العِقدُ الثّمينُ في تَخْرِيجِ أََحَادِيث الوِصَايَة لأَمِيرِ المُؤْمِنِيْنَ
تخريج الباحث
خليفة بن ارحمة بن جهام آل جهام الكواري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد فهذا جزء فيه: ( تخريجُ أحاديث الوصاية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ) ، قمت بجمع تلك الأحاديث التي فيها ذكر الوصية لأمير المؤمنين الخليفة الراشد علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ، مع تخريجها والحكم عليها بما تقتضيه القواعد الحديثية .
وقد رتبت تلك الأحاديث على طريقة المسانيد فكانت على النحو التالي:
أولاً: مسند أنس بن مالك - رضي الله عنه - .
ثانياُ: مسند بريدة بن الحُصَيب الأسلمي - رضي الله عنه - .
ثالثاً: مسند سلمان الفارسي - رضي الله عنه - .
رابعاً: مسند العباس - رضي الله عنه - .
خامساً: مسند عبد الله بن العباس - رضي الله عنه - .
سادساً: مسند عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - .
سابعاً: مسند علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - .
ثامناً: مسند أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - .
تاسعاً: مسند أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
عاشراً: مسند أم سلمة رضي الله عنها.
الحادي عشر: مرسل عطية العَوفي.
ولتخريج هذه الأحاديث سبب ، وهو أني لما وقفت على كتاب ( العقد الثمين في إثبات وصاية أمير المؤمنين ) ، المنسوب لمحمد بن علي الشوكاني ، فرأيت الشوكاني قد استدل على إثبات الوصية لأمير المؤمنين بأحاديث موضوعة ومكذوبة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فكان هذا السبب في جمع تلك الأحاديث وتخريجها(1).
__________
(1) والعجيب منه أنه ذكر بعض هذه الأحاديث في كتابه: ( الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ) ، ولعل مؤلَفه هذا كان من أوائل مصنفاته ، والله أعلم .
ثم طبع كتاب : ( الفتح الرباني من فتاوي الشوكاني ) ، فبحثت عن هذه الرسالة فوجدتها باسم: ( الدراية في مسألة الوصاية ) ، حققها الشيخ محمد صبحي بن حسن حلاَّق ، وقد تكلم عن هذه الرسالة فقال: ( الخلاصة: من الملاحظ أخي القارئ أن الشوكاني عندما ألف هذه الرسالة سنة 1205 هـ لم تنضج بعد ثقافته في علوم الحديث ، ثم لما نضجت وأخذ خبرة ودراية بطرق الحديث وأسانيد والتمييز بينها ومواطن الضعف والقوة فيها ألَّف كتابه: « الفوائد المجموعة » في آخر حياته سنة 1248 هـ أي: بعد ثلاثٍ وأربعين سنة من تأليفه لهذه الرسالة .
وأورد فيه الكثير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، وانتقد بما يدل على علمه بالحديث ومن ضمنها أحاديث في فضائل علي ت التي أوردها في هذه الرسالة فقال في: « الفوائد المجموعة » « ص: 424 » ومنها: وصايا علي ت كلها موضوعة سوى الحديث الأول وهو: أنت مني بمنزلة هارون من موسى ... ، ويظهر من كلام الشوكاني ـ : ـ في هذه الرسالة أنَّه لم يثبت الوصية بالخلافة في الحكم ، وإنَّما يثبت الوصايا العامة التي أوصاها الرسول ت لعلي ... ) الفتح الرباني من فتاوي الشوكاني : ( 2 / 978 ) .(1/1)
وأود أن أنبه هنا أنني تركت بعض طرق تلك الأحاديث لعدم وجود لفظة الوصية فيها ، طلباً للاختصار ، وقد اقتبست عنوان هذا الجزء من ذلك المُؤَلف فسميته بـ: ( العقد الثمين بتخريج أحاديث الوصاية لأمير المؤمنين ) .
... والآن دونك تلك الأحاديث والكلام عليها:
أولاً: ( مسند أنس بن مالك - رضي الله عنه - )
وفيه حديثان:
( الحديث الأول )
... أخرجه أبو نعيم في: ( حلية الأولياء )(1)، ومن طريقه الخوارزمي في:
( المناقب )(2)، وابن عساكر في: ( تاريخه )(3)، وابن الجوزي في: ( الموضوعات )(4).
... عن إبراهيم بن محمد بن ميمون ، ثنا: علي بن عابس ، عن الحارث بن حصيرة ، عن القاسم بن جندب ، عن أنس ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا أنس اسكب لي وضوءا ) ، ثم قام فصلى ركعتين ، ثم قال: ( يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين ، وسيد المسلمين ، وقائد الغر المحجلين ، وخاتم الوصيين ) ، قال أنس: قلت اللهم اجعله رجلاً من الأنصار ، وكتمته إذ جاء علي ، فقال: ( من هذا يا أنس ؟ ) ، فقلت: علي ، فقام مستبشراً ، فاعتنقه ، ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه ، ويمسح عرق علي بوجهه ، قال علي: يا رسول الله ، لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعت بي من قبل ، قال: ( وما يمنعني وأنت تؤدى عني ، وتسمعهم صوتي ، وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي ).
... قال أبو نعيم : ( رواه جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن أنس نحوه ).
... أقول: هذا إسناد ضعيف جداً ، وهو معلول بثلاث علل:
الأولى: القاسم بن جندب ، لم أظفر به.
الثانية: علي بن عَابِس ، هو: الأسدي الكوفي ، قال الحافظ ابن حجر: ( ضعيف )(5).
الثالثة: إبراهيم بن محمد بن ميمون ، بيض له ابن أبي حاتم(6)، وقال الحافظ الذهبي:
(
__________
(1) 1 / 63 ).
(2) رقم: 75 ) .
(3) 42 / 386 ).
(4) 2 / 151 ).
(5) التقريب: ( 4791 ).
(6) الجرح والتعديل: ( 2 / 128 ).(1/2)
إبراهيم بن محمد بن ميمون ، من أجلاد الشيعة ، روى عن علي بن عابس خبراً عجيباً ، روى عنه أبو شيبة بن أبي بكر وغيره )(1).
وذكر الحافظ ابن حجر الخبر ، وهو حديث أنس هذا ، ثم قال: ( ونقلت من خط شيخنا أبي الفضل الحافظ أن هذا الرجل ليس بثقة )(2).
وقول أبي نعيم : ( رواه جابر الجعفي عن أبي الطفيل ، عن أنس نحوه ) ، لم أقف على هذه الرواية ، وفي إسنادها جابر الجعفي ، والكلام فيه معروف ، قال الحافظ ابن حجر: ( ضعيفٌ رافضيٌ )(3).
( الحديث الثاني )
... أخرجه ابن المغازلي في: ( مناقب علي )(4)، والجورقاني في: ( الأباطيل والمناكير )(5)، وابن الجوزي في ( الموضوعات )(6)، عن سليمان بن أحمد بن يحيى بن عثمان المصري ، قال: حدثنا أبو قضاعة ربيعة بن محمد الطائي ، قال: حدثنا ثوبان بن إبراهيم أخو ذو النون المصري ، قال: حدثنا مالك بن غسان النهشلي ، قال: حدثنا ثابت ، عن أنس بن مالك ، قال: انقض كوكب على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( انظروا إلى هذا الكوكب ، فمن انقض في داره ، فهو الخليفة من بعدي ) ، قال: فنظرنا فإذا هو قد انقض في منزل علي بن أبي طالب ، فقال جماعة من الناس: قد غوى محمد في حب علي فأنزل الله تعالى : { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى } إلى قوله:
{ وَحْيٌ يُوحَى } ( النجم:1 ـ 4 ).
... أقول: حديث باطل ، وفيه أربع علل:
الأولى: مالك بن غسان النهشلي ، قال الحافظ الذهبي: ( لا يُعْرَف ، وقيل هو: مالك بن سليمان )(7).
وقال الحافظ ابن حجر: ( وجزم الحسيني بأن الصواب: أن اسم أبيه سليمان ، وأَمَّا غسان فكنيته هو .
__________
(1) ميزان الاعتدال: ( 1 / 63 ).
(2) لسان الميزان: ( 1 / 107 ).
(3) التقريب: ( رقم: 886 ) .
(4) رقم: 313 ).
(5) 1 / 137 ـ 138 )
(6) 2 / 146 ).
(7) ميزان الاعتدال: ( 3 / 428 ) .(1/3)
... وأَمَّا ابن عدي ، فقال: مالك بن غسان النهشلي ، بصري ، ثم أخرجَ عن أبي يعلى ، عن شيخٍ ، عنه ، حديث: أفطر الحاجم والمحجوم ، وقال: هذا غير محفوظ عن ثابت )(1).
قال الحافظ الذهبي في: ( المغني في الضعفاء ) ( بصريٌ عن ثابت لا يعرف ، وحديثه منكر )(2).
الثانية: ثوبان بن إبراهيم أخو ذو النون المصري .
قال الدارقطني: ( روى عن مالك أحاديث في أسانيدها نظر )(3).
وضعفه الجورقاني كما سيأتي.
وقال الحافظ الذهبي: ( وقلَّ ما روى من الحديث ، ولا كان يُتقِنُه )(4).
أقول: إذا كان لا يتقن الحديث على قلة روايته له فمثله لا يحتج به .
الثالثة: ربيعة بن محمد ، أبو قُضاعة الطائي ، متهم ، قال الحافظ الذهبي: ( ربيعة بن محمد ، أبو قُضاعة الطائي ، عن ذي النون المصري ،بخبر باطل ).(5)
ثم ذكر الخبر وهو: حديث أنس هذا.
الرابعة: سليمان بن أحمد بن يحيى ، هو: سليمان بن أحمد بن يحيى بن عثمان بن أبي صَلاَيَة ، أبو أيوب المَلَطِي.(6)
قال الخطيب البغدادي: ( سليمان الملطي كذّاب ).(7)
وقال ابن حِنْزابة والدارقطني: ( ضعيف ).(8)
قال الحافظ الذهبي: ( كذّبه الدارقطني ).(9)
وقال أيضاً: ( ليس بثقة ).(10)
وفي: ( المغني في الضعفاء ) ، قال: ( لا يوثق به ، وكذّبه الدارقطني ).(11)
__________
(1) اللسان: ( 5 / 6 ) ، الكامل لابن عدي: ( 6 / 382 ).
