ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَا مَسَّتْ كَفُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ وَكَانَ يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ « قَدْ بَايَعْتُكُنَّ ». كَلاَماً.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال كُنَّا نُبَايِعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا « فِيمَا اسْتَطَعْتَ ».
بَابُ الحد بين الصغير والكبير(2/346)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال عَرَضَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ فِى الْقِتَالِ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِى وَعَرَضَنِى يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِى. قال نَافِعٌ فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. فَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ كَانَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَاجْعَلُوهُ فِى الْعِيَالِ.
بَابُ النهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ.
وَفِى رِوَايَةٍ : مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ. (1)
زاد فى رواية : [قَالَ] أَيُّوبُ فَقَدْ نَالَهُ الْعَدُوُّ وَخَاصَمُوكُمْ بِهِ.
بَابُ سبق الخيل
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَابَقَ بِالْخَيْلِ الَّتِى قَدْ أُضْمِرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِى لَمْ تُضْمَرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِى زُرَيْقٍ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا.
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « الْخَيْلُ فِى نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ».
__________
(1) : وفي رواية : قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ فَإِنِّى لاَ آمَنُ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ ». وهي أول الرواية التي فيها قول أيوب.(2/347)
وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلْوِى نَاصِيَةَ فَرَسٍ بِإِصْبَعِهِ وَهُوَ يَقُولُ « الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ ».
وَعَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِىِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِى نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ » (1).
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْبَرَكَةُ فِى نَوَاصِى الْخَيْلِ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : « يُكْرَهُ الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ ». وَالشِّكَالُ أَنْ يَكُونَ الْفَرَسُ فِى رِجْلِهِ الْيُمْنَى بَيَاضٌ وَفِى يَدِهِ الْيُسْرَى أَوْ فِى يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى (2).
كتاب الجهاد
بَابُ تمنى الشهادة فى سبيل الله ( ورقة 125 )
__________
(1) : كذا بالصحيح. وفي الأصل : « الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِى الْخَيْلِ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ ». ولفظ الصحيح كما أوردناه. والله أعلم
(2) : كذا بالأصل. وفي الصحيح بسنده : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَكْرَهُ الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ. من قول أبي هريرة. ثم ذكر بعدها رواية، فقال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِى ابْنَ جَعْفَرٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِى وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ جَمِيعاً عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِىِّ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. بِمِثْلِ حَدِيثِ وَكِيعٍ(2/348)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِى سَبِيلِهِ لاَ يُخْرِجُهُ إِلاَّ جِهَاداً فِى سَبِيلِى وَإِيمَاناً بِى وَتَصْدِيقاً بِرُسُلِى فَهُوَ عَلَىَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِى خَرَجَ مِنْهُ نَائِلاً مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ. وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلاَ أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلاَفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَبَداً وَلَكِنْ لاَ أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلاَ يَجِدُونَ سَعَةً وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّى وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّى أَغْزُو فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ » (1).
بَابُ فضل الشهادة
__________
(1) : وفي رواية : « وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ فِى يَدِهِ لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكِنْ لاَ أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلاَ يَجِدُونَ سَعَةً فَيَتَّبِعُونِى وَلاَ تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنْ يَقْعُدُوا بَعْدِى ».(2/349)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ لَهَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ يَسُرُّهَا أَنَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا وَلاَ أَنَّ لَهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلاَّ الشَّهِيدُ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ » (1).
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قال « لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ ». قال فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ « لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ ». وَقَالَ فِى الثَّالِثَةِ « مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لاَ يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلاَ صَلاَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى ».
بابٌ قَوْلُهُ : ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ )
__________
(1) : كذا بالأصل. وهو مركب من الروايتين التي خلف بعضهما في الصحيح. فالأولى تنتهي بقوله : «...... فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ فَيُقْتَلَ فِى الدُّنْيَا لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ ».
والثانية أولها : « مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَنَّ لَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَىْءٍ غَيْرُ الشَّهِيدِ......... ».(2/350)
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قال كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَجُلٌ مَا أُبَالِى أَنْ لاَ أَعْمَلَ عَمَلاً بَعْدَ الإِسْلاَمِ إِلاَّ أَنْ أُسْقِىَ الْحَاجَّ. وَقَالَ آخَرُ مَا أُبَالِى أَنْ لاَ أَعْمَلَ عَمَلاً بَعْدَ الإِسْلاَمِ إِلاَّ أَنْ أَعْمُرَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ. وَقَالَ آخَرُ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِمَّا قُلْتُمْ. فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ وَقَالَ لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَلَكِنْ إِذَا صَلَّيْتُ الْجُمُعَةَ دَخَلْتُ فَاسْتَفْتَيْتُهُ فِيمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) الآيَةَ إِلَى آخِرِهَا.
بَابُ الغدوة والروحة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَغَدْوَةٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ».
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « وَالْغَدْوَةَ يَغْدُوهَا الْعَبْدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا » (1).
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَوْلاَ أَنَّ رِجَالاً مِنْ أُمَّتِى ». وَسَاقَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ « وَلَرَوْحَةٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَدْوَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ».
__________
(1) : وفي رواية : « غَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ..... ».(2/351)
وَعَنْ [أَبِي] أَيُّوبَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « غَدْوَةٌ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ ».
بَابُ أفضل الأعمال الإيمان والجهاد
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ». فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ أَعِدْهَا عَلَىَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفَعَلَ ثُمَّ قال « وَأُخْرَى يُرْفَعُ بِهَا الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِى الْجَنَّةِ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ». قال وَمَا هِىَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ».
بَابُ من قُتل فى سبيل الله كُفّرت خطاياه إلا الدين(2/352)
عَنْ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ « أَنَّ الْجِهَادَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَالإِيمَانَ بِاللَّهِ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ تُكَفَّرُ عَنِّى خَطَايَاىَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « نَعَمْ إِنْ قُتِلْتَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ ». ثُمَّ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كَيْفَ قُلْتَ ». قال أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّى خَطَايَاىَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « نَعَمْ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ إِلاَّ الدَّيْنَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قال لِى ذَلِكَ ».
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلاَّ الدَّيْنَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « الْقَتْلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يُكَفِّرُ كُلَّ شَىْءٍ إِلاَّ الدَّيْنَ ».
بَابُ ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً ) وأرواح الشهداء(2/353)
عَنْ مَسْرُوقٍ قال سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) قال أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ « أَرْوَاحُهُمْ فِى جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِى إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلاَعَةً فَقَالَ هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئاً قَالُوا أَىَّ شَىْءٍ نَشْتَهِى وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا قَالُوا يَا رَبِّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِى أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِى سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى. فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا ».
بَابُ أى الناس أفضل
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَىُّ النَّاسِ أَفْضَلُ فَقَالَ « رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ » قال ثُمَّ مَنْ قال « مُؤْمِنٌ فِى شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللَّهَ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ ».(2/354)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لَهُمْ رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِى الْقَتْلَ وَالْمَوْتَ مَظَانَّهُ أَوْ رَجُلٌ فِى غُنَيْمَةٍ فِى رَأْسِ شَعَفَةٍ مِنْ هَذِهِ الشَّعَفِ أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِنْ هَذِهِ الأَوْدِيَةِ يُقِيمُ الصَّلاَةَ وَيُؤْتِى الزَّكَاةَ وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ فِى خَيْرٍ ».
بَابُ الرجلان يقتل أحدهما صاحبه يدخلان الجنة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ كِلاَهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ». فَقَالُوا كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « يُقَاتِلُ هَذَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْلِمُ فَيُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَشْهَدُ ».
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِى النَّارِ أَبَداً ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « لاَ يَجْتَمِعَانِ فِى النَّارِ اجْتِمَاعاً يَضُرُّ أَحَدُهُمَا الآخَرَ ». قِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « مُؤْمِنٌ قَتَلَ كَافِراً ثُمَّ سَدَّدَ ».
وَعَنْ أَبِى مَسْعُودٍ(1) الأَنْصَارِىِّ قال جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ فَقَالَ هَذِهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُمِائَةِ نَاقِةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ ».
__________
(1) : في الأصل : مَنْصُور. وما أثبتناه من الصحيح.(2/355)
وَعَنْهُ قال جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى أُبْدِعَ بِى فَاحْمِلْنِى فَقَالَ « مَا عِنْدِى ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ».
بَابُ من ادخر شيئًا من غازٍ لم يبارك له فيه
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ فَتًى مِنْ أَسْلَمَ قال يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أُرِيدُ الْغَزْوَ وَلَيْسَ مَعِى مَا أَتَجَهَّزُ قال « ائْتِ فُلاَناً فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَهَّزَ فَمَرِضَ ». فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ وَيَقُولُ أَعْطِنِى الَّذِى تَجَهَّزْتَ بِهِ قال يَا فُلاَنَةُ أَعْطِيهِ الَّذِى تَجَهَّزْتُ بِهِ وَلاَ تَحْبِسِى عَنْهُ شَيْئاً فَوَاللَّهِ لاَ تَحْبِسِى مِنْهُ شَيْئاً فَيُبَارَكَ لَكِ فِيهِ.
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « مَنْ جَهَّزَ غَازِياً فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا وَمَنَ خَلَفَهُ فِى أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا ».
بَابُ نيابة الخارج عن القاعد
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بَعْثاً إِلَى بَنِى لِحْيَانَ - مِنْ هُذَيْلٍ - فَقَالَ « لِيَنْبَعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَالأَجْرُ بَيْنَهُمَا ».(1)
__________
(1) : وفي رواية : « أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِى أَهْلِهِ وَمَالِهِ بِخَيْرٍ كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْخَارِجِ ».(2/356)
عَنْ بُرَيْدَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلاً مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فى أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ إِلاَّ وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ فَمَا ظَنُّكُمْ ».
بَابُ الحث على الجهاد وبعث العيون فى الغزو
عَنِ الْبَرَاءَ فِى هَذِهِ الآيَةِ ( لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ) فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْداً فَجَاءَ بِكَتِفٍ يَكْتُبُهَا فَشَكَا إِلَيْهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ فَنَزَلَتْ ( لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ ).
وَعَنْ جَابِرٍ قال [قَالَ] رَجُلٌ أَيْنَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ قُتِلْتُ قال « فِى الْجَنَّةِ ». فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ فِى يَدِهِ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
وَفِى رِوَايَةٍ :... يَوْمَ أُحُدٍ.
وَعَنِ الْبَرَاءِ(1) قال جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى النَّبِيتِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ الْمِصِّيصِىُّ حَدَّثَنَا عِيسَى - يَعْنِى ابْنَ يُونُسَ - عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قال جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى النَّبِيتِ - قَبِيلٍ مِنَ الأَنْصَارِ - فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « عَمِلَ هَذَا يَسِيراً وَأُجِرَ كَثِيراً ».
__________
(1) : في الأصل : وفي رواية. يعني أن الحديث من مسند جابر. وما أثبتناه من الصحيح(2/357)
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بُسَيْسَةَ عَيْناً يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِى سُفْيَانَ فَجَاءَ وَمَا فِى الْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرِى وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال لاَ أَدْرِى مَا اسْتَثْنَى بَعْضَ نِسَائِهِ قال فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ قال فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَكَلَّمَ فَقَالَ « إِنَّ لَنَا طَلِبَةً فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِراً فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا ». فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِى ظُهْرَانِهِمْ فِى عُلْوِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ « لاَ إِلاَّ مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِراً ». فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَىْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ ». فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ ». قال يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الأَنْصَارِىُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ قال « نَعَمْ ». قال بَخٍ بَخٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ ». قال لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قال « فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا ». فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرْنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قال لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِى هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ - قال - فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ. ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ.
بَابُ الجنة تحت ظلال السيوف(2/358)
عَنْ أَبِى مُوسَى قال بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ يَقُولُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ ». فَقَامَ رَجُلٌ رَثُّ الْهَيْئَةِ فَقَالَ يَا أَبَا مُوسَى آنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ هَذَا قال نَعَمْ. قال فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلاَمَ. ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ فَأَلْقَاهُ ثُمَّ مَشَى بِسَيْفِهِ إِلَى الْعَدُوِّ فَضَرَبَ بِهِ حَتَّى قُتِلَ.
وَعَنْ أَنَسٍ قال جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا أَنِ ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالاً يُعَلِّمُونَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُمُ الْقُرَّاءُ فِيهِمْ خَالِى حَرَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَدَارَسُونَ بِاللَّيْلِ يَتَعَلَّمُونَ وَكَانُوا بِالنَّهَارِ يَجِيئُونَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُونَهُ فِى الْمَسْجِدِ وَيَحْتَطِبُونَ فَيَبِيعُونَهُ وَيَشْتَرُونَ بِهِ الطَّعَامَ لأَهْلِ الصُّفَّةِ وَلِلْفُقَرَاءِ فَبَعَثَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ فَعَرَضُوا لَهُمْ فَقَتَلُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْمَكَانَ. فَقَالُوا اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا - قال - وَأَتَى رَجُلٌ حَرَاماً خَالَ أَنَسٍ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ بِرُمْحٍ حَتَّى أَنْفَذَهُ. فَقَالَ حَرَامٌ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِهِ « إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا وَإِنَّهُمْ قَالُوا اللَّهُمَّ بَلِّغْ عَنَّا نَبِيَّنَا أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا ».
بَابُ رجال صدقوا(2/359)
عَنْ أَنَسٍ قال عَمِّىَ الَّذِى سُمِّيتُ بِهِ لَمْ يَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَدْراً - قال - فَشَقَّ عَلَيْهِ قال أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غُيِّبْتُ عَنْهُ وَإِنْ أَرَانِىَ اللَّهُ مَشْهَداً فِيمَا بَعْدُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيَرَانِىَ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ - قال - فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا - قال - فَشَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ - قال - فَاسْتَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ لَهُ أَنَسٌ يَا أَبَا عَمْرٍو أَيْنَ فَقَالَ وَاهاً لِرِيحِ الْجَنَّةِ أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ - قال - فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ - قال - فَوُجِدَ فِى جَسَدِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ - قال - فَقالت : أُخْتُهُ عَمَّتِىَ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ فَمَا عَرَفْتُ أَخِى إِلاَّ بِبَنَانِهِ. وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) قال فَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ وَفِى أَصْحَابِهِ.
بَابُ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا
عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ أَنَّ رَجُلاً أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ فَمَنْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ أَعْلَى فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ».(2/360)
وَفِى رِوَايَةٍ : أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْقِتَالِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ غَضَباً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً قال فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ - وَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ قَائِماً - فَقَالَ « مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ».
بَابُ من قاتل للرياء والسمعة(2/361)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ فَقَالَ لَهُ نَاتِلُ أَهْلِ الشَّامِ أَيُّهَا الشَّيْخُ حَدِّثْنَا حَدِيثاً سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قال فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قال قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قال كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِىءٌ. فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِى النَّارِ وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قال فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قال تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ. قال كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ. وَقَرَأْتَ الْقَرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِى النَّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قال فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قال مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قال كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ. فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِىَ فِى النَّارِ ».
بَابُ تمام أجر الغازى فى ترك الغنيمة(2/362)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ إِلاَّ تَعَجَّلُوا ثُلُثَىْ أَجْرِهِمْ مِنَ الآخِرَةِ وَيَبْقَى لَهُمُ الثُّلُثُ وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « مَا مِنْ غَازِيَةٍ أَوْ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فَتَغْنَمُ وَتَسْلَمُ إِلاَّ كَانُوا قَدْ تَعَجَّلُوا ثُلُثَىْ أُجُورِهِمْ وَمَا مِنْ غَازِيَةٍ أَوْ سَرِيَّةٍ تُخْفِقُ وَتُصَابُ إِلاَّ تَمَّ أُجُورُهُمْ ».
بَابُ الأعمال بالنيات
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ».
بَابُ من طلب الشهادة
عَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقاً أُعْطِيَهَا وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ ».
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ».
بَابُ إثم من مات ولم يغز ولم ينو الغزو
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ ». قال ابْنُ سَهْمٍ قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ فَنُرَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.(2/363)
بَابُ من حبسه المرض عن الغزو فهو شريك فى الأجر
عَنْ جَابِرٍ قال كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزَاةٍ فَقَالَ « إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالاً مَا سِرْتُمْ مَسِيراً وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «........ إِلاَّ شَرِكُوكُمْ فِى الأَجْرِ ».
بَابُ غزو البحر
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً فَأَطْعَمَتْهُ ثُمَّ جَلَسَتْ تَفْلِى رَأْسَهُ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قالت : فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكاً عَلَى الأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ ». يَشُكُّ أَيَّهُمَا قال قالت : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ فَدَعَا لَهَا ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ قالت : فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ ». كَمَا قال فِى الأُولَى قالت : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ قال « أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ ». فَرَكِبَتْ أُمُّ حَرَامٍ بَنْتُ مِلْحَانَ الْبَحْرَ فِى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ.(2/364)
وَعَنْ أَنَسٍ عَنْ أُمِّ حَرَامٍ وَهْىَ خَالَةُ أَنَسٍ قالت : أَتَانَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً فَقَالَ عِنْدَنَا فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى قال « أُرِيتُ قَوْماً مِنْ أُمَّتِى يَرْكَبُونَ ظَهْرَ الْبَحْرِ كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ ». فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ قال « فَإِنَّكِ مِنْهُمْ ». قالت : ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ أَيْضاً وَهُوَ يَضْحَكُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ. قال « أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ ». قال فَتَزَوَّجَهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بَعْدُ فَغَزَا فِى الْبَحْرِ فَحَمَلَهَا مَعَهُ فَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ قُرِّبَتْ لَهَا بَغْلَةٌ فَرَكِبَتْهَا فَصَرَعَتْهَا فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا.
وَفِى رِوَايَةٍ : «...... يَرْكَبُونَ ظَهْرَ هَذَا الْبَحْرِ الأَخْضَرِ..... ».
بَابُ فضل الرباط ومن يستحق اسم الشهادة سوى المجاهد فى سبيل الله
عَنْ سَلْمَانَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِى كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِىَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ ».
بَابُ إماطة الأذى
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ». وَقَالَ « الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ».(2/365)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ قال « إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِى إِذاً لَقَلِيلٌ ». قَالُوا فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « مَنْ قُتِلَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِى الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِى الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ ». قال ابْنُ مِقْسَمٍ أَشْهَدُ عَلَى أَبِيكَ فِى [هَذَا] الْحَدِيثِ أَنَّهُ قال « وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ ».
وَعَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قالت : قال لِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ بِمَا مَاتَ يَحْيَى بْنُ أَبِى عَمْرَةَ قالت : قُلْتُ بِالطَّاعُونِ. قالت : فَقَالَ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ».
بَابُ الحث على تعلم الرمى
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ « وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتَمْ مِنْ قُوَّةٍ أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْىُ أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْىُ أَلاَ إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْىُ »
وَعَنْهُ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرَضُونَ وَيَكْفِيكُمُ اللَّهُ فَلاَ يَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَلْهُوَ بِأَسْهُمِهِ ».(2/366)
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَمَاسَةَ أَنَّ فُقَيْماً اللَّخْمِىَّ قال لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ تَخْتَلِفُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَرَضَيْنِ وَأَنْتَ كَبِيرٌ يَشُقُّ عَلَيْكَ. قال عُقْبَةُ لَوْلاَ كَلاَمٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ أُعَانِهِ. قال الْحَارِثُ فَقُلْتُ لاِبْنِ شُمَاسَةَ وَمَا ذَاكَ قال إِنَّهُ قال « مَنْ عَلِمَ الرَّمْىَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا أَوْ قَدْ عَصَى ».
بابٌ قَوْلُهُ عليه السلام : لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ إِلِى قِيَامِ السَّاعَةِ
عَنْ ثَوْبَانَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ ».
وَعَنْ قَيْسٍ عَنِ(1) الْمُغِيرَةِ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لَنْ يَزَالَ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ ».
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « لَنْ يَبْرَحَ هَذَا الدِّينُ قَائِماً يُقَاتِلُ عَلَيْهِ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ».
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ».
__________
(1) : في الأصل : بْنِ. وهو خطأ. والصواب ما أثبتناه كما في الصحيح.(2/367)
وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ قال سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ وَلاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ».
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ الْمَهْرِىِّ قال كُنْتُ عِنْدَ مَسْلَمَةَ بْنِ مُخَلَّدٍ وَعِنْدَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ هُمْ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَدْعُونَ اللَّهَ بِشَىْءٍ إِلاَّ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ. فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ فَقَالَ لَهُ مَسْلَمَةُ يَا عُقْبَةُ اسْمَعْ مَا يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ. فَقَالَ عُقْبَةُ هُوَ أَعْلَمُ وَأَمَّا أَنَا فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِى يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِمْ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ». فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَجَلْ. ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا كَرِيحِ الْمِسْكِ مَسُّهَا مَسُّ الْحَرِيرِ فَلاَ تَتْرُكُ نَفْساً فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنَ الإِيمَانِ إِلاَّ قَبَضَتْهُ ثُمَّ يَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ.(2/368)
بَابُ فضل الغرب والرفق بالبهائم واجتناب المبيت فى الطريق
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا سَافَرْتُمْ فِى الْخِصْبِ فَأَعْطُوا الإِبِلَ حَظَّهَا مِنَ الأَرْضِ وَإِذَا سَافَرْتُمْ فِى السَّنَةِ فَأَسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ وَإِذَا عَرَّسْتُمْ بِاللَّيْلِ فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ فَإِنَّهَا مَأْوَى الْهَوَامِّ بِاللَّيْلِ ».
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ».
بَابُ أمر المسافر بتعجيل الرجوع إذا قضى نهمته
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ ».
بَابُ كراهة الطروق ليلاً
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لاَ يَطْرُقُ أَهْلَهُ لَيْلاً وَكَانَ يَأْتِيهِمْ غُدْوَةً أَوْ عَشِيَّةً.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزَاةٍ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ فَقَالَ « أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلاً - أَىْ عِشَاءً - كَىْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ » (1).
__________
(1) : وفي رواية : « إِذَا قَدِمَ أَحَدُكُمْ لَيْلاً فَلاَ يَأْتِيَنَّ أَهْلَهُ طُرُوقاً حَتَّى تَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ ».(2/369)
وَعَنْهُ قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلاً يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ (1).
كتاب الصيد والذبائح (ورقة 128)
بَابُ صيد الكلب المعلم
عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قال قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أُرْسِلُ الْكِلاَبَ الْمُعَلَّمَةَ فَيُمْسِكْنَ عَلَىَّ وَأَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ « إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ ». قُلْتُ وَإِنْ قَتَلْنَ قال « وَإِنْ قَتَلْنَ مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مَعَهَا ». قُلْتُ لَهُ فَإِنِّى أَرْمِى بِالْمِعْرَاضِ الصَّيْدَ فَأُصِيبُ فَقَالَ « إِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ فَخَزَقَ فَكُلْهُ وَإِنْ أَصَابَهُ بِعَرْضِهِ فَلاَ تَأْكُلْهُ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « إِذَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ وَإِذَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَقَتَلَ فَإِنَّهُ وَقِيذٌ فَلاَ تَأْكُلْ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «..... فَإِنْ وَجَدْتَ عِنْدَهُ كَلْباً آخَرَ فَخَشِيتَ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مَعَهُ وَقَدْ قَتَلَهُ فَلاَ تَأْكُلْ إِنَّمَا ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تَذْكُرْهُ عَلَى غَيْرِهِ ».
بَابُ حكم الصيد بالنبل وإن غاب عنه
عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قال سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الصَّيْدِ قال « إِذَا رَمَيْتَ سَهْمَكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ فَإِنْ وَجَدْتَهُ قَدْ قَتَلَ فَكُلْ إِلاَّ أَنْ تَجِدَهُ قَدْ وَقَعَ فِى مَاءٍ فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِى الْمَاءُ قَتَلَهُ أَوْ سَهْمُكَ ».
__________
(1) : جملة : « يَتَخَوَّنُهُمْ أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ » اختلف في إدراجها. ولعل الصواب الإدراج، وصنيع مسلم في الصحيح في سرد الروايات وكلمة سفيان – راوي الحديث – في الحديث ليبين بها أنها مدرجة. والله أعلم.(2/370)
وَعَنْ أَبِى ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىِّ قال أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ نَأْكُلُ فِى آنِيَتِهِمْ وَأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِى وَأَصِيدُ بِكَلْبِىَ الْمُعَلَّمِ أَوْ بِكَلْبِىَ الَّذِى لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأَخْبِرْنِى مَا الَّذِى يَحِلُّ لَنَا مِنْ ذَلِكَ قال « أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكُمْ بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ تَأْكُلُونَ فِى آنِيَتِهِمْ فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فَلاَ تَأْكُلُوا فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ صَيْدٍ فَمَا أَصَبْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ كُلْ وَمَا أَصَبْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ ثُمَّ كُلْ وَمَا أَصَبْتَ بِكَلْبِكَ الَّذِى لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا رَمَيْتَ بِسَهْمِكَ فَغَابَ عَنْكَ فَأَدْرَكْتَهُ فَكُلْهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ ».
بَابُ النهى عن أكل كل ذى ناب
عَنْ أَبِى ثَعْلَبَةَ قال نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السَّبُعِ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « كُلُّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ ».
بَابُ النهى عن أكل ذى المخلب
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كُلِّ ذِى نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَعَنْ كُلِّ ذِى مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ.
بَابُ أكل دواب البحر(2/371)
عَنْ جَابِرٍ قال بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ نَتَلَقَّى عِيراً لِقُرَيْشٍ وَزَوَّدَنَا جِرَاباً مِنْ تَمْرٍ لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً - قال - فَقُلْتُ كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِهَا قال نَمَصُّهَا كَمَا يَمَصُّ الصَّبِىُّ ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلَى اللَّيْلِ وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ قال وَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَرُفِعَ لَنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ الضَّخْمِ فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هِىَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَ قال قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَيْتَةٌ ثُمَّ قال لاَ بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا قال فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْراً وَنَحْنُ ثَلاَثُ مِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا قال وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نَغْتَرِفُ مِنْ وَقْبِ عَيْنِهِ بِالْقِلاَلِ الدُّهْنَ وَنَقْتَطِعُ مِنْهُ الْفِدَرَ كَالثَّوْرِ - أَوْ كَقَدْرِ الثَّوْرِ - فَلَقَدْ أَخَذَ مِنَّا أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَأَقْعَدَهُمْ فِى وَقْبِ عَيْنِهِ وَأَخَذَ ضِلَعاً مِنْ أَضْلاَعِهِ فَأَقَامَهَا ثُمَّ رَحَلَ أَعْظَمَ بَعِيرٍ مَعَنَا فَمَرَّ مِنْ تَحْتِهَا وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ « هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَىْءٌ فَتُطْعِمُونَا ». قال فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ فَأَكَلَهُ.(2/372)
وَفِى رِوَايَةٍ أنهم كانوا : ثَلاَثُمِائَةِ رَاكِبٍ...... وأنهم أكلوا منها : نِصْفَ شَهْرٍ.
وَعَنْ جَابِرٍ قال فِى جَيْشِ الْخَبَطِ إِنَّ رَجُلاً نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ ثُمَّ ثَلاَثاً ثُمَّ ثَلاَثاً ثُمَّ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ.
وَفِى رِوَايَةٍ : بَعَثَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ ثَلاَثُمِائَةٍ نَحْمِلُ أَزْوَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا.
وَفِى رِوَايَةٍ : فَأَقَامُوا ثَمَانِىَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.(1)
بَابُ تحريم الحرم الإنسية
عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ.
وَعَنْ أَبِى ثَعْلَبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَكْلِ الْحِمَارِ الأَهْلِىِّ يَوْمَ خَيْبَرَ وَكَانَ النَّاسُ احْتَاجُوا إِلَيْهَا.
وَعَنِ الشَّيْبَانِىِّ قال سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ فَقَالَ أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ يَوْمَ خَيْبَرَ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَصَبْنَا لِلْقَوْمِ حُمُراً خَارِجَةً مِنَ الْمَدِينَةِ فَنَحَرْنَاهَا فَإِنَّ قُدُورَنَا لَتَغْلِى إِذْ نَادَى مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِ اكْفَئُوا الْقُدُورَ وَلاَ تَطْعَمُوا مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئاً فَقُلْتُ حَرَّمَهَا تَحْرِيمَ مَاذَا قال تَحَدَّثْنَا بَيْنَنَا فَقُلْنَا حَرَّمَهَا أَلْبَتَّةَ وَحَرَّمَهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ.
__________
(1) : في الصحيح : فَأَكَلَ مِنْهَا الْجَيْشُ ثَمَانِىَ عَشْرَةَ لَيْلَةً(2/373)
وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُلْقِىَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ نِيئَةً وَنَضِيجَةً ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْنَا بِأَكْلِهِ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال لاَ أَدْرِى إِنَّمَا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ أَوْ حَرَّمَهُ فِى يَوْمِ خَيْبَرَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.
وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قال خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى خَيْبَرَ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ الْيَوْمَ الَّذِى فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَاناً كَثِيرَةً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ » قَالُوا عَلَى لَحْمٍ. قال « عَلَى أَىِّ لَحْمٍ ». قَالُوا عَلَى لَحْمِ حُمُرٍ إِنْسِيَّةٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قال « أَوْ ذَاكَ ».
وَعَنْ أَنَسٍ قال لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ أَصَبْنَا حُمُراً خَارِجاً مِنَ الْقَرْيَةِ فَطَبَخْنَا مِنْهَا فَنَادَى مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَلاَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْهَا فَإِنَّهَا رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ. فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ بِمَا فِيهَا وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِمَا فِيهَا.
بَابُ أكل لحوم الخيل
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِى لُحُومِ الْخَيْلِ.(2/374)
وَفِى رِوَايَةٍ :........ وَحِمَارَ الْوَحْشِ (1).......
وَعَنْ أَسْمَاءَ قالت : نَحَرْنَا فَرَساً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلْنَاهُ.
بَابُ أكل الضب
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الضَّبِّ فَقَالَ « لَسْتُ بِآكِلِهِ وَلاَ مُحَرِّمِهِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِضَبٍّ فَلَمْ يَأْكُلْهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ.
وَعَنْهُ قال كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ سَعْدٌ وَأُتُوا بِلَحْمِ ضَبٍّ فَنَادَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كُلُوا فَإِنَّهُ حَلاَلٌ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِى ».
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتَ مَيْمُونَةَ فَأُتِىَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ اللاَّتِى فِى بَيْتِ مَيْمُونَةَ أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ. فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ فَقُلْتُ أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « لاَ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِى فَأَجِدُنِى أَعَافُهُ ». قال خَالِدٌ فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ.
زاد فى رواية :....... فَلَمْ يَنْهَنِى.
__________
(1) : أول الرواية : أَكَلْنَا زَمَنَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَحِمَارَ الْوَحْشِ.....(2/375)
وَعَنْهُ قال أَهْدَتْ خَالَتِى أُمُّ حُفَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَمْناً وَأَقِطاً وَأَضُبًّا فَأَكَلَ مِنَ السَّمْنِ وَالأَقِطِ وَتَرَكَ الضَّبَّ تَقَذُّراً وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - [وَلَوْ كَانَ حَرَاماً مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.]
[عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ قال دَعَانَا عَرُوسٌ](1) بِالْمَدِينَةِ فَقَرَّبَ إِلَيْنَا ثَلاَثَةَ عَشَرَ ضَبًّا فَآكِلٌ وَتَارِكٌ فَلَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنَ الْغَدِ فَأَخْبَرْتُهُ فَأَكْثَرَ الْقَوْمُ حَوْلَهُ حَتَّى قال بَعْضُهُمْ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ آكُلُهُ وَلاَ أَنْهَى عَنْهُ وَلاَ أُحَرِّمُهُ ». فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِئْسَ مَا قُلْتُمْ مَا بُعِثَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ مُحِلاًّ وَمُحَرِّماً إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَمَا هُوَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَعِنْدَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَامْرَأَةٌ أُخْرَى إِذْ قُرِّبَ إِلَيْهِمْ خِوَانٌ عَلَيْهِ لَحْمٌ فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْكُلَ قالت : لَهُ مَيْمُونَةُ إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ. فَكَفَّ يَدَهُ وَقَالَ « هَذَا لَحْمٌ لَمْ آكُلْهُ قَطُّ ». وَقَالَ لَهُمْ « كُلُوا ». فَأَكَلَ مِنْهُ الْفَضْلُ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالْمَرْأَةُ. وَقالت : مَيْمُونَةُ لاَ آكُلُ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ شَىْءٌ يَأْكُلُ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وَعَنْ جَابِرٍ قال أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِضَبٍّ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ وَقَالَ « لاَ أَدْرِى لَعَلَّهُ مِنَ الْقُرُونِ الَّتِى مُسِخَتْ ».
__________
(1) : سقط من الأصل استدرك من الصحيح.(2/376)
وَعَنْ عُمَرُ قال إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُحَرِّمْهُ. إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْفَعُ بِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ فَإِنَّمَا طَعَامُ عَامَّةِ الرِّعَاءِ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ عِنْدِى طَعِمْتُهُ (1).
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ قال قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضٍ مَضَبَّةٍ فَمَا تَأْمُرُنَا أَوْ فَمَا تُفْتِينَا قال « ذُكِرَ لِى أَنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ ». فَلَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَنْهَ.
بَابُ أكل الجراد
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى قال غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأْكُلُ الْجَرَادَ.
وَفِى رِوَايَةٍ : سِتَّ.
بَابُ أكل الأرنب
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال مَرَرْنَا فَاسْتَنْفَجْنَا أَرْنَباً بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فَسَعَوْا عَلَيْهِ فَلَغَبُوا. قال فَسَعَيْتُ حَتَّى أَدْرَكْتُهَا فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا فَبَعَثَ بِوَرِكِهَا وَفَخِذَيْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبِلَهُ.
بَابُ النهى عن الخذف
__________
(1) : زاد في رواية : إِنَّمَا عَافَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.(2/377)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ يَخْذِفُ فَقَالَ لَهُ لاَ تَخْذِفْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَكْرَهُ - أَوْ قال - يَنْهَى عَنِ الْخَذْفِ فَإِنَّهُ لاَ يُصْطَادُ بِهِ الصَّيْدُ وَلاَ يُنْكَأُ بِهِ الْعَدُوُّ وَلَكِنَّهُ يَكْسِرُ السِّنَّ وَيَفْقَأُ الْعَيْنَ. ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْذِفُ فَقَالَ لَهُ أُخْبِرُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَكْرَهُ أَوْ يَنْهَى عَنِ الْخَذْفِ ثُمَّ أَرَاكَ تَخْذِفُ لاَ أُكَلِّمُكَ كَلِمَةً كَذَا وَكَذَا.(1)
بَابُ الأمر بالإحسان وتحديد الشفرة
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قال ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ».
بَابُ النهى عن قتل البهائم صبرًا
عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا قال فَقَالَ أَنَسٌ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَتَّخِذُوا شَيْئاً فِيهِ الرُّوحُ غَرَضاً ».
__________
(1) : وفي رواية رفع التعليل للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : « إِنَّهَا لاَ تَصِيدُ صَيْداً وَلاَ تَنْكَأُ عَدُوًّا وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ » قال : فَعَادَ. فَقَالَ أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْهُ ثُمَّ تَخْذِفُ لاَ أُكَلِّمُكَ أَبَداً.(2/378)
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قال مَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِنَفَرٍ قَدْ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَتَرَامَوْنَهَا فَلَمَّا رَأَوُا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا عَنْهَا. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَنْ فَعَلَ هَذَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ مَنْ فَعَلَ هَذَا.(1)
وَعَنْ جَابِرٍ قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُقْتَلَ شَىْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ صَبْراً.
بَابُ النهى عن ذبح الأضحية قبل الصلاة ومتى تذبح
عَنْ جُنْدَبُ بْنُ سُفْيَانَ قال شَهِدْتُ الأَضْحَى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَعْدُ أَنْ صَلَّى وَفَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ سَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَرَى لَحْمَ أَضَاحِىَّ قَدْ ذُبِحَتْ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاَتِهِ فَقَالَ « مَنْ كَانَ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ - أَوْ نُصَلِّىَ - فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ ».
بَابُ منه
عَنِ الْبَرَاءِ قال ضَحَّى خَالِى أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِى جَذَعَةً مِنَ الْمَعْزِ فَقَالَ « ضَحِّ بِهَا وَلاَ تَصْلُحُ لِغَيْرِكَ ». ثُمَّ قال « مَنْ ضَحَّى قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ ».
__________
(1) : وفي رواية : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئاً فِيهِ الرُّوحُ غَرَضاً.(2/379)
وَعَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ « مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَلْيُعِدْ ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ. وَذَكَرَ هَنَةً مِنْ جِيرَانِهِ كَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَدَّقَهُ قال وَعِنْدِى جَذَعَةٌ هِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ شَاتَىْ لَحْمٍ أَفَأَذْبَحُهَا قال فَرَخَّصَ لَهُ فَقَالَ لاَ أَدْرِى أَبَلَغَتْ رُخْصَتُهُ مَنْ سِوَاهُ أَمْ لاَ قال وَانْكَفَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى كَبْشَيْنِ فَذَبَحَهُمَا فَقَامَ النَّاسُ إِلَى غُنَيْمَةٍ فَتَوَزَّعُوهَا. أَوْ قال فَتَجَزَّعُوهَا.
بَابُ ما يجزئ الأضحية من السن
عَنْ جَابِرٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ ».
بَابُ الأضحية بالجذعة من الضأن
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَاهُ غَنَماً يَقْسِمُهَا عَلَى أَصْحَابِهِ ضَحَايَا فَبَقِىَ عَتُودٌ فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « ضَحِّ بِهِ أَنْتَ ».
بَابُ استحبَابُ الأضحية بكبشين أملحين أقرنين باليد ويسمى ويكبر
عَنْ أَنَسٍ قال ضَحَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا.
وَفِى رِوَايَةٍ : وَيَقُولُ « بِاسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ».(2/380)
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِى سَوَادٍ وَيَبْرُكُ فِى سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِى سَوَادٍ فَأُتِىَ بِهِ لِيُضَحِّىَ بِهِ فَقَالَ لَهَا « يَا عَائِشَةُ هَلُمِّى الْمُدْيَةَ ». ثُمَّ قال « اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ ». فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قال « بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ». ثُمَّ ضَحَّى بِهِ.
بَابُ الذبح بما أنهر الدم والنهى عن السن والظفر
عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لاَقُو الْعَدُوِّ غَداً وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى قال - صلى الله عليه وسلم - « أَعْجِلْ أَوْ أَرْنِى مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ فَكُلْ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ وَسَأُحَدِّثُكَ أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ ». قال وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبِلٍ وَغَنَمٍ فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ لِهَذِهِ الإِبِلِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَإِذَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا شَىْءٌ فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا ».
بَابُ النهى عن أكل الأضحية(1) بعد ثلاث
عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ قال شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَأْكُلَ مِنْ لُحُومِ نُسُكِنَا بَعْدَ ثَلاَثٍ.
وَفِى رِوَايَةٍ :...... فَلاَ تَأْكُلُوا.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ».
__________
(1) : في الأصل : الضحى.(2/381)
زاد فى رواية : فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَأْكُلُ لُحُومَ الأَضَاحِىِّ فَوْقَ ثَلاَثٍ.
وَفِى رِوَايَةٍ :...... بَعْدَ ثَلاَثٍ.
بَابُ الرخصة فيه وجواز الادخار
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثٍ. قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ فَقالت : صَدَقَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حِضْرَةَ الأَضْحَى زَمَنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ادَّخِرُوا ثَلاَثاً ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِىَ ». فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ وَيَحْمِلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَمَا ذَاكَ ». قَالُوا نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثٍ. فَقَالَ « إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِى دَفَّتْ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا ».
وَعَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثٍ ثُمَّ قال بَعْدُ « كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا ».
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ لاَ تَأْكُلُوا لُحُومَ الأَضَاحِىِّ فَوْقَ ثَلاَثٍ ». وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ لَهُمْ عِيَالاً وَحَشَماً وَخَدَماً فَقَالَ « كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَاحْبِسُوا أَوِ ادَّخِرُوا ». قال ابْنُ الْمُثَنَّى شَكَّ عَبْدُ الأَعْلَى.(2/382)
وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلاَ يُصْبِحَنَّ فِى بَيْتِهِ بَعْدَ ثَالِثَةٍ شَيْئاً ». فَلَمَّا كَانَ فِى الْعَامِ الْمُقْبِلِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ أَوَّلَ فَقَالَ « لاَ إِنَّ ذَاكَ عَامٌ كَانَ النَّاسُ فِيهِ بِجَهْدٍ فَأَرَدْتُ أَنْ يَفْشُوَ(1) فِيهِمْ ».
وَعَنْ ثَوْبَانَ قال ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَحِيَّتَهُ ثُمَّ قال « يَا ثَوْبَانُ أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ ». فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ (2).
وَعَنْ بُرَيْدَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِىِّ فَوْقَ ثَلاَثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلاَّ فِى سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِى الأَسْقِيَةِ كُلِّهَا وَلاَ تَشْرَبُوا مُسْكِراً ».
بَابُ إبطاله - صلى الله عليه وسلم - فعل أهل الجاهلية من ذبحهم للأصنام
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ فَرَعَ وَلاَ عَتِيرَةَ ». زَادَ ابْنُ رَافِعٍ فِى رِوَايَتِهِ وَالْفَرَعُ أَوَّلُ النِّتَاجِ كَانَ يُنْتَجُ لَهُمْ فَيَذْبَحُونَهُ.
بَابُ ترك أخذ الشعر والأظفار فى العشر للمضحى
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئاً ».
__________
(1) : كذا بالصحيح. وفي الأصل : تََفْشُوَ.
(2) : وفي رواية : قال : قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ.......(2/383)
وَفِى رِوَايَةٍ : « إِذَا رَأَيْتُمْ هِلاَلَ ذِى الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «..... فَلْيُمْسِكْ (1)حَتَّى يُضَحِّىَ ».
بَابُ النهى عن الذبح لغير الله تعالى
عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ قال كُنْتُ عِنْدَ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُسِرُّ إِلَيْكَ قال فَغَضِبَ وَقَالَ مَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُسِرُّ إِلَىَّ شَيْئاً يَكْتُمُهُ النَّاسَ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَنِى بِكَلِمَاتٍ أَرْبَعٍ. قال فَقَالَ مَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قال قَالَ « لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ آوَى مُحْدِثاً وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ ».
كتاب الأشربة ( ورقة 130 )
بَابُ تحريم شرب الخمر
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : «....... فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلاَ مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئاً حَتَّى يُضَحِّىَ ».(2/384)
عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ قال أَصَبْتُ شَارِفاً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَغْنَمٍ يَوْمَ بَدْرٍ وَأَعْطَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَارِفاً أُخْرَى فَأَنَخْتُهُمَا يَوْماً عِنْدَ بَابُ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِراً لأَبِيعَهُ وَمَعِىَ صَائِغٌ مِنْ بَنِى قَيْنُقَاعَ فَأَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَشْرَبُ فِى ذَلِكَ الْبَيْتِ مَعَهُ قَيْنَةٌ تُغَنِّيهِ فَقالت : أَلاَ يَا حَمْزَ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ فَثَارَ إِلَيْهِمَا حَمْزَةُ بِالسَّيْفِ فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا ثُمَّ أَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا. قُلْتُ لاِبْنِ شِهَابٍ وَمِنَ السَّنَامِ قال قَدْ جَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا فَذَهَبَ بِهَا. قال ابْنُ شِهَابٍ قال عَلِىٌّ : فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِى فَأَتَيْتُ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيْدٌ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَى حَمْزَةَ فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَرَفَعَ حَمْزَةُ بَصَرَهُ فَقَالَ هَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لآبَائِى فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقَهْقِرُ حَتَّى خَرَجَ عَنْهُمْ.
وَفِى رِوَايَةٍ : وَعَلِمَ أَنَّهُ ثَمِلٌ (1)
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ثَمِلٌ. يعني : حمزة رضي الله تعالى عنه.(2/385)
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال كُنْتُ سَاقِىَ الْقَوْمِ يَوْمَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ فِى بَيْتِ أَبِى طَلْحَةَ وَمَا شَرَابُهُمْ إِلاَّ الْفَضِيخُ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ. فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِى فَقَالَ اخْرُجْ فَانْظُرْ فَخَرَجْتُ فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِى أَلاَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ - قال - فَجَرَتْ فِى سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لِى أَبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ فَاهْرِقْهَا. فَهَرَقْتُهَا فَقَالُوا أَوْ قال بَعْضُهُمْ قُتِلَ فُلاَنٌ قُتِلَ فُلاَنٌ وَهِىَ فِى بُطُونِهِمْ - قال فَلاَ أَدْرِى هُوَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ )
زاد فى رواية : فَمَا رَاجَعُوهَا وَلاَ سَأَلُوا عَنْهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ.
وَعَنْهُ قال كُنْتُ أَسْقِى أَبَا طَلْحَةَ وَأَبَا دُجَانَةَ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فِى رَهْطٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَدَخَلَ عَلَيْنَا دَاخِلٌ فَقَالَ حَدَثَ خَبَرٌ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ. فَكَفَأْنَاهَا يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهَا لَخَلِيطُ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ.
وَعَنْهُ قال إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يُخْلَطَ التَّمْرُ وَالزَّهْوُ ثُمَّ يُشْرَبَ وَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ عَامَّةَ خُمُورِهِمْ يَوْمَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ.
وَعَنْهُ قال لَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ فِيهَا الْخَمْرَ وَمَا بِالْمَدِينَةِ شَرَابٌ يُشْرَبُ إِلاَّ مِنْ تَمْرٍ.
بَابُ النهى عن تخليل الخمر
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنِ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلاًّ فَقَالَ « لاَ ».
بَابُ النهى عن التداوى بالخمر(2/386)
عَنْ سُوَيْدِ بْنِ طَارِقٍ الْجُعْفِىِّ(1) سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَمْرِ فَنَهَا أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا فَقَالَ إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ فَقَالَ « إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ ».
بَابُ من أى شيء الخمر، والنهى عن انتباذ الخليطين
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «....... الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ ».
وَعَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُخْلَطَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ وَالْبُسْرُ وَالتَّمْرُ جَمِيعاً.
وَفِى رِوَايَةٍ : « لاَ تَجْمَعُوا بَيْنَ الرُّطَبِ وَالْبُسْرِ وَبَيْنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ تُنَبِّذاهُ(2) ».
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ أَنْ يُخْلَطَ بَيْنَهُمَا وَعَنِ التَّمْرِ وَالْبُسْرِ أَنْ يُخْلَطَ بَيْنَهُمَا.
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ مِنْكُمْ فَلْيَشْرَبْهُ زَبِيباً فَرْدًا أَوْ تَمْرًا فَرْداً أَوْ بُسْراً فَرْداً ».
وَعَنْ أَبِى قَتَادَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَنْتَبِذُوا الزَّهْوَ وَالرُّطَبَ جَمِيعاً وَلاَ تَنْتَبِذُوا الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ جَمِيعاً وَانْتَبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ ».
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : طَارِق بْنِ سُوّيدٍ. وكلاهما صحيح.
(2) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : نَبِيذاً(2/387)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالْبُسْرِ وَالتَّمْرِ وَقَالَ « يُنْبَذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ ».
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُخْلَطَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعاً وَأَنْ يُخْلَطَ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ جَمِيعاً وَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ جُرَشَ يَنْهَاهُمْ عَنْ خَلِيطِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَدْ نُهِىَ أَنْ يُنْبَذَ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ جَمِيعاً وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعاً.
بَابُ النَّهْىِ عَنْ وَالدُّبَّاءِ الْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ أَنْ يُنْبَذَ فِيهِ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ يَقُولُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَنْتَبِذُوا فِى الدُّبَّاءِ وَلاَ فِى الْمُزَفَّتِ ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاجْتَنِبُوا الْحَنَاتِمَ. قِيلَ لأَبِى هُرَيْرَةَ مَا الْحَنْتَمُ قال الْجِرَارُ الْخُضْرُ.
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ « أَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُقَيَّرِ - وَالْحَنْتَمُ الْمَزَادَةُ الْمَجْبُوبَةُ - وَلَكِنِ اشْرَبْ فِى سِقَائِكَ وَأَوْكِهِ ».
وَعَنْ عَلِىٍّ قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُنْتَبَذَ فِى الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ.(1)
__________
(1) : وفي رواية : أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ.(2/388)
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : نَهَانَا أَهْلَ الْبَيْتِ أَنْ نَنْتَبِذَ فِى الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ. قال قُلْتُ لَهُ أَمَا ذَكَرَتِ الْحَنْتَمَ وَالْجَرَّ قال إِنَّمَا أُحَدِّثُكَ بِمَا سَمِعْتُ أَأُحَدِّثُكَ مَا لَمْ أَسْمَعْ
وَعَنْهَا قالت : إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ قَدِمُوا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّبِيذِ فَنَهَاهُمْ أَنْ يَنْتَبِذُوا فِى الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ وَالْحَنْتَمِ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « أَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُقَيَّرِ ».
زاد فى رواية مَكَانَ : الْمُقَيَّرِ الْمُزَفَّتِ.
وزاد فى أخرى : وَأَنْ يُخْلَطَ الْبَلَحُ بِالزَّهْوِ.
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْجَرِّ أَنْ يُنْبَذَ فِيهِ.
وَعَنْهُ قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الشُّرْبِ فِى الْحَنْتَمَةِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا شَهِدَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ.
زاد فى رواية : حَرَّمَ نَبِيذَ الْجَرِّ. قُلْتُ وَأَىُّ شَىْءٍ نَبِيذُ الْجَرِّ فَقَالَ كُلُّ شَىْءٍ يُصْنَعُ مِنَ الْمَدَرِ (1).
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ نَبِيذِ الْجَرِّ وَالدُّبَّاءِ.
زاد فى رواية : وَالدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ(2) وَقَالَ « انْتَبِذُوا فِى الأَسْقِيَةِ ».
__________
(1) : التفسير من قول ابن عباس.
(2) : زاد في رواية : الْحَنْتَمِ.(2/389)
وَفِى رِوَايَةٍ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْحَنْتَمِ وَهِىَ الْجَرَّةُ وَعَنِ الدُّبَّاءِ وَهِىَ الْقَرْعَةُ وَعَنِ الْمُزَفَّتِ وَهُوَ الْمُقَيَّرُ وَعَنِ النَّقِيرِ وَهْىَ النَّخْلَةُ تُنْسَجُ نَسْجاً(1) وَتُنْقَرُ نَقْراً وَأَمَرَ أَنْ يُنْتَبَذَ فِى الأَسْقِيَةِ.
وَعَنْ جَابِرٍ(2) قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ.
قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ وَسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْجَرِّ وَالْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا لَمْ يَجِدْ شَيْئاً يُنْتَبَذُ لَهُ فِيهِ نُبِذَ لَهُ فِى تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ.
وَفِى رِوَايَةٍ : مِنْ بِرَامٍ.
عَنْ بُرَيْدَةَ(3) قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « نَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلاَّ فِى سِقَاءٍ فَاشْرَبُوا فِى الأَسْقِيَةِ كُلِّهَا وَلاَ تَشْرَبُوا مُسْكِراً ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « نَهَيْتُكُمْ عَنِ الظُّرُوفِ وَإِنَّ الظُّرُوفَ - أَوْ ظَرْفاً (4)- لاَ تُُحِلُّ شَيْئاً وَلاَ تُُحَرِّمُهُ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ».
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : تُنْسَحُ نَسْحاً
(2) : كذا بالأصل. وفي الصحيح زيادة : وَابْنِ عُمَرَ
(3) : في الأصل زيادة قبل قوله : عَنْ بُرَيْدَةَ. وهي : عَنْ ضِرَار. وهو أحد رجال الحديث لكن بينه وبين بريده رجلين أو أكثر.
(4) : كذا في الصحيح. وفي الأصل : أَوْ ظُرُوفاً. وهي لا تفيد معنى زائد.(2/390)
وَعَنِ ابْنِ عَمْرٍو قال لَمَّا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّبِيذِ فِى الأَوْعِيَةِ قَالُوا لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُ فَأَرْخَصَ لَهُمْ فِى الْجَرِّ غَيْرِ الْمُزَفَّتِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْبِتْعِ فَقَالَ « كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ ».
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْبُتْعِ(1) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ ».
وَعَنْ أَبِى مُوسَى قال بَعَثَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَاباً يُصْنَعُ بِأَرْضِنَا يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ مِنَ الشَّعِيرِ وَشَرَابٌ يُقَالُ لَهُ الْبِتْعُ مِنَ الْعَسَلِ فَقَالَ « كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ».
بَابُ تحريم كل مسكر
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ - وَجَيْشَانُ مِنَ الْيَمَنِ - فَسَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنَ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « أَوَمُسْكِرٌ هُوَ ». قال نَعَمْ. قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْداً لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قال « عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ ».
__________
(1) : كذا في الأصل ضبط قلم للباء فيها.(2/391)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِى الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ لَمْ يَشْرَبْهَا فِى الآخِرَةِ ».
بَابُ تحريم الخمر فى الآخرة على من شربها فى الدنيا إلا من تاب
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِى الدُّنْيَا حُرِمَهَا فِى الآخِرَةِ ».
بَابُ المدة التى ينتبذ إليها
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْتَبَذُ لَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَيَشْرَبُهُ إِذَا أَصْبَحَ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَاللَّيْلَةَ الَّتِى تَجِىءُ وَالْغَدَ وَاللَّيْلَةَ الأُخْرَى وَالْغَدَ إِلَى الْعَصْرِ فَإِنْ بَقِىَ شَىْءٌ سَقَاهُ الْخَادِمَ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَصُبَّ.
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنِ النَّبِيذِ فَدَعَتْ عَائِشَةُ جَارِيَةً حَبَشِيَّةً فَقالت : سَلْ هَذِهِ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : الْحَبَشِيَّةُ كُنْتُ أَنْبِذُ لَهُ فِى سِقَاءٍ مِنَ اللَّيْلِ وَأُوكِيهِ وَأُعَلِّقُهُ فَإِذَا أَصْبَحَ شَرِبَ مِنْهُ.
بَابُ ما ينبذ (…) فيشرب غدوة وبعكسه
عَنْ عَائِشَةَ قالت : كُنَّا نَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سِقَاءٍ يُوكَى أَعْلاَهُ وَلَهُ عَزْلاَءُ نَنْبِذُهُ غُدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عِشَاءً وَنَنْبِذُهُ عِشَاءً فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً.(2/392)
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قال دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِىُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى عُرْسِهِ فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ وَهِىَ الْعَرُوسُ قال سَهْلٌ تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِى تَوْرٍ فَلَمَّا أَكَلَ سَقَتْهُ إِيَّاهُ.
بَابُ الشرب فى القدح
عَنْ أَنَسٍ قال لَقَدْ سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحِى هَذَا الشَّرَابَ كُلَّهُ الْعَسَلَ وَالنَّبِيذَ وَالْمَاءَ وَاللَّبَنَ.
بَابُ شرب اللبن من الراعى
عَنِ الْبَرَاءِ قال قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لَمَّا خَرَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَرَرْنَا بِرَاعٍ وَقَدْ عَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال فَحَلَبْتُ لَهُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ. (1)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ.
بَابُ الأمر بتخمير الإناء
__________
(1) : زاد في رواية : عن الْبَرَاءَ يَقُولُ لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَتْبَعَهُ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ - قال : - فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَاخَتْ فَرَسُهُ فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ لِى وَلاَ أَضُرُّكَ. قال : فَدَعَا اللَّهَ - قال : - فَعَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -... الحديث(2/393)
عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِىُّ قال أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحِ لَبَنٍ مِنَ النَّقِيعِ لَيْسَ مُخَمَّراً فَقَالَ « أَلاَّ خَمَّرْتَهُ وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ عُوداً ». قال أَبُو حُمَيْدٍ إِنَّمَا أُمِرَ بِالأَسْقِيَةِ أَنْ تُوكَأَ لَيْلاً وَبِالأَبْوَابِ أَنْ تُغْلَقَ لَيْلاً.
وَعَنْ جَابِرٍ قال كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَسْقَى فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلاَ نَسْقِيكَ نَبِيذاً فَقَالَ « بَلَى ». قال فَخَرَجَ الرَّجُلُ يَسْعَى فَجَاءَ بِقَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَلاَّ خَمَّرْتَهُ وَلَوْ تَعْرُضُ عَلَيْهِ عُوداً ». قال فَشَرِبَ.
بَابُ سبب الأمر بتغطية الإناء وإطفاء النار
عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ وَأَغْلِقُوا الْبَابُ وَأَطْفِئُوا السِّرَاجَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَحُلُّ سِقَاءً وَلاَ يَفْتَحُ بَاباً وَلاَ يَكْشِفُ إِنَاءً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْرُضَ عَلَى إِنَائِهِ عُوداً وَيَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ ».(2/394)
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ - أَوْ أَمْسَيْتُمْ - فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَاباً مُغْلَقاً وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئاً وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ ».
بَابُ الأمر بتغطية الإناء وذكر اسم الله تَعَالَى
عَنْ جَابِرٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تُرْسِلُوا فَوَاشِيَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْبَعِثُ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَذْهَبَ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ ».
وَعَنْهُ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « غَطُّوا الإِنَاءَ وَأَوْكُوا السِّقَاءَ فَإِنَّ فِى السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ لاَ يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ إِلاَّ نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ ».(1) ( ورقة 132 )
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَتْرُكُوا النَّارَ فِى بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ ».
__________
(1) : زاد في رواية الليث من قوله : فَالأَعَاجِمُ عِنْدَنَا يَتَّقُونَ ذَلِكَ فِى كَانُونَ الأَوَّلِ.(2/395)
وَعَنْ أَبِى مُوسَى قال احْتَرَقَ بَيْتٌ عَلَى أَهْلِهِ بِالْمَدِينَةِ مِنَ اللَّيْلِ فَلَمَّا حُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَأْنِهِمْ قال « إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِىَ عَدُوٌّ لَكُمْ فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ ».
كتاب الأطعمة
بَابُ التسمية على الطعام
عَنْ حُذَيْفَةَ قال كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَاماً لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَضَعَ يَدَهُ وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ مَرَّةً طَعَاماً فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا تُدْفَعُ فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا فِى الطَّعَامِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهَا ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لاَ يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا فَجَاءَ بِهَذَا الأَعْرَابِىِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّ يَدَهُ فِى يَدِى مَعَ يَدِهَا ».
وَعَنْ جَابِرٍ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قال الشَّيْطَانُ لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ. وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قال الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ. وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قال أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ ».
بَابُ الأمر بالأكل باليمين والنهى عن الأكل بالشمال(2/396)
عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ ».
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ ».
زاد فى رواية : « وَلاَ يَأْخُذُ بِهَا وَلاَ يُعْطِى بِهَا »(1)
وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّ رَجُلاً أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشِمَالِهِ فَقَالَ « كُلْ بِيَمِينِكَ ». قال لاَ أَسْتَطِيعُ قال « لاَ اسْتَطَعْتَ ». مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الْكِبْرُ. قال فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ.
بَابُ الأمر بالأكل مما يليك والنهى عن اختناث(2) الأسقية
عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ قال كُنْتُ فِى حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ يَدِى تَطِيشُ فِى الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِى « يَا غُلاَمُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ ».
وَعَنْهُ قال أَكَلْتُ يَوْماً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلْتُ آخُذُ مِنْ لَحْمٍ حَوْلَ الصَّحْفَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كُلْ مِمَّا يَلِيكَ ».
__________
(1) : هذه الزيادة لعلها مدرجة من قول نافع، أو مرسلة، أو هي خطأ من حديث ابن عمر.
(2) : في الأصل : اجتناب. والصواب ما أثبتناه لموافقته للحديث.(2/397)
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ قال نَهَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اخْتِنَاثِ الأَسْقِيَةِ. أَنْ يُشْرَبَ مِنْ أَفْوَاهِهَا (1).
بَابُ النهى عن الشرب قائمًا
عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِماً. قال قَتَادَةُ فَقُلْنَا فَالأَكْلُ فَقَالَ ذَاكَ أَشَرُّ أَوْ أَخْبَثُ.
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - زَجَرَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِماً.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِماً فَمَنْ نَسِىَ فَلْيَسْتَقِئْ ».
بَابُ الرخصة فى الشرب قائمًا
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ زَمْزَمَ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ.
زاد فى رواية : وَاسْتَسْقَى وَهُوَ عِنْدَ الْبَيْتِ.
بَابُ النهى عن التنفس فى الإناء
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يُتَنَفَّسَ فِى الإِنَاءِ.
بَابُ جواز التنفس فى الإناء
عَنْ أَنَسٍ قال أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَنَفَّسُ فِى الشَّرَابِ ثَلاَثاً وَيَقُولُ « إِنَّهُ أَرْوَى وَأَبْرَأُ وَأَمْرَأُ ». [قَالَ أَنَسٌ] وََأَنَا أَتَنَفَّسُ فِى الشَّرَابِ ثَلاَثاً.
بَابُ السنة فى دفع الشراب إلى من عن يمينه
__________
(1) : زاد في رواية : وَاخْتِنَاثُهَا أَنْ يُقْلَبَ رَأْسُهَا ثُمَّ يُشْرَبَ مِنْهُ. ولعل هذه الزيادة تبين أن لفظة: " أَنْ يُشْرَبَ مِنْ أَفْوَاهِهَا " مدرجة من قول الزهري يبين فيها معنى الاختناث. والله أعلم(2/398)
عَنْ أَنَسِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِىٌّ وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ فَشَرِبَ ثُمَّ أَعْطَى الأَعْرَابِىَّ وَقَالَ « الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ ».
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتِىَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ فَقَالَ لِلْغُلاَمِ « أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أُعْطِىَ هَؤُلاَءِ ». فَقَالَ الْغُلاَمُ لاَ. وَاللَّهِ لاَ أُوثِرُ بِنَصِيبِى مِنْكَ أَحَداً ». قال فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى يَدِهِ.
بَابُ كراهية مسح اليد حتى تلعق
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَاماً فَلاَ يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا ».
وَعَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قال رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَلْعَقُ أَصَابِعَهُ الثَّلاَثَ مِنَ الطَّعَامِ.
بَابُ الأكل بثلاث(1) أصابع
عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأْكُلُ بِثَلاَثِ أَصَابِعَ فَإِذَا فَرَغَ لَعِقَهَا.
بَابُ مسح الصحفة واللقمة إذا وقعت
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِلَعْقِ الأَصَابِعِ وَالصَّحْفَةِ وَقَالَ « إِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ فِى أَيِّهِ الْبَرَكَةُ ».
__________
(1) : كذا بالأصل. والصواب : ثلاثة.(2/399)
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا وَقَعَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهَا فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى وَلْيَأْكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ وَلاَ يَمْسَحْ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ أَصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى فِى أَىِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةُ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَىْءٍ مِنْ شَأْنِهِ حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى ثُمَّ لْيَأْكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى فِى أَىِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ ».
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَكَلَ طَعَاماً لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلاَثَ. قال وَقَالَ « إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ ». وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ قال « فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ فِى أَىِّ طَعَامِكُمُ الْبَرَكَةُ » (1).
بَابُ من دعى إلى طعام فتبعه غيره
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث أبي هريرة : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : « إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى فِى أَيَّتِهِنَّ الْبَرَكَةُ ».(2/400)
عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قال كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو شُعَيْبٍ وَكَانَ لَهُ غُلاَمٌ لَحَّامٌ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَرَفَ فِى وَجْهِهِ الْجُوعَ فَقَالَ لِغُلاَمِهِ وَيْحَكَ اصْنَعْ لَنَا طَعَاماً لِخَمْسَةِ نَفَرٍ فَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ. قال فَصَنَعَ ثُمَّ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَاهُ خَامِسَ خَمْسَةٍ وَاتَّبَعَهُمْ رَجُلٌ فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابُ قال النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ هَذَا اتَّبَعَنَا فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ وَإِنْ شِئْتَ رَجَعَ ». قال لاَ بَلْ آذَنُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (1).
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ جَاراً لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَارِسِيًّا كَانَ طَيِّبَ الْمَرَقِ فَصَنَعَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ جَاءَ يَدْعُوهُ فَقَالَ « وَهَذِهِ ». لِعَائِشَةَ فَقَالَ لاَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ » فَعَادَ يَدْعُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَهَذِهِ ». قال لاَ. قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ ». ثُمَّ عَادَ يَدْعُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَهَذِهِ ». قال نَعَمْ. فِى الثَّالِثَةِ. فَقَامَا يَتَدَافَعَانِ حَتَّى أَتَيَا مَنْزِلَهُ.
