رسالة في بيان
ما لم يثبت فيه حديث من الأبواب
للإمام أبي طاهر محمّد بن يعقوب الفيروز آبادي رحمه الله
تحقيق وتعليق
أبي عبد الرحمن يحي بن علي الحجوري
حقوق لطبع محفوظة
F
?
الحمد الله كما يحبّ ربّنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله. أمّا بعد:
فإنّ رسالة ما لم يثبت فيه حديث من الأبواب وهي <خاتمة سفر السعادة> للإمام أبي طاهر محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن عمر بن أبي بكر بن أحمد بن محمود بن إدريس بن فضل الله بن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف بن عبد المجد أبو طاهر الفيروز آبادي، صاحب القاموس المحيط ـ رحمه الله ـ(1)
__________
(1) قال الشوكاني رحمه الله في <البدر الطالع> (2/280): الشيرازي اللغوي الشافعي الإمام الكبير الماهر في اللغة وغيرها من الفنون، ولد سنة 729 تسع وعشرون وسبعمائة.إلى أن قال: وقد أخذ عنه الأكابر في كل بلاد وصل إليها، ومن جملة تلامذته الحافظ ابن حجر، والمقريزي، والبرهان الحلبي، ومات ممتعًا بسمعه وحواسه في ليلة عشرين من شوال سنة سبع عشرة وثمان مائة بزبيد، وقد ناهز التسعين.
وذكر الحافظ في إنباء الغمر (7/162): أنه سمع من ابن القيم وغيره.
ومن مؤلفاته القاموس المحيط، وسفر السعادة الذي خاتمته هذه الرسالة، وقد ذكروا في ترجته رحمه الله أنه ألف في الأحاديث الضعيفة، ولعلهم يعنون هذه الرسالة، والله أعلم. ولترجمته بقية في إنباء الغمر للحافظ ابن حجر، والبدر الطالع للشوكاني، وشذات الذهب (7/226-230) والضوء اللامع (10/79-86).(1/1)
قد احتوت على جوامعَ من هذا الشأن يسهل حفظه والانتفاع به على طالب علم الحديث، وقد استفاد من الرسالة مَن كَتبَ في هذا الشأن بعد ذلك كالعجلوني نقلها برمّتها في كتابه <كشف الخفاء> وآخرون كما استفاد الفيروز آبادي ـ رحمه الله ـ جُلَّ ذلك إن لم يكن كلّه من نصوص الحفّاظ المتقدّمين، يظهر ذلك بالمقارنة بين ما نقله وبين الرجوع إلى كتب التخاريج والعلل كنصب الراية للزيلعي والتلخيص الحبير للحافظ ابن حجر وغيرهما، ويبدو أنّ أكثر ما في هذه الرسالة أخذه المؤلّف من المغني عن الحفظ والكتاب بقولهم لا يصحّ شيء في هذا الباب، لأبي حفص عمر بن بدر الموصلي ـ رحمه الله ـ.
ولما رأيت فيها من الفائدة وفي بعض ذلك شيء من الغموض والإجمال أحببت أن أعلّق عليها بما يسّره الله ـ عزّ وجلّ ـ رغبة في نشرها وتسهيل حفظها، بين طلبة العلم مع التحرّز من بعض الإطلاقات فيها فقد يكون للباحث فيه بعد تقصّي الطرق للباب نظر، على أنّ الأصل في نصوص الحفاظ بهذه الإطلاقات أن الأمر على ما قالوا.
هذا وقد يسّر الله ـ عزّ وجلّ ـ بمخطوطة للرسالة عن طريق أحد الإخوة الكويتين له عناية بالمخطوطات ـ أثابه الله ـ فأخرجها لي الولد حسين بن أحمد الحجوري ـ وفّقه الله ـ من الشبكة وقام بمقابلتها على الأصل <خاتمة سفر السعادة> وعلى كشف الخفاء وكتب على الجهاز ما أضفته من التعاليق عليها وفي هذه الطبعة الثانية أضافَ هو بعض التعاليق مما كنت كتبته على حاشية الطبعة الأولى، ومن يرها. أسأل الله أن يجزيه خيرًا وينفع به.
كتبه: أبو عبد الرحمن يحي بن علي الحجوري
- - -
رسالةٌ في بيان ما لم يثبت فيه حديثٌ من الأبواب
للإمام العلاّمة مجدِ الدين الفيروز آبادي صاحبِ القاموس
?
وبه نستعين(1/2)
الحمد الله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد خاتم النبيّين وعلى آله وأصحابه أجمعين. هذه إشارة إلى أبوابٍ روي فيها أحاديث ولم يصحّ فيها شيء عند جهابذة علماء الحديث في غاية الاختصار لكنّها تشتمل على علوم شتّى في نهاية الإكثار.
باب الإيمان، ما اشتهر فيه كالإيمان قول وعمل ويزيد وينقص أولا يزيد ولا ينقص لم يصح فيها عنه - صلى الله عليه وسلم - شيء وهو من أقوال الصحابة والتابعين(1).
باب في المرجئة والقدرية(2) والأشعرية لم يصحّ فيها حديث.
__________
(1) يعني لم يصحّ فيه نصّ صريح، قال ابن القيم في المنار المنيف (266): وكل حديث فيه أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فكذب مختلق، وقابل من وضعها طائفة أخرى فوضعوا أحاديث على رسول الله ? أنه قال: الإيمان يزيد وينقص، وهذا كلام صحيح، وهو إجماع السلف حكاه الشافعي وغيره، ولكن هذا اللفظ كذب على رسول الله ? اهـ.
قلت: أمّا ما يدلّ على زيادة الإيمان ونقصانه من القرآن والسنّة فكثير منها قول الله تعالىّ {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} وقوله: {وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} وقوله: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}. وفي حديث أبي سعيد مرفوعًا: <مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ> أخرجه مسلم رقم (49) وأخرج مسلم رقم (50) من حديث أبي سعيد وفيه: <وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ>. وهذا معتقد أهل السنّة والجماعة.
(2) حديث القدرية مجوس هذه الأمّة له طرق لا تخلوا من ضعف، وللباحث فيه اجتهاده، انظر: <السنة> لابن أبي عاصم (1/229-237) تحقيق الجوابرة.(1/3)
باب كلام الله قديم لم يصحّ فيه شيء وكلّ ما قيل فيه فمن كلام الصحابة والتابعين(1).
باب خلق الملائكة والحديث المنسوب إلى أبي هريرة عنه ? بأمر الله جبريل كلّ غداة أن يدخل بحر النور فيغمس فيه انغماسة ثمّ يخرج فينتفض انتفاضة يخرج منه سبعون ألف قطرة يخلق الله من كلّ قطرة ملكًا روي بطرق كثيرة لم يصحّ منها شيء(2).
__________
(1) بوب اللالكائي رحمه الله في اعتقاد أهل السنة (2/249): سياق ما روي عن النبي ? مما يدل على أن القرآن من صفات الله القديمة، وذكر حديث أبي هريرة في محاججة آدم موسى وفيه: أن آدم قال لموسى: أنت موسى الذي كلمك الله واصطفاك برسالته، وأنزل عليك التوراة، -ثم أنا أقدم أم الذكر قال لا بل الذكر-، وهذه الزيادة أخرجها أحمد في مسندة (2/464) وقد تفرد عمار بن أبي عمار بهذه اللفظة: (أنا أقدم أو الذكر)، مع أن الحديث ورد من عدة طرق عن أبي هريرة وليست فيه هذه اللفظة، أنظر الفتح (11/508)، وعمار صدوق ربما أخطأ، فهي زيادة شاذة.
وذكر حديث أن الله قرأ طه ويس قبل أن يخلق آدم بألف عام.. وهذا الحديث موضوع قال ابن كثير في التفسير (3/142): هذا حديث غريب وفيه نكارة وإبراهيم بن مهاجر وشيخه تكلم فيهما، وقال ابن الجوزي في الموضوعات (1/68): هذا حديث موضوع قال ابن عدي لم أجد لإبراهيم حديثاً أنكر من هذا لأنه لا يرويه غيره.
وقال ابن الجوزي في الموضوعات (1/151): وكلامه صفة من صفاته، وصفاته قديمة، وهذا يكفي في دليل قدمه، وقد تحذلق أقوام فوضعوا أحاديث تدل على قدمه.
وقال الموصلى في المغني (3) قال ابن الجوزي رحمه الله قد ورد في هذا الباب أحاديث ليس فيها شيء يثبت.
(2) قال ابن الجوزي في الموضوعات (1/99): وقال عبد الغني الحافظ: هذا حديث منكر بهذا الإسناد، ليس له أصل عن الزهري، ولا عن سعيد، ولا عن أبي هريرة، ولا يصح عن رسول الله من هذه الطريق ولا من غيرها.(1/4)
باب فضيلة التسمية بمحمّد وأحمد [والمنع من ذلك](1) لم يصحّ فيه شيء(2).
باب العقل وفضله لم يصحّ فيه شيء(3).
__________
(1) ما بين المعكوفين زيادة من الأصل <خاتمة سفر السعادة>.
(2) لم يصح فيه دليل صريح، قال ابن القيم في المنار المنيف (ص:61): وفي ذلك جزء كله كذب، وقال الموصلي في المغني (5): قال أبو حاتم الرازي قد ورد في هذا الباب أحاديث عن رسول الله ? ليس فيها ما يصح.
قلت: أما فضل التسمي بأسماء الأنبياء ففيه حديث المغيرة عند الإمام مسلم رقم (2135) قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِي فَقَالُوا: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ يَا أُخْتَ هَارُونَ وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ? سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ.
(3) قال ابن القيم الجوزية في كتابه نقد المنقول (ص 60) <فصل: أحاديث العقل كلّها كذب>.
وقال الحافظ في المطالب العالية (3/13): أحاديث العقل كلها موضوعة، لا يثبت منها شيء.
وقال الموصلي في المغني (6): قال العقيلي لا يثبت في هذا المتن شيء، وقال أبو حاتم 0أي ابن حبان-: ليس عن النبي ? خبر صحيح من العقل.
قلت: قد ساق منها الحارث في مسنده جملة كبيرة كما في بغية الباحث للهيثمي (255) وما بعدها من الباب وكلها ضعاف، لكن أدلة فضل العقل غير النصوص في ذلك كثيرة، من القرآن وصحيح السنة، وقد ذكرنا جملة من ذلك في شريط، قريبًا يطبع إن شاء الله.(1/5)
باب عمر الخضر وإلياس [وطول ذلك](1) وبقاؤهم لم يصحّ فيه شيء(2).
__________
(1) ما بين المعكوفين زيادة من الأصل <خاتمة سفر السعادة>.
(2) قال الذهبي في تاريخ الإسلام (8/156) في ترجمة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي: وقد ذكره أبو محمد بن حزم في الملل والنحل فقال: كان رديء الدين معطلاً مستصحباً للدهرية، ذهب بعض الكيسانية إلى أنه حي لم يمت، وأنه بجبل أصبهان، ولا بد له أن يظهر، فصار هؤلاء وأمثالهم في سبيل اليهود بأن ملكي صيدق بن عابد وفنحاص بن العازر أحياء إلى اليوم، وسلك هذا السبيل بعض نوكى الصوفية وزعموا أن الخضر وإلياس حيان إلى اليوم، وادعى بعضهم أنه يلقى إلياس في الفلوات والخضر في المروج.
وذكر ابن الجوزي في المنتظم (1/361-365): فصل في اختلاف العلماء في حياة الخضر وموته، وقال: وقد زعم قوم أن الخضر حي إلى الآن واحتجوا بأحاديث لا تثبت وحكايات عن أقوام سليمي الصدور ويقول أحدهم لقيت الخضروذكر الأحاديث والحكايات ثم قال: وكل هذه الأحاديث لا تثبت.. قال أبو الحسين بن المنادي: ونقلته من خطه عن تعمير الخضر وهل هو باق في الدنيا أم لا؟ فإذا أكثر المغفلين مغرورون بأنه باق؛ من أجل ما قد روي وساق بعض ما قد ذكرنا ثم قال: أما حديث أنس فواه بالوضاع، وأما خبر ابن عباس فضعيف بالحسن بن رزين، وأما قول الحسين: فمأخوذ عن غير أهل ملتنا مربوط بقول بعضهم: أن الخضر شرب من العين التي قصدها ذوي القرنين، موصول بما قيل إنه الرجل الذي يقتله الدجال والمسند من ذلك إلى أهل الذمة فساقط لعدم ثقتهم، وخبر مسلمة فكلا شيء، وخبر رياح كالرياح، ثم مد الله على السري وضمرة عفى الله عنهما، وأين كان الخضر عن تبشير أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بالخلافة وهذه الأخبار واهية الصدور والأعجاز لا تخلو في حالها من أحد أمرين: إما أن تكون أدخلت من حديث بعض الرواة المتأخرين استغفالا، وإما أن يكون القوم عرفوا حالها فرووها على وجه التعجب فنسبت إليهم على سبيل التحقيق. الخ...(1/6)
باب طلب العلم فريضة وما في معناه لم يصحّ(1).
__________
(1) ساق بعض طرقه السيوطي في <الجامع الصغير> انظر: <فيض القدير> للمناوي (4/268)، والسخاوي في <المقاصد الحسنة> (ص 328) ذكر أنّه عن عدد كبير من الصحابة ثمّ قال ومع هذا كلّه قال البيهقي: متنه مشهور وإسناده ضعيف، وقد روي من أوجه كلّها ضعيفة، وسبقه الإمام أحمد فيما حكاه ابن الجوزي في <العلل المتناهية> عنه فقال: إنّه لم يثبت عندنا في هذا الباب شيء وكذا قال إسحاق ابن رهويه إنّه لم يصح، أمّا معناه فصحيح، وقال أبو علي النيسابوري الحافظ إنّه لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إسناده ومثل به ابن الصلاح في <مقدمته> للمشهور الذي ليس بصحيح وتبع في ذلك الحاكم، وقال ابن عبد البر: في <جامع بيان العلم وفضله> (1/23): هذا حديث يروى عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه كثيرة كلّها معلولة لا حجّة في شيء منها عند أهل العلم بالحديث من جهة الإسناد، ثمّ ساق بسنده إلى إسحاق بن رهويه أنّه قال: <طلب العلم واجب> لم يصح فيه الخبر إلاّ أنّ معناه أنه يلزمه طلب علم ما يحتاج إليه من وضوءه وصلاته وزكاته إن كان له مال وكذا الحجّ وغيره، قال: وما وجب عليه من ذلك لم يستأذن أبويه في الخروج إليه وما كان منه فضيلة لم يخرج إلى طلبه حتى يستأذن أبويه قال: ابن عبد البر: يريد إسحاق والله أعلم أنّ الحديث في وجوب طلب العلم في أسانيده مقال لأهل العلم بالنقل ولكن معناه صحيح عندهم، وساق رقم (33) عن ابن المبارك عن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلب: <العلم فريضة على كلّ مسلم> قال: ليس هو الذي يطلبونه، ولكن فريضة على من وقع في شيء من أمر دينه أن يسأل عنه حتى يعلمه، وسنده صحيح إلى ابن المبارك.(1/7)
باب من سئل عن علم فكتمه لم يصح فيه حديث(1).
