حَدِيْث هشام بن خالد (1) ، عن بقية بن الوليد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عَبَّاسٍ (2) قَالَ : قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا جامع أحدُكم زوجته أو جاريته فلا يَنْظُرْ إلى فَرْجِها ، فإنّ ذَلِكَ يُوْرِثُ العمى )) .
رَوَاهُ من هَذِهِ الطريق ابن أبي حاتم في " العلل "(3)، وابن حبان في " المجروحين "(4)، وابن عدي في " الكامل " (5) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " (6) ، وابن عساكر (7) في " تاريخ دمشق " (8)
__________
(1) هُوَ أَبُو مروان هشام بن خالد الأزرق الدمشقي السلامي ، مولى بني أمية : صدوق ، ولد سنة
( 153 ه) ، وَقِيْلَ : ( 154 ه) ، وتوفي سنة ( 249 ه) .
تهذيب الكمال 7/401 ( 7169 ) ، وميزان الاعتدال 4/298 ، والتقريب ( 7291 ) .
(2) حبر الأمة البحر ، أبو العباس عَبْد الله ، ابن عم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - العباس بن عَبْد المطلب القرشي الهاشمي ، ولد قَبْلَ الهجرة بسنتين ، وتوفي سنة ( 67 ه) ، وَقِيْلَ : ( 68 ه) .
معجم الصحابة ، لابن قانع 8/2905 ، وسير أعلام النبلاء 3/331 و 359 ، والإصابة 2/330 .
(3) 2/295 ( 2394 ) .
(4) 1/231 ، طبعة السلفي .
(5) 2/265 . ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " 2/271 .
(6) 7/94 و 95 .
(7) الإمام الحافظ علي بن الحسن بن هبة الله ، أبو القاسم الدمشقي الشَّافِعِيّ ، المعروف بابن عساكر ، ولد سنة ( 499 ه) وصنف الكثير ، فمن ذَلِكَ " تاريخ دمشق " و " تبيين كذب المفتري " وغيرهما ، توفي سنة ( 571 ه) .
انظر : وفيات الأعيان 2/309 ، وسير أعلام النبلاء 20/554 ، وشذرات الذهب 4/239 .
(8) 46/303 ، ورواه مرة أخرى 65/369 من طريق هشام بن عمار ، عن بقية ، بِهِ . قَالَ الألباني : (( فلا أدري هَذِهِ متابعة من هشام بن عمار لهشام بن خالد ، أم أن قوله : (( عمار )) محرف عن خالد ، كَمَا أرجح )) . سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 195 ) .
ولعل ما رجحه الألباني هُوَ الأقرب ، فما رَوَاهُ من طريقه وَهُوَ نسخة من عدة أحاديث ، رواها ابن حبان في " المجروحين " 1/231 ، وابن عدي في الكامل 2/265 من طريق هشام بن خالد .(1/1)
.
والحديث هَذَا أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (1) ، وَقَالَ أبو حاتم – بَعْدَ أن أورده مع حديثين آخرين – : (( هَذِهِ الثلاث الأحاديث موضوعة لا أصل لها ، وَكَانَ بقية يدلس ، فظن هؤلاء أنه يقول في كُلّ حَدِيْث (( حَدَّثَنَا )) وَلَمْ يفتقدوا الخبر مِنْهُ )) (2).
وَقَالَ ابن حبان : (( يشبه أن يَكُوْن بقية سمعه من إنسان ضعيف عن ابن جريج ، فدلس عَنْهُ ، فالتزق كُلّ ذَلِكَ بِهِ )) (3) .
وَقَالَ ابن عدي بَعْدَ روايته : (( حدثناه بهذا الإسناد ثلاثة أحاديث أخر مناكير ، وهذه الأحاديث يشبه أن تكون بَيْنَ بقية وابن جريج بعض المجهولين أو بعض الضعفاء ؛ لأن بقية كثيراً ما يدخل بَيْنَ نفسه وبين ابن جريج بعض الضعفاء أو بعض المجهولين ))(4).
فمن هَذَا كله يتضح أن بقية قَدْ دلسه عن بعض الواهين ، أو لربما دلّس مشيخة ابن جريج ، لاسيما وَقَدْ عنعن ابن جريج ، وَهُوَ لا يكاد يدلس إلا عن مطعون فِيْهِ (5) .
أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء ( نظر الزوج إلى فرج زوجته أو حليلته ) :
اختلف الفقهاء في جواز نظر الزوج إلى فرج زوجته أو ملك يده عَلَى مذهبين :
الأول : يكره للزوج النظر إلى فرج زوجته ، كَمَا يكره للزوجة النظر إلى فرج زوجها ، وإليه ذهب الشافعية (6) ، والحنابلة (7) .
الثاني : ذهب جمهور الفقهاء إلى إباحة نظر كُلّ من الزوجين إلى فرج الآخر ، ونظر المالك إلى فرج مملوكته ، ونظر المملوكة إلى فرج مالكها . وبه قَالَ
__________
(1) 2/271 .
(2) علل الْحَدِيْث 2/295 ( 2394 ) .
(3) المجروحين 1/231 ، طبعة السلفي .
(4) الكامل 2/265 .
(5) انظر : ميزان الاعتدال 1/333 ، ونصب الراية 4/248 ، والسلسلة الضعيفة ( 195 ) ، والتعليق عَلَى تهذيب الكمال 4/562 .
(6) نهاية المحتاج 6/195 ، ومغني المحتاج 3/134 ، والإقناع ، للشربيني 2/404 .
(7) المغني 6/557 .(1/2)
الحنفية (1) ، والمالكية (2) ، والظاهرية (3) .
ومع ذَلِكَ فإن الحنفية قالوا : الأولى عدم النظر (4) .
الدكتور ماهر ياسين الفحل
__________
(1) بدائع الصنائع 5/118 .
(2) شرح منح الجليل 2/5 .
(3) المحلى 10/33 .
(4) المبسوط ، للسرخسي 10/148 .(1/3)