بَابُ حضور الطعام من غير دعوة
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث جابر وقد رواه مسلم بسنده لزُهَيْرٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ.(2/401)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ « مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ ». قَالاَ الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « وَأَنَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَخْرَجَنِى الَّذِى أَخْرَجَكُمَا قُومُوا ». فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِى بَيْتِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قالت : مَرْحَباً وَأَهْلاً. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَيْنَ فُلاَنٌ ». قالت : ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ. إِذْ جَاءَ الأَنْصَارِىُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَاحِبَيْهِ ثُمَّ قال الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافاً مِنِّى - قال - فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ فَقَالَ كُلُوا مِنْ هَذِهِ. وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ ». فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ ».
(ورقة 133)
بَابُ الضيافة لمن عرفت حاجته من المؤمنين إلى الطعام، ومعجزة النبى - صلى الله عليه وسلم - فى القليل(2/402)
عَنْ جَابِرٍ قال لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصاً فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِى فَقُلْتُ لَهَا هَلْ عِنْدَكِ شَىْءٌ فَإِنِّى رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصاً شَدِيداً. فَأَخْرَجَتْ لِى جِرَاباً فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ - قال - فَذَبَحْتُهَا وَطَحَنَتْ فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِى فَقَطَّعْتُهَا فِى بُرْمَتِهَا ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : لاَ تَفْضَحْنِى بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ مَعَهُ - قال - فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَدْ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا وَطَحَنَتْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا فَتَعَالَ أَنْتَ فِى نَفَرٍ مَعَكَ. فَصَاحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ « يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ إِنَّ جَابِراً قَدْ صَنَعَ لَكُمْ سُوراً فَحَيَّهَلاَ بِكُمْ ». وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ وَلاَ تَخْبِزُنَّ عَجِينَتَكُمْ حَتَّى أَجِىءَ ». فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِى فَقالت : بِكَ وَبِكَ. فَقُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ الَّذِى قُلْتِ لِى. فَأَخْرَجْتُ لَهُ عَجِينَتَنَا فَبَصَقَ فِيهَا وَبَارَكَ ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ فِيهَا وَبَارَكَ ثُمَّ قال « ادْعِى خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعَكِ وَاقْدَحِى مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلاَ تُنْزِلُوهَا ». وَهُمْ أَلْفٌ فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لأَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِىَ وَإِنَّ عَجِينَتَنَا - أَوْ كَمَا قال الضَّحَّاكُ - لَتُخْبَزُ كَمَا هُوَ.(2/403)
وَعَنْ أَنَسٍ قال قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ قَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَعِيفاً أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَىْءٍ فَقالت : نَعَمْ. فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصاً مِنْ شَعِيرٍ ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَاراً لَهَا فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِى وَرَدَّتْنِى بِبَعْضِهِ ثُمَّ أَرْسَلَتْنِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِساً فِى الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ ». قال فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ « أَلِطَعَامٍ ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ مَعَهُ « قُومُوا ». قال فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ فَقالت : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قال - فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ حَتَّى دَخَلاَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « هَلُمِّى مَا عِنْدَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ». فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَفُتَّ وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ ثُمَّ قال فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ قال « ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ ». فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا(2/404)
ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قال « ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ ». فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قال « ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ ». حَتَّى أَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ رَجُلاً أَوْ ثَمَانُونَ.
زاد فى رواية : ثُمَّ أَكَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذَلِكَ وَأَهْلُ الْبَيْتِ وَتَرَكُوا سُؤْراً.
وَفِى رِوَايَةٍ : وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ فَأَهْدَيْنَاهَا لِجِيرَانِنَا.
وَعَنْهُ قال جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً فَوَجَدْتُهُ جَالِساً مَعَ أَصْحَابِهِ يُحَدِّثُهُمْ وَقَدْ عَصَّبَ بَطْنَهُ بِعِصَابَةٍ - قال أُسَامَةُ وَأَنَا أَشُكُّ - عَلَى حَجَرٍ فَقُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ لِمَ عَصَّبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَطْنَهُ فَقَالُوا مِنَ الْجُوعِ. فَذَهَبْتُ إِلَى أَبِى طَلْحَةَ وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ سُلَيْمٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَقُلْتُ يَا أَبَتَاهُ قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَصَّبَ بَطْنَهُ بِعِصَابَةٍ فَسَأَلْتُ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا مِنَ الْجُوعِ. فَدَخَلَ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى أُمِّى فَقَالَ هَلْ مِنْ شَىْءٍ فَقالت : نَعَمْ عِنْدِى كِسَرٌ مِنْ خُبْزٍ وَتَمَرَاتٌ فَإِنْ جَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحْدَهُ أَشْبَعْنَاهُ وَإِنْ جَاءَ آخَرُ مَعَهُ قَلَّ عَنْهُمْ. ثُمَّ ذَكَرَ سَائِرَ الْحَدِيثِ بِقِصَّتِهِ.
بَابُ أكل الدباء(2/405)
عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ إِنَّ خَيَّاطاً دَعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَهُ. قال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ فَقَرَّبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خُبْزاً مِنْ شَعِيرٍ وَمَرَقاً فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ. قال أَنَسٌ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَىِ الصَّحْفَةِ. قال فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مُنْذُ يَوْمَئِذٍ.
بَابُ أكل التمر وإلقاء النوى بين الإصعبين للسنة
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ(1) قال نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَبِى - قال - فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ طَعَاماً وَوَطْبَةً فَأَكَلَ مِنْهَا ثُمَّ أُتِىَ بِتَمْرٍ فَكَانَ يَأْكُلُهُ وَيُلْقِى النَّوَى بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ وَيَجْمَعُ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى - قال شُعْبَةُ هُوَ ظَنِّى وَهُوَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلْقَاءُ النَّوَى بَيْنَ الإِصْبَعَيْنِ - ثُمَّ أُتِىَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ الَّذِى عَنْ يَمِينِهِ - قال - فَقَالَ أَبِى وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ ادْعُ اللَّهَ لَنَا فَقَالَ « اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِى مَا رَزَقْتَهُمْ وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ ».
بَابُ أكل القثاء بالرطب
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قال رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ الْقُثَّاءَ بِالرُّطَبِ.
وعَنْ أَنَسٍ (2)قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُقْعِياً يَأْكُلُ تَمْراً.
__________
(1) : كذا بالصحيح، وفي الأصل : بِشْر.
(2) : في الأصل : وَعَنْهُ. وهذا يعني أن الحديث من مسند عبد الله بن جعفر، وما في الصحيح أنه من مسند أنس.(2/406)
وَعَنْهُ قال أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَمْرٍ فَجَعَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُهُ وَهُوَ مُحْتَفِزٌ يَأْكُلُ مِنْهُ أَكْلاً ذَرِيعاً.
وَفِى رِوَايَةِ :....... حَثِيثاً.
وَعَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ قال كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ - قال - وَقَدْ كَانَ أَصَابَ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ جَهْدٌ وَكُنَّا نَأْكُلُ فَيَمُرُّ عَلَيْنَا ابْنُ عُمَرَ وَنَحْنُ نَأْكُلُ فَيَقُولُ لاَ تُقَارِنُوا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الإِقْرَانِ إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ.
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَجُوعُ أَهْلُ بَيْتٍ عِنْدَهُمُ التَّمْرُ ».
بَابُ من يصبح بتمر عجوة سم (1)، وعجوة المدينة شفاء
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ أَكَلَ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِمَّا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا حِينَ يُصْبِحُ لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ حَتَّى يُمْسِىَ ».
زاد فى رواية :...... وَلاَ سِحْرٌ....... (2)
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ فِى عَجْوَةِ الْعَالِيَةِ شِفَاءً وَإِنَّهَا(3) تُرْيَاقٌ أَوَّلَ الْبُكْرَةِ ».
بَابُ الكمأة من المن
عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ ».
__________
(1) : كذا في الأصل. ولعلها : من يصبح بسبع تمرات لم يصبه سم، وعجوة المدينة شفاء
(2) : كذا بالأصل. والمتن في الصحيح : « مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلاَ سِحْرٌ ».
(3) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : أَوْ إِنَّهَا(2/407)
وَفِى رِوَايَةٍ : « الْكَمْأَةُ مِنَ الْمَنِّ الَّذِى أَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ وَمَاؤُهَا
شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ ».
بَابُ فى الكباث، ونعم الإدام الخل
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَرِّ الظَّهْرَانِ وَنَحْنُ نَجْنِى الْكَبَاثَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ ». قال فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ رَعَيْتَ الْغَنَمَ قال « نَعَمْ وَهَلْ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ وَقَدْ رَعَاهَا ».
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « نِعْمَ الأُدُمُ - أَوِ الإِدَامُ - الْخَلُّ ».
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَ أَهْلَهُ الأُدُمَ فَقَالُوا مَا عِنْدَنَا إِلاَّ خَلٌّ. فَدَعَا بِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ بِهِ وَيَقُولُ « نِعْمَ الأُدُمُ الْخَلُّ نِعْمَ الأُدُمُ الْخَلُّ ».
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ بِيَدِى ذَاتَ يَوْمٍ [إِلَى مَنْزِلِهِ] فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ فِلَقاً مِنْ خُبْزٍ فَقَالَ « مَا مِنْ أُدُمٍ ». فَقَالُوا لاَ إِلاَّ شَىْءٌ مِنْ خَلٍّ. قال « فَإِنَّ الْخَلَّ نِعْمَ الأُدُمُ ». قال جَابِرٌ فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ طَلْحَةُ مَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ جَابِرٍ.
بَابُ كراهة أكل الثوم(2/408)
عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أُتِىَ بِطَعَامٍ أَكَلَ مِنْهُ وَبَعَثَ بِفَضْلِهِ إِلَىَّ وَإِنَّهُ بَعَثَ إِلَىَّ يَوْماً بِفَضْلَةٍ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّ فِيهَا ثُوماً فَسَأَلْتُهُ أَحَرَامٌ هُوَ قال « لاَ وَلَكِنِّى أَكْرَهُهُ مِنْ أَجْلِ رِيحِهِ ». قال فَإِنِّى أَكْرَهُ مَا كَرِهْتَ (1).
__________
(1) : وفي رواية : أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَزَلَ عَلَيْهِ فَنَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى السُّفْلِ وَأَبُو أَيُّوبَ فِى الْعُلْوِ - قال : - فَانْتَبَهَ أَبُو أَيُّوبَ لَيْلَةً فَقَالَ نَمْشِى فَوْقَ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَتَنَحَّوْا فَبَاتُوا فِى جَانِبٍ ثُمَّ قال : لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « السُّفْلُ أَرْفَقُ ». فَقَالَ لاَ أَعْلُو سَقِيفَةً أَنْتَ تَحْتَهَا. فَتَحَوَّلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْعُلْوِ وَأَبُو أَيُّوبَ فِى السُّفْلِ فَكَانَ يَصْنَعُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - طَعَاماً فَإِذَا جِىءَ بِهِ إِلَيْهِ سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِهِ فَيَتَتَبَّعُ مَوْضِعَ أَصَابِعِهِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَاماً فِيهِ ثُومٌ فَلَمَّا رُدَّ إِلَيْهِ سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقِيلَ لَهُ لَمْ يَأْكُلْ. فَفَزِعَ وَصَعِدَ إِلَيْهِ فَقَالَ أَحَرَامٌ هُوَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ وَلَكِنِّى أَكْرَهُهُ ». قال : فَإِنِّى أَكْرَهُ مَا تَكْرَهُ أَوْ مَا كَرِهْتَ(2/409)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنِّى مَجْهُودٌ. فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَقالت : وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِى إِلاَّ مَاءٌ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى فَقالت : مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لاَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِى إِلاَّ مَاءٌ. فَقَالَ « مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ». فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ هَلْ عِنْدَكِ شَىْءٌ. قالت : لاَ إِلاَّ قُوتُ صِبْيَانِى. قال فَعَلِّلِيهِمْ بِشَىْءٍ فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئِى السِّرَاجَ وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ فَقُومِى إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ. قال فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ. فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ ».
زاد فى رواية : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )(2/410)
وَعَنِ الْمِقْدَادِ قال أَقْبَلْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِى وَقَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِنَ الْجَهْدِ فَجَعَلْنَا نَعْرِضُ أَنْفُسَنَا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَقْبَلُنَا فَأَتَيْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقَ بِنَا إِلَى أَهْلِهِ فَإِذَا ثَلاَثَةُ أَعْنُزٍ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « احْتَلِبُوا هَذَا اللَّبَنَ بَيْنَنَا ». قال فَكُنَّا نَحْتَلِبُ فَيَشْرَبُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنَّا نَصِيبَهُ وَنَرْفَعُ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَصِيبَهُ - قال - فَيَجِىءُ مِنَ اللَّيْلِ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيماً لاَ يُوقِظُ نَائِماً وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ - قال - ثُمَّ يَأْتِى الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّى ثُمَّ يَأْتِى شَرَابَهُ فَيَشْرَبُ فَأَتَانِى الشَّيْطَانُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ شَرِبْتُ نَصِيبِى فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْتِى الأَنْصَارَ فَيُتْحِفُونَهُ وَيُصِيبُ عِنْدَهُمْ مَا بِهِ حَاجَةٌ إِلَى هَذِهِ الْجُرْعَةِ فَأَتَيْتُهَا فَشَرِبْتُهَا فَلَمَّا أَنْ وَغَلَتْ فِى بَطْنِى وَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيلٌ - قال - نَدَّمَنِى الشَّيْطَانُ فَقَالَ وَيْحَكَ مَا صَنَعْتَ أَشَرِبْتَ شَرَابَ مُحَمَّدٍ فَيَجِىءُ فَلاَ يَجِدُهُ فَيَدْعُو عَلَيْكَ فَتَهْلِكُ فَتَذْهَبُ دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ. وَعَلَىَّ شَمْلَةٌ إِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى قَدَمَىَّ خَرَجَ رَأْسِى وَإِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى رَأْسِى خَرَجَ قَدَمَاىَ وَجَعَلَ لاَ يَجِيئُنِى النَّوْمُ وَأَمَّا صَاحِبَاىَ فَنَامَا وَلَمْ يَصْنَعَا مَا صَنَعْتُ - قال - فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يُسَلِّمُ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى ثُمَّ أَتَى شَرَابَهُ فَكَشَفَ عَنْهُ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ شَيْئاً(2/411)
فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقُلْتُ الآنَ يَدْعُو عَلَىَّ فَأَهْلِكُ. فَقَالَ « اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِى وَأَسْقِ مَنْ أَسْقَانِى ». قال فَعَمَدْتُ إِلَى الشَّمْلَةِ فَشَدَدْتُهَا عَلَىَّ وَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ فَانْطَلَقْتُ إِلَى الأَعْنُزِ أَيُّهَا أَسْمَنُ فَأَذْبَحُهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا هِىَ حَافِلَةٌ وَإِذَا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ فَعَمَدْتُ إِلَى إِنَاءٍ لآِلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مَا كَانُوا يَطْمَعُونَ أَنْ يَحْتَلِبُوا فِيهِ - قال - فَحَلَبْتُ فِيهِ حَتَّى عَلَتْهُ رَغْوَةٌ فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « أَشَرِبْتُمْ شَرَابَكُمُ اللَّيْلَةَ ». قال قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْرَبْ. فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْرَبْ. فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِى فَلَمَّا عَرَفْتُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ رَوِىَ وَأَصَبْتُ دَعْوَتَهُ ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الأَرْضِ - قال - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « إِحْدَى سَوْآتِكَ يَا مِقْدَادُ ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ مِنْ أَمْرِى كَذَا وَكَذَا وَفَعَلْتُ كَذَا. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « مَا هَذِهِ إِلاَّ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ أَفَلاَ كُنْتَ آذَنْتَنِى فَنُوقِظَ صَاحِبَيْنَا فَيُصِيبَانِ مِنْهَا ». قال فَقُلْتُ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُبَالِى إِذَا أَصَبْتَهَا وَأَصَبْتُهَا مَعَكَ مَنْ أَصَابَهَا مِنَ النَّاسِ.
بَابُ بركته - صلى الله عليه وسلم - فى الطعام، وطعام الاثنين كافى الثلاثة(2/412)
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ قال كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثِينَ وَمِائَةً فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ ». فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ فَعُجِنَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « أَبَيْعٌ أَمْ عَطِيَّةٌ - أَوْ قال - أَمْ هِبَةٌ ». فَقَالَ لاَ بَلْ بَيْعٌ. فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً فَصُنِعَتْ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى. قال وَايْمُ اللَّهِ مَا مِنَ الثَّلاَثِينَ وَمِائَةٍ إِلاَّ حَزَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُزَّةً حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا إِنْ كَانَ شَاهِداً أَعْطَاهُ وَإِنْ كَانَ غَائِباً خَبَأَ لَهُ - قال - وَجَعَلَ قَصْعَتَيْنِ فَأَكَلْنَا مِنْهُمَا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا وَفَضَلَ فِى الْقَصْعَتَيْنِ فَحَمَلْتُهُ عَلَى الْبَعِيرِ. أَوْ كَمَا قال.(2/413)
وَعَنْهُ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا نَاساً فُقَرَاءَ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال مَرَّةً « مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَلاَثَةٍ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ بِسَادِسٍ ». أَوْ كَمَا قال. وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلاَثَةٍ وَانْطَلَقَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَشَرَةٍ وَأَبُو بَكْرٍ بِثَلاَثَةٍ - قال - فَهُوَ وَأَنَا وَأَبِى وَأُمِّى - وَلاَ أَدْرِى هَلْ قال وَامْرَأَتِى وَخَادِمٌ بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْتِ أَبِى بَكْرٍ - قال وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى نَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ قالت : لَهُ امْرَأَتُهُ مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ - أَوْ قالت : - ضَيْفِكَ قال أَوَمَا عَشَّيْتِهِمْ قالت : أَبَوْا حَتَّى تَجِىءَ قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ - قال - فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ وَقَالَ يَا غُنْثَرُ. فَجَدَّعَ وَسَبَّ وَقَالَ كُلُوا لاَ هَنِيئاً. وَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَطْعَمُهُ أَبَداً - قال - فَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلاَّ رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا - قال - حَتَّى شَبِعْنَا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِىَ كَمَا هِىَ أَوْ أَكْثَرُ. قال لاِمْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِى فِرَاسٍ مَا هَذَا قالت : لاَ وَقُرَّةِ عَيْنِى لَهِىَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاَثِ مِرَارٍ - قال - فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِى(2/414)
يَمِينَهُ - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ - قال - وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ فَمَضَى الأَجَلُ فَعَرَّفْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ إِلاَّ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ. أَوْ كَمَا قال.
زاد فى رواية : فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَرُّوا وَحَنِثْتُ - قال - فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ « بَلْ أَنْتَ أَبَرُّهُمْ وَأَخْيَرُهُمْ ». قال وَلَمْ تَبْلُغْنِى كَفَّارَةٌ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « طَعَامُ الاِثْنَيْنِ كَافِى الثَّلاَثَةِ وَطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كَافِى الأَرْبَعَةِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِى الاِثْنَيْنِ........ (1)
بَابُ أكل المؤمن والكافر وترك عيب الطعام
__________
(1) : كذا بالأصل. وليس في حديث أبي هريرة حديث الواحد، وإنما هو من حديث جابر بن عبد الله بعده، ولم يذكره النووي رحمه الله تعالى وهو على شرطه في هذا الكتاب : جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِى الاِثْنَيْنِ وَطَعَامُ الاِثْنَيْنِ يَكْفِى الأَرْبَعَةَ وَطَعَامُ الأَرْبَعَةِ يَكْفِى الثَّمَانِيَةَ ».(2/415)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « الْكَافِرُ يَأْكُلُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِى مِعًى وَاحِدٍ » (1).
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَافَهُ ضَيْفٌ وَهُوَ كَافِرٌ فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ فَشَرِبَ حِلاَبَهَا ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَهُ ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَهُ حَتَّى شَرِبَ حِلاَبَ سَبْعِ شِيَاهٍ ثُمَّ إِنَّهُ أَصْبَحَ فَأَسْلَمَ فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَاةٍ فَشَرِبَ حِلاَبَهَا ثُمَّ أَمَرَ بِأُخْرَى فَلَمْ يَسْتَتِمَّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْمُؤْمِنُ يَشْرَبُ فِى مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَشْرَبُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ».
__________
(1) : وفي رواية عَنْ نَافِعٍ قال : رَأَى ابْنُ عُمَرَ مِسْكِيناً فَجَعَلَ يَضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ - قال : - فَجَعَلَ يَأْكُلُ أَكْلاً كَثِيراً - قال : - فَقَالَ لاَ يُدْخَلَنَّ هَذَا عَلَىَّ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ الْكَافِرَ يَأْكُلُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ».
ولم يذكر النووي رحمه الله حديث جابر ولا حديث أبي موسى ولا حديث أبي هريرة :
عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِى مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ».
عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : « الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِى مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ.(2/416)
وَعَنْهُ قال مَا عَابَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَعَاماً قَطُّ كَانَ إِذَا اشْتَهَى شَيْئاً أَكَلَهُ وَإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ.
وَفِى رِوَايَةٍ : وَإِنْ [لَمْ] يَشْتَهِهِ سَكَتَ.
كتاب اللباس
بَابُ النهى عن آنية الذهب والفضة
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « الَّذِى يَشْرَبُ فِى آنِيَةِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِى بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ ».
زاد فى رواية : « إَِنَّ الَّذِى يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ [فِى آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ] » (1).
وَعَنْهَا قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ شَرِبَ فِى إِنَاءٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِى بَطْنِهِ نَاراً مِنْ جَهَنَّمَ ».
بَابُ النهى عن التختم بالذهب والشرب فى آنية الذهب والفضة ولبس الخير
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ أَوِ الْمُقْسِمِ وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ وَإِجَابَةِ الدَّاعِى وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ. وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمَ أَوْ عَنْ تَخَتُّمٍ بِالذَّهَبِ وَعَنْ شُرْبٍ بِالْفِضَّةِ وَعَنِ الْمَيَاثِرِ وَعَنِ الْقَسِّىِّ وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالإِسْتَبْرَقِ وَالدِّيبَاجِ (2).
__________
(1) : قال : مسلم بعد ذكره هذه الرواية : وَلَيْسَ فِى حَدِيثِ أَحَدٍ مِنْهُمْ ذِكْرُ الأَكْلِ وَالذَّهَبِ إِلاَّ فِى حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِرٍ.
(2) : زاد في رواية : وَعَنِ الشُّرْبِ فِى الْفِضَّةِ فَإِنَّهُ مَنْ شَرِبَ فِيهَا فِى الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْ فِيهَا فِى الآخِرَةِ.(2/417)
وَفِى رِوَايَةٍ : وَإِنْشَادِ الضَّالِّ (1).
بَابُ التغليظ فى إناء الفضة للشرب والنهى عن لبس الحرير
عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدَائِنِ فَاسْتَسْقَى حُذَيْفَةُ فَجَاءَهُ دِهْقَانٌ بِشَرَابٍ فِى إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَرَمَاهُ بِهِ وَقَالَ إِنِّى أُخْبِرُكُمْ أَنِّى قَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ لاَ يَسْقِيَنِى فِيهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَشْرَبُوا فِى إِنَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلاَ تَلْبَسُوا الدِّيبَاجَ وَالْحَرِيرَ فَإِنَّهُ لَهُمْ فِى الدُّنْيَا وَهُوَ لَكُمْ فِى الآخِرَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابُ الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ فَلَبِسْتَهَا لِلنَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِى الآخِرَةِ ». ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا حُلَلٌ فَأَعْطَى عُمَرَ مِنْهَا حُلَّةً فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِى حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنِّى لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا ». فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخاً لَهُ مُشْرِكاً بِمَكَّةَ.
__________
(1) : قال : مسلم عند إيراده هذه الرواية : بِمِثْلِهِ إِلاَّ قَوْلَهُ وَإِبْرَارِ الْقَسَمِ أَوِ الْمُقْسِمِ. فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْحَرْفَ فِى الْحَدِيثِ وَجَعَلَ مَكَانَهُ : وَإِنْشَادِ الضَّالِّ.(2/418)
وَفِى رِوَايَةٍ : « إِنِّى لَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا وَلَكِنِّى بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتُشَقِّقَهَا خُمُراً بَيْنَ نِسَائِكَ » (1)
__________
(1) : كذا بالأصل. وفيه أن هذا الكلام كان لعمر، لكن قصة الحديث التي في الصحيح لا تدل على ذلك : عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال : رَأَى عُمَرُ عُطَارِداً التَّمِيمِىَّ يُقِيمُ بِالسُّوقِ حُلَّةً سِيَرَاءَ - وَكَانَ رَجُلاً يَغْشَى الْمُلُوكَ وَيُصِيبُ مِنْهُمْ - فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى رَأَيْتُ عُطَارِداً يُقِيمُ فِى السُّوقِ حُلَّةً سِيَرَاءَ فَلَوِ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا لِوُفُودِ الْعَرَبِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ - وَأَظُنُّهُ قال : وَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِى الدُّنْيَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِى الآخِرَةِ ». فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِحُلَلٍ سِيَرَاءَ فَبَعَثَ إِلَى عُمَرَ بِحُلَّةٍ وَبَعَثَ إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ بِحُلَّةٍ وَأَعْطَى عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ حُلَّةً وَقَالَ « شَقِّقْهَا خُمُراً بَيْنَ نِسَائِكَ ». قال : فَجَاءَ عُمَرُ بِحُلَّتِهِ يَحْمِلُهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعَثْتَ إِلَىَّ بِهَذِهِ وَقَدْ قُلْتَ بِالأَمْسِ فِى حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ فَقَالَ « إِنِّى لَمْ أَبْعَثْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا وَلَكِنِّى بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتُصِيبَ بِهَا ». وَأَمَّا أُسَامَةُ فَرَاحَ فِى حُلَّتِهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَظَراً عَرَفَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَنْكَرَ مَا صَنَعَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَنْظُرُ إِلَىَّ فَأَنْتَ بَعَثْتَ إِلَىَّ بِهَا فَقَالَ « إِنِّى لَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا وَلَكِنِّى بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتُشَقِّقَهَا خُمُراً بَيْنَ نِسَائِكَ ».(2/419)
.
وفى أخرى : « تَبِيعُهَا وَتُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ » (1).
عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ يَقُولُ أَلاَ لاَ تُلْبِسُوا نِسَاءَكُمُ الْحَرِيرَ فَإِنِّى سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ فَإِنَّهُ مَنْ لَبِسَهُ فِى الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِى الآخِرَةِ » (2)
__________
(1) : وفي رواية : « إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتَسْتَمْتِعَ بِهَا ». وفي أخرى : « إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتَنْتَفِعَ بِهَا وَلَمْ أَبْعَثْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا ». وفي رواية : « إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتُصِيبَ بِهَا مَالاً ».
(2) : لم يذكر النووي رحمه الله هذا الحديث وهو على شرطه : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ وَكَانَ خَالَ وَلَدِ عَطَاءٍ قال : أَرْسَلَتْنِى أَسْمَاءُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقالت : بَلَغَنِى أَنَّكَ تُحَرِّمُ أَشْيَاءَ ثَلاَثَةً الْعَلَمَ فِى الثَّوْبِ وَمِيثَرَةَ الأُرْجُوَانِ وَصَوْمَ رَجَبٍ كُلِّهِ. فَقَالَ لِى عَبْدُ اللَّهِ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ رَجَبٍ فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الأَبَدَ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ الْعَلَمِ فِى الثَّوْبِ فَإِنِّى سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ ». فَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ الْعَلَمُ مِنْهُ وَأَمَّا مِيثَرَةُ الأُرْجُوَانِ فَهَذِهِ مِيثَرَةُ عَبْدِ اللَّهِ فَإِذَا هِىَ أُرْجُوَانٌ. فَرَجَعْتُ إِلَى أَسْمَاءَ فَخَبَّرْتُهَا فَقالت : هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَخْرَجَتْ إِلَىَّ جُبَّةَ طَيَالَسَةٍ كِسْرَوَانِيَّةً لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاجِ فَقالت : هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُهَا فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا.(2/420)
.
بَابُ النهى عن لبس الحرير إلا قدر إصبعين ( ورقة 135)
عَنْ عُمَرُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لَبُوسِ الْحَرِيرِ إِلاَّ هَكَذَا. وَرَفَعَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِصْبَعَيْهِ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةَ وَضَمَّهُمَا
بَابُ النهى عن قباء الديباج
عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ لَبِسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً قَبَاءً مِنْ دِيبَاجٍ أُهْدِىَ لَهُ ثُمَّ أَوْشَكَ أَنْ نَزَعَهُ فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقِيلَ لَهُ قَدْ أَوْشَكَ مَا نَزَعْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ « نَهَانِى عَنْهُ جِبْرِيلُ ». فَجَاءَهُ عُمَرُ يَبْكِى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرِهْتَ أَمْراً وَأَعْطَيْتَنِيهِ فَمَا لِى قال « إِنِّى لَمْ أُعْطِكَهُ لِتَلْبَسَهُ إِنَّمَا أَعْطَيْتُكَهُ تَبِيعُهُ ». فَبَاعَهُ بِأَلْفَىْ دِرْهَمٍ.
بَابُ جواز لبس الحرير للنساء
عَنْ عَلِىٍّ قال أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةُ سِيَرَاءَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَىَّ فَلَبِسْتُهَا فَعَرَفْتُ الْغَضَبَ فِى وَجْهِهِ فَقَالَ « إِنِّى لَمْ أَبْعَثْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتُشَقِّقَهَا خُمُراً بَيْنَ النِّسَاءِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « شُقَّهَا خُمُراً بَيْنَ الْفَوَاطِمِ ».
بَابُ لبس الحريرفى علة، وأن من لبسه للخيلاء حرمه فى الآخرة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عُمَرَ بِجُبَّةِ سُنْدُسٍ فَقَالَ عُمَرُ بَعَثْتَ بِهَا إِلَىَّ وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ قال « إِنِّى لَمْ أَبْعَثْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا وَإِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتَنْتَفِعَ بِثَمَنِهَا ».(2/421)
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِى الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِى الآخِرَةِ » (1).
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قال أُهْدِىَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُّوجُ حَرِيرٍ فَلَبِسَهُ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعاً شَدِيداً كَالْكَارِهِ لَهُ ثُمَّ قال « لاَ يَنْبَغِى هَذَا لِلْمُتَّقِينَ ».
وَعَنْ أَنَسٍ قال إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِى الْقُمُصِ الْحَرِيرِ فِى السَّفَرِ مِنْ حِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا أَوْ وَجَعٍ [كَانَ] بِهِمَا.
وَفِى رِوَايَةٍ : شَكَوَا إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْقَمْلَ فَرَخَّصَ لَهُمَا فِى قُمُصِ الْحَرِيرِ فِى غَزَاةٍ لَهُمَا.
بَابُ كراهة المعصفر والقسى للرجال
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ قال رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَىَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ « إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلاَ تَلْبَسْهَا ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « أَأُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا ». قُلْتُ أَغْسِلُهُمَا. قال « بَلْ أَحْرِقْهُمَا ».
وَعَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّىِّ وَالْمُعَصْفَرِ وَعَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِى الرُّكُوعِ.
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث أبي أمامة : عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِى الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِى الآخِرَةِ ».(2/422)
وَفِى رِوَايَةٍ : وَعَنْ لِبْسِ الذَّهَبِ وَعَنِ الْقِرَاءَةِ فِى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (1)
بَابُ لبس الحبرة والإزار والثوب الملبد
عَنْ قَتَادَةَ قال قُلْتُ لأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَىُّ اللِّبَاسِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ أَعْجَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال الْحِبَرَةُ.
وَعَنْ أَبِى بُرْدَةَ قال دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْرَجَتْ إِلَيْنَا إِزَاراً غَلِيظاً مِمَّا يُصْنَعُ بِالْيَمَنِ وَكِسَاءً مِنَ الَّتِى يُسَمُّونَهَا الْمُلَبَّدَةَ - قال - فَأَقْسَمَتْ بِاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُبِضَ فِى هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ.
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ غَدَاةٍ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعَرٍ أَسْوَدَ.
وَعَنْهَا قالت : وِسَادَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِى يَتَّكِئُ عَلَيْهَا مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ.
وَعَنْ جَابِرٍ قال قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا تَزَوَّجْتُ « أَتَّخَذْتَ أَنْمَاطاً ». قُلْتُ وَأَنَّى لَنَا أَنْمَاطٌ قال « أَمَا إِنَّهَا سَتَكُونُ ». قال جَابِرٌ وَعِنْدَ امْرَأَتِى نَمَطٌ فَأَنَا أَقُولُ نَحِّيهِ عَنِّى. وَتَقُولُ قَدْ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّهَا سَتَكُونُ ».
بَابُ اتخاذ الفرش وحدها
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : نَهَانِى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ وَعَنْ لِبَاسِ الْقَسِّىِّ وَعَنِ الْقِرَاءَةِ فِى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَعَنْ لِبَاسِ الْمُعَصْفَرِ.(2/423)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال لَهُ « فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ وَفِرَاشٌ لاِمْرَأَتِهِ وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ لاَ يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلاَّ الْمَخِيلَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » (1).
وَعَنْهُ قال مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى إِزَارِى اسْتِرْخَاءٌ فَقَالَ « يَا عَبْدَ اللَّهِ ارْفَعْ إِزَارَكَ ». فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قال « زِدْ ». فَزِدْتُ فَمَا زِلْتُ أَتَحَرَّاهَا بَعْدُ. فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَى أَيْنَ فَقَالَ أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ (2).
__________
(1) : في الصحيح حكاية : عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يَجُرُّ إِزَارَهُ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ فَانْتَسَبَ لَهُ فَإِذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِى لَيْثٍ فَعَرَفَهُ ابْنُ عُمَرَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأُذُنَىَّ هَاتَيْنِ يَقُولُ « مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ لاَ يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلاَّ الْمَخِيلَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
(2) : لم يذكر حديث أبي هريرة : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَرَأَى رَجُلاً يَجُرُّ إِزَارَهُ فَجَعَلَ يَضْرِبُ الأَرْضَ بِرِجْلِهِ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَهُوَ يَقُولُ جَاءَ الأَمِيرُ جَاءَ الأَمِيرُ. قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى مَنْ يَجُرُّ إِزَارَهُ بَطَراً ».(2/424)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى قَدْ أَعْجَبَتْهُ جُمَّتُهُ وَبُرْدَاهُ إِذْ خُسِفَ بِهِ الأَرْضُ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِى الأَرْضِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ».
بَابُ النهى عن خاتم الذهب للرجال
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ فِى يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ وَقَالَ « يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِى يَدِهِ ». فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ بِهِ. قال لاَ وَاللَّهِ لاَ آخُذُهُ أَبَداً وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اصْطَنَعَ خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ فَكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ فِى بَاطِنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ فَصَنَعَ النَّاسُ ثُمَّ إِنَّهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَعَهُ فَقَالَ « إِنِّى كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتِمَ وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ ». فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قال « وَاللَّهِ لاَ أَلْبَسُهُ أَبَداً ». فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ.
وَعَنْهُ قال اتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَماً مِنْ وَرِقٍ فَكَانَ فِى يَدِهِ ثُمَّ كَانَ فِى يَدِ أَبِى بَكْرٍ ثُمَّ كَانَ فِى يَدِ عُمَرَ ثُمَّ كَانَ فِى يَدِ عُثْمَانَ حَتَّى وَقَعَ مِنْهُ فِى بِئْرِ أَرِيسٍ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.(2/425)
زاد فى رواية : وَقَالَ « لاَ يَنْقُشْ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِ خَاتَمِى هَذَا ». وَكَانَ إِذَا لَبِسَهُ جَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِى بَطْنَ كَفِّهِ وَهُوَ الَّذِى سَقَطَ مِنْ مُعَيْقِيبٍ فِى بِئْرِ أَرِيسٍ.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ خَاتَماً مِنْ فِضَّةٍ وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَقَالَ لِلنَّاسِ « إِنِّى اتَّخَذْتُ خَاتَماً مِنْ فِضَّةٍ وَنَقَشْتُ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. فَلاَ يَنْقُشْ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ ».
وَعَنْهُ قال لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ - قال - قَالُوا إِنَّهُمْ لاَ يَقْرَءُونَ كِتَاباً إِلاَّ مَخْتُوماً. قال فَاتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَماً مِنْ فِضَّةٍ كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ.
وَعَنْهُ أَنَّهُ أَبْصَرَ فِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَماً مِنْ وَرِقٍ يَوْماً وَاحِداً - قال - فَصَنَعَ النَّاسُ الْخَوَاتِمَ مِنْ وَرِقٍ فَلَبِسُوهُ فَطَرَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمَهُ فَطَرَحَ النَّاسُ خَوَاتِمَهُمْ.
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِى يَمِينِهِ فِيهِ فَصٌّ حَبَشِىٌّ كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِى كَفَّهُ.
وَعَنْهُ قال كَانَ خَاتِمُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى هَذِهِ. وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصَرِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى.(2/426)
وَعَنْ عَلِىٍّ قال نَهَانِى - يَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - - أَنْ أَجْعَلَ خَاتَمِى فِى هَذِهِ أَوِ الَّتِى تَلِيهَا - لَمْ يَدْرِ عَاصِمٌ فِى أَىِّ الثِّنْتَيْنِ - وَنَهَانِى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّىِّ وَعَنْ جُلُوسٍ عَلَى الْمَيَاثِرِ. قال فَأَمَّا الْقَسِّىُّ فَثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ يُؤْتَى بِهَا مِنْ مِصْرَ وَالشَّامِ فِيهَا شِبْهُ كَذَا وَأَمَّا الْمَيَاثِرُ فَشَىْءٌ كَانَتْ تَجْعَلُهُ النِّسَاءُ لِبُعُولَتِهِنَّ عَلَى الرَّحْلِ كَالْقَطَائِفِ الأُرْجُوَانِ.
وَعَنْ أَبِى بُرْدَةَ قال قَالَ عَلِىٌّ نَهَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَتَخَتَّمَ فِى إِصْبَعِى هَذِهِ أَوْ هَذِهِ. قال فَأَوْمَأَ إِلَى الْوُسْطَى وَالَّتِى تَلِيهَا.
بَابُ اتخاذ النعال وكيفية لبسها، والنهى عن المشى فى نعل واحدة
عَنْ جَابِرٍ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى غَزْوَةٍ غَزَوْنَاهَا « اسْتَكْثِرُوا مِنَ النِّعَالِ فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَزَالُ رَاكِباً مَا انْتَعَلَ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى وَإِذَا خَلَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ وَلْيُنْعِلْهُمَا جَمِيعاً أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعاً ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَمْشِ فِى الأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا ».
بَابُ النهى عن اشتمال الصماء والاحتباء فى ثوب واحد (ورقة 136)(2/427)
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلَ بِشِمَالِهِ أَوْ يَمْشِىَ فِى نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ وَأَنْ يَحْتَبِىَ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ كَاشِفاً عَنْ فَرْجِهِ (1).
بَابُ كراهة الاستلقى(2) ورفع إحدى الرجلين على الأخرى
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَالاِحْتِبَاءِ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ (3).
بَابُ إباحة الاستلقى ووضع إحدى الرجلين على الأخرى
عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَلْقِياً فِى الْمَسْجِدِ وَاضِعاً إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى.
بَابُ النهى عن التزعفر للرجال
__________
(1) : لم يذكر النووي الحديث الذي بعده : عَنْ جَابِرٍ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ - أَوْ مَنِ انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ - فَلاَ يَمْشِ فِى نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ وَلاَ يَمْشِ فِى خُفٍّ وَاحِدٍ وَلاَ يَأْكُلْ بِشِمَالِهِ وَلاَ يَحْتَبِى بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَلاَ يَلْتَحِفِ الصَّمَّاءَ ».
(2) : كذا بالأصل
(3) ذكر مسلم الحديث بعده من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « لاَ تَمْشِ فِى نَعْلٍ وَاحِدٍ وَلاَ تَحْتَبِ فِى إِزَارٍ وَاحِدٍ وَلاَ تَأْكُلْ بِشِمَالِكَ وَلاَ تَشْتَمِلِ الصَّمَّاءَ وَلاَ تَضَعْ إِحْدَى رِجْلَيْكَ عَلَى الأُخْرَى إِذَا اسْتَلْقَيْتَ ».(2/428)
عَنْ أَنَسِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ التَّزَعْفُرِ (1).
بَابُ صبغ الشيب
عَنْ جَابِرٍ قال أُتِىَ بِأَبِى قُحَافَةَ أَوْ جَاءَ عَامَ الْفَتْحِ أَوْ يَوْمَ الْفَتْحِ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ مِثْلُ الثَّغَامِ أَوِ الثَّغَامَةِ فَأَمَرَ أَوْ فَأُمِرَ بِهِ إِلَى نِسَائِهِ قال « غَيِّرُوا هَذَا بِشَىْءٍ » (2).
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ ».
بَابُ لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب أو صورة
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قالت : وَاعَدَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِى سَاعَةٍ يَأْتِيهِ فِيهَا فَجَاءَتْ تِلْكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأْتِهِ وَفِى يَدِهِ عَصاً فَأَلْقَاهَا مِنْ يَدِهِ وَقَالَ « مَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلاَ رُسُلُهُ ». ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ فَقَالَ « يَا عَائِشَةُ مَتَى دَخَلَ هَذَا الْكَلْبُ هَا هُنَا ». فَقالت : وَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ. فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ فَجَاءَ جِبْرِيلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَاعَدْتَنِى فَجَلَسْتُ لَكَ فَلَمْ تَأْتِ ». فَقَالَ مَنَعَنِى الْكَلْبُ الَّذِى كَانَ فِى بَيْتِكَ إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ.
__________
(1) : بعد ذكر الحديث : قال : قُتَيْبَةُ قال : حَمَّادٌ يَعْنِى لِلرِّجَالِ.
(2) : وفي رواية زيادة : «........وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ »(2/429)
وعَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَصْبَحَ يَوْماً وَاجِماً فَقالت : مَيْمُونَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدِ اسْتَنْكَرْتُ هَيْئَتَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ. قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ وَعَدَنِى أَنْ يَلْقَانِى اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَلْقَنِى أَمَ وَاللَّهِ مَا أَخْلَفَنِى ». قال فَظَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَهُ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ وَقَعَ فِى نَفْسِهِ جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ فُسْطَاطٍ لَنَا فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً فَنَضَحَ مَكَانَهُ فَلَمَّا أَمْسَى لَقِيَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ « قَدْ كُنْتَ وَعَدْتَنِى أَنْ تَلْقَانِى الْبَارِحَةَ ». قال أَجَلْ وَلَكِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ. فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ فَأَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلاَبِ حَتَّى إِنَّهُ يَأْمُرُ بِقَتْلِ كَلْبِ الْحَائِطِ الصَّغِيرِ وَيَتْرُكُ كَلْبَ الْحَائِطِ الْكَبِيرِ.
وَعَنْ أَبِى طَلْحَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ ».
زاد فى رواية : ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ بَعْدُ فَعُدْنَاهُ فَإِذَا عَلَى بَابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ - قال - فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلاَنِىِّ رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَلَمْ يُخْبِرْنَا زَيْدٌ عَنِ الصُّوَرِ يَوْمَ الأَوَّلِ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَلَمْ تَسْمَعْهُ حِينَ قال إِلاَّ رَقْماً فِى ثَوْبٍ، [أَلَمْ تَسْمَعْهُ] قُلْتُ لاَ. قال بَلَى قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ.(2/430)
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزَاةٍ فَأَخَذْتُ نَمَطاً فَسَتَرْتُهُ عَلَى الْبَابُ فَلَمَّا قَدِمَ فَرَأَى النَّمَطَ عَرَفْتُ الْكَرَاهِيَةَ فِى وَجْهِهِ فَجَذَبَهُ حَتَّى هَتَكَهُ أَوْ قَطَعَهُ وَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا أَنْ نَكْسُوَ الْحِجَارَةَ وَالطِّينَ ». قالت : فَقَطَعْنَا مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ وَحَشَوْتُهُمَا لِيفاً فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَىَّ.
وَعَنْهَا قالت : كَانَ لَنَا سِتْرٌ فِيهِ تِمْثَالُ طَائِرٍ وَكَانَ الدَّاخِلُ إِذَا دَخَلَ اسْتَقْبَلَهُ فَقَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « حَوِّلِى هَذَا فَإِنِّى كُلَّمَا دَخَلْتُ فَرَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا ». قالت : وَكَانَتْ لَنَا قَطِيفَةٌ كُنَّا نَقُولُ عَلَمُهَا حَرِيرٌ فَكُنَّا نَلْبَسُهَا.
وَعَنْهَا قالت : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَى بَابِى دَرْنُوكاً فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ فَأَمَرَنِى فَنَزَعْتُهُ.(2/431)
وَعَنْهَا قالت : دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مُتَسَتِّرَةٌ بِقِرَامٍ فِيهِ صُورَةٌ فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ثُمَّ تَنَاوَلَ السِّتْرَ فَهَتَكَهُ ثُمَّ قال « إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ » (1).
بَابُ فى عذاب المصورين يوم القيامة
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ ».
__________
(1) : وفي رواية : وَعَنْهَا قالت : أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرَقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ فَعَرَفْتُ أَوْ فَعُرِفَتْ فِى وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةُ فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَمَاذَا أَذْنَبْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ ». فَقالت : اشْتَرَيْتُهَا لَكَ تَقْعُدُ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدُهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ ». ثُمَّ قال : « إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ الْمَلاَئِكَةُ ».(2/432)
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ » (1).
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنِّى رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفْتِنِى فِيهَا. فَقَالَ لَهُ ادْنُ مِنِّى. فَدَنَا مِنْهُ ثُمَّ قال ادْنُ مِنِّى. فَدَنَا حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ قال أُنَبِّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « كُلُّ مُصَوِّرٍ فِى النَّارِ يَجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْساً فَتُعَذِّبُهُ فِى جَهَنَّمَ ». وَقَالَ إِنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَاصْنَعِ الشَّجَرَ وَمَا لاَ نَفْسَ لَهُ.
بَابُ تكليف المصور أن ينفخ الروح وليس بنافخ
عَنْ أَبِى زُرْعَةَ قال دَخَلْتُ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ فِى دَارِ مَرْوَانَ فَرَأَى فِيهَا تَصَاوِيرَ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقاً كَخَلْقِى فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً ».
بَابُ كراهة الجرس
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَدْخُلُ الْمَلاَئِكَةُ بَيْتاً فِيهِ تَمَاثِيلُ أَوْ تَصَاوِيرُ ».
__________
(1) : في أول الحديث قصة : عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ قال : كُنْتُ مَعَ مَسْرُوقٍ فِى بَيْتٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ مَرْيَمَ. فَقَالَ مَسْرُوقٌ هَذَا تَمَاثِيلُ كِسْرَى. فَقُلْتُ لاَ هَذَا تَمَاثِيلُ مَرْيَمَ. فَقَالَ مَسْرُوقٌ أَمَا إِنِّى سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ.... فذكره.(2/433)
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَصْحَبُ الْمَلاَئِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلاَ جَرَسٌ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « الْجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ ».
وَعَنْ أَبِى بَشِيرٍ الأَنْصَارِىِّ أَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ - قال - فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَسُولاً - قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ قال وَالنَّاسُ فِى مَبِيتِهِمْ - « لاَ يَبْقَيَنَّ فِى رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلاَدَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلاَدَةٌ إِلاَّ قُطِعَتْ ». قال مَالِكٌ أُرَى ذَلِكَ مِنَ الْعَيْنِ.
بَابُ النهى عن الوسم فى الوجه
عَنْ جَابِرٍ قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الضَّرْبِ فِى الْوَجْهِ وَعَنِ الْوَسْمِ فِى الْوَجْهِ.
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِى وَجْهِهِ فَقَالَ « لَعَنَ اللَّهُ الَّذِى وَسَمَهُ ».
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى حِمَاراً مَوْسُومَ الْوَجْهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ قال فَوَاللَّهِ لاَ أَسِمُهُ إِلاَّ فِى أَقْصَى شَىْءٍ مِنَ الْوَجْهِ. فَأَمَرَ بِحِمَارٍ لَهُ فَكُوِىَ فِى جَاعِرَتَيْهِ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَوَى الْجَاعِرَتَيْنِ.
وَعَنْ أَنَسٍ قال لَمَّا وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قالت : لِى يَا أَنَسُ انْظُرْ هَذَا الْغُلاَمَ فَلاَ يُصِيبَنَّ شَيْئاً حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَنِّكُهُ. قال فَغَدَوْتُ فَإِذَا هُوَ فِى الْحَائِطِ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ جَوْنِيَّةٌ وَهُوَ يَسِمُ الظَّهْرَ الَّذِى قَدِمَ عَلَيْهِ فِى الْفَتْحِ.
بَابُ وسم الغنم فى آذانها(2/434)
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُمَّهُ حِينَ وَلَدَتِ انْطَلَقُوا بِالصَّبِىِّ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَنِّكُهُ قال فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مِرْبَدٍ يَسِمُ غَنَماً. قال شُعْبَةُ وَأَكْثَرُ عِلْمِى أَنَّهُ قال فِى آذَانِهَا.
زاد فى رواية : فِى آذَانِهَا(1)
بَابُ النهى عن القزع وإعطاء حق الطريق
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْقَزَعِ. قال قُلْتُ لِنَافِعٍ وَمَا الْقَزَعُ قال يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِىِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ.
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِى الطُّرُقَاتِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ ». قَالُوا وَمَا حَقُّهُ قال « غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَ ى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ ». (ورقة 137)
بَابُ النهى عن وصل الشعر والوشم
__________
(1) كذا قال :. وفي الصحيح : قال : شُعْبَةُ وَأَكْثَرُ عِلْمِى أَنَّهُ قال : فِى آذَانِهَا.
وفي رواية : رَأَيْتُ فِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمِيسَمَ وَهُوَ يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ.(2/435)
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ قالت : جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى ابْنَةً عُرَيِّساً أَصَابَتْهَا حَصْبَةٌ فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا أَفَأَصِلُهُ فَقَالَ « لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ » (1).
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَرَّطَ شَعْرُهَا فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهُ فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَلَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ.
__________
(1) : وفي رواية : أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : إِنِّى زَوَّجْتُ ابْنَتِى فَتَمَرَّقَ شَعْرُ رَأْسِهَا وَزَوْجُهَا يَسْتَحْسِنُهَا أَفَأَصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَنَهَاهَا.
ولم يذكر النووي رحمه الله حديث عائشة : عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَرَّطَ شَعْرُهَا فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهُ فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ فَلَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ.(2/436)
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ. قال فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِى أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَأَتَتْهُ فَقالت : مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِى عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَمَا لِىَ لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِى كِتَابِ اللَّهِ فَقالت : الْمَرْأَةُ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَىِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ. فَقَالَ لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) فَقالت : الْمَرْأَةُ فَإِنِّى أَرَى شَيْئاً مِنْ هَذَا عَلَى امْرَأَتِكَ الآنَ. قال اذْهَبِى فَانْظُرِى. قال فَدَخَلَتْ عَلَى امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمْ تَرَ شَيْئاً فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَقالت : مَا رَأَيْتُ شَيْئاً. فَقَالَ أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكِ لَمْ نُجَامِعْهَا.
وَعَنْ جَابِرٍ قال زَجَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ بِرَأْسِهَا شَيْئاً.
بَابُ النهى عن الزور الذى يكثر النساء شعورهن(2/437)
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِى سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ كَانَتْ فِى يَدِ حَرَسِىٍّ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ وَيَقُولُ « إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : مَا كُنْتُ أَحْسَبُ أَحَداً يَفْعَلُهُ إِلاَّ الْيَهُودَ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَلَغَهُ فَسَمَّاهُ الزُّورَ.
بَابُ كراهية الثياب التى تصف الجسد
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ».
بَابُ المتشبع بما لم يعطه الزوج(1)
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً قالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقُولُ إِنَّ زَوْجِى أَعْطَانِى مَا لَمْ يُعْطِنِى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَىْ زُورٍ ».
وَعَنْ أَسْمَاءَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : إِنَّ لِى ضَرَّةً فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ أَنْ أَتَشَبَّعَ مِنْ مَالِ زَوْجِى بِمَا لَمْ يُعْطِنِى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَىْ زُورٍ ».
كتاب الأدب
__________
(1) : كذا بالأصل. وليس لها معنى في التبويب. والله أعلم(2/438)
بَابُ تسموا باسمى ولا تكتنوا بكنيتى وأحب الأسماء
عَنْ أَنَسٍ قال نَادَى رَجُلٌ رَجُلاً بِالْبَقِيعِ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لَمْ أَعْنِكَ إِنَّمَا دَعَوْتُ فُلاَناً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تَسَمَّوْا بِاسْمِى وَلاَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِى ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ».
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ مُحَمَّداً فَقَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ نَدَعُكَ تُسَمِّى بِاسْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَانْطَلَقَ بِابْنِهِ حَامِلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ فَأَتَى بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِى غُلاَمٌ فَسَمَّيْتُهُ مُحَمَّداً فَقَالَ لِى قَوْمِى لاَ نَدَعُكَ تُسَمِّى بِاسْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تَسَمَّوْا بِاسْمِى وَلاَ تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى فَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ » (1).
بَابُ تسمية المولود عبد الرحمن
عَنْ جَابِرٍ قال وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ [فَسَمَّاهُ] الْقَاسِمَ فَقُلْنَا لاَ نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْناً. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ « سَمِّ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ».
بَابُ التسمية بأسماء الصالحين
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث أبي هريرة : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال : قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - « تَسَمَّوْا بِاسْمِى وَلاَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِى ».(2/439)
عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قال لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِى فَقَالُوا إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ يَا أُخْتَ هَارُونَ وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا. فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ « إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ ».
بَابُ كراهية أفلح ورباح ويسار ونافع
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قال نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُسَمِّىَ رَقِيقَنَا بِأَرْبَعَةِ أَسْمَاءٍ أَفْلَحَ وَرَبَاحٍ وَيَسَارٍ وَنَافِعٍ (1).
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَحَبُّ الْكَلاَمِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. لاَ يَضُرُّكَ بَأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ. وَلاَ تُسَمِّيَنَّ غُلاَمَكَ يَسَاراً وَلاَ رَبَاحاً وَلاَ نَجِيحاً وَلاَ أَفْلَحَ فَإِنَّكَ تَقُولُ أَثَمَّ هُوَ فَلاَ يَكُونُ فَيَقُولُ لاَ ». إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ فَلاَ تَزِيدُنَّ عَلَىَّ.
بَابُ الرخصة فى هذه الأسماء وتغيير الاسم
عَنْ جَابِرٍ قال أَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَنْهَى عَنْ أَنْ يُسَمَّى بِيَعْلَى وَبِبَرَكَةَ وَبِأَفْلَحَ وَبِيَسَارٍ وَبِنَافِعٍ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْتُهُ سَكَتَ بَعْدُ عَنْهَا فَلَمْ يَقُلْ شَيْئاً ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ تَرَكَهُ.
__________
(1) : وفي رواية من قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لاَ تُسَمِّ غُلاَمَكَ رَبَاحاً وَلاَ يَسَاراً وَلاَ أَفْلَحَ وَلاَ نَافِعاً ».(2/440)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيَّرَ اسْمَ عَاصِيَةَ وَقَالَ « أَنْتِ جَمِيلَةُ ».
بَابُ كراهية التزكية فى الأسماء
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال كَانَتْ جُوَيْرِيَةُ اسْمُهَا بَرَّةَ فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْمَهَا جُوَيْرِيَةَ وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ بَرَّةَ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ فَقِيلَ تُزَكِّى نَفْسَهَا. فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبَ.
وَعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ قالت : كَانَ اسْمِى بَرَّةَ فَسَمَّانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبَ. قالت : وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَاسْمُهَا بَرَّةُ فَسَمَّاهَا زَيْنَبَ.
زاد فى رواية : « لاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمُ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ ».
بَابُ كراهية التسمى بملك الأملاك
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ ».
زاد فى رواية : « لاَ مَالِكَ إِلاَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ » (1).
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَخْبَثُهُ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ رَجُلٌ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاَكِ لاَ مَلِكَ إِلاَّ اللَّهُ ».
بَابُ تحنيك المولود بالتمر والصبر على المصيبة
__________
(1) : جاء بعد هذا الحديث : قال : الأَشْعَثِىُّ قال : سُفْيَانُ مِثْلُ شَاهَانْ شَاهْ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو عَنْ أَخْنَعَ فَقََالَ أَوْضَعَ.(2/441)
عَنْ أَنَسٍ قال ذَهَبْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ الأَنْصَارِىِّ إِلَى رَسُولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - حِينَ وُلِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى عَبَاءَةٍ يَهْنَأُ بَعِيراً لَهُ فَقَالَ « هَلْ مَعَكَ تَمْرٌ ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَنَاوَلْتُهُ تَمَرَاتٍ فَأَلْقَاهُنَّ فِى فِيهِ فَلاَكَهُنَّ ثُمَّ فَغَرَ فَا الصَّبِىِّ فَمَجَّهُ فِى فِيهِ فَجَعَلَ الصَّبِىُّ يَتَلَمَّظُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « حُبُّ الأَنْصَارِ التَّمْرَ ». وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال كَانَ ابْنٌ لأَبِى طَلْحَةَ يَشْتَكِى فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ فَقُبِضَ الصَّبِىُّ فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحَةَ قال مَا فَعَلَ ابْنِى قالت : أُمُّ سُلَيْمٍ هُوَ أَسْكَنُ مِمَّا كَانَ. فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا فَلَمَّا فَرَغَ قالت : وَارُوا الصَّبِىَّ. فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُو طَلْحَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ « أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ ». قال نَعَمْ قال « اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا ». فَوَلَدَتْ غُلاَماً فَقَالَ لِى أَبُو طَلْحَةَ احْمِلْهُ حَتَّى تَأْتِىَ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَتَى بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَعَثَتْ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ فَأَخَذَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « أَمَعَهُ شَىْءٌ ». قَالُوا نَعَمْ تَمَرَاتٌ. فَأَخَذَهَا النَّبِىُ - صلى الله عليه وسلم - فَمَضَغَهَا ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا فِى فِى الصَّبِىِّ ثُم حَنَّكَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ.
بَابُ تسمية المولود بإبراهيم وعبد الله ومسحه والدعاء له(2/442)
عَنْ أَبِى مُوسَى قال وُلِدَ لِى غُلاَمٌ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ وَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ.
وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَفَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا قَالاَ خَرَجَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ حِينَ هَاجَرَتْ وَهِىَ حُبْلَى بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَقَدِمَتْ قُبَاءً فَنُفِسَتْ بِعَبْدِ اللَّهِ بِقُبَاءٍ ثُمَّ خَرَجَتْ حِينَ نُفِسَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُحَنِّكَهُ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا فَوَضَعَهُ فِى حَجْرِهِ ثُمَّ دَعَا بِتَمْرَةٍ قال قالت : عَائِشَةُ فَمَكَثْنَا سَاعَةً نَلْتَمِسُهَا قَبْلَ أَنْ نَجِدَهَا فَمَضَغَهَا ثُمَّ بَصَقَهَا فِى فِيهِ فَإِنَّ أَوَّلَ شَىْءٍ دَخَلَ بَطْنَهُ لَرِيقُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قالت : أَسْمَاءُ ثُمَّ مَسَحَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَوْ ثَمَانٍ لِيُبَايِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيْرُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَآهُ مُقْبِلاً إِلَيْهِ ثُمَّ بَايَعَهُ.
زاد فى رواية : كَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِى الإِسْلاَمِ.
بَابُ تقريبه عليه السلام الصبيان ومزاحه معهم وتسمية المنذر
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيُبَرِّكُ عَلَيْهِمْ وَيُحَنِّكُهُمْ.(2/443)
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قال أُتِىَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِى أُسَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ وُلِدَ فَوَضَعَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى فَخِذِهِ وَأَبُو أُسَيْدٍ جَالِسٌ فَلَهِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَىْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَمَرَ أَبُو أُسَيْدٍ بِابْنِهِ فَاحْتُمِلَ مِنْ عَلَى فَخِذِ رَسُولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْلَبُوهُ فَاسْتَفَاقَ رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « أَيْنَ الصَّبِىُّ ». فَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ أَقْلَبْنَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ « مَا اسْمُهُ ». قال فُلاَنٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « لاَ وَلَكِنِ اسْمُهُ الْمُنْذِرُ ». فَسَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ الْمُنْذِرَ.
وَعَنْ أَنَسٍ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقاً وَكَانَ لِى أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ - قال أَحْسِبُهُ قال - كَانَ فَطِيماً - قال - فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَآهُ قال « أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ ». قال وََكَانَ يَلْعَبُ بِهِ.
وَعَنْهُ قال قَالَ [لِى] رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا بُنَىَّ ».
وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قال مَا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَدٌ عَنِ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ لِى « أَىْ بُنَىَّ وَمَا يُنْصِبُكَ مِنْهُ إِنَّهُ لَنْ يَضُرَّكَ ». قال قُلْتُ إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ مَعَهُ أَنْهَارَ الْمَاءِ وَجِبَالَ الْخُبْزِ. قال « هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ».
بَابُ كف الاستئذان(2/444)
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال كُنْتُ جَالِساً بِالْمَدِينَةِ فِى مَجْلِسِ الأَنْصَارِ فَأَتَانَا أَبُو مُوسَى فَزِعاً أَوْ مَذْعُوراً. قُلْنَا مَا شَأْنُكَ قال إِنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَىَّ أَنْ آتِيَهُ فَأَتَيْتُ بَابَهُ فَسَلَّمْتُ ثَلاَثاً فَلَمْ يَرُدَّ عَلَىَّ فَرَجَعْتُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنَا فَقُلْتُ إِنِّى أَتَيْتُكَ فَسَلَّمْتُ عَلَى بَابِكَ ثَلاَثاً فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَىَّ فَرَجَعْتُ وَقَدْ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاَثاً فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ ». فَقَالَ عُمَرُ أَقِمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ وَإِلاَّ أَوْجَعْتُكَ. فَقَالَ أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ لاَ يَقُومُ مَعَهُ إِلاَّ أَصْغَرُ الْقَوْمِ. قال أَبُو سَعِيدٍ قُلْتُ أَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ. قال فَاذْهَبْ بِهِ.
زاد فى رواية : فَقَامَ أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ كُنَّا نُؤْمَرُ بِهَذَا. فَقَالَ عُمَرُ خَفِىَ عَلَىَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَلْهَانِى عَنْهُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ.
وَفِى رِوَايَةٍ : قال أُبَىٌّ فَلاَ تَكُونَنَّ عَذَاباً عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قال سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّمَا سَمِعْتُ شَيْئاً فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ.
بَابُ كراهية أن يقول عند الاستئذان : أنا.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَوْتُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ هَذَا ». قُلْتُ أَنَا. قال فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ « أَنَا أَنَا » (1).
بَابُ كراهية الاطلاع فى بيت الإنسان
__________
(1) : زاد في رواية : كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ.(2/445)
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ فِى جُحْرٍ فِى بَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُنِى لَطَعَنْتُ بِهِ فِى عَيْنِكَ ». وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ ».
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ حُجَرِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ أَوْ مَشَاقِصَ فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْتِلُهُ لِيَطْعُنَهُ.
بَابُ من اطلع فى بيت بغير إذنهم
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنِ اطَّلَعَ فِى بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَوْ أَنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ ».
بَابُ نظر الفجأة (بورقة138أ)
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِى أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِى.
(ورقة 138أ) بَابُ ترتيب البدء بالسلام وحق الطريق ورد السلام
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِى وَالْمَاشِى عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ ».(2/446)
وَعَنْ أَبِى طَلْحَةَ قال كُنَّا قُعُوداً بِالأَفْنِيَةِ نَتَحَدَّثُ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ عَلَيْنَا فَقَالَ « مَا لَكُمْ وَلِمَجَالِسِ الصُّعُدَاتِ اجْتَنِبُوا مَجَالِسَ الصُّعُدَاتِ ». فَقُلْنَا إِنَّمَا قَعَدْنَا لِغَيْرِ مَا بَاسٍ قَعَدْنَا نَتَذَاكَرُ وَنَتَحَدَّثُ. قال « إِمَّا لاَ فَأَدُّوا حَقَّهَا غَضُّ الْبَصَرِ وَرَدُّ السَّلاَمِ وَحُسْنُ الْكَلاَمِ » (1).
بَابُ رد السلام على أهل الذمة (2)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ رَدُّ السَّلاَمِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «.....سِتٌّ ؛ إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ ».
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث أبي سعيد : عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الُخْدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : « إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ ». قَالُوا وَمَا حَقُّهُ قال : « غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ ».
