وروى أبوداود(1) من حديث حماد - هو ابن سلمة -، أنا عاصم بن بهدلة، عن شهر بن حوشب، عن أبي ظبية، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، [عن النبي - صلى الله عليه وسلم -](2) قال : (( مامن مسلم يبيت على ذكر، طاهرًا، فيتعَارّ من الليل، فيسأل الله عز وجل خيرًا من الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه )) . قال ثابت البناني(3):" قدم علينا أبوظبية فحدثنا بهذا الحديث عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال ثابت : قال [فلان](4): لقد جهدتُ أن /أقولها حين أنبعث، فما قدرت عليها. رواه عن موسى بن إسماعيل، عن حماد.
[ل102/أ]
وروى أبوحاتم ابن حِبَّان في "صحيحه"(5) من حديث ابن المبارك، عن الحسن بن ذكوان، عن سُليمان الأحول، عن عطاء، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من بات طاهرًا بات في شعاره ملك، فلم يستيقظ إلا قال الملك : اللهم ! اغفر لعبدك فلان، فإنه بات طاهرًا )) . أخرجه
عن محمد بن صالح بن ذَريح، عن أبي عاصم أحمد بن جواس الحنفي عنه.
فصل في الطهارة لذكر الله تعالى
__________
(1) في "سننه" (5/296 رقم5042) كتاب الأدب، باب في النوم على طهارة.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن أبي داود".
(3) كذا جاء في "سنن أبي داود"، وقد أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة من "السنن الكبرى" (6/201 رقم10641 و10642) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني وعاصم، كلاهما عن شهر، به.
(4) في الأصل :"بلال"، والتصويب من "سنن أبي داود".
(5) 3/328-329 رقم1051/الإحسان).(2/155)
روى سعيد عن قتادة، عن الحسن، عن حضين بن المنذر أبي ساسان، عن المهاجر بن قنفذ - رضي الله عنه - : أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه جوابًا(1) حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال : (( إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر ))- أوقال : (( على طهارة - )) . رواه أبو داود(2) عن
محمد بن المثنى، عن عبدالأعلى، عن سعيد.
و"حُضَين":بضم الحاء المهملة،وفتح الضاد المعجمة،وبعد آخر الحروف نون.
وروى أبوداود(3) أيضًا من حديث سفيان، عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :" مرَّ رجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلم عليه فلم يرد عليه ". قال أبوداود :" رُوي عن ابن عمر وغيره : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - [تيمم](4)، ثم رد على الرجل السلام ". رواه عن عثمان وأبي بكر [ابني](5) أبي شيبة، عن عمر بن سعد، عنه.
فصل في استدامة الطهارة
__________
(1) قوله :" جوابًا " ليس في المطبوع من "سنن أبي داود".
(2) في "سننه" (1/23 رقم17) كتاب الطهارة، باب أيرد السلام وهو يبول ؟
(3) في الموضع السابق برقم (16).
(4) مابين المعكوفين بياض في الأصل بمقدار كلمة، فاستدركته من المصدر السابق.
(5) في الأصل :"بن"، والتصويب من المرجع السابق.(2/156)
روى أبوحاتم ابن حبان(1) من حديث كثير أبي هاشم الأبلّي - وهو بالباء الموحّدة وتشديد اللام -، عن أنس : أن أم سُليم رضي الله عنها قالت(2): يارسول الله! مامن الأنصار رجل ولا امرأة إلا وقد أتحفك بشيء غيري، [و](3) ليس لي إلا ولدي هذا، فأحب أن تقبله مني يخدمك، فقبلني [رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ](4) وأقعدني بين يديه، ومسح [بيده](1) على رأسي، وبرَّك عليّ، وقال لي : (([يا أنس!](5) احفظ سري تكن مؤمنًا، يابني ! إن استطعت أن تكون أبدًا على الوضوء [فكن](1)، فإن ملك الموت إذا قبض روح العبد وهو على وضوء كتب له شهادة... ))، وذكر باقي الحديث.
قال أبوحاتم(6): "كثير بن سليم أبوهاشم من أهل الأُبلّة(7)، يروي عن أنس ماليس من حديثه، ويضع عليه...". وقال النسائي(8) :" متروك الحديث ".
باب المسح على الخفين
ذكر مايدل على جوازه
فيه جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، منهم : عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما.
__________
(1) في "المجروحين" (2/223-224).
(2) في "المجروحين" :" قالت : قال رسول الله r، ثم قالت : يا رسول الله...". وقد اجتهد المحقق في توجيه العبارة، ولكن دون جدوى، وما هنا أصوب.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(5) في الأصل :" يابني "، والمثبت من "المجروحين ".
(6) أي : ابن حبان.
(7) تصحفت في المطبوع من "المجروحين" إلى :" الأيلة ".
(8) في "الضعفاء والمتروكين" (ص229 رقم506).(2/157)
فروى البخاري(1) من حديث أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عبدالله بن عمر، عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه مسح على الخفين، وأن عبدالله بن عمر سأل عمر عن ذلك، فقال : نعم، إذا حدثك شيئًا سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا تسأل عنه غيره.
قال البخاري :" وقال موسى بن عُقبة : أخبرني أبوالنضر : أن أبا سلمة أخبره : أن سعدًا....، فقال عمر لعبدالله نحوه ".
فأشار البخاري إلى رواية أبي سلمة عن سعد.
[ل102/ب]
وقد رواه الإسماعيلي في "مُخرَّجه على /كتاب البخاري" من حديث الفُضيل بن سليمان،عن موسى بن عقبة قال: أخبرني أبوالنضر: أن أباسلمة بن عبدالرحمن بن عوف أخبره أن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - حدثه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين.
وعند الإسماعيلي أيضًا من رواية عبدالعزيز بن المختار، عن موسى - هو ابن عقبة - قال : حدثني أبوالنضر، عن أبي سلمة، عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - حديثًا يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوضوء على الخفين ؛ (( أنه لا بأس بالوضوء على الخفين، أنه لا بأس بالوضوء على الخفين ))(2). قال : وحدث أبوسلمة : أن عبدالله بن عمر حدثه [بذلك عن](3) سعد،[وأن](4) عمر - رضي الله عنه - قال لعبدالله -كأنه يلومه -: إذا حدثك سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا تبتغِ وراء حديثه شيئًا.
__________
(1) في "صحيحه" (1/305 رقم202) كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين.
(2) كذا ورد النص مكررًا، وقد رواه البيهقي في "السنن" (1/269-270) من طريق عبدالعزيز بن المختار، به، دون تكرار.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل،فاستدركته من"سنن البيهقي"لكونه رواه من نفس الطريق.
(4) في الأصل :"أن"، وقد نقله الحافظ ابن حجر في "الفتح" (1/306) عن الإسماعيلي هكذا على الصواب، وكذا جاء في الموضع السابق من "سنن البيهقي".(2/158)
وروى ابن ماجه(1) عن عمران بن موسى الليثي، عن محمد بن سَواء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن [أيوب](2)، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه رأى سعد بن مالك - رضي الله عنه - وهو يمسح على الخفين، فقال : إنكم لتفعلون ذلك ؟! فاجتمعنا(3) عند عمر، فقال سعد لعمر :أَفْتِ ابن أخي في المسح على الخفين، فقال(4): كنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نمسح على خفافنا، لا نرى بذلك بأسًا. فقال ابن عمر : وإن جاء من الغائط ؟! قال: نعم.
وروى أبوبكر ابن أبي خيثمة في "تاريخه" من حديث عاصم بن [عبيدالله](5)،عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر - رضي الله عنهم - قال:"رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين بالماء في السَّفر ".
رواه أبونعيم(6) عن [حسن](7) بن صالح عنه.
و"عاصم" ضعيف. و"عمران بن موسى بن حيان"-بالحاء المفتوحة، والياء آخر الحروف -، أبوعمرو الليثي البصري القزاز روى عنه الترمذي وابن ماجه والنسائي(8) وقال(9):"هو ثقة"، وقال في موضع آخر(10):" لا بأس به ". و"محمد بن سواء":مشهور أخرج له البخاري(11)،وباقي الإسناد أشهر وأعرف.
ومنهم : علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
__________
(1) في "سننه"(1/181 رقم546) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في المسح على الخفين.
(2) في الأصل :"مكحول"، والتصويب من "سنن ابن ماجه".
(3) كذا في الأصل، وفي "سنن ابن ماجه" :"فاجتمعا".
(4) أي : عمر كما في "سنن ابن ماجه".
(5) في الأصل :"عبدالله"، وهو تصحيف. انظر "تهذيب الكمال" (13/500).
(6) أي : الفضل بن دكين.
(7) في الأصل :"حسين"، وهو تصحيف. انظر "تهذيب الكمال" (6/177 و178 و180).
(8) كما في "تهذيب الكمال" (22/360 ).
(9) أي النسائي، ونقل قوله هذا المزي في المرجع السابق (22/361).
(10) كما في المرجع السابق.
(11) بل ومسلم كما في المرجع السابق (25/328 و331).(2/159)
روى البيهقي(1) من حديث عمرو بن [عون](2)، عن شريك، عن المقدام ابن شريح، عن أبيه قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن المسح على الخفين، فقالت : إيت عليًّا ؛ فإنه كان يسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته فسألته، قال :" كنا إذا سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بالمسح على خفافنا ".
وحديث شريح بن هانئ سيأتي في التوقيت(3) من كتاب مسلم إن شاء الله تعالى.
وهو "شريح": بالشين المعجمة، والحاء المهملة.
وروى أحمد بن حازم : أخبرنا أبوغسان، ثنا الربيع بن سليمان، سمعت أبا لبيد لُمَازة بن زَبَّار(4) يقول :" أتانا عليّ على شط(5) الفيض على بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشهباء، عليه عمامة ورداء، وإزار وخفان، فنزل فبال(6)، فَأُتي بماء(7) فتوضأ، وكشف عن رأسه، فإذا رأسه مثل راحتي، بين أذنيه مثل الإصبع من الشعر، فمسح على رأسه، ومسح على الخفين ". أخرجه الحافظ أبوبكر الخطيب في "المتفق والمفترق"(8).
[ل103/أ]
و" لُمازة ": بضم اللام، وتخفيف الميم، وبعد الألف زاي معجمة. و"زبّار": بالزاي المعجمة، والباء ثاني الحروف المشددة. و"الربيع بن سليمان" أبوسليمان /الأزدي الخلقاني، البصري، عُرف بابن الخطيب (9).
__________
(1) في "السنن الكبرى" (1/272).
(2) في الأصل:"عوف"والمثبت من"سنن البيهقي"وانظر ترجمته في"تهذيب الكمال"(22/177).
(3) ص 157).
(4) في الأصل تشبه أن تكون "زبان"، وسوف يذكرها المصنف رحمه الله على الصواب بعد قليل.
(5) في "المتفق والمفترق" المطبوع :" أتانا علي شط".
(6) تصحفت في المطبوع من "المتفق والمفترق" إلى :"فسأل ".
(7) قوله :" فأتي بماء" سقط من المطبوع من "المتفق والمفترق".
(8) 2/917 رقم493).
(9) كذا في الأصل، ولم أجد فيما وقفت عليه من قال إنه عرف بابن الخطيب، بل عرف بصاحب لمازة.(2/160)
وروى(1) من جهة العباس بن محمد(2) قال :" سمعت يحيى بن معين يقول: الربيع بن سليمان صاحب لُمازة ليس بشيء ".
ومنهم : جرير بن عبدالله البَجَلي - بفتح الباء الموحدة والجيم -.
واتفق الشيخان(3)، والترمذي(4)، والنسائي(5)، وابن ماجه(6) على إخراج حديثه من حديث همام بن الحارث، ولفظ مسلم فيه : عن همام قال :" بال جرير، ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل له : تفعل هذا ؟! فقال : نعم ؛ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال [ثم توضأ](7) ومسح على خفيه ".
قال الأعمش :" قال إبراهيم : كان يعجبهم هذا الحديث ؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة ".
ورواه أبوداود(8) من جهة بُكير بن عامر، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، ولفظه : أن جريرًا بال، ثم توضأ فمسح على الخفين، وقال : مايمنعني أن أمسح وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح ؟ قالوا : إنما كان ذلك قبل نزول المائدة، قال : ماأسلمت إلا بعد نزول المائدة.
__________
(1) أي : الخطيب في الموضع السابق برقم (554).
(2) أي : الدوري في "تاريخه" عن ابن معين (2/161).
(3) "صحيح البخاري" (1/494 رقم387) كتاب الصلاة، باب الصلاة في الخفاف، و"صحيح مسلم" (1/227 رقم272) كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.
(4) في "سننه" (1/ 155 رقم93) أبواب الطهارة، باب المسح على الخفين.
(5) في "سننه" (2/73 -74رقم774) كتاب القبلة، باب الصلاة في الخفين.
(6) في"سننه"(1/180-181رقم543)كتاب الطهارةوسننها،باب ماجاء في المسح علىالخفين.
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "صحيح مسلم".
(8) في "سننه" (1/107 رقم154) كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.(2/161)
ورواه الحافظ أبومحمد ابن الجارود في كتابه(1) من هذا الوجه - أعني من جهة بُكير -، عن أبي زرعة قال : بال جرير ومسح على الخفين، فعاب عليه قوم، فقالوا : إن هذا كان قبل نزول المائدة(2)، قال : ماأسلمت إلا بعد ما
نزلت المائدة، ومارأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح إلا بعد مانزلت.
وروى الطبراني في "الأوسط"(3) من حديث عبدالرزاق(4)، عن ياسين الزيات، عن حماد بن أبي سليمان، عن رِبعي بن حراش، عن جرير بن عبدالله - رضي الله عنه - قال :" وضّأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمسح على خفيه بعد مانزلت سورة المائدة ". رواه عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبدالرزاق، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن حماد بن أبي سليمان، عن ربعي إلا ياسين الزيات، تفرد به عبدالرزاق. [ورواه](5) شعبة عن حماد، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث،[عن جرير](6)".
قلت :" وياسين " تُكلِّم فيه.
ورواه أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(7) من جهة بكير بن عامر، وفيه : " إنما كان إسلامي بعد نزول المائدة (8)".
وسيأتي الكلام على بكير إن شاء الله تعالى.
قال الترمذي(9):" ويروى عن شهر بن حوشب قال : رأيت جرير بن عبدالله توضأ ومسح على خفيه، فقلت له في ذلك، فقال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على خفيه، فقلت له : أَقَبل المائدة أو بعد المائدة ؟ فقال :
__________
(1) أي : "المنتقى" (1/77 رقم82).
(2) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "المنتقى":" قبل المائدة".
(3) 3/230 رقم3004).
(4) وهو في "مصنفه" (1/195 رقم759).
(5) في الأصل :"وأورده"، والتصويب من "المعجم الأوسط".
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "المعجم الأوسط".
(7) 1/94 -95رقم187).
(8) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "صحيح ابن خزيمة" :" بعد المائدة".
(9) في "سننه" (1/156 -157رقم94) أبواب الطهارة، باب في المسح على الخفين.(2/162)
ما أسلمت إلا بعد المائدة ". ثم رواه الترمذي بسنده إلى شهر.
وقد ورد ذكر التاريخ فيه بحجة الوداع.
فأخرج الطبراني في "أوسط معاجمه"(1) عن محمد بن نوح بن حرب، عن شيبان بن فروخ، عن حرب بن [سريج](2)، عن خالد الحذاء، عن محمد بن سيرين، عن جرير بن عبدالله البجلي : أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، فذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - يتبرز، فرجع فتوضأ، ومسح على خفيه. قال(3): "لم يرو هذا الحديث عن محمد بن سيرين إلا خالد الحذاء، ولا عن خالد الحذاء
إلا حرب بن [سريج](2)، تفرد به شيبان بن فروخ ".
ومنهم: المغيرة بن شعبة، وقد اشتهر من حديثه، رواه عنه جماعة عديدة نذكر بعضهم.
[ل103/ب]
أحدهم : ابنه عروة بن المغيرة، من جهة سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جُبير، عن عروة. واتفق الشيخان(4) على إخراجه من رواية يحيى بن سعيد، عن سعد، ولفظ مسلم بسنده :/ عن المغيرة بن شعبة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج لحاجته، فاتّبَعَهُ المغيرة بإداوة فيها ماء،[فصب](5) عليه حين فرغ
من حاجته، فتوضأ ومسح على الخفين.
وفي رواية مكان :"حين ": "حتى".
ورواه البخاري(6) من جهة الليث، عن عبدالعزيز بن أبي سلمة، عن سعد - هو ابن إبراهيم -.
__________
(1) 7/155 رقم7143).
(2) في الأصل :"شريح"، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (5/522 )، وقد ورد على الصواب في نسخة من "المعجم الأوسط" كما أشار لذلك المحقق.
(3) أي الطبراني.
(4) البخاري في "صحيحه" (1/285-286 رقم182) كتاب الوضوء، باب الرجل يوضئ صاحبه، و(1/306 -307رقم203) كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين، ومسلم في "صحيحه" (1/228 رقم274) كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.
(5) في الأصل :"فصببت"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(6) في "صحيحه" (8/125 رقم4421) كتاب المغازي، باب نزول النبي r الحجر.(2/163)
وذكره(1) ابن أبي حاتم في كتاب "العلل"(2):" سمعت أبي يقول : سأَلَنَا إبراهيم بن موسى، فقال : أيُّ حديث في المسح على الخفين أصح ؟ فسكتنا، فقال : هو حديث الأعمش عن أبي الضحى، عن مسروق، عن المغيرة. فقلت أنا له : حديث حجازي، قال : ماهو ؟ قلت:[حديث](3) يحيى بن سعيد، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسكت. قال أبي : الآن أقول : حديث الزهري، عن عباد بن زياد وإسماعيل بن محمد بن سعد(4)، عن عروة وحمزة ابني المغيرة بن شعبة، عن أبيهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
قلت : أما الذي رجحه إبراهيم بن موسى من حديث مسروق عن المغيرة، فسيأتي إن شاء الله تعالى.
وأما مارجحه أبوحاتم الرازي من حديث يحيى بن سعيد فهو الذي ذكرناه
آنفًا.
وأما مارجحه ثانيًا من رواية الزهري، عن عباد، فقد أخرج أبوداود(5) عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، حدثني عباد بن زياد : أن عروة بن المغيرة حدثه : أنه سمع أباه المغيرة بن شعبة يقول : "عدل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه في غزوة تبوك قبل الفجر..."- فذكر الحديث- وفيه :" ومسح برأسه، ثم توضأ على خفيه ".
__________
(1) كذا في الأصل، وأظن الصواب :" وذكر".
(2) 1/33 رقم65).
(3) في الأصل :"حدثني"، والتصويب من "العلل".
(4) تصحفت في المطبوع من "العلل" إلى :"ابن سعيد"، وانظر ترجمته في"تهذيب الكمال" (3/189).
(5) في "سننه" (1/103 رقم149) كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.(2/164)
قرأت على الحافظ أبي محمد المنذري، أنا أبوجعفر عمر بن أبي بكر الحسَّاني - بقرائتي عليه بدمشق -، قلت له : أخبرك أبوالقاسم هبة الله بن محمد بن عبدالواحد بن الحصين وأبوغالب أحمد بن الحسن بن البنا وأبوبكر محمد بن عبدالباقي-إجازة من جميعهم إن لم يكن سماعًا-، قالوا: أنا أبومحمد الحسن بن علي بن محمد الجوزي، ثنا أبوبكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي - قراءة عليه فأقر به -، ثنا بشر بن موسى، ثنا أبونعيم، ثنا زكريا بن أبي زائدة، عن عامر الشعبي، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه - رضي الله عنه - قال:"كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة في سفر فقال : (( أمعك ماء ؟ )) قلت : نعم، فنزل عن راحلته، فمشى حتى توارى في سواد الليل، ثم جاء فأفرغت عليه ماء من إداوة، فغسل يديه ووجهه، وعليه جبة من صوف، فلم يستطع أن يخرج ذراعيه منها حتى أخرجهما من أسفل الجبة، وغسل ذراعيه، ومسح برأسه، ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال : (( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين )). - ومسح عليهما -.
قال الحافظ(1): وأخرجه البخاري(2) عن أبي نعيم مختصرًا.
وأخرجه مسلم(3) عن محمد بن عبدالله بن نمير، عن أبيه، كلاهما(4) عن أبي يحيى زكريا بن أبي زائدة [بن](5) ميمون بن فيروز الهمداني الوادعي، مولاهم، الكوفي الأعمى، واسم أبي زائدة : خالد، ويقال : هبيرة، ويقال: اسمه : عبسة. وأخرجاه من طرق(6) أخر.
وثانيهم : حمزة بن المغيرة عن أبيه - رضي الله عنه -.
[ل104/أ]
__________
(1) أي المنذري.
(2) في "صحيحه" (1/309 رقم206) كتاب الوضوء، باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان.
(3) في "صحيحه" (1/230 رقم274/79) كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.
(4) أي : أبو نعيم وعبدالله بن نمير.
(5) في الأصل :"عن"، والتصويب من "تهذيب الكمال" (9/359 ).
(6) وسيأتي ذكر بعضها.(2/165)
وروى مسلم(1)من حديث يحيى بن سعيد، [عن التيمي](2) عن بكر بن عبدالله، عن الحسن، [عن ابن المغيرة بن شعبة](8)، عن المغيرة - رضي الله عنه -، [قال بكر : وقد سمعت من ابن المغيرة](8): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح بناصيته، /وعلى العمامة، وعلى الخفين.
ورواه المعتمر، عن أبيه قال : حدثني بكر بن عبدالله، عن ابن المغيرة،
عن أبيه - رضي الله عنه - : أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين، ومقدم رأسه، وعلى عمامته. أخرجه مسلم(3)، وليس في هذا تسمية ابن المغيرة.
ورواه مسلم(4) عن محمد بن عبدالله بن بَزِيع، عن يزيد - يعني ابن زريع -، عن حميد الطويل، ثنا بكر بن عبدالله المزني، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه...، فذكر حديثًا(5)، وقد سقناه فيما تقدم من كتابنا(6)، فسمى في هذه الرواية "ابن المغيرة" :" عروة ".
قال الدارقطني في كتاب "التتبع"(7):" وأخرج مسلم عن ابن بزيع، عن يزيد بن زريع، عن حميد، عن بكر، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه قصة المسح".
قال :" كذا قال ابن بزيع فيه، وخالفه غيره عن(8) يزيد، فرواه عنه على الصواب، عن حمزة بن المغيرة. [ورواه](9) حميد بن مسعدة، وعمرو بن علي، عن يزيد بن زريع على الصواب، وكذا قال ابن أبي عدي(10)، عن حميد".
__________
(1) في "صحيحه"(1/231 رقم274/83) كتاب الطهارة، باب المسح على الناصية والعمامة.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح مسلم".
(3) في الموضع السابق برقم (274/82).
(4) في الموضع السابق برقم (274/81).
(5) كان في الأصل :" فذكر حديثًا طويلاً "، ثم شطب على قوله :" طويلاً ".
(6) 1/536) من المجلد الأول.
(7) ص215-216 رقم82).
(8) كذا في الأصل، وفي "التتبع" :" عن غيره".
(9) في الأصل :"رواه".
(10) في "التتبع" :" ابن عدي "، وهو تصحيف.(2/166)
قلت : وممن رواه عن يزيد فقال فيه : حمزة : مسدد بن مسرهد، أخرجه أبوعوانة الحافظ في كتابه(1) عن يوسف القاضي، عن مسدد. فكلام
الدارقطني يقتضي نسبة الوهم إلى ابن زريع.
وحكى الحافظ أبوعلي الْجَيَّاني في كتاب " تقييد المهمل "(2) قال :" قال
أبومسعود الدمشقي : هكذا يقول مسلم بن الحجَّاج في حديث [ابن](3) بزيع عن يزيد بن زريع : عروة بن المغيرة(4)، وخالفه الناس فقالوا [فيه](5): حمزة بن المغيرة بدل عروة ". انتهى.
و"بَزِيع": بفتح الباء ثاني الحروف، وكسر الزاي المعجمة، وبعد الياء آخر الحروف عين مهملة. و"الجيَّاني": بفتح الجيم، وتشديد الياء آخر الحروف وفتحها، وقبل ياء النسبة نون.
وثالثهم : مسروق عن المغيرة.
__________
(1) "المسند" (1/259).
(2) ص 542/مخطوط).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "تقييد المهمل".
(4) في الأصل :"عن يزيد بن زريع عن عروة بن المغيرة"، والتصويب من "تقييد المهمل".
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المصدر السابق.(2/167)
وقد أخرجه الشيخان(1) من حديث الأعمش، عن مسلم - وهو أبوالضحى -، عن مسروق، ولفظه عند مسلم : عن المغيرة قال : كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فقال : (( يامغيرة ! خذ الإداوة ))، فأخذتها، ثم خرجت معه، فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى توارى عني، [فقضى](2) حاجته، ثم جاء وعليه جبة شاميّة ضيقة الكمّين، فذهب يُخرج يده من كمها،[فضاقت](3)، فأخرج يده من أسفلها، فصببت عليه، فتوضأ وضوءه للصلاة، ثم مسح على خفيه، ثم صلى.
ورابعهم : الأسود بن هلال.
وحديثه [رواه](4) مسلم(5) من حديث أشعث عنه، وفيه :" فصببت عليه [من](6) إداوة كانت معي، فتوضأ ومسح على خفيه".
وخامسهم : عبدالرحمن بن أبي نُعْم.
فأخرج أبوداود(7)من حديث بُكير بن عامر البجلي، عن عبدالرحمن بن أبي نُعْم، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين، فقلت : يارسول الله! نسيت ؟ قال : (( بل أنت نسيت، بهذا أمرني ربي )) .
" نُعم ": بضم النون، وسكون العين.
__________
(1) البخاري في "صحيحه" (1/473 و495رقم363 و388) كتاب الصلاة، باب الصلاة في الجبّة الشامية، وباب الصلاة في الخفاف، و(6/100 رقم2918) كتاب الجهاد، باب الجبة في السفر والحرب، و(10/268 رقم5798) كتاب اللباس، باب من لبس جبة ضيفه الكمين في السفر، ومسلم في "صحيحه" (1/229 رقم274/77) كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.
(2) في الأصل :"حتى قضى"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(3) في الأصل :"فضاق"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وأثبته ليستقيم الكلام.
(5) في الموضع السابق برقم (76).
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(7) في "سننه" (1/108 رقم156) كتاب الطهارة،باب المسح على الخفين.(2/168)
وقد رواه علي بن عبدالعزيز - وفيه زيادة -: حدثنا أبونعيم، ثنا بكير - يعني ابن عامر البجلي-، عن عبدالرحمن بن أبي نُعم : زَعَمَ أن المغيرة بن شعبة حدثه : أنه مشى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة(1) فأتى بعض الأودية(2)، فدخلها فقضى حاجته، ثم خرج فتوضأ وخلع الخفين، فلما لبس خفيه(3) وجد بعد ذلك ريحًا، فعاد ثم خرج(4) فتوضأ ومسح على الخفين، فقلت : أنسيت يارسول الله !؟ فقال : (( بل أنت نسيت، بهذا أمرني ربي )) . أخرجه الحافظ أبوالقاسم الطبراني في"معجمه الكبير"(5)، فرواه عن [علي](6) بن عبدالعزيز.
[ل104/ب]
/وبلغني أن أحمد بن خالد الأندلسي الحافظ - رواه أيضًا عن علي، واللفظ لهذه الرواية. وبعد تمامه - قال أحمد بن خالد:" ماأحسنه !". انتهى.
__________
(1) قوله :" في المدينة" ليس في المطبوع من "المعجم الكبير".
(2) في "المعجم الكبير" :" بعض تلك الأودية".
(3) قوله :" خفيه" ليس في المطبوع من "المعجم الكبير".
(4) قوله :" ثم خرج" ليس في المطبوع من "المعجم الكبير".
(5) 20/416 رقم1000).
(6) في الأصل :"عمر"، وقد تقدم آنفًا على الصواب.(2/169)
و"بكير بن عامر البجلي":أبوإسماعيل كوفي روى له مسلم(1)، وقال أحمد في رواية ابنه عبدالله(2) فيه:"صالح الحديث، ليس به بأس". وقال ابن عدي(3):"ليس بكثير الرواية...، ولم أجد له متنًا منكرًا، وهو ممن يكتب حديثه". وقال النسائي :" ليس بقوي"(4). وعن أحمد(5) أيضًا رواية أنه قال فيه : "ليس بقوي".
__________
(1) كذا ! وهو وهم أو سبق قلم، فلم يرو له مسلم، بل روى له أبو داود فقط كما في "تهذيب الكمال" (4/240 و241).
(2) في "العلل ومعرفة الرجال" (3/196 رقم4850).
(3) في "الكامل في الضعفاء" (2/34).
(4) كذا في الأصل و"نصب الراية" (1/166)، ولم أجد قول النسائي هذا في شيء من كتب الرجال، وإنما قال في "الضعفاء والمتروكين" (ص159 رقم81):" ضعيف"، وهذا الذي نقله عنه المزي في "تهذيب الكمال"(4/241 ).
(5) في "العلل ومعرفة الرجال" لابنه عبدالله (1/396 رقم797).(2/170)
وسُئل الدارقطني(1) عن حديث عبدالرحمن بن أبي نُعم عن المغيرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه توضأ ومسح على خفيه، وقال : (( بهذا أمرني ربي ))، فقال : "يرويه بكير بن عامر البجلي، عن عبدالرحمن بن أبي نُعم، حدث به [عنه](2) الحسن بن صالح، ووكيع، والفضل بن موسى، وعبيدالله بن موسى، ومحمد بن عُبيد، وعبدالله بن داود، وعلي بن غراب(3). ورواه عامر بن مدرك، عن الحسن بن صالح، فقال : عن أكيل، عن [ابن](4) أبي نُعم، وإنما أراد بُكير بن عامر. ورواه عيسى بن المسيب، فقال : عن أبي بكير، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن المغيرة. حدث به عنه كذلك بكر بن خداش، ووهم فيه في موضعين : في قوله : عن أبي [بكير](5)، وإنما أراد : عن بُكير بن عامر، وفي قوله : عن ابن أبي ليلى، وإنما أراد ابن أبي نُعم ".
وسادسهم : أبوالسائب.
وقع لنا من حديث الربيع، حدثنا أسد، ثنا أنس بن عياض، حدثني شريك بن أبي نمر، عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة، عن المغيرة بن شعبة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر - والمغيرة في ذلك السفر -، قال : فذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا لحاجته، واتبعت أثره بإداوة فيها ماء عذب له في
الطريق حتى جاء، فتوضأ ومسح على الخفين.
