قال صاحبنا في كتابه : ( أرواء الظمى ، بتخريج سنن الدارمي ) ( 1 م 135 – 138 ، رقم 44 ) ومن خطه نقلت :
( أما القول بتحسين لشواهده ، فهذا ما لا أقول به . إذا كنت في معترك ، أو مقتتل فالعقل يقول : إنه لا يمكنك أن تعيين عاجزا بعاجز ، ولا أبئر بأبتر ، كما لا يسوع ( الستر بشفاف ) !! وعلمي – وهو كالدر في الشمس – أن هذا هو مذهب الأكثر والغالب الأعم من فضلاء أئمة هذا الشأن والشيخ من أول العالمين بهذا ن بل بل القائلين به !!
وأما قول أبي بكر نب أبي شيبة : ( ثبت لنا أن النبي صلي الله عليه وأله وسلم قاله . ) فهذا قول متعقب بأنه ليس عليه دليل ، وإلا فلم يسقه ! ، اللهم إلا أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله وسلم أخبره بذلك في المنام !!!
وأما قول الشيخ حامد إبراهيم حفظه الله تعالي فيحتاج إلي نفس الدليل الذى يحتاجه قول ابن أبي شيبة ولا دليل ! والمسألة ليست مسألة إيجاد مخرج من تضارب النقل في قولي الإمام ، فإن هذا يوحي أن النقلين صحيحان ، وهذا ما لا يستقيم ، إلا إذا استقام ذنب الضب !!
أما المخرج الذى أراه – وأستحي من الله عز وجل ، ,استغفره وأنا أكتب هذا الكلام معزورا إلي نفسي – فهو أحد أمرين لا ثالث لهما عندي
الأول : أن الحديث لم يصح عند أحمد ولا عند أحمد ولا عند غيره ن وإلا قال تلك المقالة وهذا الأمر هو الذى تركن إليه النفس ، وتعين عليه الأصول كثير ويده أن الذى عنده في المسند ) ( 3 / 41 ) هو من طريق كثير بن زيد وهذا حاله معروف . والثاني ( 2/ 498 ) وإسناده ليس بصحيح لجهالة يعقوب بن سلمة وأبيه وعليه فلابد من التسليم بذلك – أعنى عدم صحة الحديث – ولا منفردا ، ولا منضما إليه غيره . ونكون بذلك قد استرحنا وأرحنا . !!
الثاني : فهو القول بثبوت الحديث عنده ، أو بتقوية بما لا يقوي بمثله كما أسلفنا والقول بهذا عندي هو كفعل من يطبخ الحديد يلتمس أدمه أو يخص الماء يبتغي زبده !!(1/1)
أما قول صاحب ( الإنصاف ) عن أحمد ك أن التسمية واجبة وهى المذهب عنده فلعمر الله ، هذا هو العجب الذى ولد العجب ن فكيف يوجب العمل بحديث ضعيف في الأحكام ؟ !!
وقول الحافظ : الظاهر أن مجموع الأحاديث ........الخ
والاستشهاد به أو الاعتضاد به هنا ، يعكر عليه أن هذا قول عام ، وتخصيصه بهذا الحديث يحتاج غلي دليل كما تعلمنا ن ولو وجد ، فإن القول الذى ندين الله تعالي به أنه لا يمكن بحال تقوية ضعيف بضعيف ، أبدا ، ! ففاقد الشئ لا يعطيه عز وجل ولنا كما قال ابن مهدي رحمه الله في صحيح الحديث غنية عن سقيمه ولا صحيح يثبت في هذا الباب .. ) أ هـ
انتهي قول صاحبنا عز وجل
الفصل الأول
(تفصيل البحث حول طرق الأحاديث )
أولا الكلام على الأحاديث الواردة في الباب .
اعلم – وفقني الله وإياك إلي طاعته – أن الحديث ورد عن جماعة من الصحابة منهم أبو بكر الصديق ، وعلى ابن أبى طالب ، وأبو سعيد الخدري ، وأبو هريرة ، وأنس ابن مالك ، وسعيد بن زيد ، وسهل بن سعد ، وعائشة ، وأبو سيرة ، وأم سيرة ، رضى الله تعالى عنهم جميعا ، وحشرنا الله في زمرتهم ، وأماتنا على حبهم وسيرتهم .
1- حديث على ابن أبي طالب ، رضى الله تعالى عنه :
أخرجه ابن عدي في ( الكامل ) ( 5 / 1883 ) من طريق عيسى بن عبد الله عن أبيه ، عن جده ، عن علي رضى الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
( لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ) .
قال ابن عدي :
( هذا الإسناد ليس بمستقيم ) .
قلت : عيسى بن عبد الله متروك كما قال الدارقطني وقال ابن حبان في ( المجروحين ) ( 2/ 121 – 122 ) ك
( يروي عن أبيه ، عن آبائه أشياء موضوعة ، لا يحل الاحتجاج به ، وكأنه كان بهم ويخطئ ، حتى كان يجيئ بالأشياء الموضوعة على اسلافه ، فبطل الاحتجاج بما يرويه لما وصفت ) ا . هـ
2- حديث أبي بكر الصديق رضى الله تعالى عنه :(1/2)
أخرجه ابن أبي شيبة ( 1/ 3 ) وأبو عبيد في ( كتاب الطهور ) – كما في 0 التلخيص ) 0 1 / 76 ) من طريق خلف بن خليفة ، عن حسين الآتي . وفي سنده عمار ، عن أبي بكر موقوفا فذكره بنحو ابن مسعود الآتي وفي سنده ليث بن أبي سليم وفيه مقال ، ثم هو موقوف .
3- حديث أبي سعيد الخدري رضى الله تعالى عنه ك
أخرجه ابن أبي شيبة ( 1 /2-3 ) ، وابن ماجة ( 397 ) ، وابن السكن في ( صحيحه ) ، والبزار – كما في ( التخليص 9 ( 1 / 73 ) - ، والدرامي ( 1م/141) ، وأحمد ( 3 / 41 ) ، وأبو يعلي في ( مسنده ) ( 2 / 324 ، 424 ) ن
وابن السني في ( اليوم والليلة ) ( 26 ) والطبراني في ( الدعاء ) ( ق 46 / 2-1 ) ، وابن عدي في ( الكامل ) ( 3 / 1034 ) ، والدارقطني ( 1/ 71 ) ، والحاكم ( 1/ 147 ) ، ( 1/ 43 ) والحافظ في ( النتائج ) ( 1 / 230 ) من طريق كثير بن زيد ، ثنا ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ) . قلت :وهذا سند صالح .
أما كثير بن زيد ، فقد وثقه ابن حبان ، وابن عمار الموصلي وقال أحمد وابن معين وابن عدي 0 لا بأس به ) . وقال أبو زرعة :
( صدوق فيه لين ) . وقال أبو حاتم : ( صالح ، ليس بالقوي ، يكتب حديثه ) .
وضعفه النسائي وابن معين في رواية والطبري .
وخلطه ابن حزم ب ( كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ) فلم يصب قلت : والحاصل أن كثير بن زيد غلي القوة أقرب منه إلي الضعف وها هنا قاعدة جليلة في الرواة المختلف فيهم – ذلك أننا نعتبر الجرح والتعديل فيه فحيث يستويان ، فحديث يكون حسنا في الشواهد ، وإن غلب جانب الجارحين ضعف ، وغن غلب المعدلين مع عدم تفسير الجرح كان اقرب إلي القوة وكذلك الحال في 0( كثير بن زيد ( .
أما ربيح بن عبد الرحمن - بضم الراء وفتح الموحدة – فثقه ابن حبان وقال ابن عدي :
( أرجو أنه لا بأس به ) .
وقال أبو زرعة :
((1/3)
شيخ ) . كما في ( الجرح والتعديل ) ( 1 / 2 / 519 )
قال ابن أبي حاتم في ( الجرح والتعديل ) ( 1 م 1م 37 ) :
( وإذا قيل في الراوي : شيخ فهو بالمنزلة الثالثة يكتب حديثه ، وينظر فيه ) ا هـ
أما قول أحمد :
( ربيح رجل ليس بالمعروف )
فمن عرف حجة على من لم يعرف ن وقد عرفه غيره أما البخاري ، فنقل عنه الترمذي في ( العلل ) انه قال فيه : ( منكر الحديث ) .
ويغلب على ظني – والله أعلم – أن حكم البخاري رحمه الله له اعتبار ىخر بخلاف حال ربيح في نفسه ، فقد يكون روي شيئا رآه البخاري منكرا فألصق التبعة ب(0 ربيح ) أو نحو ذلك .
وبالجملة فقول أبي زرعة رحمه الله تلخيص جيد لحال ربيح بن عبد الرحمن فيكتب حديثه وينظر فيه عز وجل وقد زعم ابن عدي – رحمه الله تعالي - أن زيد بن حباب تفرد بالحديث عن كثير بن زيد . وليس كما قال بل تابعه أبو احمد الزبيري ، وأبو عامر العقدي وغيرهما .
وقال أحمد بن حفص : (
( سئل أحمد بن حنبل – يعنى وهو حاضر – عن التسمية في الوضوء ؟ فقال : لا أعلم فيه حديثا يثبت عز وجل اقوي شئ فيه حديث كثير بن زيد ، عن ربيح . وربيح رجل ليس بالمعروف ) .
رواه ابن عدي في ( الكامل ) ( 3 / 1034 – 6 / 2087 )
وقال أبو بكر الأثرم بن حنبل : التسمية في الوضوء ؟ فقال أحسن شئ فيه حديث ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبي سعيد الخدري ) .
رواه العقيلي في ( الضعفاء ) 0 1 / 177 ) ، والحاكم ( 1 / 147 ) .
وقال إسحق بن راهويه :
( هو أصح ما في الباب ) .
وقال الحافظ في ( نتائج الأفكار ) ( 1/ 231 ) : ( حديث حسن ) عز وجل
4- حديث أبي هريرة . رضى الله تعالى عنه :(1/4)
أخرجه أبو داو د( 0 101 ) واللفظ له ، وابن ماجة ( 399 9 ، وأحمد ( 2 م 418 ) ، والترمذي في ( العلل ) ، وابن السكن في ( صحيحه ) – كما في ( التلخيص ) ( 1 / 72 ) – الطبراني في ( الدعاء ) ، ، وعنه الحافظ في ( نتائج الأفكار ) ( 1 / 225 ) الدراقطني ( 1 / 72 ، 79 ) ، والحاكم ( 1 / 146 ) ، والبيهقي ( 1 / 43 ) ، والبغوي في ( شرح السنة ) ( 1 / 409 ) من طريق يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبى هريرة مرفوعا :
( صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالي عليه ) .
