بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: تخريج الحديث
جاء الحديث عن وائل بن حجر - رضي الله عنه - من طرق، هذا تخريجها:
1- تخريج طريق عبد الجبار بن وائل:
الوجه الأول عن عبد الجبار: عنه عن علقمة بن وائل ومولى لهم عن وائل بن حجر:
أخرجه أحمد في المسند (4/317)، ومسلم في صحيحه (401) - ومن طريقه ابن حزم في المحلى (4/112) - عن زهير بن حرب، وابن خزيمة (906) وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (57) من طريق محمد بن يحيى، والبيهقي (2/28 (1)، 71) من طريق جعفر بن محمد بن شاكر، أربعتهم - أحمد وزهير ومحمد بن يحيى وجعفر - عن عفان بن مسلم، عن همام بن يحيى،
وأخرجه أبو داود (723) - ومن طريقه ابن حزم في المحلى (4/91) - عن عبيد الله بن عمر القواريري، وابن خزيمة (905) عن عمران بن موسى، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2619) والطبراني (22/28) عن عبد الله بن أحمد، كلاهما - ابن أبي عاصم وعبد الله بن أحمد - عن محمد بن عبيد بن حساب، وابن حبان (1862) من طريق إبراهيم بن الحجاج السامي، والطحاوي (1/257) والطبراني (22/28) وابن عبد البر في التمهيد (9/227، 20/71) من طريق أبي معمر المقعد، والمزي في تهذيب الكمال (30/423) - معلقًا - عن عبد الصمد بن عبد الوارث، كلهم - القواريري وعمران ومحمد بن عبيد وإبراهيم بن الحجاج وأبو معمر وعبد الصمد - عن عبد الوارث بن سعيد،
__________
(1) وقع سند رواية الحديث في هذا الموضع هكذا: محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر، فصار الحديث من رواية عبد الجبار والمولى عن وائل، وأسقط علقمة، ولعله على هذا اعتمد الرشيد العطار في ذكر هذا الحديث في الأحاديث المنقطعة في صحيح مسلم.
وهذا السند خطأ أكيد، فإنه جاء في الموضع الآخر على الصواب، ولأن الظاهر البيِّن في نسخ صحيح مسلم إثبات علقمة في السند، والله أعلم.(1/1)
كلاهما - همام وعبد الوارث - عن محمد بن جحادة، عن عبد الجبار بن وائل به .
إلا أن عبد الوارث لم يذكر المولى راويًا عن وائل، وقال في علقمة بن وائل: وائل بن علقمة، سوى أنه في رواية الطبراني من طريقه جاء الاسم: ( علقمة بن وائل ) (1).
الوجه الثاني عن عبد الجبار: عنه عن بعض أهل بيته عن وائل بن حجر:
وأخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (ص137)، وأحمد (4/316) عن وكيع، وأبو داود (725) من طريق يزيد بن زريع، والطبراني في الكبير (22/32) من طريق عمرو بن مرزوق، والبيهقي (2/26) من طريق أبي النضر (2)، خمستهم - أبو داود ووكيع وابن زريع وابن مرزوق وأبو النضر - عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي،
وأخرجه أحمد (4/318) من طريق زهير، والخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل (ص438) من طريق أبي بدر شجاع بن الوليد، كلاهما عن عاصم بن كليب،
كلاهما - المسعودي وعاصم - عن عبد الجبار به.
الوجه الثالث عن عبد الجبار: عنه عن أمه عن وائل بن حجر:
أخرجه الحربي في غريب الحديث (ص980) والبزار (4488) والطبري في تهذيب الآثار (2198) وابن عدي في الكامل (6/156) والبيهقي (2/99) من طريق سعيد بن عبد الجبار، عن أبيه عبد الجبار بن وائل، به.
الوجه الرابع عن عبد الجبار: عنه عن أبيه وائل بن حجر مباشرة:
__________
(1) وفي رواية ابن حزم من طريق أبي داود جاء: علقمة بن وائل، ويبدو أنه اجتهاد من ابن حزم أو من بعض النساخ، لأنه في أبي داود: وائل بن علقمة.
(2) وأخرجه الطبراني (22/33) من طريق عمرو بن علي الفلاس عن المسعودي، إلا أن الفلاس لا يروي عن المسعودي، فكأنه سقط شيخُهُ من الإسناد.(1/2)
أخرجه أحمد (4/316) عن وكيع، وأبو داود (737) من طريق عبد الله بن داود، والنسائي في الصغرى (2/123) والكبرى (956) من طريق محمد بن بشر، والطبراني في الكبير (22/32) من طريق أبي نعيم، وابن قانع في معجم الصحابة (3/181، 182) من طريق خلاد بن يحيى، والخطيب في تاريخ بغداد (10/275) من طريق حجاج بن نصير، ستتهم - وكيع وابن داود وابن بشر وأبو نعيم وخلاد وحجاج - عن فطر بن خليفة،
وأخرجه عبد الرزاق (2633) - ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (1367) والطبراني في الكبير (22/20) - عن معمر، وابن أبي شيبة (7959، 36393) وابن ماجه (855) والطبراني (22/21) من طريق أبي بكر بن عياش، وأحمد (4/318) والدارمي (1241) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (466) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (62/383) - والطبراني في الكبير (22/20، 23، 24) والبيهقي (2/58) من طريق زهير، والبزار (4481) والنسائي في الصغرى (2/122) والكبرى (953) وابن المنذر في الأوسط (1255) والطبراني في الكبير (22/21، 23) وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (3/371) من طريق أبي الأحوص، والنسائي في الصغرى (2/145) والكبرى (1004) والطبراني (22/21، 23، 24، 25) من طريق يونس بن أبي إسحاق، والدارقطني (1/334) والطبراني في الكبير (22/22) من طريق زيد بن أبي أنيسة، والطبراني فيه (22/21-26) من طريق إسرائيل، وحديج بن معاوية، وسعد بن الصلت عن الأعمش، وعبد الحميد بن أبي جعفر، وزكريا بن أبي زائدة، ومحمد بن جابر، وحبيب بن حبيب، والبيهقي (2/58) - معلقًا - عن عمار بن رزيق. كلهم - أربعة عشر راويًا - عن أبي إسحاق السبيعي،(1/3)
وأخرجه ابن أبي شيبة (2687) عن هشيم، وابن أبي شيبة (2687) والدقاق في معجم مشايخه (115) وابن النجار في ذيل تاريخ بغداد (5/129) من طريق حفص بن غياث، وأحمد (4/315، 317) عن يزيد بن هارون، وعبد القدوس بن بكر بن خنيس ، وأحمد (4/317) والبزار (4478) عن أبي كريب والطبراني في الكبير (22/30) عن المقدام بن داود عن أسد بن موسى ، ثلاثتهم - أحمد وأبو كريب وأسد - عن أبي معاوية محمد بن خازم الضرير (1)، والطبراني (22/30) من طريق عبد الرحيم بن سليمان وقيس بن الربيع، سبعتهم - هشيم وحفص ويزيد وعبد القدوس وأبو معاوية وعبد الرحيم وقيس - عن حجاج بن أرطأة،
وأخرجه أحمد (4/316) من طريق مسعر،
وأخرجه أحمد (4/316) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (62/390) - من طريق أشعث بن سوار،
وأخرجه أحمد (4/317) من طريق عبد العزيز بن مسلم، والطبري في تهذيب الآثار (2199) من طريق عبد الصمد، كلاهما عن الأعمش،
وأخرجه أبو داود (736، 839) وابن المنذر في الأوسط (1623) والقطيعي في جزء الألف دينار (182) والطبراني في المعجم الكبير (22/27) والبيهقي (2/98) من طريق حجاج بن منهال، والطبراني (22/27) عن محمد بن يحيى القزاز، عن أبي عمر الحوضي، كلاهما - حجاج وأبو عمر - عن همام، عن محمد بن جحادة،
وأخرجه أبو داود (724) - ومن طريقه البيهقي (2/24) - من طريق عبد الرحيم بن سليمان، والطبراني (22/29) من طريق المحاربي وعمران بن عيينة، ثلاثتهم عن الحسن بن عبيد الله النخعي،
والطبراني (22/32) من طريق يزيد بن هارون وأسد بن موسى، عن المسعودي،
__________
(1) وقع سند رواية الحديث في هذا الموضع هكذا: محمد بن خارم عن حجاج عن عبد الجبار بن وائل قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ...، وصوابه: محمد بن خازم عن الحجاج، وقد سقط منه ذكر وائل، وقد يكون السبب أن ( عن ) تصحفت في الإسناد إلى ( بن ).(1/4)
تسعتهم - فطر وأبو إسحاق وحجاج ومسعر وأشعث والأعمش وابن جحادة والحسن بن عبيد الله والمسعودي - عن عبد الجبار بن وائل به.
الوجه الخامس عن عبد الجبار: عنه عن أبيه عن جده:
أخرجه تمام في الفوائد (1554) من طريق محمد بن الفضل بن عطية عن الحسن بن عبيد الله النخعي عن عبد الجبار به .
وأخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب (1/389) من طريق مسدد - وهو في مسنده كما ذكر ابن حجر في الإصابة (2/174) - عن هشيم عن حجاج بن أرطأة عن عبد الجبار به.
2- تخريج رواية علقمة بن وائل عن أبيه وائل بن حجر:(1/5)
أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (ص138) - ومن طريقه الطحاوي (1/269) والبيهقي (2/57، 178) -، وأحمد (4/316) ومسلم في التمييز (36) وابن حبان - كما في إتحاف المهرة (13/661) - من طريق محمد بن جعفر غندر، وإبراهيم الحربي في غريب الحديث (ص837)، وابن حبان - كما في الإتحاف (13/662) - من طريق محمد بن إسماعيل الصائغ، والحاكم (2913) من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثلاثتهم عن أبي الوليد الطيالسي، والحربي في غريب الحديث (ص837) والطبراني (22/9) والحاكم (2913) من طريق سليمان بن حرب، وأبو مسلم الكجي في سننه - كما في التلخيص الحبير (1/237) - عن عمرو بن مرزوق، ومسلم في التمييز (36) وابن حبان - كما في الإتحاف (13/661) - من طريق يحيى بن سعيد، وأبو عمر الدوري في جزئه في قراءات النبي - صلى الله عليه وسلم - (11) من طريق يزيد بن هارون (1)، وابن حبان (1805) من طريق وهب بن جرير وعبد الصمد، والدارقطني (1/334) من طريق يزيد بن زريع، والطبراني (22/9، 45) من طريق عفان، ووكيع، كلهم - أبو داود الطيالسي وغندر وأبو الوليد الطيالسي وسليمان بن حرب وعمرو بن مرزوق ويحيى بن سعيد ويزيد بن هارون ووهب وعبد الصمد وابن زريع وعفان ووكيع - عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن حجر بن العنبس،
__________
(1) سقط فيه ذكر حجر بن العنبس، وهو خطأ، لأن الرواية عن سلمة عن علقمة مباشرة - وتأتي - بلفظ مباين، وقد أنكرها بعض الأئمة على راويها وحده، ولو كان شعبة يتابعه لانتفت النكارة، أو لحُمِّلَها مع ذاك الراوي.(1/6)
وأخرجه أحمد (4/316) وابن أبي شيبة (3938) والدارقطني (1/286) من طريق وكيع، والنسائي في الصغرى (2/125) والكبرى (961) - ومن طريقه الدارقطني (1/286) وابن عبد البر في التمهيد (20/72) - من طريق عبد الله بن المبارك، والطبراني في الكبير (22/9) والبيهقي (2/28) وابن عبد البر في التمهيد (20/72) من طريق أبي نعيم، وابن المنذر في الأوسط (1281) من طريق خلاد، أربعتهم - وكيع وابن المبارك وأبو نعيم وخلاد - عن موسى بن عمير العنبري،
وأخرجه أحمد (4/316) (1) وأبو داود (729) من طريق شريك، وابن خزيمة (594، 642) وابن المنذر في الأوسط (1439) وابن حبان (1920) والدراقطني (1/339) والطبراني في الكبير (22/19) والحاكم في المستدرك (814، 826) وابن عساكر في تاريخ دمشق (17/278) من طريق هشيم، كلاهما - شريك وهشيم - عن عاصم بن كليب،
وأخرجه أحمد (4/318) والطبراني (22/13) والبيهقي (2/58) من طريق شريك، عن أبي إسحاق السبيعي،
وأخرجه محمد بن الحسن في موطئه (107) والحجة على أهل المدينة (1/96) عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي، والبخاري في جزء رفع اليدين (49) والطحاوي (1/224) عن أحمد بن داود والطبراني (22/12) عن معاذ بن المثنى، ثلاثتهم - البخاري وأحمد بن داود ومعاذ - عن مسدد ، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (ص484) من طريق محمد بن خالد بن عبد الله ، كلاهما - مسدد ومحمد - عن خالد بن عبد الله الواسطي، والدارقطني (1/291) - ومن طريقه البيهقي (2/81) - من طريق هشيم، والدارقطني (1/291) من طريق جرير، والطبراني (22/12) والبيهقي (2/81) من طريق زائدة، والطبراني (22/12) من طريق ورقاء بن عمر، ستتهم - أبو يوسف وخالد وهشيم وجرير وزائدة وورقاء - عن حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن مرة،
__________
(1) وقع في المسند عن أحمد: ثنا شريك، وهو خطأ بلا شك، وجاء على الصواب في الإتحاف (13/665).(1/7)
وأخرجه البخاري في الرفع (28) والنسائي في الصغرى (2/125، 194) والكبرى (642) - ومن طريقه الدارقطني (1/286) وابن عبد البر في التمهيد (20/72) -، والطبراني (22/19) من طريق قيس بن سليم العنبري،
وأخرجه أبو داود (997) والطبراني (22/45) من طريق موسى بن قيس الحضرمي، عن سلمة بن كهيل،
وأخرجه مسلم في التمييز (38) من طريق شريك، عن سماك بن حرب،
ثمانيتهم - حجر بن العنبس وموسى بن عمير وعاصم بن كليب وأبو إسحاق وعمرو بن مرة وقيس وسلمة وسماك - عن علقمة بن وائل، عن أبيه وائل بن حجر، به.
إلا أن شعبة في رواية غندر - عند أحمد - ويزيد بن زريع شكَّ في إدخال علقمة بن وائل بين حجر أبي العنبس ووائل بن حجر.
3- تخريج رواية عبد الجبار وعلقمة عن أبيهما وائل بن حجر:
أخرجه الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/410) من طريق حماد بن السائب عن عبد الجبار وعلقمة ابني وائل عن أبيهما ببعضه.
4- تخريج رواية عاصم بن كليب عن أبيه:
الوجه الأول عن عاصم: عنه عن أبيه عن وائل بن حجر:(1/8)
أخرجه عبد الرزاق (2522، 2948، 3038) - ومن طريقه أحمد (4/317) والطبراني في الكبير (22/34) وفي الدعاء (637) -، وأحمد (4/316) وابن أبي شيبة (2667) والبيهقي (2/112) من طريق عبد الله بن هاشم، ثلاثتهم - أحمد وابن أبي شيبة وابن هاشم - عن وكيع، وأحمد (4/318) عن يحيى بن آدم، وعبد الله بن الوليد، وأحمد (4/318) وابن المنذر في الأوسط (1438) من طريق أبي نعيم، والنسائي في الصغرى (3/35) والكبرى (1187) والطبراني (22/33) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، وابن خزيمة (479) والطحاوي (1/196، 223، 257) وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (2/268) والبيهقي (2/30) من طريق مؤمل، والطبراني (22/39) من طريق علي بن قادم، والبيهقي (2/112) من طريق الحسين بن حفص، تسعتهم - عبد الرزاق ووكيع ويحيى بن آدم وأبو نعيم وابن الوليد والفريابي ومؤمل وعلي بن قادم والحسين بن حفص - عن سفيان الثوري،
وأخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (ص137)، والطحاوي (1/196، 223، 259) من طريق يوسف بن عدي، والدارقطني (1/295) من طريق محمد بن سليمان لوين، والطبراني (22/34) من طريق أسد بن موسى، أربعتهم - أبو داود ويوسف ولوين وأسد - عن سلام بن سليم أبي الأحوص،(1/9)
وأخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده - كما في نصب الراية (1/381) وتحفة الأحوذي (2/127) (1)-، والشافعي في مسنده (852) - ومن طريقه البيهقي (2/24، 27) -، والحميدي في مسنده (885) - ومن طريقه الطبراني (22/36) -، والنسائي في الصغرى (2/236) والكبرى (746) - ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (19/252) - عن محمد بن عبد الله بن يزيد، وفي الصغرى (3/34) والكبرى (1186) عن قتيبة، وابن خزيمة (457، 691، 713) عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، و (713) عن عبد الجبار بن العلاء، وابن المنذر في الأوسط (1257) من طريق سعيد بن منصور، والدارقطني (1/290) من طريق علي بن شعيب، والطبراني (22/36) من طريق إبراهيم بن بشار الرمادي، وابن عبد البر في التمهيد (19/251) من طريق حامد بن يحيى، الأحد عشر - ابن راهويه والشافعي والحميدي ومحمد بن عبد الله بن يزيد وقتيبة وسعيد المخزومي وعبد الجبار بن العلاء وسعيد بن منصور وعلي بن شعيب وإبراهيم الرمادي وحامد - عن سفيان بن عيينة،
__________
(1) وقع فيهما خطأ شنيع من اجتهاد بعض النساخ، فالذي فيهما عن إسحاق قال: أخبرنا الثوري، والثوري توفي عام ولادة إسحاق، فكيف تأتي هذه الرواية بصيغة ( أخبرنا )؟! وأما ابن عيينة فقد لحقه ابن راهويه وسمع منه، فالصواب أن شيخه في هذه الرواية هو سفيان بن عيينة.(1/10)
وأخرجه أحمد (4/318) عن عبد الصمد، والدارمي (1357) وابن خزيمة (480، 714) - وعنه ابن حبان كما في إتحاف المهرة (13/667) - والطبراني (22/35) والبيهقي (2/131) من طريق معاوية بن عمرو، وأبو داود (727) وابن المنذر في الأوسط (1289) وابن حبان (1860) والطبراني (22/35) من طريق أبي الوليد الطيالسي، وابن الجارود (208) عن عبد الرحمن بن مهدي، والبخاري في رفع اليدين (67) والنسائي في الصغرى (2/126، 3/37) والكبرى (963، 1191) - ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (20/71) - وابن حبان - كما ذكر ابن حجر في الإتحاف (13/672) - من طريق عبد الله بن المبارك، والبيهقي (2/27، 28) من طريق عبد الله بن رجاء، ستتهم - عبد الصمد ومعاوية بن عمرو وأبو الوليد وابن مهدي وابن المبارك وابن رجاء - عن زائدة بن قدامة،
وأخرجه أبو داود (726، 957) - ومن طريقه ابن حزم في المحلى (4/125) - والبزار (4485) والنسائي في الصغرى (3/35) والكبرى (1188) وابن ماجه (810، 867) والطبراني (22/37) من طريق بشر بن المفضل،(1/11)
وأخرجه أحمد (4/318) عن يحيى بن آدم، والدارمي (1320) وأبو داود (838) والترمذي في السنن (268) وفي العلل الكبير (100) - ومن طريقه الحازمي في الاعتبار (89) -، والبزار (4483) والنسائي في الصغرى (2/206، 234) والكبرى (676، 740) وابن ماجه (882) وابن خزيمة (626، 629) وابن المنذر في الأوسط (1429) والطحاوي (1/255) وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (ق295) وابن حبان (1912) والدارقطني (1/345) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (342) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (62/383) وابن البخاري في المشيخة (ص617) وابن جماعة في مشيخته (2/574) والذهبي في معجم شيوخه (260) - والطبراني (22/39) والحاكم - كما في الإتحاف (13/673) - والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/501) ومحيي السنة البغوي في الأنوار في شمائل النبي المختار (543) من طريق يزيد بن هارون، وأبو داود (728) عن عثمان بن أبي شيبة، والطحاوي (1/196) من طريق محمد بن سعيد، والطبراني (22/39 - 41) من طريق يحيى الحماني، وعمار بن مطر، ويحيى بن أبي بكير، سبعتهم - يحيى بن آدم ويزيد وعثمان ومحمد بن سعيد ويحيى الحماني وعمار بن مطر ويحيى بن أبي بكير - عن شريك بن عبد الله،
وأخرجه ابن أبي شيبة (2410، 2426، 2666، 2923، 3935، 8442، 29679) - ومن طريقه البخاري في الرفع (128) وابن حبان كما في إتحاف المهرة (13/660، 665) وابن عبد البر في التمهيد (20/74) -، والترمذي (292) عن أبي كريب، والنسائي في الصغرى (2/211) والكبرى (689) عن أحمد بن ناصح، وابن ماجه (810) عن علي بن محمد، وابن خزيمة (477، 641، 690، 713) عن عبد الله بن سعيد، وابن خزيمة (713) وابن الجارود (202) عن علي بن خشرم، وابن حبان (1945) من طريق سلم بن جنادة، سبعتهم - ابن أبي شيبة وأبو كريب وابن ناصح وعلي بن محمد وعبد الله بن سعيد وابن خشرم وسلم - عن عبد الله بن إدريس،(1/12)
وأخرجه ابن أبي شيبة (2525) وابن خزيمة (478، 713) من طريق ابن فضيل،
وأخرجه أحمد (4/316) عن يونس بن محمد، وابن المنذر في الأوسط (1512، 1535) والبيهقي (2/72) من طريق مسدد، والبيهقي (2/111) من طريق صالح بن عبد الله الترمذي، ثلاثتهم - يونس ومسدد وصالح - عن عبد الواحد بن زياد،
وأخرجه أحمد (4/316) وابن خزيمة (697) من طريق محمد بن جعفر غندر، وأحمد (4/319) عن هاشم بن القاسم وأسود بن عامر، والبخاري في الرفع (54) والطبراني في الكبير (22/35) وفي الدعاء (637) من طريق مسلم بن إبراهيم، وابن خزيمة (698) من طريق وهب بن جرير، والطبراني (22/35) من طريق أبي الوليد الطيالسي، وابن عبد البر في التمهيد (23/161) من طريق آدم، سبعتهم - غندر وهاشم وأسود ومسلم ووهب وأبو الوليد وآدم - عن شعبة،
وأخرجه أحمد (4/317) عن عبد الصمد، والخطيب في الفصل للوصل المدرج (ص436، 437) من طريق عبد الواحد بن غياث، كلاهما عن عبد العزيز بن مسلم،
وأخرجه أحمد (4/318) عن أسود بن عامر، والطبراني في الكبير (22/36) وفي الدعاء (637) من طريق مالك بن إسماعيل، كلاهما عن زهير بن معاوية،
وأخرجه البزار (4489) والطبراني في الدعاء (637) من طريق خلاد الصفار، والطبراني في الدعاء (637) من طريق محمد بن إسماعيل الكوفي عن سفيان الثوري ، كلاهما - خلاد وسفيان - عن موسى بن أبي عائشة،
وأخرجه الدارقطني (1/292، 295) من طريق جرير، وصالح بن عمر،
وأخرجه الطحاوي (1/257، 259) والبيهقي (2/131) والخطيب في الفصل للوصل المدرج (ص433) من طريق خالد بن عبد الله،
وأخرجه الطبراني (22/33، 37-39) من طريق قيس بن الربيع، وعنبسة بن سعيد، وغيلان بن جامع، وموسى بن أبي كثير، وأبي عوانة، وجعفر الأحمر،(1/13)
وأخرجه الطبراني في الكبير (22/38) وفي الأوسط (1705) والدارقطني في المؤتلف والمختلف (4/1852) والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق (2/502) من طريق شريح بن مسلمة عن إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق عن أبيه عن جده أبي إسحاق،
وأخرجه الطبراني في الدعاء (637) من طريق محمد بن إسماعيل الكوفي عن خلاد الصفار،
وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (4/181) من طريق هريم بن سفيان،
وأخرجه الخطيب في الفصل للوصل (ص436) من طريق عبيدة بن حميد،
كلهم - ستة وعشرون راويًا - عن عاصم بن كليب، عن أبيه كليب، عن وائل بن حجر، به.