ومنهم - أي من الصحابة الذين رُوي عنهم رواية المسح على الخفين -: حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -.
__________
(1) في "العلل" (7/113-114 رقم1242).
(2) في الأصل :"عن"، والتصويب من "العلل".
(3) في المطبوع من "العلل" :" وعبيدالله بن داود بن غراب"، وانظر ترجمة عبدالله بن داود في "تهذيب الكمال" (14/458).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وتقدم على الصواب.
(5) في الأصل :"بكر"، والتصويب من "العلل".(2/171)
روى مسلم(1)من حديث الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فانتهى إلى سُباطة قوم فبال قائمًا، فتنحَّيْتُ، فقال : (( ادنه )) ، فدنوت حتى قمت عند عقبه، فتوضأ ومسح على خفيه.
ورواه البخاري(2) من حديث آدم عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي وائل،
عن حذيفة، ولم يذكر فيه : المسح على الخفين.
ومنهم : أبووائل.
روى الطبراني(3) من حديث خلف بن خليفة، عن أبي [جناب](4)، عن عاصم، عن أبي وائل، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بال في سُباطة بني فلان، فقال : (( يامغيرة ! معك ماء ؟ )) فقلت : نعم [إداوة](5) من ماء، وعليه جبة شامية ضيقة الكمين، فتوضأ ومسح على قدميه وعلى خفيه. رواه عن محمد بن السري بن مهران، عن إسماعيل بن [عيسى](6) العطار عنه، وقال :"لم يرو هذا الحديث عن أبي [جناب](4) إلا خلف بن خليفة ".
وأخرجه أبوبكر الإسماعيلي في "مخرَّجه على كتاب البخاري" من حديث علي بن الجعد ومحمد بن جعفر، عن شعبة، وفيه :" فدعا بماء، فجئته به فتوضأ، ومسح على الخفين ". وقال غندر :" على خفيه ".
وأخرجه الحافظ أبونعيم في "مستخرجه" على كتاب البخاري من جهة أبي داود، عن شعبة، وفيه : "فتوضأ ومسح على خفيه ".
[ل105/أ]
__________
(1) في "صحيحه" (1/228 رقم273) كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.
(2) في "صحيحه" (1/328 رقم224) كتاب الوضوء، باب البول قائمًا وقاعدًا.
(3) في "المعجم الأوسط" (5/281 -282 رقم5319).
(4) في الأصل :"حباب"، والتصويب من "المعجم الأوسط".
(5) في الأصل :"دلو"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.(2/172)
وأخرجه ابن ماجه(1) مقتصرًا على المسح - صحيحًا -،/ ولفظه :" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ومسح على خفيه ".
ومنهم : عمرو بن أمية الضَّمْري- بفتح الضاد المعجمة، وسكون الميم -.
وروى البخاري(2) من حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري : أن أباه أخبره : أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين.
ومنهم : جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.
روى الترمذي(3) من حديث عبدالرحمن بن إسحاق، عن أبي عبيدة ابن محمد بن عمار بن ياسر قال : سألت جابر بن عبدالله رضي الله عنهما عن المسح على الخفين، فقال : السنة يا ابن أخي ! وسألته عن المسح على العمامة، فقال: أمسّ الشعر [الماء](4). رواه عن قتيبة، عن بشر بن المفضل عنه.
ومنهم : بلال بن رباح - رضي الله عنه -.
وقد تقدم(5) تخريج مسلم(6)حديثه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين والخمار.
وروى الطبراني(7) من حديث يحيى بن أيوب، عن يزيد بن عبدالله بن الهاد، عن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن بلال - رضي الله عنه - قال : "كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمسح على الخفين ". رواه عن [بكر](8) بن سهل،
__________
(1) في "سننه" (1/181 رقم544) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في المسح على الخفين.
(2) في "صحيحه" (1/308 رقم204) كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين.
(3) في "سننه"(1/172 -173رقم102) أبواب الطهارة، باب ماجاء في المسح على العمامة.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن الترمذي".
(5) 1/553).
(6) في "صحيحه " (1/231 رقم 275) كتاب الطهارة، باب المسح على الناصية والعمامة.
(7) في "المعجم الأوسط" (3/281 -282 رقم3151).
(8) في الأصل :"بكير"، والتصويب من المرجع السابق، وانظر "تهذيب الكمال " (12/537).(2/173)
عن [شعيب](1) بن يحيى، عنه، وقال :"لم [يروه](2) عن ابن الهاد إلا يحيى بن أيوب والليث بن سعد ".
ومنهم : بريدة - رضي الله عنه -.
وقد قدمناه(3) من جهة مسلم(4) في "الصلوات بوضوء واحد ".
وأخرجه ابن منده وقال :" وهذا إسناد صحيح على رسم الجماعة إلا البخاري ؛ لسليمان بن بريدة ".
وروى أبوداود(5) وابن ماجه(6) والترمذي(7) من جهة دلهم بن صالح، عن حجير بن عبدالله، عن ابن بُريدة(8)، عن أبيه : أن النجاشي أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خفين أسودين ساذجين فلبسهما، ثم توضأ ومسح عليهما.
قال أبوداود :" وهذا مما تفرد به أهل البصرة ".
اللفظ لأبي داود.
وقال الترمذي :" هذا حديث حسن، إنما نعرفه من حديث دلهم "(9).
وقال الدارقطني(10):"تفرد به حُجَير بن عبدالله، عن ابن بريدة،عن أبيه(11)".
قال شيخنا(12):" ورواه الإمام أحمد بن حنبل(13) عن وكيع فقال : عبدالله ابن بريدة ".
__________
(1) في الأصل :"شعبة"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(2) في الأصل :"يرو"، والتصويب من "المعجم الأوسط".
(3) ص 87) من هذا المجلد.
(4) في "صحيحه" (1/232 رقم277) كتاب الطهارة، باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد.
(5) في "سننه" (1/108 رقم155) كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.
(6) في "سننه"(1/182 رقم549) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في المسح على الخفين.
(7) في "سننه" (5/114 -115 رقم2820) كتاب الأدب، باب ماجاء في الخف الأسود.
(8) تصحفت في المطبوع من "سنن ابن ماجه" إلى:" أبي بريدة"، وهو خطأ ظاهر.
(9) وتمام كلامه :" وقد رواه محمد بن ربيعة عن دلهم ".
(10) في "الغرائب والأفراد" كما في أطرافه لابن طاهر (ل112/ب).
(11) وتمام كلام الدارقطني :" ولم يروه عنه غير دلهم بن صالح ".
(12) أي الحافظ المنذري في "مختصر السنن" (1/116 رقم143).
(13) في "المسند" (5/352).(2/174)
و"حُجَير": بضم الحاء المهملة، وبعدها جيم مفتوحة، وآخره راء مهملة.
ومنهم : أسامة بن زيد.
وسيأتي حديثه في :"[فصل](1) المسح في الحضر" إن شاء الله تعالى.
ومنهم : أسامة بن شريك.
وحديثه غريب، رواه القاضي أبو الطاهر الذهلي(2)، عن محمد بن عبدوس، عن ابن حميد، عن الصبَّاح بن محارب، عن عمر بن عبدالله بن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن جده، وعن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك، قالا(3):" كنا نكون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فنكون معه ثلاثة أيام ولياليها لا ننزع خفافنا، ليس من جنابة، ونكون معه في الحضر يومًا وليلة ونمسح خفافنا ".
ومنهم : سلمان الفارسي - رضي الله عنه -.
روى أبوحاتم ابن حبان في "صحيحه"(4) من حديث عبدالله بن الزبير بن معبد، قال : حدثنا أيوب السختياني، عن داود بن أبي الفُرات، عن محمد بن زيد، عن أبي شريح، عن أبي مسلم، عن سلمان - رضي الله عنه - قال:"رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على الخفين والعمامة ". ورواه عن عبدالله بن أحمد بن موسى، عن زيد بن الحريش الأهوازي، عنه.
[ل105/ب]
__________
(1) في الأصل :"فضل"- بالضاد المعجمة -، وانظر (ص 135).
(2) وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (1/89 رقم109 و110)، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/187 رقم492) و(22/262 رقم674)، كلاهما من طريق سهل بن زنجلة، عن الصباح بن محارب، به.
(3) أي يعلى بن مرة وأسامة بن شريك.
(4) 4/175 -176رقم1345/الإحسان).(2/175)
ورواه(1) /أيضًا من حديث أبي الوليد الطيالسي قال : حدثنا داود بن أبي الفرات،عن محمد بن زيد،عن أبي شريح،عن أبي مسلم مولى زيد بن صُوحان قال :" كنت مع سلمان الفارسي - رضي الله عنه -، فرأى رجلاً قد أحدث وهو يريد أن ينزع خفيه للوضوء، فقال له سلمان : امسح عليهما، وعلى عمامتك، فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على خماره وعلى خفيه". رواه عن أبي خليفة عنه.
ومنهم : أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
قرأت على أبي الحسين يحيى بن علي القرشي الحافظ، عن أبي الطاهر إسماعيل بن صالح - قراءة عليه -، أنا أبوعبدالله محمد بن أحمد بن إبراهيم، أنا الحسن بن السري المقرئ بمصر، أنا محمد بن عبدالله بن زكريا النيسابوري، أنا أبوعبدالرحمن النسوي(2)، أنا قتيبة، أنا أبوعوانة، عن [أبي يعفور](3) قال: سألت أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن المسح على الخفين، فقال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح عليهما.
"[أبويعفور](4)": وقدان، ويقال : واقد، ويقال : وقدان لقب واقد، وهو من الثقات الذين أخرج لهم الشيخان في "صحيحيهما"(5)، وباقي الإسناد لا يُسأل عنه.
روى ابن ماجه(6) من حديث عمر بن المثنى، عن عطاء الخراساني، عن
__________
(1) في الموضع السابق برقم (1344).
(2) لم أجده في شيء من كتب النسائي، ولم يذكره المزي في "تحفة الأشراف"، ولكن أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (4/147 رقم1318/الإحسان)، من طريق محمد بن عبيدالله بن الجنيد، عن قتيبة، به.
(3) في الأصل :"أبي يعقوب"، ثم كتب الناسخ - فيما يظهر- فوق الباء :"راء"، وحاول إصلاح الباء، والتصويب من "تهذيب الكمال" (30/459) و(34/412).
(4) في الأصل:"أبو يعقوب"، وحاول الناسخ إصلاح الباء لتكون "راء"، وانظر التعليق السابق.
(5) بل روى له الجماعة كما في الموضعين السابقين من "تهذيب الكمال".
(6) في "سننه" (1/182 رقم548) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في المسح على الخفين.(2/176)
أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فقال : (( هل من ماء ؟ ))، فتوضأ ومسح على خفيه، ثم لحق بالجيش فأَمَّهم.
وروى أبومسلم الكشي في "سننه"(1) عن عبدالرحمن بن المبارك، عن [عبدالوارث](2) بن سعيد، عن يحيى بن أبي إسحاق، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كنا نمسح على الخفين ونؤمر به. فقال رجل: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟
فقال : لا، وغضب.
وأخرج الحافظ أبو نصر عبيدالله بن [سعيد](3) للشيخ أبي محمد عبدالله ابن محمد بن قُطيف المصري في "السادس من الفوائد الجدد": حدثنا عن أبي الفضل جعفر بن محمد بن يزيد الجوهري العدل - إملاءً -، ثنا العباس بن محمد بن العباس البصري، ثنا أحمد بن صالح، ثنا يحيى بن محمد،أنا إسماعيل بن ثابت بن مجمع، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أنه مسح على الخفين. وذكر أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين. قال الوائلي(4) المخرِّج :" وهذا غريب جدًّا من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس،
لم يسنده عنه - فيما قيل - [غير](5) إسماعيل هذا ".
__________
(1) رواه أيضًا مسدد في "مسنده" -كما في "المطالب العالية" (1/88 رقم107/1)- عن عبدالوارث بن سعيد، عن يحيى بن أبي إسحاق، به.
(2) في الأصل :"عبدالرحمن"، ولم أجد في الرواة في هذه الطبقة من يقال له :" عبدالرحمن بن سعيد"، وإنما الذي يروي عن يحيى بن أبي إسحاق، ويروي عنه عبدالرحمن بن المبارك هو: " عبدالوارث بن سعيد"، ويؤيده : رواية مسدد له عن عبدالوارث كما سبق، وانظر "تهذيب الكمال" (17/382) ترجمة عبدالرحمن بن المبارك، و(31/199-200) ترجمة يحيى بن أبي إسحاق.
(3) في الأصل :"سعد"، والتصويب من "سير أعلام النبلاء" (17/654).
(4) هو الحافظ أبو نصر عبيدالله بن سعيد المتقدم في السند آنفًا.
(5) في الأصل :"عن".(2/177)
وروى أبوأيوب سُليمان بن عبدالله التيمي، حدثنا مروان- هو ابن معاوية الفزاري-، ثنا زياد بن عبيدة، ثنا أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسير في غَلسٍ فقال لي : ((هل في إداوتك من ماء ؟ )) فقلت:نعم. قال: فتنحى عن الطريق، ثم توضأ ومسح على خفيه، فلما أراد أن يمسح عليهما طأطأت رأسي لأنظر، فقال : (( هو ماترى )) ، ومسح على خفيه. نقلته من نسخة بخط السلفي وروايته، وهو "نسخة أبي أيوب" هذا رواية عبدالرحمن بن محمد (1).
ومنهم : سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه -.
روى ابن ماجه(2) من حديث عبدالمهيمن بن عباس بن سهل الساعدي، عن أبيه، عن جده : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين، [و](3) أمرنا بالمسح على الخفين.
[ل106/أ]
__________
(1) وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده"- كما في "المطالب العالية" (1/88 رقم108) -، فقال : حدثنا مروان بن معاوية...، فذكره.
(2) في "سننه" (1/182رقم547) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في المسح على الخفين.
(3) في الأصل :"أو"، والتصويب من المرجع السابق.(2/178)
/وعند الحافظ أبي علي ابن السكن في كتاب "الحروف" لحديث سهل بن سعد طريق أجود من هذه ؛ قال:حدثنا [أبوعُبيد](1) القاسم بن إسماعيل ويحيى ابن محمد بن صاعد ومحمد بن محمد بن بدر والحسين بن محمد، قالوا : حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن كثير الدورقي، ثنا عبدالعزيز بن أبي حازم،عن أبيه قال: "رأيت سهل بن سعد يبول بول الشيخ الكبير. يكاد أن يسبقه قائمًا، ثم توضأ ومسح على خفيه، فقلت: ألا تنزع هذا ؟ فقال : لا، رأيت خيرًا مني ومنك يفعل هذا؛ رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يفعله". وهذا إسناد على شرط "الصحيحين"، [فيعقوب](2) الدورقي، وعبدالعزيز، وأبوه مخرج لهم في "الصحيحين"(3)، وشيوخ ابن السكن فيهم غيرُ واحد من الثقات، أو كلهم ثقات(4).
__________
(1) في الأصل :"أبو عبيدالله"، والتصويب من "نصب الراية" (1/167) حيث نقله عن المصنف. وانظر "سير أعلام النبلاء" (15/263).
(2) في الأصل :"وشيوخ"، وهو تصحيف، والتصويب من "نصب الراية" (1/167) حيث نقله عن المصنِّف.
(3) أخرج لهم الجماعة. انظر "تهذيب الكمال" (32/311 و312) - ترجمة يعقوب الدورقي -، و (18/120 و125) - ترجمة عبدالعزيز بن أبي حازم -، و (11/272 و279)- ترجمة سلمة بن دينار -.
(4) أبو عبيد القاسم بن إسماعيل قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (15/263) :" المحدث الثقة..."، ويحيى بن محمد بن صاعد قال عنه الذهبي أيضًا في "تذكرة الحفاظ" (2/776): " الإمام الثقة..."، ومحمد بن محمد بن بدر لم أجد له ترجمة.(2/179)
وله طريق أخرى جيدة عند القاضي أبي الطاهر الذهلي، فروى عن موسى بن هارون، عن قتيبة، عن يعقوب، عن أبي حازم(1): أنه رأى سهل ابن سعد بال بول الشيخ الكبير ؛ يكاد يسبقه وهو قائم، ثم توضأ ومسح على الخفين، فقلت : ألا تنزع الخفين ؟ قال : لا، قد رأيت خيرًا مني ومنك يمسح عليهما. وهذا في "التاسع عشر من حديثه "(2).
وهذه طريق مستفادة، فإن عبدالمهيمن الذي خُرِّج هذا الحديث من جهته قد استضعفه بعضهم.
وله عند الطبراني(3) أيضًا طريق جيد من رواية [حسين](4) بن محمد، عن أبي غسان، عن أبي حازم : أنه نظر إلى سهل بن سعد يبول قائمًا، فمسح على خفيه، فقلت : ماهذا ياأبا العباس ؟ قال : رأيت من هو خيرٌ مني مسح عليهما. رواه عن عبدالله بن ناجية، عن أحمد بن [منيع](5)، عن حسين.
__________
(1) كذا في الأصل ! وقد سقط من الإسناد "عبدالعزيز بن أبي حازم" كما يتضح من الإسناد السابق، والظاهر أن السقط في الجزء الذي نقل منه المصنف.
(2) أي من حديث أبي الطاهر الذهلي.
(3) في "المعجم الكبير" (6/147 رقم 5801).
(4) في الأصل :"حسان"، والتصويب من المرجع السابق، وسيأتي على الصواب. وهو حسين ابن محمد بن بهرام التميمي، المروزي، انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (6/471).
(5) في الأصل :"سبيع"، والتصويب من المرجع السابق، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (1/495).(2/180)
ورواه أيضًا(1) من حديث عبدالله بن [عمر بن](2) أبان ويحيى الحماني، قالا : ثنا عبدالعزيز بن أبي حازم، قال : سمعت أبي يقول:" رأيت سهل [بن سعد](3) يبول بول الشيخ الكبير ؛ يكاد يسبقه قائمًا، ثم توضأ، ومسح على الخفين، فقلت : ألا تنزعهما ؟ فقال : رأيت [من هو خير](4) مني ومنك يصنع هذا ".
رواه عن [الفضل](5) بن أبي روح البصري، عن عبدالله بن عمر بن أبان،
وعن أبي [حصين](6) القاضي، عن يحيى الحماني.
وهو عند الطبراني(7) أيضًا من حديث سعيد بن عبدالرحمن [الجمحي](8)، حدثني أبوحازم قال :" رأيت سهل بن سعد يبول قائمًا، قال : وقد كان كبيرًا لا يكاد(9) يملك ذلك منه. قال : ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على خفيه، فقلت: ألا تنزع خفيك؟ قال: رأيت خيرًا مني يصنع ذلك". رواه عن يحيى بن أيوب، [عن](10) سعيد بن أبي مريم، عن سعيد بن عبدالرحمن.
ومنهم : عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
__________
(1) أي : الطبراني في "المعجم الكبير" (6/171 رقم5895).
(2) في الأصل :"عمير"، والتصويب من المرجع السابق، وسيذكره المصنف على الصواب.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(4) في الأصل :"خيرًا"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) في الأصل :"الفضيل"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في الأصل يشبه أن تكون :"جعفر"، والتصويب من المرجع السابق، وانظر "تهذيب الكمال" (31/421 ) في ذكر الرواة عن يحيى الحماني.
(7) في "المعجم الكبير" (6/153 رقم5822).
(8) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل بمقدار خمس كلمات.
(9) كذا في الأصل، وفي "المعجم الكبير" :": وقد كان كبر حتى لا يكاد ".
(10) في الأصل :"وعن"، والتصويب من "المعجم الكبير".(2/181)
فروى الطبراني في "معجمه الأوسط"(1): حدثنا محمد بن عبدالرحمن بن الأزرق، ثنا محمد بن محمد بن إدريس الشافعي، ثنا عبدالرزاق(2)، ثنا معمر، عن الزهري، عن سالم : أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يمسح على الخفين، [ويأمر بالمسح على الخفين](3) ويقول : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك. قال :" لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا معمر، ولا عن معمر إلا عبدالرزاق، تفرد به محمد بن محمد بن إدريس ".
ومنهم عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -.
[ل106/ب]
روى الطبراني في "أكبر معاجمه"(4) من حديث عبثر بن القاسم، عن عبيدة، عن أبي عُتبة، عن الحسن، عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال :" رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بال، ثم توضأ ومسح على خفيه ". رواه عن محمد بن عبدالله الحضرمي، عن أحمد/ بن أسد، عنه.
ينظر في سماع الحسن من عبادة بن الصامت.
ومنهم : أبوأيوب خالد بن زيد الأنصاري.
يُروى عنه(5) من جهة الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن علي بن مدرك، قال : رأيت أبا أيوب - رضي الله عنه - ينزع خفيه، فنظروا إليه، فقال :" أما إني قد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح عليهما، ولكني حُبِّبَ إليَّ الوضوء ". هذا من رواية محمد بن عبيد، عن الأعمش.
__________
(1) 7/65 رقم6862).
(2) وهو في "مصنفه" (1/197 رقم767).
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(4) لكنه في القسم المفقود منه، وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"(1/582 رقم1378)، وقال: "رواه الطبراني في"الكبير"من رواية أبي عتبة عن الحسن،ولم أجد من ذكره".وساقه الزيلعي في"نصب الراية"(1/172)بسنده،لكن سقط منه شيخ الطبراني محمدبن عبدالله الحضرمي.
(5) عند الطبراني في "المعجم الكبير" (4/170 رقم4040).(2/182)
ومن رواية(1) يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن علي بن الصلت قال : رأيت أبا أيوب - رضي الله عنه - نزع خفيه، فنظروا إليه، فقال لنا :"إني قد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح عليهما، ولكني حُبِّبَ إليَّ الوضوء".
وروى هشيم(2)، عن منصور بن زاذان، عن ابن سيرين، عن أفلح مولى
أبي أيوب، عن أبي أيوب - رضي الله عنه - : أنه كان يأمر بالمسح على الخفين ويغسل رجليه، فقيل له في ذلك، فقال : بئسما لي ! إن كان مهنؤه لكم ومأثمه عليَّ؛ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين ويأمر به، ولكن حُبب إلي الوضوء.
وروي(3) فيه أيضًا عن عبدان بن أحمد، عن المسيب، عن المعتمر بن سليمان، عن أبي شعيب، عن ابن سيرين قال : حدثنا أفلح مولى أبي أيوب، عن أبي أيوب - رضي الله عنه - قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ومسح على الخفين والخمار.
و"زاذان": بالذال المعجمة. و"أبوشعيب": الصلت بن دينار، بصري أزدي، يُعرف بالمجنون، روى عن ابن سيرين وعبدالله بن شقيق وغيرهما، روى عنه الثوري، ومعتمر، وغيرهما. قال أبوعمر(4):" وهو عندهم ضعيف متروك الحديث(5) لكثرة غلطه، لايختلفون في ضعفه ".
ومنهم : عائشة رضي الله عنها.
فروى الدارقطني(6) من حديث بقية، حدثنا أبوبكر ابن أبي مريم، ثنا عبدة بن أبي لُبابة، عن محمد الخزاعي، عن عائشة رضي الله عنها قالت : "مازال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح منذ أنزلت عليه سورة المائدة حتى لحق بالله عز وجل ".
ومنهم : أم سعد الأنصارية.
__________
(1) عند الطبراني في الموضع السابق برقم (4039).
(2) عند الطبراني في الموضع السابق (4/152-153 رقم3982).
(3) عند الطبراني في الموضع السابق برقم (3983).
(4) أي : ابن عبدالبر في "الاستغناء" (2/942 رقم1139).
(5) قوله :" الحديث" ليس في المطبوع من "الاستغناء".
(6) في "سننه" (1/194 رقم6).(2/183)
روى أبوعبيدة(1) في"معرفة الصحابة - رضي الله عنهم -"من حديث أبي عمرو(2) المدائني، عن عنبسة بن عبدالرحمن، عن محمد بن غزوان(3)، عن أم سعد(4) الأنصارية رضي الله عنها قالت : دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيته توضأ ومسح على خفيه. فقلت : يارسول الله! أنسيت ؟ قال : (( لا، ولكن أمرني ربي عز وجل )) . رواه عن أحمد بن جعفر بن معبد، عن أحمد بن مهدي، عن أبي الربيع سُليمان بن داود، ثنا سعيد بن زكرياء، [أبو ](5) عمرو المدائني.
ومنهم : عبدالله بن رواحة.
__________
(1) أي : معمر بن المثنى، فهو الذي ألّف في الصحابة كما في "جامع المسانيد" لابن كثير (6/146) - نقلاً عن مقدمة "معرفة الصحابة" لأبي نعيم (1/64)-. وقد تصحف في "نصب الراية (1/171) - نقلاً عن المصنِّف - إلى :" أبو عبيد "، ثم اعتمد الشيخ مشهور بن حسن بن سلمان على هذا التصحيف، فذكر في مقدمة "الطهور"لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص50) أن لأبي عبيد كتابًا بعنوان :" معرفة الصحابة"، ثم أحال على "نصب الراية".
(2) كذا في الأصل والموضع السابق من "نصب الراية" نقلاً عن المصنِّف، وكذا في بعض مصادر ترجمته كـ"الثقات" لابن حبان (8/263)، وفي بعضها :" أبو عمر "، وهذا في "التاريخ الكبير" (3/474)، و"الجرح والتعديل" (4/23).
(3) كذا في الأصل والموضع السابق من "نصب الراية" نقلاً عن المصنف. وقد روى الحافظ ابن عدي هذا الحديث في "الكامل" (6/205) في ترجمة محمد بن زاذان من طريق أبي الربيع الزهراني، عن سعيد بن زكريا، عن عنبسة بن عبدالرحمن، عن محمد بن زاذان، عن أم سعد، فالظاهر أن "محمد بن غزوان" تصحيف، وأن الصواب ما في "الكامل"؛ بدليل أن محمد بن غزوان متأخر الطبقة، فهو يروي عن الأوزاعي وطبقته كما في "لسان الميزان" (6/394).
(4) تصحف في الموضع السابق من "نصب الراية" إلى :" عن أبي سعد ".
(5) في الأصل :" أو ".(2/184)
فروى عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن عبدالله بن رواحة وأسامة بن زيد - رضي الله عنهم - :[أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل دار حمل هو وبلال، فأخبرهما](1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على الخفين. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(2).
و"عطاء بن يسار عن عبدالله بن رواحة" منقطع.
[ل107/أ]
وأخرجه أبوالحسين ابن قانع(3)، وفي روايته : أن بلالاً أخبرهما /بالمسح على الخفين.
وقد وقع على وجه آخر في "فوائد تمام بن محمد الرازي"(4)، من حديث يعقوب بن حميد بن كاسب قال : سمعت عبدالرحمن بن زيد يحدث عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أسامة بن زيد، عن بلال وعبدالله بن رواحه - رضي الله عنهم - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ في دار حَمَل(5)، فمسح على الموقين والخمار. رواه عن أبي [الحسن](6) أحمد بن سليمان بن [حَذْلَم](7) وأبي القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب، عن أبي علي الحسن بن جرير الصُوري عنه.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "المعجم الكبير".
(2) 1/171 رقم427).
(3) في "معجم الصحابة" (2/128 رقم592).
(4) 1/252 رقم613)، وهو في "الروض البسام" (1/230 رقم184).
(5) لعله يعني حَمَل بن مالك المترجم في "الإصابة" (2/288).
(6) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل، والتصويب من "فوائد تمام".
(7) في الأصل :"أبي حازم"، والتصويب من "فوائد تمام ".(2/185)
وروى أبونعيم الحافظ في كتاب "معرفة الصحابة - رضي الله عنهم -"(1) من حديث محمد بن جعفر الوركاني، حدثنا أبوالأحوص، عن سليمان بن قَرم، عن عَوسجة بن مسلم، عن أبيه قال :" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال، ثم توضأ ومسح على خفيه ". ترجم عليه أبونعيم :"مسلم أبوعوسجة"، ورواه عن سليمان بن أحمد(2)، عن عبدالله بن أحمد بن حنبل، عن محمد بن جعفر.
وقد روى هذا الحديث أبوبكر البزار في "مسنده"(3) فقال : حدثنا محمد
ابن إسحاق، ثنا مهدي بن حفص، ثنا أبوالأحوص، عن سليمان بن قرم، عن عوسجة، عن أبيه قال :" سافرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يمسح على الخفين ". قال البزار :« وهذا الحديث إنما يروى عن عوسجة، عن أبيه، عن علي قوله :" سافرت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - "، وأخطأ فيه مهدي، فجعله :" سافرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وإنما سافر مع علي (4)».
قلت : كذا قال ! ورواية عبدالله بن أحمد عن محمد بن جعفر الوركاني تبرِّئ مهديًّا من نسبة الخطأ في هذا إليه.
والأحاديث التي تأتي في التوقيت في المسح دالّة على جواز أصل المسح، وسيأتي من رواها.
وقد بلغني عن الحافظ البزار أنه ذكر أن حديث المغيرة بن شعبة يروى عنه
من نحو ستين طريقًا، وأنه ذكر أيضًا أنه روى المسح على الخفين نحو من أربعين من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
__________
(1) 2/183/ب /مخطوط).
(2) هو الطبراني، والحديث في "معجمه الكبير" (19/436 رقم1057).
(3) كما في "كشف الأستار" (1/154 رقم299).
(4) ونص عبارة البزار التي نقلها الهيثمي في الموضع السابق من "كشف الأستار" :" إنما يروى عن عوسجة عن أبيه عن علي، وأخطأ فيه مهدي ".(2/186)
قلت : قال ابن المنذر(1):" وروينا عن الحسن أنه قال : حدثني سبعون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين ".
قال الحافظ أبوعمر ابن عبدالبر الأندلسي(2):" ولم يُرْوَ عن أحدٍ من الصحابة إنكار المسح على الخفين، إلا عن ابن عباس،وعائشة،وأبي هريرة - رضي الله عنهم -. فأما ابن عباس وأبوهريرة، فقد جاء عنهما بالأسانيد الحسان خلاف ذلك، وموافقة لسائر الصحابة.
ذكر أبوبكر ابن أبي شيبة(3): ثنا عبدالله بن إدريس، عن فطر قال : قلت لعطاء: إن عكرمة يقول : قال ابن عباس : سبق الكتاب الخفين. فقال عطاء: كذب عكرمة ! أنا رأيت ابن عباس يمسح عليهما ".
[ل107/ب]
__________
(1) في "الأوسط" (1/430 )، ثم أسنده في موضع آخر (1/433 رقم457) من طريق محمد ابن الفضل بن عطية، عن الحسن.
(2) في "الاستذكار" (2/240 رقم 2194-2196).
