أثرٌ لابنِ عباسٍ لا وجود له بهذا اللفظِ في كتبِ السنة
الحمدُ للهِ وبعدُ :
اشتهر أثرٌ لابنِ عباسٍ - رضي اللهُ عنهما - نصهُ : '' يُوشِكُ أَنْ تَنْزِلَ عَلَيْكُمْ حِجَارَةٌ مِنْ السَّمَاءِ''، أَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَقُولُونَ : قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ؟ '' ، وبعد البحثِ في المصادرِ المعتبرةِ تبين أنه لا وجود له بهذا اللفظِ ، وقد أوردهُ شيخُ الإسلامِ في '' الفتاوى '' (20/215 ، 26/50 ، 281) ، والإمامُ ابنُ القيمِ في '' إعلامِ الموقعين '' (2/238) ، و'' الزاد '' (2/195) ، و'' الصواعق المرسلة '' (3/1063) ، والشيخُ محمدُ بنُ عبدِ الوهاب في كتابِ '' التوحيد '' '' باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله ، وتحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أرباباً '' بهذا اللفظ من غير ذكر المصدر له ، أو حتى إسناده ، ولكن ما هو اللفظُ الصحيحُ لأثرِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما ؟
1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : تَمَتَّعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنْ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا يَقُولُ عُرَيَّةُ ؟ قَالَ: يَقُولُ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنْ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُرَاهُمْ سَيَهْلِكُونَ، أَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَقُولُ نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ .
رواه أحمد (1/337) ، وابن عبد البر في '' جامع بيان العلم وفضله '' (2378) ، والخطيب في '' الفقيه والمتفقه '' (379) من طريق شَرِيكٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : أُرَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ به .
وإسناده ضعيف ، فيه شريك بن عبد الله قال الحافظ في '' التقريب '' : صدوق يخطىء كثيراً .(1/1)
2 - قال عروة لابن عباس : ألا تتقي الله ترخص في المتعة ؟! فقال ابن عباس : سل أمك يا عُرَيَّةُ، فقال عروة : أما أبو بكر وعمر فلم يفعلا، فقال ابن عباس: والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله، أحدثكم عن رسول الله، وتحدثونا عن ابي بكر وعمر، فقال عروة: لهما أعلم بسنة رسول الله ، وأتبع لها منك.
أورده ابن عبد البر في '' جامع بيان العلم وفضله '' (2377) ، وابن القيم في '' الزاد '' (2/206) من طريق عبد الرزاق حدثنا معمر عن أيوب قال : قال عروة به .
وصحح إسناده محققا '' زاد المعاد '' .
ورواه الخطيب بسنده في '' الفقيه والمتفقه '' (380) بنحو الرواية السابقة ، وأورده ابن القيم في '' الزاد '' (2/206 - 207) كلاهما من طريق حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة أن عروة بن الزبير به .
وقال محققا '' الزاد '' : '' وإسناده صحيح '' .
ورواه الطبراني في '' الأوسط '' ( 1718 - مجمع البحرين ) عن عروة بن الزبير أنه أتى ابن عباس فقال : يا ابن عباس طالما أضللت الناس ! قال : وما ذاك يا عريَّة ؟ قال : الرجل يخرج محرماً بحج أو بعمرة فإذا طاف زعمت أنه قد حل فقد كان أبو بكر وعمر ينهيان عن ذلك ؟ فقال : أهما - ويحك - آثر عندك أم ما في كتاب الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه وفي أمته ؟ فقال عروة : هما كانا أعلم بكتاب الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني ومنك قال ابن أبي مليكة : فخصمه عروة .
قال الهيثمي في '' المجمع '' (3/234) : رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن .
فائدةٌ : قال الحافظ ابن حجر في '' الفتح '' (8/220) : يَا عُرَيَّة : وَهُوَ بِالتَّصْغِيرِ ، وَأَصْله عُرَيْوَة فَاجْتَمَعَ حَرْفَا عِلَّة فَأُبْدِلَتْ الْوَاو يَاء ثُمَّ أُدْغِمَتْ فِي الْأُخْرَى .ا.هـ.(1/2)
فائدةٌ أخرى : علق الخطيب البغدادي في '' الفقيه والمتفقه '' (1/378) على كلام عروة بن الزبير : قلتُ : قد كان أبو بكر وعمرُ على ما وصفهما به عروة إلا أنه لا ينبغي أن يُقَلَّدَ أحدٌ في ترك ما ثبتت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .ا.هـ.
وعلق الذهبي في '' السير '' (15/243) في إيجاد العذر لعروة بن الزبير : '' قُلْتُ : مَا قصد عُرْوَة مُعَارَضَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمَا ، بَلْ رَأَى أَنَّهُمَا مَا نهيَا عَنِ المُتْعَة إِلاَّ وَقَدِ اطّلَعَا عَلَى نَاسِخ '' .ا.هـ.
---
صورة ضوئية للمقال
http://saaid.net/Doat/Zugail/images/!cid_57945380430072005-2195.jpg
رابط المقال فر جريدة المدينة ملحق الرسالة
http://www.almadinapress.com/index.aspx?Issueid=1051&pubid=5&CatID=230&articleid=120363
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/3)
أبحث عن حديث فمن يدلني
أبو معاذ المكي
هل هناك حديث فيه أنه بعد ظهور المهدي تعود للناس ألفتهم ، وما صحته ، حيث أنه مر علي شيء من هذا ونسيت موضعه
الجواب :
أخي أبو معاذ المكي .
نعم ، هذا الأمر يكون في زمن عيسى عليه السلام ، وهو زمن أمن ورخاء ، يرسل الله فيه المطر الغزير ، وتخرج الأرض ثمرتها وبركتها ، ويفيض المال ، وتذهب الشحناء والبغضاء والحسد .
وإليك بعضا من الأحاديث الدالة على ذلك :
1 - جاء في حديث النواس بن سمعان الطويل ما نصه : " .... ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ ، وَلَا وَبَرٍ فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّي بَرَكَتَكِ فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنْ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا ، وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنْ الْإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنْ النَّاسِ ، وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنْ النَّاسِ ، وَاللِّقْحَةَ مِنْ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ مِنْ النَّاسِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ .
رواه مسلم في كتاب الفتن ، باب ذكر الدجال .
قال الإمام النووي في شرح مسلم (18/68) :
كَالزَّلَفَةِ : رُوِيَ بِفَتْحِ الزَّاي وَاللَّام وَالْقَاف , وَرُوِيَ ( الزُّلْفَة ) بِضَمِّ الزَّاء وَإِسْكَان اللَّام وَبِالْفَاءِ , وَرُوِيَ ( الزَّلَفَة ) بِفَتْحِ الزَّاي وَاللَّام وَبِالْفَاءِ , وَقَالَ الْقَاضِي : رُوِيَ بِالْفَاءِ وَالْقَاف وَبِفَتْحِ اللَّام وَبِإِسْكَانِهَا . وَكُلّهَا صَحِيحَة .(1/1)
قَالَ فِي الْمَشَارِق : وَالزَّاي مَفْتُوحَة . وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ , فَقَالَ ثَعْلَب وَأَبُو زَيْد وَآخَرُونَ : مَعْنَاهُ كَالْمِرْآةِ , وَحَكَى صَاحِب الْمَشَارِق هَذَا عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا , شَبَّهَهَا بِالْمِرْآةِ فِي صَفَائِهَا وَنَظَافَتهَا , وَقِيلَ : كَمَصَانِع الْمَاء أَيْ إِنَّ الْمَاء يُسْتَنْقَع فِيهَا حَتَّى تَصِير كَالْمَصْنَعِ الَّذِي يَجْتَمِع فِيهِ الْمَاء . وَقَالَ أَبُو عُبَيْد : مَعْنَاهُ كَالْإِجَّانَةِ الْخَضْرَاء , وَقِيلَ : كَالصَّحْفَةِ , وَقِيلَ : كَالرَّوْضَةِ .ا.هـ.
2 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاللَّهِ لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلًا فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ ، وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ ، وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ ، وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلَاصُ فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ ، وَالتَّحَاسُدُ ، وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى الْمَالِ فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ .
رواه مسلم (155) .
قال النووي (2/192) :
فَالْقِلَاص بِكَسْرِ الْقَاف جَمْع قَلُوص بِفَتْحِهَا وَهِيَ مِنْ الْإِبِل كَالْفَتَاةِ مِنْ النِّسَاء وَالْحَدَث مِنْ الرِّجَال .
وَمَعْنَاهُ أَنْ يُزْهَد فِيهَا وَلَا يُرْغَب فِي اِقْتِنَائِهَا لِكَثْرَةِ الْأَمْوَال , وَقِلَّة الْآمَال , وَعَدَم الْحَاجَة , وَالْعِلْم بِقُرْبِ الْقِيَامَة .
وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ الْقِلَاص لِكَوْنِهَا أَشْرَف الْإِبِل الَّتِي هِيَ أَنْفَس الْأَمْوَال عِنْد الْعَرَب .
وَهُوَ شَبِيه بِمَعْنَى قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { وَإِذَا الْعِشَار عُطِّلَتْ } وَمَعْنَى ( لَا يُسْعَى عَلَيْهَا ) : لَا يُعْتَنَى بِهَا أَيْ يَتَسَاهَل أَهْلهَا فِيهَا , وَلَا يَعْتَنُونَ بِهَا . هَذَا هُوَ الظَّاهِر .(1/2)
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض وَصَاحِب الْمَطَالِع رَحِمَهُمَا اللَّه : مَعْنَى لَا يُسْعَى عَلَيْهَا أَيْ لَا تُطْلَب زَكَاتهَا إِذْ لَا يُوجَد مَنْ يَقْبَلهَا .
وَهَذَا تَأْوِيل بَاطِل مِنْ وُجُوه كَثِيرَة تُفْهَم مِنْ هَذَا الْحَدِيث وَغَيْره بَلْ الصَّوَاب مَا قَدَّمْنَاهُ . وَاَللَّه أَعْلَم .
وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاء : فَالْمُرَاد بِهِ الْعَدَاوَة .
وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى الْمَال فَلَا يَقْبَلهُ أَحَد : هُوَ بِضَمِّ الْعَيْن وَفَتْح الْوَاو وَتَشْدِيد النُّون وَإِنَّمَا لَا يَقْبَلهُ أَحَد لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ كَثْرَة الْأَمْوَال , وَقِصَر الْآمَال , وَعَدَم الْحَاجَة , وَقِلَّة الرَّغْبَة لِلْعِلْمِ بِقُرْبِ السَّاعَة .ا.هـ.
3 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ نَازِلٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رَجُلًا مَرْبُوعًا إِلَى الْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَصَّرَانِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ فَيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ، وَتَقَعُ الْأَمَنَةُ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الْأُسُودُ مَعَ الْإِبِلِ ، وَالنِّمَارُ مَعَ الْبَقَرِ ، وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ بِالْحَيَّاتِ لَا تَضُرُّهُمْ فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ .(1/3)
رواه أحمد في المسند (2/406) .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح عن الحديث : وَرَوَى أَحْمَد وَأَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَاد صَحِيح .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@173.GwBpbhDdWNA^28@.ef12f42/0
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
أحاديثُ النومِ على البطنِ ..... روايةً
الحمد لله وبعد .
سأل الأخ رغدان1 عن حديث كراهية النوم على البطن فأجبته بما يلي :
رواياتُ الحديثِ :
الحديث الذي سألت عنه جاء عن أربعة من الصحابة :
1 - يَعِيشُ بنُ طِخْفَةَ بنِ قَيسِ الغفاري :
عَنْ يَعِيشَ بْنِ طِخْفَةَ بْنِ قَيْسٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ : كَانَ أَبِي مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَانْطَلَقْنَا فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ ؛ أَطْعِمِينَا فَجَاءَتْ بِحَشِيشَةٍ فَأَكَلْنَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَائِشَةُ ؛ أَطْعِمِينَا فَجَاءَتْ بِحَيْسَةٍ مِثْلِ الْقَطَاةِ ، فَأَكَلْنَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَائِشَةُ ؛ اسْقِينَا فَجَاءَتْ بِعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبْنَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَائِشَةُ ؛ اسْقِينَا فَجَاءَتْ بِقَدَحٍ صَغِيرٍ فَشَرِبْنَا ، ثُمَّ قَالَ : إِنْ شِئْتُمْ بِتُّمْ وَإِنْ شِئْتُمْ انْطَلَقْتُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ ، قَالَ : فَبَيْنَمَا أَنَا مُضْطَجِعٌ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ السَّحَرِ عَلَى بَطْنِي إِذَا رَجُلٌ يُحَرِّكُنِي بِرِجْلِهِ فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ ضِجْعَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ ، قَالَ : فَنَظَرْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
رواه أبو داود في سننه (5001) ، وابن ماجة (752) ، والنسائي في السنن الكبرى (6585 ، 6586 ، 6587 ، 6588 ، 6662 ، 6663 ، 6664 ) ، وأحمد (3/429 - 430) .
وقد بين ابن عبد البر في الاستيعاب (2/774) عند ترجمة طهفة الغفاري اضطراب هذا الحديث فقال :(1/1)
طهفة الغفاري ، اختلف فيه اختلافا كثيرا واضطراب فيه اضطرابا شديدا فقيل : طهفة بن قيس بالهاء ، وقيل : طخفة بن قيس بالخاء ، وقيل : طغفة بالغين ، وقيل : طقفة بالقاف والفاء ، وقيل : قيس بن طخيفة ، وقيل : يعيش بن طخفة عن أبيه ، وقيل : عبد الله بن طخفة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل : طهفة عن ابي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحديثهم كلهم واحد كنت نائما في الصفة على بطني فركضني رسول الله صلى الله عليه وسلم برجله وقال هذه نومة يبغضها الله وكان من أصحاب الصفة ومن أهل العلم من يقول إن الصحبة لعبد الله ابنه ، وإنه صاحب القصة حديثه عن يحيى بن أبي كثير وعليه اختلفوا فيه .ا.هـ.
وقال المزي في تهذيب الكمال (13/375) في ترجمة طخفة :
صحابي ، له حديث واحد ، في النهي عن النوم على بطنه .
رواه : يحيى بن أبي كثير ، وفيه اختلاف طويل عريض ...........ا.هـ. ، وذكر الاختلاف .
وقال الترمذي في سننه (2768) : وروى يحيى بن أبي كثير هذا الحديث عن أبي سلمة ، عن يعيش بن طهفة ، عن أبيه ، ويقال : طخفة ، والصحيح طهفة ، وقال بعض الحفاظ : الصحيح طخفة ، ويقال طغفة يعيش هو من الصحابة .ا.هـ.
وقال عنه العلامة الألباني في ضعيف سنن أبي داود (1069) :
ضعيف مضطرب - غير أن الاضطجاع على البطن منه صحيح .ا.هـ.
وقال في ضعيف ابن ماجة (165) : ضعيف - مضطرب .
وقال الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (24/307 ح 15543) : وهذا إسناد ضعيف لا ضطرابه ولجهالة ابن طخفة ...ا.هـ.
وقد بوب أبو داود على الحديث بقوله : باب في الرجل ينبطح على بطنه .
2 - أبو هريرةَ رضي اللهُ عنهُ :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا مُضْطَجِعًا عَلَى بَطْنِهِ فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ ضِجْعَةٌ لَا يُحِبُّهَا اللَّهُ .
رواه ابن أبي شيبة (9/115) ، والترمذي (2768) ، وأحمد (2/287) .(1/2)
وقد أعل هذا السند الإمامان البخاري وابن أبي حاتم .
قال البخاري في التاريخ الكبير (4/366) : وقال محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح .ا.هـ.
وقال أيضا : وقال لنا أحمد بن الحجاج ، حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح أبو هريرة .ا.هـ.
وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/233) : سألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل مضطجع على بطنه ، فقال : هذه ضجعة لا يحبها الله ، قال أبي : له علة . قلت : وما هو ؟ قال : رواه ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبدالرحمن قال : دخلت أنا وأبو سلمة على ابن طهفة فحدث عن أبيه قال : مر بي وانا نائم على وجهي وهذا الصحيح .ا.هـ.
وقال أيضا : سألت أبي عن حديث رواه عبدالعزيز الدراوردي ، عن محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلى ، عن محمد بن عمرو بن عطاء العامرى ، عن أبي هريرة قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا منكب على وجهى نائم فأقر عنى ثم قال : هذه ضجعة يبغضها الله .
قال أبي : إنما هو محمد بن عمرو ابن عطاء ، عن ابن طخفة ، عن أبيه قال : مر بي النبي صلى الله عليه وسلم .ا.هـ.
وقال المنذري في الترغيب والترهيب : رواه أحمد وابن حبان في صحيحه واللفظ له . وقد تكلم البخاري في هذا الحديث .ا.هـ.
وقد صحح العلماء المعاصرون هذا الحديث على الرغم من إعلال هذاين الإمامين من أئمة الحديث له .
قال الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر - رحمه الله - في شرحه لمسند الإمام أحمد (14/248 - 249) :
" إسناده صحيح .... " ثم قال بعد كلام المنذري الآنف الذكر : " وما عرفت له علة . وما أدري أين تكلم البخاري في هذا الحديث .ا.هـ.
وربما لم يطلع على كلام البخاري في التاريخ الكبير .(1/3)
وقد أعله بنفس العلة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي - رحمه الله - في " تتبعه لأوهام الحاكم التي سكت عليها الذهبي " (4/406) فقال بعد قول الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه :
لا ، مسلم لم يعتمد على محمد بن عمرو بن علقمة ، ثم لا بد من جمع طرق الحديث فالذي يظهر لي وأذكره أن الحديث يرجع إلى يعيش بن طخفة ، وأن محمد بن عمرو قد وهم فيه ، والحديث في " إكرام الضيف " لإبراهيم الحربي ، وفي مسند أحمد بالطريقين ، وحديث أبي هريرة مر برجل مضطجع على بطنه ...إلخ .
أقول : قد اختلف في إسناد هذا الحديث على محمد بن عمرو بن عطاء العامري .
قال أبو حاتم : إنما هو محمد بن عمرو بن عطاء عن ابن طخفة عن أبيه قال : مر بي النبي صلى الله عليه وسلم كما في العلل ، وابن طخفة هو يعيش بن طخفة مجهول .ا.هـ.
وصححه أيضا العلامة الألباني في صحيح سنن الترمذي (2221) ، والمشكاة (4718) ، وصحيح الترغيب والترهيب (3/188 ح 3079) .
وقال تعقيبا على كلام المنذري : قلت : وفته أنه رواه الترمذي (2769) باللفظ المذكور ، وكذا ابن أبي شيبة (9/115/6730) ، والحاكم (4/271) وصححه ، وأقره الذهبي ، وأعله البخاري في التاريخ ثم البيهقي في الشعب بما لا يقدح ؛ لأنه من رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، وقد صرح محمد بن عمرو بالتحديث في رواية لأحمد (2/287) ، وهي رواية الترمذي ، وأشار إلى مخالفة يحيى بن أبي كثير ، فرواه عن أبي سلمة عن يعيش ابن طخفة ، وهي الآتية بعده . لكن الحاكم دفع هذه المخالفة بأنه اختلف في إسناده على يحيى بن أبي كثير ، ووافقه الذهبي .ا.هـ.
وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لمسند الإمام أحمد (13/251 ح 7862) :
حديث قوي ، وظاهر هذا الإسناد أنه حسن كسابقه ، لكن أخطأ فيه محمد بن عمرو .... ا.هـ.(1/4)
والذي يظهر - والعلم عند الله - أن كلام الإمامين البخاري وأبي حاتم مقدم على غيرهما لأنهما أئمة هذا الفن . فالحديث معلول ، والله أعلم .
3 - الشريدُ السلمي :
عَنِ الشَّرِيدِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا وَجَدَ الرَّجُلَ رَاقِدًا عَلَى وَجْهِهِ لَيْسَ عَلَى عَجُزِهِ شَيْءٌ رَكَضَهُ بِرِجْلِهِ وَقَالَ : هِيَ أَبْغَضُ الرِّقْدَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
رواه أحمد في مسنده (4/388) .
وجاء بلفظ :
حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ يَقُولُ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ رَاقِدٌ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ هَذَا أَبْغَضُ الرُّقَادِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
رواه أحمد في مسنده أيضا (4/390) .
قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (32/208 ح 19458) :
مرفوعه حسن لغيره ، وهذا إسناد مرسل ، كما في جميع النسخ ، ومجمع الزوائد ، ووقع في " أطراف المسند " (2/578) و " إتحاف المهرة " (6/191) متصلا بذكر الشريد والد عمرو ، ولا نظنه إلا وهما من الحافظ رحمه الله ، فقد صرح عمرو بن الشريد في الرواية الآتية برقم (19473) بإرساله فقال : بلغنا أن رسول الله مر على رجل وهو راقد .....ا.هـ.
ولا أظن أن هذا الحديث يقوي الأحاديث السابقة .
4 - أبو أمامةَ رضي اللهُ عنهُ :
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ نَائِمٍ فِي الْمَسْجِدِ مُنْبَطِحٍ عَلَى وَجْهِهِ ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ ، وَقَالَ : قُمْ ، وَاقْعُدْ فَإِنَّهَا نَوْمَةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ .
رواه ابن ماجة (3725) ، والبخاري في الأدب المفرد (1188) .
وفي إسناده الوليد بن جميل الكندي الفلسطيني .(1/5)
قال أبو زرعة : شيخ لين الحديث .
وقال البخاري : مقارب الحديث .
وقال أبو حاتم : شيخ يروي عن القاسم أحاديث منكرة .
والمقصود القاسم بن عبد الرحمن .
وفي إسناده أيضا سلمة بن رجاء .
قال يحيى بن معين ليس بشيء .
وقال أبو زرعة صدوق .
وقال أبو حاتم : ما بحديثه بأس .
وقال أبو أحمد بن عدي : أحاديثه أفراد وغرائب ، حدث بأحاديث لا يتابع عليها .
وقال النسائي : ضعيف .
وقال الحاكم عن الدارقطني : ينفرد عن الثقات بأحاديث .
وقال الحافظ في التقريب : صدوق يُغرب .
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/178) :
هذا إسناد فيه مقال الوليد بن جميل لينه أبوزرعة ، وقال أبو حاتم : شيخ يروي عن القاسم أحاديث منكرة .
وقال أبو داود ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات .
وسلمة بن رجاء ويعقوب بن حميد مختلف فيهما وله شاهد من حديث أبي هريرة رواه ابن حبان في صحيحه .ا.هـ.
وقال العلامة الألباني في ضعيف الأدب المفرد (187) :
ضعيف الأسناد بهذا اللفظ ، فيه الوليد بن جميل الكندي الفلسطيني ، صدوق يخطئ ...ا.هـ.
وقال في ضعيف ابن ماجة (816) : ضعيف .
وقال شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (32/209) : وإسناده حسن من أجل الوليد بن جميل .ا.هـ.
وأنّى له أن يكون حسن الإسناد بعد النقول عن أئمة الجرح والتعديل في رجال سنده .
وبعد هذا التخريج للأحاديث الواردة في النوم على البطن يتبين أن أسانيدها لا تخلو من ضعف والله أعلم .
واكتفي بهذا القدر ، ولعلي أجمع كلام أهل العلم في هذا الأمر لا حقا إن شاء الله تعالى .
ومن كان له إضافة على ما ذكرنا نكون له من الشاكرين .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@133.5X39absa1G3^3@.ef0e2e4
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/6)
أحاديثُ النهي عن نظر الرجلِ إلى عورةِ زوجته والعكس في ميزانِ النقدِ العلمي
سؤال عن تخريج حديث ؟
قال ابن قدامة في المغني (9/496) : و يكره النظر إلى الفرج ، فإن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه و سلم قط. رواه ابن ماجه ، و في لفظٍ قالت : ما رأيته من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا رآه مني. ا.هـ المراد نقله من كلامه رحمه الله.
و السؤال هو : من خرج من أهل العلم بالحديث اللفظ الآخر ( ما رأيته من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا رآه مني ) ؟.
فإني لم أقف عليه ... و الله تعالى أعلم.
الجواب :
الأخ بندار .
إليك تخريج الأحاديث التي فيها كراهة النظر إلى فرج الزوجة أو العكس ، وكلام العلماء في المسألة .
وهذا البحث موضوع قديم نشرته قبل أشهر .
توقفنا في الحلقة الثانية من هذه السلسلة عند جواز نظر الرجل إلى عورة زوجته وبالعكس وأوردنا ما جاء في سنة المصطفى صلى الله عليه وأقوال العلماء .
ومع الأسف يظن كثير من الناس أن هذا الأمر غير جائز واستندوا في ذلك إلى بعض الأحاديث الموضوعة والمكذوبة على رسول الله وسأبين هذه الأحاديث تحذيرا للأمة منها مع ذكر سبب ضعفها .
الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت عورة رسول الله صلى الله عليه قط .
رواه الطبراني في الصغير (رقم138) وقال الطبراني : لم يروه عن الثوري إلا يوسف بن أسباط تفرد به بركة بن محمد .
وبركة بن محمد قال عنه الدارقطني في سننه : بركة يضع الحديث .
وقال مسلمة بن قاسم : حدث عن يوسف بن أسباط بمناكير . وقال ابن عدي : وسائر أحاديثه باطلة .
وأورد له الحافظ في " لسان الميزان " (2/13) هذا الحديث من مناكيره .
ورواه ابن ماجة في سننه (1922) بلفظ : ما نظرت أو ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قط .
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/95) : هذا إسناد ضعيف لجهالة تابعيه .(1/1)
والحديث رواه البيهقي في سننه (7/94) .
قال العلامة الألباني في آداب الزفاف (ص109) : وله طريق ثالث عند أبي الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وفيه أبوصالح باذام ضعيف ومحمد بن القاسم الأسدي وهو كذاب .
الحديث الثاني :
عن عتبة ابن عبد السلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ولا يتجرد تجرد العَيْرَيْنِ . رواه ابن ماجة في سننه (1921).
قال العراقي في المغني عن حمل الأسفار (1521) : ابن ماجة من حديث عتبة بن عبد بسند ضعيف .
وقال البوصيري في المصباح (2/95) : هذا إسناد ضعيف لضعف الأحوص بن حكيم العنسي الحمصي .
وفي إسناده أيضا الوليد بن القاسم الهمداني فقد وثقه أحمد بن حنبل وضعفه بن معين لكن ابن عدي قال : إذا روى عن ثقة وروى عنه ثقة فلا بأس به . فتبين أن الضعف ليس من جهته وإنما من غيره .
وقال الشيخ الألباني في آداب الزفاف (ص110) : وأخرجه النسائي في عشرة النساء والملخص في الفوائد المنتقاة وابن عدي عن عبدالله بن سرجس وقال النسائي : حديث منكر وصدقة بن عبدالله (يعني أحد رواته) ضعيف .
ورواه ابن أبي شيبة وعبدالرزاق عن أبي قِلابة وهو مرسل وأخرجه الطبراني وأحمد بن مسعود في أحاديثه والعقيلي في الضعفاء والباطرقاني في حديثه والبيهقي في سننه عن ابن مسعود وضعفه البيهقي بقوله : تفرد به مندل بن علي وليس بالقوي . ثم ذكره بنحوه من حديث أنس وقال : إنه منكر .
ومعنى العَيْرَين تثنية عير وهو حمار الوحش .
الحديث الثالث :
عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا جامع أحدكم زوجته فلا ينظر إلى فرجها فإن ذلك يورث العمى .
قال العلامة الألباني في الضعيفة (ح195) : موضوع وذكر سبب الوضع فيه ولولا خشيت الإطالة لنقلته بحرفه .(1/2)
ثم قال الشيخ عقب ذلك : والنظر الصحيح يدل على بطلان هذا الحديث فإن تحريم النظر بالنسبة للجماع من باب تحريم الوسائل فإذا أباح الله تعالى للزوج أن يجامع زوجته فهل يعقل أن يمنعه من النظر إلى فرجها ؟ ! اللهم لا , ويؤيد هذا النقل حديث عائشة قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد فيبادرني حتى أقول : دع لي دع لي . أخرجه الشيخان وغيرهما .
فإن الظاهر من هذا جواز النظر ويؤيده رواية ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أن سُئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته ؟ فقال : سألت عطاء فقال : سألت عائشة : فذكرت هذا الحديث بمعناه .
قال الحافظ في الفتح : وهو نص في جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه . وإذا تبين هذا فلا فرق حينئذ بين النظر عند الاغتسال أو الجماع فثبت بطلان الحديث .ا.هـ. كلامه جزاه الله خيرا .
الحديث الرابع :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا جامع أحدكم فلا ينظر إلى الفرج فإنه يورث العمى ولا يكثر الكلام فإنه يورث الخرس .
قال الشيخ العلامة الألباني في الضعيفة (ح196) : موضوع وذكر تخريج الحديث نفع الله بعلمه .
الحديث الخامس :
عن قبيصة بن ذؤيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لاتكثروا الكلام عند مجامعة النساء فإن منه يكون الخرس والفأفأة .
قال الشيخ العلامة الألباني في الضعيفة (ح197) : ضعيف جدا .
وبعد هذا العرض لهذه الأحاديث يتبين أن تحريم النظر لا تقوم به حجة والأحاديث الواردة في الباب إما ضعيفة أو موضوعة أو مكذوبة .
كلام العلماء في المسألة :
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/290) :
واستدل به الداوودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه ، ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته ؟ فقال : سألت عطاء ، فقال : سألت عائشة ، فذكرت الحديث بمعناه ، وهو نص في المسألة .ا.هـ.(1/3)
والحديث الذي يشير إليه الحافظ هو حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد [ تختلف أيدينا فيه ] فيبادرني حتى أقول : دع لي ، دع لي ، قالت : وهما جنبان .
قال العلامة الألباني : رواه البخاري ومسلم وأبوعوانة في صحاحهم والسياق لمسلم ، والزيادة له وللبخاري في رواية ، وترجم له بـ " باب غسل الرجل مع امرأته " .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/4)
أحاديثٌ معلولةٌ في الصيامِ
1 - مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ .
أخرجه البخاري في صحيحه معلقا ، كتاب الصوم ، باب إذا جامع في رمضان (4/194) .
وذكره البخاري بصيغة التمريض فقال : ويُذكر عن أبي هريرة رفعه : ... فذكره .
ووصله أبوداود (2396) ، والترمذي (723) ، وابن ماجة (1672) ، وابن خزيمة في صحيحه (3/238رقم1988) ، وأحمد (2/376) من طريق سفيان الثوري وشعبة كلاهما عن حبيب بن أبي ثابت عن عمارة بن عمير عن أبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة .
قال الترمذي : حديث أبي هريرة لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وسمعت محمدا يقول : أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس ولا أعرف له غير هذا الحديث .ا.هـ.
وقال ابن خزيمة في صحيحه (3/238رقم1988) : إن صح الخبر ، فإني لا أعرف ابن المطوس ، ولا أباه .ا.هـ.
وقال ابن عبدالبر في التمهيد (7/173) : وهو حديث ضعيف ، لا يحتج بمثله .ا.هـ.
وقال ابن القيم في تهذيب السنن (حاشية عون المعبود 7/28) : وقال الدارقطني : ليس في رواته مجروح ، وهذه العبارة لا تنفي أن يكون فيهم مجهول ، لا يعرف بجرح ولا عدالة .
ويقال في هذا ثلاثة أقوال : أبو المطوس ، وابن المطوس ، والمطوس تفرد بهذا الحديث قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به من الروايات .ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التغليق (3/171) والفتح (4/191) : وقال البخاري في التاريخ : تفرد أبو المطوس بهذا الحديث ، ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا .
قلت : واختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت اختلافا كثيرا فحصلت فيه ثلاث علل : الاضطراب والجهل بحال أبي المطوس والشك في سماع أبيه من أبي هريرة ، وهذه الثالثة تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء .ا.هـ.(1/1)
وقال الألباني في تمام المنة (ص396) : الحديث ضعيف ، وقد أشار لذلك البخاري بقوله : " ويذكر " ، وضعفه ابن خزيمة في صحيحه والمنذري والبغوي والقرطبي والذهبي والدميري فيما نقله المناوي .ا.هـ.
وقال في الضعيفة (2/283) : فضعفه البخاري وغيره بجهالة أبي المطوس .ا.هـ.
وبهذا يظهر من مجموع كلام أهل العلم ضعف الحديث ، بل قال كثير من العلماء أن من أفطر يوما من رمضان متعمدا فإنه يقضي يوما مكانه ، ولم يقل بما دل عليه الحديث إلا ابن مسعود كما قال البخاري في الموضع الآنف الذكر بعد حديث أبي هريرة : وبه قال ابن مسعود .
وقد ذكر البخاري أيضا من ذهب إلى أنه يقضي يوما مكانه فقال : وقال سعيد بن المسيب والشعبي وابن جبير وإبراهيم وقتادة وحماد : يقضي يوما مكانه .
والآثار التي ذكرها البخاري عن هؤلاء ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح من وصلها ، وكلها تقريبا تصرح بقضاء ذلك اليوم مع الاستغفار .
بل قال الإمام البغوي في شرح السنة (6/290) : فالعلماء مجمعون على أنه يقضي يوما مكانه .ا.هـ.
وقال العظيم آبادي في عون المعبود (7/29) : والذي عليه أكثر السلف أنه يجزئه يوم بدل يوم وإن كان ما أفطره في غاية الطول والحر وما صامه في غاية القصر والبرد .ا.هـ.
---
2 - جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَال ،َ قَالَ : أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : يَا بِلَالُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنْ يَصُومُوا غَدًا .
أخرجه أبو داود (2340) ، والترمذي (691) ، والنسائي في الكبرى (2433 ، 2434 ، 2435 ، 2436) ، وابن ماجه (1652) من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس .
ورواية سماك عن عكرمة مضطربة ولهذا ظهر الاضطراب في هذا الحديث ، فمرة يروى موصولا ، ومرة مرسلا .(1/2)
وممن رجح الرواية المرسلة الإمام الترمذي فقال : حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ اخْتِلَافٌ ، وَرَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ سِمَاكٍ رَوَوْا عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا .
وقال النسائي في الكبرى (2435 ، 2436) : مرسل .
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص : وَسِمَاكٌ إِذَا تَفَرَّدَ بِأَصْلٍ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً .
وضعفه الشيخ الألباني في " الإرواء " (907) .
وقال الشيخ سليمان العلوان في " شرحه لبلوغ المرام " : ومن أرسله اضبط وأحفظ وأكثر ممن وصله فتعين بهذا ترجيح إرساله إلا أنه يشهد له حديث ابن عمر السابق .ا.هـ.
ويقصد الشيخ سليمان العلوان بحديث ابن عمر :
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنِّي رَأَيْتُهُ ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ .
أخرجه أبو داود (2342) ، والدارمي (1733) . وقال الشيخ سليمان : والحديث إسناده صحيح .
---
3 - عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ " .
رواه الترمذي ( 797 ) ، والبيهقي في السنن ( 4/296 – 297 ) والحديث ضعيف فيه ثلاث علل :
1 – نُمَير بن عَرِيب مجهول ، قال أبو حاتم في الجرح والتعديل ( 8/498 ) : لا أعرف نُمير بن عَرِيب إلا في حديث : الصوم في الشتاء .
2 – عامر بن مسعود الجمحي ليس صحابيا ، قال يحيى بن معين في تاريخه (2/289) : عامر الذي يروي " الصوم في الشتاء " ليس له صحبة .
3 – أن عامر مجهول الحال لم يروِ عنه إلا اثنان .
---(1/3)
4 - عَنْ حَفْصَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ .
أخرجه أبو داود (2454) ، والترمذي (730) ، والنسائي في الكبرى (2652 ، 2653 ، 2654 ، 2655 ، ) ، وابن ماجه (1700) ، وأحمد (6/287) .
والحديث روي مرفوعا وموقوفا ، ورجح الترمذي وقفه فقال : حَدِيثُ حَفْصَةَ حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَوْلُهُ ، وَهُوَ أَصَحُّ ، وَهَكَذَا أَيْضًا رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَوْقُوفًا وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ إِلَّا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ .ا.هـ.
وقال النسائي في الكبرى : قال أبو عبد الرحمن : والصواب عندنا موقوف ، ولم يصح رفعه – والله أعلم – لأن يحيى بن أيوب ليس بذلك القوي ، وحديث ابن جريج ، عن الزهري غير محفوظ . والله أعلم .ا.هـ.
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : وَاخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ , فَقَالَ اِبْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ : لَا أَدْرِي أَيَّهمَا أَصَحُّ يَعْنِي رِوَايَةَ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ لَكِنَّ الْوَقْفَ أَشْبَهُ . وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ : لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ الْمَوْقُوفُ أَصَحُّ . وَنَقَلَ فِي الْعِلَلِ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ هُوَ خَطَأٌ , وَهُوَ حَدِيثٌ فِيهِ اِضْطِرَابٌ وَالصَّحِيحُ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ مَوْقُوفٌ . وَقَالَ النَّسَائِيُّ : الصَّوَابُ عِنْدِي مَوْقُوفٌ وَلَمْ يَصِحَّ رَفْعُهُ . وَقَالَ أَحْمَدُ : مَا لَهُ عِنْدِي ذَلِكَ الْإِسْنَادُ .(1/4)
وقال الشيخ العلوان في " شرحه لبلوغ المرام " : والصحيح وقفه على ابن عمر وعلى حفصه فقد رواه مالك في الموطأ عن نافع عن ابن عمر به وهذا إسناد صحيح .
وأما وقفه على حفصة فقد جاء عند النسائي وغيره من طريق سفيان عن ابن عيينه ومعمر وجماعة كلهم يروونه عن الزهري عن حمزة عن ابن عمر عن حفصة به وهذا إسناد صحيح . ولا يعلم لحفصة وابن عمر مخالف من لصحابة .ا.هـ.
والحديث جاء عن عائشة عند مالك (1/288) من طريق ابن شهاب عن عائشة ، وهو منقطع ، ولهذا بوب على النسائي في الكبرى على الحديث : أرسله مالك .
وجاء عند الدارقطني (2/172-173) عن عائشة وقال الدارقطني : تفرد به عبد الله بن عباد عن المفضل بهذا الإسناد ، وكلهم ثقات .ا.هـ.
أما عبد الله بن عباد هو البصري ، قال عنه ابن حبان (2/10) : شيخ سكن مصر ، يقلب الأخبار . روى عن المفضل بن فضالة ، عن يحيى بن أيوب ، عن يحيى بن سعيد عن عمرة ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ... فكره بنحو حديث حفصة . هذا مقلوب ، إنما هو عند يحيى بن أيوب ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، عن حفصة . فيما يشبه هذا ، روى عنه روح بن الرح أبو الزنباغ نسخة موضوعة .ا.هـ. وجاء عند الدارقطني (2/173) من حديث ميمونة بنت سعد وفي سنده الواقدي .
والشيخ الألباني – رحمه الله – لم يذكر رواية ميمونة بنت سعد عند الدارقطني في " الإرواء " (914) .
---
5 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا .
أخرجه الترمذي (700) ، وأحمد (2/329) . وقال الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ !
وصححه الشيخ العلامة أحمد شاكر في " المسند (12/231 ح 7240) !
والحديث في سنده قُرَّةُ بن عبد الرحمن بن حيويل .
قال الإمام أحمد : منكر الحديث جدا .(1/5)
وقال يحيى بن معين : ضعيف الحديث .
وقال أبو زرعة : الأحاديث التي يرويها مناكير .
وقال أبو حاتم والنسائي : ليس بقوي .
وقال أبو داود : في حديثه نكارة .
وقد روى له مسلم مقرونا بغيره .
وهناك أحاديث في فضل تعجيل الفطر تغني عن هذا الحديث ومنها :
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ .
أخرجه البخاري (1957) ، ومسلم (1098) .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (4/198) :
( تَنْبِيهٌ ) : مِنْ الْبِدَع الْمُنْكَرَة مَا أُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَان مِنْ إِيقَاع الْأَذَان الثَّانِي قَبْل الْفَجْر بِنَحْوِ ثُلُثِ سَاعَةٍ فِي رَمَضَان , وَإِطْفَاء الْمَصَابِيح الَّتِي جُعِلَتْ عَلَامَةً لِتَحْرِيمِ الْأَكْل وَالشُّرْب عَلَى مَنْ يُرِيد الصِّيَام زَعْمًا مِمَّنْ أَحْدَثَهُ أَنَّهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَة وَلَا يَعْلَم بِذَلِكَ إِلَّا آحَاد النَّاس , وَقَدْ جَرَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ صَارُوا لَا يُؤَذِّنُونَ إِلَّا بَعْد الْغُرُوب بِدَرَجَةٍ لِتَمْكِينِ الْوَقْت زَعَمُوا فَأَخَّرُوا الْفِطْر وَعَجَّلُوا السُّحُور وَخَالَفُوا السُّنَّةَ , فَلِذَلِكَ قَلَّ عَنْهُمْ الْخَيْر كَثِيرٌ فِيهِمْ الشَّرُّ , وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .ا.هـ.(1/6)
عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ قَالَ : دَخَلْتُ أَنَا ، وَمَسْرُوقٌ عَلَى عَائِشَةَ فَقُلْنَا : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا يُعَجِّلُ الْإِفْطَارَ وَيُعَجِّلُ الصَّلَاةَ وَالْآخَرُ يُؤَخِّرُ الْإِفْطَارَ وَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ . قَالَتْ : أَيُّهُمَا الَّذِي يُعَجِّلُ الْإِفْطَارَ ، وَيُعَجِّلُ الصَّلَاةَ . قَالَ : قُلْنَا : عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ - . قَالَتْ : كَذَلِكَ كَانَ يَصْنَعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أخرجه مسلم (1099) .
---
6 - عَنْ أَنَس قَالَ : " أَوَّل مَا كُرِهَتْ الْحِجَامَة لِلصَّائِمِ أَنَّ جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب اِحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِم , فَمَرَّ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : أَفْطَرَ هَذَانِ , ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد فِي الْحِجَامَة لِلصَّائِمِ , وَكَانَ أَنَس يَحْتَجِم وَهُوَ صَائِم " .
أخرجه الدارقطني (2/182) ، وقال : كُلّهمْ ثِقَات , وَلَا أَعْلَم لَهُ عِلَّة .
قال الزيلعي في " نصب الراية " (2/480-481) نقلا عن ابن عبد الهادي :(1/7)
قال صاحب " التنقيح " : هذا حديث منكر ، لا يصح الاحتجاج به ، لأنه شاذ الإِسناد والمتن ، وكيف يكون هذا الحديث صحيحاً سالماً من الشذوذ ، والعلة ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ، ولا هو في المصنفات المشهورة ، ولا في السنن المأثورة ، ولا في المسانيد المعروفة ، وهم يحتاجون إليه أشد احتياج ، ولا نعرف أحداً رواه في الدنيا إلا الدارقطني ، رواه عن البغوي عن عثمان بن أبي شيبة حدثنا خالد بن مخلد به ، وكل من رواه بعد الدارقطني إنما رواه من طريقه ، ولو كان معروفاً لرواه الناس في " كتبهم " ، وخصوصاً الأمهات " كمسند " أحمد ، و" مصنف " ابن أبي شيبة ، و" معجم" الطبراني ، وغيرهما .
ثم إن خالد بن مخلد القطواني ، وعبد اللّه بن المثنى ، وإن كانا من رجال الصحيح ، فقد تكلم فيهما غير واحد من الأئمة . قال أحمد بن حنبل في خالد : له أحاديث مناكير . وقال ابن سعد : منكر الحديث ، مفرط التشيع . وقال السعدي : كان معلناً بسوء مذهبه . ومشاه ابن عدي ، فقال : هو عندي إن شاء اللّه لا بأس به .(1/8)
وأما ابن المثنى ، فقال أبو عبيد الآجري : سألت أبا داود عن عبد اللّه بن المثنى الأنصاري ، فقال : لا أخرج حديثه . وقال النسائي : ليس بالقوي . وذكره ابن حبان في " الثقات " ، وقال : ربما أخطأ . وقال الساجي : فيه ضعف ، لم يكن صاحب حديث . وقال الموصلي : روى مناكير . وذكره العقيلي في " الضعفاء " ، وقال : لا يتابع على أكثر حديثه ، ثم قال : حدثنا الحسين الدارع حدثنا أبو داود سمعت أبا سلمة يقول : حدثنا عبد اللّه بن المثنى ، وكان ضعيفاً منكر الحديث ، وأصحاب الصحيح إذا رووا لمن تكلم فيه ، فإنهم يدَعون من حديثه ما تفرد به ، وينتقون ما وافق فيه الثقات ، وقامت شواهده عندهم ، وأيضاً فقد خالف عبد اللّه بن المثنى في رواية هذا الحديث عن ثابت ، أمير المؤمنين في الحديث شعبة بن الحجاج ، فرواه بخلافه ، كما هو في " صحيح البخاري " ، ثم لو سلم صحة هذا الحديث لم يكن فيه حجة ، لأن جعفر بن أبي طالب رضي اللّه عنه قتل في غزوة مؤتة ، وهي قبل الفتح ، وحديث : أفطر الحاجم والمحجوم كان عام الفتح، بعد قتل جعفر بن أبي طالب، انتهى كلام " صاحب التنقيح " .ا.هـ.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وَرُوَاته كُلّهمْ مِنْ رِجَال الْبُخَارِيّ , إِلَّا أَنَّ فِي الْمَتْن مَا يُنْكَرُ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْفَتْح , وَجَعْفَر كَانَ قُتِلَ قَبْل ذَلِكَ .ا.هـ.
---
7 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَإِنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ .
أخرجه أبو داود (2380) ، والترمذي (720) ، والنسائي في الكبرى (3116) ، وابن ماجه (1676) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ : سَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ : لَيْسَ مِنْ ذَا شَيْءٌ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيدُ أَنَّ الْحَدِيثَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ .(1/9)
وقال الترمذي : حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ هِشَامٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ . و قَالَ مُحَمَّدٌ : لَا أُرَاهُ مَحْفُوظًا . قَالَ أَبُو عِيسَى : وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ .
وقَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين اِبْن الْقَيِّم رَحِمه اللَّه في تعليقه على السنن (7/6-7 عون المعبود ) :
هَذَا الْحَدِيث لَهُ عِلَّة , وَلِعِلَّتِهِ عِلَّة .
أَمَّا عِلَّته فَوَقْفه عَلَى أَبِي هُرَيْرَة , وَقَفَهُ عَطَاء وَغَيْره .
وَأَمَّا عِلَّة هَذِهِ الْعِلَّة فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحه بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة إِنَّهُ قَالَ : " إِذَا قَاءَ فَلَا يُفْطِر , إِنَّمَا يَخْرُج وَلَا يُولِج " قَالَ : وَيُذْكَر عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " أَنَّهُ يُفْطِر " وَالْأَوَّل أَصَحّ .ا.هـ.
ورواه النسائي في الكبرى (3118) موقوفا على أبي هريرة فبوب بقوله : وقَفَه عطاء .
---
8 – عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن النُّعْمَان بْن مَعْبَد بْن هَوْذَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَالَ : لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ .
أخرجه أبو داود (2377) ، والبخاري في التاريخ الكبير (7/398) .
قَالَ أَبُو دَاوُد قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ . يَعْنِي حَدِيثَ الْكُحْلِ .(1/10)
وقَالَ الزَّيْلَعِيُّ (2/457) : قَالَ صَاحِبُ " التَّنْقِيحِ " مَعْبَدٌ وَابْنُهُ النُّعْمَانُ كَالْمَجْهُولَيْنِ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ اِبْنُ مَعِينٍ : ضَعِيفٌ , وَقَالَ لِي أَبُو حَاتِمٍ صَدُوقٌ .ا.هـ.
وقال الترمذي في موضوع الاكتحال : وَلَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ .
---
وجاء في مسألة اكتحال الصائم أحاديث :
9 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : اشْتَكَتْ عَيْنِي أَفَأَكْتَحِلُ وَأَنَا صَائِمٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ .
أخرجه الترمذي (726) . وقال : حَدِيثُ أَنَسٍ ، حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ . وَأَبُو عَاتِكَةَ يُضَعَّفُ .
وابو عاتكة هو طريف بن سلمان ، ويقال : سلمان بن طريف .
قال أبو حاتم : ذاهب الحديث . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة . وقال الدارقطني . ضعيف . وقال ابن حبان : منكر الحديث جدا ، ويروي عن أنس ما لا يشبه حديثه ، وربما روى عنه ما ليس من حديثه .
---
حديث آخر :
10 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْتَحِلُ وَهُوَ صَائِمٌ .
أخرجه ابن خزيمة (2008) بلفظ :
نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ، ونزلت معه ، فدعاني بكحل إثمد ، فاكتحل في رمضان وهو صائم – إثمد غير ممسك .
قال ابن خزيمة عقب الحديث : أنا أبرأ من عهدة هذا الإسناد لمعمر .(1/11)
قال الحافظ ابن حجر في " التلخيص " : وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ : هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ , وَقَالَ فِي مُحَمَّدٍ : إنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ , وَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ .
والأحاديث في منع الاكتحال للصائم لا تثبت كما قرر آنفا .
---
11 - حَدِيثُ : لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ ... رِوايةٌ
http://www.saaid.net/Doat/Zugail/80.htm
---
12 - تخريج الدعاء : " اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان " .
http://www.saaid.net/Doat/Zugail/57.htm
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@242.bUwOcdzZ3PC.0@.ef3ba45
كتبه
عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/12)
أسئلة عن صحة بعض الأحاديث
هل تصح هذه الرواية...." ماتثاءب نبي قط"..؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هل صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه قال :"ماتثاءب نبي قط"
وهل صح "أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يتمطى ، لأنه من الشيطان"
جزاكم ربي خير الجزاء
الجواب:
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " في كتاب الأدب ، باب إذا تثاءب فليضع يده على فيه :
وَمَنْ الْخَصَائِص النَّبَوِيَّة مَا أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة وَالْبُخَارِيّ فِي " التَّارِيخ " مِنْ مُرْسَل يَزِيد بْن الْأَصَمّ قَالَ " مَا تَثَاءَبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ " وَأَخْرَجَ الْخَطَّابِيُّ مِنْ طَرِيق مَسْلَمَةَ بْن عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان قَالَ " مَا تَثَاءَبَ نَبِيّ قَطُّ " وَمَسْلَمَة أَدْرَكَ بَعْض الصَّحَابَة وَهُوَ صَدُوق . وَيُؤَيِّد ذَلِكَ مَا ثَبَتَ أَنَّ التَّثَاؤُب مِنْ الشَّيْطَان . وَوَقَعَ فِي " الشِّفَاء لِابْنِ سَبْع " أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَتَمَطَّى , لِأَنَّهُ مِنْ الشَّيْطَان , وَاللَّهُ أَعْلَمُ .ا.هـ.
رابط الموضوع
---
ما صحة حديث : ليست العربية بأب لأحد منكم أو أمّ
ما صحة هذا الحديث :
( ليست العربية بأب لأحد منكم أو أمّ ، وإنّما هي اللسان ، فمن تكلم العربية فهو عربي )
الجواب:(1/1)
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : جاء قيس بن مطاطية إلى حلقة فيها سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي فقال : هذا الأوس والخزرج قد قاموا بنصرة هذه الرجل فما بال هؤلاء فقام إليه معاذ بن جبل فأخذ تلبيبه ، ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره مقالته ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى دخل المسجد، ثم نودي الصلاة جامعة ، وقال : أيها الناس ، إن الربّ واحد والأب أبّ واحد، وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم وإنما هي اللسان ، فمن تكلم العربية فهو عربي ، فقام معاذ بن جبل وهو آخذ بتلبيبه قال : فما تأمرنا بهذا المنافق يا رسول الله ؟ قال : دعه ، إلى النار ، فكان قيس ممن ارتد في الردة فقتل .
قال الألباني في " الضعيقة " (926) : ضعيف جداً .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=8f210d680d7be4b56df6aa7b2f5bd1c4&threadid=8787
صلاة حفظ القرآن الكريم
هل ثبت دليل صحيح يثبت مشروعية صلاة حفظ القرآن الكريم بارك الله فيكم ؟
الجواب:
الحديث موضوع ، لا يثبت عن النبي صلى الله .
رواه الترمذي (3570) ، والحاكم (1/453) ، والعقيلي في " الضعفاء " (4/1193) ، وابن الجوزي في " الموضوعات " (2/457) .
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي الْفَوَائِدِ الْمَجْمُوعَةِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ هَذَا :
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ اِبْنُ الْجَوْزِيِّ : الْوَلِيدُ يُدَلِّسُ تَدْلِيسَ التَّسْوِيَةِ وَلَا أَتَّهِمُ بِهِ إِلَّا النَّقَّاشَ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِي شَيْخَ الدَّارَقُطْنِيِّ .ا.هـ.
وحكم الشيخ الألباني على الحديث بالوضع كما في " الضعيفة " (3374) .
رابط الموضوع(1/2)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=8f210d680d7be4b56df6aa7b2f5bd1c4&threadid=8753
ما صحة حديث : ... ثُمّ يَلْتَزِمُ صَدْرَها وَثَدْيَيْهَا
ما صحة هذا الحديث و ما شرحه ؟
و ما معنى يلتزم صدرها و ثدييها؟
فقد روى النسائي أن عائشة - رضي الله عنها - سئلت : كيف كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حاضت إحداكن ؟ ..
قالت كان يأمرنا أن نتزر بإزار واسع ثم يلتزم صدرها وثدييها ..
الجواب:
قال العلامة الألباني في " ضعيف النسائي " (12) : منكر .
في سنده صَدَقَةُ بْنُ سَعِيدٍ الحنفي الكوفي .
قال أبو حاتم : شيخ . وقال أبو الحسن ابن القطان : لم تثبت عدالته ، ولم يثبت فيه جرح مفسر . وقال ابن قانع ضعيف . وقال الساجي : ليس بشيء . وقال البخاري : عنده عجائب . وقال محمد بن وضاح : ضعيف . وذكره ابن حبان في " الثقات " . وقال الحافظ ابن حجر : مقبول .
وذكره الحافظ الذهبي في " الميزان " (2/310) .
والعجيب أن صاحبا " تحرير التقريب " (2/138) قالا : بل : صدوق حسن الحديث ، فقد روى عنه جمع ، وقال أبو حاتم شيخ ، وذكره ابن حبان في " الثقات " .ا.هـ.
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&postid=45620#post45620
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
أَثَرٌ مَشْهُورٌ يُرَدَّدُ فِي نَهَايَةِ كُلِّ عَامٍ
الحمدُ للهِ وبعد ؛
يقومُ الوعاظُ والخطباءُ ، وتقومُ المقالاتُ والمطوياتُ وغير ذلك في هذه الأزمان المتأخرةِ بالتذكيرِ بمحاسبة النفس في نهاية العامِ ، وهذا أمر طيبٌ ولا شك ، ولكن السؤالُ المطروحُ : هل كان السلفُ يذكرون الناسَ بمحاسبةِ النفسِ في نهايةِ العامِ فقط ؟!!!
الجواب : كلا ، بل المتتبع لأحوالهم يجدُ أنهم يذكِّرون أنفسهم في كل وقتٍ وحينٍ بمحاسبةِ النفسِ ، ولو رجعنا إلى مصنفاتهم في هذا الأمر لوجدنا العديد ، ومن أشهر الكتب : محاسبةُ النفسِ لابن أبي الدنيا ، وهو يروي الأحاديث والآثار بالسند عن سلف الأمة ، ولم ينقل عن أحدهم أنهم يذكَّرون أنفسهم أو غيرهم بمحاسبة النفس في نهاية العام .
وأيضاً المتأملُ لكتابِ الله ِ يجد أن اللهَ في آيات كثيرةٍ يذكر العبد بالمحاسبةِ ، والتوبةِ ، والإنابةِ إليه .
فالحاصلُ : إن المحاسبة للنفس ليست محددةً بوقت معين ، ولا بمناسبة معينة .
بعد هذه المقدمة نأتي على ما عنونا به المقال ، نسمعُ ونقرأُ في موضوعِ التذكيرِ بمحاسبةِ النفسِ ترديداً لأثرٍ عن الخليفةِ الثاني أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه .
فلنقف مع هذا الأثرِ من جهةِ صحةِ نسبته إلى عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه .
نَصُّ الأَثَرِ :
عنْ عُمَرَ بنِ الْخَطّابِ قَالَ : حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَتَزَيّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ ، وَإِنّمَا يَخِفّ الْحَسَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ في الدّنْيَا.
وفي لفظٍ : عن عمر أنه قال في خطبته : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، فإنه أهون لحسابكم ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، وتزينوا للعرض الأكبر : " يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ "[ الحاقة : 18 ] .
تَخْرِيجُ الأَثَرِ :(1/1)
أخرجه ابن أبي الدنيا في " محاسبة النفس " ( ص 29 – 30 ) ، وأحمد في " الزهد " ( ص 120) ، وأبو نعيم في " الحلية " (1/52) ، وعلقه ابن الجوزي في " مناقب عمر رضي الله عنه " ( ص 178) من طريق جعفر بن بُرقَان ، عن ثابت بن الحجاج ، عن عمر رضي الله عنه به .
وهذا سند فيه انقطاع بين ثابت وعمر ؛ فإن ثابتاً لم يدرك عمر رضي الله عنه .
وأخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (13/270) من طريق جعفر بن بُرقَان ، عن رجل لم يكن يسمه ، عن عمر رضي الله عنه .
وكما هو ظاهر السند فإن فيه رجلاً مبهماً .
وأخرجه ابن المبارك في الزهد ( ص 103 ) عن مالك بن مغول بلاغا عن عمر رضي الله عنه .
وأخرجه مالك في " الموطأ " (2/111) " رواية أبي مصعب " بسند منقطع بين يحيى بن سعيد وعمر رضي الله عنه .
وقد ذكره الإمام الترمذي في سننه (4/550) بصيغة التمريض فقال : وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ ، وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا .
وقد ضعف الأثر الشيخ العلامة الألباني – رحمه الله – في " الضعيفة " (1201) ، وأبو إسحاق الحويني في " تخريجه لتفسير ابن كثير " (1/478) وقال : وهذا سند رجاله ثقات لكنه منقطع بين ثابت بن الحجاج وعمر بن الخطاب فلم يدركه .ا.هـ.
فالحاصل أن جميع طرق الأثر لا تثبت ، والله أعلم .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@98.NBWTdqNxawx.7@.1dd31e95
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
احذرْ مِن هذه القصة ولا تروها إلا بشرطٍ ....
قِصةٌ لا تثبتُ عن الصحابي " ثعلبةُ بنُ عبد الرحمن الأنصاري "
الحمد الله وبعد ؛
وصلتني رسالة على بريدي الإلكتروني وفيها قصة موت أحد الصحابة وهو " ثعلبة بن عبد الرحمن الأنصاري – رضي الله عنه – " ، وقد بحثت عن صحة نسبة القصة إلى ذلك الصحابي وإليكم ما جاء فيها ، مع بيان مدى ثبوتها .
نصُ القصةِ :
عن جابر : أن فتى من الأنصار يقال له ثعلبة بن عبدالرحمن أسلم ، وكان يخدم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فبعثه في حاجة ، فمر بباب رجل من الأنصار ، فرأى امرأة الأنصاري تغتسل فكرر إليها النظر ، وخاف أن ينزل الوحي ، فخرج هارباً على وجهه ، فأتى جبالا بين مكة والمدينة ، فوجلها ففقده النبي صلى اللّه عليه وسلم أربعين يوماً ، وهي الأيام التي قالوا : ودعه ربه وقلى ، ثم أن جبريل عليه السلام نزل على النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول : إن الهارب من أمتك(1/1)
بين هذه الجبال يتعوذ بي من ناري فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : يا عمر ، ويا سلمان انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبدالرحمن فخرجا في أنقاب المدينة ، فلقيا راعياً من رعاة المدينة يقال له : ذفافة فقال عمر له : يا ذفافة هل لك علم بشاب بين هذه الجبال يقال له ثعلبة بن عبدالرحمن ، فقال له ذفافة : لعلك تريد الهارب من جهنم ، فقال له عمر : وما علمك أنه هارب من جهنم ، قال : لأنه إذا كان جوف الليل خرج علينا من هذه الجبال واضعاً يده على رأسه وهو ينادي ياليتك قبضت روحي في الأرواح ، وجسدي في الأجساد لم تجردني لفصل القضاء ، فقال له عمر : إياه نريد ، فانطلق بهما فلما كان في جوف الليل خرج عليهم من تلك الجبال واضعاً يده على أم رأسه وهو ينادي : يا ليت أن قبضت روحي في الأرواح وجسدي في الأجساد لم تجردني لفصل القضاء ، قال : فغدا عليه عمر فاحتضنه فقال له : الأمان الخلاص من النار ، فقال له : عمر بن الخطاب ! قال : نعم . فقال له : يا عمر ؛ هل علم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بذنبي ؟ فقال : لا علم لي أنه ذكرك بالأمس فأرسلني أنا وسلمان في طلبك ، فقال : يا عمر لا تدخلني عليه إلا وهو يصلي ، إذ بلال يقول : قد قامت الصلاة ، قال : أفعل .(1/2)
فأقبلوا به إلى المدينة ، فوافوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو في صلاة الغداة فابتدر عمر وسلمان الصف فلما سمع قراءة النبي صلى اللّه عليه وسلم خر مغشياً عليه فلم سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : يا عمر ويا سلمان ما فعل ثعلبة ، قالا : هو ذا يا رسول اللّه فقام النبي صلى اللّه عليه وسلم قائماً فحركه فانتبه فقال : يا ثعلبة ما غيبك عني ، قال : ذنبي يَا رَسُولَ اللّه ، قال : أفلا أدلك على آية تمحوا الذنوب والخطايا ، قال : بلى يا رسول اللّه ، قال : " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " [ البقرة : 201] قال : ذنبي أعظم يا رسول اللّه ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : بل كلام اللّه أعظم ، ثم أمره بالإنصراف إلى منزله فمرض ثمانية أيام ثم إن سلمان أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال : يا رسول اللّه هل لك في ثعلبة فإنه ألم به فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : قوموا بنا إليه فدخل عليه فأخذ رأسه فوضعه على حجره فأزال رأسه عن حجر النبي فقال : لم أزلت رأسك عن حجري قال : إنه ملآن من الذنوب ، قال : ما تشتكي ؟ قال : أجد مثل دبيب النمل بين عظمي ولحمي وجلدي ، قال : ما تشتهي ؟ قال : مغفرة ربي ؛ فنزل جبريل فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول : لك لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الأرض خطيئة لقيته بقرابها مغفرة فأعلمه النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ففاضت نفسه ، فأمر بغسله وتكفينه ، فلما صلى عليه جعل يمشي على أطراف أنامله فلما دفنه قيل له : يَا رَسُولَ اللّه رأيناك تمشي على أطراف أناملك ، قال : والذي بعثني بالحق ماقدرت أن أضع قدمي على الأرض من كثرة أجنحة من نزل من الملائكة لتشيعه .
سندُ القصةِ :
أورد السيوطي في " اللآلى المصنوعة " (2/307) سند القصة فقال :
((1/3)
أبو نعيم ) حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المفيد ، حدثنا موسى بن هارون ومحمد بن الليث الجوهري قالا : حدثنا سليم بن منصور بن عمار ، حدثنا أبي ، حدثنا المنكدر بن محمد المنكدر ، عن أبيه ، عن جابر به .
عِللُ القصةِ :
هذه القصة فيها ثلاثُ عللٍ :
العِلةُ الأولى : عِلةٌ إسناديةٌ :
وهذا السند مسلسل بالضعفاء :
1 - أبو بكر محمد بن أحمد المفيد الجَرْجَرائي .
ذكره الإمام الذهبي في " الميزان " (3/460-461) فقال : " ... روى مناكير عن مجاهيل ... وقد حدث عنه البرقاني في صحيحه مع اعتذاره واعترافه بأنه ليس بحجة ... وقال أبو الوليد الباجي : أنكرت على أبي بكر المفيد أسانيد أدَّعَاها .
قلت ( الذهبي ) : مات سنة ثمان وسبعين وثلاث مئة ، وله أربع وتسعون سنة . وهو متهم .ا.هـ.
وقال أيضا في سير أعلام النبلاء (16/269) فقال : الشيخ الإمام ، المحدِّث الضعيف .
وقال في " تذكرة الحفاظ " (3/979) : وقال الماليني : كان المفيد رجلا صالحا . قلت : لكنه متهم .
فائدةٌ :
قال الذهبي في " تذكرة الحفاظ " (3/979) :
وقال الخطيب : حدثني محمد بن عبد الله عنه أنه قال : موسى بن هارون سماني المفيد .
قلت ( الذهبي ) : فهذه العبارة أول ما استعملت لقبا في هذا الوقت قبل الثلاث مئة ، والحافظ أعلى من المفيد في العرف ، كما أن الحجة فوق الثقة .ا.هـ.
2 - سُليم بن منصور بن عمار ، أبو الحسن .
قال عنه الذهبي في " الميزان " (2/232) : عن ابن عُلية وجماعة . قال ابن أبي حاتم : قلت لأبي : أهل بغداد يتكلمون ؟ فقال : مه ، سألت ابن أبي الثلج عنه فقلت : يقولون : كتب عن عليه وهو صغير . فقال : لا .ا.هـ.
وقال في " المغني في الضعفاء " (1/285) : سُليم بن منصور بن عمار ، عن ابن علية ، تُكلم فيه ولم يترك .ا.هـ.
وقال في " ديوان الضعفاء " ( ص 177) : سُليم بن منصور بن عمار عن أبيه . تكلم فيه بعض البغدادين .ا.هـ.
3 - منصور بن عمار الواعظ .(1/4)
قال عنه الذهبي في " الميزان " (4/187-188) : الواعظ ، أبو السري ... قال أبو حاتم : ليس بالقوي . وقال ابن عدي : منكر الحديث . وقال العقيلي : فيه تجهم . وقال الدارقطني : يروي عن الضعفاء أحاديث لا يتابع عليها .ا.هـ.
ثم قال الذهبي في آخر ترجمته : وساق له ابن عدي أحاديث تدل على أنه واهٍ في الحديث .ا.هـ.
