تنقيح كتاب التحقيق في أحاديث التعليق للذهبي
| 11 | بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله - عز وجل - والصلاة على نبيه أبي القاسم الكبير المحلّ ، هذا تنقيح كتاب التحقيق في أحاديث التعليق بنكت أولها : قلت ، ومضمون الكتاب الأحاديث الخلافيات.
الطهارة
1 - مسألة : الطَّهورُ هو المطهرُ ، وقال الحنفية : هو بمعنى الطاهر فهو لازم .
( خ ) من حديث يزيد الفقير ، عن جابر مرفوعاً : " أعطيتُ خَمساً لم يُعطهنَّ أحدٌ قبْلي ...
" ومنها : " جُعلتُ لي الأرضُ مسجداً وطهورًا " .
( م ) من حديث أبي هريرة : " فضلت على الأنبياء بست " فذكر : " وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً " .
( م ) من حديث أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي ، عن حذيفة مرفوعاً : " فضلنا على الناس بثلاث : جعلت صفوفنا - كصفوف - الملائكة ، وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً ، وجعلت تربتها طهوراً إذا لم نجد الماء " .
فلو أراد طاهراً لم يكن في ذلك فضيلة ؛ لأنها طاهرة في حق كل الأنبياء .
( ت س ) مالكٌ ، عن صفوان بن سليم ، عن سعيد بن سلمة - من آل(1/11)
| 12 | الأزرق - أنَّ المغيرة بن أبي بردة أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول : " سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا ، أفنتوضأ من ماء البحر ؟ فقال رسول الله : هو الطهور ماؤه ، الحلُّ ميتتهُ " .
صححه ( ت ) .
أحمد ، أخبرنا أبو القاسم بن أبي الزناد ، أخبرني إسحاق بن حازم ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن جابر مرفوعاً في البحر : " هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته " .
وفي الباب عن أبي بكر ، وعلي ، وابن عباس ، وغيرهم .
وأبو القاسم : صدوق .
2 - مسألةُ : القُلَّتينِ .
لنا حديث ابن إسحاقَ ، عن محمد بن جعفر بن الزُّبير ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن ابن عُمرَ : " سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يُسألُ عن الماءِ يكون في الفلاةِ من الأرْض وما ينوبهُ من السِّباع والدوابِّ فقالَ : إذا كان الماء قلتيْنِ لم يحمل الخبثَ " .
رواه أحمدُ في " مسندهِ " والترمذيُّ ، وغيرهما ، من حديث عبدةَ بن سليمانَ ، عنهَ .
وفي " مسند عَبْدٍ " : ثنا أبو أسامة ، ثنا الوليدُ بن كثيرٍ ، عن محمدِ بن جعفر بن الزُّبير ، عن ( عُبيد الله ) ، عن أبيه مثلهُ .(1/12)
| 13 | تابعه جماعة عن أبي أسامة .
وقال جماعةٌ : ثنا أبو أسامةَ ، نا الوليدُ ، عن محمد بْنِ عباد بنِ جعفرِ ، عنْ عبيد الله بنِ عبد اللهِ ، عنْ أبيهِ .
قال الدَّارقطنيُّ : فالقولان صحِيحانِ عنْ أبي أُسامةَ .
قال عبدُ الحقِّ : المُحمَّدانِ ثقتانِ .
وفي " المسند " نا وكيعٌ ، نا حمادُ بن سلمةَ ، عن عاصم بن المنذر / ، - ق 2 - ب - عنْ عُبيد اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بن عمر ، عنْ أبيهِ مرفوعاً : " إذَا كان الماءُ قلَّتين - أو ثلاثاً - لم ينجِّسه شيءٌ " .
قال وكيعٌ : القلَّةُ : الجرَّةُ .
عاصمٌ : صالحٌ .
ورواهُ الزعفرانيُّ ، عن يزيد ، عن حماد كذلك .
تابعهما هدبةُ وإبراهيمُ بن الحجاجِ ، وكاملُ بنُ طلحة مثله ، فقالوا : " قلَّتين - أو ثلاثاً " .
وقال عفانُ ويعقوبُ الحضرميُّ ، والتبوذكيُّ وعبيدُ الله بن موسى وآخرونَ ، عنْ حمادٍ بإسنادِهِ : إذَا كان الماءَ قلَّتينِ " ولم يشكُّوا .
سويدٌ ، ثنا القاسم بنُ عبد اللهِ العمريُّ ، عن ابنِ المُنكدِرِ ، عن جابرٍ مرفوعاً : إذا بلغَ الماءُ أرْبعين قلَّة ، فإنَّهُ لا يحملُ الخبثَ " .
فهذا خيرٌ ساقطٌ ؛ لأنَّ القاسم قال أحمد وغيره : كان يكذبُ .
وقد رواهُ الثِّقاتُ عن ابْن المُنكدِرِ ، عن عبْدِ اللهِ بْن عمرو قولهُ .(1/13)
| 14 | وروي عن أبي هريرةَ ، قال : " إِذا كان الماءُ أرْبعين دلْوًا " وقيلَ : " أرْبعين غرباً .
وتمسك مالكٌ وغيرُهُ بخبرَ : " الماءُ طهورٌ " رواهُ الدارقطنيُّ من حديثِ محمد بن موسى الحرشيِّ - صدوق - ثنا فضيلُ بنُ سُليمان - وفيه مقال - عن أبي حازم ، عن سهلٍ مرفوعاً : " الماءُ لا ينجسُهُ شيْءٌ " .
وهذا حديثٌ منكرٌ ، لكن يأتي هذا بسندٍ صحيحٍ .
رشدين بن سعدٍ - واهٍ - نا معاوية بنُ صالحٍ ، عن راشد بن سعدٍ ، عن ثوبانَ : " الماءُ طهورٌ ، إلا ما غلب على ريحِهِ أو طعْمِهِ " .
أخرجه الدَّارقطنيُّ .
وأخرجه من وجهٍ آخرَ عنْ رشدين ، فقال : عِوض " عن ثوبانَ " : " عن أبي أُمامةَ " .
وقد رواهُ الأحوصُ بن حكيمٌ ، عن راشد بن سعْدٍ قوله .
أبو أسامة ، عن الوليد بن كثيرِ ، عن محمدِ بن كعبٍ ، عن عبد اللهِ بنِ عبيد اللهِ بنِ رافع بنِ خديجٍ ، عنْ أبي سعيدٍ " قيلَ : يا رسُول اللهِ ، أنتوضَّأ من بئْر بضاعةَ - وهي بئرٌ يُلْقى فيها الحيضُ ولُحُومُ الكلابِ والنتنُ - ؟ فقالَ : إنَّ الماءَ طهورٌ ، لا ينجسُهُ شيْءٌ " .
أخرجهُ ( ت ) وكذا رواهُ ( د ) عن جماعةٌ عن أبي أسامةَ ، ولهُ طرقٌ أُخرُ واهيةٌ .(1/14)
| 15 | ويروى عنْ أحمد تصحيحُ خبرٍ بئْرِ بضاعةَ ، وسندُهُ حسنٌ ، وعُبيدُ الله راويه مقلٌّ جدًّا .
معمرٌ ، عن همَّامِ ، عن أبي هريرةَ بخبرِ : " لا يبولنَّ أحدكُمْ في الماءِ الدَّائمِ ، ثمَّ يتوضَّأُ منهُ " ( خ ) وفي لفظٍ لهُ : " ثمَّ يغتسلُ فيهِ " و ( م ) : " ثمَّ يغتسلُ منْهُ " .
3 - مسألة : تغير الماء .
هشامُ بن حسَّان ، عن حفصة ، عن أمِّ عطيَّة خبر : " اغسلْنها بماءٍ وسْدرٍ " .
متفقٌ عليه .
أحمد ، نا العَقْدي ، نا إبراهيمُ بنُ نافعٍ ، عن ابن أبي نجيح ، عنْ مجاهدٍ ، عن أُمِّ هانئ قالتْ : " اغتسل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وميمونةُ من إناءٍ واحدٍ ، قصعةٍ فيها أثرُ العجينِ " .
قلت : مجاهدٌ لمْ يسمعْ من أُمِّ هانئ : معمرٌ ، عن ابنِ طاوسِ ، عن / المطّلب بن عبدِ اللهِ ، عن أُمِّ هانئ قالتْ : - ق 3 - أ - " جيء رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بجفنةٍ فيها ماءٌ ، فيها أثرُ العجينِ ، فاغتسَلَ " .
فيه انقطاعٌ .
وقد روي الدَّارقطنيُّ " أَنِّ أمَّ هانئ كرهتْ أن يُتوضَّأ بالماء الَّذي يبلُّ فيه الخبزُ " ثم ما في خبرِ القصعةِ أَنَّ الماءَ تغيْرَ .
4 - مسألة : المُستعملُ طاهرٌ خلافاً للحنفية .(1/15)
| 16 | نا وكيعٌ ، نا سفيانُ ، عن عون بن أبي جُحيفةَ ، عن أبيه قالَ : أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بالأبطحِ ، وهُو في قبَّةٍ لهُ ، فخرجَ بلالٌ بفضْلِ وضُوئِهِ ، فبين ناضحٍ ونَائلٍ " .
شُعبةُ ، عن الحكمِ ، سمعَ أبا جُحيفةَ يقولُ : " توضَّأَ رسُولث الله - صلى الله عليه وسلم - ، فجعلَ النَّاسُ يأْخُذُونَ فضْلَ وضُوئِهِ ويتمسَّحُونَ به " .
متفقٌ عليْهِ .
قلْتُ : كِلاهُما لم يدُلاَّ على المسألةِ .
5 - مسألة : فضل المرأة .
شعبةُ ، عنْ عاصمِ الأحولِ ، سمعتُ أبا حاجبٍ يحدِّثُ عن الحكم بنِ عمروٍ الغفاريُّ " أنَّ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نهى أنْ يتوضَّأ الرجُلُ بفضْلِ وضوءِ المرأةِ " .
حسنه ( ت ) وأبو حاجبٍ سوادة بنُ عاصمٍ : صالحُ الحدِيثِ .
أحمدُ ، نا حميدُ بنُ عبدِ الرحمنِ الرؤاسي ، نا زهير ، عن داود بن عبد الله الأودي ، عن حميد الحميري ، عن صحابي ، قال رسول الله : " لا يغتسل الرجل من فضل امرأته ، ولا تغتسل بفضله " .
قلت : منكر ، وزهير هو ابن محمد فيه شيء ، وقيل : بل زهير هو ابن معاوية الجعفي أحد الثقات الأثبات .
عبد العزيز بن المختار ، عن عاصم الأحول ، عن عبد الله بن سرجس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يغتسل الرجل بفضل المرأة ، والمرأة بفضل الرجل ، ولكن يشرعان جميعا " .(1/16)
| 17 | سنده جيد ؛ قد أخرجه ابن ماجه ، لكن المحفوظ لعاصم حديثه عن أبي حاجب كما مر مختصراً ، ثم لا نعلم أحدا كره للمرأة أن تتوضأ بفضل الرجل .
وحجه من ترخص في الأمرين : الثوري وأبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن امرأة من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسلت من جنابة ، فاغتسل النبي - صلى الله عليه وسلم - أو توضأ من فضلها " .
وفي لفظ : " من جفنة " .
ولفظ أحمد عن عبد الرزاق ، عن الثوري سماعا : " فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ من فضلها ، فقالت : إني اغتسلت منه .
فقال : إن الماء لا ينجسه شيء " .
أحمد ، نا أبو النضر ، نا شريك ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن ميمونة : " أجنبتُ أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاغتسلت من جفنة ، ففضلت فضلة ، فجاء رسول الله ليغتسل منها ، فقلت : إني قد اغتسلت - منها - .
قال : إن الماء ليس عليه جنابة - أو لا ينجسه شيء - فاغتسل منه " .
أخرجه ( عو ) وصححه ( ت ) .
6 - / مسألة : يجوز عند الحنفية إزالة النجاسة بالمائعات .
(1/17)
| 18 | عكرمة بن عمار ، ثنا إسحاق بن عبد الله ، عن أنس عمه قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعداً في المسجد ، فبال أعرابي في المسجد ، فقال رسول الله لرجل : قم فائتنا بدلو من الماء ( فسنه ) عليه .
فأتى بدلو ( فسنه ) عليه " .
سنده حسن ، لكنه لا يدل .
هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء : " أتت امرأة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، المرأة يصيبها من دم حيضتها ، فقال : لتحته ثم لتقرصه بماء ، ثم لتصل فيه " .
صحيح .
7 - مسألة : الوضوء بالنبيذ جائز عند أبي حنيفة .
صحح الترمذي من حديث الثوري ، عن خالد ، عن أبي قلابة ، عن عمرو بن بجدان ، عن أبي ذر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الصعيد الطيب طهور المسلم ، وإن لم يجد الماء عشر سنين " رواه ( د ت س ) .
وحجتهم : " المسند " نا عبد الرزاق ، نا سفيان ، عن أبي فزارة العبسي ، ثنا أبو زيد مولى عمرو بن حريث ، عن ابن - مسعود قال : " لما - كان ليلة الجن قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : أمعك ماء ؟ .
قلت : ليس معي ماء ، ولكن مع إداوة فيها نبيذ .
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : تمرة طيبة ، وماء طهور " .
(1/18)
| 19 | ورواه أحمد ، عن يحيى بن زكريا ، عن إسرائيل ، عن أبي فزارة ، وزاد : " فتوضأ منها ، ثم صلى بنا " .
وأخرجه ( د ت ق ) من حديث شريك وغيره ، عن أبي فزارة ، وهو صالح ، لكن أبو زيد مجهول .
أحمد ، نا يحيى بن إسحاق ، أنا ابن لهيعة ، عن قيس بن الحجاج ، عن حنش الصنعاني ، عن ابن عباس ، عن ابن مسعود " أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن ، فقال : يا عبد الله ، أمعك ماء ؟ .
قال : معي نبيذ .
قال : اصبب علي .
فتوضأ ، وقال : يا عبد الله شراب وطهور " .
هذا ضعيف .
حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي رافع ، عن ابن مسعود " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له ليلة الجن : أمعك ماء ؟ قال : لا .
قال : معك نبيذ ؟ قال .
نعم .
فتوضأ به " .
لم يسمع أبو رافع من ابن مسعود .
أخرجه الدَّارقطنيُّ ، وسنده مقارب ، لكن أساء بإخراج حديث الحسين بن عبيد الله العجلي - كذاب - نا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله : " كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن ، فأتاهم .
.
.
" الحديث .
ثم ساقه من حديث محمد بن عيسى المدائني - واه - نا الحسن بن قتيبة -(1/19)
| 20 | واهٍ - نا يونس ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة وأبي الأحوص ، عن ابن مسعود ، \ قال : " مر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : خذ معك إداوة من ماء .
ثم انطلق وأنا معه ، فلما فرغت عليه من الإداوة - ق 4 - أ - / إذا هو نبيذ ، فقلت : يا رسول الله ، أخطأت بالنبيذ .
فقال : تمرة حلوة ، وماء عذب " .
وخرج الدَّارقطنيُّ عن الصواف ، عن إسحاق بن أبي حسان ، عن ( هشام ) بن خالد الأزرق ، ثنا الوليد ، ثنا معاوية بن سلام ، عن أخيه زيد ، عن جده أبي سلام ، عن فلان بن غيلان ، الثقفي أنه سمع ابن مسعود يقول : " دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن بوضوء ، فجئته بإداوة ، فإذا فيها نبيذ ، فتوضأ " .
سنده نظيف ، وفلان لا يعرف .
وخرج للمسيب بن واضح - وفيه ضعف - ثنا مبشر ، عن الأوزاعي ، عن يحيى ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً : " النبيذ وضوء لمن لم يجد الماء " .
هذا منكر .
ويروى عن أبان - وهو تالف - عن عكرمة نحوه .
ومما يوهي الخبر ؛ أن في الصحيح عن ابن مسعود " أنه سئل : أكنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن ؟ قال : لا " .
وعن الحارث الأعور ، عن علي جواز الوضوء بالنبيذ .
(1/20)
| 21 | 8 - مسألة : الماء المشمس .
الهيثم بن عدي ، وخالد بن إسماعيل - واللفظ له ، وهما متهمان - عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : " أسخنت ماء في الشمس ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تفعلي يا حميراء ؛ فإنه يورث البرص " .
عمرو بن محمد الأعسم - واه ، وكذبه ابن حبان - ثنا فليح ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : نهى رسول الله أن يتوضأ بالماء المشمس ، وقال : إنه يورث البرص " .
وعن وهب بن وهب - متهم عن هشام به مثله .
ويروى عن علي بن هشام الكوفي ، ثنا سوادة - مجهول - عن أنس مرفوعا : لا تغتسلوا بالماء الذي يسخن في الشمس ؛ فإنه يعدي من البرص " .
9 - مسألة : ما لا نفس له سائلة : ( خ ) من حديث إسماعيل بن جعفر ، عن عتبة بن مسلم ، عن عبيد بن حنين ، عن أبي هريرة مرفوعا : " إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه .
.
.
" الحديث .
تفرد به ( خ ) .
وخرج الدَّارقطنيُّ لبقية ، نا سعيد بن أبي سعيد الزبيدي - ضعفه الدَّارقطنيُّ - عن بشر بن منصور ، عن ابن جدعان ، عن ابن المسيب ، عن سلمان ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا سلمان ، كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم ، فماتت فيه فهو حلال أكله وشربه ووضوء " .
(1/21)
| 22 | وهذا خبر واه لأمور .
10 - مسألة : أسآر السباع : على روايتين لأحمد : إحداهما طاهرة ، كقول مالك والشافعي ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " الماء طهور ، لا ينجسه شيء " .
وروي عن أيوب بن خالد الحراني - وهو منكر الحديث - عن محمد بن علوان - وليس بعمدة - عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : " خرج رسول الله - ق 4 - ب - / - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره ، فسار ليلا ، فمروا على رجل جالس عند مقراة له ، فقال عمر : يا صاحب المقراة ، أولغت السباع في مقراتك ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا صاحب المقراة ، لا تخبره ، هذا تكلف ، لها ما حملت في بطونها ، ولنا ما بقي شراب وطهور " .
وهذا لم يصح .
ابن وهب ، ثنا عبد الرحمن بن زيد ، عن أبيه ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، " سئل رسول الله عن الحياض تكون فيما بين مكة والمدينة ، فقيل له : إن الكلاب والسباع ترد عليها ، فقال : لها ما أخذت في بطونها ، ولنا ما بقي شراب وطهور " .
عبد الرحمن ضعفوه .
الشافعي ، أنا سعيد بن سالم ، عن ابن أبي حبيبة ، عن داود بن الحصين ، عن أبيه ، عن جابر ، قيل : " يا رسول الله ، أنتوضأ بما أفضلت الحمر ؟ قال : وبما أفضلت السباع " .
ابن أبي حبيبة - هو إبراهيم ، واه - وتابعه إبراهيم بن أبي يحيى ، وهو(1/22)
| 23 | ( ضعيف ) .
وداود له مناكير ، وأبوه مجهول .
11 - مسألة : البغل والحمار وجوارح الطير نجس خلافاً لمالك والشافعي .
لحديث جابر " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ، ورخص في الخيل " أخرجه ( خ ) .
وأيوب ، عن محمد ، عن أنس قال : " أتانا منادي رسول الله فقال : إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر ؛ فإنها رجس " .
أخرجه ( خ س ق ) .
وعن جويبر - وهو متروك - عن الضحاك ، عن ابن عباس : " كنت ردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حمار له ، فأصاب ثوبي من عرقه ، فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أغسله " .
12 - مسألة : الكلب والخنزير وسؤرهما نجس .
لخبر أبي هريرة أن رسول الله قال : " إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا " .
متفق عليه .
(1/23)
| 24 | ولمسلم : " إذا ولغ " وزاد : " أولاهن بالتراب " .
إسماعيل بن الخليل ، ثنا علي بن مسهر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح وأبي رزين ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه وليغسله سبع مرات " .
أخرجه الدَّارقطنيُّ ، وقوى سنده .
( خ ) شعبة ، عن أبي التياح ، عن مطرف ، عن عبد الله بن مغفل ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه قال في الإناء إذا ولغ فيه الكلب اغسلوه سبع مرات ، وعفروه الثامنة في التراب " ( خ ) .
الجارود - واه - عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هبيرة ، عن علي مرفوعاً : " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم ، فليغسله سبع مرات إحداهن بالبطحاء " .
13 - مسألة : وجوب - ق 5 - أ - / السبع خلافاً للحنفية .
واحتجوا بخبر لعبد الوهاب بن الضحاك - متروك - ثنا إسماعيل بن عياش ، عن هشام بن عروة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " في الكلب يلغ في الإناء ، أنه يغسله ثلاثاً ، أو خمسا أو سبعاً " .
ضعفه الدَّارقطنيُّ ، وقال : روى عبد الملك ، عن عطاء ، عن أبي هريرة(1/24)
| 25 | قوله : " يغسله ثلاثا " والصحيح سبع مرات .
14 - مسألة : يجب غسل النجاسة سبعا .
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : لا وذكروا : حديث أيوب بن جابر ، عن عبد الله بن عصمة ، عن ابن عمر قال : " كانت الصلاة خمسين ، والغسل من الجنابة سبعاً ، والغسل من البول سبع مرار ، فلم يزل - صلى الله عليه وسلم - يسأل حتى جعلت الصلاة خمسا ، والغسل من الجنابة ومن البول مرة " .
ابن عصمة واه ، وأيوب فيه ضعف ، وقيل : أيوب أضعف من ابن عصمة .
15 - مسألة : غسالة النجاسة إذا انفصلت بعد طهارة المحل غير متغيرة ، فهي طاهرة ، وكذلك البول على الأرض إذا كوثر بالماء ولم يتغير الماء .
وهو قول مالك والشافعي ، وقال أبو حنيفة : نجس .
لنا حديث الأعرابي : " صبوا على بوله ذنوباً من ماء " .
ثم لو كان لم يطهر المكان لكان آمراً بزيادة تنجيس المسجد .
فذكر جرير بن حازم ، سمع عبد الملك بن عمير ، عن عبد الله بن معقل بن مقرن قال : " قام أعرابي إلى زاوية من زوايا المسجد ، فبال فيها ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه ، وأهريقوا على مكانه ماء " .
(1/25)
| 26 | وهذا مرسل غريب ، يعارضه ما في " الصحيحين " .
أبو هشام الرفاعي ، ثنا أبو بكر بن عياش ، ثنا سمعان بن مالك ، عن أبي وائل ، عن عبد الله : " جاء أعرابي فبال في المسجد ، فأمر رسول الله بمكانه فاحتفر ، وصب عليه دلو من ماء " .
قال أبو زرعة : هذا منكر ، وسمعان ليس بالقوي .
قلت : وأبو هشام ذو مناكير .
عبد الجبار بن العلاء ، عن ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن أنس ، بالحديث ، وفيه : " احفروا مكانه " .
قال الدَّارقطنيُّ : وهم عبد الجبار على سفيان ؛ فإن الحفاظ من أصحاب ابن عيينة إنما رووه عنه ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس مرسلا .
16 - مسألة : سؤر الهرة .
كرهه أبو حنيفة .
ولنا : حديث مالك ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة ، عن كبشة بنت كعب بن مالك - وكانت تحت ابن أبي قتادة - " أن أبا قتادة دخل عليها ، فسكبت له وضوءا ، فجاءت هرة تشرب منه ، فأصغى لها الإناء حتى شربت ، قالت : فرآني أنظر إليه ، فقال : أتعجبين يا ابنة أخي ؟ فقلت : نعم .
فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - ق 5 - ب - / قال : إنها ليست بنجس ، إنها من الطوافين عليكم والطوافات " .
(1/26)
| 27 | أخرجه ( عو ) وصححه ( ت ) .
تفرد به مالك .
وروى الدَّارقطنيُّ ، عن المحاملي ، عن أبي حاتم ، ثنا محمد بن عبد الله ابن أبي جعفر الرازي ، ثنا سليمان بن مسافع الحجبي ، عن منصور بن صفية ، عن أمه ، عن عائشة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنها ليست بنجس ، هي كبعض أهل البيت " يعني الهرة .
غريب ، وسليمان لا أعرفه .
وقال الواقدي : ثنا عبد الحميد بن عمران ، عن أبيه ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه كان يصغي إلى الهرة الإناء حتى تشرب ، ثم يتوضأ بفضلها " .
الواقدي ترك .
واحتجوا " ب " الترمذي .
ثنا سوار بن عبد الله ، نا المعتمر ، سمع أيوب ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " يغسل الإناء إذا ولغ الكلب فيه سبع مرات ، وإذا ولغت الهر غسل مرة " .
(1/27)
| 28 | قلت : يعلق ابن الجوزي على هذا بأن الثوري قال : سوار ليس بشيء .
وهذا وهم فاحش ؛ فإن كلام سفيان في جد شيخ الترمذي .
وهذا الخبر رواته ثقات ، لكن علته أن مسددا رواه عن معتمر ، فوقفه .
رواه عنه ( د ) .
أبو عاصم النبيل ، ثنا قرة ، عن محمد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " طهور الإناء إذا ولغ فيه الكلب يغسل سبع مرار ؛ الأولى بالتراب ، والهر مرة أو مرتين " قرة شك .
قال الدَّارقطنيُّ : وقفه غير النبيل .
وثنا علي بن محمد ، ثنا روح بن الفرج ، نا سعيد بن عفير ، ثنا يحيى بن أيوب ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يغسل الإناء من الهر كما يغسل من الكلب " .
هذا الإسناد نظيف ، لكن قال الدَّارقطنيُّ : لا يصح ، فلعله وهّاهُ من جهة يحيى ؛ فإنه قد ضعف ، وإن كان من رجال " الصحيحين " .
وكيع ، نا عيسى بن المسيب ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة " أن رسول الله ذكر الهر ، فقال : هي سبع " .
(1/28)
| 29 | عيسى ، قال ابن معين : ليس بشيء .
قلت : يمكن الجمع بين الأحاديث بأن الغسل على الندب .
17 - مسألة : جلود الميتة .
قال أبو حنيفة والشافعي : تطهر بالدباغ .
ولنا : أحمد ، ثنا خلف بن الوليد ، نا عباد بن عباد ، نا خالد الحذاء ، عن الحكم ، عن ابن أبي ليلى ، عن عبد الله بن عكيم قال : " أتانا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا غلام شاب قبل موته بشهر أو شهرين : أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب " .
ابن علية ، نا سعيد ، عن قتادة ، عن أبي المليح بن أسامة ، عن أبيه " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلود السباع " .
ولهم : أحمد ، ثنا محمد بن مصعب ، نا الأوزاعي ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس : " مر رسول الله بشاة ميتة ، فقال : ألا استمتعتم بجلدها .
قالوا : يا رسول الله ، إنها ميتة ! قال : إنما حرم أكلها " .
- ق 6 - أ - / متفق عليه من وجوه عن الزهري .
الدَّارقطنيُّ ، ثنا ابن زياد ، ثنا إبراهيم بن هانئ ، ثنا عمرو بن الربيع ، ثنا يحيى بن أيوب ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس ، وفيه : إنما حرم أكلها ، أو ليس في الماء والقرظ ما يطهرها " .
(1/29)
| 30 | قلت : هذا مما انفرد به يحيى ، وقد لين .
قال : وأنا المحاملي ، نا أبو عتبة الحمصي ، نا بقية ، حدثني الزبيدي ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بشاة قد نفقت ، فقال : ألا استمتعتم بجلدها .
قالوا : إنها ميتة ! قال : إن دباغها ذكاتها " .
وثنا ابن صاعد ، ثنا أحمد المقدمي ، ثنا محمد بن كثير العبدي ، ثنا سليمان بن كثير ، نا الزهري بالخبر ، وفيه قال : " دباغ إهابها طهورها " .
ثم ساق من حديث إسحاق بن راشد ، عن الزهري مثله ، وفيه : " إنما حرم عليكم لحمها ، ورخص لكم في مسكها " .
ثم قال الدَّارقطنيُّ : هذه أسانيد صحاح .
زيد بن أسلم ، عن ابن وعلة ، عن ابن عباس ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " أيما إهاب دبغ فقد طهر " .
أخرجه ( م ) .
ورواه فليح ، عن زيد ، عن عبد الرحمن بن وعلة ، عن ابن عباس مرفوعاً : " دباغ كل إهاب طهوره " لفظ الدَّارقطنيُّ .
وفي " المسند " من حديث قتادة ، عن الحسن ، عن جون بن قتادة ، عن سلمة بن المحبق " أنه كان مع رسول الله في غزوة تبوك ، فأتى على بيت قدامه قربة معلقة ، قال : ألشراب ؟ فقيل : إنها ميتة .
قال : ذكاتها دباغها " .
وأخرجه ( س ) .
قال أحمد : جون لا يعرف .
(1/30)
| 31 | حفص بن عبد الله ، ثنا إبراهيم بن طهمان ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أيما إهاب دبغ فقد طهر " .
أخرجه الدَّارقطنيُّ عن أبي بكر النيسابوري ؛ نا محمد بن عقيل بن خويلد عنه ، وقال : إسناده حسن .
الدَّارقطنيُّ ، ثنا ابن مخلد ، نا إبراهيم بن الهيثم ، نا علي بن عياش ، ثنا محمد بن مطرف ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " طهور كل أديم دباغه " .
قال : إسناده ثقات .
قلت : ابن الهيثم ليس بحجة ، والمحفوظ لزيد حديثه عن ابن وعلة .
المسند ، ثنا إسحاق بن عيسى ، أنا مالك ، عن يزيد بن قسيط ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن أمه ، عن عائشة " أن رسول الله أمر أن ينتفع بجلود الميتة إذا دبغت " .
لم يتعرض ابن الجوزي إلى الأحاديث ، بل قال : أصحابنا يقولون : حديثنا متأخر ، يعني فهو ناسخ .
18 - مسألة : صوف الميتة وشعرها طاهر خلافاً للشافعي .
ولنا حديث : " إنما حرم أكلها " .
متفق عليه .
وللدَّارقطنيُّ من حديث الوليد بن مسلم ، عن أخيه عبد الجبار ، عن(1/31)
| 32 | الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس مرفوعاً : " إنما حرم من الميتة - ق 6 - أ - / أكلها ، فأما الجلد والشعر والصوف فلا بأس به " .
ضعف الدَّارقطنيُّ عبد الجبار .
زافر بن سليمان ، عن أبي بكر الهذلي ، حدثنا الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ألا كل شيء من الميتة حلال ، إلا ما أكل منها ، فأما الجلد والشعر والصوف والسن والعظم ، فكل هذا حلال ، لأنه لا يذكى " .
قال الدَّارقطنيُّ : الهذلي متروك .
عثمان ابن بنت شرحبيل ، ثنا يوسف بن السفر ، ثنا الأوزاعي ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن أم سلمة ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ ، ولا بصوفها وشعرها وقرنها إذا غسل بالماء " .
يوسف متهم .
- ولهم خبر في " كامل بن عدي " عن عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد ، نا أبي ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا : " ادفنوا الأظفار والدم والشعر ؛ فإنه ميتة " .
عبد الله واه .
19 - مسألة : عظم الميتة نجس ، خلافاً لأبي حنيفة .
لنا : " لا تنتفعوا من الميتة بشيء " .
ولهم : خبر يوسف بن السفر ، وهو ساقط .
وخبر عبد الوارث بن سعيد ، عن ابن جحادة ، عن حميد الشامي ، عن(1/32)
| 33 | سليمان المنبهي ، عن ثوبان ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " اشتر لفاطمة قلادة من عصب ، وسوارين من عاج " .
فحميد وشيخه مجهولان .
وقال ابن قتيبة : ليس العاج هنا الذي تعرفه العامة ؛ ذاك ميتة منهي عنه ، إنما هو الذبل ، قاله الأصمعي .
20 - مسألة : جلد ما لا يؤكل لا يطهر بالذبح خلافاً لأبي حنيفة .
واحتج له ب : " دباغ الأديم ذكاته " .
21 - مسألة : بول ما يؤكل طاهر في رواية خلافاً للشافعي .
ووافقنا أبو حنيفة في الحمام والعصافير .
لنا : البخاري ومسلم ، من حديث أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس " أن رهطاً من عكل - أو قال : عرينة - قدموا المدينة ، فأمر لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بلقاح ، وأمرهم أن يخرجوا فيشربوا من أبوالها وألبانها ، فشربوا ، حتى إذا برئوا قتلوا الراعي ، واستاقوا النعم ، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - غدوة ، فبعث الطلب في أثرهم ، فما ارتفع النهار حتى جيء بهم ، فأمر بهم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمر أعينهم ، وألقوا بالحرة يستسقون فلا يسقون " .
قال أبو قلابة : هؤلاء قوم سرقوا وقتلوا وكفروا وحاربوا الله ورسوله .
يحيى بن أبي بكير ، ثنا سوار ، عن مطرف بن طريف ، عن أبي الجهم ، عن البراء مرفوعاً : " لا بأس ببول ما أكل لحمه " .
(1/33)
| 34 | وسوار متروك - ق 7 - أ - / وقد رواه عبد الله بن رجاء عنه ، فلم يقل ببوله ، بل قال بسؤره .
وروى يحيى بن العلاء - وقد كذب - عن مطرف ، عن محارب بن دثار ، عن جابر مرفوعاً : " ما أكل لحمه فلا بأس ببوله " .
22 - مسألة : بول الغلام .
قال أبو حنيفة ومالك : يغسل .
ولنا : الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أم قيس بنت محصن قالت : " دخلت بابن لي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأكل الطعام فبال ، فدعا بماء فرشه " .
متفق عليه .
هشام ، عن قتادة ، عن أبي حرب بن أبي الأسود ، عن أبيه ، عن علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بول الغلام ينضح عليه ، وبول الجارية يغسل " .
قال قتادة : هذا ما لم يطعما .
أخرجه أحمد .
وهيب ، ثنا أيوب ، عن صالح أبي الخليل ، عن عبد الله بن الحارث ، عن أم الفضل قالت : " أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : إني رأيت في منامي أن في بيتي - أو حجري - عضواً من أعضائك .
قال : تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً فتكفلينه .
فولدت فاطمة ( حسناً ) فدفعه إليها ، فأرضعته بلبن قثم ، قالت : فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - أزوره ، فأخذه فوضعه على صدره ، فبال فأصاب إزاره ، فقلت : بيدي بين كتفيه ، فقال : أوجعت ابني أصلحك الله - أو قال : رحمك الله - فقلت : أعطني(1/34)
| 35 | إزارك أغسله .
قال : إنما يغسل بول الجارية ، ويصب على بول الغلام .
أخرجه أحمد .
وأخرج نحوه ( د ق ) من حديث أبي الأحوص ، عن سماك ، عن قابوس بن أبي المخارق ، عن أم الفضل .
وتابعه علي بن صالح ، عن سماك .
أحمد ، نا أبو بكر الحنفي ، نا أسامة بن زيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أم كرز الخزاعية ، قالت : " أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بغلام ، فبال عليه ، فأمر به فنضح ، وأتي بجارية ، فبالت عليه ، فأمر به فغسل " .
وفي الباب عن جماعة من الصحابة .
23 - مسألة : المني طاهر خلافاً لأبي حنيفة .
مسلم من حديث حماد بن سلمة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة : " كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يصلي فيه " .
عكرمة بن عمار ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن عائشة : " كان رسول الله يسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر ، ثم يصلي فيه ، ويحته من ثوبه يابساً ثم يصلي فيه " .
أخرجه أحمد .
(1/35)
| 36 | إسحاق الأزرق ، ثنا شريك ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن عطاء ، عن ابن عباس : " سئل رسول الله عن المني يصيب الثوب ، قال : إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق ، يكفيك أن تمسحه بخرقة أو بإذخرة " .
تفرد برفعه الأزرق .
وذكروا حديثين : أحدهما أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة : " إذا وجدت - ق 7 - ب - / المني رطباً فاغسليه ، وإذا وجدتيه يابساً فحتيه " .
وهذا لا شيء ؛ لأنه بلا سند ، والمعروف أنها كانت تفعل ذلك من غير أن يأمرها .
كما روى الحميدي ؛ ثنا بشر بن بكر ، نا الأوزاعي ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة : " كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يابساً ، وأغسله إذا كان رطباً " .
سنده قوي .
الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام قال : " ضاف عائشة ضيف ، فأمرت له بملحفة صفراء ينام فيها ، فاحتلم ، فاستحيا أن يرسل بها ، فغمسها في الماء ، ثم أرسل بها ، فقالت عائشة : لم أفسد علينا ثوبنا ؟ ! إنما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه ، وربما فركته من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصابعي " .
لفظ الترمذي ، وصححه .
وكذا رواه منصور والحكم ، عن إبراهيم ، وقال حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام ، والأسود عنها .
أخرجه مسلم وغيره .
(1/36)
| 37 | عمرو بن ميمون بن مهران ، عن سليمان بن يسار ، أخبرتني عائشة " أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله ، فيخرج فيصلي وأنا انظر إلى - البقع - في ثوبه من أثر الغسل " .
متفق عليه ، وغسلته للتنظف .
ثابت بن حماد - ضعفوه - عن ابن جدعان ، عن ابن المسيب ، عن عمار : " مر بي رسول الله ، وقد تنخمت فأصابت نخامتي ثوبي ، قال : فأقبلت أغسل ثوبي ، فقال لي : يا عمار ، ما نخامتك ودموع عينيك إلا بمنزلة الماء الذي في ركوتك ، إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والمني والدم والقيء " .
رواه ابن عدي في " كامله " .
24 - مسألة : تخليل الخمر .
لا يجوز خلافاً لأبي حنيفة .
لنا : مسلم من حديث الثوري ، عن السدي ، عن أبي هبيرة يحيى بن عباد ، عن أنس " أن أبا طلحة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أيتام ورثوا خمراً ، قال : أهرقها .
قال : أولا نجعلها خلا ؟ قال : لا " ز وقال معتمر بن سليمان ، عن ليث ، عن يحيى بن عباد ، عن أنس قال أبو طلحة للنبي - صلى الله عليه وسلم - : " إني اشتريت لأيتام خمراً .
فقال : أهرق الخمر ، وكسر الدنان .
فأعاد ذلك عليه ثلاثاً " .
(1/37)
| 38 | أحمد ، نا القطان ، عن مجالد ، حدثني أبو الوداك ، عن أبي سعيد قال : " قلنا لرسول الله لما حرمت الخمر : إن عندنا خمراً ليتيم لنا ، فأمرنا فأهرقناها " .
مجالد ضعف .
فرج بن فضالة ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن أم سلمة " أنها كانت لها شاة تحلبها ، ففقدها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما فعلت الشاة ؟ ! قالوا : ماتت .
قال : أفلا انتفعتم بإهابها .
فقلنا : إنها ميتة ! فقال : إن - ق 8 - أ - / إن دباغها يحل كما يحل خل الخمر " .
خرجه الدَّارقطنيُّ ، ووهى فرجاً .
وذكروا بلا سند : " خير خلكم خل خمركم " .
ومنها : " يطهر الدباغ الجلد ، كما تخلل الخمرة - فتطهر - " .
وهذا لا شيء .
25 - مسألة : إناء الفضة .
قال أبو حنيفة : يجوز المطعم بكثير الفضة .
وقال الشافعي : يكره إن احتيج إليه ، وإلا فيحرم .
لنا : ما خرج الدَّارقطنيُّ في " كتابه " : ثنا الفاكهي ، نا - ابن أبي مسرة - ، نا يحيى بن محمد الجاري ، ثنا زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من شرب في إناء ذهب أو فضة ، أو إناء فيه شيء من ذلك ؛ فإنما يجرجر في بطنه نار جنهم " .
(1/38)
| 39 | قلت : الجاري ليس بعمدة ، ولا أدري من شيخه .
أحمد ، ثنا محمد بن عبيد ، ثنا داود الأودي ، عن شهر ، عن أسماء بنت يزيد ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا يصلح من الذهب شيء ، ولا ( خربصيصة ) .
قلت : هي حقير الحلي ، وداود ضعيف .
26 - مسألة : لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها للحاجة ، وفي البنيان رواية .
ومنع أبو حنيفة مطلقاً ، وأجاز داود مطلقاً .
ففي " الصحيحين " للزهري ، عن عطاء بن يزيد ، سمع أبا أيوب يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بولٍ ، ولكن شرقوا أو غربوا " .
وفي مسلم لسهيل ، عن القعقاع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا جلس أحدكم على حاجته ، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها " .
فحملناه على الصحراء ؛ لأجل حديث محمد بن يحيى بن ( حبَّان ) عن عمه واسع ، عن ابن عمر قال : " رقيت يوماً على بيت حفصة ، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة " .
أخرجه الستة من حديث جماعة ، وفي الباب عن أبي قتادة وعمار بن ياسر .
(1/39)
| 40 | 27 - مسألة : وجوب الاستجمار .
وقال أبو حنيفة : مستحب ، واختلف المالكية .
عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن مسلم بن قرط ، عن عروة ، عن عائشة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا ذهب أحدكم لحاجته ، فليستطب بثلاثة أحجار ، فإنها تجزئه " .
تابعه يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، أخرجه ( د س ) وصححه الدَّارقطنيُّ .
زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن طاوس مرسلاً : " إذا قضى أحدكم حاجته ، فليستنج بثلاثة أعواد ، أو ثلاثة أحجار ، أو ثلاثة حثيات من تراب " .
زمعة : فيه لين .
ورواه ابن عيينة ، عن سلمة ، عن طاوس قوله ، ورواه كذاب ، عن طاوس ، عن ابن عباس مرفوعاً .
الأعمش ، عن مجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس " أن رسول الله - ق 8 - ب - - صلى الله عليه وسلم - مر بقبرين فقال : إنهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ؛ أما أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " .
متفق عليه .
صالح بن محمد الترمذي - ساقط - ثنا القاسم بن عباد الترمذي ، ثنا صالح(1/40)
| 41 | ابن عبد الله الترمذي ، عن أبي عامر ، عن نوح بن أبي مريم ، عن يزيد الهاشمي ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " الدم مقدار الدرهم يغسل وتعاد منه الصلاة " .
نوحٌ ليس بثقةٍ .
قال ابن حبان : هذا موضوع .
28 - مسألة : وجوب الاستجمار ثلاثاً .
وقال أبو حنيفة ومالك : لا يجب عدد .
لنا قوله - صلى الله عليه وسلم - من حديث عائشة : " فليستطب بثلاثة أحجار " .
وخرج مسلم للأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن سلمان " وقال له بعض المشركين وهم يستهزئون : إني أرى صاحبكم يعلمكم حتى الخراءة .
قال سلمان : أجل ، أمرنا أن لا نستقبل القبلة ، ولا نستنجي بأيماننا ، ولا نكتفي بدون ثلاثة أحجار ، ليس فيها رجيع ولا عظم " .
ولهم أحمد ، نا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : " خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته ، فقال : التمس لي ثلاثة أحجار .
فأتيته بحجرين - وروثة - فأخذ الحجرين وألقى الروثة ، وقال : إنها ركسٌ " .
( ت ) فيه اضطراب ، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه .
ثم لا دليل فيه ، بالجواز أن يكون أخذ حجراً ثالثاً بدل الروثة .
: ابن كاسب ذو مناكير ، وسلمة ضعفه النسائي ، ومشاه غيره .
(1/41)
| 42 | 29 - مسألة : لا يجوز الاستنجاء بالعظم والروث .
وقال أبو حنيفة ومالك : يجزئ .
لنا : ( م ) من حديث داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال رسول الله : " لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام ، فإنه زاد إخوانكم من الجن " .
وللدَّارقطيُّ من حديث يعقوب بن كاسب ، ثنا سلمة بن رجاء ، عن الحسن بن فرات القزاز ، عن أبيه ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يستنجى بروث أو بعظم وقال : إنهما لا يطهران " .
قال الدَّارقطنيُّ : إسناده صحيح .
قلت(1/42)
| 43 | الوضوء
30 - مسألة : غسل اليدين .
واجب عندنا ؛ لحديث الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : " إذا قام أحدكم من نوم الليل ، فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات ؛ فإنه لا يدري أين باتت يده " .
رواه ( م ) وفي الباب عن ابن عمر ، وعائشة ، وجابر .
31 - مسألة : وجوب النية .
وقال أبو حنيفة : لا تجب - ق 9 - أ - إلا في التيمم .
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنما الأعمال بالنيات " .
ولمسلم من حديث أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الطهور شطر الإيمان " .
أبو عتبة الحمصي ، نا بقية ، نا إسماعيل بن عبد الله ، عن إياس ، عن أنس مرفوعاً : " لا يقبل الله قولاً إلا بعمل ، ولا يقبل قولاً وعملاً إلا بنية ، ولا يقبل قولاً وعملاً ونيةً إلا بإصابة السنة " .
قلت : هذا خبر منكر ، وسنده مظلم ، وأبو عتبة واه .
وذكروا ( م ) من حديث المقبري ، عن عبد الله بن رافع ، عن أم سلمة(1/43)
| 44 | " قلت : يا رسول الله ، إني امرأة أشد ضفر رأسي ، أفأنقضه عند الغسل من الجنابة ؟ فقال : إنما يكفيك ثلاث حفنات تصبينها على رأسك " .
فهذ جواب لسؤالها عن حل شعرها .
32 - مسألة : وجوب التسمية .
في رواية ( د ق ) كثير بن زيد ، حدثني ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " .
تابعه أربعة عن ربيح ( وربيح صويلح ما ضعف ) .
ابن أبي فديك ، حدثنا عبد الرحمن بن حرملة ، عن أبي ثفال المري ، سمع رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب ، يقول : أخبرتني جدتي ، عن أبيها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " .
أبوها سعيد بن زيد .
بينة يزيد بن عياض - وهو واه - عن أبي ثفال .
رواه عبد الله بن أحمد في " زيادات المسند " : ثنا شيبان ، نا يزيد .
وأخرجه ( ت ) عن اثنين ، عن بشر بن المفضل ، عن ابن حرملة .
(1/44)
| 45 | ويشهد له أحمد ، وأبو داود ؛ ثنا قتيبة ، نا محمد بن موسى المخزومي ، عن يعقوب بن سلمة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " .
سلمة لا يعرف .
الدَّارقطنيُّ ، نا ابن صاعد ، نا محمود بن محمد الظفري ، نا أيوب بن النجار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه ، وما صلى من لم يتوضأ " .
قلت : هذا منكر .
وقال الدَّارقطنيُّ ؛ محمود بن محمد ليس بالقوي ، فيه نظر .
قلت : أيوب من رجال " الصحيحين " صدوق ، لا يحتمل مثل هذا أصلاً ، فالآفة من محمود .
ثم ساق الدَّارقطنيُّ بسنده إلى مرداس بن محمد بن عبد الله بن أبي بردة ، ثنا محمد بن أبان ، عن أيوب بن عائذ ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من توضأ - ق 9 - ب - / وذكر اسم الله تطهر جسده كله ، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله ، لم يتطهر إلا موضع الوضوء " .
قلت : - .
.
.
- .
سعيد في " سننه " : ثنا عتاب ، ثنا خصيف ، قال : " توضأ رجل عند رسول الله ولم يسم ، فقال : أعد وضوءك .
.
.
" الحديث ، وهو منقطع .
(1/45)
| 46 | قال الأثرم : سمعت أحمد يقول : ليس في هذا حديث يثبت ، وأحسنها حديث كثير بن زيد .
وضعف حديث ابن حرملة ، وقال : أرجو أن يجزئه الوضوء ، ولا آمر بالإعادة .
33 - مسألة : المضمضة والاستنشاق واجبان في الطهارتين .
وقال أبو حنيفة : واجبان في الغسل .
وقال مالك والشافعي : لا .
لنا : عصام بن يوسف ، نا ابن المبارك ، عن ابن جريج ، عن سليمان بن موسى ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، أن رسول الله قال : " المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه " .
قال الدَّارقطنيُّ في " سننه " : وهم فيه عصام ، الصواب عن سليمان بن موسى ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منقطعاً .
قلت : قال ( خ ) : عند سليمان بن موسى مناكير .
وللدَّراقطنيُّ بسند إلى جابر الجعفي - وليس بشيء - عن عطاء ، عن ابن عباس مرفوعا : " المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا يتم الوضوء إلا بهما " .
هدبة ، نا حماد ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة قال : " أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمضمضة والاستنشاق " .
قال : لم يسنده عن حماد غير هدبة ، والغير لم يذكر فيه أبا هريرة .
تناكد المؤلف فقال : الزيادة من الثقة مقبولة .
(1/46)
| 47 | معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء ، ثم لينثر " .
وفي الباب عن ابن عباس وعثمان وسلمة بن قيس ووائل بن حجر وغيرهم قالوا : روى أبو هريرة مرفوعاً : " من توضأ فليستنثر ، من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج " .
قلنا : إنما احتججنا بقوله : " فليستنشق " والاستنثار لا يجب .
قلتُ : صح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : " من توضأ فليستنثر " .
وقد احتج من لا يعي بحديث باطل عن أبي هريرة ، مداره على بركة الحلبي الكذاب " أنه - صلى الله عليه وسلم - جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثاً فريضة " .
فذكروا عموم قوله لأم سلمة : " إنما يكفيك ثلاث حثيات " وحديثاً أخرجه الدَّارقطنيُّ لسويد ، نا القاسم بن غصن ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " المضمضة والاستنشاق سنة " .
وإسماعيل واه .
قلت : والقاسم - ق 10 - أ - / وسويد ضعيفان .
34 - مسألة : وجوب غسل المرفق .
وقال زفر وابن داود : لا يجب .
ولنا : خبر القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جده ، عن جابر : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه " .
القاسم متروك .
(1/47)
| 48 | 35 - مسألة : مسح الرأس واجب .
وقال أبو حنيفة : يجب مقدار الربع .
وقال أبو عبد الله الشافعي : يجب اليسير .
وذكروا ما في " الصحيحين " من حديث المغيرة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ، فمسح بناصيته ومسح على الخفين والعمامة " .
قلنا : لو جاز الاقتصار على الناصية لما مسح على العمامة .
36 - مسألة : يستحبُّ تثليثُ المسح .
وفي رواية : لا ، كقول مالك وأبي حنيفة .
مسلم من حديث أبي وائل عن عثمان " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثاً ثلاثاً " .
والثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي حية ، عن علي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثاً ثلاثاً " .
قال فيه الترمذي : هو أحسن شيء في الباب وأصح .
قال الخصم : ففي الصحيح عن عثمان أنه وصف وضوء رسول الله ثلاثاً ثلاثاً " وفيه : " ومسح برأسه " وما ذكر عدداً ، ثم قال : " وغسل رجليه ثلاثاً " .
(1/48)
| 49 | وعن علي ، أنه صرح بالمسح مرة ؛ فقال ( ت ) : نا هناد وقتيبة ، نا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن أبي حية : " رأيت علياً توضأ فغسل كفيه ، ثم تمضمض ثلاثاً واستنشق ثلاثاً وغسل وجهه ثلاثاً وذراعيه ثلاثاً ومسح برأسه مرة ، ثم غسل قدميه ثلاثاً ، ثم قال : أحببت أن أريكم كيف كان طهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
صححه ( ت ) .
حماد بن زيد ، عن سنان بن ربيعة ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي أمامة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمسح - رأسه - مرة واحدةً " أخرجه أحمد .
وروي نحوه من حديث معاذ والبراء بسنده وأبي عباس وعبد الله بن عمرو .
قلنا روى الدَّارقطنيُّ بسدنه عن عبد الله بن جعفر وشقيق وحمران وابن دارة والبيلماني ، كلهم عن عثمان " أنه وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومسح ثلاثاً " .
أحمد ، نا صفوان بن عيسى ، عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم قال : " دخلت على ابن دارة فقال : رأيت عثمان دعا بوضوء ، فمضمض .
.
.
" الحديث .
وفيه : " ومسح برأسه ثلاثاً " .
وروى الدَّارقطنيُّ ، عن عبد خير ، عن علي " أنه توضأ ومسح برأسه وأذنيه ثلاثاً " وهو مرفوع .
قلت : الكل لا يصح .
أحمد ، نا مروان بن معاوية ، نا ربيعة بن عتبة ، عن المنهال بن عمرو ، عن(1/49)
| 50 | زر قال : مسح علي رأسه في الوضوء حتى أراد أن يقطر ، وقال : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ " .
أحمد ، نا علي بن بحر ، نا الوليد بن مسلم ، عن عبد الله بن العلاء ، عن أبي الأزهر - ق 10 - ب - / عن معاوية " أنه ذكر لهم وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأنه مسح رأسه بغرفة من ماء حتى قطر الماء من رأسه - أو كاد يقطر " .
37 - مسألة : الأذنان من الرأس .
وقال الشافعي : لا .
وسن لهما ماء جديداً .
أحمد ، نا يحيى بن إسحاق ، نا حماد ، عن سنان بن ربيعة ، عن شهر ، عن أبي أمامة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الأذنان من الرأس " .
فيه سنان ، ليس بحجة كشهر .
وقيل : الأصح وقفه .
الدارقطني ليحيى بن العريان ، نا حاتم بن إسماعيل ، عن أسامة بن زيد ، عن - نافع - ، عن ابن عمر مرفوعاً : " الأذنان من الرأس " .
قال الدَّارقطنيُّ : وهم ، والصواب موقوف .
أبو كامل الجحدري ، حدثنا غندر ، عن ابن جرير ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الأذنان من الرأس " .
رواه الدَّارقطنيُّ ، وقال : تفرد به أبو كامل ، وهو وهم ، وتابعه الربيع بن(1/50)
| 51 | بدر - وهو متروك - والصواب : ابن جريج ، عن سليمان بن موسى ، عن رسول الله مرسلاً .
قال المؤلف : رفعهما زيادة ، والزيادة من الثقة مقبولة .
قلت : هذا كلام من لا شم العلل .
وذكر الدَّارقطنيُّ من حديث علي بن عاصم ، عن ابن جريج ، عن سليمان بن موسى ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " الأذنان من الرأس " .
قال : وهم علي في قوله : عن أبي هريرة .
قلت : وعلي واهٍ .
الدَّارقطنيُّ ، ثنا علي بن الفضل البلخي ، ثنا حماد بن محمد بن حفص ، ثنا محمد بن الأزهر الجوزجاني ، ثنا الفضل السيناني ، عن ابن جريج ، عن سليمان ابن موسى ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الأذنان من الرأس " .
قال الدَّارقطنيُّ : المرسل أصح .
الدَّارقطنيُّ ، من حديث جابر الجعفي ، عن عطاء ، عن ابن عباس مرفوعاً : " الأذنان من الرأس " .
وروي عن عطاء مرسلاً .
( ت ) نا قتيبة ، نا بكر بن مضر ، عن ابن عجلان ، عن عبد الله بن محمد ابن عقيل ، عن الربيع بنت معوذ " أنها رأت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ، قالت : فمسح رأسه وصدغيه وأذنيه مرة واحدة " .
(1/51)
| 52 | قالوا : روى " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ ماء جديداً لأذنيه " .
قلنا : هو أولى ، والآخر جائز .
38 - مسألة : مسحُ العمامةِ خلافاً لجماعة .
قد مرَّ منْ حديثِ المغيرةِ " أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسحَ بناصيتهِ ومسَحَ على العمامَةِ " .
ولمسلمٍ من حديثِ الحكمِ ، عن عبدِ الرحمنِ بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرةَ ، عن بلال : " مسحَ رسول الله على الخفين والخمار " .
أحمد ، ثنا أبو سعيدٍ مولى بني هاشم ، ثنا محمد بن راشد ، ثنا مكحول ، عن نعيمٍ بن ( حمار ) عن بلالٍ ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : امسحوا على الخفين والخمار " .
الليثُ ، عن معاويةَ بن صالحٍ ، عن عتبةَ أبي أميّةِ - ق 11 - أ - / عن أبي سلامٍ الأسودِ ، عن ثوبانَ : " رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توضَأ ومسحَ على الخفين وعلى الخمار " .
أحمدُ ، نا عبد الصمدِ ، نا داود بن الفرات ، نا محمد بن زيد ، عن أبي شريح ، عن أبي مسلم مولى زيد بن صوحان قال : " كنت مع سلمان ، فرأى رجلاً قد أحدث وهو يريد أن ينزع خفيه ، فأمره سلمان أن يمسح على خفيه وعلى عمامته ، وقال : رأيتُ رسولَ اللهِ يمسحُ على خفيهِ وعلى خمارِهِ " .
(1/52)
| 53 | أحمدُ ، نا أبو المغيرةِ ، نا الأوزاعيُّ ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمةَ ، عن جفعر بن عمرو بن أمية ، عن أبيه قالَ : " رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يمسحُ على الخفينِ والعمامةِ " .
فالمسحُ على العمامةِ مذهبُ أبي بكر ، وعمرَ ، وعليٍِّ ، وسعدٍ ، وابنِ عوف .
وسلمانَ ، وأبي الدرداء ، وأبي موسى ، وأنس .
قال الأثرمُ : سمعتُ أبا عبد الله يقولُ : المسحُ على العمامةِ قد رويَ من خمسةِ أوجهٍ ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت : فإذا مسح عليها ثم خلعها أعاد وضوءه ؟ قال : نعم .
39 - مسألة : غسل الرجلينِ .
وقال ابنُ جرير بالمسحِ .
ففي " الصحيحين " من حديثِ أبي بشرٍ ، عن يوسف بن ماهك ، عن ابن - عمرو - ، قال : " تخلف عنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفرة ، فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاةُ ونحن نتوضأ ، فجعلنا نمسحُ على أرجلنا ، فنادى بأعلى صوته مرتين أو ثلاثاً : ويلٌ للأعقابِ من النارِ " .
وفي " الصحيحين " من حديث محمدٍ بن زيادٍ ، عن أبي هريرة " أنهُ مرَّ بقوم يتوضئون ، فقال : أسبغوا الوضوءَ ؛ فإني سمعتُ أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - وهو يقولُ : ويلٌ للأعقاب من النار " .
وفي الباب نحوه من حديث جابر وعائشة ، وقد مر من حديث عثمان ، وعلي " أنهُ عليه - صلى الله عليه وسلم - كان يغسلُ رجليهِ في الوضوء .
.
.
" .
(1/53)
| 54 | فذكروا حديثَ شعبةَ ؛ حدثني يعلى ، عن أبيه ، عن أوس بن أبي أوس قال : " رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسحَ على نعليه ، ثم قامَ إلى الصلاةِ " .
ولفظ أبي داود : " على نعليهِ وقدميهِ " .
قلنا : لعل نعليه عمتْ قدميه ، فمسحَ عليهما كالخف .
قالوا : رواهُ هشيمٌ عن يعلى ، وفيه : " توضأ ومسحَ على رجليهِ " .
قلنا : قال أحمدُ : لم يسمع هشيمٌ هذا من يعلى .
قلت : وكان يدلسُ .
وقيلَ : المعنى مسحَ على رجليه ، وهما في الخفين .
40 - مسألة : وجوبُ الترتيبِ .
قال أبو حنيفة ومالكٌ : بل يستحبُّ .
ولنا أنه - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرتباً ، وداومَ عليه .
ومرَّ من حديث عكرمة بن عمار ، ثنا شدادُ بن عبد الله - ق 11 - ب - / عن عمرو بن عبسة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما منكم أحد يقرب وضوءه ، ثم يتمضمض ويستنشق وينتثر ، إلا خرت خطاياه من فمه وخياشيمه مع الماء ، ثم يغسل وجهه إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء ، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أطراف أنامله ، ثم يمسح رأسه كما أمره الله ، إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله إلا خرت خطايا قدميه من أطراف أصابعه مع الماء " .
الدَّارقطنيُّ ، نا علي بن محمد ، نا يحيى بن عثمان ، ثنا إسماعيل بن مسلمة بن قعنب ، ثنا عبد الله بن عرادة ، عن زيد بن أبي الحواري ، عن معاوية بن قرة ، عن عبيد بن عمير ، عن أبي بن كعب " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا بماء ، فتوضأ(1/54)
| 55 | مرةً مرةً ، وقال : - هذه - وظيفة الوضوء - و - وضوء من لم ( يتوضأ ) لم تقبل له صلاة .
ثم توضأ مرتين مرتين ، وقال : هذا وضوء من توضأه أعطاه الله كفلين من الأجر .
ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً ، وقال : هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي " .
زيد ضعيف ، وابن عرادة قال ( خ ) : منكر الحديث .
المسيب بن واضح ، نا حفص بن ميسرة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : " توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرةً مرةً ، وقال : هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاةً إلا به .
ثم توضأ مرتين مرتين ، وقال : هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين .
ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً ، وقال : هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي " .
المسيب ضعف .
قالوا : روت الربيع بنت معوذ " أن رسول الله مسح رأسه بما فضل من وضوئه " .
قلنا : إنما هو أحمد ، نا وكيع ، نا سفيان ، عن ابن عقيل ، حدثتني الربيع ، قالت : " كان رسول الله يأتينا فيكثر ، فأتانا فوضعنا له الميضأة فتوضأ : فغسل كفيه ثلاثاً ، ومضمض واستنشق ، وغسل وجهه وذراعيه ، ومسح رأسه بما بقي في يديه من وضوئه ، وغسل رجليه " .
ورووا عن ابن عباس ما لا يصح " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غسل وجهه ، ثم يديه ، ثم رجليه ، ثم مسح برأسه .
ورووا عن علي أنه قال : " ما أبالي بأي أعضائي بدأت " .
41 - مسألة الموَالاةُ .
قال أبو حنيفة : ليست شرطاً .
(1/55)
| 56 | قد ذكرنا حديث أبيٍّ ، وابن عمر .
أحمد ، نا موسى بن داود ، نا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أن عمر أخبره " أنه رأى رجلاً توضأ ، فترك موضع ظفر على ظهر قدمه ، فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ارجع فأحسن وضوءك .
فرجع فتوضأ ثم صلى " .
( ق ) عن حرملة ، عن ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، وفيه : " فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة " .
- ق 12 - أ - / بقية ، عن بحير ، عن خالد بن معدان ، عن بعض ( أزواج ) النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يصلي ، وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء ، فأمره أن يعيد الوضوء " .
رواه أحمد في " مسنده " عن إبراهيم بن أبي العباس ، عنه .
الدَّارقطنيُّ ، نا النيسابوري ، نا ابن أخي ابن وهب ، نا عمي ، نا جرير أنه سمع قتادة ، نا أنس " أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد توضأ وترك على قدمه مثل الظفر ، فقال له رسول الله : ارجع فأحسن وضوءك " .
قال الدَّارقطنيُّ : تفرد به جرير ، وهو ثقة .
وروي عن الوازع بن نافع - وهو واه - وفيه : فأتم وضوءك " .
42 - مسألة : قال داود : يجوز للجنب والحائض مس المصحف .
الحكم بن موسى ، ثنا يحيى بن حمزة ، عن سلميان بن داود ، نا الزهري ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده " أن رسول الله كتب إلى أهل اليمن كتاباً فيه : " لا يمس القرآن إلا طاهرٌ " .
(1/56)
| 57 | 43 - مسألة : قال داود : يجوز للجنب أن يقرأ .
وقال مالك : يقرأ آيات للتعوذ .
وقال أحمد وغيره : بعض آية .
إسماعيل بن عياش ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال رسول الله : " لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن " .
تابعه أبو معشر وغيره ، وهم ضعفاء .
ابن عيينة ، عن مسعر ، وشعتة عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يحجبه عن قراءة القرآن شيء ، إلا أن يكون جنباً " .
قال النسائي وغيره : عبد الله بن سلمة : تعرف وتنكرُ .
44 - مسألة : النوم اليسير في الصلاة لا يبطلها .
وعن أحمد : ينقض في حق الراكع والساجد .
وبه يقول مالك .
وقال أبو حنيفة وداود : لا ينقض إلا في حال الاضطجاع .
وقال الشافعي : ينقض إلا في حال الجلوس .
أحمد ، نا عبد السلام بن حرب ، عن يزيد بن عبد الرحمن ، عن قتادة ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليس على من نام ساجداً وضوء حتى يضطجع ، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله " .
(1/57)
| 58 | يزيد ضعف .
وقد رواه ابن أبي عروبة ، عن قتادة موقوفاً .
بقية ، عن الوضين بن عطاء ، عن محفوظ بن علقمة ، عن عبد الرحمن بن عائذ ، عن علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " العين وكاء السَّهِ ؛ فمن نام فليتوضأ " .
السَّهُ : حلقةُ الدُّبُر .
والوضينُ لين ، وابن عائذ لم يلق علياً .
الوليد بن مسلم - ق 12 - ب - / عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن عطية بن قيس ، عن معاوية مرفوعأً : " العينُ وكاء السَّهِ ؛ فإذا نامت العين استطلق الوكاء " .
أبو بكر ضعيف .
عمر بن هارون - متهم - عن يعقوب بن عطاء ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً : " من نام جالساً فلا وضوء عليه ، ومن نام على جنبه فعليه الوضوء " .
ويروى عن ابن عباس وجوب الوضوء من النوم ، إلا من خفق برأسه خفقة أو خفقتين .
ولا يصح .
45 - مسألة : لمسُ النساء ينقض ، كالشافعي .
وقال أبو حنيفة : لا وعن أحمد : ينقض مع شهوة .
جرير بن عبد الحميد ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمن بن(1/58)
| 59 | أبي ليلى ، عن معاذ " أنه كان قاعداً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل فقال : يا رسول الله ، ما تقول في رجل أصاب من امرأة لا تحل له ، فلم يدع شيئاً يصيبه الرجل من امرأة إلا قد أصابه منها ، غير أنه لم يجامعها ؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : توضأ وضوءاً حسناً ، ثم قم فصل " .
الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عروة ، عن عائشة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بعض نسائه ، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ " .
أخرجه ( ت ) وسنده جيد ، لكن يقال : لم يلق حبيب عروة .
حجاج بن أرطاة وغيره ، عن عمرو بن شعيب ، عن زينب السهمية ، عن عائشة : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ثم يقبل ، ثم يصلي ولا يتوضأ " .
هشام بن عمار ، نا عبد الحميد ، نا الأوزاعي ، حدثني عمرو بن شعيب ، عن زينب " أنها سألت عائشة عن الرجل يقبل امرأته ويلمسها ، أيجب عليه الوضوء ؟ فقالت : لربما توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقبلني ، ثم يمضي فيصلي ولا يتوضأ " .
زينب لا تُعرف .
ابن مهدي ، ثنا سفيان ، عن أبي روق ، عن إبراهيم التيمي ، عن عائشة : " كان - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ثم يقبل ، ثم يصلي ولا يتوضأ " .
جندل بن والق ، نا عبيد الله بن عمرو ، عن غالب ، عن عطاء ، عن عائشة بنحوه .
ويروى عن ركن ، عن مكحول ، عن أبي أمامة مرفوعاً ، ولم يصح ، وغالب ابن عبد الله متروك كركن .
46 - مسألة : مس الذكر ينقض الوضوء خلافاً لأبي حنيفة .
(1/59)
| 60 | أحمد ، نا القطان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن بسرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من مس ذكره ، فلا يصل حتى يتوضأ " .
قال ( خ ) : هذا أصح شيء في الباب .
أحمد ، نا يعقوب بن إبراهيم ، نا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن زيد بن خالد الجهني قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من مس فرجه فليتوضأ " .
أحمد ، نا عبد الجبار - ق 13 - أ - / بن محمد الخطابي ، نا بقية ، نا الزبيدي ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أيما رجل مس فرجه فليتوضأ ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ " .
إسناده قوي ، رواه جماعة عن بقية .
إسحاق الفروي ، ثنا عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من مس ذكره فليتوضأ " .
أخرجه الدَّارقطنيُّ ، وسنده لين .
يزيد بن عبد الملك النوفلي - ضعفوه - عن المقبري ، عن أبي هريرة مرفوعاً : إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه حتى لا يكون بينه وبينه حجاب ولا ستر فليتوضأ وضوءه للصلاة " .
أخرجه الدَّارقطنيُّ .
عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر - تركوه - عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة مرفوعاً : " ويلٌ للذين يمسون فروجهم ثم يصلون .
.
.
.
" الحديث .
(1/60)
| 61 | مروان الطاطري ، ثنا الهيثم بن جميل ، نا الأوزاعي ، نا العلاء بن الحارث ، عن مكحول ، عن عنبسة بن أبي سفيان ، عن ام حبيبة مرفوعا : " من مس ذكره فليتوضأ " الهيثم حافظ له مناكير ، ومكحول عن عنبسة منقطع .
( ق ) ، ثنا إبراهيم بن المنذر نا معن ، عن ابن أبي ذئب ، عن عقبة بن عبد الرحمن ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن جابر ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اذا مس أحدكم ذكره فعليه الوضوء " .
هذا حديث صالح الإسٍ ناد فرد .
قال ( خ ) : إنما روى عقبة هذا عن ابن ثوبان مرسلا ، وقال بعضهم : عن جابر ، ولا يصح .
( ق ) نا سفيان بن وكيع ، نا عبد السلام بن حرب ، عن إسحاق بن أبي فروة عن الزهري ، عن ابن عبد القاري ، عن أبي أيوب ، سمعت رسول الله يقول : " من مس فرجه ، فليتوضأ " .
إسحاق واه ، وابن وكيع ليس بعمدة .
قالوا : الأول معلول .
قلنا : علته غير مؤثرة وهي .
جماعة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن مروان ، عن بشرة .
وعن هشام ، عن أبيه ، عن شرطي لمروان ، عنها .
قال أحمد : نا ابن عليه ، نا عبد الله بن أبي بكر ، قال : سمعت عروة يحدث أبي ، قال : " ذاكرني مروان مس الذكر ، فقلت : ليس فيه وضوء .
فقال : إن بسرة بنت صفوان تحدث فيه ، فأرسل إليها رسولا ، فذكر الرسول أنها تحدث أن رسول الله قال : من مس ذكره فليتوضأ " .
(1/61)
| 62 | ثم ذكروا عن ابن معين ، قال : ثلاثة أحاديث لا تصح : " مس الذكر " و " لا نكاح إلا بولي " و " كل مسكر حرام " .
وهذا لا يثبت عن ابن معين .
قلت : وفي " مسند الطيالسي " : ثنا شعبة ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد ، عن عروة " أن مروان أرسل إلى بسرة .
.
.
" بالحديث .
رواه مالك ، وابن عيينة ، وغير واحد ، عن عبد الله نحوه .
أخرجه أرباب السنن الأربعة .
ورواه عثمان بن سعيد ، عن شعيب ، عن الزهري ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عروة ، عن مروان ، وقال النسائي : هذا لم يسمعه هشام بن عروة من أبيه .
قلت : وبسرة هي خالة - ق 13 - ب - / مروان .
قال إبراهيم الحربي : حديث بسرة يرويه شرطي عن شرطي ، وقال الدَّارقطنيُّ بسنده أن عروة قال - بعد أن حدثه مروان - : " فسألت بسرة بعد ذلك فصدقته " .
وحجتهم : أيوب بن عتبة اليمامي ومحمد بن جابر وغيرهما ، عن قيس بن طلق ، عن أبيه - وهذا لفظ ابن جابر - قال : " كنت جالساً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله رجل فقال : مسستُ ذكري - أو قال : الرجل يمس ذكره في الصلاة - عليه الوضوء ؟ قال : لا ؛ إنما هو منك " .
خرجه أحمد .
وقال هشام بن عمار : ثنا سعيد بن يحيى ، نا عبد الحميد بن جعفر ، عن(1/62)
| 63 | أيوب بن محمد العجلي ، عن قيس بن طلق - أو طلق بن قيس - الحنفي ، عن أبيه " أنه سأل رسول الله عن مس فرجه ، فقال : إنما هو بضعة منك " .
وقال ( ت ) : ثنا هناد ، ثنا ملازم بن عمرو ، عن عبد الله بن بدر ، عن قيس بن طلق ، عن أبيه بنحو ما قبله ، أخرجه ( عو ) .
وجاء عن جعفر بن الزبير - وهو واه - عن القاسم ، عن أبي أمامة مرفوعأً في ذلك ، والجواب أنه منسوخ بتقدير صحته ؛ فإن محمد بن جابر ، روى عن قيس بن طلق ، عن أبيه ، قال : " أتيت رسول الله وهم يؤسسون مسجد المدينة ، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : اخلط لهم الطين يا أخا اليمامة ؛ فأنت أعلم به " .
وقد ضعف أحمد ويحيى قيساً .
وقال أبو زرعة وغيره : لا تقوم به حجة .
47 - مسألة : خروجُ النجاسةِ من غير السبيلين ينقض إذا فحش ، خلافاً لمالك والشافعي .
وقال أبو حنيفة في القيء كقولنا ، وفي الدود كقولهم .
لنا : هشام ، عن أبيه ، عن عائشة : " جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إني امرأة أُستحاضُ فلا أطهر ، أفأدعُ الصلاة ؟ قال : لا ؛ إنما ذلك عرق وليست بالحيضة ، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ، وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت " لفظ الترمذي .
وأخرجاه .
فذكروا قول اللالكائي : " أن توضئي لكل صلاةٍ " من قول عروة .
(1/63)
| 64 | وهكذا جاء في ( خ م ) .
قال هشامٌ : قال أبي : " ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت " قلنا : قد حكم بصحة ما سقنا الترمذي ، فلعل عروة أفتى - .
.
.
- .
عبد الوارث ، عن حسين المعلم ، عن يحيى بن أبي كثير ، حدثني الأوزاعي ، عن - يعيش بن الوليد المخزومي - عن أبيه ، عن معدان بن أبي طلحة ، عن أبي الدرداء " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاء - فتوضأ ، فلقيت ثوبان - في مسجد دمشق ، فذكرت له ذلك فقال : صدق ، أنا صببتُ له - وضوءه - " .
أخرجه ( د س ت ) جوده عبد الوارث ، وقال ( ت ) : رواه معمر ، عن يحيى فأخطأ ، قال : عن يعيش ، عن خالد بن معدان ، عن أبي الدرداء ، فأسقط منه الأوزاعي ، وخبط في باقي سنده .
قال الأثرم : قلت لأحمد : - ق 14 - أ - / قد اضطربوا في هذا .
فقال : حسين المعلم جوده .
وقال ( ت ) : حديث حسين أصح شيء في هذا الباب .
إسماعيل بن عياش ، حدثني ابن جريج عن أبيه ، وعن ابن أبي مليكة ، عن عائشة مرفوعاً : " إذا قاء أحدكم في صلاته أو قلس فلينصرف فليتوضأ ، ثم ليبن على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم " .
قال الدَّارقطنيُّ : الحفاظ رووه عن ابن جريج ، عن أبيه ، مرسلاً .
تحامل هنا المؤلف ، فقال : قد قال ابن معين : إسماعيل ثقة .
والزيادة من الثقة مقبولة .
أخرجه الدَّارقطنيُّ ، وخرج لمحمد بن الفضل بن عطية - المتروك عن(1/64)
| 65 | أبيه ، عن ميمون بن مهران ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " ليس في القطرة ، ولا القطرتين من الدم وضوء ، إلا أن يكون دما سائلاً " .
وخرج لعمرو بن عون ، عن أبي الداهري - وتركوه - عن حجاج ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي سعيد مرفوعاً : " من رعف في صلاته فليرجع فليتوضأ ، وليبن على صلاته " .
وخرج لهريم ، عن عمرو القرشي ، عن أبي هاشم ، عن زاذان ، عن سلمان : " رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سال من أنفي دمٌ ، فقال : أحدث لما حدث وضوءاً " .
عمرو كذاب .
وخرج لعمر بن رياح - وهو متهم - عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس مرفوعاً في معنى ذلك .
وخرج لسليمان بن أرقم - وهو متروك - عن عطاء ، عن ابن عباس مرفوعاً : " إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم ، ثم ليعد وضوءه وليستقبل صلاته " .
وخرج لبقية ، عن يزيد بن خالد ، عن يزيد بن محمد - وهما مجهولان - عن عمر بن عبد العزيز ، قال تميم الداري : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الوضوء من كل دم سائل " .
وخرج لسوار بن مصعب - متروك - عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً : " القلسُ حدثٌ " ساقه بسنده إلى حفص الفراء عنه .
ولهم ما في الدَّارقطنيُّ أيضاً ، عن سليمان بن داود القرشي - مجهول -(1/65)
| 66 | عن حميد ، عن أنس " احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ولم يتوضأ ، لم يزد على غسل محاجمه " .
قلت : هذا لا يثبت .
وفي الدَّارقطنيُّ ، عن عتبة بن السكن - متروك - نا الأوزاعي ، عن عبادة ابن نسي وهبيرة بن عبد الرحمن قالا : نا أبو أسماء الرحبي ، نا ثوبان " أن رسول الله قاء فدعاني بوضوء فتوضأ ، فقلت : يا رسول الله ، أفريضة الوضوء من القيء ؟ قال : لو كان فريضة لوجدته في القرآن " .
الوليد بن مسلم ، أخبرني بقية ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في دم الحبون - يعني الدماميلَ " .
قال الدَّارقطنيُّ : هذا باطل عن ابن جريج ، لعل بقية دلسه عن ضعيف .
قال المؤلف : قلنا : بقية قد أخرج عنه مسلم .
واستدل أصحابنا بآثار منها : " أن عمرَ عصر بثرة في وجهه ، فخرج منها شيء من دم وقيح ، فمسحه بيده وصلى ولم يتوضأ " .
وعن ابن أبي - ق 14 - ب - / أوفى " أنه تنخم دما عبيطاً وهو يصلي " .
وعن جابر " أنه سئل عن رجل صلى فامتخط ، فخرج مع المخاط شيء من دم ، فقال : لا بأس ؛ يتم صلاته " .
قالوا : القياس استواء الناقض ، لكنا تركناه في القيء ؛ لما روي عن علي " أنه ذكر الأحداث ، فقال في جملتها : أو دسعة من قيء تملأ الفم " .
وعن ابن عباس ، قال : " إذا كان القيءُ يملأُ الفم أوجب الوضوء " .
(1/66)
| 67 | 48 - مسألة : القهقهة لا تبطل الوضوء .
وقال أبو حنيفة : تبطله في الصلاة .
ابن قانع ، ثنا محمد بن بشر ، نا المنذر بن عمار ، ثنا أبو شيبة ، عن يزيد أبي خالد ، عن أبي سفيان ، عن جابر مرفوعاً : " الضحك ينقض الصلاة ، ولا ينقض الوضوء " .
أبو شيبة واه ، ويزيد ضعيف .
ورواه إسحاق بن بهلول ، عن أبيه ، عن أبي شيبة .
ابن لهيعة ، عن زبان بن فائد ، عن سهل بن معاذ ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " - الضاحك - في الصلاة والملتفت والمفرقع أصابعه بمنزلة واحدة " .
أخرجه أحمد في " مسنده " .
ولهم : عطية بن يقية ، ثنا أبي ، ثنا عمرو بن قيس السكوني ، عن عطاء ، عن عمر مرفوعاً : " من ضحك في صلاة فقهقه فليعد الوضوء والصلاة " .
عمرو تكلم فيه .
عبد العزيز بن حصين ، عن عبد الكريم أبي أمية ، عن الحسن ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " من ضحك في الصلاة ، فليعد الوضوء والصلاة " .
عبد العزيز واه ، والحسن لم يسمع من أبي هريرة ، وعبد الكريم تالف .
سفيان بن محمد - واه - ثنا ابن وهب ، ثنا يونس ، عن الزهري ، عن أبي معاذ ،(1/67)
| 68 | عن الحسن ، عن أنس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بالناس ، فدخل أعمى المسجد ، فتردى في بئر - أو حفرة - فضحك القوم ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة " .
أبو معاذ سليمان بن أرقم متروك .
بقية ، عن محمد الخزاعي ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين " أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل ضحك : أعد وضوءك " .
محمد لا شيء .
وروى محمد بن عيسى المدائني - واه - عن الحسن بن قتيبة ، عن - عمرو - بن قيس - متروك - عن عمرو بن عبيد - ذاك المعتزلي - عن الحسن عن عمران بنحو منه .
ابن إسحاق ، حدثني ابن دينار ، عن الحسن البصري ، عن أبي المليح الهذلي ، عن أبيه قال : " بينا نحن نصلي خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل رجل ضرير البصر فوقع في حفرة قريباً منا فضحك بعضنا ، فأمرنا رسول الله - بإعادة - الوضوء والصلاة من أولها " .
فابن دينار هو الحسن ، ساقط .
ورواه الحسن بن عمارة - واه - عن خالد الحذاء ، عن أبي المليح ، عن أبيه .
وفي الدَّارقطنيُّ : النيسابوري أبو بكر ، نا إبراهيم بن هانئ ، ثنا محمد بن(1/68)
| 69 | يزيد بن سنان ، نا أبي ، نا الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر : قال لنا رسول الله : " من ضحك - ق 15 - أ - / فليتوضأ وليعد الصلاة " .
يزيد واه .
قال الدَّارقطنيُّ : الصحيح موقوف ، ولفظهُ : " ومن ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء " .
كذلك رواه الثوري وأبو معاوية ووكيع وغيرهم ، عن الأعمش .
وقال إسحاق بن بهلول : نا المسيب بن شريك - تالف - عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، قال : " ليس على من ضحك في الصلاة إعادة وضوء ، إنما كان ذلك لهم حين ضحكوا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
سعيد في " سننه " : نا خالد بن عبد الله ، عن هشام بن حسان ، عن حفصة عن أبي العالية ، عن رجل من الأنصار " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بأصحابه فمر رجل في بصره سوء فتردى في بئر ، فضحك طوائف من القوم ، فأمر رسول الله من كان ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة " .
قال الدَّارقطنيُّ : لم يصنع خالد شيئاً قد خالفه معمر ، وأبو عوانة ، وسعيد ابن أبي عروبة ، وغيرهم ، فرووه عن قتادة ، عن أبي العالية ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً .
ابنُ وهب ، أنا يونس ، عن ابن شهاب ، عن الحسن قال : " بينا رسول الله يصلي إذا رجل فوقع .
.
.
" الحديث .
مكي بن إبراهيم ، نا أبو حنيفة ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن عن معبد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه بينما هو في الصلاة إذ أقبل أعمى ، موقع في زبية ، فاستضحك القوم حتى قهقهوا ، فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من كان منكم قهقه فليعد الوضوء والصلاة " .
(1/69)
| 70 | معبد لا صحبة له ، وإنما يرويه منصور بن زاذان ، عن ابن سيرين ، عن معبد - يعني : الجهني .
أحمد بن يونس ، ثنا زائدة ، عن هشام ، عن حفصة ، عن أبي العالية قال : " جاء رجل في بصره سوء ، فدخل المسجد ، ورسول الله يصلي ، فتردى في حفرة كانت في المسجد ، فضحك طوائف منهم ، فلما قضى صلاته أمر من كان ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة " .
فهذا مرسل جيد .
استوفى الطرق الدَّارقطنيُّ .
قال ابن المديني : قال لي ابن مهدي : هذا الحديث يدور على أبي العالية .
فقلت : قد رواه الحسن مرسلاً .
فقال : حدثني حماد بن زيد ، عن حفص - بن سليمان - المنقري ، قال : أنا حدثتُ به الحسن عن حفصة ، عن أبي العالية ، فقلت : فقد رواه إبراهيم مرسلاً - فقال - : حدثني شريك ، عن أبي هاشم ، قال : أنا حدثتُ إبراهيم ، عن أبي العالية ، فقلت قد - رواه الزهري - مرسلاً .
فقال : قد رأيته في كتاب ابن أخي الزهري ، عن الزهري ، عن سليمان بن أرقم ، عن الحسن .
سمع هذا الكلام كله إسماعيل القاضي من علي .
وقال ابن عدي : كل طرقه ترجع إلى أبي العالية ، ومن أجل هذا الحديث تكلم فيه .
قلت : - ق 15 - ب - / ما بأبي العالية بأسٌ .
(1/70)
| 71 | قال أحمد بن حنبل : ليس في الضحك حديث صحيح .
49 - مسألة : لحم الجزور ينقض الوضوء خلافاً لهم .
( م ) من حديث سماك بن حرب ، عن جعفر بن أبي ثور ، عن جابر بن سمرة ، " أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال : لا .
قال : أنتوضأ من لحوم الإبل .
قال : نعم " .
أحمدُ ، نا أبو معاوية ، نا الأعمش ، عن عبد الله بن عبد الله ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء ، قال : " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الإبل ، فقال : توضئوا منها " .
وهذا صحيح ، خرجه ( د ت ق ) .
حمادُ بن سلمة ، نا حجاج بن أرطاة ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن أسيد بن حضير ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " توضئوا من لحوم الإبل .
.
.
" الحديث .
قال ( ت ) : أخطأ حماد ، والصحيح : عن عبد الله بن عبد الله الرازي ، وقال عباد بن العوام : نا حجاج ، عن عبد الله مولى بني هاشم - ثقة - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أسيد ، نحوه .
قال عبد الله في " زيادات المسند " : نا عمرو الناقد ، نا عبيدة بن حميد ، عن عبيدة الضبي ، عن عبد الله بن عبد الله القاضي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن ذي الغرة ، قال : " عرض أعرابيّ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يسيرُ ، فقال :(1/71)
| 72 | تُدركنا الصلاة ونحن في أعطان الإبل ، فنصلي فيها ؟ فقال رسول الله : لا .
قال : أنتوضأ من لحومها ؟ قال : نعم " .
قالوا : روى إدريس بن يحيى الخولاني ، ثنا الفضل بن المختار ، عن ابن أبي ذئب ، عن شعبة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " الوضوء مما يخرج ، وليس مما يدخل " .
شعبة فيه ضعف ، والفضل واه ، وصوابه موقوف .
ورووا بلا سندٍ : " لا وضوء من طعام أحله الله " .
50 - مسألة : الردَّةُ تنقضُ الوضوءَ خلافاً لهمْ .
ولنا حديث واه رواه بقية ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال رسول الله : " الحدثُ حدثانِ " ؛ حدث اللسان ، وحدث الفرج ؛ فحدث اللسان أشد من حدث الفرج ، وفيهما الوضوء " .
ولهم : شعبة ، والدراوردي ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا وضوءَ إلا منْ صوتٍ أو ريحٍ " صححه ( ت ) .
وفي لفظ الدرَاورديُّ ، عن سهيل : " إذا كان أحدكم في المسجد ، فوجد ريحاً بين أليتيه ، فلا يخرج حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً " .
51 - مسألة : غسلُ الميتِ ينقضُ الوضوءَ ؛ لأن ابن عمر وابن عباس كانا يأمران غاسل الميت أن يتوضأ .
ولهم : الدَّارقطنيُّ ، نا ابن عقدة ، نا إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة ، نا خالد ابن مخلد ، نا سليمان بن بلال ، عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة / ق 16 - أ - / عن(1/72)
| 73 | ابن عباس مرفوعاً : " ليس عليكم في ميتم غسل إذا غسلتموه ؛ فإن ميتكم ليس بنجس ، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم " .
فهذا من مناكير خالد ، فلعله موقوف قد رفعه .
ورووا " أن عبد الرحمن بن عوف غسل إبراهيم ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وذهب ليتوضأ ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : أحدثت ؟ قال : لا .
قال : فلم تتوضأ ؟ ! " .
وهذا لا يعرفُ .
قلت : في الباب حديث جيد الإسناد ، أخرجه ( د ) من حديث ابن أبي ذئب ، عن القاسم بن عباس ، عن عمرو بن عمير ، عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من غسل الميت فليغتسل ، ومن حمله فليتوضأ " .
وعمرو لا ندري من هو .
وأخرج ( د ) من حديث ابن عيينة ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن - أبيه عن - إسحاق مولى زائدة ، عن أبي هريرة - يرفعه - قال : " من حمل الجنازة الوضوء ، ومن غسل الميت الغسل " .
قال أبو داود : وهذا منسوخ .
قلت : ورواه يحيى الحماني ، عن خالد بن عبد الله ، عن سهيل .
وروى علي بن المبارك ، ومعاوية بن سلام ، عن يحيى ، عن رجل من بني ليث ، حدثني أبو إسحاق ، أنه سمع أبا هريرة يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من غسل ميتاً فليغتسل " .
وروى نحوه ابن أبي ذئب ، عن صالح مولى التوءمة ، عن أبي هريرة مرفوعاً ، هكذا رواه عنه شبابة ، وابن أبي فديك ، ثم قال ابنُ أبي فديك : وحدثني ابن أبي ذئب ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من غسل(1/73)
| 74 | الميت فليغتسل ، ومن حمله فليتوضأ " .
وقال روح : نا ابن جريج ، أنا سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة بهذا .
وقال حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله قال : " الغسل على من غسل ، والوضوء على من حمل " .
وقال وهيب : نا أبو واقد ، عن إسحاق مولى زائدة ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن أبي هريرة مرفوعاً ، قال : " من غسله الغسل ، ومن حمله الوضوء " .
وهذه الطرق في " مسند " بقي بن مخلد .
وقال حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن محمد ، قال : كنت مع عبد الله بن عتبة بن مسعود في جنازة ، فلما جئنا دخلت المسجد ، ودخل عبد الله بيته ، فتوضأ ، ثم خرج إلى المسجد ، فقال لي : أما توضأت ؟ قلت : لا .
فقال : كان عمر ، ومن دونه من الخلفاء ، إذا صلى أحدهم على الجنازة ، ثم أراد أن يصلي المكتوبة توضأ ؛ حتى إن أحدهم كان يكون في المسجد ، فيدعو بالطست فيتوضأ فيها .
52 - - مسألة - .
مسح الخفين .
منعت منه الإمامية وأبو بكر بن داود .
وعن مالك رواية في المنع في الحضر .
ففي " الصحيحين " للأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام قال : " بال جرير ، ثم توضأ ومسح على خفيه ، فقيل : تفعل هذا ؟ فقال : نعم ، رأيت رسول الله .
.
.
" .
(1/74)
| 75 | - ق 16 - ب - / ولهم الدراوردي ، أخبرني هشام ، عن أبيه ، عن عائشة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يغتسل من الجنابة غسل يديه ، ومضمض ، وتوضأ ، ويدلك بأصابعه أصول شعره ، فإذا خيل إليه أنه قد استبرأ البشرة ، أفاض على جلده من الماء " صحيح .
الحارث بن وجيه - واه - عن مالك بن دينار ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " تحت كل شعرة جنابة ، فاغسلوا الشعر ، وأنقوا البشر " .
وإنما يروى من قول أبي هريرة .
أحمد ، نا الأشيب ، نا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن زاذان ، عن علي قال : سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها الماء ، فعل الله به كذا وكذا من النار " .
قال علي : فمن ثم عاديت شعري .
قلت : خرجه ( د ق ) وفيه انقطاع ، وما في ذلك لهم دليل .
53 - مسألة : لمالك رواية لا يجب إيصال الماء فى الجنابة إلى باطن اللحية .
أحمد ، نا إسماعيل ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل من بني عامر ، عن أبي ذر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال : " إن الصعيد الطيب طهور ، ما لم تجد الماء ، ولو إلى عشر حجج ، فإذا وجدت الماء فامسس بشرتك " .
فذكروا : أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات .
54 - مسألة : أوجب غسل الجمعة داود ، وروي عن مالك .
(1/75)
| 76 | ففي " الصحيحين " لصفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم " .
وعبيد الله بن عمر وغيره ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً : " إذا جاء أحدكم إلى الجمعة ، فليغتسل " .
فقيل : معنى واجب : لازم الاستحباب ، كما تقول : حقك علي واجب .
ذكره الخطابي ، قال : ولأنه قرنه بما لا يجب .
فقال الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد ، عن أبي بكر بن المنكدر ، أن عمرو بن سليم أخبره عن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الغسل يوم الجمعة على كل محتلم ، والسواك ، وأن يمس من الطيب ما يقدر عليه " .
وفي " الصحيحين " ليحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة : " كان الناس عمال أنفسهم ، فكانوا يروحون كهيئتهم ، فقيل لهم : لو اغتسلتم " .
وللبخاري من حديث جويرية ، عن مالك ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه " أن عمر بينا هو يخطب يوم الجمعة ، إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين ، فناداه عمر : أيةُ ساعة هذه ؟ ! قال : إني شغلت ، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين ، فلم أزد على أن توضأت ، فقال : والوضوء أيضاً وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - ق 17 - أ - / كان يأمر بالغسل " .
ولمسلم بنحوه .
همام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من توضأ فيهما ونعمت ، ومن اغتسل فذاك أفضل " .
(1/76)
| 77 | لفظ أحمد .
ورواه شعبة هكذا .
خرجه ( د ت س ) حسنه ( ت ) .
(1/77)
| 78 | التيمم
55 - مسألة : هوَ بالتًّرابِ خلافاً لأبي حنيفةَ ومالكٍ .
لنا : حديث ربعي ، عن حذيفة مرفوعاً : " جعلتْ لنا الأرضُ كلُّها مسجداً ، وتُرابُها طهوراً " صحيح .
وهذا في الدَّارقطنيُّ .
وقال أحمد : نا ابن مهدي ، نا زهير ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن محمد بن ( علي ) أنه سمع علياً يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " جعلَ التُّرابُ لي طهُوراً " .
ولهم : سعيدٌ في " سننه " نا عيسى بن يونس ، ثنا المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة " أن ناساً من أهل البادية أتوا رسول الله ، فقالوا : إنا نكون بالرمال الأشهر الثلاثة والأربعة ، ويكون فينا الجنبُ والنفساءُ والحائضُ ، ولسنا نجد الماء ! فقال : عليكم بالأرض .
ثم ضرب بيده على الأرض لوجهه ضربةً واحدةً ، ثم ضرب ضربةً أخرى ، فمسحَ بها على يديه إلى المرفقين " .
المثنى واه .
وقال أحمد : نا عبد الرزاق ، نا المثنى بن الصباح ، أخبرني عمرو ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، ولفظه : " قال : عليك بالتراب " .
56 - مسألة : يقتصرُ على وجههِ وكفيهِ فيجزئهُ .
(1/78)
| 79 | وقال أبو حنيفة ، والشافعي : لا بد إلى المرفقين .
شعبة ، عن الحكم ، عن ذر ، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه ، عن عمار : " كنتُ في سرية فأجنبتُ ، فتمعكتُ في التراب ، فلما أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرت ذلك له ، فقال : إنما كان يكفيك : وضرب - صلى الله عليه وسلم - بيده إلى الأرض ، ثم نفخ فيها ، ومسح بها وجهه وكفيه " أخرجاه .
أبان ، نا قتادة ، عن عزرة ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه ، عن عمار ، أن نبي الله - - صلى الله عليه وسلم - - قال : " التيمم ضربةٌ للوجه والكفين " .
قالوا : روى أبو داود من حديث عمار أنه قال : " إلى المرفقين " .
قلنا : تلك الطريق يقول فيها قتادة : حدثني محدثٌ ، عن الشعبي ، عن ابن أبزى ، عن أبيه ، فحديثنا أصح .
صالح بن كيسان قال : قال ابن شهاب : حدثني عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، عن عمار " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرَّسَ بأُولاتِ الجيشْ ، ومعه عائشة ، فانقطع عقدٌ لها من جزع ظفار ، فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر ، وليس مع الناس ماء ، فأنزل الله على رسوله رخصة التطهر بالصعيد الطيب ، فقام المسلمون ، فضربوا الأرض ، ثم رفعوا - ق 17 - ب - / أيديهم ، ولم يقبضُوا من التراب شيئاً ، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب ، ومن بطون أيديهم إلى الآباطِ " .
لفظ أحمد .
قلنا : فعلوه برأيهم ، ثم عرفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حد ذلكَ .
(1/79)
| 80 | أبو عصمةَ ، عن موسى بن عقبة ، عن الأعرج ، عن أبي جهيم قال : " أقبل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من بئر جمل ، إما من غائط وإما من بول ، فسلمت عليه فلم يرد ! السلامَ ، وضرب الحائطَ بيده ضربةً ، فمسح بها وجهه ، ثم ضرب أخرى ، فمسحَ بها ذراعيه إلى المرفقين ، ثم ردَّ عليَّ السلامَ " .
خرجه الدَّارقطنيُّ .
قلتُ : أبو عصمة متروك ، ورواه خارجة - وهو واهٍ - عن عبد الله بن عطاء ، عن موسى .
محمدُ بنُ ثابت العبدي - ضعيف - نا نافع ، عن ابن عمرَ " أن رجلاً مرَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم ، فلم يرد عليه حتى ضرب بيديه على الحائط ، فمسح وجهه ، ثم ضرب ضربة أخرى ، فمسح ذراعيه ، ثم ردَّ علي الرجلِ السَّلام " .
خرجَّهُ ابنُ حبانَ .
ثم قال : ثنا محمد بن إسماعيلَ ، ثنا عبد الله بن الحسين بن جابر ، ثنا عبدُ الرحمن بن مطرف ، نا علي بن ظبيان ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً : " التيممُ ضربتان ؛ ضربةٌ للوجهِ ، وضربةٌ لليدين إلى المرفقين " .
قلتُ : ابنُ جابرٍ رماهُ ابنُ حبانَ بسرقةِ الأخبار ، وعلي بن ظبيان وهوه .
حرميُّ بن عمارةَ ، عن عزرة بن ثابت ، عن أبي الزبير ، عن جابر مرفوعاً مثل الذي قبله .
أخرجه الدَّارقطنيُّ ، عن محمد بن - مخلد ، نا - إبراهيم الحربيُّ ، ثنا عثمان بن محمد الأنماطيُّ ، عنه .
قال المؤلف : قد تكلم في عثمان .
(1/80)
| 81 | الربيعُ بنُ بدر ، عن أبيه ، عن جدهِ ، عن الأسلع قال : " أراني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف أمسحُ ؛ فضربَ بكفيه الأرض ، ثم رفعهما لوجهه ، ثم ضربَ ضربةً أخرى فمسح ذراعيه - باطنهُما وظاهرهما - حتى مس بيده المرفقين " .
الربيع تُرك ، وصوابُ حديث أبي جهيم : ( خ ) نا يحيى بن بكير ، نا الليثُ ، عن جعفرِ بن ربيعةَ ، عن الأعرج ، قالَ : سمعتُ عميراً مولى ابن عباس قالَ : " دخلنا على أبي جهيم فقال : أقبلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من نحو بئر جمل ، فلقيهُ رجلٌ ، فسلم عليه ، فلم يرد حتى أقبل على الجدار ، فمسح بوجهه ويديه ، ثم رد عليه " .
57 - مسألة : قالَ داودُ : التَّيممُ يرفعُ الحدثُ .
عوفٌ ، حدثني أبو رجاء ، ثنا عمرانُ بنُ حصينٍ قالَ : " كنَّا في سفرٍ مع رسول الله فصلَّى بالناسِ ، فإذا هو برجل معتزل فقال : ما منعك أن تصلِّي ؟ ! قال : اصابتني جنابة ، ولاَ ماء ، قال : عليكَ بالصَّعيد .
واشتكى إليه - ق 18 - أ - / الناسُ العطشَ ، فدعا عليّاً وآخرَ ، فقال : ابغيانا الماءَ .
فذهبا ، فجاءا بامرأة معها مزادتان ، فأفرغ من أفواه المزادتين ، ونُوديَ في الناس ، فسقى من شاء واستقى ، وكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناءً من ماءٍ ، فقال : اذهب ، فأفرِغْهُ - عليك - " .
متفق عليه .
جريرُ بن حازم ، نا يحيى بن أيوب ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عمران بن أبي أنس ، عن عبد الرحمن بن جبير ، عن عمرو بن العاصِ ، قالَ : " احتلمتُ في ليلة باردةٍ وأنا في غزوة ذاتِ السلاسلِ ، فأشفقتُ إن اغتسلتُ أن أهلكَ ، فتيممتُ ، ثم صليتُ بأصحابي الصُّبْح ، فذُكِر ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا عمرُو ، صليتَ(1/81)
| 82 | بأصحابك وأنتَ جنبٌ ؟ ! فقالَ : إني سمعتُ الله يقول : " ولا تقتلوا أنفسكم " فضحك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئاً " .
ولهم حديث حذيفةَ : " وجعل تربتها لنا طهُوراً " .
خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن عمرو بن بجدان ، عن أبي ذر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجد الماء ، فليمسه بشرته ، فإن ذلك خير " .
صحَّحهُ ( ت ) .
58 - مسألة : ويتيمُّمُ لكلَّ وقتِ صلاةٍ .
وقال أبو حنيفةَ : يُصلِّي به ما لمْ يحدثْ ، واحتجَّ بقولِهِ : " الصَّعيدُ وضوءُ المسلمِ " .
ولنا : شعيبٌ الصريفيني ، نا أبو يحيى الحماني ، عن الحسن بن عمارة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : " من السنة أن لا يصلى بالتيمم أكثر من صلاةٍ واحدةٍ " .
الحسنُ متروكٌ .
59 - مسألة : فإِنْ لم يجدْ تراباً صلَّى .
وقال أبو حنيفة : لا يصلِّي .
لنا : ابنُ نميرٍ ، ثنا هشامٌ ، عن أبيهِ ، عن عائشةَ " أنها استعارت من أسماء قلادةً فهلكت ، فبعث رسول الله رجالاً في طلبها فوجدوها ، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماءٌ ، فصلوا بغير وضوء ، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنزل الله آية التيمم " .
متفق عليه .
(1/82)
| 83 | ولهم : إسرائيلُ ، عن سماكٍ ، عن مصعب بن سعدٍ ، عن ابن عمرَ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يقبل الله صلاةً وإلا بطهورٍ " .
وحديثٌ آخر ؛ قال - صلى الله عليه وسلم - : " لا يقبل الله صلاة امرئٍ حتى يضعَ الوضوء مواضعه " .
قلنا : ذا محمول على من يقدر .
60 - مسألة : ويتيممُ للبردِ حضرًا .
وفي الإعادةِ روايتانِ ؛ لحديث عمرو بن العاصِ ، قالَ : " احتلمتُ في ليلةٍ باردةٍ ، فأشفقتُ ، فتيممنُ .
.
.
" الحديث ، وقدْ مرَّ .
61 - مسألة : ويَغْسِلُ الصَّحيحَ ، ويتيمَّمُ عن الجريح .
وقالَ أبو حنيفة ومالكٌ : الاعتبار - ق 18 - ب - / بالأكثرِ ، فيغسلُهُ ويسقطُ الأقلُّ .
الزبيرُ بن خريقٍ ، عن عطاءٍ ، عن جابر قال : " خرجْنا في سفرٍ ، فأصاب رجلاً منا حجرٌ ، فشجهُ في رأسه ، ثم احتلم فسأل أصحابه ، هل تجدون لي رخصةً في التيمم ؟ فقالوا : ما نجدُ لكَ رخصةً ، وأنت تقدرُ على الماء ، فاغتسل فمات ، فلمَّا قدمنَا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُخبرَ بذلك ، فقال : قتلُوهُ ، قتلهم الله ، ألا سألوا إذ لم يعلموا ، فإنما شفاء العيِّ السؤال ، إنما كان يكفيه أن يتيمم ( ويعصرَ ) - أو ( يعصبَ ) - على جرحِهِ ، ثم يمسح عليه ، ويغسل سائرَ جسده " .
رواه الدَّارقطنيُّ ، والزبيرُ فيه ضعف .
62 - مسألة : إذا كان معه من الماء ما يكفي بعض أعضائهِ لزمهُ استعمالهُ في الجنابة ،(1/83)
| 84 | وهل يلزمُهُ في الوضوء ؟ أصحُّ الوجهين يلزمه .
وهما قولان للشافعي .
وقال مالك وأبو حنيفة : لا يلزمه .
( خ م ) لأبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا نهيتكمْ عن شيء ، فاجتنبوه ، وإذا أمرتُكُمْ بأمرٍ فائتوا منه ما استطعتم " .
63 - مسألة : إذا اشتبهَ إناء نجسٌ بطاهرٍ ، لم يتحرَّ ، خلافاً للشافعيِّ .
لنا : البخاريُّ من حديث الشعبي ، عن عدي ، قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أرسلتَ كلبكَ المعلم ، فقتل فكل ، فإذا أكل فلا تأكل ، فإنما أمسكه على نفسه .
قلت : أُرسل كلبي ، فأجد معه كلباً آخر ؟ قال : فلا تأكل ؛ فإنما سميتَ على كلبكَ ، ولم تسم على كلب آخر " .
شعبةُ ، عن بُريد بن أبي مريمَ ، عن أبي الحوراء ، عن الحسن بن علي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه كان يقول : " دعْ ما يَريبك إلى مَا لاَ يَريبكَ " .
64 - مسألة : لا يتيمّمُ للجنازَةِ والعيدِ معَ وجُودِ الماءِ خلافاً لأبي حنيفةَ .
وعنْ أحمدَ : يتيمّمُ للجنازة .
مغيرة بن زياد ، عن عطاء ، عن ابن عباس مرفوعاً : " إذا فجئتك الجنازة ، وأنت على غير وضوء فتيمم " .
قال ابنُ عديٍّ : صوابه موقوف ، ومغيرةُ ضعيفٌ .
(1/84)
| 85 | الحيض
65 - مسألة : يجوزُ الاستمتاعُ من الحائضِ بما دُونَ الفرجِ خلافاً لهمْ .
لنا : حمادُ بنُ سلمةَ ، عن ثابتٍ ، عن أنسٍ " أنّ اليهود كانوا إذا حاضت المرأةُ منهم ، لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت ، فسأل أصحاب النبيِّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأنزل اللهُ : ^ ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المحيضِ ) فقال - صلى الله عليه وسلم - : اصنعُوا كلَّ شيء إلا النٍّ كاحَ " .
تفرد به ( م ) .
- ق 19 - أ - / ( د ) نا مُوسى ، نا حماد ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد من الحائض شيئاً ، ألقى على فرجها شيئا " .
قالوا : ففي " الصحيحين " من حديث الأسود ، عن عائشة : " كان رسولُ الله يباشر - نساءه - فوق الإزار ، وهن حيضٌ " .
وسعيدٌ في " سننه " نا عبد العزيز ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار : " قال رجلٌ : يا رسول الله ، ما يحل لي من امرأتي وهي حائضٌ ؟ ! قال : تشدُّ إزارها ، ثمَّ شأنكَ بأعْلاها " .
(1/85)
| 86 | فهذا مرسلٌ ، والذي قبله يدل على التورع .
66 - مسألة : وإنْ أتى حائضاً تصدَّقَ بدينارٍ أو نصفهُ .
وعنه : يستغفر الله ، كقولهم .
وللشافعي في القديم : إن كان في إقبال الدم ، تصدق بدينار ، وفي إدباره بنصف دينار .
شعبةُ ، عن الحكمِ ، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأته وهي حائض ، قال : " يتصدق بدينار ، أو بنصف دينار " .
رواه أحمدُ ، عن القطان عنه ، ثم قال : لم يرفعه عبد الرحمن ، ولا بهز .
وثنا يونس ، نا حمادُ بنُ سلمة ، عن عطاء العطار ، عن عكرمةَ ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يتصدقُ بدينارٍ فإن لم يجد فنصف دينار " .
يعني : الذي يغشى امرأته حائضاً .
الفضل السينانيُّ ، عن أبي حمزة السكري ، عن عبد الكريم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا كان دماً أحمرَ فدينارٌ ، وإذا كان دماً أصفَرَ فنصف دينار " .
خرجه ( ت ) وعبدُ الكريمِ ضُعِّفَ .
وذكر أبو داود هذا عن ابن عباس قوله .
(1/86)
| 87 | 67 - مسألة : المستحاضةُ إذا كانتْ لها عادةٌ ، تردُّ إليها لاَ إلى التمييزِ .
وقال الشافعي : يقدم التمييزُ على العادة .
وهيبٌ ، نا أيوبُ ، عن سليمانَ بن يسار " أن فاطمة بنتَ أبي حبيش استحيضت فأمرت أم سلمة أن تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : تدعُ الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل ، وتستذفر بثوب وتصلي " .
قالوا : محمد بن عمرو بن علقمة ، نا الزهري ، عن عروة ، عن فاطمة بنت أبي حبيش " أنها كانت تستحاض ، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف ؛ فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة ، فإذا كان الآخر ، فتوضئي وصلِّي " .
68 - مسألة : والناسيةُ الَّتِي لا تمييزَ لها تحيض ستًّا أو سبعاً .
وقال الشافعي : لا تحيض شيئاً .
أحمد ، نا العقدي ، نا زهيرُ بن محمدٍ ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة ، عن عمه عمران بن طلحة ، عن أمه حمنة ، قالت : " كنتُ أستحاض - ق 19 - ب - / حيضةً شديدةً كثيرةً ، فجئتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أستفتيهِ وأخبره - فوجدتُه - في بيت أخْتي زينب بنت جحشِ ، فقلتُ : يا رسول الله ، إن لي إليك حاجة - فقال - : ما هيَ ؟ قلتُ : إني أُستحاضُ حيضةً شديدة كثيرة ، فما ترى فيها ؟ ! قد منعتني الصلاة والصيام ، فقال : أنعت لك الكرسف ، فإنه يذهب الدم .
قلت : هو أكثر من ذلك ، قال : فاتخذي ثوباً .
قلت : هو أكثر من ذلك ، قال : فتلجمي .
قالت : إنما أثج ثجّاً .
فقال لها : سآمرك بأمرينِ ، أيهما(1/87)
| 88 | فعلتِ فقد أجزأ عنك من الآخر ، فإن قويت عليهما فأنت أعلم فقال لها : إنما هذه ركضةٌ من ركضات الشيطان ، فتحيضي ستة أيام ، أو سبعة أيام ، في علم الله ، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت ، واستنقأتِ ، فصلي أربعاً وعشرين ليلة ، أو ثلاثاً وعشرين ليلة وأيامها ، وصومي ، فإن ذلك يجزئك ، وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن ، وإن قويت على أن تؤخري الظهر - وتعجلي - العصر ، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين ، فافعلي ، وتغتسلين مع الفجر وتصلين ، وكذلك فافعلي ، وصلي وصومي إن قويت على ذلك .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وهذا أعجب الأمرين إلي " .
صححه ( ت ) وقال : رواه عبيد الله بن عمرو ، وشريك ، عن ابن عقيل ، وسألتُ محمداً عنه ، فقال : هو حديث حسن ، وهكذا قال أحمد : هو حديث حسن صحيح ، قال : وقال أحمد وإسحاق : إذا كانت تعرف حيضها بإقبال الدم وإدباره ، وإقباله أن يكون أسود ، وإدباره أن يتغير إلى الصفرة ، فالحكم فيها على حديث فاطمة بنت أبي حبيشٍ .
69 - مسألة : إِذَا رأتِ الدَّم قبْل أيَّامِها أو بعْدَ أيَّامِها ، ولمْ تجاوزْ أكثرَ الحيْضِ ، فَما رأتْهُ في أيَّامِها فهوَ حيضٌ ، وما رأتْهُ قبل أو بعد فهوَ مشكوكٌ فيهِ حتَّى يتكرَّر ثلاثاً ، فيكون حيضاً .
وقال أبو حنيفة : ما رأته قبل أيامها فهو استحاضة حتى تراه في الشهر الثاني ، وما رأته بعد أيامها ، فهو حيض .
وقال الشافعي : ما رأته قبل أيامها أو بعد أيامها فهو حيض .
ولنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " تجلس أيام أقرائها ، ثم تغتسل " .
(1/88)
| 89 | 70 - مسألة : أقلُّ الحيضِ يومٌ وليلةٌ .
وقال أبو حنيفة : ثلاثٌ .
وقال مالكٌ : لا حد لأقله .
وللشافعي كقولنا ، وقول : يوم .
ولنا أن المرجع إلى العرف .
محمد بن مصعب ، نا الأوزاعي ، قال : عندنا امرأة تحيضُ غدوةً ، وتطهر عشيةً .
وقال عطاءٌ : رأيتُ من النساء من تحيض يوماً ، ومن كانت تحيضُ خمسةَ عشر يوماً .
وقال الشافعي : أثبت لي عن امرأة لم تزل تحيضُ يوماً ، فقلت لمالك : ما عُرف حيض أقل من يوم .
- والحنفية فقالوا - : قال - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش : " دعي الصلاة أيام أقرائك " وأقل الأيام ثلاثة .
قال الدَّارقطنيُّ : نا ابن السماك ، نا إبراهيم بن الهيثم ، ثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي ، ثنا حسان بن إبراهيم الكرماني ، ثنا عبد الملك - مجهول - سمعتُ العلاء ، سمعت مكحولاً يحدث ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " - ق 20 - أ - / أقل ما يكون الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثٌ ، وأكثر ما يكونُ : عشرة أيام ، وإذا رأت الدم أكثر من عشرة أيام ، فهي مستحاضة " .
ورواه سليمان بن عمرو ، عن يزيد بن جابر ، عن مكحول .
فسليمان هو أبو داود النخعي ، كذبه أحمد وغيره .
(1/89)
| 90 | قال : وثنا أبو حامد الحضرمي ، ثنا محمد بن أحمد بن أنس ، ثنا حماد بن المنهال ، عن محمد بن راشد ، عن مكحول ، عن واثلة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أقلُّ الحيضِ ثلاثةُ أيامٍ ، وأكثرهُ عشرةٌ " .
حمادٌ مجهولٌ ، ويروى بسند ضعيف عن أنس مرفوعاً : " الحيض ثلاثةُ أيامٍ ، وأربعةٌ ، وخمسةٌ ، وستةٌ ، وسبعةٌ ، وثمانيةٌ ، وتسعةٌ ، فإذا جاوزت العشرة فهي مستحاضة " .
فيه الحسن بن دينار : متروك .
وفي كتاب " الضعفاء " للعقيلي ، عن محمد بن حسن الصدفيِّ - واهٍ - عن عبادة بن نُسي ، عن ابن غنم ، عن معاذ مرفوعاً : " لا حيضَ أقل من ثلاثٍ ، ولاَ فوقَ عشرٍ " .
حسين بن علوان - متهم - عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة مرفوعاً : " أكثر الحيض عشرٌ ، وأقلُّهُ ثلاثٌ " .
قلنا : إنما قال لفاطمة : " أيام أقرائِكِ " على الأغلب .
وباقي الأحاديث واهيةٌ .
71 - مسألة : أكثرُ الحيضِ خمسة عشرَ .
وقال أبو حنيفة : عشرةٌ ، واستدلَّ بما مرَّ أعلاه .
ولنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " تمكثُ إحداهنَّ شطرَ عمرِها لا تصلِّي " .
(1/90)
| 91 | 72 - مسألة : الحاملُ لا تحيضُ خلافاً لمالكٍ ، وللشَّافعي في قول .
أحمد ، نا أسود بن عامر ، نا شريك ، عن أبي إسحاق وقيس بن وهب ، عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد " أن رسول الله قال في سبي أوطاس : لا توطأ حاملٌ حتى تضعَ ولا غير حاملٍ حتى تحيضَ حيضةً " .
قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله ، ما ترى في الحامل ترى الدم ، تمسك عن الصلاة ؟ قال : لا .
قلت : أي شيء أثبتُ في هذا ؟ فقال : أنا أذهب في هذا إلى حديث محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ، عن سالم ، عن أبيه " أنه طلق امرأته وهي حائضٌ ، فسأل عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : مرهُ فليراجعها ، ثم يطلقها طاهرًا أو حاملاً ، فأقام الطهر مقام الحمل ، فقلت له : كأنك ذهبت في هذا الحديث إلى أن الحامل لا تكونُ إلا طاهراً ، قال : نعم .
73 - مسألة : ينقطعُ الحيضُ لخمسينَ سنةً ولستِّينَ .
وقال الشافعية : لا غاية له .
واستدل أصحابنا بقول عائشة : " لن ترى المرأة ولداً في بطنِها بعد خمسين سنةً " .
74 - مسألة : أكثرُ النِّفاسِ أَربعُونَ .
وقال الشافعية : ستُّونَ .
( ت ) نا نصر بن علي ، نا أبو بدر ، عن علي بن عبد الأعلى ، عن أبي سهل ، عن مسَّةَ الأزدية ، عن أم سلمة ، قالت : " كانت تجلس النفساءُ على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعينَ يوماً ، وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف " .
(1/91)
| 92 | سنده جيد ، وأبو سهل وثق .
المحاربي ، عن سلام بن سلم ، عن حميد ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وقت النفساء أربعون يوماً ، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك " .
سلام ضّعِّف .
أبو بلال الأشعري - ق 20 - ب - / ضعيفٌ - ثنا أبو شهاب ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن عثمان بن أبي العاص : " وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنساءِ في نفاسهنَّ أربعينَ يوماً " .
قال أبو بلال : وثنا حبان ، عن عطاء ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، عن رسول الله مثله .
وبسندٍ واهٍ عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً : " تنتظرُ النفساءُ أربعينَ ليلةً ، فإن رأتْ الطهرَ قبل ذلك فهي طاهر ، وإن جاوزت الأربعين ، فهي بمنزلة المستحاضة ؛ تغتسل وتصلي ، فإن غلبها الدم توضأت لكل صلاة " .
فيه عمرو بن الحصين - تركوه - عن ابن علاثةَ .
حسين بن علوان - كذاب - عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة بنحوه .
(1/92)
| 93 | الصلاة المواقيت
75 - مسألة : تجبُ بأوِّلِ الوقتِ وجوباً موسعاً .
وقال الحنفية : بآخره .
الدَّارقطنيُّ : وجدت بخط أحمد بن عمرو بن جابر ، أبنا علي بن عبد الصمد الطيالسي ، ثنا هارون بن سفيان ، ثنا عتيق بن يعقوب ، ثنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الشفقُ : الحمرةُ ؛ فإذَا غابَ وجبتِ الصلاةُ " .
قلتُ : فيه نكارةٌ .
76 - مسألة : آخرُ الظُّهرِ مصيرُ ظلِّ الشيْءِ مثلهُ منْ موضعِ الزَّوالِ .
وقال أبو حنيفة : بل مثليه .
وقال مالك : يمتد وقت الإدراك إلى الغروب .
الثوري ، عن عبد الرحمن بن الحارث عن عياش ، عن حكيم بن حكيم ، أخبرني نافع بن جبير ، أخبرني ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أَمَّني جبريلُ عندَ(1/93)
| 94 | البيتِ ؛ فصلَّى بي الظُّهرَ في الأولى منهما حينَ كانَ الفيءُ مثلَ الشراكِ ، ثم صلى العصرَ حينَ كانَ كلُّ شيءٍ مثلَ ظلِّه ، ثم صلى المغربَ حينَ وجبتِ الشمسِ وأفطرَ الصائمُ ، ثم صلى العشاءَ حين غاب الشفق ، ثم صلى الفجرَ حينَ برقَ الفجر وحرم الطعام على الصائمِ ، وصلى المرةَ الثانية الظهْرَ حينَ كان ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس ، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه ، ثم صلى المغرب لوقته الأول ، والعشاء الآخر حين ذهب ثلث الليل ، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض ، ثم التفت إليَّ جبريل فقال : يا محمدُ ، هذا وقتُ الأنبياء من قبلك ، والوقتُ ما بين هذين " .
خرجهُ ( ت ) وحسَّنهُ .
وقالَ ( خ ) : أصحُّ ما في المواقيتِ حديثُ جابرٍ .
ابنُ المباركِ ، عن حسين بن علي بن حسين ، حدثني وهبُ بنُ كيسانَ ، عن جابرٍ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءهُ جبريلُ ، فقال : قمْ فصلِّ .
فصلَّى الظهرَ حينَ زالتِ الشمسُ ، ثم جاءهُ العصرَ فقالَ : قمْ فصلِّه .
فصلَّى العصرَ حينَ صارَ ظلُّ كلِّ شيءٍ مثلُه ، ثم جاءه المغربَ ، فقال : قُمْ فصلَّى حينَ وجبتِ الشمسُ ، ثم جاءه - ق 21 - أ - / العشاءَ ، فقالَ : قمْ فصلِّهِ .
فصلَّى حينَ غاب الشفق ، ثم جاءه الفجر ، فقال : قمْ فصلِّهِ .
فصلى حين برقَ الفجرُ - أو قالَ : حينَ سطعَ الفجرُ - ثمَّ جاءه من الغدِ الظُّهرَ ، فقالَ : قُمْ فصلِّهِ .
فصلَّى الظهرَ حينَ صارَ ظل كلِّ شيءٍ مثلَهُ ، ثمَّ جاءهُ العصرَ ، فقالَ : قمْ فصله .
فصلَّى العصرَ حينَ صارَ ظلُّ كلِّ شيءٍ مثليْهِ ، ثم جاءهُ المغربَ وقتاً واحداً لم يزل عنهُ ، ثم جاءه العشاءَ حينَ ذهبَ نصفُ الليل - أو قالَ : ثلثُ الليل - فصلَّى العشاءَ ، ثم جاءه الفجرَ حينَ أسفرَ جدّاً ، فقالَ : قمْ فصلِّهِ .
فصلَّى الفجرَ ، ثمَّ قالَ : ما بينَ هذين وقتٌ " .
قلتُ : ( ت ) قد رواهُ عطاءٌ ، وعمرو بن دينارٍ ، وأبو الزبير ، عن جابر نحوهُ .
(1/94)
| 95 | 77 - مسألة : للمغْربِ وقتانِ الثَّاني إلى غيبوبةِ الشَّفقِ .
وقالَ مالكٌ والشافعي : وقتٌ واحدٌ .
لنا : أحمد ، ثنا ابن فضيل ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله : " إن للصلاة أولاً وآخرًا ، وإنَّ أول وقت صلاةِ الظهْرِ حينَ تزولُ الشمسُ ، وآخرَ وقتِها حينَ يدخلُ وقتُ العصر ، وإن أوَّل وقتِ العصرِ حينَ يدخلُ وقتُها ، وإنَّ آخرَ وقتِها حينَ تصفرُّ الشمسُ ، وإنَّ أوَّلَ وقتِ المغربِ حينَ تغربُ الشمسُ ، وإنِّ آخرَ وقْتَها حينَ يغيبُ الأفقُ ، وإنَّ أوَّل وقتِ عشاءِ الآخرةِ حينَ يغيبُ الأفقُ ، وإنَّ آخرَ وقْتِها حينَ ينتصفُ الليلُ ، وإنَّ أولَ وقتِ الفجرِ حينَ يطلُع الفجرُ ، وإنَّ آخرَ وقتِها حينَ تطلُعُ الشمْسُ " .
خرجهُ ( ت ) وقال : سمعتُ محمداً يقولُ : أخطأ فيه ابن فضيل ، وحديثُ الأعمشِ عن مجاهد أصح .
وقال الدَّارقطنيُّ : لا يصح حديثُ ابن فضيل مسنداً .
قلتُ : ( ت ) ثنا هناد ، نا أبو أسامة ، عن أبي إسحاق الفزاريِّ ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال : " كان يقالُ : إنَّ للصلاةِ أولاً وآخراً .
.
.
" فذكرَ نحو حديث ابن فضيل .
قلتُ : قال المؤلف : ابنُ فضيلٍ ثقة ؛ فيجوز أن يكون عند الأعمشِ بسندين .
وصحح ( ت ) لعلقمةَ بن مرثد ، عن سليمانَ بن بريدة ، عن أبيه قال : " أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ ، وسألهُ عن مواقيتِ الصلاة ، فقال : أقمْ معنا .
فأمر بلالاً ، فأقام ، فصلى حين طلع الفجر ، ثم أمره ، فأقام حين زالت ، ثم أمره فصلى العصرَ(1/95)
| 96 | والشمسُ بيضاءُ مرتفعةٌ ، ثم أمره بالمغرب حين وقع حاجب الشمس ثم أمره بالعشاء فأقام حين غاب الشفق ، ثم أمره من الغد ، فنور بالفجر ، ثم أمره بالظهر و ( أنعم ) أن يبرد ثم أمره بالعصر ، فأقام والشمس آخر وقتها ؛ ثم أمره فأخر المغرب إلى قبيل أن يغيب الشفق ، ثم أمره بالعشاء حين ذهب ثلث الليل ، ثم قال : أين السائل عن مواقيت الصلاة ؟ قال الرجل : أنا .
فقال : مواقيتُ الصلاة بين هذين " .
صححه ( ت ) وخرجه ( م ت س ق ) .
- ق 21 - ب - / جماعة ، نا بدرُ بن عثمان ، نا أبو بكر بن أبي موسى ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - أنه - : " أتاه سائلٌ فسأله عن مواقيت الصلاة ، فأمر بلالاً ، فأقام .
.
.
" وذكر نحو حديث بريدة ، وقال : " الوقت ما بين هذين " .
خرجه ( م د س ) .
همام ، نا قتادة ، عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " وقت الظهر إذا زالت الشمس ، وكان ظل كل شيء كطوله ، ما لم يحضر العصر ، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ، ووقت المغرب ما لم يغرب الشفق ، ووقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط ، ووقت الفجر من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس " .
رواه ( م ) .
سفيان عن الزهري ، عن أنس مرفوعاً : " إذا حضر العشاء فأقيمت الصلاة ؛ فابدؤا بالعشاء "(1/96)
| 97 | أخرجاه .
وعقيل ، عن الزهري ، عن أنس ؛ ولفظه : " إذا قدم العشاء ، فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ، ولا تعجلوا عن عشائكم " .
لفظ ( خ ) .
عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال رسول الله : " إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة ، فابدءوا بالعشاء ، ولا يعجل حتى يفرغ منه " .
وكان ابن عمر يوضع له الطعام ، وتقام الصلاة ، فلا يأتيها حتى يفرغ ، وإنه يسمع قراءة الإمام " .
أخرجاه .
فذكروا حديث ابن عباس ؛ وفيه " أنه صلى المغرب لوقته الأول " وحديث جابر بنحو منه .
وفيه : " ثم جاءه المغرب في المرة الثانية وقتاً واحداً " .
وحديث حميد بن الربيع - واه - نا محبوب بن الجهم ، ثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أتاني جبريلُ حين طلع الفجر .
.
.
" الحديث .
وفيه ، في المغرب : " ثم أتاني حين سقط القرصُ فقال : قم فصلِّ ، ثم أتاني في الغد حين سقط القرص ، فقال : قم فصلِّ " .
خرجه الدَّارقطنيُّ .
ومحبوب ليس بحجة .
(1/97)
| 98 | أيوب بن عتبة ، ثنا أبو بكر بن حزم ، عن عروة ، عن ابن أبي مسعود ، عن أبيه - إن شاء الله - " أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - : فذكر المواقيت ، ثم أتاه من الغد حين غابت الشمس وقتاً واحداً " .
وأيوب ضعيف .
السيناني ، نا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هذا جبريل يعلمكم دينكم .
.
.
" فذكر حديث المواقيتِ ، وفيه : " ثم صلى المغرب حين غربت الشمس ، وكذلك صلاها في اليوم الثاني " .
خرجه الدَّارقطنيُّ ، ومحمد ليس بقوي .
ابن لهيعة ، ثنا بكير بن الأشج ، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الساعدي ، عن أبي سعيد مرفوعاً : " أمَّني جبريل .
.
.
" فذكر الحديث ، وفيه : " أنه صلى المغرب حين غابت في اليومين " .
رواه أحمد .
ابن لهيعة أيضاً ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أسلم - ق 22 - أ - / أبي عمران ، عن أبي أيوب الأنصاري سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجوم " .
رواه أيضاً أحمد ، وله شاهد .
أحمد ، نا إسماعيل ، نا ابن إسحاق ، عن يزيد ، عن مرثد بن عبد الله اليزني ، قال : " قدم علينا أبو أيوب غازياً ، وعقبة بن عامر يومئذ على مصر ، فأخر المغرب ، فقام إليه أبو أيوب فقال : ما هذه الصلاة يا عقبة ؟ قال : شغلنا .
قال : أما والله ما بي إلا أن يظن الناس أنك رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع هذا ، أما سمعت(1/98)
| 99 | رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا تزال أمتي بخير - أو على الفطرة - ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم " .
فهذه الأحاديث لا تقاوم ما تقدم ، وأجاب أصحابنا بأن جبريل إنما أم بمكة ، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بعد بالمدينة .
قلت : ثم فعل المغرب في وقت واحد هو الأفضل ، ويبقى وقت الجواز .
78 - مسألة : الشفقُ هوَ الحمرةُ .
وقال أبو حنيفة : هو البياض .
ومر من حديث ابن عمر : " الشفقُ : الحمرةُ " .
وفي الأحاديث الماضية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى العشاء حين غاب الشفق ، والمراد الحمرةُ .
قالوا : ففي بعض الأحاديث أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى العشاء حين اسود الأفق .
قلتُ : ذاكَ عندَ غيبوبةِ الحمرِة ، وهوَ أوَّل الاسودَادِ .
79 - مسألة : التَّغلِيسُ أفضلُ إِذَا اجْتمعُوا .
وقال أبو حنيفة : الإسفارُ أفضلُ .
ففي " الصحيحين " : شعبة ، عن الوليد بن العيزار ، سمع أبا عمرو الشيباني ، ثنا صاحب هذه الدار - وأشار إلى دار ابن مسعود - قال : " سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي العمل أحبُّ إلى الله ؟ قال : الصلاة على وقتِها .
قلت : ثم أي ؟ قال : ثم برُّ الوالدْينِ " .
(1/99)
| 100 | أحمد ، ثنا يونس ، ثنا الليث ، عن عبد الله بن عمر ، عن القاسم بن غنام ، عن جدته أم أبيه ، عن جدته أم فروة ، أنها سمعت رسول الله يقول : " إن أحب العمل إلى الله تعجيل الصلاة لأول وقتها " .
إسناده لين .
( ت ) نا ابن منيع ، نا يعقوب بن الوليد - متهم - عن عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً : " الوقت الأول رضوان الله ، والوقت الأخير عفو الله " .
الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن إسحاق بن عمر ، عن عائشة قالت : " ما صلى رسول الله صلاة لوقتها الآخر مرتين حتى قبضه الله " .
رواه أحمد ، ورواه الدَّارقطنيُّ ، فقال : " إلا مرتين " .
وإسحاق متروك .
قال الدَّارقطنيُّ : ليس سنده بمتصل .
وعن جرير مرفوعاً : " أول الوقت رضوان الله ، وآخر الوقت عفو الله " .
في سنده كذاب ، أخرجه الدَّارقطنيُّ .
وخرج لإبراهيم بن زكريا - وهو هالك - عن إبراهيم بن عبد الملك ابن أبي محذورةَ ، حدثني أبي ، عن جدي ، قال رسول الله : " أول الوقت رضوان الله ، ووسط الوقت رحمة الله ، وآخر الوقت عفو الله " .
قال أحمد : من روى ؟ ! هذا ليس هذا يثبت .
(1/100)
| 101 | ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة " أن نساء من المؤمنات كن يصلين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متلفعات بمروطهن ، ثم يرجعن إلى - ق 22 - ب - / أهلهن ، ما يعرفهن أحد من الغلس " .
متفق عليه .
عوف ، عن أبي المنهال ، عن أبي برزة : " كان رسول الله ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف أحدنا جليسه " .
متفق عليه .
قلتُ : وفيهِ دليلٌ على أنَّهُم كانوا يصلُّون في الظٌّ لمَةِ بلا قنادِيلَ .
ابنُ وهب ، نا أسامة بن زيد ، أن ابن شهاب أخبره " أن عمر بن عبد العزيز كان قاعداً على المنبر ، فأخر صلاة العصر شيئاً ، فقال عروة ، أما إن جبريل قد أخبر محمداً - صلى الله عليه وسلم - بوقت الصلاة .
سمعتُ بشير بن أبي مسعود يقول : سمعت أبا مسعود يقول : سمعت رسول الله يقول : نزل جبريل ، فأخبرني بوقت الصلاة ، فصليت معه ، ثم صليت معه ، ثم صليت معه - فحسب بأصابعه خمس صلوات - فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر حين تزول الشمس ، وربما أخرها حين يشتد الحر ، ورأيته يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء ، فينصرف الرجل من الصلاة ، فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس ، ويصلي المغرب حين تسقط الشمس ، ويصلي العشاء حين يسود الأفق ، ويصلي الصبح مرة ؛ فأسفر ، ثم كانت صلاته بعد ذلك بالغلس حتى مات ، ثم لم يعد إلى أن يسفر " .
خرجه الدَّارقطنيُّ ، وسنده جيد .
(1/101)
| 102 | قالوا : محمدُ بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر ، عن محمود بن لبيد ، عن رافع بن خديج ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " أسفروا بالفجر ؛ فإنه أعظم للأجر " .
تابعه ابن عجلان ، عن عاصم ، وصححه ( ت ) وأخرجه ( عو ) .
قلنا : هو محمول على ما إذا تأخر الجيران .
وروى سعيد بن يحيى الأموي في " المغازي " بإسناده " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذاً إلى اليمن ، قال له : إذا كان الشتاء فصل الفجر في أول وقتها ، ثم أطل القراءة ، وإذا كان الصيف فأسفر ، فإن الليل قصير ، والناس ينامون " .
قلت : مثلُ هذا لا يصح .
80 - مسألة : تعجيلُ الظهْرِ .
قال مالك : يستحب أن يؤخر حتى يصير الفيءُ ذراعاً .
عوف ، عن أبي المنهال ، سمع أبا برزة ، وسأله أبي : " كيف كان رسول الله يصلي المكتوبة ؟ قال : كان يصلي الهجيرَ التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس ، وكان يصلي العصر ، ثم يرجع أحدنا إلى رحله والشمس حيةٌ " .
أخرجاه .
الثوري ، عن حكيم بن جبير - وضعف - عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : " ما رأيت أحداً كان أشد تعجيلاً للظهر من رسول الله وأبي بكر وعمر " .
(1/102)
| 103 | 81 - مسألة : وتعجيلُ العصرِ أفضلُ .
وقال أبو حنيفةَ : تأخيرها أفضل ما لم تصفر الشمس .
ولنا : حديث أبي برزة ، وقد مر .
وفي " الصحيحين " للزهري ، عن أنس " أن رسول الله كان يصلي العصر ، فيذهب أحدنا إلى العوالي والشمسُ مرتفعة " .
قال الزهري : العوالي على ميلين أو ثلاثة من المدينة .