(3) في "مصنفه" (1/170 رقم1951).(2/187)
وروى أحمد بن عبدالجبار هذا عن ابن فُضيل، عن فطر بن خليفة، وقال بعد قوله :" كذب عكرمة ": وكان ابن عباس يقول :" امسح على الخفين وإن خرجت من الخلاء ". أخرجه البيهقي(1)، وقال :" وكذلك رواه وكيع وغيره عن فطر ". قال :" ويحتمل أن يكون ابن عباس قال مارواه عنه عكرمة، ثم لما جاءه التثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - /أنه مسح بعد نزول المائدة، قال ما قال عطاء ". قال أبوعمر ابن عبدالبر(2):"وروى أبوزرعة بن عمرو [بن جرير](3)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أنه كان يمسح على خفيه ". ثم قال أبوعمر(4):" لا أعلم أحدًا من الصحابة جاء عنه إنكار المسح على الخفين، إلا عن ابن عباس وعائشة وأبي هريرة"(5).
فإنه قد روي(6) أيضًا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال : سبق الكتاب المسح على الخفين [....](7)، إلا أن البيهقي(8) ذكر أنه " لم يرو ذلك عنه بإسناد موصول يثبت مثله ".
ودونه في الدلالة ماروي أن أبامسعود البدري - رضي الله عنه - لما روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين، قال له علي - رضي الله عنه -: قبل نزول المائدة أو بعده ؟ فسكت أبومسعود.
__________
(1) في "السنن الكبرى" (1/273).
(2) في الموضع السابق برقم (2197).
(3) في الأصل :"وابن جريج"، والتصويب من المصدر السابق.
(4) في "الاستذكار" (2/241 رقم2202).
(5) نص عبارة ابن عبدالبر:"لا أعلم أحدًا من الصحابة جاء عنه إنكار المسح على الخفين، ممن لا يختلف عليه فيه، إلا عائشة "، ولم يذكر ابن عباس وأبا هريرة إلا في الموضع المتقدم.
(6) كذا جاء السياق في الأصل !! ويظهر أن هناك سقطًا.
(7) بياض في الأصل بمقدار سطر تقريبًا.
(8) في "سننه" (1/272).(2/188)
وأما عائشة رضي الله عنها فسيأتي من "صحيح مسلم"(1) أنها أحالت علم ذلك على عليّ رضي الله عنهما. وفي رواية(2) زيد بن أبي أنيسة عن
الحكم بن عتيبة في ذلك قال : فقالت عائشة :" مالي بهذا علم..."، الحديث.
و"عُتَيبة" والد الحكم : بالتاء ثالث الحروف،[وبعدها](3) الياء آخر الحروف، وبعدها باء موحدة.
قلت : الرواية المذكورة عن عائشة رضي الله عنها في إنكار المسح رواها [الجورقاني في "الأباطيل والمناكير"(4) من طريق محمد بن](5) مهاجر البغدادي، حدثنا إسماعيل ابن أخت مالك، ثنا إبراهيم بن إسماعيل، عن داود بن الحصين، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها : قالت :" لأن أقطع رجليّ بالموسى أحبّ إليّ من أن أمسح على الخفين". قال :« هذا حديث باطل، وليس له أصل. قال أبوحاتم محمد بن حبان(6) البُستي الحافظ: " محمد بن مهاجر البغدادي كان يضع الحديث على الثقات، ويقلب الأسانيد على الأثبات، ويزيد في الأخبار الصحاح ألفاظًا زيادة ليست من الحديث(7)، يسوِّيها(8) على مذهب نفسه، وكان ينتحل مذهب الكوفيين، فأخرج كتابًا سماه :"الجامع" [على](9) المسند، وعمد فيه إلى أحاديث رواها عن الثقات، فزاد فيها ألفاظًا توافق مذهب الكوفيين "».
__________
(1) 1/232 رقم276) كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين.
(2) انظر الموضع السابق من "سنن البيهقي".
(3) في الأصل :" وبعد" والصواب ما هو مثبت.
(4) 1/380).
(5) مابين المعكوفين بياض في الأصل، والمثبت بالاجتهاد ؛ لأن السياق والكلام الآتي هو نص سياق وكلام الجورقاني في "الأباطيل والمناكير"، وانظر "نصب الراية" (1/174).
(6) في "المجروحين" (2/310-311).
(7) في "المجروحين" :" ليست في الحديث ".
(8) كذا في الأصل، و"المجروحين"، وفي "الأباطيل والمناكير" المطبوع :" يسوقها ".
(9) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المصدرين السابقين.(2/189)
وأما ابن عباس، فإن البيهقي(1) قال :" فإنما(2) كرهه حين لم يثبت له مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - على الخفين بعد نزول المائدة، فلما ثبت له رجع إليه". قال(3): أخبرنا بصحة ذلك أبومحمد عبدالله بن يحيى بن عبدالجبار السكري - ثم ساق السند إلى ابن جريج- قال: أخبرني خصيف: أن مقسم مولى عبدالله بن الحارث أخبره : أن ابن عباس أخبره قال :" أنا عند عمر حين سأله سعد وابن عمر عن المسح على الخفين فقضى لسعد، فقال : فقلت لسعد : قد علمنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على خفيه، ولكن أقبل نزول المائدة(4) أم بعدها ؟ لا
يخبرك أحدٌ أنه مسح بعد المائدة، فسكت عمر ".
ثم أخرج(5) عن عبدالرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال :" أنا عند عمر حين اختصم إليه سعد وابن عمر في المسح على الخفين فقضى لسعد، فقلت : لو قلتم بهذا في السفر البعيد والبرد الشديد. [قال :" فهذا تجويز منه للمسح في السفر البعيد، والبرد الشديد](6) /بعد أن كان ينكره على الإطلاق ".
[ل108/أ]
قلت : وفي قوله :" هذا تجويز [منه](7)" نظر.
قال البيهقي:" وقد روي عنه أنه أفتى به للمقيم وللمسافر جميعًا ".
ثم روى بسنده عن شعبة، عن قتادة قال: سمعت موسى بن سلمة قال : سألت ابن عباس عن المسح على الخفين، فقال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة. قال(8):" وهذا إسناد صحيح ". انتهى.
__________
(1) في "السنن الكبرى" (1/272).
(2) في المطبوع من "سنن البيهقي":" فإنه".
(3) أي البيهقي في "سننه" (1/273).
(4) في المطبوع من "سنن البيهقي" :" أقبل المائدة ".
(5) أي البيهقي.
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وموضعه في بداية ورقة جديدة، فاشتبه على الناسخ بسبب تكرار قوله :" السفر البعيد والبرد الشديد"، فاستدركته من المرجع السابق.
(7) في الأصل :"فيه"، وتقدمت على الصواب.
(8) أي البيهقي.(2/190)
وقد روى عبيدة بن الأسود، عن القاسم بن الوليد، عن قتادة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين، فقال أبوحاتم وأبوزرعة - فيما حكاه عنهما عبدالرحمن-(1):" هو خطأ، إنما هو موسى بن سلمة، عن ابن عباس [موقوف](2)".
قلت : والحديث الذي ذكره البيهقي(3) من رواية ابن جريج عن خُصيف، عن مقسم، عن ابن عباس خالف ابن جريج فيه عتاب بن [بشير](4)، فرواه عن خصيف، عن سعيد بن جبير قال : عاب ابن عمر على سعد المسح على الخفين وهما بالعراق، فلما رجعا اجتمعا عند عمر - رضي الله عنه - فقال له سعد : سل أمير المؤمنين عن الذي عبت عليَّ، فقال سعد : عاب علي المسح على الخفين. فقال عمر : فعلت ؟ قال : نعم. قال عمر : عمك أعلم منك. فقال ابن عباس : قد علمنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد مسح ومسح أصحابه.
قال أبوزرعة :" ابن جريج عندي أحفظ من عتاب بن بشير "، ذكره عنه ابن أبي حاتم في "العلل"(5).
وقد روي حديث خصيف هذا عن جماعة، منهم : سعيد بن جبير، من غير رواية عتاب بن بشير.
__________
(1) أي ابن أبي حاتم في "العلل" (1/17 رقم15).
(2) في الأصل :"موقف"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) أي المتقدم في الصفحة السابقة.
(4) في الأصل :"بشر"، وسيذكره المصنف بعد قليل على الصواب.
(5) 1/64-65 رقم169).(2/191)
فروى الطبراني في "الأوسط"(1) من حديث عبيد بن عبيدة، ثنا المعتمر بن سليمان، عن عثمان بن ساج، عن خصيف، عن مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه قال(2): ذكر المسح على الخفين عند عمر : سعد وعبدالله بن عمر، فقال عمر : سعد أفقه منك، فقال عبدالله بن عباس : ياسعد! إنا لا ننكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد مسح، ولكن هل مسح منذ نزلت سورة المائدة ؟ قال: فلم يتكلم أحد، فإنها أحكمت كل شيء، وكانت آخر سورة نزلت من القرآن، إلا براءة. رواه عن إبراهيم بن نائلة، عن عبيد بن عبيدة مع حديث آخر بهذا الإسناد، وقال :" لم يرو هذين الحديثين عن المعتمر إلا عبيد بن عبيدة ". وفي إسناد الحديث الآخر : عبيد بن عبيدة التمار.
و"إبراهيم بن نائلة" هو: إبراهيم بن محمد بن الحارث بن ميمون،يعرف بابن نائلة، ذكر في "تاريخ [أصبهان"](3) [لأبي](4) نعيم، قال :"ونائلة اسم أمه".
فصل في جواز المسح في الحضر
الأحاديث التي تأتي في مسح المقيم يومًا وليلة تدل على ذلك.
[ل108/ب]
__________
(1) من "معاجمه" (3/205 رقم2931).
(2) في المطبوع من "الأوسط" :" كان" بدل "قال".
(3) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل، وانظر ترجمته في "أخبار أصبهان"(1/188).
(4) في الأصل :"لابن".(2/192)
وقد استدل عليه بما روى النسائي(1) من حديث[ابن](2) نافع، عن داود بن قيس،عن زيد بن أسلم،عن عطاء بن يسار،عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال:"دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسواف(3)، فذهب لحاجته،ثم خرج".قال أسامة : " فسألت بلالاً : ماصنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال بلال : ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته، ثم توضأ فغسل /وجهه ويديه، ومسح برأسه، ومسح على الخفين، ثم صلى".
قال عبدالحق(4):" الأسواف : موضع بالمدينة ".
قلت : ولما أخرجه أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(5) من طريق ابن نافع
بسنده، قال(6):" الأسواف(7) حائط بالمدينة من الحيطان(8)". قال :" وسمعت يونس - يعني :[ابن عبدالأعلى](9)- يقول : ليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خبر أنه مسح
على الخفين في الحضر غير هذا ". انتهى.
وهكذا المعروف في هذا الحديث :" الأسواف " بهذا الإسناد.
ورأيت في رواية أبي أحمد الفرضي من حديث يوسف - هو ابن يعقوب ابن إسحاق البهلول -، عن جده، عن عبدالله بن نافع بسنده، عن أسامة بن زيد، عن بلال - رضي الله عنهم - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى شراف، وتوضأ ومسح على الخفين.
__________
(1) في "سننه" (1/81 رقم120) كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(3) تصحّف في المطبوع من "سنن النسائي" إلى :" الأسواق".
(4) في "الأحكام الوسطى" (1/179).
(5) 1/93-94 رقم185).
(6) أي ابن خزيمة رحمه الله.
(7) وقع في المطبوع من "صحيح ابن خزيمة":" الأسواق".
(8) قوله :" من الحيطان" ليس في "صحيح ابن خزيمة" المطبوع ولا المخطوط.
(9) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته بالاجتهاد ؛ فإن قوله :" يعني" ليس في "صحيح ابن خزيمة"، فالظاهر أن المصنف أراد أن يبين من هو يونس كعادته.(2/193)
هكذا قال بالشين المعجمة. وذكر أبوعبيد البكري في "معجمه"(1)- في ترجمة "شَراف": مفتوح الأول مبني على الكسر مثل حذام وقَطَام - عن محمد ابن سهل [أن](2) "شراف" و"واقصة" من أعمال المدينة.
وقد تقدم(3) أنه وقع لنا من جهة ابن أبي نُعم، عن المغيرة في حديث المسح : أنه مشى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة.
وأيضًا فإن محمد بن طلحة بن مصرِّف روى عن الأعمش، عن أبي وائل،عن حذيفة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى سباطة قوم بالمدينة فبال قائمًا، ثم توضأ
ومسح على خفيه. ورواه الإسماعيلي في جمعه لحديث الأعمش.
ورواه البيهقي أيضًا في"سننه"(4) من جهة عبدالصمد، عن محمد بن طلحة - واللفظ للإسماعيلي -.
ورواه الإسماعيلي من حديث عبدالرحمن بن محمد بن طلحة، عن أبيه
بسنده، لم يقل :" بالمدينة ".
وقد رواه - أعني الإسماعيلي - عن قريب من ثلاثين نفسًا عن الأعمش، لم يروه "بالمدينة " إلا من حديث محمد بن طلحة في رواية عنه.
قال الحافظ أبو عمر(5)- بعد أن ذكر أن عيسى بن يونس انفرد [به](6) عن الأعمش،عن أبي وائل،عن حذيفة بقوله:"كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة فأتى سباطة قوم فبال قائمًا، ثم توضأ فمسح على خفيه "- قال :« ولم يقل فيه أحدٌ :"بالمدينة"، غير عيسى بن يونس، وهو ثقة فاضل، إلا أنه خُولف في ذلك عن الأعمش،وسائر من رواه عن الأعمش لا يقولون(7) فيه:"بالمدينة"».
قلت : قد تقدم(8) حديث محمد بن طلحة، عن الأعمش، وقد رأيته من جهة أبي الأحوص، عن الأعمش، وفيه :" بالمدينة "، إلا أنه يحتاج إلى كشف
__________
(1) "معجم ما استعجم" (3/788).
(2) في الأصل :"أنه".
(3) ص 110).
(4) 1/274).
(5) أي ابن عبدالبر في "الاستذكار" (2/244-245 رقم2219 -2220).
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الاستذكار".
(7) في المطبوع من "الاستذكار" :" لا يقول ".
(8) في الصفحة السابقة.(2/194)
من نسخة أخرى، فلذلك تركت ذكره الآن.
وقد روي من حديث عيسى بن يونس، وليس فيه :" بالمدينة "، لكن في وجه آخر غير حديث الأعمش، رواه الطبراني في "أصغر معاجمه"(1) من حديث أحمد بن سُليم،[عن](2) عيسى بن يونس، عن زكريا بن أبي زائدة،
عن الشعبي، عن شقيق بن سلمة، عن حذيفة - رضي الله عنه - قال : كنت أمشي مع
النبي - صلى الله عليه وسلم -، فانتهى إلى سباطة قوم، فبال قائمًا، فدعاني فقال : (( لم تنحيت عني؟ )) فجئت حتى كنت عند عقبيه، ثم أُتي بماء فتوضأ، ومسح على الخفين. رواه عن القاسم بن [عفان](3) بن سليم، عن عمه أحمد بن سليم وقال(4):"لم يروه عن الشعبي إلا زكرياء، ولا عنه إلا عيسى، تفرد به أحمد بن سليم ".
[ل109/أ]
ومن أدخل(5)
__________
(1) 2/45 رقم752)، ورواه أيضًا في "الأوسط" (5/166 رقم4961).
(2) في الأصل :"و"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في الأصل :"عقاق"، والتصويب من "المعجم الأوسط"، وقد تصحّف في "المعجم الصغير" إلى :" عفاف ".
(4) أي الطبراني.
(5) من قوله هنا :" ومن أدخل..." إلى نهاية الفصل نقله الزيلعي في "نصب الراية" (1/166) عن المصنِّف، ولكن ذكر أن المصنف نقله عن ابن عبدالبر، والذي في "الاستذكار" (2/245 رقم2221 -2224) لابن عبدالبر : قوله :" قال ابن وضاح : السُّبَاط : المزبلة، والمزابلُ لا تكون إلا في الحضَر، والله أعلم ".
ثم قال ابن عبدالبر :" قولُ ابن وضاح : المزابل لا تكون إلا في الحضر تَحكّم منه. وممكن أن تكون في البادية في الحضَر، ومن مرّ بالبادية من المسافرين لم يمتنع عليه البولُ عليها. وأظن ابن وضاح إنَّما قصد بقوله الاحتجاج لرواية عيسى بن يونس أنَّ ذلك كان بالمدينة، فجاء بلفظٍ غير مهذبٍ، والله أعلم ".(2/195)
هذا الحديث دليلاً على المسح [في الحضر](1) من غير أن يكون /فيه قوله : "بالمدينة " من حيث إن السباطة لا تكون إلا في الحضر، فلم يُحسن ؛ لأنه لا يلزم من كون السباطة في الحضر أن يكون القائم عليها في حكم الحاضر، والله عز وجل أعلم.
فصل في أن المسح على الخفين رخصة، خلافًا
لمن قال : المسح أفضل من الغسل
روى ابن خزيمة في "كتابه"(2) من حديث عبدالملك بن حميد بن أبي غَنيّة، [نا أبي](3)، عن الحكم، عن القاسم بن مُخيمرة، عن شريح بن هانئ، عن علي - رضي الله عنه - قال :"رخص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أيام للمسافر، ويوم وليلة للحاضر- يعني في المسح على الخفين -".
"غَنيّة": بفتح الغين المعجمة، وكسر النون، وتشديد الياء آخر الحروف مفتوحة.
و"عبدالملك" هذا : أخرج له الشيخان في "الصحيحين"(4)، ووثقه أحمد(5) ويحيى(4).
و"مُخَيْمِرة": بضم الميم، وفتح الخاء المعجمة، وإسكان الياء آخر الحروف، وكسر الميم بعدها.
وسيأتي حديث أبي [بكرة](6) وغيره إن شاء الله تعالى، وفيه لفظ الرخصة.
فصل في اختصاص المسح بالطهارة الصغرى
روى الترمذي(7) من حديث أبي الأحوص، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن صفوان بن عسَّال قال :" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا إذا كنا سفرًا أن لاننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط، وبول، ونوم ". قال أبوعيسى :" هذا حديث حسن صحيح ".
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(2) "صحيح ابن خزيمة" (1/98 رقم195).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح ابن خزيمة".
(4) كما في "تهذيب الكمال" (18/302 و304).
(5) كما في "الجرح والتعديل" (5/347).
(6) في الأصل :" بكر "، وسيأتي ( ص 144) على الصواب.
.
(7) في "سننه" (1/159 رقم96) أبواب الطهارة، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم.(2/196)
قلت : وفي رواية عبدالرزاق(1) عن معمر، عن عاصم :" ولانخلعها من بول، ولا غائط، ولا نوم، ولا نخلعها إلا من جنابة ".
قلت : حديث صفوان مشهور من رواية عاصم - وهو ابن أبي النَّجود: بفتح النون، بعدها الجيم، وآخرها دال مهملة -، عن زر [من](2) طرق كثيرة إليه(3)، وهو بكماله يتضمن قصة المسح، وفضل طلب العلم، وأمر التوبة، وأمر [الهوى](4). فمن الطرق مايقتصر فيه على البعض منها.
وذكر أنه رواه عن عاصم أكثر من ثلاثين من الأئمة.
قال الحافظ أبوعلي ابن السكن :" وقال الصَّعْق بن حَزْن : عن علي بن الحكم، عن المنهال بن عمرو، عن زر، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، قال: جاء رجل من مراد يقال له : صفوان، فذكر هذا الحديث ولم يتابع عليه ".
قلت : في رواية روح بن القاسم [عن](5) عاصم بن بهدلة، عن زر قال: سألت صفوان بن عسال عن المسح، فقال :" كنا إذا كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسحنا عليها(6) ثلاثًا في السفر [إلا](7) من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم ". أخرجه الحافظ أبوالقاسم الطبراني في "معجمه الكبير"(8) عن علي بن سعيد الرازي، عن علي بن مسلم الطوسي، عن إسماعيل بن عُلية، عن روح.
و"عاصم بن بهدلة" هو:عاصم بن أبي النجود المتقدم ذكره،و"بهدلة":أُمُّه.
__________
(1) في "المصنف" (1/204 رقم793).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وسياق الكلام يقتضيه.
(3) أي إلى عاصم، وقد خرجت هذا الحديث في تعليقي على "سنن سعيد بن منصور" (5/120 رقم940)، فوجدت له أكثر من أربعين طريقًا عن عاصم.
(4) ما بين المعكوفين موضعه بياض في الأصل بمقدار كلمة،والمثبت من"نصب الراية"(1/182).
(5) في الأصل :" بن "، والتصويب من "المعجم الكبير".
(6) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "المعجم الكبير" :" عليهما ".
(7) في الأصل :"لا"، والتصويب من "المعجم الكبير".
(8) 8/64 رقم7376).(2/197)
وقد روى(1) حديث المسح من جهة عبدالكريم بن أبي المخارق، عن حبيب بن أبي ثابت، عن زر. وهذه متابعة [غريبة لعاصم عن زر، إلا أن عبدالكريم ضعيف](2).
[ل109/ب]
/من رواية محمد بن أبي ليلى(3)، عن أبي الزبير، عن جابر، عن خزيمة بن ثابت، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين : (( للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة إذا أدخل قدميه وهما طاهرتان )). رواه الحسن بن رشيق، عن علي بن سعيد، عن أبي كريب، عن بكر بن عبدالرحمن، عن عيسى بن المختار، عن محمد بن أبي ليلى.
ذكر ما يمكن أن يتعلق به من زعم أن المراد بطهارة الرجلين
الطهارة من الخبث
__________
(1) أي الطبراني في "المعجم الكبير" (8/55 رقم7350).
(2) مابين المعكوفين استدركته من "نصب الراية" (1/183)، و"البدر المنير" (2/134/ مخطوط)، وهو ساقط من الأصل ؛ لكونه في نهاية اللوحة (109/أ)، ولم يتصل بها ما بعدها في بداية اللوحة (109/ب)، وهو قوله :" من رواية محمد بن أبي ليلى..." الخ. وأغلب ظني أن الساقط صفحة أو أكثر، والله أعلم.
(3) بداية الكلام عن موضوع هذا الحديث من جملة السقط الذي أشرت إليه في التعليق السابق، وقد اجتهدت في محاولة استدراكه، فلم أتمكن من ذلك. لكن رواية ابن أبي ليلى هذه عن أبي الزبير، عن جابر، عن خزيمة أخرجها الطبراني في "المعجم الكبير" (4/83 رقم3713)، وليست هي الطريق التي ذكرها المصنف.(2/198)
روى البيهقي في "سننه الكبير"(1)- بعد إخراج حديث زكريا(2)-: عن عامر، عن عروة بن المغيرة، عن أبيه قال...، فذكر معناه(3) إلى أن قال : فقلت : ألا أنزع خفيك يارسول الله ؟ قال : (( إني قد أدخلتهما طاهرتين لم أَحْتفِ(4) بعد )) . رواه عن أبي الحسن [ابن](5) عبدان، عن أبي بكر ابن محمويه
العسكري، عن عيسى بن غيلان، عن يحيى بن صالح، عن موسى(6).
ذكر مايُستدل به على أن المراد طهارة الحدث
روى الدارقطني(7) من حديث عبدالرزاق عن معمر(8) الحديث المتقدم(9)، وفيه:" فأمرنا أن نمسح على الخفين، إذا نحن أدخلناهما على [طهر](10)، ثلاثًا إذا سافرنا..." الحديث.
__________
(1) 1/281).
(2) روى البيهقي الحديث من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن عامر الشعبي، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه، قال:كنت مع النبيr في سفر...، الحديث، ثم أخرجه البيهقي من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، به، وهي هذه الرواية التي ذكرها المصنف.
(3) أي : معنى حديث زكريا عن عامر. وقوله :" فذكر معناه " كلام البيهقي.
(4) كذا في الأصل، وفي "سنن البيهقي" :"لم أجنب"، والمثبت هو الصواب، يشهد له حديث رواه الإمام أحمد بن حنبل (4/245) : (( لا، إني أدخلتهما طاهرتان، ثم لم أمش حافيًا بعد ))، ثم صلى صلاة الصبح.
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(6) وهو ابن أعين، ويرويه عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، وهناك بياض بعد قوله : "موسى " أكثر من نصف سطر، فقد يكون المصنف ذكر باقي السند، فلم يقف عليه ناسخ هذه النسخة بسبب تلف أو غيره.
(7) في "سننه" (1/196-197 رقم15).
(8) أي : عن معمر، عن عاصم، عن زر، عن صفوان.
(9) ص 140) من هذا المجلد.
(10) في الأصل:"طهور"،والتصويب من المرجع السابق،وسيأتي هكذا (ص172) من هذا المجلد.(2/199)
وروى الطبراني في "الأوسط"(1) من معاجمه عن أحمد بن القاسم بن مساور، حدثنا عبدالله بن عمر بن أبان، ثنا عبيدة بن الأسود، عن القاسم ابن الوليد، ومجالد، عن عامر الشعبي، ثنا عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه، فذكر حديث المسح على الخفين، وفي آخره قال : (( إني لبستهما على طهر )) . وقال(2):" لم يرو هذا الحديث عن القاسم بن الوليد ومجالد إلا عبيدة بن الأسود، تفرد به عبدالله بن عمر بن أبان ".
وروى عبدالوهاب بن عبدالمجيد - هو الثقفي- عن المهاجر - وهو ابن مخلد، أبو مخلد -، عن عبدالرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم [ يومًا ](3) وليلة، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما. رواه جماعة عن عبدالوهاب، منهم : بندار وبشر بن معاذ العقدي ومحمد بن أبان وعنهم أبوبكر ابن خزيمة(4).
[ل110/أ]
__________
(1) 1/170 رقم533).
(2) أي الطبراني.
(3) في الأصل :"يوم"، والتصويب من "صحيح ابن خزيمة".
(4) في "صحيحه" (1/96 رقم192).(2/200)
[....](1) والمهاجر. وقد رواه زيد بن الحباب، عن عبدالوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن عبدالرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن المسح على الخفين فقال : (( للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة )) . وكان [أبي](2) ينزع خفيه ويغسل رجليه. أخرجه البيهقي(3) عن أبي عبدالله الحافظ وأبي سعيد ابن أبي عمرو، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن الحسن بن علي بن عفان، عن زيد. وهو إسناد أجلّ من الأول؛ لمكان خالد الحذاء بدل المهاجر، فإن خالدًا متفق عليه. إلا أن البيهقي قال : "وهذا الحديث رواه جماعة عن عبدالوهاب الثقفي، عن المهاجر /أبي مخلد، ورواه زيد بن الحباب عنه عن خالد الحذاء، فإما أن يكون غلطًا منه أو من الحسن بن علي(4)، وإما أن يكون عبدالوهاب رواه على الوجهين جميعًا،
ورواية الجماعة أولى أن تكون محفوظة ".
فصل في أعلى الخف وأسفله
روى أبوداود(5)من حديث الوليد بن مسلم قال: أخبرني ثور بن يزيد، عن رجاء بن حَيوة، عن كاتب المغيرة بن شعبة، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -، قال : وضأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فمسح أعلى الخف وأسفله(6).
__________
(1) بياض في الأصل بمقدار كلمة.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي".
(3) في "السنن الكبرى" (1/276).
(4) والظاهر أن الخطأ من زيد بن الحباب، فإنه متكلم في حفظه، والحسن بن علي أحسن حالاً منه.
(5) في "سننه" (1/116 رقم165) كتاب الطهارة، باب كيف المسح.
(6) في "سنن أبي داود" المطبوع:" الخفين وأسفلهما"، وفي طبعة عوامة (1/227 رقم167): "الخفين وأسفله".(2/201)
وأخرجه الترمذي(1) وابن ماجه(2) [و](3) ابن الجارود(4)، واللفظ لأبي داود، ولفظه عند الترمذي: عن المغيرة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح أعلى الخف وأسفله.
قال بعض المتأخرين(5) بعد ذكر حديث الوليد :" وفيه مطعن من ثلاثة أوجه :
الأول : أن ثورًا لم يسمعه من رجاء بن حيوة، وإنما قال : حُدِّثتُ عن رجاء بن حيوة، كذا ذكره ابن حنبل.
الثاني : أنه لم يسم فيه كاتب المغيرة بن شعبة.
الثالث : أن الوليد بن مسلم دلس فيه ".
__________
(1) في "سننه" (1/162-163 رقم97) أبواب الطهارة، باب ماجاء في المسح على الخفين : أعلاه وأسفله.
(2) "سننه"(1/182-183رقم550)كتاب الطهارة وسننها،باب في مسح أعلىالخف وأسفله.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق.
(4) في "المنتقى" (1/78-79 رقم84).
(5) لعله يعني ابن حزم - رحمه الله - فإنه هو الذي أعل هذا الحديث بهذه العلل في "المحلى" (2/114).(2/202)
قلت : أما ماحكاه عن أحمد، فقد ذكره الأثرم(1) عنه، وقال :« سمعت أبا عبدالله يضعفه، ويذكر أنه ذكره لعبدالرحمن بن مهدي، فذكره عن ابن المبارك، عن ثور قال : حُدِّثت عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم -...، وليس فيه "المغيرة"، فأفسده من وجهين : حين قال : حُدِّثت عن رجاء، وأرسله ولم يسنده. وقد كان نعيم بن حماد حدثني بهذا عن ابن المبارك [كما](2) [حدثني](3) به الوليد فقال : عن ثور، عن رجاء، عن كاتب المغيرة، عن المغيرة. فقلت له : إنما يقول [هذا](4) الوليد، فأما ابن المبارك فيقول : حُدثت عن رجاء، ولايذكر المغيرة. فقال [لي نعيم](4): هذا [حديثي](5) الذي أسأل عنه، فأخرج إليّ كتابه القديم بخط عتيق، فإذا فيه ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم :"عن المغيرة"، وأوقفته عليه، وأخبرته أن هذه زيادة في الإسناد لا أصل لها، فجعل يقول للناس بعد وأنا أسمع : اضربوا على هذا الحديث، هذا معناه ». انتهى.
وقال أبوداود(6):" بلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء ".
وقال الترمذي(7):" هذا حديث معلول لم يسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم. وسألت أبازرعة ومحمدًا عن هذا الحديث فقالا : ليس بصحيح ؛ لأن ابن المبارك روى عن ثور، عن رجاء قال : حُدِّثت عن كاتب المغيرة، مرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يُذْكَر فيه المغيرة ".
[ل110/ب]
__________
(1) وقد أشار إليه الحافظ ابن حجر في "التلخيص" (1/280).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "التلخيص الحبير".
(3) في الأصل :"حدث"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(5) في الأصل :"حدثني"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في "سننه" (1/117).