(2) : كذا جاء في الأصل في هذا المكان قبل حديث أبي هريرة، والظاهر إيراده قبل حديث أنس. والله أعلم.(2/447)
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ ».
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ الْيَهُودَ إِذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ يَقُولُ أَحَدُهُمُ السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقُلْ عَلَيْكَ ».
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ. فَقالت : عَائِشَةُ بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِى الأَمْرِ كُلِّهِ ». قالت : أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قال « قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ ».
زاد فى رواية : فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
وَعَنْ جَابِرٍ قال سَلَّمَ نَاسٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. فَقَالَ « وَعَلَيْكُمْ ». فَقالت : عَائِشَةُ وَغَضِبَتْ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قال « بَلَى قَدْ سَمِعْتُ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّا نُجَابُ عَلَيْهِمْ وَلاَ يُجَابُونَ عَلَيْنَا ».
بَابُ النهى عن ابتداء أهل الذمة بالسلام
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِى طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ ».
بَابُ السلام على الغلمان
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ.(2/448)
وَعَنْ سَيَّارٍ قال كُنْتُ أَمْشِى مَعَ ثَابِتٍ الْبُنَانِىِّ فَمَرَّ بِصِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. وَحَدَّثَ ثَابِتٌ أَنَّهُ كَانَ يَمْشِى مَعَ أَنَسٍ فَمَرَّ بِصِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. وَحَدَّثَ أَنَسٌ أَنَّهُ كَانَ يَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرَّ بِصِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ.
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قال قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذْنُكَ عَلَىَّ أَنْ يُرْفَعَ الْحِجَابُ وَأَنْ تَسْتَمِعَ سِوَادِى حَتَّى أَنْهَاكَ ».
بَابُ نزول الحجاب وخروج النساء للحاجة
عَنْ عَائِشَةَ قالت : خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَ مَا ضُرِبَ عَلَيْهَا الْحِجَابُ لِتَقْضِىَ حَاجَتَهَا وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً تَفْرَعُ النِّسَاءَ جِسْماً لاَ تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا سَوْدَةُ وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا فَانْظُرِى كَيْفَ تَخْرُجِينَ. قالت : فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِى وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِى يَدِهِ عَرْقٌ فَدَخَلَتْ فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى خَرَجْتُ فَقَالَ لِى عُمَرُ كَذَا وَكَذَا. قالت : فَأُوحِىَ إِلَيْهِ ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِى يَدِهِ مَا وَضَعَهُ فَقَالَ « إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ ».(2/449)
وَعَنْهَا قالت : إِنَّ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى الْمَنَاصِعِ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - احْجُبْ نِسَاءَكَ. فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِى عِشَاءً وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً فَنَادَاهَا عُمَرُ أَلاَ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ. حِرْصاً عَلَى أَنْ يُنْزِلَ الْحِجَابَ. قالت : عَائِشَةُ فَأَنْزَلَ الْحِجَابَ.
بَابُ النهى عن مبيت الرجل عند غير المحرم وعن الدخول على المغيبات
عَنْ جَابِرٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَلاَ لاَ يَبِيتَنَّ رَجُلٌ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ نَاكِحاً أَوْ ذَا مَحْرَمٍ ».
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ قال « الْحَمْوُ الْمَوْتُ ».(2/450)
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ نَفَراً مِنْ بَنِى هَاشِمٍ دَخَلُوا عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَهِىَ تَحْتَهُ يَوْمَئِذٍ فَرَآهُمْ فَكَرِهَ ذَلِكَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ لَمْ أَرَ إِلاَّ خَيْراً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَرَّأَهَا مِنْ ذَلِكَ ». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ « لاَ يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ بَعْدَ يَوْمِى هَذَا عَلَى مُغِيبَةٍ إِلاَّ وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوِ اثْنَانِ ».
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ مَعَ إِحْدَى نِسَائِهِ فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَدَعَاهُ فَجَاءَ فَقَالَ « يَا فُلاَنُ هَذِهِ زَوْجَتِى فُلاَنَةُ ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ كُنْتُ أَظُنُّ بِهِ فَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّ بِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ ».
وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَىٍّ قالت : كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُعْتَكِفاً فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ فَقَامَ مَعِىَ لِيَقْلِبَنِى. وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِى دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَسْرَعَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ ». فَقَالاَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِى قُلُوبِكُمَا شَرًّا ». أَوْ قال « شَيْئاً ».(2/451)
بَابُ إحياء مجالس العلم وما للجالس فيها من الأجر
عَنْ أَبِى وَاقِدٍ اللَّيْثِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِى الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ نَفَرٌ ثَلاَثَةٌ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَهَبَ وَاحِدٌ. قال فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِى الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدْبَرَ ذَاهِباً فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ ».
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ » (1).
وَعَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ لْيُخَالِفْ إِلَى مَقْعَدِهِ فَيَقْعُدَ فِيهِ وَلَكِنْ يَقُولُ افْسَحُوا ».
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ ». وَفِى حَدِيثِ أَبِى عَوَانَةَ « مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ».
بَابُ كراهية دخول المخنث فى البيت
__________
(1) : زاد في رواية: «..... وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا ». لكن الظاهر أنها مدرجة. وصنيع مسلم يوضح ذلك. والله أعلم. انظر النكت.
وزاد في رواية : وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَامَ لَهُ رَجُلٌ عَنْ مَجْلِسِهِ لَمْ يَجْلِسْ فِيهِ.(2/452)
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ مُخَنَّثاً كَانَ عِنْدَهَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْبَيْتِ فَقَالَ لأَخِى أُمِّ سَلَمَةَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أُمَيَّةَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَداً فَإِنِّى أَدُلُّكَ عَلَى بِنْتِ غَيْلاَنَ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ. قال فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « لاَ يَدْخُلْ هَؤُلاَءِ عَلَيْكُمْ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِى الإِرْبَةِ
بَابُ خدمة المرأة زوجها وحسن معاشرتها إياه ورضا(1)
__________
(1) : كذا بالأصل. ولعلها : ورضاه.(2/453)
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ قالت : تَزَوَّجَنِى الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِى الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلاَ مَمْلُوكٍ وَلاَ شَىْءٍ غَيْرَ فَرَسِهِ - قالت : - فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَكْفِيهِ مَئُونَتَهُ وَأَسُوسُهُ وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضِحِهِ وَأَعْلِفُهُ وَأَسْتَقِى الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ وَكَانَ يَخْبِزُ لِى جَارَاتٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ - قالت : - وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِى أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَأْسِى وَهْىَ عَلَى ثُلُثَىْ فَرْسَخٍ - قالت : - فَجِئْتُ يَوْماً وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِى فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَدَعَانِى ثُمَّ قال « إِخْ إِخْ ». لِيَحْمِلَنِى خَلْفَهُ - قالت : - فَاسْتَحْيَيْتُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى عَلَى رَأْسِكِ أَشَدُّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ. قالت : حَتَّى أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ فَكَفَتْنِى سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَتْنِى (1)
__________
(1) : زاد في رواية : فَجَاءَنِى رَجُلٌ فَقَالَ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ إِنِّى رَجُلٌ فَقِيرٌ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَ فِى ظِلِّ دَارِكِ. قالت : إِنِّى إِنْ رَخَّصْتُ لَكَ أَبَى ذَاكَ الزُّبَيْرُ فَتَعَالَ فَاطْلُبْ إِلَىَّ وَالزُّبَيْرُ شَاهِدٌ فَجَاءَ فَقَالَ يَا أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ إِنِّى رَجُلٌ فَقِيرٌ أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَ فِى ظِلِّ دَارِكِ. فَقالت : مَا لَكَ بِالْمَدِينَةِ إِلاَّ دَارِى فَقَالَ لَهَا الزُّبَيْرُ مَا لَكِ أَنْ تَمْنَعِى رَجُلاً فَقِيراً يَبِيعُ فَكَانَ يَبِيعُ إِلَى أَنْ كَسَبَ فَبِعْتُهُ الْجَارِيَةَ فَدَخَلَ عَلَىَّ الزُّبَيْرُ وَثَمَنُهَا فِى حَجْرِى. فَقَالَ هَبِيهَا لِى. قالت : إِنِّى قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهَا.(2/454)
.
بَابُ النهى عن مناجاة اثنين دون واحد
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا كَانَ ثَلاَثَةٌ فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ وَاحِدٍ ».
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَهُ » (1).
كتاب الطب
بَابُ الرقا والطب
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قالت : كَانَ إِذَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَقَاهُ جِبْرِيلُ قال بِاسْمِ اللَّهِ يُبْرِيكَ وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ وَشَرِّ كُلِّ ذِى عَيْنٍ.
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ فَقَالَ « نَعَمْ ». قال بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ.
بَابُ العين حق
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « الْعَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَىْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا » (2).
__________
(1) : وفي رواية : «..... فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ ».
(2) : لم يذكر حديث أبي هريرة : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « الْعَيْنُ حَقٌّ ».(2/455)
عَنْ عَائِشَةَ قالت : سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَهُودِىٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِى زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ - قالت : - حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ دَعَا ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قال « يَا عَائِشَةُ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ جَاءَنِى رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ. فَقَالَ الَّذِى عِنْدَ رَأْسِى لِلَّذِى عِنْدَ رِجْلَىَّ أَوِ الَّذِى عِنْدَ رِجْلَىَّ لِلَّذِى عِنْدَ رَأْسِى مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قال مَطْبُوبٌ. قال مَنْ طَبَّهُ قال لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قال فِى أَىِّ شَىْءٍ قال فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ. قال وَجُبِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ. قال فَأَيْنَ هُوَ قال فِى بِئْرِ ذِى أَرْوَانَ ». قالت : فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قال « يَا عَائِشَةُ وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ». قالت : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أَحْرَقْتَهُ قال « لاَ أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِى اللَّهُ وَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا فَأَمَرْتُ بِهَا فَدُفِنَتْ ».(2/456)
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنْهَا فَجِىءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقالت : أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ. قال « مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ ». قال أَوْ قال « عَلَىَّ ». قال قَالُوا أَلاَ نَقْتُلُهَا قال « لاَ ». قال فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِى لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
بَابُ رقية الرجل أهله
عَنْ عَائِشَةَ قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قال « أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِى لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَماً ». فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَثَقُلَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ لأَصْنَعَ بِهِ نَحْوَ مَا كَانَ يَصْنَعُ فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِى ثُمَّ قال « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى َاجْعَلْنِى مَعَ الرَّفِيقِ الأَعْلَى ». قالت : فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى.
وَعَنْهَا قالت : قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا عَادَ مَرِيضاً يَقُولُ « أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِهِ أَنْتَ الشَّافِى لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَماً ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِى لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَماً ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ بِيَدِكَ الشِّفَى لاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ أَنْتَ ».
بَابُ الرقية بالمعوذتين والنفث(2/457)
عَنْ عَائِشَةَ قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِى مَاتَ فِيهِ جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ لأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدِى.
بَابُ الرقية من كل حمى والرقية من تربة الأرض
عَنْ عَائِشَةَ قالت : سُئِلَت عَنِ الرُّقْيَةِ فَقالت : رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِى الرُّقْيَةِ مِنْ كُلِّ ذِى حُمَةٍ.
وَعَنْهَا قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَكَى الإِنْسَانُ الشَّىْءَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جَرْحٌ قال النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَهَا « بِاسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا ».
بَابُ الرقية من العين
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَأْمُرُهَا(1) أَنْ تَسْتَرْقِىَ مِنَ الْعَيْنِ.
بَابُ الرقية من الحمة والنملة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِى الرُّقَى قال رُخِّصَ فِى الْحُمَةِ وَالنَّمْلَةِ وَالْعَيْنِ.
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال لِجَارِيَةٍ فِى بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى بِوَجْهِهَا سَفْعَةً فَقَالَ « بِهَا نَظْرَةٌ فَاسْتَرْقُوا لَهَا ». يَعْنِى بِوَجْهِهَا صُفْرَةً.
__________
(1) : كذا في الصحيح. وفي الأصل : يَأمُر.(2/458)
وَعَنْ جَابِرٍ قال رَخَّصَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لآِلِ حَزْمٍ فِى رُقْيَةِ الْحَيَّةِ وَقَالَ لأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ « مَا لِى أَرَى أَجْسَامَ بَنِى أَخِى ضَارِعَةً تُصِيبُهُمُ الْحَاجَةُ ». قالت : لاَ وَلَكِنِ الْعَيْنُ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ. قال « ارْقِيهِمْ ». قالت : فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ « ارْقِيهِمْ ».
وَعَنْهُ قال لَدَغَتْ رَجُلاً مِنَّا عَقْرَبٌ وَنَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْقِى قال « مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ ».
بَابُ جواز الرقى ما لم يكن فيه شرك
عَنْ جَابِرٍ قال نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الرُّقَى فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نَرْقِى بِهَا مِنَ الْعَقْرَبِ وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى. قال فَعَرَضُوهَا عَلَيْهِ. فَقَالَ « مَا أَرَى بَأْساً مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ ».
وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِىِّ قال كُنَّا نَرْقِى فِى الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِى ذَلِكَ فَقَالَ « اعْرِضُوا عَلَىَّ رُقَاكُمْ لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ ».(2/459)
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ نَاساً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا فى سَفَرٍ فَمَرُّوا بِحَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ. فَقَالُوا لَهُمْ هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَىِّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ نَعَمْ فَأَتَاهُ فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ الرَّجُلُ فَأُعْطِىَ قَطِيعاً مِنْ غَنَمٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا. وَقَالَ حَتَّى أَذْكُرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا رَقَيْتُ إِلاَّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. فَتَبَسَّمَ وَقَالَ « وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ». ثُمَّ قال « خُذُوا مِنْهُمْ وَاضْرِبُوا لِى بِسَهْمٍ مَعَكُمْ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : فَجَعَلَ يَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفُلُ فَبَرَأَ الرَّجُلُ.
بَابُ الرقية بأسماء الله سبحانه والتعويذ
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِى الْعَاصِ الثَّقَفِىِّ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعاً يَجِدُهُ فِى جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِى تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ. ثَلاَثاً. وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ ».
بَابُ التعوذ من الشيطان والوسوسة فى الصلاة(2/460)
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِى الْعَاصِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِى وَبَيْنَ صَلاَتِى وَقِرَاءَتِى يَلْبِسُهَا عَلَىَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خِنْزِبٌ فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاَثاً ». قال فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّى.
بَابُ ما جاء فى الحجامة والكى
عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ».
وَعَنْهُ أَنَّهُ عَادَ الْمُقَنَّعَ ثُمَّ قال لاَ أَبْرَحُ حَتَّى تَحْتَجِمَ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ فِيهِ شِفَاءً ».(2/461)
وَعَنْهُ أَنَّهُ دَخَلَ وَرَجُلٌ يَشْتَكِى جُرْحًا بِهِ أَوْ جِرَاحاً فَقَالَ مَا تَشْتَكِى قال جِرَاجٌ(1) بِى قَدْ شَقَّ عَلَىَّ. فَقَالَ يَا غُلاَمُ ائْتِنِى بِحَجَّامٍ. فَقَالَ لَهُ مَا تَصْنَعُ بِالْحَجَّامِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قال أُرِيدُ أَنْ أُعَلِّقَ فِيهِ مِحْجَماً. قال وَاللَّهِ إِنَّ الذُّبَابُ لَيُصِيبُنِى أَوْ يُصِيبُنِى الثَّوْبُ فَيُؤْذِينِى وَيَشُقُّ عَلَىَّ. فَلَمَّا رَأَى تَبَرُّمَهُ مِنْ ذَلِكَ قال إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنْ كَانَ فِى شَىْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِى شَرْطَةِ مَحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ ». قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِىَ ». قال فَجَاءَ بِحَجَّامٍ فَشَرَطَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ.
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا اسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْحِجَامَةِ فَأَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا طَيْبَةَ أَنْ يَحْجُمَهَا. قال حَسِبْتُ أَنَّهُ قال كَانَ أَخَاهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ أَوْ غُلاَماً لَمْ يَحْتَلِمْ.
وَعَنْ جَابِرٍ قال بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيباً فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقاً ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ.
وَعَنْهُ قال رُمِىَ أُبَىُّ يَوْمَ الأَحْزَابِ عَلَى أَكْحَلِهِ فَكَوَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وَفِى رِوَايَةٍ : قال رُمِىَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِى أَكْحَلِهِ - قال - فَحَسَمَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ بِمِشْقَصٍ ثُمَّ وَرِمَتْ فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ.
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : خُرَاجٌ. ولعله الصواب لتسقتيم الضمائر في التأنيث والتذكير.(2/462)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ وَاسْتَعَطَ.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ لاَ يَظْلِمُ أَحَداً أَجْرَهُ.
بَابُ ما ورد فى الحمى أنها من فيح جهنم
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ »(1).
وَفِى رِوَايَةٍ : «....... فَأَطْفِئُوهَا بِالْمَاءِ ».
وَعَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا كَانَتْ تُؤْتَى بِالْمَرْأَةِ الْمَوْعُوكَةِ فَتَدْعُو بِالْمَاءِ فَتَصُبُّهُ فِى جَيْبِهَا وَتَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « ابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ ». وَقَالَ « إِنَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ ».
وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ الْحُمَّى فَوْرٌ مِنْ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ ».
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَرَضِهِ فَأَشَارَ أَنْ لاَ تَلُدُّوِنِى. فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَلَمَّا أَفَاقَ قال « لاَ يَبْقَى أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ لُدَّ غَيْرُ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ ».
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث عائشة : عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَابْرُدُوهَا بِالْمَاءِ ».(2/463)
وَعَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ أُخْتِ عُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ قالت : دَخَلْتُ بِابْنٍ لِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ فَبَالَ عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَرَشَّهُ. وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ بِابْنٍ لِى قَدْ أَعْلَقْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْعُذْرَةِ فَقَالَ « عَلاَمَهْ تَدْغَرْنَ أَوْلاَدَكُنَّ بِهَذَا الْعِلاَقِ عَلَيْكُنَّ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِىِّ فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ مِنْهَا ذَاتُ الْجَنْبِ يُسْعَطُ مِنَ الْعُذْرَةِ وَيُلَدُّ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ ».
بَابُ التداوى بالشونيز
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ فِى الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلاَّ السَّامَ ». وَالسَّامُ الْمَوْتُ. وَالْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ الشُّونِيزُ.
بَابُ التلبينة مجمة لفؤاد المريض
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلاَّ أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا - أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا ثُمَّ قالت : كُلْنَ مِنْهَا فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « التَّلْبِينَةُ مَجَمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ تُذْهِبُ بَعْضَ الْحُزْنِ ».
بَابُ التداوى بشرب العسل(2/464)
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ أَخِى اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اسْقِهِ عَسَلاً ». فَسَقَاهُ ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ إِنِّى سَقَيْتُهُ عَسَلاً فَلَمْ يَزِدْهُ إِلاَّ اسْتِطْلاَقاً. فَقَالَ لَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ جَاءَ الرَّابِعَةَ فَقَالَ « اسْقِهِ عَسَلاً ». فَقَالَ لَقَدْ سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلاَّ اسْتِطْلاَقاً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ ». فَسَقَاهُ فَبَرَأَ.
وَعَنْهُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّ أَخِى عَرِبَ بَطْنُهُ. فَقَالَ لَهُ « اسْقِهِ عَسَلاً ». إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ
بَابُ فى الطاعون
عَنْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « الطَّاعُونُ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ أُرْسِلَ عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَاراً مِنْهُ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « الطَّاعُونُ آيَةُ الرِّجْزِ ابْتَلَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ نَاساً مِنْ عِبَادِهِ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَفِرُّوا مِنْهُ ».
وفى أخرى : « إِنَّ هَذَا الْوَجَعَ أَوِ السَّقَمَ رِجْزٌ عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ ثُمَّ بَقِىَ بَعْدُ بِالأَرْضِ فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأْتِى الأُخْرَى فَمَنْ سَمِعَ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ يَقْدَمَنَّ عَلَيْهِ وَمَنْ وَقَعَ بِأَرْضٍ وَهُوَ بِهَا فَلاَ يُخْرِجَنَّهُ الْفِرَارُ مِنْهُ ».(2/465)
بَابُ كراهة القدوم على الوباء
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ لَقِيَهُ أَهْلُ الأَجْنَادِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ. قال ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ عُمَرُ ادْعُ لِىَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ. فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ فَاخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ خَرَجْتَ لأَمْرٍ وَلاَ نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ. فَقَالَ ارْتَفِعُوا عَنِّى. ثُمَّ قال ادْعُ لِىَ الأَنْصَارَ فَدَعَوْتُهُمْ لَهُ فَاسْتَشَارَهُمْ فَسَلَكُوا سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلاَفِهِمْ. فَقَالَ ارْتَفِعُوا عَنِّى. ثُمَّ قال ادْعُ لِى مَنْ كَانَ هَا هُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ. فَدَعَوْتُهُمْ فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ فَقَالُوا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلاَ تُقْدِمْهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ. فَنَادَى عُمَرُ فِى النَّاسِ إِنِّى مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ أَفِرَاراً مِنْ قَدَرِ اللَّهِ فَقَالَ عُمَرُ لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ - وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ خِلاَفَهُ - نَعَمْ نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَتْ لَكَ إِبِلٌ فَهَبَطْتَ وَادِياً لَهُ عِدْوَتَانِ إِحْدَاهُمَا خَصْبَةٌ وَالأُخْرَى جَدْبَةٌ أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ وَإِنْ(2/466)
رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ قال فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَكَانَ مُتَغَيِّباً فِى بَعْضِ حَاجَتِهِ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِى مِنْ هَذَا عِلْماً سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَاراً مِنْهُ ». قال فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ انْصَرَفَ.
بَابُ النهى عن الطِيرة وأن يدخل المريض على الصحيح
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ حِينَ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ عَدْوَى وَلاَ صَفَرَ وَلاَ هَامَةَ ». فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ الإِبِلِ تَكُونُ فِى الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فَيَجِىءُ الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ فِيهَا فَيُجْرِبُهَا كُلَّهَا قال « فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ ».
وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ عَدْوَى وَلاَ صَفَرَ وَلاَ هَامَةَ ».(2/467)
وَعَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ عَدْوَى ». وَيُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ ». قال أَبُو سَلَمَةَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُمَا كِلْتَيْهِمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (1)
وَفِى رِوَايَةٍ : « لاَ عَدْوَى وَلاَ هَامَةَ وَلاَ نَوْءَ وَلاَ صَفَرَ ».
__________
(1) : تتمة الحديث : ثُمَّ صَمَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ « لاَ عَدْوَى ». وَأَقَامَ عَلَى « أَنْ لاَ يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ ». قال : فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِى ذُبَابُ - وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِى هُرَيْرَةَ - قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ تُحَدِّثَنَا مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثاً آخَرَ قَدْ سَكَتَّ عَنْهُ كُنْتَ تَقُولُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ عَدْوَى ». فَأَبَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ وَقَالَ « لاَ يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ ». فَمَا رَآهُ الْحَارِثُ فِى ذَلِكَ حَتَّى غَضِبَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ فَقَالَ لِلْحَارِثِ أَتَدْرِى مَاذَا قُلْتُ قال : لاَ. قال : أَبُو هُرَيْرَةَ. قُلْتُ أَبَيْتُ. قال : أَبُو سَلَمَةَ وَلَعَمْرِى لَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « لاَ عَدْوَى ». فَلاَ أَدْرِى أَنَسِىَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَوْ نَسَخَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ الآخَرَ(2/468)
عَنْ جَابِرٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ عَدْوَى وَلاَ صَفَرَ وَلاَ غُولَ » (1).(2)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْفَأْلُ قال « الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ ».(3)
بَابُ إن كان الشؤم حقًا ففي(4) المرأة والدار والفرس
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « الشُّؤْمُ فِى الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ »(5).
وَعَنْ جَابِرٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِى شَىْءٍ فَفِى الرَّبْعِ وَالْخَادِمِ وَالْفَرَسِ ».
بَابُ النهى عن إتيان الكهان
__________
(1) : وَسَمِعْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ يَذْكُرُ أَنَّ جَابِراً فَسَّرَ لَهُمْ قَوْلَهُ « وَلاَ صَفَرَ ». فَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ الصَّفَرُ الْبَطْنُ. فَقِيلَ لِجَابِرٍ كَيْفَ قال : كَانَ يُقَالُ دَوَابُّ الْبَطْنِ. قال : وَلَمْ يُفَسِّرِ الْغُولَ. قال : أَبُو الزُّبَيْرِ هَذِهِ الْغُولُ الَّتِى تَغَوَّلُ.
(2) : وفي رواية : « لاَ عَدْوَى وَلاَ غُولَ وَلاَ صَفَرَ ».
(3) : لم يذكر حديث أنس : عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِى الْفَأْلُ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ ».
(4) : في الأصل : في.
(5) : لم يذكر حديث سهل بن سعد : عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنْ كَانَ فَفِى الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ ». يَعْنِى الشُّؤْمَ.(2/469)
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِىِّ قال قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُمُوراً كُنَّا نَصْنَعُهَا فِى الْجَاهِلِيَّةِ كُنَّا نَأْتِى الْكُهَّانَ. قال « فَلاَ تَأْتُوا الْكُهَّانَ ». قال قُلْتُ كُنَّا نَتَطَيَّرُ. قال « ذَاكَ شَىْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِى نَفْسِهِ فَلاَ يَصُدَّنَّكُمْ ».
وَفِى رِوَايَةٍ قال وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ قال « كَانَ نَبِىٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ ».
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْكُهَّانَ كَانُوا يُحَدِّثُونَنَا بِالشَّىْءِ فَنَجِدُهُ حَقًّا قال « تِلْكَ الْكَلِمَةُ الْحَقُّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّىُّ فَيَقْذِفُهَا فِى أُذُنِ وَلِيِّهِ وَيَزِيدُ فِيهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الْجِنِّ يَحْفَظَهَا(1) الْجِنِّىُّ فَيَقُرُّهَا فِى أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ ».
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : يَخْطَفُهَا(2/470)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال أَخْبَرَنِى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الأَنْصَارِ أَنَّهُمْ بَيْنَمَا هُمْ جُلُوسٌ لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رُمِىَ بِنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : « مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِىَ بِمِثْلِ هَذَا ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ كُنَّا نَقُولُ وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَإِنَّهَا لاَ يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ وَلَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ إِذَا قَضَى أَمْراً سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ قال الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ مَاذَا قال رَبُّكُمْ فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قال - قال - فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَوَاتِ بَعْضاً حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَتَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ وَيُرْمَوْنَ بِهِ فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ ».
عَنْ صَفِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ أَتَى عَرَّافاً فَسَأَلَهُ عَنْ شَىْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ».(2/471)
(1)[ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قال كَانَ فِى وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ ».
عَنْ عَائِشَةَ قالت : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقَتْلِ ذِى الطُّفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ الْبَصَرَ وَيُصِيبُ الْحَبَلَ.
وَفِى رِوَايَةٍ :... الأَبْتَرُ وَذُو الطُّفْيَتَيْنِ.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ وَيَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ ». قال فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْتُلُ كُلَّ حَيَّةٍ وَجَدَهَا فَأَبْصَرَهُ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ يُطَارِدُ حَيَّةً فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ.
وَفِى رِوَايَةٍ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكِلاَبِ يَقُولُ « اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَالْكِلاَبَ... ». قال الزُّهْرِىُّ وَنُرَى ذَلِكَ مِنْ سُمَّيْهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعَنْ أَبِى لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ الْبَدْرِىِّ أَنَّهُ كَلَّمَ ابْنَ عُمَرَ لِيَفْتَحَ لَهُ بَاباً فِى دَارِهِ يَسْتَقْرِبُ بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ الْغِلْمَةُ جِلْدَ جَانٍّ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ الْتَمِسُوهُ فَاقْتُلُوهُ. فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ لاَ تَقْتُلُوهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ الَّتِى فِى الْبُيُوتِ.
__________
(1) : بداية السقط.(2/472)
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قال كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَارٍ وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ ( وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً ). فَنَحْنُ نَأْخُذُهَا مِنْ فِيهِ رَطْبَةً إِذْ خَرَجَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فَقَالَ « اقْتُلُوهَا ». فَابْتَدَرْنَاهَا لِنَقْتُلَهَا فَسَبَقَتْنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَقَاهَا اللَّهُ شَرَّكُمْ كَمَا وَقَاكُمْ شَرَّهَا ».
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ مُحْرِماً بِقَتْلِ حَيَّةٍ بِمِنًى.(2/473)
وَعَنْ أَبِى السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ فِى بَيْتِهِ قال فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّى فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَقْضِىَ صَلاَتَهُ فَسَمِعْتُ تَحْرِيكاً فِى عَرَاجِينَ فِى نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا حَيَّةٌ فَوَثَبْتُ لأَقْتُلَهَا فَأَشَارَ إِلَىَّ أَنِ اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِى الدَّارِ فَقَالَ أَتَرَى هَذَا الْبَيْتَ فَقُلْتُ نَعَمْ. قال كَانَ فِيهِ فَتًى مِنَّا حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ - قال - فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْخَنْدَقِ فَكَانَ ذَلِكَ الْفَتَى يَسْتَأْذِنُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَنْصَافِ النَّهَارِ فَيَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ فَاسْتَأْذَنَهُ يَوْماً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خُذْ عَلَيْكَ سِلاَحَكَ فَإِنِّى أَخْشَى عَلَيْكَ قُرَيْظَةَ ». فَأَخَذَ الرَّجُلُ سِلاَحَهُ ثُمَّ رَجَعَ فَإِذَا امْرَأَتُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ قَائِمَةً فَأَهْوَى إِلَيْهَا الرُّمْحَ لِيَطْعُنَهَا بِهِ وَأَصَابَتْهُ غَيْرَةٌ فَقالت : لَهُ اكْفُفْ عَلَيْكَ رُمْحَكَ وَادْخُلِ الْبَيْتَ حَتَّى تَنْظُرَ مَا الَّذِى أَخْرَجَنِى. فَدَخَلَ فَإِذَا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ مُنْطَوِيَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ فَأَهْوَى إِلَيْهَا بِالرُّمْحِ فَانْتَظَمَهَا بِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَرَكَزَهُ فِى الدَّارِ فَاضْطَرَبَتْ عَلَيْهِ فَمَا يُدْرَى أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتاً الْحَيَّةُ أَمِ الْفَتَى قال فَجِئْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ وَقُلْنَا ادْعُ اللَّهَ يُحْيِيهِ لَنَا. فَقَالَ « اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ ». ثُمَّ قال « إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا(2/474)
رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئاً فَآذِنُوهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ».
وَعَنْ أُمِّ شَرِيكٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهَا بِقَتْلِ الأَوْزَاغِ.
وَعَنْ سَعْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقاً.
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال لِلْوَزَغِ « الْفُوَيْسِقُ ».
زاد فى رواية : قالت : وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ.](1)
بَابُ الأجر لقاتلها فى أول ضربة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ قَتَلَ وَزَغَةً فِى أَوَّلِ ضَرْبَةٍ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً وَمَنْ قَتَلَهَا فِى الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً لِدُونِ الأُولَى وَإِنْ قَتَلَهَا فِى الضَّرْبَةِ الثَّالِثَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً دُونِ الثَّانِيَةِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... فِى أَوَّلِ ضَرْبَةٍ سَبْعِينَ حَسَنَةً ».
بَابُ قتل النمل
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَنَّ نَمْلَةً قَرَصَتْ نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَفِى أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَهْلَكْتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... هَلاَّ نَمْلَةً وَاحِدَةً ».
بَابُ الإثم فى قتل البهائم والأجر فى الإحسان إليها
__________
(1) : نهاية السقط.(2/475)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلاَ هِىَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ ».(1)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْراً فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِى كَانَ بَلَغَ مِنِّى. فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ مَاءً ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِىَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِى هَذِهِ الْبَهَائِمِ لأَجْراً فَقَالَ « فِى كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ ».
وَعَنْهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْباً فِى يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا ».
عَنْ أَبِى هُرَيْرَة قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَسُبُّ ابْنُ آدَمَ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِىَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ».
__________
(1) : لم يذكر حديث أبي هريرة : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ لَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَسْقِهَا وَلَمْ تَتْرُكْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ ».(2/476)
وَفِى رِوَايَةٍ : «... يُؤْذِينِى ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ».
وفى أخرى : «... يُؤْذِينِى ابْنُ آدَمَ يَقُولُ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ. فَلاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ. فَإِنِّى أَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا ».
بَابُ تسمية العنب الكرم
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَسُبُّ أَحَدُكُمُ الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ وَلاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ لِلْعِنَبِ الْكَرْمَ. فَإِنَّ الْكَرْمَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « لاَ تَقُولُوا كَرْمٌ. فَإِنَّ الْكَرْمَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ ».
وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ(1) عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَقُولُوا الْكَرْمُ. وَلَكِنْ قُولُوا الْحَبَلَةُ ». يَعْنِى الْعِنَبَ.
بَابُ تسمية العبد والأمة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِى وَأَمَتِى. كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ غُلاَمِى وَجَارِيَتِى وَفَتَاىَ وَفَتَاتِى ».
زاد فى رواية : «... وَلاَ يَقُلِ الْعَبْدُ رَبِّى. وَلَكِنْ لِيَقُلْ سَيِّدِى ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمُ اسْقِ رَبَّكَ أَطْعِمْ رَبَّكَ وَضِّئْ رَبَّكَ. وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ رَبِّى. وَلْيَقُلْ سَيِّدِى وَمَوْلاَىَ وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِى وَأَمَتِى. وَلْيَقُلْ فَتَاىَ وَفَتَاتِى وَغُلاَمِى ».
بَابُ كراهية أن يقول خبثت نفسى
__________
(1) : في الأصل : عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وما أثبتناه في الصحيح.(2/477)
عَنْ عَائِشَةَ قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِى. وَلَكِنْ لِيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِى ».(1)
بَابُ المسك أطيب الطيب
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ قَصِيرَةٌ تَمْشِى مَعَ امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ وَخَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ مُغْلَقٍ مُطْبَقٍ ثُمَّ حَشَتْهُ مِسْكاً وَهُوَ أَطْيَبُ الطِّيبِ فَمَرَّتْ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ فَلَمْ يَعْرِفُوهَا فَقالت : بِيَدِهَا هَكَذَا ».
بَابُ الاستجمار بالألوة والكافور
عَنْ نَافِعٍ قال كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اسْتَجْمَرَ اسْتَجْمَرَ بِالأَلُوَّةِ غَيْرِ مُطَرَّاةٍ وَبِكَافُورٍ يَطْرَحُهُ مَعَ الأَلُوَّةِ ثُمَّ قال هَكَذَا كَانَ يَسْتَجْمِرُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
بَابُ الشعر وإنشاده وأصدق كلمة قالها شاعر
عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قال رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً فَقَالَ « هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِى الصَّلْتِ شَيْئاً ». قُلْتُ نَعَمْ قال « هِيهِ ». فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتاً فَقَالَ « هِيهِ ». ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتاً فَقَالَ « هِيهِ ». حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ.
وَعَنْ الشَّرِيدِ قال أَرْدَفَنِى(2) رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَلْفَهُ... فَذَكَرَ مِثْلَهُ
زد فى رواية : « إِنْ كَادَ لَيُسْلِمُ ».
__________
(1) : لم يذكر حديث سهل : عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِى. وَلْيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِى ».
(2) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : اسْتَنْشَدَنِى(2/478)
وَفِى رِوَايَةٍ : « فَلَقَدْ كَادَ يُسْلِمُ فِى شِعْرِهِ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَشْعَرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ كَلِمَةُ لَبِيدٍ أَلاَ كُلُّ شَىْءٍ مَا خَلاَ اللَّهَ بَاطِلٌ ».
زاد فى رواية : «... وَكَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِى الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ ».(1)
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعَرْجِ إِذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خُذُوا الشَّيْطَانَ أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحاً خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْراً ».
بَابُ النهى عن اللعب بالنرد
عَنْ بُرَيْدَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِى لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ ».
كتاب الرؤيا
عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قال كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا أُعْرَى مِنْهَا غَيْرَ أَنِّى لاَ أُزَمَّلُ حَتَّى لَقِيتُ أَبَا قَتَادَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلْماً يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاَثاً وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ ».(2)
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله تعالى حديث سعد : عَنْ سَعْدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : « لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحاً يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْراً ».
(2) : زاد في رواية : «... وَلاَ يُخْبِرْ بِهَا أَحَداً فَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً فَلْيُبْشِرْ وَلاَ يُخْبِرْ إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ ».
ولم يذكر حديث جابر : عَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال : « إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاَثاً وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلاَثاً وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِى كَانَ عَلَيْهِ ».(2/479)
وَفِى رِوَايَةٍ : «... وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِى كَانَ عَلَيْهِ ».
بَابُ إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثاً وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ». قال « وَأُحِبُّ الْقَيْدَ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِى الدِّينِ ».(1)
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ ».(2)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « رُؤْيَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الرُؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ ».
بَابُ رؤية النبى - صلى الله عليه وسلم - فى المنام كرؤيته فى اليقظة
__________
(1) : في الصحيح ذكر مسلم بعد الحديث ما نصه : فَلاَ أَدْرِى هُوَ فِى الْحَدِيثِ أَمْ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ. وفي الحديث كلام حول ما أدرج فيه.
(2) : لم يذكر حديث أنس، وهو نفسه حديث عبادة. وحديث عبادة رواه عنه أنس. ولعل حديث أنس خطأ ذكره مسلم ليبين خطأه. والله أعلم.(2/480)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِى فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ بِى ».
وَفِى رِوَايَةٍ :« مَنْ [رَآنِى فَقَدْ] رَأَى الْحَقَّ ».
بَابُ لا تخبر الناس بتلعب الشيطان به فى المنام
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ رَآنِى فِى النَّوْمِ فَقَدْ رَآنِى إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِى لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَتَمَثَّلَ فِى صُورَتِى. إِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يُخْبِرْ أَحَداً بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِهِ فِى الْمَنَامِ ».
وَعَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال لأَعْرَابِىٍّ جَاءَهُ فَقَالَ إِنِّى حَلَمْتُ أَنَّ رَأْسِى قُطِعَ فَأَنَا أَتَّبِعُهُ فَزَجَرَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ « لاَ تُخْبِرْ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِكَ فِى الْمَنَامِ ».
بَابُ تعبير الرؤيا(2/481)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَرَى اللَّيْلَةَ فِى الْمَنَامِ ظُلَّةً تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا بِأَيْدِيهِمْ فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ وَأَرَى سَبَباً وَاصِلاً مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَعَلاَ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلاَ ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ بِهِ ثُمَّ وُصِلَ لَهُ فَعَلاَ. قال أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّى فَلأَعْبُرَنَّهَا. قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اعْبُرْهَا ». قال أَبُو بَكْرٍ أَمَّا الظُّلَّةُ فَظُلَّةُ الإِسْلاَمِ وَأَمَّا الَّذِى يَنْطِفُ مِنَ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ فَالْقُرْآنُ حَلاَوَتُهُ وَلِينُهُ وَأَمَّا مَا يَتَكَفَّفُ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فَالْحَقُّ الَّذِى أَنْتَ عَلَيْهِ تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ. فَأَخْبِرْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِى أَنْتَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَصَبْتَ بَعْضاً وَأَخْطَأْتَ بَعْضاً ». قال فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّى مَا الَّذِى أَخْطَأْتُ قال « لاَ تُقْسِمْ ».(1)
__________
(1) : ذكر مسلم بعض رويات للحديث على الشك بين ابن عباس وأبي هريرة. والخلاف في الرواة عن الزهري. والظاهر أن الصواب مع من أثبت أنه ابن عباس. وهو ما أثبته النووي رحمه الله تعالى . والله أعلم(2/482)
بَابُ رؤيا النبى - صلى الله عليه وسلم - وتعبيره
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّا فِى دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ فَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ فَأَوَّلْتُ الرِّفْعَةَ لَنَا فِى الدُّنْيَا وَالْعَاقِبَةَ فِى الآخِرَةِ وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَرَانِى فِى الْمَنَامِ أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ فَجَذَبَنِى رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأَصْغَرَ مِنْهُمَا فَقِيلَ لِى كَبِّرْ. فَدَفَعْتُهُ إِلَى الأَكْبَرِ ».
وَعَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « رَأَيْتُ فِى الْمَنَامِ أَنِّى أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ فَذَهَبَ وَهَلِى إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ فَإِذَا هِىَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ وَرَأَيْتُ فِى رُؤْيَاىَ هَذِهِ أَنِّى هَزَزْتُ سَيْفاً فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَأَيْتُ فِيهَا أَيْضاً بَقَراً وَاللَّهُ خَيْرٌ فَإِذَا هُمُ النَّفَرُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ بَعْدُ وَثَوَابُ الصِّدْقِ الَّذِى آتَانَا اللَّهُ بَعْدُ يَوْمَ بَدْرٍ ».
بَابُ رؤيا النبى - صلى الله عليه وسلم - مسيلمة والعنسى(2/483)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ فَجَعَلَ يَقُولُ إِنْ جَعَلَ لِى مُحَمَّدٌ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ. فَقَدِمَهَا فِى بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَفِى يَدِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قِطْعَةُ جَرِيدَةٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِى أَصْحَابِهِ قال « لَوْ سَأَلْتَنِى هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا وَلَنْ أَتَعَدَّى أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ وَإِنِّى لأُرَاكَ الَّذِى أُرِيتُ فِيكَ مَا أُرِيتُ وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّى ». ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّكَ أَرَى الَّذِى أُرِيتُ فِيكَ مَا أُرِيتُ ». فَأَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِى يَدَىَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَأَهَمَّنِى شَأْنُهُمَا فَأُوحِىَ إِلَىَّ فِى الْمَنَامِ أَنِ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ مِنْ بَعْدِى فَكَانَ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِىَّ صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ ».(2/484)
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قال كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ « هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمُ الْبَارِحَةَ رُؤْيَا ».(1)
عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشاً مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِى هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِى مِنْ بَنِى هَاشِمٍ ».
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنِّى لأَعْرِفُ حَجَراً بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّى لأَعْرِفُهُ الآنَ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ».
بَابُ معجزاته عليه الصلاة والسلام
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله تعالى حديث أبي هريرة : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ خَزَائِنَ الأَرْضِ فَوَضَعَ فِى يَدَىَّ أُسْوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَكَبُرَا عَلَىَّ وَأَهَمَّانِى فَأُوحِىَ إِلَىَّ أَنِ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَذَهَبَا فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ ».(2/485)
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا بِمَاءٍ فَأُتِىَ بِقَدَحٍ رَحْرَاحٍ فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَتَوَضَّئُونَ فَحَزَرْتُ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الثَّمَانِينَ - قال - فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمَاءِ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ.
زاد فى رواية :... حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.
وفى أخرى :... وَكَانُوا زُهَاءَ الثَّلاَثِمِائَةِ.
وَفِى رِوَايَةٍ :... فَأُتِىَ بِإِنَاءِ مَاءٍ لاَ يَغْمُرُ أَصَابِعَهُ أَوْ قَدْرَ مَا يُوَارِى أَصَابِعَهُ...
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ أُمَّ مَالِكٍ كَانَتْ تُهْدِى لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى عُكَّةٍ لَهَا سَمْناً فَيَأْتِيهَا بَنُوهَا فَيَسْأَلُونَ الأُدْمَ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ شَىْءٌ فَتَعْمِدُ إِلَى الَّذِى كَانَتْ تُهْدِى فِيهِ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَجِدُ فِيهِ سَمْناً فَمَا زَالَ يُقِيمُ لَهَا أُدْمَ بَيْتِهَا حَتَّى عَصَرَتْهُ فَأَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « عَصَرْتِيهَا ». قالت : نَعَمْ. قال « لَوْ تَرَكْتِيهَا مَا زَالَ قَائِماً ».
وَعَنْهُ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَطْعِمُهُ فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفُهُمَا حَتَّى كَالَهُ فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « لَوْ لَمْ تَكِلْهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ وَلَقَامَ لَكُمْ ».
بَابُ آياته عليه السلام فى الماء(2/486)
عَنْ أَبِى الْطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخْبَرَهُ قال خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَكَانَ يَجْمَعُ الصَّلاَةَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعاً وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعاً حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْماً أَخَّرَ الصَّلاَةَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعاً ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعاً ثُمَّ قال « إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِىَ النَّهَارُ فَمَنْ جَاءَهَا مِنْكُمْ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئاً حَتَّى آتِىَ ». فَجِئْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهَا رَجُلاَنِ وَالْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَىْءٍ مِنْ مَاءٍ - قال - فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « هَلْ مَسَسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيْئاً ». قَالاَ نَعَمْ. فَسَبَّهُمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ - قال - ثُمَّ غَرَفُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعَيْنِ قَلِيلاً قَلِيلاً حَتَّى اجْتَمَعَ فِى شَىْءٍ - قال - وَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ أَوْ قال غَزِيرٍ - شَكَّ أَبُو عَلِىٍّ أَيُّهُمَا قال - حَتَّى اسْتَقَى النَّاسُ ثُمَّ قال « يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ أَنْ تَرَى مَا هَا هُنَا قَدْ مُلِئَ جِنَاناً ».(2/487)
وَعَنْ أَبِى حُمَيْدٍ قال خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ تَبُوكَ فَأَتَيْنَا وَادِىَ الْقُرَى عَلَى حَدِيقَةٍ لاِمْرَأَةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اخْرُصُوهَا ». فَخَرَصْنَاهَا وَخَرَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَةَ أَوْسُقٍ وَقَالَ « أَحْصِيهَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ». وَانْطَلَقْنَا حَتَّى قَدِمْنَا تَبُوكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلاَ يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالَهُ ». فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى أَلْقَتْهُ بِجَبَلَىْ طَيِّئٍ وَجَاءَ رَسُولُ ابْنِ الْعَلْمَاءِ صَاحِبِ أَيْلَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِكِتَابٍ وَأَهْدَى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْدَى لَهُ بُرْداً ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا وَادِىَ الْقُرَى فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَرْأَةَ عَنْ حَدِيقَتِهَا « كَمْ بَلَغَ ثَمَرُهَا ». فَقالت : عَشَرَةَ أَوْسُقٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنِّى مُسْرِعٌ فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُسْرِعْ مَعِىَ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَمْكُثْ ». فَخَرَجْنَا حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ « هَذِهِ طَابَةُ وَهَذَا أُحُدٌ وَهُوَ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ». ثُمَّ قال « إِنَّ خَيْرَ دُورِ الأَنْصَارِ دَارُ بَنِى النَّجَّارِ ثُمَّ دَارُ بَنِى عَبْدِ الأَشْهَلِ ثُمَّ دَارُ بَنِى عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ثُمَّ دَارُ بَنِى سَاعِدَةَ وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ ».(2/488)
فَلَحِقَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ أَلَمْ تَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيَّرَ دُورَ الأَنْصَارِ فَجَعَلَنَا آخِراً. فَأَدْرَكَ سَعْدٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَيَّرْتَ دُورَ الأَنْصَارِ فَجَعَلْتَنَا آخِراً. فَقَالَ « أَوَلَيْسَ بِحَسْبِكُمْ أَنْ تَكُونُوا مِنَ الْخِيَارِ ».
وَعَنْ جَابِرٍ قال غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا - قال - وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِى الْوَادِى يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ - قال - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ رَجُلاً أَتَانِى وَأَنَا نَائِمٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِى فَلَمْ أَشْعُرْ إِلاَّ وَالسَّيْفُ صَلْتاً فِى يَدِهِ فَقَالَ لِى مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قال قُلْتُ اللَّهُ. ثُمَّ قال فِى الثَّانِيَةِ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى قال قُلْتُ اللَّهُ. قال فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ». ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
بَابُ مثل ضربه عليه السلام له ولأمته ولسائر الأمم(2/489)
عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّمَا مَثَلُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضاً فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طَيِّبَةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا مِنْهَا وَسَقَوْا وَرَعَوْا وَأَصَابَ طَائِفَةً مِنْهَا أُخْرَى إِنَّمَا هِىَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِى دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ بِمَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْساً وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ ».
وَعَنْهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ مَثَلِى وَمَثَلَ مَا بَعَثَنِىَ اللَّهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ يَا قَوْمِ إِنِّى رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَىَّ وَإِنِّى أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَاءَ. فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا فَانْطَلَقُوا عَلَى مُهْلَتِهِمْ وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ فَصَبَّحَهُمُ الْجَيْشُ فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِى وَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِى وَكَذَّبَ مَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الْحَقِّ ».(2/490)
وَعَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَثَلِى وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَاراً فَأَتَمَّهَا وَأَكْمَلَهَا إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا وَيَقُولُونَ لَوْلاَ مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ ». قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَأَنَا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ جِئْتُ فَخَتَمْتُ الأَنْبِيَاءَ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ أُمَّتِى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَاراً فَجَعَلَتِ الدَّوَابُّ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهِ فَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ فِيهِ ».(1)
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَثَلِى وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَاناً فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ فَجَعَلَ النَّاسُ يُطِيفُونَ بِهِ يَقُولُونَ مَا رَأَيْنَا بُنْيَاناً أَحْسَنَ مِنْ هَذَا إِلاَّ هَذِهِ اللَّبِنَةَ. فَكُنْتُ أَنَا تِلْكَ اللَّبِنَةَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ».(2)
(ورقة 144أ)
بَابُ إذا أراد الله رحمة أمةٍ أو عذابها
__________
(1) : لم يذكر حديث جابر : عَنْ جَابِرٍ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَاراً فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِى ».
(2) : لم يذكر حديث أبي سعيد : عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَثَلِى وَمَثَلُ النَّبِيِّينَ... ». فَذَكَرَ نَحْوَهُ.(2/491)
عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا فَجَعَلَهُ لَهَا فَرَطاً وَسَلَفاً بَيْنَ يَدَيْهَا وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَىٌّ فَأَهْلَكَهَا وَهُوَ يَنْظُرُ فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حِينَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوْا أَمْرَهُ ».
وَعَنْ جُنْدَبٍ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ».
وَعَنْ سَهْلٍ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ وَرَدَ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَداً وَلَيَرِدَنَّ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِى ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ ».
زاد فى رواية أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ : فَيَقُولُ « إِنَّهُمْ مِنِّى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ سُحْقاً سُحْقاً لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِى ».(2/492)
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « حَوْضِى مَسِيرَةُ شَهْرٍ وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الْوَرِقِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلاَ يَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَداً ». قال وَقالت : أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكْرٍ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنِّى عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرَ مَنْ يَرِدُ عَلَىَّ مِنْكُمْ وَسَيُؤْخَذُ أُنَاسٌ دُونِى فَأَقُولُ يَا رَبِّ مِنِّى وَمِنْ أُمَّتِى. فَيُقَالُ أَمَا شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا بَعْدَكَ يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ».(1)
__________
(1) : لم يذكر حديث عائشة : وَعَنْ عَائِشَةَ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَىْ أَصْحَابِهِ « إِنِّى عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَىَّ مِنْكُمْ فَوَاللَّهِ لَيُقْتَطَعَنَّ دُونِى رِجَالٌ فَلأَقُولَنَّ أَىْ رَبِّ مِنِّى وَمِنْ أُمَّتِى. فَيَقُولُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ».(2/493)
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قالت : كُنْتُ أَسْمَعُ النَّاسَ يَذْكُرُونَ الْحَوْضَ وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا كَانَ يَوْماً مِنْ ذَلِكَ وَالْجَارِيَةُ تَمْشُطُنِى فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « أَيُّهَا النَّاسُ ». فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ اسْتَأْخِرِى عَنِّى. قالت : إِنَّمَا دَعَا الرِّجَالَ وَلَمْ يَدْعُ النِّسَاءَ. فَقُلْتُ إِنِّى مِنَ النَّاسِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنِّى لَكُمْ فَرَطٌ عَلَى الْحَوْضِ فَإِيَّاىَ لاَ يَأْتِيَنَّ أَحَدُكُمْ فَيُذَبُّ عَنِّى كَمَا يُذَبُّ الْبَعِيرُ الضَّالُّ فَأَقُولُ فِيمَ هَذَا فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ سُحْقاً ».
وَعَنْهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهِىَ تَمْتَشِطُ « أَيُّهَا النَّاسُ ». فَقالت : لِمَاشِطَتِهَا كُفِّى رَأْسِى... بِنَحْوِ حَدِيثِ الْأَوَّلِ.
بَابُ ما ورد فى صفة الحوض
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْماً فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ « إِنِّى فَرَطٌ لَكُمْ وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وَإِنِّى وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِىَ الآنَ وَإِنِّى قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأَرْضِ أَوْ مَفَاتِيحَ الأَرْضِ وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى وَلَكِنْ أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَتَنَافَسُوا فِيهَا ».(2/494)
وَعَنْهُ قال صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ كَالْمُوَدِّعِ لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ فَقَالَ « إِنِّى فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَإِنَّ عَرْضَهُ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى الْجُحْفَةِ إِنِّى لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى وَلَكِنِّى أَخْشَى عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا وَتَقْتَتِلُوا فَتَهْلِكُوا كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ». قال عُقْبَةُ فَكَانَتْ آخِرَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ.
وَعَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَلأُنَازِعَنَّ أَقْوَاماً ثُمَّ لأُغْلَبَنَّ عَلَيْهِمْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى أَصْحَابِى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ».(1)
وَعَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « حَوْضُهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالْمَدِينَةِ ». فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْرِدُ أَلَمْ تَسْمَعْهُ قال « الأَوَانِى ». قال لاَ. فَقَالَ الْمُسْتَوْرِدُ « تُرَى فِيهِ الآنِيَةُ مِثْلَ الْكَوَاكِبِ ».
__________
(1) : لم يذكر حديث حذيفة، وقد قال : مسلم : وَحَدَّثَنَاهُ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِىُّ أَخْبَرَنَا عَبْثَرٌ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ كِلاَهُمَا عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَ حَدِيثِ الأَعْمَشِ وَمُغِيرَةَ.(2/495)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ أَمَامَكُمْ حَوْضاً كَمَا بَيْنَ جَرْبَا وَأَذْرُحَ فِيهِ أَبَارِيقُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ وَرَدَهُ فَشَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً ».
وَعَنْ أَبِى ذَرٍّ قال قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا آنِيَةُ الْحَوْضِ قال « وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا أَلاَ فِى اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ الْمُصْحِيَةِ آنِيَةُ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ يَظْمَأْ آخِرَ مَا عَلَيْهِ يَشْخُبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى أَيْلَةَ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ ».
وَعَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ الْنَبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنِّى لَبِعُقْرِ حَوْضِى أَذُودُ النَّاسَ لأَهْلِ الْيَمَنِ أَضْرِبُ بِعَصَاىَ حَتَّى يَرْفَضَّ عَلَيْهِمْ ». فَسُئِلَ عَنْ عَرْضِهِ فَقَالَ « مِنْ مَقَامِى إِلَى عَمَّانَ ». وَسُئِلَ عَنْ شَرَابِهِ فَقَالَ « أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ أَحَدُهُمَا مِنْ الْذَهَبِ وَالآخَرُ مِنْ الوَرِقِ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لأَذُودَنَّ عَنْ حَوْضِى رِجَالاً كَمَا تُذَادُ الْغَرِيبَةُ مِنَ الإِبِلِ ».
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « قَدْرُ حَوْضِى كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ ».(2/496)
وَعَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَيَرِدَنَّ عَلَىَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِمَّنْ صَاحَبَنِى حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُمْ وَرُفِعُوا إِلَىَّ اخْتُلِجُوا دُونِى فَلأَقُولَنَّ أَىْ رَبِّ أُصَيْحَابِى أُصَيْحَابِى. فَلَيُقَالَنَّ لِى إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ ».
وفى أخرى : « [مَا بَيْنَ نَاحِيَتَىْ حَوْضِى] كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَالْمَدِينَةِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « تُرَى فِيهِ أَبَارِيقُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... أَوْ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ ».
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَلاَ إِنِّى فَرَطٌ لَكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَإِنَّ بُعْدَ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَأَيْلَةَ كَأَنَّ الأَبَارِيقَ فِيهِ النُّجُومُ ».
بَابُ إمداده عليه السلام بجبريل وميكائيل عليهم السلام
عَنْ سَعْدٍ قال رَأَيْتُ عَنْ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَنْ شِمَالِهِ يَوْمَ أُحُدٍ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابُ بَيَاضٍ مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ. يَعْنِى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ.
بَابُ إمداده بالملائكة يوم أحد(2/497)
عَنْ أَنَسٍ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَاجِعاً وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِى طَلْحَةَ عُرْىٍ فِى عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ « لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا ». قال « وَجَدْنَاهُ بَحْراً أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ ». قال وَكَانَ فَرَساً يُبَطَّأُ.
وَعَنْهُ قال كَانَ فِى الْمَدِينَةِ فَزَعٌ فَاسْتَعَارَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَساً لأَبِى طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ فَرَكِبَهُ فَقَالَ « مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْراً ».
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِى شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَلْقَاهُ فِى كُلِّ سَنَةٍ فِى رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.
وَعَنْ أَنَسٍ قال خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ وَاللَّهِ مَا قال لِى أُفًّا. قَطُّ وَلاَ قال لِى لِشَىْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَهَلاَّ فَعَلْتَ كَذَا.(2/498)
وَعَنْهُ قال لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِى فَانْطَلَقَ بِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَنَساً غُلاَمٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ. قال فَخَدَمْتُهُ فِى السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَاللَّهِ مَا قال لِى لِشَىْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا وَلاَ لِشَىْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا(1).(2)
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ [اللَّهِ] قال مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئاً قَطُّ فَقَالَ لاَ.
وَعَنْ أَنَسٍ قال مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِسْلاَمِ شَيْئاً إِلاَّ أَعْطَاهُ - قال - فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَماً بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّداً يُعْطِى عَطَاءً لاَ يَخْشَى الْفَاقَةَ.
__________
(1) : في الأصل : كَذَا. وما أثبتناه من الصحيح
(2) : زاد في رواية : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقاً فَأَرْسَلَنِى يَوْماً لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَذْهَبُ. وَفِى نَفْسِى أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِى بِهِ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِى السُّوقِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قَبَضَ بِقَفَاىَ مِنْ وَرَائِى - قال : - فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ « يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ ». قال : قُلْتُ نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ...(2/499)
وَفِى رِوَايَةٍ :... مَا يَخَافُ الْفَقْرَ.(1)
وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قال غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاقْتَتَلُوا بِحُنَيْنٍ فَنَصَرَ اللَّهُ دِينَهُ وَالْمُسْلِمِينَ وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ مِائَةً مِنَ النَّعَمِ ثُمَّ مِائَةً ثُمَّ مِائَةً. قال ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ صَفْوَانَ قال وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَعْطَانِى وَإِنَّهُ لأَبْغَضُ النَّاسِ إِلَىَّ فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِى حَتَّى إِنَّهُ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ.
وَعَنْ جَابِرٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ». وَقَالَ بِيَدَيْهِ جَمِيعاً فَقُبِضَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ أَنْ يَجِىءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ فَقَدِمَ عَلَى أَبِى بَكْرٍ بَعْدَهُ فَأَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَى مَنْ كَانَتْ لَهُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِ. فَقُمْتُ فَقُلْتُ إِنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ». فَحَثَى أَبُو بَكْرٍ مَرَّةً ثُمَّ قال لِى عُدَّهَا. فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِىَ خَمْسُمِائَةٍ فَقَالَ خُذْ مِثْلَيْهَا.
__________
(1) : زاد بعد هذه الرواية : فَقَالَ أَنَسٌ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَا يُرِيدُ إِلاَّ الدُّنْيَا فَمَا يُسْلِمُ حَتَّى يَكُونَ الإِسْلاَمُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا.(2/500)
بَابُ رحمته عليه السلام على الصبيان وفضائل ابنه إبراهيم
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وُلِدَ لِىَ اللَّيْلَةَ غُلاَمٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِى إِبْرَاهِيمَ ». ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمِّ سَيْفٍ امْرَأَةِ قَيْنٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَيْفٍ فَانْطَلَقَ يَأْتِيهِ وَاتَّبَعْتُهُ فَانْتَهَيْنَا إِلَى أَبِى سَيْفٍ وَهُوَ يَنْفُخُ بِكِيرِهِ قَدِ امْتَلأَ الْبَيْتُ دُخَاناً فَأَسْرَعْتُ الْمَشْىَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا أَبَا سَيْفٍ أَمْسِكْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَأَمْسَكَ فَدَعَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّبِىِّ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ. فَقَالَ أَنَسٌ لَقَدْ رَأَيْتُهُ وَهُوَ يَكِيدُ بِنَفْسِهِ بَيْنَ يَدَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يَرْضَى رَبُّنَا وَاللَّهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ ».
وَعَنْهُ قال مَا رَأَيْتُ أَحَداً كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - قال - كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضِعاً لَهُ فِى عَوَالِى الْمَدِينَةِ فَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَّخَنُ وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْناً فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ. قال عَمْرٌو فَلَمَّا تُوُفِّىَ إِبْرَاهِيمُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِى وَإِنَّهُ مَاتَ فِى الثَّدْىِ وَإِنَّ لَهُ لَظِئْرَيْنِ تُكَمِّلاَنِ رَضَاعَهُ فِى الْجَنَّةِ ».(3/1)
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : قَدِمَ نَاسٌ مِنَ اَلأَعْرَابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ فَقَالُوا نَعَمْ. فَقَالُوا لَكِنَّا وَاللَّهِ مَا نُقَبِّلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَأَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللَّهُ نَزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ أَبْصَرَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُ الْحَسَنَ فَقَالَ إِنَّ لِى عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِداً مِنْهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّهُ مَنْ لاَ يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ ».
وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ لاَ يَرْحَمِ النَّاسَ لاَ يَرْحَمْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ».
بَابُ حيائه عليه السلام وأنه لم يكن فاحشًا
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِى خِدْرِهَا وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئاً عَرَفْنَاهُ فِى وَجْهِهِ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَمْ يَكُنْ فَاحِشاً وَلاَ مُتَفَحِّشاً. وَقَالَ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقاً ».
بَابُ مزاح النبى - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه(3/2)
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قِيلَ لَهُ : أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال نَعَمْ كَثِيراً كَانَ لاَ يَقُومُ مِنْ مُصَلاَّهُ الَّذِى يُصَلِّى فِيهِ الصُّبْحَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ قَامَ وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِى أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ [فَيَضْحَكُونَ] وَيَتَبَسَّمُ - صلى الله عليه وسلم -.
بَابُ رحمته عليه السلام للنساء والأمر بالرفق
عَنْ أَنَسٍ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَغُلاَمٌ أَسْوَدُ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ يَحْدُو فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ سَوْقَكْ الْقَوَارِيرَ(1) ».
وَفِى رِوَايَةٍ : قال قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِكَلِمَةٍ لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا بَعْضُكُمْ لَعِبْتُمُوهَا عَلَيْهِ.
وَفِى رِوَايَةٍ : « رُوَيْداً يَا أَنْجَشَةُ لاَ تَكْسِرِ الْقَوَارِيرَ ». يَعْنِى ضَعَفَةَ النِّسَاءِ.
بَابُ قربه عليه السلام من الناس وتبركهم
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ جَاءَ خَدَمُ الْمَدِينَةِ بِآنِيَتِهِمْ فِيهَا الْمَاءُ فَمَا يُؤْتَى بِإِنَاءٍ إِلاَّ غَمَسَ يَدَهُ فِيهَا فَرُبَّمَا جَاءُوهُ فِى الْغَدَاةِ الْبَارِدَةِ فَيَغْمِسُ يَدَهُ فِيهَا.
عَنْ أَنَسٍ قال لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْحَلاَّقُ يَحْلِقُهُ وَأَطَافَ بِهِ أَصْحَابُهُ فَمَا يُرِيدُونَ أَنْ تَقَعَ شَعْرَةٌ إِلاَّ فِى يَدِ رَجُلٍ.
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح :... سَوْقاً بِالْقَوَارِيرِ(3/3)
وَعَنْهُ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِى عَقْلِهَا شَىْءٌ فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى إِلَيْكَ حَاجَةً فَقَالَ « يَا أُمَّ فُلاَنٍ انْظُرِى أَىَّ السِّكَكِ شِئْتِ حَتَّى أَقْضِىَ لَكِ حَاجَتَكِ ».
بَابُ اختياره عليه السلام للأيسر من الأمور
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قالت : مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْماً فَإِنْ كَانَ إِثْماً كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ إِلاَ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ.
وَعَنْهَا قالت : مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئاً قَطُّ بِيَدِهِ وَلاَ امْرَأَةً وَلاَ خَادِماً إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَىْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلاَّ أَنْ يُنْتَهَكَ شَىْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ.