الوجه الثاني عن عاصم: عنه عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، لم يذكر وائلاً:
أخرجه أبو داود في السنن (736، 839) والمراسيل (42) والقطيعي في جزء الألف دينار (182) من طريق حجاج بن منهال، والطحاوي (1/255) من طريق حبان بن هلال، والبيهقي (2/99) من طريق عفان، ثلاثتهم - حجاج وحبان وعفان - عن همام عن شقيق أبي الليث،
والطحاوي (1/255) عن ابن أبي داود البرلُّسي، عن أبي عمر الحوضي، عن همام، عن الثوري،
كلاهما - شقيق والثوري - عن عاصم به.
الوجه الثالث عن عاصم: عنه عن أبيه عن جده:
أخرجه الترمذي (3587) وابن قانع في معجم الصحابة (1/337، 2/330) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3740، 3741) والمزي في تهذيب الكمال (12/576) من طريق أبي معدان عبد الله بن معدان عن عاصم به.
الوجه الرابع عن عاصم: عنه عن أبيه عن خاله:
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (1256) من طريق سعيد بن منصور، والطبراني في الكبير (18/336) من طريق زكريا بن يحيى زحمويه، وابن قانع في معجم الصحابة (2/330) من طريق محمد بن جعفر الوركاني ومحرز بن عون، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (3/567) وتمام في الفوائد (607) من طريق إبراهيم بن عبد الله الهروي، خمستهم - سعيد وزكريا والوركاني ومحرز والهروي - عن شريك بن عبد الله عن عاصم به.(1/14)
5- تخريج رواية عاصم بن شنتم ( أو شتيم، أو شييم ) عن أبيه:
أخرجه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (ق295)، وفيه: ( شنتم ) - وعنه ابن قانع في معجم الصحابة (1/350)، وفيه: ( شتيم ) - عن هارون بن عبد الله، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3789)، وفيه: ( شييم )، من طريق القاسم بن نصر، كلاهما عن العباس بن الفضل الأزرق عن همام عن شقيق أبي الليث عن عاصم به.
6- تخريج رواية عبد الرحمن اليحصبي عن وائل:
أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (ص137) - ومن طريقه الطبراني (22/42) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6481) -، وأحمد (4/316) عن وكيع، وأحمد (4/316) وابن أبي شيبة (3042) عن محمد بن جعفر غندر، والدارمي (1252) عن سهل بن حماد، والسراج في مسنده (1222) من طريق وهب بن جرير، والطحاوي (1/269) من طريق عبد الله بن رجاء، والطبراني (22/41) من طريق حفص بن عمر الحوضي، والبيهقي (2/26) من طريق يزيد بن هارون، ثمانيتهم - أبو داود ووكيع وغندر وسهل ووهب وابن رجاء وحفص ويزيد - عن شعبة، والطبراني (22/42) من طريق قيس بن الربيع، كلاهما - شعبة وقيس - عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري الطائي،
وأخرجه الطبراني (22/42) وابن الأعرابي في المعجم (1511) من طريق عبد الأعلى،
وأخرجه الطبراني (22/42) والبيهقي (2/58) من طريق أبي بكر النهشلي، عن أبي إسحاق السبيعي،
وأخرجه الخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق (1/393) من طريق حمزة الزيات، عن عمرو بن مرة،
أربعتهم - أبو البختري وعبد الأعلى وأبو إسحاق وعمرو - عن عبد الرحمن اليحصبي - وقيل: ابن اليحصبي -، عن وائل بن حجر، به.
7- تخريج رواية حجر بن العنبس عن وائل:(1/15)
أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده (ص138)، وأحمد (4/316) عن عبد الرحمن بن مهدي، وأبو مسلم الكجي في سننه - كما في التلخيص الحبير (1/237) - عن عمرو بن مرزوق، ومسلم في التمييز (36) من طريق أبي عامر، والطحاوي (1/269) والبيهقي (2/58) من طريق إبراهيم بن مرزوق، والطبراني (22/43) عن معاذ بن المثنى، كلاهما عن أبي الوليد الطيالسي، والطبراني (22/44) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6482) من طريق حجاج بن نصير، ستتهم - أبو داود وابن مهدي وعمرو بن مرزوق وأبو عامر وأبو الوليد وحجاج - عن شعبة،
وأخرجه أحمد (4/315) وابن أبي شيبة (7960، 36394) ومسلم في التمييز (37) وابن المنذر في الأوسط (1369) والدارقطني (1/333) وابن حزم في المحلى (3/263) من طريق وكيع، وأحمد (4/317) عن محمد بن عبد الله بن الزبير أبي أحمد الزبيري، وأبو داود (932) والدارمي (1247) والطبراني (22/44) من طريق محمد بن كثير، والترمذي (248) والدارقطني (1/334) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والترمذي (248) من طريق يحيى بن سعيد، والدارقطني (1/333) من طريق المحاربي، و (1/334) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، والطبراني (22/44) من طريق قبيصة، وابن سمعون في أماليه (165) والبيهقي (2/57) من طريق الأشجعي، والبيهقي (2/57) من طريق أبي داود الحفري وخلاد بن يحيى، كلهم - وكيع وأبو أحمد الزبيري ومحمد بن كثير وابن مهدي ويحيى بن سعيد والمحاربي والفريابي وقبيصة والأشجعي والحفري وخلاد - عن سفيان الثوري،
وأخرجه ابن أبي شيبة (3047)، والترمذي (249) عن محمد بن أبان، والطبراني (22/45) من طريق أبي كريب، ثلاثتهم - ابن أبي شيبة وابن أبان وأبو كريب - عن عبد الله بن نمير، والطبراني (22/45) من طريق محمد بن بشر، كلاهما عن العلاء بن صالح،
وأخرجه أبو داود (933) عن مخلد بن خالد الشعيري، عن ابن نمير، عن علي بن صالح،(1/16)
وأخرجه الدولابي في الكنى والأسماء (1090) من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل،
وأخرجه الطبراني (22/45) من طريق محمد بن سلمة بن كهيل،
ستتهم - شعبة وسفيان والعلاء بن صالح وعلي بن صالح ويحيى ومحمد ابنا سلمة بن كهيل - عن سلمة بن كهيل، عن حجر بن العنبس، عن وائل بن حجر، به.
انتهى تخريجُهُ بحمد الله، وتتلوه دراسة أسانيد الحديث وألفاظه.
ثانيًا: تحرير أسانيد الحديث وألفاظه
الفصل الأول: دراسة أسانيد الحديث
ويمكن بالنظر من خلال التخريج السابق إلى مدارات الحديث ورواته الرئيسين= أن تُلخَّص أسانيد الحديث إلى أربع طرق رئيسة:
الأولى: طريق علقمة بن وائل عن أبيه وائل بن حجر.
الثانية: طريق عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر.
الثالثة: طريق اليحصبي ( أو ابن اليحصبي ) عن وائل بن حجر.
الرابعة: طريق سلمة بن كهيل عن حجر بن العنبس عن وائل بن حجر.
أولاً: دراسة طريق علقمة بن وائل عن أبيه:
رواه عن علقمة جماعة، وأشهر الروايات رواية عبد الجبار بن وائل عن أخيه علقمة عن أبيهما، وفيما يلي دراستها، ثم دراسة متابعات عبد الجبار عن علقمة.
دراسة أسانيد رواية عبد الجبار بن وائل:
تبين من التخريج أنه اختُلف عليه على أوجه:
* الوجه الأول: رواه محمد بن جحادة عنه عن علقمة بن وائل ومولى لهم عن أبيه وائل بن حجر، ورواه عن ابن جحادة همام وعبد الوارث بن سعيد.
وقد اختُلف على همام:
- فرواه عفان عنه عن محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل ومولى لهم عن وائل.
- ورواه حجاج بن المنهال وأبو عمر الحوضي عنه عن ابن جحادة عن عبد الجبار عن أبيه مباشرة.
ولعل رواية عفَّان أرجح، لأمور:(1/17)
الأول: بالنظر إلى إسناد رواية أبي عمر الحوضي، ترى أنه قد تفرد به عنه محمد بن يحيى بن المنذر القزاز، ومحمد هذا ذكره ابن حبان في «الثقات» (1)، وقال الدارقطني: «لا بأس به» (2)، وقال الذهبي: «ما علمتُ بعدُ فيه جرحًا» (3)، وهو وإن أكثر عن أبي عمر الحوضي، فإنه له تفرُّدات عنه، قال الذهبي فيه: «وطال عمره، وتفرد»، وروايتُهُ عن أبي عمر أخرجها الطبراني في معجميه الكبير والأوسط، وكثير من أحاديث هذين الكتابين هي من الغرائب والأفراد، ولم يخرج هذه الرواية أحدٌ من أصحاب الكتب الستة المشهورة.
... وأبو عمر الحوضي حافظ كبير، وروى عنه كبار الأئمة، فحديثه معروف محفوظ، وتفرُّد القزاز هذا عنه ببعض الأحاديث مما قد لا يُحتمل.
الثاني: أن عفان بن مسلم أحد الحفاظ الكبار، وروايتُهُ مقدَّمةٌ على رواية حجاج بن منهال بنصِّ أبي داود السجستاني (4).
الثالث: أن رواية هذا الحديث عن عبد الجبار عن أبيه هي الجادة المسلوكة، لأن غالب الرواة، وهم سبعة، رووه عن عبد الجبار عن أبيه، لكن رواية ابن جحادة على خلاف هذه الجادة، إذ جاءت بإدخال واسطة بين عبد الجبار وأبيه، فربما سلك بعض الرواة ممن دون ابن جحادة الجادة المشهورة، وسلوك الجادة قرينة على الخطأ والوهم عند أئمة الحديث.
الرابع: أن بعض الرواة قد يقصر في أداء هذا الحديث، فيُسقط الواسطة، وهذا معروف لدى أئمة الحديث.
الخامس: أن رواية عفان بن مسلم هي التي خرَّجها مسلم في صحيحه، وقد عُلم من منهج صاحبي الصحيح - رحمهما الله - انتقاء أصح الأسانيد والألفاظ لكل حديثٍ يخرجانه.
... والله أعلم.
__________
(1) 9/153).
(2) سؤالات الحاكم (194).
(3) سير أعلام النبلاء (13/418).
(4) سؤالات الآجري (2/128).(1/18)
أما رواية عبد الوارث عن ابن جحادة، فقد رواه الجميع عنه بالإسناد، لكنه قال فيه: ( وائل بن علقمة )، فرواه القواريري وعمران بن موسى القزاز (1) وإبراهيم بن الحجاج السامي (2) ومحمد بن عبيد بن حساب (3) وأبو معمر (4) وعبد الصمد (5)= عن عبد الوارث، عن محمد بن جحادة، عن عبد الجبار، عن وائل بن علقمة... به.
... وقد أنكر الأئمة هذا القلب:
__________
(1) نسب إليه المزي في تهذيب الكمال (30/423) أنه شك فقال: وائل بن علقمة أو علقمة بن وائل.
(2) نسب إليه المزي في تهذيب الكمال (30/423) أنه قال: علقمة بن وائل، وظاهر كلام ابن حبان بعد أن أسند روايته أنه إنما قال: وائل بن علقمة.
(3) اختلف عليه عبد الله بن أحمد وابن أبي عاصم، فقال الأول: علقمة بن وائل، وقال الآخر: وائل بن علقمة، ولعل رواية ابن أبي عاصم أقوى، لموافقتها رواية الجماعة.
(4) اختُلف عليه، رواه عنه إبراهيم بن أبي داود البَرَلُّسي وأحمد بن محمد البرتي فقالا: وائل بن علقمة، ورواه عنه حفص بن عمر بن الصباح فقال: علقمة بن وائل، وقد قال ابن حبان في حفص: «ربما أخطأ»، وقال أبو أحمد الحاكم: «حدث بغير حديث لم يتابع عليه» [ انظر: لسان الميزان (2/328) ]، والآخران حافظان ووافقا الجماعة، فروايتهما مقدَّمة.
(5) اختلف عليه إسحاق بن أبي إسرائيل وزهير بن حرب، فقال الأول: علقمة بن وائل، وقال الآخر: وائل بن علقمة، وزهير أوثق بمراحل من إسحاق، وروايته أرجح لموافقته الجماعة.(1/19)
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: «سمعت القواريري يقول: ذهبت أنا وعفان إلى عبد الوارث، فقال: أيش تريدون؟ فقال له عفان: أخرج حديث ابن جحادة، فأملأه من كتابه: حدثنا محمد بن جحادة، قال: حدثني وائل بن علقمة، عن أبيه وائل بن حجر، قال: فقال له عفان: هذا كيف يكون؟! حدثنا به همام فلم يقل هكذا، قال: فضرب بالكتاب الأرض، وقال: أخرج إليكم كتابي وتقولون: أخطأت؟!» (1)، وقال أبو خيثمة زهير بن حرب: « إنما هو علقمة بن وائل» (2)، وقال ابن خزيمة: «هذا علقمة بن وائل لا شك فيه، لعل عبد الوارث أو من دونه شك في اسمه» (3)، وقال ابن حبان: «محمد بن جحادة من الثقات المتقنين، وأهل الفضل في الدين، إلا أنه وهم في اسم هذا الرجل إذ الجواد يعثر، فقال: وائل بن علقمة، وإنما هو: علقمة بن وائل» (4)، وقال ابن عبد البر: «هكذا قال في إسناد هذا الحديث: ( وائل بن علقمة )، وإنما أعرف علقمة بن وائل» (5)، وقال المزي فيمن روى عن وائل بن حجر: «وابنه علقمة بن وائل، وقال بعضهم: وائل بن علقمة، وهو وهم» (6).
... وتعليق الخطأ بعبد الوارث أقرب من تعليقه بابن جحادة - وهو صنيع ابن حبان -، لأن همامًا رواه عن ابن جحادة، فجاء به على الصواب.
... وقد يُردُّ احتجاج عبد الوارث بصحة كتابه بأن الخطأ والخلل قد يقع في الكتاب، ولا يلزم من ذلك تنقُّص الراوي، أو تضعيفه، والثقة يهم ويخطئ.
* الوجه الثاني: رواه المسعودي عن عبد الجبار، واختُلف عنه:
- فرواه أبو داود الطيالسي ووكيع ويزيد بن زريع وعمرو بن مرزوق وأبو النضر= عنه عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهل بيته عن أبيه وائل.
__________
(1) العلل ومعرفة الرجال (1/437، رقم 974)، ووقع في المطبوع: «ويقولون: أخطأت»، والصواب كما أثبت.
(2) تهذيب الكمال (30/423).
(3) صحيحه (2/55).
(4) الإحسان (1862).
(5) التمهيد (20/71).
(6) تهذيب الكمال (30/420)، وانظر: تحفة الأشراف (9/92).(1/20)
- ورواه يزيد بن هارون وأسد بن موسى عنه عن عبد الجبار عن أبيه بلا واسطة.
والرواية الأولى أرجح، لكثرة الرواة، ولأنهم أوثق - خاصةً في المسعودي - من يزيد بن هارون وأسد بن موسى، فإن المسعودي قد اختلط في آخره، ويزيد بن هارون ممن سمع منه بعد الاختلاط (1)، ولم تصح الرواية عن أسد بن موسى (2)، وإن صحت؛ فليس هو بذاك الثقة المتقن (3)، ووكيع وابن زريع وعمرو بن مرزوق سمعوا منه قبل الاختلاط (4)، فروايتهم أرجح ومن وافقهم.
وما ترجح من رواية المسعودي جاء عنه عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله، وفي روايات: عن أهل بيته، ولم يُسمَّ هؤلاء، والظاهر أن المقصود: علقمة بن وائل والمولى، لأن بعض الروايات يفسّر بعضًا مع اتحاد المخرج، ولأنهما من أهل عبد الجبار وأهل بيته، فإن علقمة أخو عبد الجبار.
وقد جاءت رواية عن عاصم بن كليب عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله، كرواية المسعودي، رواها زهير بن حرب عن عاصم.
وقد يُقال إن هذه الرواية معلولة بمخالفة الرواة الكثيرين الذين رووا الحديث عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل، ولعل في هذا نظرًا من وجوه:
الأول: أن الذي زاد رواية عبد الجبار إنما هو عاصم بن كليب نفسه، لا زهير عن عاصم، إذ قد ساق أحمد إسناد رواية زهير عن عاصم عن أبيه عن وائل، ثم قال: قال زهير: قال عاصم: وحدثني عبد الجبار، عن بعض أهله، أن وائلاً قال... فذكر قطعة من الحديث.
الثاني: أن موافقة زهير للجماعة بروايته الحديث عن عاصم عن أبيه عن وائل، تدل على أنه قد ضبط هذا الحديث، على وجهه الموافق للجماعة، وعلى الوجه الآخر.
__________
(1) انظر: تهذيب الكمال (6/191).
(2) فيها المقدام بن داود.
(3) انظر: تهذيب الكمال (2/512)، وتهذيب التهذيب (1/228).
(4) انظر: تهذيب الكمال (6/191)، والكواكب النيرات (ص54).(1/21)
الثالث: أن عاصمًا كان - فيما يظهر - مرجعًا في هذا الحديث، لذا كثرت الرواة عنه فيه، فرواه عنه نيف وعشرون رجلاً، وهذا يوحي بأن لعاصم في هذا الحديث مزيد عناية، مما لا يستبعد معه أن يكون له إسنادان في هذا الحديث.
الرابع: أنه لم يأت بما يستنكر في سند هذا الحديث، فلعاصم عليه متابعان: المسعودي ومحمد بن جحادة.
الخامس: أنه قد تابعه عن عاصم على هذا الوجه أبو بدر شجاع بن الوليد.
السادس: أن الأئمة قبلوا هذه الرواية ولم يُعلّوها، كالحافظ موسى بن هارون (1)، والخطيب البغدادي (2).
وأما رواية سعيد بن عبد الجبار، عن أبيه عبد الجبار بن وائل، عن أمه، عن وائل بن حجر، فإنها ضعيفة، فسعيد بن عبد الجبار - على قلة أحاديثه جدًّا -، قال فيه البخاري: «فيه نظر» (3)، وقال النسائي: «ليس بالقوي» (4)، وأمه لم أجد لها ترجمة، وقال ابن التركماني: «وأم عبد الجبار هي أم يحيى، لم أعرف حالها ولا اسمها» (5)، وقال الهيثمي: «لم أعرفها» (6)، وقد تفرد به عن سعيد بن عبد الجبار - فيما وجدتُ -: محمد بن حجر، وهذا قال فيه البخاري: «فيه بعض النظر» (7)، وقال أبو أحمد الحاكم: «ليس بالقوي عندهم» (8)، وقال الذهبي: «له مناكير» (9).
... فهذه الرواية منكرة جدًّا.
فتحصّل أن الثلاثة - محمد بن جحادة والمسعودي وعاصم - رووه عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه بواسطة بينهما.
__________
(1) انظر: الفصل للوصل المدرج في النقل (ص439).
(2) انظر: السابق (ص428).
(3) التاريخ الكبير (3/495).
(4) الضعفاء والمتروكين (265).
(5) الجوهر النقي (2/30).
(6) مجمع الزوائد (2/272، 9/624).
(7) التاريخ الكبير (1/69)، ووقع في المطبوع: «فيه نظر»، والتصويب من ضعفاء العقيلي (4/59) والميزان (7361).
(8) لسان الميزان: (5/119).
(9) ميزان الاعتدال (3/511).(1/22)
* الوجه الثالث: رواه أبو إسحاق السبيعي عن عبد الجبار عن أبيه مباشرة، وهنا تنبيهات حول أسانيد رواية أبي إسحاق:
1- بعض الرواة عن أبي إسحاق ضعيف أو مُتكلم فيه ( كحديج وأبي بكر بن عياش ومحمد بن جابر وحبيب بن حبيب )، وبعضهم تُكُلِّم في روايته عن أبي إسحاق خاصة ( يونس ابنه، و زهير بن معاوية )، إلا أن رواياتهم صحيحة بموافقتهم الثقات ممن رواه عن أبي إسحاق.
2- رواية الأعمش عن أبي إسحاق لم تصح، فإن الراوي عن الأعمش ( سعد بن الصلت ) قال فيه ابن حبان: «ربما أغرب» (1)، وقد خالف حفصَ بن غياث ( وهو من أوثق الناس عن الأعمش ) وعبدَ العزيز بن مسلم، اللذَين روياه عن الأعمش عن عبد الجبار مباشرةً، فروايتهما أصحُّ.
3- رواية يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن أبي إسحاق فيها سهل بن عثمان، تُكلّم فيه، وقيل: إنه يُغرب، والراوي عنه عبد الله بن محمد بن العباس الأصبهاني، لم أجد فيه جرحًا ولا تعديلاً.
... وتابع أبا إسحاق: الحجاجُ بن أرطأة، وفي روايته أمور:
1- رواية قيس بن الربيع عنه لا تصح، فيها المقدام بن داود، وقد تُكُلّم فيه (2).
2- روى الحديث أحمد وأبو كريب عن محمد بن خازم أبي معاوية الضرير عن حجاج عن عبد الجبار عن أبيه، وأخرجه الطبراني عن المقدام بن داود عن أسد بن موسى عن أبي معاوية عن حجاج عن عبد الجبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسقط وائلاً، وقد عرفتَ حال المقدام بن داود.
3- روى الحديث سهل بن عثمان عن عبد الرحيم بن سليمان عن الحجاج بن أرطأة عن عبد الجبار، ورواه عثمان بن أبي شيبة عن عبد الرحيم عن الحسن بن عبيد الله النخعي، ورواية ابن أبي شيبة أرجح، وسهل بن عثمان له غرائب.
__________
(1) الثقات (6/378).
