صحيفة أبي الزبير المكي
عن جابر بن عبد الله الأنصاري
رضي الله عنهما
وكتبه
د . صالح بن أحمد رضا
أستاذ الحديث المشارك
بكلية الشريعة وأصول الدين بالجنوب
مُلتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com
مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية العدد الثامن
محمد بن سعود الإسلامية رجب 1413هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنعم علينا بالنعم الجليلة العظيمة التي لا تعد ولا تحصى ، الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام ، وزيننا بالإيمان ، وتفضل علينا بالانتساب إلى أهل العلم ، وسلك بنا سبيل السنة النبوية المطهرة .
والصلاة والسلام على الرسول المصطفي الذي دعا بالنضارة لمن بلّغ سنته ، وأمر بالتبليغ عنه ، لنصرة دينه ، وإعلاء كلمة الإسلام .
وبعد :
فقد استوعبت الكلام عن كتابة السنة النبوية وفي بحث خاص (1)، وخلصت الى القول بأن كثيراَ من السنة النبوية قد كتب في العصر النبوي ، وأن الكثير منها -أيضاَ -قد كتب في عصر الصحابة -رضي الله عنهم-وأن أكثرها-إن لم نقل كلها -كتب في عصر التابعين ، وهي العصور الثلاثة التي شهد لها النبي-صلى الله عليه وسلم-بالخيرية المطلقة على من جاء بعدها .
وكان جملة ما نصّ عليه العلماء بأنه كان مكتوباَ في زمن التابعين :
صحيفة أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله الأنصاري-رضي الله عنهما-وكانت هذه الصحيفة مما أخذ على الإمام مسلم روايته منها ، فقد روى كثيراَ من أحاديثها ، ومن طريق أبي الزبير نفسه ، بينما لم يعتمد عليها الإمام البخاري في صحيحه ، فأحببت أن أسبر غور هذه الصحيفة ، وأعرف كنهها ، وكيف كانت صحيفة؟ وما أصلها؟ ومتى كتبت؟ وما هو حال راويها؟ وهل للإمام مسلم حجة في إخراج أحاديثها؟ وهل أحاديثها مما ثبت رفعه الى النبي-صلى الله عليه وسلم-؟ وغير ذلك مما يتعلق بهذه الصحيفة .(1/1)
ورأيت أن أتعرض في التمهيد لهذا البحث الى راويتيها عن النبي-صلى الله عليه وسلم-فذكرت ترجمة موجزة عن الصحابي الجليل : جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-، ثم ذكرت ترجمة مفصلة لتلميذه أبي الزبير-رحمه الله-ومكانته العلمية ووزنه في روايته لحديث رسول الله-صلى الله عليه وسلم-،وما قيل فيه توثيقاَ ، وتضعيفا،َ وذلك لنخلص الى رأي سديد بإذن الله تعالى-في هذا الراوي الذي اختلف العلماء في رأيهم في صحة روايته(2).
وقد حاولت أن أدعم كل رأي أتبناه بدليل أو أدلة تدعمه .
والله أسأل أن أكون قد وفقت في هذا البحث ، واتخذ الرأي الصحيح الذي ليس فيه شطط أو تعالم ، فإن كان فالحمد لله في البدء والختام وإن كانت الثانية فأستغفر الله ، سائلاَ إياه العون والتسديد .
وكتبه
د . صالح بن أحمد رضا
أستاذ الحديث المشارك
بكلية الشريعة وأصول الدين بالجنوب
الصحابي الجليل : جابر بن عبد الله رضي الله عنهما (*) :
هو جابر بن عبد اله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب سلمة الأنصاري الخزرجي السلمي المدني الفقيه المجتهد الحافظ صاحب رسول الله-صلى الله عليه وسلم .
أبو عبد الله وأبو عبد الرحمن :
من أهل بيعة العقبة ، قال جابر أنا وأبي وخالاي (3) من أصحاب العقبة السبعين . (4) وكان أصغرهم ، وكان أبوه يومئذ أحد النقباء ، فحضر جابر البيعة وهو شاب يفع ، وكان من شبان الصحابة-رضي الله عنه .
وهو من أهل بيعة الرضوان ، قال جابر : قال لنا رسول الله-رسول الله صلى الله عليه وسلم-يوم الحديبية : أنتم اليوم خير أهل الأرض- (وكنا ألفاً وأربعمائة) .(5) وقال : غزوت مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم تسع عشر غزوة ، ولم أشهد بدراً ولا أحداً منعني أبي ، فلما قتل أبي ((وكان قد أستشهد أبوه في غزوة أحد-رضي الله عنه -) .(6) لم أتخلف عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-في غزوة قط )) .(7)
وقال : فكان أول ما غزوت معه حمراء الأسد)) .(8)(1/2)
وهذا يدل على أنه كان في سن من يقاتل في سبيل الله تعالى يوم بدر إلا أن أباه منعه ، وكان سبب منعه أباه من حضورها رعاية أخواته ، فالظاهر أنه لم يكن لأبيه من الذكور غيره ، فقد قال جابر :
كان يخلفني على أخواتي ، وكن تسعاً )).(9)وفي رواية قال عبد الله لابنه جابر :
((لولا أني اترك بنات لي بعدي لأحببت أن تقتل بين يدي )) .(10)
وقال جابر : توفي عبد الله بن حرام وعليه دين ، فاستعنت النبي-صلى الله عليه وسلم- على غرمائه أن يضعوا من دينه ، فطلب النبي-صلى الله عليه وسلم-فلم يفعلوا )).(11)
فقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم - : اذهب ، فصنف تمرك أصنافاً :
العجوة على حدة ، وعذق زيد على حدة ، ثم أرسل إلى ، ففعلت ثم أرسلت إلى النبي-صلى الله عليه وسلم فجلس على أعلاه ، أو في أوسطه ، ثم قال كل للقوم ، فكلتهم حتى أوفيتهم الذي لهم ، وبقي تمري كأنه لم ينقص منه شيء )) .(12)
وفي رواية : ((أصيب عبد الله ، وترك عيالاً وديناً ، فطلب الى أصحاب الدين أن يضعوا بعضاً من دينه ، فأبوا، فأتيت النبي-صلى الله عليه وسلم-فاستشفعت عليهم ، فقال : صنف تمرك ، كل شيء منه على حدته : عزق ابن زيد على حدة ، واللين على حدة ، والعجوة على حدة ، ثم أحضرهم آتيك ،ففعلت ، ثم جاء-صلى الله عليه وسلم-فقعد عليه ، وكال لكل رجل حتى استوفى ، وبقي التمر كما هو كأنه لم يمس )) .(13)
قال : وغزوت مع النبي- صلى الله عليه وسلم-على ناضح (14) لنا ، فأزحف الجمل(15) ، فتخلف علي ، فوكزه النبي-صلى الله عليه وسلم-من خلفه ، قال : بعينه ، ولك ظهره الى المدينة ، فلما دنونا استأذنت ، فقلت : يا رسول الله : إني حديث عهد بعرس ، قال-صلى الله عليه وسلم-: فما تزوجت ؟ بكراً أم ثيباً ؟ قلت : ثيباً ، أصيب عبد الله وترك جواري صغاراً ، فتزوجت ثيباً تعلمهن وتؤدبهن : ثم قال : ائت أهلك .(1/3)
فقدمت ، فأخبرني خالي ببيع الجمل ، فلامني ، فأخبرته بإعياء الجمل ، وبالذي كان من النبي-صلى الله عليه وسلم-ووكزه إياه ، فلما قدم البني-صلى الله عليه وسلم- غدوت إليه الجمل ، فأعطاني ثمن الجمل ، والجمل، وسهمي مع القوم )) .(16)
وقال جابر : استغفر لي رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ليلة الجمل خمساً وعشرين مرة(17).
وقال جابر-رضي الله عنه-عادني رسول الله-صلى الله عليه وسلم وأنا لا أعقل أي من شدة المرض-فتوضأ وصب على من وضوئه ، فعقلت .
فقلت : ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله ؟ فنزلت 0{يوصيكم الله في أولادكم}0(18)الآية
وقد كفّ بصر جابر في آخر حياته ، وروى الواقدي عن أبي بن عباس عن أبيه ، قال: كنا بمنى ، فجعلنا نخبر جابراً بما نرى من إظهار قطف الحرير ، والوشي-يعني السلطان وما يصنعون-فقال : ليت سمعي قد ذهب كما ذهب بصري حتى لا أسمع من حديثهم شيئاً ولا أبصره .(19)
ويروى أن جابراً دخل على عبد الملك بن مروان لما حج ، فرحب به ، فكلمه في أهل المدينة أن يصل أرحامهم
فلما خرج أمر له بخمسة آلاف درهم فقبلها .
وكان جابر بن عبد الله عريفاً على قومه عرفه عمر (20) (والعريف : من يعرف أصحابه ، وهو القيم بأمور القبيلة ، أو الجماعة من الناس يلي أمرهم ، ويتعرف الأمير منه أحوالهم )(21) قال أبو بكر المدني : كان جابر لا يبلغ إزاره كعبه ، وعليه عمامة بيضاء رأيته قد أرسلها من ورائه )) .
وقال عاصم بن عمر : أتانا جابر ، وعليه ملاءتان ، وقد عمي ، مصفراً لحيته ورأسه بالورس ، وفي يده قدح .(22)
وقال سلمة بن وردان : رأيت جابر ابيض الرأس واللحية-رضي الله عنه-قلت : فلعله كان أحياناً يغير شيبه ، وأحياناً يتركه .
رحلاته :
كان مقر جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-في المدينة المنورة ، ولكنه مضى مجاهداً في سبيل الله تعالى . فقد روي عنه أنه كان في جيش خالد بن الوليد-رضي الله عنه-في حصار دمشق .(23)(1/4)
كما روى أنه سافر في طلب العلم ، وتعليمه :
فقد روي أنه رحل في حديث (القصاص ) إلى الشام ، ليسمعه من عبيد الله أنيس-رضي الله عنه-قال جابر:
بلغني عن رجل حديث سمعه من رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فاشتريت بعيراً ،ثم شددت عليه رحلي ، فسرت شهراً حتى قدمت عليه الشام ، فإذا عبد الله بن أنيس ، فقلت للبواب : قل له : جابر على الباب ، فقال : ابن عبد الله ؟
قلت : نعم ، فخرج يطأ ثوبه ، فاعتنقني واعتنقته ، فقلت : حديثاً بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله-صلى الله عليه وسلم-في القصاص ، فخشيت أن تموت ، أو أموت قبل أن أسمعه . قال : سمعت رسول الله-صلى الله وسلم-يقول يحشر الناس يوم القيامة-أو قال العباد-عراء غرلا ًبهماً ، قال : قلنا : وما بهماً ؟ قال :ليس معهم شيء ، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد-أحسبه قال : كما يسمعه من قرب : أنا الملك أنا الديان ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حق ، حتى أقصه منه حتى اللطمة ، قال : قلنا : كيف ؟ وإنما نأتي الله عز وجل عراة غرلاً بهماً . قال : بالحسنات والسيئات )) .(24)
وقد ذهب الى مكة المكرمة وجاور فيها مدة أشهر : قال ابن عيينة : لقي عطاء ، وعمرو جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-سنة جاور بمكة .
وقال أبو سفيان-في حديث- : سألت جابراً ، وهو مجاور بمكة وهو نازل في بني فهر ..(25) وقال ابن فهد في حوادث سنة أبع وستين : ودعا ابن الزبير وجوه الناس وأشرافهم فشاورهم في هدم الكعبة ، فأشار عليه ناس كثير بهدمها منهم ((جابر بن عبد الله )) وكان جاء معتمراً .(26)
وقال أبو سفيان : جاورت مع جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-بمكة في بني فهر ستة أشهر .(27)
وقال الذهبي : وروى ابن عجلان عن عبيد الله بن مقسم قال :
رحل جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-في آخر عمره الى مكة في أحاديث سمعها ثم أنصرف الى المدينة .(1/5)
وبنو فهر هؤلاء-لعلهم : بنو الحارث بن فهر ، ورباعهم في دبر قرن القرظ بين ريع آل مرة بن عمرو الجمحيين ، وبين الطريق الذي لآل وابصة مما يلي الخليج )) .(28)
مكانته العلمية :
روى جابر-رضي الله عنه-عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-الكثير الطيب حتى جاوز الألف حديث ، ولذا عدّ من المكثرين في رواية الحديث .
قال الذهبي : مسنده بلغ ألفاً وخمسمائة وأربعين حديثاً ، لتفق له الشيخان البخاري ومسلم-على ثمانية وخمسين حديثاً ، وأنفرد له البخاري بستة وعشرين حديثاً ، ومسلم بمائة وعشرين حديثاً .
روى علماً كثيراً عن البني-صلى الله عليه وسلم-وعن عمر ، وعلي ، وأبي بكر ، وأبي عبيدة ، ومعاذ بن جبل
والزبير وطائفة .
وحدث عنه : ابن المسيب ، وعطاء بن أبي رباح ، وسالم بن أبي الجعد ، والحسن البصري ، والحسن بن محمد ابن الحنيفة ، وأبو جعفر الباقر ، ومحمد بن المكندر ، وسعيد بن ميناء ، وأبو الزبير ، وأبو سفيان : طلحة بن نافع ، مجاهد ، والشعبي ، وسنان بن أبي سنان الديلي ، وأبو المتوكل الناجي ، ومحمد عباد بن جعفر ، ومعاذ بن رفاعة ، ورجاء بن حيوة ، ومحارب بن دثار ، . . . وخلق كثير .(29)
قال هشام بن عروة : كان لجابر بن عبد الله . حلقة في المسجد يؤخذ عنه العلم .(30) وكان مفتي المدينة في زمانه ، عاش بعد ابن عمر-رضي الله عنهم-أعواماً وتفرد .(31) وكان ممن يجيز كتابة الحديث ، قال عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي :
كنت أنطلق أنا ومحمد بن علي-أبو جعفر- ومحمد ابن الحنفية الى جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-فنسأله عن سنن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وعن صلاته ، فنكتب عنه ونتعلم منه .(32)
وعن الربيع بن سعد أنه قال :
((رأيت جابراً يكتب عن ابن سابط في ألواح)) .(33) وابن سابط هذا : هو عبد الله بن عبد الرحمن بن سابط الجممي المكي ثقة كثير الإرسال من الثالثة ، مات سنة (118) هـ ( وهو من رجال مسلم والسنن الأربعة ) .(34)(1/6)
قلت : فلعل جابراً نزل عنده ، أوزاره عندما جاوره في مكة ، لأن ديار بني فهر التي نزل فيها جابر قريبة من ديار الجمحيين ، كما سبق .
وفاته :
عاش جابر-رضي الله عنه-بعد وفاة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-مدة طويلة تقرب من الستين عاماً ، وقد قدر العلماء عمره حين وفاته أربعاً وتسعين عاماً ، وقد كفّ بصره في آخر عمره-كما سبق ذكره ، وكأنه كان ابن سبع عشرة سنة حين إسلامه أو ست عشرة سنة حين مبايعته النبي-صلى الله عليه وسلم-في العقبة الثانية .
وعن علي بن المديني أن جابراً أوصى أن لا يصلي عليه الحجاج بن يوسف الثقفي وقد شهد الحجاج جنازته ، وكان الحجاج في ذلك الوقت أميراً على العراق ، فيمكن أن يكون قد وفد حاجاً أو زائراً .(35)
توفاه الله تعالى سنة ثمان أو سبع وسبعين للهجرة في المدينة المنورة وصلى عليه أبان بن عثمان وكان أمير المدينة ، وفي صحيح البخاري أنه سئل عن أوقات الصلوات في زمن الحجاج لأنه كان يؤخر الصلوات فبينها لهم .(36)
وكان آخر من شهد بيعة العقبة الثانية موتاً ، وآخر من مات من الصحابة بالمدينة .
أبو الزبير المكي :
اسمه :محمد بن مسلم بن تدرس (37)القرشي ، الأسدي-مولاهم -المكي . مولى حكيم بن حزام (38)
رضي الله عنه .
مولده : لعله بين الأربعين والخمسين للهجرة .
كلام العلماء فيه :
قال الذهبي : الإمام الحافظ الصديق ، وكان لا يخضب لحيته . وقال أبو عيينة-عن أبي الزبير أنه قال : كانه عطاء [أبن أبي رباح (114هـ) ] يقدمني إلى جابر أحفظ لهم الحديث .
وقال عطاء : كنا نكون عند جابر ، فإذا خرجنا من عنده ، تذاكرنا حديثنا ، فكان أبو الزبير ، أحفظنا للحديث .
وعن يعلي بن عطاء (120هـ) قال : حدثني أبو الزبير ، وكان أكمل الناس عقلاً ، وأحفظهم وقال عمرو ابن دينار (126) :وكان محمد بن مسلم رجلاً صالحاً ، يصبح في المسجد الحرام وذكر عنه خيراً .
وكان أيوب السختياني (40) إذا روى عن أبي الزبير قال :(1/7)
حدثنا أبو الزبير ، وأبو الزبير أبو الزبير .
قلت : وهذا الأسلوب يحتمل أمرين :
1- التوثيق ، ولذا حمله الترمذي على أنه عنى حفظه وإتقانه .
2- التضعيف : ولذا قال الإمام أحمد :يضعفه بذلك
وأنا أرجح حمل ذلك على التوثيق ، وذلك :
-لقول محمد بن يحي راوي الكلام عن سفيان عن أيوب : أي يوثقه .
-وزاد في رواية : وقال-يعني أيوب-: يكفه فقهينا .
فهذه الزيادة تدل على التوثيق لا على التضعيف .
-ولرواية الترمذي : قال سفيان بيده يقبضها .(41)فقبض اليد يدل على التوثيق لا على التضعيف .
وقد قال الذهبي : قد روى عنه مثل أيوب ومالك . قلت : فلو كان يضعفه لما روى عنه .
وقال علي بن المديني (234هـ)-عندما سأله عثمان بن شيبة عن أبي الزبير ، قال : ثقة ثبت .
وقال يحي بن معين مرة : صالح الحديث ، وقال أبو الزبير أحب إلي من أبي سفيان (42)
وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : لم ينصف من قدح فيه ، لأن من استرجح في الوزن لم يستحق الترك لأجله (يريد الرد على شعبة بن الحجاج كما سيأتي ) .
وقال ابن عدي : هو في نفسه ثقة إلا أن يروي عن بعض الضعفاء ، فيكون ذلك من جهة الضعيف .
قال الذهبي -معلقاً -: هذا القول يصدق على مثل الزهري وقتادة .
وقال الساجي ذكريا بن يحي البصري (307هـ) : صدوق حجة في الأحكام ، وقد روى عنه أهل النقل ، وقبلوه واحتجوا به .
وقال حرب بن إسماعيل (280) : سئل أحمد عن أبي الزبير ؟! فقال : قد احتمله الناس ، وأبو أحب إلي من أبي سفيان ، لأنه أعلم بالحديث منه ، وأبو الزبير ليس به بأس .
وقال ابن عدي : روى مالك عن أبي الزبير أحاديث ، وكفى بأبي الزبير صدقاً أن يحدث عنه مالك ، فإن مالكاً لا يروي إلا عن ثقة .
وقال : لا أعلم أحداً من الثقات تخلف عن أبي الزبير ، وقد كتب عنه وهو في نفسه ثقة .(1/8)
وقال عثمان الدارمي : قلت ليحي : فأبو الزبير ؟ قال : ثقة . قلت : محمد بن المكندر (130 أو ما بعدها ) أحب إليك أو أبو الزبير ؟ قال : كلاهما ثقتان .
وقال ابن سعد (230) : كان ثقة كثير الحديث إلا شعبه تركه لشيء زعم انه رآه فعله في معاملة .
وقال ابن عون (115هـ) : ما أبو الزبير بدون عطاء بن أبي رباح .
قلت : أي أنهما سواء في المنزلة .
وقال ابن حجر : وثقة الجمهور .
وقال الذهبي : وقد عيب أبو الزبير بأمور لا توجب ضعفه المطلق ، منها التدليس .
وقال-أيضاً -: ما توقف في الرواية عنه سوى شعبه ، وقد روى عنه مثل أيوب ، ومالك .
وقال يعقوب بن شيبة (577هـ) : ثقة صدوق ، والى الضعف ما هو (يعني ليس ببعيد عن الضعف ) .
وقال أبو حاتم والبخاري وأبو زرعة : لا يحتج به .
وقال المزي والذهبي : وقد أخرج البخاري في صحيحه لأبي الزبير مقروناً بغيره .
قلت : وقد أخرج البخاري لأبي في صحيحه مقروناً بغيره ، ومنفرداً ببعض الحديث ، وموثقاً له كما سيأتي بيانه ، ولم يأتي في تاريخه عن أبي الزبير بشيء من الجرح أو التعديل .(43)
وقال نعيم بن حماد (228) :سمعت ابن عيينة يقول : حدثنا أبو الزبير ، وهو أبو الزبير ، أي كان يضعفه .
وقد نقل عن شعبة أكثر من سبب لتركه لأبي الزبير :
فقد روى محمد بن جعفر المدائني عن ورقاء ، قال : قلت لشبة : لم تركت حديث أبي الزبير ؟
قال : يزن ويسرجع في الميزان )) .(44)
وروى أبو داود عن شعبة قال : لم يكن في الدنيا شيء أحب إلي من رجل يقدم من مكة ، فأسأله عن أبي الزبير ، قال : فبينما أنا عنده سأله رجل عن مسألة ، فرد عليه ، فأفترى عليه ، فقلت : تفتري يا أبا الزبير على رجل مسلم ؟ قال : إنه أغضبني . قلت ومن يغضبك تفتري عليه ؟ لا رويت عنك أبداً . فكان شعبة يقول : في صدري لأبي الزبير أربعمائة حديث .(45)
وروى أبو عمر الحوضي قال : قيل لشعبة : لم تركت أبا الزبير ؟ قال : رأيته يسئ الصلاة ، فتركت الرواية عنه .(46)(1/9)
وعن سويد بن عبد العزيز ، قال : قال لي شعبة : لو رأيت أبا الزبير لرأيت شرطياً بيده خشبة . فقلت : ما لقي منك أبو الزبير !(47)
وقال هشام بن عبد الملك : سال رجل معتمراً (106-187هـ)-وأنا عنده-فقال له : لمَ لم تحمل عن أبي الزبير ؟(48) فقال :حذرني شعبة ، فقال لا تحمل فإني رأيته يسيء صلاته . ليت أني لم أكن رأيت شعبة .(49)
وقال عبد الرحمن : قال لي شعبة : لعلك ممن تروي عن أبي الزبير ؟! لقد سمعت منه مائة حديث ما حدثت منها بحرف .(50)
وقال نعيم بن حماد : سمعت هشيماً (183هـ) يقول : سمعت عن ابن الزبير ،فأخذ شعبة كتابي فمزقه .
فالأمور التي ذكر أن شعبة أنتقدها علي أبي الزبير ، وترك الرواية عنه لأجلها أربعة :
1-الافتراء على من أغضبه .
2-الإسترجاح في الوزن-وقد ردها ابن حبان لأنها ليست سبباً في ترك رواية الراوي .
3-إساءة الصلاة .
4-الشدة والقسوة .