باب فضايل القرآن سورة المسد(2) [من قرأ سورة كذا فله كذا من أوّل القرآن إلى آخره سورة، سورة فضيلة قراءة كلّ سورة رَوَوْا ذلك وأسندوه..] إلى أبي بن كعب ومجموع ذلك مفترى موضوع بإجماع المحدّثين(3).
__________
(1) بوب ابن الجوزي في العلل المتناهية (96-107): باب إثم من سئل عن علم فكتمه، وذكر الحديث وطرقه وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله ? ثم ذكر علله وقال: قال أحمد بن حنبل لا يصح في هذا شيء.
قلت وللحديث طرق أنظرها في الترغيب والترهيب (1/163) كتاب لعلم باب الترغيب من كتم العلم، ومجمع الزوائد للهيثمي (1/163-164) وشعب الإيمان (1743) وجامع بيان العلم لابن عبد البر.
(2) كذا في المخطوطة، والمثبت ما بين المعكوفين بعده من <الأصل خاتمة سفر السعادة> ومن كشف الخفاء.
(3) قال ابن الجوزي في الموضوعات (1/174): وقد فرق هذا الحديث أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره، فذكر عند كل سورة منه ما يخصها، وتبعه أبو الحسن الواحدي في ذلك، ولا أعجب منهما؛ لأنهما ليسا من أصحاب الحديث، وإنما عجبت من أبي بكر بن أبي داود كيف فرقه على كتابه الذي صنفه في فضائل القرآن وهو يعلم أنه حديث محال ولكن شره جمهور المحدثين؛ فإن من عادتهم تنفيق حديثهم ولو بالبواطيل، وهذا قبيح منهم؛ لأنه قد صح عن رسول الله أنه قال: من حدث عني حديثاً يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين، وهذا حديث فضائل السور مصنوع بلا شك. ثم قال: وبعد هذا وبعد هذا فنفس الحديث يدل على أنه مصنوع فإنه قد - استقرأ السور وذكر في كل واحدة ما يناسبها من الثواب بكلام ركيك في نهاية البرودة لا يناسب كلام رسول الله. وقد روى في فضائل السور أيضا ميسرة بن عبد ربه قال عبد الرحمن بن مهدي قلت لميسرة من أين جئت بهذه الأحاديث من قرأ كذا فله كذا قال وضعته أرغب الناس فيه.(1/8)
والذي صحّ من فضائل القرآن(1) أنّه قال: <ألا أعلّمك سورة هي أعظم سورة في القرآن الحمد الله ربّ العالمين>(2)، وحديث: <يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدّمهم البقرة وآل عمران>(3)، وحديث: <من قرأ آيتين من آخر سورة من البقرة في كلّ ليلة كفتاه>(4)، وحديث: <لقد صدقك وهو كذوب>(5)، وحديث: <قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن>(6)، وحديث: <فضل المعوّذتين أنزل علي آيات لم ير مثلهن>(7)، وحديث: <الكهف من قرأ منها عشرًا عصم من الدجال>(8).
__________
(1) في هذا نظر، فقد ثبت جملة في فضائل السور غير ما ذكر المصنف رحمه الله.
قال ابن القيم رحمه الله في المنار المنيف (114) بعد أن ذكر الأحاديث التي ذكرها المصنف: ويلي هذه الأحاديث وهو دونها في الصحة حديث: إذا زلزلت تعدل نصف القرآن، وحديث: قل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن، وحديث: تبارك الذي بيده الملك هي المنجية من عذاب القبر. ثم سائر الأحاديث بعد كقوله: من قرأ سورة كذا أعطي ثواب كذا فموضوعه على رسوله ?، وقد اعترف بوضعها واضعها، وقال: قصدت أن أشغل الناس بالقرآن عن غيره، وقال بعض جهلاء الوضاعين: في هذا النوع نحن نكذب لرسول الله ? ولا نكذب عليه! ولم يعلم هذا الجاهل أنه من قال عليه ما لم يقل فقد كذب عليه واستحق الوعيد الشديد.
(2) أخرجه البخاري (4703) من حديث أبي سعيد بن المعلى.
(3) أخرجه مسلم رقم (805) من حديث النواس بن سمعان.
(4) أخرجه البخاري (510) ومسلم (807 و808) من حديث أبي مسعود.
(5) أخرجه البخاري (3275) من حديث أبي هريرة.
(6) أخرجه البخاري (5014) من حديث أبي سعيد و مسلم (811 و812) من حديث أبي الدرداء، وأبي هريرة.
(7) أخرجه مسلم (814) من حديث عقبة بن عامر.
(8) أخرجه مسلم (809) من حديث أبي الدرداء بلفظ: من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال.(1/9)
باب فضايل الصديق: أشهر المشهورات فيه: <أنّ الله يتجلّى للناس عامّة ويتجلّى لأبي بكر خاصّة> موضوع(1)، وحديث: <ما صبّ الله في صدري شيئًا إلاّ صببته في صدر أبي بكر>، وحديث: <كان صلّى الله عليه وسلّم إذا اشتاق إلى الجنّة قبّل شيبة أبي بكر>، وحديث: <أنا وأبو بكر كفرسي رهان>(2)، وحديث: <كان صلّى الله عليه وسلم(3) إنّ الله لما خلق الأرواح اختار روح أبي بكر>(4)
__________
(1) أخرجه الخطيب في تاريخه (2/388) وقال: وهو باطل، وأخرجه ابن عدي في الكامل (5/216) وقال: وهذا حديث باطل بهذا الإسناد وعلي بن عبدة هذا مقدار ما له إما حديث منكر أو حديث سرقه من ثقثة فرواه، وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (30/160-163) من طرق وقال قال الخطيب: لا أصل له عند أهل المعرفة بالنقل فيما نعلمه، وقد وضعه محمد بن عبد الله إسنادا ومتنا. وقال ابن الجوزي في الموضوعات (2/45): هذا الحديث لا يصح من جميع طرقه، وذكر الحديث الحافظ في لسان الميزان (2/64) وقال: قلت والحديث له طرق كلها واهية.
(2) هذه الأحاديث لم أجد من أخرجها وقد ذكرها ابن الجوزي رحمه الله في الموضوعات (64): لم أر هذه الأحاديث أثراً في الصحيح ولا في الموضوع وإنما تسمع من العوام.
وذكرها ابن القيم رحمه الله في المنار المنيف (115) وقال: مما وضعه جهلة المنتسبين إلى السنة في فضائل الصديق رضي الله عنه .
(3) كذا في المخطوطة وفي الأصل <خاتمة سفر السعادة> وحديث <إنّ الله...>. وهو أوضح.
(4) أخرجه الخطيب في تاريخه (14/35) في ترجمة هارون بن أحمد العلاف المعروف بالقطان، وقال: قلت: لا يثبت هذا الحديث، ورجال إسناده كلهم ثقات، ولعله شبه لهذا الشيخ القطان أو ادخل عليه.
وأرد الحديث الذهبي في الميزان عن ترجمة هارون هذا وقال: روى حديثا باطلا كأنه المسكين أدخل عليه ولا يشعر. وقال فى ترجمة ابن بابشاذ وثقه الدارقطنى لكنه أتى بطامة لا تتطبب فذكره وعزاه إلى تخريج الحافظ أبى الحسن على بن محمد الجرجانى فى تاريخ جرجان ثم قال: والظاهر أنه دس على ابن بابشاذ. وقال فى تلخيص الموضوعات (209): قلت: بل ذا من أسمج الكذب.(1/10)
وأمثال هذا من المفتريات يحكم ببطلانها ببديهة العقل(1).
__________
(1) قال ابن الجوزي رحمه الله في الموضوعات (2/40): قد تعصب قوم لا خلاق لهم يدعون التمسك بالسنة فوضعوا لأبي بكر فضائل وفيهم من قصد معارضة الرافضة بما وضعت لعلي عليه السلام وكلا الفريقين على الخطأ وذانك السيدان غنيان بالفضائل الصحيحة الصريحة عن استعارة وتخرص.
قلت: فضائل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - كثيرة منها قوله تعالى: {إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} وأخرج البخاري رقم (3653) ومسلم رقم (2381) من حديث أبي بكر - رضي الله عنه - قال: <نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا فقلت يا رسول الله لو أنّ أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال: <ما ظنّك يا أبا بكر باثنين اللهُ ثالثهما> وأخرج مسلم رقم (532) من حديث جندب - رضي الله عنه - : أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: <لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَلَكِنْ خُلَّةِ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ سَدُّوا كُلَّ خوخَةٍ فِي هَذَا المَسْجِدِ غَيْرِ خوخَةِ أَبِي بَكْرٍ> وحديث سدّ الخوخة إلاّ خوخة أبي بكر ثبت عن جماعة آخرين، وأخرج البخاري رقم (3662) ومسلم (2384) من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أنّه قال: للنبي: <أي الناس أحبّ إليك ؟ قال: <عائشة> فقلت: من الرجال ؟ قال <أبوها> قلت: ثمّ من ؟ قال: <عمر بن الخطاب> فعدّ رجالاً، وفي الصحيحين وغيرهما حديث: <مروا أبا بكر ليصل بالناس> وفي الباب أدلة كثيرة في فضائل أبي بكر مع إجماع الأمّة على أنّه أفضل هذه الأمة بعد نبيِّها، ولكن المصنّف أراد أنّ هذه الأحاديث في فضائله - رضي الله عنه - لم تثبت قلت: وفيما ثبت كفاية عنها.(1/11)
باب فضايل علي [رضي الله عنه] وضعوا فيه أحاديث لا تُعدُّ(1) من أقبحها الأحاديث المجموعة في الكتاب المسمّى ب :<الوصايا النبوية> أوّل كلّ حديث منها: يا علي، والثابت من تلك الجملة حديث واحد: <يَا عَلِيُّ أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى>(2).
[
__________
(1) قال ابن القيم رحمه الله في المنار المنيف (116): وأما ما وضعه الرافضة في فضائل علي فأكثر من أن يعد، قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتاب الإرشاد: وضعت الرافضة في فضائل علي رضي الله عنه وأهل البيت نحو ثلاث مئة ألف حديث، ولا تستبعد هذا؛ فإنك لو تتبعت ما عندهم من ذلك لوجدت الأمر كما قال.
(2) وكذا فضائل علي - رضي الله عنه - كثيرة منها حديث: <لأعطين الراية غدًا رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله يفتح الله على يديه> أخرجه البخاري رقم (3009) ومسلم (2406) من حديث سهل بن سعد، وحديث علي: <لا يحبني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق> أخرجه مسلم (78) ولكن الشيعة ضمّوا إلى فضائله الصحيحة أحاديث موضوعة ومنكرة منها ما ذكر المؤلّف هنا.
قال ابن الجوزي رحمه الله في الموضوعات (2/92): فضائله الصحيحة كثيرة، غير أن الرافضة لم تقنع فوضعت له ما يضع ولا يرفع، وحوشيت حاشيته من الاحتجاج إلى الباطل، فاعلم أن الرافضة ثلاثة أصناف: صنف سمعوا شيئاً من الحديث فوضعوا أحاديث وزادوا ونقصوا، وصنف لم يسمعوا فتراهم يكذبون على جعفر الصادق ويقولون: قال جعفر، وقال فلان، والصنف الثالث: عوام جهلة يقولون ما يريدون مما يسوغ في العقل ومما لا يسوغ، ولقد وضعت الرافضة كتاباً في الفقه وسموه مذهب الإمامية وذكروا فيه ما يخرق إجماع المسلمين بلا دليل أصلاً.(1/12)
باب فضل معاوية ليس فيه حديث صحيح](1).
__________
(1) هذا الباب سقط من المخطوطة وأثبتناه من الأصل <خاتمة سفر السعادة>. قلت: بوّب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة باب رقم (28) فقال: <باب ذكر معاوية رضي الله عنه> وذكر عن ابن أبي مليكة قال: أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعند ملى لابن عباس فأتى ابن عباس فقال: أصاب دعه فإنّه صحب رسول الله>، وفي رواية بعده فإنه فقيه. وقال الحافظ في <الفتح> تحت رقم (3764): تنبيه: عبر البخاري في هذه الترجمة بقوله ذكر ولم يقل فضيلة ولا منقبة لكون الفضيلة لا تؤخذ من حديث الباب لأنّ ظاهر شهادة ابن عباس له بالفقه والصحبة دالّة على الفضل الكثير وقد صنّف ابن أبي عاصم جزءًا في مناقبه، وكذلك أبو عمر غلام ثعلب وأبو بكر النقاش، وأورد ابن الجوزي في <الموضوعات> بعض الأحاديث التي ذكروها ثمّ ساق عن إسحاق بن راهويه أنه قال: <لم يصحّ في فضائل معاوية شيء> فهذه النكتة في عدول البخاري عن التصريح بلفظ منقبة اعتمادًا على قول شيخه، لكن بدقيق نظره استنبط ما يدفع به رؤوس الروافض، وقصّة النسائي في ذلك مشهورة وكأنّه اعتمد أيضًا على قول شيخه إسحاق وكذلك في قصّة الحاكم وأخرج ابن الجوزي أيضا من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي: ما تقول في علي ومعاوية فأطرق ثمّ قال: اعلم أنّ عليًّا كان كثير الأعداء ففتّش أعداؤه له عيبًا فلم يجدوا فعمّدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيادًا منهم لعليٍّ فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل ممّا لا أصل له وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصحّ من طريق الإسناد وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما والله أعلم اهـ.