(2) لسان الميزان (6/84).(1/23)
4- روى الحديث ابن أبي شيبة عن هشيم عن الحجاج عن عبد الجبار عن أبيه به، وأخرجه ابن عبد البر من طريق مسدد عن هشيم عن الحجاج عن عبد الجبار عن أبيه عن جده به، فزاد حجرًا جدَّ عبد الجبار، ورواية مسدد أقوى، فهو أحفظ، ولأن ابن أبي شيبة قرن هشيمًا بحفص بن غياث، فلعله حمل روايته على روايته.
وقد أعلَّ الوجه الثاني ابن عبد البر، قال: «حجر بن ربيعة بن وائل والد وائل بن حجر، رُوي عنه حديث واحد فيه نظر... إن لم يكن قوله في هذا الحديث: ( عن جده ) وهمًا، فحجر هذا صاحب، وإن كان غلطًا غير محفوظ فالحديث لابنه وائل، ولا يختلف في صحبة وائل بن حجر» (1)، قال ابن حجر: «ويحتمل أن يكون كان في الأصل عن ابن عبد الجبار بن وائل عن أبيه عن جده» (2).
وإن صح الوجه الثاني عن الحجاج، فهذا اضطرابٌ منه، فإن فيه لينًا، وروي الحديث عنه على هذين الوجهين المختلفين.
ثم إن الحجاج من المدلسين، وقد عنعن في جميع رواياته هذا الحديث عن عبد الجبار، بل صرَّح البخاري أنه لم يسمع منه (3)، ففي رواية الحجاج علل: ضعفه، واضطرابه، والانقطاع.
... ورواه عن عبد الجبار أيضًا: أشعث بن سوّار، وهو ضعيف.
... ورواه كذلك: الحسن بن عبيد الله، واختلف عنه:
- فرواه عبد الرحيم بن سليمان والمحاربي وعمران بن عيينة عنه عن عبد الجبار عن أبيه به،
- ورواه محمد بن الفضل بن عطية عنه عن عبد الجبار عن أبيه عن جده،
ومحمد بن الفضل بن عطية هذا كذاب متروك، وروايته هذه موضوعة، ومتنها كافٍ في ردِّها، إذ جاء قول وائل في هذه الرواية: «صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في منى»!
فالراجح ما رواه عبد الرحيم بن سليمان والمحاربي وعمران بن عيينة. وعمران هذا تُكُلِّم فيه، وفي السند إليه الحسن بن سهل، ذكره ابن حبان في «الثقات»، ولم أجد غيره ذكره.
__________
(1) الاستيعاب (1/389).
(2) الإصابة (2/174).
(3) سنن الترمذي (4/56)، وترتيب علله الكبير (ص235).(1/24)
وتابع أبا إسحاق والحجاج بن أرطأة وأشعث والحسن: فطر بن خليفة، ومسعر، والأعمش= كلهم رووه عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، بلا واسطة.
... ورواية الجماعة هؤلاء أولى بالصواب، لأنهم أكثر، وفيهم أحفظ وأتقن.
فصلٌ: الكلام على رواية عبد الجبار بن وائل عن أبيه
تتابع الأئمة على نفي سماع عبد الجبار بن وائل من أبيه:
فنفاه ابن معين (1)، والبخاري (2)، وأبو حاتم (3)، والترمذي (4)، والنسائي (5)، وابن حبان (6)، والدارقطني(7)، والبيهقي (8)، ونقل النووي اتفاق أئمة الحديث على ذلك (9).
لكنهم اختلفوا في إدراكه أباه،
فذكر جزمًا البخاريُّ (10)، وابن حبان (11)= أن عبد الجبار ولد بعد موت أبيه، وذكره مصدَّرًا بـ ( يقولون ): ابن سعد (12)، وابن معين (13).
__________
(1) تاريخ الدوري عنه (44، 1890).
(2) سنن الترمذي (4/55).
(3) الجرح والتعديل (6/30).
(4) سننه (4/56).
(5) سننه الصغرى (3/104)، والكبرى (1/308).
(6) الثقات (7/135).
(7) العلل (5/308).
(8) سننه (1/397).
(9) المجموع (3/104، 446)، وانظر: التلخيص الحبير (1/205).
(10) سنن الترمذي (4/55)، وترتيب علله الكبير (ص235)، تهذيب التهذيب (6/95)، وإن كان في التاريخ الكبير (1/69، 6/106) نَقَلَهُ عن محمد بن حجر، ومحمد جرّحه البخاري.
(11) الثقات (7/135)، ومشاهير علماء الأمصار (ص163).
(12) الطبقات (6/312).
(13) تاريخ الدوري عنه (1890)، ونقله الآجري في سؤالاته لأبي داود (1/279) عن أبي داود عن ابن معين بالجزم به من قوله، فليُنظر.(1/25)
وردّ هذا القول بعض العلماء، قال المزِّي: «وهذا القول ضعيف جدًّا، فإنه قد صح عنه أنه قال: كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي (1)، ولو مات أبوه وهو حمل لم يقل هذا القول» (2)، وقال - بعد حكاية قول البخاري -: «كذا قال، وقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الجبار بن وائل قال: كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي... الحديث... وهذا يبطل قول من قال: ولد بعد موت أبيه» (3)، وقال العلائي: «صح عن عبد الجبار أنه قال: كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي، وهذا ينفي أنه مات أبوه وهو حمل» (4).
لكن قال ابن حجر: «نص أبو بكر البزار على أن القائل: ( كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي ) هو علقمة بن وائل لا أخوه عبد الجبار» (5)، قال المباركفوري: «قول أبي بكر البزار هذا ضعيف جدًّا، فإنه لو كان قائل: كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي= هو علقمة، لم يقل فحدثني علقمة بن وائل» (6).
__________
(1) هذه رواية مسلم في صحيحه لحديثنا.
(2) تهذيب الكمال (16/395).
(3) تحفة الأشراف (9/83).
(4) جامع التحصيل (ص219).
(5) تهذيب التهذيب (6/95).
(6) تحفة الأحوذي (5/14).(1/26)
وقد ذكر البخاري وابن حبان روايةً عن فطر عن أبي إسحاق عن عبد الجبار بن وائل= فيها التصريح بسماع عبد الجبار من أبيه، وخطَّآها (1)، والذي وجدتُهُ: رواية الحديث التي أخرجها ابن قانع في معجم الصحابة من طريق خلاد بن يحيى عن فطر عن عبد الجبار قال: سمعت أبي، وخلاد قال فيه أبو حاتم: «محله الصدق»، وقال: «ليس بذاك المعروف»، وقال محمد بن عبد الله بن نمير: «صدوق إلا أن في حديثه غلطاً قليلاً» (2)، وهو قد أخطأ في ذكر السماع هنا، لأنه خالف جماعةً من الرواة، فيهم أئمة، هم: وكيع وعبد الله بن داود ومحمد بن بشر وأبو نعيم الفضل بن دكين وحجاج بن نصير (3)، كلهم رووه عن فطر، لم يذكروا سماعًا، فتحقق خطأ خلاد في هذا السماع.
فتحصّل أن عبد الجبار لم يسمع من أبيه، وأما الإدراك، فإن الخلاف فيه واقع، وإن كان نقل الأئمة القول بأنه لم يدرك أباه فيه شائبة عدم رضاهم به، فالأقرب أنه أدرك أباه، وإن كان الإدراك لا يفيدنا شيئًا في هذه المسألة ما دام السماع لم يثبت.
... وقد وصف ابن حبان هذا الانقطاع بالتدليس، قال: «عبد الجبار بن وائل بن حجر، مات أبوه وائل وأمه حامل به، كل ما روى عن أبيه مدلَّس» (4)، والأصل في هذا أن الرواية مع عدم الإدراك لا تسمى تدليسًا، لكن لعل إطلاق ابن حبان على سبيل التوسع (5)، ويدلُّ لهذا أن ابن حبان نفسه قال في رواية عبد الجبار عن أبيه: «وهذا ضرب من المنقطع الذي لا تقوم به الحجة» (6).
... ومع هذا كلِّه، فإن هذا الانقطاع مغتفرٌ، ولا يؤثر في صحة هذا الحديث خاصةً، وإليك البيان:
__________
(1) التاريخ الكبير (1/69)، المجروحين (2/273).
(2) الجرح والتعديل (3/268).
(3) انظر تخريج رواياتهم في تخريج الحديث.
(4) مشاهير علماء الأمصار (ص163).
(5) انظر: الاتصال والانقطاع، للشيخ إبراهيم اللاحم (ص177-179).
(6) المجروحين (2/273).(1/27)
فإن للانقطاع في الحديث درجات باعتبار مرتبة الساقط من الإسناد، إذ من المتقرر أن شرط اتصال الإسناد يرجع في نهاية الأمر إلى الشرطين الأولين، وهما عدالة الرواة وضبطهم، فإذا أمكن معرفة درجة الساقط تحديدًا أو تقريبًا، فالحكم على الإسناد حينئذٍ يكون بحسب درجة هذا الساقط.
1- ويتهيأ في أحيان كثيرة معرفة الساقط من الإسناد في الحديث المعين على وجه التحديد، إما بوروده في رواية أخرى، أو بنص إمام من أئمة هذا الشأن.
2- وإذا لم يتهيأ تسمية الساقط من الإسناد في الحديث المعين، فقد يتهيأ تسميته في جملة ما يرويه الراوي عن ذلك الشيخ الذي أَسقط مَنْ دونَه، إما بتسميته على وجه التعيين، أو بتسمية عدد من الرواة.
3- وإذا لم يتهيأ تسمية الواسطة في الحديث المعين، أو في جملة ما يرويه الراوي عمن أرسل أو دلس عنه، فالدرجة الثالثة أن يعرف بالقرائن حال من يسقطهم هذا المرسل أو المدلس عادة (1).
ومن منهج الأئمة النقاد تصحيح - أو تقوية - بعض الروايات المنقطعة لهذه العلة، فمن ذلك: قول الإمام يعقوب بن شيبة: «إنما استجاز أصحابنا أن يدخلوا حديث أبي عبيدة عن أبيه في المسند لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه وصحتها، وأنه لم يأت فيها بحديث منكر» (2)، وغيره مما ليس هذا موضع ذكره.
والظاهر من حال رواية عبد الجبار بن وائل، وكلام الأئمة حولها، وتصرفاتهم معها= أنها مع انقطاعها، لا بأس بها، مقبولة، بل قد تصحَّح.
__________
(1) ملخص من كلام الشيخ إبراهيم اللاحم، في «الاتصال والانقطاع» (ص410، 411، 413، 423).
(2) شرح علل الترمذي (1/544).(1/28)
فأولاً: قد وردت رواياتٌ لهذا الحديث بعينه عن عبد الجبار بن وائل بذكر الواسطة بينه وبين أبيه، وهي: أخوه علقمة بن وائل ومولى لهم، وفي رواياتٍ: أهل بيته، وعلقمة ثقة، وأهل بيته إن لم يكن المقصود بهم هو علقمة والمولى= فهم غيرُ واحدٍ، وهذه الروايات وإن كانت مرجوحةً بالمقارنة مع غيرها، إلا أنه لا يبعد أن يكون الرواة الآخرون قصروا في الأداء، واختصروا الرواية، لأنه من المعلوم عندهم انقطاع رواية عبد الجبار عن أبيه، وأن الواسطة معروفة، ولهذا نظائر، منها ما ذكره ابن أبي حاتم في علله قال: «سألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة، عن واصل مولى أبي عيينة، عن بشار بن أبي سيف، عن أبي عبيدة بن الجراح، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصوم جنة ما لم يخرقها». قال أبي: ( حدثنا ابراهيم بن أبي سويد، عن جرير بن حازم، عن واصل، عن بشار بن أبي سيف، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن غضيف، عن أبي عبيدة بن الجراح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصوم جنة ما لم يخرقها» ). قلت لأبي: أيهما الصحيح؟ قال: ( جميعًا صحيحين، حماد قصَّر به، وجرير جَوَّدَهُ ) » (1).
ومما يقوي الروايات عن عبد الجبار المصرحة بالواسطة: أنه قد جاءت متابعات لعبد الجبار عن علقمة بن وائل، وهذا يدل على أن للرواية بالواسطة أصلاً.
__________
(1) علل ابن أبي حاتم (1/236).(1/29)
ثانيًا: قد نصَّ الإمام ابن معين على أن الواسطة في هذه الرواية: أهل بيت عبد الجبار، قال: «عبد الجبار بن وائل بن حجر ثبتٌ، ولم يسمع من أبيه شيئًا، إنما كان يحدث عن أهل بيته عن أبيه» (1)، فدلَّ على أنه يعتبر أن الواسطة فيما رواه عبد الجبار عن أبيه: أهل بيته. ولما ذكر البخاري ترجمة عبد الجبار قال: «عبد الجبار بن وائل بن حجر الحضرمي عن أخيه عن أبيه» (2) ثم ذكر الانقطاع بين عبد الجبار وأبيه. وقال الحافظ ابن حجر: «... عبد الجبار إنما سمع هذا الحديث من أخيه علقمة بن وائل عن أبيه» (3).
قال الألباني - رحمه الله -: «ورجاله ثقات؛ لكنه منقطع؛ لأن عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه، كما يدل عليه قوله في حديث الكتاب: كنت غلامًا لا أعقل صلاة أبي، فحدثني علقمة بن وائل. لكن قوله هذا يدل على أنه قد أخذ الحديث هذا عن أخيه علقمة عن أبيهما؛ فعاد الحديث بذلك موصولاً» (4).
ثالثًا: أنه قد نصّ بعض الأئمة على صحّة هذا الحديث، مع أن من المتقرر أن رواية عبد الجبار بن وائل عن أبيه منقطعة، قال النسائي: «عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه، والحديث في نفسه صحيح» (5)، وهذا نصٌّ مهمٌّ في اعتبار هذه القاعدة، وقال الدارقطني - بعد أن أخرج رواية زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق عن عبد الجبار عن أبيه -: «هذا إسناد صحيح» (6).
فتصحيح هذين الإمامين للحديث مع انقطاع إسناده= دليلٌ قويٌّ على أن هذه الرواية مقبولة، وأن الانقطاع هذا غير مؤثر.
__________
(1) تاريخ الدوري عنه (44).
(2) التاريخ الكبير (6/106).
(3) الإصابة (5/214).
(4) صحيح سنن أبي داود-الأم (3/310).
(5) سننه الكبرى (1/308).
(6) سننه (1/334).(1/30)
وقد يَرِدُ على هذا أن البخاري أعلَّ حديثًا بهذا الانقطاع، فقد سأله الترمذي عن حديث من رواية الحجاج بن أرطأة عن عبد الجبار عنه أبيه، فقال: «الحجاج بن أرطاة لم يسمع من عبد الجبار بن وائل، وعبد الجبار لم يسمع من أبيه، ولد بعد موت أبيه» (1).
ويمكن أن يُجاب عن هذا بأمور:
الأول: أن تقوية رواية عبد الجبار بن وائل عن أبيه قد تكون في هذا الحديث خاصة، ويقوِّي هذا أنه هو نفسُهُ الحديث الذي قواه النسائي والدارقطني، فقد يكونان خصَّاهُ بالتقوية، للروايات الواردة فيه المصرّحة بالواسطة.
الثاني: أن الجميع متفق على أن عبد الجبار لم يسمع من أبيه، ولا يلزم من قول البخاري بهذا أنه لا يرى قوّة هذه الرواية، والأئمة بيّنوا انقطاع الرواية، مع أنهم يرون صحتها بالقرائن. لكن يرد على هذا الجواب: أنه ذكر ذلك في معرض الإعلال للرواية، فالله أعلم.
ويُنبّه إلى أن مثل هذا النوع من تقوية الأئمة لما ثبت انقطاعُهُ من الروايات مشروط بما إذا لم يأت الراوي عمن لم يسمع منه بما ينكر، فإن هذا يوحي بأنه أخذ هذا المنكر من غير الثقات الذين عُلموا واسطةً.
... فالحاصل أن رواية عبد الجبار عن أبيه لحديثنا هذا خاصةً قويةٌ، ويبقى النظر في بقية رواياته عن أبيه.
النظر في متابعات عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل:
... قد تابع عبدَ الجبار جماعة، وليست كل المتابعات صحيحة، وفيما يلي البيان:
1- فتابعه موسى بن عمير العنبري، والمتابعة صحيحة عنه، إلا أن طريق خلاد بن يحيى رواها عنه عبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة، وخالفه بشر بن موسى، فرواه عن خلاد عن فطر بن خليفة عن عبد الجبار، ورواية بشر أرجح، فإنه ثقة معروف، وعبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة ذكره ابن حبان في الثقات، ولم أجد من ذكره غيره.
2- وتابعة قيس بن سليم العنبري.
... ورواه شريك بن عبد الله القاضي عن:
3- أبي إسحاق السبيعي،
4- وسماك بن حرب،
__________
(1) ترتيب علل الترمذي الكبير (ص235).(1/31)
كلاهما عن علقمة بن وائل، وهذا من تخليط شريك في هذا الحديث، واضطرابه فيه، فإنه قد روى هذا الحديث على خمسة أوجه ( هذان الوجهان، وعن عاصم بن كليب عن علقمة عن أبيه، وعن عاصم عن أبيه عن وائل، وعن عاصم عن أبيه عن خاله )، وحال شريك لا يُحتمل معه تعدد الأسانيد، بل هو اضطراب منه، فإنه لم يحفظ الأسانيد ولم يضبطها، كما لم يحفظ متن الحديث ولم يضبطه، فإنه زاد فيه زيادات لم يزدها غيره، ويأتي بيان ذلك - إن شاء الله تعالى -.
5- ورواه شريك عن عاصم بن كليب عن علقمة به بلفظ: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة»، وروى هذا اللفظَ مرةً أخرى عن عاصم بن كليب عن أبيه عن خاله، وخالفه في رواية هذا اللفظ عن عاصم اثنان: زهير، وشجاع بن الوليد، روياه عن عاصم عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل، وهو الصواب، قال الحافظ موسى بن هارون الحمال: «وقد وهم شريك إذ ذكر في آخر الحديث علقمة بن وائل، والصواب قال - أي: عاصم -: وحدثني عبد الجبار ابنه، فجعل شريك مكان عبد الجبار بن وائل: علقمة بن وائل» (1)، فرواية شريك الحديث بهذا الإسناد خطأ.
... وقد جاءت متابعة لشريك على هذا الوجه، لكن بلفظ مغاير، فرواه هشيم بن بشير عن عاصم بن كليب عن علقمة بن وائل عن وائل، وفي هذه المتابعة علتان:
الأولى: أنه قد تفرد به عنه: الحارث بن عبد الله الخازن، وليس هو بذاك الثقة الحافظ، وهشيم له أصحاب ثقات، وروى عنه كبار الأئمة، فلا ينبغي أن يتفرد هذا الرجل بمثل هذا الحديث عنه، وقد جاءت متابعة له عند الحاكم في المستدرك، وفيها شيخ الحاكم: عمر بن محمد بن صفوان الجمحي، لم أجد له ترجمة، وقد تفرد بهذا الحديث عن علي بن عبد العزيز البغوي، الثقة الحافظ، فلعل في هذه الرواية نظرًا.
__________
(1) نقله الخطيب في الفصل للوصل المدرج (ص441).(1/32)
الثانية: أنه - إن صح السند إلى هشيم -، فإن الإمام أحمد قال: «لم يسمع هشيم من عاصم بن كليب» (1)، وهشيم معروف بالتدليس، والظاهر أنه أخذه من شريك ثم أسقطه، فإنه لم يأتِ بهذا الوجه عن عاصم إلا شريك.
6- وتابع عبدَ الجبار: سلمةُ بن كهيل، فيما رواه موسى بن قيس عنه، لكنه قد خالف جمعًا فيهم الثوري وشعبة، رووه عن سلمة عن حجر بن العنبس عن علقمة بن وائل عن وائل، أو عن وائل مباشرة، على ما سيأتي الكلام فيه، فأسقط موسى بنُ قيس حجرًا، ورواية الحفاظ مقدمة على روايته، لذا فقد أشار إلى إعلال هذه الرواية الطبراني، إذ قال بعد إخراجها: «هكذا رواه موسى بن قيس عن سلمة: قال: عن علقمة بن وائل»، يعني: مباشرة لم يذكر حجرًا في الإسناد.
7- وجاءت متابعة من طريق حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن مرة عن علقمة، لكن رواه شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن اليحصبي عن وائل، وشعبة أثبت في عمرو بن مرة من حصين.
قال عبد الله بن الإمام أحمد: ( سألت أبي عن حديث هشيم عن حصين عن عمرو بن مرة عن علقمة بن وائل عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرفع، قال: «رواه شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن عبد الرحمن اليحصبي عن وائل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، خالف حصين شعبة»، فقال: «شعبة أثبت في عمرو بن مرة من حصين، القول قول شعبة، من أين يقع شعبة على أبي البختري عن عبد الرحمن اليحصبي عن وائل؟! » ) (2).
- وفي طريق ورقاء بن عمر عن حصين: أشعث بن شعبة، واليمان بن سعيد، متكلم فيهما.
أما الرواية التي جاءت عند الخطيب في الموضح من طريق حماد بن السائب عن عبد الجبار وعلقمة عن أبيهما، ففيها أبو جنادة حصين بن مخارق، وقد اتهم بوضع الحديث.
* النظر في رجال المدار:
1- عبد الجبار بن وائل:
__________
(1) العلل ومعرفة الرجال، برواية عبد الله (2/32).
(2) العلل ومعرفة الرجال (1/463).(1/33)
هو ثقة، وثّقه ابن سعد، وابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات.
2- علقمة بن وائل:
هو ثقة، وثّقه ابن سعد، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات.
... وقد سمع علقمة من أبيه، وقد جاء ما يخالف ذلك:
1- فنقل مغلطاي وابن حجر عن أبي أحمد العسكري عن ابن معين أنه قال في رواية علقمة بن وائل: «مرسل» (1)، وعليه قال ابن حجر في التقريب: «لم يسمع من أبيه» (2).
2- وسأل الترمذيُّ البخاريَّ عن علقمة بن وائل، هل سمع من أبيه؟ فقال: «إنه ولد بعد موت أبيه بستة أشهر» (3).
... أما بالنسبة لكلام ابن معين، فلعله وهمٌ من الناقل، لأن الدوري نقل هذا الكلام عن ابن معين في عبد الجبار، لا في علقمة.
... وأما نقل الترمذي عن البخاري، فلعله خطأٌ، وربما كان من أبي طالب القاضي، وهو الذي رتب علل الترمذي الكبير، إذ قد جاء في موضع آخر من العلل الكبير على الصواب، والقول بأنه ولد بعد موت أبيه بستة أشهر= هو قول البخاري في عبد الجبار كما في التاريخ الكبير، وقد ذكر البخاري في التاريخ الكبير والترمذي في سننه سماع علقمة من أبيه (4).
ثانيًا: دراسة طريق عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر:
وقد رواها جمع كبير عن عاصم، فيما يلي التنبيه على بعض الأسانيد في بعض الروايات، وما لم يُنبَّه عليه، فصحيح أو لا بأس به - إن شاء الله تعالى -.