فأما إساءة الصلاة ، وعدم إحسانها فهو أمر نسبي ، فلعل شعبة قاس الأمور على نفسه فقد كان هو من العباد المكثرين من الصلاة حتى رق جلده ، ومن الذين يحسنوا أداءها وليس كل من لا يكون على مثل شعبة في الصلاة مردود الرواية إذ ليس من المعقول أن يكون أبو الزبير التابعي الذي يعيش في مكة المكرمة لا يحسن الصلاة إلا إذا كان المقصود ما قلت . . والله أعلم .
وأما الشدة والقسوة والإفتراء على من أغضبه ، فيظهر أن أبا الزبير يتصف بذلك لسرعة الغضب ، ويظهر ذلك فيه واضحاً إذا أزعجه إنسان ، وبخاصة حين كبر في السن وجاوز الستين من العمر-كما ألمحت سابقاً أن شعبة قد تأخر في الذهاب للسماع من أبي الزبير-ولعل ذلك كان قليلاً فيه ، ونادراً ، ولذلك لم نر أحداً روى عنه ذلك إلا شعبة ، ولهذا قال عيسى بن يونس ما لقي فمنك أبو الزبير .(1/10)
بل وجدنا أقرانه كيعلي بن عطاء يقول عنه : وكان أكمل الناس عقلاً ، فمن ظهر منه شيء مرة لا يترك حديثه ، ثم إن هذه أمور خاصة ، وطباع شخصية لا تتعلق بالرواية ، ولهذا رأينا شعبة نفسه لم يطعن في روايته للحديث ، وهو الواسع الإطلاع .
قال بن رجب الحنبلي-بعد أن ذكر ما أخذه شعبة على أبي الزبير : ولم يذكر عليه كذباً أو سوء حفظ.(51)
قلت :ولا تدليس .
وقال ابن عيينة : كان أبو الزبير-عندنا-بمنزلة خبز الشعير إذا لم نجد عمرو بن دينار ذهبنا إليه . فهو عنده خبز يؤكل .
وقال نعيم بن حماد : قال سفيان : (52) جاء رجل الى أبي الزبير ، ومعه كتاب سليمان اليشكري-يعني عن جابر-رضي الله عنه- (وهو سليمان بن قيس البصري مات في حياة جابر ، وكان قد جالسه ، وكتب عن صحيفة اشتهرت عنه ، مات ما بين السبعين إلى الثمانين ) فجعل يسأل أبا الزبير ، فيحدث بعض الحديث ، ثم يقول : أنظر كيف هو في كتابك ، قال :فيخبره بما في الكتاب ، فيحدث كما في الكتاب .(53)
وقال أبو مسلم المستملي :حدثنا سفيان قال: جئت أبا الزبير ، أنا ورجل ، وكنا إذا سألنا عن الحديث ، فتعابى منه ، قال :انظروا في الصحيفة كيف هو ؟ .(54)
قلت : وكأني بسفيان الثوري ، ابن عيينة كليهما لقياه بعد كبر ،(55) وضعف حفظه ، فلذا كان يعتمد على الصحيفة أكثر من اعتماده على ما في ذاكرته ، وما ذكره سفيان يدل على أنه لم يكن يحدث من حفظه لعلمه أنه كبر ، فنسى ، ولم يعد كما كان في سن الشباب ، وهذا يدل على دقة ما يرويه حتى لا يقع في الأوهام ، والأغلاط فرحمه الله-كم كان دقيقاً .
إضافة إلى ذلك يدل على أنه لم يكن يروي من صحيفة اليشكري إلا ما كان يحفظه ، وكان قد سمعه من جابر ، يدل على ذلك أنه كان يبدأ بالحديث ، فإذا تعسر عليه تذكره قال لهم انظروا كيف هو في الصحيفة .
وقال محمد بن يحي العدني (243) عن ابن عيينة قال :(1/11)
((ما تنازع أبو الزبير ، وعمرو بن دينار قط عن جابر-رضي الله عنه-إلا زاد عليه أبو الزبير .(56) قلت : وهذا يفيد :
1- تذاكر الحديث بين عمرو وأبي الزبير ، مما يدل مكانة أبي الزبير عند عمرو .
2- زيادة حفظ أبي الزبير ، وقد تقدم ذكر قول عطاء : إن أبا الزبير كان احفظنا للحديث . وقد لاحظت في الأحاديث التي جمعتها من رواية أبي الزبير أمثلة على زيادة أبي الزبير في الرواية على عمرو فيثبته في الزيادة ، ويقره عليها ويشهد له بالحفظ .
3- وقال يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعي (205) وقد أتحج عليه رجل بحديث عن أبي الزبير فضعفه وقال : أبو الزبير يحتاج دعامة .
قلت : ولعل الإمام الشافعي-رحمه الله-تبع في تضعيفه له شعبة .
قال ابن أبي حاتم :سألت أبي عن أبي الزبير ، فقال : يكتب حديثه ولا يحتج به وهو أحب إلي من أبي سفيان .
قال : وسألت أبا زرعة عن أبي الزبير ؟ فقال : روى عنه الناس . قلت : يحتج بحديثه ؟
قال : إنما يحتج بحديث الثقات .
قلت : فهما يريان حديثه مما يقبل في الاعتبار ، أما إذا أنفرد فلا ، ولعلهما وافقا شعبة في ذلك .
وقال الإمام الترمذي :
ذكر عن شعبة أنه ضعف أبا الزبير المكي ، وعبد الملك بن أبي سلمان و...
ثم حدث شعبة عمن هو دون ذلك في الحفظ والعدالة .(57)
قال : وقد ثبت عن غير واحد من الأئمة حدثوا عن أبي الزبير و...(58)
وقال أحمد- في رواية بن هانئ عنه-: هو حجة أحتج به .(59)
وقال الذهبي عنه : الحافظ المكثر ، الثقة المتقن .
وقال : هو من أئمة العلم ، اعتمده مسلم ، وروى له البخاري متابعة .
وقد أبو حاتم بن حبان أن أبا الزبير ممن سكن المدينة مدة ، ومكة زماناً ، وحديثه عن أهل المصريين معاً .(60)
قلت :ولعله سكن المدينة بعد وفاة جابر-رضي الله عنه-لا قبل ذلك .
خلاصة القول في أبي الزبير :
أنه أحفظ الرواة عن جابر .
وروى عنه مالك وأيوب فلو كانا يضعفانه لما رويا عنه .(1/12)
ووثقه علي بن المديني ويحي بن معين والنسائي وابن حبان والساجي وابن سعد وابن عون والذهبي .
ونسب ابن حجر توثيقه إلى الجمهور .
- وجعله الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة من درجة رواية الحديث الحسن وفي رواية وثقة .
- وضعه الشافعي وابن أبي حاتم وأبو زرعة وجعلوا حديثه مما يعتبر به .
- وترك حديثه شعبة لأمور خاصة لا تقدح بصدقه وضبطه .
تدليس أبي الزبير :
قال ابن حجر : وثقه الجمهور ، وضعفه بعضهم لكثرة التدليس ، وغيره .
وقال العلاني : مشهور بالتدليس .
وقال أيضاً : ولهذا توقف جماعة من الأئمة عن الاحتجاج بما لم يروه الليث عن ابن الزبير عن جابر-رضي الله عنه-وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما قال فيها أبو الزبير عن جابر ، وليست عن طريق الليث ، وكأن مسلماً-رحمه الله-اطلع على أنها مما رواه الليث عنه ، وإن لم يروها عن طريقه-والله أعلم .(61)
وذكره ابن أبي حاتم في كتابه (( المراسيل)) .(62)
وقال الذهبي : وأما أبو محمد ابن حزم ، فإنه يرد من حديثه ما يقول فيه : عن جابر-رضي الله عنه-لأنه عنهم من يدلس .
ثم قال الذهبي : وفي صحيح مسلم عدة أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر-رضي الله عنه-وهي من غير طريق الليث عنه ، ففي القلب منها شيء ، من ذلك :
-(( لا يحل لأحد حمل السلاح بمكة )) .(63)
- وحديث ((رأى عليه الصلاة والسلام امرأة ،فأعجبته ، فأتى أهل زينب-رضي الله عنها ))(63)
- وحديث تجصيص القبور (65)
وقال الذهبي : وقال غير واحد : هو مدلس ، فإذا صرح بالسماع فهو حجة .
وذكر الإمام ابن حجر-رحمه الله تعالى-في المرتبة الثالثة من مراتب الصفوف بالتدليس ، وهي المرتبة التي خصصها لمن أكثر التدليس ، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه السماع ، ومنهم من رد حديثهم مطلقاً ، ومنهم من قبله .(1/13)
قال : محمد بن مسلم بن تدرس المكي أبو الزبير من التابعين ، مشهور بالتدليس ، وهو الحاكم في كتابه ((علوم الحديث )) فقال في سنده : وفيه رجال غير معروفين بالتدليس ، وقد وصفه النسائي وغيره بالتدليس)).(66)
وقد حكى الليث بن سعد (175هـ) الطعن في روايته ، وذلك فيما روى سعيد بن أبي مريم (224) قال : حدثنا الليث ، قال : قدمت مكة ،(67) فجئت أبا الزبير ، فدفع إلي كتابين ، وانقلبت بهما ، ثم قلت-في نفسي -لو عاودته ، فسألته : أسمع هذا كله من جابر ؟! فرجعت ، فسألته . فقال : منه ما سمعته ، ومنه ما حدثت عنه ، فقلت : أعلم لي ما سمعت ، فأعلم لي هذا الذي عندي .(68)
قال أبو محمد بن حزم-استناداً لما رواه الليث- :
((فلا أقبل من حديثه إلا ما فيه (سمعت جابراً ) وأما رواية الليث عنه ، فأحتج بها مطلقاً لأنه ما حمل عنه إلا ما سمعه من جابر )) .(69)
قال الذهبي : وعمدة ابن حزم حكاية الليث ، ثم هي دالة على أن الذي عنده إنما هو مناولة ، فالله أعلم أسمع ذلك منه أم لا ؟!
قلت : وهذه حكاية لا تفيد إن كان يدلس في الحديث ، وذلك إن عادة طلبة العلم-كانت-أنهم يأخذون أصول الشيخ لينسخوها ، ثم يردوها إليه ، وذلك لقراءتها على بعد ذلك ، وغاية ما تفيد :
أن أبا الزبير كان حديث جابر-رضي الله عنه-مكتوباً ، وكان من الحفظ والإتقان بحيث يستطيع أن يميز ، ويفرق بين ما سمعه ، وما لم يسمعه رغم أن الليث رآه بعد ما كبر سنه ، وجاوز الستين أو كان فيها .
ما يدل على تدليس أبي الزبير :
نعم : الذي يدل على تدليسه : ما رواه الترمذي في فضائل القرآن ، قال : حدثني هريم بن مسعر ، أخبرنا الفضيل بن عياض ، عن ليث عن بن الزبير ، عن جابر-رضي الله عنه-أن النبي -صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ ( آلم تنزيل ..وتبارك الذي بيده الملك ) .
ثم قال الترمذي : هذا حديث رواه غير واحد عن بن أبي سليم مثل هذا .(1/14)
وروى زهير قال : قلت لأبي الزبير : سمعت عن جابر هذا الحديث ؟ .
فقال أبو الزبير : إنما أخبرنيه صفوان ، أو ابن صفوان .
وكان زهيراً أنكر أن يكون هذا الحديث عن جابر-رضي الله عنه-ثم قال الترمذي حدثنا هريم بن مسعر ، أخبرنا الفضيل عن ليث عن أبي الزبير عن جابر-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-نحوه .(70)
وقال الدعوات رقم (3456) : حدثنا هشام بن يونس الكوفي ، أخبرنا المحاربي عن ليث عن أبي الزبير عن جابر-رضي الله عنه-قال : كان النبي-صلى الله عليه وسلم-لا ينام حتى يقرأ (تنزيل .. السجدة ..) و (تبارك) .
قال : وهكذا روى الثوري ، وغير واحد هذا الحديث عن ليث عن أبي الزبير عن جابر-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-ونحوه .
وقال الترمذي : وروى زهير هذا الحديث عن أبي الزبير قال : قلت له : سمعته من جابر . قال : لم أسمعه من جابر إنما سمعته من صفوان ، أو بن صفوان قال : وقد روى شبابة عن مغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر نحو حديث ليث .(71)
أقوال :
1- إذا قبلنا هذه الرواية ، فأبو الزبير قد أحال إلى ثقة ، فهو إذا دلس ، إنما يدلس عن الثقات ، فقبل حديثه ، ولو عنعنة ، مثله في ذلك مثل الثوري وابن عيينة .
2- الحكاية رواها الترمذي منقطعة فقال : وروى زهير [وهو ابن معاوية بن حديج الجعفي أبو خيثمة (172)هـ ] وهو ثقة ثبت ، ولكنا لم نعلم من رواها عنه .(72)
3- سياق الترمذي لهذه الحكاية يوحي بضعفها عنده ، فهو روى الحديث بإسناد ثم قال بعده : هذا حديث رواه غير واحد عن ليث بن أبي سليم مثل هذا . وقال : ورواه مغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن نحو هذا .(1/15)
ثم بعد أن ذكر الترمذي القصة أعاد الإسناد تأكيداً لثبوته عنده ، ثم قال : كأن زهير أنكر أن يكون هذا الحديث عن أبي الزبير عن جابر .فكل ذلك يؤكد ما قلته في أنه يشكك في صحتها ثم أتى بما يثبت أن هذه الرواية ثابتة عند أبي الزبير من غير رواية ليث بن أبي سليم-وهو ضعيف-فيثبت الحديث عن أبي الزبير ، ويبقى تدليس ابي الزبير فيها .
قلت : والتدليس أمر قد شهر به كثير من رواة الحديث ، وقد فصل العلماء وبين المدلسين فقبلوا قوماً ، وردوا آخرين ، ولعل من أجمع ما كتب في التدليس والمدلسين كتاب ((جامع التحصيل في أحكام المراسيل )) للحافظ صلاح الدين خليل كيكلدي العلائي (761هـ ) .
ومما قاله فيه : ((فمن عرف منه أنه لا يدلس إلا عن ثقة كسفيان بن عيينة قبل ما قال فيه (عن) واحتج به ، ومن عرف بالتدليس من الضعفاء كابن إسحاق ، وبقية ، وأمثالهما لم يحتج في حديثه إلا بما قال فيه : حدثنا وسمعت ، وهذا هو الراجح )) .(74)
وقال بن رجب الحنبلي : وقد ذكر أصحاب مالك : أن المرسل يقبل إذا كان مرسله ممن لا يروي إلا عن الثقات .
وقد ذكر ابن عبد البر ما يقتضي أن ذلك إجماع ، فإنه قال : كل من عرف بالأخذ عن الضعفاء ، والمسامحة في ذلك لم يحتج بما أرسله تابعاً كان أو من دونه ، وكل من عرف أنه لا يأخذ إلا عن ثقة ، فتدليسه ومرسله مقبول )) .(75)
وقالوا : لا يقبل تدليس الأعمش لأنه إذا وقف أحال على غير مليء-يعنون على غير ثقة .
قالوا : ((ويقبل تدليس ابن عيينة لأنه إذا وقف أحال على ابن جريح ومعمر ونظرائهما )) .(76)(1/16)
من أجل أن نعرف مدى صحة الدعوى بتدليس أبي الزبير في روايته عن جابر ، قمت بجمع الرواة عن جابر في الكتب الستة كما في تحفة الأشراف ، فكانوا ثمانية وتسعين راوياً ، الضعفاء منهم : ثمانية عشر راوياً ، فإذا كان أبو الزبير يريد أن يدلس عن جابر وروي الحديث عن هؤلاء الضعفاء ، فهم أصلاً غير مكثرين في الرواية عن جابر ، فهل يعقل أن يترك كل أولئك الثقات فلا يروى عنهم ، ويروى عن هؤلاء الضعفاء المقلين فيدلس عنهم ! وهم :
1- إبراهيم بن عبد الرحمن القرشي . قال ابن حجر : مقبول من الثلاثة .
2- الحارث ابن رافع الجهني . قال ابن حجر : مقبول من الثلاثة .
3- سعيد ابن زياد الأنصاري . قال ابن حجر : مجهول من السادسة .
4- سلمة المكي . قال ابن حجر : مقبول من الرابعة .
5- شهر ابن حوشب الأشعري المدني ، مولى أسماء بنت يزيد بن السكن صدوق كثير الإرسال والأوهام . من الثالثة (112) (بخ م 4) .
6- عبد الله بن محمد الهاشمي . وهو عند أحمد أيضاً وله عنه حوالي (30) حديثاً :
صدوق في حديثه لين ، ويقال تغير باخرة في الرابعة .
7- عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري . وهو عند أحمد أيضاً وله حديث واحد : مقبول من الثالثة .
8- عقيل بن جابر الأنصاري . وهو عند أحمد أيضاً وله عنه حديثان : مقبول من الرابعة .
9- عمرو بن أبان الأموي . وهو أحمد وله من أربعة أحاديث : مقبول من الخامسة .
10- عمرو بن جابر الحضرمي . وهو عند أحمد أيضاً وله عنه سبعة أحاديث :
ضعيف شيعي ، من الرابعة .
11- عيسى بن جارية الأنصاري المدني . وهو عند أحمد أيضاً وله عنه أربعة أحاديث : فيه لين من الرابعة.
12- الفضل بن مبشر الأنصاري المدني أبو بكر : مشهور بكنيته : فيه لين من الخامسة (بخ ق) .
13- مهاجر بن عكرمة القرشي : مقبول من الرابعة (د . ت . س) .
14- نبيح بن عبيد الله العنزي . وهو عند أحمد وله عنه أربعة عشر حديثاً :
مقبول من الثالثة .(1/17)
15- يزيد بن نعيم الأسلمي : مقبول من الخامسة .
16- أبو عبيدة بن محمد العنسي . مقبول من الرابعة .
17- أبو عياش المصري . وهو عند أحمد أيضاً-وله عنه حديث واحد : مقبول من الثالثة .
هذا وقد جمعت أيضاً الرواة عن جابر في مسند الإمام أحمد ، فوجدت عددهم يبلغ ثمانية ومائة راو .
والضعفاء فيهم إضافة لما سبق :
1- الذبال بن حرملة . وثقه بن حبان .
2- عقبة بن عبد الرحمن بن جابر . لا تصح روايته عن جابر .
3- عبد الرحمن بن رافع . ضعيف من الرابعة .
4- عقيل بن جابر . مقبول من الرابعة .
5- عمرو بن عبد الرحمن بن جرهد . فيه نظر .
6- محمد بن عقيل بن أبي طالب . مقبول من الثلاثة .
7- ماعز التميمي . غير معروف ، وذكره بن حبان في الثقات .
8- محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح . فيه نظر .
9- أبو سمية عن جابر . مقبول من الرابعة .
10- أبو صالح . مولى طلحة أو أم سلمة مقبول من الثلاثة .(77)
فهؤلاء هم الضعفاء الذين رووا عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-وأكثرهم من طبقة دون طبقة أبي الزبير، وكلهم على الإطلاق مقلون في الرواية عن جابر ، لا أظن أبي الزبير يترك كل الثقات الذين رووا عن جابر ، وأخذ هذه الأحاديث الكثيرة التي رواها عن جابر عن هؤلاء الضعفاء فيدلسها عنهم ، ولو جمعت أحاديثهم كلها المروية عنهم لم تأت عشر ما روى أبو الزبير عن جابر .
ولذا مازلت أشكك في دعوى تدليس أبي عن جابر . إلا ما ثبت بالدليل القاطع الحديث السابق .(1/18)
وأبو الزبير المكي الذي جعله الإمام ابن حجر في المرتبة الثالثة من المدلسين أحسن حالاً ، أحفظ حديثاً ، أتقن حفظاً وأوثق حالاً من كثير من الرواة الذين وضعوا في الرتبة الثانية من مراتب المدلسين ، بل هو أفضل ممن جعل في المرتبة الأولى من المدلسين مثل ((عبد ربه بن نافع الحناط (الذي قيل فيه : صدوق في حفظه شيء ، وقال يحي بن سعيد : لم يكن بالحافظ ، ولم يرض أمره ، وقال النسائي : ليس بالقوي ، وقال يعقوب بن شيبة : ثقة ولم يكن بالمتين وقد تكلموا في حفظه ) أنظر ميزان الاعتدال 2/544/ )) . وكعبد الله بن عطاء الطائفي . وغيره .
وهو أحسن حالاً من ((يحي بن أبي كثير ، وسليمان بن مهران الأعمش ، والحسن البصري ، والحكم بن عتيبة الفقيه الكوفي ،وعمرو بن دينار .. الذين وضعهم ابن حجر والعلائي في المرتبة الثانية رغم أنهم وصفوا بالتدليس لم يصف به أبو الزبير المكي ولمن راجع كتب الرجال علم حقيقة الحال ، فقبول عنعنة هؤلاء المذكورين وغيرهم تقتضي بقبول عنعنة أبي الزبير من باب أولى ، ولذا عندما نرى الإمام مسلم-رحمه الله تعالى-قد قبل عنعنة أبي الزبير ، فإنما كان يسير على قواعد أهل الحديث ، ويطبقها في صحيحه ، وهو دقيق في هذا ، ولم يأتي بشيء غريب أو شاذ .
رغم أن اتهامه بالتدليس غير مقبول عندي كثيراً وذلك لأمور :
الأول : أنه كان في التابعين ، ولم يكن مذهبهم التدليس إلا عن الثقات ، ولهذا نجد الحاكم-رحمه الله تعالى-يجعل التابعين كلهم في المرتبة الثانية ، أقصد ممن يقبل التدليس ، حيث قال : فإنهم كانوا لا يدلسون إلا عن ثقة
ولم يكن غرضهم في الرواية إلا أن يدعوا إلى الله-عز وجل-فأما غير التابعين فأغراضهم مختلفة .(1/19)
وقال ابن قيم الجوزية : وأبو الزبير-وإن كان فيه تدليس ، فليس معروفاً بالتدليس عن المتهمين والضعفاء بل تدليسه من جنس تدليس السلف ، لم يكونوا يدلسون عن متهم ولا مجروح ، وإنما كثر هذا النوع من التدليس في المتأخرين )) زاد المعاد 2/327/ .
وهذا يؤكد ما سبق من أنه على فرض الحكم عليه بالتدليس فهو ممن تقبل عنعنته ولا ترد .
الثاني : أنه كان من أهل الحجاز وليس مذهبهم قال الحاكم في معرفة علوم الحديث : (( أهل الحجاز والحرمين ومصر والعوالي ليس التدليس من مذهبهم )) /111/ .