(2) 2 / 539 ).
(3) تاريخ بغداد: ( 8 / 393 ) ، اللسان: ( 2 / 437 ).
(4) سير أعلام النبلاء: ( 11 / 533 ).
(5) ميزان الاعتدال: ( 2 / 45 ).
(6) تاريخ دمشق ـ المخطوط ـ: ( 7 / 537 ) ، تكملة الإكمال ، لابن نقطة: ( 3 / 600 ) ، وتوضيح المشتبه ، لابن ناصر الدين الدمشقي: ( 5 / 443 ).
(7) المتفق والمفترق: ( 2 م 876 ).، وانظر: اللسان: ( 3 / 73 ).
(8) سؤالات حمزة السهمي للدارقطني: ( رقم: 299 ).
(9) ميزان الاعتدال: ( 2 /195 ).
(10) ديوان الضعفاء: ( رقم: 1724 ).
(11) 1 / 277 ).(1/4)
... قال الجورقاني عن هذا الحديث: ( هذا حديث لا يرجع منه إلى صحة ، وليس لهذا الحديث أصل من حديث أنس بن مالك ، ولا من حديث ثابت ، وكل حديث يكون بخلاف السنة فهو متروك ، وقائله مهجور ، وأبو الفضل العطار(1)، وسليمان بن أحمد المصري ، ومالك بن غسان ثلاثتهم مجهولون ، وثوبان هذا كان زاهداً صوفياً لكنه ضعيف في الحديث ، وأبو قضاعة هذا متروك الحديث منكر الحديث )(2).
أقول: سليمان بن أحمد المصري قد سبق أنه كذابٌ .
... وقال ابن الجوزي: ( وهذا هو الحديث المتقدم(3)، إنما سرقه بعض هؤلاء الرواة فَغير إسناده ، ومن تغفيله إياه وضعه على أنس ، فإن أنساً لم يكن بمكة في زمن المعراج ولا حين نزول هذه السورة ، لأن المعراج كان قبل الهجرة بسنة ، وأنس إنما عرف رسول الله بالمدينة ... )(4).
ولهذا الحديث شاهدٌ موضوعٌ من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ، سيأتي في مسنده .
ثانياً: ( مسند بريدة بن الحُصَيب الأسلمي - رضي الله عنه - )
وفيه حديث واحدٌ:
أخرجه أبو القاسم البغوي في: ( معجم الصحابة )(5)، ومن طريقه الديلمي في: ( مسند الفردوس )(6)، والحافظ الجورقاني في: ( الأباطيل والمناكير )(7)، والموفق بن أحمد الخوارزمي في: ( المناقب )(8)، والحافظ ابن عساكر في: ( تاريخه )(9)، وابن الجوزي في: ( الموضوعات )(10)، ومن طريق البغوي الكنجي في: ( كفاية الطالب )(11).
__________
(1) هو الراوي عن سليمان بن أحمد الملطي ، في سند الجورقاني ، وقد توبع فمدار الإسناد عند من خرج هذا الحديث على سليمان بن أحمد .
(2) الأباطيل والمناكير: ( 1 / 138 ـ 139 ).
(3) أي: حديث ابن عباس ، وسيأتي في مسنده.
(4) الموضوعات: ( 2 / 146 ).
(5) 4 / 363 ).
(6) المختصر: ( رقم: 5047 ).
(7) 2 / 150 ).
(8) رقم: 74 ).
(9) 42 / 392 ) ، ومن طريق أخرى عن محمد بن حميد الرازي به ( 42 / 391 ـ 392 ).
(10) 2 / 149 ـ 150 ).
(11) ص: 260 ).(1/5)
عن محمد بن حميد ، نا: علي بن مجاهد ، نا: محمد بن إسحاق ، عن شريك بن عبد الله ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( لكل نبيٍ وصيٌ ، وإنّ علياً وصيي ووارثي ).
أقول: هذا إسنادٌ ضعيفٌ جداً ، وهو معلول بعلتين:
الأولى: علي بن مجاهد الرازي ، قال الحافظ ابن حجر: ( متروك ... وليس في شيوخ أحمد أضعف منه )(1).
الثانية: محمد بن حميد الرازي ، واهي الحديث وقد تكلّم فيه بشدة ، وكذَّبه بعضهم، وأمَّا ثناء الإمام أحمد بن حنبل، وابن معين، وأبي زرعة، وغيرهم ، فذاك قبل أن ينكشف أمره، ويتبين حاله(2).
فقد نقل عبد الله بن أحمد عن أبيه أنه قال: ( لا يزال بالري علم ما دام محمد بن حميد )، قال عبد الله: قدم علينا محمد بن حميد حيث كان أبي بالعسكر فلمّا خرج قدم أبي وجعل أصحابه يسألونه عنه، فقال لي: ( ما لهؤلاء ) قلت: قدم هاهنا فحدثهم بأحاديث لا يعرفونها، قال: ( لي كتبت عنه؟ )، قلت: نعم، فأريته إياه فقال: ( أمّا حديثه عن ابن المبارك وجرير فصحيح، وأمّا حديثه عن أهل الري فهو أعلم ).
ثم تبيّن له حاله حين أتاه أبوزرعة الرازي، وابن وَارة وشهدا عنده أنه يكذب، في قصة يرويها ابنه، وفيها يقول:
( قال ابن وَارة: يا أبا عبد الله رأيت محمد بن حميد ؟ قال: نعم، قال: كيف رأيت حديثه ؟ قال: إذا حدّث عن العراقين، يأتي بأشياء مستقيمة، وإذا حدّث عن أهل بلده مثل إبراهيم بن المختار وغيره أتى بأشياء لا تعرف لا تدري ما هي، قال: فقال: أبو زرعة وابن وَارة: صَحّ عندنا أنّه يَكْذِب ) قال: فرأيت أبي بعد ذلك إذا ذُكر ابن حميد نَفَضَ يده.(3)
__________
(1) التقريب: ( رقم: 4824 ).
(2) انظر ما كتبته عنه في: ( حكاياتٌ لا تصح عن سلفنا الصالح ).
(3) المجروحين، لابن حبان: ( 2 / 303 ـ 304 ).(1/6)
وكذلك ابن معين أثنى عليه قديماً ، فقد قال عنه: ( ثقةٌ ، ليس به بأس ، رازي ،كيس ).(1)
وقال أيضاً: ( ابن حميد ثقة، وهذه الأحاديث التي يحدّث بها ليس هو من قبله إنّما هو من قبل الشيوخ الذي يحدث به عنهم ).(2)
وتوثيقه هذا كان قبل أن يتبين له حال ابن حميد، فقد قال أبو حاتم: سألني يحيى بن معين عن ابن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر، فقال: أي شيء تنقمون عليه ؟ فقلت: يكون في كتابه الشيء فنقول ليس هذا هكذا إنا هو كذا وكذا، فيأخذ القلم فيغيره على ما نقول، قال: بئس هذه الخصلة، قدم علينا بغداد فأخذنا منه كتاب يعقوب القمي، ففرقنا الأوراق بيننا ومعنا أحمد بن حنبل فسمعناه ولم نر إلاّ خيراً.(3)
فظهر أن ثناء الإمام أحمد وابن معين كان قديماً قبل أن ينكشف أمره .
وقد جء من وجه آخر يرويه ابن حميد عن سلمة بن الفضل .
قال الحافظ الذهبي: ( ويروى من وجه آخر عن سلمة الأبرش ، عن محمد بن إسحاق مثله ، وهو منكر من القول )(4).
وهو ما أخرجه ابن عدي(5)، وابن المغازلي في: ( مناقب علي )(6)، عن محمد بن حميد ، ثنا: سلمة ، حدثني: محمد بن إسحاق ، عن شريك بن عبد الله ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( لكل نبي وصي ، ووارث ، وإنَّ علياً وصيي ووارثي ).
أقول: في إسناده محمد بن حميد الرازي ، وقد تقدم ، وسلمة بن الفضل ، ضعيف الحديث قال الحافظ ابن حجر: ( صدوق كثير الخطأ )(7).
وتابع ابن حُمَيد الفِرْيانَاني .
__________
(1) الجرح والتعديل: ( 7 / 232 ).
(2) الجرح والتعديل: ( 7 / 232 ).
(3) الجرح والتعديل: ( 7 / 232 ).
(4) تلخيص الموضوعات: ( ص: 125 ).
(5) 4 / 14 ).
(6) رقم: 238 ) ، وقد سقط عنده ذكر بريدة ، وهذا السقط إمَّا من الناسخ ، وإمَّا من الطباعة .
(7) التقريب: ( رقم: 2518 ) .(1/7)
روى ابن الجوزي في: ( الموضوعات )(1)، قال: أنبأنا زاهر بن طاهر ، قال: أنبأنا أبو بكر البيهقي ، قال: أنبأنا الحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، قال: أنبأنا محمود بن محمد أبو محمد المطوّعي ، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن راذبه ، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن عبد الله الفِرْيانَانِي ، قال: حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن شريك بن عبد الله ، عن أبي ربيعة الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ لكل نبيٍ وصياً ، ووارثاً ، فإنَّ وصيي ووارثي علي بن أبي طالب ).
أقول: في إسناده أحمد بن عبد الله بن حكيم أبو عبد الرحمن الفِرْيانَانِي ، كان متروك الحديث ، ليس بثقة ، وقال أبو نعيم : ( كان وضاعاً ، مشهوراً بالوضع )(2).
وسلمة بن الفضل ضعيف كما تقدم.
ثالثاً: ( مسند سلمان الفارسي - رضي الله عنه - )
وفيه حديث واحد له عدة طرق:
الطريق الأول: أبو سعيد الخدري ، عن سلمان ـ رضي الله عنهما ـ.
__________
(1) 2 / 150 ).
(2) حلية الأولياء: ( 8 / 53 ) ، و اللسان: ( 1 / 194 ـ 195 ).(1/8)
أخرجه الحافظ الطبراني في: ( المعجم الكبير )(1)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا: إبراهيم بن الحسن الثعلبي(2)، ثنا: يحيى بن يعلى ، عن ناصح بن عبد الله ، عن سماك بن حرب ، عن أبي سعيد الخدري ، عن سلمان قال: قلت : يا رسول الله لكل نبي وصي فمن وصيك ؟ فسكت عني ، فلما كان بعد رآني ، فقال: ( يا سلمان ) ، فأسرعت إليه قلت: لبيك ، قال: ( تعلم من وصي موسى ؟ ) ، قلت: نعم ، يوشع بن نون ، قال: ( لم ؟ ) ، قلت: لأنه كان أعلمهم ، قال: ( فإن وصيي وموضع سري ، وخير من أترك بعدي ، وينجز عدتي ، ويقضي ديني ، علي بن أبي طالب ) .