قال الحاكم :
( صحيح الإسناد ، فقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة الماجشون ، واسم أبي سلمة : ( دينار )
قلت ك قد وهم الحاكم رحمه الله تعالي من وجهين :
الأول : أن يعقوب ليس هو ابن أبي سلمة الماجشون قال ابن الصلاح :
( انقلبت إسناده على الحاكم )
وكذا قال النووي في ( المجموع ) ( 1 / 344 ) .
وقال الحافظ : ( ادعي الحاكم أنه الماجشون ! ، والصواب انه الليثي ) .
وسبقه إلي ذلك الذهبي عز وجل
وقال ابن دقيق العيد :
( لو سلم للحاكم انه يعقوب بن أبي سلمة الماجشون ، واسم أبي سلمة : دينار فيحتاج غلي معرفة حال أبي سلمة ، وليس له ذكر في شئ من كتب الرجال ، فلا يكون أيضا صحيحا . )
الثاني : قال البخاري في ( الكثير ) ( 2 / 76 ) :
( لا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة ، ولا ليعقوب من أبيه ) أ هـ .
قال صاحبنا فيما تقدم :
( إسناده ليس بصحيح لجهالة يعقوب بن سلمة وأبيه ) .
قلت : كذا قال ، وسأجيبك بجواب يلزمك - وإن كنت لا أقول به - ذلك أنك زعمت لي قبل أن الجهالة ليست جرحا ، فكأن يلزمك ألا تعل الحديث بالجهالة . !!
قال الشوكاني :
( ليس في إسناده ما يسقطه عن درجة الاعتبار 9 عز وجل
وللحديث طرق أخري عن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه .
1 – محمد بن سيرين ، عنه مرفوعا :
((1/5)
يا أبا هريرة إذا توضأت فقل : بسم الله ، والحمد لله فإن حفظتك لا تستريح ، وتكتب لك الحسنات حتى تحدث من ذلك الوضوء . ) عز وجل
أخرجه الطبراني ( الصغير ) ( 1 / 73 ) من طريق عمرو بن أبي سلمة ، حدثنا إبراهيم بن محمد البصري ، عن على بن ثابت، عن محمد بن سيرين به .
وقال :
( لم يروه عن على بن ثابت ( أخو ابن أخي ) عزرة بن ثابت ، إبراهيم بن محمد البصري ن تفرد به عمرو بن أبي سلمة ) .
( إسناده حسن ) !! .
قلت : وهو عجب ! وإبراهيم ابن محمد بن ثابت الأنصاري المترجم ( اللسان ) ( 1 / 98 ) وثقه ابن حبان وقال ابن عدي في ( الكامل ) ( 1 / 260 ، 261 ) : ( روي عنه عمرو بن أبي سلمة وغيره مناكير ... ثم قال ك وأحاديثه صالحة محتملة ، ولعله أتي ممن قد رواه عنه ) ! !
قلت ك وهذا الترجي من ابن عدي فيه نظر ، فإنه ساق له أحاديث ، الراوي عنه فيها هو أبو مصعب الزهري ن وعمرو بن أبي سلمة وكلاهما ثقة ، فلا تكون المناكير إلا من إبراهيم .
وقد أشار الحافظ في ( اللسان ) في ترجمة إبراهيم هذا إلي الحديث ثم قال : ( وهو منكر ) . وقال في النتائج ) (1/ 228 ) : ( على بن ثابت مجهولا ، والراوي عنه ضعيف ) .
وقد أورده ابن الجوزي في ( الموضوعات ( ( 3 / 185 – 186 ) من طريق عمرو بن أبي سلمة به ، مع طريق أخري ثم قال :
( هذا حديث له اصل ( وفي إسناده جماعة مجاهيل لا يعرفون أصلا .... )
2- أبو سلمة ، عنه عز وجل
أخرجه الدراقطوني ( 1 / 71 ) ، و البيهقي ( 1 / 44 ) والحافظ في ( النتائج ) ( 1 / 6 22) ، من طريق محمود بن محمد أبو يزيد الظفري ، ثنا بن النجار ، عن يحي بن أبي ، كثير عن أبي سلمة ، عن هريرة مرفوعا .
( ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه ، وما صلي من لم يتوضأ ) .
قال الحافظ في النتائج ) :(1/6)
0 هذا حديث غريب تفرد به الظفري ، ورواته من أيوب فصاعدا مخرج لهم في الصحيح ن لكن قال الدراقطوني في الظفري ك ليس بقوي . وقال يحيى بن معين : سمعت أيوب بن النجار يقول : لم اسمع من يحيى بن أبي كثير سوي حديث واحد ، وهو حديث : ( احتج آدم وموسى ، فعلي هذا يكون في السند انقطاع ، إن لم يكن الظفري دخل عليه إسناد في إسناد ) ا هـ .
وسبق البيهقي إلي حكاية هذا عن يحيى بن معين عز وجل
3- مجاهد ، عنه عز وجل
أخرجه الدارقطني ( 1 / 74 ) ومن طريقه البيهقي ( 1 / 45 ) ن والحافظ في ( نتائج الأفكار ) ( 1 / 227 ) من طريق مرداس بن محمد ، ثنا محمد بن أبان ، ثنا أيوب بن عائد ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة مرفوعا : ( من توضأ فذكر اسم الله تطهر جسده كله ، ومن توضأ فلم يذكر اسم الله لم يطهر سوي مواضع الوضوء )
قال الحافظ ك
( هذا حديث غريب ، تفرد به مرداس وهو من ولد أبي موسى الأشعريى ضعفه جماعة ، وذكره ابن حبان في الثقات ) وقال : يغرب وينفرد ن وبقية رجاله ثقات ) أ هـ .
فمثله يصلح في الاعتبار . والله أعلم .
5- حديث سعيد بن زيد ، رضى الله تعالى عنه :
وقد اختلف فيه على ألوان مع زيادة في متنه أحيانا
? الأول : يرويه عبد الرحمن بن حرملة ، عن أبي ثقال المري ، عن رباح بن عبد الرحمن ، عن جدته ن عن أبيها سعيد بن زيد مرفوعا ك ( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه .
? وقد رواه على هذا الوجه جماعة عن عبد الرحمن بن حرملة ن منهم
1- بشر بن المفضل .
أخرجه الترمذي ( 25 ) ن والدارقطني ( 1 / 73 ) والطبراني في ( الدعاء ) ( ق 45 / 2 - 46 / 1 ) .
2- وهيب بن خالد عز وجل
أخرجه ابن أبي شيبة ( 1 / 3 ) ، وأحمد ( 6 / 382 ) ، وابن المنذر في ( الأوسط ) ( ج1 / رقم 344 ) ، والعقيلي في ( الضعفاء ) ( 1 م 177 9 والطحاوي في ( شرح الآثار ) ( 1 / 26 – 27 ) ،
والدارقطني 0 1 / 73 ) والبيهقي ( 1 / 43 ) ، والطبراني في ( الدعاء ) ( ق 46 / 1 )(1/7)
3- ابن أبي قديك .
أخرجه الدارقطني ( 1 / 72 – 73 ) ، والبيهقي ( 1 م 43 ) .
4- يعقوب بن عبد الرحمن .
أخرجه الدارقطني ( 1 م 73 ) عز وجل
5- يزيد بن عياض .
أخرجه ابن ماجة ( 398 ) ، وأحمد ( 4 / 70 ) ، وابن شاهين في ( الترغيب ) ( ق 18 / 1 ) ، والطبراني في ( الدعاء ) ( ق 45 / 2 )
6- سليمان بن بلال :
أخرجه الطحاوي ( 1 / 27 ) ، والحاكم ( 4 / 60 )
7- الحسن بن أبي جعفر .
أخرجه الطيالسي ( 242 ، 243 ) .
وخالفهم جماعة وهو :
اللون الثاني : فرووه عن عبد الرحمن بن حرملة ، عن أبي ثقال ، عن رباح ابن عبد الرحمن ، عن جدته ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم به . فلم يذكروا أباها عز وجل
قال الحافظ في التلخيص ) ( 1 / 74 ) نقلا عن الدارقطني :
( وقال حفص بن ميسرة ، وأبو معشر ، وإسحق بن حازم ك
عن ابن حرملة ...... ولم يذكروا ( أباها ).
قلت : الذى وقفت عليه من حديث حفص بن ميسرة وأبي معشر ، وأنه ذكر 0 سعيد بن زيد ) في روايته ، فوافق بشر بن المفضل ومن معه عز وجل
أخرجه أحمد ( 4 م 70 و 5 / 381 – 382 و 6 / 382 – 337 ) والطبراني في (الدعاء ) ( ق 46 م 1 ) وابن الجوزي في ( الواهيات ) ( 1 – 336 – 337 ) من
طريق الهثيم بن خارجة ، ثنا حفص بن ميسرة ، عن ابن حرملة عن أبي ثقال المري ، عن رباح بن عبد الرحمن ، عن جدته ن عن أبيها به وما أشار إليه الدارقطني رحمه الله تعالي من مخالفة بن ميسرة لم أقف عليه حتى ننظر حال الراوي فيه حفص ، فإن كان أوثق من خارجة بن الهثيم ، ترجحت روايته ، وإلا فالعكس .
وإن تساووا في الحفظ فيكون حفص رواه على الوجهين . والله أعلم
ثم وقف على ( علل الدارقطني ) ( ج1 / ق 130 / 2 ) فرأيته رواه من طريق سويد بن سعيد ، عن حفص بن مسيرة به ، ولم يذكر :
( سعيد بن زيد ) .
والهثيم بن خارجة أوثق من سويد ، لأن هذا تكلم فيه أحمد وابن معين وأبو حاتم وغيرهم .
? أما رواية أبي معشر .(1/8)
? فأخرجهما الطبراني في ( الدعاء ) ( ق 46 / 1 ) قال :
? حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا أبو معشر البراء ، ثنا ابن حرملة ، وأنه سمع أبا ثفال يقول : سمعت رباح - أو رياح ، : شك المقدمي – ابن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب يقول : حدثني جدتي ، أنها سمعت أباها يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ( لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ، ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي ، ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار ) .
? قلت : هكذا روي أبو معشر ، فواق بشر بن المفضل في ذكره ( سعيد ابن زيد ) .
? قلت : هكذا روي أبو معشر بن المفضل في ذكره ( سعيد ابن زيد ) عز وجل
? ولكن اختلف في سنده .
? فأخرجه أحمد ( 6 / 382 ) قال ك حدثنا ، ثنا أبو معشر ، عن عبد الرحمن بن حرملة ن عن أبى ثفال المري ، عن رباح بن عبد الرحمن ابن حويطب ، عن جدته ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول فذكرته بمثله مع تقديم وتأخير .
? فسقط ذكر : ( سعيد بن زيد )
? قلت : ويظهر أن هذا الاختلاف من أبي معشر ، واسمه يوسف بن زيد ،
? وذلك لثقة من روي عنه
? أما يوسف ، فقد ضعفه ابن معين ، وقال أبو داود :
? ( ليس بذاك ) عز وجل
? وقال أبو حاتم :
? ( يكتب حديثه )
? ووثقه محمد بن أبي بكر المقدمي ن وابن حبان .