الثالث : ينظر إلى عنعنة أبي الزبير من حيث وجودها في صحيح مسلم ، بل في صحيح البخاري كما أشرت إلى ذلك ، ومن كان بهذه المثابة ، فأحاديثه المخرجة في الصحيحين أو في أحدهما لا يجوز أن يتطرق الشك إلى صحتها لأن صاحبي الصحيحين إنما أخرجوا ما صح وتركوا غيره ، وهذا أمر يعرفه أهل الفن مبثوثاً في كتب أهل العلم ، فلا يجوز لأحد أن يضعف حديثاً فيه مدلس إن كان الحديث في أحد الصحيحين ، فليحذر طلبة العلم من الجرأة على كتابين أجمعت الأمة على صحة ما فيهما فيكون فاسقاً بخرقه لإجماعها ، وادعائه ضعف أحاديث فيهما . أسأل الله السلامة والعافية .(78)
وقال الحافظ قطب الدين الحلبي : أكثر المعنعنات منزلة منزلة السماع يعني إما لمجيئها من وجه آخر بالتصريح أو لكون المعنعن لا يدلس إلا عنثقة ، أو بعض شيوخه أو لوقوعها من جهة بعض النقاد المحققين سماع المعنعن لها)).(79)
وقال الإمام النووي في مقدمة شرحه لمسلم :
((وأعلم أن ما كان في الصحيحين عن المدلسين بعن أو نحوها ، فمحمول على ثبوت السماع من جهة أخرى)) .(80)
وكذا قال ذلك العراقي في التقييد والإيضاح .(81)(1/20)
وقال النووي في التقريب ، والسيوطي في شرحه التدريب : (وما كان في الصحيحين وشبهها ) من الكتب الصحيحة (عن المدلسين بعن فمحمول على ثبوت السماع ) له (من جهة أخرى ) وإنما أختار صاحب الصحيح طريق العنعنة على طريق التصريح بالسماع لكونها على شرطه دون تلك )) .(82)
وقال الحافظ ابن التركماني :
((إخراج مسلم لحديثه (أي المدلس الذي لم يصرح بالسماع ) هذا في صحيحه دليل على أنه ثبت عنده أنه متصل ، وأنه لم يدلس فيه )) .(83)
وقال السيوطي في ألفيته :
وما أتانا في الصحيحين بعن فحمله على ثبوته قمن .(84)
فإذا جاء حديث من أحاديث ابن أبي الزبير عند مسلم ، فهو صحيح على القولين ، القول بتدليسه ، أو بعدم القول بذلك .
ثم إضافة إلى هذا فإن السلف الصالح لم يكونوا ملتزمين بذكر طريق التحمل كما التزمه من بعدهم من الرواة ، وهذا ما نلحظه في كتب السنة كلها ، فنجد الشيوخ المتأخرين يذكرون طريق التحمل بحدثني أو حدثنا أو أخبرني أو أخبرنا أو قال ، وأمن قبلهم من الشيوخ المتقدمين ، فنجد أكثرهم يذكر الرواية بالعنعنة ، وهذا واضح جداً في أسانيد الحديث ، وهم لذلك قد ينشطون أحياناً ، فيذكرون السماع ، وأحياناً ينقلونه بلفظ (عن) وهذا ينطبق على أحاديث أبي الزبير ، فإننا نجد بعض الرواة يرويها عنه بعن ، وبعضهم يقول فيها أنه سمع جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما .
ومن ذلك :
-قال الإمام مسلم-رحمه الله-: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال :حدثنا علي بن مسهر عن ابن جريح عن أبي الزبير ، عن جابر-رضي الله عنه-قال :طاف رسول الله-صلى الله عليه وسلم-بالبيت في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه لأن يراه الناس ، وليشرف ، وليسألوه ، فإن الناس غشوه )) .(1/21)
قال : حدثنا علي بن خشرم ، أخبرنا عيسى بن يونس عن ابن جريح . وحدثنا ابن حميد ، أخبرنا محمد (يعني ابن بكر ) قال : أخبرنا ابن جريح ، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله-رضي الله-عنهما-يقول :
طاف النبي-صلى الله عليه وسلم-في حجة الوداع على راحلته بالبيت ، بالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف ، فإن الناس غشوه .(85)
فقد بين علي بن خشرم وعبد بن حميد ، في روايتهما عن عيسى بن يونس ومحمد بن أبي بكر أن أبا الزبير أخبر ابن جريح بأنه سمع جابر يقول الحديث ، بينما جاء في رواية ابن أبي شيبة عن ابن مسهر بالعنعنة ، فهذا إما يكون قبل ابن جريح أو من أبي الزبير ، فتارة ذكر الحديث بالسماع ، وتارة أخرى ذكره بالعنعنة ، ولهذا أمثلة كثيرة في صحيح مسلم (86) فضلاً عن غيره من كتب السنة المطهرة ، ولهذا فأرى عنعنة أبي الزبير تحمل على السماع ، والله أعلم .
الأمر الرابع : إن الإمام الدارقطني في كتابه الإلزامات ((ألزم الإمام مسلم بإخراج أحاديث لم يخرجها في صحيحه من طريق أبي الزبير عن جابر قال الدارقطني : وترك أيضاً أحاديث من رواية الثقات عن لأبي الزبير عن جابر ، وأحاديث من رواية ابن جريح والثوري وغيرهما ، وهذا من رسمه)) .
وأجاب الحافظ بن مسعود الدمشقي عن هذا الإلزام بقوله : ((وأما حديث أبي الزبير عن جابر ، فلا أعلم ترك حديثاً واحداً من رواية الإثبات ابن جريح وغيره إلا أخرجه حديثاً معلولاً ،أو حديثاً أخرجه من طريق أخرى من غير حديث جابر ، فاستغنى عنه (87)
فالإمام الدارقطني ، وأبو الدمشقي لم يريا أبا الزبير مدلساً ولم يشيرا إلى ذلك لا من قريب ولا من بعيد ، بل اعتبرا هذا الإسناد صحيحاً لا شك فيه .
وكذا الدارقطني لم يذكره في مصنفه في المدلسين (88) فأنه يخالف النسائي في دعوى التدليس .(1/22)
الأمر الخامس : أني لم أر أحداً رماه بالمدلسين ممن تلقى عنه العلم أو ممن بعدهم ، والإمام ابن حجر لم يجد أقدم من النسائي وصف أبا الزبير بالتدليس ، فلدا ذكره ، ولو علم من السابقين من وصفه بذلك لبين .
قال النسائي : ذكر المدلسين : الحجاج ابن أرطأة والحسنة وقتادة وحميد ويونس بن عبيد وأبو الزبير .. الخ
هكذا ذكرها النسائي في أسماء متعاقبة ، فلم يذكر دليله على تدليس كل راو (89)
وهذه شعبة الحجاج-أمير المؤمنين في الحديث-الذي كان يكره التدليس بصورة كبيرة ، قد تكون نادرة ، حتى أنه ليقول : التدليس في الحديث أشد من الزنا ، ولئن أسقط من السماء أحب إلي من أدلس .
وغير ذلك من العبارات التي نقلها عنه علماء والتعديل (90) وقد لزم شعبة أبا الزبير حتى تلقى منه أربعمائة حديث ولم يسمه بهذه السمة التي كان يبغضها وينفر منها ، ولا أشار من قريب أو بعيد عن تدليس أبي الزبير اللهم إلا قوله العام : ((ما رأيت أحداً من أصحاب الحديث لا يدلس إلا عمير بن مرة ، وابن عون ))(91)
فلو كان يشم من أبي الزبير رائحة التدليس لما سكت عن ذلك ، بل لرفع عقيرته يقول ((أبو الزبير مدلس )) وأوضح ذلك وشهره على رؤوس الأشهاد كما فعل بشيخه (قتادة) وتكفيه هذه العلة لعدم الرواية عنه ، ولما تعلل بكونه لا يحسن يصلي أو أنه وزن واسترجع أو أنه شرطي .. إلى ما هنالك .
ومن المعلوم عن شعبة أنه لا يقبل عن الرجل الحديث حتى يقول : سمعت ، وقد قال : ((كل كلام ليس فيه سمعت فهو خل وبقل )) :
وقال : ما سمعت من رجل حديثاً حتى قال للذي فوقه سمعت منه ، ولم ينج تدقيقه أحد من شيوخه حتى عمرو بن دينار حيث سمع منه حديثاً ، فقال له : أنت سمعت من جابر ؟ قال :لا(92)
ولهذا قال ابن حجر : ((شعبة لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم ))(93)
وقال : المعروف-عنه-أي شعبة-أنه كان لا يحمل عن شيوخه المعروفين بالتدليس إلا ما سمعوه ))(94)(1/23)
وقال الساجي : بلغني عن يحي بن معين أنه قال : استخلف شعبة أبا الزبير بين الركن والمقام : إنك سمعت هذه الأحاديث من جابر ؟ فقال : الله إني سمعتها من جابر ويقولها ثلاثاً ))(95)
قال الأخ سعيد محمود ممدوح
((وما رواه الساجي-وإن كان بلاغاً ، لكن الواقع يؤيده ، فإن شعبة كان يذم التدليس جداً ، ويتعرف حديث مشايخه الخالي عن التدليس- كما مر-فغير بعيد أن يستخلف أبا الزبير ليطمئن قلبه .
ولا يقال : إن استخلاف شعبة لأبي الزبير ، وكذا سؤال الليث لأبي الزبير ونحوه سؤال زهير بن معاوية له ، مشعر بتدليسه ، لا يقال ذلك لأن هذه عادة السلف ، كانوا يسألون ، ويستحلفون الرواة ، والأمر في ذلك معروف (96)
قلت : بل كانت هذه عادة علي بن أبي طالب-رضي الله عنه .
ولهذا كان الحاكم-رحمه الله تعالى-لا يعده في المدلسين فهو قد ذكر حديثاً فيه أبو الزبير المكي ، فقال : وفيه رجال غير معروفين بالتدليس ))(97) كما صحح له أحاديثه في المستدرك (98) .
قلت : وقد مثل العلائي في كتابه لمن يرسل عن الثقات ، ولم يذكر أبا الزبير فيهم ، والملاحظ أن جل من ذكر من المدلسين في الجهنين من طبقة تلامذة أبي الزبير ، والرواة عنه لا من طبقته هو .(1/24)
ثم أننا نلاحظ أن أهل العلم استدلوا في كثير من يدلس عن الثقات ، أو عن غير الثقات بقصة وردت عنهم حيث سئلوا عن حديث أوردوه ، فذكروا عن من رووه ، فإن سموا ثقات قالوا : هؤلاء يرسلون عن ثقات ، فإن سموا ضعفاء قالوا : هؤلاء يرسلون عن ضعفاء ، وقد ثبت عن أبي الزبير أنه عندما سئل عن رواية لحديث أرسله سمى ثقة (وهو صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي المكي القرشي ) فليكن هو من طبقة الذين يدلسون عن الثقات ، وبخاصة أن شيوخه كلهم ثقات من الصحابة-رضوان الله عليهم-أو من التابعين ، ولذا أرى أن يدرج أبو الزبير في طبقة من يدلسن عن الثقات ، فيقبل قوله ((عن)) فضلاً عن قوله ((حدثني أو سمعت )) . وإني لم أطلع فيما أطلعت عليه أنه دلس عن ضعيف ، فأرجو ممن يطلع على ذلك أن يوضحه مشكوراً (99) .
مما سبق يتبين أن أبا الزبير قد وثقه قوم كبار وهم :
يعلي بن عطاء ، وعمرو بن دينار ، وأيوب السخياني ، ومالك بن أنس بروايته عنه ، وعطاء بن رياح ، وعبد الله بن عون .
وعلي بن المديني (انظر سؤالات ابن أبي شيبة لعلي بن المديني /87/) .
ويحي بن معين [انظر التاريخ 3/89/ وفي رواية الدارمي عنه رقم (749) ]
والنسائي وأحمد بن حنبل (انظر العلل 1/83/ )
والبخاري (كما سيأتي ذكره مفصلاً )
ومسلم [في الكنى رقم (410) ]
والعجلي . قال : تابعي ثقة . ( ثقات العجلي /413/) .
وابن سعد (الطبقات 5/481) .
والدولابي (في الكنى )
وابن حبان (الثقات 5/251/) كما صحح له أحاديث في كتابه (انظر صحائف الصحابة ص 148) .
والحكم والذهبي ، وابن عدي والساجي والدارقطني وأبو مسعود الدمشقي وابن حجر وأحمد (كما سبق ذكره) والترمذي حيث صحح حديثه وابن خزيمة (انظر صحائف الصحابة ص 148) . وتكلم فيه :
شعبة (بما لا يوجب الرد ولا ينزله عن درجة الثقة وإنما يعود لأمور شخصية ) .
والذهبي : حيث قال : قال غير واحد : هو مدلس . فكأنه غير مقتنع بذلك .(1/25)
وابن عيينة : لم يتكلم فيه صراحة ، وإنما فضل عمرو بن دينار عليه .
والشافعي وأبو حاتم وأبو زرعة (ولعلهم تبعوا بذلك شعبة لأنه كان أمير المؤمنين في الحديث وأما التدليس فكان قليل التدليس ، وإذا دلس لم يدلس إلا عن ثقة ) .
سماع أبي الزبير من الصحابة :
هذا البحث له علاقة بموضوع التدليس السابق ، فإنه إذا أثبت أنه مدلس ، فإنه سيأتي برواية أحاديث لم يسمعها ممن نسبها إليه ، موهماً السماع وهو لم يسمع ولا شك أن أبا الزبير-رحمه الله تعالى-قد لقي جماعة من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وأخذ عنهم الحديث النبوي ، وذلك لأنه-كما قدرت مولده-قبل سنة (48هـ) وقد توفى كثير من الصحابة بعد هذا التاريخ ، فشرط المعاصرة مع إمكان اللقاء ثابت له بالنسبة لكثير من روى عنهم ، فهو كان مقيماً بمكة المكرمة ، وهو موئل جميع المسلمين ، ومهوى أفئدتهم ، ومقصد طلبة العلم ، وبخاصة الفترة التي كان يعيش فيها أبو الزبير .
ومن الصحابة الذين روايته عنهم :
- عائشة أم المؤمنين-رضي الله عنها-(58هـ) .
- وجبير بن نضير-رضي الله عنه-(8 أو59هـ) .
- أبو أسيد الساعدي مالك بن ربيعة البدن (60هـ) .
- وأم سلمة رضي الله عنها (62هـ) .
- وعبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما-(63هـ) .
- وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما (68هـ) .
- وعبد الله بن عمر-رضي الله-عنهما-(73هـ) .
- وجابر بن عبد الله-رضي الله-عنهما-(بعد 70هـ) .
- وعبد الله بن الزبير-رضي الله عنهما (73هـ) .
- وأبو الطفيل عامر بن واثلة-رضي الله عنه .(110هـ) .
فللناقش روايته عن كل واحد من هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم ، ونرى إمكان ذلك من عدمه .
روايته عن عائشة-رضي الله-عنها-:
قال الذهبي : وحديثه عن عائشة-رضي الله-عنها-في صحيح مسلم (100) ، وما أراه لقبها وقال في سير الأعلام :وهو عندي منقطع .
وقال قبل ذلك : أظنه منقطعاً .(1/26)
وجزم في العبر ، فقال لي عائشة والكبار (101) وقال أبو حاتم : ولم يسمع من عائشة .
قلت : وما أدري ما الذي الإمام الذهبي للتشكيك في سماع أبي الزبير من عائشة-رضي الله عنها-وكذا جزم أبي حاتم بذلك . مع أنه كان حين وفاتها قد جاوز عشر سنوات ، وقومها إلى مكة للحج أجو للعمرة : ممكن، فقد روى ابن أبي سعد بإسناد صحيح من طريق أبي إسحاق السبيعي قال :
((رأيت نساء النبي -صلى الله عليه وسلم-حججن في هوادج عليها الطيالسة زمن المغبرة . (أي ابن شعبة ، والظاهر أنه أراد بذلك زمن ولايته على الكوفة ، وكان ذلك سنة خمسين أو قبلها (102) .
ولابن سعد من حديث عائشة-رضي الله عنها-أنهن أستأذن عثمان-رضي الله عنه-(103) في الحج ، فقال :
أنا أحج بكن ، فحج بنا جميعاً إلا زينب- رضي الله عنها-كانت ماتت وإلا سودة-رضي الله عنها فإنها لم تخرج من بيتها بعد النبي-صلى الله عليه وسلم .
وقد جاء في حديث قبض العلم من رواية عروة عن ابن عمرو رضي الله-عنهم-من رواية سفيان بن عيينة الوصلة ، قال عروة : ثم لبثت سنة ثم لقيت عبد الله بن عمرو في الطواف ، فسألته فأخبرني به )) فأفاد أن لقاءه إياه في المرة الثانية كان بمكة ، وكأن عروة حج في تلك السنة من المدينة ، وحج عبد الله من مصر ، فبلغ عائشة ، ويكون قولها ((قد قدم )) أي من مصر طالباً لمكة ، لا أنه قدم المدينة إذ لو دخلها للقيه عروة بها ، ويحتمل أن تكون عائشة حجت تلك السنة وحج معها عروة ، فقدم عبد الله بعد ، فلقيه عروة بأمر عائشة ))(104) .
قلت : الاحتمال الأخير راجح لأنها هي التي قالت لعروة : يا ابن أختي . انطلق إلى عبد الله فاستثبت لي منه الذي حدثتني عنه ))-كما هي رواية البخاري في الاعتصام (105) .(1/27)
بل إن عائشة-رضي الله عنها-قالت : قلت : يا رسول الله . ألا نغزو ، ونجاهد معكم ؟ قال : لكن أسن الجهاد وأجمله حج مبرور . قالت عائشة : فلا أدع الحج بعد أن سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم)) فهذا يدل أنها لم تكن تترك الحج في أي سنة من السنوات .
فإن لم يأتين إلى الحج ، فلا مانع أن يكون أبو الزبير سمعها ، أو رآها وبخاصة أنه لم ير عنها إلا حديثاً واحداً يحكي فيه فعلها في الحج حيث قال أبو الزبير : فكانت عائشة إذا حجت صنعت كما صنعت مع نبي الله-صلى الله عليه وسلم (106) .
فالرواية تدل على أنها كانت تأتي حاجة ، وأن أبا الزبير رآها وراقب أعمالها أو سمعها تذكر أن أفعالها في الحج مثل أفعالها فيه مع النبي-صلى الله عليه وسلم .
رواية أبي الزبير عن جبير بن نفير-رضي الله عنه-:
وجبير كان في المدينة وتوفي سنة (589) أو (59)هـ ، فاحتمال لقاء أبي الزبير قائمة للمعاصرة وإمكان اللقي .
فعن أبي الزبير عن جبير بن طعم-رضي الله عنه-قال :
((أقبل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-من الطائف حتى إذا كان ببطن نخلة غشية الناس ، فمر بسمرات ، فتعلقت بردائه ، فبقي رداؤه ، فأقبل علينا بوجهه كأنه فلقة قمر ، وكأن عنقه أساربع الذهب ، فقال :
يا أيها الناس . أمكنوني من ردائي أتخافون علي البخل ؟ فوالذي نفسي بيده لو كان معي مثل شجر أوطاس نعما حمرا لقسمتها بينكم )) (107) .
قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن لأبي الزبير إلا إبراهيم .
وروى عن أبي أسيد الساعدي-رضي الله عنه :
فعن أبي الزبير قال : سمعت أبا أسيد وابن عباس يفتي الدينار بالدينارين فأغلظ له أبو أسيد ، فقال ابن عباس : ما كنت أظن أحداً يعرف قرابتي من رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول مثل هذا يا أبا أسيد .
فقال له أبو أسيد : أشهد لسمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول :(1/28)
((الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم ، وصاع حنطة بصاع حنطة ، وصاع شعير بصاع شعير ، وصاع ملح بصاع ملح لا فضل بين ذلك )) .
فقال ابن عباس : هذا الذي كنت أقول برأيي ، ولم أسمع فيه بشيء (108)
وأبو أسيد الظاهر أنه أبو أسيد الساعدي : مالك بن ربيعة بن البدن شهد بدراً وغيرها . قال بن حجر : ومات سنة ثلاثين وقيل بعد ذلك حتى قال المدائني مات سنة ستين قال : هو آخر من مات من البدريين (109)
والظاهر-إن صح حديث أبي الزبير عند الحاكم- أن قول المدائني في وفاته صحيح لأنه أبا الزبير قال : سمعت أبا أسيد والله أعلم .
وأما روايته عن أم سلمة-رضي الله عنها-:
وهي هند بنت أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومية أم المؤمنين تزوجها النبي-صلى الله عليه وسلم-بعد وفاة أبي سلمة سنة أربع أو ثلاث ، وماتت سنة أثنين وستين (110)
أي كان أبي الزبير حين وفاتها ابن أربع عشرة سنة ، ولعله سافر إلى المدينة مع مواليه ، أو لقيها وهي في مكة في حج أو عمرة ، فسمعها تحدث بهذا الحديث الواحد الذي رواها عنه وهو :
عن أبي الزبير أن أم سلمة-رضي الله عنها قالت :
((لا تصحب الملائكة عيراً فيها جرس ، ولا تدخل بيتاً فيه جرس )) (111) وكونه روى الحديث عن أم سلمة بحرف ((أن)) لا يدل على الانقطاع إذا لم يعرف عنه أنه أرسل عنها . والله أعلم .
وأما روايته عن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما-:
فقد قال ابن معين : لم يسمع من ابن عمرو-رضي الله عنهما-ولم يره )) (112)(1/29)
وعبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-كان يأتي للحج من مصر ، ويعلم به الناس ، وسبق ذكرى لقصته مع أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها-حيث أرسلت ابن أختها عروة بن الزبير إلى ابن عمرو ليسأله عن حديث قبض العلم ، فأخبره به ، فعاد عروة إليها بما سمع منه ، فسكتت حتى إذا كان العام التالي ، قالت لعروة : هذا ابن عمرو قادم للحج فاذهب إليه ، وأسأله عن الحديث السابق ، ففعل فأخبره به فقالت لعروة : إنه لم يزد فيه ولم ينقص .. الحديث(113) وسبق ذكرى أن عروة لقي عبد الله بن عمرو في الطواف .
وعن سليمان بن الربيع قال : انطلقت في رهط من نساء أهل البصرة إلى مكة ، فقلن ، لو نظرنا رجلاً من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فدللنا على عبد الله بن عمرو-رضي الله عنها-فأتينا منزله ، فإذا قريب من ثلاثمائة راحلة ، فقلنا . على كل هؤلاء حج عبد الله بن عمرو ؟ قالوا : نعم . هو ومواليه وأحباؤه . قال : فانطلقنا إلى البيت ، فإذا نحن برجل أبيض الرأس واللحية بين بردين قطريين عليه عمامة ، وليس عليه قميص (114) .
والظاهر أن ذلك بعد وفاة أبيه عمرو بن العاص-رضي الله عنه-فقد قال الذهبي : قلت : ورث عبد الله من أبيه قناطير مقنطرة من الذهب المصري فكان من ملوك الصحابة(115) .
قال ابن فهد :
ولما أدبر جيش الحصين بن نمير من مكة إلى الشام دخل عبد الله بن عمرو بن العاص المسجد الحرام ، والكعبة محرقة تتناثر حجارتها ، فوقف ومعه ناس غير قليل ، فبكى حتى أن دموعه تحدر كحلاً في عينيه من إثمد كأنه رؤوس الذباب على وجنتيه ، وقال :(1/30)
يا أيها الناس . والله لو أن أبا هريرة أخبركم أنكم قاتلوا أبن نبيكم ، ومحرقو بيت ربكم ، لقلتم ما من أحد أكذب من أبي هريرة ، أنحن نقتل ابن نبينا ، ونحرق بيت ربنا ؟!فقد والله فعلتم ، لقد قتلتم ابن نبيكم وحرقتوا بيت الله ، فانتظروا النقمة ، فوالذي نفسي عبد الله بن عمرو بيده ليلبسنكم الله شيعاً ، وليذقن بعضكم بأس بعض-يقولها ثلاثا-ثم رفع صوته في المسجد ، فما في المسجد أحد إلا وهو يفهم ما يقول ، فإن لم يكن يفهم فإنه يسمع رجع صوته : فقال أين الآمرون بالمعروف ، والناهون عن المنكر (116)
قلت : وذلك يوم الثلاثاء هلال ربيع الآخر من سنة (64هـ)(117)
قلت : وقد وقع في صحيح مسلم أن عبد الله بن عمرو قال : لقد هممت أن لا أحدثكم بشيء ، إنما قلت : إنكم ترون بعد قليل أمراً عظيماً ، فكان حريق البيت (118) .