... قال أبو القاسم: ( قوله: وصيي ، يعني: أنه أوصاه في أهله لا بالخلافة ، وقوله: خير من أترك بعدي ، يعني: من أهل بيته - صلى الله عليه وسلم - ).
أقول: لكن الحديث لم يصح سنده ، فإسناده واهٍ جداً ، ففيه علتان:
الأولى: ناصح بن عبد الله المُحَلِّمِّي الكوفي ، صاحب سماك بن حرب ، واهي الحديث(3).
الثانية: يحيى بن يعلى القطواني ، قال الإمام البخاري: ( مضطرب الحديث ، كنيته: أبو زكريا ، ذاهب الحديث )(4)، وقال أبو حاتم الرازي: ( كوفي ، ليس بالقوي، ضعيف الحديث )(5).
الطريق الثاني: أشياخ من قوم جرير بن عبد الحميد ، عن سلمان - رضي الله عنه - .
__________
(1) 6 / 221 ).
(2) وضبطه بعضهم بالتغلبي ، قال ابن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال: ( شيخ ) ، وذكره ابن حبان في ( الثقات ) ، الجرح والتعديل: ( 2 / 92 ) ، الثقات: ( 8 / 80 ).
(3) تهذيب الكمال: ( 29 / 261 ).
(4) التاريخ الأوسط: ( 2 / 183 ).
(5) الجرح والتعديل: ( 9 / 196 ).(1/9)
أخرجه الخطيب البغدادي في: ( المتفق والمفترق )(1)، والجورقاني في: ( الأباطيل والمناكير )(2)، وابن الجوزي في: ( الموضوعات )(3)، عن أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن محمد الصوري الحافظ ـ لفظاً من أصله ببغداد ـ ، قال: حدثنا أبو محمد عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان الأزدي الحافظ ، أخبرنا: أبو بكر أحمد بن محمد النرسي ، قال: حدثنا محمد بن الحسين الأشناني ، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى السدي ، قال: حدثنا عمر بن سعد ، عن إسماعيل بن زياد ، عن جرير بن عبد الحميد الكندي ، عن أشياخ من قومه ، قالوا: أتينا سلمان ، فقلنا له : مَنْ وصي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وصيه ؟ قال: ( وصي وموضع سري ، وخليفتي في أهلي ، وخير من أخلف بعدي علي بن أبي طالب ) .
قال الجورقاني: ( هذا حديث باطل ، لا أصل له ، مداره على إسماعيل بن زياد ، عن جرير بن عبد الحميد الكندي ، عن أشياخ من قومه، وإسماعيل قال أبو حاتم محمد بن حبان : هو شيخ دجال ، لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه.
وجرير وأشياخ من قومه مجهولون ، وجرير هذا ليس هو بجرير بن عبد الحميد الذي روى عنه سهيل بن أبي صالح )(4).
فالحديث إذاً في سنده ثلاث علل:
الأولى: إسماعيل بن زياد ، وهو متروك الحديث ، قال الحافظ ابن حجر في إسماعيل بن زياد : ( متروك ، كذبوه )(5).
الثانية: جهالة جرير بن عبد الحميد الكندي ، ذكره الحافظ ابن حجر في:
( لسان الميزان )(6)، ونقل كلام الجورقاني السابق فيه ، وقال الخطيب البغدادي: ( كوفيٌ غير مشهور ، لم أر له ذكراً إلاّ في حديثٍ ) ، ثم ساق هذا الحديث .
الثالثة: جهالة أشياخ قوم جرير بن عبد الحميد .
__________
(1) 1 / 637 ـ 638 ).
(2) 2 / 148 ، 149 ).
(3) 2 / 147 ).
(4) 2 / 149 ـ 150 ).
(5) التقريب: ( 450 ).
(6) اللسان: ( 2 / 102 ـ 103 ).(1/10)
لكن بقيت هناك علة أخرى لم يذكرها الجورقاني وهي: جهالة حال عمر بن سعد الراوي عن إسماعيل بن زياد ، ترجم له الحافظ ابن حجر في: ( لسان الميزان )(1)، وهو: مجهول ، قاله البيهقي.
ولهذا قال الحافظ الذهبي في: ( تلخيص الموضوعات ) عن هذا الحديث إنه روي: ( بسند مظلم ، عن إسماعيل بن زياد ـ وهو كذاب ـ عن جرير الكندي ، عن أشياخ من قومه ... )(2).
الطريق الثالث: أبو هريرة ، عن سلمان ـ رضي الله عنهما ـ.
... أخرجه العقيلي في: ( الضعفاء )(3)، ومن طريقه ابن الجوزي:
( الموضوعات )(4)، قال: حدثنا أحمد بن الحسين ، قال: حدثنا محمد بن حميد ، قال: حدثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن حكيم بن جبير ، عن الحسن بن سفيان ، عن الأصبغ بن سفيان الكلبي ، عن عبد العزيز بن مروان ، عن أبي هريرة ، عن سلمان ، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قلت: يا رسول الله ، إن الله لم يبعث نبياً إلاّ يبين له من يلي من بعده ، فهل بين لك ؟ فقال: ( لا ) ، ثم سألته بعد ذلك ؟ فقال: ( نعم ، علي بن أبى طالب ) .
... قال العقيلي: ( حكيم بن جبير واهٍ ، والحسن والأصبغ ؛ مجهولان لا يعرفان إلا في هذا الحديث ).
... أقول : حكيم بن جبير على ضعفه لبريء من عهدة هذا الحديث ، فإنَّ في الإسناد من هو أولى منه ، وهو: ابن حميد، والحمل عليه أوكد كما صنع الحافظ الذهبي ـ كما سيأتي نقل قوله ـ ، وعلى كل فالإسناد ضعيف جداً ، فيه عدة علل:
الأولى والثانية: الحسن بن سفيان ، والأصبغ بن سفيان مجهولان ، كما قال العقيلي(5).
الثالثة: حكيم بن جبير ، ضعيف الحديث.
الرابعة: عنعنة ابن إسحاق فإنه كان مدلساً.
الخامسة: سلمة بن الفضل ، ضعيف.
السادسة: محمد بن حميد ، واهي الحديث ، وقد سبق الكلام عليه قريباً.
__________
(1) 4 / 307 ).
(2) رقم: 268 ).
(3) 1 / 130 )
(4) 2 / 144 ).
(5) وأنظر: الكامل لابن عدي: ( 1 / 408 ) ، ولسان الميزان: ( 1 / 459 ) ( 2 / 211 )(1/11)
... وقد أشار الذهبي إلى علة أخرى بقوله: ( ثم كيف يروي مثل هذا عبد العزيز بن مروان ، وفيه انحراف عن علي - رضي الله عنه - )(1).
...
الطريق الرابع: أنس بن مالك ، عن سلمان ـ رضي الله عنهما ـ.
أخرجه القطيعي في زوائده على: ( فضائل الصحابة )(2)، والأزدي(3)، وابن الجوزي في: ( الموضوعات )(4)
عن الهيثم بن خلف ، قثنا: محمد بن أبي عمر الدوري(5)، قثنا: شاذان(6)، قثنا: جعفر بن زياد(7)، عن مطر ، عن أنس ـ يعني: ابن مالك ـ ، قال: قلنا لسلمان: سل النبي - صلى الله عليه وسلم - مَنْ وصيه ؟ فقال له سلمان: يا رسول الله من وصيك ؟ قال: ( يا سلمان من كان وصي موسى ؟ ) ، قال: يوشع بن نون ، قال: ( فإن وصيي ، ووارثي ، يقضي ديني ، وينجز موعودي ، علي بن أبي طالب ) .
اللفظ للقطيعي.
أقول: هذا إسناد ضعيف جداً ، فيه أحد المتروكين وهو مطر بن ميمون ، قال الحافظ ابن حجر: ( متروك )(8).
ورواه أيضاً مطر بن ميمون مرة فجعله من مسند أنس ، فقد أخرج ابن عدي في: ( الكامل )(9)، وابن حبان في: ( المجروحين )(10)، عن عبيد الله بن موسى ، ثنا: مطر الإسكاف ، عن أنس ، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( علي أخي ، وصاحبي ، وابن عمي ، وخير من أترك بعدي ، يقضي ديني ، وينجز موعدي ).
قال: قلت له أين لقيت أنس ؟ قال: بالحديبية .
ولفظ ابن حبان: ( إنَّ أخي ووزيري ، وخليفتي في أهلي ، وخير من أترك بعدي ، يقضي ديني ، وينجز موعدي ، علي بن أبي طالب ).
__________
(1) ميزان الاعتدال: ( 1 / 584 ).
(2) 2 / 615 ) ، ( رقم: 1052 ).
(3) كما في اللآلئ المصنوعة: ( 1 / 358 ).
(4) 2 / 147 ).
(5) له ترجمة في الجرح والتعديل: ( 7 / 236 ) ، وتاريخ بغداد: ( 2 / 285 ).
(6) هو: أسود بن عامر بن شاذان جاء مصرحاً عند الأزدي وابن الجوزي.
(7) هو: الأحمر.
(8) التقريب: ( رقم: 6748 ).
(9) 6 / 397 ).
(10) 3 / 5 ).(1/12)
وفي إسناده مطر بن ميمون ، وهو متروك الحديث ، قال الحافظ الذهبي:
( قلت: المتهم بهذا ... مطر فإن عبيد الله ثقة ، شيعي ، ولكنه أثم برواية هذا الإفك )(1).
ورواه العقيلي في: ( الضعفاء )(2)، ومن طريقه ابن عساكر في: ( تاريخه )(3)، قال: حدثني جدي ، نا: عبد العزيز بن الخطاب الكوفي ، نا: علي بن هاشم ، عن مطر بن أبي خالد ، عن أنس ، عن سليمان ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنَّ أخي وخليفتي في أهلي ؛ علي بن أبي طالب ) ، رضي الله عنه .
قال أبو بكر: ( أظن عن أنس ، عن سلمان ـ رضي الله عنهما ـ ).