1- في رواية سفيان الثوري عن عاصم:
الرواية التي أخرجها الطبراني من طريق الفريابي عن الثوري، فيها عبد الله بن سعيد بن أبي مريم، تُكُلّم في روايته، خاصةً عن الفريابي.
2- في رواية أبي الأحوص عن عاصم:
__________
(1) إكمال تهذيب الكمال (9/275)، تهذيب التهذيب (7/247).
(2) 4684).
(3) ترتيب علل الترمذي الكبير (ص201).
(4) انظر تعليقة الشيخ شعيب الأرناؤوط على سير أعلام النبلاء (2/573، 574)، وعلى صحيح ابن حبان (5/174-176).(1/34)
الرواية التي أخرجها الطبراني من طريق أسد بن موسى عن أبي الأحوص، فيها المقدام بن داود، مُتكلّم فيه - كما سبق -.
3- في رواية سفيان بن عيينة عن عاصم:
تكلم بعض العلماء في رواية إبراهيم بن بشار الرمادي عن سفيان، وبعضهم قوَّى أمرها، فما وافق فيه الرواة عن سفيان فمقبول، ويُنظر فيما خالفهم فيه أو تفرد.
4- في رواية زائدة بن قدامة عن عاصم:
- لم أجد ترجمةً لشيخ ابن المنذر الذي يروي عن أبي الوليد الطيالسي عن زائدة.
5- في رواية شريك عن عاصم:
- روى الحديث أبو بكر الشافعي عن محمد بن مسلمة عن يزيد بن هارون عن شريك، ومحمد بن مسلمة أبو جعفر الطيالسي، تُكُلّم فيه.
- وقد تُكُلّم في يحيى الحماني، وعمار بن مطر، وكلاهما يرويان عن شريك.
... وقد سبق أن شريكًا مضطرب في هذا الحديث.
6- في رواية عبد الله بن إدريس عن عاصم:
- في رواية ابن حبان من طريق سلم بن جنادة عن ابن إدريس، لم أجد ترجمةً لشيخ ابن حبان محمد بن عمر بن محمد بن يونس الذي يروي عن سلم (1).
7- في رواية عبد الواحد بن زياد عن عاصم:
لم أجد ترجمةً لبعض الرواة في طريق صالح بن عبد الله الترمذي عن عبد الواحد، التي أخرجها البيهقي.
8- في رواية شعبة عن عاصم:
- لم أجد ترجمةً لأحمد بن داود المكي، في الرواية التي أخرجها الطبراني من طريق أبي الوليد الطيالسي.
- في رواية آدم عن شعبة ثابت بن نعيم، مجهول، ولم أجد ترجمةً لبعض الرواة في تلك الطريق.
9- في رواية قيس بن الربيع عن عاصم:
في إحدى الطريقين اللتين أخرجهما الطبراني عنه المقدام بن داود، تُكُلّم فيه كما سبق مرارًا، وفي الأخرى يحيى الحماني.
وقيس بن الربيع نفسه فيه كلام.
10- في رواية عنبسة بن سعيد عن عاصم:
لم أجد ترجمةً لمحمد بن سعيد بن جابان شيخ الطبراني، وفيها محمد بن حميد الرازي، ضعيف.
11- في رواية موسى بن أبي كثير:
__________
(1) وانظر: زوائد رجال صحيح ابن حبان (5/2268).(1/35)
فيها سويد بن عبد العزيز، ضعيف جدًّا، تركه بعض الأئمة.
12- في رواية أبي إسحاق عن عاصم:
قال الطبراني فيها: «لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا يوسف بن أبي إسحاق، ولا عن يوسف إلا إبراهيم، تفرد به شريح»، وقال الدارقطني : «غريب من حديث أبي إسحاق السبيعي عن عاصم عن أبيه، تفرد به عنه ابن ابنه يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق، وتفرد به عنه ابنه إبراهيم بن يوسف، ولم يروه عنه غير شريح بن مسلمة» (1)، وهو من رواية أحمد بن عثمان بن حكيم عن شريح بن مسلمة، وهذا الإسناد اعتمده البخاري في صحيحه، وأخرج منه عدة أحاديث، وقد تُكُلِّم في إبراهيم بن يوسف، وضعفه بعض العلماء، ووثقه بعضهم (2)، واعتماد البخاري روايتَهُ بهذا الإسناد مما قد يقوِّي أمره هنا، ثم إنه لم يأتِ بما يستنكر في لفظه، بل وافق أبا إسحاق على لفظه بهذا الإسناد ابنُ فضيل - كما سيأتي -، والله أعلم.
13- في رواية موسى بن أبي عائشة عن عاصم:
رواه محمد بن إسماعيل الكوفي على وجهين :
- عن سفيان الثوري، عن موسى، عن عاصم،
- وعن خلاد الصفار، عن عاصم،
ولم أعرف محمد بن إسماعيل هذا، ولا يحتمل من مثله رواية الحديث على هذين الوجهين، فهو اضطراب منه، وقد خالف في الوجه الأول جمعًا من الرواة يروونه عن سفيان عن عاصم مباشرة، وروايتهم أرجح.
وتبقى طريق عامر بن مدرك عن خلاد عن موسى، وقد قال الدارقطني في الأفراد: «تفرد به عامر بن مدرك عن خلاد بن مسلم الصفار أبي مسلم عن موسى بن أبي عائشة»(3) وعامر لين الحديث(4)، وتفرده بهذا السند مما يستنكر عليه، لذا أخرج الدارقطني حديثه هذا في كتابه في الغرائب والأفراد.
__________
(1) أطراف الغرائب والأفراد (4/337)، وقد وقع في المطبوعة تحريف وسقط، وصوابه ( من نسخ الأطراف ) كما أثبت.
(2) تهذيب التهذيب (1/160).
(3) أطراف الغرائب والأفراد (4/337)، وقد وقع في المطبوعة أيضًا تحريف وسقط، وصوابه كما أثبت.
(4) تقريب التهذيب (3108).(1/36)
فلا تصح الرواية عن موسى بن أبي عائشة، والله أعلم.
14- في رواية هريم بن سفيان عن عاصم:
فيها عبيد بن إسحاق العطار، تُكُلّم فيه.
... هذا، وقد خالف الجمعَ عن عاصم اثنان:
الأول: شقيق أبو الليث، روى الحديث عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، لم يذكر وائلاً، واستغرب هذه الرواية عفَّان، قال: «وهذا الحديث غريب» (1)، وشقيق مجهول، قال الطحاوي: «وشقيق أبو ليث هذا، فلا يعرف»، وقال ابن القطان: «شقيق هذا ضعيف، لا يعرف بغير رواية همام».
وجاءت رواية صورتها متابعةُ الثوري لشقيق على الوجه الأول، وهي ما أخرجه الطحاوي عن ابن أبي داود عن أبي عمر الحوضي عن همام عن الثوري، وبيَّن الطحاوي علته، قال: «كذا قال ابن أبي داود من حفظه: ( سفيان الثوري )، وقد غلط، والصواب شقيق أبو الليث».
وأما الرواية الأخرى عن همام عن شقيق عن عاصم بن شنتم ( على ما سبق في الخلاف في اسمه )، فرواها عن همام العباس بن الفضل الأزرق، وهو ضعيف، وخالف ثلاثة من الحفاظ: عفان والحجاج بن منهال وحبان بن هلال، رووه عن همام عن شقيق عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً - كما سبق -.
وأعلَّ هذا البغويُّ وابن السكن، قال البغوي: «لم أسمع لشنتم ذكرًا إلا في هذا الحديث» (2)، وقال ابن السكن: «لم يثبت، وهو غير مشهور في الصحابة، ولم أسمع به إلا في هذه الرواية» (3).
__________
(1) سنن البيهقي (2/99).
(2) معجم الصحابة (ق295).
(3) نقله عنه ابن حجر في الإصابة (3/292).(1/37)
الثاني: عبد الله بن معدان، رواه عن عاصم بن كليب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل الصحابيَّ جدَّ عاصم، قال الترمذي بعد إخراجه: «هذا حديث غريب من هذا الوجه»، واستغرب ابن قانع هذه الرواية لما أسندها، قال: «كذا قال»، وقال أبو داود: «عاصم بن كليب عن أبيه عن جده ليس بشيء، الناس يغلطون يقولون: كليب عن أبيه، ليس هو ذاك» (1)، وذكر الذهبي رواية عبد الله بن معدان عن عاصم بن كليب ثم قال: «قال الأزدي: ( فيه شيء ) » (2).
وعبد الله بن معدان ترجمه المزي في تهذيب الكمال، فجعله مكيًّا، وذكر روايته عن عاصم بن كليب، وذكر ابن حجر في تهذيبه قول ابن معين فيه: «صالح» (3)، ونقل في اللسان قول الأزدي فيه: «متروك الحديث، وإسناده ليس بالقائم» (4)، إلا أن الدارقطني قال: «واسم أبي معدان عبد الله بن معدان، كوفي لا بأس به» (5)، وذكر البخاري أن وكيعًا روى عنه (6)، وذكر أبو حاتم أن أبا نعيم روى عنه أيضًا (7)، وروايته عن عاصم بن كليب ( وهو كوفي ) ورواية وكيع وأبي نعيم عنه ( وهما كوفيان )= تشعر أنه كوفيٌّ أيضًا، فالله أعلم.
__________
(1) تهذيب الكمال (24/212) من رواية أبي عبيد الآجري عنه، ولم أجده في المطبوع من السؤالات.
(2) ميزان الاعتدال (2/507).
(3) تهذيب الكمال (34/306)، تهذيب التهذيب (12/262)، وقول ابن معين أسنده ابن أبي حاتم في الجرح (9/446) في ترجمة ( أبو معدان )، ولم يذكره في ترجمة ( عبد الله بن معدان ) (5/176).
(4) لسان الميزان (3/365)، وقد قال ابن حجر بعد أن نقل كلام الذهبي المذكور من الميزان: «ولفظ الأزدي:...» فذكره.
(5) العلل (5/195).
(6) التاريخ الكبير (5/210).
(7) الجرح والتعديل (5/176).(1/38)
... وعلى كلٍّ، فهاتان الروايتان ( رواية شقيق وأبي معدان ) منكرتان، لمخالفة هذين الراويين المُضعَّفين ذلك الجمع الكبير، وفيهم ثقات أثبات، كلهم رووه عن عاصم عن أبيه عن وائل بن حجر، ولأن الأئمة استغربوا روايتيهما مستنكرينهما.
* النظر في رجال المدار:
1- عاصم بن كليب:
وثّقه ابن سعد، وابن معين، وأحمد بن حنبل - وفي رواية عنه: لا بأس بحديثه -، والنسائي، وأحمد بن صالح المصري، والعجلي، وقال علي بن المديني: «لا يحتج به إذا انفرد»، هذا ما نقله الذهبي في الميزان وابن حجر في التهذيب عن ابن المديني، وقد نقل يعقوب بن شيبة في مسند عمر من مسنده الكبير(1) أن علي بن المديني قال: «وعاصم بن كليب صالح، ليس مما يسقط، ولا مما يحتج به، وهو وسط»، وقال أبو حاتم: «صالح»، وذكره ابن حبان في الثقات.
ولعل الأرجح أن عاصمًا ثقة، وأنه قد يخطئ، وقد يكون الخطأ عليه أكثر من خطئه، فحُمّل هو ذلك، فتُكُلِّم فيه، والله أعلم.
2- كليب بن شهاب، والد عاصم:
هو ثقة، وثّقه ابن سعد، وأبو زرعة الرازي، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات.
* مناقشة كلام البزار في اضطراب عاصم بن كليب في أحاديث رفع اليدين:
أخرج البزار في مسنده (2) من طريق عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن ابن مسعود أنه قال: ( ألا أريكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - )، فكبر ورفع يديه حين افتتح الصلاة، فلما ركع طبق يديه وجعلهما بين فخذيه، فلما صلى قال: ( هكذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ). ثم قال البزار: «وهذا الحديث رواه عاصم بن كليب، وعاصم في حديثه اضطراب، ولا سيما في حديث الرفع:
ذكره عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله أنه رفع يديه في أول تكبيرة،
ورواه عن أبيه عن وائل بن حجر أنه رفع يديه حين افتتح الصلاة وحين رفع رأسه من الركوع،
__________
(1) ص714) .
(2) 1608).(1/39)
وروى عن محارب بن دثار عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك أيضًا،
وروى عن أبيه عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رآه يرفع في أول مرة».
ولعل في كلام البزار هذا نظرًا، فقوله: «وعاصم في حديثه اضطراب» مبنيٌّ - فيما يظهر - على ما صورته اضطراب في حديث رفع اليدين الذي عقب به البزار كلامه السابق، وسيأتي أن دعوى الاضطراب هذه لم تصح، فلا تصح دليلاً على أن في عامة حديث عاصم اضطرابًا، وقد سبق أن جمعًا من الأئمة على توثيق عاصم.
وما ذكره البزار من اضطراب عاصم في رواية حديث الرفع، ففيه نظر أيضًا، وفيما يلي بيان ذلك:(1/40)
- فأما روايته عن عبد الرحمن بن الأسود، فقد أخرجها أحمد في مسنده (1/388، 441) - ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (9/215) - وفي العلل ومعرفة الرجال (1/369-رواية عبد الله)، وابن أبي شيبة في مصنفه (2441) ومسنده (323) - ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (1392) -، وسحنون في المدونة (1/69)، وأبو داود (748) عن عثمان بن أبي شيبة، والترمذي (257) عن هناد، والنسائي في الصغرى (2/195) والكبرى (645) عن محمود بن غيلان، وأبو يعلى (5040، 5302) وابن حزم في المحلى (3/235، 4/87) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، والطحاوي في شرح المعاني (1/224) من طريق نعيم بن حماد، وفي بيان المشكل (5826) من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري، والبيهقي (2/78) من طريق محمد بن إسماعيل الأحمسي، وعلقه الدارقطني في العلل (5/173) عن ابن نمير ، والذهبي في تاريخ الإسلام (وفيات 481-490، ص82) من طريق يحيى الحماني، كلهم - أحمد وابن أبي شيبة وسحنون وعثمان بن أبي شيبة وهناد ومحمود بن غيلان وأبو خيثمة ونعيم ويحيى بن يحيى والأحمسي وابن نمير والحماني - عن وكيع، وأحمد في العلل ومعرفة الرجال (1/370-رواية عبد الله) - معلقًا - عن الأشجعي، وأبو داود (751) (1) من طريق معاوية بن هشام وخالد بن عمرو وأبي حذيفة - هو النهدي -، والنسائي في الصغرى (2/182) والكبرى (1099) من طريق عبد الله بن المبارك، والخطيب في تاريخ بغداد (11/320) من طريق كادح بن رحمة، سبعتهم - وكيع والأشجعي ومعاوية وخالد وأبو حذيفة وابن المبارك وكادح - عن سفيان الثوري،
__________
(1) تقدم حديثان على هذا الحديث في طبعة الدعاس، وهو على الصواب في الطبعة الهندية بعد حديث عثمان بن أبي أبي شيبة عن وكيع.(1/41)
وأخرجها أحمد في المسند (1/418) وفي العلل ومعرفة الرجال (1/370-رواية عبد الله) - وابن أبي شيبة في مسنده (188) - ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (1394) - والبخاري في رفع اليدين (72) وأبو داود (747) - ومن طريقه البيهقي (2/78) - والبزار (1608) - كما سبق - والنسائي في الكبرى (620) وابن الجارود (196) - ومن طريقه الحازمي في الاعتبار (99) - وابن خزيمة (595) - وعنه ابن حبان كما في إتحاف المهرة (10/357) - والدارقطني (1/339) والحاكم (815) من طريق عبد الله بن إدريس،
كلاهما - الثوري وابن إدريس - عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن ابن مسعود .
* استطراد في دراسة الاختلاف في متن هذا الحديث:
رواه ابن إدريس بلفظ: ( علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة )، فكبر ورفع يديه، فلما ركع طبق يديه بين ركبتيه، قال: فبلغ ذلك سعدًا، فقال: ( صدق أخي، قد كنا نفعل هذا، ثم أمرنا بهذا يعني الإمساك على الركبتين )، ولم يُختلَف عليه في ذلك، وقد رواه يحيى بن آدم - شيخ الإمام أحمد - عن عبد الله بن إدريس إملاءً من كتابه،
وأما الثوري فقد اختُلف عليه في المتن:
- فرواه وكيع عنه بلفظ: ( ألا أصلي بكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) قال: فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة، واتفقت الروايات على هذا، وفي لفظ نعيم بن حماد ويحيى بن يحيى عن وكيع:... أنه كان يرفع يديه في أول تكبيرة ثم لا يعود.(1/42)
إلا أن أحمد بن حنبل بيّن في العلل ومعرفة الرجال أن وكيعًا حدثه به مرةً أخرى فقال: فرفع يديه في أول، وذكر الدارقطني في العلل أن ابن نمير رواه عن وكيع فلم يذكر فيه عدم العود إلى الرفع، قال الإمام أحمد في العلل: حدثنا أبو عبد الرحمن الضرير (1) قال: ( كان وكيع ربما قال - يعني: ثم لا يعود - )، ثم قال الإمام أحمد: ( كان وكيع يقول هذا من قبل نفسه - يعني: ثم لا يعود - )، وهذه عادة من وكيع، نقل الأثرم عن الإمام أحمد قوله: «كان - يعني: وكيعًا - يروي الأحاديث على غير ألفاظها، ويستعمل ( يعني ) كثيرًا، ويلحقها في الحديث» (2)، ونقل ابن القيم عن ابن حبان قوله: «هذا الحديث له علة توهنه، لأن وكيعًا اختصره من حديث طويل، ولفظة ( ثم لم يعد ) إنما كان وكيع يقولها في آخر الخبر من قِبَلِهِ، وقَبْلَها ( يعني )، فربما أسقطت ( يعني ) » (3).
ومن الغريب قول الدارقطني: «وأما أحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة... فرووه عن وكيع ولم يقولوا فيه: ( ثم لم يعد ) » (4)، ورواية أحمد التي في المسند ورواية ابن أبي شيبة في المصنف ظاهرٌ فيها عدم الرفع إلا مرة واحدة، وهو معنى ( ثم لم يعد )، فالله أعلم.
__________
(1) نقل هذا ابن المنذر في الأوسط (3/149) فبين أبا عبد الرحمن، أنه الوكيعي، وهو أحمد بن جعفر الوكيعي، وهو من الثقات الحفاظ، ترجمته في تاريخ بغداد (4/58).
(2) الأوسط لابن المنذر (3/149).
(3) حاشية ابن القيم على أبي داود (2/318-عون).
(4) العلل (5/173).(1/43)
- ورواه الأشجعي عن الثوري بلفظ: فرفع يديه في أول شيء، ولم يذكر عدم العود إلى الرفع. ورواية الأشجعي علقها الإمام أحمد، والإمام أحمد يروي عن الأشجعي بواسطة ابنه، وقد ذكر أنه أخذ بعض كتب الأشجعي من ابنه فنسخها، قال: «أعطانا ابن الأشجعي كتبًا من كتب أبيه، فنسخنا من كتاب الأشجعي: عن سفيان عن واصل...» (1)، ويروي أحيانًا عن الأشجعي بواسطة أبي النضر هاشم بن القاسم، وهو ثقة ثبت، ويروي أحيانًا بواسطة إبراهيم بن أبي الليث، وقد كُذِّب هذا، وكان الإمام أحمد يجمل القول فيه، إلا أن كتب الأشجعي كانت عنده، قال ابن المديني: «ما زلت أسمع أن كتب الأشجعي عنده وهو إذ ذاك بخراسان»، وقال الإمام أحمد: «أنا رأيت كتاب الأشجعي في بيته، وقد كان سمع الجامع، وكان لا يحدث به، وكان يقرأ علينا كتاب الأشجعي... »، وقال يعقوب بن شيبة: «وكانت عنده كتب الأشجعي وكان معروفًا بها» (2)، ولعل الإمام أحمد كان لا يأخذ عنه إلا ما تأكد أنه صحيح عن الأشجعي، لئلا يقع في روايته عنه ما أنكر عليه روايته عن الأشجعي، والله أعلم.
والمقصود من هذا: أن الواسطة بين الإمام أحمد والأشجعي إما كتبه أو بعض الثقات، فلعل تعليقه الرواية عن الأشجعي لا يضر، بل ربما كان ينقل من كتاب الأشجعي، ففي سنن البيهقي (3) من طريقه قال في حديثٍ: «... ورأيت في كتاب الأشجعي كما رواه وكيع...».
- ورواه ابن المبارك وكادح بن رحمة وخالد بن عمرو وأبو حذيفة النهدي بلفظ: فقام فرفع يديه أول مرة ثم لم يعد، ولفظ كادح: فكبر ورفع يديه مرة واحدة،
__________
(1) العلل ومعرفة الرجال، رواية عبد الله (2/92)، وانظر: المعجم الكبير للطبراني (12/364، 22/180).
(2) انظر: تاريخ بغداد (6/192، 195).
(3) 1/329).(1/44)
- وأما معاوية بن هشام، فقال الدارقطني: «وكذلك رواه معاوية بن هشام أيضًا عن الثوري مثل ما قال الجماعة عن وكيع» (1)، يعني: أنه لم يقل: ( ثم لم يعد )، وقد قرن أبو داود روايته برواية خالد بن عمرو وأبي حذيفة، قال: حدثنا الحسن بن علي، حدثنا معاوية وخالد بن عمرو وأبو حذيفة قالوا: حدثنا سفيان بإسناده بهذا قال: «فرفع يديه في أول مرة»، وقال بعضهم: «مرة واحدة»، فلعل الذي قال: «مرة واحدة» هو معاوية بن هشام كما نقل الدارقطني.
ومنه، فقد زاد قوله: ( ثم لم يعد ) عن الثوري ابنُ المبارك وكادح بن رحمة ( وهو ضعيف، وتُكُلِّم في حديثه عن الثوري ) وخالد بن عمرو ( وهو كذاب ) وأبو حذيفة النهدي ( وهو ضعيف، وتُكُلِّم في حديثه عن الثوري )،
ولم يزدها الأشجعي ولا معاوية بن هشام عن الثوري، وأما وكيع، فكان يزيدها أحيانًا، ويتركها أحيانًا، وبين الإمام أحمد أنه كان يزيدها من تلقاء نفسه، وربما كان سمعها في بعض الروايات السابقة التي زيدت فيها، فحسب أنها في الحديث، فزادها مراتٍ، ثم تركها.
والأشجعي من أثبت الناس في الثوري، خاصة إذا كانت الرواية من كتابه عنه، ولعل هذا منها، ويمكن أن يجعل وكيع متابعًا للأشجعي، لما سبق، ومعهما معاوية بن هشام، وهو من الصدوقين، وله كثرة في الرواية عن الثوري، والمخالف الحقيقي لهؤلاء: ابن المبارك، أما من تابعه فلا اعتداد بمخالفتهم،
ورواية الثلاثة أرجح من رواية ابن المبارك، وكلهم كوفيون كالثوري، وليس ابن المبارك كذلك، وفيهم أثبت الناس كتابًا في الثوري: الأشجعي ( ولعل هذا الحديث من كتاب الأشجعي عن سفيان )، ولأن ابن إدريس المتابعَ للثوري عن عاصم بن كليب رواه بدون ذكر عدم العود إلى الرفع، ورواية بعض تلاميذ المختَلَفِ عليه على وجهٍ يوافق فيه بعضَ من تابع شيخَهُ= أقوى.