فهذا يدل على أنه كان يقدم كثيراً إلى مكة المكرمة للحج ، فقد ثبتت المعاصرة وأمكن اللقاء بمكة وبخاصة المرة الأخيرة سنة أربع وستين ، وقد كان أبو الزبير قد جاوز الخامسة عشرة من عمره ، فلا أرى أي مانع في لقاء أبي الزبير لعبد الله بن عمرو ، وسماعه منه أخذه عنه .
وقد ذكر الإمام أحمد حديثاً من رواية ابن الزبير عن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول :
((إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له إنك أنت ظالم فقد تودع منهم)) . وقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم : ((يكون في أمتي حسف ومسخ وقذف))(119) ونقل عن الزوائد قوله : رجال إسناده ثقات إلا منقطع ، وأبو الزبير اسمه محمد ابن مسلم بن تدرس لم يسمع عن عبد الله بن عمرو . قاله ابن معين ، وقال أبو حاتم : لم يقله : فالحديث صحيح الإسناد لأن أبا الزبير ابن عمرو وأمكن لقاؤه به .
وسيأتي عند البحث عن لقائه لابن عباس-رضي الله عنها-أنه رأى العبادلة ، ولو صح إسناد هذا الحديث لكان نصاً في الموضوع إلا أن فيه ابن لهيعة .(1/31)
وأما روايته عن عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-:
فقد نقل أبو حاتم الرازي عن ابن عيينة قوله : يقولون أنه لم يسمع من ابن عباس وقال أبو حاتم : أبو الزبير رأى ابن عباس رؤية ، ولم يسمع من عائشة .(120)
وقال الذهبي : روايته عن عائشة وابن عباس في الكتب الستة (121)
وقال الذهبي-أيضاً-الحسن بن سعيد الخولاني : حدثنا يحي بن بكير ، حدثنا ابن ليهعة عن أبي الزبير قال : رأيت العبادلة يرجعون على صدور أقدامهم في الصلاة ، ابن عمر ، وابن عباس وابن الزبير وعبد الله بن عمرو-رضي الله عنهم (122)
وقال أبو الزبير : رأيت ابن عباس-رضي الله عنهما-يطوف بعد العصر أسبوعاً ثم يدخل حجرته ، فلا ندري ما يصنع ))(123)
وفي رواية ((ثم دخل إلى صفية ))(124)
وقد سبق ذكر حديثه عن عائشة وابن عباس-رضي الله عنهم-أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-زار البيت ليلاً )) .
قال الترمذي : سألت محمد ابن إسماعيل عن هذا الحديث ( آخر طواف يوم النحر إلى الليل ) وقلت له : أسمع أبو من عائشة وابن عباس ، قال : أما من عباس فنعم ، وفي سماعه عن عائشة نظر ))(125)
قلت : فهذا البخاري يثبت سماعه من ابن عباس ، وهي ممكنة جداً فقد تعاصرا ، ووجدا في مكانين متقاربين ، بل روايته عنه تدل على أنه رآه في مكة ، ولاحظ فعله في الصلاة وبعد الطواف ، ومن الممكن أن يسمع منه أحاديث ، فلا أرى لرد لروايته عن ابن عباس أي مسوغ .
وقد روى عنه حديثاً آخر فعن أبي الزبير عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم-ميمونة وهو محرم .
قلت : تزوجها بمكة ؟ قال لا ولكن تزوجها في بعض الطريق ))(126)
ونجد في تحفة الأشراف أن أبا الزبير روى عن ابن عباس-رضي الله عنهما-مباشرة بدون واسطة حديثين ، وبواسطة سبعة أحاديث عنه .
- أما الحديثان المباشران فهما :(1/32)
- أن النبي-صلى الله عليه وسلم-أخر طواف يوم النحر إلى الليل سبق ذكره-وحديث : أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : أهديتم الفتاة ))(127)
قلت : فلو كان من عادته التدليس لروى الأحاديث السبعة عن ابن عباس مباشرة ، ولما ذكر طاووس في الرواية دليل على أنه لم يكن من عادته التدليس .
بل أننا نراه قد روى عن ثلاثة من تلامذة ابن عباس :
طاووس بن كيسان وعكرمة وأبي معبد-وهما من موالي ابن عباس .
فلو كان يهوى التدليس ، ويتبعه في روايته لأسقط كل الوسائط بينه وبين الصحابة الذين لقيهم فذكره للوسائط دليل على أنه لم يكن التدليس من شأنه ، ولا كان يركب مركبه ، ولا يسلك سبيله ، أو يقال : لكانت روايته عن ابن عباس بإسقاط الوسائط أكثر منها بالوسائط والله اعلم .وأما روايته عن عبد الله بن عمر بن الخطاب-رضي الله عنهما-.
فيقال فيها كما قيل فيما سبق بل أكثر ، وذلك لأن الثابت عن ابن عمر-رضي الله عنهما-أنه كان يحج كل عام ، وأنه اعتمر ألف عمرة ، وتوفي بمكة المكرمة سنة ثلاث وسبعين أي بعد أن جاوز أبو الزبير الخامسة والعشرين من عمره .
وقال الذهبي : روايته عن ابن عمر-رضي الله عنهما-في مسلم (128)
وسماعه عن عمر-رضي الله عنهما-ثابت في أحاديث منها :
في صحيح مسلم : قال حدثني محمد بن رافع ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا بن جريح ، أخبرني أبو الزبير أنه سمع ابن عمر-رضي الله عنهما-يقول : سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ينهى عن الجر والدباء والزفت (129) .
وقد أبو الزبير عبد الرحمن أبو أيمن يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع كيف ترى في رجل طلق امرأة حائضاً ؟ فقال : طلق ابن عمر امرأته وهي حائض ... الحديث (130)
قال في تنبيه المسلم :
((وخارج مسلم كثير منه ما رواه علي بن الجعد (ل335) : أنا زهير عن أبي الزبير قال :
((رأيت بن عمر اكتوى في أصل أذنه من اللقوة ))(131)(1/33)
وبه (ل336) عنة أبي الزبير : سمعت رجل يسأل ابن عمر-رضي الله عنهما-في المسح على الخفين ، فأمره أن يمسح ))(132) وسندهما صحيح .
قال : وفي جزء أحاديث أبي الزبير عن غير جابر للحافظ أبي الشيخ الأصبهاني (ل2) ثلاثة أحاديث صرح فيها أبو الزبير بالسماع من ابن عمر-رضي الله عنهما-والله أعلم (133)
وعن أبي الزبير قال : أرسلني عطاء ، ورجلاً معي إلى عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما- نسأله عن المرأة ترضع الصبي في المهد ، والجارية رضعة واحدة فقال :
هي حرام عليه .
فقال : إن عائشة وابن الزبير يزعمان أنهما لا تحرمهما عليه رضعات ولا ثلاثة .
قال : كتاب الله أصدق من قولهما-وهي آية الرضاع ))(134)
وقال : سمعت ابن عمر-رضي الله عنهما-((نهى رجلاً وأشتد عليه في صيام رمضان في السفر)) (135)
وقال : جاءت امرأة إلى ابن عمر-رضي الله عنهما-فقالت : إني أتوضأ ثم أخرج إلى المسجد ، فيصيب مني حتى يسيل على قدميّ . فقال : أنت امرأة مستحاضة انطلقي إلى بيتك ثم اسذفري ثم طوفي بالبيت (136)
وعن أبي الزبير عن ابن عمر عن عمر-رضي الله عنهما-قال :
(( من لبد رأسه ، أو ضفره ، فعليه الحلق ))(137)
فهذه الأحاديث والآثار تفيد أن أبا الزبير رأى ابن عمر-رضي الله عنهما-وسمعه وأخذ عنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم-فهذه نصوص أكيدة-تثبت سماعه منه وهي واضحة في ذلك .
وأما عن روايته عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-.
فالبحث كتب لإثبات ذلك ، وقد أثر عنه ، فروى أحاديث كثيرة عن هذا الصحابي الجليل ، وقد وضح مما سبق سماعه الكثير من الأحاديث النبوية عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنه-ومما سبق يتبين :
1- أنه صرح بالسماع عن جابر-رضي الله عنه في أحاديث كثيرة ذكرت سابقاً عددها في صحيح مسلم 2- صرح في أحاديث كثيرة أنه سأل جابر-رضي الله عنه-عن أمور وأجاب عنها .
3- ثبت دخوله على جابر-رضي الله عنه-وملازمته له في حكايات كثيرة ثابتة عن أقرانه-كما سبق .(1/34)
4-ثبت أن أقرانه كانوا يدخلونه إلى حلقة جابر-رضي الله عنه-ليتحفظ لهم الحديث ، وأنه كان بعد ذلك ، يذكر لزملائه .
5-إضافة إلى ذلك ما ذكرته من مجاورة جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-في مكة المكرمة مدة من الزمن مما يساعد على روايته الحديث عنه .
وأما روايته عن عبد الله بن الزبير-رضي الله عنهما-:
فهي كذلك ممكنة لأن ابن الزبير-رضي الله عنهما-عاش في مكة المكرمة ، وبقي فيها فترة طويلة من الزمن حتى أستشهد فيها سنة ثلاث وسبعين ، وهو يدافع عن البيت الحرام ، فلا مانع من رواية أبي الزبير عنه وليس في الكتب السنة حديث عنه إلا واحد وهو :
(( كان النبي-صلى الله عليه وسلم-يقول في دبر كل صلاة ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له ))(138)-والحديث الآخر الذي سبق ذكره أنه رأى العبادلة يرجعون في الصلاة على رؤوس أصابعهم .
ولم أجد لأبي الزبير عن عبد الله بن الزبير شيئاً في مسند الإمام أحمد-رحمه الله-.
وأما روايته عن عامر بن واثلة-رضي الله عنه-:
فعامر هو آخر من توفى من الصحابة على الإطلاق-وتوفي في مكة المكرمة حيث يقم أبو الزبير وذلك سنة (110هـ) فسماعه منه مؤكد لا ريب فيه .
فعن أبي الزبير المكي أن عامر بن واثلة-رضي الله عنه-حدثه أنه سمع عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-يقول:
((الشقي من شقي في بطن أمه ، والسعيد من وعظ بغيره )) .
فأتى رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم-يقال له ((حذيفة بن أسيد الغفاري-رضي الله عنه-فحدثه بذلك من قول ابن مسعود ، فقال : وكيف يشقى رجل بغير عمل ؟!(1/35)
فقال له الرجل : أتعجب من ذلك ؟ فإني سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول : ((إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً ، فصورها ، وخلق سمعها ، وبصرها ، وجلدها ، ولحمها ، وعظامها ثم قال : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك ، ثم يقول : يا رب . أجله . فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك ، ثم يقول رزقه ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده ، فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص ))(139)
قلت : وقد أبو الزبير هذا الحديث عن جابر-رضي الله عنه-قال : قال : رسول الله-صلى الله عليه وسلم-((إذا استقرت النطفة في الرحم أربعين يوماً-أو أربعين ليلة-نعث الله إليها ملكاً ، فيقول يا رب . ما رزقه فيقال له ، فيقول يا رب ما أجله ؟ فيقال له ، فيقول يا رب . فيقول : يا رب ذكر أو أنثى ؟ فيعلم . فيقول : يا رب . شقي أو سعيد ؟ فيعلم ))(140)
وهذا يدل دقة أبي الزبير في الرواية وحفظه المتقن حيث روى عن كل لفظه الذي سمعه منه مع ما بينهما من الاختلاف .
ومن شيوخ أبي الزبير الذين روى عنهم من غير الصحابة-رضوان الله عليهم :
- سعيد بن جبير الأسدي-مولاهم-: ثقة ثبت ففيه ، قتل بين يدي الحجاج سنة (95هـ) ولم يكمل الخمسين.
- عكرمة مولى ابن عباس-أبو عبد الله البربري : ثقة ثبت عالم بالتفسير (104هـ) .
- طاووس بن كيسان اليماني أبو عبد الرحمن الحميري-مولاهم-الفارسي-: ثقة ثبت فقبه فاضل (106هـ).
- صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية القرشي : ثقة من الثالثة .
- عبيد بن عمير الليثي أبو عاصم المكي ((ولد على عهد النبي-صلى الله عليه وسلم-وكان قاص أهل مكة ، مجمع ثقته مات قبل ابن عمر .
- علي بن عند الله البارقي الأزدي ، أبو عبد الله بن أبي الوليد : صدوق ربما أخطأ من الثالثة .
- عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله الكوفي : ثقة عابد (قبل 120هـ) من الرابعة .(1/36)
- نافع بن جبير بن مطعم النوفلي المديني : ثقة فاضل (99هـ) .
- أبو معبد-مولى ابن عباس-اسمه نافذ المكي : ثقة (104هـ) .
- محمد بن كعب بن مالك الأنصاري السلمي المدني : ثقة .من الثالثة .
- الأعرج : عبد الرحمن بن هرمز ، أبو داود المدني-مولى ربيعة بن الحارث : ثقة ثبت عالم (117هـ) .
- عبد الله بن باباه المكي : ثقة من الثالثة .
- عبد الله بن سلمة المرادي الكوفي : صدوق تعير حفظه من الثانية .
- عبد الله بن أبي سلمة (الماجشون ) التيمي-مولاهم-ثقة من الثالثة (106هـ) .عدي بن عدي الكندي : أبو فروة الجزري : ثقة فقيه من الرابعة .
- عطاء بن أبي رباح القرشي-مولاهم-المكي : ثقة فقيه فاضل ، كثير الإرسال (114هـ) .
- علي بن عبد الله الأزدي البارقي ، أبو عبد الله : صدوق ربما أخطأ (من الثالثة) .
- محمد بن علي ابن الحنفية المدني : ثقة عالم من الثانية (مات بعد الثمانين ).
- يحي بن جعدة بن أبي وهب المخزومي : ثقة أرسل عن أبن مسعود ونحوه (من الثالثة ) .
- أبو علقمة-مولى بني هاشم-، ويقال :حليف الأنصار-ثقة من كبار الثالثة .
- ابن كعب بن مالك : هو عبد الرحمن أبو عبد الله وكل منها ثقة (141)
صحيفة أبي الزبير عن جابر-رضي الله عنه-:
ذكرت أن الإمام ابن حجر-رحمه الله تعالى-ذكر أن الإمام مسلم أخرج صحفاً كاملة ، أو أكثرها ، ومن ذلك صحيفة أبي الزبير عن جابر ، ولا ندري كثيراً عن هذه الصحيفة . أصلها ، وما مصيرها ؟ وكيف كتبت؟ ومن كتبها ؟ وكم عدد أحاديثها ؟
ونقل أهل التراجم أن البخاري قال : أبو الزبير عن جابر صحيفة ، ولم أر من قوله حتى الآن .
وقال ابن حجر في ترجمة سليمان بن قيس اليشكري :
قال أبو حاتم : جالس جابرا ، وكتب عنه صحيفة وتوفي [هكذا . ولعله توفى ولم ترو عنه ] .
وروى أبو الزبير ، وأبو سفيان والشعبي عن جابر ، وهم قد سمعوا من جابر ، وأكثره من الصحيفة ، وكذلك قتادة (142)(1/37)
وقد ورد هذا النص في الجرح والتعديل بصورة حيث قال :
((جالس سليمان اليشكري جابراً فسمع منه ، وكتب عنه صحيفة ، فتوفى ، وبقيت الصحيفة عند امرأته ، فروى أبو الزبير ، وأبو سفيان ، والشعبي عن جابر ، وهم قد سمعوا من جابر ، وأكثره من الصحيفة ، وكذلك قتادة ))(143)
وقال همام بن يحي : وقدمت أم سليمان اليشكري بكتاب سلمان ، فقرئ على ثابت ، وقتادة ، أبي بشر ، والحسن ، ومطرف ، فرووها كلها ، وأما ثابت فروى منها حديثاً واحداً ))(144)
وقال سلمان التيمي (143هـ) : ذهبوا بصحيفة جابر بن عبد الله إلى السحن البصري ، فأخذوها-أو قال رواها-وذهبوا به إلى قتادة ، فرواها وأتوني بها ، فلم أروها ، رددتها ))(145)
وقال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول : سليمان اليشكري شيخ قديم ، قتل في فتنة ابن الزبير . قيل له : فمن روى عنه ؟ قال : قتادة ، وما سمع منه شيئاً ، وأبو بشر روى عنه أحاديث ، وما أرى سمع منه شيئاً ، ثم قال : قدموا بصحيفة اليشكري البصرة ، فحفظها قتادة ))(146)
وقال أيضاً : كان قتادة أحفظ أهل البصرة لا يسمع شيئاً إلا حفظه ، قرأ عليه صحيفة جابر مرة واحدة فحفظها ))(147)
ونقل الترمذي عن البخاري قوله ((سليمان اليشكري يقال : أنه مات في حياة جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال : ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر .
قال : وإنما يحدث قتادة عن صحيفة سليمان اليشكري ، وكان له كتاب عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما(148)
وقال البخاري : روى قتادة وأبو بشر ، والجعد وأبو عثمان من كتاب سليمان بن قيس (149)
وقال معمر بن راشد : رأيت قتادة قال سعيد بن أبي عروبة : أمسك على المصحف ، فقرأ البقرة ، فلم يخط حرفاً فقال : يا أبا النضر لأنا لصحيفة جابر أحفظ مني لسورة البقرة (150)
وقال قتادة : ((عرضت على سعيد بن المسيب صحيفة جابر ، فلم ينكر ))(151)(1/38)
ويتضح مما سبق نقله من هذه الروايات أن اليشكري كانت له صحيفة وانتقلت هذه الصحيفة إلى موطنها في إلى البصرة ، فتلقاها بعض علمائها ورووها عن جابر-رضي الله عنه-وأظهرت هذه الروايات(152) أن هذه الصحيفة لم تمضي إلى مكة المكرمة مستقر أبي الزبير وإنما مضت إلى العراق وبالذات إلى البصرة ، فكل من ذكر أنه أخذ صحيفة جابر إنما هو بصري وليس فيهم ولحد مكي ، اللهم إلا عن أبي حاتم أن أبا الزبير وأبا سفيان رووا من صحيفة اليشكري ، وأبو الزبير مكي وأبو سفيان واسطي حوار بمكة ، ولم يذكر أبو حاتم عمن نقل هذا من شيوخه ولعله ظن ذلك ظناً لقولهم إن أبا الزبير عن جابر صحيفة ، فذهب وهله إلى صحيفة اليشكري .
قلت : وإذا سلم كلام أبي حاتم هذا ، فكان من المفروض أن يكون كل حديث رواه أبو الزبير رواه أيضاً أبو سفيان(153) وكذا رواه الشعبي وقتادة ، لأنهم ، على قول أبي حاتم-أخذوا عن صحيفة واحدة ، وهذا إن صدق مع أبي سفيان في كثير من الأحاديث التي رواها أبو الزبير فيما راجعت حتى الآن من أحاديث أبي الزبير التي جمعتها-فهو لا يصدق مع الباقين مطلقاً ، ولعلني في نهاية جمع أحاديث أبي الزبير أستطيع أن أعطي صورة دقيقة مضبوطة . ولذلك نرى أن البخاري وأحمد كانا أدق في التعبير عن صحيفة اليشكري ، فلم يذرا أبا الزبير ولا أبا سفيان فيمن روى في صحيفة اليشكري ، حتى القصة التي رددتها ، فإنها تدل على أن أبا سفيان وسليمان تلقيا عن جابر لكن كثر حديث سليمان لأنه يكتب بخلاف أبي سفيان . فالذين رووا صحيفة اليشكري هم : قتادة وأبو بشر والحسن ومطرف وثابت ، وليس فيهم أبو الزبير ولا أبو سفيان ، وبخاصة وأن كثيراً من أحاديث أبي الزبير يقول فيها : سمعت أو سألت .(1/39)
والذي أراه أن المقصود بصحيفة أبي الزبير عن جابر هو صحيفة كتبها أبو الزبير مما سمعه من حديث جابر كما بينه الليث بن سعد في قصته ، فقد كان عند أبي الزبير حديث جابر مكتوباً في صحيفة ، وكان تلامذته يأخذون ذلك منه لينقلوه ، ثم ليسمعوه منه ، فإذا حدثهم حدثهم عن حفظه ، فإن أعياه الحفظ رجع إلى الصحيفة المكتوبة والله أعلم .
ثم كيف يكون ما رواه أبو الزبير عن جابر صحيفة ، وقد روى ابن عيينة-نفسه-عن أبي الزبير أن عطاء ابن أبي رباح كان يقمه إلى جابر يحتفظ لهم الحديث ، فهذا من أوضح الأخبار الدالة على ما رواه أبو الزبير عن جابر ليس صحيفة ، وإنما هو حفظ للحديث وتلق له من قائله جابر-رضي الله عنه-.
والظاهر مما سبق في ترجمة جابر أن هذا الأخذ كلن في السنة التي جاور فيها جابر بمكة المكرمة ، وكما قال أبو سفيان أنه جاور معه ستة أشهر في بني فهر ، فلو أخذ عنه أبو سفيان وأبو الزبير كل يوم ثلاثة أحاديث لكان مجموع الأحاديث التي تلقياها تزيد عن خمسمائة حديث .
ومما يدل على أن الصحيفة التي يروها أبو الزبير عن جابر-رضي الله عنه-سماع وليست وجادة ما ورد في قصة الليث حيث قال : جئت أبا الزبير فأخرج لنا كتباً ، فقلت : سماعك عن جابر ؟ قال : ومن غيره . قلت: سماعك من جابر ؟ فأخرج إلي هذه الصحيفة ))(154)(1/40)
فانظر : إلى قوله ((سماعك من جابر )) فإنها تدل دلالة واضحة على أنها سماع (155) ، فالصحيفة التي قدمها أبو الزبير لليث هي من سماعه هو عن جابر ، وليست من صحيفة اليشكري . ورغبة مني في التأكد من أن ما يرويه أبو الزبير هو من صحيفة اليشكري كله ، أو أكثره-كما قال ابن أبي حاتم-رأيت أن آتي بصحيفة اليشكري وأعرض أحاديثها على ما رواه أبو الزبير ، وبعبارة أخرى أعرض روايات أبي الزبير على صحيفة اليشكري حديثاً حديثاً ، فإذا وجدنا أن كل ما ورد في صحيفة اليشكري قد رواه أبو الزبير بنصه ، كان هذا القول صحيحاً ، وإذا وجدنا حديث أبي الزبير يختلف عما في صحيفة اليشكري كان هذا القول الذي ردده أهل السير والتراجم لا صحة له في الواقع .