أي: ( سلمان ) وليس بـ ( سليمان ) بحرف الياء.
وفي الإسناد مطر بن أبي خالد وقد تقدم ، لكن وقفت على إسناد آخر لا يفرح به من غير طريق مطر هذا .
أخرجه ابن حبان في: ( المجروحين )(4)، ومن طريقه ابن الجوزي في:
( الموضوعات )(5)، قال: حدثنا: عبد الله بن محمود بن سليمان ، ثنا: العلاء بن عمران ، عن خالد بن عبيد العتكي ، عن أنس بن مالك ، عن سلمان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعلي بن أبي طالب - عليه السلام - : ( هذا وصيي ، وموضع سري ، وخير من أترك بعدي ).
أقول: في إسناده خالد بن عبيد العتكي ، يروي عن أنس بن مالك نسخة موضوعة ، وقال الحافظ ابن حجر: ( متروك الحديث مع جلالته )(6).
الطريق الخامس: قيس بن ميناء ، عن سلمان - رضي الله عنه - .
أخرجه العقيلي في: ( الضعفاء )(7)، ومن طريقه ابن الجوزي في:
( الموضوعات )(8).
__________
(1) الميزان: ( 4 / 128 ).
(2) 4 / 252 ).
(3) 42 / 43 ).
(4) 1 / 279 ).
(5) 2 / 148 ).
(6) التقريب: ( رقم: 1664 ).
(7) 3 / 469 ).
(8) الموضوعات: ( 2 / 148 ).(1/13)
قال: حدثنا إبراهيم بن محمد ، حدثنا: عبد العزيز بن الخطاب ، حدثنا: علي بن هاشم ، عن إسماعيل ، عن جرير بن شراحيل ، عن قيس بن ميناء ، عن سلمان ، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( وصيي علي بن أبي طالب ) رضي الله عنه .
وهذا إسناد ضعيف جداً ، وهو معلول بثلاث علل:
الأولى: قيس بن ميناء الكوفي ، قال العقيلي: ( كوفي لا يتابع على حديثه ، وكان له مذهب سوء )(1)، لأنه كان من كبار الشيعة ، ذكر ذلك ابن الجوزي(2).
الثانية: جرير بن شراحيل ، قال أبو حاتم الرازي: ( شيخ مجهول )(3).
الثالثة: إسماعيل ، ولم ينسب هنا في الإسناد ، لكن ذكر ابن الجوزي أنه ابن زياد(4)، وإسماعيل بن زياد متروك الحديث بل كذبه بعضهم ، وقد تقدم(5).
وأخشى أن يكون جرير بن شراحيل هذا هو: جرير بن عبد الحميد الكندي المتقدم ، فإن الراوي عنه هناك هو إسماعيل بن زياد ، فربما كان ينسبه مرة إلى ابن شراحبيل ، ومرة إلى ابن عبد الحميد ، وكلاهما مجهولان ، والله أعلم.
والحديث كذَّبه الحافظ الذهبي في: ( ميزان الاعتدال ) ، كما في ترجمة: ( قيس بن ميناء )(6).
رابعاً: ( مسند العباس - رضي الله عنه - )
فيه حديثٌ واحدٌ:
__________
(1) الضعفاء: ( 2 / 469 ).
(2) الموضوعات: ( 2 / 149 ).
(3) الجرح والتعديل: ( 2 / 504 ) ، وقيل: ( حريز بن شراحبيل ) ، الجرح والتعديل: ( 3 / 289 ) ، ولسان الميزان: ( 2 / 102 ).
(4) الموضوعات: ( 2 / 149 ).
(5) انظر مسند سلمان الفارسي - رضي الله عنه - ، الطريق الثاني .
(6) 2 / 398 ).(1/14)
... أخرجه الحافظ ابن عساكر في: ( تاريخه )(1)، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر ، أنا: أبو الفضل أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن بندار(2)، أنا: أبو الحسن العتيقي ، أنا: أبو الحسن الدارقطني ، نا: أحمد بن محمد بن سعيد ، نا: جعفر بن عبد الله بن جعفر المحمدي ، نا: عمر بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن أبي رافع قال: كنت قاعداً بعدما بايع الناس أبا بكر ، فسمعت أبا بكر يقول للعباس: أنشدك الله هل تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بني عبد المطلب ، وأولادهم وأنت فيهم ، وجمعكم دون قريش ، فقال: ( يا بني عبد المطلب إنه لم يبعث الله نبياً إلاَّ جعل له من أهله أخاً ، ووزيراً ، ووصياً ، وخليفة في أهله ، فمن يقوم منكم يبايعني على أن يكون أخي ، ووزيري ، ووصيي ، وخليفتي في أهلي ) ، فلم يقم منكم أحدٌ ، فقال: ( يا بني عبد المطلب كونوا في الإسلام رؤوساً ولا تكونوا أذناباً ، والله ليقومن قائمكم ، أو لتكونن في غيركم ثم لتندمن ) ، فقام علي من بينكم فبايعه على ما شرط له ودعاه إليه ، أتعلم هذا له من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: نعم .
...
... أقول: وهذا إسناد معلول بثلاث علل:
الأولى: علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ذكره ابن حبان في:
( الثقات )(3)، وقال: ( يعتبر حديثه من غير رواية أولاده ) ، وقال الحافظ ابن حجر: ( مستور )(4).
__________
(1) 42 / 50 ).
(2) المهروف بالقائد ابن الكُرَيْدِي ، ذكر أبو محمد بن صابر أنه ثقة ، مختصر تاريخ دمشق لابن المنظور: ( 3 / 159 ) ، وتوضيح المشتبه: ( 7 / 323 ).
(3) 8 / 456 ).
(4) التقريب: ( رقم: 4809 ).(1/15)
الثانية: عمر بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، فلم أقف عليه إلاَّ عند السخاوي في: ( التحفة اللطيفة )(1)، وذكر أنه حفيد عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فقط ، لكن ذكر ابن حبان في ترجمة أبيه كما تقدم أنه يعتبر بحديث الأب من غير رواية أولاده وبهذا يشير إلى الطعن في رواية الأبناء عنه ، وعمر هذا من أولاده ، فلا يعتبر بحديثه ، والله أعلم.
الثالثة: جعفر بن عبد الله بن جعفر المحمدي يلقب بـ ( رأس المِدْرَى )(2)، ترجم له ابن حجر في: ( اللسان )(3)، وهو من رجال الشيعة ، ذكره ابن النجاشي في:
( رجاله )(4)، ووثقه ، ولا يعرف حاله عند أهل السنة بتوثيق أو جرح ، ومع ذلك فإن ابن النجاشي قد أهملت كتب الرجال عندنا ترجمته فلا تكاد ترى له ترجمة عندنا ، نعم ذكره الصفدي في: ( الوافي بالوفيات )(5)، وترجم له ، لكن لم يعرف لنا حاله ، والحافظ الذهبي لما ترجم للغضائري شيخ الشيعة ، ذكر أنه يروي عنه أبو جعفر الطوسي ، وابن النجاشي هذا ، ثم رماهما بالرفض(6)، فمثله لا يلتفت لتوثيقه لجعفر بن عبد الله.
... ثم إنَّ ابن النجاشي هذا كان معاصراً للخطيب البغدادي ، ولم يترجم له وقد مات ابن النجاشي سنة: ( 450 ) ، أي: قبل وفاة الخطيب البغدادي ، فلا أدري ما السبب في عدم ذكره ، فلعله كان لا يقيم له وزناً .
... وللحديث شاهد من مسند أبي رافع ذكرته هناك ، وانظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ حول الحديث هناك أيضاً.
خامساً: ( مسند عبد الله بن العباس - رضي الله عنه - )
وفيه حديثان:
( الحديث الأول )
وله طريقان:
الطريق الأول: سعيد بن جبير ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - .
__________
(1) 3 / 353 ).
(2) نزهة الألباب في الألقاب: ( 1 / 319 ) ( رقم: 319 ).
(3) 2 / 117 ).
(4) 1 / 299 ).
(5) الوافي بالوفيات: ( 7 / 187 )
(6) سير أعلام النبلاء: ( 17 / 328 ).(1/16)
... أخرجه ابن المغازلي في: ( مناقب علي )(1)، والحافظ ابن عساكر في:
( تاريخه )(2)، عن أبي عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز ـ إذناً ـ، حدثنا:
أبو عبد الله الحسين بن علي الدهّان ـ المعروف بأخي حماد ـ حدثنا: علي بن محمد بن الخليل بن هارون البصري ، حدثنا: محمد بن الخليل الجهني ، حدثنا: هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: كنت جالساً مع فتية من بني هاشم عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إذا انقض كوكب ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( من انقض هذا النجم في منزله فهو الوصي من بعدي ) ، فقام فتية من بني هاشم ، فنظروا فإذا الكوكب قد انقض في منزل عليِّ ، قالوا: يا رسول الله قد غويت في حب علي ؟ فأنزل الله تعالى: { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى - مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى - وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } ، إلى قوله: { وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى } ( النجم: 1 ـ7 ) .
قال الحافظ ابن عساكر: ( هذا حديث منكر ، ومن بين أبي عمر ، وبين هشيم مجهولون لا يعرفون ).
... أقول: هذا حديث منكر كما قال الحافظ ابن عساكر ـ يرحمه الله ـ، ففي إسناده أربع علل:
الأولى: تدليس هشيم بن بشير ، قال الحافظ ابن حجر: ( ثقة ، ثبت ، كثير التدليس والإرسال الخفي ).(3)
الثانية: محمد بن الخليل الجهني ، لم أقف عليه ، ويحتمل أن يكون هو: محمد بن الخليل بن أسد الثقفي ، وقيل: النخعي كوفي يكنى أبا عبد الله ، فهذا قد ذكره ابن النجاشي في
( رجاله )(4)، ووثقه ، لكن لم أجد له ذكراً عندنا والله أعلم.
الثالثة: علي بن محمد بن الخليل بن هارون البصري ، لم أقف عليه أيضاً.
__________
(1) رقم: 353 ).
(2) 42 / 392 ).
(3) التقريب: ( رقم: 7362 ).
(4) 2 / 234 ) .(1/17)
الرابعة: الحسين بن علي بن الحسين بن الحكم أبو عبد الله الأسدي الدهان الكوفي ، ترجم له الخطيب البغدادي في: ( تاريخه )(1)، ولم يذكر له جرحاً ولا تعديلاً.