الدَّارقطنيُّ : نا المحاملي - ق 23 - أ - / وأبو عمر القاضي قالا : نا عبد الله بن شبيب - واه - نا أيوب بن سليمان ، نا أبو بكر بن أبي أويس ، حدثني سليمان بن بلال ، نا صالح بن كيسان ، عن حفص بن عبيد الله ، عن أنس : " صليت مع رسول الله العصر ، فلما انصرف ، قال رجل من بني سلمة : يا رسول الله ، إن عندي جزوراُ أريد أن أنحرها ، فأحب أن تحضر ، فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانصرفنا ، فنحرت الجزور ، وصنع لنا منها وطعمنا منها قبل أن تغيب الشمس .
.
.
" الحديث .
الأوزاعي ، حدثني أبو النجاشي ، نا رافع بن خديج ، قال : " كنا نصلي مع رسول الله صلاة العصر ، ثم تنحر الجزور ، فتقسم عشر قسم ، ثم تطبخ ، فنأكل لحماً نضيجاً قبل أن تغيب الشمس " .
أبو النجاشي : هو عطاء بن صهيب ، مولى لرافع بن خديج .
أخرجاه .
الدَّارقطنيُّ ، حدثني أبي ، ثنا محمد بن أبي بكر ، نا عبد السلام بن(1/103)
| 104 | عبد الحميد ، ثنا موسى بن أعين ، عن الأوزاعي ، عن أبي النجاشي ، سمع رافع بن خديج يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ألا أخبركم بصلاة المنافق ؟ أن يؤخر العصر حتى إذا كانت ( كثرب ) البقرة صلاها " .
فذكروا : أبو عاصم ، نا عبد الواحد بن نافع ، قال : " دخلت مسجد المدينة ، فأذن مؤذن العصر ، وشيخ جالس فلامه ، وقال : إن أبي أخبرني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بتأخير هذه الصلاة .
فسألت عنه ، فقالوا : هذا عبد الله بن رافع بن خديج " .
عبد الواحد واه ، وشيخه ليس بقوي .
معلى بن منصور ، ثنا عبد الرحيم بن سليمان ، ثنا الشيباني عن العباس بن ذريح ، عن زياد بن عبد الله النخعي ، قال : " كنا جلوساً مع علي في المسجد الأعظم ، فجاءه المؤذن ، فقال : الصلاة يا أمير المؤمنين .
فقال : اجلس .
فجلس ، ثم عاد فقال ذلك له ، فقال علي : هذا الكلب يعلمنا السنة ! ! فقام علي فصلى بنا العصر ، ثم انصرفنا فرجعنا إلى المكان الذي كنا فيه - جلوساً - فجثونا للركب لنزول الشمس للمغيب نتراءاها " .
زياد ، قال الدَّارقطنيُّ : مجهول .
قلتُ : وَلاَ يدلُّ على استحبابِ التأْخيرِ .
82 - مسألة : الصَّلاةُ الوسْطَى : العصْرُ .
وهو قول علي ، وأُبيِّ ، وابن مسعود ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأبي سعيد ، وعبد الله بن عمرو ، وأبي هريرة ، وسمرةَ ، وعائشة ، وحفصةَ ، وأم سلمة ،(1/104)
| 105 | وجمهور التابعين .
وقال مالك والشافعي : الفجر .
همام ، نا قتادة ، عن أبي حسان ، عن عبيدة ، عن علي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الأحزاب : ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس " .
أخرجاه .
الأعمش ، عن مسلم ، عن شتير بن شكل ، عن علي : قال رسول الله يوم الأحزاب : " شغلونا - ق 23 - ب - / عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً ، وصلاها بين العشاءين " .
خرجه ( م ) .
الثوري ، عن عاصم ، عن زر " أن عبيدة سأل عليّاً عن الصلاة الوسطى ، فقال : كنا نعدها الفجر حتى سمعنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم الأحزاب : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله قبورهم وأجوافهم ناراً " .
أخرجه الدَّارقطنيُّ ، وسنده قوي .
محمد بن طلحة ، عن زبيد ، عن مرة ، عن ابن مسعود قال : " حبس المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة العصر حتى اصفارت أو احمارت الشمس ، فقال : شغلونا عن الصلاة الوسطى ، ملأ الله أجوافهم وقبورهم - أو حشا الله أجوافهم وقبورهم - ناراً " .
رواه ( م ) .
ولهم : مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي يونس(1/105)
| 106 | مولى عائشة قال : " أمرتني عائشة أن أكتب مصحفاً ثم قالت : إذا بلغت هذه الآية فآذني .
فلما بلغتها آذنتها ، فأملت .
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر .
وقالت : سمعتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
رواه ( م ) .
فضيل بن مرزوق ، عن شقيق بن عقبة ، عن البراء ، قال : " نزلت هذه الآية : " حافظوا على الصلوات وصلاة العصر " فقرأناها ما شاء الله ، ثم نسخها فنزلت " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فقال رجل كان جالساً عند شقيق : فهي إذاً صلاة العصر ، فقال البراء : قد أخبرتك كيف نزلت ، وكيف نسخها الله " .
تفرد به ( م ) .
قلنا : هي الوسطى ، وهي العصر .
83 - مسألة : ويُستَحَبُّ تأْخيرُ العشاءِ خلافاً لأحَدِ قوْلي الشَافعيِّ .
ابن عيينة ، عن عمرو وابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس " أن رسول الله أخر العشاء حتى ذهب من الليل ما شاء الله ، فقال له عمر : يا رسول الله ، نام النساء والولدان ، فخرج فقال : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها هذه الساعة " ( خ م ) .
عوف ، عن أبي المنهال ، عن أبي برزة : " كان رسول الله يستحب أن تؤخر العشاء التي يدعونها : العتمة " ( خ م ) .
(1/106)
| 107 | أيوب بنُ جابر ، عن سماكٍ ، عن جابر بن سمرةَ : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤخر العتمة " ( م ) .
داود ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد : " انتظرنا رسول الله ليلة لصلاة العشاء ، حتى ذهب نحو من شطر الليل ، فجاء فصلى وقال : لولا ضعف الضعيف ، وسقم السقيم ، وحاجةُ ذي الحاجة لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل " .
قلتُ : صحيح ، خرجه ( د س ) .
- ق 24 - أ - / عبيد الله بن عمر ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه " .
صححه ( ت ) .
فذكروا حديث أبي مسعود المذكور : " كان يصلي العشاء حين يسود الأفق " .
وحديث أبي عوانة ، عن أبي بشر ، عن بشير بن ثابت ، عن حبيب بن سالم ، عن النعمان بن بشير قال : " أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة - يعني العشاء - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصليها لسقوط القمر لثالثة " .
قلتُ : خرجه ( د ت س ) .
وقد رواه جرير عن رقبة ، عن أبي بشر ، عن حبيب ، فأسقط رجلاً .
تابعه هشيم ، عن أبي بشر .
قلنا : أحاديثنا أصح وأكثر .
(1/107)
| 108 | الأذان
84 - مسألة : هوَ فرضُ كفايةِ خلافاً لأكثرِهمْ .
لنا : أيوبُ عن أبي قلابةَ ، عن مالك بن الحويرث ، قال : " أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأقمنا عنده عشرين ليلةً - وكان رحيما - رفيقاً ، فظن أنا قد اشتقنا إلى أهلنا فقال : ارجعوا إلى أهليكم ، وليؤذن لكم أحدكم ، ثم ليؤمكم أكبركم " .
أخرجاه .
85 - مسألة .
لاَ يستحَبُّ الترْجيعُ .
وقال الشافعي : بل يستحبُّ .
أحمد ، نا يعقوب ، نا أبي ، نا ابن إسحاق ، ذكر الزهري ، عن سعيد ، عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال : " لما أجمع رسول الله أن يضرب بالناقوس لجمع الناس للصلاة ، وهو كاره ؛ لموافقة النصارى ، طاف بي من الليل طائف وأنا نائم رجل عليه ثوبان أخضران ، وفي يده ناقوس يحمله ، فقلت له : يا عبد الله ، ألا تبيع الناقوس ؟ قال : وما تصنع به ؟ قلت : ندعو به إلى الصلاة .
قال : أفلا أدلك على خير من ذلك ؟ فقلت : بلى .
قال : تقول : الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدًا رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، حيَّ على الصلاة ، حيَّ على الصلاة ، حيَّ على الفلاح ، حيَّ على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله .
قال : ثم استأخر عني(1/108)
| 109 | غير بعيد ، ثم قال : تقول إذا أقمت الصلاة : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسولُ الله ، حيَّ على الصلاة ، حيَّ على الفلاح ، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله .
قال : فلما أصبحت أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت ، فقال : إن هذه لرؤيا حق إن شاء الله .
ثم أمر بالتأذين ، فكان بلال يؤذن بذلك ، ويدعو رسول الله إلى الصلاة ، فدعاه ذات غداة إلى الفجر ، فقيل له : إن رسول الله نائم ، فصرخ بلال بأعلى صوته : الصلاة خيرٌ من النوم .
قال سعيد بن المسيب : فأُدخلتْ هذه الكلمة في التأذين لصلاة الفجر ، فهذا لا ترجيع فيه " .
قلتُ : وقد أخرجه ( د ت ق ) من حديث ابن إسحاق ، عن التيمي محمد بن إبراهيم ، عن محمد بن عبد الله بن زيد ، عن أبيه .
اختصره الترمذي وصححه .
عيسى بن يونس ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : " كان - ق 24 - ب - الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين مرتين والإقامة مرةً مرةً " .
رواه الدَّارقطنيُّ .
ولهم : أحمد ، نا روح ، نا ابن جريج ، أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك ابن أبي محذورةَ ؛ أن عبد الله بن محيريز أخبره - وكان يتيماً في حجرِ أبي محذورةَ - قال : " قلتُ لأبي محذورة : أخبرني عن تأذينك ، قال : نعم ، خرجت في نفر ، فكنت في بعض طريق حنين مقفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلقينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأذن موذنه ، فسمعناه ، فصرخنا نحكيه ، ونستهزئ به ، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصوتَ ، فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه ، فقال : أيكم الذي سمعت صوته وارتفع ؟ فأشار القوم كلهم إلي - وصدقوا - فأرسلهم كلهم وحبسني ، قال : قم فأذن بالصلاة .
(1/109)
| 110 | فقمت ولا شيء أكره إلي من النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يأمرني به ، فقمت بين يديه ، فألقى علي التأذين هو بنفسه : " الله أكبر الله أكبر - كذلك قال روح مرتين - أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله .
ثم قال لي : ارجع فامدد من صوتك .
ثم قال لي : قل : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله .
ثم دعاني حين قضيت التأذين ، فأعطاني صرّةً فيها شيء من فضة ، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ، ثم أمرها على وجهه ، ثم بين ثدييه ، ثم على كبده ، وقال : بارك الله فيك ، وبارك عليك .
فقلت : يا رسول الله ، مرني بالتأذين بمكة ، قال : قد أمرتك به .
وذهب كل شيء كان لرسول الله من كراهية ، وعاد ذلك كله محبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
وثنا عفان ، نا همام ، نا عامر الأحول ، حدثه مكحول ؛ أن عبد الله بن محيريز حدثه أن أبا محذورة حدثه " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان تسع عشرة كلمة ، والإقامة سبع عشرة كلمة .
.
.
" الحديث .
وفيه : " أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله .
ثم رجع ذلك " وفيه : " والإقامة مثنى مثنى ، الله أكبر ، الله أكبر ، - الله أكبر ، الله أكبر - أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح ، قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله " .
تابعه هشام الدستوائي ، صححه ( ت ) .
(1/110)
| 111 | قلت : وهوَ في ( م عو ) .
ورواهُ الحارثُ بن عبيد ، عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورةَ ، عن أبيه ، عن جده .
ورواه ( د ) عن محمد بن داود ، عن زياد بن يونس ، عن نافع بن عمر ، عن عبد الملك ، عن - عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة - .
ورواه ابن جريج ، عن عثمان بن السائب ، عن أبيه وأم عبد الملك معاً ، عن أبي محذورة .
ورواه إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك وجدِّهِ ، عن أبي محذورة .
خرج الدَّارقطنيُّ من حديث سعد القرظ أنه وصف أذان بلال ، وفيه الترجيع .
قال المؤلف : إنما كرر النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي محذورة الشهادتين لتثبت عنده ويحفظها .
وحديث سعد القرظ لم يثبت .
86 - مسألة : اللهُ أكبرَ في أوَّلِ الأذانِ أربعٌ .
وقال مالكٌ : مرتانِ .
واحتجُّوا بخبرِ روحٍ الماضي ، وتابعهُ البرساني كذلكَ .
وأحمد ، نا سريجُ بن النعمان ، عن الحارث بن عبيد ، عن محمد بن(1/111)
| 112 | عبد الملك بن أبي محذورة ، عن أبيه ، عن جده ؛ أن نبي الله علمه الأذان ، فذكر التكبير فيه مثنى .
قالوا : وروى أبو داود من حديث معاذ " أن عبد الله بن زيد جاء إلى رسول الله فاستقبل القبلة ، وقال : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لقنها بلالاً " .
قلنا : رواة الزيادة ثقات ، وهم أحفظ ، وكان بلال يفعله .
وكذا جاء في حديث أبي محذورة وسعد القرظ .
87 - مسألة : وتُفرَدُ الإقامةِ .
وقال أبو حنيفة : مثنى .
وفي " الصحيحين " لأيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس قال : " أمر بلال أن يشفع الأذان ، ويوتر الإقامة " .
ابن مهدي ، عن شعبة ، عن أبي جعفر ، سمع أبا المثنى يحدث عن ابن عمر ، قال : " كان الأذان على عهد رسول الله مرتين مرتين ، والإقامةُ واحدةً ، غير أن المؤذن كان إذا قال : قد قامت الصلاة .
قالها مرتين " .
عبد الله بن عبد الوهاب ، ثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة ، حدثني جدي " أنه سمع أباه أبا محذورة يحدث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يشفع الأذان ، ويوتر الإقامة " .
أخرجهما الدَّارقطنيُّ .
فذكروا : ابن أبي ليلى ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن(1/112)
| 113 | عبد الله بن زيد قال : " كان أذان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شفعاً شفعاً في الأذان والإقامة " .
أخرجه ( ت ) .
وقال الدَّارقطنيُّ : ثنا ابن صاعدٍ ، ثنا الحسن بن يونس الزيات ، ثنا أسود ابن عامر ، نا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى ، عن معاذ قال : " قام عبد الله بن زيد ، فقال : يا رسول الله ، رأيت في النوم كأن رجلاً نزل من السماء ، فأذن مثنى مثنى ، ثم جلس ، ثم قام فقال : مثنى مثنى ، فقال : علمها بلالاً .
قال عمر : قد رأيت مثل الذي رأى ، ولكنه سبقني " .
ثم ساق الدَّارقطنيُّ بسندٍ ضعيفٍ عن أبي جحيفة " أن بلالاً أذن لرسول الله بمنى صوتين صوتين - ق 25 - ب - / وأقام بمثل ذلك .
قالوا : وقد روى الدَّارقطنيُّ أن الأسود وسويد بن غفلة قالا : " كان بلال يثني الإقامة " .
وقال مجاهد : كان الأذان والإقامة مثنى مثنى ، فلما قام بنو أمية أفردوا الإقامة .
وقال النخعي : أول من نقص الإقامة معاوية .
قلنا : أحاديثنا أصح ، وقد روينا عن النخعي موافقتنا .
قال بكير بن الأشج : أدركت أهل المدينة في الأذان مثنى ، وفي الإقامة مرة .
ثم إن مذهبنا مروي عن الخلفاء الأربعة ، وابن عمر وابن عباس وأنس ، والفقهاء السبعة والحسن وسالم ، وعمر بن عبد العزيز والزهري والقرظي وخلقٍ .
ونقل التثنية عن الثوري ، وابن المبارك .
(1/113)
| 114 | 88 - مسألة : قدْ قامتِ الصَّلاةُ مرتيْنِ ؛ للنصوصِ .
وقال مالك : مرةً .
ولهم : الحميدي ، ثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد بن عائذ القرظ ، حدثني عمار وعمر ابنا حفص بن سعد ، عن عمر بن سعد ، عن أبيه ، أنه سمعه يقول : " هذا الأذان أذان بلال .
.
.
" فذكره ، ثم قال : " والإقامة واحدةٌ واحدةٌ ؛ تقول : قد قامت الصلاة مرةً واحدةً " .
رواه الدَّارقطنيُّ .
89 - مسألة : يؤذنُ للفجرِ بليلٍ .
وقال أبو حنيفة : لا .
الزهري ، عن سالم ، عن أبيه مرفوعاً : " إن بلالاً يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " .
أخرجاه .
عبدة ، نا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر .
وعن القاسم ، عن عائشة قالا : " كان للني - صلى الله عليه وسلم - مؤذنان : بلال وابن أم مكتوم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن بلالاً يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " .
أخرجاه .
(1/114)
| 115 | أبو هلال ، عن سوادة بن حنظلة ، عن سمرة ، قال رسول الله : " لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال ، ولا الفجر المستطيل ، ولكن الفجر المستطير في الأفق " .
رواه ( م ) .
( د ) نا القعنبي ، نا عبد الله بن عمر بن غانم ، عن عبد الرحمن بن زياد ، عن زياد بن نعيم ، أنه سمع زياد بن الحارث الصدائي قال : " لما كان أول أذان الصبح ، أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - فأذنت ، فجعلتُ أقول : أقيم يا رسول الله ؟ فجعل ينظر إلى ناحية المشرق إلى الفجر ؛ فيقول : لا .
حتى إذا طلع الفجر نزل فبرز ثم انصرف فتوضأ ، فأراد بلال أن يقيم ، فقال له : إن أخا صداءٍ أذن ، ومن أذن فهو يقيم .
فأقمت " .
ابن زياد الأفريقي ضعيف .
أحمد ، نا عفان ، نا همام ، حدثني سوادةُ ، سمعت سمرة يقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يغرنكم نداء بلال ؛ فإن في بصره سوءاً " .
صحيح .
- ق 26 - أ - / حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ( أن بلالاً أذن قبل طلوع الفجر ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع فينادي : ألا إن العبد نام - ثلاث مرات - فرجع فنادى : ألا إن العبد نام " .
صحيح .
الدَّارقطنيُّ ، نا محمد بن نوح ، نا معمر بن سهل ، نا عامر بن مدرك ، نا(1/115)
| 116 | عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن بلالاً أذن قبل الفجر ، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن ينادي : إن العبد نام .
فوجد بلال وجداً شديداً " .
الدَّارقطنيُّ ، نا العباس بن عبد السميع ، نا محمد بن سعد العوفي ، نا أبي ، نا أبو يوسف القاضي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس " أن بلالاً أذن قبل الفجر ، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصعد فينادي : إن العبد نام .
ففعل ، وقال : ليت بلالاً لم تلده أمه ، وابتل من نضح دم جبينه " .
محمد بن القاسم الأسدي - كذاب - نا الربيع بن صبيح ، عن الحسن ، عن أنس قال : " أذن بلال ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد ، فرقي وهو يقول : ليت بلالا ثكلته أمه ، وابتل من نضح دم جبينه .
يرددها حتى صعد ، ثم قال : إن العبد - نام مرتين - ثم أذن حين أضاء الفجر " .
وقد روي هذا عن الحسن ، وحميد بن هلال وغيرهما ، عن بلال .
وقد خرج ( د ) من حديث شداد مولى عياض ، عن بلال ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا - ومد يديه عرضاً " .
والجواب : قد روى حديث سمرة جماعة عن سوادة ، فلم يقولوا : " في بصره سوء " .
قلتُ : زيادةُ الثقةِ مقبولةٌ .
قال : وحديث حماد بن سلمة ، قال ( ت ) : قال ابن المديني : هو غير محفوظ ، أخطأ فيه حمادٌ .
قال المؤلف : تابعه سعيد بن زربي أحد الضعفاء .
(1/116)
| 117 | قال الدَّارقطنيُّ : الصواب ما روى شعيب بن حرب ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع " عن ( مؤذن ) لعمر كان يقال له : مسروح ، أذن قبل الصبح ، فأمره عمر أن يرجع فينادي " وقد وهم فيه عامر بن مدرك .
وقد مر .
قال : وتفرد أبو يوسف بخبره عن ابن أبي عروبة وغيره ، رواه عن قتادة مرسلاً ، وهو أصح ، وشداد لم يلق بلالاً .
قال ابن خزيمة : كان الأذان نوباً بين بلال وابن أم مكتوم ؛ فكان يتقدم بلال مرةً ، ويتأخر ابن أم مكتوم ، ويتقدم ابن أم مكتوم ، ويتأخر بلال ؛ فيجوز أن يكون قال هذا في اليوم الذي كانت نوبته التأخر .
90 - مسألة : يثوبُ في الفجرِ .
وقال الشافعي : لا يثوبُ .
ولنا : أحمد ، نا حسن بن الربيع ، نا أبو إسرائيل ، نا الحكم ، عن ابن أبي ليلى ، عن بلال : " أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أثوبَ في شيء من الصلاة ، إلا في صلاة الفجر " .
- ق 26 - ب - / فيه أبو إسرائيل الملائي إسماعيل ، ضعفوه .
وقيل : لم يسمعهُ من الحكم ، بل من الحسن بن عمارة عنه .
ابن جريج ، نا عثمان بن السائب ، عن أبيه ، عن أبي محذورة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان ، وقال : إذا أذنت من الصبح ، فقل : الصلاةُ خيرٌ من النومِ " .
رواه الدَّارقطنيُّ بلفظه .
(1/117)
| 118 | أبو أسامة ، نا ابن عون ، عن ابن سيرين ، عن أنس قال : " من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر : حيّ على الفلاح .
قال : الصلاة خيرٌ من النوم ، الصلاة خيرٌ من النوم " .
وهذا ثابتٌ .
وقالت الحنفية : بل يقول ذلك بين الأذان والإقامة ، وذكروا أن بلالاً أذّنَ ، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة ، فقالوا : إنه نائم .
فقال : الصلاةُ خيرٌ من النوم " .
91 - مسألة : يستحبُّ أنْ يقيمَ منْ أذَّنَ .
وقال أبو حنيفة ومالكٌ : لا .
ولنا : حديث الصُّدائي المذكور .
ولهم : أحمد ، نا زيد بن الحباب ، أنا أبو سهل محمد بن عمرو ، أخبرني محمد بن عبد الله بن زيد ، عن عمه عبد الله بن زيدٍ " أنه أُرِي الأذانَ ، قال : فجئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالَ : أَلْقِهِ على بلال .
فألقيتهُ ، فأذنَ ، قال : فأرادَ أن يقيمَ ، فقلت : يا رسول الله ، أنا رأيتُ ، أريد أن أقيمَ .
قال : فأقم أنتَ .
قال : فأقامَ هو ، وأذن بلال .
قلنا : أراد تطييب قلبه .
قلتُ : حديثُ الصُّدائي لا يثبتُ ، والاستحبابُ يدلُّ عليهِ عملُ بلالٍ وغيرهِ .
(1/118)
| 119 | 92 - مسألة : يجوزُ أنْ يدُورَ المؤَذِّنُ في المنارةِ .
وعنه : يكرهُ - كقول الشافعي : سفيان ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه قال : " أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأبطح ، وهو في قبة له حمراء ، فخرج بلال بفضل وضوئه - صلى الله عليه وسلم - ، فبين ناضح ونائل ، قال : فأذَّنَ بلالٌ ، فكنتُ أتبعُ فاهُ هكذا وهكذا - يعني يميناً وشمالاً " .
أخرجاه .
93 - مسألة : يسنُّ الجلوسُ بينَ أذانِ المغربِ وإقامتِها خلافاً لأبي حنيفةَ والشافعيَّ .
خرج ( ت ) من حديثِ عبدِ المنعمِ صاحبِ السِّقاءِ - مجهولٌ - نا يحيى ابنُ مسلمٍ ، عن الحسنِ وعطاء ، عن جابرٍ " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبلالٍ : يا بلالُ ، إذا أذنتَ فترسل ، وإذا أقمتَ فاحدر ، واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله ، والشارب من شربه ، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته " .
قال ( ت ) : إسنادهُ مجهولٌ .
94 - مسألة : لا يسنُّ للمرأةِ إقامةٌ ، خلافاً للشافعيِّ .
وقد حكى أصحابنا - مرفوعاً - : " ليسَ على النساءِ أذانٌ ولا إقامةٌ " .
وهذا لا نعرفه ، إنما أورده سعيد في " سننه " ، عن الحسن ، وإبراهيم ، والشعبي ، وسليمان بن يسار ، وقد حكي عن عطاءٍ قال : يقمن .
وخرج الدَّارقطنيُّ من حديث الوليد بن جميع ، عن أمه ، عن أم ورقة " أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لها أن يؤذنَ - ق 27 - أ - / لها ويقامَ ، وتؤمَّ نساءَهَا " .
(1/119)
| 120 | وهذا لم يصح .
95 - مسألة : إِذَا فاتته صلواتٌ أذَّن للأولى ، ويقيمُ للصَّلواتِ .
وقال أبو حنيفة : يؤذن ويقيم لهن .
وقال مالك : لا يؤذن .
وعن الشافعي كقولنا وقول مالك .
أحمد ، نا هشيم ، نا أبو الزبير ، عن نافع بن جبير بن مطعم ، عن أبي عبيدة ابن عبد الله قال : قال عبد الله : " إن المشركين شغلوا رسول الله عن أربع صلوات يوم الخندقِ ، حتى ذهبَ من الليلِ ما شاءَ اللهُ ، فأمر بلالاً فأذن ، ثم أقام فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر ، ثم أقامَ فصلى المغربَ ، ثم أقامَ فصلي العشاءَ " .
سندهُ صالحٌ .
96 - مسألة : وكذلكَ يفعلُ في صلاتي الجَمْعِ .
وقال أبو حنيفة : يجمعُ بأذانٍ وإقامتين بعرفةَ ، وأذانٍ وإقامةٍ بمزدَلَفَة .
الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن مالك " أن ابن عمر صلى بجمعٍ ، فجمع بين الصلاتين بإقامة وقال : " رأيت رسولَ اللهِ فعلَ مثلَ هذا هُنا " .
أخرجه ( ت ) .
ورَوى نحوهُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - علي وابن مسعودٍ ، وجابرٌ وأسامةُ .
97 - مسألة : لا يجوزُ أخذُ الأجرةِ علَى الأذانِ .
(1/120)
| 121 | وقال مالكٌ والشافعيُّ : - يجوز - .
أشعثُ ، عن الحسنِ ، عن عثمانَ بن أبي العاصِ قال : " إنَّ من آخر ما عهدَ إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتَّخذَ مؤذناً لا يأخذُ على أذانه أجراً " .
( ق ت ) وحسنهُ .
(1/121)
| 122 | موضع الصلاة والقبلة
98 - مسألة : إذَا تحرَّى القبلةَ فأخطأ فلا إعادةَ عليهِ ؛ خلافاً للشافعيِّ .
( ت ) نا محمودٌ ، نا وكيعٌ ، نا أشعثُ بنُ سعيدٍ ، عنْ عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه : " كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر في ليلة مظلمة ، فلم ندر أين القبلة ، فصلى كل رجل منا على حالهِ ، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فنزل : " فأينما تولوا فثم وجه الله " .
( ت ) : ليسَ إسنادهُ بذاك ، وأشعث يضعف .
قال المؤلف : وعاصمٌ ضعيفٌ .
محمد بن يزيد الواسطي ، عن محمد بن سالم ، عن عطاء ، عن جابر قال : " كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسير ، فأصابنا غيم ، فاختلفنا في القبلة ، فصلى كل رجلٍ منا على حدةٍ ، وجعلَ أحدُنا يخطُّ بين يديهِ لنعلمَ أمكنتنَا ، فذكرْنا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يأمرنا بالإعادةِ ، وقال : قد أجزأت صلاتُكُمْ " .
ابنُ سالمٍ واهٍ .
ويروَى عن محمد بن عبيد الله العرزميِّ - تالفٌ - عن عطاءٍ نحوهُ .
99 - مسألة : لا تصحُّ الصَّلاةُ في مواضعِ النهْي .
وعنه : تصحُّ وتكرهُ - كقولهِمْ .
(1/122)
| 123 | أحمد ، نا وكيع ، عن أبي سفيانَ بن العلاءِ ، عن الحسنِ ، عن عبد الله ابن مغفل ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا حضرتِ الصلاةُ وأنتمْ في مرابضِ الغنمِ ، فصلُّوا ، وإذا حضرتِ الصلاةُ وأنتم في أعطانِ - ق 27 - ب - / الإبلِ ، فلا تصلُّوا ؛ فإنها خلقتْ من الشياطينِ " .
وخرجُه ( س ق ) من حديثِ أشعثَ ، ويونسُ ، عن الحسنِ ، لم يقلْ أشعثُ : " فإنِّها خلقتْ من الشياطين " .
وسندُهُ صحيحٌ .
أحمدُ ، نا عبد الله بن الوليد ، نا سفيان ، عن سماكٍ ، عن جعفر بن أبي ثور ، عن جابر بن سمرةَ " أن رجلاً سأل رسول الله : أأصلي في مراح الغنم ؟ قال : نعم .
قال : أفأُصلي في أعطان الإبل ؟ قال : لاَ " .
ابن وهبٌ ، حدثني عاصمُ بن حكيم ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ، عن أبيه ، عن عقبة بن عامر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل - أو مبارك الإبل " .
أحمد ، ثنا أبو معاوية ، نا الأعمش ، عن عبد الله بن عبد الله ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء قال : " سُئل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عنِ الصلاةِ في مبارك الإبل ، فقال : " لا تصلوا فيها ؛ فإنَّها من الشياطينِ " .
أحمدُ ، نا يعقوبُ ، نا عبدُ الملكِ بن الربيع بن سبرةَ ، عن أبيه ، عن جده(1/123)
| 124 | " أن رسول الله نهى أن يصلى في أعطان الإبل ، ورخَّص أن يصلى في مراح الغنم " .
ومر في الوضوء حديث أسيد بن حضير وغيره .
المقرئ ، نا يحيى بن أيوب ، عن زيد بن جبيرة ، عن داود بن حصين ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصلى في سبعة مواطنَ : في المزبلة ، والمجزرة ، والمقبرة ، وقارعة الطريق ، وفي الحمام ، وفي معاطن الإبل ، وفوق ظهر بيت الله " .
خرجهُ ( ت ق ) وزيدٌ واهٍ .
أبو صالح ، نا الليث ، حدثني نافع ، عن ابن عمر ، عن عمرَ ؛ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " سبعةُ مواطنَ لا تجوز فيها الصلاة ؛ ظهر بيت الله ، والمقبرةُ ، والمزبلةُ ، والمجزرةُ ، والحمامُ ، وعطنُ الإبلِ ، ومَحَجَّةُ الطريق " .
خرجه ابن ماجه ، وأبو صالحٍ ليس بعمدة .
الدراوردي عن عمرو بن يحيى ، عن أبيه ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الأرضُ كلُّها مسجدٌ إلا المقبرةَ والحمَّامَ " .
وكان الدراورديُّ تارةً يسقطُ أبا سعيدٍ منه .
100 - مسألة : لا تصحُّ الفريضةُ في الكعبةِ ، ولاَ على ظهرها .
وقال أبو حنيفة : تجوزُ إذا - كانَ - بين يديهِ شيءٌ .
وعن مالكٍ كالمذهبينِ .
(1/124)
| 125 | وقال الشافعي : لا تصح ، إلا أن يستقبل سترةً مثبتةً ، أو خشبةً شاخصةً متصلةً بالبناء .
وحجتنا الحديث المذكور .
101 - مسألة : إِذَا صلَّى في دار غَصْبٍ أو ثوبِ غصبٍ ، لم تصحَّ .
وعنهُ : تصحُّ كالباقينَ .
أحمد ، نا شاذان ، نا بقية ، عن عثمان ، بن زفر ، عن هاشم ، عن ابن عمر : " من اشترى ثوباً بعشرةٍ فيها درهمٌ حرامٌ ، لم يقبلْ له صلاته ثم أدخلَ أصبعيهِ في أذنيه ، وقال : صمتا إن لم أكن سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولهُ " .
هاشم لا ندري من هو .
(1/125)
| 126 | ستر العورة
102 - - ق 28 - أ - / مسألة : العورةُ من السرة إلى الركبةِ .
وعنهُ : القُبُّل والدُّبُر - كقول داود .
ولنا : - يزيدُ - أبو خالد القرشي - وليس بحجة - نا ابن جريج ، أخبرني حبيبُ ابنُ أبي ثابت ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي مرفوعاً : " لا تبرز فخذك ، ولا تنظرْ إلى فخذ حيّ ، ولا ميت " .
قلتُ : تابعه روحٌ ، ورواهُ حجاجُ بنُ محمدٍ - وهوَ الثبتُ - عن ابنِ جريجٍ ، قالَ : أُخبرت عنْ حبيبٍ رواه ( د ق ) وعاصمٌ ليسَ بذاكَ .
إسرائيلُ ، عن أبي يحيى القتَّات ( عن ) مجاهدٍ ، عن ابن عباس قال : " مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رجل فخذه خارجةٌ ، فقال : غط فخذكَ ؛ فإن فخذ الرجل من عورته " .
أبو يحيى ضعيف .
ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن زرعة بن عبد الله بن جرهد ، عن جرهد ، أن رسول الله مر عليه وفخذه مكشوفة في المسجد ، فقال له : " يا جرهد ، غط فخذك ؛ فإن الفخذ عورةً " .
(1/126)
| 127 | قلت : ابنُ أبي الزِّناد فيهِ لينٌ يسيرٌ .
أحمدُ ، نا هشيم ، نا حفص بن ميسرةَ ، عن العلاء ، عن أبي كثير مولى محمد ابن جحش ، عن محمد بن جحش ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه مر على معمر محتبيًا كاشفاً طرف فخذه ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : خمر فخذك يا معمرُ ؛ فإن الفخذ عورةٌ " .
سندهُ صالحٌ .
سعيدُ بنُ راشدٍ - متروكٌ - عن عبادِ بن كثير - واه - عن زيد بن أسلم ، عن عطاء ، عن أبي أيوب مرفُوعاً : " ما فوق الركبة من العورة ، وما تحتَ السرَّةِ " .
سوارُ أبو حمزةَ - لينٌ - عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً : إذا زوج الرجل منكم عبده ، فلا يرين ما بين ركبته وسرته ؛ فإنه عورةٌ " .
قلتُ : لهمْ أحاديثُ قويةٌ لمْ يوردهَا المؤلِّفُ .
103 - - مسألة - : والرُّكبةُ غيرُ عورةٍ .
وقال أبو حنيفة : عورةٌ .
ولهم : التبوذكي ، نا النضر بن منصور ، ثنا أبو الجنوب عقبةُ بن علقمة ، سمع علياً يقول : سمعتُ رسولَ الله يقول : " الركبة من العورةِ " .
عقبة لين ، والنضر مجهول .
104 - مسألة : قدُم المرأةِ عورةٌ ، وفي يَدَيْها روايتانِ .
(1/127)
| 128 | وقالَ أبو حنيفة : ليسا عورةً .
عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن محمد بن زيد بن مهاجر ، عن أمه ، عن أم سلمة : " سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - : أتصلي المرأةُ في درعٍ وخمارٍ ، ليس لها إزارٌ ؟ قال : إذا كان الدرعُ سابغاً يغطي ظهورَ قدميْها " .
رواهُ مالكٌ وابن أبي ذئب ، وبكر بن مضر وحفص بن غياث وآخرون عن محمدٍ موقوفاً ، فرفعه غلطٌ .
105 - مسألة : يجبُ سترُ المنكبينِ في الفريضةِ خلافاً لهمْ .
أبو الزنادِ ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لاَ يصلِّ أحدُكم في الثَّوب الواحدِ ، ليسَ على منكبيهِ منهُ شيءٌ " .
عند ( خ ) : " عاتقهِ " وعند ( م ) : " عاتقيهِ " .
والأولُ لفظُ أحمدَ ، عن سفيان ، عنهُ .
106 - مسألة : إذَا كان عليهِ نجاسةٌ ، لمْ تصحِّ الصلاةُ إلا يسير الدمِ والقيحِ .
وقال أبو حنيفة : تصح مع قدر الدرهم من النجاسة .
واختلفوا : هل - ق 28 - ب - / يعتبرُ الدرهمُ بالمساحةِ أو بالوزنِ .
وقال الشافعي : لا تصحُّ إلا معَ يسيرِ دمِ البراغيث .
وبقيةُ الدماءِ علَى قولينِ .
(1/128)
| 129 | لنا : ما في " الصحيحين " من حديث ابن عباس : " إنهما يُعذبانِ ؛ أمَّا أحدُهما فكانَ لا يستبرئُ من بولِه " .
وأمّا خبرُ : " تعادُ الصلاةُ منْ قدرِ الدرهمِ من الدمِ " فوَاهٍ .
علي بنُ الجعدِ ، عن أبي جعفر الرازي ، عن قتادةَ ، عن أنسِ ، قال رسولُ الله : " تنزهُوا من البولِ ؛ فإنَّ عامةَ عذابِ القبرِ منهُ " .
سندهُ وسطٌ .
(1/129)
| 130 | القيام في الصلاة
107 - مسألة : يجبُ القيامُ في المركبِ .
وقال أبو حنيفة : لا يجب في السير .
وخرج الدَّارقطنيُّ حديثاً فيه حسينُ بن علوان - كذاب - : " لما بعثَ النبي - صلى الله عليه وسلم - جعفر إلى الحبشة ، قال يا رسول - الله - كيف أصلي في السفينة ؟ قالَ : قائماً ، إلا أن تخشى الغرقَ " .
وخرج من حديث الخريبي ، عن رجل كوفي ، عن جعفر بن برقان ، عن ميمون ، عن ابن عباس نحوهُ .
ثم قال : وثنا محمد بن موسى البربهاري ، ثنا بشر بن فافا ، ثنا أبو نعيم ، نا جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر قال : " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في السفينة ، فقالَ : قائماً إلا أن تخافَ الغرقَ " .
بشرٌ ضعفَ .
108 - مسألة : من لا يقدرُ على الركُوع والسجودِ لا يسقطُ عنه القيامُ .
وقال أبو حنيفة : يسقطُ .
(1/130)
| 131 | إبراهيم بنُ طهمانَ ، عن حسين المعلمِ ، عن ابن بريدةَ ، عن عمران قال : " كان بي الناصورُ ، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عنِ الصلاةِ ، فقالَ : صل قائماً ، فإن لم تستطع فقاعداً ، فإن لم تستطعْ فعلَى جنبٍ " .
( خ ) .
109 - مسألة : والعاجزُ يصلِّي على جنبٍ ، فإن استلقَى ورجلاهً إلى القبلةِ جازَ .
وقال أبو حنيفة : لا يجزئُهُ إلا أن يستلقي .
وعن الشافعي كالمذهبين .
الحسين بن الحكم الحيري ، نا حسن بن حسين العرني ، ثنا حسينُ بن زيدٍ ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن الحسين بن علي ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يصلِّي المريضُ قائماً ، فإنْ لم يستطعْ فقاعداً ، فإنْ لم يستطعْ أن يسجد أومأ ، وجعلَ سجودهُ أخفضَ منْ ركوعِهِ ، فإنْ لم يستطعْ أنْ يصلِّي قاعداً ، صلَّى على جنبهِ الأيمنِ مستقبلَ القبلةِ ، فإنْ لم يستطعْ صلَّى مستلقياً ؛ رجليه ممَّا يلي القبلةَ " .
قلتُ : حسينٌ فيه مقالٌ ، والعرنيُّ ضُعِّفَ .
110 - - مسألة - : فإنْ عجزَ عن الإيماءِ برأسهِ أومأ بطرفهِ ، فإنْ عجزَ فبقلبهِ .
وقال أبو حنيفة : تسقط عنه الصلاة .
(1/131)
| 132 | صفة الصلاة
111 - مسألة : يقومونَ إليها عندَ ذكر الإقامةِ ، ويكبِّرون إذا فرغ ( منها ) .
وقال أبو حنيفة : يقومون عند الحيعلة ، ويكبرون عند ذكر الإقامة .
وقال الشافعي : يقومون إذا فرغ منها .
- ق 29 - أ - / ويروى عن ابن أبي أوفى ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قال بلالٌ : قد قامت الصلاةُ ، نهضَ .
ذكره أصحابنا .
112 - مسألة : لا تنعقدُ الصلاةُ إلا بقولِ : اللهُ أكبرُ .
وقال أبو حنيفة : تنعقد بكل لفظٍ قصدَ به التعظيمُ .
الثوري ، عن ابن عقيل ، عن محمد ابن الحنفية ، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مفتاحُ الصَّلاةِ الطهورُ ، وتحريمها التكبيرُ ، وتحليلها التسليمُ " .
( ت ) : هذا أصحُّ شيءٍ في الباب .
كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بابن عقيل .
113 - مسألة : ولاَ تنعقدُ بالله الأكبر .
(1/132)
| 133 | وقال الشافعي وداود : تنعقد .
القطان ، نا عبد الحميد بن جعفر ، نا محمد بن عمرو بن عطاء ، عن أبي حميد الساعدي ، كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائماً ، ورفع يديه ، ثم قال : " الله أكبر " .
وروى أصحابُنا من حديث رفاعةَ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا يقبلُ اللهُ صلاةَ امرئ حتى يضعَ الوضوءَ مواضعهُ ، ثم يستقبل القبلةَ ويقول : " اللهُ أكبرُ " .
114 - مسألة : والتكبيرُ من الصلاةِ ، خلافاً للحنفية .
حجاجٌ الصوافُ ، عنْ يحيى ، عن هلالِ بن أبي ميمونةَ ، عن عطاءِ بن يسار ، عن معاويةَ بن الحكم ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن هذه الصلاةَ لا يصلحُ فيها شيءٌ من كلامِ الناسِ ، إنما ( هي ) التسبيحُ والتكبيرُ ، وقراءةُ القرآنِ " .
رواه ( م ) .
قالوا : فقال - صلى الله عليه وسلم - : وتحريمها التكبيرُ " والشيءُ لا يضافُ إلى نفسه .
قلنا : قد يضافُ الجزء إلى الجملةِ ، كدهليز الدَّارِ .
115 - مسألة : يسنَّ رفعُ اليدين ، خلافاً للحنفي .
وعنْ مالكٍ كالمذهبين .
الزهريُّ ، عن سالمٍ ، عن أبيهِ : " رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إذا افتتحَ الصلاةَ رفعَ يديهِ حتى يحاذي منكبيْهِ ، وإذا أرادَ أنْ يركعَ ، وبعدَ ما رفع رأسهُ منَ الركوعِ ، ولاَ يرفعُ بين السجدتين " .
(1/133)
| 134 | أخرجاهُ .
شعبةُ ، عن قتادةَ ، عن نصر بن عاصم ، عن مالك بن الحويرث " كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا كبرَ رفعَ يديهِ ، وإذا ركعَ وإذا رفع رأسه من الركوع " .
أخرجاهُ .
أحمدُ - ثنا يونس بن محمد - نا عبد الواحدِ ، نا عاصم بن كليبٍ ، عن أبيه ، عن وائل بن حجر قال : " استقبل رسول الله القبلةَ ، فكبرَ ورفعَ يديه حتى كانتا حذو منكبيهِ ، فلمَّا أراد أن يركع رفعَ يديه ، حتى كانتا حذو منكبيهِ ، فلما ركعَ وضعَ يديه على ركبتيهِ ، فلما رفع رأسه من الركوع رفعَ يديه حتى كانتا حذو منكبيهِ " .
رَوى هذه السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : عمرُ ، وعليُّ ، وأبو موسى ، ومحمدُ بنُ مسلمةَ ، وأبو قتادة ، وابن عمرَ ، وابنُ عمرو ، وابن عباسٍ ، وأبو سعيدٍ ، وأبو أسيد ، وجابر ، وأنسٌ ، وأبو هريرةَ ، وسهلَ ، وابن الزبير ، ووائل ، ومالك بن الحويرث .
ولم يصح عن صحابي أنه لم يرفعْ ؛ بل كانَ ابنُ عمرَ إذا - رأى - رجلاً لا يرفعُ يديهِ كلما خفضَ ورفعَ حَصَبَهُ .
يزيدُ بن زريع ، عن سعيد ، عن قتادةَ ، عن الحسن ، قال : " كان أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنما أيديهم المراوحُ ؛ يرفعونها إذا ركعُوا وإذا رفعُوا رءوسهُم " .
وقالَ - ق 29 - ب - / عبد الرزاق : أخذ أهل مكة - رفعَ اليدين في الافتتاح والركوع والرفع منه - عن ابن جريج ، وأخذه عن عطاء ، وأخذه عطاء عن ابن الزبير ، وأخذه ابنُ الزبير عن أبي بكر ، وأخذه أبو بكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قالوا : أحاديثكم منسوخةٌ بخبر ابن عباس : " كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يرفعُ يديه(1/134)
| 135 | كلما ركعَ وكلما رفعَ ، ثم صارَ إلى افتتاح الصلاةِ ، وتركَ ما سوى ذلك " .
وبخبر ابن الزبير " أنه رأى رجلاً يرفعُ يديه من الركوع ، فقال : مه ، فإن هذا شيء فعله رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تركه " .
وهذان منكرٌ من القول ، ومن شرط الناسخ أن يكونَ في قوة المنسوخ ، ثم المحفوظ عن ابن عباس ، وابن الزبير الرفعُ .
قالوا : ولنا : أحمد ، نا وكيعٌ ، عن سفيانَ ، عن عاصم بن كليب ، عن عبد الرحمن ابن الأسود ، عن علقمة قال : قال عبد الله : " ألا أُصلي بكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فصلى ، فلم يرفعْ يديهِ إلا مرةً " .
ورَوى إسحاقُ بنُ أبي إسرائيلَ ، ثنا محمد بن جابر ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : " صليتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع أبي بكر وعمرَ ، فلم يرفعُوا أيديهم إلاَّ عندَ افتتاح الصلاةِ " .
محمدُ بن جابرٍ ضعيفٌ ، وغير حماد يروونه عن إبراهيم ، عن عبد الله من قوله ، والأول فقيل : إن عبد الرحمن لمْ يسمعْ منْ علقمةَ .
وقال ابنُ المبارك : لا يثبتُ هذا الحديث ، ثم يجوز أن يخفى هذا على عبد الله ، كما خفي نسخُ التطبيق وغير ذلك .
إسماعيل بن زكريا ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن ابن أبي ليلى ، عن البراء " أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - حينَ افتتحَ الصلاةَ رفعَ يديهِ حتى حاذى بهما أُذنيهِ ، ثمَّ لم يعدْ إلى شيءٍ منْ ذلك حتى فرغ من صلاته " .
(1/135)
| 136 | يزيدُ ضعيفٌ .
وقال النسائي : متروكٌ .
وقال الدَّارقطنيُّ : إنما لقِّن يزيد في آخر عمرِهِ : " ثم لم يعدْ .
.
.
" فتلقنهُ ، وكان قد اختلطَ .
وكذا قال ابن عيينة : لقن يزيد هذا لما كبرَ .
قال ( خ ) : رواهُ الحفاظُ الذين سمعوهُ من يزيد قديماً ؛ منهم الثوري وشعبةُ وزهير ، ليس فيه : " ثم لم يعدْ " .
وقال ( د ) : رواه هشيمٌ وخالدٌ وابن إدريسَ ، عن يزيد ، ولم يذكروا فيه : " ثم ( لا ) يعود " .
وقد روى ابن أبي ليلى ، عن أخيه عيسى ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء قال : رأيت رسول الله رفعَ يديهِ حين افتتح الصلاةَ ، ثم لم يرفعهُما حتى انصرفَ .
قال : ( د ) : وهذا ليس بصحيح .
وقالَ الدَّارقطنيُّ : ثنا أبو بكر الأدميُّ ، ثنا عبد الله بن محمد بن أيوب ، نا علي بنُ عاصمٍ ، نا ابنُ أبي ليلى ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء قال : " رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حين قام إلى الصلاة فكبر ورفعَ يديه حتى ساوى بهما أُذنيهِ ، ثم لم يعدْ " .
قال علي : فلمَّا قدمت الكوفة قيل - ق 30 - أ - / لي : إن يزيد حي ، فأتيتهُ فحدثني بهذا ، قال : حدثني عبد الرحمن ، عن البراء قال : " رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قام إلى الصلاةِ ، فكبِّرَ ورفعَ يديهِ حتى ساوَى بهما أذنيه ، فقلتُ : أخبرني ابن أبي ليلى أنك قلتَ : ثمَّ لم يعدْ ، قال : لا أحفظُ هذا .
فعاودتهُ ، فقال : لا أحفظ هذا " .
(1/136)
| 137 | قلتُ : ابنُ عاصمٍ متكلَّمٌ فيهِ من قبل حفظهِ أيضاً .
شعبةُ ، عن سليمانَ ، سمعتُ المسيب بنَ رافعٍ ، عن تميم بن طرفةَ ، عن جابر ابن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه دخل المسجد ، فأبصر قوماً قد رفعوا أيديهم ، فقال : قد رفعوها كأنها أذنابُ الخيلِ الشمسِ ، اسكنوا في الصلاةِ " .
خرجه ( م ) .
محمد بن عكاشةَ - متهم - نا المسيب بن واضح ، نا ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، عن أنس مرفوعاً قالَ : " من رفعَ يديهِ في التكبيرِ ، فلا صلاةَ له " .
قلت : هذَا باطلٌ .
ويروَى عنْ مأمونِ بنِ أحمدَ الهرويِّ - كذاب - عن المسيبِ نحوهُ .
ورَووا عنِ ابنِ عباس مرفوعاً : " لاَ ترفعُ الأيْدِي إلا في سبعة مواطنَ : عندَ افتتاحِ الصلاةِ ، وعندَ استقبالِ البيتِ ، وعندَ الصفَا والمروةِ ، وعندَ الجمرتينِ ، وعندَ الموقفِ " .
والمعروفُ موقوفٌ ، ولفظهُ : " ترفع الأيدي " وجاءوا نحوًا منْ ذلكَ عنْ عمرَ ، وعلي ، ولا يصحُّ .
وعن مجاهدٍ : " صليتُ خلفَ ابنِ عمرَ سنتينِ فلمْ يرفعْ يَدَه إلا في التكبيرةِ الأولى " .
وهّذا منكرٌ .
وقدْ روى أبو داود من حديث ميمون المكي " أنهُ رأى ابنَ الزبير - وصلى بهم - يشيرُ بكفيه حينَ يقومُ وحينَ يركعُ وحينَ يسجدُ ، فذهبتُ إلى ابن عباسٍ(1/137)
| 138 | فأخبرته بذلك ، فقال : إن أحببتَ أن تنظر إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقتد بصلاةِ ابن الزبير " .
وروى طاوس عن ابن عباس " أنه كان يرفعُ يديه في المواطن الثلاثة " .
فهذا يبطل ما رووا عن ابن عباسٍ وابن الزبير .
وأما حديثُ جابرٍ بن سمرةَ فصحيحٌ ، لكن يوضحه : أحمد ، نا محمد بن عبيد ، نا مسعر ، عن عبيد الله بن القبطية قال : سمعت جابر بن سمرة قال : " كنا نقول خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلمنا : السلام عليكم ، السلام عليكم ، يشير أحدنا بيده عن يمينه وشماله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما بال الذين يرمون بأيديهم في الصلاة كأنها أذناب الخيل الشمس ، ألا يكفي أحدهم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم عن يمينه وشماله ؟ ! " .
خرجه ( م ) .
116 - مسألة : الرفعُ إلى حذوِ المنكبِ .
وقال أبو حنيفة : إلى حيالِ الأذنين .
وعن أحمدَ التخييرُ .
117 - مسألة : يسنُّ وضعُ اليمينِ على الشمالِ ، خلافاً لرواية عنْ مالكٍ .
عاصمُ بنُ كليبٍ ، عن أبيه ، عن وائلِ بن حجرٍ - ق 30 - ب - / : " أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ : لأنظرن كيف يصلِّي .
فاستقبل القبلةَ ورفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه ، ثم أخذ شماله بيمينه " .
(1/138)
| 139 | ابنُ جحادة ، نا عبد الجبار بن وائل ، عن أخيه علقمة ، عن وائل بن حجرٍ " أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - حينَ دخلَ في الصلاة ، وضع يده اليمنَى على اليسرَى " .
خرجه ( م ) .
الثوري وغيره ، نا سماك ، عن قبيصة بن هلب ، عن أبيه : " رأيت رسولَ اللهِ يضعُ هذه على صدره - ووصفَ يحيى القطانُ اليمنَى على اليسرَى فوقَ المفصلِ " .
( ت ) : ثنا قتيبة ، نا أبو الأحوص ، عن سماك بهذا ، ولفظه : " فيأخذْ شماله بيمينه " .
وفي " سنن الدَّارقطنيُّ " في ذلكَ عن طلحةَ ، عن عطاءٍ ، عن ابن عباسٍ مرفوعاً : " إنَّا معاشرَ الأنبياءِ أُمرنَا أن نمسكَ بأيماننا على شمائلنا في الصلاةِ " .
قلتُ : طلحةُ واهٍ .
النضرُ بن إسماعيلَ ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطاءٍ ، عن أبي هريرةَ مرفوعاً : إنَّا معاشرَ الأنبياءِ .
.
.
.
" الحديث .
والنضرُ ليسَ بالقويِّ كشيخهِ .
رواهُ الدَّارقطنيُّ عن ابن صاعدٍ ، عن زيادٍ بن أيوب عنه ، وهوَ يصلحُ للاعتبارِ .
118 - مسألة : وتوضع تحت الصدرِ أو تحتَ السرةِ ؛ مخيرٌ .
والأولُ قولُ الشافعي : وفي خبرٍ وائلِ بن حجر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه كان يضعهما فوقَ السرَّةِ " .
(1/139)
| 140 | وفي زيادات " المسند " : نا لوين ، نا يحيى بن أبي زائدةَ ، نا عبدُ الرحمنِ ابنُ إسحاقَ ، عن زيادِ بن زيد السوائيِّ ، عنْ أبي جحيفة ، عن علي قال : " إنَّ من السنةِ وضعَ الأكفِّ على الأكفِّ تحتَ السرةِ " .
وهذا لا يصحُّ ، عبدُ الرحمنِ واهٍ .
119 - مسألة : يسنُّ الافتتاحُ خلافاً لمالكٍ .
ولنا أحاديثُ ؛ فنستفتحُ بسبحانك اللهمَّ وبحمدكَ .
وقال الشافعي : وجهتُ وجهِي .
عبدُ الله بن شبيب - واهٍ - نا إسحاق بن محمد ، عن عبد الرحمن بن عمرو ابن شيبة ، عن أبيه ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر قال : " كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كبرَ للصلاةِ قالَ : سبحانكَ اللهمَّ وبحمدكَ .
.
.
" الحديث .
قال الدَّارقطنيُّ : رفعه عبد الرحمن ، والمحفوظ عن عمر قوله .
الحسين بن علي بن الأسود - وهاه ابن عدي - ثنا محمد بن الصلتِ ، ثنا أبو خالد الأحمرُ ، عن حميدٍ ، عن أنس : " كان رسول الله إذا افتتح الصلاةَ كبرَ ثم رفعَ يديهِ ، ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك .
.
.
" الحديث .
خرجهُ الدَّارقطنيُّ .
قال المؤلفُ : إسناده ثقاتٌ .
قلتُ : قال ابن عديٍّ : الحسينُ كانَ يسرقُ الحديثَ .
( ت ) ثنا محمد بن موسى ، ثنا جعفر بن سليمان ، ثنا علي بن علي(1/140)
| 141 | الرفاعي ، عن أبي المتوكل ، عن أبي سعيد - ق 31 - أ - / قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر ، ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك .
ثم يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم " .
قلت : علي فيه لين ، ووثقه أبو زرعة .
طلق بن غنام ، نا عبد السلام بن حرب ، عن بديل بن ميسرة ، عن أبي الجوزاء ، عن عائشة قالت : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتح الصلاة قال : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك " .
تفرد به طلق .
وقد خرجه الترمذي من طريق حارثة بن أبي الرجال - وهو واه - عن عمرة ، عن عائشة .
فاحتجوا بابن الماجشون ، نا عبد الله بن الفضل الهاشمي ، عن الأعرج ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كبر استفتح ثم قال : وجهت وجهي للذي فطر السماوات - إلى قوله - : وأنا أول المسلمين " مختصر .
وهو لفظ أحمد في " مسنده " .
يزيد بن عبد ربه الحمصي ، ثنا شريح بن يزيد ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن ابن المنكدر ، عن جابر " أن رسول الله كان إذا استفتح الصلاة قال : إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ، اللهم اهدني لأحسن الأخلاق وأحسن الأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، وقني سيئ الأخلاق والأعمال ، لا يقي سيئها إلا أنت " .
(1/141)
| 142 | سنده قوي ، خرجه الدَّارقطنيُّ .
قلنا : قد كان المصطفى يقول ذلك في وقت ، أو في أول الأمر ، أو في النافلة ، أو بعد الاستفتاح ، وإنما الكلام فيما داوم عليه .
وقد قال أحمد : نا أبو سعيد مولى بني هاشم ، نا ابن الماجشون بالحديث المذكور بسنده ولفظه إلى أن قال : " وأنا من المسلمين ، لا إله إلا أنت ، أنت ربي وأنا أعبدك ، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ذنوبي جميعاً ، لا يغفر الذنوب إلا أنت ، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت ، تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك " .
وإذا ركع قال : " اللهم لك ركعت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، خشع لك سمعي وبصري ، ومخي وعظامي وعصبي " .
وإذا رفع قال : " سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد ملء السماوات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد " .
وإذا سجد قال : " اللهم لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره فأحسن صوره ، وشق سمعه وبصره ، فتبارك الله أحسن الخالقين " .
رواه ( م ) .
- ق 31 - ب - / وقد اتفقنا على أنه لا يسن قول هذا كله في الاستفتاح .
قلت : هذا اتفاق عجيب .
120 - مسألة : ثم يتعوذ .
(1/142)
| 143 | وقال مالك : لا يتعوذ في الفريضة .
قلنا : مر حديث أبي سعيد " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ .
.
.
" .
فذكروا خبراً للوليد ؛ نا الأوزاعي ، عن إسحاق بن عبد الله ، عن أنس : " كنا نصلي خلف رسول الله وأبي بكر وعمر وعثمان ، فكانوا يستفتحون بأم القرآن فيما يجهر به " .
وفي لفظ ( خ م ) : " كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين " .
قلنا : المراد : القراءة .
أحمد ، نا إسماعيل ، نا ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين " .
صححه الترمذي .
121 - مسألة : وبعد التعوذ يبسمل سراًّ .
وقال مالك : لا يبسمل .
ولهم : حديث أنس المار .
الدَّارقطنيُّ ، ثنا إبراهيم بن حماد ، نا أخي محمد ، نا سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت ، نا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن ، عن أبيه عن جده الحسن بن علي ، عن علي قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم " .
(1/143)
| 144 | قلت : إن صح هذا فلا حجة فيه ؛ لأنه ما قال في الصلاة ؛ بل سكت .
122 - مسألة : البسملة ليست آية في كل سورة ، وهل هي من آي الفاتحة ؟ على روايتين .
وللشافعي في غيرها قولان : قد مر حديث : " كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله " .
ومالك ، عن العلاء ، أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قال الله : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يقول العبد : الحمد لله رب العالمين .
يقول الله : حمدني عبدي " .
رواه ( م ) .
أحمد ، نا محمد ، نا شعبة ، عن قتادة ، عن عباس الجشمي ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له ، وهي تبارك " .
ولا يختلف العادون أنها ثلاثون من غير البسملة .
ولهم : عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا قرأتم الحمد ، فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم ؛ فإنها أحد آياتها " .
وهذا ، الصحيح وقفه إن صح .
وفي لفظ : " بسم الله الرحمن الرحيم أم القرآن ، وهي أم الكتاب ، وهي(1/144)
| 145 | السبع المثاني " رواه الدَّارقطنيُّ .
حديث : " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ؛ يقول عبدي إذا افتتح الصلاة : بسم الله الرحمن الرحيم .
فيذكرني عبدي .
.
.
" الحديث .
تفرد به عبد الله بن زياد بن سمعان - متروك - عن العلاء بن عبد الرحمن ، - ق 32 - أ - / وبسند واه عن طلحة بن عبيد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من ترك بسم الله الرحمن الرحيم ؛ فقد ترك آية من كتاب الله " .
فيه سليم بن مسلم المكي ، قال ابن معين : ليس بثقة .
وبسند لين عن ابن عباس : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفتتح الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم ، يقول : " من تركها فقد ترك آية من كتاب الله من أفضلها " .
وفي لفظ لبحر السقاء - المتروك - عن من سماه نحوه .
وروى عبد الرحمن بن عبد الله العمري - وهو متهم - عن أبيه ، عمن ذكره ، عن ابن عمر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا افتتح الصلاة يبدأ بسم الله الرحمن الرحيم " .
وعن بريدة مرفوعاً قال : " لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية - أو سورة - لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري .
فمشى وتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد ، فأخرج رجله وبقيت الأخرى ، فأقبل علي فقال : أي شيء تفتتح القرآن إذا افتتحت الصلاة ؟ قلت : ببسم الله الرحمن الرحيم .
قال : هي هي .
ثم خرج " .
رواه الدَّارقطنيُّ ، في سنده سلمة بن صالح الأحمر - واه - وله عن يزيد أبي خالد - لين - عن عبد الكريم أبي أمية .
وعن أم سلمة : " كان رسول الله يقرأ : " بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين " قطعها آية آية ، وعد بسم الله الرحمن الرحيم آية " .
فيه عمر بن هارون ، متروك ، عن ابن جريج .
(1/145)
| 146 | 123 - مسألة : لا يسن الجهر بها ، خلافاً للشافعي .
شعبة ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : " صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان ، فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم " لفظ أحمد .
ولفظ ( م ) : " فلم أسمع أحداً منهم يقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم " .
وفي لفظ ( خ م ) : " كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله " .
الجريري ، عن قيس بن عباية ، حدثني ابن عبد الله بن مغفل قال : " سمعني أبي وأنا أقرأ : " بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين " ، فلما انصرفت ، قال : يا بني ، إياك والحدث في الإسلام ؛ فإني صليت خلف رسول الله وخلف أبي بكر وعمر وعثمان ، فكانوا لا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم .
ولم أر رجلاً قط أبغض إليه الحدث منه " لفظ أحمد .
رواه جماعة عن الجريري .
ورواه أبو حنيفة ، عن أبي سفيان ، عن يزيد بن عبد الله بن مغفل .
خرجه ( ت س ق ) .
ولفظ ( ت ) : " فلم أسمع أحداً منهم يقولها " .
وجاء الجهر عن معاوية وعطاء ومجاهد وطاوس .
واعترض على ما سقنا بأنه قد جاء عن أنس خلاف ذلك ، الثاني : أنه روي عنه إنكار هذا في الجملة .
(1/146)
| 147 | أحمد ، نا غسان بن مضر ، نا سعيد بن يزيد أبو مسلمة ، قال : " سألت أنساً : أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، أو الحمد لله رب العالمين ؟ - ق 32 - ب - / قال : إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه - أو ما سألني أحد قبلك " .
وسنده صحيح ، ثم إن ابن مغفل مجهول ، وقيسٌ : غيره أقوى منه .
وتأولوا قوله : " فكانوا لا يجهرون " أي : ما كانوا يجهرون بها جهراً ، كجهرهم بباقي السورة ؛ لأن القارئ يبتدئ القراءة ضعيف الصوت .
ثم قوله : فلم أسمع .
لا ينفي أن - غيره - قد يكون سمع لقربه من الإمام ، وإنما كان يتقدم الأكابر .
وقوله : " يفتتحون بالحمد " أي بالسورة المسماة بذلك .
ثم احتجوا بتسعة أحاديث : نعيم المجمر : " صليت خلف أبي هريرة فقال : بسم الله الرحمن الرحيم .
ثم قرأ بأم القرآن ، فلما سلم قال : والذي نفسي بيده ، إني لأشبهكم صلاة برسول الله " .
سنده قوي ، لكن لم يصرح بأنه جهر بها أبو هريرة ، فلعله سمعها منه لقربه منه ، وقد خافت بها .
قلت : ثم الحديث يدل على أنها غير أم القرآن .
عثمان بن خرزاذ ، حدثني منصور بن أبي مزاحم ، من كتابه - ثم مكه بعد(1/147)
| 148 | من كتابه - نا أبو أويس ، أنا العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أم الناس جهر ببسم الله الرحمن الرحيم " .
قلت : ما حكه من خير ، وأبو أويس ضعفه أحمد ، وقال ابن عدي : كان يسرق الحديث .
وعن النعمان بن بشير في ذلك .
وعن علي : وعمار " أنهما صليا خلف رسول الله ، فجهر بها " .
وعن ابن عباس : " لم يزل رسول الله يجهر بها " .
وعن علي : " كان رسول الله يجهر بها في السورتين جميعاً " .
وعن أنس نحوه .
وعن سمرة : " كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكتتان : سكتة إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، وسكتة إذا فرغ من القراءة " .
وعن الحكم بن عمير قال : " صليت خلف النبي فجهر " .
وعن مجالد بن ثور ، وبشر بن معاوية " أنهما وفدا على رسول الله فعلمهما الابتداء ببسم الله الرحمن الرحيم والجهر بها في الصلاة " .
والكل لا يثبت .
عبيد بن رفاعة " أن معاوية قدم المدينة فصلى بالناس صلاة جهر فيها بالقراءة ، وأنه قرأ أم الكتاب ولم يقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم ركع حينئذ ولم يكبر ، ثم قام في الثانية فلم يكبر ، فلما صلى وسلم ناداه المهاجرون والأنصار من كل ناحية : يا معاوية ، أسرقت صلاتك ، أم نسيت ؟ ! أين بسم الله الرحمن الرحيم حين افتتحت أم القرآن ؟ وأين الله أكبر حين وضعت جبينك وحين قمت ؟ فلما صلى بهم الصلاة الأخرى قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، وكبر حين سجد وحين قام " .
(1/148)
| 149 | قلت : رواه جماعة - ق 33 - أ - / عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، وتفرد به عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة ، عن أبيه .
ورواه الشافعي : عن يحيى بن سليم ، وإبراهيم بن محمد ، عن ابن خثيم .
قالوا : وروى ابن المسيب " أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم " .
عثمان بن عبد الرحمن - واه - عن الزهري ، عنه .
وروى عطاء الخراساني ، قال : " صليت خلف علي وعدة من الصحابة ، كلهم يجهرون ببسم الله " .
وروى ضميرة ، عن علي قال : " من لم يجهر في صلاته بها ، فقد خدج صلاته " .
وقال صالح بن نبهان : " صليت خلف أبي قتادة وأبي سعيد وأبي هريرة وابن عباس ، فكانوا يجهرون " .
وكذلك جاء عن ابن عمر .
قالوا : وأحاديثكم رواها صحابيان ، وأحاديثنا رواها أربعةَ عشر صحابياً ، ثم أحاديثكم محتملةٌ وأحاديثُنا صريحة ، وأحاديثكم شهادةٌ على نفي ، وأخبارنا مثبتة ، وأحاديثنا تقتضي زيادةٌ ، والأخذ بالزائد أولى ، ثم يمكننا الجمع بين الأحاديث ؛ فنقول : كان يفتتح بالحمد أي بسورة الحمد ، ولم يسمع منه الجهر من أنكره ، وسمعه من رواهُ .
قلنا : أجودُ ما لكم خبرُ أبي مسلمةَ ، وجوابهُ أن حديثنا أصحُّ منه .
الثاني : يحتمل أن أنسًا نسي لما كبرَ .
الثالث : أن يكون مرادُ السائلِ : أكان يذكرها في الصلاةِ ، أو يتركها فلا يسرها ؟ فقال : لا أعلم ، أو ما سألني عن هذا أحدٌ .
(1/149)
| 150 | وأما حديث ابن مغفل فرجاله ثقات ، وقيس قال الخطيب : لا أعلم أحداً رماه ببدعةٍ ، ولا بكذبٍ في روايته ، وابن عبد الله فاسمه يزيد .
ثم كيف يتصور أن يصليَ أنسٌ خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنينَ فلا يسمعهُ يوماً ما يجهرُ بها ، ثم يتمادى على ذلك زمان الخلفاءِ الثلاثةِ ، وقد كان عمر جهوريّ الصوتِ ، ما كانَ ممنْ يخفَى صوتُه على أنسٍ لو جهر بها ، ثم رواية عطاء الخراساني منقطعة ، وتفرد بها ابنه يعقوب - واهٍ .
وخبرُ علي فيه حسينُ بن عبد الله بن ضميرة - هالكٌ .
قال المؤلف : وهذه الأحاديث في الجملة لا يحسنُ لمن له علمٌ بالنقل أن يعارض بها الصحاح ، ويكفي في هجرانها إعراض أصحاب المسانيد والسنن عن جمهورها .
وقد حكى لنا مشايخنا أن الدَّارقطنيَّ لما ورد مصر ، سأله بعض أهلها أنْ يصنف شيئاَ في الجهر فصنَّفَ فيه جزءاً ، فأتاه بعض المالكيةِ ، فأقسمَ عليه أن يخبره بالصحيح من ذلك ، فقال : كل ما رُويَ عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجهر فليس بصحيح ، فأما عنِ الصحابةِ فبعضهُ صحيح .
ثم تجردَ أبو بكر الخطيب لجمعِ أحاديث الجهر ، فأزرَى على علمه بتغطيته ما ظنَّ أنه لا ينكشف .
ثم - ق 33 - ب - / تحملُ أحاديثهم على أنه جهرَ بها إن جهر للتعليم ، أو كما يتفق له من إسماعِهم الآيةَ أحياناً في الظهرِ .
ثم قدْ روى أبو داود بإسناده ، عن سعيد بن جبير " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان(1/150)
| 151 | يجهرُ ببسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ ، وكانَ مسيلمةُ يدْعى : رحمان اليمامةِ ، فقالَ أهلُ مكةَ : إنَّما يدعُو إله اليمامة ، فأمرَ اللهُ رسولهُ فإخفائِها ، فما جهرَ بها حتى ماتَ " .
فهذا يدل على نسخِ الجهرِ .
124 - مسألة : الجهرُ بآمين للإمامِ والمأمومِ .
وقال أبو حنيفة : لا يجهران .
الثوري ، عن سلمةَ بن كهيلٍ ، عن ( حجرِ بن عنبس ) عن وائل بن حجرٍ : " سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ : " ولا الضالين " فقالَ : آمين - مدَّ بها صوتهُ " .
رواه ( ت ) وصححه الدَّارقطنيُّ .
قالوا : رواه شعبة ، فقال بدل " مد " : وأخفَى بها صوتهُ " .
قال الدَّارقطنيُّ : يقالُ : وهمَ فيه شعبةُ ؛ لأن سفيانَ ومحمدَ بنَ سلمةَ بنِ كهيلٍ وغيرهما رووهُ عنْ سلمةَ ، فقالوا : " ورفعَ صوتَهُ بآمين " وهو الصوابُ .
الدَّارقطنيُّ ، نا الفارسي ، نا يحيى بن عثمان بن صالح ، نا إسحاق بن إبراهيم ، حدثني عمرو بن الحارث ، نا عبد الله بن سالم ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن أبي سلمةَ ، وسعيد عن أبي هريرةَ قالَ : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغَ منْ قراءة القرآنِ ، رفعَ صوتهُ وقالَ : آمينَ " .
قال الدَّارقطنيُّ : إسنادُه حسنٌ .
(1/151)
| 152 | قلتُ : فيه إسحاقُ بنُ زبريق ، وقدِ اختلفَ فيهِ حتَّى إنَّ محمدَ بن عوفٍ قدْ كذبهُ .
ويروَى عنِ ابنِ عمرَ ، عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - لكنْ من طريق بحر بن كنيز - متروكٌ .
125 - مسألة : وجوبُ الفاتحةِ .
وعنهُ : تجزئهُ آيةٌ ، كقولِ أبي حنيفةَ .
ففي " الصحيحين " لمحمود بن الربيع ، عن عبادة مرفوعاً : " لا صلاةَ لمن لمْ يقرأْ بفاتحةِ الكتابِ " .
وللدارقطنيِّ : " لاَ تجزئُ صلاةٌ لمنْ لم يقرأْ بفاتحةِ الكتابِ " وصَحّحَ إسنادهُ .
ورواهُ بلفظٍ آخرَ : " لاَ تقرءوا إذا جَهَرْتَ إلا بأُمِّ القرآن " وإسنادهُ ثقاتٌ .
ولمسلم : العلاءُ بنُ عبدِ الرحمنِ ، أنهُ سمعَ أبا السائبِ قال : سمعتُ أبا هريرةَ يقول : قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " من صلَّى صلاةً ، لمْ يقرأْ فيها بأم القرآنِ ، فهي خداجٌ ، فهي خداجٌ ، غيرُ تمامٍ .
فقلتُ : يا أبا هريرة ، إني أحياناً أكونُ وراءَ الإمامِ .
فقالَ : اقرأْ بها في نفسكَ يا فارسيُّ " .
قالوا : هذا محمول على الكمالِ ، وذكروا أحمدَ ، نا يحيى بن سعيد ، عن جعفر بن ميمون ، نا أبو عثمان النهدي ، عن أبي هريرة " أن رسول الله - أمرهُ - أن يخرجَ فيُنادي : لاَ صلاة إلا بقراءةِ فاتحةِ الكتابِ ، فما زاد " .
نعيمُ بنُ حمادٍ ، أنا ابنُ المباركِ ، حدثنا أبو حنيفةَ ، عنْ عطاءٍ ، عنْ أبي هريرةَ ،(1/152)
| 153 | قال : " نَادى مُنادِي رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : لاَ صلاة إلا بقراءةٍ ، ولو بفاتحةِ الكتابِ " .
تفردَ به أحمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ محمدٍ الكوفي ، ولا يُعرف عن نعيمٍ ، وفيهِ مقالٌ ، وكذا جعفرٌ بنُ ميمون ؛ قالَ ابنُ معينٍ : ليس بثقةٍ .
وقالَ غيرهُ : ليسَ بقويٍّ .
جبارةُ - لينٌ - نا شبيبُ بنُ شيبةَ - واهٍ - عنْ هشامٍ ، عن أبيهِ ، عن عائشة مرفوعاً - ق 34 - أ - / : " كل صلاةٍ لاَ يقرأُ فيها بفاتحةِ الكتابِ وآيتين ، فهيَ خداجٌ " .
واحتجُّوا بحديث أبي هريرةَ " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - علم رجلاً الصلاةَ فقالَ : كبرْ ، ثم اقرأْ ما تيسرَ معكَ من القرآنِ " .
أخرجاه .
ويروَى عن أبي سعيد - ما أدْرِي من أينْ أتوا بهِ ؟ ! - مرفوعاً : " لاَ صلاةَ إلا بالفاتحة أو غيرها " .
فقوله للرجلِ ، لعلهُ قبلَ نزولِ الفاتحةِ ، أو قدْ ضاقَ الوقتُ عليه أن يحفظها ، أو كانت معلومة عنده ، وأنها واجبةٌ ، فعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يعرف ذلك ، فما ذكرها له .
126 - مسألة : لاَ تجبُ على المأْمومِ .
وقالَ الشافعي : تجبُ في السرِّ ، وإنْ جهرَ فقولاَنِ .
لنا : ( جابرُ الجعفي ) - واهٍ - عن أبي الزبير ، عن جابر مرفوعاً : " من كان له إمام فقراءته له قراءةٌ " .
أخرجه أحمد .
إسحاقُ الأزرقُ ، عن أبي حنيفةَ ، عن موسى بن أبي عائشةَ ، عن عبد الله بن شداد ، عن جابر مرفوعاً مثله .
(1/153)
| 154 | الدَّارقطنيُّ ، ثنا الخلدي ، ثنا محمود بن محمد المروذي ، ثنا سهل بن العباس الترمذي - متروك - قال ابنُ عليةَ ، عن أيوب ، عن أبي الزبير ، عن جابر بهذا .
الدَّارقطنيُّ ، نا النيسابوري ، نا بحرُ بنُ نصر ، نا يحيى بنُ سلام - واهٍ - نا مالك ، نا وهب بن كيسانَ ، عن جابر ، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال : كل صلاةٍ لاَ يقرأُ فيها بأم القرآنِ ، فهي خداجٌ ، إلا أن تكونَ وراء الإمامِ " .
محمدُ بنُ الفضلِ بن عطيةَ - متروكٌ - عن أبيهِ ، عن سالمٍ ، عن ابن عمرَ مرفوعاً : " مَنْ كانَ لهُ إمامٌ .
.
.
" الحديث .
قيسُ بنُ الربيع ، عن محمدِ بن سالمٍ ، عن الشعبي ، عن الحارث ، عن علي ، قالَ رجلٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أقرأُ خلفَ الإمامِ ؟ قال : بل أنصتْ " .
فيه ثلاثة ضعفاء .
عاصمُ بنُ عبد العزيز - لين - عنْ أبي سهيل ، عن عونٍ ، عن ابنِ عباسٍ مرفوعاً : " تكفيكَ قراءةُ الإمامِ ؛ خافتَ أو جاهرَ " .
حجاجُ بن أرطأةَ ، عن قتادةَ ، عن زرارةَ ، عن عمرانَ بن حصين قال : " كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي بالناسِ ورجلٌ يقرأُ خلفهُ ، فلما فرغَ قال : من ذا الذي خالجني سورتي ؟ ! .
فنهاهم عن القرآن خلفَ الإمامِ " .
تفرد به سلمةُ الأبرش عن حجاج ، ولاَ يثبتُ .
معاويةُ بن صالح ، نا أبو الزاهرية ، عن كثير بن مرة ، عن أبي الدرداء قال : " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أفي كل صلاة قلراءةٌ ؟ قال : نعمْ .
فقال رجل : وجبتْ هذهِ ؟ فقالَ رسولُ اللهِ لي - وكنتُ أقربَ القومِ إليه - : ما أرَى الإمامَ إذا أمَّ القومَ إلا قدْ كفاهُمْ " رواهُ شعيب بن أيوب ، عن زيد بن الحباب ، عنه .
(1/154)
| 155 | أبو يحيى التيمي - ضعيفٌ - عن سهيلٍ ، عن أبيهِ ، عن أبي هريرةَ مرفوعاً : " من كان له إمام فقراءته له قراءةٌ " .
والجميع من الدَّارقطنيُّ واهيةٌ ، أمثلها خبر أبي الدرداء ، وقد رواهُ ابن وهب ، عن معاوية ، وآخرُ الخبر موقوف .
ثم أخذ المؤلف ( ينكس ) على بعض الأحاديث .
واحتجُّوا بخبر ابن إسحاقَ ، عن مكحولٍ ، عن محمودِ بن الربيع ، عن عبادة ، قال : - ق 34 - ب - / صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة جهرَ فيها ، فقرأ رجل خلفه ، فقال : " لا يقرأنَّ أحدُكُم والإمام يقرأ إلا بأم القرآن " .
خرجه ( خ ) في كتاب " القراءة وراء الإمام " ثنا أحمدُ بنُ خالدٍ ، نا ابنُ إسحاق .
محمدُ بن عبد - الوهاب - نا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً : " من صلى صلاةً معَ إمامٍ ، فجهرَ ، فليقرأ بفاتحة الكتاب في بعض سكتاتِهِ ؛ فإن لم يفعل فصلاته خداج " .
محمد بن عبد الله هو المحرم واه .
الربيع بن بدر - واه - عن أيوب ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قالَ : " صلى بنا رسول الله ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : " أتقرءونَ خلفَ الإمامِ ؟ فقلنا : إن فينا من يقرأ .
قال : فبفاتحة الكتابِ " .
يحيى بن يوسف الزمي - ثقة - نا عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه ، فلما قضى صلاته(1/155)
| 156 | أقبل عليهم فقالَ : " أتقرءونَ في صلاتكم والإمام يقرأُ ؟ فسكتوا - قالها ثلاثاً - فقالَ قائلٌ : إنا لنفعلً .
قال : فلا تفعلوا وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه " .
والثلاثة من " سنن الدَّارقطنيُّ " فقال أحمد في الأول : تفرد برفعه ابن إسحاقَ .
فإن قيل : قال ( خ ) : نا هشام ، نا صدقة بن خالد ، نا زيد بن واقد ، عن ( حزام ) بن حكيم ، ومكحول عن ابن ربعيةَ الأنصاري ، عن عبادة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا يقرأنَّ أحدكم إذا جهرت إلا بأم القرآن " .
قلنا : زيد بن واقد ، قال أبو زرعة : ليس بشىء ، وقواه غيره .
قيل : فرواه إسماعيل بن عياش ، عن الأوزاعي ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبادة ابن الصامت .
قلنا : فيه انقطاع ، وإسماعيل ليس بحجة ، قيل : فرواه الدَّارقطنيُّ من وجوه .
قلنا : الكل فيه مقالٌ .
(1/156)
| 157 | 127 - مسألة : يسنُّ للمأمومِ أن يقرأ بسورةٍ مع الحمد في المخافتة .
وقال أبو حنيفة : لا تسن القراءةُ خلفَ الإمامِ .
محمدُ بن المبارك الصوري ، ثنا صدقةُ بنُ خالد ، نا زيد بن واقد ، عن حزام بن حكيم ومكحول ، عن نافع بن محمود ، أنه سمع عبادة يقول : قال رسول الله : " لا يقرأن أحد منكم شيئاً إذا جهرتُ إلا بأم القرآنِ " .
قال الدَّارقطنيُّ : رجالهُ ثقاتٌ .
ثم روى عن عمر بن علك ، ثنا أحمد بن سيار ، ثنا زكريا الوقار ، ثنا بشر ابن بكر ، ثنا الأوزاعي ، عن يحيى ، عن أبي سلمةَ ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا أسررتُ بقراءتي فاقرءوا ، وإذا جهرتُ فلا يقرأن معي أحدٌ " .
زكريا وضاع .
وذكروا خبرَ عمرانَ بن حصينٍ " أن رسول الله نهاهم عن القراءة خلف الإمام " .
قلتُ : محمولٌ على جهرِهِ .
فإنَّ اللهَ أمَرنا بالإنصاتِ .
128 - مسألة : تجبُ ( الفاتحةُ ) في كلِّ ركعةٍ .
وقال أبو حنيفة : تجبُ في ركعتين .
قلنا : علمَ الرسول ذاك الأعرابي ، فأمره بالقراءة ، ثم قال : " افعل ذلك في صلاتك كلها " .
(1/157)
| 158 | متفق عليه .
- ق 35 - أ - / وسيأتي ذلك ، ويأتي حديث رفاعةَ الزرقي .
يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ، فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ، وفي الركعتين الأخريين بأمِّ الكتابِ ، وكانَ يطيلُ أولَ ركعةٍ من صلاة الفجرِ ، وأولَ ركعةِ من صلاة الظهرِ " أخرجاه .
أحمدُ ، نا عبد الرحمن ، عن معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مرة ، عن أبي الدرداء ، أن رجلاً قال : " يا رسول الله ، أفي كل صلاةٍ قرآن ؟ فقال : نعم .
فقال رجل من الأنصار : وجبت هذه " .
وقد روى أصحابنا من حديث أبي عبادة ، وأبي سعيد ؛ أمرنا رسولُ الله أن نقرأ بالفاتحة في كل ركعة .
ورووا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لاَ صلاَة لمنْ لم يقرأْ في كل ركعةٍ " .
وما عرفتُ هذين الحديثين .
فذكروا أن الأشعريينَ قالوا لأبي لأبي مالك الأشعري : صل بنا صلاةَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - .
فقرأ في الأوليين ، ولم يقرأ في الأخريين .
قلنا : أين سنده ؟ وعن علي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " القراءة في الأوليين " وهذا صنعه الحارثُ - وهو مجروحٌ - عن علي ، ووقفه بعضهمْ .
محمدُ بن مهاجرٍ - كذابٌ - ثنا وهب بن جرير ، عن أبيه ، عن أبي يزيد(1/158)
| 159 | المدني ، عن عكرمةَ ، عن ابن عباسِ قال : " ليسَ في الظهر والعصرِ قراءةُ " .
129 - مسألة : لا تسنُّ قراءةً السورةِ في الأخريينِ خلافاً لأحدِ قولي الشافعيّ .
لنا : حديثُ أبي قتادةَ المذكورُ .
قلت : وللشافعي حديثٌ صحيحٌ في قراءةِ الأُخريينِ من الظهرِ على النصفِ منَ الأوليينِ ، وأن قراءةَ الأوليينِ من العصرِ على نحوِ الأخريينِ من الظهرِ .
130 - مسألة : يستحبُّ تطويلُ الأولى من كلِّ صلاةٍ .
وقال أبو حنيفة : في الفجر فقط .
وقال الشافعي : لا يطيل في الكل .
لنا : خبر أبي قتادة .
131 - مسألة : لا يُكرهُ عدُّ الآي في الصَّلاةِ .
وقال أبو حنيفة : يُكرهُ .
وذكر أصحابنا عن أنس قال : " رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يعد الآي في الصلاة " .
ولم يصح ، إنما ذا عن الحسنِ ، وإبراهيمِ ، وعروةَ ، وعطاءِ ، وطاوسٍ " أنهم كانوا لا يرون بعد الآي في الصلاة بأسا " .
132 - مسألة والجاهلُ يسبحُ بقدرِ الفاتحةِ .
(1/159)
| 160 | وقال أبو حنيفة ومالك : لا يلزمه الذكر .
( ت ) نا ابن حجر ، نا إسماعيل بن جعفر ، عن يحيى بن علي بن يحيى ابن خلاد بن رافع ، عن جده ، عن رفاعة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمَ رجلاً ، فقال : إن كان معكَ قرآن فاقرأ ، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع " .
قلتُ : حسنهُ ( ت ) وأخرجهُ ( عو ) .
رواه همام وحماد وابن إسحاق ، عن إسحاق بن عبد الله ، عن علي بن يحيى بن خلاد ، عن أبيه ، عن عمه رفاعة ، لكن أسقط حماد منه : عن أبيه .
ورواه ( س د ) من حديث إسماعيل بن جعفر ، عن يحيى بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن رفاعة .
وهذا أصح - ق 35 - ب - / ورواهُ بطولِه .
الفضل السيناني ، نا مسعر ، عن إبراهيم السكسكي ، عن ابن أبي أوفى ، قال : " جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : لا أستطيع أن آخذ شيئاً من القرآن ، فعلمني شيئاً يجزئني من القرآن .
فقال : قل : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، واللهُ أكبر ، ولاَ حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ " .
رواهُ ( س ) .
عبد الرزاق ، أنا الثوري ، عن أبي خالد الدالاني ، عن إبراهيم السكسكي ، عن ابن أبي أوفى ؛ " أن رجلاً قال : يا رسول الله ، إني لا أستطيع أن أتعلم القرآن ، فما يجزئني في صلاتي ؟ قال : تقول : سُبحان اللهِ ، والحمدُ للهِ ، ولاَ حوَل ولاَ قوةَ(1/160)
| 161 | إلا باللهِ ، واللهُ أكبرُ ، ولاَ إلهَ إلا اللهُ .
قال : هذا للهِ ، فما لي ؟ قال : تقولُ : اللهمَّ اغفرْ لي وارحمني وارزقني واهدْني وعَافني " .
لفظُ الدَّارقطنيُّ .
قلتُ : خرجه ( د ) من حديث وكيع ، عن سفيان .
والسكسكي : صالحُ الحديثِ .
133 - مسألة : الطمأنينةُ فرضٌ ، خلافاً لمالكٍ وأبي حنيفة ؛ لحديث : المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرةَ قالَ : " دخل رجل المسجد ، فصلى ، ثم جاءَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم ، فرد عليه السلام وقالَ : ارجع فصل فإنك لم تصل .
يفعل ذلك ثلاثَ مراتٍ ، فقال : والذي بعثك بالحق نبياً ، ما أحسنُ غير هذا فعلمني ، قال : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئنَّ راكعاً ، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً ، ثم افعلْ ذلك في صلاتك كلِّها " .
أخرجاه .
أحمد ، نا يزيد ، أنا محمد بن عمرو ، عن علي بن يحيى بن خلاد الزرقي ( عن أبيه ) عن رفاعة بن رافع قال : " جاء رجل ورسول الله جالسٌ في المسجد ،(1/161)
| 162 | فصلى قريبا منه ، ثم انصرف إلى رسول الله فسلم عليه ، فقال : أعد صلاتك ، فإنك لم تصل .
فرجع فصلى كنحو ما صلى ، ثم انصرف إلى رسول الله ، فقال : أعد صلاتك ، فإنك لم تصل .
فقال : يا رسول الله ، علمني .
قال : إذا استقبلت القبلة فكبرْ ، ثم اقرأ بأم القرآن ، ثم اقرأ بما شئت ، فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ، وامدد ظهرك ، ومكن لركوعك ، فإذا رفعت رأسك فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها ، فإذا سجدت فمكن لسجودك ، فإذا رفعت رأسك فاجلس على فخذك اليسرى ، ثم اصنع ذلك في كل ركعة " .
إسنادُهُ جيدٌ .
همامٌ ، نا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن علي بن يحيى ، عن أبيه ، عن عمه رفاعة قال : دخل رجل فصلى ، ثم جاء فسلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : وعليك ، ارجع فصل فإنك لم تصل .
فجعل الرجل يصلي ، وجعلنا نرمق صلاته ، لا ندري ما يعيب عليه منها ، فلما صلى جاء فسلم ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : وعليكَ ، ارجع فصل فإنك لم تصل .
فقال الرجل : ما آلوتُ ، وما - ق 36 - أ - / أدري ما عبتَ علي من صلاتي ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنها لا تتم صلاةُ أحدكم حتى يسبغ الوضوءَ كما أمره الله ؛ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ، ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين ، ثم يكبر الله ويثني عليه ، ثم يقرأ أم القرآن وما أذ ن له فيه وتيسر ، ثم يكبر فيركع ، فيضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله ، ويقول : سمع الله لمن حمده ، ويستوي قائما حتى يقيم صلبه ، ويأخذ كل عضوٍ مأخذهُ ، يم يكبر ، ويسجدُ فيمكنَ وجهه - وربما قال : جبهته - من الأرض حتى تطمئن مفاصلهُ ، ثم يكبر ويستوي قاعداً ، ويقيم صلبه .
.
.
" ووصف ( الصلاةِ ) .
خرجه ( عو ) .
(1/162)
| 163 | الأعمش ، عن عمارة بن عمير الليثي ، عن أبي معمر الأزدي ، عن أبي مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تجزئ صلاةٌ لا يقيمُ الرجلُ فيها ظهرهُ في الركوع والسجود " .
صححه ( ت ) وخرجه ( عو ) .
ملازم بن عمرو وغيره ، عن عبد الله بن بدر ، حدثني عبد الرحمن بن علي ابن شيبانَ ، حدثني أبي مرفوعاً : " لاَ صلاةَ لمنْ لمْ يقمْ صلبهُ في الركوعِ والسجودِ " .
رواهُ أحمدُ ( ق ) .
عامر بن يساف ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الله بن بدر الحنفي ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا ينظر الله إلى صلاة رجلٍ لاَ يقيمُ صلبُه من ركوعِهِ وسجودِهِ " .
رواهُ أحمدُ ، وعامر صدوقٌ .
أبو وائل ، عن حذيفة " أنه رأى رجلاً لا يتم ركوعاً ولا سجوداً ، فلما انصرف من صلاته ، دعاه حذيفة ، فقال : منذ كم تصلي هذه الصلاة ؟ قال : منذ كذا وكذا ، فقال حذيفة : ما صليتَ ، أو : ما صليتَ للهِ صلاةً .
وأحسبه قال : ولو متَّ ، متَّ على غير سنة محمد - صلى الله عليه وسلم - " .
أخرجه البخاري .
عبد الحميد بن جعفر ، نا محمد بن عمرو بن عطاء ، عن أبي حميد الساعدي قال : " كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قامَ إلى الصلاةِ اعتدلَ قائماً ، ورفعَ يديهِ(1/163)
| 164 | حتى يحاذيَ منكبيهِ ، ثم قالَ : الله أكبرُ .
وركعَ ، ثم اعتدلَ فلم يصوب رأسهُ ولمْ يقنعْ .
.
.
" الحديث بطوله .
أخرجه ( خ ) .
قلتُ : فمَا صلَّى - صلى الله عليه وسلم - إلاَّ مطمئناً .
وصحَّ عن أبي قلابةَ ، عن مالك بن الحويرث ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " صلوا كما رأيتموني أُصلِّي " .
فذكروا ( شيئاً ) يروى عن ابن أبزى قال : " صليتُ خلفَ رسولِ اللهِ ، فلم يكبرْ بين السجدتين " .
قال أحمدُ : هو حديثٌ منكرٌ .
134 - مسألة : يجمعُ الإمامُ والمنفردُ بينَ التسميعِ والتحميدِ ، ويقتصرُ المأمومُ على التحميدِ .
ووافقَنا - ق 36 - ب - / أبو حنيفة ، ومالك في المأموم ؛ قالا : فأما الإمامُ والمنفردُ فيقتصرانِ على التسميعِ .
وقالَ الشافعي : يجمعُهما المأمومُ .
ففي " الصحيحين " للزهري ، عن أنسٍ مرفوعاً : " إذا قال الإمامُ : سمعَ اللهُ لمنْ حمدهُ .
فقولوا : ربنا ولك الحمد " .
الأعمش ، عن عبيد بن الحسن المزني ، سمع ابن أبي أوفى يقول : " كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من الركوع قال : سمعَ الله لمن حمدهُ ، اللهم ربنا لك(1/164)
| 165 | الحمدُ ملءَ السماواتِ وملءَ الأرضِ ، وملءَ ما شئتَ من شيء بعدُ " .
قلتُ : ورواهُ شعبةُ عنْ عبيد .
خرجهُ ( م د ق ) .
بريدةُ ؛ قالَ لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إذا رفعتَ رأسكَ منَ الركوعِ فقلْ : سمعَ اللهُ لمنْ حمدهُ ، اللهم ربنا لكَ الحمدُ " .
رواه الدَّارقطنيُّ بسندٍ ساقطٍ .
عبد العزيز الماجشون ، عن ( عمه ) عن الأعرج ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي قال : " كان رسولُ الله إذا رفعَ رأسهُ من الركوع قال : سمعَ الله لمن حمده ، ربنا ولكَ الحمدُ ملء السماء وملء الأرض ، وملءَ ما شئتَ من شيء بعد " .
صححه ( ت ) .
سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا قالَ الإمامُ : سمعَ الله لمنْ حمده .
فقولوا : ربنا ولك الحمدُ ، فمن وافقَ قولهُ قولَ الملائكةِ ، غفر له ما تقدم من ذنبه " .
وصححهُ ( ت ) .
المقبري ، عن أبي هريرةَ : " كانَ رسولُ الله إذا قالَ : سَمعَ اللهُ لمنْ حمده ، قالَ : ربنا ولكَ الحمدُ " .
رواهُ ( خ ) .
وعن أبي هريرةَ مرفوعاً : " إذا قالَ الإمامُ : سمعَ اللهُ لمنْ حمده ؛ فليقلْ منْ وراءهُ : ربنا ولكَ الحمدُ " .
(1/165)
| 166 | رواه الدَّارقطنيُّ بسندٍ مقاربٍ .
135 - مسألة : التكبيرُ والتسبيحُ والتحميدُ ، وربِّ اغفر لي ، والتشهدُ الأولُ واجبٌ خلافاً لأكثرهمٍ .
قلنا : ثبتتْ مداومته - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وقد قال : " صلوا كما رأيتموني أصلي " .
وقد مر حديث علي وبريدة آنفاً .
وعقيل ، عن ابن شهاب ، أنا أبو بكر بن عبد الرحمن أنه سمعَ أبا هريرة يقولُ : " كانَ رسولُ الله إذا قامَ إلى الصلاةِ ، يكبرُ حينَ يقومُ ، ثم يكبرُ حينَ يركعُ ، ثم يقول : سمعَ اللهُ لمنْ حمدهُ حينَ يرفعُ صلبهُ منَ الركعةِ ، ثم يقولُ وهو قائمٌ : ربنا لكَ الحمدُ .
ثم يكبرُ حين يهوي ساجداً ، ثم يكبرُ حين يرفع رأسهُ ، ويفعل ذاك في الصلاةِ كلها ، ويكبرُ حينَ يقومُ منَ الثنتينِ بعدَ الجلوسِ .
أخرجاه .
أبو إسحاقَ ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن علقمةَ والأسود ، عن عبد الله : " كان رسولُ الله يكبرُ في كل خفض ورفعٍ ، وقيامٍ وقعودٍ ، وأبو بكر وعمرُ " .
صححهُ ( ت ) .
الأعمشُ ، عن سعد بن عبيدةَ ، عن المستورد ، عن صلَة بن زُفَرَ ، عن حذيفةَ " أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يقولُ في ركوعه : سبحان ربي العظيم .
وفي سجودِهِ : سبحانَ ربي الأعلَى " .
(1/166)
| 167 | صححهُ ( ت ) .
أحمد ، نا المقرئ ، نا موسى بن أيوب ، حدثني عمي إياسُ بنُ عامرٍ ، سمعتُ عقبةَ بنَ عامرٍ قالَ : " لما نزلت : " فسبح باسم ربك العظيم " قالَ رسولُ الله - ق 37 - أ - / - صلى الله عليه وسلم - : اجعلُوها في ركوعكُم .
فلما نزلت : " سبح اسم ربك الأعلى " قال : اجعلوها في سجودكمْ " .
قلتُ : تابعهُ ابنُ المباركِ .
خرجه ( د ق ) ومُوسى : شيخ .
معمر ، عن قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن حطان بن عبد الله ، عن أبي موسى ، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا قال الإمامُ : سمعَ اللهُ لمنْ حمده .
فقولُوا : ربنا ولكَ الحمدُ " .
قلتْ : رواهُ جماعةٌ عن قتادة ، وأخرجهُ ( م د س ق ) .
136 - مسألة : السنةُ أن يضعَ ركبتيهِ قبلَ يديهِ ، وفي رواية : " يديه قبل " كمالك .
شريكٌ ، عن عاصمٍ بن كليبٍ ، عن أبيه ، عن وائلٍ بن حجرٍ : " رأيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا سجدَ ، يضعُ ركبتيهِ قبلَ يديه ، وإذا نهضَ رفعَ يديه قبلَ ركبتيه " .
حسنه ( ت ) ورواه همامٌ ، عن عاصمٍ مرسلاً .
(1/167)
| 168 | الدَّارقطنيُّ ، نا الصفارُ ، نا عباس الدوري ، نا العلاء بن إسماعيلَ ، نا حفصُ بن غياثٍ ، عن عاصم الأحول ، عن أنس قال : " رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - انحطَّ بالتكبير ، فسبقتْ ركبتاهُ يديه " .
ولهم الدَّارقطنيُّ ، ثنا الحسين بن الحسين القاضي ، نا محمد بن أصبغ بن الفرج ، نا أبي ، نا الدراوردي ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمرَ " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجدَ يضعُ يديه قبل ركبتيهِ " .
وروى مروان الطاطري ، عن الدراوردي - وهذا المعروف - ثنا محمد بن عبد الله ابن حسن ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا سجدَ أحدكُم ، فليضع يديه قبل ركبتيهِ ( ولا يبرك ) بروك الجمل " .
قلتُ : خرجه ( د س ت ) تفردَ به محمدٌ .
وقد رواه أحمد في " مسنده " عن سعيد بن منصور ، عن الدراوردي .
137 - مسألة : لاَ يجزئُ الاقتصارُ على الأنفِ في السُّجودِ ، وفي الجبهة روايتانِ .
وقال أبو حنيفةَ : يجزئ .
لنا حديث رفاعة : " لا يقبل الله صلاةَ أحدكم .
.
.
" وفيه : " ثم يسجد ويمكن وجهه " وربما قال : " وجبهته من الأرض " .
(1/168)
| 169 | وصحَّح ( ت ) من حديث فليح ، عن عباس بن سهلٍ ، عن أبي حميدٍ الساعدي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا سجدَ أمكنَ أنفهُ وجبهتهُ من الأرضِ " .
ناشبُ بن عمرو - واهٍ - نا مقاتل بن حيانَ ، عن عروةَ ، عن عائشة قالت : أبصرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من أهله تصلي ، ولا تضع أنفها بالأرض ، فقال : " ضعي أنفك بالأرض ؛ فإنه لا صلاة لمن لم يضع أنفه بالأرض مع جبهته في الصلاة " .
فإن قالوا : فالدَّارقطنيُّ ضعف ناشباً .
قلنا : ما قدحَ فيه غيرهُ ، ولا يُقبلُ التضعيفُ حتى يبين سببهُ .
قلتُ : هذا الكلامُ يدلُّ على هوى المؤلِّفِ وقلِّة علمهِ بالدارقطني ؛ فإنه ما يضعفُ إلا من لا خيرَ فيه .
ثم ساقَ المؤلفُ من " كاملِ " ابنِ عدي .
نا الباغندي ، نا يحيى بن عثمانَ ، نا محمد بن حمير ، عن الضحاك بن ( حُمرةَ ) عن منصور بن زاذان - ق 37 - ب - / عن عاصم البجلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً : " من لم يلصقْ أنفهُ معَ جبهتهِ بالأرضِ إذا سجدَ ، لم تجزْ صلاتُه " .
الضحاكُ ليسَ بثقةٍ .
نا أبو قتيبة ، نا شعبة ، عن عاصم الأحول ، عن عكرمةَ ، عن ابن عباسٍ مرفوعاً : " لا صلاة لمن لمْ يضعْ أنفهُ على الأرض " .
تفرد برفعه أبو قتيبة .
قاله ابن أبي داود ، وأبو قتيبة ثقة .
(1/169)
| 170 | قالوا : الحسنُ بنُ عرفةَ ، نا إسماعيلُ بن عياشٍ ، عن عبد العزيز بن عبيد الله : " قلتُ لوهب بن كيسان : ما لك لا تمكن جبهتكَ وأنفكَ من الأرض ؟ قال : ذلك أني سمعتُ جابراً يقول : رأيتُ رسولَ اللهِ يسجدُ على جبهتهِ على قصاصِ الشعرِ .
عبد العزيز ضعيفٌ .
وبإسنادٍ فيه كذاب ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " السجود على الجبهة فريضة ، وعلى الأنف تطوع " .
138 - مسألة : لا يجزئُ السجودُ على كورِ العمامةِ .
وعنهُ : يجزئُ .
فرووا أنه - صلى الله عليه وسلم - كانَ يسجدُ على كورِ العمامةِ .
قلتُ : لمْ يصحَّ .
139 - مسألة : لاَ يجبُ كشفُ اليدينِ في السجودِ ، خلافاً لأحد قولي الشافعيِّ .
ابنُ المباركِ ، نا زائدةُ ، نا عاصم بن كليب ، ثنا أبي ، أن وائل بن حجر أخبره قال : قلت : لأنظرنَّ إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فنظرت ، فقامَ فكبرَ ، فرفع يديه ، ثم لما أراد أن يركع رفع يديه مثلها ، ثم رفع رأسه ، فرفع يديه مثلها ، ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد ، عليهم جل الثياب ، تحركُ أيديهم من تحت الثياب .
رواهُ ( خ ) في كتابِ " رفعِ اليدين " نا محمدُ بنُ مقاتل عنه .
140 - مسألة : يجبُ السجودُ على سبعةِ أعضاء .
وقال أبو حنيفة : لا يجبُ إلا على الجبهةِ .
(1/170)
| 171 | وعن الشافعي كالمذهبين .
عامر بن سعد ، عن العباس ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا سجدَ الرجل ، سجدَ معه سبعةُ آرابٍ : وجههُ ، وكفاهُ ، وركبتاهُ ، وقدماهُ " رواهُ ( م ) .
عمرو بن دينارٍ ، عن طاوسٍ ، عن ابن عباسٍ قال : " أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسجدَ على سبعةِ أعضاء - ولا يكف شعراً ولا ثوباً - : الجبهة ، واليدينِ ، والرُّكبتينِ ، والرجلينِ " .
رواهُ ( خ م ) .
141 - مسألة : المستحبُّ أنْ ينهضَ من السجودِ علَى صدورِ قدميِهِ معتمداً على ركبتيهِ .
وعنه أنه يجلس جلسة الاستراحةِ على قدميهِ وأليتيهِ .
وبه قال الشافعي ، إلا أنه قال : صفة الجلسةِ كالتي بين السجدتين .
وقالَ مالكٌ : بل ينهض .
خالدُ بن إلياس - واهٍ - عن صالحٍ مولى التوءمةِ - ضعيفٌ - عن أبي هريرة قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهضُ في الصلاة على صدور قدميه .
خرجه ( ت ) .
وصحَّ من حديث أبي قلابة ، عن مالك بن الحويرث ، أنه رأى رسولَ الله - ق 38 - أ - / - صلى الله عليه وسلم - يصلي ، فكانَ إذا كانَ في وترٍ من صلاتِهِ ، لم ينهضْ حتى يستوي جالساً .
142 - مسألة : التشهُدُ الأخيرُ فرضٌ .
(1/171)
| 172 | وقالَ أبو حنيفة ومالك : تجب الجلسة دون الذكر .
لنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمهم التشهد ، وأمرهم به فقال : " قولوا : التحياتُ للهِ .
.
.
" .
زهير بن معاوية ، عن الحسن بن الحر ، عن القاسم بن مخيمرةَ قال : أخذ علقمةُ بيدي ، وزعم أن ابن مسعود أخذ بيده وزعمَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيده ، فعلمه التشهد إلى قوله : " عبدُهُ ورسولُه " .
قال : " فإذا قضيت هذا - أو فعلتَ هذا - فقد قضيتَ صلاتكَ ، إن شئتَ أن تقومَ فقمْ ، وإن شئتَ أن تجلس فاجلسْ " .
رواهُ الدَّارقطنيُّ ، وقال : الصحيح أن قوله : " فإذا قضيت هذا ، فقد قضيت صلاتَك " .
من كلامِ ابنِ مسعودٍ .
فصله شبابة عن زهير .
وقد اتفق من روى تشهدَ ابن مسعود على حذفِهِ .
أحمد بن يونس ، نا زهير ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم - ضعيف - عن عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سوادةَ ، عن عبد الله بن عمرو ؛ أن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا قضي الإمامُ الصلاة وقعدَ ، فأحدثَ قبلَ أن يسلمَ ، فقد تمتْ صلاتهُ ومنْ كانَ خلفهُ ممن ائتمَّ بهِ " .
143 - مسألة : الأفضلُ تشهدُ ابنِ مسعودٍ .
وقالَ مالكٌ : تشهدٌ ابنِ عُمرَ .
وقالَ الشافعي : تشهدُ ابن عباسٍ .
شقيق ، عن عبد الله - قال : " كنا إذا جلسنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة قلنا : السلامُ على اللهِ قبل عبادِهِ ( السلام على جبريلَ ) السلامُ على ميكائيلَ ، السلامُ علَى فلانٍ ، السلامُ على فلانٍ .
فسمعنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن الله هوَ(1/172)
| 173 | السلامُ ، فإذا جلسَ أحدكم في الصلاة ، فليقل : التحياتُ لله والصلواتُ والطيباتُ ، السلامُ عليكَ أيها النبي ورحمةُ الله وبركاته ، السلامُ علينا وعلى عباد الله الصالحين .
فإذا قالها أصابت كل عبدٍ صالحٍ في السماءِ والأرضِ ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولهُ ، ثم يتخيرُ بعدُ من الدعاءِ " .
أخرجاه وقال ( ت ) : العملُ عليه عندَ أكثرِ أهلِ العلمِ من الصحابةِ والتابعين : أحمد ، نا يحيى بن آدمَ ، ثنا شريك ، عن جامع بن أبي راشدٍ ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا التشهدَ كما يعلمُنا السورةَ من القرآنِ " .
تشهد ابن عباس : الليثُ ، عن أبي الزبير ، عن سعيد بن جبير وطاوس ، عن ابن عباس قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - ق 38 - ب - / يعلمنا التشهدَ كما يعلمُنا القرآنَ ، فكانَ يقولُ : التحيات المباركاتُ الصلواتُ للهِ ، السلامُ عليك أيها النبي ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ ، السلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصالحينَ ، أشهدُ أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنَّ محمداً رسولُ الله " .
( ت ) : صحيح غريبٌ .
رواه عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي ، عن أبي الزبير .
خارجةُ بن مصعب ، عن موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : " كان رسولُ اللهِ يعلمنا التشهد : التحياتُ الطيبات الزاكياتُ للهِ ، السلام عليك أيها النبي ورحمةُ الله وبركاته ، السلامُ علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له وأن محمداً عبدهُ ورسولُهُ " .
(1/173)
| 174 | وهذا ضعيفٌ عن ضعيفٍ .
144 - مسألة : الصلاةُ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فرضٌ كالشافعيِّ وعن أحمدَ سنةٌ ، كمالك وأبي حنيفة .
شعبةُ ، عن الحكم ، سمعت ابن أبي ليلى قال : " لقيني كعب بن عجرة ، فقال : ألا أهدي لك هديةً ؟ خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا : يا رسول الله ، قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال : قولوا : ( اللهم ) صلِّ على محمدٍ ، وعلى آل محمدٍ ، كما صليتَ على آل إبراهيم ، إنك حميدٌ مجيدٌ ، اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمدٍ ، كما باركت على إبراهيم ، إنك حميد مجيدٌ " .
أخرجاه ، وصححه ( ت ) ولفظه : " اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، إنك حميدٌ مجيدٌ ، وبارك على محمدٍ ، وعلى آل محمدٍ ، كما باركت على إبراهيم ، إنك حميد مجيدٌ " .
عبد المهيمنِ بنُ عباسٍ - واهٍ - عن أبيه ، عن جده ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا صلاة لمن لم يصلِّ على نبيه " خرجه الدَّارقطنيُّ .
وخرج بسند ضعيف ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر ، عن أبي مسعود ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " منْ صلَّى صلاة لمْ يصلِّ فيها عليّ ولاَ علَى أهل بيتي ، لم تقبلْ منهُ " .
(1/174)
| 175 | وعن ابن مسعود قال : " إذَا صليتمْ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقولُوا : اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلَى آلِ محمدٍ .
.
.
" الحديث ، رواهُ ( ق ) .
145 - مسألة : يجلسُ في التشهُّدِ الأوَّلِ مفترشاً ، وفي الثاني متوركاً .
وقالَ مالكٌ : يتوركُ فيهما .
وقال أبو حنيفة : يفترش .
ولنا : الليث ، عن خالد ، عن سعيد ، عن محمد بن عمرو بن حلحلة ، عن محمد بن عمرو بن عطاء " أنهُ كانَ جالساً مع نفرٍ من أصحابِ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فذكرنًا صلاتهُ ، فقالَ أبو حميدٍ الساعديُّ : أنَاكنتُ أحفظكمِ لصلاةِ رسولِ الله ؛ رأيتهُ إذا كبرَ جعلَ يديهِ حذوَ منكبيهِ ، , وإذا ركعَ - ق 39 - أ - / أمكنَ يديهِ منْ ركبتيهِ ثمَّ هصرَ ظهرهُ ، وإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه ، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما ، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة ، وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ، ونصب اليمنى ، وإذا جلس في الركعة الأخيرة قدَّم رجله اليسرى ، ونصبَ الأخرى ، وقعد على مقعدته .
تفرد به ( خ ) .
عاصمُ بن كليب ، عن أبيه ، عن وائل بن حجر قال : " قدمتُ المدينة ، فقلتُ : لأنظرنَّ إلى صلاةِ رسولِ اللهِ ، فلما جلسَ افترشَ رجله اليسرى ، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ، ونصب رجله اليمنى " صححه ( ت ) .
عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : " سنةُ الصلاةِ أنْ يفترشَ اليسرَى ، وينصبَ اليمنَى " .
146 - مسألة : التسليمُ فرضٌ .
وقالَ أبُو حنيفةَ : لاَ يجبُ ؛ بل يخرجُ بكلِّ ما ينافِيها .
(1/175)
| 176 | ولنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " وتحليلها التسليم " ولهم حديث عبد الله بن عمرو الذي مر ، وفي سنده ، الأفريقيُّ ضعيفٌ .
ورواه ( ت ) نا أحمد بن محمد ، نا ابن المبارك ، أنا عبد الرحمن بن زياد ، عن عبد الرحمن بن رافع ، وبكر بن سوادة ، أخبراه عن عبد الله مرفوعاً قال : " إذا أحدث وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلم ، فقد جازت صلاته " .
ومرَّ خبرُ ابن مسعود ، وفيه : " فإذا قلت ذلك ، فقد تمت صلاتك " .
147 - مسألة : التسليمةُ الثَّانيةُ تجبُ في المكتوبةِ .
وعنه : أنها سنة - كقول أبي حنيفة ، والشافعي في الجديد .
وقال مالك : السنةُ واحدةٌ .
ولنا خبر جابر بن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ألا يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ، ثم يسلم عن يمينه وشماله " .
أبو سعيد المؤدب ، عن زكريا ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : " ما نسيت من الأشياء ، فلم أنس تسليم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة ، عن يمينه وعن شماله : السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله " .
سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه .
الحسن بن صالح ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : كان رسول الله يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده .
(1/176)
| 177 | ابن لهيعة ، عن محمد بن عبد الله بن مالك ، عن سهل بن سعد " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم في صلاته عن يمينه ويساره حتى يرى بياض خده " .
- ق 39 - ب - / ( م ) من حديث عامر بن سعد ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه كان يسلم عن يمينه حتى يُرَى بياض خده ، وعن يساره حتى يُرَى بياض خدِّهِ " .
ملازم بن عمرو ، حدثني هوذة بن قيس بن طلق ، عن أبيه ، عن جده : " كان رسول الله يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيمن ، وبياض خده الأيسر " .
رواه أحمد .
أبو بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن عمار : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم عن يمينه يرى بياض خده الأيمن ، وإذا سلم عن يساره يرَى بياض خده الأيمن ( والأيسر ) وكان تسليمه : السلام عليكم ورحمة الله " .
رواه الدَّارقطنيُّ .
الخريبي ، عن حريث ، عن الشعبي ، عن البراء " أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - - كان يسلمُ تسليمتين " .
حريثٌ ضُعِّفَ .
فذكروا عمرو بن أبي سلمة التنيسي ، عن زهير بن محمد ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم في الصلاة تسليمةً واحدةً تلقاءَ وجههِ ، ثم يميلُ إلى الشقِّ الأيمنِ شيئاً " خرجه ( ت ) وهو من مناكير زهير .
(1/177)
| 178 | عتيق بن يعقوب ، ثنا عبد المهيمن بن عباس ، عن أبيه ، عن جده .
" أنه سمع رسول الله يسلم تسليمةً واحدةً لا يزيد عليها " .
عبد المهيمن ضعيف .
( ق ) ثنا محمد بن الحارث المصري ، ثنا يحيى بن راشد - ضعيفٌ - عن يزيد مولى سلمة ، عن سلمة بن الأكوع قال : " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى فسلَّم مرةً واحدةً " .
نعيم بن حماد ، ثنا روح بن عطاء ، عن أبيه ، عن الحسن ، عن سمرة : " كان رسول الله يسلمُ واحدةً قبلَ وجههِ ، فإذا سلمَ عن يمينه سلَّمِ عنْ يساره " .
روحٌ واهٍ .
148 - مسألة : وينوي بالسَّلامِ الخروجَ من الصلاةِ .
وقال الحنفية والشافعيةُ : ينوي السلامَ على الملائكةِ والمأمومينَ .
لنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " وتحليلُها التسليمُ " .
(1/178)
| 179 | ما يجوز في الصلاة وما يحرم
149 - مسألة : لا يجوزُ أن يدعو فيها بما ليس فيه قربة ولا ورد ، كارزُقْني جاريةً حسناءَ وبستاناً .
وقال مالك والشافعي : يجوز .
لنا قوله : " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هي التسبيحُ والتكبيرُ ، وقراءةُ القرآنِ " .
150 - مسألة : الإغماءُ لاَ يسقطُ فرضَ الصلاةِ ، قلَّ أو كثرَ .
وقال أبو حنيفة : إن كان يوماً وليلةً لم تسقط .
وقال مالك والشافعيُّ : تسقطُ .
فأصحابنا استدلُّوا بما روي عن عليِّ وعمار " أنهما قضيا ما فات حال الإغماء .
وكذلك قال - ق 41 - أ - / عمرانُ وسمرةُ .
وقال عطاء : يقْضِي صلاتهُ كلَّها .
ورَوى نافعٌ ، عن عمر ، أنه أغمي عليه ثلاثة أيام فلم يقضِ شيئاً ، وأعادَ صلاةَ يومه الذي أفاق فيه حسب .
وأغمي على محمد بن سيرين ستَّة أيامٍ ، فلم يقضِ .
وقال النخعيُّ : يعيدُ صلاة يومه وليلته فقط .
(1/179)
| 180 | وقال الحسن : إذا أُغْميَ على رجلٍ صلاتين فلا إعادة ، فإنْ أُغميَ عليه صلاةً واحدةً ، أعادَها .
وفي الدَّارقطنيُّ من حديث الحكم بن عبد الله الأيلي - تركوه - نا القاسم " أنَّ عائشةَ سألتْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يغمَى عليه فيترك الصلاةَ ، فقال : ليس لشيءٍ من ذلك قضاءٌ ، إلا أن يغمَى عليه في وقت صلاةٍ ، فيفيقُ ، وهو في وقتها ، فيُصلِّيها " .
151 - مسألة : إذَا سُلِّمَ - علَى - المصلِّي ، ردَّ بالإشارةِ .
وقال أبو حنيفة : لا .
الليث ، حدثني بكير ، عن نابل صاحب العباء ، عن ابن عمر ، عن صهيب ، قال : " مررت برسول الله وهو يصلي فسلمتُ ، فردَّ إليَّ إشارةً ، ولا أعلمُ إلاَّ أنهُ قالَ : أشار بإصبعه " .
قلتُ : ( د ت س ) عن قتيبةَ عنه .
هشام بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر : قلت لبلال : " كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يردُّ ( عليهم ) حين كانوا يسلمون عليه في الصلاة ؟ قال : كان يشير بيده " .
صححه الترمذي ، وهو غير الأول .
معمرٌ ، عن الزهري ، عن أنسٍ - أن - النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشيرُ في الصَّلاةِ " .
(1/180)
| 181 | قلتُ : خرجهُ ( د ) .
ولهم ابن بكير ، عن ابن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة ، عن أبي غطفان ، عن أبي هريرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أشارَ في الصلاةِ إشارةً تفقهُ - أو تفهمُ - فقد قطعَ الصلاة " .
أبو غطفان مجهول ، ومحمدٌ فيه مقالٌ .
152 - مسألة : تنبيهُ السَّاهي بالتسبيح ، والقرآنُ لاَ يبطلُ .
وعنه : يبطلها - كأبي حنيفة .
حماد بن زيد ، ثنا أبو حازم ، عن سهل ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إذا نابكم شيءٌ في صلاتكم ، فليسبح الرجال ، وليُصفح النساءُ " .
خرجهُ ( خ ) .
ولمسلمٍ بنحوه .
الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " التسبيحُ للرجالِ ، والتصفيقُ للنساءِ " .
صححَهُ ( ت ) .
قلتُ : و ( م ) .
153 - مسألة : وتسبحُ المرأةُ .
قاله مالكٌ ، والحديث عليه .
(1/181)
| 182 | 154 - مسألة : إنْ تكلمَ عمداً بطلتْ .
وقال مالك : إن كان لمصلحة الصلاة جاز .
ووافقه الخرقي في مكالمة الإمام فقط .
أحمد ، نا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن عبد الله : " كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ كنا بمكة ، فلما قدمنا من الحبشة أتيناه ، فسلمنا عليه ، فلم يردَّ ، فأخذني ما قرب وما بعد حتى قضوا الصلاة ، فسألته ، فقال : " إن الله - ق 41 - ب - / يحدث من أمره ما يشاء ، وإنه قد أحدث من أمره أن لا تتكلموا في الصلاة " .
صحيح .
155 - مسألة : وكلامُ النَّاسي لاَ يُبطلُ ، وكَذا المكرهُ ، والجاهلُ بالنَّهْي .
وقال أبو حنيفة : يُبطلُ .
وعن أحمد مثله .
ابن عون ، عن محمد ، عن أبي هريرة : " صلَّى بنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشيِّ ، فصلَّى ركعتين ثم سلمَ ، فقام إلى خشبةٍ معروضةٍ في المسجد ، فاتكأ عليها كأنه غضبان ، ووضع يده اليمنى على اليسرى ، وشبك بين أصابعه ، ووضع خدهُ الأيمن على ظهر كفهِ اليسرى ، وخرجَ السرعانِ من أبواب المسجد ، فقالوا : قصرتِ الصلاة ، وفي القوم أبو بكر وعمر ، فهابَا أن يكلِّماهُ ، وفي القوم رجل في يديه طولٌ يقالُ له : ذو اليدين ، فقال : يا رسول الله ، نسيت أم قصرت الصلاةُ ؟ فقال : لم أنس ، ولم تقصر " فقال : أكما يقول ذو اليدين ؟ فقالوا : نعمْ .
فتقدَّم فصلَّى ما ترك ، ثم سلمَ ، ثم كبرَ وسجدَ مثل سجودهِ أو أطولَ ، ثم رفع رأْسهُ ، ثم كبرَ وسجدَ مثل سجودِهِ أو أطولَ ، ثم رفع رأسه وكبر ، فربما سألوه ، ثم سلمَ " .
(1/182)
| 183 | فيقول : نبئت أن عمران بن حصين قال : ثم سلم ( خ م ) .
خالد الحذاء ، عن أبي قلابه ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سلَّم في ثلاث ركعات من العصر ، ثم قام فدخل ، فقام إليه رجلٌ يقال له : الخِرْبَاقُ ، وكان في يديه طولٌ فقال : يا رسول الله ، فخرج إليه ، فذكر له صنيعه ، فجاء فقال : أصدق هذا ؟ قالوا : نعم .
فصلى الركعة التي ترك ثم سلَّمَ ، ثم سجد سجدتين ، ثم سلم " .
تفرد به ( م ) .
قلنا : تكلم معتقداً أن - صلاته - تمت ، وأنه ليس فيها ، وكذلك ذو اليدين تكلم معتقدا للنسخ .
قالوا : أبو هريرة إنما أسلم سنة سبعٍ ، وذو اليدين قتلَ يوم بدر .
قلنا : إنما المقتولُ ذو الشمالين ، عميرٌ ، وذو اليدين عاشَ بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قالوا : فألفاظ الخبرين مختلفة في أماكن ، أو لعل ذلك كان قبل تحريم الكلام في الصلاة .
ويأتي اعتراضهم على لفظ الزهري ، فإنه قال : فقام ذو الشمالين .
قال أبو داود : وهمَ الزهريُّ ، وظنَّ أنَّ ذا الشمالين ذو اليدين .
قال ابن حبان : وكان تحريم الكلام بمكة ، فلما بلغ المسلمون المدينة سكتوا .
فقال زيد بن أرقم - يحكي الحال - : " كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت : " وقوموا لله قانتين " فأُمرْنا بالسكوت .
وقال الخطابي ، نُسخَ الكلام بعد الهجرة بيسير .
ثم ذكر في كلام أبي بكر وعمر والناس وجْهينْ ؛ أحدهما ، أن في رواية حماد ، عن أيوب ، أنهم أومئوا - أي(1/183)
| 184 | نعمْ - الثاني ، أن يكونوا قالوا بألسنتهم - ق 42 - أ - / ويكون ذلك مما لم ينسخ ، لكونه ( جواباً ) للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى : " استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم " .
ففي " البخاري " من حديث أبي سعيد بن المعلى ، قال : كنت أصلي في المسجد ، فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم أجبه ، ثم أتيته فقلت : يا رسول الله ، إني كنت أصلي فقال : ألم يقل الله : " استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم " .
ولهم : يحيى بن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، عن عطاء بن يسار ، عن معاوية بن الحكم قال : " بينا نحن نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عطس رجل من القوم ، فقلت : يرحمك الله .
فرماني القوم بأبصارهم ، فقلت : واثكل أمياهُ ، ما شأنكم تنظرون إليَّ ؟ ! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يصمتوني ، لكني سكت فلما صلى رسُول اللهِ ، فبأبي هوَ وأمِّي ، ما رأيتُ معلماً قبله ولا بعدهُ أحسنَ تعليماً منهً والله ما كهرني ولا شتمني ولا ضربني ، قال : إن هذه الصلاة ، لا يصلح فيها شيء من كلام الناس هذا ، إنما هي التسبيحُ والتكبيرُ وقراءةُ القرآن " ( م ) .
قلنا : ذا عليكم ، فإنه لم يأمره بالإعادة ، بل علمه ، ولا فرَّق بين من تكلم جاهلاً بحظر الكلام ، وبين من تكلَّمَ ناسياً .
وذكروا لجابر مرفوعاً : قال : " الكلامُ ينقضُ الصلاة ، ولا ينقضُ الضوءَ " وهذا واهٍ ، مرَّ في مسألة القهقهة .
156 - مسألة : إذَا سبقهُ الحدثُ توضأ ، وأعادَ .
(1/184)
| 185 | وعنه : بيني - كقول أبي حنيفة .
وعنه إن كان من السبيلين ، أعاد ، ومن غيرهما بنَى .
وللشَّافعيِّ كالروايتيْنِ الأولَيينِ .
جرير ، عن عاصم الأحول ، عن عيسى بن حطان ، عن مسلم بن سلام ، عن علي بن طلق ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذَا فسَا أحدكُم في الصلاةِ ، فلينصرفْ فليتوضأْ ، وليعدْ صلاتهُ " ز خرجهُ ( د ) .
ومر في نواقض الوضوء خبر أبي سعيد وعائشة : " إذا - قاءَ - أحدكم في صلاته ، فلينصرف فليتوضأ ، ثم ليبن على ما مضى من صلاته " .
157 - مسألة : إذَا سبقَ الإمامَ الحدثُ ، فليستخلِفْ ، في رواية .
والأخرى : لا - كالقديم للشافعي .
لنا : أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج وأبو بكر يصلي بالناس تمام صلاة أبي بكر .
الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : " وجد رسول الله من نفسه خفةً ، فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي بالناس قاعداً ، وأبو بكر قائماً ؛ يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله ، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر " أخرجاه .
(1/185)
| 186 | 158 - مسألة : إذَا تعمَّدَ سبقَ إمامهِ بركنٍ ، بطلتْ صلاتهُ .
وقالَ الشافعيُّ : لاَ .
- ق 42 - ب - / ولنا حديث أنس مرفوعاً : " إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبَّر فكبرُوا ، وإذا ركَعَ فاركعوا ، وإذا سجدَ فاسجدوا " أخرجاه .
قلتُ : وحديث : " أمَا يخشَى الَّذي يرفعُ رأْسهُ قبلَ الإمامِ ، أنْ يحوِّل اللهُ رأسهُ رأْس حمارٍ " أخرجاهُ .
159 - مسألة : ويقطعُها الكلبُ الأسودُ ، وفِي المرأةِ والحمارِ روايتانِ .
( ت ) قال أحمد : الذي لا أشك فيه ، أن الكلب الأسود يقطع الصلاة ، وفي نفسي من الحمار والمرأة شيءٌ .
والجمهور : لا يقطعها شيء .
شعبة ، نا حميد بن هلال ، سمع عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه كآخرة الرحل ، المرأة والحمار والكلب الأسود .
قلت : ما بال الأسود من الأحمر ؟ قال : ابن أخي ، سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سألتني ، فقال : الكلب الأسود شيطانٌ " ( م ) .
هشام ، عن قتادة ، عن زرارة ، عن سعد بن هشام ، عن أبي هريرة ، أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يقطع الصلاة المرأة والكلبُ والحمارُ " ( م ) .
(1/186)
| 187 | أحمد ، ثنا عبد الأعلى ، نا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عبد الله ابن مغفل ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يقطعُ الصلاةَ المرأةُ والكلبُ والحمارُ " .
قلتُ : صحيحٌ .
ورواه ( ق ) .
قيل : فالحديث واحد ، فما وجه توقف أحمد ؟ قلنا : ثبت أن عائشة قالت : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا معترضة بين يديه كاعتراض الجنازة " .
وصح عن ابن عباس قال : " أتيت رسول الله وهو يصلي ، فنزلت عن الحمار ، وتركته أمام الصف ، فما بالاه " .
ولهم من الدَّارقطنيُّ حديث يحيى بن المتوكل ، ثنا إبراهيم بن يزيد ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر قالوا : لا يقطع صلاة المسلم شيء ، وادرأ ما استطعت " .
فإبراهيم هو الخوزي : متروك .
إسماعيل بن عياش ، عن إسحاق بن أبي فروة - واهٍ - عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " لا يقطعُ صلاة المرءِ امرأةٌ ولا كلبٌ ولا حمارٌ " .
أبو أسامة ، نا مجالد - لينٌ - عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد مرفوعاً : " لا يقطعُ الصلاةَ شيءٌ " .
عفير بن معدان - واهٍ - عن سليم بن عامر ، عن أبي أمامة مرفوعاً مثله .
إدريس بن يحيى الخولاني ، عن بكر بن مضر ، عن صخر بن عبد الله بن(1/187)
| 188 | حرملة - واهٍ - عن عمر بن عبد العزيز ، عن أنس مرفوعاً : " لا يقطعُ الصلاةَ شيءٌ " .
والخمسةُ في الدَّارقطنيُّ .
(1/188)
| 189 | سجود التلاوة
160 - مسألة : سنةٌ ، وأوجبهُ أبُو حنيفةَ .
ففي " الصحيحين " ابن أبي ذئب ، عن يزيد بن قسيط ، عن عطاء بن يسار ، عن زيد بن ثابت - ق 43 - أ - / قال : " قرأْتُ علَى النبي - صلى الله عليه وسلم - النَّجمَ فلَمْ يَسْجُدْ " .
قيل : ما سجدَ ؛ لأن زيداً لم يسجد .
قلنا : لو كان واجباً لأمرهُ به .
161 - مسألة : في الحجِّ سجدتَانِ .
وقال أبو حنيفة ومالك : بل الأولى .
أحمد ، نا أبو سعيد مولى بني هاشم ، ثنا ابن لهيعة ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة : " قلت : يا رسول الله ، أفضلتْ سورةُ الحجِّ بأنَّ فيها سجدتين ؟ قالَ : نعم ، ومن لم يسجدهما ، فلا يقرأهما " وفي ابن لهيعة : لينٌ .
162 - مسألة : سجدةُ " ص " للشكرِ .
وعنه أنها للتلاوة ، كمالك وأبي حنيفة .
أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجدُ في " ص " وقال ابن عباس : وليست من عزائم السجود " صححه ( ت ) .
(1/189)
| 190 | الليث ، نا خالد بن يزيد ، عن سعيد ، عن عياض بن عبد الله ، عن أبي سعيد : " خطبَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً ، فقرأ " ص " فلما مرَّ بالسجود ، نزل فسجد ، وسجدنا معه ، وقرأها مرة أخرى ، فلما بلغ السجدة ، نشزنا للسجود ، فلما رآنا قال : إنما هي توبة نبي ، ولكني أراكم قد استعددتم للسجود ، فنزل فسجد وسجدنا " .
قلتُ : خرجَ نحوه ( د ) من حديث سعيد بن أبي هلال به .
ولهم حفص بن غياث ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجدَ في " ص " .
قلنا : سجد وترك .
وحديث عبد الله بن بزيع - لين - عن عمر بن ذر ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " سجد بها نبي الله داود ، وسجدْنَاهَا شكْراً - يعني ( ص ) " .
163 - مسألة : في المفصَّلِ ثلاثٌ .
وقال مالك في رواية : لا سجود في المفصل .
مسلم من حديث أبي هريرة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في : " إذا السماء انشقتْ " و " اقرأْ " .
أيوب بن موسى ، عن عطاء بن ميناء - عن أبي هريرة - : " سجْدنَا مع رسول الله في : " اقرأْ " و " إذا السماءُ انشقتْ " صححه ( ت ) .
(1/190)
| 191 | أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : " سجدَ رسول الله في النجم ، والمسلمون والمشركون " ( خ ) .
أبو داود ، ثنا محمد بن رافع ، نا أزهر بن القاسم ، نا أبو قدامة ، عن مطر الوراق ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة .
أبو قدامة الحارث بن عبيد ضُعِّفَ .
الدَّارقطنيُّ ، ثنا محمد بن أحمد بن - عمرو - ثنا أحمد بن محمد بن رشدين - متهمٌ - ثنا ابن أبي مريم - نا - نافع بن يزيد ، عن الحارث بن سعيد ، عن عبد الله بن - مُنَيْن - عن عمرو بن العاص " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرأهُ خمسَ عشرةَ سجدةً في القرآن ، منها ثلاثٌ في المفصَّل ، وفي سورة الحجِّ سجدتين " .
فهذا لم يصح .
164 - مسألة : سجودُ الشكْرِ سنةٌ .
(1/191)
| 192 | وقال أبو حنيفة ومالك : ليس بسنةٍ ، ويكرهُ .
سليمان بن بلال ، ثنا عمرو بن أبي عمرو ، عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن جده - ق 43 - ب - / قال : " خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوجهَ نحوَ صدقته ، فدخل فاستقبل القبلة ، فخرَّ ساجداً ، فأطال حتى ظننت أن الله قبضَ نفسهُ فيها ، فدنوتُ - منه - ثم جلست ، فرفع رأسه ، فقال : من هذا ؟ قلتُ : عبد الرحمن .
قال : ما شأنك ؟ قلت : يا رسول الله ، سجدت سجدةً ، خشيتُ أن يكون الله - عزَّ وجلَّ - قد قبضَ نفسك فيها .
فقال : إن جبريلَ أتاني فبشرنَي ، فقال : إن الله يقول لك : من صلى عليك صليتُ عليه ، ومنْ سلّم عليكَ سلمتُ عليه .