ولكننا لما كنا لا نملك صحيفة اليشكري ، فليس لنا إلى هذه المقارنة سبيل وليس لنا إلا روى سليمان بن قيس اليشكري في كتب السنة ، وهو قليل ، وقليل جداً ، فليس له في الكتب الستة إلا ثلاثة أحاديث ، وفي مسند الإمام أحمد ست أحاديث فلنقارن بين هذه الأحاديث وبين روايات أبي الزبير :
الحديث الأول :
قال بن ماجة : حدينا أبو إسحاق الهروي : إبراهيم بن عبد الله بن حاتم ، حدثنا إسماعيل بن علية . عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سليمان اليشكري ، عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-: أن النبي-صلى الله عليه وسلم-لم يحرم الضب ، قذره ، وإنه لعام عامة الرعاء ، وإن الله-عز وجل-لينفع به غير واحد ، ولو كان عندي لأكلته ))(156)
وقال ابن ماجة : حديثا أبو سلمة : يحي بن خلف ، ثنا عبد الأعلى ، ثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة عن سليمان عن جابر عن عمر بن الخطاب-رضي الله عنهما-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-نحوه(157)
وقد رواه أبو الزبير كما في مسند أحمد قال :
ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير قال : سألت جابراً-رضي الله عنه-عن الضب ؟(1/41)
فقال : أتى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-به ، فقال : لا أطعمه ، وقذره فقال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-: إن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-لم يحرمه ، وإن الله-عز وجل-لينفع به غير واحد ، وهو طعام عامة الرعاء ، ولو كان عندي لطعمته )) .(158)
فانظر إلى قوله : ((سألت جابراً عن الضب)) فهو ليس من صحيفة اليشكري قطعاً . وربما كان سؤاله لمعرفته بالحديث ، فأراد أن يستثبت ، أو كثر سؤال الناس عنه ، المهم أنه سماع من جابر وليس أخذاً من صحيفة .
وأوضح أن رواية ابن الزبير أوضح سياقاً ، وأبين في نسبة الألفاظ إلى قائليها من رواية اليشكري ، فإن لم يكن في رواية ابن ماجة سقط ، فيدل على حفظ أبي الزبير ودقته . قلت : وهذا من فوائد جمع طرق الحديث
الحديث الثاني :
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة عن سليمان اليشكري عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-أنه قال :
((من كان له شريك في حائط ، فلا يبيعه حتى يعرضه له ))(159)
ونجد أن هذا الحديث قد رواه أبو الزبير بنحوه ، قال الإمام أحمد :
ثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال : ((أيكم كانت له أرض ، أو نخل فلا يبيعها حتى يعرضها على شريكه ))(160)
ورواه مسلم بروايات :
((من كان له شريك في ربع أو نخل ، فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ، فإن رضي أخذ ، وإن كره ترك)).
((قضى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعه أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ، فإن شاء ترك ، فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به)) .
((الشفعة في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه ، فيأخذ أو يدع ، فإن أبي ، فشريكه أحق به حتى يؤذنه))(161)(1/42)
والناظر بين الحديثين يلحظ اختلاف اللفظين رغم أن الإمام أحمد نقله عن سفيان ، فليس بينه وبين أبي الزبير إلا رجل واحد من الثقات الضابطين الحفاظ مما يدل على أن رواية أبي الزبير ليست من صحيفة اليشكري ، بينما رواية قتادة هي من صحيفة اليشكري قطعاً ، وقد حفظها ، ومما يؤيد ما ذهب إليه أن الطريق الأخيرة للحديث فيها تصريح ابن جريح بأن أبا الزبير أخبره أنه سمع جابراً-رضي الله عنه-في ليست من طريق اليشكري ، ولا في صحيفته والله أعلم .
الحديث الثالث :
قال الترمذي : حدثنا يوسف بن عيسى ، حدثنا وكيع ، حدثنا شريك عن الحجاج ،عن القاسم بن أبي بزة عن سليمان اليشكري عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال :
((نهينا عن صيد كلب المجوس)) :
قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، والقاسم بن أبي بزة هو القاسم بن نافع المكي))(162) .
وقال ابن ماجة : حدثنا عمرو بن عبد الله ، ثنا وكيع عن شريك .. مثله وزاد : ((وطائرهم))(163)
قلت : ولم أجد الحديث عن جابر من غير هذه الرواية حتى الآن . ولا ندري هل أخذ القاسم من سليمان اليشكري ؟ وهو مكي ثقة قليل الحديث توفي سنة (124هـ) .
الحديث الرابع :
قال الإمام أحمد :
حدثنا عفان ، حدثنا أبو عوانة حدثنا أبو بشر عن سليمان بن قيس عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما قال :
((نحرنا مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يوم الحديبية سبعين بدنه عن سبعة))(164)
وفي رواية : ((سبعين بدنه ، البدنة عن سبعة))(165)
ورواه الإمام أحمد عن طريق أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-. يقول : اشتركنا مع النبي-صلى الله عليه وسلم-في الحج والعمرة ، كل سبعة في بدنة ، فنحرنا سبين بدنة يومئذ ))(166)
وفي رواية ((نحرنا في الحديبية مع رسول الله-صلى الله وسلم-البدنة عن سبعة ، والبقرة ))(167)
فقوله في الرواية أنه سمع جابراً رضي الله عنه يدل على أنه لم يأخذ هذا الحديث من صحيفة اليشكري .(1/43)
الحديث الخامس :
عند أحمد في المسند قال :
ثنا يحي بن حمادة أنا أبو عوانة ، عن أبي بشر عن سليمان بن قيس عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنها-قال :
((بايعنا نبي الله-صلى الله عليه وسلم-يوم الحديبية على لا نفر)).
قلت : وفي مسند أبي عوانة : حدثنا عبد الله بن أيوب المحرمي قال : ثنا ابن عيينة عن أبي الزبير سمع جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-يقول :لم نبايع النبي-صلى الله عليه وسلم-على الموت إنما بايعناه على أن لا نفر )).
قال حدثنا ابن ميسرة ، قال : ثنا المقري (عبد الله بن يزيد العدوي) قال :ثنا الليث بن سعيد عن ابن الزبير عن جابر-رضي الله عنه-قال : كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة ، فبايعناه ، وعمر بن الخطاب آخذ بيده تحت الشجرة-هي سمرة-وقال : بايعناه على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت .
وقال : حدثنا أبو داود الحراني ، قال ، ثنا علي قال : شعبان قال : ثنا أبو الزبير عن جابر-رضي الله عنه-قال: لما دعا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-الناس للبيعة ، وجدنا جد ابن قيس تحت إبط بعيره قال : ولم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا نفر ))
قلت : فرواية أبي عوانة تبين أن هذا الحديث سمعه أبو الزبير من جابر-رضي الله عنه-حيث صرح بذلك .
إضافة إلى أن رواية أبي الزبير تخالف رواية سليمان بن قيس في ألفاظها ، فليس في رواية اليشكري ((لم نبايعه على الموت )) بينما رواية أبي الزبير بطرقها الثلاثة فيها تلك اللفظة .
قلت وكذا هي في رواية الليث عن أبي الزبير عند مسلم (168) . وفيها التصريح بالسماع عن جابر .
الحديث السادس :
في مسند أحمد قال :
حدثنا عفان ، حدثنا أبو عوانة ، حدثنا أبو بشر جعفر بن أبي وحشية عن سليمان بن قيس عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما قال :
((دعا النبي-صلى الله عليه وسلم-أبا طيبة فحجمه ، فسأله : كم ضريبتك ؟
قال، ثلاث آصع ، قال : فوضع عنه صاعاً ))(169)
ولم أجد الحديث من رواية أبي الزبير بعد .(1/44)
الحديث السابع :
قال الإمام أحمد : ثنا عثمان ، ثنا أبو عوانة ثنا أبو بشر عن سليمان بن قيس عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال :
((قاتل رسول الله-صلى الله عليه وسلم-محارب خصفة بنخل ، فرأوا من المسلمين غرة فجاء رجل يقال له : غورث بن الحارث ، حتى قام على رأس رسول الله-صلى الله عليه وسلم-.بالسيف ، فقال : من يمنعك مني ؟ قال : الله-عز وجل-فسقط السيف من يده . فأخذه رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقال : من ينعك مني ؟ قال : كن خير آخذ .
قال : أتشهد أن لا إله إلا الله ؟ قال : لا . ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك . فخلى سبيله .
قال : فذهب إلى أصحابه ، قال . قد جئتكم من خير الناس ، فلما كان الظهر أو العصر ، صلى بهم صلاة الخوف ، فكان الناس طائفين ، طائفة بإزاء عدوهم ، وطائفة صلوا مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فصلى بالطائفة الذين كانوا معه ركعتين ، ثم انصرفوا فكانوا مكان أولئك الذين كانوا بإزاء عدوهم ، وجاء أولئك ، فصلى بهم رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ركعتين ، فكان للقوم ركعتان ، ولرسول الله-صلى الله علي وسلم-أربع ركعات )) (170)(1/45)
وقد روى الإمام أحمد الحديث من رواية أبي الزبير عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال : كنا مع رسول الله-صلى اله عليه وسلم-في نخل ، فصلى بأصحابه صلاة الطهر ، قال : فهم بهم المشركون ، قال فقال: دعوهم ، فإن لهم صلاة بعد هذا هي أحب إليهم من أبنائهم ، قال: فنزل جبريل عليه السلام-على رسول الله-صلى الله عليه وسلم-بأصحابه ، فصفهم صفين ورسول الله-صلى الله عليه وسلم-بين أيديهم ، فكبروا جميعاً ، ثم سجد الذين يلون رسول الله-صلى الله عليه وسلم-والآخرون قيام ، فلما رفع الذين سجدوا رؤوسهم سجد الآخرون ، فلما قاموا في الركعة الثانية تأخر الذين يلون الصف الأول ، فقام أهل الصف الثاني، وتقدم الآخرون إلى الصف الأول ، فركعوا جميعاً ، فلما رفعوا رؤوسهم سجد الآخرون ، فلما قاموا في الركعة الثانية تأخر الذين يلون الصف الأول ، فقام أهل الصف الثاني : وتقدم الآخرون إلى الصف الأول ن فركعوا جميعاً ، فلما رفعوا رؤوسهم من الركوع سجد الذين يلوون النبي-صلى الله عليه وسلم-والآخرون قيام فلما رفعوا رؤوسهم سجد الآخرون ))(171)
قلت : سياق رواية أبي الزبير غير سياق رواية اليشكري ، فليست رواية أبي الزبير من صحيفة اليشكري ، إضافة إلى هذا فإن آخر حديث أبي الزبير عن جابر ما يشير إلى سماع أبي الزبير منه حيث قال : قال : أبو الزبير : ثم خص جابر أن قال كما يصلي أمراؤكم هؤلاء (172) .
قلت : وقد روى مسلم نحو رواية سليمان بن قيس مختصرة من رواية أبي سلمة عن جابر-رضي الله عنه (173).
وقد روى الحديث الإمام البخاري من رواية أبي الزبير مختصراً معلقاً حيث قال :
((وقال معاذ (وهو ابن هشام ثقة صاحب غرائب ) حدثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر .. قال ابن حجر : وقد تابعه ابن علية عن أبيه هشام-وهو الدستوائي-أخرجه الطبري في تفسيره ، وكذلك أخرجه الطيالسي في مسنده عن هشام عن أبي الزبير .(1/46)
قال : ولمعاذ بن هشام عن أبيه إسناد آخر أخرجه الطبري عن بندار عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن سليمان اليشكري عن جابر (174) .
قال ابن حجر : وما ذهب إليه مالك من ترجيح هذه الكيفية واقفة على الشافعي وأحمد وداود على ترجيحها لسلامتها من كثرة المخالفة ، ولكونها أحوط لأمر الحرب مع تجويزهم الكيفية إلي في حديث ابن عمر )) .
قلت : وهذا من المواضع التي أحتج فيها البخاري برواية أبي الزبير واستند إلى قول مالك أنها أحسن ما سمع في صلاة الخوف .
الحديث الثامن :
من مسند أحمد قال :
ثنا يحي بن آدم ، ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سليمان عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنه-عنة-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال : ((الإيمان في أهل الحجاز ، وغلظ القلوب والجفاء في الغدادين في أهل المشرق ))(175)
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((غلظ القلوب والجفاء في المشرق ، والإيمان في أهل الحجاز ))(176).
فتصريح أبي الزبير بسماعه للحديث من يدل على أنه لم يأخذه من صحيفة اليشكري .
الحديث التاسع :
قال الإمام أحمد في مسنده : ثنا يحي بن حماد ، ثنا أبوعوانة عن أبي بشر عن سليمان ابن قيس عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال :
قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:
((المدينة يتركها أهلها وهي مرطبة . قالوا : فمن يأكلها يا رسول الله .
قال : الباع والعوائف ..
قال أبو عوانة : فحدثت أنا أبا بشر قال : كان في كتاب سليمان اليشكري (177) .
وفي المسند قال أبو الزبير : وأخبرني جابر أنه سمع رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول ليتركنها أهلها مرطبة . قالوا فمن يأكلها يا رسول الله ؟ قال : عافية الطير والباع (178) .
فدلت رواية أبي الزبير أنه سمع ذلك من جابر وهو الذي أخبره بهذا الحديث ، فليس هو من صحيفة اليشكري.(1/47)
فهذه الأحاديث التي استطعت أحصل عليها من صحيفة اليشكري وليس فيها حديث واحد يمكن أن نجزم فيه أن أبا الزبير رواه من صحيفة اليشكري إما لتصريحه بالسماع عن جابر ، وإما لاختلاف الألفاظ وإما لعدم رواية أبي الزبير للحديث .
قلت : ولعل أبا الزبير قد اطلع على هذه الصحيفة ، فكان يقرأ الحديث من الصحيفة ، ثم يسأل جابراً عنه ، وورد هذا الاحتمال على الخاطر لأننا بجد في كثير من أحاديثه التي رواها يقول : سألت جابراً عن كذا ..
فيجيبه ، وسيأتي وضوح ذلك أثناء إيراد الأحاديث التي رواها .
وهذا الاحتمال يحتاج لتأكيده إلى إثبات أن صحيفة سليمان اليشكري كانت بين يدي أبي الزبير عندما جاور جابر-رضي الله عنه-في مكة أي في حياة اليشكري أو قريباً من وفاته ، وسياق الروايات التي سبق ذكرها يوضح أن صحيفة اليشكري لم تنتشر إلا بعد وفاته .
وإن صح هذا الاحتمال في بعض الأحاديث ، فهو لا يصح في أكثرها ، وذلك لأن وفاة سليمان اليشكري قريبة من وفاة جابر رضي الله عنه-رضي الله عنه-حيث ذكر المؤرخين أنها كانت فتنة ابن الزبير-رضي الله عنه-وقتل ابن الزبير سنة (74هـ) .
وقد ذكر البخاري في فصل من مات بين السبعين إلى الثمانين .
وقد تبين لي أن أسئلة أبي الزبير لجابر-رضي الله عنه-إنما كانت من أحاديث سمعها أبو الزبير ، أو شاعت في زمنه ، فأراد أن يتأكد من صحتها ، فسأل جابر عنها ليعلم هل هي ثابتة أم لا ؟
ومن أدلة ذلك ما روى ابن الجارود في المنتقى من حديث أبي الزبير عن جابر في الزكاة مرفوعاً عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال : ((ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها .. الحديث)) .
قال أبو الزبير : وسمعت عبيد ابن عمير يقول هذا القول ، ثم سألنا جابر ابن عبد الله-رضي الله عنهما-عن ذلك ، فقال مثل قول عبيد بن عمير .
قال أبو الزبير : وسمعت عبيد بن عمير يقول ، قال رجل : يا رسول الله ما حق الإبل ؟(1/48)
قال : حلبها على الماء ، وإعارة دلوها ، وإعارة فحلها ، ومنحها ، وحمل عليها في سبيل الله ))(179) . فلله در أبي الزبير ، ما أتقنه وما أضبطه ، وما أحصه على طلب الحديث والعلو فيه بعد فهو بعد آن سمع من عبيد ابن عمير التابعي أراد أن يسمع الحديث من-جابر رضي الله-عنه الصحابي وهو يسأل عن الحديث لحرصه عليه ، وهو يفرق ما بين ما قاله جابر ، وما زاد عبيد بن عمير .
وهذه الصحيفة التي كتبها اليشكري ، وزعموا أن أبا الزبير المكي وغيره رو ما منها لا يظهر لي مدى استمرار روايتهما وهي صحيفة في كتب الحديث ، كما نرى ذلك في صحيفة همام بن منبه التي رويت بسند واحد عند الإمام أحمد ومسلم )) .
ومما يؤكد أن روايته ليست من الصحيفة-أيضاً-تصريحه في كثير منها بالسماع .
وإذا قلنا : أن جميع ما رواه أبو الزبير عن جابر-رضي الله عنه-فهو من صحيفة سليمان رغم أن في هذا القول مبالغة كبيرة ، فإننا نقول : إن عدد أحاديث هذه الصحيفة يبلغ أربعمائة حديث إن كان شعبة سمعها كلها .
أو يقال : إن صحيفة أبي الزبير التي كتبها عن تبلغ هذا العدد ، والله أعلم .
وقد وجدت لأبي الزبير عن جابر-رضي الله عنه-عند أصحاب الكتب الستة (360) ستين وثلاثمائة حديث(180) . كما في تحفة الأشراف ، ولكننا لا نجد لواحد من الرواة عنه أحاديث كثيرة :
فابن جريح له تسع وثمانون حديثاً (89) حديثاً .
وأبو خيثمة زهير بن معاوية الجعفي الكوفي له ثمان وعشرون حديثاً (28) . والليث بن سعد له سبعة وعشرون حديثاً (27) والثوري (20) عشرون حديثاً ومعقل بن عبد الله الجزري له (18) ثمانية عشر حديثاً وهشام الدستوائي (15) خمسة عشر حديثاً .
ومن هذا تبين أن الصحيفة لم تجاوز أبا الزبير ، وإنما غدت تروي أحاديث كغيرها في حديث الرسول-صلى الله عليه وسلم-هذا ، وقد وجدت بعض النصوص في مسند الإمام أحمد يظهر منها أن بعض الأحاديث في الصحيفة رويت عن طريق يشبه رواية الصحف ، ومن ذلك :(1/49)
قال : ثنا موسى ، حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير ، قال : سألت عن جابراً عن الرجل يباشر يباشر الرجل؟ فقال جابر-رضي الله عنه-: زجر النبي-صلى الله عليه وسلم-عن ذلك .
وبإسناده قال : سألت جابر عن المرأة تباشر المرأة ، قال : زجر النبي-صلى الله عليه وسلم-عن ذلك . وبإسناده قال : سألت جابر عن الرجل يريد الصيام ، والإناء على يده ليشرب منه ، فيسمع النداء ؟ قال جابر : كنا نحدث أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال :لشرب .
وبإسناده عن جابر قال : سمعت النبي-صلى الله عليه وسلم-يقول :
((تطلع الشمس في قرن شيطان)) .
وبإسناده قال : سألت جابراً ركوب الهدي ؟ قال جابر : سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول : اركبها بالمعروف حتى تجد ظهراً ))(181)
فهذا يشبه أن يكون صحيفة ، فلعل شيخ الإمام أحمد ((موسى بن داود )) قد حصل على صحيفة أبي الزبير عن جابر أو بعضها ، والله أعلم .
كما تدل هذه الروايات على ما كنت قلته ، من أن أبا الزبير اطلع على الأحاديث الموجودة في صحيفة سليمان اليشكري-إن صح هذا الافتراض-سأل عنها جابر ليتأكد من صحتها ، أو لعل هذه أحاديث كانت منشرة بين التابعين فأحب أن يتأكد منها-وهو الأرجح-والله تعالى أعلم .
وإن صح أنها صحيفة ، فيدل على أن ابن لهيعة من رواة صحيفة أبي الزبير ، فيستدرك على الدكتور بكر أبو زيد حيث لم يذكره في رواتها (182) .
ثنا حسن ، ثنا ابن لهيعة أن أبو الزبير قال :
وأخبرني جابر-رضي الله عنه-أنه سمع رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول :
(( مثل المدينة كالكير ، وحرم إبراهيم مكة ، وأنا أحرم المدينة ، وهي كمكة حرام ما بين حرتيها ، وحماها كلها ، لا يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل منها ، ولا يقربها-إن شاء الله : الطاعون ، ولا الدجال ، والملائكة يحرسونها على أنقابها ، وأبوابها )) .
قال : وإني سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول :
((لا يحل لأحد يحمل فيها سلاحاً لقتال)) .(1/50)
وهذا أسلوب الصحف ، حيث قال فيها : وأخبرني جابر ، فأنه ذكر أحاديث ، ثم عطف عليه هذا الحديث ، وكذا قوله في آخر الحديث قال : وإني سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-..الحديث .
فلعل شيخ الإسلام أحمد ((حسن بن أعين)) كان عنده بعض هذه الصحيفة أيضاً ، وفي المسند أيضاً (184)
حدثنا سليمان بن داود ، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن موسى بن عقبة عن أبي الزبير عن جابر-رضي الله عنه-قال :
سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ينهى أن يباشر الرجل الرجل في ثوب واحد والمرأة المرأة في ثوب واحد .
وقال : إذا أعجبت أحدكم المرأة ، فليقع على أهله ، فإن ذلك يرد من نفسه .
وقال جابر : نهانا رسول الله-صلى الله عليه وسلم-عن الطروق إذا جئنا من السفر )) .
قلت : وهذا أسلوب الصحف أيضاً وإن يكن موسى بن عقبة قد رواها صحيفة فيكون أيضاً من رواة هذه الصحيفة عن أبي الزبير ، ويستدرك به على الدكتور بكر عبد الله أبو زيد في كتابه معرفة النسخ والصحف الحديثة (185) وذلك لأن كتابه خصصه في الكلام على الصحف الحديثة فهو يستوعب ما جاء عنها .
وفي مسند الإمام أحمد-أيضاً-(186)
حدثنا أبو المغيرة ، ثنا معاذ بن رفاعة ن حدثنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال :
لما قسم رسول الله-صلى الله وسلم-غنائم هوازن بين الناس بالجعرانة ، قام رجل من بني تميم ، فقال : اعدل يا محمد-فقال ويلك . من يعدل إذا لم أعدل ، لقد خبت وخسرت إن لم أعدل ، فقال عمر : يا رسول الله لا أقوم ، فأتل هذا المنافق ؟
قال : معاذ الله أن تتسامح الأمم أن محمداً يقتل أصحابه .
ثم قال النبي-صلى الله عليه وسلم . إن هذا وأصحاباً له يقرؤون القران ، لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق الرماة من الرمية .
قال معاذ : فقال لي أبو الزبير : فعرضت هذا الحديث على الزهري ، فما خالفني إلا أنه قال : النقي (187) قلت : القدح . فقال : ألست برجل عربي ))؟(1/51)
فهذا يدل على أن أبا الزبير كان يعرض حديثه على أعلام عصره من أهل الحديث ، وأنهم لم يكونوا يخالفونه حديث جابر-رضي الله عنه-.