? وأما رواية إسحق بن حازم ، فلم اقف عليها ، وعلى كل حال ، فهي مرجوحة كما يأتي إن شاء الله تعالي .
? اللون الثالث :
أن الدراوردي ، عبد العزيز بن محمد ، رواه عن أبي ثفال ، عن رباح بن عبد الرحمن عن ابن ثوبان ،عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرسلا .
هكذا ذكر الدراقطني في ( العلل ) – كما في ( التلخيص ) ( 1 / 74 ) - فاختلف الدراوردي مع عبد الرحمن بن حرملة في إسناده .
ولكن اختلف على الدراوردي فيه(1/9)
فأخرجه الطبراني في ( الدعاء ) ( ق 46 / 1 ) من طريقين عن الدراوردي ، عن أبى ثفال المري ، قال سمعت رباح بن عبد الرحمن بن حويطب ن يحدث عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ن عن أبي هريرة مرفوعا .
( لا صلاة لمن لا وضوء له , ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ) .
قلت : فلو كان ذكر ( أبي هريرة ) محفوظا ، لكان اختلافا قادحا في رواية الدراوردي . ولكن الشأن فيمن روي عن الدراوردي الرواية المرسلة
ثم رأيت الحديث في ( شرح معاني الآثار ) ( 1 / 27 ) للطحاوي . فرواه من طريق الدراوردي ، عن ابن حرملة ، عن أبي ثفال ، عن رباح بن عبد الرحمن ، عن ابن ثوبان ، عن أبي هريرة مرفوعا به فلا أدري ، هل هذا من خطأ النسخة ، أم هو اختلاف آخر على الدراوردي في سنده ؟ !
ذلك أن شيخ الدراوردي في سند الطحاوي هو عبد الرحمن بن حرملة ، بينما شيخه عند الطبراني هو ( أبو ثفال المري ) . فالله اعلم بحقيقة الحال .
? اللون الرابع :
? رواه حماد بن سلمة ، عن صدقه مولي آل الزبير ، عن أبي ثفال ، عن أبي بكر بن حويطب مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
? أخرجه الدولابي في ( الكني ) ( 1 / 120 ) وذكره البيهقي (1 / 44 ) عن الترمذي . قال :
? ( وهو حديث مرسل ) . وصدقة مولي آل الزبير جهله الدراقطني كما نقله ابن الجوزي في ( الواهيات ) ( 1 / 338 ) عنه .
? قلت : والراجح من هذا الاختلاف هو الوجه الأول ، الذى رواه بشر بن المفضل ووهيب ومن معهما كما قال الدراقطني رحمه الله .
? وإذا قد رجحنا الوجه الأول ، فلننظر فيه :
? قال الترمذي :
( قال أحمد بن حنبل : لا أعلم في هذا الباب حديثا له إسناد جيد )
وقال البخاري :
( أحسن شئ في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن . ) .
وقال العقيلي :
( الأسانيد في هذا الباب فيها لين ) .
وقال ابن أبي حاتم في ( العلل ) ( 1 / 52 / 129 ) :
((1/10)
سمعت أبي ، وأبا زرعة ، وذكرت لهما حديثا رواه عبد الرحمن بن حرملة ، عن أبي ثفال ..... فذكره فقالا : ليس عندنا بذاك الصحيح . وأبو ثفال مجهولا ورباح مجهولا ) .
وقال البيهقي :
( أبو ثفال ، ليس بالمعروف جدا !!
قلت : أما أبو ثفال ، فقد قال البخاري : ( في حديثه نظر ) قال الحافظ في ( التلخيص ) ( 1 / 74 ) :
( وهذه عادته فيمن يضعفه)
وقد فرق الشيخ العلامة ذهبي المعلمي اليماني رحمه الله تعالى بين قول البخاري : ( فيه نظر ) ، وبين : ( في حديثه نظر ) .
قال رحمه الله تعالى في ( التنكيل ) ( 1 / 205 ) :
( فقوله : ( فيه نظر ) تقتضي الطعن في صدقه ، وقوله : ( في حديثه نظر ) تشعر بأنه صالح في نفسه ، وإنما الخلل في حديثه لغفلة أو لسوء حفظ . أ هـ
قلت : وقول الشيخ رحمه الله تعالى في تفسير قوله : ( فيه نظر ) بأن ذلك يقتضي الطعن في صدقه ، فيه نظر فقد قال البخاري في عبد الرحمن بن هاني النخعي ) كما في (التهذيب ) ( 6 / 290 ) : فيه نظرو ، وهو في الأصل . صدوق ) . فهذا يبين أن المقتضي لا يدوم غنما يقال في العبارة يحتمل الطعن في الصدق إلا أن يقال : من قال فيه البخاري هذه العبارة مطلقة فالأصل أنها لا تشمل صدقه ، إلا ان يردفها بالقرينة التى تقيد هذا الإطلاق كما في المثال الذى ذكرته . وفيه بعد عندي فهذا يحتاج إلي نص من الإمام ، أو استقراء تتابع عليه جماعة حتى يوثق بفهمهم ، ومع أننا وجدنا أن البخاري أطلق هذه العبارة في جماعة ثقات لا يشك أحد في صدقهم 0مثل راشد بن داود الصنعاني ، وسليمان ابن داود الخولاني ن وعبد الرحمن بن سليمان الرعيني وغيرهم والصواب ألا يطرد هذا الفهم وأيضا فتفسير اليماني رحمه الله لقول البخاري : 0 في حديثه نظر ) تفسير حسن رايق ، ويضاف إليه أن البخاري قد يقول هذه العبارة ولا يقصد بها الروي أصلا ، إنما يقصد أنه حديثه لا يصح ، وتكون الآفة ممن دونه والله اعلم عز وجل(1/11)
وأبو ثفال هذا ذكره ابن حبان في ( الثقات ) إلا أنه قال :
( ليس بالمعتمد على ما تفرد به ) .
قال الحافظ :
( فكأنه لم يوثقه ) عز وجل
وأما قول البزار : ( أبو ثفال مشهور ) فهذا لا يخرجه عند حد الجهالة لا سيما أنه قال عقب الخبر :
( رباح وجدته لا نعلمها رويا إلا هذا الحديث ، ولا حدث عن رباح إ لا ابو ثفال . فالخبر من جهة النقل لا يثبت ) عز وجل
فهذا بخصوص أبي ثفال .
أما رباح فمجهول كما قال أبو حاتم وأبو زرعة . والله أعلم
وفي ( نصب الراية 9 ( 1 / 4 ) :
( وأعله ابن القطان في ( كتاب الوهم والإيهام ) وقال : فيه ثلاثة مجاهيل الأحوال : جدة رباح لا يعرف لها اسم ولا حال ، ولا تعرف بغير هذا عز وجل ورباح أيضا مجهولا الحال ن وأبو ثفال مجهولا الحال أيضا مع أنه أشهرهم لرواية جماعة عنه منهم الدراوردي ) أ هـ
وتعقبه الحافظ في ( التلخيص ) ( 1 / 74 9 فيما يتعلق ب ( جدة رباح ) فقال ك
( كذا قال ! فأما هى فقد عرف اسمها من رواية الحاكم ، ورواه البيهقي أيضا مصرحا باسمها . وأما حالها فقد ذكرت في الصحابة ن وإن لم يثبت لها صحبة فمثلها لا يسئل عن حالها ) أ هـ
وعليه فيعلم ما في قول الشيخ أبي الأشبال رحمه الله تعالي ، إذ قال في شرح الترمذى ) ( 1 / 38 9 ك
( إسناده جيد حسن ) !!عز وجل
وقال ابن القطان رحمه الله تعالي :
( الحديث ضعيف جدا ) !
قلت : بل هو ضعيف فقط ، ويصلح للاعتبار . والاختلاف في إسناده لا يضر مع قيام وجه الترجيح , وقد تحقق هنا والله أعلم عز وجل
* * * *
6- حديث أنس رضى الله تعالى عنه :
قال الحافظ في ( التلخيص ) ( 1 / 75 ) :
( رواه عبد الملك بن حبيب الأندلسي ، عن أسد بن موسى ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس مرفوعا :
( لا إيمان لمن لم يؤمن بي ، ولا صلاة إلا بوضوء ، ولا وضوء لمن لم يسم الله . )
وعبد الملك شديد الضعف عز وجل
ويأتي حديث آخر لأنس إن شاء الله تعالي .
* * * *(1/12)
7 – حديث سهل بن سعد رضى الله تعالى عنه :
أخرجه ابن ماجة ( 400) ، والدراقطني ( 1 / 355 ) مقتصرا على الفقرة الثالثة منه ، والحاكم ( 1 / 269 ) ، والبيهقي ( 2 / 379 ) من طريق عبد المهيمن ابن عباس بن سهل بن سعد الساعدي ، عن أبيه ن عن جده مرفوعا ك ( لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا ضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ، ولا صلاة لمن لم يصل على النبي ، ولا صلاة لمن لا يحب الأنصار ) .
قلت : وهذا خبر منكر ، وسنده ضعيف جدا ، وعلته عبد المهيمن هذا ، فهو متروك
قال الحاكم :
( لم يخرج هذا الحديث على شرطهما ، لأنهما لم يخرجا عبد المهيمن ) . قال الذهبي : ( عبد المهيمن واه ) .
وقال الدارقطني عقبه : ( عبد المهيمن ليس بالقوي (
لكنه لم يتفرد بمحل الشاهد .
فقد تابعه أبي بن العباس ، عن أبيه ، عن جده مرفوعا : ( لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ) .
ولم يذكر الفقرتين .
أخرجه الطبراني في الكبير ( ح6 / رقم 5698 ) ، وفي ( الدعاء ) ( ق 46 / 2 ) ، ومن طريقه الحافظ في ( النتائج ) ( 1 / 234 ) عز وجل
ولم يتكلم عليه المناوي بشئ في ( الفيض ) . ( 6 م 440 ) عز وجل
وقال الشوكاني في ( نيل الأوطار ) ( 1 / 160 ) :
( أبى مختلف فيه ) .
( عبد المهيمن ضعيف ، وأخوه أبى الذى سقته من روايته أقوي منه ) .
قلت : ولا يفهم من قول الحافظ هذا ، أنه يقوي أبي بن العباس إنما ساق مقالته مساق المقارنة ، إذا الراجح في ( أبي ) أنه ضعيف ، وأخوه ( عبد المهيمن ) متروك عز وجل فالضعف أقوي من المتروك بلا ريب .
وقد نازعني بعض الناس في حال ( أبي بن العباس ) هذا ، وزعم أنه ممن يحتج بحديثه !!
فأقول : كيف هذا ؟ ! .