وقال ابن القيم في المنار المنيف (117): وكل حديث في ذم معاوية فهو كذب(1/13)
باب فضايل أبي حنيفة والشافعي وذمهما ليس فيه شيء صحيح وكلّ ما ذكر فيه [من ذلك](1) موضوع مفترى(2).
__________
(1) ما بين المعكوفين مثبت من الأصل <خاتمة سفر السعادة>.
(2) ذكر ابن الجوزي رحمه الله في موضوعاته (870): حديث يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس، أضر على أمتي من إبليس، وأبو حنيفة سراج أمتي... وقال هذا حديث موضوع لعن الله واضعه، وهذه اللعنة، لا يفوت أحد الرجلين وهما: مأمون، والجُويباري. وكلاهما لا دين له، ولا خير فيه.
وقال رحمه الله في (873): وأعلم أن من شم ريح العلم يعلم أن هذه الأحاديث في مدح أبي حنيفة، وابن كرام، وذم الشافعي ونحوها، موضوعة، غير أنا نخاف من عامي جاهل يقول: هي في كتاب بإسناد فلهذا يقدح في رواتها.(1/14)
باب فضايل البيت المقدس والصخرة وعسقلان وقزوين والأندلس ودمشق ليس فيه حديث صحيح(1).
__________
(1) قلت: أما الأقصى فقد ثبت في فضائله غير ما ذكر المصنف رحمه الله، من ذلك ما أخرجه أحمد في مسنده (5/364): والطحاوي في مشكل الآثار (14/367 و5692) والحارث في مسنده كما في بغية الباحث (784) من طريق مجاهد قال كنا ست سنين علينا جنادة بن أبي أمية فقام حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَنَّهُ قَالَ أَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ حَدِّثْنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدَّجَّالِ وَلَا تُحَدِّثْنِي عَنْ غَيْرِكَ وَإِنْ كَانَ عِنْدَكَ مُصَدَّقًا فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَنْذَرْتُكُمْ فِتْنَةَ الدَّجَّالِ فَلَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ أَوْ أُمَّتَهُ وَإِنَّهُ آدَمُ جَعْدٌ أَعْوَرُ عَيْنِهِ الْيُسْرَى وَإِنَّهُ يُمْطِرُ وَلَا يُنْبِتُ الشَّجَرَةَ وَإِنَّهُ يُسَلَّطُ عَلَى نَفْسٍ فَيَقْتُلُهَا ثُمَّ يُحْيِيهَا وَلَا يُسَلَّطُ عَلَى غَيْرِهَا وَإِنَّهُ مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ وَنَهْرٌ وَمَاءٌ وَجَبَلُ خُبْزٍ وَإِنَّ جَنَّتَهُ نَارٌ وَنَارَهُ جَنَّةٌ وَإِنَّهُ يَلْبَثُ فِيكُمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا يَرِدُ فِيهَا كُلَّ مَنْهَلٍ إِلَّا أَرْبَعَ مَسَاجِدَ مَسْجِدَ الْحَرَامِ وَمَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَالطُّورِ وَمَسْجِدَ الْأَقْصَى... وسنده صحيح.
وهو أولى القبلتين لحديث البراء أن النبي ? مكث ستة أو سبعة عشر شهرًا يصلي إلى بيت المقدس أخرجه البخاري (7252) ومسلم (525).
وهو مسرى النبي ? لقول الله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) (الإسراء:1). وثبت ذلك عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ? قَالَ: أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ قَالَ: فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ... أخرجه البخاري (3207) ومسلم (162) وللفظ له.
وألف الضياء المقدسي رحمه الله كتاب فضائل بيت المقدس.
قال ابن القيم في نقد المنقول (160): وكذا كل حديث في مدح بغداد وذمها، والبصرة، والكوفة، ومرو، وقزوين، وعسقلان، والاسكندرية، ونصيبين، وأنطاكية فهو كذب.(1/15)
غير حديث: <لا تشدّ الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد>(1)، وحديث: <أنّه سُئل عن أوّل بيت وضع في الأرض فقال: المسجد الحرام، قيل ثمّ: ماذا قال المسجد الأقصى>(2)، وحديث: <إنّ الصلاة فيه تعدل خمسمائة صلاة>.
باب إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا قال جماعة: لم يصح: فيه حديث [وجماعة قائلون بصحتّه](3) وأورده أكابر أهل الحديث في مصنفاتهم(4).
باب استعمال [الماء](5) المشمس لم يصحّ فيه [شيء](6).
باب تنشيف الأعضاء [من الوضوء](7) لم يصحّ فيه حديث(8).
__________
(1) أخرجه البخاري (1189) ومسلم (827 و1397) من حديث أبي سعيد وأبي هريرة رضي لله عنهما.
(2) أخرجه البخاري (3366) ومسلم (520) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
(3) ما بين المعكوفين مثبت من الأصل <خاتمة سفر السعادة> للفيروزآبادي.
(4) وصنف الحافظ العلائي فيه جزًأ خلص بثبوت الحديث.
(5) ما بين المعكوفين مثبت من الأصل <خاتمة سفر السعادة>.
(6) طرقه في <الكبرى> للبيهقي (1/6)7) كلّها ضعيفة جدًّا، وقال في <المعرفة> لا يثبت البتة، وقال العقيلي: لا يصحّ فيه حديث مسند. انظر: <التلخيص> رقم (6).
وقال النووي في الخلاصة (1/69): وليس في المشمس شيء ثابت.
(7) ما بين المعكوفين مثبت من الأصل <خاتمة سفر السعادة>.
(8) قال الترمذي في سننه (53)، عند حديث عائشة قالت كان لرسول الله ? خرقة ينشف بها بعد الوضوء، قال أبو عيسى: حديث عائشة ليس بالقائم، ولا يصح عن النبي ? في هذا الباب شيء.
وقال النووي في شرح مسلم عند حديث (317) قولها ( ثم أتيته بالمنديل فرده ) فيه استحباب ترك تنشيف الأعضاء وقد اختلف علماء أصحابنا في تنشيف الأعضاء في الوضوء والغسل على خمسة أوجه ... -إلى أن قال:- وأما فعل التنشيف فقد رواه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم من أوجه لكن أسانيدها ضعيفة.
وقال ابن القيم رحمه الله في المنار المنيف (268): وكل حديث في التنشيف بعد الوضوء فإنه لا يصح.(1/16)
باب تخليل اللحية ومسح الأذنين والرقبة لم يصحّ فيه شيء(1).
__________
(1) نقل البيهقي في <الكبرى> (1/90) قول البخاري رحمه الله: أصحّ شيء عندي في التخليل حديث عثمان، قال ابن التركماني في <الجوهر النقي>: في سنده عامر ابن شقيق قال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وقد أخرج الشيخان حديث عثمان في الوضوء من عدّة طرق ولا ذكر للتخليل في شيء منها اهـ. وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس في تخليل اللحية شيء صحيح، وكذا قال أبو زرعة، وأبو حاتم كما في <التلخيص الحبير> (1/153) و<نيل الأوطار> (1/231)236) و<زاد المعاد>.
وقال العقيلي في الضعفاء (2/3): وفى تخليل اللحيه أحاديث لينة الأسانيد وفيها ما هو أحسن مخرجا من هذا ، وقال في (4/285): والرواية في تخليل اللحية فيها مقال.
وأمّا أحاديث مسح الرقبة فقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في المجموع (1/56): لم يصح عن النبي أنه مسح على عنقه في الوضوء، بل ولا روي عنه ذلك في حديث صحيح، بل الأحاديث الصحيحة التي فيها صفة وضوء النبي لم يكن يمسح على عنقه، ولهذا لم يستحب ذلك جمهور العلماء؛ كمالك، والشافعي، وأحمد في ظاهر مذهبهم، ومن استحبه فاعتمد فيه على أثر يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه، أو حديث يضعف نقله انه مسح رأسه حتى بلغ القذال، ومثل ذلك لا يصلح عمدة، ولا يعارض ما دلت عليه الأحاديث، ومن ترك مسح العنق فوضوؤه صحيح باتفاق العلماء والله أعلم.
وقال ابن القيم في <زاد المعاد> (1/187): لم يصحّ عنه في مسح العنق حديث البتة، وقال النووي في <شرح المهذّب>: لم يصحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه شيء وهو ليس بسنّة بل بدعة، نقل هذا الشوكاني في <النيل> (1/254).
وأمّا مسح الأذنين فقد ثبت الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - : مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما> أخرجه الترمذي (1/143)، وقال ابن مندة عقبه: ولا يعرف مسح الأذنين من وجه يثبت إلاّ من هذا الطريق نقل هذا الشوكاني في <النيل> (1/152)، وحديث ابن عباس هذا في الجامع الصحيح لشيخنا رحمه الله.
وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أخرجه أبو داود رقم (135) وابن ماجة (422) وابن الجرود في المنتقى (75) والنسائي (140) وأحمد (2/180) من طريق عمرو وإسناده حسن. قال الزيلعي في نصب الراية (1/29): قال الشيخ تقي الدين في الإمام وهذا الحديث صحيح عند من يصحح حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لصحة الإسناد إلى عمرو اهـ وكذا قال ابن عبد الهادي في المحرر (41).
وعلى هذا فقول المؤلّف هنا لم يصحّ فيه شيء فيه نظر.(1/17)
[باب الوضوء من نبيذ التمر لم يصحّ فيه حديث](1).
باب أمر من غسّل ميتًا بالاغتسال لم يصحّ فيه حديث(2).
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل وأثبت في الهامش.
قال قال الزيلعي في نصب الراية (1/147): وضعف الطحاوي أيضًا حديث ابن مسعود واختار أنه لا يجوز الوضوء لا في سفر ولا حضر اهـ. [أي بالنبيذ]، وقال: فلما أجمعوا على خلاف ذلك ثبت طرحهم لهذا الحديث.
وقال الحافظ: في ((الفتح)) (1/354): وهذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه، وقال ابن عدي في ((الكامل)) (7/292) بعد سوق طرقه، قال: ولا يصح هذا الحديث عن النبي ?، وهو خلاف القرآن لخ...
وقال ابن أبي حاتم في العلل (14): سمعت أبا زرعة يقول حديث أبي فزارة ليس بصحيح وأبو زيد مجهول -يعني في الوضوء بالنبيذ-.
وقال الترمذي في السنن (88): قال أبو عيسى وقول من يقول لا يتوضأ بالنبيذ أقرب إلى الكتاب وأشبه لأن الله تعالى قال: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا).
وبوب البخاري في صحيحه على حديث (239) باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ...
(2) قال الإمام الترمذي: قال محمّد [أي البخاري]: إنّ أحمد بن حنبل وعلي بن عبد الله قالا: لا يصحّ في هذا الباب شيء. انظر: <علل الترمذي> (1/142).
وقال الشوكاني في النيل (1/298): وهكذا قال الذهبي فيما حكاه الحاكم في تاريخه ليس فيمن غسل ميتا فليغتسل حديث صحيح، وقال الذهلي: لا أعلم فيه حديثا ثابتا ولو ثبت للزمنا استعماله، وقال بن المنذر ليس في الباب حديث يثبت، وقال بن أبي حاتم في العلل عن أبيه: لا يرفعه الثقات إنما هو موقوف، وقال الرافعي: لم يصحح علماء الحديث في هذا الباب شيئا مرفوعًا.
قلت: وقد بينت ذلك في جامع الأدلة والترجيحات في أحكام الأموات: وأنه ليس على من غسل ميتًا غسل.(1/18)
باب النهي عن دخول الحمام لم يصحّ فيه حديث(1).
باب بسم الله الرحمن الرحيم آية من كلّ سورة لم يصحّ فيه حديث(2).
باب الجهر في الصلاة بالبسملة(3) لم يصحّ فيه حديث(4).
__________
(1) أحاديث النهي عن دخول المرأة الحمام لابن كثير فيها جزء، وللمنذري فيها مبحثٌ، ذكر جملة أحاديث في ذلك في <الترغيب والترهيب> (1/198). وانظر: <آداب الزفاف> للعلاّمة الألباني رحمه الله (ص 139).
وقال الشوكاني في النيل (1/320): قال المنذري: وأحاديث الحمام كلها معلولة وإنما يصح منها عن الصحابة.
(2) لا أعلم فيها حديث وقد تكلم شيخ الإسلام رحمه الله على هذه المسألة في الفتاوى الكبرى مسألة (179).
(3) كذا في المخطوطة وفي الأصل <خاتمة سفر السعاة> ببسم الله الرحمن الرحيم
(4) قال الدارقطني: كلّ ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم فليس بصحيح نقل هذا الموصلي كما في <جنة المرتاب> وقد نقلنا جملة من أقوالهم في كتاب أحكام الجمعة وبدعها ص: (329) الطبعة الأولى.(1/19)
باب الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن [المروي بأسانيد عديدة](1) لم يصحّ فيه حديث(2).
باب لا صلاة لجار المسجد إلاّ فيه لم يصحّ فيه شيء(3).
باب جواز الصلاة خلف كلّ برّ وفاجر لم يصحّ فيه حديث(4).
__________
(1) ما بين القوسين مثبت من <كشف الخفاء للعجلوني>.
(2) أحسن ما رأيت في الباب ما أخرجه الإمام أحمد رحمه الله في المسند (5/260) فقال: حدثنا زيد قال حدثنا حسين قال حدثني أبو غالب سمع أبا أمامة يقول قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : <الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن> وهذا الحديث بهذا السند ذكره شيخنا العلاّمة الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند ممّا ليس في الصحيحين رقم (498) على أنّ أبا غالب (حزور) مختلف في الاحتجاج به، وحديثه هذا في <العلل المتناهية> لابن الجوزي رقم (741)، وقد جاء من حديث أبي هريرة عند أحمد رقم (7169) وهو مضطرب كما في <نصب الراية> (2/59) وجاء عن عائشة، وانظر: علل ابن أبي حاتم رقم (216و217)، و<نيل الأوطار> تحت حديث رقم (488) قال محمّد بن عبسة: وذكر علي ابن المديني إنه لم يثبت واحد منها، وقال الإمام أحمد: ليس لهذا الحديث أصل، وجاء عن ابن عمر عند البيهقي (1/431) وفيه محمد بن يونس الكديمي كذاب، وقال ابن عدي في <الكامل> (6/294) عند ترجمة الكديمي باطل.