وأما أحاديث أبي الزبير عن جابر-رضي الله عنه ، فإني لم حديثاً رواه الأئمة الستة متفقين على روايته إلا حديثاً واحداً وهو :
نهى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمحاضرة وعن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ، ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا ))(188)
وأما ما رواه الخمسة-أعني ما عدا البخاري-فهي ثلاثة :
الأول : أن النبي -صلى الله عليه وسلم-رمى الجمرة يوم النحر ضحى ، وأما بعد ذلك فعبد زوال الشمس .
الثاني : (( جاء عبد فبايع النبي-صلى الله عليه وسلم-على الهجرة ولم بشعر أنه عبد ...
الثالث : نحرنا مع النبي-صلى الله عليه وسلم-عام الحديبية البدنه عن سبعة البقرة عن سبعة .
وأما الإمام البخاري ، فقد أخرج سبعة أحاديث منفرداً ، ولكن أكثرها معلقات منها حديث العنبر-وهو متصل قال :
حدثنا مسدد ، حدثنا يحي ، عن ابن جريح ، قال أخبرني عمرو أنه سمع جابراً-رضي الله عنه-يقول : غزونا جيش الخبط ، وأمر أبو عبيدة فجعنا جوعاً شديداً فألقى البحر حوتاً ميتاً لم نر مثله ، يقال له ((العنبر)) فأكلنا منه نصف شهر ، فأخذ أبو عبيدة عظماً من عظامه فمر الراكب تحته .
فأخبرني أبو الزبير أنه سمع جابراً-رضي الله عنه-يقول : قال أبو عبيدة : كلوا ، فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي-صلى الله عليه وسلم-فقال : كلوا رزقاً أخرجه الله . أطعمونا إن كان معكم ، فآتاه بعضهم ، فأكله(189).(1/52)
قلت : فهذا ليس معلقاً بل هو موصول لأن ابن جريح هو القائل ((فأخبرني أبو الزبير ، فالإمام البخاري قد اعتمد زيادة أبي الزبير في الخبر ، ورواها مثبتاً لها ، فلو قلنا أن أبا الزبير من رجال البخاري لكان صحيحاً ، إلا أنه لم يخرج له إلا ما ثبت عنده أصل الحديث ، فكأنه يأخذ بزياداته على من سواه في الرواه ، وإنما تؤخذ الزيادة من الثقة .
وهذا الحديث مثل في زيادة أبي الزبير على عمرو .
ومن ذلك ايضاً :
قول البخاري : حدثنا أبو نعيم ، حدثنا ذكريا ، قال : سمعت عامراً يقول : حدثني جابر بن عبد الله-رضي الله عنه-كان يسير على جمل له قد أعيا ،فمر النبي-صلى الله عليه وسلم-فضربه فسار سيراً ليس يسر مثله ، ثم قال : بعنيه بأوقية ، فبعته ، فاستثنيت حملانه إلى أهلي ، فلما قدمنا أتيته بالجمل ، ونقدني ثمنه ثم انصرف ، فأرسل على أثري ، قال : ما كنت لآخذ جملك ، فخذ جملك ذلك ، فهو مالك .
قال شعبة عن مغيرة عن عامر عن جابر : أفقرني رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ظهره إلى المدينة وقال إسحاق عن جرير عن مغيرة : فبعته على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة . وقال عطاء وغيره : ولك ظهره حتى ترجع .
وقال أبو الزبير عن جابر (190) أفقرناك ظهره إلى المدينة .
وقال الأعمش عن سالم عن جابر : تبلغ عليه إلى أهلك .
ثم قال الإمام البخاري :
وقال ابن جريح عن عطاء ويره عن جابر : أخته بأربعة دنانير ...
قال : ولم يبين الثمن مغيرة عن الشعبي عن جابر ، وابن المكندر وأبو الزبير عن جابر (191)(1/53)
قال أبو عبد الله : الاشتراط أكثر وأصح عندي . وقال في آخر الباب : الاشتراط أكثر وأصح عندي . قاله أبو عبد الله (192) . فهو يبين أن استثناء حملانه إلى أهله كان أثناء البيع ، ورجع ذلك إلى البخاري لأن الذين رووا الاشتراط أكثر من الذين لم يرووا ذلك ، وأن طرقهم أصح مخرجاً ، وجاء بروايات الذين ذكروا الاشتراط في روايتهم ، ومنهم ((أبو الزبير)) فعلم من ذلك أنه يصحح رواية أبي الزبير وكأنه لا يراها تنزل عن درجة الصحيح ، وإلا لما احتج بها ، وأوردها مورد الحجة ، والزيادة كما سبق لا تقبل إلا من ثقة .
سيرد أثناء إيراد الأحاديث لأبي الزبير، ما اعتمد فيه البخاري من رواية أبي الزبير ، واعتمد ثقة بصريح العبارة-كما هنا حيث جعل روايته مني جملة الطرق التي أطلق عليها أصح يعني من غيرها فما كان أصح الاختلاف ، فلا بد أن يكون صحيحها عند الوفاق (193) .
ومن ذلك ((حديث الصلاة على النجاشي )) أخرجه البخاري في الجنائز معلقاً ((وحديث أهللنا من البطحاء)) أخرجه البخاري معلقاً .
وحديث ((صلاة الخوف )) أخرجه البخاري معلقاً .
فالإمام يعتبر أبا الزبير من الثقات ، فما دام شعبة قد تكلم في أبي الزبير ، وترك روايته لأحاديثه ، فالبخاري ايضاً-لا يورد شيئاً له في كتابه إلا مقترناً بغيره ، أو ما ثبت عنده أصل الحديث .
وقد قال الحافظ عبد العزيز بن محمد النخشبي (457هـ) في فوائد الخيال (ل6) ما نصه : ولم يخرج محمد بن إسماعيل البخاري لأبي الزبير في الصحيح شيئاً لأن أبا الزبير تكلم فيه شعبة ، وقال : رأيته يتزن لنفسه فاسترجح (وردت فاسترجع) فترك حديثه لأجل هذا ولم يحدث عنه إلا حديثاً واحداً ، فتركه البخاري متابعة لشعبة ، غير أن أبا الزبير حديثه مشهور صحيح ، وهو حافظ متقن (194) .
والذي يؤكد مل قاله النخشبي إن الإمام البخاري روى الحديث الذي رواه شعبة من طريقه ، ولكنه أورده معلقاً ليشير بذلك لما قاله فيه شعبة .(1/54)
هذا وقد قمت بجمع ما لأبي الزبير عن جابر-رضي الله عنه-في مسند الإمام أحمد-رحمه الله تعالى-فزادت عن خمسين وأربعمائة حديث ، وفي كثير منها تصريح أبي الزبير لسماعه عن جابر-رضي الله عنه-ولذا عزمت أخرج هذه الأحاديث من مسند الإمام أحمد وأذكر من خرجها من باقي الأئمة ، وما وجدت من الأحاديث في غير المسند ذكرته (195) .
وقد وجدت فيما جمعت أن كثيراً من أحاديثه قد شاركه عن جابر غيره من التابعين ، والكثير-منها أيضاً-قد شارك فيها جابراً غيره من الصحابة رضوان الله عليهم-بل الكثير منها قد بلغ حد التواتر على المذهب المختار من اعتبار الحديث متواتراً إذا حث به عشرة من الصحابة ولهذا حرصت في دراستي لأحاديثه على إيراد ما أمكن من الشواهد والاعتبارات لكل حديث . وخلاصة القول في أبي الزبير-رحمه الله تعالى :
1-أنه ثقة ثبت لا ينزل حديثه عن مرتبة الصحيح .
2-أنه مدلس ، تنزلاً عن الأئمة الكبار الذين وصفوه بالتدليس .
3-تدليسه عن الثقات ، فيقبل حديثه سواء صرح فيه بالتحديث أم لا .
4-روايته من صحيفة سليمان اليشكري ، إن كانت قبل وفاة جابر فكان بمقدوره أن يتأكد من الرواية بسؤال جابر-رضي الله عنه-عن الأحاديث التي فيها ، وإن كانت بعده فمستبعدة ن لأن روايته أضعاف ما عند سليمان من حديث ، وليس هناك ما يثبت روايته لها لأنها مضت إلى البصرة ، ولم تمض إلى مكة المكرمة .
5-ما نسب إليه أنه روى من صحيفة فالمقصود به هو ما كتبه من حديث جابر-رضي الله عنه-من سماعه منه.(1/55)
وبناء على ذلك أرى أن يحول من الدرجة الثالثة من مراتب المدلسين التي وضعه فيها الإمام ابن حجر ، إلى المرتبة الثانية ، ويدل على ذلك فعل الإمام مسلم-رحمه الله-في صحيحه ، حيث أعتبره من الصحيح ، وأخرجه في موضع الاستدلال ، وكذا الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم حيث صححوا أحاديثه ، وكذا فعل الدارقطني في الاستدراكات على مسلم (الإلزامات) وفعل أبو مسعود الدمشقي في جوابه عن إلزامات الدارقطني ، بل كذلك فعل البخاري في غير الصحيح حيث جاء بحديث أبي الزبير مستدلاً به محتجاً به على رفع اليدين في الدعاء .
والله أسأل أن يكون هذا البحث قد أدى ما انتدب به إليه من تبيين الحق ، وتوضيح أمر صحيفة أبي الزبيرعن جابر ، ولله المنة في البدء والختام راجياً ممن يقرأ بحثي أن يدعو لي وللمؤمنين بالسداد والتوفيق .
ــــــــــــ
ـــــــ
ـــ
ثبت المراجع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
م …… اسم الكتاب ……… ومؤلفه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 أخبار مكة المكرمة في القديم والحديث للفاكهي ت الدكتور عبد الطيف بن دهيش
2 الأدب المفرد لمحمد بن إسماعيل البخاري (256هـ) المطبعة السلفية القاهرة .
3 الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر (بهامش الإصابة) .
4 أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير الجزري-كتاب الشعب-القاهرة 1390هـ .
5 الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني (852هـ ط مصر (1328هـ ) .
6 ألفية الحديث للسيوطي (911هـ) ط البابي الحلبي القاهرة .
7 تاريخ ابن معين تحقيق د . محمد نور سيف-طبع مركز البحث العلمي . بجامعة أم القرى .
8 تاريخ الإسلام للإمام أبي عبد الله شمس الدين محمد الذهبي (748هـ) ط دار أحياء التراث العربي .
9 تاريخ دمشق لابن عساكر : علي بن الحسن بن هبة الله . مطبوعات المجمع العلمي بدمشق .(1/56)
10 التاريخ الصغير للبخاري محمد بن إسماعيل-مطبع أنوار أحمد في إله آباد بالهند 1325هـ .
11 التاريخ الكبير للبخاري ط حيدر آباد الدكن (1360-1364هـ) .
12 تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للحافظ المزي تحقيق عبد الصمد شرف الدين-الهند .
13 تدريب الراوي شرح تقريب النواوي لجلال الدين عبد الرحمن ابن أبي بكر السيوطي دار أحياء السنة-القاهرة .
14 تذكرة الحفاظ للإمام الذهبي-ط دار أحياء التراث العربي-بيروت .
15 ترتيب ثقات العجلي (261هـ) للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (807هـ) ت عبد المعطي قلعجي-دار الكتب العلمية .
16 تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (852هـ) تحقيق البنداري وآخر-توزيع الباز .
17 تغليف التعليق لابن حجر تحقيق سيد عبد الرحمن موسى القزفي-المكتب الإسلامي .
18 تقريب التهذيب لابن حجر تحقيق محمد عوامة ط حلب . الطبعة الأولى .
19 تقييد العلم للخطيب البغدادي ت يوسف العش دار أحياء السنة النبوية الطبعة الثانية 1974م .
20 التقييد والإيضاح لما أطلق واغلق من مقدمة ابن الصلاح لعبد الرحيم العراقي-ط حلب(1350هـ) .
21 التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد للحافظ ابن عبد البر (463هـ) ط المغرب .
22 تنبيه المسلم إلى تعدي الألباني على صحيح مسلم-لمحمود سعيد ممدوح .
23 تهذيب الأسماء واللغات لأبي زكريا محي الدين ابن شرف النووي ط إدارة الطباعة . المنيرية .
24 تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني-مطبعة دار المعارف-الهند .
25 تهذيب الكمال للحافظ أبي الحجاج المزي (15 جزءاً تحقيق د . بشار عواد) .ومخطوط مصور .
26 الثقات : ابن حبان البستي الطبعة الأولى (1388هـ) حيدر آباد الدكن .
27 الثقات : ابن شاهين تحقيق صبحي السامراني-الدار السلفية الكويت .
28 جامع الأصول في أحاديث الرسول : المبارك بن محمد بن الأثير الجزري . (606هـ) تحقيق عبد القادر الأرناؤوط .(1/57)
29 جامع التحصيل في أحكام المراسيل للحافظ صلاح الدين سعيد خليل بن كيكلدي العلاني (761هـ) ت حمي السلفي .
30 جامع الترمذي أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (279) دار الفكر-بيروت .
31 الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي تحقيق د . محمود طحان .
32 الجرح والتعديل : أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم التميمي الحنظلي الرازي (327هـ)-دائرة المعارف العثمانية بالهند .
33 الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني : محمد بن طاهر المقدسي ط حيدر أبآد الدكن (1323هـ) .
34 الجوهر النقي في ذيل السنن الكبرى للبيهقي-دار المعرفة-بيروت .
35 حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم الأصبهاني-مطبعة السعادة القاهرة (1355هـ) .
36 خلاصة تهذيب تهذيب الكمال للخزرجي نشر مكتبة المطبوعات الإسلامية-حلب .
37 دلائل النبوة للبيهقي المكتبة السلفية (1389هـ) .
38 الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي (463هـ) تحقيق نور الدين عتر .
39 زاد المعاد في هدى خير العباد أبو عبد الله محمد بن بكر الزرعي الدمشقي ابن قيم الجوزية (721هـ) المكتبة العلمية بيروت .
40 سنن ابن ماجة : محمد بن يزيد بن ماجة القزويني (27هـ)-تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي .
41 سنن أبي داود : سليمان بن الأشعث السجستاني (275هـ) تحقيق محمد يحي الدين عبد الحميد ط دار أحياء التراث العربي .
42 سنن النسائي : عبد الحمن أحمد بن شعيب النسائي (303هـ) ومعه زهر الربى للسيوطي البابي الحلبي مصر .
43 سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي تحقيق شعيب الأرناؤوط-مؤسسة الرسالة .
44 شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن معاد الحنبلي-مكتبة القدس-ط الأولى .
45 شرع علل الترمذى لابن رجب الحنبلي تحقيق صبحي السمراني-عالم المكتب الطبعة الثانية (1405هـ) .
46 شرح معاني الآثار : أبو جعفر أحمد بن حمد بن سلامة الأزدي الطحاوي (321هـ)-دار الكتب العلمية-بيروت .(1/58)
47 صحائف الصحابة : أحمد عبد الرحمن الصويان-ط الأولى (1410هـ) .
48 صحيح البخاري : محمد بن إسماعيل البخاري (256هـ) مع فتح الباري لابن حجر-ط الريان .
49 صحيح مسلم : أبو الحسين مسلم أبو الحجاج القشيري النيسابوري (261هـ) ت محمد فؤاد عبد الباقي .
50 الضعفاء الكبير للعقيلي محمد بن عمرو (322هـ) تحقيق د. عبد المعطي قلجي-الطبعة الأولى (144هـ) بيروت .
51 طبقات الحفاظ للسيوطي تحقيق علي محمد عمر-مطبعة الاستقلال الكبرى-ط الأولى (1393هـ) .
52 الطبقات : خليفة بن خياط (240هـ) تحقيق أكرم ضياء العمري-دار طيبة .
53 الطبقات الكبرى محمد بن سعد ط دار صادر بيروت .
54 العبر في خبر من غبر للذهبي تحقيق محمد السعيد زغلول-دار الكتب العلمية-بيروت .
55 العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين لمحمد بن أحمد المكي الفاسي مطبعة السنة المحمدية (1379هـ) .
56 العلل ومعرفة الرجال لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل (241هـ) الطبعة الأولى- انقرة (1963م) .
57 فتح المغيث شرح ألفة الحديث لمحمد بن عبد الرحمن السخاوي (982هـ) مطبعة العاصمة القاهرة (1388هـ) .
58 الكامل في الضعفاء لابن عدي أحمد عبد الله (365هـ) دار الفكر-بيروت .
59 الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي مطبعة السعادة .
60 مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ الهيثمي ، ط القدسي .
61 المحدث الفاصل بين الراوي والواعي لحسن عبد الرحمن الرامهرمزي تحقيق محمد عجاج الخطيب-دار الفكر بيروت (1391هـ) .
62 المراسيل لابن حاتم الرازي-مؤسسة الرسالة بيروت (1397هـ) .
63 المستدرك على الصحيحين : أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم (405هـ)-دار الفكر بيروت .
64 مسند علي بن الجعد برواية البغوي .
65 مسند أبي عوانة : يعقوب بن إسحاق الأسفراييني ط الهند .
66 مسند أحمد بن حنبل (241) ط المكتب الإسلامي بيروت .
67 مسند الطيالسي : انظر منحة المعبود .(1/59)
68 مشاهير علماء الأمصار لابن حبان طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر .
69 منصف ابن أبي شيبة مطبعة العلوم الشرقية-بحيدر أبآد الدكن (1390هـ) .
70 المعجم الكبير لطبراني تحقيق حمدي السلفي ط العراق .
71 معرفة النسخ والصحف الحديثية-د . بكر عبد الله أبو زيد-دار الراية .
72 المعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي-مطبعة الإرشاد-بغداد (1394هـ) .
73 المنتقى : عبد الله بن علي بن الجارود نشر حديث أكاديمي-باكستان .
74 منحة المعبود في ترتيب مسند أبي داود الطيالسي للساعاتي أحمد البنا-مصر .
75 الموطأ للإمام مالك بن أنس الأصبحي المدني تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي .
76 ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام الذهبي تحقيق علي محمد البجاوي دار المعارف-بيروت .
77 النكت علي بن صلاح : ابن حجر العسقلاني تحقيق د . ربيع هادي عمير ط الجامعة الإسلامية بالدينة المنورة (1404هـ)
78 هدى الساري مقدمة فتح الباري ابن حجر العسقلاني ط الريان .
(2) بشر هذا البحث في العدد الثالث من مجلة كلية الشريعة وأصول الدين أبها ـ فرع جامعة الإمام .
(2) هذا وإني قد جمعت عدداً كبيراً من أحاديث أبي الزبير عن جابر وذكرت شواهدها ومتابعاتها عسى أن أوفق في إخراجها بإذن الله تعالي .(1/60)
(*) مصادر ترجمة : الاسيعاب 1/219/-أسد الغابة 1/256/ الإصابة 1/213/ طبقات بن سعد 3/574/- تاريخ بن معين برواية الدوري 2/74/- تاريخ خليفة /73 و265/طبقات خليفة /102/ العلل لأحمد 1/ و113 و133 و291 و292/ التاريخ الكبير للبخاري 2/207/ التاريخ الصغير /93 و95 و96-97/ ثقات العجلي (الورقة 7)-المعرفة التاريخ ليعقوب (أنظر فهرسته 3/476)-تاريخ بن زرعة الدمشقي (189 و309 و460 و464) . الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/292/ ثقات بن حبان 3/51/ مشاهير علماء الأمصار رقم (25) /11/ المعجم الكبير للطبراني 2/194/ الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 1/72/-تاريخ بن عساكر 3/311/-جامع الأصول 9/86-88/ تهذيب الأسماء واللغات 1/1/142/ -تهذيب الكمال 4/452-454/-تهذيب التهذيب للذهبي 1/ الورقة 100/ الكاشف 1/177/ تذكرة الحفاظ 1/43/ السير 3/189/ تاريخ الإسلام 3/143-145/ إكمال مغلطاي 2/ الورقة 54/ العبر 1/89/ تهذيب التهذيب 2/42-43/-تحفة الأشراف للمزي 2/165 فما بعد خلاصة تذهيب تهذيب /50/ . تهذيب ابن عساكر 3/389/ شذرات الذهب 1/84/- المحبر /298 .
(3) خاله الأول هو (( البراء بن معرور )) قال بن عيينة كما في صحيح البخاري في مناقب الأنصار رقم (390) فتح الباري 7/260/ وبين ابن حجر أن خاله الثاني إما عمرو أو ثعلبة أبنا غنمة بن عدي فتح الباري 7/262/ .
(4) يقصد العقبة الثانية والحديث رواه البخاري في المكان السابق ذكره رقم (3891) 7/260/ .
(5) عند البخاري في المغازي باب غزوة الحديبية رقم (4154)فتح الباري 7/507/ وعند مسلم في الأمارة رقم (1856)3/1483-1484/ وعند النسائي في البيعة على أن لا نفر 7/127/ وذكر أحمد في المسند دون أوله 3/355 وكذا /399/
قلت : وهذا الحديث لم يذكر في المعجم المفهرس في أي لفظة من ألفاظه ، وكذا لم يعزه ابن الأثير في جامع الأصول للبخاري ، ولعل ذلك مترجم له (أبو الزبير عن جابر )(1/61)
(6) استشهاده في غزوة أحد : عند البخاري في الجنائز باب الدخول إلى الميت بعد الموت رقم (1244) فتح الباري 3/137/ وفي الجنائز رقم (1293) وفي الجهاد والسير رقم (2816) وفي المغازي رقم (4080).
(7) أخرجه مسلم في الجهاد والسير رقم (1813) 3/1448/ وذكر ذلك الذهبي في سير الأعلام 3/190/ وورد عند الطبراني ((ثلاث عشرة غزوة رقم (1742) 2/197/ وروى البخاري بإسناده عن جابر قال : غزا النبي-صلى الله عليه وسلم-إحدى وعشرين بنفسه شهدت منها تسعة عشرة .التاريخ الصغير /96-97/ .
(8) سير أعلام النبلاء 3/190 وهو موضع على ثمانية أميال في المدينة ، وإليه انتهى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-بعد يوم أحد في طلب المشركين معجم البلدان 2/529/وانظر المغازي اللواقدي 1/334-340/ .
(9) وورد في حديث الدَين عند البخاري في الوصايا ((أنه ترك ست بنات )) رقم (2781) قال بن حجر : فكانا ثلاثاً منهن كن متزوجات أو بالعكس فتح 7/414/ .
(10) عند الدارمي في المقدمة باب ما أكرم به النبي-صلى الله عليه وسلم-في بركة طعامه رقم (46) 1/28-29/ . وهو حديث طويل فيه زيادات كثيرة ، وهو عند أحمد في المسند 3/397-398/ .
(11) كان غرماؤه من اليهود (كما جاء في حديث جابر عند البخاري في الإستقراض رقم (2396) فتح الباري 5/73/وعند غيره ) إذ لو كانوا مسلمين لأجابوا كما عرف من سيرتهم-رضي الله عنهم - .