الطريق الثانية: أبو صالح ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - .
... أخرجه الجورقاني في: ( الأباطيل )(2)، وابن الجوزي في: ( الموضوعات )(3)، عن عبد الله بن الحسين بن أحمد بن جعفر البرقي ، أخبرنا: أبو القاسم نصر بن علي بن محمد الفقيه ، أخبرنا: أحمد بن إبراهيم بن أحمد ، قال: حدثنا أحمد بن الحسين المعروف بأبي الحجناء ، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن علي بن أحمد بن محمد بن الأحنف بن قيس التميمي ، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن منير الدامغاني ـ بديبل ـ، قال: حدثنا المسيب بن واضح ، عن محمد بن مروان ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال: لما عرج بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء السابعة ، وأراه الله من العجائب في كل سماء ، فلما أصبح جعل يحدث الناس من عجائب ربه ، فكذبه من أهل مكة من كذبه ، وصدقه من صدقه ، فعند ذلك انقض نجم من السماء ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( في دار من وقع هذا النجم ، فهو خليفتي من بعدي ) ، قال: فطلبوا ذلك النجم ، فوجدوه في دار علي بن أبي طالب ، فقال أهل مكة : ضل محمد وغوى وهوى إلى أهل بيته ، ومايل إلى ابن عمه علي بن أبي طالب ، فعند ذلك نزلت هذه السورة: { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى - مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى - وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى - عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى } ( النجم:1 ـ 5 ).
أقول: هذا حديث موضوع ، وفي إسناده عدة علل:
__________
(1) 8 / 71 ).
(2) 1 / 135 ).
(3) 2 / 144 ـ 145 ).(1/18)
منها: أبو صالح ، هو: باذام مولى أم هانئ ، قال الحافظ ابن حجر: ( ضعيف مدلس )(1)، وهو لم يسمع ابن عباس ، قال ابن حبان: ( يحدث عن ابن عباس ولم يسمع منه )(2).
ومنها: محمد بن السائب الكلبي ، قال الحافظ ابن حجر: ( متهم بالكذب ، ورمي بالرفض )(3).
ومنها: محمد بن مروان ، وهو: السدي الصغير ، ذاهب الحديث ، متروك الحديث ، وقال الحافظ ابن حجر: ( متهم بالكذب )(4)
ومنها: المسيب بن واضح ، كان كثير الخطأ(5).
ومنها: عبد الله بن منير الدامغاني ، لم أعرفه.
ومنها: محمد بن جعفر بن علي بن أحمد بن محمد بن الأحنف بن قيس التميمي ، متهم ، روى أحاديث ، كلها مناكير وموضوعات بأسانيد صحيحة ، ولهذا أفحش القول فيه الحافظ علي بن محمد الميداني ، فقال: ( كان يضع الحديث ، ويركب على الأئمة )(6).
ومنها: أحمد بن الحسين المعروف بأبي الحجناء ، وفي بعض نسخ من: ( كتاب الموضوعات ) ( محمد ) بدل: ( أحمد ) ، وأحمد هذا لم أظفر به ، وإنما ذكره الحافظ ابن حجر في ترجمة : ( محمد بن جعفر التميمي ) ـ المتقدم ـ، وأنه يروي عنه فقط.
... والحديث قال عنه الحافظ الجوزقاني: ( هذا حديث باطل ، وفي إسناده
ظلمات ).
... قال ابن الجوزي: ( هذا حديث موضوع لا شك فيه ، وما أبرد الذي وضعه وما أبعد ما ذكر ، ... والعجب من تغفيل من وضع هذا الحديث كيف رتب ما لا يصح في العقول من أن النجم يقع في دار ويثبت حتى يرى ؟ ! ومن بلهه أنه وضع هذا الحديث على ابن عباس ، وكان ابن عباس في زمن المعراج ابن سنتين فكيف يشهد تلك الحالة ويرويها ).(7)
... قال الحافظ الذهبي في: ( تلخيص الموضوعات ): ( وهذا من أبرد الموضوعات كما ترى )(8).
__________
(1) التقريب: ( رقم: 639 ).
(2) المجروحين: ( 1 / 185 ).
(3) التقريب: ( رقم: 5938 ).
(4) التقريب: ( رقم: 6324 ).
(5) لسان الميزان: ( 6 / 40 ).
(6) لسان الميزان: ( 5 / 105 )
(7) الموضوعات: ( 2 / 145 ـ 146 ).
(8) ص: 124 ).(1/19)
وقال الشوكاني: ( في إسناده ثلاثة كذابون ، وهو موضوع بلا ريب )(1).
ويتبين وضع الحديث أيضاً من خلال هذه الوجوه(2):
الوجه الأول: عدم صحة السند إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الوجه الثاني: أنه مما يدل على وضعه وكذبه أن فيه ابن عباس شهد القصة حيث قال:
( كنت جالساً مع فتية من بني هاشم عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إذا انقض كوكب ) ، ومن المعلوم أن ابن عباس لم يكن ولد بَعدُ عند نزول سورة النجم ، فإن سورة النجم كانت من أوائل ما نزل من القرآن ، وابن عباس - رضي الله عنه - ، حين هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له نحو خمس سنين تقريباً.
الوجه الثالث: إن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان صغيراً عند نزول سورة النجم ، وكان ذلك في أول الإسلام ، ولم تشرع الأحكام الشرعية بعد ، من الفرائض وغيرها ، فلو كانت الوصية حقاً لكانت في آخر الأمر ، لا في أول الإسلام.
الوجه الرابع: لم يقل أحد من المفسرين باتفاق على تفسير الآيات بما ذكر في هذا الحديث ، إن المقسم به وهو النجم الذي نزل في دار علي - رضي الله عنه - !.
الوجه الرابع: أنه لم يعرف أنه انقض كوكب بمكة ولا بالمدينة ، ولو عُرف ذلك لتوفرت الداوعي على نقله ، ولتناقله الثقات ، كيف وهو لم يأت إلاّ من طريق الكذبة والوضاعين والهلكى.
__________
(1) الفوائد المجموعة: ( ص: 369 ).
(2) أغلب هذه الوجوه أخذتها من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في نقده لهذا الحديث في كتابه القيم:
( منهاج السنة ) ( 7 / 60 ـ 68 ) ، مع شيء قليل من كلامي .(1/20)
الوجه الخامس: إن انقضاض النجم في دار علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ليس في ذلك فضيلة له ، ولا كرامة ، فإن من وظيفة النجوم أن تكون رجوماً للشياطين ، وهي لا تصل إلى الأرض ، ولو قدر وصولها إلى دار علي - رضي الله عنه - ، لم يكن ذلك منقبة له ، بل هو طعن فيه - رضي الله عنه - ، فما أوقح واضع هذا الحديث ، وقلة حيائه ، وما أجرأه على الكذب .
وأقول أيضاً: إنَّ هذا الحديث يناقض حديث سلمان الفارسي المتقدم ، فحديث سلمان الذي رواه العقيلي بسنده ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عنه أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: يا رسول الله إن الله لم يبعث نبياً إلاَّ يبين له من يلي من بعده ، فهل بين لك ؟ فقال:
( لا ) ، ثم سألته بعد ذلك ؟ فقال: ( نعم ، علي بن أبي طالب ) ، ومن معلوم أن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - لم ير النبي - صلى الله عليه وسلم - إلاَّ في المدينة النبوية ، فحديث سلمان - صلى الله عليه وسلم - متأخر عن حديث ابن عباس الذي كان في مكة قبل الهجرة ، فكيف يصح أن يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لسلمان أنه لم يبين الله له مع أن حديث ابن عباس قد بين فيه من يلي من بعده وهو متقدم عليه ؟!! ، لكن أقول قبح الله من وضع هذه الأحاديث المكذوبة.
( الحديث الثاني )
وله طريقان:
الطريق الأول: عكرمة ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - .
... أخرجه الخطيب البغدادي في: ( تاريخه )(1)، ومن طريقه ابن عساكر في:
( تاريخه )(2)، وابن الجوزي في: ( الموضوعات )(3).
__________
(1) 11 / 112 ).
(2) 42 / 326 ـ 327 ).
(3) 2 / 178 ).(1/21)
عن محمد بن المظفر ، حدثنا: عبد الجبار بن أحمد بن عبيد الله السمسار ـ ببغداد ـ، حدثنا: علي بن المثنى الطُّهَوِي ، حدثنا: زيد بن الحباب ، حدثنا: عبد الله بن لهيعة ، حدثنا: جعفر بن ربيعة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما في القيامة راكب غيرنا نحن أربعة ) ، فقام إليه عمه العباس بن عبد المطلب ، فقال: من هم يا رسول الله ؟ ، فقال: ( أما أنا فعلى البراق ، وجهها كوجه الإنسان ، وخدها كخد الفرس ؛ وعرفها من لؤلؤ ممشوط ؛ وأذناها زبرجدتان خضروان ؛وعيناها مثل كوكب الزهرة ؛ توقدان مثل النجمين المضيئين ، لها شعاع مثل شعاع الشمس ، بلقاء محجلة تضيء مرة ، وتنمي أخرى ، يتحدر من نحرها مثل الجمان مضطربة في الخلق أذنها ، ذنبها مثل ذنب البقرة ، طويلة اليدين والرجلين ، أظلافها كأظلاف البقر من زبرجد أخضر ، تجد في مسيرها ؛ ممرها كالريح ، وهي مثل السحابة ، لها نفس كنفس الآدميين ، تسمع الكلام وتفهمه ، وهي فوق الحمار ودون البغل ) ، قال العباس: ومن يا رسول الله ؟ قال: ( وأخي صالح على ناقة الله وسقياها ؛ التي عقرها قومه ) ، قال العباس ومن يا رسول الله ؟ قال: ( وعمي حمزة بن عبد المطلب ، أسد الله ، وأسد رسوله ، سيد الشهداء ؛ على ناقتي ) ، قال العباس: ومن يا رسول الله ؟ قال: ( وأخي علي على ناقة من نوق الجنة ؛ زمامها من لؤلؤ رطب ؛ عليها محمل من ياقوت أحمر ، قضبانها من الدر الأبيض ، على رأسه تاج من نور ؛ لذلك التاج سبعون ركناً ، ما من ركنٍ إلاَّ وفيها ياقوتة حمراء ؛ تضيء للراكب المحث ، عليه حلتان خضروان ، وبيده لواء الحمد ، وهو ينادي: أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، فيقول الخلائق: ما هذا إلاَّ نبي مرسل ، أو ملك مقرب ، فينادي مناد من بطنان العرش: ليس هذا ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولا حامل عرش ، هذا علي بن أبي طالب ، وصي رسول رب العالمين ، وإمام المتقين ،(1/22)
وقائد الغر المحجلين ).