بَابُ طيب يده عليه السلام
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قال صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَةَ الأُولَى ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَهْلِهِ وَخَرَجْتُ مَعَهُ فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانٌ فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّىْ أَحَدِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا - قال - وَأَمَّا أَنَا فَمَسَحَ خَدِّى - قال - فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا أَوْ رِيحاً كَأَنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ.
وَعَنْ أَنَسٍ قال مَا شَمِمْتُ عَنْبَراً قَطُّ وَلاَ مِسْكاً وَلاَ شَيْئاً أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ مَسِسْتُ شَيْئاً قَطُّ دِيبَاجاً وَلاَ حَرِيراً أَلْيَنَ مَسًّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.(3/4)
وَعَنْهُ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَزْهَرَ اللَّوْنِ كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ وَلاَ مَسِسْتُ دِيبَاجَةً وَلاَ حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ شَمَمْتُ مِسْكَةً وَلاَ عَنْبَرَةً أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وَعَنْهُ قال دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عِنْدَنَا فَعَرِقَ وَجَاءَتْ أُمِّى بِقَارُورَةٍ فَجَعَلَتْ تَسْلُتُ الْعَرَقَ فِيهَا فَاسْتَيْقَظَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا الَّذِى تَصْنَعِينَ ». قالت : هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فِى طِيبِنَا وَهُوَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ.(1)
بَابُ كيف كان يأتيه الوحي
عَنْ عَائِشَةَ قالت : إِنْ كَانَ لَيُنْزَلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْغَدَاةِ الْبَارِدَةِ ثُمَّ تَفِيضُ جَبْهَتُهُ عَرَقاً.
وَعَنْهَا أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْىُ فَقَالَ « أَحْيَاناً يَأْتِينِى فِى مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَىَّ ثُمَّ يَفْصِمُ عَنِّى وَقَدْ وَعَيْتُهُ وَأَحْيَاناً مَلَكٌ فِى مِثْلِ صُورَةِ الرَّجُلِ فَأَعِى مَا يَقُولُ ».
وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قال كَانَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْىُ كُرِبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ.
بَابُ سدله عليه السلام شعره وفرقه بعدُ
__________
(1) : وفي رواية : فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا قال : « أَصَبْتِ ».(3/5)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدُلُونَ أَشْعَارَهُمْ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فَسَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَاصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ.
بَابُ صفته عليه السلام ولونه وشعره
عَنْ الْبَرَاءِ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مَرْبُوعاً بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ عَظِيمَ الْجُمَّةِ إِلَى شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ عَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ مَا رَأَيْتُ شَيْئاً قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم -.
وَعَنْهُ قال مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِى لِمَّةٍ أَحْسَنَ فِى حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَعْرُهُ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ.
وَفِى رِوَايَةٍ : أَشْعَرَ.(1)
وَعَنْ أَنَسٍ قِيلَ كَيْفَ كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال كَانَ شَعَراً رَجِلاً لَيْسَ بِالْجَعْدِ وَلاَ السَّبِطِ بَيْنَ أُذُنَيْهِ وَعَاتِقِهِ.
وَفِى رِوَايَةٍ : كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُهُ مَنْكِبَيْهِ.
وفى أخرى كَانَ شَعَرُهُ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَلِيعَ الْفَمِ أَشْكَلَ الْعَيْنِ مَنْهُوسَ الْعَقِبَيْنِ. قال قُلْتُ لِسِمَاكٍ مَا ضَلِيعُ الْفَمِ قال عَظِيمُ الْفَمِ. قال قُلْتُ مَا أَشْكَلُ الْعَيْنِ قال طَوِيلُ شَقِّ الْعَيْنِ. قال قُلْتُ مَا مَنْهُوسُ الْعَقِبِ قال قَلِيلُ لَحْمِ الْعَقِبِ.
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : لَهُ شَعَرٌ(3/6)
[عَنِ الْجُرَيْرِىِّ] عَنْ أَبِى الطُّفَيْلِ قال قُلْتُ لَهُ أَرَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال نَعَمْ كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحَ الْوَجْهِ.
بَابُ الخضاب وأنه عليه السلام لم يشب إلا قليلاً
عَنِ أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ خَضَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَأَى مِنَ الشَّيْبِ [إِلاَّ – يَعْنِى كَأَنَّهُ يُقَلِّلُهُ - ] وَقَدْ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ.
وَعَنْهُ قال إِنَّهُ لَمْ يَرَ مِنَ الشَّيْبِ إِلاَّ قَلِيلاً.
وَعَنْهُ قال لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطَاتٍ كُنَّ فِى رَأْسِهِ فَعَلْتُ. وَقَالَ لَمْ يَخْتَضِبْ وَقَدِ اخْتَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَاخْتَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ بَحْتاً.
وَعَنْهُ قال يُكْرَهُ أَنْ يَنْتِفَ الرَّجُلُ الشَّعْرَةَ الْبَيْضَاءَ مِنْ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ - قال - وَلَمْ يَخْتَضِبْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا كَانَ الْبَيَاضُ فِى عَنْفَقَتِهِ وَفِى الصُّدْغَيْنِ وَفِى الرَّأْسِ نَبْذٌ.
وَعَنْهُ سُئِلَ عَنْ شَيْبِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا شَانَهُ اللَّهُ بِبَيْضَاءَ.
وَعَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ قال رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذِهِ مِنْهُ بَيْضَاءَ - وَوَضَعَ زُهَيْرٌ بَعْضَ أَصَابِعِهِ عَلَى عَنْفَقَتِهِ - قِيلَ لَهُ مِثْلُ مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ قال أَبْرِى النَّبْلَ وَأَرِيشُهَا.(3/7)
وَعَنْهُ قال كَانَ أَبْيَضَ قَدْ شَابَ(1) كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ يُشْبِهُهُ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ سُئِلَ عَنْ شَيْبِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ كَانَ إِذَا دَهَنَ رَأْسَهُ لَمْ يُرَ مِنْهُ شَىْءٌ وَإِذَا لَمْ يَدْهُنْ رُئِىَ مِنْهُ.
بَابُ صفة خاتم النبوة بين كتفيه عليه السلام
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ وَإِذَا شَعِثَ رَأْسُهُ تَبَيَّنَ وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فَقَالَ رَجُلٌ وَجْهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ قال لاَ بَلْ كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَكَانَ مُسْتَدِيرًا وَرَأَيْتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ يُشْبِهُ جَسَدَهُ.
وَعَنْهُ قال رَأَيْتُ خَاتِماً فِى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنَّهُ بَيْضَةُ حَمَامٍ.
__________
(1) : ظاهر صنيع مسلم أن هذه اللفظة ليست من الحديث، حيث قال : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِى جُحَيْفَةَ بِهَذَا وَلَمْ يَقُولُوا أَبْيَضَ قَدْ شَابَ. يعني أن هناك ثلاثة رواة خالفوا محمد بن فضيل في هذه الزيادة ولم يذكروا في حديث إسماعيل بن أبي خالد. والله أعلم. وينظر.(3/8)
وَعَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قال ذَهَبَتْ بِى خَالَتِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ أُخْتِى وَجِعٌ. فَمَسَحَ رَأْسِى وَدَعَا لِى بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتِمِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ قال رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَكَلْتُ مَعَهُ خُبْزاً وَلَحْماً - أَوْ قال ثَرِيداً - قال فَقُلْتُ لَهُ أَسْتَغْفَرَ لَكَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قال نَعَمْ وَلَكَ ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) قال ثُمَّ دُرْتُ خَلْفَهُ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عِنْدَ نَاغِضِ كَتِفِهِ الْيُسْرَى جُمْعاً عَلَيْهِ خِيلاَنٌ كَأَمْثَالِ الثَّآلِيلِ.
بَابُ مبعثه عليه السلام ( ولسنه وشيبه ) وكم أقام بمكة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ وَلَيْسَ بِالأَبْيَضِ الأَمْهَقِ وَلاَ بِالآدَمِ وَلاَ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلاَ بِالسَّبِطِ بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَأَقَامَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَتَوَفَّاهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ سِتِّينَ سَنَةً وَلَيْسَ فِى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ.
وَعَنْهُ قال قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ وَأَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ وَعُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ.(3/9)
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تُوُفِّىَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَتُوُفِّىَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ.(1)
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قال مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَنَا ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ(2) كَمْ أَتَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ مَاتَ قال أَتَحْسُبُ قال قُلْتُ نَعَمْ. قال أَمْسِكْ أَرْبَعِينَ بُعِثَ لَهَا خَمْسَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ يَأْمَنُ وَيَخَافُ وَعَشْرَ مِنْ مُهَاجَرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
وَعَنْهُ قال تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ.
بَابُ عدد أسمائه عليه السلام
عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِى الَّذِى يُمْحَى بِىَ الْكُفْرُ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِى يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى عَقِبِى وَأَنَا الْعَاقِبُ ». الَّذِى لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِىُّ(3).
زاد فى رواية : وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ رَءُوفاً رَحِيماً.
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله قول عروة : وَعَنْ عَمْرٍو قال : قُلْتُ لِعُرْوَةَ كَمْ لَبِثَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ قال : عَشْراً. قُلْتُ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ بِضْعَ عَشْرَةَ. قال : فَغَفَّرَهُ وَقَالَ إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ.
(2) : السائل هو : عَمَّارٌ مَوْلَى بَنِى هَاشِمٍ
(3) : بينها مسلم في رواية بعدها أن هذه الزيادة من قول الزهري – كما في رواية عقيل عنه - وليست من قول النبي ولا جبير. والله أعلم.(3/10)
وَعَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسَمِّى لَنَا نَفْسَهُ أَسْمَاءً فَقَالَ « أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَالْمُقَفِّى وَالْحَاشِرُ وَنَبِىُّ التَّوْبَةِ وَنَبِىُّ الرَّحْمَةِ ».
بابٌ قَوْلُهُ أنا أعلمكم بالله وأشدكم خشية
عَنْ عَائِشَةَ قالت : صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْراً فَتَرَخَّصَ فِيهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ نَاساً مِنْ أَصْحَابِهِ فَكَأَنَّهُمْ كَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَقَامَ خَطِيباً فَقَالَ « مَا بَالُ رِجَالٍ بَلَغَهُمْ عَنِّى أَمْرٌ تَرَخَّصْتُ فِيهِ فَكَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ فَوَاللَّهِ لأَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً ».
بابٌ قَوْلُهُ ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ... ) الآية
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قال إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِى يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ سَرِّحِ الْمَاءَ. يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِمْ فَاخْتَصَمُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ « اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ ». فَغَضِبَ الأَنْصَارِىُّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قال « يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ ». فَقَالَ الزُّبَيْرُ وَاللَّهِ إِنِّى لأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِى ذَلِكَ ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِى أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً )(3/11)
بَابُ الائتمار والانتهاء بأمره عليه السلام وترك المسألة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلاَفُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ذَرُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ ».
بَابُ أعظم المسلمين جرمًا من حرم الشيء من أجل مسألته
عَنْ سَعْدٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ فِى الْمُسْلِمِينَ جُرْماً مَنْ سَأَلَ عَنْ شَىْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ ».
بابٌ قَوْلُهُ ( لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ )
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَصْحَابِهِ شَىْءٌ فَخَطَبَ فَقَالَ « عُرِضَتْ عَلَىَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً ». قال فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ - قال - غَطَّوْا رُءُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ - قال - فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا - قال - فَقَامَ ذَاكَ الرَّجُلُ فَقَالَ مَنْ أَبِى قال « أَبُوكَ فُلاَنٌ ». فَنَزَلَتْ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ )
بَابُ ترك المسألة(3/12)
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّاسَ سَأَلُوا نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ « سَلُونِى لاَ تَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ بَيَّنْتُهُ لَكُمْ ». فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْقَوْمُ أَرَمُّوا وَرَهِبُوا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَىْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ. قال أَنَسٌ فَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ يَمِيناً وَشِمَالاً فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لاَفٌّ رَأْسَهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِى فَأَنْشَأَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ كَانَ يُلاَحَى فَيُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ مَنْ أَبِى قال « أَبُوكَ حُذَافَةُ ». ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِيناً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً عَائِذاً بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِنِّى صُوِّرَتْ لِىَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَرَأَيْتُهُمَا دُونَ هَذَا الْحَائِطِ ».
وَعَنْ أَبِى مُوسَى قال سُئِلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ ثُمَّ قال لِلنَّاسِ « سَلُونِى عَمَّ شِئْتُمْ ». فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِى قال « أَبُوكَ حُذَافَةُ ». فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ مَنْ أَبِى يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ ». فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا فِى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْغَضَبِ قال يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ.
بَابُ معرفته عليه السلام أمور ( الدين ) وتنزيهه عن أمور الدنيا(3/13)
عَنْ طَلْحَةَ قال مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقَوْمٍ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ فَقَالَ « مَا يَصْنَعُ هَؤُلاَءِ ». فَقَالُوا يُلَقِّحُونَهُ يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِى الأُنْثَى فَيَلْقَحُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا أَظُنُّ يُغْنِى ذَلِكَ شَيْئاً ». قال فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ فَتَرَكُوهُ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ فَقَالَ « إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ فَإِنِّى إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا فَلاَ تُؤَاخِذُونِى بِالظَّنِّ وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللَّهِ شَيْئاً فَخُذُوا بِهِ فَإِنِّى لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ».
وَ[عَنْ عَائِشَةَ] وَأَنَسٍ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ فَقَالَ « لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ ». قال فَخَرَجَ شِيصاً فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ « مَا لِنَخْلِكُمْ ». قَالُوا قُلْتَ كَذَا وَكَذَا قال « أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ ».(1)
بَابُ نعته نفسَه عليه السلام لأصحابه
__________
(1) : لم يذكر حديث رافع بن خديج : عَنْ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ قال : قَدِمَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ فَقَالَ « مَا تَصْنَعُونَ ». قَالُوا كُنَّا نَصْنَعُهُ قال : « لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْراً ». فَتَرَكُوهُ فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ - قال : - فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ « إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَىْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَىْءٍ مِنْ رَأْىٍ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ».(3/14)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ فِى يَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ يَوْمٌ وَلاَ يَرَانِى ثُمَّ لأَنْ يَرَانِى أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ مَعَهُمْ ».(1)
كتاب الأنبياء عليهم السلام
بَابُ فضائل عيسى عليه السلام
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ الأَنْبِيَاءُ أَوْلاَدُ عَلاَّتٍ وَلَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ نَبِىٌّ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِى الأُولَى وَالآخِرَةِ ». قَالُوا كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلاَّتٍ وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ فَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِىٌّ ».
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخاً مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ». ثُمَّ قال [أَبُو هُرَيْرَةَ] اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )
وَفِى رِوَايَةٍ : « صِيَاحُ الْمَوْلُودِ حِينَ يَقَعُ نَزْغَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ ».
__________
(1) : في الصحيح زيادة : قال : أَبُو إِسْحَاقَ – راوي الصحيح عن مسلم - : الْمَعْنَى فِيهِ عِنْدِى لأَنْ يَرَانِى مَعَهُمْ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَهُوَ عِنْدِى مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ.(3/15)
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلاً يَسْرِقُ فَقَالَ لَهُ عِيسَى سَرَقْتَ قال كَلاَّ وَالَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ. فَقَالَ عِيسَى آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ نَفْسِى ».
بَابُ فضائل إبراهيم عليه السلام
عَنْ أَنَسٍ قال جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ النَّبِىُّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُومِ ».
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قال رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْيِى الْمَوْتَى. قال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِى. وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطاً لَقَدْ كَانَ يَأْوِى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ وَلَوْ لَبِثْتُ فِى السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لأَجَبْتُ الدَّاعِىَ ».(3/16)
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ النَّبِىُّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَطُّ إِلاَّ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ ثِنْتَيْنِ فِى ذَاتِ اللَّهِ قَوْلُهُ ( إِنِّى سَقِيمٌ ). وَقَوْلُهُ ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ) وَوَاحِدَةً فِى شَأْنِ سَارَةَ فَإِنَّهُ قَدِمَ أَرْضَ جَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ وَكَانَتْ أَحْسَنَ النَّاسِ فَقَالَ لَهَا إِنَّ هَذَا الْجَبَّارَ إِنْ يَعْلَمْ أَنَّكِ امْرَأَتِى يَغْلِبْنِى عَلَيْكِ فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيهِ أَنَّكِ أُخْتِى فَإِنَّكِ أُخْتِى فِى الإِسْلاَمِ فَإِنِّى لاَ أَعْلَمُ فِى الأَرْضِ مُسْلِماً غَيْرِى وَغَيْرَكِ فَلَمَّا دَخَلَ أَرْضَهُ رَآهَا بَعْضُ أَهْلِ الْجَبَّارِ أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ لَقَدْ قَدِمَ أَرْضَكَ امْرَأَةٌ لاَ يَنْبَغِى لَهَا أَنْ تَكُونَ إِلاَّ لَكَ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأُتِىَ بِهَا فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى الصَّلاَةِ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا فَقُبِضَتْ يَدُهُ قَبْضَةً شَدِيدَةً فَقَالَ لَهَا ادْعِى اللَّهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِى وَلاَ أَضُرُّكِ. فَفَعَلَتْ فَعَادَ فَقُبِضَتْ أَشَدَّ مِنَ الْقَبْضَةِ الأُولَى فَقَالَ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ فَفَعَلَتْ فَعَادَ فَقُبِضَتْ أَشَدَّ مِنَ الْقَبْضَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ فَقَالَ ادْعِى اللَّهَ أَنْ يُطْلِقَ يَدِى فَلَكِ اللَّهَ أَنْ لاَ أَضُرَّكِ. فَفَعَلَتْ وَأُطْلِقَتْ يَدُهُ وَدَعَا الَّذِى جَاءَ بِهَا فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ إِنَّمَا أَتَيْتَنِى بِشَيْطَانٍ وَلَمْ تَأْتِنِى بِإِنْسَانٍ فَأَخْرِجْهَا مِنْ أَرْضِى وَأَعْطِهَا هَاجَرَ. قال فَأَقْبَلَتْ تَمْشِى فَلَمَّا رَآهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ انْصَرَفَ فَقَالَ لَهَا مَهْيَمْ قالت : خَيْراً كَفَّ اللَّهُ(3/17)
يَدَ الْفَاجِرِ وَأَخْدَمَ خَادِماً. قال أَبُو هُرَيْرَةَ فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِى مَاءِ السَّمَاءِ.
بَابُ فضائل موسى عليه السلام
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلاَّ أَنَّهُ آدَرُ. قال فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ - قال - فَجَمَحَ مُوسَى بِأَثَرِهِ يَقُولُ ثَوْبِى حَجَرُ ثَوْبِى حَجَرُ. حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْأَةِ مُوسَى فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ. فَقَامَ الْحَجَرُ بَعْدُ حَتَّى نُظِرَ إِلَيْهِ - قال - فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْباً ». قال أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنَّهُ بِالْحَجَرِ نَدَبٌ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ضَرْبُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِالْحَجَرِ.
بَابُ ذكر وفاة موسى عليه السلام(3/18)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ أَرْسَلْتَنِى إِلَى عَبْدٍ لاَ يُرِيدُ الْمَوْتَ - قال - فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ قال أَىْ رَبِّ ثُمَّ مَهْ قال ثُمَّ الْمَوْتُ. قال فَالآنَ فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ ».
بابٌ قَوْلُهُ لا تخيروا بين الأنبياء(3/19)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال بَيْنَمَا يَهُودِىٌّ يَعْرِضُ سِلْعَةً لَهُ أُعْطِىَ بِهَا شَيْئاً كَرِهَهُ أَوْ لَمْ يَرْضَهُ قال لاَ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى الْبَشَرِ. قال فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَلَطَمَ وَجْهَهُ - قال - تَقُولُ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى الْبَشَرِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا قال فَذَهَبَ الْيَهُودِىُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ لِى ذِمَّةً وَعَهْداً. وَقَالَ فُلاَنٌ لَطَمَ وَجْهِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ ». قال. قال يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى الْبَشَرِ وَأَنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا. قال فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِى وَجْهِهِ ثُمَّ قال « لاَ تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِى السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِى الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ - قال - ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ أَوْ فِى أَوَّلِ مَنْ بُعِثَ فَإِذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ آخِذٌ بِالْعَرْشِ فَلاَ أَدْرِى أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ أَوْ بُعِثَ قَبْلِى وَلاَ أَقُولُ إِنَّ أَحَداً أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ».
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تُخَيِّرُوا بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ ».(3/20)
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَتَيْتُ عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِى عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى قَبْرِهِ ».
بَابُ ذكر يونس عليه السلام
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ « قال - يَعْنِى اللَّهَ - لاَ يَنْبَغِى لِعَبْدٍ لِى أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ».(1)
بَابُ ذكر يوسف عليه السلام
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قال « أَتْقَاهُمْ ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قال « فَيُوسُفُ نَبِىُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ نَبِىِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ ». قَالُوا لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. قال « فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِى خِيَارُهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِى الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « كَانَ زَكَرِيَّاءُ نَجَّاراً ».
بَابُ قصة موسى والخضر عليهما السلام
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث ابن عباس : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : « مَا يَنْبَغِى لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى ».(3/21)
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قال قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ نَوْفاً الْبِكَالِىَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ صَاحِبَ بَنِى إِسْرَائِيلَ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ سَمِعْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « قَامَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ خَطِيباً فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أَنَا أَعْلَمُ. قال فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ عَبْداً مِنْ عِبَادِى بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ قال مُوسَى أَىْ رَبِّ كَيْفَ لِى بِهِ فَقِيلَ لَهُ احْمِلْ حُوتاً فِى مِكْتَلٍ فَحَيْثُ تَفْقِدُ الْحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ. فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهُ فَتَاهُ وَهُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ فَحَمَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ حُوتاً فِى مِكْتَلٍ وَانْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ يَمْشِيَانِ حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ فَرَقَدَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَفَتَاهُ فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِى الْمِكْتَلِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمِكْتَلِ فَسَقَطَ فِى الْبَحْرِ - قال - وَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جِرْيَةَ الْمَاءِ حَتَّى كَانَ مِثْلَ الطَّاقِ فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَباً وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَباً فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتِهِمَا وَنَسِىَ صَاحِبُ مُوسَى أَنْ يُخْبِرَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ قال لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً - قال - وَلَمْ يَنْصَبْ حَتَّى جَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِى أُمِرَ بِهِ. قال أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ(3/22)
الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِى الْبَحْرِ عَجَباً. قال مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً. قال يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ فَرَأَى رَجُلاً مُسَجًّى عَلَيْهِ بِثَوْبٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى. فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ أَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ قال أَنَا مُوسَى. قال مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ قال نَعَمْ. قال إِنَّكَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لاَ أَعْلَمُهُ وَأَنَا عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ. قال لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قال إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً قال سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِى لَكَ أَمْراً. قال لَهُ الْخَضِرُ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِى فَلاَ تَسْأَلْنِى عَنْ شَىْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً. قال نَعَمْ. فَانْطَلَقَ الْخَضِرُ وَمُوسَى يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ فَكَلَّمَاهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا فَعَرَفُوا الْخَضِرَ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ فَعَمَدَ الْخَضِرُ إِلَى لَوْحٍ مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ فَنَزَعَهُ فَقَالَ لَهُ مُوسَى قَوْمٌ حَمَلُونَا بَغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً. قال أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً قال لاَ تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِى مِنْ أَمْرِى عُسْراً ثُمَّ خَرَجَا مِنَ السَّفِينَةِ فَبَيْنَمَا هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ إِذَا غُلاَمٌ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَ الْخَضِرُ(3/23)
بِرَأْسِهِ فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ فَقَتَلَهُ. فَقَالَ مُوسَى أَقَتَلْتَ نَفْساً زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً. قال أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْراً قال وَهَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الأُولَى. قال إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَىْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِى قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّى عُذْراً. فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ. يَقُولُ مَائِلٌ. قال الْخَضِرُ بِيَدِهِ هَكَذَا فَأَقَامَهُ. قال لَهُ مُوسَى قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُضَيِّفُونَا وَلَمْ يُطْعِمُونَا لَوْ شِئْتَ لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً. قال هَذَا فِرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ». قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَخْبَارِهِمَا ». قال وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَاناً ». قال « وَجَاءَ عُصْفُورٌ حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ ثُمَّ نَقَرَ فِى الْبَحْرِ. فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ مَا نَقَصَ عِلْمِى وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلاَّ مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا الْعُصْفُورُ مِنَ الْبَحْرِ ». قال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَكَانَ يَقْرَأُ وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْباً. وَكَانَ يَقْرَأُ وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ كَافِراً. (148ب)
كتاب مناقب الصحابة
بَابُ فضائل أبى بكر رضى الله عنه(3/24)
عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قال نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا وَنَحْنُ فِى الْغَارِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَقَالَ « يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا ».
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ « عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ ». فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَبَكَى فَقَالَ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. قال فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ الْمُخَيَّرُ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَىَّ فِى مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ لاَ تُبْقَيَنَّ فِى الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلاَّ خَوْخَةَ أَبِى بَكْرٍ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... وَلَكِنَّهُ أَخِى وَصَاحِبِى وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلاً ».
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَلاَ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خِلٍّ مِنْ خِلِّهِ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ ».
بَابُ حبه عليه السلام أبا بكرٍ واستخلافه له فى الصلاة(3/25)
عَنْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ أَىُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قال « عَائِشَةُ ». قُلْتُ مِنَ الرِّجَالِ قال « أَبُوهَا ». قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قال « عُمَرُ ». فَعَدَّ رِجَالاً.
وَعَنْ عَائِشَةَ سُئِلَتْ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَخْلِفاً لَوِ اسْتَخْلَفَهُ قالت : أَبُو بَكْرٍ. فَقِيلَ لَهَا ثُمَّ مَنْ بَعْدَ أَبِى بَكْرٍ قالت : عُمَرُ. ثُمَّ قِيلَ لَهَا مَنْ بَعْدَ عُمَرَ قالت : أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى هَذَا.
وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئاً فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ قال أَبِى كَأَنَّهَا تَعْنِى الْمَوْتَ. قال « فَإِنْ لَمْ تَجِدِينِى فَأْتِى أَبَا بَكْرٍ ».
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : قال لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَرَضِهِ « ادْعِى لِى أَبَا بَكْرٍ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَاباً فَإِنِّى أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولَ قَائِلٌ أَنَا أَوْلَى. وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلاَّ أَبَا بَكْرٍ ».(3/26)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ(1) قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِماً ». قال أَبُو بَكْرٍ أَنَا. قال « فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً ». قال أَبُو بَكْرٍ أَنَا. قال « فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِيناً ». قال أَبُو بَكْرٍ أَنَا. قال « فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضاً ». قال أَبُو بَكْرٍ أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا اجْتَمَعْنَ فِى امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ».
بَابُ قوة إيمان أبى بكر وعمر بخبره عليه السلام
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً لَهُ قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ الْبَقَرَةُ فَقالت : إِنِّى لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا وَلَكِنِّى إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ ». فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ. تَعَجُّباً وَفَزَعاً. أَبَقَرَةٌ تَكَلَّمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَإِنِّى أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ». قال أَبُو هُرَيْرَةَ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « بَيْنَا رَاعٍ فِى غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً فَطَلَبَهُ الرَّاعِى حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ لَهُ مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِى ». فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَإِنِّى أُومِنُ بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ».
بَابُ فضائل عمر بن الخطاب رضى الله عنه
__________
(1) : في الأصل : أبي بكر. وما أثبتناه من الصحيح.(3/27)
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قال وُضِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُثْنُونَ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ - قال - فَلَمْ يَرُعْنِى إِلاَّ بِرَجُلٍ قَدْ أَخَذَ بِمَنْكِبِى مِنْ وَرَائِى فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ عَلِىُّ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ مَا خَلَّفْتَ أَحَداً أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ وَذَاكَ أَنِّى كُنْتُ أُكَثِّرُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « جِئْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ». فَإِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَوْ لأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا.
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِىَّ وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ وَمَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ ». قَالُوا مَاذَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « الدِّينَ ».
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ قَدَحاً أُتِيتُ بِهِ فِيهِ لَبَنٌ فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنِّى لأَرَى الرِّىَّ يَجْرِى فِى أَظْفَارِى ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ». قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « الْعِلْمَ ».(3/28)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى عَلَى قَلِيبٍ عَلَيْهَا دَلْوٌ فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ فَنَزَعَ بِهَا ذَنُوباً أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِى نَزْعِهِ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ضَعْفٌ ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْباً فَأَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ ».(1)
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث ابن عمر : عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « أُرِيتُ كَأَنِّى أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوباً أَوْ ذَنُوبَيْنِ فَنَزَعَ نَزْعاً ضَعِيفاً وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَغْفِرُ لَهُ ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَاسْتَقَى فَاسْتَحَالَتْ غَرْباً فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِى فَرْيَهُ حَتَّى رَوِىَ النَّاسُ وَضَرَبُوا الْعَطَنَ ».(3/29)
وَعَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا دَاراً أَوْ قَصْراً فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ. فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ ». فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ أَىْ رَسُولَ اللَّهِ أَوَعَلَيْكَ يُغَارُ(1)
__________
(1) : لم يذكر حديث أبي هريرة : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال : « بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُنِى فِى الْجَنَّةِ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَذَكَرْتُ غَيْرَةَ عُمَرَ فَوَلَّيْتُ مُدْبِراً ». قال : أَبُو هُرَيْرَةَ فَبَكَى عُمَرُ وَنَحْنُ جَمِيعاً فِى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قال : عُمَرُ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أَغَارُ(3/30)
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قال اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللاَّتِى كُنَّ عِنْدِى فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ ». قال عُمَرُ : فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ. ثُمَّ قال عُمَرُ : أَىْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِى وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْنَ نَعَمْ أَنْتَ أَغْلَظُ وَأَفَظُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكاً فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ ».(1)
__________
(1) : لم يذكر حديث أبي هريرة : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ قَدْ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ. فَذَكَرَ نَحْوَ الْحَدِيثِ(3/31)
وَعَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ « قَدْ كَانَ يَكُونُ فِى الأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُنْ فِى أُمَّتِى مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْهُمْ ».(1)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ عُمَرُ وَافَقْتُ رَبِّى فِى ثَلاَثٍ فِى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ وَفِى الْحِجَابِ وَفِى أُسَارَى بَدْرٍ.
وَعَنْهُ قال لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ أَنْ يُكَفِّنَ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّىَ عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّىَ عَلَيْهِ فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّى عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّىَ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّمَا خَيَّرَنِىَ اللَّهُ فَقَالَ ( اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) وَسَأَزِيدُ عَلَى سَبْعِينَ ». قال إِنَّهُ مُنَافِقٌ. فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ).
بَابُ فضائل عثمان رضى الله عنه
__________
(1) : ذكر مسلم بعد الرواية قول ابن وهب : قال : ابْنُ وَهْبٍ تَفْسِيرُ مُحَدَّثُونَ مُلْهَمُونَ.(3/32)
عَنْ عَائِشَةَ قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُضْطَجِعاً فِى بَيْتِى كَاشِفاً عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَوَّى ثِيَابَهُ - قال مُحَمَّدٌ وَلاَ أَقُولُ ذَلِكَ فِى يَوْمٍ وَاحِدٍ - فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ قالت : عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ « أَلاَ أَسْتَحِى مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِى مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ ».(1)
__________
(1) : وفي رواية : « إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِىٌّ وَإِنِّى خَشِيتُ إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ أَنْ لاَ يَبْلُغَ إِلَىَّ فِى حَاجَتِهِ ».(3/33)
وَعَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قال بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَائِطٍ مِنْ حَائِطِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ يَرْكُزُ بِعُودٍ مَعَهُ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ إِذَا اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ فَقَالَ « افْتَحْ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ ». قال فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ - قال - ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ « افْتَحْ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ ». قال فَذَهَبْتُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ - قال - فَجَلَسَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « افْتَحْ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تَكُونُ ». قال فَذَهَبْتُ فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - قال - فَفَتَحْتُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ - قال - وَقُلْتُ الَّذِى قال فَقَالَ اللَّهُمَّ صَبْراً أَوِ اللَّهُ(1) الْمُسْتَعَانُ.
وَفِى رِوَايَةٍ : «... وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ مَعَ بَلْوَى تُصِيبُهُ ».
وفى أخرى(2) : قال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فَأَوَّلْتُهَا قُبُورَهُمْ.
بَابُ فضل على رضى الله تَعَالَىعنه
__________
(1) : بالأصل : بِاللَّهِ. وما أثبتناه من الصحيح.
(2) : كذا قال : النووي رحمه الله تعالى، وإن كانت هذه الكلمة في نفس الرواية التي فيها قوله : وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ مَعَ بَلْوَى تُصِيبُهُ
وفي رواية : قال : ابْنُ الْمُسَيَّبِ. فَتَأَوَّلْتُ ذَلِكَ قُبُورَهُمْ اجْتَمَعَتْ هَا هُنَا وَانْفَرَدَ عُثْمَانُ.(3/34)
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِعَلِىٍّ « أَنْتَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِىَّ بَعْدِى ». قال سَعِيدٌ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَ بِهَا سَعْداً فَلَقِيتُ سَعْداً فَحَدَّثْتُهُ بِمَا حَدَّثَنِى عَامِرٌ فَقَالَ أَنَا سَمِعْتُهُ. فَقُلْتُ آنْتَ سَمِعْتَهُ فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ فَقَالَ نَعَمْ وَإِلاَّ فَاسْتَكَّتَا.(3/35)
وَعَنْهُ قال خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخَلِّفُنِى فِى النِّسَاءِ وَالْصِّبْيَانِ فَقَالَ « أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لاَ نَبِىَّ بَعْدِى ».(1)
__________
(1) : لم يذكر حديث سعد : عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ قال : أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ سَعْداً فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ فَقَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلاَثاً قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَنْ أَسُبَّهُ لأَنْ تَكُونَ لِى وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لَهُ خَلَّفَهُ فِى بَعْضِ مَغَازِيهِ فَقَالَ لَهُ عَلِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلَّفْتَنِى مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نُبُوَّةَ بَعْدِى ». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ « لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ». قال : فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ « ادْعُوا لِى عَلِيًّا ». فَأُتِىَ بِهِ أَرْمَدَ فَبَصَقَ فِى عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَناً وَحُسَيْناً فَقَالَ « اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلِى ».(3/36)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال يَوْمَ خَيْبَرَ « لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ ». قال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : مَا أَحْبَبْتُ الإِمَارَةَ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ - قال - فَتَسَاوَرْتُ لَهَا رَجَاءَ أَنْ أُدْعَى لَهَا - قال - فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا وَقَالَ « امْشِ وَلاَ تَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ ». قال فَسَارَ عَلِىٌّ شَيْئاً ثُمَّ وَقَفَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ فَصَرَخَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى مَاذَا أُقَاتِلُ النَّاسَ قال « قَاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ».(1)
__________
(1) : لم يذكر حديث سهل : وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : يَوْمَ خَيْبَرَ « لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ». قال : فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا - قال : - فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ « أَيْنَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ ». فَقَالُوا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ - قال : - فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأُتِىَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا. فَقَالَ « انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ».(3/37)
وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قال كَانَ عَلِىٌّ قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى خَيْبَرَ وَكَانَ رَمِداً فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَخَرَجَ عَلِىٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِى فَتَحَهَا اللَّهُ فِى صَبَاحِهَا قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ - أَوْ لَيَأْخُذَنَّ بِالرَّايَةِ - غَداً رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْ قال يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ ». فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِىٍّ وَمَا نَرْجُوهُ فَقَالُوا هَذَا عَلِىٌّ. فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ.(3/38)
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قال اسْتُعْمِلَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنْ آلِ مَرْوَانَ - قال - فَدَعَا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتِمَ عَلِيًّا - قال - فَأَبَى سَهْلٌ فَقَالَ لَهُ أَمَّا إِذْ أَبَيْتَ فَقُلْ لَعَنَ اللَّهُ أَبَا التُّرَابِ. فَقَالَ سَهْلٌ مَا كَانَ لِعَلِىٍّ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَبِى التُّرَابِ وَإِنْ كَانَ لَيَفْرَحُ إِذَا دُعِىَ بِهَا. فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنَا عَنْ قِصَّتِهِ لِمَ سُمِّىَ أَبَا تُرَابٍ قال جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِى الْبَيْتِ فَقَالَ « أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ ». فَقالت : كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ شَىْءٌ فَغَاضَبَنِى فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لإِنْسَانٍ « انْظُرْ أَيْنَ هُوَ ». فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِى الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ. فَجَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ فَأَصَابَهُ تُرَابٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ « قُمْ أَبَا التُّرَابِ قُمْ أَبَا التُّرَابِ ».
بَابُ وصيته عليه السلام بأهل بيته(3/39)
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قال قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً فِينَا خَطِيباً بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَوَعَظَ وَذَكَّرَ ثُمَّ قال « أَمَّا بَعْدُ أَلاَ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِىَ رَسُولُ رَبِّى فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ». فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قال « وَأَهْلُ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِى ». فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ قال نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ. قال وَمَنْ هُمْ قال هُمْ آلُ عَلِىٍّ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَبَّاسٍ. قال كُلُّ هَؤُلاَءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ قال نَعَمْ.(1)
بَابُ فضئل سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه
__________
(1) : زَادَ فِى حَدِيثِ جَرِيرٍ « كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ مَنِ اسْتَمْسَكَ بِهِ وَأَخَذَ بِهِ كَانَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ ».
وفي رواية : فَقُلْنَا مَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ نِسَاؤُهُ قال : لاَ وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ الْمَرْأَةَ تَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ الْعَصْرَ مِنَ الدَّهْرِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَرْجِعُ إِلَى أَبِيهَا وَقَوْمِهَا أَهْلُ بَيْتِهِ أَصْلُهُ وَعَصَبَتُهُ الَّذِينَ حُرِمُوا الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ.(3/40)
عَنْ عَائِشَةَ قالت : أَرِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ لَيْتَ رَجُلاً صَالِحاً مِنْ أَصْحَابِى يَحْرُسُنِى اللَّيْلَةَ. قالت : وَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلاَحِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ هَذَا ». قال سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ أَحْرُسُكَ. قالت : عَائِشَةُ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ.
وَعَنْ عَلىٍ قال مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَوَيْهِ لأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ جَعَلَ يَقُولُ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ « ارْمِ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى ».
وَعَنْ سَعْدٍ قال لَقَدْ جَمَعَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ.(3/41)
وَعَنْ سَعْدٍ أَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِ آيَاتٌ مِنَ الْقُرْآنِ - قال - حَلَفَتْ أُمُّ سَعْدٍ أَنْ لاَ تُكَلِّمَهُ أَبَداً حَتَّى يَكْفُرَ بِدِينِهِ وَلاَ تَأْكُلَ وَلاَ تَشْرَبَ. قالت : زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ وَصَّاكَ بِوَالِدَيْكَ وَأَنَا أُمُّكَ وَأَنَا آمُرُكَ بِهَذَا. قال مَكَثَتْ ثَلاَثاً حَتَّى غُشِىَ عَلَيْهَا مِنَ الْجَهْدِ فَقَامَ ابْنٌ لَهَا يُقَالُ لَهُ عُمَارَةُ فَسَقَاهَا فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى سَعْدٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِى الْقُرْآنِ هَذِهِ الآيَةَ ( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً ) ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِى ) وَفِيهَا ( وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ) قال وَأَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَنِيمَةً عَظِيمَةً فَإِذَا فِيهَا سَيْفٌ فَأَخَذْتُهُ فَأَتَيْتُ بِهِ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ نَفِّلْنِى هَذَا السَّيْفَ فَأَنَا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ حَالَهُ. فَقَالَ « رُدُّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ ». فَانْطَلَقْتُ حَتَّى إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أُلْقِيَهُ فِى الْقَبَضِ لاَمَتْنِى نَفْسِى فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ أَعْطِنِيهِ. قال فَشَدَّ لِى صَوْتَهُ « رُدُّهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتَهُ ». قال فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ ) قال وَمَرِضْتُ فَأَرْسَلْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَانِى فَقُلْتُ دَعْنِى أَقْسِمْ مَالِى حَيْثُ شِئْتُ. قال فَأَبَى. قُلْتُ فَالنِّصْفَ. قال فَأَبَى. قُلْتُ فَالثُّلُثَ. قال فَسَكَتَ فَكَانَ بَعْدُ الثُّلُثُ جَائِزاً. قال وَأَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِينَ فَقَالُوا تَعَالَ نُطْعِمْكَ وَنَسْقِيكَ خَمْرًا. وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ - قال - فَأَتَيْتُهُمْ فِى حَشٍّ -(3/42)
وَالْحَشُّ الْبُسْتَانُ - فَإِذَا رَأْسُ جَزُورٍ مَشْوِىٌّ عِنْدَهُمْ وَزِقٌّ مِنْ خَمْرٍ - قال - فَأَكَلْتُ وَشَرِبْتُ مَعَهُمْ - قال - فَذُكِرَتِ الأَنْصَارُ وَالْمُهَاجِرُونَ عِنْدَهُمْ فَقُلْتُ الْمُهَاجِرُونَ خَيْرٌ مِنَ الأَنْصَارِ - قال - فَأَخَذَ رَجُلٌ أَحَدَ لَحْيَىِ الرَّأْسِ فَضَرَبَنِى بِهِ فَجَرَحَ بِأَنْفِى فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِىَّ - يَعْنِى نَفْسَهُ - شَأْنَ الْخَمْرِ ( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ )
وَعَنْهُ قال كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ نَفَرٍ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - اطْرُدْ هَؤُلاَءِ لاَ يَجْتَرِئُونَ عَلَيْنَا. قال وَكُنْتُ أَنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ وَرَجُلٌ مِنْ هُذَيْلٍ وَبِلاَلٌ وَرَجُلاَنِ لَسْتُ أُسَمِّيهِمَا فَوَقَعَ فِى نَفْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ فَحَدَّثَ نَفْسَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ )
وَعَنْ أَبِى عُثْمَانَ قال لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ تِلْكَ الأَيَّامِ الَّتِى قَاتَلَ فِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرُ طَلْحَةَ وَسَعْدٍ.
بَابُ فضائل الزبير رضى الله عنه…(3/43)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال سَمِعْتُهُ(1) يَقُولُ نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِىٌّ وَحَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ ».
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قال كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مَعَ النِّسْوَةِ فِى أُطُمِ حَسَّانٍ فَكَانَ يُطَأْطِئُ لِى مَرَّةً فَأَنْظُرُ وَأُطَأْطِئُ لَهُ مَرَّةً فَيَنْظُرُ فَكُنْتُ أَعْرِفُ أَبِى إِذَا مَرَّ عَلَى فَرَسِهِ فِى السِّلاَحِ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ.
زاد فى رواية : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لأَبِى فَقَالَ وَرَأَيْتَنِى يَا بُنَىَّ قُلْتُ نَعَمْ. قال أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ جَمَعَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ أَبَوَيْهِ فَقَالَ « فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عَلَى حِرَاءٍ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِىٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِىٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ ».(2)
وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قال قالت : لِى عَائِشَةُ أَبَوَاكَ وَاللَّهِ مِنَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ.(3)
بَابُ فضائل أبى عبيدة
__________
(1) : القائل هو محمد بن المنكدر، راوي الحديث عن جابر.
(2) : زاد في رواية : وَسَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ
(3) : زاد في رواية : تَعْنِى أَبَا بَكْرٍ وَالزُّبَيْرَ.(3/44)
عَنْ أَنَسٍ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيناً وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ».
وَعَنْهُ أَنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا ابْعَثْ مَعَنَا رَجُلاً يُعَلِّمْنَا السُّنَّةَ وَالإِسْلاَمَ. قال فَأَخَذَ بِيَدِ أَبِى عُبَيْدَةَ فَقَالَ « هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ ».
بَابُ فضائل الحسن والحسين رضى الله عنهما
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال لِحَسَنٍ « اللَّهُمَّ إِنِّى أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحْبِبْ مَنْ يُحِبُّهُ ».
وَعَنْهُ قال خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى طَائِفَةٍ مِنَ النَّهَارِ لاَ يُكَلِّمُنِى وَلاَ أُكَلِّمُهُ حَتَّى جَاءَ سُوقَ بَنِى قَيْنُقَاعَ ثُمَّ انْصَرَفَ حَتَّى أَتَى خِبَاءَ فَاطِمَةَ فَقَالَ « أَثَمَّ لُكَعُ أَثَمَّ لُكَعُ ». يَعْنِى حَسَناً فَظَنَنَّا أَنَّهُ إِنَّمَا تَحْبِسُهُ أُمُّهُ لأَنْ تُغَسِّلَهُ وَتُلْبِسَهُ سِخَاباً فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ يَسْعَى حَتَّى اعْتَنَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ إِنِّى أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ ».
وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ عَلَى عَاتِقِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُولُ « اللَّهُمَّ إِنِّى أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ ».
وَعَنْ سَلَمَةَ قال لَقَدْ قُدْتُ بِنَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ بَغْلَتَهُ الشَّهْبَاءَ حَتَّى أَدْخَلْتُهُمْ حُجْرَةَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَذَا قُدَّامَهُ وَهَذَا خَلْفَهُ.(3/45)
وَعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قالت : قالت : عَائِشَةُ خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا ثُمَّ جَاءَ عَلِىٌّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ قال ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )
بَابُ فضائل زيد بن حارثة رضى الله عنه
عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا كُنَّا نَدْعُو زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلاَّ زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ ( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ).
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ بَعْثاً وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَطَعَنَ النَّاسُ فِى إِمْرَتِهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « إِنْ تَطْعَنُوا فِى إِمْرَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِى إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقاً لِلإِمْرَةِ وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ بَعْدَهُ ».
زاد فى رواية : «... فَأُوصِيكُمْ بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ صَالِحِيكُمْ ».
بَابُ فضائل عبد الله بن جعفر رضى الله عنه
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ قال لاِبْنِ الزُّبَيْرِ أَتَذْكُرُ إِذْ تَلَقَّيْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَأَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ قال نَعَمْ فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ.(3/46)
وَعَنْهُ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّىَ بِصِبْيَانِ أَهْلِ بَيْتِهِ - قال - وَإِنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَسُبِقَ بِى إِلَيْهِ فَحَمَلَنِى بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ جِىءَ بِأَحَدِ ابْنَىْ فَاطِمَةَ فَأَرْدَفَهُ خَلْفَهُ - قال - فَأُدْخِلْنَا الْمَدِينَةَ ثَلاَثَةً عَلَى دَابَّةٍ وَاحِدةٍ.
وَفِى رِوَايَةٍ : أَرْدَفَنِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ فَأَسَرَّ إِلَىَّ حَدِيثاً لاَ أُحَدِّثُ بِهِ أَحَداً مِنَ النَّاسِ.
بَابُ فضائل خديجة بنت خويلد رضى الله عنها
عَنْ عَلِىٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ». قال أَبُو كُرَيْبٍ وَأَشَارَ وَكِيعٌ إِلَى السَّمَاءِ وَالأَرْضِ.
وَعَنْ أَبِى مُوسَى قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ غَيْرُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَآسِيَةَ امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ فَإِذَا هِىَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ وَمِنِّى وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِى الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ.(1)
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله حديثي ابن أبي أوفى ولا حديث عائشة :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى وَقِيلَ له أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَشَّرَ خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِى الْجَنَّةِ قال : نَعَمْ بَشَّرَهَا بِبَيْتٍ فِى الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ.
عَنْ عَائِشَةَ قالت : بَشَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ بِبَيْتٍ فِى الْجَنَّةِ.(3/47)
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِى بِثَلاَثِ سِنِينَ لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ فِى الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِيهَا إِلَى خَلاَئِلِهَا.(1)
وَفِى رِوَايَةٍ : قالت : فَأَغْضَبْتُهُ يَوْماً فَقُلْتُ خَدِيجَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنِّى قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا ».
وَعَنْهَا قالت : لَمْ يَتَزَوَّجِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى خَدِيجَةَ حَتَّى مَاتَتْ.
وَعَنْهَا قالت : اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ فَارْتَاحَ لِذَلِكَ فَقَالَ « اللَّهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ». فَغِرْتُ فَقُلْتُ وَمَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِى الدَّهْرِ فَأَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْراً مِنْهَا.
بَابُ فضائل عائشة رضى الله عنها
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أُرِيتُكِ فِى الْمَنَامِ ثَلاَثَ لَيَالٍ جَاءَنِى بِكِ الْمَلَكُ فِى سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ. فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ فَإِذَا أَنْتِ هِىَ فَأَقُولُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ ».
__________
(1) : في الأصل : يُهْدِيهَا إِلَى خَدِيجَةَ. وهو خطأ بين، وما أثبتناه من الصحيح.(3/48)
وَعَنْهَا قالت : قال لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنِّى لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَىَّ غَضْبَى ». قالت : فَقُلْتُ وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ قال « أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ ». قالت : قُلْتُ أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ.
وَعَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قالت : وَكَانَتْ تَأْتِينِى صَوَاحِبِى فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قالت : فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسَرِّبُهُنَّ إِلَىَّ.
وَعَنْهَا أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ يَبْتَغُونَ بِذَلِكَ مَرْضَاةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.(3/49)
وَعَنْهَا قالت : أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِى فِى مِرْطِى فَأَذِنَ لَهَا فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِى إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِى ابْنَةِ أَبِى قُحَافَةَ وَأَنَا سَاكِتَةٌ - قالت : - فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَىْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ ». فَقالت : بَلَى. قال « فَأَحِبِّى هَذِهِ ». قالت : فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِى قالت : وَبِالَّذِى قال لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَ لَهَا مَا نُرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَىْءٍ فَارْجِعِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُولِى لَهُ إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِى ابْنَةِ أَبِى قُحَافَةَ. فَقالت : فَاطِمَةُ وَاللَّهِ لاَ أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَداً. قالت : عَائِشَةُ فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهِىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى مِنْهُنَّ فِى الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْراً فِى الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ وَأَتْقَى للَّهِ وَأَصْدَقَ حَدِيثاً وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ وَأَعْظَمَ صَدَقَةً وَأَشَدَّ ابْتِذَالاً لِنَفْسِهَا فِى الْعَمَلِ الَّذِى تَصَدَّقُ بِهِ وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حَدٍّ كَانَتْ فِيهَا(3/50)
تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ قالت : فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ عَائِشَةَ فِى مِرْطِهَا عَلَى الْحَالَةِ الَّتِى دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا وَهُوَ بِهَا فَأَذِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِى إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِى ابْنَةِ أَبِى قُحَافَةَ. قالت : ثُمَّ وَقَعَتْ بِى فَاسْتَطَالَتْ عَلَىَّ وأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ هَلْ يَأْذَنُ لِى فِيهَا - قالت : - فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَبُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ - قالت : - فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا حِينَ أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا - قالت : - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَتَبَسَّمَ « إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِى بَكْرٍ ».
وَعَنْهَا قالت : إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيَتَفَقَّدُ يَقُولُ « أَيْنَ أَنَا الْيَوْمَ أَيْنَ أَنَا غَداً ». اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ. قالت : فَلَمَّا كَانَ يَوْمِى قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِى وَنَحْرِى.
وَعَنْهَا أَنَّهَا قالت : سَمِعَتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَهُوَ مُسْنِدٌ إِلَى صَدْرِهَا وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى وَارْحَمْنِى وَأَلْحِقْنِى بِالرَّفِيقِ ».(3/51)
وَعَنْهَا قالت : كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ نَبِىٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ - قالت : - فَسَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ يَقُولُ ( مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ) قالت : فَظَنَنْتُهُ خُيِّرَ حِينَئِذٍ.(1)
__________
(1) : وفي رواية : قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ « إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِىٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ فِى الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ ». قالت : عَائِشَةُ فَلَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِى غُشِىَ عَلَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ ثُمَّ قال : « اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى ». قالت : عَائِشَةُ قُلْتُ إِذاً لاَ يَخْتَارُنَا. قالت : عَائِشَةُ وَعَرَفْتُ الْحَدِيثَ الَّذِى كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ فِى قَوْلِهِ « إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِىٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ ». قالت : عَائِشَةُ فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَوْلَهُ « اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى ».(3/52)
وَعَنْهَا قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَطَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ فَخَرَجَتَا مَعَهُ جَمِيعاً وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ مَعَهَا فَقالت : حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ أَلاَ تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِى وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ فَتَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ قالت : بَلَى. فَرَكِبَتْ عَائِشَةُ عَلَى بَعِيرِ حَفْصَةَ وَرَكِبَتْ حَفْصَةُ عَلَى بَعِيرِ عَائِشَةَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ فَسَلَّمَ ثُمَّ صَارَ مَعَهَا حَتَّى نَزَلُوا فَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ فَغَارَتْ فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ تَجْعَلُ رِجْلَهَا بَيْنَ الإِذْخِرِ وَتَقُولُ يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَىَّ عَقْرَباً أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِى رَسُولُكَ وَلاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ لَهُ شَيْئاً.
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ ».
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ(1) أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لَهَا « إِنَّ جِبْرِيلَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ ». قالت : فَقُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. وَهُوَ يَرَى مَا لاَ أَرَى.
بَابُ حديث أم زرع
__________
(1) : يعني أبا سلمة راوي الحديث عن عائشة.(3/53)
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قالت : جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئاً قالت : الأُولَى زَوْجِى لَحْمُ جَمَلٍ غَثٌّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَعْرٍ لاَ سَهْلٌ فَيُرْتَقَى وَلاَ سَمِينٌ فَيُنْتَقَلَ. قالت : الثَّانِيَةُ زَوْجِى لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ إِنِّى أَخَافُ أَنْ لاَ أَذَرَهُ إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ. قالت : الثَّالِثَةُ زَوْجِى الْعَشَنَّقُ إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ. قالت : الرَّابِعَةُ زَوْجِى كَلَيْلِ تِهَامَةَ لاَ حَرٌّ وَلاَ قُرٌّ وَلاَ مَخَافَةَ وَلاَ سَآمَةَ. قالت : الْخَامِسَةُ زَوْجِى إِنْ دَخَلَ فَهِدَ وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ. قالت : السَّادِسَةُ زَوْجِى إِنْ أَكَلَ لَفَّ وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ وَلاَ يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ. قالت : السَّابِعَةُ زَوْجِى غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلاًّ لَكِ. قالت : الثَّامِنَةُ زَوْجِى الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ. قالت : التَّاسِعَةُ زَوْجِى رَفِيعُ الْعِمَادِ طَوِيلُ النِّجَادِ عَظِيمُ الرَّمَادِ قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِى. قالت : الْعَاشِرَةُ زَوْجِى مَالِكٌ وَمَا مَالِكٌ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ قَلِيلاَتُ الْمَسَارِحِ إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ. قالت : الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ زَوْجِى أَبُو زَرْعٍ فَمَا أَبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِىٍّ أُذُنَىَّ وَمَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَىَّ وَبَجَّحَنِى فَبَجِحَتْ إِلَىَّ نَفْسِى وَجَدَنِى فِى أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشَقٍّ فَجَعَلَنِى فِى أَهْلِ(3/54)
صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ. أُمُّ أَبِى زَرْعٍ فَمَا أُمُّ أَبِى زَرْعٍ عُكُومُهَا رَدَاحٌ وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ. ابْنُ أَبِى زَرْعٍ فَمَا ابْنُ أَبِى زَرْعٍ مَضْجِعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ. بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا وَمِلْءُ كِسَائِهَا وَغَيْظُ جَارَتِهَا. جَارِيَةُ أَبِى زَرْعٍ فَمَا جَارِيَةُ أَبِى زَرْعٍ لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثاً وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثاً وَلاَ تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشاً. قالت : خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ فَلَقِىَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ فَطَلَّقَنِى وَنَكَحَهَا فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلاً سَرِيًّا رَكِبَ شَرِيًّا وَأَخَذَ خَطِّيًّا وَأَرَاحَ عَلَىَّ نَعَماً ثَرِيًّا وَأَعْطَانِى مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجاً. قال كُلِى أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِى أَهْلَكِ فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَىْءٍ أَعْطَانِى مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِى زَرْعٍ. قالت : عَائِشَةُ قال لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كُنْتُ لَكِ كَأَبِى زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ ».
بَابُ فضائل فاطمة بنت محمد عليه السلام(3/55)
عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ « إِنَّ بَنِى هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِى أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ فَلاَ آذَنُ لَهُمْ ثُمَّ لاَ آذَنُ لَهُمْ ثُمَّ لاَ آذَنُ لَهُمْ إِلاَّ أَنْ يُحِبَّ ابْنُ أَبِى طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِى وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ فَإِنَّمَا ابْنَتِى بَضْعَةٌ مِنِّى يَرِيبُنِى مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِى مَا آذَاهَا ».(1)
__________
(1) : وفي رواية : أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ خَطَبَ بِنْتَ أَبِى جَهْلٍ وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : لَهُ إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ لاَ تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ وَهَذَا عَلِىٌّ نَاكِحاً ابْنَةَ أَبِى جَهْلٍ. قال : الْمِسْوَرُ فَقَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ ثُمَّ قال : « أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّى أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِى فَصَدَقَنِى وَإِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ مُضْغَةٌ مِنِّى وَإِنَّمَا أَكْرَهُ أَنْ يَفْتِنُوهَا وَإِنَّهَا وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَداً ». قال : فَتَرَكَ عَلِىٌّ الْخِطْبَةَ.(3/56)
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فَسَارَّهَا فَبَكَتْ ثُمَّ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ فَقالت : عَائِشَةُ فَقُلْتُ لِفَاطِمَةَ مَا هَذَا الَّذِى سَارَّكِ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَكَيْتِ ثُمَّ سَارَّكِ فَضَحِكْتِ قالت : سَارَّنِى فَأَخْبَرَنِى بِمَوْتِهِ فَبَكَيْتُ ثُمَّ سَارَّنِى فَأَخْبَرَنِى أَنِّى أَوَّلُ مَنْ يَتْبَعُهُ مِنْ أَهْلِهِ فَضَحِكْتُ.(3/57)
وَعَنْهَا قالت : كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهُ لَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِى مَا تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئاً فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ بِهَا فَقَالَ « مَرْحَباً بِابْنَتِى ». ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيداً فَلَمَّا رَأَى جَزَعَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَضَحِكَتْ. فَقُلْتُ لَهَا خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ بِالسِّرَارِ ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلْتُهَا مَا قال لَكِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قالت : مَا كُنْتُ أُفْشِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سِرَّهُ. قالت : فَلَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِى عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ لَمَا حَدَّثْتِنِى مَا قال لَكِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ أَمَّا حِينَ سَارَّنِى فِى الْمَرَّةِ الأُولَى فَأَخْبَرَنِى « أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ فِى كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَإِنَّهُ عَارَضَهُ الآنَ مَرَّتَيْنِ وَإِنِّى لاَ أُرَى الأَجَلَ إِلاَّ قَدِ اقْتَرَبَ فَاتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى فَإِنَّهُ نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ ». قالت : فَبَكَيْتُ بُكَائِى الَّذِى رَأَيْتِ فَلَمَّا رَأَى جَزَعِى سَارَّنِى الثَّانِيَةَ فَقَالَ « يَا فَاطِمَةُ أَمَا تَرْضَىْ أَنْ تَكُونِى سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ ». قالت : فَضَحِكْتُ ضَحِكِى الَّذِى رَأَيْتِ.
بَابُ فضائل أم سلمة وزينت(3/58)
عَنْ سَلْمَانَ قال لاَ تَكُونَنَّ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ وَلاَ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا فَإِنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ وَبِهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ. قال وَأُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَتَى نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ - قال - فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّ سَلَمَةَ « مَنْ هَذَا ». أَوْ كَمَا قال قالت : هَذَا دِحْيَةُ - قال - فَقالت : أُمُّ سَلَمَةَ ايْمُ اللَّهِ مَا حَسِبْتُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُ خَبَرَنَا أَوْ كَمَا قال قَالَ فَقُلْتُ لأَبِى عُثْمَانَ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا قال مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
وَعَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقاً بِى أَطْوَلُكُنَّ يَداً ». قالت : فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَداً. قالت : فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَداً زَيْنَبُ لأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَدَّقُ.
بَابُ فضائل أم أيمن
عَنْ أَنَسٍ قال انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَنَاوَلَتْهُ إِنَاءً فِيهِ شَرَابٌ - قال - فَلاَ أَدْرِى أَصَادَفَتْهُ صَائِماً أَوْ لَمْ يُرِدْهُ فَجَعَلَتْ تَصْخَبُ عَلَيْهِ وَتَذَمَّرُ عَلَيْهِ.(3/59)
وَعَنْهُ قال قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَزُورُهَا. فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ فَقَالاَ لَهَا مَا يُبْكِيكِ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقالت : مَا أَبْكِى أَنْ لاَ أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَكِنْ أَبْكِى أَنَّ الْوَحْىَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ. فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلاَ يَبْكِيَانِ مَعَهَا.
بَابُ فضائل الغُميصَاء أم أنس رضى الله عنهما
عَنْ أَنَسٍ قال كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَدْخُلُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِ إِلاَّ أُمِّ سُلَيْمٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا فَقِيلَ لَهُ فِى ذَلِكَ فَقَالَ « إِنِّى أَرْحَمُهَا قُتِلَ أَخُوهَا مَعِى ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْفَةً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذِهِ الْغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ».(3/60)
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « أُرِيتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ امْرَأَةَ أَبِى طَلْحَةَ ثُمَّ سَمِعْتُ خَشْخَشَةً أَمَامِى فَإِذَا بِلاَلٌ ».(1)
__________
(1) : لم يذكر حديث أنس : عَنْ أَنَسٍ قال : مَاتَ ابْنٌ لأَبِى طَلْحَةَ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ فَقالت : لأَهْلِهَا لاَ تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بِابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ - قال : - فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ عَشَاءً فَأَكَلَ وَشَرِبَ - فَقَالَ - ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلِكَ فَوَقَعَ بِهَا فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وَأَصَابَ مِنْهَا قالت : يَا أَبَا طَلْحَةَ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْماً أَعَارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ قال : لاَ. قالت : فَاحْتَسِبِ ابْنَكَ. قال : فَغَضِبَ وَقَالَ تَرَكْتِنِى حَتَّى تَلَطَّخْتُ ثُمَّ أَخْبَرْتِنِى بِابْنِى. فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا فِى غَابِرِ لَيْلَتِكُمَا ». قال : فَحَمَلَتْ - قال : - فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ وَهِىَ مَعَهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَى الْمَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ لاَ يَطْرُقُهَا طُرُوقاً فَدَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ فَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ فَاحْتُبِسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - قال : - يَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ يَا رَبِّ إِنَّهُ يُعْجِبُنِى أَنْ أَخْرُجَ مَعَ رَسُولِكَ إِذَا خَرَجَ وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ وَقَدِ احْتُبِسْتُ بِمَا تَرَى - قال : - تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ يَا أَبَا طَلْحَةَ مَا أَجِدُ الَّذِى كُنْتُ أَجِدُ انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا - قال : - وَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ حِينَ قَدِمَا فَوَلَدَتْ غُلاَماً فَقالت : لِى أُمِّى يَا أَنَسُ لاَ يُرْضِعُهُ أَحَدٌ حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَلَمَّا أَصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - قال : - فَصَادَفْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَمٌ فَلَمَّا رَآنِى قال : « لَعَلَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ ». قُلْتُ نَعَمْ. فَوَضَعَ الْمِيسَمَ - قال : - وَجِئْتُ بِهِ فَوَضَعْتُهُ فِى حَجْرِهِ وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَجْوَةٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ فَلاَكَهَا فِى فِيهِ حَتَّى ذَابَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا فِى فِى الصَّبِىِّ فَجَعَلَ الصَّبِىُّ يَتَلَمَّظُهَا - قال : - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « انْظُرُوا إِلَى حُبِّ الأَنْصَارِ التَّمْرَ ». قال : فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ.(3/61)
بَابُ فضائل بلال بن حمار
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ « يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِى بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ عِنْدَكَ فِى الإِسْلاَمِ مَنْفَعَةً فَإِنِّى سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خَشْفَ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَىَّ فِى الْجَنَّةِ ». قال بِلاَلٌ مَا عَمِلْتُ عَمَلاً فِى الإِسْلاَمِ أَرْجَى عِنْدِى مَنْفَعَةً مِنْ أَنِّى لاَ أَتَطَهَّرُ طُهُوراً تَامًّا فِى سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِى أَنْ أُصَلِّىَ.