(12) عند البخاري في البيع باب الكيل على البائع والمعطي رقم (2127)فتح الباري 4/403/ وفي الاستقراض رقم (2395 و2396) وفي الهبة رقم (2601) وفي الصلح رقم (2709) وأورده مختصراً في الاستئذان رقم (6250)وفي المغازي رقم (4053)وفي المناسب رقم (3580)وعند أبي داود في الوصايا باب ما جاء في الرجل يموت وعليه دين ... رقم (2884) 3/118-119/وعند بن ماجة في الصدقات باب أداء الدين عند الميت رقم (2434)2/813-814/ وعند النسائي في الصدقات .(1/62)
وعند الدارمي في المقدمة باب ما أكرم به النبي-صلى الله عليه وسلم- في بركة طعامه رقم (46) 1/28-29/وعند احمد في المسند 3/313 و365 و391 و395-396 و397/ .
(13) عند البخاري في الاستقراض باب الشفاعة في وضع الدين رقم (2405) فتح الباري 5/81/ .
(14) الناضح : الجمل الذي يسقى عليه لسقي أرض وشرب . انظر غريب الحديث للحربي 2/897/ والنهاية في غريب الحديث 4/151/ الطبعة الأولى .
(15) الإزحاف : الإعياء ، أزحفت الناقة : أعيت ووقفت ، يقال أزحف البعير فهو مزحف إذا وقف من الإعياء ، وأصل الزحف أن يجر البعير فرسنه من الإعياء . أنظر غريب الحديث للخطابي 2/40/ والنهاية 2/298/ .
(16) عند البخاري في البيوع رق (2097) فتح 4/175/ وفي الإستقراض رقم (2406) فتح 5/81-82/ ومختصراً في المظالم رقم (2470) فتح 5/140/وفي الشروط رقم (2718) فتح 5/370/وفي الجهاد رقم (2861) فتح 6/77/ ورقم (2967)فتح 6/141/ وروى الزواج فقط في المغازي رقم (4052) وكذا في النكاح رقم (5080) ورقم (5367) وأخرجه النكاح رقم (5245 و5246 و5247) وعند مسلم في النكاح رقم (715) مقتصراً على الزواج 2/1087-1088/ ومطولاً /1089-1090/ وفي المساقات 3/1221-1224/ والحديث عند مالك في الموطأ وأبي داود في النكاح والجهاد وعند الترمذي في النكاح والبيوع وعند ابن ماجة في التجارات والنكاح وعند الدارمي في النكاح والسير ، وأخرجه أحمد في المسند .
(17) عند الترمذي في المناقب باب مناقب جابر بن عبد الله رقم (3942) وقال :حسن غريب صحيح 5/354/(1/63)
(18) رواه البخاري في الوضوء باب صب النبي-صلى الله عليه وسلم- وضوءَه على المغمى عليه رقم (194) فتح الباري 1/360/ وفي التفسير رقم (4577) . فتح 10/127/ورقم (5676) فتح 10/138/وفي الفرائض رقم (6743) فتح 12/26/وفي الاعتصام رقم (7309) فتح 13/303/ وعند مسلم في الفرائض رقم (1616) 3/1234-1236/ وهو عند أبي داود في الفرائض باب في الكلالة رقم (2886) وعند أحمد 3/373 و298/ .
(19) سير الأعلام 3/193/ .
(20) سير الأعلام 3/194 .
(21) تكلم ابن حجر في العرافة في فتح الباري 13/169/ ونقل عن ابن بطال أن عمر قسم الناس وجعل على كل قبيلة عريفاً فتح 5/325/ .
(22) سير الأعلام 3/194/ .
(23) سير الأعلام 3/12/ .
(24) رواه الإمام أحمد في المسند 3/495/ والبخاري في الأدب المفرد رقم (970) والخطيب البغدادي في الرحلة في طلب الحديث (31) وحسنة بن حجر في الفتح 1/158/ وصححه الحاكم 2/437-438/ ووافقه الذهبي ، وله طرق أخرى عند الطبراني في مسند الشاميين من الحجاج بن دينار عن محمد بن المكندر عن جابر نحوه ، وله طريق ثالث عند الخطيب رقم (33) . أنظر هامش سير أعلام النبلاء 3/191-192/ .
(25) مجمع الزوائد وقال : رواه أبو يعلي والطبراني في ورجاله رجال الصحيح 1/107/ .
(26) إتحاف الورى 2/68/ .
(27) رواه الفاكهي في أخبار مكة رقم (1542) 2/285/وقال المحقق : إسناده حسن .
وقال ابن عيينة : لقي عطاء وعمر وجابر بن عبد الله سنة جاور بمكة ، سير الأعلام 4/191/ وسيأتي في أخبار أبي الزبير أنه كان معهما لأنهما كانا يقدمانه ليحفظ لهم الحديث .
(28) كما قال الفاكهي في أخبار مكة 3/304/ .
(29) سير أعلام النبلاء 3/194/ وغيره
(30) تهذيب الكمال 4/452/ .
(31) سير الأعلام 3/190/ .
(32) عند الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/319/ والرامهرمزي في المحدث الفاصل (370) والخطيب في تقييد العلم (104) .(1/64)
(33) الحديث أخرجه ابن أبي شيبة 9/49/ والخطيب البغدادي في تقييد العلم /109/ وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/72/ . وفي إسناد الحديث عندهم : ((الربيع بن سعد قال عنه الذهبي : كوفي لا يكاد يعرف )) ميزان الاعتدال 2/40/ .وقد وثقه ابن معين وابن حبان وابن عمار ، وقال أبو حاتم لا باس به .
(انظر تاريخ ابن معين رقم (2216) وسؤالات ابن الجنيد لابن معين رقم (875) ، والثقات لابن شاهين /85/ والثقات لابن حبان 6/297/ والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/462/ .
(34) تقريب التهذيب /340/ .
(35) هذا ما قاله الذهبي في السير 3/194/ بينما قال البخاري : وصلى عليه الحجاج ، التاريخ الصغير /95/ وذكر قصة صلاة الحجاج عليه في تهذيب الكمال 4/252-253/ وسير الأعلام ثم قال : هذا حديث غريب رواه محمد بن عباد المكي عن حنظلة بن عمرو الأنصاري عن أبي الحويرث .
[والحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير رقم (1788) 2/196/ وقال الهيثمي : وأبو الحويرث وثقه ابن حبان وضعفه مالك وغيره . مجمع الزوائد 3/31/ وقال الذهبي في تاريخ الإسلام-بعد إيراده هذا الحديث : هذا حديث منكر فإن جابراً توفي والحجاج على إمرة العراق 3/145/ .
(36) عند البخاري في مواقيت الصلاة باب وقت المغرب رقم (560) فتح 2/49/وفي وقت العشاء رقم (565) فتح 2/56/ وهو عند مسلم في المساجد ومواضع الصلاة رقم (646) 1/446-447/ قال ابن حجر : كان قدوم الحجاج المدينة أميراً عليها من قبل عبد الملك بن مروان سنة أربع وسبعين وذلك عقب مقتل ابن الزبير فأمره عبد الملك على الحرمين وما معهما ثم نقله بعد الى العراق . فتح 2/50/ وكان عزله سنة خمس وسبعين . العبر 1/63/ .(1/65)
(37) ترجمته : طبقات ابن سعد 5/481/ طبقات خليفة /281/ التاريخ الكبير للبخاري 1/221/ التاريخ الصغير للبخاري 1/309-310/ المعرفة والتاريخ 2/22/ . الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 8/47/ . تهذيب الكمال للمزي /1266/ تاريخ الإسلام 5/152/-ميزان الاعتدال 4/37-40/تذكرة الحفاظ 1/126/ العبر 1/129/ وكلها لذهبي وسير أعلام النبلاء 5/380/ العقد الثمين رقم (452) 2/354-355/ تهذيب التهذيب 9/440-443/ طبقات الحفاظ للسيوطي /50-51/ خلاصة تهذيب الكمال /358/ شذرات الذهب 1/175/ . التاريخ لابن معين 2/538/ ترتيب ثقات العجلي /413/ . الضعفاء الكبير للعقيلي 4/131-133/ جامع التحصيل للعلائي رقم(50) /126/ ورقم (711). هدى الساري /442/ ثقات ابن حبان 5/351/ مشاهير علماء الأمصار /67/ .
(38) توفي سنة (50) وقيل (54) وقيل (58) وقيل (60) فلعل أبا الزبير كان صغيراً حين وفاة مولاه حيث لم أر له رواية عنه والذهبي يجعل ولادة أبي الزبير في حدود سنة (48هـ) أو قبلها . حيث قال : مات أبو الزبير سنة ثمان وعشرين ومائة ولم يذكروا له مولداً لعله نيف على الثمانين السير 5/386/ .
(40) بفتح سين وكسرها فسكون معجمة وكسر مثناه وخفة تحتية فألف فنون نسبة الى السختيان وهي الجلود . المغنى لمحمد بن طاهر الهندي /42/ والتقريب /117/ .
(41) جامع الترمذي : كتاب العلل 5/412/ .
(42) أبو سفيان هو طلحة بن نافع أبو سفيان الواسطي الإسكاف صدوق في الرابعة (ع) التقريب /283/ وقد ذكر معرفة النسخ والصحف الحديثية فقال الإسكافي )) /157/ بزيادة ياء ولعله خطأ مطبعي وكانت له صحيفة ولا ندري هل هي صحيفة اليشكري أو غيرها . قال البزار :
لم يسمع الأعمش من أبي سفيان شيئاً وقد روى عنه نحو مائة حديث ، وإنما هي صحيفة عرفت . نقله بن حجر في تهذيب التهذيب 4/224/ فهذه صحيفة أخرى .(1/66)
(43) وهذا يؤيد قول من قال : بأن سكوت البخاري عن الراوي يريد بذلك توثيقه ، وذلك لأني لا أظن أن البخاري لا يعرف ما قاله عنه شعبة ، ولكنه لما رآه غير مقنع في رد الاحتجاج به لم يورده في كتابه ، وأما ما نقله العلماء عن البخاري أنه قال : لا يحتج ، فلا أعرف حتى الآن أين قال ذلك ، وعدم الاحتجاج به صحيحه لأنه كان يترك الرجل لأدنى كلام فيه .
(44) وكذا رواه ابن الجعد في مسنده برواية البغوي رقم (31)/22/ .
(45) قلت : وقد ذكر ابن حجر وغيره في ترجمة شعبة أبا الزبير في جملة من روى عن شعبة . تهذيب الكمال 3/1268/ .
(46 و47) وكذا في الضعفاء الكبير للعقيلي 4/131/ .
(48) جاء في المطبوع ((ابن الزبير ) .
(49) الضعفاء الكبير للعقيلي 4/131/ وغيره .
(50) بل هو قد روى عنه ، فعن أبي داود الطيالسي قال : كنت في الصف الثاني يوم صلى النبي-صلى الله عليه وسلم-على النجاشي . سير الأعلام 5/383/ والحديث أخرجه البخاري تعليقاً قال أبو الزبير عن جابر-ووصله النسائي في الجنائز عن عمرو بن علي عن أبي داود الطيالسي عن شعبة به .
(51) شرح علل الترمذي /254/ .
(52) الظاهر في استعمال العلماء أنهم يطلقون اسم (سفيان ) على الثوري ، ويذكرون الآخر بـ ((ابن عيينة )) وهي قاعدة غير مطردة ، وإنما هي أغلبية ، فإن سفيان المراد هنا هو ابن عيينة .
(53) وجاء في العقيلي : ((فتجزئة كما في الكتاب )) وهو خطأ مطبعي 4/132/ .
(54) وذكرها العقيلي في الضعفاء الكبير 4/132/ .(1/67)
(55) ومما يؤكد أن الثوري (97-161) هـ فيكون قد رأى أبا الزبير بعد أن جاوز الستين في عمره رغم أنه طلب العلم وهو حدث كما قال الوليد بن مسلم : رأيته بمكة يستفتي لما يخط وجهه بعد (تهذيب التهذيب 4/1115/ ) أما ابن عيينة (107-198هـ ) فيكون أخذه من أبي الزبير بعد بلغ السبعين من عمره ، وفي التاريخ الصغير للبخاري : قال سفيان : جلست عنده سنة ثلاث وعشرين /145/ ط الهند ، والظاهر أنه ابن عيينة ، ويحتمل أن يكون الثوري ، وما استنتجه صحيح .
(56) أكثر الكتب المطبوعة أسقطت (أبي) من أبي سفيان ، فأصبح الكلام : أحب إلي من سفيان وقد وقع على الصحيح في ((تهذيب الكمال )) وغيره ، وذلك لأنه لا يقارن بين شيخ وتلميذه ، وإنما يقارن بين أثنين من طبقة واحدة ، فأبو سفيان شريك أبي الزبير في الرواية عن جابر-رضي الله عنه .
(57) العلل في آخر السنن 5/411/ .
(58) العلل 5/441/ .
(59) شرح العلل لأبي رجب الحنبلي /256/ وفي العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد المروذي وغيره . رقم (181) .
قلت له : يحتج بحديث أبي الزبير ؟ فقال : أبو الزبير يروى عنه ويحتج به /111/ .
(60) مشاهير علماء الأمصار /67/ .
(61) جامع التحصيل للعلائي /126/ .
(62) المراسيل /193/ .
(63) لفظه عند مسلم (( لا يحل لأحدكم أن يحمل بمكة السلاح)) (1356) 2/989/ .
(63) المراسيل /193/ .(1/68)
(65) أما هذا الحديث ففيه تصريح أبي الزبير بسماعه عن جابر فلا يورد على مسلم وهو عنده في الجنائز رقم (970) 2/667/ قلت : وقد وجدت لجابر عند مسلم تسعة ومائتا حديث (209) عن أبي الزبير منها (137) حديثاً صرح بالسماع في (68) حديثاً ، وقد شاركه عن جابر غيره من التابعين في (29) حديثاً ، وورد عن طريق الليث منها (12) حديثاً ، والأحاديث التي وردت منعنعة تبلغ (31) حديثاً الذي له شاهد منها عند مسلم (19) حديثاً والتي ليس له شاهد تبلغ (13) حديثاً ، ويحتاج الباحث أن يفتش هل لهذه الأحاديث شواهد عند غيره ، فتكون ثابتة أم لا ؟ ذكر هذه الأحاديث في ميزان الاعتدال 4/39/ .
(66) تعريف أهل التقديس /108/ .
(67) كان قدومه سنة ثلاث عشرة ومائة . المعرفة والتاريخ 1/166/ .
(68) ورواه العقيلي 4/133/ والمعرفة والتاريخ ليعقوب 1/166/ .
(69) المحلي 10/99/ وذكره أيضاً بن عدي 6/2136/ .
(70) جامع الترمذي 4/239/ ورواه الإمام أحمد في المسند 3/340/ وفي العلل رقم (525) /257/ ورواه النسائي في عمل اليوم والليلة رقم (707 و 708) /432/ وتابعه أيضاً زهير بن أبي خيثمة عند النسائي رقم (709) 432/ في عمل اليوم والليلة ولكن جعل عن صفوان عن جابر ، وهو كذلك عند أبي عبيد في فضائل القرآن (ق65) كما في هامش عمل اليوم والليلة /432/ قال : وقد أخرجه ابن الضريس (ق108) من طريق ليث عن محمد بن جابر عن جابر )) .
(71) جامع الترمذي 5/140-141/ .
(72) ذكر إسنادها النسائي في عمل اليوم والليلة قال : أخبرنا أبو داود قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا زهير ... وأبو داود وهو الإمام صاحب السنن والحسن أظنه : ابن موسى الأشيب وهو ثقة ، فيكون الإسناد صحيحاً .
(74) السابق /89/ .
(75) التمهيد لما في الموطأ في المعاني والأسانيد 1/30/ .
(76) السابق 1/31/ .
(77) الحكم على هؤلاء الرجال أخذ من تقريب التهذيب ، تعجيل المنفعة .(1/69)
(78) يقول الشيخ أحمد شاكر-رحمه الله في الباعث الحثيث :
((لحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين ،وممن اهتدى بهديهم ، وتبعهم على بصيرة من الأمر :
أن أحاديث الصحيحين صحيحة لكها ليس في واحد منها مطعن أو ضعف ن وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث على معنى ما انتقدوه لم في الصحة الدرجة العليا التي ألتزمها كل واحد منهما في كتابه ، وأما صحة الحديث نفسه فلم يخالف أحد فيها ، فلا يهولنك إرجاف المرجفين ، وزعم الزاعمين أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة ، وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها ، وانقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم ، وأحكم على بينة ، والله الهادي إلى سواء السبيل /35/ .
قال الحافظ بن الصلاح في شرح مسلم /85/ ونقله عن الإمام النووي مقراً له ومؤيداً /1/9أ / : جميع ما مسلم بصحته في هذا الكتاب فهو مقطوع بصحته ، والعلم النظري حاصل بصحته في نفس الأمر ، وهكذا ما حكم البخاري بصحته في كتابه ، وذلك لأن الأمة تلقت ذلك بالقبول سوى من لا يعتد بخلافه ووفاقه بالإجماع .
فانظر إلى قوله الأخير يتبن لك أن قصدهم بتلقي الأمة القبول ، إجماعها على وقال إمام الحرمين الجويني (478هـ ) ((لإجماع علماء المسمين على صحتها )) .
وقد نقل الإجماع أيضاً الحفظ بن طاهر المقدسي قال الحافظ بن حجر في النكت على ابن الصلاح (1/380/ ) وسبق ابن طار القول بذلك جماعة من المحدثين كأبي بكر الجوزقي وأبي عبيد الله الحميدي بل نقله ابن تيمية عن أهل الحديث قاطبة .
قال ابن تيمية ((جمهور متون الصحيحين متفق عليها بين أئمة الحديث تلقوها بالقبول وأجمعوا عليها ، وهم يعلمون علماً قطعياً أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قالها)) الفتاوى 1/257/ .(1/70)
وقال : ومن الصحيح ما تلقاه بالقول والتصديق أهل العلم بالحديث كجمهور أحاديث البخاري ومسلم فإن جميع أهل العلم بالحديث يجزمون بصحة جمهور أحاديث الكتابين ، وسائر الناس تبع لهم في معرفة الحديث ، فإجماع أهل العلم بالحديث على أن هذا الخبر صدق كإجماع الفقهاء على أن هذا الفعل حلال أو حرام أو واجب ، وإذا أجمع أهل العلم على شيء فسائر الأمة تبع لهم فإجماعهم معصوم لا يجوز أن يجمعوا على))
مجموع الفتاوى 18/17/ .
وممن حكى الإجماع : الحافظ أبو نصر الواثلي السجزي (444هـ) قال : ((أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم على أن رجلاً لو حلف بالطلاق أن جميع ما في كتاب البخاري مما روى عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قاله لا شك فيه أنه لا يحنث والمرأة بحالها في حبالته . علوم الحديث /38-39/
وقال أبو إسحاق الأسفراييني :
((وأهل الصنعة مجمعون على أن الأخبار التي اشتمل عليها الصحيحان مقطوع بصحة أصولها ومتونها )) نقله السخاوي في شرح الألفية 1/50/ .
والكلام في هذا كثير اقتصرت على أشهر الأقوال خشية الإطالة .
وانظر في ذلك تدريب الراوي 1/131-143/ والمرقاة شرح المشكاة 1/16/ وحجة الله البالغة 1/101/ والحطة /55/ ومقدمة السراج الوهاج /19/ وتهذيب الأسماء واللغات 1/73/ ومحاسن الاصطلاح /101/ ومقدمة ابن الصلاح /41-44/ وجامع الأصول 1/42/ وغير ذلك من الكتب التي تعرضت لهذه المسألة .
وأظن أن الذي بدأ في التفتيش عن أحاديث الصحيحين ، وضع بعضاً منها قد سنّ سنة سيئة حتى وجدنا اليوم بعض الطلبة المبتديئين يخوضون في البحث عن أحاديث في الصحيحين ، فيضعفونها ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
(79) فتح المغيث 1/176/ نقاه السخاوي عن كتاب الحلبي ((القدح المعلى على كلام بعض أحاديث المحلى ..
(80) المهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج 1/33/ .
(81) التقييد والإيضاح /442/ .
(82) تدريب الراوي 1/230/ .
(83) الجوهر النقي 3/327/ .
(84) ألفية السيوطي /6/ .(1/71)
(85) صحيح مسلم في الحج رقم (1273) 2/926-927/ وغشوه : ازدحموا عليه وكثروا .
(86) انظر في صحيح مسلم الأحاديث ذات الأرقام التالية : (82-518-988-1063-1084-1213-1273-1318-1319-1536-1552-1554-1565-1608-1856-1998-2018-2059-2099-2116-2222-2268-2813-2835) فهذه أحاديث رويت من أكثر من طريق في بعضها بلفظ السماع ، وفي بعضها الآخر بلفظ العنعنة .
(87) قلت ، وكلام الدمشقي غير مسلم بل هناك أحاديث صحيحة رواها أبو الزبير ورواها عنه الثقات ولم يخرجها مسلم في صحيحه ، وإنما يجاب بأن مسلماً لم يلتزم بإخراج كل صحيح مكتفياً بما أخرجه منة الصحيح .
وكلامه من جواب الحافظ أبي مسعود الدمشقي على الدارقطني (ل 11 ) (نقله في تنبيه مسلم /22 .
(88) طبقات المدلسين للدارقطني /45 .
(89) ميزان الاعتدال 1/460/ .
(90) انظر مقدمة الجرح والتعديل /173/ والكامل لابن عدي 1/47/ والحلية لابن نعيم 7/153/ وتدريب الراوي 1/228-229/ .
(91) سير أعلام النبلاء 5/197/ وفي مسند ابن الجعد رقم (50)/24/ .
(92) انظر منحة المعبود 1/312/
(93) فتح الباري 1/120/
(94) النكت على ابن الصلاح 2/630/
(95) تهذيب التهذيب 9/443/
(96) انظر تذكرة الحفاظ 1/6 و10/ ففيها بعض الأمثلة /
(97) تنبيه المسلم /36-37/
(98) قلت : وقد ذكر الشيخ أحمد عبد الرحمن الصوبات بعد تلك في المستدرك /149/(1/72)
(99) لقد بذل الإمام بن حجر جهداً مشكوراً واجتهد اجتهاداً عظيماً في حكمه على كل رجل من رجال التقريب فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً ، ولكني أرى-لما ذكرت-أنه لم يسدد في شأن أبي الزبير في موضوعين الأول : لم يسدد حين قال عنه في التقريب : صدوق ، بينما هو ثقة حجة ، وقد قال في التهذيب : وثقة الجمهور . الثاني : عندما جعله في المرتبة الثالثة من المدلسين بينما هو من الثانية ، ومما يرجح عندي أن ابن حجر ذهل في حكميه : أنه لما مر به حديث الطفيل بن عمرو الدوسي-رضي الله عنه-والذي فيه قوله-صلى الله عليه وسلم-)) وليد به فاغفر ))
ذكر أن البخاري أخرجه في الأدب المفرد قال : وإسناده وقد أخرجه مسلم . فتح الباري 11/142/ وفي الحديث عنعنة أبي الزبير عن جابر ، فلو كان يراه صدوقاً كما حكم عليه لقال : وإسناده حسن ، ولو كان يعتقده مدلساً لا تقبل عنعنته لقال : وإسناده ضعيف لأن كلاً من البخاري ومسلم رواه بالعنعنة والله أعلم .