(7) في "سننه" (1/163).(2/203)
قال الدارقطني في "العلل"(1) :" وحديث رجاء بن حيوة الذي [فيه](2) ذكر أعلى الخفِّ وأسفله لايثبت ؛ لأن ابن المبارك رواه عن ثور بن يزيد مرسلاً ". ومع هذا كله فقد روى الدارقطني(3) عن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، عن داود بن رُشيد - و"رُشَيد" بضم الراء وفتح الشين -، عن الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد قال : حدثنا رجاء /بن حيوة. فقد صرح في هذه الرواية عن ثور بأن رجاء حدثه.
وقد رواه أحمد بن عُبيد الصفار (4)، عن أحمد بن يحيى بن إسحاق الحلواني، عن داود بن رُشيد فقال : عن رجاء، ولم يقل : حدثنا رجاء، فقد اختُلف على داود بن رُشيد في هذه اللفظة.
وأما الوجه الثاني الذي ذكره هذا المتأخر(5)- وهو أنه لم يُسم كاتب المغيرة -، فالمعروف [بكاتب](6) المغيرة هو مولاه ورَّاد، وهو مخرج له في "الصحيح"(7)، فإن لم يعرف له مشارك في هذه الصفة، فالظاهر انصراف الرواية إليه. وقد أدرج هذا الحديث بعض الحفاظ(8) في ترجمة رجاء بن حيوة، عن ورَّاد [....](9)، وأعلى من هذا وأفصح : أن أباعبدالله ابن ماجه خرج الحديث في "سننه"(10)، فقال: عن رجاء بن حيوة، عن ورَّاد كاتب المغيرة، فصرح باسمه.
__________
(1) 7/111).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "العلل".
(3) في "سننه" (1/195 رقم6).
(4) ومن طريقه أخرجه البيهقي في "سننه" (1/290-291)، وقد عزاه إلى الصفار في "مسنده" الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير" (1/281-282).
(5) ذكرت في التعليق رقم (7) (ص145) أنه يعني ابن حزم فيما يظهر.
(6) في الأصل :"بكتابة".
(7) بل أخرج له الجماعة كما في "تهذيب الكمال" (30/431و432).
(8) الظاهر أنه يعني الحافظ ابن عساكر في "أطراف السنن"، وعنه المزي في "تحفة الأشراف" (8/497 رقم11537).
(9) بياض في الأصل بما يقرب من سطر.
(10) 1/182-183 رقم550) كتاب الطهارة، باب في مسح أعلى الخف وأسفله.(2/204)
وأما الوجه الثالث - وهو تدليس الوليد -، فقد أشار إليه أبوالفرج ابن الجوزي في "تحقيقه"(1)، وقال :" كان الوليد يروي عن الأوزاعي أحاديث هي عند الأوزاعي عن شيوخ ضعفاء، عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعي مثل نافع والزهري، فيسقط أسماء الضعفاء، ويجعلها عن الأوزاعي عنهم ". انتهى.
وهذا الوجه ليس بشيء، فقد أُمن تدليس الوليد في هذه الرواية بما رواه أبوداود في "سننه"(2) فقال :" أخبرني ثور ".
فصل في مسح ظاهر الخف
روى الترمذي(3) من جهة علي بن حُجر، عن عبدالرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين : على ظاهرهما.
قال أبوعيسى :« حديث المغيرة حديث حسن، وهو حديث عبدالرحمن ابن أبي الزناد عن أبيه،[عن عروة، عن المغيرة](4)، ولا نعلم أحدًا يذكر:[عن عروة](2)، عن المغيرة :" على ظاهرهما "[غيره](5)». انتهى.
وكذا في هذه الرواية عن عروة بن الزبير.
__________
(1) 1/213).
(2) تقدم (ص 145) من هذا المجلد.
(3) في "سننه"(1/165 رقم98) أبواب الطهارة، باب ماجاء في المسح على الخفين : ظاهرهما.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن الترمذي".
(5) في الأصل :"عنه "، والتصويب من "سنن الترمذي".(2/205)
ورواه كذلك سليمان بن داود الهاشمي(1) ومحمد بن الصبّاح(2)، عن ابن أبي الزناد، ورواه أبوداود الطيالسي(3)، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن المغيرة،[عن المغيرة](4) بن شعبة، ولفظه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح ظاهر
خفيه. وكذلك رواه إسماعيل بن موسى(5)، عن ابن أبي الزناد.
وروى أبوداود(6) من جهة [....](7) من حديث حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبدخير، عن علي - رضي الله عنه - قال :" لوكان الدين بالرأي، لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظاهر خفيه ".
ورواه(8) بهذا الإسناد بعد ذلك ولفظه :" لو كان الدين بالرأي، لكان باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما،وقد مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - على ظهر خفيه".
قلت : ورواه أحمد بن عبيد في "مسنده"(9) من جهة حفص بن غياث،
ولفظه قال : قال علي - رضي الله عنه - :" لو كان دين الله بالرأي، لكان باطن الخف
[ل111/أ]
/أحق بالمسح من أعلاه، ولقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح هكذا بأصابعه ".
__________
(1) أشار إلى هذه الرواية البيهقي في "سننه" (1/291).
(2) أشار إلى هذه الرواية البيهقي في الموضع السابق من "سننه"، وقد أخرجها البخاري في "التاريخ الأوسط"، وأبو داود في "سننه"(1/114رقم161) في كتاب الطهارة، باب كيف المسح، كلاهما عن محمد بن الصباح، به.
(3) في "مسنده" (ص95 رقم693).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "مسند الطيالسي".
(5) أشار أيضًا إلى هذه الرواية البيهقي في "سننه" (1/291).
(6) في "سننه" (1/114-115 رقم162) كتاب الطهارة، باب كيف المسح ؟
(7) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر، فإن كان مكانه مَنْ دون حفص من الرواة، فإن أبا داود أخرجه من طريق محمد بن العلاء، عن حفص.
(8) في الموضع السابق برقم (164).
(9) ومن طريقه أخرجه البيهقي في "سننه" (1/292).(2/206)
قال أبوداود(1):« ورواه وكيع عن الأعمش بإسناده قال :" كنت أرى باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما، [حتى رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظاهرهما](2)". قال وكيع : يعني الخفين ».
قلت : وهذا الذي ذكره وكيع تفسيرًا من قبله، قد وقع مصرحًا به من
جهة إبراهيم بن طهمان(3)، عن أبي إسحاق، عن عبد خير الخيواني، عن علي ابن أبي طالب- رضي الله عنه - قال:"كنت أرى باطن(4)القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما، حتى رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على ظهر قدميه على خفيه".
قال أبوداود(5): "ورواه عيسى بن يونس، عن الأعمش كما رواه وكيع". قال :" ورواه أبو السوداء، عن ابن عبدخير، عن أبيه قال : رأيت عليًّا توضأ فغسل ظاهر قدميه، فقال : لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله...، وساق الحديث ".
قال شيخنا(6):« بقيةُ الحديث :" لظننت أن باطنهما أحق "».
قلت : فالمرجع في الحديث إلى عبدخير. قال البيهقي(7):" وعبدخير لم يحتج به صاحبا الصحيح ".
__________
(1) في "سننه" (1/115 ).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(3) عند البيهقي في الموضع السابق.
(4) في "سنن البيهقي" :" أن باطن ".
(5) في الموضع السابق (1/115-116).
(6) أي المنذري - رحمه الله- في "مختصر سنن أبي داود" (1/124 رقم156).
(7) في "سننه" (1/292).(2/207)
وروى زيد بن الحباب، عن خالد بن أبي بكر، عن سالم بن عبدالله، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأله سعد بن أبي وقاص عن المسح على الخفين، فقال عمر - رضي الله عنه -: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرنا بالمسح على ظهر الخفين إذا لبسهما وهما طاهرتان. أخرجه الحافظ أبو بكر ابن أبي شيبة في "مسنده"(1) عن زيد بن الحباب والحسن بن علي المعمري، عن عثمان بن أبي
شيبة، عن زيد، ثم أحمد بن عُبيد في "مسنده" من جهة عثمان بن أبي شيبة(2) عن زيد، وأخرجه الفقيه أبو بكر أحمد بن محمد بن جهم المالكي في كتابه بسنده، ولم يقل فيه:" على ظهر الخفين"، وقال:"على الخفين".
و"خالد بن أبي بكر" هو : ابن عبيدالله بن عبدالله بن عمر.
ورواه من جهة زيد عنه الحافظ أبوالحسن الدارقطني(3)، وفيه : فقال عمر - رضي الله عنه - : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالمسح على ظهر الخف ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم [يوم](4) وليلة. ولم يذكر:" إذا لبسهما وهما طاهران ".
باب في صفة المسح
__________
(1) هو في "مصنفه" (1/163 رقم1872) من نفس الطريق لكن بلفظ:" سمعت النبي r يأمر بالمسح على الخفين إذا لبسهما وهما طاهرتان ".
(2) قوله :" عن زيد ثم أحمد بن عبيد في مسنده من جهة عثمان بن أبي شيبة " مكرر في الأصل. وقد أخرج البيهقي الحديث في "سننه" (1/292) من طريق يوسف بن يعقوب القاضي، عن عثمان بن أبي شيبة، به.
(3) في "سننه" (1/195 رقم9).
(4) في الأصل :"يومًا"، والمثبت من "سنن الدارقطني".(2/208)
روى أبو أسامة(1) عن الأشعث، عن الحسن، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال، ثم جاء حتى توضأ، ومسح(2) على خفيه، ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة، حتى كأني أنظر إلى أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
على الخفين.
وبلغني(3) عن [أبي](4) عامر الخَزَّاز، عن الحسن، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح فوضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة.
وسيأتي في الفصل بعده حديث آخر إن شاء الله تعالى.
[ل111/ب]
قال ابن المنذر(5):" وروينا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه مسح على خفيه حتى رئي آثار أصابعه على خفيه خطوطًا(6)، ورئي(7) آثار أصابع قيس بن /سعد على الخف(8)". انتهى.
فصل في ماجاء في كراهية غسل الخف
__________
(1) أخرجه البيهقي في"سننه"(1/292)، وأعله ابن حجر في"التلخيص الحبير"(1/283) بالانقطاع، ويعني به بين الحسن والمغيرة t.
(2) في "سنن البيهقي" :" ثم مسح ".
(3) كذا قال ولم يعزه ! وكذا نقله عنه ابن الملقن في "البدر المنير" (2/143/مخطوط) بلا عزو، وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/170 رقم1957) من طريق أبي عامر هذه بلفظ أتم.
وعزاه الزيلعي في "نصب الراية" (1/180) لابن أبي شيبة.
(4) في الأصل "ابن"، والتصويب من "البدر المنير"؛ حيث نقله عن المصنف، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (6/100). واسم أبي عامر هذا : صالح بن رستم.
(5) في "الأوسط" (1/455 رقم 152).
(6) وقد وصله ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/166 رقم1905).
(7) في "الأوسط" المطبوع :" كما رئي ".
(8) وقد وصله عبدالرزاق في "المصنف" (1/219 رقم852)، وابن أبي شيبة في الموضع السابق برقم (1907).(2/209)
روى بقية عن جرير بن يزيد الحميري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر
ابن عبدالله رضي الله عنهما قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل يتوضأ وهو يغسل خفيه، فنخسه بيده، وقال : (( إنما أمرنا بهذا ))، ثم أراه بيده من مقدم الخفين إلى أصل الساق مرة، وفرج بين أصابعه. رواه(1) الطبراني في "معجمه الأوسط"(2) من حديث بقية، وقال : عن جرير بن يزيد الكندي، عن محمد ابن المنكدر، عن جابر - رضي الله عنه - قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل يتوضأ، فغسل خفيه، فنخسه برجله، وقال : (( ليست هكذا السُّنة، أُمِرْنا بالمسح على الخفين هكذا ))، وأمرَّ بيده على خفيه. قال :" لا يُروى هذا الحديث عن جابر إلا بهذا الإسناد، تفرد به بقية ".
فصل في الخرق في الخف
روى البيهقي(3) من جهة العباس بن محمد - هو الدوري -، عن يحيى بن
معين قال : حدثنا عبدالرزاق، قال :سألت معمرًا عن الخرق يكون في الخف،
قال : إذا خرج من مواضع الوضوء شيء فلا تمسح عليه واخلع.
قال : وحدثنا عبدالرزاق، قال : سمعت الثوري(4) يقول : امسح عليهما ماتعلقا بالقدم وإن تخرقا. قال : وكذلك كانت خفاف المهاجرين والأنصار [مخرقة مشققة](5).
__________
(1) أي باللفظ الآتي، وأما اللفظ السابق فلم يذكر المصنف من أخرجه، وقد عزاه الزيلعي في "نصب الراية" (1/181) للطبراني في "الأوسط"، وكذا ابن الملقن في "البدر المنير" (2/142/مخطوط)، وتبعه ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/282)، ولم أجده في المطبوع من "الأوسط" إلا باللفظ الآتي.
(2) 2/30-31 رقم 1135).
(3) في "سننه" (1/283).
(4) في الأصل :" قال : وحدثنا عبدالرزاق، قال : سألت معمرًا، قال : وحدثنا عبدالرزاق قال : سمعت الثوري ". والتصويب من "سنن البيهقي".
(5) في الأصل :"مشقوقة"، ولم يذكر "مخرقة"، والتصويب والاستدراك من المصدر السابق.(2/210)
قال البيهقي :" قول معمر بن راشد في ذلك أحب إلينا ؛ لما أخبرنا به [أبو](1) عبدالله الحافظ وأبوزكريا ابن أبي إسحاق..."، ثم ساق السند إلى سالم، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المحرم لا يلبس خفين، إلا لمن لم يجد نعلين، فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين. قال :" مخرَّجٌ في [الصحيحين](2). أخبرنا أبو عبدالله قال : قال أبو الوليد الفقيه : فيه دلالة على أن الخف إذا لم
يُغَطِّ جميع القدم، فليس [بخفٍّ](3) يجوز المسح عليه ". انتهى.
وقال الحافظ أبوبكر ابن المنذر(3):" واختلفوا في الخف المخرق، فقال الثوري وإسحاق : يمسح على جميع الخفاف، وبه قال يزيد بن هارون وأبوثور ". ثم قال في آخر الباب(4):" وبقول الثوري نقول [...](5)؛ لظاهر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إباحة المسح على الخفين قولاً عامًا ".
فصل في من قال ببطلان المسح على الخف
روى الطبراني في "المعجم الكبير"(6)من جهة عمر بن ذَرِيح(7)
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(2) في الأصل :"الصحيح"، والتصويب من المرجع السابق.
والحديث عند البخاري (3/401 رقم1542) كتاب الحج، باب مالا يلبس المحرم من الثياب، ومسلم (2/834-835 رقم1177/2) كتاب الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح....
(3) في "الأوسط" (1/448-449 رقم149)، وقد تصرَّف المصنِّف في عبارة ابن المنذر.
(4) 1/450) بتصرف كذلك.
(5) بياض في الأصل بمقدار كلمتين، والكلام متصل .
(6) 20/418 رقم1005).
(7) كذا في الأصل :" ذريح " بالذال المعجمة، وكذا ضبطه المصنف لفظًا كما سيأتي، وكذا جاء في نسخ " الثقات" لابن حبان كما ذكر المحقق (7/185).
وجاء في بعض المراجع:" رُدَيح " بتقديم الراء، ثم دال مهملة، كما تجده في الموضع السابق من "المعجم الكبير"، و"الكامل" لابن عدي (5/24)، و"تهذيب الكمال" (20/118)- في ذكر الرواة عن عطاء بن أبي ميمونة -، و"الميزان" (3/196)، و"لسان الميزان" (5/296).(2/211)
، عن عطاء ابن أبي ميمونة، عن أبي بردة، عن المغيرة - رضي الله عنه - قال : آخر غزاة غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن نمسح على خفافنا، للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة مالم يخلع. ورواه عن الحسن بن علي النسوي، عن إبراهيم
ابن مهدي المصِّيصي، عن عمر.
و"ذَرِيح": بفتح الذال المعجمة، وكسر الراء المهملة، وآخره حاء مهملة.
فصل في التوقيت في المسح على الخفين
[ل112/أ]
/روى الحكم بن عتيبة، عن القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هانئ قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت : عليك بابن أبي طالب فَسَلْهُ، فإنه كان يسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فسألناه، فقال : جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم. رواه عن الحكم جماعة، وهذه رواية عن سفيان الثوري، عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحكم، وهي التي صدّر بها مسلم(1)، وتابع برواية زيد بن أبي أنيسة، عن الحكم مُحيلاً على ماتقدم، ثم برواية الأعمش، عن الحكم.
__________
(1) في"صحيحه"(1/232 رقم276/85)كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين.(2/212)
قرأت على أبي الحسن علي بن أبي الفضائل، عن أبي محمد ابن بري - قراءة عليه -، قال : أنا مرشد بن يحيى، أنا محمد بن الحسين، ثنا محمد بن عبدالله، ثنا أحمد بن شعيب النسائي(1)، ثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا [ابن](2) علية، ثنا شعبة، عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هانئ قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن المسح، فقالت - تعني-: سل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فإنه كان يغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألته فقال : ثلاث ليالٍ للمسافر، [وليلة للمقيم](3).
كذا في الرواية، ومقتضاها أن يكون هذا التوقيت موقوفًا عن عليّ - رضي الله عنه -.
وقد رواه أبوحاتم ابن حبان في "صحيحه"(4)من حديث محمد بن يحيى بن سعيد القطان، حدثني أبي، ثنا شعبة، عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هانئ،عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه -،عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين، قال : (( للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة )) . ورواه عن أبي يعلى، عنه، وقال(5):"مارفعه عن شعبة إلا يحيى القطان وأبوالوليد الطيالسي".
__________
(1) والنسائي أخرجه في "الجزء الرابع من حديث شعبة بن الحجاج وسفيان بن سعيد الثوري مما أغرب بعضهم على بعض" (ل10/أ ) رقم الحديث (116).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(3) في الأصل :"ويوم وليلة"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) 4/160 رقم1331).
(5) في الموضع السابق (4/161).(2/213)
[وقد أخرجها مسلم في "صحيحه"(1) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن الحكم](2)، وفيها :" قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن المسح على الخفين، فقالت : ائت عليًّا فإنه أعلم بذلك مني، فأتيت عليًّا، فذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله ". انتهى.
وقد أخرجه ابن منده(3) من حديث أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، وفيه : فأتيت عليًّا فقال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نمسح على الخفين للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثًا.
ورواه البيهقي(4) من جهة أبي معاوية، وفيه : كنا نمسح على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم.
وقد وقع لنا حديث أبي معاوية عاليًا.
__________
(1) في الموضع السابق منه بعد رقم (85).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فترتب عليه اختلاط رواية مسلم هذه بكلام ابن حبان السابق، والمثبت بالاجتهاد بما يتلاقى مع طريقة المصنف، ويؤكده: أن هذا لفظ مسلم في الموضع السابق من "صحيحه"، ثم أراد المصنِّف أن يذكر لفظ هذه الرواية - الذي عطفه مسلم على سابقه بقوله :" بمثله "-، فأتى المصنف بعد هذا برواية أبي معاوية كاملة من عند ابن منده.
(3) أظنه في "الطهارة" الذي يعزو المصنف إليه كثيرًا. =
= وقد أخرج رواية أبي معاوية هذه كاملة : الإمام أحمد في "المسند" (1/113).
(4) في "سننه" (1/275).(2/214)
قرأت على أبي الحسن علي بن هبة الله الفقيه، عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السِّلفي - قراءة عليه -، أنا أبوعبدالله القاسم بن الفضل الثقفي، ثنا أبوسعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي، ثنا محمد بن يعقوب الأصم، ثنا أحمد بن عبدالجبار، ثنا أبومعاوية، عن الأعمش، عن القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هانئ، قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن المسح على الخفين، فقالت : ائت عليًّا فإنه أعلم بذلك مني، فأتيت عليًّا فسألته، فقال:كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نمسح : المقيم يومًا وليلة، والمسافر ثلاثًا.
قال ابن منده : هذا حديث مشهور عن الأعمش.
ورواه زيد بن أبي أنيسة عن الحكم، ويحيى بن سعيد عن شعبة، جميعًا عن الحكم بإسناده نحوه مرفوعًا. وأخرجه مسلم بن الحجاج والجماعة(1)، وتركه البخاري.
[ل112/ب]
/وقد روي من حديث أبي إسحاق السبيعي، عن القاسم بن مخيمرة مرفوعًا وموقوفًا(2). وقد رفعه جماعة، منهم - سوى من تقدم -: زيد (3)، عن الحكم، من رواية جماعة عنه.
__________
(1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1/232 رقم276) كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، وابن ماجه (1/183 رقم552) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر، والنسائي (1/84 رقم129) كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين للمقيم، ولم أجد الحديث بهذا السند عند أبي داود والترمذي، لكن يوجد عندهما من طريق أبي عبدالله الجدلي عن خزيمة بن ثابت، عن =
= النبي r. وسيأتي قريبًا (ص 159).
(2) الرواية المرفوعة أخرجها الطحاوي في "شرح المعاني" (1/81 رقم502)، والدارقطني في "العلل" (3/233).
والرواية الموقوفة أخرجها البيهقي في "السنن" (1/277)، والدارقطني في المرجع السابق (3/234).
(3) سبق أن ذكرها المصنف في بداية هذا الفصل، وتقدم تخريجها هناك.(2/215)
وروي من حديث أبي ظبيان عن علي - رضي الله عنه - مرفوعًا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه تمام بن محمد الرازي الحافظ في "فوائده"(1) من حديث يَسَرَة بن صفوان اللخمي، ثنا أبو[عمر](2) البزار حفص بن سليمان، عن أبي حصين، عن أبي ظبيان، عن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة )). رواه عن أبي الحسن أحمد بن سليمان بن أيوب بن حذلم القاضي، عن أبي القاسم يزيد بن محمد بن عبدالصمد، عنه.
ومنهم : عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
روى أبويعلى الموصلي(3): ثنا أبوكريب، ثنا زيد بن الحُباب، ثنا خالد بن
أبي بكر - هو ابن عبيدالله العُمري -، حدثنا سالم، عن ابن عمر، عن عمر - رضي الله عنه - قال :" سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - [يأمرنا](4) بالمسح على الخفين، للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة ". ذكر محمد بن عبدالواحد(5) [عن](6) خالد(7): " قال الدارقطني(8): ليس بالقوي ".
__________
(1) 1/233 رقم188).
(2) في الأصل:"عمرو"،والتصويب من"فوائد تمام"،و"تهذيب الكمال"(7/10-11رقم1390).
(3) في "مسنده"(1/158-159 رقم171)، ومن طريقه أخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (1/300-301 رقم190) وعنه أخذ المصنف كما سيأتي.
(4) في الأصل :"يأمر"، والمثبت من المرجعين السابقين.
(5) أي : الضياء المقدسي في الموضع السابق من "المختارة".
(6) في الأصل :"بن"، والتصويب بالاجتهاد.
(7) أي ذكر كلام الدارقطني في خالد بن أبي بكر.
(8) في "العلل" (2/22).(2/216)
ومنهم: المقدام بن شريح عن أبيه مرفوعًا(1)، فلا يضره وقف من وقفه(2). وروى حديث شريح بن هانئ أبوالقاسم الطبراني(3) من حديث عبدالله بن
محمد بن المغيرة، ثنا مالك بن مِغْوَل، عن مقاتل بن [بشر](4)، عن شريح بن هانئ قال : سألت عائشة رضي الله عنها...، وفيه :[ائت علي بن أبي طالب، فإنه كان يسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته فسألته، فقال : كنا](5)
نسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم نكن ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا وليلة. رواه عن محمد بن أحمد بن أبي خيثمة، عن محمد بن يوسف بن أبي معمر، عن عبدالله بن محمد بن المغيرة. وقال عقبه :"لم يرو هذا الحديث عن مالك بن مغول إلا عبدالله بن محمد بن المغيرة، وهو شيخ كوفي نزل مصر ".
__________
(1) أخرجه أحمد في "مسنده" (1/117 -118).
(2) لمعرفة الخلاف في رفع هذا الحديث ووقفه، انظر "العلل" للدارقطني (3/235).
(3) في "المعجم الأوسط" (5/298-299 رقم5367).
(4) في الأصل :"بشير"، والتصويب من المصدر السابق.
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المصدر السابق.(2/217)
وروى سلام بن أبي خبزة، عن أبان، عن صلة، عن شُتَير بن شَكَل، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( المسافر يمسح ثلاثة أيام ولياليهن، والمقيم [يومًا](1) وليلة )) ، رواه أبوالعباس العُصْمي في الجزء الذي خرجه [له](2) أبو الفضل الجارودي من جهة ابن زُرارة - وهو إسماعيل [بن عبدالله بن زرارة](3) الرقي -، عن سلام، وقال المخرِّج :" غريب من حديث أبان بن تَغلب، عن صلَة بن زفر، عن شُتير، عن علي - رضي الله عنه -، لم يروه عنه إلا سلام بن أبي خَبْزة ".
قلت :"سلاَّم" مشدد اللام. و"خَبْزة": بفتح الخاء المعجمة، وبعدها ثاني الحروف ساكنة، ثم زاي معجمة. و"شُتَير": بضم الشين المعجمة، وفتح ثالث الحروف، وبعده آخر الحروف، وآخره راء مهملة. و"شَكَل": بفتح الشين المعجمة والكاف. و"أبوالعباس العُصْمي"- بضم العين، وسكون الصاد المهملتين -: رافع بن عصمة بن العباس.
وقد مرَّ حديث صفوان بن عَسَّال وحديث أبي بكرة في التوقيت. قال
أبو عيسى الترمذي(4):"سألت محمدًا- يعني البخاري-؛قلت: أي حديث أصح عندك في التوقيت في المسح على الخفين ؟ فقال : حديث صفوان بن عسال،
وحديث أبي بكرة حسن". انتهى.
[ل113/أ]
__________
(1) في الأصل :"يوم"،والتصويب من "نصب الراية" (1/174)، حيث نقله عن المصنِّف.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من الموضع السابق من "نصب الراية".
(3) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فاستدركته من "تهذيب الكمال" (3/119 رقم457).
(4) في "علله الكبير" (ص54-55 رقم66،67).(2/218)
وروى سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سُئل عن /المسح على الخفين، فقال : (( للمسافر ثلاثًا، وللمقيم يوم وليلة(1) )). رواه الترمذي(2)، وأبوداود(3)، واللفظ للترمذي، وقال(4):" وذُكر عن يحيى بن معين أنه صحح حديث خزيمة في المسح. وأبو عبدالله الجدلي اسمه عبد بن عبد، ويقال : عبدالرحمن بن عبد ". قال أبوعيسى :" هذا حديث حسن صحيح". ثم قال الترمذي :" وقد روى الحكم بن عُتيبة وحماد [عن](5) إبراهيم النخعي عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، ولا يصح. قال علي بن المديني : قال يحيى بن سعيد : قال شعبة : لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبدالله الجدلي حديث المسح. وقال زائدة، عن منصور : كنا في حجرة إبراهيم التيمي ومعنا إبراهيم النخعي، فحدثنا إبراهيم التيمي عن عمرو ابن ميمون، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح [على الخفين](6). قال محمد بن إسماعيل : أحسن شيء في هذا الباب حديث صفوان بن
__________
(1) اختلفت نسخ الترمذي في لفظ هذا الحديث - كما ذكر الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على الموضع الآتي من "سنن الترمذي"-، ففي بعضها :" للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يومًا وليلة"،وفي أخرى:" للمسافر ثلاث،وللمقيم يوم" وفي أخرى:"للمسافر ثلاثًا، وللمقيم يومًا"، وفي أخرى :" للمسافر ثلاثة، وللمقيم يوم"، وهو الذي أثبته أحمد شاكر.
(2) في "سننه" (1/158-159 رقم95) أبواب الطهارة، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم.
(3) في "سننه" (1/109 رقم157) كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح.
(4) أي الترمذي في الموضع السابق من "سننه".
(5) في الأصل :"بن"، والتصويب من "سنن الترمذي".
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن الترمذي" (1/161).(2/219)
عسال ". انتهى.
وروى يوسف بن عطية الكوفي أبوالمنذر قال : حدثنا أبوحمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين : ((للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يوم وليلة )). أخرجه [البزار(1)](2) عن إبراهيم ابن يوسف الصيرفي، عن يوسف.
و"أبوحمزة": ميمون القَصَّاب. و"يوسف بن عطية": قال النسائي(3): "يوسف بن عطية متروك الحديث بصري ". وقال(4):" ميمون أبو حمزة يروي عن إبراهيم، ليس بثقة ".
وروى البزار(5) أيضًا من حديث سليمان بن يُسَير، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله : مازلنا نمسح مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخفين : للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم [يوم](6) وليلة. رواه عن يوسف بن موسى، عن عبدالرحمن بن هانئ أبي نعيم، عن سليمان بن يُسير.
و"يُسير": أوله آخر الحروف مضمومًا، وبعده سين مهملة مفتوحة، ثم
آخر الحروف، [ثم](7) راء مهملة.
وروى هشيم، عن داود بن عمرو، عن بُسر بن عبيدالله الحضرمي، عن أبي إدريس، ثنا عوف بن مالك الأشجعي : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوم وليلة للمقيم. أخرجه البزار في "مسنده"(8) والطبراني في "أوسط معاجمه"(9)، وقال :" لا يُروى هذا الحديث عن عوف بن مالك الأشجعي إلا بهذا الإسناد، تفرد به هشيم ".
قلت : وقد وقع لنا عاليًا.
__________
(1) في "مسنده" (5/21 -22 رقم1578).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه ؛ فهذه رواية البزار، ويدل عليه : قوله بعد ذلك :" وروى البزار أيضًا ".
(3) في "الضعفاء" (ص247 رقم617).
(4) في "الضعفاء" (ص240 رقم581).
(5) في "مسنده" (5/34 رقم1592).
(6) في الأصل :"يومًا"، والتصويب من المصدر السابق.
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل ويدل عليه السياق.
(8) 7/189 رقم2757).
(9) 2/33 رقم1145).(2/220)
قرأت على الإمام أبي الحسن علي بن هبة الله، عن الحافظ أبي طاهر السِّلفي - قراءة عليه -، أنا الرئيس أبوعبدالله الثقفي، ثنا هلال بن محمد بن جعفر ببغداد، ثنا الحسين بن يحيى بن عياش، ثنا إبراهيم بن مجشّر، ثنا هشيم، عن داود بن عمرو، عن بسر بن عبيدالله الحضرمي، عن أبي إدريس الخولاني، ثنا عوف بن مالك الأشجعي : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم.
و"داود بن عمرو": دمشقي، عامل واسط، قال عبدالله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه(1):" داود بن عمرو حديثه [مقارب](2)". وذكر الدوري أنه سأل يحيى بن معين عن داود بن عمرو الذي يروي عنه هشيم فقال(3):"مشهور". وقال ابن أبي حاتم، عن أبيه(4):" ثقة". و"بسر بن [عبيدلله](5)": بضم الباء، وسكون السين المهملة.