(3) قال الحافظ: مشهور بين الناس وهو ضعيف ليس له إسناد ثابت أخرجه الدارقطني عن جابر وأبي هريرة وفي الباب عن علي وهو ضعيف أيضًا اهـ. من <التلخيص الحبير> تحت رقم (564) وقد نقل هذا السخاوي في <المقاصد الحسنة> رقم (1309) ونقل عن ابن حزم أنّه قال: هذا الحديث ضعيف وقد صحّ من قول علي اهـ.
وقال ابن عبد البر في الإستذكار (2/138): لا يثبت مرفوعا ولو صح كان معناه الكمال.
(4) ذكره السخاوي في <المقاصد الحسنة> رقم (635) من طرق ثمّ قال: وكلّها واهية كما صرّح به غير واحد اهـ.
وقال البيهقي رحمه الله في الكبرى (4/19): قد روي في الصلاة على كل بر وفاجر والصلاة على من قال لا إله إلا الله أحاديث كلها ضعيفة غاية الضعف، وأصح ما روي في هذا الباب حديث: مكحول عن أبي هريرة، وقد أخرجه أبو داود في كتاب السنن إلا أن فيه إرسالا كما ذكره الدارقطني رحمه الله.
وقال العقيلي في الضعفاء (3/90): ليس في إسناد هذا المتن ما يثبت.
وقال ابن الجوزي في علله (1/418-425) بعد أن ساقها وساق عللها؛ هذه الأحاديث كلها لا تصح، -إلى أن قال:- وقال الدارقطني: ليس فيها ما يثبت اسناده، وسئل احمد بن حنبل عن هذا الحديث صلوا خلف كل بر وفاجر؟ فقال: ما سمعنا بهذا.
وقال ابن الملقن في البدر المنير (4/462): وبالجملة فهذا الحديث من كل طرقه ضعيف.(1/20)
باب إثم الإتمام وإثم الصيام في السفر لم يصحّ فيه حديث(1).
باب لا صلاة لمن عليه صلاة لم يصحّ فيه شي(2)ء.
باب القنوت في الفجر والوتر لم يصحّ فيه حديث بل قد ثبت عن بعض الصحابة فعل القنوت(3).
__________
(1) قال العقيلي في الضعفاء (3/162):وليس في هذا المتن شيء يثبت فإنما روى هذا الحديث بأن الصائم في السفر كالمفطر في الحضر فخالف هذا أيضا لفظ الحديث على ضعف الرواية فيه، وقد روى عن النبي ? بإسناد يثبت أنه سئل عن الصوم في السفر فقال إن شئت فصم وإن شئت فأفطر.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (22/49): وفي هذا الحديث -أي حديث ابن عباس أن رسول الله ? خرج من المدينة في رمضان حين فتح مكة فصام حتى أتى عسفان ثم دعا بماء أو أتي بماء فشرب فكان ابن عباس يقول: من شاء صام ومن شاء أفطر- وشبهه بطلان قول من قال الصائم في السفر كالمفطر في الحضر وهو قول شاذ هجره الفقهاء كلهم يروى عن عبد الرحمان بن عوف والسنة ترده.
وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (765) عند حديث المتم للصلاة في السفر كالقصر في الحضر، هذا حديث لا يصح عن رسول الله ? ثم ذكر قول العقيلي.
(2) قال ابن القيم في نقد المنقول (178): قال إبراهيم الحربي: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: لا أعرفه، قال الحربي: ولا سمعت أنا بهذا في حديث رسول الله ?.
وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (750): هذا حديث نسمعه عن السنة الناس وما عرفنا له أصلاً ثم ساق بسنده قول إبراهيم الحربي.
وقال الحافظ في التلخيص (423): وقال بن العربي في العارضة هو باطل.
(3) أمّا تحري القنوت في الفجر وحده فتعم أنّ الحديث عن أنس بن مالك أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - : قنت في الفجر حتى فارق الدنيا ضعيف؛ لأنّه يدور على أبي جعفر الرازي وهو لين كما أبان بحث الحديث بسعة ابن القيم رحمه الله في <زاد المعاد>.
وأمّا القنوت في الوتر فقد جاء فيه عن الحسن بن علي - رضي الله عنه - وسند صحيح وزيادة <في الوتر>، زادها أبو إسحاق السبيعي وهو ثقة وقد توبع عليها فالحديث بها صحيح، وقال الترمذي: وفي الباب عن علي - رضي الله عنه - وهذا حديث حسن... ولا نعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن من هذا، قال الحافظ في <التلخيص>: رقم (371) ونبه ابن خزيمة وابن حبان على أنّ قوله في قنوت الوتر تفرّد بها أبو إسحاق عن يزيد بن أبي مريم وتبعه ابناه يونس وإسرائيل كذا قال قال: ورواه شعبة وهو أحفظ من مائتين مثل أبي إسحاق وابنيه فلم يذكر فيه القنوت ولا الوتر وإنما قال كان يعلمنا هذا الدعاء، قال الحافظ ويؤيّده ما ذهب إليه ابن حبان أنّ الدولابي رواه في <الذرية الطاهرة> له والطبراني في <الكبير> (3/75) من طريق الحسن بن عبيد الله عن بريد ابن أبي مريم عن أبي الحوراء به وقال فيه: وكلمات علّمنيهنّ فذكرهنّ (بغير لفظة <الوتر> ) وقال النووي: إنها زيادة بسند صحيح اهـ المراد قلت: الحاصل: أنّ أبا إسحاق وولديه زادوا هذه اللفظة وهم ثقات فزيادتهم هذه مقبولة إن شاء الله كما أدخل شيخنا رحمه الله الحديث بها في جامعه بعد اطلاع واسع، ونقاش في ذلك.(1/21)
باب النهي عن الصلاة على الجنازة في المسجد لم يصح فيه حديث(1).
باب رفع اليدين في تكبيرات الجنازة لم يصح فيه شيء(2).
__________
(1) قال البيهقي في المعرفة (3/180): وقد ظلم من عارض ما ذكرنا من الحديث الصحيح بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ? من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له.
وقال ابن حبان في المجروحين (3/366): وهذا خبر باطل، كيف يخبر المصطفى ? أن المصلى في المسجد على الجنازة لا شيء له من الأجر، ثم يصلي هو ? على سهيل بن البيضاء في المسجد!.
وقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد (1/483): والصواب أن سنته وهديه الصلاة على الجنازة خارج المسجد إلا لعذر، وكلا الأمرين جائز، والأفضل الصلاة عليها خارج المسجد والله أعلم.
(2) أي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمّا عن غيره فقد ثبت عن ابن عمر موقوفًا، أخرجه البيهقي في <الكبرى> (4/44 رقم: 6993) بسند صحيح إليه، وقد جاء عنه مرفوعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى على جنازة رفع يديه في كلّ تكبيرة وإذا انصرف سلّم. أخرجه الدارقطني في <العلل> عن عمر بن شبة قال حدثنا يزيد بن هارون قال: أنبأنا يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر فذكره مرفوعًا، قال الدارقطني: هكذا رفعه عمر بن شبة وخالفه جماعة فرووه عن يزيد ابن هارون موقوفًا وهو الصواب، نقله الزيلعي في <نصب الراية> (2/285) ثمّ قال: ولم يرى البخاري في كتابه رفع اليدين شيئًا في هذا الباب إلاّ حديثًا موقوفًا على ابن عمر وموقوفًا على عمر بن عبد العزيز.
وقال العلاّمة الألباني رحمه الله لم نجد في السنّة ما يدلّ على مشروعية الرفع في غير التكبيرة الأولى فلا نرى مشروعية ذلك، وهو مذهب الحنفية وغيرهم واختاره الشوكاني وغيره من المحقّقين وإليه ذهب ابن حزم (5/128) قال: وأمّا رفع الأيدي فإنه لم يأت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه رفع في شيء من تكبيرات الجنازة إلاّ في الأولى فقط فلا يجوز فعل ذلك اهـ المراد قلت: وكان شيخنا رحمه الله أيضًا يفتي بأنّه لا يرفع في التكبيرات على الجنازة إلاّ في الأولى فقط.(1/22)
باب لم ...(1) [الصلاة لا يقطعها شيء] لم يثبت فيه شيء(2).
باب صلاة الرغائب وصلاة نصف شعبان وصلاة نصف رجب وصلاة الإيمان وصلاة ليلة المعراج وصلاة ليلة القدر(3)
__________
(1) في المخطوطة كلمة غير مفهومة، وما بين المعكوفين مثبت من الأصل <خاتمة سفر السعادة>.
(2) بوب ابن الجوزي رحمه الله في اللعل (1/445-446) حديث في ان الصلاة لا تقطعها شيء، ثم ساقها وقال: ليس في هذه الأحاديث شيء صحيح.
وقال ابن حبان في المجروحين (1/132): وقد روى إسحاق بن أبي فروة أحاديث منكرة، منها: انه روى عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة عن النبي ? انه لا يقطع الصلاة امراة ولا كلب ولا حمار، وادرا ما مر أمامك ما استطعت، فان أبي الا ان تلاطمه فلاطمه؛ فإنما تلاطم الشيطان، قلب إسناد هذا الخبر ومتنه جميعا إنما هو عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي ? إذا كان أحدكم يصلي فلا يدعن أحدا يمر بين يديه فان أبي فليقاتله فإنما هو شيطان، فجعل مكان أبي سعيد أبا هريرة، وقلب متنه وجاء بشيء ليس فيه اختراعا من عنده فضمه إلى كلام النبي ? وهو قوله لا يقطع الصلاة امرأة ولا كلب ولا حمار، والأخبار الصحيحة: أن النبي ? أمر بإعادة الصلاة إذا مر بين يديه الحمار والكلب والمرأة.
(3) قال الحافظ في الفتح (11/55): فإن أصل صلاة النافلة سنة مرغب فيها، ومع ذلك فقد كره المحققون تخصيص وقت بها دون وقت، ومنهم من أطلق تحريم مثل ذلك كصلاة الرغائب التي لا أصل لها.
وقال الذهبي في الميزان عند ترجمة علي بن محمد بن سعيد البصري روى ابن جهضم عنه عن أبيه عن خلف بن عبد الله الصنعاني عن حميد عن أنس عن النبي ? ذكر صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من رجب وهو حديث كذب موضوع.
وقال ابن القيم في نقد المنقول (96): وكذلك أحاديث صلاة الرغائب ليلة أول جمعة من رجب كلها كذب مختلق على رسول الله ?.
وقال ابن الجوزي في الموضوعات (2/48): هذا حديث موضوع على رسول الله، وقد اتهموا به ابن جهيم ونسبوه إلى الكذب، وسمعت شيخنا عبد الوهاب الحافظ يقول: رجاله مجهولون وقد فتشت عليهم جميع الكتب فما وجدتهم، قال ابن القيم في نقد المنقول قال بعض الحفاظ بل لعلهم لم يخلقوا.
وقال القاري في المرقاة (3/350): واعلم إن المذكورة في اللآلىء أن مائة ركعة في نصف شعبان بالاخلاص عشر مرات في كل ركعة مع طول فضله للديلمي وغيره موضوع، وفي بعض الرسائل قال عليٌ بن إبراهيم: ومما أحدث في ليلة النصف من شعبان الصلاة الألفية مائة ركعة بالإخلاص عشراً عشراً، بالجماعة واهتموا بها أكثر من الجمع والأعياد لم يأت بها خبر ولا أثر إلا ضعيفٌ أو موضوعٌ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (23/134): صلاة الرغائب بدعة باتفاق أئمة الدين لم يسنها رسول الله ? ولا أحد من خلفائه، ولا أستحبها أحد من أئمة الدين كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة والثورى والأوزاعى والليث وغيرهم، والحديث المروي فيها كذب بإجماع أهل المعرفة بالحديث، وكذلك الصلاة التي تذكر أول ليلة جمعة من رجب، وفي ليلة المعراج، وألفية نصف شعبان، والصلاة يوم الأحد والاثنين وغير هذا من أيام الأسبوع وان كان قد ذكرها طائفة من المصنفين في الرقائق فلا نزاع بين أهل المعرفة بالحديث أن أحاديثه كلها موضوعة ولم يستحبها أحد من أئمة الدين.
وأما صلاة ليلة القدر فإن كان يعني حديثًا بعينه في هذا النصّ فممكن، أمّا الحثّ على قيام ليلة القدر ففي البخاري رقم (35) ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: <مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ ذَنْبِهِ> وأخرج البخاري رقم (37) ومسلم رقم (759) بلفظ <مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ>.(1/23)
وصلاة ليلة من رجب وشعبان ورمضان فهذه الأبواب لم يصحّ فيها شيء أصلاً(1).
باب صلاة التسبيح لم يصحّ فيها حديث(2).
__________
(1) في المخطوطة كلمة غير مفهومة، وما بين المعكوفين مثبت من الأصل <خاتمة سفر السعادة>.
(2) نقل الحافظ في <التلخيص> رقم (482) عن العقيلي قال: ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت، وقال ابن العربي: ليس فيه حديث صحيح ولا حسن، قال الحافظ: والحقّ أنّ طرقه كلّها ضعيفة وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن؛ إلاّ أنّه شاذّ لشدّة الفردية فيه، وعدم المتابع، والشاهد من وجه معتبر، ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلاة، وموسى بن عبد العزيز وإن كان صادقًا، صالحًا؛ فلا يحتمل منه هذا التفرّد، وقد ضعّفها ابن تيمية والمزّي، وذكره الذهبي رحمه الله في ترجمة موسى بن عبد العزيز العدني، من ميزان الاعتدال، وانظر: إن شئت <إتحاف المهرة> للحافظ ابن حجر (7/484) فقد أنكر الحديث على موسى ابن عبد العزيز العدني.
قلت: فهذا أمثل طرق حديث التسابيح وما عدّاها أشدّ ضعفًا كما ذكر الحافظ.