وقد أعل العلامة الألباني في " الضعيفة " (4/359 رقم 1884) حديثا في سنده سُليم بن منصور وأبوه .
فائدةٌ :
قال ابن عدي في " الكامل " (6/395) عند آخر ترجمة منصور بن عمار :
وكان يُعطى على الوعظ الحسن مالٌ .ا.هـ.
وقال الذهبي في " الميزان " في ترجمة منصور بن عمار :
وإليه كان المنتهى في بلاغة الوعظ ، وترقيق القلوب ، وتحريك الهمم ، وعظ ببغداد والشام ومصر ، وبعد صيته واشتهر اسمه .ا.هـ.
4 - المنكدر بن محمد بن المنكدر القرشي .
ذكره المزي في " تهذيب الكمال " (28/564-565) وأورد جملة من كلام علماء الجرح والتعديل ومنها :
قال البخاري : قال ابن عيينة : لم يكن بالحافظ .
وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : ليس بشيء .
وقال مرة : ليس به بأس .
وقال أبو زرعة : ليس بالقوي .
وقال أبو حاتم : كان رجلا لا يفهم الحديث ، وكان كثير الخطأ ، لم يكن بالحافظ لحديث أبيه .
وقال الجوزجاني والنسائي : ضعيف .
ولخص الحافظ ابن حجر في " التقريب " الحكم عليه فقال : لين الحديث .
وذكر السيوطي في " اللآلئ المصنوعة " (2/307) طريقيين تلتقي عند سليم بن منصور به فقال :
ورواه أبو عبد الرحمن السلمي عم جده اسماعيل بن نجيد ، عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي ، عن سليم وهؤلاء لا تقوم بهم حجة .
قلت : ورواه الخرائطي في اعتلال القلوب حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد حدثنا إبراهيم بن علي الأطروش حدثنا سليم بن منصور به .ا.هـ.
فتبقى علة الحديث قائمةً من عند سليم بن منصور بغض النظر عما قبله من الرجال .
العلماءُ الذين أعلوا القصةَ :(1/5)
قال ابن الأثير في أسد الغابة " (1/290) بعد أن أرود القصة في ترجمة " ثعلبة بن عبد الرحمن " :
قلت : أخرجه ابن مندة وأبو نعيم ، وفيه غير إسناده ، فإن قوله تعالى : " " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [ الضحى : 3 ] نزلت في أول الإسلام والوحي ، والنبي بمكة ، والحديث في ذلك صحيح ، وهذه القصة كانت بعد الهجرة ، فلا يجتمعان .ا.هـ.
وأعل الحافظ ابن حجر في " الإصابة " (2/23) القصة فقال عند ترجمة الصحابي " ثعلبة ":
يقال إنه كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم .
روى بن شاهين وأبو نعيم مطولا من جهة سليم بن منصور بن عمار ، عن أبيه ، عن المنكدر بن محمد بن المنكدر ، عن أبيه ، عن جابر : أن فتى من الأنصار يقال له : ثعلبة بن عبدالرحمن كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، فبعثه في حاجة ، فمر بباب رجل من الأنصار فرأى امرأته تغتسل فكرر النظر إليها ، ثم خاف أن ينزل الوحي فهرب على وجهه حتى أتي جبالا بين مكة المدينة فقطنها ففقده النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما وهي الأيام التي قالوا : ودعه ربه وقلاه ، ثم إن جبريل نزل عليه فقال : يا محمد أن الهارب بين الجبال يتعوذ بي من النار ، فأرسل إليه عمر فقال : انطلق أنت وسلمان فائتياني به فلقيها راع يقال له : دفافة فقال : لعلكما تريدان الهارب من جهنم فذكر الحديث بطوله في اتيانهما به ، وقصة مرضه ، وموته من خوفه من ذنبه .
قال بن منده بعد أن رواه مختصرا : تفرد به منصور .
قلت : وفيه ضعف ، وشيخه أضعف منه ، وفي السياق ما يدل على وهن الخبر لأن نزول " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [ الضحى : 3 ] كان قبل الهجرة بلا خلاف .ا.هـ.
وقال السيوطي في " اللآلئ المصنوعة " (2/307) :
موضوع . المنكدر ليس بشيء ، وسليم تكلموا فيه ، وأبو بكر المفيد ليس بحجة ، وليس في الصحابة من اسمه ذفافة .(1/6)
وقوله تعالى : " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [ الضحى : 3 ] إنما نزل بمكة بلا خلاف .ا.هـ.
العِلةُ الثانيةُ : عِلةٌ في المتنِ :
أن قوله تعالى : " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [ الضحى : 3 ] نزلت في مكة ، والقصة في المدينة ، وهذه علة ترد بها القصة ، ولهذا أشار إلى ذلك ابن الأثير والسيوطي .
قال ابن الأثير في أسد الغابة " (1/290) :
وفيه غير إسناده ، فإن قوله تعالى : " " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [ الضحى : 3 ] نزلت في أول الإسلام والوحي ، والنبي بمكة ، والحديث في ذلك صحيح ، وهذه القصة كانت بعد الهجرة ، فلا يجتمعان .ا.هـ.
وقال السيوطي في " اللآلئ المصنوعة " (2/307) :
وقوله تعالى : " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى " [ الضحى : 3 ] إنما نزل بمكة بلا خلاف .ا.هـ.
العِلةُ الثالثةُ : عدم ورود صحابي باسم " ذفافة " أو " دفافة " :
لا يوجد في الصحابة من اسمه " ذفافة " أو " دفافة " وقد ترجم الحافظ ابن حجر في " الإصابة " (3/195 ، 208) لكليهما فقال :
دفافة الراعي . تقدم ذكره في ترجمة ثعلبة بن عبدالرحمن ذكره بن الأثير في المعجمة .ا.هـ.
وقال أيضا :
ذفافة الراعي . له ذكر في ترجمة ثعلبة بن عبدالرحمن استدركه بن الأمين وابن الأثير في حرف الذال المعجمة وقد أشرت إليه في المهملة .ا.هـ.
وترجم ابن الأثير في أسد الغابة (2/186) لـ " ذفافة " فقال : ذفافة . له في ذكر حديث ثعلبة بن عبد الرحمن يقتضي أن لهما صحبة . وقد ذكرناه في ثعلبة بن عبد الرحمن . ولم يذكروه .ا.هـ.
وبعد هذا التخريج للقصة ، وعدم ثبوتها ، فلا عليك - أخي المسلم – إلا إذا وصلتك على بريدك الإلكتروني أن ترسل ردا لراسلها ، وهذا الرد يتمثل رابط تخريج القصة تحذيرا له من الكلام في حق الصحابة بغير دليل ، لأنهم هم الذين نقلوا لنا الشريعة فكيف يكون لنا أن ننسب لهم مثل هذه القصص ؟
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/7)
الردُ الوافي على مقالِ دررِ المعاني في أخبار السُّفْيَانِي
قرأت مقالا غريبا عجيبا في " منتدى الفجر " تحت هذا الرابط : http://www.alfjr.com/showthread.php?s=&postid=279569#post279569
يقرر فيه كاتبه - هداه الله - ربط أحاديث السفياني ببعض الأحداث المعاصرة ، والتي لا وجه للربط فيما بينها من قريب أو بعيد .
وقد قال الأولون مقولة عظيمة وهي : أثبت العرش ثم انقش .
وإليكم الرد على ذلك المقال ، وأسأل الله أن أكون قد وفقت إلى الصواب .
الحمد لله وبعد .
إني لأعجب من هذا الطرح الغريب لهذا الموضوع ، ولقد رأيت لازماً أن أرد على هذه الترهات - وهذا أقل ما أقوله عن الموضوع - ، وأبين حقيقة ما سُطر هنا من قِبل المدعو " أبو الحارث الأزدي " وغيره بخصوص السفياني .
وإليكم ملحوظاتي على هذا المقال وهي كالتالي :
أولا : أن المدعو " أبو الحارث الأزدي " أحدُ شخصين :
1 - إما " سني " جاهل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، جاهل بالوعيد الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب عليه ، فيكون حاله حال حاطب الليل الذي جمع الحطب ولا يدري هل هو حطب أم أفعى تهلكه ؟
ولعلي أكتفي بحديثٍ واحدٍ فقط :
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ؛ إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ عَنِّي ، فَمَنْ قَالَ عَلَيَّ ، فَلَا يَقُلْ إِلَّا حَقًَّا صِدْقًا- ، وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّار .
رواه الدارمي (243) ، وأحمد (5/297) ، وابن ماجه (35) .
وسنده صحيح .
ولعل في هذا الحديث ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
2 - وإما " رافضي " جاء إلى هنا لكي يروج بضاعته على أهل السنة ، وهيهات له ذلك .
وسنعرف بعد قليل لماذا قلت هذا الكلام ؟(1/1)
ثانيا : طريقة الربط بين موضوع السفياني وبين الأحداث التي سردها ، وربطها به .
وهو ربط عجيب غريب ، وكما يقولون : أثبت العرش ثم انقش .
أثبت صحة أحاديث السفياني أولا ، ثم بعد ذلك قم بعملية الربط هدانا الله وإياك .
ثالثا : ما يتعلق بأحاديث السفياني في النقاط التالية :
1 - إن من أشهر من تكلم في موضوع " السفياني " وتوسع في ذكره هو " نُعيم بن حماد " في كتابه المشهور " الفتن " ، فقد عقد أكثر من عشرة أبواب في شأن السفياني ، من ذكر اسمه ، ونسبه ، وصفته ، وبدء خروجه ، وغير ذلك .
وقد قال عنه وعن كتابه الإمامُ الذهبي في السير (10/609) :
قُلْتُ: لاَ يَجُوْزُ لأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ ، وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ ( الفِتَنِ ) ، فَأَتَى فِيْهِ بِعَجَائِبَ وَمَنَاكِيْرَ .ا.هـ.
وغالب ما ذكر في المقال من أحاديث بخصوص السفياني من الكتاب المذكور .
2 - أن كل ما ورد من أحاديث سواء كانت مرفوعة أو موقوفة بخصوص السفياني لا يصح منها شيء .
وممن قرر ذلك الشيخ حمود التويجري - رحمه الله - في إتحاف الجماعة (1/49) ، والشيخ الطريقي كما في جواب له في " منتدى أهل الحديث "
http://www.baljurashi.com/vb/forumd...hp?s=&forumid=2
3 – اتهم الشيخ عبد الله بن محمود في كتابه الذي ألفه في إنكار خروج المهدي بني أمية أنهم هم الذين رفعوا لواء أحاديث السفياني في مقابل الأحاديث التي في المهدي ، وقد رد الشيخ التويجري عليه في كتاب " إتحاف الجماعة " .
قال محقق كتاب " السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها " لأبي عمر الداني (6/1026) :(1/2)
وأضيف إليه – أي إلى كلام التويجري في رده على تهمة المحمود لبني أمية – إن العقل السليم لا يقبل أن بني أمية هم الذين وضعوا الأحاديث في السفياني ، لأن الأحاديث تنال من أعراضهم وكرامتهم أكثر مما ترفعهم أو تهدد أعداءهم وترجف بهم ، بل الظروف تشير إلى أن الشيعة هم الذين عملوا وضعها ، إذا صح القول بوضعها ، لأن كتبهم مليئة بذكر السفياني ، وذهبت في تصوير هذا الرجل كل مذهب بما يشوه سيرة الأمويين ويسيء إلى سمعتهم – انظر على سبيل المثال : بحار الأنوار لمحمد باقر المجلسي ، باب علامات ظهوره ( المهدي ) من السفياني والدجال وغير ذلك - ، ويؤيد هذا أن أكثر ما ورد في الآثار منسوب إلى علي بن أبي طالب ، وأبي جعفر الصادق ، ومحمد بن علي الباقر ، ومحمد بن الحنفية وغيرهم ممن يعتقد فيهم الشيعة .
فلا يستبعد أن الوضاعين من الشيعة اختلقوا هذه الأثار والأسانيد لها ثم ألصقوها بهؤلاء الأئمة ، ثم تسرب الكثير منها إلى كتب أهل السنة والله أعلم .ا.هـ.
ولعلكم بعد هذا الكلام عرفتم لماذا قلت في بداية المقال أنه " رافضي " .
وأختم بعبارات جميلة ذكرها الحافظ الذهبي في السير (10/604) تكون نبراسا لمن أراد أن يتعلم العلم الصحيح ، ويبتعد عن مثل هذه الأحاديث الموضوعة ، والقصص الباطلة .
قال الذهبي : فَإِنَّ العِلْمَ الوَاجِبَ يَجِبُ بَثُّهُ وَنَشْرُهُ ، وَيَجِبُ عَلَى الأُمَّةِ حِفْظُهُ ، وَالعِلْمُ الَّذِي فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ مِمَّا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ يَتَعَيَّنُ نَقْلُهُ وَيتَأَكَّدُ نَشْرُه ُ، وَيَنْبَغِي لِلأُمَّةِ نَقْلُه ُ، وَالعِلْمُ المُبَاحُ لاَ يَجِبُ بَثُّه ُ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِيْهِ إِلاَّ خَوَاصُّ العُلَمَاءِ .(1/3)
وَالعِلْمُ الَّذِي يَحْرُمُ تَعَلُّمُهُ وَنَشْرُه ُ: عِلْمُ الأَوَائِلِ ، وَإِلَهِيَّاتُ الفَلاَسِفَةِ ، وَبَعْضُ رِيَاضَتِهِم - بَلْ أَكْثَرُهُ - وَعِلْمُ السِّحْرِ ، وَالسِّيْمِيَاءُ ، وَالكِيْمِيَاءُ ، وَالشَّعْبَذَةُ ، وَالحِيَلُ ، وَنَشْرُ الأَحَادِيْثِ المَوْضُوْعَةِ ، وَكَثِيْرٌ مِنَ القَصَصِ البَاطِلَةِ أَوِ المُنْكَرَةِ ، وَسِيْرَةُ البَطَّالِ المُخْتَلَقَةُ ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ ، وَرَسَائِلُ إِخْوَانِ الصَّفَا ، وَشِعْرٌ يُعَرَّضُ فِيْهِ إِلَى الجَنَابِ النَّبَوِيِّ، فَالعُلُوْمُ البَاطِلَةُ كَثِيْرَةٌ جِدّاً فَلْتُحْذَرْ ، وَمَنِ ابْتُلِيَ بِالنَّظَرِ فِيْهَا لِلْفُرْجَةِ وَالمَعْرِفَةِ مِنَ الأَذْكِيَاءِ ، فَلْيُقَلِّلْ مِنْ ذَلِكَ ، وَلْيُطَالِعْهُ وَحْدَهُ ، وَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ -تَعَالَى- وَلْيَلْتَجِئْ إِلَى التَّوْحِيْدِ ، وَالدُّعَاءِ بِالعَافِيَةِ فِي الدِّيْنِ ، وَكَذَلِكَ أَحَادِيْثُ كَثِيْرَةٌ مَكْذُوْبَةٌ وَرَدَتْ فِي الصِّفَاتِ ، لاَ يَحِلُّ بَثُّهَا إِلاَّ التَحْذِيْرُ مِنِ اعْتِقَادِهَا ، وَإِنْ أَمْكَنَ إِعْدَامُهَا ، فَحَسَنٌ . اللَّهُمَّ فَاحْفَظْ عَلَيْنَا إِيْمَانَنَا ، وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ .ا.هـ.
اللهم آمين .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@154.rDl8bcjh8sB^0@.ef28ef2
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
" الساكت عن الحق شيطان أخرس " هل هو حديث نبوي ؟
الحمد لله وبعد ؛
عبارة " الساكت عن الحق شيطان أخرس " نسمعها كثيرا ، بل بعضهم ينسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم على أنها حديث نبوي !!!!!
فهل هذه النسبة صحيحة ؟؟؟؟؟
يجيب عن هذا السؤال محمد عمرو عبد اللطيف في كتابه " تبيض الصحيفة بأصول الأحاديث الضيعيفة " القسم الثاني ( ص 71) بقوله :
لم أقف له على أصل صحيح ولا ضعيف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا موقوفا على أحد من الصحابة أو التابعين ومتقدمي السلف رضوان الله عليهم ، ولا رأيت أحدا من المصنفين في " الأحاديث المشهورة " تعرض له بنفي أو إثبات ، هلى الرغم من اشتهاره جدا في أيامنا هذه . ومن طالع الصحف الجادة بانتظام وجد كثيرا من المقالات قد صُدِّر بها هذا الكلام ، وألصق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلصاقا بصيغة الجزم ! سواء من أصحاب العمائم البيضاء أو غيرهم من أهل الفضل والصلاح ، ومن الذين يظن بهم أنهم على قدر من الثقافة الإسلامية والتمييز العلمي .
نعم ، المصدر الوحيد الذي وجدت فيه هذا الكلام ، هو " الرسالة القشيرية " للإمام أبي القاسم القشيري رحمه الله إذ قال ( ص 62 : باب الصمت ) : " ... والسكوت في وقته صفة الرجال ، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال . سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول : من سكت الحق ، فهو شيطان أخرس " .ا.هـ. موضع الشاهد .
وقال في الحاشية ( ص 74) :(1/1)
وفاجأني أحد الأخوة بأنه وجد حديث " الساكت عن الحق شيطان أخرس " في " الجواب الكافي " للإمام ابن القيم رحمه الله ، وأنه في " مسند الإمام أحمد " وأنه خرجه من سنتين أثناء تحقيقه للكتاب ، وأن علته إما : " باذام بن صالح " أو الانقطاع ، وذلك بعد أن أريته ما سطرت عن هذا الحديث ، فنزل علي قوله كالصاعقة . فكلفت أحد الكرام بإحضار الكتاب ، فإذا ابن القيم يقول : ( ص 136) - حكاية عن الشيطان أعاذنا الله منه - : " ثم يقول : قوموا على ثغر اللسان ، فانه الثغر الاعظم ، وهو قبالة الملك ... " حتى قال : " ويكون لكم في هذا الثغر أثر ان عظيمان لا تبالون بايهما ظفرتم : أحدهما : التكلم بالباطل ، فإنما المتكلم بالباطل أخ من إخوانكم ومن أكبر جندكم وأعوانكم . الثاني : السكوت عن الحق : فإن الساكت عن الحق أخ لكم أخرس كما أن الاول أخ لكم ناطق ، وربما كان الاخ الثاني أنفع إخوانكم لكم ، أما سمعتم قول الناصح المتكلم بالباطل شيطان ناطق ، والساكت عن الحق شيطان أخرس ؟ ..." أسأل الله لي ولأخي هذا أن يغفر زلاتنا ، ويستر عوراتنا ، ويؤمن روعاتنا . إنه سميع عليم .ا.هـ.
وبعد هذا التقرير يُعلم أنه لا يصح نسبة هذا القول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نرى بعضا من الرواد يستشهد بهذا العبارة على أنها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
القولُ المسطورُ في نسفِ ما ورد عن " يَعْفُور "
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
" يَعْفُورُ " اسمٌ قد لا يعرفهُ كثيرٌ من أهلِ السنةِ ، وقد يعرفهُ البعضُ على أنه اسمٌ من دوابِ الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلم ، وهذا ربما أمرٌ ليس فيه كبيرُ إشكالٍ ، فهناك أسماءٌ معروفةٌ لدوابِ النبي صلى اللهُ عليه وسلاحهِ ذكرها الإمامُ ابنُ القيم في " زاد المعاد " (1/103 – 135) فيمكن الرجوعُ إليها .
وافتراءاتُ أهلِ البدعِ والنصارى على أهلِ السنةِ والجماعةِ كثيرةٌ جداً لا حصر لها ، ومن ذلك ما ينسبُ إلى أهلِ السنةِ من أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم تكلم مع حمارٍ يقالُ له : " يَعْفُورُ " ، وحصل نقاشٌ بينه وبين الحمارِ " يَعْفُور " ، وهذا الأمرُ فعلهُ الشيعةُ انتقاماً من أهلِ السنةِ عندما أخرجوا من كتبهم روايةً وهي :
جاء في " ( الكافي 1/184 ، كتاب الحجة : باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله ) عن أمير المؤمنين علي أنه قال : " إن أول شيء من الدواب توفي : هو عفير حمار رسول الله توفي ساعة قبضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قطع خطامه ثم مر يركض حتى أتى بئر بني خطمة بقباء فرمى بنفسه فيها فكانت قبره . قال : إن ذلك الحمار كلّم رسول الله فقال : بأبي أنت وأمي ، إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عن أبيه أنه كان مع نوح في السفينة فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال : يخرج من صُلب هذا الحمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم . قال عفير : فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار" .(1/1)
فقاموا ونبشوا وبحثوا ونقبوا في كتبِ أهلِ السنة فوجدوا حديثاً تكلم فيه النبي صلى الله عليه وسلم مع الحمارِ يعفور ، وكما تعرفون أننا أمةُ إسنادٍ ، لا نقبلُ بنسبةِ حديثٍ إلى النبي صلى اللهُ عليه وسلم إلا بعد التأكدِ من صحةِ السندِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد بوب الإمامُ النووي في " صحيحِ مسلم " (1/14) فقال : " بَاب بَيَان أَنَّ الْإِسْنَاد مِنْ الدِّين " ، وذكر مسلمٌ تحت هذا البابِ آثاراً عن السلفِ نذكر منها :
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُهْزَاذَ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَانَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ : سَمِعْتَ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ : " الإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ ، وَلَوْلاَ الإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ " .
وَقَالَ مُحمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ : حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ أَبِي رَِزْمةَ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ : " بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَومِ الْقَوَائِمُ يَعْنِي: الإِسْنَادَ " .
قال الإمامُ النووي تعليقاً على الأثر : " ومعنى هذا الكلام : إن جاء بإسناد صحيح قبلنا حديثه وإلاَّ تركناه ، فجعل الحديث كالحيوان لا يقوم بغير إسناد ، كما لا يقوم الحيوان بغير قوائم " .ا.هـ.
وفي هذا البحثِ سنقفُ مع تحقيقٍ للحديثِ المزعومِ الذي وجدهُ الرافضةُ - زعموا - ، وظنوا أنهم يحتجون على أهلِ السنةِ بمثل هذه الواهياتِ التي لا يعولُ على إسنادها كما سنبين .
نصُ الحديث :(1/2)
عن أبي منظور : لما فتح اللهُ على نبيهِ صلى اللهُ عليه وسلم خيبرَ؛ أصابهُ من سهمهِ أربعةُ أزواج نعال ، وأربعةُ أزاوج خفاف ، وعشرُ أواقي ذهبٍ وفضةٍ ، وحمارٌ أسودٌ . قال : فكلم النبي صلى اللهُ عليه وسلم الحمارَ ، فقال له : ما اسمُك ؟ قال : يزيدُ بنُ شهابٍ ، أخرج اللهُ من نسلِ جدي ستينَ حماراً ، كلهم لم يركبهم إلا نبي ، ولم يبق من نسلِ جدي غيري ، ولا من الأنبياءِ غيرُك ، أتوقعك أن تركبني ، وكنتُ قبلك لرجلٍ من اليهودِ ، وكنتُ أعثرُ به عمداً ، وكان يجيعُ بطني ويضربُ ظهري ، فقال له النبي صلى اللهُ عليه وسلم : قد سميتك يعفوراً ، يا يعفورُ قال : لبيك . قال : أتشتهي الإناث ؟ قال : لا ، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يركبه في حاجته ؛ فإذا نزل عنه بعث به إلى بابِ الرجلِ ، فيأتي البابَ فيقرعُهُ برأسهِ ، فإذا خرج إليه صاحبُ الدارِ ؛ أومأ إليه أن أجب رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم . قال : فلما قبض النبي عليه الصلاة والسلام ؛ جاء إلى بئرٍ كانت لأبي الهيثمِ بنِ التيهان ؛ فتردى فيها ، فصارت قبرهُ ؛ جزعاً منه على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم .
تخريجُ الحديثِ وكلامُ أهلِ العلمِ فيه :
أوردهُ ابنُ حبان في " المجروحين " (2/328) عند ترجمة محمد بن مَزْيَد أبو جعفر ، وابنُ الجوزي في " الموضوعات " (555) وبوب عليه بقوله : " بابُ تكليم حمارهِ يعفور " ، من طريقِ أبي حذيفةَ ، عن عبدِ اللهِ بنِ حبيب الهذلي ، عن أبي عبد الرَّحمن السلميّ ، عن أبي منظور بِهِ ... فذكره .
قال ابنُ حبان بعد إيراده له : " وهذا حديثٌ لا أصل لهُ ، وإسنادهُ ليس بشيءٍ ، لا يجوزُ الاحتجاجُ بهذا الشيخِ " .ا.هـ. يقصدُ محمد بن مَزْيَد أبو جعفر .(1/3)
وقال ابنُ الجوزي : " قال المصنفُ – يعني ابن الجوزي نفسه – : هذا حديثٌ موضوعٌ فلعن اللهُ واضعهُ ، فإنه لم يقصد إلا القدحَ في الإسلامِ ، والاستهزاءَ به . قال أبو حاتم ابنُ حبان : لا أصل لهذا الحديثِ ، وإسنادهُ ليس بشيءٍ . ولا يجوزُ الاحتجاجُ بمحمدِ بنِ مَزْيَد .ا.هـ.
وأوردهُ أيضا ابنُ الأثيرِ في " أسد الغابةِ " (6/304) عند ترجمةِ الصحابي أبي منظور وقال : " أخرجه أبو موسى ، وروى بإسنادٍ لهُ عن أبي منظور ... " ، فذكرهُ مختصراً ، ثم قال : " وأطال فيه أبو موسى وقال : " هذا حديثٌ منكرٌ جداً إسناداً ومتناً ، لا أحلُ لأحدٍ أن يرويهِ عني إلا مع كلامي عليهِ .ا.هـ.
ومقصودُ ابنِ الأثيرِ بأبي موسى هو المديني محمدُ بنُ أبي بكر عمر بن أحمد الحافظ ( ت 581) ترجم له الذهبي في " العبر " فقال : " كان مع براعتهِ في الحفظِ والرجالِ صاحبُ ورعٍ وعبادةٍ وجلالةٍ وتقى " .ا.هـ. ، وهو من اعتمد ابنُ الأثيرِ في " أسد الغابة " على مؤلفهِ في الصحابةِ فقال عنه : " وقد جمع الناسُ في أسمائهم – يقصد الصحابة – كتباً كثيرةً ، ومنهم من ذكر كثيراً من أسمائهم في كتب الأنساب والمغازي وغير ذلك ، واختلفت مقاصدهم فيها ، إلا أن الذي انتهى إليه جمع أسمائهم الحافظان أبو عبد الله بن منده ، وأبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهانيان ، والإمامُ أبو عمر بن عبد البر القرطبي رضي الله عنهم ، وأجزل ثوابهم ... فلما نظرتُ فيها رأيت كلاً منهم قد سلك في جمعه طريقاً غير طريقِ الآخر ، وقد ذكر بعضهم أسماء لم يذكرها صاحبه ، وقد أتى بعدهم الحافظُ أبو موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى الأصفهاني فاستدرك على ابنِ منده ما فاته في كتابه ، فجاء تصنيفه كبيراً نحو ثلثي كتابِ ابنِ منده .ا.هـ.(1/4)
وأورده أيضاً الذهبي في " ميزان الاعتدال " (4/34 ) عند ترجمة محمد بن مَزْيَد أبو جعفر وقال : " ذكر ابن أبي حاتم أنه روى عن أبي حُذيفة هذا الخبر الباطل ... وذكره .ا.هـ.
وابن كثير في " البداية والنهاية " (6/158) وبوب له : " حديثُ الحمارِ " وقال قبل ذكره للحديث : " وقد أنكرهُ غيرُ واحدٍ من الحفاظِ الكبارِ ... فذكره .ا.هـ.
ونقل الحافظُ ابنُ حجرٍ في " لسان الميزان " (5/426) الترجمة بنصها من كلامِ الذهبي ، وذكر الحديثَ الحافظُ ايضاً في " الفتح " (6/70) وقال : " وَقِيلَ طَرَحَ نَفْسَهُ فِي بِئْرِ يَوْمٍ مَاتَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ اِبْن حَبَانِ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّد بْن مَرْثَد فِي اَلضُّعَفَاءِ وَفِيهِ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنِمَهُ مِنْ خَيْبَرَ وَأَنَّهُ كَلَّمَ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ لِيَهُودِيٍّ وَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ جَدِّهِ سِتُّونَ حِمَارًا لِرُكُوبِ اَلْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ : وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيْرِي وَأَنْتَ خَاتَمُ اَلْأَنْبِيَاءِ فَسَمَّاهُ يَعْفُورًا . وَكَانَ يَرْكَبُهُ فِي حَاجَتِهِ وَيُرْسِلُهُ إِلَى اَلرَّجُلِ فَيَقْرَعُ بَابَهُ بِرَأْسِهِ فَيَعْرِفُ أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَيْهِ فَلَمَّا مَاتَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَى بِئْرِ أَبِي اَلْهَيْثَم بْن اَلتِّيهَانِ فَتَرَدَّى فِيهَا فَصَارَتْ قَبْرَهُ قَالَ اِبْنُ حِبَّانَ : لَا أَصْلَ لَهُ وَلَيْسَ سَنَدُهُ بِشَيْء .ا.هـ. ، وذكره أيضاً في " الإصابة " (12/32) عند ترجمة أبي منظور
والسيوطي في " الللآلى المصنوعة " (1/276) وقال : " موضوع : قال ابنُ حبان : لا أصل لهُ وإسناده ليس بشيء ولا يجوز الاحتجاج بمحمد بن مزيد .ا.هـ.(1/5)
وفي " الخصائص الكبرى " (2/64) " باب قصة الحمار " .
وابن عراق في " تنزيه الشريعة " (1/326) وتعقب السيوطي فقال : قلت : ذكره السيوطي في " الخصائص " معزواً إلى تخريجِ ابنِ عساكر ، فلا أدري أغفل عن كلامِ هذين الحافظين فيه ، أم تبين له أنه غيرُ موضوعٍ فغفل عن التعقبِ عليها والله أعلم .ا.هـ. .
وحكم الشوكاني في " الفوائد المجموعة " (324) ، والألباني في " الضعيفة " (5405) عليه بالوضعِ .
وقد جاء الحديثُ من طريقٍ آخر أورده الحافظُ ابنُ كثيرٍ في " البدايةِ والنهايةِ " (6/11 - 12) فقال : وقال الحافظُ أبو نعيم في كتابِ " دلائل النبوة " : ثنا أبو بكر أحمدُ بنُ محمد بن موسى العنبري ، ثنا أحمدُ بنُ محمدِ بنِ يوسف ، ثنا إبراهيمُ بنُ سويد الجذوعي ، حدثني عبد الله بن أذين الطائي ، عن ثورِ بنِ يزيد ، عن خالدِ بنِ معدان ، عن معاذِ بنِ جبل قال : أتى النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو بخيبر حمارٌ أسودٌ فوقف بين يديه فقال : من أنت ؟ قال : أنا عمرو بن فلان ، كنا سبعة إخوة كلنا ركبنا الأنبياء ، وأنا أصغرهم وكنت لك ، فملكني رجلٌ من اليهود فكنت إذا ذكرتك كبوتُ به فيوجعني ضرباً . فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم : فأنت يعفور .
قال الحافظُ ابن كثيرٍِ عقب إيراده للحديث : " هذا حديثٌ غريبٌ جداً " .ا.هـ.
قال ابنُ كثيرٍ في موضعٍ آخر في " البدايةِ والنهايةِ " (6/295) : وهذا الحديثُ فيه نكارةٌ شديدةٌ ولا يحتاجُ إلى ذكره مع ما تقدَّم من الأحاديثِ الصَّحيحةِ التي فيه غنية عنه . وقد روى على غير هذه الصِّفة وقد نص على نكارته ابن أبي حاتم عن أبيه والله أعلم .ا.هـ.
يقصدُ الحافظُ ابنُ كثيرٍ روايةَ أبي منظور السابقةِ ، وربما وهم الحافظُ ابنُ كثيرٍ عندما ذكر ابنَ أبي حاتم عن أبيه ، , وإنما هو أبو حاتم ابن حبان صاحبُ الصحيحِ ، وليس أبو حاتم الرازي . والله أعلم .
والحديث فيه علتان :(1/6)
العلةُ الأولى : فيه عبد اللهٌ بن أُذين الطائي ، ذكره الذهبي في " الميزان (2/391) وقال : عن ثورِ بنِ يزيد . قال ابنُ حبان : ... حدثنا بنسخةٍ لا يحل ذكرها .ا.هـ.
وقال الحافظُ ابن حجر في " اللسان " (3/321) : وقال ابنُ عدي : هو عبد الله بن عطارد بن أُذينة الطائي البصري ، منكرُ الحديث ... وقال الحاكم والنقاش : روى أحاديث موضوعة . وقال الدارقطني : متروك الحديث .ا.هز
العلة الثانية : الانقطاع بين خالدِ بنِ معدان ومعاذِ بن جبل . قال ابن أبي حاتم في " المراسيل " ( ص 52) : وسمعته – يعني والده أبا حاتم - : خالدُ بنُ معدان عن معاذِ بنِ جبل مرسلٌ ، لم يسمع منه ، وربما كان بينهما اثنان .ا.هـ.
أحاديثُ أخرى ورد فيها ذكرُ " يَعْفُور " :
عن ابنِ عباس قال : كان له سيف قائمته من فضة ، وقبيعته من فضة ، وكان يسمى ذا الفقار ، وكانت له قوس تسمى السداد ، وكانت له كنانة تسمى الجمع ، وكانت له درع موشحة بالنحاس تسمى ذات الفضول ، وكانت له حربة تسمى النبعاء ، وكان له مجن يمسى الذقن ، وكان له ترس أبيض يسمى الموجز ، وكان له فرس أدهم يسمى السكب ، وكان له سرج يسمى الداج ، وكانت له بغلة شهباء يقال لها : دلدل ، وكانت له ناقة تسمى القصواء ، وكان له حمار يسمى يعفور ، وكان له بساط يسمى الكز ، وكانت له عنزة تسمى النمر ، وكانت له ركوة تسمى الصادر ، وكانت له مرآة تسمى المدلة ، وكان له مقراض يسمى الجامع ، وكان له قضيب شوحط يسمى الممشوق .
قال العلامةُ الألباني في " الضعيفة " (4225) : موضوع .
عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : كان ناقته تسمى : الغضباء ، و بغلته : الشهباء ، و حماره : يعفور ، و جاريته : خضرة .
قال العلامة الألباني في " الضعيفة " (9/237 – 238) : قلت : وهذا إسنادٌ مرسلٌ ، ورجالهُ ثقاتٌ .ا.هـ. ، وحكم بضعفه في " ضعيف الجامع " (4489) .
من دوابِ النبي صلى الله عليه وسلم " عُفَيْر " :(1/7)
جاء ذكرُ الحمار عفير في عدة أحاديث أصحها ما يلي :
عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ : عُفَيْرٌ ، فَقَالَ : يَا مُعَاذُ ؛ هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ قَالَ : لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا .
أخرجه البخاري (2856) وبوب له البخاري : " اسم الفرسِ والحمارِ " ، ومسلم (49) .
قال الحافظُ ابنُ حجرٍ في " الفتح " (6/70) : عُفَيْر : بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاء مُصَغَّر مَأْخُوذ مِنْ اَلْعَفْرِ ، وَهُوَ لَوْنُ اَلتُّرَابِ كَأَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلَوْنِهِ وَالْعُفْرَةِ حُمْرَة يُخَالِطُهَا بَيَاض ، وَهُوَ تَصْغِيرُ أَعْفَرَ أَخْرَجُوهُ عَنْ بِنَاءِ أَصْلِهِ كَمَا قَالُوا : سُوَيْد فِي تَصْغِيرِ أَسْوَدَ ، وَوَهَمَ مَنْ ضَبَطَهُ بِالْغَيْنِ اَلْمُعْجَمَةِ ، وَهُوَ غَيْرُ اَلْحِمَارِ اَلْآخَرِ اَلَّذِي يُقَالُ لَهُ : يَعْفُورُ وَزَعَمَ اِبْن عَبْدُوس أَنَّهُمَا وَاحِد ، وَقَوَّاهُ صَاحِبُ اَلْهَدْيِ ، وَرَدَّه اَلدِّمْيَاطِيّ فَقَالَ : عُفَيْرٌ أَهْدَاهُ اَلْمُقَوْقِس ، وَيَعْفُورُ أَهْدَاهُ فَرْوَة بْن عَمْرو وَقِيلَ بِالْعَكْسِ .(1/8)
وَيَعْفُور : بِسُكُونِ اَلْمُهْمِلَةِ ، وَضَمِّ اَلْفَاءِ هُوَ اِسْمُ وَلَد اَلظَّبْي كَأَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِسُرْعَتِهِ . قَالَ اَلْوَاقِدِيُّ : نَفَقَ يَعْفُور مُنْصَرَف اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ وَبِهِ جَزَمَ اَلنَّوَوِيُّ عَنْ اِبْنِ اَلصَّلَاحِ .ا.هـ.
وقال أيضاً (6/69) : قوله : " باب اسم الفرس والحمار " أي مشروعية تسميتهما ، وكذا غيرهما من الدواب بأسماء تخصها غير أسماء أجناسها . وقد اعتنى من ألف في السيرة النبوية بسرد أسماء ما ورد في الأخبار من خيله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من دوابه ، وفي الأحاديث الواردة في هذا الباب ما يقوي قول من ذكر أنساب بعض الخيول العربية الأصيلة لأن الأسماء توضع للتمييز بين أفراد الجنس .ا.هـ.
هذا ما لدي ، وأسألُ اللهَ أن ينفعَ بهذا البحثِ المتواضعِ .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/9)
القَولُ المَسْبُوكُ في رَدِّ حَدِيثٍ مُنْتَشِرٍ مَكْذُوبٍ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
إن مما ابتليت به الأمة في هذه الأيام كثرة انتشار الأحاديث الضعيفة والمكذوبة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب عليه فقال : " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ " رواه البخاري ولم .
ومن هذه الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم حديث يتبادله كثير من الناس فيما بينهم عن طريق البريد الإلكتروني ، وقد أرسل لي أحد الأحبة الحديث عن طريق البريد الإلكتروني وقال لي : ما رأيك فيه ؟
قرأت الحديث ووجدتُ فيه عجباً ، وعلامات الكذب ظاهرة واضحة عليه .
وهذا بحث في بيان الحديث ، وعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى جانب التحذير منه ومن أمثاله من الأحاديث المكذوبة الموضوعة على النبي صلى الله .
وعلى المسلم أن يتأكد من ثبوت ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه يقول صلى الله عليه وسلم : كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ . رواه مسلم .
نَصُ الحَدِيثِ :(1/1)
عن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال : جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : جئت أسألك عما يغنيني في الدنيا والآخرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سل عما بدا لك . قال : أريد أن أكون أعلم الناس . فقال : صلى الله عليه وسلم إتق الله تكن أعلم الناس . قال : أريد أن أكون أغنى الناس . فقال : صلى الله عليه وسلم : كن قانعاً تكن أغنى الناس . قال : أريد أن أكون أعدل الناس . فقال صلى الله عليه وسلم : أحب للناس ما تحب لنفسك تكن أعدل الناس . قال : أحب أن أكون خير الناس . فقال صلى الله عليه وسلم : كن نافعاً للناس تكن خير الناس . قال : أحب أن أكون أخص الناس إلى الله . فقال صلى الله عليه وسلم : أذكر الله تكن أخص الناس إلى الله . قال : أحب أن يكمل إيماني . فقال صلى الله عليه وسلم : حسن خلقك يكمل إيمانك . قال : أحب أن أكون من المحسنين . فقال صلى الله عليه وسلم : اعبد الله كأنك تراه وإن لم تكن تراه فأنه يراك تكن من المحسنين . قال : أحب أكون من المطيعين . فقال صلى الله عليه وسلم : أد فرائض الله تكن من المطيعين . قال : أحب أن ألقى الله نقياً من الذنوب . فقال صلى الله عليه وسلم : اغتسل من الجنابة متطهراً تلقى الله نقياً من الذنوب . قال : أحب أن احشر يوم القيامة في النور . فقال صلى الله عليه وسلم : لا تظلم أحداً تحشر يوم القيامة في النور . قال : أحب أن يرحمني ربي يوم القيامة . فقال صلى الله عليه وسلم : ارحم نفسك وارحم عبادك يرحمك الله يوم القيامة . قال : أحب أن تقل ذنوبي . فقال صلى الله عليه وسلم : أكثر من الاستغفار تقل ذنوبك . قال : أحب أن أكون أكرم الناس . فقال صلى الله عليه وسلم : لا تشكو من أمرك إلى الخلق تكن أكرم الناس . قال : أحب أن أكون أقوى الناس . قال صلى الله عليه وسلم : توكل على الله تكن أقوى الناس . قال : أحب أن يوسع الله في الرزق .(1/2)
قال صلى الله عليه وسلم : دم على الطهارة يوسع الله عليك في الرزق . قال : أحب أن أكون من أحباب الله ورسوله . قال صلى الله عليه وسلم : أحب ما احبه الله ورسوله تكن من أحبابهم . قال : أحب أن أكون آمناً من سخط الله يوم القيامة . قال صلى الله عليه وسلم : لا تغضب على أحد من خلق الله تكن آمناً من سخط الله يوم القيامة . قال : أحب أن تستجاب دعوتي . قال صلى الله عليه وسلم : اجتنب أكل الحرام تستجاب دعوتك . قال : أحب أن يسترني الله يوم القيامة . قال صلى الله عليه وسلم : استر عيوب إخوانك يسترك الله يوم القيامة . قال : ما الذي ينجي من الذنوب ؟ أو قال : من الخطايا ؟ قال صلى الله عليه وسلم : الدموع والخضوع والأمراض . قال : أي حسنة أعظم عند الله تعالى ؟ قال صلى الله عليه وسلم : حسن الخلق والتواضع والصبر على البلاء . قال : أي سيئة أعظم عند الله تعالى ؟ قال صلى الله عليه وسلم : سوء الخلق والشح المطاع . قال : ما الذي يسكن غضب الرب في الدنيا والآخرة ؟ قال صلى الله عليه وسلم : الصدقة الخفية وصلة الرحم . قال : ما الذي يطفئ نار جهنم يوم القيامة ؟ قال صلى الله عليه وسلم : الصبر في الدنيا على البلاء والمصائب .
رواه أحمد بن حنبل .
قال الامام المستغفري : ما رأيت حديثا أعظم وأشمل لمحاسن الدين وأنفع من هذا الحديث اجمع فأوعى .
وقَفَاتٌ مَعَ الحَدِيثِ :
لنا مع الحديث وقفاتٌ ألا وهي :
الوَقَفَةُ الأولى :
إن علامات الوضع على الحديث واضحةٌ ظاهرةٌ ، يقول الإمام ابن القيم في " المنار المنيف " ( ص 102) عند ذكره الأمور التي يُعرف بها كون الحديث موضوعا :
- ومنها : 19 - ما يقترن بالحديث من القرائن التي يُعلم بها أنه باطل .
وضرب مثالا بحديث : وضع الجزية عن أهل خيبر .
ثم ذكر الأوجه في كذبه ومنها :(1/3)
سادسها : أن مثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله ، فكيف يكون قد وقع ، ولا يكون عِلمُه عند حملة السنة من الصحابة ، ولاتابعين وأئمة الحديث ، وينفرد بعلمه اليهود ؟ .ا.هـ.
وحديث الأعرابي الذي معنا ينطبق عليه كلام الإمام ابن القيم ، فلم يذكره أحد من أهل الكتب المعتبرة مثل السنن ، والمعاجم ، وغيرها .
بل انفرد به من سنذكره في الوقفة الثانية .
الوَقَفَةُ الثَانِيةُ :
بعد الرجوع إلى المصادر المعتبرة للبحث عن الحديث لم نجد أحدا من أهل الكتب ذكر الحديث ، وبعد بذل الوسع وجد في مصدر واحد فقط ، وسأنقل نص الكلام الموجود في ذلك المصدر .
جاء في كنز العمال ( رقم44154 ) ما نصه :
قال الشيخ جلال الدين السيوطي وجدت بخط الشيخ شمس الدين ابن القماح في مجموع له عن أبي العباس المستغفري قال : قصدت مصرا أريد طلب العلم من الإمام أبي حامد المصري والتمست منه حديث خالد بن الوليد فأمرني بصوم سنة ، ثم عاودته في ذلك فأخبرني بإسناده عن مشايخه إلى خالد بن الوليد : فذكر الحديث بطوله .
وكما نرى في هذا النقل من المؤخذات ما يلي :
1 - عدم عزو صاحب كنز العمال الحديث إلى مصدر من مصادر السنة المعتبرة .
2 - الرجال المذكورون في السند بعد الرجوع إلى تراجمهم في كتب الرجال لم أجد إلا ترجمة المستغفري فقط .
قال الإمام الذهبي في السير (17/564) :
الإمام الحافظ المُجَوِّد المصنف ، أبو العباس ، جعفر بن محمد بن المعتز بن محمد بن المستغفر بن الفتح بن إدريس ، المستغفري النَّسَفي .
... وكان محدثَ ما وراء النهر في زمانه .
مولده بعد الخمسين وثلاث مئة بيسير .
ومات بنسف سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة عن ثمانين سنة ، رحمه الله .ا.هـ.
وقال الذهبي عنه في تذكرة الحفاظ (3/1102) :
... وكان صدوقا نفسه لكنه يروي الموضوعات في الأبواب ، ولا يوهيها ...ا.هـ.
فالمستغفري متكلم فيه ، فلو لم توجد إلا هذه العلة لكفى !!! ولكن هناك علل أخرى كما سيأتي .(1/4)
3 - أمرُ الصيامِ للمستغفري من قِبل أبي حامد المصري لمدة سنة ، وهذا أمر غريب ، وأخشى أن يكون من عمل الصوفية .
4 - لم يذكر لنا المستغفري رجال السند من عند شيخه أبي حامد المصري إلى خالد بن الوليد لكي يُحكم عليهم من كلام أئمة الجرح والتعديل .
الوَقَفَةُ الثَالثةُ :
عزو الحديث إلى مسند الإمام أحمد بن حنبل لا يصح أبدا ، بل لا يصح في أي كتاب من كتب الإمام أحمد الأخرى ، والله أعلم .
الوَقَفَةُ الرَابِعَةُ :
قول المستغفري : ما رأيت حديثا أعظم وأشمل لمحاسن الدين وأنفع من هذا الحديث اجمع فأوعى .ا.هـ.
نعم ، الحديث جمع محاسن الدين ولكن لا بد من ثبوت هذه المحاسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس المسألة مسألة الإعجاب بعبارات الحديث بل الأهم من ذلك كله هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
وإلا لو كان الإعجاب بعبارات الأحاديث ، هناك أحاديث موضوعة فيها من المعاني العظيمة ما يجعلنا نقبلها مباشرة ، ولكن أحاديث النهي عن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم تجعلونا لا نقبلها ولا نعمل بها البتة .
الوَقَفَةُ الخَامِسَةُ :
لا يمنع أن يكون في الحديث بعض الألفاظ التي جاءت عن النبي صلى الله في أحاديث أخرى ، وكذلك لا يمنع أن يكون الحديث تجميع لعدد من الأحاديث بعضها صحيح والآخر ضعيف أو موضوع ، ويقوم بهذا التجميع بعض الوضاعين والقُصاص .
أرجو بعد هذه الوقفات أن أكون قد وفقت في بيان كذب الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن كان له إضافة ، أو تعليق ، أو تعقيب فأكون له من الشاكرين .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@111.62MibEtsdCR^4@.ef13b04
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/5)
المَحْبَرَةُ وَالكَاغَدُ لِتَحقِيْقِ قِصَّةِ وَصِيَّةِ الرَّسُوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغَامِدٍ
الحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ ؛
أَرْسَلَ إِلَيَّ أَحَدُ الأَحِبَّةِ عَنْ طَرِيْقِ البَرِيْدِ الإلكتروني يَسْأَلُ عَنْ صِحَّةِ قِصَّةٍ عُنْوِنَ لَهَا : " قِصَّةُ وَصِيَّةِ الرَّسُوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغَامِدٍ " ، وَهَذَا تَحقِيْقٌ لَهَا .
نَصُّ القِصَّةِ :(1/1)
عَنْ سُوَيْدِ بنِ الحَارِثِ قال : وَفَدْتُ سَابِعَ سَبْعَةٍ مِنْ قَوْمِي عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ ، وَكَلَّمْنَاهُ ، أَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ سَمْتِنَا وَزِيِِّنَا ، فَقَالَ : " مَاأَنْتُمْ ؟ " قُلْنَا : " مُؤْمِنُونَ " ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : " إِنَّ لِكُلِ قَوْلٍ حَقِيقَةً ، فَمَا حَقِيقَةُ قَوْلِكُمْ وَإِيمَانِكُمُ ؟ " قُلْنَا : " خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً ، خَمْسٌ مِنْهَا أَمَرْتَنَا بِهَا رُسُلُكَ أَنْ نُؤْمِنَ بِهَا ، وَ خَمْسٌ أَمَرْتَنَا أََنْ نَعْمَلَ بِهَا ، وَخَمْسٌ تَخَلَّقْنَا بِهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ ، فَنَحْنُ عَلَيْهَا الآنَ ، إِلا أَنْ تُكْرَهَ مِنْهَا شَيْئاً ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَمَا الخَمْسُ الَّتِي أَمَرْتْكُم بِهَا رُسُلي أَنْ تُؤْمِنُوا بِهَا ؟ " ، قُلْنَا : " أَمَرْتَنَا أَنْ نُؤْمِنْ بِاللهِ ، وَمَلاَئِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَرُسِلِهِ ، وَالبَعْثِ بَعْدَ المَوْتِ " ، قَالَ : " وَمَا الخَمْسُ الَّتِي أَمَرْتُكُم أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا ؟ " ، قُلْنَا : " أَمَرْتَنَا أَنْ نَقُوْلَ : " لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ ، وَنُقِيْمَ الصَّلاَةَ ، وَنُؤْتِيَ الزَّكَاةَ ، وَنَصُوْمَ رَمَضَانَ ، ونَحُجَّ البَيْتَ الحَرَامِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيْلاً " ، فَقَالَ : " وَمَا الخَمْسُ الَّتِي تَخَلَّقْتُم بِهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ ؟ " ، قَالُوْا : " الشُّكْرُ عِنْدَ الرَّخَاءِ ، وَ الصَّبْرُ عِنْدَ البَلاَءِ ، وَالرِّضَى بِمُرِّ القَضَاءِ ، وَالصِّدْقُ فِي موَاطنِ اللِّقَاءِ ، وَتَرْكُ الشَّمَاتَةِ بِالأَعْدَاءِ " ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " حُكَمَاءُ عُلَمَاءُ كَادُوا مِنْ فِقههم أَنْ يَكُوْنُوا(1/2)
أَنْبِيَاءَ " ، ثُمّ قَالَ : " وَأَنَا أَزِيْدُكُم خَمْساً ، فَتَتِمُّ لَكُم عِشْرُوْنَ خَصْلَةً إِنْ كُنْتُمْ كَمَا تَقُوْلُوْنَ ، فَلا تَجَمَّعُوا مَا لا تَأْكُلُوْنَ ، وَلا تَبْنُوا مَا لا تَسْكُنُونَ ، وَلا تُنَافَسُوا فِي شَيْءٍ أَنْتُم عَنْهُ غَداً تَزُولُونَ ، وَاتَّقُوا اللهَ الذي إِلَيْهِ تُرْجِعُوْنَ وَعَلَيْهِ تُعْرَضُون ، وَ ارْغَبُوا فِيمَا تَقْدمُونَ ، وَفِيهِ تَخْلُدُونَ " ، فَانْصَرَفَ القَوْمُ مِنْ عِنْدِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَحَفِظُوا وَصِيَّتَهُ ، عَمِلُوا بِهَا .
تَخْرِيْجُها :
أَخْرَجَهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي " مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ " بِسَنَدِهِ كَمَا فِي " زَادِ المَعَادِ " (3/672 – 673) لِلإِمَامِ ابْنِ القيِّمِ ، وَالحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي " تَارِيْخِ دِمَشْقَ " (41/198 – 201) عِنْدِ تَرْجَمَةِ عَلْقَمَةَ بنِ يَزِيْدَ بنِ سُوَيْدٍ الأَزْدِيِّ ، وَابْنُ الأَثِيْرِ فِي " اُسْدِ الغَابَةِ " (2/487 – 488) عِنْدِ تَرْجَمَةِ سُوَيْدِ بنِ الحَارِثِ ، وَالحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ فِي " البدَايَةِ وَ النّهَايَةِ " (5/94) ، وَالحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي " الإِصَابَةِ " (3/151) عِنْدِ تَرْجَمَةِ سُوَيْدِ بنِ الحَارِثِ مِنْ طَرِيْقِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الحَوَارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بنُ يَزِيْدَ بنِ سُوَيْدٍ الأَزْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي سُوَيْدِ بنِ الحَارِثِ : ... فَذَكَرَهُ .(1/3)
وَالقِصَّةُ ضَعِيْفَةُ السِّنْدِ ، فِي سَنَدِهَا عَلْقَمَةُ بنُ يَزِيْدَ بنِ سُوَيْدٍ الأَزْدِيُّ ، قَالَ عَنهُ الذَّهَبِيِّ فِي " مِيْزَانِ الاعْتِدَالِ " (3/108) : " عَلْقَمَةُ بنُ يَزِيْدَ بنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ أَبِيْهِ ، عَنْ جَدِّهِ . لاَ يُعْرَفُ ، وَأَتَى بِخَبَرٍ مُنْكَرٍ ، فَلا يُحْتَجُّ بِهِ " .ا.هـ.
وَأَظُنُّ الحَافِظَ الذَّهَبِيَّ يَعْنِي هَذَا الخَبَرَ ، وَاللهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ الذَّهَبِيِّ فِي " التَّجْرِيدِ " (1/248) عِنْدَ تَرْجَمَةِ سُوَيْدِ بنِ الحَارِثِ : " لَهُ وِفَادَةٌ ، إِسْنَادُهُ مَجْهُوْلٌ " .ا.هـ.
وَضَعَّفَ القِصَّةَ مُحَقِّقا زَادِ المَعَادِ (3/673) .
تَنْبِيْهٌ :
ذَكَرْتُ فِي بدَايَةِ البَحْثِ أَنّ القِصَّةَ عُنْوِنَ لَهَا : " قِصَّةُ وَصِيَّةِ الرَّسُوْلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغَامِدٍ " ، وَسِيَاقُهَا إِنَّمَا فِي الأَزْدِ ، وَقَدْ بَوَّبَ لَهَا الإِمَامُ ابْنُ القيِّمِ فِي زَادِ المَعَادِ " فَقَالَ : " فَصْلٌ فِي قُدُوْمِ وَفدِ الأَزْدِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ، وَالفَصْلُ الَّذِي قَبْلَهُ بَوَّبَ لَهُ : " فَصْلٌ فِي قُدُوْمِ وَفدِ غَامِدٍ " .
فَلاَ أَدْرِي هَلْ تَعَمَّدَ مَنْ عَنْوَنَ لِهَذِهِ القِصَّةِ وَضَعَ هَذَا العُنْوَان ؟ لأَنَّهُ غَامِدِيُّ ، وَيُرِيْدُ بِذَلِكَ الثَّنَاءَ عَلَى قَبِيْلَةِ غَامِدٍ كَمَا صَحَّفَ مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى المَعْنَى دُوْنَ اللَّفْظِ عِنْدَمَا قَالَ : " نَحْنُ قَوْمٌ لَنَا شَرفٌ مِنْ عَنَزَةَ " .(1/4)
قَالَ ابْنُ الصَّلاَحِ فِي " مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ عِلْمِ الحَدِيْثِ " ( ص 254 ) : " َيُرِيْدُ مَا رُوِي : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى عَنَزَةَ " فَتَوَهَّمَ أَنَّهُ صَلَّى إِلَى قَبِيلَتِهِمْ ، وَإِنَّمَا العَنَزَةُ هَاهُنَا حَرْبَةٌ نُصِبْتَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَصَلَّى إِلَيْهَا " .ا.هـ.
1 - 8 - 1425 هـ
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/5)
بحث في تخريج حديث : " من آذى ذميا ... "
الحمد لله وبعد .
حصل بيني وبين أخي في الله عبد القدوس نقاش على حديث : " من آذى ذميا ... " والنقاش تحت هذا الرابط :
http://alsaha.fares.net/sahat?128@29.aIrib0QnSPF^2@.eed7f8a
وأحببت أن أفرد هذا البحث بموضوع مستقل لكي يستفيد منه الرواد .
والبحث ليس مقتصرا على الحديث فقط وإنما مع بعض الإضافات الأخرى .
وأشكر أخي عبد القدوس على ما بينه من ضعف الحديث وليسمح لي في نقل ما سطره في هذا البحث جزاه الله خيرا :
1 - نص الحديث :
- من آذى ذميا ( وليس فيه معاهدا ! ) فأنا خصمه ، ومَن كنتُ خصمه خصمتُه يوم القيامة .
قال الأخ عبد القدوس عند تخريجه للحديث :
قال الخطيب في التاريخ ( 8/ 370 ) بعد ذكر حديث بإسناد من طريق العباس بن أحمد الواعظ ، قال : " و بإسناده عن الأعمش عن شقيق - قلت هو أبو وائل - عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من آذى ذميا .....الحديث باللفظ السابق ، قال الخطيب : هذان الحديثان منكران بهذا الإسناد ....." .
وقال الحافظ في اللسان ( 3/ 236 ) في ترجمتة العباس المذكور : قال الخطيب : ليس بثقة . ومن بلاياه ...وذكر هذا الحديث .
قال ابن القيم في المنار المنيف ( صـ 97 - 98) : ومن الأحاديث الباطلة حديث " من بشرني بخروج نيسان ضمنت له على الله الجنة " و حديث " من آذى ذميا فقد آذاني " أ. هـ .
وأضفت إلى ما ذكره الأخ عبد القدوس - جزاه الله عني خيرا - :
= قال المناوي في فيض القدير :
( خط ) في ترجمة داود بن علي بن خلف عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن عيسى بن يونس عن الأعمش عن ثقيف .
( عن ابن مسعود ) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل أعله وقدح فيه وقال: حديث منكر بهذا الإسناد .(1/1)
وحكم ابن الجوزي بوضعه ، وقال : قال أحمد : لا أصل له ، وداود الظاهري قال : قال الأزدي : تركوه ، وفي الميزان عباس بن أحمد الواعظ عن داود قال الخطيب: غير ثقة ومن بلاياه أتى بخبر من آذى ذمياً أنا خصمه بإسناد مسلم والبخاري قال الخطيب: الحمل فيه على عباس .ا.هـ
قال في اللسان : له راو غير ابن التلاج وابن التلاج متهم بالاختلاق .
= وقال العجلوني في " كشف الخفاء " :
417 - أعطوا السائل ولو جاء على فرس .
رواه مالك في الموطأ مرسلا عن زيد بن أسلم ، قال ابن حجر في خطبة اللآلئ المنثورة وهو أحد الأحاديث الخمسة التي قال فيها علي بن المديني :
خمسة أحاديث يروونها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصل لها عنه :
حديث لو صدق السائل ما أفلح من رده ، وحديث لا وجع إلا وجع العين ولا غم إلا غم الدين ، وحديث أن الشمس ردت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال أنا أكرم على الله من أن يدعني تحت الأرض مائتي عام ، وحديث أفطر الحاجم والمحجوم أنهما كانا يغتابان ، وهو أيضا أحد الأحاديث الأربعة التي تدور على الألسنة في الأسواق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لها أصل على ما نقل ابن صلاح عن الإمام أحمد ، وهي حديث من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة ، وحديث من آذى ذميا فأنا خصمه ، وحديث يوم نحركم يوم صومكم ، وحديث للسائل حق وإن جاء على فرس .ا.هـ
وقال أيضا : وقال النجم : من آذى ذميا فأنا خصمه .
قلت : أخرجه الخطيب عن ابن مسعود به ، وزاد فيه ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة .
وأقول : لكن قال الإمام أحمد لا أصل له إلا أن يحمل على أنه لا أصل له بلفظه المشهور على الألسنة وهو من آذى ذميا كنت خصمه يوم القيامة فتدبر .ا.هـ
2 - أحاديث لها تعلق بالبحث :
قال الإمام البخاري في كتاب الديات . باب إثم من قتل ذميا بغير جرم .(1/2)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا .
وقال الإمام الترمذي في كتاب الديات . باب ما جاء فيمن يقتل نفسا معاهدة :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَلَا مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهِدًا لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَقَدْ أَخْفَرَ بِذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يُرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا .
قال الإمام الترمذي : حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وقال أبو داود في كتاب الجهاد . باب في الوفاء للمعاهد وحرمة ذمته :
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا فِي غَيْرِ كُنْهِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ .
وقال العظيم آبادي في عون المعبود :
( في غير كنهه ) : قال في النهاية : كنه الأمر حقيقته وقيل وقته وقدره وقيل غايته يعني من قتله في غير وقته أو غاية أمره الذي يجوز فيه قتله .
( حرم الله عليه الجنة ) : أي لا يدخلها مع أول من يدخلها من المسلمين الذين لم يقترفوا الكبائر .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
قوله ( من قتل نفسا معاهدا )
كذا ترجم بالذمي وأورد الخبر في المعاهد وترجم في الجزية بلفظ " من قتل معاهدا " كما هو ظاهر الخبر والمراد به من له عهد مع المسلمين سواء كان بعقد جزية أو هدنة من سلطان أو أمان من مسلم .
الجمع بين اختلاف الروايات : وقال الحافظ أيضا : قوله ( أربعين عاما )(1/3)
كذا وقع للجميع وخالفهم عمرو بن عبد الغفار عن الحسن بن عمرو عند الإسماعيلي فقال " سبعين عاما " ومثله في حديث أبي هريرة عند الترمذي من طريق محمد بن عجلان عن أبيه عنه ولفظه " وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا " ومثله في رواية صفوان بن سليم المشار إليها , ونحوه لأحمد من طريق هلال بن يساف عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم " سيكون قوم لهم عهد فمن قتل منهم رجلا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما " وعند الطبراني في الأوسط من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة بلفظ " من مسيرة مائة عام " وفي الطبراني عن أبي بكرة " خمسمائة عام " ووقع في الموطأ في حديث آخر " إن ريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام " وأخرجه الطبراني في المعجم الصغير من حديث أبي هريرة , وفي حديث لجابر ذكره صاحب الفردوس " إن ريح الجنة يدرك من مسيرة ألف عام " وهذا اختلاف شديد .
وقد تكلم ابن بطال على ذلك فقال : الأربعون هي الأشد فمن بلغها زاد عمله ويقينه وندمه , فكأنه وجد ريح الجنة التي تبعثه على الطاعة , قال : والسبعون آخر المعترك ويعرض عندها الندم وخشية هجوم الأجل فتزداد الطاعة بتوفيق الله فيجد ريحها من المدة المذكورة , وذكر في الخمسمائة كلاما متكلفا حاصله أنها مدة الفترة التي بين كل نبي ونبي فمن جاء في آخرها وآمن بالنبيين يكون أفضل في غيره فيجد ريح الجنة
وقال الكرماني : يحتمل أن لا يكون العدد بخصوصه مقصودا بل المقصود المبالغة في التكثير , ولهذا خص الأربعين والسبعين لأن الأربعين يشتمل على جميع أنواع العدد لأن فيه الآحاد وآحاده عشرة والمائة عشرات والألف مئات والسبع عدد فوق العدد الكامل وهو ستة إذ أجزاؤه بقدره وهي النصف والثلث والسدس بغير زيادة ولا نقصان , وأما الخمسمائة فهي ما بين السماء والأرض .(1/4)
قلت : والذي يظهر لي في الجمع أن يقال إن الأربعين أقل زمن يدرك به ريح الجنة من في الموقف والسبعين فوق ذلك أو ذكرت للمبالغة , والخمسمائة ثم الألف أكثر من ذلك , ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأعمال , فمن أدركه من المسافة البعدى أفضل ممن أدركه من المسافة القربى وبين ذلك , وقد أشار إلى ذلك شيخنا في شرح الترمذي فقال : الجمع بين هذه الروايات أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص بتفاوت منازلهم ودرجاتهم . ثم رأيت نحوه في كلام ابن العربي فقال : ريح الجنة لا يدرك بطبيعة ولا عادة وإنما يدرك بما يخلق الله من إدراكه فتارة يدركه من شاء الله من مسيرة سبعين وتارة من مسيرة خمسمائة . ونقل ابن بطال أن المهلب احتج بهذا الحديث على أن المسلم إذا قتل الذمي أو المعاهد لا يقتل به للاقتصار في أمره على الوعيد الأخروي دون الدنيوي .ا.هـ
وجاء حديث في سنن أبي داود في كتاب الخراج والإمارة والفيء . باب في تعشير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات .
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي أَبُو صَخْرٍ الْمَدِينِيُّ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .
وهذا الحديث رأى السخاوي أنه لا بأس به .
قال في المقاصد الحسنة عن الحديث :
1044 - حديث: من آذى ذمياً فأنا خصمه .(1/5)
أبو داود من حديث ابن وهب عن أبي صخر المدني عن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن آبائهم دنْيَة عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال : ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا خصمه يوم القيامة ، وسنده لا بأس به ، ولا يضره جهالة من لم يسم من أبناء الصحابة ، فإنهم عدد ينجبر به جهالتهم ، ولذا سكت عليه أبو داود ، وهو عند البيهقي في سننه من هذا الوجه ، وقال : عن ثلاثين من أبناء أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن آبائهم دنية ، وذكره بلفظ : ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة ، وأشار رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بأصبعه إلى صدره : ألا ومن قتل معاهداً له ذمة اللَّه وذمة رسوله حرم اللَّه عليه ريح الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفاً .ا.هـ
وقد أفرد الحافظ السخاوي لهذا الحديث جزءاً فقال :
وله شواهد بينتها في جزء أفردته لهذا الحديث أيضاً ، ومنها عن عمر بن سعد رفعه : أنا خصم يوم القيامة لليتيم والمعاهد ومن أخاصمه أخصمه .ا.هـ
والله اعلم
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/6)
فتحُ المنانِ في بيانِ بطلانِ حديثِ الصيحةِ في رمضان
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
إن الناظرَ في هذه الأزمانِ المتأخرةِ يجدُ مظاهرَ العبثِ بأشراطِ الساعةِ كثيرةً لم يسبق لها مثيلٌ ، وهو أمرٌ له أسبابهُ الكثيرة ، وقد تكلم عن مظاهرِ العبثِ بأشراطِ الساعةِ الشيخ محمدُ بن إسماعيلَ المقدم في كتابه " المهدي وفقهُ أشراطِ الساعةِ " ، فقد بوب الفصلَ الثاني من الكتابِ بعنوان " ظَاهِرةُ العبَثِ بأشراطِ الساعةِ " ( ص 607 - 688 ) ، وذكر تحتهُ مطلبين :
المطلبُ الأولُ : مجالاتُ العبثِ بأشراطِ الساعةِ .