وقد ضعفه ابن معين ، والساجي ن وأبو العرب القيرواني فيما نقله عنه مغلطاي .
وقال أحمد :
( منكر الحديث )
وقال البخاري :
( ليس بالقوي ) .(1/13)
وترجمة ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 290 ) ولم يحك فيه جرحا ولا تعديلا . وقال النسائي في ( الضعفاء ) ( 23 ) :
( ليس بالقوي ) .
وقال العقيلي :
( له أحاديث لا يتابع على شئ منها .
وقال الذهبي في ( المغنى في الضعفاء ) ( 1 / 32 ) :
( وثق ، وقد ضعفه ابن معين وقال أحمد : منكر الحديث ) .
فهو يشير بقوله : ( وثق ) إلي ضعف جهه التوثيق عز وجل
فهذا جانب من جرحه . أما من اثني عليه ممن وقفت على نصوصهم فهم :
1- ابن حبان . ذكره في ( الثقات ) ( 4 / 51 )
2- الدارقطني . قوي آمره
3- ابن عدي . قال :
( يكتب حديثه ، وهو فرد المتون والأسانيد )
4- الذهبي . قال في ( الميزان ) :
( أبي ، وغن لم يكن بالثبت ، فهو حسن الحديث ، وأخوه عبد المهيمن واه ) .
قلت : أما بالنسبة لابن حبان رحمه الله تعالى ، ففي ذكره أبيا في ( الثقات) نظر . وأري فرقا بين من يوثقه ابن حبان نصا ، وبين من يذكره في الثقات ) بغير تنصيص على حاله . فهذا أقل منزلة من الأول بلا شك . وفي الحالة الثانية يدخل كثير من الخلل ، لا سيما إن كان الراوي من المقلين ن وكان أبي مقلا في روايته كما قال الذهبي ( من تكلم فيه وهو موثق ) ( رقم 12 ) .
وحتى لو صرح ابن حبان بتوثيقه ، فلا يقبل قوله عند معارضته من هو أمكن منه في العلم ، لا سيما عن كانوا جماعة .
وأما بالنسبة للدارقطني ن فلم أقف على نص له في تقوية أمره ، غير أنه روي له حديثا في ( سننه ) ( 1 / 56 ) وهو :
( حجران للصفحتين ، وحجر للمسرية ) ن ثم قال :
( إسناده حسن ) .
فهذا تقويته له فيما وقفت عليه .
ولكن الدراقطني ضعفه مرة في ( الالتزامات ) ، فقال :
( أبي هذا ضعيف ) .
وفي ( سؤلات الحاكم له ) ( صلى الله عليه وآله وسلم 186 ) قال :
0 تكلموا فيه )(1/14)
ورأيه هذا يوافق رأي الجماعة مع أنته قوله : ( إسناده حسن ) لا ينفي أن يكون ( لغيره ) ، فحيئنذ يكون في الأصل ضعيفا ، لكنه تقوي في الشواهد . هذا ، مع أن الحديث الذى حسن الدارقطني إسناده ، ضعيف كما قال العقيلي وغيره والله أعلم .
أما قول ابن عدي فيفهم منه أنه ليس لابن عباس إلا القليل من الحديث ويكتب حديثه على سبيل الاعتبار ، وهذا يلتقي مع تمشيه الدارقطني لأمره
? أما الذهبي ، فيظهر لي أنه قوي حاله لما قارنه بأخيه ( عبد المهيمن ) كما فعل الحافظ ابن حجر ، فقال في ( النتائج ) ( 1 / 235 ) : ( عبد المهيمن ضعيف ن وأخوه أبي اقوي منه ).
? وهذا يعطي قوة لأبي كما ذكرت من قبل ، لن الحافظ رحمه الله تسامح في تضعيفه لعبد المهيمن ، بل هو ضعيف منه ) .
وهذا يعطي قوة لأبي كما ذكرت من قبل ، لأن الحافظ رحمه الله تسامح في تضعيفه لعبد المهيمن وهو ضعيف جدا .,
وهذا كقول ابن معين في ( عبد المهيمن ) :
( أبي ، وعبد المهيمن أخوان ، وأبي أقومهما ) .
مع أنه ضعف أبيا كما تقدم . وإنما قصد أنه أحفظهما ضعفا . والله أعلم .
فخلاصة القول أن الذين قووا أمره ، إنما في المتابعات ، أما تفرده فلا يحتمل .
ولا شك عارف أن جانب الجارحين أقوي لأمرين
الأول : أنهم كثرة
الثاني : أنهم أمكن في العلم ممن أثنوا عليه .
والله تعالي أعلم .
* * * *
8-حديث عائشة رضى الله تعالى عنها
أخرجه ابن شيبة ( 1 / 3 ) وإسحق بن راهويه في ( مسنده ) ، وأبو يعلي ( 119 – زوائده ) ، والبزار ( ج1 / 261 ) ، والطبراني في ( الدعاء ) ( ق 46 / 2 ) ن وابن عدي في ( الكامل ) ( 2 / 616 ) ، والدارقطني ( 1 / 72 ) من طريق حارثة بن أبي الرجال ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت :
( كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقوم إلي الوضوء ، فيسمي حتى يكفئ الإناء على يديه ن ثم يتوضأ فيسبغ الوضوء ) .
وهو عند بعضهم مختصرا .
? قلت : وهذا سند ضعيف .(1/15)
? وآفته حارثة هذا ، وهو ابن محمد بن عبد الرحمن .
? وكان أحمد - رحمه الله - يضعفه بن عبد الرحمن عز وجل
وقال البخاري وأبو حاتم :
( منكر الحديث ) .
وزاد الأخير :
( ضعيف الحديث ) .
وتركه النسائي .
وكان الإمام أحمد – رحمه الله ينتقد على إسحق بن راهويه أنه أخرج هذا الحديث في ( مسنده ) !
قال الحربي :
( قال أحمد : هذا يزعم أنه اختار أصح شئ في الباب ، وهذا أضعف حديث .
فيه ) !!.
وقال ابن عدي :
( بلغني عن احمد بن حنبل – رحمه الله – أنه نظر في ( جامع إسحق بن راهويه ) ، فإذا أول حديث أخرجه في جامعه هذا الحديث ن فأنكره جدا وقال : ( أول حديث في الجامع يكون عن حارثة )؟ !! ) .
9-حديث أبي سبرة ، رضى الله تعالى عنه :
أخرجه الدولاني في ( الكنى ) ( 1 / 36 ) ، وأبو القاسم البغوي في ( الصحابة ) - كما في 0 نتائج الأفكار ) ( 1 / 236 ) ، والطبراني في الأوسط ) ( ج2 / رقم 1119 ) ن وفي ( الدعاء ) ( ق46 / 2 ) وعند الحافظ في ( النتائج ) ( 1 / 236 ) من طريق عيسى بن سبرة ن عن أبيه ، عن جده ، وأثني عليه ن ثم قال :
( أيها الناس ! ، لا صلاة إلا بوضوء ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ، ولم يؤمن بالله ومن لم يؤمن بي ، ولم يؤمن بي من لم يعرف حق الأنصار ) عز وجل
قال الطبراني :
( لا يروي هذا الحديث عن ابن سبرة ، غلا بهذا الإسناد ) عز وجل
قال الحافظ :
( وأخرجه أبو موسى في ( المعرفة ) وقال : - كما في ( الإصابة )
08/ 237 ) ، في إسناد حديثها نظر .
قلت : عيسى بن سبرة .
قال أبو القاسم البغوي :
( منكر الحديث ) .
ذكره الحافظ في 0 النتائج ) ( 1 / 236 )
وضعفه الشوكاني في ( النيل ) ( 1/ 160 )
وأبوه مجهول الحال . والله أعلم .
قال الهيثمي – رحمه الله – في ( المجمع ) ( 1 م 228 ) ( عيسى بن سبرة ، وأبوه ، عيسى بن يزيد لم أر من ذكر أحدا منهم ا هـ
وفيما تقدم استدرك على بعض ما قال والله أعلم
قال الحافظ في ( النتائج ) ك
((1/16)
هذا حديث غريب ) عز وجل
* * * *
10 – حديث ابن مسعود ، رضى الله تعالى عنه .
أخرجه الدراقطني ( 1 / 74 ) ، والبيهقي ( 1 / 44 ) ، وأبو الحسين الصيداوي في ( معجمه ) ( 291 - 292 ) من طريق يحيى بن هاشم ، عن
الأعمش ، عن أبي وائل ن عن عبد الله ابن مسعود مرفوعا ك ( إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله ، فإنه يطهر جسده كله ، وإن لم يذكر اسم الله في طهوره لم يطهر منه إلا ما مر عليه الماء . فإذا فرغ من طهوره فليشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، فإن قال ذلك فتحت له أبواب السماء ) .
قال الدارقطني :
( يحيى بن هاشم ضعيف ) .
وقال البيهقي :
( هذا ضعيف ، لا أعلمه رواه عن الأعمش غير يحيى بن هاشم , ويحيى بن هاشم متروك الحديث ) .
وقال بنحو ذلك في ( النتائج ( و التلخيص ) ( 1 / 75 ) .
11- حديث ابن عمر رضى الله تعالى عنهما :
أخرجه الدراقطني ( 1 / 74 – 75 ) ، والبيهقي ( 1 / 44 ) من طريق عبد الله بن حكيم ، أبي الداهري ، عن عاصم بن محمد ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا : ( من توضأ فذكر اسم الله عليه ، كان طهورا لجسده ، ومن توضأ فلم يذكر اسم الله عليه لم يطهر إلا مواضع الوضوء منه ) .
قال البيهقي :
( وهذا أيضا ضعيف . وأبو بكر الداهري غير ثقة عند أهل العلم بالحديث ) . وقال الحافظ في ( نتائج الأفكار ) ( 1 / 237 ) .
( تفرد به أبو بكر الداهري ، واسمه عبد الله بن حكيم ، وهو متروك الحديث ) .
فالحاصل أن الحديث حسن على اقل أحواله بمثل هذه الشواهد ، وأقصد بها حديث أبى سعيد الخدري ، وبعض الطرق من حديث أبي هريرة ، وسعيد بن زيد وسهل بن سعد ن وما عدا ذلك ، فضعفه لا يحتمل ، وإنما ذكرته اولا لتعلقه بالباب وثانيا لأنبه عليه . والله الموفق
ومما يشهد للحديث ويزيده قوة ما :(1/17)
أخرجه النسائي ( 1 – 62 ) ، وأحمد ( 3 / 165 ) ، وابن خزيمة ( 1 / 74 ) ، وابن السني في ( اليوم والليلة ) ( 27 ) ، والدراقطني ) 1 / 71 ) ، والبيهقي ( 1 / 43 ) من طريق معمر ، عن ثابت وقتادة ، عن أنس قال ( نظر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضوء ، فلم يجدوا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( ها هنا ماء ) فأتي به فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضع يده في الإناء الذى فيه الماء ثم قال :
( توضئوا بسم الله ) . فرأيت الماء يفور من بين أصابعه ، والقوم يتوضئون حتى فرغوا من آخرهم .