(100) قال محمود سعيد في كتابه القيم (تنبيه المسلم ) قال العبد الضعيف : ===(1/73)
==وهذا انتقال ذهن-أو سبق قلم من الذهبي-رحمه الله تعالى-فقد فتشت عن رواية عن عائشة-رضي الله عنها-في صحيح مسلم ، فلم أجدها ، وكما في تحفة الأشراف (12/300/ لم يرو عنها في الكتب الستة إلا حديثاً واحداً مقرونا بابن عباس-رضي الله عنهما-((أن النبي-صلى الله عليه وسلم-أخر طواف يوم النحر إلى الليل )) [علقه البخاري في الحج باب الزيارة يوم النحر . فتح الباري 3/567/ ووصله أبو داود رقم (2000/2/280/ والترمذي كما تحفة الأحوذي 3/668/ وقال حسن ، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف وابن ماجة 2/1017/ وأحمد في المسند 6/207/ ] قال : ولم يتعقب الحافظ بن حجر العسقلاني في النكت الظراف الحافظ المزي فهو موافق له . تنبيه المسلم /33/ وانظر تحفة الأشراف 12/343/ والحديث قد رواه الأمام أحمد في المسند 1/288/ بأسانيد و1/309/ و 6/215/ قلت : وسيأتي أن حديثه عنها في الحج عند مسلم ، فكلام الذهبي صحيح ، لكن غير الحديث الذي أشار إليه الذهبي ، فيكون سبق ذهن منه للحديث .
(101) العبر 1/129/
(102) قاله في الفتح 4/73/ .
(103) لا يخفى أن عثمان -رضي الله عنه توفي سنة (35هـ) لكن أوردنا ذشلك لاحتمال مجيء السيدة عائشة للحج . وفي إتحاف الورى أن عائشة اعتمرت سنة (36هـ) 2/24/
(104) فتح الباري 13/399/
(104) فتح الباري 13/399/
(105) فتح الباري 13/295/
(106) الحديث رواه مسلم في الحج رقم (1213) في الرواية الثالثة للحديث 2/882/ وبهذا يعلم أن ما قاله الذهبي صحيح فرواية أبي الزبير عن عائشة في صحيح مسلم لكن ليس الحديث ذاته الذي أشار إليه الذهبي في السير ، وليس كما قال محمود سعيد . قلت : ولعل عذر لم يذكره في رواية عائشة أن أصل الحديث عن جابر عن عائشة ، وكذا الرواية الثالثة ثم أورد بعدها قول أبي الزبير عن فعل السيدة عائشة رضي الله عنها في حجها .(1/74)
قلت : وقد ورد في سنن ابن ماجة في الطهارة باب الفطرة رقم (293) حديث عائشة ((عشر من الفطرة )) وفيه عن أبي الزبير عن عائشة وهو خطأ مطبعي صحته عن أبي الزبير كذلك رواه مسلم وأبو داود والنسائي .
(107) عند الطبراني في الأوسط رقم (1834) 2/483-484/
والحديث روى نحوه البخاري في فرض الخمس باب ما كان النبي-صلى الله عليه وسلم-يعطي المؤلفة قلوبهم رقم (3148) 6/289/
(108) أخرجه الحاكم وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي 2/19 و20/ وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن . مجمع الزوائد 4/114/ قلت : وهذا حديث آخر في سماع أبي الزبير من ابن عباس -رضي الله عنهما .
(109) التقريب /517/
(110) التقريب /754/
(111) الحديث في مسند ابن الجعد رقم (2622) وهو موقوف وله حكم الرفع /383/ وقد أورده مرفوعاً النسائي في الزينة باب الجلاجل 8/157/ وفيه تقديم الجملة الأولى على الثانية وقال ((رفقة فيها جرس وهو من رواية ابن جريح عن سليمان بن بابيه عن أم سلمة ورواه الإمام أحمد عن أم سلمة دون آخره 6/326/ وقد رواه أبو داود في الجهاد باب في تعليق الأجراس عن أم حبيبة رقم (2554) وعن أبي هريرة رقم (2555) 3/25/ وعند الترمذي في الجهاد باب ما جاء في الأجراس على الخيل رقم (1755) عن أبي هريرة : وقال : وفي الباب عن عمر وعائشة وأم حبيبة وأم سلمة وقال : حديث حسن صحيح 3/123/ وعند النسائي أيضاً عن ابن عمر 8/157/ ورواه الإمام أجمد عن حبيبة 6/326 و 327/ بإسنادين 6/426/ بأسانيد 6/427/ ورواه عن ابن عمر 2/27/ وعن أبي هريرة 2/262-263/ و 311 و 327 و 343 و 385 و 414 و 476/
(112) المراسيل لابن حاتم /193/
(113) هو عند مسلم : وهو عند البخاري كما سبق تخريجه .
(114) سير أعلام النبلاء 3/93/ وعند ابن سعد في الطبقات 4/267/ وذكر رواية ثانية نحوها ، وهي في تاريخ الإسلام
(115) سير الأعلام 3/90/ ووفاة عمرو سنة (48) أو (50) هـ .(1/75)
(116) إتحاف الورى 2/65/ والعقد الثمين 5/144-145/ وأوردها الذهبي في سير الأعلام مختصرة 3/94/ ولم يعزها المحقق إلى أحد .
(117) انظر إتحاف الورى 2/63/
(118) في الفتن رقم (2940) 4/2260/
(119) المسند 2/163/ وهو عند ابن ماجة مقتصراً على الحديث الثاني في الفتن رقم (4062) 2/1350/ .
(120) المراسيل لأبي حاتم /293/ .
(121) وقد ذكر في تنبيه المسلم أن روايته عن ابن عباس علقها البخاري ، ولم يروها مسلم ، وروى ابن ماجة حديثاً آخر /33/ قلت : وهو حديث الثوري عن أبي الزبير عن عائشة وابن عباس أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-زار البيت ليلاً ، قال الذهبي : أخرجه مسلم وهو عندي منقطع ، وسبق أن ذكرت أنه ليس في مسلم وهو عند الترمذي في الحج باب ما جاء في طواف الزيارة بالليل . وقال أبو عيسى : حديث حسن رقم (932) 2/201/ .
(122) سير الأعلام 5/384/ .
(123) في الموطأ في الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف 1/369/ وإسناد صحيح .
(124) مسند ابن الجعد رقم (3609) .
(125) زاد المعاد 1/234/ ولم أره في العلل الصغرى ولا السنن .
(126) المعجم الأوسط للطبراني رقم (1841) 2/487-488/ وقال : لم يرو هذا الحديث عن أبي الزبير إلا إبراهيم . (أي ابن طهمان ) قلت : وهو ثقة .
وقد أورد البخاري الحديث في صحيحه دون السؤال في جزاء الصيد باب تزوج المحرم رقم (1837) فتح الباري 4/62/ وفي المغازي باب عمرة القضاء رقم (4258) ورقم (4259) من رواية عطاء ومجاهد وعكرمة وفيه زيادة ((وبنى بها وهو حلال وماتت بسرف )) , ((وفي عمرة القضاء )) وفي النكاح باب نكاح المحرم رقم (5114) وقد ذكر ابن حجر أنه قد جاء مثل حديث ابن عباس صحيحاً عن عائشة وأبي هريرة-رضي الله عنهما-.(1/76)
وقد جمع بين هذا الحديث وأحاديث النهي عن نكاح المحرم ، أن ابن عباس عبر عن ذلك عما يراه أن من قلد الهدي يصير محرماً ، والنبي صلى الله وسلم-كان قد قلد الهدي في عمرته تلك التي تزوج فيها ميمونة ، فيكون إطلاقه أنه تزوجها وهو محرم أي عقد عليها بعد قلد الهدي وإن لم يكن تلبس بالإحرام وذلك أنه كان أرسل إليها أبا رافع يخطبها فجعل أمرها إلى العباس ، فزوجها من النبي-صلى الله عليه وسلم .
أو يقال : مصود ابن عباس في قوله ((تزوج ميمونة وهو محرم أي داخل الحرم أو في الشهر الحرام ، وقال الأعشى : قتلوا كسرى بليل محرماً)) أي في الشهر الحرام وقال آخر : قتلوا ابن عفان الخليفة محرماً أي في البلد الحرام فتح الباري 9/7071/ وقال ابن حيان في صحيحيه تعليقاً على هذا الحديث : وليس في هذه الأخبار تعارض ، ولا أن ابن عباس وهم لأنه أحفظ وأعلم من غيره ولكن عندي أن معنى قوله ((تزوج وهو محرم أي داخل في الحرم كما يقال : أنجدو اتهم إذا دخل نجداً وتهامة وذلك أن النبي-صلى الله عليه وسلم-عزم على الخروج إلى مكة في عمرة القضاء ، فبعث في المدينة أبا رافع ورجلاً من الأنصار إلى مكة ليخطب ميمونة له ، ثم خرج وأحرم ، فلا دخل مكة طاف وسعى ، وحل من عمرته وتزوج بها وأقام بمكة ثلاثاً ثم سأله أهل مكة الخروج ، فخرج حتى بلغ ((سرف)) فبنى بها وهما حلالان ، فحكى ابن عباس نفس العقد ، وحكت ميمونة عن نفسها القصة على وجهها ، وهكذا أخبر أبو رافع وكان الرسول بينهما ، فدل ذلك ، مع نهيه -صلى الله عليه وسلم-عن نكاح المحرم ، إنكاحه ، على صحة ما ادعيناه أنظر بصب الرواية 3/173/ .
(127) تحفة الأشراف 3/173/ .
وتتمة الحديث : قالوا : نعم . قال : أرسلتم معها من يغني ؟ قالت لا . فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-إن الأنصار قوم فيهم غزل ، فلو بعثتم معها من يقول : أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم .(1/77)
عند ابن ماجة في النكاح باب الغناء والدف رقم (1900) ونقل في الزوائد قوله : إسناده مختلف فيه من أجل الأجلح ، وأبي الزبير يقولون : إنه لم يسمع من ابن عباس ، وأثبت أبو حاتم أنه رأى ابن عباس 10/613/ قلت وأثبت البخاري سماعه منه .
(والأجلح قال عنه في التقريب صدوق ) /96/ .
(128) ميزان الاعتدال 4/37/ .
(129) الحديث في الأشربة . الرواية الثانية للحديث رقم (1998) 3/84-85/ والرواية الأولى من رواية أبي الزبير عن جابر وابن عمر معاً-رضي الله عنهم-وهو عند الجعد كذلك رقم (2645) /386/ .
(130) عند مسلم في الطلاق رقم (1471) وذكر الحديث في طلاق ابن عمر لزوجه 2/1098 .
(131) قلت : وهو في مسند بن الجعد رقم (2605) /381/ .
(132) قات : وهو في مسند ابن الجعد رقم (2610) /381/ .
(133) تنبيه المسلم /33-34/
(134) مسند ابن الجعد رقم (2614) /381/
(135) السابق رقم (2620) 382/
(136) السابق رقم (2616) ، ورواه رقم (2619) عن أبي الزبير عن أبي ماعز قال :-
(137) مسند ابن الجعد رقم (2633) 384/
(138) الحديث رواه مسلم في صحيحه في المساجد ومواضع الصلاة رقم (594) 1/415-416/ بروايات ، وهو عند أبي داود في الصلاة باب ما يقول الرجل إذا سلم رقم (1506 و1507) وفيه تصريحه بالسماع 2/82/ وعند النسائي في السنن 3/70/ وابن أبي شيبة والبيهقي في السنن 2/185/ وفي الأسماء والصفات /496/ وعند النسائي في عمل اليوم والليلة رقم (128) /196/ .
(139) عند مسلم في صحيحه في القدر رقم (2645) 4/2037/ .
(140) عند أحمد في المسند 3/397/ ونسبه ابن حجر إلى الفريابي . فتح الباري 11/479) .
(141) تراجم هؤلاء ، منقولة من كتاب تقريب التهذيب لابن حجر .
(142) تهذيب التهذيب 4/215/ .
(143) الجرح والتعديل 4/136/ .
(144) الكفاية للخطيب /392/ .(1/78)
(145) الترمذي في الجامع 3/604/ ونحوه في الكفاية ، ولم يذكر قتادة /392/ وابن الجعد في مسنده /594/ وذكر قوله ابن سعد بلفظ : قال : سليمان أخذ فلان وفلان صحيفة جابر ، فقالوا : خذها ، فقلت : لا . الطبقات 7/252-253/ .
(146) العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد 2/34/ .
(147) سير أعلام النبلاء 5/276-277/ .
(148) عند الترمذي في جماعه 3/406/ .
(149) التاريخ الصغير /93/ .
(150) الطبقات لابن سعد 7/229/ وابن الجعد 1/522/ والتاريخ الكبير للبخاري 7/182/ وسير الأعلام 5/272/ ذو التهذيب 8/535/ .
(151) العلل ومعرفة الرجال ، 2/349/ .
(152) قلت : ومن أعجب ما روي في هذا قول الإمام أجمد : حدثنا هشييم (183هـ) وأخبرنا أبو بشر ( وهو جعفر ابن إياس بن أبي وحشية (124هـ) قال : قلت لأبي سفيان : مالي أراك لا تحدث عن جابر كما يحدث سليمان اليشكري ؟! قال : إن سليمان كان يكتب ، وإني لم أكن أكتب (العلل للإمام أحمد 1/333/ وتقييد العلم /108/ ) .
قلت : كيف يقال هذا ؟ وسليمان اليشكري توفى سنة (70) أو بعدها في حياة ، ولا تعرف له رواية عن جابر ، ولا تعرف عن جابر اللهم إلا إذا كان مراد أبي بشر : ما في صحيفة اليشكري أكثر من رواية أبي سفيان ، ورغم ذلك أن رواية أبي سفيان أكثر مما وجدناه مروياً عن اليشكري الذي ليس له مسند الإمام أحمد إلا ثمانية أحاديث ، وفي كتب ثلاث أحاديث (أنظر تحفة الأشراف 2/186/ ) ولا يعرف أنه كان مكثراً في الرواية حتى يقال لأبي سفيان ذلك .
وقد وردت هذه الرواية في صحائف الصحابة /134/ وفي معرفة النسخ والصحف الحديثية /157/ ولم يعلق المؤلفان عليها شيئاً .
ويلاحظ كثرة الأخطاء المطبعية وغيرها في كتاب معرفة النسخ .(1/79)
(153) وقد قال ابن عيينة : إنما أبو سفيان عن جابر صحيفة . سير الأعلام 5/293/ والجرح والتعديل 3/475/ وميزان الاعتدال /342/ وتهذيب التهذيب 5/27/ ابن عيينة أخذ عن أبي الزبير ، زوى عنه ، ولم يقل أن حديثه عن جابر صحيفة . ولعل السبب في اتفاق أبي سفيان وأبي الزبير في كثير من الروايات أنها تلقيا عنه في وقت واحد .
قلت : لا نجد لقتادة-مثلاً-عن جابر إلا حديثاً واحداً في الكتب الستة . انظر تحفة الأشراف 2/263/ وقد قال قتادة : لأنا بصحيفة جابر أحفظ مني من سورة البقرة . التاريخ الكبير للبخاري 4/182/ ولم يخرج العلماء له عن جابر لأنهم على يقين أنه لم يسمعها منه ، وحديث قتادة الوحيد أورده البخاري على الشك قال : وقال أبو هلال حدثنا قتادة عن أنس أو جابر بن عبد الله كان النبي-صلى الله عليه وسلم-ضخم الكفين والقدمين لم أر بعده شبيهاً له )) في اللباس باب الحعد رقم (5911 و 5912) فتح 10/357/ ووصله البيهقي في دلائل النبوة 1/244/ ورجح ابن حجر أنه عن أنس لا عن جابر . انظر تعليق التعليق 5/75/ وهدى الساري /61/ وفتح الباري 10/357/ .
(154) المعرفة والتاريخ 1/166/ والجامع لاخلاق الراوي وآداب السامع 2/205/ .
(155) قلت : ورغم هذا الوضوح لم يتنبه إله الاستاذان : أحمد صويان ود . بكر أبو زيد-حفظهما الله-أن محمد بن سليم بن تدرس المكي ليس من رواة صحيفة جابر وجادة . وجاء الدكتور بطر بهذه القصة مستدلاً بها على ما ذهب إليه /158/ ولو أمعنا النظر ، ودققا في الفاظ الرواية لعلما أنها ليست من صحيفة جابر ، فضلاً عن أن تكون وجادة ، بل هي سماع .
(156) عند ابن ماجة في الصيد باب الضب رقم (3239) وقال في الزوائد : رجال إسناده ثقات إلا أنه منقطع 2/1079/
(157) ذكره بعد الحديث السابق ولم يذكر له المحقق رقماً 2/1079/
(158) مسند الإمام أحمد 3/342/ .(1/80)
(159) المسند 3/357/ وعند الترمذي في أبواب البيوع باب ما جاء في أرض مشترك يريد بعضهم بيع نصيبه رقم (1326) وفيه فلا يبيع نصيبه من ذلك حتى يعرضه على شريكه ، وقال الترمذي : هذا حديث ليس إسناده بمتصل ، سمعت محمداً يقول سليمان اليشكري يقال أنه مات في حياة جابر بن عبد الله قال : ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر ، قال : ولا نعرف لأحد منهم سماعاً من سليمان اليشكري إلا أن يكون عمرو بن دينار ، فلعله سمع منه في حياة جابر بن عبد الله . قال : وإنما يحدث قتادة عن صحيفة سليمان اليشكري ، وكان له كتاب عن جابر بن عبد الله . فقال علي بن المديني قال يحي بن سعيد قال سليمان التيمي : ذهبوا بصحيفة جابر بن عبد الله إلى حسن البصري فأخذها أو قال فرواها ، فذهبوا إلى قتادة فرواها فأتوني بها ولم أروها )) م/388/ ورواه الحاكم 2/56/ وسكت عنه وقال الذهبي : صحيح .
(160) أحمد في المسند 3/307/ و310/ وفيه زيادة /
(161) عند مسلم في المسافات رقم (1608) 3/1229/ والرواية الأولى من رواية زهير وأبي خيثمة والثانية والثالثة من رواية ابن جريح ، وقد صرح في الرواية الثالثة أبو الزبير بسماعه من جابر . والحديث عن الحميدي رقم (1272) وعند النسائي في البيوع باب الشركة في النخيل ، والشركة في الرباع 7/281/ وفي ذكر الشفعة وأحكامها بلفظ ((قضى بالشفعة والجوار 7/282/ .
(162) في الصيد بايعا جاء في صيد كلب المجوسي رقم (1492) 3/14 قلت : والقاسم ثقة وقد أخذ عن سليمان .
(163) في الصيد باب صيد كلب المجوسي رقم (3209) 2/1070/ قال في الزوائد : في إسناده : حجاج بن أرطاة وهو مدلس ، وقد رواه بالعنعنة.
(164) المسند 3/353/
(165) المسند 3/364/ ويظهر من هذه الرواية أن الرواية الأولى سقطا هو والبدنة)) ولعله في الطباعة .
(166) المسند 3/292/
(167) مسند أبي عوانة 4/486-487/ وقد سبق تخريج حديث الحديبية في ترجمة جابر .(1/81)
(168) عنده في إلامارة رقم (1856) 3/1483/ .
(169) عند أحمد في المسند 3/353/ ورواه الطيالسي عن طريق أبو بشر (1723) وابن سعد في الطبقات 1/443/ والطحاوي في معاني شرح الآثار 4/130/ وقال بن حجر لأبي يعلي عن جابر فتح 4/460/ فابعد ولم يعزه لأحمد وقال الهيثمي : رواه أحمد وأبو يعلي وثقات رجاله : لأنه من رواية جعفر ابن وحشية عن سليمان بن قيس وقيل أنه لم يسمع منه مجمع الزوائد 4/94/ وفي الباب عن أنس عند مالك الحميدي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم والترمذي .
(170) عند أحمد في المسند 3/364/ ونحوه 3/390/ مع بعض الخلاف ورواه من طريق عقيل بن جابر عن جابر نحوه 3/343-344/ .
(171) المسند 3/374/ وهي عند مسلم رقم (840) 1/574-575/ .
(172) عند مسلم 1/575/ .
(173) رقم (842) وقد أخرجه البخاري أيضاً مختصراً من رواية أبي سلمة وأبي موسى ووهب بن كيسان من رواية أبي الزبير عن جابر انظر الأرقام (4125 و4126 و 4127 و 4130 و 4137) .
(174) فتح الباري 7/488/ .
(175) المسند 3/232/ .
(176) عند مسلم في الصحيح رقم (53) 1/73/ وكذا هو عند أحمد بنفس اللفظ 3/335 و 345/ .
(177) المسند 3/3321/ .
(178) المسند 3/346/ .
(179) المنتقى لابن الجارود 123 ومسند أحمد 3/321/ وعند مسلم في الزكاة رقم (988) 2/684-685/ .
(180) بينما نجد لعطاء عن جابر رضي الله عنه (99) حديثاً ولعمرو بن دينار عن جابر (66) حديثاً .
(181) المسند 3/318/ .
(182) معرفة النسخ والصحف الحديثية /157/ .
(184) المسند 3/395/ .
(185) انظر صفحة 157 وما بعدها .
(186) المسند 3/355/ .(1/82)
(187) والمقصود بهذا أنه أتم الحديث ، وتمامه كما ورد في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بعد قوله ((يمرقون من الدين كمروق السهم من الرمية قال : ينظر إلى نصله أفلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى نضيه ، فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى قذده فلا يوجد فيه شيء ، سبق الفرث والدم .. ((الحديث رقم (6163) في الأدب فتح الباري 10/552/ وكذا رواه
رقم (6933) في استتابة المرتدين فتح 12/290/ .
قال ابن حجر-في معنى الحديث-أي يخرجون من الإسلام من بغتته كخروج السهم إذا رماه رام قوي الساعد فأصاب ما رماه ، فنذ منه بسرعة بحيث لا يعلق بالسهم ، ولا بشء منه من المرمى شيء ، فإذا لم يره علق فيه شيء من الدم ولا غيره ظن أنه لم يصب ، والغرض أنه أصابه فتح الباري 12/294/ والنضي : ما بين الريش والنصل .
(188) رواه الإمام البخاري فقال : حديثا يحي بن سليمان ، حدثنا ابن وهب ، أخبرنا ابن جريح عن عطاء وأبي الزبير عن جابر-رضي الله عنه نهى النبي-الصحيح 3/32/ فقد رواه متصلاً إلا أنه قرن رواية أبي برواية عطاء ، ثم يلاحظ أن رواية البخاري فيها عنضة أبي الزبير ، وابن جريح ومع ذلك مشاها الإمام البخاري فهو لا يراه مدلساً .
(189) رواه البخاري في المغازي باب غزوة سيف البحر فتح الباري 5/114/وفي الذبائح .
(190) قال ابن حجر : وصله البيهقي عن طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي الزبير به وهو عند مسلم-فتح الباري 5/320/ .
(191) وأما أبو الزبير فوصله النسائي ولم يعين الثمن في روايته فتح الباري 5/320/ .
(192) صحيح البخاري : في الشروط باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز رقم (2718) فتح 5/314/ .
(193) وسبق أن بينت أنه جاء برواية أبي الزبير مرجحاً لها على غيرها في صلاة الخوف .
(194) نقله في تنبيه المسلم /42/ .
(195) ولعل الله-سبحانه-ييسر لي إخراج أحاديث أبي الزبير محققة مرتبة .
??
??(1/83)
??
??(1/84)