[ل113/ب]
وذكر البيهقي(6):" قال أبوعيسى الترمذي(7): سألت محمدًا - يعني /البخاري - عن هذا الحديث، فقال : هو حديث حسن ".
__________
(1) في "العلل" (2/495 رقم3270).
(2) في الأصل :"متقارب"، والتصويب من المرجع السابق، و"تهذيب الكمال" (8/432).
(3) كما في "الجرح والتعديل" (3/419-420 رقم1917)، ولم أجد هذا النص في "تاريخ ابن معين برواية الدوري ".
(4) لم أجد توثيق أبي حاتم له، ولكن نقل ابنه عنه في الموضع السابق من "الجرح والتعديل" أنه قال عنه:"شيخ"، وفي كتاب "العلل" (1/39رقم82) قال:"داود بن عمرو ليس بالمشهور".
(5) في الأصل "عبدالله"، وقد تقدم آنفًا على الصواب.
(6) في "سننه" (1/275-276).
(7) في "علله الكبير" (ص55 رقم68).(2/221)
ومن طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن عمر(1)، قال :حدثنا قُدامة بن موسى الجُمَحي، عن الزبرقان بن عبدالله بن عمرو بن أمية الضمري، عن أبيه، عن جده،عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال في المسح على الخفين : (( للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة )) . رواه أبوبكر النيسابوري، عن محمد بن إسحاق.
وروى زيد بن الحباب، حدثني عمر بن عبدالله بن أبي خثعم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المسح على الخفين، فقال : (( للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن )) . أخرجه الحافظ أبو بكر البزار في " مسنده "(2)، وغيره
أخرجه(3) أيضًا.
و"عمر بن عبدالله بن أبي خثعم" قال البخاري(4):" منكر الحديث ". وقال أبوزرعة(5):"واهي الحديث، حدَّث عن يحيى بن أبي كثير ثلاثة أحاديث لو كانت في خمسمائة حديث لأفسدتها ".
وقد تقدم(6) من جهة خالد بن أبي بكر في حديث عمر في هذا حديث.
__________
(1) كتب فوقه في الأصل :" هو الواقدي ".
(2) في جزء يحتوي على بعض من مسند أنس ومسند أبي هريرة رضي الله عنهما (ل131/ب=
= -132/أ).
(3) أخرجه ابن ماجه في "سننه"(1/184 رقم555) في الطهارة، باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر، من طريق عمر بن عبدالله بن أبي خثعم، به.
وذكره الدارقطني في "العلل" (8/275) وقال :" رواه أيوب بن عتبة وعمر بن أبي خثعم وهما ضعيفان، روياه عن يحيى، وتابعهما معلى بن عبدالرحمن الواسطي - وكان كذابًا-، فرواه عن عبدالحميد بن جعفر عن يحيى نحو ذلك...".
(4) نقله عنه الترمذي في "علله" (ص52 رقم61).
(5) كما في "الضعفاء" له (ص543).
(6) ص 160و161) من هذا المجلد.(2/222)
روى الطبراني من حديث حُميد بن عبدالرحمن الرؤاسي، عن الحسن العصاب(1)، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين : ((للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن )). رواه في "أوسط معاجمه"(2) عن عبدان بن محمد المروزي، عن قتيبة بن سعيد،
عنه، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن نافع إلا الحسن العصاب ".
و"العَصاب"- بفتح العين المهملة، وبعدها الصاد المهملة -: الحسن بن عبدالله(3) بن ميسرة، ذكره الأسود(4)، قال :"حدَّث عن نافع مولى ابن عمر. روى عنه الفضل بن موسى [السيناني](5) ".
__________
(1) كذا في الأصل، وكذا جاء في "الأنساب" للسمعاني (4/199)، و"الإكمال" لابن ماكولا (7/114)، وفي "المعجم الأوسط" :"القصاب"، وكذا جاء في "الجرح والتعديل" (3/22-23 رقم93)، و"الثقات" لابن حبان (6/161)، و"الأنساب" للسمعاني (4/506).
(2) 5/11 رقم4530).
(3) وقع في "الأنساب" للسمعاني (4/506) :" الحسن بن عبيدالله" بالتصغير.
(4) كذا في الأصل وفي "نصب الراية" (1/173) نقلاً عن المصنف، ولم أعرف الأسود هذا، ولكن النص مذكور في الموضع السابق من "الإكمال".
(5) في الأصل :"الشيباني"، وكذا نقله الزيلعي في الموضع السابق من "نصب الراية" عن المصنِّف، والتصويب من "الإكمال" و"الأنساب" (4/199).(2/223)
وروى الطبراني في "معجمه الكبير"(1) من حديث مروان بن معاوية، حدثني [عمر](2) بن عبدالله بن يعلى بن مُرَّة الثقفي، عن أبيه، عن جده قال: كنا إذا سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ننزع خفافنا [ ثلاثًا](3)، فإن شهدنا فيوم وليلة. رواه عن عبدان بن أحمد، عن عمرو بن عثمان الحمصي، عن مروان، ثم قال عَقيبه(4): حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، ثنا سهل بن زنجلة الرازي، ثنا الصباح بن محارب، عن عمر بن عبدالله بن يعلى بن مرة الثقفي، عن أبيه، عن جده، وعن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في المسح على الخفين : (( للمسافر ثلاثًا، وللمقيم يوم وليلة )) .
ذكر ابن أبي خيثمة في "من روى عن أبيه، عن جده" :" عمرو بن عثمان بن يعلى، حدثني أبي، عن جدي..."، فذكر حديثًا. وكذلك في رواية الترمذي :" عمرو بن عثمان بن يعلى "، فتأمل ذلك.
وروى الطبراني في "المعجم الكبير"(5) عن محمد بن عبدالله الحضرمي، حدثنا موسى بن الحسين السلولي، ثنا الصُّبَيُّ بن الأشعث، عن أبي إسحاق، عن البراء - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة )) - في المسح على الخفين -.
[ل114/أ]
__________
(1) 22/262 رقم673).
(2) في الأصل :"عمرو"، والتصويب من الموضع السابق، وانظر "تهذيب الكمال" (21/ 417-418 رقم4270)، وسيذكره المصنف على الصواب.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "المعجم الكبير".
(4) برقم (674).
(5) 2/25 رقم1174)، وفي "الأوسط" أيضًا (6/58 رقم5788).(2/224)
وروى أبونعيم الحافظ أحمد بن عبدالله في كتاب " معرفة الصحابة"(1) - رضي الله عنهم - من حديث خالد بن عاصم بن [مكرم](2)، ثنا بريد بن أبي مريم، عن أبيه قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على خفيه، وقال : (( للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يومًا وليلة )) . رواه عن إبراهيم بن محمد بن يحيى، عن محمد بن المسيب، /عن عاصم بن المغيرة، عن عبدالرحمن بن عمرو - يعني ابن جبلة -، عن خالد، وقال في الترجمة :"مالك بن ربيعة السلولي، يكنى أبامريم والد بُريد، شهد الشجرة، سكن الكوفة، له غيرُ حديث، [عند](3) ابنه بُريد ".
قلت :" بُريد" هذا : بضم الباء الموحدة، وفتح الراء المهملة. ولهم : "يزيد بن أبي مريم" غيره، أوّله ياء آخر الحروف، ثم زاي معجمة مكسورة.
وقال أبونعيم في هذا الكتاب أيضًا(4) :" مالك بن سعد مجهول، عداده في أعراب البصرة". ثم روى(5) من حديث عبدالرحمن بن عمرو بن جبلة قال: حدثتنا مُليكة بنت الحارث المالكية - من بني مالك بن سعد -، قالت : حدثتني أمي، عن جدي مالك بن سعد : أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( من صلى الصبح في جماعة، فكأنما قام ليلته )). وسألته عن المسح على الخفين، فقال : ((ثلاثة أيام للمسافر، ويوم وليلة للمقيم )) . قال أبونعيم :" عن محمد بن سعد الباوردي قال:حدثنا عبدالله بن محمد [الْجَمْرِيُّ](6) البصري، ثنا عبدالرحمن".
قلت : فذكره، وفي هذا الإسناد من يحتاج للكشف عن حاله.
فصل في ماقد يُسْتَدَلُّ به على أن المدة إذا انقضت ابتدأ الوضوء
__________
(1) 2 / ل 176/أ ).
(2) في الأصل :"مكرمة"، والتصويب من "معرفة الصحابة".
(3) في الأصل :"عن"، والتصويب من "معرفة الصحابة"، وكذا جاء في "نصب الراية" (1/173).
(4) 2 / ل 181/أ ).
(5) أي أبو نعيم في الموضع السابق.
(6) في الأصل :" الحمري "، والتصويب من "معرفة الصحابة"، و" الأنساب" للسمعاني (2/86).(2/225)
روى الطبراني(1) من حديث عبدالأعلى، ثنا محمد بن [إسحاق](2)، عن خالد بن كثير [الهَمْداني](3)، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حُبيش، عن صفوان بن عَسَّال - رضي الله عنه - قال : جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسأله عن المسح على الخفين، فقلت : يارسول الله! جئت أسأل عن العلم، فقال : (( إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم من حُبها لما جاء يطلب، وعن أي العلم تسأل ؟ )) قلت : يارسول الله! عن المسح على الخفين، قال : (( نعم، يوم وليلة للمقيم، وثلاث للمسافر من الغائط والبول، ثم يُحْدِثُ(4) وضوءًا )) . رواه عن الهيثم ابن خلف، عن عبيدالله بن [عمر](5) القواريري، عن عبدالأعلى، وقال : "لم يرو هذا الحديث عن خالد بن كثير إلا محمد بن إسحاق تفرد به عبدالأعلى".
فصل في ابتداء مدة المسح ومااختلف فيه من ذلك
__________
(1) في "المعجم الأوسط" (9/159 رقم9414).
(2) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات، فتم استدراكه من المرجع السابق، وسيذكره المصنف بعد قليل.
(3) في الأصل :"الهمذاني"، والتصويب من "المعجم الأوسط".
(4) في المطبوع من "الأوسط" :" تحدث".
(5) في الأصل :"عمرو"، والتصويب من المصدر السابق، وانظر"تهذيب الكمال"(19/130-131 رقم3669).(2/226)
أما من اعتبرها من وقت اللبس، فقد استدل له بحديث صفوان بن عسَّال:" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا إذا كنا مسافرين - أو سفرًا - أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن "، من حيث إنه جعل الثلاث مدة اللبس. وأما من اعتبرها من وقت المسح، فبحديث أبي بكرة، وفيه ألفاظ، أقواها في مرادهم: ماعلق الحكم فيه بالمسح ؛ كالرواية التي ذكرناها(1) من جهة عبدالرزاق(2)، عن معمر(3)، وفيها :" فأمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر، ثلاثًا إذا سافرنا، ويومًا وليلة إذا أقمنا ".
فصل في المسح بغير توقيت بما تقدم
استدل في ذلك بأحاديث، منها : ما رواه الدارقطني(4) من جهة موسى ابن عُلَيّ، عن أبيه، عن عقبة بن عامر قال : خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة، فدخلت المدينة يوم الجمعة، ودخلت على عمر بن الخطاب، فقال لي : متى أولجت خفك(5) في رجليك(6)؟ قلت: يوم الجمعة، فقال : فهل نزعتهما ؟ قلت: لا، قال : أصبت السنة. رواه عن أبي بكر النيسابوري، عن سليمان بن [شعيب](7)، عن بشر بن بكر، عن موسى بن عُلَيّ.
والمعروف في عُلَيّ هذا : ضم العين، وفتح اللام، وهو عُلَيّ بن رباح
[ل114/ب]
- بالباء / الموحدة -.
قال الدارقطني :" قال أبوبكر - يعني النيسابوري-: هذا حديث غريب". قال الدارقطني :" وهو صحيح الإسناد ". انتهى.
__________
(1) ص 143 ).
(2) في "مصنفه" (1/204 رقم793).
(3) أي : عن معمر، عن عاصم، عن زرّ، عن صفوان بن عسّال.
(4) في "سننه" (1/196 رقم11).
(5) كذا في الأصل، وفي المصدر السابق :" خفيك".
(6) كذا في الأصل و"سنن الدارقطني"، والمراد :" رجليك في خفيك".
(7) في الأصل :"سعد"، والتصويب من المصدر السابق، و"تهذيب الكمال" (4/95-96) في ترجمة "بشر بن بكر".(2/227)
وقد روى هذا الحديث أيضًا يزيد بن أبي حبيب، عن عبدالله بن الحكم(1)، عن عُلَي بن رباح : أن عقبة بن عامر حدثه : أنه قدم على عمر بفتح دمشق، قال : وعليَّ خُفّان، فقال لي عمر : كم لك ياعقبة ! لم تنزع خفك(2)؟ فتذكرت من الجمعة إلى الجمعة، فقلت :[منذ](3) ثمانية أيام، قال: أحسنت وأصبت السُّنة. أخرجه الدارقطني(4) من جهة ابن وهب عن حيوة، عن يزيد.
وكذلك أخرجه ابن منده من هذا الوجه، وقال :« رواه عمرو بن الحارث(5)، وأبوشجاع سعيد بن يزيد، وغيرهما عن يزيد بن أبي حبيب، ولم يذكروا السُّنة. وكذلك رواه الليث بن سعد(5) عن عبدالله بن الحكم البلوي مثله. وقوله :" أصبت السُّنة " زيادة مقبولة ؛ لأن حيوة والمفضل بن فضالة مقبولان عند الجماعة »- يريد أن مفضلاً رواه عن يزيد بن أبي حبيب، فقال فيه :" أصبت السُّنة "-.
__________
(1) ومنهم من قلب اسمه، فقال :" الحكم بن عبدالله "، والصواب ما هنا. انظر "تهذيب الكمال" (7/106-108).
(2) في الأصل :"كم لك ياعقبة منذ لم تنزع خفك "، والمثبت من "سنن الدارقطني".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من الموضع السابق.
(4) في "سننه" (1/199 رقم20).
(5) وروايته عند الدارقطني في "سننه" (1/195-196 رقم10).(2/228)
قال ابن منده :( وقد رُوي من حديث موسى بن عُلي بن رباح، عن أبيه عُلي نحوه (، ثم أخرجه مُحيلاً في اللفظ على ماتقدم. قال:« وقال:"أصبت السنة "». قال:« فهذا موافق لرواية من تقدم. وعبدالله بن الحكم روى عنه يزيد بن أبي حبيب والليث بن سعد، وسبيله سبيل الصحة، ولم يخرج هذا الحديث البخاري ولا مسلم، وأخرجه النسائي(1)،وهو حجة لمذهب مالك بن أنس، وأحد قولي الشافعي (. انتهى. وقد روي هذا الحديث من جهة جرير-هو ابن حازم-،عن يحيى بن أيوب، [عن](2) يزيد بن أبي حبيب، عن عُلَي بن رباح، عن عقبة بن [عامر](3)، وفيه :" أصبت السُّنة ". ولم يذكر بين يزيد وبين عُلي بن رباح أحدًا (4).
ورواه الدارقطني(5) [والحاكم](6)(7) بزيادة من زاد في الإسناد "عبدالله بن الحكم "، والله عز وجل أعلم. ومنها : مارواه الدارقطني(8) قال : حدثنا أبومحمد ابن صاعد، ثنا الربيع ابن سليمان، ثنا أسد بن موسى، ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن زُيَيْد بن الصلت قال : سمعت عمر يقول:" إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه
فليمسح عليهما، وليصل فيهما، ولا [ يخلعهما ](9) إن شاء إلا من جنابة ".
__________
(1) ليس هو عند النسائي، بل عند ابن ماجه (1/185 رقم558) في كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في المسح بغير توقيت، وفيه :"الحكم بن عبدالله" بدل "عبدالله بن الحكم"، ولم يعزه الحافظ المزي في "التحفة" (8/90 رقم 10610) إلا لابن ماجه.
(2) في الأصل :"بن"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(3) في الأصل :"عمرو"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(4) لم يذكر المصنِّف من أخرج هذه الرواية من طريق جرير بن حازم، وقد أخرجها الدارقطني في "سننه" (1/199 رقم21).
(5) في "سننه" (1/195-196 و199رقم10 و20).
(6) في الأصل :"والحكم".
(7) في "المستدرك" (1/181).
(8) في "سننه" (1/203 رقم 1).
(9) في الأصل " يحلهما"، والمثبت من "سنن الدارقطني".(2/229)
قال(1): وحدثنا حماد بن سلمة، عن عبيدالله بن أبي بكر وثابت، عن أنس - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. قال ابن صاعد : ما علمت أحدًا جاء به إلا أسد ابن موسى. قلت:" زُيَيْد بن الصلت": أوله زاي معجمة مضمومة - وقد تكسر -، ثم ياء آخر الحروف مفتوحة، ثم أخرى مثلها ساكنة، ثم دال مهملة.
وهذا الحديث ذكره الحاكم في "المستدرك"(2) بعد ماذكر حديث عقبة بن عامر : خرجت من الشام، وقال :" وقد روي عن أنس مرفوعًا بإسناد صحيح، رواته عن آخرهم ثقات، إلا أنه شاذ بمرة ".
ثم رواه من جهة المقدام بن داود الرعيني(3)، عن عبدالغفار بن داود الحراني، عن حماد بن سلمة، عن عبيدالله بن أبي بكر وثابت، عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليصل فيهما، وليمسح عليهما، ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة )) . وقال(4) فيه :"[إسناد صحيح](5) على شرط مسلم، وعبدالغفار ثقة، غير أنه ليس عند أهل البصرة عن حماد ". انتهى. وقد رواه الدارقطني(6) عن علي بن محمد المصري، عن مقدام بن داود بسنده ومتنه مثل ماتقدم ؛ فيه :/" ثم لايخلعهما ".
[ل115/أ]
واعترض ابن حزم(7) على حديث أنس هذا بأن قال :« وأسد منكر الحديث، ولم يرو هذا أحدٌ من ثقات أصحاب حماد بن سلمة ».
__________
(1) أي : أسد بن موسى.
(2) 1/181).
(3) كذا في الأصل، وفي "المستدرك" :"المقدام بن داود عن تليد الرعيني "، وهو تصحيف، فالمقدام هذا هو : ابن داود بن عيسى بن تليد الرعيني. انظر ترجمته في "لسان الميزان" (7/144 رقم 8647).
(4) أي : الحاكم في الموضع السابق.
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "المستدرك".
(6) في "سننه" (1/203-204 رقم2).
(7) في "المحلى" (2/90-91).(2/230)
واعترض أيضًا على الأثر المتقدم عن عمر - رضي الله عنه - قبل المسند بمثل هذا، وقال : « وهذا مما انفرد به أسد بن موسى،عن حماد، وأسد منكر الحديث لا يحتج به، وقد أحاله - يعني أسدًا -، والصحيح من هذا الخبر مارويناه من حديث عبدالرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة،[عن محمد بن زياد](1) قال: سمعت زُييد بن الصلت قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول :" إذا توضأ أحدكم فأدخل خفيه رجليه وهما طاهرتان، فليمسح عليهما إن شاء، ولا يخلعهما إلا من جنابة". وهذا ليس فيه:"مالم يخلعهما" كما روى أسد ». انتهى.
وهذا الذي ذكره ابن حزم في أسد لم يقله أحدمن المتقدمين فيه فيما علمناه، مع اجتهاده في الرواية وتصنيفه للعلم، ويقال : إنه أول من صنف المسند. وقد وقف المتقدمون على أمره، وفيهم المشددون في الرواية، ولم يقولوا ماقال، ولم نر فيما بين أيدينا من كتب الضعفاء والمتروكين له ذكرًا، وأبو أحمد ابن عدي شرَط أن يذكر في كتابه كل من تكلم فيه متكلم، وقد ذكر فيه جماعة من الأكابر والحفاظ لذلك، ولم يذكر أحدًا فيمن خرج في
كتابه هذا من [حيث](2) عدم الطعن مع الاشتهار. وأما التوثيق فقد ذكر أبو
الحسن ابن القطان(3)، عن أبي العرب أنه قال :" قال أبوالحسن - يعني الكوفي(4)-: أسد بن موسى ثقة "، وذكر أيضًا توثيقه عن البزار (5). وكذلك شرط أبي أحمد ابن عدي يقتضي أنه ثقة أو صدوق.
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "المحلى".
(2) في الأصل :"حديث".
(3) لم أجد كلامه هذا في "بيان الوهم والإيهام".
(4) المعروف بـ" العجلي "، وانظر توثيقه لأسد هذا في "معرفة الثقات " (1/222 رقم 79).
(5) وكذا نقله ابن حجر في "التهذيب" (1/133).(2/231)
ويليق بهذا المكان حكاية ماقاله أبوالحسن ابن القطان(1) لما ذكر عن أبي محمد عبدالحق أنه قال(2):« عمارة بن غَزِيَّة وثقه أحمد بن حنبل، وأبو زرعة، وقال فيه أبوحاتم [ويحيى بن معين](3):" صدوق صالح ". وقد ضعفه بعض المتأخرين ». فقال أبوالحسن بعد ذكر من وثقه غيرُ من تقدم :« ولا نعلم أحدًا ضعفه إلا ابن حزم، فإنه قال في كتاب "الإيصال"(4):" ضعيف "، ذكره في الزكاة في غير هذا الحديث، وأراه [مَعْنِيَّ أبي](5) محمد ببعض المتأخرين ». قال أبوالحسن :" وإن هذا لعجب أن [يترك](6) فيه أقوال معاصريه، أو من
هو أقرب إلى عصره، ويحكى فيه عمن لم يشاهده، ولا قارب ذلك، ولا
يقوم له حجة عليه !". انتهى.
ولعل أبا محمد ابن حزم وقف على ماقاله أبوسعيد ابن يونس في كتاب "الغرباء" في أسد بن موسى حيث قال فيه :" حدث بأحاديث منكرة، وكان رجلاً صالحًا، وكان ثقة فيما روى، وأحسب الآفة من غيره ". فإن كان أخذ كلامه من هنا(7) فليس بجيد، إذ فرق بين أن يقول :" روى أحاديث منكرة "، وبين أن يقول : إنه "منكر الحديث"، فإن هذه العبارة تقتضي كثرة ذلك منه حتى تصير وصفًا له، فيستحق بها أن لا يحتج بحديثه عندهم. والعبارة الأولى تقتضي وجود النكرة في أحاديث، ولا تقتضي كثرة ذلك. وقد حكم أبوسعيد ابن يونس بأنه "ثقة فيما روى"، وكيف يكون ثقة فيماروى من لا يحتج بحديثه كما ذكر ابن حزم ؟!
[ل115/ب]
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (5/569 رقم2793).
(2) في "الأحكام الوسطى" (2/187)
(3) في الأصل :"وأبوزرعة "، والتصويب من المرجع السابق، و"بيان الوهم والإيهام".
(4) وهو أيضًا في " المحلى" (5/213).
(5) في الأصل :"يعني أبا"، والتصويب من "بيان الوهم ".
(6) في الأصل :"يقول"، والتصويب من المصدر السابق.
(7) نقل الزيلعي في "نصب الراية" (1/179) كلام المصنِّف هنا، وفيه :" فإن كان أخذ كلامه من هذا ".(2/232)
وقد ذكر أبو عبدالله ابن الحذاء في كتاب "التعريف"(1) محمد بن إبراهيم ابن الحارث التيمي، فحكى عن أحمد بن حنبل أنه قال(2):" في حديثه شيء، يروي أحاديث مناكير ومنكرة ". ومحمد بن إبراهيم متفق على الاحتجاج بأحاديثه(3)،وإليه المرجع/ في حديث: (( الأعمال بالنية )) المتفق على صحته(4)،
وكذلك ذكر(5) عبدالله بن سعيد بن أبي هند، فحكى عن يحيى بن سعيد أنه قال(6):"عبدالله بن سعيد بن أبي هند صالح، تعرف وتنكر".وقد اتفق البخاري ومسلم على الإخراج عنه(7). وكذلك زيد بن أبي أنيسة، حكى(1) عن أحمد ابن حنبل أنه قال(8):" في حديثه بعض النكارة، وهو على ذلك حسن الحديث ". قال ابن الحذاء :" وقد اتفق البخاري ومسلم على الإخراج عنه(9)، وهما العمدة". فهذا قد يظهر لك الفرق بين وجود النكرة وبين كثرتها.
__________
(1) هو كتاب "التعريف بمن ذكر في الموطأ من الرجال والنساء " لمحمد بن يحيى القرطبي، المالكي، المعروف بـ"ابن الحذاء". انظر "هدية العارفين" (2/63).
(2) في "العلل ومعرفة الرجال" (1/566 رقم1355).
(3) روى له الجماعة كما في "تهذيب الكمال" (24/301 و306).
(4) أخرجه البخاري (1/135 رقم54) في الإيمان، باب ما جاء إن الأعمال بالنية والحسبة..، ومسلم (3/1515-1516 رقم1907) في الإمارة، باب قوله r : (( إنما =
= الأعمال بالنية ))، ولفظه هذا عند مسلم.
(5) أي : ابن الحذّاء.
(6) كما في"الضعفاء" للعقيلي (2/259 رقم811)، و"ميزان الاعتدال"(2/429 رقم4352).
(7) كما في "تهذيب الكمال" (15/37 و41).
(8) كما في "الضعفاء" للعقيلي (2/74 رقم519)، والعبارة فيه هكذا :" إن حديثه لحسن مقارب، وإن فيها لبعض النكارة، وهو على ذلك حسن الحديث". وقد ذكر كلامه الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2/98 رقم2990) بمثل سياق ابن الحذّاء.
(9) روى له الجماعة كما في "تهذيب الكمال" (10/18 و23).(2/233)
وبعد هذا كله فقد حكينا رواية عبدالغفار بن داود الحرَّاني متابعًا لأسد بن موسى عن حماد بن سلمة، وقول الحاكم:إن "عبدالغفار ثقة"، وكذلك يقتضي شرط ابن عدي أنه ثقة أو صدوق، ولم ير فيه قدحًا لأحد، وهذا يرد قول ابن حزم :"ولم يرو هذا الحديث [أحد](1) من ثقات أصحاب حماد بن سلمة".
وقوله في الأثر عن عمر :" وقد أحاله "، واحتجاجه على ذلك بما قال : "إنه الصحيح من هذا الخبر..." إلى آخره، حكم بالوهم - والله عز وجل أعلم -؛ إذ ليس يمنع أن يروى على الوجهين معًا، وليس من عادته الحكم بالوهم - أعني ابن حزم -. ومنها : مارواه أبو بكر الحنفي قال : حدثنا عمر بن إسحاق بن يسار - وأخوه(2) محمد بن إسحاق بن يسار - قال : قرأت كتابًا لعطاء بن يسار [مع عطاء بن يسار](3) قال: سألت ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المسح، قالت : قلت: يارسول الله! كل ساعة يمسح الإنسان على الخفين ولا يخلعهما ؟ قال : ((نعم )) . أخرجه الدارقطني(4) من جهة أحمد بن حنبل، عن أبي بكر الحنفي، ورواه أبوبكر ابن الجهم في كتابه. ومنها : حديث خزيمة بن ثابت - رضي الله عنه - قال : جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمسافر ثلاثًا، ولو مضى السائل في مسألته لجعلها خمسًا. أخرجه ابن ماجه(5).
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وسبق أن أورده المصنف (ص 176) هكذا.
(2) كذا في الأصل، ووجه إعرابه : أنه مبتدأ ومحمد خبر وليس فاعلاً، ويؤيد هذا:أنه ورد في "سنن الدارقطني" هكذا:"حدثنا عمربن إسحاق بن يسار أخو محمد بن إسحاق بن يسار".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن الدارقطني".
(4) في "سننه" (1/199 رقم22).
(5) في "سننه" (1/183 رقم553) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر.(2/234)
والذي يعتل به في هذا الحديث علل : العلة الأولى : الاختلاف في الإسناد، وله ثلاثة مخارج : رواية إبراهيم النخعي، ورواية إبراهيم التيمي، ورواية عن الشعبي. ثم في بعضها ذكر الزيادة - يعني :" لو استزدناه لزادنا "-، وبعضها ليس فيه ذلك. فأما رواية النخعي، فإنها عن أبي عبدالله الجدَلي عن خزيمة، وليس فيها ذكر الزيادة، ولم أقف على اختلاف في هذه الرواية - أعني رواية النخعي -، ولها عنه طرق، وهو مشهور عن حماد عنه، وله طرق عن حماد. ورواه شعبة عن الحكم وحماد، عن إبراهيم.
ورواه الطبراني في "الأوسط"(1) من حديث هشام بن حسان عن علي بن الحكم، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبدالله الجدَلي، عن خزيمة بن ثابت : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم [يوم](2) وليلة )) . رواه عن إدريس بن جعفر، عن عثمان بن فارس، عنه، إلا أنها عُلِّلت بأن إبراهيم لم يسمعه من أبي عبدالله الجدلي. فذكر البيهقي(3) عن أبي عيسى الترمذي أنه قال :" سألت محمدًا - يعني البخاري - عن هذا الحديث، فقال: لا يصح عندي حديث خزيمة بن ثابت في المسح ؛ لأنه لا يعرف لأبي عبدالله الجدلي سماع من خزيمة، وكان شعبة يقول : لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبدالله الجدلي حديث المسح على الخفين ". انتهى.
[ل116/أ]
__________
(1) 3/240-241 رقم3035).
(2) في الأصل :"يومًا"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) في "سننه" (1/278).(2/235)
وقد استدل على ذلك برواية زائدة [بن](1) قدامة قال : سمعت منصورًا يقول:كنا /في حجرة إبراهيم النخعي- ومعنا إبراهيم التيمي -، فذكرنا المسح على الخفين، فقال إبراهيم التيمي: حدثنا عمرو بن ميمون، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت قال : جعل لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا، ولو استزدناه لزادنا-يعني المسح على الخفين للمسافر-.أخرجه البيهقي في"السنن" بسنده(2). وأما رواية إبراهيم التيمي فمشهورها روايته عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة، ثم هي على وجهين : [أحدهما](3): مافيه من الزيادة، [ومالا(4)](5) زيادة فيه.
فأما مافيه الزيادة، فهي صحيحة مشهورة بهذا الإسناد عن منصور عن إبراهيم. وله طرق عن منصور - وفيها الزيادة - خرَّجها الطبراني(6).
ومن أصحها رواية زائدة التي قدمناها، وذكرنا أن البيهقي أخرجها بالقصة.
[ورواها](7) الطبراني(8) من جهة حسين بن علي عن زائدة بالسند، من غير قصة ولا زيادة.