فسجدتُ لله - عز وجل - شكراً " .
خرجه أحمد في " مسنده " وعبد الواحد ليس بالمشهور ، وقد روى عنه أيضاً عاصم بن عمر بن قتادة .
أبو عاصم ، ثنا بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرةَ ، عن أبيه ، عن أبي بكرةَ ، قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه الشيءُ يسرهُ خرَّ ساجداً شكراً لله " .
قلتُ : خرجه ( د ت ق ) وبكارٌ فيه لينٌ .
وفي الدَّارقطنيُّ ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً من النغاشيين ، فخرَ ساجداً " .
منقطع ، وفيه جابر .
والنغاشيُّ : قصير جدًّا .
ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عمرو بن الوليد - بن - عبدة السهمي(1/192)
| 193 | عن أنس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بشر بحاجة ، فخر ساجداً " ( ق ) وسنده ضعيف .
165 - مسألة : إذَا مرَّ المصلِّي بآيةِ رحمةٍ سألَ ، وإذَا مرَّ بآيةِ عذابٍ تعوَّذ .
وعنه : يجوز ذلك في النفل ، ويكره في الفرض .
وبه قال أبو حنيفة .
وكان شيخنا أبو بكر الدينوري يقول : المراد بالحديث أنه يعيد الآية ، شعبةُ ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن المستورد ، عن صلة ، عن حذيفة قال : " صليتُ مع رسول الله ، فما مر بآيةِ رحمةٍ إلا وقفَ عندها ، ولا آية عذابٍ إلاَّ تعوذَ منْها " .
قلتُ : خرجهُ ( م عو ) منْ حديثِ جماعةٍ عنِ الأعمشِ .
166 - مسألة : من شكَّ في عدد الركعات بنى على الأقل .
وعنهُ : يتحرَّى إنْ أمكنهُ .
وقال أبو حنيفة : إن كان ذلك أول مرةٍ ، بطلت صلاته ، وإن تكرر منه تحرى ، فإن لم يكن له ظنٌّ بنى على اليقين .
صحح ( ت ) من حديث ابن إسحاق ، عن مكحول ، عن كريب ، عن ابن عباس ، عن عبد الرحمن بن عوف : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إذا سَها أحدُكُم في صلاته ، فلم يدرِ ، أواحدة صلَّى أو اثنتين ، فليبْنِ على واحدةٍ ، فإنْ لم يدر اثنتين صلَّى أو ثلاثاً ، فليبْن على اثنتينِ ، فإن لم يدْرِ ثلاثاً صلَّى أو أربعاً ، فليبْنِ على ثلاثٍ ، وليسجدْ سجدتين قبلَ أن يسلِّم " .
(1/193)
| 194 | قلتُ : ورواه ( ق ) وقد رواه الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس ، عن عبد الرحمن .
فليحٌ ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد مرفوعاً : " إذا - ق 44 - أ - / شكَّ أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلَّى ، فليبْنِ على اليقين حتى إذا استيقَنَ أنَّ قد أتمَّ ، فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ، فإن كانت صلاته وتراً شفعها ، وإن كانت شفعاً ، كانتْ ذينك ترغيماً للشيطان " .
رواه ( م ) .
ودليل التحري : جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إذا شكَّ أحدكُم في صلاته فليتحرَّ الصوابَ ، فإذا سلَّم فليسجدْ سجدتيْنِ " أخرجاه " .
قلتُ : ما ذكرُوا دليلاً على البُطلانِ .
167 - مسألة : سجودُ السهو قبل السلام ، إلا في موضعين ، إذا سلَّمَ من نقصانٍ ، وإذا شكَّ الإمامُ .
وقلْنا : يتحرى .
وعنه : أن الكل قبل - كمذهب الشافعي ، وعنه : إن كان من نقصانٍ فقبل ، وإن كان من زيادة فبعده .
وهو قول مالكٍ .
(1/194)
| 195 | وقال أبو حنيفة وداود : كله بعد السلام .
الزهري ، عن الأعرج ، عن ابن بحينة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام في صلاة الظهر وعليه جلوس ، فلما أتم صلاته سجد سجدتين ، فكبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلمَ ، وسجدهُما الناسُ معه مكان ما نسِيَ منَ الجلوس " .
( خ م ) .
وقد مرَّ حديث ابن عوفٍ .
وحديث أبي سعيد .
وحديث ابن مسعود .
( ت ) نا الذهلي ، نا الأنصاري ، أخبرني أشعث ، عن ابن سيرين ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بهم ، فسهَا ، فسجدَ سجدتينِ ، ثم تشهدَ ، ثم سلَّمَ " .
ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته ، فيلبس عليه ، حتى لا يدري كمْ صلَّى ، فإذا وجد ذلك أحدكم ، فليسجد سجدتين وهو جالسٌ " .
( م ت ) وصححه .
وعن المنذر بن عمرو " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد سجدتي السهو قبل التسليم " .
سندهُ واهٍ .
أمَّا بعدَ التسليم ، ففيه قصة ذي اليدين ، وقد مرَّ فيه خبر أبي هريرة ، وعمران .
وروى شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله " أن النبي(1/195)
| 196 | - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الظهر خمساً ، فقيلَ له : أزيد في الصلاة ؟ فسجد سجدتين بعدمَا سلَّمَ " .
( خ م ) .
وفي لفظٍ لهُما : سجدَ بعدَ السلام والكلاَمِ .
مالك ، عن داود بن الحصين ، عن أبي سفيان ، عن أبي هريرة : " سجد رسول الله سجدتي السهو بعد السَّلامِ " ابن جريج ، أخبرني عبد الله بن مسافع أن مصعب بن شيبة أخبره عن عقبة ابن محمد بن الحارث ، عن عبد الله بن جعفر ، أن رسول الله قال : " من شكَّ في صلاتِه ، فليسجدْ سجدتينِ بعدمَا يسلِّمُ " .
إسماعيل بن عياش - ق 44 - ب - / عن عبيد الله بن ( عبد الله ) الكلاعي ، عن زهير ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن ثوبان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لكل سهوٍ سجدتان بعدمَا يسلِّمُ " .
الثوري ، عن ابن أبي ليلى ، عن الشعبي ، عن المغيرة بن شعبة " أنه قام في الركعتيْنِ الأولييْنِ ، فسبحُوا به ، فلم يجلس ، فلمَّا قضَى صلاتهُ ، سجدَ سجدتينُ بعد التسليم ، ثمَّ قال : هكذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
وهذه الأحاديث الخمسةُ في " المسندِ " وفي بعضها ليِّن .
(1/196)
| 197 | قال الأثرم : لا يثبتُ حديثُ ابن جعفر ولا ثوبان ، وحديث المغيرة رواه ابن عون موقوفاً ، وهو أصح ، وقيل : ذلك منسوخٌ ، قال الزهري : كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السجودَ قبلَ السَّلامِ .
168 - مسألة : إذَا سبحَ بالإمام مأمومانِ ، لزمهُ الرجوعُ إليهما .
وقال الشافعي : لا يرجعُ ، ويبْني علَى يقينِ نفسهِ .
وقال أبو حنيفة : يرجعُ إلى قول واحد .
قلنا : ما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قول ذي اليديْن وحدهُ ، بل سألَ غيره .
169 - مسألة : إذَا قامَ إلى خامسةٍ سهواً ؛ جلسَ .
وقال أبو حنيفة : إن سجدَ في الخامسةِ أتمَّها ، وأضاف إليها أُخرى ، فإن كان بعد الرابعة ، فقد تمَّ ظهرهُ ، والركعتانِ نافلةٌ ، وإنْ لمْ يكنْ قد قعدَ ، فالجميع ينقلب نفلاً .
لنا : خبرُ ابن مسعودٍ " أنَّ النبي - - صلى الله عليه وسلم - - صلَّى خمساً ، فقيلَ لهُ ، فسجدَ للسهوِ ، وما أضاف سادسة ولا أعادَ " .
170 - مسألة : إذَا سهَا عنْ واجبٍ ، سجدَ للسهوِ .
وقال أبو حنيفة والشافعيُّ : لا يسجدُ إلا للتشهدِ الأوَّلِ والقنوتِ .
لنا حديثُ ثوبانَ : " لكل سهوٍ سجدتانِ " .
171 - مسألة : إذَا قرأ في الركعتيْنِ الأخريينِ بالحمدِ وسورةِ ، أو صلَّى على النبي - صلى الله عليه وسلم - في(1/197)
| 198 | التشهُّدِ الأوَّلِ ، أو قرأ في موضعِ تشهُّدٍ ، أو تَشهَّدَ في قيامٍ ؛ سجدَ في الكلِّ للسهوِ .
وعنه : لا - كالجمهور .
ولنا : حديث ثوبان المذكور .
172 - مسألة : إذَا تعمَّد تركَ ما يسجدَ لأجلهِ ، لمْ يسجدْ .
وقال الشافعي : يسجدُ .
لنا : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل سجود السهوِ ترغيماً للشيطان ، على ما مرَّ في حديث أبي سعيد ، وذلك يختصُّ بالسهوِ .
173 - مسألة : سجودُ السهوِ واجبٌ .
ووافقَنا مالك إذا كان عن نقصٍ ، وقال الشافعي : سنةٌ .
لنا : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرَ به ، كما مرَّ في حديث ابن عوف ، وابن مسعود .
174 - مسألة : إذَا نسَي السجودَ وقامَ ، سجدَ مَا لمْ يتطاولِ الزمانُ ، أو يخرج من المسجد .
وعنه : يسجد وإن خرج وتباعدَ .
وقال أبو حنيفة : لا يسجدُ بعدَ الخروجِ - ق 45 - أ - / والكلام .
وقال الشافعي : إن ذكر قريباً سجدَ ، وإن تباعدَ فعلَى قولينُ .
وفي خبر ابن مسعودٍ ؛ - أنه - - صلى الله عليه وسلم - سجدَ بعد السلامِ والكلامِ .
(1/198)
| 199 | أوقات النهي
175 - مسألة : يجوزُ قضاء الفوائتِ في أوقاتِ النهْي .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز عند الطلوع والغروب والزوال .
لنا : في " الصحيحين " قتادة ، عن أنس مرفوعاً : " منْ نسيَ صلاةً ، أو نامَ عنْها ، فكفَّارتُها أنْ يصلِّيها إذا ذكرَها " .
( م ) من حديث يونس ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " من نسيَ الصَّلاةَ فليُصلّهَا إذا ذكرهَا " .
وصحح ( ت ) من حديث عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة ، قال رسول الله : " إذا نسيَ أحدكُم صلاةً ، أو نامَ عنهَا ، فليصلِّها إذا ذكرَها " .
فذكرُوا ما في " الصحيحين " لقتادة ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس ، قال : " شهد عندي رجالٌ مرضيُّونَ ، وأرضاهُم عندي عمرُ ، أنَّ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ، ولا صلاةَ بعد صلاةِ الصبْح حتى تطلعَ الشمسَ " .
وفي " الصحيحين " أخرجوه عن ابن عمر مرفوعاً : " لا تتحّروا بصلاتِكُم(1/199)
| 200 | طلوع الشمس ولا غروبَها ، فإنها تطلعُ بين قرْني شيطانٍ ، فإذا طَلع حاجبُ الشمس ، فلا تصلوا حتى تبرز ، وإذا غاب حاجبُ الشمسْ ، فلا تصلوا حتى تغيب " .
ولمسلم عن موسى بن علي ، عن أبيه ، سمع عقبة بن عامر يقول : " ثلاث ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلِّي فيهنَّ ، أو نقبر فيهنَّ موتانا ، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس ، وحين تضيَّف الشمس للغروب حتى تغرب " .
ولمسلم من حديث عمرو بن عبسة ، أن رسول الله قال له : " صل الصبحَ ، ثمَّ أقصرْ عن الصلاة حتى تطلعَ الشمسُ فإنها - تطلع - بين قرني شيطانٍ ، وحينئذ يسجدُ لها الكفار " وقال نحو ذلك في الغروب .
ولمسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً : " نَهى عنِ الصلاةِ بعدَ الفجرِ حتَّى تطلعَ الشمسُ ، وبعدَ العصرِ حتَّى تغربَ " .
قلنا : هذا محمول على النافلة جمعاً بين النصوص .
176 - مسألة : لا تجوزُ النافلةُ وقتَ النهْي وإنْ كانَ لها سببٌ .
وعنه : الجواز لسببٍ - كقول الشافعي .
لنا : النصوص المذكورة ؛ عمرو بن عاصم ، نا همام ، عن قتادة ، عن النضر ابن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من لم يصلِّ ركعتي الفجرِ ، فليُصلِّها بعدَ ما تطلع الشمسُ " .
(1/200)
| 201 | ( ت ) : تفرد به عمرو .
- ق 45 - ب - / الدراوردي ، عن سعد بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن جده قيس - وهو ابن عمرو - قال : " خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأُقيمت الصلاة ، فصليْتُ معه الصبحَ ، ثم انصرف فوجدني أُصلِّي ، فقال : مهلاً يا قيس ، أصلاتان معاً ؟ .
قلت : لم أكنْ ركعتُ ركعَتَي الفجر .
قال : فلا إذاً " .
سعدٌ فيه ضعفٌ ، ومحمدٌ لم يسمعْ من قيْسٍ .
خرجه الترمذي .
177 - مسألة : يكره التنفلُ وقتَ النهْي بمكَّةَ ، إلا ركعَتَي الطَّواف .
وقال الشافعي : لا يكره .
لنا : عموم النهي .
فذكروا حديث سعيد بن سالم القداح ، عن عبد الله بن المؤمل - وضُعِّفَ - عن حميد مولى عفراء ، عن قيس بن سعد ، عن مجاهد قال : " قدمَ أبو ذرِّ ، فأخذ بعضادة باب الكعبة ، ثم قال : سمعت رسول الله يقول : لا يصلين أحدٌ بعدَ الصبح إلى طلوع الشمس ، ولا بعدَ العصْرِ حتَّى تغربَ إلا بمكةَ .
يقول ذلك ثلاثاً " .
وقال أبو حنيفة : تكره ركعتا الطواف في وقت النهي .
ابن عيينة ، عن أبي الزبير ، عن عبد الله بن باباه ، عن جبير بن مطعم ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يا بني عبد مناف ، لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت ، وصلَّى أيةً ساعةٍ شاءَ من ليلٍ أو نهارٍ " .
(1/201)
| 202 | رواهُ ( س ت ) وصححه .
178 - مسألة : يكرهُ التنفلُ يومَ الجمعةِ عندَ الزوالِ ، خلافاً للشافعي .
لنا : عموم النهي .
حسان بن إبراهيم ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن أبي الخليل ، عن أبي قتادة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنهُ كرهَ الصلاة نصف النَّهار إلا يوم الجمعة ، وقال إن جهنم تسجر إلاَّ يوم الجمعةِ " .
خرجه ( د ) وقال : مرسلٌ ، أبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة .
قلت : وليث ضعِّفَ .
179 - مسألة : تحرم النوافلُ بطلوع الفجر ، إلا ركعتين ، خلافاً لأكثرهم ، فقالوا : لا تحرمُ إلا بعدَ صلاة الصبح .
لنا : الدراوردي ، عن قدامة بن موسى ، عن محمد بن الحصين ، عن أبي علقمة ، عن يسار مولى ابن عمر ، عن ابن عمر ، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا صلاة بعد الفجْر إلا سجْدَتيْنِ " .
خرجه ( ت ) وقال : لا نعرفه إلا من حديث قدامة .
وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم - واهٍ - عن عبد الله بن يزيد ، عن عبد الله ابن عمرو مرفوعاً : " لا صلاةَ بعد طلُوعِ الفجرِ إلا ركعتيْن " .
قلتُ : لاَ ينهضانِ بالتَّحريم .
(1/202)
| 203 | 180 - مسألة : إذَا بزغتْ وهوَ في الصلاةِ ، أتمَّهَا .
وقال أبو حنيفة : تبطل الفريضةُ بطلوعِ الشمسِ .
ولنا الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " منْ أدرك من العصْر ركعةً قبلَ أنْ تغربَ الشمسُ فقدْ أدركَها ، ومنْ أدركَ منَ الصبْحِ ركعةً قبلَ أن تطلعَ - ق 46 - أ - / الشمسُ فقدْ أدركَها ، ومنْ أدرك ركعةً منَ الصلاةِ ، فقدْ أدركَ الصلاةَ " .
أخرجاه لمعمر عنه .
وأخرج مسلم من حديث يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أدرك سجدةً من العصرِ قبلَ أن تغربَ الشمسُ " زاد غير مسلم بسندٍ صحيح : " ومن الفجر قبل أن تطلعَ ، فقد - أدركها - " .
معاذُ بنُ هشام ، نا أبي ، عن قتادة ، عن ( عزرةَ ) بن ( نعيم ) عن أبي هريرة ، أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا صلَّى أحدكم ركعةً من صلاة الصبح ، ثم طلعتِ الشمسُ ، فليصلِّ إليها أخرى " أخرجه الدَّارقطنيُّ .
(1/203)
| 204 | قلتُ : والنسائي .
فقالوا : همام ، نا قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " من صلَّى ركعةً من الصُّبحِ ثمَّ طلعتِ الشمسُ ، فليصلِّ الصبحَ " .
قلْنا : لا حجَّةَ فيه على الإعادة ؛ لأنَّ معناه : فليتمَّ صلاة الصبح ، ويفسره ما سقناه .
وقد روى قتادة ، عن خلاس ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من صلَّى ركعةً من صلاة الصبح ثم طلعت الشمس ، فليتم صلاته " .
181 - مسألة : إذا صلَّى فريضةً ، ثم أدركها في جماعة ، استحبَّ له إعادتها إلا المغرب .
وعنه : يفعل المغرب ، ويشفعها برابعة .
وقال أبو حنيفة : لا يعيد إلا الظهر ، والعشاء الآخرة .
وقال الشافعي : يعيد الكل .
أحمد : نا هشيم ، أبنا يعلى بن عطاء ، حدثني جابر بن يزيد بن الأسود العامري ، عن أبيه قال : " شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجتهُ ، فصليتُ معهُ صلاةَ الفجر في مسجد الخيف ، فلمَّا قضَى صلاتهُ ، إذا هو برجلينْ في آخر المسجد لمْ يصلِّيا معهُ ، فقال : علي بهما ، فأتي بهما ترعد فرائصهما ، قال ما منعكما أن تصليا معنا ؟ .
قالا : يا رسول الله ، قد صلَّينا في رحالنا ، قال : فلا تفعلا ، إذا صليتُما في رحالكما ، ثم أتيتما مسجد جماعة فصلِّيا معهم ، فإنها لكما نافلةً " صححه ( ت ) .
(1/204)
| 205 | قلت : ورواه ( د ت س ) من حديث شعبة وهشيم ، وفي بعض الطرقِ أنَّه صلَّى معَ رسُولِ اللهِ وهوَ غلامٌ .
قال : وقد روى قوم الحديث ، وفيه : " وليجعلِ الَّتي صلَّى في بيته نافلةً " والصحيحُ جعلُ هذه نافلةً " .
كذلك رواه المتقنون .
حسينٌ المعلم ، نا عمرو بن شعيب ، نا سليمان مولى ميمونة قال : أتيت على ابن عمر وهو بالبلاط ، والناس يصلُّونَ في المسجدِ ، فقلتُ : ما يمنعكَ أني تصلِّيَ مع النَّاسِ ؟ قال : إنِّ صليْتُ ، سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : " لاَ تصلَّى صلاةٌ في يومٍ مرتينِ " .
قلْنا : لا نعتقدُ وجوبَ فريضتين ، بلْ تقعُ الثانيةُ نافلة .
(1/205)
| 206 | التطوع
182 - مسألة : والرَّواتبُ تُقضَى .
وقال مالك : لا .
وللشافعي كالمذهبين .
قال أبو حنيفة : لا تقضَى إلا إذا فاتتْ معَ الفرائضِ .
قلْنا : مرَّ حديثُ أبي هريرة : " منْ لمْ يصلِّ ركعتَي الفجْرِ ، فليصلِّهما بعدمَا تطلعُ الشمسُ " .
وحديثُ قيسٍ ، وقد مرَّ .
أحمد ، نا يزيد ، أنا هشام ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، قال : " سريْنَا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلمَّا كانَ آخر الليل عرسْنَا ، فلم نستيقظْ إلا بحرِّ الشمسِ ، فجعلَ الرجلُ منَّا يقومُ دهشاً إلى طهورِه ، فأمرهُم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسكنُوا ، ثم ارتحلْنا فسرْنا ، حتى إذا ارتفعت الشمس نزلنا ، ثم أمر بلالاً فأذن ، ثم صلَّى الركعتين ، ثم أقامَ فصليْنَا ، فقالوا : يا رسول الله ، ألا نعيدُها في وقتها من الغد ؟ فقال : أينهاكم ربكم عن الرِّبا ويقبلهُ منكُمْ ! ! " .
قلتُ : ( د ) من حديث يونسَ عن الحسنِ .
حماد بن سلمة ، نا عمرو بن دينار ، عن نافع بن جبير ، عن أبيه قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ فقال : منْ يكلؤُنَا الليلة ؟ .
فقال بلال : أنا .
فاستقبلَ مطلعَ الشمسِ ، فما أيقظهم إلا حرُّ الشمس ، فقاموا فأذَّنَ بلالٌ ، وصلُّوا الركعتين ، ثم صلُّوا الفجرَ " .
(1/206)
| 207 | قلتُ : خرجه أحمد و ( س ) .
183 - مسألة : إذَا أدركَ الإمامَ ، دخل معهُ وأخَّرَ سنةَ الصبْحِ .
وقال أبو حنيفة : إن كان خارج المسجدِ ولم يخشَ فواتَ الركوعِ في الثانية ، صلَّى ركعتي الفجر .
قلنا : روى مسلم ، من حديث ورقاءَ ، عن عمرو بن دينارٍ ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا أُقيمتِ الصلاةُ ، فَلا صلاةَ إلا المكتُوبةَ " .
184 - مسألة : أفضلُ التطوُّعِ السلامُ منْ كلِّ ركعتيْنِ .
وقال أبو حنيفة : من أربع .
قلنا : في " الصحيحين " لنافع ، عن ابن عمر ، قال رجلٌ : " يا رسولَ الله ، كيف تأمُرنا أنْ نصلِّيَ من الليلِ ؟ قال : يصلِّي أحدكُم مثْنى مثْنى ، فإذا خشي الصُّبْحَ صلَّى واحدةً ، فأوترتْ لهُ ما صلَّى منَ الليْلِ " .
شعبةُ ، عن يعلى بن عطاء ، عن عليٍّ الأزديِّ ، عن ابن عمرَ مرفوعاً : " صلاةُ الليلِ والنهارِ مثنَى مثنَى " لفظ أحمد .
قلت : خرجه ( عو ) ومنهُم من وقفهُ ، قال ( س ) : هذا الحديثُ ( خطأٌ ) .
شعبةُ ، سمعتُ عبد ربِّه بن سعيد ، عن أنس بن أبي أنس ، عن عبد الله ( بن نافع بن أبي العمياءِ ) عنْ عبد الله بن الحارث ، عن المطلبِ بن ربيعةَ ، عن النبيِّ(1/207)
| 208 | - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الصلاةُ مثنَى مثنَى ، وتشهدٌ في كلِّ ركعتيْنِ " .
- ق 47 - أ - / قلتُ : رواه ( د س ق ) .
ورواه الليث وابن لهيعةَ ، عن عبد ربه فقال : عن عمران بن أبي أنس ، عن عبد الله بن نافع ، عن ربيعة بن الحارث ، عن الفضل بن العباس .
وهذا أصحُّ .
قال ( خ ) : أخطأ فيه شعبةُ في مواضعَ .
فذكروا : أبُو معاويةَ ، عنْ عبيدةَ ، عن إبراهيم ، عن سهم بن منجابٍ ، عن قزعةَ ، - عن القرثع - عن أبي أيوب قال : " أدمنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أربعَ ركعاتٍ عندَ زوالِ الشمسِ ، فقلتُ : يا رسول الله ما هذهِ الركعَاتُ الَّتي أراكَ قد أدمنتَها ؟ قال : إنَّ أبْوابَ السماءِ تفتحُ عندَ زوالِ الشمسِ ، فلا تُرتجُ حتى يصلَّى الظهرُ ، فأحبُّ أن يصعدَ لي فيها خير قلتُ : يا رسول الله ، تقرأُ فيهنَّ كلهنَّ ؟ قال : نعم .
قلتُ : ففيها سلامٌ فاصلٌ ؟ قال : لا " .
عبيدةُ بنُ معتبٍ ضعفُوهُ .
قلتُ : رواه ( د ق ) من حديثِ شعبةَ ووكيعٍ عنهُ ، فقالاَ : " قرثع " بدل " قزعة " .
(1/208)
| 209 | قال أحمد بن حازمٍ : رأيتُ أحمد بن حنبل ، وإسحاقَ بن أبي إسرائيل أتيَا الجامعَ قبلَ الصَّلاةِ ، فصلَّى أبُو عبد الله قبل الصلاةِ عشرَ ركعاتٍ ؛ ركعتيْنِ ركعتيْنِ ، وصلَّى إسحاقُ ثمانيَ ركعاتٍ ؛ أربعاً أربعاً ، لمْ يفصلْ بينهنَّ بسلامٍ ، فقلتُ لإسحاقَ : صليت أربعاً ؟ فقالَ : حديثُ أبي أيوبَ .
فجئتُ إلى أبي عبد الله ، فقلتُ لهُ : صليت مثنَى مثنَى ؟ فقالَ : حديثُ ابن عمرَ .
فقلتُ لهُ : حديثُ أبي أيوبَ ؟ فقالَ : رواهُ قزعةُ ، وقرثع من قزعة ومن قرثع ، ثمَّ نحملهُ علَى الجوازِ لاَ علَى الفضلِ .
185 - مسألة : الوترُ سنةٌ ، خلافاً لأبي حنيفةَ ؛ أوجبهُ .
أبُو إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن عليٍّ ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أهلَ القرآنِ أوترُوا ؛ فإنَّ الله يحبُّ الوتْرَ " .
ومنْ حديث ابن مسعودٍ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوهُ ، وقالَ فيه : " فقالَ أعرابيُّ ، ما تقولُ ؟ قالَ : ليستْ لكَ ولاَ لأصْحَابِكَ " .
رواهُ ( د ) .
الثوريُّ ( عنْ ) أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن عليِّ قالَ : " الوترُ ليسَ بحتمٍ كهيئةِ الصَّلاةِ ، ولكنَّهُ سنةٌ سنَّها رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - " .
محمد بن يحيى بن حبان ، عن ابن محيريزٍ أنَّ المخدجيَّ - رجل منْ بني كنانةَ - أخبرهُ أنَّ رجلاً من الأنصارِ بالشَّامِ يُكنَى أبا محمد أخبرهُ أنَّ الوترَ واجبٌ ، فذكر المخدجيُّ أنَّه راحَ إلى عبادةَ بنِ الصَّامتِ ، فذكرَ لهُ أن أبا مُحمدٍ يقولُ : الوترُ واجبٌ ، فقالَ : كذبَ أبُو محمدٍ ، سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : " خمسُ صلواتٍ كتبهنَّ اللهُ على العبادِ ، منْ أتى بهن كانَ لهُ عندَ اللهِ عهدٌ أنْ يدخلهُ الجنةَ ، ومنْ لم يأتِ بهنَّ فليسَ لهْ عندَ اللهِ عهدٌ ؛ إنْ شاءَ عذَّبهُ وإن شاءَ غفر لهُ " .
(1/209)
| 210 | قلتُ : رواه ( د س ق ) من حديث مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد ، وشعبة ، عن عبد ربه بن سعيد ، عن محمد .
والمخدجيُّ هو أبو رفيعِ .
- ق 47 - ب - / مالك ، عنْ أبي بكرِ بن عمر بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن يسار قالَ : " كنتُ معَ ابنِ عمرَ في سفرٍ ، فتخلفتُ عنهُ ، فقالَ : أيْن كنتَ ؟ قلتُ : أوترتُ .
فقالَ : أليسَ لك في رسولِ اللهِ أسوةٌ ، رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يوترُ علَى راحلتِهِ " أخرجاهُ .
أحمد ، نا أبو بدر ، عن أبي جناب الكلبيِّ ، عن عكرمةَ ، عن ابن عباس : سمعتُ رسولَ اللهِ يقولُ : " ثلاث هنَّ عليَّ فرائضُ ، ولكُم تطوُّعٌ : الوترُ ، والنحرُ ، وصلاةُ الضُّحَى " .
فبمثلِ هذا ضعَّفُوا أبا جناب .
أحمد ، نا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قالَ رسول اللهٍ : " أُمرتُ - بركعَتَي - الضُّحَى والوتْرِ ، ولمْ تكتَبْ " وجابر ضعيفٌ .
وضاحُ بنُ يحيى - لينٌ - ثنا مندلٌ - ضعيفٌ - عن يحيى بن سعيد ، عن عكرمةَ ، عن ابن عباس مرفوعاً : " ثلاثٌ عليَّ فريضةٌ ، وهنَّ لكُم تطوع : الوتر ، وركْعَتا الفجْرِ ، وركْعَتا الضُّحَى " .
عبدُ الله بن محرَّر - متروكٌ - عن قتادة ، عن أنس مرفوعاً : " أُمرتُ بالضُّحَى والوترِ ، ولمْ يفرضْ عليِّ " .
وهذه أخبارٌ ساقطةٌ ، وفي الصِّحاح كفاية .
(1/210)
| 211 | فاحتجُّوا بالفضْلِ السِينانيِّ ، عن عبيد الله العتكي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " الوترُ حقٌّ ، فمنْ لمْ يوترِ فليسَ منَّا " .
العتكيُّ : فيهِ لينٌ .
وكيعٌ ، نا خليل بن مرة ، عن معاوية بن قرة ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " من لم يوترْ ، فليسَ منَّا " .
خليلٌ : ضعفوهُ .
الدَّارقطنيُّ ، ثنا إسماعيل الوراق ، ثنا محمد بن حسان الأزرق ، ثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي أيوب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الوترُ حقٌّ واجبٌ ، فمنْ شاءَ أنْ يوترَ بثلاثٍ فليوترْ ، ومنْ شاءَ أنْ يوترَ بواحدةٍ فليوترْ بواحدةٍ " .
قال الدَّارقطنيُّ ، قولهُ : واجبٌ ليسَ بمحفوظٍ ، لاَ أعلمُ أحداً تابعَ محمدَ بنَ حسان عليهِ ، إنما المرويُّ : " الوترُ حقٌّ " .
عبدان ، نا أبو حمزة ، سمعتُ محمد بن عبيد الله ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده " : " مكثْنا زماناً لاَ نزيدُ علَى الخمسِ ، فأمرنَا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فاجتمعْنا ، فحمدَ الله وأثنَى عليهِ ، ثمَّ قالَ : إنَّ الله قدْ زادكُم صلاةً فأمرنَا بالوترِ " .
محمدٌ : واهٍ .
يزيد بن هارون ، نا حجاج بن أرطأة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً : " إنَّ اللهَ زادكُم صلاةً ؛ وهيَ الوترُ " .
فحجاجٌ ضعيفٌ .
ورواهُ النضرُ أبو عمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً : " إنَّ اللهَ قدْ أمدَّكُم بصلاةٍ ؛ وهي الوترُ " .
والنضرُ تالفٌ .
أحمدُ ، نا يزيد ، نا محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الله ابن راشد ، عن عبد الله بن أبي مرةَ ، عن خارجةَ بن حذافةً قال : " خرجَ عليْنا رسُولُ اللهِ(1/211)
| 212 | - ق 48 - أ - / - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ غداةٍ ، فقالَ : لقدْ أمدَّكُم اللهُ بصلاةٍ هي خير لكُم منْ حمرِ النعمِ " قُلْنا : ومَا هي يَا رسُول اللهِ ؟ قالَ : الوترُ فيما بينَ صلاةِ العشاءِ إلى طلُوعِ الفجْر " .
عبد الله بن راشد : ضعفهُ الدَّارقطنيُّ .
وقال البخاري : لا يعرفُ إلا بحديث الوترِ ، ولاَ يُعْرَفُ سماعهُ منِ ابنِ أبي مُرَّةَ .
أحمد ، نا يحيى بن إسحاق ، نا ابن لهيعة ، نا عبد الله بن هبيرة ، سمعتُ أبَا تميم الجيشانيَّ ، سمعتُ عمْرو بنَ العاص يقولُ : أخبرني رجلٌ منْ أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ رسولَ اللهِ قالَ : إنَّ اللهَ زادَكُم صلاةً ، فصلُّوها مَا بينَ العشاءِ إلى صلاةِ الصبْحِ ؛ الوترَ الوترَ .
ألاَ وإنهُ أبُو بصرةَ الغفاريُّ .
قال أبو تميم : فكنتُ أنا وأبو ذر قاعدينِ ، فأخذَ بيدي أبو ذرٍّ ، فانطلقْنَا إلى أبي بصْرةَ ، فقال أبو ذر : يا أبو بصرةَ ، أنتَ سمعتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : إنَّ الله زادكُم صلاةً ، فصلُّوها ما بينَ صلاةِ العشاءِ إلى صلاةِ الصبْحِ ، الوترَ الوترَ ؟ قالَ : نعمْ .
قالَ : أنتَ سمعتُه ؟ قالَ : نعمْ " .
ابن لهيعةَ فيهِ .
ابن وهب ، أنا يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن زحر - ضعيفٌ - عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي " أنَّ معاذَ بنَ جبلٍ قدمَ الشامً ، وأهلُ الشَّامِ لاَ يُوتِرونَ ، فقالَ لمعاويةَ : مَالي أرَى أهلَ الشَّامِ لاَ يوتِرونَ ؟ فقالَ معاوية : وواجبٌ ذلكَ عليهمِ ؟ قالَ : نعم ، سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : زادَني ربِّي صلاةً ؛ وهيَ الوترُ ، ووقتها مَا بينَ العشاءِ إلى طُلوعِ الفجرِ " .
(1/212)
| 213 | عبد الرحمن منكر الحديث ، ولمْ يدركْمعاذاً .
أحمد بن عبد الرحمن ، عن عمه ابن وهب ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنَّ اللهِ زادَكُم صلاةً إلى صلاتكُمْ ؛ وهيَ الوترُ " .
قال ابنُ حبانَ : لاَ يخْفى علَى منْ كتبَ حديثَ ابنِ وهبٍ أنَّ هذَا موضوعٌ .
186 - مسألة : ويجوزُ الوترُ بركعةٍ ، فإنْ أوترَ بثلاثٍ فصلَ بسَلامٍ .
وقال أبو حنيفة : الوترُ ثلاثٌ بسلامٍ واحدٍ ، لاَ يزيدُ ولاَ ينقصُ .
وقال مالكٌ : بلْ يسلمُ عقيبَ الثَّانيةِ .
أنسُ بنُ سيرين ، عن ابن عمر قال : " كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى ، ويُوتِرُ بركعَةٍ " .
أخرجهُ ( خ ) و ( م ) .
القاسمُ ، عن عائشةَ : " كانَ رسولُ اللهِ يصلِّي منَ الليْلِ ثلاثَ عشرةَ ركعةً ؛ منْها الوترُ ، وركعَتا الفجْرِ " .
أخرجاهُ .
قتادة ، عن أبي مجلز : " سألتُ ابنَ عباسٍ عنِ الوترِ ، فقالَ : سمعتُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : ركعةٌ منْ آخرِ الليْلِ " .
أخرجه أحمدُ " .
وفي " الصحيحِ " منْ حديثِ ابنِ عمرَ مرفوعاً : " فإِذَا خَشي الصبْحَ صلَّى(1/213)
| 214 | واحدةً ، فأوترتْ لهُ مَا صلَّى منَ الليْلِ " .
همامٌ ، نا قتادةُ ، عن عبد الله بن شقيق ، عن ابن عمر " أنَّ رجلاً سألَ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عنْ صلاةِ الليلِ ، قالَ : مثنَى مثنَى ، والوترُ ركعةٌ من آخرِ الليلِ " .
أخرجهُ ( س ) .
- ق 48 - ب - / ( س ) ، نا قتيبة ، نا خالد بن زياد ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " صلاةُ الليْلِ مثْنى مثْنى ، والوترُ ركعةٌ واحدةٌ " .
قلتُ : خالدٌ صدوقٌ ، كانَ قاضي ترمذ .
أحمد ، نا أبو المغيرة ، نا الأوزاعي ، حدثني أسامةُ بنُ زيد ، حدثني زيان ابن عبد العزيز ، حدثني عمرُ بن عبد العزيز ، عن عائشة قالتْ : " كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي فِي الحجرةِ وأَنا فِي البيتِ ، فيفصلُ بينَ الشفعِ والوتْرِ بتسليمٍ يسمعناهُ " .
منقطعٌ .
أحمد ، نا عتابُ بن زياد ، نا أبو حمزة السكريُّ ، عن إبراهيم الصائغَ ، ( عنْ نافع )ٍ ، عن ابن عمر " كانَ رسولُ اللهِ يفصلُ بينَ الوترِ والشفعِ بتسليمةٍ يسمعناهَا .
سندهُ جيدٌ .
ويدل على الوتر بثلاث وبخمس وأكثر : أحمد ، نا جرير ، عن منصور ، عن الحكم ، عن مقسمٍ ، عن أم سلمةَ : " كانَ رسولُ اللهِ يوتُر بسبْعٍ ، وبخمسٍ ، لاَ يفصلُ بينهُن بسلامٍ ولاَ كَلامٍ " .
(1/214)
| 215 | قلتُ : خرجهُ ( س ق ) منْ حديثِ جرير وسفيانَ وزهيرٍ ، عنْ منصور .
ابن نميرٍ ، نا هشام ، عن أبيه ، عن عائشة : " كانَ يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعةً ؛ يوترُ من ذلك بخمسٍ ، لا يجلس إلا في آخرهنَّ " قلتُ : رواهُ ( م ) .
فذكروا : أبو إسحاقَ ، عن الحارثِ ، عن علي : " كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يوتر بثلاثٍ " .
خرجه ( ت ) والحارث ضعف .
يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب - واه - نا الأعمشُ ، عن مالكِ بنِ الحارثِ ، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي ، عن ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " وترْ الليلِ كوترِ النهار ؛ صلاة المغرِبِ " .
إسماعيل بنُ مسلمٍ - واهٍ - عنِ الحسنِ ، عن سعد بنِ هشامٍ ، عن عائشةَ مرفوعاً : " الوترُ ثلاثٌ كصلاةِ المغربِ " .
وذكروا في كتبهم : " نَهى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن البتيراء " فأين إسنادُهُ ؟ ثمَّ المروي عن ابن عمرَ أنه فسرَ البتيراء أن يصلي الرجلُ بركوعٍ ناقصٍ وسجودٍ ناقصٍ ، وما في هذه الأحاديث منعٌ من الوترِ بأكثر من ثلاث ، فاسمعُوا أصح منها : الدَّارقطنيُّ ، أنا أبو بكر النيسابوري ، نا موهبُ بن يزيدَ بن خالدٍ ، نا ابنُ وهب ، حدثني سليمانُ بن بلالٍ ، عن صالحِ بن كيسانَ ، عن عبد الله بن الفضل(1/215)
| 216 | عن أبي سلمة ، ( عنِ ) الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا توترُوا بثلاثٍ ، أوتروا بخمسٍ أو سبعٍ ، ولا تشبهوا بصلاةِ المغربِ " .
قال الدَّارقطنيُّ ، كلهم ثقاتٌ .
شجاعُ بن الوليد ، ثنا ابنُ أبي عروبة ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن سعد بن هشام ، عن عائشة : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يسلمُ في ركعتي الوتْرِ .
قلْنَا : يجوزُ هذا أن يوتر بسلامٍ واحدٍ ، لكنْ يتشهد بينهم - ق 49 - أ - / كالمغرب " .
187 - مسألة : يتنفلُ بركعةٍ .
وعنهُ : لا يجوز - كقول أبي حنيفةَ .
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوترُ بركعة .
188 - مسألة : وفِي الثَّلاثِ يقرأُ ب " سبح " وفي الثانيةِ ب " الكافرون " وفي الثالثةِ ب " قُلْ هُوَ " .
وقالَ مالكُ : يضم إليها المعوذتين .
لنا : إسرائيلُ ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : " كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأُ في الوتر ب " سبِّحِ اسمَ ربكَ الأعْلَى " و " قلْ يا أيها الكافرونَ " و " قلْ هُوَ اللهُ أحدٌ " .
قلتُ : رواهُ ( ت س ق ) .
(1/216)
| 217 | وكَذا رواهُ زكريا ، ويونسُ بنُ أبي إسحاقَ ، وشريكٌ .
ورواه زهير ، عن أبي إسحاقَ موقوفاً .
الثوري ، عن زبيدٍ ، عن ذر بن عبد الله ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوترُ ب " سبح " و " قلْ يا أيُّها " و " قلْ هوَ " وإذا أرادَ أن ينصرفَ منَ الوترِ قالَ : سبحانَ الملكِ القدوسِ ثلاث مراتٍ ، يرفعُ صوتهُ في الثالثة " .
قلت : رواه ( س ) منْ حديثِ شعبةَ والثوريِّ ، وبعضُهم يرسلُهُ .
ولهم الدَّارقطنيُّ ، من حديث سعيد بن عفير ، نا يحيى بن أيوب ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشةَ " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأُ في الركعتينِ اللتين يوترُ بعدهُما ب " سبِّح اسمَ ربكَ الأعْلى " و " قلْ يا أيها الكافرونَ " ويقرأُ في الوترِ : " قلْ هوَ اللهُ أحدٌ " و " قلْ أعوذُ بربَّ الفلقِ " و " قلْ أعوذُ بربِّ النَّاسِ " .
ولا يصح ؛ فإن يحيى بن أيوب ، قال أبو حاتم : لا يحتج به .
وقد أنكر أحمد وابنُ معين زيادة المعوذتين .
قلتُ : هذا تعنتٌ ؛ فإنَّ يحيى بن أيوب منْ رجالِ " الصَّحيحينِ " .
(1/217)
| 218 | القنوت
189 - مسألة : سنةٌ في الوترِ .
وقال مالك والشافعي : لا يسن إلا في النصف الأخير من رمضان .
أحمدُ ، نا يزيد ، أنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عمرو الفزاري ، عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن علي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقولُ في آخرِ وترِهِ : " اللهمَّ إنِّي أعوذَ برضاكَ من سخطكَ ، وأعوذَ بمعافاتكَ من عقوبتِكَ ، وأعوذُ بكَ منْكَ ، لا أحْصي ثناءً عليكَ ، أنت كما أثنيتَ على نفسِك " .
قلتُ : رواهُ ( عو ) من حديث حمادٍ ، وحسنُه ( ت ) ولمْ يوردْ حديثَ الحسنِ بن علي : " علمني النبي - صلى الله عليه وسلم - كلماتٍ أقولهنَّ في قنوتِ الوتْرِ : " اللهم اهدنِي في منْ هديْتَ .
.
.
" إلخ .
فذكروا : هشيم ، أنا يونس ، عن الحسن " أن عمرَ جمعَ الناس على أُبيّ ، فكانَ يصلي بهم عشرين ليلةً من الشهر ، ولا يقنت بهم إلا في النصف الثاني ، فإذا كان العشرُ الأواخرُ ، تخلف في بيته " .
فيه انقطاع .
190 - مسألة : لا يسنُّ القنوتُ في الفجْرِ ، خلافاً - ق 49 - ب - / لمالكٍ والشافعي .
(1/218)
| 219 | لنا : جماعةٌ ، عن أبي مالك الأشجعي ، قال : " قلت لأبي : يا أبه ، إنك قد صليتَ خلفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمانَ ، وعلي هَاهُنا بالكوفَةِ قريباً من خمس سنين ، أكانوا يقنتون ؟ فقال : أي بني ، محدثٌ " .
قلتُ : أبو مالك هو سعد بن طارق .
صححه ( ت ) وخرجه ( ت س ق ) .
( س ) أنا قتيبةُ ، عن خلف بن خليفة ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن أبيه قال : " صليتُ خلفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقنت ، وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت ، وصليتُ خلف عمرَ فلم يقنتْ ، وصليتُ خلفَ عثمانَ فلم يقنت ، وصليتُ خلفَ علي فلم يقنت .
ثم قال : يا بني ، إنها بدعة " .
قلتُ : قد علمَ يقيناً أنهم قنتُوا في النوازِلِ .
فهذا الحديث ما فيه أنهم ما قنتوا قط ، بل اتفق أن طارقاً صلى خلفَ كل منهم ، وأخبرَ بما رأى ، فحديثه في الجملة يدل على أنهم ما كانوا يحافظون على قنوتٍ راتبٍ .
محمد بن مرزوق ، نا محمد بن عبد الله الأنصاري ، نا سعيد بن أبي عروبةَ ، عن قتادة ، عن أنسٍ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ لا يقنت إلا إذا دعا لقوم ، أو دعا على قومٍ " .
قلتُ : سندهُ صحيحٌ رواهُ الخطيبُ في كتابِ " القنوت " لهُ ، وهوَ نصٌّ فِي أنَّ القنوتَ مختصٌّ بالنازلة .
الحسن بن علي بن عفان ، نا عبد الحميد الحماني ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أنس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقنتْ إلا شهراً واحداً حتَّى ماتَ " .
(1/219)
| 220 | قيل : فأحمدُ ضعف الحماني .
قلنا : وثقه ابن معين .
قلتُ : واحتجَِّ بهِ البخاريُّ .
عمرُ بن عبد الواحد الدمشقي ، عن ابن ثوبانَ ، عن الحسن بن الحر ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عمر " أنه لم يكن يقنتُ إلا أن يستنصرَ ، ولا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكرٍ " .
قالوا : ابنُ ثوبانَ لينٌ .
قلتُ : قوَّاهُ ابنُ معينٍ .
شبابة ، ثنا قيس ، عن عاصم الأحول : " قلنا لأنسٍ : إن قوماً يزعمونَ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يقنتُ بالفجرِ .
قال : كذبوا ، إنما قنتَ شهراً .
.
.
" الحديث .
قيس : ضعيفٌ .
( خ م ) من حديث قتادة ، عن أنس : " قنتَ رسولُ الله شهراً بعد الركوع ؛ يدعو على أحياء من أحياء العربِ ، ثم تركهُ " .
شريكٌ ، عن أبي حمزةَ عن إبراهيمَ ، عن علقمةَ ، عن عبد اللهِ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أنه لم يقنتْ في شيء منَ الصلواتِ إلا الوترَ ، وكانَ إذا حارَبَ قنتَ في الصلوات كلها ؛ يدعو على المشركين " .
أبو حمزةَ ميمون ، ضعفُوهُ .
أبو حاتم الرازي ، ثنا هشام بن عبيد لله ، ثنا ابن جابر ، عن حماد ، عن إبراهيم - ق 50 - أ - / عن علقمةَ والأسودِ قالا : قال عبد الله : " ما قنتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء إلا في الوتر ، وأنه كانَ إذا حارب يقنتُ في الصلوات كلها ؛ يدعو على المشركينَ ، وما قنتَ أبو بكر ولا عمر ولا عثمانُ حتى ماتوا ، ولا قنتَ علي حتى حارَبَ أهلَ الشامِ " .
(1/220)
| 221 | ابنُ جابرٍ محمد ؛ ضعفُوهُ .
ورواه مجالدٌ - وفيه لين - عن إبراهيم ، عنهما قالا : ما قنتَ رسولُ اللهِ إلا إذا حاربَ .
محمدُ بن يعلى السلمي - متروكٌ - عن عنبسةَ بن عبد الرحمن ، عن ابن نافع ، عن أبيه ، عن أم سلمةَ قالتْ : " نَهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن القنوت في الفجر " .
ورواهُ هياج بن بسطام - هالك - عن عنبسةَ ، لكن قال : صفيةُ بنتُ أبي عبيد بدلَ : أم سلمةَ .
وابنُ نافعٍ عبد الله واه .
قلتُ : أخرج ابن حبان منْ حديثِ إبراهيمَ بنِ سعدٍ ، عنِ الزهريِّ ، عنْ سعيدٍ وأبي سلمةَ ، عنْ أبي هريرةَ " أنِّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ لاَ يقنتُ إلا أنْ يدعُوَ لأحدٍ ، أو يدعُو علَى أحدٍ " رواتهُ ثقاتٌ .
( خ م ) من حديث حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، قال : " سُئِلَ أنسٌ : أقنتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الركوع أو بعدَهُ ؟ قالَ : بعدَ الركوع يسيراً " .
وبهذا اللفظ رواهُ ابن علية ، عن أيوب ، وعنه الإمام أحمد .
(1/221)
| 222 | ( خ م ) من حديث عاصم الأحول ، عن أنس قال : " سألته عن القنوت ؛ قبلَ الركوعِ أو بعدَ الركوعِ ؟ فقال : قبل الركوع .
قلتُ : فإن ناساً يزعمونَ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قنتَ بعد الركوع .
فقال : إنما قنتَ شهراً يدعُو على أناس قتلوا ناساً من أصحابهِ ؛ يقالُ لهم : القراءُ " .
و ( خ ) في باب الجهاد ، عن عاصمٍ قالَ : " سألتُ أنسَا عن القنوت ، فقال : قبلَ الركوعِ .
فقلتُ : إن فلاناً يزعمُ أنك قلت : بعد الركوع .
قال : كذاب .
ثم حدثَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قنتَ شهراً بعدَ الركوع يدعُو على أحياء من بني سليم .
.
.
" الحديث .
( م خ ) عن أنس قال : " قنتَ رسول اله - صلى الله عليه وسلم - بعدَ الركوع شهراً في الصبحْ يدعو على رعل وذكوانَ ، ويقولُ : عصيةٌ عصَتِ اللهَ ورسُولَهُ " .
وفي لفظ : " وعُصَيَّةٌ " لم يذكرْ " ويقولُ " : ( خ ) عن أنس : " بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعينَ رجلاً لحاجة ؛ يقال لهم القراءُ ، فعرضَ لهم حيانٍ من سليم : رعل وذكوان ، عند بئر معونةَ ، فقال القوم : والله ما إياكُم أردْنا ، إنما نحن مجتازُونَ في حاجة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقتلوهم ، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم شهراً في صلاةِ الغداةِ ؛ وذلك بدء القنوت ، وما كنا نقنتُ " .
( خ ) عن عبد العزيز بن صهيبٍ " وسأل رجل أنساً عن القنوت بعد الركوع ، أو عندَ - ق 50 - ب - / فراغٍ من القراءةِ ؟ قالَ : لاَ ، بلْ عند فراغ من القراءة " .
( خ ) عن أنسٍ قالَ : " كان القنوتُ في المغربِ والفجرِ " .
(1/222)
| 223 | ( م ) عن البراء " أن رسولَ الله كان يقنتُ في المغرب والفجر " .
قلتُ : هَذا محمولٌ علَى قنوتِ النَّوازِلِ .
( م ) عن خفاف بن إيماء قال : " ركعَ رسول الله ، ثم رفع رأسه وقال : غفار غفرَ الله لها ، وأسلمُ سالمها اللهً ، وعصيَّة عصتِ الله ورسولَهُ ، اللهم العَنْ بني لحيانَ ، والعنْ رعلاً وذكْوانَ .
ثم وقعَ ساجداً " .
( خ ) عن أبي هريرة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا أراد أن يدعوَ على أحدٍ ، أو يدعو لأحدٍ ، قنتَ بعد الركوع ، فربما قال إذا قال : سمع الله لمن حمدَهُ : اللهمَّ ربَّنا لكَ الحمدُ ، اللهم أنجِ الوليدَ بن الوليدِ ، وسلمة بن هشامٍ ، وعياشَ بنَ أبي ربيعةَ ، والمستضعفين من المؤمنينَ ، اللهم اشدُد وطأتكَ على مضرَ ، واجعلْها عليهم سنينَ كسنيِّ يوسفَ .
يجهرُ بذلك .
.
" وذكر الحديثَ ؛ وفيه : " وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : غفارٌ غفرَ الله لها ، وأسلمُ سالمَها اللهُ " .
قال أبو الزناد : هذا كله في الصبحِ .
وروى مسلم نحوه ثم قال أبو هريرة : " ثم رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تركَ الدعاء لهم ، فقيلَ : أو ما تراهُم قد قدمُوا " .
( خ ) عن ابن عمرَ " أنه سمع رسولَ الله إذا رفع رأسه من الركعة الآخرة من الفجر يقول : اللهم العنْ فلاناً وفلاناً .
بعدما يقولُ : سمع الله لمنْ حمدهُ ، ربنا ولك الحمدُ ، فأنزل اللهُ : ^ ( ليس لكَ مِن الأمرِ شيءٌ .
.
.
" ^ .
( خ م ) عن أبي هريرة قالَ : واللهِ لأقربنَّ بكم صلاة رسولِ اللهِ .
فكانَ أبو هريرة يقنتُ في الظهر والعشاء الآخرةِ والصبحِ ؛ يدعو للمسلمين ، ويلعنُ الكفار " .
(1/223)
| 224 | زاد ( خ ) : " في الركعة الآخرة " ولكن ( خ ) قال : العنْ فلاناً وفلاناً " ولم يسمهِمْ .
وهذا كله نص على قنوتِ النوازِلِ خاصةً ، فأمَّا أنْ يكونَ راتباً دائماً في الصبحِ بعد الركوع ، وأن يكونَ جهراً ، وأن يكونَ ب : " اللهم اهدنا فِيمنْ هديتَ .
.
.
" فلا ، فإن مثل هذا - والحالة هذه - لو لازمه النبي - صلى الله عليه وسلم - لنقل نقل كافة ، ولتوفرت الهمم والدواعي على نقله ، ولاستحال كتمانه عادة .
وقد قال أبو الشعثاء ، أحد أئمة التابعين : " سألت ابنَ عمرَ عنِ القنوتِ في الفجرِ ، فقال : ما شعرتُ أن أحداً يفعلهً " .
أفيظنُّ عاقلٌ عارفٌ بحالِ ابنِ عمرَ ومتابعتِهِ للرسولِ في الدقِّ والجلِّ ، وملازمته له ، يخفى عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجهرُ ب : " اللهمَّ اهدِنا فِيمنْ هديتَ " .
ويديمُ ذلك في الفجر جهراُ لو كان يديم ذلك ، وهذا القول من ابن عمر ، ما شعرتُ أن أحداً يفعله ، من أصح شيء يكون .
ورواه سليمانُ ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن أبي الشعثاء ، فكأنك تسمعُ ابن عمرَ ينطقُ بهِ .
وقال مالك ، عن نافع : " كانَ ابنُ عمرَ لا يقنتُ في الفجْرِ " .
وقالَ عبدُ الله بن أبي نجيح : " سألتُ سالم بنَ عبد الله : هلْ كانَ عمرُ يقنتُ في الصبحِ ؟ قالَ : لاَ ، إنما هوَ شيءٌ أحدثهُ الناسُ " .
قلتُ : يريدُ المداومة والجهرَ بهِ ، وإلا فَما كانَ يخفَى علَى مثلِ سالمٍ وأبيه ، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قنتَ فِي النَّوازِل .
بل كانَ ابنُ عمرَ قد سمعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصبحِ حين رفعَ رأسَهُ من الركوع ،(1/224)
| 225 | قال : رأيت ذلكَ في الركعةِ الآخرةِ ، ثم قالَ : اللهُم العنْ فلاناً وفلاناً .
علَى ناسٍ منَ المنافقينَ ، فأنزلَ اللهُ : ^ ( ليسَ لكَ منَ الأمرِ شيْءٌ .
.
.
.
) ^ الآية .
أخرجاهُ منْ حديثِ معمرٍ ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه وكذا قال معمر : كان الزهري يقول : من أين أخذ الناس القنوت - وتعجبَ - إنِّما قنتَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أياماً ، ثمَّ تركَ ذلكَ .
قال أبو محمد بن حزم : صحَّ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعنْ أصحابهِ أنَّهُم قنتُوا وتركُوا ، وكلٌّ مباحٌ .
فأمَّا قولُ طارقٍ الأشجعيِّ أنهُ بدعةٌ ، فمرادهُ الراتبُ ، أو أخبَر بما رأى منَ الترْكِ وجهل الفعل في وقتٍ .
والعجبُ منَ المالكيةِ يحتجونَ بابنِ عمرَ قولاً وفعلاً ، ثمَّ سهُل عليْهم هُنا مخالفتهُ ، ومخالفةُ أبيهِ وابنِهِ .
قالَ : والقنوتُ يمكنُ أن يخفَى ؛ لأنهُ سكوتٌ متصلٌ بقيامٍ .
قلتُ : وقدْ قنتَ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّاتٍ في أوقاتٍ مختلفةٍ ؛ قنتَ للقراءِ ، وقنتَ يدعُو بالنجاةِ للمستضعفينَ بمكةَ ، وقنتَ يومَ أحدٍ .
قال زكريا الساجي وابن شبيب المعمري وغيرهما : نا سلم بن جنادة ، ثنا أحمد بن بشير ، ثنا عمر بن حمزة ، عن سالم ، عن ابن عمر قال : " صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الصبْحِ يومَ أحدٍ ، فلماَّ رفع رأسهُ من الركعةِ الثَّانيةِ قال : سمعَ الله لمنْ حمدهُ .
قالَ : اللهم العنْ أبا سفيانَ ، اللهمَّ العنِ الحارث بن هشامٍ ، اللهمَّ العنْ صفوانَ بن أميَّةَ .
فنزلتْ : ^ ( ليسَ لكَ من الأمرِ شيْءٌ أو يتوب عليهم ) ^ " .
قال : فتابَ عليهم فأسلمُوا فحسُن إسلامُهُمْ .
صححَهُ الحاكم ، ورواه أبو النضر هاشم ، نا أبو عقيل ، حدثني عمر بن حمزة مختصراً ، لم يذكر قنوتاً .
(1/225)
| 226 | وفي ( خ ) قال ثابتٌ وحميدٌ ، عن أنس : " شجَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ أحدٍ ، فقالَ : كيفَ يفلحُ قومٌ شجُّوا نبيهُم .
فنزلتْ : ^ ( ليسَ لكَ منَ الأمرِ شيْءٌ ) ^ " .
قلتُ : فَفِي سبب نزولِ الآيةِ أقوالٌ .
فاللهُ أعلمُ .
أحمد ، نا عفان ، وعبد الصمد قالا : نا ثابت بن يزيد ، ثنا هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قنتَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شهراً مُتتابعاً في الظُّهْرِ والعصْر والمغربِ والعشاءِ والصُّبْحِ ، في دبرِ كلِّ صلاةٍ ؛ إذا قالَ : سمعَ اللهُ لمنْ حمدهُ منَ الركعةِ الأخيرة ، يدعُو عَلى رعل وذكْوانَ وعصيَّةَ ، ويؤمن منْ خلفه .
أرسلَ إليهم يدعُوهم إلى الإسلامِ ، فقتلُوهم ، فقالَ عفانُ في حديثه : قالَ عكرمةُ : هذَا كانَ مفتاحَ القنُوتِ " .
وخرجهُ ( د ) .
- ق 510 ب - / أحمد ، نا أبو معاوية ، نا عاصم الأحول ، عن أنس قال : " سألتهُ عنِ القنوتِ ، أقبلَ الركوع ؟ قالَ : نعمْ .
قلتُ : فإنهم يزعمُونَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قنتَ بعْدَ الركوعِ ، فقالَ : كذبُوا ، إنَّما قنتَ شهراً يدعُو علَى ناسٍ قُتِلُوا ناساً منْ أصحابهِ يقالُ لهم القراءُ " .
خرجه ( خ م ) وقدْ مرَّ ، وفيهِ : " إنَّما قنتَ بعْدَ الركوعِ شهْراً " .
هكذا خرجه ( خ ) عنْ موسى بنِ إسماعيلَ ؛ نا عبدُ الواحدِ ، نا عاصمْ .
(1/226)
| 227 | قالَ الأثرمُ : قلتُ لأحمد : يقولُ أحدٌ في حديثِ أنسٍ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قنتَ قبلَ الركوعِ غيرَ عاصمٍ الأحولِ .
فقالَ : ما علمتُ أحداً يقول غيرِهِ .
قالَ الحافظ أبو موسى : خالَفهم كلَّهُم .
هشامٌ ، عن قتادة والتيميّ ، عن أبي مجلز وأيوب ، عن ابن سيرين وغير واحدٍ ، عن حنظلة السدوسيِّ - كلّهم عن أنسٍ - " أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قنتَ بعْدَ الركوعِ " .
قيلَ لأحمد بن حنبل : سائرُ الأحاديثِ أليسَ : إنَّما هيَ بَعْدَ الركوعِ ؟ قالَ : بَلَى ، خفافُ بنُ إيماء ، وأبو هريرة .
قلتُ لأبي عبد الله : فلمَ ترخصُ إذاً فِي القنوتِ قبلَ الركوعِ ، وإنَّما صحَّ بعدَهُ ؟ فقالَ : القنوتُ في الفجر بعدَ الركوعِ ، وفي الوتْرِ يختارُ بعد الركوعِ ، ومنْ قنتَ قبلَ الركوعِ فلا بأْسَ ؛ لفعلِ الصَّحابة واختِلافِهم ، فأمَّا في الفجرِ فبعدَ الركُوعِ .
الطبراني ، نا الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن أبي جعفر الرازي ، عن عاصم ، عن أنس قال : " قنتَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في الصبْحِ بعد الركوعِ يدعُو علَى أحياء منْ أحياءِ العربِ ، وكانَ قنوتُهُ قبلَ ذلكَ وبعدهُ قبلَ الركوعِ " .
فيه بيانٌ أنهُ قنت قبلَ الركوعِ في الصبْحِ قبلَ قتلِ القراءِ .
النعمان بن عبد السلام ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أنس قال : " إنَّما قنتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - شهراً بعدَ الركعةِ ، ثمَّ قنتَ بعد ذلكَ قبلَ الركعةِ " .
قبيصة ، نا سفيان ، عن عاصم ، عن أنس : " إنِّما قنتَ النبي - - صلى الله عليه وسلم - 0 بعدَ الركعةِ شهْراً " .
بشر بن المفضل ، عن يونس ، عن ابن سيرين قال : حدثني من صلَّى معَ النبيِّ(1/227)
| 228 | - صلى الله عليه وسلم - : " فلمَّا رفعَ رأسهُ من الركعةِ الثانيةِ ، قامَ هنيهةٌ " .
خالدٌ الحذاءُ ، عنْ محمد : " سألتُ أنساً : أقنتَ عمرُ في الصبْحِ ؟ قالَ : قنتَ منْ هوَ خيرٌ منْ عمرَ ، النبي - صلى الله عليه وسلم - " .
سندهُ صحيحٌ .
عارم ، نا حماد بن زيد ، عن بشر بن حرب ، سمعتُ ابن عمر يقولُ : " أرأيتُم قيامكُم عندَ فراغِ الإمامِ منَ السورةِ ، هَذا القنوتُ واللهِ إنَّه لبدعةٌ ، ما فعلَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - غير شهرٍ ثمَّ تركهُ ، أرأيتُم رفعكُم أيديكُم في - ق 52 - أ - / الصَّلاةِ - ورفعَ يدهُ - واللهِ إنهُ لبدعةٌ ، ما زادَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذا - ورفعَ يديهِ حيالَ منكبيهِ " .
بشرُ ضعيف .
وقد قيل : إن ابن عمر نسي القنوتَ .
قلت : أمَّا قنوتٌ راتبٌ جهريُّ فيستحيلُ أنْ ينساهُ ، بلَى قدْ ينسى القنوت للنَّوازِلِ .
جماعةٌ قالوا : نا ابن عون ، عن إبراهيم ، عن الأسود قال : " سألَ رجلٌ ابن عمر عن القنوتِ ، فقالَ : ومَا ذاكَ ؟ وما هُوَ ؟ قالَ ابن عون : فحدثتُ به ابن سيرين ، فقال : قال سعيد بن المسيب : أما إنَّهُ قدْ شهدَهُ منْ أبيهِ ، ولكنَّهُ نسيَهً " .
قال المؤلف : وأحاديثُهم منْها مَا هُوَ مطلقٌ ؛ بأنَّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قنتَ .
وهَذا لا نزاعَ فيهِ .
ومنْها أنَّهُ قنتَ في الفجرِ .
وهَذا حقٌّ ، فعلَ ذلكَ شهراً .
ومنْها ما لفظهُ محتملٌ : " كانَ يقنتُ في الصبحِ " فنحملُهُ علَى مدةٍ ؛ جمعاً بينَ النصوصِ .
كما صحَّ منْ حديثِ البراءِ " أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يقنتُ فِي الصبحِ والمغرِبِ " .
ومنها عمر بن حبيب ، عن هشام ، عن الحسن ، عن أنسٍ " أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يقنتُ بعدَ الركوعِ في الصبْحِ " .
(1/228)
| 229 | عمرُ واهٍ .
أحمد ، نا عبد الرزاق ، نا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أنسٍ ، قالَ : " ما زالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقنتُ في الفجرِ حتَّى فارقَ الدُّنيا " .
يحيى بن بشرٍ - ثقةٌ - ثنا جعفر الأحمر ، عن عيسى بن ماهان هو أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس قال : " كنتُ عندَ أنسٍ ، فجاءَ رجلٌ فقالَ : ما تقولُ في القنوتِ ؟ فبدرهُ رجلٌ فقالَ : قنتَ رسولُ اللهِ أربعينَ يوماً .
فقالَ أنسٌ : ليسَ كَما تقولُ ، قنتَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حتَّى قبضهُ اللهُ " .
أبو حمة محمد بن يوسف ، نا عبد الرزاق ، نا سفيان ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أنس : " ما زالَ رسُولُ اللهِ يقنتُ حتَّى فارقَ الدُّنيا .
أبو بكر النيسابوري ، ثنا أحمد بن يوسف السلمي ، ثنا عبيد الله بن موسى ، نا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ، عن أنس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت شهراً يدعُو عليهم ، ثمَّ تركَهُ ، فأمَّا في الصبْحِ فلمْ يزلْ يقنتُ حتَّى فارقَ الدُّنيا " .
وبسندٍ واهٍ عن أبي حصين " قلت لأنس : أكانَ رسولُ اللهِ تركَ القنوتَ ؟ قالَ : واللهِ ما زالَ يقنتُ حتَّى لحقَ باللهِ " .
عبد الوارث ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن قال : " قيلَ لأنسٍ : إنَّما قنتَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شهراً ؟ قالَ : ما زال رسُول اللهِ يقنتُ حتَّى ماتَ ، وأبُو بكرٍ حتَّى مات - ق 52 - ب - / وعمرُ حتَّى ماتَ " .
عمرو واهٍ .
وذكر الخطيب بسند ظلمات إلى حسين بن حكيم ، نا السري بن عبد الرحمن ، عن أيوب ، عن الحسن ومحمد ، عن أنس : " ما زال رسول الله يقنت حتى مات " .
(1/229)
| 230 | و - أزرى - الخطيبُ نفسهُ باحتجاجِهِ بهذَا ؛ فقالَ : أنا ابنُ رزقويه ، نا أحمدُ بنُ كامل ، نا أحمد بن محمد بن غالبٍ ، نا دينار ، عن أنسٍ : " ما زالَ رسُولُ اللهِ يقنتُ في صلاةِ الصبحِ حتَّى ماتَ " .
فابنُ غالبٍ كذابٌ ، وشيخُهُ عدمٌ .
قلتُ : أصلحُ مَا في ذلكَ حديث أبي جعفرٍ ، والحديثُ محمولٌ علَى أنَّهُ ما زَالَ يطولُ صلاةَ الفجرِ ؛ فإنَّ القنوتَ لفظٌ مشتركٌ بينَ القنوتِ العرفيِّ والقنوتِ اللغويِّ ، قالَ اللهُ تعالَى : " أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما " فالمرادُ هُنا بالقنُوتِ العبادةُ بِلا ريبٍ .
ومثلهُ : " يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين " .
وفي الحديثِ " أنَّ رجلاً قالَ : يا رسُولَ اللهِ ، أيُّ الصلاةِ أفضلُ ؟ قالَ : طولُ القنوتِ " .
وفي لفظٍ : " طولُ القيامِ " .
فالمرادُ بهذا القنوتِ العبادةُ ؛ قالَ اللهُ تعالى : " ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين " .
ولخبر أبي جعفر الرازي طرقٌ عدةٌ في كتاب " القنوت " للحافظ أبي موسى المدينيِّ .
قال المحاملي : نا أحمد بن منصور وأحمد بن عيسى قالا : ثنا أبو نعيم ، ثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس قال : " كنتُ جالساً عندَ أنسٍ ، فقيلَ لهُ : إنَّما قنتَ رسولُ اللهِ شهراً .
فقالَ : مَا زالَ يقنت في صلاةِ الغداةِ حتى فارقَ الدنيا " .
(1/230)
| 231 | قال : أنا الحداد ، أنا أبو نعيم ، ثنا فاروق ، ثنا أبو مسلمٍ ، ثنا أبو عُمرَ الضريرُ ، ثنا النعمانُ بنُ عبدِ السلامِ ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيعِ ، عنْ أنسٍ " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قنت حتى ماتَ " .
ابنُ المقرئ ، نا أيو يعلى ، نا زهيرٌ ، نا وكيعٌ ، نا أبو جعفر الرازي ، عنِ الربيعِ ، عن أنسٍ " أن رسولَ الله قنتَ في الفجرِ " .
قالَ الحاكمُ : هذا حديثٌ صحيحٌ سندهُ ، ثقةٌ رواتهُ ، ذاكرتُ في بعضَ الحفاظ ، فقالَ : غيرُ الربيعِ بن أنسٍ .
فما زلتُ أتأملُ التواريخَ ، وأقاويلَ الأئمة في الجرحِ والتعديلِ ، فلم أجد أحداً طعن فيه ، وهو بصري ، وردَ خراسانَ .
قال ابنُ أبي حاتمٍ : سألتُ أبي وأبا زرعة عنه فقالا : صدوقٌ ثقةٌ .
وقال ابن أبي خيثمةَ : سُئل يحيى بن معين عن أبي جعفر الرازي ، فقالَ : صالحٌ .
ورَوى الكوسج عنِ ابنِ معينٍ توثيقهُ ، وكذا روى الغلابي عن يحيى .
وقالَ عباسٌ : سمعتُ ابنَ معين يقولُ : أبو جعفر الرازي ثقة ، يغلط فيما يرْوى عن مغيرة .
وقالَ حنبلٌ : سئل أبو عبد الله عن أبي جعفر الرازي فقال : صالحُ الحديثِ .
وقالَ ابن خراشٍ : سيئُ الحفظِ صدوقٌ .
وقال زكريا الساجي : صدوق - ق 53 - أ - / ليس بمقتنٍ .
وقال عبد الله بن أحمد : سمعتُ أبي يقولُ : ليس بقوي ، وقد أوردهُ ابنُ عدي في " كاملِهِ " ، ثم قال : ولأبي جعفر أحاديث صالحة يرويها .
وقد روى الناسُ عنه ، وأرجو أنه لا بأس به .
ورُوي عن الربيع بن بدر - واهٍ - عن عوفٍ ، عن الحسنِ ، عن أنسٍ قال :(1/231)
| 232 | " قنتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ماتَ ، وأبو بكر حتى ماتَ ، وعمرُ حتى ماتَ ، وعثمانُ حتى ماتَ " .
الحسن بن سفيان في " مسنده " ثنا جعفر بن مهران السباك ، ثنا عبد الوارث بن سعيد ، ثنا عوف ، عن الحسن ، عن أنس قال : " صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل يقنت في صلاة الغداة حتى فارقته ، وخلف عمر فلم يزل يقنت في صلاة الغداة حتى فارقته " .
رواه أبو سعيد النقاش ، عن بشر بن أحمد ، ومنصور بن العباس ، ومحمد بن أحمد العمري ، ومحمد بن أحمد بن القاسم الدهستاني ، قالوا : ثنا الحسن بهذا .
قالَ أبو موسى : وجعفرُ بن مهران من جملة الثقاتِ .
قال الحافظ أبو موسى : فلم يبقَ في هذا الإسناد إشكالٌ يطعنُ به عليه .
وقال أبو خليفة : ثنا أبو معمر ، نا عبد الوارث ، عن عمور - عن الحسن ، عن أنس قال : " صليت معَ رسول الله ، فلم يزل يقنت بعد الركوع حتى فارقته ، وصليتُ مع أبي بكر وعمر ، فلم يزالا يقنتانِ بعد الركوع في صلاة الغداةِ حتى فارقتهما " .
وكذا رواه أبو عمر الحوضي ، عن عبد الوارث ، فقال عن عمرو ، وهو ابن عبيد رأس الاعتزال - فهذا هو المحفوظ عن عبد الوارث ، وهو علة حديث السباك .
ولعله عن عبد الوارث ، عن هذا وعن هذا ، لكن هذا بعيد ، بل معدوم ؛ فلو كان عند أبي معمر ، عن عبد الوارث ، عن عوف ، لما تأخر البخاري عن إخراجه ، والسباك فثقة ، ولكن الثقة يغلطُ .
وقالَ أبو موسى : مما يدل على أن له أصلاً عند الحسنِ تدينَ الحسن بهِ .
الطبراني ، نا الدبري ، نا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الحسن " في رجلٍ فاتته من الصبح ركعة ، فصلى مع الإمام ركعةً ، فقنت معه ، قالَ إذا صلى الركعةَ الأخيرةَ ، قنتَ أيضاً " .
(1/232)
| 233 | صفوان بن صالح ، نا الوليدُ ، أخبرني خليد ( أن الحسنَ كانَ إذا قنت في الوترِ والصبحِ يسمعُ من خلفه " .
عثمانُ الدارمي ، ثنا موسى بن إسماعيلُ ، ثنا حماد بن سلمةَ ، عن حميدٍ ؛ " أن الحسنَ كان يقنتُ في الفجر بعد الركوع ، ويجهر بصوته " .
محمد بن أسلم الطوسي ، نا عبد الله بن رجاء ، عن السري بن يحيى ، عن الحسن " أنه سئل : أقنتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الفجر ؟ قالَ : نعم ، والله بعد الركوع " .
وهيب ، عن الحسن ، قال : " إذا أدركت مع الإمام ركعة في صلاة الصبحِ ، فقنت معه ، أجزأك من القنوت في الثانية " .
أبو عاصم ، عن عمران القطان ، عن الحسن " فيمن نسي القنوت في - ق 53 - ب - / الصبح : عليه سجدتا السهو " .
يوسف القاضي ، ثنا سليمان بن حرب ، ثنا أبو هلال ، ثنا حنظلة إمام مسجد قتادة ، قال : " اختلفتُ أنا وقتادة في القنوت في صلاة الصبح ، فقال قتادة : قبل الركوع .
وقلت أنا : بعد الركوع .
فأتينا أنساً ، فذكرنا له ذلك ، فقال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الفجر ، فكبرَ وركعَ ، ورفعَ رأسه وسجدَ ، ثم قام في الثانية ، فكبر وركع ، ثم رفع رأسه فقام ساعة ، ثم وقعَ ساجداً " .
مسدد ، نا حماد ، عن حنظلة السدوسي ، عن أنس " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قنتَ بعد الركوع في الصبح " .
رواه غير واحد عن حنظلة ، وهو صويلح .
أحمدُ بن إسحاقَ الوزان ، نا عمر بن موسى عم الكديمي - ضعيفٌ - نا أبو هلال ، ثنا قتادة وحنظلة ، عن أنس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفعَ رأسه ، فدعا بعدَ الركوع .
.
.
" الحديث .
(1/233)
| 234 | عمرو بن مرزوق ، أنا شعبةُ ، عن مروان الأصفر : سألت أنسَ بن مالكٍ : أقنت عمرُ ؟ قال : ومن هو خيرٌ من عمرَ " .
ورواه عفانُ عن شعبةَ .
أبو همام السكوني ، نا إسماعيلُ بن جعفرٍ ، عن حميد ، عن أنس " وسئلَ عن القنوت في صلاة الصبحِ ؛ أقبل الركوع أم بعدُ ؟ فقالَ : كلا قد كنا نفعل قبل وبعدُ " .
قال أبو موسى المديني : هذا إسنادٌ صحيحٌ ؛ لا مطعن على أحد من رواته بوجه .
البغوي ، نا هدبة ، ثنا حماد بن سلمةَ ، عن أنس قالَ : قنتَ بعضُ أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الركوع ، وبعضهمْ بعدَ الركوعِ .
وهذا أيضاً صحيحٌ .
( خ ) نا أبو نعيم ، نا شيبان ، عن يحيى ، عن أبي سلمةَ ، ( عنْ أبي هريرةَ ) ، قال : " والله لأنا أقربُكُم صلاةً برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - .
فكانَ أبُو هريرةَ يقنتُ في الركعةِ الآخرة من الصبحِ بعدما يقولُ : سمعَ الله لمنْ حمدهُ .
فيدعو للمؤمنين ، ويلعنُ الكفارَ " .
قالَ أبو موسى المديني : قوله : فكانَ أبو هريرةَ يقنتُ .
يدل على مداومته على القنوتِ ؛ لأنه لا حاجةَ بالناسِ إلى أن يريهم شيئا متروكاً ، فأخبر بما تركَ ، وعملَ بما يداومُ عليه فأراهُ الناسَ .
(1/234)
| 235 | قلت : فهو على هذا التقدير دال على أنه يلعن الكفار في القنوت الراتبِ ؛ فهوَ قدرٌ زائدٌ على تلك الثمان كلمات : " اللهم اهدِنا فيمن هديتَ .
.
.
.
وقوله : فأخبر بما تركَ .
يعني بما في خبر يونس ، عن الزهري ، عن سعيدٍ وأبي سلمةَ ، أنهما سمعَا أبا هريرةَ يقولُ : " كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ حينَ يفرغُ من صلاةِ الفجرِ - ق 54 - أ - / من القراءةِ ، ويكبرُ ويرفعُ رأسهُ : سمعَ اللهُ لمنَ حمدهُ ، ربنا لكَ الحمدُ .
ثم يقولُ وهوَ قائمٌ : اللهم انجِ الوليد بنِ الوليد ، وسلمةَ بن هشامٍ ، وعياشَ بن أبي ربيعةَ ، والمستضعفينَ من المؤمنين ، اللهم اشدُدْ وطأتكَ على مضَر ، واجعلْها عليهم كسني يوسفَ ، اللهم العنْ لحياناً ورعلَ وذكوانَ ، وعصيّة عصتِ الله ورسولهُ " .
قال الزهري ( م ) : بلغنا أنه تركَ ذلك لما نزلت : ^ ( ليسَ لكَ منَ الأمرِ شيءٌ .
.
.
) ^ الآية .
قلتُ : أو لعل أبا هريرة لما أراهم ذلك ، كان وقتَ حروبٍ ، فما أكثر ما كانت في صدرِ الإسلامِ .
يعقوبُ الدورقي ، حدثنا عبد الرحمنِ بن مهدي بحديث أنس " أن رسول اللهِ قنتَ شهراً يدعو على أحياء ، ثم تركهُ " .
قال ابن مهدي : يعني ثم تركَ الدعاءَ على الأحياءِ .
وقال أبو قدامة السرخسي ، عن ابن مهدي ؛ إنما ترك اللعنَ .
191 - مسألة : الأفضل في القنوت أنه بعد الركوع .
وقال أبو حنيفة ومالك : قبله .
وقد مر خبر أنس الذي في " الصحيحين " : " قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الركوع شهراً " .
(1/235)
| 236 | وأحمد ، ثنا يحيى ، نا التيمي ، عن أبي مجلز ، عن أنس : " قنت رسول الله شهراً بعد الركوع يدعو على رعل وذكوان " خرجه ( م ) .
وفي خبر أبي هريرة " قنت بعد الركوع " .
فذكروا خبر عاصم عن أنس " وسأله عن القنوت : أقبل الركوع أو بعده ؟ فقال : قبل الركوع .
.
.
" الحديث أخرجاه .
وعن شريك ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقنت في الوتر قبل الركوع " .
وقال أبو بكر الخطيب : الأحاديث التي فيها قبل الركوع كلها معلولة .
قلت : خبر عاصم في " الصحيحين " وهو محمول على طول القيام وتطويل الصبح .
وله خبر عبد العزيز بن صهيب عن أنس " قبل الركوع " وأخرجه البخاري .
قلتُ : علي بنُ بحرٍ ، وإبراهيمُ بنُ موسى الفراءُ قالا : نا محمدُ بنُ أنسٍ ، ثنا مطرفُ بنُ طريفٍ ، عن أبي الجهمِ ، عن البراءِ بنِ عازبٍ " أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ لا يصلِّي صلاةً مكتوبة إلا قنتَ فيها " .
تفرَّدَ به محمدٍ ؛ فإن صح فمراد البراء يعني في النوازل .
ورَوى القطان عن شعبة وسفيان ، عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى ؛ عن البراء " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقنتُ في الصبحِ والمغربِ " .
(1/236)
| 237 | وكذا قال ابن المبارك عن سفيان .
وقد قال أحمدُ بن حنبل : ليس يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قنت في المغرب إلا في هذا الحديث ، وعن علي من قوله .
- ق 54 - ب - / وكيع وعفان وأبو الوليد ، والحوضي وسليمان عن شعبة بهذا ، وذكر الصبح فقط .
العقدي ، ثنا سفيان ، عن محارب ، عن عبيد بن البراء ، عن البراء " أنه كان يقنت في الفجر " .
زادَ ابنُ المباركِ عن سفيانَ فيه : يقنتُ في مسجدِ دارهِ .
قال أبو موسى المديني : وذكرَ عن عبد الرزاق ، عن سفيانَ ، عن مطرفٍ ، عن أبي الجهم ، عن البراء " أنه قنتَ في الفجرِ ؛ فكبرَ حينَ فرغَ من القراءةِ ، ثم كبر حين فرغَ من القنوتِ " .
أحمدُ بن أبي غرزةَ ، نا عبيد الله بن موسى ، نا ابن أبي ليلى ، عن زبيد قال : " سألت عن القنوت ، فبعثوني إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى فقال : سألتُ البراءَ عن القنوتِ ، فقالَ : سنةٌ ماضيةٌ " .
وابن مغيرة وغيره ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن سماكٍ ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباسٍ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنتَ في الفجرِ يدعو على حي من بني سليمٍ " .
عمرو ثقة يهمُ .
سليمانُ بن ( كرَّاز ) - ضعفه ابن عديّ - ثنا سلمُ بنُ ( زَريرٍ )(1/237)
| 238 | حدثنا أبو رجاء قال : " صلى بنا ابن عباسٍ الغداة ، فقنتَ بنا قبلَ الركوع ورفعَ يديه ، قلت : ما نصنع هذا في صلاتنا ، فقال : هذا صلاةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ الله - تعالى - : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " .
الطحاوي ، نا بكار بن قتيبة ، نا أبو عاصم ، عن عوف ، عن أبي رجاء قال : " صليتُ خلفَ ابنِ عباس الصبحَ ، فقنتَ قبل الركوعِ فقال : هذه الصلاة الوسطى " .
أبو نعيم ، عن شريك ، عن عوف ، عن خلاس بن عمرو : " رأيت ابنَ عباس رافعاَ ضبعيهِ في صلاةِ الفجرِ فقالَ : هذهِ صلاةُ رسولِ اللهِ ، قال اللهُ : " وقوموا لله قانتين " .
يحيى بنُ أبي طالب ، ثنا عبدُ الوهابِ ، نا سعيد وعوف ، عن أبي رجاء أنه قالَ : " صلى ابنُ عباس صلاةَ الصبحِ ، فقنتَ بعد الركوع ، فقالَ : هذه الصلاةُ الوسطَى التي قال الله : " وقوموا لله قانتين " .
أبو داود ، نا قرة ، عن أبي رجاء ، قال : " صلى ابن عباس الفجر فقنتَ " .
الدارقطنيُّ ، نا عبد الصمد بن علي ، نا الحسين بن سعيد ، حدثني محمد بن مصبح بن هلقام ، نا أبي ، نا قيس ، عن أبان بن تغلب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : " ما زالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقنتُ حتى فارق الدنيا " .
رواهُ الحاكمُ ، عن عبد الصمدِ ، فزاد : في صلاة الصبح .
أبو غسان النهدي ، ثنا إبراهيمُ بن الحكم بن ظهير ، نا أبي ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطاء وسعيد بن جبير ، عن ابن عباس : " صليتُ خلفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حياته ، فكان يقنتُ في صلاة الصبح حتى فارق - ق 55 - أ - / الدنيا " .
(1/238)
| 239 | إبراهيم كذبه أبو حاتم .
الأثرم ، نا أحمد بن حنبل ، نا هشيم ، عن أبي جمرة قال : " صليت خلف ابن عباس الفجر ، فقنت قبل الركوع " .
قال أحمد : هذا خلاف ما يروى عنه .
يعني بعد الركوع .
أبو الشيخ ، ثنا جعفر بن أحمد بن سنان ، ثنا محمد بن معمر ، ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن عبد الرحمن بن هرمز ، عن بريد بن أبي مريم ، عن أبي الحوراء ، عن الحسن - أو الحسين ، شك أبو عاصم - قال : " حفظتُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاءً كانَ يدعو بهِ ، وأمَرني أن أقنتَ به : اللهم اهدني فيمنْ هديتَ .
.
.
" الحديث .
قال بريد : وسمعتُ ابن عباس ومحمد بن علي بالخيف يقولان : " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقنتُ به في الصبحِ والوتر " .
أبو قرة الزبيدي قال : قال ابن جريج : أخبرني عبد الرحمن بن هرمز " أن بريد بن أبي مريم أخبره بهذا ، وقال : سمعت ابن عباس ومحمد بن علي بالخيف من منى يقولان : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنتُ بهن في صلاة الصبح " .
أخبرنا أيوب الأزدي وغيره قالا : أنا ابن رواحةَ ، أن السفلي ، أنا أبو غالب الباقلاني وجماعة قالوا : أنبأنا عبد الملك بن بشران ، ثنا الفاكهي بمكة ، أنا أبو يحيى بن أبي مسرة ، أخبرني أبي ، أنا عبد المجيد ، عن ابن جريج ، أخبرني عبد الرحمن بن هرمز ؛ أن بريد بن أبي مريم أخبره ، قال : سمعت ابن عباس ومحمد بن علي بالخيف يقولان : " كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنتُ في الصبحِ ، وفي وتر الليلِ بهؤلاء الكلمات : اللهمَّ اهدني فيمن هديتَ ، وعافِني فيمن عافيتَ ، وتولَّني فمينْ توليتَ ، وباركْ لي فيمَا أعطيتَ ، وقِني شرَّ ما قضيتَ ، إنكَ تقضي ولا يقضى عليكَ ، إنه لا يذل منْ واليتَ ، تباركتَ ربنا وتعاليتَ " .
(1/239)
| 240 | الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال : أخبرني من سمعَ ابن عباس ومحمد بن علي بالخيف يقولان .
.
.
فذكر نحوهُ .
لم يجوده عبد الرزاق .
أبو عبد الله الحاكم ، أنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني ، نا يوسف بن موسى ، نا أحمد بن صالح ، نا ابن أبي فديك ، عن عبد الله بن سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قالَ : " كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من الركوعِ من صلاة الصبحِ في الركعةِ الثانيةِ يرفع يديه ، فيدعو بهذا الدعاء : اللهم اهدني فيمن هديتَ .
.
.
.
" الحديث .
عبد الله تركوه .
وروينا في " جزء اللكي " : نا عبد الله بن محمد البلوي ، نا إبراهيم بن عبد الله بن العلاء ، عن أبيه ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه علي قال : " كلمات علمهن جبريل رسولَ الله يقولهن في قنوت الفجر : اللهم اهدني فيمن هديتَ .
.
.
" .
قلتُ : اللكي ضعيفٌ ، والبلويْ طير غريبٌ ، وهذا مما وضع على أهل البيت .
(1/240)
| 241 | - ق 55 - ب - / الحسين بن الحكم ( الحيري ) ثنا أبو غسانَ النهدي ، نا جعفر بن زياد الأحمر ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن علي " أنه كان يقنتُ في الصبحِ بعد رفعِ الرأسِ من الركعةِ الثانيةِ ، ويذكرُ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمره بذلك " .
جعفر محله الصدقُ ، وأبو البختري لم يدرك علياً .
قال الحاكمُ : سمعتُ أبا جعفر محمدَ بن عبيد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب النقيب بالكوفة يقول : " صلتُ خلفَ أبي إلى أن مات ، فرأيته يقنتُ في الصبح ، وحدثني أنه رأى أباه يفعل ذلك ، وحدثه أنه رأى أباه يفعل ذلك ، فذكره مسلسلاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك " .
وسندهُ ظلماتٌ .
محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي - شيعي اتهمه ابن عدي - ثنا موسى بن إسماعيلَ بن موسى بن جعفر الصادق ، نا أبي ، عن أبيه ، عن جده جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه علي : " كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقنتُ في الركعةِ الثانيةِ من صلاةِ الصبحِ حتى توفاهُ اللهُ " .
محمد بن الصلتِ ، وسعيدُ بن عثمانَ - بطريقين - أن عمرو بن شمرٍ حدثهما عن جابر ، عن أبي الطفيل ، عن علي وعمار " سمعَا رسولَ الله يجهرُ في المكتوباتِ ببسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ في الفاتحةِ ، ويقنتُ في صلاةِ الصبحِ والوترِ " .
عمرو : رافضي متروك ، عن جابرٍ : هالك .
(1/241)
| 242 | إسحاق بن أبي فروةَ - متروك - نا محمد بن المنذر ، عن جابر " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقنتُ في الصبحِ " .
الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " نا يحيى نب هاشم - متروك - نا هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة : " كان رسولُ الله يقنتُ في الفجرِ قبلَ الركوعِ وقالَ : إنما أقنتُ بكم لتدعوا ربكم ، وتسألوه حوائجكم " .
بندار ، نا القطان ، نا العوامُ بن حمزةَ قال : " سألت أبا عثمانَ النهدي عن القُنوتِ في الصبحِ ، فقال : بعد الركوعِ .
قلتُ : عمنْ ؟ قال : عن أبي بكر ، وعمرَ ، وعثمانَ " .
قال الأثرم : قال لي أبو عبد الله : يحفظ عاصم ، عن أبي عثمان ، عن أبي بكر وعمر ؟ قلت : لا أعرف إلا حديث العوامِ بن حمزةَ في القنوت - يعني .
قال : فإني استغربته وافق هذا الشيخ .
يعني وافق عاصماً الأحولَ ثم قال : ثنا يونس بن محمد ، نا حماد بن زيد ، عن عاصم الأحول ، عن أبي عثمان " أن أبا بكر وعمر قنتا في الصبح بعد الركوع " .
محمد بن كثير البصري ، نا شعبة ، عن عاصم ، عن أبي عثمان النهدي ، قالَ : " صليت خلفَ عمرَ ، فقنتَ بعدَ الركوعِ " .
ابن عقدةَ ، نا الحسينُ بنُ محمد الجعفي ، نا ثعلب بن الضحاك ، حدثني يحيى بن إبراهيم بن المغيرة ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن عبدالأعلى ، - ق 56 - أ - / عن سويد ابن غفلةَ قالَ : " صليتُ خلفَ أبي بكر وعمرَ ، فقنتا " .
وكان سويد يقنتُ في الفجر .
سنده مظلم .
قال أبو موسى المديني : رواهُ جابر الجعفي ، عن إبراهيم النخعي ، عن سويد ، فذكر عن أبي بكر وعمرَ وعثمانَ وعلي وابنِ عباسٍ ، قالَ : كلهم قنتَ في الفجرِ .
(1/242)
| 243 | جابر رافضي واه .
عبيد بن الصباح - ضعيف - نا مبارك بن فضالة ، عن علي بن زيد ، عن أبي رافع ، عن أبيه قال : " قنتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ ، وأئمةُ العدلِ والجورِ " .
سندهُ واهٍ .
الربيعُ ، قال الشافعي : قنتَ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصبح وأبو بكر وعمرُ وعلي ، كلهم بعد الركوعِ ، وعثمانُ بعضَ إمارتِهِ ، ثم قدم القنوت قبل الركوع ، وقال : ليدركَ من سبق بالصلاةِ الركعةَ .
خالد الحذاء ، عن محمد : " سألتُ أنسًا : هل قنتَ عمرُ ؟ قالَ : نعمْ ، ومن هو خيرٌ من عمر ؛ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الركوع " .
صحيحٌ .
ابن عيينةَ ، حدثني مخارقٌ ، عن طارقِ بن شهاب قال : " صليتُ خلفَ عمرَ الصبحَ فقنتَ " .
يحيى القطانُ ، عن جعفر ، حدثني أبو عثمان قال : " كنا نجيء وعمر يؤم الناسَ ، ثم يقنتُ بنا بعدَ الركوعِ ؛ يرفعُ يديهِ حتى يبدو كفاهُ ، ويخرج ضبعيهِ " .
جعفر هو ابنُ ميمونَ بياع الأنماط صالح .
رواه الثوري عن جعفر مختصراً .
أبو معمرٍ ، نا عبد الوارث ، نا موسى أبو العلاء العتبي ، حدثني أبو عثمانَ النهدي قالَ : " حججت في الجاهلية ، ورجعتُ إلى أهلي ، ثم بعثَ إليهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصدقونني ، قال : ثم ذهبتُ أطلبُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدته قد ماتَ ، ثم كان أبو بكر قل ما لبث ، ثم أتيتُ عمرَ ، فمكثتُ عنده شهرين ، فكان يقنتُ في صلاة الغداة بعد الركوع " .
(1/243)
| 244 | آدم وجماعة ، نا شعبةُ ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن الأسود قال : " صليتُ خلفَ عمرَ في السفرِ والحضرِ ما لا أحصيِ ، فكان يقنتُ في الركعةِ الثانيةِ من صلاةِ الصبحِ ، ولا يقنتُ في سائر صلاتهِ " .
سندهُ صحيحٌ .
الطحاوي ، ثنا بكار ، نا أبو داودَ ، ثنا همام ، عن قتادةَ ، عن أبي رافعٍ ، قالَ : صليتُ خلفَ عمرَ الصبحَ فقرأ بالأحزاب ، فسمعْتُ قنوتَه وأنا في آخر الصفُوفِ " .
سقط بعد قتادة : الحسن .
يزيد بن زريع ، نا سعيد ، عن قتادة " أن الحسن وبكر بن عبد الله حدثاه أن أبا رافع كان يصلي الصبحَ مع عمرَ ، فقنتَ فيها بعدَ الركوع يسمعُهم الدعاء " .
الفلاسُ ، نا سعيد بن عامر ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن معبد بن سيرين : " صليتُ خلفَ عمرَ صلاةَ الصبح ، فقنتَ - ف 56 - ب - بعد الركوع بالسورتين - يعني : اللهم إنا نستعينك " .
كان بعضهم يعدونه من القرآن .
الأثرمُ ، قال أبو عبد الله : نا إسماعيل ، عن سلمة بن علقمة ، عن ابن سيرين ، عن أخيه يحيى بن سيرين قال : " سألت بالمدينة فحدثوني أن عمرَ قنتَ في الصبحِ بعد الركوعِ ، فقرأها بين السورتين : اللهم إنا نستعينُكَ ، واللهم إياك نعبدُ " .
الأثرم ، نا أحمد ، نا الوليد ، نا الأوزاعي ، عن عبدةَ ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى " أن عمرَ قنتَ في الصبح بعد القراءة ، قبل الركوع " .
قال أحمد : ما أعجب هذا ؛ كل من روى من الكوفيينَ عن عمرَ في القنوت قالوا : قبل الركوع ، وكل من روى من البصريين عن عمر في القنوت ، قالوا : بعد الركوع " .
أحمدُ بن الفراتِ ، ثنا أبو داود ، نا شعبة ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن(1/244)
| 245 | ابن عباس قالَ : " صليت خلفَ عمرَ ، فقرأ بهاتين السورتين : اللهم إياك نعبدُ ، ولك نصلي ونسجدُ .
.
.
" إلى قوله : " " إن عذابك بالكفار ملحق " .
الأثرم ، أنا أحمد ، نا ابن فضيل ، نا حجاج بن أرطاة ، عن عياش العامري ، عن ابن مغفل قال : " اجتمع عمرُ وعلي وأبو موسى أن يقنتوا في الفجرِ قبل الركوعِ " ، وعجبَ أبو عبد الله من حديث عياش هذا ، فقلت له : قد رواه حماد بن سلمة عن حجاج .
عثمان الدارمي ، ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا حماد ، أنا ثابت أن أبا رافعٍ وأبا عثمان قالا : " صلينا خلف عمر ، فكان يقنتُ في صلاة الفجرِ بعد الركوعِ ، ويجهر بصوته حتى يسمعَ صوته ( خارقاً ) من المسجد " .
النفيلي ، ثنا خليد بن دعلج ، عن قتادة ، عن أنس قال : " صليتُ خلفَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقنت ، وخلفَ عمرَ فقنتَ ، وخلف عثمانَ فقنتَ " .
خالفه محمد بن سليمان بن أبي داود فقال : ثنا خليد ، عن قتادةَ ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : " قنتَ رسولُ اللهِ ، وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ بعدَ الركوعِ ، ثم تباعدت الديار ، ونأتِ المنازلُ ، فطلبوا إلى عثمانَ ، فجعلَ القنوتَ قبلَ الركوعِ ليدركوا الركوعَ " .
النفيلي أوثق هشيم ، عن حصين قال : " صليتُ الغداةَ ، فصلى خلفي زياد بن عثمان فقنت ، فلما قضيتُ صلاتي قالَ لي : ما قلتَ في قنوتك ؟ قلتُ لهُ : ذكرتُ الله تعالى ، وهؤلاءِ الكلماتِ : اللهم إنا نستعينكَ ، اللهمَّ إياكَ نعبدُ .
.
.
إلى آخرِهما .
فقال زياد : كان كذلكَ يصنعُ عمرُ وعثمانُ " .
شعبةُ ، وسفيانُ ، عن أبي حصين ، عن عبد الله بن معقل قال : " كانَ علي ، وأبو موسى يقنتان - ق 57 - أ - / في صلاةِ الغداةِ " .
معاذُ بن معاذ ، نا شعبةُ ، عن عبيد أبي الحسن ، عن عبد الله بن معقل ،(1/245)
| 246 | قال : " شهدتُ علياً قنتَ في صلاةِ الفجرِ بعدَ الركوعِ ، ويدعو في قنوته على خمسة رهطٍ " .
يوسف بن عدي ، نا أبو الأحوص ، عن مغيرةَ ، عن إبراهيم ، قال : " كانَ عبدُ الله لا يقنتُ في الفجرِ ، وأولُ ما قنتَ فيها علي ، وكانوا يرون أنه فعل ذلك ؛ لأنه كان محارباً " .
جرير ، عن مغيرةَ ، عن إبراهيمَ : " إنما كان علي - رضي الله عنه - يقنتُ هاهنا ؛ لأنه كان محارباً ، فكان يدعو على أعدائه في القنوت ، في الفجر والمغرب " .
شريك ، عن فطر ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عبد الرحمن بن سويد الكاهلي قال : " كأني أسمعُ علياَ - رضي الله عنه - في الفجرِ حينَ يقنتُ ، وهوَ يقول : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك " .
رواه ابن مهدي ، عن سفيان ، عن حبيب .
سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن ( عبد الرحمن بن معقل ) " أن علياّ صلى المغربَ ، فقنتَ بعد الركوعِ " .
أبو داودَ ، نا شعبة ، عن حصين ، عن عبد الرحمن بن معقل قال : " صليتُ خلف علي المغربَ ، فقنتَ يدعو على أبي الأعورِ ، وغير واحدٍ " .
العقدي ، ثنا سفيان ، عن هشام ، عن ابن سيرين " أن معاذاً أبا حليمةَ كانَ يقولُ في القنوتِ : اللهم قُحط المطرُ ، فقولوا : آمين " .
عبد الرازق ، عن ابن المجالد ، عن أبيه ، عن إبراهيمَ ، عن علقمةَ : " كانَ علي ومعاوية يقنتان في الركعةِ الأخيرةِ من الصلاةِ حينَ حاربا " .
وروى مجالد - وليس بقوي - عن إبراهيم ، عن علقمة والأسود قالا : " ما قنتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلا إذا حارب ؛ فإنه كانَ يقنتُ في الصلواتِ كلهنَّ ، ولا قنتَ أبو بكر ولا عمرُ ولا عثمانُ ، وقنتَ علي في الصَّلواتِ حينَ حاربَ أهلَ(1/246)
| 247 | الشامِ ، وكانَ معاويةُ يقنت أيضاً ؛ كل واحدٍ منهما على صاحبه " .
قلت : فهذا يوضح أنهم قنتوا ، وأنهم تركوا ، وأنهم كانوا لا يرون القنوت راتباً في الصبحِ .
وبهذا تتوفق الأحاديثُ كلها ، مع أن بعضَ الصحابة كان يدمنُهُ ، وفي التابعينَ جماعةٌ فعلوهُ راتباً .
مالك ، عن هشام ، عن أبيه عروة ، أنه كان يقنتُ في الفجرِ قبلَ الركوعِ .
وقال داودُ بن قيس : كان أبانُ بن عثمان وأبو بكر بن محمد يقنتان في الصبحِ .
معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : إنما القنوتُ طاعةُ اللهِ .
فكانَ يقنتُ بأربع آياتٍ من أولِ البقرةِ ، ثم " إن في خلق السماوات والأرض " الآية و " الله لا إله إلا هو الحي القيوم " ثُمَّ " لله ما في السماوات وما في الأرض " .
حتى يختمَ البقرةَ ، ثم : " قل هو الله " والمعوذتين - ق 57 - ب - / ثم : ( اللهم إيَّاكَ نَعبدُ .
.
.
) إلى آخره ، ثم : ( اللهمَّ إنَّا نستعينكَ ونستغفرُكَ .
.
.
) إلى آخره .
ورواهُ ابن جريج ، عن ابن طاوس ، وزاد : " كان أبي يقولها في الصبحِ ، وكانَ لا يجهرُ به " .
محمد بن نصر قال : قال ابن وهب : لكني أرى القنوت بعد الركوع ؛ للذي جاءَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وجاءَ عن عمرَ بن عبد العزيزِ أنه كانَ يأمرُ بهِ .
ورَوى عطاء ، عن عبيد بن عمير ، أنه قنتَ في الصبحِ ، وكذا عن مجاهدٍ .
الأصم ، نا سعيد بن سعد الحجواني ، ثنا جنيد الحجام قال : خلف فينا جعفر بن محمد ، فسألته عن القنوت فقال : لو تركت القنوتَ ، لظننتُ أني تركتُ شيئاً من صلاتي .
وعن ابن أبي ليلى القاضي قال : ما كنتُ لأصلي خلفَ من لا يقنتُ .
وكان يقنت في الصبحِ ، لكن قبل الركوعِ ، كمالكٍ .
وعن الليث أنه كان يقنتُ في الصبحِ .
(1/247)
| 248 | وعنه كراهية القنوت جملةً .
وأهل مكة يقنتون ؛ كابن جريج وغيره .
فأما من لم ير القنوت سنة ، فالحنفية ؛ فقال إبراهيم بن عبد الله السعدي ، أنا سلم أبو مقاتل السمرقندي ، عن نصر بن عبد الكريم قال : سألتُ أبا حنيفةَ عن القنوتِ إذا كنت خلفَ الإمامِ ، قالَ : القنوتُ عندي بمنزلة التشهد ؛ يقنتُ من خلف الإمام في أنفسهم كما يقنتُ الإمامُ .
وروى أصبغ وجماعة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، قال : سئل مالك عن القنوت في الصبحِ ، قال : الذي أدركت عليه الناس ، وهو أمر الناس القديم ، فالقنوت قبل الركوع ، وبه آخذُ .
قلتُ : فالقنوت في الوتر ؟ قال : ليس فيه قنوتٌ .
وقال ابن وهب : سمعتُ مالكاً يقول : الذي آخذُ به في خاصة نفسي ، القنوتُ في الفجر قبل الركوعِ .
وقالَ ابن وهب : كان مالك والليث لا يرفعان أيديهما في القنوتِ .
وقال أبو نعيم : سمعتُ الثوري يقول : إن قنتَ فحسنٌ ، وإن ترك فحسن .
وقال علي بن الجعد : سمعتُ سفيانَ الثوري ، وسئلَ عن القنوت في الفجرِ ، فقال : لا بأس به ، وأما نحن فلا نفعله .
وقال الحسينُ بن حفص ، عن سفيان قال : منهم من قنتَ ، ومنهم من لم يقنتْ ، ولكن لا يعجبني القنوتُ في الفجر .
وقال إسحاق الحربي : سمعتُ أبا ثور يقول لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : ما تقولُ في القنوت في الفجر ؟ قال : إنما يكون القنوت في النوازِلِ .
فقال أبو ثور : وأي نوازل أكثر من هذِه النوازلِ التي نحن فيها .
آخره .
(1/248)
| 249 | الجماعة والإمامة
192 - - ق 58 - أ - مسألة : الجماعةُ واجبةٌ .
وزاد داود ؛ فجعلها شرطاً والأكثر سنة .
لنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " لقد هممتُ أن آمرَ المؤذن فيؤذن ، ثم آمر رجلاً يصلي بالناس ، ثم أنطلق معي رجالٌ معهم حزم الحطب إلى قوم يتخلفون عن الصلاة ، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " .
أخرجاه .
إسرائيلُ ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لقد هممت أن آمر رجلاً فيصلي بالناس ، ثم أمر بأناسٍ لا يصلون معنا ، فنحرقَ عليهم بيوتَهم " .
رواه أحمد .
قلتُ : رواه ( م ) من رواية زهير ، عن أبي إسحاقَ ، فزاد فيه : " يتخلفُون عنِ الجمعةِ " .
شيبانُ عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن عمرو بن أم مكتوم قال : " جئتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقلتُ : يا رسول الله ، أنا ضرير شاسعُ الدار ، ولي قائد(1/249)
| 250 | لا يلائمني ، فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ قال : أتسمع النداءَ ؟ قلت : نعم .
قال : ما أجد لك رخصة " .
قلتُ : رواهُ ( د ق ) من حديثِ زائدةَ وغيرِه ، عنْ عاصمِ بنِ أبي النجودِ .
ورواهُ ( س ) منْ حديثِ الثوريِّ ، عنْ عبدِ الرحمنِ بنِ عابسٍ ، عن ابنِ أبي ليلى ، عنِ ابنِ أمِّ مكتومٍ .
ومن " مسند أحمدَ " ، عن عبدِ الله بنِ شدادٍ ، عن ابن أم مكتومٍ ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أتى المسجدَ ، فرأى في القوم رقةً فقال : " إنِّي لأهمُّ أنْ أجعلَ للناسِ إماماً ، ثم أخرجَ فلا أقدر على إنسان يتخلفُ عن الصلاة في بيتهِ إلا أحرقته عليه ، فقلتُ : يا رسولَ الله ، إن بيني وبين المسجد نخلاً وشجراً ، ولا أقدرُ على قائد كل ساعةٍ ، أيسعني أن أصلي في بيتي ؟ قال : أتسمعُ الإقامةَ ؟ قال : نعمْ .
قال : فائتها " .
وحجةُ داود : جرير الضبي ، عن أبي جناب ، عن مغراء العبدي ، عن عدي ابن ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قالَ : قال رسولُ اللهِ : " منْ سمعَ المنادِي ، فلم يمنعهُ من اتباعهِ عذرٌ - قالوا : وما العذرُ ؟ قال : خوفٌ ، أو مرضٌ - لم تقبلْ منه الصلاةُ التي صلى " .
أبو جناب يحيى بن أبي حيةَ ، تركهُ الفلاسُ .
وقال ابن معين : صدوق ، لكنه يدلسُ .
قلنا : وفي ( خ ) لمالكِ بن الحويرثِ ، قالَ : قال لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا حضرتِ الصلاةُ ، فأذنا وأقيما ، ثم ليؤمكما أكبركما " .
(1/250)
| 251 | وبإسناد جيدٍ عن ابن عباس مرفوعاً : " من سمعَ النداءَ ، فلم يجب ، فلا صلاةَ له إلا من عذرٍ " .
وقال ابنُ مسعودٍ : لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلوات إلا منافق معلومُ النفاق ، ولو صليتم في بيوتكُم ، وتركتُم مساجدكُم تركتُم سنةَ نبيكُم ، ولو تركتُم سنةَ نبيكُم لضللتم .
وقال أبو موسى : - ق 58 - ب - / من سمعَ النداء ، فلم يجبْ منْ غيرِ عذرِ ، فلا صلاةَ لهُ .
وقالَ أيوبُ ، عن نافعٍ ، أن ابنَ عمَر صلى ركعتين من المكتوبةِ في منزلهِ ، فسمعَ الإقامة ، فخرج إليها ، فلو أجزأته في منزله ، ما قطعها .
وعن أبي هريرةَ قالَ : لأن تمتلئ أُذُنا ابنِ آدمَ رصاصاً مذاباً خيرٌ لهُ من أنْ يسمعَ المنادي فلا يُجبهُ .
يحيى القطان وجماعة قالوا : نا أبو حيان التيمي ، حدثني أبي ، عن علي : لاَ صلاةَ لجارِ المسجدِ إلا في المسجدِ .
قيل : يا أمير المؤمنينَ ، ومن جارُ المسجد ؟ قال : من سمعَ الأذانَ .
193 - مسألة : يكبِّرُ المأمومُ بعدَ فراغِ الإمامِ منهُ .
وقال أبو حنيفة : له أن يكبر معهُ .
لنا حديث الزهري ، عن أنس مرفوعاً : " إنما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به ؛ فإذا كبرَ فكبروا .
.
.
" الحديث .
أخرجاه .
(1/251)
| 252 | هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا ركعَ فارْكعوا ، وإذا رفع فارفعوا " .
أبو إسحاق ، عن عبد الله بن يزيدَ ، نا البراء قال : " كنا إذا صلينا خلف رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فرفعَ رأسه من الركوعِ ، لم يحنِ رجل منا ظهرهُ حتى يسجُدَ رسولُ الله فنسجد " .
فالثلاثة في " الصحيحين " .
هشام الدستوائي ، نا قتادة ، عن يونس بن جبير ، عن حطان بن عبد الله ، عن أبي موسى ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " أقيموا صفوفكم ، وليؤمكم أقرؤكم ، فإذا كبرَ وركعَ فكبروا ، واركعُوا ؛ فإن الإمامَ يركعُ قبلكُم ويرفعُ قبلكمُ ، وإذا كبرَ وسجدَ فكبروا واسجدوا ، فإنَّ الإمامَ يسجدُ قبلكُم ويرفعُ قبلكُم " ( م ) .
194 - مسألة : للعجوز حضور الجماعة .
وقال أبو حنيفة : يكره ، إلا في الفجر والعشاء والعيد .
لنا عبيدُ الله ، عن نافع ، عن ابن عمرَ ، قالَ رسولُ الله : " لا تمنعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ " .
والزهري ، عن سالمٍ ، عن أبيه مرفوعاً : " إذا استأذنتْ أحدكم امرأته أن تأتي المسجد ، فلا يمنعها " .
والأعمشُ ، عن مجاهد قال : قال ابن عمرَ : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ائذنوا للنساءِ إلى المسجدِ بالليلِ " .
(1/252)
| 253 | 195 - مسألة : يستحبُّ للنساءِ الجماعةَ .
وعنه لا يستحب ، كأبي حنيفة ، ومالك .
لنا حديثُ أم ورقةَ " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أذنَ لها أن تؤمَّ نساءَها " .
وقد مرَّ في الأذان .
ويروى في حديث : " وتصلي معهنَّ في الصفِّ " .
196 - مسألة : إنْ صلتْ في صفِّ الرجالِ ، لم تبطلْ صلاتُها ، ولاَ صلاةُ منْ يلِيها .
وقال أبو حنيفة : تبطلُ صلاةُ من يلي جانبيها ، ومن يحاذيها ومن وراءها .
وقال داود : تبطلُ صلاتُها دونَهم .
لنا : الزهري ، عن عروةَ ، عن عائشة : " كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاتهُ من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلةِ ، كاعتراض الجنازةِ " .
( خ م ) .
- ق 59 - أ - / فذكروا خبرَ : " يقطعُ الصلاةَ : المرأةُ ، والكلبُ ، والحمارُ " .
قلنا : إنما أراد إذا مروا بينَ يدي المصلي ، وليسَ بينَ يديه سترةٌ .
مالك ، عن إسحاق بن عبد الله ، عن أنس " أن جدته مليكةَ دعتْ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعتهُ ، فأكلَ منه ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قومُوا ، فلأصلي لكم .
قالَ أنس : فقمتُ إلى حصير قد اسودَّ من طولِ ما لبسَ ، فنضحتهُ بماءٍ ، فقامَ عليهِ رسولُ اللهِ ، وقمتُ أنا واليتيمَ وراءهُ ، وقامتِ العجوزُ من ورائنا ، فصلى بنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ركعتينِ ، ثمَّ انصرفَ " .
(1/253)
| 254 | أخرجاه .
قلت : صلاتُها وحْدها في صفٍّ يدلُّ علَى جوازِ ذلكَ لَها ، وعلَى منْعِها منْ مصافةِ أنسٍ واليتيمِ .
197 - مسألة : القارئُ الخاتمُ إذا كانَ يعرفُ أحكامَ الصَّلاةِ أولى منَ الفقيهِ الَّذي لاَ يحسنُ إلا الفاتحةَ ، خلافاً لهُم .
فقد مر حديث أبي موسى : " وليؤمكُم أقرؤُكُم " .
وحديثُ الأعمش وغيره ، عن إسماعيل بن رجاء ، عن أوس بن ضمعج ، عن أبي مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواءً ، فأعلمُهم بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواءً ، فأقدمهم هجرةً ، فإن كانوا في الهجرة سواء ، فأكبرهم سناً ، ولا تؤمن رجلاً في سلطانِهِ ، ولا تجلسْ على تكرمتِه في بيتهِ حتى يأذنَ لكَ " ( م ) .
شعبةُ وغيره ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا كان ثلاثةٌ ، فليؤمهم أحدُهم ، وأحقُّهم بالإمامةِ أقرؤهمْ " ( م ) .
أيوبُ السختياني ، عن عمرو بن سلمة ، قال : " كانَ الركبانُ يمرون بنا راجعونَ من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدْنو منهم ، فأسمعَ حتى حفظت قرآناً ، فانطقَ أبي بإسلام قومه ، فقال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قدموا أكثركم قرآناً .
فنظروا ، فما وجدَ فيهم أحدٌ أكثر قرآناً مني .
فقدموني وأنا غلامٌ ، فصليتُ بهمْ " ( خ ) .
198 - مسألة : لا تصحُّ إمامةُ الفاسقِ .
(1/254)
| 255 | وعنه : تصح - كقولِ أبي حنيفةَ والشافعي .
لنا حديث - لكنه باطل - تفرد به محمد بن إسماعيل الرازي ، نا عمرو بن تميم الطبري ، ثنا هوذة ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " إنْ سركم أن تزكوا صلاتكم ، فقدموا خياركُم " .
قلتُ : لو صحَّ لكانَ دليلاً على الصحَّةِ .
وبسندٍ مظلمٍ من الدارقطنيُّ ، عن سعيد بن جببر ، عن ابن عمرَ مرفوعاً : " اجعلوا أئمتكم خياركم ؛ فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين - ق 59 - ب - / ربكُم " .
قلتُ : واذَا لو صحَّ ، لدلَّ على الأولوِيَّةِ .
وحديثٌ رواه أصحابنا ، عن علي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قالَ : " لاَ تقدمُوا صبيانكم ولا سفهاءكم في صلاتكم ، فإنهم وفدكُم إلى اللهِ " .
قلتُ : لمْ يصحَّ .
ولهم بإسناد عجيب ، عن الحارث الأعور ، عن علي مرفوعاً قال : " من اصل الدين الصلاة خلف كل بر وفاجر ، والصلاة على من مات من أهلِ القبلةِ " .
عن عمرَ بن صبح - متهم - عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله مرفوعاً : " ثلاثٌ من السنةِ : الصفُّ خلفَ كل إمام ؛ لك صلاتكَ وعليهِ إثمُهُ ، والجهادُ معَ كل أمير ، والصلاةُ على كل ميتٍ من أهلِ التوحيدِ وإن كانَ قاتلَ نفسه " .
قلتُ : ذا باطلٌ .
وخرجه الدارقطنيُّ .
ابن أبي فديك ، ثنا عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة - واه - عن هشام بن عروة ، عن أبي صالحٍ ، عن أبي هريرةَ مرفوعاً : " سيليكُم بعدي ولاةٌ ؛ فيليكُم البر ببرِهِ ،(1/255)
| 256 | والفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم وأطيعوا فيما وافق الحق ، وصلوا وراءهم .
.
.
" الحديث .
بقية ، نا الأشعث ، عن يزيد بن يزيد بن جابر ، عن مكحول ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " الصلاة واجبة مع كل مسلم ، براً كان أو فاجراً ، وإن عمل بالكبائر ، والجهاد واجب عليكم مع كل أمير ، براً كان أو فاجراً " .
أشعث مجروح ، ومكحول لم يدرك أبا هريرة .
معاوية بن صالح ، عن العلاء بن الحارث ، عن مكحول ، عن أبي هريرةَ ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " صلوا خلف كل بر وفاجرٍ ، وصلوا على كل بر وفاجرٍ ، وجاهدوا مع كل بر وفاجرٍ " .
الحارث بن نبهانَ ، نا عتبة بن يقظانَ ، عن أبي سعيد ، عن مكحول ، عن واثلةَ مرفوعاً قال : " لا تكفروا أهلَ ملتكُم وإنْ عملوا بالكبائرِ ، وصلوا معَ كلِّ إمامٍ .
.
.
" الحديث .
قلتُ : أبو سعيد مجهولٌ ، وعتبةُ والحارثُ لا شيءَ .
( الوليد بنُ حجاج الخراساني ) عن مكرم بن حكيم الخثعمي ، عن سيف ابن منير ، عن أبي الدرداء ، سمعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا تكفروا أحداً من أهلِ قبلتي بذنب وإنْ عملُوا الكبائرَ ، وصلوا خلفَ كل إمامٍ ، وجاهدُوا مع كل أميرٍ ، لا تقولُوا في أبي بكر ، ولاَ في عمرَ ، ولاَ في عثمانَ ، ولاَ في علي إلا خيراً ، قولُوا : تلكَ أمةٌ قدْ خلتْ .
.
.
" .
(1/256)
| 257 | قلتُ : هَذا باطلٌ ، ورواتهُ تلفى هلْكَى .
ويُرْوى بإسنادٍ آخر مظلم ، عن مكرمٍ هَذا مختصراً .
وعن عثمانَ بن عبد الرحمن - واه - عن عطاءٍ ، عن ابن عمرَ مرفوعاً : " صلوا على منْ قالَ : لاَ إلهَ إلا الله ، وصلوا خَلْفَ من قالَ : لاَ إلهَ إلا اللهُ " .
عن محمد بن الفضل بن عطية - متروك - نا سالم الأفطس ، عن مجاهدٍ ، عن ابن عمرَ مرفوعاً مثله .
والكلُّ منَ الدارقطنيُّ ، فهوَ مجمع الحشراتِ .
- ق 60 - أ - / عن وهب بن وهب - كذاب - عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمرَ مرفوعاً مثل الذي قبله .
عثمان بن عبد الله العثماني - كذاب - نا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمرَ مرفوعاً نحوهُ .
الميانجي ، ثنا عثمان بن نصر الطائي ، ثنا ( العلاءُ بن سالمٍ ) ، ثنا أبو الوليد المخزومي ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر بهذا .
أبو الوليد هو خالد بن إسماعيل - وضاع - قاله ابن عدي ، والثلاثة من " تاريخ الخطيب " .
سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث : " صلوا خلف كل بر وفاجرٍ " .
فقالَ : ما سمعنا بهذا .
(1/257)
| 258 | 199 - مسألة : لا تصحُّ إمامةُ الصبيِّ في الفرضِ ، وفي النفلِ روايتانِ .
وقالَ الشافعي : تصح فيهما .
وحجته حديث عمرو بن سلمة ، وقد أم قومه في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
رواه ( خ ) .
قلنا : لا حجة فيه ؛ لأنه كانَ في أولِ إسلامِ القومِ ، ولم يعلموا بجميع الواجباتِ ؛ وما فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر على ذلكَ .
200 - مسألة : لا يصحُّ اقتداءُ المفترضِ بمتنفلٍ ، ولاَ منْ يصلِّي الظهرَ بمنْ يصلَّي العصْرَ .
وصححه الشافعي .
وعن أحمد نحوه .
في ( خ م ) عن أنس : " إنما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ بهِ " .
قلتُ : لا يدلُّ .
ولهم ابن عيينة ، عن عمرو ، سمع جابراً قال : " كانَ معاذٌ يصلي معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يرجعُ فيؤمنا " وقالَ مرةً ، " فيصلي بقومه " ( خ م ) .
قيل : هذه قضية عين ؛ يحتمل أن يكون متنفلاً بالأولى .
قالوا : فقد جاءَ في الحديث : " فتكونُ له تطوعاً " .
يعني الثانية .
قلنا : ذا ظن من الراوي .
عبدُ الوهاب الثقفي ، نا عنبسة ، عن الحسن ، عن جابر " أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ محاصراً بني محارب ، ثم نودِي في الناس أن الصلاةَ جامعة ، فجعلهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - طائفتين ؛ طائفة مقبلة على العدو ، فصلى بطائفة ركعتين ثم سلَّمَ ،(1/258)
| 259 | فانصرفوا فكانوا مكانَ إخوانهم ، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعتينِ فكانَ له أربعُ ركعاتٍ ، ولكل طائفةٍ ركعتينِ " .
قلنا : لا يصح ؛ عنبسةُ ليسَ بشيءٍ .
قلتُ : سرد أقوال طائفة في عنبسةَ هكذا وما نَسَبَهُ ، وهم غير واحد ، بعضهُم أضعفُ من بعضٍ .
قلتُ : هذه الصلاةُ صحيحة من وجه آخرَ عن جابرٍ ، لكنْ ما فيه أنه عليهِ السلامُ سلمَ من الثنتينِ ، خرجه ( خ م ) نعم ، هشام الدستوائي ، عن قتادة ، عن سليمان اليشكري ، عن جابر قال : " فصلى رسولُ اللهِ بالذينَ يلونَه ركعتين ، ثم سلم ثم تأخرَ الذين يلونهُ على أعقابِهم فوقفوا مقامَ أصحابهم ، وجاءَ الآخرونَ فصلى بهم ركعتين ، والأخرى تحرسُ ثم سلم " .
تابعه أبو بشر ، عن سليمانَ ، وهذا حديث صحيح السنَد ، - ق 60 - ب - / اعتمدَ عليهِ ابنُ حزمٍ .
ثم روى من حديثِ القطانِ ومعاذِ بن معاذ ، عن أشعثَ الحمراني ، عن الحسن ، عن أبي بكرةَ " أنه صلى مع رسول الله صلاة الخوفِ ؛ فصلى بالذينَ خلفَهُ ركعتين ، وبالذين جاءوا بعد ركعتين ، وكانت له أربعاً ، ولهم ركعتين ركعتينِ " .
وساقَ ابن حزم أحاديثَ في هذا ، ثم قالَ : فيه دليل على أنه صلى تطوعاً بقوم .
وهذا قول جمهور الصحابة ، وطاوس ، وعطاء والشافعي وأبي ثور وداود ؛ لأنهم صلح عندهم جواز صلاة الإمام الفرضَ بجماعةٍ ، ثم يصلي تلك الصلاةَ بطائفةٍ أخرى في حالِ الأمنِ ، وبغيرِ ضرورةٍ .
(1/259)
| 260 | الحديث الثالث : رووهُ عن أبي بكرةَ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بقومٍ المغربَ ، ثم جاءَ آخرونَ فصلى بهم " .
وهذا لا يعرف .
201 - مسألة : لا يصحُّ أن يأتمَّ القادرُ علَى القيامِ بالعاجزِ ، إلا إذَا كانَ إمامَ الحيِّ ، وكانَ يُرْجَى برؤُهُ .
وقال أبو حنيفة : يجوز بكل حال .
وعن مالك كذلك ، وعنه المنع .
زائدةُ ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن عائشة " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وجدَ خفةً ، فخرج فجلس إلى جنب أبي بكر ، فجعل أبو بكر يصلي قائماً ، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي قاعداً " .
الأعمشُ ، عن إبراهيمَ ، عن الأسودِ ، عن عائشةَ قالت : " وجدَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من نفسه خفةً ، فجاء وأبو بكر يصلي بالناس ، فجلسَ عن يسار أبي بكر ؛ فكانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس قاعداً ، وأبو بكر قائماً ، يقتدي أبو بكر بصلاةِ رسولِ اللهِ ، والناسُ يقتدُونَ بصلاةِ أبي بكرٍ " .
متفق عليهما .
202 - مسألة : فإنْ صلَّى جالساً ، صلُّوا جلوسًا ، خلافاً للأكثَرِ .
لنا : معمر ، عن الزهري ، عن أنس : " سقطَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من فرسٍ ، فجحشَ شقه الأيمنُ ، فدخلوا عليه ، فصلى بهم قاعدًا ، وأشار إليهم أن اقعدوا ، فلما(1/260)
| 261 | سلم قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا قال : سمعَ اللهُ لمن حمدُه فقولوا : ربنا ولكَ الحمدُ .
وإذا سجدَ فاسجدُوا ، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعُونَ " .
( خ م ) .
هشام ، عن أبيه ، عن عائشة " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دخلَ عليه الناسُ في مرضه يعودونهُ ، فصلى بهم جالساً ، فجعلوا يصلون قياماً ، فأشارَ إليهم أن اجلسُوا ، فلما فرغَ قال : " إنما جعلَ الإمام ليؤتمَّ بهِ ؛ فإذا ركعَ فاركعُوا ، وإذا رفعَ فارفعُوا ، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً " .
( خ م ) .
الأعمشُ - ق 61 - أ - / عن أبي سفيان ، عن جابر : " صرعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - من فرس على جذعِ نخلة ، فانفكت قدمه ، فدخلنا عيه نعودُهُ ، فوجدناهُ يصلي ، فصلينا بصلاته ونحن قيام ، فلما صلى قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإن صلى قائماُ فصلوا قياماً ، وإن صلى جالساُ فلا تقومُوا وهو جالسٌ ، كما تفعلُ أهلُ فارس بعظمائِها " ( م ) .
وقد حكى البخاري ، عن الحميدي ؛ أنه - صلى الله عليه وسلم - قالَ هذا في مرضه القديم ، ثم صلى بعدُ جالساً والناسُ خلفه قيام ، لم يأمرهم بالقعود ، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - .
203 - مسألة : يجوز أن ينفردَ المأمومَ لعذر ، وفي غيرِ عذْرٍ علَى روايتيْنِ .
وقال أبو حنيفة : إن فعل ، بطلتْ صلاتهُ .
لنا : أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم ركعةً في الخوفِ ، ثم انتظرهم حتى أتموا لأنفسهم .
(1/261)
| 262 | 204 - مسألة : يُكرهُ لهُ أن يكونَ أعلى من المأْمُومِ .
وقال الشافعي : إن كان يعلمهم الصلاةَ ، استحبَّ ذلك .
ففي الدارقطنيُّ من حديث زكريا زحمويه ، ثنا زياد بن عبد الله ، عن الأعمش ، عن إبراهيمَ ، عن همام ، عن أبي مسعود الأنصاري قالَ : " نهى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يقومَ الإمامُ فوقَ شيء والناس خلفهُ - يعني أسفلَ منهُ " .
تفرد به زياد ، وهو مختلف في توثيقه .
ابن جريج ، أخبرني أبو خالدٍ ، عن عدي بن ثابت ، حدثني رجل : " أنه كانَ معَ عمار بالمدائن ، فأقيمتِ الصلاةُ ، فتقدم حذيفة عمارٌ ، فقام على دكان يصلي والناس أسفلَ منه ، فتقدم حذيفة فأخذ على يديه ، فاتبعهُ عمارٌ حتى أنزله حذيفة ، فلما فرغ عمار من صلاته ، قال له حذيفة : ألم تسمع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إذا أمَّ الرجلُ القومَ ، فلا يقم في مكانٍ أرفع من مقامهم " - أو نحو ذلك - قال عمارٌ : لذلك اتبعتُك حينَ أخذت على يدي " .
أخرجه أبو داود ، وفيه مجهولان .
205 - مسألة : صلاةُ الفذِّ خلفَ الصَّفِّ باطلةٌ ، خلافاً لأكثرهم .
أنا شعبة عن عمرو بن مرة ، عن هلال بن يساف ، عن عمرو بن راشد ، عن وابصة بن معبد : " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً صلى وحده خلف الصف ، فأمرهُ أن يعيدَ صلاتهُ " .
قلتُ : رواهُ ( د ت ق ) وحسنهُ ( ت ) .
(1/262)
| 263 | ورواه جماعةٌ عن حصين ، عن هلال قال : أخذ زيادُ بنُ أبي الجعدِ بيدي بالرقةِ ، فقامَ بي عَلَى وابصةَ ، فقالَ : حدثني هذا الشيخُ - والشيخُ يسمعُ .
.
.
فذكره .
أحمدُ ، ثنا عبد الصمد ، ثنا ملازمُ بن عمرو ، ثنا عبد الله بن بدر ، أن عبدَ الرحمن بن علي بن شيبانَ حدثه أن أباه حدثه " أنه خرج وافداً إلى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - - ق 61 - ب - / قالَ : فصلينا خلفَ رسولِ اللهِ ، فرأى رجلاً يُصلي خلفَ الصف ، فَوقفَ حتى انصرفَ الرجلُ ، وقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : استقبل صلاتَكَ ، فلا صلاةَ لفردٍ خلفَ الصفِّ " .
قلتُ : سندُهُ قويٌّ ، ولم أرهُ في كُتُبِ السُّنَنِ .
206 - مسألة : إذا أَحسَّ الإمامُ بداخلٍ ، استُحِبًّ له انتظارُهُ قليلاً .
وقال أبو حنيفة ومالك : يكرهُ ولنا أنه - صلى الله عليه وسلم - انتظرهم في صلاة الخوف .
207 - مسألة : إذا صلَّى الكافرُ حكم بإسلامِهِ .
وقال أبو حنيفة : إذا صلى في جماعةٍ .
وقال مالكٌ والشافعي وداودَ : لاَ .
(1/263)
| 264 | ولنا حديث - قلتُ لا ينهضُ - وهو ابن المبارك ، ثنا حميد ، عن أنس ، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أمرتُ أن أقاتِل الناسَ حتى يشهدُوا أن لا إلهَ إلا الله ، وأن محمداً رسولُ اللهِ ، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله ، وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ ، واستقبلوا قبلتنا ، وأكلوا ذبيحتنا ، وصلوا صلاتنا ، فقد حرمتْ علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها ؛ لهم ما للمسلمين ، وعليهم ما عليهم ( خ ) .
رووه : " من صلى صلاتنا .
.
.
" الحديث .
وأوله بتمامه يمنع أن يحتج به على المسألةِ .
208 - مسألة : إذا صلَّى بقومٍ وهوَ محدثٌ ، فإن كانَ عَالماً أعاد وأعادُوا ، وإن كانَ ناسياً فذكرَ فيها أعادَ ، وفي المأمومِ رِوَايتانِ ، وإن ذكرَ بعد الفراغِ أعادَ وحدَهُ .
وقال الشافعي : يعيد ، ولا يعيدون بحال .
وقال أبو حنيفة : يعيد ، ويعيدون بكل حال .
جحدر بن الحارث ، نا بقية ، عن عيسى بن إبراهيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن البراء مرفوعاً : " أيما إمام سها ، فصلى بالقوم وهو جنب ، فقد مضت صلاتهم ، ثم ليغتسل ويعيد ، فإن صلى بغير وضوء ، فمثل ذلك " .
أبو عتبة الحمصي ، نا بقية ، نا عيسى بن عبد الله ، عن جويبر بهذا ، وجويبر متروك ، وعيسى واه .
ابن أبي ذئب ، عن أبي جابر البياضي - متروك - عن ابن المسيب : " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صلى بالناسِ وهوَ جنبٌ ، فأعاَد وأعادُوا " .
(1/264)
| 265 | ويروى عن علي " أنه صلى - صلى الله عليه وسلم - بهم ، ثم انصرفَ ، ثم جاء رأسه تقطرُ ، فأعَادَ " .
ورووا عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا فسدت صلاة الإمامِ ، فسدت صلاةُ من خلفهُ " .
وهذان خبران لا يُعرفانِ بحالٍ .
ونحتج على الشافعي بالدراوردي ، عن سهيل ، ن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : " الإمام ضامنٌ " .
209 - مسألة : ما يُدركُهُ المأمومُ آخرُ صلاتِهِ .
وعنه : أولُها - كالشافعي .
الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " ما أدركتُم فصلوا ، وما فاتكُم فَاقضُوا " - ق 62 - أ - / ( خ م ) .
وفي لفظٍ لمسلم : " واقضِ ما سَبَقَكَ " .
وكذا روى أبو سلمةَ وابن سيرينَ وأبو رافع عنه ، بلفظ : " فاقضُوا " .
وكذا في حديث أبي ذر وأنسٍ .
وقال طائفة عن الزهري : " فأتِمُّوا " .
210 - مسألة : يجوزُ تكرارُ الجماعةِ في المسجدِ .
وقال أبو حنيفةَ : لا .
(1/265)
| 266 | وقال أبو يوسف : يجوزُ ، لكن لا يجوزُ إعادة الإقامةِ .
وقال الشافعية : لا يجوز ذلك في المسجد الذي لا تتكرر فيه الجماعة ، مثل مساجد الدروب ويجوز ذلك في مساجد الأسواقِ التي تتكرر فيها .
ولنا ابن أبي عروبة ، حدثني سليمان الناجي ، عن أبي المتوكل ، عن أبي سعيد " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابهِ ، ثم جاءَ رجلٌ ، فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : من يتجر عَلَى هذا - أو من يتصدق على هذا - فيصلي معهُ ؟ قال : فصلى معه رجلٌ " .