قال ثابت لأنس : كم تراهم كانوا ؟ ! قال : نحوا من سبعين رجلا ) !!
قلت وأصله في ( الصحيحين ) دون قوله : ( توضئوا ، بسم الله ) .
وقد بوب هؤلاء الأئمة جميعا – عدا أحمد كما هو ظاهر – على هذا الحديث بقولهم : ( باب التسمية على وضوء ) وتختلف عبارتهم ، والمعنى واحد
قال البيهقي ك
( هذا أصح ما ورد في التسمية ) .
وكذا قال العيني في 0 العمدة ) ( 2 / 267 ) .
وأخرج البخاري ( 1 / 242 – فتح ) حديث ابن عباس مرفوعا : ( لو ان أحدكم إذا أتي أهله قال بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقنتني ، فقضي بينهما ولد ، لم يضره ) .
قلت : روي البخاري هذا الحديث في كتاب الطهارة ) مع كونه غير متعلق به وبوب عليه بقوله : ( باب التسمية على كل حال ، وعند الوقاع ) .
قال العيني في ( عمدة القارئ ) ( 2 / 266 ) :
( لما كان حال الوقاع أبعد حال من ذكر الله تعالي ، ومع ذلك تسن التسمية ففي سائر الأحوال بطريق الأولي ، فذلك أورده البخاري في هذا الباب للتنبيه على مشروعية التسمية عند الوضوء .
وقريب منه قول الحافظ في ( الفتح ) ( 1 / 242 ) .
الفصل الثاني
( تحرير البحث في رتبة الحسن لغيره )
قال صاحبنا :
((1/18)
أما القول بتحسين الحديث لشواهده ن فهذا ما لا أقول به فأنت إذا كنت في معترك ، أو مقتتل ، فالعقل يقول : إنه لا يمكنك أن تعين عاجزا بعاجز ، ولا أبتر بأبتر ، كما لا يسوغ ( الستر بشفاف ) . وعلمي – وهو كالذر في الشمس - أن هذا هو مذهب الأكثر ، والغالب الأعم ، من فضلاء أئمة هذا الشان ، والشيخ من أول العالمين بهذا ، بل القائلين به ) !! .
ثم قال :
( إن القول الذى ندين الله تعالي به أنه لا يمكن بحال تقوية ضعيف بضعيف أبدا ، ففاقد الشئ لا يعطيه ، ولنا كما قال ابن مهدي رحمه الله في صحيح الحديث غنية عن سقيمه ) أ هـ
قلت : هذا قول صاحبنا – عفا الله عنا وعنه – وقد تجشم أمرا عظيما ، وارتقي وعرا جسيما ولست أدري كيف أقدم صاحبنا – حفظه الله – على نفي رتبة ( الحسن لغيره ) من ( المصطلح ) ن واستند في ذلك إلي شئ أوهي من بيت العنكبوت ، وهو قوله : ( فالعقل يقول .....) ثم ساق كلاما اعتبره دليلا ، هو لا يصلح أن يرقي إلي رتبة الشبهة ، فكيف بالدليل ؟ !! ومع ذلك ففي كلامه الذى ذكره ما ينقض مراده كما سأذكره .
فيقول صاحبنا :
( إنه يمكنك أن تعين عاجزا بعاجز ، ولا أبتر بأبتر ) .
فأقول : نعم يا صاحبي ، ولكلك لم تعين قدر العجز هنا هل هو العجز الشديد أم اليسير ن مع أن الظاهر أنك عنيت الأول ، بدليل أنك عطفته على قولك : ( ولا ضعفه شديد ، وكذا ذلك العجز الذى معه يفقد المرء أي شئ ، فالمتبادر من عبارة صاحبنا أنه عن الضعف الشديد وهذا ليس مرادنا من البحث ، وقد قلت له مرارا : ( إن الأحاديث الضعيفة شديدة لا يقوي بعضها على بعض ) .
( إنما بحثنا هنا في الأحاديث التى لم يشتد ضعفها ، ومع ذلك فهى مندرجة تحت أصل عام .
فظاهر كلام صاحبنا لا يؤدي غرضه كما هو جلي ، فياليته وقف عند ( شديد الضعف ) ، ولكنه شمل كل ضعيف ، فنحتاج إلي تحرير القول في (
قال الحافظ العراقي في ( الألفية ) .
فغن يقل يحتج بالضعيف فقل إذا كان من الموصوف(1/19)
رواته بسوء حفظ يجبر بكونه من غير وجه يذكر
وإن يكن لكذب أو شذا أو قوي الضعف فلم يجبر ذا
ألا تري المرسل حيث اسندا أو أرسلوا كما يجئ اعتضدا
فهذا الذى ذكره الحافظ العراقي – رحمه الله تعالي – هو الحسن على رسم الترمذي ، فإنه عبارته في آخر ( سننه ) ( 5 / 758 ) :
( وما ذكرنا في هذا الكتاب : ( حديث حسن ) فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا : كل حديث يروي لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ، ولا يكون الحديث شاذا ن ويروي من غير وجه نحو ذلك ، فهو عندنا حديث حسن ) أ هـ
قلت : فواضح جدا أن ما حده الترمذى – رحمه الله تعالى – إنما هو الحسن لغيره أما الحسن لذاته فإنما وقع حده في كلام أبي سليمان الخطابي . وحده حد الصحيح غير أن ضبط رجاله أخف من ضبط رجال الصحيح .
و ( الحسن لذاته ) لا أعلم أحدا توقف في قبوله ، ونقل الحافظ دعوي الاتفاق على الاحتجاج به كما في ( النكت على ابن الصلاح ) ( 1/ 401 ) ، إلا ما حكاه السخاوي رحمه الله في ( فتح المغيب ) ( 1 / 68 ) عن أبي حاتم الرازي رحمه الله تعالي أنه لا يحتج بالحديث الحسن .
وسننظره في كلامه .
في ( علل الحديث ) ( رقم 365 ) لابن أبي حاتم قال :
( سألت أبي عن حديث ........فذكره ثم قال ، قلت : لأبي هذا الإسناد عندك صحيح ؟ ! قال : حسن قلت لأبي : من ربيعة ابن الحارث ؟ ! قال قال هو ربيعة ابن الحارث ابن عبد المطلب . قلت : سمع من الفضل ؟ قال : أدركه . قلت : يحتج بحديث ربيعة ابن الحارث ؟ قال حسن : فكررت عليه مرارا ، فلم يزدني على قوله : حسن ثم قال : الحجة سفيان وشعبة .. قلت : فعبد ربه بن سعيد ؟ ! قال : لا بأس به عز وجل قلت : يحتج بحديثه ؟ ! قال : ( هو حسن الحديث ) أ هـ
قلت : هذا النص نقله السخاوي في ( فتح المغيب ) ، مع شئ من التقديم والتأخير ثم قال :
((1/20)
وممن خالف في ذلك – يعنى في الاحتجاج بالحديث الحسن – من أئمة الحديث ن أبو حاتم الرازي فإنه سئل عن حديث فحسنه ..... ثم ساق ما ذكرته عن (العلل ) ببعض اختصار ، ثم قال : ( وهذا يقتضي عدم الاحتجاج به ، والمعتمد الأول . ) أ هـ
قلت : هذا الذى فهمه السخاوي رحمه الله تعالى ن فيه نظر عريض عندي ، فأبو حاتم لم ينف حجية الحديث الحسن بقوله هذا ، إنما أظهر أن هناك تفواتا بين الصحيح والحسن . وقد لهج بذلك في مواطن من ( العلل ) .
من ذلك .
1- قال ولده ( 1676 ) : سألت أبي عن حديث .... فذكره قال : قال أبي : لا أعلم روي هذا الحديث عن قتادة غير حماد . قلت : هو صحيح ؟ !
قال : حسن عز وجل
2- قال ولده ( 1873 ) : ( سألت أبي عن حديث ..... فذكره قال : قال أبي : هذا حديث صحيح حسن ، وزيد محله الصدق ، وكان يري رأي القدر ) .
3- قال ولده ( 2272 ) ك ( سألت أبي عن حديث .... فذكره قال : قال أبي : إن كان ذلك محفوظا ، فهو حسن ) .
فانظر إليه في المثال الأخير يقابل : ( المحفوظ ) ب ( الحسن ) وفي هذا دليل على احتجاجه به .
ولننظر في عبارته التى فهم السخاوي منها أنه لا يحتج بالحديث الحسن .
قال ولده عند سؤاله عن ربيعة بن الحارث عبد المطلب :
( يحتج به ؟ ! ) قال : ( حسن ) ، قراجعه مرارا وهو يقول : ( حسن )
أفهذا يفهم منه أنه لا يحتج به ؟ ! لو كان لصرح فيه بقولته المشهورة :
( لا يحتج به ) كما صرح بها في مئات الرواة ، ومع ذلك ، فإن هذا الحكم لا يرد على مثل ربيعة بن الحارث ، فإنه صحابي ، وابن عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فالبحث يكون في السند وليس فيه .(1/21)
وإن قصد أبو حاتم رجلا آخر ، أو اعتبر أن هذا ليس صحابيا ، فإنه إنما قال فيه : حسن ) لأنه قارنه بمثل سفيان وشعبة . وقد يكون الراوي ثقة لا خلاف فيه ، ثم يسأل أحد الأئمة عنه مع آخر أوثق منه فيقول فيه عبارة يفهم منها أنه يغض منه كما قال أبو زرعة الدمشقي ( قلت لابن معين ، وذكرت له الحجة : محمد بن إسحق منهم ؟ ! قال كان ثقة ، إنما الحجة مالك ، وعبيد الله بن عمر ، والأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز ) وقال عبد الله بن أحمد لأبيه : ( من رأيت في هذا الشأن ؟ قال : ما رأيت مثل يحيى القطان . قلت : فهشيم ؟ ! قال : هشيم شيخ !! ) .
أما عن رأي أبي حاتم في عبد ربه بن سعيد ، فإنه قال فيه : ( لا بأس به )
قال ولده : ( يحتج به ) ؟ !
فقال : ( هو حسن الحديث ) .
هذه عبارة ( العلل )
وفي الجرح والتعديل ) ( 3 / 1 / 41 ) قال : يحتج به ؟ .
قال : هو حسن الحديث ثقة ) .
فواضح من العبارة أنه يحتج به . فإن أبا حاتم كما هو معروف ، من المتعنتين ، ومن قال فيه : ( ثقة ) فهنيئا له !! فإنه يقول في كثير من رجال الصحيح :
( صدوق ) ولا يزيد على ذلك ، وهو ممن يغمز الراوي بالغلطة والغلطتين ، فمثله إن وثق رجلا ، فلا يوثق إلا صحيح الحديث .