وكذلك من صحيحها : رواية سفيان بن عُيينة(9) عن منصور بالسند المذكور وفيها الزيادة.
ورواه أحمد وإسحاق(10) عن وكيع، عن سفيان، عن حماد ومنصور، عن
__________
(1) في الأصل :"من"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(2) 1/277).
(3) في الأصل " أحدها ".
(4) أي : والوجه الثاني : ما لا زيادة فيه.
(5) في الأصل :"مالا" سقطت الواو.
(6) في "معجمه الكبير" (4/93-94 أرقام 3754- 3757).
(7) في الأصل :"ورواهما "، والتصويب من "نصب الراية" (1/175) نقلاً عن المصنِّف، ويؤكده : أن الطبراني رواها من طريق واحد.
(8) في الموضع السابق برقم (3753).
(9) عند الطبراني في الموضع السابق برقم (3754).
(10) ومن طريقهما أخرجه الطبراني في"المعجم الكبير" (4/100 رقم3789). وهو في "مسند=
= أحمد" (5/214).(2/236)
إبراهيم، عن أبي عبدالله الجدَلي، عن خزيمة بن ثابت - رضي الله عنه - في مسح المسافر والمقيم. قال عبدالله(1):" قال أبي : هذا خطأ "، كأنه أراد الخطأ في رواية منصور، عن إبراهيم على هذا الوجه، لا في رواية حماد، فإن الصحيح في حديث منصور : رواية عمرو بن ميمون كما تقدم.
وروى هذا الحديث سعيد بن مسروق، عن إبراهيم بالسند المذكور، ورواه عن سعيد ولداه : سفيان(2) وعمر(3)، وشريك(4) بن عبدالله القاضي.
وقد روى أبوحاتم ابن حبان في "صحيحه"(5) رواية سعيد بن مسروق هذه، عن إبراهيم التيمي، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه سُئل عن المسح على الخفين؟ فقال : (( للمسافر ثلاثًا، وللمقيم يومًا )) . رواه عن محمد بن عبدالله بن الجُنيد، عن قتيبة بن سعيد، عن أبي عوانة، عن سعيد بن مسروق.
ومقتضى ماقدمناه من القصة : أن يكون بين إبراهيم التيمي وأبي عبدالله
الجدلي عمرو بن ميمون، إلا أن هذا على الطريقة الفقهية لا يضر في صحة الحديث ؛ لأنه يثبت زيادة عمرو بن ميمون في الإسناد بين إبراهيم التيمي وأبي عبدالله الجدلي، وعمرو بن ميمون ثقة، فلا يضر تركه في بعض الروايات بعد ثبوته في بعضها.
__________
(1) نقله عنه الطبراني في الموضع السابق من "معجمه ".
(2) وروايته عند الطبراني في "المعجم الكبير" (4/92 رقم3749).
(3) وروايته عند الطبراني في الموضع السابق برقم (3750).
(4) وروايته عند الطبراني في الموضع السابق برقم (3751).
(5) 4/159-160 رقم1330/الإحسان)، لكن زاد المحقق في الإسناد :"عن عمرو بن ميمون" بين إبراهيم التيمي وأبي عبدالله الجدلي ؛ اعتمادًا على رواية الترمذي !(2/237)
وماقاله البخاري(1) رحمه الله تعالى في أنه :" لا يعرف لأبي عبدالله الجدلي سماع من خزيمة "، فلعله على الطريقة المحكية عنه : أنه يشترط أن يعرف سماع الراوي عمن روى عنه، ولا يكتفي بإمكان اللقاء.
وماذكرناه عن شعبة(2) من أنه:" لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبدالله الجدلي حديث المسح على الخفين "، فالقصة المذكورة تدل على أنه سمعه من إبراهيم التيمي، وإبراهيم التيمي من عمرو بن ميمون، والكل ثقات(3).
وفي رواية عبدالرزاق(4) عن سفيان :" أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أن نمسح على الخفين يومًا وليلة إذا أقمنا، وثلاثًا إذا سافرنا، وأيم الله ! لو مضى السائل في مسألته لجعلها خمسًا ". رواه البيهقي(5) من جهة الرمادي، عن عبدالرزاق.
[ل116/ب]
ورواه يحيى بن سعيد عن الثوري(6)،/ وفيه :" ولو استزدته لزادنا ".
وفي رواية عمر بن سعيد عن أبيه(7)-من جهة سفيان بن عُيينة، عن عمر-:
"ولو مضى السائل في مسألته لزاده ". وأما مالا زيادة فيه : ففي رواية أبي عوانة، عن سعيد بن مسروق، عن إبراهيم التيمي بالسند، عن خزيمة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه سُئل عن المسح على الخفين، فقال : (( للمسافر [ ثلاثة](8)، وللمقيم يوم )) لم يزد. أخرجه الترمذي(9)، فهذا مشهور.
__________
(1) نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" (ص53 رقم64).
(2) كما في المرجع السابق.
(3) انظر "التقريب" الأرقام (2805 و272 و8269 و271 و5156).
(4) في "مصنفه" (1/203 رقم790).
(5) في "سننه" (1/277).
(6) أشار إلى هذه الرواية البيهقي في الموضع السابق.
(7) سبقت الإشارة إليها في الصفحة السابقة.
(8) في الأصل :"ثلاثًا"، والتصويب من "سنن الترمذي".
(9) في "سننه" (1/158 رقم95)، أبواب الطهارة، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم.(2/238)
وخالف أبو الأحوص فرواه عن منصور، عن إبراهيم التيمي، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، فأسقط من الإسناد عمرو بن ميمون(1).
وهكذا رواه عمر بن أبي عثمان الواسطي فيما أخرجه الطبراني في "أوسط معاجمه"(2) عن محمد بن نوح بن حرب، عن إبراهيم بن إسماعيل العجلي، عن عمر المذكور قال(3): حدثني عمرو بن عبيد، عن أبي معشر، عن إبراهيم، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت - رضي الله عنه - قال : أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه وقَّت للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يومًا(4) وليلة، يمسح على الخفين. قال(5):" ولم يرو هذا الحديث عن عمرو بن عبيد إلا عمر بن أبي عثمان ". ووجه آخر من المخالفة في حديث التيمي : رواه شعبة، عن سلمة بن كُهيل - وهو بضم الكاف وفتح الهاء -، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سُويد، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة بن ثابت - رضي الله عنه - ليس فيه الزيادة ولا مسح المقيم، فزاد في الإسناد الحارث بن سُويد بين التيمي وعمرو بن ميمون، وأسقط الجدلي. أخرج هذه الرواية كذلك الطبراني(6) والبيهقي(7). قال البيهقي :" ورواه الثوري عن سلمة، فخالف شعبة في إسناده ". قال :" أخبرناه عمر بن عبدالعزيز..."، ثم ساق السند إلى سفيان بن سعيد، عن سلمة بن كهيل، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سُويد، عن عبدالله قال :" يمسح المسافر ثلاثًا ". قال : وقال الحارث :" ماأخلع خُفي حتى آتي فراشي ". قال : "ورواه يزيد بن أبي زياد، عن التيمي فخالفهم جميعًا. أخبرناه أبو [نصر](8)
__________
(1) وروايةأبي الأحوص هذه أخرجها الطبراني في "المعجم الكبير" (4/93-94 رقم3756)، ثم قال :" أسقط أبو الأحوص من الإسناد عمرو بن ميمون ".
(2) 7/153 رقم7135).
(3) أي عمر بن أبي عثمان.
(4) كذا في الأصل، وفي "المعجم الأوسط" :"يوم".
(5) أي الطبراني.
(6) في "الكبير" (4/94 رقم3759، 3760).
(7) في "سننه" (1/278).
(8) في الأصل :"منصور"، والتصويب من المصدر السابق.(2/239)
عمر بن عبدالعزيز..."، ثم ساق السند إلى يزيد، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سُويد، عن عمر قال :" يمسح المسافر على الخفين ثلاثًا ".
وأما رواية الشعبي(1) فمن جهة ذوَّاد بن عُلبة الحارثي، عن مطرف، عن
الشعبي، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( يمسح المسافر ثلاثة أيام )) . ولو استزدناه لزادنا.
و " ذوَّاد بن عُلبة ": أوله ذال معجمة مفتوحة، بعدها واو مشددة، وآخره دال مهملة. و" عُلبة " والده : أوله عين مضمومة، ثم لام ساكنة،
بعدها باء موحدة.
[ل117/أ]
أخرجه الطبراني(2) والبيهقي(3) من حديث ذوَّاد، وقال البيهقي :" وهو ضعيف ". العلة الثانية : الانقطاع، فقال البيهقي:" قال الترمذي(4): سألت محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - عن هذا الحديث، فقال : لا يصح عندي حديث خزيمة بن ثابت في المسح ؛ لأنه لا يعرف لأبي عبدالله الجدَلي سماع من خزيمة، وكان شعبة يقول : لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي/ عبدالله الجدلي(5) حديث المسح على الخفين ". والعلة الثالثة : ماذكره ابن حزم(6) أن أباعبدالله الجدلي صاحب رَايَة الكافر المختار، لا يعتمد على روايته. وأقول : ذكر الترمذي(7) في كتابه " الجامع " بعد إخراجه حديث خزيمة من جهة أبي عوانة بسنده كما قدمته، قال :" وذكر عن يحيى بن معين أنه صحّح حديث خزيمة في المسح. وأبو عبدالله الجدلي اسمه عبدُ بن عبد، ويقال : عبدالرحمن بن عبد. قال أبوعيسى : وهذا حديث حسن صحيح ".
__________
(1) وهي عند الطبراني والبيهقي كما سيأتي.
(2) في "معجمه الكبير" (4/94-95 رقم3761).
(3) في الموضع السابق من "سننه".
(4) في "العلل الكبير" كما تقدم قريبًا (ص 180).
(5) من قوله:"سماع من خزيمة" إلى هنا مكرر في الأصل.
(6) في "المحلى" (2/89).
(7) في " سننه " (1/158-159) أبواب الطهارة، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم.(2/240)
وأبو عيسى صحح الحديث، وذكر ما ذكر عن يحيى بن معين، وطريق
هذا : أن تعلل طريق إبراهيم النخعي بالانقطاع - كما قال الترمذي(1):" وقد روى الحكم بن عتيبة وحماد، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت ولايصح ؛ قال علي بن المديني : قال يحيى بن سعيد : قال شعبة : لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبدالله الجدلي حديث المسح. وقال زائدة، عن منصور: كنا في حجرة إبراهيم التيمي ومعنا إبراهيم النخعي(2)..." الحكاية -، ورواية الشعبي فيها ما ذكر البيهقي : ضعف ذوَّاد، ونرجع إلى طريق إبراهيم التيمي. فالروايات متظافرة متكثرة برواية التيمي له عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة - رضي الله عنه -.
وأما إسقاط أبي الأحوص لعمرو بن ميمون في الإسناد، فالحكم لمن زاده؛ لأنه زيادة عدل، لا سيما وقد انضم إليه الأكثر من [الرواة](3)، واتفاقهم على هذا دون أبي الأحوص.
وأما زيادة سلمة بن الحارث وإسقاطه الجدلي، فيقال في إسقاطه الجدلي ماقيل في إسقاط أبي الأحوص له.
__________
(1) في المرجع السابق (1/160).
(2) كذا في الأصل و"سنن الترمذي"، ونص العبارة في "سنن البيهقي" :" كنا في حجرة إبراهيم النخعي ومعنا إبراهيم التيمي ".
(3) في الأصل :"الرواية"، وكذا جاء في "البدر المنير" (2/146/مخطوط) نقلاً عن المصنف، والتصويب من "نصب الراية" (1/176) نقلاً عن المصنف أيضًا.(2/241)
وأما زيادة الحارث بن سُويد، فمقتضى المشهور من أفعال المحدثين والأكثر : أن يُحكم بها، ويجعل منقطعًا فيما بين إبراهيم وعمرو بن ميمون ؛ لأن الظاهر أن الإنسان لا يروي حديثًا عن رجل عن ثالث وقد رواه هو عن ذلك الثالث ؛ لقدرته على إسقاط الواسطة، لكن إذا عارض هذا الظاهر دليل أقوى منه عُمل به، كما فُعل في أحاديث حكم فيها بأن الراوي علا ونزل في الحديث الواحد، فرواه على الوجهين، وفي هذا الحديث قد ذكرنا زيادة زائدة وقصّه في الحكاية، وأن إبراهيم التيمي قال : حدثنا عمرو بن ميمون، فصرح بالتحديث، فمقتضى هذا التصريح لقائل أن يقول : لعل إبراهيم سمعه من عمرو بن ميمون ومن الحارث بن سُويد عنه. ووجه آخر على طريقة الفقه، وهو أن يُقال : إن كان متصلاً فيما بين التيمي وعمرو بن ميمون فذاك، وإن كان منقطعًا فقد [ تبيّن](1) أن الواسطة بينهما الحارث بن سُويد، وهو من أكابر الثقات ؛ قال ابن معين(2):" ثقة، ما بالكوفة أجود إسنادًا منه ". وقال أحمد بن حنبل(3):" مثل هذا [ يُسأل](4) عنه ؟!" لجلالة قدره ورفعة منزلته. وأخرج له الشيخان في "الصحيحين" وبقية الجماعة(5).
[ل117/ب]
__________
(1) في الأصل :"بيّن"، والمثبت من "نصب الراية" (1/177).
(2) في "الجرح والتعديل" (3/75 رقم350) قوله :"ثقة" فقط. أما قوله الآخر فقد ذكره المزي في "تهذيب الكمال" (5/236) هكذا :" ما بالكوفة أجود إسنادًا منه : إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن علي بن أبي طالب، عن النبي r "، والظاهر أنه أخذه من "تاريخ ابن أبي خيثمة" لعزوه قولاً قبله إليه.
(3) كما في الموضع السابق من "تهذيب الكمال" نقلاً عن رواية الميموني.
(4) في الأصل :" لا يسأل"، والمثبت من "تهذيب الكمال"، وكذا جاء في "نصب الراية" (1/177) نقلاً عن المصنِّف.
(5) كما في "تهذيب الكمال" (5/235 و237).(2/242)
وأما قول البيهقي(1)بعد رواية شعبة :"ورواه الثوري عن سلمة، فخالف شعبة في إسناده"، فكأنه يريد التعليل بالمخالفة التي ذكرها عن الثوري ويزيد ابن أبي زياد، فهذا عندي ضعيف؛ لأنه إنما يعلل رواية برواية إذا ظهر/ اتِّحَاد الحديث، والذي ذكره عن الثوري فتوى عن ابن مسعود في توقيت المسح للمسافر، والذي ذكره عن يزيد فتوى لعمر - رضي الله عنه - في التوقيت لمسح المسافر أيضًا، وهما موقوفان غير مرفوعين إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا دليل على اتّحادهما مع الأول ليُعلل به، نعم لو كان في كل واحدة من الروايتين :" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "، لقوي ما قال من وجه.
وأما قول البخاري(2) رحمه الله تعالى : إنه " لا يعرف لأبي عبدالله الجدلي سماع من [خزيمة]"(3)، فلعل هذا بناءً على ماحُكي عن بعضهم : أنه يشترط في الاتصال أن يثبت السماع للراوي من المروي عنه ولو مرة، هذا أو معناه، وقيل : إنه مذهب البخاري. وقد أطنب مسلم في الرد لهذه المقالة، واكتفى بإمكان اللُّقِىّ، وذكر في ذلك شواهد.
__________
(1) في "سننه" (1/278).
(2) ذكره عنه الترمذي في "علله الكبير" (ص53 رقم64)، وتقدم.
(3) في الأصل :"عمر"، وكذا جاء في "نصب الراية" (1/177) نقلاً عن المصنف، والتصويب من "البدر المنير" (2/146-147/مخطوط) نقلاً عن المصنف أيضًا. وتقدم على الصواب.(2/243)
وأما ماذكره أبومحمد ابن حزم(1) من " أن أباعبدالله الجدلي صاحب راية المختار لا يعتمد على روايته "، فعبد بن عبد أبوعبدالله الجدلي لم يقدح فيه أحد من المتقدمين، ولا قال فيه ماقال ابن حزم فيما علمناه، ووثقه أحمد بن حنبل(2)، ويحيى بن معين(1)، وهما هما، وصحح الترمذي حديثه، وما اعتلّ به من كونه صاحب راية المختار الكافر، فقد ذُكر مثل ذلك في أبي الطفيل، وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأجيب عنه بأن المختار أظهر أولاً في خروجه القيام بثأر الحسين، فكان معه من كان، وماكان يقوله من غير هذا فلعله لم يطلع عليه أبوالطفيل ولا علمه منه، وهذا مطرد في الجدلي، والله عز وجل أعلم بالصواب. ومنها - وهو أشهرها -: مارواه أبوداود(3) من جهة يحيى بن أيوب، عن عبدالرحمن بن رزين، عن محمد بن يزيد، عن أيوب بن قطن، عن أُبَيّ بن عمارة -[قال يحيى بن أيوب](4): وكان قد صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - القبلتين -: أنه قال : يارسول الله! أمسح على الخفين؟ قال : (( نعم ))، قال : يومًا ؟ قال : ((ويومين ))، قال:وثلاثة؟ قال : (( نعم، وماشئت )).وفي رواية:حتى بلغ سبعًا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( نعم، مابدا لك )) . قال أبوداود(5):" قد اختلف في إسناده وليس بالقوي ". قال شيخنا(6): "وبمعناه قال البخاري، وقال الإمام أحمد بن حنبل(7): رجاله لا يعرفون ". قلت : وقد أخرجه الدارقطني(8)
__________
(1) في "المحلى" (2/89)، وتقدم.
(2) كما في "الجرح والتعديل" (6/93 رقم484).
(3) في "سننه" (1/109-110 رقم158) كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح، ولكن سياق المصنف موافق لطبعة عوامة (1/223 رقم 159).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(5) في "سننه" (1/111).
(6) أي : المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/119-120).
(7) قول الإمام أحمد هذا ذكره ابن الجوزي في "التحقيق" (1/209).
(8) في "سننه" (/198 رقم19).(2/244)
وقال :" هذا [الإسناد لا](1) يثبت، وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافًا كثيرًا، وقد(2) [بيَّنته](3) في موضع آخر(4)، وعبدالرحمن ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن مجهولون كلهم، والله عز وجل أعلم ". انتهى.
و" أُبَيّ بن عمارة ": المعروف في عِمارة كسر العين.
والاختلاف الذي أشار إليه أبوداود [والدارقطني](5) هو : أنه ورد عن يحيى بن أيوب على وجوه(6): منها (7): عنه، عن عبدالرحمن بن رزين، عن محمد بن يزيد، عن عُبادة بن نُسَيّ، عن أُبي. ومنها (8): عنه، عن عبدالرحمن بن رزين، عن محمد بن يزيد،
__________
(1) في الأصل :"إسناد ولا"، والتصويب من المصدر السابق.
(2) في "سنن الدارقطني" :" قد ".
(3) في الأصل :"بينه"، والتصويب من المصدر السابق.
(4) لعله في "العلل"، لكن مسند أُبَيّ بن عمارة t يبدو أنه من ضمن المفقود منها.
(5) في الأصل :"الدارقطني" سقطت الواو.
(6) أخذ المصنِّف هذا التفريع في ذكر الاختلاف عن ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (3/324-325).
(7) أخرجها الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/79 رقم494) من طريق ابن أبي مريم عن يحيى بن أيوب، به.
وأشار إليها أبو داود في "سننه" (1/110) في الطهارة، باب التوقيت في المسح.
(8) أخرجها ابن ماجه في "سننه" (1/184-185 رقم557) كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في المسح بعد توقيت، والطحاوي في الموضع السابق برقم (495 و496).(2/245)
[عن](1) أيوب بن قطن، عن عُبادة بن نُسَيّ، عن أُبي بن عمارة . ومنها (2): عنه هكذا إلى عُبادة بن نُسَيّ من غير أُبي بن عمارة، لكن يرسله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ومنها (3): عن يحيى بن أيوب، عن عبدالرحمن، عن محمد،[عن](4) وهب ابن قطن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ذكر ابن القطان(5) أن ابن السكن أشار إليه :" ولم يوصل به إسنادًا، إنما قال : ويقال أيضًا : عن يحيى بن أيوب، عن عبدالرحمن، عن محمد، عن وهب بن قطن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
[ل118/أ]
وقال الحافظ أبوزرعة عبدالرحمن بن عمرو الدمشقي النصري - بالنون - في "تاريخه"(6):" سمعت أحمد بن حنبل يقول :/ حديث أُبي بن عمارة ليس بمعروف الإسناد "، ثم قال أبوزرعة :" فناظرت أباعبدالله أحمد بن حنبل في حديثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [في المسح](7)- يعني حديث أُبي بن عمارة -، فلم
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، والتصويب من "بيان والوهم" ومصادر التخريج لهذه الطريق.
(2) لم أجد من أخرج هذه الطريق،ولكن أشار إليها المزي في "تحفة الأشراف"(1/10 رقم6).
(3) لم أجد من أخرج هذه الطريق موصولة، وقد ذكر المصنف عن ابن القطان أن ابن السكن أشار إليها ولم يسندها، وكذلك أشار إليها أبو نعيم في "معرفة الصحابة" المطبوع (2/176 -177)، والمزي في الموضع السابق من "تحفة الأشراف"، إلا أنهما ذكراه عن وهب بن قطن، عن أبي.
(4) في الأصل :"بن"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام".
(5) في "بيان الوهم والإيهام" (3/325).
(6) 1/631).
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "تاريخ أبي زرعة".(2/246)
يقنع به. قلت له : فحديث عطاء بن يسار، عن ميمونة، حدثت به أباعبدالله - أعني في المسح أيضًا -، قال : ذلك من كتاب. قال أبوزرعة : قلت لأبي عبدالله :[فإلى](1) أي شيء ذهب أهل المدينة في المسح أكثر من ثلاث ويوم وليلة ؟ قال : لهم فيه أثر. وقال لي أبوعبدالله أحمد بن حنبل : حديث خزيمة مما لعله أن يدلّ على معنى(2) حجة لهم ؛ قوله : ولو استزدته لزادني ". قلت : هذا الأثر الذي أشار إليه أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى الأقرب أنه أراد به الرواية عن ابن عمر، فإنه صحيح عنه من رواية عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه كان لا يوقّت في المسح على الخفين وقتًا(3).
__________
(1) في الأصل :" قال"، وأشار محقق "تاريخ أبي زرعة" إلى أنها في الأصل الذي اعتمده كذلك "قال"، ولكنه حذفها، والتصويب من "نصب الراية" (1/178) نقلاً عن المصنِّف، وكذا جاء على الصواب في "البدر المنير" المخطوط (2/150)، وأظنه نقلاً عن المصنف أيضًا.
(2) في "تاريخ أبي زرعة" المطبوع :" يعني ".
(3) في الأصل بعد قوله :" وقتًا " الإشارة التي يضعها الناسخ في نهاية الكلام، وهي تشبه الهاء، فقد يظن أن الكلمة :"وقتادة".(2/247)
ذكر عبدالله بن أحمد بن حنبل في كتاب "العلل"(1) :"سمعت أبي يقول : سمعت من عبدالله بن رجاء المكي أبي عمران حديثين:حدثنا عبدالله بن رجاء المكي، عن هشام : أن الحسن ومحمدًا كان رأيهما : أن لا يُجْهَرَ(2) ببسم الله الرحمن الرحيم. حدثني أبي، ثنا عبدالله بن رجاء قال : قال عبيدالله : قال نافع : قال ابن عمر :[ يمسح](3) مالم يخلع،[وكان](4) لا يوقِّت في الخلع. قال أبي: فقلت لابن رجاء :[قل](5): حدثنا عبيدالله. قال أبي : وكان يقول: قال عبيدالله : قال نافع : قال ابن عمر، كذا كان يقول ". ويحتمل أن يريد غير ذلك من الآثار : منها : رواية حماد بن زيد، عن كثير، عن الحسن قال : سافرنا مع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانوا يمسحون خفافهم بغير وقتٍ ولا عدد. رواه ابن الجهم عن موسى بن هارون، عن أبي الربيع، عن حماد بن زيد، وعلله ابن حزم(6) بأن قال :" وكثير ضعيف جدًّا "؛ يعني كثير بن شنظير. و"كثير" وإن كان قيل فيه شيء من هذا ؛ قال النسائي(7):" ليس بالقوي ". وفي رواية عباس عن يحيى(8):" ليس بشيء "؛ فقد قال عثمان بن سعيد الدارمي(9)- فيما رواه ابن عدي(10)-:" سألت يحيى عن كثير بن شنظير فقال : ثقة ". ومنها : رواية أسامة، عن إسحاق، عن زائدة : أن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - خرج من الخلاء، فتوضأ ومسح على خفيه، فقلت له : تمسح عليهما وقد خرجت من الخلاء ؟! قال : نعم
__________
(1) 3/433 رقم 5839-5841).
(2) في المرجع السابق :"يجهرا".
(3) في الأصل :"مسح"، والتصويب من "العلل".
(4) في الأصل :"إن كان"، والتصويب من المصدر السابق.
(5) في الأصل :"قال"، والتصويب من المصدر السابق.
(6) في "المحلى" (2/92).
(7) كما في "تهذيب الكمال" (24/124)، وقال في "الضعفاء" (ص229 رقم508) : "ضعيف".
(8) أي : ابن معين في "تاريخه" (2/493 رقم4014).
(9) في "تاريخه" (ص 196 رقم718).
(10) في "الكامل" (6/70 رقم1605).(2/248)
إذا أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان، فامسح عليهما ولا تخلعهما إلا لجنابة. رواه ابن الجهم في كتابه عن محمد بن عبدوس، عن أبي بكر ابن أبي شيبة(1)، عن أبي بكر الحنفي، عن أسامة.
وروى(2) أيضًا عن محمد بن عبدوس، عن أبي بكر(3)، عن هشيم، عن منصور ويونس، عن الحسن : أنه كان يقول في المسح على الخفين :" يمسح عليهما، ولا يجعل لذلك وقتًا إلا من جنابة ".
وعن محمد بن [مسلمة](4)، عن يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة : أنه كان لا يوقت في المسح، يقول :" امسح ماشئت(5)".
وعن محمد بن عبدوس، عن أبي بكر(6)، [عن](7) عَثَّام(8)، عن هشام بن عروة، عن أبيه : أنه كان لا يوقِّت في المسح. قلت :"عَثَّام" هذا : بالعين المهملة، بعدها ثاء مثلثة.
فصل فيما يفعله من خلع نعليه بعد المسح
[ل118/ب]
__________
(1) وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" هذا (1/168 رقم1933)، فلعل المصنِّف لم يقف عليه.
(2) أي : ابن الجهم.
(3) أي : ابن أبي شيبة، وهو في الموضع السابق من "مصنفه" برقم (1934).
(4) في الأصل :"سلمة"، والتصويب من "تهذيب الكمال" (32/266).
(5) وهو في الموضع السابق من "مصنف ابن أبي شيبة" برقم (1935) من رواية ابن أبي شيبة عن يزيد بن هارون.
(6) هو ابن أبي شيبة، وهو في الموضع السابق من "مصنفه" برقم (1936).
(7) مابين المعكوفين تصحّف في الأصل إلى :" بن "، والتصويب من المصدر السابق، وانظر "تهذيب الكمال" (19/335 و336).
(8) هو ابن علي.(2/249)
/روى البيهقي(1) من جهة يزيد بن عبدالرحمن - وهو الدالاني -، عن يحيى بن إسحاق، عن سعيد بن أبي مريم، عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - في الرجل يمسح على خفيه، ثم يبدو له فينزعهما - قال :" يغسل قدميه ". ورواه من جهة البخاري - أعني في "التاريخ"(2)- قال البخاري : "ولا يعرف أن يحيى سمع من(3) سعيد أم لا، ولا سعيد(4) من [أصحاب](5) النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
وروى البيهقي(6) أيضًا حديث أبي بكرة الذي قدمناه من جهة الحسن بن علي بن عفان، عن زيد بن الحُباب، عن عبدالوهاب الثقفي بسنده، وقال فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة المسح قال :"وكان أبي ينزع خفيه، ويغسل رجليه ".
وروى الدارقطني(7) من حديث إبراهيم، عن علقمة والأسود - في الرجل يتوضأ ويمسح على خفيه، ثم يخلعهما - [قالا](8):" يغسل رجليه ". أخرجه عن أبي بكر النيسابوري، عن إسحاق بن خلدون، عن الهيثم بن جميل، عن
عبدالله بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن حماد، عن إبراهيم. انتهى.
"ورواه أبوحنيفة، عن حماد، عن إبراهيم نفسه "(9).
__________
(1) في "سننه" (1/289).
(2) 3/512-513 رقم1703).
(3) في "سنن البيهقي" المطبوع :" سمع عن ".
(4) في "التاريخ الكبير" :" ولا سعيدًا "؛ أي : ولا يعرف أن سعيدًا.
(5) في الأصل :"صاحب"، والمثبت من "التاريخ الكبير"، و"سنن البيهقي".
(6) في الموضع السابق.
(7) في "سننه" (1/205 رقم 7)، ومن طريقه البيهقي في "السنن" (1/290).
(8) في الأصل :"ولا"، والتصويب من المصدر السابق.
(9) وهذا نص عبارة البيهقي في الموضع السابق من "سننه".(2/250)
وروى أبو أحمد ابن عدي(1) من جهة الأعمش، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم قال :" إذا مسح على خفيه ثم خلعهما، خلع وضوءه ". ورواه(2) [عن](3) إسحاق المنجنيقي(4)، ثم قال(5):« روي عن إبراهيم في هذه المسألة قولان آخران : قال :" يغسل رجليه "، وروي عنه أيضًا قال :" لاشيء عليه "، والأول أصح، والله عز وجل أعلم ».
وروى البيهقي(6) من جهة الأوزاعي :" سألت الزهري عن رجل توضأ فأدخل رجليه الخفين طاهرتين، ثم أحدث فمسح عليهما، ثم نزعهما : أيغسلهما، أم يستأنف وضوءه ؟ قال: بل يستأنف وضوءه ". قال البيهقي : "وروي عن مكحول مثل ذلك ".
فصل في المسح على الموق
روى أبوداود(7) من جهة شعبة،[عن](8) أبي بكر - يعني ابن حفص بن عمر بن سعد -: سمع [أبا](9) عبدالله،[عن](2) أبي عبدالرحمن أنه شهد عبدالرحمن بن عوف يسأل بلالاً عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال :" كان يخرج يقضي حاجته، فآتيه بالماء، فيتوضأ ويمسح على عمامته وموقيه ".
وقيل في أبي عبدالله هذا:إنه مولى بني تميم،ولم يُسَمّ هو ولا أبوعبدالرحمن، ولا رأيت في الرواة عن كل واحد منهما إلا واحدًا، وهو ماذكر في الإسناد.