... قال الخطيب البغدادي: ( لم أكتبه إلاَّ بهذا الإسناد ، وابن لهيعة
ذاهب الحديث ).
... أقول: هذا حديث موضوع ، وألفاظه ركيكة كما قال الحافظ الذهبي(1)، والمتهم به عبد الجبار بن أحمد السمسار ، قال الحافظ الذهبي: ( روى عن علي بن المثنى الطُّهَوِي ، فأتى بخبر موضوع في فضائل علي ) ، ثم ذكر الخبر.
... وأمَّا حمل الخطيب البغدادي عهدة هذا الحديث على ابن لهيعة واتهامه إيّاه ، وتابعه على ذلك ابن الجوزي ، فليس ذلك بجيد منهما ، وخاصة أن هناك من هو أولى منه ، ولهذا استدرك عليه الحافظ ابن حجر وتعقبه قائلاً: ( ابن لهيعة مع ضعفه لبريء من عهدة هذا الخبر ، ولو حُلفت لحلفت بين الركن والمقام أنه لم يروه قط )(2).
... أي: أنه وضع عليه ، وهذا ما أشار إليه الحافظ الذهبي في: ( تلخيص الموضوعات ) ، بعد ما ذكر أنه خبر ركيك مكذوب قال: ( وما تعلق فيه ابن الجوزي بغير ابن لهيعة ، وأنا أحسبه وضع بعد ابن الحباب )(3).
الطريق الثاني: سعيد بن جبير ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - .
__________
(1) تلخيص الموضوعات: ( ص: 132 ).
(2) اللسان: ( 3 / 387 )
(3) تلخيص الموضوعات: ( ص: 132 ).(1/23)
... أخرجه الخوارزمي في: ( المناقب )(1)، والحافظ ابن عساكر في : ( تاريخه )(2)ـ واللفظ له ـ، عن أبي العباس ابن عقدة ، نا: محمد بن أحمد بن الحسن ـ يعني: القَطَواني ـ، نا: خزيمة بن ماهان المروزي ، نا: عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلاَّ نحن أربعة ) ، فقال له العباس بن عبد المطلب عمه فداك أبي وأمي ، ومن هؤلاء الأربعة ؟ قال: ( أنا على البراق ، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه ، وعمي حمزة أسد الله ، وأسد رسوله على ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة ، مدبجة الحسن ، عليه حلتان خضراوان من كسوة الرحمن ، على رأسه تاج من نور ، لذلك التاج سبعون ركنا ، على كل ركن ياقوتة حمراء ، تضيء للراكب مسيرة ثلاثة أيام ، وبيده لواء الحمد ينادي: لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، فيقول الخلائق من هذا ؟ ملك مقرب ، نبي مرسل ؟ حامل عرش ؟ فينادي مناد من بطن العرش: لا ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولا حامل عرش ، هذا علي بن أبي طالب ، وصي رسول المسلمين ، وأمير المؤمنين ، وقائد الغر المحجلين ، في جنات النعيم ).
... قال الحافظ ابن عساكر: ( في إسناده غير واحد من الشيعة ).
أقول: في إسناده ثلاث علل:
الأولى: تدليس الأعمش.
الثانية والثالثة: خزيمة بن ماهان المروزي ، ومحمد بن أحمد بن الحسن
القَطَواني ، قال الحافظ الذهبي في ترجمة: ( خزيمة بن ماهان المروزي ): ( أتى بخبرٍ موضوعٍ ، فما أدري هو الآفة فيه أو الراوي عنه )(3)، أي: القَطَواني ، ثم ذكر الخبر ، وهو حديثنا هذا.
سادساً: ( مسند عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - )
وفيه حديث واحدٌ:
__________
(1) ص: 359 ) ( رقم: 372 ).
(2) 42 / 326 ).
(3) ميزان الاعتدال: ( 1 / 652 ) ، التوضيح المشتبه ، لابن ناصر الدين الدمشقي: ( 7 / 235 ).(1/24)
... أخرجه ابن المغازلي في: ( مناقب علي )(1)، قال: أخبرنا أبو أحمد الحسن بن أحمد بن موسى الغندجانيُّ ، أخبرنا: أبو الفتح هلال أبو محمد الحفار ، حدثنا: إسماعيل بن علي بن رزين ، قال: حدثني أبي ، وإسحاق بن إبراهيم الدبري ، قالا: حدثنا عبد الرزاق ، قال: حدثني أبي ، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف ، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله سلم ـ: ( أنا دعوة أبي إبراهيم ) ، قلنا: يا رسول الله وكيف صرت دعوة أبيك إبراهيم ؟ قال: أوحى الله ـ عز وجل ـ إلى إبراهيم: ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً ) ( البقرة: من الآية: 124 ) .
... ( فاستخفَّ إبراهيم الفرح ، قال: يا رب ، ومن ذريتي أئمة مثلي ، فأوحى الله إليه أن يا إبراهيم إنّي لا أُعطيك عهداً لا أفي لك به ، قال: يا رب ما العهد الذي لا تفي لي به ؟ قال: أعطيك لظالم من ذريتك ، قال إبراهيم عندها:
{ وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ - رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ } ( إبراهيم: من الآية: 35 ـ 36 ).
... قال النبي ـ صلى الله عليه آله وسلم ـ: ( فانتهت الدعوة إليَّ وإلى علي لم يسجد أحد منا لصنم قط ، فاتخذني الله نبياً واتخذ علياً وصياً ).
... أقول: في إسناده مِيْناء بن أبي مينا الخرَّاز ، مولى عبد الرحمن بن عوف ، قال الحافظ ابن حجر: ( متروك ، ورمي بالرفض ، وكذبه أبو حاتم ، ... ، ووَهَم الحاكم فجعل له صحبة ، والله أعلم )(2).
... ومما يدل على خطأ الحاكم ـ يرحمه الله ـ ما ذكره البخاري في: ( التاريخ الكبير ) في ترجمة ميناء هذا: ( قال أحمد عن عبد الرزاق ، أخبرني أبي ، نا: ميناء ، قال: أخذت البقرة وآل عمران من أبي هريرة ، واحتلمت حين بويع لعثمان )(3).
... فهذا واضح في أن ميناء لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) رقم: 322 ).
(2) التقريب: ( 7108 ).
(3) 8 / 31 ).(1/25)
... قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في الجواب عن هذا الحديث بعد ما ذكر عدم صحته وأنه كذب موضوع بإجماع أهل العلم بالحديث ، قال في الوجه الثالث:
... ( الثالث: إن قوله: انتهت الدعوة إلينا ، كلام لا يجوز أن ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه إن أريد: أنها لم تُصب من قبلنا كان ممتنعا ، لأن الأنبياء من ذرية إبراهيم دخلوا في الدعوة.
... قال تعالى: { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ - وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ } (الأنبياء: 72 ـ 73 ) .
... وقال تعالى: { وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي
إِسْرائيلَ } (الإسراء: 2 ) .
... وقال عن بني إسرائيل: { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ } ( السجدة: 24 ) .
... وقال: { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ - وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ } ( القصص: 5 ـ 6 ).
... فهذه عدة نصوص في القرآن في جعل الله أئمة من ذرية إبراهيم قبل أمتنا.
... وإن أُريد: انتهت الدعوة إلينا: أنه لا إمام بعدنا ، لزم أن لا يكون الحسن والحسين ولا غيرهما أئمة ، وهو باطل بالإجماع ، ثم التعليل بكونه لم يسجد لصنم هو علة موجودة في سائر المسلمين بعدهم.
... الوجه الرابع: أن كون الشخص لم يسجد لصنم فضيلة يشاركه فيها جميع من ولد على الإسلام ، مع أن السابقين الأولين أفضل منه ، فكيف يجعل المفضول مستحقاً لهذه المرتبة دون الفاضل ؟
... الوجه الخامس: أنه لو قيل: إنه لم يسجد لصنم لأنه أسلم قبل البلوغ ، فلم يسجد بعد إسلامه ، فهكذا كل مسلم ، والصبي غير مكلف.(1/26)
... وإن قيل: إنه لم يسجد قبل إسلامه ، فهذا النفي غير معلوم ، ولا قائله ممن
يوثق به .
... ويقال: ليس كل من لم يكفر ، أو من لم يأت بكبيرة ، أفضل ممن تاب عنها مطلقاً ، بل قد يكون التائب من الكفر والفسوق أفضل ممن لم يكفر ولم يفسق ، كما دل على ذلك الكتاب العزيز ، فإن الله فضَّل الذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا على الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ، وأولئك كلهم أسلموا بعد الكفر ، وهؤلاء فيهم من ولد على الإسلام ، وفضل السابقين الأولين على التابعين لهم بإحسان ، وأولئك آمنوا بعد الكفر ، وأكثر التابعين ولدوا على الإسلام.
... وقد ذكر الله في القرآن أن لوطاً آمن لإبراهيم ، وبعثه الله نبياً ، وقال شعيب:
{ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا } ( الأعراف: 89 ) .
... وقال تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } ( إبراهيم: 13 )
... وقد أخبر الله عن إخوة يوسف بما أخبر ، ثم نبأهم بعد توبتهم ، وهم الأسباط الذين أمرنا أن نؤمن بما أوتوا في سورة البقرة وآل عمران والنساء ، وإذا كان في هؤلاء من صار نبياً ، فعلموا أن الأنبياء أفضل من غيرهم ... ) إلى آخر ما قال ـ رحمه الله تعالى ـ(1).
سابعاً: ( مسند علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - )
وفيه حديث واحد روي من طريقين:
الطريق الأول: عبد الله بن العباس ، عن علي ـ رضي الله عنهما ـ.
__________
(1) منهاج السنة: ( 7 / 133 ـ 135 ).(1/27)
... أخرجه ابن جرير الطبري في: ( تفسيره ) ، وفي: ( تاريخه )(1)ـ وفيهما قصة ـ، وفي: ( تهذيب الأثار )(2)ـ مختصراً واللفظ له ـ، وابن عساكر في: ( تاريخه )(3)، والطحاوي في: ( معاني الآثار )(4).
عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، عن عبد الله بن عباس ، عن علي بن أبي طالب ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا بني عبد المطلب ، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يُؤَازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصييّ وخليفتي فيكم ؟ ) ، قال: فأحجم القوم عنها جميعاً ، وقلت: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ، وقال: ( هذا أخي ووصيي ، وخليفتي فيكم ، فأسمعوا له وأطيعوا ).
... قال الحافظ ابن كثير في: ( تفسيره ) بعدما ذكر رواية ابن جرير الطبري:
( تفرد بهذا السياق عبد الغفار بن القاسم أبي مريم ، وهو متروك كذاب شيعي ، اتهمه ابن المديني وغيره بوضع الحديث ، وضعفه الأئمة رحمهم الله )(5).
__________
(1) 1 / 542 ).
(2) في مسند علي - رضي الله عنه - : ( ص: 62 ـ 63 ).
(3) 42 / 48 ).
(4) 3 / 284 ) ، ( 4 / 387 ).
(5) 6 / 170 ) ، تحت الآية: ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ( الشعراء:214 ) .(1/28)
... ورواه البزار في: ( مسنده )(1)، قال: حدثنا علي بن حرب الكندي ، ثنا: إسحاق بن إبراهيم ختن سلمة بن الفضل ، عن سلمة بن الفضل ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس ، عن علي قال: لما نزلت : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ( الشعراء : 214 ) ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا علي اصنع رجل شاة بصاع من طعام ، واجمع لي بني هاشم ) ، ـ وهم يومئذ أربعون رجلا أو أربعون غير رجل ـ، قال: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالطعام ؛ فوضعه بينهم ، فأكلوا حتى شبعوا ، وإن منهم لمن يأكل الجذعة بإدامها ، ثم تناول القدح فشربوا منه حتى رووا ـ يعني: من اللبن ـ، فقال بعضهم: ما رأينا كالسحر ـ يرون أنه أبو لهب الذي قاله ـ، فقال: ( يا علي اصنع رجل شاةٍ بصاع من طعام ، واعدد قَعباً من لبن ، ) ، قال: ففعلت فأكلوا كما أكلوا في اليوم الأول ، وشربوا كما شربوا في المرة الأولى ، وفضل كما فضل في المرة الأولى ، فقال: ما رأينا كاليوم في السحر ، فقال:
( يا علي اصنع رجل شاة بصاع من طعام ، واعدد قعباً من لبن ) ، ففعلت ، فقال:
( يا علي اجمع لي بني هاشم ) ، فجمعتهم ، فأكلوا وشربوا ، فبدرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ( أيكم يقضي عن ديني ؟ ) ، قال: فسكت وسكت القوم ، فأعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنطق فقلت: أنا يا رسول الله ، قال: ( أنت يا علي ، أنت يا علي ) .
قال البزار: ( لا نعلم رواه بهذا الإسناد متصلاً ، إلاَّ من حديث سلمة ،
عن ابن إسحاق ).
... أقول: في إسناده عبد الغفار بن القاسم ، كذاب شيعي ، كما الحافظ ابن كثير ، وسلمة بن الفضل ، ضعيف ، كما سبق(2).
الطريق الثاني: عباد بن عبد الله ، عن علي - رضي الله عنه - .
__________
(1) كما في كشف الأستار: ( 3 / 137 ـ 138 ).
(2) انظر مسند بريدة .(1/29)
... أخرجه ابن عساكر في: ( تاريخ دمشق )(1)، أخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم الزيدي العلوي ـ بالكوفة ـ، أنا: أبو الفرج محمد بن أحمد بن علان الشاهد ، أنا: محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين ، أنا: أبو عبد الله محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي ، نا: عباد بن يعقوب ، نا: عبد الله بن عبد القدوس ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله ، عن علي بن أبي طالب ، قال: لما نزلت ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ( الشعراء : 214 ) ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا علي اصنع لي رجل شاة بصاع من طعام وأعد قعبا من لبن ) ، ـ وكان القعب قدر ري رجل ـ، قال: ففعلت ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( يا علي اجمع بني هاشم ـ وهم يومئذ أربعون رجلاً ، أو أربعون غير رجل ـ ) ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالطعام فوضعه بينهم فأكلوا حتى شبعوا ، وإن منهم لمن يأكل الجذعة بإدامها ، ثم تناولوا القدح فشربوا حتى رووا ، وبقي فيه عامته ، فقال بعضهم: ما رأينا كاليوم في السحر ـ يرون أنه أبو لهب ـ، ثم قال يا علي: ( اصنع رجل شاة بصاع من طعام ، وأعد بقعب من لبن ) ، قال: ففعلت ، فجمعهم فأكلوا مثل ما أكلوا بالمرة الأولى ، وشربوا مثل المرة الأولى ، وفضل منه ما فضل المرة الأولى ، فقال بعضهم: ما رأينا كاليوم في السحر ، فقال الثالثة: ( اصنع رجل شاة بصاع من طعام ، وأعد بقعب من لبن ) ، ففعلت فقال اجمع بني هاشم فجمعتهم فأكلوا وشربوا فنذرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالكلام فقال: ( أيكم يقضي ديني ويكون خليفتي ، ووصيي من بعدي ؟ ) ، قال: فسكت العباس مخافة أن يحيط ذلك بماله ، فأعاد رسول الله الكلام فسكت القوم ، وسكت العباس مخافة إن يحيط ذلك بماله ، فأعاد رسول الله الكلام الثالثة ، قال: وإني يومئذ لأسوءهم هيئة ، إني يومئذ لأحمش الساقين أعمش العينين ، ضخم
__________
(1) 42 / 47 ـ 48 ).(1/30)
البطن ، فقلت: أنا يا رسول الله ، قال: ( أنت يا علي ، أنت يا علي ) .
... أقول: هذا إسناد معلول بثلاث علل:
الأولى: عباد بن عبد الله الأسدي ، قال الإمام البخاري: ( فيه نظر )(1)، وهذه اللفظة لا يقولها إلاّ فيمن يتّهمه غالباً ، فهو عنده أسوأ حالاً من الضعيف.
الثانية: تدليس الأعمش.
الثالثة: محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي أبو عبد الله ، المعروف بالسُودَاني .
... قال حمزة بن يوسف السهمي: سألت أبا الحسن بن سفيان بن حماد الحافظ بالكوفة عن محمد بن القاسم السُودَاني المحاربي ؟ فقال: ( ما رؤي له أصل قط ، وكان يؤمن بالرجعة ) ، قال ابن سفيان: ( وحضرت مجلسه ، وحسين بن سعيد يقرأ عليه كتاب النهي عن حسن بن نصر بن مزاحم ، فلما فرغ أعطاني أبلغ فيه ، فقلبت ظهره ، فإذا عليه أسماء جماعة قد ماتوا قبل أن يحدث بسنين ، فقال لي ابن أبي الفتح الهاشمي: بلغ لي ، فقلت له: اسمك عليه ؟ فقال: اسكت ، فلما انصرفنا ، قال: هذا كتاب جعفر بن حارز ، سمعته سنة ست وثمانين ، وليس هو كتاب السوداني ، ولا له فيه سماع )(2).
... وقال حمزة بن يوسف السهمي ـ أيضاً ـ: سألت أبا الحسن بن حماد الحافظ القرشي بالكوفة عن محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي ؟ فقال: ( ليس بشيء ، وهو يعرف بالسُودَاني ، وكان ابن عقدة يدخل عليه الحديث ، وكان غالياً ، وذكر أنه كان له ابن غال ، ما كان يخرج يده من كمه ، ويقول: قد صافحت به الإمام ، حتى نهاه عنه ابن عمر العلوي أمير الكوفة )(3).
وقال الحافظ الذهبي : ( تكلم فيه )(4)، وقال في المغني: ( مشهور ، ضعيف ، يقال: كان يرمى بالرجعة ، كذاب ).
وللحديث شاهد من مسند أبي رافع ، وسيأتي وانظر هناك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ في نقده لهذا الحديث.
__________
(1) التاريخ الكبير: ( 6 / 32 ).
(2) سؤالات حمزة السهمي: ( رقم: 38 ).
(3) سؤالات حمزة السهمي: ( رقم: 69 ).
(4) الميزان: _( 4 / 14 ).(1/31)
ثامناً: ( مسند أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - )
وفيه حديثٌ واحدٌ:
أخرجه الجورقاني في: ( الأباطيل والمناكير )(1)، وابن الجوزي في: ( الموضوعات )(2)، عن أبي محمد الحسن بن محمد الخلال ، قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن حرب ، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، قال: حدثنا محمد بن إسحاق القرشي(3)، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، قال: حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا: معمر ، عن محمد ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر ، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( كما أنا خاتم النبيين ، كذلك علي وذريته يختمون الأوصياء إلى يوم الدين ).
أقول: هذا حديث كذب ، في إسناده علتان:
الأولى: إبراهيم بن عبد الله ، وهو: إبراهيم بن عبد الله بن همام الصنعاني ، يروي عن عمه عبد الرزاق بن همام ، كان كذاباً(4).
الثانية: الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، متهم .
قال الجورقاني عن هذا الحديث: ( هذا حديث منكر ، لا أعلم رواه سوى الحسن بن محمد العلوي ، وهو منكر الحديث ، وكان يميل إلى الرفض )(5).
وقال الحافظ الذهبي في: ( تلخيص الموضوعات ) : ( وبسند مكذوب عن أبي ذر رفعه: كما أنا خاتم النبيين ، كذلك علي وذريته يختمون الأوصياء إلى يوم القيامة )(6).
وفي: ( ميزان الاعتدال ) ، قال ـ رحمه الله تعالى ـ : ( روى بقلة حياءٍ عن الدبري ، عن عبد الرزاق بإسنادٍ كالشمس: علي خير البشر .
... وعن الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن محمد ، عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر مرفوعاً ـ ، قال: علي وذريته يختمون الأوصياء إلى يوم الدين.
__________
(1) 1 / 279 ـ 280 ).
(2) 2 / 151 ).
(3) الظاهر أنه محمد بن إسحاق بن عبد الله بن إبراهيم بن منصور أبو أحمد النيسابوري ، من شيوخ ابي بكر الإسماعيلي ، المعجم: ( 1 / 501 ).