قلتُ : رواه ( د ت ) وحسنهُ ، ورواهُ وهيبٌ ، عن النّاجيِّ .
الفضلُ بن المختار - هالكٌ - عن عبيد اللهِ بن موهبٍ ، عن عصمةَ بن مالكٍ ، قالَ : " كانَ رسولُ اللهِ قد صلى الظهرَ وقعدَ ؛ إذ دخلَ رجلٌ فقالَ : ألا رجلٌ يقومُ فيتصدَّقُ على هذا ؛ فيصلي معه ؟ " .
وعن محجن أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ له : " صلِّ وإن كُنتَ قدْ صَلَّيتَ " .
وهذا مر في أوقاتِ النهي ؛ فذكروا : " لا تصلُّوا صلاةً في يومٍ مرَّتينِ " .
ومر هذا أيضاً ، أي لا تَفعَلُوها ، ترون وجوب ذلكَ .
211 - مسألة : التَّرتيبُ مستحقٌّ فِي قضاءِ الفَوائتِ وإن كَثُرَت .
وقال الشافعي : لا يستحقُّ .
وقالَ أبو حنيفةَ ومالكٌ : في الخمسِ فأقل ، كَقولنا .
يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمةَ ، عن جابرٍ " أن عُمرَ جاءَ يومَ الخندقِ بعدَما غربتِ الشمسُ ، يسبُّ كُفَّارَ قُريشٍ ، وقالَ : يا رسولَ اللهِ ، مَا كدتُ أصلي حتى كادَتِ الشمسُ تغربُ .
فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : " مَا صَلَّيتُها .
فنزلنا معَ النبي - صلى الله عليه وسلم -(1/266)
| 267 | بطحان ، فتوضأ وتوضأنا ، فصلى العصرَ بَعدَما غَربتِ الشمسُ ، ثم صلى بعدَها المغربَ .
أخرحاه .
أحمدُ ، نا موسى بن داودَ ، نا ابن لَهيعةَ ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ ، عن محمد بن يزيدَ ، أن عبدَ الله بن عوف حدثه أن أبا جمعةَ حبيبَ بن سباع حدثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عامَ الأحزابِ صلى المغربَ ، فلما فرغَ قالَ : " هل علمَ أحدٌ منكم أني صليتُ العَصرَ ؟ قالُوا : لا يا رسولَ اللهِ ، مَا صليتَها .
فأمر المؤذنَ فأقامَ ، فصلى العَصرَ ، ثم أعادَ المغربَ .
قُلتُ : فيهِ ابنُ لَهِيعةَ .
ورَوى مالكٌ ، عَن نافعٍ ، عنِ ابنِ عُمَرَ فيمَن نَسِي صلاةً فلم يذكُرها إلا وهوَ مَعَ الإمامِ ، قالَ : " إِذا - فرغ منها - فليُعِدِ التَّي نَسِي ، ثُمَّ ليُعدِ التي صَلاها مَعَ الإمامِ " .
موقُوفٌ .
(1/267)
| 268 | - ق 62 - ب - / القصر
212 - مسألة : يجوزُ القصرُ في ستة عشرَ فرسخاً .
وقال أبو حنيفة : في مسافةِ ثلاثة أيام سير الإبلِ .
وقال داود : يجوز في السفر القصيرِ .
إسماعيل بن عياش ، عن عبد الوهابِ بن مجاهدٍ ، عن أبيهِ ، وعطاء ، عن ابن عباسٍ ، أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : " يا أهلَ مكةَ ، لا تقصروا الصلاةَ في أدنى من أربعةِ بُردٍ ، من مكةَ إلى عَسفانَ " .
عبدُ الوهاب تركوه ، وإسماعيل ضعيف .
213 - مسألة : القصر رخصة .
وقال أبو حنيفة : عزيمة .
ولمالك كالمذهبين .
لنا : ابن جريج ، عن أن أبي عمارٍ ، عن عبد الله بن باباهِ ، عن يعلى بن أُمَيَّة : " سألت عمر ، قلت : " ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم " وقد أمن الناس .
فقال عجبتُ مما عجبتَ منه ، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فقال : صدقة تصدق الله بها عليكم ؛ فاقبلُوا صَدَقَتَهُ " ( م ) .
(1/268)
| 269 | وكيعٌ ، نا أبو هلالٍ ، عن عبد الله بن سوادةَ ، عن أنس بن مالك الكعبي ، قال : " أغارت علينا خيلُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فأتيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فوَجدتُهُ يتغدَّى فقالَ : ادنُ فكُل فقُلتُ : إني صائمٌ .
فقالَ : ادنُ أُحدثكَ عنِ الصومِ ؛ إن الله وضعَ عن المسافرِ الصومَ وشطرَ الصلاةِ ، وعنِ الحاملِ أو المرضع الصومَ .
فيا لهفَ نفسي ألا أكونَ طعمتُ من طعامِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - " .
قُلتُ : لهُ عدَّةُ طرقٍ ، وأخرجهُ ( عو ) .
قالَ المؤلفُ : هُوَ دالٌّ عَلى أنَّ فرضَ المسافرِ أربعٌ .
هكَذَا قالَ .
أبو عاصم ، ثنا ( عمر بن سعيد ) ، عن عطاءٍ ، عن عائشة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصرُ في السفرِ ويتم ، ويفطرُ ويصُومُ " .
قالَ الدارقطنيُّ : إسنادُهُ صحيحٌ .
وقد اعترض بعضهم على هذا الحديث ، فقالَ : يرويه مغيرةُ بن زياد وقد ليِّنَ فهذا آخر عن عطاء ، وهو ثقة .
قُلتُ : رواهُ الدراقطنيُّ ، عنِ المحامليِّ ، ثنا سعيدُ بنُ محمدِ بنِ ثوابٍ ، نا أبو عاصمٍ .
(1/269)
| 270 | الفريابي ، نا العلاءُ بن زهير ، عن عبد الرحمن بن الأسودِ ، عن أبيهِ ، عن عائشةَ قالت : " خرجتُ معَ رسولِ الله في عُمرةٍ في رمضان ، فأفطَرَ وصُمتُ ، وقَصرَ ، وأَتممتُ ، فقُلتُ : بأبي وأُمي ، أَفطَرتَ وصُمتُ ، وقصرتَ وأتممتُ ، قالَ : أَحسنتِ يا عائشةُ " .
خرجه الدارقطنيُّ ، وقالَ : إسنادٌ حسنٌ .
قُلتُ : العلاءُ وهاهُ ابنُ حبانَ ، والخبرُ منكرٌ ، وقولُه : في عُمرةٍ في رمضانَ باطلٌ ، ما اعتمرَ نبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في رَمضانَ أبداً .
- ق 63 - أ - / وذكر الأثرم من حديث أنس قال : " كنا نسافر - فمنَّا - المتم ، ومنا المقصر ، لا يعيبُ بعضُنا على بعضِ " .
فيه زيد العمي واهٍ ، وإنما المحفوظ : " فمنا الصائمَ ، ومنا المفطرُ " .
فذكروا : بقيةَ ، عن أبي حيي المدني ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبي سلمةَ ، عن أبي هريرةَ مرفوعاً : " المتمُّ الصلاةِ في السَّفَر كالمقصرِ في الحَضَرِ " .
قُلتُ : رَاوِيه مجهُولٌ .
وقد روى العقيلي في " الضعفاء " ثنا الحسن بن علي بن زياد ، ثنا إبراهيمُ ابن موسى الفراء ، ثنا بقية ، عن عبد العزيز بن عبيد الله ، عن عمر بن سعيد ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرةَ مرفوعاً مثله .
وعبد العزيز متروك .
قلتُ : وفي المسألةِ نصوصٌ تدلُّ على أولويَّةِ القصرِ ، وذهبَ إلى وجوبه بعضُ العُلماء .
(1/270)
| 271 | الدراوردي ، عن عُمارةَ بن غزيةَ ، عن نافعٍ ، عن ابن عمرَ ، قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إن اللهَ يحبُّ أن تُؤتَى رُخَصُهُ كما يكرَهُ أن تُؤتَى معصيتهُ " .
وفي " الصحيحين " عن عائشة قالت : " رخصَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في أمرٍ فتنزه عنه ناس ، فبلغَ ذلكَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فغضبَ حتى بانَ الغضبُ في وجهِهِ ، ثم قالَ : ما بالُ أقوامٍ يرغبونَ عَما رخص لي فيه ، فواللهِ لأنا أعلمُهم باللهِ ، وأشدهم لهُ خشيةً " .
214 - مسألة : سفر المعصيةِ لا يبيحُ الترَخُّصَ ، خلافاً لأبي حنيفةَ وداودَ .
لنا : " فمن اضطر غير باغ ولا عاد " .
النقاش المقرئ - وليس بثقة - ثنا عبد الرحمنِ بنُ يحيى الزبيدي ، نا عبدُ اللهِ ابنُ عبدِ الجبار الخبائري ، ثنا الحكم بن عبد الله - واه - حدثني الزهري ، عن سعيد ، عن عائشةَ : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ : ثلاثةٌ لا يقصرُونَ الصَّلاة ؛ الفاجرُ في أفقهِ الفقهِ ، والمرأة تزورُ غير أهلها ، والرَّاعي " .
كذا قال : " أفقهُ الفقه " - وهذا من تخبيط النقاش .
وصوابه : ابن عدي ، ثنا هنبل بن محمد ، نا عبد الله بن عبد الجبارِ ، نا الحكمُ بسنده ، وقال : " التاجرُ في أفقهِ ، والمرأةُ تزورُ - غير - أهلها ، والرَّاعي " .
قال أحمدُ بن حنبل : كل أحاديث الحكمِ موضوعةٌ .
وقال أبو حاتم : كذابٌ .
(1/271)
| 272 | 215 - مسألة : إذا قامَ لحاجةٍ ولم ينوِ الإقامةَ قصرَ أبداً .
وقال الشافعي : يقصرُ إلى سبعة عشرَ أو ثمانية عشرَ يوماً .
معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن جابرٍ قال : " أقامَ رسولُ اللهِ بتبوك عشرينَ يوماً يقصرُ الصَّلاةَ " .
قلتُ : رواهُ ( د ) وقالَ : غيرُ معمرٍ لا يسندُهُ .
عاصمٌ الأحولُ ، عن عكرمةَ ، عن ابن عباسٍ - ق 63 - ب - / قال : " سَافرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سَفراً ، فصلى سبعةَ عشرَ يوماً : رَكعتين رَكعتين ، قال ابن عباس : فنحن نصلي فيما بيننا وبين سبعة عشر ركعتين ركعتين ، فإن أقمنا أكثرَ صَلَّينا أربعاً " .
صَححهُ ( ت ) .
قلتُ : وخرجهُ ( خ د ) .
(1/272)
| 273 | الجمع
216 - مسألة : يجوزُ الجمعُ في السفرِ ، خلافاً لأبي حنيفةَ .
أحمد بن حنبل ، ثنا يحيى بن غيلان ، نا المفضل بن فضالة ، نا عقيل ، عن ابن شهاب ، عن أنسٍ : " كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادَ أن يرتحلَ قبلَ أن تزيغَ الشمسُ ، أخر الظهر إلى وقتِ العصرِ ، ثم ينزل فيجمع بينهما ، وإذا زاغتِ الشمسُ قبل أن يرتحل ، صلى الظهر ، ثم ركب " ( خ م ) .
عطاء ، عن ابن عباس : " كانَ رسولُ اللهِ يجمعُ بينَ صلاتينِ في السفرِ : المغربِ والعشاءِ ، والظهرِ والعصر " ( خ م ) .
أحمد ، نا عبد الرزاق ، أنا ابن جريج ، أخبرني حسينُ بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، عن عكرمة وكريب : أن ابنَ عباسٍ قالَ : " ألا أحدثكم عن صلاة رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في السفر ؟ قلنا : بلى .
قالَ : كانَ إذا زَاغَتِ الشمسُ في منزلهِ ، جَمعَ بين الظهر والعصرِ قبل أن يركبَ ، وإذا لم تزغ في منزله ، سارَ حتى حانتِ العصر ، نزلَ فجمع بين الظهر والعصرِ ، وإذا حانتِ المغربُ في منزلِهِ جمعَ بينها وبين العشاءِ ، وإذا لم تحن في منزلِهِ ركبَ ، حتى إذا حانتِ العشاءُ نزلَ فجمع بينهما " .
قلتُ : حسينٌ واهٍ .
(1/273)
| 274 | ( م ) ، ثنا يحيى بن حبيب ، ثنا خالد بن الحارث ، نا قرة ، نا أبو الزبير ، ثنا أبو الطفيلِ ، ثنا معاذٌ قالَ : " جمعَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غزوةِ تبوك بين الظهرِ والعصرِ وبين المغربِ والعشاءِ ، فقلتُ لهُ : ما حملهُ على ذلك ؟ قال : أرادَ أن لا يحرجَ أمتهُ " .
( د ت ) نا قتيبةُ ، نا الليثُ ، عن يزيدَ بن أبي حبيب ، عن أبي الطفيل ، عن معاذٍ : ( أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ) كانَ في غزوةِ تبوك إذا ارتحلَ قبلَ زيغِ الشمسِ ، أخرَ الظهرَ إلى أن يجمعَها إلى العصرِ ، فيصليهما جميعاً ، وإذا ارتحل بعدَ زيغِ الشمسِ ، عجلَ العصرَ إلى الظهرِ ، وصلى الظهر والعصرَ جميعاً ، وإذا ارتحل قبلَ المغرب ، أخرَ المغربَ حتى يُصَلِّيها مع العشَاءِ ، وإذا ارتحلَ بعد المغربِ ، عجلَ العشاءَ فصلاَّها مع المغربِ " .
وقد روي الجمعُ عن علي ، وابن عمرَ ، وعائشةَ .
قلتُ : حديثُ قتيبةَ مُنكرٌ ، تفردَ به .
- ق 64 - أ - / ولهم ( ت ) نا يحيى بن خلف ، نا المعتمر ، عن أبيه ، عن حنشٍ ، عن عكرمةَ ، عن ابن عباسٍ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " من جمعَ بين صلاتَينِ من غير عُذرٍ ، فقد أتى باباً من أبواب الكَبائرِ " .
حنشٌ هُوَ أبو علي الرحبيُّ ، تُرِكَ .
217 - مسألة : يجمعُ للمطرِ ، خلافاً لأبي حَنيفةَ .
(1/274)
| 275 | أحمدُ ، نا أبو معاويةَ ، ثنا الأعمشُ ، عن حبيبٍ - عن سعيد بن جبير - عن ابن عباسٍ ، قالَ : " جمعَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بينَ الظهرِ والعَصرِ ، والمغربِ والعِشَاءِ بالمدينةِ ، من غير خوفٍ ولا مطرٍ " .
ومفهُومُهُ : أنَّ الجمعَ يكونُ بالمطرِ ، وقد روى أصحابنا أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - جَمَعَ بينَ العِشَاءَينِ في ليلةٍ مطِيرةٍ .
فهذا الجمع يخصُّ العشاءَين .
وجوزهُ الشافعي أيضاً في الظهرِ والعَصرِ .
218 - مسألة : ويجمعُ للمرضِ ، خلافاً للشَّافعِيَّةِ .
لنا أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أجازَ لحمنةَ لمَّا استحيضَت أن تَجمَعَ ، وقد مَرَّ .
(1/275)
| 276 | الجمعة
219 - مسألة : تجبُ على من سمعَ النِّداءَ من المصرِ ، إذا كانَ المؤذنُ صيتًا ، والريحُ ساكنة .
وحده مالك بفرسخ ، ولم يحده الشافعي .
وعن أحمدَ كقولهما .
وقال أبو حنيفةَ : لا تجبُ على من بينهُ وبين المصرِ فرجة .
الوليد ، ثنا زهير بن محمدٍ ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً : " إنما الجمعةُ على من سمعَ النِّدَاءَ " .
قبيصةُ ، نا سفيانُ ، عن محمدِ بنِ سعيد ، عن أبي سلمة بن نبيه ، عن عبد اللهِ بن هارون ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " الجمعةُ عَلَى من سمعَ النِّداءَ " .
خرجهً ( د ) وقالَ : رووهُ عن سفيانَ موقوفاً .
الترمذي ، سمعتُ أحمدَ بن الحسنِ يقولُ : كنا عندَ أحمدَ بن حنبلٍ ، فذكروا على من تجبُ الجمعةُ ، فلم يذكر فيه أحمدُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً ، فقلتُ لأحمدَ : فيه عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قلتُ : نعمْ .
ثنا حجاجُ بن نصير ، ثنا معاركُ بن عبد الله ، عن عبد اللهِ بن سعيدٍ المقبري ، عن أبيهِ ، عن أبي هريرةَ مرفوعاً : " الجمعةُ علَى من آواهُ الليلُ إلى أهلِهِ " .
فَغضبَ عليَّ أحمدُ ،(1/276)
| 277 | وقالَ : استغفر ربك ، استغفر ربكَ .
معارك واه ، وعبد الله ساقط متهم ، وحجاج تُرِكَ .
220 - مسألة : ولا تنعقدُ بأقلّ من أَربعينَ .
وعنهُ : خمسونَ ، وعنهُ : ثلاثةٌ .
وقال أبو حنيفة : ثلاثةٌ والإمامُ .
وقال مالك : يعتبر عدد يقرى بهم قرية في العادة .
عبد العزيز بن عبد الرحمن - تركوهُ - نا خصيفٌ ، عن عطاءِ ، عن جابرٍ ، قالَ : " مَضَتِ السنةُ أن في كل أربعين فما فوق ذلكَ جُمعةٌ وأضحى وفطرٌ " .
مسلمةُ - ق 64 - ب - / بنُ علي ، عن محمد بن مطرف ، عن الحكم بن عبد الله ، عن الزهري ، عن أم عبد الله الدوسية ، سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : " الجمعةُ واجبةٌ على أهلِ كل قريةٍ ، وإن لم يكونوا إلا ثلاثةً رابِعهمُ إمامُهم " .
فيهِ متروكانِ ، رواهُ الدارقطنيُّ .
ثم قالَ : ونا الأيلي ، نا ( عبيدُ اللهِ بنُ محمدٍ ) ، ثنا موسى بن محمد بن عطاء ، نا الوليد بن محمد ، نا الزهري بهذا .
موسى متهم ، والحكمُ تالفٌ ، قالَ الدارقطنيُّ : لا يصح عن الزهري ، كل من رواهُ متروكٌ .
221 - مسألة : ولا تجبُ عَلَى العبيدِ .
وعنه : تجبُ - كقول دَاوُدَ .
(1/277)
| 278 | ابن لهيعة ، نا معاذ بن محمد الأنصاري ، عن أبي الزبير ، عن جابر مرفوعاً : " من كان يؤمن بالله واليومِ الآخرِ ، فعليه الجمعةُ إلا مريضٌ أو مسافرٌ ، أو امرأةٌ أو صبي أو مملوكٌ " .
لم يصحّ .
وروى ( د ) من حديث طارق بن شهابٍ ، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " الجمعةُ حقٌّ على كُلِّ مُسلمٍ إلا أربعة : عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض " .
رواهُ إبراهيمُ بنُ محمدِ بن المنتشرِ ، عن قيس بن مسلمٍ عنه ، وله رؤيةٌ .
222 مسألة : وتجبُ على الأعمَى إذا وجدَ قَائداً ، خلافاً لأبي حنيفةَ .
لنا الحديثُ الذي مرَّ قبلُ .
223 - مسألة : وتجوزُ قبلَ الزَّوَالِ ، خلافاً للأكثرِ .
لنا : يعقوب بن عبد الرحمنِ ، عن أبي حازمٍ ، عن سهلٍ قال : " ما كنا نتغدى ولا نقيلُ إلا بعدَ الجُمعةِ " ( خ م ) .
يعلى بن الحارث ، عن إياس بن سلمة ، عن أبيه : " كنا نصلي معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الجمعةَ ، ثم نرجعُ فلا نجد للحيطانِ فيئاً نستظل بهِ " ( خ م ) .
وعن أنسٍ : " كنا نصلي مَع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الجمعةَ ، ثم نرجعُ إلى القائلةِ فنقيلُ " .
(1/278)
| 279 | سندُهُ جيدٌ ، رواهُ أحمدُ .
ولهم : فليحٌ ، عن عثمانَ بن عبد الرحمن التيمي ، عن أنسٍ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الجمعةَ حينَ تميل الشمسُ " .
صححهُ ( ت ) .
جعفرُ بن محمدٍ ، عن أبيهِ " أنه سألَ جابراً : مَتَى كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يصلي الجُمعةَ ؟ قالَ : كان يصلي ، ثم نذهبُ إلى جمالِنا فنريحُها حينَ تزولُ الشمسُ " ( م ) .
ابن عيينةَ ، عن عمرو بن يوسف بن ماهك قال : " قدَم معاذُ بنُ جبلٍ على أهل مكة وهم يصلون الجمعةَ ، والفيء في الحجر فقال : لا تصلوا حتى تفيء الكعبة من وجهِها " .
رواهُ الشافعي في مسندهِ عنه .
224 - مسألة : إذا وقعَ العيدُ يومَ الجُمعةِ ، أجزَأ عَن حضُورِ الجُمعةِ ، خلافاً للأكثَرِ .
لنا : إسرائيلُ ، عن عثمانَ بن المغيرةِ ، عن إياس بن أبي رملةَ قال : " شهدتُ معاويةَ سأل زيدَ بنَ أرقمَ : شهدتَ معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عيدَين اجتمعَا ؟ - ق 65 - أ - / قالَ : نَعَم ، صلى العِيدَ أولَ النهارِ ، ثم رخصَ في الجُمعةِ ، ثم قالَ : مَن شاءَ أن يجمعْ فليجمع " .
قلتُ : رواهُ ( د س ق ) .
(1/279)
| 280 | بقية ، ثنا شعبة ، عن مغيرة ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرةَ ، عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنه قالَ : " قدِ اجتمعَ في يومِكُم هذا عيدان ؛ فمن شاءَ أجزأهُ من الجمعةِ ، وإنا مُجمعونَ إن شاءَ اللهُ " .
قلتُ : رواهُ ( د س ) عَن جماعةٍ ، عنهُ .
( ق ) نا جبارةُ ، نا مندلٌ ، عن عبدِ العزيزِ بنِ عُمرَ ، عن نافعٍ ، عن ابنِ عمرَ : " اجتمع عِيدَانِ عَلى عهدِ رسولِ اللهِ ، فصلى بالناسِ ثم قالَ : من شاءَ أن يأتيَ الجمعةَ فَليأتِها ، ومَن شاءَ أن يتخلَّفَ فليتخلَّف " .
قال المؤلف : فحديثُ أبي هريرةَ غريب ، قال الدارقطنيُّ : لم يرفعهُ غيرُ شعبةَ ، تفرد به عنه بقيةُ ، وقد رواه زياد البكائي ، وصالحُ بن موسى الطلحي ، عن عبد العزيز متصلا ، ورواه جماعةٌ عن عبد العزيزِ ، لم يذكروا أبا هريرةَ .
قال أحمدُ : إنما رواهُ الناسُ عن أبي صالحٍ مرسلاً .
وتعجبَ من بقيةَ كيفَ رفعهُ .
ومندل وجبارةُ ضعيفَانِ .
225 - مسألة : إذَا صَلَّى الظُّهرَ من عليهِ الجمعةُ قَبلَ الفراغِ من الجُمعةِ ، لم تَصحَّ صَلاتُهُ .
وقال أبو حنيفة : تصح ؛ فإن خرج يريد الجمعةَ انتقضت صلاتُهُ .
وقال مالكٌ : إن صلى في وقتٍ لو سعى إلى الجمعة لأدركَ منها ركعةً ، لم تجزه .
وقال الشافعي في الجديد كقولنا ، وفي القديم تجزئه بكل حال .
(1/280)
| 281 | والمسألةُ مبنيةٌ على أن فرضَ الوقت الجمعة ، وعندهم الظهرُ ، وله إسقاطُها بالجمعةِ .
ولنا خبرُ جابرٍ : " مَن كانَ يؤمنُ باللهِ ، فعليهِ الجمعةُ " .
226 - مسألة : الخُطبَةُ شَرْط فيها .
وقالَ داودُ : مُستحبةٌ .
لنا قولُه - صلى الله عليه وسلم - : " صَلُّوا كما رَأيتُمُوني أُصَلِّي " .
227 - مسألة : لا تجبُ القعدةُ بينَ الخُطبَتَينِ ، خلافاً للشَّافعيِّ .
لخبر زهير ، ثنا سماك ، أنبأني جابرُ بن سمرةَ " أنه رأى رسولَ اللهِ قائماً يخطب على المنبر ، ثم يجلس ، ثم يقوم فيخطب قائماً .
قال جابرٌ : فمن نبأكَ أنهُ كانَ يخطبُ قَاعِداً ، فقَد كَذبَ ، فقد واللهِ صليتُ معهُ أكثرَ من ألفي صلاةٍ " .
( م ) .
عبيدُ اللهِ ، عن نافع ، عن ابن عمرَ : " كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطبُ يومَ الجمعةِ مرتَّين بينَهُما جلسةٌ " .
( خ م ) .
فهذا على الاستحبابِ .
وأصحابنا رووا عن ابن عباسٍ أنه قالَ : " لَمِّا ثقلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ " .
228 - مسألة : يُسَنُّ لهُ إذا صَعدَ يُسلِّمُ .
(1/281)
| 282 | وقالَ أبو حنيفة ومالك : لا يسلمُ .
ابن لهيعةَ ، عن محمد بن زيدٍ ، عن ابن المنكدر ، عن جابر قالَ : " كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صَعدَ المنبرَ سَلَّمَ " .
رواهُ الأثرمُ في " سننه " عن عمرو بن خالد عنه ، ثم قال : أنا أبو بكر بن أبي شيبةَ ، نا أبو أسامةَ ، ثنا مجالد عن الشعبي : " كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صعدَ المنبرَ يومَ الجمعةِ - ق 65 - ب - / استقبلَ الناسَ ، فقالَ : السلامُ عليكُم .
ويحمدُ الله ، ويُثنِي عليه ، ويقرأُ سُورةً ، ثم يجلسُ ، ثم يقومُ فيخطبُ ، ثم ينزلُ .
وكانَ أبو بكر وعُمر يفعلانِهِ " .
مجالدٌ لينٌ ، وهُوَ مُرسلٌ .
229 - مسألة : ويَحْرُمُ الكَلامُ .
وعنهُ : لاَ .
وعن الشافعية قولان .
الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا قلتَ لصاحبكَ والإمامُ يخطُبُ يومَ الجمعةِ : أنصِتْ .
فقَدْ لَغَوتَ " ( خ م ) .
أحمد ، نا ابن نمير ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن ابن عباسٍ قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " من تكلَّمَ يومَ الجمعةِ ، والإمامُ يخطبُ ، فهُوَ كمثلِ الحمَارِ يَحملُ أسفَارًا " .
قُلتُ : لم يُخَرِّجُوهُ .
230 - مسألة : ولا يَحْرُمُ الكلامُ عَلَى الخاطِبِ ، خلافاً لأكثَرِهم .
(1/282)
| 283 | لنا حديثُ جابر : أن سليكاً جاءَ والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطبُ ، فجلسَ ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي ركعتين ، ثم أقبل على الناس ، فقال : إذا جاء أحدكُم والإمامُ يخطبُ ، فليصل ركعتين يتجوزُ فيهما " ( خ م ) .
ولفظه لأحمد بن حنبل من حديث الوليد أبي بشر ، عن طلحة ، عن جابر .
حسينُ بن واقد ، نا ابن بريدةَ ، سمعتُ أبي يقول : " كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يخطُبنا ، فجاءَ الحسنُ والحسينُ ، عَلَيهما قَمِيصَانِ أحمرانِ ، يَمشِيانِ ويَعثرانِ ، فنزلَ من المنبرِ فحملهما فوضعهما بين يديهِ ، ثم قالَ : " صَدَقَ اللهُ : " أنما أموالكم وأولادكم فتنة " نظرتُ إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران ، فلم أصبر حتى قطعتُ حديثي ورفعتُهما " .
قلتُ : خرجهُ ( عو ) .
( د ) نا يعقوب بن كعب ، نا مخلد بن يزيد ، أنا ابن جريج ، عن عطاءٍ ، عن جابر قال : " لمَّا استوى رسولُ اللهِ يومَ الجمعةِ قالَ : اجلسوا .
فَسمعَ ابن مسعود ، فجلسَ على باب المسجدِ ، فرآه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ : تَعال يا عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ " .
قلتُ : قالَ ( د ) : هذا نعرفُهُ مُرسلاً ، ومخلدٌ شيخٌ .
(1/283)
| 284 | 231 - مسألة : لا يُكْرَهُ الكَلامُ قَبْلَ الخُطْبَةِ ، ولا بَعْدَها .
وقال أبو حنيفة : يكره .
عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس قال : " أقيمت الصلاة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يناجي رجلا في جانب المسجد ، فما قامَ إلى الصلاة حتى نامَ القومُ " ( خ م ) .
جرير بن حازم ، عن ثابت ، عن أنسٍ : " كانَ رسولُ الله ينزل من المنبر يومَ الجمعة ، فيكلم الرجل في الحاجة فيكلمه ، ثم يتقدم إلى مصلاه فيصلي " .
غريبٌ ، رواهُ أحمدُ .
232 - مسألة : السُّنَّةُ أن يقرأَ بالجُمعةِ والمنافقينَ .
وقال مالك : بسبح والغاشية .
وقال أبو حنيفة : بما شاء .
جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، قال : " استخلف مروان أبا هريرة على المدينة ، وخرج إلى مكة ، وصلى لنا أبو هريرة يوم الجمعة ، فقرأ بسورة الجمعةِ في السجدة الأولى - ق 66 - أ - / وفي الأخيرةِ : " إذا جَاءَكَ المنافِقُونَ " قالَ : فأدركت أبا هريرة حين انصرف ، فقلت ، إنك قرأت بسورتين كان علي يقرأ بهما بالكوفة ، فقال أبو هريرة : فإني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأُ بهما يوم الجمعة " ( م ) .
(1/284)
| 285 | " مالك ، عن ضمرة بن سعيد ، عن عبيد الله بن عبد الله " أن الضحاك بن قيس سأل النعمانِ بنَ بشير : ما كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقرأُ في الجمعةِ مع سورةِ الجمعةِ ؟ قالَ : " هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الغَاشِيةِ " ( خ م ) .
ابن عيينة ، عن إبراهيم ، بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه ، عن حبيب بن سالم ، عن أبيه ، عن النعمان بن بشير " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في العيدين ب " سبح اسم ربك الأعلى " و " هَلْ أتَاكَ حديثُ الغَاشِيةِ " وإن وافَقَ يَومَ الجمعةِ قرَأهُما جميعاً " .
( م ) .
233 - مسألة : إذَا لحقَ دُونَ ركْعَةٍ ، صَلَّى ظُهْراً .
وقال أبو حنيفة : يصلي ركعتين .
لنا حديث أبي هريرة : " من أدركَ منَ الصلاةِ ركعةً ، فقد أدركَ الصلاةَ " .
وعن عائشة نحوه .
عبد الرزاق بن عمر - واه - عن الزهري ، عن سعيدٍ ، عن أبي هريرةَ ، أنَّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " من أدركَ من الجمعة ركعةً ، فليضف إليها أخرى " رواهُ الدارقطنيُّ عن إبراهيم بن عطية - واه - عن يحيى بن سعيد ، عن الزهري ، عن سالمٍ ، عن أبيه مرفوعاً : " مَن أدرَكَ من الجمعةِ ركعةً فليصلِّ إليها أُخْرى " .
(1/285)
| 286 | العيد
234 - مسألة : التَّكبيراتُ الزَّوائدُ ؛ في الأولى سِت ، وفي الثانية خَمْسٌ .
وقال الشافعي : في الأولى سبعٌ ، وفي الثانية خمسٌ .
وقال أبو حنيفة : ثلاثٌ ثلاثٌ .
أحمدُ ، ثنا وكيع ، نا عبد الله بن عبد الرحمنِ سمعه من عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَبَّرَ في عيدٍ سبعاً في الأولى ، وخمساً في الآخرة ، ولم يصل قبلها ولا بعدها " .
قال أحمدُ : أذهبُ إلى هذا .
قُلتُ : خَرجهُ ( د ق ) وعبدُ اللهِ الطائفيُّ مِنُ رجالِ مسلمٍ .
قالَ النسائي : ليس بالقوي .
أحمد ، نا يحيى ، نا ابن لهيعَةَ ، نا الأعرج ، عن أبي هريرةَ ، قال رسولُ الله : " التَّكْبيرُ في العِيدَيْنِ سَبْعٌ قَبْلَ القِراءةِ وخَمسٌ بَعْدَ القِراءةِ " .
قالَ : وثنا أبو سعيد ، نا ابن لهيعةَ ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يكبرُ في العيدين سبعاً وخمساً قبل القراءةِ " .
(1/286)
| 287 | وللترمذي من حديث كثير بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر في العيدين ؛ في الأولى سبعاً قبل القراءةِ - ق 66 - ب - / وفي الآخرة خمساً قبلَ القِراءةِ " .
سندُهُ ضعيفٌ بمرة .
فرج بن فضالة - لين - عن يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمرَ مرفوعاً : " التكبير في العيدين ؛ في الأولى سبعٌ ، وفي الآخرة خمسٌ " .
أحمد بن الحجاج ، نا عبد الرحمن بن سعد بن عمار ، عن عبد الله بن محمد بن عمار ، عن أبيه ، عن جده قال : " كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يكبرُ في العيدينِ ؛ في الأولى سبعاً ، وفي الآخرةِ خمساً " .
عبد الله ضعف .
قالت الشافعية : إنما السبع سوى تكبيرة الإحرامِ .
الدارقطنيُّ ، نا أبو بكر النيسابوري ، نا محمد بن إسحاق ، نا إسحاق بن عيسى ، حدثني ابن لهيعة ، نا خالد بن يزيد ، عن الزهري ، عن عروةَ ، عن عائشةَ قالت : " كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر في العيدين اثنتي عشرةَ تكبيرةً سوى تكبيرةِ الافتتاحِ ، ويقرأ ب " ق " و " اقْتَرَبَتْ " .
ثم روى الدارقطنيُّ حديثَ عمرو بن شعيب من طريق أبي نعيم ، عن الطائفي ، فزاد فيه : " سوى تكبيرة الصلاةِ " .
وخالد بن يزيد ضعفَ كابن لهيعةَ .
(1/287)
| 288 | ثم يحتمل قوله : سوى تكبيرة الصلاة .
يعني التي للركوع ؛ بدليل ما ساقَ الدارقطنيُّ من حديث أبي الطاهر ؛ أنا ابن وهب ، أنا ابن لهيعة ، عن خالد بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبرَ في الفِطْرِ والأضْحَى سبعاً وخمساً سوى تكبيرتي الركوع " .
وللحنفية : عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبانَ ، عن أبيه ، عن مكحول ، أخبرني أبو عائشةَ - جليسٌ لأبي هريرة - " أن سعيدَ بنَ العاصِ سأل أبا موسى وحذيفة : كيف كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر في الأضْحَى والفِطر ؟ فقال أبو موسى : كانَ يُكبِّر أربعاً ، تكبيرهُ على الجنائز .
فقال حذيفة : صَدَقَ " .
خرجه ( د ) ، وابن ثوبانَ ليس بقوي .
235 - مسألة : القِراءةُ بَعْدَ التَّكبِيراتِ في الرَّكْعَتَينِ .
وعنه : يوالي بين القراءتينِ ؛ فيكبرُ في الأولى أولاً ، وفي الثانية بعد القراءةِ ، كقولِ أبي حنيفةَ .
لنا خبر عائشةَ : " أنه كانَ يكبرُ قبلَ القِراءةِ " .
236 - مسألة : يقرأ في الأولى ب " سبِّح " وفي الثانيةِ ب " الغاشِيَةِ " .
وعنه : ما شاء - كأبي حنيفةَ .
وقالَ مالكٌ : ب " سبِّح " و " الشمسِ " .
(1/288)
| 289 | وقال الشافعي : ب " ق " و " اقْتَربت " .
لنا حديثُ النعمانِ ؛ مَرَّ .
وشعبةُ ، سمعتُ معبد بن خالد ، عن زيد بن عقبةَ ، عن سمرةَ " أن رسولَ اللهِ كانَ يقرأُ في العيدين ب " سبِّح " و " الغاشِيَةِ " .
قلتُ خرجهُ ( د س ) ، ورواهُ مسعرٌ .
ولهُم - ق 67 - أ - / حديث عائشةَ ؛ تقدّمَ .
ومالك ، عن ضمرة بن سعيد ، عن عبيد الله بن عبد اللهِ " أن عمرَ سألَ أبا واقدٍ الليثي : بم كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقرأُ في العيد ؟ قالَ : ب " ق " و اقْتَربت " .
( م ) .
237 - مسألة : لا يسنُّ التطوعُ قبلَها ولا بَعْدَها .
وقال الشافعي : يُسَنُّ .
وقالَ مالكٌ : في المصلى ، واختلفَ قولُهُ في المسجِدِ .
وقال أبو حنيفة : يتنفل بعدُ .
لنا حديثُ عبد الله بن عمرو ، وقد مر قريباً .
الطيالسي ، نا شعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجَ يومَ الفِطرِ ، فصلى ركعتينِ ، لم يصلِّ قبلُها ولا بَعْدَها " .
(1/289)
| 290 | وكيع ، عن أبان بن عبد الله البجلي ، عن أبي بكر بن حفص ، عن ابن عمر : " أنه خرج يوم عيد ، ولم يصل قبلها ولا بعدها .
وذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله " .
صححهما الترمذي .
قلتُ : هُوَ نصٌّ في الإمَامِ ، أمَّا المَأْمُومُ ، فيتنفلُ إنْ شَاءَ .
238 - مسألة : يبْتدئ التَّكْبير في الأضْحى مِنْ فَجْر يومِ عَرفَةَ ؛ فإن كانَ مُحْرِماً ، فمن صلاةِ الظُّهرِ يَومَ النَّحْرِ ، ويقطعُهُ آخر أيامِ التَّشْرِيقِ " .
ووافق أبو حنيفة في الابتداء ، وقال : يقطعُ العصر يوم النحرِ .
وقالَ مالك : يكبرُ من الظهرِ يومَ النحرِ إلى الصبحِ من آخر أيام التشريقِ .
وللشافعي كقولنا ، ولم يفرق بين المحرم والمحل ، وقول كقول مالك ، الثالثُ : من صلاةِ المغربِ ليلةَ النحرِ إلى الصبحِ من آخر أيامِ التشريقِ .
الدارقطنيُّ من حديثِ محمدِ بن جنيد ، نا مصعبُ بنُ سلام ، عن عمرو ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، عن علي بن حسين ، عن جابر : " كانَ رسولُ اللهِ يكبر في صلاةِ الفجرِ من يومِ عرفةَ إلى صلاةِ العصرِ من آخر أيامِ التشريقِ حينَ يسلمْ من المكتوباتِ " .
قال : ونا ابنُ السماك ، ثنا أبو قلابة ، حدثني نائل بن - نجيح - ، نا عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، وعبد الرحمن بن سابط ، عن جابر(1/290)
| 291 | قال : " كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبحَ من غداةِ عرفةَ ، أقبلَ على أصحابه ، فيقول : على مكانكم ، ويقول : الله أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، لا إلهَ إلا اللهُ ، واللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، وللهِ الحمدُ .
فيكبرُ من غداةِ عرفة إلى صلاةِ العَصرِ من آخرِ أيامِ التشريقِ " .
عمرو تركوه ، وجابر الجعفي واهٍ .
239 - مسألة : والسُّنَّةُ أن يُكَبِّر شَفْعاً .
وقال الشافعي : يكبر ثلاثاً في آخره .
وقال أبو حنيفة : واحدة .
قلتُ : ما ثبت في العدد شيءٌ ، ولا ذكر التكبير في عيد الفطرِ ، وهو سُنَّةٌ ، والآية دالةٌ عليه ؛ وهي : " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم " .
240 - مسألة : إذَا غُمَّ هلالُ الفِطْرِ ، ثُمَّ علمَ بهِ بَعْدَ الزَّوالِ - ق 67 - ب - / صلُّوا مِنَ الغَدِ ، وكذلكَ في الأضحَى .
" وقال مالكٌ : لا يصلي العيدَ في غير يومِهِ .
وعن الشافعي كالمذهبين .
شعبةُ ، عن أبي بشر ، عن أبي عمير بن أنس ، عن عمومتِهِ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه جَاءَ ركبٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فشهدوا أنهم رأوه بالأمسِ - يعني : الهلالَ - فأمرهم فأفطروا ، وأن يخرجوا من الغدِ " .
(1/291)
| 292 | صلاة الخوف
241 - مسألة : إذَا كانَ العدوُّ في غيرِ جهةِ القِبلَةِ ، فرقَ الإمامُ النَّاسَ طَائِفتينِ ؛ طائفة بإزاءِ العدوِّ ، وطائفةَ خلفهُ ؛ فيصلِّي بها رَكعةً ، ويثبتُ قائماً حتى تتمَّ لأنفسها وتسلِّمَ ، وتنصرفَ إلى وجاهةِ العدوِّ ، ثمَّ تجيء الطائفةُ الأخرى فتحرم خلفه ، فيصلِّي بها الركعةَ الثانيةَ ، ويجلسُ للتَّشهُّدِ ، وتقومون ؛ فيصلون ركعةً ثانيةً ، ثم يجلسون يتشهدون ويسلِّمُ بهِم .
وقالَ أبو حنيفة : يصلي بالأولى ركعة وتنصرف ، وتجيء الأخرى فتحرم معه ، فيصلي بها ركعة ويتشهد ويسلم ، فتنصرف هي إلى مقامها ، وتجيء الأولى ، فتصلي ركعة بغير قراءة ، وتنصرف إلى مقامها ، وتجيء الثانية ، فتصلي ركعة بقراءة وتشهد ، وتسلم .
وعن مالك كأحمد ، وعنه أن الإمامَ يسلم ولا ينتظرُ الثانية .
وقال داودُ : جميعُ ما وردَ جائزٌ .
ولنا بنحو ما سقنا حديث سهل بن أبي حثمةَ مخرج في ( خ م ) .
وقد روي عن ابن عمرَ كما وصفوا ، لكنه فيه عمل كثير كما ترى بلا ضرورة .
242 - مسألة : فإذا كانَ العدوُّ في جهةِ القبلَةِ أحرم بهم أجمعينَ ، وركعُوا معهُ ، فَإِذَا سَجَدَ سجدُوا إلا الصَّفَّ الذي يلي الإمامَ ؛ فإنَّهُم يقفُونَ يحرسُونَ ، فإذا قامَ الناسُ مِنَ الرِّكعةِ ، سجدَ الَّذِينَ حرسُوا ، ثُمَّ لحقُوا بهم ، ثم يَرْكَعُونَ ويرفَعُونَ ،(1/292)
| 293 | ويسجدُ معهُ الَّذين حرسُوا أوَّلاً ، ويقفُ الآخَرُونَ يحرسُونَ ، فإذا جَلَسَ بهِم للتَّشهُّدِ سجدَ الآخرونَ ولحقُوا في التَّشَهُّدِ ، ثُمَّ يُسَلِّمُ بالجَميعِ .
وقال أبو حنيفة : لا يصلي إلا كصلاته والعدو في غير جهة القبلة .
لنا : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بعسفان " كما وصفنا .
شعبة وجرير عن منصور ، عن مجاهد ، عن أبي عياش الزرقي قال : " كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعسفان ، وعلى المشركين خالد بن الوليد ، فصلينا الظهرَ ، فقالَ المشركون : لقد أصبنا غرة ، لقد أصبنا غفلةً لو أنا حملنا عليهم - ق 68 - أ - / وهم في الصلاةِ .
فنزلت الآية ، فلما حضرت العصرُ قامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة ، والمشركون أمامه ، فصف خلفه صف ، وبعد ذلك الصف صف ، فركع رسول الله وركعوا جميعاً ، ثم سجد وسجد الصف الذي يلونه ، وقام الآخرون يحرسونهم ، فلما صلى هؤلاء السجدتين وقاموا سجد الآخرون ، ثم تأخر الصف الأول إلى مقام الآخرين ، وتقدم الصف الأخير إلى مقام الصف الأول ، ثم ركع رسول الله وركعوا جميعاً ، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه ، وقام الآخرون يحرسونهم ، فلما جلس رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - والصف الذي يليه سجد الآخرون ، ثم جلسوا جميعاً ، فسلم عليهم جميعاً " فصلاها بعسفانَ ، وصلاها يوم بني سليمٍ .
قلتُ : كتبْتُهُ مِنْ كُتبي .
خرجه ( د س ) .
243 - مسألة : وتُصَلَّى حَالَ المُسَايفَةِ ، ولا تُؤَخَّرُ .
وقال أبو حنيفة : يجوز تأخيرها ، فإن فعلها لم تصح .
(1/293)
| 294 | مالكٌ ، عن نافع ، عن ابن عمرَ " أنه كانَ إذا سئل عن صلاة الخوف وصفها ، ثم قال : وإن كان خوف أشد من ذلك ، صلوا رجالاً قياماً على أقدامهم ، أو رُكباناً ، مستقبلي القِبلة أو غير مستقبليها .
قال نافع : لا أري ابن عمر ذكرَ ذلك إلا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ( خ ) .
244 - مسألة : افتراشُ الحريرِ والاستنادُ إليه يَحْرُمُ ، خلافاً لأبي حَنِيفةَ .
شعبة ، نا قتادة ، سمع أبا عثمان النهدي قال : " أتانا كتابُ عمرَ ونحنُ معَ عتبةَ بن فرقد : أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن الحريرِ إلا هكذا .
وأشارَ بإصبعيه اللتين تليان الإبهام " ( خ م ) .
فهذا النهي يعم لبسه والجلوس عليه والاستنادَ إليه .
وروى أصحابنا عن حذيفة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس الحرير ، وأن يجلس عليه " .
قلتُ : رواهُ البخاري .
245 - مسألة : ويَجُوزُ لبسُه في الحربِ ، والركوبُ عليهِ في إحْدَى الروايتينِ ، كقولِ أبي حنيفةَ ، والشَّافعيِّ .
والنهي عنه مطلق .
(1/294)
| 295 | الكسوف
246 - مسألة : وصَلاةُ الكُسُوفِ ركْعتانِ ؛ في الرَّكعةِ رُكُوعانِ .
وعنه في كل ركعةٍ أربع ركوعات .
وقال أبو حنيفة : تصلى ركعتين ، ويدعى حتى تنجلي .
مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء - ق 68 - ب - / بن يسار ، عن ابن عباس قال : " خسفت الشمس ، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناسُ معهُ ، فقامَ قياماً طويلاً نحواً من سُورةِ البقرةِ ، ثم ركعَ ركوعاً طويلاً ، ثم رفع فقامَ قياماً طويلاً هو دون القيام الأول ، ثم ركعَ طويلاً وهو دون الركوع الأول ، ثم سجدَ ، ثم قام فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول ، ثم ركعَ ركوعاً طويلاً ( وهو دون الركوع الأولِ ) ، ثم سجدَ ، ثم انصرف " .
( خ م ) .
شعيب ، عن الزهري ، عن عروةَ ؛ أن عائشة قالت : " كسفتِ الشمسُ في حياة رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فخرجَ إلى المسجد ، فقام فكبر وصف الناس وراءه ، فكبروا ، فقرأ قراءةً طويلةً ، ثم كبر فركع ركوعاً طويلاً ، ثم قال : سمع الله لمنْ حمدهُ .
فقام ولم يسجد ، فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ، ثم كبر وركع ركوعاً طويلاً هو أدنى من الركوع الأول ، ثم قال : سمعَ اللهُ لمنْ حمدَهُ ، ربنا ولكَ الحمدُ .
ثم سَجدَ ، ثم فعلَ في الركعة الأخرى مثلَ ذلكَ ، فاستكملَ أربعَ ركعاتٍ ، وأربعَ سجداتٍ ، وانجلتِ الشمسُ قبل أن ينصرفَ " .
وكانَ كثيرُ بن عباس يحدث " أن ابن عباسٍ كانَ يحدثُ عن صلاةِ(1/295)
| 296 | رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يومَ كسفتِ الشمسُ مثل ما حدث عروة عن عائشة ، فقلت لعروة : إن أخاك لم يزد على ركعتين مثل صلاة الصبح ؟ فقال : أخطأ السنة " .
( خ م ) .
ولهم أحمد ، نا عبد الوهاب الثقفي نا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن النعمان بن بشير ، قال : " انكسفت الشمسُ في عهدِ رسولِ اللهِ ، فخرجَ فكانَ يصلي ركعتين ويسلم ، ويصلي ركعتين ويسلم حتى انجلت " .
أحمدُ ، نا حجاجٌ ، أنا شعبة ، عن عاصم الأحول ، عن أبي قلابة ، عن النعمان قال : " انكسفتِ الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ، وكان يركعُ ويسجد .
قال حجاج : مثل صلاتنا " .
قلنا : قول حجاج : مثل صلاتنا .
ظن منهُ .
قلتُ : ثُمَّ حديثهم مُجملٌ ، وحديثنا مفصلٌ مبينٌ ، وهوَ أصحّ .
قلتُ : وأبُو قلابةَ ، عن النعمانِ ليسَ بمتَّصلٍ ، ولا لَقِيهُ .
أخرجه ( د س ق ) بطرق عنه ؛ في بعضها عبد الوارث ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل ، عن النعمان .
ومنها وهيب وغيره ، عن أيوب ، عن أبي قلابة - ق 69 - أ - / عن قبيصة بن مخارق .
وقيل غير ذلك .
247 - مسألة : ويجهرُ فيهما .
وبه قال أبو يوسف ومحمد .
الوليد بن مزيد ، نا الأوزاعي ، أخبرني الزهري ، عن عروةَ ، عن عائشة : " أن(1/296)
| 297 | رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قرأ قراءة طويلة ، يجهر بها .
يعني في صلاة الكسوف " رواه ( د ) .
لهم : أحمد ، نا أبو كامل ، ثنا زهير ، نا الأسود بن قيس ، حدثني ثعلبة بن عباد ، عن سمرة قال : " اسودت الشمسُ ، فقام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كأطولَ ما قامَ بنا في صلاة ، لا نسمع له صوتاً " .
قُلتُ : يحتملُ أنه كانَ بَعيداً .
248 - مسألة : ولاَ تُسَنُّ خُطْبَةٌ .
وقال الشافعي : تسن كالعيد .
لنا : ابن أبي خالد ، عن قيس ، عن أبي مسعود ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الشمسَ والقمرَ لا ينكسفان لموتِ أحدٍ ، ولا لحياته ، ولكنهما آيتان من آيات الله ، فإذا رأيتموهما فصلوا " ( خ م ) .
عمرو بن الحارث ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن ابن عمرَ مرفوعاً بنحوه ( خ م ) .
الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : " كسفتِ الشمسُ ، فقالَ رسولُ اللهِ : إنما هما آيتان من آيات اللهِ ، فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاةِ " .
( خ م ) .
قالوا : ففي بعض ألفاظ " الصحيح " عن عائشة " أنه خطب - قلنا : خطبَ بعدها لا لها - ليحذر الناس من قولهم أنها كسفت لموت إبراهيم " .
(1/297)
| 298 | الاستسقاء
249 - مسألة : تُسَنُّ الصَّلاةُ لذلكَ ، خلافاً لأبي حنيفةَ .
الزهري ، عن عباد بن تميم ، عن عمه " أن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خرج فتوجه إلى القبلة يدعو ، وحولَ رداءهُ ، ثم صلى ركعتين جَهرَ فيهما بالقراءة " .
( خ م ) .
سهل بن بكار ، ثنا محمد بن عبد العزيز ، عن أبيه ، عن طلحة قال : " أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء ، فقال : سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين ، إلا أن رسولَ اللهِ قلبَ رداءهُ فجعل يمينه على يساره ويساره على يمنيه ، وصلى ركعتين ؛ كبَّر في الأولى سبع تكبيراتٍ ، وقرأ بسبح والغاشية ، وكبَّرَ في الثانيةِ خمسَ تكبيراتٍ " .
خرجه الدارقطنيُّ .
قلتُ : هذا مُنْكَرٌ ، ومُحمدٌ ضعيفٌ .
250 - مسألة : ولا تُسَنُّ الخُطْبَةُ .
وعنه : تسن - كالشافعي .
أحمد ، نا وكيع ، نا سفيان ، عن هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة ،(1/298)
| 299 | عن أبيه ، عن ابن عباس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج متخشعاً متضرعاً - ق 69 - ب - / متبذلاً ، فصلى بالناسِ ركعتينِ كما يصلي العيد ، لم يخطب كخطبتكم هذه " .
قلتُ : خرجهُ ( عو ) وصحَّحَهُ ( ت ) .
مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، سمع عبادَ بن تميم قال : سمعت عبد اللهِ ابن زيد يقول : " خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الى المصلى واستسقى ، وحول رداءه حين استقبل القبلة ، وبدأ بالصلاة قبل الخطبة ، ثم استقبل القبلةَ فدعا " .
( خ م ) وما ذكرا خطبة .
قلنا : قوله : قبل الخطبة .
محمول على أنه أراد قبل أن يتشاغَلَ بالدعاء ، سمى ذلك خطبة .
قلتُ : لَيْتَكَ سَكَتَّ .
251 - مسألة : والإمامُ مُخَيَّرٌ بين الدُّعاءِ قَبلَ الصَّلاةِ وبَعْدَها .
وقالَ الشافعي : يدْعُو بَعْدَهَا .
وعن أحمد نحوه .
وفي الحديث المذكور أنه دعا ، ثم صلى .
وفي لفظ : صلى ثم دعا ، وفي حديث ابن عباس كاللفظ الأول .
252 - مسألة : تَحْويلُ الرِّداءِ وقلبُهُ في أثناءِ الدُّعَاءِ سُنَّةٌ .
(1/299)
| 300 | وقال أبو حنيفة : لا .
ولنا ما تقدم من الأحاديثِ .
253 - مسألة : يكفرُ تاركُ الصَّلاةِ .
وعنه : لا ، لكن يُستتابُ ؛ فإن تابَ وإلا قتل .
وبه قال مالك ، والشافعي .
وقالَ أبو حنيفةَ : يُستتابُ ويُحبسُ .
لنا : الثوري ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة " .
أحمد ، ثنا زيد بن الحباب ، نا حسين بن واقد ، حدثني ابن بريدة ، سمعتُ أبي قول : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " بينَنا وبينُهم ترْكُ الصَّلاةِ ، فمن تركَها فقَد كَفَرَ " .
أحمدُ ، نا المقرئ ، نا سعيدٌ ، حدثني كعبُ بن علقمة ، عن عيسى بن هلال ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنهُ ذكرَ الصَّلاةَ يَوْماً فقالَ : من حَافظَ عَلَيْها كانتْ لهُ نُوراً وَبُرْهَانًا ونَجَاةً يَوْمَ القِيامةِ ، ومَنْ لم يُحافِظُ عَلَيْهَا لم تكُنْ لهُ نُورٌ ولا بُرْهانٌ ولا نَجاةٌ ، وكان يومَ القِيامةِ معَ قَارُونَ وفرْعَونَ وهَامَانَ وأُبيِّ ابن خلفٍ " .
قلتُ : سندُهُ جيدٌ ، ولم يخرجُوهُ في السُّنَنِ .
(1/300)
| 301 | الجنائز
254 - مسألة : يُسْتَحبُّ تَغْسِيلُ الميِّتِ في قميصٍ .
وقال أبو حنيفة ومالك : الأفضل أن يجرد .
لنا : ابن إسحاقَ ، حدثني حسينُ بن عبد اللهِ ، عن عكرمةَ ، عن ابنِ عباسٍ " أن علياً غسلَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وسندَهُ إلى صدرِهِ ، وعليه قميصُهُ ، وكانَ أسامةُ وصالحٌ يَصُبَّانِ الماءَ ، وعلي يغسلهُ " .
قلتُ : حسينٌ ضَعِيفٌ .
255 - مسألة : يُسْتَحبُّ في الغسْلةِ الأخيرةِ كَافُورٌ .
وقال أبو حنيفة : لا يستحب .
أيوب ، عن محمد ، عن أم عطية ، قالت : " أتانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - - ق 70 - أ - / ونحنُ نغسل بنته ، فقال : اغسلنها ثلاثاً أو خمساُ ، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر ، واجعلن في الأخيرة كافوراً ، أو شيئاً من كافور ، فإذا فرغتن فآذنني .
فلما فرغنا آذناه ، فألقى إلينا حقوه ، وقال : أشْعِرْنَها إيَّاهُ " .
( خ م ) .
256 - مسألة : ويضفرُ شعرُ المرأةِ ثلاثةَ قُرونٍ ؛ تُلْقَى خلْفَها .
(1/301)
| 302 | وكرهه أبو حنيفة ، ولكن يرسل من الجانبين ، ويسدل خمارها عليه .
( خ ) نا قبيصة ، عن سفيانَ ، عن هشام ، عن أم الهذيل ، عن أم عطيةَ ، قالت : " ضفرنا شعرَ بنتِ النبي ثلاثةَ قرونٍ " .
أبو معاوية ، عن رجل ، عن همام ، عن حفصة ، عن أم عطيةَ قالت : " لما ماتتْ زينتُ بنتُ رسولِ اللهِ ، قالَ لنا : اغْسلْنَها وتْراً ، واجْعَلْنَ شَعرهَا ضفائِرَ " .
257 - مسألة : وإن خرجَ منهُ شَيْءٌ بعدَ الغسْلِ ، وجبَ إعادَةُ الغسْلِ .
وقال أبو حنيفة : بل تُغسل النجاسة .
لنا حديث : " اغسلنها ثلاثاً أو خمساً " .
قلْتُ : لا يدلُّ .
258 - مسألة : لا ينجسُ الآدميُّ بالموتِ .
وعنه : ينجس - كقولِ أبي حنيفة .
وعن الشافعي قولان .
لنا حديث حميد ، عن بكر بن عبد الله ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرةَ ، قالَ : " لقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا جنبٌ ، فانسللتُ فاغتسلتُ ، فقال : أين كُنتَ ؟ فأخبرته ، فقال : إن المؤمنَ لا ينجسُ " ( خ م ) .
(1/302)
| 303 | وفي الدارقطنيُّ بسند ضعيف ، عن ابن عباس مرفوعاً : " لا تنجسوا موتاكم ؛ فإن المسلم ليس بنجس حياً ولا ميتاً " .
259 - مسألة : لا ينقطعُ حكمُ الإحرامِ بالمَوْتِ ، خلافاً لمالكٍ ، وأبي حَنيفةَ .
أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس " أن رجلا كان معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوقصته ناقته وهو محرم ، فماتَ ، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : اغسلُوهُ بماء وسدر ، وكفنُوهُ في ثوبيه ، ولا تمسوه طيباً ، ولا تخمروا رأسه ؛ فإنه يُبعثُ يومَ القيامةِ مُلَبيًّا .
( خ م ) .
فذكروا علي بن عاصم - واه - عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " في المحرِمِ يموتُ ، قالَ : خمروهُم ، ولا تشبّهوا باليهودِ " .
سعيد في " سننه " نا إسماعيل بن إبراهيمَ ، عن ابن جريج ، عن عطاء قالَ : " إذا ماتَ المحرِمُ ، خمرَ وجههُ ، فإن رسولَ اللهِ قال : خَمرُوا وجُوهَهُم ، ولا تشبهوا بأهلِ الكتابِ " .
(1/303)
| 304 | 260 - مسألة : يجوزُ للزَّوْجِ أنْ يغسلَ زوجتَهُ ، خلافاً لأبي حنيفةَ .
ابن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن عائشة قالت : " رجعَ إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم من جنازة - ق 70 - ب - / بالبقيع ، وأنا أجد صداعاً في رأسي ، وأنا أقول : وارأساهُ .
فقال : بل أنا وارأساه .
ثم قال : ما ضرك لو مت قبلي ، فغسلتكِ ، وكفنتُكِ ، ثم صليتُ عليكِ ، ودفنْتُكِ .
قلتُ : لكأني بك لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي ، فأعرست فيه ببعض نسائك ، فتبسم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم بدأ به وجعه الذي مات فيه " .
قلتُ : رواهُ أحمدُ ( س ق ) مِنْ حديثِ محمدِ بنِ سلمةَ عنهُ .
ورواهُ ( س ) من حديث إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن الزهري ، فقال : عن عروة ، بدل عبيد الله .
فإن قيل : رواه ( خ ) وفيه : " قلتُ : وارأساهُ .
فقال : ذلك لو كانَ وأنا حي ، فأستغفرُ لكِ ، وأدْعُو لكِ " .
وكذا صالح لم يقل : " وغسلتكِ " ( وابنُ إسحاق فقد تكلم في ابن إسحاق ) .
قلنا : وثقه ابن معين وغيره .
(1/304)
| 305 | الدارقطنيُّ ، نا ابن قانع ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا عبد الله ابن صندل ، نا عبد الله بن نافع ، عن محمد بن موسى ، عن عون بن محمد ، عن أمه ، عن أسماء بنت عميس " أن فاطمة - عليها السلام - أوصتْ أن يغسلَها زوجها علي وأسماءُ ، فغسلاها " .
وهذا منكر ، وابن نافع واه .
قال فقيه : إن صح قلنا : إنما غسلها لأنها زوجته في الآخرة ، فما انقطعتِ الزوجية .
قلنا : لو بقيت الزوجية ؛ لما تزوج بنت أختها أمامةَ بنتَ زينبَ ، ثم إنه ماتَ عن أربع حرائر .
قيل : قد روي أنها كانت اغتسلت ، وماتت ، فاكتفوا بذلك .
- عاصم بن علي - ، نا إبراهيم بن سعد ، عن ابن إسحاق ، عن عبيد الله ابن علي ابن أبي رافع ، عن أبيه ، عن أمه سلمة قالت : " اشتكت فاطمةُ ، فمرضتها ، فقالت لي يوماً - وخرج علي - : يا أمتاه ، اسكبي لي غسلاً فسكبتُ ، ثم قامت فاغتسلت كأحسن ما كنت أراها تغتسلُ ، ثم قالت : هاتِ لي ثيابي الجددَ .
فأتيتها بها ، فلبستها ، ثم جاءت إلى البيت الذي كانت فيه ، فقالت لي : قدمي لي الفراشَ إلى وسط البيت ، ثم اضطجعتْ ووضعت يدها تحت خدها ، واستقبلت القبلة ، ثم قالت : يا أمتاه ، إني مقبوضة اليوم ، وإني قد اغتسلت ، فلا يكشفني أحد .
قالت : فقبضت مكانها ، فجاء علي ، فأخبرته ، فقال : لا واللهِ ، لا يكشفها أحد ، فدفنها بغسلها ذلك " .
(1/305)
| 306 | قلنا : لا يصح ، علي واه ، وابن إسحاقَ وشيخُهُ فيهما شيءٌ .
وقد رواه نوح بن يزيد ، والحكم بن أسلم ، عن إبراهيم بن سعد وكلاهما - مُستَثبتٌ - .
ورواه عبد الرزاق ، عن ( معمر ) ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل " أن فاطمةَ اغْتَسَلَتْ .
.
.
.
" .
وهذا مرسلٌ .
قالوا : فعن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا ينظرُ اللهُ إلى رجلٍ نَظَرَ إلى فَرْجِ امرأةٍ وبنتِها " .
قالوا : وعندكم - ق 71 - أ - / إذا ماتت الزوجةُ قبل الدخول ، فله أن يغسلها ، وله أن يتزوج بابنتها .
قلنا : متى ماتت قبل الدخول ، جرى الموتُ مجرى الدخول ، فلا يتزوج بنتها في رواية ، ثم المراد بالخبر لو صح ؛ نظرُ تلذُّذِ ، وذلك لا يحل بعد الموتِ ، ثم ليسَ من ضرورةِ الغسل النظَرُ إلى الفرجِ .
261 - مسألة : ولا يجُوزُ أن يغسلَ قريبُه الكَافِرَ ، ولا يدفنَهُ .
وقال أبو حفص العكبري : يجوزُ ، وزعم أنه قول لأحمد .
أبو معشر - واه - عن محمد بن كعب القرظي ، عن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه قال : " جاء ثابت بن قيس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن أمهُ توفيت - وهي نصرانية - وهو يحب أن يحضرها ، فقال : ارْكَبْ دابتَكَ ، وسر أمامَها ، فإنك إذا كنتَ أمامها ، لم تكن معَها " .
لم يصح .
(1/306)
| 307 | ودليل الجواز : سفيان الثوري ، حدثني أبو إسحاق ، عن ناجية بن كعب ، عن علي " قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن عمك الشيخ الضال ماتَ ، فمن يواريه ؟ قال : اذهب فوار أباك ، ولا تحدثن حدثاً حتى تأتيني .
فواريته ، ثم جئت ، فأمرني فاغتسلتُ ، ودعا لي " .
رواهُ ( س ) .
قلنا : كان هذا في أول الإسلام .
قلتُ : فأينَ الناسخُ ؟ !
262 - مسألة : يُغسلُ السقْطُ ويُصلَّى عليهِ ، إذا استكملَ أربعةَ أشهرٍ .
وقال أبو حنيفة ، ومالك : لا يغسل ، ولا يصلى عليه ، إلا أن يستهل .
وقال الشافعي : يغسل ، وفي الصلاة قولان .
صحح ( ت ) من حديث زياد بن جبير ، عن أبيه ، عن المغيرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " السقطُ يصلى عليه ، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمةِ " .
البختري بن عبيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " صلوا على أطفالكم ؛ فإنهم من أفراطكم " رواه ابن ماجه .
والبختري ضعيف ، وأبوه مجهول .
فذكروا ( ت ) من حديث إسماعيل بن مسلم - واهٍ - عن أبي الزبير ، عن جابر مرفوعاً : " الطفْلُ لا يصلَّى عليه ، ولا يُورثُ ولا يرثُ حتى يستهلَّ " رواهُ ( ت ) .
(1/307)
| 308 | 263 - مسألة : الشَّهيدُ لا يُصَلَّى عليهِ ، خلافاً لأبي حنيفةَ ومالكٍ .
وللشافعي قولان .
( خ ) من حديث ابن شهاب ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، أن جابراً أخبره " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في الثوب الواحد ، ثم يقول : أيهما أكثر أخذاً للقرآن ؟ .
فإذا أشير له إلى أحدهما ، قدمه في اللحد ، وقال : أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة ، وأمر بدفنهم في ثيابهم ، ولم يصل عليهم ، ولم يغسلوا " .
أحمد ، نا صفوان بن عيسى ، نا أسامة بن زيد ، عن الزهري ، عن أنس " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يومَ أحدٍ يكفن الرجلين والثلاثة في الثوب الواحد ، ودفنهم ، ولم يصل عليهم " .
قلتُ : تبعه ابن وهب ، عن أسامة .
خرجهُ ( د ) .
وخرج ( د ) من حديث عثمان بن - ق 71 - ب - / عمر ، عن أسامة ، عن الزهري ، عن أنس قال : " لم يصل النبي - صلى الله عليه وسلم - على أحد منهم غير حمزة " .
فذكروا : ابن أبي عدي ، ثنا شعبةُ ، عن حصين ، عن أبي مالك قال : " كانَ يجاء بقتلى أحد تسعة وعاشرهم حمزة ، فيصلى عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدفنون التسعة ، ويدعون حمزة ، ويجاء بتسعة وحمزة عاشرهم ، فيصلى عليهم ، فيرفعون التسعة ، ويدعون حمزةَ " .
قال المؤلف : حصين ضعيف .
قال يزيد بن هارون : كان قد نسي .
(1/308)
| 309 | قلت : هذا تعنتٌ بينٌ ؛ حصينٌ محتجٌّ بهِ في الصِّحاحِ ، لكنَّ الحديثَ مرسلٌ جَيِّدٌ .
خرجه الدارقطنيُّ .
الوركاني ، نا سعيد بن ميسرةَ ، عن أنس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر على حمزة سبعين تكبيرة سعيدٌ متروك .
أبو بكر بن عياش ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : " أتي بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد ، فجعل يصلي على عشرة عشرة ، وحمزة كما هو موضوع " خرجه ( ق ) ويزيد ضعف .
وقد مر أنه - صلى الله عليه وسلم - ما صلى على أحد من الشهداء غير حمزة .
قال الدارقطنيُّ : لم يقل هذه اللفظة غير عثمان ، وليست محفوظة .
قلنا : عثمان مخرج عنه في الصحيحين .
264 - مسألة : إذا اسْتشهدَ الجُنُبُ غُسِّلَ .
وقال مالك والشافعي : لا يغسلُ .
فيروى " أن حنظلة بن أبي عامر رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - الملائكة تغسلهُ ، وكان جُنُباً " .
265 - مسألة : يُكْرَهُ تكفينُ الميتِ في قَميصٍ وعمامةٍ .
وقالَ أبو حنيفة : يستحب .
هشام ، عن أبيه ، عن عائشة " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثةِ أثوابٍ بيضٍ سحولية ؛ ليس فيها قميص ولا عمامة " ( خ م ) .
(1/309)
| 310 | ورواه ( ت ) عن قتيبة ، عن حفص بن غياث ، عن هشام ، فزاد ، " قالَ : فذكروا لها قولهم : في ثوبين وبرد حبرة .
فقالت : قد أتي بالبرد ، ولكنهم ردوهُ " .
صححه ( ت ) .
266 - مسألة : ويُستحبُّ أن يكونَ ثلاثةَ أثوابٍ لفائفَ بيضاءَ كُلّها .
وقال أبو حنيفة : ثوبان وحبرةٌ .
أحمد ، نا علي بن عاصم ، أنا عبد الله بن خثيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس مرفوعاً : " البسوا من ثيابكم البياضَ ؛ فإنها من خير ثيابكم ، وكفنوا فيها موتاكم " .
الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن سمرةَ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " البسوا الثيابَ البيضَ ؛ فإنها أطهرُ وأطيبُ ، وكفنوا فيها موتاكم " .
صححهما ( ت ) .
267 - مسألة : يُكْرهُ أن تُكَفَنَّ المرْأةُ في المعصْفَرِ .
وقال أبو حنيفة : لا .
268 - مسألة : المشْيُ أمامَ الجنازَةِ أفضلُ ، وفي حَق الرَّاكبِ خَلَفَها .
وقال أبو حنيفة : خلفها أفضل مطلقاً .
وقال الشافعي : أمامها .
(1/310)
| 311 | الزهري ، عن سالم ، عن أبيه - ق 72 - أ - / " أنه رأى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبَا بكرٍ وعمرَ يمشونَ أمامَ الجنازةِ " رواه أحمدُ ، عن سفيانَ ، عنه .
وقال ( ت ) : رواه جماعة من الحفاظ عن الزهري مرسلاً ، وهو أصح .
أحمد ، نا أبو كامل ، نا زهير ، نا يحيى الجابر ، عن أبي ماجدة ، عن ابن مسعود : " سألنا رسولَ اللهِ عن المشي خلفَ الجنازةِ ، فقال : الجنازة متبوعةٌ ، ولا تتبع ، ليس - منا - من تقدمَها " .
قلت : خرجُه ( د ت ق ) من حديث أبي عوانةَ ، وعبد الواحد بن زيادٍ ، عنِ الجابر ، عن أبي ماجدةَ - وقيلَ أبُو ماجدٍ - ولا يُعْرَفُ ، والجابرُ ضعيفٌ .
أحمد ، نا عبد الواحد الحداد ، نا سعيد بن عبيد الله الثقفي ، عن زياد بن جبير ، عن أبيه ، عن المغيرة بن شعبة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الراكب خَلْفَ الجنازةِ ، والماشِي حيثُ شاءَ منها " .
قلتُ : خرجهُ ( عو ) بطرقٍ ، وبعضهُم وقفَهُ ، وبعضُهم أسقط : عن أبيهِ .
وصححه ( ت ) .
حماد بن سلمة ، عن يعلى بن عطاء ، عن عبد الله بن سيار " أن عمرو بنَ حريثٍ قالَ لعلي : كيف تقولُ في المشي معَ الجنازة ؟ قالَ : إن فضلَ المشي خلفها على بينَ يديها كفضل المكتوبةِ في جماعةٍ على الوحدةِ .
(1/311)
| 312 | قال عمرو : فإني رأيتُ أبا بكر وعمر يمشيان أمامَ الجنازةِ .
قال : إنهما كرها أن يحرجا الناس " .
المحاربي ، نا مطرح أبو المهلب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي سعيد " قلت لعلي : المشي أمامَ الجنازةِ أفضل ؟ فقال : إن - فضل - الماشي خلفها على الماشي أمامها كفضل المكتوبة على التطوع .
قلت : برأيك ؟ قال : بل سمعتهُ من رسولِ الله غير مرة ولا مرتين حتى بلغ سبعَ مراتٍ " .
سندُهُ ساقطٌ .
أحمد ، نا أبو سعيد ، ثنا حرب ، نا يحيى ، نا باب بن عمير ، حدثني رجل من أهل المدينة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " لا تتبعُ الجنازةِ بصوت ، ولا يُمشى بين يديها " .
فيه مجهولان .
269 - مسألة : الوَالِي أحقُّ بالصَّلاةِ .
وقال الشافعي في الجديد : الولي أولى .
لنا حديث أبي مسعود : " ولا يؤم الرجل في سلطانه " .
( م ) .
270 - مسألة : ولا يُصلَّى عَلَيها عند الطُّلُوع والغُروبِ والاستواءِ ، خَلافاً للشَّافعيِّ .
موسى بن علي ، نا أبي ، سمعت عقبة بن عامر يقول : " ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نصلي فيهن ، وأن نقبر فيهن موتانا ؛ حين تطلع الشمسُ(1/312)
| 313 | بازغةً حتى ترتفع ، وعند قائم الظهيرة ، وحين تضيف للغروب حتى تغرب " .
( م ) .
271 - مسألة : لا تُكرَهُ الصَّلاةُ عَليها في المسجدِ ، خلافاً لأبي حنيفةَ ومالكٍ .
فليح ، عن صالح بن عجلانَ ، عن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : " لما توفي سعد ، وأُتي بجنازته ، أمرتْ به عائشة - ق 72 - ب - / أن يمر به عليها ، فمر به في المسجد ، فدعت له ، فأنكر ذلك عليها ، فقالت : ما أسرع الناس إلى القول ، ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ابن بيضاءَ إلا في المسجد " ( م ) .
ولهم : ابن أبي ذئب ، عن صالح مولى التوءمة ، عن أبي هريرة ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا من صلّى على جنازة في المسجد ، فليس له شيء " .
صالحٌ واهٍ .
272 - مسألة : السُّنَّةُ أن يَقِفَ الإمامُ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ ، ووَسطِ المرْأةِ .
وقال أبو حنيفة : بحذاءِ صدرهما .
وقال مالك : عند وسط الرجل ، ومنكب المرأة .
وقال الشافعي كقولنا في المرأة ، واختلف أصحابه في الرجل ، فقال بعضهم : عند صدره .
وقيل : عند رأسه .
سعيدُ بن عامر ، عن همام ، عن أبي غالب قال : " صليتُ معَ أنس على جنازة رجل ، فقام حيال رأسه ، ثم جاءوا بجنازة امرأةٍ ، فقام حيال وسط السرير ، فقال له العلاء بن زياد ، هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على الجنازة مقامك منها ، ومن الرجل مكانكَ منه ؟ قال : نعم .
فلما فرغ ، قال : احفظُوا " .
(1/313)
| 314 | قلتُ : ورَوى نحوهُ عبدُ الوارثِ ، عن أبي غالبٍ الباهليّ - واسمُهُ : نافعٌ - لَيْسَ بعمدةٍ .
أخرجه ( د ت ق ) .
حسين المعلم ، نا ابن بريدة ، سمعَ سمرةَ يقول : " صلى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على أم كعب - ماتت نفساء - فقام للصلاة عليها وسطها " .
( خ م ) .
273 - مسألة : ويُصَلَّى عَلَى الغَائِبِ بالنيَّةِ ، خلافاً لأبي حنيفةَ ومالكٍ .
أبو قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين ؛ أن رسولَ اللهِ قالَ : إن أخاكم النجاشي ، قد مات ، فصلوا عليه .
فقام ، فصففنا خلفه ، فصلى عليه " .
( م ) .
274 - مسألة : تَجِبُ الفَاتِحةُ فِي الجنازَةِ .
وقال أبو حنيفة : لا تقرأ ، لكن يذكر الله ويثنى عليه في الأولى .
الثوري ، عن سعد بن إبراهيم ، عن طلحة بن عبد الله بن عوف " أن ابنَ عباس صلى على جنازةٍ ، فقرأ بفاتحةِ الكتَابِ ، فقلتُ له : فقال : إنه من السنة ، أو من تمام السنة " .
صححه ( ت ) .
(1/314)
| 315 | زيدُ بن الحباب ، نا إبراهيم بن عثمان ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ على الجنازة بالفاتحة " .
إبراهيم هالك .
حماد بن جعفر ، نا شهر بن حوشبٍ ، حدثتني أم شريكٍ الأنصاريةُ ، قالتْ : " أمرنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن تقرأ على الجنازة بفاتحةِ الكِتَابِ " .
رواهُ ( ق ) وحمادٌ .
قال ابن عدي : منكر الحديث .
275 - مسألة : يُسَنُّ قَضَاء ما فاتَ مِنَ التَّكْبِيرِ .
وعنه : يجب .
وبه قال أكثرهم .
فروى أصحابنا عن عائشةَ ؛ أنها قالت : " يا رسولُ اللهِ ، إني أصلي على الجنازةِ ويخفَى علي بعض التكبير ، فقال : ما سمعتِ فكبري ، وما فاتكِ ، فلا قضاء عليكِ " .
واحتجوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - : " وما فاتكُم فاقضوا " .
276 - مسألة : يجوزُ أن يُصَلى علَى الجنازة من لم يُصلِّ مَعَ الإمامِ .
وقال أبو - ق 73 - أ - / حنيفةَ ومالكٌ : لا تعاد الصلاةُ ، إلا أن يكونَ الولي حاضراً ، فيصلي غيره .
لنا : ثابت ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة " أن رجلاً أسودَ - أو امرأةً سودَاءَ - كان يقم المسجد ، فماتَ فسأل عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : ماتَ .
فقال : أفلا آذنتموني به ، دلوني على قبرهِ - أو قالَ : قبرِها - فأتى قبرَهُ ، فصلى عليه " ( خ م ) .
(1/315)
| 316 | أحمد ، نا أبو معاوية ، نا الشيباني ، عن الشعبي ، عن ابن عباس " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صلى علَى قبرِ بعدَ ما دُفِنَ " .
شريكُ ، عن أبي إسحاقُ ، عن الشعبي ، عن ابن عباس قال : " أبصرَ رسولُ الله قبراً حديثاً ، فقال : ألا آذنتموني بهذا ؟ قالوا : كنت نائماً ، فكرهنا أن نوقظكَ .
فقام فصلى عليه ، فقمتُ عن يسارِه ، فجعلني عن يمينه " .
شعبةُ ، عن حبيب بن الشهيد ، عن ثابتٍ ، عن أنس " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبرِ امرأةٍ قد دُفِنَتْ " .
ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن ابن المسيب " أن أم سعد ماتت ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - غائبٌ ، فلما قدم صلى عليها ، وقد مضى لذلك شهرٌ " .
فذكروا خبراً لا يعرفُ قط " أن عُمَرَ أُتِي بجنازةٍ قد صلى عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد أن يصلي عليها ثانياً ، فأخبر رسولُ اللهِ أن الصلاةَ على الجنازةِ لا تُعادُ " .
277 - مسألة : لا يُصَلِّي الإمامُ عَلى الغالِّ ، وقاتلِ نَفْسهِ ، خلافاً لأكثرِهم .
لنا : محمد بن يحيى بن حبان ، عن أبي عمرةَ ، عن زيد بن خالد " أن رجلاً من أشجعَ توفي يومَ خيبرَ ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : صلوا على صاحبكم .
فتغيرت وجوه الناسِ من ذلك ، فقال : إن صاحبكم غل في سبيلِ اللهِ .
ففتشنا متاعَهُ فَوَجَدْنا خَرزاً من خرز يهودَ ؛ ما يُساوي درهمين " .
رواه ( د س ق ) .
شريكٌ ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة " أن رجلاً قتلَ نفسَهُ ، فلم يصلِّ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - " .
(1/316)
| 317 | تابعه إسرائيل .
رواه ( ت ) .
زهير ، نا سماك ، عن جابر " أن رجلاً قتلَ نفسه بمشاقص ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا أصلي عليه " .
رواهُ ( س ) .
278 - مسألة : يُصَلِّي الإمامُ على من قتلَ حدًّا ، خلافاً لمالكٍ .
يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قلابةَ ، عن أبي المهلب ، عن عمرانَ " أن امرأةً اعترفت بزنى عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقالت : أنا حُبْلَى ، فدعا وليَّها ، فقال : أحْسِنْ إليها ، فإذا وضعت فأخبرني .
ففعلَ ، فأمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فشُكَّتْ عليها ثيابها ، ثم أمرَ برجمها فرُجِمتْ ، ثم صلى عليها ، فقال عمر : رجمتَها يا رسول الله ، ثم تصلي عليها ؟ ! فقالَ : لقد تابتْ توبةً لو قسمت بين سبعينَ من أهلِ المدينةِ لوسعتْهُم ، وهلْ وجدتَ أفضلَ من أن جادَتْ بنفسها لله " .
( م ) .
فذكروا ما روى ( د ) من حديث أبي بشر ، حدثني نفر من أهلِ البصرةِ ، عن أبي برزة " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - - ق 73 - ب - / لم يصل على ماعزٍ ، ولم ينهَ عن الصلاة عليه " .
قُلنا : لو صح لما دل ؛ فإنه قد يصلي على المرأة ، وهي متأخرة لأن ماعزاً أولُ من رجمَ ، ألا تراها قالت : أتريدُ أن تردَّني كما رددتَ ماعِزًا .
279 - مسألة : السُّنًّةُ تَسْنِيمُ القُبُورِ .
وقال الشافعي : تسطيحُها .
لنا أن قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - مُسنمٌ .
(1/317)
| 318 | وفي ( خ ) عن سفيان التمار قال : " رأيت قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مسنماً " .
أبو كريب ، نا أبو بكر بن عياش ، ثنا صالح بن أبي صالح : " رأيت قبرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - شبراً أو نحواً من شِبْرٍ " .
وقال الثوري ، عن أبي حصينٍ ، عن الشعبي قال : " رأيتُ قُبُورَ الشهداءِ مسنمةً " .
فذكروا خبرَ الثوري ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي وائل ، عن أبي الهياج الأسدي قال : " قال لي علي : أبعثك على ما بعثني عليه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ؛ أن لا تدع تمثالاً إلا طمستَهُ ، ولا قبراً مشرفا إلا سويتهُ " .
قُلتُ : رَواهُ ( م د س ت ) .
ابن جريج ، أنا أبو الزبير ، عن جابر : " سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى أن يقعدَ على القبر ، وأن يقصصَ أو يبنى عليهِ " ( م ) .
عمرو بن الحارث ، نا أبو علي الهمداني ، قال : " كنا مع فضالة بن عبيد برودس ، فتوفي صاحبٌ لنا ، فأمر فضالة بقبره فسوي ، ثم قال : سمعتُ رسولَ اللهِ يأمرُ بتسويتها " ( م ) .
قلنا : هذا محمول على ما كانوا يفعلونه في تعلية القبور بالبناء المستحسنِ العالي ؛ بدليل ( خ ) لهشام بن عروةَ ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : " لما اشتكى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذكرتْ لهُ بعضُ نسائِهِ كنيسةً رأينها بأرضِ الحبشَةَ - وكانتْ أم سلَمَةَ ، وأم حبيبةَ أتتا الحبَشَةَ ، فَذكرتا من حسنها وتصاويرَ فيها - فقال : أُولئكَ إذا(1/318)
| 319 | ماتَ منهم الرجل الصالح ، بنوا على قبره مسجداً ، ثم صوروا فيه تلك الصور ، أولئكَ شرارُ الخلق عند الله " .
280 - مسألة : يجُوزُ تَطْيينُ القَبْرِ .
وقال أبو حنيفة : لا يطينُ .
لنا : الدراوردي ، عن عبد الله بن محمد بن عمر ، عن أبيه " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رشَّ على قبر إبراهيمَ ، وأنه قال حينَ دَفَنَ وفرغَ منه : سلامٌ عليكمْ " .
كذا رواه أبو داودَ ، عن القعنبي عنه ، وهو منقطع .
وقال سعيد في " سننه " : ثنا الدراوردي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيهِ " أن رسولَ اللهِ رش على قبره ، وجعل عليه من حصباءِ الغابة ، ورفع قدرِ شبرٍ " .
قُلْتُ : والآخرُ مُنْقَطعٌ ، ومَا فيهما دليلٌ على المسأَلةِ ، وقَدْ مرَّ لِمُسْلِمٍ النَّهيُ عنِ البِنَاءِ على القَبْرِ ، فحُجَّةُ أبي حَنِيفةَ أقْوى وَأبينُ .
281 - - ق 74 - أ - / مسألة : يُكْرَهُ المَشْيُ في المقْبَرةِ بِنَعْلَينِ ، خلافاً لأكثَرِهم .
الأسود بن شيبان ، عن خالد بن سمير ، عن بشير بن نهيك ، عن بشير بن الخصاصية قال : " كنت أماشي رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فأتينا على قبور المشركين ، فقالَ : لقد سبق هؤلاء خيرًا كثيراً - ثلاثَ مراتٍ - ثم أتينا على قبور المسلمين فقال : لقد أدرك هؤلاء خيراً كثيراً - ثلاث مرات - فبصرَ برجلٍ يمشي بين المقابر في نعليه ، فقال : ويحك يا صاحب السبتيتين ، ألقِ - سِبْتِيَّتَيْكَ - - مرتين أو ثلاثاً - فنظرَ الرجلُ ، فلما رأى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خلعَ نعليه " .
(1/319)
| 320 | قلتُ : رواهُ ( د س ق ) ، وذكرَ التحريم الظاهرية .
282 - مسألة : يُكْرَهُ الجُلُوسُ عَلَى القَبْرِ ، والاتِّكاءِ إليهِ ، خلافاً لمالكٍ .
سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرةَ ؛ أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال : لأن يَجلسَ أحدُكُم على جمرةٍ تحرقُ ثيابه ، وتخلص إليه خير له من أن يطأ على قبر " .
وفي لفظ : " من أن يجلس على قبرٍ " .
قلتُ : رواهُ ( م د س ) .
أحمد ، نا الوليد بن مسلم ، سمعتُ عبد الرحمن بن يزيد بن جابرَ ، حدثني بسرُ بن عبيد الله أنه سمعَ واثلةَ بن الأسقع ، حدثني أبو مرثد الغنوي أنه سمعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا تصلوا إلى القبور ، ولا تجلسوا عليها " ( م ) .
عمرو بن الحارثِ ، عن بكر بن سوادةَ ، عن زياد بن نعيم الحضرمي ، عن عمرو بن حزم : " رآني رسولُ اللهِ وأنا مُتَّكِئ على قبرٍ ، فقالَ : لا تؤذ صاحب القبرِ " .
قلتُ : تفردَ بهِ أحمد في " مسنده " وسندُهُ صَحيحٌ .
عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلالٍ ، عن أبي بكر بن حزم ، أن النضرَ(1/320)
| 321 | ابنَ عبدِ اللهِ السلميَّ أخبرهُ ، عن عمرو بن حزم سمعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : " لا تَقْعُدوا عَلَى القُبُورِ " .
قلْتُ : هُوَ في " المسند " وَرواهُ ( س ) مِنْ حَدِيثِ اللَّيثِ ، عن خَالدِ بنِ يَزِيدَ ، عن سعيد .
283 - مسألة : ويُكرَهُ الجلوس قَبْلَ أن تُوضَعَ الجنازةُ .
وقالَ مالك ، والشافعي : لا .
يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمةَ ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " إذا رأيتم الجنازة فقوموا ، فمن تبعها فلا يقعد حتى تُوضَعَ " ( خ م ) .
284 - مسألة : لا يُكرَهُ البُكَاءُ بعدَ الموتِ .
وقالَ الشافعي : يُكره .
ابن جريج ، أخبرني هشام بن عروة ، عن وهب بن كيسان ، عن محمد بن عمرو ، أنه أخبره سلمة بن الأزرق " أنه كانَ جالساً مع ابن عمرَ ، فمر بجنازة يبكى عليها ، فعاب ذلك ابن عمرَ ، وانتهرهن ، فقال سلمة : لا تقل هذا ، فإني لأشهد على أبي هريرة لسمعته يقولُ - وتوفيت امرأةٌ من كنائن - ق 74 - ب - / مروان - وشَهدَها ، وأمرَ مروان بالنساء اللاتي يبكين يطردن ، فقال أبو هريرة : دعهن أبا عبد الملك ؛ فإنه مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - بجنازة يُبكى عليها وأنا معه ومعه عمرٌ ، فانتهرَ عمرُ النساء اللاتي يبكينَ مع الجنازة ، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : دَعْهُنَّ يا ابنَ الخطابِ ؛ فإن النفسَ مصابةٌ ، والعينَ دامعةٌ ، وإن العهد حديثٌ .
قال : أنتَ سمعتَهُ ؟ قال : نعم .
قال : فالله ورسُولُهُ أعلمُ " .
(1/321)
| 322 | قلتُ : رواهُ أحمدُ ، نا عبدُ الرزاقِ ، نا ابنُ جريجٍ ، ورواتُهُ ثِقاتٌ ، وروى بعضَهُ ( س ق ) مِنْ حَدِيثِ مُحمدِ بنِ عمرِو بنِ حلحلةَ ، عن محمدِ بنِ عمرِو ابنِ عطاءٍ ، من حديثِ حمادِ بنِ سَلمةَ ، عن هشامٍ بهِ .
ورواه وكيع ، عن هشام ، فأسقط من سنده سلمة ، وفيه بيان أن الجنازة كانَ معها نساءٌ .
يزيد بن كيسانَ ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : " زارَ رسولُ الله قبرَ أمهِ ، فبكى وأبكى من حوله ، ثم قال : استأذنتُ ربي أن أزور قبرها ، فأذن لي ، واستأذنته أن أستغفرَ لها ، فلم يأذن لي " ( م ) .
أحمدُ ، نا صفوان بن عيسى ، نا أسامة بن زيد ، عن نافع ، عن ابن عمرَ " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لما رجعَ من أُحدٍ ، سمعَ نساءَ الأنصار يبكين على أزواجهن ، فقال : لكن حمزةَ لا بواكي له .
فبلغ ذلك نساء الأنصار ، فجئن يبكين على حمزة ، قال : فانتبهَ رسولُ اللهِ من الليلِ فسمعهن وهن يبكينَ ، فقال : ويحهن لم يزلن يبكين بعد منذ الليلة ، مروهن فليرجعنَ ، ولا يبكين على هالك بعد اليوم " .
أسامةُ فيه ضعف ؛ ويدل على النهي على كثرةِ البكاء .
أحمد ، نا ابن نميرُ ، نا يحيى ، عن عمرةَ ، عن عائشة قالت : " لما جاء نعيُ جعفر وزيدٍ وابن رواحةَ ، جلسَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْرَفُ في وَجْهِهِ الحزنُ ، فأتاه رجل ، فقال : يا رسولَ اللهِ ، إن نساءَ جعفر ؛ فذكرَ من بكائهن ، فأمره رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن ينهاهن ، فذهبَ ثم جاءَ ، فقال : قد نهيتهن ، أو أنه لم يطعنه حتى كان في الثالثة ، فزعمت أن رسولَ اللهِ قالَ : احثُ في وُجُوههِنَّ التراب " .
قلنا : المرادُ بالبكاءِ المنهي عنه الذي معه ندبٌ ، لا مجردَ الدمع .
(1/322)
| 323 | قُلْتُ : هُنا ثلاثُ صورٍ : بكاءٌ بدمعِ العينِ ، فهذا مباحٌ .
وبكاءٌ بندبُ الميت ونعيه ، فهذا مُحرمٌ .
وبكاءٌ بصوتٍ عالٍ وصراخ بلا ندبٍ ، فهذا عرجَ عنهُ المؤلفُ ، أو دخلَ فيما عمَّم عن المُباحِ ؛ فهذا منهيٌّ عنهُ أيضاً .
285 - مسألة : تُسَنَّ التَّعْزِيةُ بَعْدَ الدَّفنِ وقبلَهُ .
وقال أبو حنيفة : لا تسن بعده .
خالد بن مخلد ، حدثني قيس أبو عمارة مولى الأنصارِ ، سمعتُ عبدَ اللهِ بنَ أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يُحدثُ عن أبيه ، عن جدهِ ، عن - ق 75 - أ - / النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله من حللِ الكَرامَةِ يومَ القيامة " .
رواه ( ق ) .
حماد بن الوليد - واه - عن الثوري ، عن محمد بن سوقَةَ ، عن إبراهيمَ ، عن الأسود ، عن عبد الله قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " من عزى مصاباً ، كان له مثل أجرِه " .
وله طرق لا تصح .
286 - مسألة : إذا تَطَوَّعَ بقربةٍ كالصلاةِ والصَّدقةِ والقِراءة وجعلَ ثوابَهُ للميتِ صَحَّ وانتفعَ بهِ ، خلافاً للأكثرَ .
زكريا بن إسحاق ، حدثني عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن رجلا قال : يا رسولَ اللهِ ، إن أمي توفيت ، أفينفعها إن تصدقت عنها ؟ قال : نعم .
قال : فإن لي مخرفاً ، فأشهدك أني قد تصدقت به عنها " .
قُلْتُ : ورَواهُ ابنُ عيينةَ نحوهُ .
أخرجه ( خ د ت س ) .
(1/323)
| 324 | ابنُ جريح ، أخبرني يعلى أنه سمعَ عكرمة يقول : أنبأنا ابن عباس " أن سعد ابن عبادةَ توفيت أمه وهو غائب - عنها - فقالَ : يا رسولَ اللهِ ، إن أمي توفيتْ وأنا غائب عنها ، فهل ينفعها إن تصدقت عنها بشيء ؟ قال : نعمْ .
قال : فإني أشهدكَ أن حائطي المخرفَ صدقةٌ عنها " ( خ ) .
شعبةُ ، عن قتادةَ ، سمعَ الحسنَ يحدثُ عن سعدِ بن عبادة " أن أمه ماتت ، فقالَ لرسول الله : إن أمي ماتَتْ ، أفأتصدقُ عنها ؟ قال : نعم .
قال : فأيُّ الصدقةِ أفضلُ ؟ قال : سقْيُ الماءِ .
قالَ الحسن : فَتِلْكَ سقايةُ آل سعدٍ بالمدينة " مُرسلٌ .
العلاءُ ، عن أبيهِ ، عن أبي هُريرةَ مرفوعاً : " إذا ماتَ الميتُ ، انقَطَعَ عملُهُ إلا منْ ثلاثٍ : إلا من صَدقَةٍ جارِيَةٍ ، أو علمٍ يُنتفعُ به ، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له " .
( م ) .
و ( م ) عن أبي هريرةَ في لفظ آخر : " إن أبي ماتَ ولم يوص ، أفينفعه أن أتصدقَ عنه ؟ قال : نعمْ " .
قُلْتُ : الأحادِيثُ نَصٌّ في الصَّدَقَةِ فَقَطْ .
(1/324)
| 325 | الزكاة
287 - مسألة : إذا زادت الإبلُ على عشرين ومائةٍ واحدةً ، استقرت الفريضة ؛ ففي كل خمسين حقة ، وفي أربعين بنت لبونٍ .
وعنه : لا يتغير الفرض حتى يبلغ ثلاثين ومائة فيستقر .
وعن مالك كالروايتين .
وقال أبو حنيفة : في مائة وعشرين حقتان ، ويستأنف لما بعدها فيجب في كل خمس شاةٌ .
الأنصاري ، حدثني أبي ، حدثني ثمامة أن أنسًا حدثه " أن أبا بكر الصديق لما استخلف أنس بن مالك على - البحرين - كتب هذا الكتاب ، فكتب : هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين ؛ في أربع وعشرين من الإبل فما دونها ؛ في كل خمس شاةٌ ، فإذ بلغت خمساً وعشرين إلى خمسٍ وثلاثين ففيها ابنةُ مخاضٍ أنثى ، فإن لم يكن فيها ابنة مخاضٍ فابن لبونٍ ذكر ، فإذا بلغت ستًا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها ابنةُ لبونٍ - ق 75 - ب - / فإذا بلغت ستًا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل ، فإذا بلغت واحداً وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعةٌ ، فإذا بلغت ستا وسبعين إلى التسعين ففيها ابنتا لبونٍ ، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل ، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبونٍ ، وفي كل خمسين حقةٌ ، ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة - وليست عنده جذعةٌ - وعنده حقةٌ فإنها تقبل منه ، ويجعل معها شاتين إن تيسرتا ، أو عشرين درهماً ، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده حقةٌ ، وعنده(1/325)
| 326 | جذعةٌ ، فإنها تقبل منه الجذعة ، ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين ، ومن بلغت صدقته الحقة وعنده ابنة لبونٍ ؛ فإنها تقبل منه ، ويعطي معها شاتين أو عشرين درهماً ، ومن بلغت صدقته ابنه لبونٍ وليست عنده وعنده حقةٌ ؛ فإنها تقبلُ منه ، ويعطيه المصدقُ عشرين درهماً أو شاتين " ( خ ) .
عباد بن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كتب كتاب الصدقة فلم يخرج إلى عماله حتى قبض - فلما قبضَ - عمل به أبو بكرٍ حتى قبض ، وعمر حتى قبض ، وكان فيه : فإذا زادت على عشرين ومائةٍ ففي كل خمسين حقةٌ ، وفي كل أربعين بنت لبونٍ " وفيه : " ولا يجمع بين متفرقٍ ، ولا يفرق بين مجتمعٍ مخافة الصدقة ، وما كان من خليطين ، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية " .
خرجهُ ( ت ) وصححه .
وقد رواه جماعةٌ عن الزهري ، عن سالم مرسلاً ، ما رفعه إلا سفيانُ .
قلنا : هو ثقةٌ ، أخرج له مسلمٌ .
قلت : لم يخرج له أصلاً ، بل متابعة ، وهو لينٌ .
فذكر أبو داود في " المراسيل " : ثنا موسى بن إسماعيل قال : قال حماد ابن سلمة : " قلت لقيس بن سعدٍ : خذ لي كتابَ محمد بن عمرو بن حزم ، فأعطاني كتاباً أخبرَ أنه أخذَه من أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزمٍ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتبهُ لجده ، فقرأته ، وكان فيه ذكرُ ما يخرجُ من فرائضِ الإبلِ ، فقصَّ الحديثَ إلى أن يبلغ عشرينَ ومائةً ، فإذا كانت أكثر من عشرين ومائةٍ ، فعد في كل خمسين(1/326)
| 327 | حقةٌ ، وما فضلَ فإنه يعاد إلى أول فريضةٍ ، وما كان أقل من خمسٍ وعشرين ، ففيه الغنمُ ؛ في كل خمس ذودٍ شاةٌ " .
قال أحمد : كتاب عمرو بن حزمٍ في الصدقاتِ صحيحٌ .
288 - مسألة : لا زكاةَ في الأوقاص .
وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسفَ ، خلافاً لأحد قولي مالك ، وقول الشافعي في أنها تتعلق بالنصاب والوقص ؛ حتى إنه لو تلف من تسعة أربعة ، وجب عند الخصم خمسةَ أتساعِ شاةٍ .
الحسن بن عمارة ، نا الحكم ، عن طاوس ، عن ابن عباسٍ قال : " لما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذاً إلى اليمن - ق 76 - أ - / قيلَ له : بم أُمرتَ ؟ قال : أُمرتُ أن آخذ من البقر ؛ من ثلاثين تبيعاً أو تبيعةً ، ومن كل أربعين مسنةً ، قيل له : أُمرت في الأوقاص بشيءٍ ؟ فقالَ : لا ، وسأسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله ، فقال : لا " .
رواه الدارقطنيُّ ، وابن عمارة واهٍ .
حيوة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سلمة بن أسامة ، عن يحيى بن الحكم ؛ أن معاذاً قال : " بعثني رسولُ الله أصدقُ أهل اليمنِ ، فأمرني أن آخذَ من البقر من كل ثلاثين تبيعاً ، ومن كل أربعين مسنةً ، فعرضوا علي أن آخذ ما بين الأربعين والخمسين ، وبين الستين والسبعين ، فأبيتُ وقلت : حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتُ رسول اللهِ فأمرني أن لا آخذ ما بين ذلك ، وزعم أن الأوقاص لا فريضة فيها " .
رواه أحمدُ .
وقد روى القاضي أبو يعلى ، وأبو إسحاق الشيرازي ، في " كتابيهما " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " في خمسٍ من الإبلِ شاةٌ ، ولا شيء في الزيادة حتى تبلغ عشراً " .
(1/327)
| 328 | 289 - مسألة : إذا أخرج حاملاً ، أو سنًا أعلى ، أجزأه .
وقال داود : لا يجزئ ابن إسحاق ، ثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد ، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عمارة بن عمرو بن حزمٍ ، عن أُبيِّ بن كعبٍ قالَ : " بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصدقاً ، فمررت برجلٍ ، فلم أجد عليه في ماله إلا ابنة مخاضٍ ، فأخبرته أنها صدقته ، فقال : ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر ، وما كنت لأقرض الله من مالي ما لا لبن فيه ولا ظهر ، ولكن هذه ناقةٌ سمينةٌ فخذها ، فقلت " : ما أنا بآخذ ما لم أُؤمر به ، فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منك قريبٌ ، فخرج معي ، وخرج بالناقة حتى قدمنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ذلك الذي عليك ، وإن تطوعت بخيرٍ قبلناه منك ، وآجرك اللهُ فيه .
قال : فخذها ، فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبضها ، ودعا له بالبركة " .
رواه أحمد ، ( د ) .
290 - مسألة : لا يجبُ على فيما زاد على الأربعين من البقر شيءٌ حتى تبلغ ستين .
وعن أبي حنيفة : يجبُ فيها بالحساب .
وعنه : لا يجب فيها شيءٌ حتى تبلغ خمسين ، فيجب مسنةٌ وربعٌ .
لنا : خبرُ معاذٍ ، وأنه لم يأخذ من الأوقاص شيئاً .
291 - - مسألة - : المالُ المستفاد في أثناء الحول بابتياعِ أو هبةٍ أو إرثٍ ، لا يضمُّ إلى نصاب الحول .
(1/328)
| 329 | وقال أبو حنيفة : هو من جنس النصِّاب ؛ يضمُّ إليه .
وعن مالكٍ كالمذهبينِ .
ولنا : ( ت ) نا يحيى بن موسى ، نا هارون بن صالح ، نا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر مرفوعاً : " من استفاد مالاً ، فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول " .
عبد الرحمن واهٍ ، وصح عن نافعٍ ، عن ابنِ عمرَ من قوله .
بقيةُ ، عن إسماعيل ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال رسول الله : " لا زكاة في مال امرئ - ق 76 - ب - / حتَّى يحول عليه الحول " .
رواه الدارقطنيُّ ، وقال : رواه معتمرٌ وغيره موقوفاً .
قلت : إسماعيل كأنه ابن عياشٍ ، واهٍ في غير الشاميين .
لوين ، ثنا حسان بن سياه ، عن ثابت ، عن أنس مرفوعاً : " ليس في مالٍ زكاةٌ حتى يحول عليه الحولُ " .
حسانُ ضعيفٌ .
وبإسنادٍ واهٍ عن عائشة نحو ذلك .
292 - مسألة : تجبُ الزكاةُ في الصِّغارِ إذا انفردت وبلغت نصاباً ، فيخرجُ منها .
إلا أن مالكاً وزفر قالا : تجب فيها كبيرةٌ من جنسها .
وعن أحمد : لا يجبُ .
وهو قولُ أبي حنيفة .
(1/329)
| 330 | لنا : ما في " الصحيحين " من حديث أبي هريرة عن الصديق : " والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدُّونها إلى رسول الله لقاتلتُهم عليها " .
ولهم : هلالُ بن خبَّاب ، عن ميسرة أبي صالح ، عن سويد بن غفلة : " أتانا مصدقُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فجلست إلى جنبه ، فسمعتُهُ يقولُ : إنِّ في عهدي أن لا آخذ من راضعِ لبنٍ شيئاً ، وأتاه رجلٌ بناقةٍ كوماءَ ، فقال : خذ هذهِ ، فأَبى أن يأْخُذها " .
قالوا : وروى الشعبي أنَّ رسول الله قال : " لا زكاةَ في السِّخالِ " .
وروى أبو عبيدٍ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليس في الكُسْعَةِ شيء " وهي صغارُ الغنمِ .
فأمَّا هلالٌ فضعيفٌ ، ومرسل الشعبي تفرد به جابر الجعفي ، واهٍ .
والكسعةُ ، فقال أبو عبيد : هي الحميرُ .
وقال ابن الأعرابي : الكسعة : الرقيقٌ ؛ لأنَّكَ تكسعُها في طلب حاجتكَ .
وقال ابن قتيبة : هي عَوَامِلُ الإبلِ .
293 - مسألة : تُجزئ الجذعةُ من الضَّأنِ ، والثنيةُ من المعز .
وقال أبو حنيفة : لا يُجزئ إلا الثنيُّ فيهما .
وقال مالك : يُجزئ الجذعُ فيهما .
زكريا بن إسحاق ، نا عمرو بن أبي سفيان ، عن مسلم بن شعبة ، عن سعر ، قال : " جاءَني رجلانِ مُرتدفانِ ، فقالا : إنا رسولا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليكَ ، لتؤتينا صدقة غنمك ، قلتُ : وما هيَ ؟ قالا : شاةٌ .
فعمدتُ إلى شاةٍ ممْتلئة مخاضاً(1/330)
| 331 | وشحماً ، فقالا : هذه شافعٌ ، وقد نهى رسول اللهِ أن نأخذ شافعاً " .
والشافعُ التي في بطنها ولدُها .
قلتُ : فأي شيءٍ تأخذانِ ؟ قالا : عناقاً : جذعةً أو ثنيةً ، فأخرجتُ إليهما عناقاً ، فتناولاها " .
رواه أحمد .
294 - مسألة : للخلطةِ تأثيرٌ في الزَّكاةِ .
وقال أبو حنيفة : لا تأثير لها .
لنا : حديث أنس " أنَّ أبا بكرٍ كتب له فريضة الصدقة " وفيه : " وما كان من خليطين ، فإنهما يتراجعان بينهما بالسَّويَّةِ " ( خ ) .
وحديث ابن عمر ؛ وفيه ذكر التفريق والخليطين ، وقد مرَّ .
الوليد بن مسلم ، عن ابن لهيعة ، عن يحيى بن سعيد ، عن السَّائب بن يزيد - ق 77 - أ - / عن سعد ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يجمع بين متفرقٍ ، ولا يُفرق بين مجتمعٍ " .
والخليطانِ : ما اجتمعا على الحوض والرَّاعي والفحل .
رواه الدارقطنيُّ .
وروى ( د ) من حديث سويد بن غفلة قال : " أتانا مصدقُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأْتُ في عهدهِ : ولا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصَّدَقَةِ " .
295 - مسألة : تجبُ الزكاةُ في مالِ الصغير والمجنونِ ، خلافاً لأبي حنيفةَ .
(1/331)
| 332 | لنا : خبرُ المثنى بن الصباحِ - واهٍ - عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده " أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام ، فخطب الناس ، فقال : من ولي يتيماً له مال فلْيَتَّجرْ له ، ولا يتركْهُ حتَّى تأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ " .
عبيد بن إسحاق العطار - لينٌ - عن مندل - كذلك - عن أبي إسحاق الشيباني ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً : " احْفَظُوا اليتامى في أمْوالهم ، لا تأْكُلها الزَّكاةُ " .
وعن محمد بن عبيد الله العرزمي - واهٍ - عن عمرو ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً : " في مال اليتيم زكاةٌ " .
رواهُ الدارقطنيُّ ، وقال : الصحيحُ أنَّهُ من كلامِ ( عمر ) .
واحتجُّوا بحماد بن سلمةَ ، عن حمادٍ ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " رُفع القلمُ عن ثلاثةٍ : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبيِّ حتى يحتلم ، وعن المجنون حتّى يعقل " .
296 - مسألة : لا يجوز إخراجُ القيم في الزَّكاةِ .
وهو قول مالك والشافعي .
وقال أبو حنيفة : يجوز .
وعن أحمد نحوه .
ولنا : حديث الصدقة : " في كلِّ خمسٍ شاةٌ ، فإذا بلغت خمساً وعشرين ، ففيها بنتُ مخاضٍ " .
وابن وهب ، حدثني سليمان بن بلال ، عن شريك ، عن عطاء بن يسار ، عن معاذ بن جبل " أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثهُ إلى اليمن فقال : خذ الحبَّ من الحبِّ ، والشَّاةَ من الغَنَمِ ، والبعير من الإبل ، والبقر من البقر " .
(1/332)
| 333 | قلت : مُرسلٌ .
فذكروا حديث الصَّدقة المتقدَّم ؛ وفيه : " ومن بلغتْ صدقتُهُ الجذعة ، وليست عندهُ ، فتُقبلُ منهُ الحقَّةُ ، ويجعلُ معها شاتين ، أو عشرين درهماً .
.
.
" الحديث .
قالوا : وهذا يدلُّ على التعادل في القيمة هنا ، ليس ذا على وجه القيمة ، إنَّما \ هي أُصولٌ ؛ بدليل أن القيمة تختلفُ بالأزمنة والأمكنة .
مجالدٌ ، عن قيس بن أبي حازم ، عن الصنابحي قال : " رأَى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في إبلِ الصَّدقَةِ ناقةً مُسنَّةً ، فغضب وقال : ما هذه ؟ فقال : يا رسول اللهِ ، ارتجعتُها ببعيرَين من ( حاشية ) الصدقة .
فسكت " .
الارتجاعُ : أخذُ سنٍّ مكان سنٍّ .
مجالد ضعف ، ثم هو مرسلٌ ، ويحملُ على أنَّه لما قبضها اشترى بها من ربِّ المال ، ويسَّمى ذلك ارتجاعاً أيضاً .
- ق 77 - ب - / ابن عيينة ، عن إبراهيم بن ميسرة وعمرو ، عن طاوس قال : " قال معاذٌ لأهل اليمن : ائتوني بخميسٍ أو لبيس آخذهُ منكم في الصَّدقةِ ، فهو أَهونُ عليكم وخيرٌ للمهاجرين بالمدينةِ " فهذا مرسل ويحملُ على الجزيةِ .
فإن مذهب معاذٍ أنه لا يجوزُ نقلُ الزكاة إلى بلدٍ .
أحمد ، نا عبد الرزاق ، نا معمر والثوري ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن معاذ قال : " بعثهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن فأمره أن يأْخذ من كلِّ ثلاثين بقرةً تبيعاً أو تبيعةً ، ومن كلِّ أربعين مُسنَّةً ، ومن كلِّ حالمٍ ديناراً ، أو عدله معافر " .
(1/333)
| 334 | قلت : رواهُ ( عو ) .
297 - مسألة : لا زكاة في الخيل ، خلافاً لأبي حنيفة .
صحح ( ت ) لأبي عوانة ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن عليٌّ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قد عفوتُ لكم عن صدقة الخيل والرَّقيقِ ، فهاتوا صدقة الرقَّةِ " .
سفيان وشعبة ، عن عبد الله بن دينار ، عن سليمان بن يسار ، عن عراك ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله : " ليس على المسلم في فرسهِ ولا عبده صدقةٌ " .
قلتُ : متفقٌ عليه .
الصقرُ بن حبيب ، سمع أبا رجاء العطاردي ، عن ابن عباس ، عن علي ، مرفوعاً : " ليس في العواملِ صدقةٌ ، ولا في الجبهة صدقةٌ " .
قال الصقر : يعني الخيل والبغال والعبيد .
الصقرُ ضعفه ابن حبان .
وفي الدارقطنيُّ من حديث أبي هريرة مرفوعاً : " ليس في الخيل والرَّقيق صدقةٌ ، إلا أنَّ في الرَّقيق صدقة الفطر " .
ولهم : مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر الخيل ، فقال : ورجلٌ ربطها تغنياً وتعففاً ، ولم ينس حقَّ اللهِ في رقابها(1/334)
| 335 | ولا ظُهورها ، فهي له سترٌ " ( خ م ) .
قلنا : المرادُ إعارتها ، وحمل المنقطعين عليها ، فلعلَّه كان واجباً ، ثمَّ نسخ بقوله : " قد عفوتُ لكم عن صدقة الخيلِ " .
وبإسنادٍ مظلمٍ عن ( غوركِ بن الحضرم ) - واه - عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر مرفوعاً ؛ " في الخيل السَّائمةِ ؛ في كل فرسٍ دينارٌ " .
298 - مسألة : ولا زكاة في العَوَامل والمعلُوفَةِ .
وقال مالك : تجبُ .
لنا : ( خ ) من حديث أنس ، عن أبي بكرٍ أنَّهُ كتب له ؛ فذكر فيه في صدقة الغنم : " في سائمتها إذا كانت أربعين .
.
.
" الحديث .
ومرَّ من حديث علي : " ليس في العوامل صدقة " .
وروى الحارث - وهو مجرُوحٌ - عن علي أنَّهُ قال : " ليس في العواملِ شيءٌ " .
سوارٌ - متروكٌ - عن ليث - لين - عن مجاهدٍ وطاوس ، عن ابن عباسٍ مرفوعاً : " ليس في البقر العَوَامِلِ صدقةٌ " .
ويُروى نحوه من حديث غالب بن عبيد الله - تالفٌ - عن عمرو بن شعيبٍ ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً كذلك .
الدارقطنيُّ - ق 78 - أ - / ثنا الحسن بن أحمد بن صالح ، نا عبد الله بن محمد بن إسحاق ابن أبي مسلم ، نا محمد بن أبي موسى ، نا حجاجٌ ، عن ابن جريج ، عن زياد بن سعدٍ ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليس في المثيرة صدقةٌ " .
(1/335)
| 336 | 299 - مسألة : ولا عُشر فيما دون خمسة أوسقٍ ، خلافاً للحنفيَّة .
فعن أبي سعيدٍ مرفوعاً : " ليس فيما دون خمس ذودٍ صدقةٌ ، وليس في ما دون خمسِ أواقٍ صدقةٌ ، ولا في ما دون خمسة أوسقٍ صدقةٌ " ( خ م ) .
ولسهيلٍ ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلهُ .
صحيحٌ ، رواه أحمدٌ .
فذكروا : أبو مطيعٍ البلخيُّ - أحدُ المتروكينَ - عن أبي حنيفة ، عن أبان بن أبي عياشٍ - واهٍ - عن رجلٍ ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فيما سقتِ السَّماءُ العُشْر ، وفي ما سُقِيَ بنضحٍ أو غربٍ نصفُ العُشْرِ ، في قليله وكثيره " .
300 - مسألة : لا عُشْرَ في الخضرواتِ ، خلافاً لأبي حنيفةً .
لنا أحاديثُ ضعافٌ : ( ت ) نا عليُّ بن خشرمٍ ، نا عيسى بن يونسَ ، عن الحسنِ ، عن محمد بن عبد الرحمن بن عبيدٍ ، عن عيسى بن طلحة ، عن معاذٍ " أنَّهُ كتب إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يسأَلُهُ عن الخضرواتِ وعن البقُولِ ، فقالَ : ليس فيها شىءٌ " .
قالَ ( ت ) : إسنادُهُ ليس بصحيحٍ ، ويُروى عن موسى بن طلحةَ مُرسلاً .
الصقرُ بن حبيبٍ - ضعيفٌ - نا أبو رجاءٍ ، عن ابن عباس ، عن عليِّ مرفوعاً : " ليس في الخضرواتِ صدقةٌ " .
قلتُ : وساقَ له طرقاً من الدارقطنيُّ واهيةً .
(1/336)
| 337 | مروانُ بن محمدٍ السنجاريُّ - هالكٌ - نا جريرٌ ، عن عطاء بن السائب ، عن موسى بن طلحة ، عن أنسٍ ، قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " ليس في الخضرواتِ صدقةٌ " .
ويُروى نحوه من حديث محمد بن عبد الله بن جحشٍ ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بسندٍ وَاهٍ ، وفيه عبد الله بن شبيبٍ .
ابنُ نافعٍ ، نا إسحاقُ بنُ يحيى بن طلحة - متروكٌ - عن عمِّه موسى ، عن معاذٍ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " مما سقت السماءُ والبعلُ والسيلُ العشرُ " .
وفيهِ : " فأمَّا القثَّاءُ والبطيخُ والرمانُ والقصب والخضرُ فعفوٌ " .
صالحُ بن موسى - ترك - عن منصورٍ ، عن إبراهيم ، عن الأسودِ ، عن عائشةَ مرفوعاً : " ليس في ما أنبتت الأرضُ من الخضر زكاةٌ " .
عبد الوهاب بن عطاءٍ ، نا هشامٌ الدستوائيُّ ، عن عطاء بن السائب ، عن موسى بن طلحة " أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تُؤخذ من الخضرواتِ صدقةٌ " .
مرسلٌ .
قلتُ : الستةُ من سنن الدارقطنيُّ .
301 - مسألة : لا يحتسبُ على صاحب الأرض بزكاة ما يأكلُهُ من الثمرة ، خلافاً لأبي حنيفة والشافعيِّ .
- ق 78 - ب - / شعبةُ ، أنا خبيب بن عبد الرحمن ، سمعت عبد الرحمن بن مسعودٍ قال : " جاء سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا ، فحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقولُ : إذا خرصتُم فخذوا ودعوا الثُّلث ؛ فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الرُّبع " .
(1/337)
| 338 | قلتُ : رواه ( د ت س ) .
302 - مسألة : يجبُ العشرُ في أرض الخراجِ .
وقال أبو حنيفة : لا يجبُ .
يونس ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أنَّهُ سنَّ فيما سقت السماءُ والعيونُ ، أو كان عثريًّا العشور ، وفي ما سُقِيَ بالنَّضحِ نصف العُشر " ( خ ) .
وهذا عامٌّ ، والعَثريُّ الذي يُؤتى بماء المطر إليه ، فيجعلون في مجرى السيل عاثوراً ، فيرد إلى النخل وغيره فيسقيه .
فذكروا : يحيى بن عنبسة - أحد الكذّابين - نا أبو حنيفة ، عن حمادٍ ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله مرفوعاً : " لا يجتمعُ على مؤمنٍ خراجٌ وعشرٌ " .
قال الدارقطنيُّ وغيره : يحيى دجالٌ ، يضعُ الحديثَ ، وإنِّما هذا من قول إبراهيم .
303 - مسألة : يجبُ العُشْرُ في العسل ، خلافاً لمالكٍ والشَّافعيِّ .
سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى ، عن أبي سيارة المتعيِّ ، " قلتُ : يا رسول الله ، إنَّ لي نحلاً ؟ قال : أد العشور .
قلتُ : احم لي جبلها ،(1/338)
| 339 | قال : فحمى لي جبلها " .
قلتُ : رواهُ ( ق ) وسنده منقطعٌ ، وقد أخرجهُ أحمدُ هكذا .
أسامة بن زيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قالَ : " جاء هلالٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعشُورِ نحله ، وسألهُ أن يحمي له وادياً يقال لهُ : سلبةُ ، فحمى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك الوادي ، فلما ولي عمرُ كتب سفيانُ بن وهبٍ إلى عمر يسأله ، فكتب عمرُ ؛ إن أدى إلي ما كان يُؤدِّي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عُشر نحله ، فاحم له سلبة ، وإلا فإنما هو ذبابُ غيثٍ ؛ يأكلهُ من شاء " .
قلتُ : رواهُ ( د ق ) .
( ت ) نا محمدُ بن يحيى ، ثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسيُّ ، عن صدقة ابن عبد الله ، عن موسى بن يسارٍ ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر ، مرفوعاً : " في العسلِ في كلِّ عشرةِ أزقٍ زقٌّ " .
قالَ ( ت ) : لا يصحُّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب كبير شيء .
وقال النسائيُّ : صدقةُ ليس بشيءٍ ، وهذا حديثٌ منكرٌ .
(1/339)
| 340 | الأثمان
304 - مسألة : ما زادَ على نصاب الأثمانِ ، يجبُ فيه بحسابهِ .
وقال أبو حنيفة : لا يجب في ما زاد على مائتي درهمٍ حتى يبلغ أربعين ، ولا فيما زاد على عشرين ديناراً حتى تبلغ أربعة مثاقيل .
إسحاقُ بن المنذر ، نا أيوبُ بن جابرٍ ، عن أبي إسحاقَ ، عن الحارثِ ، عن عليٍّ قال : قال رسولُ اللهِ - ق 79 - أ - / - صلى الله عليه وسلم - : " هاتوا ربع العشُور ، من كلِّ أربعين درهماً - درهماً - ، وليس فيما دون المائتين شيءٌ ؛ فإذا كانت مائتين ، ففيها خمسةُ دراهم ، فما زاد على حساب ذلك " .
فيه أيوبُ : لين ، والحارثُ الأعورُ .
ولهم : الدارقطنيُّ ، ثنا أبو سعيد الحسنُ بن أحمد الإصطخريُّ ، نا محمد بن عبد الله بن نوفل ، نا أبي ، نا يونس بن بكير ، نا ابن إسحاق ، عن المنهال بن الجراح ، عن حبيب بن نجيح ، عن عبادة بن نسيٍّ ، عن معاذ بن جبل " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره حين وجهه إلى اليمن أن لا يأخذ من الكسر شيئاً حتَّى يبلغ أربعين درهماً ؛ فإذا بلغت أربعين درهماً ، فخذ منها درهماً " .
قال الدارقطنيُّ : المنهالُ متروكٌ ، وهو أبو العطوف ، ثم هو منقطعٌ .
305 - مسألة : يُضمُ الذهبُ إلى الفضة في إكمال النصاب .
وعنهُ : لا يضمُّ - كقول الشافعيِّ .
(1/340)
| 341 | وذكروا حديث أبي سعيد المجمع عليه : " ليس فيما دون خمس أواقٍ صدقةٌ " .
وأبو بكر بن أبي شيبة ، نا عليُّ بنُ هاشم ، عن ابن أبي ليلى ، عن عبد الكريم ، عن عمرو بن شعيبٍ ، عن أبيه ، عن جدِّه ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال : " ليس في أقل من خمس ذودٍ صدقةٌ ، ولا في أقل من عشرين مثقالاً من الذهب شيءٌ ، ولا في أقل من مائتي درهمٍ شيءٌ " .
خرجهُ الدارقطنيُّ .
306 - مسألة : لا تجبُ الزكاةُ في الحلي المباح .
وعنهُ : تجبُ - كقول أبي حنيفة .
وعن الشافعيِّ كالمذهبين .
ابنُ جوصا ، نا إبراهيم بن أيوب ، نا عافية بن أيوب ، عن الليث ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليس في الحلي زكاةٌ " .
قيل : فعافيةُ ضعيفٌ ، والمعروفُ موقوفٌ .
قلنا : ما عرفنا أحداً طعن في عافية .
قلتُ : هذا ليس بصحيحٍ .
واحتجُّوا بعمومٍ : " ليس فيما دون خمس أواقٍ صدقةٌ " متفق عليه ولمسلم من حديث جابرٍ بنحوه .
(1/341)
| 342 | وقد مر في مسألة الخيل حديث : " هاتوا صدقة الرقَّةِ " وحديث : " ليس في أقل من عشرين مثقالاً شيءٌ " .
وأحمدُ ، نا أبو معاوية ، نا حجاجٌ ، عن عمرو بن شعيبٍ ، عن أبيه ، عن جده قال : " أتت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - امرأتان ، في أيديهما أساور من ذهبٍ ، فقال لهما النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : أتحبان أن يسوركما اللهُ يوم القيامة أساور من نارٍ ؟ قالتا : لا .
قالَ : فأديا حق الله في - الذي - في أيديكما " .
تابعهُ المثنى بن الصباح ، وابن لهيعة .
وأصحُّ من ذلك أبو أسامة ، عن حسين بن ذكوان ، عن عمرو ، عن أبيه ، عن جدِّه قال : " جاءت امرأةٌ وابنتُها من أهل اليمن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وفي يدها مسكتان غليظتان من ذهبٍ ، قال : هل تعطين زكاة - ق 79 - ب - / هذا ؟ قالت : لا .
قال : فيسرُّك أن يسورك الله بسوارين من نارٍ ؟ فخلعتهما ، وقالت : هما للَّه ولرسوله " .
قلت : تابعُه خالد بن الحارث ، عن المعلم ، ورواه عنه معتمرٌ فأرسله .
خرجهُ ( د س ) .
أحمد ، نا عليُّ بن عاصم ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن شهر ، عن أسماء بنت يزيد قالت : " دخلتُ أنا وخالتي على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعلينا أسورةُ من ذهبٍ ، فقال لنا : تعطيان زكاتهُ ؟ قلنا : لا .
فقال : أما تخافان أن يسوركما الله أسورة من نار ؛ أديا زكاته " .
عليٌّ واهٍ .
(1/342)
| 343 | وفي الدارقطنيُّ عن محمد بن مهاجرٍ ، عن ثابت بن عجلان ، حدثني عطاءٌ ، عن أم سلمة " أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهبٍ ، فسألت نبيَّ الله : أكنزٌ هو ؟ قال : إذا أديت زكاته فليس بكنزٍ " .
قال المؤلف : فيه محمد بن مهاجرٍ .
وقال ابن حبان : كان يضعُ على الثقاتِ .
قلت : هذا وهمٌ قبيحٌ ، هذا حديثٌ من رواية عثمان بن سعيد الحمصيِّ ، عن ابن مهاجرٍ الثقة الشاميّ ؛ فأمَّا ابن مهاجرٍ الكذابُ ؛ فآخرُ متأخر في زمان ابن معينٍ ، وما أرى بهذا الخبر بأساً .
رواه الدارقطنيُّ من طريق أبي عتبة الحجازيّ ، وفيه ضعفٌ - عن عثمان .
يحيى بن أيوب ، عن عبيد الله بن أبي جعفرِ ؛ أنَّ محمد بن عطاءٍ أخبره عن عبد الله بن شدادٍ قال : " دخلنا على عائشة فقالت : دخل عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فرأى في يدي فتخات من ورقٍ ، فقال : ما هذا ؟ قلتُ : أتزين لك فيهنَّ .
قال : أتؤدِّين زكاتهُنَّ ؟ قلت : لا ، أو ما شاء الله من ذلك .
قال : هو حسبك من النار " .
خرجهُ الدارقطنيُّ من حديث عمرو بن الربيع بن طارق - ثبت - عن يحيى ، وليحيى مع كونه من رجال ( خ م ) مناكير ؛ هذا منها ، ومحمدٌ مجهولٌ .
نصر بن مزاحمٍ - متهمٌ - عن أبي بكر الهذليِّ - هالكٌ - حدثني شعيبُ بنُ الحبحابِ ، عن الشعبيِّ ، عن فاطمة بنت قيسٍ قالتْ : " أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطوقٍ فيه سبعون مثقالاً من ذهبٍ ، فقلتُ : خذ منه الفريضة فأخذ منه مثقالاً ، وثلاثة أرباع مثقالٍ " .
قلتُ : أخرجهُ الدارقطنيُّ ، فشأنُ سُننهِ الإكثار من هذا النمط .
(1/343)
| 344 | وعن أبي حمزة ميمون - واهٍ - عن الشعبيِّ ، عن فاطمةَ ؛ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " في الحلي زكاةٌ " .
وعن يحيى بن أبي أنيسة - متروكٌ - عن حمادٍ ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قلت : " يا رسول الله ، إنَّ لامرأتي حليًّا من عشرين مثقالاً .
قال : فأدِّ زكاتهُ نصف مثقالٍ " .
محمدُ بنُ الأزهرِ ، نا قبيصةُ ، عن سفيان ، عن حمادٍ ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله " أن امرأةً أتت نبيَّ الله ، فقالت : إن لي حليًّا ، وإنَّ زوجي خفيفُ ذات اليدِ ، وإن لي بني أخ ، أأعطيهم زكاة حلييِّ ؟ قال : نعم " .
قال الدارقطنيُّ : رفعه وهمٌ ، والصوابُ ، عن إبراهيم ، عن عبد الله قوله .
307 - مسألة : الدينُ يمنعُ وجوب الزكاة في الأموال الباطنة ، وهل يمنع في الظاهرةِ ؟ على روايتين ؛ أصحهما المنع ، والأخرى لا يمنع .
وبها قال مالكٌ .
وعن الشافعيِّ : يمنع بكل حالٍ .
وعنهُ : لا .
زكريا بن إسحاق ، عن يحيى بن عبد الله بن صيفيٍّ ، عن أبي معبدٍ ، عن ابن عباسٍ " أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا بعث مُعاذاً إلى اليمن قالَ : إنك تأتي قوماً أهل كتابٍ ، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسولُ الله ، فإن أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ؛ فإن هم أطاعوا لذلك ، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم ؛ تُؤخذُ من أغنيائهم وتردُّ في فقرائهم " ( خ م ) .
(1/344)
| 345 | فمن عليه مثلُ ما معهُ ، فهو فقيرٌ .
ابنُ عيينة ، عن الزهريِّ ، عن السائب ؛ سمعتُ عثمان يقولُ : " هذا شهرُ زكاتكم ، فمن كان عليه دينٌ ، فليقضه ، وزكوا بقية أموالكم " .
وقال أصحابنا : روى ابنُ نصرٍ المالكيُّ ، عن ابن جريج ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا كان للرجل ألفٌ ، وعليه ألفٌ ، فلا زكاة عليه " .
قلت : هذا كأنه موضوعٌ .
تمَّ المجلدُ الأولُ من الأصلِ .
(1/345)
| 346 | من الزكاة
- ق 80 - ب - 308 - - مسألة - : تجبُ في عروض التجارة كل حولٍ .
وقال مالكٌ : إن كان ممن يتربص بسلعته النفاق والأسواق لم يجب تقويمها حتى يبيعها بنقدٍ ، فيزكي لسنةٍ واحدةٍ ، وإن كان مدبراً لا يعرفُ حول ما يشتري ويبيعُ ، قرَّر لنفسه شهراً في العامِ ، فيقوِّمُ ما عنده ويزكي .
وقال داودُ : لا زكاة في - العُروض - بحالٍ .
ولنا ( د ) حديث جعفر بن سعد بن سمرة ، نا خبيبُ بن سليمانَ بن سمرة ، عن أبيه ، عن جدِّه : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعدُّ للبيع " .
قلت : فيه لينٌ .
أبو عاصمٍ ، عن موسى بن عبيدة ، نا عمرانُ بنُ أبي أنسٍ ، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : " بينا أنا جالسٌ عند عثمان ؛ جاءه أبو ذرٍّ فسلم ، فقال لهُ عثمانُ : كيف أنت يا أبا ذرٍّ ؟ قال : بخير ، ثم قام إلى ساريةٍ فقام الناسُ إليه ، فاحتوشوهُ وأنا معهم ؛ فقالوا : حدثنا عن رسول اللهِ .
قال : سمعتُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : في الإبل صدقتُها ، وفي الغنم صدقتها ، وفي البقر صدقتُها ، وفي البزِّ صدقته " .
قالها بالزَّاي .
عبد الله بن معاوية ، نا محمدُ بن بكرٍ ، عن ابن جريجٍ ، عن عمران بن أبي أنسٍ ، عن مالكٍ ، عن أبي ذرٍّ مرفوعاً مثلهُ سواءً .
(1/346)
| 347 | أخرجهما الدارقطنيُّ .
موسى أشدُّ ضعفاً من ابن معاوية .
309 - مسألة : يجبُ في المعدن ربع العشرِ .
وقال أبو حنيفة : الخمسُ .
وعن الشافعيِّ كالمذهبينِ .
وعنه : إن أصاب المال مجتمعاً ، فالخمسُ ، وإن وجدهُ بمؤنةٍ ، فربعُ العشرِ .
وعن مالكٍ كقولنا ، وعنهُ كتفصيلِ الشافعيِّ .
لنا : حديثُ مالكٍ ، عن ربيعة ، عن غير واحدٍ ، " أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية ، وأخذ منه زكاتها ، فالزكاةُ غير الخُمس " .
فإن قيلَ : هذا مرسلٌ .
قلنا : ربيعةُ لقي الصحابة ، والجهلُ بالصحابيِّ لا يضرُّ ، ثمَّ يرويه الدراورديُّ ، عن ربيعةَ ، عن الحارث بن بلالٍ ، عن أبيهِ " أنَّ رسول الله أخذ منهُ زكاة المعادن القبلية " .
ثم قال ربيعةُ : وهذه المعادنُ تُؤخذُ منها الزكاةُ إلى اليومِ .
ورواهُ ثورٌ ، عن عكرمة ، عن ابن عباسٍ نحوهُ .
(1/347)
| 348 | الفطرة
310 - - مسألة - .
تجبُ على الشخص عن غيره .
وقال داود : عليه فطرتُه فقط .
أخرج الدارقطنيُّ عن ابن عقدة ؛ نا القاسم بن عبد الله ، نا عميرُ بن عمارٍ ، نا أبيضُ بنُ الأغرِّ ، نا الضحاكُ بنُ عثمان ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر : " أمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقةِ الفطر عن الصغير والكبير ممن تمونون " .
قلتُ : إسنادُهُ لا يثبتُ .
311 - - مسألة - : - ق 81 - أ - / لا يلزمه فطرةُ عبده الكافر .
وقال أبو حنيفة : يلزمُهُ .
ولنا ( خ م ) حديثُ ابن عمر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطرِ صاعاً من تمرٍ ، أو صاعاً من شعيرٍ ، على كلِّ حرٍّ وعبدٍ ، ذكرٍ أو أنثى من المسلمين " .