__________
(1) في "الكامل" (3/396)، ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق.
(2) أي : ابن عدي.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه.
(4) هو إسحاق بن إبراهيم بن يونس المنجنيقي شيخ ابن عدي في هذا الحديث. انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (14/141).
(5) الظاهر أن القائل هو ابن عدي، ولكني لم أجد كلامه الآتي في "الكامل"، لا المطبوع ولا نسخة أحمد الثالث من المخطوط.
(6) في "سننه" (1/290).
(7) في "سننه" (1/106-107 رقم153) كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.
(8) في الأصل :"بن"، والتصويب من المصدر السابق.
(9) في الأصل :"أباه"، والتصويب من المصدر السابق.(2/251)
وروى البيهقي(1) من جهة علي بن عبدالعزيز، عن الحسن بن الربيع، عن أبي شهاب [الحناط](2)، عن عاصم الأحول،عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمسح علىالموقين والخمار.
وروى أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(3) عن نصر بن مرزوق المصري،عن [أسد](4) بن موسى،عن حماد بن سلمة،عن أيوب،[عن أبي](5) قلابة، عن أبي
إدريس الخولاني، عن بلال - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه مسح على الموقين والخمار.
وروى يعقوب بن سفيان الحافظ في "مشيخته" عن أبي محمد ابن واضح السُّلمي، حدثنا مخلد بن حسين، عن هشام، عن حميد بن هلال، عن عبدالله بن الصامت، عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال :" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على الموقين والخمار ".
[ل119/أ]
واختلفت عبارتهم في الموق، فقال ابن /سيده(6):" والموق : ضرب من الخفاف. والجمع أمواق، عربي صحيح ". وحكى الأزهري(7)، عن الليث : " الْمُوقان : ضرب من الخفاف. ويجمع على الأمواق ". وقال الجوهري(8): "الموق : الذي يلبس فوق الخف، فارسي مُعرب". وقال القزاز :" الموق : الخف، فارسي معرب، وجمعه أمواق". وكذا قال الهروي(9):" الموق : الخف، فارسية معربة ". وقال كراع :" الموق : الخف، والجمع أمواق ".
فصل في المسح على الجوربين والنعلين
__________
(1) في "سننه" (1/289).
(2) في الأصل:"الخياط". ولم تنقط في "سنن البيهقي". وانظر "تهذيب الكمال" (16/485).
(3) 1/95 رقم189).
(4) في الأصل :"أسعد"، والتصويب من المصدر السابق، وانظر "تهذيب الكمال" (7/257) ترجمة حماد بن سلمة.
(5) في الأصل :"بن"، والتصويب من المصدر السابق.
(6) في "المحكم" (6/369)، ونقله عنه ابن منظور في "لسان العرب" (10/350).
(7) في "تهذيب اللغة" (9/363).
(8) في "الصحاح" (4/1557).
(9) في "الغريبين" (5/319).(2/252)
روى أبوقيس الأودي عن هُزَيل بن شرحبيل، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على الجوربين والنعلين. أخرجه أبوداود(1) والترمذي(2) وابن ماجه(3)، وقال الترمذي :" هذا حديث حسن صحيح ". وقال أبوداود :" كان عبدالرحمن لا يحدث بهذا الحديث ؛ لأن المعروف عن المغيرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين. وروي هذا أيضًا عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه مسح على الجوربين، وليس بالمتصل ولا بالقوي ". قال أبوداود :" ومسح على الجوربين(4) علي بن أبي طالب وابن مسعود والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبوأمامة وسهل بن سعد وعمرو بن حريث. وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس - رضي الله عنهم - ".
وسئل الدارقطني(5) عن حديث هزيل بن شرحبيل، عن المغيرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه مسح على الجوربين والنعلين، فقال :" يرويه الثوري، عن أبي قيس الأودي، عن هزيل بن شرحبيل، عن المغيرة. ورواه كليب بن وائل، عن أبي قيس، عمن أخبره عن المغيرة، وهو هزيل، ولكنه لم يسمِّه، ولم يروه غير أبي قيس، وهو مما يُغمز(6) عليه به ؛ لأن المحفوظ عن المغيرة : المسح على الخفين ". انتهى.
__________
(1) في "سننه" (1/112-113 رقم159) كتاب الطهارة، باب المسح على الجوربين.
(2) في "سننه" (1/167 رقم99) أبواب الطهارة، باب ماجاء في المسح على الجوربين والنعلين.
(3) في "سننه" (1/185 رقم559) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في المسح على الجوربين والنعلين.
(4) تكرر في الأصل قوله :" قال أبوداود : ومسح على الجوربين".
(5) في "علله" (7/112 رقم1240).
(6) في "العلل":"يعد" وأشار المحقق في الهامش إلى أن في نسخة أخرى "يغمز" كما هو هنا.(2/253)
و"أبو قيس الأودي" اسمه : عبدالرحمن بن ثروان - بفتح الثاء المثلثة، وسكون الراء المهملة -. و"الأودي" في نسبه : بفتح الهمزة، وسكون [الواو](1)، وبالدال المهملة، احتج البخاري به في "صحيحه"(2)، وسئل عنه أبوحاتم فقال(3):" ليس بالقوي، هو قليل الحديث، وليس بحافظ. قيل له: كيف حديثه؟ قال: صالح، هو لين الحديث ". وعن أحمد أنه قال(4):" لايحتج بحديثه". و"هُزَيل": بفتح الزاي المعجمة.
وذكر البيهقي في"السنن"(5) قال :"قال أبومحمد- يعني يحيى بن منصور-: رأيت مسلم بن الحجاج ضعّف هذا الخبر، وقال : أبوقيس الأودي وهزيل بن شرحبيل لا يحتملان هذا، مع مخالفتهما الأجلَّة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة، فقالوا : مسح على الخفين، [وقال](6): لا نترك ظاهر القرآن بمثل أبي [قيس](7) وهزيل، فذكرت هذه الحكاية عن مسلم لأبي العباس محمد بن عبدالرحمن الدَّغُولي، فسمعته يقول : سمعت(8) علي بن محمد بن شيبان يقول: سمعت أباقدامة السرخسي يقول : قال عبدالرحمن بن مهدي : قلت لسفيان الثوري : لو حدثتني بحديث أبي قيس عن هزيل ماقبلته منك، فقال سفيان : /الحديث ضعيف - أو واهٍ أو كلمة نحوها -". قلت :" الدَّغولي ": بفتح الدال المهملة، وبعدها غين معجمة.
[ل119/ب]
__________
(1) في الأصل :" الراء"، والمثبت هو الصواب.
(2) كما في "تهذيب الكمال" (17/20 و22).
(3) كما في "الجرح والتعديل" (5/218 رقم1028) لابنه.
(4) كما في "الضعفاء" لابن الجوزي (2/91 رقم1858).
(5) 1/284).
(6) في الأصل :" وقالوا "، والمثبت من "سنن البيهقي"، والضمير يعود إلى مسلم.
(7) في الأصل :" قبيس "، والتصويب من "سنن البيهقي".
(8) قوله :"سمعت" ليس في "السنن".(2/254)
وروى البيهقي(1) أيضًا عن أبي عبدالله الحافظ وأبي سعيد محمد بن موسى، عن أبي العباس محمد بن يعقوب قال:سمعت عبدالله بن أحمد بن حنبل يقول :" حدثت أبي بهذا الحديث، فقال أبي : ليس يروى هذا إلا من حديث أبي قيس. قال : أَبَى عبدالرحمن بن مهدي أن يحدث به يقول : هو منكر ".
وروى البيهقي(2) من جهة محمد بن أحمد بن البراء قال : قال علي بن المديني :" حديث المغيرة بن شعبة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة، ورواه هزيل بن شرحبيل، عن المغيرة، إلا أنه قال : ومسح على الجوربين، وخالف الناس ". وروى أيضًا(3) من جهة المفضل بن [غسان](4) قال:سألت أبازكريا - يعني يحيى بن معين - عن هذا الحديث، فقال :" الناس كلهم يروونه : على الخفين،[غير](5) أبي قيس ". قلت : مَن صححه يعتمد بعد تعديل أبي قيس على كونه ليس مخالفًا لرواية الجمهور عن المغيرة مخالفة معارضة، بل هو أمر زائد على مارووه، ولا يعارضه ولاسيما وهو طريق مستقل برواية هزيل، عن المغيرة لم يشارك المشهورات في سندها.
وحديث أبي موسى الذي أشار إليه أبوداود خرجه ابن ماجه في "سننه"(6)
من جهة عيسى بن يونس،عن عيسى بن سنان، عن الضحاك بن عبدالرحمن بن عَرزب، عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على الجوربين والنعلين.
ورواه الطبراني في "معجمه الكبير"(7) من جهة عيسى بن يونس، عن عيسى بن سنان ولفظه : قال : دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بماء فتوضأ، ومسح على الجوربين والنعلين والعمامة.
__________
(1) في "سننه" (1/284).
(2) في الموضع السابق.
(3) أي : البيهقي في الموضع السابق.
(4) في الأصل :"عسال"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(5) في الأصل :"عن"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(6) 1/185-186 رقم560) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في المسح على الجوربين والنعلين.
(7) ولكنه في الجزء المفقود.(2/255)
ورواه من جهة القاسم بن مُطَيب، عن عيسى بن سنان، ولفظه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا، ومسح على الجوربين والنعلين.
وقد تقدم ذكر هذا الحديث وماقاله الطبراني فيه في فصل "المسح على العمامة"(1).
وقول أبي داود(2) في هذا الحديث: "وليس بالمتصل ولا بالقوي " أوضحه البيهقي(3) فقال :" الضحاك بن عبدالرحمن لم يثبت سماعه من أبي موسى، وعيسى بن سنان ضعيف لا يحتج به". ثم روى من جهة العباس بن محمد(4) قال : سمعت يحيى بن معين يقول : "عيسى بن سنان ضعيف ".
وروى الطبراني(5) من جهة يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى، عن
كعب بن عجرة، عن بلال - رضي الله عنه -، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين والجوربين. رواه عن إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي، عن أبيه، عن ابن فُضيل، عن يزيد.
و"يزيد بن أبي زياد" و"ابن أبي ليلى" مستضعفان مع نسبتهما إلى الصدق.
وقوله :" لم يثبت سماعه من أبي موسى ": إن أراد أنه لا يكون متصلاً حتى يثبت سماعه منه، قد تقدم هذا الكلام فيه (6).
و"عَرزب" المذكور في إسناد هذا الحديث : بفتح العين المهملة، وبعدها راء ساكنة، ثم زاي معجمة مفتوحة، وآخره باء.
[ل120/أ]
__________
(1) انظر (ص 202).
(2) في "سننه" (1/113)، وتقدم (ص 201) من هذا المجلد.
(3) في "سننه" (1/285).
(4) أي : الدوري، وهو في "تاريخه" (2/463 رقم1621).
(5) في "معجمه الكبير" (1/350-351 رقم1063).
(6) ص190) من هذا المجلد.(2/256)
وروى رَوَّاد بن الجراح عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله/ - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة، ومسح على نعليه. أخرجه الحافظ أبوأحمد ابن عدي(1)، ثم البيهقي(2) من جهته،[وقال](3):" وهكذا رواه رَوَّاد بن الجراح، وهو منفرد عن الثوري بمناكير، هذا أحدها، والثقات رووه عن الثوري دون هذه اللفظة ". قلت :"رَوَّاد بن الجراح": قال عثمان بن سعيد(4):"سألت يحيى بن معين، عن رواد بن الجراح العسقلاني، فقال : ثقة ". وروى عبدالله بن أحمد(5) عن أبيه قال :" رَوَّاد أبوعصام لا بأس به صاحب سنة، إلا أنه حدث عن سفيان أحاديث مناكير ". وقال النسائي(6):" ليس بالقوي ".
قال البيهقي(7): "وروي عن زيد بن الحُباب، عن الثوري هكذا، وليس بمحفوظ ". ثم رواه عن ابن عبدان، عن سُليمان بن أحمد الطبراني، عن إبراهيم بن [أحمد بن عمر](8) الوكيعي، عن أبيه، عن زيد بن الحباب، عن سفيان، وذكر بإسناده : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على النعلين، وقال :" الصحيح رواية الجماعة ".
__________
(1) في "الكامل" (3/177).
(2) في "سننه" (1/286).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته بالاجتهاد؛ لأن الكلام الذي يليه هو كلام البيهقي في "السنن".
(4) في "تاريخه" (ص111 رقم331).
(5) في "العلل" (2/31 رقم1457).
(6) في "الضعفاء والمتروكين" (ص176 رقم194) وتتمة كلامه :" روى غير حديث منكر، وكان قد اختلط ".
(7) في "سننه" (1/286).
(8) في الأصل :"عمر بن أحمد"، والتصويب من "سنن البيهقي".(2/257)
قال البيهقي :« ورواه عبدالعزيز الدراوردي وهشام بن سعد عن زيد بن أسلم فحكيا في الحديث :" رَشًّا على الرِجْل وفيها النعل "، وذلك يحتمل أن يكون غسلها في النعل، فقد رواه سليمان بن بلال ومحمد بن عجلان وورقاء ابن عمر ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، عن زيد بن أسلم، فحكوا في الحديث غسله رجليه، والحديث [حديث](1) واحد، والعدد الكثير أولى بالحفظ من العدد اليسير، مع فضل حفظ من حفظ فيه الغسل بعد الرش على من لم يحفظه ». قلت : يعني حفظ ورقاء ومحمد بن جعفر على هشام بن سعد وعبدالعزيز الدراوردي.
ثم روى(2) من طريق أبي داود،[ثنا(3) مسدد] وعباد بن موسى...، بسنده حديث أوس بن أبي أوس الثقفي ؛ قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ومسح على نعليه وقدميه. وقال مسدد : إنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن البيهقي".
(2) أي : البيهقي في "سننه" (1/286-287).
(3) في الأصل :" ومسدد "، والتصويب من المصدر السابق.(2/258)
[ورواه حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء،عن أوس الثقفي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -](1) توضأ ومسح على نعليه. قال :" وهو منقطع. أخبرناه أبوبكر ابن فورك، أنا عبدالله بن جعفر، ثنا يونس بن حَبيب،ثنا أبوداود الطيالسي(2)،ثنا حماد بن سلمة...،فذكره". قال:"وهذا الإسناد غير قوي،وهو يحتمل مااحتمل الحديث الأول، والذي يدل على أن المراد به غسل الرجلين في النعلين. [وأخبرنا](3) أبوعبدالله الحافظ..."، ثم ساق السند إلى عبيد بن جريج... الحديث الصحيح(4) الذي فيه :" أما النعال السبتية، فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها، فأنا أحب أن ألبسها ". قلت : في هذا الاستدلال على ماأراد نظر، والذي يظهر أن المراد أنه يتوضأ ويلبسها، وكأنه أخذ لفظة :" فيها " على ظاهرها، ولكن يحتاج إلى أن تكون لفظة :" يتوضأ " لا تطلق إلا على الغسل.
قال البيهقي(5)-بعد إخراج هذا الحديث-:«رواه البخاري في "الصحيح"
عن عبدالله بن يوسف عن مالك، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى، وكذلك رواه جماعة عن سعيد المقبري، ورواه ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن المقبري، فزاد فيه :" ويمسح عليها "».
[ل120/ب]
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(2) وهو في "مسنده" (ص 152 رقم1113).
(3) في الأصل :"ماأخبرنا"، والتصويب من المصدر السابق.
(4) وسيأتي بتمامه.
(5) في "سننه" (1/287).(2/259)
ثم رواه عن أبي بكر ابن علي الحافظ، عن إبراهيم بن عبدالله ، عن محمد بن إسحاق بن خزيمة(1)، عن عبدالجبار بن العلاء، عن سفيان، عن محمد بن عجلان، عن سعيد، عن عبيد بن جريج قال : قيل لابن عمر : رأيناك تفعل شيئًا لم نر أحدًا يفعله(2) غيرك ! قال : وماهو ؟ قال : رأيناك تلبس /النعال السبتية، قال : إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبسها، ويتوضأ فيها، ويمسح عليها.
وروى البيهقي(3) من حديث سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن زيد ابن وهب قال: بال عليٌّ وهو قائم، ثم توضأ، ومسح على النعلين، ثم خرج فصلى الظهر.
وروى البيهقي(4) أيضًا من جهة ابن نمير، عن الأعمش، عن أبي ظبيان قال : رأيت علي بن أبي طالب بالرحبة بال قائمًا حتى أرغى، فأُتي بكوز ثم أخذ كفًّا من ماء، فغسل يده(5)، واستنشق، وتمضمض، وغسل وجهه وذراعيه، ومسح برأسه، ثم أخذ كفًّا من الماء فوضعه على رأسه حتى رأيت الماء ينحدر على لحيته، ثم مسح على نعليه، ثم أقيمت الصلاة فخلع نعليه، ثم تقدم فأمَّ بالناس. قال ابن نمير قال الأعمش : فحدثت إبراهيم، قال : إذا رأيت أباظبيان فأخبرني، فرأيت أباظبيان قائمًا في الكناسة، فقلت : هذا أبوظبيان، فأتاه فسأله عن الحديث.
__________
(1) وهو في "صحيحه" (1/100 رقم199)، وسيأتي (ص 211).
(2) كذا في الأصل و"صحيح ابن خزيمة"، وفي "سنن البيهقي" :" يصنعه".
(3) في الموضع السابق من "سننه".
(4) في "سننه" (1/288).
(5) في المطبوع من "سنن البيهقي" :" فأتي بكوز من ماء فغسل يديه ".(2/260)
أخبرنا أبوالفرج ابن عبدالمنعم الحرّاني، ثنا عمر بن محمد البغدادي، أنا الشيخان أبوالقاسم إسماعيل بن أحمد، وأبوالبركات عبدالوهاب بن المبارك، قالا: أنا أبوالحسين أحمد بن محمد بن أحمد البزاز، أنا أبوبكر محمد بن علي بن محمد بن النضر الديباجي، ثنا محمد- هو ابن حمدويه -، قال: سمعت أحمد بن المنيب الورّاق - بِبَلْخ - يذكر عن محمد بن حميد، عن عمر بن هارون، قال: كنت عند سفيان الثوري، فسأله رجل عن حديث علي - عليه السلام -:"بال، وتوضأ، ومسح على النعلين والقدمين"، فقال:حدثنا الأعمش، عن أبي ظبيان، ثم سأله آخر فقال: حدثنا قابوس بن أبي ظبيان، ثم سأله آخر فقال: حدثنا عبدالعزيز ابن رُفيع، عن أبي ظبيان، ثم سأله آخر فقال : حدثنا سلمة بن كُهيل، عن أبي ظبيان، ثم سأله آخر فقال:حدثنا الزبير بن عدي،عن [....](1)، عن أبي ظبيان، ثم سأله آخر فقال : أخبرنا ورقاء بن إياس، عن أبي ظبيان : أن عليًّا - رضي الله عنه - بال وتوضأ ومسح على النعلين. قال ابن حميد : وسمعت [عمر](2) بن هارون يقول :" لو أن إنسانًا حدثني بهذا عن سفيان لم أصدقه ".
قال البيهقي(3):"والمشهور عن علي - رضي الله عنه -:أنه غسل رجليه حين وصف وضوء
__________
(1) بياض الأصل بمقدار نصف سطر.
(2) في الأصل :"عمرو"، وتقدم على الصواب، وانظر "تهذيب الكمال"(21/520).
(3) في "سننه" (1/288).(2/261)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو لا يخالف النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأما مسحه على النعلين، فهو محمول على غسل الرجلين في النعلين،[والمسح على النعلين](1)؛لأن المسح [رخصة](2) لمن تغطت رجلاه بالخفين فلا يعدا بها(3) موضعها، والأصل وجوب غسل الرجلين إلا ماخصته سنة ثابتة، أو إجماع لا يُختلف فيه، وليس على [المسح على](1) النعلين ولا على الجوربين واحد منهما، والله عز وجل أعلم ".
ولقائل أن يقول : مقتضى صناعة الحديث : النظر في صحة الحديث وإسناده،وأما التأويلات والمباحثات فنظر الفقه.والذي ينبغي أن ينظر فيه:قوله: " إلا ماخصته [سنة](4) ثابتة، أو إجماع لا يختلف فيه، وليس على [المسح على](1) النعلين ولا على الجوربين واحد منهما "، فنفى ثبوت السنة فيهما.
فأما الجوربان، فقد تقدم أمرهما.
[ل121/أ]
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي".
(2) في الأصل :"سنة"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) كذا في الأصل، وفي "سنن البيهقي" :"فلا يعدانها".
(4) في الأصل :"السنة".(2/262)
وأما النعلان فمن أجود ما ذكره(1): رواية زيد بن الحباب، عن سفيان، ولم يزد فيه،على أنه "ليس بمحفوظ"."وزيد بن الحباب": ذكر ابن عدي(2) عن يحيى بن معين أنه قال :"أحاديث زيد بن الحباب عن سفيان الثوري مقلوبة". قال ابن عدي :" وهو من أثبات مشايخ /الكوفة، ممن لا يشك في صدقه. والذي قاله ابن معين :[إن أحاديثه](3) عن الثوري مقلوبة، إنما له عن الثوري أحاديث تشبه [بعض](4) تلك الأحاديث تستغرب بذلك الإسناد، وبعضه يرفعه ولا يرفعه غيره، والباقي عن الثوري وعن غير الثوري مستقيمة كلها ". وذكر ابن عدي أحاديث لزيد لم يذكر هذا فيها.
وإذا كان زيد بن الحباب ثقة صدوقًا، كان هذا الحديث مما ينفرد به الثقة.
وقول البيهقي(5): "ليس بمحفوظ": عبارة مغلظة عما يتفرد به الثقة.
وأما حديث سفيان عن محمد بن عجلان، فقد أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(6)، وترجم بعده :" باب ذكر الدليل على أن مسح النبي - صلى الله عليه وسلم - على النعلين كان في وضوء تطوع(7)، لا في وضوء واجب عليه من حدث يوجب الوضوء "، ثم أدخل عليه(8) حديث سفيان، عن السُّدي، عن عبدخير، عن علي - رضي الله عنه - : أنه دعا بكوز ماء، ثم توضأ وضوءًا خفيفًا، ومسح على نعليه، ثم قال :" هكذا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للطاهر، مالم يحدث ".
__________
(1) أي : البيهقي في "سننه" (1/286)، وتقدم (ص 206) من هذا المجلد.
(2) في "الكامل" (3/209-210 ).
(3) في الأصل :"في حديثه"، والتصويب من المصدر السابق.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(5) في "سننه" (1/286)، وتقدم (ص 206) من هذا المجلد.
(6) 1/100 رقم199)، وتقدم (ص 208 ) من هذا المجلد.
(7) في "صحيح ابن خزيمة" :" وضوء متطوع به ".
(8) في الموضع السابق برقم (200).
.(2/263)
وهذا الحديث أخرجه أحمد بن عُبيد الصفار في "مسنده" بزيادة لفظة، وفيه : ثم قال :" هكذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مالم يحدث ".
باب مُوجبات الوضوء ونواقضه بعد صحَّتهذكر وجوبه من الغائط والبول وتأثير النوم فيه في الجملة
فيه حديث صفوان بن عسال المتقدم(1) في مسح الخفين.
ذكر ماقد يُتمسك به في أن النوم غير ناقض
روى الطبراني في "المعجم الكبير"(2) حديثًا أحال في إسناده على إسناد حديث قبله رواه عن [الحسين](3) بن إسحاق، عن محمد بن عقبة السدوسي، عن حكيم بن [خذام](4)، عن العلاء بن كثير، عن مكحول، عن أبي أمامة...، فذكر الحديث، ثم قال: وبه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( وضوء النوم أن تمس الماء، ثم تمسح بتلك المسة وجهك ويديك[ورجليك](5)كمسحة التيمم )). و"العلاء بن كثير" ذكر ابن طاهر في كتاب "[تذكرة الحفاظ]"(6) أنه يروي الموضوعات - وسيأتي له حديث في باب الحيض إن شاء الله تعالى -. ولما ذكر له ابن طاهر ذلك في الحيض(7)، قال(8):" ومن أصحابنا من زعم أنه العلاء بن الحارث وليس كذلك ؛ لأن العلاء بن الحارث حضرمي من اليمن، وهذا
__________
(1) ص 140) من هذا المجلد.
(2) 8/128 رقم7584).
(3) في الأصل :"الحسن"، والتصويب من المصدر السابق.
(4) في الأصل :"حزام"، والتصويب من المصدر السابق، و"مسند الشاميين" (4/317 رقم3418).
(5) في الأصل :"ونعليك"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ويوجد مكانه بياض، وكلام ابن طاهر الآتي موجود في "تذكرة الحفاظ" (ص395 رقم1016).
(7) أي ذكر كلامه السابق عن العلاء في تعليقه على حديثٍ في الحيض ؛ ونصه : (( لا يكون الحيض للجارية البكر والثيِّب التي قد أَيِسَتْ من الحيض أقلَّ من ثلاثة أيام، ولا أكثر من عشرة... )) الحديث.
(8) كان الأولى بالمؤلف - رحمه الله - أن يعزو هذا النقل إلى أصله وهو كتاب "المجروحين" لابن حبان (2/182).(2/264)
مولى بني أمية، وذلك صدوق، وهذا ليس بشيء في الحديث ".
ذكر من زعم أن قليل النوم وكثيره ينقض الطهارة
روى أبوداود(1) من حديث بقية، عن الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن عبدالرحمن بن عايذ - و"عايذ": بعد الألف ياء آخر الحروف، ثم ذال معجمة -، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((وكاء السَّه [العينان](2)، فمن نام فليتوضأ )) . وأخرجه ابن ماجه(3).
وروى بقية أيضًا عن أبي بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن معاوية - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( العين وكاء السَّه، فإذا نامت العين استطلق الوكاء )) . أخرجه البيهقي في "السنن"(4).
[ل121/ب]
ورواه الطبراني في "المعجم"(5)، وفي روايته : عن عطية بن قيس قال : سمعت معاوية - رضي الله عنه - يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( إنما العين وكاء السَّه، فإذا /نامت العين انطلق الوكاء، فمن نام فليتوضأ )) .
__________
(1) في "سننه" (1/140 رقم203) كتاب الطهارة، باب في الوضوء من النوم.
(2) في الأصل :"النوم"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) في "سننه" (1/161 رقم477) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من النوم.
(4) 1/118).
(5) أي : "المعجم الكبير" (19/372-373 رقم875).(2/265)
والذي يعتلّ به في حديث علي أمران : أحدهما : قال شيخنا(1):" وفي إسناده بقيَّة والوضين بن عطاء، وفيهما مقال ". قلت : وقد تقدم أمر بقيَّة في المقدمة(2). و"الوضين بن عطاء " قال أبوزرعة الدمشقي(3):" قلت لعبدالرحمن بن إبراهيم : والوضين بن عطاء ؟ قال: ثقة ". وقال ابن عدي(4):" وما أرى بحديثه بأسًا ". والثاني : الانقطاع. فذكر ابن أبي حاتم عن أبي زرعة في كتاب "العلل"(5)، وفي كتاب "المراسيل"(6): أن "ابن عايذ عن علي مرسل ". وذكر في "العلل" أنه سأل أباه وأبازرعة عن هذا الحديث، وعن حديث أبي بكر بن أبي مريم الذي قدمناه، فقالا :" ليسا بقويين ".
والذي يُعتل [به](7) في حديث معاوية أمران : أحدهما : حال أبي بكر بن أبي مريم، وماقدمناه عن أبي زرعة وأبي حاتم لعله يُشير إليه. الثاني : أن مروان بن جناح رواه عن عطية بن قيس، عن معاوية قال : "العين وكاء السَّه "، موقوفًا. رواه أبو أحمد ابن عدي(8).
قال الوليد بن مسلم(9):" ومروان أثبت من أبي بكر بن أبي مريم ". انتهى. وقال بعضهم :" وسئل أحمد(10) عن حديث علي ومعاوية في ذلك فقال : حديث علي - رضي الله عنه - أثبت وأقوى ".
ذكر مايدل على أن بعض أنواع النوم لا يَنْقُضُ،ومَايُشير إلى اعتبار حال النوم
__________
(1) أي : الحافظ المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/145 رقم191).
(2) وهي مفقودة كما بينته مرارًا. ولكنه تكلم عنه أيضًا (ص224) من المجلد الأول.
(3) في "تاريخه" (1/394 رقم 894).
(4) في "الكامل" (7/89)، إلا أن فيه :" وما أدري" بدل :"وما أرى" وهو تصحيف، فقد جاءت على الصواب في نسخة أحمد الثالث من "الكامل" (ل 928/أ).
(5) 1/47 رقم106).
(6) ص 124 رقم 446).
.
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه.
(8) في "الكامل" (2/38).
(9) كما في الموضع السابق من "الكامل"، و"تهذيب الكمال" (27/387).
(10) نقله ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/208).(2/266)
روى مسلم(1) من جهة الضحاك - هو ابن عثمان -، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بتُّ ليلة عند خالتي ميمونة بنت الحارث، فقلت لها : إذا قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأيقظيني. فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقمت إلى جنبه الأيسر، فأخذ بيدي فجعلني من شقه الأيمن، فجعل إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني، قال : فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم احتبى حتى إني لأسمع نَفَسَه راقدًا. فلما تبين له الفجر صلى ركعتين خفيفتين.
وروى شعبة، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينامون، ثم يصلون ولا يتوضئون. أخرجه مسلم(2) من حديث خالد بن الحارث، عن شعبة.
ورواه أحمد بن عبيد(3) من جهة يحيى بن سعيد، عن شعبة بسنده : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينامون، ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وروى أنس(4) - رضي الله عنه - قال : أقيمت الصلاة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يناجي رجلاً، فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه، ثم جاء فصلى بهم.
وعنه(5) قال : أقيمت الصلاة - صلاة العشاء -، فقام رجل فقال : يارسول الله! إن لي إليك حاجة، فقام يناجيه حتى نعس القوم، ثم صلى بهم، ولم يذكر وضوءًا.
__________
(1) في"صحيحه"(1/528رقم763/185)كتاب صلاة المسافرين وقصرها،باب في صلاة الليل.
(2) في "صحيحه" (1/284 رقم376/125) كتاب الحيض، باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء.
(3) أي : الصفار في "مسنده"، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "سننه" (1/120).
(4) رواه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم ( 376/124 )، ورواه البخاري أيضًا (2/124 رقم642) كتاب الأذان، باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة، بنحوه.
(5) أخرجه مسلم في الموضع السابق برقم(376/126)بنحوه،ولم أجدمن أخرجه بهذا السياق.(2/267)
وروى البيهقي(1) من جهة ابن حميد - وهو محمد -، أخبرنا ابن المبارك،
ثنا معمر، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - قال :" لقد رأيت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُوقَظون للصلاة حتى إني لأسمع لأحدهم غطيطًا، ثم يقومون فيصلون ولا يتوضؤون ".