بَابُ فضائل عبد الله بن مسعودٍ رضى الله عنه
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ قال لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قِيلَ لِى أَنْتَ مِنْهُمْ ».
وَعَنْ أَبِى مُوسَى قال قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِى مِنَ الْيَمَنِ فَكُنَّا حِيناً وَمَا نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ وَأُمَّهُ إِلاَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَلُزُومِهِمْ لَهُ.
وَعَنْ أَبِى الأَحْوَصِ قال شَهِدْتُ أَبَا مُوسَى وَأَبَا مَسْعُودٍ حِينَ مَاتَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَتُرَاهُ تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ فَقَالَ إِنْ قُلْتَ ذَاكَ إِنْ كَانَ لَيُؤْذَنُ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا وَيَشْهَدُ إِذَا غِبْنَا.(3/62)
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قال ( وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ثُمَّ قال عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ تَأْمُرُونِى أَنْ أَقْرَأَ فَلَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِضْعاً وَسَبْعِينَ سُورَةً وَلَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّ أَحَداً أَعْلَمُ مِنِّى لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ. قال شَقِيقٌ فَجَلَسْتُ فِى حَلَقِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا سَمِعْتُ أَحَداً يَرُدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلاَ يَعِيبُهُ.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قال وَالَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ مَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ سُورَةٌ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ حَيْثُ نَزَلَتْ وَمَا مِنْ آيَةٍ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ فِيمَا أُنْزِلَتْ وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَداً هُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّى تَبْلُغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو(1) قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ ».
بَابُ فضائل معاذ بن جبل رضى الله عنه
عَنْ أَنَسٍ قال جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو زَيْدٍ أَحَدُ عُمُومَةِ أَنَسٍ.
بَابُ فضائل أُبَىِّ بن كعب
__________
(1) : في الأصل : عبد الله بن عمر. وما أثبتناه من الصحيح.(3/63)
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال لأُبَىٍّ « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَنِى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ ». قال آللَّهُ سَمَّانِى لَكَ قال « اللَّهُ سَمَّاكَ لِى ». قال فَجَعَلَ أُبَىٌّ يَبْكِى.(1)
بَابُ فضائل سعد بن معاذ
عَنْ جَابِرٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَنَازَةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ « اهْتَزَّ لَهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ».(2)
وَعَنْ الْبَرَاءِ قال أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةُ حَرِيرٍ فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَلْمَسُونَهَا وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهَا فَقَالَ « أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِى الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا وَأَلْيَنُ ».
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُكَيْدِرَ دُومَةِ الْجَنْدَلِ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةً فَذَكَرَهُ.(3)
بَابُ فضائل أبى دجانة رضى الله عنه
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ سَيْفاً يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ « مَنْ يَأْخُذُ مِنِّى هَذَا ». فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يَقُولُ أَنَا أَنَا. قال « فَمَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ ». قال فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ فَقَالَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ. قال فَأَخَذَهُ فَفَلَقَ بِهِ هَامَ الْمُشْرِكِينَ.
__________
(1) : وفي رواية : « إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) »
(2) : لم يذكر حديث أنسٍ : عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : وَجِنَازَتُهُ مَوْضُوعَةٌ - يَعْنِى سَعْداً - « اهْتَزَّ لَهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ ».
(3) : يعني نحو حديث براء(3/64)
بَابُ فضائل عبد الله بن حرام والد جابر رضى الله عنهما
عَنْ جَابِرٍ قال لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ جِىءَ بِأَبِى مُسَجًّى وَقَدْ مُثِلَ بِهِ - قال - فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْفَعَ الثَّوْبَ فَنَهَانِى قَوْمِى ثُمَّ أَرَدْتُ أَنْ أَرْفَعَ الثَّوْبَ فَنَهَانِى قَوْمِى فَرَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ أَمَرَ بِهِ فَرُفِعَ فَسَمِعَ صَوْتَ بَاكِيَةٍ أَوْ صَائِحَةٍ فَقَالَ « مَنْ هَذِهِ ». فَقَالُوا بِنْتُ عَمْرٍو أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو فَقَالَ « وَلِمَ تَبْكِى فَمَا زَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ ».
بَابُ فضائل جليبيب
عَنْ أَبِى بَرْزَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِى مَغْزًى لَهُ فَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لأَصْحَابِهِ « هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ ». قَالُوا نَعَمْ فُلاَناً وَفُلاَناً وَفُلاَناً. ثُمَّ قال « هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ ». قَالُوا نَعَمْ فُلاَناً وَفُلاَناً وَفُلاَناً. ثُمَّ قال « هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ ». قَالُوا لاَ. قال « لَكِنِّى أَفْقِدُ جُلَيْبِيباً فَاطْلُبُوهُ ». فَطُلِبَ فِى الْقَتْلَى فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ فَأَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ « قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ هَذَا مِنِّى وَأَنَا مِنْهُ هَذَا مِنِّى وَأَنَا مِنْهُ ». قال فَوَضَعَهُ عَلَى سَاعِدَيْهِ لَيْسَ لَهُ إِلاَّ سَاعِدَا النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال فَحُفِرَ لَهُ وَوُضِعَ فِى قَبْرِهِ. وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلاً.
بَابُ فضائل أبى ذرٍ رضى الله عنه(3/65)
عَنْ أَبِى ذَرٍّ قال خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارٍ وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِى أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا فَنَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ فَقَالُوا إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ عَنْ أَهْلِكَ خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ فَجَاءَ خَالُنَا فَنَثَا عَلَيْنَا الَّذِى قِيلَ لَهُ فَقُلْتُ لَهُ أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ فَقَدْ كَدَّرْتَهُ وَلاَ جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ. فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا وَتَغَطَّى خَالُنَا ثَوْبَهُ فَجَعَلَ يَبْكِى فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ فَنَافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا فَأَتَيَا الْكَاهِنَ فَخَيَّرَ أُنَيْساً فَأَتَانَا أُنَيْسٌ بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا - قال - وَقَدْ صَلَّيْتُ يَا ابْنَ أَخِى قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِثَلاَثِ سِنِينَ. قُلْتُ لِمَنْ قال لِلَّهِ. قُلْتُ فَأَيْنَ تَوَجَّهُ قال أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِى رَبِّى أُصَلِّى عِشَاءً حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أُلْقِيتُ كَأَنِّى خِفَاءٌ حَتَّى تَعْلُوَنِى الشَّمْسُ. فَقَالَ أُنَيْسٌ إِنَّ لِى حَاجَةً بِمَكَّةَ فَاكْفِنِى. فَانْطَلَقَ أُنَيْسٌ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَرَاثَ عَلَىَّ ثُمَّ جَاءَ فَقُلْتُ مَا صَنَعْتَ قال لَقِيتُ رَجُلاً بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ. قُلْتُ فَمَا يَقُولُ النَّاسُ قال يَقُولُونَ شَاعِرٌ كَاهِنٌ سَاحِرٌ. وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ. قال أُنَيْسٌ لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ بَعْدِى(3/66)
أَنَّهُ شِعْرٌ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ. قال قُلْتُ فَاكْفِنِى حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ. قال فَأَتَيْتُ مَكَّةَ فَتَضَعَّفْتُ رَجُلاً مِنْهُمْ فَقُلْتُ أَيْنَ هَذَا الَّذِى تَدْعُونَهُ الصَّابِئَ فَأَشَارَ إِلَىَّ فَقَالَ الصَّابِئَ. فَمَالَ عَلَىَّ أَهْلُ الْوَادِى بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَىَّ - قال - فَارْتَفَعْتُ حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّى نُصُبٌ أَحْمَرُ - قال - فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَغَسَلْتُ عَنِّى الدِّمَاءَ وَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا وَلَقَدْ لَبِثْتُ يَا ابْنَ أَخِى ثَلاَثِينَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ مَا كَانَ لِى طَعَامٌ إِلاَّ مَاءُ زَمْزَمَ فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِى وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِى سُخْفَةَ جُوعٍ - قال - فَبَيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ فِى لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ إِضْحِيَانَ إِذْ ضُرِبَ عَلَى أَسْمِخَتِهِمْ فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ أَحَدٌ وَامْرَأَتَيْنِ مِنْهُمْ تَدْعُوَانِ إِسَافاً وَنَائِلَةَ - قال - فَأَتَتَا عَلَىَّ فِى طَوَافِهِمَا فَقُلْتُ أَنْكِحَا أَحَدَهُمَا الأُخْرَى - قال - فَمَا تَنَاهَتَا عَنْ قَوْلِهِمَا - قال - فَأَتَتَا عَلَىَّ فَقُلْتُ هَنٌ مِثْلُ الْخَشَبَةِ غَيْرَ أَنِّى لاَ أَكْنِى. فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلاَنِ وَتَقُولاَنِ لَوْ كَانَ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا. قال فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا هَابِطَانِ قال « مَا لَكُمَا ». قَالَتَا الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا قال « مَا قال لَكُمَا ». قَالَتَا إِنَّهُ قال لَنَا كَلِمَةً تَمْلأُ الْفَمَ. وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ هُوَ وَصَاحِبُهُ ثُمَّ صَلَّى فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ(3/67)
قال أَبُو ذَرٍّ. فَكُنْتُ أَنَا أَوَّلُ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الإِسْلاَمِ - قال - فَقُلْتُ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ « وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ». ثُمَّ قال « مَنْ أَنْتَ ». قال قُلْتُ مِنْ غِفَارٍ - قال - فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ فَقُلْتُ فِى نَفْسِى كَرِهَ أَنِ انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ. فَذَهَبْتُ آخُذُ بِيَدِهِ فَقَدَعَنِى صَاحِبُهُ وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّى ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قال « مَتَى كُنْتَ هَا هُنَا ». قال قُلْتُ قَدْ كُنْتُ هَا هُنَا مُنْذُ ثَلاَثِينَ بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ قال « فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ ». قال قُلْتُ مَا كَانَ لِى طَعَامٌ إِلاَّ مَاءُ زَمْزَمَ. فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِى وَمَا أَجِدُ عَلَى كَبِدِى سُخْفَةَ جُوعٍ قال « إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى فِى طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ. فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَفَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَاباً فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا ثُمَّ غَبَرْتُ مَا غَبَرْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « إِنَّهُ قَدْ وُجِّهَتْ لِى أَرْضٌ ذَاتُ نَخْلٍ لاَ أُرَاهَا إِلاَّ يَثْرِبَ فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّى قَوْمَكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ وَيَأْجُرَكَ فِيهِمْ ». فَأَتَيْتُ أُنَيْساً فَقَالَ مَا صَنَعْتَ قُلْتُ صَنَعْتُ أَنِّى قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ. قال مَا بِى رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ فَإِنِّى قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ. فَأَتَيْنَا أُمَّنَا فَقالت : مَا بِى رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا فَإِنِّى(3/68)
قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ. فَاحْتَمَلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَوْمَنَا غِفَاراً فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمْ وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ إِيمَاءُ بْنُ رَحَضَةَ الْغِفَارِىُّ وَكَانَ سَيِّدَهُمْ. وَقَالَ نِصْفُهُمْ إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ أَسْلَمْنَا. فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ فَأَسْلَمَ نِصْفُهُمُ الْبَاقِى وَجَاءَتْ أَسْلَمُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِخْوَتُنَا نُسْلِمُ عَلَى الَّذِى أَسْلَمُوا عَلَيْهِ. فَأَسْلَمُوا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ ».(1)
__________
(1) : لم يذكر حديث ابن عباس : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال : لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ قال : لأَخِيهِ ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِى فَاعْلَمْ لِى عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ ائْتِنِى. فَانْطَلَقَ الآخَرُ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِى ذَرٍّ فَقَالَ رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ وَكَلاَماً مَا هُوَ بِالشِّعْرِ. فَقَالَ مَا شَفَيْتَنِى فِيمَا أَرَدْتُ. فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ شَنَّةً لَهُ فِيهَا مَاءٌ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَالْتَمَسَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ يَعْرِفُهُ وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ - يَعْنِى اللَّيْلَ - فَاضْطَجَعَ فَرَآهُ عَلِىٌّ فَعَرَفَ أَنَّهُ غَرِيبٌ فَلَمَّا رَآهُ تَبِعَهُ فَلَمْ يَسْأَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَىْءٍ حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ احْتَمَلَ قُرَيْبَتَهُ وَزَادَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلاَ يَرَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَمْسَى فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ فَمَرَّ بِهِ عَلِىٌّ فَقَالَ مَا أَنَى لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَهُ فَأَقَامَهُ فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ وَلاَ يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَىْءٍ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ فَأَقَامَهُ عَلِىٌّ مَعَهُ ثُمَّ قال : لَهُ أَلاَ تُحَدِّثُنِى مَا الَّذِى أَقْدَمَكَ هَذَا الْبَلَدَ قال : إِنْ أَعْطَيْتَنِى عَهْداً وَمِيثَاقاً لَتُرْشِدَنِّى فَعَلْتُ. فَفَعَلَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ فَإِنَّهُ حَقٌّ وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتَّبِعْنِى فَإِنِّى إِنْ رَأَيْتُ شَيْئاً أَخَافُ عَلَيْكَ قُمْتُ كَأَنِّى أُرِيقُ الْمَاءَ فَإِنْ مَضَيْتُ فَاتَّبِعْنِى حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِى. فَفَعَلَ فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَدَخَلَ مَعَهُ فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِى ». فَقَالَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ. فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ. وَثَارَ الْقَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ فَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَالَ وَيْلَكُمْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ وَأَنَّ طَرِيقَ تُجَّارِكُمْ إِلَى الشَّامِ عَلَيْهِمْ. فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ بِمِثْلِهَا وَثَارُوا إِلَيْهِ فَضَرَبُوهُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ الْعَبَّاسُ فَأَنْقَذَهُ.(3/69)
بَابُ فضائل جرير رضى الله عنه
عَنْ جَرِيرٍ قال مَا حَجَبَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ أَسْلَمْتُ وَلاَ رَآنِى إِلاَّ ضَحِكَ.
وَفِى رِوَايَةٍ : إِلاَّ وَتَبَسَّمَ [فِى وَجْهِى].
وفى أخرى :... وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّى لاَ أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِى صَدْرِى وَقَالَ « اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِياً مَهْدِيًّا ».
وَعَنْهُ قال كَانَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخَلَصَةِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ وَالْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « هَلْ أَنْتَ مُرِيحِى مِنْ ذِى الْخَلَصَةِ وَالْكَعْبَةِ الْيَمَانِيَةِ وَالشَّامِيَّةِ ». فَنَفَرْتُ إِلَيْهِ فِى مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْ أَحْمَسَ فَكَسَرْنَاهُ وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ فَأَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ - قال - فَدَعَا لَنَا وَلأَحْمَسَ.
بَابُ فضائل ابن عباس وابن عمر رضى الله عنهما
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى الْخَلاَءَ فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا فَلَمَّا خَرَجَ قال « مَنْ وَضَعَ هَذَا ». قُلْتُ ابْنُ عَبَّاسٍ. قال « اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ ».
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال رَأَيْتُ فِى الْمَنَامِ كَأَنَّ فِى يَدِى قِطْعَةَ إِسْتَبْرَقٍ وَلَيْسَ مَكَانٌ أُرِيدُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلاَّ طَارَتْ إِلَيْهِ - قال - فَقَصَصْتُهُ عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهُ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « أَرَى عَبْدَ اللَّهِ رَجُلاً صَالِحاً ».(3/70)
وَعَنْهُ قال كَانَ الرَّجُلُ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال وَكُنْتُ غُلاَماً شَابًّا عَزَباً وَكُنْتُ أَنَامُ فِى الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَيْتُ فِى النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِى فَذَهَبَا بِى إِلَى النَّارِ فَإِذَا هِىَ مَطْوِيَّةٌ كَطَىِّ الْبِئْرِ وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَىِ الْبِئْرِ وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ - قال - فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لِى لَمْ تُرَعْ. فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ ». قال سَالِمٌ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلاً.
بَابُ فضائل أنس بن مالك رضى الله عنه
عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّهَا قالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ خَادِمُكَ أَنَسٌ ادْعُ اللَّهَ لَهُ فَقَالَ « اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ ».(3/71)
وَعَنْهُ قال دَخَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْنَا وَمَا هُوَ إِلاَّ أَنَا وَأُمِّى وَأُمُّ حَرَامٍ خَالَتِى فَقالت : أُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ خُوَيْدِمُكَ ادْعُ اللَّهَ لَهُ - قال - فَدَعَا لِى بِكُلِّ خَيْرٍ وَكَانَ فِى آخِرِ مَا دَعَا لِى بِهِ أَنْ قال « اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ ».
زاد فى رواية : فَوَاللَّهِ إِنَّ مَالِى لَكَثِيرٌ وَإِنَّ وَلَدِى وَوَلَدَ وَلَدِى لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوِ الْمِائَةِ الْيَوْمَ.(1)
وَعَنْهُ قال أَتَى عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ - قال - فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَبَعَثَنِى إِلَى حَاجَةٍ فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّى فَلَمَّا جِئْتُ قالت : مَا حَبَسَكَ قُلْتُ بَعَثَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِحَاجَةٍ. قالت : مَا حَاجَتُهُ قُلْتُ إِنَّهَا سِرٌّ. قالت : لاَ تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحَداً. قال أَنَسٌ وَاللَّهِ لَوْ حَدَّثْتُ بِهِ أَحَداً لَحَدَّثْتُكَ يَا ثَابِتُ.
بَابُ فضائل عبد الله بن سلام رضى الله عنه
قَالَ سَعْدٌ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لِحَىٍّ يَمْشِى أَنَّهُ فِى الْجَنَّةِ إِلاَّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ.
__________
(1) : وفي رواية : فَدَعَا لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ دَعَوَاتٍ قَدْ رَأَيْتُ مِنْهَا اثْنَتَيْنِ فِى الدُّنْيَا وَأَنَا أَرْجُو الثَّالِثَةَ فِى الآخِرَةِ.(3/72)
وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قال كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فِى نَاسٍ فِيهِمْ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ رَجُلٌ فِى وَجْهِهِ أَثَرٌ مِنْ خُشُوعٍ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَتَجَوَّزُ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ فَاتَّبَعْتُهُ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَدَخَلْتُ فَتَحَدَّثْنَا فَلَمَّا اسْتَأْنَسَ قُلْتُ لَهُ إِنَّكَ لَمَّا دَخَلْتَ قَبْلُ قال رَجُلٌ كَذَا وَكَذَا قال سُبْحَانَ اللَّهِ مَا يَنْبَغِى لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لاَ يَعْلَمُ وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ رَأَيْتُنِى فِى رَوْضَةٍ - ذَكَرَ سَعَتَهَا وَعُشْبَهَا وَخُضْرَتَهَا - وَوَسْطَ الرَّوْضَةِ عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ أَسْفَلُهُ فِى الأَرْضِ وَأَعْلاَهُ فِى السَّمَاءِ فِى أَعْلاَهُ عُرْوَةٌ. فَقِيلَ لِى ارْقَهْ. فَقُلْتُ لَهُ لاَ أَسْتَطِيعُ. فَجَاءَنِى مِنْصَفٌ - قال ابْنُ عَوْنٍ وَالْمِنْصَفُ الْخَادِمُ - فَقَالَ بِثِيَابِى مِنْ خَلْفِى - وَصَفَ أَنَّهُ رَفَعَهُ مِنْ خَلْفِهِ بِيَدِهِ - فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِى أَعْلَى الْعَمُودِ فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ فَقِيلَ لِىَ اسْتَمْسِكْ. فَلَقَدِ اسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِى يَدِى فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « تِلْكَ الرَّوْضَةُ الإِسْلاَمُ وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الإِسْلاَمِ وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى وَأَنْتَ عَلَى الإِسْلاَمِ حَتَّى تَمُوتَ ». قال فَالرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلاَمٍ.
بَابُ فضائل حسان بن ثابت(3/73)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِى الْمَسْجِدِ فَلَحَظَ إِلَيْهِ فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِى هُرَيْرَةَ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « أَجِبْ عَنِّى اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ». قال اللَّهُمَّ نَعَمْ.
وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ « اهْجُهُمْ أَوْ هَاجِهِمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ ».
عَنْ مَسْرُوقٍ قال دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهَا شِعْراً يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ فَقَالَ حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ فَقالت : لَهُ عَائِشَةُ لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ. قال مَسْرُوقٌ فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَأْذَنِينَ لَهُ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ قال اللَّهُ ( وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) فَقالت : فَأَىُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ أَوْ يُهَاجِى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : قال حَسَّانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى فِى أَبِى سُفْيَانَ قال « كَيْفَ بِقَرَابَتِى مِنْهُ ». قال وَالَّذِى أَكْرَمَكَ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْخَمِيرِ. فَقَالَ حَسَّانُ وَإِنَّ سَنَامَ الْمَجْدِ مِنْ آلِ هَاشِمٍ بَنُو بِنْتِ مَخْزُومٍ وَوَالِدُكَ الْعَبْدُ قَصِيدَتَهُ هَذِهِ.(3/74)
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « اهْجُوا قُرَيْشاً فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقٍ بِالنَّبْلِ ». فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ « اهْجُهُمْ ». فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يُرْضِ فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قال حَسَّانُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ فَقَالَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِى فَرْىَ الأَدِيمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا - وَإِنَّ لِى فِيهِمْ نَسَباً - حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِى ». فَأَتَاهُ حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ لَخَّصَ لِى نَسَبَكَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. قالت : عَائِشَةُ فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لِحَسَّانَ « إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لاَ يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ». وَقالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى ». قال حَسَّانُ هَجَوْتَ مُحَمَّداً فَأَجَبْتُ عَنْهُ وَعِنْدَ اللَّهِ فِى ذَاكَ الْجَزَاءُ هَجَوْتَ مُحَّمَداً بَرًّا تَقِيًّا رَسُولَ اللَّهِ شِيمَتُهُ الْوَفَاءُ فَإِنَّ أَبِى وَوَالِدَهُ وَعِرْضِى لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ ثَكِلْتُ بُنَيَّتِى إِنْ لَمْ تَرَوْهَا تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنَفَىْ كَدَاءِ يُبَارِينَ الأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ عَلَى أَكْتَافِهَا الأَسَلُ الظِّمَاءُ تَظَلُّ جِيَادُنَا(3/75)
مُتَمَطِّرَاتٍ تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ فَإِنْ أَعْرَضْتُمُو عَنَّا اعْتَمَرْنَا وَكَانَ الْفَتْحُ وَانْكَشَفَ الْغِطَاءُ وَإِلاَّ فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ يُعِزُّ اللَّهُ فِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَقَالَ اللَّهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْداً يَقُولُ الْحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ وَقَالَ اللَّهُ قَدْ يَسَّرْتُ جُنْداً هُمُ الأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ لَنَا فِى كُلِّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ سِبَابُ أَوْ قِتَالٌ أَوْ هِجَاءُ فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ وَجِبْرِيلٌ رَسُولُ اللَّهِ فِينَا وَرُوحُ الْقُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
بَابُ فضائل أبى هريرة وأمه رضى الله عنهما(3/76)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال كُنْتُ أَدْعُو أُمِّى إِلَى الإِسْلاَمِ وَهِىَ مُشْرِكَةٌ فَدَعَوْتُهَا يَوْماً فَأَسْمَعَتْنِى فِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَكْرَهُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ أَدْعُو أُمِّى إِلَى الإِسْلاَمِ فَتَأْبَى عَلَىَّ فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِى فِيكَ مَا أَكْرَهُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِىَ أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ ». فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِراً بِدَعْوَةِ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابُ فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ فَسَمِعَتْ أُمِّى خَشْفَ قَدَمَىَّ فَقالت : مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ قال - فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا فَفَتَحَتِ الْبَابُ ثُمَّ قالت : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ - قال - فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِى مِنَ الْفَرَحِ - قال - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِى هُرَيْرَةَ. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْراً - قال - قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُحَبِّبَنِى أَنَا وَأُمِّى إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا - قال - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا - يَعْنِى أَبَا هُرَيْرَةَ وَأُمَّهُ - إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ وَحَبِّبْ إِلَيْهِمُ(3/77)
الْمُؤْمِنِينَ ». فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِى وَلاَ يَرَانِى إِلاَّ أَحَبَّنِى.
وَعَنْهُ قال إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ كُنْتُ رَجُلاً مِسْكِيناً أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مِلْءِ بَطْنِى وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ وَكَانَتِ الأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ فَلَنْ يَنْسَى شَيْئاً سَمِعَهُ مِنِّى ». فَبَسَطْتُ ثَوْبِى حَتَّى قَضَى حَدِيثَهُ ثُمَّ ضَمَمْتُهُ إِلَىَّ فَمَا نَسِيتُ شَيْئاً سَمِعْتُهُ مِنْهُ.(1)(2)
بَابُ فضائل أهل بدرٍ
__________
(1) : زاد في رواية : وَلَوْلاَ آيَتَانِ أَنْزَلَهُمَا اللَّهُ فِى كِتَابِهِ مَا حَدَّثْتُ شَيْئاً أَبَداً ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى ) إِلَى آخِرِ الآيَتَيْنِ.
(2) : لم يذكر حديث عائشة : وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قالت : أَلاَ يُعْجِبُكَ أَبُو هُرَيْرَةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ حُجْرَتِى يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُسْمِعُنِى ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِىَ سُبْحَتِى وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ.(3/78)
عَنْ عَلِىٍّ قال بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ « ائْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا ». فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا فَإِذَا نَحْنُ بِالْمَرْأَةِ فَقُلْنَا أَخْرِجِى الْكِتَابَ. فَقالت : مَا مَعِى كِتَابٌ. فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَتُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا حَاطِبُ مَا هَذَا ». قال لاَ تَعْجَلْ عَلَىَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقاً فِى قُرَيْشٍ - قال سُفْيَانُ كَانَ حَلِيفاً لَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا - وَكَانَ مِمَّنْ كَانَ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِى ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ فِيهِمْ يَداً يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِى وَلَمْ أَفْعَلْهُ كُفْراً وَلاَ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِى وَلاَ رِضاً بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « صَدَقَ ». فَقَالَ عُمَرُ دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ « إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْراً وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ(3/79)
).(1)
بَابُ فضائل أهل الشجرة
عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ « لاَ يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ. الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا ». قالت : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَانْتَهَرَهَا فَقالت : حَفْصَةُ ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ) فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « قَدْ قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( ثُمَّ نُنَجِّى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا )
بَابُ فضائل أبى موسى وأبى عامر
__________
(1) : لم يذكر حديث جابر : عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عَبْداً لِحَاطِبٍ جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَشْكُو حَاطِباً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كَذَبْتَ لاَ يَدْخُلُهَا فَإِنَّهُ شَهِدَ بَدْراً وَالْحُدَيْبِيَةَ ».(3/80)
عَنْ أَبِى مُوسَى قال كُنْتُ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَمَعَهُ بِلاَلٌ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ أَلاَ تُنْجِزُ لِى يَا مُحَمَّدُ مَا وَعَدْتَنِى فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - « أَبْشِرْ ». فَقَالَ لَهُ الأَعْرَابِىُّ أَكْثَرْتَ عَلَىَّ مِنْ « أَبْشِرْ ». فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَبِى مُوسَى وَبِلاَلٍ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ فَقَالَ « إِنَّ هَذَا قَدْ رَدَّ الْبُشْرَى فَاقْبَلاَ أَنْتُمَا ». فَقَالاَ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ ثُمَّ قال « اشْرَبَا مِنْهُ وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا وَأَبْشِرَا ». فَأَخَذَا الْقَدَحَ فَفَعَلاَ مَا أَمَرَهُمَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَنَادَتْهُمَا أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ أَفْضِلاَ لأُمِّكُمَا مِمَّا فِى إِنَائِكُمَا. فَأَفْضَلاَ لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً.(3/81)
وَعَنْهُ قال لَمَّا فَرَغَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حُنَيْنٍ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ فَلَقِىَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ فَقَالَ أَبُو مُوسَى وَبَعَثَنِى مَعَ أَبِى عَامِرٍ - قال - فَرُمِىَ أَبُو عَامِرٍ فِى رُكْبَتِهِ رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى جُشَمٍ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ فِى رُكْبَتِهِ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا عَمِّ مَنْ رَمَاكَ فَأَشَارَ أَبُو عَامِرٍ إِلَى أَبِى مُوسَى فَقَالَ إِنَّ ذَاكَ قَاتِلِى تَرَاهُ ذَلِكَ الَّذِى رَمَانِى. قال أَبُو مُوسَى فَقَصَدْتُ لَهُ فَاعْتَمَدْتُهُ فَلَحِقْتُهُ فَلَمَّا رَآنِى وَلَّى عَنِّى ذَاهِباً فَاتَّبَعْتُهُ وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ أَلاَ تَسْتَحْيِى أَلَسْتَ عَرَبِيًّا أَلاَ تَثْبُتُ فَكَفَّ فَالْتَقَيْتُ أَنَا وَهُوَ فَاخْتَلَفْنَا أَنَا وَهُوَ ضَرْبَتَيْنِ فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِى عَامِرٍ فَقُلْتُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَتَلَ صَاحِبَكَ. قال فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِى انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقْرِئْهُ مِنِّى السَّلاَمَ وَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ أَبُو عَامِرٍ اسْتَغْفِرْ لِى. قال اسْتَعْمَلَنِى أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ وَمَكَثَ يَسِيراً ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِى بَيْتٍ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ وَقَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَنْبَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِى عَامِرٍ وَقُلْتُ لَهُ قال قُلْ لَهُ يَسْتَغْفِرْ لِى. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى(3/82)
الله عليه وسلم - بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قال « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِى عَامِرٍ ». حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قال « اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ أَوْ مِنَ النَّاسِ ». فَقُلْتُ وَلِى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاسْتَغْفِرْ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْخَلاً كَرِيماً ». قال أَبُو بُرْدَةَ أَحَدُهُمَا لأَبِى عَامِرٍ وَالأُخْرَى لأَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ
بَابُ فضائل الأشعريين
عَنْ أَبِى مُوسَى قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنِّى لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ إِذَا لَقِىَ الْخَيْلَ - أَوْ قال الْعَدُوَّ - قال لَهُمْ إِنَّ أَصْحَابِى يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِى الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِى إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ ».(3/83)
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قال كَانَ الْمُسْلِمُونَ لاَ يَنْظُرُونَ إِلَى أَبِى سُفْيَانَ وَلاَ يُقَاعِدُونَهُ فَقَالَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَا نَبِىَّ اللَّهِ ثَلاَثٌ أَعْطِنِيهِنَّ قال « نَعَمْ ». قال عِنْدِى أَحْسَنُ الْعَرَبِ وَأَجْمَلُهُ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ أَبِى سُفْيَانَ أُزَوِّجُكَهَا قال « نَعَمْ ». قال وَمُعَاوِيَةُ تَجْعَلُهُ كَاتِباً بَيْنَ يَدَيْكَ. قال « نَعَمْ ». قال وَتُؤَمِّرُنِى حَتَّى أُقَاتِلَ الْكُفَّارَ كَمَا كُنْتُ أُقَاتِلُ الْمُسْلِمِينَ. قال « نَعَمْ ». قال أَبُو زُمَيْلٍ وَلَوْلاَ أَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُسْئَلُ شَيْئاً إِلاَّ قال « نَعَمْ ».
بَابُ فضائل أبى موسى رضى الله عنه(3/84)
عَنْ أَبِى مُوسَى قال بَلَغَنَا مَخْرَجُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا وَأَخَوَانِ لِى أَنَا أَصْغَرُهُمَا أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ - إِمَّا قال بِضْعاً وَإِمَّا قال ثَلاَثَةً وَخَمْسِينَ أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِى - قال فَرَكِبْنَا سَفِينَةً فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِىِّ بِالْحَبَشَةِ فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ فَقَالَ جَعْفَرٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَنَا هَا هُنَا وَأَمَرَنَا بِالإِقَامَةِ فَأَقِيمُوا مَعَنَا. فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعاً - قال - فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لَنَا - أَوْ قال أَعْطَانَا مِنْهَا - وَمَا قَسَمَ لأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئاً إِلاَّ لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ إِلاَّ لأَصْحَابِ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ - قال - فَكَانَ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا - يَعْنِى لأَهْلِ السَّفِينَةِ - نَحْنُ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ. قال فَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ - وَهِىَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا - عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - زَائِرَةً وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِىِّ فِيمَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ مَنْ هَذِهِ قالت : أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قال عُمَرُ : الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ فَقالت : أَسْمَاءُ نَعَمْ. فَقَالَ عُمَرُ سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ -(3/85)
صلى الله عليه وسلم - مِنْكُمْ. فَغَضِبَتْ وَقالت : كَلِمَةً كَذَبْتَ يَا عُمَرُ كَلاَّ وَاللَّهِ كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ وَكُنَّا فِى دَارِ أَوْ فِى أَرْضِ الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ فِى الْحَبَشَةِ وَذَلِكَ فِى اللَّهِ وَفِى رَسُولِهِ وَايْمُ اللَّهِ لاَ أَطْعَمُ طَعَاماً وَلاَ أَشْرَبُ شَرَاباً حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَسْأَلُهُ وَوَاللَّهِ لاَ أَكْذِبُ وَلاَ أَزِيغُ وَلاَ أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ. قال فَلَمَّا جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قالت : يَا نَبِىَّ اللَّهِ إِنَّ عُمَرَ قال كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَيْسَ بِأَحَقَّ بِى مِنْكُمْ وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ ». قالت : فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِى أَرْسَالاً يَسْأَلُونِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ مَا مِنَ الدُّنْيَا شَىْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلاَ أَعْظَمُ فِى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قال أَبُو بُرْدَةَ فَقالت : أَسْمَاءُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّى.
بَابُ فضائل سلمان وصهيب(3/86)
عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَبِلاَلٍ فِى نَفَرٍ فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا. قال فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ « يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ ». فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ قَالُوا لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أُخَىَّ.
بَابُ فضائل الأنصار
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال فِينَا نَزَلَتْ ( إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا ) بَنُو سَلِمَةَ وَبَنُو حَارِثَةَ وَمَا نُحِبُّ أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ( وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا ).
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَلأَبْنَاءِ الأَنْصَارِ وَأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ ».
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَغْفَرَ لِلأَنْصَارِ - قال - وَأَحْسِبُهُ قال « وَلِذَرَارِىِّ الأَنْصَارِ وَلِمَوَالِى الأَنْصَارِ ». لاَ أَشُكُّ فِيهِ.
وَعَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى صِبْيَاناً وَنِسَاءً مُقْبِلِينَ مِنْ عُرْسٍ فَقَامَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُمْثِلاً فَقَالَ « اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ ». يَعْنِى الأَنْصَارَ.(3/87)
وَعَنْهُ قال جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - قال - فَخَلاَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ ». [ثَلاَثَ] مَرَّاتٍ.
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ الأَنْصَارَ كَرِشِى وَعَيْبَتِى وَإِنَّ النَّاسَ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَاعْفُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ ».
وَعَنْ أَبِى أُسَيْدٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خَيْرُ دُورِ الأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ ثُمَّ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ ». فَقَالَ سَعْدٌ مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ قَدْ فَضَّلَ عَلَيْنَا. فَقِيلَ قَدْ فَضَّلَكُمْ عَلَى كَثِيرٍ.(1)
__________
(1) : زاد في رواية : قال : أَبُو أُسَيْدٍ أُتَّهَمُ أَنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَوْ كُنْتُ كَاذِباً لَبَدَأْتُ بِقَوْمِى بَنِى سَاعِدَةَ. وَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَوَجَدَ فِى نَفْسِهِ وَقَالَ خُلِّفْنَا فَكُنَّا آخِرَ الأَرْبَعِ أَسْرِجُوا لِى حِمَارِى آتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَكَلَّمَهُ ابْنُ أَخِيهِ سَهْلٌ فَقَالَ أَتَذْهَبُ لِتَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَمُ أَوَلَيْسَ حَسْبُكَ أَنْ تَكُونَ رَابِعَ أَرْبَعٍ. فَرَجَعَ وَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ وَأَمَرَ بِحِمَارِهِ فَحُلَّ عَنْهُ.(3/88)
وَعَنْ أَنَسٍ قال خَرَجْتُ مَعَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِىِّ فِى سَفَرٍ فَكَانَ يَخْدُمُنِى فَقُلْتُ لَهُ لاَ تَفْعَلْ. فَقَالَ إِنِّى قَدْ رَأَيْتُ الأَنْصَارَ تَصْنَعُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئاً آلَيْتُ أَنْ لاَ أَصْحَبَ أَحَداً مِنْهُمْ إِلاَّ خَدَمْتُهُ. زَادَ ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ فِى حَدِيثِهِمَا وَكَانَ جَرِيرٌ أَكْبَرَ مِنْ أَنَسٍ.
بَابُ دعائه - صلى الله عليه وسلم - لغفار وأسلم ومزينة وجهينة
عَنْ أَبِى ذَرٍّ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ائْتِ قَوْمَكَ فَقُلْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَغِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا ».
وَعَنْ جَابِرٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَغِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا ».
زاد فى رواية أَبِى هُرَيْرَةَ : «... أَمَا إِنِّى لَمْ أَقُلْهَا وَلَكِنْ قَالَهَا اللَّهُ ».
وَعَنْ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءَ الْغِفَارِىِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى صَلاَةٍ « اللَّهُمَّ الْعَنْ بَنِى لِحْيَانَ وَرِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ ».(1)
بَابُ دعائه على بنى لحيان ورعل وذكوان
__________
(1) : لم يذكر حديث ابن عمر : عَنْ ابْنِ عُمَرَ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ».(3/89)
عَنْ أَبِى أَيُّوبَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الأَنْصَارُ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ وَغِفَارُ وَأَشْجَعُ وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِى عَبْدِ اللَّهِ مَوَالِىَّ دُونَ النَّاسِ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلاَهُمْ ».
[وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ وَأَسْلَمُ وَغِفَارُ وَأَشْجَعُ مَوَالِىَّ لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ».]
وَفِى رِوَايَةٍ : «... خَيْرٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ وَبَنِى عَامِرٍ وَالْحَلِيفَيْنِ أَسَدٍ وَغَطَفَانَ ».
وفى أخرى : «... خَيْرٌ مِنْ طَيِّئٍ وَأَسَدٍ وَغَطَفَانَ عِنْدَ [اللَّهِ] يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
وزاد [فى أخرى] : «... وَهَوَازِنَ وَتَمِيمٍ ».
وَعَنْ أَبِى بَكْرَةَ أَنَّ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ إِنَّمَا يُبَايِعُكَ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ مِنْ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ - وَأَحْسِبُ جُهَيْنَةَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ - وَأَحْسِبُ جُهَيْنَةَ - خَيْراً مِنْ بَنِى تَمِيمٍ وَبَنِى عَامِرٍ وَأَسَدٍ وَغَطَفَانَ أَخَابُوا وَخَسِرُوا ». فَقَالَ نَعَمْ. قال « فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لأَخْيَرُ مِنْهُمْ ».
بَابُ فضل طيئ وما ورد فيهم
عَنْ عَامِرٍ عَنْ(1)عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قال أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ لِى إِنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ بَيَّضَتْ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَوُجُوهَ أَصْحَابِهِ صَدَقَةُ طَيِّئٍ جِئْتَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
بَابُ دعائه لدوس وفضل بنى تميم
__________
(1) : في الأصل : بْنِ. وما أثبتناه من الصحيح.(3/90)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَدِمَ الطُّفَيْلُ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ دَوْساً قَدْ كَفَرَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا. فَقِيلَ هَلَكَتْ دَوْسٌ فَقَالَ « اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْساً وَائْتِ بِهِمْ ».
وَعَنْهُ قال لاَ أَزَالُ أُحِبُّ بَنِى تَمِيمٍ مِنْ ثَلاَثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِى عَلَى الدَّجَّالِ ». قال وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا ». قال وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَعْتِقِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ».(1)
بَابُ الناس معادن
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ فَخِيَارُهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِى الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا وَتَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ فِى هَذَا الأَمْرِ أَكْرَهُهُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ وَتَجِدُونَ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِى يَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ ».
بَابُ فضل نساء قريش
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ - قال أَحَدُهُمَا صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ. وَقَالَ الآخَرُ نِسَاءُ قُرَيْشٍ - أَحْنَاهُ عَلَى يَتِيمٍ فِى صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِى ذَاتِ يَدِهِ ».
زاد فى رواية : قال أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيراً قَطُّ.
__________
(1) : وفي رواية : « هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ قِتَالاً فِى الْمَلاَحِمِ ».(3/91)
وَعَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِى طَالِبٍ فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى قَدْ كَبِرْتُ وَلِىَ عِيَالٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِى صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِى ذَاتِ يَدِهِ ».
بَابُ مؤاخاته عليه السلام بين قريشٍ والأنصار
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - آخَى بَيْنَ أَبِى عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَبَيْنَ أَبِى طَلْحَةَ.
وَعَنْهُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَبَلَغَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ حِلْفَ فِى الإِسْلاَمِ ». فَقَالَ أَنَسٌ قَدْ حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَارِ فِى دَارِهِ الَّتِى بِالْمَدِينَةِ.
وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -(1) « لاَ حِلْفَ فِى الإِسْلاَمِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الإِسْلاَمُ إِلاَّ شِدَّةً ».
بابٌ قَوْلُهُ عليه السلام أنا أمنة لأصحابى
__________
(1) : في الأصل : وَفِى رِوَاية. وهذا يعني أن الحديث من حديث أنس. وما أثبتناه من الصحيح. والله أعلم.(3/92)
عَنْ أَبِى مُوسَى قال صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قُلْنَا لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّىَ مَعَهُ الْعِشَاءَ - قال - فَجَلَسْنَا فَخَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ « مَا زِلْتُمْ هَا هُنَا ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ ثُمَّ قُلْنَا نَجْلِسُ حَتَّى نُصَلِّىَ مَعَكَ الْعِشَاءَ قال « أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ ». قال فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَكَانَ كَثِيراً مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِى فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِى مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِى أَمَنَةٌ لأُمَّتِى فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِى أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ».
بَابُ فضل التابعين وتابعى التابعين(3/93)
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُمْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ. نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُمْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ ».(1)
بَابُ خير القرون قرنى
__________
(1) : وفي رواية : يَأْتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُبْعَثُ مِنْهُمُ الْبَعْثُ فَيَقُولُونَ انْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ فِيكُمْ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُوجَدُ الرَّجُلُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ بِهِ ثُمَّ يُبْعَثُ الْبَعْثُ الثَّانِى فَيَقُولُونَ هَلْ فِيهِمْ مَنْ رَأَى أَصْحَابَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُفْتَحُ لَهُمْ بِهِ ثُمَّ يُبْعَثُ الْبَعْثُ الثَّالِثُ فَيُقَالُ انْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ فِيهِمْ مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى أَصْحَابَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَكُونُ الْبَعْثُ الرَّابِعُ فَيُقَالُ انْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ فِيهِمْ أَحَداً رَأَى مَنْ رَأَى أَحَداً رَأَى أَصْحَابَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيُوجَدُ الرَّجُلُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ بِهِ ».(3/94)
وَعَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خَيْرُ أُمَّتِى الْقَرْنُ الَّذِينَ يَلُونِى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَجِىءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ ». لَمْ يَذْكُرْ هَنَّادٌ الْقَرْنَ فِى حَدِيثِهِ.(1)
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « خَيْرُكُمْ قَرْنِى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ». قال عِمْرَانُ فَلاَ أَدْرِى أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ قَرْنِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً « ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ وَيَخُونُونَ وَلاَ يُتَّمَنُونَ وَيَنْذُرُونَ وَلاَ يُوفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ ».(2)
بابٌ قَوْلُهُ عليه السلام لا يأتى على الناس مائة سنة
__________
(1) : زاد في رواية : قال : إِبْرَاهِيمُ – يَعْنِى الْنَخَعِى - كَانُوا يَنْهَوْنَنَا وَنَحْنُ غِلْمَانٌ عَنِ الْعَهْدِ وَالشَّهَادَاتِ.
(2) : لم يذكر حديث أبي هريرة ولا حديث عائشة :
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خَيْرُ أُمَّتِى الْقَرْنُ الَّذِينَ بُعِثْتُ فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ». وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَذَكَرَ الثَّالِثَ أَمْ لاَ قال : « ثُمَّ يَخْلُفُ قَوْمٌ يُحِبُّونَ السَّمَانَةَ يَشْهَدُونَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدُوا ».
عَنْ عَائِشَةَ قالت : سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ النَّاسِ خَيْرٌ قال : « الْقَرْنُ الَّذِى أَنَا فِيهِ ثُمَّ الثَّانِى ثُمَّ الثَّالِثُ ».(3/95)
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قال صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ صَلاَةَ الْعِشَاءِ فِى آخِرِ حَيَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَقَالَ « أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ ». قال ابْنُ عُمَرَ : فَوَهَلَ النَّاسُ فِى مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِلْكَ فِيمَا يَتَحَدَّثُونَ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ وَإِنَّمَا قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ. أَحَدٌ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَنْخَرِمَ ذَلِكَ الْقَرْنُ.
وَعَنْ جَابِرٍ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِشَهْرٍ « تَسْأَلُونِى عَنِ السَّاعَةِ وَإِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ تَأْتِى عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ وَهْىَ حَيَّةٌ يَوْمَئِذٍ ».(1)
بَابُ فضل الصحابة والنهى عن سبهم
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ ».
__________
(1) : لم يذكر حديث أبي سعيد : عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قال : لَمَا رَجَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ تَبُوكَ سَأَلُوهُ عَنِ السَّاعَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَأْتِى مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ الْيَوْمَ ».(3/96)
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ قال كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَىْءٌ فَسَبَّهُ خَالِدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَسُبُّوا أَحَداً مِنْ أَصْحَابِى فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ ».
بَابُ فضل أويس القرنى
عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَفَدُوا إِلَى عُمَرَ وَفِيهِمْ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَسْخَرُ بِأُوَيْسٍ فَقَالَ عُمَرُ هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنَ الْقَرَنِيِّينَ فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قال « إِنَّ رَجُلاً يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ لاَ يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَدَعَا اللَّهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ الدِّينَارِ أَوِ الدِّرْهَمِ فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ».(3/97)
وَفِى رِوَايَةٍ : « إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ [يُقَالُ] لَهُ أُوَيْسٌ... ».(1)
__________
(1) : وفي رواية : كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ فَقَالَ أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ قال : نَعَمْ. قال : مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ قال : نَعَمْ. قال : فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ قال : نَعَمْ. قال : لَكَ وَالِدَةٌ قال : نَعَمْ. قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « يَأْتِى عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ ». فَاسْتَغْفِرْ لِى. فَاسْتَغْفَرَ لَهُ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَيْنَ تُرِيدُ قال : الْكُوفَةَ. قال : أَلاَ أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا قال : أَكُونُ فِى غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَىَّ. قال : فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ فَوَافَقَ عُمَرَ فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ قال : تَرَكْتُهُ رَثَّ الْبَيْتِ قَلِيلَ الْمَتَاعِ. قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « يَأْتِى عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ ». فَأَتَى أُوَيْساً فَقَالَ اسْتَغْفِرْ لِى. قال : أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْداً بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِى. قال : اسْتَغْفِرْ لِى. قال : أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْداً بِسَفَرٍ صَالِحٍ فَاسْتَغْفِرْ لِى. قال : لَقِيتَ عُمَرَ قال : نَعَمْ. فَاسْتَغْفَرَ لَهُ. فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ. قال : أُسَيْرٌ وَكَسَوْتُهُ بُرْدَةً فَكَانَ كُلَّمَا رَآهُ إِنْسَانٌ قال : مِنْ أَيْنَ لأُوَيْسٍ هَذِهِ الْبُرْدَةُ(3/98)
بَابُ ما ذكر فى مصر والوصية بأهلها
عَنْ أَبِى ذَرٍّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضاً يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْراً فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِماً فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ فِى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا ». قال فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَىْ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ يَتَنَازَعَانِ فِى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجَ مِنْهَا.
بَابُ ما ذكر فى أهل عمان
عَنْ أَبِى بَرْزَةَ قال بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً إِلَى حَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَسَبُّوهُ وَضَرَبُوهُ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَوْ أَنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ مَا سَبُّوكَ وَلاَ ضَرَبُوكَ ».(3/99)
وَعَنْ أَبِى نَوْفَلٍ رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ عَلَى عَقَبَةِ الْمَدِينَةِ - قال - فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ تَمُرُّ عَلَيْهِ وَالنَّاسُ حَتَّى مَرَّ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتُ صَوَّاماً قَوَّامًا وَصُولاً لِلرَّحِمِ أَمَا وَاللَّهِ لأُمَّةٌ أَنْتَ أَشَرُّهَا لأُمَّةٌ خَيْرٌ. ثُمَّ نَفَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَبَلَغَ الْحَجَّاجَ مَوْقِفُ عَبْدِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأُنْزِلَ عَنْ جِذْعِهِ فَأُلْقِىَ فِى قُبُورِ الْيَهُودِ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ فَأَبَتْ أَنْ تَأْتِيَهُ فَأَعَادَ عَلَيْهَا الرَّسُولَ لَتَأْتِيَنِّى أَوْ لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكِ مِنْ يَسْحَبُكِ بِقُرُونِكِ - قال - فَأَبَتْ وَقالت : وَاللَّهِ لاَ آتِيكَ حَتَّى تَبْعَثَ إِلَىَّ مَنْ يَسْحَبُنِى بِقُرُونِى - قال - فَقَالَ أَرُونِى سِبْتَىَّ. فَأَخَذَ نَعْلَيْهِ ثُمَّ انْطَلَقَ يََتَوَذَّفُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ كَيْفَ رَأَيْتِنِى صَنَعْتُ بِعَدُوِّ اللَّهِ قالت : رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ بَلَغَنِى أَنَّكَ تَقُولُ لَهُ يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ أَنَا وَاللَّهِ ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكُنْتُ أَرْفَعُ بِهِ طَعَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَطَعَامَ أَبِى بَكْرٍ مِنَ الدَّوَابِّ وَأَمَّا الآخَرُ فَنِطَاقُ الْمَرْأَةِ الَّتِى لاَ(3/100)
تَسْتَغْنِى عَنْهُ أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَنَا « أَنَّ فِى ثَقِيفٍ كَذَّاباً وَمُبِيراً ». فَأَمَّا الْكَذَّابُ فَرَأَيْنَاهُ وَأَمَّا الْمُبِيرُ فَلاَ إِخَالُكَ إِلاَّ إِيَّاهُ - قال - فَقَامَ عَنْهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا.
بَابُ فضائل أهل فارس
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَذَهَبَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ فَارِسَ - أَوْ قال مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ - حَتَّى يَتَنَاوَلَهُ ».
وَعَنْهُ قال كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا قَرَأَ ( وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ) قال رَجُلٌ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى سَأَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً - قال - وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِىُّ - قال - فَوَضَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ثُمَّ قال « لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلاَءِ ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تَجِدُونَ النَّاسَ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لاَ يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً ».
( ورقة 158 )
بَابُ حق الوالدين فى صحبتهما
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِى قال « أُمُّكَ ». قال ثُمَّ مَنْ قال « ثُمَّ أُمُّكَ ». قال ثُمَّ مَنْ قال « ثُمَّ أُمُّكَ ». قال ثُمَّ مَنْ قال « ثُمَّ أَبُوكَ ».(3/101)
وَعَنْهُ قال رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ قال « أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أَبُوكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ ».(1)
بَابُ قصة جريج وأمه
__________
(1) : لم يذكر حديث ابن عمرو : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قال : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَأْذِنُهُ فِى الْجِهَادِ فَقَالَ « أَحَىٌّ وَالِدَاكَ ». قال : نَعَمْ. قال : « فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ».
وفي رواية : « فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا ».(3/102)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قال كَانَ جُرَيْجٌ يَتَعَبَّدُ فِى صَوْمَعَةٍ فَجَاءَتْ أُمُّهُ. قال حُمَيْدٌ فَوَصَفَ لَنَا أَبُو رَافِعٍ صِفَةَ أَبِى هُرَيْرَةَ لِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّهُ حِينَ دَعَتْهُ كَيْفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوْقَ حَاجِبِهَا ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَيْهِ تَدْعُوهُ فَقالت : يَا جُرَيْجُ أَنَا أُمُّكَ كَلِّمْنِى. فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّى فَقَالَ اللَّهُمَّ أُمِّى وَصَلاَتِى. فَاخْتَارَ صَلاَتَهُ فَرَجَعَتْ ثُمَّ عَادَتْ فِى الثَّانِيَةِ فَقالت : يَا جُرَيْجُ أَنَا أُمُّكَ فَكَلِّمْنِى. قال اللَّهُمَّ أُمِّى وَصَلاَتِى. فَاخْتَارَ صَلاَتَهُ فَقالت : اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا جُرَيْجٌ وَهُوَ ابْنِى وَإِنِّى كَلَّمْتُهُ فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَنِى اللَّهُمَّ فَلاَ تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ. قال وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَنَ لَفُتِنَ. قال وَكَانَ رَاعِى ضَأْنٍ يَأْوِى إِلَى دَيْرِهِ - قال - فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْقَرْيَةِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا الرَّاعِى فَحَمَلَتْ فَوَلَدَتْ غُلاَماً فَقِيلَ لَهَا مَا هَذَا قالت : مِنْ صَاحِبِ هَذَا الدَّيْرِ. قال فَجَاءُوا بِفُئُوسِهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ فَنَادَوْهُ فَصَادَفُوهُ يُصَلِّى فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ - قال - فَأَخَذُوا يَهْدِمُونَ دَيْرَهُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَزَلَ إِلَيْهِمْ فَقَالُوا لَهُ سَلْ هَذِهِ - قال - فَتَبَسَّمَ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَ الصَّبِىِّ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ قال أَبِى رَاعِى الضَّأْنِ. فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ قَالُوا نَبْنِى مَا هَدَمْنَا مِنْ دَيْرِكَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. قال لاَ وَلَكِنْ أَعِيدُوهُ تُرَاباً كَمَا كَانَ ثُمَّ عَلاَهُ.
بَابُ رغم أنف من أدرك أحد أبويه فلم يدخل الجنة(3/103)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ». قِيلَ مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ ».
بَابُ بر أهل ود أبيه بعده
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَعْرَابِ لَقِيَهُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ وَحَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ كَانَ يَرْكَبُهُ وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ فَقُلْنَا لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّهُمُ الأَعْرَابُ وَإِنَّهُمْ يَرْضَوْنَ بِالْيَسِيرِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ أَبَا هَذَا(1) كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ ».
__________
(1) : في الأصل : أبا هريرة. وهو خطأ، وما أثبتناه من الصحيح.(3/104)
وَعَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ كَانَ لَهُ حِمَارٌ يَتَرَوَّحُ عَلَيْهِ إِذَا مَلَّ رُكُوبَ الرَّاحِلَةِ وَعِمَامَةٌ يَشُدُّ بِهَا رَأْسَهُ فَبَيْنَا هُوَ يَوْماً عَلَى ذَلِكَ الْحِمَارِ إِذْ مَرَّ بِهِ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ أَلَسْتَ ابْنَ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ قال بَلَى. فَأَعْطَاهُ الْحِمَارَ وَقَالَ ارْكَبْ هَذَا وَالْعِمَامَةَ - قال - اشْدُدْ بِهَا رَأْسَكَ. فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ أَعْطَيْتَ هَذَا الأَعْرَابِىَّ حِمَاراً كُنْتَ تَرَوَّحُ عَلَيْهِ وَعِمَامَةً كُنْتَ تَشُدُّ بِهَا رَأْسَكَ. فَقَالَ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّىَ ». وَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ صَدِيقاً لِعُمَرَ.
بَابُ البر والإثم وصلة الرحم والتشديد فى القطيعة
عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الأَنْصَارِىِّ قال سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ فَقَالَ « الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِى صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ».(3/105)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقالت : هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قال نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قالت : بَلَى. قال فَذَاكَ لَكِ ». ثُمَّ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) ».
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ مَنْ وَصَلَنِى وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِى قَطَعَهُ اللَّهُ ».
وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ الرََّحِمٍ ».
بَابُ بسط الرزق بصلة الرحم
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ أَوْ يُنْسَأَ فِى أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ».
بَابُ فضل من يحسن إلى من يسيء إليه والحلم عن الجهل(1)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً قال يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِى وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَىَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَىَّ. فَقَالَ « لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ ».
__________
(1) : كذا بالأصل. ولعلها : الحلم عند الجهل.(3/106)
بَابُ النهى عن التحاسد
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَاناً وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ ».(1)
وَعَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِى يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ ».(2)
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ».(3)
بَابُ النهى عن التجسس
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلاَ تَحَسَّسُوا وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ تَنَافَسُوا وَلاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَاناً ».
زاد فى رواية : «... كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ ».
__________
(1) : زاد في رواية : «... وَلاَ تَقَاطَعُوا... ». وفي أخرى : « كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ ».
(2) : وفي رواية بدل « فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا » « فَيَصُدُّ هَذَا وَيَصُدُّ هَذَا ». قلت : ولعلها الأصوب، وأن مالك – راوي الجملة الأولى مخالفًا باقي من روى الحديث عن الزهري بالجملة الثانية – رواها بالمعنى. والله أعلم
(3) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث أبي هريرة : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ ثَلاَثٍ ».(3/107)
وفى أخرى : «... وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَاناً. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا ». وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ « بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ».
بَابُ عرض الأعمال على الله فى الاثنين والخميس
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئاً إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... اتْرُكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا ».
بَابُ المتحابين فى الله عز وجل
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلاَلِى الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِى ظِلِّى يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّى ».(3/108)
وَعَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخاً لَهُ فِى قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكاً فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قال أَيْنَ تُرِيدُ قال أُرِيدُ أَخاً لِى فِى هَذِهِ الْقَرْيَةِ. قال هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قال لاَ غَيْرَ أَنِّى أَحْبَبْتُهُ فِى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قال فَإِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ».
وَعَنْ ثَوْبَانَ قال أَبُو الرَّبِيعِ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى حَدِيثِ سَعِيدٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « عَائِدُ الْمَرِيضِ فِى خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ قال « جَنَاهَا ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِى. قال يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قال أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِى فُلاَناً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِى عِنْدَهُ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِى. قال يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قال أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِى فُلاَنٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِى يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِى. قال يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قال اسْتَسْقَاكَ عَبْدِى فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِى ».(3/109)
بَابُ ثواب المسلم إذا مرض
عَنْ عَائِشَةَ قالت : مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَشَدَّ عَلَيْهِ الْوَجَعُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُوعَكُ فَمَسِسْتُهُ بِيَدِى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكاً شَدِيداً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَجَلْ إِنِّى أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ مِنْكُمْ ». قال فَقُلْتُ ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَجَلْ ». ثُمَّ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ إِلاَّ حَطَّ اللَّهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا ».
بَابُ كراهة الضحك بمن أصابته مصيبة
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا شَبَابُ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُمْ يَضْحَكُونَ وَهِىَ بِمِنًى فَقالت : مَا يُضْحِكُكُمْ قَالُوا فُلاَنٌ خَرَّ عَلَى طُنُبِ فُسْطَاطٍ فَكَادَتْ عُنُقُهُ أَوْ عَيْنُهُ أَنْ تَذْهَبَ. فَقالت : لاَ تَضْحَكُوا فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا إِلاَّ كُتِبَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ ».(3/110)
وَعَنْهَا قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا مِنْ مُصِيبَةٍ يُصَابُ بِهَا الْمُسْلِمُ إِلاَّ كُفِّرَ بِهَا عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا ».(1)
بَابُ ثواب من أصابته مصيبة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال لَمَّا نَزَلَتْ ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ) بَلَغَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَبْلَغاً شَدِيداً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قَارِبُوا وَسَدِّدُوا فَفِى كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كَفَّارَةٌ حَتَّى النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا أَوِ الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا ».
بَابُ أجر من حُمَّ أو صُرع
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى أُمِّ السَّائِبِ أَوْ أُمِّ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ « مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ أَوْ يَا أُمَّ الْمُسَيَّبِ تُزَفْزِفِينَ ». قالت : الْحُمَّى لاَ بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا. فَقَالَ « لاَ تَسُبِّى الْحُمَّى فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِى آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ ».
__________
(1) : لم يذكر حديث أبي هريرة وأبي سعيد : عَنْ أَبِى سَعِيدٍ وَأَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلاَ نَصَبٍ وَلاَ سَقَمٍ وَلاَ حَزَنٍ حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلاَّ كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ ».(3/111)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال لِعَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى. قال هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قالت : إِنِّى أُصْرَعُ وَإِنِّى أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِى. قال « إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ. قالت : أَصْبِرُ. قالت : فَإِنِّى أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ. فَدَعَا لَهَا.
بَابُ تحريم الظلم بين العباد(3/112)
عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قال « يَا عِبَادِى إِنِّى حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فَلاَ تَظَالَمُوا يَا عِبَادِى كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِى أَهْدِكُمْ يَا عِبَادِى كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِى أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِى كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِى أَكْسُكُمْ يَا عِبَادِى إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً فَاسْتَغْفِرُونِى أَغْفِرْ لَكُمْ يَا عِبَادِى إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّى فَتَضُرُّونِى وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِى فَتَنْفَعُونِى يَا عِبَادِى لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِى مُلْكِى شَيْئاً يَا عِبَادِى لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِى شَيْئاً يَا عِبَادِى لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِى فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِى إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِى إِنَّمَا هِىَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ ». قال سَعِيدٌ كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِىُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ.(3/113)
بَابُ الأمر باتقاء الظلمِ والشحِ والأجرُ فى قضاء الحوائج
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاتَّقُوا الشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ مَنْ كَانَ فِى حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِى حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
بَابُ تفسير المفلس
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ». قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ ».
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ ».(3/114)
وَعَنْ أَبِى مُوسَى قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْلِى لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ». ثُمَّ قَرَأَ ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ )
بَابُ انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا
عَنْ جَابِرٍ قال اقْتَتَلَ غُلاَمَانِ غُلاَمٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَغُلاَمٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَنَادَى الْمُهَاجِرُ أَوِ الْمُهَاجِرُونَ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ. وَنَادَى الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « مَا هَذَا دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ أَنَّ غُلاَمَيْنِ اقْتَتَلاَ فَكَسَعَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ قال « فَلاَ بَأْسَ وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِماً أَوْ مَظْلُوماً إِنْ كَانَ ظَالِماً فَلْيَنْهَهُ فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ وَإِنْ [كَانَ] مَظْلُوماً فَلْيَنْصُرْهُ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « دَعُوهَا – يَعْنِى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ - فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ ». فَسَمِعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ فَقَالَ قَدْ فَعَلُوهَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ. قال عُمَرُ دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ « دَعْهُ لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّداً يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ».
بَابُ إعانة المؤمنِ المؤمنَ
عَنْ أَبِى مُوسَى قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً ».(3/115)
وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِنِ اشْتَكَى عَيْنُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ وَإِنِ اشْتَكَى رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ ».(1)
بَابُ ذكر الغيبة وستر الله على عبده يستر أخاه
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قال « ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ ». قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِى أَخِى مَا أَقُولُ قال « إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ ».
وَعَنْهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِى الدُّنْيَا إِلاَّ سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
وَعَنْهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْداً فِى الدُّنْيَا إِلاَّ سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
بَابُ من ترك اتقاء فحشه
__________
(1) : لم يذكر حديثين لأبي هريرة : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالاَ فَعَلَى الْبَادِئِ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ ».
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ ».(3/116)
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « ائْذَنُوا لَهُ فَلَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ ». فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَلاَنَ لَهُ الْقَوْلَ قالت : عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ لَهُ الَّذِى قُلْتَ
ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ قال « يَا عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ ».
بَابُ من يحرم الرفق يحرم الخير
عَنْ جَرِيرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الْخَيْرَ ».
وَعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِى عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِى عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِى عَلَى مَا سِوَاهُ ».
وَعَنْهَا عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِى شَىْءٍ إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ شَانَهُ ».
بَابُ كراهة لعن البهائم والتغليظ فيه
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قال بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَامْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ ». قال عِمْرَانُ فَكَأَنِّى أَرَاهَا الآنَ تَمْشِى فِى النَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ.