__________
(1) العلل (5/173).(1/45)
وإعلال لفظ ( ثم لم يعد ) هو ما تتابع عليه جمعٌ من الأئمة، على خلاف بينهم في تحميل الخطأ في الزيادة، فبعضهم حملها الثوري، وبعضهم حملها وكيعًا، والبيان السابق يرجّح أن وكيعًا هو الذي كان يزيدها، لا الثوري، فتحميلها وكيعًا أقوى.
وهذا كلام الأئمة في ذلك:
- قال عبد الله بن المبارك: «لم يثبت عندي حديث ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه أول مرة ثم لم يرجع، وقد ثبت عندي حديث رفع اليدين، ذكره عبيد الله ومالك ومعمر وابن أبي حفصة عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -»، قال: «وأراه واسعًا»، ثم قال: «كأني أنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يرفع يديه في الصلاة لكثرة الأحاديث وجودة الأسانيد» (1)،
- وقال الشافعي: «ولا يثبت عن علي وابن مسعود»، قال البيهقي: يعني: ما رووه عنهما من أنهما كانا لا يرفعان أيديهما في شيء من الصلاة إلا في تكبيرة الافتتاح (2)،
- وأسند الإمام أحمد رواية ابن إدريس ثم قال: «هذا لفظ غير لفظ وكيع، وكيع يثبج الحديث، لأنه كان يحمل نفسه في حفظ الحديث» (3)، ومعنى ( يثبج ): لا يأتي به على وجهه،
- وقال البخاري بعد أن ذكر رواية الثوري، ثم النقلَ عن كتاب ابن إدريس: «فهذا أصح، لأن الكتاب أحفَظُ عند أهل العلم، لأن الرجل ربما حدث بشيء ثم يرجع الى الكتاب فيكون كما في الكتاب»، ثم أسند رواية ابن إدريس وقال: «وهذا المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود» (4)،
- وقال أبو داود بعد أن أخرج رواية وكيع: «هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ»،
__________
(1) سنن البيهقي (2/79)، وهو في سنن الترمذي (2/36) مختصرًا.
(2) سنن البيهقي (2/80)، فتح الباري، لابن رجب (2/220).
(3) العلل ومعرفة الرجال، برواية عبد الله (1/371).
(4) جزء رفع اليدين (ص82، 83).(1/46)
- وقال أبو حاتم الرازي: «هذا خطأ، يقال: وهم فيه الثوري، وروى هذا الحديث عن عاصم جماعة، فقالوا كلهم: ( إن النبي - صلى الله عليه وسلم - افتتح فرفع يديه، ثم ركع فطبق وجعلها بين ركبتيه )، ولم يقل أحد ما رواه الثوري» (1)،
- وقال محمد بن وضاح القرطبي: «الأحاديث التي تروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في رفع اليدين ثم لا يعود= ضعيفةٌ كلها» (2)،
- وقال البزار: «هو حديث لا يثبت ولا يحتج به» (3)، يقصد ما كان من الحديث فيه عدم العَود إلى الرفع،
- وقال عبد الحق الإشبيلي: «وقد ذكر علته وبينها أبو عبد الله المروزي في كتاب رفع الأيدي» (4)، وأبو عبد الله هو محمد بن نصر المروزي صاحب تعظيم قدر الصلاة،
- وقال ابن حبان: «هذا أحسن خبر روي لأهل الكوفة في نفي رفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه، وهو في الحقيقة أضعف شيء يعول عليه، لأن له عللاً تبطله» (5)،
- وقال الدارقطني: «وليس قول من قال: ( ثم لم يعد ) محفوظًا» (6)،
- وقال عبد الحق الإشبيلي: «لا يصح» (7).
فثبت من هذا أن المحفوظ من حديث ابن مسعود رواية ابن إدريس عن عاصم بن كليب.
عودةٌ إلى مناقشة كلام البزار:
__________
(1) العلل، لابنه (1/96).
(2) التمهيد (9/221).
(3) التمهيد (9/220، 221).
(4) الأحكام الوسطى (1/367).
(5) التلخيص الحبير (1/222).
(6) العلل (5/173).
(7) الأحكام الوسطى (1/367).(1/47)
أما ما ذكر البزار من رواية عاصم بن كليب عن محارب بن دثار عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخرجها أحمد (2/145) وابن أبي شيبة (2439) والبخاري في جزء رفع اليدين (53) وأبو داود (743) - ومن طريقه ابن حزم في المحلى (4/90) - وأبو يعلى (5670) والسراج في مسنده (98) من طريق محمد بن فضيل بن غزوان عن عاصم بن كليب به مرفوعًا، ولم أجد من يرويه عن عاصم على هذا الوجه غيره، وقد خالفه عبد الله بن إدريس، فرواه عن عاصم به موقوفًا على ابن عمر، فيما أخرجه ابن أبي شيبة (2420)، وابن إدريس أوثق من ابن فضيل بمراحل، والوقف عن عاصم موافقٌ لرواية عبد الواحد بن زياد عن محارب بن دثار، أخرجها البخاري في جزء رفع اليدين (102)، وقال الدارقطني - فيما نقله عنه ابن رجب (1) -: «وكذلك رواه أبو إسحاق الشيباني والنضر بن محارب بن دثار عن محارب عن ابن عمر موقوفًا»، فالراجح عن عاصم روايته هذا الحديث عن محارب عن ابن عمر موقوفًا.
__________
(1) الفتح (6/347).(1/48)
وأما رواية عاصم بن كليب التي ذكر البزار أنه يرويها عن أبيه عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رآه يرفع في أول مرة، فلم أجدها بذكر ( رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - )، والذي وجدته: رواية عاصم عن أبيه عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وقد أخرجها محمد بن الحسن في موطئه (109)، وأحمد في العلل ومعرفة الرجال (1/374-رواية عبد الله) وابن أبي شيبة (2442) وسحنون في المدونة (1/69) عن وكيع، والبخاري في رفع اليدين (ص49) والكنى (ص9) - معلقًا - عن عبد الرحمن بن مهدي، وابن المنذر في الأوسط (1343) من طريق أبي نعيم، والطحاوي في شرح المعاني (1/225) من طريق أبي أحمد الزبيري، وفي الموضع نفسه وفي بيان مشكل الآثار (5825) والبيهقي (2/80) من طريق أحمد بن يونس، وذكر الدارقطني في العلل (4/107) رواية موسى بن داود، خمستهم - وكيع وابن مهدي وأبو نعيم وأبو أحمد وابن يونس وموسى - عن أبي بكر النهشلي،
وأخرجه محمد بن الحسن في موطئه (105) عن محمد بن أبان،
كلاهما - أبو بكر وابن أبان - عن عاصم عن أبيه أن عليًّا - رضي الله عنه - كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود، موقوفًا على علي.
وقال الدارقطني: «واختلف عن أبي بكر النهشلي...، فرواه عبد الرحيم بن سليمان عنه عن عاصم بن كليب عن أبيه عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووهم في رفعه، وخالفه جماعة من الثقات منهم عبد الرحمن بن مهدي وموسى بن داود وأحمد بن يونس وغيرهم عن عاصم، فرووه عن أبي بكر النهشلي موقوفًا على علي وهو الصواب، وكذلك رواه محمد بن أبان عن عاصم موقوفًا».(1/49)
وهذه الرواية منكرة عن عاصم بن كليب ، قال البخاري : «قال ابن مهدي : ذكرت لسفيان عن أبي بكر عن عاصم بن كليب أن عليًّا كان يرفع يديه ثم لا يعود ، فأنكره» (1) ، وضعفه الشافعي كما سبق في حديث عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن ابن مسعود ، وقال عثمان بن سعيد الدارمي : «فهذا قد روي من هذا الطريق الواهي عن علي ، وقد روى عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفعهما عند الركوع وبعد ما يرفع رأسه من الركوع ، فليس الظن بعلي - رضي الله عنه - أنه يختار فعله على فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولكن ليس أبو بكر النهشلي ممن يحتج بروايته ، أو تثبت به سنة لم يأتِ بها غيره» (2) .
وليست رواية محمد بن أبان بمقوية رواية النهشلي ، لا سيما بعد إنكار الأئمة لها ، ومحمد بن أبان ضعيف (3) ، وتُكُلِّم في محمد بن الحسن الشيباني (4) ، وقد قال الإمام أحمد قال بعد أن أسند الرواية : «لم يروه عن عاصم غير أبي بكر النهشلي أعلمه» ، فكأنه لم يقف على رواية ابن أبان ، أو لم يعتد بها .
وعليه، فلم يثبت من ذلك إلا وجهان مرفوعان ( غير الوجه الموقوف من رواية عاصم عن محارب بن دثار عن ابن عمر ):
أحدهما: رواية عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن ابن مسعود،
والآخر: روايته عن أبيه عن وائل بن حجر،
والظاهر - والله أعلم - أنه لا يُعلّ أحد الوجهين بالآخر، لأمور:
__________
(1) رفع اليدين ، ص49 الكنى ، ص9 .
(2) سنن البيهقي : 2/80 .
(3) لسان الميزان : 5/31 .
(4) لسان الميزان : 5/121 .(1/50)
1- أن تصرفات العلماء تفيد أنهم يعتبرون الوجهين حديثين مختلفين، قال الشافعي: «ولا يثبت عن علي وابن مسعود - يعني: ما رووه عنهما من أنهما كانا لا يرفعان أيديهما في شيء من الصلاة إلا في تكبيرة الافتتاح -، وإنما رواه عاصم بن كليب عن أبيه عن علي، فأُخذ به وتُرك ما روى عاصم عن أبيه عن وائل بن حجر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه كما روى ابن عمر» (1)، فهذا الشافعي ذكر أنه لم يثبت عدم العود إلى الرفع عن ابن مسعود، ثم ذكر أنهم تركوا حديث وائل بن حجر في الرفع، فاعتبرهما حديثين، وقد أسند البخاري حديث عاصم عن أبيه عن وائل، ثم قال: «ويُروى عن سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال قال ابن مسعود:... »، ثم بيّن علة لفظة ( ثم لم يعد ) وأورد لفظ ابن إدريس، ثم قال: «وهذا هو المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود» (2)، ففرق بينهما البخاري، وجعل حديث ابن مسعود مستقلاً، وبيّن المحفوظ فيه.
2- أن العلماء تلقوا رواية عاصم للوجهين بالقبول، وشهروا رواياتهما وأسانيدهما، ولم يعلوا - فيما وقفت عليه، غير كلام البزار - أحدهما بالآخر.
وقد أخرج ابن الجارود في منتقاه الحديثين جميعًا، وابن الجارود ينتقي الأحاديث، وعلى ذلك سمى كتابه، فرأى قوة الحديثين معًا، فانتقاهما فيما انتقى.
وقد اعتبر أبو حاتم الرازي الحديث الأول ( رواية عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود ) ناسخًا لحديث ابن مسعود في التطبيق (الذي أخرجه مسلم: 534) (3)، ولو كان الحديث عنده اضطرابًا من عاصم بن كليب لما نسخ به حديثًا آخر صحيحًا.
3- أن راويي الوجه الأول عن عاصم ( سفيان وابن إدريس ) قد رويا الوجه الثاني أيضًا، وهما حافظان إمامان، فالظاهر أن الوجهين كانا عندهما عن عاصم.
__________
(1) سنن البيهقي (2/80).
(2) جزء رفع اليدين (ص76-83).
(3) العلل (1/91).(1/51)
4- أن لفظ حديث عاصم عن أبيه عن وائل مباينٌ ظاهر المباينة للفظ حديث ابن مسعود، وإن اشتركا في إثبات رفع اليدين، وهذا يدل على أنهما حديثان مختلفان.
5- أنه قد روى أبو إسحاق السبيعي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعلقمة عن ابن مسعود وصفَهُ لصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخرج روايته أحمد (1/418 ومواضع) والترمذي (253) والنسائي (2/230، 233 ومواضع) وغيرهم، وذكره ابن حجر في تخريج حديثنا هذا (1)، وجاءت غير رواية عن ابن مسعود في أنه كان يطبق في الركوع، فدلَّ على أن لرواية عاصم عن عبد الرحمن بن الأسود أصلاً، كما أنه قد روى حديث وائل بن حجر رواة آخرون غير عاصم بن كليب عن أبيه، وهذا دليل أيضًا على أن لحديث عاصم عن أبيه عن وائل أصلاً، فصحَّا جميعًا.
6- أن عاصمًا من الثقات، ولا يبعد أن يكون قد روى الحديثين معًا، خاصةً إذا انضم إلى ذلك ما سبق من المؤيدات، وقد قال ابن سعد: «وليس بكثير الحديث»، وقلة أحاديثه مع توثيق الأئمة له توحي بمزيد تثبت عنده، وأنه كان يضبط أحاديثه القليلة التي رواها ويحفظها، والظاهر أن له اهتمامًا بأحاديث رفع اليدين ونحوها، فبعد أن أخذ حديثه عن أبيه عن وائل بن حجر، أخذ حديثًا آخر من طريق ابن مسعود، وحديثًا من طريق ابن عمر.
وهذا أحد مؤيدات ثبوت موقوف ابن عمر عن عاصم، ويؤيده أيضًا أن ابن إدريس روى الوجهين السابقين وهذا الوجه أيضًا، ويؤيده كذلك أن عاصمًا توبع عن محارب بن دثار، فثبت أن لروايته هذه أصلاً.
ومن هنا، فالقول بأن هذه أحاديث مختلفة وأن عاصم بن كليب قد ضبطها، أقوى من القول بأنها حديث واحد وأنه اضطرب فيه، والله أعلم.
* عودة إلى دراسة أسانيد حديث وائل:
ثالثًا: دراسة طريق اليحصبي عن وائل بن حجر:
وهو عبد الرحمن بن اليحصبي، وفي بعض الراويات: عبد الرحمن اليحصبي، والأول هو الذي في مسند أحمد ومصنف ابن أبي شيبة، والله أعلم.
__________
(1) إتحاف المهرة (10/358).(1/52)
- في رواية قيس بن الربيع عن عمرو بن مرة، رواه عنه يحيى الحماني وأبو بلال الأشعري، وقد تُكُلّم فيهما.
- في رواية حمزة الزيات عن عمرو بن مرة، الراوي عن حمزة: إبراهيم بن هراسة، وهو من المتروكين، فلا اعتداد بالمخالفة في هذه الرواية بإسقاط أبي البختري.
- في رواية عبد الأعلى عن اليحصبي، عبد الأعلى هو ابن عامر، وفيه كلام، وقد ذُكر في إحدى الروايتين عنه أنه صلى مع اليحصبي، ولم يذكر في الأخرى، وهو يروي عن أبي البختري الذي يروي هذا الحديث عن اليحصبي، فيُنظر في سماع عبد الأعلى من اليحصبي.
- في رواية النهشلي عن أبي إسحاق السبيعي، تفرد بها أحمد بن عبد الجبار العطاردي عن أبيه، وقد تُكُلِّم فيهما.
* النظر في رجال المدار:
1- أبو البختري سعيد بن فيروز:
وهو ثقة، وثّقه ابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وابن نمير، والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات.
2- عبد الرحمن بن اليحصبي:
سكت عنه البخاري في التاريخ الكبير، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وذكره ابن حبان في الثقات، فجهالة الحال إليه أقرب، لكن تصرفات الأئمة تدل على التخفف في مسألة جهالة التابعي، خاصةً إذا كان من كبار التابعين، إذا لم يأتِ بما ينكر.
رابعًا: دراسة طريق حجر بن العنبس عن وائل بن حجر:
وقد استفدتُ فيها من كلام الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن السعد - حفظه الله ورعاه - في شرحه كتاب التمييز لمسلم.
1- دراسة الراجح عن شعبة بن الحجاج:
فإنه قد اختُلف عليه:
- فرواه وهب بن جرير وعبد الصمد وسليمان بن حرب وعفان وأبو الوليد الطيالسي (1) ويحيى بن سعيد ووكيع ويزيد بن هارون= عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي العنبس عن علقمة بن وائل عن وائل بن حجر.
__________
(1) اختُلف عليه، فأسقط إبراهيم بن مرزوق ومعاذ بن المثنى عنه علقمةَ، وأدخله إبراهيم الحربي ومحمد بن إسماعيل الصائغ وإسماعيل بن إسحاق، وروايتهم أرجح.(1/53)
- ورواه أبو عامر العقدي وحجاج بن نصير (1) عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن حجر عن وائل بن حجر، بإسقاط علقمة.
- ورواه محمد بن جعفر غندر ويزيد بن زريع عن شعبة عن سلمة عن حجر عن علقمة عن وائل أو عن وائل بن حجر، بالشك في إدخال علقمة.
- ورواه أبو داود الطيالسي وعمرو بن مرزوق عن شعبة عن سلمة عن حجر عن علقمة عن وائل وعن وائل مباشرة، فجعل لحجرٍ فيه شيخين: علقمة ووائل.
... ويظهر أن أكثر الرواة عن شعبة رووه عنه بإدخال علقمة بن وائل بين حجر ووائل بن حجر، وربما كان هذا الوجه هو الأرجح عن شعبة، وعلى هذا مشى أبو عبد الله البخاري - كما سيأتي -، لكن لا ينبغي إهمال روايات الآخرين عن شعبة، خاصة أن فيهم أوثق الرواة عن شعبة: غندر.
ويبدو - والله أعلم - أن شعبة لم يضبط هذا الحديث، وأخطأ فيه في غير شيءٍ - ويأتي -، وهذا الاختلاف عليه على أربعة أوجه في الإسناد دليلٌ أكيدٌ على ضعف ضبطه في هذا الحديث، ورواية غندر - أثبت الناس فيه - على أنه كان يشك في إسناده، والشك علامة على ضعف الضبط، لذا قال أبو بكر الأثرم: «اضطرب فيه شعبة في إسناده ومتنه» (2).
2- في رواية سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل:
- تُكلّم في رواية أبي أحمد الزبيري وقبيصة عن سفيان.
- في السند إلى قبيصة: حفص بن عمر الرقي، وفيه كلام.
- في السند إلى الأشجعي عن سفيان: إبراهيم بن أبي الليث، وسبق أن فيه كلامًا، وأن كتب الأشجعي كانت عنده، وموافقته في الرواية عن الأشجعي الروايات الأخرى عن سفيان تدل على صحة روايته.
- في السند إلى خلاد بن يحيى عن سفيان: معاذ بن نجدة، وفيه كلام.
... وقد رواه سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجر بن العنبس عن وائل بن حجر، ولم يختلف عليه في إسقاط علقمة.
* بيان الاختلافات الإسنادية بين شعبة وسفيان في هذا الحديث:
خالف شعبة سفيان في موضعين في الإسناد في هذا الحديث:
__________
(1) وهو ضعيف.
(2) التلخيص الحبير (1/237).(1/54)
الأول: إدخال شعبة علقمة بين حجر ووائل في بعض الروايات، وإسقاط سفيان إياه.
والثاني: قول شعبة في اسم حجر: ( حجر أبو العنبس )، وقول سفيان: ( حجر بن عنبس ).
وقد توارد الأئمة على تخطئة شعبة في هذين الموضعين، وترجيح رواية سفيان عليه.
... وفي عموم الروايات، إذا اختلف شعبة وسفيان، فسفيان أحفظ وأضبط.
قال البخاري - رحمه الله -: «حديث سفيان أصح من حديث شعبة في هذا، وأخطأ شعبة في مواضع من هذا الحديث:
- فقال عن حجر أبي العنبس، وإنما هو حجر بن عنبس، ويكنى أبا السكن،
- وزاد فيه عن علقمة بن وائل، وليس فيه عن علقمة، وإنما هو عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر... » (1) ا.هـ.
- أما بالنسبة لقوله: ( أبي العنبس )، فشعبة جعلها كنية لحجر، والثوري جعلها اسمًا لأبيه، ورجح البخاري وأبو زرعة الرازي رواية الثوري، وقد جاء في رواية محمد بن سلمة بن كهيل عن أبيه: عن أبي السكن حجر بن العنبس، فكنى حجر بن العنبس بأبي السكن، ومحمد بن سلمة فيه ضعف، لكن تؤيده رواية الثوري، وهما يجتمعان على خلاف رواية شعبة.
ومما يؤيد خطأ شعبة أنه يخطئ في الأسماء، كما ذكر أهل العلم.
وقد جمع بعض العلماء بين رواية شعبة والثوري، فنقل ابن حجر قول ابن القطان: «وصوب البخاري وأبو زرعة قول الثوري، وما أدري لم لم يصوبا القولين حتى يكون حجر بن عنبس هو أبو العنبس»، ثم قال - ابن حجر -: «قلت: وبهذا جزم ابن حبان في الثقات: أن كنيته كاسم أبيه، ولكن قال البخاري: إن كنيته: ( أبو السكن )، ولا مانع أن يكون له كنيتان» (2)، لكن هذا يحتاج إلى دليلٍ بيّن، والأقرب ما ذهب إليه البخاري وأبو زرعة: أن كنيته: أبو السكن، وأن شعبة أخطأ.
__________
(1) سنن الترمذي (2/27).
(2) التلخيص الحبير (1/237).(1/55)
- أما ما يتعلق بذكر علقمة بين حجر وبين وائل فقد جمع ابن حجر بين الروايات، فذكر رواية أبي داود الطيالسي وعمرو بن مرزوق عن شعبة ( وهما اللتان فيهما رواية حجر عن علقمة وعن وائل )، ثم قال: «فبهذا تنتفي وجوه الاضطراب عن هذا الحديث»، لكن سبق بيان أن الروايات الأخرى عن شعبة أقوى من هاتين الروايتين، وأن شعبة لم يضبط هذا الحديث، ثم إن الثوري أحفظ من شعبة، ويُقدَّم عليه عند الخلاف، ويقوِّي جانب سفيان موافقةُ عدد من الرواة له، فيهم اثنين من أبناء سلمة بن كهيل، ولذا فالأئمة على ترجيح رواية الثوري، والله أعلم.
3- في رواية العلاء بن صالح وعلي بن صالح عن سلمة بن كهيل:
قد اختُلف في هذا على عبد الله بن نمير:
- فقال ابن أبي شيبة ومحمد بن أبان ومحمد بن العلاء أبو كريب عن ابن نمير عن العلاء بن صالح عن سلمة.
- وقال مخلد بن خالد الشعيري عن ابن نمير عن علي بن صالح عن سلمة.
والأول أرجح، لأن رواته أكثر، وأوثق من مخلد، وقد تابع ابنَ نمير عليه محمدُ بن بشر.
4- في رواية ابني سلمة بن كهيل عنه:
وهما يحيى ومحمد، وكلاهما ضعيفان، ومحمد أحسن حالاً من يحيى.