فذكروا حديث سلامٍ الطويل ، عن زيدٍ العميِّ ، عن عكرمةَ ، عن ابن عباس مرفوعاً : " صدقةُ الفطرِ عن كلِّ صغيرٍ وكبيرٍ ، ذكرٍ أو أُنثى ، يهوديٍّ أو نصرانيِّ ، حرٍّ أو مملوكٍ ، نصفُ صاعٍ من برٍّ ، أو صاع من تمرٍ أو من شعيرٍ " .
قال الدارقطنيُّ : سلامٌ تفرد بإسناده ، وهو متروكٌ .
عثمانُ الوقاصيُّ ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر " أنهُ كان يخرجُ عن كلِّ كافرٍ ومسلمٍ " .
الوقاصيُّ : متهمٌ .
(1/348)
| 349 | 312 - - مسألة - : لا يعتبرُ ملكُ النصاب في الفطرة .
وقال أبو حنيفة : يعتبر .
حمادُ بن زيدٍ ، عن النعمان بن راشدٍ ، عن الزهريِّ ، عن ابن ثعلبة بن صعيرٍ ، عن أبيه ؛ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أدوا صاعاً من قمحٍ - أو قال : برٍّ - عن الصغير والكبيرِ ، والذكر والأنثى ، والحرِّ والمملوكِ ، والغنيِّ والفقيرِ ؛ أما غنيكم فيزكيه الله ، وأما فقيركم فيردُّ الله عليه أكثر مما أعطى " .
قال الدارقطنيُّ : وجاء من طريقٍ آخر ، عن عبد الله بن ثعلبة وهو الصحيح ؛ لأنَّ ثعلبة هو الصحابيُّ .
313 - - مسألة - : وتجبُ بغروب الشمسِ ليلةَ الفطرِ .
وقال أبو حنيفةَ : لا تجبُ حتى يطلع الفجرُ .
وعن مالكٍ والشافعيِّ كالمذهبين .
لنا : ( خ م ) حديثُ ابن عمر " فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطرِ " وفي لفظٍ ( خ م ) : " أمر بزكاةِ الفطرِ " فعلق - صلى الله عليه وسلم - الوجوب بالفطرِ ، وذلك بالغروب .
314 - - مسألة - .
يجوزُ إعطاؤُها قبلُ بيومين .
وقال أبو حنيفة : يجوزُ من قبل رمضانَ .
وقال الشافعيِّ : تجوزُ من أوله .
(1/349)
| 350 | أسامةُ بن زيدٍ ( خ م ) عن نافعٍ ، عن ابن عمر " أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بزكاةِ الفطرِ أن تُؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاةِ " .
قلتُ : لا دليل فيه ، أو هو دليلٌ للجماعةِ .
( ق ) ثنا أحمدُ بن الأزهرِ ، نا مروانُ بن محمدٍ ، نا أبو يزيد الخولانيُّ ، عن سيارِ بن عبد الرحمن ، عن عكرمة ، عن ابن عباسٍ : " فرض رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطرِ طهرةً للصائمِ ؛ فمن أداها قبلَ الصلاةِ ، فهي زكاةٌ مقبولةٌ ، ومن أداها بعد الصلاةِ ، فهي صدقةٌ من الصدقات " .
قلت : ولو صحَّ هذا ، فلا ينهضُ بالدلالة .
315 - - مسألة - : لا يجزئ أقلُّ من صاعٍ .
وقال أبو حنيفة : نصفُهُ .
لنا ( خ م ) حديثُ أبي سعيدٍ : " كنا نخرجُ زكاة الفطرِ ، صاعاً من طعامٍ ، أو صاعاً من شعيرٍ ، أو صاعاً من تمرٍ ، أو صاعاً من أقطٍ ، أو صاعاً من زبيبٍ " لفظ ( خ ) .
وفي لفظٍ : " فلما جاء معاويةُ ، وجاءت السمراءُ قالَ : أرى مدًّا من هذا يعدلُ مدينِ " .
مباركُ بنُ فضالةَ ، عن أيوبَ ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر " أنَّ رسول الله فرضَ على الذكر والأُنثى ، والحرِّ والعبد صدقةَ رمضان ؛ صاعاً من تمرٍ ، أو صاعاً من طعامٍ " .
(1/350)
| 351 | سعيدُ بن عبد الرحمن الجمحيُّ ، نا ( عبيدُ الله ) ، عن نافعٍ بهذا ، ثم غمز المؤلف مباركاً والجمحيَّ .
- ق 81 - ب - / وساق الدارقطنيُّ من طريق سفيان بن حسينٍ ، عن الزهريِّ ، عن سعيدٍ ، عن أبي هريرة " أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حضَّ على صدقة رمضان ؛ على كلِّ إنسانٍ صاعٌ من تمرٍ ، أو صاعٌ من شعيرٍ ، أو صاعٌ من قمحٍ " .
سفيان بنُ حسينٍ ليس بقويٍّ .
عبدُ الوهاب الثقفيُّ ، نا هشامٌ ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباسٍ : " أمرنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن نُعطي صدقةَ رمضانَ عن الصغير والكبير ، والحرِّ والمملوكِ ؛ صاعاً من طعامٍ ، من أدى برًّا قبل منهُ ، من أدى شعيراً قبل منه ومن أدى زبيباً قبل منه ، ومن أدى سُلتاً قبل منه " .
إسحاقُ الحنينيُّ ، عن كثيرِ بن عبد الله بن عمرو بن عوفٍ ، عن أبيه ، عن جده : " فرض رسولُ اللهِ زكاة الفطرِ على كلِّ صغيرٍ كبيرٍ صاعاً من تمرٍ ، أو صاعاً من طعامٍ ، أو صاعاً من زبيبٍ " .
كثيرٌ متروكٌ .
النعمان بن راشدٍ ، عن الزهريِّ ، عن ابن صعيرٍ ، عن أبيه مرفوعاً : " أدوا صدقة الفطر : صاعاً من برٍّ أو قمحٍ ، عن كلِّ رأس صغيرٍ أو كبيرٍ " .
قال أحمد : النعمانُ مضطربُ الحديث ، روى مناكير .
وقال يحيى : ليس بشيءٍ .
عمر بن محمد بن صهبان ، أنا ابن شهاب ، عن مالكِ بن أوسٍ ، عن أبيهِ قال : قال رسولُ اللهِ : " أخرجوا زكاة الفطر صاعاً من طعامٍ " .
عمرُ تركوهُ .
(1/351)
| 352 | ولهم : أحمد في " مسنده " نا عتاب بن زيادٍ ، نا ابن المباركِ ، أنا ابن لهيعة ، عن أبي الأسودِ ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء : " كنا نؤدي زكاة الفطر على عهد رسول الله مدين من قمح بالمدِّ الذي يقتاتون به " .
ففيه ابن لهيعة .
أبو بكر بن عياشٍ ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن عليٍّ ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : " في صدقة الفطر نصفُ صاعٍ من برٍّ ، أو صاعاً من تمرٍ " .
ففيه الحارثُ الأعورُ .
محمد بن شرحبيل الصنعانيُّ ، نا ابن جريجٍ ، عن سليمان بن موسى ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر " أمر رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن حزمٍ في زكاة الفطر نصف صاعٍ من حنطةٍ ، أو صاعاً من تمرٍ " .
سليمانُ ؛ قالَ ( خ ) : عندهُ مناكيرُ .
بقيةُ ، عن داود بن الزبرقان ، عن أيوبَ ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر ، قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " صدقة الفطر صاعٌ من تمر ، أو صاعٌ من شعير ، أو مدانِ من حنطةٍ " .
داودٌ ؛ قال أحمدُ ويحيى : ليس بشيءٍ .
شعيبُ بنُ أيوب ، نا حسينُ بنُ عليٍّ ، عن زائدة ، عن عبد العزيز بن أبي روادٍ ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر ، قال : " كانوا يخرجون صدقة الفطر على عهدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صاعٌ من شعيرٍ ، أو صاعٌ من تمرٍ أو زبيبٍ ، فلما كان - ق 82 - أ - / عمرُ ، وكثرت الحنطة ؛ جعل نصف صاع حنطةٍ مكاناً من تلك الأشياءِ " .
ابن أبي روادٍ : متكلمٌ فيه .
داودُ بن شبيبٍ ، نا يحيى بن عبادٍ ، نا ابنُ جريجٍ ، عن عطاءٍ ، عن ابن عباسٍ " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث صارخاً ببطن مكة صاح : إن صدقة الفطر حقُّ واجبٌ ؛ مدان من قمحٍ ، أو صاعٌ من شعيرٍ أو تمر " .
(1/352)
| 353 | قال العقيليُّ : حديثُ يحيى يدلُّ على الكذب .
الواقديُّ ، نا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنسٍ ، عن أبيه ، عن أبي سلمة ، عن ابن عباس : " أمر رسول الله بزكاة الفطرِ صاعاً من تمرٍ ، أو صاعاً من شعيرٍ ، أو مدين من قمحٍ " .
وقد مرَّ حديثُ سلامٍ الطويل - وهو واهٍ - عن زيد العميِّ .
يزيدُ ؛ أنا حميدٌ الطويلُ ، عن الحسنِ قالَ : " خطب ابنُ عباسٍ الناس في آخر رمضانَ ؛ فقالَ : يا أهل البصرة ، إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فرض صدقة رمضان نصف صاعٍ من برٍّ ، أو صاعاً من شعيرٍ ، أو صاعاً من تمرٍ " .
قلتُ : سكت عنه المؤلفُ ، وفيه إرسالٌ ؛ لم يسمع الحسنُ من ابن عباس ، وبالجملةِ فهو قويُّ الإسنادِ .
سليمانُ بنُ أرقم - واهٍ - عن الزهريِّ ، عن قبيصة بن ذؤيبٍ ، عن زيد بن ثابتٍ قال : " خطبنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ : من كان عندهُ - طعام - ، فليتصدق بنصف صاعٍ من برٍّ ، أو صاعٍ من شعيرٍ ، أو صاعٍ من تمر ، أو صاعٍ من دقيقٍ ، أو صاعٍ من زبيب ، أو صاعٍ من سُلتٍ " .
قال ابنُ معينٍ : سليمانُ لا يساوي فلساً .
سالمُ بنُ نوحٍ ، عن ابن جريج عن عمرو بن شعيبٍ ، عن أبيه ، عن جده " أن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعث مُنادياً ينادي في فجاج مكة : ألا إنَّ زكاة الفطر واجبةٌ على كل مسلمٍ ؛ مدانِ من قمحٍ ، أو صاعاً ممَّا سواهُ من الطعامِ " .
قال ابنُ معينٍ : سالمٌ ليس بشيءٍ .
إبراهيمُ بن مهديٍّ ، ثنا المعتمرُ ، أنبأني عليُّ بنُ صالحٍ ، عن ابن جريجٍ بهذا .
(1/353)
| 354 | وابنُ مهديٍّ ، نا المعتمرُ ، أنبأني عليُّ ، عن يحيى بن جرجةَ ، عن الزهريِّ ، عن عبد الله بن ثعلبة أن رسولَ اللهِ قال : " إنَّ صدقة الفطرِ مدَّانِ من برٍّ عن كلِّ إنسانٍ ، أو صاعٌ ممَّا سواهُ من الطعامِ " .
إبراهيمُ ضعِّف ، وعليُّ بنُ صالحٍ ضعفوه .
الفضلُ بنُ المختار ؛ حدثني عبيدُ اللهِ بنُ موهبٍ ، عن عصمة بن مالكٍ مرفوعاً : " في صدقةِ الفطرِ مدَّانِ من قمحٍ ، أو صاعٌ من شعيرٍ أو تمرٍ أو زبيبٍ " .
الفضلُ ليس بثقةٍ .
فأحاديثُهم كلها من " سنن الدارقطنيُّ " .
الليثُ ، عن عقيلٍ ، عن ابن شهابٍ ، عن ابن المسيبِ : " فرض رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زكاةَ الفطرِ مدَّينِ من حنطةٍ " .
مرسلٌ قويُّ .
316 - - مسألة - : - ق 82 - ب - / يجوزُ فيها الدقيقُ والسويقُ على أنهُ أصلٌ لا قيمة ، ومنع الشافعيُّ .
لنا ابنُ عيينة ، وابن عجلان ، عن عياضِ بن عبد الله ، عن أبي سعيدٍ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم في صدقةِ الفطرِ صاعٌ من زبيبٍ ، صاعٌ من تمرٍ ، صاعٌ من أقطٍ ، صاعٌ من دقيقٍ " .
أخرجه الدارقطنيُّ ، عن ابن السماكِ ، نا أحمدُ بنُ العباسِ بن أشرس ، نا سعيدُ بنُ الأزهرِ ، نا ابنُ عيينة .
قلت : لم يصح هذا .
العباسُ بنُ يزيد ، نا ابنُ عيينة ، نا ابنُ عجلان ، عن عياض ، سمع أبا سعيدٍ(1/354)
| 355 | يقولُ : " ما أخرجنا على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إلا صاعاً من دقيقٍ ، أو صاعاً من تمرٍ ، أو صاعاً من سلتٍ ، أو صاعاً من أقطٍ " .
فقالَ له ابن المدينيِّ : يا أبا محمدٍ ، أحدٌ لا يذكرُ فيه الدقيقَ ؟ قال : بلى ، هو فيه .
أخرجهما الدارقطنيُّ .
317 - - مسألة - .
يجوزُ الأقطُ .
وعن الشافعيِّ قولانِ .
318 - - مسألة - .
الصَّاعُ خمسةُ أرطالٍ وثلثٍ .
وقال أبو حنيفةَ : ثمانيةٌ .
لنا حديث ( خ ) كعب بن عجرةَ " أن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رآهُ والقملُ يسقطُ على وجههِ ، قالَ : أتؤذيك هوامكَ ؟ قال : نعم ، فأمرهُ أن يحلق ؛ فأنزل اللهُ الفدية ، فأمرهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يطعم فرقاً بين ستةٍ ، أو يهدي شاةً ، أو يصوم ثلاثةً " .
وفي لفظٍ : " أو أطعم ستة مساكينَ ؛ لكلِّ مسكينٍ نصفُ صاعٍ " .
متفقٌ عليهما .
قال ثعلبٌ : الفرقُ اثنا عشر مدًّا .
وقال ابنُ قتيبةَ : الفرقُ ستة عشرَ رطلاً ، والصاعُ ثلثُ الفرق .
ومن الدارقطنيُّ ، نا ابنُ مخلدٍ ، نا أحمدُ بنُ محمد ، نا عمران بنُ موسى(1/355)
| 356 | الطائي ، نا إسماعيلُ بنُ سعيدٍ الخراسانيُّ ، نا إسحاقُ بنُ سليمان الرازي ، قال : " قلت لمالكٍ : كم صاعُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : خمسةُ أرطالٍ وثلثٍ بالعراقيِّ ؛ أنا حزرتهُ ، قلت : يا أبا عبد الله ، خالفت شيخ القوم ، قال : من هو ؟ قلت : أبو حنيفة يقول : ثمانيةُ أرطالٍ ، فغضبَ غضباً شديداً ، وقال لبعض جلسائهِ : هاتِ صاعَ جدِّكَ ، ويا فلانُ هاتِ صاع جدِّكَ ، ويا فلان هات صاعَ جدِّكَ ، فاجتمع آصعٌ ، فقال مالكٌ : ما تحفظون في هذا ؟ فقال هذا : حدثني أبي عن أبيه ، أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى رسول الله .
وقال الآخرُ كذلك ، وقال الآخرُ : حدثني أبي ، عن أخيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى رسول الله ، وقال الآخرُ : حدثني أبي ، عن أمه أنها أدت بهذا الصاع إلى رسول الله ، فقال مالكٌ : أنا حزرتُ هذه ، فوجدتُها خمسةَ أرطالٍ وثلثٍ .
قلتُ : يا أبا عبد الله ، إنه يدعي أن الفطرة نصفُ صاعٍ .
.
.
" - ق 83 - أ - / الحكاية .
فاحتجُّوا بحديث موسى بن نصرٍ الحنفيِّ ، نا عبدةُ بنُ سليمانَ ، عن إسماعيلَ ابن أبي خالدٍ ، عن جرير بن يزيد ، عن أنسٍ " أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضَّأُ برطلينِ ، ويغتسلُ بالصَّاعِ ؛ ثمانية أرطالٍ " .
فجريرٌ ؛ قال أبو زرعةَ : منكرُ الحديثِ .
وعن صالح بن موسى الطلحيِّ ، نا منصورٌ ، عن إبراهيم ، عن الأسودِ ، عن عائشةَ قالتْ : " جرت السنَّةُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الغسلِ من الجنابة صاعٌ ، والوضوءُ رطلين ، والصَّاعُ ثمانيةُ أرطالٍ " .
صالحٌ ؛ قال النسائيُّ : متروكٌ .
وقد قال أصحابُنا : صاعُ الوضوءِ غيرُ صاعِ الزَّكاةِ .
قال ابنُ قتيبة : لما سمع العراقيُّون أنَّه كان يغتسلُ بالصَّاعِ ، وسمعوا في حديثِ آخر أنهُ كان يغتسلُ بثمانية أرطالٍ ؛ توهموا أن الصَّاع ثمانيةٌ ، ولا اختلاف بين الحجازيين أنه خمسةُ أرطالٍ وثلثٍ .
(1/356)
| 357 | قبض الصدقات وقسمتها
319 - - مسألة - : إذا امتنع الرجلُ من أداء الزكاةِ ، أُخذت من مالهِ .
وقال أبو حنيفةَ : يُجبرُ على الدفعِ .
قال أحمد في " مسنده " : نا يحيى بنُ سعيدٍ ، نا بهزٌ ، حدثني أبي ، عن جدي ، سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : " في كلِّ إبلٍ سائمةٍ ؛ في الأربعين ابنةُ لبونٍ ، من أعطاها مؤتجراً فله أجرها ، ومن منعها فإنَّا آخذوها وشطر مالهِ ؛ عزمةٌ من عزماتٍ ربنا ، لا يحلُّ لآل محمدٍ منها شيءٌ " .
قلت : هذا الحديث مما أنكر على بهز .
320 - - مسألة - : من امتنع من أدائها ، - استتيب - ثلاثاً ، فإن تاب وإلا قُتل والجمهورُ : لا يقتلُ .
( خ م ) شعبةُ ، عن واقدِ بن محمدٍ ، سمعتُ أبي يحدثُ ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أُمرتُ أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسولُ اللهِ ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتُوا الزكاةَ ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم ، إلا بحقِّ الإسلامِ ، وحسابهم على اللهِ " .
321 - - مسألة - : ويجوزُ تعجيلُ الزكاةِ قبل الحولِ ، خلافاً لمالك .
(1/357)
| 358 | إسماعيلُ بنُ زكريا ، عن حجاجِ بن دينارٍ ، عن الحكمِ ، عن حجيَّةَ بن عديِّ ، عن عليِّ " أن العباسَ سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن تعجيلِ صدقتهِ قبل أن تحلَّ ، فرخَّصَ لهُ في ذلك " .
إسرائيلُ ، عن حجاج بن دينارٍ ، عن الحكمِ ، عن - ق 83 - ب - / حجرِ العدويَِّ ، عن عليِّ قالَ : قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرَ : " إنَّا قدْ أخذنا من العبَّاسِ زكاةَ عام أول " .
حجية ، قال أبو حاتم : لا يحتج بحديثه .
322 - - مسألة - : إن عجلَ زكاةَ عامين ، جازَ .
وعنهُ : لا يجوزُ ، وهو قولُ زُفرَ .
وعن الشافعية كالروايتين .
لنا حديثانِ ، لم يصحَّا : الحسنُ بنُ عمارةَ ، عن الحكم ، عن موسى بن طلحةَ ، عن طلحةُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " إنا كنَّا احتجنا إلى مالٍ ، فتعجلنا من العباسِ صدقةَ مالهِ سنتين " .
محمدُ بنُ عبيد الله العرزميُّ ، عن الحكمِ ، عن مقسمٍ ، عن ابن عباسٍ : " بعث رسولُ اللهِ عمر ساعياً ، فأتى العباسَ يطلبُ صدقتهُ ، فأغلظَ له ، فخرج إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبرهُ ، فقالَ : إنَّ العبَّاسَ قد سلفنا زكاةَ العامَ والعامَ المقبلَ " .
الحسن والعرزمي : متروكان .
323 - - مسألة - : يجوز صرفها إلى صنف واحد ، خلافاً للشافعيِّ .
لنا حديثُ معاذٍ : " أعلمهم أنَّ اللهَ افترض عليهم صدقةً ؛ تُؤخذُ من أغنيائهم ، وتُردُّ في فُقرائهم " .
324 - - مسألة - : لا يجوزُ نقلُها إلى بلادٍ مسافة القصر .
(1/358)
| 359 | وعنهُ : يجوزُ - كقول أبي حنيفةَ ، ومالكٍ .
وعن الشافعيِّ قولان : لنا عمومُ قولِهِ : " وتردُّ في فُقرائهمِ " .
325 - - مسألة - : يجوزُ لها دفعُ زكاتها إلى زوجها .
وعنهُ : لا - كقولِ أبي حنيفةَ .
( خ م ) الأعمشُ ، عن أبي وائلٍ ، عن عمرو بن الحارثِ ، عن زينبَ امرأة عبد اللهِ ؛ أنها قالت : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " تصدَّقن ، ولو من حليكنَّ .
قالت : وكان عبد اللهِ خفيف ذات اليد ، فقالت لهُ : أيسعني أن أضع صدقتي فيكَ ، وفي بني أخٍ لي يتامى ؟ ثمَّ أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإذا على بابه امرأةٌ من الأنصارِ يُقالُ لها : زينبُ تسألُ عما أسألُ عنهُ ، فخرجَ إلينا بلالٌ ، فقلنا : انطلق إلى رسولِ اللهِ ، فاسأله ولا تخبرهُ من نحنُ ، فانطلقَ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال : من هما ؟ فقالَ : زينبُ امرأةُ عبد اللهِ ، وزينبُ الأنصاريةُ ، فقالَ : نعمْ ؛ لهما أجرُ القرابةِ ، وأجرُ الصدقةِ " .
وفي لفظٍ : " أيجزئُ عنِّي " .
326 - - مسألة - : لا يجوزُ دفعها إلى مولى لبني هاشمٍ ، خلافاً لأكثرهم .
( ت ) الحكمُ ، عن ابنِ أبي رافعٍ " أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعثَ رجلاً من بني مخزومٍ على الصدقة ، فقال لأبي رافعٍ : ألا تصحبني نُصب منها ؟ قلتُ : حتى أذكرَ(1/359)
| 360 | ذلك لرسولِ اللهِ ، فذكرتُ ذلك له فقال : إنَّا آلُ محمدٍ لا تحلُّ لنا الصدقةُ ، وإنَّ مولى القومِ من أنفسهمِ " صححه الترمذيُّ .
327 - - مسألة - : المانعُ من أخذها الكفايةُ - ق 84 - أ - / الدائمةُ .
وهو قولُ الشافعيِّ .
وعن أحمدَ اعتبارُ الكفايةِ ، أو أن يملك خمسين درهماً ، أو قيمتها من الذهب ، وقال أبو حنيفةَ : إذا ملكَ نصاباً لم تحلَّ لهُ .
لنا ( م ) أيوبُ السختيانيُّ ، عن هارونُ بن ريابٍ ، عن كنانةَ بن نعيمٍ ، عن قبيصة بن المخارقِ ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنَّ المسألة لا تحلُّ إلا لأحدِ ثلاثةٍ : رجُلٍ تحملَ حمالة قومٍ ، فيسألُ فيها حتَّى يؤديَها ثمَّ يمسك ، ورجلٍ أصابتهُ جائحةٌ اجتاحت مالهُ ، فيسألُ فيها حتَّى يصيب قواماً من عيشٍ - أو سداداً من عيشٍ - ثم يمسك ، ورجل أصابتهُ فاقةٌ فيسألُ حتَّى يصيبَ قواماً من عيش - أو سداداً من عيش - ثم يمسك " .
أحمد في " مسنده " : نا عبد الرحمن ، نا سفيان ، عن مصعبِ بن محمدٍ ، عن يعلى بن أبي يحيى ، عن فاطمةَ بنتِ الحسين ، عن أبيها قال : قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " للسَّائلِ حقٌّ وإن جاءَ على فرسٍ " .
ووجهُ الأخرى : الثوريُّ ، عن حكيمِ بنِ جبيرٍ ، عن محمد بنِ عبد الرحمنِ ابن يزيدَ ، عن أبيهِ ، عن عبدِ اللهِ ، قالَ : قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " من سألَ ولهُ ما يغنيه ، جاءت يومَ القيامةِ خدوشاً أو كدوحاً في وجهِهِ .
قالوا : يا رسولَ اللهِ ، وما غناهُ ؟ قالَ : خمسونَ درهماً ، أو حسابُها من الذهبِ " .
حكيمٌ ضعفوهُ ؛ حتَّى قالَ السعديُّ : كذابٌ .
(1/360)
| 361 | وقالَ أحمد : ضعيفٌ ، مضطربُ الحديثِ .
( ت ) نا محمودُ بنُ غيلان ، نا يحيى بنُ آدمَ ، نا سفيانُ ، عن حكيمٍ بهذا ، قالَ : فقالَ لهُ عبيدُ اللهِ بنُ عثمانَ صاحبُ شعبةَ : لو غير حكيمٍ حدثَ بهذا ، قالَ : وما لحكيمٍ لا يحدثُ عنهُ شعبةُ ؟ قالَ : نعم .
قالَ سفيانُ : وسمعتُ زبيداً حدثَ به عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ ويُروى من وجهٍ آخرَ عن ابنِ مسعودٍ ، ولم يصحَّ ، وفيهِ كراهيةُ المسأَلةِ حسبُ .
328 - - مسألة - : لا تجوزُ لمن يتكسَّبُ الزكاةُ .
وقال مالكٌ وأبو حنيفةَ : تجوزُ .
أبُو بكرِ بنُ عياشٍ ، عن أبي حصينٍ ، عن سالمِ بن أبي الجعدِ ، عن أبي هريرةَ ، قالَ رسولُ اللهِ : " لا تحلُّ الصدقةُ لغنيٍّ ، ولا لذي مرَّة سويٍّ " .
عليُّ بنُ ثابتٍ ، عن الوازعِ بنِ نافعٍ ، عن أبي سلمةَ ، عن جابرٍ قال : " جاءتْ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صدقةٌ ، فركبهُ النَّاسُ ، فقالَ : إنَّها - ق 84 - ب - / لا تصلحُ لغنيٍّ ، ولا لصحيحٍ سويٍّ ، ولا لعاملٍ قويٍّ " .
( ت ) الثوريُّ ، عن سعدِ بنِ إبراهيمَ ، عن ريحانَ بن يزيدَ ، عن عبدِ اللهِ ابنِ عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تحلُّ الصدقةُ لغنيٍّ ، ولا لذي مرة سويٍّ " .
ريحانُ يُجهلُ ، لكن وثَّقَهُ ابنْ معينٍ .
( ت ) مجالدٌ ، عن الشعبيِّ ، عن حُبشيِّ بنِ جنادةَ ، سمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : " إنَّ المسألة لا تحلُّ لغنيٍّ ، ولا لذي مرةٍ سويٍّ ، إلا لذي فقرٍ مُدقعٍ ، وغرمٍ مقطعٍ " .
مجالدٌ لينٌ .
(1/361)
| 362 | هشامُ بنُ عروةَ ، نا أبي ؛ أنَّ عبيدَ اللهِ بنَ عديٍّ حدثهُ ؛ أنَّ رجلينِ أخبراهُ أنهما أتيا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يسألانهِ عن الصدقة ، فقلب فيهما البصر ، فرآهما جلدين فقالَ : " إن شئتما أعطيتكُما ، ولا حظَّ فيها لغنيٍّ ، ولا لقويٍّ مُكتَسبٍ " .
قلتُ : إسنادُهُ صحيحٌ .
329 - - مسألة - : حكمُ المُؤلفةِ باقٍ ، خلافاً لأبي حنيفةَ والشافعيِّ .
قال الزهريُّ : لا أعلمُ شيئاً نسخ حكم المُؤلفةِ .
واحتجُّوا بقولهِ : " تُؤخذُ من أغنيائهم ، وتردُّ على فُقرائهم " .
فهذا محمولٌ على أنَّهُ قالهُ في وقتٍ لم يكن محتاجاً فيه إلى التألُّفِ .
330 - - مسألة - : ويُعطى الغازي الغنيُّ .
وقال أبو حنيفة : لا .
معمر والثوريُّ ، عن زيدِ بن أسلمَ ، عن عطاءِ بن يسارٍ ، عن أبي سعيدٍ مرفوعاً : " لا تحلُّ المسألةُ إلا لخمسةٍ : العاملِ عليها ، والغازي في سبيل الله ، والغارِم ، ومن اشتراها بمالهِ ، أو مسكينٍ تصدقَ عليه فأهدى لغنيٍّ " .
رواتُهُ ثقاتٌ ، أخرجهُ - د - فقالُ : " الصدقةُ " بدل " المسألة " .
331 - - مسألة - : ويجوزُ دفعها لمن يحجُّ ؛ لأنَّهُ من السَّبيلِ .
وعنهُ : لا - كالأكثرِ .
(1/362)
| 363 | أبو عوانةَ ، نا إبراهيمُ بنُ مهاجرٍ ، عن أبي بكرِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ الحارثِ ، قال : " أخبرني رسولُ مروانَ الذي أُرسلَ إلى أمِّ معقلٍ قالت : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، إنَّ عليَّ حجَّةً ، وإنَّ لأبي معقل بكراً ، فقالَ : صدقت جعلتهُ في سبيلِ اللهِ ، قالَ : أعطها ، فلتحجَّ عليهِ ؛ فإنهُ من سبيلِ الله " .
( د ) ابنُ إسحاقَ ، عن عيسى بن معقل ، حدثني يوسفُ بنُ سلام ، عن جدته أمِّ معقلِ قالت : " لما حجَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حجةَ الوداعِ ، وكان ( لي ) جملٌ ، فأوصى به أبو معقل في سبيل الله ، قالَ : فهلا خرجت عليهِ ؛ فإنَّ الحج في سبيل اللهِ " .
332 - - مسألة - : من عليهِ زكاةٌ لم تسقط بالموتِ .
وقال أبو حنيفةَ ومالكٌ : تسقطُ ، ولا يلزمُ الورثةَ إخراجُها .
لنا قولُه - صلى الله عليه وسلم - : " دَينُ اللهِ أحقُّ بالقضاءِ " .
(1/363)
| 364 | الصوم
333 - - مسألة - : - ق 85 - أ - / لا يجوزُ صومُ رمضانَ بنيَّةٍ من النَّهَارِ .
وقال أبو حنيفةَ : يجوزُ .
لنا عبدُ الله بنُ عبَّادٍ ، نا مفضلُ بنُ فضالةَ ، نا يحيى بنُ أيوبَ ، عن يحيى بن سعيدٍ ، عن عمرةَ ، عن عائشةَ ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : " من لم يُبيِّتِ الصيامَ قبلَ طُلوعِ الفجرِ ، فلا صيامَ لهُ " .
أخرجهُ الدارقطنيُّ ، وقالَ : كُلُّهم ثقاتٌ .
ابنُ وهبٍ ، نا يحيى بنُ أيوبَ ، عن عبد اللهِ بن أبي بكر ، عن ابن شهابٍ ، عن سالمٍ ، عن أبيهِ ، عن حفصةَ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من لم يجمعِ الصيام قبلَ الفجرِ ، فلا صيامَ له " .
رواهُ جماعةٌ عن ابن شهابٍ موقوفاً ، وعبد الله ثقة .
الواقدي ، نا محمد بن هلال ، عن أبيه ؛ سمع ميمونةَ بنتَ سعدٍ تقولُ : سمعتُ رسولَ اللهِ يقولُ : " من أجمعَ الصومَ من الليلِ ، فليصم ، ومن أصبحَ ولم يجمعهُ ، فلا يصم " .
أخرجهما الدارقطنيُّ .
فاحتجوا بأن أعرابياً شهدَ عندَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - برؤيةِ الهلالِ ، فأمرَ منادياً أنْ يُنادي : " من أكلَ فليُمسك ، ومن لم يأكل ، فليصم " .
(1/364)
| 365 | وهذا لا يعرفُ ؛ إنما المعروفُ أنه شهدَ عندهُ فأمر أن ينادي في الناسِ أن يصومُوا غداً .
( خ م ) سلمةُ بن الأكوعِ قال : " أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من أسلم أن أذن في الناس : أن من كانَ أكلَ ، فليصم بقية يومِهِ ، ولمن لم يكن أكل ، فليصم ؛ فإن اليومَ يومُ عاشوراء " .
قلنا : عاشوراءُ لم يكن واجباً ، فله حكمُ النافلة ؛ بدليلٍ : حديث ( خ م ) معمر ، عن الزهري ، حدثني حميد بن عبد الرحمن ؛ سمعَ معاويةَ يخطبُ بالمدينة يقولُ : " يا أهل المدينةِ ، أين علماؤكم ؟ سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : هذا يومُ عاشوراءَ ، ولم يفرض علينا صيامهُ ؛ فمن شاءَ منكم أن يصومَ فليصم ؛ فإني صائمٌ .
فصامَ الناسُ " .
قال الذهبيُّ : هذا سمعهُ معاويةُ سنةَ تسعٍ أو عشرٍ ، بعد أن نسخَ صومُ عاشوراءَ ، فلا يدلُّ على أنَّهُ ما فُرضَ أَبداً .
334 - - مسألة - : يصحُّ صومُ التطوُّعِ بنيةِ من النهارِ .
وقال مالك ، وداود : لا يصح .
( د ) وكيعٌ ، عن طلحة بن يحيى ، عن عائشةَ بنت طلحةَ ، عن عائشة : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل علي قال : هل عندكم طعامٌ ؟ فإذا قلنا : لا .
قال : إني صائم .
فدخل يوماً ، فقلتُ : يا رسول اللهِ ، أُهديَ لنا حيسٌ فحبسناهُ لك ، فقال : أدنيهِ .
فأصبح صائماً وأفطر " .
(1/365)
| 366 | 335 - - مسألة - : إذا حالَ دونَ منظره غيمٌ ، أو قترٌ ليلةَ ثلاثينَ من شعبانَ ، فعن أحمد ثلاثُ رواياتٍ : يجبُ صومُ ثلاثين بنيَّةٍ من رمضانَ .
وهذا مذهب - ق 85 - ب - عمر ، وعليٍّ ، وابن عمرَ ، ومعاويةَ ، وعمرو بن العاصِ ، وأنسٍ ، وأبي هريرةَ ، وعائشةَ ، وأسماءَ ، وطاوسٍ ، ومجاهدٍ ، وسالمٍ ، وبكرِ بن عبد اللهِ ، ومطرفٍ ، وميمونَ بن مهرانَ .
فعلى هذا لا يجوزُ أن يسمَّى يوم شكٍّ ، بل هو من رمضان ، من طريق الحكم .
وهو ظاهرُ ما نقلهُ مهنا ، وبه قالَ الخلالُ وأكثرُ أصحابنا .
- والثاني - بل هو يوم شك .
نقلهُ المروذيُّ ، عن أحمد ؛ فعلى هذا يرجحُ جانبُ التعبدِ وإن كان شكًّا .
فإذا قيل : فما يومُ الشكِّ ؟ قُلنا : قال أحمدُ : يومُ الشكِّ ؛ أن يتقاعد الناسُ عن طلب الهلالِ ، أو يشهدَ برؤيته من لا يقبلُ .
الروايةُ الثانية ؛ لا يجوزُ صيامُهُ من رمضان ، ولا نفلاً ، بل يجوزُ قضاءْ وكفارةً ونذراً ، ونفلاً يوافقُ عادةُ .
وهذا قولُ الشافعيِّ .
الثالثةُ ؛ أنَّ المرجعَ إلى رأي الإمامِ في الصومِ والفطرِ .
وبه يقولُ الحسنُ وابنُ سيرينَ .
وقال أبو حنيفةَ ومالكٌ : لا يجوزُ صومُهُ بأنهُ من رمضانَ ، ويجوزُ صومُهُ في سوى ذلك .
(1/366)
| 367 | ( خ م ) ابنُ عمر ، قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إنَّ الشهر تسعٌ وعشرون ، فلا تصوموا حتَّى تروهُ ، ولا تفطروا حتَّى تروهُ ؛ فإن غمَّ عليكم فاقدرُوا لهُ " .
قال نافعٌ : كان ابنُ عمر إذا مضى من شعبان تسعٌ وعشرونَ ، يبعثُ من ينظرُ ؛ فإن رأى فذاكَ ، وإن لم يُرَ ، ولم يحل دون منظره سحابٌ ، ولا قترٌ ، أصبحَ مفطراً ، وإن حال دون منظره سحابٌ ، أو قترٌ ، أصبح صائماً .
فالصحابيُّ أعرفُ بمراد الرسول - - صلى الله عليه وسلم - .
وقولهُ : " اقدروا له " أي : ضيقُوا لهُ عدداً يطلعُ في مثلهِ ؛ وذلك يكونُ لتسعٍ وعشرينَ ؛ قال تعالى : " ومن قدر عليه رزقه " .
الثوريُّ ، عن عبد العزيز بن حكيم ، سمعتُ ابن عمرَ يقولُ : لو صمتُ السَّنة كلها ، لأفطرتُ اليومَ الذي يُشكُّ فيه .
ضعف أبو حاتمٍ عبد العزيز .
قلتُ : بل قالَ : - ليس بقوي ، يكتب حديثه .
وقال يحيى بن معينٍ : ثقة - .
( خ ) محمدُ بنُ زيادٍ ، سمعتُ أبا هريرةَ ؛ قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : " صُومُوا لِرُؤْيتِهِ ، وأفطروا لرؤيتهِ ، فإن غمَّ عليكم ، فأكملوا عدةَ شعبانَ ثلاثين " .
هكذا في البخاريِّ .
وقالَ الإسماعيليُّ في " مستخرجه " : نا الحسنُ بنُ علوية ، نا بندارٌ ، نا غندرٌ ، نا شعبةُ ، عن محمد بن زيادٍ ، سمعت أبا هريرة يقولُ : قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لا تصوموا حتَّى - ق 86 - أ - / تروا الهلالَ ، ولا تفطرُوا حتَّى تروهُ ؛ فإن غمَّ عليكم ، فعدَّوا ثلاثينَ " .
(1/367)
| 368 | قال الإسماعيليُّ : قد رواهُ ( خ ) عن آدمَ ، عن شعبةَ فقال فيهِ : " فأكملوا عدةَ شعبانَ ثلاثينَ " ثم قال : وقد رويناهُ عن غندرٍ ، وابن مهديٍّ ، وابن علية ، وعيسى ابن يونسَ ، وشبابةَ ، وعاصم بن عليٍّ ، والنضرِ بن شميلٍ ، ويزيدَ بن هارونَ ، وابن داودَ ، وآدمَ ؛ كلهم عن شعبةَ ، لم يذكر أحدٌ منهم : " فأكملوا عدة شعبانَ " .
قال : وهذا يجوز أن يكونَ من آدمَ ؛ رواهُ على التَّفسير من عنده ، وإلا فليس لانفراد البخاريِّ عنهُ بهذا من بين من روى عنهُ وجهٌ .
ورواهُ المقرئ ، عن ورقاء ، عن شعبةَ ، على ما ذكرناهُ أيضاً .
قال ابنُ الجوزيِّ : فعلى هذا يكونُ المعنى : فإن غمَّ عليكم رمضان ، فعدُّوا ثلاثين .
وعلى هذا لا يبقى لهم حجةٌ في الحديث .
وقيل : معناهُ إذا غمَّ هلالُ رمضانَ ، وهلالُ شوَّال ، فإنَّا نحتاجُ إلى إكمالِ شعبانَ ثلاثين احتياطاً للصومِ ، وإن كلنا قد صمنا يومَ الثلاثين من شعبان ، فليسَ بقطع منَّا على أنهُ رمضانُ ، إنَّما صمناهُ حُكماً .
( م ) معاذٌ ، نا شعبةُ ، عن محمدٍ ، سمعتُ أبا هريرةَ ، قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " صوموا لرؤيتهِ ، وأفطروا لرؤيتهِ ؛ فإن غمَّ عليكم الشهرُ ، فعدُّوا ثلاثين " .
يريدُ : فعدُّوا ثلاثينَ وأفطروا .
والكنايةُ تعودُ إلى أقرب مذكورٍ ، وهي : " وأفطرُوا لرؤيتهِ " ثمَّ إنَّ ذلك جاء مُبيناً .
أحمدُ في " مسندهِ " ؛ نا عبدُ الأعلى ( م ) عن معمرٍ ، عن الزهريِّ ، عن أبي سلمةَ ، عن أبي هريرةَ ، قالَ : قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إذا رأيتم الهلالَ ، فصوموا ، وإذا رأيتُموهُ ، فأفطروا فإن غُمَّ عليكم فصوموا ثلاثين يوماً " .
(1/368)
| 369 | الدارقطنيُّ : نا محمدُ بنُ موسى بن سهلٍ ، نا يوسفُ بنُ موسى ، نا جريرٌ ، عن منصورٍ ، عن ربعيٍّ ، عن حذيفة قالَ : قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لا تقدموا الشَّهر حتَّى تروا الهلالَ ، أو تكملُوا العدَّةَ قبلهُ ثم صُومُوا ، ثمَّ صوموا حتَّى تروا الهلالَ ، أو تكملُوا العدَّةَ " .
رواهُ غيرُهُ عن منصورٍ ؛ فقال : عن ربعيٍّ ، عن بعضِ أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مرفوعاً .
ابنُ مهديٍّ ، عن معاوية بن صالحٍ ، عن عبدِ اللهِ بن أبي قيسٍ ، عن عائشةَ : " كان رسولُ اللهِ يتحفظُ من هلالِ شعبانَ ما لا يتحفظُ من غيرهِ ، ثمَّ يصومُ رمضانَ لرؤيتهِ ، فإن غُمَّ عليه ، عدَّ ثلاثينَ ، ثُمَّ صامَ " .
قال الدارقطنيُّ : هذا إسنادٌ صحيحٌ .
فهذه عصبيةٌ منهُ ، كان يحيى بنُ سعيدٍ لا يرضى - ق 86 - ب - / معاويةَ .
وقال أبو حاتمٍ : لا يحتجُّ بهِ .
قلتُ : وهذه منك عصبيةٌ ؛ فإنَّ معاويةَ احتجَّ بهِ مُسلمٌ .
محمدُ بنُ زنبورٍ ، نا إسماعيلُ بنُ جعفرٍ ، نا محمدُ بنُ عمروٍ ، عن أبي سلمةَ ، عن أبي هريرةَ ، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " صوموا لرؤيتهِ ، وأفطرُوا لرؤيتهِ ، فإن غُمَّ عليكم ، فعدُّوا ثلاثينَ ، ثمَّ أفطروا " .
رواهُ أبو بكر بنُ عياشٍ وغيرهُ ، عن محمدٍ ، قال الدارقطنيُّ : وإسنادهُ صحيحٌ .
( ت ) أبو خالدٍ الأحمرُ ، عن عمرو بنِ قيسٍ ، عن أبي إسحاقَ ، عن صلة بن زُفر " كُنا عند عمارٍ ، فأتى بشاةٍ مصليةٍ ، فقالَ : كُلُوا ، فتنحَّى بعضُ القومِ ؛ فقال : إني صائم ، فقال عمارٌ : من صامَ اليوم الذي يشكُّ فيه ، فقد عصى أبا القاسمِ - صلى الله عليه وسلم - " .
صحَّحه ( ت ) .
(1/369)
| 370 | وللدارقطنيُّ من طريقِ الواقديِّ ، نا داودُ بنُ خالدٍ ، ومحمدُ بنُ مسلمٍ ، عن المقبريِّ ، عن أبي هريرة : " نهى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن صومِ ستَّةِ أيامٍ : اليومِ الذي يُشكُّ فيه من رمضان ، ويومي العيدِ ، وأيامِ التشريقِ " .
يعلى بنُ الأشدقِ ، عن عبدِ اللهِ بن جرادٍ ، قال : " أصبحنا يوم الثلاثين صياماً ، وقد أُغمي ، فأتينا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، فأصبناهُ مُفطراً ، وقال : أفطرُوا .
.
.
" .
الحديث .
قالَ الخطيبُ : ففي هذا كفايةٌ .
قال ابنُ الجوزيِّ - وصدقَ - : لا تكونُ عصبيةٌ أبلغ من هذا ؛ فليتهُ روى الحديثَ وسكتَ ، وما مدحَ ؛ فنسخةُ يعلى موضوعةٌ - نعوذُ بالله من الخذلانِ .
336 - - مسألة - : صوم يومِ الشَّكِّ مكروهٌ .
وقال أبو حنيفةَ ومالكٌ : لا يكرهُ .
337 - - مسألة - : صومُ رمضان يجبُ بِشاهدٍ .
وقال مالكٌ وداود : لا يجبُ .
وعن الشافعيِّ كالمذهبينِ .
وقال أبو حنيفةَ : إن كانَ في السماءِ علةٌ قُبلَ ، وإلا فلا بُدَّ من عددٍ .
لنا حديث ( ت ) الوليد بن أبي ثورٍ ، عن سماكٍ ، عن عكرمةَ ، عن ابن عباسٍ : " جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فقالَ : إنِّي رأيتُ الهلالَ ، فقالَ : أتشهدُ أن لا إله إلا اللهُ ، وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ ؟ قال : نعم .
قالُ : يا بلالُ ، أذن في الناس أن يصوموا غداً " .
(1/370)
| 371 | فإن قيل : رواهُ إسرائيلُ وحمادُ بن سلمة ، فأرسلاه .
قلنا : اتَّفق الوليد وزائدةُ وحازمُ بنُ إبراهيمُ على رفعهِ .
واختلف أصحابُ ابن عيينةَ - ق 87 - أ - / عليهِ .
مروانُ بنُ محمدٍ الدمشقيُّ ، نا ابنُ وهبٍ ، نا يحيى بنُ عبدِ اللهِ بن سالمٍ ، عن أبي بكرِ بنِ نافعٍ ، عن أبيهِ ، عن ابنِ عمرَ قالَ : " تراءى الناسُ الهلالَ ، فأخبرتُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي رأيتهُ ، فصامَ وأمر النَّاس بالصيام " .
قال الدارقطنيُّ : تفردَ به مروانُ ؛ وهو ثقةٌ .
حفصُ بنُ عمر الأيليُّ - واهٍ - نا مسعرٌ ، وأبو عوانة ، عن عبد الملكِ بنِ ميسرةَ ، عن طاوسٍ ، قالَ : " شهدتُ المدينةَ وبها ابنُ عُمرَ ، وابنُ عباسِ ، فجاءَ رجُلٌ إلى وَاليها ، فشهدَ عندهُ على رؤيةِ الهلالِ لرمضانَ ، فسألَ ابنَ عُمرَ ، وابن عباسٍ عن شهادتهِ ، فأمراهُ أن يجيزها ، وقالا : إنَّ رسولَ اللهِ أجازَ شهادةَ واحدٍ على رؤيةِ هلالِ رمضانَ " .
أحمدُ في " مسندهِ " نا يزيدُ ، نا ورقاءُ ، عن عبدِ الأعلى الثعلبيِّ ، عن عبدِ الرحمن بن أبي ليلى قال : " كنتُ مع البراءِ وعمر في البقيعِ ؛ ننظرُ إلى الهلالِ ، فأقبلَ راكبٌ ، فتلقَّاه عمرُ فقالَ : من أين جئتَ ؟ قال : من المغربِ .
قالَ : أهللت ؟ قالَ : نعم .
فقال عمرُ : اللهُ أكبر ، إنما يكفي المسلمين الرجلُ " .
فاحتجُّوا بسعدويه ، نا عبادُ بن العوامِ ، نا أبو مالكٍ - الأشجعي - ، نا حسينُ بنُ الحارثِ الجدليُّ " أنَّ أمير مكَّةَ خطبنا فقالَ : عهدَ إلينا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن ننسكَ ، فإن لم نرهُ ، وشهدَ شاهدان نسكنا بشهادتهما ، فسألتهُ : من أميرُ مكَّة ؟ قال : لا أدري ، ثمَّ لقيني بعدُ فقالَ : هو الحارثُ بنُ حاطبٍ " .
قال الدارقطنيُّ : إسنادُهُ مُتصلٌ صحيحٌ .
(1/371)
| 372 | يزيدُ بنُ هارونَ ، أنا حجاجُ بنُ أرطاةَ ، عن الحسينِ بنِ الحارثِ ؛ سمعتُ عبد الرحمنِ بن زيدِ بن الخطابِ يقولُ : " إنَّا صحبنا أصحابَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وتعلقنا منهم ، وإنهم حدثونا عن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنهُ قالَ : صوموا لرؤيتهِ ، وأفطروا لرؤيته ؛ فإن غمَّ عليكم ، فعدُّوا ثلاثين ، فإن شهد ذوا عدلٍ ، فصوموا وأفطروا وأنسكُوا " .
قُلنا : إنَّما نقولُ بنطقِ الخبرِ لا يقتضي أن يصوموا بشهادةِ - ق 87 - ب - / ذوي عدلٍ ، ودليلُهُ بنفي ذلكَ ، ونصُّ خبرنا يُعارضُ هذا ، والنَّصُّ لا يسقطُ إلا بناسخٍ ، والدليلُ يسقطُ من غيرِ نسخٍ ، فصارَ كالقياسِ المعارضِ للنَّصِّ .
338 - - مسألة - : إذا رآهُ أهلُ بلدٍ ، لزمَ الأمَّةَ الصَّومُ .
وقالَ الشافعيُّ : لا يلزمُ إلا ما قاربهُ .
لنا قولُهُ - صلى الله عليه وسلم - : " فإن شهدَ ذوا عدل ، فصومُوا " .
وحجته ( ت ) إسماعيلُ بن جعفرٍ ، نا محمدُ بنُ أبي حرملةَ ، أخبرني كريبٌ " أنَّ أمَّ الفضلِ بنت الحارث بعثتهُ إلى معاوية بالشَّامِ ، قالَ : فقدمتُ ، فقضيتُ حاجتها ، فاستهلَّ عليَّ هلالُ رمضان وأنا بالشَّامِ ، فرأَينا الهلالَ ليلةَ الجُمعةِ ، ثمَّ قدمتُ المدينةَ في آخرِ الشهرِ ، فسألني ابنُ عباسٍ ، ثُمَّ ذكرَ الهِلالَ ، فقال : متى رأيتموهُ ؟ قلتُ : ليلة الجمعةِ ، فقالَ : أنت رأيتهُ ليلةَ الجمعةِ ؟ فقلتُ : رآهُ النَّاسُ وصامُوا ، وصامَ معاويةُ ، فقالَ : لكن رأيناهُ ليلة السبتِ ، فلا نزالُ نصومُ حتَّى نكملَ ثلاثينَ يوماً أو نراهُ ، فقلتُ : ألا تكتفي برؤية مُعاويةَ وصيامِهِ ؟ قال : لا ، هكذا أمرنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - " .
صحَّحَهُ ( ت ) .
339 - - مسألة - : والكفَّارةُ على من طاوعت على الوطءِ في رمضانَ .
(1/372)
| 373 | وعنهُ : لا .
وعن الشافعي كالرِّوايتينِ .
( خ م ) لحديث أبي هريرة " أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ رجلاً أفطرَ في رمضانَ أن يعتقَ رقبةً ، أو يصومَ شهرينِ متتابعينِ ، أو يطعمَ ستينَ مسكيناً " .
وجهُ الاحتجاجِ أنهُ علَّقَ التَّكفيرَ بالإفطارِ .
( خ م ) ابنُ عيينةَ ، عن الزهريِّ ، عن حميدِ بنِ عبدِ الرحمنِ ، عن أبي هريرةَ : " جاءَ رَجلٌ فقالَ : يا رسولَ اللهِ ، هلكتُ " وفيه : " قال : أَتجدُ رقبةً ؟ قالَ : لا .
قالَ : أتستطيعُ أن تصومَ شهرينِ مُتتابعينِ ؟ قال : لا .
قال : تستطيعُ أن تطعمَ ستينَ مسكيناً ؟ قال : لا ، قالَ : اجلس .
فأتي نبيّ اللهِ بعرقِ تمرٍ - وهو المكتلُ الضخمُ - فقالَ : تصدقَ بهذا .
فقال : أعلى أفقر منَّا ! ! فضحكَ ، وقال : أطعمهُ أهلكَ " .
فلم يأمرُ المرأة بشيءٍ .
وجوابُ هذا من عشرةِ أوجُهٍ : أحدها : أنه استدلالٌ بالعدمِ .
- ق 88 - أ - / الثاني : يحتملُ أن يكونَ قد ذكرَ حكمها ، ولم ينقل .
الثالث : إنَّما يجبُ البيانُ للسَّائلِ عن الحكمِ اللازمِ لهُ ، وهي فلم تأتهِ ، ولا سألُهُ الزَّوجُ عن حكمها ، فلا يجبُ البيانُ .
فإن قيلَ : قد بين ما لم يسأل عنه في حديث العسيفِ ( خ ) بقولهِ : " واغدُ يا أنيسُ على امرأةِ هذا ؛ فإن اعترفت فارجمها " .
قلنا : هذا تبرعٌ منه ، ثمَّ إنَّ في حديث ( العسيف ) ما يُوجُب حدًّا ، والحدودُ حقُّ للهِ يلزمُ الإمامَ إقامُتها ، بخلافِ الكفَّارةِ .
(1/373)
| 374 | الرابع : أنَّ حكمهما في الكفارةِ واحدٌ لا يختلفُ ، بخلافِ قصَّةِ العسيفِ ؛ فإنَّها كانت محصنةً والعسيفُ بكر ، فحدُّهما مختلفٌ للخلاف .
الخامس : سكوتُهُ لا يدلُّ على سقوطِ الوجُوبِ ، كما سكتَ عن غسلها وعن قضاءِ اليومِ .
السادس : يجوزُ أن يكونَ سكوتُهُ لعارضٍ أو لشغلٍ .
السابع : يحتملُ أن يكونَ قد علم أنها لا يلزمُها كفارةٌ لمرضٍ أو حيضٍ أو جنونٍ ، أو كانت ذميَّةً ، أو دونَ البلوغ .
الثامن : أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قبلَ إقرارهُ على نفسهِ ، ولم يقبلُ قولهُ عليها ، كما في قصَّةِ ماعزٍ .
التاسع : أنهُ أمرهُ بالعتقِ ، فذكرَ فقرهُ وفقرها ، فلم يكن في ذكر كفارتها فائدةٌ ، لفقرها .
العاشر : أنهُ في بعض الألفاظ : هلكتُ وأهلكتُ .
ففيهِ بينةٌ على أنهُ أكرهها ، والمكرهةُ لا كفارةَ عليها .
قال الدارقطنيُّ : نا عثمانُ بنُ السماكِ ، ثنا عبيدُ بنُ محمدٍ ، نا أبو ثورٍ ، نا معلى بنُ منصورٍ ، نا ابنُ عيينةَ ، عن الزهريِّ ، أخبرهُ حميدٌ ؛ سمعَ أبا هريرة يقولُ : " أتى رجلٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ : هلكتُ وأهلكتُ .
.
.
" الحديث .
محمدُ بنُ عُزيزٍ ، حدثني سلامةُ ، عن عقيلٍ ، عن الزهريِّ بهذا ؛ وفيه : " هلكت وأهلكت " .
340 - - مسألة - : كفَّارةُ الجماعِ على التَّرتيبِ .
(1/374)
| 375 | وعنهُ : على التَّخييرِ - كقولِ مالكٍ .
لنا قولُهُ : " أعتق .
قال : لا أجدُ .
قالَ : فصُم .
.
.
" .
341 - مسألة : المتفردُ برؤيةِ الهلالِ ؛ إذا ردَّهُ الحاكمُ ، لزمهُ الصومُ ، فإن أفطرَ بجماعٍ ، كفَّرَ .
وقال أبو حنيفةَ : لا كفارةَ .
وحُجَّتهمُ : الواقديُّ - الواهي - نا داودُ بنُ خالدٍ وثابتُ بنُ قيسٍ ومحمدُ بنُ مسلمٍ ، جميعاً عن المقبريِّ ، عن أبي هريرةَ ، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - - ق 88 - ب - / قال : " صومُكم يومَ تصومونَ ، وفطرُكم يومَ تفطرُونَ " .
ورواهُ الترمذيُّ من طريقٍ آخرَ غريبٍ ، ثمَّ هو محمولٌ على من لم يرهُ .
342 - مسألة : لا تجبُ الكفارةُ بالأكل والشُّرب .
وقال مالكٌ وأبو حنيفةَ : تجبُ .
وحجَّتُهم الحديثُ المذكورُ " أنَّ رجُلاً أفطر في رمضانَ ، فأمرهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يعتقَ رقبةً " .
الواقديُّ ، نا أبو بكرِ بنُ إسماعيل ، عن أبيهِ ، عن عامرِ بنِ سعدٍ ، عن أبيهِ قالَ : " جاءَ رجُل فقالَ : يا رسولَ اللهِ ، أفطرتُ يوماً في رمضانَ متُعمداً ؟ ! قال : أَعتق .
.
.
" الحديث .
يحيى الحمانيُّ ، نا هشيمٌ ، عن إسماعيل بن سالمٍ عن مجاهدٍ ، عن أبي هريرةَ وأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ الذي أفطرَ يوماً من رمضانَ بكفارةِ الظهارِ " .
(1/375)
| 376 | أبُو معشرٍ ، عن محمدِ بن كعبٍ ، عن أبي هُريرةَ " أنَّ رجُلاً أكل في رمضانَ ، فأمرهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يعتقَ رقبةً ، أو يصومَ شهرينِ ، أو يطعمَ ستين مسكيناً .
قلنا : الحديثُ الأولُ هو حديثُ الأعرابيِّ ؛ وإنَّما فطرهُ بجماعٍ .
كذا رواهُ يحيى بنُ سعيدٍ ، وابنُ جريجٍ ، ومالكٌ ، وعبدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ ، وفليحٌ وجماعةٌ عن الزهريِّ بلفظ : " أنَّ رجُلاً أفطرَ " .
وخالفهم عراكُ بنُ مالكٍ وعبيدُ اللهِ بنُ عمرَ ، وإسماعيلُ بنُ أبي أميةَ ومحمدُ ابنُ أبي عتيقٍ ، ومُوسى بنُ عقبةَ ومعمرٌ ، ويونسُ وعقيلٌ ، وعبد الرحمنِ بنُ خالدٍ والأوزاعيُّ ، وشعيبٌ ومنصورُ بنُ المعتمرِ ، وابنُ عيينةَ وإبراهيمُ بنُ سعدٍ ، والليثُ وابنُ إسحاقَ ، والنعمانُ بنُ راشدٍ وحجاجُ بنُ أرطاةَ ، وصالح بنُ أبي الأخضرِ ومحمدُ بنُ أبي حفصةَ ، وعبدُ الجبارِ بنُ عمرَ وإسحاقُ بنُ يحيى ، وهنادُ بنُ عقيلٍ وثابتُ بنُ ثوبانَ ، وقرةُ بن عبد الرحمنِ وزمعةُ بنُ صالحٍ ، وبحرُ بنُ كنيزٍ والوليدُ بنُ محمدٍ ، وشعيبُ بنُ خالدٍ ونوحُ بنُ أبي مريمَ ، عن الزهريِّ ؛ بأنَّ - إفطارَ ذلك - الرَّجُلِ كان بجماعٍ .
وأما يحيى الحمانيُّ ؛ فكذَّبهُ أحمدُ .
وأبو معشرٍ ، قالَ ابنُ معينٍ : ليسً بشيءٍ .
343 - مسألة : من أكلَ ناسياً لم يبطلُ صومُهُ ، خلافاً لمالك .
لنا ( خ م ) هشامٌ - ق 89 - أ - / عن ابنِ سيرينَ ، عن أبي هريرةَ مرفوعاً : " من نسي وهو صائمٌ ؛ فأكلَ وشربَ ، فليتمَّ صومهُ ، فإنَّما أطعمهُ اللهُ وسقاهُ " .
(1/376)
| 377 | الدارقطنيُّ ، وصحَّحُه : نا عبيدُ اللهِ بنُ عبدِ الصمدِ ، نا أحمدُ بنُ خليدٍ الكنديُّ ، ثنا محمد بن الطباعِ ، نا ابنُ عليةَ ، عن هشامٍ بهذا ولفظهُ : " فإنِّما هو رزقٌ ساقهُ اللهُ إليهِ ، ولا قضاءَ عليهِ " .
الدارقطنيُّ ؛ ثنا محمدُ بن محمود السراجُ ، ثنا محمد بن مرزوقٍ البصريُّ ، ثنا الأنصاريُّ ، نا محمدُ بن عمرو ، عن أبي سلمةَ ، عن أبي هريرة ، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - : " من أفطرَ في رمضانَ ناسياَ ، فلا قضاءَ عليه ولا كفارةَ " .
ثُمَّ قالَ : تفرَّد به ابنُ مرزوق ؛ وهو ثقةٌ .
أحمد ، ثنا عبد الصمد ، نا بشار بن عبد الملك ، حدثتني أمُّ حكيم بنتُ دينارٍ ، عن مولاتها أمَّ إسحاقَ " أنَّها كانت عندَ رسولِ اللهِ ، فأتي بقصعةٍ من ثريدٍ ، فأكلت معهُ ، ومعهُ ذو اليدينِ ، فناولها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عرقاً ، فقال : يا أمَّ إسحاقَ ، أصِيبي من هذا .
قالت : فذكرتُ أنِّي صائمةٌ ، فتردَّدت يدي ؛ لا أقدمها ولا أؤخِّرُها ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : ما لكِ ؟ .
قلتُ : كنتُ صائمةً ؛ فنسيتُ .
فقال ذُو اليدينِ : الآنَ بَعدَ ما شبعتِ ؟ ! فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : أتمِّي صومكِ ، فإنَّما هو رزقٌ ساقهُ الله إليكِ " .
344 - مسألة : القبلة للصَّائمِ جائزةٌ ؛ مع عدمِ إثارةِ الشَّهوةِ .
وعنهُ : تُكرهُ - كمالكٍ .
لنا ( خ م ) الأعمشُ ، عن إبراهيمَ ، عن الأسودِ ، عن عائشةَ : " كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقبلُ وهو صائمٌ " .
(1/377)
| 378 | ( خ م ) يحيى بنُ أبي كثيرٍ ، عن أبي سلمةَ ، عن زينبَ بنتِ أمِّ سلمةَ ، عن أمِّها أنها قالت : " كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقبلها وهو صائمٌ " .
بكيرُ بنُ الأشجِّ ، عن عبد الملك بن سعيد الأنصاريِّ ، عن جابرٍ ، عن عمرَ قال : " هششتُ يوماً ، فقبَّلتُ وأنا صائمٌ ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقلت : صنعت اليوم أمرا عظيما ؛ فقبلت وأنا صائم ، فقال : أرأيتَ لو تمضمضت وأنت صائمٌ ؟ .
قلتُ : لا بأس بذلك .
قال : ففيمَ ؟ " .
أبو الأحوصِ ، عن زيادِ بن علاقةَ ، عن عمرو بن ميمون ، عن عائشةَ : " كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقبلُ في شهرِ رمضانَ " .
صحَّحهُ الدارقطنيُّ .
فذكرُوا حديثَ إسرائيلَ ، عن زيد بن جبير ، عن أبي يزيد الضبيِّ ، عن ميمونة بنت سعدٍ قالت : " سُئلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - - ق 89 - ب - / عن رجلٍ قبل امرأتهُ وهما صائِمانِ ، قال : قدْ أفطرَا " .
أخرجهُ أحمدُ .
وقال الدارقطنيُّ : لا يثبتُ ، والضبيُّ غيرُ معروفٍ .
345 - مسألة : السواكُ بعدَ الزوالِ مشروعٌ للصَّائمِ .
وبه يقولُ أبو حنيفةَ ومالكٌ .
وعنهُ : يكرهُ - كالشَّافعيِّ .
(1/378)
| 379 | ( ت ) الثوريُّ ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامرِ بن ربيعةَ ، عن أبيهِ قالَ : " رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ما لا أحصي يتسوَّك وهو صائمٌ " .
فذكروا ما رواه الخطيبُ في " تاريخهِ " : أبنا الصيمريُّ ، نا أبو بشر أحمدُ ابنُ محمد الهرويُّ ، ثنا عبد الله بن جعفر بن إسحاقَ الموصليَّ - حدثنا محمد بن عبدة الموصلي - إبراهيمُ بن سعيدٍ الجوهريُّ ، نا عبد الصمد بن النعمان ، ثنا كيسان أبو عمر - القصَّار - ، عن يزيد بن بلال ، عن خباب ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " إذا صُمتُم فاستاكُوا بالغداةِ ، ولا تستاكُوا بالعشيِّ ؛ فإنَّهُ ليس من صائمٍ تتيبس شفتاهُ بالعشيِّ إلا كانتا نُوراً بين عينيهِ يومَ القيامةِ " .
قال ابنُ معينٍ : كيسانُ ضعيفٌ .
وقال ابنُ حبانَ : يزيدُ لا يحتجْ بهِ .
قلتُ : ما أراهُ إلا باطلاً .
إبراهيمُ بن بيطارٍ الخوارزميُّ ، عن عاصمٍ الأحولِ : " سألتُ أنساً : أيستاكُ الصَّائمُ ؟ قالَ : نعم .
قلتُ : برطبِ السّواكِ ويابسِهِ ؟ قالَ : نعم .
قلتُ : في أوَّلِ النَّهارِ وآخرِهِ ؟ قالَ : نعم .
قلتُ لَهُ : عن من ؟ قالَ : عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - " .
قال ابن حبان : هذا لا أصلَ لهُ ، وإبراهيمُ واهٍ .
346 - مسألة : ويغتسلُ الصَّائمُ .
وكرههُ أبو حنيفةَ .
( د ) مالكٌ ، عن سميٍّ ، عن أبي بكرِ بنِ عبدِ الرحمن عن بعضِ الصحابةِ(1/379)
| 380 | قالَ : " رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يصبُّ على رَأْسِهِ الماءَ وهو صائمٌ من العطشِ ، أو من الحرِّ " .
347 - مسألة : إذا اكتحلَ بما يصلُ إلى جوفهِ أفطرَ .
وقال أبو حنيفةَ والشافعيُّ : لا .
( د ) عن معبد بن هوذةَ ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : " إنَّا أُمِرنا بالإِثمدِ المروحِ عندَ النوم " وقال : " ليتَّقهِ الصَّائمُ " .
قال ( د ) : قالَ لي ابنُ معينٍ " : هذا حديثٌ منكرٌ ، وعبدُ الرحمنِ بنُ النعمانِ : ضعيفٌ .
وقال أبو حاتمٍ : صدوقٌ .
الحسنُ بن عطية ، عن أبي عاتكةَ ، عن أنسٍ ، قالَ : " جاءَ رجلٌ إلى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ : اشتكت عيني ، أفأكتحلُ وأنا صائمٌ ؟ قالَ : نعم " .
إسنادُهُ واهٍ جدًّا .
348 - مسألة : الحجامةُ تفطرُ ، خلافاً للأكثرِ ؛ لقولِه - صلى الله عليه وسلم - : " أفطرَ الحاجمُ والمحجُومُ " .
رواهُ بضعة عشرَ صحابيًّا ، وأخذَ بهِ عليٌّ وابنُ عمرَ ، وأبو موسى وأبو هريرة وعائشةُ ، إلا أنَّ أكثرها ضعافٌ .
أصحُّها : معمرٌ ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ ، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظٍ - ق 90 - أ - /(1/380)
| 381 | عن السائب بن يزيدَ ، عن رافع بن خديج ( عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ) قال : أفطرَ الحاجمُ والمحجومُ " .
قال أحمد : هذا أصح شيء في البابِ .
خالد الحذاء ، عن أبي قلابةَ ، عن أبي الأشعثِ ، عن شدادِ بن أوس " أنه - مر - مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - زمنَ الفتحِ على رجلٍ يحتجمُ بالبقيعِ ؛ لثماني عشرةَ خلت من رمضان ، فقالَ : أفطرَ الحاجمُ والمحجوم " قال أحمد : نا إسماعيل ، عن خالد .
قلتُ : قولُه : بالبقيعِ خطأ فاحشٌ ؛ فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يومَ التَّاريخِ المذكورِ في مكَّةَ ، اللهمَّ إلا أن يريدَ بالبقيع السُّوقَ .
وإسنادُهُ قويُّ .
قالَ أحمد : نا إسماعيل ، نا هشام الدستوائي ، عن يحيى ، عن أبي قلابةَ ، عن أبي أسماء ، عن ثوبانَ " أن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أتى على رجلٍ يحتجمُ في رمضان ؛ فقال : أَفطرَ الحاجمُ والمحجومُ " .
أحمدُ ، نا أبو الجوابِ ، نا عمارُ بن رزيقٍِ ، عن عطاءِ بن السائبِ ، حدثني الحسنُ ، عن معقلِ بن سنانَ الأشجعي ؛ أنه قالَ : " مر عليَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأنا أحتجمُ في ثماني عشرةَ ليلةً خلت من رمضانَ ؛ فقالَ : أفطرَ الحاجمُ والمحجُومُ " .
أحمد ، نا يحيى بن سعيد ، عن أشعث ، عن الحسن ، عن أسامة بن زيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أفطر الحاجم والمستحجم " .
(1/381)
| 382 | أحمد ، نا يزيد ، أنا أبو العلاء ، عن قتادة ، عن شهر ، عن بلال ؛ قال رسول الله : " أفطر الحاجم والمحجوم " .
أحمد نا عليُّ بنُ عبد الله ، نا عبدُ الوهابِ الثقفيُّ ، نا يونسُ ، عن الحسنِ ، عن أبي هريرةَ مرفوعاً مثلهُ .
أحمدُ ، نا أبو النضرِ ، نا شيبانُ ، عن ليثٍ ، عن عطاءٍ ، عن عائشةَ مرفوعاً مثلهُ .
الثمانيةُ من " المسند " .
قال ابنُ المدينيِّ والبخاريُّ : أصحُّ ما في البابِ حديثُ شدادٍ وثوبانَ .
ولهمُ : عبدُ الوارثِ ، نا أيوبُ ، عن عكرمةَ ، عن ابنِ عباسٍ : " احتجمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ محرمٌ صائمٌ " .
صحَّحهُ ( ت ) .
الحكمُ ، عن مقسمٍ ، عن ابنِ عباسٍ " أنَّ رسولَ اللهِ احتجمَ بالباحة وهوَ صائمٌ " .
خالدُ بن مخلدٍ ، عن عبدِ اللهِ بن المثنى ، عن ثابتٍ ، عن أنسٍ قالَ : " أولُ ما كرهت الحجامةُ للصَّائمِ ، أنَّ جعفرَ بن أبي طالب احتجمَ وهو صائمٌ ، فمرَّ بِهِ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال : أفطرَ هذانِ .
ثُمَّ رخصَ بعد في الحجامةِ للصَّائمِ ، وكانَ أنسٌ يحتجمُ وهو صائمٌ " .
(1/382)
| 383 | قال الدارقطنيُّ : كلهم ثقاتٌ ، ولا أعلم له - ق 90 - ب - / علةً .
قال المؤلف : قال أحمدُ : خالدٌ له أحاديثُ مناكيرُ .
قلتُ : وعبدُ اللهِ بنُ المثنى ضعَّفهُ أبو داودَ ، مع أنَّ الرَّجلين احتجَّ بهما البخاريُّ .
شعيبُ بنُ حربٍ ، نا هشامُ بنُ سعدٍ ، عن زيدِ بنِ أسلمَ ، عن عطاءِ بن يسارِ ، عن أبي سعيدٍ قالَ : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثلاثةٌ لا يفطرنَ الصَّائمَ : القيءُ ، والحجامةُ ، والاحتلامُ " .
ورواهُ عبد الرحمنِ بنُ زيدِ بنِ أسلمَ ، عن أبيهِ - عن - هشامٍ .
قالَ النسائي : ضعيفٌ .
قلتُ : روى لهُ مسلمٌ .
349 - مسألة : الفطرُ في السَّفرِ أفضلُ ، خلافاً لأكثرهم .
شعبةُ ، عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ ، عن محمد بن عمرو بن الحسنِ ؛ أنهُ سمعَ جابراً يقولُ : " بينا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فرأى زحاماً ورجُلاً قد ظُلل عليه ، فسألَ عنهُ ، فقيلَ : صائمٌ ، فقالَ : ليس من البرِّ أن تصومُوا في السَّفرِ " أخرجاه .
الزهري ، عن صفوانَ بنِ عبدِ اللهِ ، عن أمِّ الدرداءِ ، عن كعبِ بنِ عاصمٍ ؛ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " ليسَ من البرِّ الصِّيامُ في السَّفَرِ " .
ابنُ إسحاقَ ، حدثني بشيرُ بنُ يسارٍ ، عنِ ابنِ عباسٍ قالَ : " خرجَ رسولُ اللهِ(1/383)
| 384 | عام الفتح في رمضانَ ، فصامَ وصامَ المسلمونَ معه ، حتى إذا كان بالكديدِ دَعا بماءٍ في قعب وهو على راحلتهِ ، فشرب والناسُ ينظرونَ ؛ يعلمُهم أنه قد أفطرَ ، فأفطرَ المسلمونَ " .
الحكمُ ، عن مقسمٍ ، عن ابنِ عباسٍ : " صامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح حتى أتى قديداً ، فأتى بقدحٍ من لبنٍ ، فأفطرَ وأمرَ الناسَ أن يفطرُوا " .
الليثُ ، نا يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخيرِ ، عن منصور ( الكلبي ) ، عن دحيةَ بن خليفةَ " أنه خرج من قريته في رمضانَ ، فأفطرَ وأفطرَ معه ناسٌ ، وكرهَ آخرونَ أن يفطرُوا ، فلما رجعَ قالَ : واللهِ لقد رأيتُ اليوم أمراً ما كنتُ أظن أن أراهُ ؛ إن قوماً رغبوا عن هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، يقولُ ذلكَ للذينَ صامُوا ، ثم قالَ عندَ ذلكَِ : اللهم ابضنِي إليكَ " .
رواهم أحمدُ .
350 - - مسألة - : فإن صامَ في السَّفرِ صحَّ ، خلافاً لداودَ .
لنا : إسماعيلُ بن عبيد اللهِ ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء قالَ : " كنا مع رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ ، وإن أحدنا ليضعُ يدهُ على رأسه من شدة الحر ، وما - ق 91 - أ - منا صائمٌ إلا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وابنُ رواحةَ " .
هشام ، عن أبيه ، عن عائشةَ قالت : " جاءَ حمزةُ الأسلميُّ ، فقالَ : يا رسولَ اللهِ ، إني رجلٌ أسردُ الصومَ ، أَفأصومُ في السفر ؟ قال : إن شئتَ فصُم ، وإن شئت فأفطر " .
(1/384)
| 385 | متفقٌ عليهما .
سعيدٌ ، عن قتادةَ ، عن سليمانَ بن يسار ، عن حمزةَ بن عمرو الأسلمي " أنه سألَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصومِ في السفرِ ، فقالَ : إن شئتَ صمتَ ، وإن شئتَ أفطرتَ " .
( م ) ابنُ وهبٍ ، أنا عمرو بن الحارثِ ، عن محمدِ بن عبد الرحمن ، عن عروةَ ، عن أبي مراوح ، عن حمزةَ بنِ عمرو أنهُ قال : " يا رسولَ اللهِ ، إني أجدُ بي قوةً على الصيامِ في السفر ، فهل علي جناحٌ ؟ فقال : هي رخصةٌ من اللهِ ، فمن أخذَ بها فحسنٌ ، ومن أحبَّ أن يصومَ فلا جناح عليهِ " .
قال الدارقطنيُّ : إسنادٌ صحيحٌ .
وخالفهُ هشامُ بنُ عروة ، فرواهُ عن عروةَ ، عن عائشة ، ويحتملُ أن يكونَ القولان صحيحين .
عن عبدِ الله بن عمرو قالَ : " رأيتُ رسولَ اللهِ يصومُ في السفرِ ويفطرُ " .
عبد الكريم الجزري ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال : " لا تعب على من صامَ في السفر ، قد صامَ رسولُ اللهِ وأفطَرَ " .
( خ م ) مالكٌ ، عن حميدٍ ، عن أنسٍ قالَ : " سافرنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضانَ ، فلم يعبِ الصائمُ على المفطرِ ، ولا المفطرُ على الصائمِ " .
(1/385)
| 386 | 351 - مسألة : من نوى ثم سافرَ ، جاز له أن يفطرَ .
وبه قال المزني وداودُ .
وعنه : لا يباحُ - كقولِ أكثرهم .
لنا ( خ م ) الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجَ عام الفتحِ ، فصامَ حتى إذا كانَ بالكديدِ أفطرَ " .
وإنما يُؤخذُ بالآخرِ من فعلِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - .
( خ م ) منصورٌ ، عن مجاهدٍ ، عن طاوس ، عن ابن عباس قالَ : " خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مسافراً في رمضانَ حتى أتى عُسْفانَ ، فدعا بإناءٍ ، فشرب ليري الناس ، ثم أفطرَ حتى قدمَ مكةَ " .
352 - - مسألة - : إذا نوى باللَّيلِ ، ثُمَّ أغمي عليه قبلَ الفجرِ ، فلم يفق إلا بعدَ المغربِ ، لم يصح صومُهُ .
وقال أبو حنيفة : يصحُ .
( خ م ) أبو صالحٍ ، عن أبي هريرةَ ، قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل عمل ابن آدمَ يضاعف ؛ الحسنةُ بعشرِ أمثالها إلى سبعمائةِ ضعف ، إلى ما شاءَ الله ، يقولُ الله : إلا الصومَ ؛ فإنهُ لي وأنا أجزي به ، يدعُ طعامهُ - ق 91 - ب - / وشهوتهُ من أجلي " .
353 - - مسألة - : من أخَّرَ قضاءَ رمضانَ لغيرِ عذرٍ حتى جاءَ رمضانُ ، فعليهِ الفديةُ والقضاءُ .
وقال أبو حنيفةَ : لا تجبُ .
(1/386)
| 387 | الدارقطنيُّ : ثنا محمد بن جعفر الصيرفي ، ثنا بكر بن محمود الفزار ، نا إبراهيم بن نافع الجلاب ، نا عمرُ بن وجيه ، نا الحكمُ ، عن مجاهدٍ ، عن أبي هريرةَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " في رجلٍ أفطرَ في رمضانَ ثم مرضَ ، ثم صَحَّ ولم يصُم حتى أدركهُ رمضانُ آخرُ ، قالَ : يصومُ الذي أدركهُ ، ثم يصومُ الشهرَ الذي أفطرَ ، ويطعمُ عن كل يومٍ مسكيناً " .
إبراهيمُ الجلابُ كذبَهُ أبو حاتمٍ ، وابنُ وجيه ليس بثقةٍ .
ابنُ جريجٍ ، عن عطاءٍ ، عن أبي هريرةَ " في رجلٍ مرضَ ثمَّ صَحَّ " فذكر نحو الحديث .
قال الدارقطنيُّ : هذا صحيحٌ موقوفٌ .
354 - - مسألة - : من ماتَ وعليه رمضانُ ؛ فإِنَّهُ يُطعمُ عنهُ ، ولا يُصامُ ، ومن كان عليهِ نذرٌ ، صامهُ الوليُّ .
وقال أبو حنيفةَ ومالكٌ : لا يُصامٌ ، ولا يُطعمُ في الحالينِ ، إلا أن يوصَى بذلكَ .
وقال الشافعي في " القديمِ " يُصامُ فيهما .
وفي " الجديدِ " : يُطعمُ فيهما .
( ت ) عبثرُ بنُ القاسمِ ، عن أشعث ، عن محمدٍ ، عن نافعٍ ، عن ابنِ عمرَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " من مات وعليه صيامُ شهرٍ ، فليطعم عنهُ مكانَ كلَّ يومٍ مسكيناً " .
قال الترمذيُّ : الصحيح عن ابنِ عمرَ موقوفاً .
أشعثُ هو ابنُ سواٍ رٍ ، قالَ يحيى : لا شيءَ .
ومحمدٌ هوَ ابنُ أبي ليلى : لينٌ .
وقد حملهُ أصحابُنا على قضاءِ رمضانَ .
(1/387)
| 388 | ( خ م ) الزهري ، عن عبيد اللهِ ، عن ابنِ عباسِ " أن سعدَ بن عبادة سألَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن نذرٍ كان على أمِّهِ ، توفيت قبلَ أن تقضيهُ قالَ : اقضِهِ عنها " .
( خ ) شعبةُ ، عن أبي بشرٍ ، سمعتُ سعيدَ بن جبير ، عن ابنِ عباسٍ " أنَّ امرأةً نذرت أن تحجَّ فماتت ، فأتى أخوها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فسأله عن ذلك ، فقال أرأيت لو كان على أُختكَ دينٌ ، أكنتَ قاضيهُ ؟ قالَ : نعم .
قالَ : فاقضوا اللهَ ، فهو أحق بالوفاء " .
أحمدُ ، نا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد ، عن ابن عباس " أن امرأة ركبتِ البحر ، فنذرت ، إن الله نجاها أن تصوم شهراً ، فأنجاها الله ، فلم تصم حتى ماتت ، فجاءت قرابةٌ لها ، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : صُومي " .
عبدُ الملكِ بن أبي سليمانَ ، عن عبدِ اللهِ بنِ عطاءِ المكي ، عن سليمانَ بن بريدة ، عن أبيهِ " أن امرأةً قالت : يا رسول اللهِ ، إن أمي كان عليها صومُ شهرٍ ، أفيجزئُها - ق 92 - أ - / أن أصوم عنها ؟ قال : نعم " .
وللشافعية حديثُ ( خ م ) مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس " أتت النبي امرأة ، فقالت : إن أمي ماتت وعليها صومُ شهرٍ ، أفأقضي عنها ؟ قالَ : أرأيت لو كان على أمكِ دينٌ ، أما كُنتِ تقضيهِ ؟ قالت : بلى .
قال : فدينُ اللهِ أحق " .
ابن لهيعةَ ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن محمدِ بنِ جعفرِ بن الزبير ، عن عروةَ ، عن عائشةَ " أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن من ماتَ وعليه صيامٌ ، قالَ : يصومُ عنه وليُّهُ " .
(1/388)
| 389 | رواه الدارقطنيُّ من طريق يحيى بن أيوبَ ، عن ابن أبي جعفر ، وقالَ : هذا إسنادٌ حسنٌ .
355 - - مسألة - : لا يجبُ التتابعُ في قضاءِ رمضانَ ، خلافاً لداودَ .
سفيان بن بشر ، نا علي بن مسهر ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمرَ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ في قضاء رمضانَ ، إن شاء فرقَ ، وإن شاءَ تابَعَ " .
قال الدارقطنيُّ : لم يسنده غير سفيانَ بن بشرٍ .
قلنا : ما عرفنا أحداً طعن فيهِ .
وحجةُ داودَ : حبان بن هلالٍ ، نا عبدُ الرحمنِ بنُ إبراهيم القاص ، نا العلاءُ ابنُ عبد الرحمنِ ، عن أبيهِ ، عن أبي هريرةَ ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " من كان عليهِ صومٌ من رمضانَ ، فليسردهُ ولا يقطعهُ " .
عبدُ الرحمنِ : ضعفَهُ الدارقطنيُّ وغيرهُ .
356 - - مسألة - : إذا دخلَ في صومِ تطوَّع لم يلزمهُ إتمامهُ ، فإن أفطرَ لم يلزمهُ القضاءُ .
وقال أبو حنيفةَ ومالكٌ : يلزمُهُ ، فإن أفطرَ وجبَ القضاءُ .
لنا شعبةُ ( خ ) عن قتادة ، عن أبي أيوبَ ، عن جويريةَ " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دخلَ عليها في يومِ جمعةٍ وهيَ صائمةٌ ، فقالَ : أَصمتِ أمس ؟ قالت : لا .
قال : تصومينَ غدًا ؟ .
قالت : لا .
قالَ : فأَفطري " .
سعيد ، عن قتادة ، عن سعيدٍ بن المسيب ، عن ( عبدِ الله بن عمر ) ، " أن رسولَ اللهِ دخلَ على جويريةَ .
.
.
" فذكر نحوهُ .
(1/389)
| 390 | ( م ) طلحةُ بن يحيى ، عن عائشة بنتِ طلحةَ ، عن عائشةَ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأتيها وهو صائمٌ ، فيقول : أصبح عندكم شيء تطعمونيه ؟ فنقول : لا .
فيقول : إني صائمٌ .
ثم جاءها بعد ذلك ، فقالت : أُهديت لنا هديةٌ ، فخبأنا لكَ .
قال : ما هي ؟ قالت : حيسٌ ؟ قال : قد أصبحتُ صائماً ، فأكلَ " .
سليمانُ بن معاذٍ الضبي ، عن سماكٍ ، عن عكرمةَ قالَ : قالت عائشةُ : دخلَ علي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالَ : هل عندكِ شيءٌ ؟ قلتُ : نعم .
قال : إذًا أطعمُ ، وإن كُنتُ قد فرضتُ الصوم " .
صححهُ - ق 92 - ب - / الدارقطنيُّ ، وسليمان صدُوقٌ .
محمد - العرزمي - عن عطاء ، عن أم سلمةَ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يصبحُ من الليل وهو يريد الصوم ، فيقول : أعندكم شيء ، أتاكم شيءُ ؟ فنقولُ : أو لم تصبح صائماً ؟ فيقولً : بلى ، ولكن لا بأس أن أفطرَ ، ما لم يكن نذرا ، أو قضاءَ رمضان " .
العرزمي ضعيف ، رواهُ الدارقطنيُّ .
( ت ) أبو الأحوصِ ، عن سماك ، عن ابن أم هانيء ، عن أم هانيء قالت : " كنتُ قاعدةً عندَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتي بشرابٍ فشربَ منه ، ثم ناولني فشربت ، فقلتُ : إني أذنبتُ فاستغفر لي : قالَ : وما ذاك ؟ قلتُ : كنتُ صائمة فأفطرتُ .
قالَ : أمن قضاءٍ ؟ قلتُ : لا .
قالَ : فلا يضركِ " .
أحمدُ ، نا أبو داودَ ، نا شعبة ، عن جعدةَ ، عن أم هانيء " أن رسولَ اللهِ(1/390)
| 391 | دخلَ عليها .
.
.
" بمعناه ، وفيهِ قالَ : " الصائمُ المتطوعُ أَميرُ نفسِه ؛ إن شاءَ أفطرَ قلتُ لهُ : سمعتهُ من أم هانيء ؟ قالَ : لا ، حدثنيهِ أبو صالح وأهلنا عنها " .
غندر ، نا شعبة ، عن جعدةَ ، عن جدته أم هانيء .
حمادُ بن سلمة ، نا سماكُ بن حرب ، عن هارونَ ابن بنتِ أم هانيء - أو ابنِ ابن أم هانيء - عن أم هانيء " أن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شربَ شراباً ؛ فناولها لتشرب .
.
.
" الحديث .
واحتجوا على القضاءِ : بسفيانَ بن حسين ، عن الزهري ، عن عائشةَ قالت : " أُهديت لحفصة شاةٌ ونحن صائمتانِ ، فأفطرتني ، وكانت ابنة أبيها ، فلما دخلَ علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ، ذكرنا ذلك لهُ ، فقالَ : أبدِلا يوماً مكانهُ " .
قلنا : محمولٌ على الاستحبابِ .
( ت ) كثيرُ بنُ هشامٍ ، نا جعفرَ بنُ برقانَ ، عن الزهري بنحوهِ ، وقالَ : " اقضيا " بدل : " أبدلا " .
قال الترمذي : رواهُ مالكٌ ، ومعمرٌ ، وعبيد اللهِ بنُ عمرَ ، وزيادُ بنُ سعدٍ ، وغيرهم عن الزهري ، عن عائشةَ بإسقاطِ عروةَ ، وهو أصح ؛ لأنه روي عن ابن جريج ، قالَ : سألتُ الزهري فقلتُ له : أحدثك عروةُ ؟ فقالَ : لم أسمع من عروةَ في هذا شيئاً ، ولكني سمعتُ من ناسٍ عن بعضِ من سألَ عائشةَ عن هذا الحديث .
وفي كتاب الدارقطنيُّ ، من حديثِ عائشةَ ؛ أن رسول الله قال : " إني أريدُ الصومَ .
وأُهدي له حيسٌ ، فقال : إني آكلٌ وأصومُ يوماً مكانهُ " .
قالَ : لم يتابع عليهِ محمدُ بن عمرو الباهلي ، ولعلهُ شبه عليه والله أعلمُ ؛ لكثرة من خالفه عن ابن عيينةَ .
(1/391)
| 392 | - ق 93 - أ - / وفي الدارقطنيُّ : ثنا أحمدُ بن محمد بن سوادةَ ، نا حمادُ بن خالدٍ ، عن محمد بن أبي حميد ، عن إبراهيمَ بن عبيد قالَ : " صنع أبو سعيد الخدري طعاماً ، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، فقالَ رجلٌ : إني صائمٌ .
فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : صنعَ لك أخوكَ وتكلفَ لك ، أفطرِ وصم يوماً مكانه " مرسلٌ ، ومحمدُ بنُ أبي حميدٍ ضعيفٌ .
وعن جابرٍ قال : " صنعَ رجلٌ طعاماً ، ودعا النبي - صلى الله عليه وسلم - .
.
" فذكر نحواً منهُ في - إسناده - عمرو بن خليف ، قال ابنُ عدي : متهمٌ بوضع الحديث .
أخرجه الدارقطنيُّ .
وعن ثوبانَ قالَ : " كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صائمًا في غير رمضانَ ، فأصابه غم آذاهُ فقاءَ ، فدعا بوضوءٍ فتوضأ ثم أفطرَ ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ، أفريضةُ الوضوءِ من القيء ؟ قالَ : " لو كان فريضة لوجدته في القرآن .
قال : ثم صامَ الغَدَ ، فسمعتهُ يقولُ : هذا مكانُ إفطاري أمس " .
فيه عتبةُ بنُ السكنِ ، قال الدارقطنيُّ : متروكُ الحديثِ .
ويروى عن أم سلمةَ في ذلك من طريقٍ لم يصح .
357 - - مسألة - .
من نذر صومَ العيدِ لم يصم ، ثمَّ يقضي ويكفرُ وعنهُ إن صامهُ أجزأهُ .
وقال أبو حنيفة : يفطر ويقضي ؛ فإن صامه أجزأه .
وقال مالكٌ والشافعيُّ : لم ينعقد نذرهُ .
( خ م ) سفيانُ ، عن الزهري ، سمع أبا عبيد يقولُ : " شهدتُ العيدَ مع(1/392)
| 393 | عمرَ ، فبدأ بالصلاةِ قبلَ الخطبةِ ، وقال : رأيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيامِ هذينِ اليومينِ ؛ أَمَّا يومُ الفطرِ ، فهوَ فطرُكم من صومكُم ، وأمَّا يومَ الأضحى ، فكلوا من لحم نسككُم " .
( خ م ) شعبةُ ، عن عبد الملك بن عمير قالَ : " سمعتُ قزعةَ مولى زياد ، سمعتُ أبا سعيدٍ سمعتً النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيامِ يومينِ : يومِ النحرِ ، ويومِ الفطرِ " .
( خ م ) محمد بن يحيى بن حبان ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة " أن رسولَ اللهِ نهى عن صيامِ يومينِ ؛ يومِ الفطرِ ، ويومِ النحرِ " .
أحمد ، نا أبو سعيد ، مولى بني هاشمٍ ، نا سعيدُ بن سلمةَ بن أبي الحسامِ ، نا يزيد بنُ الهادِ ، عن عمرو بن سليم ، عن أمهِ ، قالت : " بينما نحنُ - ق 93 - ب - / بمنًى ، إذا علي - رضي الله عنه - - يقول - : إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ : إنَّ هذهِ أيام أكلٍ وشُربٍ ؛ فلا يصُمها أحدٌ " .
أحمد ، نا محمدُ بنُ بكرٍ ، أنا محمدُ بنُ أبي حميدٍ ، أخبرني إسماعيلُ بنُ محمدِ بنِ سعيدٍ ، عن أبيهِ ، عن جدِّهِ : " قالَ لي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : يا سعدُ ، قُم فأذِّن بمنًى أنَّها - أيامُ - أكلٍ وشُربٍ ، ولا صومَ فيها " .
(1/393)
| 394 | 358 - - مسألة - : يكرهُ إفرادُ الجمعةِ أو السبتِ بالصِّيامِ ، إلا لذي عادةٍ .
وقالَ أبو حنيفةَ ومالكٌ : لا يكرهُ .
لنا ( خ م ) حديثُ جويريةَ ، وقد مرَّ .
( خ ) الأعمشُ ، عن أبي صالحٍ ، عن أبي هريرةَ مرفوعاً : " لا تصومُوا يومَ الجمعةِ إلا وقبلهُ يومٌ ، أو بعده يومٌ " .
عوفٌ ، عن محمدٍ ، عن أبي هريرةَ : " نهى رسولُ الله أن يُفردَ يومُ الجمعةِ بصومٍ " .
( م ) هشامٌ ، عن ابنِ سيرينَ ، عن أبي هريرةَ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تخصُّوا ليلة الجمعةِ بقيامٍ من بين للَّيالِي ولا - تخصُّوا - يومها بصيامٍ من بين الأيامِ ، إلا أن يكونَ في صومٍ يصومُهُ أحدُكم " .
وعن أبي الدرداء ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلكَ ، رواهُ أحمدُ من طريقِ عاصمٍ ، عن ابنِ سيرينَ ، عن أبي الدرداء .
قلتُ : منقطعٌ .
أحمدٌ ، نا سفيان ، عن عبد الحميد بن جبيرٍ ، سمعَ محمدَ بنَ عباد بن جعفرٍ : " سألتُ جابراً : أنهى رسولُ اللهِ عن صيامِ الجمعةِ ؟ قال : نعم ورب هذا البيت " .
(1/394)
| 395 | الوليد بن مسلم ، عن يحيى بن حسان ، سمعتُ عبد الله بن بسرٍ يقولُ : قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لا تصومُوا يومَ السبتِ ، إلا في ما افترضَ عليكُم " .
ابنُ إسحاقُ ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن مرثدٍ اليزنيِّ ، عن حذيفةَ الأزديِّ ، عن جنادةَ الأزديِّ قالَ : " دخلتُ على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في يومِ جمعةٍ ، في سبعةٍ من الأزدِ أنا ثامنهم ، وهو يتغدَّى فقال : هلمُّوا إلى الغداءِ .
فقُلنا : يا رسولَ اللهِ ، إنَّا صيامٌ .
قال : أصمتُم أمس ؟ قُلنا : لا .
قالَ : فتصُومُونَ غداً ؟ .
قُلنا : لا .
قال : فأفطرُوا .
قالَ : فأكلنا مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فلمَّا خرجَ وجلسَ ، دعا بإناءِ من ماءٍ فشرب والناسُ ينظُرونَ ، يُريهم أنَّهُ لا يصومُ الجمعةَ " .
- ق 94 - أ - / أحمدُ ، ثنا أبو عاصمٍ ، نا ثورٌ ، عن خالد بن معدانَ ، عن عبدِ اللهِ بن بُسرٍ ، عن أختِه الصماءِ ؛ أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ : لا تصُومُوا يومَ السبتِ إلا في ما افترضَ عليكم ، فإن لم يجد أحدُكم إلا عود عنبٍ ، أو لحاءَ شجرةٍ ، فليمضغها " .
أحمدُ نا إسحاقُ ، نا ابن لهيعةَ ، نا موسى بن وردانَ ، عن عبيدٍ الأعرجِ قال : حدثتني جدتي - يعني : الصماءَ - " أنَّها دخلت على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يومَ السبتِ ، وهو يتغدَّى ، فقالَ : تعالي فكُلي .
قالت : إنِّي صائمةٌ .
فقال لها : أصمتِ أمس ؟ قالت : لا .
قالَ : كُلي ؛ فإنَّ صيامَ يومِ السَّبتِ لا لك ولا عليكِ " .
واحتجُّوا : ليثُ بنُ أبي سليمٍ ، عن طاوسٍ ، عن ابن عباس " أنهُ لم يرَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أفطرَ يومَ جمعةٍ قط " .
رواهُ أبو حفصِ الفلاسُ ، ثنا ميونُ بنُ يزيدَ عنهُ .
وقال ابنُ المديني : نا حفصُ بن غياثٍ ، عن ليثِ بن أبي سليمٍ ، عن عميرٍ ، عن ابن عمرَ قال : " ما رأيتُ رسولَ اللهِ مفطراً في يوم(1/395)
جمعةٍ " .
ليثٌ ضعيفٌ .
| 396 | ثمَّ يحمل الحديث على أنَّهُ كانَ يصومُ معهُ يوماً .
359 - - مسألة - : يكرهُ إفرادُ رجبٍ بالصَّومِ ، خلافاً لأكثرِ المتأخِّرينَ .
واحتجَّ أصحابُنا بما لم يصحّ : داود بن عطاء - أحدُ الضعفاءِ - عن زيد بن عبد الحميد ، عن سليمان بن عليِّ العباسي ، عن أبيهِ ، عن ابن عباسٍ " أنَّ رسولَ اللهِ نهى عن صيامٍ رجبٍ " .
سعيدٌ في " سننه " : ثنا سفيان ، عن مسعرٍ ، عن وبرةَ ، عن خرشةَ بن الحرِّ " أنَّ ( عمران بن حصين ) كان يضربُ أيدي الرجال في رجب إذا رفعُوا أيديهم عن طعامهِ حتَّى يضعُوا فيهِ ، ويقولُ : إنَّما هو شهرٌ كانَ أهلُ الجاهليةِ يُعظمونَهُ " .
360 - - مسألة - : آكدُ ليلةٍ يُلتمسُ فيها ليلةُ القدرِ ؛ ليلةُ سبعٍ وعشرينَ .
وقال الشافعيُّ : ليلةُ إحدى وعشرينَ .
وقال مالكٌ : العشرُ كلُّهُ سواءٌ .
شعبةٌ ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، قال : قال النبي - ق 94 - ب - / - صلى الله عليه وسلم - : " من كانَ متحرياً فليتحرها ليلةَ سبعٍ وعشرينَ - أو قالَ : تحرّوها ليلةَ سبعٍ وعشرينَ ، يعني ليلةَ القدرِ " .
عبدةُ بن أبي لبابةَ وعاصمٌ ، عن زرُّ قالَ : " سألتُ أُبيًّا قلتُ : إنَّ أخاكَ ابنَ مسعودٍ يقولُ : من يقمِ الحولَ يصب ليلةَ القدرِ ، فقال : يرحمهُ الله ، لقد علمَ أنَّها في شهر رمضان وأنها ليلةُ سبع وعشرينَ .
وحلفَ ، قلتُ : وكيف تعلمُون ذلكَ ؟(1/396)
| 397 | قال : بالعلامةِ ، أو بالآيةِ التي أخبرنا بها ؛ تطلعُ ذلكَ اليوم - يعني : الشَّمسَ - لا شُعاعَ لها " .
أخرجهما مسلمٌ .
( خ م ) الزهريُّ ، عن سالمٍ ، عن أبيهِ قالَ : " رأى رجلٌ ليلةَ القدرِ ؛ - ليلة - سبع وعشرين ، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : أرى رُؤياكُم قد تواطأت ، فالتمسُوها في العشرِ البواقي ؛ في الوترِ منها " .
هشامٌ ، عن قتادةَ ، عن عكرمةَ ، عن ابن عباسٍ " أنَّ رجلاً أتى نبيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ : يا نبيَّ اللهِ ، إني شيخٌ كبيرٌ يشقُّ عليَّ القيامُ ، فمرني بليلةٍ لعلَّ الله أن يُوفِّقني فيها لليلةِ القدرِ ، فقالَ : عليكَ بالسَّابعةِ " .
ولهم حديثُ ( خ ) أبي سلمة ، عن أبي سعيد قال : " اعتكفَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - العشرَ الأُولَ من رمضانَ ، واعتكفنا معهُ ، فأتاهُ جبريلُ فقالَ : إنَّ الذي تطلبُ أمامكَ .
فاعتكفَ العشرَ الأوسطَ ، فاعتكفنا معهُ ، فأتاهُ جبريلُ فقالَ : إنَّ الذي تطلبُ أمامكَ ، ثُمَّ قامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خطيباً صبيحةَ عشرينَ من رمضانَ ، فقالَ : من كان اعتكفَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فليرجع ؛ فإنِّي أُريتُ ليلةَ القدرِ ، إنِّي أُنسيتُها ، وإنَّها في العشرِ الأواخرِ في وترٍ ، وإنِّي رأيتُ كأنِّي أسجُدُ في طينٍ وماءٍ - وكان سقفُ المسجدِ جريدَ النَّخلِ ، وما يُرى في السَّماءِ شيءٌ ، فجاءت قزعةٌ فمطرنا ، فصلَّى بنا النبيُّ - ق 95 - أ - / - صلى الله عليه وسلم - حتَّى رأيتُ أَثر الطِّينِ والماءِ على جبهةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تصديقَ رُؤياه " .
(1/397)
| 398 | 361 - - مسألة - : ست من شوال تستحب .
وقال أبو حنيفةَ ومالكٌ : لا تُستحبُ .
( م ) سعد بن سعيد ، عن عمر بن ثابت ، عن أبي أيوب ، قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " من صامَ رمضانَ ثُمَّ أتبعهُ ستًّا من شوالِ ، فذلكَ صيامُ الدَّهرِ كُلِّهِ " .
قالُوا : فأحمدُ قالَ : سعدٌ ضعيفُ الحديثِ .
وقالَ النسائيُّ : ليسَ بالقويِّ .
قلنا : وقالَ ابنُ معينٍ : صالحٌ .
واحتجَّ بهِ مسلمٌ .
(1/398)
| 399 | الاعتكاف
362 - - مسألة - : ولا يصحُّ إلا في مسجدِ جماعةٍ .
وقال أبو حنيفةَ ومالكٌ والشافعي : يصح في كل مسجدٍ .
ابنُ عيينةَ ، عن جامعِ بنِ أبي راشدٍ ، عن أبي وائلٍ قالَ : " قال حذيفةُ لابنِ مسعودٍ : لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا اعتكافَ إلا في المساجد الثلاثةِ - أو قال : مسجدِ جماعةٍ " .
رواهُ سعيدُ عنهُ .
استدلَّ أصحابُنا بما رَوى الدارقطنيُّ ، نا علي بنُ عبدِ اللهِ بن مبشرٍ ، نا عمارُ ابنُ خالدٍ ، نا إسحاقَ الأزرقُ ، عن جويبرٍ ، عن الضحاكِ ، عن حذيفةَ : سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : " كل مسجدٍ لهُ مؤذنٌ وإمامٌ ، فالاعتكافُ فيهِ يصلُحُ " .
وهذا الحديثُ في نهايةِ الضعفِ .
363 - - مسألة - : ويصحُّ بلا صومٍ ، وبالليلِ وحده .
وعنهُ : لا - كقولِ أبي حنيفةَ ومالكٍ .
( خ م ) عبيدُ اللهِ ، عن نافعٍ ، عن ابنِ عمرَ ، عن عمرَ أنهُ قالَ : " يا رسولَ اللهِ ،(1/399)
| 400 | إني نذرتُ في الجاهلية أن أعتكفَ في المسجد الحرامِ ليلةً .
فقالَ لهُ : أوفِ بنذرِكَ " .
الدارقطنيُّ ، نا ابن صاعدٍ ، نا محمدُ بن يعقوبَ بن عبدِ الوهابِ ، نا محمدُ بن فليح ، عن - عبيد اللهِ - بنِ عمرَ ، عن نافعٍ ، عن ابنِ عمرَ " أنَّ عمرَ كان نذر في الجاهليةِ أن يعتكفَ ليلةً في المسجدِ الحرامِ ، فلما كانَ الإسلامُ سألَ عنهُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ لهُ : أوفِ بنذركَ .
فاعتكفَ عُمرُ ليلةً " .
قالَ الدارقطنيُّ : إسنادٌ ثابتٌ .
( خ م ) شعبةُ ، عن عبيدِ اللهِ ، عن نافعٍ ، عن ابنِ عمرَ ، عن عمرَ " أنهُ جعلَ على نفسِه - ق 95 - ب - / يوماً يعتكفُهُ ، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : أوفِ بنذرِكَ " .
فهذا الظاهرُ أنه نذرٌ آخرُ ، ثم لا ذكرَ هاهنا للصومِ .
قالوا : قد جاء الصومُ .
الدارقطنيُّ ، نا أبو طالب الحافظُ ، نا هلالُ بنُ العلاءِ ، نا أبي ، نا الوليدُ بنُ مسلمٍ ، عن سعيدٍ بنِ بشيرٍ ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابنِ عمرَ " أن عمرَ نذرَ أن يعتكفَ في الشركِ ويصومَ ، فسال رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ إسلامِهِ فقالَ : أوفِ بنذرِكَ " .
قُلتُ : سعيدٌ ضُعِّفَ ، ثمَّ إنَّ من نذرَ الصَّومَ لزمهُ ، فلم قُلتُم أنهُ شرطٌ في الاعتكافِ ؟ ! وساقَ الدارقطنيُّ من حديثِ ابنِ عباسٍ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليسَ على المعتكفِ صيامٌ ، إلا أن يجعلهُ على نفسهِ " .
(1/400)
| 401 | قال الدارقطنيُّ : لا يرفعهُ غير شيخنا محمد بن إسحاق السوسي .
قالَ المؤلفُ : هو ثقة .
قال الخطيبُ : دخلَ بغدادَ وحدَّث أحاديثَ مُستقيمةً .
ولهم الدارقطنيُّ ، أنا أحمدُ بن عميرِ بنِ يوسفَ في الإجازَةِ ، أن محمدَ بنَ هاشمٍ حدَّثهم ، نا سويدُ بنُ عبِدِ العزيزِ ، نا سفيانُ بنُ حسينٍ ، عن الزهريَّ ، عن عروةَ ، عن عائشةَ ، أنَّ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " لا اعتكافَ إلا بصيامٍ " .
سويدٌ ؛ قالَ أحمدُ : متروكٌ .
وسفيانُ بنُ حسينٍ في الزهريِّ لينٌ .
عمرُو بنُ محمدٍ ( العنقزيُّ ) ، نا عبدُ اللهِ بنُ بديلٍ ، عن عمرو بن دينارٍ ، عن ابن عمر ، عن عمر " أنه سألَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اعتكافِ عليهِ ، فأمرهُ أن يعتكفَ ويصومَ " .
قال الدارقطنيُّ : تفردَ به ابنُ بديلٍ ؛ وهو ضعيفٌ ، رواهُ نافعٌ ، عن ابن عمرَ ، ولم يذكر فيه الصَّومَ ؛ سمعتُ أبا بكرٍ النيسابوريَّ يقولُ : هذا حديثٌ منكرٌ ؛ لأنَّ الثقات من أصحابِ عمرو بن دينارٍ لم يذكروهُ ؛ منهم : ابنُ جريج ، وابنُ عيينةَ ، وحمادُ بنُ سلمةَ ، وحمادُ بنُ زيدٍ ، وغيرهم .
قال : وابنُ بديلٍ ضعيفٌ .
ثم قالَ الدارقطنيُّ : نا الحسينُ بن إسماعيلَ ، ثنا ( إبراهيمُ بنُ مجشرٍ ) نا عبيدةُ بنُ حميدٍ ، ثنا القاسمُ بنُ معنٍ ، عن عبدِ الملكِ بن جريج ، عن ابنِ شهابٍ ، عن سعيدٍ بن المسيَّب وعروة ، عن عائشةَ " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يعتكفَ في العشرِ الأواخرِ من - ق 96 - أ - / رمضانَ ، وأنَّ السُّنَّةَ للمعتكفِ أن لا يخرجَ إلا لحاجةِ الإنسانِ ،(1/401)
| 402 | ولا يتبعَ جنازةٌ ، ولا يعودَ مريضاً ، ولا يمسَّ امرأةً ولا يباشرها ، ولا اعتكافَ إلا في مسجدِ جماعةٍ ، ويأمرُ من اعتكفَ أن يصومَ " .
قال ابنُ عديٍّ : إبراهيمُ بنُ مجشرٍ لهُ أحاديثُ مناكيرُ .
قال الدارقطنيُّ : قولهُ : " إنَّ السُّنَّةَ للمعتكفِ .
.
.
" يقالُ : إنَّهُ من كلامِ الزهريِّ ، ومن أدرجهُ في الحديثِ فقد وهم .
364 - - مسألة - : إذا شرطَ في اعتكافهِ الخروجَ إلى القُربِ ، كعيادةِ المرضى ، وصلاةِ الجنازةِ ، وزيارةِ العلماءِ جازَ .
وقال مالكٌ : لا يجوزُ اشتراطُ ذلكَ .
احتجَّ أصحابنا بحديثينِ ضعيفينِ .
( ق ) ثنا أحمدُ بنُ منصورِ ، نا يونسُ بنُ محمدٍ ، نا الهياجُ الخراسانيُّ ، نا عنبسةُ بنُ عبدِ الرحمنِ ، عن عبدِ الخالقِ ، عن أنسِ بنِ مالكٍ - رضي الله عنه - قال : قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " المعتكفُ يتبعُ الجنازةَ ، ويعودُ المريضَ " .
هذا الحديثُ ليس بشيءٍ ؛ عنبسةُ ، قال أبو حاتمٍ : كان يضعُ الحديثَ .
وقال النسائيُّ : متروكٌ .
.
.
والهياجُ ، قال أحمد : متروكُ الحديث .
وعبدُ الخالقِ ، قالَ النسائيُّ : ليس بثقةٍ .
( د ) ثنا محمدُ بنُ عيسى ، نا عبدُ السلامِ بنُ حربٍ ، أنا ليثُ بنُ أبي سليم ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ القاسمِ ، عن أبيهِ ، عن عائشةَ قالت : " كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يعودُ المريضَ وهو معتكفٌ " .
(1/402)
| 403 | قالَ أحمدُ : ليثٌ مضطربُ الحديثِ ، ولكن قد حدث عنهُ النَّاسُ .
وقال أبو حاتمٍ وأبو زرعةَ : لا يشتغلُ بهٍ ؛ هو مضطربُ الحديثِ .
واحتجوا بحديثِ عائشةَ المذكورِ في المسألةِ قبلها ، وقد سبقَ .
تمَّ الاعتكافَ .
(1/403)
| 5 | 365 - - مسألة - : من شرطِ وجوبه الزادُ والراحلَةُ .
وقال مالكٌ وداودُ : لا يشترطانِ .
علي بن سعيد بن مسروق ، نا ابنُ أبي زائدةُ ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " في قوله " من استطاع إليه سبيلا " فقالَ : الزادُ والراجلَةُ " .
عبد الملك بن زياد النصيبي ، نا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبيدِ بن عميرٍ ، عن أبي الزبيرِ ، أو عمرو بن دينارٍ ، عن جابرٍ قال : " لما نزلت : " ولله على الناس " قيل : يا رسولَ اللهِ ، ما السبيلُ ؟ قالَ : الزادُ والرَّاحلةُ " .
أخرجهما الدارقطني .
366 - - مسألة - : المعضوبُ إذا كانَ لهُ مالٌ ، لزمهُ أن يستنيبَ ، خلافاً لمالكٍ وداودَ .
( خ م ) قال الثوري ، عن عبد الرحمنِ بنِ الحارثِ بنِ عياشٍ ، عن زيدِ ابنِ عليّ ، عن أبيهِ ، عن عبيد اللهِ بن أبي رافعٍ ، عن علي : " قالت جاريةٌ من خثعمَ :(2/5)
| 6 | يا رسولُ اللهِ ، إن أبي شيخٌ كبيرٌ ، قد أفندَ ، وقد أدركتهُ فريضةُ اللهِ في الحج ، فهلْ يجزئ أو أؤدي عنه ؟ قال : نعم ، فأدي عن أبيك " .
( خ م ) معمر ، عن الزهري ، عن سليمانَ بنِ يسارٍ ، عن ابن عباسٍ ؛ حدثني الفضلُ قالَ : " أتتِ امرأةٌ من خثعمَ فقالت : يا رسولَ اللهِ ، إن أبي أدركتهُ فريضةُ الله في الحج ، وهو شيخٌ كبيرٌ ، لا يستطيعُ أن يثُبت على دابتهِ ، قالَ : فحجي عن أبيك " .
أحمدُ ، ثنا هشيمٌ ، أنا يحيى بن أبي إسحاقَ ، عن سليمانَ بن يسارٍ ، عن عبد الله بن عباسٍ - أو عنِ الفضلِ بن عباسٍ - " أنَّ رجلاً قالَ : يا رسولَ اللهِ ، إن أبي أدركه الإسلامُ وهو شيخٌ كبيرٌ ، لا يثبتُ على راحلته ، أفأحجُّ عنه ؟ قال : أرأيت لو كانَ عليه دينٌ ، فقضيته عنه ، أكان يجزئه ؟ قال : نعم .
قال : فاحجج عنه " .
( م ) عبدُ الملكِ بنُ أبي سليمانَ ، عن عبدِ اللهِ بن عطاءٍ ، عن سليمانَ بن بريدةَ ، عن أبيه " أن امرأةٌ أتت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ : إن أُمِّي ماتَت ولم تحُجّ ، فيجزئُها أن أحجَّ عنها ؟ قال : نعم " .
( ت ) وكيعٌ ، عن شعبةَ ، عن النعمانِ بنِ سالمٍ ، عن عمرو بن أوس ، عن أبي رزينٍ العقيلي أنه قالَ : " يا رسولَ اللهِ ، إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ ، لا يستطيعُ الحجَّ ، والعمرةَ ، ولا الظعنَ ، قالَ : حَجّ عن أبيكَ واعتمر " .
صححهُ الترمذي .
367 - - مسألة - : يجُوزُ للفقيرِ أن يستَنِيبَ عنهُ ، خلافاً لأبي حَنيفةَ .
(2/6)
| 7 | وقالَ : إنّما يستنيبُ / ذُو المالِ ؛ فيحصلُ لهُ ثوابُ النفقةِ حسبُ - ق 97 - أ - .
ولنا خَبرُ الخثعميَّةِ .
368 - - مسألة - : الحجُّ والزكاةُ لا يسقطانِ بالموتِ .
وقالَ أبو حنيفةَ ومالكٌ : يسقطانِ ، إلا أن يُوصَى بهما .
ولنا خبرُ ابنِ عباسٍ ؛ وأنهُ شَبهَهُ بالدينِ .
369 - - مسألة - : الحجُّ لا يسقطُ لِمَن يركبُ البحرَ ، إذا كانَ الغالبُ السلامةَ .
وقال الشافعي ، في أحد قوليه : يسقُطُ .
إسماعيلُ بن زكريا ، عن ( مطرفٍ ) ، عن بشر أبي عبد اللهِ ، عن بشيرٍ ، عن عبد الله بن عمرو قالَ : قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لا يركبُ البحرَ إلا حاجٌّ ، أو مُعتمرٌ ، أو غَازٍ ؛ فإن تحتَ البحرِ نارًا ، وتحتَ النَّارِ بحراً " .
رواهُ سعيدُ بنُ منصورٍ في " سننه " عنه .
وقالَ ليثٌ ، عن مجاهدٍ بشطرِهِ الأولِ من قولهِ .
370 - - مسألة - : من عليهِ فرضُ الحجِّ ، لم يحجَّ عن غَيرِهِ .
وعنه : يجوزُ - كقولِ أبي حنيفةَ ومالكٍ .
لنا عباسٌ الدوري ، نا سورةُ بنُ الحكمِ ، نا عبدُ الله بن حبيبِ بن أبي ثابتٍ ، عن عطاءٍ ، عن ابنِ عباسٍ ، عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنهُ سَمِعَ رَجلاً يلبي عَن آخرَ ، فقالَ لهُ : إنْ كُنتَ حَجَجْتَ عَن نَفسَكَ ، فَلَبِّ عنهُ ، وإلا فاحجُج عن نفسِكَ " .
(2/7)
| 8 | هشيمٌ ، نا ابنُ أبي ليلى ، عن عطاء ، عن عائشةَ " أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سَمِعَ رَجلاً يُلَبي عن شبرمةَ ، فقالَ : أحججتَ عن نَفسِكَ ؟ قال : لا .
قال : فاحجُج عن نفسِكَ ، ثم حجّ عن شبرمةَ " .
أخرجَهُما الدارقطني .
371 - - مسألة - : الصَّرُورةُ إذا أَحرَمَ بِنَفْلٍ ، انعقدت فرضاً .
وعن أحمدَ : تقعُ نفلاً - كقولِ أبي حنيفةَ .
والحجةُ قولُهُ : " حجّ عن نفسكَ " أي : استدم هذا الحجَّ بعزمِ أنه لكَ .
وفي لفظ للدارقطني ، من طريق أبي بكر الكليبي ؛ نا ( الحسنُ ) بنُ ذكوانَ ، نا عمرو بن دينار ( عن ) عطاءٍ ، عن ابنِ عباسٍ : " سمعَ رسولُ اللهِ رجلاً يقولُ : لَبيكَ عن شبرمةَ ، فقالَ : هل حَجَجتَ قط ؟ قال : لا .
قال : هذه عنكَ ، وحُجَّ عن شبرمةَ " .
وأخرجَ من طريق عبدة بن سليمانَ ، عن سعيدٍ ، عن قتادةَ ، عن عَزَرَةَ ، عن سعيدٍ بن جبيرٍ ، عن ابنِ عباسٍ " أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعَ رَجُلاً يقولُ : لَبّيك عن شُبرُمَة .
فقال : هل حججتَ قط ؟ قالَ : لا .
قالَ : فاجعَل هذهِ عنك ، ثم لَبٍّ عن شُبرُمَةَ " .
(2/8)
| 9 | ثم ساقَهُ الدارقطني لحميدِ بنِ الربيعِ ، نا محمدُ بنُ بشرٍ ، نا ابنُ أبي عَروبةَ نحوهُ .
فحميدٌ كذبَهُ ابنُ معينٍ ، وعزرةُ قالَ يحيى : لا شيءَ ، وابنُ ذكوانَ واهٍ .
ثُمَّ ساقَ الدارقطني حُجَّةَ المخالفِ من طريقِ ابنِ إسحاق ؛ نا الحسنُ بنُ / - ق 97 - ب - عمارةَ - تركُوهُ - عنَ عبدِ الملكِ بن ميسرةَ ، عن طاوسٍ ، عن ابنِ عباسٍ قالَ : " مَرَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - برجُلٍ يقولُ : لَبَّيكَ عن نبيشةَ ، فقالَ : يا هذا المُهِلُّ عن نُبَيْشةَ ، هذهِ عن نُبيشةَ واحجُج عن نَفسِكَ " .
تفردَ به ابنُ عمارةَ ، ثُمَّ إنهُ رجعَ إلى الصوابِ في آخر عُمرِهِ ، فقال : شبرمة .
ووافقَ الجماعةَ .
372 - - مسألة - : الصبيُّ يصحُّ إحْرامُهُ ، وعليهِ الكفارةُ بالمحظُوراتِ .
وقالَ أبو حنيفةَ : لا يصحُّ .
فأخرجَ مسلم ، من طريقِ ابنِ عباسٍ قالَ : " كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرّوحاءِ ، فأخذَتِ امرأةٌ بعضدِ صبيٍّ ، فأخرجَتهُ من محفَّتِها ، فقالتْ : يا رسولَ اللهِ ، ألِهَذا حجٌّ ؟ قالَ : نعم ، ولَكِ أجْرٌ " .
( ت ) محمدُ بنُ سوقةَ ، عن ابنِ المنكدر ، عن جابرٍ قالَ : " رَفَعَتِ امرأةٌ صبيًّا لها فقالت : يا رسولَ اللهِ ، ألِهذا حجٌّ ؟ قالَ : نعم ، ولكِ أجرٌ " .
( ت ) ابنُ نميرٍ ، عن أشعثَ بن سوارٍ ، عن أبي الزبير ، عن جابرٍ قالَ : " كُنَّا إذا حَجَجْنَا معَ النبي - صلى الله عليه وسلم - نُلَبِّي عنِ النساءِ ، ونرمي عن الصِّبيانِ " .
غريبٌ جداً .
(2/9)
| 10 | 373 - - مسألة - : يجبُ الحجُّ على الفورِ ، خلافاً للشافعيِّ .
مروانُ بنُ معاويةَ ، عن حجاج الصوافِ ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ ، عن عكرمةَ ، حدثني الحجاجُ بنُ عمرو الأنصاري ، قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " من كسرَ ، أو عرجَ فقد حلَّ ، وعليه الحجُّ من قابلٍ .
قال عكرمةُ : فسألتُ أبا هريرةَ وابنَ عباسٍ ، فقالا : صَدَقَ " .
( ت ) هلالُ بنُ عبدِ اللهِ - مجهولٌ - عن أبي إسحاقَ ، عن الحارثِ ، عن عليٍّ قال : قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : " من ملكَ زاداً ورَاحلةً تبلغُهُ إلى بيتِ اللهِ ، ولم يحجَّ ، فلا عليه أن يموتَ يهودياً أو نصرانياً " .
ضعَّفَ الترمذي إسنادهُ .
وأخرج ابن عدي ، في " الكاملِ " لعبدِ الرحمنِ القطامي ، نا أبو المهزم ، عن أبي هريرةَ مرفوعاً : " من ماتَ ولم يحجَّ حجَّة الإسلامِ في غيرِ وجعٍ حابسٍ ، أو حُجَّةٍ ظاهرةٍ ، أو سلطانٍ جائرٍ ، فليمُت أي الميتتينِ ؛ إما يهودياً أو نصرانياً " .
القطامي وأبو المهزمِ مترُوكانِ .
شريك ، عن ليثٍ ، عن عبدِ الرحمنِ بن سابطٍ ، عن أبي أمامةَ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من لم يحبسهُ مَرضٌ ، أو حاجةٌ ظاهرةٌ ، أو سلطانٌ جائرٌ ولم يحجَّ ، فليمت .
.
.
" الحديث .
تفردَ بهِ المغيرةُ بنُ عبدِ الرحمنِ - شيخٌ لينٌ - عن يزيدَ ، عن شريكٍ ، ولهُ علةٌ .
رُوِيَ عن شريكٍ بإسنادٍ آخرَ .
(2/10)
| 11 | هشيمٌ ، أنا منصورٌ ، عن الحسنِ قال : قال عمرُ : " لقد هممتُ أن أبعثَ رجالاً إلى هذهِ / الأمصارِ ، فينظروا كل من كان لهُ جدة ولم يحجَّ ، فيضربوا عليهم - ق 98 - أ - الجزيةَ ، ما هم بمسلمينَ ، ما هم بمسلمينَ " .
فاحتجوا عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " من أحبَّ أن يرجعَ بعمرةٍ قبلَ الحجِّ ، فليفعل " .
فهذا لا يُعرفُ ، وإنما المحفوظُ : " من أحبَّ أن يبدأ .
.
.
" وذلكَ التمتعُ .
ابنُ إسحاقَ ، حدثني محمدُ بنُ الوليدِ بنِ - نويفعٍ - ، عن كريب ، عن ابنِ عباسٍ ، قالَ : " بعثَ بنو سعدٍ ضمامَ بن ثعلبةً وافداً ، فذكرَ له رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فرائضَ الإسلامِ : الزكاةَ ، والصيامَ ، والحجَّ " .
رواهُ شريكٌ ، عن كريب فقالَ فيه : " كانت بعثةُ ضمام في رجب سنة خمس قالوا : لقد أخرهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى سنةِ عشرٍ ؛ فدل على التراخِي " .
قُلنا : قد جاء أن ضماماً وفد سنة تسعٍ ، ويحتملُ أنه - صلى الله عليه وسلم - أخرهُ لعذرِ فقرِ ، أو خوفٍ على نفسهِ ، أو على المدينةِ ، أو أنهُ ما يفرغُ من الجهادِ ، أو لغلبةِ المشركينَ على مكةَ ، فلمَّا كان سنة تسعٍ ، منع المشركين من الحجِّ ، وأخرهُ من أجل النَسيءِ حتى استدارَ الزَّمانُ ، فوافقت حجَّةُ الصديقِ في ذي القعدةِ ، ثُمَّ حجِّ عليهِ السلامُ في ذي الحجة .
374 - - مسألة - : الأفضلُ الإحرامُ من الميقاتِ .
وقالَ أبو حنيفةَ : من أهلِهِ .
وعن الشافعيّ قولان .
قُلنا : قد أحرمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بحجَّةٍ وبعُمرةٍ من الميقاتِ ، فهو الأفضلُ .
(2/11)
| 12 | 275 - - مسألة - : الطيبُ لمن أرادَ أن يحرمَ مستحبٌّ .
وكرههُ مالكٌ .
لنا ( خ م ) حديثُ عائشةَ " طَيبت رسولَ اللهِ لحرمِهِ حينَ أحرمَ " .
وقالت : ( خ م ) " كأنِّي أنظُرُ إلى وبيصِ الطيبِ في مفرقِ رسولِ اللهِ بعدَ أيامٍ وهو محرمٌ " .
376 - - مسألة - : الأفضلُ أن يحرمَ عصيب ركعتينِ .
وعنه : آن ذلكَ ، وحين تستوي به راحلته على البيداءِ سواءً .
وقال مالكٌ بأفضليةِ الثاني .
وقالَ الشافعي بالأولِ .
وعنهُ : إذا سارت به راحلتُه .
لنا حديثُ ابنِ إسحاقَ ، نا خصيف ، عن سعيد : " قلتُ لابنِ عباسٍ : عجبتُ لاختلافِ الصحابةِ في إهلالِ رسولِ الله .
فقالَ : إني لأعلمُ بذلكَ ، كانت حجةً واحدةً ، فمن هناكَ اختلفُوا ، خرج رسولُ اللهِ حاجا ، فلما كان في مسجدِهِ بذي الحُليفةِ ، صلَّى ركعتينِ ، وأوجَبَ في مجلسهِ ، وأهلَّ بالحجِّ حينَ فرغَ من ركعتيهِ ، فسمعَ ذلك أقوامٌ ، فحفظوهُ عنهُ ، ثمَّ ركبَ ، فلما استقلَّت بهِ ناقتهُ أهلَّ ، وأدركَ ذلكَ منهُ أقوامٌ فسمعُوهُ ، فقالوا : إنما أهلَّ حينَ استقلت بهِ ناقته .
ثم مضى ، فلما عَلا شرفَ البيداءِ أهلَّ ، وأدركَ ذلك منهُ أقوامٌ ، فقالوا : إنما أهلَّ الآنَ ، واللهِ لقد - ق 98 - ب - أوجبَ في مصلاه ، وأهلَّ حينَ استقلَّت بهِ ناقتُهُ / وأهلَّ حينَ عَلا شرفَ البيداءِ " .
(2/12)
| 13 | ولهم : أبو بكرِ بنُ عياشٍ ، عن يعقوبَ بن عطاء ، عن أبيهِ ، عن ابنِ عباسٍ قالَ : " اغتسلَ رسولُ اللهِ ، ولبسَ ثيابهُ ، فلما أتى ذا الحُليفةِ ، صلَّى ركعتينِ ، ثم قعدَ على بعيرهِ ، فلما استوى به على البيداءِ أحرمَ بالحجِّ " .
( خ م ) عبيدِ اللهِ ، عن نافعٍ ، عن ابنِ عمر " أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أدخلَ رجلهُ في الغرزِ ، واستوت بهِ ناقته قائمةً ، أهلَّ من مسجدِ ذي الحليفة " .
قلنا : يعقوبُ ضعفَ ، والحديثانِ فيهما حكايةُ بعضِ الواقعِ .
377 - - مسألة - : التلبية : لا يزادُ على التَّلبيةِ النبويَّةِ .
وقالَ أبو حنيفةَ : يستحبُّ .
لنا قولهُ : " خُذوا عني مناسِكَكُم " .
وقالَ ابنُ عجلانَ ، عن عبدِ اللهِ بن أبي سلمة " أن سعداً سمعَ رجلاً يقولُ : لبَّيكَ ذَا المعارجِ .
فقال : إنه لذو المعارجِ ، ولكنا كُنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لا نقولُ ذلكَ " .
رواهُ أحمدُ .
387 - - مسألة - : يقطعُ التَّلبيةَ عندَ رمي جمرةِ العقبةِ .
وفي روايةٍ عن مالكٍ قالَ : يقطعُها بعدَ الزوالِ يوم عرفةَ .
أيوبَ السختيانيُّ ، عنِ الحكمِ بن عتيبةَ ، عن ابنِ عباسٍ ، عن أخيهِ الفضلِ ، قالَ : " كنتُ ردفَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من جمعٍ إلى منًى ، فلم يزل يُلبي حتى رمى جمرةَ العقبةِ " .
متفقٌ عليه .
(2/13)
| 14 | 379 - - مسألة - : ويقطعُها في العمرةِ إذا أخذَ في الطَّوافِ .
وقال مالكٌ : يقطعُ إذا دخل الحرمَ ، فإن أحرم من أدنى الحلِّ ، قطعَ إذا رأى البيتَ .
( د ت ) ابنُ أبي ليلى ، عن عطاءٍ ، عن ابنِ عباسٍ مرفوعاً ، قالَ : " يُلبي المعتمرُ حتى يستلمَ الحجرَ " صححَهُ ( ت ) .
قال أبو داودَ : رواهُ عبدُ الملكِ بنُ أبي سليمانَ وهمامٌ ، عن عطاءٍ ، فوقفاهُ .
380 - - مسألة - : العمرةُ واجبةٌ ، خلافاً لأبي حنيفةَ ومالكٍ .
وللشافعيَّ قولانِ : ابنُ المناديِ ، ثنا يونسُ بن محمدٍ ، نا معتمرٌ ، عن أبيه ، عن يحيى بن يعمرَ ، عن ابنِ عمرَ ؛ سمعتُ عُمرَ قالَ : " بينما نحنُ جلوسٌ عندَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جاءَ رجلٌ ليسَ عليه سجاء سفرٍ ، وليس من أهل البلد ؛ يتخطى حتى جلس بين يدي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم وضعَ يديهِ على رُكبتَي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالَ : يا محمدُ ، ما الإسلامُ ؟ قالَ : أن تشهدَ أن لا إله إلا اللهُ ، وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ ، وأن تقيمَ الصلاةَ ، وتُؤتي الزكاةَ ، وتحجَّ وتعتمرَ ، وتغتسلَ من الجنابةِ ، وتتمَّ الوضوءَ ، وتصومَ رمضانَ " .
قالُوا : ( هذا ) في الصحاح بلا هذه الزيادةِ .
قلنا : قد أخرجها الجوزقي في كتابهِ المخرج على " الصحيحين " وقالَ الدارقطنيُّ : إسنادُهُ صحيحٌ .
(2/14)
| 15 | - ق 99 - أ - / ومرَّ في مسألةِ المعضوبِ ، حديثُ أبي رزينٍ : " حجَّ عن أبيكَ واعتمر " .
- ق 99 - أ - عن عائشةَ " قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، على النِّساءِ جهادٌ ؟ قالَ : عليهنَّ جهادٌ ، لا قتالَ فيهِ ؛ الحجُّ والعمرةُ " .
وعن زيد بن ثابتٍ ، مرفوعاً : " والحجُّ والعمرةُ فريضتانِ ، لا يضرُّكَ بأيُّهما بدأت " .
إسنادهُ ساقطٌ .
الحكمُ بن موسى ، حدثنا يحيى بن حمزة ، عن سليمانٌ بن داودَ ، حدثني الزهري ، عن أبي بكر بن حزم ، عن أبيهِ ، عن جدهِ " أنَّ رسولَ اللهِ كتبَ إلى أهلِ اليمنِ - كتاباً - وبعثَ بهِ معهُ ؛ وفيهِ : وإنَّ العُمرةَ الحجُّ الأصغرُ " .
لهم حجاجُ بنُ أرطأةَ ، عن ابنِ المنكدرِ ، عن جابرٍ قالَ : " أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - أعرابيٌّ ، فقالَ : يا رسولَ اللهِ ، أخبرني عن العمرةِ ؛ أواجبةٌ هي ؟ قال : لا ، وأن تعتمرَ خيرٌ لكَ " .
وقال أبو هريرةَ : " العمرةُ تطوُّعٌ " .
قال الدارقطني : الصحيحُ وقفهُ .
381 - - مسألة - : التَّمتعُ أفضلَ .
وقالَ أبو حنيفةَ : القِرَانُ .
وقال مالكٌ والشافعي : الإفرادُ .
( خ م ) عن عمرو بن مرةَ ، عن سعيد بن المسيب قالَ : " اختلفَ علي وعثمان وهُما بعسفانَ في المتعةِ ؛ فقالَ لهُ علي : ما تريدُ أن تنهى عن أمر فعلهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ! فقالَ لهُ عثمانُ : دعنا عنكَ .
فلما رأى ذلكَ علي ، أهلَّ بهما جميعاً " .
(2/15)
| 16 | ( خ م ) عقيل ، عن ابنِ شهابٍ ، عن سالمٍ ، أن ابنَ عمر قال : " تمتَّعَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في حجةِ الوداعِ بالعمرةِ إلى الحجِّ ، وأهدى ، فساقَ معه الهدي من ذي الحليفةِ ، وبدأَ رسولُ الله بالعمرةِ ، ثم أهلَّ بالحجِّ ، فتمتَّع معُه الناسُ بالعُمرةِ إلى الحجِّ ، فكانَ من الناسِ من أهدى ، فساقَ الهدي ، ومنهم من لم يهدِ ، فلما قدمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مكةَ قالَ للناسِ : من كانَ منكُم أهدى ؛ فإنه لا يحلُّ لشيءٍ حرمَ منهُ حتى يقضيَ حجه ، ومن لم - يكن - منكم أهدى ، فليطف بالبيتِ وبالصَّفا والمروةِ ، وليقصر وليحلل ، ثم ليهلّ بالحجِّ " .
( م ت ) مالكٌ ، عن ابن شهابٍ ، عن محمد بن عبد الله بن نوفل " سمعَ سعدَ بن أبي وقاصٍ يذكرُ التمتعَ بالعُمرةِ ، فقالَ : قد صَنَعها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وصنعناه معهُ " .