وَفِى رِوَايَةٍ : « لاَ ايْمُ اللَّهِ لاَ تُصَاحِبُنَا رَاحِلَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ مِنَ اللَّهِ ».(3/117)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَنْبَغِى لِصِدِّيقٍ أَنْ يَكُونَ لَعَّاناً ».
بَابُ اللعانون لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ بَعَثَ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ بِأَنْجَادٍ مِنْ عِنْدِهِ فَلَمَّا أَنْ كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ مِنَ اللَّيْلِ فَدَعَا خَادِمَهُ فَكَأَنَّهُ أَبْطَأَ عَلَيْهِ فَلَعَنَهُ فَلَمَّا أَصْبَحَ قالت : لَهُ أُمُّ الدَّرْدَاءِ سَمِعْتُكَ اللَّيْلَةَ لَعَنْتَ خَادِمَكَ حِينَ دَعَوْتَهُ. فَقالت : سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
بابٌ قَوْلُهُ عليه السلام لم أبعث لعانًا وإنما بعثت رحمة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قال « إِنِّى لَمْ أُبْعَثْ لَعَّاناً وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً ».
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاَنِ فَكَلَّمَاهُ بِشَىْءٍ لاَ أَدْرِى مَا هُوَ فَأَغْضَبَاهُ فَلَعَنَهُمَا وَسَبَّهُمَا فَلَمَّا خَرَجَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَصَابَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئاً مَا أَصَابَهُ هَذَانِ قال « وَمَا ذَاكِ ». قالت : قُلْتُ لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا قال « أَوَمَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّى قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَىُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْراً ».(3/118)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ أَوْ لَعَنْتُهُ أَوْ جَلَدْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « اللَّهُمَّ إِنِّى أَتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْداً لَنْ تُخْلِفَنِيهِ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ فَأَىُّ الْمُؤْمِنِينَ آذَيْتُهُ شَتَمْتُهُ لَعَنْتُهُ جَلَدْتُهُ فَاجْعَلْهَا لَهُ صَلاَةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».(1)
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث جابر : عَنْ جَابِرٍ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنِّى اشْتَرَطْتُ علَى رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ أَىُّ عَبْدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ أَوْ شَتَمْتُهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ زَكَاةً وَأَجْراً ».(3/119)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ يَتِيمَةٌ وَهِىَ أُمُّ أَنَسٍ فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْيَتِيمَةَ فَقَالَ « آنْتِ هِيَهْ لَقَدْ كَبِرْتِ لاَ كَبِرَ سِنُّكِ ». فَرَجَعَتِ الْيَتِيمَةُ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تَبْكِى فَقالت : أُمُّ سُلَيْمٍ مَا لَكِ يَا بُنَيَّةُ قالت : الْجَارِيَةُ دَعَا عَلَىَّ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لاَ يَكْبَرَ سِنِّى فَالآنَ لاَ يَكْبَرُ سِنِّى أَبَداً - أَوْ قالت : قَرْنِى - فَخَرَجَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمَارَهَا حَتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا لَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ». فَقالت : يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَدَعَوْتَ عَلَى يَتِيمَتِى قال « وَمَا ذَاكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ». قالت : زَعَمَتْ أَنَّكَ دَعَوْتَ أَنْ لاَ يَكْبَرَ سِنُّهَا وَلاَ يَكْبَرَ قَرْنُهَا - قال - فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قال « يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ شَرْطِى عَلَى رَبِّى أَنِّى اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّى فَقُلْتُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِى بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ تَجْعَلَهَا لَهُ طَهُوراً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
بَابُ منه فى ذكر معاوية بن أبى سفيان(3/120)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَوَارَيْتُ خَلْفَ بَابُ - قال - فَجَاءَ فَحَطَأَنِى حَطْأَةً وَقَالَ « اذْهَبْ وَادْعُ لِى مُعَاوِيَةَ ». قال فَجِئْتُ فَقُلْتُ هُوَ يَأْكُلُ - قال - ثُمَّ قال لِىَ « اذْهَبْ وَادْعُ لِى مُعَاوِيَةَ ». قال فَجِئْتُ فَقُلْتُ هُوَ يَأْكُلُ فَقَالَ « لاَ أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ ».
بَابُ معرفة ذى الوجهين
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِى يَأْتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ ».
بَابُ الرخصة للمتوسط بين الناس فى مقدارٍ من الكذب
عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ اللاَّتِى بَايَعْنَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُولُ « لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْراً وَيَنْمِى خَيْراً ». قال ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِى شَىْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلاَّ فِى ثَلاَثٍ الْحَرْبُ وَالإِصْلاَحُ بَيْنَ النَّاسِ وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا.
بَابُ معرفة صدق الحديث وكذبه والمجازاة عليه
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال إِنَّ مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - قال « أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ هِىَ النَّمِيمَةُ الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ ». وَإِنَّ مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ الرَّجُلَ يَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقاً وَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّاباً ».(3/121)
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقاً وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّاباً ».(1)
بَابُ الرقوب ومن يملك نفسه عند الغضب
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُمْ ». قال قُلْنَا الَّذِى لاَ يُولَدُ لَهُ. قال « لَيْسَ ذَاكَ بِالرَّقُوبِ وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِى لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئاً ». قال « فَمَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ ». قال قُلْنَا الَّذِى لاَ يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ. قال « لَيْسَ بِذَلِكَ وَلَكِنَّهُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ ».
بَابُ ما يقول إذا غضب ليذهب(2) غضبه
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ قال اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنِّى لأَعْرِفُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِى يَجِدُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ». فَقَالَ الرَّجُلُ وَهَلْ تَرَى بِى مِنْ جُنُونٍ.
بَابُ خلق الإنسان لا [خلقًا] يتمالك
__________
(1) : وفي رواية : « عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ... ».
(2) : في الأصل : يذهب.(3/122)
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَمَّا صَوَّرَ اللَّهُ آدَمَ فِى الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ يَنْظُرُ مَا هُوَ فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقاً لاَ يَتَمَالَكُ ».
بَابُ النهى عن ضرب الوجه
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفِى حَدِيثِ ابْنِ حَاتِمٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ».(1)
بَابُ تعذيب الذين يعذبون الناس فى الدنيا
عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قال مَرَّ بِالشَّامِ عَلَى أُنَاسٍ وَقَدْ أُقِيمُوا فِى الشَّمْسِ وَصُبَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الزَّيْتُ فَقَالَ مَا هَذَا قِيلَ يُعَذَّبُونَ فِى الْخَرَاجِ. فَقَالَ أَمَا إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ فِى الدُّنْيَا ».
بَابُ الأمر بإمساك النصول بسهامها فى المسجد
__________
(1) : تنظر زيادة : فإن الله خلق آدم على صورته. فإنها لم ترد في حديث أبي هريرة إلا من طريق شيخه محمد بن حاتم، وكل الروايات في الطرق المعروفة عن أبي هريرة ليس فيها هذه الزيادة، مثل رواية : أبي الزناد عن الأعرج عنه. وسهيل، عن أبيه، عنه. وغيرها. وكلها ذكرها مسلم في صحيحه. وانظر النكت.(3/123)
عَنْ جَابِرٍ قال مَرَّ رَجُلٌ فِى الْمَسْجِدِ بِسِهَامٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا كَىْ لاَ يَخْدِشَ مُسْلِماً ».(1)
وَعَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِى مَجْلِسٍ أَوْ سُوقٍ وَبِيَدِهِ نَبْلٌ فَلْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا ثُمَّ لْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا ثُمَّ لْيَأْخُذْ بِنِصَالِهَا ». قال فَقَالَ أَبُو مُوسَى وَاللَّهِ مَا مُتْنَا حَتَّى سَدَّدْنَاهَا بَعْضُنَا فِى وُجُوهِ بَعْضٍ.
بَابُ النهى عن الإشارة إلى أخيه بحديدة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِى يَدِهِ فَيَقَعُ فِى حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ ».
بَابُ إماطة الأذى عن طريق المسلمين
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح الرواية المرفوعة هي : « أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا ». أما باقي المتن ففي حديث بعده قال : فيه جابر : أَنَّ رَجُلاً مَرَّ بِأَسْهُمٍ فِى الْمَسْجِدِ قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا كَىْ لاَ يَخْدِشَ مُسْلِماً.(3/124)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ».(1)
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ فِى الْجَنَّةِ فِى شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِى النَّاسَ ».
وَعَنْ أَبِى بَرْزَةَ(2) قال قُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ عَلِّمْنِى شَيْئاً أَنْتَفِعُ بِهِ قال « اعْزِلِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ».
وَعَنْهُ قال قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لاَ أَدْرِى لَعَسَى أَنْ تَمْضِىَ وَأَبْقَى بَعْدَكَ فَزَوِّدْنِى شَيْئاً يَنْفَعُنِى اللَّهُ بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « افْعَلْ كَذَا افْعَلْ كَذَا وَأَمِرَّ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ ».
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ هِىَ حَبَسَتْهَا وَلاَ هِىَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ ».
__________
(1) : وفي رواية : « مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لاَ يُؤْذِيهِمْ. فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ ».
(2) : في الأصل : بردة. وما أثبتناه من الصحيح.(3/125)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ َقَالَ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ مِنْ جَرَّاءِ هِرَّةٍ لَهَا - أَوْ هِرٍّ - رَبَطَتْهَا فَلاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ هِىَ أَرْسَلَتْهَا تُرَمِّمُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلاً ».
بَابُ فى الكبر وأن العزة لله وحده
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ قَالاَ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِى أُعَذِّبَهُ ».
بَابُ ترك الحكم للناس بالجنة والنار
عَنْ جُنْدَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَ « أَنَّ رَجُلاً قال وَاللَّهِ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلاَنٍ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قال مَنْ ذَا الَّذِى يَتَأَلَّى عَلَىَّ أَنْ لاَ أَغْفِرَ لِفُلاَنٍ فَإِنِّى قَدْ غَفَرْتُ لِفُلاَنٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ ». أَوْ كَمَا قال.
كتاب الزهد
بَابُ رب أشعث أغبر
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ ».
بَابُ فى الذى يقول هلك الناس
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا قال الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ. فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ ». قال أَبُو إِسْحَاقَ لاَ أَدْرِى أَهْلَكَهُمْ بِالنَّصْبِ أَوْ أَهْلَكُهُمْ بِالرَّفْعِ.
عَنْ عَائِشَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِى بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَيُوَرِّثَنَّهُ ».
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِى بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ ».
بَابُ تعاهد الجيران(3/126)
عَنْ أَبِى ذَرٍّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ ».
بَابُ النهى عن أن يحتقر أحد من المعروف قليلاً
عَنْ أَبِى ذَرٍّ قال قَالَ لِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئاً وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ».
بَابُ الشفاعة فى قضاء حوائج الناس
عَنْ أَبِى مُوسَى قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ أَقْبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ « اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا أَحَبَّ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحاً خَبِيثَةً ».
بَابُ الإحسان إلى البنات والصبر عليهن
عَنْ عَائِشَةَ قالت : جَاءَتْنِى امْرَأَةٌ وَمَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا فَسَأَلَتْنِى فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِى شَيْئاً غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا فَأَخَذَتْهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا شَيْئاً ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ وَابْنَتَاهَا فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « مَنِ ابْتُلِىَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَىْءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْراً مِنَ النَّارِ ».(3/127)
زاد فى رواية : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ وَأَعْتَقَهَا(1) بِهَا مِنَ النَّارِ ».
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ ». وَضَمَّ أَصَابِعَهُ.
بَابُ أجر من مات له ولد فاحتسبه
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ إِلاَّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ ».
وَعَنْهُ قال إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال لِنِسْوَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ « لاَ يَمُوتُ لإِحْدَاكُنَّ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَحْتَسِبَهُ إِلاَّ دَخَلَتِ الْجَنَّةَ ». فَقالت : امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ أَوِ اثْنَيْنِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « أَوِ اثْنَيْنِ ».
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْماً نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ. قال « اجْتَمِعْنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ». فَاجْتَمَعْنَ فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ قال « مَا مِنْكُنَّ مِنِ امْرَأَةٍ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاَثَةً إِلاَّ كَانُوا لَهَا حِجَاباً مِنَ النَّارِ ». فَقالت : امْرَأَةٌ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ ».
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : أَوْ أَعْتَقَهَا...(3/128)
بَابُ إذا مات الولد الصغير قبل أبويه
عَنْ أََبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ يَتَلَقَّى أَحَدُهُمْ أَبَاهُ - أَوْ قال أَبَوَيْهِ - فَيَأْخُذُ بِثَوْبِهِ - أَوْ قال بِيَدِهِ - كَمَا آخُذُ أَنَا بِصَنِفَةِ ثَوْبِكَ هَذَا فَلاَ يَتَنَاهَى - أَوْ قال فَلاَ يَنْتَهِى - حَتَّى يُدْخِلَهُ اللَّهُ وَأَبَاهُ الْجَنَّةَ ».
وَعَنْهُ قال أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - بِصَبِىٍّ لَهَا فَقالت : يَا نَبِىَّ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لَهُ فَلَقَدْ دَفَنْتُ ثَلاَثَةً قال « دَفَنْتِ ثَلاَثَةً ». قالت : نَعَمْ. قال « لَقَدِ احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ ».
وَعَنْهُ قال جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - بِابْنٍ لَهَا فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَشْتَكِى وَإِنِّى أَخَافُ عَلَيْهِ قَدْ دَفَنْتُ ثَلاَثَةً. قال « لَقَدِ احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ ».
بَابُ محبة الناس من محبة الله
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّى أُحِبُّ فُلاَناً فَأَحِبَّهُ - قال - فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِى فِى السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَناً فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ - قال - ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِى الأَرْضِ. وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْداً دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّى أُبْغِضُ فُلاَناً فَأَبْغِضْهُ - قال - فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِى فِى أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلاَناً فَأَبْغِضُوهُ - قال - فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِى الأَرْضِ ».
بَابُ ائتلاف الأرواح بعضها ببعض واختلافها(3/129)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ بِحَدِيثٍ يَرْفَعُهُ قال « النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ خِيَارُهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِى الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا وَالأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ ».
بَابُ المرء مع من أحب يوم القيامة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قال لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَتَى السَّاعَةُ قال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا أَعْدَدْتَ لَهَا ». قال حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قال « أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ».
قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى السَّاعَةُ قال « وَمَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ ». قال حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قال « فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ». قال أَنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بَعْدَ الإِسْلاَمِ فَرَحاً أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ». قال أَنَسٌ فَأَنَا أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ.
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قال جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِى رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْماً وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ».(1)
__________
(1) : لم يذكر حديث أبي موسى : عَنْ أَبِى مُوسَى قال : أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ... فَذَكَرَ مِثْلَهُ – يعني مثل حديث ابن مسعود -.(3/130)
عَنْ أَبِى ذَرٍّ قال قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ قال « تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ ».
( آخر صفحة 161)
(أواخر صفحة 161)
كتاب القدر
بَابُ خلق ابن آدم
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ « إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُمَّ يَكُونُ فِى ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِى ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا ».
وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « يَدْخُلُ الْمَلَكُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَ مَا تَسْتَقِرُّ فِى الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَيُكْتَبَانِ فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَيُكْتَبَانِ وَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَثَرُهُ وَأَجَلُهُ وَرِزْقُهُ ثُمَّ تُطْوَى الصُّحُفُ فَلاَ يُزَادُ فِيهَا وَلاَ يُنْقَصُ ».(3/131)
وَعَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ الشَّقِىُّ مَنْ شَقِىَ فِى بَطْنِ أُمِّهِ وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ. فَأَتَى رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقَالُ لَهُ حُذَيْفَةُ بْنُ أَسِيدٍ الْغِفَارِىُّ فَحَدَّثَهُ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ وَكَيْفَ يَشْقَى رَجُلٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ أَتَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكاً فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا ثُمَّ. قال يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى فَيَقْضِى رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ أَجَلُهُ. فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ رِزْقُهُ. فَيَقْضِى رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِى يَدِهِ فَلاَ يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلاَ يَنْقُصُ ».
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَرَفَعَ الْحَدِيثَ أَنَّهُ قال « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكاً فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ نُطْفَةٌ أَىْ رَبِّ عَلَقَةٌ أَىْ رَبِّ مُضْغَةٌ. فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَقْضِىَ خَلْقاً - قال - قال الْمَلَكُ أَىْ رَبِّ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى شَقِىٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ فَمَا الأَجَلُ فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِى بَطْنِ أُمِّهِ ».
بال كل مولود يولد على الفطرة(3/132)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) الآيَةَ.
وَفِى رِوَايَةٍ : «... كُلُّ إِنْسَانٍ تَلِدُهُ أُمُّهُ يَلْكُزُهُ الشَّيْطَانُ فِى حِضْنَيْهِ إِلاَّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا ».
زاد فى رواية : فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ قال « اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ ».
بَابُ أولاد المشركين وموتهم صغار
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ أَوْلاَدِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ « اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ ».(1)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ قال « اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ إِذْ خَلَقَهُمْ ».
وَعَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ الْغُلاَمَ الَّذِى قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِراً وَلَوْ عَاشَ لأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَاناً وَكُفْراً ».
بَابُ الإمساك عن الصغير والكبير
__________
(1) : وفي رواية : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ صَغِيراً...(3/133)
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قالت : تُوُفِّىَ صَبِىٌّ فَقُلْتُ طُوبَى لَهُ عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَوَلاَ تَدْرِينَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ النَّارَ فَخَلَقَ لِهَذِهِ أَهْلاً وَلِهَذِهِ أَهْلاً ».
زاد فى رواية : «... خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِى أَصْلاَبِ آبَائِهِمْ ».
بَابُ تعليمه عليه السلام ما هو أولى فى الدعاء وذكر القردة والخنازير
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال قالت : أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِى بِزَوْجِى رَسُولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وَبِأَبِى أَبِى سُفْيَانَ وَبِأَخِى مُعَاوِيَةَ. قال فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « قَدْ سَأَلْتِ اللَّهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئاً قَبْلَ حِلِّهِ أَوْ يُؤَخِّرَ شَيْئاً عَنْ حِلِّهِ وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعِيذَكِ مِنْ عَذَابٍ فِى النَّارِ أَوْ عَذَابٍ فِى الْقَبْرِ كَانَ خَيْراً وَأَفْضَلَ ». قال وَذُكِرَتْ عِنْدَهُ الْقِرَدَةُ قال مِسْعَرٌ وَأُرَاهُ قال وَالْخَنَازِيرُ مِنْ مَسْخٍ فَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِمَسْخٍ نَسْلاً وَلاَ عَقِباً وَقَدْ كَانَتِ الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ قَبْلَ ذَلِكَ ».
بَابُ الأمر بالقوة على فعل الخير وترك العجز(3/134)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَىْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ».
بَابُ النهى عن اتباع متشابه القرآن
عَنْ عَائِشَةَ قالت : تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ( هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابُ ) قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ(1) ».
وَعَنْ ابْنِ عَمْرٍو(2) قال هَجَّرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً - قال - فَسَمِعَ أَصْوَاتَ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِى آيَةٍ فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْرَفُ فِى وَجْهِهِ الْغَضَبُ فَقَالَ « إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِاخْتِلاَفِهِمْ فِى الْكِتَابِ ».
بَابُ كراهية الاختلاف فى القرآن
__________
(1) : في الأصل : فاحذرهم. وما أثبتناه من الصحيح.
(2) : كذا بالصحيح. وفي الأصل : ابن عُمر.(3/135)
عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِىِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ فَقُومُوا ».
بَابُ ما ورد فى الألد الخصم
عَنْ عَائِشَةَ قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الأَلَدُّ الْخَصِمُ ».
بَابُ إنذاره عليه السلام أمته فى اتباع الأهواء
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْراً بِشِبْرٍ وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِى جُحْرِ ضَبٍّ لاَتَّبَعْتُمُوهُمْ ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قال « فَمَنْ ».
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ ». قَالَهَا ثَلاَثاً.
بابٌ قَوْلُهُ تَعَالَى( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى... )(3/136)
عَنْ عَلِىٍّ قال كُنَّا فِى جَنَازَةٍ فِى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَّسَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ ثُمَّ قال « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ مَكَانَهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِلاَّ وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً ». قال فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَمْكُثُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ فَقَالَ « مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ». فَقَالَ « اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ». ثُمَّ قَرَأَ ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى )
بَابُ بيان المقادير السابقة بقوله تَعَالَى( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا )
عَنْ جَابِرٍ قال جَاءَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيِّنْ لَنَا دِينَنَا كَأَنَّا خُلِقْنَا الآنْ فِيمَا الْعَمَلُ الْيَوم أَفِيمَا جَفَّتْ بَهِ الأَقْلاَمُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ أَمْ فِيمَا نَسْتَقْبِلُ. قال « بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بَهِ الأَقْلاَمُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ اِعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ »
وَفِى رِوَايَةٍ : « كُلُّ عَامِلٍ مُيَسَّرٌ لِعَمَلِهِ ».(3/137)
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قال قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعُلِمَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قال فَقَالَ « نَعَمْ ». قال قِيلَ فَفِيمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ قال « كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ».
زاد فى رواية : «... [وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِى كِتَابِ اللَّهِ] ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ».
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ».
بَابُ احتجاج آدم موسى عليهما السلام فى القدر
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنَ الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلاَمِهِ وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ أَتَلُومُنِى عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِى بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ». فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى »
وَفِى رِوَايَةٍ : « احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عِنْدَ رَبِّهِمَا.... ».(3/138)
بَابُ معرفة مقادير الخلائق قبل خلق السموات والأرض
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلاَئِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ - قال - وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ».
بَابُ الثبات على الطاعة
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ قُلُوبَ بَنِى آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ». ثُمَّ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ ».
بَابُ الإقرار بالقدر خيره وشره
عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قال أَدْرَكْتُ نَاساً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُونَ كُلُّ شَىْءٍ بِقَدَرٍ. قال وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كُلُّ شَىْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ أَوِ الْكَيْسُ وَالْعَجْزُ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْقَدَرِ فَنَزَلَتْ ( يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ )
بَابُ ما كُتب على الإنسان من الخير والشر يدركه لا محالة(3/139)
عَنِ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ فَزِنَى الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَى اللِّسَانِ النُّطْقُ وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِى وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ ».(1)
بَابُ الفتن واقتراب الساعة
عَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا ».
زاد فى رواية : «... وَيَذْهَبَ الرِّجَالُ وَتَبْقَى النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ ».
بَابُ تقارب الزمان وظهور الفتن
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وََأَبِى مُوسَى قَالاَ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ أَيَّاماً يُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ وَيَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ ».
بَابُ قبض العلم
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيُقْبَضُ الْعِلْمُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ ». قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ قال « الْقَتْلُ ».
__________
(1) : كذا جاء بالأصل. وفي الصحيح زيادة في أول الحديث : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال : مَا رَأَيْتُ شَيْئاً أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قال : أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال : « إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى... ».(3/140)
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوساً جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ».
بَابُ الحث على الصدقة
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال جَاءَ نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمُ الصُّوفُ فَرأَى سُوءَ حَالِهِمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ فَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَبْطَئُوا عَنْهُ حَتَّى رُئِىَ ذَلِكَ فِى وَجْهِهِ - قال - ثُمَّ إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ مِنْ وَرِقٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ ثُمَّ تَتَابَعُوا حَتَّى عُرِفَ السُّرُورُ فِى وَجْهِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَمِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ ».
بَابُ أجر من دعى إلى هدى وإثم من دعى إلى ضلال
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئاً ».(3/141)
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِى إِنْ ذَكَرَنِى فِى نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِى نَفْسِى وَإِنْ ذَكَرَنِى فِى مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِى مَلإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّى شِبْراً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعاً وَإِنْ أَتَانِى يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ».
وَعَنْهُ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسِيرُ فِى طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ فَقَالَ « سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ ». قَالُوا وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتُ ».
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْماً مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... مَنْ أَحْصَاهَا ».
وَعَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمْ فِى الدُّعَاءِ وَلاَ يَقُلِ اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِى فَإِنَّ اللَّهَ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلاَ يَقُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى إِنْ شِئْتَ وَلَكِنْ لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَىْءٌ أَعْطَاهُ ».
بَابُ كراهة تمنى الموت لما ينزل بالإنسان(3/142)
عَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مُتَمَنِّياً فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ أَحْيِنِى مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْراً لِى وَتَوَفَّنِى إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْراً لِى ».
وَعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ قال دَخَلْنَا عَلَى خَبَابُ وَقَدِ اكْتَوَى سَبْعَ كَيَّاتٍ فِى بَطْنِهِ فَقَالَ لَوْمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ وَلاَ يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ وَإِنَّهُ لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلاَّ خَيْراً ».
بَابُ علامة المؤمن والفاجر عند الاحتضار
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ ».(3/143)
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَالْمَوْتُ قَبْلَ لِقَاءِ اللَّهِ ».(1)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ ».
وَعَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ ».
بَابُ حسن الظن بالله عز وجل
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِى ».(2)
__________
(1) : وفي رواية بدون ذكر لفظة « وَالْمَوْتُ قَبْلَ لِقَاءِ اللَّهِ »: فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ فَكُلُّنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ فَقَالَ « لَيْسَ كَذَلِكِ وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ فَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ ».
(2) : لم يذكر النووي رحمه الله حديثي أنس وأبي هريرة : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : « قال : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا تَقَرَّبَ عَبْدِى مِنِّى شِبْراً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعاً وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّى ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعاً - أَوْ بُوعاً - وَإِذَا أَتَانِى يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ».
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِى فَإِنْ ذَكَرَنِى فِى نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِى نَفْسِى وَإِنْ ذَكَرَنِى فِى مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِى مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُ وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَىَّ شِبْراً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَىَّ ذِرَاعاً اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً وَإِنْ أَتَانِى يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ».(3/144)
بَابُ ما يجازى الله به عباده ومن لقيه من لا يشرك به شيئًا
عَنْ أَبِى ذَرٍّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّى شِبْراً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعاً وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّى ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعاً وَمَنْ أَتَانِى يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً وَمَنْ لَقِيَنِى بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطِيئَةً لاَ يُشْرِكُ بِى شَيْئاً لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً ».
بَابُ الدعاء عند الأسقام
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَادَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَىْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ ». قال نَعَمْ كُنْتُ أَقُولُ اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِى بِهِ فِى الآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِى فِى الدُّنْيَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « سُبْحَانَ اللَّهِ لاَ تُطِيقُهُ - أَوْ لاَ تَسْتَطِيعُهُ - أَفَلاَ قُلْتَ اللَّهُمَّ آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ». قال فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ.
بَابُ فضل مجالس الذكر وما أوجب الله لمن حضرها(3/145)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضْلاً يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِساً فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ - قال - فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِى الأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ. قال وَمَاذَا يَسْأَلُونِى قَالُوا يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ. قال وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِى قَالُوا لاَ أَىْ رَبِّ. قال فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِى قَالُوا وَيَسْتَجِيرُونَكَ. قال وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِى قَالُوا مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قال وَهَلْ رَأَوْا نَارِى قَالُوا لاَ. قال فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِى قَالُوا وَيَسْتَغْفِرُونَكَ - قال - فَيَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا - قال - فَيَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلاَنٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ قال فَيَقُولُ وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ».
بَابُ إن لله تسعًا وتسعين اسمًا
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْماً مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... مَنْ أَحْصَاهَا ».
بَابُ دعائه عليه السلام ربنا آتنا فى الدنيا حسنة(3/146)
عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ أَىُّ دَعْوَةٍ كَانَ يَدْعُو بِهَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرَ قال كَانَ أَكْثَرُ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا يَقُولُ « اللَّهُمَّ آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ».(1)
بَابُ قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له مائة مرة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ قال لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. فِى يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ. كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِىَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَمَنْ قال سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِى يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ».
بَابُ فضل التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ قال حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِى سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ. لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ قال مِثْلَ مَا قال أَوْ زَادَ عَلَيْهِ ».
__________
(1) : جاء في آخر الحديث : قال : وَكَانَ أَنَسٌ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدَعْوَةٍ دَعَا بِهَا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ دَعَا بِهَا فِيهِ.(3/147)
وَعَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ قال لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مِرَارٍ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ».
بَابُ تعليمه الدعاء لمن دخل فى الإسلام ومن لا يحسن يدعوه
عَنْ سَعْدٍ قال جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ عَلِّمْنِى كَلاَماً أَقُولُهُ قال « قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيراً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيراً سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ». قال فَهَؤُلاَءِ لِرَبِّى فَمَا لِى قال « قُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى وَارْحَمْنِى وَاهْدِنِى وَارْزُقْنِى ».
وَعَنْ أَبِى مَالِكٍ الأَشْجَعِىِّ عَنْ أَبِيهِ قال كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَسْلَمَ عَلَّمَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاَةَ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى وَارْحَمْنِى وَاهْدِنِى وَعَافِنِى وَارْزُقْنِى ».(3/148)
زاد فى رواية : « فَإِنَّ هَؤُلاَءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ ».(1)
وَعَنْ سَعْدٍ قال كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ ». فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ قال « يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ ».
بَابُ فضل من أعان أخاه المسلم ونفس عنه كربة ويسر عليه
__________
(1) : الرواية التي قال : فيها النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكلمة ليست فيها لفظة : « وَاهْدِنِى ».(3/149)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِى عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقاً إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ [وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ] ».(1)
بَابُ ذكر من تباهى الله عز وجل بهم الملائكة
__________
(1) : لم يذكر النووي رحمه الله تعالى حديث أبي سعيد : عَنِ الأَغَرِّ أَبِى مُسْلِمٍ قال : أَشْهَدُ عَلَى أَبِى هُرَيْرَةَ وَأَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال : « لاَ يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ حَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ».(3/150)
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلْقَةٍ فِى الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا أَجْلَسَكُمْ قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ. قال آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ. قال أَمَا إِنِّى لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَمَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقَلَّ عَنْهُ حَدِيثاً مِنِّى وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ « مَا أَجْلَسَكُمْ ». قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلاَمِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا. قال « آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ ». قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ. قال « أَمَا إِنِّى لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَلَكِنَّهُ أَتَانِى جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِى بِكُمُ الْمَلاَئِكَةَ ».
بَابُ الأمر بالتوبة والاستغفار ووقت قبولها
عَنِ الأَغَرِّ الْمُزَنِىِّ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِى وَإِنِّى لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِى الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّى أَتُوبُ فِى الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ».
بَابُ مخافتة الدعاء(3/151)
عَنْ أَبِى مُوسَى قال كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَجَعَلَ النَّاسُ يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِنَّكُمْ لَيْسَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِباً إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعاً قَرِيباً وَهُوَ مَعَكُمْ ». قال وَأَنَا خَلْفَهُ وَأَنَا أَقُولُ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ فَقَالَ « يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ». فَقُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « قُلْ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « وَالَّذِى تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَةِ أَحَدِكُمْ ».
بَابُ ما يدعى به فى الصلاة وغيرها
عَنْ أَبِى بَكْرٍ أَنَّهُ قال لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِّمْنِى دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِى صَلاَتِى قال « قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى ظُلْماً كَبِيراً - وَقَالَ قُتَيْبَةُ كَثِيراً - وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ فَاغْفِرْ لِى مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِى إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ».
بَابُ التعوذ من الفتن والمأثم والمغرم والعجز(3/152)
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ « اللَّهُمَّ فَإِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَاىَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّ قَلْبِى مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ وَبَاعِدْ بَيْنِى وَبَيْنَ خَطَايَاىَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ اللَّهُمَّ فَإِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ ».
وَعَنْ أَنَسٍ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ».
وَعَنْهُ قال كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو بِهَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ « اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ وَالْكَسَلِ وَأَرْذَلِ الْعُمُرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ سُوءِ الْقَضَاءِ وَمِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ وَمِنْ شَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ وَمِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ.
بَابُ التعوذ فى الحضر والسفر(3/153)
عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةِ قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَنْ نَزَلَ مَنْزِلاً ثُمَّ قال أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. لَمْ يَضُرُّهُ شَىْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قال جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِى الْبَارِحَةَ قال « أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرُّكَ ».
بَابُ ما يقول عند النوم
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ(3/154)
ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ ثُمَّ قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْلَمْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ وَاجْعَلْهُنَّ مِنْ آخِرِ كَلاَمِكَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ وَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ ». قال فَرَدَّدْتُهُنَّ لأَسْتَذْكِرَهُنَّ فَقُلْتُ آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ قال « قُلْ آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ ».(1)
بَابُ ما يقول إذا أخذ مضجعه
عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ قال « اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَبِاسْمِكَ أَمُوتُ ». وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قال « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ».
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلاً إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ قال « اللَّهُمَّ خَلَقْتَ نَفْسِى وَأَنْتَ تَوَفَّاهَا لَكَ مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا إِنْ أَحْيَيْتَهَا فَاحْفَظْهَا وَإِنْ أَمَتَّهَا فَاغْفِرْ لَهَا اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ ». فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ عُمَرَ فَقَالَ مِنْ خَيْرٍ مِنْ عُمَرَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) : زاد في رواية : «... وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيْراً ». غير أن هذه الرواية من طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن البراء. ورواها شعبة عن أبي إسحاق أنه سمع البراء فذكره ولم يذكر هذه الزيادة، وبدونها موافقة لما اتفق عليه الرواة عن البراء. ولعلها من جعبة أبي الأحوص أو أبي إسحاق – وخاصة وقد رواها بالعنعنة وهو مشهور بالتدليس والله أعلم – وتنظر.(3/155)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُنَا إِذَا أَخَذْنَا مَضْجَعَنَا أَنْ نَقُولَ « اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَىْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَىْءٌ وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَىْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَىْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَىْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ ».
وَعَنْهُ قال أَتَتْ فَاطِمَةُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - تَسْأَلُهُ خَادِماً فَقَالَ لَهَا « قُولِى اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ ». إِلىَ آخِرِ الْحَدِيثِ.
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَأْخُذْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ وَلْيُسَمِّ اللَّهَ فَإِنَّهُ لاَ يَعْلَمُ مَا خَلَفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْطَجِعَ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ وَلْيَقُلْ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبِّى بِكَ وَضَعْتُ جَنْبِى وَبِكَ أَرْفَعُهُ إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِى فَاغْفِرْ لَهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ ».
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قال « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا فَكَمْ مِمَّنْ لاَ كَافِىَ لَهُ وَلاَ مُئْوِىَ ».
بَابُ التعوذ من شر ما عمله الإنسان(3/156)
عَنْ عَائِشَةَ قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى دُعَائِهِ « اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ ».
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ « اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِى أَنْتَ الْحَىُّ الَّذِى لاَ يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ ».
بَابُ دعائه عليه السلام فى السفر
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا كَانَ فِى سَفَرٍ وَأَسْحَرَ يَقُولُ « سَمَّعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ وَحُسْنِ بَلاَئِهِ عَلَيْنَا رَبَّنَا صَاحِبْنَا وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا عَائِذاً بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ ».
وَعَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى خَطِيئَتِى وَجَهْلِى وَإِسْرَافِى فِى أَمْرِى وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى جِدِّى وَهَزْلِى وَخَطَئِى وَعَمْدِى وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِى اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ».
بَابُ الدعاء بصلاح الدين والدنيا والآخرة(3/157)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِى دِينِىَ الَّذِى هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِى وَأَصْلِحْ لِى دُنْيَاىَ الَّتِى فِيهَا مَعَاشِى وَأَصْلِحْ لِى آخِرَتِى الَّتِى فِيهَا مَعَادِى وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِى فِى كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِى مِنْ كُلِّ شَرٍّ ».
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ « اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى ».
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قال لاَ أَقُولُ لَكُمْ إِلاَّ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ كَانَ يَقُولُ « اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِى تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا ».
بَابُ ما يدعو به عند المساء
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَمْسَى قال « أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ».(3/158)
زاد فى رواية : « لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَسُوءِ الْكِبَرِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِى النَّارِ وَعَذَابٍ فِى الْقَبْرِ ».
زاد فى أخرى : وَإِذَا أَصْبَحَ قال ذَلِكَ أَيْضاً « أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ... ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ أَعَزَّ جُنْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ فَلاَ شَىْءَ بَعْدَهُ ».
بَابُ الدعاء الذى علمه عليه السلام عليًا رضى الله عنه
عَنْ عَلِىٍّ قال قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قُلِ اللَّهُمَّ اهْدِنِى وَسَدِّدْنِى وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ وَالسَّدَادِ سَدَادَ السَّهْمِ ».
بَابُ الأربع كلمات التى لا تعدلها شيءٌ(3/159)
عَنْ جُوَيْرِيَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِىَ فِى مَسْجِدِهَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِىَ جَالِسَةٌ فَقَالَ « مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِى فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا ». قالت : نَعَمْ. قال النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ ».(1)
بَابُ تعليمه عليه السلام ابنته فاطمة التسبيح عند النوم
عَنْ عَلِىٍّ أَنَّ فَاطِمَةَ اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى فِى يَدِهَا وَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْىٌ فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ وَلَقِيَتْ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا فَلَمَّا جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِىءِ فَاطِمَةَ إِلَيْهَا فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « عَلَى مَكَانِكُمَا ». فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمِهِ عَلَى صَدْرِى ثُمَّ قال « أَلاَ أُعَلِّمُكُمَا خَيْراً مِمَّا سَأَلْتُمَا إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا أَنْ تُكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعاً وَثَلاَثِينَ وَتُسَبِّحَاهُ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ وَتَحْمَدَاهُ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ ».
__________
(1) : وفي رواية : « سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ ».(3/160)
زاد فى رواية : قال عَلِىٌّ : مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ لَهُ وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ قال وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينِ.
بَابُ الدعاء عند صياح الديكة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكاً وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَاناً ».
بَابُ الدعاء عند الكرب
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ».
بَابُ أى الكلام أحب إلى الله عز وجل
عَنْ أَبِى ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ أَىُّ الْكَلاَمِ أَفْضَلُ قال « مَا اصْطَفَى اللَّهُ لِمَلاَئِكَتِهِ أَوْ لِعِبَادِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ».(1)
بَابُ دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب
عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلاَّ قال الْمَلَكُ وَلَكَ بِمِثْلٍ ».
بَابُ رضى الرب بحمد عبده عند الأكل والشرب
__________
(1) : وفي رواية : قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلاَمِ إِلَى اللَّهِ ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِى بِأَحَبِّ الْكَلاَمِ إِلَى اللَّهِ. فَقَالَ « إِنَّ أَحَبَّ الْكَلاَمِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ».(3/161)
عَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ».
بَابُ يستجاب للعبد ما لم يعجل
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ فَيَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ فَلاَ أَوْ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِى ».
وَعَنْهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « لاَ يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الاِسْتِعْجَالُ قال « يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِى فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ».
بَابُ الاستعاذة بالله من زوال النعم
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قال كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ ».
كتاب الرقائق
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قُمْتُ عَلَى بَابُ الْجَنَّةِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ وَإِذَا أَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ إِلاَّ أَصْحَابَ النَّارِ فَقَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ وَقُمْتُ عَلَى بَابُ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ ».
بَابُ أكثر أهل النار النساء(1)
__________
(1) : كذا ذكره هنا في الأصل. والصواب أن يذكره قبل الحديث الذي قبله. والله أعلم(3/162)
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قال [قَالَ] مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - « اطَّلَعْتُ فِى الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِى النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ ».
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَقَلُّ سَاكِنِى الْجَنَّةِ النِّسَاءُ ».
بَابُ فتنة النساء
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً هِىَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ ».
بَابُ وصف [الدنيا] والأمر باتقائها
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِى النِّسَاءِ(1) ».
بَابُ حديث الغار
__________
(1) : كذا بالصحيح. وفي الأصل : كَانَتْ فِيهَا.(3/163)
عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَتَمَشَّوْنَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِى جَبَلٍ فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أَعْمَالاً عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ فَادْعُوا اللَّهَ تَعَالَى بِهَا لَعَلَّ اللَّهَ يَفْرُجُهَا عَنْكُمْ. فَقَالَ أَحَدُهُمُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِى وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ وَامْرَأَتِى وَلِىَ صِبْيَةٌ صِغَارٌ أَرْعَى عَلَيْهِمْ فَإِذَا أَرَحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ فَبَدَأْتُ بِوَالِدَىَّ فَسَقَيْتُهُمَا قَبْلَ بَنِىَّ وَأَنَّهُ نَأَى بِى ذَاتَ يَوْمٍ الشَّجَرُ فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ فَجِئْتُ بِالْحِلاَبِ فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِىَ الصِّبْيَةَ قَبْلَهُمَا وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَىَّ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِى وَدَأْبَهُمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ. فَفَرَجَ اللَّهُ مِنْهَا فُرْجَةً فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِىَ ابْنَةُ عَمٍّ أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ وَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَتَعِبْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ فَجِئْتُهَا بِهَا فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قالت : يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ. فَقُمْتُ(3/164)
عَنْهَا فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعْلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فُرْجَةً. فَفَرَجَ لَهُمْ. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنِّى كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيراً بِفَرَقِ أَرُزٍّ فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قال أَعْطِنِى حَقِّى. فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَرَقَهُ فَرَغِبَ عَنْهُ فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَراً وَرِعَاءَهَا فَجَاءَنِى فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَظْلِمْنِى حَقِّى. قُلْتُ اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرِعَائِهَا فَخُذْهَا. فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَسْتَهْزِئْ بِى. فَقُلْتُ إِنِّى لاَ أَسْتَهْزِئُ بِكَ خُذْ ذَلِكَ الْبَقَرَ وَرِعَاءَهَا. فَأَخَذَهُ فَذَهَبَ بِهِ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مَا بَقِىَ. فَفَرَجَ اللَّهُ مَا بَقِىَ.
بَابُ التوبة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِى وَاللَّهِ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بِالْفَلاَةِ وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ شِبْراً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَىَّ يَمْشِى أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ ».(3/165)
وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كَيْفَ تَقُولُونَ بِفَرَحِ رَجُلٍ انْفَلَتَتْ مِنْهُ رَاحِلَتُهُ تَجُرُّ زِمَامَهَا بِأَرْضٍ قَفْرٍ لَيْسَ بِهَا طَعَامٌ وَلاَ شَرَابٌ وَعَلَيْهَا لَهُ طَعَامٌ وَشَرَابٌ فَطَلَبَهَا حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِ ثُمَّ مَرَّتْ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ فَتَعَلَّقَ زِمَامُهَا فَوَجَدَهَا مُتَعَلِّقَةً بِهِ ». قُلْنَا شَدِيداً يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَمَا وَاللَّهِ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنَ الرَّجُلِ بِرَاحِلَتِهِ ».
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ إِذَا اسْتَيْقَظَ عَلَى بَعِيرِهِ قَدْ أَضَلَّهُ بِأَرْضِ فَلاَةٍ ».(1)
__________
(1) : وفي رواية : « لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِى ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قال : مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِى وَأَنَا رَبُّكَ. أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ».
ولم يذكر النووي رحمه الله حديثي ابن مسعود ولا النعمان بن بشير : عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : « لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِى أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ ثُمَّ قال : أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِى الَّذِى كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ ».
وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ حَمَلَ زَادَهُ وَمَزَادَهُ عَلَى بَعِيرٍ ثُمَّ سَارَ حَتَّى كَانَ بِفَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ فَأَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ فَنَزَلَ فَقَالَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ وَانْسَلَّ بَعِيرُهُ فَاسْتَيْقَظَ فَسَعَى شَرَفاً فَلَمْ يَرَ شَيْئاً ثُمَّ سَعَى شَرَفاً ثَانِياً فَلَمْ يَرَ شَيْئاً ثُمَّ سَعَى شَرَفاً ثَالِثاً فَلَمْ يَرَ شَيْئاً فَأَقْبَلَ حَتَّى أَتَى مَكَانَهُ الَّذِى قال : فِيهِ فَبَيْنَمَا هُوَ قَاعِدٌ إِذْ جَاءَهُ بَعِيِرُهُ يَمْشِى حَتَّى وَضَعَ خِطَامَهُ فِى يَدِهِ فَلَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ مِنْ هَذَا حِينَ وَجَدَ بَعِيرَهُ عَلَى حَالِهِ ».(3/166)
بَابُ غفران الله الذنوب
عَنْ أَبِى أَيُّوبَ أَنَّهُ قال حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ كُنْتُ كَتَمْتُ عَنْكُمْ شَيْئاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لَوْلاَ أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ اللَّهُ خَلْقاً يُذْنِبُونَ يَغْفِرُ لَهُمْ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ ».(3/167)
وَعَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِىِّ قال - وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال - لَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ قال قُلْتُ نَافَقَ حَنْظَلَةُ قال سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَقُولُ قال قُلْتُ نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْىَ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيراً قال أَبُو بَكْرٍ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا. فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَمَا ذَاكَ ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْىَ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيراً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِى وَفِى الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِى طُرُقِكُمْ وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
بَابُ سعة رحمة الله عز وجل
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِى كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِى تَغْلِبُ غَضَبِى ».(3/168)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَأَنْزَلَ فِى الأَرْضِ جُزْءاً وَاحِداً فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ تَتَرَاحَمُ الْخَلاَئِقُ حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ ».
زاد فى رواية : «... وَأَخَّرَ اللَّهُ تِسْعاً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِىِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ فَمِنْهَا رَحْمَةٌ بِهَا يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ بَيْنَهُمْ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ».
بَابُ ما عند الله من ا لرحمة والعقوبة
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قال قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسَبْىٍ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْىِ تَبْتَغِى إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِى السَّبْىِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِى النَّارِ ». قُلْنَا لاَ وَاللَّهِ وَهِىَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنِطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ ».
بَابُ فى خشية الله(3/169)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « قال رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ حَسَنَةً قَطُّ لأَهْلِهِ إِذَا مَاتَ فَحَرِّقُوهُ ثُمَّ اذْرُوا نِصْفَهُ فِى الْبَرِّ وَنِصْفَهُ فِى الْبَحْرِ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ لَيُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً لاَ يُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ فَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ فَأَمَرَ اللَّهُ الْبَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيهِ وَأَمَرَ الْبَحْرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ ثُمَّ قال لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قال مِنْ خَشْيَتِكَ يَا رَبِّ وَأَنْتَ أَعْلَمُ. فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ ».
وَعَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِى هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلاَ هِىَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ هِىَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلاً ».(1)
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « أَنَّ رَجُلاً فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمَ رَاشَهُ اللَّهُ مَالاً وَوَلَداً فَقَالَ لِوَلَدِهِ لَتَفْعَلُنَّ مَا آمُرُكُمْ بِهِ أَوْ لأُوَلِّيَنَّ مِيرَاثِى غَيْرَكُمْ إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى - وَأَكْثَرُ عِلْمِى أَنَّهُ قال - ثُمَّ اسْحَقُونِى وَاذْرُونِى فِى الرِّيحِ فَإِنِّى لَمْ أَبْتَهِرْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْراً وَإِنَّ اللَّهَ يَقْدِرُ عَلَىَّ أَنْ يُعَذِّبَنِى - قال - فَأَخَذَ مِنْهُمْ مِيثَاقاً فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ وَرَبِّى فَقَالَ اللَّهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ فَقَالَ مَخَافَتُكَ. قال فَمَا تَلاَفَاهُ غَيْرُهَا ».
بَابُ فيمن أذنب واستغفر فغفر له
__________
(1) : جاء في آخر الحديث : قال : الزُّهْرِىُّ ذَلِكَ لِئَلاَّ يَتَّكِلَ رَجُلٌ وَلاَ يَيْأَسَ رَجُلٌ.(3/170)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا يَحْكِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قال « أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِى ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَىْ رَبِّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدِى أَذْنَبَ ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَىْ رَبِّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِى ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ [وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ] اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ ».
بَابُ قبول التوبة إلى طلوع الشمس من مغربها
عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ».
بَابُ غيرة الله عز وجل
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ ».(1)
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح كله حديث واحد. وليس روايتين.(3/171)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِىَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ ».
وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لَيْسَ شَىْءٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « الْمُؤْمِنُ يَغَارُ وَاللَّهُ أَشَدُّ غَيْراً ».
بابٌ قَوْلُهُ تَعَالَى( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ )
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ قُبْلَةً فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ - قال - فَنَزَلَتْ ( أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) قال فَقَالَ الرَّجُلُ أَلِىَ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِى ».
وَعَنْ أَنَسٍ قال جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ - قال - وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَصَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ قال يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِىَّ كِتَابَ اللَّهِ. قال « هَلْ حَضَرْتَ الصَّلاَةَ مَعَنَا ». قال نَعَمْ. قال « قَدْ غُفِرَ لَكَ ».(3/172)
وَعَنْ أَبِى أُمَامَةَ قال بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ وَنَحْنُ قُعُودٌ مَعَهُ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ. فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَعَادَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ. فَسَكَتَ عَنْهُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلَمَّا انْصَرَفَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال أَبُو أُمَامَةَ فَاتَّبَعَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ انْصَرَفَ وَاتَّبَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْظُرُ مَا يَرُدُّ عَلَى الرَّجُلِ فَلَحِقَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ - قال أَبُو أُمَامَةَ - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَرَأَيْتَ حِينَ خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ أَلَيْسَ قَدْ تَوَضَّأْتَ فَأَحْسَنْتَ الْوُضُوءَ ». قال بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « ثُمَّ شَهِدْتَ الصَّلاَةَ مَعَنَا ». فَقَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ حَدَّكَ - أَوْ قال - ذَنْبَكَ ».
بَابُ عفو الله عن المسرف(3/173)
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْساً فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْساً فَهَلْ لَهُ مِنَ تَوْبَةٍ فَقَالَ لاَ. فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاساً يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلاَ تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ. فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ فَقالت : مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِباً مُقْبِلاً بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ. وَقالت : مَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْراً قَطُّ. فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِى صُورَةِ آدَمِىٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ. فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأَرْضِ الَّتِى أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ ». قال قَتَادَةُ فَقَالَ الْحَسَنُ ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ.
وَفِى رِوَايَةٍ : «... فَكَانَ إِلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ أَقْرَبَ مِنْهَا بِشِبْرٍ فَجُعِلَ مِنْ أَهْلِهَا ».
وفى أخرى : «... فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِى وَإِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِى ».(3/174)
بَابُ يجعل الله لكل مسلم كافرًا ( )(1) من النار
عَنْ أَبِى مُوسَى قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ دَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَيَقُولُ هَذَا فَكَاكُكَ مِنَ النَّارِ ».
وَعَنْهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « يَجِىءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِذُنُوبٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ فَيَغْفِرُهَا اللَّهُ لَهُمْ وَيَضَعُهَا عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ». فِيمَا أَحْسِبُ.
وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ قال لَهُ رَجُلٌ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى النَّجْوَى قال سَمِعْتُهُ يَقُولُ « يُدْنَى الْمُؤْمِنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُ فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ أَعْرِفُ. قال فَإِنِّى قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِى الدُّنْيَا وَإِنِّى أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ. فَيُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ ».
بَابُ حديث كعب بن مالك
__________
(1) : غير واضحة بالأصل، ولعلها : مكانه، أو فكاكًا. كما جاءت به الأحاديث.(3/175)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ قال سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ قال كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ إِلاَّ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ غَيْرَ أَنِّى قَدْ تَخَلَّفْتُ فِى غَزْوَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَداً تَخَلَّفَ عَنْهُ إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ يُرِيدُونَ عِيرَ قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهُمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِى بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِى النَّاسِ مِنْهَا وَكَانَ مِنْ خَبَرِى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنِّى لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِى تِلْكَ الْغَزْوَةِ وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِى تِلْكَ الْغَزْوَةِ فَغَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَرٍّ شَدِيدٍ وَاسْتَقْبَلَ سَفَراً بَعِيداً وَمَفَازاً وَاسْتَقْبَلَ عَدُوًّا كَثِيراً فَجَلاَ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِمُ الَّذِى يُرِيدُ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَثِيرٌ وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابُ حَافِظٍ - يُرِيدُ بِذَلِكَ الدِّيوَانَ - قال كَعْبٌ فَقَلَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ(3/176)
يَتَغَيَّبَ يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ سَيَخْفَى لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْىٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلاَلُ فَأَنَا إِلَيْهَا أَصْعَرُ فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَىْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئاً. وَأَقُولُ فِى نَفْسِى أَنَا قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ إِذَا أَرَدْتُ. فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمَادَى بِى حَتَّى اسْتَمَرَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَادِياً وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِى شَيْئاً ثُمَّ غَدَوْتُ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئاً فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمَادَى بِى حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ فَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ فَيَا لَيْتَنِى فَعَلْتُ ثُمَّ لَمْ يُقَدَّرْ ذَلِكَ لِى فَطَفِقْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِى النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْزُنُنِى أَنِّى لاَ أَرَى لِى أُسْوَةً إِلاَّ رَجُلاً مَغْمُوصاً عَلَيْهِ فِى النِّفَاقِ أَوْ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ تَبُوكاً فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِى الْقَوْمِ بِتَبُوكَ « مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ». قال رَجُلٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِى عِطْفَيْهِ. فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِئْسَ مَا قُلْتَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْراً. فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ رَأَى رَجُلاً مُبَيِّضاً(3/177)
يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ ». فَإِذَا هُو أَبُو خَيْثَمَةَ الأَنْصَارِىُّ وَهُوَ الَّذِى تَصَدَّقَ بِصَاعِ التَّمْرِ حِينَ لَمَزَهُ الْمُنَافِقُونَ. فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فَلَمَّا بَلَغَنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ تَوَجَّهَ قَافِلاً مِنْ تَبُوكَ حَضَرَنِى بَثِّى فَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ بِمَ أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَداً وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ ذِى رَأْىٍ مِنْ أَهْلِى فَلَمَّا قِيلَ لِى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَظَلَّ قَادِماً زَاحَ عَنِّى الْبَاطِلُ حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّى لَنْ أَنْجُوَ مِنْهُ بِشَىْءٍ أَبَداً فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ وَصَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَادِماً وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلاً فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلاَنِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ حَتَّى جِئْتُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ثُمَّ قال « تَعَالَ ». فَجِئْتُ أَمْشِى حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لِى « مَا خَلَّفَكَ ». أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ ». قال قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنِّى سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلاً وَلَكِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ(3/178)
حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّى لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَىَّ وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَىَّ فِيهِ إِنِّى لأَرْجُو فِيهِ عُقْبَى اللَّهِ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِى عُذْرٌ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ فَقُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِيكَ ». فَقُمْتُ وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِى فَقَالُوا لِى وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبَاً قَبْلَ هَذَا لَقَدْ عَجَزْتَ فِى أَنْ لاَ تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا اعْتَذَرَ بِهِ إِلَيْهِ الْمُخَلَّفُونَ فَقَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَكَ. قال فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونَنِى حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأُكَذِّبَ نَفْسِى - قال - ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ هَلْ لَقِىَ هَذَا مَعِى مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَعَمْ لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلاَنِ قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ - قال - قُلْتُ مَنْ هُمَا قَالُوا مُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَامِرِىُّ وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِىُّ - قال - فَذَكَرُوا لِى رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شِهدَا بَدْراً فِيهِمَا أُسْوَةٌ - قال - فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِى. قال وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ - قال - فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ - وَقَالَ - تَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ لِى فِى نَفْسِىَ الأَرْضُ فَمَا هِىَ بِالأَرْضِ الَّتِى أَعْرِفُ(3/179)
فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً فَأَمَّا صَاحِبَاىَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِى بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاَةَ وَأَطُوفُ فِى الأَسْوَاقِ وَلاَ يُكَلِّمُنِى أَحَدٌ وَآتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِى مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَأَقُولُ فِى نَفْسِى هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ أَمْ لاَ ثُمَّ أُصَلِّى قَرِيباً مِنْهُ وَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاَتِى نَظَرَ إِلَىَّ وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّى حَتَّى إِذَا طَالَ ذَلِكَ عَلَىَّ مِنْ جَفْوَةِ الْمُسْلِمِينَ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِى قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّى وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَوَ اللَّهِ مَا رَدَّ عَلَىَّ السَّلاَمَ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمَنَّ أَنِّى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قال فَسَكَتَ فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ فَسَكَتَ فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَاىَ وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى فِى سُوقِ الْمَدِينَةِ إِذَا نَبَطِىٌّ مِنْ نَبَطِ أَهْلِ الشَّامِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - قال - فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَىَّ حَتَّى جَاءَنِى فَدَفَعَ إِلَىَّ كِتَاباً مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ وَكُنْتُ كَاتِباً فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ فَالْحَقْ بِنَا(3/180)
نُوَاسِكَ. قال فَقُلْتُ حِينَ قَرَأْتُهَا وَهَذِهِ أَيْضاً مِنَ الْبَلاَءِ. فَتَيَامَمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهَا بِهَا حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الْخَمْسِينَ وَاسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِينِى فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ. قال فَقُلْتُ أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ قال لاَ بَلِ اعْتَزِلْهَا فَلاَ تَقْرَبَنَّهَا - قال - فَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَىَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ - قال - فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِى الْحَقِى بِأَهْلِكِ فَكُونِى عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِى هَذَا الأَمْرِ - قال - فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ قال « لاَ وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبَنَّكِ ». فَقالت : إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَىْءٍ وَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِى مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا. قال فَقَالَ لِى بَعْضُ أَهْلِى لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى امْرَأَتِكَ فَقَدْ أَذِنَ لاِمْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ - قال - فَقُلْتُ لاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا يُدْرِينِى مَاذَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ - قال - فَلَبِثْتُ بِذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ فَكَمُلَ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نُهِىَ عَنْ كَلاَمِنَا - قال - ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ(3/181)
مِنْ بُيُوتِنَا فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِى ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَّا قَدْ ضَاقَتْ عَلَىَّ نَفْسِى وَضَاقَتْ عَلَىَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى سَلْعٍ يَقُولُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ - قال - فَخَرَرْتُ سَاجِداً وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ. - قال - فَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الْفَجْرِ فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَىَّ مُبَشِّرُونَ وَرَكَضَ رَجُلٌ إِلَىَّ فَرَساً وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ قِبَلِى وَأَوْفَى الْجَبَلَ فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ فَلَمَّا جَاءَنِى الَّذِى سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِى فَنَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَىَّ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ. فَلَبِسْتُهُمَا فَانْطَلَقْتُ أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَلَقَّانِى النَّاسُ فَوْجاً فَوْجاً يُهَنِّئُونِى بِالتَّوْبَةِ وَيَقُولُونَ لِتَهْنِئْكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ. حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ فِى الْمَسْجِدِ وَحَوْلَهُ النَّاسُ فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِى وَهَنَّأَنِى وَاللَّهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ. قال فَكَانَ كَعْبٌ لاَ يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. قال كَعْبٌ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ وَيَقُولُ « أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ ». قال فَقُلْتُ أَمِنْ عِنْدِكَ يَا(3/182)
رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَقَالَ « لاَ بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ». وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ كَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ - قال - وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ - قال - فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ». قال فَقُلْتُ فَإِنِّى أُمْسِكُ سَهْمِىَ الَّذِى بِخَيْبَرَ - قال - وَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَنْجَانِى بِالصِّدْقِ وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقاً مَا بَقِيتُ - قال - فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَداً مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْلاَهُ اللَّهُ فِى صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى يَوْمِى هَذَا أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِى اللَّهُ بِهِ وَاللَّهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذْبَةً مُنْذُ قُلْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى يَوْمِى هَذَا وَإِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِىَ اللَّهُ فِيمَا بَقِىَ. قال فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِىِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِى سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ ) حَتَّى بَلَغَ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ(3/183)
الصَّادِقِينَ ) قال كَعْبٌ وَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ إِذْ هَدَانِى اللَّهُ لِلإِسْلاَمِ أَعْظَمَ فِى نَفْسِى مِنْ صِدْقِى رَسُولَ اللَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا إِنَّ اللَّهَ قال لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْىَ شَرَّ مَا قال لأَحَدٍ وَقَالَ اللَّهُ ( سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) قال كَعْبٌ كُنَّا خُلِّفْنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ حَلَفُوا لَهُ فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ فَبِذَلِكَ قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا ) وَلَيْسَ الَّذِى ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا تَخَلُّفَنَا عَنِ الْغَزْوِ وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُ.
بَابُ حديث الإفك(3/184)
عَنْ عَائِشَةَ قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَراً أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ - قالت : عَائِشَةُ - فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِى فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ فَأَنَا أُحْمَلُ فِى هَوْدَجِى وَأُنْزَلُ فِيهِ مَسِيرَنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوِهِ وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ فَلَمَّا قَضَيْتُ مِنْ شَأْنِى أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ فَلَمَسْتُ صَدْرِى فَإِذَا عِقْدِى مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِى فَحَبَسَنِى ابْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِى فَحَمَلُوا هَوْدَجِى فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِىَ الَّذِى كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّى فِيهِ - قالت : - وَكَانَتِ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافاً لَمْ يُهَبَّلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَحَلُوهُ وَرَفَعُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا وَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِى الَّذِى كُنْتُ فِيهِ وَظَنَنْتُ أَنَّ الْقَوْمَ سَيَفْقِدُونِى فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِى مَنْزِلِى غَلَبَتْنِى عَيْنِى(3/185)
فَنِمْتُ وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِىُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَادَّلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِى فَعَرَفَنِى حِينَ رَآنِى وَقَدْ كَانَ يَرَانِى قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ عَلَىَّ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِى فَخَمَّرْتُ وَجْهِى بِجِلْبَابِى وَوَاللَّهِ مَا يُكَلِّمُنِى كَلِمَةً وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِى شَأْنِى وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ شَهْراً وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِى قَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ وَلاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَرِيبُنِى فِى وَجَعِى أَنِّى لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اللُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِى إِنَّمَا يَدْخُلُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ « كَيْفَ تِيكُمْ ». فَذَاكَ يَرِيبُنِى وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ مَا نَقِهْتُ وَخَرَجَتْ مَعِى أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا وَلاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنَّ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيباً مِنْ بُيُوتِنَا وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِى التَّنَزُّهِ وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهِىَ(3/186)
بِنْتُ أَبِى رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَبِنْتُ أَبِى رُهْمٍ قِبَلَ بَيْتِى حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِى مِرْطِهَا فَقالت : تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ أَتَسُبِّينَ رَجُلاً قَدْ شَهِدَ بَدْراً. قالت : أَىْ هَنْتَاهُ أَوَ لَمْ تَسْمَعِى مَا قال قُلْتُ وَمَاذَا قال قالت : فَأَخْبَرَتْنِى بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضاً إِلَى مَرَضِى فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ ثُمَّ قال « كَيْفَ تِيكُمْ ». قُلْتُ أَتَأْذَنُ لِى أَنْ آتِىَ أَبَوَىَّ قالت : وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَتَيَقَّنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا. فَأَذِنَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجِئْتُ أَبَوَىَّ فَقُلْتُ لأُمِّى يَا أُمَّتَاهْ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ فَقالت : يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِى عَلَيْكِ فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا - قالت : - قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا قالت : فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ أَصَبَحْتُ أَبْكِى وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ يَسْتَشِيرُهُمَا فِى فِرَاقِ أَهْلِهِ - قالت : - فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالَّذِى(3/187)
يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ وَبِالَّذِى يَعْلَمُ فِى نَفْسِهِ لَهُمْ مِنَ الْوُدِّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُمْ أَهْلُكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْراً. وَأَمَّا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ فَقَالَ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَإِنْ تَسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ - قالت : - فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِيرَةَ فَقَالَ « أَىْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَىْءٍ يَرِيبُكِ مِنْ عَائِشَةَ ». قالت : لَهُ بَرِيرَةُ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْراً قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِى الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ - قالت : - فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ ابْنِ سَلُولَ - قالت : - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ « يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِى أَهْلِ بَيْتِى فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْراً وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْراً وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ مَعِى ». فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِىُّ فَقَالَ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ - قالت : - فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً وَلَكِنِ اجْتَهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُهُ وَلاَ تَقْدِرُ(3/188)
عَلَى قَتْلِهِ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ فَثَارَ الْحَيَّانِ الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ - قالت : - وَبَكَيْتُ يَوْمِى ذَلِكَ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ بَكَيْتُ لَيْلَتِى الْمُقْبِلَةَ لاَ يَرْقَأُ لِى دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ وَأَبَوَاىَ يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِى وَأَنَا أَبْكِى اسْتَأْذَنَتْ عَلَىَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِى - قالت : - فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ - قالت : - وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مُنْذُ قِيلَ لِى مَا قِيلَ وَقَدْ لَبِثَ شَهْراً لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِى شَأْنِى بِشَىْءٍ - قالت : - فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قال « أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِى اللَّهَ وَتُوبِى إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ». قالت : فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِى حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً فَقُلْتُ لأَبِى أَجِبْ عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ - صلى(3/189)
الله عليه وسلم - فِيمَا قال. فَقَالَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ
لأُمِىِّ أَجِيبِى عَنِّى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالت : وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لاَ أَقْرَأُ كَثِيراً مِنَ الْقُرْآنِ إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا حَتَّى اسْتَقَرَّ فِى نُفُوسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَإِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّى بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ لاَ تُصَدِّقُونِى بِذَلِكَ وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونَنِى وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلاً إِلاَّ كَمَا قال أَبُو يُوسُفَ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ. قالت : ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِى - قالت : - وَأَنَا وَاللَّهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّى بَرِيئَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِى بِبَرَاءَتِى وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُنْزَلَ فِى شَأْنِى وَحْىٌ يُتْلَى وَلَشَأْنِى كَانَ أَحْقَرَ فِى نَفْسِى مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِىَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى وَلَكِنِّى كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ بِهَا قالت : فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَجْلِسَهُ وَلاَ خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ عِنْدَ الْوَحْىِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ(3/190)
مِنَ الْعَرَقِ فِى الْيَوْمِ الشَّاتِ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْهِ - قالت : - فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَضْحَكُ فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قال « أَبْشِرِى يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ ». فَقالت : لِى أُمِّى قُومِى إِلَيْهِ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ وَلاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ بَرَاءَتِى - قالت : - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ) عَشْرَ آيَاتٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلاَءِ الآيَاتِ بَرَاءَتِى - قالت : - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَيْهِ شَيْئاً أَبَداً بَعْدَ الَّذِى قال لِعَائِشَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِى الْقُرْبَى ) إِلَى قَوْلِهِ ( أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ) قال حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ هَذِهِ أَرْجَى آيَةٍ فِى كِتَابِ اللَّهِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِى. فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَداً. قالت : عَائِشَةُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَمْرِى « مَا عَلِمْتِ أَوْ مَا رَأَيْتِ ». فَقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِى سَمْعِى وَبَصَرِى وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْراً. قالت : عَائِشَةُ وَهِىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى مِنْ أَزْوَاجِ(3/191)
النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حِمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِعَلِىٍّ « اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ ». فَأَتَاهُ عَلِىٌّ فَإِذَا هُوَ فِى رَكِىٍّ يَتَبَرَّدُ فِيهَا فَقَالَ لَهُ عَلِىٌّ اخْرُجْ. فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ فَكَفَّ عَلِىٌّ عَنْهُ ثُمَّ أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَمَجْبُوبٌ مَا لَهُ ذَكَرٌ.