المطلبُ الثاني : مظاهرُ العبثِ بأشراطِ الساعةِ .
وقال في بدايةِ الفصل : " لقد شاع في السنواتِ الأخيرةِ ظاهرةُ الإلحاحِ في محاولة المطابقة بين النصوصِ الواردةِ في أحداثِ آخرِ الزمانِ ، وبين بعضِ الوقائعِ المعاصرةِ والمتوقعةِ ، وقذفت المطابعُ بعشراتِ الكتبِ ، وعشراتِ النشراتِ ، والمقالاتِ ، والأشرطةِ ، فيها خوضٌ في " أشراطِ الساعةِ " ، مرةً بحقٍ ، ومراتٍ بالظنِ ، والقول على اللهِ بغير علمٍ ، واختلط الحقُ بالباطل ، والتبست الأمورُ على الجمهورِ ... " .ا.هـ.
وكلامُ الشيخِ فيه صورةٌ حقيقةٌ لواقع الأمةِ مع هذه القضايا ، فجزاهُ اللهُ خيرَ الجزاءِ على ما قال .
ومما ذكرهُ من مظاهرِ العبثِ بأشراطِ الساعةِ ( ص 639 ) - وهو ما يهمنا - هنا :(1/1)
الاستدلالُ بما لا يصلحُ دليلاً ، ثم قال : " الاستدلالُ بالأحاديث الضعيفةِ والموضوعةِ " ، وأنقلُ ما قالهُ تحت هذا العنوانِ لأهميتهِ : " وهذه الآفةُ " قاسمٌ مشتركٌ " بين الخائضين بالظنِ في أشراطِ الساعةِ ، فهم يوردون الأحاديثَ الضعيفةَ والباطلةَ ، ثم يؤسسون عليها توقعاتٍ وأحكاماً ، متناسين أن التفسيرَ فرعٌ التصحيحِ ، ولو أعلمنا قول بعضِ السلف " أثبتِ العرشَ ثم انقش " لطرح ذلك عن كاهلنا عبئاً ثقيلاً من هذه المروياتِ الباطلةِ ، ولا أرحنا واسترحنا من عناءِ الجوابِ عما يطرأُ بسببها من إشكالاتٍ ، وتوقعاتٍ ، ولعل أشهر كتاب يعتمدُ عليه القومُ هو كتابُ " الفتن " للحافظِ نعيم بن حماد المروزي ... " .ا.هـ.
وسنأتي في هذا المقالِ على أحدها ، وهو حديثٌ انتشر بين الناسِ انتشار النارِ في الهشيمِ ، وأصبح يرددُهُ العوامُ ، عند قُربِ منتصفِ رمضان من كلِ عامٍ ، وكأنه حديثٌ ثابتٌ ثبوت الجبالِ ، وأَنَّى لهُ ذلك !
وسأبينُ تهافت الحديثِ من جهةِ السندِ والمتنِ ، وننقلُ كلام أهلِ الشأنِ فيه لكي يكون المسلمُ على بينةً من دينه ، وأن يحذرَ من نسبةِ شيءٍ إلى النبي صلى اللهُ عليه وسلم بعد علمهِ ببطلانهِ ، وأن نتعاونَ فيما بيننا في التحذيرِ والتصدي من نشرِ الأحاديثِ الضعيفةِ والباطلةِ والموضوعةِ والمكذوبةِ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ، نسألُ اللهَ أن يوفقنا لما يحبهُ ويرضاهُ .
تخريجُ الحديثِ من جهةِ السندِ :(1/2)
عن فيروز الديلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكون في رمضان صوت " ، قالوا : " يا رسول الله ؛ في أوله ، أو في وسطه ، أو في آخره " ، قال : " لا ؛ بل في النصف من رمضان ، إذا كان ليلة النصف ليلة الجمعة يكون صوت من السماء يصعق له سبعون ألفا ، ويخرس سبعون ألفا ، ويعمى سبعون ألفا ، ويصم سبعون ألفا " ، قالوا : " يا رسول الله ؛ فمن السالم من أمتك " ؟ قال : " من لزم بيته ، وتعوذ بالسجود ، وجهر بالتكبير لله ، ثم يتبعه صوت آخر ، والصوت الأول صوت جبريل ، والثاني صوت الشيطان ؛ فالصوت في رمضان ، والمعمعة في شوال ، وتميز القبائل في ذي القعدة ، ويغار على الحجاج في ذي الحجة ، وفي المحرم ، وما المحرم ؟ أوله بلاء على أمتي ، وآخره فرح لأمتي ؛ راحلة في ذلك الزمان بقتبها ينجو عليها المؤمن له من دسكرة تغل مائة ألف " .
أخرجهُ الطبراني في " الكبير " (18/333 ح 853) من طريق أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة ، حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن الأوزاعي ، عن عبدة بن أبي لبابة به .
وأخرجه من طريق الطبراني ابنُ الجوزي في " الموضوعات " (1687) وقال : هذا حديث لا يصحُ ، قال العقيلي : عبد الوهاب ليس بشيء . وقال العقيلي : هو متروك الحديث . وقال ابن حبان : كان يسرق الحديث ، لا يحل الاحتجاج به . وقال الدارقطني : منكر الحديث .
وأما إسماعيل فضعيف ، وعبدة لم يلق فيروزا ، وفيروز لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد روى هذا الحديث غُلامُ خليل ، عن محمد بن إبراهيم الشامي ، عن يحيى بن سعيد العطار ، عن أبي المهاجر ، عن الأوزاعي ، ولكهم ضعافٌ في الغايةِ ، وغلام خليل كان يضع الحديث .ا.هـ.(1/3)
أما فيروزُ الديلمي فقد اختلف فيه أهلُ العلمِ في رؤيته للنبي صلى اللهُ عليه وسلم ، قال الذهبي في " تجريد أسماء الصحابة " (2/90) : " فيروز الديلمي قاتل الأسود الكذاب . أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ووفد وله صحبة .ا.هـ.
وقال االحافظ ابن حجر في " الإصابة " : " وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذُكر أنه قتل الأسود العنسي ، ومات في خلافة عثمان ، ونقل عن ابن عبد البر والجوزجاني عدم لقائه بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنهما تُعقبا بأن حديثه في نسائهِ يدل على أنه رآه .ا.هـ.
وتعقب المباركفوري محقق كتاب " الفتن " (5/971) لأبي عمرو الداني الإمامَ ابنَ الجوزي فيه كلامه على الحديث فقال : " قلت : كذا أطلق قوله " كلهم ضعاف " وليس الأمر كذلك . فإن أبا المهاجر والأوزاعي من الثقات ، ثم إن المؤلف لا يوجد في سنده غلام خليل .ا.هـ.
وأخرجه أبو عمرو الداني في " الفتن " (518) من طريق الأوزاعي به ، وذكره يوسف المقدسي السلمي في " عقد الدرر في أخبار المنتظر " (159) ولكن رواه عن أبي أمامة وقال : " أخرجه الإمام أبو عمر عثمان بن سعيد المقرىء في " سننه " هكذا . وأخرجه الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي من حديث الديلمي .ا.هـ.
وقد أخطأ السلمي في عزو الحديث إلى أبي عمرو الداني من طريق أبي أمامة ، ولذلك قال المحقق لكتاب " الفتن " المباركفوري (5/971) : ويبدو أن السلمي وقع له اختلاط في عزو الحديث ، حيث عزا ما للمؤلف إلى ابن المنادى ، وما لابن المنادى إلى المؤلف .ا.هـ.
والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " (7/310) وقال : " رواه الطبراني ، وفيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك " .ا.هـ.
وقد جاء الحديثُ عن أبي هريرةَ مرفوعاً وموقوفاً .
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (3/52) من طريق الأوزاعي قال خدثني عبد الواحد بن قيس ، قال سمعت أبا هريرة يقول : ... فذكره بنحو لفظ فيروز الديلمي .(1/4)
وأخرجه ابن الجوزي من طريق العقيلي في " الموضوعات " (1686) ، وقال الذهبي في " الميزان " (2/675) : هذا كذب على الأوزاعي ، فأساء العقيلي كونه ساق هذا في ترجمة عبد الواحد وهو بريء منه ، وهو لم يلق أبا هريرة .ا.هـ.
وأورده ابن الجوزي من طريق آخر عن أبي هريرة مرفوعا من طريق مسلمة بن علي ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب .
وفي سنده مسلمة بن علي الخُشني ، ترجم له الذهبي في " الميزان (4/109) وقال : " شامي واهٍ ... تركوه ؛ قال دحيم : ليس بشيء . وقال أبو حاتم : لا يشتغل به . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال النسائي : متروك . وقال ابن عدي : عامة أحاديثه غير محفوظة " .ا.هـ.
وأورد له هذا الحديث من مناكيره وقال : " هذا منكر ، ومسلمة لم يدرك قتادة " . ا.هـ
وأخرجه أيضا ابن الجوزي موقوفا على أبي هريرة رضي الله عنه فقال : وروى إسماعيل بن عياش ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة موقوفا قال : يكون في رمضان هدة توقظ النائم ، وتقعد القائم ، وتخرج العواتق من خدورها .
وجاء الحديث أيضا عن عبد الله بن مسعود ، عبد الله بن عمرو ، ومرسل مكحول ، وشهر بن حوشب وعن كعب الأحبار من قولهم .(1/5)
والحديث لا يثبت مرفوعا أو موقوفا بوجه من الوجوه ، فجميع أسانيده معلولة ، وقد ساقها السلمي في " عقد الدرر " كلها ، ولذا قال المباركفوري في تحقيقه لـ " الفتن " لأبي عمرو الداني (5/973 – 975) : " وقد روي ذلك من أوجه أخرى متصلة ، ومن أحاديث عديد من الصحابة ، ولكنها لم ترفع الحديث إلى درجة الاستدلال به لأن جميعها معلولة ، وبعضها أوهى من بعض ، وقد حكم عليها بعض الأئمة بالبطلان والوضع ... والغريب أن بعض العلماء اعتمدوا هذه الأحاديث والآثار وعدوا ما ورد فيها من ذكر لوقوع الصوت والهدة وتحارب القبائل وغيرها من الأمور ضمن العلامات الدالة على ظهور المهدي ... وكذلك عد هذه الأمور ضمن العلامات الدالة على ظهور المهدي مرعي بن يوسف والبرزنجي والسفاريني ... ومن المعلوم أن مثل هذه القضايا لا تقوم على أحاديث واهية وآثار مقطوعة فينبغي الإعراض عنها .ا.هـ.
إعلالُ الحديثِ من جهة المتنِ :
بعد أن تبين لنا أن الحديثَ لا يثبت سندا سواء المرفوع أو الموقوف ، نأتي على مثل هذه المتون التي تذكرُ التواريخ المستقبلة .
لقد قعد العلماءُ قواعد كلية لمعرفةِ بطلانِ الحديثِ من غير النظرِ في سنده ، وممن أقام هذه القواعد الإمام ابن القيم في " المتار المنيف " ( ص 63 ) فقال : " ومنها : 8 – أن يكون في الحديث تاريخ كذا وكذا مثل قوله : " إذا كان سنة كذا وكذا وقع كيت وكيت ، وإذا كان شهر كذا وكذا ، وقع كيت وكيت " .ا.هـ.
وقال بعد ذلك أيضا ( ص 110 ) : ومنها : أحاديث التواريخ المستقبلة . وقد تقدمت الإشارةُ إليها ... كحديث : " يكون في رمضان هدة توقظ النائم ... الحديث .ا.هـ.
وأورد كلامَ الإمامِ ابنِ القيم ملا علي القاري في " الأسرار المرفوعة " ( ص 450 ) .
فالخلاصةٌ أنهُ يجتمعُ لنا بطلانُ السندِ والمتنِ ، وللهِ الحمدُ والمنةُ .
أثرُ هذه الأحاديث على الأمةِ :(1/6)
بعد بيانِ بطلانِ سندِ الحديثِ والمتنِ ، فإن المسلمين – مع الأسف - تعلقوا بمثلِ هذا الحديثِ وغيرهِ من الأحاديث التي لا تثبتُ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصبح واقعُ المسلمين يتقطع له القلب من انتظار الوقت المستقبلي لحدوث ما جاء في الحديث ، وتكثر الأسئلة ، ويضطرب الناسُ ، ويصاب الناس بحالة من الهستريا ، بل تجد أهل المعاصي والموابقات يرجع إلى الله بسبب هذا الحديث المكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم .
يقول الشيخ محمد إسماعيل المقدم في " المهدي " ( ص 640 ) : وقد لمسنا أثر الأحاديث الضعيفة في رمضان الماضي ( 1422 هـ ) حيث كان بعض الشباب يجزم بأن الفزعة سوف تحصل منتصف الشهر الكريم ، بناء على الأحداث السياسية ، والعسكرية الصاخبة في ذلك الوقت ، مع ضعف الحديث الذي اتَّكئُوا عليه .ا.هـ.
والحقيقة أن كتابَ الشيخِ محمد بنِ إسماعيل المقدم – جزاه الله خيرا – " المهدي وفقه أشراط الساعة " جيد في مثل هذه الأحاديث ، فليرجع إليه ، فهو نفيسٌ في بابه ، وخاصة الفصول الأخيرة منه ، فقد عالج كثيرا من القضايا التي تعلق بها الناس في هذه الأزمنة ، وضرب الأمثلةَ ، ورد على المتعالمين الذي ألفوا في أشراط الساعة ، والذين رفعوا عقيرتهم عندما فشا الجهل في الناس ، واغتر بهم فئام من عوام الأمة ، وخاصةً في ساحاتِ الحوار على الشبكة العنكبوتيةِ ، وبرنامج البال توك ، وغير ذلك من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ، نسأل الله لنا ولهم الهداية والسداد ، والفقه في الدين .
لا يجوز رواياتها فضلاً عن تصديقها :
الشيخ العويد لـ « الجزيرة » حديث صيحة « 15 » رمضان حديث موضوع ومكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم
الدمام خالد المرشود :(1/7)
حذر فضيلة الشيخ سلطان بن حمد العويد عضو مكتب الدعوة والإرشاد بالدمام إمام وخطيب جامع الإمام فيصل بن تركي من نشر أو رواية ما يسمى حديث الصيحة الذي يوافق ليلة الجمعة 15 من رمضان حيث ورد في بعض المجاميع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « يكون في رمضان صوت قالوا : يا رسول الله في أوله أو في وسطه أو في آخره ، قال : لا بل في النصف من رمضان إذا كانت ليلة النصف ليلة الجمعة يكون صوتاً من السماء يصعق له سبعون ألفاً ويصم سبعون ألفاً ، قالوا : يا رسول الله فمن السالم من أمتك قال من لزم بيته وتعوذ بالسجود وجهر بالتكبير لله ثم يتبعه صوت آخر فالصوت الأول صوت جبريل والثاني صوت الشيطان فالصوت في رمضان والمعمعة في شوال ويميز القبائل في ذي القعدة ويغار على الحاج في ذي الحجة والمحرم وما المحرم أوله بلاء على أمتي وآخره فرج لأمتي الراحلة بقتبها ينجو عليها المؤمن خير له من «سكرة تغل مائة ألف» وفي الحديث الثاني « فإذا وافق رمضان في تلك السنة ليلة جمعة فإذا صليتم الفجر يوم جمعة في النصف من رمضان فادخلوا بيوتكم وسددوا كواكم ودثروا أنفسكم وسدوا آذانكم فإذا أحسستم بالصيحة فخروا لله سجدا وقولوا سبحان القدوس سبحان القدوس ربنا القدوس فإنه من فعل ذلك نجا ومن ترك هلك » .(1/8)
وأضاف فضيلته في حديثه لـ « الجزيرة » لا يجوز رواياتها فضلا عن تصديقها مبينا من جهته أن الأحاديث الواردة فيها موضوعة ومكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم وأن جميعها خرافات وأباطيل لا أصل لها في السنة وقال الشيخ العويد : إن مثل هذه الأحاديث غالبا لا تنشر إلا في الفتن والأحداث لأن الناس يكونون في حالة قبول ، وشدد من جهته على عدم نشرها لأن الذي ينشرها يكون كاذباً على النبي صلى الله عليه وسلم لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : « من حدث بحديث يُرى « أي يظن » أنه كذب فهو أحد الكاذبين » رواه مسلم كما أكد أنه يجب على المسلم ألا يكون أداة لنشر الإشاعات التي تثير الشكوك والشبهات عند الناس والرعب فيهم وعدم الانسياق وراء الخرافات كما يجب على المسلم الرجوع لأهل العلم الإثبات.
تجدر الإشارة إلى أن الحديثين آنفي الذكر قد انتشرا وروج لهما ضعاف النفوس عبر المدارس والمجمعات التجارية مما ينبغي التصدي لمثل هذه الخزعبلات الموضوعة والمكذوبة على رسول الهدى صلى الله عليه وسلم.
http://www.suhuf.net.sa/2001jaz/nov/29/rr3.htm
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
11 رمضان 1424 هـ(1/9)
بَحْثٌ فِي لَفْظَةِ " بَدَا لِلَّهِ "
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
هذا بحثٌ يَتَعَلَّقُ بِلَفظِةٍ وَرَدَتْ في صَحِيْحِ البُخَارِيِّ تَمَسَّكْ بها أَهْلُ البِدَعِ ، وطَارُوا بها فَرَحاً – زعموا - ، ورَمَوْا أَهْلَ السُّنَّةِ بدائِهِم ثم انْسَلَّوا ، وَنَسَبُوا إِلَيْهِمْ زُوراً وبُهْتاناً عَقِيْدَةً يَهُوْدِيَّةً خَبِيْثَةً وهي عَقِيْدَةُ البَدْأَةِ ، والعَجِيبُ أن عَقِيْدَةَ البَدْأَةِ مَوْجُوْدَةٌ في كُتُبِهِم هم كما سنَذكُرُ في ثنايا البَحثِ .
وَقَد فَرَغْتُ مِنْ البَحْثِ مُنْذ مُدَّةٍ لَكِنِّي كُنْتُ مُتَرَدِّداً فِي إِنزَالهِ ، ثُمّ اسْتخرتُ اللهَ أَنْ أَضَعَهُ فِي هَذَا المُنْتَدًى المُبَارَكِ لَعَلِّي أَظفرُ بِفَائِدَةٍ أَو زِيَادَةٍ مُكَمِّلَة له مِنْ إِخْوَانِي طُلاَّبَ العِلْمِ .
أَسْأَلُ اللهَ أن يَنْفَعَ بِهِ .
حديث الأَعْمَى وَالأَبْرَصِ وَالأَقْرَعِ :
جاء لفظُ " بَدَا لِلَّهِ " في قصةِ الأعمى والأقرع والأبرص ، وسأقتصرُ على موطنِ الشاهدِ من القصةِ فقط ، وكلامِ أهلِ العلمِ على هذهِ اللفظةِ ، وما يترجح منها .
عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى بَدَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ... " .
رواه البخاري (3464) ، ومسلم (2964) .
وروى البخاري القصة تعليقا بدون لفظة : " بدا لله " في كتاب الأيمان والنذور ، باب لا يقول ما شاء الله وشئت . وهل يقول أنا بالله ثم بك ؟
وقد ذكر العلماء أقوالا بخصوص هذه اللفظة نلخصها فيما يلي :
* القولُ الأولُ :
معنى لفظة " بدا لله " أي سبق في علمهِ .(1/1)
قال الحافظُ ابنُ حجرٍ (6/579) : بِتَخْفِيفِ الدَّال الْمُهْمَلَة بِغَيْرِ هَمْز أَيْ سَبَقَ فِي عِلْم اللَّه فَأَرَادَ إِظْهَاره , وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ بَعْد أَنْ كَانَ خَافِيًا لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَال فِي حَقّ اللَّه تَعَالَى .ا.هـ.
ومقصود الحافظ ابن حجر بقوله : " وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ بَعْد أَنْ كَانَ خَافِيًا لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَال فِي حَقّ اللَّه تَعَالَى " عقيدة البداء ، ولنا مع هذه العقيدة الكفرية وقفة :
إن عقيدة البداء عقيدة يهودية ورد ذكرها في التوراة التي حرفها اليهود على وفق ما يشتهون ، ثم أشاع ابن سبأ عقيدة البداء عقيدة البداء ، وفرق السبأية كلهم يقولون بالبداء .
وممن فصل عقيدة البداء عند الرافضة الشيخ الدكتور ناصر القفاري في " أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثنى عشرية " (2/937-952) ، وعقد فصلا لها . وأكتفي بما سطره الشيخ الدكتور ناصر .
أما أهل السنة والجماعة – ولله الحمد – لا يعرفون عقيدة البداء وليس لها ذكر في كتاب الله ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
* مسألة :
هل النسخُ يستلزمُ البداءَ ؟(1/2)
أجاب الزركشي في " البحر المحيط " فقال : وَلَا يَسْتَلْزِمُ النَّسْخُ الْبَدَاءَ إذْ النَّسْخُ بِأَمْرٍ ، وَالْبَدَاءُ الظُّهُورُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ ، خِلَافًا لِلرَّافِضَةِ وَالْيَهُودِ ، فَإِنَّهُمْ ادَّعَوْا اسْتِلْزَامَهُ . فَلَزِمَهُمْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ ، فَقَالَتْ الْيَهُودُ : لَا يَجُوزُ النَّسْخُ عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِ الْبَدَاءِ عَلَيْهِ . وَقَالَتْ الرَّافِضَةُ : يَجُوزُ الْبَدَاءُ عَلَيْهِ لِجَوَازِ النَّسْخِ مِنْهُ . وَالْكُلُّ كُفْرٌ . وَالثَّانِي أَغْلَظُ إذْ يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُكَفَّرُ بِأَنْ يُجْعَلَ التَّعَبُّدُ بِكُلِّ شَرْعٍ مُغَيَّا إلَى ظُهُورٍ آخَرَ . وَبِهَذَا الْمَعْنَى أَنْكَرَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ .ا.هـ.
* القولُ الثاني :
أن لفظة : " بدا لله " من تصرفِ بعضِ الرواةِ ، لأنها جاءت في روايةِ مسلم : " أَرَادَ اللَّه أَنْ يَبْتَلِيهِمْ " .
قال الحافظ (6/579) : وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ شَيْبَانَ بْن فَرُّوخ عَنْ هَمَّام بِهَذَا الْإِسْنَاد بِلَفْظِ " أَرَادَ اللَّه أَنْ يَبْتَلِيهِمْ " , فَلَعَلَّ التَّغْيِير فِيهِ مِنْ الرُّوَاة .ا.هـ.
ولتوضيح ذلك :
لفظة : " بدا لله " جاءت من طريقِ همام ، ورواها عن همام ثلاثةٌ هم :
1 - عمرو بنُ عاصم وعبد الله بن رجاء الغُدَاني . فقد أخرجها البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء برقم (3464) بلفظ واحد فيه لفظة " بدا لله أن يبتليهم " .
2 - شيبانُ بنُ فروخ . أخرجها مسلمٌ في كتابِ الزهدِ والرقائقِ برقم (2964) بلفظ " فأراد الله أن يبتليهم " .(1/3)
وبعد البحثِ والتدقيقِ نجدُ أن البخاري ذكر الحديثَ معلقاً من روايةِ عمرو بنِ عاصم بلفظ " أراد اللهُ " فقد قال : " وقال عمرو بنُ عاصم ، حدثنا همام ، حدثنا إسحاقُ بنُ عبدِ الله ، حدثنا عبدُ الرحمن بنُ أبي عمرة أن أباهريرة حدثهُ أنهُ سمع النبي صلى اللهُ عليه وسلم يقولُ : " إن ثلاثة في بني إسرائيل أراد الله أن يبتليهم ... " الحديث .
أمرٌ آخر ؛ العقيلي في " الضعفاء " (4/369) أخرج الحديثَ من طريقِ عبدِ اللهِ بنِ رجاء الغداني بلفظةِ : " بدا للهِ " فاتفق اثنان من تلاميذِ همام ، وهما عمرو بنُ عاصم وشيبانُ بنُ فروخ على رواية الحديث بلفظِ " أراد الله " في مقابلِ عبدِ اللهِ بنِ رجاءٍ الذي رواهُ عن همام بلفظ : " بدا لله "، والحديثُ مخرجهُ واحدٌ فلابد من الترجيحِ كما هو طريقةُ المحدثين ، فيكونُ الراجحُ لفظ " أراد الله " الذي اتفق عليها الاثنان . ويكونُ لفظُ " بدا لله " من تصرفِ عبدِ الله بنِ رجاء .
وبعد الرجوع إلى ترجمته نجد أن يحيى بن معين وعمرو بن علي اتهماه بكثرة التصحيف .
قال يحيى بن معين : كتير التصحيف . وقال عمرو بن علي : صدوق ، كثير الغلط والتصحيف ليس بحجة .
فتعصيب الجناية عليه ربما يكون له وجه ، فقد يكون صحف الكلمة ، ولهذا أعل العلامة الألباني في " مختصر صحيح البخاري " (2/446) اللفظة بـ " عبد الله بن رجاء " فقال عند لفظة : " أراد الله " : قلت : وهي رواية مسلم ، وهذا هو المحفوظ ، وفي إسناد الأولى ( عبد الله بن رجاء ) ، وهو الغداني ، وفي حفظه كلام . قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يهم قليلا " .
ونسبة البداء إلى اللهِ لا يجوز . ومال الحافظ إلى أن الرواية الأولى من تغيير الرواة ، وظني أنه من الغداني كما ألمحت إليه ، والرواية المحفوظة لم يستحضرها الحافظ أنها عند المصنف ، فعزاها لمسلم وحده .ا.هـ.
يقصد لفظة : " أراد الله " .
* القولُ الثالثُ :(1/4)
أن معنى لفظة : " بدا لله " أي " قضى الله " .
قال ابن الأثير في " النهاية " عند مادة " بدا " : وفي حديث الأقرع والأبرص والأعمى " بَدَا للّه عز وجَلَّ أن يَبْتَلِيَهم " أي قَضَى بذلك ، وهو مَعْنى البَداء ها هنا، لأن القضاء سابق . والبَداءُ اسْتِصْواب شيء عُلم بعدَ أن لم يُعْلَم ، وذلك على اللّه عز وجل غير جائز .ا.هـ.
وقد مال الحافظ إلى هذا الرأي فقال في الفتح (6/579) : وَأَوْلَى مَا يُحْمَل عَلَيْهِ أَنَّ الْمُرَاد قَضَى اللَّه أَنْ يَبْتَلِيهِمْ ، وَأَمَّا الْبَدْء الَّذِي يُرَاد بِهِ تَغَيُّر الْأَمْر عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَلَا ..ا.هـ.
* القولُ الرابعُ :
أن ضبط الكلمة بالهمز " بدأ لله " .
قال الحافظ في الفتح (6/579) : وَقَالَ صَاحِب " الْمَطَالِع " : ضَبَطْنَاهُ عَلَى مُتْقِنِي شُيُوخنَا بِالْهَمْزِ أَيْ اِبْتَدَأَ اللَّه أَنْ يَبْتَلِيهِمْ , قَالَ : وَرَوَاهُ كَثِير مِنْ الشُّيُوخ بِغَيْرِ هَمْز وَهُوَ خَطَأ اِنْتَهَى . وَسَبَقَ إِلَى التَّخْطِئَة أَيْضًا الْخَطَّابِيُّ , وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ مُوَجَّه كَمَا تَرَى .ا.هـ.
ومال السندي إلى هذا القول أيضا ، كما نقل الأرنؤوط في " تخريج المسند " (32/424) عنه عند حديث أبي موسى الأشعري الآتي ( رقم 3 ) فقال : قال السندي : " قوله : فإذا بدا لله . هكذا في النسخ " بدا " من البدو ، و" لله " جار ومجرور متعلق به ، أي ظهر له تعالى . قيل : وهو خطأ ، لأنه بمعنى ظهور شيء بعد أن لم يكن وهو محال في حقه تعالى ، إلا أن يُأوَّل بمعنى أراده ، والصواب بدأ لله ، على أن بدأ ، بالهمزة ، و" الله " فاعله ، أي : شرع الله .ا.هـ.
هذه هي تخريجات العلماء لهذه اللفظة .
والذي يترجحُ – والعلمُ عند اللهِ – أنها من تصرفِ بعضِ الرواةِ ، وهو عبدُ الله بنُ رجاء الغداني .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/5)
تخريج أحاديث ( شهقة البغلة إلى الشعير)
السؤال :
أبحث عن تخريج هذه الأحاديث ....
1 ) عن مجاهد عن ابن عباس قال: إن العبد ليجر إلى النار فتشهق إليه شهقة البغلة إلى الشعير ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف هكذا رواه ابن أبي حاتم بإسناده مختصرا
2 ) وقد رواه الإمام أبو جعفر بن جرير بإسناده إلى ابن عباس قال: إن الرجل ليجر إلى النار فتنزوي وتنقبض بعضها إلى بعض فيقول لها الرحمن ما لك ؟ قالت إنه يستجير مني فيقول أرسلوا عبدي وإن الرجل ليجر إلى النار فيقول يارب ما كان هذا الظن بك فيقول فما كان ظنك ؟ فيقول أن تسعني رحمتك فيقول أرسلوا عبدي وإن الرجل ليجر إلى النار فتشهق إليه النار شهقة البغلة إلى الشعير وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف
3 ) قال عبدالرزاق أخبر معمر عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير في قوله "سمعوا لها تغيظا وزفيرا" قال إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر لوجهه ترتعد فرائصه حتى إن إبراهيم عليه السلام ليجثو على ركبتيه ويقول: رب لا أسألك اليوم إلا نفسي..
أرجو الافادة عن كتب الأحاديث التي وردت هذه الاحاديث فيها ، ، ،
الجواب :
أورد أبنُ جرير الطبري - رحمهُ اللهُ - أثرَ ابنِ عباس عند تفسيرِ قوله تعالى : " إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا " [ الفرقان : 12 ] فقال :(1/1)
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : " إِنَّ الرَّجُل لَيُجَرّ إِلَى النَّار , فَتَنْزَوِي وَيَنْقَبِض بَعْضهَا إِلَى بَعْض , فَيَقُول لَهَا الرَّحْمَن مَا لَك ؟ فَتَقُول : إِنَّهُ لَيَسْتَجِير مِنِّي ! فَيَقُول : أَرْسِلُوا عَبْدِي ! وَإِنَّ الرَّجُل لَيُجَرّ إِلَى النَّار , فَيَقُول : يَا رَبّ مَا كَانَ هَذَا الظَّنّ بِك ! فَيَقُول : فَمَا كَانَ ظَنّك ؟ فَيَقُول : أَنْ تَسَعَنِي رَحْمَتك ! قَالَ : فَيَقُول أَرْسِلُوا عَبْدِي ! وَإِنَّ الرَّجُل لَيُجَرّ إِلَى النَّار فَتَشْهَق إِلَيْهِ النَّار شُهُوق الْبَغْلَة إِلَى الشَّعِير وَتَزْفِر زَفْرَة لَا يَبْقَى أَحَد إِلَّا خَافَ " .
والأثرُ لا يصحُ لأن في سندهِ أبا يحيى القتات الكوفي الكُناسي متكلمٌ فيه وخاصة روايةُ إسرائيل عنهُ كما في السندِ .
قال الإمامُ أحمدُ عنه : روى عنه إسرئيلُ أحاديث كثيرة مناكير جداً .
والأثرُ الأولُ الذي أرودتهُ أخي تهاني من طريقِ أبي يحيى القتات أيضاً .
وأثرُ ابنِ عباس أورد ابنُ كثيرِ في تفسيره وقال عنه : " وهذا إسنادٌ صحيحٌ " .ا.هـ.
ولكن كما ذكرنا أن أبا يحيى القتات ضعفه عددٌ من أهل العلمِ وبالأخص رواية إسرائيل عنه .
أما أثرُ عبيدِ بنِ عمير فإن عبيدَ بنَ عمير الصحيحُ أنه تابعي ، والله أعلم .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/2)
تخريج حديث : إني رأيت البارحة عجبا ... الحديث
1 - نصُ الحديثِ :
عن عبد الرحمن بن سمرة قال :
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة بالمدينة ، فقام علينا فقال :
إني رأيت البارحة عجبا :
رأيت رجلا من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه .
ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين ، فجاء ذكر الله فطير الشياطين عنه .
ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب ، فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم .
ورأيت رجلا من أمتي عطشا ، كلما دنا من حوض مُنع وطُرد ، فجاءه صيامه شهر رمضان فأسقاه ورواه .
ورأيت رجلا من أمتي ورأيت النبيين جلوسا حلقا حلقا ، كلما دنا إلى حلقة طُرد ومُنع ، فجاءه غسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي .
ورأيت رجلا من أمتي من بين يديه ظلمة ، ومن خلفه ظلمة ، وعن يمينه ظلمة، وعن يساره ظلمة ، ومن فوقه ظلمة ، وهو متحير فيها ، فجاءه حجه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور .
ورأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النار وشررها ، فجاءته صدقته فصارت سترا بينه وبين النار وظلا على رأسه .
ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين ولا يكلمونه ، فجاءته صلته لرحمه فقالت : يا معشر المؤمنين ، إنه كان وصولا لرحمه، فكلِّموه ، فكلمه المؤمنون وصافحوه وصافحهم .
ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الزبانية ، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم ، وأدخله في ملائكة الرحمة .
ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه ، وبينه وبين الله حجاب ، فجاءه حسن خلقه ، فأخذ بيده فأدخله على الله عز وجل .
ورأيت رجلا من أمتي قد ذهبت صحيفته من قبل شماله ، فجاءه خوفه من الله عز وجل فأخذ صحيفته فوضعها في يمينه .
ورأيت رجلا من أمتي خف ميزانه ، فجاءه أفراطه –أي من مات من أولاده - فثقلوا ميزانه .(1/1)
ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم ، فجاءه رجاؤه من الله عز وجل فاستنقذه من ذلك ومضى .
ورأيت رجلا من أمتي قد هوى في النار ، فجاءته دمعته التي قد بكى من خشية الله عز وجل فاستنقذته من ذلك .
ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط، يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف ، فجاءه حسن ظنه بالله عز وجل فسكن روعه ومضى .
ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط ، يحبو أحيانا ويتعلق أحيانا ، فجاءته صلاته فأقامته على قدميه وأنقذته .
ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة ، فغلقت الأبواب دونه ، فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة .
2 - تخريجُ الحديثِ :
رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/697) فقال :
ذكر منامات روي عن رسول الله أنه رآها :
أحدها حدثنا أبو زيد جعفر بن زيد الشامي لفظا ، قال : اخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف ، قال : أنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري ، قال : أنا أبو الحسن علي بن لؤلؤ الوراق ، قال : أنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي ، قال : أنا أبو الوليد بشر بن الوليد القاضب ، قال : نا الفرج بن فضالة ، قال : حدثنا هلال ابو جبلة عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة قال :(1/2)
خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن في مسجد المدينة فقال : إني رأيت الليلة عجبا ، قالوا : وما هو يا رسول الله ؟ قال : رأيت رجلا من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالده فرده عنه ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاءه ذكر الله عز وجل فخلصه من بينهم ورأيت رجلا من أمتي يسلط عليه عذاب القبر فجاءه وضوءه فاستنقذه منه ورأيت رجلا من أمتي احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا كلما ورد حوضا منع منه فجاءه صومه رمضان فسقاه وارواه ورأيت رجلا من أمتي والنبيون حلقا حلقا كلما دنا إلى حلقه ظن انه منها رد فجاءه اغتساله من الجنابة فأخذه بيده فأجلسه إلى جنبي ورأيت رجلا من أمتي من بين يديه ظلمة وعن شماله ظلمة من فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة وهو متحير فيها فجاءه حجه وعمرته واستنقذاه من الظلمة وادخلاه النور ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه فجاءته صلة الرحم فقالت يا معشر المؤمنين كلموه فإنه كان واصلا للرحم فكلموه وصافحوه ورأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النار وشررها بيده عن وجهه فجاءته صدقته فصارت سترا على رأسه وظلا على وجهه ورأيت رجلا من أمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذاه من أيديهم وادخلاه في ملائكة الرحمة وصار معهم ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه بينه وبين الله حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذه بيده فأدخله على الله عز وجل ورأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته قبل شماله فجاءه خوفه من الله تعالى فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه فجاءته إفراطه يعني أولاده الصغار فثقلت ميزانه ورأيت رجلا من أمتي على شفير جهنم فجاءه وجله من الله تعالى فاستنفذه من ذلك ورأيت رجلا من أمتي من انتهى تهوي في النار فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله عز وجل فاستخرجته من النار ورأيت(1/3)
رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله عز وجل فسكنت رعدته ومضى على الصراط ورأيت رجلا من أمتي يحبو حبوا أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته علي فأخذته بيده وأقامته على الصراط ومضى ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إلا إلا الله وفتحت الأبواب وأدخلته الجنة .
طريق آخر أنبأنا ابن خيرون قال أنبأنا الجوهري عن الدارقطني عن ابي حاتم بن حبان قال نا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان قال حدثنا عامر بن سيار قال نا مخلد بن عبد الواحد الهذيل البصري عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة قال : خرج علينا رسول الله ص فقال لقد رأيت البارحة عجبا رجلا من امتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرده عنه .
قال المؤلف وذكر نحو الحديث المتقدم ، وهذا حديث لا يصح .
أما الطريق الأول ففيه هلال أبو جبلة ، وهو مجهول .
وفيه الفرج بن فضالة قال ابن حبان : يقلب الأسانيد ويلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة ، لا يحل الاحتجاج به .
فأما الطريق الثاني ففيه علي بن زيد ، قال : احمد ويحيى ليس بشيء ، وقال أبو زرعة : يهم ويخطئ فاستحق الترك ، وفيه مخلد بن عبد الواحد قال ابن حبان : منكر الحديث جدا ينفرد بمناكير لا تشبه أحاديث الثقات .
وقال الإمام الذهبي في تلخيصه للعلل المتناهية (ص243) :
رواه فرج بن فضالة – ضعيف – هلال أبو جبلة عن سعيد بن المسيب عن عبدالرحمن بن سمرة .
هلال هذا شيخ يكتب حديثه .
ورواه مخلد بن عبدالواحد أبو الهذيل – منكر الحديث – عن علي بن زيد – ضعيف – عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن .
وقد رواه سليمان بن عبد الرحمن ، عن مروان بن معاوية ، عن كتاب أبي عبدالر حمن ، عن ابن جدعان .
وذكره الهيثمي في المجمع (7/179) وقال :(1/4)
رواه الطبراني بإسناد ين في أحدهما سليمان بن أحمد الواسطي ، وفي الآخر خالد بن عبد الرحمن المخزومي وكلاهما ضعيف .ا.هـ.
أما سليمان بن أحمد الواسطي ففيه كلام أشد مما ذكر الهيثمي .
قال عنه الذهبي في الميزان (3/277) :
صاحب الوليد بن مسلم كذبه يحيى وضعفه النسائي ، وقال ابن أبي حاتم : كتب عنه أبي وأحمد ويحيى ثم تغير وأخذ في الشرب والمعازف فترك
قلت (الذهبي) : يكنى أبا محمد وأصله دمشقي .
قال البخاري : فيه نظر ، وقال ابن عدي : أنبأنا عنه عبدان بعجائب ، ووثقه عبدان ، ثم قال ابن عدي : هو عندي ممن يسرق الحديث وله أفراد .ا.هـ.
وخالد بن عبد الرحمن المخزومي قال عنه المزي في تهذيب الكمال (8/124) :
قال البخاري وأبو حاتم : ذاهب الحديث . زاد أبو حاتم : تركوا حديثه . ا.هـ.
وزاد ابن حجر في التهذيب (3/89) :
وقال البخاري في الأوسط : رماه عمرو بن علي بالوضع ، وقال صالح بن محمد : منكر الحديث ، وقال الحاكم أبو أحمد : خالد بن عبد الرحمن المخزومي الخراساني سكن مكة حديثه ليس بالقائم .
وقد علق المناوي على الحديث في فيض القدير (3/26) فقال :
وعزاه الحافظ العراقي إلى الخرائطي في الأخلاق ، وقال : وسنده ضعيف .ا.هـ.
ونقل المناوي كلام ابن الجوزي على الحديث الذي ذكرناه ، ونقل أيضا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية على الحديث .
وقد حكم عليه العلامة الألباني – رحمه الله – بالضعف في ضعيف الجامع (2086) فقال : ضعيف .
وقد أورد الحديث الإمام ابن كثير في تفسيره (4/421) فقال :
وقال أبو عبد الله الحكيم الترمذي في كتابه "نوادر الأصول" حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن نافع ، عن ابن أبي فديك ، عن عبد الرحمن بن عبد الله ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن سمرة قال : فذكره .
وذكره الزبيدي في الإتحاف وعزاه للحكيم في النوادر وضعفه .(1/5)
وكتاب "نوادر الأصول " من مظان الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، وخاصة بعد نقل كلام العلماء السابقين على الحديث .
3 - استحسان شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم للحديث :
وقد ذهب بعض العلماء منهم الحافظ أبو موسى المديني في كتاب " الترغيب في الخصال المنجية والترهيب من الخلال المردية " وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم - رحمهم الله - إلى استحسان هذا الحديث دون النظر في سنده . وإليك التفصيل .
قال الإمام ابن القيم في كتاب الروح (1/82) :(1/6)
وقد جاء فيما ينجى من عذاب القبر حديث فيه الشفاء رواه أبو موسى المدينى وبين علته في كتابه في الترغيب والترهيب وجعله شرحا له رواه من حديث الفرج بن فضالة حدثنا هلال أبو جبلة عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة قال : خرج علينا رسول الله ونحن في صفة بالمدينة فقام علينا فقال إنى رأيت البارحة عجبا رأيت رجلا من أمتى أتاه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه ورأيت رجلا من أمتى قد احتوشته الشياطين فجاء ذكر الله فطير الشياطين عنه ورأيت رجلا من أمتى قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ورأيت رجلا من أمتى يلهث عطشا كلما دنا من حوض منع وطرد فجاءه صيام شهر رمضان فأسقاه وأرواه ورأيت رجلا من أمتى ورأيت النبيين جلوسا حلقا حلقا كلما دنا إلى حلقة طرد ومنع فجاءه غسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي ورأيت رجلا من أمتى من بين يديه ظلمة ومن خلفه وعن يمينه ظلمة وعن يساره ظلمة ومن فوقه ظلمة وهو متحير فيه فجاءه حجه وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور ورأيت رجلا من أمتى يتقى وهج النار وشررها فجاءته صدقته فصارت سترا بينه وبين النار وظلا على رأسه ورأيت رجلا من أمتى يكلم المؤمنين ولا يكلمونه فجاءته صلته لرحمه فقالت يا معشر المؤمنين انه كان وصولا لرحمه فكلموه المؤمنون وصافحوه وصافحهم ورأيت رجلا من أمتى قد احتوشته الزبانية فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم وأدخله في ملائكة الرحمة ورأيت رجلا من أمتى جاثيا على ركبتيه وبينه وبين الله حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله عز وجل ورأيت رجلا من أمتى قد ذهبت صحيفته من قبل شماله فجاءه خوفه من الله عز وجل فأخذ صحيفته فوضعها في يمينه فوضعها في يمينه ورايت رجلا من أمتى خف ميزانه فجاءه أفراطه فثقلوا ميزانه ورأيت رجلا من أمتى قائما على شفير جهنم فجاءه رجاؤه من الله عز وجل فاستنقذه(1/7)
من ذلك ومضى ورأيت رجلا من أمتى قد هوى في النار فجاءته دمعته التي قد بكى من خشية الله عز وجل فاستنقذته من ذلك ورأيت رجلا من أمتى قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله عز وجل فسكن روعه ومضى ورأيت رجلا من أمتى يزحف على الصراط يحبو أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته فأقامته على قدميه وأنقذته ورأيت رجلا من أمتى انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة .
قال الحافظ أبو موسى : هذا حديث حسن جدا ، رواه عن سعيد بن المسيب وعمر بن ذر وعلى ابن زيد بن جدعان .ا.هـ.
وقد علمنا كلام أهل الاختصاص بالأسانيد ما في هذا الحديث من العلل .
أما الموضع الثاني :
قال في الوابل الصيب (111) :(1/8)
الثالثة والسبعون : وهي التي بدأنا بذكرها وأشرنا إليها إشارة فنذكرها هاهنا مبسوطة لعظيم الفائدة بها وحاجة كل أحد بل ضرورته إليها وهي أن الشياطين قد احتوشت العبد وهم أعداؤه فما ظنك برجل قد احتوشه أعداؤه المحنقون عليه غيظا وأحاطوا به وكل منهم يناله بما يقدر عليه من الشر والأذى ولا سبيل إلي تفريق جمعهم عنه إلا بذكر الله عز وجل وفي هذا الحديث العظيم الشريف القدر الذي ينبغي لكل مسلم أن يحفظه فنذكره بطوله لعموم فائدته وحاجة الخلق إليه وهو حديث سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة بن جندب قال خرج علينا رسول الله يوما وكنا في صفه بالمدينة فقام علينا فقال اني رايت البارحة عجبا رأيت رجلا من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه ورأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الشياطين فجاءه ذكر الله عز وجل فطرد الشيطان عنه ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم ورأيت رجلا من أمتي يلهب وفي رواية يلهث عطشا كلما دنا من حوض منع وطرد فجاءه صيام شهر رمضان فاسقاه وأرواه ورأيت رجلا من أمتي ورأيت النبيين جلوسا حلقا حلقا كلما دنا إلى حلقة طرد فجاءه غسله من الجنابة فأخده بيده فأقعده الى جنبي ورأيت رجلا من أمتي بين يديه ظلمة ومن خلفه ظلمة وعن يمينه ظلمة وعن يساره ظلمة ومن فوقه ظلمة ومن تحته ظلمة وهو متحير فيها فجاءه حجة وعمرته فاستخرجاه من الظلمة وادخلاه في النور ورأيت رجلا من أمتي يتقي بيده وهج النار وشرره فجاءته صدقته فصارت سترة بينه وبين النار وظللت على رأسه ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين ولا يكلمونه فجاءته صلته لرحمة فقالت يا معشر المسلمين انه كان وصولا لرحمة فكلموه فكلمه المؤمنون وصافحوه وصافحهم ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الزبانية فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر(1/9)
فاستنقذه من أيديهم وادخله في ملائكة الرحمة ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه وبينه وبين الله عز وجل حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذه بيده فادخله على الله عز وجل ورأيت رجلا من أمتي قد ذهبت صحيفته من قبل شماله فجاءه خوفه من الله عز وجل فأخذه صحيفته فوضعها في يمينه ورأيت رجلا من أمتي خف ميزانه فجاءه إفراطه ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم فجاءه في الله عز وجل فاستنقذه من ذلك ومضى ورأيت رجلا من أمتي قد هوى في النار فجاءته دمعته التي بكى من خشية الله عز وجل فاستنقذته من ذلك ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله عز وجل فسكن رعدته ومضى ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحيانا فجاءته صلاته علي فأقامته وأنقذته ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا اله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة .
رواه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب الترغيب في الخصال المنجية والترهيب من الخلال المردية وبنى كتابه عليه وجعله شرحا له ، وقال : هذا حديث حسن جدا ، رواه عن سعيد بن المسيب عمرو بن ازر وعلي بن زيد بن جدعان وهلال أبو جبلة .
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يعظم شان هذا الحديث ، وبلغني عنه انه كان يقول : شواهد الصحة عليه .ا.هـ.
ولكن كما ذكرنا أن الحديث لا يثبت ، وكلام شيخ الإسلام وابن القيم على العين والرأس ولكن هذا أمر غيبي لا يثبت إلا بصحة السند ، والسند لا يثبت بعد نقل كلام جمع من أهل العلم على الحديث .
ومن كان لديه زيادة على ما ذكرنا فليتحفنا بها جزاه الله خيرا .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@235.znaRaXKxKle^0@.ef060ff
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/10)
تخريج حديث : " اللهم إنك عفو تحب العفو ... الحديث "
قال الأخ الصارم : ضعف حديث:(اللهم انك عفوتحب العفو فاعف عني)0
هذا الحديث أخرجه الإمام احمد والترمذي وابن ماجه وقال الترمذي حديث حسن صحيح وذلك في المطبوع من الترمذي(الجامع) وهو من طريق كهمس بن الحسن عن عبدالله بن بريده عن عائشه رضي الله عنها مرفوعا قال:الدارقطني في كتاب النكاح من السنن:(لم يسمع من عائشه0والله اعلم0
قلت : ( عبدالله زقيل )
الأخ الصارم .
لقد رجعت إلى الحديث ، وإلى كتب العلل ، وخاصة كتب المراسيل ومن أجمعها كتاب : تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل للحافظ أبي زرعة العراقي .
وكتاب العراقي هذا جمع بين كتابين من كتب المراسيل :
1 - المراسيل لابن أبي حاتم الرازي .
2 - جامع التحصيل للحافظ العلائي .
وبعد الرجوع إلى ترجمة عبدالله بن بُريدة بن الحصيب في الكتاب المذكور قال العراقي :
عن عمر . قال أبو زرعة : مرسل .
قال محقق الكتاب : وقال في هامش الأصل : وقال الدارقطني : لم يسمع من عائشة .
فالدارقطني هو الوحيد الذي أعل رواية عبد الله بن بُريدة بالانقطاع بينه وبين عائشة .
وبعد الرجوع أيضا إلى كلام الشيخ الألباني في المشكاة (2091) قال عن الحديث : وإسناده صحيح .
والحديث أخرجه الحاكم من طريق سليمان بن بريدة عن عائشة رضي الله عنها .
قال الشيخ مقبل الوادعي في تتبعه لأوهام الحاكم التي سكت عنها الذهبي (1/720 ح 1994) تعليقا على الحديث :
ينظر ، فإنهما ( يقصد الشيخ مقبل البخاري ومسلم ) لم يخرجا لسليمان عن عائشة شيئا ، كما في تحفة الأشراف ، وينظر أسمع من عائشة أم لم يسمع ، فقد ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب عن الدارقطني أن أخاه عبد الله لم يسمع من عائشة وهما توأمان .ا.هـ.
والحديث أورده البيهقي في الأسماء والصفات (1/184 - 149 ح 92) ، وقد خرجّ الحديث الحاشدي محقق الكتاب فقال :
حديث صحيح رجاله كلهم ثقات :(1/1)
أبو عبد الله الحافظ هو الحاكم ، وأبو سعيد بن أبي عمرو هو محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي تقدم برقم (23) ، وأبو العباس محمد بن يعقوب هو الأصم تقدم برقم (5) وبقية رجال الإسناد كلهم ثقات معروفون ، وسفيان هو الثوري ، والجريري اسمه سعيد بن إياس اختلط بآخرة لكن سفيان سمع منه قبل الاختلاط كما في الكواكب النيرات ، وابن بريدة هو عبد الله ثقة لكن قال الدارقطني في كتاب الطلاق من سننه 3/233 ، إنه لم يسمع من عائشة ، ولكنه توبع كما سيأتي ، والحديث أخرجه النسائي في النعوت من الكبرى وفي اليوم والليلة من طريق سفيان به كما في تحفة الأشراف 11/435 .
وقد توبع سفيان الثوري تابعه يزيد بن هارون ، وعلي بن عاصم عند أحمد في المسند 6/182 ، 183 ، وعبد الرحمن بن مرزوق عند النسائي في اليوم والليلة ، وتوبع أيضا الجريري تابعه : كهمس بن الحسن عند أحمد 6/171 و 208 ، والترمذي حديث رقم (3513) وابن ماجة رقم (3850) والنسائي ، وابن السني في عمل اليوم والليلة رقم (772) وقال الترمذي : حسن صحيح ، وقد توبع عبد الله بن بريدة أيضا تابعة أخوة سليمان بن بريدة : أخرجه أحمد في المسند 6/258 ، والنسائي في اليوم والليلة ، والحاكم في المستدرك 1/530 وأبو يعلى في المعجم ص 66 رقم (43) والطبراني في كتاب الدعاء حديث رقم (916) من طريق عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي عن سفيان الثور عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن عائشة ، والأشجعي ثقة مأمون أثبت الناس كتابا في الثوري كما في التقريب وهو من رجال الشيخين . وهذا يدل على أنه كان للثوري فيه إسنادان وكلاهما محفوظ ، ومع هذا فلا ندري هل سمع سليمان بن بريدة من عائشة أم لا فصحة الحديث متوقفة على ذلك ، والله أعلم .ا.هـ.
قال الصارم :(1/2)
جزاكم الله خيرا وجزى الله جميع الاخوه المشاركين في هذه الفوائد خيرا واخص أخي في الله الا الفاضل عبدالله زقيل بارك الله فيه وأعظم له الأجر والمثوبة على هذه الفوائد وكافة الإخوة جزاهم الله خيرا ثم أريد ان اسأل سؤالا هل سمع سليمان من عائشة رضي الله عنها والدارقطني رحمه الله جزم بان عبدالله بن بريده لم يسمع من عائشة فكيف يحكم لروايته بالاتصال ثم أين أصحاب وتلاميذ عائشة الملازمين لها والرواة لحديثها كله حتى يأتي مثل عبدالله بن بريده وهو لم يسمع منها اين عروه واين عمره 0000الخ ثم هذا في حكم خاص بليلة القدر تحتاج الأمة إليه ولا يرويه الا ابن بريده وهو لم يسمع منها هذا حكم في دعاء معين خاص بليلة معينه لم يعرف الا من طريق ابن بريده0
قلت : ( عبدالله زقيل )
الأخ الصارم .
وإياك ، وليتك لم تخصني بالذكر فقد شاركت كما شارك غيري .
أما ما أوردته من استنتاج فهو جيد ، ولذلك لو لاحظت كلام الشيخ مقبل حين قال : فقد ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب عن الدارقطني أن أخاه عبد الله لم يسمع من عائشة وهما توأمان .
فالشيخ مقبل كأنه يلمح إلا أن سليمان كعبد الله في عدم السماع من عائشة ، وذلك في قوله : وهما توأمان .
وقد وجدت كلاما للشيخ مقبل في كتاب [ أحاديث معلةٍ ظاهرها الصحة ] ( ص 253) ما نصه :
هذا حديث حسن صحيح .
كذا قال الترمذي رحمه الله وظاهره أنه حسن بهذا الإسناد ولكن في تهذيب التهذيب في ترجمة عبد الله بن بريدة وقال الدارقطني في كتاب النكاح من السنن : لم يسمع من عائشة .(1/3)
وقد رواه النسائي في عمل اليوم والليلة ( ص 500) من حديث سليمان بن بريدة عن عائشة وما أظن سليمان سمع من عائشة فإني لم أجد له في تحفة الأشراف إلا هذا ولم يصرح بالتحدث ثم إته قد اختلف فيه على سفيان كما في عمل اليوم والليلة للنسائي ، ويكفي الحديث أنه لا يعلم سماع سليمان من عائشة وقد جاء الحديث موقوفا على عائشة وفيه عبد الله بن جبير - وكان شريك مسروق على السلسلة عن مسروق - والراوي لهذا الأثر لم أجد له ترجمة .ا.هـ.
والموقوف الذي أشار إليه الشيخ مقبل رواه النسائي في السنن الكبرى في كتاب عمل اليوم والليلة ، باب ما يقول إذا وافق ليلة القدر (6/219 - 220 ح 10714) قال :
أخبرنا أحمد بن سليمان ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا حميد عن عبد الله بن جبير - وكان شريك مسروق على السلسلة - عن مسروق عن عائشة قالت : لو علمت أي ليلة ليلة القدر لكان دعائي فيها أن أسأل الله العفو والعافية .
ورواه البيهقي في السنن (6/219) .
ومقصود الشيخ مقبل بقوله : والراوي لهذا الأثر لم أجد له ترجمة . هو عبد الله بن جبير .
والحديث ذكره النووي في كتاب الأذكار ( ص 277) باب ما يدعو به إذا صادف ليلة القدر .
ورجعت إلى كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية لابن علان الصديقي ، وهو كتاب اعتنى بشرح كتاب الأذكار للنووي ، مع نقله لكلام الحافظ ابن حجر من كتاب نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار .
يقول ابن علان في مقدمة الكتاب (1/4) :
وأملى عليه الحافظ النحرير ، والإمام النافذ الحجة الحاكم الخبير ، أمير المؤمنين في الحديث ، المتفق على تقدمه في القديم والحديث \\\" شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني \\\" أمالي استخرج فيها أحاديثه ، وبين مرتبة أحاديث الكتاب من صحة أو حسن أو ضعف أو اضطراب ، ومات قبل إكمالها ، وأملى متمما لذلك تلميذه الحافظ السخاوي ، وتوفي قبل الإكمال أيضا ، ومجموع الأمالي في نحو ثلاث مجلدات ...ا.هـ.(1/4)
أما مايتعلق بكلام الحافظ ابن حجر على الحديث في كتاب الفتوحات الربانية (4/346) فقال ابن علان :
أخرجه الحافظ من طريق الطبراني وغيره عن أبي بريدة عن عائشة قالت : قلت : ... الحديث . قال الحافظ : أخرجه النسائي في الكبرى وابن بريدة هذا هو سليمان كما جزم به المزي وغيره ، وقد جاء من طريق أخيه عبد الله وهي أشهر . قال الحافظ : وبالإسناد إلى أحمد حدثنا يزيد بن هارون ووكيع ومحمد بن جعفر ثلاثتهم قالوا : حدثنا الحسن بن الحسن حدثنا عبد الله بن بريدة عن عائشة قالت : قلت : ... فذكر مثله . قال الحافظ : أخرجه الترمذي والنسائي عن قتيبة عن جعفر بن سليمان والنسائي أيضا عن محمد بن عبد الأعلى عن معتمر ، وابن ماجة عن علي بن محمد عن وكيع ثلاثتهم عن كهمس ، قال الترمذي : حسن صحيح ، وأخرجه الحاكم من الوجهين وصححه وفي ذلك نظر فإن البيهقي جزم في كتاب الطلاق من السنن بأن عبد الله بن بريدة لم يسمع من عائشة . قال الحافظ : ووقع لنا الحديث من وجه آخر بلفظ آخر عن أبي هلال الراسبي حدثنا عبد الله بن بريدة قال : قالت أم المؤمنين أحسبه قال : قالت عائشة : يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر بما أدعو ، قال : قولي : اللهم إني أسألك العفو والعافية . قال الحافظ : ووقع لنا بعلو من حديث أسود بن عامر عن أبي هلال المذكور ، واسم أبي هلال محمد بن سليمان ، وهو بصري حسن الحديث ، وقد أخرجه النسائي من وجه آخر عن مسروق عن عائشة موقوفا عليها .ا.هـ.
تنبيه : كتاب الفتوحات الربانية لابن علان الصديقي الشافعي الأشعري فيه انحرافات عقدية تخالف منهج سلف الأمة ، فينبغي الحذر من كلام مؤلفه .
رابط الموضوع
http://www.fwaed.net/vb/showthread.php?s=563c57fb13a2659d61e1acdcc74b119c&threadid=2397
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/5)
تخريج حديث : " رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا
ورد في الصلاة قبل العصر أحاديث :
1 - عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً صَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا " . أخرجه أبو داود (1271) ، والترمذي (430) ، وأحمد (2/117) .
قال ابن القيم في الزاد (1/311 - 312) : وقد اختلف في هذا الحديث فصححه ابن حبان ، وعلله غيره ، قال ابن أبي حاتم : سمعت أبي يقول : سألت أبا الوليد الطيالسي ، عن حديث محمد بن مسلم بن المثنى عن أبيه عن ابن عمر عن النبي : " رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا " فقال : دع ذا ، فقلت : إن أبا داود قد رواه . فقال : قال أبو الوليد : كان ابن عمر يقول : " حفظت عن النبي عشر ركعات في اليوم والليلة " ، فلو كان هذا لعده ، قال أبي : كان يقول حفظت ثنتي عشرة ركعة .ا.هـ.
وقد عُد هذا الحديث من منكرات محمد بن إبراهيم بن مسلم فقال الذهبي في " الميزان " قال الفلاس : يروي عنه أبو داود الطيالسي مناكير . وذكر هذا الحديث من مناكيره .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " (23/125) :
... وَأَمَّا قَبْلَ الْعَصْرِ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ إلَّا وَفِيهِ ضَعْفٌ بَلْ خَطَأٌ كَحَدِيثِ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي نَحْوَ سِتَّةَ عَشَرَ رَكْعَةً مِنْهَا قَبْلَ الْعَصْرِ وَهُوَ مَطْعُونٌ فِيهِ فَإِنَّ الَّذِينَ اعْتَنَوْا بِنَقْلِ تَطَوُّعَاتِهِ كَعَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ بَيَّنُوا مَا كَانَ يُصَلِّيهِ ...ا.هـ.(1/1)
قال ابن القيم في " الزاد " (1/311) : وأما الأربع قبل العصر فلم يصح عنه عليه السلام في فعلها شيء إلا حديث عاصم بن ضمرة عن علي : الحديث الطويل أنه كان يصلي في النهار ست عشرة ركعة يصلي إذا كانت الشمس من هاهنا كهيئتها من ها هنا لصلاة الظهر أربع ركعات وكان يصلي قبل الظهر أربع ركعات وبعد الظهر ركعتين وقبل العصر أربع ركعات وفي لفظ كان إذا زالت الشمس من هاهنا كهيئتها من ها هنا عند العصر صلى ركعتين وإذا كانت الشمس من هاهنا كهيئتها من هاهنا عند الظهر صلى أربعا ويصلي قبل الظهر أربعا وبعدها ركعتين وقبل العصر أربعا ويفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين .
وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية ينكر هذا الحديث ويدفعه جدا ويقول : إنه موضوع ، ويذكر عن أبي إسحاق الجوزجاني إنكاره .ا.هـ.
هذا هو الكلام عن هذا الحديث الأول ، وسيتم الكلام عن الحديث الثاني الذي أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وهو حديث علي لاحقا إن شاء الله ، لأنني على عجلة من أمري .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=8172
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
تخريج حديث : الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ
روى ابن ماجة في سننه (4082) :
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، فَلَمَّا رَآهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ قَالَ : فَقُلْتُ : مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا نَكْرَهُهُ فَقَالَ : إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا ، وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلَاءً وَتَشْرِيدًا وَتَطْرِيدًا حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ فَيَسْأَلُونَ الْخَيْرَ فَلَا يُعْطَوْنَهُ فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا فَلَا يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَيَمْلَؤُهَا قِسْطًا كَمَا مَلَئُوهَا جَوْرًا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَأْتِهِمْ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ .
الحديث في إسناده يزيد بن أبي زياد .
قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب : ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن وكان شيعيا .
أقوال العلماء عن هذا الحديث :
قال الحافظ الذهبي في السير (6/132) بعد أن أورد الحديث :
قال أحمد بن حنبل : حديثه في الرايات ليس بشيء .
قلت ( الذهبي ) : وقد رواه عنه ايضا محمد بن فضيل ، قال الحافظ أبو قدامة السرخسي : حدثنا أبو أسامة قال : حديث يزيد عن أبراهيم في الرايات لو حلف عندي خمسين يمينا قسامة ما صدقته .(1/1)
قلت ( الذهبي ) : معذور والله أبو أسامة ، وأنا قائل كذلك ، فإن من قبله ومن بعده ائمة أثبات فالآفة منه عمدا او خطأ .ا.هـ.
وقال في ميزان الاعتدال (4/423) :
وقال وكيع : يزيد ابن أبي زياد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله - يعني حديث الرايات - ليس بشيء .
وقال أحمد : حديثه ليس بذلك ، و حديثه عن إبراهيم - يعني في الرايات - ليس بشيء .
وقال بعد أن أورد حديث يزيد بن أبي زياد (4/424) :
قلت ( الذهبي ) : هذا ليس بصحيح ، وما أحسن ما روى أبو قدامه : سمعت أبا أسامة يقول في حديث يزيد عن إبراهيم في الرايات : لو حلف عندي خمسين يمين قسامة ما صدقته ، أهذا مذهب إبراهيم ! أهذا مذهب علقمة ! أهذا مذهب عبد الله ! .ا.هـ.
وقال الإمام ابن القيم في المنار المنيف ( ص150) :
وفي إسناده يزيد بن أبي زياد ، وهو سيء الحفظ ، اختلط في آخر عمره ، وكان يُقَلِّدُ الفُلُوس .ا.هـ.
ومعنى يُقَلِّدُ الفُلُوس : يُزيّفُ النقود .
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/262) :
هذا إسناد فيه يزيد بن أبي زياد الكوفي مختلف فيه ... لكنه لم ينفرد به يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم فقد رواه الحاكم في المستدرك من طريق عمرو بن قيس عن الحاكم عن إبراهيم به .ا.هـ.
وسيأتي بيان علة طريق الحاكم بعد قليل .
وقال العلامة الألباني في ضعيف ابن ماجة (886) : ضعيف .
ورواه ابن ماجة في سننه (4084) من حديث ثوبان فقال :(1/2)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَقْتَتِلُ عِنْدَ كَنْزِكُمْ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ابْنُ خَلِيفَةٍ ، ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَيَقْتُلُونَكُمْ قَتْلًا لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ ، ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئًا لَا أَحْفَظُهُ فَقَالَ : فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ فَإِنَّهُ خَلِيفَةُ اللَّهِ الْمَهْدِيُّ .