* النظر في رجال المدار:
1- سلمة بن كهيل:
وهو ثقة، وثّقه شعبة، وابن سعد، وعبد الرحمن بن مهدي، وابن معين، وأحمد بن حنبل، والعجلي، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، ويعقوب بن شيبة، والنسائي.
2- حجر بن العنبس أبو السكن:
وهو ثقة، وثّقه ابن معين، والخطيب البغدادي، وذكره ابن حبان في الثقات، قال ابن حجر: «صحح الدارقطني وغيرُهُ حديثَهُ» (1).
الفصل الثاني: دراسة ألفاظ الحديث، وتحرير الراجح منها
والمنهج فيها أنه إذا وقع اختلاف في لفظ أحد الرواة الأدنين؛ حررت الاختلاف عليه، ثم حررت لفظ الراوي الأعلى، واعتمدت ما ترجح عن الراوي الأدنى في المقارنة بينه وبين الآخرين عن الراوي الأعلى، والله الموفق.
أولاً: دراسة ألفاظ طريق عبد الجبار بن وائل:
__________
(1) تهذيب التهذيب (2/188).(1/56)
وقد وقع اختلاف في لفظ ثلاثة من الرواة عنه:
1- استخراج لفظ أبي إسحاق السبيعي:
فإنه جاء مفرَّقًا، وجاء روايات الرواة عنه مفرَّقةً، وهذا جمعها:
- لفظ رواية معمر عن أبي إسحاق: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال: { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال: «آمين».
- ومثلها رواية أبي بكر بن عياش، وزاد: يمد بها صوته.
- رواية زهير عن أبي إسحاق: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضع يده اليمنى في الصلاة على اليسرى قريبًا من الرسغ، ورفع يديه حين يوجب حتى تبلغا أذنيه، وقرأ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقال: «آمين»، يجهر بها.
- رواية أبي الأحوص عن أبي إسحاق: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما افتتح الصلاة كبر ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب، فلما فرغ منها قال: «آمين»، يرفع بها صوته، ولما كان يصلي دخل رجل فقال: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله وبحمده بكرةً وأصيلاً، فلما صلى قال: «من قائل الكلمات؟ » قال الرجل: أنا يا رسول الله، وما أردت بهن إلا خيرًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد رأيت أبواب السماء فتحت فما نهنهها شيء دون العرش».
- رواية يونس بن أبي إسحاق عن أبيه: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصليت خلفه فرأيته يرفع يديه حين يوجب حتى تبلغا أسفل من أذنيه، ويضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة قريبًا من الرسغ، ثم أخذ يقرأ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقال: «آمين»، يجهر حتى سمعته، وسمع رجلاً يقول: الله أكبر كبيرًا، الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رأيتها وقد ابتدرها اثنا عشر ملكًا وفتحت لها أبواب السماء».(1/57)
- رواية زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فلما قال: { ولا الضالين } قال: «آمين» مد بها صوته، وسمع رجلاً يقول: الله أكبر كبيرًا، وسبحان الله وبحمده كثيرًا، فلما انصرف قال: «من صاحب الكلمة؟» قال: ما أردت إلا الخير، فقال: «لقد فتحت لها أبواب السماء، فما نهنهها شيء دون العرش».
- رواية إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق عن جده: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكبر ورفع يديه، فلما قرأ فاتحة الكتاب فقال { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال: «آمين» ورفع بها صوته، وسمع رجلاً يقول: الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما أن قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال: «من القائل؟ » قال: أنا يا رسول الله، وما أردت إلا الخير، قال: «لقد فتحت لها أبواب السماء، فلم ينهنهها دون العرش».
- رواية حديج بن معاوية عن أبي إسحاق: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأيته يرفع يديه إلى أذنيه، ووضع اليمنى على الأخرى، وافتتح بفاتحة الكتاب، فلما ختمها قال: «آمين»، حتى سمع من خلفه.
- رواية الأعمش عن أبي إسحاق: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل في الصلاة فكبر ثم وضع ساعده اليمنى على ساعده اليسرى، فلما فرغ من فاتحة الكتاب قال: «آمين» ثلاث مرات.
- رواية عبد الحميد بن أبي جعفر عن أبي إسحاق: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان إذا قرأ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال: «آمين»، ليوافق الملائكة المؤمنين، وسمع رجلا يقول: الله أكبر كبيرا وسبحان الله ويحمده كثيرا فلما انصرف قال: من صاحب الكلمة؟ قال: ما أردت إلا الخير قال: لقد فتحت لها أبواب السماء فما نهنهها شيء دون العرش.
- رواية زكريا بن أبي زائدة: أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه وكبر، وقال حين قرأ: { غير المغضوب عليهم ولا الضالين }: «آمين» فقال من خلفه: آمين.(1/58)
- رواية محمد بن جابر: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتمد بإحدى يديه على الأخرى في الصلاة.
- رواية حبيب بن حبيب: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، فدخل داخل في الصلاة، فقال: الله أكبر كبيرًا، وسبحان الله وبحمده كثيرًا، فرفع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء، ثم أقبل على صلاته، حتى إذا فرغ من الصلاة قال: «من صاحب الكلمة؟» قال: أنا يا رسول الله، قال: «لقد فتحت لها أبواب السماء، فما نهنهها شيء دون العرش».
- وذكر البيهقي من لفظ عمار بن رزيق قوله: رفع بها صوته - يعني: بآمين -.
* مجموع ألفاظ الروايات عن أبي إسحاق السبيعي:(1/59)
قال وائل: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيته يرفع يديه (حذو أذنيه) (1)، ووضع يده اليمنى على يده اليسرى [قريبًا من الرسغ] (2)، فلما قرأ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال: «آمين» [ثلاث مرات] (3)، ورفع بها صوته، [فقال من خلفه: آمين] (4). وسمع في الصلاة رجلاً يقول: (الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه) (5)، فلما صلى قال: «من القائل؟» قال الرجل: أنا يا رسول الله، وما أردت الا الخير، فقال: «لقد فتحت لها أبواب السماء، فلم ينهنهها دون العرش».
2- استخراج لفظ حجاج بن أرطأة عن عبد الجبار:
وكل الرواة عنه رووه عنه فذكروا سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - على جبهته وأنفه، وزاد عبد القدوس بن بكر بن خنيس وحده: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «آمين»، وربما كان ترك الرواة الآخرين ذكرَها اختصارًا، ورواية حجاج بن أرطأة عن عبد الجبار في أصلها ضعيفة.
3- في رواية الحسن بن عبيد الله عن عبد الجبار:
اختُلف عليه في حد رفع اليدين:
- فقال عبد الرحيم بن سليمان: رفع يديه حتى كانتا بحيال منكبيه وحاذى بإبهاميه أذنيه،
__________
(1) قال يونس بن أبي إسحاق عن أبيه: أسفل من أذنيه، ولعله وهمٌ أو رواية بالمعنى، فرواية أبي الأحوص وزهير وحديج: حذو أذنيه، أو: إلى أذنيه.
(2) ما بين المعقوفين زاده زهير عن أبي إسحاق، وفي روايته عنه كلام، وإسماعيل بن عياش عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه، وفي هذا علتان: رواية إسماعيل بن عياش عن غير الشاميين، وهي ضعيفة، ورواية يونس بن أبي إسحاق عن أبيه، وفيها كلام، ولم يذكره الآخرون.
(3) ما بين المعقوفين جاء مزيدًا في رواية الأعمش، ولم تصح من جهة إسنادها.
(4) ما بين المعقوفين زاده عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء، وفيه كلام، فهذه الزيادة ضعيفة.
(5) هذا لفظ إسرائيل عن أبي إسحاق، وهو المختار، لأن إسرائيل مقدّم في أبي إسحاق على جميع رواة هذا الحديث عنه.(1/60)
- وقال المحاربي وعمران بن عيينة (1): رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه.
والأول أرجح، لأن عبد الرحيم بن سليمان أقوى من الآخرَيْن، ولأن معه زيادة تفصيل، فلعل بعض الرواة اختصر تفصيله فجعله كروايات الحديث الأخرى: حذو أذنيه، والله أعلم.
* مقارنة ألفاظ الرواة عن عبد الجبار:
__________
(1) وهو ضعيف، وفي السند إليه نظر، كما سبق.(1/61)
عن وائل بن حجر أنه (رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -)(1) رفع يديه حين كبر ودخل في الصلاة (حيال أذنيه)(2)، ثم التحف بثوبه، ثم (وضع يده اليمنى على اليسرى)(3) [وأدخل يديه في ثوبه](4) [فلما قرأ: { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال: «آمين»، ورفع بها صوته](5)، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب، ثم رفعهما ثم كبر فركع، [فلما (قال: سمع الله لمن حمده)(6) رفع يديه](7)، [فلما أراد أن يسجد وقعتا ركبتاه قبل أن تقع كفاه](8)، فلما سجد (سجد)(9)
__________
(1) في رواية عبد الوارث عن ابن جحادة: قال وائل: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا تعارض.
(2) في رواية فطر عن عبد الجبار: حتى حاذت شحمة أذنيه، وفي رواية الحسن بن عبيد الله: رفع يديه حتى كانتا بحيال منكبيه وحاذى بإبهاميه أذنيه، ولعل الجمع بين الروايتين ممكن، فإن من الممكن وصف اليد إذا كانت حيال المنكبين أو أعلى قليلاً وحاذى الإبهامان الأذنين= بأنها حذو الأذنين، والله أعلم.
(3) في رواية عبد الوارث عن ابن جحادة: ثم أخذ شماله بيمينه، ولعل هذه الرواية تفسّر الوضع المذكور.
(4) ما بين المعقوفين زاده عبد الوارث عن ابن جحادة، وهو مقتضى قوله بعده: أخرج يديه من الثوب.
(5) ما بين المعقوفين زاده أبو إسحاق والحجاج بن أرطأة عن عبد الجبار.
(6) في رواية عبد الوارث عن ابن جحادة: رفع رأسه من الركوع، وهما بمعنىً.
(7) ما بين المعقوفين من قوله: ( فلما قال: سمع الله... ) لم يذكر في رواية حجاج بن المنهال وأبي عمر الحوضي عن همام.
(8) ما بين المعقوفين زاده حجاج بن المنهال وأبو عمر الحوضي عن همام عن ابن جحادة، ولم يذكره عفان عن همام، ولا غير ابن جحادة عن عبد الجبار، فلا يصح.
(9) في رواية حجاج بن المنهال وأبي عمر الحوضي عن همام عن ابن جحادة، ورواية عبد الوارث عن ابن جحادة: وضع جبهته، وهو بيان للسجود المذكور..(1/62)
بين كفيه [وجافى عن إبطيه](1) [ووضع جبهته وأنفه على الأرض](2)، [فلما رفع رأسه من السجود رفع يديه](3)، [حتى فرغ من صلاته](4)، [فلما سلم سلم عن يمينه وشماله](5)، [
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده حجاج بن المنهال وأبو عمر الحوضي عن همام عن ابن جحادة، ولم يذكره عفان عن همام، ولا غير ابن جحادة عن عبد الجبار، فلا يصح.
(2) وضع الأنف زاده حجاج بن أرطأة والأعمش عن عبد الجبار، ولم يذكره غيرهما، ورواية حجاج ضعيفة، والأعمش لا يدرى سماعه من عبد الجبار، فإنه قد عنعن، وهو مدلس.
(3) ما بين المعقوفين زاده عبد الوارث عن ابن جحادة، ولم يذكره همام عن ابن جحادة، ولا غير ابن جحادة عن عبد الجبار، قال أبو داود بعد أن أخرج رواية عبد الوارث: «روى هذا الحديث همام عن ابن جحادة لم يذكر الرفع مع الرفع من السجود»، فرفع اليدين بعد السجود لا يصح، وقد بنى ابن عبد البر (التمهيد: 9/227) على هذه اللفظة أن حديث وائل يعارض حديث ابن عمر الذي في البخاري (735) وفيه: «وكان لا يفعل ذلك - أي: الرفع - في السجود»، ورجّح حديث ابن عمر، ويظهر أن لا تعارض، إذ لم تصح هذه اللفظة في حديث وائل، والله أعلم.
(4) ما بين المعقوفين زاده عبد الوارث عن ابن جحادة، وفي طريق أبي معمر عن عبد الوارث: فلم يزل يفعله كذلك حتى فرغ من صلاته.
(5) زاده أشعث بن سوّار عن عبد الجبار، وأشعث ضعيف، فلا يصح ذكر السلام عن عبد الجبار..(1/63)
وسمع وهو في الصلاة رجلاً يقول: الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما صلى قال: «من القائل؟» قال الرجل: أنا يا رسول الله، وما أردت الا الخير، فقال: «لقد فتحت لها أبواب السماء، فلم ينهنهها دون العرش»](1)، قال وائل: [ثم أتيته مرةً أخرى وعلى الناس ثياب فيها البرانس وفيها الأكسية، فرأيتهم يقولون هكذا تحت الثياب](2).
وهنا ملحوظات وإشارات:
1- في رواية أسد بن موسى عن المسعودي عن عبد الجبار: أن وائلاً رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه مع كل تكبيرة، ولم تصح رواية أسد - كما سبق -.
2- في رواية أم عبد الجبار بن وائل عن وائل: رفع يديه حتى آزتا أذنيه، ثم وضع يمينه على يساره على صدره، ثم سجد، وكان أول ما وصل إلى الأرض ركبتاه، فلما سجد تمكنت الراحتان من الأرض، وتمكنت جبهته وأنفه، حتى يُرى أثر أنفه في الأرض.
... وهذه الرواية منكرة جدًّا - كما سبق -، فلا يصح ما جاء فيها من وضع اليدين على الصدر، والنزول على الركبتين، وذكر السجود على الأنف.
3- في رواية أشعث بن سوّار عن عبد الجبار: كان يرفع يديه كلما كبر ورفع ووضع بين السجدتين. وأشعث ضعيف، ولم يذكر هذا غيره عن عبد الجبار، فهذا اللفظ منكر.
* الخلاصة في لفظ عبد الجبار:
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده أبو إسحاق عن عبد الجبار، ولم يذكره غيره عن عبد الجبار، ولا غير عبد الجبار عن وائل، وهذا اللفظ غريب من حديث وائل، وقد صح عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، أخرجه مسلم في صحيحه (601)، وورد عن غير ابن عمر، عن أنس بن مالك، وأبي أيوب الأنصاري، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنهم -. فلعل أبا إسحاق أخطأ في هذا اللفظ فجعله من حديث وائل، والله أعلم.
(2) ما بين المعقوفين زاده عاصم بن كليب عن عبد الجبار، ورواية عاصم هذه عن عبد الجبار قد حفت بها قرائن تدل على قوتها، وأن عاصمًا روى هذه الجملة عن عبد الجبار، فصحت عنه.(1/64)
أن الصحيح الخالي من العلل - إن شاء الله - هذا اللفظ:
عن وائل بن حجر أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فرآه رفع يديه حين كبر ودخل في الصلاة حيال أذنيه، ثم التحف بثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى وأدخل يديه في ثوبه، فلما قرأ: { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال: «آمين»، ورفع بها صوته، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب، ثم رفعهما ثم كبر فركع، فلما قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه، فلما سجد وضع جبهته بين كفيه، حتى فرغ من صلاته. قال وائل: ثم أتيته مرةً أخرى وعلى الناس ثياب فيها البرانس وفيها الأكسية، فرأيتهم يقولون هكذا تحت الثياب.
* استخراج ألفاظ متابعات عبد الجبار عن أخيه علقمة بن وائل:
1- لفظ موسى بن عمير العنبري:
اتفقت رواية ابن المبارك وأبي نعيم عنه على أن وائلاً رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان قائمًا في الصلاة قبض بيمينه على شماله، وقال خلاد عنه: إذا دخل الصلاة أخذ شماله بيمينه، والأخذ بمعنى القبض، وقال وكيع عنه: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضعًا يمينه على شماله، والوضع غير القبض، ولعل وكيعًا رواه بالمعنى، ورواية القبض أقوى.
2- لفظ رواية عاصم بن كليب عن علقمة:
وقد رواه عنه شريك وهشيم، وقد سبق أن الرواية عن عاصم على هذا الوجه ضعيفة، ولفظ شريك صحّ عن عاصم بغير هذا الإسناد، وأما هشيم فلفظه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفرج أصابعه في الركوع، ويضمها في السجود.
وهذا اللفظ لم يذكر في أي رواية من روايات هذا الحديث المتكاثرة، وهو غريب جدًّا، وهذه قرينة على ضعف هذه الرواية، وكأنّ هشيمًا أخذها عن أحد الضعفاء، فإنه - كما سبق - لم يسمع من عاصم.
3- لفظ رواية أبي إسحاق السبيعي:
وقد سبق أن الرواية عنه من هذا الوجه من تخليطات شريك في هذا الحديث، ولفظه: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يجهر بآمين».
4- لفظ عمرو بن مرة عن علقمة:(1/65)
وقد سبق أن هذه الرواية معلولة، وقد رواها عن عمرو بن مرة: حصين، وعن حصين:
- زائدة، ولفظه: رفع يديه حين يفتتح الصلاة، وإذا ركع.
- جرير، ولفظه كلفظ زائدة، وزاد: وإذا سجد.
- خالد بن عبد الله، ولفظه: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه قبل الركوع [وبعده](1).
- ورقاء بن عمر، وفي روايته نظر - كما سبق -، ولفظه: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قام إلى الصلاة رفع يديه، وحين رفع رأسه من الركوع فعل ذلك.
- هشيم، ولم أجد لفظه، إنما قرنه الدارقطني بجرير، وذكر لفظ جرير.
... فلفظ عمرو بن مرة فيه رفع اليدين عند افتتاح الصلاة، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، أما الرفع للسجود، فزاده جرير، ولم يذكره غيره، فلا يصح عن حصين عن عمرو.
5- لفظ قيس بن سليم العنبري:
وعنه أبو نعيم وابن المبارك، وهذا مجموع روايتهما:
قال وائل: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكبر حين افتتح الصلاة ورفع يديه، ثم رفع يديه حين أراد أن يركع، وبعد الركوع، [وأشار قيس إلى نحو الأذنين، وكان إذا كان قائمًا في الصلاة قبض بيمينه على شماله](2).
6- لفظ رواية سلمة بن كهيل عن علقمة:
وقد سبق ذكر خطأ موسى بن قيس بروايته هذا الوجه عن سلمة، ولفظه: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله. قال الطبراني بعد أن أخرج هذه الرواية: «هكذا رواه موسى بن قيس عن سلمة: قال: عن علقمة بن وائل، وزاد في السلام: ( وبركاته) ».
7- لفظ رواية سماك بن حرب:
وعنه شريك، وهي من تخليطاته، وقال في لفظه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجهر بآمين.
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده معاذ بن المثنى وأحمد بن داود عن مسدد، ولم يذكره البخاري عنه، وقال ابنه محمد بن خالد عنه: يرفع يديه إذا قام وإذا قعد، ومحمد ضعيف.
(2) ما بين المعقوفين لم يُذكر في رواية أبي نعيم.(1/66)
... فما صح من ألفاظ هذه المتابعات= لفظ قيس بن سليم العنبري فحسب.
ثانيًا: دراسة ألفاظ طريق عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر:
1- تحرير لفظ الثوري عن عاصم:
عن وائل بن حجر قال: رمقت النبي - صلى الله عليه وسلم - فرفع يديه في الصلاة حين كبر [حيال أذنيه](1)، [ورأيته ممسكًا يمينه على شماله في الصلاة](2) (3)أ) [على صدره](4)، ثم حين ركع رفع يديه، ثم إذا قال: «سمع الله لمن حمده» رفع، [وسجد فوضع يديه حذو أذنيه](5)، (ثم جلس فافترش رجله اليسرى)(3ب)، ثم وضع يده اليسرى على (ركبته)(6) اليسرى، وذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، (ثم أشار بسبابته [يدعو بها](7)،
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده مؤمل عن سفيان، لم يذكره غيره، ومؤمل ضعيف، فلا تصح عن سفيان.
(2) ما بين المعقوفين زاده عبد الله بن الوليد والفريابي ومؤمل، ولعلها صحيحة، لاجتماعهم عليها، وفيهم الفريابي، وقد عُدّ في أثبت أصحاب سفيان.
(3) لم يذكر الفريابي إلا هذه الجمل الثلاث.
(4) ما بين المعقوفين زاده مؤمل عن سفيان، ولم يذكرها غير سفيان عن عاصم، وهي لفظة منكرة، قال ابن القيم (بدائع الفوائد: 3/983): «مؤمل عن سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده على صدره، فقد روى هذا الحديث عبد الله بن الوليد عن سفيان لم يذكر ذلك، ورواه شعبة وعبد الواحد لم يذكرا، خالفا سفيان».
(5) لم يذكر وكيع ويحيى بن آدم وأبو نعيم والحسين بن حفص إلا ما بين المعقوفين، وقال وكيع: قريبتان من أذنيه.
(6) قال عبد الله بن الوليد: فخذه.
(7) ما بين المعقوفين زاده الفريابي..(1/67)
ووضع الإبهام على الوسطى حلق بها، وقبض سائر أصابعه)(3ج)، [ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه](1)،
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده عبد الرزاق، وهو محل إشكال، إذ يقتضي إثبات الإشارة بين السجدتين بصريح العبارة، لكنه خطأ، إذ لم يذكره غير عبد الرزاق عن سفيان، قال الألباني - رحمه الله -: « اعلم أن هذا الحديث يرويه عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل، ويرويه عن عاصم جمع من الثقات، وقد اتفقوا جميعًا على ذكر رفع السبابة فيه، لكنهم انقسموا إلى ثلاث فئات من حيث تعيين مكان الرفع:
الأولى: أطلق ولم يحدد المكان، منهم زائدة بن قدامة، وبشر بن المفضل، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وإن كان ظاهر سياقهم يدل على أنه في التشهد.
الثانية: صرحوا بأنه في جلسة التشهد، منهم ابن عيينة في رواية للنسائي، وشعبة عند ابن خزيمة في «صحيحه» وأحمد، وأبو الأحوص عند الطحاوي والطبراني في «المعجم الكبير»، وخالد عند الطحاوي، وزهير بن معاوية وموسى بن أبي كثير وأبو عوانة ثلاثتهم عند الطبراني. وخالف هؤلاء جميعًا عبد الرزاق في روايته عن الثوري، فقال في « المصنف» وعنه أحمد والطبراني في «المعجم الكبير»: عن الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: ( رمقت النبي - صلى الله عليه وسلم - فرفع يديه في الصلاة حين كبر... [وسجد فوضع يديه حذو أذنيه]، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ثم وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، وذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، ثم أشار بسبابته... ثم سجد، فكانت يداه حذو أذنيه»، قلت: والسياق للمصنف، والزيادة لأحمد.