وقال الترمذي رحمه الله في السنن (841): وقد روي عن النبي ? غير حديث في صلاة التسبيح ولا يصح منه كبير شيء.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (11/579): وأجود ما يروى من هذه الصلوات حديث صلاة التسبيح، وقد رواه أبو داود والترمذى، ومع هذا فلم يقل به أحد من الأئمة الأربعة، بل أحمد ضعف الحديث، ولم يستحب هذه الصلوات، وأما بن المبارك فالمنقول عنه ليس مثل الصلاة المرفوعة إلى النبى؛ فان الصلاة المرفوعة إلى النبى ليس فيها قعدة طويلة بعد السجدة الثانية، وهذا يخالف الأصول، فلا يجوز أن تثبت بمثل هذا الحديث. ومن تدبر الأصول علم أنه موضوع، وأمثال ذلك فإنها كلها أحاديث موضوعة مكذوبة باتفاق أهل المعرفة اهـ(1/24)
باب زكاة الحلي لم يثبت فيها شيء(1).
باب زكاة [العسل](2) مع كثرة ما روى فيه لم يثبت فيه شيء(3).
باب زكاة الخضروات لم يثبت فيه شيء(4).
باب السؤال وقوله اطلبوا من الرحماء(5).
__________
(1) الحديث في زكاة الحلي بمجموع طرقه يصلح للاحتجاج كما في الترغيب والترهيب للمنذري (602)606) و<مجمع الزوائد> (3/67) مع الأدلة الصحيحة العامّة التي تؤيّد القول بزكاة الحليِّ منها حديث أبي هريرة المتّفق عليه: <ما من صاحب ذهب ولا فضّة لا يؤدّي حقّها إلاّ إذا كان يوم القيامة يحمى عليها في نار جهنّم فيكوى بها جنبه وجبينه..> الحديث.
(2) في المخطوطة باب الزكاة وهو خطأ بين والمثبت من الأصل <خاتمة سفر السعادة>.
(3) قال الترمذي رحمه الله في العلل (175): سألت محمدا عن هذا الحديث –أي عن حديث ابن عمر في كل عشرة أزق زق- فقال: هو عن نافع عن النبي ? مرسل وليس في زكاة العسل شيء يصح.
وقال في سننه (629): ولا يصح عن النبي e في هذا الباب كبير شيء.
وقال الحافظ في الفتح (3/348): وقال بن المنذر ليس في العسل خبر يثبت ولا إجماع فلا زكاة فيه وهو قول الجمهور
(4) بوب الإمام الترمذي في سننه (638): باب ما جاء في زكاة الخضروات وذكر حديث معاذ أنه كتب إلى النبي ? يسأله عن الخضروات وهي البقول؟ فقال: ليس فيها شيء، قال أبو عيسى: إسناد هذا الحديث ليس بصحيح، وليس يصح في هذا الباب عن النبي ? شيء، وإنما يروى هذا عن موسى بن طلحة عن النبي ? مرسلا، والعمل على هذا عند أهل العلم أن ليس في الخضروات صدقة.
(5) حديث اطلبوا الخير –وفي لفظ: الفضل- من الرحماء أخرجه الطبراني في الأوسط (5/76) والقضاعي في مسند الشهاب (700) وابن حبان في المجروحين عند ترجمة محمد بن مروان السدي والعقيلي في الضعفاء عند ترجمته وقال: ولا يتابع على حديثه ولا يعرف من وجه يصح، ثم ذكر الحديث وقال: لا يتابع عليه من جهة تثبت.
وقال ابن الجوزي في الموضوعات (2/77): هذا حديث لا يصح عن رسول الله.(1/25)
ومن حسان الوجوه(1) وكلّ ما في هذا المعنى [مجموعه](2) باطل.
[باب فضل المعروف والتحذير من التبرم من حوائج الخلق لم يثبت فيه شيء](3).
__________
(1) في المخطوطة في هذا لموضع كلمة غير مفهمومة.
وحديث اطلبوا الخير من حسان الوجوه أخرجه الطبراني في الأوسط (4/129) والكبير (11/81) وأبو يعلي (4759) وعبد بن حميد () قال العقيلي في الضعفاء (2/138): وليس في هذين البابين عن النبي ? شيء يثبت.
وقال ابن الجوزي في الموضوعات بعد ساق طرقه (2/80): هذا حديث لا يصح من جميع جهاته.
وقال السخاوي في المقاصد الحسنة (161): وطرقه كلها ضعيفة وبعضها أشد في ذلك من بعض.
(2) سقط من المخطوطة والمثبت من <كشف الخفاء للعجلوني>.
(3) هذا الباب سقط من المخطوطة وأثبت من الأصل <خاتمة سفر السعادة> ومن <كشف الخفاء> للعجلوني.
أما قول المصنف رحمه الله: فضل المعروف ففيه نظر؛ فقد أخرج البخاري رقم (1435): ومسلم (144) من حديث حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ ? عَنْ الْفِتْنَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَنَا أَحْفَظُهُ كَمَا قَالَ، قَالَ إِنَّكَ عَلَيْهِ لَجَرِيءٌ فَكَيْفَ قَالَ؟ قُلْتُ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْمَعْرُوفُ... وللفظ للبخاري.
وأخرجه البخاري رقم (6031): من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ ? قَالَ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ.
وأحاديث فضل المعروف كثيرة.
وأما قوله: والتحذير من التبرم.. قال العقيلي في الضعفاء (2/340): عند ترجمة عبد الرحمن بن عبد الله بن عطية: وفى هذا الباب أحاديث متقاربة في الضعف ليس منها شيء يثبت.
وقال ابن القيم في نقد المنقول (185): ومن ذلك أحاديث التحذير من التبرم بحوائج الناس ليس فيها شيء صحيح.(1/26)
باب فضايل عاشوراء ورد استحباب صيامه(1)، وساير الأحاديث في فضله وفضل الصلاة فيه وإلانفاق والخضاب والادهان والاكتحال وطبخ الحبوب وغير ذلك بمجموعه موضوعه مفترى قال أئمّة الحديث الاكتحال فيه بدعة ابتدعها قتلة الحسين(2).
__________
(1) ثبت ذلك في صحيح مسلم رقم (1162) من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - أنّ النبي ? سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: <يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ> وأخرج البخاري رقم (2004) ومسلم رقم (1128) من حديث ابن عباس رضي الله عنه أنّ النبي ? صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه فلفظة <ورد> محتملة للصحّة والضعف وقد رأيت أنّ استحباب صيامه ثابت في الصحيحين.
(2) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة (4/555): ورووا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته، قال حرب الكرماني: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: لا أصل له وليس له إسناد يثبت.. إلى أن قال شيخ الإسلام رحمه الله: ورووا أنه من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام، فصار أقوام يستحبون يوم عاشوراء الاكتحال والاغتسال والتوسعة على العيال وإحداث أطعمة غير معتادة، وهذه بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل على الحسين رضي الله عنه، وتلك بدعة أصلها من المتعصبين بالباطل له، وكل بدعة ضلالة، ولم يستحب أحد من أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم لا هذا ولا هذا.
وقال في (7/39): و كما يذكرون في فضائل عاشوراء ما ورد من التوسعة على العيال، وفضائل المصافحة، و الحناء، و الخضاب، و الاغتسال، و نحو ذلك، و يذكرون فيها صلاة، و كل هذا كذب على رسول الله ? لم يصح في عاشوراء إلا فضل صيامه.(1/27)
باب صيام رجب وفضله لم يثبت فيه شيء بل قد ورد كراهة ذلك(1).
باب الحجامة تفطر الصائم لم يصحّ فيه شيء(2).
__________
(1) قال شيخ الإسلام رحمه الله في منهاج السنة (7/39): يذكرون أحاديث في فضل صوم رجب كلها ضعيفة بل موضوعة عند أهل العلم ، وقال في: (7/433): و كذلك الأحاديث المروية في فضل رجب بخصوصه أو فضل صيامه أو صيام شيء منه أو فضل صلاة مخصوصة فيه كالرغائب كلها كذب مختلق.
وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة (1/440): وقال علي بن إبراهيم العطار في رسالة له: إن ما روى من فضل صيام رجب فكله موضوع وضعيف لا أصل له، قال وكان عبد الله الأنصاري لا يصوم رجبا وينهى عنه ويقول: لم يصح عن النبي ? في ذلك شيء.
قلت: وقد صنف الحافظ ابن حجر رسالة بعنوان: (تبيين العجب في فضل رجب).
وألف أبو الخطاب رسالة بعنوان: (أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين في رجب)، ذكرها أبو شامة في الباعث على إنكار البدع والحوادث.
(2) قلت: فيه نظر؛ فقد صحح جمع من لإئمة حديث أفطر الحاجم والمحجوم من حديث ثوبان وشداد بن أوس رضي الله عنهما..
قال الحافظ في الفتح (4/177): ونقل الترمذي أيضا عن البخاري أنه قال ليس في هذا الباب أصح من حديث شداد وثوبان، قلت: فكيف بما فيهما من الاختلاف؟ يعني عن أبي قلابة، قال: كلاهما عندي صحيح؛ لأن يحيى بن أبي كثير روى عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان، وعن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد، روى الحديثين جميعا يعني فانتفى الاضطراب، وتعين الجمع بذلك، وكذا قال عثمان الدارمي صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم من طريق ثوبان وشداد، قال: وسمعت أحمد يذكر ذلك، وقال المروزي: قلت لأحمد: أن يحيى بن معين قال ليس فيه شيء يثبت؟ فقال: هذا مجازفة، وقال بن خزيمة: صح الحديثان جميعا، وكذا قال بن حبان والحاكم، وأطنب النسائي في تخريج طرق هذا المتن وبيان الاختلاف فيه فأجاد وأفاد اهـ
وقد ذكر شيخنا رحمه الله حديث شداد بن أوس وحديث ثوبان: <أفطر الحاجم والمحجوم> في جامعه الصحيح (2/425) وانظر: <التلخيص الحبير> (2/193).
وقال ابن حزم في المحلى (6/204): أما الحجامة صح عن رسول الله ? من طريق ثوبان وشداد بن أوس ومعقل بن سنان وأبي هريرة ورافع بن خديج وغيرهم أنه قال: أفطر الحاجم والمحجوم فوجب الأخذ به إلا أن يصح نسخه، وقد ظن قوم أن الرواية عن ابن عباس احتجم رسول الله ? ناسخة للخبر المذكور، وظنهم في ذلك باطل؛ لأنه قد يحتجم عليه السلام وهو مسافر فيفطر، وذلك مباح، أو في صيام تطوع فيفطر وذلك مباح.
وقال ابن القيم في زاد المعاد (4/62): الصواب الفطر بالحجامة لصحته عن رسول الله ? من غير معارض، وأصح ما يعارض به حديث حجامته وهو صائم، ولكن لا يدل على عدم الفطر إلا بعد أربعة أمور: أحدها: أن الصوم كان فرضا، الثاني: أنه كان مقيما، الثالث: أنه لم يكن به مرض احتاج معه إلى الحجامة، الرابع: أن هذا الحديث متأخر عن قوله: أفطر الحاجم والمحجوم، فإذا ثبتت هذه المقدمات الأربع أمكن الاستدلال بفعله ? على بقاء الصوم مع الحجامة، وإلا فما المانع أن يكون الصوم نفلا يجوز الخروج منه بالحجامة وغيرها أو من رمضان لكنه في السفر أو من رمضان في الحضر لكن دعت الحاجة إليها كما تدعو حاجة من به مرض إلى الفطر أو يكون فرضا من رمضان في الحضر من غير حاجة إليها لكنه مبقي على الأصل، وقوله: افطر الحاجم والمحجوم ناقل ومتأخر فيتعين المصير إليه ولا سبيل إلى ثبات واحدة من هذه المقدمات الأربع فكيف بإثباتها كلها.
قال البغوي في شرح السنة (6/302): معنى قوله: أفطر الحاجم والمحجوم أي تعرضا للافطار؛ أما الحاجم فلأنة لا يأمن وصول شيء من الدم إلى جوفه عند المص، وأما المحجوم فلأنة لا يأمن ضعف قوته بخروج الدم فيؤول أمره إلى أن يفطر.(1/28)
باب كل قرض جر نفعًا فهو ربا لم يثبت فيه شيء(1).
باب حجّوا قبل أن لا تحجّوا وحديث من أمكنه الحجّ ولم يحجّ فليمت إن شاء يهوديًّا وإن شاء نصرانيًّا، لم يثبت فيه شيء.
باب نكاح إلا بولي وشاهدي عدل لم يصحّ فيه شيء(2).
باب الأمر باتخاذ السراري لم يثبت فيه شيء(3).
باب مدح العزوبة لم يثبت فيه شيء(4).
__________
(1) وكذا قال عمر بن بدر الموصلي في كتابه <المغني عن الحفظ والكتاب> لم يصحّ فيه شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في <التلخيص الحبير> رقم (1227).
(2) حديث <لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلٍّي> صحيح من حديث أبي موسى الأشعري عند أبي داود رقم (2085) والترمذي رقم (1101) وابن ماجة رقم (1881) وأحمد (6/394) وقد جاء عن نحو ثلاثين صحابيًّا وجمع طرقه الدمياطي رحمه الله فيما نقله الحافظ في <التلخيص> (3/1173) وصحّ كذلك عن عائشة عند أبي داود رقم (2083 و2084) وذكر بعده عن أم حبيبة أنها كانت فيمن هاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش فهلك عنها بالحبشة فزوجها النجاشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقول الله: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ إِمَائِكُمْ} وقوله: {وَلاَ تُنكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} وقوله: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} وقول ذلك الشيخ لموسى {أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ}.
والضعيف من هذا الحديث زيادة وشاهدي عدل طرقه ضعيفة لا تصلح للشواهد كما في <التلخيص> و<نصب الراية> (3/182)190).
(3) قال العقيلي في الضعفاء (1/275): وأما السراري فلا يصح فيه عن النبي عليه السلام شيء.
(4) قال ابن القيم في نقد المنقول (188): أحاديث مدح العزوبة كلها باطلة.
قلت: قد صحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه فقد روى البخاري رقم (5066) ومسلم رقم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: <مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ>. وثبت من حديث معقل بن يسار أخرجه أبو داود (6/47) بسند صحيح أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: <تَزَوَّجُوا الوَلُودَ الوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ>.(1/29)
[( باب حسن الخطّ والتحريض على تعلّمه لم يثبت فيه شيء.
باب النهي عن قطع السدر لم يثبت فيه شيء(1).