بابٌ قَوْلُهُ ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ )(3/192)
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قال خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ أَصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ لأَصْحَابِهِ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ. قال زُهَيْرٌ وَهِىَ قِرَاءَةُ مَنْ خَفَضَ حَوْلَهُ. وَقَالَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ - قال - فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ فَسَأَلَهُ فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ فَقَالَ كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - قال - فَوَقَعَ فِى نَفْسِى مِمَّا قَالُوهُ شِدَّةٌ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقِى ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ ) قال ثُمَّ دَعَاهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ - قال - فَلَوَّوْا رُءُوسَهُمْ. وَقَوْلُهُ ( كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ) وَقَالَ كَانُوا رِجَالاً أَجْمَلَ شَىْءٍ.
وَعَنْ جَابِرٍ قال أَتَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْرَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ فَأَخْرَجَهُ مِنْ قَبْرِهِ فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.(3/193)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال لَمَّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّىَ عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّىَ عَلَيْهِ فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّى عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّىَ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّمَا خَيَّرَنِى اللَّهُ فَقَالَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً وَسَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ ». قال إِنَّهُ مُنَافِقٌ. فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ )
بابٌ قَوْلُهُ تَعَالَى( وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ )
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِىٌّ أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِىٌّ قَلِيلٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ فَقَالَ أَحَدُهُمْ أَتَرَوْنَ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ وَقَالَ الآخَرُ يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا وَلاَ يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا وَقَالَ الآخَرُ إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا فَهُوَ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمُ ) الآيَةَ.(3/194)
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ فَرَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ قال بَعْضُهُمْ نَقْتُلُهُمْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاَ. فَنَزَلَتْ ( فَمَا لَكُمْ فِى الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ )
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رِجَالاً مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا إِذَا خَرَجَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَحَلَفُوا وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَنَزَلَتْ ( لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ )
بَابُ حكم المنافقين وصفة الخوارج(3/195)
عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ مَرْوَانَ قال اذْهَبْ يَا رَافِعُ - لِبَوَّابِهِ - إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ مِنَّا فَرِحَ بِمَا أَتَى وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّباً لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ الآيَةِ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ فِى أَهْلِ الْكِتَابِ. ثُمَّ تَلاَ ابْنُ عَبَّاسٍ ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ) هَذِهِ الآيَةَ وَتَلاَ ابْنُ عَبَّاسٍ ( لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا ) وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَأَلَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَىْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَخَرَجُوا قَدْ أَرَوْهُ أَنْ قَدْ أَخْبَرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ وَاسْتَحْمَدُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوْا مِنْ كِتْمَانِهِمْ إِيَّاهُ مَا سَأَلَهُمْ عَنْهُ.
عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « فِى أَصْحَابِى اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقاً فِيهِمْ ثَمَانِيَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِى سَمِّ الْخِيَاطِ ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ وَأَرْبَعَةٌ ». لَمْ أَحْفَظْ مَا قال شُعْبَةُ فِيهِمْ.
وَفِى رِوَايَةٍ : «... الدُّبَيْلَةُ سِرَاجٌ مِنَ النَّارِ يَظْهَرُ فِى أَكْتَافِهِمْ حَتَّى يَنْجُمَ مِنْ صُدُورِهِمْ ».(3/196)
وَعَنْ أَبِى الطُّفَيْلِ قال كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ قال فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ أَخْبِرْهُ إِذْ سَأَلَكَ قال كُنَّا نُخْبَرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّ اثْنَىْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ وَعَذَرَ ثَلاَثَةً قَالُوا مَا سَمِعْنَا مُنَادِىَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلاَ عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ. وَقَدْ كَانَ فِى حَرَّةٍ فَمَشَى فَقَالَ « إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ فَلاَ يَسْبِقُنِى إِلَيْهِ أَحَدٌ ». فَوَجَدَ قَوْماً قَدْ سَبَقُوهُ فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ.
وَعَنْ جَابِرٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ يَصْعَدُ الثَّنِيَّةَ ثَنِيَّةَ الْمُرَارِ فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مَا حُطَّ عَنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ ». قال فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَعِدَهَا خَيْلُنَا خَيْلُ بَنِى الْخَزْرَجِ ثُمَّ تَتَامَّ النَّاسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَكُلُّكُمْ مَغْفُورٌ لَهُ إِلاَّ صَاحِبَ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ ». فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا لَهُ تَعَالَ يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ وَاللَّهِ لأَنْ أَجِدَ ضَالَّتِى أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِى صَاحِبُكُمْ. قال وَكَانَ رَجُلٌ يَنْشُدُ ضَالَّةً لَهُ.(3/197)
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال كَانَ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِى النَّجَّارِ قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقَ هَارِباً حَتَّى لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ - قال - فَرَفَعُوهُ قَالُوا هَذَا قَدْ كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ فَأُعْجِبُوا بِهِ فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللَّهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذاً.
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَلَمَّا كَانَ قُرْبَ الْمَدِينَةِ هَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ تَكَادُ أَنْ تَدْفِنَ الرَّاكِبَ فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « بُعِثَتْ هَذِهِ الرِّيحُ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ ». فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا مُنَافِقٌ عَظِيمٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ قَدْ مَاتَ.
وَعَنْ سَلَمَةَ قال عُدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً مَوْعُوكاً - قال - فَوَضَعْتُ يَدِى عَلَيْهِ فَقُلْتُ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلاً أَشَدَّ حَرًّا. فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَشَدَّ حَرًّا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ الرَّاكِبَيْنِ الْمُقَفِّيَيْنِ ». لِرَجُلَيْنِ حِينَئِذٍ مِنْ أَصْحَابِهِ.(3/198)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ تَعِيرُ إِلَى هَذِهِ مَرَّةً وَإِلَى هَذِهِ مَرَّةً ».(1)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّهُ لَيَأْتِى الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ اقْرَءُوا ( فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً )(2) ».
بابٌ قَوْلُهُ ( مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ )
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قال جَاءَ حَبْرٌ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَوْ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْجِبَالَ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ وَسَائِرَ الْخَلْقِ عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعَجُّباً مِمَّا قال الْحَبْرُ تَصْدِيقاً لَهُ ثُمَّ قَرَأَ ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَقْبِضُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَطْوِى السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ ».
__________
(1) : وفي رواية : «... تَكِرُّ فِى هَذِهِ مَرَّةً وَفِى هَذِهِ مَرَّةً ».
(2) : في الأصل : ( فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ وَزْناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ). وهو خطأ.(3/199)
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَطْوِى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ثُمَّ يَطْوِى الأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ».(1)
بَابُ خلق الله الأرض وما فيها فى سبعة أيام
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِى فَقَالَ « خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الأَحَدِ وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثَّلاَثَاءِ وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِى آخِرِ الْخَلْقِ وَفِى آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ ».
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ النَّقِىِّ لَيْسَ فِيهَا عَلَمٌ لأَحَدٍ ».
__________
(1) : وفي رواية : « يَأْخُذُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَمَوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدَيْهِ فَيَقُولُ أَنَا اللَّهُ - وَيَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا - أَنَا الْمَلِكُ » حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَىْءٍ مِنْهُ حَتَّى إِنِّى لأَقُولُ أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -(3/200)
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ ) فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ « عَلَى الصِّرَاطِ ».
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « تَكُونُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً يَكْفَؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكْفَؤُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِى السَّفَرِ نُزُلاً لأَهْلِ الْجَنَّةِ ». قال فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ أَبَا الْقَاسِمِ أَلاَ أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قال « بَلَى ». قال تَكُونُ الأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً - كَمَا قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - قال فَنَظَرَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ قال أَلاَ أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ قال « بَلَى ». قال إِدَامُهُمْ بَالاَمُ وَنُونٌ. قَالُوا وَمَا هَذَا قال ثَوْرٌ وَنُونٌ يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفاً.
بابٌ قَوْلُهُ عليه السلام لو تابعنى عشرة من اليهود لأسلم جميعهم
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « لَوْ تَابَعَنِى عَشْرَةٌ مِنَ الْيَهُودِ لَمْ يَبْقَ عَلَى ظَهْرِهَا يَهُودِىٌّ إِلاَّ أَسْلَمَ ».(3/201)
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ(1) قال بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَرْثٍ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ إِذْ مَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ فَقَالُوا مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ لاَ يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَىْءٍ تَكْرَهُونَهُ. فَقَالُوا سَلُوهُ فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَسَأَلَهُ عَنِ الرُّوحِ - قال - فَأَسْكَتَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئاً فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ - قال - فَقُمْتُ مَكَانِى فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْىُ قال ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً )
وَفِى رِوَايَةٍ : وَمَا أُوتُوا مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً.
بَابُ البعث وقوله ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِى كَفَرَ )
عَنْ خَبَابُ قال كَانَ لِى عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ فَقَالَ لِى لَنْ أَقْضِيَكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ - قال - فَقُلْتُ لَهُ إِنِّى لَنْ أَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ. قال وَإِنِّى لَمَبْعُوثٌ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ فَسَوْفَ أَقْضِيكَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَالٍ وَوَلَدٍ. قال وَكِيعٌ كَذَا قال الأَعْمَشُ قال فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِى كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً ) إِلَى قَوْلِهِ ( وَيَأْتِينَا فَرْداً )
بَابُ دعوة قريش على أنفسهم
__________
(1) : هو ابن مسعود.(3/202)
عَنْ أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ قال قَالَ أَبُو جَهْلٍ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. فَنَزَلَتْ ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ.(3/203)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ أَبُو جَهْلٍ هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ قال فَقِيلَ نَعَمْ. فَقَالَ وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ أَوْ لأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ فِى التُّرَابِ - قال - فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُصَلِّى زَعَمَ لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ - قال - فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلاَّ وَهُوَ يَنْكِصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِى بِيَدَيْهِ - قال - فَقِيلَ لَهُ مَا لَكَ فَقَالَ إِنَّ بَيْنِى وَبَيْنَهُ لَخَنْدَقاً مِنْ نَارٍ وَهَوْلاً وَأَجْنِحَةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَوْ دَنَا مِنِّى لاَخْتَطَفَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ عُضْواً عُضْواً ». قال فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى ) إِلَى قَوْلِهِ ( كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ ).(1)
بَابُ فى الدخان واللزام والروم والدعاء على قريش
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : قال : فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لاَ نَدْرِى فِى حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ أَوْ شَىْءٌ بَلَغَهُ ( كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى أَرَأَيْتَ الَّذِى يَنْهَى عَبْداً إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) - يَعْنِى أَبَا جَهْلٍ - ( أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ ).(3/204)
عَنْ مَسْرُوقٍ قال كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ جُلُوساً وَهُوَ مُضْطَجِعٌ بَيْنَنَا فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ قَاصًّا عِنْدَ أَبْوَابِ كِنْدَةَ يَقُصُّ وَيَزْعُمُ أَنَّ آيَةَ الدُّخَانِ تَجِىءُ فَتَأْخُذُ بِأَنْفَاسِ الْكُفَّارِ وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَجَلَسَ وَهُوَ غَضْبَانُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ مَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ شَيْئاً فَلْيَقُلْ بِمَا يَعْلَمُ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ لأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ اللَّهُ أَعْلَمُ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قال لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رَأَى مِنَ النَّاسِ إِدْبَاراً فَقَالَ « اللَّهُمَّ سَبْعٌ كَسَبْعِ يُوسُفَ ». قال فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْجُلُودَ وَالْمَيْتَةَ مِنَ الْجُوعِ وَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ أَحَدُهُمْ فَيَرَى كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ جِئْتَ تَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَبِصِلَةِ الرَّحِمِ وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ - قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِى السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ) إِلَى قَوْلِهِ ( إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ). قال أَفَيُكْشَفُ عَذَابُ الآخِرَةِ ( يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ) فَالْبَطْشَةُ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَدْ مَضَتْ آيَةُ الدُّخَانِ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ وَآيَةُ الرُّومِ.(3/205)
وَعَنْهُ قال خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ الدُّخَانُ وَاللِّزَامُ وَالرُّومُ وَالْبَطْشَةُ وَالْقَمَرُ.
وَعَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ فِى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ ) قال مَصَائِبُ الدُّنْيَا وَالرُّومُ وَالْبَطْشَةُ أَوِ الدُّخَانُ. شُعْبَةُ الشَّاكُّ فِى الْبَطْشَةِ أَوِ الدُّخَانِ.
بَابُ انشقاق القمر
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ(1) قال انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشِقَّتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اشْهَدُوا ».
وَعَنْهُ قال بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِنًى إِذَا انْفَلَقَ [الْقَمَرُ] فِلْقَتَيْنِ فَكَانَتْ فِلْقَةٌ وَرَاءَ الْجَبَلِ وَفِلْقَةٌ دُونَهُ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اشْهَدُوا ».
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ مَرَّتَيْنِ.(2)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال إِنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
بَابُ حلم الله وتجاوزه مع إساءة العبد فى القول والعمل
__________
(1) : هو ابن مسعود.
(2) : كذا الرواية في الصحيح. وينظر مدى صحة هذه الرواية فالإمام مسلم رحمه الله أورد بعدها رواية شعبة عن قتادة عن أنس : انشق القمر فرقتين. ولم يذكر عددًا. ولعلها الصواب لموافقتها لباقي الروايات عن الصحابة. وخاصةً أن إسلام أنس رضي الله تعالى عنه متأخرًا ولم يشهد هذه الآية. والله أعلم.(3/206)
عَنْ أَبِى مُوسَى قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّهُ يُشْرَكُ بِهِ وَيُجْعَلُ لَهُ الْوَلَدُ ثُمَّ هُوَ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ ».
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً لَوْ كَانَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا أَكُنْتَ مُفْتَدِياً بِهَا فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَقُولُ قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِى صُلْبِ آدَمَ أَنْ لاَ تُشْرِكَ - أَحْسَبُهُ قال - وَلاَ أُدْخِلَكَ النَّارَ فَأَبَيْتَ إِلاَّ الشِّرْكَ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « [يُقَالُ لِلْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ] أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَباً أَكُنْتَ تَفْتَدِى بِهِ فَيَقُولُ نَعَمْ. فَيُقَالُ لَهُ قَدْ سُئِلْتَ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ ».
وفى أخرى : «... كَذَبْتَ قَدْ سُئِلْتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ ».
بَابُ يحشر الكافر على وجهه
عَنْ أَنَسٍ قال يَا رَسُولَ اللَّهِ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ(1) فَقَالَ « أَلَيْسَ الَّذِى أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فِى الدُّنْيَا قَادِراً عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
بَابُ فى نسيان المؤمن بوس الدنيا ومجازاة المؤمن والكافر
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً قال : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ(3/207)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِى النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْراً قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْساً فِى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِى الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْساً قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِى بُؤُسٌ قَطُّ وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ ».
بَابُ منه
عَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مُؤْمِناً حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا فِى الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِى الآخِرَةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِى الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا ».
بَابُ مثل المؤمن والكافر
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ لاَ تَزَالُ الرِّيحُ تُمِيلُهُ وَلاَ يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلاَءُ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ الأَرْزِ لاَ تَهْتَزُّ حَتَّى تَسْتَحْصِدَ ».
وَعَنْ كَعْبٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنَ الزَّرْعِ تُفِيئُهَا الرِّيحُ وَتَصْرَعُهَا مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا أُخْرَى حَتَّى تَهِيجَ وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الأَرْزَةِ الْمُجْذِيَةِ عَلَى أَصْلِهَا لاَ يُفِيئُهَا شَىْءٌ حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً ».(3/208)
بَابُ مثل المؤمن كالنخلة
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِى مَا هِىَ ». فَوَقَعَ النَّاسُ فِى شَجَرِ الْبَوَادِى. قال عَبْدُ اللَّهِ وَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِىَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال فَقَالَ « هِىَ النَّخْلَةُ ». قال فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ قال لأَنْ تَكُونَ قُلْتَ هِىَ النَّخْلَةُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.
بَابُ تحريش الشيطان بين المصلين
عَنْ جَابِرٍ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِى التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ ».
بَابُ عرش إبليس وبعثه السرايا فيفتنون الناس
عَنْ جَابِرٍ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ فَيَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ فَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً ».
زاد فى رواية : «... يَجِىءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ - قال - فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ فَيَلْتَزِمُهُ ».
بَابُ ما أحد إلا وكل به قرينه من الجن والملائكة(3/209)
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ ». قَالُوا وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « وَإِيَّاىَ إِلاَّ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِى عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلاَ يَأْمُرُنِى إِلاَّ بِخَيْرٍ ».(1)
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلاً. قالت : فَغِرْتُ عَلَيْهِ فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ « مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ ». فَقُلْتُ وَمَا لِى لاَ يَغَارُ مِثْلِى عَلَى مِثْلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ ». قالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَمَعِىَ شَيْطَانٌ قال « نَعَمْ ». قُلْتُ وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ قال « نَعَمْ ». قُلْتُ وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « نَعَمْ وَلَكِنْ رَبِّى أَعَانَنِى عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ ».
بَابُ لن ينجى أحدًا عملُه ولكن رحمة الله
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « لَنْ يُنْجِىَ أَحَداً مِنْكُمْ عَمَلُهُ ». قال رَجُلٌ وَلاَ إِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « وَلاَ إِيَّاىَ إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِىَ اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَلَكِنْ سَدِّدُوا ».
وَعَنْهُ فِى رِوَايَةٍ : « لَنْ يُدْخِلَ أَحَداً مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ ». قَالُوا وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِىَ اللَّهُ مِنْهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ ».
__________
(1) : وفي رواية : «... وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ ».(3/210)
وَعَنْ جَابِرٍ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ يُدْخِلُ أَحَداً مِنْكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ وَلاَ يُجِيرُهُ مِنَ النَّارِ وَلاَ أَنَا إِلاَّ بِرَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ ».
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « سَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا فَإِنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ أَحَداً عَمَلُهُ ». قَالُوا وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِىَ اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ ».
بَابُ صلاة النبى - صلى الله عليه وسلم -
عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى حَتَّى انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ أَتَكَلَّفُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ « أَفَلاَ أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً ».
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلاَهُ قالت : عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ « يَا عَائِشَةُ أَفَلاَ أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً ».
بَابُ التخول بالموعظة مخافة السآمة(3/211)
عَنْ شَقِيقٍ قال كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ بَابُ عَبْدِ اللَّهِ(1) نَنْتَظِرُهُ فَمَرَّ بِنَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِىُّ فَقُلْنَا أَعْلِمْهُ بِمَكَانِنَا. فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ إِنِّى أُخْبَرُ بِمَكَانِكُمْ فَمَا يَمْنَعُنِى أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ إِلاَّ كَرَاهِيَةُ أَنْ أُمِلَّكُمْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِى الأَيَّامِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا.
زاد فى رواية : إِنَّا نُحِبُّ حَدِيثَكَ وَنَشْتَهِيهِ وَلَوَدِدْنَا أَنَّكَ حَدَّثْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ...
وَعَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ».(2)
بَابُ ما أعد الله لعباده الصالحين
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِىَ الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ». مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِى كِتَابِ اللَّهِ ( فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
وَفِى رِوَايَةٍ : «... وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْراً بَلْهَ مَا أَطْلَعَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ ».
__________
(1) : يعني ابن مسعود.
(2) : لم يذكر النووي رحمه الله حديث أبي هريرة بعد حديث أنس وقد رواه مسلم بسنده عنه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله – يعني حديث أنس بن مالك -.(3/212)
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِىِّ يَقُولُ شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَجْلِساً وَصَفَ فِيهِ الْجَنَّةَ حَتَّى انْتَهَى ثُمَّ قال - صلى الله عليه وسلم - فِى آخِرِ حَدِيثِهِ « فِيهَا مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ». ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ).
بَابُ وصف الشجرة التى فى الجنة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « إِنَّ فِى الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِى ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ ».
زاد فى رواية : «... لاَ يَقْطَعُهَا ».
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ فِى الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادَ الْمُضَمَّرَ السَّرِيعَ مِائَةَ عَامٍ مَا يَقْطَعُهَا ».
بَابُ بشارة الله لأهل الجنة برضوانه
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِى يَدَيْكَ. فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ فَيَقُولُ أَلاَ أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُونَ يَا رَبِّ وَأَىُّ شَىْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِى فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَداً ».
بَابُ ترائى أهل الجنة أهل الغرف كما ترى الكوكب الدرى(3/213)
عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ الْغُرْفَةَ فِى الْجَنَّةِ كَمَا تَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ فِى السَّمَاءِ ».
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال «... كَمَا تَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّىَّ فِى الأُفُقِ الشَّرْقِىِّ أَوِ الْغَرْبِىِّ ».
زاد فى رواية : «... لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لاَ يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ. قال « بَلَى وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ ».
بَابُ معرفة من هو أشد حبًا للنبى - صلى الله عليه وسلم -
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِى لِى حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِى يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِى بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ ».
بَابُ سوق الجنة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ فِى الْجَنَّةِ لَسُوقاً يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِى وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْناً وَجَمَالاً فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْناً وَجَمَالاً فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْناً وَجَمَالاً. فَيَقُولُونَ وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْناً وَجَمَالاً ».
بَابُ فى صفة أهل الجنة(3/214)
عَنْ مُحَمَّدٍ(1) قال إِمَّا تَفَاخَرُوا وَإِمَّا تَذَاكَرُوا الرِّجَالُ فِى الْجَنَّةِ أَكْثَرُ أَمِ النِّسَاءُ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَوَلَمْ يَقُلْ أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَالَّتِى تَلِيهَا عَلَى أَضْوَإِ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ فِى السَّمَاءِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ وَمَا فِى الْجَنَّةِ أَعْزَبُ ».
زاد فى رواية : «... لاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَتْفُلُونَ أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ أَخْلاَقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعاً فِى السَّمَاءِ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ نَجْمٍ فِى السَّمَاءِ إِضَاءَةً ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ لاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَبْزُقُونَ أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ أَخْلاَقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى طُولِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعاً ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سَاقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الْحُسْنِ لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا ».
__________
(1) : هو ابن سيرين.(3/215)
وَعَنْ جَابِرٍ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَلاَ يَتْفُلُونَ وَلاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ ». قَالُوا فَمَا بَالُ الطَّعَامِ قال « جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَنْعَمُ لاَ يَبْأَسُ لاَ تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلاَ يَفْنَى شَبَابُهُ ».
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « يُنَادِى مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلاَ تَسْقَمُوا أَبَداً وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلاَ تَمُوتُوا أَبَداً وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلاَ تَهْرَمُوا أَبَداً وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلاَ تَبْتَئِسُوا أَبَداً ». فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )
وَعَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِى الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ طُولُهَا سِتُّونَ مِيلاً لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُ فَلاَ يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضاً ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... فِى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ ».(3/216)
وَعَنْهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعاً فَلَمَّا خَلَقَهُ قال اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُجِيبُونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ قال فَذَهَبَ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ - قال - فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ - قال - فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعاً فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدَهُ حَتَّى الآنَ ».
بَابُ صفة النار وأهوالها
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ(1) قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِى يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ ». قَالُوا وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءاً كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا ».
__________
(1) : هو ابن مسعود.(3/217)
وَعَنْهُ قال كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « تَدْرُونَ مَا هَذَا ». قال قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قال « هَذَا حَجَرٌ رُمِىَ بِهِ فِى النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفاً فَهُوَ يَهْوِى فِى النَّارِ الآنَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا ».
وَعَنْ سَمُرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى حُجْزَتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى عُنُقِهِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى حُجْزَتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى تَرْقُوَتِهِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... حَقْوَيْهِ(1)... ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « احْتَجَّتِ النَّارُ وَالْجَنَّةُ فَقالت : هَذِهِ يَدْخُلُنِى الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ. وَقالت : هَذِهِ يَدْخُلُنِى الضُّعَفَاءُ وَالْمَسَاكِينُ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِهَذِهِ أَنْتِ عَذَابِى أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ - وَرُبَّمَا قال أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ - وَقَالَ لِهَذِهِ أَنْتِ رَحْمَتِى أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا ».
__________
(1) : مكان حُجْزَتِهِ(3/218)
زاد فى رواية : «... فَأَمَّا النَّارُ فَلاَ تَمْتَلِئُ. فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا فَتَقُولُ قَطْ قَطْ. فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ( فَلاَ يَظْلِمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا )(1) ( وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَيُنْشِئُ اللَّهُ لَهَا خَلْقاً )(2) ».(3)
بَابُ قول جهنم هل من مزيد
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ. حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعِزَّةِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدَمَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَعِزَّتِكَ. وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... لاَ يَزَالُ فِى الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقاً فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « يَبْقَى مِنَ الْجَنَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْقَى ثُمَّ يُنْشِئُ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا خَلْقاً مِمَّا يَشَاءُ ».
بَابُ ذبح الموت
__________
(1) : هذه الجملة لم أجدها في الصحيح. والله أعلم.
(2) : هذه الجملة ليست في حديث أبي هريرة، وإنما هي في حديث أنسٍ. والله أعلم
(3) : لم يذكر النووي رحمه الله تعالى حديث أبي سعيد عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « احْتَجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ ». فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ إِلَى قَوْلِهِ « وَلِكِلَيْكُمَا عَلَىَّ مِلْؤُهَا ». وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ(3/219)
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُجَاءُ بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ - زَادَ أَبُو كُرَيْبٍ - فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ - وَاتَّفَقَا فِى بَاقِى الْحَدِيثِ - فَيُقَالُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ - قال - وَيُقَالُ يَا أَهْلَ النَّارِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا قال فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ - قال - فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ - قال - ثُمَّ يُقَالُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ ». قال ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِىَ الأَمْرُ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ) وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الدُّنْيَا.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُدْخِلُ اللَّهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَيُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ فَيَقُولُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لاَ مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ لاَ مَوْتَ كُلٌّ خَالِدٌ فِيمَا هُوَ فِيهِ ».(1)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « ضِرْسُ الْكَافِرِ أَوْ نَابُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلاَثٍ ».
وَعَنْهُ يَرْفَعُهُ قال « مَا بَيْنَ مَنْكِبَىِ الْكَافِرِ فِى النَّارِ مَسِيرَةُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لِلرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ ».
__________
(1) : زاد في رواية : «... فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحاً إِلَى فَرَحِهِمْ وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْناً إِلَى حُزْنِهِمْ ».(3/220)
وَعَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ ». قَالُوا بَلَى. قال - صلى الله عليه وسلم - « كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ ». ثُمَّ قال « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ ». قَالُوا بَلَى. قال « كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... كُلُّ ( عُتُلٍّ ) جَوَّاظٍ زَنِيمٍ مُتَكَبِّرٍ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ ».
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قال خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ النَّاقَةَ وَذَكَرَ الَّذِى عَقَرَهَا فَقَالَ « إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا انْبَعَثَ بِهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ مَنِيعٌ فِى رَهْطِهِ مِثْلُ أَبِى زَمْعَةَ ». ثُمَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فَوَعَظَ فِيهِنَّ ثُمَّ قال « إِلاَمَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ ». فِى رِوَايَةِ أَبِى بَكْرٍ « جَلْدَ الأَمَةِ ». وَفِى رِوَايَةِ أَبِى كُرَيْبٍ « جَلْدَ الْعَبْدِ وَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ ». ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِى ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ فَقَالَ « إِلاَمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ ».
بَابُ عذاب من سيب السوائب
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَىِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ أَبَا بَنِى كَعْبٍ هَؤُلاَءِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِى النَّارِ ».(3/221)
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قال إِنَّ الْبَحِيرَةَ الَّتِى يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ فَلاَ يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَأَمَّا السَّائِبَةُ الَّتِى كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لآلِهَتِهِمْ فَلاَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَىْءٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ قال أَبُو هُرَيْرَةَ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِىَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِى النَّارِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السُّيُوبَ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُوشِكُ إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّةٌ أَنْ تَرَى قَوْماً فِى أَيْدِيهِمْ مِثْلُ أَذْنَابِ الْبَقَرِ يَغْدُونَ فِى غَضَبِ اللَّهِ وَيَرُوحُونَ(1) فِى سَخَطِ اللَّهِ ».
__________
(1) : في الأصل : ويرجون. وهو خطأ. وما أثبتناه من الصحيح.(3/222)
وَعَنْ الْمُسْتَوْرِدِ أَخِى بَنِى فِهْرٍ يَقُولُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا فِى الآخِرَةِ إِلاَّ مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ - وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ - فِى الْيَمِّ فَلْيَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ ». وَفِى حَدِيثِهِمْ جَمِيعاً غَيْرَ يَحْيَى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ ذَلِكَ. وَفِى حَدِيثِ أَبِى أُسَامَةَ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ أَخِى بَنِى فِهْرٍ وَفِى حَدِيثِهِ أَيْضاً قال وَأَشَارَ إِسْمَاعِيلُ بِالإِبْهَامِ.(1)
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ جَمِيعاً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قال - صلى الله عليه وسلم - « يَا عَائِشَةُ الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ».
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ « إِنَّكُمْ مُلاَقُو اللَّهِ مُشَاةً حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً ».
وَلَمْ يَذْكُرْ فِى رِوَايِةٍ : « يَخْطُبُ ».
__________
(1) : كذا ذكر ذلك بالأصل. وهي بالصحيح(3/223)
وَفِى رِوَايَةٍ : « ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَلاَ وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِى فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِى. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ كَمَا قال الْعَبْدُ الصَّالِحُ ( وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) قال فَيُقَالُ لِى إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ».
بَابُ حشر الناس على ثلاثة طرائق
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلاَثِ طَرَائِقَ رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ وَثَلاَثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا وَتُمْسِى مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا ».
بَابُ أخذ الناس العرق يوم القيامة
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) قال « يَقُومُ أَحَدُهُمْ فِى رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ ».(3/224)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ الْعَرَقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيَذْهَبُ فِى الأَرْضِ سَبْعِينَ بَاعاً وَإِنَّهُ لَيَبْلُغُ إِلَى أَفْوَاهِ النَّاسِ أَوْ إِلَى آذَانِهِمْ ». يَشُكُّ [ثَوْرٌ أَيَّهُمَا] قال.
وَعَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ ». قال سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا يَعْنِى بِالْمِيلِ أَمَسَافَةَ الأَرْضِ أَمِ الْمِيلَ الَّذِى تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ. قال « فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِى الْعَرَقِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَاماً ». قال وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ.(3/225)
وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال ذَاتَ يَوْمٍ فِى خُطْبَتِهِ « أَلاَ إِنَّ رَبِّى أَمَرَنِى أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِى يَوْمِى هَذَا كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْداً حَلاَلٌ وَإِنِّى خَلَقْتُ عِبَادِى حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِى مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَاناً وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَالَ إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِىَ بِكَ وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَاباً لاَ يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِماً وَيَقْظَانَ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشاً فَقُلْتُ رَبِّ إِذاً يَثْلَغُوا رَأْسِى فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً قال اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ وَابْعَثْ جَيْشاً نَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ. قال وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِى قُرْبَى وَمُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ - قال - وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ الضَّعِيفُ الَّذِى لاَ زَبْرَ لَهُ الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعاً لاَ يَتْبَعُونَ أَهْلاً وَلاَ مَالاً وَالْخَائِنُ الَّذِى لاَ يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلاَّ خَانَهُ وَرَجُلٌ لاَ يُصْبِحُ وَلاَ يُمْسِى إِلاَّ وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ ». وَذَكَرَ الْبُخْلَ أَوِ الْكَذِبَ « وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ ».(3/226)
زاد [فى رواية] « وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَىَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ [وَلاَ يَبْغِى أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ] ». وَقَالَ فِى حَدِيثِهِ « وَهُمْ فِيكُمْ تَبَعاً لاَ يَبْغُونَ أَهْلاً وَلاَ مَالاً ». فَقُلْتُ فَيَكُونُ ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قال نَعَمْ وَاللَّهِ لَقَدْ أَدْرَكْتُهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْعَى عَلَى الْحَىِّ مَا بِهِ إِلاَّ وَلِيدَتُهُمْ يَطَؤُهَا.
بَابُ ما يعرض على الميت فى قبره
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ يُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».(3/227)
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قال أَبُو سَعِيدٍ وَلَمْ أَشْهَدْهُ مِنَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَكِنْ حَدَّثَنِيهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قال بَيْنَمَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَائِطٍ لِبَنِى النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ - قال كَذَا كَانَ يَقُولُ الْجُرَيْرِىُّ - فَقَالَ « مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُرِ ». فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا. قال « فَمَتَى مَاتَ هَؤُلاَءِ ». قال مَاتُوا فِى الإِشْرَاكِ. فَقَالَ « إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِى قُبُورِهَا فَلَوْلاَ أَنْ لاَ تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِى أَسْمَعُ مِنْهُ ». ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ « تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ». قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ فَقَالَ « تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ». قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. قال « تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ». قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ قال « تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ». قَالُوا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ.
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَوْلاَ أَنْ لاَ تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ».
وَعَنْ أَبِى أَيُّوبَ قال خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَسَمِعَ صَوْتاً فَقَالَ « يَهُودُ تُعَذَّبُ فِى قُبُورِهَا ».(3/228)
وَعَنْ أَنَسٍ قال قَالَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِى قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ ». قال « يَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولاَنِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِى هَذَا الرَّجُلِ ». قال « فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ». قال « فَيُقَالُ لَهُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَداً مِنَ الْجَنَّةِ ». قال نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فَيَرَاهُمَا جَمِيعاً ». قال قَتَادَةُ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِى قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً وَيُمْلأُ عَلَيْهِ خَضِراً إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.
بَابُ ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ )
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ) قال « نَزَلَتْ فِى عَذَابِ الْقَبْرِ فَيُقَالُ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّىَ اللَّهُ وَنَبِيِّىَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الآخِرَةِ ) ».
بَابُ روح المؤمن والكافر بعد الموت(3/229)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال « إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ الْمُؤْمِنِ تَلَقَّاهَا مَلَكَانِ يُصْعِدَانِهَا ». قال حَمَّادٌ فَذَكَرَ مِنْ طِيبِ رِيحِهَا وَذَكَرَ الْمِسْكَ. قال « وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ رُوحٌ طَيِّبَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ. فَيُنْطَلَقُ بِهِ إلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ يَقُولُ انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الأَجَلِ ». قال « وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ - قال حَمَّادٌ وَذَكَرَ مِنْ نَتْنِهَا وَذَكَرَ لَعْناً - وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاءِ رُوحٌ خَبِيثَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الأَرْضِ. قال فَيُقَالُ انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الأَجَلِ ». قال أَبُو هُرَيْرَةَ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَيْطَةً كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى أَنْفِهِ هَكَذَا.(3/230)
وَعَنْ أَنَسٍ قال كُنَّا مَعَ عُمَرَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَتَرَاءَيْنَا الْهِلاَلَ وَكُنْتُ رَجُلاً حَدِيدَ الْبَصَرِ فَرَأَيْتُهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَآهُ غَيْرِى - قال - فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِعُمَرَ أَمَا تَرَاهُ فَجَعَلَ لاَ يَرَاهُ - قال - يَقُولُ عُمَرُ سَأَرَاهُ وَأَنَا مُسْتَلْقٍ عَلَى فِرَاشِى. ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا عَنْ أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُرِينَا مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرِ بِالأَمْسِ يَقُولُ « هَذَا مَصْرَعُ فُلاَنٍ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ ». قال فَقَالَ عُمَرُ فَوَالَّذِى بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَأُوا الْحُدُودَ الَّتِى حَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - قال - فَجُعِلُوا فِى بِئْرٍ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ فَقَالَ « يَا فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ وَيَا فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ حَقًّا فَإِنِّى قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِىَ اللَّهُ حَقًّا ». قال عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُكَلِّمُ أَجْسَاداً لاَ أَرْوَاحَ فِيهَا قال « مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ غَيْرَ أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَىَّ شَيْئاً ».
زاد فى رواية :... ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَسُحِبُوا فَأُلْقُوا فِى قَلِيبِ بَدْرٍ.(3/231)
وَفِى رِوَايَةٍ :... أَمَرَ بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاً مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ فَأُلْقُوا فِى طَوِىٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ.(1)
بَابُ من نوقش الحساب يهلك
عَنْ عَائِشَةَ قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ حُوسِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ ». فَقُلْتُ أَلَيْسَ قَدْ قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً ) فَقَالَ « لَيْسَ ذَاكِ الْحِسَابُ إِنَّمَا ذَاكِ الْعَرْضُ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ ».
بَابُ حسن الظن بالله تَعَالَى
عَنْ جَابِرٍ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلاَثٍ يَقُولُ « لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ ».
بَابُ يبعث كل عبدٍ على ما مات عليه
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْمٍ عَذَاباً أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ ».(2)
كتاب الفتن
__________
(1) : كذا في الأصل من حديث أنس. وفي الصحيح : عَنْ قَتَادَةَ قال : ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِى طَلْحَةَ قال : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاً...
(2) : لم يذكر النووي رحمه الله تعالى حديث جابر : عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : « يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ».(3/232)
عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ ». وَعَقَدَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ عَشَرَةً. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قال « نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ ». وَعَقَدَ وُهَيْبٌ بِيَدِهِ تِسْعِينَ.
بَابُ الخسف بالجيش
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنِ الْجَيْشِ الَّذِى يُخْسَفُ بِهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِى أَيَّامِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَعُوذُ عَائِذٌ بِالْبَيْتِ فَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثٌ فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ كَارِهاً قال « يُخْسَفُ بِهِ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ ». وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ هِىَ بَيْدَاءُ الْمَدِينَةِ.(3/233)
وَعَنْ حَفْصَةُ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لَيَؤُمَّنَّ هَذَا الْبَيْتَ جَيْشٌ يَغْزُونَهُ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوْسَطِهِمْ وَيُنَادِى أَوَّلُهُمْ آخِرَهُمْ ثُمَّ يُخْسَفُ بِهِمْ فَلاَ يَبْقَى إِلاَّ الشَّرِيدُ الَّذِى يُخْبِرُ عَنْهُمْ ».(1)
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : عَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَنَامِهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتَ شَيْئاً فِى مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ. فَقَالَ « الْعَجَبُ إِنَّ نَاساً مِنْ أُمَّتِى يَؤُمُّونَ بِالْبَيْتِ بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ ». فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ. قال « نَعَمْ فِيهِمُ الْمُسْتَبْصِرُ وَالْمَجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيلِ يَهْلِكُونَ مَهْلَكاً وَاحِداً وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ ».
بَابُ وقوع الفتن
عَنْ أُسَامَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْرَفَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ قال « هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى إِنِّى لأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ ».
__________
(1) : وفي رواية : « سَيَعُوذُ بِهَذَا الْبَيْتِ - يَعْنِى الْكَعْبَةَ - قَوْمٌ لَيْسَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَلاَ عَدَدٌ وَلاَ عُدَّةٌ يُبْعَثُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ »(3/234)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِى وَالْمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ وَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً فَلْيَعُذْ بِهِ ».
وَعَنْ أَبِى بَكْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ أَلاَ ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِى فِيهَا وَالْمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى إِلَيْهَا أَلاَ فَإِذَا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ ». قال فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلاَ غَنَمٌ وَلاَ أَرْضٌ قال « يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ ثُمَّ لْيَنْجُ إِنِ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ». قال فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أُكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِى إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ أَوْ إِحْدَى الْفِئَتَيْنِ فَضَرَبَنِى رَجُلٌ بِسَيْفِهِ أَوْ يَجِىءُ سَهْمٌ فَيَقْتُلُنِى قال « يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ».
بَابُ إذا توجه المسلمان بسيفهما(3/235)
عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قال خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ هَذَا الرَّجُلَ فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَحْنَفُ قال قُلْتُ أُرِيدُ نَصْرَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - يَعْنِى عَلِيًّا - قال فَقَالَ لِى يَا أَحْنَفُ ارْجِعْ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِى النَّارِ ». قال فَقُلْتُ أَوْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قال « إِنَّهُ قَدْ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ ».
وَعَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا الْمُسْلِمَانِ حَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَخِيهِ السِّلاَحَ فَهُمَا فِى جُرُفِ جَهَنَّمَ فَإِذَا قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دَخَلاَهَا جَمِيعاً ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ وَتَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ وَدَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ ».
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْهَرْجُ ». قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « الْقَتْلُ الْقَتْلُ ».
بَابُ هلاك هذه الأمة بعضها بعضًا ومبلغ مهلكها(1)
__________
(1) : كذا بالأصل. ولعله أراد : ومبلغ ملكها.(3/236)
عَنْ ثَوْبَانَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِىَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لِى مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ وَإِنِّى سَأَلْتُ رَبِّى لأُمَّتِى أَنْ لاَ يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ وَأَنْ لاَ يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّى قال يَا مُحَمَّدُ إِنِّى إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لاَ يُرَدُّ وَإِنِّى أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ أَنْ لاَ أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ وَأَنْ لاَ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا - أَوْ قال مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضاً وَيَسْبِى بَعْضُهُمْ بَعْضاً ».
وَعَنْ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِى مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلاً ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - « سَأَلْتُ رَبِّى ثَلاَثاً فَأَعْطَانِى ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِى وَاحِدَةً سَأَلْتُ رَبِّى أَنْ لاَ يُهْلِكَ أُمَّتِى بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يُهْلِكَ أُمَّتِى بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا ».
بَابُ الفتن وصفاتها(3/237)
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قال وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ فِتْنَةٍ هِىَ كَائِنَةٌ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَ السَّاعَةِ وَمَا بِى إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسَرَّ إِلَىَّ فِى ذَلِكَ شَيْئاً لَمْ يُحَدِّثْهُ غَيْرِى وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال وَهُوَ يُحَدِّثُ مَجْلِساً أَنَا فِيهِ عَنِ الْفِتَنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَعُدُّ الْفِتَنَ « مِنْهُنَّ ثَلاَثٌ لاَ يَكَدْنَ يَذَرْنَ شَيْئاً وَمِنْهُنَّ فِتَنٌ كَرِيَاحِ الصَّيْفِ مِنْهَا صِغَارٌ وَمِنْهَا كِبَارٌ ». قال حُذَيْفَةُ فَذَهَبَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ كُلُّهُمْ غَيْرِى.
وَعَنْهُ قال قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَاماً مَا تَرَكَ شَيْئاً يَكُونُ فِى مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلاَّ حَدَّثَ بِهِ حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِى هَؤُلاَءِ وَإِنَّهُ لَيَكُونُ مِنْهُ الشَّىْءُ قَدْ نَسِيتُهُ فَأَرَاهُ فَأَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ ثُمَّ إِذَا رَآهُ عَرَفَهُ.
وَعَنْهُ قال أَخْبَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ فَمَا مِنْهُ شَىْءٌ إِلاَّ قَدْ سَأَلْتُهُ إِلاَّ أَنِّى لَمْ أَسْأَلْهُ مَا يُخْرِجُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ(3/238)
وَعَنْ أَبِى زَيْدٍ(1) قال صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْفَجْرَ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ فَنَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا.
وَعَنْ حُذَيْفَةَ قال كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْفِتْنَةِ كَمَا قال قَالَ فَقُلْتُ أَنَا. قال إِنَّكَ لَجَرِىءٌ وَكَيْفَ قال قَالَ قُلْتُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِى أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ يُكَفِّرُهَا الصِّيَامُ وَالصَّلاَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ ». فَقَالَ عُمَرُ لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِى تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ - قال - فَقُلْتُ مَا لَكَ وَلَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَاباً مُغْلَقاً قال أَفَيُكْسَرُ الْبَابُ أَمْ يُفْتَحُ قال قُلْتُ لاَ بَلْ يُكْسَرُ. قال ذَلِكَ أَحْرَى أَنْ لاَ يُغْلَقَ أَبَداً. قال فَقُلْنَا لِحُذَيْفَةَ هَلْ كَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ قال نَعَمْ كَمَا يَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ إِنِّى حَدَّثْتُهُ حَدِيثاً لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. قال فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ مَنِ الْبَابُ فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ سَلْهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ عُمَرُ.
__________
(1) : هو عمرو بن أخطب.(3/239)
وَعَنْ جُنْدُبٍ قال جِئْتُ يَوْمَ الْجَرَعَةِ فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ فَقُلْتُ لَيُهَرَاقَنَّ الْيَوْمَ هَا هُنَا دِمَاءٌ. فَقَالَ ذَاكَ الرَّجُلُ كَلاَّ وَاللَّهِ. قُلْتُ بَلَى وَاللَّهِ. قال كَلاَّ وَاللَّهِ. قُلْتُ بَلَى وَاللَّهِ. قال كَلاَّ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَنِيهِ. قُلْتُ بِئْسَ الْجَلِيسُ لِى أَنْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ تَسْمَعُنِى أُخَالِفُكَ وَقَدْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ تَنْهَانِى ثُمَّ قُلْتُ مَا هَذَا الْغَضَبُ فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ وَأَسْأَلُهُ فَإِذَا الرَّجُلُ حُذَيْفَةُ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ لَعَلِّى أَكُونُ أَنَا الَّذِى أَنْجُو ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئاً ».
وَعَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْبٍ قال لاَ يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفَةً أَعْنَاقُهُمْ فِى طَلَبِ الدُّنْيَا. قُلْتُ أَجَلْ. قال إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « يُوشِكُ الْفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ فَإِذَا سَمِعَ بِهِ النَّاسُ سَارُوا إِلَيْهِ فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ لَئِنْ تَرَكْنَا النَّاسَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ لَيُذْهَبَنَّ بِهِ كُلِّهِ قال فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ ».
بَابُ ذهاب البركة أيام الفتن(3/240)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا وَمَنَعَتِ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ ».
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ فَإِذَا تَصَافُّوا قالت : الرُّومُ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ لاَ وَاللَّهِ لاَ نُخَلِّى بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا. فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لاَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَداً وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لاَ يُفْتَنُونَ أَبَداً فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطُنْطِينِيَّةَ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِى أَهْلِيكُمْ. فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّهُمْ فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِى الْمَاءِ فَلَوْ تَرَكَهُ لاَنْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِى حَرْبَتِهِ ».
بَابُ تقوم [الساعة] والروم أكثر الناس(3/241)
عَنْ الْمُسْتَوْرِدِ الْقُرَشِىِّ أَنَّهُ قال [كُنْتُ] عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ ». فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو أَبْصِرْ مَا تَقُولُ. قال أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالاً أَرْبَعاً إِنَّهُمْ لأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ.
بَابُ قتال الروم(3/242)
عَنْ يُسَيْرِ(1) بْنِ جَابِرٍ قال هَاجَتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ بِالْكُوفَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ هِجِّيرَى إِلاَّ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ جَاءَتِ السَّاعَةُ. قال فَقَعَدَ وَكَانَ مُتَّكِئاً فَقَالَ إِنَّ السَّاعَةَ لاَ تَقُومُ حَتَّى لاَ يُقْسَمَ مِيرَاثٌ وَلاَ يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ. ثُمَّ قال بِيَدِهِ هَكَذَا - وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأْمِ - فَقَالَ عَدُوٌّ يَجْمَعُونَ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَهْلُ الإِسْلاَمِ. قُلْتُ الرُّومَ تَعْنِى قال نَعَمْ وَتَكُونُ عِنْدَ ذَاكُمُ الْقِتَالِ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ فَيَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ فَيَفِىءُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ فَيَفِىءُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ ثُمَّ يَشْتَرِطُ الْمُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلْمَوْتِ لاَ تَرْجِعُ إِلاَّ غَالِبَةً فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يُمْسُوا فَيَفِىءُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ كُلٌّ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ فَيَجْعَلُ اللَّهُ الدَّبْرَةَ عَلَيْهِمْ فَيَقْتُلُونَ مَقْتَلَةً - إِمَّا قال لاَ يُرَى مِثْلُهَا وَإِمَّا قال لَمْ يُرَ مِثْلُهَا - حَتَّى إِنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى يَخِرَّ مَيْتاً فَيَتَعَادُّ بَنُو الأَبِ كَانُوا مِائَةً فَلاَ يَجِدُونَهُ بَقِىَ مِنْهُمْ إِلاَّ
__________
(1) : في الأصل مكان السين شينًا والكلمة غير منقوطة. وما أثبتناه من الصحيح.(3/243)
الرَّجُلُ الْوَاحِدُ فَبِأَىِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ أَوْ أَىُّ مِيرَاثٍ يُقَاسَمُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعُوا بِبَأْسٍ هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِى ذَرَارِيِّهِمْ فَيَرْفُضُونَ مَا فِى أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً. قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنِّى لأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ أَوْ مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ».
وَعَنْ نَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ قال كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةٍ - قال - فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَغْرِبِ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ فَوَافَقُوهُ عِنْدَ أَكَمَةٍ فَإِنَّهُمْ لَقِيَامٌ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَاعِدٌ - قال - فَقالت : لِى نَفْسِى ائْتِهِمْ فَقُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لاَ يَغْتَالُونَهُ - قال - ثُمَّ قُلْتُ لَعَلَّهُ نَجِىٌّ مَعَهُمْ. فَأَتَيْتُهُمْ فَقُمْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ - قال - فَحَفِظْتُ مِنْهُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ أَعُدُّهُنَّ فِى يَدِى قال « تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ ». قال فَقَالَ نَافِعٌ [يَا] جَابِرُ لاَ نَرَى الدَّجَّالَ يَخْرُجُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ.
بَابُ الآيات التى تكون قبل الساعة(3/244)
عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِىِّ قال اطَّلَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ « مَا تَذَاكَرُونَ ». قَالُوا نَذْكُرُ السَّاعَةَ. قال « إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ ». فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - صلى الله عليه وسلم - وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَثَلاَثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ.
بَابُ تخرج نارٌ بأرض الحجاز
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِىءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى ».
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تَبْلُغُ الْمَسَاكِنُ إِهَابَ أَوْ يَهَابَ ». قُلْتُ(1) وَكَمْ ذَلِكَ مِنَ الْمَدِينَةِ قال كَذَا وَكَذَا مِيلاً.
بَابُ الفتنة من قبل المشرق
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْمَشْرِقِ يَقُولُ « أَلاَ إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا أَلاَ إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَيْسَتِ السَّنَةُ بِأَنْ لاَ تُمْطَرُوا وَلَكِنِ السَّنَةُ أَنْ تُمْطَرُوا وَتُمْطَرُوا وَلاَ تُنْبِتُ الأَرْضُ شَيْئاً ».
__________
(1) : القائل هو زهيرٌ، راوي الحديث عن سهيل، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. والمجيب له هو سهيل.(3/245)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عِنْدَ بَابُ حَفْصَةَ فَقَالَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ « الْفِتْنَةُ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ ». قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً.
وَفِى رِوَايَةٍ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ بَابُ عَائِشَةَ.
وَعَنْهُ قال خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ فَقَالَ « رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ ». يَعْنِى الْمَشْرِقَ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ حَوْلَ ذِى الْخَلَصَةِ ». وَكَانَتْ صَنَماً تَعْبُدُهَا دَوْسٌ فِى الْجَاهِلِيَّةِ بِتَبَالَةَ.
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللاَّتُ وَالْعُزَّى ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ ( هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا قال « إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحاً طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَيَبْقَى مَنْ لاَ خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ ».
بَابُ تمنى الموت، وخراب الكعبة
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِى مَكَانَهُ ».(3/246)
زاد فى رواية : «... وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ إِلاَّ الْبَلاَءُ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَدْرِى الْقَاتِلُ فِى أَىِّ شَىْءٍ قَتَلَ وَلاَ يَدْرِى الْمَقْتُولُ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ قُتِلَ ».
زاد فى رواية : فَقِيلَ كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ قال « الْهَرْجُ. الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِى النَّارِ ».
وَعَنْهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو(1) السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطَانَ يَسُوقُ النَّاسَ بِعَصَاهُ ».
وَعَنْهُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَذْهَبُ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِى حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْجَهْجَاهُ ».
بَابُ قتال الترك
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْماً كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْماً نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ ».
زاد فى رواية : «... وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْماً صِغَارَ الأَعْيُنِ ذُلْفَ الآنُفِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ التُّرْكَ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ يَلْبَسُونَ الشَّعَرَ وَيَمْشُونَ فِى الشَّعَرِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... حُمْرُ الْوُجُوهِ صِغَارُ الأَعْيُنِ ».
__________
(1) : بالأصل : وَ. وهو خطأ، وما أثبتناه من الصحيح.(3/247)
وَعَنْ جَابِرٍ قال يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ لاَ يُجْبَى إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ وَلاَ دِرْهَمٌ. قُلْنَا مِنْ أَيْنَ ذَاكَ قال مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ يَمْنَعُونَ ذَاكَ. ثُمَّ قال يُوشِكَ أَهْلُ الشَّأْمِ أَنْ لاَ يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلاَ مُدْىٌ. قُلْنَا مِنْ أَيْنَ ذَاكَ قال مِنْ قِبَلِ الرُّومِ. ثُمَّ سَكَتَ هُنَيَّةً ثُمَّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَكُونُ فِى آخِرِ أُمَّتِى خَلِيفَةٌ يَحْثِى الْمَالَ حَثْياً لاَ يَعُدُّهُ عَدَداً ».
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مِنْ خُلَفَائِكُمْ خَلِيفَةٌ يَحْثُو الْمَالَ حَثْياً لاَ يَعُدُّهُ عَدَداً ».
بَابُ قتل عمار وعميرة
عَنْ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال لِعَمَّارٍ حِينَ جَعَلَ يَحْفِرُ الْخَنْدَقَ وَجَعَلَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ وَيَقُولُ « بُؤْسَ ابْنِ سُمَيَّةَ تَقْتُلُكَ فِئَةٌ بَاغِيةٌ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : « وَيْسَ ابْنِ سُمَيَّةَ... ».
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال لِعَمَّارٍ « تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « يُهْلِكُ أُمَّتِى هَذَا الْحَىُّ مِنْ قُرَيْشٍ ». قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قال « لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ ».
بَابُ فتوح كسرى وقيصر
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قَدْ مَاتَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ ».(3/248)
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ ». إِلَى آخِرِ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ.
وَعَنْهُ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لَتَفْتَحَنَّ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَنْزَ آلِ كِسْرَى الَّذِى فِى الأَبْيَضِ ».
بَابُ فتح القسطنطينية
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِى الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِى الْبَحْرِ ». قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفاً مِنْ بَنِى إِسْحَاقَ فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلاَحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ قَالُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا ». قال ثَوْرٌ لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ قال « الَّذِى فِى الْبَحْرِ ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الآخَرُ ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. فَيُفَرَّجُ لَهُمْ فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ فَقَالَ إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ. فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَىْءٍ وَيَرْجِعُوا ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لَتُقَاتِلُنَّ الْيَهُودَ فَلَتَقْتُلُنَّهُمْ حَتَّى يَقُولَ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِىٌّ فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ ».(3/249)
زاد فى رواية : «... حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِىٌّ خَلْفِى فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ. إِلاَّ الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ ».
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ كَذَّابِينَ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلاَثِينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ».
بَابُ ذكر ابن صياد
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَمَرَرْنَا بِصِبْيَانٍ فِيهِمُ ابْنُ صَيَّادٍ فَفَرَّ الصِّبْيَانُ وَجَلَسَ ابْنُ صَيَّادٍ فَكَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَرِهَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « تَرِبَتْ يَدَاكَ أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ ». فَقَالَ لاَ. بَلْ تَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ذَرْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ حَتَّى أَقْتُلَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنْ يَكُنِ الَّذِى تَرَى فَلَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ ».
زاد فى رواية : فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئاً ». فَقَالَ دُخٌّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ ».(3/250)
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ وَجَابِرٍ قَالاَ(1) لَقِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِى بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ ». فَقَالَ هُوَ أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « آمَنْتُ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ مَا تَرَى ». قال أَرَى عَرْشًا عَلَى الْمَاءِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « تَرَى عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى الْبَحْرِ وَمَا تَرَى ». قال أَرَى صَادِقَيْنِ وَكَاذِباً أَوْ كَاذِبَيْنِ وَصَادِقاً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لُبِّسَ عَلَيْهِ دَعُوهُ ».
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال صَحِبْتُ ابْنَ صَيَّادٍ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ لِى أَمَا قَدْ لَقِيتُ مِنَ النَّاسِ يَزْعُمُونَ أَنِّى الدَّجَّالُ أَلَسْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّهُ لاَ يُولَدُ لَهُ ». قال قُلْتُ بَلَى. قال فَقَدْ وُلِدَ لِى. أَوَلَيْسَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلاَ مَكَّةَ ». قُلْتُ بَلَى. قال فَقَدْ وُلِدْتُ بِالْمَدِينَةِ وَهَذَا أَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ - قال - ثُمَّ قال لِى فِى آخِرِ قَوْلِهِ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُ مَوْلِدَهُ وَمَكَانَهُ وَأَيْنَ هُوَ. قال فَلَبَّسَنِى.
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح ذكر مسلم حديث جابر مختصرًا على قوله : لَقِىَ نَبِىُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ابْنَ صَائِدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَابْنُ صَائِدٍ مَعَ الْغِلْمَانِ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ.(3/251)
وَفِى رِوَايَةٍ : قال خَرَجْنَا حُجَّاجاً أَوْ عُمَّاراً وَمَعَنَا ابْنُ صَيَّادٍ - قال - فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَدِيدَةً مِمَّا يُقَالُ عَلَيْهِ - قال - وَجَاءَ بِمَتَاعِهِ فَوَضَعَهُ مَعَ مَتَاعِى. فَقُلْتُ إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ فَلَوْ وَضَعْتَهُ تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ - قال - فَفَعَلَ - قال - فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسٍّ فَقَالَ اشْرَبْ أَبَا سَعِيدٍ. فَقُلْتُ إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ وَاللَّبَنُ حَارٌّ. مَا بِى إِلاَّ أَنِّى أَكْرَهُ أَنْ أَشْرَبَ عَنْ يَدِهِ - أَوْ قال آخُذَ عَنْ يَدِهِ - فَقَالَ أَبَا سَعِيدٍ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلاً فَأُعَلِّقَهُ بِشَجَرَةٍ ثُمَّ أَخْتَنِقَ مِمَّا يَقُولُ لِىَ النَّاسُ يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَفِىَ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا خَفِىَ عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَلَسْتَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَلَيْسَ قَدْ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « هُوَ كَافِرٌ ». وَأَنَا مُسْلِمٌ أَوَلَيْسَ قَدْ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « هُوَ عَقِيمٌ لاَ يُولَدُ لَهُ ». وَقَدْ تَرَكْتُ وَلَدِى بِالْمَدِينَةِ أَوَ لَيْسَ قَدْ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلاَ مَكَّةَ ». وَقَدْ أَقْبَلْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ قال أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ حَتَّى كِدْتُ أَنْ أَعْذِرَهُ. ثُمَّ قال أَمَا وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ مَوْلِدَهُ وَأَيْنَ هُوَ الآنَ. قال قُلْتُ لَهُ تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ.(3/252)
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاِبْنِ صَيَّادٍ « مَا تُرْبَةُ الْجَنَّةِ ». قال دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ يَا أَبَا الْقَاسِمِ. قال « صَدَقْتَ ».
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ كَانَ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ الدَّجَّالُ فَقُلْتُ أَتَحْلِفُ بِاللَّهِ قال إِنِّى سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -.(3/253)
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ انْطَلَقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُمِ بَنِى مَغَالَةَ وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ الْحُلُمَ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاِبْنِ صَيَّادٍ « أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ ». فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ فَرَفَضَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ « آمَنْتُ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ ». ثُمَّ قال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَاذَا تَرَى ». قال ابْنُ صَيَّادٍ يَأْتِينِى صَادِقٌ وَكَاذِبٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ ». ثُمَّ قال لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنِّى قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئاً ». فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ « هُوَ الدُّخُّ ». فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ ». فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ذَرْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ حَاجَةَ(1) لَكَ فِى قَتْلِهِ ».
__________
(1) : كذا بالأصل. وفي الصحيح : خَيْرَ.(3/254)
وَعَنْ نَافِعٍ قال لَقِىَ ابْنُ عُمَرَ ابْنَ صَائِدٍ فِى بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ قَوْلاً أَغْضَبَهُ فَانْتَفَخَ حَتَّى مَلأَ السِّكَّةَ فَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى حَفْصَةَ وَقَدْ بَلَغَهَا فَقالت : لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ مَا أَرَدْتَ مِنِ ابْنِ صَائِدٍ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا ». وَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِىُّ إِلَى النَّخْلِ الَّتِى فِيهَا ابْنُ صَيَّادٍ حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّخْلَ طَفِقَ يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ وَهُوَ يَخْتِلُ أَنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّادٍ شَيْئاً قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّادٍ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشٍ فِى قَطِيفَةٍ لَهُ فِيهَا زَمْزَمَةٌ فَرَأَتْ أُمُّ ابْنِ صَيَّادٍ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَتَّقِى بِجُذُوعِ النَّخْلِ فَقالت : لاِبْنِ صَيَّادٍ يَا صَافِ - وَهُوَ اسْمُ ابْنِ صَيَّادٍ - هَذَا مُحَمَّدٌ. فَثَارَ ابْنُ صَيَّادٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ ». قال سَالِمٌ قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ « إِنِّى لأُنْذِرُكُمُوهُ مَا مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ لَقَدْ أَنْذَرَهُ نُوحٌ قَوْمَهُ وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلاً لَمْ يَقُلْهُ نَبِىٌّ لِقَوْمِهِ تَعَلَّمُوا أَنَّهُ(3/255)
أَعْوَرُ وَأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ ». قال ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىُّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال يَوْمَ حَذَّرَ النَّاسَ الدَّجَّالَ « إِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ مَنْ كَرِهَ عَمَلَهُ أَوْ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ». وَقَالَ « تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ ».