فذكره السجدة الثانية بعد الإشارة بالسبابة خطأ واضح، لمخالفته لرواية كل من سبق ذكره من الثقات، فإنهم جميعًا لم يذكروا السجدة بعد الإشارة، وبعضهم ذكرها قبلها، وهو الصواب يقينًا، وإنما لم يذكروا معها السجدة الثانية اختصارًا، وقد ذكرها زهير بن معاوية فقال: (... ثم سجد فوضع يديه حذاء أذنيه، ثم سجد فوضع يديه حذاء أذنيه، ثم قعد فافترش رجله اليسرى... ثم رأيته يقول هكذا، ورفع زهير أصبعه المسبحة» رواه الطبراني...
وقد يقول قائل: لقد ظهر بهذا التحقيق خطأ ذكر التحريك بين السجدتين ظهورًا لا يدع ريبًا لمرتاب، ولكن ممن الخطأ؟ أمن الثوري الذي خالف جميع الثقات، أم من عبد الرزاق الذي أخطأ هو عليه؟
فأقول: الذي أراه - والله أعلم - أن الثوري بريء من هذا الخطأ، وأن العهدة فيه على عبد الرزاق، وذلك لسببين:
الأول: أن عبد الرزاق وإن كان ثقةً حافظًا، فقد تكلم فيه بعضهم، ولعل ذلك لما رأوا له من الأوهام، وقد قال الحافظ في آخر ترجمته من «التهذيب»: ( ومما أنكر على عبد الرزاق روايته عن الثوري عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى على عمر ثوبًا، فقال: أجديد هذا أم غسيل؟ الحديث... قال الطبراني في «الدعاء»: رواه ثلاثة من الحفاظ عن عبد الرزاق، وهو مما وهم فيه عن الثوري )، قلت: وممن أنكر هذا على عبد الرزاق يحيى بن معين كما رواه ابن عدي في «الكامل»، فليكن حديث وائل من هذا القبيل. ويؤيده السبب التالي:
والآخر: أنه خالفه عبد الله بن الوليد عند أحمد ومحمد بن يوسف الفريابي، فروياه عن الثوري - سماعًا منه - به، دون ذكر السجدة بعد الإشارة، فاتفاق هذين الثقتين على مخالفة عبد الرزاق مما يرجح أن الخطأ منه، وليس من الثوري، ولا سيما والفريابي كان من تلامذة الثوري الملازمين له، فهو أحفظ لحديثه من عبد الرزاق، وبخاصة ومعه عبد الله بن الوليد، وهو صدوق» ا.هـ كلام الألباني بطوله من تمام المنة (ص214-216)، وانظر: لا جديد في أحكام الصلاة، للشيخ بكر أبي زيد (ص41، 42) وفيه حكاية توهيم عبد الرزاق في هذه الرواية عن الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -. ويزاد على الفريابي وابن الوليد فيمن خالف عبد الرزاق: وكيع ويحيى بن آدم وأبو نعيم ومؤمل وعلي بن قادم والحسين بن حفص.(1/68)
[وإذا قام اتكأ على إحدى يديه](1).
2- تحرير لفظ ابن عيينة عن عاصم:
عن وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي (منكبيه)(2)، وإذا ركع، (وبعدما يرفع رأسه من الركوع)(3)، [فلما سجد وضع يديه حذاء أذنيه](4) [ورأيته إذا جلس (في الصلاة)(5) (أضجع)(6) رجله اليسرى ونصب اليمنى](7)، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى [وبسطها](8)، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين [الوسطى والإبهام](9) وحلق حلقة ودعا هكذا - ونصب السبابة - (10)، [قال وائل: ثم أتيتهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس](11).
3- تحرير لفظ زائدة بن قدامة عن عاصم:
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده علي بن قادم، وفي روايته عن الثوري كلام، فلا تثبت زيادته.
(2) قال الحميدي وإبراهيم بن بشار الرمادي: أذنيه، والأكثر عن سفيان على ( منكبيه )، فلعل هذه رواية سفيان عن عاصم، والرفع حذو الأذنين جادة حديث وائل، وسالك الجادة أقرب إلى الخطأ.
(3) ما بين الهلاليين لم يذكره ابن يزيد المقرئ.
(4) ما بين المعقوفين زاده إسحاق بن راهويه.
(5) قال ابن يزيد المقرئ: في الركعتين، وهو بيان لموضع هذه الصفة من الصلاة، وليس فيه مخالفة.
(6) قال المخزومي: افترش، وهما بمعنىً.
(7) ما بين المعقوفين من قوله: ( ورأيته إذا جلس... ) لم يذكره علي بن شعيب، ولم يُذكر من لفظ حامد بن يحيى إلا هو.
(8) ما بين المعقوفين زاده الحميدي.
(9) ما بين المعقوفين زاده قتيبة، وهو بيان لما يقبض.
(10) لم يذكر الشافعي عن سفيان صفة الجلوس في الصلاة، من قوله: ( ورأيته إذا جلس... ) إلى هذا الموضع.
(11) ما بين المعقوفين لم يذكره إبراهيم بن بشار، ولم يُذكر من لفظ المخزومي إلا هو وافتراش الرجل اليسرى.(1/69)
عن وائل بن حجر قال: قلت: لأنظرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي، قال: فنظرت إليه قام فكبر ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم وضع (يده)(1) اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، ثم لما أراد ان يركع رفع يديه مثلها، [ووضع يديه على ركبتيه، ثم رفع رأسه فرفع يديه مثلها](2)، ثم سجد فجعل كفيه بحذاء أذنيه، ثم قعد فافترش (رجله)(3) اليسرى، ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض (اثنتين من أصابعه)(4) فحلق حلقة ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها، ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد فرأيت الناس عليهم الثياب تحرك أيديهم من تحت الثياب من البرد.
ملحوظة:
اختصر البيهقي لفظ عبد الله بن رجاء عن زائدة.
4- تحرير لفظ عبد الله بن إدريس عن عاصم:
__________
(1) قال عبد الرحمن بن مهدي: كفه، وهما بمعنىً، وهو دليل على أن اليد إذا أطلقت أريد بها الكف.
(2) ما بين المعقوفين لم يذكر في رواية ابن مهدي.
(3) قال أبو الوليد الطيالسي: فخذه، والمراد واحد.
(4) في رواية عبد الصمد: قبض بين أصابعه، ولعلها تصحيف، وفي بعض الروايات عن معاوية بن عمرو: ثلاثة من أصابعه، وفي بعضها: اثنتين، واتفقت روايات أبي الوليد الطيالسي وعبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي على لفظة: اثنتين، فهي أقوى، والله أعلم.(1/70)
عن وائل بن حجر قال: قدمت المدينة [وهم ينفضون أيديهم من تحت الثياب](1)، فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكبر ورفع يديه حتى رأيت إبهاميه (قريبًا من أذنيه)(2)، (ثم أخذ شماله بيمينه)(3)، [ثم قرأ](4)، (ثم كبر ورفع يديه، فلما رفع رأسه رفع يديه)(5)، [ثم كبر ورفع يديه](6)، ثم سجد فرأيت رأسه بين يديه على مثل مقداره حيث استفتح الصلاة، ثم جلس (فثنى اليسرى)(7) ونصب اليمنى [ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى](8)، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وحلق بالإبهام والوسطى ورفع التي تلي الإبهام يدعو بها.
5- تحرير لفظ ابن فضيل عن عاصم:
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده سلم بن جنادة، ولعل زيادته في هذا الموضع خطأ، لأن تحريك اليدين من تحت الثياب إنما كان في قَدْمَةِ وائل الأخرى.
(2) قال عبد الله بن سعيد: بحذاء أذنيه.
(3) لم يذكر علي بن محمد إلا ما بين الهلاليين.
(4) ما بين المعقوفين زاده عبد الله بن سعيد.
(5) ما بين الهلاليين جاء في رواية ابن أبي شيبة هكذا: قال وائل: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع كلما ركع ورفع )، وهو بمعنى الروايات الأخرى نفسه.
(6) ما بين المعقوفين زاده سلم بن جنادة، وهو خطأ، فلم يذكر الرفع عند السجود إلا هو.
(7) قال أبو كريب: ( افترش رجله اليسرى )، وقال سلم بن جنادة: ( افترش قدميه )، والمقصود بجميع ذلك افتراش اليسرى.
(8) ما بين المعقوفين زاده أبو كريب.(1/71)
عن وائل بن حجر قال: كنت في من أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كيف يصلي؟ فرأيته حين كبر رفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم ضرب بيمينه على شماله فأمسكها، [فلما أراد أن يركع رفع يديه، ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه](1)، فلما جلس افترش رجله اليسرى، ثم وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ثم وضع حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم عقد - يعني ثنتين -، ثم حلق، وجعل يشير بالسباحة يدعو.
6- تحرير لفظ عبد الواحد بن زياد عن عاصم:
عن وائل بن حجر قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: لأنظرن كيف يصلي، قال: فاستقبل القبلة، فكبر ورفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه، [ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه](2)، فلما ركع وضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفع يديه حتى كانتا حذو منكبيه، فلما سجد وضع يديه من وجهه بذلك الموضع (3)، فلما قعد افترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على (ركبته)(4) اليسرى ، ووضع حد مرفقه على فخذه اليمنى، وعقد (ثنتين)(5) وحلق واحدة وأشار بأصبعه السبابة.
7- تحرير لفظ شعبة عن عاصم:
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده ابن أبي شيبة.
(2) ما بين المعقوفين لم يذكره صالح بن عبد الله الترمذي.
(3) إلى هنا ينتهي ما ساقه البيهقي من لفظ صالح الترمذي.
(4) قال مسدد في رواية عنه: فخذه، والمراد واحد.
(5) قال يونس: ثلاثين.(1/72)
عن وائل بن حجر قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكبر حين دخل في الصلاة ورفع يديه [حذو منكبيه](1)، [ثم وضع يده اليمنى على اليسرى](2)، وحين أراد أن يركع رفع يديه، [فلما كان في الركوع وضع يديه على ركبتيه وجافى في الركوع](3)، وحين رفع رأسه من الركوع رفع يديه [ثم كبر وسجد ورفع يديه](4)، ووضع كفيه وجافى [عضديه عن إبطيه](5) – يعني: في السجود -، [فلما أن قعد يتشهد](6) فرش فخذه اليسرى على اليمنى، [ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى](7)، وأشار بأصبعه السبابة [وحلق بالوسطى والإبهام](8) - يعني في الجلوس في التشهد -.
ملحوظة:
قال هاشم بن القاسم في حديثه: وخَوَّى في ركوعه وخَوَّى في سجوده، قال ابن الأثير في النهاية في معنى ذلك: «أي: جافى بطنه عن الأرض ورفعها، وجافى عضديه عن جنبيه حتى يَخْوَى ما بين ذلك»، وهذا المعنى جاء في الروايات الأخرى.
8- تحرير لفظ أبي الأحوص سلام بن سليم عن عاصم:
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده آدم.
(2) ما بين المعقوفين زاده أسود بن عامر.
(3) ما بين المعقوفين زاده أسود بن عامر.
(4) ما بين المعقوفين زاده آدم.
(5) ما بين المعقوفين زاده مسلم بن إبراهيم ووهب بن جرير، وهو بيان للمجافاة.
(6) ما بين المعقوفين زاده هاشم بن القاسم ومسلم بن إبراهيم، وقال النضر بن شميل: ثم جلس.
(7) ما بين المعقوفين زاده مسلم بن إبراهيم، وذكر النضر بن شميل وضع حد المرفق الأيمن على الفخذ اليمنى.
(8) ما بين المعقوفين زاده وهب بن جرير وهاشم بن القاسم.(1/73)
عن وائل بن حجر قال: صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: لأحفظن صلاته، فافتح الصلاة فكبر ورفع يديه حتى بلغ أذنيه، وأخذ شماله بيمنيه، فلما أراد أن يركع كبر ورفع يديه كما رفعها حين افتتح الصلاة، ووضع كفيه على ركبتيه حتى رفع، فلما رفع رأسه من الركوع رفع يديه كما رفعها حين افتتح الصلاة، ثم سجد، [فلما قعد للتشهد](1) افترش قدمه اليسرى فقعد عليها، ثم وضع (كفه)(2) اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى، [ثم عقد أصابعه وجعل حلقة بالإبهام والوسطى](3)، وجعل يدعو هكذا - يعني: بالسبابة - [يشير بها](4).
9- تحرير لفظ زهير بن معاوية عن عاصم:
عن وائل بن حجر قال: قلت: لأنظرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي، فقام فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، ثم حين أراد ان يركع رفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم وضع يديه على ركبتيه، ثم رفع فرفع يديه مثل ذلك، ثم سجد فوضع يديه حذاء أذنيه، ثم قعد فافترش رجله اليسرى، [ووضع كفه اليسرى على ركبته اليسرى فخذه - في صفة عاصم -](5)، ثم وضع حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض (ثلاثًا)(6) وحلق حلقة ثم رأيته يقول هكذا - وأشار زهير بسبابته الأولى وقبض أصبعين وحلق الإبهام على السبابة الثانية -.
10- تحرير لفظ أبي عوانة عن عاصم:
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده يوسف بن عدي وأسد بن موسى.
(2) قال يوسف بن عدي وأسد بن موسى: مرفقه.
(3) ما بين المعقوفين زاده يوسف بن عدي وأسد بن موسى.
(4) ما بين المعقوفين زاده أبو داود الطيالسي.
(5) ما بين المعقوفين لم يذكر في رواية مالك بن إسماعيل.
(6) قال مالك بن إسماعيل: ثنتين.(1/74)
عن وائل بن حجر قال: قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي، فقام فاستقبل القبلة فكبر ورفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه، [ثم قبض باليمنى على اليسرى](1)، ثم ركع [فرفع يديه فحاذى بهما أذنيه](2)، ثم وضع كفيه على ركبتيه، ثم رفع رأسه ورفع يديه فحاذى بهما أذنيه، ثم سجد فوضع رأسه بين كفيه، ثم صلى ركعة أخرى مثلها، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ثم دعا، ووضع كفه اليسرى على ركبته اليسرى وكفه اليمنى على ركبته اليمنى ودعا بالسبابة.
11- تحرير لفظ خالد بن عبد الله عن عاصم:
عن وائل بن حجر قال: [قلت: لأنظرن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -](3)، فقام إلى الصلاة فكبر ورفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه، وأخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفع يديه [فوضعهما على ركبتيه](4)، فلما رفع رأسه من الركوع رفع يديه، [فلما سجد وضع يديه فسجد بينهما، ثم جلس فوضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ومرفقه اليمنى على فخذه اليمنى، ثم عقد الخنصر والبنصر ثم حلق الوسطى بالإبهام وأشار بالسبابة](5).
12- تحرير لفظ شريك بن عبد الله عن عاصم:
__________
(1) ما بين المعقوفين لم يذكره عباس بن طالب.
(2) ما بين المعقوفين لم يذكره عباس بن طالب.
(3) ما بين المعقوفين زاده الحماني ووهب بن بقية.
(4) ما بين المعقوفين زاده وهب بن بقية.
(5) ما بين المعقوفين من قوله: ( فلما سجد... ) لم يذكر في رواية وهب بن بقية.(1/75)
عن وائل بن حجر قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه إذا كبر وإذا رفع [وإذا سجد](1)، [وسمعته قال في الصلاة: ( آمين ) جهر بها](2)، [وإذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه](3)، قال: ثم أتيتهم فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم – أو إلى نحورهم - في افتتاح الصلاة وعليهم برانس وأكسية.
13- تحرير لفظ بشر بن المفضل عن عاصم:
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده محمد بن سعيد الأصبهاني.
(2) ما بين المعقوفين زاده يحيى بن آدم ويحيى بن أبي بكير.
(3) ما بين المعقوفين زاده يزيد بن هارون، قال البزار (10/351) : «وهذا الحديث لا نعلم رواه إلا يزيد بن هارون عن شريك» ، وقال النسائي (2/234): «لم يقل هذا عن شريك غير يزيد بن هارون»، وقال أبو القاسم البغوي (معجم الصحابة ق295): «ولا أعلم حدث به عن شريك غير يزيد»، وقال الدارقطني (1/345): «تفرد به يزيد عن شريك».(1/76)
عن وائل بن حجر قال: قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي، قال: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم (أخذ شماله بيمينه)(1)، فلما أراد أن يركع رفعهما [مثل ذلك، ثم وضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك، فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه](2)، ثم جلس(3) فافترش رجله اليسرى [ونصب اليمنى](4)، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين وحلق حلقة، ورأيته يقول هكذا - وحلق بشر الإبهام والوسطى وأشار بالسبابة -.
14- لفظ قيس بن الربيع عن عاصم:
عن وائل بن حجر قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - افتتح الصلاة وكبر ورفع يديه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع كبر فرفع يديه، فوضع راحتيه على ركبتيه وفرج بين أصابعه، فلما رفع رأسه كبر ورفع، فلما سجد وضع جبينه بين كفيه، ونصب أصابع رجليه، فلما رفع ثنى رجله اليسرى ورفع أصابع رجله اليمنى، فلما جلس وضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى، ووضع مرفقه اليمنى على فخذه اليمنى، وعقد الخنصر و التي تليها وحلق بالوسطى والإبهام وأشار بالسبابة يدعو بها.
15- لفظ عبد العزيز بن مسلم عن عاصم:
قال وائل: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر فرفع يديه حذاء أذنيه، فلما ركع وضع يديه على ركبتيه (5).
16- لفظ جرير عن عاصم:
__________
(1) قال محمد بن عبد الملك القرشي عن بشر: ثم وضع يديه اليمنى على اليسرى، وبقية الرواة عن بشر يقولون: أخذ شماله بيمينه، وهذا هو الصواب.
(2) ما بين المعقوفين لم يذكره محمد بن عبد الملك.
(3) حدده محمد بن عبد الملك بالجلوس في الثانية.
(4) ما بين المعقوفين زاده محمد بن عبد الملك، ولم يذكره غيره، فلا يصح.
(5) الشطر الأول ذكره عبد الواحد بن غياث، والشطر الثاني ذكره عبد الصمد عن عبد العزيز بن مسلم.(1/77)
عن وائل بن حجر قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح الصلاة يرفع يديه إلى أذنيه، وإذا ركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه.
17- لفظ صالح بن عمر الواسطي عن عاصم:
عن وائل بن حجر قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنظر كيف يصلي، فاستقبل القبلة، فكبر، فرفع يديه حتى حاذى أذنيه، فلما ركع رفع يديه حتى جعلهما بذلك المنزل، فلما رفع رأسه من الركوع رفع يديه حتى جعلهما بذلك المنزل، فلما سجد وضع يديه من رأسه بذلك المنزل.
18- لفظ عنبسة بن سعيد عن عاصم:
أحال الطبراني لفظ عنبسة إلى لفظ بشر بن المفضل المذكور، وقال: نحوه.
19- لفظ غيلان بن جامع عن عاصم:
عن وائل قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما افتتح الصلاة كبر. قال الطبراني: ثم ذكر نحوه، يعني لفظ بشر بن المفضل.
20- لفظ موسى بن أبي كثير عن عاصم:
عن وائل بن حجر قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما كبر رفع يديه، فلما أراد أن يركع رفع يديه، ولما أراد أن يسجد رفع يديه، وكان إذا جلس للتشهد يشير بأصبعه السبابة.
21- لفظ جعفر الأحمر عن عاصم:
عن وائل بن حجر قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما (جلس)(1) افترش اليسرى ونصب اليمنى.
22- لفظ أبي إسحاق عن عاصم:
عن وائل بن حجر قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب بيمينه على شماله في الصلاة.
23- لفظ موسى بن أبي عائشة عن عاصم:
__________
(1) في المطبوع من المعجم الكبير: سجد، ولعله خطأ، فهذا الوصف للجلوس لا للسجود.(1/78)
عن وائل بن حجر قال: تفقدت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرأيته يرفع يديه إذا كبر، ثم يضع يديه واحدة على الأخرى، ثم إذا أراد أن يركع رفع يديه فكبر، ثم قال: سمع الله لمن حمده فرفع - قال موسى: فأوهمت رفع حين سجد أم لا؟ -، فركع ركعتين، فلما قعد للتشهد افترش رجله اليسرى ووضع يده اليمنى على فخذه، ثم عقد أصبعه، ثم حلق حلقة (وأشار بالسبابة)(1)، وسلم عن يمينه وعن يساره. قال: ورأيته يكبر كلما خفض ورفع.
24- لفظ هريم بن سفيان عن عاصم:
عن وائل بن حجر قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجدًا ويداه عند أذنيه.
25- لفظ عبيدة بن حميد عن عاصم:
عن وائل بن حجر قال: قلت لأنظرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي، قال: فقام فاستقبل القبلة ورفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه رفع يديه حتى حاذتا أذنيه.
26- لفظ شقيق أبي الليث عن عاصم:
عن وائل بن حجر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل في الصلاة رفع يديه وكبر ثم التحف بثوبه، فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه.
* مقارنة ألفاظ الرواة عن عاصم بن كليب:
__________
(1) هذا ما ذكره محمد بن إسماعيل الكوفي في روايته عن خلاد عن موسى، والباقي من رواية عامر بن مدرك عن خلاد.(1/79)
عن وائل بن حجر قال: [قدمت المدينة](1)، فقلت: لأنظرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي، قال: فنظرت إليه، فقام [واستقبل القبلة](2)، وكبر ورفع يديه حتى (حاذتا أذنيه)(3)، [ثم (أخذ شماله بيمينه)(4)
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده عبد الله بن إدريس، وقال ابن فضيل: كنت فيمن أتى النبي صلى الله عليه وسلم، ونحو هذا لعبد الواحد بن زياد.
(2) ما بين المعقوفين زاده عبد الواحد بن زياد وأبو عوانة وبشر بن المفضل وصالح بن عمر وعبيدة بن حميد.
(3) قال ابن إدريس: حتى رأيت إبهاميه قريبًا من أذنيه. وخالف في ذلك ابن عيينة وشعبة وعبد الواحد بن زياد فقالوا: حذو منكبيه، والجماعة الأكثرون على محاذاة اليدين الأذنين في الرفع، وهو أقوى. وذكر قيس بن الربيع وموسى بن أبي كثير وموسى بن أبي عائشة وشقيق أبو الليث الرفع دون تحديد موضع لغايته.
(4) اختلف الرواة في ألفاظ صفة وضع اليدين إحداهما على الأخرى:
- فقال ابن إدريس وعبد الواحد بن زياد وأبو الأحوص وزهير بن معاوية وأبو عوانة وبشر بن المفضل وقيس بن الربيع وعبيدة بن حميد كما أُثبت: «أخذ شماله بيمينه».
- وقال الثوري: «ممسكًا يمينه على شماله».
- وقال زائدة بن قدامة: «وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد».
- وقال ابن فضيل، ونحوه في رواية أبي إسحاق: «ثم ضرب بيمينه على شماله فأمسكها»،
- وقال شعبة ونحوه لموسى بن أبي عائشة: «وضع يده اليمنى على اليسرى»،
- وقال أبو عوانة: «ثم قبض باليمنى على اليسرى».