باب فضل العدس والباقلاء والجبن والجوز والباذيجان والرمان والزبيب لم يصحّ فيه شيء، وإنما وضع الزنادقة في هذه الأبواب أحاديث وأدخلوها في كتب المحدثين شينًا للإسلام خذلهم الله(2).
باب إنّ أفضل طعام الدنيا والآخرة اللحم لم يثبت فيه شيء(3).
باب النهي عن قطع اللحم بالسكين لم يثبت فيه شيء(4).
__________
(1) قال العقيلي في الضعفاء (4/395): والرواية في هذا الباب فيها اضطراب وضعف ولا يصح في قطع السدر شيء، وقال ابن القيم في نقد المنقول (189): أحاديث النهي عن قطع السدر وقال أحمد ليس فيه حديث صحيح.
قلت: نقل المناوي في <الفيض> أنّ بعضهم أعلّه بالاضطراب، وانظر: مبحثًا نفيسًا على الحديث في <المقاصد الحسنة> للسخاوي (363 رقم 774) قال: وقال أبو ثور: سألت الشافعي عن قطع السدر فقال: لا بأس به واستدلّ بحديث غسل الميت بالسدر وأنّه لو كان حرامًا لم يجز الانتفاع به والورق من السدر كالغصن وقد سوى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما حرم قطعه من شجر الحرم وبين ورقه وغيره، قال السخاوي: وقد ثبت حديث... أبي هريرة رفعه: مرّ رجل بغصن شجرة على ضهر الطريق فقال: لأنحينّ هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنّة. قلت: الحديث في البخاري رقم (652) ومسلم رقم (1914).
(2) قال ابن القيم في نقد المنقول (190): أحاديث مدح العدس والأرز والباقلاء والباذنجان والرمان والزبيب والهندباء والكراث والبطيخ والجوز والجبن والهريسة وفيها جزء كله كذب من أوله إلى آخره.
(3) قال العقيلي في الضعفاء (3/258) لا يثبت في هذا المتن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء.
(4) قال ابن القيم في زاد المعاد (): وأما حديث النهي عن قطع الخبز بالسكين فباطل لا أصل له عن رسول الله ? وإنما المروي النهي عن قطع الحم بالسكين ولا يصح أيضا
قال مهنا: سالت أحمد عن حديث ابي معشر عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ? لا تقطعوا اللحم بالسكين فإن ذلك من فعل الأعاجم فقال ليس بصحيح.
قلت: وقد صحّ خلافه، فَبَوَّبَ البخاري في صحيحه تحت حديث رقم (5408) باب قطع اللحم بالسكين وذكر حديث عمرو بن أمية أنّه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتز من كتف شاة في يده فدعي إلى الصلاة فألقاها والسكين التي يحتز بها ثمّ قام فصلى ولم يتوضّأ، وأخرجه مسلم (355)(1/30)
باب فضل الهريسة لم يثبت فيه شيء، والجزء المشهور في ذلك مجّمع مفترى.
باب النهي عن أكل الطين لم يثبت فيه شيء(1).
باب الأكل في السوق لم يثبت فيه شيء(2).
باب فضائل البطيخ لم يثبت فيه شيء. وأحاديث فضائل البطيخ مجموعها باطل(3) والثابت من تلك الجملة أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل البطيخ(4).
باب فضائل النرجس والمردقوش والبنفسج والبان لم يثبت فيه حديث(5).
__________
(1) قال الرافعي كما في <التلخيص> رقم (2015) وردت أخبار في النهي عن أكل الطين ولا يثبت منها شيء قال الحافظ وجمع أبو القاسم بن مندة في ذلك جزء فيه أحاديث ليس فيها ما يثبت وعقد لها البيهقي في الكبرى (10/11) بابًا فقال: وقد روي في تحريمه أحاديث لا يصحّ شيء منها، ثمّ ذكرها قال البيهقي وهذا لو صحّ لم يدلّ على التحريم وإنما دلّ على كراهية الإكثار منه، والإكثار منه ومن غيره حتى يضرّ ببدنه ممنوع والله أعلم اهـ، وقال الإمام أحمد أكره أكل الطين ولا يصحّ فيه حديث اهـ من <المغني> لابن قدامة (9/341)
(2) قال العقيلي في <الضعفاء> (3/190) بعد إيراده لحديث أبي أمامة: <الأكل في السوق دناءة> ولا يثبت في هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء.
(3) وكذ قال بن القيم في نقد المنقول (292) عن الإمام أحمد، وقال في زاد المعاد (4/287): وفي البطيخ عدة أحاديث لا يصح منها شيء غير هذا الحديث الواحد.
(4) حديث أن النبي ? كان يأكل البطيخ أخرجه أبو داود (3835) والترمذي (1348) وابن حبان (5247) والبيهقي في الكبرى (7/281) وسنده صحيح.
(5) قال ابن القيم في نقد المنقول (196) كلها كذب.(1/31)
باب شم الورد (](1)، وحديث خلق الورد من عرقي، وأمثال هذا كلّه موضوع(2).
باب فضايل الديك الأبيض لم يصحّ فيه شيء فالحديث المسلسل المشهور فيه: <الديك الأبيض صديقي> باطل موضوع(3).
باب فضايل الحناء ليس فيه شيء صحيح(4).
__________
(1) ما بين النجمتين ساقط من المخطوطة ومستدرك من الأصل <خاتمة سفر السعادة> ومن <كشف الخفاء للعجلوني>.
(2) حديث من شم الورد الأحمر ولم يصلي علي فقد جفاني قال السيوطي في الحاوي (2/183): هو من الأحاديث المقطوع ببطلانها.
وحديث خلق الورد من عرقي مذكور في <الميزان> في ترجمة محمّد بن عنبسة بن حماد، عن أبيه، قال الذهبي: وهذا كذب بين.
وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق (13/131): وهذا حديث موضوع وضعه من لا علم له وركبه على هذا الإسناد الصحيح
(3) قال ابن الجوزي في الموضوعات (2/208): هذه الأحاديث ليس فيها شيء صحيح.
وقال ابن عمار الشهيد في الأسرار المرفوعة (1/430): وبالجملة فكل أحاديث الديك كذب إلا حديث: إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا.
(4) قال ابن القيم في كتابه <نقد المنقول> (ص:121): أحاديث الحناء وفضلها والثناء عليها فيه جزء لا يصحّ منه شيء، وأجود ما فيه حديث الترمذي: <أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ المُرْسَلِينَ السِّوَاكُ وَالطِّيبُ وَالحَنَّاءُ> وسمعت شيخنا أبا الحجاج المزي يقول: هذا غلط من بعض الرواة وإنما هو الختان بالنون، كذلك رواه المحاملي عن شيخ الترمذي قال: والظاهر أنّ اللفظة وقعت في آخر السطر فسقطت منها النون فرواها بعضهم الحناء وبعضهم الحياء وإنما هو الختان، وصحّ حديث الخضاب بالحناء والكتم.(1/32)
باب النهي عن نتف المشيب لم يثبت فيه شيء(1).
باب التختم بخاتم العقيق والتختم في اليمين لم يثبت فيه شيء(2).
__________
(1) قلت: فيه نظر فقد أخرج مسلم في صحيحه (2341): عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: يُكْرَهُ أَنْ يَنْتِفَ الرَّجُلُ الشَّعْرَةَ الْبَيْضَاءَ مِنْ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، قَالَ: وَلَمْ يَخْتَضِبْ رَسُولُ اللَّهِ ? إِنَّمَا كَانَ الْبَيَاضُ فِي عَنْفَقَتِهِ وَفِي الصُّدْغَيْنِ وَفِي الرَّأْسِ نَبْذٌ.
وجاء من حديث: عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ ? نَهَى عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ وَقَالَ: إِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ.
أخرجه الترمذي (2821) وأبو داود (3670) وابن ماجة (3721) وأحمد (2/179) والطبراني في الأوسط (9/129) والبيهقي (7/311) من طرق عن عمر بن شعيب.
قال الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ.
وقال النووي في المجموع (1/359): حديث حسن رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم بأسانيد حسنة.
وجاء من حديث أبي هريرة أخرجه ابن حبان (2985) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وسنده حسن.
(2) التختم بالعقيق جاء عن عائشة مرفوعًا تختموا بالعقيق فإنه مبارك، قال العقيلي في الضعفاء (4/448): ولا يثبت في هذا عن النبي ? شيء، وقال الحافظ في الفتح (3/392): وأسانيده ضعيفة.
وأما التختم في اليمين: فأخرج مسلم رقم (2094) من حديث أنس أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لبس خاتمًا في يمينه فيه فصّ حبشي وكان فصّه ممّا يلي كفه، وقد انتقد الدارقطني في التتبع (348) لفظة <في يمينه> فقال: لم يتابع سليمان بن بلال على هذه الزيادة <بيمينه>، وخالفه الحفاظ عن يونس مع أنّه لم يذكرها أحد من أصحاب الزهري مع تضعيف إسماعيل بن أبي أويس راويها عن سليمان بن بلال، وتابع سليمان طلحة بن يحيى وجميع أصحاب الزهري لم يذكروها، والحاصل أنها لفظة شاذّة فقد زادها طلحة بن يحيى وإسماعيل بن أبي أويس عن سليمان وهما ضعيفان ولم يزدها الليث ابن سعد، وابن وهب، وعثمان بن عمر، ورجح شذوذها محقّقا التتبع شيخنا رحمه الله والشيخ ربيع حفظه الله، وجاء من حديث أبي رافع في جامع الترمذي رقم (1744) وفيه ابن أبي رافع مجهول قال البخاري هو أصحّ شيء، قلنا وليس في الباب ما يصلح شاهدًا له، وثبت في مسلم رقم (2095) أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تختّم في خنصر يده اليسرى، وقال النووي عند شرح الحديث وأجمعوا على جواز التختّم في اليمين وعلى جوازه في اليسار ولا كراهة في واحدٍ منهما ثمّ ذكر الخلاف وأيّهما أفضل، قال: والصحيح أنّ التختم في اليمين أفضل لأنه زينة واليمين أشرف وأحقّ بالزينة والإكرام اهـ المراد.
وأخرج مسلم رقم (2087) من حديث علي أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاه أن يتختّم في الوسطى والتي تليها أي السبابة كما في بعض الطرق للحديث، قال النووي ويكره للرجل التختم في السبابة والوسطى للحديث.(1/33)
باب النهي عن عرض الرؤيا على [النساء] (1) لم يثبت فيه شيء(2).
باب تكلّم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفارسي مثل العنب [دو دو ويا سلمان شكم درد] (3) لم يصح فيه شيء ولم يثبت(4).
__________
(1) كذا في لمخطوطة وفي خاتمة سفر السعادة وكشف الخفاء النسوان.
(2) قال العقيلي في الضعفاء (3/34): كلها ليس لها أصل، ولا يعرف منها شيء من وجه يصح.
(3) كذا في لمخطوطة وفي خاتمة سفر السعادة (دو دووباسليمان شكم در)، وفي كشف الخفاء العنب دو دو يا سلمان شكب درد.
(4) قال الصغاني في موضوعاته (28): ومن الأحاديث الموضوعة المنسوبة إلى النبي ? بالفارسية مثل العنب دودو يعني ثنتين ثنتين، والقمر يك يك؛ يعني واحدة، والأحاديث التي تروى في التختم بالعقيق لا يثبت منها شيء.
قلت: ثبت أن النبي ? تكلم بالفارسية في ثلاثة أحاديث، ذكرها ابن بدر الموصلي في المغني: أولها: قوله ?: قوموا فقد صنع لكم جابر سورا أخرجه البخاري (3070) وبوب عليه: بَاب مَنْ تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَالرَّطَانَةِ ومسلم (2039) ومنها: قوله ? للحسن كخ، كخ خرجه البخاري (3072) ومسلم (1069).
وذكر الموصلي حديث: حكاية النبي ? عن جبريل أنه قال: لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر وأدس في فم فرعون...
هذا الحديث جاء عن ابن عباس والراجح فيه الوقف أخرجه الترمذي (3108) وأحمد (1/240) وابن حبان (6215) والحاكم (2/340) وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، إلا أكثر أصحاب شعبة أوقفوه على بن عباس.
وأخرجه الترمذي (3107) وأحمد (1/245) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس مرفوعًا، وعلي بن زيد ضعيف.
وجاء من حديث أبي هريرة أخرجه البيهقي في الشعب (9390) والطبري في تقسيره (11/163) وفيه كثير بن زاذان مجهول.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (6/71) عن أبي هريرة عن النبي ? قال: قال لي جبريل عليه السلام: ما كان على الأرض شيء أبغض إلي من فرعون، فلما آمن بفيه جعلت أحشو فاه حمأة خشية أن تدركه الرحمة. وفيه قيس بن الربيع الراجح ضعفه كما قال ابن المبارك.
وقد جاء حديث ثالث: في كلام النبي ? بالحبشية أخرجه البخاري (3071) عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ? مَعَ أَبِي وَعَلَيَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ? سَنَهْ سَنَهْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَهِيَ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ..(1/34)
باب كراهية الكلام بالفارسي لم يثبت فيه شيء(1) وحديث كلمة فارسية ممن يحسن العربية ولم يحسنها خطية خطأ.
باب ولد الزنا لا يدخل الجنة باطل(2).
__________
(1) قال الحافظ رحمه الله في الفتح (6/184): وأشار المصنف إلى ضعف ما ورد من الأحاديث الواردة في كراهة الكلام بالفارسية؛ كحديث كلام أهل النار بالفارسية، وكحديث من تكلم بالفارسية زادت في خبثه ونقصت من مروءته أخرجه الحاكم في مستدركه وسنده واه، وأخرج فيه أيضا عن عمر رفعه من أحسن العربية فلا يتكلمن بالفارسية فإنه يورث النفاق الحديث وسنده واه أيضا.
(2) قال الجصاص في أحكام القرآن (5/196): وهذا من أحاديث أبي هريرة التي ترد لمخالفتها الأصول؛ مثل: ما روي أو ولد الزنا شر الثلاثة، وأن ولد الزنا لا يدخل الجنة، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ومن غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ هذه كلها أخبار شاذة قد اتفق الفقهاء على خلاف ظواهرها.
وقال الملا علي القاري في الأسرار لمرفوعة (575): يدور على الألسنة ولم يثبت بالسنة.