أحمدُ ، نا يونسُ بن محمدٍ ، نا عبد الواحد بن زيادٍ ، نا ليثٌ ، عن طاوسٍ ، عن ابنِ عباسٍ قال : " تمتعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ماتَ ، وأبو بكرٍ حتى ماتَ ، وعمرُ حتى ماتَ ، وعثمانُ حتى ماتَ ، وكان أولُ من نهى عنها مُعاوية ، قال ابنُ عباسٍ : فعجبتُ - ق 99 - ب - / وقد حدثني أنه قصرَ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بمشقصٍ " .
( خ م ) قيسُ بن مسلمٍ ، عن طارقٍ ، عن أبي موسى الأشعري قال : " بعثني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أرضِ قومي ، فلما حضرَ الحجُّ ، حجَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وحججتُ ، فقدمتُ عليه وهو نازلٌ بالأبطحِ ، فقالَ لي : بم أهللت يا عبد الله بن قيسٍ ؟ قال : قُلتُ : لبيكَ بحجٍّ كحجِّ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ : أحسنتَ .
ثُمَّ قال : هل(2/16)
| 17 | سُقتَ هدياً ؟ قلتُ : ما فعلتُ .
قالَ : اذهب وطف بالبيتِ ، وبين الصفا والمروة ، ثم احلل .
فانطلقتُ ، ففعلتُ ما أمرني ، وأتيتُ امرأةً من قومي ، فغسلت رأسي بالخطمي ، وفلتهُ ، ثم أهللتُ بالحجِّ يومَ التَّرويةِ " .
( م ) أبو الزبير ، عن جابرٍ قالَ : " خرجنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مُهليَن بالحجِّ ، فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت ، وبالصفا والمروة ، فقال لنا : من لم يكن معهُ هدي ، فليحلل .
قلنا : أي الحل ؟ قالَ : الحل كلهُ .
قال : فأتينا النساءَ ، ولبسنا الثيابَ ، ومسسنا الطيب ، فلما كانَ يومُ الترويةِ أهللنا بالحج " .
( خ م ) وهيب ، نا عبد اللهِ بن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباسِ قالَ : " كانوا يرونَ العمرةَ في أشهر الحج من أفجرِ الفجورِ في الأرض ، ويجعلونَ المحرمَ صفرَ ، يقولون : إذا برأ الدبرُ ، وعفا الأثرُ ، وانسلخ صفرُ ، حلتِ العمرةُ لمنِ اعتمرَ ، فقدمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لصبيحةِ رابعةٍ مهلينَ بالحجِّ ، فأمرهم أن يجعلوها عمرة ، فتعاظم ذلك عندهم ، فقالوا : يا رسولَ اللهِ ، أي الحل ؟ قال : الحلُّ كله " .
( خ م ) حميدٌ ، عن بكرِ بنِ عبدِ اللهِ ، عن ابنِ عمرَ قالَ : " خرجَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فلبى بالحج ولبينا معهُ ، فلما قدمَ أمرَ من لم يكن معهُ الهدي أن يجعلوها عمرةً " .
( خ م ) منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسودِ ، عن عائشةَ قالت : " خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا نرى إلا الحجِّ ، فلما قدمنا تطوفنا بالبيتِ ، فأمر رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن ساقَ الهدي أن يحل ، فحل من لم يكن ساقَ الهديَ ، ونساؤهُ لم يسقن ، فأحللنَ " .
(2/17)
| 18 | ( خ م ) ابن عمرَ ، عن حفصة ، قالت : " لما أمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه أن يحللنَ بعمرةٍ قلتُ : فما يمنعك يا رسول الله أن تحل معنا ؟ قال : إني - ق 100 - أ - / قد أهديتُ ولبدتُ ، فلا أحل حتى أنحرَ هديي " .
( م ) داودُ ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : " خرجنا مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فصرخَ بالحج صراخاً حتى إذا طُفنا بالبيتِ ، قال : اجعلوها عمرةً ، إلا من كانَ معهُ هدي .
قالَ : فجعلناها عمرةً فحللنا ، فلما كان يومُ التروية ، صرخنا بالحج ، وانطلقنا إلى منى " .
أشعثُ ، عن الحسن ، عن أنس " أن رسولَ الله وأصحابهُ قدموا مكةَ ، وقد لبوا بحج وعمرة ، فأمرهم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بعدما طافوا بالبيت ، وسعوا بين الصفا والمروة أن يحلوا ، وأن يجعلوها عمرةً ، فكأنَّ القومَ هابوا ذلكَ ، فقالَ رسولُ اللهِ : لولا أني سُقْتُ الهدي لأحللتُ .
فحلَّ القوم وتمتعُوا " .
إسنادُهُ حسنٌ ، رواه أحمدُ في " مسنده " .
فليح بن سليمان ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبد رأسهُ وأهدى ، فلما قدمَ مكةَ أمرَ نساءهُ أن يحللن .
قلنَ : مالكَ أنتَ لا تحلُّ ؟ قالَ : إني قلدتُ هديي ، ولبدتُ رأسي ، فلا أحلُّ حتى أحلَّ من حجَّتي ، وأحلقَ رأسي " .
هذا على شرط البخاري .
عفانُ ، نا حمادُ بنُ سلمةَ ، أنا حميدٌ ، عن بكرِ بنِ عبدِ اللهِ ، عن ابنِ عمرَ أنهُ قالَ : " قدمَ رسولُ اللهِ مكةَ وأصحابهُ مهلِّين بالحجِّ ، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : من شاءَ أن يجعلها عُمرةً ، إلا من كان معهُ هديٌ " .
رواتُهُ ثقاتٌ .
(2/18)
| 19 | فإن قيل : فقد رويتم في أوائلِ البابِ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - تمتعَ ، ثم رويتم أنه تندَّمُ كيفَ ساقَ الهديَ ، ولم يمكنهُ أن يفسخَ ؛ فإن نصرتُم هذا بطلَ احتجاجُكُم بأنهُ تمتعَ ، وإن نصرتُم مذهبكُم في فسخِ الحج إلى العمرةِ ، فإنما أمرَ بالفسخِ ؛ ليخالفَ المشركينَ ، من كونهم كانوا يرونَ العمرةَ في أشهر الحج من أفجرِ الفجورِ .
وقد روى الدراوردي ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن الحارث بن بلال ، عن أبيه ، قال : " قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، فسخَ الحجُّ لنا خاصةً ، أم للناسِ عامةً ؟ قال : بل لنا خاصةً " .
قيس بن الربيع ، عن أبي حصين ، عن إبراهيمَ التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر " أنه سئلَ عن متعةِ الحج ، فقالَ : هي واللهِ لنا ؛ أصحاب محمدٍ خاصةً ، وليست لسائرِ الناسِ إلا لمحصرٍ " .
قُلنا : إذا صحت الأحاديثُ فلا وجه لردِّها ، بل يجمعُ بينها ، فيقالُ : إنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد اعتمر وتحللَ ، ثم أحرمَ بالحج ، وساق الهديَ ، ثم أمرهم بالفسخِ ليفعلوا كفعاله ، لأنهم لم يكونوا أحرموا بعمرةٍ ، ومنعه من فسخ الحج إلى عمرةٍ ثانيةٍ عمرته الأولى ، وسوقهُ الهدي .
قال كاتبهُ : هذا جمعٌ باردٌ ومجرد دعوى ما لم يكن .
ثم قالَ : فإن قالوا : إنما علَل بسوقِ الهدي ، لا بفعلِ عُمرةٍ متقدمةٍ .
قلنا : اقتصرَ على علةٍ واحدةٍ .
قالَ أحمدُ : لا يثبتُ حديثُ بلالِ بن الحارثِ ، ولا يرويه غير الدراوردي .
قال : وحديث أبي ذر يرويه رجلٌ من أهل الكوفةِ ، لم يلقَ أبا ذر ، ثم إنه ظنَّ من أبي ذر .
قال : ولا يصح حديثٌ في أن الفسخ كان لهم خاصةً .
(2/19)
| 20 | القران
( خ م ) هشيم ، نا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنسٍ : " سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يلبي بالحج والعمرةِ ، يقولُ : لبيكَ عُمرةً وحجًّا " .
شعبةُ ، عن يونسَ بن عبيد ، عن أبي قدامةَ الحنفي قالَ : " قلتُ لأنسٍ : بأي شيء كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يهل ؟ قال : سمعتهُ يقولُ سبعَ مرارٍ : بعمرةٍ وحجَّةٍ ، بعمرةٍ وحجةٍ " .
رواه أحمدُ في " المسند " ثنا روحٌ ، نا شعبةٌ .
ورواهُ يزيدُ بن زريع ، عن يونسَ ، عن حميد ، عن أنسٍ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " لبيكَ بحجةٍ وعمرةٍ معاً " .
( خ ) الأوزاعي ، نا يحيى بن أبي كثيرٍ ، عن عكرمةَ ، سمعَ ابنَ عباسٍ يقولُ : سمعتُ عمرَ يقولُ : " سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ وهوَ بالعقيق أتاني الليلةَ آتٍ من ربي فقالَ : صلّ في هذا الوادي المباركِ ، وقُل : عمرةٌ في حجةٍ " .
قال الوليدُ بنُ مسلمٍ : يعني ذا الحليفةِ .
عبدةُ بنُ أبي لبابةَ ، عن أبي وائل قال : قال الصبي بنُ معبدٍ : " كنتُ نصرانيًّا فأسلمتُ ، وأهللتُ بالحجِّ والعمرةِ ، فسمعني زيدُ بنُ صوحانَ ، وسلمانُ بن ربيعةَ وأنا أهل بهما ، فقالا : لهذا أضل من بعيرِ أهلهِ فكأنما حملَ علي بكلمتهما جبل ،(2/20)
| 21 | فقدمتُ على عمرَ - رضي الله عنه - فأخبرتهُ ، فأقبلَ عليهما فلامهُما ، ثم أقبلَ علي ، فقال : هُديتَ لسنةِ نبيكَ " .
أحمدُ ، نا أبو معاوية ، نا حجاج / عن الحسنِ بن سعدٍ ، عن ابنِ عباسٍ ؛ - ق 101 - أ - أخبرني أبو طلحة " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جمعَ بين الحجِّ والعُمرةِ " .
أحمدُ ، نا يونسُ ، نا داودُ بنُ عبدِ الرحمنِ ، عن عمرو ، عن عكرمةَ ، عن ابنِ عباسٍ قالَ : " اعتمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أربعَ عُمرٍ : عُمرة الحديبيةِ ، وعمرة القضاءِ في ذي القعدةِ ، والثالثة من الجعرانة ، والرابعة التي مع حجته " .
أحمدُ ، نا مكي بن إبراهيمَ ، نا داودُ بنُ يزيدَ ، سمعتُ عبدَ الملكِ - الزرادَ - ، سمعتُ النزالَ بنَ سبرةَ ، سمعتُ سراقةَ يقولُ : " قرنَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في حجةِ الودَاعِ " .
(2/21)
| 22 | الإفراد
( م ) مالك ، عن عبد الرحمنِ بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشةَ لا يوجد " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أفردَ الحجِّ " .
عبادُ بنُ عبادٍ ، وعبدُ اللهِ بنُ نافعٍ ؛ كلاهما عن عُبيد الله بن عمرَ ، عن نافعٍ ، عن ابنِ عمرَ ، قالَ : " أهللنا مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالحجِّ مفردًا " .
لفظُ عبادٍ .
الليثُ ، عن أبي الزبير ، عن جابرٍ قالَ : " أقبلنا مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُهلينَ بالحجِّ مفردًا " .
فحديثُ عائشةَ من أفرادِ مسلم ، وقد مضى في المتفقِ عليهِ عنها ضدهُ ، ثم أحاديث المتعةِ أصح وأكثرُ ، ثم أحاديثُها تتضمنُ زيادةً ؛ فهي أولى ، وقد فسرَ هذا الإفرادَ ؛ أي أفرد أعمال العمرةِ عن أعمالِ الحجِّ ، وكذلك يفعلُ المتمتِّعُ .
ثم لولا أن التمتعَ أفضل لما أمرَ بهِ - صلى الله عليه وسلم - أصحابهُ مع الفسخِ ، ولما تأسَّفَ هو على المتعةِ ؛ حيثُ يقولُ : " لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ، لم أسُقِ الهديَ ، ولجعلتُها عُمرةً " .
ونقلَ أبو طالبٍ ، عن أحمد بن حنبل أنه قالَ : كانَ الإفرادُ في المدينةِ ، فلما وصلَ إلى مكةَ ، فسخَ على أصحابِه ، وتلهفَ على التمتعِ ؛ فدلَّ على - أنه - أفضل ؛ لأنهُ آخرُ الأمرينِ ، وهذا المتعمدُ عليهِ في جَوابِ حديثِ جابرٍ .
وأما حديثُ ابن عُمرَ ؛ فلم يصحَّ .
(2/22)
| 23 | التمتع
382 - - مسألة - : الأفضلُ لهُ أن يحرمَ بالحجِّ يومَ التَّرويةِ .
وقالَ أبو حنيفةَ : يُستحبُّ قبلَ ذلكَ .
وقالَ الشافعي : إن كانَ معه هدي أحرمَ يومَ الترويةِ بعدَ الزوالِ ، وإلا أحرمَ ليلةَ سادسِ ذي الحجةِ .
وفي حديثِ ( م ) جابر قالَ : " أمرنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالفسخ ، فحل الناسُ كلهم وقصروا ، إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - - ق 101 - ب - / ومن كان معه هدي ، فلما كان يومُ الترويةِ ، توجهوا إلى منى ، فأهلوا بالحجِّ " .
383 - - مسألة - : المتمتعُ إذا ساقَ هديًا لم يتحلَّل ، بل يطوفُ ويسعَى للعُمرةِ ، ثُمَّ يهلُّ بالحجِّ .
ورُوي عن أحمدَ أنه يحلُّ لهُ التقصيرُ فقط .
وروي عنه : إن قدم قبل العشر جاز له التحلل .
وقد مر حديثُ ابن عمرَ في مسألة التمتع قالَ : " كنا مع رسولِ اللهِ متمتعينَ ، فقالَ : من ساقَ الهديَ ، فلا يتحللْ " .
384 - - مسألة - : فسخُ الحجِّ إلى العُمرةِ جائزٌ لمن لم يسق هديّا ، خلافاً للأكثرِ .
(2/23)
| 24 | قالَ أحمدُ : عندي ثمانية عشرَ حديثاً صحيحاً في الفسخِ .
قالَ : ويُروى الفسخ عن عشرةٍ من الصحابةِ .
وقال : حديثُ بلالٍ لا أقولُ بهِ ؛ لأنه لا يعرفُ ، وأحدَ عشرَ رَجلاً من الصحابةِ يروُون عنهُ في الفسخ ، أين يقعُ بلالٌ منهُم ؟ !(2/24)
| 25 | الإحرام
385 - - مسألة - : المحرمةُ لا يجوزُ لها لبسُ قفازٍ .
وجوزهُ أبو حنيفةَ .
وعن الشافعي كالمذهبين .
الليثُ ، عن نافعٍ ، عن ابن عمرَ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ : " لا تنتقبِ المرأةُ الحرامُ ، ولا تلبسِ القفَّازينِ " .
صحيحٌ .
386 - - مسألة - : لا ينقطعُ بالموتِ الإحرامُ .
مرّتِ المسالةُ في الجنائزِ .
387 - - مسألة - : يسترُ الرَّجُلُ وجههُ .
وعنهُ : لا يجوزُ ، وبهِ يقولُ أبو حنيفةَ ومالكٌ .
388 - - مسألة - : من لبسَ السَّراويلَ لعدِمِ الإزَارِ ، فلا فديةَ عليه ، خلافاً - .
.
.
.
.
- .
روى عمرو بن دينار ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس قالَ : " خطبَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فقالَ : " إذا لم يجدِ المحرمُ إزَاراً ، فليَلبسِ السَّراويلَ ، وإذا لم يجد النعلينِ ، فليلبسِ الخُفَّينِ " .
(2/25)
| 26 | متفقٌ عليه .
أحمدُ ، نا يحيى ، عن ابن جريج ، أخبرني عمرو أن أبا الشعثاء أخبره ، أن ابنَ عباسٍ أخبره أنه سمعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ : " من لم يجد إزارًا ، ووجدَ سراويلَ ، فليلبسهُ ، ومن لم يجد نعلينِ ، ووجد خفَّينِ ، فليلبسهُما ، قلتُ : ولم يقلْ : ليقطعهما ؟ قالَ : لا " .
( م ) زهيرٌ ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " من لم يجد نعلين فليلبس خفينِ ، ومن لم يجد إزاراً ، فليلبس سراويلَ " .
واحتجوا بحديثِ ( خ م ) الزهري ، عن سالمٍ ، عن أبيه قالَ : " سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما يلبس المحرم من الثياب ؟ قال : ( لا يلبسُ ) القميصَ - ق 102 - أ - ، ولا البرنسَ ، ولا السَّراويلَ ، ولا العمامةَ ، ولا ثوبًا - ق 102 - أ - / مسًّهُ الورسُ ولا الزعفرانُ ، ولا يلبسِ الخفينِ إلا من لا يجدُ نعلينِ ، فمن لا يجدُ نعلينِ ، فليلبس الخفينِ وليقطعهما حتى يكونا أسفلَ من الكعبينِ " .
هذه روايةُ سُفيانَ عن الزهري ؛ متفقٌ عليهِ .
وقد قالَ أبو داودَ : رواهُ موسى بن عقبةَ ، وعبيدَ اللهِ بنُ عمرَ ، ومالكٌ ، وأيوب موقوفاً .
ثم يقولُ : يجوزُ القطعُ .
فصل : فإذا عدمَ النعلينِ ولبسَ الخفَّينِ ، فلا فديةَ .
وقال أكثرهم : عليه الفديةُ إلا أن يقطعهمُا .
(2/26)
| 27 | 389 - - مسألة - : ولا يجوزُ لبسُ المقطُوعِ مع وجُودِ نعلٍ ؛ فإن لبسَ افتدى ، خلافاً لأبي حنيفةَ ، وأحدِ قولي الشَّافعيِّ .
لنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرطَ عدمَ النعلينِ ، كما تقدَّمَ .
390 - - مسألة - : تظليلُ المحملِ لا يجوزُ ، فإن ظللَ ففي الفديةِ روايتانِ .
وأباحهُ أبو حنيفةَ والشافعي .
لنا " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابهُ دخلوا مكةَ مضحينَ ، وقال - صلى الله عليه وسلم - : خذوا عنِّي " .
فذكروا حديثَ ( د ) زيد بن أبي أنيسةَ ، عن يحيى بن حصينٍ ، عن أم الحصين ، قالت : " حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجَّة الوداعِ ، فَرأيتُ أسامةَ وبلالاً ، وأحدهما آخذٌ بخطامٍ ناقةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والآخرُ رافعٌ ثوبهُ يسترُهُ من الحرِّ حتى رمى جمرةَ العقبةِ " .
قلنا : قولهُ : " وقد ظللَ عليهِ " يحتملُ كانَ يستره من جهةِ الشمسِ .
قلتُ : هذا لا يستقيمُ ؛ فإنَّ التظليلَ عليه - صلى الله عليه وسلم - إنَّما كان بعدَ الزَّوالِ ، والشَّمسُ في فصلِ الصَّيفِ ، وهي على أعلى الرُّءوسِ ؛ فتعينَ أن التظليلَ كان على رأسهِ الشريف .
قال ابنُ الجوزي : وتفردَ به أبو عبد الرحيمِ ، عن زيد .
ثم قالَ : وأبو عبد الرحيم ضعيفٌ .
قلتُ : هذا خطأُ ؛ فإنَّ الرجلَ ثقةٌ ، وقد احتج بهِ مسلمٌ .
(2/27)
| 28 | 391 - - مسألة - : ومن ادَّهَنَ بزيتٍ أو شيرجٍ ، جَازَ .
وعنهُ : عليه الفدية - كقولِ أبي حنيفة .
وقال الشافعي : لا فديةَ ، إلا إن دهن رأسه أو وجهه .
( ت ) وكيع ، عن حماد ، عن فرقد السبخي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمرَ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يدهنُ بالزيتِ وهو محرمٌ ، غير مقتتٍ ؛ والمقتتُ المطيبُ " .
فرقدٌ ضعيفٌ .
392 - - مسألة - : يجوزُ لهُ لبسُ المعصفرِ ، خلافاً لمالكٍ وأبي حنيفةَ .
( د ) ابن إسحاق ، حدثني نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب ، وما مس الورس والزعفران من الثياب ، وليلبسن بعد ذلك ما - أحببن - من ألوان الثياب ؛ معصفراً وخزاً " .
قلت : هذه زيادة منكرة .
393 - - مسألة - : ولا يجوز له لبس ثوب مبخر ، خلافاً لأبي حنيفة .
394 - - مسألة - : ولا تلزمه فدية بشم شيء من الرياحين .
وعنه : عليه فدية .
(2/28)
| 29 | وعنه : يحرم ما نبت بنفسه ، دون ما أنبت .
وقال الشافعي : في الورد فدية ، وفي الريحان قولان .
استدل أصحابنا بأن عثمان قال : يشم المحرم الريحان .
ابن جريج ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : " المحرم يشم الريحان ، ويدخل الحمام " .
395 - - مسألة - : فإن اغتسل بسدر أو خطمي جاز .
وعنه : عليه فدية - كقول أبي حنيفة .
وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الذي وقص : " اغسلوه بماء وسدر " كما سبق في الجنائز .
396 - - مسألة - : ولا يجوز أن يعقد نكاحاً ، خلافاً لأبي حنيفة .
( م ) مالك ، عن نافع ، عن نبيه بن وهب ، عن أبان بن عثمان ، عن عثمان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " المحرم لا يَنكح ولا يُنكح ، ولا يخطب " .
فاحتجوا ( خ م ) بابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس " أن رسول الله نكح ميمونة وهو محرم " .
حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن النبي تزوج ميمونة وهما محرمان .
قلنا : ميمونة قد أخبرت بضد هذا ، وهي أخبر بحال نفسها .
(2/29)
| 30 | حماد بن سلمة ، عن حبيب بن الشهيد ، عن ميمون بن مهران ، عن يزيد بن الأصم ، عن ميمونة قالت : " تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا حلال ، بعدما رجعنا من مكة " .
( م ) جرير بن حازم ، سمعت أبا فزارة يحدث ، عن يزيد بن الأصم ، عن ميمونة " أن رسول الله تزوجها حلالاً ، وبنى بها حلالاً ، وماتت بسرف فدفنها في الظلة التي بنى بها ، فنزلنا أنا وابن عباس في قبرها " .
قلت : لأنها خالتهما .
حماد بن زيد ، ثنا مطر ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن سلميان بن يسار ، عن أبي رافع " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة حلالاً ، وكنت الرسول بينهما " .
ونقل أبو داود ؛ أن سعيد بن المسيب قال : " وهم ابن عباس في قوله : تزوجها وهو محرم " .
وقيل : معناه وهو في شهر حرام ، وأنشدوا : ( قتلوا ابن عفان الخليفة محرماً ) يعني في شهر حرام .
397 - - مسألة - : من أفسد الحج أو العمرة ، لزمه المضي في فاسدهما .
وقال داود : يخرج منهما .
ابن عينية ، نا يزيد بن جابر : " سألت مجاهداً عن الرجل يأتي امرأته وهو محرم ، قال : كان ذلك على عهد عمر ، فقال ، يقضيان حجهما ، والله أعلم بحجهما ، ثم يرجعان حلالاً ، حتى إذا كان من قابل ، حجا وأهديا " .
(2/30)
| 31 | هشيم ، أنا أبو بشر / حدثني رجل من قريش " أن رجلاً وقع بامرأته وهما - ق 103 - أ - محرمان ، فقال ابن عباس : اقضيا ما عليكما من نسككما هذا ، وعليكما الحج من قابل " .
قلت : رواهما سعيد في " سننه " وهما منقطعان .
وروينا مثل هذا عن ابن عمر ، وعطاء ، وإبراهيم .
قلت : ما يندفع داود بهواه .
(2/31)
| 32 | جزاء الصيد
398 - - مسألة - : يجب الجزاء بقتله خطأ .
وعنه : لا يجب - كقول داود .
( ت ) قبيصة ، عن جرير بن حازم ، نا عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي عمار ، عن جابر قال : " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضبع ، فقال : هي صيد ، وجعل فيها إذا أصابها المحرم كبشاً " .
صححه ( ت ) .
399 - - مسألة - : - بيض النعام مضمون - وقال داود : لا يضمن بيض النعام .
يروى عن كعب بن عجرة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في بيض النعام أصابه محرم بقدر ثمنه " .
فهذا فيه ثلاثة ضعفاء : أحدهم إبراهيم بن أبي يحيى ، عن حسين بن عبد الله .
ابن زياد النيسابوري ، ثنا عيسى بن أبي عمران ، نا الوليد بن مسلم ، نا ابن جريج ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " في بيضة نعام صيام يوم ، أو إطعام مسكين " .
قلت : هذا منكر .
(2/32)
| 33 | 400 - - مسألة - : الدال على الصيد يلزمه الجزاء إذا كان محرماً .
وقال مالك والشافعي : لا .
لنا حديث أبي قتادة ؛ أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " أشرتم ، أو قتلتم ، أو صدتم ؟ قالوا : لا .
قال : كلوه " .
رواه هكذا الجوزقي في " صحيحه " .
401 - - مسألة - : المتولد كالسبع ، والنسر لا يضمن بالجزاء .
وقال أبو حنيفة : يضمن .
( خ م ) عن ابن عمر " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ما يقتل المحرم ، فقال : خمس لا جناح في قتلهن : العقرب ، والفأرة ، والغراب ، والحدأة ، والكلب العقور " .
وفي الباب نحوه من حديث حفصة ، وعائشة ؛ فالسبع يسمى كلباً .
402 - - مسألة - : إذا اشترك محرمون في قتل صيد ، فجزاء واحد .
وقال مالك وأبو حنيفة : على - كل - واحد - منهم - جزاءٌ - كامل - .
لنا أنه قال - صلى الله عليه وسلم - : " في الضبع كبش " وقد مر .
403 - - مسألة - : ويحرم على المحرم ما صيد لأجله ، خلافاً لأبي حنيفة .
(2/33)
| 34 | لنا حديث ( خ م ) الصعب : " أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمار وحش ، فرده علي ، فلما رأى الكراهية في وجهي قال : إنه ليس بنا رد عليك ، ولكنا حرم " .
- ق 103 - ب - / وفي " مسند أحمد " : نا أبو سلمة الخزاعي ، نا عبد العزيز ، عن عمرو ابن أبي عمرو ، عن رجل من الأنصار ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كلوا لحم الصيد وأنتم حرم ، ما لم تصيدوه أو يصد لكم " .
وأخرجه الترمذي من حديث يعقوب بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن المطلب ، عن جابر ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " صيد البر لكم حلالٌ وأنتم حرم ، ما لم تصيدوه ، أو يصد لكم " .
قال ( ت ) : لا يعرف للمطلب سماع من جابر ، وعمرو ضعف .
معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه ، قال : " خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية ، فأحرم أصحابي ولم أحرم ، فرأيت حماراً ، فحملت عليه فاصطدته ، فذكرت شأنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقلت : اصطدته لك ، فأمر أصحابه فأكلوا ، ولم يأكل " .
قوله : " اصطدته لك " تفرد بها معمر ، وهو موافق لما جاء عن عثمان ؛ أنه صيد له طائر وهو محرم ، فلم يأكل .
404 - - مسألة - : شجر الحرم مضمون ، خلافاً لداود .
( خ م ) يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، حدثني أبو هريرة قال : " لما فتح الله على رسوله مكة ، حمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الله حبس عن مكة الفيل ، وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنها لا تحل لأحد من بعدي ، وإنما حلت لي ساعة من نهار ؛ لا يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها " .
(2/34)
| 35 | وفي " الصحيحين " نحوه من حديث ابن عباس .
قلت : لم يذكر ضمانا ، وكذا التنفير لا ضمان فيه .
405 - - مسألة - : صيد المدينة وشجرها محرم ، خلافاً لأبي حنيفة .
الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، قال : " خطبنا علي ، فقال : من زعم أن عندنا شيئاً نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة - صحيفة فيها أسنان الإبل ، وأشياء من الجراحات - فقد كذب ، قال : وفيها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : المدينة حرم ما بين عير إلى ثور ، فمن أحدث فيها حدثاً ، أو آوى محدثاً ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً ، وذمة الله واحدة يسعى بها أدناهم " .
معمر ، عن الزهري ، عن ( ابن ) المسيب ) ، عن أبي هريرة ، قال : " حرم رسول الله ما بين لابتي المدينة .
قال - ق 104 - أ - / أبو هريرة : لو وجدت الضباء ما بين لابتيها ما ذكرتها ، وجعل حول المدينة اثني عشر ميلاً حمىً " .
متفق عليهما .
أحمد ، نا ابن نمير ، عن عثمان بن حكيم ؛ أخبرني عامر بن سعد ، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إني أحرم ما بين لابتي المدينة ؛ أن يقطع عضاهها ، أو يقتل صيدها " .
أخرجه مسلم .
(2/35)
| 36 | أحمد في " مسنده " : ثنا علي بن عبد الله ، حدثني أنس بن عياض ، حدثني عبد الرحمن بن حرملة ، عن يعلى بن عبد الرحمن بن هرمز ؛ أن عبد الله بن عباد الزرقي أخبره " أنه كان يصيد ؛ العصافير في بئر إهاب ، قال : فرآني عبادة بن الصامت وقد أخذت العصفور ، فنزعه مني فأرسله ، وقال : أي بني ، إن رسول الله حرم ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم مكة " .
أحمد ؛ نا حسين بن محمد ، نا الفضيل بن سليمان ، ثنا محمد بن أبي يحيى ، عن عبيد الله بن ( حبيش ) الغفاري ، عن عبد الله بن سلام قال : " ما بين كدي وأحد حرام ، حرمه رسول الله ، ما كنت لأقطع به شجرة ، ولا أقتل به طائراً " .
406 - - مسألة - : ويضمن صيد المدينة بالجزاء .
وعنه : لا - كقول مالك .
وللشافعي قولان .
والجزاء مقدر بالسلب يتملكه الآخذ له ، وأحد قولي الشافعي ؛ يتصدق بالسلب على فقراء المدينة .
قال أحمد : نا أبو عامر ( م ) نا عبد الله بن جعفر ، عن إسماعيل بن محمد بن سعد ، عن عامر بن سعد " أن سعداً ركب إلى قصره بالعقيق ، فوجد غلاماً يخبط شجرا أو يقطعه ، فسلبه ، فلما رجع سعد ، جاءه أهل الغلام فكلموه أن يرد ما أخذ من غلامهم ، فقال : معاذ الله أن أرد شيئاً نفلنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى أن يرده عليهم " .
(2/36)
| 37 | 407 - - مسألة - : مكة أفضل البلاد .
وعنه : المدينة - كمالك .
روى الزهري ، أنا أبو سلمة أن عبد الله بن عدي بن الحمراء أخبره " أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ؛ وهو واقف بالحزورة في سوق مكة : والله إنك لخير أرض الله ، وأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت " .
- ق 104 - ب - / قلت : إسناده صحيح .
قال ابن صاعد : نا ابن أبي بزة ، نا مؤمل بن إسماعيل ، نا حماد بن سلمة ، نا ثابت ، نا عبد الله بن رباح ، عن أبي هريرة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل يقلب بصره في نواحي مكة ، وحوله الأنصار ، فقال : والله لقد عرفت أنك أحب البلاد إلى الله ، وأكرمها على الله ، ولولا أن قومي أخرجوني ما خرجت " .
قلت : معنى قوله : " أخرجوني " : أحوجوني إلى الخروج لتبليغ الوحي .
408 - - مسألة - : المجاورة بمكة لا تكره .
وقال أبو حنيفة : تكره .
قلت : ثم ساق المؤلف بإسناد مظلم - وفيه النقاش - من حديث جابر مرفوعاً : " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه ، إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة " .
(2/37)
| 38 | الطواف
409 - - مسألة - : السنة استلام الركن اليماني في طوافه .
وقال أبو حنيفة : لا يسن .
( م ) ابن خثيم ، عن أبي الطفيل قال : " كنت مع ابن عباس ، ومعاوية لا يمر بركن إلا استلمه ، فقال له ابن عباس : إن رسول الله لم يكن يستلم إلا الحجر الأسود والركن اليماني .
فقال معاوية : ليس شيء من البيت مهجوراً " .
( م ) عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني " .
حجاج بن أرطأة ، عن نافع ، وعطاء ، عن ابن عمر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل مكة ، استلم الركن الأسود والركن اليماني ، لم يستلم غيرهما " .
يحيى بن أبي بكير ، نا إسرائيل ، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز ، عن سعيد ابن جبير ، عن ابن عباس ، قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الركن اليماني ، ويضع خده عليه " .
ابن جريج ؛ أخبرني سليمان بن عتيق ، عن عبد الله بن بابيه ، عن بعض بني يعلى بن أمية ، عن يعلى بن أمية ، قال : " كنت مع عمر ، فاستلم الركن ، وكنت مما يلي البيت ، فلما بلغت الركن الغربي الذي يلي الأسود ، مررت بين يديه لأستلم ، فقال : ما شأنك ؟ قلت : ألا تستلم هذين ؟ فقال : ألم تطف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟(2/38)
| 39 | - فقلت : بلى - قال : أرأيته يستلم هذين الركنين ؟ يعني : الغربيين .
قلت : لا .
قال : أفليس لك فيه أسوة ؟ قلت : بلى .
قال : فانفذ عنك " .
رواه أحمد .
410 - - مسألة - : - ق 105 - أ - / يسن تقبيل ما يستلم به الحجر .
- ق 105 - أ - وقال مالك : لا يسن .
لنا ( م ) معروف بن خربوذ سمع أبا الطفيل يقول : " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت ، ويستلم الركن بمحجن معه ، ويقبل المحجن " .
( م ) عبيد الله ، عن نافع قال : " رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده ، ثم يقبل يده ، وقال : ما تركته منذ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله " .
411 - - مسألة - : لا يصح طواف المحدث ولا النجس .
وعنه : يصح ، ويلزمه دم - كقول أبي حنيفة .
جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الطواف حول البيت مثل الصلاة ، إلا أنكم تتكلمون فيه ؛ فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير " .
تفرد برفعه عطاء .
قال أحمد : اختلط في آخر عمره .
قلت : جرير أخذ عنه في أواخر عمره .
(2/39)
| 40 | ولنا : حديث عائشة أيضاً : " اقضي ما يقضي الحاج ، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري " .
وحديث " أن صفية حاضت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أكنت أفضت يوم النحر ؟ .
قالت : نعم .
قال : فانفري إذا " .
منع - صلى الله عليه وسلم - من الطواف لعدم الطهارة .
قال الخصم : إنما قال ذلك ؛ لأجل دخول المسجد .
قلنا : المنقول حكم وسبب ، فظاهر الأمر تعلق الحكم بالسبب .
412 - - مسألة - : إن ترك الحجر في طوافه ، لم نجزه ، خلافاً لأبي حنيفة .
( ت ) الدراوردي ، عن علقمة بن بلال ، عن أمه ، عن عائشة قالت : " كنت أحب أن أدخل البيت ، وأصلي فيه ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي ، فأدخلني الحجر ، فقال : صلي فيه إذا أردت دخول البيت ؛ فإنما هو قطعة من البيت ، ولكن قومك استقصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت " .
صححه ( ت ) .
413 - - مسألة - : تباح القراءة في الطواف .
وعنه : تكره - كقول مالك .
ابن جريج ، أخبرني يحيى بن عبيد مولى السائب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن السائب قال : " سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بين الركن اليماني والحجر : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " .
(2/40)
| 41 | وعن حبيب بن صهبان / " أنه رأى عمر وهو يطوف ، وما هجيراه إلا أن - ق 105 - ب - يقول : " ربنا آتنا في الدنيا حسنة " الآية " .
414 - - مسألة - : يباح تلفيق الأسابيع .
وكرهه أبو حنيفة والشافعي .
وهو أن يؤخر ركعتي الطواف حتى إذا فرغ ، صلى لكل أسبوع ركعتين .
سعيد في " سننه " نا سفيان ، حدثني محمد بن السائب بن بركة ، عن أمه " أنها طافت مع عائشة ثلاثة أسابيع ؛ لا تفصل بينهن ، ثم صلت لكل أسبوع ركعتين " .
وروى عبد السلام بن أبي الجنوب ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه " ان رسول الله قرن ثلاثة أطواف ؛ ليس بينها صلاة " .
هذا حديث منكر جداً ، وراويه متروك الحديث .
قاله أبو حاتم .
وقال ابن المديني والدارقطني : منكر الحديث .
قال المؤلف : لا يقبل الطعن حتى يبين سببه .
قلت : ورواه عبد السلام أيضاً ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : " طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أسباع ، ثم أتى المقام ، فصلى خلفه ست ركعات .
قال أبو هريرة : إنما أراد أن يعلمنا .
قلت : من تفرد عن الزهري بمثل هذين الحديثين النظيفي الإسناد ، فقد استحق الترك .
415 - - مسألة - : السعي ركن لا ينوب عنه الدم .
وعنه : سنة .
وقال أبو حنيفة : واجب يجبر بالدم .
(2/41)
| 42 | أحمد ؛ نا سريج ، نا عبد الله بن المؤمل ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن صفية بنت شيبة ، عن حبيبة بنت أبي نحراه ، قالت : " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بين الصفا والمروة ، والناس بين يديه ، وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي ؛ يدور به إزاره ، وهو يقول : اسعوا ، فإن الله كتب عليكم السعي " .
ابن المؤمل ضعف .
وعن ابن معين أنه ليس به بأس .
ابن المبارك ، أخبرني معروف بن مشكان ، أخبرني منصور بن عبد الرحمن ، عن أمه صفية قالت : أخبرني نسوة من بني عبد الدار قلن : " دخلنا دار ابن أبي حسين ، فاطلعنا من باب ، فرأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشتد في السعي ، حتى إذا بلغ زقاق بني فلان ، استقبل الناس ، فقال : يا أيها الناس ، اسعوا ؛ فإن السعي قد كتب عليكم " .
قلت : إسناده صحيح .
416 - - مسألة - : - ق 106 - أ - / القارن يجزئه طواف واحد ، وسعي .
وعنه : طوافان ، وسعيان - كأبي حنيفة .
لنا : تسعة أحاديث : ( خ م ) نافع ، عن ابن عمر " أنه أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير ، فقيل : إنا نخاف أن يصدوك فقال : إذن أصنع كما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشهد كم أني قد أوجبت عمرة ، ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء ، قال : ما شأن الحج والعمرة إلا واحد ، أشهدكم أني قد أوجبت حجا مع عمرتي .
وأهدي هديا اشتراه(2/42)
| 43 | بقديد ، فلم ينحر - ولم يحل من شيء حرم منه ، ولم يحلق ، ولم يقصر حتى كان يوم النحر ، فنحر وحلق ، ورأى أنه قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول .
وقال : كذلك فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
الدراوردي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من قرن بين حجته وعمرته ، أجزأه لهما طواف واحد " .
رواه أحمد والترمذي ، ولفظه : " أجزأه طواف وسعي واحد " .
( خ م ) مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة قالت : " خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع ، وأهللنا بعمرة ، ثم قال : من كان معه الهدي ، فليهل بالحج والعمرة ، ثم لا يحل حتى يحل منهما .
فطاف الذين أهملوا بالعمرة ثم حلوا ، ثم طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى ، وأما الذين جمعوا بينهما ، فإنما طافوا طوافاً واحداً " .
( م ) عطاء ، عن عائشة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها : طوافك بالبيت ، وبالصفا والمروة كافيك لحجك وعمرتك " .
الربيع بن صبيح ، عن عطاء ، عن جابر قال : " ما طاف لهما رسول الله إلا طوافاً واحداً ، وسعياً واحداً لحجه وعمرته " .
حجاج بن أرطأة ، عن أبي الزبير ، عن جابر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرن بين الحج والعمرة ؛ فطاف لهما طوافاً واحداً " .
حجاج والربيع ضعيفان .
الدارقطني ، نا ابن صاعد ، نا محمد بن إشكاب ، ثنا يحيى بن يعلى(2/43)
| 44 | المحاربي ، نا أبي ، نا غيلان بن جامع ، حدثني ليث ، نا عطاء وطاوس ومجاهد ، عن جابر ، وعن ابن عمر ، وعن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يطف هو وأصحابه بين الصفا والمروة ، إلا طوافاً واحداً لعمرتهم وحجهم " .
- ق 106 - ب - / علي بن عاصم ، عن حصين قال : " قال لي منصور : أنت يا حصين حدثتني عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه طافوا لحجهم وعمرتهم طوافاً واحداً " .
علي ضعيف .
وعن عطية ، عن أبي سعيد " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الحج والعمرة ، فطاف لهما طوافاً واحداً ، وسعياً واحداً " .
عطية ، وراويه عنه - ابن أبي ليلى - ضعيفان .
منصور بن أبي الأسود ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، عن ابن عباس " أن رسول الله طاف طوافاً واحداً لحجه وعمرته " .
قال المصنف : عبد الملك ضعيف .
قلت : بل هو صدوق .
فاحتجوا بحفص بن أبي داود ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي " انه جمع بين الحج والعمرة ؛ فطاف لهما طوافين ، وسعى لهما سعيين ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل " .
حفص متروك الحديث .
عباد بن يعقوب ، نا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارناً ، فطاف طوافين ، وسعى سعيين " .
عيسى تركه الدارقطني .
(2/44)
| 45 | جعفر بن محمد بن مروان ، نا أبي ، نا عبد العزيز بن أبان ، نا أبو بردة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود قال : " طاف رسول الله لعمرته وحجته طوافين ، وسعى سعيين ، وأبو بكر وعمر ، وعلي وابن مسعود " .
قال الدارقطني : أبو بردة هو عمرو بن يزيد ، هو ومن دونه ضعفاء .
عبد الله بن داود ، عن شعبة ، عن حميد بن هلال ، عن مطرف ، عن عمران ابن حصين " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف طوافين ؛ وسعى سعيين " .
تفرد به محمد بن يحيى الأزدي ، عن عبد الله .
قال الدارقطني : ثناه ابن صاعد عنه ؛ يقال أنه حدث به من حفظه فوهم ، وقد حدث به مراراً على الصواب ، ويقال أنه رجع عن ذكر الطواف والسعي .
عبد الله بن بزيع ، عن الحسن بن عمارة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، عن ابن عمر " أنه جمع بين حجة وعمرة ، فطاف لهما طوافين ، وسعى لهما سعيين ، وقال : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع " .
ابن عمارة متروك .
417 - - مسألة - : طواف الوداع واجب ، يلزمه بتركه دم ، خلافاً لمالك ، وأحد قولي الشافعي .
سليمان الأحول سمع طاوساً ، عن - ق 107 - أ - / ابن عباس قال : " كان الناس ينفرون من منى إلى وجههم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ورخص للحائض .
( ت ) عيسى بن يونس ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : " من حج البيت ، فليكن آخر عهده بالبيت الطواف ، إلا الحيَّضَ ؛ رخص لهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
صححه ( ت ) .
(2/45)
| 46 | ( ت ) حجاج بن أرطأة ، عن عبد الملك بن المغيرة ، عن عبد الرحمن بن ( البيلماني ) ، عن عمرو بن أوس ، عن الحارث بن عبد الله بن أوس ؛ سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من حج هذا البيت أو اعتمر ، فليكن آخر عهده بالبيت .
فقال له عمر : خررت من يديك ، سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولم تخبرنا به " .
قلت : إسناده ضعيف .
418 - - مسألة - : فإن طاف ولم يعقبه الخروج ، لزمته الإعادة ، خلافاً لأبي حنيفة .
(2/46)
| 47 | الوقوف
419 - - مسألة - : ووقته من طلوع الفجر يوم عرفه إلى الفجر من يوم النحر .
وقال أبو حنيفة : والشافعي : أوله بعد الزوال من يوم عرفة .
وقال مالك : وقت الإجزاء ليلة النحر فقط .
ابن أبي خالد ، نا الشعبي ، حدثني عروة بن مضرس قال : " جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - .
.
.
.
- فقلت : يا رسول الله ، جئت من جبلى طيء ، أكللت مطيتي ، وأتعبت نفسي ، والله ما تركت من حبل إلا وقفت عليه ، فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أدرك هذه الصلاة - يعني صلاة الفجر - وأتى عرفات قبل ذلك ، ليلاً أو نهاراً ، تم حجه ، وقضى تفثه " .
صححه الترمذي .
420 - - مسألة - : فإن دفع من عرفات قبل الغروب ، فعليه دم ، خلافاً لأحد قولي الشافعي .
الثوري ، عن ( عبد الرحمن بن الحارث بن عياش ) ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي قال : " وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفة ، فأفاض حين غابت الشمس " .
( د ) ابن إسحاق ، حدثني إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن أسامة ، قال : " كنت ردف رسول الله ، فلما وقعت الشمس ، دفع " .
(2/47)
| 48 | 421 - - مسألة - : يجوز الدفع من مزدلفة بعد نصف الليل .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز حتى يطلع الفجر .
الضحاك بن عثمان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : " أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة ليلة النحر ، فرمت قبل الفجر ، ثم مضت فأفاضت " .
رواه الدارقطني .
- ق 107 - ب - / فاحتجوا بحديث زمعة بن صالح ، عن سلمة بن وهرام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف بجمع ، فلما أضاء كل شيء قبل أن تطلع الشمس ، أفاض " .
زمعة ضعيف .
قلت : بل حديثه حسن ، لكن الدلالة به لا تنهض .
422 - - مسألة - : من دفع قبل نصف الليل ، لزمه دم .
وقال أبو حنيفة : لا دم عليه .
وللشافعي قولان .
لنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " خذوا عني مناسككم " .
وروى أبو داود ؛ من حديث ابن عمر " أن رجلاً قال له : إنا نبيت بمكة ؟ فقال : أما رسول الله فبات بمنى ، وظل " .
ومن حديث عائشة ، قالت : " مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى ليالي أيام التشريق " .
قلت : هكذا احتج المؤلف على هذه المسألة ؛ فيحرر .
(2/48)
| 49 | التحلل
423 - - مسألة - : يجوز رمي جمرة العقبة بعد نصف الليل .
وقال أبو حنيفة ومالك : لا ، حتى يطلع الفجر .
لنا : حديث أم سلمة المذكور .
فذكروا حديث المسعودي - الحكم - ، عن مقسم ، عن ابن عباس : " أن رسول الله قدم ضعفة أهله ، وقال : لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس " .
صححه الترمذي .
424 - - مسألة - : لا يجوز الرمي إلا بالحجارة .
وقال أبو حنيفة : يجوز بجميع جنس الأرض .
أحمد ، نا سفيان ، عن زياد بن سعد ، عن أبي الزبير ، عن أبي معبد ، عن ابن عباس ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " عليكم بمثل حصى الحذف " .
( د ) يزيد بن أبي زياد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أمه قالت : " رأيت رسول الله عند جمرة العقبة ، ورأيت بين أصابعه حجراً ، فرمى ، ورمى الناس " .
425 - - مسألة - : لا يرمى بما رمي به .
(2/49)
| 50 | وجوزه أكثرهم .
يحيى بن سعيد الأموي - نا أبي - ، نا يزيد بن سنان ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن عمرو بن مرة ، عن ابن لأبي سعيد ، عن أبي سعيد قال : قلنا : " يا رسول الله ، هذه الجمار التي يرمى بها كل عام ، نحسب أنها تنقص ؟ قال : إنه ما يقبل منها يرفع ، ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال " .
قلت : يزيد ضعفه أحمد وابن المديني ، وولد أبي سعيد فيه جهالة .
الكديمي ، نا أبو عاصم ، عن عبيد الله بن هرمز ، عن سعيد بن جبير ، قال : " الحصى قربان ؛ فما قبل منه رفع ، وما - ق 108 - أ - / لم يقبل بقي " .
426 - - مسألة - : لو نكس ؛ فرمى جمرة العقبة ، ثم الوسطى ، ثم الأولى ، لم يجزه .
وقال أبو حنيفة : يجزئه .
لنا : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى مرتبا ، وقال : خذوا عني " .
وقال ( خ ) سالم ، عن أبيه " أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات ، يكبر على إثر كل حصاة ، ثم يتقدم حتى يسهل ، فيقوم مستقبل القبلة ، فيقوم طويلاً ، ويدعو ويرفع يديه ، ويقوم طويلاً ، ثم يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي ، ولا يقف عندها ، ثم ينصرف فيقول : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل " .
427 - - مسألة - : في النفر الأول خطبة .
وقال أبو حنيفة ومالك : لا .
(2/50)
| 51 | لنا : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب في ثاني يوم من أيام التشريق ، وقال : خذوا عني " .
( د ) أبو عاصم ، نا ربيعة بن عبد الرحمن ، حدثتني جدتي سراء بنت نبهان - قالت - : " خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الرءوس ؛ فقال : أي يوم هذا ؟ .
قلنا : الله ورسوله أعلم .
قال : أليس أوسط أيام التشريق " .
428 - - مسألة - : من ترك المبيت بمنىً ليالي منى ، لزمه دم .
وعنه : لا - كقول أبي حنيفة .
( خ ) قال ابن عمر : " استأذن العباس النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبيت بمكة ليالي منى ؛ من أجل سقايته ، فأذن له " .
لو لم يكن واجباً لما احتاج إلى إذن .
429 - - مسألة - : لا يجزئه في التحلل حلق بعض رأسه .
وقال أبو حنيفة : يجزئه ما يجزئه مسحه في الطهارة .
( خ م ) هشام ، عن ابن سيرين ، عن أنس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمى الجمرة ثم نحر البدن ، ثم حلق أحد شقيه الأيمن ، وقسمه بين الناس فأخذوه وحلق الآخر فأعطاه أبا طلحة " .
قلت : حلق بعض الرأس منهي عنه .
(2/51)
| 52 | الإحصار
430 - - مسألة - : يجب على المحصر إذا ذبح أن يحلق .
وعنه : لا حلاق عليه - كقول أبي حنيفة .
( خ م ) قال ابن عمر : " خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحال كفار قريش دون البيت ، فنحر رسول الله هديه ، وحلق رأسه " .
431 - - مسألة - : يجوز للمتمتع والقارن أن يقدما الحلاق على الذبح والرمي .
وعنه : إن تعمدا ذلك ، فعليهما دم .
وقال أبو حنيفة : عليهما الدم وإن نسيا .
( خ م ) الزهري ، عن عيسى بن طلحة ، عن عبد الله بن عمرو قال : " رأيت - ق 108 - ب - / رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفاً على راحلته بمنى ، فأتاه رجل فقال : يا رسول الله إني كنت أرى الحلق قبل الذبح ؟ قال : اذبح ولا حرج .
ثم جاءه آخر فقال : يا رسول الله ، إني كنت أرى الذبح قبل الرمي ؛ فذبحت قبل أن أرمي ؟ قال : ارم ، ولا حرج .
فما سئل عن شيء قدمه رجل قبل شيء إلا قال : افعل ، ولا حرج " .
( خ م ) ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الذبح والرمي والحلق ، والتقديم والتأخير ، فقال : لا حرج " .
(2/52)
| 53 | 432 - - مسألة - : يجب الهدي في حق المحصر .
وقال مالك : لا يجب .
الثوري ، عن أبي الزبير ، عن جابر : " نحرنا يوم الحديبة سبعين بدنة ؛ البدنة عن سبعة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ( ليشترك النفر ) في الهدي .
قال تعالى : " فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي " .
433 - - مسألة - : ويذبح الهدي حيث أحصر .
وقال أبو حنيفة : لا يذبحه إلا في الحرم .
لنا : أنهم نحروا بالحديبية ؛ وهي حل .
434 - - مسألة - : ومن أحصر في حج التطوع ، لم يلزمه القضاء .
وعنه : يلزمه - كقول أبي حنيفة .
لنا : أنه - صلى الله عليه وسلم - أحرم بالعمرة سنة ست ، ومعه ألف وأربعمائة ، ثم عاد من قابل ، ومعه جمع يسير ، فلو وجب قضاء ، لبينه لهم .
435 - - مسألة - : إذا اشترط أنه متى مرض تحلل ، وإن حصره عدو ، أو إن أخطأ العدد ، كان شرطاً صحيحاً يستفيد به التحلل ، ولا دم عليه .
(2/53)
| 54 | وقال أبو حنيفة ومالك : وجود هذا الشرط كعدمه ، فعند أبي حنيفة لا - يتحلل - إلا بالهدي ، وعند مالك لا يتحلل إذا أخطأ العدد .
( خ م ) الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : " دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على ضباعة بنت الزبير ، فقالت : يا رسول الله ، إني أريد الحج ، وأنا شاكية ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : حجي ، واشترطي أن محلي حيث حبستني " .
( ت ) سفيان بن حسين ، عن أبي بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن ضباعة أرادت الحج ، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اشترطي عند إحرامك : محلي حيث حبستني ، فإن ذلك لك " .
صححه ( ت ) .
436 - - مسألة - : والمحصر بمرض لا يباح له التحلل ، إلا أن يكون قد اشترط في ابتداء إحرامه أنه يتحلل به .
وقال أبو حنيفة : حكمه حكم الإحصار بالعدد .
لنا حديث ضباعة ؛ ولو كان الاشتراط يبيحها التحلل ، ما كان لاشتراطها معنى .
فذكروا حديث حجاج بن عمرو ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " من كسر ، أو عرج - ق 109 - أ - / فقد حل " .
فهذا حمله أصحابنا على ما إذا شرط .
(2/54)
| 55 | 437 - - مسألة - : لا يجوز لامرأة تحج ( بغير ) محرم .
وجوزه مالك والشافعي ؛ إذا كان معها نساء ثقات .
( خ م ) عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم " .
( خ م ) عبد الملك بن عمير ، سمعت قزعة ؛ سمعت أبا سعيد قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا تسافر امرأة مسيرة يومين ، أو ليلتين ، إلا ومعها زوجها ، أو ذو محرم " .
( خ م ) سعيد المقربي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم " .
438 - - مسألة - : لا فرق بين طويل السفر وقليله .
وقال أبو حنيفة : العبرة بالطويل .
وعن أحمد نحوه .
(2/55)
| 56 | الفوات
439 - - مسألة - : من فاته الحج ، انقلب نسكه عمرة .
وعنه : إحرامه بحاله ، ويتحلل منه بفعل عمرة ، وبه قال أكثرهم .
يحيى بن عيسى الرملي ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من فاته عرفات ، فقد فاته الحج ، فليحل بعمرة ، وعليه الحج من قابل " .
رحمة بن مصعب ، عن ابن أبي ليلى ، عن عطاء ونافع ، عن ابن عمر ؛ أن رسول الله قال : " من فاته الحج ، فليحل بعمرة ، وعليه الحج من قابل " .
يحيى ورحمة ضعيفان .
هشيم ، أنا مغيرة ، عن إبراهيم ، عن الأسود " أن رجلاً فاته الحج ، فأمره عمر أن يحل بعمرة ، وعليه الحج من قابل " .
(2/56)
| 57 | الهدي
440 - - مسألة - : إشعار البدن وتقليدها سنة .
وقال أبو حنيفة : يكره الإشعار .
شعبة وغيره عن قتادة ، عن أبي حسان الأعرج ، عن ابن عباس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشعر بدنه من الجانب الأيمن ، ثم سلت الدم عنها ، وقلدها نعلين بذي الحليفة " .
صححه ( ت ) .
ويروى عن إبراهيم النخعي ، قال : الإشعار مثلة .
قلت : ما كأنه بلغه الحديث .
441 - - مسألة - : وصفته شق صفحة سنامها الأيمن .
وعنه : الأيسر - كقول أبي يوسف ومحمد .
442 - - مسألة - : ويسن تقليد الغنم .
وقال أبو حنيفة ومالك : لا يسن .
( خ ) منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت : " كنت افتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلها غنما " .
(2/57)
| 58 | صححه ( ت ) .
443 - - مسألة - : يجوز النحر في كل الحرم .
وقال مالك : لا ينحر الحاج إلا بمنى ، ولا المعتمر إلا بمكة .
( ت ) أسامة بن زيد ، عن عطاء ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : - ق 109 - ب - / " منى كلها منحر ، وكل فجاج مكة منحر وطريق ، وكل عرفة موقف ، وكل المزدلفة موقف " .
444 - - مسألة - : لا يأكل من الدماء الواجبة ، إلا من هدى التمتع والقرآن .
وقال الشافعي : لا يأكل منهما أيضاً .
لنا : ما روى عبد الرحمن بن أبي حاتم في " سننه " من حديث علي ، قال : " أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهدي التمتع ؛ أن أتصدق بلحومها سوى ما يأكل " .
فذكروا حديث هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن ناجية صاحب بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " قلت : يا رسول الله ، كيف أصنع بما عطب من البدن ؟ قال : انحره ، واغمس نعله في دمه ، واضرب صفحته ، وخل بين الناس وبينه ، فليأكلوه " .
صححه ( ت ) .
( م ) أبو التياح ، عن موسى بن سلمة ، عن ابن عباس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بثماني عشرة بدنة مع رجل ، وأمره فيها بأمره ، فانطلق ، ثم رجع إليه فقال :(2/58)
| 59 | أرأيت إن أزحف علينا منها شيءٌ ؟ فقال : انحرها ، ثم اصبغ نعلها في دمها ، ثم اجعلها على صفحتها ، ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك " .
( م ) معمر ، عن قتادة ، عن سنان بن سلمة ، عن ابن عباس " أن ذؤيب ابن حلحه أخبره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معه ببدنتين ، وأمره إن عرض لهما شيء ، أو عطبتا ؛ أن ينحرهما ، ثم يغمس نعليها في دمائهما ، ثم يضرب بنعل كل واحدة صفحتها ، ويخليها والناس ، ولا يأكل منها هو ، ولا أحد من أصحابه " .
والجواب ؛ أنا نحمله على غير مسألتنا .
445 - - مسألة - : من نذر بدنة وأطلق ، فهو مخير بين الجزور والبقرة .
وعنه : لا ينتقل إليها إلا عند عدم الجزور - كقول الشافعي .
لنا : حديث جابر " كنا ننحر البدنة عن سبعة ؛ قيل له : والبقرة ؟ فقال : وهل هي إلا من البدن " .
446 - - مسألة - : ويجوز أن يشترك سبعة في بدنه .
قال أبو حنيفة : إن كان بعضهم يريد اللحم ، لم يصح .
وقال مالك : لا يصح الاشتراك في الهدي الواجب .
لنا ( م ) أبو الزبير ، عن جابر : " قدمنا مكة ، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من لم يكن معه هدي فليحل .
وأمرنا أن نشترك في الإبل والبقر ؛ كل سبعة منا في بدنة " .
(2/59)
| 60 | - ق 110 - أ - مالك ، عن أبي الزبير ، عن جابر " نحرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - / عام الحديبية البقرة عن سبعة ، والبدنة عن سبعة " .
صححه ( ت ) .
( ت ) حسين بن واقد ، عن علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : " كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فحضر الأضحى ، فاشتركنا في البقرة سبعة ، وفي الجزور عشرة " .
(2/60)
| 61 | الأضحية
447 - - مسألة - : سنةٌ .
وعنه : واجبة - كقول أبي حنيفة .
( م ) مالك ، عن عمرو بن مسلم ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم سلمة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيتم هلال ذي الحجة ، وأراد أحدكم أن يضحي ، فليمسك عن شعره وأظفاره " .
فوجه الحجة ؛ أنه علقه بالإرادة ، واستدلوا بحديث عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ثلاث هن علي فريضة ، ولكم تطوع .
.
.
" منها النحر .
وهذا يرويه أبو جناب ؛ وهو متروك .
قيس بن الربيع ، عن جابر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كتب علي النحر ، ولم يكتب عليكم " .
جابر الجعفي ضعيف .
عثمان بن عبد الرحمن الحراني ، ثنا يحيى بن أبي أنيسة ، عن جابر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أمرت بالنحر ، وليس بواجب " .
قلت : إسناده واه .
(2/61)
| 62 | فاحتجوا بالمقرئ ؛ نا عبد الله بن عياش ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من وجد سعة فلم يضح ، فلا يقربن مصلانا " .
رواه أحمد في " مسنده " عنه ، وقال : هذا منكر .
وقال الدارقطني : الأصح وقفه ، ثم لا يدل على الوجوب ، كما قال : " من أكل الثوم ، فلا يقربن مسجدنا " .
زائدة ، نا أبو جناب الكلبي ، نا يزيد بن البراء بن عازب ، عن البراء قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنما الذبح بعد الصلاة .
فقام أبو بردة بن نيار فقال : عجلت ؛ ذبحت شاتي ، وعندي جذعة ؟ فقال : لن تفي عن أحد بعدك " وفي لفظ : " لن تجزئ " .
أبو جناب متروك ، ثم المراد : لن تفي في إقامة السنة ؛ يدل عليه - ق 110 - ب - / ما في " الصحيحين " للشعبي ، عن البراء " خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا ؛ إن نصلي ثم نرجع فننحر ، فمن فعل ذلك أصاب السنة ، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء .
فقال أبو بردة : يا رسول الله ، ذبحت ، وعندي جذعة خير من مسنة ؟ قال : اجعلها مكانها ، ولن تجرئ - أو توفي - عن أحد بعدك " .
ابن عون ، عن ابن أبي رملة ، قال : نبأه مخنف بن سليم ، قال : " بينا نحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف بعرفة ، فقال : أيها الناس ، إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة ، تدرون ما العتيرة ؟ هذه التي يقول الناس : الرجبية " .
رواه أحمد في " المسند " وابن أبي عامر مجهول ، ثم العتيرة لا تسن أصلاً .
(2/62)
| 63 | الهيثم بن سهل ، نا المسيب بن شريك ، ثنا عبيد المكتب ، عن عامر ، عن مسروق ، عن علي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " نسخ الأضحى كل ذبح ، وصوم رمضان كل صوم " .
المسيب متروك ، والهيثم ضعيف .
يعقوب بن محمد الزهري ، نا رفاعة بن هرير ، نا أبي ، عن عائشة قالت : " يا رسول الله ، أستدين وأضحي ؟ قال : نعم ؛ فإنه دين مقضي " .
قال الدارقطني : إسناده ضعيف ، وهرير هو ابن عبد الرحمن بن رافع بن خديج ، لم يدرك عائشة .
448 - - مسألة - : يكره لمن أراد أن يضحي إذا دخل العشر أن يحلق شعره ، أو يقلم ظفره ، خلافاً لأبي حنيفة .
ومن أصحابنا من قال : يحرم لحديث أم سلمة المذكور .
449 - - مسألة - : الأفضل الإبل ، ثم البقر ، ثم الغنم .
وقال مالك : الغنم ، ثم البقر ، ثم الإبل .
ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن أبي عبد الله الأغر ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا كان يوم الجمعة ، وقفت الملائكة على أبواب المسجد ، يكتبون الأول فالأول ، فمثل المهجر إلى الجمعة ، كمثل الذي يهدي بدنة ، ثم كالذي يهدي بقرة ، ثم كالذي يهدي كبشاً ، ثم كالذي يهدي دجاجة - ق 111 - أ - / ثم كالذي يهدي بيضةً ، فإذا خرج الإمام ، وقعد على المنبر ، طووا صحفهم وجلسوا يستمعون الذكر " .
(2/63)
| 64 | 450 - - مسألة - : لا يجوز أن يضحي بعضباء القرن والأذن .
وقال مالك : إن كان قرنها يدمي لم يجز ، وجوز المقطوعة الأذن .
وقال أبو حنيفة : يجوز بعضباء القرن .
قتادة ، عن جري بن كليب ، عن علي قال : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نضحي بعضباء القرن والأذن " .
هذا من " المسند " .
451 - - مسألة - : لا يجوز ذبحها قبل صلاة الإمام .
وقال أبو حنيفة : هذا في الأمصار ، أما أهل القرى ؛ فيجوز أن يذبحوا بعد طلوع الفجر .
وقال مالك : وقت الذبح ؛ إذا صلى الإمام وذبح .
وقال الشافعي : وقته أن يمضي بعد دخول وقت الصلاة زمان خطبتين وركعتين .
لنا : حديث البراء " إن أول ما نبدأ به أن نصلي .
.
.
" الحديث كما سبق .
( خ م ) الأسود بن قيس ، عن جندب " أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أضحى ، قال : فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو باللحم وذبائح الأضحى ، فعرف رسول الله أنها ذبحت قبل أن يصلي ، فقال رسول الله : من كان ذبح قبل أن يصلي ، فليذبح مكانها أخرى ، ومن لم يكن ذبح حتى صلينا ، فليذبح باسم الله " .
(2/64)
| 65 | 452 - - مسألة - : لا يجوز بيع جلود الأضاحي .
وجوزه أبو حنيفة .
( خ م ) عبد الكريم الجزري ، عن مجاهد ، عن ابن أبي ليلى ، عن علي : " أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنه ، وأن أتصدق بلحومها وجلودها ، وأجلتها ، وأن لا أعطي الجازر منها شيئاً ، وقال : نحن نعطيه من عندنا " .
453 - - مسألة - : العقيقة مستحبة .
وقال أبو حنيفة : لا تستحب .
وقال داود : واجبة .
ونقلها أبو بكر عبد العزيز ، عن أحمد .
لنا : داود بن قيس ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة ، فقال : من أحب منكم أن ينسك عن ولده ، فليفعل ؛ عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة " .
حسين بن واقد ، نا ابن بريدة ، عن أبيه قال : " عق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن والحسين " .
( خ ) قتادة ، عن ابن سيرين ، عن سلمان بن عامر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " مع الغلام عقيقته ، فأهريقوا عنه الدم ، وأميطوا عنه الأذى " .
- ق 111 - ب - / ( ت ) علي بن مسهر ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن الحسن ، عن - ق - 111 - ب -(2/65)
| 66 | سمرة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الغلام مرتهن بعقيقته ، تذبح عنه يوم السابع ، ويسمى ، ويحلق رأسه " .
العقيقة هي الشاة المذبوحة ، لأنها تعق مذابحها .
أي تشق .
وقيل : العقيقة الشعر الذي يحلق عن الصبي .
454 - - مسألة - : والمستحب شاتان عن الغلام ، وشاة عن الجارية .
وقال مالك : شاة عن الجميع .
روى إسماعيل بن عياش ، عن ثابت بن عجلان ، عن مجاهد ، عن أسماء بنت يزيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " العقيقة حق ؛ عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة " .
ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن حبيبة بنت ميسرة ، عن أم كرز الكعبية ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " عن الغلام شاتان فكافئتان ، وعن الجارية شاة " .
قال أحمد بن حنبل بعد أن رواهما في " مسنده " : مكافئتان : مستويتان أو متقاربتان .
(2/66)
| 67 | البيوع
455 - - مسألة - : بيع ما لم يره المتبايعان من غير صفة لا يصح .
وعنه : يصح .
وهل يثبت فيه خيار الرؤية ؟ على روايتين .
وبه قال أبو حنيفة .
( م ) عبيد الله بن عمر ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الغرر " .
أحمد في " المسند " نا أيوب بن عتبة ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عطاء ، عن ابن عباس : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر " .
أحمد في " المسند " نا أيوب بن عتبة ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عطاء ، عن ابن عباس : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع لبغرر " .
أبو بشر ، عن يوسف بن ماهك ، عن حكيم بن حزام " قلت : يا رسول الله ، الرجل يأتيني يسألني البيع ليس عندي ، فأبيعه منه ، ثم أبتاعه من السوق ؟ قال : لا تبع ما ليس عندك " .
فاحتجوا بما روى داهر بن نوح ، نا عمر بن إبراهيم بن خالد ، نا وهب اليشكري ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : " من اشترى شيئاً لم يرهُ ، فهو بالخيار إذا رآه " .
ورواه عمر ، عن فضيل بن عياض ، عن هشام ، عن محمد .
(2/67)
| 68 | قال الدارقطني : عمر هو الكردي ؛ كان يضع الحديث .
وإنما ورد هذا من قول ابن سيرين .
سعيد في " سننه " نا إسماعيل بن عياش ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن مكحول ؛ رفع - ق 112 - أ - / الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من اشترى شيئاً لم يره ، فهو بالخيار إذا رآه ؛ إن شاء أخذه ، وإن شاء تركه " .
مع إرساله ؛ فابن أبي مريم ضعيف .
(2/68)
| 69 | الخيار
456 - - مسألة - : خيار المجلس ثابتٌ ، خلافاً لأبي حنيفة ومالكٍ .
ابن عينية ( خ م ) حدثني عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، أو يكون بيع خيار " .
( خ م ) ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أبي الخليل ، عن عبد الله بن الحارث ، عن حكيم بن حزام قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبينا رزقا بركة بيعهما ، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما " .
( خ م ) يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر ؛ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يختارا .
وكان ابن عمر إذا ابتاع بيعاً وهو قاعد قام ليجب له " .
هشام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " .
حماد بن زيد ، عن حميد بن مرة ، عن أبي الوضيء ، قال : " كنا في سفرٍ ، ومعنا أبو برزة ، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " .
457 - - مسألة - : يجوز الخيار أكثر من ثلاثٍ ، خلافاً لأكثرهم .
(2/69)
| 70 | قال - صلى الله عليه وسلم - : " المؤمنون عند شروطهم " .
واحتجوا بابن إسحاق ، حدثني محمد بن يحيى قال : " كان جدي ( حبان ابن منقذ ) لا يدع التجارة ، ولا يزال يغبن ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر ذلك له ، فقال : إذا بايعت فقل : لا خلابة ، ثم أنت في كل سلعة تبتاعها بالخيار ثلاث ليال " .
أحمد بن عبد الله بن ميسرة - أحد المتروكين - نا أبو علقمة الفروي ، نا نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً : " الخيارُ ثلاثةُ أيامٍ " .
قلنا : حديث حبان خاص به ، والثاني لم يثبت ، إذ أنه خرج مخرج الأغلب ، وليس ذلك بمانع من الزيادة على ثلاث للحاجة ، كالاستجمار بثلاثة أحجار .
(2/70)
| 71 | الربا
458 - - مسألة - : علة الربا مكيل جنس .
وعنه : أن العلة بمطعوم جنس - كقول الشافعي .
وعنه ؛ أن العلة الكيل والطعم إذا اجتمعا .
وقال مالك : العلة القوت وما يصلحه .
فوجه الأولى ( م ) خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن عبادة بن الصامت ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الذَّهبُ بالذهبِ ، والفضَّةُ بالفضَّةِ ، والبُرُّ بالبُرِّ ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ ، والتَّمرُ بالتَّمرِ - ق 112 - ب - / والملحُ بالملحِ ، مثلاً بمثلٍ يداً بيدٍ ، فإذا اختلفت هذه الأصناف ، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ " .
الحجة أنه اشترط الممثالة ، ولا تتحقق إلا بالكيل .
( م ) فضيل بن غزوان ، عن أبي ( زرعة ) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الحنطةُ بالحنطةِ ، والشَّعيرُ بالشعيرِ ، والتَّمرُ بالتَّمرِ ، والملحُ بالملحِ ، كيلاً بكيلٍ ، وزناً بوزنٍ ، فمن زادَ أو ازداد فقد أربى ، إلا ما اختلفَ ألوانه " .
أبو بكر بن عياش ، عن الربيع بن صبيح ، عن الحسن ، عن عبادة وأنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما وزن مثلاً بمثلٍ إذا كان نوعاً واحداً ، وما كيل فمثلُ ذلك ، وإذا اختلف النوعان فلا بأس به " .
(2/71)
| 72 | الدراوردي ، عن عبد المجيد بن سهيل ، عن سعيد بن المسيب ؛ أن أبا سعيد وأبا هريرة حدثاه " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سواد بن غزية ، وأمره على خيبر ، فقدم عليه بتمر جنيبٍ - يعني : الطيب - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال : لا والله يا رسول الله ، إنا لنشتري الصاع بالصاعين ، والصاعين بثلاثة آصُعٍ من الجمعِ .
قال : لا تفعل ، ولكن بع هذا واشتر بثمنه من هذا " وكذلك الميزان - يعني : ما يدخل في الوزن " .
احتجوا بما رواه ابن وهب ، أنا عمرو بن الحارث ؛ أن أبا النضر حدثه أن بسر ابن سعيد حدثه ، عن معمر بن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الطعامُ بالطَّعامِ مثلاً بمثلٍ " .
وحجتهم أن الطعام مشتق من الطعمِ ؛ فهو يعم المطعوم .
459 - - مسألة - : لا يجوز بيع تمرة بتمرتين ، ولا حفنة بحفنتين .
وجوزه أبو حنيفة .
لنا قوله : " إلا مثلاً بمثلٍ " .
460 - - مسألة - : علة الربا في الدراهم والدنانير الوزن ؛ فتعدى العلة إلى كل موزون .
وقال مالك والشافعي : العلة كونهما ثمناً .
لنا : ما تقدم من حديث عبادة وأنسٍ .
461 - - مسألة - : لا يجوز التفرق في بيع ما يجري فيه الربا بعلةٍ واحدة قبل القبضِ ، كالمكيلِ بالمكيلِ ، والموزونِ بالموزُونِ .
(2/72)
| 73 | وقال أبو حنيفة : يجوز .
لنا حديث عبادة : " يداً بيدٍ " .
( خ ) الزهري ، عن مالك بن أوس أنه أخبره " أنه التمس صرفاً بمائة دينارٍ ، قال : فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا حتى اصطرف مني ، فأخذ الذهب يقلبها في يده ، ثم قال : - ق 113 - أ - / حتى يأتي خازني من الغابة .
وعمرُ يسمعُ ذلك ، فقال : والله لا - ق 113 - أ - تفارقه حتى تأخذ منه ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الذهب بالورق ربا ، إلا ها وها ، والبرُّ بالبرِّ ربا ( إلا ها وها ) والشعيرُ بالشعير ربا ، إلا ها وها ، والتمرُ بالتمر ربا " .
وفي لفظ أخرجه البرقاني على " الصحيحين " : " والذهب بالذهب ربا ، إلا ها وها " .
شعبة ، حدثني حبيب ، عن أبي المنهال ، سمعت زيد بن أرقم والبراء يقولان : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الذهب بالورق ديناً " .
رواه أحمد .
462 - - مسألة - : ما لا يدخله رباً لا يحرم فيه النساء ؛ وهو غير المكيل والموزون .
" وعنه : يحرم إذا كان جنساً واحداً - كقول أبي حنيفة .
وقال مالك : يحرم النساء في الجنس الواحدِ إذا كان متفاضلاً ، فأما الجنسان فلا .
ابن وهب ، أنا ابن جريج أن عمرو بن شعيب أخبره ، عن أبيه ، عن عبد الله ابن عمرو " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يجهز جيشاً ، قال عبد الله بن عمرو : وليس عندي ظهر ، قال : فأمره رسول الله أن يبتاع ظهراً إلى خروج المصدق بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
(2/73)
| 74 | رواه الدارقطني ، عن ابن زياد ، عن يونس بن عبد الأعلى عنه .
( م ) مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي رافع " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسلف من رجل بكراً ، فأتته إبلٌ من إبلِ الصدقة ، فقال : أعطوه .
فقالوا : لا نجد إلا رباعيًّا خياراً .
فقال : أعطوه ؛ فإن خير الناس أحسنهم قضاءً " .
فاحتجوا ( خ م ) بابن جريج ؛ أخبرني عمرو بن دينار أن أبا صالح الزيات أخبره أنه سمع أبا سعيد يقول : " الدينارُ بالدينارِ ، والدرهمُ بالدرهم .
فقلت له : فإن ابن عباس لا يقوله .
فقال أبو سعيد : سألته ، فقلت : سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو وجدته في كتاب الله ؟ قال : كل ذلك لا أقول ، وأنتم أعلم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني ، ولكني أخبرني أسامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا ربا إلا في النسيئة " .
قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحيوانِ بالحيوانِ نسيئةً " .
حجاج ، عن أبي الزبير ، عن جابر : " نهى رسول الله عن بيع الحيوانِ بالحيوانِ نسيئةً ؛ اثنين بواحدٍ ، ولا بأس به يداً بيدٍ " .
رواهما أحمد في " مسنده " .
أبو أحمد الزبيري ، نا سفيان ، عن معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن - ق 113 - ب - / بيع الحيوانِ بالحيوانِ نسيئةً " .
463 - - مسألة - : الحنطة والشعير جنسان يجوز التفاضل فيهما ، خلافاً لمالكٍ .
(2/74)
| 75 | قتادة ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن عبادة بن الصامت قال : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يباع الذهبُ بالذهبِ ، إلا وزناً بوزن ، والورقُ بالورقُ إلا وزناً ؛ تبِرهُ وعينهُ .
وذكر الشعيرَ بالشعيرِ ، والبرَّ بالبرِّ ، ولا بأس بالشعير بالبرِّ يداً بيدٍ ، والشعيرُ أكثرهُما " .
رواه الدارقطني من طريق همام بن يحيى عنه .
464 - - مسألة - : لا يجوز بيع الحنطة المبلولة باليابسة .
وجوزه أبو حنيفة .
لنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " أينقص إذا يبس ؟ قالوا : نعم .
فنهى عن ذلك " .
وسيأتي بإسناده .
465 - - مسألة - : العبرة بمكيال المدينة ، وميزان مكة .
وقال أبو حنيفة : الاعتبار في كل بلد بعادته .
( د ) الثوري ، عن حنظلة ، عن طاوس ، عن ابن عمر ، قال رسول الله : " الوزنُ وزنُ أهل مكة ، والمكيالُ مكيالُ أهل المدينة " .
قال ( د ) : رواه بعضهم ؛ فقال : عن ابن - عباس - مكان ابن عمر ، ورواه الوليد بن مسلم ، فقال فيه : " الوزنُ وزنُ أهل المدينة ، ومكيال مكة " .
466 - - مسألة - : لا يجوز الرُّطبُ بالتمرِ .
وجوزه أبو حنيفة .
(2/75)
| 76 | لنا : مالك ، عن عبد الله بن يزيد ، عن زيد أبي عياش ، عن سعد بن أبي وقاص ، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - " يسأل عن الرطبِ بالتمرِ ، فقال : ينقصُ إذا يبس ؟ قالوا : نعم .
قال : فلا إذن " .
صححه الحاكم ، وقال أبو حنيفة : أبو عياش مجهول .
قلنا : قد عرفه غيره ، وعدله ابن خزيمة .
فإن قيل : إنما نهى عنه نسيئة .
معاوية بن سلام وغيره ، عن يحيى بن أبي كثير قال : أخبرني عبد الله بن يزيد أن أبا عياش أخبره أنه سمع سعداً يقول : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الرطب بالتمر نسيئةً " .
خالفه مالك ، وإسماعيل بن أمية ، والضحاك بن عثمان ، وأسامة بن زيد فرووه عن عبد الله المذكور ، ولم يقولوا : نسيئةً .
وإجماعهم على خلاف ما رواه يحيى يدل على ضبطهم ، ثم إنا لا نجوزه نسيئةً ولا نقداً .
عن يحيى بن أبي أنيسة ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه قال : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يباع الرطب بالتمر الجاف " .
- ق 114 - أ - موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار / عن ابن عمر " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة ؛ أن يباع الرطب باليابس كيلاً " .
رواهما الدارقطني ، وقال : يحيى وموسى متروكان .
467 - - مسألة - : إذا باع جنساً فيه الربا بجنسه ومع أحدهما أو معهما من غير الجنس ، كمد ودرهمٍ بدرهمين ، لم يصح .
وعنه : يصح - كقول أبي حنيفة .
(2/76)
| 77 | ( م ) حدثني أبو الطاهر ، نا ابن وهب ، عن قرة بن عبد الرحمن ، أنا عامر ابن يحيى ، عن حنش قال : " كنا مع فضالة بن عبيد في غزاة ، فقال : فطارت لي ولأصحابي قلادةٌ فيها ذهبٌ وورقٌ وجوهرٌ ، فأردت أن أشتريها ، فسألت فضالة ، فقال : انزع ذهبها ، فجعله ( في ) كفَّةٍ ، واجعل ذهبكَ في كفَّةٍ ، ثم لا تأخذن إلا مثلاً بمثلٍ ؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فلا يأخذن إلا مثلاً بمثلٍ " .
ثم قال ( م ) ابن وهب : وأخبرني أبو هانئ الخولاني ؛ سمع علي بن رباح يقول : سمعت فضالة يقول : " أتي رسول الله وهو بخيبر بقلادةٍ فيها خرزٌ وذهبٌ ، وهي في المغانم تباع ، فأمر بالذهب فنزع وحده ، ثم قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الذهبُ بالذهبِ وزناً بوزنٍ " .
( م ) الليث ، عن أبي شجاع سعيد بن يزيد ، عن خالد بن أبي عمران ، عن حنش الصنعاني ، عن فضالة قال : " اشتريت يوم خيبر قلادةً باثني عشر دينارً فيها ذهبٌ وخرزٌ ، ففصلتها ، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً ، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : لا تباع حتى تفصل " .
فإن قيل : إنما فعله لأن الذهب كان أكثر من الثمن ، ومتى كان كذلك ، فالبيع عندنا باطلٌ ، وكذلك لو كان الثمنُ مثل الذهب ؛ لأن الزيادة تكون ربا .
قلنا : قد منع نبي الله صحة البيع ، ومد المنع إلى غاية التمييز ، لا لعلة زيادة الثمن .
فإن قالوا : فقد رويتم أن الثمن سبعةٌ أو تسعةٌ ، كما في حديث ابن المبارك ، عن سعيد بن يزيد ، عن خالد بن أبي عمران ، عن حنشٍ ، ورويتم : اثنا عشرَ .
قلنا : يحتمل أن تكون قصتين .
(2/77)
| 78 | 468 - - مسألة - : لا يجوز بيع اللحم بالحيوان المأكول ، ويجوز بغير المأكول ، كالعبد والحمار .
وقال أبو حنيفة : يجوز .
وقال مالك : لا يجوز بيع اللحم بحيوان معد للحم .
زيد بن أسلم ، عن ابن المسيب " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - ق 114 - ب - / نهى عن بيع اللحمِ بالحيوان .
المرسل عندنا حجة ، وهو في " الموطأ " ورواه شيخٌ متهمٌ ، عن مالكٍ ، عن الزهري ، عن سهل بن سعد مرفوعاً .
(2/78)
| 79 | الشروط في البيع
469 - - مسألة - : إذا باعه بشرط العتق صح .
وعنه : يلغى الشرط .
وعن الشافعي كالروايتين .
وقال أبو حنيفة : يبطل البيع .
لنا : " أن عائشة اشترت بريرة بشرط العتق ، فأجازه النبي - صلى الله عليه وسلم - " وإنما بين بطلان شرط الولاء لغير المعتق ، ولم يذكر بطلان شرط العتق .
( خ ) يحيى بن سعيد ، عن عمرة ؛ عن عائشة قالت : " أتت بريرة تسأل في كتابتها ، فقالت : إن شئت أعطيت أهلك ، ويكون الولاء لي .
وقال أهلها : إن شئت أعتقتيها ، ويكون لنا الولاء .
فلما جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرت ذلك له ، فقال : ابتاعيها فأعتقيها ؛ فإنما الولاء لمن أعتق " .
( م ) سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ؛ قال : " أرادت عائشة أن تشتري جارية تعتقها ، فأبى أهلها إلا أن يكون لهم الولاء ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا يمنعك ذلك ؛ فإنما الولاء لمن أعتق " .
470 - - مسألة - : يجوز اشتراط منفعة المبيع مدة معلومة ، كأن يبيع داراً ؛ ويشترط سكناها شهراً ، أو عبداً ؛ ويشترط خدمته سنةً ، أو جرزةً ويشترط حملها ، أو قِلعةً ؛ ويشترط على البائعِ حذوها ، خلافاً لأكثرهم .
(2/79)
| 80 | ووافقنا أبو حنيفة في القلعة والجرزة ، ومالك في الزمان اليسير لا الكثير .
( خ م ) زكريا ، حدثني الشعبي ، عن جابر قال : " كنت أسير على جمل لي فأعيى ، فأردت أن أسيبه ، فلحقني رسول الله ، فضربه برجله ، ودعا له ، فسار سيراً لم يسر مثله ، وقال : بعنيه بوقية .
فكرهت أن أبيعه ، فقال : بعنيه .
فبعته منه ، واشترطت حملانه إلى المدينة ، فلما قدمنا ، أتيته بالجمل ، فقال : ظننت حين ماكستُك أني أذهب بجملك ، خذ جملكَ وثمنهُ هما لك " .
عبد العزيز بن عبد الرحمن - ق 115 - أ - / البالسي ، عن خصيف ، عن عروة ، عن عائشة " عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق " .
وعن خصيف ، عن عطاء ، عن أنس قال : قال رسول الله : " المسلمون على شروطهم ما وافق الحق من ذلك " .
رواه الدارقطني .
قلت : لم يصح هذا .
(2/80)
.
| 81 | الثمار
471 - - مسألة - : من باع نخلاً عليه طلعٌ لم يؤبًّر ، فثمرتُهُ للمشتري ، إلا أن يشترط البائعُ .
وقال أبو حنيفة : هي للبائع .
( خ م ) الزهري ، عن سالمٍ ، عن أبيهِ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من باعَ نخلاً مُؤبرًا ، فالثمرةُ للبائعِ ، إلا أن يشترطَ المبتاعُ " .
وجهُ الحجة أنهُ جعلها للبائعِ بشرطِ التأبيرِ .
472 - - مسألة - : لا يجوزُ بيعُ الثمار قبل بدوِّ صلاحها ، إلا أن يشترط القطع .
وقال أبو حنيفةَ : يجوزُ ، ويؤمرُ بالقطعِ .
( خ م ) زهير ، عن أبي الزبير ، عن جابرٍ : " نهى رسولُ اللهِ عن بيعِ الثمر حتى يطيبَ " .
( ت ) أيوبُ ، عن نافعٍ ، عن ابن عُمرَ " أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع النَّخلِ حتى تزهُوَ ، وعن بيعِ السنبل حتى يبيضَّ ويأمن العاهةَ ؛ نهى البائِع والمشتري " .
صححهُ ( ت ) .
(2/81)
| 82 | عفانُ ، نا حمادَ بن سلمةَ ، عن حميدٍ ، عن أنسٍ " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعِ العنبِ حتى يسود ، وعن بيعِ الحبِّ حتى يشتدَّ " .
قالَ ( ت ) : غريبٌ ، لا نعرفهُ مرفوعاً إلا من حديثِ حماد .
473 - - مسألة - : فإن باعَ بعد بدو الصلاحِ بشرطِ التبقيةِ صحَّ .
وقال أبو حنيفةَ : البيعُ باطل .
474 - - مسألة - : يجوزُ بيعُ الباقلاءِ في قشرتهِ ، والحنطةِ في سنبلها ، وكذا الجوزُ واللوزُ ، خلافاً للشافعي .
لنا : نهيهُ عن بيع الحب حتى يشتد ، وهذا قد اشتد .
475 - - مسألة - : ما تهلكهُ الجوائحُ فمن ضمانِ البائعِ .
وعنهُ : إن كان ذلك الثلث فصاعداً فهو من ضمان البائعِ ، وما دون الثلثِ فمن ضمانِ المشتريِ ، خلافاً للأكثرِ .
فنا : ابن عيينة ، عن حميد الأعرج ، عن سليمانَ بن عتيقٍ المكي ، عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع السنينَ - ق 115 - ب - / ووضع الجوائح " .
أخرجَ مسلم منه : " أمرَ بوضعِ الجوائحِ " .
( م ) ابنُ جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن بعت من أخيكَ ثمراً ، فأصابتهُ جائحة ، فلا يحل له أن يأخذ منه شيئاً ؛ بم يأكل أحدكم مال أخيه بغير حق ؟ " .
(2/82)
| 83 | 476 - - مسألة - : يجوزُ بيعُ العرايا ؛ وهو بيع الرطب في النخل بخرصه تمراً على الأرض ، وهل يجوز ذا في سائر الثمار التي لها رطب ويابس ؟ على وجهين .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز .
روى ( خ م ) سالم ، ونافع ، عن ابن عمر قال : أخبرني زيد بن ثابت " أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العرية : أن تؤخذ بمثل خرصها تمراً ، يأكلها أهلها رطباً " .
ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن خارجةَ بن زيد ، أن أباه قال : " رخص رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيعِ العرايا ؛ أن تباعَ بمثلِ خرصها كيلاً " .
( خ م ) يحيى بن سعيد ، عن بشير بن يسار ، عن سهل بن أبي حثمة : " نهى رسولُ اللهِ عن بيعِ الثمرِ بالتمرِ ، ورخص في العرايا ؛ أن تشترى بخرصها ، يأكلها أهلها رطباً " .
( خ م ) مالك ، عن داود بن الحصين ، عن أبي سفيانَ ، عن أبي هريرة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في العرايا ؛ أن تباع بخرصها في خمسة أوسقٍ ، أو فيما دونها " .
477 - - مسألة - : ولا يجوز ذلك نسيئةً .
وجوزه مالك .
لنا : حديث سعد قال : " نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعِ الرطب بالتمر نسئةً " .
وقد تقدم .
(2/83)
| 84 | ويجوز للحاجة ؛ وهو أن لا يكونَ للرجل ما يشتري به الرطبَ غير التمر ، خلافاً للشافعي .
قال أصحابنا : إنما رخص عند الحاجة ؛ فإن قوماُ شكوا إلى رسول الله ، وقالوا : إنه يجنى الرطب ، وليس في أيدينا إلا فضول تمرنا .
فأباحهم ذلك .
قلتُ : حتى يصح هذا .
ولا يجوزُ إلا فيما دونَ خمسة أوسقٍ .
وجوزهُ الشافعي في خمسة أوسق .
قلنا : الخمسة أوسق مشكوك فيها ؛ فتطرح .
(2/84)
| 85 | القبض
478 - - مسألة - : يجوزُ للمشتري التصرفُ في المبيع المتعين قبل قبضهِ .
وقال أبو حنيفة - ق 116 - أ - / : لا يجوزُ إلا في العقار .
ومنع الشافعي مطلقاً .
لنا : إسرائيل ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، قال : " كنتُ أبيعُ الإبلَ بالبقيع ، فأبيع بالدنانير ، وآخذ الدراهم ، وأبيع بالدراهم ، وآخذ الدنانير ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد أن يدخل حجرته ، فأخذت بثوبه فسألته ، فقال : إذا أخذت واحداً منهما بالآخر ، فلا يفارقك وبينك وبينه بيع " .
واحتجوا بما في " الصحيحين " عن ابن عباس قال : " أما الذي نهى عنه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يباعَ حتى يقبضَ فالطعامُ " .
قال ابن عباس : ولا أحسب كل شيء إلا مثله .
يحيى بن أبي كثير ، عن يعلى بن حكيم ، عن يوسف بن ماهك ، عن عبد الله بن عصمة ، عن حكيم بن حزام ؛ قلت : " يا رسول الله ، إني رجل أبتاع هذه البيوع ، فما يحل لي منها ، وما يحرم علي منها ؟ قال : لا تبيعن شيئا حتى تقبضه " .
ابن إسحاق ، حدثني أبو الزناد ، عن عبيد بن حنين ، عن ابن عمر ، قالَ : " قدم رجل من أهل الشام بزيت ، فساومته فيمن ساومه من التجار حتى ابتعته منه ، فقام إلي رجل فأربحني منه حتى أرضاني ، فأخذتُ بيده لأضرب عليها ، فأخذ رجل بذراعي من خلفي ، فالتفت إليه ، فإذا زيد بن ثابت ، فقال : لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك ؛ فإن رسول الله نهى عن ذلك ، فأمسكت يدي " .
حمل أصحابنا هذه الأحاديث على غير المتميز .
(2/85)
| 86 | 479 - - مسألة - : التخليةُ في المبيعِ المنقولِ ليست قبضاً .
وعنه : أنها قبض ، كقول أبي حنيفة .
عبيد الله بن عمر ، ثنا نافع ، عن ابن عمر قال : " كانوا يتبايعون الطعام جزافاً على السوق ، فنهاهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه حتى ينقلوه " .
شعبة ، أنا عبد الله بن دينار ؛ سمعت ابن عمرَ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه " .
متفق عليهما .
480 - - مسألة - : إذا أتلفَ المبيعُ المتعينُ قبلَ قبضهِ ، فهو من ضمانِ المشتري .
وقال مالك : يكون من ضمانه إن امتنع من القبض مع قدرته عليه .
وقال أبو حنيفه والشافعي : من ضمان البائع .
وعن أحمد نحوه .
ابن أبي ذئب ، عن مخلد بن خفاف ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - ق 116 - ب - / قالَ : " الخراج بالضمانِ " .
الزنجي ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة " أن رجلاً ابتاعَ غلاماً ، ثم استغله ، ثم وجد به عيباً ، فرده به ، فقال البائع : غلته .
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : الغلة بالضمان " .
قال أبو عبيد : تكون له الغلة طيبةً ، وهي الخراج ، وإنما طابت له ؛ لأنه كان ضامناً للعبد ، لو مات مات من مال المشتري ؛ لأنه في يده .
(2/86)
| 87 | الرد بالتدليس وبالعيب
481 - - مسألة - : ومن اشترى مصراةً ، ثبتَ لهُ خيارُ الفسخِ .
وقال أبو حنيفة : لا يثبت .
أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تصروا الغنم ، ومن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها ؛ إن رضيها أمسكها ، وإن سخطها ردها وصاعاً من تمرٍ " .
482 - - مسألة - : ومن اشترى حيواناً وقبضه ، فحدث به عنده عيبٌ ، لم يثبت له فسخٌ .
وقال مالك : إن حدث في مدة ثلاث ملك ، إلا الجذام ، والبرص ، والجنونَ ؛ فإنها يملك بها الفسخ إلى سنة .
ونحن نقيس على ما لو ظهر بعد السنة .
هشام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عقبة بن عامر ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " عهدةُ الرقيقِ أربع ليالٍ " .
ثم قال قتادة : فأهل المدينة يقولون : ثلاث ليالٍ .
شعبة ، عن قتادة ، ولفظه : " ثلاثة أيامٍ " رواهما أحمد ، وقال : لا تثبت .
ابن أبي عروبةَ ، عن قتادة ، عن الحسن - إن شاءَ الله - عن سمرةَ بن جندب ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عهدةُ الرقيقِ ثلاثةُ أيامٍ " .
(2/87)
| 88 | 483 - - مسألة - : شرط البراءة من العيوب حال العقد لا يصح ، وهل يبطله ، أم لا ؟ مبني على الشروط الفاسدة ، هل تبطل العقد ؟ على روايتينِ .
وعنه : أنه تصح البراءة من العيوبِ المعلومةِ .
وبه قال مالك .
وقال أبو حنيفة : تصح بكل حال .
وعن الشافعي كقولنا ، وقول أبي حنيفة .
وقول ثالث : إن كان العيب ظاهراً ، لم يصح ، وإن كان باطناً صح .
ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ابن شماسة ، عن عقبة بن عامر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " المسلمُ أخو المسلمِ ؛ لا يحل له أن يغيب ما بسلعته عن أخيه ؛ إن علم بذلك تركها " .
رواه أحمد .
أبو جعفر الرازي - يزيد بن أبي مالك - ثنا أبو سباع ، قال : " اشتريتُ ناقة ، فلما خرجت - ق 117 - أ - / بها ، أدركنا واثلة بن الأسقع يجر رداءه ، فقال : يا عبد الله ، أشتريت ؟ قلت : نعم .
قال : هل بين لكما فيها ؟ قلت : وما فيها ، إنها لسمينة ، ظاهرة الصحة .
فقال : أردت بها سفرا أم لحماً ؟ قلت : بل أردت عليها الحج ، قال : فإن بخفها نقبا .
فقال صاحبها : أصلحك الله ، ما تريد إلى هذا ، تفسد علي ! قال : إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : لا يحل لأحدٍ يبيع شيئاً إلا بين ما فيه ، ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا بينهُ " .
رواه أحمد ، عن أبي النضر عنه .
(2/88)
| 89 | 484 - - مسألة - : يصحُّ الإبراءُ من الدين المجهولِ .
وعنه : لا يصح - كقول الشافعي .
لنا : حديث أم سلمة " أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مواريث درست ، فقال : استهما ، وتوخيا الحق ، وليحل كل واحد منكما صاحبه " .
فجوز لهما الإبراء من الحقوق الدارسة .
485 - - مسألة - : العبدُ لا يملكُ إذا مُلكَ .
وعنه : يملك - كقول مالك ، والشافعي في القديم .
قال تعالى : ^ ( لا يقدرُ على شيءٍ ) ^ .
ولهم ( خ م ) سالم ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من باع عبداً وله مالٌ ، فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع " .
( د ) الليث ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن بكير ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أعتق عبداً وله مال ، فمال العبد له إلا أن يشترط السيد " .
قلنا : أضافهُ إلى العبد إضافة محل ، كقولهم : السرج للدابة .
وعبيد الله ليس بالقوي .
قاله أحمد .
486 - - مسألة - : الغبنُ يثبتُ الفسخَ .
(2/89)
| 90 | وقال أبو حنيفة والشافعي : لا وقال داود : يبطل البيع .
موسى بن عمير ، عن مكحول ، عن أبي أمامة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من استرسل إلى مؤمن فغبنه ، كان غبنه ذلك رباً " .
موسى ضعيف .
يعيش بن هشام القرقساني ، عن مالك ، عن الزهري ، عن أنس مرفوعاً : " غبنُ المسترسلِ ربا " .
قلتُ : المتهمُ بوضعِهِ يعيشُ .
487 - - مسألة - : من باع سلعة بثمنٍ مؤجلٍ لم يجز ( أن ) يعود فيشتريها بأنقصَ منهُ حالاً .
وجوزه الشافعي .
محمد بن شعيب بن شابور ، أخبرني شيبان ، قال : أخبرني يونس بن أبي إسحاق ، عن أمه العالية ، قالت : - ق 117 - ب - / " حججت أنا وأم محبة ، فدخلنا على عائشة ، فقالت لها أم محبة : يا أم المؤمنين ، كانت لي جارية ، وإني بعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم إلى عطائه ، وإنه أراد بيعها فابتعتها منه بستمائة نقداً ، فقال : بئسما شريت وما اشتريت ، فأبلغي زيداً أنه قد أبطلَ جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يتوبَ " .
رواه الدارقطني .
قالوا : العالية مجهولة .
(2/90)
| 91 | قلنا : بل جليلة معروفة .
قال ابن سعد : العالية بنت أيفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق ، سمعت من عائشة .
488 - - مسألة - : إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن ، تحالفا إذا كانت السلعة باقية ، فإن كانت قد تلفت ، تحالفا أيضاً ، ويفسخ البيعُ ، ويرجعُ على المشتري بالقيمة .
وعنه : القول قول المشتري ولا يتحالفان ، وبه قال أبو حنيفة .
وعن مالك كالروايتين .
أحمد ، نا الشافعي ، أنا سعيد بن سالم ، أنا ابن جريج أن إسماعيل بن أمية أخبره ، عن عبد الملك بن عمير قال : " حضرت أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وأتاه رجلان تبايعا سلعة ، فقال هذا : أخذت بكذا وكذا ، وقال هذا : بعت بكذا وكذا .
فقال أبو عبيدة : أتي ابن مسعود في مثل هذا فقال : حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا ، فأمر البائع أن يستحلف ، ثم يخيرَ المبتاعَ إن شاء أخذ ، وإن شاء ترك " .
المسعودي ، عن القاسم ، عن ابن مسعود ، قال رسولُ الله : " إذا اختلفَ البيعانِ وليس بينهما بينة ، فالقول ما يقول صاحب السلعة ، أو يترادان " .
قلتُ : منقطعٌ .
( ت ) ابن عجلان ، عن عون بن عبد الله ، عن ابن مسعود ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا اختلف البيعانِ فالقول قولُ البائعِ ، والمبتاعُ بالخيار " .
قلتُ : منقطعٌ أيضاً .
(2/91)
| 92 | هشام بن عمار ، نا ابن عياش ، عن موسى بن عقبة ، عن ابن أبي ليلى ، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا اختلف المتبايعان في البيع ، والسلعة كما هي ، فالقولُ ما قال البائع - ق 188 - أ - / أو يترادان البيع " .
هشيم ، أنا ابن أبي ليلى ، عن القاسم ، عن أبيه ، قال : " باع ابن مسعود من الأشعث رقيقاً من رقيق الإمارة ، واختلفا في الثمن ، فقال عبد الله : بعتك بعشرين ألفاً ، وقال الأشعثُ : اشتريت منك بعشرة آلاف ، فقال عبد الله : إن شئت حدثتك بحديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : هات ، قال : سمعتُ رسولَ الله يقول : إذا اختلف البيعان والبيع قائم بعينه ، وليس بينهما بينة ، فالقول ما قال البائع ، أو يترادان البيع " فقال الأشعث : أرى أن نرد البيع .
رواهما الدارقطني ، ثم ساق عن الحسن بن عمارة ، عن القاسم ، عن أبيه ، عن عبد الله مرفوعاً ، " إذا اختلف البيعان ، فالقول ما قال البائع ، فإذا استهلكَ ، فالقولُ ما قال المشتري " الحسن واه .
إبراهيم بن مجشر ، نا أبو بكر بن عياش ، عن سعيد بن المرزبان ، عن الشعبي ، عن عبد الرحمن بن عبد الله ، عن أبيه ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا اختلفَ البيعان ، فالقولُ ما قالَ البائع " .
فهذه الأحاديث ضعاف ؛ أبو عبيدة وعبد الرحمن لم يسمعا من أبيهما ، ولا عون وابن المرزبان ضعف .
(2/92)
| 93 | ما يصح بيعه وما لا يصح
489 - - مسألة - : لا يجوز بيعَ رباعِ مكةَ .
وعنه : يجوز - كقول الشافعي .
روى الدارقطني من طريق أبي حنيفة ، عن عبيد الله بن أبي زياد ، عن أبي نجيح ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " مكةُ حرامٌ ، وحرامٌ بيعُ رباعها ، وأجر بيوتها " .
قال الدارقطني : وهم النعمان في رفعه ، الصحيح وقفه .
عبد الله بن نمير ، نا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، عن أبيه ، عن عبد الله ابن باباه ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله : " مكة حرام ؛ لا تباعُ رباعُها ، ولا تؤجر بيوتُها " .
إسماعيل ضعيف .
أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال رسول الله : " إن مكةَ حرامٌ حرمها الله ، لا يحل بيع رباعها ، ولا أجور بيوتها " .
واحتجوا بحديث ( خ م ) الزهري ، عن علي بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان ، عن أسامة " قلت : يا رسول الله ، أين تنزل غداً ؟ - في حجته - فقال : وهل ترك لنا عقيل منزلا ؟ ! نحن / نازلون غداً إن شاء الله بخيف بني كنانة " .
- ق 118 - ب - ثم قال : " لا يرث الكافرُ المسلمَ ولا المسلمَ الكافرَ " .
(2/93)
| 94 | يونس بن عبد الأعلى ، نا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب بهذا ، ولفظه : " يا رسول الله ، أتنزل دارك بمكة ؟ قال : وهل ترك لنا عقيل من رباع ، أو دور .
.
.
" الحديث .
490 - - مسألة - : لا يجوز بيعُ الزيتِ النجس .
وجوزه أبو حنيفة .
( خ م ) يزيد بن أبي حبيب ، عن عطاء ؛ سمع جابراً يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله ورسوله حرمَ بيعَ الخمر والميتة .
فقيل له : أرأيت شحوم الميتة ؛ فإنه يدهن به السفن ، ويستصبح به الناس ؟ قال : لا ، هو حرام " .
أخرجاه .
أسامة بن زيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير .
فقيل : يا رسول الله ، أرأيتَ شحوم الميتةِ ؛ فإنه تدهن بها السفن والجلود ، ويستصبح بها الناس ؟ فقال : لا ، هي حرامٌ " .
( خ ) الأوزاعي ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس ، عن ميمونة " أنها استفتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فأرة سقطت في سمن لهم جامد ، فقال : " ألقوها وما حولها ، وكلوا سمنكم " .
( د ) معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله : " إذا وقعت الفأرة في السمن ؛ فإن كان جامداً فألقوها وما حولها ، وإن كان مائعاً ، فلا تقربوه " .
(2/94)
| 95 | الدارقطني ، نا عبيد الله بن عبد الصمد ، نا بكر بن سهل ، نا شعيب بن يحيى ، نا يحيى بن أيوب ، عن ابن جريج ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن ابن عمر قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفأرة تقع في السمن والودك ، فقال : اطرحوها ، واطرحوا ما حولها إن كان جامداً ، وإن كان مائعاً فانتفعوا به ولا تأكلوه " .
الدارقطني من طريق سعيد بن بشير ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد : " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الفأرة تقع في السمن والزيت ، قال : استصبحوا به ، ولا تأكلوه " أو نحو ذلك .
ضعف المؤلف الخبرين .
491 - - مسألة - : لا يجوزُ بيعُ الصوفِ على الظهرِ .
وعنه : يجوز - كقول مالك .
يعقوب الحضرمي ، نا عمر بن فروخ ، عن حبيب بن الزبير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : " نهى رسول الله / - صلى الله عليه وسلم - عن بيع اللبن في ضروعها ، والصوف على ظهورها " .
قلت : لم يصح هذا ، أخرجه الدارقطني .
492 - - مسألة - : لا يجوز بيع السرقين .
(2/95)
| 96 | وجوزه أبو حنيفة .
خالد بن عبد الله ، عن خالد الخذاء ، عن بركة أبي الوليد ، عن ابن عباس مرفوعاً : " إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه " .
شبابة ، نا أبو مالك النخعي ، عن مهاجر أبي الحسن ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن تميم الداري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنه لا يحل ثمن شيء لا يحل أكله وشربه " .
493 - - مسألة - : لا يحل ، ولا يصح بيع العنب ممن يتخذه خمراً .
وصححه أكثرهم .
وكيع ، نا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن أبي طعمة مولاهم ، وعن عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي ، أنهما سمعا ابن عمر يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لعنت الخمر بعينها ، وشاربها ، وساقيها ، وبائعها ، ومبتاعها ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وآكل ثمنها " .
ابن حبان ، ثنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ، نا عبد الكريم بن عبد الله ، ثنا الحسن بن مسلم ، عن الحسين بن واقد ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من حبسَ العنب زمن القطاف حتى يبتعه من يهودي ، أو نصراني ، أو ممن يعلم أنه يتخذه خمراً ، فقد تقدم على النار على بصيرة " .
قالَ ابن حبانَ : لا أصل لهذا المنكر .
494 - - مسألة - : لا يجوز بيعُ الكلب وإن كان معلماً .
وجوزه أبو حنيفة .
(2/96)
| 97 | ( خ م ) ابن شهاب ، أنا أبو بكر بن عبد الرحمن أنه سمع أبا مسعود يقول : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب ، ومهر البغي ، وحلوان الكاهن " .
( ت ) محمد بن يوسف ، ثنا السائب بن يزيد ، عن رافع بن خديج " أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " شر الكسب ثمن الكلب ، وكسب الحجام ، ومهر البغي " .
صححه ( ت ) .
إسرائيل ، عن عبد الكريم الجزري ، عن قيس بن حبتر ، عن ابن عباس " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مهر البغي ، وثمن الكلب ، وثمن الخمر " .
رواه أحمد في " مسنده " ثم قال : وثنا عبد الجبار بن محمد ، نا عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم ، عن قيس بن حبتر ، عن ابن عباس ، قال : قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثمن الكلب خبيث ، فإذا جاءك يطلب ثمن الكلب ، فاملأ كفيه تراباً " .
ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب ، وثمن السنور " .
أحمد ، نا هاشم ، نا عيسى بن المسيب ، حدثني أبو زرعة ، عن أبي هريرة قال : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتي دار قوم - 119 - ب - / من الأنصار ، ودونهم دار ، فشق ذلك عليهم ، فقالوا : يا رسول الله ، تأتي دار فلان ، ولا تأتي دارنا .
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لأنّ في داركم كلباً .
قالوا : فإن في دارهم سنوراً .
قال : إن السنورَ سبع " .
قلتُ : عيسى ضعفه أبو داود .
(2/97)
| 98 | وحجتهم ؛ روي عن أبي هريرة مرفوعاً : " ثلاث كلهن سحت : كسب الحجام ، ومهر البغي ، وثمن الكلب ، إلا الكلب الضاري " .
خرجه الدارقطني ، وإسناده ضعيف .
الهيثم بن جميل ، نا حماد بن سلمة ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب والسنور ، إلا كلب صيد " .
رواه سويد بن عمرو ، عن حماد ، فوقفه ، وهو أصح .
عباد بن العوام ، عن الحسن بن أبي جعفر ، عن أبي الزبير ، عن جابر : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب والهر ، إلا الكلب المعلم " .
الحسن هو الجفري ؛ تركه النسائي .
ورواه أحمد في " مسنده " عن عباد بدون " الهر " .
495 - - مسألة - : بيعُ الحاضر للبادي باطل ؛ بشرط أن يكون البادي حضر لبيع السلعة بسعر يومه ، أو يكون بالناس حاجة إلى سلعته ، وأن يكون البادي جاهلاً بالأسعار ، ويكونَ الحاضر قصد التأخير .
( م ) أبو الزبير ، عن جابر ، قال رسول الله : " لا يبيعن حاضر لباد ، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " .
496 - - مسألة - : لا يجوز أن يفرق في البيع بين كل ذي رحم محرم .
ووافق مالك في الأم فقط ، والشافعي في الأبوين وإن علوا .
(2/98)
| 99 | غندر ، نا ابن أبي عروبة ، عن الحكم ، عن ابن أبي ليلى ، عن علي ، قال : أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أبيع غلامين أخوين ، فبعتهما ؛ ففرقت بينهما ، فذكرت ذلك له ، فقال : أدركهما ، ارتجعهما ، ولا تبعهما إلا جميعاً " .
رواه أحمد عنه .
( ت ) حماد بن سلمة ، عن الحجاج ، عن الحكم ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن علي قال : " وهب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلامين أخوين ، فبعت أحدهما ، فقال : يا علي ، ما فعل غلامك ؟ فأخبرته ، فقال : رده ، ردهُ " .
عبد السلام بن حرب ، عن يزيد بن عبد الرحمن الدالاني ، عن الحكم ، عن ميمون ، عن علي " أنه فرق بين جارية وولدها ، فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد البيع " .
خرجه الدارقطني .
قلتُ : يزيد أقوى من الحجاج .
عبيد الله بن موسى ، عن إبراهيم بن إسماعيل ، عن طليق بن عمران ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : " لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فرق بين الوالدة وولدها ، وبين الأخ وأخيه " .
رواه الدارقطني ، وإبراهيم فيه ضعف .
( ت ) حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن أبي أيوبَ ؛ سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من فرق بين والدة وولدها ، فرق الله بينه وبين - ق 120 - أ - / أحبته يوم القيامة " .
(2/99)
| 100 | ولا يجوز التفريق بعد البلوغ .
وعنه : يجوز - كقول أبي حنيفة .
لنا مطلق الأخبار المتقدمة .
فذكروا حديث عبد الله بن عمرو الواقعي - وقد كذبه ابن المديني - عن سعيد بن عبد العزيز ، سمع مكحولاً يقول : ثنا نافع بن محمود بن الربيع ، عن أبيه ؛ أنه سمع عبادة بن الصامت يقول : " نهى رسول الله أن يفرق بين الأم وولدها ، قيل : يا رسولَ الله ، إلى متى ؟ - قال - : حتى يبلغ الغلام ، وتحيض الجارية " .
497 - - مسألة - : لا تجوز المعاوضة على عسب الفحلِ .
وجوزه مالك .
( خ ) علي بن الحكم ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن عسب الفحل " .
ولهم حديث ( ت ) إبراهيم بن حميد الرواسي ، عن هشام بن عروة ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أنس " أن رجلاً من كلاب سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفحل فنهاه ، فقال : يا رسول الله ، إنا نطرق الفحل ، فنكرم .
فرخص له في الكرامة " .
قال الترمذي : حسن غريب .
قلتُ : الرؤاسيُّ ثقةٌ .
(2/100)
| 101 | القرض
498 - - مسألة - : يجوز قرضُ الحيوانِ والثيابِ .
وبه قال مالك ، والشافعي وزادا قرض الإماء والعبيد .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز شيء من ذلك .
( خ م ) الثوري ، حدثني سلمة بن كهيل ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة " أن رجلاً تقاضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيراً ، فقالوا : ما نجد إلا أفضل من سنه .
فقال : أعطوهُ .
فقال : أوفيني ، أوفى الله لك .
فقال : خيار الناس أحسنهم قضاء " .
( ت ) علي بن صالح ، عن سلمة بهذا ؛ ولفظه : " استقرض رسول الله سنا ، فأعطاه خيراً من سنه " .
( ت ) نا عبد ، نا روح ( م ) نا مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء ابن يسار ، عن أبي رافع ؛ قال : " استسلف رسول الله بكرا ، فجاءته إبل الصدقة ، فأمرني أن أقضي الرجل بكره ، فقلت : لا أجد في الإبل إلا جملاً خياراً رباعياً ، فقال : أعطوه إياه ، فإن خياركم أحسنكم قضاءً " .
رواه ( م ) .
499 - - مسألة - : ويجوزُ قرض الخبز ، وهل يجوز بالعددِ ، أو بالوزن ؟ وقال أبو حنيفة : لا .
(2/101)
| 102 | الزبير بن بكار ، حدثتني أم كلثوم بنت عثمان بن مصعب ، حدثتني صفية بنت الزبير بن هشام بن عروة ، عن جدها ، عن أبيه ، عن عائشة : " سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخميرة أو الخبز تقرضه الجيران ، فيردون أكثر أو أقل ، فقال : ليس بذلك بأس ، إنما هو أمر توافق بين الجيران ، وليس يراد به الفضل " رواه ابن ناجية عنه .
محمد بن مصفى ، نا بقية ، عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ " أنه سئل عن / استقراض الخمير والخبز ، فقال : سبحان الله ، هذا مكارم الأخلاق ؛ فخذ الصغير ، وأعط الكبير ، وخذ الكبير ، وأعط الصغير ، خيركم أحسنكم قضاءً ؛ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك " .
قلتُ : إسناده صالحٌ ، وفيه انقطاعٌ .
500 - - مسألة - : لا يحلُّ لهُ أن ينتفعَ من المقترضِ بشيء لم يكن لديه عادةٌ .
وقال الشافعي : يجوزُ ما لم يشترط .
وعن أحمد مثله .
سعيد في " سننه " نا إسماعيل بن عياش ، عن عتبة بن حميد الضبي ، عن يزيد بن أبي يحيى ، قال : " سألت أنساً ، فقلت : يا أبا حمزة ، الرجل منا يقرض أخاه المال ، فيهدي إليه ، فقال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا أقرض أحدكم قرضاً فأهدى إليه طبقاً فلا يقبله ، أو حملهُ على دابة فلا يركبها ، إلا أن يكون بينه وبينه قبل ذلك " .
عمار الدهني ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : " جاء رجل إلى ابن عباس ، فقال : إني أقرضت رجلاً يبيع السمك عشرين درهما ، فأهدى إلي سمكة ؛ قومتها ثلاثة عشر درهما ، فقال : خذ منه سبعة دراهم " .
سمعه ابن عيينة منه .
(2/102)
| 103 | السَلم
501 - - مسألة - : يصحُّ السلمُ في المعدُومِ الآنَ .
وقال أبو حنيفة : لا يجوزُ .
( خ م ) ابن أبي نجيح ، عن عبد الله بن كثير ، عن أبي المنهال ، عن ابن عباس ؛ قال : " قدم رسول الله المدينة ، وهم يسلفون في التمر العام والعامين أو ثلاثة ، فقال : من أسلف في تمر ، فليسلف في كيل معلوم ، ووزن معلوم ؛ إلى أجل معلوم " .
أحمد ، نا هشيم ، أنا أبو إسحاق الشيباني ، عن محمد بن أبي المجالد مولى بني هاشم ، قال : " أرسلني ابن شداد وأبو بردة ، فقالا : انطلق إلى ابن أبي أوفى ، فقل له : إن عبد الله بن شداد وأبا بردة يقرآنك السلام ، ويقولان : هل كنتم تسلفونَ في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البر والشعير والزيت ؟ قال : نعم ، كنا نصيب غنائم في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنسلفها في البر والشعير والتمر والزيت .
فقلت له : عند من كان له زرع ، أو عند من لم يكن له زرع ؟ فقال : ما كنا نسألهم عن ذلك .
فقالا : انطلق إلى عبد الرحمن بن أبزى فسله ، فقال مثل ما قال ابن أبي أوفى " .
502 - - مسألة - : يصحُّ السَّلمَ في الحيوان ، خلافاً لأبي حنيفةَ .
سبق حديث عبد الله بن عمرو : " وأمرني رسولُ الله أن أبتاعَ البعير بالبعيرين إلى خروج المصدق " .
(2/103)
| 104 | جرير بن حازم ، عن ابن إسحاق ، عن أبي سفيان ، عن مسلم بن جبير ، عن - ق 121 - أ - / عمرو بن الحريش ، قال : " سألت عبد الله بن عمرو بن العاص ؛ فقلتُ : إنا بأرض ليس بها دينار ولا درهم ، وإنما نبايع بالإبل والغنم إلى أجل .
فما ترى في ذلك ؟ فقال : على الخبير سقطت ؛ جهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشاً على إبل من إبل الصدقة حتى نفدت ، وبقي ناس ، فقال رسول الله : اشتر لنا إبلا بقلائص من إبل الصدقة إذا جاءت ، حتى نؤديها إليهم ، فاشتريت البعير بالاثنين والثلاث قلائص حتى فرغت ، فأدى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إبل الصدقة " رواه أحمد .
ولهم الدارقطني ، ثنا محمد بن علي بن إسماعيل الأبلي ، نا عبد الله بن إسماعيل ، أنا إسحاق بن إبراهيم ، نا عبد الملك الذماري ، عن سفيان الثوري ، حدثني معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السلف في الحيوان " .
عبد الملك مختلف فيه ، وإسحاق مجهول .
503 - - مسألة - : يجوزُ السَّلمُ في الخبز ، خلافاً لأكثرهم ؛ لقوله : " ووزنٍ معلومٍ " والخبز موزون .
504 - - مسألة - : إذا أسلمَ في سلعة ، ثم تقايلا بعد قبض الثمن ، لم يجز أن يصرف ذلك في شيء آخر حتى يقبضه .
وقال الشافعي : يجوز .
(2/104)
| 105 | أبو بدر ، نا زياد بن خيثمة عن سعد الطائي ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أسلم في شيء ، فلا يصرفه في غيره ، - وقال إبراهيم بن سعيد : - فلا يأخذ إلا ما أسلم فيه ، أو رأس ماله " .
قلتُ : عطية ضعيف .
رواه الدارقطني .
505 - - مسألة - : لا يجوزُ التسعير .
وقال مالك : يجوز أن يقول لمن حط سعرا : إما أن تلحق بالناس ، أو تنصرف عنهم .
حماد بن سلمة ، عن قتادة وثابت ، عن أنس قال : " غلا السعر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله ، لو سعرت ، فقال : إن الله هو الخالق القابض الباسط الرازق المسعر ، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مالٍ " .
صححه الترمذي .
(2/105)
| 106 | الرهن
506 - - مسألة - : يجوزُ سفراً وحضراً .
ولم يجزه داود في الحضر .
( خ م ) إبراهيم ، عن الأسود ، عن - ق 121 - ب - / عائشة - قالت - : " اشترى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من يهودي طعاماً نسيئةً ، فأعطاه درعاُ له رهناً " .
( ت ) عكرمة ، عن ابن عباس قال : " قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن درعه مرهونة عند رجل من يهود على ثلاثين صاعا من شعير ؛ أخذها رزقاً لعياله " .
صححه ( ت ) .
507 - - مسألة - : إذا قال الراهنُ : إن جئت بالحق في وقت كذا ، وإلا فالرهن لك .
بطلَ الشرط ، وصح الرهن .
وكذلك إذا شرط سائر الشروط الفاسدة .
وقال الشافعي : إن كانت الشروط مما تنقص من حق المرتهن ، مثل أن يشرط أن لا يسلم إليه الرهن ، أو لا يبيعه في محله ، فالرهن باطل ، وإن كان مما يزيد حقه ، مثل أن يشرط دخولَ النماء المنفصل منه في الرهن ، ففيه قولان ؛ أحدهما : لا يصح .
والثاني : يصح الرهن ، ويبطل الشرط .
(2/106)
| 107 | لنا : حديث ابن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يغلق الرهن ؛ له غنمه ، وعليه غرمه " .
قال الدارقطني : إسناده حسن .
إسماعيل بن عياش ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري بهذا ، وقال : " لصاحبه غنمه ، وعليه غرمه " .
عبد الله بن نصر الأصم ، نا شبابة ، نا ابن أبي ذئب بنحوه .
قلتُ : الأصم ليس بعمدة .
قال إبراهيم النخعي : كانوا يرهنون ، ويقولون : إن جئتك بالمال إلى وقت كذا ، وإلا فالرهن لك .
فقال - صلى الله عليه وسلم - : " لا يغلق الرهن " .
فاحتجوا بخبر لإسماعيل بن أبي أمية ، نا سعيد بن راشد ، نا حميد ، عن أنس ، سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " الرهن بما فيه " .
قال الدارقطني : هذا باطل ، وإسماعيل كان يضع الحديث .
وعن هشام بن زياد - متروك - عن حميد بهذا الحديث ؛ وذلك من طريق غلام خليل - أحد الكذبة .
508 - - مسألة - : وما أنفقه على الرهن في غيبة صاحبه ، فهو دين على الراهن ، وللمرتهن استيفاؤه من ظهر الرهن ودره .
وقال أبو حنيفة ، والشافعي : متى أنفق من غير أمر الحاكم ، كان متطوعاً .
واحتجوا بأبي عوانة ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الرهن مركوب ومحلوب " .
- ق 122 - أ - / قلنا : يعني أن المرتهن إذا أنفق عليه ، ركب وشرب ؛ يدل عليه :(2/107)
| 108 | ( خ ) زكريا ، عن الشعبي ، عن أبي هريرة ؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الرهن يركب بنفقته إذا كان مرهوناً ، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهوناً ، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة " .
509 - - مسألة - : ليس للراهن أن ينتفع بالرهن .
وقال الشافعي : له ذلك .
واحتج بما سبق ، وقد بينا أن ذلك للمرتهن .
(2/108)
| 109 | الإفلاس
510 - - مسألة - : من أفلس بالثمن ، فوجد البائع عين ماله ، والمفلس حي ، ولم يقبض من ثمنه شيئاً ، فهو أحق به من سائر الغرماء .
وقال أبو حنيفة : هو أسوة الغرماء في الموت والحياة .
وقال الشافعي : هو أحق به في الموت والحياة .
( خ م ) يحيى بن سعيد ، عن أبي بكر بن حزم ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من وجد عين ماله عند رجل قد أفلس ، فهو أحق به ممن سواه " .
عمر بن إبراهيم العبدي ، نا قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من وجد متاعه عند مفلس بعينه ، فهو أحق به " .
رواه أحمد .
فاحتجوا بجعفر الفريابي ، نا عبد الله بن عبد الجبار ، نا إسماعيل بن عياش ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أيما رجل باع سلعة ، فأدرك سلعته عند رجل قد أفلس ، ولم يكن قبض من ثمنها شيئاً ، فهي له ، وإن كان قضاه من ثمنها شيئاً ، فما بقي فهو أسوةٌ الغرماء ، وأيما امرئ هلك وعنده مال امرئ بعينه اقتضى منه شيئاً أو لم يقتض ، فهو أسوةٌ الغرماءطز(2/109)
| 110 | قال الدارقطني : إسماعيل مضطرب الحديث ، ولا يثبت هذا عن الزهري مسنداً ، إنما هو مرسل .
511 - - مسألة - : من أفلس ، وفرق ماله ، وبقي عليه دين ، وله حرفة تفضل أجرتها عن كفايته ، جاز للحاكم إجارته في قضاء دينه .
وعنه : لا يؤجره - كقول أكثرهم .
عبد الصمد بن عبد الوارث ، نا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، نا ( زيد ) ابن أسلم ، قال : رأيت شيخاُ بالإسكندرية يقال له : سرق - ق 122 - ب - / فقلت له : ما هذا الاسم ؟ ! قال : اسمُ سمانيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولن أدعه .
قلت : ولم سماك ؟ قال : قدمت المدينة ، وأخبرتهم أن مالي يقدم ، فبايعوني ، فاستهلكت أموالهم ، فأتوا بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أنت سرق .
وباعني بأربعة أبعرة ، فقال الغرماء للذي اشتراني : ما تصنع به ؟ قال : أعتقه .
قالوا : فلسنا بأزهد من الأجر منك ، فأعتقوني بينهم ، وبقي اسمي " .
أخرجه الدارقطني عن الثقة ، عن ابن خزيمة ، عن بندار ، عنه .
لم يبع رقبته ؛ لأنه حر بل باع منافعه ، والمعنى : أعتقوني من الاستخدام .
512 - - مسألة - : من امتنع من وفاء دينه ، حجر عليه الحاكم ، وباع ماله في الوفاء .
وقال أبو حنيفة : يحبس حتى يبيع .
لنا : الدارقطني نا عمر بن أحمد المروزي ، نا عبد الله بن أبي جبير المروزي ، ثنا إبراهيم بن معاوية الخزاعي ، نا هشام بن يوسف ، عن معمر ، عن(2/110)
| 111 | الزهري ، عن ابن كعب بن مالك ، عن أبيه " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجر على معاذ ماله ، وباعه في دين كان عليه " .
رواه ابن المبارك ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب ، قال : " كان معاذ شاباً سخياً ، لا يمسك شيئاً ، فأغرق ماله في الدين ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه ليكلم غرماءه ، فلو تركوا لأحد ، لتركوا لمعاذ من أجل رسول الله ، فباع رسول الله لهم ماله حتى قام معاذ بغير شيء " .
رواه سعيد في " سننه " .
(2/111)
| 112 | الحجر
513 - - مسألة - : الإنباتُ علمُ البلوغِ .
ولم يعتبره أبو حنيفة .
وقال الشافعي : هو علم في المشركين ، وفي المسلمين على قولين .
هشيم ، أنا عبد الملك بن عمير ، عن عطية القرظي قال : " عرضتَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم قريظة ، فشكوا في ، فأمر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينظروا هل نبت بعد ، فنظروا فلم يجدوني أنبت ، فخلى عني ، وألحقني بالسبي " .
514 - - مسألة - : البلوغ بالسنِّ خمسَ عشرة سنة .
وقال أبو حنيفة : ثماني عشرة ، وفي الجارية تسعة عشرةَ .
( خ م ) قال ابن عمر : " عرضت يوم أحدٍ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يجزني ، وعرضني يوم الخندق ، وأنا ابن خمس عشرة ، فأجازني " .
515 - - مسألة - : - ق 123 - أ - / يحجر على المبذر .
وقال أبو حنيفة : لا .
لنا : حديث معاذ .
(2/112)
| 113 | ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس " أن رجلاً كان في عقدته ضعف ، وكان يبايع ، وأن أهله أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : احجر عليه .
فدعاه ، فنهاه عن البيع ، فقال : يا رسول الله ، لا أصبر عن البيع .
فقال : إذا بايعت فقل : " لا خلابةَ " .
صححه ( ت ) .
قلنا : لما سألوه الحجر ، ما أنكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما علمه ما يدفع به الغبن ، ولم يكن مبذرا في المعاصي .
(2/113)
| 114 | الحوالة
516 - - مسألة - : لا يُعتبر رضى المحال .
وقال أكثرهم : يعتبر .
( خ م ) الأعرج ، عن أبي هريرة ؛ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " مطل الغني ظلم ، ومن أتبع على مليء فليتبع " .
517 - - مسألة - : إذا توِيَ المال على المحال عليه ، لم يرجع المحال على المحيل .
وقال أبو حنيفة : يرجع في موضعين ؛ أن يجحد المحال عليه الدين ويحلف ، أو يموت مفلساً ، أما إن أفلس وهو حي ، لم يرجع عليه .
وقال مالك : إن أحاله على مفلس والمحتال لا يعلم رجع .
لنا حديث حزن - رضي الله عنه - جد سعيد بن المسيب " أنه كانَ له دين على علي بن أبي طالب ، فسأله أن يحيله به على رجل فأحاله ، ثم أتاه فقال : قد مات ، فقال له : اخترت علينا ، أبعدك الله .
ولم يقل له : لك علي الرجوع " .
(2/114)
| 115 | الضمان
518 - - مسألة - : يصح ضمان دين الميت .
وقال أبو حنيفة : لا يصح إلا أن يخلف وفاء .
لنا حديث ( خ ) يزيد ، عن سلمة بن الأكوع ، قال : " كنت جالساً مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتي بجنازة ، فقال : هل ترك من دين ؟ قالوا : لا .
قال : هل ترك من شيء ؟ قالوا : لا .
فصلى عليه ، ثم أتي بأخرى ، فقال : هل ترك من دين ؟ قالوا : لا .
قال : هل ترك من شيء ؟ .
قالوا : نعم .
ثلاثة دنانير .
قال بأصابعه : ثلاث كياتٍ .
ثم أتي بالثالثة ، فقال : هل ترك من دين ؟ قالوا : نعم .
قال : هل ترك من شيء ؟ قالوا : لا .
قال : صلوا على صاحبكم .
فقال رجل من الأنصار : علي دينه يا رسول الله .
فصلى عليه " .
لفظ أحمد : نا حماد بن مسعدة عن يزيد .
وقال أحمد : نا يزيد بن هارون ، أنا محمد بن عمرو ، عن سعيد المقبري ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه قال : " أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بجنازة ليصلي عليها ، فقال : أعليه دين ؟ قالوا : نعم ، ديناران - ق 123 - ب - / قال : أتركَ لهما وفاء ؟ قالوا : لا .
قال : صلوا على صاحبكم .
قال أبو قتادة : هما علي يا رسول الله .
فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
أحمد ، نا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن جابر : " كان النبي لا يصلي على رجل عليه دين ، فأتي بميت فسأل عنه : هل عليه(2/115)
| 116 | دين ؟ قالوا : ديناران .
قال : صلوا على صاحبكم .
فقال أبو قتادة : هما علي .
فصلى عليه " .
أحمد ، نا عبد الصمد ، نا زائدة ، عن ابن عقيل ، عن جابر بنحو منه ، وقال رسول الله : " حق الغريم ، وبرئ منهما الميتُ ؟ فقال أبو قتادة : نعم .
فصلى عليه ، ثم قال بعد ذلك بيوم : ما فعل الديناران .
قال : إنما مات أمس .
قال : فعاد إليه من الغد ، فقال : قد قضيتهما يا رسول الله .
قال : الآن بردت عليه جلده " .
إسماعيل بن عياش ، عن عطاء بن عجلان ، عن أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي قال : " كان رسول الله يسأل عن الميتِ أعليه دين ؟ فإن قيل : نعم .
كف عن الصلاة عليه ؛ فقالوا عن ميت : عليه ديناران .
فقال : صلوا على صاحبكم .
فقال علي : هما علي ، برئ منهما .
فتقدم رسول الله فصلى عليه .
.
.
" الحديث .
رواه الدارقطني .
519 - - مسألة - : لا ينتقل الحق من ذمة المضمون عنه بالضمان .
وقال داود : ينتقل .
لنا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للضامن حين أدى : " الآن بردت جلده " .
520 - - مسألة - : إذا تكفل رجل إلى مدة ، فلم يسلمه وقت المحل مع بقائه ، ضمن ما عليه .
وقال الأكثر : لا يضمن .
لنا حديث ( ت ) إسماعيل بن عياش ، عن شرحبيل بن مسلم ، عن أبي أمامة قال رسول الله : " الزعيم غارم " .
(2/116)
| 117 | 521 - - مسألة - : لا تصح الكفالة ببدن من عليه حد .
وقال أكثرهم : تصح ، ويجبر على إحضاره .
بقية ، عن عمر الدمشقي ؛ حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا كفالة في حد " .
هذا منكر ، وعمر مجهول .
522 - - مسألة - : إذا أراقَ خمراً لذمي ، لم يضمنها ، وكذا إذا قتل خنزيرا له .
وقال أبو حنيفة ومالك : يضمن .
معاوية بن صالح ، عن عبد الوهاب بن بخت ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله حرم الخمر وثمنها ، وحرم الخنزيرَ وثمنه " .
مر في بيع السرقين مرفوعاً : " إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه " .
وأنه قال : " لا يحل - ق 124 - أ - / ثمن شيء لا يحل أكله وشربه .
ونهى - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الخمر .
فإن قيل : فقد قال عمر : ولوهم بيعها .
قلنا : معناه اتركوهم ، وما يفعلونه بها .
(2/117)
| 118 | الشركة
523 - - مسألة - : شركة الأبدان جائزة ، سواء اتفقت الصنعة أو اختلفت ، أو عملا جميعاً : أو أحدهما .
وقال مالك : تصح مع اتفاق الصنعة .
ومنع الشافعي .
زياد البكائي ، نا إدريس الأودي ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعود ، قال : " أشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيني وبين عمار وسعد في درقة سلمناها ، واشتركنا فيما أصبنا ؛ فأخفقت أنا وعمار ، وجاء سعد بأسيرين " .
524 - - مسألة - : دعوة العبد التاجر ، وهديته ، وعاريته جائزة من غير إذن السيد ، فأما هبته الدراهم وكسوته الثياب ، فلا تجوز .
ومنع الشافعي من الكل .
لنا أنه - صلى الله عليه وسلم - قبل هدية بريرة .
قلتُ : كانت قد عتقت .
هشام بن عروة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : " كان الناس يتصدقون على بريرة فتهدي لنا ، فذكرت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، فقال : هو عليها صدقة ، وهو لكم هدية " .
(2/118)
| 119 | آدم ، نا شعبة ، نا مسلم الأعور ، سمعت أنسا يقول : " كان رسول الله يعود المريض ، ويأتي دعوة المملوك " .
525 - - مسألة - : تصرف الفضولي باطل .
وعنه : يصح ، ويقف على إجازة المالك ، كقول أبي حنيفة .