قال العلامة الألباني - رحمه الله - في الضعيفة (1/119 ح 85) :
منكر . أخرجه ابن ماجة ، والحاكم من طريق خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان مرفوعا بالرواية الأولى . وأخرجه أحمد (5/277) عن علي بن زيد ، والحاكم أيضا عن خالد الحذاء عن أبي قلابة به ، لكن علي بن زيد هو ابن جدعان لم يذكر أبا أسماء في إسناده وهو من أوهامه . ومن طريقه أخرجه ابن الجوزي في كتاب " الأحاديث الواهية " كما في " القول المسدد في الذب عن المسند " للحافظ وقال : وعلي بن زيد فيه ضعف . وبه أعله المناوي فقال : نقل في الميزان عن أحمد وغيره تضعيفه ، ثم قال الذهبي : أراه حديثا منكرا ....ا.هـ.
أما طريق الحاكم الذي جعله البوصيري شاهدا لحديث عبد الله بن مسعود ففيه أبو بكر بن أبي دارم .
قال عنه الذهبي في الميزان : الرافضي الكذاب .... روى عنه الحاكم وقال رافضي غير ثقة .
والله أعلم
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
تخريج دعاء
" تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو........ الحديث "
السؤال :
وجدته في أحد الكتب، مروياً عن الرسول الله -صلى الله عليه وسلم، لكن دون سند أو مرجع!
فأرجو التثبت منه لمن أمكنه ذلك.
( تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو ، إلهي وإله كل شيء ، واعتصمت بربي ورب كل شيء ، وتوكلت على الحي الذي لا يموت ، واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله ، حسبي الله ونعم الوكيل ، حسبي الرب من العباد ، حسبي الخالق من المخلوق ، حسبي الرازق من المرزوق ، حسبي الذي هو حسبي ، حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء ، وهو يجير ولا يجار عليه ، حسبي الله وكفى ، سمع الله لمن دعا ، ليس وراء الله مرمى ، حسبي الله لا إله إلا هو ، عليه توكلت ، وهو رب العرش العظيم ) . أخوكم
الجواب :
الأخ الفاضل.
الحديث رواه ابن أبي الدنيا في كتاب " الفرج بعد الشدة " من طريق الخليل بن مرة عن فقيه أهل الأردن بلاغا أي قال : بلغنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان إذا أصابه غم أو كرب يقول : حسبي الرب من العباد ، حسبي الخالق من المخلوقين ، حسبي الرازق من المرزوقين ، حسبي الذي هو حسبي ، حسبي الله ونعم الوكيل ، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم .
وقد ضعفه السيوطي .
وقال المناوي في فيض القدير : (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب (الفرج) بعد الشدة (من طريق الخليل بن مرة) بضم الميم وشد الراء نقيض حلوة الضبعي بضم المعجمة وفتح الموحدة البصري نزيل الرقة ضعيف (عن فقيه أهل الأردن) بضم الهمزة وسكون الراء وضم الدال المهملتين وتشديد النون من بلاد الغور من ساحل الشام وطبرية من الأردن (بلاغاً) أي أنه قال بلغنا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
أخي لا ندري من هو فقيه أهل الأردن ؟ أي مبهم .
هل هو تابعي ؟
هل هو صحابي ؟
إلى جانب الرجل الضعيف في السند .
فالحديث لا يعول عليه ولا تهتم به واضرب به عرض الحائط حفظك الله وبارك فيك(1/1)
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
تخريجُ حديث يتشبثُ به القبوريون
الحمد لله وبعد .
هذا سؤال قديم من الأخ محب أهل البيت .
نص السؤال :
احدهم نقل هذه الرواية
روى أبن أبي شيبة بإسناد يذكر صاحب المقالة أنه صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار ـ وكان خازن عمر ـ قال " أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا ، فأتى الرجل في المنام فقيل له : إئت عمر " الحديث .
وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة .
ما درجة صحة هذا الحديث ، خصوصا وان من يستدل بهذه الأحاديث هم السقاف ومن التف حوله ، وهم ثقة ولكن في التدليس والكذب لكن مع ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عن الشيطان في رواية أبي هريرة ( صدقك وهو كذوب ) .
الجواب :
الأخ محب آل البيت حفظه الله .
إليك تخريج القصة وكلام العلماء عليها أقول وبالله التوفيق :
هذه القصة يتشبث بها القبوريون على جواز دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته .
- نص القصة :
قال ابن أبي شيبة في مصنفه (12/31) :
حدثنا أبومعاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار قال : وكان خازن عمر على الطعام قال : أصاب الناس قحط في زمن عمر ، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا ، فأُتي الرجل في المنام فقيل له : ائت عمر فأقرئه السلام ، وأخبره أنكم مسقيون وقل له : عليك الكَيس ! عليك الكَيس ! فأتى عمر فأخبره فبكى عمر ثم قال : يا رب لا آلو إلا ما عجزت عنه .
وقد أخرجها البيهقي في دلائل النبوة (7/47) .
وقد اغتر بعض الناس بكلام الحافظ ابن حجر في الفتح (2/575) الذي نصه : وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة .
وقد رد العلماء على الحافظ ابن حجر هذا القول .(1/1)
قال العلامة الألباني - رحمه الله - في التوسل (ص132) : لا حجة فيها ، لأن مدارها على رجل لم يسمَّ فهو مجهول أيضا ، وتسميته بلالا في رواية سيف لا يساوي شيئا ، لأن سيفا هذا هو ابن عمر التميمي ، متفق على ضعفه عند المحدثين بل قال ابن حبان فيه : يروي الموضوعات عن الأثبات وقالوا : إنه كان يضع الحديث ، فمن كان هذا شأنه لا تُقبل روايته ولا كرامة لاسيما عند المخالفة .ا.هـ.
وعلق العلامة ابن باز - رحمه الله - على الفتح (2/575) على كلام الحافظ عند تصحيحه للأثر فقال :
هذا الأثر على فرض صحته كما قال الشارح ليس بحجة على جواز الاستسقاء بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته لأن السائل مجهول ولأن عمل الصحابة رضي الله عنهم على خلافه وهم أعلم الناس بالشرع ولم يأت أحد منهم إلى قبره يسأله السقيا ولا غيرها بل عدل عمر عنه لما وقع الجدب إلى الاستسقاء بالعباس ولم يُنكر ذلك عليه أحد من الصحابة فعُلم أن ذلك هو الحق وأن ما فعله هذا الرجل منكر ووسيلة إلى الشرك بل قد جعله بعض أهل العلم من أنواع الشرك . وأما تسمية السائل في رواية سيف المذكور بلال بن الحارث ففي صحة ذلك نظر ، ولم يذكر الشارح سند سيف ، وعلى تقدير صحته عنه لا حجة فيه ، لأن عمل كبار الصحابة يخالفه وهم أعلم بالرسول وشريعته من غيرهم والله أعلم .ا.هـ.
وفي كلام هذين العالمين كفاية لنسف القصة وردها ، نسأل الله أن يجنبنا وسائل الشرك وطرقه ، آمين ،،،،،،،،،،،،،،،،
وأضاف الأخ الحبيب أبو عبد الله الذهبي إضافة على ما ذكرنا فقال :
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل : محب أهل البيت ، لقد كفى أخي عبدالله في الإجابة على استفسارك .. و أحب أن أضيف شيء بسيطاً حول الموضوع ..
بالنسبة لاحتجاج القبوريين بتوثيق ابن حجر رحمه الله لمالك الدار بقوله : ( له إدارك ) أي معدود من الصحابة ..(1/2)
قلت : إن إيراد الحافظ لمالك الدار في كتابه الإصابة إنما هو في القسم الثالث من كتابه الإصابة ، و هو القسم الخاص في ذكر المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ، ولم يرد في خبر قط أنهم اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا رأوه ، سواء أسلموا في حياته أم لا ، و هؤلاء ليسوا صحابة باتفاق من له أدنى علم بالحديث كما قال الحافظ نفسه في مقدمة الإصابة (1/4 ) .
و قد ساق الحافظ ابن كثير هذه الرواية من رواية البيهقي في دلائل النبوة وهي معلولة بعلل منها :-
1 - عنعنة الأعمش و هو مدلس ، و المدلس لا يقبل من حديثه إلا ما قال فيه :
حدثنا أو أخبرنا ونحوها ، دون قول : قال .. أو عن .. إذ احتمال أنه أخذه عن ضعيف يوهي الحديث بذكره كما هو معلوم في مصطلح الحديث ، مع أن الأعمش في الطبقة الثانية من المدلسين عند الحافظ وغيره ..
و قد صحح ابن كثير الإسناد على طريقته في توثيق مجاهيل كبار التابعين ، كما هو معروف عنه في تفسيره وغيره .. وإذا كان مجهولاً فلا علم لنا بتاريخ وفاته .
2 - أن أبا صالح وهو ذكوان - الراوي عن مالك لايعلم سماعه منه ولا إدراكه لمالك ، إذ لم نتبين وفاة مالك ، سيما وأنه رواه بالعنعنة فهو مظنة انقطاع لا تدليس .
نقلاً عن كتاب : هذه مفاهيمنا للشيخ صالح آل شيخ .
3 - أنها مخالفة لما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة الاستسقاء لاستنزال الغيث من السماء ، كما ورد في أحاديث كثيرة ، و مخالفة لقوله تعالى : " فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا " [ نوح : 10 - 1 ]
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@196.JPEFa8FJQEH^7@.ef08d56
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
تخريج الدعاء :
" اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان "
الحمد لله وبعد ؛
عند اقتراب شهر رمضان نسمع الكثير يردد دعاء : " اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان "
فما صحة هذا الدعاء من ناحية الصناعة الحديثية ؟
وهذا بحث في تخريج الحديث من كتب السنة ، مع بيان صحة الحديث أو ضعفه .
أسأل الله أن ينفع به .
1 - نص الحديث :
جاء في مسند الإمام أحمد (1/259) :
حدثنا عبد الله ، حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن زائدة بن أبي الرقاد ، عن زياد النميري ، عن أنس بن مالك قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال : اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبارك لنا في رمضان وكان يقول : ليلة الجمعة غراء ويومها أزهر .
2- تخريج الحديث :
رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (659) من طريق ابن منيع ، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري به .
والبيهقي في شعب الإيمان (3/375) من طريق ابي عبد الله الحافظ ، انا أبو بكر محمد بن المؤمل ، نا الفضل بن محمد الشعراني ، عن القواريري به .
وأبو نعيم في الحلية (6/269) من طريق حبيب بن الحسن وعلي بن هارون قالا : ثنا يوسف القاضي ، ثنا محمد بن أبي بكر ، ثنا زائدة بن أبي الرقاد به .
والبزار في مسنده ( مختصر زوائد البزار للحافظ 1/285، 402) من طريق أحمد بن مالك القُشيري عن زائدة به .
والحديث في إسناده علتان :
1 – زائدة بن أبي الرقاد .
قال أبو حاتم : يحدث عن زياد النُميري عن أنس أحاديث مرفوعة منكرة ، ولا ندري منه أو من زياد ، ولا أعلم روى عن غير زباد فكنا نعتبر بحديثه .
وقال البخاري : منكر الحديث .
وقال أبو داود : لا أعرف خبره .
وقال النسائي : لا أدري من هو .
وقال الذهبي في ديوان الضعفاء : ليس بحجة .
وقال ابن حجر : منكر الحديث .
2 – زياد بن عبد الله النُميري البصري .
قال يحيى بن معين : ضعيف الحديث .
وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ، ولا يحتج به .(1/1)
وقال أبو عبيد الآجري : سألت ابا داود عنه فضعفه .
وقال ابن حبان في المجروحين : منكر الحديث ، يروي عن أنس أشياء لا تشبه حديث الثقات ، لا يجوز الاحتجاج به .
وقال الدارقطني : ليس بالقوي .
وقال ابن حجر : ضعيف .
3 – كلام أهل العلم على الحديث :
- قال البيهقي في شعب الإيمان (3/375) : تفرد به زياد النميري وعنه زائدة بن أبي الرقاد قال البخاري : زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري منكر الحديث .
- وقال النووي في الأذكار ( ص 274) : وروينا في حلية الأولياء بإسناد فيه ضعف .
- وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (3/96) عند ترجمة زائدة وذكر الحديث : أيضا ضعيف .
- وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/165) : رواه البزار وفيه زائدة بن أبي الرقاد قال البخاري منكر الحديث وجهله جماعة .
- وقال أيضا (3/140) : رواه البزار والطبراني في الأسط ، وفيه زائدة بن أبي الرقاد وفيه كلام وقد وثق .
- وقال ابن علان في الفتوحات الربانية (4/335) نقلا عن الحافظ ابن حجر : قال الحافظ : حديث غريب أخرجه البزار وأخرجه أبو نعيم .
- وقال أحمد البنا في بلوغ الأماني (9/231) : وفي حديث الباب زياد النميري أيضا ضعيف ، وأورده السيوطي في الجامع الصغير وعزاه إلى للبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر ، وأشار إلى ضعفه ، وله طرق أخرى يقوي بعضها بعضا .
ولم يذكر ما هي هذه الطرق ؟؟؟
والحديث ليس له إلا طريق زائدة فقط .
- وقال أحمد شاكر في تخريجه للمسند (4/100-101 ح 2346) : إسناده ضعيف .
- وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (4/180 ح 2346) : إسناده ضعيف .
- وقال العلامة الألباني في تخريجه للمشكاة (1/432 ح 1369) : وعزاه في الجامع الصغير للبيهقي في " الشعب " ، وتعقبه المناوي بقوله : وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه رواه وأقره ، وليس كذلك ، بل عقبه البيهقي بما نصه : ... ونقل كلام البيهقي الذي ذكرناه آنفا .(1/2)
- وقال الدكتور عامر حسن صبري في زوائد عبد الله بن أحمد بن حنبل في المسند ( ص198) : إسناده ضعيف .
4 – فوائد متمة للبحث :
1 – الحديث من رواية أنس بن مالك وهو في مسند ابن عباس عند الإمام أحمد قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند (4/101) بعد تعقبه للهيثمي في عزوه للحديث للبزار والطبراني في الأوسط فقط :
فنسي في الموضعين أن ينسبه إلى المسند ! ومرد ذلك عندي أنه من مسند أنس وأثبت هنا في غير موضعه ، أثناء مسند ابن عباس ، ولم يذكر في مسند أنس فيما تتبعت .ا.هـ.
2 – الحديث من زيادات المسند كما أشار إلى ذلك أحمد شاكر فقال :
وهذا الحديث من زيادات عبد الله بن أحمد .ا.هـ.
والمقصود بزيادات المسند التي من طريق عبد الله بن أحمد هي كما قال الدكتور عامر حسن صبري في زوائد عبد الله بن أحمد ( ص 5) :
وقد روى عبد الله مجموعة من الأحاديث عن غير أبيه ، وبعض هذه الأحاديث لم يروها الإمام أحمد في المسند ، وهي ما تسمى عند المحدثين بزيادات عبد الله في السند ، ويحتاج لمن يريد معرفتها أن ينظر في شيخ عبد الله فإن كان عن غير أبيه ولم يرو أبوه الحديث من جهة أخرى فهو من الزوائد .ا.هـ.
3 – قال المناوي في فيض القدير (5/131) :
قال ابن رجب : فيه دليل ندب الدعاء بالبقاء إلى الأزمان الفاضلة لإدراك الأعمال الصالحة فيها فإن المؤمن لا يزيده عمره إلا خيرا .ا.هـ.
وقال أحمد البنا في بلوغ الأماني (9/231) :
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة في هذه الأشهر الثلاثة يدل على فضلها . وفي تخصيص رمضان بالدعاء منفردا وعدم عطفه على رجب وشعبان دلالة على زيادة فضله .ا.هـ.
والله أعلم .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@198.NRf9aucwKKZ^4@.eefc550
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
تَخْرِيجُ حَدِيثِ : " أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا ... "
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
هذا تخريج لحديث نسمعه كثيرا بل حصل خلاف بين الفقهاء في حكم مسألة نظر المرأة إلى الرجل بسببه .
أحببت أن أشارك في تخريج الحديث وبيان درجته من جهة الصحة أو الضعف .
نَصُ الحَدِيثِ :
روى الإمام أحمد في مسنده (6/296) بسنده فقال :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ نَبْهَانَ حَدَّثَهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ : كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةُ فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أَمَرَنَا بِالْحِجَابِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : احْتَجِبَا مِنْهُ . فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَيْسَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا وَلَا يَعْرِفُنَا ؟ قَالَ : أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا ، ألَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ ؟! .
تَخْرِيجُ الحَدِيثِ :
أخرجه أبو داود (4112) من طريق : مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ به .
والترمذي (2778) من طريق : سُوَيْدٌ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ به .
وقال الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
والنسائي في الكبرى (9197) من طريق : ابن وهب عن يونس بن يزيد به .
وقال : قال أبو عبد الرحمن : ما نعلم أحدا روى عن نبهان غير الزهري .
كَلامُ العُلَمَاءِ على الحَدِيثِ :
أعله كثيرٌ من أهل العلم بـ" نبهان القرشي المخزومي مولى أم سلمة ومكاتبها " .
ذكره ابن حبان في الثقات .
وقال ابن حزم في المحلى : لا يوثق .
وقال ابن عبد البر : مجهول .
وقال الذهبي في ذيل الضعفاء ( ص 73 ) : قال ابن حزم : مجهول . روى عنه الزهري .(1/1)
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب : مقبول . أي : إذا توبع .
وأما الذهبي فقد ذهب إلى توثيق نبهان كما في الكاشف (3/198) فقال : ثقة .
وقد حكم بضعفه العلامة الألباني - رحمه الله - كما في إرواء الغليل (6/210-211ح1806) وقال :
ضعيف : أخرجه ... فذكروه بنحوه إلا أنهم قالوا : " وميمونة " بدل " حفصة " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .
كذا قال ، ونبهان هذا مجهول كما سبق بيانه عند الحديث (1769) ، وكما أن لذلك الحديث معارضا سقناه هناك ، فكذلك هذا له معارض ، وهو حديث عائشة رضي الله عنها الذي قبله ، وكذا حديث فاطمة قبله .
وقد وقفت له على شاهد ، أذكره للتنبيه عليه والتعريف به ، لا للتقوية ، أخرجه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " من طريق وهب بن حفص نا محمد بن سليمان نا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عثمان عن أسامة قال :
كانت عائشة وحفصة عند النبي صلى الله عليه وسلم جالستين فجاء ابن أم مكتوم ... الحديث .
قلت : وهذا سند واه جدا ، حفص هذا كذبه أبو عروبة . وقال الدارقطني : كان يضع الحديث .ا.هـ.
ووقال في المشكاة (3116) : في إسناده جهالة .
وضعفه أيضا في غاية المرام (203) ، وضعيف أبي داود (887) ، ضعيف الترمذي (526) .
وضعفه أيضا الأرنؤوط في شرح السنة (9/24) فقال : وقال - أي الترمذي - حسن صحيح مع أن في سنده نبهان مولى أم سلمة لم يوثقه غير ابن حبان على عادته في توثيق المجاهيل .ا.هـ.
وضعفه أيضا في تخريجه لمسند الإمام أحمد (44/159 ح 26537) .
وممن ضعفه أيضا الشيخ مصطفى العدوي كما في أحكام النساء (5/522) ، وقال : الحديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي إسناده نبهان مولى أم سلمة وهو ضعيف .
وذهب الإمام النووي إلى تحسين الحديث فقال في شرح مسلم :(1/2)
وَهَذَا الْحَدِيث حَدِيث حَسَن رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيْرهمَا . قَالَ التِّرْمِذِيّ : هُوَ حَدِيث حَسَن . وَلَا يُلْتَفَت إِلَى قَدَح مِنْ قَدَح فِيهِ بِغَيْرِ حُجَّة مُعْتَمَدَة .ا.هـ.
أما الحافظ ابن حجر فقد اختلف قوله في الحديث ، فقال في الفتح (1/653) :
وَهُوَ حَدِيثٌ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ .
وقال في موضع آخر (9/337) :
حديث أم سلمة الحديث المشهور أفعمياوان إنما وهو حديث أخرجه أصحاب السنن من رواية الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عنها وإسناده قوي وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان وليست بعلة قادحة فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة ولم يجرحه أحد لا ترد روايته .
فِقهُ الحَدِيثِ :
• قال الإمام النووي في شرح مسلم :
وَأَمَّا نَظَر الْمَرْأَة إِلَى وَجْه الرَّجُل الْأَجْنَبِيّ فَإِنْ كَانَ بِشَهْوَةٍ فَحَرَام بِالِاتِّفَاقِ ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَهْوَة وَلَا مَخَافَة فِتْنَة فَفِي جَوَازه وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا :
أَصَحّهمَا تَحْرِيمه لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارهنَّ " وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَة وَأُمّ حَبِيبَة : ( اِحْتَجِبَا عَنْهُ ) أَيْ عَنْ اِبْن أُمّ مَكْتُوم فَقَالَتَا : إِنَّهُ أَعْمَى لَا يُبْصِرنَا فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَيْسَ تُبْصِرَانِهِ " ؟ .
وَهُوَ حَدِيث حَسَن رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيْره وَقَالَ : هُوَ حَدِيث حَسَن ، وَعَلَى هَذَا أَجَابُوا عَنْ حَدِيث عَائِشَة بِجَوَابَيْنِ وَأَقْوَاهُمَا :(1/3)
أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا نَظَرَتْ إِلَى وُجُوههمْ وَأَبْدَانهمْ ، وَإِنَّمَا نَظَرَتْ لَعِبهمْ وَحِرَابهمْ ، وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ تَعَمُّد النَّظَر إِلَى الْبَدَن وَإِنْ وَقَعَ النَّظَر بِلَا قَصْد صَرَفَتْهُ فِي الْحَال .
وَالثَّانِي : لَعَلَّ هَذَا كَانَ قَبْل نُزُول الْآيَة فِي تَحْرِيم النَّظَر ، وَأَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَة قَبْل بُلُوغهَا ، فَلَمْ تَكُنْ مُكَلَّفَة عَلَى قَوْل مَنْ يَقُول : إِنَّ لِلصَّغِيرِ الْمُرَاهِق النَّظَر وَاللَّهُ أَعْلَمُ .ا.هـ.
• وقال أيضا :
وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهِ بَعْض النَّاس بِهَذَا عَلَى جَوَاز نَظَر الْمَرْأَة إِلَى الْأَجْنَبِيّ بِخِلَافِ نَظَره إِلَيْهَا ، وَهَذَا قَوْل ضَعِيف ، بَلْ الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُور الْعُلَمَاء وَأَكْثَر الصَّحَابَة أَنَّهُ يَحْرُم عَلَى الْمَرْأَة النَّظَر إِلَى الْأَجْنَبِيّ كَمَا يَحْرُم عَلَيْهِ النَّظَر إِلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارهمْ ... " " وَ قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارهنَّ " .(1/4)
وَلِأَنَّ الْفِتْنَة مُشْتَرَكَة وَكَمَا يَخَاف الِافْتِتَان بِهَا تَخَاف الِافْتِتَان بِهِ ، وَيَدُلّ عَلَيْهِ مِنْ السُّنَّة حَدِيث نَبْهَان مَوْلَى أُمّ سَلَمَة عَنْ أُمّ سَلَمَة أَنَّهَا كَانَتْ هِيَ وَمَيْمُونَة عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اِحْتَجِبَا مِنْهُ " فَقَالَتَا : إِنَّهُ أَعْمَى لَا يُبْصِر فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا فَلَيْسَ تُبْصِرَانِهِ ؟ " وَهَذَا الْحَدِيث حَدِيث حَسَن رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيْرهمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ هُوَ حَدِيث حَسَن وَلَا يُلْتَفَت إِلَى قَدَح مِنْ قَدَح فِيهِ بِغَيْرِ حُجَّة مُعْتَمَدَة .
وَأَمَّا حَدِيث فَاطِمَة بِنْت قَيْس مَعَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم ، فَلَيْسَ فِيهِ إِذْن لَهَا فِي النَّظَر إِلَيْهِ بَلْ فِيهِ أَنَّهَا تَأْمَن عِنْده مِنْ نَظَر غَيْرهَا وَهِيَ مَأْمُورَة بِغَضِّ بَصَرهَا فَيُمْكِنهَا الِاحْتِرَاز عَنْ النَّظَر بِلَا مَشَقَّة بِخِلَافِ مُكْثهَا فِي بَيْت أُمّ شَرِيك .ا.هـ.
• وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي :
قِيلَ فِيهِ تَحْرِيمُ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا ، وَبَعْضٌ خَصَّهُ بِحَالِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ عَلَيْهَا جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ عَائِشَةَ : كُنْت أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ ، وَمَنْ أَطْلَقَ التَّحْرِيمَ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ آيَةِ الْحِجَابِ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى الرَّجُلِ فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ بِلَا شَهْوَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَرَعِ وَالتَّقْوَى .(1/5)
قَالَ السُّيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : كَانَ النَّظَرُ إِلَى الْحَبَشَةِ عَامَ قُدُومِهِمْ سَنَةَ سَبْعٍ وَلِعَائِشَةَ يَوْمئِذٍ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَذَلِكَ بَعْدَ الْحِجَابِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الرَّجُلِ اِنْتَهَى .
وَبِدَلِيلِ أَنَّهُنَّ كُنَّ يَحْضُرْنَ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ نَظَرُهُنَّ إِلَى الرِّجَالِ ، فَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَمْ يُؤْمَرْنَ بِحُضُورِ الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلَّى وَلِأَنَّهُ أُمِرَتْ النِّسَاءُ بِالْحِجَابِ عَنْ الرِّجَالِ ، وَلَمْ يُؤْمَرْ الرِّجَالُ بِالْحِجَابِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ بَعْدَ رِوَايَةِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا مَا لَفْظُهُ : هَذَا لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً ، أَلَا تَرَى إِلَى اِعْتِدَادِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ عِنْدَ اِبْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ . قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ : " اِعْتَدِّي عِنْدَ اِبْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ . فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَك عِنْدَهُ " اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : هَذَا جَمْعٌ حَسَنٌ ، وَبِهِ جَمَعَ الْمُنْذِرِيُّ فِي حَوَاشِيهِ وَاسْتَحْسَنَهُ شَيْخُنَا اِنْتَهَى .
وَقَالَ فِي الْفَتْحِ : الْأَمْرُ بِالِاحْتِجَابِ مِنْ اِبْنِ مَكْتُومٍ ، لِعِلْمِهِ لِكَوْنِ الْأَعْمَى مَظِنَّةَ أَنْ يَنْكَشِفَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ ، فَلَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمُ جَوَازِ النَّظَرِ مُطْلَقًا .(1/6)
قَالَ : وَيُؤَيِّدُ الْجَوَازَ اِسْتِمْرَارُ الْعَمَلِ عَلَى جَوَازِ خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ وَالْأَسْفَارِ ، مُنْتَقِبَاتٍ لِئَلَّا يَرَاهُنَّ الرِّجَالُ ، وَلَمْ يُؤْمَرْ الرِّجَالُ قَطُّ بِالِانْتِقَابِ لِئَلَّا يَرَاهُمْ النِّسَاءُ . فَدَلَّ عَلَى مُغَايَرَةِ الْحُكْمِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ .ا.هـ.
• وقال صاحب كتاب " عون المعبود :
وَقَدْ اِسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أُمّ سَلَمَة هَذَا مَنْ قَالَ إِنَّهُ يَحْرُم عَلَى الْمَرْأَة نَظَر الرَّجُل كَمَا يَحْرُم عَلَى الرَّجُل نَظَر الْمَرْأَة ، وَهُوَ أَحَد قَوْل الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد قَالَ النَّوَوِيّ : وَهُوَ الْأَصَحّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : " قُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ " وَلِأَنَّ النِّسَاء أَحَد نَوْعَيْ الْآدَمِيِّينَ فَحَرُمَ عَلَيْهِنَّ النَّظَر إِلَى النَّوْع الْآخَر قِيَاسًا عَلَى الرِّجَال وَيُحَقِّقهُ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُحَرِّم لِلنَّظَرِ هُوَ خَوْف الْفِتْنَة وَهَذَا فِي الْمَرْأَة أَبْلَغ فَإِنَّهَا أَشَدّ شَهْوَة وَأَقَلّ عَقْلًا فَتُسَارِع إِلَيْهَا الْفِتْنَة أَكْثَر مِنْ الرَّجُل .
وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ فِيمَا عَدَا مَا بَيْن سُرَّته وَرُكْبَته بِحَدِيثِ عَائِشَة قَالَتْ " رَأَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُر إِلَى الْحَبَشَة يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِد حَتَّى أَكُون أَنَا الَّذِي أَسْأَمهُ فَاقْدُرُوا قَدْر الْجَارِيَة الْحَدِيثَة السِّنّ الْحَرِيصَة عَلَى اللَّهْو " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ .
وَيُجَاب عَنْهُ بِأَنَّ عَائِشَة كَانَتْ يَوْمَئِذٍ غَيْر مُكَلَّفَة عَلَى مَا تَقْضِي بِهِ عِبَارَة الْحَدِيث .(1/7)
وَقَدْ جَزَمَ النَّوَوِيّ بِأَنَّ عَائِشَة كَانَتْ صَغِيرَة دُون الْبُلُوغ أَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْل الْحِجَاب .
وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظ بِأَنَّ فِي بَعْض طُرُق الْحَدِيث أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْد قُدُوم وَفْد الْحَبَشَة وَأَنَّ قُدُومهمْ كَانَ سَنَة سَبْع وَلِعَائِشَة يَوْمَئِذٍ سِتّ عَشْرَة سَنَة .
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ فَاطِمَة بِنْت قَيْس الْمُتَّفَق عَلَيْهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدّ فِي بَيْت اِبْن أُمّ مَكْتُوم وَقَالَ إِنَّهُ رَجُل أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابك عِنْده وَيُجَاب بِأَنَّهُ يُمْكِن ذَلِكَ مَعَ غَضّ الْبَصَر مِنْهَا وَلَا مُلَازَمَة بَيْن الِاجْتِمَاع فِي الْبَيْت وَالنَّظَر .ا.هـ.
• وقال أيضا تعليقا على كلام أبي داود :
( قَالَ : أَبُو دَاوُدَ هَذَا لِأَزْوَاجِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة إِلَخْ ) : أَيْ حَدِيث أُمّ سَلَمَة مُخْتَصّ بِأَزْوَاجِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَحَدِيث فَاطِمَة بِنْت قَيْس لِجَمِيعِ النِّسَاء هَكَذَا جَمَعَ الْمُؤَلِّف أَبُو دَاوُدَ بَيْنَ الْأَحَادِيث .
قَالَ الْحَافِظ فِي التَّلْخِيص : قُلْت : وَهَذَا جَمْع حَسَن وَبِهِ جَمَعَ الْمُنْذِرِيُّ فِي حَوَاشِيهِ وَاسْتَحْسَنَهُ شَيْخنَا اِنْتَهَى .
وَجَمَعَ فِي الْفَتْح بِأَنَّ الْأَمْر بِالِاحْتِجَابِ مِنْ اِبْن أُمّ مَكْتُوم لَعَلَّهُ لِكَوْنِ الْأَعْمَى مَظِنَّة أَنْ يَنْكَشِف مِنْهُ شَيْء وَلَا يَشْعُر بِهِ فَلَا يَسْتَلْزِم عَدَم جَوَاز النَّظَر مُطْلَقًا .(1/8)
قَالَ وَيُؤَيِّد الْجَوَاز اِسْتِمْرَار الْعَمَل عَلَى جَوَاز خُرُوج النِّسَاء إِلَى الْمَسَاجِد وَالْأَسْوَاق وَالْأَسْفَار مُنْتَقِبَات لِئَلَّا يَرَاهُنَّ الرِّجَال وَلَمْ يُؤْمَر الرِّجَال قَطُّ بِالِانْتِقَابِ لِئَلَّا يَرَاهُمْ النِّسَاء ، فَدَلَّ عَلَى مُغَايَرَة الْحُكْم بَيْن الطَّائِفَتَيْنِ ، وَبِهَذَا اِحْتَجَّ الْغَزَالِيّ .ا.هـ..
من كان لديه إضافة أو تعليق فأكون له من الشاكرين
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@98.0LUmbQ6H13w^0@.ef2850d
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/9)
تخريج حديث : ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ : النِّكَاحُ ، وَالطَّلَاقُ ، وَالرَّجْعَةُ " . رواه أبو داود (2194) ، والترمذي (1184) ، وابن ماجه (2039) ، والحاكم (2/198) .
وقال الترمذي عقب الحديث : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ . وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ .ا.هـ.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ، وعبد الرحمن بن حبيب من ثقات المدنيين . وتعقبه الذهبي فقال : قلت : فيه لين .
والحديث في إسناده عبد الرحمن بن حبيب بن أدرك . قال فيه النسائي : منكر الحديث . ووثقه ابن حبان والحاكم . وقال الذهبي في " الميزان " : صدوق له ما ينكر . وقال الحافظ ابن حجر في " التقريب " : مجهول .
وقد ضعف الحديث بهذا السند الشيخ العلامة الألباني في " الإرواء " (6/225) ، وحسنه بمجموع طرقه .
وذهب الشيخ مصطفى العدوي إلى تضعيف الحديث بجميع طرقه في " جامع أحكام النساء " (4/126) فقال : وللحديث شواهد كلها ضعيفة واهية أشار إليها ابن حجر في " التلخيص " (3/209) ، والشوكاني في " نيل الأوطار " (6/240) ، والألباني في " الإرواء " (6/224) .ا.هـ.
ونقل الشيخ مصطفى أقوال أهل العلم في المسألة ما ملخصه :
اختلاف أهل العلم في المسألة على قولين :
القول الأول : أن من تلفظ ولو هازلا بصريح لفظ الطلاق فإن طلاقه يقع .
ودليلهم الحديث الآنف .
القول الثاني : أن اللفظ الصريح يفتقر إلى النية .
ودليلهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات " .
وقول الله عز وجل : " وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم " [ البقرة : 227 ] .
وقال ابن القيم في " زاد المعاد " (5/204) :(1/1)
وتضمنت أن المكلف إذا هزل بالطلاق أو النكاح أو الرجعة لزمه ما هزل به فدل ذلك أن كلام الهازل معتبر وإن لم يعتبر كلام النائم والناسي وزائل العقل والمكره بينهما أن الهازل قاصد للفظ غير مريد لحكمه وذلك ليس إليه فإنما إلى المكلف وأما ترتب مسبباتها وأحكامها فهو إلى الشارع قصده المكلف أو لم يقصده بقصده السبب اختيارا في حال عقله وتكليفه فإذا قصده رتب الشارع عليه حكمه به أو هزل وهذا بخلاف النائم والمبرسم والمجنون وزائل العقل فإنهم ليس لهم قصد صحيح وليسوا مكلفين فألفاظهم لغو بمنزلة الطفل الذي لا يعقل معناها ولا يقصده
وسر المسألة الفرق بين من قصد اللفظ وهو عالم به ولم يرد حكمه وبين من لم يقصد ولم يعلم معناه فالمراتب التي اعتبرها الشارع أربعة :
إحداها : أن يقصد الحكم ولا يتلفظ به
الثانية : أن لا يقصد اللفظ ولا حكمه
الثالثة : أن يقصد اللفظ دون حكمه
الرابعة : أن يقصد اللفظ والحكم .
فالأوليان لغو ، والآخرتان معتبرتان ، هذا الذي استفيد مجموع نصوصه وأحكامه .ا.هـ.
رابط الموضوع
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
حديث أم معبد في حادثة الهجرة
الأخ الدارقطني .
قصة أم معبد وردت من عدة طرق ، وقد جمعها الدكتور سليمان بن علي السعود في كتاب " أحاديث الهجرة . جمع وتحقيق ودراسة " ( ص 152 - 163 ) ، وملخص ما وصل إليه الباحث ما قاله :
أقول قصة أم معبد هذه تتقوى إلى درجة الحسن بأمرين :
الأول : أنها رويت بطرق كثيرة كما تقدم ، وهذه الطرق يشد بعضها بعضا .
الثاني : شهرة هذه القصة واستفاضتها عند علماء السيرة وغيرهم .
وقال ابن كثير رحمه الله بعد ما ساق بعض طرقها : وقصتها مشهورة مروية من طرق يشد بعضها بعضا . انظر البداية والنهاية 3/190 .ا.هـ.
وممن حسن طرقها أيضا العلامة الألباني رحمه كما في تعليقه على فقه السيرة ( ص 168 ) فقال : ثم وجدت الحديث موصولا أخرجه الحاكم ( 3/9-10 ) من حديث هشام بن حبيش وقال : " صحيح الإسناد " ، ووافقه الذهبي وفيما قالاه نظر ، وقال الهيثمي ( 6/ 58 ) : رواه الطبراني وفي إسناده جماعة لم أعرفهم . لكن للحديث طريقين آخرين أوردهما الحافظ ابن كثير في البداية (3/192-194 ) فالحديث بهذه الطرق لا ينزل عن رتبة الحسن .ا.هـ.
وممن جمع طرقها ورسم شجرةً الدكتور أكرم ضياء العمري في كتاب " السيرة النبوية الصحيحة . محاولة تطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية " ( 1/212 - 215 ) ، وإليك ما قاله الدكتور العمري :(1/1)
وقد اشتهر في كتب السيرة والحديث خبر نزول الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بخيمة أم معبد بقديد طالبين القِرى ، فاعتذرت لهم لعدم وجود طعام عندها إلا شاة هزيلة لا تدر لبنا . فأخذ الشاة فمسح ضرعها بيده ، ودعا الله ، وحلب في إناء ، حتى علت الرغوة وشرب الجميع ، ولكن طرقها ما بين ضعيفة وواهية إلا طريقا واحدة يرويها الصحابي قيس بن النعمان السكوني ونصها : " لما انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوبكر يستخفيان نزلا بأبي معبد فقال : والله ما لنا شاة ، وإن شاءنا لحوامل فما بقي لنا لبن ... .ا.هـ.
وذكر في الحاشية ( 1/213) طرق الحديث ، وقبل ذلك رسم شجرة لطرق الحديث ، وسأذكر ما سطره الدكتور من طرق لهذا الحديث وخلاصة بحثه :
أخرجها ابن إسحاق بإسناد معضل كما في " دلائل النبوة " للبيهقي (2/493) من رواية يونس بن بكير عنه .
- وابن حزيمة كما ذكر ابن حجر في الإصابة . ولم أقف على سنده .
- والطبراني : المعجم الكبير (4/56) بإسناد فيه مكرم بن محرز انفرد ابن حبان بتوثيقه ( الثقات 9/207) ، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحا ولا تعديلا (الجرح والتعديل 8/443) وفيه محرز بن مهدي مجهول ، وهشام بن خنيس مجهول الحال . وقال الهيثمي : وفي إسناده جماعة لم أعرفهم (مجمع الزوائد 6/58) .
- وأخرجه الطبراني من طريق آخر فيه عبد العزيز بن يحيى المديني نسبه البخاري وغيره إلى الكذب وفيه مجاهيل أيضا كما يقول الهيثمي ( مجمع الزوائد 8/279 ، وانظر ميزان الاعتدال 3/573 ، والضعفاء للعقيلي 4/74) .
- وأخرجه ابن سعد : الطبقات 1/230 بإسناد واهٍ فيه سليمان بن عمرو النخعي ، وقد دلس اشمه عبد الملك بن وهب المذحجي وهو كذاب ( الكامل لابن عدي 3/1096) .
- وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 2/1/84 وفي إسناده عبد الملك بن وهب الدحجي كذاب ( التاريخ الكبير 2/2/28) وشك البخاري في انقطاع السند .(1/2)
- وأخرجه البزار بإسنادين أحدهما فيه عبد الركمن بن عقبة مجهول الحال ويعقوب بن محمد الزهري صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء ( كشف الأستار 2/301) ومن اختلاف متنه قوله " نزلا بأبي معبد " وذكره إسلام أبي معبد آنذاك .
وهذه الرواية من حديث قيس بن النعمان أخرجها الطبراني بسند صحيح وسياق أتم فيما ذكر ابن حجر ( الإصابة 5/506) .
وساقها الحاكم في المستدرك 3/9 من حديث هشام بن حبيش مجهول الحال . وساقها من طريق قيس بن النعمان 3/8 - 9 ، ولم يصرح باسم الراعي .
وأخرجه البغوي وابن شاهين وابن مندة من طريق حزام بن هشام بن حبيش بن خالد عن أبيه ( السيوطي : الخصائص الكبرى 1/309)
وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني بسنده من حديث هشام بن حبيش ( دلائل 282) .
وأخرجه ابن سيد الناس من طريق أبي بكر الشافعي بإسناد فيه الكديمي وعبد العزيز بن يحيى متهمان ( عيون الأثر 1/188) .
وبإسناد فيه ابن إسحاق عن أسماء بنت أبي بكر معضلاً .
وبإسناد فيه هشام بن حبيش مجهول الحال ، وأضاف ابن سيد الناس إلى أسانيد أبي بكر الشافعي سندا فيه سيف بن عمر التميمي وهو متروك .
وساق ابن كثير الخبر من طريق ابن أبي ليلى ، وليس فيه التصريح بأم معبد أو بأبي معبد ، فسنده منقطع . كما ساقها من رواية البزار بالسند الذي فيه عبد الرحمن بن عقبة ( البداية والنهاية 3/189) . ثم ساقها ابن كثير بواسطة البيهقي وفي إسناده عبد الملك بن وهب المذحجي كذاب ( البداية والنهاية 3/190) ويرى ابن كثير أن قصة أم معبد مشهورة مروية من طرق يشد بعضها بعضا ( البداية والنهاية 3/188) .
ثم إن الحافظ ابن حجر ذكر أن ابن مندة ساقها من طريق عبد الرحمن بن عقبة ( الإصابة 6/169) وقد سبق أنه مجهول الحال .
وذكر الحافظ ابن حجر أيضا ( الإصابة 8/306 - 307) أن ابن السكن أخرجها من طريقين :(1/3)
طريق ابن الأشعث حفص بن يحيى التيمي ولم أقف على ترجمته ، ومن طريق آخر بسند لم يذكر ابن حجر سائر رجاله لكن متن روايتي ابن السكن مخالف لمتون الروايات الأخرى .
كذلك أخرج القصة ابن عبد البر في الإستيعاب (1958) بإسناد فيه الحكم بن أيوب الخزاعي انفرد ابن حبان بتوثيقه (لسان الميزان 1/478) وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/245) فلم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وفيه محمد بن سليمان بن الحكم الخزاعي ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 7/269 ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، ولكنه كتب عنه فيبدو أنه - على الأقل - يُعتبر بحديثه . وفيه عبد الله بن محمد بن عيسى بن حكيم لم أقف على ترجمته .
وكذا لا يخلو من طريق من طرقها من العلل القادحة ، وهي بمجموع طرقها لا تصلح للاحتجاج بها في موضوعات المعجزات . ولكن حديثي التابعي الكبير عبد الرحمن بن أبي ليلى والصحابي جابر بن عبد الله هما أمثل طرق قصة أم معبد يعتضدان إلى الحسن لغيره . لكنهما لا يقويان على مناهضة حديث قيس بن النعمان من طريق الطيالسي فإنه حسن لذاته بل يرى ابن حجر أنه صحيح .ا.هـ.
وأظن أخي الدارقطني في هذا البيان كفاية . والله أعلم .
رابط الموضوع
http://www.baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2517
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
تخريج حديث إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم
الحمد لله وبعد ؛
سألني أحد الأصدقاء عن حديث : إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم .
وهذا تخريج ليس بالطويل الممل ، ولا بالقصير المخل .
- تخريج الحديث :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ . رواه أبو داود (2708) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ . قَالَ نَافِعٌ : فَقُلْنَا لِأَبِي سَلَمَةَ : فَأَنْتَ أَمِيرُنَا . رواه أبو داود (2709) .
وإسناد الحديث من طريق محمد بن عجلان فرواه مرة عن نافع عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري ، ومرة عن نافع عن أبي سلمة عن أبي هريرة .
ومحمد بن عجلان على ثقته وجلالته إلا أنه اضطرب في حديثه عن نافع .
قال العقيلي في الضعفاء (4/118) :
حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبو بكر بن خلاد ، قال : سمعت يحيى يقول : كان ابن عجلان مضطرب الحديث في حديث نافع ولم يكن له تلك القيمة عنده .ا.هـ.
فهذا الحديث مما اضطرب فيه محمد بن عجلان فمرة يرويه عن أبي سعيد الخدري ، ومرة عن أبي هريرة .
ورواه البزار من حديث ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث ، إذا كانوا ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم .
ولكنه من رواية محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر . وقد تقدم كلام العقيلي على رواية محمد بن عجلان عن نافع .
ورواه البزار في مسنده (329) أيضا من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : إذا كنتم ثلاثة في سفر فأمروا عليكم أحدكم . ذاك أمير أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم .(1/1)
قال البزار عقب الحديث : وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عمر موقوفا ، ولا نعلم أسنده إلا القاسم بن مالك عن الأعمش .
وقد سئل الدارقطني عن حديث عمر في العلل ( 2/151 س 176) فقال :
هو حديث يرويه القاسم بن مالك المزني والحسين بن علوان ، وهو ضعيف . عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عمر قوله .
وخالفهما عبد الواحد بن زياد وأبو معاوية وغيرهما فرووه عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عمر قوله . وهو الصواب .ا.هـ.
ورواه علي بن الجعد في مسنده ( ص 372 ح 443) من طريق شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود بلفظ :
عن عبد الله قال : إذا كنتم ثلاثة في سفر فأمروا عليكم أحدكم ولا يتناجى اثنان دون صاحبهما . قال الهيثمي في المجمع (5/256) : ورجاله رجال الصحيح .ا.هـ.
فالحديث لا يثبت مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والثابت هو الموقوف عن عبد الله بن مسعود .
والله أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
حديث : من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أفيدونا.. بارك الله فيكم وفي علمكم
سؤال: هل صح هذا الأثر عن ابن مسعود رضي الله عنه؟
وجزاكم الله عني كل خير
الجواب :
حكم العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - على الحديث بالبطلان في " الضعيفة " (2) مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : باطل . وهو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده ، ولا من جهة متنه .ا.هـ.
ثم بين بطلانه من السند . ولكن الشيخ قال عن أثر ابن مسعود : وسنده صحيح كما قال الحافظ العراقي ، فرجع الحديث إلى أنه موقوف .ا.هـ.
ثم قال الشيخ : وجملة القول : أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما صح من قول ابن مسعود ، والحسن البصري ، وروي عن ابن عباس . ولهذا لم يذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في " كتاب الإيمان " ( ص 12) إلا موقوفا على ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما .ا.هـ.
ونقل الشيخ كلام ابن كثير في التفسير .
ثم قال : وأما متن الحديث فإنه لا يصح ، لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها ، وأركانها بحيث أن الشرع يحكم عليها بالصحة ، وإن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض المعاصي ، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعدا ؟! هذا مما لا يعقل ولا تشهد له الشريعة ، ولهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله :
وقوله : " لم يزدد إلا بعدا " إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله ، أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل " .(1/1)
وهذا بعيد عندي ، لأن ترك الواجب الأعظم منها ، معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة إلا به كالشروط والأركان ، وحينئذ فليس له صلاة شرعا ، ولا يبدو أن هذه الصلاة هي المرادة في الحديث المرفوع والموقوف ، بل المراد الصلاة الصحيحة التي لن تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله : " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " [ العنكبوت : 45] ، وأكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له : " إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق ؛ فقال : سينهاه ما تقول ، أو قال : ستمنعه صلاته " (1) .
رواه أحمد والبزار والطحاوي ... بإسندا صحيح من حديث أبي هريرة .
فأنت ترى النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب صلاته - إذا كانت على الوجه الأكمل طبعا كالخشوع فيها والتدبر في قراءتها - ولم يقل أنه " لا يزداد بها إلا بعدا " مع أنه لما ينته عن السرقة .
فثبت بما تقدم ضعف الجديث سندا ومتنا .ا.هـ.
قال الشيخ في الحاشية (1) : قال عبد الحق الإشبيلي في " التهجد " : " يريد عليه السلام أن المصلي على الحقيقة المحافظ على صلاته الملازم لها تنهاه صلاته عن ارتكاب المحارم والوقوع في المحارم .ا.هـ.
وذكر الشيخ الألباني الحديث مرفوعا من حديث عمران بن حصين في " الضعيفة " (985) ، وقال : " منكر " .
رابط الموضوع
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&postid=50543#post50543
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/2)
حديث ويلٌ للذي يحدِّثُ بالحديثِ ليُضحكَ بهِ القومَ
الحمد لله وبعد ؛
حَدَّثَنَا بُندارٌ أخبرنا يحيى بنُ سعيدٍ حَدَّثَنَا بهزُ بنُ حكيمٍ حَدَّثَني أبي عن جدِّي قال : سمعتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وسَلَّم يقول : ويلٌ للذي يحدِّثُ بالحديثِ ليُضحكَ بهِ القومَ فيكذِبُ ويلٌ لهُ ويلٌ لهُ .
وفي البابِ عن أبي هُرَيرَةَ هذا حديثٌ حسنٌ .
رواه الترمذي (2417) وأبو داود (4990) .
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي :
ثم المفهوم منه أنه إذا حدث بحديث صدق ليضحك القوم فلا بأس به كما صدر مثل ذلك من عمر رضي الله تعالى عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم حين غضب على بعض أمهات المؤمنين . قال الغزالي : وحينئذ ينبغي أن يكون من قبيل مزاح رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يكون إلا حقاً ولا يؤذي قلباً ولا يفرط فيه . فإن كنت أيها السامع تقتصر عليه أحياناً وعلى الندور فلا حرج عليك . ولكن من الغلط العظيم أن يتخذ الإنسان المزاح حرفة ، ويواظب عليه ويفرط فيه ثم يتمسك بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو كمن يدور مع الزنوج أبداً لينظر إلى رقصهم، ويتمسك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لعائشة رضي الله عنها في النظر إليهم وهم يلعبون .
وقال المناوي في فيض القدير :
( ويل للذي يحدث فيكذب ) في حديثه ( ليضحك به القوم ويل له ويل له ) كرره إيذاناً بشدة هلكته وذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم وجماع كل فضيحة فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء : إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة .
والله أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/1)
حول حديث: "نجد قرن الشيطان"
سؤال حول حديث: "نجد قرن الشيطان"! :
يستشهد به المذهبيون والمتصوفة لتنفير الناس من الدعوة السلفية، وظهور محمد بن عبد الوهاب من هناك. وقد حصلت على رد بالإنجليزية عليهم، وسلمت بما فيه، فقد كان مقنعا.
إلا أني تصفحت صفحة، أظن لروافض، فيها رد على ذلك الرد الإنجليزي، لكن بالعربية هذه المرة! والصراحة، لخبطوني وأنا الجاهل!
أختم بأنه: لابد من وجود رد منطقي للرد الرافضي، إذ أنه من غير الممكن أن تكون نجد الجزيرة هي المعنية! ماذا في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لتكون نجد قرن الشيطان؟؟ والله لا شيء سوى كل خير! كل خير!
نحمد الله أن جعلنا من أهل السنة والجماعة، ورحم الله بن عبد الوهاب، وبن القيم، وبن تيمية، ورحم الله بن باز والألباني ومن سار على الدرب القويم في فهم الدين.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...
الجواب :
قبل الجواب على سؤالك والرد على ما يدعيه الرافضة من أن قرن الشيطان هي نجد ويقصدون بنجد هي الجزيرة ، لابد لنا من جمع الروايات لنعرف ما هو مقصود النبي صلى الله عليه وسلم بنجد ؟
لأن أهل البدع يعتمدون في تقرير مثل هذه الشبه على بعض الروايات ويتركون الباقي .
الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وهو مستقبل المشرق يقول : ألا إن الفتنة ها هنا ، ألا إن الفتنة هاهنا ، ألا إن الفتنة هاهنا ، من حيث يطلع قرن الشيطان . رواه الشيخان .
وفي رواية لمسلم : رأس الكفر من هاهنا ، من حيث يطلع قرن الشيطان .
ففي هذا الحديث لفظ : المشرق .(1/1)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا ، قالوا : وفي نجدنا ، قال : اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا ، قالوا : يا رسول الله وفي نجدنا فأظنه قال الثالثة : هناك الزلازل والفتن ، وبها يطلع قرن الشيطان . رواه البخاري والترمذي وأحمد .
وفي هذا الحديث لفظ : نجدنا .
عن ابن فضيل عن أبيه قال : سمعت سالم بن عبدالله بن عمر يقول : يا أهل العراق ! ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة ! سمعت أبي عبدالله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الفتنة تجيء من ههنا ، وأومأ بيده نحو المشرق ، من حيث يطلع قرنا الشيطان وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض ..... الحديث . رواه مسلم بهذا اللفظ .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا ، وبارك لنا في شامنا ويمننا . فقال رجل من القوم يا نبي الله وفي عراقنا . قال : إن بها قرن الشيطان ، وتهيج الفتن ، وإن الجفاء بالمشرق .
قال الهيثيمي في المجمع : رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات .
وهاتان الروايتان صريحتان في تعيين المراد مما أبهم في غيرها من الروايات .
كلام العلماء على المقصود من هذه الأحاديث :
لقد تكلم العلماء في تحديد تلك البقعة وهي نجد ، والعجيب أن بعض العلماء حددوا تلك البقعة قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب .
وأما المراد بالمشرق في الأحاديث العراق ، وأن نجد هو نجد العراق لا نجد اليمامة .
قال الإمام الخطابي (ت : 388) كما حكى عنه الحافظ ابن حجر (13/47) :
نجد من جهة المشرق ، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها ، وهي مشرق أهل المدينة .ا.هـ.
وقال الحافظ (ت : 852) أيضا في الفتح (6/352) عند قول النبي صلى الله عليه وسلم " رأس الكفر نحو المشرق " :(1/2)
وفي ذلك إشارة إلى أن شدة كفر المجوس ، لأن مملكة الفرس ومن أطاعهم من العرب كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة .ا.هـ.
وقال الشيخ العلامة الألباني - رحمه الله - في تخريجه لكتاب فضائل الشام ودمشق لأبي الحسن الربعي (ص26) :
فيستفاد من مجموع طرق الحديث أن المراد من نجد في رواية البخاري ليس هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم ، وإنما هو العراق ، وبذلك فسره الخطابي والحافظ ابن حجر العسقلاني ... وقد تحقق ما أنبأ به عليه السلام ، فإن كثيرا من الفتن الكبرى كان مصدرها العراق ... فالحديث من معجزاته صلى الله عليه وسلم وأعلام نبوته .ا.هـ.
ومن استقرأ التاريخ علم أن مصداق هذه الأحاديث قد وقع منذ زمن الصحابة ومن بعدهم فكان قتل عثمان رضي الله عنه على أيدي أهل العراق ومن ما لأهم من أجلاف أهل مصر ، ومن العراق ظهر الخوارج ، والشيعة ، والرافضة ، والباطنية ، والقدرية ، والجهمية ، والمعتزلة .
وقد تصدى للرد على القائلين من أصحاب البدع من الرافضة وغيرهم في أن المقصود بنجد هي نجد اليمامة وتطبيق هذه الأحاديث وإنزالها على دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب جملة من المؤلفين ومنهم :
- محمد بشير السهسواني في كتابه : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان .
- حكيم محمد أشرف سند هو في كتاب : أكمل البيان في شرح حديث نجد قرن الشيطان .
وفي هذا القدر كفاية للرد على أولئك الرافضة - قبحهم الله - في تلبيسهم على الناس لهذا الحديث .
ومن كان لديه إضافة فليتحفنا بها ، وجزاه الله خيرا .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ فِي سَبَبِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ
الأخ tiger15
غفر الله لك .
تنقل حديثا ولا تعزو إلى مصدره ، أو على أقل تقدير تذكر سنده ، ألا تعلم خطورة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن نبيك صلى الله عليه وسلم حذر من الكذب عليه .
" وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " متفق عليه .
أخي tiger15 .
أنا أعلم أنك أردت الخير بفعلك ولكن كما جاء عن بعض السلف : وكم من مريد للخير لا يدركه .
أما ما يتعلق بما نقلت فالرد عليه من وجوه :
أولاً :
لم تسند الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ونحن أمة الإسناد .
نقل الإمام مسلم في مقدمة صحيحه آثارا عن سلف الأمة تبين ذلك :
1 - عن محمد بن سيرين قال: إن هذا العلم دين. فانظروا عمن تأخذون دينكم .
2 - عن ابن سيرين قال : لم يكونوا يسألون عن الإسناد . فلما وقعت الفتنة ، قالوا : سموا لنا رجالكم . فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم .
3 - عن عبدالله بن المبارك يقول : الإسناد من الدين . ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء .
4 - عن عبدالله يقول : بيننا وبين القوم القوائم يعني الإسناد .
معنى هذا الكلام : إن جاء بإسناد صحيح قبلنا حديثه، وإلا تركناه. فجعل الحديث كالحيوان لا يقوم بغير إسناد. كما لا يقوم الحيوان بغير قوائم .(1/1)
5 - وقال محمد : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن عيسى الطالقاني ؛ قال : قلت لعبدالله بن المبارك : يا أبا عبدالرحمن ! الحديث الذي جاء " إن من البر بعد البر، أن تصلي لأبويك مع صلاتك، وتصوم لهما مع صومك " قال فقال عبدالله : يا أبا إسحاق عمن هذا ؟ قال قلت له : هذا من حديث شهاب بن خراش . فقال : ثقة . عمن ؟ قال قلت : عن الحجاج بن دينار . قال : ثقة . عمن ؟ قال قلت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : يا أبا إسحاق ! إن بين الحجاج بن دينار وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز، تنقطع فيها أعناق المطي ، ولكن ليس في الصدقة اختلاف .
معناه أن هذا الحديث لا يحتج به . ولكن من أراد بر والديه فليتصدق عنهما. فإن الصدقة تصل إلى الميت وينتفع بها، بلا خلاف بين المسلمين .
نكتفي بهذا القدر .
ثانياً :
نقلت الحديث فقلت : رُوي عن علي : ... الحديث ، وكلمة " رُوي " صيغة في رواية الحديث يقال لها : صيغة التمريض ، ومعناها أن يروى الحديث بغير جزم ، ومثل هذه العبارة : يُذكر عن فلان ، أو يُروى عن فلان ، أو ذُكر عن فلان ، أو رُوي عن فلان ، أو قيل إن فلانا قال ، أو يُقال عن فلان ، ونحوها بصيغ المجهول ، ولا تستعمل هذه الصيغة إلا في الأحاديث الضعيفة .
فهذا الحديث ولو لم تسنده إلى النبي - أي لم تذكر سنده - فإنه بهذه الصيغة ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً :
بعد البحث عن الحديث فقد وجدته في كتاب " تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين " ( ص 264 – 265) لأبي الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي ( ت 375 هـ ) .
قال الإمام الذهبي في ترجمته في السير (16/323) : صَاحبُ كِتَابِ (تنبيهِ الغَافلينَ) ... وَتَرُوجُ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ الموضُوعَةُ .ا.هـ.(1/2)
أما كتابه " تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين " الذي جاء الحديث المذكور فيه فقد انتقده أهل العلم نقدا شديدا ، فالكتاب - أي " تنبيه الغافلين " - من مظان الأحاديث الموضوعة والمكذوبة ، وإليك كلام أهل العلم في الكتاب لكي تكون أنت وغيرك على بينة من أمر الكتاب .
وهذه النقولات من كتاب " كتب حذر منها العلماء (2/198 -200) .
قال الذهبي في " تاريخ الإسلام " في ترجمته ( حوادث 351 - 380 ) : وفي كتاب " تنبيه الغافلين موضوعات كثيرة .ا.هـ.
وقال أبو الفضل الغماري في " الحاوي " (3/4) : وكتاب " تنبيه الغافلين " يشتمل على أحاديث ضعيفة وموضوعة ، فلا ينبغي قراءته للعامة لا يعرفون صحيحه من موضوعه .ا.هـ.
وقد ذكر شيخ الإسلام في " الرد على البكري " أن جمهور مصنفي السير والأخبار وقصص الأنبياء لا يميز بين الصحيح والضعيف ، والغث والسمين ، وذكر من بينهم أبا الليث السمرقندي ، وقال : " فهؤلاء لا يعرفون الصحيح من السقيم ، ولا لهم خبرة بالنقلة ، بل يجمعون فيما يروون بين الصحيح والضعيف ، ولا يميزون بينهما ، ولكن منهم من يروي الجميع ويجعل العهدة على الناقل .ا.هـ.(1/3)
وقال أيضا في " الفتاوى " في معرض تضعيف حديث : وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي آدَمَ يَذْكُرُهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ بِغَيْرِ إسْنَادٍ وَمَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ مَعَ زِيَادَاتٍ أُخَرَ كَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ : وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ وَأَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا " أَنَّ آدَمَ عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ قَالَ : اللَّهُمَّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي - قَالَ وَيُرْوَى تَقَبَّلْ تَوْبَتِي - فَقَالَ اللَّهُ لَهُ : مِنْ أَيْنَ عَرَفْت مُحَمَّدًا ؟ قَالَ رَأَيْت فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْجَنَّةِ مَكْتُوبًا : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ وَيُرْوَى : مُحَمَّدٌ عَبْدِي وَرَسُولِي فَعَلِمْت أَنَّهُ أَكْرَمُ خَلْقِك عَلَيْك ؛ فَتَابَ عَلَيْهِ وَغَفَرَ لَهُ " . وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ أَنَّ تُبْنَى عَلَيْهِ الشَّرِيعَةُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي الدِّينِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَإِنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ الإسرائيليات وَنَحْوِهَا الَّتِي لَا تُعْلَمُ صِحَّتُهَا إلَّا بِنَقْلِ ثَابِتٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .ا.هـ.
والشاهد قول شيخ الإسلام ابن تيمية : طَائِفَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ بِغَيْرِ إسْنَادٍ .
وقال حاجي خليفة في " كشف الظنون " (1/478) : تنبيه الغافلين في الموعظة . لأبي الليث : نصر بن محمد الفقيه ، السمرقندي ، الحنفي . المتوفى : سنة 375، خمس وسبعين وثلاثمائة . وهو مجلد . أوله : ( الحمد لله الذي هدانا لكتابه... الخ ) . مرتب على : أربعة وتسعين بابا . قال الذهبي : ( فيه موضوعات كثيرة ) .ا.هـ.(1/4)
وقد حذر من هذا الكتاب - تنبيه الغافلين - وغيره من الكتب الشيخ السلفي محمد بن أحمد بن محمد بن عبد السلام الشقيري في كتابه " المحنة المحمدية في بيان العقائد السلفية " ( ص171 - 172) فقال تحت عنوان " كتب لا يحل قراءتها " في مبحث سبب انتشار الحكايات والمنامات الفاسدة والخرافات الفاشية التي لم يعهد لها أصل في كلام السلف الصالحين ، ولا في سنن سيد المرسلين ؛ قال : وإنما هي فاشية بين العوام والجهلاء والطغام من كتب المناقب ككتاب " الروض الفائق " ، و " روض الرياحين في مناقب الصالحين " و " ونوادر القليوبي " و " كرامات الأولياء " و " ونزهة المجالس " و " وتنوير القلوب " ، و " تنبيه الغافلين " ، وكذا كتب الشروح والحواشي الأزهرية ، وأمثال هذه الكتب لا تحوي سوى ما يفسد عقائد العوام وبسطاء العقول ، وقد كان الواجب على علمائنا أن ينبهوا العوام وبسطاء العقول ، وقد كان الواجب على علمائنا أن ينبهوا عليها في الجرائد والمجلات وفي دروسهم ومؤلفاتهم ، إذ هي السبب الأعظم في إفشاء تلك الخرافات بين العوام وفي عبادتهم لقبور الصلحاء ، فكان الواجب إيقاف طبعها ومصادرة قراءتها دفعا لضررها وتطاير شررها ، ولكن علماءنا ماتوا والأحياء لم يرج منهم أمر ولا نهي ؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون .ا.هـ.
رابعاً :
فهمت من عنوان مقالك أنك تريد تعليل المواقيت للصلاة ، وماسبب وقوعها في هذه الأوقات ، وتعليل كيفيات العبادات والحكمة في وقوعها على وجوهها المختلفة أمر فيه تفصيل .
وقبل ذلك لا بد لنا من تقرير أمر مهم ألا وهو أن من أسماء الله " الحكيم " ، وقد ورد اسم " الحكيم " في القرآن أربعا وتسعين مرة ، فالله لا يفعل شيئا عبثا لغير مصلحة وحكمة ، بل أفعاله سبحانه وتعالى صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فَعَلَ ، كما هي ناشئة عن أسباب بها فَعَلَ .(1/5)
والحكمة في اصطلاح الأصوليين هي المصلحة التي قصد الشارع من تشريع الحكم تحقيقها أو تكميلها ، أوالمفسدة التي قصد الشارع بتشريع الحكم دفعها أو تقليلها . والناس في إثبات الحكمة لله طرفان ووسط .
1 - فطرف نفى الحكمة من فعل المفعولات وأمر المأمورات فقالوا : إن الله لا يخلق شيئا بحكمة ولا يأمر بشيء لحكمة ، وإنما أثبتوا محض الإرادة ، فيجوز أن يأمر الله بالشرك وينهى عن عبادته وحده ، ويترتب عند هؤلاء على فعل الله حِكَم لكنها غير مقصودة بل هي مترتبة على الفعل وحاصله عقيبه ، وهذا قول الأشاعرة .
2 – والطرف الثاني من أثبت الحكمة لله فقالوا : قد قام الدليل على أنه تعالى حكيم فلا يصح أن يفعل فعلا لا فائدة فيه فأوجبوا على الله بمقتضى هذه الحكمة التي أثبتوها أمورا ومنعوا أمورا لمخالفتها لمقتضى الحكمة ، وقالوا : إن هذه الحكمة تعود إلى الغير ولا يعود إليه منها شيء ، وهي صفة مخلوقة منفصلة عن الله ، وهذا هو مذهب المعتزلة .