وقال ابن الجوزي في الموضوعات (2/299-301): قال أبو الفرج بن الجوزي قد ورد في ذلك أحاديث ليس فيها شيء يصح، وهي معارضة بقوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى )(1/35)
باب ليس للفاسق غيبة وما في معناه لم يثبت(1).
__________
(1) الحديث ذكره البيهقي في <الشعب> (7/109) وقال: قال أبو عبد الله ـ الحاكم ـ: هذا حديث غير صحيح ولا معتمد اهـ، وقال الدارقطني والخطيب: قد روي من طرق وهو باطل، كما في <نقد المنقول> لابن القيم (1/125)، وقال أحمد: منكر، وقال الحاكم والدارقطني والخطيب: باطل، وقال الهروي في <ذمّ الكلام> له: حديث حسن. انتهى ملخّصًا، وقال في <اللآلىء>: له طرق كثيرة، قال الحافظان الدارقطني والخطيب: حديث باطل، وكذا الحاكم ورواه البيهقي في <السنن> عن أنس بلفظ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : <من ألقى جلباب الحياء فلا غِيبة له> وقال في الشعب في إسناده ضعف ولو صحّ فهو الفاسق المعلن بفسقه اهـ المراد من <كشف الخفاء للعجلوني> (3493)، قلت: نعم فلا يلتبس عليك بجرح المجروحين من أهل البدع والمجاهرة بالمعاصي..قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا العِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِن رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُفْتَرِينَ} وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ} وقال تعالى: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ = فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بمثلها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} والمبتدعة هم من أوّل من يشملهم ذلك وقال الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب وذكر حديث عائشة (رقم: 6054) <ائْذَنُوا لَهُ فَبِئْسَ ابْنُ العَشِيرَةِ أَوْ بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ> وحديث عائشة: <مَا أَظُنُّ فُلاَنًا وَفُلاَنًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا> قال اللّيث: كانا رجلين من المنافقين وأحاديث جرح النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وسائر أهل السنّة للخوارج وأنهم كلاب النار، وأنهم شر قتلى تحت أديم السماء، وأنهم يمرقون من الدين، وأنهم جهلة ليس فيهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد، وأنهم بغاة، أحاديث كثيرة لا نريد جمعها في هذه العجالة وإنما نشير إليها إشارة ومن أراد الرجوع إلى بعض ذلك ففي كتاب الزكاة من صحيح مسلم وقد ذكر شيخنا ـ رحمه الله ـ في كتاب العلم من جامعه الصحيح باب جرح أصحاب البدع جملة من ذلك، وقد ذكرت هذه الأحاديث مع بيان سبيل الخوارج وغيرهم من أهل الأهواء في كتب السنة ضمنًا ومفردًا بما لا مزيد عليه. وأما آثار السلف رضوان الله عليهم في جرح أهل البدع والتحذير منهم والثناء على أهل السنّة والحثّ عليهم فكتب العقيدة والتراجم زاخرة بذلك وممّن اعتنى بها كثيرًا الآجري في كتابيه <الشريعة> و<أخلاق العلماء> واللالكائي في <شرح أصول اعتقاد أهل السنّة والجماعة> والدارمي في <مقدمة سننه> وابن طة في <الإبانة> وابن وضاح في البدع والنهي عنها والشاطبي في <الاعتصام> وابن عبد البر في <جامع بيان العلم وفضله> والخطيب في <الفقيه والمتفقه>، وآخرون، وإنما قصدنا الآن بيان الإجماع على ذلك، قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ في <رياض الصالحين> باب (228): اعلم أنّ الغِيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلاّ بها وهي ستة أسباب الأول: التظلّم فيجوز للمظلوم أن يتظلّم إلى السلطان، الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب. الثالث: الاستفتاء، الرابع: تحذير المسلمين من الشرّ ونصيحتهم وذلك من وجوه منها جرح المجروحين من الرواة والشهود وذلك جائز بإجماع المسلمين بل واجب للحاجة الخ.. وأخرج الإمام البخاري رقم (1393) من صحيحه من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت قال: النبيّ - صلى الله عليه وسلم - : <لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا> ثمّ أعقبه <بباب ذكر شرار الموتى> وذكر حديث ابن عباس - رضي الله عنه - كالمبين به حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قال: قال أبو لهب عليه لعنة الله للنبي - صلى الله عليه وسلم - : تبًا لك سائر اليوم فنَزَلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لََهَبٍ وَتَبَّ} قال الحافظ ـ رحمه الله ـ في شرح حديث عائشة: وأصحّ ما قيل في ذلك أنّ أموات الكفار والفساق يجوز ذكر مساويهم للتحذير منهم والتنفير عنهم، وقد أجمع العلماء على جواز جرح المجروحين من الرواة أحياءً وأمواتًا اهـ المراد. وقال الإمام الترمذي رحمه في كتاب <العلل> من جامعه وقد عاب بعض من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال وقد وجدنا غير واحدٍ من الأئمّة من التابعين قد تكلّموا في الرجال منهم الحسن البصريّ وطاوس تكلّما في معبدٍ الجهنيّ وتكلّم سعيد ابن جبيرٍ في طلق بن حبيبٍ وتكلّم إبراهيم النّخعيّ وعامر الشّعبيّ في الحارث الأعور وهكذا روي عن أيّوب السّختيانيّ وعبد الله بن عونٍ وسليمان التّيميّ وشعبة بن الحجّاج وسفيان الثّوريّ ومالك بن أنسٍ والأوزاعيّ وعبد الله بن المبارك ويحيى بن سعيدٍ القطّان ووكيع ابن الجرّاح وعبد الرّحمن بن مهديٍّ وغيرهم من أهل العلم أنّهم تكلّموا في الرجال وضعّفوا وإنّما حملهم على ذلك عندنا والله أعلم النصيحة للمسلمين لا يظنّ بهم أنّهم أرادوا الطعن على النّاس أو الغيبة إنّما أرادوا عندنا أن يبيّنوا ضعف هؤلاء لكي يعرفوا لأنّ بعض الّذين ضعّفوا كان صاحب بدعةٍ، إلخ... ما ذكره ـ رحمه الله ـ في هذا الموضع. قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ في <شرح علل الترمذي> (1/44) مقصود الترمذي ـ رحمه الله ـ أن يبيّن أنّ الكلام في الجرح والتعديل جائز، قد أجمع عليه سلف الأمّة وأئمّتها وذكر بعض الأدلّة على ذلك ثمّ قال: ولهذا كان شعبة يقول تعالوا نغتب في الله ساعة، يعني ذكر الجرح والتعديل اهـ نقلاً من كتابنا الطبقات (ص 10 ـ 12) الطبعة الأولى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله: في كتابه <الغيبة> (ص: 99) ومثل أئمّة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنّة فإنّ بيان حالهم وتحذير الأمّة منهم واجب باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك، أو يتكلّم في أهل البدعة ؟ فقال: إذا قام وصلّى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلّم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين، هذا أفضل، فبيّن أنّ نفع هذا عامٌّ للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سبيل الله، إذا تطهير سبيل الله ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب، فإنّ هؤلاء لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلاّ تبعًا، وأمّا أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء.(1/36)
باب النهي عن سبّ البراغيث لم يثبت فيه شيء(1).
باب ذم السماع لم يرد فيه حديث صحيح(2).
باب اللعب بالشطرنج ليس فيه حديث صحيح(3).
باب لا [تقتل](4) المرأة إذا ارتدت لم يصحّ فيه(5) بل صحّ خلافه من بدّل دينه فاقتلوه(6).
__________
(1) قال العقيلي في الضعفاء (2/158): ونقل ذلك عنه ابن القيم في نقد المنقول (125) لم يصحّ في البراغيث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء.
(2) أمّا سماع الملاهي فأدلّة كثيرة على النهي عن ذلك ومنها: حديث أبي عامر الأشعري أخرجه البخاري رقم (5590) من طريق هشام بن عمار والبخاري رحمه الله ينتقي من أحاديث من تكلّم فيهم من شيوخه كما هو مبين في مقدّمة الفتح وغير ذلك، وبين ثبوت الحديث الإمام ابن القيم رحمه الله في <إغاثة اللهفان> واستفاد من ذلك وزاد عليه العلاّمة الألباني رحمه الله في <تحريم الآلات الطرب>.
(3) قال ابن القيم في كتابه نقد المنقول (1/126) أحاديث اللعب بالشطرنج إباحة وتحريما كلّها كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما يثبت فيه المنع من الصحابة.
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (32/241): قال البيهقي: وأبو سعيد الخدري كان يكره اللعب بها فهذه أقوال الصحابة رضي الله عنهم ولم يثبت عن صحابي خلاف ذلك، وقال شيخ الإسلام كما في المجموع (32/244): اللعب بالشطرنج حرام عند جماهير علماء الأمة وأئمتها كالنرد، وقد صح عن النبي أنه قال: (من لعب بالنرد فكأنما صبغ يد في لحم خنزير ودمه) وقال: (من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله).
(4) في المخطوطة يقتل، والمثبت من سفر السعادة وكشف الخفاء.
(5) قال الدارقطني في السنن (3/117): وهذا لا يصحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
(6) أخرجه البخاري (3017) من حديث ابن عباس.(1/37)
باب إذا وجد القتيل بين قريتين ضمن أقربهما لم يثبت فيه شيء(1).
باب من أهدي له هدية وعنده جماعة فهم شركاه لم يثبت فيه شيء(2).
باب ذم الكسب وفتنة المال ما ثبت فيه شيء(3).
__________
(1) قال العقيلي في الضعفاء (1/76): قال العقيلي ما جاء به غير أبي إسرائيل لملائي وليس له أصل.
وقال ابن حزم في لمحلى (11/86): وكل هذه الأقاويل فلا يجب الاشتغال بها على ما نبين إن شاء الله تعالى
أما الحديث الذي صدرنا به فهالك لأنه انفرد به عطية بن سعيد العوفي وهو ضعيف جدا وذكر عنه أحمد بن حنبل أنه بلغه عنه أنه كان يأتي الكلبي الكذاب فيأخذ عنه الأحاديث ثم يكنيه بأبي سعيد ويحدث بها عن أبي سعيد فيوهم الناس أنه الخدري وهذا من تلك الأحاديث والله أعلم فهو ساقط.
ثم هو أيضا من رواية أبي إسرائيل الملائي هو إسماعيل بن أبي إسحاق فهو بليه عن بلية والملائي هذا ضعيف جدا وليس في الذرع بين القريتين خبر غير هذا البتة لا مسند ولا مرسل.
(2) قال العقيلي لا يصحّ في هذا الباب شيء وقال البخاري في صحيحه باب من أهدي له هدية وعنده جلساء فهو أحقّ قال: ويذكر عن ابن عباس أنّ جلساءه شركاؤه ولم يصحّ اهـ المراد من نقد المنقول لابن القيم (1/126).
(3) هذا الباب ساقط من المخطوطة والمثبت من الأصل <خاتمة سفر السعادة> ومن <كشف الخفاء للعجلوني>.
قلت: ثبت خلافه فقد أخرج البخاري (2072): عَنْ الْمِقْدَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ? قَالَ: مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ.
والأحاديث في فضل الكسب كثيرة، والله عزوجل يقول: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك:15).
ويقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) (البقرة:267).
ويقول: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) (الكهف:79).
وأما فتنة المال فقد ثبت أن النبي ? قال: لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال، أخرجه الترمذي (2336) وأحمد (4/160) قال الشيخ مقبل رحمه الله في الجامع الصحيح (1/46) وقال: حديث حسن، وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني البخاري ومسلمًا أن يخرجاها.(1/38)
باب ترك الأكل والشرب من المباحات لم يثبت فيه شيء.
باب الحجامة واختيارها في بعض الأيام وكراهيتها في بعضها ما يثبت فيه شيء(1).
إنما الثابت حديث: <مُرْ أُمَّتَكَ بِالحِجَامَةِ>(2) وحديث الصحيحين: <إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ شِفَاءٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ>(3).
باب الاحتكار فيه أحاديث كثيرة منقولة ولم يصحّ فيه سوى حديث مسلم(4) <مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئ> فبعضهم يقول هو منسوخ وبعضهم يحمله على ما يضرّ بأهل ذلك المقام(5).
__________
(1) قال العقيلي في الضعفاء (3/454): وليس ثابت في التوقيت في الجحامة يوما بعينه عن النبي ? وفيها أحاديث أسانيدها كلها لينة.
(2) أخرجه ابن ماجة رقم (3479) وفيه جبارة بن المغلس وكثير بن سليم ضعيفان. وفي الباب عن ابن عباس عند الترمذي رقم (2053) وعن ابن مسعود رقم (2052) وهو مع ما بعده صحيح.
(3) أخرجه البخاري (5683) ومسلم (2205) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(4) من حديث معمر بن عبد الله في مسلم رقم (1605).
(5) قال النووي رحمه الله عند الحديث وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار، قال أصحابنا: الاحتكار المحرّم هو الاحتكار في الأقوات خاصّة وهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء للتجارة ولا يبيعه في الحال بل يدّخره ليغلوا ثمنه... وأمّا غير الأقوات فلا يحرم الادخار بكلّ حال، وقال الشوكاني: وظاهر أحاديث الباب أنّ الاحتكار محرّم من غير فرق بين قوت الآدمي والدواب وغيره والتصريح بالطعام في بعض الروايات لا يصلح لتقييد بقية الروايات المطلقة بل هو من التنصيص على فرد من الأفراد التي يطلق عليها المطلق اهـ. قلت: وما قاله الشوكاني صواب وإن وقع الاحتكار من أحد من الأئمّة لا يخصّص فعله الدليل الصحيح إذ هو اجتهاد منه رحمه الله، وأمّا القول بالنسخ فلا دليل عليه.(1/39)
باب مسح الوجه باليدين بعد الدعاء لم يصحّ فيه شيء(1).
باب موت الفجأة لم يصحّ فيه شيء وحديث أنّه راحة للمؤمن أخذه أسف للكافر لم يثبت(2).
باب الملاحم والفتن ما روي أنّ عليًا قال للزبير في يوم الجمل: أنشدك الله هل سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سقيفة بني فلان يقول: لتقاتلنه وأنت ظالم. لم يثبت ولم يصححه أهل الحديث(3).
باب ظهور آيات القيامة في الشهور المعينة وما روي فيه يكون في رمضان هذه وفي شوال همهمة إلى غير ذلك لم يثبت فيه شيء ومجموعه باطل(4).