فظهر مما ذكرت – والحمد لله – أنه لا يجوز حشر أبي حاتم رحمه الله تعالى ، فإنهم نسبوا إليه وإلي شيخ له أنهما أنكرا وجود ( الحسن ) ولم أقف على كلامها في ذلك وغالب ظني أنه لا حجة فيه
والله اعلم وذكر لي بعض أصحابنا أن ابن حزم ممن ينكر وجود ( الحديث الحسن ) بدليل أنه لا يذكره في نقده !! .
وليس هذا دليل ، عدم ذكره له لا يعنى أنه ينكره ولم أقف له على كلام في ذلك .
وجملة القول أن دعوي الحافظ الاتفاق على الاحتجاج بالحديث الحسن لذاته سالمة من أي اعتراض على التحقيق ن والله أعلم .
بقي لنا أن ننظر في الحديث ( الحسن لغيره ) ، وهو لب البحث قال الحافظ في ( النكت ) على ابن الصلاح ) ( 1 / 401 / 402 ) :
((1/22)
ولم أر من تعرض لتحرير هذا ) .
يعنى لتحرير الاحتجاج ب ( الحسن لغيره ) .
ثم قال :
( وقد صرح أبو الحسن بن القطان أحد الحفاظ النقاد من أهل المغرب في كتاب بيان الوهم والإيهام ) بأن هذا القسم لا يحتج به كله ، بل يعمل به في فضائل الأعمال ويتوقف عن العمل به في الأحكام ، إلا إذا كثرت طرقه أو عضده اتصال عمل ، أو موافقة شاهد ، أو ظاهر القرآن ) .
( وهذا حسن قوي رايق ، ما أظن منصفا بأباه ) .
ثم قال ( 1 / 403 ) :
( ولكن محل بعثنا هنا : هل يلزم من الوصف بالحسن ، الحكم له بالحجة أم لا ؟ ! هذا الذى يتوقف فيه ، والقلب إلي ما حرره ابن القطان أميل ، والله أعلم .
قلت : وهذا الذى ذكره ابن القطان ، حرره الحافظ في ثلاثة شرائط للعمل بالحديث الحسن لغيره كما يأتي بعد – إن شاء الله تعالي - .
وممن قال ب ( الحسن لغيره ) غير الترمذي ، الإمام النسائي ، رحمه الله تعالى ففي ( النكت ) ( 1 م 398 ) :
( ورأيت لأبي عبد الرحمن النسائي نحو ذلك ، فإنه روي حديثا من رواية أبي عبيدة عن أبيه ثم قال : أبو عبيدة لم يسمع من أبيه ، إلا أن هذا الحديث جيد وكذا قال في الحديث رواه من رواية عبد الجبار بن وائل ، عن أبيه ، ثم قال :
عبد الجبار لم يسمع من أبيه ، ولكن الحديث في نفسه جيد . إلي غير ذلك من الأمثلة ، وذلك مصير منهم إلي أن الصورة الاجتماعية لها تأثير في التقوبة ) أ هـ .
وممن قال بذلك أيضا البخاري ، وأبو حاتم كما في ( فتح المغيث ) ( 1 / 70 )
للسخاوي :
فالحاصل أن من قال بتقوية الأسانيد بضمها إلي بعضها ك(1/23)
البخاري ، وأبو حاتم ، والنسائي ، والترمذى ، والبيهقي والبغوي من المتقدمين في آخرين وقد استقر عليه جمهور المتأخرين من أهل العلم كابن الصلاح ، وابن عبد السلام وابن دقيق العبد ، والمزي ن وابن تيمية ، وابن القيم ، والسبكي تقي الدين ، وابن كثير ، والزركشي ، والعراق ، وابن حجر ، والسخاوي والسيوطي ، وجماعة يطول الأمر بذكرهم عز وجل
فهذا باختصار شديد الحجة في الباب . أما الأمثلة فكثيرة جدا لمن يطالع ( سنن الترمذي ) فيها انقطاع ، وتدليس ، ورواة متفق على ضعفهم ، وجماعة سيئوا الحفظ ، وحسنها الترمذى جميعا للشواهد الواردة في الباب .
أما الشرائط الثلاثة التى ذكرها الحافظ ابن حجر للعمل بالضعيف فقد ذكرها الحافظ السخاوي في ( القول البديع ) 0 صلى الله عليه وآله وسلم – 258 ) قال :
( سمعت شيخنا – يعنى الحافظ – مرارا يقول ، وكتبه لي بخطه : إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة :
1- متفق عليه ، أن يكون الضعف غير شديد ، فيخرج من انفراد الكذابين والمتهمين بالكذب ، ومن فحش غلطه ..
2- أن يكون مندرجا تحت أصل عام ، فيخرج ما يخترع بحيث لا يكون له أصل أصلا .
3- أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته لئلا ينسب إلي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يقله .
قال : والأخيران عن ابن عبد السلام وعن صاحبه ابن دقيق العيد ، والأول نقل العلائي الاتفاق عليه ) . أ هـ
وذكر الحافظ مثل هذا الكلام في مقدمة جزء له سماه : ( تبين العجب بما ورد في فضائل رجب شرحا لشيخنا حافظ الوقت حول هذه الشروط ، رأيت أن أنقله لفائدته .
قال شيخنا في مقدمته على ( صحيح الجامع ) ( 1 / 48 / 51 ) : ( وهذه شروط دقيقة وهامة جدا ، لو التزمها العاملون بالأحاديث الضعيفة ، لكانت النتيجة أن تضيق دائرة العمل بها ن أو تلغي من أصلها .. وبيانه من ثلاثة وجوه .(1/24)
الأول : يدل الشرط الأول على وجوب معرفة حال الحديث الذى يريد أحدهم أن يعمل به ن لكي يتجنب العمل به إذا كان شديد الضعف .. وهذه المعرفة مما يصعب الوقوف عليها عند جماهير الناس ، وفي كل حديث ضعيف يريدون العمل به ، لقلة العلماء بالحديث لا سيما في العصر الحاضر ، وأعنى بهم أهل التحقيق الذين لا يحدثون الناس إلا بما ثبت من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وينبهونهم على الأحاديث الضعيفة ن ويحذرونهم منها بل إن هؤلاء هم أقل من القليل ، فالله المستعان .
من اجل ذلك تجد المبتلين بالأحاديث الضعيفة قد خالفوا هذا الشرط مخالفة صريحة ، فإن أحدهم – ولو كان من أهل العلم بغير الحديث – لا يكاد يقف على حديث في فضائل الأعمال ، إلا ويبادر إلي العمل به دون أن يعرف سلامته من : ( ألأَعف الشديد ) فإذا قيض له من ينبهه إلي ضعفه ركن فورا إلي القاعدة المزعومة عندهم : ( يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ) فإذا ذكر بهذا بهذا الشرط ، سكت ولم ينس ببنت شفة ( !) ولا أريد ان أذهب بعيدا في ضرب الأمثلة على ما قلت ، فهذا هو العلامة أبو الحسنات اللكنوي بنقل : ( أفضل الأيام يوم عرفة ) ، إذا وافق يوم الجمعة ، فهو أفضل من سبعين حجة . رواه رزين ) . ( أما ما ذكره بعض المحدثين في إسناد هذا الحديث أنه ضعيف ، فعلي تقدير صحته ، لا يضر المقصود ، فإن الحديث الضعيف في فضائل الأعمال ) . وأقره اللكنوي .
فتأمل أيها القارئ الكريم ن كيف أخب هذان الفاضلان بالشرط المذكور ، فإنهما حتما لم يقفا على إسناد الحديث المذكور ، وإلا لبينا حاله ، ولم يسلكا في الجواب عنه طريق الجدل : ( فعلي تقدير صحته ) أي صحة القول بضعفه ( ! )
وأني لهما ذلك ، والعلامة المحقق ابن القيم قد قال عنه في ( زاد المعاد ) ( 1 / 17 ) : ( باطل له عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أحد من الصحابة والتابعين 0)(1/25)
ونحو ذلك : ما نقله الفاضل المذكور ( ص26 ) عن ( شرح المواهب ) للزرقاني : أخرج الحاكم و .....عن على مرفوعا : ( إذا كتبتم الحديث اكتبوه بإسناده ، فإن يك حقا كنتم شركاء في الأجر ، وإن يك باطلا كان وزره عليه ) !
فإن هذا الحديث موضوع أيضا كما حققته في ( سلسلة الأحاديث الضعيفة ) رقم ( 424 ) ومع ذلك فقد سكت عنه الفاضل المشار إليه ، وذلك لأنه في فضائل الأعمال ( ! ) ... وهو في الواقع من أعظم الأسباب الشجعة على نشر الأحاديث الضعيفة والموضوعة والعمل بها ، كيف لا وهو يقول : ( فإن يك حقا كنتم شركاء في الأخر ، وإن يك باطلا كان وزره عليه ) يعنى ولا وزر على نافله ، وهذا خلاف ما عليه أهل العلم أنه لا يجوز رواية الحديث الموضوع إلا مع بيان وضعه ، وكذلك الحديث الضعيف عند أهل التحقيق منهم كابن حبان وغيره على ما بينته في مقدمة ( سلسلة الأحاديث الضعيفة ) وقد قال العلامة أحمد محمد شاكر في ( الباعث الحثيث ( ( ص101) بعد أن ذكر الشروط الثلاثة المتقدمة :
والذى أراه أن بيان الضعف في الحديث الضعيف واجب في كل حال لأن ترك البيان يوهم المطلع عليه أنه حديث صحيح ، خصوصا إذا كان النافل له من علماء الحديث الذين يرجع إلي قولهم في ذلك ، وأنه لا فرق بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها ن في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة ، بل لا حجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حديث صحيح أو حسن ) .
قلت : والخلاصة ، أن التزام هذا الشرط يؤدي عمليا إلي ترك العمل بما لم يثبت من الحديث لصعوبة معرفة الضعف الشديد على جماهير الناس ، فهو في النتيجة يجعل القول بهذه الشروط يكاد يلتقي مع القول الذى اخترناه . وهو المراد .(1/26)
الثاني : أنه يلزم من الشرط الثاني : ( أن يكون الحديث الضعيف مندرجا تحت أصل عام ........ ) أن العمل في الحقيقة ليس بالحديث الضعيف ، وغنما بالأصل العام ، والعمل به وارد ، وجد الحديث الضعيف أو لم يوجد ولا عكس ، أعنى العمل بالحديث الضعيف إذا لم يوجد الأصل العام فثبت أن العمل بالحديث الضعيف بهذا الشرط شكلي ، غير حقيقي ، وهو المراد .