3 - والوسط وهو مذهب سلف الأمة هو إثبات الحكمة في أفعاله سبحانه وتعالى لأنه حكيم منزه عن العبث ، ولكمال قدرته وحكمته ورحمته ، فإن هذه الحكمة منها ما يعود إليه ويحبه ويرضاه ، ومنها ما يعود إلى عباده ، وهي صفة لله غير مخلوقة .
وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم يقرران أنه ليس في الشريعة حكم واحد إلا وله معنى وحكمة ، يعقله من يعقله ، ويخفى على من خفي عليه . وهذه الحكمة يعلمها الله على وجه التفصيل ، وقد يُعلم بعض عباده من ذلك ما يَعلمه إياه .
ولذلك قال أهل العلم : إن ما شرعه الله إن ظهرت لنا حكمته قلنا : إنه معقول المعنى ، وإلا قلنا إنه تعبدي .(1/6)
وبعد هذا التقرير المهم في مسألة الحكمة في فعل الله للمفعولات وأمره بالمأمورات نأتي على الحكمة والسبب في جعل المواقيت للصلاة في أوقات معينة ، ولكن ليس عن طريق الحديث الذي وضعته هنا ، وإنما من كلام علماء الأمة ممن أطلعهم الله على الحكمة في ذلك .
من الحكم في جعل المواقيت للصلاة في هذه الأوقات :
أولا : امتثال الأمر الرباني في إيقاع هذه الصلوات في أوقاتها المحددة لأنه جاء من عند الله . والعبد كما أنه محتاج إلى إدراك أسرار التشريع ليزداد يقيناً بحكمة الشارع ، وعظمة هذا الدين ، فإنه محتاج إلى التسليم بما يعجز عن إدراكه ليختبر صدق إيمانه ، وصحة استسلامه لله ، باعتباره عبداً ضعيفاً عاجزاً عن إدراك الكل . وهذا فرق ما بين العابد والمكابر . وهذا الأمر ليس خاصا بمواقيت الصلاة بل في سائر العبادات والمعاملات .
ثانيا : يقول الشيخ ابن عثيمين في " مقدمة رسالة أحكام مواقيت الصلاة " : فإن الله تعالى فرض على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة مؤقتة بأوقات اقتضتها حكمة الله تعالى ليكون العبد على صلة بربه تعالى في هذه الصلوات مدة هذه الأوقات كلها فهي للقلب بمنزلة الماء للشجرة تُسقى به وقتاً فوقت ، لا دفعة واحدة ثم ينقطع عنها .
ومن الحكمة في تفريق هذه الصلوات في تلك الأوقات أن لا يحصل الملل والثقل على العبد إذا أداها كلها في وقت واحد ، فتبارك الله تعالى أحكم الحاكمين " .ا.هـ.
فمن الحكم عدم إيقاع الصلوات دفعة واحدة لتكون الأوقات بمثابة الصلة بين العبد وربه ، فلو فعلها مرة واحدة لانقطعت صلته بربه سائر اليوم ، وكذلك عدم الملل لو أداها كلها مرة واحدة .
ثالثا : قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في " الشرح الممتع " (2/143 – 144) : فإن قيل : ما الحكمة في جعلها في هذه الأوقات ؟
فالجواب :(1/7)
أما الفجر : فإن ظهور الفجر بعد الظلام الدَّامس من آيات الله عز وجل التي يستحق عليها التعظيم والشكر ، فإن هذا النور الساطع بعد الظلام الدامس لا أحد يستطيع أن يأتي به إلا الله ، لقوله تعالى : " قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ " [ القصص : 71 ] .
وأما الظهر : فلأن انتقال الشمس من الناحية الشرقية إلى الغربية أيضا من آيات الله عز وجل ، فإنه لا يستطيع أحدٌ أن ينقلها من هذه الجهة إلى هذه الجهة إلا الله عز وجل .
وأما العصر : فلا يظهر لنا فيها حكمة ، ولكنه لا شك أن لها حكمة بالغة .
واما المغرب : فالحكمة فيها كالحكمة في صلاة الفجر ، وهو أن الليل من آيات الله عز وجل العظيمة التي يستحق عليها الشكر والتعظيم .
وكذلك نقول في العشاء : لأن مغيب الشفق وزوال آثار الشمس ، وهو أيضا من الآيات العظيمة الدالة على كمال قدرة الله عز وجل وحكمته .ا.هـ.
وقد يكون هناك حكم أخرى أطلعها الله على بعض عباده غير ما ذكرنا ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
هذا وفي الختام ؛ معذرة على الإطالة في التفصيل ولكن المقام يحتاج إلى ذلك . والله أعلم .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@249.QMk9dmvoZ6x.3@.1dd30b60/2
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/8)
حَدِيثُ : لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ ... رِوايةٌ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
كنتُ مع أحد الأحبةِ في نقاشٍ من خلال الماسنجر وسألني عن حديث كتبه لي بطريقة لم أتمكن من قراءته إلا بعد أن كتب لي الحديث بلفظه الآخر .
وفي هذا البحث سنقف مع اللفظ الذي سئُلت عنه ، وهي فائدة جميلة أحببت أن أفيد بها إخواني هنا ، إلى جانب أني وعدت أخي السائل عن الحديث بتخريجه وكلام أهل العلم عليه .
نَصُ الحَدِيثِ :
روى الإمام أحمد في المسند (5/434) بسنده فقال :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ السَّقِيفَةِ - قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ .
- أخرجه الطبراني في الكبير (19/172 ح 387) من طريق عبد الله بن أحمد ، عن أبيه به ، ولفظه :
ليس من ام بر ام صيام في ام سفر .
- وأخرجه البيهقي في " السنن " (4/242) من طريق عبد الرزاق به .
كَلامُ العُلَمَاءِ على لَفْظِ الحَدِيثِ :
تكلم العلماء على لفظ حديث : " لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ " سواء أهل اللغة ، أو الحديث ، أو القراءات ، وهذه بعض أقوالهم :
1 - قال الزيلعي في " نصب الراية " (2/461) :
وروى : " لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ " وهي لغة بعض العرب ، رواها عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن صفوان بن عبد اللّه بن صفوان بن أمية الجمحي ، عن أم الدرداء ، عن كعب بن عاصم الأشعري ، عن النبي عليه السلام ، فذكره ، وعن عبد الرزاق رواه أحمد في "مسنده" ، ومن طريق أحمد رواه الطبراني في " معجمه " .ا.هـ.
2 - وقال الخطيب البغدادي في " الكفاية " ( ص 281) :(1/1)
أخبرنا : الحسن ابن أبي بكر بن شاذان قال : أنَّا أحمد بن إسحاق بن منجاب الطِّيِّبي قال : ثنا أحمد بن محمَّد بن شاكر الزَّنجانيّ قال : ثنا الحسن بن علي الحلوانيّ قال : ثنا عبد الرَّزاق قال : أنَّا معمر ، عن الزُّهري ، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان ، عن أم الدَّرداء ، عن كعب بن عاصم الأشعريّ قال : سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - يقول : لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ .
قلت : أراد ليس من البر الصِّيام في السفر ، وهذا لغة الأشعريّين يقلبون اللام ميماً فيقولون :
رأينا أولئك امرجال ( يريدون الرِّجال ) ومررنا بامقوم أي : ( بالقوم ) وهي لغة مستفيضة إلى الآن باليمن .
وفي الحديث أنَّ أبا هريرة قال : يوم الدار طلب امضرب. ( يريد طاب الضرب ) .
أخبرنا بذلك : حسن ابن أبي بكر قال : أنَّا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغويّ قال : ثنا إسماعيل بن إسحاق قال : ثنا سليمان بن حرب قال : ثنا جرير بن حازم ، عن سليمان الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قلت لعثمان وهو محصور في الدار : طاب امضرب يا أمير المؤمنين .ا.هـ.
3 - وقال الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " (2/205) :
( فَائِدَةٌ ) : رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ بِلَفْظِ : " لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ " .(1/2)
وَهَذِهِ لُغَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِ الْيَمَنِ , يَجْعَلُونَ لَامَ التَّعْرِيفِ مِيمًا , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاطَبَ بِهَا بِهَذَا الْأَشْعَرِيَّ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا لُغَتُهُ , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَشْعَرِيُّ هَذَا نَطَقَ بِهَا عَلَى مَا أَلِفَ مِنْ لُغَتِهِ , فَحَمَلَهَا عَنْهُ الرَّاوِي عَنْهُ , وَأَدَّاهَا بِاللَّفْظِ الَّذِي سَمِعَهَا بِهِ , وَهَذَا الثَّانِي أَوْجَهُ عِنْدِي , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .ا.هـ.
4 - وقال الكتاني في " نظم المتناثر من الحديث المتواتر " :
( ليس من البر الصيام في السفر ) .
أورده في الأزهار من حديث :
(1) جابر بن عبد اللّه
(2) وكعب بن عاصم الأشعري
(3) وأبي برزة الأسلمي
(4) وابن عباس
(5) وابن عمر
(6) وعمار بن ياسر
(7) وأبي الدرداء سبعة أنفس .
قلت : نص على تواتره أيضاً الشيخ عبد الرءوف المناوي في التيسير نقلاً عن السيوطي وفي رواية لأحمد من حديث كعب بن عاصم المتقدم : " ليس من أم بر أم صيام في أم سفر " ، وهذه لغة لبعض أهل اليمن يجعلون لام التعريف ميما ؛ فيحتمل أنه عليه السلام خاطب بها هذا الأشعري لأنها لغته ، ويحتمل أن يكون الأشعري نطق بها على ما ألف من لغته فحملت عنه علي ما نطق به ، قال ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي : وهذا الثاني أوجه عندي واللّه أعلم .ا.هـ.
5 - وقال العلامة الألباني - رحمه الله - في الضعيفة (1130) :
شاذُ بهذا اللفظ ... قلت : وهذا إسناد ظاهره الصحة ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ، وعلته الشذوذ ومخالفة الجماعة . فقد قال أحمد أيضا : ثنا سفيان ، عن الزهري به بلفظ :
" ليس من البر الصيام في السفر " .
وتابعه عليه ابن جريج ويونس ومحمد بن أبي حفصة والزبيدي كلهم رووه عن الزهري بلفظ سفيان .
وتابعهم معمر نفسه عند البيهقي وقال :
" وهو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم " .(1/3)
وليس يشك عالم بأن اللفظ الذي وافق معمر الثقات عليه ، هو الصحيح الذي ينبغي الأخذ به ، والركون إليه ، بخلاف اللفظ الآخر الذي خالفهم فيه ، فإنه ضعيف لا يعتمد عليه ، لا سيما ومعمر ؛ وإن كان من الثقات الأعلام فقد قال الذهبي في ترجمته :
" له أوهام معروفة ، احتملت له في سعة ما أتقن ، قال أبو حاتم : صالح الحديث ، وما حدث به بالبصرة فيه أغاليط " .
وإن مما يؤكد وهم معمر في هذا اللفظ الذي شذ به عن الجماعة أن الحديث قد ورد عن جماعة آخرين من الصحابة ، مثل جابر بن عبد الله ، وعبد الله بن أبي برزة الأسلمي ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمرو ، وعمار بن ياسر ، وأبي الدرداء ، جاء ذلك عنهم من طرق كثيرة ، وكلها أجمعت على روايته باللفظ الثاني الذي رواه الجماعة ، وقد خرجت أحاديثهم جميعا في " إرواء الغليل " (925) فمن شاء الوقوف غليه فليرجع إليه إن شاء الله تعالى .
وإنما عنيت هنا عناية خاصة لبيان ضعف الحديث بهذا اللفظ لشهرته عند علماء اللغة والأدب ، ولقول الحافظ ابن حجر في " التلخيص " :
" هذه لغة لبعض أهل اليمن , يجعلون لام التعريف ميما , ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بها بهذا الأشعري كذلك لأنها لغته , ويحتمل أن يكون الأشعري ( يعني : كعب بن عاصم ) هذا نطق بها على ما ألف من لغته , فحملها عنه الراوي عنه , وأداها باللفظ الذي سمعها به , وهذا الثاني أوجه عندي , والله أعلم " .
فأقول : إن إيراد الحافظ رحمه الله تعالى هذين الاحتمالين قد يشعر القارىء لكلامه أن الرواية ثبتت بهذا اللفظ عن الأشعري ، وإنما تردد في كونه من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ، أو من الأشعري ، ورجح الثاني . وهذا الترجيح لا داعي إليه ، بعد أن أثبتنا أنه وهم من معمر ، فلم يتكلم به النبي صلى الله عليه وسلم ولا الأشعري ، بل ولا صفوان بن عبد الله ولا الزهري . [[ فليعلم هذا فإنه عزيز نفيس إن شاء الله تعالى ]] .ا.هـ.(1/4)
- وقال في " إرواء الغليل " (4/58 - 59 ح 925) :
" ليس من البر الصيام في السفر " ... وزاد الطحاوي :
" قال سفيان : فذكر لي أن الزهري كان يقول - ولم أسمع أنا منه - ليس من ام بر ام صيام في ام سفر "
قلت : وهذه الزيادة عن سفيان شاذة ، بل منكرة ، تفرد بها شيخ الطحاوي محمد بن النعمان السقطي ، وهو شيخ مجهول كما قال أبو حاتم ، وتبعه الذهبي في " الميزان " ثم الحافظ في " اللسان " وقال الحاكم :
صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي .
ثم أخرجه الإمام أحمد والطحاوي عهن ابن جريج ، والدارمي عن يونس ، والطحاوي عن محمد بن أبي حفصة ، والفريابي ، والبيهقي عن معمر ، والفريابي عن الزبيدي كلهم عن الزهري به .
وقال الإمام أحمد : ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر به . إلا أن لفظة مثل لفظ الطحاوي الشاذ :
" ليس من امبر امصيام في أمسفر " .
وهكذا رواه البيهقي من طريق محمد بن يحيى الذهلي ثنا عبد الرزاق به .
وقال محمد بن يحيى : وسمعت عبد الرزاق مرة يقول : أخبرنا معمر ... قلت : فذكره بإسناد اللفظ الأول : وهو الذي رواه عن يزيد بن زريع عن معمر عند الفريابي ، وهو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم .
قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 195) بعد أن ذكره باللفظ الثاني من رواية أحمد :
وهذه لغة لبعض أهل اليمن , يجعلون لام التعريف ميما , ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بها بهذا الأشعري كذلك لأنها لغته , ويحتمل أن يكون الأشعري هذا نطق بها على ما ألف من لغته , فحملها عنه الراوي عنه , وأداها باللفظ الذي سمعها به , وهذا الثاني أوجه عندي , والله أعلم .(1/5)
قلت : الأمر كما قال الحافظ - رحمه الله - لو كان هذا اللفظ ثابتا عن الأشعري ، وليس كذلك لاتفاق جميع الرواة عن الزهري على روايته عنه باللفظ الأول ، وكذلك رواه جابر وغيره كما يأتي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في جميع الطرق عنهم رضي الله عنهم ، وأيضا فإن الراوي عن الأشعري إذا أدى الحديث باللفظ الذي سمعه منه ، فأحرى بهذا اللفظ - أعني الأشعري - أن يؤديه باللفظ الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم .
تنبيه : وقع الحديث في مسند الشافعي بهذا اللفظ الشاذ كما نبه عليه مرتبه الشيخ البنا الساعاتي رحمه الله في " بادائع المنن " .ا.هـ.
6 - وقال شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (39/84 - 85 ح 23679) :
إسناده صحيح
7 - وقال أحمد البنا في " بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني " (10/107) :
أي ليس من البر الصيام في السفر ، أبدلت اللام ميما في الثلاثة على لغة بعض أهل اليمن حيث خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بلغتهم ، وكان هذا الأشعري منهم ، ويحتمل أن الأشعري بلَّغ الحديث بلغته فأدَّاه الراوي عنه كما سمعه .ا.هـ.
8 - وقال الشيخ مقبل الوادعي - رحمه الله - في " الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين " (2/179) ، وهذا المرتب على حسب الصحابة :
... " ليس البر الصيام في السفر " .
هذا حديث صحيح على شرط مسلم وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني البخاري ومسلما أن يخرجاها .
الحديث رواه ابن ماجة ، وعبد الرزاق ، والإمام أحمد ، وعند الإمام أحمد : ليس من امبر امصيام في امسفر .
ومن طريقين آخرين ليس البر الصيام في السفر . ومدار الحديث على الزهري رحمه الله .
ورواية : ليس من امبر تصحيف كما في الكفاية للخطيب ، والتلخيص الحبير لابن حجر ، بل قال الزهري : لم أسمعه أنا : ليس من امبر امصيام في امسفر كما عند الحميدي في مسنده فعلم من هذا أن الحديث لم يثبت .ا.هـ.(1/6)
- وقال الشيخ مقبل أيضا في تحقيقه لكتاب " الإلزمات والتتبع " ( ص145) بعد كلام الدارقطني وهو :
كعب بن عاصم الأشعري حديث أم الدرداء رواه عن الزهري جماعة ثقات منهم ابن جريج وابن أبي ذئب ومالك ومعمر .
علق الشيخ مقبل في الحاشية بقوله بعد ذكره لرواية الإمام أحمد :
الحديث أخرجه النسائي وابن ماجة والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق ، وعندهم وعند الإمام أحمد في بعض الطرق ليس من البر الصيام في السفر ، وذكر الحميدي في مسنده (2/381) : أن سفيان بن عيينة قال : وذُكر لي أن الزهري كان يقول : ولم أسمعه أنا : ليس من امبر امصيام في امسفر ، وذكر الخطيب في الكفاية أن الصحابي صحفه على لغته ، قال الحافظ في التلخيص : وهو الأوجه عندي .ا.هـ.
- ونقل نفس الكلام في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحن (2/427) ، وهو المرتب حسب الأبواب الفقهية .
هذه أقوال أهل العلم في الحديث بهذا اللفظ ، وهناك أقوال أخرى كثيرة لأهل اللغة لم أوردها خشية الإطالة .
ومن كان لديه زيادة على ما ذكرنا فليضع ما لديه وأكون له من الشاكرين ، وأقول له : جزاك الله خيرا .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@28.q28VbGqtaaJ^0@.ef13139
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/7)
حَدِيثُ : يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ ... في مِيزَانِ النَّقْدِ
الحمدُ لله وبعد .
نسمعُ كثيراً قصةَ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مع الصحابي الذي بات عنده ليتعرفَ على سببِ ثناءِ النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه له بأنه من أهلِ الجنةِ .
وفي هذا البحث سنعرض القصة على ميزان النقد الحديثي من جهة ثبوتها .
فهل تصحُ هذه القصة ؟؟؟؟
نص القِصةِ :
روى عبد الرزاق في مصنفه (20559) بسنده فقال :(1/1)
حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ مِن هذا الفجّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، قَالَ : فافَطَلَعَ رَجُلٌ مِنْ أهل تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ قَدْ عَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ ، فسلَّم ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى ، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ : إِنِّي لَاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ ، قَالَ : نَعَمْ .(1/2)
قَالَ أَنَسٌ : وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ شَيْئًا غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا ، فَلَمَّا مَضَتْ الثَّلَاثُ لَيَالٍ ، وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ قُلْتُ يَا عَبْدَ اللَّهِ ، إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ ، وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ . قَالَ : فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي ، فَقَالَ : مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ .
تخريجُ القِصة :
أخرجها الإمام أحمد في مسنده (3/166) ، وعبد بن حُميد في المنتحب (1157) ، والبغوي في شرح السنة (3535) من طريق عبد الرزاق به .
وأخرجها النسائي في الكبرى (10633) ، وعمل اليوم والليلة (863) من طريق عبد الله بن المبارك ، عن معمر به .(1/3)
وجاء عند البزار في كشف الأستار (1981) من طريق ابن لهيعة ، عن عقيل بن خالد ، أنه سمع ابن شهاب به .
- طريقٌ أخرى :
أخرج البزار (1982) الحديث من طريق آخر عن ابن عمر فقال :
حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا عبد الله بن قيس ، ثنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يدخل عليكم رجل من أهل الجنة ، فدخل سعد ، قال ذلك ثلاثة أيام كل ذلك يدخل سعد .
قال البزار عقب هذه الرواية : لا نعلم رواه عن أيوب إلا عبد الله بن قيس ، ولم نسمعه إلا من أبي موسى عنه .ا.هـ.
كلامُ أهلِ العلمِ على إسنادِ القصةِ :
وهذا الحديثُ ضعيفٌ لأن فيه انقطاعاً بين الزهري وأنس بن مالك رضي الله عنه ، وأذكر كلام أهل العلم على هذه العلة .
1 - قال االحافظ المزي في تحفة الأشراف (1/395) :
قال حمزة بن محمد الكناني الحافظ : لم يسمعه الزهري من أنس ؛ رواه عن رجل عن أنس ؛ كذلك رواه عقيل وإسحاق بن راشد وغير واحد ، عن الزهري ؛ وهو الصواب .ا.هـ.
2 - وقال ابن كثيرٍ في تفسيره (8/96) :
ورواه النسائي في اليوم والليلة عن سُويد بن نصر ، عن ابن المبارك ، عن معمر به . وهذا إسناد على شرط الصحيحين ، لكن رواه عقيل وغيره عن الزهري ، عن رجل ، عن أنس .ا.هـ.
3 - وقال الحافظ ابن حجر في النكت الظراف :
قلت : وذكر البيهقي في الشعب : أن شعيبا رواه عن الزهري ، حدثني من لا أتهم ن عن أنس . ورواه معمر ، عن الزهري ، أخبرني أنس ؛ كذلك أخرجه أحمد عنه .
ورويناه في مكارم الأخلاق ، وفي عدة أمكنة عن عبد الرزاق . وقد ظهر أنه معلول .ا.هـ.
4 - وقال العلامة الألباني – رحمه الله – في ضعيف الترغيب والترهيب (2/247) :(1/4)
قلت : هو كما قال – يقصد الشيخ الألباني قول المنذري : رواه أحمد بإسناد على شرط البخاري ومسلم - ، لولا أنه منقطع بين الزهري وأنس ، بينهما رجل لم يسم كما قال الحافظ حمزة الكناني على ما ذكره الحافظ المزي في تحفة الأشراف ، ثم الناجي ، وقال : وهذه العلة لم ينتبه لها المؤلف . ثم أفاد أن النسائي إنما رواه في " اليوم والليلة " لا في " السنن " على العادة المتكررة في الكتاب ، فتنبه .
قلت : أخرجه عبد الرزاق في المصنف ومن طريقه جماعة منهم أحمد : قال : أخبرنا معمر عن الزهري قال : أخبرني أنس بن مالك . وهذا إسناد ظاهر الصحة ، وعليه جرى المؤلف والعراقي في " تخريج الإحياء " ، وجرينا على ذلك برهة من الزمن ، حتى تبينت العلة ، فقال البيهقي في " الشعب " عقبه : ورواه ابن المبارك عن معمر فقال عن معمر ، عن الزهري ، عن أنس . ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري ، قال : حدثني من لا أتهم .. ، وكذلك رواه عقيل بن خالد عن الزهري . وانظر " أعلام النبلاء " (1/109) .
ولذلك قال الحافظ عقبه في " النكت الظراف على الأطراف " : فقد ظهر أنه معلول .ا.هـ.
وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى تصحيح الحديث على ظاهر السند ، منهم :
1 - الحافظ العراقي :
قال في تخريج الإحياء (3168) :
رواه أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين ، ورواه البزار وسمي الرجل في رواية له سعدا وفيها ابن لهيعة .ا.هـ.
2 - الحافظ الهيثمي :
قال في المجمع (8/79) :
رواه أحمد والبزار بنحوه غير أنه قال : فطلع سعد، بدل قوله : فطلع رجل .
وقال في آخره : فقال سعد : ما هو إلا ما رأيت يا ابن أخي ، إلا أني لم أبت ضاغناً على مسلم ، أو كلمة نحوها .
ورجال أحمد رجال الصحيح ، وكذلك أحد إسنادي البزار ، إلا أن سياق الحديث لابن لهيعة .ا.هـ.
3 - الشيخ شعيب الأرنؤوط :
قال في تخريجه لـ " شرح السنة " (13/114) :
إسناده صحيح ، وأخرجه أحمد 3/166 .
وقال في تخريجه لمسند الإمام أحمد (20/125) :(1/5)
إسناده صحيح على شرط الشيخين .
وأما في سير أعلام النبلاء (1/109) فقد نقل كلاما نصه :
ذكره صاحب الكنز ( أي : كنز العمال ) ونسبه إلى ابن عساكر ، وقال : ورجاله رجال الصحيح ، إلا أن ابن شهاب قال : حدثني من لا أتهم ، عن أنس .. ا.هـ.
والذي يظهر أن القصة ضعيفة لا تثبت بسبب الانقطاع بين الزهري وأنس بن مالك . والله أعلم .
- أما الطريق الأخرى عن ابن عمر فقد تكلم العلماء في أحد رجال سنده ألا وهو عبد الله بن قيس الرقاشي .
قال العقيلي في الضعفاء (2/289) :
عبد الله بن قيس الرقاشي عن أيوب ، حديثه غير محفوظ ، ولا يتابع عليه ، ولا يعرف إلا به .
وذكر له هذا الحديث .
ونقل الذهبي في الميزان (2/473) كلام العقيلي في الرجل ، وذكره أيضا الحافظ ابن حجر في اللسان (3/404 - 405) .
وهذا نهاية البحث ، فمن كان لديه زيادة على ما ذكرنا نكون له من الشاكرين .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@189.vnX0a0i19Kb^4@.ef118c1
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/6)
حَدِيثُ : لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ ... رِوايةٌ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
كنتُ مع أحد الأحبةِ في نقاشٍ من خلال الماسنجر وسألني عن حديث كتبه لي بطريقة لم أتمكن من قراءته إلا بعد أن كتب لي الحديث بلفظه الآخر .
وفي هذا البحث سنقف مع اللفظ الذي سئُلت عنه ، وهي فائدة جميلة أحببت أن أفيد بها إخواني هنا ، إلى جانب أني وعدت أخي السائل عن الحديث بتخريجه وكلام أهل العلم عليه .
نَصُ الحَدِيثِ :
روى الإمام أحمد في المسند (5/434) بسنده فقال :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ السَّقِيفَةِ - قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ .
- أخرجه الطبراني في الكبير (19/172 ح 387) من طريق عبد الله بن أحمد ، عن أبيه به ، ولفظه :
ليس من ام بر ام صيام في ام سفر .
- وأخرجه البيهقي في " السنن " (4/242) من طريق عبد الرزاق به .
كَلامُ العُلَمَاءِ على لَفْظِ الحَدِيثِ :
تكلم العلماء على لفظ حديث : " لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ " سواء أهل اللغة ، أو الحديث ، أو القراءات ، وهذه بعض أقوالهم :
1 - قال الزيلعي في " نصب الراية " (2/461) :
وروى : " لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ " وهي لغة بعض العرب ، رواها عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن صفوان بن عبد اللّه بن صفوان بن أمية الجمحي ، عن أم الدرداء ، عن كعب بن عاصم الأشعري ، عن النبي عليه السلام ، فذكره ، وعن عبد الرزاق رواه أحمد في "مسنده" ، ومن طريق أحمد رواه الطبراني في " معجمه " .ا.هـ.
2 - وقال الخطيب البغدادي في " الكفاية " ( ص 281) :(1/1)
أخبرنا : الحسن ابن أبي بكر بن شاذان قال : أنَّا أحمد بن إسحاق بن منجاب الطِّيِّبي قال : ثنا أحمد بن محمَّد بن شاكر الزَّنجانيّ قال : ثنا الحسن بن علي الحلوانيّ قال : ثنا عبد الرَّزاق قال : أنَّا معمر ، عن الزُّهري ، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان ، عن أم الدَّرداء ، عن كعب بن عاصم الأشعريّ قال : سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم - يقول : لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ .
قلت : أراد ليس من البر الصِّيام في السفر ، وهذا لغة الأشعريّين يقلبون اللام ميماً فيقولون :
رأينا أولئك امرجال ( يريدون الرِّجال ) ومررنا بامقوم أي : ( بالقوم ) وهي لغة مستفيضة إلى الآن باليمن .
وفي الحديث أنَّ أبا هريرة قال : يوم الدار طلب امضرب. ( يريد طاب الضرب ) .
أخبرنا بذلك : حسن ابن أبي بكر قال : أنَّا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغويّ قال : ثنا إسماعيل بن إسحاق قال : ثنا سليمان بن حرب قال : ثنا جرير بن حازم ، عن سليمان الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قلت لعثمان وهو محصور في الدار : طاب امضرب يا أمير المؤمنين .ا.هـ.
3 - وقال الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " (2/205) :
( فَائِدَةٌ ) : رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ بِلَفْظِ : " لَيْسَ مِنْ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ " .(1/2)
وَهَذِهِ لُغَةٌ لِبَعْضِ أَهْلِ الْيَمَنِ , يَجْعَلُونَ لَامَ التَّعْرِيفِ مِيمًا , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاطَبَ بِهَا بِهَذَا الْأَشْعَرِيَّ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا لُغَتُهُ , وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَشْعَرِيُّ هَذَا نَطَقَ بِهَا عَلَى مَا أَلِفَ مِنْ لُغَتِهِ , فَحَمَلَهَا عَنْهُ الرَّاوِي عَنْهُ , وَأَدَّاهَا بِاللَّفْظِ الَّذِي سَمِعَهَا بِهِ , وَهَذَا الثَّانِي أَوْجَهُ عِنْدِي , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .ا.هـ.
4 - وقال الكتاني في " نظم المتناثر من الحديث المتواتر " :
( ليس من البر الصيام في السفر ) .
أورده في الأزهار من حديث :
(1) جابر بن عبد اللّه
(2) وكعب بن عاصم الأشعري
(3) وأبي برزة الأسلمي
(4) وابن عباس
(5) وابن عمر
(6) وعمار بن ياسر
(7) وأبي الدرداء سبعة أنفس .
قلت : نص على تواتره أيضاً الشيخ عبد الرءوف المناوي في التيسير نقلاً عن السيوطي وفي رواية لأحمد من حديث كعب بن عاصم المتقدم : " ليس من أم بر أم صيام في أم سفر " ، وهذه لغة لبعض أهل اليمن يجعلون لام التعريف ميما ؛ فيحتمل أنه عليه السلام خاطب بها هذا الأشعري لأنها لغته ، ويحتمل أن يكون الأشعري نطق بها على ما ألف من لغته فحملت عنه علي ما نطق به ، قال ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي : وهذا الثاني أوجه عندي واللّه أعلم .ا.هـ.
5 - وقال العلامة الألباني - رحمه الله - في الضعيفة (1130) :
شاذُ بهذا اللفظ ... قلت : وهذا إسناد ظاهره الصحة ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ، وعلته الشذوذ ومخالفة الجماعة . فقد قال أحمد أيضا : ثنا سفيان ، عن الزهري به بلفظ :
" ليس من البر الصيام في السفر " .
وتابعه عليه ابن جريج ويونس ومحمد بن أبي حفصة والزبيدي كلهم رووه عن الزهري بلفظ سفيان .
وتابعهم معمر نفسه عند البيهقي وقال :
" وهو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم " .(1/3)
وليس يشك عالم بأن اللفظ الذي وافق معمر الثقات عليه ، هو الصحيح الذي ينبغي الأخذ به ، والركون إليه ، بخلاف اللفظ الآخر الذي خالفهم فيه ، فإنه ضعيف لا يعتمد عليه ، لا سيما ومعمر ؛ وإن كان من الثقات الأعلام فقد قال الذهبي في ترجمته :
" له أوهام معروفة ، احتملت له في سعة ما أتقن ، قال أبو حاتم : صالح الحديث ، وما حدث به بالبصرة فيه أغاليط " .
وإن مما يؤكد وهم معمر في هذا اللفظ الذي شذ به عن الجماعة أن الحديث قد ورد عن جماعة آخرين من الصحابة ، مثل جابر بن عبد الله ، وعبد الله بن أبي برزة الأسلمي ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمرو ، وعمار بن ياسر ، وأبي الدرداء ، جاء ذلك عنهم من طرق كثيرة ، وكلها أجمعت على روايته باللفظ الثاني الذي رواه الجماعة ، وقد خرجت أحاديثهم جميعا في " إرواء الغليل " (925) فمن شاء الوقوف غليه فليرجع إليه إن شاء الله تعالى .
وإنما عنيت هنا عناية خاصة لبيان ضعف الحديث بهذا اللفظ لشهرته عند علماء اللغة والأدب ، ولقول الحافظ ابن حجر في " التلخيص " :
" هذه لغة لبعض أهل اليمن , يجعلون لام التعريف ميما , ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بها بهذا الأشعري كذلك لأنها لغته , ويحتمل أن يكون الأشعري ( يعني : كعب بن عاصم ) هذا نطق بها على ما ألف من لغته , فحملها عنه الراوي عنه , وأداها باللفظ الذي سمعها به , وهذا الثاني أوجه عندي , والله أعلم " .
فأقول : إن إيراد الحافظ رحمه الله تعالى هذين الاحتمالين قد يشعر القارىء لكلامه أن الرواية ثبتت بهذا اللفظ عن الأشعري ، وإنما تردد في كونه من النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ، أو من الأشعري ، ورجح الثاني . وهذا الترجيح لا داعي إليه ، بعد أن أثبتنا أنه وهم من معمر ، فلم يتكلم به النبي صلى الله عليه وسلم ولا الأشعري ، بل ولا صفوان بن عبد الله ولا الزهري . [[ فليعلم هذا فإنه عزيز نفيس إن شاء الله تعالى ]] .ا.هـ.(1/4)
- وقال في " إرواء الغليل " (4/58 - 59 ح 925) :
" ليس من البر الصيام في السفر " ... وزاد الطحاوي :
" قال سفيان : فذكر لي أن الزهري كان يقول - ولم أسمع أنا منه - ليس من ام بر ام صيام في ام سفر "
قلت : وهذه الزيادة عن سفيان شاذة ، بل منكرة ، تفرد بها شيخ الطحاوي محمد بن النعمان السقطي ، وهو شيخ مجهول كما قال أبو حاتم ، وتبعه الذهبي في " الميزان " ثم الحافظ في " اللسان " وقال الحاكم :
صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي .
ثم أخرجه الإمام أحمد والطحاوي عهن ابن جريج ، والدارمي عن يونس ، والطحاوي عن محمد بن أبي حفصة ، والفريابي ، والبيهقي عن معمر ، والفريابي عن الزبيدي كلهم عن الزهري به .
وقال الإمام أحمد : ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر به . إلا أن لفظة مثل لفظ الطحاوي الشاذ :
" ليس من امبر امصيام في أمسفر " .
وهكذا رواه البيهقي من طريق محمد بن يحيى الذهلي ثنا عبد الرزاق به .
وقال محمد بن يحيى : وسمعت عبد الرزاق مرة يقول : أخبرنا معمر ... قلت : فذكره بإسناد اللفظ الأول : وهو الذي رواه عن يزيد بن زريع عن معمر عند الفريابي ، وهو المحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم .
قال الحافظ في " التلخيص " ( ص 195) بعد أن ذكره باللفظ الثاني من رواية أحمد :
وهذه لغة لبعض أهل اليمن , يجعلون لام التعريف ميما , ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بها بهذا الأشعري كذلك لأنها لغته , ويحتمل أن يكون الأشعري هذا نطق بها على ما ألف من لغته , فحملها عنه الراوي عنه , وأداها باللفظ الذي سمعها به , وهذا الثاني أوجه عندي , والله أعلم .(1/5)
قلت : الأمر كما قال الحافظ - رحمه الله - لو كان هذا اللفظ ثابتا عن الأشعري ، وليس كذلك لاتفاق جميع الرواة عن الزهري على روايته عنه باللفظ الأول ، وكذلك رواه جابر وغيره كما يأتي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في جميع الطرق عنهم رضي الله عنهم ، وأيضا فإن الراوي عن الأشعري إذا أدى الحديث باللفظ الذي سمعه منه ، فأحرى بهذا اللفظ - أعني الأشعري - أن يؤديه باللفظ الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم .
تنبيه : وقع الحديث في مسند الشافعي بهذا اللفظ الشاذ كما نبه عليه مرتبه الشيخ البنا الساعاتي رحمه الله في " بادائع المنن " .ا.هـ.
6 - وقال شعيب الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (39/84 - 85 ح 23679) :
إسناده صحيح
7 - وقال أحمد البنا في " بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني " (10/107) :
أي ليس من البر الصيام في السفر ، أبدلت اللام ميما في الثلاثة على لغة بعض أهل اليمن حيث خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بلغتهم ، وكان هذا الأشعري منهم ، ويحتمل أن الأشعري بلَّغ الحديث بلغته فأدَّاه الراوي عنه كما سمعه .ا.هـ.
8 - وقال الشيخ مقبل الوادعي - رحمه الله - في " الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين " (2/179) ، وهذا المرتب على حسب الصحابة :
... " ليس البر الصيام في السفر " .
هذا حديث صحيح على شرط مسلم وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني البخاري ومسلما أن يخرجاها .
الحديث رواه ابن ماجة ، وعبد الرزاق ، والإمام أحمد ، وعند الإمام أحمد : ليس من امبر امصيام في امسفر .
ومن طريقين آخرين ليس البر الصيام في السفر . ومدار الحديث على الزهري رحمه الله .
ورواية : ليس من امبر تصحيف كما في الكفاية للخطيب ، والتلخيص الحبير لابن حجر ، بل قال الزهري : لم أسمعه أنا : ليس من امبر امصيام في امسفر كما عند الحميدي في مسنده فعلم من هذا أن الحديث لم يثبت .ا.هـ.(1/6)
- وقال الشيخ مقبل أيضا في تحقيقه لكتاب " الإلزمات والتتبع " ( ص145) بعد كلام الدارقطني وهو :
كعب بن عاصم الأشعري حديث أم الدرداء رواه عن الزهري جماعة ثقات منهم ابن جريج وابن أبي ذئب ومالك ومعمر .
علق الشيخ مقبل في الحاشية بقوله بعد ذكره لرواية الإمام أحمد :
الحديث أخرجه النسائي وابن ماجة والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق ، وعندهم وعند الإمام أحمد في بعض الطرق ليس من البر الصيام في السفر ، وذكر الحميدي في مسنده (2/381) : أن سفيان بن عيينة قال : وذُكر لي أن الزهري كان يقول : ولم أسمعه أنا : ليس من امبر امصيام في امسفر ، وذكر الخطيب في الكفاية أن الصحابي صحفه على لغته ، قال الحافظ في التلخيص : وهو الأوجه عندي .ا.هـ.
- ونقل نفس الكلام في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحن (2/427) ، وهو المرتب حسب الأبواب الفقهية .
هذه أقوال أهل العلم في الحديث بهذا اللفظ ، وهناك أقوال أخرى كثيرة لأهل اللغة لم أوردها خشية الإطالة .
ومن كان لديه زيادة على ما ذكرنا فليضع ما لديه وأكون له من الشاكرين ، وأقول له : جزاك الله خيرا .
رابط الموضوعhttp://alsaha.fares.net/sahat?14@28.q28VbGqtaaJ%5e0@.ef13139
http://alsaha.fares.net/sahat?14@28.q28VbGqtaaJ^0@.ef13139
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/7)
حِوار بين الرسول وعَكَّاف بن وَدَاعة الهِلالي
الحمد لله وبعد ؛
فقد سألني أحدُ الإخوة عن قصةِ عكاف بن وداعة الهلالي ، وهل هي ثابتةٌ ؟
وبعد البحث في إسنادها خرجتُ بهذا البحثِ المتواضعِ ، والذي أسأل الله أن ينفع به .
روى عبد الرزاق في المصنف (6/171 – 172 ح 10387) فقال :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ : عَكَّافُ بْنُ بِشْرٍ التَّمِيمِيُّ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا عَكَّافُ ، هَلْ لَكَ مِنْ زَوْجَةٍ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : وَلَا جَارِيَةٍ ؟ قَالَ : وَلَا جَارِيَةَ . قَالَ : وَأَنْتَ مُوسِرٌ بِخَيْرٍ ؟ قَالَ : وَأَنَا مُوسِرٌ بِخَيْرٍ . قَالَ : أَنْتَ إِذًا مِنْ إِخْوَانِ الشَّيَاطِينِ ، وَلَوْ كُنْتَ فِي النَّصَارَى كُنْتَ مِنْ رُهْبَانِهِمْ ، إِنَّ سُنَّتَنَا النِّكَاحُ ، شِرَارُكُمْ عُزَّابُكُمْ ، وَأَرَاذِلُ مَوْتَاكُمْ عُزَّابُكُمْ ، أَبِالشَّيْطَانِ تَمَرَّسُونَ ! مَا لِلشَّيْطَانِ مِنْ سِلَاحٍ أَبْلَغُ فِي الصَّالِحِينَ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا الْمُتَزَوِّجُونَ ، أُولَئِكَ الْمُطَهَّرُونَ الْمُبَرَّءُونَ مِنْ الْخَنَا ، وَيْحَكَ يَا عَكَّافُ إِنَّهُنَّ صَوَاحِبُ أَيُّوبَ ، وَدَاوُدَ ، وَيُوسُفَ ، وَكُرْسُفَ .(1/1)
فَقَالَ لَهُ بِشْرُ بْنُ عَطِيَّةَ : وَمَنْ كُرْسُفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : رَجُلٌ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ بِسَاحِلٍ مِنْ سَوَاحِلِ الْبَحْرِ ثَلَاثَ مِائَةِ عَامٍ ، يَصُومُ النَّهَارَ ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ ، ثُمَّ إِنَّهُ كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ فِي سَبَبِ امْرَأَةٍ عَشِقَهَا ، وَتَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ اسْتَدْرَكَهُ اللَّهُ بِبَعْضِ مَا كَانَ مِنْهُ فَتَابَ عَلَيْهِ ، وَيْحَكَ يَا عَكَّافُ ، تَزَوَّجْ وَإِلَّا فَأَنْتَ مِنْ الْمُذَبْذَبِينَ . قَالَ : زَوِّجْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : قَدْ زَوَّجْتُكَ كَرِيمَةَ بِنْتَ كُلْثُومٍ الْحِمْيَرِيِّ .
وأخرجه أحمد في المسند (5/163) عن عبد الرزاق به .
وفي سنده رجل مبهم .
وللحديث طرق أخرى أوردها الحافظ ابن حجر في الإصابة (4/537) ، قال بعد أن أوردها :
والطرق المذكورة كلها لا تخلو من ضعف واضطرابٍ .
وقال الحافظ أيضا في تعجيل المنفعة (2/21) : ولا يخلو طريق من طرقه من ضعف .
وقد حكم الشيخ شعيب الأرنؤوط على طرق الحديث بالضعف في تخريجه لمسند الإمام أحمد (35/355 – 356) .
فهذا ملخص حكم أهل العلم على الحديث .
والله اعلم
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
دُعاءُ كُمَيل في ميزانِ النقدِ العلمي
أبو الحارث .
هلا ذكرت لنا المرجع لهذا الدعاء ؟
أقصد من أي كتاب نقلت هذا الدعاء ؟
أما كُمَيل الذي ذكرته فإليك أقوال أهل العلم فيه :
اسمه : كُمَيل بن زياد بن نَهِيك .
قال عنه أبو حاتم ابن حبان في كتاب المجروحين (2/225) :
وهو الذي يقال له : كُمَيل بن عبد الله ، من أصحاب علي عليه السلام ، روى عنه عبد الرحمن بن عابس ، والعباس بن ذريح ، وأهل الكوفة ، وكان كُمَيل من المفرطين في علي ، ممن يروي عنه المعضلات ، وفيه المعجزات ، منكر الحديث جدا ، تتقى روايته ولا يُحتجُ به .ا.هـ.
وقال بشار عواد في تحقيقه لتهذيب الكمال للمزي (24/222) : هو مشهور في كتب الشيعة معروف ، وفي نهج البلاغة المنسوب إلى علي رضي الله عنه الكثير مما نُقل عنه .ا.هـ.
وأظن أن الأدعية التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها الغنية والكفاية عن هذا الدعاء .
و لا أستبعد أن هذا الدعاء منقول عن كتاب " نهج البلاغة " المنسوب إلى علي رضي الله عنه .
ومن أراد أن يعرف كذب نسبة هذا الكتاب - وهو " نهج البلاغة " - إلى علي رضي الله عنه فليرجع إلى كتاب " كتب حذر منها العلماء " لأبي عبيدة مشهور بن حسن (2/250) .
--------------
لقد سألني محب أهل البيت عما في هذا الدعاء من الاعتداء فأجبته بما يلي :
يوجد الكثير ولكن خذ هذا الكلام على سبيل المثال لا على سبيل الحصر :
يا مولاي...
فكيف يبقى في العذاب ، وهو يرجو ما سلف من حلمك..؟!
ام كيف تولمه النار، وهو يأمل فضلك ورحمتك ..؟!
ام كيف يحرقه لهيبها، وانت تسمع صوته وترى مكانه..؟!
ام كيف بشتمل عليه زفيرها، وانت تعلم ضعفة..؟!
ام كيف يتقلقل بين اطباقها، وانت تعلم صدقه..؟!
ام كيف تزجرة زبانيتها، وهو يناديك يا ربه ..؟!
ام كيف يرجو فضلك في عتقه منها، فتتركه فيها..؟!
هيهات...(1/1)
وهذا كما جاء عن ابن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : سمعني أبي وأنا أقول : اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها ، وبهجتها ، وكذا وكذا وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا ، فقال : يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيكون قوم يعتدون في الدعاء ، فإياك أن تكون منهم ، إن أعطيت الجنة أعطيتها وما قيها من الخير ، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر . رواه أبوداود (1480) ، وأحمد (1/171، 183) ، وقال الأرنؤوط في تخريجه للمسند (3/80 : حسن لغيره .
وكذلك في دعاء كميل من السجع المتكلف ما يكون سببا من أسباب عدم استجابة الدعاء .
وهذا ابن عباس يوصي مولاه عكرمة فيقول له : فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب . رواه البخاري (6337) .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (11/143) :
قوله : (وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه) أي لا تقصد اليه ولا نشغل فكرك به لما فيه من التكلف المانع للخشوع المطلوب في الدعاء ، وقال بن التين : المراد بالنهي المستكره منه ، وقال الداودي : الإستكثار منه .
وقال أيضا : ولا يرد على ذلك ما وقع في الأحاديث الصحيحة لان ذلك كان يصدر من غير قصد اليه ولاجل هذا يجيء في غاية الانسجام كقوله صلى الله عليه وسلم في الجهاد : اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الأحزاب .
وكقوله صلى الله عليه وسلم : صدق وعده واعز جنده الحديث
وكقوله : أعوذ بك من عين لا تدمع ونفس لا تشبع وقلب لا يخشع وكلها صحيحة .
قال الغزالي : المكروه من السجع هو المتكلف لأنه لا يلائم الضراعة والذلة والا ففي الأدعية المأثورة كلمات متوازية لكنها غير متكلفة .
قال الأزهري : وانما كرهه صلى الله عليه وسلم لمشاكلته كلام الكهنة كما في قصة المرأة من هذيل .ا.هـ.
وانظر يا أخي محب أهل البيت كم في هذا الدعاء من السجع المتكلف .(1/2)
وكذلك لفظة : يا سيدي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (1/207) : وجميع ما يفعل الله بعبده من الخير من مقتضى اسمه الرب ، ولهذا يقال في الدعاء يا رب ، يا رب ... وقد كره مالك وابن أبي عمران من أصحاب أبي حنيفة وغيرهما أن يقول الداعي : يا سيدي ! يا سيدي ! وقالوا : قل كما قالت الأنبياء : رب ! رب! ... ا.هـ.
وقال في الفتاوى أيضا (10/285) :
واما السؤال فكثيرا ما يجىء باسم الرب كقول آدم وحواء : " ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "
وقول نوح : " رب إنى اعوذ بك ان اسألك ما ليس لى به علم "
وقول موسى : " رب انى ظلمت نفسى فاغفر لى "
وقول الخليل : " ربنا انى اسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة " الآية
وقوله مع اسماعيل : " ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم "
وكذلك قول الذين قالوا : " ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"
ومثل هذا كثير
وقد نقل عن مالك انه قال : اكره للرجل ان يقول فى دعائه : ياسيدى ! ياسيدى ! يا حنان ! يا حنان ! ولكن يدعو بما دعت به الأنبياء ربنا ربنا ربنا نقله عنه العتبى فى العتبية .ا.هـ.
وذكر كلاما بنفس المعنى السابق في الفتاوى أيضا (22/483-484) .
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم عند شرح الحديث العاشر (1/274) :
وسئل مالك وسفيان عمن يقول في الدعاء : يا سيدي ، فقالا : يقول : يا رب . زاد مالك : كما قالت الأنبياء .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
دُعاءُ كُمَيْلِ بنِ زيادٍ في ميزانِ النقدِ العلميِّ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
كتبتُ رداً على دعاءِ كميلٍ هذا ، وهو في صفحتي الخاصة ، وهو دعاءٌ يتشدقُ به الرافضةُ ، ويقدمونهُ على أدعيةِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم التي في سنتهِ ، ويثنون عليه في كتبهم أيضاً . وهم كما هو معروفٌ عنهم أنهم لا يعترفون بالسنةِ ، وقد نقل أحدُ الكتَّابِ دعاءَ كميلٍ المزعوم هنا في الساحةِ المفتوحةِ ، فأحببتُ أن أجلي حقيقته ، وأبين سقوطهُ ، ولو رفعوا من قدرهِ ، وعظموهُ ، وهذا البيانُ لأهل السنةِ بالدرجةِ الأولى لكي لا ينخدعوا بمثل هذه الأدعيةِ المكذوبةِ والملفقةِ ، وبالدرجةِ الثانية نصحاً لمن نقل الدعاءَ هنا ، وأن يتق اللهَ في نفسهِ ، وأن لا يكتبَ إلا ما يرضي الله ، وليعلم أن أهل السنةِ لن يتركوه ينشر مثل هذه الخرافات والترهات .
ولنقف مع دعاءِ كميلٍ وقفةً نقديةً نبين فيه مدى بعدهِ عن مشكاةِ النبوةِ ، وأنهُ لا يمتُ إلى آدابِ الدعاءِ التي ينبغي للمسلمِ أن يأخذها حال مناجته ودعائهِ لربهِ جل وعلا ، وغير ذلك من الوقفات .
الوقفةُ الأولى : من هو كُمَيلٌ الذي ينسبُ إليه الدعاءُ ؟؟؟
قال المزي في " تهذيب الكمالِ " (24/218) : كُمَيل بنُ زياد بنِ نَهيك بنِ الهيثمِ بنِ الحارثِ بنِ صُهبان بنِ سعد بن مالك بنِ النخعِ النخعي الصُهبانيُّ الكوفي . وقيل : كُمَيْل بنُ عبدِ الله ، وقيل : كُمَيْل بنُ عبدِ الرحمنِ .ا.هـ.
ثم نقل المزي كلامَ أهلِ الجرحِ والتعديلِ فيه فقال : ذكرهُ ابنُ سعدٍ في الطبقةِ الأولى من أهلِ الكوفةِ ، قال : وشهد مع علي صفين ، وكان شريفاً ، مطاعاً في قومه ، فلما قدم الحجاجُ بنُ يوسف الكوفةَ دعا به فقتله ، وكان ثقةً ، قليلَ الحديثِ . وقال يحيى بنُ معينٍ : ثقةٌ . وقال العجلي : كوفيٌّ تابعيٌّ ثقةٌ . وقال محمدُ بنُ عَمَّار : كُميلُ بنُ زياد رافضي ، وهو ثقةٌ من أصحابِ علي .(1/1)
قال بشارعواد محققُ الكتابِ تعليقاً على عبارةِ " رافضي ، وهو ثقةٌ " : كيف يكونُ الرافضي ثقةً ؟!
وقال محمدُ بنُ عمار في موضعٍ آخر : كُمَيْلُ بنُ زياد من رؤساءِ الشيعةِ ، وكان بلاءً من البلاءِ .
وقال عنه أبو حاتم ابن حبان في كتاب المجروحين (2/225) : وهو الذي يقال له : كُمَيل بن عبد الله ، من أصحاب علي عليه السلام ، روى عنه عبد الرحمن بن عابس ، والعباس بن ذريح ، وأهل الكوفة ، وكان كُمَيل من المفرطين في علي ، ممن يروي عنه المعضلات ، وفيه المعجزات ، منكر الحديث جدا ، تتقى روايته ولا يُحتجُ به .ا.هـ.
وقال بشار عواد في تحقيقه لتهذيب الكمال للمزي (24/222) : هو مشهور في كتب الشيعة معروف ، وفي نهج البلاغة المنسوب إلى علي رضي الله عنه الكثير مما نُقل عنه .ا.هـ.
وقال عنه الحافظُ ابنُ حجر في " التقريب " : ثقةٌ رمي بالتشيعِ .
قال المزي عن روايتهِ في " تهذيب الكمال " (24/222) : روى له النسائي في " اليوم والليلة " حديثاً واحداً .ا.هـ.(1/2)
والحديثُ هو : عَنْ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَخْلٍ لِبَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؛ هَلَكَ الْمُكْثِرُونَ إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَثَا بِكَفِّهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ثُمَّ مَشَى سَاعَةً فَقَالَ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؛ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ؟ فَقُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : قُلْ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، وَلَا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ، ثُمَّ مَشَى سَاعَةً فَقَالَ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؛ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ النَّاسِ عَلَى اللَّهِ وَمَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى النَّاسِ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَحَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ .
أخرجه الإمامُ أحمدُ (2/309) بهذا اللفظ ، والنسائي في " الكبرى " (10118) مختصراً .
وقد ذُكر أثرٌ عن علي بنِ أبي طالبٍ :
عن كميل بن زياد قال : أخذ علي بن أبي طالب بيدي ، فأخرجني إلى ناحية الجبّانة ، فلما أصحرنا جلس ثم تنفس ثم قال : يا كميل بن زياد القلوب أوعية فخيرها أوعاها ، احفظ عني ما أقول لك :(1/3)
الناس ثلاثة : فعالمٌ رباني ، ومتعلمٌ على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، العلم يزكو بالإنفاق والمال تنقصه النفقة ، ومحبة العلم دين يدان به ، العلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته ، وصنيعة المال تزول بزواله ، مات خزّان الأموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة ؛ هاه هاه إن ههنا – وأشار بيده إلى صدره – علما لو أصبت له حملة ، بل أصبته لَقِنَا غير مأمون عليه ، يستعمل آلة الدين للدنيا ، يستظهر بحجج الله على كتابه ، وبنعمه على عباده ، أو منقادا لأهل الحق لا بصيرة له في أحِنّائه ، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة ، لا ذا ولا ذاك ، أو منهوما باللذات ، سلس القياد للشهوات ، أو مغرى بجمع الأموال والإدخار ، فهؤلاء ليسوا من دعاة الدين ، أقرب شبها بهم الأنعام السائبة ، كذلك يموت العلم بموت حامليه ، اللهم بلى ، لن تخلو الأرض من قائم لله بحججه ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، أولئك هم الأقلون عددا ، الأعظمون عند الله قدرا ، بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها إلى نظرائهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر، فاستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمنظر الأعلى ، أولئك خلفاء الله في بلاده ، ودعاته إلى دينه ، هاه هاه شوقا إلى رؤيتهم ، وأستغفر الله لي ولك ، إذا شئت فقم .
أخرجهُ أبو نعيم في " الحلية " (1/79-80) ، والخطيبُ البغدادي في " الفقيه والمتفقه (1/182 - 183 رقم 176) ، والمزي في " تهذيب الكمال " (24/220) .(1/4)
وقد حكم بضعفهِ محقق كتابِ " الفقيه والمتفقه " (1/183) فقال : " إسنادهُ ضعيفٌ ؛ علتهُ أبو حمزة الثمالي ، واسمه : ثابتُ بنُ أبي صفية . قال أحمدُ بنُ حنبل : " ضعيف الحديث ليس بشيء " . وضعفه أبو زرعة ، وابنُ معين ، وأبو حاتم ، والجوزقاني ، وقال ابنُ عدي : " ضعفه بين " . وفي الإسنادِ أيضاً : عبد الرحمن بن جندب الفزاري ، قال في " لسان الميزان (3/408) : " مجهول " .ا.هـ.
وعلى الرغم من ضعفه فقد اهتم ابن القيم بشرح هذا الأثر في كتابه " مفتاح دار السعادة " (1/403) ، وابنُ رجب الحنبلي في رسالته " كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة " .
فهذه ترجمةٌ مختصرةٌ عن كُمَيْلِ بنِ زياد من خلالِ كتب أهلِ السنةِ ، فهو ثقةٌ عند أهلِ السنةِ إلا فيما يرويهِ عن علي بن أبي طالب كما صرح بذلك ابنُ حبان ، فتتقى روايتهُ عنه ؛ واللهُ أعلم .
الوقفةُ الثانيةُ : منزلةُ دعاءِ كُمَيْل عند الرافضةِ :
إن دعاءَ كميل بنِ زياد له منزلةٌ عظيمةٌ جداً عند الرافضةِ ، ويثنون عليه كثيراً ، بل شرحهُ بعضهم وكأنهُ يشرحُ حديثاً من أحاديثِ النبي صلى الله عليه وسلم !!! وبعضُ القنواتِ المعاصرةِ مثل قناة المنار الرافضية تجعله افتتاحيةً لبرامجها ، وموجودٌ أيضاً في بعضِ المواقعِ على شكل ملفاتٍ صوتيةٍ .
ولمعرفةِ منزلتهِ عندهم يقول القُمِّيُ في " مفاتيح الجِنان " : و هو من الدَّعوات المعروفة ، قال العلامة المجلسي : إنّه أفضلُ الأدعيةِ ، و هو دُعاءُ خضر ، و قد علّمه أميرُ المؤمنين كميلاً ، و هو من خواصّ أصحابه . و يُدعى به في ليلة النّصف مِن شعبان ، و ليلة الجمعة . و يُجْدي في كفاية شرّ الأعداء ، و في فتح باب الرّزق ، و في غفران الذّنوب . و قد رواه الشّيخ و السيّد كلاهما .ا.هـ.
وجاء دعاءُ كميل كما يزعم الرافضةُ في كتبهم بعدةِ رواياتٍ منها :(1/5)
قال كميلُ بن زياد : كنت جالساً مع مولاي أمير المؤمنين في مسجد البصرة ، ومعه جماعة من أصحابه . فقال بعضهم : ما معنى قول الله عَزَّ و جَلَّ : " فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ " ؟ قال : " ليلة النصف من شعبان ، و الذي نفس علي بيده إنه ما من عبد إلا و جميع ما يجري عليه من خير و شر مقسوم له في ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة ، و ما من عبد يحييها و يدعو بدعاء الخضر إلا أجيب ( له ) " . فلما انصرف طرقته ليلاً . فقال : " ما جاء بك يا كميل " ؟ قلت : يا أمير المؤمنين دعاء الخضر . فقال : " اجلس يا كميل ، إذا حفظت هذا الدعاء فادعُ به كل ليلة جمعة ، أو في الشهر مرة ، أو في السنة مرة ، أو في عمرك مرة ، تُكْفَ وَ تُنْصَر وَ تُرْزَق ، وَ لَنْ تُعْدَم المغفرة ، يا كميل أوجَبَ لك طولُ الصحبة لنا أن نَجُودَ لكَ بما سألت " . ثم قال : " أُكتب : اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شي ء ... و ذَكَرَ الدعاء . إقبال الأعمال : 707 .
وَ رُوِيَ أيضاً أن كميل بن زياد النخعي رأى أمير المؤمنين ساجدا يدعو بهذا الدعاء في ليلة النصف من شعبان : اللهم إني أسألك برحمتك ... مصباح المتهجد : 844 .
الوقفةُ الثالثةُ : مراجعُ الرافضةِ يضعفون دعاءَ كُمَيْل :
وبعد الرجوعِ إلى كلامِ العلماءِ عندهم نجدُ أنهم يضعفون سندَ دعاءِ كُمَيْل ، والعجيب أنهم يستحسنوهُ بعقولهم ، وهذه طريقةُ معروفةٌ عندهم ، وهم ليس لديهم ضوابطٌ أو قواعدٌ يسيرون عليها في الحكمِ على الأسانيدِ ، بل لا يثبتُ عندهم حديثٌ صحيحُ السندِ إلى النبي صلى اللهُ عليه وسلم كما تحداهم بعضُ طلبةِ العلمِ .
وممن ذهب إلى عدمِ صحةِ سندِ دعاءِ كميل محمدُ حسين كاشف الغطاء فقد قال في " الفردوس الأعلى " ( ص 51 ) : إننا كثيراً ما نصححُ الأسانيدَ بالمتون فلا يضرُ بهذا الدعاءِ الجليلِ ضعفُ سندهِ مع قوةِ متنهِ فقد دل على ذاته بذاتهِ .ا.هـ.(1/6)
سبحان الله !!! هل هذا كلامٌ علمي يتمشى مع أصولِ التصحيحِ والتضعيفِ ؟؟؟ وكيف يدلُ على ذاتهِ بذاتهِ ؟؟؟ وهذا يعني أن أي دعاءٍ استحسنه هؤلاءِ القومِ جعلوهُ ديناً – نسألُ اللهَ السلامةَ والعافيةَ - .
وقال أيضاً عبد الهادي الفضلي في " دروس في أصول فقه الإمامية " ( ص 258 ) : أمثالُ دعاءِ كميلِ فإن سندَهَ غيرُ ناهضٍ بإثبات صحةِ صدورهِ عن المعصومِ ، لكن الفقيه من خلالِ مقارنته أسلوب هذا الدعاء بما يعرفُهُ من خصائص مميزة لأساليب أدعية أهل البيت يحصل له القطع بأنه صادرٌ عنهم ( عليهم السلام ) .ا.هـ.
فهذان نصان من مراجعهم لا يثبتان صحةَ دعاءِ كميل ، فكيف يتعبدون الله بدعاءِ يضعفه مراجعهم ؟!
الوقفةُ الرابعةُ : وقفاتٌ مع دعاءِ كُميل نفسهِ :
كما يعلمُ الجميعُ أن الدعاءَ عبادةٌ من العباداتِ ، ولذا جاء في القرآنِ والسنةِ ما يقررُ هذا الأمر أيما تقرير ، ولستُ بصددِ سردِ النصوصِ في ذلك فهي واضحةٌ وضوح الشمس في رابعة النهارِ .
والذي أريد أن أقرره هنا أن دعاء كميل يخالفُ الآدابَ والقواعدَ التي ينبغي أن تراعى سواء حال الدعاء ، أو في ذاتِ الدعاءِ نفسه فمن ذلك :
1 - الدعاءُ عبادةٌ كما هو معلومٌ لدى الجميعِ ، والأصلُ في العباداتِ أنها توقيفية ، أي لا يجوز أن يشرعَ الإنسان عبادةً من عند نفسهِ ، بل لا بد أن تكونَ ثابتةً عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم ، ولو أردنا أن نجري هذا الأصلَ على دعاءِ كميل لرددناهُ لسبب واحدٍ وهو عدمُ ثبوتِ سندهِ كما قرر ذلك مراجعُ الرافضةِ أنفسهم ، وبناء عليه سقط الاستدلالُ به .
2 – تحديدُ الوقتِ لذكرهِ وهو ليلةُ النصفِ من شعبان ، وليلة الجمعة ، وهذا يحتاجُ إلى توقيفٍ من المصطفى صلى اللهُ عليه وسلم ، أو يصحُ سندهُ عن الصحابي ويكونُ له حكمُ المرفوعِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم .(1/7)
3 – ما جاء في الدعاء من أن تفسيرَ قوله تعالى : " فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ " [ الدخان : 4 ] أن المقصودَ به ليلةُ النصفِ من شعبان ، وهو قولٌ مردودٌ ، بل المقصود ليلة القدر في رمضان ، وهذه بعضُ النقولُ لأهلِ العلمِ عند تفسيرِ هذه الآيةِ .
قال ابنُ جرير الطبري في " جامع البيان " عند تفسير الآيةِ بعد نقلهِ للأقوال : " وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : ذَلِكَ لَيْلَة الْقَدْر لِمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ بَيَاننَا عَنْ أَنَّ الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مُبَارَكَة } لَيْلَة الْقَدْر , وَالْهَاء فِي قَوْله : { فِيهَا } مِنْ ذِكْر اللَّيْلَة الْمُبَارَكَة , وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ : { فِيهَا يُفْرَق كُلّ أَمْر حَكِيم } فِي هَذِهِ اللَّيْلَة الْمُبَارَكَة يُقْضَى وَيُفْصَل كُلّ أَمْر أَحْكَمَهُ اللَّه تَعَالَى فِي تِلْكَ السَّنَة إِلَى مِثْلهَا مِنْ السَّنَة الْأُخْرَى , وَوَضَعَ حَكِيم مَوْضِع مُحْكِم .ا.هـ.
وقال ابنُ كثير : " وَمَنْ قَالَ إِنَّهَا لَيْلَة النِّصْف مِنْ شَعْبَان كَمَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَة فَقَدْ أَبْعَدَ النُّجْعَة فَإِنَّ نَصَّ الْقُرْآن أَنَّهَا فِي رَمَضَان . وَالْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ عَبْد اللَّه بْن صَالِح عَنْ اللَّيْث عَنْ عُقَيْل عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْبَرَنِي عُثْمَان بْن مُحَمَّد بْن الْمُغِيرَة بْن الْأَخْنَس قَالَ : إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " تُقْطَع الْآجَال مِنْ شَعْبَان إِلَى شَعْبَان حَتَّى إِنَّ الرَّجُل لَيَنْكِحُ وَيُولَد لَهُ وَقَدْ أُخْرِجَ اِسْمه فِي الْمَوْتَى " فَهُوَ حَدِيث مُرْسَل وَمِثْله لَا يُعَارَض بِهِ النُّصُوص .ا.هـ.(1/8)
وحكم الحافظُ ابنُ رجب على حديثِ عثمانَ بن محمد بن المغيرة الذي أوردهُ ابنُ كثير بالإرسالِ أيضاً في " لطائف المعارف " ( ص 256 ) .