باب الإجتماع حجة لم يصحّ فيه حديث.
باب القياس حجّة لم يصحّ فيه شيء(5).
__________
(1) قال النووي في المجموع (3/462): والقول الثاني لا يمسح وهذا هو الصحيح صححه البيهقي والرافعي وآخرون من المحققين، قال البيهقي: لست أحفظ فيه شيئا وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة فأما في الصلاة فهو عمل لم يثبت فيه خبر ولا أثر ولا قياس فالأولى أن لا يفعله.
وقال ابن بدر الموصلي في المغني (93): قال أحمد لا يعرف هذا عن النبي ?، وإنما يروى عن الحسن البصري.
(2) جاء مرفوعًا موقوفًا والموقوف أرجح، انظر: <سنن البيهقي الكبرى> (3/379).
(3) قال العقيلي في الضعفاء (3/65): ولا يروى هذا المتن من وجه يثبت.
وقال ابن الجوزي في العلل (2/848): هذا حديث لا يصح.
(4) قال العقيلي في الضعفاء (3/65): ليس لهذا الحديث أصل من حديث ثقة ولا من وجه يثبت.
وقال ابن الجوزي في الموضوعات (2/369): هذا حديث موضوع على رسول الله.
(5) جاء فيه حديث معاذ أن رسول الله ? لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن قال كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ وفيه: فإن لم تجد في سنة رسول الله ? ولا في كتاب الله قال: أجتهد رأيي ولا آلو فضرب رسول الله ? صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله.
قلت: وهذا الحديث ضعفه أربعة عشر واحد من الأئمة وهم: البخاري، والترمذي، والدارقطني، وابن حزم وعبد الحق، وابن الجوزي، وابن طاهر، والعقيلي، والذهبي، والجوزقاني، والسبكي، والعراقي، وابن الملقن، والحافظ وأنظر التلخيص (2076)، والألباني في الضعيفة (881).(1/40)
باب ذم المولودين بعد المائة لم يثبت(1).
باب وصف ما يقع بعد مائة وثلاثين سنة وبعد مائتي سنة، وبعد ثلاثمائة ومذمّة أولئك القوم ومدح الانفراد والتجرّد في ذلك الوقت، بمجموعه باطل مفترى(2) وحديث: <الغرباء ثلاثة: قرآن في جوفِ ظالمٍ، ومصحفٍ في بيت لا يقرأ فيه، ورجل صالح بين قوم سوء> باطل(3).
باب ظهور الآيات بعد المائتين لم يثبت فيه شيء(4).
__________
(1) ذكر ابن بدر الموصلي في المغني (96): عن الإمام أحمد أن قال: ليس بصحيح؛ كيف وقد كان من الأئمة والثقات ولدوا بعد المائة وكذا قال ابن الجوزي في الموضوعات (2/370).
(2) قال ابن القيم في نقد المنقول (98): ومنها –أي من الأحاديث المكذوبة- أحاديث التواريخ المستقبلة وقد تقدمت الإشارة إليها وهي كل حديث فيه إذا كانت سنة كذا وكذا حل كذا وكذا.
(3) أخرجه ابن حبان في المجروحين عتد ترجمة يحيى الباتلي وقال: وهذا لا شك أنه معمول، وقال الدارقطني كما في الموضوعات لابن الجوزي (2/371): البلية في هذا الحديث عن البابلتي لا منه.
(4) الحديث أخرجه القطيعي في جزء الألف دينار (279) من طريق الكديمي حدثنا عون بن عمارة حدثنا عبد الله بن المثنى وقال ابن الجوزي في الموضوعات (2/328): هذا حديث موضوع على رسول الله، وعون وابن الميني ضعيفان، غير أن المتهم به الكديمي قال ابن حبان: كان يضع الحديث على الثقات.
قال السيوطي في اللآليء (2/328) هو برئ منه يعني الكديمي فقد أخرجه ابن ماجه (4057) حدثنا الحسن بن علي الخلال حدثنا عون به، وأخرجه الحاكم (4/428) من طريق عون وقال صحيح وتعقبه الذهبي فقال: عون ضعفوه.
والحديث مذكور في الميزان في ترجمة عون هذا وقال: قال البخاري فقد مضى مائتان ولم يكن من الآيات شيء.
وقال الحافظ في التهذيب عند ترجمة عبد الله بن المثنى: قال الأزدي ومن مناكيره روايته عن أنس عن أبي قتادة حديث الآيات بعد المائتين.
وقال الدارقطني في العلل (1046): وليس ذلك شيء صحيح.(1/41)
باب مذمة الأولاد في آخر الزمان وقول: <لأن يربي أحدكم جروًا خير من أن يربي ولدًا>، وحديث: <يكون المطر فيضًا والولد غيضًا> لم يثبت في هذا المعنى من الأحاديث شيء(1).
باب تحريم القرآن بالألحان والتغني لم يثبت فيه شيء بل ورد خلاف ذلك في الصحيح وهو أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكّة يوم الفتح وهو يقرأ سورة الفتح فيها قال الراوي والترجيع آ آ آ(2).
باب تحليل النبيذ لم يصحّ فيه حديث(3).
__________
(1) قال ابن القيم في نقد المنقول (97) فصل أحاديث ذم الأولاد كلها كذب، ومنها أحاديث ذم الأولاد كلها كذب من أولها إلى آخرها كحديث: لو ربى أحدكم بعد الستين ومئة جرو كلب خير له من أن يربي ولدا، وحديث إذا كان الولد غيظا والمطر قيظا، وحديث لا يولد بعد الست مئة مولود ولله فيه حاجة.
وقال الذهبي في الميزان عند ترجمة ذاكر بن موسى روى عن رواد وذكر حديث: لأن يربي... وقال قلت: هذا كذب.
وقال ابن حزم في المحلى (9/441): وهذان خبران موضوعان؛ لأنهما من رواية أبي عصام، رواد بن الجراح العسقلاني وهو منكر الحديث لايحتج به، وبيان وضعهما أنه لو استعمل الناس ما فيهما من ترك النسل لبطل الإسلام والجهاد والدين وغلب أهل الكفر مع ما فيه من إباحة تربية الكلاب فظهر فساد كذب رواد بلا شك وبالله تعالى التوفيق.
(2) أخرجه البخاري (7540) وللفظ له، ومسلم (794) من حديث عبد الله بن مغفل.
(3) قال الإمام أحمد كما في مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح (251): سألته من قال في النبيذ شربه قوم على التأويل وتركه قوم على التحريم كأنه وقف في قوله، قال أبي: لا يعجبني هذا القول التحريم أثبت عندي وأقوى، لا يثبت عندي في تحليل المسكر شيء.
وقال العقيلي في الضعفاء (2/200): عن أحمد بن خالد الخلال قال: قلت لأحمد بن حنبل: حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي عن صالح بن حيان عن بن بريدة قال: شربت مع أنس بن مالك الطلاء على النصف فغضب أحمد وقال: لا ترى هذا في كتاب إلا حذفته أو حككته ما أعلم في تحليل النبيذ حديثا صحيحا اتهموا حديث الشيوخ.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (7/127): وقد أجمعوا على ترك الحديث في تحليل النبيذ واظهار الرواية في تحريمه.(1/42)
باب إذا سمعتم عني حديثًا فاعرضوه على كتاب الله تعالى فإن وافقه فاقبلوه وإلاّ فردّوه لم يثبت فيه شيء وهذا الحديث من أوضع الموضوعات(1) بل صحّ خلافه: <أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ القُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ> وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَكِّئًا عَلَى مُشْكَاةٍ يَصِلُ إِلَيْهِ الحَدِيثُ فَيَقُولُ أَلاَ نَجِدُ هَذَا الحُكْمَ فِي القُرْآنِ أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ القُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ>(2).
__________
(1) قال الشوكاني في إرشاد الفحول (68): وأما ما يروي من طريق ثوبان في الأمر بعرض الأحاديث على القرآن فقال يحيى بن معين: انه موضوع، وضعته الزنادقة، وقال الشافعي: ما رواه احد عمن يثبت حديثه في شيء صغير ولا كبير، وقال ابن عبد البر في كتاب جامع العلم: قال عبد الرحمن بن مهدي: الزنادقة والخوراج وضعوا حديث ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله فان وافق كتاب الله فأنا قلته وان خالف فلم أقله، وقد عارض حديث العرض قوم فقال: وعرضنا هذا الحديث الموضوع على كتاب الله فخالفه؛ لأنا وجدنا في كتاب الله (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ووجدنا فيه: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) ووجدنا فيه: (من يطع الرسول فقد أطاع الله).
قال الاوزاعي الكتاب أحوج الى السنة من السنة إلى الكتاب، قال ابن عبد البر: إنها تقضي عليه وتبين المراد منه، وقال يحيى بن أبي كثير السنة قاضية على الكتاب، والحاصل: أن ثبوت حجية السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورية دينية ولا يخالف في ذلك الا من لا حظ له في دين الإسلام اهـ.
(2) أخرجه أبو داود (4604) والترمذي (2664) وابن ماجة (12) وأحمد (4/131) وسنده صحيح .(1/43)
باب انتفاع أهل العراق بالعلم والمشي إلى طلب العلم حافيًا والتملق في طلبه وعقوبة المعلّم الجائر على الصبيان والدعاء بالفقر على المعلّمين لم يصحّ فيه شيء(1).
باب الحاكة وذمّهم ومدحهم ليس فيه شيء(2).
باب إنشاد الشعر بعد العشاء وحفظ العرض بإعطاء الشعراء ومذمّة التعبّد بغير فقه، ومذمّة العلماء الذين يمشون إلى السلطان، ومسامحة العلماء، وزيارة الملائكة قبور العلماء، لم يثبت في ذلك شيء(3)
__________
(1) انظر هذه الأبواب في الموضوعات لابن الجوزي (1/349-361).
(2) قال ابن القيم في المنار المنيف (180): وحديث ذم الحاكة، والأساكفة، والصواغين أو صنعة من الصنائع المباحة كذب على رسول الله ? إذ لا يذم الله ورسوله الصنائع المباحة.
(3) أما إنشاد الشعر بعد العشاء، فجاء فيه حديث أخرجه أحمد في مسنده (4/125) والطبراني في الكبير (7133) والبزار (2094) والعقيلي في الضعفاء (3/339) من طريق قزعة بن سويد، عن عاصم بن مخلد، عن أبي الأشعث الصنعاني، قال أبي: حدثنا الأشيب، فقال: عن أبي عاصم، عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس مرفوعًا بلفظ: (من قرض بيت شعر بعد العشاء الآخرة لم تقبل له صلاة تلك الليلة.
وسنده ضعيف جدًا فيه فزعة بن سويد ضعيف، وعاصم مجهول،
قال العقيلي: عاصم بن مخلد، عن أبي الأشعث لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به.
والحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات (506) وقال حديث موضوع قال الحافظ في الذب عن مسند أحمد (2) ليس في شيء من هذا ما يقضى على هذا الحديث بالوضع إلا أن يكون استنكر عدم القبول من أجل فعل المباح لأن قرض الشعر مباح فكيف يعاقب فاعله بأن لا تقبل له صلاة فلو علل بهذا لكان أليق به.
وأما حفظ العرض بإعطاء الشعراء: فجاء فيه حديث عن عن عوف بن مالك الأشجعي قال: قال رسول الله ?: من أراد بر والديه فليعط الشعراء، ذكره ابن حبان في المجروحين (1/119): وقال: وهذا حديث باطل، وقال المقدسي في معرفة التذكرة (430): فيه إبراهيم بن إسحاق بن عيسى البغدادي كذاب، والحديث باطل.
وأما مذمة التعبد بغير فقه: فجاء من حديث واثلة قال: قال رسول الله ? المتعبد بغير فقه كالحمار في الطاحونة، أخرجه أبو نعيم في الحلية (5/216) قال ابن عراق في تنزيه الشريعه (1/267): ولا يصح فيه محمد بن إبراهيم الشامى، وقال ابن الجوزي في الموضوعات (1/429): هذا حديث لا يصح عن رسول الله، والمتهم به محمد بن إبراهيم.
وجاء حديث آخر أخرجه الترمذي (2681) وابن ماجة (222) والطبراني في الكبير (11/78) وغيرهم من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا روح بن جناح، عن مجاهد عن ابن عباس، وهذا الحديث ذكره الحافظ في التهذيب وقال: قلت قال الساجي وهو حديث منكر، وقال ابن الجوزي في اللعل (1/134): هذا حديث لا يصح عن رسول الله ? والمتهم برفعه روح بن جناح، قال ابو حاتم بن حبان: روح يروي عن الثقات ما اذا سمعه من ليس بمتبحر في صناعة الحديث شهد له بالوضع ومنه هذا الحديث. قال المصنف قلت: هذا الحديث من كلام ابن عباس إنما رفعه روح إما قصدا أو غلطا.
قلت: وقد ذم الله عزوجل النصارى؛ لأنهم يعملون بدون علم فقال: (غير المغضوب عليهم وللضالين) وقال: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (البقرة:78)وأما مذمة العلماء الذين يمشون إلى السلطان: ففيه نظر فقد صح بجموع طرقه وشواهده من حديث ابن عباس، وأبي هريرة أن النبي ? قال: ومن أتى أبواب السلطان افتتن
أخرجه أحمد (1/357) والترمذي (2256) وأوبو داود (2859) وغيرهم من طريق سفيان الثوري، عن أبي موسى عن وهب بن منبه عن ابن عباس، وفيه أبو موسى مجهول، قال الذهبي في الميزان شيخ يماني يجهل، ولعله إسرائل بن موسى وإلا فهو مجهول، وذكر هذا الحديث في ترجمته، وقال الحافظ وأبو موسى عن وهب بن منبه مجهول من السادسة ووهم من قال إنه إسرائيل بن موسى.
وحديث أبي هريرة أخرجه أحمد (2/371)، وغيره وفيه اضطراب، وانظر ما بينته في النصحية المحتومة فصل التبيان في حكم دخول العلم على السلطان.
وأما مسامحة العلماء، وزيارة الملائكة قبورهم: فانظر الموضوعات لابن الجوزي (1/431-434).(1/44)
والله سبحانه أعلم.
تمت الرسالة بحمد الله وعونه
- - -(1/45)