قال - صلى الله عليه وسلم - لحكيم : " لا تبع ما ليس عندك " .
( ق ) أيوب ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يحل بيع ما ليس عندك ، ولا ربح ما لم تضمن " .
عبد العزيز بن عبد الصمد ، نا مطر الوراق ، عن عمرو ، عن أبيه ، عن جده ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يجوز طلاق ، ولا عتاق ، ولا بيع ما لا تملك " .
وحجتهم : سعيد بن زيد ، نا الزبير بن الخريت ، ثنا أبو لبيد ، عن عروة بن أبي الجعد البارقي : " عرض للنبي - صلى الله عليه وسلم - جلب ، فأعطاني ديناراً ، وقال : أي عروة ، ائت الجلب ، فاشتر لنا شاة .
فأتيت الجلب ، فساومت صاحبه ، فاشتريت منه شاتين بدينار ، فجئت أسوقهما ، فلقيني رجل ، فساومني ، فبعته شاة بدينار ، وجئت بالدينار وبالشاة ، فقلت : يا رسول الله ، هذا ديناركم ، وهذه شاتكم .
قال : وصنعت كيف ؟ " فحدثته - ق 124 - ب - / الحديثَ ، فقال : اللهم بارك في صفقة يمينه " .
( ت ) أبو بكر بن عياش ، عن أبي حصين ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن حكيم بن حزام " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث حكيم بن حزام يشتري له أضحية بدينار ، فاشترى أضحية ، فربح بها ديناراً ، فاشترى أخرى مكانها ، فأتى بالأضحية والدينار إلى رسول الله فقال : ضح بالشاة ، وتصدق بالدينار " .
قال الترمذي : لا يعرف إلا من هذا الوجه ، وحبيب لم يسمع من حكيم .
(2/119)
| 120 | 526 - - مسألة - : إذا وكله في شراء شاة بدينار فاشترى شاتين ؛ كل واحدة تساوي الدينار ، فالبيع صحيح فيهما .
وقال أبو حنيفة : يلزم الموكل شاة بنصف دينار ، ويلزم الوكيل الأخرى بنصف دينار .
وعن الشافعي كقولنا .
وعنه : يلزمه شاة ، وهو بالخيار في الأخرى .
لنا : حديث عروة ، وأنه اشترى شاتين كما سبقَ .
(2/120)
| 121 | العارية
527 - - مسألة - : العارية مضمونة بكل حال .
وعنه : أنها مضمونة ، إلا أن يشترط إسقاط الضمان .
وقال أبو حنيفة : إن فرط ضمن ، كالوديعة .
وقال مالك : هي كالرهن ، ما كان يخفى هلاكه كالثياب والأثمان ضمن ، وما لا ، كالدار والدابة لم يضمن .
لنا : أحمد نا يزيد ، نا شريك ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أمية بن صفوان بن أمية ، عن أبيه " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعار منه يوم حنين أدراعاً ، فقال : أغصبا يا محمد ؟ قال : بل عارية مضمونة .
فضاع بعضها ، فعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضمنها ، فقال : أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب " .
قيس بن الربيع ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن ابن أبي مليكة ، عن أمية بن صفوان ، عن أبيه ، قال : " استعار مني النبي - صلى الله عليه وسلم - أدراعاً من حديد ، فقلت : مضمونةٌ يا رسول الله ؟ قال : مضمونةٌ .
فضاع بعضها ، فقال : إن شئت غرمتها .
قال : لا ، إن قلبي في الإسلام غير ما كان يومئذ " .
إسحاق بن عبد الواحد ، نا خالد بن عبد الله ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعار من صفوان بن أمية أدراعاً وسلاحاً في غزوة حنين ، فقال : يا رسول الله ، عارية مؤداةٌ ؟ قال : عاريةٌ مؤداةٌ " .
(2/121)
| 122 | رواهما الدارقطني .
( ت ) إسماعيل بن عياشٍ - ق 125 - أ - / عن شرحبيل بن مسلم ، عن أبي أمامة ؛ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " العارية مؤداةٌ ، والزعيم غارمٌ ، والدين مقضيُّ " .
علي بن حرب ، ثنا عمرو بن عبد الجبار ، عن عبيدة بن حسان ، عن عمرو ابن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليس على المستعير غير المغل ضمان ، ولا على المستودع غير المغل ضمان " .
قال الدارقطني : عمرو ، وعبيدة ضعيفان ، وإنما يروى هذا عن شريح قوله .
528 - - مسألة - : إذا أعاره أرضهُ مطلقاً ؛ ليبني فيها ، فبنى أو غرس ، فللمعير أن يسترد الأرض ، ويضمن قيمة البناء والغراس ، ولا ضمان .
لنا : قوله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس لعرق ظالمٍ حقٌّ " وسيعاد ؛ دل على أن العرق إذا لم يكن ظالماً ، فله حق .
ولنا : قوله : " من بنى في رباع قوم بإذنهم فله قيمته " .
(2/122)
| 123 | الغصب
529 - - مسألة - : إذا مثل بعبده ، عتق عليه .
وقال أبو حنيفة والشافعي : لا يعتق .
لنا : أحمد ثنا معمر بن سليمان ، نا الحجاج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من مثل به ، أو حرق بالنار فهو حر ، وهو مولى الله ورسوله .
قال : فأتي برجل قد خصي ، يقال له : سندر ، فأعتقه " .
530 - - مسألة - : إذا غير صفة المغصوب ؛ بأن طحن الحنطة ، أو خبز الدقيق ، أو شوى الشاة ، أو قطع الثوب قميصاً ، أو ضرب الزبرة أواني ، لم يزل عنه ملك المالك .
وقال أبو حنيفة : كلها للغاصب بالتغيير ، ويجب عليه البدل لمالكها .
الدارقطني ، نا المحاملي ، نا عبد الله بن شبيب ، ثنا يحيى بن إبراهيم بن أبي قتيلة ، نا الحارث بن محمد الفهري ، عن يحيى بن سعيد ، عن أنس ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يحل مال امرئ مسلمٍ إلا بطيب نفسه " .
قلت : إسناده واه .
حميد بن الربيع ، نا ابن إدريس ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن رجل من الأنصار ، قال : " دعت امرأة من قريش رسول الله - ق 125 - ب - / - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فأتاها ، فلما أتي بالطعام ، وضع رسول الله يده ، ووضع القوم ، فبينا هو يأكل إذ كف يده ،(2/123)
| 124 | فقال : أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها ، فأرسلت المرأة يا رسول الله ، إني كنت أرسلت إلى البقيع أطلب شاة فلم أصب ، فبلغني أن جاراً لي اشترى شاة ، فأرسلت إليه ، فلم نقدر عليه ، فبعثت بها امرأته ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أطعموها الأسارى " .
حميد كذبه ابن معين .
531 - - مسألة - : إذا غصب ساجة ، وبنى عليها ، أو آجراً ، فجعله في أساسه وجب رده .
وقال أبو حنيفة : زال حق المالك عنها ، وله القيمة .
ولنا : سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " على اليد ما أخذت حتى تؤديه " .
532 - - مسألة - : إذا غصب أرضاً فزرعها ، فصاحبها بالخيار ؛ إن شاء أن يقر الزرع إلى حصاده ، وإن شاء أن يدفع إليه قيمة الزرع ، أو ما أنفقه عليه - على اختلاف الروايتين في ذلك - ويكون الزرع له ، وليس له إجباره على قلعه بغير عوض .
وقال أكثرهم : له إجباره على القلع ، - ولا على تسليم العوض عن الزرع - .
شريك ، عن أبي إسحاق ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن رافع بن خديج ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من زرع أرضاً بغير إذن أهلها ، فله نفقته ، وليس له من الزرع شيءٌ " رواه أحمد .
( ت ) أيوب السختياني ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن سعيد بن زيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أحيا أرضاً ميتةً فهي له ، وليس لعرقٍ ظالمٍ حقُّ " .
(2/124)
| 125 | قال ( ت ) : نا ابن مثنى ، سألت أبا الوليد الطيالسي عن العرقِ الظالمِ ، قال : هو الغاصب يغرس في أرض غيره .
فاحتجوا بخبر يعلى بن عبيد ، عن ابن إسحاق ، عن يحيى ، وهشام بن عروة ، عن عروة " أن رجلين من الأنصار اختصما في أرض ؛ غرس أحدهما فيها نخلاً ، والأرض للآخر ، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأرض لصاحبها ، وأمر صاحب النخل يخرج نخله ، وقال : ليس لعرقٍ ظالمٍ حقٌّ " .
فلقد أخبرني الذي حدثني بهذا الحديث - ق 126 - أ - / أنه رأى النخل تقلع أصولها بالفئوس .
هذا مرسل ، وفيه ابن إسحاق .
533 - - مسألة - : إذا كسر آلة اللهو ، لم يضمن .
وقال أبو حنيفة والشافعي : يضمن .
فرج بن فضالة ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : " إن الله أمرني أن أمحق المزامير والمعازف والأوثان التي كانت تعبد " .
القاسم وعلي ضعيفان .
قلت : وفرجٌ أيضاً .
رواه أحمد ، عن يزيد بن هارون عنه .
(2/125)
| 126 | الشفعة
534 - - مسألة - : لا تستحق الشفعة بالجوار .
وقال أبو حنيفة : تستحق .
لنا ( خ ) الزهري ، عن أبي سلمة ، عن جابر قال : " إنما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشفعة في كل ما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود ، وصرفت الطرق ، فلا شفعة " .
( م ) ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر : " قضى رسول الله في كل شركة لم تقسم ؛ ربعة أو حائط ، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ؛ فإن شاء أخذ ، وإن شاء ترك ، فإذا باع ولم يؤذنه ، فهو أحق به " .
فاحتجوا ( خ م ) ابن جريج ، أخبرني إبراهيم بن ميسرة ، عن عمرو بن الشريد ، عن أبي رافع " أنه قال لسعد بن أبي وقاص : ابتع مني بيتي في دارك ، ولولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : الجار أحق بصقبه ، ما أعطيتكها بأربعة آلاف " .
أحمد ، نا عفان ، نا همام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة مرفوعاً : " جار الدار أحق بالدار من غيره " .
(2/126)
| 127 | أحمد ، نا روح ، نا حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن عمرو بن الشريد بن سويد ، عن أبيه " أن رجلاً قال : يا رسول الله ، أرض ليس لأحد فيها شركٌ ولا قسمٌ إلا الجوار ؟ فقال : الجار أحق بسقبه ما كان " .
أحمد ؛ وثنا إسحاق بن سليمان ، نا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى ؛ سمعت عمرو بن الشريد ، عن أبيه ؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أحق بسقبه " .
أحمد ؛ نا هشيم ، أنا عبد الملك ، عن عطاء ، عن جابر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الجارُ أحق بشفعة جاره ؛ ينتظر بها إذا كان - ق 126 - ب - / غائباً ، إذا كان طريقهما واحداً " .
قلنا : حديث أبي رافع محمول على أنه كان شريكا مخالطاً .
وأحاديث سمرة من كتاب .
قلت : قد ثبت سماعه منه .
فعلى مذهب البخاري يقتضي اتصال نسخة الحسن عن سمرة .
قال : وحديث الشريد ؛ فقال ابن المنذر : منكر ، لا أصل له .
قلت : بل إسناده صالح .
قال : وأما حديث جابر ، فقال شعبة : سها عبد الملك بن أبي سليمان ؛ فإن روى حديثاً آخر مثله ، طرحت حديثه .
وقال أحمد : هو حديث منكر .
ثم تحمل الأحاديث على الشريط المخالط ؛ وقد يسمى جاراً .
قلت : قوله : " الجار أحق " لا يقتضي وجوب الحق له ؛ بل للاستحباب .
(2/127)
| 128 | قال : واحتجوا بما رووا عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الخليط أحق من الشفيع ، والشفيع أحق من غيره " فهذا الحديث لا يعرف .
سعيد في " سننه " : نا ابن المبارك ، عن هشام بن المغيرة الثقفي ، قال : قال الشعبي .
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الشفيع أولى من الجار ، والجارُ أولى من الجنب " .
535 - - مسألة - : إذا اشترى أرضاً فيها زرعٌ ، أو ثمرٌ ، لم تجب الشفعة فيهما .
وقال أبو حنيفة ومالك : تجب .
لنا حديث ( م ) جابر - من سمعه منه أبو الزبير - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الشفعة في كل شرك ؛ في أرض ، أو ربعٍ ، أو حائطٍ " .
فلم تثبت شفعة في سوى ذلك .
536 - - مسألة - : لا شفعة في ما لا يقسم ، كالحمام والرَّحا .
وقال أبو حنيفة بالشفعة .
وعن أحمد نحوه .
وعن مالك كالمذهبين .
قال سعيد بن منصور : نا ابن أبي الزناد ، حدثني محمد بن عمارة ، أن أبا بكر بن محمد قال : " خطب عمر الناس ، فقال : لا شفعة في بئر ، ولا فحلٍ " .
وقد روى أصحابنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا شفعة في فناء ولا طريق ولا منقبةٍ " .
المنقبةُ : الطريق الضيق بين القوم ؛ لا تمكن قسمته .
(2/128)
| 129 | 537 - - مسألة - : لا شفعة لذمي على مسلم .
وهو قول الشعبي ، خلافاً لأكثرهم .
نائل بن نجيح ، نا الثوري ، عن حميد ، عن أنس - ق 127 - أ - / أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا شُفعةَ لنصراني " .
هكذا رواه حفص الربالىُّ ، عن نائلٍ .
ورواه عنه محمد بن سنان القزاز ، فقال : رفعه مرةً ، ومرة لم يرفعه .
قال الدارقطني : وهو وهم ، الصواب : حميد الطويل عن الحسن من قوله .
وضعف نائلاً .
قال الخطيب : رواه وكيع ، وأبو حذيفة ، عن سفيان ، عن حميد ، عن الحسن .
(2/129)
| 130 | الإجارة
538 - - مسألة - : إذا استأجر داراً ؛ كل شهرٍ بشيء معلوم ، لزمه في الشهر الأول ، وما بعده من الشهور يلزم بالدخول فيه .
وعنه : لا يصح في الكل - كقول الشافعي .
أحمد ، نا إسماعيل ، أنا أيوب ، عن مجاهد ، قال علي : " جعت مرة بالمدينة جوعاً شديداً ، فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة ، فإذا امرأة قد جمعت مدراً ، فظننتها تريد بله ، فقاطعتها كل ذنوب على تمرة ، فمددت ستة عشر ذنوباً حتى مجلت يداي ، ثم أتيت الماء ، فأصبت منه ، ثم أتيتها ، فقلت بكفي هكذا بين يديها ، فعدت لي ست عشرة تمرة ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فأكل معي منها " .
وقد رواه عكرمة ، عن ابن عباس نحوه .
539 - - مسألة - : لا يجوز أخذ أجرة على القرب ، كالأذان ، والصلاة ، وتعليم القرآن ، والفرائض ، ورواية الحديث .
وجوزه مالك والشافعي .
حماد بن سلمة ، عن الجريري ، عن أبي العلاء بن الشخير ، عن مطرف بن عبد الله ؛ أن عثمان بن أبي العاص ، قال : يا رسول الله ، اجعلني إمام قومي ؛ قال : اقتد بأضعفهم ، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا " .
(2/130)
| 131 | وكيع ، نا مغيرة بن زياد ، عن عبادة بن نسي ، عن الأسود بن ثعلبة ، عن عبادة بن الصامت ، قال : " علمت ناساً من أهل الصفة الكتابة والقرآن ، فأهدى إلي رجل منهم قوساً ، فقلت : أرمي عنها في سبيل الله ، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار ، فاقبلها " .
مغيرة ضعيف .
قلت : بل صالح ؛ احتجوا به في السنن - ق 127 - ب - / الأربعة .
( ق ) يحي القطان ، عن ثور ، حدثني عبد الرحمن بن سلم ، عن عطية الكلاعي ، عن أبي بن كعب قال : " علمت رجلاً القرآن ، فأهدى لي قوساً ، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : إن أخذتها ، أخذت قوساً من نار .
فرددتها " .
قلت : وعبد الرحمن فيه لين .
فاحتج أصحابنا بخبر موضوع لأحمد بن عبد الله الجويباري ، نا هشام بن سليمان ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " المعلمون خير الناس ؛ كلما خلق الذكر جددوه ، عظموهم ولا تستأجروهم فتحرجوهم ، فإن المعلم إذا قال للصبي : قل بسم الله الرحمن الرحيم فقالها كتب الله براءة للصبي ولأبويه ، وللمعلم من النار " رواه أحمد بن كامل القاضي ، عن علي بن حماد عنه .
قلت : وعلي بن حماد بن السكن ، قال الدارقطني : متروك .
ولهم حديث ( خ م ) أبي المتوكل ، عن أبي سعيد " أن ناساً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتوا على حي فلم يقروهم ، فبيناهم على ذلك ؛ إذ لدغ سيد أولئك ،(2/131)
| 132 | فقيل : هل معكم من دواء أو راق ؟ فقالوا : إنكم لم تقرونا ، ولن نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً ، فجعلوا لهم قطيعاً من الغنم ؛ فجعل يقرأ بأم القرآن ، ويجمع بزاقه ويتفل فبرأ ، فأتوا بالشاء ، وقالوا : لا نأخذ حتى نسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فسألوه ، فضحك ، وقال : وما يدريك أنها رقية ؟ خذوها ، واضربوا لي بسهم " .
وحديث ( خ م ) ابن عباس " أن نفراً من أصحاب رسول الله مروا بماء فيهم لديغ .
.
.
" وفيه : " فقرأ بالفاتحة على شاء ، فبرأ فجاء بالشاء إلى أصحابه ، فكرهوا ذلك ، وقالوا : أخذت على كتاب الله أجراً ! حتى قدموا المدينة ، فقالوا : يا رسول الله ، أخذ على كتاب الله أجراً ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - : إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله " .
فأجاب أصحابنا بأن القوم كانوا كفاراً ، فجاز أخذ أموالهم .
والثاني : حق الضيف لازم ، ولم يضيفوهم .
الثالث : أن الرقية ليست بقربة محضة ، فجاز أخذ أجرة عليها .
قلت : إنما نأخذ بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - ، لا بخصوص السبب ؛ وقد قال : " إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله " .
540 - - مسألة - : لا تجوز - ق 128 - أ - / أجرة على الحجامة ، فإن دفع إليه من غير شرط لم يجز أكله ، لكن يعلفه ناضحه ويطعمه رقيقه .
وقال أكثرهم : يجوز .
معمر ، عن يحيى ، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ ، عن السائب بن يزيد ، عن رافع بن خديج ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " كسب الحجام خبيث " .
الزهري ، عن حرام بن سعد بن محيصة " أن محيصة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن(2/132)
| 133 | كسب حجام له ، فنهاه عنه ، فلم يزل يكلمه حتى قال : أعلفه ناضحك ، وأطعمه رقيقك " .
رواه أحمد .
قلت : هو مرسل .
الليث ؛ أنا يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي عفير الأنصاري ، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة ، عن محيصة بن مسعود " أنه كان له غلام حجام يقال له : نافع أبو طيبة ، فانطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن خراجه ، فقال : لا تقربه .
فردد على رسول الله ، فقال : اعلف به الناضح ، واجعله في كرشه " .
( هشام الدستوائي ، عن يحيى ) عن محمد بن أيوب ؛ أن رجلاً يقال له : محيصة حدثه " أنه كان له غلام حجام ، فزجره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كسبه ، فقال : ألا أطعمه أيتاما لي ؟ قال : لا .
قال : أفلا أتصدق به ؟ قال : لا .
فرخص له أن يعلفه ناضحه " .
رواهما أحمد .
فاحتجوا بزمعة بن صالح ، عن أبي طاوس ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم ، وأعطى الحجام أجره " .
تابعه ، وخرجه ( خ م ) .
وخرج مسلم ، عن ابن عباس " أن رسول الله دعا غلاماً لبني بياضة ،(2/133)
| 134 | فحجمه ، وأعطاه أجره مُدًّا ونصفاً ، وكلم مواليه فحطوا عنه نصف مد ، وكان عليه مدان " .
( ت ) إسماعيل بن جعفر ، عن حميد : " سئل أنس عن كسب الحجام ، فقال : احتجم رسول الله ، حجمه أبو طيبة ، فأمر له بصاعين من طعام ، وكلم أهله ، فوضعوا عنه من خراجه .
صححه ( ت ) .
قلنا : في أحاديثنا زيادة بيان .
541 - - مسألة - : يجوز استئجار الظئر والخادم بطعامه وكسوته .
وعنه : لا يجوز - كقول الشافعي .
وقال أبو حنيفة : يجوز في الظئر دون الخادم .
- ق 128 - ب - / ( ق ) ثنا ابن مصفى ، نا بقيه ، عن مسلمة بن علي ، عن سعيد بن أبي أيوب ، عن الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح ، سمعت عتبة بن النذر يقول : " كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ : " طس " حتى بلغ قصة موسى ، فقال : إن موسى أجر نفسه ثمان سنين ، أو عشراً ، على عفة فرجه ، وطعام بطنه " .
542 - - مسألة - : لا يصح الاستئجار لحمل الخمر ، ومتى حمله لم يستحق شيئاً .
وعنه : ويستحق الأجرة - كقول أبي حنيفة .
لنا : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لعنت الخمر وحاملها .
.
.
" الحديث .
(2/134)
| 135 | المساقاة
543 - - مسألة - : تجوز في النخل والكرم والشجر ، وكل أصل له ثمرة .
وقال أبو حنيفة : لا تجوز بحال .
وقال الشافعي : تجوز في النخل والكرم ، وفي باقي الشجر على قولين .
وجوز داود في النخل .
ابن إسحاق ، حدثني نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساقى يهود خيبر عن تلك الأموال على الشطر .
وسهامهم معلومة " .
( خ م ) عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع خيبر إلى أهلها على الشطر مما يخرج منها " .
ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع خيبر ، أرضها ونخلها مقاسمة على النصف " .
وحجتهم ( ت ) أيوب ، عن أبي الزبير ، عن جابر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المحاقلة ، والمزابنة ، والمخابرة ، والمعاومة " .
صححه ( ت ) .
قال ابن الأعرابي : أصل المخابرة من خيبر ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أقرها في أيدي أهلها على النصف ، فقيل : خابرهم - أي : عاملهم في خيبر ، ثم تنازعوا ؛ فنهى عن ذلك .
(2/135)
| 136 | ( م ) ابن عيينة ، سمع عمراً سمع ابن عمر ، قال : " كنا نخابر ، ولا نرى بذلك بأساً ، حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه ، فتركه " .
والجواب ؛ إنما نهى عن ذلك لأجل خصومات كانت تقع .
روى ( خ ) أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر " أنه كان يكري مزارعه على عهد النبي - - صلى الله عليه وسلم - - إلى أيام معاوية ، ثم حدث عن رافع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كري المزارع ، فذهب ابن عمر إلى - ق 129 - أ - / رافع ، فذهبت معه ، فسأله ، فقال : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كراء المزارع ، فقال ابن عمر : قد علمت أنا كنا نكري مزارعنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما على الأربعاء وبشيء من التبن " .
( خ م ) يحيى بن سعيد ، عن حنظلة بن قيس ، سمع رافع بن خديج قال : " كنا أكثر أهل المدينة مزارعاً ، كنا نكري الأرض بالناحية منها مسمى لسيد الأرض ، قال : فربما يصاب ذلك ، وتسلم الأرض ، فنهينا ، وأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ " .
أحمد ، نا إسماعيل ، نا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار ، عن الوليد بن أبي الوليد ، عن عروة بن الزبير ، قال : قال زيد بن ثابت : " يغفر الله لرافع بن خديج ، إنا والله أعلم بالحديث منه ، إنما أتى رجلان قد اقتتلا ، فقال رسول الله : إن كان هذا شأنكم ، فلا تكروا المزارع .
فسمع رافع قوله : لا تكروا المزارع " .
والجواب الثاني : إنهم إنما كانوا يكرون بما يخرج على الأربعاء ؛ وهي جوانب الأنهار ، وما على الماذيانات ، وذلك أمر يفسد العقد .
(2/136)
| 137 | الثالث : يحمل النهي على التنزيه ، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - : " لأن يمنح أحدكم أخاه أرضه خير له من أن يأخذ عليها أجرا معلوماً " .
544 - - مسألة - : تصح المزارعة ببعض ما تخرج الأرض .
وقال الشافعي : لا تجوز في الأرض البيضاء ، وتجوز إذا كان في الأرض نخل أو كرم تبعاً .
ومنع أبو حنيفة ومالك مطلقاً .
لنا : حديث ابن عمر في المساقاة .
فاحتجوا بحديث النهي عن المخابرة .
545 - - مسألة - : لا ضمان على الأجير المشترك فيما لم تجن يداه ، كالقصار لا يضمن ما لم تعرف جناية من يده .
وعنه : يضمن .
وقال مالك : عليه ضمان ما جنى ، وما لم يجن .
وللشافعي قولان .
لنا : حديث سمرة : " على اليد ما أخذت " .
وحديث الدارقطني ، نا المحاملي ، نا عبد الله بن شبيب ، نا إسحاق بن محمد ، نا يزيد بن عبد الملك ، عن محمد بن عبد الرحمن الحجبي ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا ضمان على مؤتمن " .
- ق 129 - ب - / قلت : لم يصح .
(2/137)
| 138 | 546 - - مسألة - : يجوز كراء الأرض بالثلث والربع مما تخرج .
وعنه : لا - كأكثرهم .
روى أصحابنا من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من كان مكرياً ، فليكر بالربع ، أو بالثلث " .
أحمد ، نا وكيع ، نا شريك ، عن أبي حصين ، عن مجاهد ، عن رافع بن خديج : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تستأجر الأرض بالدراهم المنقودة ، أو بالثلث ، أو الربع " .
وساق الدارقطني من طريق محمد بن حميد ، نا ابن مغراء ، عن عبيدة الضبي ، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن ، عن سالم ، عن أبيه ، عن عائشة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في مسير له ، فإذا هو بزرع يهتز ، فقال : لمن هذا ؟ قالوا : لرافع بن خديج .
فأرسل إليه - وكان أخذ الأرض بالنصف أو الثلث - فقال : انظر نفقتك فخذها من صاحب الأرض ، وادفع إليه أرضه " .
الجواب : شريك ، قال أبو حاتم : له أغاليط ، ولا نعلم أن مجاهداً سمع من رافع .
قلت : قد سمع من عائشة ؛ وهو أقدم منه ، وعبيدة ضعيف ، وابن مغراء وابن حميد متكلم فيهما .
(2/138)
| 139 | إحياء الموات
547 - - مسألة - : لا يجوز إحياء ما باد أهله .
وعنه : يجوز - كقول أبي حنيفة ومالك .
سعيد في " سننه " نا إسماعيل بن عياش ، حدثني ليث ، عن طاوس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عادي الأرض لله ولرسوله ، ثم لكم بعد ، ومن أحيا مواتاً من الأرض ، فله رقبتها " .
548 - - مسألة - : لا يفتقر التملك بالإحياء إلى إذن الإمام ، خلافاً لأبي حنيفة .
وقال مالك : ما كان في الفلوات لم يفتقر ، وما قرب من العُمران افتقر .
صحح الترمذي حديث وهب بن كيسان ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من أحيا أرضاً ميتةً ، فهي له " .
549 - - مسألة - : من حوط على موات ملكه .
خلافاً للشافعي ؛ فإنه قال : لا يملك حتى يستخرج لها ماء ، ويزرعها ، ولا داراً حتى يقطعها بيوتاً مسقفة .
قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، قال رسول الله : " من أحاط حائطاً على أرضٍ ، فهي له " .
لفظ أحمد .
(2/139)
| 140 | 550 - - مسألة - : حريم البئر العادي خمسون ذراعاً ، والبدي خمسة وعشرون .
وقال أبو حنيفة : أربعون .
وقال الشافعي : ما يحتاج - ق 130 - أ - / إليه .
روى الدارقطني من طريق يحيى بن أبي الخصيب ، نا هارون بن عبد الرحمن ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حريم البئر البدي خمسة وعشرون ذراعاً ، وحريم البئر العادي خمسون ذراعاً " .
قال الدارقطني : من أسنده فقد وهم ، والصحيح مرسل .
واحتجوا ( ق ) بعبد الوهاب بن عطاء ، ثنا إسماعيل المكي ، عن الحسن ، عن عبد الله بن مغفل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من حفر بئراً ، فله أربعون ذراعاً عطناً لماشيته " .
إسماعيل متروك .
( ق ) منصور بن صقير ، نا ثابت بن محمد ، عن نافع أبي غالب ، عن أبي سعيد الخدري ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حريم البئر مد رشائها " .
منصور فيه لين .
551 - - مسألة - : ما نبت من الكلأ ، ونبع من الماء في أرض إنسان ، فليس يملكه .
وعنه : يملك - كقول الشافعي .
(2/140)
| 141 | ابن جريج ، أخبرني عمرو بن دينار ، أن أبا المنهال أخبره أن إياس بن عبد قال : " إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع فضل الماء " .
صححه الترمذي من طريق داود العطاء ، عن عمرو ، ولفظه : " نهى عن بيع الماء " .
552 - - مسألة - : يلزمه بذل ما فضل عنه من الماء .
وعنه : لا - كقول أبي حنيفة والشافعي .
لنا : الحديث ؛ تراه .
(2/141)
| 142 | الوقف
553 - - مسألة - : يلزم الوقف بلا حاكم .
وقال أبو حنيفة : لا يصح إلا بحكم ، أو أن يخرجه مخرج الوصية .
وصاحباه معنا .
( خ م ) ابن عون ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : " أصاب عمر أرضاً بخيبر ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأمره فيها ، قال : إن شئت حبست أصلها ، وتصدقت بها .
فتصدق بها عمر ؛ أن لا تباع ولا توهب ، ولا تورث ، فتصدق بها في القربى ، وفي سبيل الله .
وابن السبيل ، والضيف ، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ، أو يطعم صديقاً غير متأثل فيه مالاً " .
554 - - مسألة - : يجوز وقف المنقول النافع مع بقاء عينه .
وقال أبو حنيفة : لا يصح .
وصححه أبو يوسف في الخيل ، وفي السلاح ، وبقر الضيعة ، وآلاتها .
( خ م ) ورقاء ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج - ق 130 - ب - / عن أبي هريرة ؛ قال : " بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على الصدقة ، فقيل : منع ابن جميل ، وخالد ، والعباس .
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيراً فأغناه الله ، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً ، فقد احتبس أدراعه في سبيل الله ، وأما العباس فهي علي ومثلها " .
(2/142)
| 143 | 555 - - مسألة - : إذا وقف على غيره فاستثنى منه نفقة نفسه صح .
وقال مالك والشافعي : لم يصح .
لنا : حديث عمر المذكور " لا جناح على من وليها أن يأكل " وكان هو وليها .
(2/143)
| 144 | الهبة
556 - - مسألة - : هبة المشاع تصح .
وقال أبو حنيفة : لا تصح فيما ينقسم .
" أحمد ، نا عبد الصمد ، نا حماد ، نا ابن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : " شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين ، وجاءته وفود هوازن ، فقالوا : منّ علينا منَّ الله عليك .
فقال : اختاروا من نسائكم وأموالكم وأبنائكم .
قالوا : نختار أبناءنا .
فقال : أما ما كان لي ولبني عبد المطلب ، فهو لكم .
وقال المهاجرون : ما كان لنا فهو لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالت الأنصار مثل ذلك " .
557 - - مسألة - : العمري تمليك الرقبة ؛ وصفتها أن يقول : أعمرتك داري .
أو هي لك مدة حياتك .
فإن مات من جعلت له ، انتقلت إلى ورثته ، فإن لم يكن له ورثة ، ففي بيت المال .
وقال مالك : هي تمليك المنافع ؛ فإن مات ، رجعت إلى المعمر .
( خ م ) يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن جابر قال : " قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعمرى لمن وهبت له " .
الثوري ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال رسول الله : " أمسكوا عليكم أموالكم ، ولا تعطوها أحداً ؛ فمن أعمر شيئاً فهو له " .
(2/144)
| 145 | ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن عطاء ، عن جابر ؛ قال رسول الله : " العمرى جائزة لأهلها ، أو ميراث لأهلها " .
الثوري ، عن حميد بن قيس ، عن محمد بن إبراهيم ، عن جابر " أن رجلاً من الأنصار أعطى أمه حديقة من نخل حياتها ، فماتت ، فجاء إخوته ، فقالوا : نحن فيه شرع سواء .
فأبى ، فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقسمها بينهم ميراثاً " .
ابن جريج ، أنا عطاء ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عمر ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا - ق 131 - أ - / عمرى ، ولا رقبى ؛ فمن أعمر شيئاً وأرقبه فهو له حياته ومماته " .
عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن حجر المدري ، عن زيد بن ثابت " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل العمرى للوارث " .
أبو الزبير ، عن طاوس ، عن ابن عباس ؛ قال رسول الله : " من أعمر عمرى ، فهي لمن أعمرها جائزة ، ومن أرقب رقبى ، فهي لمن أرقبها جائزة ، ومن وهب هبة ، ثم عاد فيها ، فهو كالعائد في قيئه " .
هذه الأحاديث من " مسند أحمد " .
558 - - مسألة - : حكم الرقبى حكم العمري ، وصفتها أن يقول : أرقبتك داري .
أو يقول : الدار لك ، فإن مت قبلي رجعت إلي ، وإن مت قبلك فهي لك ولعقبك .
وقال أبو حنيفة : الرقبى باطلة .
(2/145)
| 146 | قال أحمد : نا إبراهيم بن خالد ، نا رباح ، عن عمر بن حبيب ، عن عمرو ابن دينار عن طاوس ، عن حجر المدري ، عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا ترقبوا ، فمن أرقب فسبيل الميراث " .
سعيد في " سننه " : نا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا ترقبوا ولا تعمروا ؛ فمن أعمر عمرى ، أو أرقب رقبى فهي سبيلُ الميراث " .
559 - - مسألة - : إذا فضل بعض ولده على بعض في العطية مع تساويهم في الذكورية والأنوثية أساء ، وأمر بارتجاع ذلك وبالتسوية .
وقال أكثرهم : لا يرجع .
أحمد : نا يحيى بن سعيد ، عن مجالد ، نا عامر ، سمعت النعمان بن بشير يقول : " إن أبي وهب لي هبة ، فقالت أمي : أشهد عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بيدي ، فأتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إن أم هذا الغلام سألتني أن أهب له هبة ، فوهبتها له ، فقالت : أشهد عليها رسول الله ، فأتيتك لأشهدك .
قال : رويدك ، ألك ولد غيره ؟ قال : نعم .
قال : كلهم أعطيته ؟ قال : لا .
قال : فلا تشهدني على جور ، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم " .
معمر ، عن الزهري ، أخبرني محمد بن النعمان ، وحميد بن عبد الرحمن ، عن النعمان بن بشير قال : " ذهب أبي بشير إلى رسول الله ليشهده على نحل نحلنيه ، فقال : أكل بنيك نحلت مثل هذا ؟ قال : لا .
قال : فأرجعها " .
أحمد ، نا ابن أبي عدي ، عن داود ، عن الشعبي ، عن النعمان قال : " حملني أبي - ق 131 - ب - / فقال : يا رسول الله ، اشهد أني قد نحلت النعمان كذا وكذا .
(2/146)
| 147 | فقال : أكل ولدك نحلت مثل الذي نحلته ؟ قال : لا .
قال : فأشهد غيري ، أليس يسرك أن يكونوا لك في البر سواء ؟ قال : بلى .
قال : فلا إذاً " .
هذه الطرق في الصحاح .
حماد بن زيد ، عن حاجب بن المفضل بن المهلب بن أبي صفرة ، عن أبيه : " سمعت النعمان بن بشير يخطب ، يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اعدلوا بين أبنائكم ، اعدلوا بين أبنائكم " .
واحتجوا سعيد بن منصور ، نا إسماعيل بن عياش ، عن سعيد بن يوسف ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ساووا بين أولادكم في العطية ، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساءَ " .
إسماعيل وشيخه ضعيفان .
قلتُ : وليس هو بمعارض لما مر .
560 - - مسألة - : للأب الرجوع في هبته لولده .
وعنه : إنه متى بان يقع ذلك عليه ، مثل أن يستدين على ذلك ، أو يزوج البنت لأجله ، لم يكن ، له الرجوع .
وهو قول مالك .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز له الرجوع بحال .
ابن أبي عروبة ، عن عامر الأحول ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يرجع في هبته إلا الوالد من ولده ، والعائد في هبته ، كالعائد في قيئه " .
حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن طاوس ؛ أن ابن عمر ، وابن عباس - رفعاه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أنه قال : " لا يحل لرجل أن يعطي العطية ، فيرجع فيها ، إلا الوالد فيما يعطي ولده " .
(2/147)
| 148 | 561 - - مسألة - : لا يملك الأجنبي الرجوع في هبته .
وقال أبو حنيفة : له الرجوع ما لم يثب منها ، أو يكون بينهما رحم محرم ، أو زوجية ، أو يزيد الموهوب زيادة متصلة .
( خ م ) ابن عباس أن رسول الله قال : " ليس لنا مثل السوء ، العائد في هبته ، كالكلب يعود في قيئه " .
فاحتجوا ؛ حنظلة بن أبي سفيان ، سمعت سالم بن عبد الله ، عن ابن عمر مرفوعاً قال : " من وهب هبة ، فهو أحق بها ما لم يثب منها " .
تفرد برفعه علي بن سهل بن المغيرة ، عن ( عبيد الله ) بن موسى ، قال الدارقطني : الصواب : عن ابن عمر ، عن عمر قوله .
أبو سعيد الأشج ، نا إبراهيم بن إسماعيل ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الرجل أحق بهبته ما لم - ق 132 - أ - / يثب منها " .
إبراهيم هو ابن مجمع ؛ ضعفوه .
الدارقطني ، نا الصفار ، نا عبد العزبز بن عبد الله الهاشمي ، نا عبد الله بن جعفر ، عن ابن المبارك ، عن حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا كانت الهبة لذي رحم محرم ، لم يرجع فيها " عبد الله بن جعفر ضعفوه .
قلتُ : بل هو الرقي ، ثقة ، والذي ضعفوه فالمديني ، لكن الحديث منكر .
(2/148)
| 149 | إبراهيم بن أبي يحيى ، عن محمد بن عبيد الله ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من وهب هبة فارتجع بها ، فهو أحق بها ما لم يثب منها ، ولكنه كالكلب يعود في قيئه " .
إبراهيم والعرزمي متروكان .
562 - - مسألة - : للأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ، إذا لم يجحف بماله ، خلافاً لأكثرهم ؛ وقالوا : يأخذ قدر الحاجة .
أحمد ، ثنا يحيى بن سعيد ، ثنا عبيد الله بن الأخنس ، حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : " أتى أعرابي فقال : يا رسول الله ، أبي يريد أن يجتاح مالي ؟ قال : أنت ومالك لوالدك ، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم ، وإن أموال أولادكم من كسبكم ، فكلوه هنيئاً " .
( ق ) عيسى بن يونس ، نا يوسف بن إسحاق ، عن ابن المنكدر ، عن جابر " أن رجلاً قال : إن لي مالاً وولداً ، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي ! فقال : أنت ومالك لأبيك " .
(2/149)
| 150 | اللقطة
563 - - مسألة - : لا يجوز التقاط الإبل والبقر والطيور .
وجوزه أبو حنيفة .
( خ م ) ربيعة الرأي ، عن يزيد مولى المنبعث ، عن زيد بن خالدٍ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله رجل عن اللقطة ، فقال : اعرف وكاءها - أو قال : وعاءها - وعفاصها ، ثم عرفها سَنَةً ، ثم استمتع بها ، فإن جاء ربها ، فأدها إليه .
قال : فضالة الإبل ؟ فغضب حتى احمرت وجنتاه أو وجهه ، فقال : ما لك ولها ، معها سقاؤها وحذاؤها ، ترد الماء ، وترعى الشجر ، فذرها حتى يلقاها ربها .
قال : فضالة الغنم ؟ قال : لك أو لأخيك أو للذئب " .
564 - - مسألة - : يجوز التقاط الغنم ، ولا يملكها قبل الحول .
وقال مالك وداود : إذا وجدها بفلاة فله أكلها بلا تعريف .
لنا حديث : " عرفها حولاً " .
الضحاك بن عثمان ، عن أبي النضر ، عن بسر بن سعيد - ق 132 - ب - / عن زيد بن خالد الجهني : " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اللقطة ، فقال : عرفها سنة ، فإن أعترفت ، فأدِّها " .
ابن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن جده ، عن أبيه " سمعت رجلاً(2/150)
| 151 | من مزينة يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : جئت يا رسول الله ، أسألك عن الضالة من الإبل .
فقال : معها حذاؤها وسقاؤها ، تأكل الشجر ، وترد الماء ، فدعها حتى يأتيها باغيها .
قال : الضالة من الغنم ؟ قال : هي لك ، أو لأخيك ، أو للذئب يجمعها حتى يأتيها باغيها " رواه أحمد .
أحمد ، ثنا سريج بن النعمان ، نا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن بكر بن سوادة ، عن أبي سالم الجيشاني عن زيد بن خالد الجهني ، قال رسول الله : " من آوى ضالةً ، فهو ضال ما لم يعرفها " .
أبو حيان التيمي ، حدثني الضحاك خال المنذر بن جرير ، عن المنذر بن جرير ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يأوي الضالة إلا ضال " .
565 - - مسألة - : إذا عرف اللقطة حولاً ملكها إن كانت أثماناً ، وإن كانت عروضاً أو حليًّا أو ضالةً لم يملكها ، ولم ينتفع بها ، سواء كان غنيًّا أو فقيراً ، فإن كان فقيراً جاز له الانتفاع بها .
وقال مالك والشافعي وداود : يملك جميع اللقطات وإن كان غنيًّا .
وقال أبو حنيفة : لا يملك شيئاً من اللقطات بحال ، ولا ينتفع بها إذا كان غنيًّا ، فإن كان فقيراً جاز له الانتفاع بها .
لنا : حديث زيد بن خالد المذكور .
وسعيد في " سننه " : نا الدراوردي ، سمعت ربيعة يحدث عن يزيد مولى المنبعث ، عن زيد " أن رجلاً وجد في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة دينار ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اعرف وعاءها ، ووكاءها ، ولا يدخل ركب إلا أنشدت تذكرها ، ثم أمسكها حولاً ؛ فإن جاء صاحبها ، فأدها إليه ، وإلا فاصنع بها ما تصنع بمالك " .
(2/151)
| 152 | ابن إسحاق ، عن عمرو ، عن أبيه ، عن جده : " سمعت رجلاً من مزينة يسأل رسول الله ، فقال : يا رسول الله ، اللقطة في السبيل العامرة ؟ قال : عرفها حولاً ، فإن وجد باغيها ، فأدها إليه ، وإلا فهي لك " .
واحتجوا - ق 133 - أ - / ( خ م ) الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، حدثني سويد بن غفلة ، عن أبي بن كعب ، قال : " التقطت مائة دينار على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته ، فقال : عرفها سنة .
فلم أجد من يعرفها ، فقال : اعرف عددها ووكاءها ، ثم عرفها سنةً ؛ فإن جاء صاحبها ، وإلا فهي كسبيل مالك " .
وفي لفظ في " الصحيح " : " أنه عرفها سنتين أو ثلاثاً " .
فهذه الروايات لعلها غلط ؛ يدل على هذا ؛ أن شعبة قال : سمعت سلمة بعد عشر سنين يقول : عرفها عامً واحداً .
أو يكون - صلى الله عليه وسلم - علم أن تعريفها لم يقع كما ينبغي ، فلم يعتد بالتعريف الأول ، أو أنه عرفها عاماً آخر تورعاً .
566 - - مسألة - : لقطة الحرم لا تحل إلا لمن يعرفها أبداً .
وعن أحمد ؛ أنها كسائر اللقط .
وعن أصحاب الشافعي كالروايتين .
( خ م ) مجاهد ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله يوم الفتح : " إنَّ هذا البلد حرمه الله ، لا يعضد شوكه ، ولا ينفر صيده ، ولا تلتقط لقطه إلا لمن عرفها " .
معلوم أن لقط كل بلد تعرف ؛ فلو كان الحرم كغيره ، لم يكن للتخصيص معنى .
(2/152)
| 153 | ( م ) عمرو بن الحارث ، عن بكير ، عن يحيى بن حاطب ، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لقطة الحاج " .
567 - - مسألة - : إذا جاء مدعي اللقطة ، فأخبر بعددها وعفاصها ووكائها .
دُفعت إليه .
وقال أبو حنيفة والشافعي : لا تُدفع إليه إلا ببينة .
لنا قوله : " اعرف عفاصها ووكاءها ، وعددها " ولو كان التسليم موقوفاً على البينة لم يكن في معرفة العفاص ، والوكاء فائدة .
حماد بن سلمة ، عن سلمة بن كهيل ، عن سويد بن غفلة ، عن أبي بن كعب " أنه التقط لقطةً ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عرفها سنةً .
فعرفها ، فقال : عرّفها سنةً أخرى ، ثم أتاه ، فقال له : أحص عددها ووكاءها ، واستمتع بها ، فإن جاء صاحبها فعرف عدتها ووكاءها ، فأعطها إياه " صحيح .
أحمد ، نا هشيم ، نا خالد ، عن يزيد بن الشخير ، عن أخيه ، عن عياض ابن حمار قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من وجد لقطة ، فليشهد ذوي عدل ، وليحفظ عفاصها ووكاءها ، فإن جاء صاحبها فلا يكتم ، وهو أحق بها - ق 133 - ب - / وإن لم يجيء صاحبها ، فهو مال الله يؤتيه من يشاء " .
568 - - مسألة - : من وقفت دابته ، فتركها بأرض مهلكة ، فجاء غيره فأطعمها وسقاها حتى صحت ملكها ، خلافاً لأكثرهم .
(2/153)
| 154 | حماد بن سلمة ، عن عبيد الله بن حميد بن عبد الرحمن ، أن الشعبي حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من وجد دابة قد عجز عنها أهلها أن يعلفوها ؛ فسيبوها ، فأخذها رجل فأحياها ، فهي له " .
رواه الدارقطني مرسل .
وقال سعيد في " سننه " : نا هشيم ، نا منصور ، عن عبيد الله بن حميد الحميري ، سمع الشعبي يقول : " من قامت عليه دابة فتركها فهي لمن أحياها .
قيل : عمن هذا يا أبا عمرو ؟ قال : إن شئت عددت لك كذا وكذا من الصحابة " .
569 - - مسألة - : يصح إسلام الصبي وردته ، خلافاً للشافعي .
لنا : إسلام علي وهو ابن ثمان سنين .
وقيل أسلم وله عشر .
وروى جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : " قُتِلَ عليٌّ وهو ابن ثمان وخمسين ، ومات لها الحسن ، وقُتِلَ لها الحسين " .
قلت : هذا القول غلطٌ ؛ فإن الحسن مات عن بضع وأربعين سنةً .
(2/154)
| 155 | الوصية
570 - - مسألة - : تستحب للقريب الذي لا يرث .
وقال أبو بكر وأصحابنا : تجب - كقول داود .
أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما حق امرئ أن يبيت ليلتين وله مالٌ يريد أن يوصي فيه ، إلا ووصيته مكتوبة عنده " .
وجه الحجة أنه علقه بالإرادة ، فدل على عدم الوجوب .
571 - - مسألة - : من أوصى لجيرانه ؛ دخل فيه من كل جانب أربعون داراً .
ولأبي حنيفة : الملاصق فقط .
هقل بن زياد ، نا الأوزاعي ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أربعين داراً جارٌ .
قلت لابن شهاب : وكيف ؟ قال : أربعين عن يمينه ، وأربعين عن يساره ، وخلفه ، وبين يديه " .
قلت : لا يحتج بمثل هذا .
572 - - مسألة - : تصحُّ الوصية للقاتلِ .
وقال أبو حنيفة : لا تصح .
(2/155)
| 156 | وعن الشافعي قولان .
لنا : قوله : " من بعد وصية " .
- ق 134 - أ - / مبشر بن عبيد - أحد المتروكين - عن حجاج بن أرطأة ، عن الحكم ، عن ابن أبي ليلى ، عن علي ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس لقاتل وصية " .
573 - - مسألة - : من أوصى لرجل بسهم من ماله ، كان له السدس ، إلا أن تعول الفريضة ؛ فيعطى سدساً عائلاً .
وعنه : أنه يعطى أقل سهام الورثة ، فإن زاد على السدس ، أعطي السدس .
وعن أبي حنيفة كهذا .
وقال الشافعي : يعطى ما شاء الورثة .
ابن المبارك ، عن يعقوب بن القعقاع ، عن الحسن " في رجل أوصى بسهم من ماله ، قال : له السدس على كل حال " .
574 - - مسألة - : تصح الوصية بما زاد على الثلث ، وتقف على تنفيذ الورثة ، خلافاً لأحد قولي الشافعي ؛ أنها لا تصح .
عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً : " لا وصية لوارث إلا أن يجيزها الورثة " .
يونس بن راشد ، عن عطاء الخراساني ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة " .
أخرجهما الدارقطني .
(2/156)
| 157 | احتجوا بإسماعيل بن عياش ، ثنا شرحبيل بن مسلم ، سمعت أبا أمامة " سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبته عام حجة الوداع : إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث " .
وقد رواه سعيد بن أبي سعيد الساحلي ، عن أنس ، ورواه شهر بن حوشب ، عن ابن أبي ليلى ، عن عمرو بن خارجة ، كلاهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قلنا : الساحلي مجهول ، وابن عياش وشهرٌ ضعيفان .
قلت : بل حديث ابن عياش صحيح ، خرجه أحمد .
قال : وفي خبرنا زيادة حكم .
(2/157)
| 158 | الفرائض
575 - - مسألة - : ذوو الأرحام يرثون ، خلافاً لمالك والشافعي .
الثوري ، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش ، عن حكيم بن حكيم ، عن أبي أمامة بن سهل " أن رجلاً رمى رجلاً بسهم فقتله ، وليس له وارث إلا خال ، فكتب في ذلك أبو عبيدة إلى عمر ، فكتب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : الخال وارث من لا وارث له " .
شعبة ، عن بديل ، عن علي بن أبي طلحة ، عن راشد بن سعد ، عن أبي عامر الهوزني ، عن المقدام أبي كريمة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الخال وارث من لا وارث له ؛ يرثه ويعقل عنه " رواهما أحمد .
- ق 134 - ب - / احتجوا بمسعدة بن اليسع ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : " سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ميراث العمة والخالة ، فقال : لا أدري حتى يأتيني جبريل .
ثم قال : أين السائل عن ميراث العمة والخالة ؟ فأتى الرجل ، فقال : سارني جبريل أنه لا شيء لهما " .
قال الدارقطني : لم يسنده غير مسعدة ، وهو وضاع للحديث .
قلت : وكذبه أبو داود ، والصواب مرسل .
الدراوردي ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركب إلى قباء يستخبر في ميراث العمة والخالة ، قال : فأنزل الله أن لا ميراث لهما " .
(2/158)
| 159 | 576 - - مسألة - : قاتل الخطأ لا يرث .
وقال مالك : يرث من المال دون الدية .
( ت ) الليث ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " القاتل لا يرث " .
إسحاق متروك .
إسماعيل بن عياش ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال رسول الله : " ليس للقاتل شيءٌ من الميراث " .
إسماعيل عن الحجازيين ضعيف .
وعن ابن المسيب ، عن عُمرَ ، سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليس لقاتل ميراث " .
قلت : إسناده ضعيف .
رواهما الدارقطني .
فاحتجوا بالحسن بن صالح بن حي ، عن محمد بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب ، أخبرني أبي ، عن جدي عبد الله " أن رسول الله قام يوم فتح مكة فقال : لا يتوارث أهل ملتين ، والمرأة ترث من دية زوجها وماله ، وهو يرث من ديتها ومالها ما لم يقتل أحدهما الآخر عمداً ؛ فإنه لا يرثه ، وإن قتل صاحبه خطأ ، ورث من ماله ولم يرث من ديته " .
قال الدارقطني : محمد بن سعيد هو الطائفي - ثقة - ثناه محمد بن جعفر المطيري ، ثنا إسماعيل بن عبد الله بن ميمون ، نا عبيد الله بن موسى ، ثنا الحسن .
قال المؤلف : الحسن مجروحٌ .
قلت : والخبر منكرٌ .
(2/159)
| 160 | وفي المراسيل لأبي داود من حديث الزهري ، عن ابن المسيب ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يرث قاتل عمدٍ ولا خطأٍ من الدية " .
وعن مسلمة بن علي ، عن هاشم بن عروة ، عن أبيه " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الرجل يَقْتُلُ وليه خطأ ؛ أنه يرث من ماله دون ديته " .
مسلمة تركوه .
577 - - مسألة - : لا يرث اليهودي النصراني ، وكذلك كل ملتين .
وعنه ؛ يتوارثون .
وهو قول أبي حنيفة والشافعي .
- ق 135 - أ - / لنا : يعقوب بن عطاء - أحد الضعفاء - عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يتوارث أهل ملتين شيء " .
( ت ) حصين بن نمير ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يتوارث أهل ملتين " .
ابن أبي ليلى فيه ضعف .
وعن عمر بن راشد ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله قال : " لا يرث أهل مِلَّةٍ ملةٍ " .
ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن علي بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان ، عن أسامة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يَرِثُ الكافر المسلم ، ولا المسلم الكافر " .
أخرجاه .
(2/160)
| 161 | ابن وهب ، أخبرني محمد بن عمرو ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يرث المسلم النصراني ، إلا أن يكون عبده أو أمته " .
قال الدارقطني : المحفوظ موقوف .
578 - - مسألة - : إذا كان للميت أقارب كفار فأسلموا قبل قسمة التركية ورثوا .
وعنه : لا .
وبه قال الأكثر .
لنا : محمد بن مسلم الطائفي ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي الشعثاء ، عن ابن عباس قال : " قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم ، وكل قسم أدركه الإسلام ، فإنه على قسم الإسلام " .
( ق ) ابن لهيعة ، عن عقيل ؛ أنه سمع نافعاً يخبر عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما كان من قسم في الجاهلية فهو على قسمة الجاهلية ، وما كان من ميراث أدركه الإسلام فهو على قسمة الإسلام " .
شعبة ، عن عمرو بي أبي حكيم ، عن ابن بريدة ، عن يحيى بن يعمر ، عن أبي الأسود الديلي ، قال : " كان معاذ باليمن ، فارتفعوا إليه في يهودي مات ، وترك أخاه مسلما ، فقال معاذ : إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن الإسلام يزيد ولا ينقص فورثه " .
رواه أحمد .
(2/161)
| 162 | حيوة بن شريح ، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أسلم على شيء فهو له " .
قلتُ : لا دلالة في هذه الأحاديث على المسألة .
579 - - مسألة - : الجد يقاسم الإخوة للأب ، ولا يحجبهم .
وقال أبو حنيفة : يسقطهم .
لنا : أن التوريث بالإخوة منصوص عليه ؛ فلا يثبت حجبهم إلا بنص أو إجماع .
احتجوا ( خ م ) بطاوس - ق 135 - ب - / عن ابن عباس ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر " .
قالوا : فالجد أولى رجل ، وقالوا : والتعصيب منه نشأ .
قلنا : تعصيب البنوة مقدم على تعصيب الأبوة ، والجد أسبق من الأب ، والأب يسقطه .
580 - - مسألة - : الأخواتُ مع البناتِ عصبة ، خلافا لابن عباس .
لنا : ( خ ) الثوري ، عن أبي قيس ، عن هزيل بن شرحبيل ، قال : " جاء رجل إلى أبي موسى ، وسلمان بن ربيعة ، فسألهما عن ابنه ، وابنة ابن ، وأخت لأبوين ، فقالا : للابنة النصف ، وللأخت النصف ، وائت ابن مسعود ؛ فإنه سيتابعنا .
فأتى ابن مسعود ، فسأله ، فقال : لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ، سأقضي فيها بما قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : للابنة النصف ، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين ، وما بقي فللأخت " .
(2/162)
| 163 | 581 - - مسألة - : ترث الجدة أم الأم ، وأم الأب ، وأم الجد .
وقال أبو حنيفة والشافعي : ترث الجدات وإن كثرن .
وقال مالك وداود : لا ترث إلا جدتان : أم أمه ، وأم أبيه ، وأمهاتهما وإن علون .
خارجة بن مصعب ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : " أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث جدات السدس ، ثنتين من قبل الأب ، وواحدة من قبل الأم " .
رواه الدارقطني .
قلت : مرسل ، وخارجة ليس بحجة .
582 - - مسألة - : لا ترث أم الأب مع الأب .
وعنه : ترث - كقولهم .
لنا : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورث جدةً وابنها حي .
( ت ) يزيد بن هارون ، عن محمد بن سالم ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : " في الجدة مع ابنها ؛ أنها أول جدة أطعمها رسول الله سدسها مع ابنها وابنها حي " .
قلت : محمد بن سالم ضعفوه .
(2/163)
| 164 | 583 - - مسألة - : عصبة ولد الملاعنة أمه ، فإن عدمت ، فعصباؤها من بعدها .
وعنه : عصبته عصبة أمه .
وقال أبو حنيفة : ترثه أمه بالفرض والرد .
وقال مالك والشافعي : لها الثلث ، والباقي لبيت المال .
محمد بن حرب الحمصي ، ثنا عمر بن رؤبة ، سمعت عبد الواحد النصري ، سمعت واثلة بن الأسقع يذكر أن - ق 136 - أ - / رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " المرأة تحوز ثلاثة مواريث : عتيقها ، ولقيطها ، والولد الذي لاعنت عليه " .
قال أبو حاتم : عبد الواحد لا يحتج به .
قلت : قد احتج به البخاري ، لكن عمر بن رؤبة ، قال البخاري : فيه نظر .
وفي مراسيل أبي داود ، من طريق داود بن أبي هند ، عن عبد الله بن عبيد ، عن رجل من أهل الشام ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ولد الملاعنة عصبته عصبة أمه " .
584 - - مسألة - : لا يرث المولود ولا يورث حتى يستهل صارخاً .
وقال أبو حنيفة والشافعي : إذا تحرك ، يورث .
( ق ) نا هشام بن عمار ، نا الربيع بن بدر ، نا أبو الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا استهل الصبي ، صلي عليه ، وورث " .
قلت : الربيع إن كان عليلة فمتروك .
( د ) ابن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا استهل المولود ورث " .
(2/164)
| 165 | العتق
585 - - مسألة - : المعتق بعضه يرث ويورث بقدر ما عتق .
وقال مالك : لا يرث ولا يورث .
وقال الشافعي : لا يرث ، وهل يورث ؟ على قولين .
ولا يتصور مع أبي حنيفة ؛ فإن عنده يستسعى وهو حر .
( س ) حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن خلاس ، عن علي ، وعن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " المكاتب يعتق بقدر ما أدى ، ويقام عليه الحد بقدر ما عتق منه ، ويرث بقدر ما عتق منه " .
586 - - مسألة - : إذا أعتق عن الغير بغير إذنه ، فالولاء للمعتق .
وقال مالك : للمعتق عنه .
لنا : ( خ م ) حديث عائشة : " إنما الولاء لمن أعتق " .
587 - - مسألة - : إذا أعتق المسلم ذميا ، ورثه بالولاء .
وقال أكثرهم : لا يرثه ، إلا أن يسلم .
لنا : " الولاء لمن أعتق " وحديث جابر مرفوعا : " لا يرث المسلم النصراني ، إلا أن يكون عبده " .
(2/165)
| 166 | 588 - - مسألة - : بنت المولى ترث بالولاء .
وعنه : لا - كقول أكثرهم .
سليمان بن داود المنقري ، نا يزيد بن زريع ، نا سعيد ، عن قتادة ، عن جابر ابن زيد ، عن ابن عباس " أن مولى لحمزة توفي ، وترك بنته وابنة حمزة ، فأعطى - ق 136 - ب - / النبي - صلى الله عليه وسلم - بنته النصف ولابنة حمزة النصف " .
قلت : المنقري هو الشاذكوني ؛ واه .
(2/166)
| 167 | كتاب النكاح
589 - - مسألة - : الاشتغال به أفضل من نوافل العبادة .
وقال الشافعي : نفل العبادة لغير التائق أفضل .
لنا : ( خ م ) الأعمش ، عن عمارة ، عن عبد الرحمن بن يزيد قال : قال عبد الله : " كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شبابا ليس لنا شيء ، فقال : يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ؛ فإن الصوم له وجاء " .
( خ م ) عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لكني أصوم وأفطر ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي ، فليس مني " .
عن أنس : " كان رسول الله يأمر بالباءة ، وينهى عن التبتل نهيا شديدا ، ويقول : تزوجوا الودود الولود ، فإني مكاثر الأنبياء بكم يوم القيامة " .
رواه أحمد .
عن أبي ذر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعكاف بن بشر : هل لك زوجة ؟ قال : لا .
قال : ولا جارية ؟ قال : لا .
قال : وأنت موسر ؟ قال : وأنا موسر .
قال : أنت إذاً من إخوان الشياطين ، إن سنتنا النكاح ، شراركم عذابكم ، وأراذل موتاكم عذابكم ، أبا لشياطين تمرسون " .
رواه أحمد .
(2/167)
| 168 | واحتجوا ( خ م ) بحديث : " يقول الله : الصوم لي " .
و ( خ ) بحديث أبي هريرة : " وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه .
.
.
" الحديث .
وبحديث الأعمش ، عن سالم ، عن ثوبان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة " .
590 - - مسألة - : لا يجوز للمرأة أن تلي عقد النكاح .
وجوزه أبو حنيفة .
وقال محمد بن الحسن : إن أذن لها وليها صح .
وقال مالك : لا تلي ، وهل لها أن تأذن لرجل أن يزوجها ؟ على ثلاث روايات : إحداهن : يجوز .
الثاني : لا .
الثالثة : إن كانت شريفة لم يجز ، وإن كانت دنية جاز .
وقال داود : إن كان ثيبا جاز .
لنا : حديث ابن جريج ، عن سليمان بن موسى ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة أن رسول الله - ق 137 - أ - / - صلى الله عليه وسلم - قال : " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فإن دخل بها ، فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " .
فإن قيل : قد قال ابن جريج : لقيت الزهري ، فأخبرته بهذا الحديث فأنكره .
قلنا : الحديث صحيح ، خرجه الحاكم في " مستدركه " .
(2/168)
| 169 | قال الترمذي : هذا القول لم يذكره عن ابن جريج إلا ابن علية ، وسماعه من ابن جريج ليس بذاك .
قال المؤلف : لعل الزهري نسي ، وسليمان ثقة ، والحديث فقد رواه جعفر بن ربيعة ، وقرة بن عبد الرحمن ، وابن إسحاق ، عن الزهري .
قال أحمد بن حنبل : كان ابن عيينة يحدث بأشياء ، ثم يقول : ليس هذا من حديثي ، ولا أعرفه .
أحمد ، نا معمر بن سليمان ، نا حجاج ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا نكاح إلا بولي ، والسلطان ولي من لا ولي له " .
حجاج بن أرطأة ضعف .
محمد بن يزيد بن سنان ، نا أبي ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " .
قال النسائي : يزيد متروك .
خالد بن الوضاح ، عن أبي الخصيب ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة مرفوعاً : " لا بد في النكاح من أربعة : الولي ، والزوج ، والشاهدين " .
قال الدارقطني : أبو الخصيب نافع بن ميسرة ؛ مجهول .
قلت : والخبر منكر جداً .
إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي بردة ، عن أبيه ، قال رسول الله : " لا نكاح إلا بولي تابعه شريك ، وزهير ، وأبو عوانة ، وغيرهم .
ورواه شعبة وسفيان ، عن أبي إسحاق ، فلم يذكرا أبا موسى .
قال الترمذي : قول من وصله أصح .
(2/169)
| 170 | محمد بن مخلد السعدي ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن إسرائيل بحديث : " لا نكاح إلا بولي " .
فقلت لعبد الرحمن : إن شعبة وسفيان يوقفانه على أبي بردة ، فقال : إسرائيل عن أبي إسحاق أحب إلي منهما .
وقال صالح جزرة ، نا علي بن المديني ، سمعت عبد الرحمن يقول : كان إسرائيل يحفظ حديث أبي إسحاق كما يحفظ سورة الحمد .
ثم قد روينا عن شعبة وصله : فروى محمد بن موسى الحرشي ، نا يزيد بن زريع ، عن شعبة بذلك .
ثم يحتمل أن أبا إسحاق حدث به على الوجهين .
أحمد ، نا معمر الرقي ، عن الحجاج - ق 137 - ب - / عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعاً : " لا نكاح إلا بولي ، والسلطان ولي من لا ولي له " .
قتيبة ، نا الربيع بن بدر ، عن النهاس بن قهم ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن ؛ لا يجوز النكاح إلا بولي وشاهدين ، ومهر قل أو كثر " .
النهاس ضعيف .
بكر بن بكار ، ثنا عبد الله بن محرر ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، عن ابن مسعود قال : " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " .
ابن محرر تركه الدارقطني .
ثابت بن زهير ، نا نافع ، عن ابن عمر ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " .
ثابت واه .
(2/170)
| 171 | محمد بن مروان العقيلي ، نا هشام ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تزوج المرأة المرأة ، ولا تزوج المرأة نفسها ، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها " .
تفرد به جميل بن الحسن عنه .
قلت : قال عبدان الأهوازي : جميل كاذب فاسق .
وقد رواه موسى بن هارون ، ثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي ، نا مخلد بن الحسين ، عن هشام بن حسان .
مسلم لا يعرف .
قلت : أخرجهما الدارقطني .
( خ ) عبد الوهاب الثقفي ، عن يونس ، عن الحسن " أن معقل بن يسار زوج أختا له ، فطلقها الرجل ، ثم أنشأ يخطبها ، فقال : زوجتك كريمتي فطلقتها ، ثم أنشأت تخطبها ، فأبى أن يزوجه ، وهويته المرأة ؛ فأنزل الله - تعالى - : " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " .
عن أبي عصمة نوح ، عن مقاتل بن حيان ، عن قبيصة بن ذؤيب ، عن معاذ مرفوعا : " أيما امرأة زوجت نفسها من غير ولي فهي زانية " .
نوح متروك .
واحتجوا بحديث ( م ) مالك ، عن عبد الله بن الفضل ، عن نافع بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها ، وإذنها صماتها " .
(2/171)
| 172 | فشارك بينها وبين وليها ، وجعلها أحق ، وقد صح العقد منه ، فوجب أن يصح منها .
سعيد في " سننه " ثنا أبو الأحوص ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن ، قال : " جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - ق 138 - أ - / فقالت : إن أبي أنكحني رجلاً وأنا كارهة ، فقال لأبيها : لا نكاح لك ، اذهبي انكحي من شئت " .
هذا مرسل .
591 - - مسألة - : ولاية الفاسق لا تصح .
وعنه : تصح - كقول أبي حنيفة ومالك .
لنا : حديثان ضعيفان .
عن محمد بن عبيد الله العرزمي ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال رسول الله : " لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل " .
العرزمي متروك .
عدي بن الفضل ، عن عبد الله بن عثمان بن - خثيم - عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال رسول الله : " لا نكاح إلا بولي ، وشاهدي عدل ، وأيما امرأة أنكحها ولي مسخوط عليه ، فنكاحها باطل " .
عدي متروك .
رواه الدارقطني .
592 - - مسألة - : يملك الأب إجبار البكر البالغ على النكاح .
وعنه : لا - كقول أبي حنيفة .
(2/172)
| 173 | ابن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن عبد الله بن الفضل ، سمع نافع بن جبير يذكر عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " الثيب أحق بنفسها من وليها ، والبكر يستأمرها أبوها في نفسها " .
رواه الدارقطني .
فإن قيل : لفظ الصحيح الأيم ، وهي التي لا زوج لها ، بكرا كانت أو ثيباً .
قلنا : لفظ الثيب صحيح .
قال الدارقطني : رواه جماعة عن مالك : " الثيب .
.
.
" ثم المراد بالأيم الثيب ؛ لأنه ذكر معها البكر ، وليس ثم قسم ثالث .
هشيم ، نا ابن أبي ليلى ، عن عبد الكريم ، عن الحسن ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " تستأمر الأبكار في أنفسهن ، فإن أبين أجبرن " .
عبد الكريم البصري واه ، ثم هو مرسل .
واحتجوا بقوله : " والبكر تستأمر " .
وبحديث أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن جارية بكراً أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة ، فخيرها النبي - صلى الله عليه وسلم - " .
ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس " أن خذاما أبا وديعة أنكح بنته رجلاً ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فاشتكت إليه أنها أنكحت وهي كارهة ، فانتزعها من زوجها ، وقال : لا تكرهوهن " .
كهمس ، عن ابن بريدة ، عن عائشة قالت : " جاءت فتاة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، إن أبي - ونعم الأب هو - زوجني ابن أخيه ليرفع من خسيسته ، قالت : - ق 138 - ب - / فجعل الأمر إليها ، فقالت : إني قد أجزت ما صنع أبي ولكني أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء " .
عن عبد الملك الذماري ، عن سفيان ، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رد نكاح بكر وثيب أنكحهما أبوهما(2/173)
| 174 | وهما كارهتان ، فرد النبي نكاحهما " رواه الدارقطني .
الوليد بن مسلم ، قال : قال ابن أبي ذئب : أخبرني نافع ، عن ابن عمر " أن رجلاً زوج بنته بكراً ، فكرهت ذلك ، فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - نكاحها " .
وفي رواية أخرى عن ابن عمر : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتزع النساء من أزواجهن ثيبات وأبكاراً بعد أن يزوجهن الآباء ؛ إذا كرهوا ذلك " .
الحكم بن موسى ، نا شعيب بن إسحاق ، عن الأوزاعي ، عن عطاء ، عن جابر " أن رجلاً زوج ابنته وهي بكر من غير أمرها ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ففرق بينهما " .
رواهما الدراقطني .
قلنا : أما استئمار البكر فلتطييب قلبها ، وجمهور الأحاديث محمول على أنه زوج من غير كفء .
وقولها : زوجني ابن أخيه ، يكون ابن عمها من الأم ؛ على أنه قد قال الدارقطني : حديث ابن عباس وعائشة وجابر مراسيل .
ابن بريدة لم يسمع من عائشة .
وقد أنكر أحمد حديث جابر ، ثم قال : الصحيح أنه مرسل عن عطاء ، وهم شعيب .
وحديث الذماري أخطأ فيه على سفيان ، والصواب مرسل عن عكرمة .
قال : وحديث ابن أبي ذئب لا يثبت ، لم يسمعه من نافع ، إنما سمعه من عمر بن حسين ، وقد سئل أحمد عن هذا الحديث ، فقال : باطل .
593 - - مسألة - : لا يملك الأب إجبار الثيب الصغيرة ، في أحد الوجهين ، وفي الآخر : يملك ، كقول أبي حنيفة .
لنا قوله : " الثيب أحق بنفسها " .
(2/174)
| 175 | وحديث يحيى ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله : " لا تنكح الثيب حتى تستأمر " صححه ( ت ) .
( خ ) مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد بن حارثة ، عن خنساء ابنة خذام " أن أباها زوجها وهي كارهة - وكانت ثيباً - فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - نكاحه " .
أحمد بن حنبل ، نا عبد الرزاق ، أنا ابن جريج ، أخبرني عطاء الخراساني ، عن ابن عباس " أن خذاما أبا وديعة أنكح ابنته وهي كارهة ، فانتزعها النبي - صلى الله عليه وسلم - من زوجها ، وقال : لا تكرهوهن .
- ق 139 - أ - / قال : فنكحت أبا لبابة بعد ذلك ، وكانت ثيباً " .
ابن إسحاق ، عن الحجاج بن السائب بن أبي لبابة ، قال : كانت بنت خذام عند رجل ، فآمت منه ، فزوجها أبوها رجلاً من بني عوف ، وخطبت هي إلى أبي لبابة ، فأبى أبوها إلا أن يلزمها العوفي ، وأبت هي حتى ارتفع شأنهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " هي أولى بأمرها " فألحقها بهواها ، فزوجت أبا لبابة ، فولدت له أبا السائب " .
معمر ، عن صالح بن كيسان ، عن نافع بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس للولي مع الثيب أمرا " .
قال الدارقطني : لم يسمعه صالح من نافع ، إنما سمعه من عبد الله بن الفضل عنه .
وقيل : أخطأ فيه معمر .
594 - - مسألة - : إذا ذهبت بكارتها بزنا ، زوجت ثيباً .
وقال أبو حنيفة ومالك : تزوج تزويج البكر .
لنا : قوله : " الثيب أحق بنفسها " .
(2/175)
| 176 | الليث ، نا عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عدي بن عدي الكندي ، عن أبيه ، أن رسول الله قال : " الثيب تعرب عن نفسها ، والبكر رضاها صمتها " .
595 - - مسألة - : لا يجوز إنكاح الصغير والصغيرة اليتيمين .
وجوزه الشافعي للجد فقط .
وعن أحمد يجوز للعصبة ، ويثبت لها الخيار إذا بلغت .
وهو قول أبي حنيفة .
ابن إسحاق ، حدثني عمر بن حسين ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : " توفي عثمان بن مظعون ، وترك بنتا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هي يتيمة لا تنكح إلا بإذنها " رواه الدارقطني .
فإن قالوا : المراد باليتيمة البالغة ؛ إذ غير البالغة لا إذن لها .
أحمد ، نا وكيع ، نا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال رسول الله : " تستأمر اليتيمة في نفسها ، فإن سكتت فهو إذنها ، وإن أبت ، فلا جواز عليها " .
قلنا : إنما يشير بذلك إلى زمان جواز الإذن ؛ وهو البلوغ ، فسماها يتيمة بالاسم الذي كان لها .
احتجوا بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوج أمامة بنت حمزة من عمر بن أبي سلمة ، وكانت صغيرة ، وكان رسول الله ابن عمها .
قلنا : زوجها بولاية النبوة ؛ بدليل أن العباس أقرب منه ، والرجل المتزوج سلمة ابن أبي سلمة ، ومن قال : عمر ، فقد غلط .
596 - - مسألة - : تستفاد ولاية النكاح بالنبوة ، خلافاً للشافعي .
(2/176)
| 177 | لنا : أن عمر بن أبي سلمة زوج أمه برسول الله .
أحمد ، نا عفان ، نا حماد ، أنا ثابت ، حدثني ابن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه " أن أم سلمة لما انقضت عدتها من أبي سلمة ، بعث إليها رسول الله - ق 139 - ب - / - صلى الله عليه وسلم - فقالت : مرحبا برسول الله وبرسوله ، أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني امرأة غَيرى ، وأني مصبية ، وأنه ليس أحد من أوليائي شاهد ، فبعث إليها : أما قولك : إني مصبية ، فإن الله سيكفيك صبيانك ، وأما قولك : إني غَيرى ، فسأدعو الله أن يذهب غيرتك ، وأما الأولياء ، فليس أحد منهم شاهد ولا غائب إلا سيرضى بي .
فقالت : يا عمر ، قم فزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
كذا روي هذا الحديث أنها قالت : " قم يا عمر " وأصحابنا قد ذكروا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " قم يا غلام ، فزوج " .
وفي هذا الحديث نظر ؛ لأن عمر كان له من العمر يوم تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث سنين ، وكيف يقال له : زوج .
قال : ومات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولعمر تسع سنين .
قلت : بل كان رجلاً متزوجاً ، استفتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مباشرة الصائم .
قال : فيحمل قولها : قم فزوج رسول الله على وجه المداعبة للصغير ، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يفتقر نكاحه إلى ولي .
قال ابن عقيل : ظاهر كلام أحمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يجوز له أن يزوج بغير ولي ؛ لأنه مقطوع بكفاءته .
ابن الأصبهاني ، نا شريك ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد قال : " لا نكاح إلا بولي وشهود ومهر ، إلا ما كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - " .
وعن أحمد قال : من يقول : إن عمر كان صغيراً ؟ فهذا إن ثبت عن أحمد ، فلعله قاله قبل أن يعلم مقدار سنه ، وقد ذكر سنه ابن سعد ، وغيره .
واعتذر الخصم بأن عمر كان ابن عم لأمه .
(2/177)
| 178 | قلنا : كان لها من الأولياء أخوها عبد الله بن أبي أمية ، لكنه كان لم يسلم بعد .
يزيد بن هارون ، أنا حماد ، عن ثابت ، عن أنس " أن أبا طلحة خطب أم سليم ، فقالت : يا أبا طلحة ، ألست تعلم أن إلهك الذي تعبد خشبة نخرها حبشي بني فلان ؟ إن أنت أسلمت ، لم أرد منك صداقا غيره .
قال : حتى أنظر في أمري .
فذهب ثم جاء ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله .
قالت : يا أنس ، زوج أبا محمد " .
قال : وهذا فيه نظر ؛ لأن أبا طلحة شهد العقبة ، وقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولأنس عشر سنين ، ولعل هذا قبل تقرير الأحكام .
597 - - مسألة - : يصح إذن بنت تسع في النكاح ، خلافاً لأكثرهم .
عبد الملك بن مهران ، نا سهل بن أسلم العدوي - ق 140 - أ - / حدثني محمد بن قرة اليزني ، سمعت ابن عمر يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا أتى على الجارية تسع سنين ، فهي امرأة " .
في إسناده مجاهيل .
( عمير ) بن المتوكل ، حدثني أحمد بن موسى الضبي ، نا عباد بن عباد المهلبي ، قال : " أدركت فيها امرأة صارت جدة وهي بنت ثماني عشرة سنة ؛ ولدت لتسع سنين ابنة ، فولدت ابنتها لتسع سنين ابنة " .
رواهما الدارقطني .
(2/178)
| 179 | الشهادة
598 - - مسألة - : هي شرط في النكاح .
وعنه : ليست شرطا - كقول مالك .
لنا حديث : " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدلٍ " وقد مر .
( ت ) عبد الأعلى السامي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة " .
قال الترمذي : لا نعلم أحداً رفعه إلا عبد الأعلى ، وقد وفقه مرة ، والصحيح وقفه .
قلنا : عبد الأعلى ثقة .
عن عبد الله بن سلمة بن أسلم ، حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصة ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يضر أحدكم أبقليل من ماله تزوج أو بكثير ، بعد أن يشهد " .
قال الدارقطني : ابن أسلم ضعيف .
قال أحمد : لم يثبت في الشهادة شيء ، وقال ابن المنذر : الأحاديث في الشهادة لا تصح .
599 - - مسألة - : لا ينعقد النكاح بشهادة فاسقين ؛ لقوله : " وشاهدي عدل " .
(2/179)
| 180 | وقال أبو حنيفة : ينعقد .
600 - - مسألة - : ولا ينعقد بشاهد وامرأتين ؛ ( لقول ) : " .
.
.
وشاهدي عدلٍ " .
وجوزه أبو حنيفة .
وقد قال الزهري : مضت السنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لا تجوز شهادة النساء في الحدود والنكاح والطلاق .
601 - - مسألة - : لا ينعقد نكاحه للذمية بشهادة أهل الذمة .
وقال أبو حنيفة : ينعقد .
(2/180)
| 181 | الكفاءة
602 - - مسألة - : وشروطها : النسب والدين والحرية والصناعة والمال .
وعنه - ق 140 - ب - / الكفاءة : النسب والدين .
وقال أبو حنيفة : النسب ، والدين ، والحرية ، والسلامة من العيوب .
لنا : سويد ، ثنا بقية ، حدثني محمد بن الفضل ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال رسول الله : " الناس أكفاء ؛ قبيلة لقبيلة ، وعربي لعربي ، مولى لمولى ، إلا حائك أو حجام " .
قلت : هذا باطل .
محمد بن عبد الله بن عمار ، نا عثمان بن عبد الرحمن ، عن علي بن عروة ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً : " العرب بعضها لبعض أكفاء ، والموالي بعضها لبعض أكفاء ، إلا حائك أو حجام " .
قلت : وعلي متروك ، وكذا عثمان .
احتجوا بضمرة ، عن إسماعيل بن عياش ، عن الزبيدي وابن سمعان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة " أن أبا هند مولى بياضة حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : من سره أن ينظر إلى من صور الله الكتاب في قلبه ، فلينظر إلى أبي هند ، أنكحوا أبا هند ، وانكحوا إليه " .
قال ابن عدي : هذا منكر من حديث الزبيدي ؛ تفرد به إسماعيل .
وابن سمعان كذبه ابن معين .
(2/181)
| 182 | 603 - - مسألة - : فقد الكفاءة يبطل النكاح .
وعنه : يقف على اعتراض الأولياء - كقول أكثرهم .
الحارث بن عمران ، الجعفي ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " تخيروا لنطفكم ، ولا تضعوها إلا في الأكفاء " .
ولفظ أبي سعيد الأشج ، عن الحارث : " فأنكحوا الأكفاء ، وانكحوا إليهم " .
الحارث ضعفه الدارقطني ، وقال ابن حبان : يضع الحديث .
ولهم حديث عائشة : " جاءت فتاة فقالت : يا رسول الله إن أبي - ونعم الأب هو - زوجني ابن أخيه ؛ ليرفع من خسيسته .
فجعل الأمر إليها .
.
.
" الحديث .
مر هذا في إجبار البكر .
604 - - مسألة - : لا ينعقد النكاح إلا بلفظي الإنكاح والتزويج ، أو معناهما الخاص في حق من لم يحسن اللفظين .
وقال أبو حنيفة : ينعقد بكل لفظ يدل على التمليك ، كلفظ البيع والهبة والملك .
وأصحابنا يستدلون بقوله : " وامرأة مؤمنة إن وهبت " إلى قوله : " خالصة لك من دون المؤمنين " .
موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أن - ق 141 - أ - / رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أيها الناس ، إن النساء عوان عندكم ، لا يملكن لأنفسهن ضراً ولا نفعاً ،(2/182)
| 183 | أخذتموهن بأمانة الله - عز وجل - واستحللتم فروجهن بكلمة الله " .
قلت : موسى واه .
قالوا : وكلمة الله هي المذكورة في القرآن ، ولم يذكر إلا الإنكاح والتزويج ؛ فدل على أن غير ذلك لا تحل بها .
فاحتجوا ( خ م ) بعبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل ، قال : " جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، جئت أهب لك نفسي ، فنظر إليها ، فصعد النظر فيها وصوبه ، ثم طأطأ رأسه ، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست ، فقام رجل فقال : يا رسول الله ، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها .
فقال : هل عندك من شيء ؟ .
فقال : لا والله .
قال : اذهب إلى أهلك فانظر ، هل تجد شيئاً ؟ .
فذهب ، ثم رجع ، فقال : لا والله ، ما وجدت شيئاً .
قال : انظر ولو خاتماً من حديد .
فذهب ، ثم رجع ، فقال : لا والله ، ولا خاتماً من حديد ، ولكن هذا إزاري ، فلها نصفه .
قال : ما تصنع بإزارك ، إن لبسته لم يكن عليها منه شيء ، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء .
فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام ، فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مولياً ، فأمر به فدعي ، فلما جاء قال : ماذا معك من القرآن ؟ .
قال : معي سورة كذا وسورة كذا عددها .
فقال : تقرؤهنَّ عن ظهر قلبك ؟ قال : نعم .
قال : اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن .
قلنا : رواه مالك ، والثوري ، وابن عيينة ، وحماد بن زيد ، وزائدة ووهيب ، والدراوردي ، وفضيل بن سليمان ؛ كلهم قالوا : " زوجتكها " .
ورواه أبو غسان ، فقال : " أنكحناكها " وإنما روى " ملكتكها " ابن أبي حازم ، ويعقوب الإسكندراني ، وليسا بحافظين ، ومعمر وكان كثير الغلط .
قلت : هذا ضرب من التعسف .
(2/183)
| 184 | 605 - - مسألة - : إذا زوج بنته بدون مهر مثلها جاز .
ومنع الشافعي .
وقال أبو حنيفة ومالك : يجوز في الصغيرة لا الكبيرة .
لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوج بنته فاطمة بمهر قليل مع شرفها .
إبراهيم بن بشار ، نا سفيان ، عن ابن أبي نجيح - ق 141 - ب - / عن أبيه ، أخبرني من سمع علياً قال : " خطبت فاطمة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل عندك شيء ؟ .
قلت : لا .
قال : فأين درعك الحطمية التي كنت أعطيتك يوم كذا وكذا ؟ قلت : عندي .
قال : فائت بها .
فأتيت بها ، فأنكحنيها " .
عن عبد الملك بن حيان ، نا محمد بن دينار ، نا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن ، عن أنس ، قال رسول الله : " يا علي ، إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة ، وإني قد زوجتكها على أربعمائة مثقال فضة " .
قلت : أيها المؤلف ، كيف تروي الباطل ، وتكاسر عنه ، وعن محمد بن دينار المتهم بهذا ؟ !
606 - - مسألة - : إذا أذنت لوليين ، فزوج أحدهما بعد الآخر فالنكاح للأول ، وقال مالك : إن دخل بها الثاني فهو أحق بها .
لنا : حديث أبان ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عقبة بن عامر أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا أنكح الوليان ، فهي للأول منهما ، وإذا باع الرجل بيعاً من رجلين ، فهو للأول منهما " رواه أحمد .
هشام ، نا قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا(2/184)
| 185 | أنكح الوليان ، فهي للأول ، وإذا باع وليان ، فالبيع للأول " .
رواه أيضاً أحمد .
607 - - مسألة - : إذا كان الولي ممن يجوز له التزويج ، لم يتول طرفي العقد ، كابن العم والمعتق .
وعنه : يجوز - كقول أبي حنيفة ومالك .
استدل أصحابنا بحديث : " لا بد في النكاح من أربعة .
.
.
" كما تقدم .
وعن ابن المسيب ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يتزوج الرجل امرأة حتى يكون الولي غيره " .
قلت : لا ينهض ذلك .
احتجوا ( خ م ) بهشيم ، نا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعتق صفية ، وجعل عتقها صداقها " .
قالوا : ولم ينقل أنه تولاها غيره .
608 - - مسألة - : إذا قال : أعتقت أمتي ، وجعلت عتقها صداقها " بحضرة شاهدين صح النكاح .
وعنه : لا يصح - كقول أكثرهم .
(2/185)
| 186 | لنا أنه جعل عتق صفية صداقها .
609 - - مسألة - : لا يتزوج عبد أزيد من امرأتين .
وقال مالك وداود : يتزوج أربعاً .
ابن عيينة ، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الله بن عتبة ، عن عمر ، قال : " ينكح العبد امرأتين ، ويطلق تطليقتين ، وتعتد الأمة حيضتين " .
وقال الحكم : أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - ق 142 - أ - / أن العبد لا ينكح أكثر من امرأتين .
610 - - مسألة - : إذا كانت معتدة من طلاقه ، لم يجز له أن يتزوج أختها - أو - أربعاً سواها .
وقال مالك ، والشافعي : إن كانت العدة من طلاق بائن جاز .
لنا : " وأن تجمعوا بين الأختين " .
ويروى مرفوعاً : " ملعون من جمع ماءه في رحم أختين " .
قلت : هذا منكر ، فأين إسنادهُ ؟
611 - - مسألة - : إذا دخل بامرأة ، حرمت عليه بنتها .
وقال داود : لا تحرم إلا إذا كانت في حجره .
(2/186)
| 187 | لنا ( ت ) ابن لهيعة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أيما رجل نكح امرأة فدخل بها ، فلا يحل له نكاح ابنتها ، وإن لم يكن دخل بها فلينكح ابنتها ، وأيما رجل نكح امرأة ، فدخل بها ، فلا يحل له نكاح أمها " .
قال الترمذي : لا يصح من قبل إسناده ، إنما رواه ابن لهيعة ، والمثنى بن الصباح ، وهما يضعفان .
معلى بن منصور ، نا حفص بن غياث ، عن ليث ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : " لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها " .
قال الدارقطني : ليث وحماد ضعيفان .
612 - - مسألة - : لا يجوز نكاح زانية إلا بعد انقضاء عدتها .
وقال أبو حنيفة والشافعي : يجوز .
إلا أن أبا حنيفة قال : لا توطأ إلا بعد العدة .
لنا : ابن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي مرزوق مولى تجيب ، عن رويفع بن ثابت قال : " كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر ، فقام فينا خطيبا فقال : لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره " .
( د ) ابن جريج ، عن صفوان بن سليم ، عن سعيد بن المسيب ، عن رجل من الأنصار يقال له بصرة ، قال : " تزوجت بكراً في سترها ، فدخلت بها ، فإذا هي حبلى ، فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : لها الصداق بما استحللت من فرجها ، والولد عبد لك ، فإذا ولدت فاجلودها " .
(2/187)
| 188 | قوله : " عبد لك " أي : كالعبد لك .
613 - - مسألة - : لا يجوز للزاني أن يتزوج الزانية حتى يتوبا ، خلافا لأكثرهم .
( د ) عبيد الله بن الأخنس ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده " أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، كان يحمل الأسارى بمكة ، وكان بمكة - ق 142 - ب - / بغي يقال لها عناق ، وكانت صديقته فجئت ، فقلت : يا رسول الله ، أنكح عناقاً ؟ فسكت عني ، فنزلت " الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك " فدعاني ، فقرأها علي ، وقال : لا تنكحها " .
( د ) عبد الوارث ، عن حبيب ، حدثني عمرو بن شعيب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله : " لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله " .
( .
.
.
.
) معلوم أنه بعد التوبة لا يسمى زانياً .
614 - - مسألة - : الزنا يثبت تحريم المصاهرة ، خلافاً للشافعي .
وعن مالك كالمذهبين .
عن عثمان بن عبد الرحمن ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الحلال لا يفسد بالحرام " .
رواه الهيثم بن يمان ، ومغيرة بن إسماعيل ، عن عثمان ، وزاد مغيرة : " سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يتبع المرأة حراماً ثم ينكح ابنتها ، أو يتبع البنت ثم ينكج أمها ، فقال : لا يحرم الحرام الحلال " .
عثمان : هو الوقاصي متروك .
(2/188)
| 189 | إسحاق بن محمد الفروي ، نا عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يحرم الحرام الحلال " .
عبد الله ؛ قال ابن حبان : فحش خطؤه ، فاستحق الترك .
615 - - مسألة - : إذا أسلم وتحته أكثر من أربع اختار منهن أربعاً ، وكذا في الأختين .
وقال أبو حنيفة : إن تزوجهن في عقد واحد ، بطل نكاح الكل ، وإن كن في عقود ، بطل ما بعد أربع ، والثانية من الأختين .
لنا : ابن علية ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه " أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : أختر منهن أربعا .
فلما كان في عهد عمر ، طلق نساءه ، وقسم ماله بين بنيه ، فبلغ ذلك عمر فقال : إني لأظن الشيطان في ما يسترق من السمع سمع موتك ، فقذفه في نفسك ، وايم الله لتراجعن نساءك ، ولترجعن بمالك ، أو لأورثهن منك ، ولآمرن بقبرك فيرجم كما رجم قبر أبي رغال " رواه أحمد عنه .
( ت ) ابن أبي عروبة ، عن معمر بشطره الأول ؛ ولفظه : أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية ، فأسلمن معه ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتخير أربعا منهن " .
قال الترمذي : سمعت محمدا يقول : هذا غير محفوظ .
والصحيح ما روى شعيب وغيره ، عن الزهري قال : حدثت عن - ق - 143 - أ - / محمد بن سويد الثقفي " أن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة " وإنما حديث سالم ، عن أبيه " أن رجلاً من ثقيف طلق نساءه ، فقال له عمر : لتراجعن نساءك .
.
.
" الحديث .
الواقدي ، ثنا عبد الله بن جعفر الزهري ، عن عبد الله بن أبي سفيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : أسلم غيلان بن سلمة وتحته عشر نسوة ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمسك أربعاً ، ويفارق سائرهن " رواه الدارقطني .
(2/189)
| 190 | جرير بن حازم ، سمعت يحيى بن أيوب ، حدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي وهب الجيشاني ، عن الضحاك بن فيروز الديلمي ، عن أبيه قال : " قلت : يا رسول الله ، إني أسلمت وتحتي أختان ؟ قال : طلق أيهما شئت " .
إسناده قوي .
616 - - مسألة - : إذا هاجرت الحربية بعد الدخول وقعت الفرقة على انقضاء العدة .
وقال أبو حنيفة : تقع الفرقة باختلاف الدارين .
لنا : " أن صفوان وعكرمة فرا يوم الفتح إلى الطائف والساحل ، فأسلمت امرأتاهما ، فأخذتا أمانا لهما ، وأسلم أبو سفيان بمر الظهران ، وامرأته مقيمة بمكة ، وأقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على النكاح ، وكانت مكة واليمن والطائف والساحل دار شرك " .
617 - - مسألة - : أنكحة الكفار صحيحة .
وقال مالك : باطلة .
الواقدي ، حدثني محمد بن عبد الله ، عن عمه الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قال رسول الله : " خرجت من نكاح غير سفاح " .
الواقدي هالك .
618 - - مسألة - : نكاح الشغار باطل ، خلافاً لأبي حنيفة .
وهو : زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك بغير صداق .
وقال الشافعي : هذه صفته ، وأن يقول : وتضع كل واحدة منهما مهر(2/190)
| 191 | الأخرى ، فإن لم يقل ، فالنكاح صحيح .
( خ م ) قال نافع ، عن ابن عمر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشغار " .
619 - - مسألة - : من تزوج وشرط لها دارا ، أو أن لا يتسرى ، فمتى لم يف فلها الخيار ، خلافاً للأكثر .
( خ م ) يزيد بن أبي حبيب ، عن مرثد بن عبد الله ، عن عقبة بن عامر ، أن رسول الله قال : " إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج " .
فاحتجوا ( خ م ) بالزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما بال أناس يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ، من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله ، فليس له وإن - ق 143 - ب - / شرط مائة شرط ، شرط الله أحق وأوثق " .
قلنا : نقول بهذا ، ولا نسلم أن هذا الشرط ليس في كتاب الله ؛ فإن الله يقول : " أوفوا بالعقود " .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : " من شرط شرطاً لزمه الوفاء به " .
قلت : هذا لا أعرفه ، ولم يذكر المؤلف له إسناداً .
620 - - مسألة - : إذا تزوج امرأة على أنه متى أحلها لمطلقها فارقها ، لم يصح .
وقال أبو حنيفة : يصح ، ويلغي الشرط .
(2/191)
| 192 | ( ت ) سفيان ، عن أبي قيس ، عن هذيل بن شرحبيل ، عن ابن مسعود قال : " لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له " .
صححه ( ت ) واسم أبي قيس : عبد الرحمن بن ثروان .
621 - - مسألة - : يفسخ النكاح بالجنون والجذام والبرص والقرن والفتق .
والجب ، والعنة .
وافق الشافعي ومالك ، إلا في الفتق .
وقال أبو حنيفة : لا يفسخ ( بالجب ، والعنة ) .
سعيد في " سننه " نا أبو معاوية ، نا جميل بن زيد ، عن زيد بن كعب بن عجرة قال : " تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من بني غفار ، فلما دخلت عليه ، وضعت ثيابها ، فرأى بكشحها بياضا ، فقال : البسي ثيابك ، والحقي بأهلك " .
قلت : هذا مرسل ، وجميل غير ثقة .
هشيم ، أنا يحيى بن سعيد ، ثنا ابن المسيب ؛ أن عمر قال : " أيما رجل تزوج امرأة ، فدخل بها ، فوجد بها برصاً أو مجنونة ، أو مجذومة ، فلها الصداق بمسيسه إياها ، وهو له على من غره منها " .
شعبة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد " قضى عمر في البرصاء ، والجذماء ، والمجنونة إذا دخل بها ، فرق بينهما ، والصداق لها بمسيسه ، وهو له على وليها " .
622 - - مسألة - : إذا أعتقت أمة تحت حر ، لم يثبت لها الخيار .
(2/192)
| 193 | وقال أبو حنيفة : لها الخيار .
هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : " كان زوج بريرة عبداً ، فخيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فاختارت نفسها ، ولو كان حراً لم تخير " .
الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : " كان زوج بريرة حراً ، فخيرها رسول الله " .
قال البخاري : قول الأسود منقطع ، ثم إن عروة أخبر بخالته عائشة ، وتابعه القاسم - ق 144 - أ - / عن عمته عائشة .
فإن عتقت تحت عبد فمكنته فوطئها ، سقط الخيار .
وعن الشافعي كقولنا .
وعنه : لها الخيار إلى ثلاث .
وعنه : إن لم تختر على الفور ، فلا خيار لها .
خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : " لما خيرت بريرة رأيت زوجها يتبعها في سكك المدينة ودموعه تسيل على لحيته ، فكلم العباس ليكلم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله : يا بريرة ، إنه زوجك .
قالت : تأمرني به يا رسول الله ؟ قال : إنما أنا شافع .
قال : فخيرها ، فاختارت نفسها ، وكان عبداً لآل المغيرة يقال له : مغيث .
قلت : قوله : فكلم العباس ، شيء منكرٌ ؛ فإن عتق بريرة كان قبل إسلام العباس ، ويحتمل أن ذلك كان وقت فدائه بعد بدر .
أحمد ، نا يحيى بن إسحاق ، نا ابن لهيعة ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن الفضل بن عمرو بن أمية ، عن أبيه ، قال : سمعت رجالاً يتحدثون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إذا عتقت الأمة ، فهي بالخيار ما لم يطأها ، إن شاءت فارقته ، وإن وطئها فلا خيار لها ولا تستطيع فراقه " .
(2/193)
| 194 | الزهري ، عن سالم " أن أمة لبني عدي أعتقت ولها زوج ، فقالت لها حفصة : إني مخبرتك بشيء ، وما أحب أن تفعليه ؛ لك الخيار ما لم يمسك زوجك .
قالت : فاشهدي أني قد فارقته .
ثم فارقته " .
623 - - مسألة - : لا يحل للرجل إتيان المرأة في الدبر .
ويحكى الجواز عن مالك .
وهيب ، حدثنا سهيل بن أبي صالح ، عن الحارث بن مخلد ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها " رواه أحمد .
وروى النهي جماعة من الصحابة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم : عمر وعلي ، وابن مسعود وأبو ذر ، وجابر وعبد الله بن عمرو ، وابن عباس والبراء ، وعقبة بن عامر وخزيمة بن ثابت ، وطلق بن علي .
وجاء النهي عن جماعة من الصحابة والتابعين ؛ أفردت لها جزءاً .
(2/194)
| 195 | الصداق
624 - - مسألة - : - ق 144 - ب - / لا يتقدر أقل المهر .
وقال أبو حنيفة ومالك : يتقدر بما يقطع به السارق ، مع اختلافهما في ذلك .
لنا ( ت ) شعبة ، عن عاصم ، عن عبيد الله ، سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه " أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أرضيت من نفسك ومالك بنعلين ؟ قالت : نعم .
فأجازه " .
صالح بن مسلم بن رومان ، أخبرني أبو الزبير ، عن جابر ؛ أن رسول الله قال : " لو أن رجلاً أعطى امرأة صداقها ملء يديه طعاماً ، كانت له حلالاً " .
رواه أحمد .
يزيد بن هارون ، أنا موسى بن مسلم بن رومان ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أعطى في نكاح ملء كف ، فقد استحل .
قال : من دقيق ، أو طعام ، أو سويق " .
رواه الدارقطني .
إسماعيل بن عياش ، عن برد بن سنان ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يضر أحدكم أبقليل من ماله تزوج أم بكثير ، بعد أن يشهد " .
(2/195)
| 196 | عمرو بن خالد الحراني ، نا صالح بن عبد الجبار ، عن محمد بن البيلماني ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال رسول الله : " أنكحوا الأيامى ، وأدوا العلائق .
قيل : وما العلائق بينهم ؟ قال : ما تراضى عليه الأهلون ؛ ولو قضيب من أراكٍ " .
فهذه أحاديث معلولة ؛ عاصم ضعفه ابن معين .
وكذا صالح بن مسلم .
وقد رواه عن صالح أيضاً أبو عاصم ، وإنما يزيد هو سماه موسى ؛ ولا يعرف موسى .
وقد رواه عبد الرحمن بن مهدي ، عن صالح فأوقفه ، ورواه عبد الله بن المؤمل ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : " إن كنا لننكح المرأة على الحفنة والحفنتين من الدقيق " .
ابن المؤمل ضعيف ، وأبو هارون كذلك ، وابن البيلماني ليس بشيء ، وإنما الحجة : " التمس ولو خاتماً من حديد " .
احتجوا بأبي المغيرة الحمصي ، نا مبشر بن عبيد ، نا حجاج بن أرطأة ، عن عطاء وعمرو ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء ، ولا يزوجهن إلا الأولياء ، ولا مهر أقل من عشرة دراهم " .
مبشر كذاب .
محمد بن ربيعة ، ثنا داود الأودي ، عن الشعبي ، قال : قال علي : " لا يكون مهر أقل من عشرة - ق 145 - أ - / دراهم " .
داود ضعف .
قال أبو سيار البغدادي : سمعت أحمد بن حنبل يقول : لقن غياث بن إبراهيم داود الأودي ، عن الشعبي ، عن علي : " لا مهر أقل من عشرة دراهم " فصار حديثا ، وغياث تركوه .
وعن الحسن بن دينار ، عن عبد الله الداناج ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ،(2/196)
| 197 | عن علي ، قال : " لا مهر أقل من خمسة دراهم " .
رواه الدارقطني .
قال أحمد : الحسن بن دينار لا يكتب حديثه .
625 - - مسألة - : لا يجوز أن يجعل تعليم القرآن صداقاً .
وعنه : الجواز - كقول مالك والشافعي .
أبو معاوية ، عن أبي عرفجة القابسي ، عن أبي النعمان الأزدي ، قال : " زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة على سورة من القرآن ، ثم قال : لا تكون لأحد بعدك مهرا " .
قلت : هذا لا يثبت .
رواه سعيد في " سننه " .
( د ) ثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء ، نا أبي ، نا محمد بن راشد ، عن مكحول " أن رسول الله زوج رجلاً على ما معه من القرآن " قال مكحول : ليس ذا لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قلت : وهذا منقطع .
واحتجوا بحديث : " زوجتكها على ما معك من القرآن " وقد مر ؛ وهذا كان لضرورة الفقر في أول الإسلام .
عتبة بن السكن ، نا الأوزاعي ، نا محمد بن عبد الله بن أبي طلحة ، أخبرني زياد بن أبي زياد ، حدثني عبد الله بن سخبرة ، عن ابن مسعود " أن امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : رأ في رأيك .
فقال : من ينكح هذه ؟ فقام رجل عليه بردة عاقدها في عنقه ، فقال : أنا يا رسول الله .
فقال : ألك مال ؟ .
قال : لا .
قال :(2/197)
| 198 | اجلس .
ثم جاءت امرأة أخرى ، فقالت : يا رسول الله ، رأ في رأيك .
فقال : من ينكح هذه ؟ .
فقام ذلك الرجل ، فقال : أنا .
قال : ألك مال ؟ .
قال : لا .
قال : اجلس .
ثم جاءت الثالثة ، فذكر مثل ذلك ، فقال : هل تقرأ من القرآن شيئاً ؟ .
قال : نعم ، سورة البقرة ، وسورة المفصل .
فقال : قد أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها ، وإذا رزقك الله عوضها .
فتزوجها الرجل على ذلك " .
عتبة متروك .
قاله الدارقطني .
626 - - مسألة - : يجب للمفوضة مهر المثل بالعقد ، ويستقر بالموت .
وقال مالك : لا يجب لها شيء .
وقال الشافعي : لا يجب بالعقد شيء ، وفي وجوبه بالموت قولان .
- ق 145 - ب - / لنا أنه لو لم يجب بالعقد ، لم يجب بالوطء .
ولنا على استقراره : منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، قال : " أتي عبد الله في امرأة تزوجها رجل ، ثم مات عنها ، ولم يفرض لها صداقا ، ولم يكن دخل بها ، فاختلفوا إليه ، فقال : أرى لها مثل صداق نسائها ، ولها الميراث ، وعليها العدة .
فشهد معقل بن سنان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في ربوع بنت واشق بمثل ما قضى " .
صححه الترمذي .
627 - - مسألة - : يثبت المسمى في النكاح الفاسد .
وقال الشافعي : يثبت مهر المثل .
(2/198)
| 199 | وقال أبو حنيفة : يثبت أقلهما - أو من المثل - .
لنا حديث عائشة : " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ؛ فإن أصابها ، فلها مهرها بما أصاب منها " .
628 - - مسألة - : الخلوة الصحيحة تقرر المهر .
وقال مالك والشافعي : لا يتكمل إلا بالوطء .
ابن لهيعة ، أنا أبو الأسود ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من كشف خمار امرأة ونظر إليها ، وجب الصداق ، دخل بها أو لهم يدخل " .
هذا مرسل ، والمرسل عندنا حجة ، وابن لهيعة فقد روى عنه العلماء .
يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر قال : " من أغلق باباً ، وأرخى سترا ، فقد وجب عليه الصداق " .
شريك ، عن ميسرة ، عن المنهال ، عن عباد بن عبد الله ، عن علي قال : " إذا أغلق بابا ، وأرخى ستراً ، أو رأى عورة ، فقد وجب عليه الصداق " .
(2/199)
| 200 | الوليمة والقسمة
629 - - مسألة - : يكره نثار العرس .
وعنه : لا - كقول أبي حنيفة .
لنا ( خ ) شعبة ، عن عدي بن ثابت : سمعت عبد الله بن يزيد يحدث ، قال : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النهبة والمثلة " .
ابن أبي ذئب ، حدثني مولى لجهينةَ ، عن عبد الرحمن بن زيد بن خالد ، عن أبيه " أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النهبة ، والخلسة " .
الحارث بن عمير ، عن حميد ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من انتهبَ فليس منا " رواه أحمد .
معمر ، عن ثابت عن أنس مرفوعاً : " من انتهب فليس منا " .
صححه ( ت ) .
630 - - مسألة - : الأمة على النصف من الحرة في القسم .
وقال داود : هما سواء .
وعن مالك كالمذهبين .
هشيم ، ثنا ابن أبي ليلى ، عن المنهال ، عن عباد بن عبد الله الأسدي ، عن(2/200)
| 201 | علي أنه كان يقول : " إذا تزوج الحرة على الأمة ؛ للأمة الثلث ، وللحرة الثلثان " .
- ق 146 - أ - / داود بن أبي هند : سمعت سعيد بن المسيب يقول : تنكح الحرة على الأمة ، ولا تنكح الأمة على الحرة ، ويقسم بينهما ؛ الثلث للأمة ، والثلثان للحرة .
631 - - مسألة - : تفضيل البكر بسبع ، والثيب بثلاث .
وقال أبو حنيفة وداود : يقضى في حق الجميع .
( م ) سفيان الثوري ، ثنا محمد بن أبي بكر ، عن عبد الملك بن أبي بكر ابن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أم سلمة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما تزوجها أقام عندها ثلاثة أيام ، وقال : إنه ليس بك هوان على أهلك ، إن شئت سبعت لك ، وإن سبعت لك سبعت لنسائي " .
ابن إسحاق ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " للبكر سبعة أيام ، وللثيب ثلاث ، ثم يعود إلى نسائه " .
( ت ) خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أنس قال : " لو شئت أن أقول : قال رسول الله ؛ ولكنه السنة إذا تزوج الرجل البكر على امرأته أقام عندها سبعاً ، وإذا تزوج الثيب على امرأته ، أقام عندها ثلاثاً " .
صححه ( ت ) .
(2/201)
| 202 | الخلع
632 - - مسألة - : يكره بأكثر من المهر ، ويصح .
وقال أكثرهم : لا يكره .
ابن جريج ، أنا أبو الزبير " أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده بنت عبد الله بن أُبيّ بن سلول ، وكان أصدقها حديقة فكرهته ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أتردين عليه حديقته ؟ .
قالت : نعم ، وزيادة .
فقال : أما الزيادة فلا ، ولكن حديقته ؟ .
قالت : نعم .
فأخذها له ، وخلى سبيلها ، فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس ، قال : قد قبلت قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إسناد جيد .
قال الدارقطني : سمعه أبو الزبير من غير واحد .
ابن جريج ، عن عطاء ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها " مرسل .
واحتجوا بما في نسخة عمر بن زرارة ؛ ثنا مسروح بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن عمارة ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : " كانت أختي تحت رجل من الأنصار تزوجها على حديقة ، فكان بينهما كلام ، فارتفعا ، إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : تردين عليه حديقته ؟ فقالت : نعم ، وأزيده .
قال : ردي عليه حديقته ، وزيديه " .
عطية وابن عمارة لا شيء .
(2/202)
| 203 | - ق 146 - ب - / الطلاق
633 - - مسألة - : لا يصح طلاق قبل النكاح ، وفي العتاق روايتان .
وقال أبو حنيفة : يصح .
وقال مالك : يصح في خصوصهن .
لنا مطر الوراق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليس على رجل طلاق فيما لا يملك ، ولا عتاق فيما لا يملك ، ولا بيع فيما لا يملك " .
رواه أحمد .
عبد المجيد ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن شعيب ، عن طاوس ، عن معاذ ابن جبل ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يجوز طلاق ولا عتق ، ولا بيع ولا وفاء نذر فيما لا يملك " .
وعن يزيد بن عياض ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن معاذ ؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا طلاق إلا بعد نكاح وإن سميت المرأة بعينها " .
رواهما الدارقطني .
وروى علي بن قرين ، عن بقية ، عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن أبي ثعلبة الخشني قال : " قال لي عمر : اعمل لي عملاً حتى أزوجك ابنتي .
فقلت : إن(2/203)
| 204 | تزوجتها فهي طالق ثلاثاً ، ثم بدا لي أن أتزوجها ، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : تزوجها ؛ فإنه لا طلاق إلا بعد نكاح .
فتزوجتها ؛ فولدت لي أسعد وسعيداً " .
خالد بي يزيد القرني ، ثنا عبد الرحمن بن مسهر ، نا أبو خالد الواسطي ، عن أبي هاشم الرماني ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أنه سئل عن رجل قال : يوم أتزوج فلانة فهي طالق .
قال : طلق ما لا يملك " .
قلت : إسناده ضعيف .
عمر بن يونس اليمامي ، عن سليمان بن أبي سليمان الزهري ، عن يحيى ابن أبي كثير ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال رسول الله : " لا نذر إلا في ما أطيع الله فيه ، ولا يمين في قطيعة رحم ، ولا عتاق ولا طلاق في ما لا يملك " .
الوليد بن سلمة الأردني ، ثنا يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : " بعث رسول الله أبا سفيان على نجران ، فكان فيما عهد إليه أن لا يطلق الرجل ما لا يتزوج ، ولا يعتق ما لا يملك " .
رواهما الدارقطني ، وهي ضعاف .
634 - - مسألة - : جمع الطلاق الثلاث في طهر واحد بدعة .
وعنه : مباح - كقول الشافعي .
( خ م ) نافع ، عن ابن عمر " أنه طلق امرأته وهي حائض ، فسأل عمر رسول الله - ق 147 - أ - / عن ذلك ، فقال : مرة فليراجعها ، ثم ليمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد ، وإن شاء طلق قبل أن يمس ؛ فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء " .
(2/204)
| 205 | معلى بن منصور ، نا شعيب بن زريق ، ثنا عطاء الخراساني ، عن الحسن ، ثنا عبد الله بن عمر " أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض ، ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين أخريين عند القرءين ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا ابن عمر ، ما هكذا أمرك الله ، إنك قد أخطأت السنة ، والسنة أن تستقبل الطهر ، فتطلق لكل قرء .
فأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فراجعتها ثم قال : إذا طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك .
فقلت : يا رسول الله ، أرأيت لو أني طلقتها ثلاثاً ، أكان يحل لي أن أرتجعها ؟ قال : لا ، كانت تبين منك ، ويكون معصية " .
قال ابن حبان : لم يشافه الحسن ابن عمر .
قلت : فقد صرح هنا بمشافهته .
وهذا إسناد قوي .
635 - - مسألة - : إذا قال لها : أنت خلية ، أو برية ، أبو بائن ، أو بتة ، أو بتلة ، أو طالق ، لا رجعة لي فيها ولا مثنوية ، وأراد بذلك الطلاق ، وقعت ثلاث ؛ نوى أو لم ينو .
وقال الشافعي : يرجع إلى نيته ؛ فيقع .
إسماعيل بن أمية الكوفي ، نا عثمان بن مطر ، عن عبد الغفور ، عن أبي هاشم ، عن زاذان ، عن علي قال : " سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا طلق البتة ، فغضب وقال : يتخذون آيات الله هزوا - أو لعبا - من طلق البتة ألزمناه ثلاثاً ، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره " .
إسماعيل ضعفه الدارقطني .
قلت : وشيخه ضعفوه .
وعبد الغفور ، قال ابن حبان : يضع الحديث .
أبو حفص الأبار ، عن عطاء بن السائب ، عن الحسن ، عن علي قال : " الخلية ، والبرية ، والبتة ، والبائن ، والحرام : ثلاث ، لا تحل حتى تنكح زوجاً " .
الحسن لم يسمع من علي .
رواهما الدارقطني .
(2/205)
| 206 | احتجوا ( ت ) بجرير بن حازم ، نا الزبير بن سعيد الهاشمي ، عن عبد الله ابن علي بن ركانة ، عن أبيه ، عن جده ، قال : " طلقت امرأتي البتة ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله ، إني طلقت امرأتي البتة .
- ق 147 - ب - / قال : ما أردت بهذا ؟ قلت : واحدةً .
قال : آلله ؟ قلت : آلله .
قال : فهو ما أردت " .
( د ) الشافعي ، نا عمي محمد بن علي ، عن عبد الله بن علي بن السائب ، عن نافع بن عجير بن عبد يزيد ، عن ركانة " أنه طلق سهيمة البتة ، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك ، فقال : آللهِ ما أردت إلا واحدةً ؟ .
فقال : والله ما أردت إلا واحدةً .
فردها إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فطلقها الثانية في زمان عمر ، والثالثة في زمن عثمان " .
قال أبو داود : هذا الحديث صحيح .
قلنا : قال أحمد : حديث ركانة ليس بشيء .
636 - - مسألة - : المكره لا يصح طلاقه ، ولا يمينه ، ولا نكاحه .
وقال أبو حنيفة : يصح .
ابن إسحاق ، حدثني ثور بن يزيد ، عن محمد بن عبيد المكي ، عن صفية بنت شيبة ، عن عائشة : سمعت رسول الله يقول : " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق " رواه أحمد .
قال ابن قتيبة : الإغلاق الإكراه ؛ من أغلقت الباب .
كان المكره أغلق عليه الباب حتى يفعل .
(2/206)
| 207 | خالد بن عبد الله ، عن هشام ، عن الحسن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله عفا لكم عن ثلاث : عن الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهتم عليه " .
سعيد بن منصور ، ثنا إبراهيم بن قدامة الجمحي ، سمعت أبي " أن رجلاً على عهد عمر بن الخطاب تدلى يشتار عسيلاً ، فأقبلت امرأته ، فجلست على الحبل ، فقالت : ليطلقنها ثلاثاً ، وإلا قطعت الحبل ، فذكرها الله والإسلام فأبت ، فطلقها ثلاثاً ، ثم خرج إلى عمر فذكر ذلك له ، فقال : ارجع إلى أهلك ، فليس هذا بطلاق " .
قلت : منقطع عن عمر .
احتجوا ( ت ) بحاتم بن إسماعيل ، عن عبد الرحمن بن حبيب ، عن عطاء ، عن ابن ماهك ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ثلاث جدهن جد ، وهزلهن جد : النكاح ، والطلاق والرجعة " .
عطاء هو ابن عجلان ؛ متروك .
قلت : بل هو ابن أبي رباح ؛ لكن عبد الرحمن ، قال النسائي ، منكر الحديث .
( ت ) مروان بن معاوية ، عن عطاء بن عجلان ، عن عكرمة بن خالد المخزومي ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه ، والمغلوب على عقله " .
" قال الترمذي : وعطاء ذاهب الحديث .
- ق 148 - أ - / نعيم بن حماد ، نا بقية ، عن الغاز بن جبلة ، عن صفوان بن الأصم ، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - " أن رجلاً كان نائماً مع امرأته ، فقامت فأخذت سكيناً ، وجلست على صدره ، ووضعت السكين على حلقه وقالت له : أتطلقني ،(2/207)
| 208 | أو لأذبحنك .
فناشدها الله فأبت ، فطلقها ثلاثاً ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : لا قيلولةَ في الطلاق " .
قال البخاري : هذا منكر لا يتابع عليه صفوان ولا الغازي .
637 - - مسألة - : الخلع فسخ .
وعنه : طلاق - كقول أبي حنيفة .
وللشافعي قولان .
سعيد في " سننه " : نا سفيان عن عمرو ، عن طاوس قال : " سمعت إبراهيم بن سعد يسأل عبد الله بن عباس عن رجل طلق امرأته تطليقتين ، ثم اختلعت منه ، فقال : ينكحها إن شاء ؛ إنما ذكر الله الطلاق في أول الآية وآخرها ، والخلع فيما بين ذلك " .
واحتجوا عن عباد بن كثير الرملي ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الخلع تطليقة بائنة " .
عباد تركوه .
الدارقطني ؛ نا ابن قانع ، نا إبراهيم بن أحمد بن مروان ، نا إسماعيل بن يزيد البصري ، نا ( هشام ) بن يوسف ، نا معمر ، عن عمرو بن مسلم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه ، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعتد بحيضة " .
عمرو بن مسلم ضعفه أحمد ويحيى .
(2/208)
| 209 | ورووا عن سعيد بن المسيب ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الخلع طلقة بائن " .
قلنا : لا يصح ، ثم ( نحمله ) على ما إذا نوى .
638 - - مسألة - : المختلعة لا يلحقها طلاق .
وقال أبو حنيفة : يلحقها ما دامت في العدة ، ويلحقها من الكنايات : اعتدي ، واستبرئي ، وأنت واحدة ، دون بقية الكنايات .
لنا حديث : " لا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك " .
والمختلعة لا ملك عليها .
فذكروا حديثاً ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " المختلعة يلحقها الطلاق ما دامت في العدة " .
قلنا : ذا موضوع .
639 - - مسألة - : إصابة الزوج الثاني شرط في إباحتها للأول ، خلافاً لابن المسيب ، وداود .
لنا حديث ( خ م ) الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : " دخلت امرأة رفاعة وأنا وأبو بكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إن رفاعة طلقني البتة ، وإن عبد الرحمن ابن الزبير تزوجني ، وإنما معه مثل الهدبة ، فقال : - ق 148 - ب - / كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة ، لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " .
640 - - مسألة - : إذا قال : أنت طالق إن شاء الله وقع ، وكذا العتق .
وقال أبو حنيفة والشافعي : لا يقع .
(2/209)
| 210 | لنا حديث ابن عمر : " كنا معاشر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نرى الاستثناء جائزاً في كل ، إلا في الطلاق والعتاق " .
قلت : أين إسناده ؟ احتجوا بإسماعيل بن عياش ، عن حميد بن مالك ، عن مكحول ، عن معاذ ، قال : " قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا معاذ ، ما خلق الله شيئاً على وجه الأرض أحب إليه من العتاق ، ولا أبغض إليه من الطلاق ، فإذا قال الرجل لمملوكه : أنت حر إن شاء الله فهو حر ، ولا استثناء له ، وإذا قال لامرأته : أنت طالق إن شاء الله فله استثناؤه ، ولا طلاق عليه " .
إسحاق الختلي ، ثنا عمر بن إبراهيم ، ثنا حميد بن مالك ، ثنا مكحول ، عن مالك بن يخامر ، عن معاذ مرفوعاً : " من طلق واستثنى فله ثنياه " .
هذا لم يثبت مع نكارته وانقطاعه ، وضعف حميد .
الجارود بن يزيد متروك .
عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، قال رسول الله : " إذا قال لامرأته : أنت طالق إلى سنة إن شاء الله .
فلا حنث عليه " .
إسحاق بن أبي يحيى ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قال لامرأته : أنت طالق إن شاء الله ، أو غلامه ، حر إن شاء الله ، أو عليه المشي إلى بيت الله إن شاء الله فلا شيء عليه " إسحاق ؛ قال ابن عدي : منكر الحديث .
وقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به .
(2/210)
| 211 | الظهار
641 - - مسألة - : يصح الظهار المؤقت ، وتلزم الكفارة إن عزم على الوطء في المدة ، وإن لم يعزم حتى مضت المدة ، فلا كفارة عليه .
وقال مالك : يبطل التوقيت ، ويتأبد التحريم .
وعن الشافعي كقولنا .
وعنه : لا يكون ظهاراً .
- ق 149 - أ - / ابن إسحاق ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن سليمان بن يسار ، عن سلمة بن صخر قال : " كنت امرأ قد أوتيت من الجماع ما لم يؤت غيري ، فلما دخل رمضان ، تطهرت من امرأتي حتى ينسلخ ؛ فرقا من أن أصيب في ليلتي شيئاً ، فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزع .
قال : فبينا هي تحدثني من الليل ، إذا انكشف لي منها شيء ، فوثبت عليها ، فلما أصبحت غدوت على قومي ، فأخبرتهم خبري وقلت : انطلقوا معي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بأمري ، فقالوا : لا والله لا نفعل ؛ نتخوف أن ينزل فينا قرآن ؛ أن يقول فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالة يبقى علينا عارها ، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك .
قال : فخرجت حتى أتيته ، فأخبرته ، فقال لي : أنت بذاك ؟ قلت : أنا بذاك .
قال : أنت بذاك ؟ .
قلت : نعم ، ها أنا ذا ، فأمض في حكم الله ، فإني صابر له .
قال : أعتق رقبة .
فضربت صفحة رقبتي بيدي ، وقلت : لا ، والذي بعثك بالحق ، ما أصبحت أملك غيرها ، قال : فصم شهرين .
قلت : وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام .
قال : فتصدق .
فقلت : والذي بعثك بالحق ، لقد بتنا ليلتنا هذه وحشاً ، ما لنا عشاء .
(2/211)
| 212 | قال : اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له ، فليدفعها إليك ، فأطعم عنك منها وسقاً من تمر ستين مسكيناً ، ثم استعن بسائرها عليك وعلى عيالك .
فرجعت إلى قومي ، فقلت : وجدت عندكم التضييق وسوء الرأي ، ووجدت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السعة والبركة ، قد أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي ، فدفعوها إلي " .
642 - - مسألة - : المظاهر إذا وطئ قبل التكفير أثم ، واستقرت الكفارة .
وقال أبو حنيفة : لا تستقر ، فإن عزم على الوطء ثانياً أمرته بالكفارة كما أمرته أولاً .
لنا : أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر - ق 149 - ب - / سلمة المذكور بالتكفير بعد أن وطئَ .
643 - - مسألة - : الإيمان للرقبة شرط في الكفارة .
وعنه : أنه شرط في كفارة القتل ، وأما كفارة اليمين والظهار فلا .
وهو قول أبي حنيفة .
لنا : حماد بن سلمة ، ثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن الشريد " أن أمه أوصت أن يعتق عنها رقبة مؤمنة ، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، وقال : عندي سوداء نوبية ، أفأعتقها عنها ؟ قال : ائت بها .
قال : فدعوتها ، فجاءت ، فقال لها : من ربك ؟ .
قالت : الله .
قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله .
قال : أعتقها ؛ فإنها مؤمنة " .
رواه أحمد .
معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن رجل من الأنصار " أنه(2/212)
| 213 | جاء بأمة سوداء ، فقال : يا رسول الله ، إن علي رقبة مؤمنة ، فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقها ؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟ قالت : نعم .
قال : أتشهدين أني رسول الله ؟ قالت : نعم .
قال : أتؤمنين بالبعث بعد الموت ؟ قالت : نعم .
قال : أعتقها " .
644 - - مسألة - : الطلاق بالرجال ؛ فالحر طلاقه ثلاث ، والعبد اثنتان .
وقال أبو حنيفة : يعتبر بالنساء .
وفي الطرفين أحاديث واهية .
صغدي بن سنان ، عن ( .
.
.
) مظاهر بن أسلم ، عن القاسم ، عن عائشة ، قال رسول الله : " طلاق العبد اثنتان ، وقرء الأمة حيضتان " .
قال يحيى بن سعيد : مظاهر ليس بشيء .
ويروى عن ابن عباس مرفوعاً ، والصواب وقفه : " الطلاق بالرجال ، والعدة بالنساء " .
( ت ) نا محمد بن يحيى ، نا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، نا مظاهر بن أسلم ، نا القاسم ، عن عائشة ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " طلاق الأمة تطليقتان ، وعدتها حيضتان " .
صالح بن عبد الله الترمذي ، ثنا سلم بن سالم ، عن ابن جريج ، عن نافع ، عن ابن عمر ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا كانت الأمة تحت رجل فطلقها تطليقتين ، ثم اشتراها لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره " .
سلم غير ثقة .
(2/213)
| 214 | عمر بن شبيب المسلي ، نا عبد الله بن عيسى ، عن عطية ، عن ابن عمر ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " طلاق الأمة اثنتان - ق 150 - أ - / وعدتها حيضتان " .
المسلي وهاه أبو زرعة ، والصحيح أنه من قول ابن عمر .
645 - - مسألة - : الإطعام للمسكين مد بر ، أو نصف صاع شعير أو تمر .
وقال أبو حنيفة : نصف صاع بر ، أو صاع من تمر أو شعير .
وقال الشافعي : مد من الجميع .
ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار قال : " أدركت الناس وهم يعطون في طعام المساكين مداً مداً ، ويرون أن ذلك يجزئ عنهم " .
(2/214)
| 215 | اللعان
646 - - مسألة - : الأمة تصير فراشاً بالوطء ، فما تأتي به من الأولاد يلحق به .
وقال أبو حنيفة : لا يلحق به إلا باعترافه .
( خ م ) الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : " اختصم عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابن أمة زمعة ، فقال : يا رسول الله ، أخي وابن أمة أبي ، ولد على فراشه .
وقال سعد : أوصاني أخي : إذا قدمت مكة فانظر ابن أمة زمعة فاقبضه ؛ فإنه ابني ، فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - شبها بيناً بعتبة بن أبي وقاص ، فقال : هو لك يا عبد ؛ الولد للفراش ، واحتجبي منه يا سودة " .
647 - - مسألة - : موجب قذف الزوج الحد ، ويسقط باللعان .
وقال أبو حنيفة : موجبه اللعان ، ولا يحد إلا إن كذب نفسه .
( خ ) هشام بن حسان ، ثنا عكرمة ، عن ابن عباس " أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بشريك بن سحماء ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : البينة ، أو حد في ظهرك .
قال : يا رسول الله ، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ، ينطلق يلتمس البينة ؟ ! فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : البينة ، وإلا حد في ظهرك .
قال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ، ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد ، فنزل جبريلُ ، فنزل عليه : " والذين يرمون أزواجهم " حتى بلغ : ^ ( إنْ - ق 150 - ب - / كانَ منَ الصَّادقينَ ) ^ .
(2/215)
| 216 | 648 - - مسألة - : العبد ، والذمي ، والمحدود في القذف من أهل اللعان ، في إحدى الروايتين .
وهو قول الشافعي .
وفي الأخرى : لا ؛ فإن قذفوا فالحد أو البينة .
لنا : " والذين يرمون أزواجهم " وهذا عام .
فللدارقطني من طريق عبد الرحيم بن سليمان ، عن عثمان بن عبد الرحمن الزهري ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً : " أربعة ليس بينهم لعان : ليس بين الحر والأمة لعان ، وليس بين العبد والحرة لعان ، وليس بين المسلم واليهودية لعان ، وليس بين المسلم والنصرانية لعان " .
وضمرة ، عن ابن عطاء ، عن أبيه ، عن عمرو بن شعيب بمعناه .
وعن حماد بن عمرو ، عن زيد بن رفيع ، عن عمرو .
رواهم الدارقطني .
فعثمان تركوه ، وعثمان بن عطاء ضعيف ، وحماد كذاب .
ثم قد رواه ابن جريج والأوزاعي ، عن عمرو موقوفاً .
649 - - مسألة - : لا يصح لعان على نفي الحمل .
وقال مالك والشافعي : يلاعن لنفي الحمل .
وذكروا : أحمد ، حدثنا وكيع ، حدثنا عباد بن منصور ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لاعن بالحمل " .
قال أحمد : ونا يزيد ، ثنا عباد ؛ وفيه : " لاعن بين هلال بن أمية وامرأته ،(2/216)
| 217 | وفرق بينهما ، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب ، ولا يرمى ولدها ، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد .
قال عكرمة : فكان بعد ذلك أميراً على مصر ، وكان يدعى لأمه ، وما يدعى لأب " .
قلنا : قال أحمد : إنما وكيع أخطأ ؛ فقال : لاعن بالحمل ، وإنما لاعن رسول الله لما جاء فشهد بالزنا ، ولم يلاعن بالحمل .
650 - - مسألة - : لا تقع فرقة اللعان إلا بلعانهما وتفريق الحاكم .
وعنه : تقع بلعانهما .
وهو قول مالك .
وقال الشافعي : تقع بلعان الزوج .
الزهري ، عن سهل " أن رسول الله لاعن بن عويمر وامرأته ، فقال عويمر : إن انطلقت بها يا رسول الله ، لقد كذبت عليها .
قال : ففارقها قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصارت سنة المتلاعنين " .
ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن سهل قال : " لما لاعن أخو بني العجلان - ق 151 - أ - / امرأته قال : يا رسول الله ، ظلمتها إن أمسكتها ، هي الطلاق ، وهي الطلاق ، وهي الطلاق ، قال : إن انطلقت بها لقد كذبت عليها " فاعتقد أنه يجوز له إمساكها ، وأقره الرسول - - صلى الله عليه وسلم - - على ذلك ؛ فدل على أن الفرقة لم تقع .
الثاني : أنه طلقها ثلاثاً ، ولو كانت الفرقة قد حصلت لم يقع الطلاق .
الثالث : قوله : " فكانت سنة المتلاعنين " أخبر أن السنة استقرت على أنه يحتاج إلى التفرقة .
أحمد ، نا يحيى بن سعيد ، نا عبد الملك بن أبي سليمان ، سمعت سعيد(2/217)
| 218 | ابن جبير ، يقول : " سألت ابن عمر فقلت : المتلاعنان ، أيفرق بينهما ؟ فقال : لاعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما ، ثم فرق بينهما " .
متفق عليه .
قيل : ففي " الصحيحين " من حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : " لا سبيل لك عليها " .
قلنا : إنما ظن أن له المطالبة بالمهر ؛ ولهذا في تمام الحديث أنه لما قال : " لا سبيل لك عليها .
قال : يا رسول الله ، مالي .
قال : لا مال لك ؛ إن كنت صدقت عليها ؛ فهو بما استحللت من فرجها ، وإن كنت كذبت عليها ، فذاك أبعد لك منها " .
651 - - مسألة - : فرقة اللعان مؤبدة .
وعنه : إذا لاعن امرأته وأكذب نفسه جلد ، وردت إليه امرأته .
وهو قول أبي حنيفة .
لنا حديث : " لا سبيل لك عليها " وهذا عام ، أكذب نفسه أو لم يكذب .
ابن وهب ، عن عياض بن عبد الله ، عن ابن شهاب ، عن سهل بن سعد ، قال : " حضرت المتلاعنين عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطلقها ثلاث تطليقات عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنفذه رسول الله ، فكان ما صنع عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة ، فمضت السنة بعد في المتلاعنين يفرق بينهما ، ثم لا يجتمعان أبداً " .
أبو معاوية ، عن محمد بن زيد ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبداً " .
(2/218)
| 219 | وعن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله وعلي قالا : " مضت السنة أن لا يجتمع المتلاعنان " .
رواهم الدارقطني .
(2/219)
| 220 | العدة
652 - - مسألة - : الأقراءُ : الحيضُ .
وعنه : الأطهار - كقول مالك والشافعي .
لنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " عدة الأمة حيضتان " .
653 - - مسألة - : المبتوتة لا سكنى لها ولا نفقة .
- ق 151 - ب - / وعنه : لها السكنى - كقول مالك والشافعي .
وقال أبو حنيفة : لها السكنى والنفقة .
( م ) مالك ، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة بنت قيس " أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب ، فأرسل إليها وكيله بشعير ، فسخطته ، فقال : والله ما لك علينا من شيء .
فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فذكرت ذلك له ، فقال : ليس لك عليه نفقة .
وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ، ثم قال : تلك امرأة يغشاها أصحابي ، اعتدي عند ابن - أم - مكتوم ؛ فإنه رجل أعمى " .
حجاج بن أرطأة ، نا عطاء ، عن ابن عباس : " حدثتني فاطمة بنت قيس أن رسول الله لم يجعل لها سكنى ولا نفقة " .
مجالد ، ثنا عامر قال : " قدمت المدينة ، فأتيت فاطمة بنت قيس ، فحدثني أن زوجها طلقها ، فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية ، فقال لي أخوه : أخرجي من(2/220)
| 221 | الدار ، فقلت : إن لي نفقة وسكنى حتى يحل الأجل .
قال : لا .
فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : إن فلاناً طلقني ، وإن أخاه أخرجني ، ومنعني السكنى والنفقة .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة ، فإذا لم يكن له عليها رجعة ، فلا نفقة ولا سكنى " .
قلت : حجاج ومجالد ليسا بحجة ، أخرجهما أحمد .
فذكروا حديث حرب بن أبي العالية ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " المطلقة ثلاثاً لها السكنى والنفقة " .
حرب ضعفه ابن معين .
ت ) جرير ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، قال : قالت فاطمة : " طلقني زوجي ثلاثاً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله : لا سكنى لك ولا نفقة .
فذكرته لإبراهيم ، فقال : قال عمر : لا ندع كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة لا ندري أحفظت أو نسيت .
وكان عمر يجعل لها السكنى والنفقة " .
هذا منقطع عن عمر ، وقد رواه جماعة ، أن عمر قال : " لا نترك كتاب الله " ولم يقل : " سنة نبيه " وهو أصح ، ثم قول الشارع مقدم على قول الصحابي .