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ : وَجُمْهُور الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهَا لَيْلَة الْقَدْر . وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إِنَّهَا لَيْلَة النِّصْف مِنْ شَعْبَان ; وَهُوَ بَاطِل لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابه الصَّادِق الْقَاطِع : " شَهْر رَمَضَان الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآن " [ الْبَقَرَة : 185 ] فَنَصَّ عَلَى أَنَّ مِيقَات نُزُوله رَمَضَان , ثُمَّ عُيِّنَ مِنْ زَمَانه اللَّيْل هَاهُنَا بِقَوْلِهِ : " فِي لَيْلَة مُبَارَكَة " فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ فِي غَيْره فَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَة عَلَى اللَّه , وَلَيْسَ فِي لَيْلَة النِّصْف مِنْ شَعْبَان حَدِيث يُعَوَّل عَلَيْهِ لَا فِي فَضْلهَا وَلَا فِي نَسْخ الْآجَال فِيهَا فَلَا تَلْتَفِتُوا إِلَيْهَا .ا.هـ.
وقال القرطبي : قُلْت : وَقَدْ ذَكَرَ حَدِيث عَائِشَة مُطَوَّلًا صَاحِب كِتَاب الْعَرُوس , وَاخْتَارَ أَنَّ اللَّيْلَة الَّتِي يُفْرَق فِيهَا كُلّ أَمْر حَكِيم لَيْلَة النِّصْف مِنْ شَعْبَان , وَأَنَّهَا تُسَمَّى لَيْلَة الْبَرَاءَة . وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْله وَالرَّدّ عَلَيْهِ فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع , وَأَنَّ الصَّحِيح إِنَّمَا هِيَ لَيْلَة الْقَدْر عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ .ا.هـ.
وقال الشنقيطي في " أضواءِ البيانِ " (7/319) : وقد بين تعالى أن هذه الليلةَ المباركةَ هي ليلةٌ القدرِ التي أنزل فيها القرآن من شهر رمضان في قوله تعالى : " شَهْر رَمَضَان الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآن " [ الْبَقَرَة : 185 ] .(1/9)
فدعوى أنها ليلةُ النصفِ من شعبان كما روي عن عكرمةَ وغيرهِ ، لا شك أنها دعوى باطلةٌ لمخالفتها لنص القرآن الصريحِ . ولا شك كل ما خالف فهو باطلٌ . والأحاديثُ التي يوردها البعضُ في أنها من شعبان المخالفة لصريح القرآنِ لا أساس لها ، ولا يصحُ سندُ شيء منها كما جزم به ابنُ العربي وغيرُ واحدٍ من المحققين . فالعجبُ كلُ العجبِ من مسلمٍ يخالفُ نصَ القرآنِ بلا مستندِ كتابٍ ولا سنة صحيحةٍ .ا.هـ.
3 – كما هو معلومٌ أن الأدعيةَ الثابتةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم هي من جوامعِ كلمهِ صلواتُ الله وسلامه عليه ، ودعاءُ كميل المزعوم لا تجدُ فيه مسحةَ جوامعِ كلمهِ صلى الله عليه وسلم لو فرضنا أن علياً نقلهُ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فما بالكم لو كان عن غيرِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم وبهذا الطولِ ؟! .
لا شك أنه يُردُ ولو لم يكن في كلماتهِ ما يستغربُ أو يخالفُ آدابَ الدعاءِ ، ودعاءُ كميل على عكس ذلك .
4 - يوجدُ الكثيرُ في دعاءِ كميل من الاعتداءِ في الدعاء ، وخذ هذا الكلام على سبيل المثال لا على سبيل الحصر : يا مولاي...فكيف يبقى في العذاب ، وهو يرجو ما سلف من حلمك..؟! ام كيف تولمه النار، وهو يأمل فضلك ورحمتك ..؟! ام كيف يحرقه لهيبها ، وأنت تسمع صوته وترى مكانه..؟! أم كيف بشتمل عليه زفيرها ، وأنت تعلم ضعفة..؟! أم كيف يتقلقل بين اطباقها ، وانت تعلم صدقه..؟! أم كيف تزجرة زبانيتها ، وهو يناديك يا ربه ..؟! أم كيف يرجو فضلك في عتقه منها ، فتتركه فيها..؟! هيهات ...
والله قال في كتابه في التحذيرِ من الاعتداءِ في الدعاءِ : " ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ " [ الأعراف : 55 ] .(1/10)
و عَنْ ابْنٍ لِسَعْدٍ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعَنِي أَبِي وَأَنَا أَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ ، وَنَعِيمَهَا ، وَبَهْجَتَهَا ، وَكَذَا وَكَذَا ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ ، وَسَلَاسِلِهَا ، وَأَغْلَالِهَا ، وَكَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : سَيَكُونُ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الدُّعَاءِ فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ إِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَ الْجَنَّةَ أُعْطِيتَهَا وَمَا فِيهَا مِنْ الْخَيْرِ ، وَإِنْ أُعِذْتَ مِنْ النَّارِ أُعِذْتَ مِنْهَا وَمَا فِيهَا مِنْ الشَّرِّ .
رواه أبوداود (1480) ، وابن ماجه (3864) ، وأحمد (1/171، 183) ، وقال الأرنؤوط في تخريجه للمسند (3/80) : حسن لغيره .
وصورُ الاعتداءِ في الدعاءِ كثيرةٌ ليس هذا مجال ذكرها ، ولكن يكفي العبارة التي جاءت في دعاءِ كميل .
5 - وكذلك في دعاءِ كميل من السجعِ المتكلفِ ما يكونُ سبباً من أسبابِ عدم استجابةِ الدعاءِ على فرضِ ثبوتهِ عن علي بن أبي طالب .
عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ... فَانْظُرْ السَّجْعَ مِنْ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ فَإِنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ يَعْنِي لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِكَ الِاجْتِنَابَ . رواه البخاري (6337) .
6 - وكذلك لفظة : يا سيدي الواردة في الدعاءِ ، تكلم عليها أهلُ العلمِ .
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في " الفتاوى " (1/207) : وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي عِمْرَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمَا أَنْ يَقُولَ الدَّاعِي : يَا سَيِّدِي يَا سَيِّدِي ، وَقَالُوا : قُلْ كَمَا قَالَتْ الْأَنْبِيَاءُ : رَبِّ رَبِّ .ا.هـ.(1/11)
وقال أيضاً في " الفتاوى " (10/285) : وَأَمَّا السُّؤَالُ فَكَثِيرًا مَا يَجِيءُ بِاسْمِ الرَّبِّ كَقَوْلِ آدَمَ وَحَوَّاءَ : " رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ " وَقَوْلِ نُوحٍ : " رَبِّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ " وَقَوْلِ مُوسَى : " رَبِّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي " وَقَوْلِ الْخَلِيلِ : " رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ " الْآيَةُ وَقَوْلِهِ مَعَ إسْمَاعِيلَ : " رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " وَكَذَلِكَ قَوْلُ الَّذِينَ قَالُوا : " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ .
وَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِك أَنَّهُ قَالَ : أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ : يَا سَيِّدِي يَا سَيِّدِي يَا حَنَّانُ يَا حَنَّانُ وَلَكِنْ يَدْعُو بِمَا دَعَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ ؛ رَبَّنَا رَبَّنَا نَقَلَهُ عَنْهُ العتبي فِي العتبية .ا.هـ.
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم عند شرح الحديث العاشر (1/274) : وسئل مالك وسفيان عمن يقول في الدعاء : يا سيدي ، فقالا : يقول : يا رب . زاد مالك : كما قالت الأنبياء .ا.هـ.
وفي هذا القدرِ كفايةٌ ، وفي الختامِ أجزمُ أن دعاءَ كُمَيْل لم ولن يثبت عن علي بنِ أبي طالب ، وإذا وجدتُ لاحقاً شيئاً يثري الموضوع وضعته إن شاء اللهُ تعالى .
23 - 12 - 1424 هـ
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/12)
سؤال عن تخريج حديث
هل قصة إبراهيم – عليه السلام- عندما ألقي في النار وجاءه جبريل فقال له ألك حاجة؟ ثابتة ؟ أرجو منكم التفصيل إن كان هناك تفصيل؟
الحمد لله وبعد ؛
روى الإمام الطبري في تفسيره عند قوله تعالى : " قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين " [ الأنبياء : 68 ] :
حدثنا الحسن ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا معتمر بن سليمان التيمي ، عن بعض أصحابه قال : جاء جبريل إلى إبراهيم عليهما السلام وهو يوثق أو يقمط ليلقى في النار ، قال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟ قال : أما إليك فلا .
وكما ترى السند فيه جهالة واضحة عن بعض أصحابه ، إلى جانب أنه ليس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلو كان مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن مقبولا ، فما بالك إذا كان مقطوعا ؟؟!!
رابط الموضوع
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4427
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/1)
سؤالٌ عن صحةِ روايةٍ في حديثِ المرأةِ التي كانت تقمُ المسجدَ
ما صحة هذا الحديث؟
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ان امرأة كانت تلقط القذى من المسجد فتوفيت فلم يؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدفنها فقال صلى الله عليه وسلم اذا مات لكم ميت فآذنونى وصلى عليها ثم قال انى رأيتها فى الجنة تلقط القذى من المسجد وقيل انه قال أن من أفضل العبادات عند الله قم المساجد رواه الطبرانى
أحد الإخوان أرسل لي هذا الحديث في رسالة، وأردت أن أعرف درجة صحته
جزاكم الله خيراً
الجواب :
أصل قصة المرأة التي كانت تقم المسجد في الصحيحين ونصها :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ ، أَوْ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ، كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ ؛ فَمَاتَ فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَقَالُوا : مَاتَ ، قَالَ : أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ ؟ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ ، أَوْ قَالَ : قَبْرِهَا ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا . رواه البخاري ، ومسلم .
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " :
قَوْله : ( أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوْ اِمْرَأَةً سَوْدَاءَ )(1/1)
الشَّكّ فِيهِ مِنْ ثَابِت ; لِأَنَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَة هَكَذَا , أَوْ مِنْ أَبِي رَافِع . وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حَمَّاد بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ : وَلَا أَرَاهُ إِلَّا اِمْرَأَة وَرَوَاهُ اِبْن خُزَيْمَة مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فَقَالَ اِمْرَأَةً سَوْدَاءَ وَلَمْ يَشُكَّ . وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ فَسَمَّاهَا " أَمّ مِحْجَن " وَأَفَادَ أَنَّ الَّذِي أَجَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سُؤَالِهِ عَنْهَا أَبُو بَكْر الصِّدِّيق . وَذَكَرَ اِبْن مِنْدَهْ فِي الصَّحَابَةِ " خَرْقَاءَ اِمْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ " وَوَقَعَ ذِكْرُهَا فِي حَدِيثِ حَمَّاد بْن زَيْد عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ , وَذَكَرَهَا اِبْن حِبَّانَ فِي الصَّحَابَةِ بِذَلِكَ بِدُونِ ذِكْرِ السَّنَدِ , فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهَذَا اِسْمُهَا وَكُنْيَتُهَا " أُمُّ مِحْجَنٍ " .ا.هـ.
وأما رواية الطبراني في الكبير (11/239) التي سألت عنها وهي :
عن ابن عباس أن امرأة كانت تلقط القذى من المسجد فتوفيت ، فلم يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم بدفنها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا مات فيكم ميت فآئذنوني وصلى عليها وقال : إني رأيتها في الجنة لما كانت تلقط القذي من المسجد .
قال الهيثمي في " المجمع " : رواه الطبراني في الكبير وقال في تراجم النساء: الخرقاء : السوداء التي كانت تميط الأذى عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر بعد هذا الكلام إسناداً عن أنس قال : فذكر الحديث.
ورجال إسناد أنس رجال الصحيح وإسناد ابن عباس فيه عبد العزيز بن فائد وهو مجهول. وقيل فيه: فائد بن عمر وهو وهم.(1/2)
قلت: وحديث أبي قرصافة في الباب قبل هذا في إخراج القمامة من المسجد وأنه مهور الحور العين.ا.هـ.
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7619
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
تخريج حديث : " سلمان منا آل البيت "
الحمد لله وبعد ؛
حديث : سلمان منا أهل البيت .
رواه الحاكم في المستدرك (3/598) ، والطبراني (6/261) من طريق كثير بن عبد الله المزني ، عن أبيه ، عن جده : أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خط الخندق عام حرب الأحزاب ، حتى بلغ المذاحج ، فقطع لكل عشرة أربعين ذراعا، فاحتج المهاجرون : سلمان منا ، وقالت الأنصار: سلمان منا. فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : فذكره .
قال الهيثمي في المجمع (6/130) : رواه الطبراني وفيه كثير بن عبد الله المزني وقد ضعفه الجمهور وحسن الترمذي حديثه، وبقية رجاله ثقات .ا.هـ.
وكثير بن عبد الله المزني قال عنه الحافظ الذهبي في الميزان (3/406) : قال ابن معين : ليس بشيء .
وقال الشافعي وأبو داود : ركن من أركان الكذب .
وضرب أحمد على حديثه .
وقال الدارقطني وغيره : متروك .
وقال ابو حاتم : ليس بالمتين .
وقال النسائي : ليس بثقة .
وقال ابن حبان : له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة .
وأما الترمذي فروى من حديثه : الصلح جائز بين المسلمين . وصححه فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي .
وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه .ا.هـ.
فقول الهيثمي : وقد ضعفه الجمهور لا يستقيم مع عبارات العلماء المذكورة آنفا .
ولذلك أورده العلامة الألباني في ضعيف الجامع (3272) وقال : ضعيف جدا .
وقال العلامة الألباني في الحاشية من ضعيف الجامع : قلت : وقد صح موقوفا على علي رضي الله عنه كما حققته في المصدر المذكور أعلاه .ا.هـ.
يقصد الشيخ بالمصدر المذكور الضعيفة (3704) .
والحديث الموقوف على علي في مسند الفردوس عن علي رضي الله عنه : سلمان منا أهل البيت ، وهو ناصح فاتخذه لنفسك .
وليس إسناده أمامي الآن ، ولكن الشيخ صححه موقوفا على علي .
وقد جاء الحديث برواية أخرى :(1/1)
عن أنس قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد إن الله تبارك وتعالى يحب ثلاثة من أصحابك يا محمد . ثم أتاه فقال : يا محمد إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة من أصحابك . قال أنس : فأردت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فهبته ، فلقيت أبا بكر فقلت : يا أبا بكر إني كنت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وإن جبريل صلى الله عليه وسلم قال : يا محمد إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة، فلعلك أن تكون منهم . ثم لقيت عمر بن الخطاب فقلت له مثل ذلك ، ثم لقيت علي بن أبي طالب فقلت له كما قلت لأبي بكر وعمر، فقال علي : أنا أسأله ، إن كنت منهم حمدت الله تبارك وتعالى ، وإن لم أكن منهم حمدت الله تبارك وتعالى . فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن أنساً حدثني أن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاك فقال : إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة من أصحابك ، فإن كنت منهم حمدت الله تبارك وتعالى ، وإن لم أكن منهم حمدت الله عز وجل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنت منهم أنت منهم ، وعمار بن ياسر ، وسيشهد مشاهد بين فضلها، عظيم أجرها ، وسلمان منا أهل البيت فاتخذه صاحباً ".
قال الهيثمي في المجمع (9/118) : قلت: روى الترمذي منه طرفاً. رواه البزار وفيه النضر بن حميد الكندي وهو متروك .ا.هـ.
فالحديث لا يثبت ، وإذا لم يثبت سقط الاستدلال به على أن سلمان من آل بيت النبي صلى الله عليه .
والله أعلم .
---
إضافة :
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
بعد خروج كتاب السلسلة الضعيفة - المجلد الثامن - قرأت تخريج الحديث ، والذي كان يهمني تخريج الحديث موقوفا على علي بن أبي طالب كما أشار إلى ذلك الشيخ الألباني - رحمه الله - في حاشية ضعيف الجامع .
وقد خرجه الشيخ الألباني - رحمه الله - في الموضع المشار من الضعيفة ، وسأنقل تخريج العلامة الألباني - رحمه الله - بنصه :
...(1/2)
نعم ؛ قد صح الحديث موقوفا على علي رضي الله عنه فها أنا أذكرها إن شاء الله تعالى .
الطريقُ الأولى : عن أبي البختري قال : قالوا لِعَليٍّ : أخبرنا عن سلمان ، قال : أدرك العلم الأول ، والعلم الآخر ، بحر لا ينزح قَعْرُه ، هو منا أهل البيت .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ، وابن سعد ، وأبو نعيم في " الحلية " ، وابن عساكر .
وإسناده صحيح على شرط الشيخين ، واسم أبي البختري سعيد بن فيروز .
الثانية : عن زاذان قال : سئل عليٌّ عن سلمان الفارسي ؟ فقال : ذاك أميرٌ منا أهل البيت ، مَنْ لكم بمثل لقمان الحكيم ، عَلِمَ العلم الأول ، وأدرك العلم الآخر ، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر ، وكان بحرا لا ينزف .
أخرجه ابن سعد ، والبغوي في " مختصر المعجم " ، ومن طريقه وطريق غيره : ابن عساكر .
ورجاله ثقات .
الثالثة : عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبي الأسود عنه .
أخرجه البغوي وابن عساكر ، وكذا أبو نعيم مقرونا بالطريق الثانية .
وله عن علي طريق آخر موقوفا عليه مختصرا في أثناء حديث لعبد الله بن سلام بلفظ : دعوه فإنه رجل منا أهل البيت . وسنده حسن .ا.هـ.
فالحديث لا يصح مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويصح موقوفا عن علي رضي الله عنه .
ومن له تعليق ، أو تعقيب ، أو إضافة فجزاه الله خيرا .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@148.AcYObhXEgLl^2@.ef14e1c
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
صحة حديث : إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم
الأخ أبو معاذ المكي .
إليك تخريج حديث : إذا فَسدَ أهلُ الشَّامِ فلا خَيرَ فيكُمْ .
روى الإمام أحمد في مسنده (3/436) :
حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ ، فَلَا خَيْرَ فِيكُمْ ، وَلَا يَزَالُ أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لَا يُبَالُونَ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ " .
ورواه الترمذي في سننه (2192) وقال :
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ : هُمْ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ ..... وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
قال صاحب تحفة الأحوذي :
( هُمْ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ )
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ : وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ . وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : وَأَخْرَجَ الْحَكَمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ أَحْمَدَ : إِنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ الْحَدِيثِ فَلَا أَدْرِي مَنْ هُمْ . وَمِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ مِثْلُهُ اِنْتَهَى .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : إِنَّمَا أَرَادَ أَحْمَدُ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَمَنْ يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ أَهْلِ الْحَدِيثِ .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ : وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ مُتَفَرِّقَةٌ بَيْنَ أَنْوَاعِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ شُجْعَانٌ مُقَاتِلُونَ , وَمِنْهُمْ فُقَهَاءُ , وَمِنْهُمْ مُحَدِّثُونَ , وَمِنْهُمْ زُهَّادٌ وَآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَاهُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ , وَمِنْهُمْ أَهْلُ أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ الْخَيْرِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا مُجْتَمِعِينَ بَلْ قَدْ يَكُونُونَ مُتَفَرِّقِينَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ .ا.هـ.(1/1)
والحديث صححه الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني في الصحيحة (403) .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@173.GwBpbhDdWNA^43@.ef14008/0.
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
طريقةُ المحدثينَ في التحذيرِ من حديثِ وبدعةِ التلقينِ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
إن من أسبابِ انتشارِ البدعِ بين الناسِ وفي كثيرٍ من بلادِ المسلمين نشرَ الأحاديثِ الضعيفةِ والمكذوبةِ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ، فيُخدعُ بها البسطاءُ والعامةُ ، ويروجُ لها أصحابُ الطرقِ والمآربِ الفاسدةِ .
قال الإمامُ الشاطبي في " الاعتصامِ " (1/287) : " فإن أمثالَ هذهِ الأحاديثِ – على ما هو معلومٌ – لا يبنى عليها حكمٌ ، ولا تُجعلُ أصلاً في التشريعِ أبداً ، ومن جعلها كذلك فهو جاهلٌ أو مخطىءٌ في نقلِ العلمِ ، فلم ينقل الآخذُ بشيءٍ منها عمن يعتمدُ به في طريقةِ العلمِ ، ولا طريقةِ السلوكِ " .ا.هـ.
ومن الأحاديثِ التي راجت وروج لها أصحابُ الطرقِ والمآربِ الفاسدةِ حديثُ تلقينِ الميتِ بعد دفنهِ ، وليتهم حققوا في صحةِ الحديثِ وبينوا عللهُ ، بل اعتمدوا في نشرِ بدعةِ التلقينِ على كلامِ بعضِ العلماءِ الذين لا نشكُ في جلالتهم ومنزلتهم ولكن الحق أحبُ إلينا منهم ، ورحم اللهُ الإمامَ ابنَ القيمِ عندما قال في صاحبِ كتابِ " منازلِ إياك نعبدُ وإياكَ نستعين " إسماعيلَ الهروي : " شيخُ الإسلامِ حبيبٌ إلينا ، والحقُ أحبُ إلينا منه ، وكلُ من عدا المعصومِ فمأخوذٌ من قولهِ ومتروك ، ونحن نحملُ كلامه على أحسنِ محامِله " .
ورحم اللهُ الإمامَ مالكٍ عندما قال : " كلٌ يؤخذُ من قولهِ ويرد إلا صاحبُ ذلك القبرِ " .
وفي هذا البحثِ سأنقلُ تخريجَ العلامةِ الألباني لحديثِ تلقينِ الميتِ بعد دفنهِ ، وحسبك بالشيخِ مرجعاً في علمِ الحديثِ ، وفي ثنايا تحقيقهِ للحديثِ ينقلُ الشيخُ – رحمهُ اللهُ – من تكلم فيه من العلماءِ ، وكذلك أنقلُ تخريجَ الشيخِ عمرو عبد المنعم سليم له ، واستدراكهُ لما فات الشيخ الألباني من تخريجٍ ؛ مع ذكرِ كلامِ العلماءِ المحققين المتجردين للحقِ في بدعةِ التلقينِ .
قاعدتان من قواعدِ معرفةِ البدعِ :(1/1)
وقبل الدخولِ والخوضِ في بيانِ حالِ حديثِ التلقينِ لا بد لنا من ذكرِ قاعدتين مهمتين من قواعدِ معرفةِ البدعِ .
القاعدةُ الأولى : ذكر الشيخُ محمدُ الجيزاني في " قواعد معرفة البدع " ( ص 67 ) القاعدةَ التي لها بموضوعنا وهي : " كلُ عبادةٍ تستندُ إلى حديثٍ مكذوبٍ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فهي بدعةٌ " .
وقال : " هذه القاعدةُ مبنيةٌ على أصلٍ عظيمٍ من أصولِ هذا الدينِ ، وهو أن الأصلَ في العباداتِ التوقيفِ ، ومعنى ذلك أن الأحكامَ الشرعيةَ والتعبدات لا تثبت إلا بالأدلةِ الصحيحةِ المعتبرةِ من الكتابِ والسنةِ . أما الأحاديثُ المكذوبةُ على رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فإنها ليست من سنتهِ صلى اللهُ عليه وسلم فالعمل به يكونُ بدعةً ؛ إذ هو تشريعٌ نا لم يأذن به اللهُ " .ا.هـ.
قال الشاطبي في " الاعتصامِ " (2/16) : " والأحاديثُ الضعيفةُ الإسنادِ لا يغلبُ على الظنِ أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قالها ، فلا يمكن أن يُسْنَد إليها حُكمٌ ، فما ظنك بالأحاديثِ المعروفةِ الكذب ؟! نعم ؛ الحاملُ على اعتمادها في الغالبِ إنما هو ما تقدم من الهوى المتبع " .ا.هـ.
القاعدةُ الثانيةُ : جاء في " قواعد معرفة البدع " ( ص 68) ما نصه : " كلُ عبادةٍ تستندُ إلى الرأي المجردِ والهوى فهي بدعةٌ ؛ كقولِ بعضِ العلماءِ أو العُبَّادِ أو عاداتِ بعضِ البلادِ أو بعضِ الحكاياتِ والمناماتِ " .
والذي يهمنا من هذه القاعدة قولهُ : " أو عادات بعضِ البلادِ " ، فبعضُ العلماءِ استدل بالتلقينِ بعد الموتِ بعملِ بلادِ الشامِ لها كما سيأتي معنا .
قال الشاطبي في " الاعتصامِ " (2/135) : " وبذلك كلهِ يُعلمُ من قصدِ الشارعِ : أنه لم يكل شيئاً من التعبداتِ إلى آراءِ العبادِ ، فلم يبق إلا الوقوفُ عند ما حدَّهُ " .ا.هـ.(1/2)
وقال الطرطوشي في " الحوادثِ والبدعِ " (73 – 74) : " وأما من تعلق بفعلِ أهلِ القيروان فهذا غبي يستدعي الأدب دون المراجعةِ .
فنقولُ لهولاءِ الأغبياءِ : إن مالكَ بنَ أنسٍ رأى إجماعَ أهلِ المدينةِ حجةً ، فردَّهُ عليه سائرُ فقهاءِ الأمصارِ ، وهذا هو بلدُ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ، وعرصة الوحي ، ودار النبوة ، ومعدن العلم ، فكيف بالقيروان " .ا.هـ.
فهاتان القاعدتان لا بد منهما لأن مستند المتعلقين بالتلقين على الحديثِ الواردِ ، وعمل بلادِ الشامِ بهِ .
نصُ الحديث وتخريجهُ :
عن أبي أمامةَ رضي اللهُ عنه قال : قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم : " إذا مات الرجل فدفنتموه فليقم أحدكم عند رأسه فليقل : " يا فلان ابن فلانة ! " ، فإنه سيسمع ، فليقل : " يا فلان ابن فلانة ! " ، فإنه سيستوي قاعداً " ، فليقل : " يا فلان ابن فلانة ! " ، فإنه سيقولُ له : " أرشدني رحمك الله ! " ، فليقل : " اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور . فإن منكراً ونكيراً عند ذلك كل واحد يأخذ بيد صاحبه ويقول : " قم ، ما تصنعُ عند رجلٍ لقن حجته ؟ " ، فيكونُ اللهُ حجيجهما دونه.
قال العلامةُ الألباني في " الضعيفةِ " (599) : " منكرٌ : أخرجهُ القاضي الخلعي في " الفوائدِ " (55/2) عن أبي الدرداء هاشم بنِ محمدٍ الأنصاري : ثنا عتبةُ بنُ السكنِ ، عن أبي زكريا ، عن جابرِ بنِ سعيدٍ الأزدي قال : " دخلتُ على أبي أمامةَ الباهلي وهو في النزعِ ، فقال لي : " يا ابا سعيدٍ إذا أنا متُ فاصنعوا بي كما أمر رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم أن نصنعَ بموتانا فإنه قال : " فذكرهُ ... "
قلتُ : وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جداً ، لم أعرف أحداً منهم غيرَ عتبةَ بنِ السكن ، قال الدارقطني : " متروكُ الحديثِ " ، وقال البيهقي : " واهٍ منسوبٌ إلى الوضعِ " .(1/3)
والحديثُ أورده الهيثمي (3/45) عن سعيدِ بنِ عبدِ اللهِ الأزدي قال : " شهدتُ أبا أمامةَ ... الحديث . وقال : " رواهُ الطبراني في " الكبيرِ " وفي إسنادهِ جماعةٌ لم أعرفهم " .
قلتُ : فاختلف اسم الرواي عن أبي أمامةَ ففي روايةِ الخلعي أنهُ جابرُ بنُ سعيدٍ الأزدي ، وفي روايةِ الطبراني أنه سعيدُ بنُ عبدِ اللهِ الأزدي ، وهذا أوردهُ ابنُ أبي حاتمٍ (2/1/76) فقال : " سعيدٌ الأزدي " لم ينسبهُ لأبيهِ ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، فهو في عداد المجهولين ، فالعجبُ من قولِ الحافظِ في " التلخيصِ " (5/243) بعد أن عزاهُ للطبراني : " وإسنادهُ صالحٌ ، وقد قواهُ الضياءُ في " أحكامهِ " ، وأخرجهُ عبدُ العزيزِفي " الشافي " ، والرواي عن أبي أمامةَ سعيدٌ الأزدي بَيَّضَ له ابنُ أبي حاتمٍ " !
فأنى لهذا الإسنادِ الصلاح والقوة وفيه هذا الرجلُ المجهولُ ؟ بل فيه جماعةٌ آخرون مثلهُ في الجهالةِ كما يشيرُ إلى ذلك كلامُ الهيثمي السابقِ ، وهذا كلهُ إذا لم يكن في إسنادِ الطبراني عتبةُ بنُ السكنِ المتهم ، وإلا فقد سقط الإسنادُ بسببهِ من أصلهِ ! وقد قال النووي في " المجموعِ " بعد أن عزاهُ للطبراني : " وإسنادهُ ضعيفٌ . وقال ابنُ الصلاحِ : " ليس إسنادهُ بالقائمِ " .
وكذلك ضعفهُ الحافظُ العراقي في " تخريجِ الإحياءِ " (4/420) ، وقال ابنُ القيمِ في " الزادِ " (1/206) : " لا يصحُ رفعهُ " .
واعلم أنه ليس للحديثِ ما يشهدُ له ، وكل ما ذكرهُ البعضُ إنما هو أثرٌ موقوفٌ على بعضِ التابعين الشاميين لا يصلحُ شاهداً للمرفوعِ بل هو يُعِلُّهُ ، وينزلُ به من الرفعِ إلى الوقفِ ... وجملةُ القولِ أن الحديثَ منكرٌ عندي إن لم يكن موضوعاً ... " .ا.هـ.
فهذا هو حالُ الحديثِ من كلامِ العلامةِ الألباني رحمهُ اللهُ .(1/4)
وتكميلاً للتخريجِ فقد قال الشيخُ عمرو عبد المنعم سليم في " صونِ الشرعِ الحنيفِ ببيانِ الموضوعِ والضعيفِ " (2/232 – 235 رقم 373) : " موضوع : أخرجهُ الطبراني في الكبيرِ (8/298) : حدثنا أبو عقيل أنسُ بنُ سلمٍ الخولاني ، حدثنا محمدُ بنُ إبراهيمَ بنِ العلاءِ الحمصي ، حدثنا إسماعيلُ بنُ عياشٍ ، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ القرشي ، عن يحيى بنِ أبي كثيرٍ ، عن سعيدِ بنِ عبدِ اللهِ الأودي ، قال : " شهدتُ أبا أمامةَ في النزعِ فقال : " إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم فقال : " .... فذكرهُ .
وزاد في آخرهِ : فقال رجلٌ : " يا رسولَ اللهِ ، فإن لم يُعرف أمهُ ؟ " ، قال : " فينسبهُ إلى حواء ، يا فلانَ بنَ حواء " .
قال الهيثمي في " المجمعِ " (3/45) : " في إسنادهِ جماعةٌ لم أعرفهم " .
وأما تلميذهُ الحافظُ ابنُ حجرٍ ، فقد أبعد في الحكمِ إذ يقولُ في " التلخيصِ " (2/135 – 136) : " إسنادهُ صالحٌ ، وقد قواهُ الضياءُ في أحكامهِ " .
فإن هذا السند واهٍ جداً ، بل هو موضوعٌ ، وكذا لوائحُ الوضعِ ظاهرةٌ على المتنِ ، باديةٌ عليهِ .
والحملُ في هذا الإسنادِ على ممدِ بنِ إبراهيمَ بنِ العلاءِ الحمصي الشامي ، فقد كذبهُ الدارقطني ، وقال ابنُ حبان : " يضعُ الحديثَ " ، وقال الحاكمُ والنقاشُ : " روى أحاديث موضوعةً " .
وشيخُ إسماعيلَ بنِ عياشٍ هذا لم أقف له على ترجمةٍ ، إلا أن روايةَ إسماعيل عن غيرِ الشاميين ضعيفةٌ ، وهذه منها ، وأما سعيدُ بنُ عبدِ اللهِ الأودي – كذا عند الطبراني ، وفي " التلخيصِ " ، و" الجرحِ والتعديلِ " الأزدي – ذكرهُ ابنُ أبي حاتمٍ في كتابهِ وبيض له ، والأقرب عندي أنه مجهولُ العينِ ، قد تفرد بالروايةِ عنه يحيى بنُ أبي كثيرٍ ، ولم أجد عنه راوياً عنه غيرهُ .(1/5)
وكذلك فشيخُ الطبراني مستورٌ ، لم يتعرض له أحدٌ بجرحٍ ولا تعديلٍ ، وقد ترجمهُ ابنُ عساكرٍ في " تاريخِ دمشق " ، وأورده الذهبي في " تاريخِ الإسلامِ " .
ووجدتُ له طريقاً آخر عند الخلعي في " الفوائد " ...
ونقل الشيخُ عمرو عبد المنعمِ كلامَ الشيخِ الألباني في " الضعيفةِ " في عتبةَ بنِ السكنِ ، ثم قال : " قلتُ – عمرو عبد المنعم - : هذا كافٍ للحكم على حديثهِ بالوضعِ ، لا سيما مع شدةِ نكارةِ المتنِ ، بل والسندِ ، فإن الحديثَ لا يُعرفُ إلا من طريقِ إسماعيلَ بنِ عياشٍ ، وقد رواهُ عنهُ ذلك الوضاعُ ، ولا يُستبعدُ أن يكونَ أحدُ الرواةِ قد سرقهُ ، فأنشأ له هذا السند ، ودلس اسم راويهِ عن أبي أمامةَ ، فقال : جابرُ بنُ سعيدٍ الأزدي ، وهذا متاحٌ .
ثم وجدتُ الشيخَ – رحمهُ اللهُ – قد حكم على الحديثِ بالنكارةِ ، مع ما في سند الخلعي ، ولم يتنبه إلى العلةِ الحقيقيةِ في سند الطبراني ، ألا وهي محمدُ بنُ إبراهيمَ بنِ العلاءِ .
وله متابعةٌ معضلةٌ عند سعيدِ بنِ منصورٍ – كما في " التلخيصِ " – من طريقِ راشدِ بنِ سعدٍ ، وضمرةَ بنِ حبيبٍ وغيرهما ، قالوا : " إذا سوي على الميتِ قبرهُ ، وانصرف الناسُ عنه ، كانوا يستحبون أن يقال للميتِ عند قبرهِ : " يا فلانُ قل : لا إله إلا الله ، قل : أشهدُ أن لا إله إلا الله ، ثلاث مراتٍ ، قل : ربي اللهُ ، وديني الإسلامُ ، ونبيي محمد ، ثم ينصرف " .
قلتُ : وهذا ظاهرُ الإعضالِ ، بل هو لم يرفعهُ لا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا نسبهُ إلى أحدٍ من الصحابةِ " .ا.هـ.(1/6)
وقال الصنعاني في " سبلِ السلامِ " (2/772) عند شرحهِ لحديثِ : " ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحَدِ التَّابِعِينَ - قَالَ : كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إذَا سُوِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْرُهُ ، وَانْصَرَفَ النَّاسُ عَنْهُ . أَنْ يُقَالَ عِنْدَ قَبْرِهِ : يَا فُلَانُ ، قُلْ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، يَا فُلَانُ : قُلْ رَبِّي اللَّهُ ، وَدِينِي الْإِسْلَامُ ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ ، رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مَوْقُوفًا .
وَقَالَ فِي الْمَنَارِ : إنَّ حَدِيثَ التَّلْقِينِ هَذَا حَدِيثٌ لَا يَشُكُّ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ فِي وَضْعِهِ ، وَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ فَالْمَسْأَلَةُ حِمْصِيَّةٌ ، وَأَمَّا جَعْلُ " اسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ يُسْأَلُ " شَاهِدًا لَهُ - فَلَا شَهَادَةَ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ أَمَرَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِالْوُقُوفِ عِنْدَ قَبْرِهِ مِقْدَارَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ لِيَسْتَأْنِسَ بِهِمْ عِنْدَ مُرَاجَعَةِ رُسُلِ رَبِّهِ لَا شَهَادَةَ فِيهِ عَلَى التَّلْقِينِ " .ا.هـ.
وقال الحافظُ ابنُ حجرٍ كما نقل عنه ابنُ علان في " الفتوحات الربانية " (4/196) : " هذا حديثٌ غريبٌ ، وسندُ الحديثِ من الطريقين ضعيفٌ جداً " .ا.هـ.
وقد حكى السيوطي في " الحاوي " اتفاقَ المحدثين على تضعيف الحديثِ فقال : " فلأن التلقينَ لم يثبت فيه حديثٌ صحيحٌ ولا حسنٌ بل حديثهُ ضعيفٌ باتفاقِ المحدثين " .ا.هـ.
وللبحثِ بقيةٌ ...
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/7)
هل ثبت حديث في " فرقعة الأصابع في الصلاة"
السؤال :
هل ورد شيئ صريح وصحيح في النهي عن << فرقعة الأصابع >> في الصلاة أو غيرها ؟!
الجواب :
لم يثبت في فرقعة الأصابع في الصلاة حديث . والله أعلم .
قال الزيلعي في " نصب الراية " :
الحديث التسعون: قال عليه السلام : "لا تفرقع أصابعك وأنت تصلي" .
قلت: أخرجه ابن ماجه في "سننه" عن الحارث عن علي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم، قال له : " لا تفرقع أصابعك وأنت في الصلاة "، انتهى.
وهو معلول بالحارث (1) ، أخرجه في " باب ما يكره في الصلاة (2) ".
-ومن أحاديث الباب : ما أخرجه أحمد في "مسنده". والدارقطني في "سننه". والطبراني في "معجمه" عن ابن لهيعة عن زبّان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه معاذ بن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال: " الضاحك في الصلاة ، والملتفت ، والمفرقع أصابعه بمنزلة واحدة "، انتهى .
وأخرجه الطبراني أيضاً عن رشدين بن سعد عن زبّان بن فائد به ، وهو حديث ضعيف ، فإن ابن لهيعة. وزبّان بن فائد. ورشدين بن سعد. وسهل بن معاذ، كلهم ضعفاء، والدارقطني أورده في حديث القهقهة، محتجاً به على أن الضحك في الصلاة لا ينقض الوضوء.
(1) الحارث الأعور ضعيف.
(2) أحمد في "مسنده" ص 438 - ج 3، والدارقطني: ص 64، وقال في "الزوائد" ص 79 - ج 2: فيه ابن لهيعة، وفيه كلام عن زبان بن فائد، وهو ضعيف.ا.هـ.
وخرج حديث علي عند ابن ماجه العلامة الألباني في " الإرواء " (378) وقال : ضعيف جدا ... وروى ابن أبي شيبة عن شعبة مولى ابن عباس قال : " صليت إلى جنب ابن عباس ففقعت أصابعي ، فلما قضيت الصلاة قال : " لا أم لك تفقع أصابعك وأنت في الصلاة ؟ ! " . وسنده حسن .ا.هـ.
وقال الشيح بكر أبو زيد في " التحديث بما قيل : لا يصح فيه حديث " ( ص 65) :
63 - قعقعة الأصابع في الصلاة : لا يصح فيه شيء مرفوعا .ا.هـ.(1/1)
وفرقعة الأصابع في الصلاة مكروهة في المذاهب الأربعة . وأما خارج الصلاة فقد كرهها بعض أهل العلم .
رابط الموضوع
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=9950
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
سؤالٌ وجوابٌ يتعلق بقصة
حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه
الأخ والشيخ علوي السقاف - حفظه الله -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كثر الكلام والنقاش بين بعض الرواد في أنا المسلم عن قصة حاطب بن أبي بلتعة عندما أرسل برسالة إلى كفار قريش مع المرأة التي حملت الرسالة فلحق بها بعض الصحابة بأمر من الرسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك عن طريق الوحي . وقد اختلف المناقشون في الحكم على حاطب هل يعد فعله الذي قام به من النفاق الأكبر أم من النفاق الأصغر ؟
ونرغب منكم حفظكم أن تبينوا لنا بما يفتح الله عليكم في هذه المسألة بياناً شافياً وافياً .
وجزاكم الله خيرا
محبكم في الله : عبد الله زقيل
--------------------------------------------
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اعلم أخي الكريم - وفقني الله وإياك - أنَّ هذه المسألة - أعني هل فعل حاطب رضي الله عنه يُعدُّ كفراً أم لا ؟ - من مسائل الاجتهاد التي يسوغ فيها الخلاف ، وأصل منشأ الخلاف هو:
هل الموالاة بجميع صورها تُعدُّ كفراً أم أنَّ منها ما هو كفر ومنها ما دون ذلك؟
وهل هناك فرقٌ بين الموالاة والتولي ؟
وهل قوله تعالى : " وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ " [ المائدة : 51] أي كافر مثلهم ، أم هو كقوله صلى الله عليه وسلم : مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ . ومعلوم أن ليس كلُّ تشبه بالكفار يعد كفرا ، فإذا علمت ذلك تبين لك خطأ من يجعل هذه المسألة من مسائل العقيدة ويخطِّيء أو يبدع من لم يقل بقوله ، فإما جعله مرجئاً أو خارجياً، وهذا مما ابتليت به الأمة في الآونة الأخيرة .
أما مسألة الموالاة والمعاداة ومظاهرة الكافرين على المسلمين فهي من مسائل العقيدة بل أصل من أصول التوحيد ، وأما تكفير حاطب - رضي الله عنه - فلم يقل به أحدٌ من أهل السنة فهو صحابي بدري قد وجبت له الجنة ، وإليك البيان بشيء من الإيجاز والاختصار :(1/1)
الموالاة : أصلها الحب كما أن المعاداة أصلها البغض ، وتكون بالقلب والقول والفعل ، ومن الموالاة النصرة والتأييد ، فمن جعل الموالاة نوعاً واحداً مرادفاً لمظاهرة الكافرين عدَّ فعل حاطب - رضي الله عنه - كفراً ، ومن جعلها صوراً مختلفة وأدخل فيها : مداهنتهم ومداراتهم ، واستعمالهم ، والبشاشة لهم ومصاحبتهم ومعاشرتهم وغيرها من الصور ؛ جعلها نوعين موالاة مطلقة عامة أو كبرى ، وموالاة خاصة دون موالاة .
ومن هؤلاء من عدَّ فعل حاطب - رضي الله عنه - من النوع الأول ، ومنهم من عَدَّه من النوع الثاني ، وأكثر العلماء على أن الموالاة نوعان : مُكفِّرة وغير مُكفِّرة ، وسواء قلنا هما نوعان أو نوع واحد فالذي يهمنا هنا هو هل فعل حاطب - رضي الله عنه - من النوع المُكفِّر أم لا ؟ - وسيأتي - ، كما أنَّ منهم من فرَّق بين الموالاة والتولي وجعل التولي موالاة مطلقة ومنهم عددٌ من علماء الدعوة النجدية ، وهناك من لم يفرق بينهما كالشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسيره وهذا أقرب والله أعلم ، وعلى كلٍ فهذه مصطلحات لا مشاحة فيها ، لأن الذين فرَّقوا بينهما يعنون بالتولي الموالاة المطلقة وأنها كفر ولا يقولون بتولي غير مُكفِّر بل يقولون أن هناك موالاة غير مُكفِّرة فآل الأمر إلى وجود موالاة مُكفِّرة يسميها البعض تولي وأخرى غير مُكفِّرة وهذا كله على قول من يقسم الموالاة إلى قسمين .
وعمدة من يقول أن الموالاة نوع واحد وأنها كفر ، قوله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ " [ المائدة : 51] ، وقوله تعالى: " وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " [ التوبة : 23] قالوا لم ترد الموالاة في القرآن إلا بوصف الكفر، قال ابن جرير : ومن يتولى اليهود والنصارى دون المؤمنين فإنه منهم ، يقول : فإن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم ، فإنه لا يتولى متولٍ أحداً إلا هو به وبدينه .(1/2)
وقال ابن حزم في " المحلى " (11/138) : وصح أنَّ قول الله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ " [ المائدة : 51] إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط ، وهذا حقٌ لا يختلف فيه اثنان من المسلمين .
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في " مجموع الفتاوى " (1/274): وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم . ثم استشهد بالآيتين السابقتين .
هذه مقدمة لابد منها قبل الإجابة على سؤال : هل فعل حاطبٍ - رضي الله عنه - كان كفراً أم لا ؟
واعلم أن قصة حاطب - رضي الله عنه - رواها البخاري في الصحيح (3007،4272،4890،6259 ) ومسلم في الصحيح (4550) وأبو داود في السنن (3279) والترمذي في السنن (3305) وأحمد في المسند (3/350) وأبو يعلىفي المسند (4/182) وابن حبان في صحيحه (11/121) والبزار في مسنده (1/308) والحاكم في المستدرك (4/87) والضياء في الأحاديث المختارة (1/286) وغيرهم ، وقد جمعت لك ما صح من رواياتهم في سياق واحد - وأصلها من صحيح البخاري - ليسهل تصور القصة واستنباط الأحكام منها ، والذي يهمنا منها ألفاظ حاطب وعمر رضي الله عنهما أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ،(1/3)
فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ ، وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ قَالَ : انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا : الْكِتَابُ . فَقَالَتْ : مَا مَعَنَا كِتَابٌ فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا فَقُلْنَا : مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ فَلَمَّا رَأَتْ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْهُ فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ عُمَرُ : "يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ " " دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ " " فَإِنَّهُ قَدْ كَفَرَ " فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْت ؟ .(1/4)
قَالَ حَاطِبٌ : " وَاللَّهِ مَا بِي أَنْ لا أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " " وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي وَلا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلام " " وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا " " وَمَا غَيَّرْتُ وَلا بَدَّلْتُ "ِ " مَا كَانَ بِي مِنْ كُفْرٍ وَلا ارْتِدَادٍ " " أَمَا إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا نِفَاقًا قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ مُظْهِرٌ رَسُولَهُ وَمُتِمٌّ لَهُ أَمْرَهُ " " فقلت أكتب كتاباً لا يضر الله ولا رسوله " أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِه . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَ وَلا تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا . فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ . فَقَالَ: أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَال:َ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمْ الْجَنَّةُ ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
فأنت ترى أنَّ حاطباً - رضي الله عنه - شعر بخطئه في إفشاء سر رسول الله صلى الله عليه وسلم وموالاته لكفار قريش ، وظهر له أنَّ هذا كفرٌ وردة لكنه يعلم من نفسه أنه لم يفعله ارتداداً عن دين الله فقال: ولم أفعله إرتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام ، وما غيرت ولا بدلت - أي ديني - أما إني لم أفعله غشاً يا رسول الله ولا نفاقاً .(1/5)
إذن هذا العمل بمجرده يُعَدُّ كفراً وارتداداً وغشاً ونفاقاً ، وكأنه - رضي الله عنه - ذُهل عن هذا الأمر أثناء الوقوع في المعصية بعذر قدَّمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله : " أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي " .
فإمَّا أن يقال كان جاهلاً وما تبين له هذا إلا بعد أن استجوبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو يقال كان - رضي الله عنه - متأولاً وهذا أصوب بدليل أنه قال كما صحت به رواية أحمد وأبو يعلى وابن حبان : " أَمَا إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلا نِفَاقًا قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ مُظْهِرٌ رَسُولَهُ وَمُتِمٌّ لَهُ أَمْرَهُ " فهو يعلم أن المولاة كُفر لكنه لا يَعِدُّ ما فعله موالاة - تأولاً - لثقته أن الله ناصرٌ رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكما صحت به رواية البزار والحاكم والضياء من قوله : " كان أهلي فيهم فخشيت أن يغيروا عليهم فقلت أكتب كتاباً لا يضر الله ولا رسوله " فهو لثقته الكبيرة بربه ونصره لرسوله صلى الله عليه وسلم وأن كتابه سيفرحُ به كفار قريش ويحموا له أهله لكن لن يضر الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ، لذلك قال الحافظ في الفتح (8/634): " وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ مُنَافِقًا لِكَوْنِهِ أَبْطَنَ خِلاف مَا أَظْهَرَ , وَعُذْر حَاطِب مَا ذَكَرَهُ , فَإِنَّهُ صَنَعَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلاً أَنْ لا ضَرَر فِيهِ " ، ويؤكد ذلك لفظ الخطاب - إن صح - فقد قال الحافظ في الفتح (4274 ) : " وَذَكَرَ بَعْض أَهْل الْمَغَازِي وَهُوَ فِي " تَفْسِير يَحْيَى بْن سَلام" أَنَّ لَفْظ الْكِتَاب : " أَمَّا بَعْد يَا مَعْشَر قُرَيْش فَإِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَكُمْ بِجَيْشٍ كَاللَّيْلِ , يَسِير كَالسَّيْلِ , فَوَاَللَّهِ لَوْ جَاءَكُمْ وَحْدَهُ لَنَصَرَهُ اللَّه وَأَنْجَزَ لَهُ وَعْده .(1/6)
فَانْظُرُوا لأَنْفُسِكُمْ وَالسَّلام " كَذَا حَكَاهُ السُّهَيْلِيُّ " وفيه كما ترى تخذيل وتخويف لقريش ، كلُّ ذلك جعل حاطب -رضي الله عنه - يتأول أن ليس في هذا موالاة لكفار قريش وكيف يواليهم وهوالصحابي البدري ؟!
والواقع أن قصة حاطب وقصة قدامة ابن مظعون - رضي الله عنهما- الذي استباح شرب الخمر متأولاً أنه لا جناح على الذين آمنوا أن يطعموها من أفضل ما يمكن أن يستشهد به على أنَّ التأويلَ مانعٌ من موانع التكفير .
أمَّا عمر - رضي الله عنه - فقد كفَّر حاطباً أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ حاطباً لم يفعل الكفر، بل بيَّن له أنَّ حاطباً كان صادقاً ولم يكفر ، ومعلوم لديك أنَّ ثَمَّتَ فرقٌ بين الحكم على الفعل بالكفر وتكفير المعين الذي صدر منه الكفر، وهذا مبسوط في كتب العقائد والتوحيد ، وقد وصف عمر حاطباً - رضي الله عنهما - بأوصاف ثلاثة يكفي الواحدُ منها للقول بأنه كفَّره ، فوصفه بأنه : منافق ، كفر ، خان الله ورسوله ؛ وعمر - رضي الله عنه - وإن كان قد أخطأ في تكفير حاطب - رضي الله عنه - إلا أنَّ خطأه مغفورٌ له لأنه ناتج عن غيرة لله ورسوله وهذا معروف عن عمر - رضي الله عنه - ولأنه حكم بالظاهر وهذا هو الواجب على المسلم ، ولم يكلفنا الله بالبواطن .
قال ابن حزم في " الفصل " (3/143): " وقد قال عمر رضي الله عنه - بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم - عن حاطب : دعني أضرب عنق هذا المنافق . فما كان عمر بتكفيره حاطباً كافراً بل كان مخطئاً متأولاً " .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية(3/282): " إذا كان المسلم متأولاً في القتال أو التكفير لم يكفر بذلك " . ثم استشهد بتكفير عمر لحاطب - رضي الله عنهما - .(1/7)
أمَّا تصديق النبي صلى الله عليه وسلم لحاطب فليس فيه دلالة على أنَّه لم يفعل الكفر بل فيه أنَّه لم يكفر ولم يرتد لأن عمر - رضي الله عنه - قال عنه أنه كفر ونافق وخان الله ورسوله وحاطب يقول لم أكفر ولم أرتد وما غيرت وما بدلت - أي ديني - فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم في أنه لم يكفر ولم يرتد ، أمَّا قتله وعقوبته فقد شفع له فيها شهوده بدراً .
إذا علمت ذلك ، فاعلم أنَّ هناك من العلماء من عَدَّ ما بدر من حاطب - رضي الله عنه - من الموالاة الخاصة غير المكفِّرة ، ومن هؤلاء : شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في مجموع الفتاوى (7/523) : " وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنباً ينقص به إيمانه ولا يكون به كافراً ، كما حصل من حاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل الله فيه : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ " [ الممتحنة :1]
والشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ كما في " عيون الرسائل والأجوبة على المسائل" (1/179) .
لكن ليُعلم أنَّ هذا النوع من الموالاة شيء ومظاهرة المشركين على الكافرين ونصرتهم وتأيدهم والقتال معهم شيء آخر ، فكما سبق في أول الحديث أنَّ هذا كفر وردة والعياذ بالله ويكون بالقول والفعل كما يكون بالاعتقاد .
قال الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب في نواقض الإسلام :
الثامن : " مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين ، والدليل قوله تعالى : " وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " [ المائدة :51](1/8)
وقال الشيخ حمد بن عتيق في " الدفاع عن أهل السنة والاتِّباع " (ص32) : " وقد تقدم أنَّ مظاهرة المشركين ودلالتهم على عورات المسلمين أو الذب عنهم بلسان ٍ أو رضى بما هم عليه ، كل هذه مُكفِّرات ممن صدرت منه من غير الإكراه المذكور فهو مرتد ، وإن كان مع ذلك يُبْغض الكفار ويحب المسلمين" .
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " (1/274): " وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم " .
والخلاصة :
أنْ نقول إنَّ حاطباً - رضي الله عنه - حصل منه نوع موالاةٍ للكفار ، فمن قال أنَّ الموالاة كلها كفر قال إنه وقع في الكفر ولم يكفر لأنه كان متأولاً ، ومن قال أنَّ هناك موالاة مُكفِّرة وموالاة غير مُكفِّرة عدَّ ما بدر منه - رضي الله عنه - من النوع غير المُكفِّر ، وليعلم أنه لم يقل أحدٌ من أهل السنة أنَّ حاطباً - رضي الله عنه - كَفَر ، أو أنَّ ما صدر منه ليس موالاةً أو ذنباً ، أو أنَّ مظاهرة الكافرين على المسلمين ليست كفراً ، فكلُّ ذلك متفقون عليه فلا ينبغي أنَّ يحدث نوع خلافٍ وشرٍ فيما كان من مسائل الاجتهاد طالما أنَّ الجميع متفقون على مسائل الاعتقاد .
ولذلك لَمَّا سئل الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ عن مسألة سبَبت خلافاً بين أهل السنة في زمانه عن الموالاة والمعاداة هل هي من معنى لا إله إلا الله ، أو من لوازمها ؟(1/9)
أجاب : " الجواب أنَّ يقال : الله أعلم ، لكن بحسب المسلم أنَّ يعلم أنَّ الله افترض عليه عداوة المشركين ، وعدم موالاتهم ، وأوجب عليه محبة المؤمنين وموالاتهم ، 000 وأمَّا كون ذلك من معنى لا إله إلا الله أو لوازمها ، فلم يكلفنا الله بالبحث عن ذلك ، وإنما كلفنا بمعرفة أنَّ الله فرض ذلك وأوجبه ، وأوجب العمل به ، فهذا هو الفرض والحتم الذي لا شك فيه ، فمن عرف أنَّ ذلك من معناها ، أو من لازمها ، فهو خير ، ومن لم يعرفه ، فلم يُكلف بمعرفته ، لاسيما إذا كان الجدل والمنازعة فيه مما يفضي إلى شرٍ واختلافٍ ، ووقوع فرقة بين المؤمنين الذين قاموا بواجبات الإيمان ، وجاهدوا في الله وعادوا المشركين ووالوا المسلمين ، فالسكوت عن ذلك متعين " انتهى كلامه. انظر: " مجموعة التوحيد " (ص69)
والله أعلم ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
____________________________________
جزى الله الشيخ علوي السقاف على هذا البيان لهذه المسألة .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/10)
كَمَا تَكُونُوا يُولَّى عَلَيْكُم
الحمد لله وبعد .
نسمع كثيرا عبارة : " كَمَا تَكُونُوا يُولَّى عَلَيْكُم "
فهل هذه العبارةُ حديثٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟
وما درجته إن كان حديثا نبويا من جهة الصحة والضعف ؟
جاءت هذه العبارة مرفوعةً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من طريقين :
- الطريق الأولى :
روى القضاعي في مسند الشهاب (1/336) من طريق الكرماني بن عمرو ، ثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثم كما تكونون يولى أو يؤمر عليكم .
وفي هذا السند المبارك بن فضالة ، قال الحافظ ابن حجر في التقريب : صدوق يُدلِّس ويُسوي . وتدليس التسوية من أسوء أنواع التدليس .
وقد تكلم عدد من أهل العلم في روايته عن الحسن البصري .
قال نعيم بن حماد عن عبد الرحمن بن مهدي : لم نكتب للمبارك شيئا إلا شيئا يقول فيه : سمعت الحسن . وفي هذا السند لم يقل المبارك بن فضالة : حدثنا .
قال المناوي في فيض القدير عن هذا السند (5/47) :
قال ابن طاهر : والمبارك وإن ذكر بشيء من الضعف فالعمدة على من رواه عنه فإن فيهم جهالة .ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في تخريجه لأحاديث الكشاف (1/345) :
رواه القضاعي في مسند الشهاب وفي إسناده إلى مبارك مجاهيل .ا.هـ.
وقال العجلوني في كشف الخفاء (2/166) : وأخرجه ابن جميع في معجمه ، والقضاعي عن أبي بكرة بلفظ : يولى عليكم بدون شك ، وفي سنده مجاهيل .ا.هـ.
- الطريق الثانية :
رواها الديلمي في مسند الفردوس ، والبيهقي في " الشعب "كما رمز له السيوطي في الجامع الصغير ، وذكر سنده المناوي في فيض القدير (5/47) فقال :
( فر ) وكذا القضاعي كلاهما من حديث يحيى بن هاشم عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن جده عن ( أبي بكرة ) مرفوعا . قال السخاوي : ورواية يحيى في عداد من يضع .
((1/1)
هب ) من جهة يحيى بن هشام عن يونس بن إسحاق ( عن أبي إسحاق ) عمر بن عبد الله ( السبيعي مرسلا ) بلفظ : كما تكونوا كذلك يؤمر عليكم ، ثم قال : هذا منقطع ، وراويه يحيى بن هشام ضعيف .ا.هـ.
وقال العجلوني في " كشف الخفاء " (2/166) :
قال في الأصل : رواه الحاكم ، ومن طريقه الديلمي عن ابي بكرة مرفوعا ، وأخرجه البيهقي بلفظ : يؤمر عليكم . بدون شك ، وبحذف أبي بكرة ؛ فهو منقطع .ا.هـ.
وأورد هذا الحديث السيوطي في الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة (ح 329) فقال :
حديث : " كما تكونوا يولى عليكم " .
ابن جميع في " معجمه " من حديث أبي بكرة ، والبيهقي في " الشعب " من حديث يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه مرفوعا ، ثم قال : هذا منقطع .
قال الشيخ محمد لطفي الصباغ محقق الدرر في الحاشية : ضعيف ...
وأورده أيضا المُلا علي القاري في الأسرار المرفوعة ( ح 281) ، والشوكاني في الفوائد المجموعة ( ح 624) وقال : في إسناده وضاع . وفيه إنقطاع .ا.هـ.
وجاء في تذكرة الموضوعات : في سنده انقطاع وواضع هو يحيى بن هاشم ، وله طريق فيه مجاهيل .ا.هـ.
وقال الزرقاني في مختصر المقاصد الحسنة ( ح 772) : ضعيف .
وقد ذكر الحديث العلامة الألباني في الضعيفة (320) ، وضعيف الجامع (4275) ، والمشكاة (3717) ، وقال : ضعيف .
أثرٌ عن الحسن البصري :
قال السخاوي في المقاصد الحسنة عند حرف الكاف :
وعند الطبراني معناه من طريق عمر وكعب الأحبار والحسن فإنه سمع رجلاً يدعو على الحجاج فقال له : لا تفعل إنكم من أنفسكم أتيتم ، إنا نخاف إن عزل الحجاج أو مات أن يستولي عليكم القردة والخنازير ، فقد روي أن أعمالكم عمالكم ، وكما تكونون يولى عليكم .
وقد بحثت عنه في معاجم الطبراني بهذا اللفظ فلم أجده .
فوائدُ في ثنايا البحث :
- الفائدة الأولى :(1/2)
قال العجلوني في كشف الخفاء (2/166) : وفي فتاوى ابن حجر : وقال النجم : روى ابن ابي شيبة ، عن منصور بن أبي الأسود ، قال سألت الأعمش عن قوله تعالى : " وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا " [ الأنعام : 129 ] ما سمعتهم يقولون فيه ؟ قال : سمعتهم إذا الناس أمر عليهم شرارهم .
وروى البيهقي عن كعب قال : إن لكل زمان ملكا يبعثه الله على نحو قلوب أهله ؛ فإذا أراد صلاحهم بعث عليهم مصلحا ، وإذا أراد هلاكهم بعث عليهم مترفيهم .ا.هـ.
أما أثر الأعمش فقد رواه أيضا أبو نعيم في الحلية (5/51) .
- الفائدة الثانية :
قال العلامة الألباني في الضعيفة (320) بعد تخريجه للحديث :
ثم أن الحديث معناه غير صحيح على إطلاقه عندي ، فقد حدثنا التاريخ تولي رجل صالح عقب أمير غير صالح والشعب هو هو .ا.هـ.
- الفائدة الثالثة :
قال الطرطوشي في سراج الملوك ( ص 197) :
الباب الحادي والأربعون في " كما تكونوا يولى عليكم " .
لم أزل أسمع الناس يقولون : " أعمالكم عمالكم كما تكونوا يولى عليكم " إلى أن ظفرت بهذا المعنى في القرآن قال الله تعالى : " وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا " [ الأنعام : 129 ] ، وكان يقال : ما أنكرت من زمانك فإنما أفسده عليك عملك .
وقال عبد الملك بن مروان : ما أنصفتمونا يا معشر الرعية ، تريدونا منا سيرة أبي بكر وعمر ولا تسيرون فينا ولا في أنفسكم .....ا.هـ.
- الفائدة الرابعة :
استدل بعض أهل اللغة بلفظ هذا الحديث على فائدة لغوية ذكرها ابن هشام في المغني ، وسأنقل هذه الفائدة من " مختصر مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام الأنصاري " للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله – ( ص 110 – 111) :
القاعدة الحادية عشرة :(1/3)
من ملح كلامهم تقارض اللفظين في الأحكام ، ولذلك أمثلة منها : إعطاء كلمة ( غير ) حكم ( إلا ) في الاستثناء ، وإعطاء حكم ( إلا ) حكم ( غير ) ، ومنها إعطاء ( أن ) حكم ( ما ) المصدرية المهملة في الإهمال وبالعكس ، ومُثِّل له بقوله صلى الله عليه وسلم : " كما تكونوا يولى عليكم " ذكره ابن الحاجب ، والمعروف : " كما تكونون " ...ا.هـ.
انتهي هذا البحث الذي أرجو أن يكون فيه النفع والفائدة . آمين .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@23.PzqlaGzw1a5^0@.ef0df5a
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
من القائل : " لو كان لي دعوة صالحة لصرفتها إلى الإمام " ؟
الحمد لله وبعد ؛
هناك بعض الأقوال أو العبارات تنسب إلى بعض الأئمة من أهل السنة والجماعة ، ويستشهد بها كثير من طلبة العلم في أُطروحاتهم أو مقالتهم ، وبعد التدقيق والتمحيص نرى أن نسبة هذه الأقوال ليست إلى أولئك الأئمة ليست دقيقة .
ومن هذه العبارات : " لو كان لي دعوة صالحة لصرفتها إلى الإمام " .
وهذه العبارة تنسب إلى الإمام أحمد – رحمه الله - ، والصواب أنها للفضيل بن عياض كما أسندها إليه غير واحد من العلماء .
نص العبارة :
روى أبو نعيم في الحلية (8/91) قال :
حدثنا محمد بن ابراهيم ، ثنا أبو يعلى ، ثنا عبد الصمد بن يزيد البغدادي - ولقبه من دونه - قال سمعت الفضيل بن عياض يقول : لو أن لي دعوة مستجابة ما صيرتها الا في الامام . قيل له : وكيف ذلك يا أبا علي ؟ قال : متى ما صيرتها في نفسي لم تحزني ومتى صيرتها في الامام فصلاح الامام صلاح العباد والبلاد . قيل : وكيف ذلك يا أبا علي ؟ فسر لنا هذا . قال : أما صلاح البلاد فإذا أمن الناس ظلم الإمام عمروا الخرابات ونزلوا الارض ، وأما العباد فينظر إلى قوم من أهل الجهل فيقول : قد شغلهم طلب المعيشة عن طلب ما ينفعهم من تعلم القرآن وغيره ، فيجمعهم في دار خمسين خمسين أقل أو أكثر ، يقول للرجل : لك ما يصلحك ، وعلم هؤلاء أمر دينهم ، وانظر ما أخرج الله عز وجل من فيهم مما يزكى الارض فرده عليهم . قال : فكان صلاح العباد والبلاد ، فقبل ابن المبارك جبهته وقال : يا معلم الخير من يحسن هذا غيرك .
وقد أوردها ابن عبد البر في جامع العم وفضله (1/641) بغير إسناد ، وقال سمير الزهيري في تخريجه في الحاشية : صحيح ... وعبد الصمد بن يزيد هو المعروف بمردويه ، أبو عبد الله الصائغ ، خادم الفضيل بن عياض كان ثقة من أهل السنة والورع .ا.هـ.
ورواها أبو يعلى (2/36) في طبقات الحنابلة أيضا بدون إسناد .(1/1)
وقد رد الشيخ بكر أبو زيد نسبة هذه المقولة إلى الإمام أحمد في التأصيل ( ص 76) فقال : ومنها : القولة المشهورة :
" لو كان لي دعوة صالحة لصرفتها إلى الإمام " . ونسبتها إلى الإمام أحمد – رحمه الله تعالى - .
وقد بحثت طويلا فلم أرها منسوبة إليه مسندة ، وإنما رأيتها مسندة للفضيل بن عياض – رحمه الله تعالى – بلفظ : " لو أن لنا دعوة مستجابة ما صيرناها إلا للإمام " .
أخرج هذا الأثر : أبو نعيم في العادلين ، وحلية الأولياء ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم ، والبربهاري في شرح السنة وبين وجهها بقوله : " وإذا جعلتها في نفسي لم تعدني ، وإذا جعلتها في السلطان صلحَ ، فصلح بصلاحه العباد والبلاد " انتهى .
لكن في كتاب السنة للخلال بسنده عن الإمام أحمد ما نصه : وإني لأدعو له – الإمام – بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار – والتأييد وأرى ذلك واجبا عليَّ " انتهى .