والروايات جُلّها يفيد أن اليد اليسرى تُقبض باليمنى، وأما ما جاء في أن اليمنى توضع وضعًا على اليسرى، وما جاء في رواية زائدة من تحديد مكان الوضع على ظهر الكف والرسغ والساعد، فلعل ذلك خطأ، لمخالفته الروايات الأخرى الكثيرة.(1/80)
](1)، [ثم قرأ](2) [فسمعته يقول: ( آمين ) يجهر بها](3)، ثم لما أراد ان يركع رفع يديه (مثلها)(4)، [ووضع يديه على ركبتيه](5) [وفرج بين أصابعه](6) [وجافى في الركوع](7)، [ثم رفع رأسه فرفع يديه مثلها](8)، [
__________
(1) ما بين المعقوفين لم يذكره ابن عيينة، فإنه لم يتطرق لصفة وضع اليدين.
(2) ما بين المعقوفين زاده ابن إدريس.
(3) ما بين المعقوفين زاده شريك، وهو خطأ.
(4) هكذا قال بعض الرواة، وبعضهم صرّح بالموضع الذي ذكره أولاً - حسب اختلافهم -، ولم يذكر خالد بن عبد الله وجرير موضع الرفع إلا في المرة الأولى.
(5) ما بين المعقوفين لم يذكره الثوري ولا ابن عيينة ولا ابن إدريس ولا موسى بن أبي عائشة.
(6) ما بين المعقوفين زاده قيس بن الربيع، ولا يثبت، ففي قيس كلام.
(7) ما بين المعقوفين زاده شعبة، وهي زيادة غريبة، لم يذكرها الرواة عن عاصم، ولا ذُكرت في أي رواية من روايات الحديث، فلعلها لا تثبت.
(8) ما بين المعقوفين لم يذكر في رواية ابن فضيل، وقد سبق أن خالد بن عبد الله وجريرًا لم يذكرا موضع الرفع إلا في المرة الأولى..(1/81)
فإذا سجد رفع يديه حيال أذنيه، ووضع ركبتيه قبل يديه](1) [ثم سجد (فجعل كفيه بحذاء أذنيه)(2) ](3) [وجافى عضديه عن إبطيه](4) [ونصب رجليه](5)، [وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه](6)، [
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده شريك بن عبد الله، وزاد الشطرَ الثاني منه أيضًا شقيقٌ أبو الليث، ولا يصح كلٌّ، قال الترمذي (2/56): «لا نعرف أحدًا رواه غير شريك»، وقال البزار (10/351) : «وهذا الحديث لا نعلم رواه إلا يزيد بن هارون عن شريك»، وقال الدارقطني (1/345): «لم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما يتفرد به»، وقال البيهقي (2/99): «هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضي، وإنما تابعه همام من هذا الوجه مرسلاً، هكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين»، وحكم بتفرد شريك أيضًا البخاري وابن أبي داود، وقال الحازمي (الاعتبار: 1/330): «قال همام: حدثنا شقيق يعني أبا الليث، عن عاصم بن كليب، عن أبيه مرسلاً، وهو المحفوظ»، وقال ابن رجب (فتح الباري: 7/216): «وهو مما تفرد به شريك، وليس بالقوي».
(2) ما بين الهلاليين ( موضع اليدين في السجود ) لم يذكره أبو الأحوص، وقال فيه ابن إدريس ونحوه لعبد الواحد بن زياد ولبشر بن المفضل: فرأيت رأسه بين يديه على مثل مقدارهما حيث استفتح الصلاة، وقال صالح بن عمر: فلما سجد وضع يديه من رأسه بذلك المنزل، وقال أبو عوانة ونحوه لخالد بن عبد الله ولقيس بن الربيع: فوضع رأسه بين كفيه، وكأن مؤدى الروايات هو محاذاة الكفين الأذنين في السجود، والاختلاف إنما كان في الألفاظ دون المعاني.
(3) ما بين المعقوفين ( السجود وموضع اليدين فيه ) لم يذكره ابن فضيل ولا موسى بن أبي عائشة.
(4) ما بين المعقوفين زاده شعبة، ويقال فيه ما قيل في التجافي في الركوع.
(5) ما بين المعقوفين زاده قيس بن الربيع، ولا يثبت.
(6) ما بين المعقوفين زاده شريك بن عبد الله، ولا يصح..(1/82)
ثم صلى ركعة أخرى مثلها](1)، ثم قعد [للتشهد](2) (فافترش رجله اليسرى)(3) [ونصب اليمنى](4) [ثم دعا](5)، ووضع كفه اليسرى على (فخذه وركبته)(6) اليسرى [وبسطها](7) (8)، وجعل (حد مرفقه الأيمن)(9) على فخذه اليمنى، ثم قبض (اثنتين من أصابعه فحلق حلقة)(10) (
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده أبو عوانة، ونحوه لموسى بن أبي عائشة.
(2) ما بين المعقوفين زاده شعبة وأبو الأحوص.
(3) قال شعبة: فرش فخذه اليسرى على اليمنى، وقال أبو الأحوص: افترش قدمه اليمنى فقعد عليها، ولعل المقصود واحد، وهو صفة الافتراش المعروف، ولم يذكر الافتراش خالد بن عبد الله.
(4) ما بين المعقوفين زاده ابن عيينة وابن إدريس وجعفر الأحمر.
(5) ما بين المعقوفين زاده أبو عوانة.
(6) بعض الرواة اقتصر على ( فخذه )، وبعضهم اقتصر على ( ركبته )، وجمع بينهما زائدة، والمراد واحد.
(7) ما بين المعقوفين زاده ابن عيينة.
(8) لم يذكر موسى بن أبي عائشة صفة وضع اليد اليسرى في التشهد.
(9) قال الثوري: ذراعه اليمنى، وقال ابن عيينة وشعبة وموسى بن أبي عائشة: يده اليمنى، وقال أبو الأحوص: كفَّهُ اليمنى، ولعل المراد واحد.
(10) قال الثوري: وضع الإبهام على الوسطى حلق بها وقبض سائر أصابعه، وقال ابن عيينة: وقبض ثنتين: الوسطى والإبهام، وقال ابن إدريس وشعبة: وحلق بالإبهام والوسطى، وقال أبو الأحوص ونحوه لموسى بن أبي عائشة: ثم عقد أصابعه وجعل حلقة بالإبهام والوسطى، وقال ابن فضيل: ثم عقد ثنتين ثم حلَّق، وقال عبد الواحد بن زياد: وعقد ثنتين وحلق واحدة، وقال خالد بن عبد الله ونحوه لقيس بن الربيع: ثم عقد الخنصر والبنصر ثم حلق الوسطى بالإبهام، وقال بشر بن المفضل: ورأيته يدعو هكذا - قال الرواي: وحلق بشرٌ الإبهام والوسطى -، ولم يذكر القبض والتحليق أبو عوانة..ومجموع ما ذُكر يدل على أن الخنصر والبنصر تُضَمَّان إلى الراحة، ويوضع رأس الوسطى على رأس الإبهام ليكونا كالحلقة.(1/83)
ثم (أشار بسبابته)(1) [فرأيته](2) [يحركها](3) يدعو بها)(4)، [وسلم عن يمينه وعن يساره، ورأيته يكبر كلما خفض ورفع](5) [ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد فرأيت الناس عليهم الثياب تحرك أيديهم من تحت الثياب من البرد](6).
__________
(1) قال زائدة: رفع أصبعه.
(2) ما بين المعقوفين زاده زائدة.
(3) ما بين المعقوفين ذكره زائدة وحده، ولم يذكره غيره، ولا يصح، أشار إلى إعلاله ابن خزيمة، قال (1/354): «ليس في شيء من الأخبار ( يحركها ) إلا في هذا الخبر، زائدة ذكره».
(4) قال ابن عيينة: ودعا هكذا - قال الراوي: ونصب السبابة -، وقال ابن إدريس ونحوه لقيس بن الربيع: ورفع التي تلي الإبهام يدعو بها، وقال ابن فضيل: وجعل يشير بالسباحة يدعو، وقال عبد الواحد بن زياد وشعبة وخالد بن عبد الله وموسى بن أبي عائشة: وأشار بأصبعه السبابة، وقال أبو الأحوص: وجعل يدعو - هكذا - بالسبابة يشير بها، وقال أبو عوانة: ودعا بالسبابة، وقال موسى بن أبي كثير: وكان إذا جلس للتشهد يشير بأصبعه السبابة. والمجموع يدل على أنه أشار بسبابته يدعو.
(5) ما بين المعقوفين زاده موسى بن أبي عائشة وحدَهُ، وسبق أن في رواية موسى ضعفًا وتفردًا، وأنها لا تصح.
(6) ما بين المعقوفين زاده ابن عيينة وزائدة وشريك، ولعله من الإدراج في الحديث، ذكره الخطيب في الفصل للوصل المدرج في النقل، قال (ص428، 429): «وقصة تحريك الناس أيديهم ورفعها من تحت الثياب في زمن البرد لم يسمعها عاصم عن أبيه، وإنما سمعها من عبد الجبار بن وائل بن حجر عن بعض أهله عن وائل بن حجر، بين ذلك زهير بن معاوية وأبو بدر شجاع بن الوليد في روايتهما حديث الصلاة بطوله عن عاصم بن كليب، وميَّزا قصة تحريك الأيدي تحت الثياب وفصلاها من الحديث وذكرا إسناده..وروى سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وأبو الأحوص سلام بن سليم والوضاح أبو عوانة وخالد بن عبد الله وصالح بن عمر وعبد الواحد بن زياد وجرير بن عبد الحميد وبشر بن المفضل وعبيدة بن حميد وعبد العزيز بن مسلم، رووا الحديث كلهم وهم أحد عشر رجلاً عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل ولم يذكر أحد منهم قصة تحريك الأيدي تحت الثياب» ا.هـ، والرواة أكثر مما ذكر الخطيب - رحمه الله -، ونقل (ص439) عن موسى بن هارون قوله: «اتفق زهير بن معاوية وشجاع بن الوليد فرويا صفة الصلاة عن عاصم بن كليب أن أباه أخبره أن وائل بن حجر أخبره، ثم فصلا ذكر رفع الأيدي من تحت الثياب، فروياه عن عاصم بن كليب أنه حدثه به عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل بن حجر، وهذه الرواية مضبوطة اتفق عليها زهير بن معاوية وشجاع بن الوليد، فهما أثبت له روايةً ممن روى رفع الأيدي من تحت الثياب عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر، وقد رواه غير واحد فجعلوه عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر، وذاك عندنا وهم ممن وهم فيه، وإنما سلك به الذي وهم فيه المحجة السهلة، لأن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر أسهل عليه من عاصم بن كليب عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل بن حجر» ا.هـ، وقد تتابع من كتب في المصطلح على التمثيل بهذا المثال على الإدراج في المتن، تبعًا للخطيب - رحمهم الله جميعًا -.(1/84)
ملحوظة:
ما لم أنبِّه عليه من الألفاظ المثبتة فوق الحواشي؛ فالأصل أن الرواة عليه - أخصُّ من فصَّل منهم، وربما شاركهم في شيء من ذلك بعضُ من لم يُذكر من لفظه إلا معنىً أو معنيان -.
الخلاصة في لفظ عاصم بن كليب:
أن الصحيح الخالي من العلل - إن شاء الله - هذا اللفظ:
عن وائل بن حجر قال: قدمت المدينة، فقلت: لأنظرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي، قال: فنظرت إليه، فقام واستقبل القبلة، وكبر ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، ثم قرأ، ثم لما أراد ان يركع رفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ووضع يديه على ركبتيه، ثم رفع رأسه فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم سجد فجعل كفيه بحذاء أذنيه، ثم صلى ركعة أخرى مثلها، ثم قعد للتشهد فافترش رجله اليسرى ونصب اليمنى، ثم دعا، ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى وبسطها، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم عقد الخنصر والبنصر ثم حلق الوسطى بالإبهام، ثم أشار بسبابته يدعو بها.
ثالثًا: دراسة ألفاظ طريق اليحصبي عن وائل بن حجر:
عن وائل بن حجر أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يكبر (إذا خفض وإذا رفع)(1)، ويرفع يديه عند التكبير، [فلما قال: ولا الضالين، قال: رب اغفر لي آمين](2)، (ويسلم عن يمينه وعن يساره حتى يبدو وضح وجهه)(3).
رابعًا: دراسة ألفاظ طريق سلمة بن كهيل عن حجر بن العنبس عن وائل بن حجر:
1- تحرير لفظ شعبة عنه:
__________
(1) قال يزيد بن هارون عن شعبة: فلما كبر رفع يديه مع التكبير وإذا ركع وإذا رفع - أو قال: سجد -.
(2) ما بين المعقوفين زاده النهشلي عن أبي إسحاق عن اليحصبي، وقد سبق أن في هذه الرواية كلامًا، فلا تصح هذه الزيادة.
(3) ما بين الهلاليين هو ما ذكره عبد الأعلى عن اليحصبي، وهو ما ذكره قيس بن الربيع عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن اليحصبي.(1/85)
عن وائل بن حجر أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قرأ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال: «آمين» (خفض بها صوته)(1)، ووضع يده اليمنى على يده اليسرى [على بطنه، وكان إذا قال: سمع الله لمن حمده، قال: اللهم ربنا لك الحمد](2)، وسلم عن يمينه وعن يساره.
2- تحرير لفظ سفيان عن سلمة بن كهيل:
عن وائل بن حجر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ { ولا الضالين } فقال: «آمين» (يمد)(3) بها صوته، [وكان يسلم عن يمينه وعن شماله](4) [حتى رأيت بياض خده من هاهنا ومن هاهنا](5).
3- لفظ العلاء بن صالح عن سلمة بن كهيل:
__________
(1) قد اختلف الرواة عن شعبة في هذه اللفظة:
- فذكرها كما أُثبت أبو داود الطيالسي وغندر وسليمان بن حرب ويزيد بن زريع وعفان ووكيع وحجاج بن نصير.
- ولم يذكرها وهب بن جرير وعبد الصمد، واختُصر لفظ معاذ بن المثنى، فلم تُذكر قصة التأمين فيه، ولم أستبن لفظ القطان كله.
- واختُلف على أبي الوليد الطيالسي: فقال عنه الحربي ومحمد بن إسماعيل الصائغ وإسماعيل بن إسحاق: «وخفض بها صوته»، وقال عنه إبراهيم بن مرزوق: «ورفع بها صوته»، والراجح عن أبي الوليد الأول.
وقد قال ابن حجر (إتحاف المهرة: 13/663): «ولعل الوهم فيه ممن دون شعبة، فقد تقدم من رواية عبد الصمد وغيره عنه، وليس فيه ( وأخفى صوته ) »، ولكن ستة من كبار الحفاظ رووه عن شعبة بإثباتها، فروايتهم أولى بالترجيح من رواية اثنين من الثقات قصَّرا في الرواية فلم يذكراها، والله أعلم.
ومن ذلك يتبين أن الراجح عن شعبة ذكر اللفظة هكذا: «وخفض بها صوته».
(2) ما بين المعقوفين زاده حجاج بن نصير، ولا يصح.
(3) قال محمد بن كثير: ورفع، ولعل المعنى واحد.
(4) ما بين المعقوفين زاده أبو أحمد الزبيري والأشجعي.
(5) ما بين المعقوفين زاده الأشجعي.(1/86)
عن وائل بن حجر أنه صلى خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قرأ فاتحة الكتاب جهر بآمين، وسلم عن يمينه وعن يساره حتى رأيت بياض خده.
4- لفظ يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه:
عن وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فرغ من الصلاة حتى رأيت خده من هذا الجانب ومن هذا الجانب، وقرأ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين }، فقال: «آمين» يمده بها صوته، ما أراه إلا يعلمنا.
5- لفظ محمد بن سلمة بن كهيل عن أبيه:
عن وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلم حتى رأيت بياض خذه من هذا الجانب ومن هذا الجانب.
* مقارنة ألفاظ الرواة عن سلمة بن كهيل:
عن وائل بن حجر أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قرأ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال: «آمين» (مد بها صوته)(1)،
__________
(1) هكذا قال سفيان والعلاء بن صالح ويحيى بن سلمة بن كهيل، وخالفهم شعبة فقال: «وخفض بها صوته»، وقد غلّطه الأئمة في هذا، قال البخاري (التاريخ الكبير: 3/73، سنن الترمذي: 2/27، ترتيب علل الترمذي الكبير، ص69، سنن البيهقي: 2/57): «وقال - أي: شعبة -: ( خفض بها صوته )، وإنما هو جهر بها»، وقال مسلم بن الحجاج (التمييز، ص180): «أخطأ شعبة في هذه الرواية حين قال: وأخفى صوته»، وقال الدارقطني (1/334): «كذا قال شعبة: ( وأخفى بها صوته )، ويقال إنه وهم فيه، لأن سفيان الثوري ومحمد بن سلمة بن كهيل وغيرهما رووه عن سلمة فقالوا: ( ورفع صوته بآمين )، وهو الصواب»، وقال البيهقي (معرفة السنن والآثار: 3/259): «ورواه شعبة عن سلمة بن كهيل فقال في متنه: ( خفض بها صوته )، وقد أجمع الحفاظ: محمد بن إسماعيل البخاري وغيره على أنه أخطأ في ذلك، فقد رواه العلاء بن صالح ومحمد بن سلمة بن كهيل عن سلمة بمعنى رواية سفيان».
ورجح الأئمة رواية سفيان لهذا الحديث على رواية شعبة، وقد سبق ذكر طرف من ذلك، قال ابن حجر (التلخيص الحبير: 1/254): «... وما بقي إلا التعارض الواقع بين شعبة وسفيان فيه في الرفع والخفض، وقد رجحت رواية سفيان بمتابعة اثنين له بخلاف شعبة، فلذلك جزم النقاد بأن روايته أصح».(1/87)
ووضع يده اليمنى على يده اليسرى، وسلم عن يمينه وعن يساره [حتى رأيت بياض خده من هذا الجانب ومن هذا الجانب](1).
خامسًا: مقارنة ألفاظ الرواة عن وائل بن حجر - رضي الله عنه -، وبيان ما زاده بعضهم على بعض:
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده الأشجعي عن سفيان والعلاء بن صالح ويحيى ومحمد ابنا سلمة بن كهيل.(1/88)
عن وائل بن حجر قال: [قدمت المدينة، فقلت: لأنظرن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي، قال: فنظرت إليه، فقام واستقبل القبلة](1)، وكبر ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم (أخذ شماله بيمينه)(2) [وأدخل يديه في ثوبه](3)، ثم قرأ، [فلما قرأ: { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } قال: «آمين»، ورفع بها صوته»](4)، ثم لما أراد أن يركع [أخرج يديه من الثوب](5) ثم رفعهما [حتى حاذتا أذنيه](6) [ثم كبر فركع](7)، [ووضع يديه على ركبتيه](8)، ثم رفع رأسه فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم سجد فجعل (كفيه بحذاء أذنيه)(9)، [ثم صلى ركعة أخرى مثلها، ثم قعد للتشهد فافترش رجله اليسرى ونصب اليمنى، ثم دعا، ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى وبسطها، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم عقد الخنصر والبنصر ثم حلق الوسطى بالإبهام، ثم أشار بسبابته يدعو بها](10)، [ثم سلم عن يمينه وعن يساره حتى (بدا وضح وجهه)(11)
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل.
(2) قال عبد الجبار بن وائل وحجر بن العنبس: وضع يده اليمنى على اليسرى، ولعل هذه الرواية بالمعنى، فرواية عاصم بن كليب عن أبيه، ورواية من تابع عبد الجبار عن أخيه علقمة على ما أُثبت ( بالقبض ).
(3) ما بين المعقوفين زاده عبد الجبار بن وائل عن أبيه.
(4) ما بين المعقوفين زاده عبد الجبار عن أبيه، وحجر بن العنبس عن وائل.
(5) ما بين المعقوفين زاده عبد الجبار.
(6) ما بين المعقوفين زاده عاصم بن كليب عن أبيه.
(7) ما بين المعقوفين زاده عبد الجبار.
(8) ما بين المعقوفين زاده عاصم بن كليب عن أبيه.
(9) قال عبد الجبار: فجعل جبهته بين كفيه، ولعل الاختلاف في اللفظ دون المعنى.
(10) ما بين المعقوفين زاده عاصم بن كليب عن أبيه.
(11) قال حجر بن العنبس: حتى رأيت بياض خده من هذا الجانب ومن هذا الجانب..(1/89)
](1). [قال وائل: ثم أتيته مرةً أخرى وعلى الناس ثياب فيها البرانس وفيها الأكسية، فرأيتهم يقولون هكذا تحت الثياب](2).
ولعل ما زاده بعض الرواة على بعض من جنس زيادة الثقة المقبولة، إذ احتفت بها القرائن:
فعبد الجبار ابنٌ لوائل، وأخذ الحديث ممن اختص بوائل من أهله وأبنائه، وهذا مرجح قوي. وعاصم بن كليب تكاثر الرواة - وفيهم كبار الحفاظ - على رواية الحديث عنه عن أبيه عن وائل، وتكاثر الأئمة على إخراج روايته، واعتمدوها، وروايته أوفى روايات الحديث ألفاظًا. وأما حجر بن العنبس واليحصبي، فلم ينفرد أحدهما بزيادة ذات شأن في الحديث، بل اتفقا على زيادة واحدة، واتفاقهما يعطي زيادتهما قوة.
من المعاني والأحكام التي تضمنها حديث وائل - رضي الله عنه -:
1- رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام حذو الأذنين.
2- قبض اليد اليسرى باليد اليمنى بعد التكبير.
3- رفع اليدين حذو الأذنين عند الركوع.
4- رفع اليدين حذو الأذنين عند الرفع من الركوع.
5- السجود، ووضع الكفين فيه حذو الأذنين.
6- الافتراش في التشهد الأول، وهو أن يفترش الرجل اليسرى وينصب الرجل اليمنى.
7- وصف اليدين في التشهد:
أ) وضع اليد اليسرى على طرف الفخذ اليسرى وبسطها.
ب) وضع حد المرفق الأيمن ( ويده اليمنى ) على الفخذ اليمنى، ويعقد الخنصر والبنصر، فيضمهما إلى راحته، ويحلق الوسطى بالإبهام، فيجعل طرف أحدهما على طرف الآخر ليكونا كالحلقة، ويشير بالسبابة يدعو بها.
8- التسليم عن يمينه وعن يساره حتى يبدو للمأمومين وجهه.
هذا، والله أعلم، وردّ العلم إليه أسلم.
وما كان في هذا من صواب فمن الله، وله الحمد والفضل والمنة، وما كان من خطأ فمن نفسي المقصرة والشيطان، والشكر والدعاء لمن نبه وقوَّم وأرشد وعلَّم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
__________
(1) ما بين المعقوفين زاده اليحصبي وحجر بن العنبس.
(2) ما بين المعقوفين زاده عبد الجبار.(1/90)
نشر هذا البحث في ملتقى أهل الحديث :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=84548(1/91)