الثالث : أن الشرط الثالث يلتقي مع الشرط الأول في ضرورة معرفة ضعف الحديث ، لكي لا يعتقد ثبوته ، وقد عرفت أن الجماهير الذين يعملون في الفضائل بالأحاديث الضعيفة لا يعرفون ضعفها ، وهذا خلاف المراد ) انتهي كلام الشيخ الألباني ..
قلت : فظهر من كلام شيخنا حافظ الوقت ، حفظه الله تعالي ، أن التزام هذه الشروط يكفينا مؤونة العمل بالضعيف ...
وختاما لهذا الفصل اذكر بأن الأحاديث الحسان تكون موضع تجاذب بين العلماء لترددها بين الضعف والحسن ، غير أن الممارس لهذا الأمر يخلص إلي الراجح في المسألة .
وقد أشار إلي ذلك الحافظ السخاوي في ( فتح المغيث ) ) ( 1 / 70 ) فقال : (....أما الحسن لغيره فيفصل بين ما تكثر طرقه فيحتج به ، وما لا ، فلا .... هذه الأمور جميلة تدرك تفاصيلها بالمباشرة ) أ هـ .(1/27)
قلت : يعنى بالممارسة العملية . وما أجمل مال قال شيخنا محدث العصر ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالي في ( الإرواء ) ( 3 / 363 ) وإنه مما ينبغي ذكره في هذه المناسبة أن الحديث الحسن لغيره ، وكذا الحسن لذاته ، من أدق علوم الحديث وأصعبها ن فلا يتمكن من التوفيق بينها ، أو ترجيح قول من أدق الأقوال الأخري ، إلا من كان على علم بأصول الحديث وقواعده ومعرفة قوية بعلم الجرح والتعديل ، ومارس لك ذلك عمليا مدة طويلة من عمره ، مستفيدا من كتب التخريجات ونقد الأئمة النقاد ، عارفا بالمنتشدين منهم والمتساهلين ، ومن هم وسط بينهم ، حتى لا يقع في الإفراط والتفريط وهذا أمر صعب ، قل من يصير له ، وينال ثمرته ، فلا جرم ان صار هذا العلم غريبا من العلماء ، والله يختص بفضله من يشاء ) أ هـ .
الفصل الثالث
( ذكر من ثبت الحديث من الحفاظ ، والرد على من ضعفه )
أما العلماء الذين ثبتوا الحديث فهم كثير ، منهم
1- اسحق بن راهويه
قال :
( أصح شئ فيه حديث كثير بن زيد ) .
2- البخاري ، قال : ( حديث سعيد بن زيد أحسن شئ في هذا الباب ) .
3- أبو بكر بن أبي شيبة .
قال :
( ثبت لنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاله ) .
فعلق صاحبنا قائلا :
( هذا قول متعقب بأنه ليس عليه دليل ، وإلا فلم يسقه ، اللهم إلا أن يكون النبى صلى الله عليه وآله وسلم أخبره بذلك في المنام ) !!
قلت : كرهت لك يا صاحبي هذا الجواب ! ، إن كان يعد جوابا ، وإلا فأنت أدري بما فيه من التهافت !! .
أما جوابي ، فهو من وجهين :
? الأول : قولك : ( ليس عليه دليل ، وإلا فلم يسقه ) عز وجل
? فأقول : ما الفرق عندك بين قول ابن أبي شيبة : ( ثبت لنا ) ,
وبين قوله في أحد الرواة ك ( ضعيف ) ؟ ! وكلاهما قول مجمل ؟ !(1/28)
وأنت تنظر في التهذيب ) وغيره حال حكمك على بعض رواة الأسانيد ، فلا تري في الرجل إلا عبارات مجملة ، كقولهم ك ( ضعيف 9 ن ( ليس بالقوي ) ، ليس بشئ ونحو ذلك أيرد عليهم قولك : ( ليس عليه دليل ) ن وكثير من الجرح الموجود في الكتب هو جرح مجمل غير مفسر ظ ! وعندما ضعفت الحديث ، لم يكن لك قول من السابقين ذكرته سوي قول الإمام أحمد مع أن قول الإمام احمد كان مجملا كقول ابن أبي شيبة ن نحو : ( لا يثبت فيه شئ ) ، لا أعلم فيه حديثا صحيحا ) فلم لم تذكر نفس الاعتراض على قول الإمام أحمد ، وأين الدليل على التضعيف ؟ ! مع الاعتراض على قول الإمام أحمد أقوي من الاعتراض على قول ابن شيبة ! عز وجل
ووجهة : أن قول ابن أبي شيبة : ( ثبت ) لنا ) شيبة بمن يقول في الراوي ثقة ) أو نحوها من عبارات التعديل . ومعروف أن التعديل يقبل من غير ذكر سببه ، لأن الأمر يطول جدا والأسباب تكثر ، فالذات يحوج المعدل إلي أن يقول : لم يفعل كذا ، لم يرتكب كذا ، وفعل كذا وكذا ، فيعدد جميع ما يفسق بفعله أو بتركه ، وذلك في المشقة غاية .
وأما قول الإمام أحمد ( لا يثبت فيه شئ ) فهو شيبه بالجرح ، فنحتاج غلي معرفة السبب ، ولم يفصح الإمام عن سبب رده لأحاديث التسمية إلا في حديث ابي سعيد الخدري حيث قال : ( ......... كثير بن زيد ، عن ربيح وربيح رجل ليس بالمعروف ) .
وقد تقدم ما فيه .
الوجه الثني : قولك : ( اللهم إلا أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبره بذلك في المنام ) .
قلن : وعبارتك هذه تحتمل ثلاثة معاني ، لا رابع لها في نظري .
المعنى الأول : انه تهكم ن واستهزاء بالإمام عز وجل
الثاني : أنه لغو لا معنى له
الثالث : أنك تري أن المنامات حجة في التصحيح والتضعيف
أما الأول والثاني ك فأنت أحوج منى إلي الإجابة عنهما وإن كنت أعلم أنك لا تقصد واحدا منهما ، .(1/29)
أما الثالث : فإن كنت تراه – وأعيذك بالله من ذلك – فلا قيمة لما درسته من علم ، وكل كلامك في تعقيب هذا الحديث ، وغيره ن إنما هو من فضول الكلام ن ولا يخفاك ما في هذا الأمر من خطورة على الإسلام كله عز وجل
وقد سلك طريقة الكشف والإلهام في تصحيح الأحاديث وتضعيفها ابن عربي المارق ، صاحب ( الفتوحات المكية ) .
قال العوني في ( كشف الخفا ) ( 1 / 10 ) :
وفي ( الفتوحات المكية ) للشيخ الأكبر ( !) قدس سره الأنور ما حاصله : فرب حديث يكون صحيحا من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف انه غير صحيح لسؤاله لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيعلم وضعه ويترك العمل به ، وإن عمل به أهل النقل لصحة طريقه . ورب حديث ترك العمل به لضعف طريقه من أجل وضاع في رواته ، يكون صحيحا في نفس الأمر ن لسماع المكاشف له من الروح حين إلقائه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( ا هـ
قلت : هذا كلام ابن عربي ، وما هو بأول كلام مرق به على الإسلام وأهله و،وإنما المنكر في الأمر أن ينقله العجلوني ولا يتعقبه بشئ ، ومعنى إفراده لهذا الأمر أنه لا قيمة لكتابة كله والذى يعتمد فيه كلام الحفاظ على أحاديث بالنظر إلي حال رواتها .
فإن كان الأمر كذلك ، فيا ضيعة جهود المحدثين ، ورحلاتهم لأجل التثبت من لفظه واحدة ، أو لمعرفة حال الراوي إلي غير ذلك وقد اتفق العلماء على أن ما يري في المنامات لا يقوم به حجة في دين الله تعالي ، لأن شرط تحمل اليقظة فلو اختلف الناس : هل غدا أول رمضان ، أم المتمم لشعبان ؟ ! فرأي رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام ، فقال له : غدا أول رمضان . هل يلزمه صيام ؟ ! وهل إذا بلغ الناس يلزمهم صيام ؟ ! .
الجواب : لا ، لأن الدين تم ، وعندنا ما نعتمد عليه في معرفة هذا الأمر وغيره ولأن فتح هذا الباب معناه أن تضيع علوم الشريعة على نحو ما يقول به الباطنية الملاحدة وهو ظاهر في كلام ابن عربي المارق ...(1/30)
أقول هذا الكلام وأنا أعلم أن صاحبنا من أول المعارضين لطريقة الكشف ، لما فيها من هدم لصرح الإسلام كله ، فإن قلنا : إن هذا المعنى أيضا لم يقصده صاحبنا ، فما معنى عبارته كلها ؟ !
4- ومن الذين ثبتوا الحديث أيضا ك ( المنذري ) .
فقال في الترغيب ) ( 1 / 100 ) :
( وفي الباب أحاديث كثيرة ، لا يسلم شئ منها عن مقال ، وقد ذهب الحسن وإسحق بن راهويه ن وأهل الظاهر إلي وجوب التسمية في الوضوء حتى إنه تعمد تركها أعاد الوضوء ، وهو رواية عن الإمام أحمد ولا شك أن الأحاديث التى وردت فيها وإن كان لا يسلم شئ منها عن مقال ، فإنها تتعاضد بكثرة طرقها ، وتكتسب قوة . والله أعلم ) أ هـ
5- ابن الصلاح أبو عمرو عز وجل
نقل عنه الحافظ في ( نتائج الأفكار ) ( 1 / 237 ) قوله :
( ثبت بمجموعها ما يثبت به الحديث الحسن , والله أعلم ) أ هـ
6- أبو الفتح اليعمري ، ابن سيد الناس .
قال : ( أحاديث الباب إما صريح غير صحيح ، وإما صحيح غير صريح ) .
7- الحافظ العراقي .
نقل في ( المغني ) ( 1 / 133) قول البخاري السابق وأقره .
8- ابن القيم :
قال في ( المنار ) ( 45 ) :
( أحاديث التسمية على الوضوء، أحاديث حسان ) .
وقال في ( الزاد ) ( 1 / 195 ) .
( وكل حديث في أذكار الوضوء الذى يقال عليه فكذب مختلق ، لم يقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا منه ، ولا علمه لأمنه ن ولا ثبت عنه غير التسمية في أوله ) أهـ
9- الحافظ ابن حجر :
قال في التلخيص ) ( 1 / 75 )
( والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة ، تدل على أن له أصلا . )
غلق صاحبنا – حفظه الله – بقوله :
( والاستشهاد به أو الاعتضاد به هنا يعكر عليه أن هذا قول عام ، وتخصيصه بهذا الحديث يحتاج غلي دليل . )
أقول : أطلت النظر في هذه العبارة فلم أفهم منها شيئا ، ولم أفهم أيضا العموم والخصوص الذى ، وما موقعه من بحثنا ، أرجو أن يتكرم بتوضيح مراده والله الموفق .