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قال لَقِيتُهُ مَرَّتَيْنِ. قال فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ هَلْ تَحَدَّثُونَ أَنَّهُ هُوَ قال لاَ وَاللَّهِ - قال - قُلْتُ كَذَبْتَنِى وَاللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرَنِى بَعْضُكُمْ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَكُمْ مَالاً وَوَلَداً فَكَذَلِكَ هُوَ زَعَمُوا الْيَوْمَ - قال - فَتَحَدَّثْنَا ثُمَّ فَارَقْتُهُ - قال - فَلَقِيتُهُ لَقْيَةً أُخْرَى وَقَدْ نَفَرَتْ عَيْنُهُ - قال - فَقُلْتُ مَتَى فَعَلَتْ عَيْنُكَ مَا أَرَى قال لاَ أَدْرِى - قال - قُلْتُ لاَ تَدْرِى وَهِىَ فِى رَأْسِكَ قال إِنْ شَاءَ اللَّهُ خَلَقَهَا فِى عَصَاكَ هَذِهِ. قال فَنَخَرَ كَأَشَدِّ نَخِيرِ حِمَارٍ سَمِعْتُ - قال - فَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِى أَنِّى ضَرَبْتُهُ بِعَصاً كَانَتْ مَعِىَ حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَأَمَّا أَنَا فَوَ اللَّهِ مَا شَعَرْتُ - قال - وَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَحَدَّثَهَا فَقالت : مَا تُرِيدُ إِلَيْهِ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ قال « إِنَّ أَوَّلَ مَا يَبْعَثُهُ عَلَى النَّاسِ غَضَبٌ يَغْضَبُهُ ».(3/256)
وَعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ الدَّجَّالَ بَيْنَ ظَهْرَانَىِ النَّاسِ فَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ بِأَعْوَرَ. أَلاَ وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِئَةٌ ».
وَعَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ وَقَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ أَلاَ إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَمَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ك ف ر ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... مَمْسُوحُ الْعَيْنِ... ».(1)
وَعَنْ حُذَيْفَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى جُفَالُ الشَّعَرِ مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ أَحَدُهُمَا رَأْىَ الْعَيْنِ مَاءٌ أَبْيَضُ وَالآخَرُ رَأْىَ الْعَيْنِ نَارٌ تَأَجَّجُ فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِى يَرَاهُ نَاراً وَلْيُغَمِّضْ ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ عَلَيْهَا ظَفَرَةٌ غَلِيظَةٌ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ ».(2)
__________
(1) : زاد في هذه الرواية : ثُمَّ تَهَجَّاهَا ك ف ر « يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ ».
(2) : وفي رواية : « إِنَّ مَعَهُ مَاءً ونَاراً فَنَارُهُ مَاءٌ بَارِدٌ وَمَاؤُهُ نَارٌ فَلاَ تَهْلِكُوا ». قال : أَبُو مَسْعُودٍ وأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وفي رواية : « إِنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ وَإِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَاراً فَأَمَّا الَّذِى يَرَاهُ النَّاسُ مَاءً فَنَارٌ تُحْرِقُ وَأَمَّا الَّذِى يَرَاهُ النَّاسُ نَاراً فَمَاءٌ بَارِدٌ عَذْبٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِى الَّذِى يَرَاهُ نَاراً فَإِنَّهُ مَاءٌ عَذْبٌ طَيِّبٌ ».
فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو وَأَنَا قَدْ سَمِعْتُهُ تَصْدِيقاً لِحُذَيْفَةَ.(3/257)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الدَّجَّالِ حَدِيثاً مَا حَدَّثَهُ نَبِىٌّ قَوْمَهُ إِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّهُ يَجِىءُ مَعَهُ مِثْلُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَالَّتِى يَقُولُ إِنَّهَا الْجَنَّةُ هِىَ النَّارُ وَإِنِّى أَنْذَرْتُكُمْ بِهِ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ نُوحٌ قَوْمَهُ ».
بَابُ صفة الدجال ومن أين يخرج ومكثه ونزول عيسى عليه السلام(3/258)
عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ قال ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِى طَائِفَةِ النَّخْلِ فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا فَقَالَ « مَا شَأْنُكُمْ ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِى طَائِفَةِ النَّخْلِ. فَقَالَ « غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِى عَلَيْكُمْ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ عَيْنُهُ طَافِئَةٌ كَأَنِّى أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ فَعَاثَ يَمِيناً وَعَاثَ شِمَالاً يَا عِبَادَ اللَّهِ فَاثْبُتُوا ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا لَبْثُهُ فِى الأَرْضِ قال « أَرْبَعُونَ يَوْماً يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِى كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلاَةُ يَوْمٍ قال « لاَ اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا إِسْرَاعُهُ فِى الأَرْضِ قال « كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ فَيَأْتِى عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ وَالأَرْضَ فَتُنْبِتُ فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُراً وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعاً وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ ثُمَّ يَأْتِى الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ(3/259)
قَوْلَهُ فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَىْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا أَخْرِجِى كُنُوزَكِ. فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ ثُمَّ يَدْعُو رَجُلاً مُمْتَلِئاً شَبَاباً فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِىَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ وَاضِعاً كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ إِذَا طَأْطَأَ رَأَسَهُ قَطَرَ وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ فَلاَ يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلاَّ مَاتَ وَنَفَسُهُ يَنْتَهِى حَيْثُ يَنْتَهِى طَرْفُهُ فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابُ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يَأْتِى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِى الْجَنَّةِ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَى عِيسَى إِنِّى قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَاداً لِى لاَ يَدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ فَحَرِّزْ عِبَادِى إِلَى الطُّورِ. وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ. وَيُحْصَرُ نَبِىُّ اللَّهُ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْراً مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ الْيَوْمَ فَيَرْغَبُ نَبِىُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ فَيُرْسِلُ اللَّهُ(3/260)
عَلَيْهُمُ النَّغَفَ فِى رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِىُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الأَرْضِ فَلاَ يَجِدُونَ فِى الأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلاَّ مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ فَيَرْغَبُ نَبِىُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْراً كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَراً لاَ يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ فَيَغْسِلُ الأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ أَنْبِتِى ثَمَرَتَكِ وَرُدِّى بَرَكَتَكِ. فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا وَيُبَارَكُ فِى الرِّسْلِ حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإِبِلِ لَتَكْفِى الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْبَقَرِ لَتَكْفِى الْقَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِى الْفَخِذَ مِنَ النَّاسِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحاً طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ ».
زاد فى رواية بَعْدَ قَوْلِهِ « لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ ثُمَّ يَسِيرُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى جَبَلِ الْخَمَرِ وَهُوَ جَبَلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيَقُولُونَ لَقَدْ قَتَلْنَا مَنْ فِى الأَرْضِ هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ مَنْ فِى السَّمَاءِ. فَيَرْمُونَ بِنُشَّابِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نُشَّابَهُمْ مَخْضُوبَةً دَماً ».
بَابُ تحريم المدينة على الدجال(3/261)
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ قال حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً حَدِيثاً طَوِيلاً عَنِ الدَّجَّالِ فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا قال « يَأْتِى وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ فَيَنْتَهِى إِلَى بَعْضِ السِّبَاخِ الَّتِى تَلِى الْمَدِينَةَ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ - أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ - فَيَقُولُ لَهُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِى حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَهُ فَيَقُولُ الدَّجَّالُ أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ أَتَشُكُّونَ فِى الأَمْرِ فَيَقُولُونَ لاَ. قال فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّى الآنَ - قال - فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ ».(1)
وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قال مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُ قال « وَمَا يُنْصِبُكَ مِنْهُ إِنَّهُ لاَ يَضُرُّكَ ». قال قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالأَنْهَارَ قال « هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ».
__________
(1) : ذكر مسلم بعد هذا الحديث : قال : أَبُو إِسْحَاقَ يُقَالُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.(3/262)
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ مَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِى تُحَدِّثُ بِهِ تَقُولُ إِنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ إِلَى كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ - أَوْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهُمَا - لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أُحَدِّثَ أَحَداً شَيْئاً أَبَداً إِنَّمَا قُلْتُ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدَ قَلِيلٍ أَمْراً عَظِيماً يُحَرَّقُ الْبَيْتُ وَيَكُونُ وَيَكُونُ ثُمَّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِى أُمَّتِى فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ - لاَ أَدْرِى أَرْبَعِينَ يَوْماً أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْراً أَوْ أَرْبَعِينَ عَاماً - فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحاً بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّأْمِ فَلاَ يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلاَّ قَبَضَتْهُ حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِى كَبَدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ ». قال سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِى خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلاَمِ السِّبَاعِ لاَ يَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً وَلاَ يُنْكِرُونَ مُنْكَراً فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ أَلاَ تَسْتَجِيبُونَ فَيَقُولُونَ فَمَا تَأْمُرُنَا فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأَوْثَانِ وَهُمْ فِى ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ حَسَنٌ عَيْشُهُمْ ثُمَّ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ فَلاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلاَّ أَصْغَى لِيتاً وَرَفَعَ لِيتاً - قال - وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ(3/263)
- قال - فَيَصْعَقُ وَيَصْعَقُ النَّاسُ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ - أَوْ قال يُنْزِلُ اللَّهُ - مَطَراً كَأَنَّهُ الطَّلُّ أَوِ الظِّلُّ - نُعْمَانُ الشَّاكُّ - فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ. وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ - قال - ثُمَّ يُقَالُ أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ فَيُقَالُ مِنْ كَمْ فَيُقَالُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ - قال - فَذَاكَ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً وَذَلِكَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ».
بَابُ فى أول الآيات خروجًا
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قال حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثاً لَمْ أَنْسَهُ بَعْدُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ الآيَاتِ خُرُوجاً طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى وَأَيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا فَالأُخْرَى عَلَى إِثْرِهَا قَرِيباً ».
بَابُ ذكر الجساسة(3/264)
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أُخْتِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ قالت : نَكَحْتُ ابْنَ الْمُغِيرَةِ وَهُوَ مِنْ خِيَارِ شَبَابُ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ فَأُصِيبَ فِى أَوَّلِ الْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا تَأَيَّمْتُ خَطَبَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَخَطَبَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مَوْلاَهُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَكُنْتُ قَدْ حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « مَنْ أَحَبَّنِى فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ ». فَلَمَّا كَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ أَمْرِى بِيَدِكَ فَأَنْكِحْنِى مَنْ شِئْتَ فَقَالَ « انْتَقِلِى إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ ». وَأُمُّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ غَنِيَّةٌ مِنَ الأَنْصَارِ عَظِيمَةُ النَّفَقَةِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يَنْزِلُ عَلَيْهَا الضِّيفَانُ فَقُلْتُ سَأَفْعَلُ فَقَالَ « لاَ تَفْعَلِى إِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ امْرَأَةٌ كَثِيرَةُ الضِّيفَانِ فَإِنِّى أَكْرَهُ أَنْ يَسْقُطَ عَنْكِ خِمَارُكِ أَوْ يَنْكَشِفَ الثَّوْبُ عَنْ سَاقَيْكِ فَيَرَى الْقَوْمُ مِنْكِ بَعْضَ مَا تَكْرَهِينَ وَلَكِنِ انْتَقِلِى إِلَى ابْنِ عَمِّكِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ». - وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى فِهْرٍ فِهْرِ قُرَيْشٍ وَهُوَ مِنَ الْبَطْنِ الَّذِى هِىَ مِنْهُ - فَانْتَقَلْتُ إِلَيْهِ فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتِى سَمِعْتُ نِدَاءَ الْمُنَادِى مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنَادِى الصَّلاَةَ جَامِعَةً. فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكُنْتُ فِى صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِى تَلِى ظُهُورَ الْقَوْمِ(3/265)
فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَتَهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ « لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلاَّهُ ». ثُمَّ قال « أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قال « إِنِّى وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلاَ لِرَهْبَةٍ وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لأَنَّ تَمِيماً الدَّارِىَّ كَانَ رَجُلاً نَصْرَانِيًّا فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ وَحَدَّثَنِى حَدِيثاً وَافَقَ الَّذِى كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ حَدَّثَنِى أَنَّهُ رَكِبَ فِى سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ شَهْراً فِى الْبَحْرِ ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِى الْبَحْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ فَجَلَسُوا فِى أَقْرُبِ السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ لاَ يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ فَقَالُوا وَيْلَكِ مَا أَنْتِ فَقالت : أَنَا الْجَسَّاسَةُ. قَالُوا وَمَا الْجَسَّاسَةُ قالت : أَيُّهَا الْقَوْمُ انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِى الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأَشْوَاقِ. قال لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلاً فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً - قال - فَانْطَلَقْنَا سِرَاعاً حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقاً وَأَشَدُّهُ وِثَاقاً مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ قُلْنَا وَيْلَكَ مَا أَنْتَ قال قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِى فَأَخْبِرُونِى مَا أَنْتُمْ قَالُوا نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ رَكِبْنَا فِى سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ(3/266)
اغْتَلَمَ فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْراً ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ فَجَلَسْنَا فِى أَقْرُبِهَا فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ لاَ يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ فَقُلْنَا وَيْلَكِ مَا أَنْتِ فَقالت : أَنَا الْجَسَّاسَةُ. قُلْنَا وَمَا الْجَسَّاسَةُ قالت : اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِى الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِاْلأَشْوَاقِ فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعاً وَفَزِعْنَا مِنْهَا وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً فَقَالَ أَخْبِرُونِى عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ قُلْنَا عَنْ أَىِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ قال أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا هَلْ يُثْمِرُ قُلْنَا لَهُ نَعَمْ. قال أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لاَ تُثْمِرَ قال أَخْبِرُونِى عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ. قُلْنَا عَنْ أَىِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ قال هَلْ فِيهَا مَاءٌ قَالُوا هِىَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ. قال أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ. قال أَخْبِرُونِى عَنْ عَيْنِ زُغَرَ. قَالُوا عَنْ أَىِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ قال هَلْ فِى الْعَيْنِ مَاءٌ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ قُلْنَا لَهُ نَعَمْ هِىَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا. قال أَخْبِرُونِى عَنْ نَبِىِّ الأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ قَالُوا قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ. قال أَقَاتَلَهُ الْعَرَبُ قُلْنَا نَعَمْ. قال كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ وَأَطَاعُوهُ قال لَهُمْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ قُلْنَا نَعَمْ. قال أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ وَإِنِّى مُخْبِرُكُمْ عَنِّى إِنِّى أَنَا الْمَسِيحُ وَإِنِّى أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِى فِى(3/267)
الْخُرُوجِ فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِى الأَرْضِ فَلاَ أَدَعَ قَرْيَةً إِلاَّ هَبَطْتُهَا فِى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَىَّ كِلْتَاهُمَا كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِداً مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِى مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتاً يَصُدُّنِى عَنْهَا وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلاَئِكَةً يَحْرُسُونَهَا قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِى الْمِنْبَرِ « هَذِهِ طَيْبَةُ هَذِهِ طَيْبَةُ هَذِهِ طَيْبَةُ ». يَعْنِى الْمَدِينَةَ « أَلاَ هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ ». فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ « فَإِنَّهُ أَعْجَبنِى حَدِيثُ تَمِيمٍ أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِى كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ وَعَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ أَلاَ إِنَّهُ فِى بَحْرِ الشَّامِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ لاَ بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ما هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ ». وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ. قالت : فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
بَابُ ذكر ما يدخل الدجال من البلاد وما يتبعه من اليهود
عَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلاَّ سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إِلاَّ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَلَيْسَ نَقْبٌ مِنْ أَنْقَابِهَا إِلاَّ عَلَيْهِ الْمَلاَئِكَةُ صَافِّينَ تَحْرُسُهَا فَيَنْزِلُ بِالسَّبَخَةِ فَتَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ يَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنْهَا كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ أَلْفاً عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ ».(3/268)
وَعَنْ أُمِّ شَرِيكٍ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « لَيَفِرَّنَّ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّالِ فِى الْجِبَالِ ». قالت : أُمُّ شَرِيكٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ قال « هُمْ قَلِيلٌ ».
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ ».
بَابُ المبادرة بالأعمال قبل ظهور الفتن
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سِتًّا طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا أَوِ الدُّخَانَ أَوِ الدَّجَّالَ أَوِ الدَّابَّةَ أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ ».
وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الْعِبَادَةُ فِى الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَىَّ ».
بَابُ لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ(1) عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ ».
وَعَنْ سَهْلِ قال سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ الَّتِى تَلِى الإِبْهَامَ وَالْوُسْطَى وَهُوَ يَقُولُ « بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ هَكَذَا ».
وَعَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ».
زاد فى رواية :... قال وَضَمَّ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى.
__________
(1) : هو ابن مسعودٍ.(3/269)
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : كَانَ الأَعْرَابُ إِذَا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلُوهُ عَنِ السَّاعَةِ مَتَى السَّاعَةُ فَنَظَرَ إِلَى أَحْدَثِ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ فَقَالَ « إِنْ يَعِشْ هَذَا لَمْ يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ قَامَتْ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ ».
وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ وَعِنْدَهُ غُلاَمٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنْ يَعِشْ هَذَا الْغُلاَمُ فَعَسَى أَنْ لاَ يُدْرِكَهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال « تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرَّجُلُ يَحْلُبُ اللِّقْحَةَ فَمَا يَصِلُ الإِنَاءُ إِلَى فِيهِ حَتَّى تَقُومَ وَالرَّجُلاَنِ يَتَبَايَعَانِ الثَّوْبَ فَمَا يَتَبَايَعَانِهِ حَتَّى تَقُومَ وَالرَّجُلُ يَلِطُ فِى حَوْضِهِ فَمَا يَصْدُرُ حَتَّى تَقُومَ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ ». قَالُوا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْماً قال أَبَيْتُ. قَالُوا أَرْبَعُونَ شَهْراً قال أَبَيْتُ. قَالُوا أَرْبَعُونَ سَنَةً قال أَبَيْتُ « ثُمَّ يُنْزِلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ ». قال « وَلَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَىْءٌ إِلاَّ يَبْلَى إِلاَّ عَظْماً وَاحِداً وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
كتاب الزهد والرقائق
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ ».(3/270)
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِالسُّوقِ دَاخِلاً مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ فَمَرَّ بِجَدْىٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ ثُمَّ قال « أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ ». فَقَالُوا مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَىْءٍ وَمَا نَصْنَعُ بِهِ قال « أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ ». قَالُوا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْباً فِيهِ لأَنَّهُ أَسَكُّ فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ فَقَالَ « فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ ».
وَعَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قال أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقْرَأُ ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ) قال « يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِى مَالِى - قال - وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « يَقُولُ الْعَبْدُ مَالِى مَالِى إِنَّمَا لَهُ مِنْ مَالِهِ ثَلاَثٌ مَا أَكَلَ فَأَفْنَى أَوْ لَبِسَ فَأَبْلَى أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ ».
وَعَنْ أَنَسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاَثَةٌ فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَيَبْقَى عَمَلُهُ ».(3/271)
وَعَنْ عَمْرَو بْنِ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِى بِجِزْيَتِهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِىِّ فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِى عُبَيْدَةَ فَوَافَوْا صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ فَتَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَآهُمْ ثُمَّ قال « أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَىْءٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ ». فَقَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قال « « فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ. وَلَكِنِّى أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ».
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال « إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ أَىُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ ». قال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ نَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ تَتَنَافَسُونَ ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ ثُمَّ تَتَبَاغَضُونَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ تَنْطَلِقُونَ فِى مَسَاكِينِ الْمُهَاجِرِينَ فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ عَلَى رِقَابِ بَعْضٍ ».(3/272)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِى الْمَالِ وَالْخَلْقِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ مِمَّنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ ».
وَعَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ ثَلاَثَةً فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى فَأَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكاً فَأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ أَىُّ شَىْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قال لَوْنٌ حَسَنٌ وَجِلْدٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّى الَّذِى قَدْ قَذِرَنِى النَّاسُ. قال فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ وَأُعْطِىَ لَوْناً حَسَناً وَجِلْداً حَسَناً قال فَأَىُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قال الإِبِلُ - أَوْ قال الْبَقَرُ شَكَّ إِسْحَاقُ - إِلاَّ أَنَّ الأَبْرَصَ أَوِ الأَقْرَعَ قال أَحَدُهُمَا الإِبِلُ وَقَالَ الآخَرُ الْبَقَرُ - قال فَأُعْطِىَ نَاقَةً عُشَرَاءَ فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا - قال - فَأَتَى الأَقْرَعَ فَقَالَ أَىُّ شَىْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قال شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّى هَذَا الَّذِى قَذِرَنِى النَّاسُ. قال فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ وَأُعْطِىَ شَعَراً حَسَناً - قال - فَأَىُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قال الْبَقَرُ. فَأُعْطِىَ بَقَرَةً حَامِلاً فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا - قال - فَأَتَى الأَعْمَى فَقَالَ أَىُّ شَىْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ قال أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ إِلَىَّ بَصَرِى فَأُبْصِرَ بِهِ النَّاسَ - قال - فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ. قال فَأَىُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قال الْغَنَمُ. فَأُعْطِىَ شَاةً وَالِداً فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا - قال - فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الإِبِلِ وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ(3/273)
وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ. قال ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الأَبْرَصَ فِى صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ قَدِ انْقَطَعَتْ بِىَ الْحِبَالُ فِى سَفَرِى فَلاَ بَلاَغَ لِىَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِى أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ وَالْمَالَ بَعِيراً أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِى سَفَرِى. فَقَالَ الْحُقُوقُ كَثِيرَةٌ. فَقَالَ لَهُ كَأَنِّى أَعْرِفُكَ أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ فَقِيراً فَأَعْطَاكَ اللَّهُ فَقَالَ إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِراً عَنْ كَابِرٍ. فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ. قال وَأَتَى الأَقْرَعَ فِى صُورَتِهِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قال لِهَذَا وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَى هَذَا فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ. قال وَأَتَى الأَعْمَى فِى صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ انْقَطَعَتْ بِىَ الْحِبَالُ فِى سَفَرِى فَلاَ بَلاَغَ لِىَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ أَسْأَلُكَ بِالَّذِى رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِى سَفَرِى فَقَالَ قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ إِلَىَّ بَصَرِى فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدَعْ مَا شِئْتَ فَوَاللَّهِ لاَ أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ شَيْئاً أَخَذْتَهُ لِلَّهِ فَقَالَ أَمْسِكْ مَالَكَ فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ فَقَدْ رُضِىَ عَنْكَ وَسُخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ.(3/274)
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ فِى إِبِلِهِ فَجَاءَهُ ابْنُهُ عُمَرُ فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ قال أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ فَنَزَلَ فَقَالَ لَهُ أَنَزَلْتَ فِى إِبِلِكَ وَغَنَمِكَ وَتَرَكْتَ النَّاسَ يَتَنَازَعُونَ الْمُلْكَ بَيْنَهُمْ فَضَرَبَ سَعْدٌ فِى صَدْرِهِ فَقَالَ اسْكُتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِىَّ الْغَنِىَّ الْخَفِىَّ ».
وَعَنْهُ قال وَاللَّهِ إِنِّى لأَوَّلُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلَقَدْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا لَنَا طَعَامٌ نَأْكُلُهُ إِلاَّ وَرَقُ الْحُبْلَةِ وَهَذَا السَّمُرُ حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِى عَلَى الدِّينِ لَقَدْ خِبْتُ إِذًا وَضَلَّ عَمَلِى. وَلَمْ يَقُلِ فِى رِوَايَةٍ إِذًا.(1)
__________
(1) : كذا هذه بالأصل. وهي في الصحيح. لكن لا داعي في الاختصار. والله أعلم(3/275)
وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ أَنَّهُ خَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قال أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصُرْمٍ وَوَلَّتْ حَذَّاءَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لاَ زَوَالَ لَهَا فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفَةِ جَهَنَّمَ فَيَهْوِى فِيهَا سَبْعِينَ عَاماً لاَ يُدْرِكُ لَهَا قَعْراً وَوَاللَّهِ لَتُمْلأَنَّ أَفَعَجِبْتُمْ وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ وَلَقَدْ رَأَيْتُنِى سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ وَرَقُ الشَّجَرِ حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا فَالْتَقَطْتُ بُرْدَةً فَشَقَقْتُهَا بَيْنِى وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ فَاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا فَمَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ أَصْبَحَ أَمِيراً عَلَى مِصْرٍ مِنَ الأَمْصَارِ وَإِنِّى أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ فِى نَفْسِى عَظِيماً وَعِنْدَ اللَّهِ صَغِيراً وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ نُبُوَّةٌ قَطُّ إِلاَّ تَنَاسَخَتْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَاقِبَتِهَا مُلْكاً فَسَتَخْبُرُونَ وَتُجَرِّبُونَ الأُمَرَاءَ بَعْدَنَا.
بَابُ فى رؤية الله عز وجل(3/276)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قال « هَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الشَّمْسِ فِى الظَّهِيرَةِ لَيْسَتْ فِى سَحَابَةٍ ». قَالُوا لاَ. قال « فَهَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ فِى سَحَابَةٍ ». قَالُوا لاَ. قال « فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ إِلاَّ كَمَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا - قال - فَيَلْقَى الْعَبْدَ فَيَقُولُ أَىْ فُلْ أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالإِبِلَ وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ فَيَقُولُ بَلَى. قال فَيَقُولُ أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاَقِىَّ فَيَقُولُ لاَ. فَيَقُولُ فَإِنِّى أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِى. ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِىَ فَيَقُولُ أَىْ فُلْ أَلَمْ أُكْرِمْكَ وَأُسَوِّدْكَ وَأُزَوِّجْكَ وَأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالإِبِلَ وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ فَيَقُولُ بَلَى أَىْ رَبِّ. فَيَقُولُ أَفَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلاَقِىَّ فَيَقُولُ لاَ. فَيَقُولُ فَإِنِّى أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِى. ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ فَيَقُولُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرُسُلِكَ وَصَلَّيْتُ وَصُمْتُ وَتَصَدَّقْتُ. وَيُثْنِى بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ فَيَقُولُ هَا هُنَا إِذًا - قال - ثُمَّ يُقَالُ لَهُ الآنَ نَبْعَثُ شَاهِدَنَا عَلَيْكَ. وَيَتَفَكَّرُ فِى نَفْسِهِ مَنْ ذَا الَّذِى يَشْهَدُ عَلَىَّ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لِفَخِذِهِ وَلَحْمِهِ وَعِظَامِهِ انْطِقِى فَتَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِعَمَلِهِ وَذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ. وَذَلِكَ الْمُنَافِقُ وَذَلِكَ الَّذِى يَسْخَطُ اللَّهُ عَلَيْهِ ».(3/277)
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَضَحِكَ فَقَالَ « هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ ». قال قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قال « مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَقُولُ يَا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِى مِنَ الظُّلْمِ قال يَقُولُ بَلَى. قال فَيَقُولُ فَإِنِّى لاَ أُجِيزُ عَلَى نَفْسِى إِلاَّ شَاهِداً مِنِّى قال فَيَقُولُ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيداً وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُوداً - قال - فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ فَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ انْطِقِى. قال فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ - قال - ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلاَمِ - قال - فَيَقُولُ بُعْداً لَكُنَّ وَسُحْقاً. فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ ».
بَابُ اللهم اجعل رزق آل محمدٍ قوتًا
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتاً ».
وَعَنْ عَائِشَةَ قالت : مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ بُرٍّ ثَلاَثَ لَيَالٍ تِبَاعاً حَتَّى قُبِضَ - صلى الله عليه وسلم -.
وَفِى رِوَايَةٍ :... حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ.
وفى أخرى : [مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ يَوْمَيْنِ] مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وَفِى رِوَايَةٍ :... فَوْقَ ثَلاَثٍ.
وَفِى رِوَايَةٍ : [مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -] يَوْمَيْنِ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ إِلاَّ وَأَحَدُهُمَا تَمْرٌ.(1)
__________
(1) : في الأصل : فِى يَوْمَيْنِ مِنْ خُبْزٍ وَأَحَدُهُمَا مِنْ تَمْرٍ. وما أثبتناه من الصحيح.(3/278)
وَعَنْهَا قالت : إِنْ كُنَّا آلَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَنَمْكُثُ شَهْراً مَا نَسْتَوْقِدُ بِنَارٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ التَّمْرُ وَالْمَاءُ.
وَعَنْهَا قالت : تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا فِى رَفِّى مِنْ شَىْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلاَّ شَطْرُ شَعِيرٍ فِى رَفٍّ لِى فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَىَّ فَكِلْتُهُ فَفَنِىَ.
وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ وَاللَّهِ يَا ابْنَ أُخْتِى إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِى شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَ فِى أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَارٌ - قال - قُلْتُ يَا خَالَةُ فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ قالت : الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِيرَانٌ مِنْ الأَنْصَارِ وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَلْبَانِهَا فَيَسْقِينَاهُ.
وَعَنْهَا قالت : مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِى يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ.
وَعَنْهَا قالت : تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ شَبِعَ النَّاسُ مِنَ الأَسْوَدَيْنِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ.
وَفِى رِوَايَةٍ :... وَقَدْ شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ الْمَاءِ وَالتَّمْرِ.
وفى أخرى :... وَمَا شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ.(1)
__________
(1) : ينظر، لعل أحد الروايتين أصح من الأخرى، خاصةً وأن مخرجهما واحد.(3/279)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ - وَقَالَ ابْنُ عَبَّادٍ وَالَّذِى نَفْسُ أَبِى هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ - مَا أَشْبَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعاً مِنْ خُبْزِ حِنْطَةٍ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.
وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قال أَلَسْتُمْ فِى طَعَامٍ وَشَرَابٍ مَا شِئْتُمْ لَقَدْ رَأَيْتُ نَبِيَّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - وَمَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يَمْلأُ بِهِ بَطْنَهُ.
زاد فى رواية :... يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِى.(1)
وَعَنْ [عَبْدِ اللَّهِ] بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ(2) وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَلَسْنَا مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَلَكَ امْرَأَةٌ تَأْوِى إِلَيْهَا قال نَعَمْ. قال أَلَكَ مَسْكَنٌ تَسْكُنُهُ قال نَعَمْ قال فَأَنْتَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ قال فَإِنَّ لِى خَادِماً قال فَأَنْتَ مِنَ الْمُلُوكِ.
وَعَنِ ابْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْجَنَّةِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً ».
بَابُ كيف يدخل مساكن ثمود
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَصْحَابِ الْحِجْرِ « لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ ».
زاد فى رواية : ثُمَّ زَجَرَ فَأَسْرَعَ حَتَّى خَلَّفَهَا.
__________
(1) : تتمته : مَا يَجِدُ دَقَلاً يَمْلأُ بِهِ بَطْنَهُ
(2) : في الأصل : عن عمرو بن العاص. وما أثبتناه من الصحيح وهو الصواب ويؤكده سياق المتن الذي ساقه النووي رحمه الله تعالى.(3/280)
وَفِى رِوَايَةٍ : أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْحِجْرِ أَرْضِ ثَمُودَ فَاسْتَقَوْا مِنْ آبَارِهَا وَعَجَنُوا بِهِ الْعَجِينَ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُهَرِيقُوا مَا اسْتَقَوْا وَيَعْلِفُوا الإِبِلَ الْعَجِينَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنَ الْبِئْرِ الَّتِى كَانَتْ تَرِدُهَا النَّاقَةُ.
بَابُ فضل السعى على الأرامل وفضل بناء المساجد
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ - وَأَحْسِبُهُ قال - وَكَالْقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِى الْجَنَّةِ ». وَأَشَارَ مَالِكٌ(1) بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى.
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَنْ بَنَى مَسْجِداً - قال بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قال - يَبْتَغِى بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِى الْجَنَّةِ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتاً فِى الْجَنَّةِ ».
__________
(1) : مالك بن أنس رحمه الله تعالى إمام دار الهجرة، أحد رجال السند.(3/281)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتاً فِى سَحَابَةٍ اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ. فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِى حَرَّةٍ فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِى حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ قال فُلاَنٌ. لِلاِسْمِ الَّذِى سَمِعَ فِى السَّحَابَةِ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِى عَنِ اسْمِى فَقَالَ إِنِّى سَمِعْتُ صَوْتاً فِى السَّحَابِ الَّذِى هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ لاِسْمِكَ فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا قال أَمَّا إِذَا قُلْتَ هَذَا فَإِنِّى أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِى ثُلُثاً وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... وَأَجْعَلُ ثُلُثَهُ فِى الْمَسَاكِينِ وَالسَّائِلِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ ».
وَعَنْهُ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِى غَيْرِى تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ».
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ ».
وَعَنْ جُنْدُبٍ الْعَلَقِىِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ يُرَائِى يُرَائِى اللَّهُ بِهِ ».(3/282)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ يَنْزِلُ بِهَا فِى النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ».
وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قال قِيلَ لَهُ أَلاَ تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فَقَالَ أَتُرَوْنَ أَنِّى لاَ أُكَلِّمُهُ إِلاَّ أُسْمِعُكُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْراً لاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ وَلاَ أَقُولُ لأَحَدٍ يَكُونُ عَلَىَّ أَمِيراً إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ. بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِى النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ يَا فُلاَنُ مَا لَكَ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ بَلَى قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ ».
بَابُ كراهية إظهار العبد ما ستره الله عليه
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « كُلُّ أُمَّتِى مُعَافَاةٌ إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنَ الإِجْهَارِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ سَتَرَهُ رَبُّهُ فَيَقُولُ يَا فُلاَنُ قَدْ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ فَيَبِيتُ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ».
وَفِى رِوَايَةٍ : «... وَإِنَّ مِنَ الْهِجَارِ ».(3/283)
وَعَنْ أَنَسٍ قال عَطَسَ عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاَنِ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ فَقَالَ الَّذِى لَمْ يُشَمِّتْهُ عَطَسَ فُلاَنٌ فَشَمَّتَّهُ وَعَطَسْتُ أَنَا فَلَمْ تُشَمِّتْنِى. قال « إِنَّ هَذَا حَمِدَ اللَّهَ وَإِنَّكَ لَمْ تَحْمَدِ اللَّهَ ».
وَعَنْ أَبِى مُوسَى قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتُوهُ فَإِنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ فَلاَ تُشَمِّتُوهُ ».
وَعَنْ سَلَمَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ « يَرْحَمُكَ اللَّهُ ». ثُمَّ عَطَسَ أُخْرَى فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الرَّجُلُ مَزْكُومٌ ».
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ ».
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ ».(1)
بَابُ خلق الملائكة والجان وما فقد من الأمم
عَنْ عَائِشَةَ قالت : قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « خُلِقَتِ الْمَلاَئِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ ».
__________
(1) : وفي رواية : « إِذَا تَثَاوَبَ أَحَدُكُمْ فِى الصَّلاَةِ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ ».(3/284)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ وَلاَ أُرَاهَا إِلاَّ الْفَأْرَ أَلاَ تَرَوْنَهَا إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْهُ وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْهُ ». قال أَبُو هُرَيْرَةَ فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ كَعْباً فَقَالَ آنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ نَعَمْ. قال ذَلِكَ مِرَاراً. قُلْتُ أَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ قال إِسْحَاقُ فِى رِوَايَتِهِ « لاَ نَدْرِى مَا فَعَلَتْ ».(1)
بَابُ لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ ».
وَعَنْ صُهَيْبٍ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ ».
وَعَنِ ابْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قال مَدَحَ رَجُلٌ رَجُلاً عِنْدَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - - قال - فَقَالَ « وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ ». مِرَاراً « إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحاً صَاحِبَهُ لاَ مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ أَحْسِبُ فُلاَناً وَاللَّهُ حَسِيبُهُ وَلاَ أُزَكِّى عَلَى اللَّهِ أَحَداً أَحْسِبُهُ إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَاكَ كَذَا وَكَذَا ».
__________
(1) : في الأصل لم أستطع التمييز في النقط بين « ندري » و « يدري ». فأثبت ما كان في الصحيح.(3/285)
ح وَحَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا غُنْدَرٌ قال شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ رَجُلٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ
وفى وراية أنه قال مَا مِنْ رَجُلٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَفْضَلُ مِنْهُ فِى كَذَا وَكَذَا.(1)
وَعَنْ أَبِى مُوسَى قال سَمِعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يُثْنِى عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِى الْمِدْحَةِ فَقَالَ « لَقَدْ أَهْلَكْتُمْ أَوْ قَطَعْتُمْ ظَهْرَ الرَّجُلِ ».
وَعَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ رَجُلاً جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمَانَ فَعَمِدَ الْمِقْدَادُ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ - وَكَانَ رَجُلاً ضَخْماً - فَجَعَلَ يَحْثُو فِى وَجْهِهِ الْحَصْبَاءَ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ مَا شَأْنُكَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « إِذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِى وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « أَرَانِى فِى الْمَنَامِ أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ فَجَذَبَنِى رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الأَصْغَرَ مِنْهُمَا فَقِيلَ لِى كَبِّرْ. فَدَفَعْتُهُ إِلَى الأَكْبَرِ ».
__________
(1) : كذا بالأصل يعني أن القائل هو أبو بكرة. وفي الصحيح : عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ رَجُلٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنْ رَجُلٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَفْضَلُ مِنْهُ فِى كَذَا وَكَذَا.(3/286)
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ وَيَقُولُ اسْمَعِى يَا رَبَّةَ الْحُجْرَةِ اسْمَعِى يَا رَبَّةَ الْحُجْرَةِ. وَعَائِشَةُ تُصَلِّى فَلَمَّا قَضَتْ صَلاَتَهَا قالت : لِعُرْوَةَ أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى هَذَا وَمَقَالَتِهِ آنِفاً إِنَّمَا كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ حَدِيثاً لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لأَحْصَاهُ.
وَعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « لاَ تَكْتُبُوا عَنِّى وَمَنْ كَتَبَ عَنِّى غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ وَحَدِّثُوا عَنِّى وَلاَ حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ - قال هَمَّامٌ أَحْسِبُهُ قال - مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ».
بَابُ ذكر الأخدود(3/287)
عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قال لِلْمَلِكِ إِنِّى قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَىَّ غُلاَماً أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلاَماً يُعَلِّمُهُ فَكَانَ فِى طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلاَمَهُ فَأَعْجَبَهُ فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ فَقَالَ إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ حَبَسَنِى أَهْلِى. وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ حَبَسَنِى السَّاحِرُ. فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ فَقَالَ الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ فَأَخَذَ حَجَراً فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِىَ النَّاسُ. فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا وَمَضَى النَّاسُ فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ أَىْ بُنَىَّ أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّى. قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلاَ تَدُلَّ عَلَىَّ. وَكَانَ الْغُلاَمُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَيُدَاوِى النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاءِ فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِىَ فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ فَقَالَ مَا هَا هُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِى فَقَالَ إِنِّى لاَ أَشْفِى أَحَداً إِنَّمَا يَشْفِى اللَّهُ فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ. فَآمَنَ بِاللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا(3/288)
كَانَ يَجْلِسُ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ قال رَبِّى. قال وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِى قال رَبِّى وَرَبُّكَ اللَّهُ. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلى الْغُلاَمِ فَجِىءَ بِالْغُلاَمِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ أَىْ بُنَىَّ قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ. فَقَالَ إِنِّى لاَ أَشْفِى أَحَداً إِنَّمَا يَشْفِى اللَّهُ. فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ فَجِىءَ بِالرَّاهِبِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِىءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ثُمَّ جِىءَ بِالْغُلاَمِ فَقِيلَ لَهُ ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ. فَأَبَى فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلاَّ فَاطْرَحُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَسَقَطُوا وَجَاءَ يَمْشِى إِلَى الْمَلِكِ فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قال كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِى قُرْقُورٍ فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلاَّ فَاقْذِفُوهُ. فَذَهَبُوا بِهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ. فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا وَجَاءَ يَمْشِى إِلَى الْمَلِكِ(3/289)
فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ قال كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَقَالَ لِلْمَلِكِ إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِى حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ. قال وَمَا هُوَ قال تَجْمَعُ النَّاسَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِى عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِى ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِى كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلاَمِ. ثُمَّ ارْمِنِى فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِى. فَجَمَعَ النَّاسَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ أَخَذَ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِى كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قال بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلاَمِ. ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِى صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِى صُدْغِهِ فِى مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ فَقَالَ النَّاسُ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ
آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ. فَأُتِىَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ قَدْ آمَنَ النَّاسُ. فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ فِى أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ وَقَالَ مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا. أَوْ قِيلَ لَهُ اقْتَحِمْ. فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِىٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا فَقَالَ لَهَا الْغُلاَمُ يَا أُمَّهِ اصْبِرِى فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ ».
بَابُ أجر من أنظر معسرًا(3/290)
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قال خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِى نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِى هَذَا الْحَىِّ مِنَ الأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِينَا أَبَا الْيَسَرِ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ غُلاَمٌ لَهُ مَعَهُ ضِمَامَةٌ مِنْ صُحُفٍ وَعَلَى أَبِى الْيَسَرِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِىٌّ وَعَلَى غُلاَمِهِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِىٌّ فَقَالَ لَهُ أَبِى يَا عَمِّ إِنِّى أَرَى فِى وَجْهِكَ سَفْعَةً مِنْ غَضَبٍ. قال أَجَلْ كَانَ لِى عَلَى فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ الْحَرَامِىِّ مَالٌ فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَسَلَّمْتُ فَقُلْتُ ثَمَّ هُوَ قَالُوا لاَ. فَخَرَجَ عَلَىَّ ابْنٌ لَهُ جَفْرٌ فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ أَبُوكَ قال سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّى. فَقُلْتُ اخْرُجْ إِلَىَّ فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ. فَخَرَجَ فَقُلْتُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّى قال أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لاَ أَكْذِبُكَ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكُنْتُ وَاللَّهِ مُعْسِراً. قال قُلْتُ آللَّهِ. قال اللَّهِ. قُلْتُ آللَّهِ. قال اللَّهِ. قُلْتُ آللَّهِ. قال اللَّهِ. قال فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ فَقَالَ إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِى وَإِلاَّ أَنْتَ فِى حِلٍّ فَأَشْهَدُ بَصَرُ عَيْنَىَّ هَاتَيْنِ - وَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ - وَسَمْعُ أُذُنَىَّ هَاتَيْنِ وَوَعَاهُ قَلْبِى هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ - رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُولُ « مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِى ظِلِّهِ ». قال فَقُلْتُ لَهُ أَنَا يَا عَمِّ(3/291)
لَوْ أَنَّكَ أَخَذْتَ بُرْدَةَ غُلاَمِكَ وَأَعْطَيْتَهُ مَعَافِرِيَّكَ وَأَخَذْتَ مَعَافِرِيَّهُ وَأَعْطَيْتَهُ بُرْدَتَكَ فَكَانَتْ عَلَيْكَ حُلَّةٌ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ. فَمَسَحَ رَأْسِى وَقَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ يَا ابْنَ أَخِى بَصَرُ عَيْنَىَّ هَاتَيْنِ وَسَمْعُ أُذُنَىَّ هَاتَيْنِ وَوَعَاهُ قَلْبِى هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ قَلْبِهِ - رَسُولَ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ « أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ ». وَكَانَ أَنْ أَعْطَيْتُهُ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَىَّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حَسَنَاتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِى مَسْجِدِهِ وَهُوَ يُصَلِّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُشْتَمِلاً بِهِ فَتَخَطَّيْتُ الْقَوْمَ حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَتُصَلِّى فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَرِدَاؤُكَ إِلَى جَنْبِكَ قال فَقَالَ بِيَدِهِ فِى صَدْرِى هَكَذَا وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَقَوَّسَهَا أَرَدْتُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَىَّ الأَحْمَقُ مِثْلُكَ فَيَرَانِى كَيْفَ أَصْنَعُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ. أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى مَسْجِدِنَا هَذَا وَفِى يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ فَرَأَى فِى قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَحَكَّهَا بِالْعُرْجُونِ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ « أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ ». قال فَخَشَعْنَا ثُمَّ قال « أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ ». قال فَخَشَعْنَا ثُمَّ قال « أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللَّهُ عَنْهُ ». قُلْنَا لاَ أَيُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّى فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ(3/292)
وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ فَلاَ يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ وَلاَ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا ». ثُمَّ طَوَى ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ « أَرُونِى عَبِيراً ». فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَىِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِى رَاحَتِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ. فَقَالَ جَابِرٌ فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمُ الْخَلُوقَ فِى مَسَاجِدِكُمْ. سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ وَهُوَ يَطْلُبُ الْمَجْدِىَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِىَّ وَكَانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ فَأَنَاخَهُ فَرَكِبَهُ ثُمَّ بَعَثَهُ فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ فَقَالَ لَهُ شَأْ لَعَنَكَ اللَّهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ هَذَا اللاَّعِنُ بَعِيرَهُ ». قال أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « انْزِلْ عَنْهُ فَلاَ تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ ». سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا كَانَتْ عُشَيْشِيَةٌ وَدَنَوْنَا مَاءً مِنْ مِيَاهِ الْعَرَبِ قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ رَجُلٌ يَتَقَدَّمُنَا فَيَمْدُرُ الْحَوْضَ فَيَشْرَبُ وَيَسْقِينَا ». قال جَابِرٌ فَقُمْتُ فَقُلْتُ هَذَا رَجُلٌ(3/293)
يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « أَىُّ رَجُلٍ مَعَ جَابِرٍ ». فَقَامَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبِئْرِ فَنَزَعْنَا فِى الْحَوْضِ سَجْلاً أَوْ سَجْلَيْنِ ثُمَّ مَدَرْنَاهُ ثُمَّ نَزَعْنَا فِيهِ حَتَّى أَفْهَقْنَاهُ فَكَانَ أَوَّلَ طَالِعٍ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « أَتَأْذَنَانِ ». قُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَشْرَعَ نَاقَتَهُ فَشَرِبَتْ شَنَقَ لَهَا فَشَجَتْ فَبَالَتْ ثُمَّ عَدَلَ بِهَا فَأَنَاخَهَا ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْحَوْضِ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ثُمَّ قُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ مِنْ مُتَوَضَّإِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَهَبَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ يَقْضِى حَاجَتَهُ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّىَ وَكَانَتْ عَلَىَّ بُرْدَةٌ ذَهَبْتُ أَنْ أُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ لِى وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبُ فَنَكَّسْتُهَا ثُمَّ خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيْهَا ثُمَّ جِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَ بِيَدِى فَأَدَارَنِى حَتَّى أَقَامَنِى عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَتَوَضَّأَ(3/294)
ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَيْنَا جَمِيعاً فَدَفَعَنَا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْمُقُنِى وَأَنَا لاَ أَشْعُرُ ثُمَّ فَطِنْتُ بِهِ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ يَعْنِى شُدَّ وَسَطَكَ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال « يَا جَابِرُ ». قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « إِذَا كَانَ وَاسِعاً فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَإِذَا كَانَ ضَيِّقاً فَاشْدُدْهُ عَلَى حِقْوِكَ ». سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ قُوتُ كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا فِى كُلِّ يَوْمٍ تَمْرَةً فَكَانَ يَمَصُّهَا ثُمَّ يَصُرُّهَا فِى ثَوْبِهِ وَكُنَّا نَخْتَبِطُ بِقِسِيِّنَا وَنَأْكُلُ حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا فَأُقْسِمُ أُخْطِئَهَا رَجُلٌ مِنَّا يَوْماً فَانْطَلَقْنَا بِهِ نَنْعَشُهُ فَشَهِدْنَا أَنَّهُ لَمْ يُعْطَهَا فَأُعْطِيَهَا فَقَامَ فَأَخَذَهَا. سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى نَزَلْنَا وَادِياً أَفْيَحَ فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْضِى حَاجَتَهُ فَاتَّبَعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَرَ شَيْئاً يَسْتَتِرُ بِهِ فَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ الْوَادِى فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى إِحْدَاهُمَا فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ « انْقَادِى عَلَىَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ». فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ الَّذِى يُصَانِعُ قَائِدَهُ حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الأُخْرَى فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ « انْقَادِى عَلَىَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ».(3/295)
فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ مِمَّا بَيْنَهُمَا لأَمَ بَيْنَهُمَا - يَعْنِى جَمَعَهُمَا - فَقَالَ « الْتَئِمَا عَلَىَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ». فَالْتَأَمَتَا قال جَابِرٌ فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقُرْبِى فَيَبْتَعِدَ - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ فَيَتَبَعَّدَ - فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِى فَحَانَتْ مِنِّى لَفْتَةٌ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُقْبِلاً وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَفَ وَقْفَةً فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا - وَأَشَارَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ بِرَأْسِهِ يَمِيناً وَشِمَالاً - ثُمَّ أَقْبَلَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَىَّ قال « يَا جَابِرُ هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِى ». قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قال « فَانْطَلِقْ إِلَى الشَّجَرَتَيْنِ فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْناً فَأَقْبِلْ بِهِمَا حَتَّى إِذَا قُمْتَ مَقَامِى فَأَرْسِلْ غُصْناً عَنْ يَمِينِكَ وَغُصْناً عَنْ يَسَارِكَ ». قال جَابِرٌ فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ حَجَراً فَكَسَرْتُهُ وَحَسَرْتُهُ فَانْذَلَقَ لِى فَأَتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غُصْناً ثُمَّ أَقْبَلْتُ أَجُرُّهُمَا حَتَّى قُمْتُ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلْتُ غُصْناً عَنْ يَمِينِى وَغُصْناً عَنْ يَسَارِى ثُمَّ لَحِقْتُهُ فَقُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَمَّ ذَاكَ قال « إِنِّى مَرَرْتُ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فَأَحْبَبْتُ بِشَفَاعَتِى أَنْ يُرَفَّهَ عَنْهُمَا مَا دَامَ الْغُصْنَانِ رَطْبَيْنِ ». قال فَأَتَيْنَا الْعَسْكَرَ فَقَالَ رَسُولُ(3/296)
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يَا جَابِرُ نَادِ بِوَضُوءٍ ». فَقُلْتُ أَلاَ وَضُوءَ أَلاَ وَضُوءَ أَلاَ وَضُوءَ قال قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ فِى الرَّكْبِ مِنْ قَطْرَةٍ وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُبَرِّدُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَاءَ فِى أَشْجَابٍ لَهُ عَلَى حِمَارَةٍ مِنْ جَرِيدٍ قال فَقَالَ لِىَ « انْطَلِقْ إِلَى فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ الأَنْصَارِىِّ فَانْظُرْ هَلْ فِى أَشْجَابِهِ مِنْ شَىْءٍ ». قال فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ فَنَظَرْتُ فِيهَا فَلَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلاَّ قَطْرَةً فِى عَزْلاَءِ شَجْبٍ مِنْهَا لَوْ أَنِّى أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلاَّ قَطْرَةً فِى عَزْلاَءِ شَجْبٍ مِنْهَا لَوْ أَنِّى أُفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ قال « اذْهَبْ فَأْتِنِى بِهِ ». فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِشَىْءٍ لاَ أَدْرِى مَا هُوَ وَيَغْمِزُهُ بِيَدَيْهِ ثُمَّ أَعْطَانِيهِ فَقَالَ « يَا جَابِرُ نَادِ بِجَفْنَةٍ ». فَقُلْتُ يَا جَفْنَةَ الرَّكْبِ. فَأُتِيتُ بِهَا تُحْمَلُ فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ فِى الْجَفْنَةِ هَكَذَا فَبَسَطَهَا وَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ وَضَعَهَا فِى قَعْرِ الْجَفْنَةِ وَقَالَ « خُذْ يَا جَابِرُ فَصُبَّ عَلَىَّ وَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ ». فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ بِاسْمِ اللَّهِ. فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَوَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ فَارَتِ الْجَفْنَةُ وَدَارَتْ حَتَّى امْتَلأَتْ فَقَالَ « يَا جَابِرُ نَادِ مَنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِمَاءٍ ». قال فَأَتَى النَّاسُ(3/297)
فَاسْتَقَوْا حَتَّى رَوُوا قال فَقُلْتُ هَلْ بَقِىَ أَحَدٌ لَهُ حَاجَةٌ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ مِنَ الْجَفْنَةِ وَهِىَ مَلأَى. وَشَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْجُوعَ فَقَالَ « عَسَى اللَّهُ أَنْ يُطْعِمَكُمْ ». فَأَتَيْنَا سِيفَ الْبَحْرِ فَزَخَرَ الْبَحْرُ زَخْرَةً فَأَلْقَى دَابَّةً فَأَوْرَيْنَا عَلَى شِقِّهَا النَّارَ فَاطَّبَخْنَا وَاشْتَوَيْنَا وَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا. قال جَابِرٌ فَدَخَلْتُ أَنَا وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً فِى حِجَاجِ عَيْنِهَا مَا يَرَانَا أَحَدٌ حَتَّى خَرَجْنَا فَأَخَذْنَا ضِلَعاً مِنْ أَضْلاَعِهِ فَقَوَّسْنَاهُ ثُمَّ دَعَوْنَا بِأَعْظَمِ رَجُلٍ فِى الرَّكْبِ وَأَعْظَمِ جَمَلٍ فِى الرَّكْبِ وَأَعْظَمِ كِفْلٍ فِى الرَّكْبِ فَدَخَلَ تَحْتَهُ مَا يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ.
بَابُ فى قصة خروج النبى - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى الغار(3/298)
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قال جَاءَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِلَى أَبِى فِى مَنْزِلِهِ فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلاً فَقَالَ لِعَازِبٍ ابْعَثْ مَعِىَ ابْنَكَ يَحْمِلْهُ مَعِى إِلَى مَنْزِلِى فَقَالَ لِى أَبِى احْمِلْهُ. فَحَمَلْتُهُ وَخَرَجَ أَبِى مَعَهُ يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ فَقَالَ لَهُ أَبِى يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْنِى كَيْفَ صَنَعْتُمَا لَيْلَةَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال نَعَمْ أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا كُلَّهَا حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلاَ الطَّرِيقُ فَلاَ يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ حَتَّى رُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ لَهَا ظِلٌّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ بَعْدُ فَنَزَلْنَا عِنْدَهَا فَأَتَيْتُ الصَّخْرَةَ فَسَوَّيْتُ بِيَدِى مَكَاناً يَنَامُ فِيهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى ظِلِّهَا ثُمَّ بَسَطْتُ عَلَيْهِ فَرْوَةً ثُمَّ قُلْتُ نَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ فَإِذَا أَنَا بِرَاعِى غَنَمٍ مُقْبِلٍ بِغَنَمِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِى أَرَدْنَا فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قُلْتُ أَفِى غَنَمِكَ لَبَنٌ قال نَعَمْ. قُلْتُ أَفَتَحْلُبُ لِى قال نَعَمْ. فَأَخَذَ شَاةً فَقُلْتُ لَهُ انْفُضِ الضَّرْعَ مِنَ الشَّعَرِ وَالتُّرَابِ وَالْقَذَى - قال فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى الأُخْرَى يَنْفُضُ - فَحَلَبَ لِى فِى قَعْبٍ مَعَهُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ قال وَمَعِى إِدَاوَةٌ أَرْتَوِى فِيهَا لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَشْرَبَ مِنْهَا وَيَتَوَضَّأَ - قال - فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ مِنْ نَوْمِهِ فَوَافَقْتُهُ(3/299)
اسْتَيْقَظَ فَصَبَبْتُ عَلَى اللَّبَنِ مِنَ الْمَاءِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْرَبْ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ - قال - فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قال « أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ ». قُلْتُ بَلَى. قال فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا زَالَتِ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ - قال - وَنَحْنُ فِى جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُتِينَا فَقَالَ « لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ». فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَارْتَطَمَتْ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا أُرَى فَقَالَ إِنِّى قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَىَّ فَادْعُوَا لِى فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ. فَدَعَا اللَّهَ فَنَجَى فَرَجَعَ لاَ يَلْقَى أَحَداً إِلاَّ قال قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا هَا هُنَا فَلاَ يَلْقَى أَحَداً إِلاَّ رَدَّهُ - قال - وَوَفَى لَنَا.
زاد فى رواية : فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ لَيْلاً فَتَنَازَعُوا أَيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « أَنْزِلُ عَلَى بَنِى النَّجَّارِ أَخْوَالِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ ». فَصَعِدَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَوْقَ الْبُيُوتِ وَتَفَرَّقَ الْغِلْمَانُ وَالْخَدَمُ فِى الطُّرُقِ يُنَادُونَ يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قِيلَ لِبَنِى إِسْرَائِيلَ ( ادْخُلُوا الْبَابُ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ يُغْفَرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ) فَبَدَّلُوا فَدَخَلُوا الْبَابُ يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ وَقَالُوا حَبَّةٌ فِى شَعَرَةٍ ».
بَابُ تتابع الوحى على النبى - صلى الله عليه وسلم -(3/300)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قال أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَابَعَ الْوَحْىَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ وَفَاتِهِ حَتَّى تُوُفِّىَ وَأَكْثَرُ مَا كَانَ الْوَحْىُ يَوْمَ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِعُمَرَ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ آيَةً لَوْ أُنْزِلَتْ فِينَا لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيداً. فَقَالَ عُمَرُ إِنِّى لأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ وَأَىَّ يَوْمٍ أُنْزِلَتْ وَأَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ أُنْزِلَتْ أُنْزِلَتْ بِعَرَفَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ. قال سُفْيَانُ أَشُكُّ كَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ أَمْ لاَ. يَعْنِى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى ).(1)
بَابُ فِى قَوْلِهِ ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى )
__________
(1) : وفي رواية : نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَاتٍ.
وفي آخرى : نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَاتٍ فِى يَوْمِ جُمُعَةٍ.(3/301)
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجّلَّ ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ) قالت : يَا ابْنَ أُخْتِى هِىَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِى حَجْرِ وَلِيِّهَا تُشَارِكُهُ فِى مَالِهِ فَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِى صَدَاقِهَا فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ مِنَ الصَّدَاقِ وَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ. قال عُرْوَةُ قالت : عَائِشَةُ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ فِيهِنَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( يَسْتَفْتُونَكَ فِى النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَابِ فِى يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِى لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ). قالت : وَالَّذِى ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَابِ الآيَةُ الأُولَى الَّتِى قال اللَّهُ فِيهَا ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ). قالت : عَائِشَةُ وَقَوْلُ اللَّهِ فِى الآيَةِ الأُخْرَى ( وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ) رَغْبَةَ أَحَدِكُمْ عَنِ الْيَتِيمَةِ الَّتِى تَكُونُ فِى حَجْرِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا رَغِبُوا فِى مَالِهَا وَجَمَالِهَا مِنْ يَتَامَى النِّسَاءِ إِلاَّ بِالْقِسْطِ مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ.(3/302)
بَابُ فِى قَوْلِهِ ( وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ )
عَنْ عَائِشَةَ فِى قَوْلِهِ ( وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) قالت : أُنْزِلَتْ فِى وَالِى مَالِ الْيَتِيمِ الَّذِى يَقُومُ عَلَيْهِ وَيُصْلِحُهُ إِذَا كَانَ مُحْتَاجاً أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ.
بَابُ ما نزل من القرآن فى يوم الخندق
عَنْ عَائِشَةَ فِى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ( إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ ) قالت : كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ.
بَابُ ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً ) الآيَةَ
عَنْ عَائِشَةَ ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً ) الآيَةَ قالت : أُنْزِلَتْ فِى الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَتَطُولُ صُحْبَتُهَا فَيُرِيدُ طَلاَقَهَا فَتَقُولُ لاَ تُطَلِّقْنِى وَأَمْسِكْنِى وَأَنْتَ فِى حِلٍّ مِنِّى. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
بَابُ الاستغفار لأصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم -
عَنْ عَائِشَةَ قالت : أُمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لأَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَبُّوهُمْ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قال اخْتَلَفَ أَهْلُ الْكُوفَةِ فِى هَذِهِ الآيَةِ ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ) فَرَحَلْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ لَقَدْ أُنْزِلَتْ آخِرَ مَا أُنْزِلَ ثُمَّ مَا نَسَخَهَا شَىْءٌ.
زاد فى رواية :... وَعَنْ هَذِهِ الآيَةِ ( وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ [إِلاَّ بِالْحَقِّ ) قال نَزَلَتْ فِى أَهْلِ الشِّرْكِ.(3/303)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ بِمَكَّةَ ( وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ ) إِلَى قَوْلِهِ ( مُهَاناً ) فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ وَمَا يُغْنِى عَنَّا الإِسْلاَمُ وَقَدْ عَدَلْنَا بِاللَّهِ وَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ وَأَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قال فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ فِى الإِسْلاَمِ وَعَقَلَهُ ثُمَّ قَتَلَ فَلاَ تَوْبَةَ لَهُ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قال قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ أَلِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً مِنْ تَوْبَةٍ قال لاَ. قال فَتَلَوْتُ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِى فِى الْفُرْقَانِ ( وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قال هَذِهِ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً ).
وَفِى رِوَايَةِ :... فَتَلَوْتُ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِى فِى الْفُرْقَانِ ( إِلاَّ مَنْ تَابَ )...
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ).
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال لَقِىَ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلاً فِى غُنَيْمَةٍ لَهُ فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا تِلْكَ الْغُنَيْمَةَ فَنَزَلَتْ ( وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً ) وَقَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ السَّلاَمَ.(3/304)
وَعَنِ الْبَرَاءِ قال كَانَتِ الأَنْصَارُ إِذَا حَجُّوا فَرَجَعُوا لَمْ يَدْخُلُوا الْبُيُوتَ إِلاَّ مِنْ ظُهُورِهَا - قال - فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَدَخَلَ مِنْ بَابِهِ فَقِيلَ لَهُ فِى ذَلِكَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ( لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا ).
بابٌ قَوْلُهُ تَعَالَى( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ )
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلاَمِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ بِهَذِهِ الآيَةِ ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ) إِلاَّ أَرْبَعُ سِنِينَ.
بَابُ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ )
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهِىَ عُرْيَانَةٌ فَتَقُولُ مَنْ يُعِيرُنِى تِطْوَافاً تَجْعَلُهُ عَلَى فَرْجِهَا وَتَقُولُ الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلاَ أُحِلُّهُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةَ ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ )
بَابُ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى( وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ )
عَنْ جَابِرٍ قال كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ يَقُولُ لِجَارِيَةٍ لَهُ اذْهَبِى فَابْغِينَا شَيْئاً فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ ) لَهُنَّ ( غَفُورٌ رَحِيمٌ )
بَابُ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ )(3/305)
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ) قال كَانَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ أَسْلَمُوا وَكَانُوا يُعْبَدُونَ فَبَقِىَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ عَلَى عِبَادَتِهِمْ وَقَدْ أَسْلَمَ النَّفَرُ مِنَ الْجِنِّ.
وَفِى رِوَايَةٍ : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ) قال نَزَلَتْ فِى نَفَرٍ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يَعْبُدُونَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ فَأَسْلَمَ الْجِنِّيُّونَ وَالإِنْسُ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَنَزَلَتْ ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ )
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قال قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ سُورَةُ التَّوْبَةِ قال آلتَّوْبَةِ قال بَلْ هِىَ الْفَاضِحَةُ مَا زَالَتْ تَنْزِلُ وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ. حَتَّى ظَنُّوا أَنْ لاَ يَبْقَى مِنَّا أَحَدٌ إِلاَّ ذُكِرَ فِيهَا. قال قُلْتُ سُورَةُ الأَنْفَالِ قال تِلْكَ سُورَةُ بَدْرٍ. قال قُلْتُ فَالْحَشْرُ قال نَزَلَتْ فِى بَنِى النَّضِيرِ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قال خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قال أَمَّا بَعْدُ أَلاَ وَإِنَّ الْخَمْرَ نَزَلَ تَحْرِيمُهَا يَوْمَ نَزَلَ وَهْىَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ. وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ وَثَلاَثَةُ أَشْيَاءَ وَدِدْتُ أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عَهِدَ إِلَيْنَا فِيهَا الْجَدُّ وَالْكَلاَلَةُ وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا.(3/306)
بَابُ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِى رَبِّهِمْ )
عَنْ أَبِى ذَرٍّ أَنَّهُ كَانَ يُقْسِمُ قَسَماً أَنَّ ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِى رَبِّهِمْ ) نَزَلَتْ فِى الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةُ وَعَلِىٌّ وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَعُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ.(3/307)