654 - - مسألة - : - ق 152 - أ - / المبتوتة لا تلزمها العدة في بيت الزوج ، خلافاً لأبي حنيفة والشافعي .
لنا : أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر فاطمة أن تعتد عند ابن أم مكتوم .
655 - - مسألة - : البائن يجوز لها أن تخرج في حوائجها .
(2/221)
| 222 | وقال أبو حنيفة : لا تخرج إلا لعذر ملجئ .
وعن الشافعي كالمذهبين .
( س ) ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر " أن خالته طلقت فأرادت أن تخرج إلى نخل لها ، فلقيت رجلاً فنهاها ، فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : اخرجي فجذي نخلك لعلك أن تصدقي وتفعلي معروفاً " .
(2/222)
| 223 | الرضاع
656 - - مسألة - : لا يثبت إلا بخمس رضعات .
وعنه : بواحدة - كقول أبي حنيفة ومالك .
وعنه ؛ بثلاث - كقول داود .
( م د ت ) مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : " أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات ، فنسخ من ذلك خمس ، وصار إلى خمس رضعات ، فتوفي رسول الله والأمر على ذلك " .
( م ) أيوب ، عن أبي مليكة ، عن ابن الزبير ، عن عائشة ، أن نبي الله - - صلى الله عليه وسلم - - قال : " لا تحرم المصة والمصتان " .
657 - - مسألة - : مدة الرضاع حولان .
وقال أبو حنيفة : سنتان ونصف .
وقال مالك : سنتان وشيء .
وقال زفر : ثلاث سنين .
الهيثم بن جميل ، نا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس قال(2/223)
| 224 | رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا رضاع إلا ما كان في الحولين " .
قال الدارقطني : لم يسنده غير الهيثم ، وهو ثقة حافظ .
طلحة بن يحيى ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس قال : " لا رضاع بعد حولين كاملين " .
(2/224)
| 225 | النفقات
658 - - مسألة - : نفقة الزوجة غير مقدرة ، إنما هي الكفاية ، وذلك يعتبر بحال الزوجين .
وقال الشافعي : هي مقدرة ، وتختلف ؛ فعلى الموسر مدان ، وعلى المتوسط مد ونصف ، وعلى الفقير مد .
( خ م ) هشام ، عن أبيه ، عن عائشة " أن هنداً قالت : يا رسول الله ، إن أبا سفيان ، رجل شحيح ، وليس لي إلا ما يدخل بيتي .
قال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " .
659 - - مسألة - : إعساره بالنفقة يثبت لها الفسخ .
وقال أبو حنيفة : لا تملك ؛ بل يرفع يده عنها .
حماد بن سلمة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبي صالح - ق 152 - ب - / عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته ، قال : يفرق بينهما " .
رواه الدارقطني .
قلت : وهو منكر .
(2/225)
| 226 | فارغة .
(2/226)
| 227 | كتاب الجنايات
660 - - مسألة - : لا يقتل مسلم بكافر .
وقال أبو حنيفة : يقتل بالذمي .
لنا ( خ ) مطرف ، عن الشعبي ، عن أبي جحيفة : " سألت عليا : هل عندكم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء بعد القرآن ؟ قال : لا والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، إلا فهم يؤتيه الله رجلاً في القرآن ، أو ما في هذه الصحيفة .
قلت : وما في هذه الصحيفة ؟ قال : العقل ، وفكاك الأسير ، ولا يقتل مسلم بكافر " .
أحمد ، نا يحيى ، نا ابن أبي عروبة ، نا قتادة ، عن الحسن ، عن قيس بن عباد قال : " انطلقت أنا والأشتر إلى علي - عليه السلام - فقلنا : هل عهد إليك نبي الله شيئاً لم يعهده إلى الناس عامة ؟ قال : لا ، إلا ما في كتابي هذا .
قال : وكتاب في قراب سيفه ، فإذا فيه : المؤمنون تتكافأ دماؤهم وأعراضهم ، وهم يد على يد على من سواهم ، ويسعى بذمتهم أدناهم ، ألا لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده " .
محمد بن راشد ، عن سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن لا يقتل مسلم بكافر " .
إبراهيم بن طهمان ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن عبيد بن عمير ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يحل قتل مسلم إلا في إحدى ثلاث خصال : زان محصن فيرجم ، ورجل يقتل مسلما متعمداً ، ورجل يخرج من الإسلام ، فيحارب الله ورسوله ، فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض " .
(2/227)
| 228 | احتجوا بعمار بن مطر ، نا إبراهيم بن أبي يحيى ، عن ربيعة ، عن ابن البيلماني ، عن ابن عمر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل مسلماً بمعاهد ، وقال : أنا أكرم من وفى بذمته " .
قال الدارقطني : لم يسنده غير إبراهيم ؛ وهو متروك ، وصوابه مرسل ، وابن البيلماني ضعيف .
قال عبد الرحمن بن زياد : " قلت لزفر : إنكم تقولون : إنا ندرأ الحدود بالشبهات - ق 153 - أ - / وإنكم جئتم إلى أعظم الشبهات ، فأقدمتم عليها .
قال : وما هو ؟ قلت : المسلم يقتل بالكافر .
قال : فاشهد أنت على رجوعي عن هذا " .
وقد ذكروا أن الذي قتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذمي عمرو بن أمية الضمري ؛ وعمرو عاش بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - سنين .
قالوا : فقد قتل علي - رضي الله عنه - مسلماً بكافر .
قلنا : ليس كذا الحديث .
قال الدارقطني : نا ابن عقدة ، نا محمد بن أحمد بن الحسن ، نا محمد بن عديس ، نا يونس بن أرقم ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن حسين بن ميمون ، عن أبي الجنوب قال : قال علي : " من كانت له ذمتنا ، فدمه كدمائنا " .
أبو الجنوب ضعيف .
ثم نحملهُ على أن دمه محرم ، كتحريم دمائنا .
661 - - مسألة - : لا يقتل حر بعبد .
وقال أبو حنيفة : يقتل بعبد غيره .
وقال داود : يقتل بعبده .
(2/228)
| 229 | لنا الدارقطني من طريق عثمان البري ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يقتل حر بعبد " .
إسرائيل ، عن جابر الجعفي ، عن عامر ، قال علي : " من السنة أن لا يقتل مسلم بكافر ، ولا حر بعبد " .
إسماعيل بن عياش ، عن الأوزاعي - عن عمرو بن شعيب - عن أبيه ، عن جده " أن رجلاً قتل عبده متعمداً ، فجلده النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة ، ونفاه سنة ، ومحا سهمه من المسلمين ، وأمره أن يعتق رقبة " .
رواه الدارقطني .
نا الحسين بن الحسن الأنطاكي ، نا محمد بن عبد الحكم الرملي ، نا محمد ابن عبد العزيز الرملي ، نا إسماعيل .
فجويبر والبري ، وجابر وابن عياش ضعفاء .
فاحتجوا بهشام ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قتل عبده قتلناه ، ومن جدع عبده جدعناه " فالحسن لم يسمع من سمرة .
قاله ابن حبان .
ثم هذا على وجه الوعيد ؛ وقد يتوعد بما لا يفعل ، ومنه : " فإن شربها في الرابعة فاقتلوه " .
قلت : هذا خلف من القول .
662 - - مسألة - : لا يقتل أب بابنه .
وقال مالك : إذا أضجعه فذبحه ، قتل به .
(2/229)
| 230 | وقال داود : يقتل بابنه .
لنا : ابن لهيعة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده - عن عمر - أن - ق 153 - ب - / رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يقاد والد من ولده " .
رواه أحمد .
( ت ) أبو خالد الأحمر ، عن حجاج بن أرطأة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن عمر ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يقاد الوالد بالولد " .
( ت ) إسماعيل بن عياش ، نا المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن عمر ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يقاد الوالد بالولد " .
( ت ) إسماعيل بن عياش ، حدثنا المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن سراقة بن مالك قال : حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقيد الأب من ابنه ، ولا يقيد الابن من أبيه " .
هؤلاء ضعفاء .
( ت ) إسماعيل بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يقتل الوالد بالولد " .
إسماعيل واه .
(2/230)
| 231 | 663 - - مسألة - : تقتل الجماعة بالواحد .
وعنه : لا يقتلون - كقول داود .
يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن ابن المسيب " أن إنساناً قتل بصنعاء ، فقتل به عمر سبعة ، وقال : لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به " .
664 - - مسألة - : يجب القتل بالمثل إذا كان مما يقصد به القتل غالباً .
وقال أبو حنيفة : لا يجب إلا في ما له حد .
لنا : ( خ م ) حديث قتادة ، عن أنس " أن يهودياً رضخ رأس امرأة بين حجرين فقتلها ، فرضخ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه بين حجرين " .
ابن جريج ، أنا عمرو بن دينار ؛ أنه سمع طاوساً يخبر عن ابن عباس ، عن عمر " أنه نشد قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنين ، فجاء حمل بن مالك فقال : كنت بين امرأتين ، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح ، فقتلتها وجنينها ، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنينها بغرة ، وأن تقتل بها " .
واحتجوا بشعبة عن أيوب ، عن القاسم بن ربيعة ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن قتيل الخطأ شبه العمد ، قتيل السوط والعصا : فيه مائة ، منها أربعون في بطونها أولادها " .
هذا يرويه القاسم هذا مرة عن يعقوب بن أوس ، وتارة عن عقبة بن أوس ، عن رجل له صحبة ، وتارة يقول : عن ابن عمر .
ثم نحمله على العصا الصغيرة ؛ وقد قرنها بالسوط .
إسحاق بن سنين ، نا خالد بن مرداس ، نا معلى بن هلال ، عن أبي إسحاق ،(2/231)
| 232 | عن عاصم بن ضمرة ، عن علي ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا قود في النفس وغيرها إلا بحديدة " .
وهذا - ق 154 - أ - / فيه معلى ، قال ابن معين : كان يضع الحديث .
ثم لو صح لكان معناه : لا قود يستوفى إلا بحديدة ؛ وهي رواية لنا .
نعيم بن حماد ، نا بقية ، عن أبي معاذ ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " لا قود إلا بالسيف " .
المسيب بن واضح ، نا بقية ، عن أبي معاذ ، عن عبد الكريم بن أبي المخارق ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود أن رسول الله قال : " لا قود إلا بسلاح " .
رواهما الدارقطني ، وأبو معاذ متروك .
سليمان بن كثير ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال رسول الله : " من قتل في عمياء أو رميا بحجر أو سوط أو عصا ؛ فعقله عقل خطأ " .
إسناده جيد ، لكن هذا في الخطأ .
الثوري ، عن جابر ، عن أبي عازب ، عن النعمان بن بشير ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " كل شيء خطأ إلا السيف ، وفي كل خطأ أرش " .
جابر واه .
ورواه ورقاء ، عن جابر ففسر اسم أبي عازب ، فقال : عن مسلم بن أراك ، عن النعمان .
رواه الدارقطني .
(2/232)
| 233 | 665 - - مسألة - : إذا أمسك رجلاً وقلته آخر ؛ حبس الممسك وقتل القاتل .
وعنه : يقتلان - كقول مالك .
أبو داود الحفري ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن أمية ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعاً : " إذا أمسك الرجل الرجل وقتله آخر يقتل القاتل ، ويحبس الذي أمسك " .
رواه الدارقطني .
قلت : وهو حديث منكر ، لعله من قول ابن عمر .
666 - - مسألة - : لولي الدم أن يعفوَ عن القود إلى الدية من غير رضى الجاني .
وقال أبو حنيفة : ليس له ذلك إلا برضا الجاني .
ابن إسحاق ، حدثني المقبري ، عن أبي شريح الخزاعي " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الفتح حدثني : من قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين ؛ إن شاءوا فدم قاتله ، وإن شاءوا فعقله " .
رواه أحمد .
محمد بن سلمة الحراني ، عن محمد بن إسحاق ، عن الحارث بن الفضل ، عن سفيان بن أبي العوجاء ، عن أبي شريح ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من أصيب بدم أو خبل - والخبل عرج - فهو بالخيار بين إحدى ثلاث ، فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه : بين أن يقيض - ق 154 - ب - / أو يعفو أو يأخذ العقل ، فإن قبل شيئاً من ذلك ثم عدا بعد ذلك ، فله النار خالداً فيها مخلداً " .
(2/233)
| 234 | 667 - - مسألة - : الواجب بالعمد القصاص أو الدية .
وعنه الواجب القود حسب - كقول أبي حنيفة ومالك .
وعن الشافعي كالروايتين .
فائدة الخلاف إذا عفا مطلقاً ، ثبتت الدية على الرواية الأولى ، ولنا حديث أبي شريح .
( خ م ) وحديث أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قتل له قتيل فهو بخير النظرين ؛ إما أن يفدى ، وإما أن يقتل " .
محمد بن راشد ، نا سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من قتل متعمداً ، دفع إلى أولياء المقتول ؛ فإن شاءوا قتلوه ، وإن شاءوا أخذوا الدية " .
668 - - مسألة - : يجري القصاص في كسر السن كما يجري في قلعه ، خلافا للشافعية .
لنا حديث ( خ ) حميد ، عن أنس " أن الربيع بنت النضر عمته لطمت جارية فكسرت سنها ، فعرضوا عليهم الأرش فأبوا فطلبوا العفو فأبوا ، فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم بالقصاص ، فجاء أخوها أنس بن النضر ، فقال : يا رسول الله ، أتكسر سن الربيع ؟ والذي بعثك بالحق لا تكسر سنها ، فقال : يا أنس ، كتاب الله القصاص ! فعفا القوم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " .
( س ) أبو خالد الأحمر ، حدثنا حميد ، عن أنس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالقصاص في السن " .
(2/234)
| 235 | 669 - - مسألة - : لا يقتص من الجناية إلا بعد الاندمال .
وقال الشافعي : يقتص في الحال .
يعقوب بن كاسب ، نا عبد الله بن عبد الله الأموي ، عن ابن جريج وغيره ، عن أبي الزبير ، عن جابر " أن رجلاً جرح ، فأراد أن يستقيد ، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح " رواه الدارقطني .
قلت : هذا من مناكير يعقوب .
فإن اقتص قبل الاندمال ، فسرت الجناية إلى موضع آخر ، فلا ضمان على الجاني ، خلافاً لأكثرهم .
القواريري ، حدثنا محمد بن حمران ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده - ق 155 - أ - / " أن رجلاً طعن رجلاً بقرن في ركبته ، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أقدني ؟ قال : حتى يبرأ .
ثم جاء إليه ، فقال : أقدني ، فأقاده .
ثم جاء فقال : يا رسول الله ، عرجت .
قال : قد نهيتك فعصيتني ؛ فأبعدك الله وبطل عرجك .
ثم نهى رسول الله أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه .
670 - - مسألة - : لا قود إلا بالسيف .
وعنه : يقتل بمثل الآلة التي قتل بها .
وهو قول مالك والشافعي .
لنا : حديث ابن مسعود وأبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا قود إلا بالسيف " وقد مضيا .
فذكروا بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من غرق غرقناه ، ومن حرق حرقناه " وهذا ليس يصح ؛ بل قاله زياد في خطبته .
(2/235)
| 236 | 671 - - مسألة - : قتل عمد الخطأ لا يوجب القود ، وهو ما وجد فيه عمد في الفعل ، وخطأ في القصد .
وقال مالك : قتل عمد الخطأ محال ، وفيه القود .
سليمان بن موسى ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " عقل شبه العمد مغلظ ، مثل عقل العمد ، ولا يقتل صاحبه ، وذلك أن ينزو الشيطان بين الناس ، فيكون رميا في عميا في غير فتنة ولا سلاح " .
ومر حديث القاسم بن ربيعة ، عن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن قتل الخطأ شبه العمد قتل السوط والعصا ؛ فيه مائة ، منها أربعون في بطونها أولادها " .
672 - - مسألة - : دية الخطأ أخماس : عشرون جذعة ، ومثلها حقة ، ومثلها بنت لبون ، ومثلها بنت مخاض ، ومثلها ابن مخاض .
وقال مالك والشافعي : بل ابن لبون .
حجاج بن أرطأة ، عن زيد بن جبير ، عن خشف بن مالك ، عن ابن مسعود : " قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دية الخطأ عشرين بنت مخاض ، وعشرين بني مخاض ذكور ، وعشرين ابنة لبون ، وعشرين حقة ، وعشرين جذعة " .
ولهم حديث حماد بن سلمة ، أنا سليمان التيمي ، عن أبي مجلز ، عن أبي عبيدة ، أن ابن مسعود قال : " دية الخطأ خمسة أخماس : عشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وعشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون بنو لبون ذكور " .
قال الدارقطني : رواته ثقات ، وحديث خشف غير ثابت - ق 155 - ب - / بجهالة خشف ،(2/236)
| 237 | وحجاج مدلس .
ثم قد اختلف الرواة فيه على ححاج .
قال المؤلف : يعارض هذا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه ، ثم إنما حكي عنه فتواه .
قال : ومتى كان الإنسان ثقة ، فينبغي أن يقبل قوله ، وكيف يقال عن الثقة مجهول ؟ ! واشتراط المحدثين أن يروي عنه اثنان لا وجه له .
قلت : فمن وثق هذا ، فدع الهوى والخبط .
673 - - مسألة - : الدراهم والدنانير أصل مقدر في الدية ، يجوز أخذها مع القدرة على الإبل .
وقال الشافعي : الأصل الإبلُ ؛ فإن عدمت ، عدل إلى ألف دينار ، أو اثني عشر ألف درهم .
وعنه : يعدل إلى قيمة الإبل .
( ت ) محمد بن مسلم الطائفي ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه جعل الدية اثنى عشر ألفا " .
قيل : فرواه ابن عيينة ، عن عمرو ، فأسقط ابن عباس .
ثم الطائفي قد ضعفه أحمد .
قلنا : وقد وثقه يحيى ، والوصل زيادة .
الدارقطني ، حدثنا ابن صاعد ، حدثنا محمد بن ميمون الخياط ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى باثني عشر ألفا في الدية " .
قال الخياط : إنما قال عن ابن عباس مرة ، وأكثر ذلك كان يرسله .
(2/237)
| 238 | 674 - - مسألة - : والبقر ، والغنم ، والحلل أصل في الدية أيضاً ؛ مقدرة بمائتي بقرة ، وألفي شاة ، ومائتي حلة .
وهو قول أبي يوسف ومحمد ، خلافاً للأكثر .
( د ) ابن إسحاق قال : ذكر عطاء ، عن جابر قال : " فرض رسول الله في الدية ؛ على أهل الإبل مائة ، وعلى أهل البقر مائتين ، وعلى أهل الشاء ألفي شاة ، وعلى أهل الحلل مائتي حلة " .
675 - - مسألة - : في أشراف الأذنين الدية .
وقال مالك : فيها حكومة .
يونس ، عن ابن شهاب قال : " قرأت في كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمرو ابن حزم حين بعثه إلى نجران - وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم - فكتب رسول الله فيه : في النفس مائة من الإبل ، وفي الأنف إذا أوعي جدعه مائة من الإبل ، وفي العين خمسون من الإبل ، وفي الأذن خمسون " .
676 - - مسألة - : في العين القائمة ، واليد الشلاء ، ولسان الأخرس ، والذكر الأشل ، والأصبع - ق 156 - أ - / الزائدة ثلث دية العضو .
وعنه : فيها حكومة - كقول أكثرهم .
( س ) الهيثم بن حميد ، أنبأنا العلاء بن الحارث ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في العين السادة لمكانها إذا طمست(2/238)
| 239 | بثلث ديتها ، وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها ، وفي السن السوداء إذا نزعت بثلث ديتها " .
أبو هلال ، حدثنا عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر ، عن ابن عباس ، أنه قال : " في اليد الشلاء ثلث الدية ، وفي العين القائمة إذا خسفت ثلث الدية " .
677 - - مسألة - : في موضحة الوجه خمس من الإبل .
وقال مالك : في موضحة الأنف واللحى الأسفل حكومة .
( ت ) يزيد بن زريع ، حدثنا حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " في المواضح خمس خمس " .
678 - - مسألة - : إذا ضربت حامل فماتت ، ثم انفصل منها جنين ميت ، وجبت فيه الغرة .
وقال أبو حنيفة ومالك : لا شيء فيه .
( خ م ) هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن المغيرة " أن عمر استشارهم في إملاص المرأة ، فقال المغيرة : قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالغرة ؛ عبد أو أمة .
فشهد محمد بن مسلمة أنه شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى به " .
( م ) منصور ، عن إبراهيم ، عن عبيد بن نضلة ، عن المغيرة " أن امرأة ضربتها ضرتها بعمود فسطاط ، فقتلتها وهي حبلى ، فأتي فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقضى فيها على عصبة القاتلة بالدية ، وفي الجنين بغرة ، فقال عصبتها : أندي من لا أكل ولا شرب ولا صاح فاستهل ، ومثل ذلك يطل ؟ ! فقال : سجع كسجع الأعراب " .
(2/239)
| 240 | 679 - - مسألة - : يبدأ في القسامة بأيمان المدعين .
وقال أبو حنيفة : بأيمان المدعى عليهم .
( خ م ) الليث ، عن يحيى بن سعيد ، عن بشير بن يسار ، عن سهل بن أبي حثمة ، قال : " خرج عبد الله بن سهل ، ومحيصة بن مسعود ، حتى إذا - ق 156 - ب - / كانا بخيبر تفرقا في بعض ما هنالك ، فإذا محيصة يجد عبد الله بن سهل قتيلاً ، فدفنه ، ثم أقبل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو وحويصة بن مسعود ، وعبد الرحمن بن سهل ، وكان أصغر القوم ، فذهب ليتكلم قبل صاحبيه ، فقال رسول الله : كبر .
فصمت ، وتكلم صاحباه ، وتكلم معهما ؛ فذكروا مقتل عبد الله بن سهل ، فقال لهم : أتحلفون خمسين يميناً ، فتستحقون صاحبكم - أو قاتلكم ؟ .
قالوا : وكيف نحلف ولم نشهد ؟ قال : فتبرئكم يهود بخمسين يميناً .
قالوا : وكيف نقبل أيمان قوم كفار .
فلما رأى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى عقله " .
قالوا : ففي " الصحيح " غير هذا .
( خ ) حدثنا أبو نعيم ، نا سعيد بن عبيد ، عن بشير بن يسار ، " زعم أن رجلاً من الأنصار يقال له سهل بن أبي حثمة أخبره أن نفرا من قومه انطلقوا إلى خيبر ، فتفرقوا فيها ، ووجدوا أحدهم قتيلا ، فانطلقوا فأخبروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال لهم : تأتون بالبينة على قتله .
قالوا : ما لنا بينة .
قال : فيحلفون .
قالوا : لا نرضى بأيمان اليهود .
فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبطل دمه ، فوداه بمائة من إبل الصدقة " .
قلنا : هذا يرويه سعيد بن عبيد ، وروايتنا أكثر وأولى ، وأكمل لفظاً ، فليس في حديثكم إلا عرض اليمين على المدعى عليهم ، وذلك في حديثنا أيضاً ، لكن بعد عرضها على المدعي ، فتضمنت روايتنا زيادة ، ويقويها قوله - صلى الله عليه وسلم - : " البينة(2/240)
| 241 | على من ادعى ، واليمين على من أنكر إلا في القسامة " وسيأتي سنده في الأيمان .
680 - - مسألة - : الذمي إذا انتقل إلى دين ، لم يقبل منه سوى الإسلام .
وقال أبو حنيفة : يقر .
وعن الشافعي قولان .
أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال رسول الله : " من بدل دينه فاقتلوه " .
681 - - مسألة - : لا يجوز اتباع المنهزم من البغاة - ق 157 - أ - / ولا يجاز على جريحهم .
وقال أبو حنيفة : إن كان لهم فئة ، جاز ذلك .
عبد العزيز الدراوردي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن حسين ، عن مروان بن الحكم ، قال : " صرخ صارخ لعلي يوم الجمل : لا يقتلن مدبر ، ولا يذفف على جريح ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن طرح السلاح فهو آمن " .
(2/241)
| 242 | فارغة .
(2/242)
| 243 | الحدود
682 - - مسألة - : يجمع الجلد والرجم على من أحصن .
وقال بذلك داود .
وعن أحمد : لا يجتمعان - كقول أكثرهم .
( م ) ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن حطان بن عبد الله الرقاشي ، عن عبادة بن الصامت ، قال : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك ، وتربد وجهه ، فأنزل الله عليه ذات يوم ، فلما سري عنه قال : خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلاً ، الثيب بالثيب ، والبكر بالبكر ، الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة ، والبكر جلد مائة ، ثم نفي سنة " .
أحمد ، نا وكيع ، نا الفضل بن دلهم ، عن الحسن ، عن قبيصة بن حريث ، عن سلمة بن المحبق ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " خذوا عني ، خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلاً ؛ البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " .
أحمد ، نا حسين بن محمد ، نا شعبة ، عن سلمة ومجالد ، سمعا الشعبي يحدث " أن علياً حين رجم المرأة من أهل الكوفة ، ضربها يوم الخميس ، ورجمها يوم الجمعة ، وقال : أجلدها بكتاب الله ، وأرجمها بسنة نبي الله - صلى الله عليه وسلم - " .
683 - - مسألة - : الإسلام ليس بشرط في الإحصان .
(2/243)
| 244 | وقال أبو حنيفة ومالك : هو شرط .
شريك ، عن سماك ، عن جابر بن سمرة قال : " رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - يهودياً ويهودية " .
مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن رسول الله رجم يهودياً ويهودية " .
فذكروا : أبو بكر بن أبي مريم ، عن علي بن أبي طلحة ، عن كعب بن مالك " أنه أراد أن يتزوج يهودية أو نصرانية ، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهاه عنها وقال : إنها لا تحصنك " .
- ق 157 - ب - / ابن أبي مريم واه ، وابن أبي طلحة ما لقي كعباً .
إسحاق بن راهويه ، نا عبد العزيز بن محمد ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أشرك بالله فليس بمحصن " .
قيل : رجع إسحاق عن رفعه ، وصوابه موقوف .
684 - - مسألة - : جراح المرأة تساوي جراح الرجل في ما دون الثلث ، فإذا بلغ الثلث ، فعلى النصف منه .
وعنه : تساويه .
وقال أبو حنيفة ، والشافعي في الجديد : على النصف في الكل .
( س ) إسماعيل بن عياش ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديتها " .
قلت : إسماعيل في الحجازيين ضعيف .
(2/244)
| 245 | هشيم ، نا أشعث بن عبد الملك ، عن الحسن ومحمد قالا : " القصاص بين الرجل والمرأة ، فيما كان من العمد إلى ثلث الدية " .
زكريا وغيره ، عن الشعبي " أن عليا كان يقول : جراحات النساء على النصف من دية الرجل فيما قل أو كثر " .
685 - - مسألة - : دية الذمي إذا قتله المسلم عمدا دية المسلم ، فإن قتله خطأ ، فالنصف .
وعنه : الثلث .
ودية المجوسي ثمانمائة درهم .
وقال أبو حنيفة : دية الكافر منهما دية المسلم .
وقال مالك : نصفها .
وقال الشافعي : ثلثها في العمد والخطأ ، والمجوسي كقولنا .
لنا : علي بن الجعد ، أنا أبو كرز القرشي ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " دية ذمي دية مسلم " .
قال ابن حبان : لا يحل أن يحتج بابن كرز ؛ واسمه : عبد الله بن عبد الملك ابن كرز .
أبو بكر بن عياش ، عن أبي سعد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : " جعل رسول الله دية العامرتين دية المسلم " .
قال أبو بكر : كان لهما عهد .
أبو سعد هو سعيد بن المرزبان : واه .
عثمان الوقاصي ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان ، عن أسامة " أن رسول الله جعل دية المعاهد كدية المسلم " .
(2/245)
| 246 | عثمان متروك ، رواهم الدارقطني .
واحتجوا لقتله خطأ بمحمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " دية الكافر نصف دية المسلم " .
محمد بن راشد ، نا سليمان ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن عقل أهل الكتابين نصف عقل - ق 158 - أ - / دية المسلم " .
فهذا يحمل على قتل الخطأ .
رواهما أحمد .
زائدة ، عن منصور ، عن ثابت أبي المقدام ، عن سعيد بن المسيب " أن عمر جعل دية اليهودي ، والنصراني أربعة آلاف ، والمجوسي ثمانمائة " .
686 - - مسألة - : قيمة العبد إذا قتل خطأ في مال الجاني ، وكذا الجناية على أطرافه .
وقال أبو حنيفة : بدل نفسه على عاقلة الجاني ، والأطراف في ماله .
وعن الشافعي كقولنا .
وعنه : الكل على العاقلة .
وكيع ، عن عبد الملك بن حسين النخعي ، عن عبد الله بن أبي السفر ، عن عامر ، عن عمر قال : " العمد والعبد والصلح والاعتراف لا تعقله العاقلة " .
687 - - مسألة - : اللواط يوجب الحد .
وقال أبو حنيفة : يوجب التعزير .
(2/246)
| 247 | أحمد ، نا أبو القاسم بن أبي الزناد ، أخبرني ابن أبي حبيبة - عن - داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اقتلوا الفاعل والمفعول به في عمل قوم لوط ، والبهيمة ، والواقع عليها ، ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه " .
قلت : أبو القاسم ؛ قال ابن معين : ليس به بأس .
688 - - مسألة - : إتيان البهيمة يوجب الحد كحد اللوطي .
وعنه : يوجب التعزير - كقول أبي حنيفة ومالك .
لنا : الحديث نراه .
وحديث سليمان بن بلال ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من وقع على بهيمة ، فاقتلوه واقتلوا البهيمة " .
689 - - مسألة - : إذا تزوج ذات محرمه ، ووطئ حد .
وقال أبو حنيفة : يعزر .
لنا : ما في الحديث المذكور : " من وقع على ذات محرم ، فاقتلوه " .
أحمد ، نا وكيع ، نا حسن بن صالح ، عن السدي ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء ، قال : " لقيت خالي - يعني : أبا بردة - ومعه الراية ، فقلت : أين تريد ؟ قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده ؛ أن أضرب عنقه ، وآخذ ماله " .
(2/247)
| 248 | 690 - - مسألة - : ومن أذنت لزوجها في وطء جاريتها ففعل جلد مائة .
وقال أكثرهم : حده حد الزاني .
ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن حبيب بن سالم - رفعه إلى النعمان بن بشير - " في رجل أحلت له امرأته جاريتها ، فقال : لأقضين فيها بقضية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ إن كانت أحلتها له ، لأجلدنه مائة ، وإن لم تكن أحلتها - ق 158 - ب - / له ، لأرجمنه .
فوجدها قد أحلتها له ، فجلده مائة " .
رواه أحمد ، عن يزيد عنه .
691 - - مسألة - : إذا أقر بزنا امرأة فجحدت ، لم يسقط عنه الحد .
وقال أبو حنيفة : يسقط .
أحمد ، نا حسين بن محمد ، نا مسلم بن خالد ، عن عباد بن إسحاق ، عن أبي حازم ، عن سهل " أن رجلاً من أسلم جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال إنه قد زنى بامرأة سماها ، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها ، فأنكرت ، فحده وتركها " .
مسلم ؛ قال البخاري : منكر الحديث .
قلت : وشيخه لين .
692 - - مسألة - : حد الزنا لا يثبت بإقراره مرة ، خلافاً لمالك والشافعي .
لنا : حديث ماعز : أبو عوانة : عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : " لقي(2/248)
| 249 | رسول الله ماعز بن مالك ، فقال : أحق ما بلغني عنك ؟ .
قال : وما بلغك عني ؟ .
قال : إنك فجرت بأمة آل فلان .
قال : نعم .
فرده حتى شهد أربع مرات ، ثم أمر برجمه " .
تابعه شريك مختصرا .
ورواه إسرائيل ، عن سماك ، ولفظه : " اعترف عنده مرتين ، فقال : اذهبوا به ثم قال : ردوه .
فاعترف مرتين حتى اعترف أربعاً ، فقال : ارجموه " .
أحمد ، نا أسود بن عامر ، ثنا إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر ، عن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبي بكر قال : " كنت جالساً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فجاء ماعز ، فاعترف عنده فرده ، فاعترف الثانية فرده ، ثم جاء فاعترف الثالثة ، فرده ، فقلت له : إنك إن اعترفت الرابعة رجمك .
فاعترف الرابعة فحبسه ، ثم سأل عنه ، فقالوا : ما نعلم إلا خيراً ، فأمر برجمه " .
قلت : جابر واه .
حجاج بن أرطأة ، عن عبد الملك بن المغيرة ، عن عبد الله بن المقدام ، عن ابن شداد ، عن أبي ذر قال : " كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجل ، فقال : إن الآخر قد زنى .
فأعرض عنه ، ثم ثنى ، ثم ثلث ، ثم ربع ، فأمرنا فحفرنا له ، فرجم " .
هشام بن سعد ، أخبرني يزيد بن نعيم بن هزال ، عن أبيه قال : " كان ماعز ابن مالك في حجر أبي ، فأصاب جارية من الحي ، فقال له أبي : ائت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنعت ، لعله يستغفر لك ، وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج ، فأتاه فقال : يا رسول الله ، زنيت فأقم علي كتاب الله .
فأعرض عنه إلى أن أتاه الرابعة ، فقال له : إنك قد قلتها أربع مرات ؛ فبمن ؟ قال : بفلانة .
قال : هل ضاجعتها ؟ .
قال : نعم .
قال هل باشرتها ؟ .
قال : نعم .
قال : هل جامعتها ؟ - ق 159 - أ - / قال : نعم .
فأمر به أن يرجم ، فوجد مس الحجارة ، فخرج يشتد ، فلقيه عبد الله(2/249)
| 250 | ابن أنيس ، فنزع له بوظيف بعير فقتله ، وذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : هلا تركتموه لعله يتوب ؛ فيتوب الله عليه .
فحدثني نعيم بن هزال ، عن أبيه " أن رسول الله قال له حين رآه : والله يا هزال ، لو كنت سترته بثوبك ، كان خيرا مما صنعت به " .
قلت : هذا القول مرسل .
روى الأحاديث أحمد .
( م ) بشير بن المهاجر ، نا عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : " كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه ماعز ، فقال : إني قد زنيت .
.
.
" الحديث ، وفيه : " فأمر فحفر له حفرة جعل فيها إلى صدره ، ثم أمر الناس أن يرجموه " .
قال بريدة : فكنا نتحدث - أصحاب نبي الله - صلى الله عليه وسلم - - بيننا أنه لو جلس بعد اعترافه ثلاثاً لم يطلبه ، وإنما رجمه عند الرابعة .
( خ م ) عبد الرحمن بن خالد ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة قال : " أتى رسول الله رجل من أسلم وهو في المسجد ، فناداه : يا رسول الله ، إن الآخر قد زنى .
فأعرض عنه ، فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله ، فقال : إني زنيت .
فأعرض عنه ، فجاء لشق وجهه الذي أعرض عنه ، فلما شهد على نفسه أربع شهادات ، دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أبك جنون ؟ قال : لا ، يا رسول الله .
قال : أحصنت ؟ قال : نعم .
قال : اذهبوا به فارجموه " .
( ت ) محمد بن عمرو ، نا أبو سلمة ، عن أبي هريرة قال : " جاء ماعز إلى رسول الله ، فقال إنه قد زنى ، فأعرض عنه .
.
.
" وفيه : " فلما وجد مس الحجارة مر يشتد " وفيه قال : " هلا تركتموه " .
قلت : وفي الباب أحاديث أخر .
(2/250)
| 251 | فاحتجوا بحديث العسيف ؛ وفيه : " واغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها " .
قلنا : إن اعترفت الاعتراف المعلوم بالتردد .
693 - - مسألة - : إذا أقر بالزنا ، ثم أنكر سقط الحد ، خلافاً لداود ، ولإحدى الروايتين عن مالك .
لنا : أن ماعزاً لما رجم هرب ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : " هلا تركتموه " .
694 - - مسألة - : للسيد إقامة الحد على رقيقه ، خلافاً لأبي حنيفة .
- ق 159 - ب - / الثوري عن عبد الأعلى الثعلبي ، عن أبي جميلة الطهوي ، عن علي " أن خادماً للنبي - صلى الله عليه وسلم - أحدث ، فأمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقيم عليها الحد ، فأتيتها فوجدتها لم تجف من دمها ، فأتيته فأخبرته فقال : إذا جفت من دمها ، فأقم عليها الحد ، أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم " رواه أحمد .
( ت ) أبو خالد الأحمر ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها ثلاثاً ، فإن عادت فليبعها ولو بحبل من شعر " .
صححهما ( ت ) .
( خ م ) الزهري ، عن عبيد الله ، عن أبي هريرة ، وزيد بن خالد وشبل ، قالوا : " سئل رسول الله عن الأمة تزني قبل أن تحصن ، قال : اجلدوها ؛ فإن عادت فاجلدوها ، فإن عادت فاجلدوها ، فإن عادت فبيعوها ولو بضفير " .
(2/251)
| 252 | 695 - - مسألة - : حد شارب الخمر ثمانون .
وعنه ؛ أربعون .
( ت ) شعبة ، سمعت قتادة ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه أتي برجل قد شرب الخمر ، فضربه بجريدتين نحو الأربعين .
وفعله أبو بكر ، فلما كان عمر ، استشار الناس ، فقال عبد الرحمن بن عوف : أخف الحدود ثمانون ، فأمر به عمر " .
لم يحد رسول الله في ذلك حدًّا ، ولو حده لم يتجاوزه ، وإنما ضرب تأديباً وعقوبة ، فبلغ الضرب نحو أربعين ، وفهمت الصحابة أن المقصود الزجر ، فألحقوه بحد القذف .
وهذا مذهب عمر ، وعثمان ، وابن عوف ، وطلحة ، والزبير .
696 - - مسألة - : يضرب في الحدود جميع الجسد سوى الرأس والوجه والفرج .
وقال مالك : الظهر وما قاربه حسب .
ابن أبي ليلى ، عن عدي بن ثابت ، أخبرني هنيدة بن خالد " أنه شهد عليًّا أقام على رجل حدًّا ، فقال للجلاد : اضربه ، وأعط كل عضو منه حقه ، واتق وجهه ومذاكيره " .
697 - - مسألة - : لا يحد في دار الحرب ، خلافاً لمالك والشافعي .
ابن لهيعة ، نا عياش - ق 160 - أ - / بن عباس ، عن شييم بن بيتان ، عن جنادة بن أبي أمية " أنه قال على المنبر بروذ حين جلد الرجلين اللذين سرقا غنائم الناس ، فقال : إنه لم يمنعني من قطعهما إلا أن بسر بن أرطأة وجد رجلاً سرق في الغزو ، فجلده ولم(2/252)
| 253 | يقطع يده ، وقال : نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القطع في الغزو " .
فيه ابن لهيعة .
سعيد في " سننه " نا إسماعيل بن عياش ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن حميد بن عقبة ، عن أبي الدرداء " أنه كان ينهى أن تقام الحدود على الرجل وهو غاز حتى يقفل ؛ مخافة أن تلحقه الحمية ، فيلحق بالكفار " .
قلت : ابن أبي مريم ضعيف ، ومن حميد هذا ؟ ! واحتجوا بهذا : ( د ) الحسن بن يحيى الخشني ، عن زيد بن واقد ، عن مكحول ، عن عبادة بن الصامت ، قال رسول الله : " أقيموا الحدود في الحضر والسفر ، على القريب والبعيد ، ولا تبالوا في الله لومة لائم " .
إسناده واهٍ .
ولكن حجتهم العموم ، ومن خصص الغزو طولب بالحجة .
(2/253)
| 254 | التعزير
698 - - مسألة - : لا يبلغ به أعلى الحدود .
وقال مالك : يعزر الإمام باجتهاده وإن زاد على الحد .
( خ م ) يزيد بن أبي حبيب ، عن بكير ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الرحمن بن جابر ، عن أبي بردة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا يجلد فوق عشر جلدات ، إلا في حد " .
وروى أصحابنا مرفوعاً : " من بلغ حدًّا في غير حد ، فهو من المعتدين " .
(2/254)
| 255 | 699 - - مسألة - : نصابها ربع دينار ، أو ثلاثة دراهم ، أو قيمة ذلك .
وهو قول مالك .
وقال أبو حنيفة : نصابها دينار ، أو عشرة دراهم ، أو قيمتها .
وقال الشافعي : ربع دينار ، أو القيمة .
لنا : ( خ م ) أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن رسول الله قطع في مجن ثمن ثلاثة دراهم " .
( خ م ) الزهري ، عن عمرة ، عن عائشة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقطع في ربع دينار فصاعداً " .
أحمد ، نا هاشم ، نا محمد بن راشد ، عن يحيى بن يحيى الغساني ، عن أبي بكر بن حزم ، عن عمرة ، عن عائشة قالت : - ق 160 - ب - / قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اقطعوا في ربع الدينار ، ولا تقطعوا فيما أدنى منه .
قالت : وكان قيمته يومئذ تلكم " .
احتجوا بابن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده " أن قيمة المجن كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة دراهم " .
سلم بن قتيبة ، نا زفر بن الهذيل ، نا حجاج بن أرطاة ، عن عمرو ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً : " لا يقطع السارق إلا في عشرة دراهم " .
(2/255)
| 256 | ( س ) الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن أيمن قال : " لم تكن تقطع اليد ، على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في ثمن المجن ، وقيمته يومئذ دينار " .
قال الدارقطني : أيمن تابعي .
قال المؤلف : وابن إسحاق وسلم وحجاج ضعفاء .
700 - - مسألة - : يجب القطع على جاحد العارية ، خلافاً لأكثرهم .
( م ) الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : " كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها ، فأتى أهلها أسامة ، فكلموه ، فكلم أسامة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا أسامة ، ألا أراك تكلمني في حد من حدود الله ! ثم قام خطيباً ، فقال : إنما هلك من كان قبلكم ، بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه ، والذي نفسي بيده ، لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها .
فقطع يد المخزومية " تفرد به مسلم .
قال عبد الرزاق : ونا معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : " كانت مخزومية تستعير المتاع وتجحده ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها " .
701 - - مسألة - : إذا اشترك جماعة في سرقة نصاب قطعوا .
وبه قال مالك : واشترط بأن يخرجوا النصاب معاً .
وقال أبو حنيفة والشافعي : لا قطع بحال .
( خ م ) أبو صالح ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله : " لعن الله السارق ؛ يسرق البيضة فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده " .
(2/256)
| 257 | فهذا لا يصح إلا على قولنا ؛ وهو أن يخرج كل واحد بيضة ، أو حبلاً .
702 - - مسألة - : يجتمع الغرم مع القطع .
قال أبو حنيفة : القطع ينفي الضمان .
وقال مالك : إن كان السارق موسرا كمذهبنا - ق 161 - أ - / وإن كان معسراً كمذهبهم .
لنا : قوله - صلى الله عليه وسلم - : " على اليد ما أخذت حتى تؤديه " وقد مر في البيوع .
ولهم : سعيد بن عفير ، نا مفضل بن فضالة ، عن يونس بن يزيد ، عن سعد ابن إبراهيم ، عن أخيه مسور بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن عوف قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا غرم على السارق بعد قطع يمينه " .
سعيد ؛ قال الدارقطني : مجهول .
والمسور لم يدرك ابن عوف .
703 - - مسألة - : إذا ملك السارق العين المسروقة بوجه ، لا يسقط الحد ، خلافاً لأبي حنيفة .
محمد بن أبي حفصة ؛ نا الزهري ، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان ، عن أبيه ، أن صفوان بن أمية قال : " بينا أنا راقد ، إذ جاء سارق ، فأخذ ثوبي من تحت رأسي ، فأدركته ، فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر بقطعه ، قلت : يا رسول الله ، ليس هذا أردت ، هو عليه صدقة .
قال : هلا قبل أن تأتيني به " .
وروى أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله قال : " تعافوا الحدود فيما بينكم ، فما بلغني من حد فقد وجب " .
(2/257)
| 258 | 704 - - مسألة - : ويقطع النباش إذا بلغت قيمة الكفن نصاباً ، خلافاً لأبي حنيفة .
روى أصحابنا أنه - صلى الله عليه وسلم - قطع نباشاً .
إسرائيل ، عن عبد الله بن المختار ، عن معاوية بن قرة قال : يقطع .
يونس ، عن الحسن ومحمد قالا : يقطع النباش .
705 - - مسألة - : إذا سرق في المرة الثالثة وما بعدها لم يقطع ؛ بل يحبس ، في أصح الروايتين .
وهو قول أبي حنيفة .
وفي الأخرى : تقطع في الثالثة يده اليسرى ، وفي الرابعة رجله اليمنى .
وهو قول مالك والشافعي .
إسماعيل الشالنجي ، نا محمد بن الحسن ، عن أبي حنيفة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة ، عن علي قال : " إذا سرق السارق ، قطعت يده اليمنى ، فإن عاد قطعت رجله اليسرى ، ، فإن عاد ضمن السجن حتى يحدث خيراً ؛ إني لأستحيي أن أدعه يعيش بلا رجل ولا يد " .
احتجوا بيزيد بن سنان الرهاوي ، نا هشام بن عروة ، عن ابن المنكدر ، عن جابر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بسارق فقطع يده ، ثم أتي به قد سرق ، فقطع رجله ، ثم أتي به قد سرق ، فقطع يده ، ثم أتي به قد سرق ، فقطع رجله ، ثم أتي به قد سرق ، فأمر به ، فقتل " .
- ق 161 - ب - / تفرد به محمد بن يزيد بن سنان ، عن أبيه ؛ وهو ضعيف .
الدارقطني ، نا محمد بن الحسن المقرئ ، نا أحمد بن العباس ، نا إسماعيل(2/258)
| 259 | ابن سعيد ، حدثنا الواقدي ، عن ابن أبي ذئب ، عن خالد بن سلمة - أراه عن أبي سلمة - عن أبي هريرة مرفوعاً : " إذا سرق السارق فاقطعوا يده ، فإن عاد فاقطعوا رجله ، فإن عاد فاقطعوا يده ، فإن عاد فاقطعوا رجله " .
الواقدي هالك .
خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : " شهدت عمر قطع بعد يد ورجل يداً " .
706 - - مسألة - : حد الزنا يسقط بالتوبة ، وكذا السرقة والشرب .
وعنه : لا يسقط - كقول أبي حنيفة ومالك .
وعن الشافعي كالمذهبين .
سلم بن سالم ، ثنا سعيد الحمصي ، عن عاصم الجذامي ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال رسول الله : " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " .
قلت : إسناده مظلم .
707 - - مسألة - : المرتدة تقتل ، خلافاً لأبي حنيفة .
لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " من بدل دينه فاقتلوه " .
معمر بن بكار السعدي ، نا إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر " أن امرأة يقال لها : أم رومان ارتدت عن الإسلام ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعرض عليها الإسلام ؛ فإن رجعت ، وإلا قتلت " .
قلت : معمر لينه العقيلي .
(2/259)
| 260 | عن عبد الله بن أذينة ، عن هشام بن الغاز ، عن ابن المنكدر ، عن جابر نحوه ، وزاد : " فأبت أن تسلم ، فقتلت " .
عن محمد بن عبد الملك الأنصاري ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : " ارتدت امرأة يوم أحد ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تستتاب " .
رواهم الدارقطني .
قلت : لم يصح ذلك .
عبد الله بن عيسى الخزري ، نا عفان ، نا شعبة ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تقتل المرأة إذا ارتدت " .
قال الدارقطني : الخزري كذاب .
(2/260)
| 261 | الصول
708 - - مسألة - : ما أتلفته البهائم نهاراً ، فلا ضمان على صاحبها إذا لم يكن معها ، وما أتلفته ليلاً ، فضمانه عليه .
وقال أبو حنيفة : لا يضمن إلا أن يكون معها قائد ، أو سائق ، أو راكب ، أو يكون قد أرسلها .
أحمد ، نا محمد بن مصعب ، نا الأوزاعي - ق 162 - أ - / عن الزهري ، عن حرام بن محيصة ، عن البراء " أنه كانت له ناقة ضارية ، فدخلت حائطاً ، فأفسدت فيه ، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها ، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها ، وأن ما أصابت الماشية بالليل ، فهو على أهلها " .
709 - - مسألة - : ما أتلفته البهيمة برجلها وصاحبها راكبها لا يضمنه .
وقال مالك : لا يضمن ، سواء أتلفت بيدها أو رجلها ، إذا لم يكن من جهة من هو معها سبب .
وقال الشافعي : يضمن ما جنت بيدها ورجلها .
( خ ) همام ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " العجماء جبار ، والمعدن جبار ، والبئر جبار " .
سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله : " الرجل جبار " .
(2/261)
| 262 | قال الدارقطني : لم يتابع عليه ، وهو وهم ، رواه أبو صالح والأعرج ، وابن سيرين ومحمد بن زياد وغيرهم .
ولم يذكروا الرجل .
وتفرد آدم ، عن شعبة ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله : " الرجل جبار " .
العجماء : البهيمة .
وجبار : هدر .
710 - - مسألة - : إذا عض يد إنسان ، فانتزعها من فيه ، فسقطت أسنانه ، فلا ضمان عليه .
وقال مالك : يضمن .
لنا ( خ م ) شعبة ، نا قتادة ، سمعت زرارة ، عن عمران بن حصين قال : " قاتل يعلى بن أمية رجلاً ، فعض أحدهما يدي صاحبه ، فانتزع يده من فيه ، فانتزع ثنيته ، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل ، لا دية له " .
( خ م ) ابن جريج ، أنا عطاء ، أخبرني صفوان بن يعلى بن أمية ، عن أبيه قال : " قاتل أجيري رجلاً ، فعض يده ، فنزعها من فيه ، فأندر ثنيته ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأهدره ، وقال : فيدع يده في فيك تقضمها كما يقضمها الفحل ؟ ! " .
711 - - مسألة - : إذا اطلع في بيت إنسان على أهله ، فله أن يرمي عينه ، فإن فقأها فلا ضمان عليه .
وقال أبو حنيفة : يضمن .
( خ م ) الزهري ، عن سهل بن سعيد قال : " اطلع رجل من جحر في(2/262)
| 263 | حجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه مدرى يحك به رأسه ، فقال : لو أعلمك تنظر لطعنت به في عينك ، إنما جعل الاستئذان من أجل البصر " .
( خ م ) حماد بن زيد ، عن عبيد الله بن أبي بكر ، عن أنس " أن رجلا اطلع من بعض حجر ( النبي - صلى الله عليه وسلم - ) فقام - ق 162 - ب - / النبي بمشقص - أو مشاقص - فكأني أنظر إليه يختل الرجل ليطعنه " .
( خ م ) أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - : " لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن ، فحذفته بحصاة ، ففقأت عينه ، لم يكن عليك جناح " .
( م ) سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " من اطلع على قوم في بيتهم بغير إذنهم ، فقد حل لهم أن يفقئوا عينه " .
قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم ، ففقئوا عينه ، ولا دية ولا قصاص " .
رواه أحمد .
712 - - مسألة - : الختان واجب على الرجل ، وفي المرأة روايتان .
وقال أبو حنيفة ومالك : لا يجب .
( خ م ) أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : " اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعدما أتت عليه ثمانون سنة " .
(2/263)
| 264 | ابن جريج ، أخبرت عن عثيم بن كليب ، عن أبيه ، عن جده " أنه جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : قد أسلمت .
فقال : ألق عنك شعر الكفر " .
قال : وأخبرني آخر معه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لآخر : " ألق عنك شعر الكفر ، واختتن " .
قلت : هذا منقطع .
( س ) عبد الرحمن بن إسحاق ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : " خمس من الفطرة .
.
.
" فذكر منهن الختان .
حجاج بن أرطاة ، عن أبي المليح بن أسامة ، عن أبيه ؛ أن رسول الله قال : " الختان سنة للرجال ، مكرمة للنساء " .
حجاج ضعيف .
(2/264)
| 265 | السير
713 - - مسألة - : لا يستعان في الحرب بكافر .
وقال أبو حنيفة والشافعي : يستعان بهم .
وزاد الشافعي : إذا احتيج إليهم ، وحسن رأيهم في المسلمين .
أحمد ، ثنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر ، نا مالك ، عن الفضيل بن أبي عبد الله ، عن عبد الله بن نيار الأسلمي ، عن عروة ، عن عائشة " أن رجلا تبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أتبعك لأصيب معك .
فقال رسول الله : تؤمن بالله ورسوله ؟ قال : لا .
قال : فإنا لا نستعين بمشرك .
فقال له في المرة الثانية : تؤمن بالله - ق 163 - أ - / ورسوله ؟ قال : نعم .
قال : فانطلق .
فتبعه " .
رواه مسلم .
مستلم بن سعيد ، نا خبيب بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن جده قال : " أتيت رسول الله وهو يريد غزواً ، أنا ورجل من قومي - ولم نسلم - فقلنا : إنا نستحيي أن يشهد قومنا مشهداً لا نشهده معهم .
قال : أو أسلمتما ؟ قلنا : لا .
قال : فإنا لا نستعين بالمشركين .
فأسلمنا وشهدنا معه " .
احتجوا : ابن عيينة ، عن يزيد بن يزيد بن جابر ، عن الزهري " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعان بناس من اليهود في حربه ، فأسهم لهم " .
ابن المبارك ، عن حيوة بن شريح ، عن الزهري " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسهم ليهود غزوا معه مثل سهام المسلمين " .
(2/265)
| 266 | رواهما أبو داود في المراسيل .
قلت : مراسيل الزهري ضعيفة .
714 - - مسألة - : لا يقتل الشيخ الفاني ، ولا راهب ولا زمن ولا أعمى ، إلا أن يكون لهم رأي ونكاية ، خلافاً لقول للشافعي .
الليث ، عن نافع ، أن ابن عمر أخبره " أن امرأة وجدت في بعض معارك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - مقتولة - فأنكر ذلك ، ونهى عن قتل النساء والصبيان " .
صححه ( ت ) .
715 - - مسألة - : إذا استولى المشركون على أموال لنا ، لم يملكوها .
وقال أبو حنيفة ومالك : يملكونها .
لنا ( م ) أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين ، قال : كانت العضباء لرجل من عقيل ، وكانت من سوابق الحاج ، فأسر الرجل ، وأخذت العضباء معه ، فحبسها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرحله ، ثم إن المشركين أغاروا على سرح المدينة ، وكانت العضباء فيه ، وأسروا امرأة من المسلمين ، فكانوا إذا نزلوا أناخوا إبلهم بأفنيتهم ، فقامت المرأة ذات ليلة بعدما ناموا ، فجعلت كلما أتت على بعير رغا ، حتى أتت على العضباء ؛ ناقة ذلول ، فركبتها ، ثم وجهتها قبل المدينة ، ونذرت إن الله أنجاها عليها لتنحرنها ، فلما قدمت المدينة ، عرفت الناقة ، وقيل : ناقة(2/266)
| 267 | رسول الله .
فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بنذرها - أو أتته فأخبرته - فقال : " بئسما جزيتها ، إن الله نجاها عليها لتنحرنها " ثم قال : " ولا وفاء لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم " .
( د ) عبيد الله - ق 163 - ب - / عن نافع ، عن ابن عمر قال : ذهب فرس له فأخذها العدو ، فظهر عليهم المسلمون ، فرد عليه في زمن رسول الله ، وأبق عبد له ، فلحق بالروم ، فظهر عليهم المسلمون ، فرد عليه خالد بن الوليد بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
احتجوا بالحسن بن عمارة ، عن عبد الملك ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ما أحرز العدو ، فاستنقذه المسلمون : " إن وجده صاحبه قبل أن يقسم ، فهو أحق به ، وإن وجده قد قسم ؛ فإن شاء أخذه بالثمن " .
ابن عمارة متروك .
716 - - مسألة - : إذا نازل الإمام حصناً ، لم يجز أن يفتح البثوق ليغرقهم ، ولا يقطع أشجارهم ، إلا بأحد شرطين : أحدهما : أن يفعلوا بنا مثل ذلك .
أو يكون بنا حاجة إلى قطع ذلك .
وجوزه الشافعي مطلقاً .
روى أصحابنا " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث جيشاً ، قال : لا تغوروا عينا ، ولا تعقروا شجراً ، إلا شجراً يمنعكم من القتال " .
احتجوا بحديث نافع ، عن ابن عمر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرق نخل بني النضير وقطع ؛ وهي البويرة ، فأنزل الله : " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله " " .
(2/267)
| 268 | أحمد ، نا وكيع ، نا صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن أسامة بن زيد قال : " بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قرية يقال لها : أبنى ، فقال : ائتها صباحاً ، ثم حرق " .
(2/268)
| 269 | الغنيمة
717 - - مسألة - : يخير الإمام في الأسرى بين القتل والرق ، والفداء والمن .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز الفداء والمن .
لنا قوله تعالى : " فإما منا بعد وإما فداء " .
الليث ، حدثني المقبري ، سمع أبا هريرة يقول : " بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلاً قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له : ثمامة بن أثال ، سيد أهل اليمامة ، فربطوه بسارية ، فخرج إليه رسول الله ، فقال له : ما عندك يا ثمامة ؟ قال : عندي يا محمد خير ؛ إن تقتل - تقتل - ذا دم ، وإن تنعم تنعمْ على شاكر ، وإن كنت تريد المال ، فسل تعط منه ما شئت ، فتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان الغد ، - ق 164 - أ - / فقال له : ما عندك يا ثمامة ؟ قال : ما قلت لك .
فتركه حتى كان بعد الغد ، فقال : ما عندك يا ثمامة ؟ فأعاد ذلك القول ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : انطلقوا بثمامة .
فانطلق به إلى نخل قريب من المسجد ، فاغستل ، ثم دخل المسجد فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله " .
وقد من النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي عزة الجمحي ، وفدى الأسارى يوم بدر .
( د ) عن أبي الشعثاء ، عن ابن عباس " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة " .
أحمد ، نا علي بن عاصم ، عن حميد ، عن أنس قال : " استشار النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس في الأسارى يوم بدر ، فقال أبو بكر : نرى أن تعفو عنهم ، وتقبل منهم(2/269)
| 270 | الفداء ، فعفا عنهم ، وقبل منهم الفداء " .
( ت ) أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عمه ، عن عمران " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فدى رجلاً من المشركين برجل " .
718 - - مسألة - : السلب للقاتل .
وعنه : لا يستحقه إلا أن يشترط له ذلك .
وقال مالك : يستحق بالشرط ، ويكون محسوباً من خمسِ الخُمسِ .
( خ م ) مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمر بن كثير بن أفلح ، عن أبي محمد مولى أبي قتادة ، عن أبي قتادة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من قتل قتيلاً له عليه بينة ، فله سلبه " .
أحمد ، نا أبو المغيرة ، نا صفوان بن عمرو ، نا عبد الرحمن بن جبير ، عن أبيه ، عن عوف بن مالك وخالد بن الوليد " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يخمس السلب " .
719 - - مسألة - : يصح أمان العبد .
وقال أبو حنيفة : لا ، إلا أن يأذن له السيد في القتال .
الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، قال : " خطبنا علي فقال : من زعم أن عندنا شيئاً نقرؤه إلا كتاب الله ، وهذه الصحيفة - صحيفة فيها أسنان الإبل ، وأشياء من الجراحات - فقد كذب .
وفيها : وذمة الله واحدة ، يسعى بها أذناهم " .
(2/270)
| 271 | سليمان بن بلال ، عن كثير بن زيد ، عن الوليد بن رباح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يجير على أمتي أدناهم " .
رواه أحمد .
( م ) أبو صالح ، عن أبي هريرة مرفوعاً : " ذمة المسلمين واحدة ، يسعى بها أدناهم " .
عاصم الأحول ، عن فضيل بن زيد " أن عبدا أمَّن قوماً ، فأجازه عمر " .
رواه سعيد في " سننه " .
(2/271)
| 272 | الخيل
720 - - مسألة - : - ق 164 - ب - / للفارس ثلاثة أسهم .
وقال أبو حنيفة : سهمان .
ابن المبارك ، نا فليح بن محمد ، عن المنذر بن الزبير ، عن أبيه " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى الزبير سهما ، وفرسه سهمين " .
محمد بن حمران ، حدثني عبد الله بن بسر ، عن أبي كبشة الأنماري قال : " لما فتح رسول الله مكة ، كان الزبير على المجنبة اليسرى ، وكان المقداد على المجنبة اليمنى ، فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة ، وهدأ الناس خلا بفرسيهما ، فقام رسول الله يمسح الغبار عنهما ، وقال : إني قد جعلت للفرس سهمين ، وللفارس سهماً ، فمن نقصهما نقصه الله " .
قلت : عبد الله بن بسر هو الحبراني ؛ ضعفوه .
وقال النسائي : ليس بثقة .
قيس بن الربيع ، عن محمد بن علي ، عن أبي حازم ، عن أبي رهم قال : " غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وأخي ، ومعنا فرسان ، فأعطانا ستة أسهم " .
رواه الدارقطني .
قلت : قيس ضعيف .
أبو أسامة ، نا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : " أسهم رسول الله للفرس سهمين ، ولصاحبه سهماً " .
(2/272)
| 273 | فاحتجوا : أحمد ، نا إسحاق بن عيسى ، نا مجمع بن يعقوب ، سمعت أبي يحدث عن عمه عبد الرحمن بن يزيد ، عن عمه مجمع بن جارية قال : " قسم رسول الله خيبر ؛ فأعطى الفارس سهمين ، وأعطى الراجل سهما " .
قال أبو داود : فيه وهم .
وابن نمير ، نا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل للفارس سهمين ، وللراجل سهماً " .
رواه أبو بكر النيسابوري ، عن الرمادي ، عن أبي بكر بن أبي شيبة عنه ، ثم قال : وهم ابن أبي شيبة ، أو الرمادي ؛ لأن أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن بشير وغيرهما رووه عن ابن نمير بخلاف هذا .
قال : ورواه نعيم بن حماد ، عن ابن المبارك ، عن عبيد الله كابن أبي شيبة ، فلعل الوهم من نعيم .
721 - - مسألة - : يسهم لفرسين .
وقال أكثرهم : لا يسهم لأكثر من واحد .
سعيد بن منصور ، نا ابن عياش ، عن الأوزاعي " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسهم للخيل ، وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين وإن كان معه عشرة - ق 165 - أ - / أفراس " .
سعيد ، نا فرج بن فضالة ، نا الزبيدي ، عن الزهري " أن عمر كتب إلى أبي عبيدة ؛ أن أسهم للفرس سهمين ، وللفرسين أربعة أسهم ، ولصاحبها سهماً ؛ فذلك خمسة أسهم ، وما كان فوق الرسفين فهو جنائب " .
(2/273)
| 274 | 722 - - مسألة - : لا يفرق في السبي بين كل ذي رحم محرم .
وقال أكثرهم : يجوز .
مع اختلاف قولهم في البيع كما مر .
وحديث أبي موسى : " لعن الله من فرق بين والدة وولدها " .
723 - - مسألة - : إذا عدم أبوا الطفل أو أحدهما حكم بإسلامه ، خلافاً للأكثر .
( خ م ) همام ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من مولود يولد إلا على الفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه " .
724 - - مسألة - : إذا غل ، أحرق رحله إلا السلاح والمصحف والحيوان .
وقال أكثرهم : لا يجوز .
الدراوردي ، نا صالح بن محمد بن زائدة ، عن سالم بن عبد الله " أنه كان مع مسلمة في أرض الروم ، فوجد في متاع رجل غلول ، فسأل سالماً فقال : حدثني عبد الله عن عمر ، أن رسول الله قال : من وجدتم في متاعه غلولاً فأحرقوه - قال : وأحسبه قال : واضربوه - قال : فأخرج متاعه إلى السوق ، فوجد فيه مصحف ، فسأل سالماً ، فقال : بعه وتصدق بثمنه " .
صالح ضعفه يحيى والدارقطني وقال : لم يتابع عليه ، ولا أصل له .
وقال أحمد : ما أرى بصالح بأساً .
725 - - مسألة - : هدايا الأمراء كبقية أموال الفيء ؛ لا يختصمون بها .
(2/274)
| 275 | وعنه : يختصون - كقول أبي حنيفة .
( خ م ) الزهري ، عن عروة ، عن أبي حميد الساعدي قال : " استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يقال له : ابن اللتبية على صدقة ، فجاء فقال : هذا لكم ، وهذا أهدي لي - فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر ، فقال : ما بال العامل نبعثه ، فيقول : هذا لكم ، وهذا أهدي لي - أفلا جلس في بيت أبيه وأمه ، فينظر أيهدي إليه أم لا ، والذي نفسي بيده لا يأتي أحد منكم منها بشيء إلا جاء به يوم القيامة على رقبته " .
أحمد ، ثنا إسحاق بن عيسى ، نا إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن سعيد ، عن عروة ، عن أبي حميد الساعدي ، أن رسول الله - ق 165 - ب - / - صلى الله عليه وسلم - قال : " هدايا العمال غلول " .
ويروى عن ابن عباس مرفوعاً : " هدايا الأمراء غلول " .
(2/275)
| 276 | الأراضي
726 - - مسألة - : مكة فتحت عنوة .
وعنه : صلحا - كقول الشافعي .
لنا ( خ م ) الليث ، عن المقبري ، عن أبي شريح ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه قال من الغد من يوم فتح مكة : إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس ، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً ، ولا يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله فقولوا : إن الله أذن لرسوله ، ولم يأذن لكم ، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، فليبلغ الشاهد الغائب " .
( خ م ) الأوزاعي ، حدثني يحيى ، نا أبو سلمة ، حدثني أبو هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله حبس عن مكة الفيل ، وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنها لا تحل لأحد من بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار " .
( م ) سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، نا عبد الله بن رباح ، عن أبي هريرة " أنه ذكر فتح مكة ، فقال : أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فدخل مكة ، فبعث الزبير على أحد المجنبتين ، وبعث خالداً على المجنبة الأخرى ، وبعث أبا عبيدة على الجسر ، فأخذوا بطن الوادي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتيبته ، وقد وبشت قريش أوباشها ، وقالوا : نقدم هؤلاء ؛ فإن كان لهم شيء كنا معهم ، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا .
قال أبو هريرة : ففطن فقال لي : يا أبا هريرة .
قلت : لبيك يا رسول الله .
قال : " اهتف لي بالأنصار ، ولا يأتني إلا أنصاري .
فهتفت بهم فجاءوا ، فأطافوا به ، فقال :(2/276)
| 277 | " ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم ، ثم قال بيده إحداهما على الأخرى .
احصدوهم حصداً حتى توافوني بالصفا .
قال أبو هريرة : فانطلقا - ق 166 - أ - / فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم ما شاء ، فقال أبو سفيان : أبيحت خضراء قريش ، لا قريش بعد اليوم .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل دار أبو سفيان فهو آمن .
فغلق الناس أبوابهم ، فأقبل رسول الله إلى الحجر فاستلمه ، ثم طاف بالبيت وفي يده قوس آخذ بسيته ، فأتى في طوافه على صنم إلى جنب البيت يعبدونه ، فجعل يطعن بها في عينه ، ويقول : جاء الحق وزهق الباطل .
ثم أتى الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت ، فرفع يديه ، فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه " .
محمد بن الحسن بن زبالة ، نا مالك ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قال رسول الله : " فتحت القرى بالسيف ، وفتحت المدينة بالقرآن " .
قال أحمد : هذا حديث منكر ، إنما هذا من قول مالك ، وقد رأيت هذا الشيخ - يعني : ابن زبالة - وكان كذاباً .
727 - - مسألة - : يجوز بيع رباع مكة ، كقول الشافعي .
وعنه : لا .
وهذا مبني على الصلح والعنوة ؛ فإن قلنا : فتحت عنوة .
صارت وقفاً على المسلمين .
وإن قلنا : صلحاً .
فهي باقية على أهلها .
728 - - مسألة - : إذا ملكت الأرض عنوة ، الإمام مخير بين قسمتها بين الغانمين وبين وقفيتها .
وعنه : يجب قسمتها - كقول مالك .
وقال أبو حنيفة : يخير بين قسمتها ، بين إقرارها على أهلها بالخراج ، وبين صرفهم عنها ، ويأتي بقوم آخرين يضرب عليهم الخراج ، وليس له أن يقفها .
(2/277)
| 278 | ( د ) أسد بن موسى ، نا يحيى بن زكريا ، عن سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن بشير بن يسار ، عن سهل بن أبي حثمة قال : قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر نصفين : نصف لنوائبه وحاجته ، ونصف بين المسلمين ، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهماً " .
729 - - مسألة - : يجوز إخراج النفل من أربعة أخماس الغنيمة .
وقال مالك : والشافعي : يكون من خُمسِ الخُمْسِ الذي للمصالح .
( خ م ) أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن رسول الله بعث سرية إلى نجد ، فبلغت سهامهم اثني عشر بعيراً ، ونفلنا رسول الله بعيراً بعيراً " .
العلاء بن الحارث ، عن - ق 166 - ب - / مكحول ، عن زياد بن جارية ، عن حبيب بن مسلمة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفل الربع بعد الخمس في بداءته ، ونفل الثلث بعد الخمس في رجعته " .
730 - - مسألة - : ما فضل من مال الفيء عن المصالح ، فإنه لجميع الأمة ؛ غنيهم وفقيرهم .
وقال الشافعي : يختص بالمصالح .
الزهري : عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : قال عمر : " إن الله خص نبيه من هذا الفيء بشيء لم يعطه غيره ، فقال : " ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب " فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، والله ما استأثر بها عليكم ، ولا احتازها دونكم ، وكان ينفق على أهله منه سنة ، ثم يجعل ما بقي منه مجعل مال الله - عز وجل " .
وجه الحجة ؛ أن الآيات استوعبت كل الناس .
(2/278)
| 279 | الجزية
731 - - مسألة - : المجوس لا كتاب لهم ، خلافاً لأحد قولي الشافعي .
( د ) محمد بن بلال ، عن عمران القطان ، عن أبي جمرة ، عن ابن عباس قال : " إن أهل فارس لما مات نبيهم ، كتب لهم إبليس المجوسية " .
الشافعي ، نا سفيان ، عن سعيد بن المرزبان ، عن نصر بن عاصم قال : قال فروة بن نوفل : " علام تؤخذ الجزية من المجوس وليسوا بأهل كتاب ؟ فقام إليه المستورد ، فأخذ بلببه وقال : يا عدو الله ، تطعن على أبي بكر ، وعمر ، وعلي ، وقد أخذوا منهم الجزية .
فذهب به إلى القصر ، فخرج عليهم علي ، فقال ابتداءً : أنا أعلم الناس بالمجوس ؛ كان لهم علم يعلمونه ، وكتاب يدرسونه ، وإن ملكهم سكر ، فوقع على بنته - أو أمه - فاطلع عليه بعض أهل مملكته ، فلما ضحى جاءوا يقيمون عليه الحد ، فامتنع منهم ، فدعا أهل مملكته ، فقال : تعلمون ديناً خيراً من دين آدم ، قد كان آدم ينكح بنيه من بناته ، فأنا على دين آدم ، وما نرغب بكم عن دينه .
فبايعوه وقاتلوا من خالفهم حتى قتلوهم فأصبحوا وقد أسري على كتابهم ، فرفع وذهب العلم الذي في صدورهم ، وهم - أهل - كتاب ، وقد أخذ رسول الله ، وأبو بكر وعمر منهم الجزية " .
- ق 167 - أ - / سعيد ضعف .
مالك ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه " أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس ، فقال : ما أدري ما أصنع في أمرهم ؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف :(2/279)
| 280 | أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : سنوا بهم سنة أهل الكتاب " .
ابن عيينة ، عن عمرو ، سمع بجالة يقول : " لم يكن عمر قبل الجزية من المجوس حتى شهد ابن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر " .
732 - - مسألة - : إذا مر حربي بتجارة أخذ منه العشر ، وإن كان ذميا نصف العشر .
وقال أبو حنيفة : لا يؤخذ منهم إلا إن كانوا يأخذون منا .
وقال مالك : يؤخذ منهم إذا باعوا أمتعتهم .
وقال الشافعي : إن شرط عليهم ، جاز أخذه .
أحمد ، نا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن حرب بن هلال ، عن أبي أمية - رجل من تغلب - أنه سمع رسول الله يقول : " ليس على المسلمين عشور ، إنما العشور على اليهود والنصارى " .
عبد السلام بن حرب ، عن عطاء ، عن حرب بن عبيد الله الثقفي ، عن جده ، - رجل من بني تغلب - قال : " أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأسلمت ، وعلمني الإسلام ، وعلمني كيف آخذ الصدقة من قومي ، فقلت : يا رسول الله ، أعشرهم ؟ قال : لا ، إنما العشور على النصارى واليهود " .
733 - - مسألة - : إذا ذكر الذمي الله ورسوله وكتبه بما لا ينبغي ، نقض عهده .
وقال أبو حنيفة : لا ينتقض بذلك .
( د ) إسماعيل بن جعفر ، نا إسرائيل ، عن عثمان الشحام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس " أن أعمى كان على عهد رسول الله ، وكان له أم ولد كانت تشتم(2/280)
| 281 | رسول الله فيزجرها وينهاها فلا تنتهي ، فلما كانت ذات ليلة ، وقعت في النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذ المعول ، فوضعه في بطنها ، واتكأ عليه فقتلها ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فجمع الناس وناشدهم ، فأقبل الأعمى يتزلزل ، فقال : أنا صاحبها ، كانت تشتمك ، وتقع فيك .
.
.
.
" الحديث .
فقال : " اشهدوا أن دمها هدر " .
( س ) شعبة ، عن توبة العنبري ، عن عبد الله بن قدامة ، عن أبي برزة ، قال : " أغلظ رجل لأبي بكر الصديق ، فقلت : أقتله .
فانتهرني ، وقال : ليس هذا لأحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
734 - - مسألة - : - ق 167 - ب - / إذا عاقدهم الإمام : من جاءنا من الرجال مسلما ، رد إليهم ، أو صالحهم على مال يعطيهم ، لزمه الوفاء .
وقال الشافعي : لا يلزمه إلا أن يكون من جاءه مسلما له عشيرة تمنع منه ، فيرده .
( خ ) عروة ، عن المسور ومروان قالا : " خرج رسول الله زمن الحديبية ، وكتبوا بينهم كتاباً ، ورد أبا جندل ، ورجع إلى المدينة ، فجاءه أبو بصير ، فرده " .
735 - - مسألة - : يمنع الذمي من استيطان الحجاز .
وجوزه أبو حنيفة .
( ت ) ابن جريج ، أنا أبو الزبير ، سمع جابراً يقول : أخبرني عمر أنه سمع رسول الله يقول : " لأخرجن النصارى واليهود من جزيرة العرب ، فلا أترك فيها إلا مسلماً " .
(2/281)
| 282 | صححه ( ت ) .
736 - - مسألة - : ما تشعث من البيع والكنائس أو انهدم لم يبن .
وهذه الرواية اختيار أبي سعيد الإصطخري ، وابن أبي هريرة من الشافعية .
وعنه : يجوز - كقول أكثر الفقهاء .
وعنه : يعمر ما تشعث .
ويروى عن عمر مرفوعاً : " لا تبنى كنيسة في الإسلام ، ولا يجدد ما خرب منها " .
قلت : لم يصح .
(2/282)
| 283 | الصيد
737 - - مسألة - : الكلب إذا أكل من الصيد لم يبح .
وعنه : يباح - كقول مالك .
وعن الشافعي قولان .
( خ م ) شعبة ، عن ابن أبي السفر ، عن الشعبي ، عن عدي بن حاتم : " سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إذا أرسلت كلبك المعلم فقتل فكل ، فإذا أكل فلا تأكل ، فإنما أمسكه على نفسه " .
ولهم : حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده " أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له : أبو ثعلبة - فقال : يا رسول الله ، إن لي كلاباً مكلبة ، فأفتني في صيدها .
قال : كل ما أمسكن عليك .
قال : ذكي وغير ذكي ؟ قال : ذكي وغير ذكي .
قال : وإن أكل منه ؟ قال : وإن أكل منه .
قال : يا رسول الله ، أفتني في قوسي ؟ قال : كل ما رد عليك .
قال : ذكي وغير ذكي ؟ قال : ذكي وغير ذكي .
قال : وإن تغيب عني ؟ قال : وإن تغيب عنك ، ما لم يضل ، أو تجد فيه أثراً غير سهمك " .
رواه الدارقطني .
738 - - مسألة - : إذا قتل الكلب بصدم ونحوه فمات لم يحل ، خلافاً لأحد قولي الشافعي .
(2/283)
| 284 | ( خ م ) الثوري ، حدثني أبي ، عن عباية بن رافع ، عن جده رافع - ق 168 - أ - / قلت : " يا رسول الله ، إنا لاقو العدو غداً ، وليست معنا مدى .
قال : ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله عليه فكل ، ليس السن والظفر ، وسأحدثك ؛ أما السن فعظم ، وأما الظفر فمدى الحبش " .
739 - - مسألة - : لا يباح صيد الكلب الأسود البهيم ، خلافاً لأكثرهم .
يونس ، عن الحسن ، عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها ، فاقتلوا منها الأسود البهيم " .
فقتله يقتضي النهي عن إمساكه ، وتعليمه .
740 - - مسألة - : إذا أصاب صيداً بالرمي فغاب عنه ثم وجده ميتاً حل وعنه : إن وجده في يومه حل ، وإن بات لم يحل .
وعنه : إن كانت الإصابة موحية حل .
وإلا فلا .
وهكذا إذا - أرسل - كلبه ، فغاب عنه ، ثم وجده قتيلاً .
وقال أبو حنيفة : إن اشتغل بطلبه حل ، وإلا فلا .
وقال الشافعي في أحد القولين : لا يحل بحال .
لنا حديث عمرو بن شعيب .
وحديث أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن عدي بن حاتم قال : " سألت رسول الله قلت : يرمي أحدنا الصيد فيغيب عنه ليلة أو ليلتين ، فيجده وفيه سهمه ؟(2/284)
| 285 | قال : إذا وجدت سهمك ، ولم تجد فيه أثر غيره ، وعلمت أن سهمك قتله ، فكله " .
صححه الترمذي .
وفي لفظ : " ولم تر فيه أثر سبع ، فكل " .
ثم ساق من طريق عاصم الأحول ، عن الشعبي ، عن عدي : " سألت رسول الله عن الصيد ، فقال : إذا رميت بسهمك ، فاذكر اسم الله ، فإن وجدته قد قتل ، فكل إلا أن تجده قد وقع في ماء ، فلا تأكل ؛ فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك " .
صححه ( ت ) .
وأخرجه الدارقطني من طريق عباد بن عباد ، عن عاصم ، ولفظه : " إني أصيب بسهمي ، فلا أقدر عليه إلا بعد يوم أو يومين ؟ فقال : إذا قدرت عليه ، وليس فيه أثر ولا خدش إلا رميك ، فكل ، وإن وجدت فيه أثراً غير رميتك ، فلا تأكله ، فإنك لا تدري أنت قتلته أو غيرك " .
741 - - مسألة - : إذا توحش الإنسي ، كالفرس - ق 168 - ب - / والبعير ، فذكاته حيث جرح من بدنه .
وكذا إن تردى في بئر .
وقال مالك .
لا تجوز ذكاته إلا في الحلق واللبة .
( خ م ) الثوري ، نا أبي ، عن عباية ، عن جده رافع بن خديج قال : " - أصبنا - نهب إبل ، فند منها بعير ، فرماه رجل بسهم فحبسه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن - لهذه - الإبل أوابد كأوابد الوحش ، فإذا غلبكم منها شيء ، فافعلوا به هكذا " .
(2/285)
| 286 | 742 - - مسألة - : متروك التسمية لا يحل ، وإن سها عنها .
وعنه : إن تركها عمداً لم يحل .
وهو قول أبي حنيفة ومالك .
وعنه : إن نسيها على السهم حلت ، فأما على الكلب والفهد فلا .
وقال الشافعي : تحل وإن تعمد تركها .
لنا قوله : " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " .
وحديث رافع بن خديج : " ما أنهر الدم ، وذكر اسم الله عليه فكل " .
وحديث ( خ م ) شعبة ، عن أبي السفر ، عن الشعبي ، عن عدي بن حاتم ، قلت : يا رسول الله ، أرسل كلبي ، فأجد معه كلباً ؟ قال : فلا تأكل ، فإنما سميت على كلبك ، ولم تسم على كلب آخر " .
معمر ، عن عاصم بن سليمان ، عن الشعبي ، عن عدي ، قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : " كل ما أمسك عليك كلبك ، وإن قتل ، فإن أكل منه فلا تأكل ؛ فإنه إنما أمسك على نفسه " .
فاحتجوا ( خ ) نا محمد بن عبيد الله ، نا أسامة بن حفص ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة " أن قوماً قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن قوماً يأتونا باللحم ، لا ندري أذُكِرَ اسم الله عليه أم لا ؟ قال : سموا عليه أنتم وكلوه .
قالت : وكانوا حديثي عهد بالكفر " .
تفرد به ( خ ) .
فالظاهر تسميتهم .
(2/286)
| 287 | مروان بن سالم ، عن الأوزاعي ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة " سأل رجل فقال : يا رسول الله ، أرأيت الرجل منا يذبح ، وينسى أن يسمي الله ؟ فقال : اسم الله على فم كل مسلم " .
مروان متروك .
الدارقطني ، نا المحاملي ، نا أبو حاتم ، نا محمد بن يزيد ، نا معقل ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " المسلم إن نسي أن يسمي حين يذبح ، فليسم وليتذكر اسم الله ، ثم ليأكل " .
وفي مراسيل أبي داود من طريق ثور بن يزيد ، عن الصلت ، قال رسول الله - ق 169 - أ - / - صلى الله عليه وسلم - : " ذبيحة المسلم حلال ، ذكر اسم - الله - أو لم يذكر " .
743 - - مسألة - : لا يشرع عند الاصطياد والذبح الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
واستحبه الشافعي .
وقد روى أصحابنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " موطنان لاحظ لي فيهما : عند العطاس ، والذبح " .
(2/287)
| 288 | فارغة .
(2/288)
| 289 | الذبائح
744 - - مسألة - : لا تجوز تذكية بالسن والظفر .
وجوزها إذا كانا منفصلين أبو حنيفة .
وعن مالك الجواز بالسن والعظم .
لنا حديث رافع المذكور ؛ وفيه : " وسأحدثك : أما السن فعظم ، وأما الظفر فمدى الحبشة " .
745 - - مسألة - : يجزئ في الذكاة قطع الحلقوم والمريء .
وعنه : لا بد معهما من الودجين .
وبه قال مالك .
فالحلقوم مجرى النفس ، والمريء مجرى الطعام ، والودجان عرقان محيطان بالحلقوم .
وقال أبو حنيفة : يجزئ قطع ثلاثة من الأربعة .
سعيد بن سلام ، نا عبد الله بن بديل ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة قال : " بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بديل بن ورقاء على جمل أورق ؛ يصيح في فجاج منى : ألا إن الذكاة في الحلق واللبة " .
قلت : سعيد ليس بثقة .
ورواه الدارقطني .
746 - - مسألة - : لا تحل ذبائح نصارى العرب .
(2/289)
| 290 | وجوزها أبو حنيفة .
روى أصحابنا لابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذبائح نصارى العرب " .
قلت : لم يصح .
هشيم ، عن يونس ، عن محمد ، عن عبيدة ، عن علي قال : " لا تأكلوا من ذبائح نصارى بني تغلب ؛ فإنهم لم يتمسكوا من النصرانية بشيء إلا بشرب الخمر " .
747 - - مسألة - : الجراد إذا مات بلا سبب حل أكله .
وقال مالك : لا يحل إلا أن يموت بسبب ، نحو أن تقطف رأسه ، أو يقع في نار .
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، قال رسول الله : " أحلت لنا ميتتان ودمان : الحوت والجراد ، والكبد والطحال " .
رواه أحمد .
ويروى عن عطاء بن - ق 169 - ب - / يسار ، عن أبي سعيد مرفوعاً .
748 - - مسألة - : يحل السمك الطافي ، خلافاً لأبي حنيفة .
( م ) زهير ، نا أبو الزبير ، عن جابر قال : " بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ وأمر علينا أبا عبيدة ، وزودنا جراباً من تمر لم يجد لنا غيره ، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة ، فرفع لنا على ساحل البحر على هيئة الكثيب الضخم ؛ فإذا هو دابة تدعى العنبر ، فأكلنا منه حتى سمنا ، فلما قدمنا أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فذكرنا ذلك له ، فقال : " هل معكم من لحمه شيء ، فتطعمونا ؟ فأرسلنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه ، فأكله " .
(2/290)
| 291 | فاحتجوا بإسماعيل بن عياش ، عن عبد العزيز بن عبيد الله ، عن وهب بن كيسان ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " كلوا ما حسر عنه البحر وما ألقى ، وما وجدتموه ميتاً أو طافياً فوق الماء ، فلا تأكلوه " .
قال الدارقطني : عبد العزيز ضعيف .
وقال النسائي : متروك .
أبو بكر النيسابوري ، ثنا محمد بن علي الكوفي ، نا أبو أحمد الزبيري ، نا سفيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا طفا فلا تأكله ، وإذا جزر عنه فكله ، وما كان على حافتيه فكله " .
قال الدارقطني : لم يسنده غير أبي أحمد .
ورواه وكيع وعبد الرزاق ومؤمل ، عن الثوري موقوفاً .
ورواه أيوب ، وابن جريج ، وجماعة ، عن أبي الزبير موقوفاً .
( د ) يحيى بن سليم ، نا إسماعيل بن أمية ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما ألقى البحر أو جزر عنه فكلوه ، وما مات وطفا فلا تأكلوه " .
إسماعيل بن أمية متروك .
قلت : بل ثقة باتفاق ، لكن الصحيح وقفه .
749 - - مسألة - : الجنين يتذكى بالأم ، خلافاً لأبي حنيفة .
وقال مالك كقولنا ؛ إن خرج وقد كمل خلقه ونبت شعره ، وكقولهم إذا لم يكن كذلك .
لنا : يونس بن أبي إسحاق - عن مجالد - عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد ،(2/291)
| 292 | قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ذكاة الجنين ذكاة أمه " .
مجالد ، عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد " قال رسول الله - وسألناه عن الجنين يكون في بطن الناقة أو البقرة أو الشاة ، فقال : كلوه إن شئتم ؛ فإن ذكاته ذكاة أمه " .
رواهما - ق 170 - أ - / أحمد .
مبارك بن مجاهد ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الجنين : " ذكاته ذكاة أمه ، أشعرَ أو لم يشعر " .
الصواب أن ذا قول ابن عمر .
قاله الدارقطني .
قلت : مبارك ضعف .
750 - - مسألة - : السنة نحر الإبل ، ويجوز الذبح .
وقال داود : لا يجوز .
وعن مالك كالمذهبين .
لنا حديث : " لا ذكاة إلا في الحلق أو اللبة " .
751 - - مسألة - : لا يحل أكل الثعلب .
وعنه : يحل ، وتحل الضبع .
وقال أبو حنيفة : لا يحلان .
ابن جريج ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن ابن أبي عمار قال : " قلت(2/292)
| 293 | لجابر : الضبع صيد هي ؟ قال : نعم .
قلت : فنأكلها ؟ قال : نعم .
قلت : أقاله رسول الله ؟ قال : نعم " .
صححه ( ت ) .
752 - - مسألة - : ويحل الضب ، وفي اليربوع روايتان .
وقال أبو حنيفة : لا يحل .
( خ م ) يونس ، عن الزهري ، أخبرني أبو أمامة بن سهل ، أن ابن عباس أخبره " أن خالد بن الوليد أخبره أنه دخل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ميمونة ، فوجد عندها ضبا محنوذا ، فقدمت الضب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهوى إليه ، فقالت امرأة : أخبرن رسول الله ما قدمتن إليه .
قلن : هو الضب .
فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده ، فقال خالد : أحرام الضب يا رسول الله ؟ قال : لا ، ولكن لم يكن بأرض قومي ، فأجدني أعافه .
قال خالد : فاجتررته ، فأكلته ، ورسول الله ينظر إلي ، فلم ينهني " .
شعبة ، عن قتادة ، عن سليمان ، عن جابر ؛ أن عمر قال : " إن نبي الله لم يحرم الضب ، ولكنه قذره " .
753 - - مسألة - : يحل الفرس .
وقال أبو حنيفة : لا يحل .
( خ م ) حماد بن زيد ، نا عمرو بن دينار ، عن محمد بن علي ، عن جابر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر ، وأذن في لحوم الخيل " .
(2/293)
| 294 | ( خ م ) هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر : عن أسماء قالت : " نحرنا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرساً ، فأكلناه " .
ولهم : صالح بن يحيى بن المقدام بن معديكرب ، عن أبيه ، عن جده ، عن خالد بن الوليد قال : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير " .
قال أحمد : هذا حديث منكر .
وقال الدارقطني : هذا حديث ضعيف .
754 - - مسألة - : - ق 170 - ب - / يحرم البغل والحمار الأهلي .
وقال مالك : لا يحرم ، بل يكره .
لنا حديث خالد المتقدم ، وحديث : ( خ م ) أبي ثعلبة قال : " حرم رسول الله لحوم الحمر الأهلي " .
أحمد ، نا زكريا بن عدي ، نا بقية ، عن بحير ، عن خالد بن معدان ، عن جبير بن نفير ، عن أبي ثعلبة قال : " غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر ، فأصبنا بها حمراً من الحمر الإنسية فذبحناها ، فأخبر رسول الله ، فأمر عبد الرحمن بن عوف ، فنادى في الناس : إن لحوم الحمر الأهلية لا تحل لمن شهد أني رسول الله " .
أحمد ، نا معاوية بن عمرو ، نا زائدة ، نا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع ، والحمار الإنسي " .
عكرمة بن عمار ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن جابر : " حرم رسول الله(2/294)
| 295 | - صلى الله عليه وسلم - الحمر الإنسية ، ولحوم الثعالب ، وكل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير " .
أحمد نا - يعقوب - ، نا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني عبدالله بن عمرو بن ضمرة الفزاري ، عن عبد الله بن أبي سليط ، عن أبيه قال : أتانا نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الحمر الإنسية والقدور تفور بها ، فكفأناها على وجوهها " .
( خ م ) شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء : " أصبنا يوم خيبر حمراً ، فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن اكفئوا القدور " .
سفيان ، عن عمرو ، عن جابر : " أطعمنا رسولُ الله لحوم الخيل ، ونهانا عن لحوم الحمر " .
هذا حديث صحيح ، وقد مر في رواية حماد ، عن عمرو ، عن محمد بن علي .
قال البخاري : سفيان أحفظ .
( س ) ابن عيينة ، عن أيوب ، عن محمد ، عن أنس قال : " أتانا منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن الله ورسوله ينهيانكم على لحوم الحمر ؛ فإنها رجس " .
(2/295)
| 296 | 755 - - مسألة - : الحيوان ذو الناب كالأسد والذئب والنمر والفهد حرام ، وكذلك ما له مخلب ، كالبازي والشاهين والعقاب .
وقال مالك : يكره .
لنا ما تقدم .
وأبو بشر ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس قال : " نهى رسول الله عن كل ذي ناب من السبع ، وعن كل ذي مخلب من الطير " .
حسين المعلم ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كل ذي ناب من السبع ، وذي مخلب من الطير ، وعن لحم الحمر الأهلية ، وعن عسب الفحل " .
- ق 171 - أ - / ( م ) مالك ، عن إسماعيل بن أبي حكيم ، عن عبيدة بن سفيان ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " كل ذي ناب من السباع فأكله حرام " .
رواه ابن مهدي عنه .
756 - - مسألة - : المستخبث من الطير كالنسر والرخم ، والغراب الأبقع والغراب الأسود الكبير حرام .
وقال مالك : يحل .
لنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " خمس لا جناح على من قتلهن .
.
.
" .
فذكر منهن الغراب كما مر في الحج .
757 - - مسألة - : ويحرم القنفذ ، وابن عرس .
(2/296)
| 297 | وقال مالك والشافعي ، يباح .
سعيد ، نا الدراوردي ، حدثني عيسى بن ثميلة الفزاري ، عن أبيه قال : " كنت عند ابن عمر ، فسأله رجل عن أكل القنفذ ، فقال شيخ عنده : سمعت أبا هريرة يقول : ذكر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : خبيثة من الخبائث .
فقال ابن عمر : إن كان رسول الله قاله ، فهو كما قاله " .
758 - - مسألة - : كل ما يعيش في البحر حلال ، إلا الضفدع ، والتمساح ، والكوسج .
وقال أبو حنيفة : لا يحل إلا السمك .
وقال مالك : يحل كله .
لنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " الحل ميتته " كما مضى في المياه .
ابن أبي ذئب ، عن سعيد بن خالد ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الرحمن ابن عثمان قال : " ذكر طبيب عند النبي - صلى الله عليه وسلم - دواء ، فذكر الضفدع يجعل فيه ، فنهى رسول الله عن قتل الضفدع " .
شبابة ، نا حمزة ، عن عمر بن دينار ، عن جابر ، قال رسول الله : " ما من دابة في البحر إلا قد ذكاها الله لبني آدم " .
فهير بن زياد ، عن إبراهيم بن يزيد الخوزي ، عن عمرو بن دينار ، عن عبد الله ابن سرجس ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ذبح كل نون في البحر لبني آدم " .
رواهما الدارقطني .
قلت : هما ضعيفان .
(2/297)
| 298 | 759 - - مسألة - : تحرم الجلالة ولبنها وبيضها ؛ ما لم تحبس ؛ فالطائر ثلاثة أيام ، والدابة أربعين .
وعنه : ثلاثاً ، والبقر ثلاثين ، والغنم سبعة ، والدجاج ثلاثة .
وقال أكثرهم : لا تحرم .
( لنا ) : قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبن الشاة الجلالة " .
ابن إسحاق ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الجلالة وألبانها " .
رواه الترمذي .
- ق 171 - ب - / إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ، حدثني أبي ، عن عبد الله بن باباه ، عن عبد الله بن عمرو قال : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإبل الجلالة أن يؤكل لحمها ، ولا تشرب ألبانها ، ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة " .
إسماعيل وأبوه ضعيفان .
760 - - مسألة - : إذا مر بالثمار المعلقة ، ولا حائط عليها ، جاز له الأكل .
وعنه : يأكل عند الضرورة .
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : يأكل المضطر ويضمن .
الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا أتيت على راعي إبل ، فناد : يا راعي الإبل .
فإن أجابك ، وإلا فاحلب واشرب في غير أن(2/298)
| 299 | تفسد ، وإذا أتيت على حائط ، فناد ، يا صاحب الحائط - ثلاثاً - فإن أجابك ، وإلا فكل في غير أن تفسد " .
761 - - مسألة - : يجب على المسلم ضيافة المسلم المسافر المار به ليلة .
وقال أكثرهم : لا يجب .
منصور ، عن الشعبي ، عن المقدام أبي كريمة ، سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ليلة الضيف واجبة على كل مسلم ؛ فإن أصبح بفنائه محروماُ ، كان ديناً له عليه ، إن شاء اقتضى ، وإن شاء ترك " .
شعبة ، عن أبي الجودي ، عن ابن المهاجر ، عن المقدام أبي كريمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أيما مسلم أضاف قوماً ، فأصبح الضيف محروماً ، فإن حقا على كل مسلم نصره حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله " .
الليث ، عن يزيد ، عن أبي الخير ، عن عقبة ، قلنا : " يا رسول الله ، إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقرونا ، فما ترى ؟ قال : إذا نزلتم بقوم ، فأمروا لكم بما ينبغي للضيف ، فاقبلوا ، وإن لم يفعلوا ، فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم " .
الليث ، عن معاوية بن صالح ، عن أبي طلحة ، عن أبي هريرة ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أيما ضيف نزل بقوم ، فأصبح الضيف محروماً ، فله أن يأخذ بقدر قراه ، ولا حرج عليه " .
رواهم أحمد .
(2/299)
| 300 | فارغة .
(2/300)
| 301 | الأشربة
762 - - مسألة - : - ق 172 - أ - / كل شراب يسكر كثيره فقليله حرام ، وفيه الحد ، ويسمى خمراً .
وقال أبو حنيفة : الخمر عصير العنب النيئ إذا اشتد وقذف بزبده ، فيسيره يحرم ، فأما ما عمل من التمر والزبيب ؛ فإن كان مطبوخاً أدنى طبخ ، فهو حلال ، وإن كان نيئاً ، فهو محرم ، لكن لا يسمى خمراً بل نبيذاً ، وما عمل من القمح والذرة والشعير والرز والعسل ونحوها ، فحلالٌ وإن طبخ ، وإنما يحرم منه السكر .
قلنا : علة تحريم الخمر الشدة المطربة ، وهي موجودة في كل شراب مسكر .
وعند أبي حنيفة تحريم الخمر غير معلل .
ودليلنا أن الخمر كل ما أسكر .
أحمد ، نا روح ، نا ابن جريج ، أخبرني موسى بن عقبة ، عن نافع - عن - ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام " .
( خ ) أبو حيان التيمي ، عن الشعبي ، عن ابن عمر قال : " خطب عمر على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إنه نزل تحريم الخمر ؛ وهي من خمسة أشياء : العنب ، والتمر ، والحنطة ، والشعير ، والعسل .
والخمر ما خامر العقل " .
ابن لهيعة ، عن أبي النضر ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من الحنطة خمر ، ومن الشعير خمر ، ومن الزبيب خمر ، ومن العسل خمر " .
(2/301)
| 302 | رواه أحمد .
الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن خالد بن كثير ، سمع السري بن إسماعيل ؛ أن الشعبي حدثه ، أنه سمع النعمان بن بشير يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن من الحنطة خمراً ، ومن الشعير خمراً ، ومن الزبيب خمراً ، ومن التمر خمراً .
وأنا أنهى عن كل مسكر " .
وقال أنس : " الخمر من العنب والتمر والعسل والذرة ، فما خمرت من ذلك فهو الخمر " .
رواه المختار بن فلفل عنه .
( خ م ) وقال حميد ، عن أنس : " كنت أسقي أبا عبيدة وأبي بن كعب وسهيل بن بيضاء ، ونفراً عند أبي طلحة حتى كاد الشراب يأخذ فيهم ، فأتى آت فقال : أما شعرتم أن الخمر قد حرمت .
فما قالوا : حتى ننظر ونسأل .
وقالوا : يا أنس ، اكفأ ما في إنائك .
فوالله ما عادوا فيها ، وما هي إلا التمر والبسر ؛ وهي خمرهم يومئذ " .
وهذا لفظ أحمد ، عن القطان عنه .
فإن قيل : حرمت الخمر وما بالمدينة منها شيء - ق 172 - ب - / قال ذلك ابن عمر .
قلنا : عني به ماء العنب ، ولا يمنع هذا أن - يسمى - غيره خمراً .
قال أحمد بن حنبل : هذا أشد ما على الخصم ، وهو أن الخمر حرمت ، وشرابهم الفضيخ .
ثم قال : جاء تحريم المسكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عشرين وجهاً .
(2/302)
| 303 | ( خ م ) شعبة ، عن سعيد بن أبي بردة ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله قال : كل مسكر حرام " .
القطان ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " كل مسكر خمر ، ما أسكر كثيره ، فقليله حرام " .
عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعاً : " ما أسكر كثيره ، فقليله حرام " .
رواهما أحمد .
وروى حديث أبي معشر ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم ، عن أبيه ، قال رسول الله : " كل مسكر خمر " .
أحمد ، نا يحيى بن إسحاق ، أنا مهدي بن ميمون ، حدثني أبو عثمان الأنصاري ، عن القاسم ، عن عائشة مرفوعاً : " ما أسكر الفرق منه ، فملء الكف منه حرام " .
الفرق ثلاثة آصع .
رجح الدارقطني وقفه .
علي بن بذيمة ، أنا قيس بن حبتر ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " كل مسكر حرام " .
أحمد ، ثنا عبد الله بن إدريس ، سمعت المختار بن فلفل : " سألت أنسًا عن الأوعية ، فقال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزفتة ، وقال : كل مسكر حرام " .
(2/303)
| 304 | أحمد ، نا مؤمل ، نا سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال رسول الله : " نهيتكم عن الظروف ، وإنها لا تحرم شيئاً ، وكل مسكر حرام " .
شعبة ، عن سلمة بن كيهل ، سمعت أبا الحكم ، قال : " سألت ابن عباس عن نبيذ الجر والدباء ، قال : من سره أن يحرم ما حرم الله ورسوله ، فليحرم النبيذ " .
شعبة ، عن سعيد بن أبي بردة ، عن أبيه ، عن جده قال : " بعثني رسول الله ومعاذا إلى اليمن ، فقلت : يا رسول الله ، إنا بأرض يصنع بها شراب من العسل يقال له : البتع ، وشراب من الشعير يقال له : المزر .
فقال : كل مسكر حرام " .
فاحتجوا بخبر شعبة ، عن يحيى بن عبيد ، عن ابن عباس " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينبذ له يوم الخميس ، فيشربه يوم الخميس ويوم الجمعة - قال : وأراه قال : يوم السبت - فإذا كان عند العصر ، فإن بقي منه شيء ، سقاه الخدم ، أو أمر به فأهريق " .
قالوا : لو كان حراما ما سقاه الخدم .
يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن منصور - ق 173 - أ - / عن خالد بن سعد ، عن أبي مسعود " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عطش وهو يطوف ، فأتي بنبيذ من السقاية ، فقطب ، فقال له رجل : أحرام هو يا رسول الله ؟ قال : لا ، علي بذنوب من ماء زمزم .
فصبه عليه ، ثم شرب وهو يطوف بالبيت " .
رواه الدارقطني وقال : هذا معروف بابن يمان ، يقال أنه انقلب عليه الإسناد ، واختلط عليه بحديث الكلبي ، عن أبي صالح ، ورواه اليسع بن إسماعيل ، وهو ضعيف ، عن زيد بن الحباب ، عن الثوري ، وقال النسائي وغيره : لا يحتج بيحيى بن يمان ، لسوء حفظه وكثرة خطئه .
عمر بن علي المقدمي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن المطلب بن أبي وداعة(2/304)
| 305 | السهمي قال : " طاف رسول الله بالبيت في يوم شديد الحر ، فاستسقى ، فأرسل رجل إلى امرأته ، فجاءت جارية معها نبيذ زبيب ، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ألا خمرتموه ولو بعود ، فلما أدنى الإناء منه وجد له رائحة شديدة ، فقطب ، ورد الإناء ، فقال الرجل : يا رسول الله ، إن يكن حراماً لم نشربه ، فاستعاد الإناء ، وصنع مثل ذلك ، وقال الرجل مثل ذلك ، فدعا بدلو من ماء زمزم ، فصبه عليه ، وقال : إذا اشتد عليكم شرابكم ، فاصنعوا هكذا " .
الكلبي ليس بثقة .
جرير ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن مالك بن القعقاع ، قال : " سألت ابن عمر عن النبيذ الشديد ، فقال : جلس رسول الله في مجلس ، فوجد من رجل ريح نبيذ ، فقال : ما هذه الرياح ؟ قال : ريح نبيذ .
قال : فأرسل ، فائتونا منه .
فأرسل ، فأتي به ، فوضع فيه رأسه فشمه ، ثم رده حتى إذا قطع الرجل البطحاء ، رجع فقال : أحرام هو يا رسول الله ؟ فوضع رأسه فيه فوجده شديداً ، فصب عليه الماء ثم شرب ، فقال : إذا اغتلمت أسقيتكم فاكسروها بالماء " .
رواهما الدارقطني .
وعبد الملك بن نافع مجهول .
والشيباني يسميه مالك ابن نافع ؛ وهو ضعيف .
ويروى نحوه من حديث ابن عباس .
قلت : لا يصح حديثه أيضاً .
- ق 173 - ب - / سماك بن حرب ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن ابن بريدة ، عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " نهيتكم عن الظروف ، فاشربوا فيم شئتم ، ولا تسكروا " .
قالوا : وروى أبو سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله حرم الخمر بعينها ، والسكر من كل شراب " .
(2/305)
| 306 | قلنا : الصحيح أنه موقوف .
يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، وابن أبي السفر ، عن سعيد بن ذي لعوة ، قال : " شرب أعرابي نبيذاً من إداوة عمر ، فسكر ، فأمر به فجلد ، فقال : إنما شربت نبيذاً من إداوتك .
قال : إنما نجلدك على السكر " .
قال ابن حبان : سعيد بن ذي لعوة شيخ دجال .
العقيلي ، نا جعفر الفريابي ، نا أحمد بن خالد الخلال قال : قلت لأحمد ابن حنبل : نا محمد بن عبيد ، عن صالح بن حيان ، عن ابن بريدة قال : " شربت مع أنس الطلاء على النصف ، فغضب أحمد وقال : لا ترى هذا في كتاب إلا حككته ، ما أعلم في تحليل النبيذ حديثاً صحيحاً " .
قال المؤلف : وصالح بن حيان ، قال النسائي : ليس بثقة .
ويروى عن عائشة قالت : " يا بني ، إن الله لم يحرم الخمر لاسمها ، وإنما حرمها لعاقبتها ؛ فكل شراب تكون عاقبته كعاقبة الخمر ، فهو حرام كتحريم الخمر " .
763 - - مسألة - : لا يجوز شرب الخمر للعطش ، ولا للتداوي .
وجوزه أبو حنيفة .
وعن الشافعي ثلاثة أقوال ؛ كالمذهبين .
الثالث : يجوز للتداوي .
لنا حماد بن سلمة ، نا سماك ، عن علقمة بن وائل ، عن طارق بن سويد قال : قلت : " يا رسول الله ، إن بأرضنا أعناباً نعصرها ، فنشربها ؟ قال : لا .
فعاودته ، فقال : لا .
فقلت : نستشفي بها المريض .
قال : إن ذاك ليس بشفاء ، ولكنه داء " .
(2/306)
| 307 | ( م ) إسرائيل عن سماك ، عن علقمة بن وائل ، عن أبيه " أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخمر ، فنهاه عنها .
قال : إنما أصنعها للدواء ، قال : إنها داء ، وليست دواء " .
(2/307)
| 308 | فارغة .
(2/308)
| 309 | السبق
764 - - مسألة - : لا تجوز المسابقة على الأقدام بعوض .
وجوزه أبو حنيفة .
وعن الشافعي كالمذهبين .
محمد بن عمرو ، عن أبي الحكم مولى الليثيين - ق 174 - أ - / عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا سبق إلا في خف أو حافر " .
رواه أحمد .
(2/309)
| 310 | فارغة .
(2/310)
| 311 | الأيمان
765 - - مسألة - : إذا قال : إن فعلت كذا فأنا يهودي ، أو بريء من الإسلام ، انعقدت يمينه ، ويكفر .
وقال مالك والشافعي : لا كفارة .
روى أصحابنا من حديث زيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه سئل عن رجل يقول : هو يهودي أو نصراني ، فقال : عليه كفارة يمين " .
766 - - مسألة - : إذا قال : أقسمت ، أو أقسم أو أحلف أو أشهد لا فعلت كذا ، انعقدت يمينه ، وعنه : لا ، إلا أن ينوي اليمين .
وبه قال مالك .
وقال الشافعي : لا تنعقد .
( خ م ) الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس " أن رجلاً رأى رؤيا ، فقصها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر : ائذن لي فلأعبرها .
فأذن له فعبرها ، ثم قال : أصبتْ يا رسول الله ؟ قال : أصبت وأخطأت .
قال : أقسمت يا رسول الله ، لتخبرني .
قال : لا تقسم " .
لفظ مسند أحمد .
وفي لفظ صح : " والله لتحدثني بالذي أخطأت .
فقال : لا تقسم " .
(2/311)
| 312 | 767 - - مسألة - : يصح يمين الكافر ، خلافاً لأبي حنيفة .
لنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " تبرئكم يهود بخمسين يميناً " .
768 - - مسألة - : إذا حلف لا يأكل أدماً فأكل لحماً أو بيضاً أو جبناً حنث .
وقال أبو حنيفة : لا يحنث إلا أن يأكل ما يصطبغ به ، كالخل والشيرج .
لنا ( خ م ) سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء ، عن أبي سعيد قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة ، يتكفأها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلاً لأهله .
فأتى رجل من اليهود ، فقال : بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم ، ألا أخبركم بإدامهم ؟ قال : بلى .
قال : إدامهم بالام ونون .
قالوا : ما هذا ؟ قال : ثور ونون .
يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفاً " .
جعل اللحم أدماً .
الأصمعي ، عن أبي هلال ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " سيد إدام أهل الدنيا والآخرة اللحم " .
769 - - مسألة - : إذا حلف لا يهب لفلان ، فتصدق عليه .
لم يحنث .
وقال مالك والشافعي : يحنث .
( خ م ) عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة - ق 174 - ب - / قالت : " كان الناس يتصدقون على بريرة ، فتهدي لنا ، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : هو عليها صدقة ، وهو لكم هدية " .
(2/312)
| 313 | 770 - - مسألة - : إذا حلف لا مال له ، وله أثاث ودور ، حنث .
وقال أبو حنيفة : لا يحنث إلا أن يملك مالاً زكاتياً .
أحمد ، نا روح ، نا أبو نعامة العدوي ، عن مسلم بن بديل ، عن إياس بن زهير ، عن سويد بن هبيرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " خير مال امرئ له ؛ مهرة مأمورة أو سكة مأبورة " .
771 - - مسألة - : إذا قال : هذا الطعام أو الأمة علي حرام ، كان يميناً .
وقال الشافعي : لا يلزمه في الطعام شيء ، وفي الأمة كفارة بنفس اللفظ .
لنا أنه - صلى الله عليه وسلم - حرم مارية .
وقيل : العسل ، فنزل قوله : " قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " .
محمد بن سعد العوفي ، نا أبي ، نا عمي ، عن أبيه ، عن جده ، عن ابن عباس ، قال : " كانت حفصة وعائشة متحابتين ، فذهبت حفصة إلى أبيها تحدث عنده ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جاريته ، فظلت معه في بيت حفصة ، فرجعت حفصة فوجدتها في بيتها ، فخرجت الجارية ، ودخلت حفصة ، فقالت : لقد رأيت من كان عندك ، والله لقد سؤتني ، قال : والله لأرضينك ، فإني مسر إليك سرًّا فاحفظيه .
قالت : ما هو ؟ قال : أشهدك أن سريتي هذه علي حرام رضىً لك .
فأنزل الله تعالى : " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك " .
( خ م ) ابن جريج ، عن عطاء ، سمع عبيد بن عمير يحدث قال : سمعت عائشة تخبر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمكث عند زينب ، ويشرب عندها عسلاً ،(2/313)
| 314 | قالت : فتواصيت أنا وحفصة ، أيتنا ما دخل عليها فلتقل : إني أجد منك ريح مغافير ، أكلت مغافير ، فدخل على إحداهما ، فقالت له ذلك ، فقال : بل شربت عسلاً عند زينب ، ولن أعود له .
فنزل قوله : " لم تحرم ما أحل الله لك " " .
772 - - مسألة - : يجوز تقديم الكفارة قبل الحنث ، خلافاً لأبي حنيفة .
قال المؤلف : وهو اختياري ؛ أنه لا يجوز .
ولأصحابنا ( خ م ) حديث الحسن ، نا عبد الرحمن بن سمرة قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا حلفت على يمين ، فرأيت غيرها خيرا منها ، فكفِّرْ عن يمينك ، وائت الذي هو خير " .
( م ) سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن - ق 175 - أ - / أبي هريرة ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من حلف على يمين ، فرأى غيرها خيراً منها ، فليُكفِّرْ عن يمينه ، وليفعل الذي هو خير " .
قال المؤلف : الواو لا تقتضي الترتيب .
قلت : لو كانت للترتيب لوجب تقديم الكفارة للأمر ، بل الواو لمجرد الجمع ، فمن رتب فقد خالف مقتضى الواو ، فعليه الدليل .
شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن عمرو - مولى الحسن بن علي ، عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من حلف على يمين ، فرأى غيرها خيراً منها ، فليأت الذي هو خير ، وليكفر عن يمينه " .
أحمد ، ثنا هشيم ، أنا منصور ويونس ، عن الحسن ، عن عبد الرحمن ابن سمرة قال : قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : " يا عبد الرحمن بن سمرة ، إذا آليت على يمين ،(2/314)
| 315 | فرأيت غيرها خيراً منها ، فائت الذي هو خير ، وكفر عن يمينك " .
( س ) ابن عيينة ، نا أبو الزعراء ، عن عمه أبي الأحوص ، عن أبيه ، قلت : " يا رسول الله ، أرأيت ابن عم لي آتيه أسأله ، فلا يعيطيني ، ثم يحتاج إلي فيسألني وقد حلفت أن لا أعطيه ولا أصله .
فأمرني ان آتي الذي هو خير ، وأكفر عن يميني " .
قلت : وتأخير الكفارة لا يوجب ترتيباً .
(2/315)
| 316 | فارغة .
(2/316)
| 317 | النذور
773 - - مسألة - : إذا نذر شيئاً على وجه اللجاج والغضب ، كإن فعلت كذا فمالي صدقة أو علي حجة أو صوم سنة ، فهو بالخيار بين الوفاء وبين كفارة يمين .
وعنه : الواجب كفارة حسب .
وعن الشافعي كالروايتين .
وقال أبو حنيفة : يجب الوفاء .
وقال مالك : في المال يلزمه الثلث ، وفي غيره الوفاء .
لنا ( م ) حديث عقبة بن عامر قال : قال رسول الله : " كفارة النذر كفارة اليمين " .
أبو بكر النهشلي ، عن محمد بن الزبير ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، قال رسول الله : " لا نذر في غضب ، وكفارته كفارة يمين " .
عمر بن يونس اليمامي ، نا سليمان بن أبي سليمان ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا نذر إلا في ما أطيع الله ، ولا يمين في غضب ، ولا طلاق ولا عتاق فيما - ق 175 - ب - / لا يملك " .
عن غالب بن ( عبيد الله ) العقيلي - واهٍ - عن عطاء ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من جعل عليه نذرا في معصية فكفارة يمين ، ومن جعل عليه(2/317)
| 318 | نذرا فيما لا يطيق فكفارة يمين ، ومن جعل عليه نذرا فيما لم يسمه فكفارة يمين ، ومن جعل ماله هديا إلى الكعبة في أمر لا يريد به وجه الله ، فكفارة يمين .
.
.
" .
الحديث بطوله رواه الدارقطني .
774 - - مسألة - : إذا قال : إن شفى الله مريضي فمالي صدقة ، لزمه أن يتصدق بالثلث .
وعنه : يلزمه ما نوى .
وقال أبو حنيفة : يلزمه ماله الزكاتي .
وفي رواية عنه : بكل ما يملك ، كقول الشافعي .
ابن جريج ، أنا ابن شهاب أن الحسين بن السائب بن أبي لبابة أخبره " أن أبا لبابة بن عبد المنذر قال لما تاب الله عليه : يا رسول الله ، إن من توبتي أن أهجر دار قومي وأساكنك ، وأن أنخلع من مالي صدقة لله ولرسوله .
فقال : يجزئ عنك الثلث " .
رواه أحمد .
775 - - مسألة - : يمين الغموس لا توجب كفارة ، خلافاً للشافعي .
بحير بن سعيد ، عن خالد بن معدان ، عن أبي المتوكل ، عن أبي هريرة ؛ أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ليس لها كفارة يمين صابرة لتقتطع بها مالاً بغير حق " .
776 - - مسألة - : يمين المكره لا تنعقد .
(2/318)
| 319 | وقال أبو حنيفة : تنعقد .
عن واثلة وأبي أمامة مرفوعاً : " ليس على مقهور يمين " .
قلت : أظنه موضوعاً .
777 - - مسألة - : ينعقد نذر المعصية ، وكفارته كفارة يمين .
وقال أكثرهم : لا ينعقد .
لنا حديث عمران بن حصين " في التي نجت على العضباء فنذرت لتنحرنها ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : لا وفاء لنذر في معصية " .
( ت ) نا قتيبة ، نا أبو صفوان ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ؛ قال رسول الله : " لا نذر في معصية ، وكفارته كفارة يمين " .
778 - - مسألة - : نذر المباح ينعقد ، خلافاً لأكثرهم .
حسين بن واقد ، حدثني عبد الله بن بريدة ، حدثني بريدة " أن أمة سوداء أتت رسول الله وقد رجع من بعض مغازيه ، فقالت : إني كنت نذرت إن ردك الله صالحاً أن - ق 176 - أ - / أضرب على رأسك بالدف .
فقال : إن كنت فعلت فافعلي " .
(2/319)
| 320 | فارغة .
(2/320)
| 321 | القضاء
779 - - مسألة - : شرط الحاكم أن يكون من أهل الاجتهاد ، خلافاً لبعض الحنفية .
( د ) خلف بن خليفة ، عن أبي هاشم ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " القضاة ثلاثة : واحدٌ في الجنة ، واثنان في النار ؛ فالأول رجلٌ عرف الحق فقضى به ، ورجلٌ عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار ، ورجل قضى للناس على جهلٍ فهو في النار " .
780 - - مسألة - : لا يجوز أن يلي القضاء امرأة .
وجوزه أبو حنيفة .
مبارك ( خ ) عن الحسن ، عن أبي بكرة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لن يفلح قوم تملكم امرأة " .
781 - - مسألة - : يصح التحكيم ، خلافاً لأحد قولي الشافعي .
لنا : ما يروى عن عبد الله بن جراد مرفوعاً : " من حكم بين اثنين تحاكما إليه وارتضياه ، فلم يقل بينهما بالحق ، فعليه لعنة الله " .
782 - - مسألة - : يجوز القضاء على الغائب ، وعلى الحاضر الممتنع من مجلس الحكم .
(2/321)
| 322 | وعنه : لا يقضى عليه - كقول أبي حنيفة .
لنا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " .
783 - - مسألة - : حكم القاضي لا يحيل الشيء عن صفته .
وقال أبو حنيفة : يحيله في العقود والفسوخ .
( خ م ) صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب .
أخبرني عروة ، أن زينب بنت أم سلمة أخبرته عن أمها ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أنه سمع خصومة بباب حجرته ، فخرج إليهم فقال : إنما أنا ( بشر ) وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض - وأحسب أنه قد صدق - فأقضي له بذلك ، فمن قضيت له بحق مسلم ، فإنما هي قطعة من النار ، فليأخذها أو فليتركها " .
فذكروا ما يروى ؛ أن شاهدين شهداً عند عليٍّ على امرأةٍ بالنكاح ، فقالت المرأة : لم يكن بيننا نكاح ، فإن كان ولا بد فزوجني منه .
فقال علي : شاهداك زوجاك .
قلت : علي لم يطلع على الباطن ؛ إنما حكم بالظاهر ، فأما الأخذ بظاهر علم منافاة باطنه فقبيح .
784 - - مسألة - : إذا شهد شاهدان على قضاء الحاكم وهو لا يذكر قبل شهادتهما .
وقال الشافعي : لا .
لنا : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجع في قصة ذي اليدين إلى قول غيره " .
(2/322)
| 323 | - ق 176 - ب - / القسمة
إذا طلبها أحدهما وفيها ضرر على الآخر لم تقسم وتباع .
وقال أبو حنيفة : إذا كان لأحدهما منفعة أجبرا على القسمة .
وقال مالك : يجبر عليها بكل حال .
وقال الشافعي : إن كان المطالب ينتفع بذلك أجبر ، وإن كان يستضر فعلى وجهين .
روح بن عبادة ، نا ابن جريج ، أخبرني صديق بن موسى ، عن محمد بن أبي بكر ، عن أبيه مرفوعاً : " لا تعضية على أهل الميراث إلا ما حمل القسم " .
عباس الدوري ، ثنا عثمان بن محمد بن عثمان ، نا عبد العزيز بن محمد ، عن عمرو بن يحيى ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا ضرر ولا إضرار " .
رواهما الدارقطني .
قلت : لم يصحَّا .
(2/323)
| 324 | الدَّعاوَى
786 - - مسألة - : إذا تداعيا شيئاً في يد ثالث ، فأقر به لأحدهما - لا يعينه - أقرع بينهما مع الحلف .
وقال أكثرهم : يوقف الأمر حتى ينكشف .
لنا : همام بن منبه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا كره الاثنان اليمين فاستحباها ، فليستهما عليها " .
أسامة بن زيد ، عن عبد الله بن رافع ، عن أم سلمة قالت : " أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلان يختصمان في مواريث لهما ، لم يكن لهما بينة ، فقال : إنكم لتختصمون إلي ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته ، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذ منه شيئاً ؛ فإنما أقطع له قطعة من النار .
فبكى الرجلان ، وجعل كل واحد منهما حقه له ، فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما إذ فعلتما ما فعلتما ، فتوخيا الحق ثم استهما ، ثم تحالاًّ " .
ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن خلاس ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة " أن رجلين اختصما في متاع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس لواحد منهما بينة ، فقال : استهما على اليمين ما كان .
- أحبَّا - ذلك أو كرها " .
واحتجوا بشعبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن أبي بردة ، عن أبيه ، عن جده " أن رجلين اختصما إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في دابة ؛ ليس لواحد منهما بينة ، فجعلها بينهما نصفين " .
(2/324)
| 325 | 787 - - مسألة - : - ق 177 - أ - / له وضع خشبه على جدار جاره بشرط أن لا يضر الحائط ، ويجبره الحاكم على وضعه .
وبه قال الشافعي ، لكن قال : لا يجبره الحاكم .
وقال أكثرهم : لا يجوز إلا برضاه .
( خ م ) أبو هريرة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبه على جداره " ثم يقول أبو هريرة : " ما لي أراكم معرضين عنها ، والله لأرمين بها بين أكتافكم " .
788 - - مسألة - : إذا وطئا أمة بشبهة فأتت بولد عرض على القافة ؛ فإن ألحقوه بهما أو بأحدهما لحق ، وإن أشكل عليهم وقف حتى يبلغ فينتسب إلى أيهما شاء .
وقال أبو حنيفة : لا يعرض على القافة .
عن عائشة : " دخل قائف ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاهد وأسامة وأبوه مضطجعان ، فقال : هذه الأقدام بعضها من بعض ، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعجبه ، وأخبر به عائشة .
قال إبراهيم بن سعد : كان أسامة مثل الليل ، وكان أبوه أشقر " .
789 - - مسألة - : لا ترد اليمين في شيء من الدعاوى ، ويقضى بالنكول .
وقال مالك والشافعي : ترد .
لنا ( خ م ) ابن أبي مليكة : كتب إلي ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :(2/325)
| 326 | " لو أن الناس أعطوا بدعواهم ادعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليه " .
وبإسناد ضعيف عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً : " البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه " .
ويروى نحوه من حديث أبي هريرة ، ولفظه : " واليمين على من أنكر إلا في القسامة " .
واحتجوا بحديث سليمان ابن بنت شرحبيل ، أنا محمد بن مسروق ، عن إسحاق بن الفرات ، عن الليث ، عن نافع ، عن ابن عمر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد اليمين على طالب الحق " .
رواه الدارقطني ، وفيه مجاهيل .
قلت : لا ؛ بل هو منكر .
(2/326)
| 327 | الشهادات
790 - - مسألة - : لا يجب الإشهاد في البيع ، خلافاً لداود .
لنا : " أنه - صلى الله عليه وسلم - اشترى فرساً من أعرابي ولم يشهد " .
791 - - مسألة - : تقبل في الولادة شهادة واحدة ، وكذا في كل ما لم يطلع الرجال عليه .
وعنه : لا تقبل إلا امرأتان - كقول مالك .
وقال الشافعي : لا تقبل إلا - ق 177 - ب - / أربعٌ .
بإسناد واه عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاز شهادة القابلة " .
رواه الدارقطني ووهَّاهُ .
وروى أصحابنا من حديث ابن عمر ، أن النبي - - صلى الله عليه وسلم - - قال : " يجزئ في الرَّضَاعِ شهادة امرأة " .
792 - - مسألة - : لا تقبل شهادة العدو على عدوه ، خلافاً لأبي حنيفة .
لنا أحمد ، نا عبد الرزاق ، نا محمد بن راشد ، عن سليمان بن موسى ،(2/327)
| 328 | عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ، ولا ذي غمر على أخيه ، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت " .
محمد بن راشد ضعيف .
( ت ) مروان بن معاوية ، عن يزيد بن زياد الدمشقي ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ، ولا مجلود في حد ، ولا ذي غمرٍ ، ولا القانع لأهل البيت لهم ، ولا ظنين في ولاءٍ ولا قرابة " .
الظنين : المتهم في دينه .
يزيد ضعفه الدارقطني .
793 - - مسألة - : لا تقبل شهادة الوالد لولده ، ولا هو له .
وعنه : تجوز شهادة الابن لأبيه .
وعنه جواز شهادتهما في ما لا تهمة فيه كالنكاح والطلاق والمال ، وكل منهما مستغن عن صاحبه .
وقال داود والمزني وأبو ثور : تجوز مطلقاً .
لنا الحديث المتقدم .
قلت : قد ضعفته .
794 - - مسألة - : لا تقبل شهادة بدوي على قرويٍّ .
(2/328)
| 329 | وأجازها أبو حنيفة والشافعي .
وقال مالك كقولنا في ما عدا الجراح .
ابن الهاد ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تقبل شهادة البدويِّ على القرويِّ " .
رواه الدارقطني من طريق ابن وهب ، أنا يحيى بن أيوب ، ونافع بن يزيد عنه .
795 - - مسألة - : لا تقبل شهادة الذمَّةِ بعضهم على بعض .
وقال أبو حنيفة : تقبل .
عمر بن راشد ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله وقال : " لا ترث ملةٌ ملةٌ ، ولا تجوز شهادة أهل ملةٍ عل ملة ، إلا أمتي " .
رواه الدارقطني ملينا لعمر .
ولهم ( ق ) مجالد ، عن عامر ، عن جابر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض " .
- ق 178 - أ - / الحسن بن عرفة ، أنا ( عبد الرحمن ) بن سليمان ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن جابر قال : " أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يهودي ويهودية زنيا ، فقال لليهود : ما يمنعكم أن تقيموا عليهما الحد ؟ فقالوا : كنا نفعل إذ كان الملك لنا ، فلا تجترئ على الفعل .
فقال : ائتوني بأعلم رجلين منكم .
فأتوه بابني صوريا .
قال : فأنشدكما بالذي أنزل التوراة على موسى ، كيف تجدون حدكما في التوراة ؟ .
قالا : إذا شهد أربعة أنهم رأوه يدخله فيها كما يدخل الميل في المكحلة رجم ، قال : ائتوني بالشهود ، فشهد أربعة ، فرجمهما النبي - صلى الله عليه وسلم - " .
(2/329)
| 330 | مجالد ، قال أحمد : ليس بشيء .
قلت : وعبد الرحمن هو ابن أبي الجون ؛ قال أبو حاتم : لا يحتج به .
796 - - مسألة - : يجوز الحكم بشاهد ويمين في المال وما يقصد به المال ، خلافاً لأبي حنيفة .
أحمد ، نا عبد الوهاب الثقفي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد " .
شبابة ، نا عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن علي " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بشهادة شاهد ويمين صاحب الحق .
وقضى به علي بالعراق " .
وقد روى هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر وابن عباس ، وأبو هريرة وابن عمر ، وابن عمرو وزيد ، وأبو سعيد وسعد بن عبادة ، وعامر بن ربيعة وسهل بن سعد ، وعمارة ابن حزم وعمرو بن حزم ، والمغيرة وبلال بن الحارث ، وسلمة بن قيس وتميم الداري ، وأنس وزبيب بن ثعلبة وسرق .
797 - - مسألة - : إذا ترك ابناً لا وارث له غيره ، فأقر بأخ ثبت نسبه .
وقال أبو حنيفة ومالك : لا يثبت حتى يقر اثنان .
لنا حديث عبد بن زمعة ، وقوله : أخي وابن وليدة أبي .
فأثبت النسب بإقراره .
(2/330)
| 331 | العتق
798 - - مسألة - : إذا أعتق الموسر نصيبه من عبد ، عتق عليه نصيب شريكه .
وقال أبو حنيفة : يخير الشريك بين أن يعتق ، أو يستسعى العبد ، أو يقومه على شريكه .
فإن أعتق المعسر نصيبه ، لم يجب عليه عتق الباقي .
وقال أبو حنيفة : - ق 178 - ب - / يجب بالاستسعاءِ ، أو بعتق الشريك .
لنا حديث يحيى بن سعيد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أعتق نصيباً له في مملوك ، كلف أن يتم عتقه بقيمة عدل ؛ فإن لم يكن له مال يعتقه به ، فقد جاز ما عتق " .
أحمد ، نا عبد الرزاق ، نا ( عمر ) بن حوشب ، حدثني إسماعيل بن أمية ، عن أبيه ، عن جده قال : " كان لهم غلام ، فأعتق جده نصفه ، فجاء العبد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : تعتق في عتقك ، وترق في رقك .
فكان يخدم سيده حتى مات " .
واحتجوا بابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من كان له شقص في مملوك فأعتق نصيبه ، فعليه خلاصه إن كان له مال ، وإلا استسعي في ثمن رقبته غير مشقوق عليه " .
بشير بن نهيك مجروح .
قلت : بل احتج به الشيخان ، ووثقه جماعة .
وقال أبو حاتم : لا يحتج به .
(2/331)
| 332 | أحمد ، نا عبد الله بن بكر ، نا سعيد ، عن قتادة ، عن أبي المليح ، عن أبيه " أن رجلاً من هذيل أعتق شقصا له في مملوك ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هو حر كله ؛ ليس لله شريك " .
حجاج بن أرطأة ، عن عمرو بن شعيب ، عن سعيد بن المسيب قال : " حفظنا من ثلاثين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من أعتق شقصا له في مملوك ضمن بقيته " .
رواه أحمد .
799 - - مسألة - : إذا أعتق في مرض موته عبيداً ؛ لا مال له سواهم ، جمع العتق في الثلث بالقرعة .
وقال أبو حنيفة : يعتق من كل واحد ثلثه ، ويستسعى في باقيه .
( م ) أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران " أن رجلاً أعتق ستة عند موته ، ولم يكن له مال غيرهم ، فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجزأهم ثلاثاً ، ثم أقرع بينهم ؛ فأعتق اثنين ، وأرق أربعة ، وقال له قولاً شديداً " .
800 - - مسألة - : إذا ملك ذا رحم محرم ، عتق عليه .
وقال مالك : يعتق الولدان والأولاد والإخوة .
وقال الشافعي : يعتق عمود النسب .
حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من ملك ذا رحم ، فهو عتيق " وفي لفظ : ذا رحم محرم فهو حر " قال ابن المديني : أحاديث سمرةَ صحاح .
(2/332)
| 333 | المُدَبَّرُ
801 - - مسألة - : بيعه جائز .
وعنه : لا ، إلا أن يكونَ السيد مديوناً .
وقال أبو حنيفة : لا يجوز - ق 179 - أ - / إذا أطلق التدبير .
وقال مالك : لا يجوز في حال الحياة ، ويجوز بعد الموت إن كان على السيد دين .
عمرو بن دينار ، عن جابر " أن رجلاً دبر غلاماً له ، فمات ولم يترك مالاً غيره ، فباعه النبي - صلى الله عليه وسلم - فاشتراه نعيم بن النحام " .
الليث ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : " أعتق رجل عبداً له عن دبر ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ألك مال غيره ؟ قال : لا .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من يشتريه مني ؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم ، فجاء بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدفعها إليه ، ثم قال : ابدأ بنفسك فتصدق عليها ، فإن فضل شيء فلأهلك ، فإن فضل من أهلك شيء فلذوي قرابتك ، فإن فضل من قرابتك شيء ، فهكذا ، وهكذا وهكذا - يقول : من بين يديك ، وعن يمينك ، وعن شمالك " .
ابن أبي ذئب ، عن ابن المنكدر ، عن جابر : " أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببيع المدبر " .
شريك ، عن سلمة بن كهيل ، عن عطاء وأبي الزبير ، عن جابر " أن رجلاً مات وترك مدبراً وديناً ، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه في دينه ، فباعوه بثمانمائة " .
قال ابن زياد النيسابوري ، قول شريك : مات .
خطأ ؛ لأن في حديث(2/333)
| 334 | الأعمش ، عن سلمة : " ودفع إليه ثمنه " وكذلك رواه غيره .
جرير الضبي ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن أبي جعفر قال : " شهدت الحديث من جابر ؛ إنما أذن في بيع خدمته " .
قال أبو داود وغيره : عبد الغفار كذاب .
(2/334)
| 335 | المكاتب
802 - - مسألة - : يجوز بيع رقبته .
وقال أكثرهم : لا .
ابن شهاب ، عن عروة " أن بريرة جاءت عائشة تستعينها في كتابتها ، ولم يكن قضت منها شيئاً ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ابتاعي فأعتقي ؛ فإنما الولاء لمن أعتق " .
(2/335)
| 336 | أم الولد
803 - - مسألة - : لا يجوز بيعها ، خلافاً لداود .
عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع أمهات الأولاد ، وقال : " لا يبعن ، ولا يهبن ، ولا يورثن ؛ يستمتع منها سيدها ما دام حياً ، فإذا مات فهي حرة " .
رواه عبد العزيز بن مسلم ، وعبيد الله بن عمر عنه مرفوعاً .
والمحفوظ أن الذي قضى بذلك عمر - رضي الله عنه .
ولهم : شعبة ، عن زيد العمي ، عن أبي الصديق ، عن أبي سعيد " أنه قال في أمهات الأولاد : كنا نبتاعهن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " .
زيد غير حجة .
مغيرة ، عن الشعبي ، عن عبيدة قال : " خطب علي فقال : شاورني عمر في أمهات الأولاد ، فرأيت أنا وعمر أن أعتقهن ، فقضى بها عمر حياته ، وعثمان حياته ، فلما وليت رأيت أن أرقهن " .
قال عبيدة : فرأي علي وعمر في الجماعة أحب إلي من رأي علي وحده .
(2/336)