10 – الحافظ ابن كثير :(1/31)
قال الشوكاني في ( السيل الجرار 9 ( 1 / 73 ) : (وقال ابن كثير في ( الإرشاد ) : طرقه يشد بعضها بعضا ، فهو حديث حسن أو صحيح ( أ هـ
قلت : وقد صرح في ( تفسيره ) ( 1 / 34 )- طبع الشعب ) بأنه ( حديث حسن ) .
11- الصنعاني في سبل السلام ) ( 1 / 80 ) .
12- الشوكاني في ( نيل الأوطار ) ( 1 / 160 ) وفي ( السبيل الجرار ) ( 1 / 77 ) .
13 - مبارك كفوري في ( التحفة ) ( 1 / 116 ) قال نحو مقالة الحافظ في ( التلخيص )
14 – الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر .
قال في شرح الترمذي ) ( 1 / 38 ) :
( جيد حسن ) .
15 – شيخنا ن محدث العصر ، ناصر الدين الألباني ،
قال في ( صحيح الجامع ) ( 7573 ) :
( صحيح ) .
قلت : فهؤلاء الذين ذكرتهم قووا الحديث ، ما بين مصحح ، ومحسن له ولننظر الآن في قول الإمام أحمد رحمه الله ، وطيب ثراه .
قال صاحبنا :
( والمسألة ليست إيجاد مخرج من تضارب النقل في قولي الإمام أحمد ، فإن هذا يوحي أن النقلين صحيحان ، وهذا ما لا يستقيم إلا إذا استقام ذنب الضب ) أ هـ .
قلت : فظاهر من قوله أن أحد النقلين عن الإمام أحمد ضعيف لا يصح ن وهو بالطبع يعنى القول الآخر والذى يفهم منه أنه يقوي الحديث . والواقع أن النقلين صحيحان عن أحمد ، وهذا ما لم يتحققه صاحبنا ، حتى دفعه ذلك إلي إحالة الصحة لهما عن الإمام ، بقوله : ( وهذا ما لا يستقيم .... إلخ ) .
أما قول الإمام :
( لا يثبت فيه حديث صحيح ( أو ) لا يثبت فيه شئ ) فهو مذكور في ( مسائل أبي داود ) (ص6 ) ، و ( مسائل إسحق بن هانئ ) ( 1 / 3 ) ، و ( مسائل عبد الله ، ( ص25 )
وعند ابن عدي في ( الكامل ) ( 3 / 1034 – 6 / 2087 ) .
( قال أحمد بن حفص السعدي : سئل الإمام أحمد عن التسمية في الوضوء ؟
فقال : لا اعلم فيه حديثا يثبت ) .
ونقل الحلال في ( العلل ) عن أبي بكر المروزي ، عن احمد :
( ليس فيه شئ يثبت) .
ونقل الترمذي عن احمد ) :
((1/32)
لا أعلم في هذا الباب حديثا له إسناد جيد ) .
وكذا نقله ابن العربي في ( عارضة الأحوذي ) ( 1 / 43 ) وأقره . ونقله البيهقي والنووي وغيرهما عن أحمد فهو ثابت عنه يقينا عز وجل
وقد أجاب الحافظ في ( نتائج الأفكار ) ( 1 / 223 ) عن قول الإمام أحمد فقال :
( لا يلزم من نفي العلم ، ثبوت العدم . وعلى التنزل : لا يلزم من نفي الثبوت ، وثبوت الضعف ، ولاحتمال أن يراد بالثبوت : ( ثبوت الصحة ) ، فلا ينتفي الحكم يد ( الحسن ) .. وعلى التنزيل : لا يلزم من نفي الثبوت عن كل فرد نفيه عن المجموع ) أ هـ .
قلت : وهذا تحقيق بديع للغاية رحمه الله . ، وما أظن منصفا يا أباه . والله اعلم
وقد جاء عن أحمد انه قوي حديث أبي سعيد الخدري :
أخرجه الحاكم ( 1 م 147 ) ، والعقيلي في ( الضعفاء ) ( 1 / 177 ) من طريقين عن أبي بكر الأثرم أحمد بن محمد بن هانئ قال : ( قلت لأبي عبد الله احمد بن حنبل التسمية في الوضوء ؟ فقال : أحسن شئ فيه حديث كثير بن زيد ) .
هذا لفظ الحاكم .
وهذا ثابت عن أحمد أيضا عز وجل
مع أنه لا يلزم من قوله : ( احسن شئ في هذا الباب ) أو : ( أصح شئ في الباب ) أو نحو هذه العبارات ، لا يلزم منها صحة الحديث .
قال النووي في ( الأذكار ) ( ص158 ) :
( لا يلزم من هذه العبارة أن يكون الحديث صحيحا ن فإنهم يقولون : هذا أصح ما جاء في الباب ، وإن كان ضعيفا ن ومرادهم أرجحه ن أو أقله ضعفا .. ) أ هـ
وروي أبو داود حديثا في ( كتاب الطلاق ) ( 2208 ) ثفال : ( هذا اصح من حديث ابن جريح ............) .
فقال المنذري :
( قال أبو داود : حديث نافع عجير حديث صحيح ، وفيما قاله نظر .... الخ ) .(1/33)
فتعقبه ابن القيم في ( تهذيب سنن أبي داود لم يحكم بصحته ، وإنما قال بعد روايته ( هذا أصح من حديث ابن جريج : ( أنه طلق امرأته ثلاثا . ) لأنهم أهل بيته . وأعلم بقضيتهم وحديثهم . وهذا لا يدل على أن الحديث عنده صحيح ، فإن ابن جريج ضعيف ، وهذا أيضا ضعيف ، فهو أصح الضعفين ن وهو كثير في كلام المتقدمين ، ولو لم يكن اصطلاحا لهم ، لم تدل اللغة على إطلاق الصحة عليه ، فإنك تقول لأحد المريضين : هذا أصح من هذا . ولا يدل على أنه صحيح مطلقا . ) أ هـ
قلت : فإن اعترض معترض بما ذكرنا صار حسنا بلا ريب ، لا سيما وحديث سعيد بن زيد قال البخاري : ( هو أحسن شئ في هذا الباب) فهذا إذا انضم الحديث أبي سعيد ، مع بعض الطرق من حديث أبي هريرة ، وإحدى الطرق من حديث سهل بن سعد ، تقوي الحديث يقينا .
وأري أن الإمام أحمد نفي صحة هذه الأحاديث لأنه كان يري استحباب التسمية ، وليس وجوبها ، وقد نقل عنه بعض أصحاب مذهبه الوجوب ، ولكن دعوي الاستحباب أرجح عنده .
فقد قال أبو زرعة الدمشقي في ( تاريخه ) ( 1 / 631 ) .
قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل ن فما وجه قوله : ( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه 9 ؟ ! قال : فيه أحاديث ليست بذاك ن وقد قال الله تبارك وتعالى :
{ يا أيها الذين أمنوا إذا قمتم إلي الصلاة ........الآية } فلا أوجب عليه ، وهذا التنزيل ، ولم تثبت سنة ) أ هـ .
قلت : فهذا النص عن أحمد يبين أن التسمية في أول الوضوء ليست يركن ولا شرط عنده .
وعلى كل حال ، فإن لم يلق ما ذكرته قبولا ، وأن الإمام احمد ضعف الحديث بغير تردد ، فالجواب أن الذين قروا الحديث كثرة ، وفيهم أقران لأحمد ن فجانبهم أقوي بغير شك ن فكيف إذا كان يمكن حمل كلام الإمام احمد على ما يفيد قولهم ؟ !!
فهو أولى ، والله أعلم عز وجل(1/34)
أما بالنسبة لحكم التسمية ، فالغالب على استجابتها ، واحتج البيهقي على عدم وجوب التسمية بحديث رافع بن رفاعة قال : 0 بيننا نحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، إذ دخل دخل رجل فصلي ركعتين ن والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأله وسلم يرمقه . ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ن فرد عليه ثم قال : ( ارجع فصل ، فإنك لم تصل ) ....... فقال : أي رسول الله ، بأبي أنت وأمي والذى أنزل عليك الكتاب لقد اجتهدت وحرصت فأرني ، فأرني ، وعلمنى . فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله ، يغسل وجه ويديه إلي المرفقين ن ويمسح رأسه ورجليه غلي الكعبين ، ثم يكبر ..... ) الحديث عز وجل
أخرجه أصحاب السنن ن والدرامي ( 1 / 305 - 306 9 ، وأحمد ( 4 / 340 9 ن والبخاري في ( جزء القراءة ) 0 ص11- 12 ) ، وفي ( الكبير ) ( 2 / 1 / 319 – 320 ) إشارة ، والطبراني في الكبير ( ج5 / رقم 4520 – 4530 ) والطحاوي في ( مشكل الآثار ) ( 4 / 386 9 وغيرهم ذكرتهم في ( غوث المكدود ) ( 194 ) .
وهو حديث صحيح
والحجة فيه أنه لم يذكر فيه ، بل ذكر غسل الوجه وغيره ، ولو كانت واجبة لذكرها .
وقد سبق عن أحمد انه تلا آية المائدة واحتج بها على عدم وجوب التسمية .
ويجاب عن ذلك بأنه قوله : ( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه 9 الأصل في النفي هنا نفي الصحة ، وليس نفي الكمال ولا يعكر عليه ما ذكره البيهقي ، فإن هذا الحديث فيه زيادة على حديث رافع بن رفاعة ، فلا يحل تركها ، وإنما أنكر أحمد الوجوب لتضعيفه للحديث ، أما وقد ثبت ، فينبغي العمل بمقتضاه . وهو وجه عند الحنابلة ، فذكر صاحب ( الإنصاف ) ( 1 / 128 ) عن أحمد أن التسمية واجبة ، وهى المذهب .(1/35)
وقال صاحب ( الهداية ) ، وكذا ( النهاية 9 و ( الخلاصة ) و ( مجمع البحرين ) والمجد في ( شرحه ) وغيرهم : 0 والتسمية واجبة في أصح الروايتين في طهارة الحدث ، معها الوضوء والغسل والتيمم ن واختارها الخلال وغيره ) .
وهو الذى انفصل عليه الشوكاني في نيل الأوطار ) ( 1 / 135 - 136 )
وفي ( السيل الجرار ) 0 1 / 76 – 79 ) وهو الحق الذى يظهر لي ، والله تعالي أعلم .
فهذا ما انتهي إليه بحثى حول هذا الحديث ن والله أسأل أن يسبل علينا ستره الجميل ، وهو حسبي ونعم الوكيل عز وجل
والحمد لله أولا وآخرا ، ظاهرا وباطنا ،،
وكتبه راجي عفو ربه الغفور أبو إسحق الحويني الأثري عفا الله عنه
القاهرة في 7 / 6 / 1404 هـ(1/36)