(4) اللسان: ( 1 / 73 ).
(5) الأباطيل والمناكير: ( 1 / 280 ).
(6) رقم: 271 ).(1/32)
فهذان دالان على كذبه وعلى رفضه ـ عفا الله عنه ).(1)
... أقول: قول الحافظ الذهبي: ( عن الدبري ، عن عبد الرزاق ) ، هل هو وهم منه ـ رحمه الله تعالى ـ أو أنه وقف له على إسناد آخر يرويه العلوي من غير طريق إبراهيم بن عبد الله ؟ فالله أعلم بالصواب.
تاسعاً: ( مسند أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - )
وفيه حديث واحد:
... أخرجه ابن عساكر في: ( تاريخه )(2)، عن محمد بن يوسف(3)، قال: أنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، أنا: أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، أنا: أبو الحسن أحمد بن يعقوب الجعفي ، نا: علي بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ، نا: إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي ، حدثني: إسماعيل بن الحكم الرافعي ، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ، قال: قال أبو رافع: جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولد بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلاً ـ وإن كان منهم لمن يأكل الجذعة ، ويشرب الفرق من اللبن ـ، فقال لهم: ( يا بني عبد المطلب إن الله لم يبعث رسولاً إلا جعل له من أهله أخاً ، ووزيراً ، ووارثاً ، ووصياً ، ومنجزاً لعداته ، وقاضياً لدينه ، فمن منكم يتابعني على أن يكون أخي ووزيري ، ووصيي ، وينجز ، عداتي ، وقاضي ديني ؟ ) ، فقام إليه علي بن أبي طالب ، وهو يومئذ أصغرهم ، فقال له: ( اجلس ) ، وقدم إليهم الجذعة ، والفرق من اللبن فصدروا عنه ، حتى أنهلهم ، وفَضُل منه فضله .
__________
(1) الميزان: ( 1 / 521 ).
(2) 42 / 49 ـ 50 ).
(3) هو: محمد بن يوسف بن أحمد أبو الحسن الأخباري البغدادي ، له ترجمة في تاريخ دمشق: ( 56 / 301 ).(1/33)
... فلما كان في اليوم الثاني ، أعاد عليهم القول ، ثم قال: ( يا بني عبد المطلب كونوا في الإسلام رؤوساً ، ولا تكونوا أذناباً ، فمن منكم يبايعني على أن يكون أخي ، ووزيري ، ووصيي ، وقاضي ديني ، ومنجز عداتي ) ، فقام إليه علي بن أبي طالب فقال: ( اجلس ) .
... فلما كان اليوم الثالث ، أعاد عليهم القول ، فقام علي بن أبي طالب ، فبايعه بينهم ، فتفل في فيه ، فقال أبو لهب: بئس ما جزيت به ابن عمك ، إذ أجابك إلى ما دعوته إليه ، ملأت فاه بصاقاً .
... أقول: هذا إسناد معلول بأربع علل:
الأولى: إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي ـ ابن أبي طالب - رضي الله عنه - ـ، لم أقف عليه .
الثانية: علي بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين ، ـ ابن علي أبي طالب - رضي الله عنه - ـ لم أقف له على ترجمة أيضاً.
الثالثة: أبو الحسن أحمد بن يعقوب الجعفي ، هو: أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن حمزة بن زياد أبو الحسن القصباني الجعفي ، المعروف بـ ( ابن الجلاء ) ، هكذا ورد نسبه في موضع عند ابن النجاشي في: ( رجاله )(1)، لكن لم أظفر له بترجمة تكشف عن حاله في كتبنا .
الرابعة: أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله بن علي بن عبيد الله بن عبد الله بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، لم أظفر به.
... ولشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ كلام متين في نقد هذا الحديث في كتابه القيم : ( منهاج السنة )(2)، ولولا خشية الإطالة لنقلت تمام كلامه ، لكن سأذكر بعض ما ذكره باختصار شديد جداً ، فمما ذكره:
أولاً: إن بني عبد المطلب لم يبلغوا أربعين رجلاً حين نزلت هذه الآية .
ثانياً: إن قوله: ( وإن منهم لمن يأكل الجذعة ) كذب على القوم ، ليس بنو هاشم معروفين بمثل هذه الكثرة في الأكل.
ثالثاً: إن الذي ثبت في الصحاح في نزول هذه الآية خلاف هذا .
__________
(1) 1 / 133 ).
(2) 4 / 297 ـ 313 )(1/34)
عاشراً: ( مسند أم سلمة رضي الله عنها )
فيه حديث واحدٌ:
أخرجه الموفق الخوارزمي في: ( المناقب )(1)، عن أبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه ، قال: أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن السري يحيى التميمي ، حدثنا: المنذر بن محمد بن المنذر ، حدثني: أبي ، حدثنا عمي الحسين بن يوسف بن سعيد بن أبي الجهم ، حدثني أبي ، عن أبان بن تغلب ، عن علي بن محمد بن المنكدر ، عن أم سلمة زوج النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في حديث طويل ، وفيه قصة لها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ ذكرت أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( يا أم سلمة لا تلوميني ، فإن جبرائيل أتاني من الله تعالى يأمر أن أوصي به علياً من بعدي ، وكنت بين جبرائيل وعلي ، وجبرئيل عن يميني وعلي عن شمالي ، فأمرني جبرائيل أن آمر علياً بما هو كائن بعدي إلى يوم القيامة ، فاعذريني ولا تلوميني ، إن الله عز وجل اختار من كل أمة نبياً واختار لكل نبي وصياً ، فأنا نبي هذه الأمة وعلي وصيي في عترتي ، وأهل بيتي وأمتي من بعدي ... ) .
أقول: هذا حديث موضوع ، وفي إسناده عدة علل:
الأولى: علي بن محمد بن المنكدر ، لم أظفر به.
الثانية والثالثة: الحسين بن يوسف بن سعيد بن أبي الجهم ، وأبوه لم أظفر بهما أيضاً.
الرابعة: محمد بن المنذر هو: محمد بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم الكوفي ، كان مقرئاً ترجم له الجزري في: ( غاية النهاية )(2)، وقال: ( مقرئ معروف ) ، لكن لم أقف على ما يفيد منزلته في الجرح والتعديل.
__________
(1) ص: 146 ) ( رقم: 171 ).
(2) 2 / 266 ).(1/35)
الخامسة: المنذر بن محمد بن المنذر ، فرق بينه وبين القابوسي الحافظ الذهبي في: ( الميزان )(1)، وأمّا الحافظ ابن حجر فمال إلى أنهما واحد(2)، وهو الصواب فيما أرى ، فقد نسبه ابن النجاشي في: ( رجاله ) ، فقال: ( المنذر بن محمد بن المنذر بن سعيد بن أبي الجهم القابوسي )(3)، وهو متروك الحديث(4).
السادسة: أحمد بن محمد بن السري يحيى التميمي ، قال الحاكم: ( رافضي غير ثقة )(5)، وقال الحافظ الذهبي: ( الرافضي الكذاب )(6).
الحادي عشر: ( مرسل عَطية العَوفي )
__________
(1) 4 / 181 ـ 182 ).
(2) اللسان الميزان: ( 6 / 90 ).
(3) رجال النجاشي: ( 2 / 367 ).
(4) اللسان الميزان: ( 6 / 90 ) ، وسؤالات الحاكم للدارقطني: ( رقم: 234 ).
(5) ميزان الاعتدال: ( 1 / 139 ).
(6) ميزان الاعتدال: ( 1 / 139 ).(1/36)
... أخرجه ابن الجوزي في: ( الموضوعات )(1)، قال: أنبأنا عبد الله بن أحمد الخلال ، قال: أنبأنا علي بن الحسين بن أيوب ، قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان ، قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير ، قال: حدثنا: علي بن الحسن بن فضالة الكوفي ، قال: حدثنا الحسين بن نصر بن مزاحم ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا: أبو عرفجة ، عن عطية العوفي ، قال: مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المرض الذي توفي فيه ، قال: فكانت عنده حفصة وعائشة ، فقال لهما: ( أرسلا إلي خليلي ) ، فأرسلتا إلى أبي بكر ، فجاء فسلم ودخل ، فجلس ، فلم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - حاجة فقام ، فخرج ، ثم نظر إليهما فقال: ( أرسلا إلي خليلي ) ، فأرسلتا إلى عمر ، فسلم ، ودخل ، فلم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - حاجة فقام فخرج ، ثم نظر إليهما فقال: ( أرسلا إلي خليلي ) ، فأرسلتا إلى علي ، فجاء ، فسلم ودخل فلما جلس أمرهما ، فقامتا ، قال: ( يا علي ادع بصحيفة ودواة ) فأملى رسول الله ، وكتب علي وشهد جبريل - عليه السلام - ، ثم طويت الصحيفة ، فمن حدثكم أنه يعلم ما في الصحيفة إلاَّ الذي أملاها أو كتبها أو شهدها فلا تصدقوه .
... أقول: في إسناده عدة علل:
الأولى: الانقطاع ، عطية العوفي لم يدرك زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الثانية: ضعف عطية العوفي فقد كان ضعيفاً ، قال الحافظ ابن حجر: ( صدوق يخطئ كثيراً ، وكان شيعياً مدلساً )(2).
الثالثة: أبو عرفجة ، هو: عمير بن عرفجة الفَائِشي ، بَيّضَ له ابن أبي حاتم(3)، وذكره ابن حبان في: ( ثقاته )(4).
ولا يلتفت إلى توثيق ابن حبان له ، فإن من عادته توثيق المجاهيل .
الرابعة: نصر بن مزاحم الكوفي ، واه ، ليس بثقة ولا مأمون ، قال الحافظ الذهبي:
( رافضي جلد ، تركوه )(5).
__________
(1) 2 / 152 ـ 153 ).
(2) التقريب: ( رقم: 4649 ).
(3) 6 / 377 ).
(4) 7 / 273 ).
(5) ميزان الاعتدال: ( 4 / 253 ).(1/37)
الخامسة: الحسين بن نصر بن مزاحم ، لم أظفر به.
هذا آخر ما قمت بجمعه وتخريجه ، والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
خليفة بن ارحمة بن جهام آل جهام الكواري
الخميس 2 / ذو الحجة / 1422 هـ(1/38)