ثم رأيتها منسوبة – غير مسندة – إلى الإمام أحمد – رحمه الله – في فتاوى ابن تيمية (28/391) ، وكشاف القناع (2/32) .ا.هـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (28/391) :
ولهذا كان السلف – كالفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل وغيرهما – يقولون : لو كان لنا دعوة مجابة لدعونا بها للسلطان .ا.هـ.
والله اعلم
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
ما حكم إسناد هذا الحديث في فضائل علي ؟
محمد الأمين : ما حكم إسناد هذا الحديث (في فضائل علي) ؟
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائده على مسند أبيه: حدثنا يحيى بن حماد حدثنا أبو عوانة حدثنا أبو بلج حدثنا عمرو بن ميمون قال
إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا يا أبا عباس إما أن تقوم معنا وإما أن يخلونا هؤلاء قال فقال ابن عباس بل أقوم معكم قال وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى قال فابتدءوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا قال فجاء ينفض ثوبه ويقول أف وتف وقعوا في رجل له عشر وقعوا في رجل قال له النبي صلى الله عليه وسلم لأبعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا يحب الله ورسوله قال فاستشرف لها من استشرف قال أين علي قالوا هو في الرحل يطحن قال وما كان أحدكم ليطحن قال فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر قال فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثا فأعطاها إياه فجاء بصفية بنت حيي قال ثم بعث فلانا بسورة التوبة فبعث عليا خلفه فأخذها منه قال لا يذهب بها إلا رجل مني وأنا منه قال وقال لبني عمه أيكم يواليني في الدنيا والآخرة قال وعلي معه جالس فأبوا فقال علي أنا أواليك في الدنيا والآخرة قال أنت وليي في الدنيا والآخرة قال فتركه ثم أقبل على رجل منهم فقال أيكم يواليني في الدنيا والآخرة فأبوا قال فقال علي أنا أواليك في الدنيا والآخرة فقال أنت وليي في الدنيا والآخرة قال وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة قال وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين فقال
إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا(1/1)
قال وشرى علي نفسه لبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه قال وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر وعلي نائم قال وأبو بكر يحسب أنه نبي الله قال فقال يا نبي الله قال فقال له علي إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه قال فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار قال وجعل علي يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبي الله وهو يتضور قد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ثم كشف عن رأسه فقالوا إنك للئيم كان صاحبك نرميه فلا يتضور وأنت تتضور وقد استنكرنا ذلك قال وخرج بالناس في غزوة تبوك قال فقال له علي أخرج معك قال فقال له نبي الله لا فبكى علي فقال له أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي قال وقال له رسول الله أنت وليي في كل مؤمن بعدي وقال سدوا أبواب المسجد غير باب علي فقال فيدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره قال وقال من كنت مولاه فإن مولاه علي قال وأخبرنا الله عز وجل في القرآن أنه قد رضي عنهم عن أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم هل حدثنا أنه سخط عليهم بعد قال وقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لعمر حين قال ائذن لي فلأضرب عنقه قال أوكنت فاعلا وما يدريك لعل الله قد اطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم
حدثنا أبو مالك كثير بن يحيى قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس نحوه
http://hadith.al-islam.com/Display/...Doc=6&Rec=2938&
---
الأخ محمد الأمين .
الحديث رواه الإمام أحمد في " المسند " (1/330 - 331) ، والحاكم في " المستدرك " (3/132) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (1351) .
والحديث مداره على أبي بلج واسمه يحيى بن سليم ، أو ابن أبي سليم .
قال البخاري : فيه نظر .(1/2)
وقال ابن حبان في " المجروحين " (2/464) : يحيى بن أبي سليم أبو بلج الفزاري ، من أهل الكوفة ، وقد قيل : إنه واسطي ، يروي عن محمد بن حاطب ، وعمرو بن ميمون ، روى عنه شعبة وهشيم ، كان ممن يخطىء ، لم يفحش خطؤه حتى استحق الترك ، ولا أتى منه ما لا ينفك منه البشر ، فيسلك فيه مسلك العدل ، فأرى أن لا يحتج بما انفرد من الرواية فقط ، وهو ممن استخير الله فيه .ا.هـ.
وقال الشيخ مقبل الوادعي - رحمه الله - في تتبعه لأوهام الحاكم التي سكت عنها الذهبي (3/155 رقم 4715) عند قول الحاكم : " هذا حديث صحيح " : لا ، أبو بلج يحيى بن سليم ، ويقال : ابن أبي سليم مختلف فيه ، والرجح ضعفه ؛ إذا الجرح فيه مفسر ، قال البخاري : فيه نظر ، وهي من أردى عبارات التجريح عند البخاري .ا.هـ.
وهذا الحديث مما تفرد به أبو بلج يحيى بن سليم .
وقد تابع العلامة الألباني - رحمه الله - الحاكم والذهبي في تخريجه لحديث : " من كنت مولاه ، فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه ، وعاد ِ من عاداه " في " الصحيحة " (4/341 رقم 1750) عند ذكره لطرق الحديث فقال (4/341) : وهو كما قالا .
وذهب الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على المسند (5/25 رقم 3062) إلى تصحيح سنده فقال :
إسناده صحيح . أبو بلج ، بفتح الباء وسكون اللام وآخره جيم : " اسمه يحيى بن سيلم " ويقال : " يحيى بن الأسود " الفزاري ، وهو ثقة ، وثقه ابن معين وابن سعد والنسائي والدارقطني وغيرهم ، وفي التهذيب أن البخاري قال : " وفيه نظر " ! وما أدري أين قال هذا ؟ فإنه ترجمه في الكبير ولم يذكر فيه جرحا ، ولك يترجمه في الصغير ، ولا ذكره هو ولا النسائي في الضعفاء ، وقد روى عنه شعبة ، وهو لا يروي إلا عن ثقة ...ا.هـ.
وممن توسع في تخريج هذا الحديث توسعا جيدا محقق " مسند الإمام أحمد " (5/178-188) ، بعد أن أعل الحديث بتفرد أبي بلج يحيى بن سليم ، وسأنقله بنصه فقال :(1/3)
إسناده ضعيف بهذه السياقة ، أبو بلج - واسمه يحيى بن سليم ، أو ابن أبي سليم - وإن ويقه غير واحد ، قد قال فيه البخاري : فيه نظر ، وأعدل الأقوال فيه أنه يُقبل حديثه فيما لا بنفرد به كما قال ابن حبان في " المجروحين " ، وفي متن حديثه هذا ألفاظ منكرة بل باطلة لمنافرتها ما في الصحيح ، ولبعضه الآخر شواهد ...ا.هـ.
وقد تتبع ألفاظ الحديث وبين ما فيها من النكارة والمخالفة للأحاديث الثابتة ، فمن ذلك :
1 - نقله لكلام شيح الإسلام في " المنهاج " (5/34-36) على الحديث فقال شيخ الإسلام بعد أن ساق الحديث : وفيه ألفاظ هي كذب على رسوله صلى الله عليه وسلم ....ا.هـ.
2 - قصة نوم علي رضي الله عنه في فراش الرسول صلى الله عليه وسلم رويت في كتب السير وغيرها وليس فيها إسناد قائم .
3 - قصة تأخر خروج أبي بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة ، فهي مخالفة لما وقع في الصحيح في أنهما خرجا معا من بيت أبي بكر ، أخرجه البحاري في صحيحه (3905) .
قال ابن كثير في " السيرة النبوية " (2/235) : وقد حكى ابن جرير عن بعضهم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق الصديق في الذهاب إلى غار ثور ، وأمر عليا أن يدُلَّه على مسيره ليلحقه ، فلحقه في أثناء الطريق . وهذا غريب جدا ، وخلاف المشهور أنهما خرجا معا .
4 – وفي قصة سد الأبواب غير باب علي أحاديث ... وليس في أسانيد هذه الأحاديث إسناد صالح ، بل هي أسانيد ضعيفة لا تثبت على نقد ، ولم يصنع الحافظ ابن حجر رحمه الله شيئا في تقوية هذا الحديث بمثل هذه الأسانيد ، ولم يصب في تنقيد الحافظين ابن الجوزي والعراقي رحمهما الله في إيرادهما هذا الحديث في " الموضوعات " .
هذا ملخص لما أورده المحقق لمسند الإمام أحمد – طبعة الرسالة – من إيرادات على الحديث .
ومن كان له تعقيب ، أو إضافة فنكون له من الشاكرين .
رابط الموضوع(1/4)
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&postid=22129#post22129
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/5)
ما رأيكم بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل ؟؟
الأخ القعنبي حفظك الله .
لقد فصل الشيخ سليمان العلوان حال عبد الله بن محمد بن عقيل وخاصة في هذه الزيادة التي ذكرتها ، وإليك هذا التفصيل كما كتبته من شرح الشيخ لجامع الترمذي للحديث الثالث وهذه من ضمن الفوائد التي قيدتها من شرح الشيخ ، وكنت أنوي إنزالها بعد رمضان تباعا ، ولكن طالما جاء السؤال عن هذه المسألة فوجب الجواب .
* ملحوظة : هناك إضافات وضعتها متمة لكلام الشيخ ، وهي التي بين الأقواس .
قال الشيخ سليمان العلوان - حفظه الله - :
الراجح في عبد الله بن محمد بن عقيل التفصيل ، فلا يحتج بحديثه مطلقا ، ولا يرد حديثه مطلقا .
فأقول : حديثه على مراتب :
- المرتبة الأولى : أن يحالف غيره فحينئذ يجب ترك حديثه . لأن ابن عقيل ليس ممن يحتمل مخالفته فهو سيء الحفظ ، ولا يضبط ما يروي جيداً .
- المرتبة الثانية : أن يتفرد بأصل فحينئذ لا نقبله ؛ فكما أنه إذا خالف لا نقبله ؛ فكذلك إذا تفرد فلا نقبله .
- المرتبة الثالثة : أن يروي ما يروي غيره فلا يخالف ، ولا ينفرد ، أو يروي شيئا له أصل في الجملة ، فالراجح حينئذ قبُولُ حديثه .
وعليه يحمل كلام بعض الأئمة في الاحتجاج بابن عقيل .
فمن الأمثلة على مخالفته :
ما جاء في مسند الإمام أحمد (1/94) وغيره من رواية حَمَّادٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُفِّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبْعَةِ أَثْوَابٍ .
هذا خبر منكر والنكارة من ابن عقيل والحديث في الصحيحين من حديث عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ... "
[ رواه البخاري (1264) ، ومسلم (2400) .(1/1)
قال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (2/897) هذا حديث لا يصح ، تفرد به ابن عقيل . وقال الزيلعي في " نصب الراية " : قال البزار : لا نعلم أحداً تابع بن عقيل عليه ، ولا يعلم رواه عنه غير حماد بن سلمة ، انتهى .
ورواه ابن عدي في "الكامل"، وأعله بابن عقيل ، وضعفه عن ابن معين فقط ، ولينه هو ، وقال : روى عنه جماعة من الثقات ، وهو ممن يكتب حديثه، انتهى كلام الزيلعي . ]
ومن ذلك :
ما رواه أبو داود (130) عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ ، عَنْ الرُّبَيِّعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ فَضْلِ مَاءٍ كَانَ فِي يَدِهِ .
وهذا منكر وفيه اضطراب من ابن عقيل . فقد جاء من حديث عبد الله بن زيد في صحيح مسلم (236) : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدِهِ . وهذا هو المحفوظ .
وأما الأمثلة على تفرداته في الأصول فهي كثيرة ، ويشترك في هذا كثير حتى ولو كان الراوي صدوقا ، وتفرد بأصل لا يحتمل تفرده من غيره وجب علينا رده كما نرد الحديث المشهور الذي رواه أحمد () ، وأبو داود (1999) من رواية مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَعَنْ أُمِّهِ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا هَذَا الْبَيْتَ صِرْتُمْ حُرُمًا كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطُوفُوا بِهِ .
هذا معلول بعلل كثيرة في الإسناد والمتن ، وإلى علل الإسناد بسرعة :
1 - لا يحتمل تفرد محمد بن إسحاق ، وإن كان صدوقا فيجب ترك تفردات ابن إسحاق في الأحكام .(1/2)
2 - أن لم يروه كبير أحدٍ عن أبي عبيدة سوى ابن إسحاق ، وهذه علة أخرى غير العلة الأولى .
3 - تفرد أبي عبيدة عن أبيه وعن أمه ، وأبو عبيدة وإن كان من رجال مسلم ، وهو صدوق في الجملة غير أنه لا يحتمل تفرده . وأين الأكابر عن رواية الخبر ؟
وفي علل المتن ، وما أحسن ما قاله الإمام عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله : احفظ عني ثلاثا - أي هذا تقسيم للرواة ، وتقسيم لطبقات المقبولين والمردودين منهم - .
يقول : احفظ عني ثلاثا : رجل حافظ متقن ، فهذا لا يختلف فيه . - أي لا يختلف في قبوله ، كالسفيانين ، ومالك ، ويزيد بن هارون ، وحماد بن زيد ، ووكيع ، وابن جريج ، والزهري ، والإمام أحمد ، وأمثال هؤلاء الحفاظ . هؤلاء لا يُختلف في قبول حديثهم .
قال : الثاني : وآخر يهم ، والغالب على حديثه الصحة فهذا لا يترك حديثه ، ولو ترك حديث مثل هؤلاء لذهب حديث الناس ، وليس معنى قول ابن مهدي أن يقبل مطلقا ، فقد نقبله في حالة دون حالة .
الحالة الثالثة : وآخر يهم ، والغالب على حديثه الوهم فهذا يترك حديثه ، كالليث بن سليم - الأمثلة مني - وابن لهيعة ، وعمر بن هارون وأمثال هؤلاء .
والذي يظهر في حال عبد الله بن محمد بن عقيل أنه من الطبقة الثانية على التفصيل السابق ، أي لا يمكن أن نقبل منه مطلقا وهو بمنزلة عاصم بن أبي النجود ، لا نقبله مطلقا ، ولا نرفضه مطلقا ، فإن ابن عقيل سيء الحفظ ؛ فإذا تفرد بأصل ، أو خالف غيره ، أو تفرد بحديث تحتاجه الأمة فلا نقبله .(1/3)
وإذا روى ما يروي الناس ، أو روى حديثا في الفضائل ، فإننا حينئذ نقبله ولا نرفضه ، ولا سيما إذا صحح حديثه أحد الأئمة المبرزين في هذا الشأن ، لفإن أبا عيسى الترمذي يصحح له ، وذكر في هذا الباب عن أحمد ، وإسحاق ، والحميدي الاحتجاج بحديثه ، وهذا ليس على إطلاقه لأنه تقدم عن الإمام أحمد أنه قال : منكر الحديث ، وقد رد له الإمام أحمد أحاديث كثيرة كحديث الحيض وغيره ، وهو في هذا الخبر قد تفرد به عن ابن الحنفية ...ا.هـ.
وهناك فوائد أخرى كثيرة سنضعها من كلام الشيخ سليمان العلوان في شرحه لسنن الترمذي . فانتظروا المزيد .
رابط الموضوع
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4526
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/4)
ما صحة أحاديث الوضوء عند الغضب
عَنْ أَبي وَائِلٍ الْقَاصُّ قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّعْدِيِّ فَكَلَّمَهُ رَجُلٌ فَأَغْضَبَهُ فَقَامَ فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ تَوَضَّأَ فَقَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي عَطِيَّةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الْغَضَبَ مِنْ الشَّيْطَانِ ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنْ النَّارِ ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ .
أخرجه أبو داود (4784) ، وأحمد (4/226) ، والبغوي في شرح السنة (3583) .
وأكتفي بكلام العلامة الألباني في الضعيفة (582) فقال رحمه الله :
ضعيف . أخرجه أحمد بالسند الذي قبله - يقصد الشيخ حديث رقم (581) - . وكذلك أخرجه البخاري في " التاريخ " ، وأبو داود ، وابن عساكر .
قلت : وسنده ضعيف فيه مجهولان ، كما بينته آنفا . - وهما كما ذكر الشيخ عروة بن محمد وأبوه - .
وقد سكت عنه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " (3/145 ، 151) وابن حجر في الفتح (10/384) .
والحديث روي عن معاوية بلفظ :
" الغضب من الشيطان ، والشيطان من النار ، والماء يطفي النار ، فإذا غضب أحدكم فليغتسل " .(1/1)
رواه أبو نعيم في الحلية (2/130) ، وابن عساكر (16/365/1) عن الزبير بن بكار نا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ياسين بن عبد الله بن عروة عن أبي مسلم الخولاني عن معاوية بن أبي سفيان أنه خطب الناس وقد حبس العطاء شهرين أو ثلاثة ، فقال له أبو مسلم : يا معاوية إن هذا المال ليس بمالك ولا مال أبيك ، ولا مال أمك ، فأشار معاوية إلى الناس أن امكثوا ، ونزل فاغتسل ثم رجع فقال : أسها الناس إن أبا مسلم ذكر أن هذا المال ليس بمالي ولا مال أبي ولا مال أمي ، وصدق أبو مسلم ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( فذكر الحديث ) اغدوا على عطاياكم على بركة الله عز وجل .
قلت وهذا إسناد ضعيف أيضا ، ياسين بن عبد الله بن عروة لم أجد له ترجمة .
وعبد المجدي بن عبد العزيز فيه ضعف ، قال الحافظ : " صدوق يخطىء ، وكان مرجئاً ، أفرط ابن حبان فقال : متروك " .
قلت : لفظ ابن حبان (2/152) :
منكر الحديث جداً ، يقلب الأخبار ، ويروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك " .ا.هـ.
وقد ذكر الأرنؤوط في تخريجه لمسند الإمام أحمد (29/506) أن ياسين هو بن معاذ الزيات ، وهو ضعيف ، وتحرف في مطبوع " الحلية " يا سين عن عبد الله ، إلى : ياسين بن عبد الله .
ولهذا قال الشيخ الألباني آنفا : ياسين بن عبد الله بن عروة لم أجد له ترجمة .
والصواب : ياسين عن عبد الله بن عروة .
وقد جاء في حديث آخر أن من غضب فعليه أن يقصد الأرض وذلك بأن يضطجع ونص الحديث :(1/2)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى مُغَيْرِبَانِ الشَّمْسِ حَفِظَهَا مِنَّا مَنْ حَفِظَهَا وَنَسِيَهَا مِنَّا مَنْ نَسِيَهَا ، فَحَمِدَ اللَّهَ . قَالَ عَفَّانُ : وَقَالَ حَمَّادٌ : وَأَكْثَرُ حِفْظِي أَنَّهُ قَالَ : بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا ، فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ، أَلَا فَاتَّقُوا الدُّنْيَا ، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ، أَلَا إِنَّ بَنِي آدَمَ خُلِقُوا عَلَى طَبَقَاتٍ شَتَّى ، مِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا ، وَيَحْيَا مُؤْمِنًا ، وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا ، وَيَحْيَا كَافِرًا ، وَيَمُوتُ كَافِرًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ مُؤْمِنًا ، وَيَحْيَا مُؤْمِنًا ، وَيَمُوتُ كَافِرًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُولَدُ كَافِرًا ، وَيَحْيَا كَافِرًا ، وَيَمُوتُ مُؤْمِنًا ، أَلَا إِنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ تُوقَدُ فِي جَوْفِ ابْنِ آدَمَ ، أَلَا تَرَوْنَ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ ، وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ ، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَالْأَرْضَ الْأَرْضَ ، أَلَا إِنَّ خَيْرَ الرِّجَالِ مَنْ كَانَ بَطِيءَ الْغَضَبِ سَرِيعَ الرِّضَا ، وَشَرَّ الرِّجَالِ مَنْ كَانَ سَرِيعَ الْغَضَبِ بَطِيءَ الرِّضَا ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ بَطِيءَ الْغَضَبِ بَطِيءَ الْفَيْءِ ، وَسَرِيعَ الْغَضَبِ ، وَسَرِيعَ الْفَيْءِ ، فَإِنَّهَا بِهَا ، أَلَا إِنَّ خَيْرَ التُّجَّارِ مَنْ كَانَ حَسَنَ الْقَضَاءِ حَسَنَ الطَّلَبِ ، وَشَرَّ التُّجَّارِ مَنْ كَانَ سَيِّئَ الْقَضَاءِ سَيِّئَ الطَّلَبِ ، فَإِذَا(1/3)
كَانَ الرَّجُلُ حَسَنَ الْقَضَاءِ سَيِّئَ الطَّلَبِ ، أَوْ كَانَ سَيِّئَ الْقَضَاءِ حَسَنَ الطَّلَبِ فَإِنَّهَا بِهَا ، أَلَا إِنَّ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ ، أَلَا وَأَكْبَرُ الْغَدْرِ غَدْرُ أَمِيرِ عَامَّةٍ ، أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا مَهَابَةُ النَّاسِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْحَقِّ إِذَا عَلِمَهُ ، أَلَا إِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ مُغَيْرِبَانِ الشَّمْسِ قَالَ : أَلَا إِنَّ مِثْلَ مَا بَقِيَ مِنْ الدُّنْيَا فِيمَا مَضَى مِنْهَا مِثْلُ مَا بَقِيَ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا فِيمَا مَضَى مِنْهُ .
أخرجه الترمذي (2191) ، وأحمد (3/18) ، والشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم : أَلَا إِنَّ الْغَضَبَ جَمْرَةٌ تُوقَدُ فِي جَوْفِ ابْنِ آدَمَ ، أَلَا تَرَوْنَ إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ ، وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ ، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَالْأَرْضَ الْأَرْضَ .
قال الترمذي : وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ !!
وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان .
وضعف سنده الشيخ الأرنؤوط في تخريج المسند (17/228) ، والشيخ مصطفى العدوي في تخريجه لمسند عبد بن حميد (862) .
ولبعض ألفاظه شواهد .
ومعنى قوله : فَالْأَرْضَ الْأَرْضَ : بالنصب ، أي فليقصد الأرض . أو بالرفع ، أي : فالأرض دافعة له ، والمقصود : فليضطجع وليتلبد بالأرض .
وجاء عند الترمذي : فَلْيَلْصَقْ بِالْأَرْضِ .
قال صاحب التحفة : مِنْ بَابِ عَلِمَ يَعْلَمُ أَيْ فَلْيَلْتَزِقْ بِهَا حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُهُ , وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّعَةِ عَنْ الِاسْتِعْلَاءِ , وَتَذْكَارِ أَنَّ مَنْ كَانَ أَصْلُهُ مِنْ التُّرَابِ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَتَكَبَّرَ .
وفي معنى الاضطجاع في حال الغضب ورد حديث آخر :(1/4)
عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : كَانَ يَسْقِي عَلَى حَوْضٍ لَهُ ، فَجَاءَ قَوْمٌ فَقَالَ : أَيُّكُمْ يُورِدُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ ، وَيَحْتَسِبُ شَعَرَاتٍ مِنْ رَأْسِهِ فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا فَجَاءَ الرَّجُلُ ، فَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْحَوْضَ ، فَدَقَّهُ ، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ قَائِمًا فَجَلَسَ ، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَقِيلَ لَهُ : يَا أَبَا ذَرٍّ ، لِمَ جَلَسْتَ ، ثُمَّ اضْطَجَعْتَ قَالَ : فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا : إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ .
رواه أحمد (5/152) ، وأبو داود (4782) .
والحديث مختلف فيه على داود بن أبي هند ، ورجح أبو داود أنه مرسل من حديث بكر المزني فقال عقب الحديث المرسل (4783) :
حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ ، عَنْ خَالِدٍ ، عَنْ دَاوُدَ ، عَنْ بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا ذَرٍّ بِهَذَا الْحَدِيثِ . قَالَ أَبُو دَاوُد : وَهَذَا أَصَحُّ الْحَدِيثَيْنِ .
وبكر لم يسمع من أبي ذر كما قال أبو حاتم .
والحديث خرجه الأرنؤوط في تحقيق المسند (35/278) ، وذكر الاختلاف في طرقه .
فائدة : أشار الشيخ مصطفى العدوي في كتابه " فقه الأخلاق والمعاملات بين المؤمنين " (3/127) إلى رسالة بعنوان : " المنتخب من فقه الغضب " لأحمد العيسوي ، فلعله جمع ما ورد في هذا الباب ما صح وما لم يصح ، وسأبحث عن هذه الرسالة .
ومن كان له إضافة أو تعقيب ، فأكون له من الشاكرين .
رابط الموضوع
http://www.baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadi
d=2395
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/5)
ما صحة حديث: إن من آتاه الله وجهاً حسناً
السؤال:
ما صحة حديث
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ان من اتاه الله وجهاً حسناً ، وخُلقاً حسناً ، وإسماً حسناً ، فهو من صفوة الخلق )
وجزاكم الله خيرا
الجواب:
قال الهيثمي في " المجمع " (13731) : رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه خلف بن خالد البصري وهو ضعيف.
وقال العجلوني في " كشف الخفاء " (527) : ومنها ما رواه البيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من آتاه الله وجها حسنا واسما حسنا وجعله في موضع غير شان له فهو من صفوة الله من خلقه ، وقد قيل فيه أشعار قديما وحديثا ، وقد قدمناها عند حديث اطلبوا الخير فراجعه ، ومما لم يذكر هناك ما لبعضهم:
سيدي أنت أحسن الناس وجها * كن شفيعي في يوم هول كريه
قد روى صحبك الكرام حديثا * اطلبوا الخير عند حسان الوجوه
وقال السيوطي " اللآلئ المصنوعة " : ( الدارقطني) حدثنا محمد بن مخلد ، حدثنا يحيى بن حبيب أبو عقيل ، حدثنا خلف بن خالد البصري حدثنا سليم بن مسلم المكي عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " من آتاه اللّه وجهاً حسناً واسماً حسناً وجعله في موضع غير شائن له فهو من صفوة اللّه في خلقه " ، لا يصح ، سليم متروك.
قال الدارقطني : والحمل فيه على خلف لا عليه .
(قلت . السيوطي) أخرجه الطبراني في الأوسط والخرائطي في إعلال القلوب والبيهقي في الشعب وقال : في هذا الإسناد ضعف ، وله شاهد من حديث جابر .
وقال الفَتّنِي في " تذكرة الموضوعات " : ابن عباس : "من آتاه الله وجها حسنا واسما حسنا وجعله في موضع غير شائن فهو من صفوة الله في خلقه" .
الحمل فيه على خلف بن خلف وشيخه سليم بن مسلم
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=8f210d680d7be4b56df6aa7b2f5bd1c4&threadid=9137
كتبة(1/1)
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
ما صحةُ حديث : سَوْداءُ وَلُودٌ خيرٌ من حَسناءَ عَقيم
نصُ الحديثِ :
روى الطبراني في المعجم الكبير بسنده فقال :
حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ، ثنا يحيى بن درست ، ثنا علي بن الربيع ، حدثني بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سوداء ولود خير من حسناء لا تلد ، إني مكاثر بكم الأمم حتى بالقسط يظل مُحَبْنَطِئاً على باب الجنة يقال له : ادخل الجنة ، فيقول : يا رب وأبواي ؟ فيقال له : ادخل الجنة أنت وأبواك .
أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/253) .
وهذا الحديث في سنده علي بن الربيع ، وهو منكر الحديث كما ذكر ذلك أهل العلم .
كلامُ العلماءِ على الحديثِ :
قال العقيلي في الضعفاء (3/253) عند ترجمة علي بن نافع فقال : عن بهز بن حكيم مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ فذكره .
وذكره ابن حبان في المجروحين (2/86-87) عند ترجمة علي بن الربيع وقال عقبه : وهذا حديث منكر لا أصل له من حديث بهز بن حكيم . وعلي هذا يروي المناكير ، فلما كثر في روايته المناكير بطل الاحتجاج به .
وقال الهيثمي في المجمع (4/258) :
وفيه علي بن الربيع وهو ضعيف .
وقال العجلوني في كشف الخفاء (1/555) :
ذكره في الإحياء قال العراقي أخرجه ابن حبان في الضعفاء ولا يصح وذكره ابن الأثير في النهاية بهذا اللفظ ورفعه الأزهري وأخرجه غيره عن عمر موقوفا .
وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار :
ابن حبان في الضعفاء من رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده . ولا يصح .
وأورده ملا علي قاري في الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة المعروف بالموضوعات الكبرى (ص222) .
وقال عنه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (ح3291) :
ضعيف .
وعزاه إلى الضعيفة برقم 3711 .
والحديث جاء بلفظ آخر :
ذروا الحسناء العقيم ، وعليكم بالسوداء الولود فإني مكاثر بكم الأمم حتى بالسقط مخبنطئا على باب الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة . فيقول : حتى يدخل والدي معي .(1/1)
ذكره ابن حبان في المجروحين (1/330) عند ترجمة حسان بن سِيَاه أبو سهل البصري وقال عنه :
منكر الحديث جدا . وأورد له هذا الحديث .
وقال المعلق على نسخة الحلبي في كتاب المغني عن حمل الأسفار :
وجد بهامش العراقي بأحد النسخ المعول عليها ما نصه : قلت : ولأبي يعلى بسند ضعيف : فذكره . رواه عبدالله ، وله من حديث أبي موسى : أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأة قد أعجبتني لا تلد أفأتزوجها ؟ قال : لا . فأعرض عنها ثم تتبعها نفسه ، فقال : يا رسول قد أعجبتني هذه المرأة ونحرها أعجبني دلها ونحرها أفأتزوجها ؟ قال : لا . امرأة سوداء ولود أحب إلي منها أما شعرت أني مكاثر بكم الأمم . سنده ضعيف .ا.هـ.
وضعف الحديث الشيخ الألباني - رحمه الله - في ضعيف الجامع (ح3042) وقال :
موضوع .
وعزاه إلى الضعيفة (1413) وقال :
موضوع .
رواه ابن عدي من طريق أبي يعلى عن عمرو بن حصين : حدثنا حسان بن سياه : حدثنا عاصم عن زر عن عبدالله مرفوعا وقال :
لا يرويه عن عاصم غير حسان بن سياه ، وعامة حديثه لا يتابع عليه والضعف بين على رواياته .
قلت : وكلام ابن حبان فيه يدل على أنه شديد الضعف ، وقد ذكرته قريبا تحت الحديث (1409) . لكن الراوي عنه عمرو بن حصين شر منه ، فقد اتهم بالوضع كما تقدم غير مرة ، ولذلك فقد اساء السيوطي بذكره للحديث في الجامع الصغير من رواية ابن عدي ولكنه أساء مرة أخرى ، فإنه لم يورده بنمامه ، وإنما إلى قوله : الولود فأوهم أنه كذلك عند ابن عدي ، وشاركه في هذا المناوي فإنه قال :
وزاد أبو يعلى في روايته : فإني مكاثر ...
فأوهم أن هذه الزيادة ليست عند ابن عدي فكأنه لم يقف عليه عنده ، أو أنه لم ينتبه أنه تلقاه من أبي يعلى ، والأول أقرب عندي . والله تعالى أعلم .
ثم تعقب السيوطي لسكوته عليه ، فقال بعد أن ذكر تجريح ابن عدي المذكور لحسان نقلا عن اللسان :(1/2)
وبه يعرف سكوت المصنف على عزوه لابن عدي وحذفه من كلامه إعلاله غير صواب .
قلت : ومثل هذا السكوت يَكْثُر من السيوطي رحمه الله تعالى ومن غيره ، وهذا شيء ابتلي به المتأخرون كثيرا ، ولا يكاد ينجو منه إلا القليل ، وليس ذلك من النصح في شيء . والله تعالى هو المستعان .ا.هـ. كلام الألباني .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@95.ynSVa3EQ3iF^0@.ef0ea34
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
ما صحةُ حديث : سَوْداءُ وَلُودٌ خيرٌ من حَسناءَ عَقيم
نصُ الحديثِ :
روى الطبراني في المعجم الكبير بسنده فقال :
حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ، ثنا يحيى بن درست ، ثنا علي بن الربيع ، حدثني بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سوداء ولود خير من حسناء لا تلد ، إني مكاثر بكم الأمم حتى بالقسط يظل مُحَبْنَطِئاً على باب الجنة يقال له : ادخل الجنة ، فيقول : يا رب وأبواي ؟ فيقال له : ادخل الجنة أنت وأبواك .
أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/253) .
وهذا الحديث في سنده علي بن الربيع ، وهو منكر الحديث كما ذكر ذلك أهل العلم .
كلامُ العلماءِ على الحديثِ :
قال العقيلي في الضعفاء (3/253) عند ترجمة علي بن نافع فقال : عن بهز بن حكيم مجهول بالنقل حديثه غير محفوظ فذكره .
وذكره ابن حبان في المجروحين (2/86-87) عند ترجمة علي بن الربيع وقال عقبه : وهذا حديث منكر لا أصل له من حديث بهز بن حكيم . وعلي هذا يروي المناكير ، فلما كثر في روايته المناكير بطل الاحتجاج به .
وقال الهيثمي في المجمع (4/258) :
وفيه علي بن الربيع وهو ضعيف .
وقال العجلوني في كشف الخفاء (1/555) :
ذكره في الإحياء قال العراقي أخرجه ابن حبان في الضعفاء ولا يصح وذكره ابن الأثير في النهاية بهذا اللفظ ورفعه الأزهري وأخرجه غيره عن عمر موقوفا .
وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار :
ابن حبان في الضعفاء من رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده . ولا يصح .
وأورده ملا علي قاري في الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة المعروف بالموضوعات الكبرى (ص222) .
وقال عنه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (ح3291) :
ضعيف .
وعزاه إلى الضعيفة برقم 3711 .
والحديث جاء بلفظ آخر :
ذروا الحسناء العقيم ، وعليكم بالسوداء الولود فإني مكاثر بكم الأمم حتى بالسقط مخبنطئا على باب الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة . فيقول : حتى يدخل والدي معي .(1/1)
ذكره ابن حبان في المجروحين (1/330) عند ترجمة حسان بن سِيَاه أبو سهل البصري وقال عنه :
منكر الحديث جدا . وأورد له هذا الحديث .
وقال المعلق على نسخة الحلبي في كتاب المغني عن حمل الأسفار :
وجد بهامش العراقي بأحد النسخ المعول عليها ما نصه : قلت : ولأبي يعلى بسند ضعيف : فذكره . رواه عبدالله ، وله من حديث أبي موسى : أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأة قد أعجبتني لا تلد أفأتزوجها ؟ قال : لا . فأعرض عنها ثم تتبعها نفسه ، فقال : يا رسول قد أعجبتني هذه المرأة ونحرها أعجبني دلها ونحرها أفأتزوجها ؟ قال : لا . امرأة سوداء ولود أحب إلي منها أما شعرت أني مكاثر بكم الأمم . سنده ضعيف .ا.هـ.
وضعف الحديث الشيخ الألباني - رحمه الله - في ضعيف الجامع (ح3042) وقال :
موضوع .
وعزاه إلى الضعيفة (1413) وقال :
موضوع .
رواه ابن عدي من طريق أبي يعلى عن عمرو بن حصين : حدثنا حسان بن سياه : حدثنا عاصم عن زر عن عبدالله مرفوعا وقال :
لا يرويه عن عاصم غير حسان بن سياه ، وعامة حديثه لا يتابع عليه والضعف بين على رواياته .
قلت : وكلام ابن حبان فيه يدل على أنه شديد الضعف ، وقد ذكرته قريبا تحت الحديث (1409) . لكن الراوي عنه عمرو بن حصين شر منه ، فقد اتهم بالوضع كما تقدم غير مرة ، ولذلك فقد اساء السيوطي بذكره للحديث في الجامع الصغير من رواية ابن عدي ولكنه أساء مرة أخرى ، فإنه لم يورده بنمامه ، وإنما إلى قوله : الولود فأوهم أنه كذلك عند ابن عدي ، وشاركه في هذا المناوي فإنه قال :
وزاد أبو يعلى في روايته : فإني مكاثر ...
فأوهم أن هذه الزيادة ليست عند ابن عدي فكأنه لم يقف عليه عنده ، أو أنه لم ينتبه أنه تلقاه من أبي يعلى ، والأول أقرب عندي . والله تعالى أعلم .
ثم تعقب السيوطي لسكوته عليه ، فقال بعد أن ذكر تجريح ابن عدي المذكور لحسان نقلا عن اللسان :(1/2)
وبه يعرف سكوت المصنف على عزوه لابن عدي وحذفه من كلامه إعلاله غير صواب .
قلت : ومثل هذا السكوت يَكْثُر من السيوطي رحمه الله تعالى ومن غيره ، وهذا شيء ابتلي به المتأخرون كثيرا ، ولا يكاد ينجو منه إلا القليل ، وليس ذلك من النصح في شيء . والله تعالى هو المستعان .ا.هـ. كلام الألباني .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@95.ynSVa3EQ3iF^0@.ef0ea34
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
ما صحّة هذين الحديثين ؟
هل صحّ الحديث الذي فيه : " مع كل ختمة دعوة مستجابة "
والحديث الآخر : " من عزّى مصابا كان له مثل أجره " ؟
وجزاكم الله خيرا ..
الجواب :
- حديث : " مع كل ختمة دعوة مستجابة " .
رواه البيهقي في " شعب الإيمان " ، وقال المناوي في " فيض القدير " (5/523) : ( هب عن أنس ) بن مالك . ظاهر صنيع المصنف [ يعني السيوطي ] أن البيهقي خرجه وسلمه ، والأمر بخلافه بل عقبه بما نصه : في إسناده ضعف ، وروي من وجه آخر ضعيف عن أنس .ا.هـ.
وضعفه العلامة محمد بن ناصر الدين الألباني في " ضعيف الجامع " (5262)
- حديث : " مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ " .
رواه الترمذي (1073) ، وابن ماجه (1602) .
قال الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ ، لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ مَوْقُوفًا وَلَمْ يَرْفَعْهُ ، وَيُقَالُ أَكْثَرُ مَا ابْتُلِيَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ نَقَمُوا عَلَيْهِ .
وقال العلامة الألباني في " الإرواء " (3/220) بعد أن ذكر طرق الحديث : وجملة القول : أن الحديث ضعيف ، ليس في شيء من طرقه ما يمكن أن يعتمد عليه في تقويته ، ولكنه لا يبلغ أن يكون موضوعا كما زعم ابن الجوزي ، وقد رد عليه العلماء المحققون ذلك . وانتهى إلى ما قاله الحافظ صلاح الدين العلائي مما خلاصته :
" إن الحديث بطرقه يخرج عن أن يكون ضعيفا واهيا ، فضلا عن أن يكون موضوعا " . والله أعلم .ا.هـ.
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=8208
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
ما مدى صحة الأثر : " لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيم مِنْ بِنَاء .."
ما مدى صحة هذا الأثر
قال ابن كثير-رحمه الله-: في قوله تعاللى:وأَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ " أَيْ نَادِ فِي النَّاس بِالْحَجِّ دَاعِيًا لَهُمْ إِلَى الْحَجّ إِلَى هَذَا الْبَيْت الَّذِي أَمَرْنَاك بِبِنَائِهِ فَذَكَرَ أَنَّهُ قَالَ يَا رَبّ كَيْف أُبَلِّغ النَّاس وَصَوْتِي لَا يَنْفُذهُمْ فَقَالَ نَادِ وَعَلَيْنَا الْبَلَاغ فَقَامَ عَلَى مَقَامه وَقِيلَ عَلَى الْحِجْر وَقِيلَ عَلَى الصَّفَا وَقِيلَ عَلَى أَبِي قُبَيْس وَقَالَ : يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ رَبّكُمْ قَدْ اِتَّخَذَ بَيْتًا فَحُجُّوهُ فَيُقَال إِنَّ الْجِبَال تَوَاضَعَتْ حَتَّى بَلَغَ الصَّوْت أَرْجَاء الْأَرْض وَأَسْمَعَ مَنْ فِي الْأَرْحَام وَالْأَصْلَاب وَأَجَابَهُ كُلّ شَيْء سَمِعَهُ مِنْ حَجَر وَمَدَر وَشَجَر وَمَنْ كَتَبَ اللَّه أَنَّهُ يَحُجّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ هَذَا مَضْمُون مَا وَرَدَ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف وَاَللَّه أَعْلَم .
---
الجواب :
كلامك الذي نقلت عن ابن كثير هو في الأصل آثار أوردها الإمام الطبري في تفسيره وإليك ما جاء عند الطبري من هذه الآثار ، وما في أسانيدها :(1/1)
1 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيم مِنْ بِنَاء الْبَيْت قِيلَ لَهُ : { أَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ } قَالَ : رَبّ وَمَا يَبْلُغ صَوْتِي ؟ قَالَ : أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغ ! فَنَادَى إِبْرَاهِيم : أَيّهَا النَّاس كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجّ إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق فَحُجُّوا ! قَالَ : فَسَمِعَهُ مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض , أَفَلَا تَرَى النَّاس يَجِيئُونَ مِنْ أَقْصَى الْأَرْض يُلَبُّونَ ؟
رواه الحاكم في المستدرك (2/389) ، والبيهقي في السنن (5/176) من طريق إسحاق عن جرير به ، وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
وفي سنده قابوس وهو ابن أبي ظبيان وقد ضعفه غير واحد منهم ابن معين والنسائي والدارقطني ، وقال عنه ابن حبان في المجروحين : كان رديء الحفظ يتفرد عن أبيه بما لا أصل له .
وقال الحافظ ابن حجر : فيه لين .
وقال الشيخ مقبل الوادعي تعليقا على كلام الحاكم في تتبع الشيخ مقبل على أوهام الحاكم التي سكت عنها الذهبي (2/458) :
لا ، قابوس مختلف فيه والراجح ضعفه .ا.هـ.
2 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل بْن غَزْوَان الضَّبِّيّ , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا بَنَى إِبْرَاهِيم الْبَيْت أَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ , أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ ! قَالَ : فَقَالَ إِبْرَاهِيم . أَلَا إِنَّ رَبّكُمْ قَدِ اتَّخَذَ بَيْتًا , وَأَمَرَكُمْ أَنْ تَحُجُّوهُ , فَاسْتَجَابَ لَهُ مَا سَمِعَهُ مِنْ شَيْء مِنْ حَجَر وَشَجَر وَأَكَمَة أَوْ تُرَاب أَوْ شَيْء : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ !
وهذا السند فيه عطاء بن السائب ، وهو ممن اختلط .(1/2)
3 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا ابْن وَاقِد , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , عَنْ مُجَاهِد , عَنِ ابْن عَبَّاس : قَوْله : { وَأَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ } قَالَ : قَامَ إِبْرَاهِيم خَلِيل اللَّه عَلَى الْحِجْر , فَنَادَى : يَا أَيّهَا النَّاس كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجّ , فَأَسْمَعَ مَنْ فِي أَصْلَاب الرِّجَال وَأَرْحَام النِّسَاء , فَأَجَابَهُ مَنْ آمَنَ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْم اللَّه أَنْ يَحُجّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ !
وهذا الإسناد فيه ابن حميد كما مر في الأثر الأول .
وأيضا في سنده أبو الزبير وهو محمد بن مسلم المكي ، وهو مدلس ، ولم أجد في ترجمته من شيوخه مجاهد .
4 - حَدَّثَنِي ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيم مِنْ بِنَاء الْبَيْت , أَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ , أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ ! قَالَ : فَخَرَجَ فَنَادَى فِي النَّاس : يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ رَبّكُمْ قَدِ اتَّخَذَ بَيْتًا فَحُجُّوهُ ! فَلَمْ يَسْمَعهُ يَوْمئِذٍ مِنْ إِنْس , وَلَا جِنّ , وَلَا شَجَر , وَلَا أَكَمَة , وَلَا تُرَاب , وَلَا جَبَل , وَلَا مَاء , وَلَا شَيْء إِلَّا قَالَ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ !
فيه ابن حميد .
وهو من كلام سعيد بن جبير .(1/3)
5 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ أَبِي عَاصِم الْغَنَوِيّ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : هَلْ تَدْرِي كَيْفَ كَانَتْ التَّلْبِيَة ؟ قُلْت : وَكَيْفَ كَانَتْ التَّلْبِيَة ؟ قَالَ : إِنَّ إِبْرَاهِيم لَمَّا أُمِرَ أَنْ يُؤَذِّن فِي النَّاس بِالْحَجِّ , خَفَضَتْ لَهُ الْجِبَال رُءُوسَهَا , وَرُفِعَتِ الْقُرَى , فَأَذَّنَ فِي النَّاس .
محمد بن سنان القزاز ضعيف كما ذكر الحافظ ابن حجر في التقريب .
وفيه أيضا أبو عاصم الغنوي ، قال أبو حاتم : لا أعلم روى عنه غير حماد بن سلمة ، ولا أعرفه ولا أعرف اسمه . ووثقه ابن معين . وقال الحافظ ابن حجر في التقريب : مقبول .
وهناك آثار أخرى مقطوعة .
والذي يظهر أنه لا يعول عليها ، إما بسبب ضعف في أسانيدها ، أو أنها موقوفة ومقطوعة .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5648
كتبه
عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/4)
ما هي صحة حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الإسراء والمعراج أنه رأى موسى عليه السلام يصلي في قبره ؟
سؤال :
السلام عليكم ورحمة الله بركاته ،
ما هي صحة حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الإسراء والمعراج أنه رأى موسى عليه السلام يصلي في قبره ؟
وجزاكم الله خيرا
الجواب :
الأخ أبو أمامة
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتيت - وفي رواية هدَّاب : مررت - على موسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره .
وفي رواية : مررت على موسى وهو يصلي في قبره .
وكلا الروايتين عند مسلم في صحيحه (4/1845ح2375) ، كتاب الفضائل - باب فضائل موسى .
ورواه الإمام أحمد في مسنده (3/120 ، 148) .
سؤال :
جزاك الله كل الخير يا أخ عبد الله .
ولكنني بصراحة أردت منك أكثر من ذلك
والذي أريده منك إن امكنك ذلك أن تفسِّر لي الحديث على منهج أهل السنة والجماعة خصوصاً بما يتعلق بصلاة نبي الله موسى وأن عمل ابن آدم ينقطع ... هذا بالإضافة إلى احتجاج الرافضة والصوفية بأن هذا حجة على جواز دعاء الميت !
وشكراً
الجواب :
الأخ أبوأمامة .
قبل الإجابة عن معنى هذا الحديث لابد من تقرير أمر مهم وهو :
أن الأنبياء قد جرت عليهم سنة الموت كبقية البشر قال تعالى : " إنك ميت وإنهم ميتون " ( الزمر :30)
وقال تعالى : " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون " ( الأنبياء :24)
فهاتان الآياتان وغيرها من الآيات دليل قطعي على موت الأنبياء وغيرهم من البشر .
وفي مقابل هذه الآيات وردت أحاديث تصف الأنبياء بالحياة فما هي هذه الحياة ؟ هل هي حياة حقيقة كالحياة الدنيوية المعروفة ؟ أم غيرها ؟ .
وقبل الإجابة على طبيعة حياة الأنبياء أيضا يقرر الإمام ابن القيم في كتابه الروح (ص63) ونقله شارح الطحاوية بنصه من كتاب الروح لابن القيم حالات تعلق الروح بالبدن فيقول - رحمه الله - :(1/1)
الأول : تعلقها به في بطن الأم جنينا .
الثاني : تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .
الثالث : تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه .
الرابع : تعلقها به في البرزخ ، فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة .
الخامس : تعلقها به يوم بعث الأجساد وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا .ا.هـ.
فهذه الحالات من تعلق الروح بالبدن نحتاج واحدا منها وهو الرابع .
* وجوابا عن سؤال حقيقة حياة الأنبياء هل كالحياة الدنيوية المعروفة فقد قال بهذا القول بعض العلماء ومنهم الإمام البيهقي .
وقد استدلوا لقولهم بأدلة من ذلك :
- قوله تعالى : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " (آل عمران : 169) .
فقالوا : الرسل أكمل من الشهداء بلا شك ولذلك كانوا أحق بالحياة منهم .
وهذا الدليل عليهم لا لهم ، لأن حياة الشهداء ثابتة بالنص وليس ثبوتها بالقياس ، إلى جانب ما ورد من النهي الصريح في القرآن عن تسمية الشهيد ميتا قال تعالى : " ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتا بل أحياء ولكن لا تشعرون . (البقرة : 154) .
والرسل أولى بتلك الحياة من الشهداء عند الله مع موت أجسامهم وهي طرية في التراب ، وقد حرم الله على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء وهذه مزية عظيمة للآنبياء .
ولو قيل : أن حياة الأنبياء في قبورهم كالحياة الدنيوية لاقضت جميع لوازمها من أعمال ، وتكليف ، وعبادة ، وغير ذلك .
ولهذا رتب القائلون بهذا القول أمورا فاسدة فقالوا بإمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، وخروجه من قبره سامعا كلام من يكلمه كما هو شأن كل حي ، وممن قال بهذا القول السيوطي في كتاب " تنوير الحوالك " .(1/2)
ومن أجل هذا القول تعلقت قلوب الجهلة من أتباع المذاهب الصوفية بترهات وشركيات وتوسلات واستغاثات بالنبي صلى الله عليه وسلم .
* القول الثاني : أن حياة الأنبياء في قبورهم هي حياة برزخية خاصة أكمل حتى من حياة الشهداء .
قال الشيخ الألباني في الصحيحة (2/190-191) عند تخريجه لحديث :
الأنبياء - صلوات الله عليهم - أحياء في قبورهم يصلون :
ثم أعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما هي حياة برزخية ، ليست من حياة الدنيا في شيء ، ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا .
هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد : الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقة ! قال : يأكل ويشرب ويجامع نساءه !! .
وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى .ا.هـ.
وقال ابن عبدالهادي في الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص222) عند رده على البيهقي في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث :
ما من أحدٍ يسلم علي إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام . الصحيحة (5/338ح2266) :
فإن قيل : ما معنى قوله إلا رد الله علي روحي ؟
قلت : فيه جوابان :
أحدهما : ما ذكره الحافظ أبوبكر البيهقي أن المعنى إلا وقد رد الله علي روحي يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما مات ودفن رد الله عليه روحه لأجل سلام من يسلم عليه ، واستمرت في جسده صلى الله عليه وسلم .
والثاني : يحتمل أن يكون ردا معنويا ، وأن تكون روحه الشريفة مشتغلة بشهود الحضرة الإلهية والملأ الأعلى عن هذا العالم ، فإذا سُلم عليه أقبلت روحه الشريفة على هذا العالم لتدرك سلام من يسلم عليه ويرد عليه .(1/3)
قلت - ابن عبدالهادي - : هذان الجوابان المذكوران في كل واحد منهما نظر ، أما الأول وهو الذي ذكره البيهقي في الجزء الذي جمعه في حياة الأنبياء عليهم السلام بعد وفاتهم فمضمونة رد روحه صلى الله عليه وسلم بعد موته إلى جسده واستمرارها فيه قبل سلام من يسلم عليه ، وليس هذا المعنى مذكورا في الحديث ، ولا هو ظاهره ، بل هو مخالف لظاهره فإن قوله : إلا رد الله علي روحي . بعد قوله : ما من أحد يسلم علي يقتضي رد الروح بعد السلام ، ولا يقتضي استمرارها في الجسد .
وليعلم أن رد الروح إلى البدن وعودها إلى الجسد بعد الموت لا يقتضي استمرارها فيه ، ولا يستلزم حياة أخرى قبل يوم النشور نظير الحياة المعهودة ، بل إعادة الروح إلى الجسد في البرزخ إعادة برزخية ، لا تزيل عن الميت اسم الموت .ا.هـ.
واكتفي بهذين النقلين من كلام العلماء وسيأتي مزيد بيان بعد قليل .
والقول الثاني الآنف الذكر هو القول الصحيح ، وسبب بطلان القول الأول هو ما ذكره ابن عبد الهادي في الصارم (ص226) فقال :
فإن الروح ليست عندهم - أي عند القائلين بأن حياة الأنبياء في قبورهم حياة دنيوية - ذاتا قائمة بنفسها عن البدن حتى تكون في الملأ الأعلى والبدن في القبر ، بل هي عندهم عرض من أعراض البدن كحياته وقدرته وسمعه وبصره وسائر صفاته وحياة البدن مشرطة بها وموته قطع هذه الصفة عنه ....
وقول أهل السنة من الفقهاء والمحدثين وغيرهم أن الروح ذات قائمة بنفسها لها صفات تقوم بها ، وإنها تفارق البدن وتصعد وتنزل وتقبض وتنعم وتعذب وتدخل وتخرج وتجيء وتُسأل وتحاسب ويقبضها الملك ويعرج بها إلى السماء ويشيعها ملائكة السموات إن كانت طيبة ....ا.هـ.
وفي الحلقة القادمة نأتي على بيان حديث : مررت على موسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره . وما قال العلماء فيه .
والله أعلم
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/4)
ما هي مرتبة حديث : أشراف أمتي حملة القرآن
ما هي مرتبة هذا الحديث...؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أشراف أمتي حملة القرآن ) رواه الإمام الترمذي
الجواب :
الحديث : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشراف أمتي حملة القرآن ، وأصحاب الليل .
رواه الطبراني في الكبير (12/125) والسهمي في تاريخ جرجان ( ص218) والبيهقي في شعب الإيمان .
والحديث قال عنه الهيثمي (7/161) : وفيه سعد الجرجاني وهو ضعيف .ا.هـ.
وأضاف محقق الطبراني الكبير : ونهشل متروك كما تقدم .ا.هـ.
وقال الألباني - رحمه الله - في تحقيق المشكاة (1/390ح1239) :
وإسناده ضعيف جدا ، فيه سعد بن سعيد الجرجاني وهو ضعيف ، قال الذهبي : لا يصح حديثه هذا عن نهشل القرشي وهو هالك .ا.هـ.
وقد أخرجه أيضا الخطيب في "تاريخ بغداد" (8/80) وابن عدي في "الكامل" (3/358) والحافظ الإسماعيلي في "معجم شيوخه"
(1/319) ومداره على سعد بن سعيد الجرجاني هذا.
وقد عزاه المنذري في الترغيب والترهيب لابن أبي الدنيا
لكن لم يذكر أين رواه.
والله أعلم .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
مروياتُ عنكبوتِ الغارِ والحمامتينِ في ميزانِ النقدِ العلمي
الحمد لله وبعد ؛
هذا بحثٌ في حادثةِ من أحداثِ السيرةِ ، وهي قصةُ نسجِ العنكبوتِ والحمامتين .
أولاً : طرقُ القصةِ :
قصةُ نسجِ العنكبوت والحمامتين وردت من ثلاثةِ طرقٍ وهي :
الطريق الأولى :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، قَالَ : وَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ الْجَزَرِيُّ : أَنَّ مِقْسَمًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : " وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ " [ الأنفال : 30 ] قَالَ : " تَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ لَيْلَةً بِمَكَّةَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِذَا أَصْبَحَ ، فَأَثْبِتُوهُ بِالْوَثَاقِ . يُرِيدُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ اقْتُلُوهُ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ أَخْرِجُوهُ . فَأَطْلَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ، فَبَاتَ عَلِيٌّ عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَحِقَ بِالْغَارِ ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ يَحْرُسُونَ عَلِيًّا ، يَحْسَبُونَهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ ، فَلَمَّا رَأَوْا عَلِيًّا ، رَدَّ اللَّهُ مَكْرَهُمْ ، فَقَالُوا : أَيْنَ صَاحِبُكَ هَذَا ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي . فَاقْتَصُّوا أَثَرَهُ ، فَلَمَّا بَلَغُوا الْجَبَلَ ، خُلِّطَ عَلَيْهِمْ ، فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ ، فَمَرُّوا بِالْغَارِ ، فَرَأَوْا عَلَى بَابِهِ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ ، فَقَالُوا : لَوْ دَخَلَ هَاهُنَا لَمْ يَكُنْ نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ عَلَى بَابِهِ ، فَمَكَثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ .(1/1)
أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (9743) بأطول من هذا ، وأحمد (1/348) ، والطبري في " جامع البيان " عند تفسير الآية ، والطبراني في " الكبير " (12155) ، والخطيب في " تاريخ بغداد " (13/191) .
والحديثُ ضعيفٌ ، في إسنادهِ عُثْمَانُ الْجَزَرِيُّ .
قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (6/174) : عثمان الجزري ، ويقال له : عثمان المشاهد . روى عن مِقْسَمٍ ، روى عنه معمر والنعمان ، سمعت أبي يقول ذلك .
نا عبد الرحمن ، انا علي بن أبي طاهر القزويني فيما متب إلي ، قال : انا أبو بكر الأثرم ، قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل سئل عن عثمان الجزري فقال : روى أحاديث مناكير ، زعموا أنه ذهب كتابه .
نا عبد الرحمن قال : سألت أبي عن عثمان الجزري فقال : لا أعلم روى عنه غير معمر والنعمان .ا.هـ.
وأورده البخاري في " التاريخ الكبير " (6/258) .
وهمٌ وقع فيه بعض أهل العلم :
وقع بعض أهل العلم في وهم عندما ظنوا أن عثمان الجزري هو عثمان بن عمرو بن ساج الجزري ، ومنهم :
1 - الشخ أحمد شاكر في " تخريج المسند " (4/193 ، 5/87) .
2 - الهيثمي في " المجمع " (7/27) فقال عند تخريجه للحديث : رواه أحمد والطبراني وفيه عثمان بن عمرو الجزري وثقه ابن حبان وضعفه غيره ، وبقية رجاله رجال الصحيح .ا.هـ.
3 - الشيخ الألباني أيضا في تخريجه لـ " فقه السيرة " للغزالي ( ص 163 ) ، والضعيفة (3/262) .
4 - الدكتور أكرم العمري في " السيرة النبوية الصحيحة " (1/208) .
5 - سامي بن محمد السلامة في تحقيقه لـ " تفسير ابن كثير " (4/46) ، فقد نقل كلام الهيثمي على الحديث .
6 - الدكتور سليمان بن علي السعود في " أحاديث الهجرة . جمع وتحقيق ودراسة " ( ص 113) .
وربما يكون هناك آخرين ممن اعتمدوا على تخريجهم فظنوا نفس الظن . والله أعلم .
تحسينُ بعضِ العلماءِ للقصةِ :
ذهب بعض أهل العلم إلى تحسين القصة منهم :(1/2)
1 - الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " (2/239) فقال : وهذا إسناد حسن ، وهو من أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار ، وذلك من حماية الله لرسوله صلى الله عليه وسلم .ا.هـ.
2 - وقال الحافظ ابن حجر في " الفتح " (7/278) : وَذَكَرَ أَحْمَد مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس بِإِسْنَادٍ حَسَن ... وذكر القصة .ا.هـ.
والصواب - والله أعلم - أن السند لا يحتمل التحسين وذلك لجهالة عثمان الجزري ، حتى الطرق التي ستأتي لا تجعل الحديث يرتقي إلى مرتبة الحسن لأنها أيضا ضعيفة .
تضعيفُ أهلِ العلمِ للقصةِ :
حكم عدد من أهل العلم على القصة بالضعف ، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض العلماء ضعفها على أن عثمان الجزري هو ابن عمرو بن ساج ، وفي هذا نظر كما بينا آنفا ، ومنهم :
1 - الشيخ أحمد شاكر .
قال في " تخريج المسند " (3251) : في إسناده نظر .
2 - الشيخ محمد ناصر الدين الألباني .
قال في تعليقه على " فقه السيرة " ( ص 163) لمحمد الغزالي : في المسند من طريق عثمان الجزري أن مقسماً مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس به . وحسن المؤلف إسناده ، وكأنه تبع فيه ابن كثير في " البداية " . وتبعه أيضا الحافظ في " الفتح " ، وفي تحسينه نظر فإن عثمان الجزري وهو ابن عمرو بن ساج .ا.هـ.
وقال في " الضعيفة " (3/339) : واعلم أنه لا يصح حديث في العنكبوت والحمامتين على كثرة ما يذكر ذلك في بعض الكتب والمحاضرات التي تلقى بمناسبة هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فكن من ذلك على علم .ا.هـ.
3 - الشيخ شعيب الأرنؤوط .
قال في تخريجه لـ " مسند الإمام أحمد " (5/301) : إسناده ضعيف ، عثمان الجزري ، ويقال له : عثمان المشاهد ... " وذكر كلام الإمام أحمد وأبي حاتم في الرجل .
4 - الشيخ بكر أبو زيد .
قال في " التحديث بما قيل : لا يصح فيه حديث " ( ص 133) عن غار حراء : نسج العنكبوت عليه وقصة الحمامتين . ونقل كلام الشيخ الألباني الآنف في الضعيفة .(1/3)
5 - النفيعي والعديني محققا تفسير ابن كثير (3/699 ط. دار الراية ) .
قالا في تخريج الحديث : الحديث رواه أحمد في المسند (1/348) ، وهو ضعيف لجهالة عثمان الجزري ، وترجمته في " تاريخ البخاري " و " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم ، وليس فيهما غير أنه روى مقسم ، وروى عنه معمر والنعمان بن راشد ، قال أحمد حين سئل عنه : روى أحاديث مناكير ، وزعموا أنه ذهب كتابه .ا.هـ.
6 - الشيخ عبد العزيز الطريفي .
قال الشيخ عبد العزيز الطريفي في أجوبته على أسئلة " ملتقى أهل الحديث " :
السؤال الخامس عشر : بلغنا عنكم تضعيف حديث مبيت علي في فراش النبي عند الهجرة ؟
الجواب: حديث مبيت علي على فراش النبي عند هجرته لا يصح، فقد أخرجه عبدالرزاق في مصنفه وعنه أحمد في المسند وابن جرير الطبري والطبراني في معجمه الكبير وغيرهم من حديث عثمان الجزري عن مقسم مولى ابن عباس عن ابن عباس، وفيه نسج العنكبوت بيتاً على الغار. وفيه عثمان الجزري قال فيه أحمد: روى أحاديث مناكير زعموا أنه ذهب كتابه. وقال ابن ابي حاتم عن أبيه: لا أعلم روى عنه غير معمر والنعمان، ومال إلى تحسينه الحافظ ابن كثير وابن حجر ! .ا.هـ.
والخلاصة : أن الحديث ضعيف بهذا السند . ووهم من جعل عثمان الجزري هو عثمان بن عمرو بن ساج . وفي كلا الحالتين الرجل ضعيف سواء كان عثمان بن عمرو أو عثمان الجزري فقط من غير ذكر لأبيه وجده .
الطريقُ الثانيةُ :(1/4)
أخرج أبو بكر المروزي في " مسند أبي بكر " (72) عن بشار الخفاف ، عن جعفر بن سليمان ، حدثنا أبو عمران الجوني ، حدثنا المعلى بن زياد ، عن الحسن ، قال : انطلق النبي صلى الله وأبو بكر إلى الغار فدخلا فيه ، فجاء العنكبوت فنسجت على باب الغار ، وجاءت قريش يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا رأوا على باب الغار نسج العنكبوت ، قالوا لم يدخله أحد ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قائما يصلي ، وأبو بكر يرتقب ، فقال أبو بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم : فداك أبي وأمي ، هؤلاء قومك يطلبونك ، أما والله ما على نفسي أبكي ، ولكن مخافة أن أرى فيك ما أكره ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تحزن إن الله معنا " .
وهذه الرواية معلولة :
1 - في سندها بشار بن موسى الشيباني الخفاف .
قال البخاري : منكر الحديث . وقال يحيى بن معين والنسائي : ليس بثقة . وقال أبو زرعة : ضعيف . وقال الحافظ ابن حجر : ضعيف كثير الغلط كثير الحديث .
2 - أنها مرسلة عن الحسن .
قال الذهبي في " الموقظة " ( ص 17) : " من أوهى المراسيل عندهم : مراسيل الحسن .
وأوهى من ذلك : مراسيل الزهري ، وقتادة ، وحُميد الطويل ، من صغار التابعين .
وغالب المحققين يعدون مراسيل هؤلاء معضلات ومنقطعات ؛ فإن غالب روايات هؤلاء عن تابعي كبير ، عن صحابي ، فالظن بمرسله أنه أسقط من إسناده اثنين .ا.هـ.
وذهب ابن كثير في " البداية والنهاية " (2/239) إلى تحسين هذه الرواية لأنها تشهد للرواية الأولى فقال : " وهذا مرسل عن الحسن ، وهو حسن بماله من الشاهد " .
والحديث أورد العلامة الألباني في " الضعيفة " (1129) .
الطريقُ الثالثةُ :(1/5)
عن أبي مصعب المكي قال : أدركت أنس بن مالك ، وزيد بن أرقم ، والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يتحدثون أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الغار أمر الله عز و جل شجرة ، فخرجت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم تستره ، و إن الله عز و جل بعث العنكبوت فنسجت ما بينهما فسترت وجه النبي صلى الله عليه وسلم ، و أمر الله حمامتين وحشيتين فأقبلتا تدفان (و في نسخة: ترفان) حتى و قعا بين العنكبوت و بين الشجرة ، فأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل معهم عصيهم و قسيهم و هراواتهم حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم على قدر مائتي ذراع قال الدليل سراقة بن مالك المدلج : انظروا هذا الحجر ثم لا أدري أين وضع رجله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الفتيان : إنك لم تخطر منذ الليلة أثره حتى إذا أصبحنا قال : انظروا في الغار ! فاستقدم القوم حتى إذا كانوا على خمسين ذراعا نظر أولهم فإذا الحمامات، فرجع، قالوا : ما ردك أن تنظر في الغار ؟ قال : رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد ، فسمعها النبي صلى الله عليه وسلم فعرف أن الله عز و جل قد درأ عنهما بهما ، فسمت عليهما فأحرزهما الله تعالى بالحرم فأفرجا كل ما ترون .
أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/229) ، والبزار كما في " كشف الأستار " (1741) .
وقد حكم العلامة الألباني في " الضعيفة " (1128) على هذه الرواية بالنكارة ، وسأكتفي بكلامه في تخريج الحديث فقال :
وقال الهاشمي : " تفرد به أنس ومن ذكر معه ، لا نعرفه إلا من حديث مسلم بن إبراهيم عن عون بن عمرو القيسي عن أبي مصعب " .
وقال العقيلي : " لا يتابع عليه عون وأبو مصعب رجل مجهول " .
قلت : وأشار البزار إلى جهالته بقوله : " لا نعلم رواه إلا عون بن عمير ، وأبو مصعب فلا نعلم حدث عنه إلا عُوين " .
وقال ابن معين في عون : " لا شيء " .
وقال البخاري : " منكر الحديث ، مجهول " .(1/6)
ذكره الذهبي في " الميزان " وساق له حديثين مما أنكر عليه هذا أحدهما .
وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه " البداية " (3/182) : " وهذا حديث غريب جدا " .
وقال الهيثمي في " المجمع " (6/53) : " رواه البزار والطبراني ، وفيه جماعة لم أعرفهم " .
قلت : يشير إلى عون وأبي مصعب ، فإن من دونهما ثقات معروفون ، فهي غفلة عجيبة منه عن هذه النقول . فسبحان من لا يضل ولا ينسى .ا.هـ.
ثانياً : فوائد ذات صلة بالبحث :
الفائدةُ الأولى :
هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة بصحبة الصديق رضي الله عنه جاءت من حديث عائشة رضي الله عنها في البخاري (3905) ، بوب البخاري لها : " باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة " ، ولم يذكر فيها نسج العنكبوت والحمامتين ، وأورد البخاري تحت الباب عدة روايات ولم يذكر فيها شيء من قصة نسج العنكبوت .
الفائدةُ الثانيةُ :
عقد الدكتور سليمان بن علي السعود في كتابه " أحاديث الهجرة . جمع وتحقيق ودراسة " مبحثا عنون له : " أخبار فيها مقال : وردت في شأن الغار " ( ص 138 – 143) ، وأورد تحته تسعة روايات ، منها حادثة نسج العنكبوت والحمامتين ، وروايات أخرى لا يثبت منها شيء .
الفائدةُ الثالثةُ :
قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في " تخريج المسند " (5/302) : وقد فات الحسيني وابن حجر أن يذكراه في كتابيهما مع أنه من شرطهما .ا.هـ.
ويقصد عثمان الجزري وليس عثمان بن ساج الجزري ، فهذا مترجم له في " التهذيب " .
الفائدةُ الرابعةُ :
قال ابن كثير في " البداية والنهاية " (3/199) : وقد ورد أن حمامتبن عششتا على بابه أيضا وقد نظم الصرصري في شعره حيث يقول :
فعمى عليه العنكبوت بنسجه **** وظل على الباب الحمام يبيض .ا.هـ.
وذكر العلامة الألباني أنه لا يصح في كلا الأمرين حديث في كلامه الآنف .
الفائدةُ الخامسةُ :(1/7)
فُتن كثير من المسلمين بمثل غار حراء وغيره من الآثار والأماكن ، فأصبحوا يشدون الرحل إليها ، بقصد التبرك أو بأي أمر آخر ، ورفع رؤوس المبتدعة عقيرتهم ، وسوغوا للعامة من أتباعهم شد الرحل إلى غار حراء وغيره من الأماكن التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم أو جلس فيها ، ولبسوا عليهم أنها أماكن ذهب إليها النبي صلى الله عليه وسلم إلى جانب أنها أماكن تستغل للسياحة ، وتدرُ على الدولة أموالا طائلة بسبب فرض رسوم لدخولها – نسأل الله السلامة والعافية - .
وكتبوا وطالبوا ولكن كان لهم العلماء العاملين بالمرصاد ردوا عليهم ومنهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - ، فقد كان لمثل هذه الدعوات بالمرصاد ، ورد على عدد من المطالبين لإحياء الغلو في النبي صلى الله ردودا قوية .
ومن الذين رد عليهم سماحة الشيخ صالح محمد جمال ، بعنوان : " الرد على ما نشر حول تعظيم ما يُسمى بالآثار الإسلامية " ، وإليكم رابط الرد عليه :
http://binbaz.org.sa/Display.asp?f=ibn00092.htm
إذا أردت أن تتابع القراءة لرد الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – في الرابط ، اضغط على التالي في أسف الصفحة .
وهذا هو نهاية البحث أسأل الله أن ينفع به .
رابط الموضوع 2
http://www.islamway.com/bindex.php?section=articles&article_id=390
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/8)
"ملك الدنيا أربعة....... وسيملكها خامس من أهل بيتي". ما صحته
ملك الدنيا أربعة مؤمنان وكافران أما المؤمنان فسليمان وذو القرنين والكافران النمرود وبختنصر وسيملكها خامس م أهل بيتي...........
ما تقولون فيه؟.
الجواب :
قال الإمامُ الطبري في " تفسيره " : " حدثني المثنى ، قال : ثنا أبو حذيفة ، قال : ثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : أنا أحيي وأميت : أقتل من شئت ، وأستحيي من شئت ، أدعه حيا فلا أقتله . وقال : ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر : مؤمنان ، وكافران ، فالمؤمنان : سليمان بن داود ، وذو القرنين ؛ والكافران : بختنصر ونمرود بن كنعان ، لم يملكها غيرهم .
وقال ابنُ كثيرٍ في " البدايةِ والنهاية " : " وقال الزبير بن بكار : حدثني إبراهيم بن المنذر ، عن محمد بن الضحاك ، عن أبيه ، عن سفيان الثوري قال : بلغني أنه ملك الأرض كلها أربعة : مؤمنان وكافران ، سليمان النبي ، وذو القرنين ، و نمرود ، وبخت نصر . وهكذا قال سعيد بن بشير سواء .
وقال السيوطي في " الدر المنثور " : " وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : " قال أنا أحيي وأميت " قال : أقتل من شئت ، وأستحيي من شئت ، أدعه حيا فلا أقتله ، وقال : ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر : مؤمنان وكافران ، فالمؤمنان : سليمان بن داوود وذو القرنين ، والكافران : بختنصر ونمرود بن كنعان ، لم يملكها غيرهم .
وقال أيضاً : " قال مجاهد : ملك الدنيا مشارقها ومغاربها أربعة : مؤمنان وكافران ، فالمؤمنان (سليمان بن داود) و (ذو القرنين) والكافران (نمرود) و (بختنصر) .
وقال السيوطي في " الحاوي " : " وأخرج (ك) ابن الجوزي في تاريخه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ملك الأرض أربعة مؤمنان و كافران فالمؤمنان ذو القرنين وسليمان والكافران نمروذ وبخت نصر وسيملكها خامس من أهل بيتي " .
---
تعليق :(1/1)
جزاك الله خيراً شيخنا عبدالله , وبارك الله لك في الموهوبة , وزيادة على ما تفضلت :
فقد أخرج الحاكم في " مستدركه " 2 : 589 ـ بلفظ مقارب ـ , قال :
حدثنا علي بن حمشاذ العدل , ثنا الحسين بن الفضل البجلي , ثنا إسماعيل بن أبان الأزدي , حدثني يحيى بن زكريا بن أبي زائدة , عن أبيه , عن أبي إسحاق , عن عمرو بن عبدالله الوادعي , قال : سمعت معاوية يقول :
( ملك الأرض أربعة : سليمان بن داود , وذو القرنين , ورجل من أهل حلوان , ورجل آخر ...
فقيل له : الخضر ؟ فقال : لا ) .
قلت : وهذا إسناد ضعيف , رجاله جميعهم ثقات , خلا عمرو بن عبدالله فإني لم أعرفه .
وزكريا بن أبي زائدة ثقة وكان يدلس وسماعه من أبي إسحاق كان بأخرة ( التقريب / ترجمة 2022 ) .
وأبو إسحاق السبيعي ثقة مكثر عابد , اختلط في آخر عمره .
ـ والله أعلم ـ .
كتبه / خالد الأنصاري .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/2)
بحث حديثي
من مات ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ عَنْ الْحَجِّ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ أَوْ مَرَضٌ حَابِسٌ فَمَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًّا شَاءَ نَصْرَانِيًّا .
رواه الدارمي في سننه (2/28) ، والبيهقي في السنن (4/334) والروياني في مسنده (2/301) وابن الجوزي في الموضوعات (1155) من طرق عن شريك عن ليث عن عبد الرحمن ابن سابط عن أبي أمامة .
قال الذهبي في ميزان الاعتدال (3/169) بعد إيراده للحديث : هذا منكر عن شريك .
وقال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1/377ح754) : قلت : في إسناده شريك بن عبد الله عن ليث بن أبي سُليم وكلاهما ضعيف .
ورواه ابن عدي في الكامل (5/72-73) من طريق شريك عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبي أمامة ... فذكره . وقال : وهذا الحديثان عن أبي هلال وشريك غير محفوظين .ا.هـ.
وأبو هلال في إسناد حديث آخر ، ولكن الشاهد أن الحديث عن شريك غير محفوظ .
ورواه أيضا في الكامل (7/37) من طريق نصر بن مزاحم عن سفيان عن ليث عن ابن سابط عن أبي أمامة ... فذكره .
وقال : وهذه الأحاديث لنصر بن مزاحم مع غيرها مما لم أذكرها عن من رواها عامتها غير محفوظة .
وأورد له ابن الجوزي في الموضوعات (1154) طريقا آخروقال عنه : ففي الطريق الأول : عمار بن مطر ، قال العقيلي : يحدث عن الثقات بالمناكير . وقال ابن عدي : متروك الحديث .
وقد نقل الزيلعي في نصب الراية (4/411-412) أن الحديث روي مرسلا عن ليث عن شريك نقلا عن البيهقي فقال :(1/1)
وقد روي هذا الحديث عن ليث عن شريك مرسلا وهو أشبه بالصواب ، قال الإمام أحمد في كتاب الإيمان حدثنا وكيع عن سفيان الثوري عن ليث عن ابن سابط عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، حدثنا إسماعيل بن علية عن ليث عن عبد الرحمن بن سابط فذكره ، هكذا رواه أحمد من حديث الثوري ، وابن علية عن ليث مرسلا وهو الصحيح .
فالحديث روي عن الثوري وابن علية كلاهما عن عبدالرحمن بن سابط مرسلا وهما ثقتان حافظان .
فالصحيح أن الحديث لا يثبت مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو مرسل .
والحديث قد روي بألفاظ أخرى عن عدد من الصحابة :
1 - عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلَمْ يَحُجَّ فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا وَذَلهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ :" وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا " [ آل عمران ]
رواه الترمذي (812) وقال : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ وَهِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَجْهُولٌ ، وَالْحَارِثُ يُضَعَّفُ فِي الْحديث
ورواه البزار في مسنده (3/87-88ح861) وقال : وهذا الحديث لا تعلم له إسنادا عن علي إلا هذا الإسناد ، وهلال هذا بصري حدث عنه غير واحد من البصريين عفان ومسلم بن إبراهيم وغيرهما ، ولا نعلم يروى عن علي إلا من هذا الوجه .
وهلال هو بن عبدالله مولى ربيعة بن عمرو ، قال عنه الذهبي في الميزان (4/315) :
قال البخاري : منكر الحديث . وقال الترمذي : مجهول . وقال العُقَيلي : لا يتابع على حديثه . وأورد له الذهبي هذا الحديث من مناكيره .
و قال الحافظ في التقريب : هلال بن عبد الله الباهلي مولاهم أبو هاشم البصري متروك
أما الحارث فهو الأعور ، كذبه الشعبي وغيره .(1/2)
وأورد العلامة الألباني الحديث في ضعيف الترغيب والترهيب (1/377ح753) وقال : ضعيف .
2 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مات ولم يحج حجة الإسلام في غير وجع حابس ، أو حاجة ظاهرة ، أو سلطان جائر ، فليمت أي الملتين شاء : إما يهوديا ، وإما نصرانيا .
رواه ابن عدي في الكامل (4/112) في ترجمة عبدالرحمن بن القطامي ، وابن الجوزي في الموضوعات (2/583ح1153) .
قال ابن الجوزي : وأما حديث أبي هريرة ففيه : أبو المهزوم واسمه يزيد بن سفيان . قال يحيى : ليس حديثه بشيء ، وقال النسائي : متروك الحديث . وفيه عبدالرحمن القُطامي ، قال عمرو بن علي الفلاس : كان كذابا . وقال ابن حبان : يجب تَنَكبُ رِوَاياته .
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/223) : رواه ابن عدي من حديث عبد الرحمن القُطامي عن أبي المهزوم وهما متروكان .ا.هـ.
3 - عن عبد الرحمن بن غُنم أنه سمع عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقول : من أطاق الحج فلم يحج ، فسواء عليه يهوديا مات أو نصرانيا .
رواه الإسماعيلي كما عزاه ابن كثير في تفسيره (2/97) ، قال ابن كثير عقب الأثر : وهذا إسناد صحيح إلى عمر .
وروى سعيد بن منصور في سننه كما عزاه ابن كثير أيضا في تفسيره (2/97) عن عمر – رضي الله عنه – أنه قال : لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار فينظروا كل من له جدة فلم يحج ، فيضربوا عليهم الجزية ، ما هم بمسلمين ، ما هم بمسلمين .
وهذا الأثر ضعيف لأن فيه إنقطاعا بين الحسن البصر ي وعمر بن الخطاب .
الخلاصة : أن الأحاديث التي وردت كلها ضعيفة لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا أثر عمر - رضي الله عنه - .
وعلى فرض صحة هذه الأحاديث فقد حملها العلماء على ما يلي :
قال ابن جماعة في مناسكه : والحديث مؤول على من يستحل تركه ولا يعتقد وجوبه .ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر : ومحمله على من استحل الترك .(1/3)
وقال ابن عراق : وعن بعضهم أنه على سبيل التغليظ والتنفير والتحريض على المبادرة إلى قضاء الفرض .
انتهى ،،،
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
بحث حديثي : منًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ
الحمد لله وبعد ،
عن عائشة رضي الله عنها قلنا : يا رسول الله ألا نبني لك بيتا بمنى يظلك . قال : لا ، منًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ .
تخريج الحديث :
أخرجه الإمام أحمد في مسنده (6/187،206-207) ، والدارمي (2/73) ، وابوداود ( 2019) ، والترمذي (881) وقال : هذا حديث حسن صحيح . وابن ماجة (3006،3007) ، والبيهقي (5/139) ، وابن خزيمة في صحيحه (2891) ، والحاكم في مستدركه (1/467) وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي في التلخيص .
والحديث جاء من طريق عبدالرحمن بن مهدي ، وزيد بن الحباب ، ووكيع ثلاثتهم عن إسرائيل ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن يوسف بن ماهك ، عن أمه مُسَيْكَةَ ، عن عائشة رضي الله عنها .
والحديث فيه علتان :
الأولى : إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي الكوفي قال عنه الحافظ بن حجر في التقريب : صدوق لين الحديث .
قال صاحبا تحرير تقريب التهذيب : بل ضعيف يُعتبر به في المتابعات والشواهد ، ضعفه يحي بن معين ، وابن حبان ، والدارقطني ، وقال : يعتبر به – يعني في المتابعات - ، وقال يحي بن سعيد القطان وأبو حاتم الرازي والنسائي والترمذي : ليس بقوي ، وقال أحمد : لا بأس به ، وقال أبوداود : صالح الحديث . وقد درس بن عدي حديثه ثم قال : وهو عندي أصلح من إبراهيم الهجري ، وحديثه يكتب في الضعفاء . كما بين أبوحاتم سبب تضعيفه وعد الاحتجاج به هو وآخرين حينما سأله ابنه عبدالرحمن قال : قلت لأبي : ما معنى لا يحتج بحديثهم ؟ قال : كانوا قوما لا يحفظون ، فيحدثون بما لا يحفظون فيغلطون ، ترى في حديثهم اضطرابا ما شئت .
وإنما انتقى مسلم من حديثه حديثين فقط كلاهما مُتابع (332) و (655) . أما توثيق الذهبي له ، فلم نجد له فيه سلفا .ا.هـ.
الثاني : مُسَيْكَة المكية ، والدة يوسف بن ماهك المكي .
قال عنها الإمام الذهبي في الميزان (4/610) : تفرد عنها ابنها .(1/1)
وذكرها أيضا في الكاشف (3/481) ولم يذكر فيها جرحا ولا تعديلا .
وقال عنها الحافظ ابن حجر في التهذيب (12/451) : روت عن عائشة حديث منى مناخ من سبق وعنها ابنها يوسف بن ماهك . قلت (الحافظ) : قال ابن خزيمة : لا أحفظ عنها راويا غير ابنها ولا أعرفها بعدالة ولا جرح .ا.هـ.
وكلام ابن خزيمة ذكره الحافظ ابن حجر بالمعنى وسيأتي نصه بعد قليل .
وقال الحافظ في التقريب : لا يعرف حالها .
وممن أعل هذا الحديث بمسيكة الإمام ابن خزيمة في صحيحه (4/284) فقال : باب النهي عن احتضار المنازل بمنى إن ثبت الخبر ، فإني لست أعرف مُسيكة بعدالة ولا جرح ، ولست أحفظ لها راويا إلا ابنتها .ا.هـ.
هكذا في صحيح ابن خزيمة " ابنتها " وهو خطأ مطبعي ، والصواب " ابنها" .
وممن أعل الحديث بمسيكة أيضا المباركفوري في تحفة الأحوذي (3/621) فقال : ومدار هذا الحديث على مسيكة وهي مجهولة كما عرفت .
والحديث ضعفه العلامة الألباني في عدة مواضع منها : ضعيف سنن أبي داود (438) ، وضعيف الترمذي (153) ، وضعيف ابن ماجة (648،649) .
وقد أشكل علي تحسين الألباني للحديث في كتاب إصلاح المساجد من البدع والعوائد (ص202ط. الخامسة) فقال – رحمه الله – في الحاشية : قلت : حديث حسن ، وقد صححه الترمذي والحاكم والذهبي ، والصواب ما ذكرته ، كما بينته في تخريج المشكاة رقم (2625) التخريج الثاني الطبعة الثانية إن شاء الله .ا.هـ.
ولعل تحسين الألباني للحديث منذ زمن متقدم ، وكما هو معلوم أن تخريج ضعيف السنن متأخر عن كتاب \" إصلاح المساجد \" ، والله أعلم .
وقد ذهب الإمام ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود (5/501،502) إلى تحسين الحديث على الرغم من نقله لكلام القطان في تضعيف الحديث فقال : قال ابن القطان : وعندي أنه ضعيف لأنه من رواية يوسف بن ماهك عن أمه مسيكة وهي مجهولة , لا نعرف روى عنها غير ابنها .(1/2)
والصواب تحسين الحديث , فإن يوسف بن ماهك من التابعين , وقد سمع أم هانئ وابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو وقد روى عن أمه , ولم يعلم فيها جرح , ومثل هذا الحديث حسن عند أهل العلم بالحديث , وأمه تابعية قد سمعت عائشة .ا.هـ.
الجزء الثاني : الجانب الفقهي في الحديث
كلام شُراح الحديث :
قال المباركفوري في التحفة (3/621) : قوله : ( ألا نبني لك بناء ) وفي رواية لابن ماجه : بيتا
( قال لا ) أي لا تبنوا لي بناء بمنى لأنه ليس مختصا بأحد إنما هو موضع العبادة من الرمي وذبح الهدي والحلق ونحوها , فلو أجيز البناء فيه لكثرت الأبنية وتضيق المكان , وهذا مثل الشوارع ومقاعد الأسواق , وعند أبي حنيفة أرض الحرم موقوفة فلا يجوز أن يملكها أح
( مناخ من سبق ) خبر مبتدأ والمناخ بضم الميم موضع إناخة الإبل
وقال العظيم آبادي في عون المعبود (5/501) : ( قلت يا رسول الله ألا نبني ) : من البناء أي نحن معاشر الصحابة
( مناخ ) : بضم الميم موضع الإناخة
( من سبق إليه ) : والمعنى أن الاختصاص فيه بالسبق لا بالبناء
وقال الطيبي : معناه أتأذن أن نبني لك بيتا في منى لتسكن فيه فمنع وعلل بأن منى موضع لأداء النسك من النحر ورمي الجمار والحلق يشترك فيه الناس , فلو بنى فيها لأدى إلى كثرة الأبنية تأسيا به فتضيق على الناس وكذلك حكم الشوارع ومقاعد الأسواق . وعند أبي حنيفة أرض الحرم موقوفة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة قهرا , وجعل أرض الحرم موقوفة , فلا يجوز أن يتملكها أحد . كذا في المرقاة .
وقال ابن العربي في عارضة الأحوذي (4/111) : وهو يقتضي بظاهره أن لا استحقاق لأحد بمنى إلا بحكم الإناخة بها لقضاء النسك في أيامها ثم يبني بعد ذلك بها ولكن في غير موضع النسك ثم خربت فصارت قفرا .(1/3)
وكنت أرى بمدينة السلام يوم الجمعة كل أحد يأتي بحصيره وخمرته فيفرشها في جامع الخليفة فإذا دخل الناس إلى الصلاة تحاموها حتى يأتي صاحبها فيصلي عليها فانكرت ذلك وقلت لشيخينا فخر الإسلام أبي بكر الشاشي : أويوطن أحد في المسجد وطنا أو يتخذ منه سكنا ، قال : لا ، ولكن إذا وضع مصلاه كان أحق بذلك الموضع من غيره لقول النبي صلى الله عليه وسلم : منى مناخ من سبق . فإذا نزل رجل بمنى برحله ثم خرج لقضاء حوائجه لم يجز لأحد أن ينزع رحله لمغيبه منه .
قال ابن العربي : وهذا أصل في جواز كل مباح للإنتفاع به خاصة الاستحقاق والتملك .ا.هـ.
وقال السهارنفوري في بذل المجهود (3/361) :
(مناخ) بضم الميم أي موضع الإناخة .
(من سبق إليه) والمعنى الاختصاص فيه بالسبق لا بالبناء فيه . أي هذا مقام لا اختصاص فيه لأحد دون أحد .
قال الطيبي : أي أتأذن أن نبني لك بيتا في منى لتسكن فيه ، فمنع وعلل بأن منى موضع لأداء النسك من النحر ورمي الجمار والحلق يشترك فيه الناس ، فلو بني فيها لأدى إلى كثرة الأبنية تأسيا به فتضيق على الناس ، وكذلك حكم الشوارع ومقاعد الأسواق ، وعند أبي حنيفة أرض الحرم موقفة فلا يجوز أن يتملكها أحد .ا.هـ.
قال الخطابي : إنما لم يأذن في البناء لنفسه وللمهاجرين لأنها دار هاجروا منها لله فلم يختاروا أن يعودوا إليها ويبنوا فيها وفيه أن هذا التعليل يخالف تعليله صلى الله عليه وسلم مع أن منى ليست دارا هاجروا منها قاله القاري .
قلت : وفي هذا الزمان كثرت الأبنية فيها وتملكوا منها بقاعا كثيرة ، فإلى الله المشتكى .ا.هـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (26/131) : ولم يكن بمنى أحد ساكنا فى زمنه و لهذا قال : منى مناخ من سبق و لكن قيل أنها سكنت فى خلافة عثمان و أنه بسبب ذلك أتم عثمان الصلاة لأنه كان يرى أن المسافر من يحمل الزاد و المزاد .ا.هـ.(1/4)
وقال الإمام ابن القيم في زاد المعاد (3/434) : فصل : وأما مكة فإن فيها شيئا آخر يمنع من قسمتها ولو وجبت قسمة ما عداها من القرى وهي أنها لا تملك فإنها دار النسك ومتعبد الخلق وحرم الرب تعالى الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والباد فهي وقف من الله على العالمين وهم فيها سواء ومنى مناخ من سبق .ا.هـ.
وقد قرر الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - في فتاويه (5/155-169) أنه لا يجوز البناء في منى ، ولا التملك فيها .
وهذه إحدى الفتاوى التي أفتى بها سماحته - رحمه الله - ( رقم 1192) :
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم أيده الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وبعد :
فقد تلقينا خطابكم الكريم المؤرخ في 11-12-78 هـ واطلعنا على ما ذكرتموه حول منى ، والتماسكم ما لدي في حكم هذه المسألة وأن أجمع العلماء وآخذ ما لديهم في ذلك . وأحيط جلالتكم بما يأتي :
1 - أنه لا يشك أحد في حسن قصد جلالتكم وإرادتكم الخير للمسلمين وما ينفعهم حالا ومستقبلا ، وهذا شيء معروف ، فجزاكم الله خير الجزاء وزادكم هدى وتوفيقا .
2 - قد جمعنا من قدرنا عليه من المشايخ الذين حضروا في منى وهم إخوتي : الشيخ عبد اللطيف ، الشيخ عبد الملك ، الشيخ عبد الله بن حميد ، الشيخ عبد العزيز بن باز ، السيد الشيخ علوي مالكي ، الشيخ عبد الله بن جاسر ، الشيخ عبد الله بن دهيش ، الشيخ عبد الله بن عقيل . وعرضنا المسألة - أعني مسألة منى - على بساط البحث ن وقد اجتمع الرأي واتفقت الكلمة من الجميع أن إحداث شيء من البناء في منى أمر لا يصح شرعا ، لأن ذلك يفضي قطعا إلى تفويت اشتراك الحجاج من المسلمين فيه ، ولما قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا نبني لك بيتا بمنى يظلك ؟ قال : لا ، منًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ " .(1/5)
نحن والمشايخ المذكورون متفقون على وجوب هدم ما كان بمنى من الأبنية القديمة والحادثة وعدم جواز بقائها ، وإن كان عند أحد مستند في بقاء شيء منها فليحضره ، وأنتم ولله الحمد رائدكم الحق وما يتمشى مع الأمر الشرعي ، نسأل الله أن يتولاكم بتوفيقه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انتهى ،،،
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/6)
مَا يُقَالُ عِنْدَ سَمَاعِ الرَّعْدِ فِي مِيزَانِ النَّقْدِ الحَدِيثِي
الحَمْدُ لِلَّهِ وبَعَدُ ؛
هذا بحثٌ بخصوص ذكرٍ يقال عند سماع الرعد ، جمعت فيه الأحاديث سواء المرفوع منها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أو ما ورد عن الصحابة .
- المرفوعُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم :
1 - عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ وَالصَّوَاعِقِ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ وَلَا تُهْلِكْبِكَ وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ .
أخرجه الترمذي (3450) ، والنسائي في الكبرى (10698) ، والبخاري في الأدب المفرد (721) ، وأحمد (2/100) .
قال الترمذي عقب الحديث : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه .
ومدار الحديث على رجل يقال له : أبو مطر وهو مجهول كما ذكر الذهبي والحافظ ابن حجر . وأيضا في سنده حجاج بن أرطاة وهو ضعيف .
وقد صحح الحديث العلامة أحمد شاكر – رحمه الله – في تخريج المسند (5763) .
أما العلامة الألباني فقد ذهب إلى تضعيف الحديث في الضعيفة (1042) ، وضعيف الأدب المفرد ( 111) .
وأخرج الحديث ابن أبي شيبة (10/214) عن جعفر بن برقان قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع الرعد قال : فذكر الحديث .
وهذا إسناد معضل .
تنبيه :
قال العلامة الألباني في ضعيف الأدب المفرد عن الحديث : ليس في شيء من الكتب الستة .ا.هـ.
2 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَ الْحَدِيث : أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْد قَالَ : " سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّح الرَّعْد بِحَمْدِهِ " .
أخرجه الطبري في تفسيره (20260) .
وفي سنده رجل لم يسم ، فهو سند ضعيف .
3 – عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله عز وجل فإنه لا يصيب ذاكرا .(1/1)
أخرجه الطبراني في الكبير (11/164) .
في إسناده يحيى بن كثير ، وعبد الكريم أبو أمية وهما ضعيفان .
قال الهيثمي في المجمع (10/136) : رواه الطبراني وفيه يحيى بن كثير أبو النضر وهو ضعيف .
قال ابن علان في الفتوحات الربانية (4/286) نقلا عن الحافظ ابن حجر : في سنده ضعف .
وقال العلامة الألباني في الضعيفة (2568) : ضعيف جدا ... قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا ؛ عبد الكريم هذا هو ابن أبي المخارق البصري أبو أمية المعلم ؛ وهو ضعيف ، وله ذكرٌ في مقدمة مسلم .
ويحيى بن كثير أبو النضر متروك ؛ كما قال الدارقطني ، وبه وحده أعله المناوي تبعا للهيثمي ! .ا.هـ.
4 – عن عبيد الله بن أبي جعفر أن قوما سمعوا الرعد فكبروا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سمعتم الرعد فسبحوا ، ولا تُكبروا .
أخرجه أبو داود في المراسيل (531) .
قال شعيب الأرنوؤط في تخريجه للمراسيل : محمود بن خالد ثقة ، ومن فوقه من رجال الصحيح .ا.هـ.
والمرسل كما هو معلوم من قسم الضعيف ، فيكون الحديث ضعيفا .
وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع (552) .
- الأثار الواردة عن الصحابة :
1 - عن عبد الله بن الزبير أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْدَ تَرَكَ الْحَدِيثَ ، وَقَالَ : سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ شَدِيدٌ .
أخرجه رواه الإمام مالك في الموطأ (2/992) ، والبخاري في الأدب المفرد (723) ، والبيهقي في الكبرى (3/362) .
أما الإمام مالك في الموطأ فقد قال : عن عامر بن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ... الحديث .
أي أنه سقط " عن عبد الله بن الزبير " فهو مقطوع كما أشار إلى ذلك الشيخ العلامة الألباني في تخريج " الكلم الطيب " (157) .
ورواه البخاري من طريق مالك موصولا إلى عبد الله بن الزبير .(1/2)
قال ابن علان في الفتوحات الربانية (4/285) : قال الحافظ - أي ابن حجر - : هو حديث موقوف أخرجه البخاري في الأدب المفرد عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك .ا.هـ.
وقال العلامة محمد ناصر الدين الألباني في تخريج " الكلام الطيب " (157) : صحيح الإسناد موقوفا .
وصححه في صحيح الأدب المفرد (556) .
وقال الشيخ مصطفى العدوي في تخريج الوابل الصيب (ص 197) : حديث موقوف صحيح .
2 - عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْد , قَالَ : " سُبْحَانَ الَّذِي سَبَّحْتَ لَهُ " .
أخرجه الطبري في تفسيره (20262) ، والبخاري في الأدب المفرد (722) وفيه زيادة :
قال ابن عباس : إن الرعد ملك ينعق بالغيث كما ينعق الراعي بغنمه .
والحديث أقل أحواله أنه حسن بسبب الحكم بن أبان ، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب : صدوق عابد له أوهام .
وضعف الأثر الشيخ العلامة الألباني في ضعيف الأدب المفرد (112) وقال :
ضعيف الإسناد موقوف ، موسى – أي بن عبد العزيز – سيىء الحفظ ، والحكم – وهو ابن أبان – ليس بالثبت ، وثبت الشطر الأول منه بنحوه مرفوعا .ا.هـ.
3 - عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْت الرَّعْد , قَالَ : " سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحْتَ لَهُ " .
وفي سنده مسعدة بن اليسع بن قيس اليشكري الباهلي .
قال عنه الذهبي في الميزان (4/98) : سمع من مُتَأَخِّري التابعين . هالك . كذبه أبو داود . وقال أحمد بن حنبل : حرقنا حديثه منذ دهر .
4 - عَنْ الْأَسْوَد بْن يَزِيد , أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْد , قَالَ : " سُبْحَان مَنْ سَبَّحْتَ لَهُ " , أَوْ " سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّح الرَّعْد بِحَمْدِهِ , وَالْمَلَائِكَة مِنْ خِيفَته ".
أخرجه الطبري في تفسيره (20263) .(1/3)
وهذا سند فيه انقطاع بين أبي صخرة والأسود بن يزيد ، وقد رجعت إلى ترجمة أبي صخرة في التهذيب (4/486) ولم أجد من شيوخه الأسود بن يزيد بل وجدت أخيه عبد الرحمان بن يزيد النخعي .
وهذا ما أشار إليه محقق تفسير الطبري (16/389) .
5 - عَنْ طَاوُس أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ الرَّعْد , قَالَ : " سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحْتَ لَهُ " .
أخرجه الطبري في تفسيره (20264) .
وذكره النووي في كتاب الأذكار (ص 263) فقال : وروى الإمام الشافعي رحمه الله في الأم بإسناد صحيح عن طاوس الإمام التابعي الجليل رحمه الله أنه كان يقول : فذكره .
وقال ابن علان في الفتوحات الربانية (4/286) نقلا عن الحافظ : هذا موقوف صحيح .
6 - عَنْ الْأَوْزَاعِيّ , قَالَ : كَانَ اِبْن أَبِي زَكَرِيَّا يَقُول : مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَع الرَّعْد : " سُبْحَان اللَّه وَبِحَمْدِهِ " , لَمْ تُصِبْهُ صَاعِقَة .
أخرجه الطبري في تفسيره (20265) .
وفي سنده ميسرة بن عبد ربه الفارسي ، قال عنه الذهبي في الميزان (4/230) : قال ابن حبان : كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ، ويضع الحديث ، وهو صاحب حديث فضائل القرآن الطويل .
وقال الدارقطني : متروك . وقال أبو حاتم : كان يفتعل الحديث .(1/4)
7 – عن عبد الله بن عباس قال : كنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في سفر فأصابنا رعد وبرق وبرد ، فقال لنا كعب : من قال حين يسمع الرعد : سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثلاثا عوفي مما يكون في ذلك الرعد ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلنا فعوفينا ، ثم لقيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه في بعض الطريق فإذا بردة أصابت أنفه فأثرت به فقلت : يا أمير المؤمنين ما هذا ؟ فقال : بردة أصابت أنفي فأثرت بي ، فقلت : إن كعبا حين سمع الرعد قال لنا : من قال حين يسمع الرعد : سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته عوفي مما يكون في ذلك الرعد ، فقلنا فعوفينا ، فقال عمر رضي الله عنه : فهلا أعلمتمونا حتى نقوله .
أخرجه الطبراني في الدعاء (985) ، وذكره النووي في الأذكار (ص 263) .
وقال ابن علان في الفتوحات الربانية (4/286) نقلا عن الحافظ ابن حجر : لم يذكر من خرجه وهو عندنا بالإسناد إلة الطبراني بإسناده إليه ... فذكر الحديث هذا موقوف حسن الإسناد ، وهو إن كان عن كعب فقد أقره ابن عباس وعمر فدل على أن له أصلا .ا.هـ.
هذا ما نالته يدي من الأحاديث بخصوص أذكار سماع الرعد .
أسأل الله أن ينفع بهذا البحث ، وأن يجعله خالصا لوجهه .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@164.WjwobEWJOxP^2@.ef22a49
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/5)
هل حديث " فضائل صلاة التراويح " صحيح؟
ما صحة حديث فضائل صلاة التراويح
عن علي بن ابي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال : " سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن فضائل التراويح فى شهر رمضان فقال:
يخرج المؤمن ذنبه فى اول ليلة كيوم ولدته أمه، وفى الليلة الثانية يغفر له وللأبوية ان كانا مؤمنين، وفى الليلة الثالثة ينادى ملك من تحت العرش؛ استأنف العمل غفر الله ماتقدم من ذنبك، وفى الليلة الرابعة له من الاجر مثل قراءة التوراه والانجيل والزابور والفرقان، وفى الليلة الخامسة أعطاه الله تعالى مثل من صلى في المسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الاقصى، وفى الليلة السادسة اعطاه الله تعالى ثواب من طاف بالبيت المعمور ويستغفر له كل حجر ومدر، وفى الليلة السابعة فكأنما أدرك موسى عليه السلام ونصره على فرعون وهامان، وفى الليلة الثامنة أعطاه الله تعالى ما أعطى ابراهيم عليه السلام، وفى الليلة التاسعة فكأنما عبد الله تعالى عبادة النبى عليه الصلاة والسلام، وفى الليلة العاشرة يرزقة الله تعالى خير الدنيا والآخرة، وفى الليلة الحادية عشر يخرج من الدنيا كيوم ولد من بطن أمه، وفى الليلة الثانية عشر جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر، وفى الليلة الثالثة عشر جاء يوم القيامة آمنا من كل سوء، وفى الليلة الرابعة عشر جاءت الملائكة يشهدون له أنه قد صلى التراويح فلا يحاسبه الله يوم القيامة، وفى الليلة الخامسة عشر تصلى عليه الملائكة وحملة العرش والكرسى، وفى الليلة السادسة عشر كتب الله له براءة النجاة من النار وبراءة الدخول فى الجنة، وفى الليلة السابعة عشر يعطى مثل ثواب الأنبياء، وفى الليلة الثامنة عشر نادى الملك ياعبدالله أن رضى عنك وعن والديك، وفى الليلة التاسعة عشر يرفع الله درجاته فى الفردوس، وفى الليلة العشرين يعطى ثواب الشهداء والصالحين، وفى الليلة الحادية والعشرين بنى الله له بيتا فى الجنة من النور، وفى الليلة(1/1)
الثانية والعشرين جاء يوم القيامة آمنا من كل غم وهم، وفى الليلة الثالثة والعشرين بنى الله له مدينة فى الجنة، وفى الليلة الرابعة والعشرين كان له اربعه وعشرون دعوة مستجابة، وفى الليلة الخامسة والعشرين يرفع الله تعالى عنه عذاب القبر، وفى الليلة السادسة والعشرين يرفع الله له ثوابه أربعين عاما، وفى الليلة السابعة والعشرين جاز يوم القيامة على السراط كالبرق الخاطف، وفى الليلة الثامنة والعشرين يرفع الله له ألف درجة فى الجنة، وفى الليلة التاسعة والعشرين اعطاه الله ثواب الف حجة مقبولة، وفى الليلة الثلاثين يقول الله : ياعبدى كل من ثمار الجنة واغتسل من مياه السلسبيل واشرب من الكوثرأنا ربك وأنت عبدى" .
---
لقد قرأت هذا الحديث في الساحات وكنت بصدد الرد عليه من أوجه .
أقول وبالله التوفيق :
هذا الحديث آثار الوضع ظاهرة واضحة لكل إنسان سواء كان عاميا أو طالب علم وإليكم التفصيل :
أولا : ذكر الإمام ابن القيم في كتابه العظيم " المنار المنيف " في معرفة علامات الوضع على الحديث وهي كثيرة وتنطبق على هذا الحديث بعضا مما ذكره الإمام ابن القيم .
قال الإمام ابن القيم في الكتاب المشار إليه ( ص 94) : فقبح الله الكاذبين على الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمحرفين للصحيح من كلامه ، فيالله من الأمة من هاتين الطائفتين ؟!
ثانيا : هذا الحديث ملفق من عدة أحاديث فلو نظر الواحد منا إلى بعض ألفاظه لوجد ما يلي وهي على سبيل المثال لا الحصر :
1 - لفظة " كيوم ولدته أمه " وردت في عدة أحاديث منها الصحيح ومنها الضعيف .
2 - لفظة " ينادى ملك من تحت العرش؛ استأنف العمل غفر الله ماتقدم من ذنبك " . وردت في أحاديث من ذلك :
- من صلى وهو منتعل ناداه ملك يا عبد الله استأنف العمل، فقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك.(1/2)
- عن أبي إدريس الخولاني عن معاذ "من صلى يوم الأربعاء اثنتي عشرة ركعة عند ارتفاع النهار يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات والمعوذتين ثلاث مرات نادى مناد عند العرش: يا عبد الله استأنف العمل فقد غفر لك ما تقدم من ذنبك ورفع الله سبحانه عنك عذاب القبر وضيقه وظلمته ورفع عنك شدائد القيامة ، ورفع له من يومه عمل نبي" .
قال العراقي في تخريج الإحياء :
أخرجه أبو موسى المديني وقال رواته ثقات والحديث مركب . قلت : بل فيه غير مسمى وهو محمد بن حميد الرازي أحد الكذابين .
3 - لفظ : "ياعبدى كل من ثمار الجنة واغتسل من مياه السلسبيل واشرب من الكوثرأنا ربك وأنت عبدى" .
أورد السيوطي في الدر المنثور حديثا فقال :
وأخرج ابن الضريس عن حبيب بن عيسى عن أبي محمد الفارسي قال: من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الأنعام بعث الله سبعين ألف ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة وله مثل أجورهم ، فإذا كان يوم القيامة أدخله الله الجنة ، أظله في ظل عرشه، وأطعمه من ثمار الجنة ، وشرب من الكوثر ، واغتسل من السلسبيل، وقال الله : أنا ربك وأنت عبدي.
وأكتفي بهذه النماذج .
ثالثا : لولا أن الرافضة تكره صلاة التراويح لقلتُ أن الحديث من تلفيق الرافضة لما اشتهر عنهم من الكذب في الحديث .
قال شيخ الإسلام في الفتاوي (23/120) :
وَلَكِنْ الرَّافِضَةُ تَكْرَهُ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ . فَإِذَا صَلَّوْهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لَا تَكُونُ هِيَ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ كَمَا أَنَّهُمْ إذَا تَوَضَّئُوا يَغْسِلُونَ أَرْجُلَهُمْ أَوَّلَ الْوُضُوءِ وَيَمْسَحُونَهَا فِي آخِرِهِ , فَمَنْ صَلَّاهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ فَقَدْ سَلَكَ سَبِيلَ الْمُبْتَدِعَةِ الْمُخَالِفِينَ لِلسُّنَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .ا.هـ.
والله أعلم .
رابط الموضوع
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4402(1/3)
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/4)
هل قصة دفن ذي البجادين في غزوة تبوك ثابتة ؟
الحمد لله وبعد ؛
كنت بصدد تحقيق قصة ذي البجادين من جهة ثبوتها وعدم ثبوتها ، ولكني وجدت كتابا حقق القصة تحقيقا جيدا فاكتفيت بما في ذلك الكتاب ، وإليكم التحقيق :
ذكر عبد القادر حبيب الله السندي في كتاب " الذهب المسبوك في تحقيق روايات غزوة تبوك " ( ص 374 – 377) قصة ذي البجادين فقال : الفصل الرابع والخمسون .
فيما جاء في وفاة عبد الله ذي البجادين وصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم ودفنه إياه في غزوة تبوك .
قال ابن هشام : قال ابن إسحاق : حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، أن عبد الله بن مسعود كان يحدث قال :
قمت من جوف الليل وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، قال : رأيت شعلة من النار في ناحية العسكر قال : فأتبعتها أنظر إليها ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وإذا عبد الله ذو البجادين المزني قد مات ، وإذا هم قد حفروا له ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وأبو بكر وعمر يدليانه إليه ، وهو يقول : أدنيا إلي أخاكما ، فدلياه إليه ، فلما هيأه لشقه قال : اللهم إني أمسيت راضيا عنه ، فارض عنه . قال : يقول عبد الله ابن مسعود : يا ليتني كنت صاحب الحفرة ...
قال عبد القادر السندي في الحاشية عند ترجمة محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي :
ثقة له أفراد .
قلت ( السندي ) : إنه لم يسمع من عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وإنه عنه مرسل ، وقد سألت سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عن هذا الإسناد فقال إنه فيما يعلم : لم يسمع محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عبد الله ابن مسعود ، والشيخ المذكور ( يقصد الشيخ عبد العزيز بن باز ) له علم واسع في رجال الكتب الستة ، ولو ثبت سماع محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عبد الله بن مسعود لكان هذا الحديث بهذا الإسناد حسنا .(1/1)
ثم قال : والواقدي في مغازيه إذ قال : حدثني يونس بن محمد ، عن يعقوب بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ثم ذكر النص .
قلت : هذا الحديث عند الواقدي بهذا الإسناد موضوع ، لأن فيه يونس بن محمد الصدوق .
قال الحافظ في التقريب : يونس بن محمد الصدوق ، كذاب من التاسعة .
وقال الذهبي في الميزان : يونس الكذوب . ومنهم من يقول فيه الصدوق على سبيل التهكم .
قلت : فالحديث عند ابن هشام في وفاة عبد الله ذي البجادين منقطع . وعند الواقدي موضوع والله تعالى أعلم بالصواب . ولم يصح في ذلك شيء فيما علمت .ا.هـ.
ثم ذكر السندي الطرق الأخرى التي أوردها الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمة ذي البجادين ، وانتقدها طريقا طريقا فقال :
ثم ذكر الحافظ للحديث طريقا آخر وقال : وأخرجه ابن مندة من طريق سعيد بن الصلت عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود وقال : فذكره .
قلت : سعيد بن الصلت ترجم له ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل ولم يعدله ولم يجرحه .
وترجم له الذهبي في العبر في خبر من غبر إذ قال : هو قاضي شيراز ، ومحدثها الكوفي روى عن الأعمش وطبقته .
وقال سفيان : ما فعل سعد بن الصلت ، قالوا له : ولي القضاء قال : ذره واقعد في الحش ، قلت : هذا الكلام يدل على الجرح ، فلا حجة لنا في حديثه والله تعالى أعلم .
وأما ما أشار الحافظ في الإصابة إلى طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده نحوه .
قلت : كثير بن عبد الله ترجم له الحافظ في التقريب إذ قال : كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني المدني ضعيف ، من السابعة ، منهم من نسبه إلى الكذب .
وقال الذهبي في الميزان : قال ابن معين : ليس بشيء ، وقال الشافعي وأبو داود : ركن من أركان الكذب ، وضرب أحمد حديثه ، وقال الدارقطني وغيره : متروك . وقال أبو حاتم : ليس بالمتين .ا.هـ.
ثم قال السندي :
قلت : لم أجد إسنادا صحيحا سالما من الكلام في وفاته والله تعالى أعلم .ا.هـ.(1/2)
وبعد هذا التحقيق الذي ذكره السندي يتبين أن قصة دفن ذي البجادين لا تثبت من جهة السند .
والله أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
هل قصة مهاجر أم قيس سببٌ لحديث إنما الأعمال بالنيات ؟
الحمد لله وبعد :
إنّ من فضل الله على هذه الأمة ، أن قيض لها علماء يبينون صحيح الأخبار من سقيمها .
وقد انتشر بين طلبة العلم والعامة أخبار من غير الحديث على أنها قد جاوزت القنطرة من جهة شهرتها ، فلا يُحتاج إلى النظر في صحتها وضعفها .
قال الشيخ بكر أبو زيد في كتابه " التأصيل " (1/73) :
ومن الفوائد المضافة : أن ثمة روايات في غير الحديث يتناقلها العلماء على التسليم بلا نكير ، هي عندهم كالجبال الرواسي في الثبوت ، لكن عند التخريج لها ، تُصَيَّرُها هباءً .ا.هـ.
وهذه الأخبار منها ما يتعلق بالعقيدة ، ومنها ما هو حديثي ، ومنها ما هو فقهي ، وغير ذلك من الأبواب ، بل بعضها نُسب إلى أئمة المذاهب الأربعة مع الأسف .
وقد جمعت جملة من هذه الأخبار مع بيان كلام أهل العلم عليها لنشرها في مثل هذه المنتديات نصيحة لله ولرسوله ولعامة المسلمين ، نسأل الله الأجر والمثوبة .
- هل قصة مهاجر أم قيس سببٌ لحديث إنما الأعمال بالنيات ؟ :
لقد ذكر بعض العلماء أن قصة مهاجر أم قيس سبب لورود حديث " إنما الأعمال بالنيات " ، فما صحة هذا القول ؟ قبل الشروع في الإجابة على هذا السؤال نورد هذه الرواية لنعرف مدى صحتها .
- روايات قصة مهاجر أم قيس :
نقل الحافظ ابن حجر في الفتح (1/16) أن سعيد بن منصور رواها بإسناده فقال :
وقصة مهاجر أم قيس رواها سعيد بن منصور قال : أخبرنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن عبد الله هو بن مسعود قال : من هاجر يبتغي شيئا فإنما له ذلك ، هاجر رجل ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس فكان يقال له : مهاجر أم قيس .ا.هـ.
وقد رواها أيضا الطبراني في المعجم الكبير (9/103) فقال :
حدثنا محمد بن علي الصائغ ، ثنا سعيد بن منصور به .ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/16) :(1/1)
ورواه الطبراني من طريق أخرى عن الأعمش بلفظ : كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها ، فكنا نسميه مهاجر أم قيس .ا.هـ.
وخرجها الحافظ ابن حجر في الإصابة (13/270) فقال :
خرج ابن منده ، وأبو نعيم ، من طريق إسماعيل بن عصام بن يزيد قال : وجدت في كتاب جدي يزيد الذي يقال له : حَبر ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن بن مسعود قال : كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها : أم قيس ، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر ، فهاجر فتزوجها ، فكنا نسميه مهاجر أم قيس ، قال ابن مسعود : من هاجر لشيء فهو له ، قال أبو نعيم تابعه عبد الملك الذماري عن سفيان انتهى . وهو يدفع إشارة أبي موسى أنه من أفراد حَبْر .ا.هـ.
وهذه القصة صحيحة من جهة الإسناد .
قال المزي في تهذيب الكمال (16/126) بعد أن ذكرها :
هذا إسناد صحيح .ا.هـ.
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (10/590) عند ترجمة سعيد بن منصور بعد إيرادها :
إسناده صحيح .ا.هـ.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/101) :
رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح .ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/16) :
وهذا إسناد على شرط الشيخين .ا.هـ.
- من قال من العلماء بأن القصة سبب لورود حديث " إنما الأعمال بالنيات " :
لقد ذهب بعض العلماء إلى أن قصة مهاجر أم قيس سبب لورود حديث إنما الأعمال بالنيات ومن هؤلاء :
1 – الإمام ابن دقيق العيد :
قال ابن دقيق العيد في " إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام " (1/11) بعد أن ذكر اسم الهجرة وعلى ماذا يطلق :
ومعنى الحديث وحكمه يتناول الجميع غير أن السبب يقتضي أن المراد بالحديث الهجرة من مكة إلى المدينة لأنهم نقلوا أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس فسمي مهاجر أم قيس .ا.هـ.
وقال أيضا :
((1/2)
التاسع) شرع بعض المتأخرين من أهل الحديث في تصنيف في أسباب الحديث كما صُنف في أسباب النزول لكتاب العزيز فوقفت من ذلك على شيء يسير له : وهذا الحديث على ما ذكرناه من الحكاية عن مهاجر أم قيس واقع على سبب فيدخل في هذا القبيل وتنضم إليه نظائر كثيرة لمن قصد تتبعه .ا.هـ.
2 – شيخ الإسلام ابن تيمية :
ذكر شيخ الإسلام أن سبب ورود حديث " إنما الأعمال بالنيات " هو قصة مهاجر أم قيس في عدة مواطن من الفتاوى . (18/253) (20/222) (27/47)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (18/253) :
وقد روى أن سبب هذا الحديث أن رجلا كان قد هاجر من مكة إلى المدينة لأجل امرأة كان يحبها تدعى أم قيس فكانت هجرته لأجلها فكان يسمى مهاجر أم قيس فلهذا ذكر فيه أو امرأة يتزوجها وفى رواية ينكحها فخص المرأة بالذكر لإقتضاء سبب الحديث لذلك ، والله أعلم .ا.هـ.
قال في الفتاوى (22/218) :
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ، مراده بالنية النية التي فى القلب دون اللسان بإتفاق أئمة المسلمين الأئمة الأربعة وغيرهم .
وسبب الحديث يدل على ذلك فإن سببه : ان رجلا هاجر من مكة إلى المدينة ليتزوج امرأة يقال لها : أم قيس فسمى مهاجر أم قيس .ا.هـ.
وقال أيضا في الفتاوى (27/47) :
وهذا الحديث الشريف إنما قاله النبي صلى الله عليه وسلم بسبب الهجرة فقال : إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل إمرىء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ، قال ذلك بسبب أن رجلا كان قد هاجر يتزوج امرأة يقال لها أم قيس وكان يقال له مهاجر أم قيس .ا.هـ.
3 – الإمام السيوطي :(1/3)
قال في تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (2/929) عند النوع التاسع والثمانون في معرفة أسباب الحديث :
ومن أمثلته : حديث " إنما الأعمال بالنيات " سببه أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك الهجرة بل ليتزوج امرأة يقال لها : أم قيس ، فسمي مهاجر أم قيس .
وقال في ألفيته في الأبيات المتعلقة بأسباب الحديث :
مِثْلُ حَدِيثِ " إنَّمَا الأَعْمَالُ " ****** سَبَبُهُ فِيمَا رَوَوْا وَقَالُوا
مُهَاجِرٌ لأُمِّ قَيْسٍ كَىْ نَكَحْ ****** مَنْ ثَمَّ ذِكْرُ امْرَأةٍ فِيهِ صَلَحْ
- العلماء الذين أنكروا ذلك :
1 – الحافظ ابن رجب الحنبلي :
قال في جامع العلوم والحكم (1/74-75) :
وقد اشتهرَ أنَّ قصةَ مهاجر أم قيسٍ هي كانت سببَ قول النبي صلى الله عليه وسلم : من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ، وذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم ، ولم نر لذلك أصلا بإسناد يصح ، والله أعلم .ا.هـ.
2 – الحافظ ابن حجر العسقلاني :
قال في الفتح (1/16) :
لكن ليس فيه أن حديث الأعمال سيق بسبب ذلك ، ولم أر في شيء من الطرق ما يقتضي التصريح بذلك .ا.هـ.
3 – الشيخ أحمد محمد شاكر :
نقل في تعليقه على ألفية السيوطي (ص183) كلام الحافظ ابن رجب الحنبلي ، وابن حجر – رحمهما الله - .
4 – الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد :
قال في كتابه " التأصيل " (1/73) :
ومن الفوائد المضافة : أن ثمة روايات في غير الحديث يتناقلها العلماء على التسليم بلا نكير ، هي عندهم كالجبال الرواسي في الثبوت ، لكن عند التخريج لها ، تُصَيَّرُها هباءً .(1/4)
منها : جعل قصة مهاجر أم قيس التي رواها ابن مسعود – رضي الله عنه – كما في سنن سعيد بن منصور ، ومعجم الطبراني سببا لورود حديث عمر – رضي الله عنه - : إنما الأعمال بالنيات ، وقد وقع في هذا الغلط الكبار أمثال ابن دقيق العيد – رحمه الله – كما في " إحكام الأحكام " ، وأنكر ذلك الحفظ منهم ابن رجب وابن حجر – رجمهما الله - .ا.هـ.
وبهذا يتبين أن القصة ليست سببا لورود حديث " إنما الأعمال بالنيات " كما قاله هذا الجمع من العلماء .
- فوائد من قصة مهاجر أم قيس :
- هل ورد ذكر اسم مهاجر أم قيس في شيء من الطرق ؟
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/24) :
وقد تقدم النقل عمن حكى أن سبب هذا الحديث قصة مهاجر أم قيس ولم نقف على تسميته .ا.هـ.
- ما اسم أم قيس ؟
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/24) : ونقل ابن دحية أن اسمها قيلة بقاف مفتوحة ثم تحتانية ساكنه .
وذكرها الحافظ في الإصابة (13/270) وقال : أم قيس . غير منسوبة .
وأردف بإم قيس الهذلية وقال عنها : قال أبو موسى : أوردها جعفر ، ولم يخرج لها شيئا .
قلت (الحافظ) : أخشى أن تكون هي التي قبلها ، فإن ابن مسعود يقول في مهاجر أم قيس رجل منا ، وابن مسعود هذلي ، فالرجل هذلي ، فكأن أم قيس المخطوبة أيضا هذلية .ا.هـ.
- هل مهاجر أم قيس كان مولى ؟
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (1/24) :
وحكى بن بطال عن ابن سراج أن السبب في تخصيص المرأة بالذكر أن العرب كانوا لا يزوجون المولى العربية ويراعون الكفاءة في النسب ، فلما جاء الإسلام سوى بين المسلمين في مناكحتهم فهاجر كثير من الناس إلى المدينة ليتزوج بها من كان لا يصل إليها قبل ذلك انتهى .
ويحتاج إلى نقل ثابت أن هذا المهاجر كان مولى وكانت المرأة عربيه ، وليس ما نفاه عن العرب على إطلاقه بل قد زوج خلق كثير منهم جماعة من مواليهم وحلفائهم قبل الإسلام وإطلاقه أن الإسلام أبطل الكفاءة في مقام المنع .ا.هـ.
والله أعلم .
عبد الله زقيل(1/5)
zugailam@yahoo.com(1/6)
هل هو حديث مكذوب : ألا إن السلطان والقرآن سيفترقان
نصُ الحديثِ :
عن معاذ بن جبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خذوا العطاء ما دام عطاء ، فإذا صار رشوة على الدين فلا تأخذوه ، ولستم بتاركيه يمنعكم الفقر والحاجة ، ألا إن رحى بني مرح قد دارت وقد قتل بنو مرح ألا إن رحى الإسلام دائرة ، فدوروا مع الكتاب حيث دار ، ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب . ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم مالا يقضون لكم ، فإن عصيتموهم قتلوكم وإن أطعتموهم أضلوكم ". قالوا : يا رسول الله كيف نصنع ؟ قال : " كما صنع أصحاب عيسى بن مريم ، نشروا بالمناشير وحملوا عل الخشب موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله".
قال الهيثمي في " المجمع " : رواه الطبراني . ويزيد بن مرثد لم يسمع من معاذ ، والوضين بن عطاء وثقه ابن حبان وغيره وضعفه جماعة ، وبقية رجاله ثقات .
فالحديثُ ضعيفٌ لا يثبتُ عن النبي صلى الله عليه وسلم .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/1)
هل ورد شيءٌ في استقبالِ القبلةِ عند النومِ ؟
الحمد لله وبعد .
روى أبو يعلى في مسنده (8/210) فقال :
حدثنا عقبة ، حدثنا يونس ، حدثنا السري بن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بفراشه فيفرش له ، فيستقبل القبلة ، فإذا أوى إليه توسد كفه اليمنى ، ثم همس ما ندري ما يقول ، فإذا كان في آخر الليل رفع صوته فقال : " اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، إله - أو رب - كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان ، فالق الحب والنوى ، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته .
اللهم أنت الأول الذي ليس قبلك شيء ، وأنت الآخر الذي ليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر الذي ليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين ، وأغننا من الفقر .
وهذا حديث ضعيف في إسناده السري بن إسماعيل الهمداني .
قال يحيى بن سعيد : استبان لي كذبه في مجلس .
وقال أبو طالب عن أحمد بن حنبل : ترك الناس حديثه .
وقال أبو حاتم : ذاهب .
وقال أبو داود : ضعيف متروك الحديث .
وقال النسائي : متروك الحديث .
وقال ابن عدي : وأحاديثه التي يرويها لا يتابعه أحد عليها .
وقال ابن حبان في المجروحين : كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل .
وأعله ابن كثير به في تفسيره (8/7) وقال : السري بن إسماعيل هذا ابن عم الشعبي ، وهو ضعيف جدا .
وقال الهيثمي في المجمع (10/121) : رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه السري بن إسماعيل ، وهو متروك .
وقد جعل السفاريني في غذاء الألباب (2/385) استقبال القبلة حال النوم من الآداب واستدل بهذا الحديث فقال :
ومنها استحباب استقبال النائم بوجهه القبلة ، ووضع يده اليمنى تحت خده اليمين ، فإن ذلك من سنة خاتم المرسلين ، وسيد الأولين والآخرين ، فقد روى أبو يعلى عن عائشة رضي الله عنها ... فذكر الحديث .ا.هـ.(1/1)
وبهذا يُعلم أن استقبال القبلة حال النوم فيه هذا الحديث الضعيف فلا يعمل بهذا الأدب من آداب النوم .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@23.PzqlaGzw1a5^2@.ef0df6e
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
هل يصح خبرُ قتلِ أبي عبيدة بنِ الجراحِ لوالده ؟
الحمد لله وبعد ،
يذكر كثير من المفسرين عند قوله تعالى : " لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ... الآية " [ المجادلة :22] قصة قتل أبي عبيدة لأبيه في معركة بدر ، وممن ذكرها :
1 - الحافظ ابن كثير في سورة المجادلة عن الآية المذكورة آنفا فقال :
وقد قال سعيد بن عبدالعزيز وغيره : أنزلت هذه الآية " لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " إلى آخرها في أبي عبيدة عامر بن عبدالله بن الجراح حين قتل أباه يوم بدر.ا.هـ.
2 - وذكر القرطبي الأقوال فيمن نزلت هذه الآية فقال :
قال السدي : نزلت في عبد الله بن عبد الله بن أبي , جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشرب النبي صلى الله عليه وسلم ماء , فقال له : بالله يا رسول الله ما أبقيت من شرابك فضلة أسقيها أبي , لعل الله يطهر بها قلبه ؟ فأفضل له فأتاه بها , فقال له عبد الله : ما هذا ؟ فقال : هي فضلة من شراب النبي صلى الله عليه وسلم جئتك بها تشربها لعل الله يطهر قلبك بها. فقال له أبوه : فهلا جئتني ببول أمك فإنه أطهر منها . فغضب وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم , وقال: يا رسول الله! أما أذنت لي في قتل أبي ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بل ترفق به وتحسن إليه .
وقال ابن جريج : حدثت أن أبا قحافة سب النبي صلى الله عليه وسلم فصكه أبو بكر ابنه صكة فسقط منها على وجهه , ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له , فقال : أو فعلته, لا تعد إليه ، فقال : والذى بعثك بالحق نبيا لو كان السيف مني قريبا لقتلته .(1/1)
وقال ابن مسعود : نزلت في أبي عبيدة بن الجراح , قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد ، وقيل : يوم بدر. وكان الجراح يتصدى لأبي عبيدة ، وأبو عبيدة يحيد عنه , فلما أكثر قصد إليه أبو عبيدة فقتله , فأنزل الله حين قتل أباه : " لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " الآية .
قال الواقدي: كذلك يقول أهل الشام .
ولقد سألت رجالا من بني الحارث بن فهر فقالوا : توفي أبوه من قبل الإسلام .
"أو أبناءهم" يعني أبا بكر دعا ابنه عبد الله إلى البراز يوم بدر, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (متعنا بنفسك يا أبا بكر أما تعلم أنك عندي بمنزلة السمع والبصر).
"أو إخوانهم" يعني مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم بدر.
"أو عشيرتهم" يعني عمر بن الخطاب قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر, وعليا وحمزة قتلا عتبة وشيبة والوليد يوم بدر.
وقيل: إن الآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة, لما كتب إلى أهل مكة بمسير النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح, على ما يأتي بيانه أول سورة "الممتحنة" إن شاء الله تعالى .ا.هـ.
3 - وقال البغوي :
وروى مقاتل بن حيان ، عن مرة الهمداني ، عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية قال : " وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ " يعني : أبا عبيدة بن الجراح ، قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم أحد .ا.هـ.
والذي يهمنا من هذا كله هل ثبتت قصة قتل أبي عبيدة لأبيه في معركة بدر أو أحد ؟
- نص القصة :
عن عبد الله بن شوذب قال : جعل أبو أبي عبيدة يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر ، فجعل أبو عبيدة يحيد عنه ، فلما أكثر قصده أبو عبيدة فقتله ، فأنزل الله عز وجل فيه هذه الآية : " لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ .... الآية " .(1/2)
أخرجها الطبراني في الكبير (1/154 ح 360) ، وأبو نعيم في الحلية (1/101) ، والحاكم في المستدرك (3/265) ، والبيهقي في سننه (9/27) كلهم من طريق أسد بن موسى ، ثنا ضمرة ، عن ابن شوذب به .
عبد الله بن شوذب من الطبقة السابعة كما عند الحافظ ابن حجر في التقريب ، والتي قال عنها الحافظ : كبار اتباع التابعين .
وقال ابن حبان في الثقات (7/10) : مات سنة ستٍ وخمسين ومئة .
- كلام أهل العلم على القصة :
قال البيهقي في السنن بعد أن ذكر القصة (9/27) : هذا منقطع .
وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق ( تهذيب تاريخ دمشق 7/161) :
قال المفضل ابن غسان : كان الواقدي ينكر أن يكون أبو أبي عبيدة أدرك الإسلام ، وينكر قول أهل الشام إن أبا عبيدة لقي أباه في زحف فقتله ، وقال : سألت رجالا من بني فهر منهم زفر بن محمد وغيره فقال : توفي أبوه قبل الإسلام ، ويسند أهل الشام ذلك إلى الأوزاعي ، وهذا غلط في قول الواقدي هذا .ا.هـ.
وقال الحافظ في الفتح (7/117) :
وقتل أبوه كافرا يوم بدر , ويقال إنه هو الذي قتله , ورواه الطبراني وغيره من طريق عبد الله بن شوذب مرسلا .
وقال االحافظ ايضا في الإصابة (5/286) :
ونزلت فيه : " لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... الآية " وهو فيما أخرجه الطبراني بسند جيد عن عبدالله بن شوذب قال : جعل والد أبي عبيدة يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر فيحيد عنه فلما أكثر صده فقتله فنزلت .ا.هـ.
وقال في التلخيص الحبير (4/102) :
وروى الحاكم والبيهقي منقطعا عن عبد الله بن شوذب قال : جعل أبو أبي عبيدة بن الجراح ينعت الآلهة لأبي عبيدة يوم بدر وجعل أبو عبيدة يحيد عنه فلما أكثر قصده أبو عبيدة فقتله . وهذا معضل ، وكان الواقدي ينكره ويقول : مات والد أبي عبيدة قبل الإسلام .
فائدة :
قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/102) :(1/3)
قوله : روي أن أبا عبيدة بن الجراح قتل أباه حين سمعه يسب النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم صنيعه .
أبو داود في المراسيل والبيهقي من رواية مالك بن عمير قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني لقيت العدو ، ولقيت أبي فيهم فسمعت منه مقالة قبيحة فطعنته بالرمح فقتلته فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم صنيعه . هذا مبهم .ا.هـ.
أخرجه أبو داود في المراسيل (328) ، والبيهقي في السنن (9/27) .
قال البيهقي عقبه : وهذا مرسل جيد .ا.هـ.
ومالك بن عُمير الحنفي قال عنه المزي في تهذيب الكمال (27/152) : روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مُرسلا .ا.هـ.
وقال ابن حجر في التهذيب (10/20) : قال ابن القطان : حاله مجهول وهو مخضرم .ا.هـ.
والحديث مرسل ، والمرسل من قسم الضعيف على الصحيح ، والله أعلم
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com
.(1/4)
هَلْ ثَبَتَ أَنَّ عَلِياً خَيرُ البَرِيةِ ؟
الرابط الصوتي
http://saaid.net/Doat/Zugail/148.ram
رابط الموضوع
http://www.alserdaab.com/alserdaab/showthread.php?s=&threadid=368
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/1)