[ل122/أ]
قال ابن المبارك:"هذا عندنا وهم جلوس". قال البيهقي في "السنن":"وعلى هذا حمله /عبدالرحمن بن مهدي والشافعي". هكذا أُوِّلَ كما قال البيهقي؛ لأن اللفظ محتمل، والحاجة إلى هذا التأويل في هذه الرواية أشد ؛ لذكر الغطيط.
وأما رواية مسلم التي قدمناها في صدر الباب:" كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون "؛ وهي محتملة لذلك أيضًا، لكنه قد وردت فيها زيادة تمنع هذا التأويل.
قال أبو الحسن ابن القطان(2)-عانيًا أبا محمد عبدالحق-:«وذكر(3)من طريق مسلم عن أنس - رضي الله عنه - قال:"كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينامون،ثم يصلون ولا يتوضؤون".وهذا الحديث هو في كتاب مسلم من رواية خالد بن الحارث، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس. وهو على هذا السياق يحتمل أن يُنزَّل على نوم الجالس، وعلى ذلك ينزله أكثر الناس، وفيه زيادة تمنع من ذلك رواها يحيى بن سعيد القطان،عن شعبة،عن قتادة،عن أنس- رضي الله عنه - قال:"كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم، فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة ".
قال قاسم بن أصبغ (4): حدثنا محمد بن عبدالسلام الخشني، ثنا محمد بن بشار، ثنا يحيى بن سعيد القطان، ثنا شعبة فذكره. وهو - كما ترى- صحيح
من رواية إمام عن شعبة فاعلمه ». انتهى.
و"الخُشَني" هذا : بضم الخاء المعجمة، وفتح الشين المعجمة.
__________
(1) في "سننه" (1/120).
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (5/589 رقم2806).
(3) أي : عبدالحق في "الأحكام الوسطى" (1/147).
(4) أخرجه ابن حزم في "المحلى" (1/224) بسنده إلى قاسم بن أصبغ.(2/268)
ومن اعتبر حالة النوم، فله أن يحمل هذا على النوم الخفيف أو القصير، وتعارضه رواية الغطيط المتقدمة من وجهه. قلت : وقد قدمنا(1) أن أحمد بن عُبيد روى هذا الحديث من جهة يحيى بن سعيد، عن شعبة التي ذكرها أبو الحسن ابن القطان، وليس فيها : "فيضعون جنوبهم ". وقريب مما ذكره ابن القطان - من رواية يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن قتادة في وضع الجنوب -: رواية عبدالأعلى(2) عن سعيد، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - : أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يشبعون جنوبهم، فمنهم من يتوضأ، ومنهم من لا يتوضأ.
وروى سفيان عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" وجب الوضوء على كل نائم، إلا من خفق خفقة برأسه ". قال البيهقي(3):" هكذا رواه جماعة عن يزيد بن أبي زياد موقوفًا، وروي ذلك مرفوعًا، ولا يثبت رفعه ".
وروى أبو أحمد ابن عدي(4) من حديث أبي هلال - وهو [محمد بن سليم بصري ](5)-، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - قال :" كنا ننام في مسجد
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا [نحدث](6) لذلك وضوءًا ".
و"أبوهلال": صدَّقه ابن معين في رواية عثمان(7)،وقال النسائي(8):"ليس بالقوي"، وقال ابن عدي(9):" في بعض رواياته مالا يوافقه الثقات عليه، وهو ممن يكتب حديثه ".
__________
(1) ص 216).
(2) عزاها ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/210) للبزار والخلال.
(3) في "سننه" (1/119).
(4) في "الكامل" (6/214).
(5) كذا في "الكامل"، وفي الأصل :"محمد بن مسلم الطائفي"، وصُوِّبت في الهامش بخط مغاير.
(6) في الأصل :" يحدث"، والمثبت من "الكامل".
(7) وهو الدارمي في "تاريخه" (ص49 رقم38).
(8) في "الضعفاء" (ص231 رقم516).
(9) في "الكامل" (6/216).(2/269)
وروى البيهقي(1) من حديث علي بن الجعد(2)، أنا [شعبة](3)، عن سعيد الجُرَيْرِي، عن خالد بن [غلاَّق](4)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :" من استحق النوم فقد وجب عليه الوضوء ".
[ل122/ب]
ورواه(5) من حديث ابن عُلية، عن الجُرَيْرِي قال:" حدثنا بإسناده مثله". قال إسماعيل : قال الجريري : فسألناه عن استحقاق النوم فقال :" هو أن يضع جنبه ". قال البيهقي :" وقد روي ذلك مرفوعًا، ولا يصح رفعه ". قلت : أخبرنا أبوالفرج الحراني، ثنا عبدالله بن ذُهيل، ثنا أحمد بن الحسن، /حدثنا الحسن الجوهري، ثنا محمد بن المظفر الحافظ، ثنا أبوالفضل العباس بن إبراهيم، ثنا أبوغسان مالك بن الخليل، ثنا محمد بن عباد الهنائي، ثنا [....](6)، عن الجريري، عن خالد بن [غلاق](7)، ولا أعلمه إلا عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من استحق النوم وجب عليه [الوضوء](8) )) .
فصل في نوم الجالس، والمضطجع، والقائم، والساجد
روى أبوداود(9) عن شاذ بن فياض من جهة هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - قال : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون. قال أبوداود :" زاد فيه شعبة عن قتادة قال : على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
__________
(1) في "السنن" (1/119).
(2) وهو في "الجعديات" للبغوي (ص219 رقم1452).
(3) في الأصل :"شعيب"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(4) في الأصل :"علاق"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(5) أي : البيهقي في الموضع السابق.
(6) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات.
(7) في الأصل :"علاق"، وتقدم تصويبه.
(8) في الأصل :" النوم".
(9) في "سننه" (1/137-138 رقم200) كتاب الطهارة، باب في الوضوء من النوم.(2/270)
وروى الترمذي(1) من حديث عبدالسلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس - رضي الله عنه -: أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نام وهو ساجد حتى غط أو نفخ، ثم قام فصلى، فقلت : يارسول الله! إنك قد نمت ! قال : (( إن الوضوء لايجب إلا على من نام مضطجعًا، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله )) . قال أبوعيسى :" أبوخالد الدالاني اسمه : يزيد بن عبدالرحمن ". قال(2):" وقد روى حديث ابن عباس سعيد بن أبي عروبة، عن
قتادة، عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أباالعالية ولم يرفعه ". انتهى. وقد روى هذا الحديث أبوداود(3) من جهة عبدالسلام بن حرب.
ورواه أحمد بن عبيد(4) من جهة زكريا بن عدي، عن عبدالسلام بن حرب، وفيه : (( إنما يجب الوضوء على من وضع جنبه )) .
__________
(1) في "سننه" (1/111-112 رقم77) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الوضوء من النوم.
(2) أي : الترمذي في "سننه" (1/113).
.
(3) في الموضع السابق من "سننه" برقم (202).
(4) هو الصفار، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "سننه" (1/121).(2/271)
ورواه البيهقي(1) من جهة إسحاق بن منصور السلولي، عن عبدالسلام - محيلاً على ماقبله -، وفيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يجب الوضوء على من نام جالسًا أو قائمًا أو ساجدًا، حتى يضع جنبه، فإنه إذا [وضع جنبه](2) استرخت مفاصله )) . قال البيهقي :" تفرد بهذا الحديث على هذا الوجه يزيد بن عبدالرحمن أبوخالد الدالاني ". انتهى. وقال أبوداود(3):" قوله : (( الوضوء على من نام مضطجعًا )) هو [حديث](4) منكر،لم يروه إلا يزيد الدالاني عن قتادة. وروى أوله جماعة عن ابن عباس، لم يذكروا شيئًا من هذا، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - محفوظًا(5)...،وقال شعبة: إنما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث: حديث يونس بن متى، وحديث ابن عمر في الصلاة، وحديث (( القضاة ثلاثة ))، وحديث ابن عباس : حدثني
رجال مرضيون". انتهى.
وقد حكم بعض الحفاظ(6) أنه سمع أيضًا حديث ابن عباس رضي الله عنهما فيما يقول عند الكرب،وحديثًا في رؤية النبي- صلى الله عليه وسلم --ليلة أُسري به-موسى وغيره.
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه".
(2) في الأصل :"اضطجع"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) في الموضع السابق من "سننه".
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن أبي داود".
(5) في "سنن أبي داود" زيادة في هذا الموضع، وهي قوله :" وقالت عائشة رضي الله عنها : قال النبي r : (( تنام عيناي ولا ينام قلبي ))".
(6) يعني : البيهقي في الموضع السابق من "سننه".(2/272)
وحكى البيهقي(1) قال :" قال أبوعيسى الترمذي(2): سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال : هذا لا شيء، رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية، ولا أعرف لأبي خالد الدالاني سماعًا من قتادة ". ثم قال البيهقي بعد ذلك :" قال أبوداود(3): ذكرت حديث يزيد الدالاني للإمام أحمد بن حنبل(4) فقال: ماليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة ؟!" قال البيهقي :" يعني به أحمد ماذكره البخاري من أنه لا يعرف لأبي خالد الدالاني سماع من قتادة ". قلت : إشارة إلى المحكي عن البخاري أو غيره من اشتراطه في [الاتصال](5) السماع ولو مرة.
[ل123/أ]
__________
(1) في "سننه" (1/121).
(2) وهو في "علله الكبير" (ص45 رقم43).
(3) في "سننه" (1/140) كتاب الطهارة، باب في الوضوء من النوم.
(4) في "سنن أبي داود" زيادة :" فانتهرني استعظامًا له ".
(5) في الأصل :"اتصال".(2/273)
وقول أبي داود رحمه الله :" كان النبي - صلى الله عليه وسلم - /محفوظًا": يشير به إلى حديث ابن عباس في مبيته عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونوم النبي - صلى الله عليه وسلم - مضطجعًا ؛ ففي الصحيح(1): ثم اضطجع فنام حتى نفخ. قال سفيان(2): هذا للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة ؛ لأنه بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عيناه ولا ينام قلبه. قال عكرمة(3): إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان محفوظًا. وثبت من حديث عائشة(4) رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إن عيني تنامان، ولا ينام قلبي )) . وستأتي هذه الأحاديث(5) إن شاء الله تعالى.
و"أبوخالد" هذا قال فيه ابن معين في رواية عثمان(6):" ليس به بأس ". وقال ابن عدي(7):"وأبوخالد له أحاديث صالحة، وأروى الناس عنه عبدالسلام ابن حرب، وفي حديثه لين، إلا أنه مع لينه يكتب حديثه ".
__________
(1) أي : "صحيح البخاري" (1/238 رقم138) كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، و"صحيح مسلم" (1/528 رقم186) كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل.
(2) أي : ابن عيينة،وقوله هذا في رواية مسلم فقط.
(3) أخرجه البيهقي في "سننه" (1/121 -122) بسنده إلى عكرمة.
(4) أخرجه البخاري في "صحيحه" (3/33 رقم1147) كتاب التهجد، باب قيام النبي r بالليل في رمضان وغيره، ومسلم في "صحيحه" (1/509 رقم738) كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي r في الليل....
(5) وهي في الأجزاء المفقودة.
(6) أي : الدارمي في "تاريخه" (ص229 رقم880).
(7) في "الكامل" (7/277-278).(2/274)
وقد تابع أباخالد على قريب من روايته : مهدي بن هلال، حدثنا يعقوب بن عطاء بن أبي رباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ليس على من نام قائمًا أو قاعدًا وضوء، حتى يضطجع جنبه إلى الأرض )) . أخرجه ابن عدي(1)، وقال :" ومهدي بن هلال عامة مايرويه لا يتابع عليه، وليس على حديثه ضوء ولا نور(2)".
وروى ابن عدي(3) أيضًا من حديث مقاتل بن سليمان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( من نام جالسًا فلا وضوء عليه )) .
و"مقاتل بن سليمان" قال البخاري(4): "خراساني منكر الحديث، سكتوا عنه ". وقال [عباس](5)، عن يحيى:"ليس حديثه بشيء". وأفظع النسائي القول فيه جدًّا(6)، فقال(7): "والكذابون المعروفون بوضع الحديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة..."، فذكره منهم.
وأما أبوأحمد ابن عدي(8) فقرّب الأمر فيه، وقال :" مع ضعفه يكتب حديثه ".
__________
(1) في "الكامل" (6/467-468 ).
(2) في الأصل :" نار" ولكن صُوِّبت في الهامش، وجاءت على الصواب في "الكامل".
(3) في "الكامل" (6/438).
(4) كما في "الكامل" لابن عدي (6/435).
(5) في الأصل :" ابن عباس " والتصويب من "الجرح والتعديل" (8/355) الذي نقل منه المصنف هذا النص، وهو عباس بن محمد الدوري راوي "تاريخ ابن معين"، وهذا النص في "تاريخه" (2/583 رقم4846)، لكن بلفظ :" ليس بشيء ".
(6) في الأصل :"وأفظع النسائي فيه القول فيه جدًا ".
(7) في آخركتاب"الضعفاء"له(ص123)،وعنه الخطيب البغدادي في"تاريخ بغداد" (13/168).
(8) في الموضع السابق من "الكامل".(2/275)
وروى معاوية بن يحيى عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - [ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ](1) قال : (( إذا وضع أحدكم جنبه فليتوضأ )). أخرجه ابن عدي(2).
وروى قزعة بن سويد عن بحر بن كنيز السقّاء، عن ميمون الخياط، عن [أبي عياض](3)، عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال : كنت في [مسجد](4) المدينة جالسًا أخفق، فاحتضنني رجل من خلفي، فالتفت، فإذا أنا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يارسول الله ! هل وجب علي وضوء ؟ قال : (( لا حتى تضع جنبك )) . أخرجه ابن عدي(5)، ثم البيهقي(6) من جهته. قال البيهقي :" وهذا الحديث تفرد به بحر بن كَنيز السقاء، وهو ضعيف لا يحتج بروايته ". قلت :" كَنيز": بفتح الكاف، وبعدها نون، بعدها ياء آخر الحروف، بعدها زاي معجمة. و"ميمون الخياط"....(7).
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الكامل".
(2) في "الكامل" (6/400).
(3) في الأصل تصحفت إلى :" ابن عباس"، والتصويب من "الكامل" و"سنن البيهقي".
(4) في الأصل :"مجلس"، والتصويب من "الكامل" و "سنن البيهقي".
(5) في "الكامل" (2/55).
(6) في "سننه" (1/120).
(7) كذا في الأصل ! ومن الواضح أن هناك سقطًا. ولم أجد لميمون الخياط هذا ترجمة في شيء من كتب التراجم، لكن في ترجمة شيخه أبي عياض زيد بن عياض في "الضعفاء" للعقيلي (2/75) ذكر العقيلي هذا الحديث بإسنادين، أحدهما كما هنا، والآخر زاد فيه "حَبَّة بن جوين " بين "ميمون" و"أبي عياض"، ثم قال العقيلي :" جميعًا لا يحفظان من وجه يثبت". وانظر "لسان الميزان" (3/361-362).(2/276)
وروى [...](1) [يعقوب](2) بن سفيان(3)، عن علي بن الحسن بن شقيق،
عن عبدالله - وهو ابن المبارك -، أنا حيوة بن شريح، أخبرني أبوصخر : أنه سمع يزيد بن قُسيط يقول : إنه سمع أباهريرة - رضي الله عنه - يقول :" ليس على المحتبي النائم، ولا على القائم النائم، ولا على [الساجد](4) النائم وضوء حتى يضطجع، فإذا اضطجع توضأ "، و"هذا موقوف"(5).
وروى مالك(6) عن زيد بن أسلم :[ أن عمر بن الخطاب قال :" إذا نام أحدكم مضطجعًا فليتوضأ ".
__________
(1) بياض في الأصل بمقدار أكثر من سطر، ولعل في موضعه :" البيهقي"، وربما بعض إسناده؛ فإن البيهقي روى هذا الأثر في "سننه" (1/122-123) فقال :" أخبرناه إجازة أبو الحسن ابن الفضل القطان ببغداد، نا عبدالله بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان..."، فذكره.
(2) في الأصل :"الحسين"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(3) هو الفسوي، وقد أخرجه في "المعرفة والتاريخ" (1/567).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن البيهقي"، و "المعرفة والتاريخ".
(5) هذا نص عبارة البيهقي.
(6) في "الموطأ" (1/21 رقم10) كتاب الطهارة، باب وضوء النائم إذا قام إلى الصلاة.
ومن طريقه أخرجه البيهقي في "السنن" (1/119)، و"المعرفة" (1/357 رقم895).(2/277)
ورواه محمد بن عمر الواقدي،عن أسامة بن زيد بن أسلم](1)،عن أبيه، عن جده، عن عمر - رضي الله عنه - قال:"إذا وضع جنبه توضأ "(2). و"الواقدي" يتكلمون فيه.
[ل123/ب]
وروى /البيهقي(3) من حديث وكيع، عن مغيرة بن زياد، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما لم يرفعه قال :" من نام وهو جالس فلا وضوء عليه، فإن اضطجع فعليه الوضوء ".
وأيضًا من جهة ابن وهب عن مالك، وعبدالله بن [عمر](4)، ويونس بن [يزيد](5)، والليث بن سعد، وابن سمعان، عن نافع : أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان ينام وهو جالس، ثم يصلي ولا يتوضأ. أخرجه(6) عن أبي زكريا ابن أبي إسحاق وأبي بكر ابن الحسن، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن محمد بن عبدالله بن [عبد](7) الحكم، عن ابن وهب.
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من الموضع السابق من "المعرفة" للبيهقي برقم (897)، ونحوه في الموضع السابق من "السنن الكبرى"، إلا أنه في "المعرفة" زاد بعد قوله :" الواقدي" :" وليس بالقوي في الحديث"، ويدل على هذا السقط : أن السياق الموجود في الأصل هنا هو سياق رواية الواقدي الذي وصل الحديث، وأما الإمام مالك فإنه رواه عن زيد، عن عمر مرسلاً، وفيه اختلاف في اللفظ كما هو ظاهر، ثم إن المصنِّف هنا قال عقب ذكره للأثر :" والواقدي يتكلمون فيه "، مع أن الواقدي ليس له ذكر في النص الموجود، فدلّ على وجود السقط.
(2) في "المعرفة" و"السنن" :" فليتوضأ" بدل قوله :" توضأ"، وزاد في "السنن" :" أحدكم" قبل قوله :" جنبه ".
(3) في "سننه" (1/120).
(4) في الأصل :"عمرو"، والتصويب من المصدر السابق.
(5) في الأصل :"زيد"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(6) أي : البيهقي في الموضع السابق.
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.(2/278)
وأيضًا روى(1) من جهة أبي عامر موسى بن عامر، ثنا الوليد بن مسلم قال : وأخبرني أبوعمرو، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، كان ينام اليسير في المسجد(2) فيتوضأ.
قال : وبإسناده حدثنا الوليد قال : وأخبرني عمر بن محمد، عن أبيه، عن جده عبدالله بن عمر(3) رضي الله عنهما: أنه كان إذا غلبه النوم في قيام الليل أتى فراشه فاضطجع، فرقد رُقاد الطير، ثم [يثب](4)، فيتوضأ ويعاود الصلاة(5).
وبإسناده(6): حدثنا الوليد، أخبرني أبوعمرو، عن ابن [جريج](7)، عن عطاء ومجاهد قالا :" من نام راكعًا أو ساجدًا توضأ ". قلت : وقد روي في نوم الساجد مرفوعًا.
__________
(1) أي : البيهقي في "سننه" (1/119).
(2) كذا في الأصل، والذي في "سنن البيهقي" :" المسجد الحرام ".
(3) في "سنن البيهقي" :" عن جده عن عبدالله بن عمر "، وهو تصحيف، وما هنا أصوب ؛ فإن عمر هو ابن محمد بن زيد بن عبدالله بن عمر، وهو يروي هذا عن أبيه محمد، ومحمد يرويه عن جده، فجده إذًا هو عبدالله بن عمر، ويؤكده : أن روايته عن جده عبدالله بن عمر موجودة في الكتب الستة كما في "تهذيب الكمال" (25/227).
(4) في الأصل :"ثبت"، وفي "سنن البيهقي" :"يثبت"، وكلاهما تصحيف فيما يظهر، والصواب ماأثبت، يشهد لذلك ماذكره الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (3/215) في ترجمه عبدالله بن عمر :"... فيغفي إغفاءة الطائر، ثم يقوم، فيتوضأ ويصلي...".
(5) من قوله :" وبإسناده: حدثنا الوليد، قال:وأخبرني عمر بن محمد" إلى هنا مكرر في الأصل.
(6) أي : البيهقي في الموضع السابق من "سننه".
(7) في الأصل :"أبي نجيح"، والتصويب من المصدر السابق.(2/279)
فروى ابن شاهين(1) من حديث عبدالوهاب الحوطي، ثنا [بقية، عن صدقة](2) بن عبدالله، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من نام ساجدًا فعليه الوضوء )) . أخرجه [عن](3) عثمان بن [أحمد بن](4) عبدالله الدقاق، عن أيوب بن سليمان - يعني الصُّغْدِيّ(5)-.
وروى البيهقي(6) أيضًا من جهة الحسن بن سفيان،حدثنا أبوبكر،[نا](7)
ابن إدريس، عن هشام، عن الحسن : أنه كان يرى على من نام جالسًا وضوءًا. قال البيهقي :" ورواه الثوري عن هشام، عن الحسن قال : إذا نام قاعدًا أو قائمًا فعليه الوضوء". قال:" وإلى هذا ذهب الْمُزني رحمه الله تعالى".
فصل في إيجاب الوضوء من المذي
عن محمد بن الحنفية، عن علي - رضي الله عنه - قال : كنت رجلاً مذَّاءً، فكنت أستحيي أن أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - لمكان ابنته، فسألت المقداد بن الأسود، فسأله فقال : (( يغسل ذكره ويتوضأ )) . أخرجاه في "الصحيحين"(8) من حديث الأعمش، عن منذر أبي يعلى، عن ابن الحنفية، واللفظ لمسلم.
__________
(1) في "الناسخ والمنسوخ" (ص187 رقم194).
(2) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه كما هو ظاهر.
(4) في الأصل :"عبدالوهاب، عن"، والتصويب من المصدر السابق.
(5) وأيوب يرويه عن عبدالوهاب.
(6) في الموضع السابق من "سننه".
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(8) أخرجه البخاري (1/230 رقم132) في كتاب العلم، باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال، ومسلم (1/247 رقم303/17) في كتاب الحيض، باب المذي.(2/280)
وفي رواية شعبة عن الأعمش قال : سمعت منذرًا، عن محمد بن علي، عن علي - رضي الله عنه - : أنه قال : استحييت أن أسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المذي من أجل فاطمة رضي الله عنها، فأمرت المقداد فسأله، فقال : (( منه الوضوء )) . لفظ مسلم، وأخرجاه(1) من حديث شعبة.
وروى مسلم(2) من حديث ابن وهب، عن مخرمة بن [بكير](3)، عن أبيه،
عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس قال : قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : أرسلنا المقداد بن الأسود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله عن المذي يخرج من الإنسان، كيف يَفعل به ؟ فقال رسول الله/ - صلى الله عليه وسلم - : (( توضأ وانضح فرجك )) .
[ل124/أ]
__________
(1) البخاري (1/283 رقم178) في كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر، ومسلم في الموضع السابق برقم (18).
(2) في الموضع السابق برقم (19).
(3) في الأصل : "بكر"، والتصويب من المرجع السابق، و"تهذيب الكمال" (27/324 رقم5829).(2/281)
قال الدارقطني في كتاب "التتبع"(1):"[وأخرج مسلم حديث ابن وهب، عن مخرمة، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس قال : قال علي : أرسلت المقداد...، في حديث المذي. وقال حماد بن خالد : سألت مخرمة : سمعت من أبيك شيئًا ؟ قال : لا. وقد خالفه الليث عن بكير، عن سليمان، فلم يذكر ابن عباس، وتابعه مالك عن أبي النضر](2) ". وروى هذا الحديث أبوالنضر [عن](3) سليمان بن يسار، عن المقداد بن الأسود : أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أمره أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن [الرجل إذا دنا من أهله فخرج](4) منه المذي، ماذا عليه في ذلك ؟ [قال عليٌ](5): فإن عندي ابنته، وأنا أستحيي أن أسأله. فقال المقداد : فسألته، فقال : (( إذا وجد ذلك أحدكم،[فلينضح فرجه بالماء](6)، وليتوضأ وضوءه للصلاة )) . رواه مالك(7).
ورواه الترمذي(8) من حديث يزيد بن أبي زياد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي - رضي الله عنه - قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المذي، فقال : (( من المذي الوضوء، ومن المني الغسل )) . قال أبوعيسى :" هذا حديث حسن صحيح ". قلت : وصحح ليزيد بن أبي زياد.
__________
(1) ص283 رقم136).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وفي مكانه بياض، فاستدركته من "التتبع".
(3) في الأصل :"بن"، والتصويب من "الموطأ".
(4) في الأصل :"أحدنا إذا خرج"، والتصويب من المصدر السابق.
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(6) في الأصل :"فليغسل فرجه"، والتصويب من المصدر السابق.
(7) في "الموطأ" (1/40 رقم53) كتاب الطهارة، باب الوضوء من المذي.
(8) في "سننه" (1/193-194 رقم114) في أبواب الطهارة، باب ماجاء في المني والمذي.(2/282)
وروى البيهقي(1) من جهة سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن مُورّق، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" المني والمذي والودي، فالمني منه الغسل، ومن هذين الوضوء ؛ يغسل ذكره ويتوضأ ". قال البيهقي :« ورواه إبراهيم، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال :" الودي الذي يكون بعد البول فيه الوضوء "». قلت : إبراهيم عن ابن مسعود منقطع.
فصل في الخارج النجس من السبيلين نادرًا في جنسه أو وقتهذكر من قال بالانتقاض به
استدل على ذلك بالأحاديث التي فيها أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة.
__________
(1) في "سننه" (1/115).(2/283)
فروى البيهقي(1) من حديث حماد بن زيد، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها : أن فاطمة بنت أبي حبيش استفتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة ؟ فقال : (( ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك أثر الدم،وتوضئي وصلي، فإنما ذلك عرق،وليست بالحيضة )) .أخرجه عن محمد بن عبدالله الحافظ(2)، عن أبي عبدالله محمد بن يعقوب، عن يحيى بن محمد بن يحيى، عن أبي الربيع، عن حماد، وقال :« رواه مسلم في "الصحيح"(3) عن خلف بن هشام، عن حماد دون قوله :" وتوضئي "، ثم قال مسلم :" وفي حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذكره "». قال البيهقي :« وهذا لأن هذه الزيادة غير محفوظة، إنما المحفوظ مارواه أبومعاوية وغيره عن هشام بن عروة هذا الحديث، وفي آخره قال : قال هشام : قال أبي :" ثم توضأ لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت "». قلت : قد عرف مذهب أكثر الأصوليين والفقهاء في قبول زيادة العدل، وحماد بن زيد في أكابرهم. وأما ماذكر عن هشام من قوله :" قال أبي : ثم توضأ لكل صلاة "، فهذا يبعد أن تعلل به رواية حماد ؛ لأنه أورد هذه اللفظة بصيغة الأمر مدرجة بين ألفاظ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وذلك مخالف للصيغة التي رواها هشام عن أبيه مخالفة يتعذر التعبير بإحداهما عن الأخرى، نعم يقرب مثل هذا الحكم بالإلحاق إذا ورد اللفظ من الراوي متصلاً بلفظ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بحيث يمكن أن يكون من كلام الراوي ومن كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - /معًا، فتبين بطريق أخرى انفصاله.
[ل124/ب]
__________
(1) في "سننه" (1/116)، وانظر (1/343-344).
(2) هو أبو عبدالله الحاكم.
(3) 1/262-263 بعد رقم 333 ) كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها.(2/284)
وروى شريك(1) عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( المستحاضة تدع الصلاة أيام حيضها، وتغتسل،
وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي، وتصوم )) .
وروى إسرائيل(2) عن عثمان بن سعد، عن ابن أبي مليكة، عن فاطمة بنت أبي حبيش: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تتوضأ لكل صلاة.
وروى أبويوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي عن عبدالله بن علي، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه قال : (( أمرت المستحاضة بالوضوء لكل صلاة )). أخرجه الحافظ أبوأحمد ابن عدي(3) وقال : "لأبي يوسف أصناف، وليس في أصحاب الرأي أكثر حديثًا منه، إلا أنه يروي عن الضعفاء الكثير، مثل الحسن بن عمارة وغيره، وهو كثيرًا [ما](4) يخالف أصحابه، ويتبع أهل الأثر إذا وجد فيه خبرًا مسندًا، وإذا روى عنه ثقة، أو روى هو عن ثقة فلا بأس به، ورواياته تسمع(5)". انتهى.
وقال النسائي في "طبقات أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله تعالى"(6):" إن أبا يوسف القاضي ثقة ".
وروى وكيع عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس رضي الله
__________
(1) وروايته هذه عند البيهقي في "السنن" (1/116).
(2) لم أجد رواية إسرائيل هذه إلا عند الإمام أحمد في "المسند" (6/464)، وفيه قصة، ولفظه: " ثم تطهر عند كل صلاة وتصلي..."، فالظاهر أن المصنِّف اختصر الحديث ورواه بالمعنى كما صنع في حديث جابر الآتي، أو يكون وقف على روايةٍ لم أقف عليها، والله أعلم.
(3) في "الكامل" (7/145)، ولكن لفظه : عن جابر بن عبدالله، عن رسول الله r : أنه أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة.
(4) في الأصل :"مما "، والتصويب من المصدر السابق.
(5) في "الكامل" المطبوع :" فلا بأس به وبرواياته ".
(6) وهو مطبوع مع كتابه : "الضعفاء" (ص266).(2/285)
عنهما : أنه ذُكر عنده الوضوء من الطعام - قال الأعمش مَرّة : والحجامة للصائم -، فقال :" إنما هو الوضوء مما خرج وليس مما دخل، وإنما الفطر مما دخل وليس مما خرج ". أخرجه البيهقي(1) وقال :" وروي أيضًا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - من قوله، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يثبت".
ثم أسنده من حديث الفضل بن المختار، عن ابن أبي ذئب، عن شعبة - يعني مولى ابن عباس -، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الوضوء مما خرج وليس مما دخل )) . قال البيهقي(2):"رو ينا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في الذي يتوضأ ويخرج الدود من دبره قال : عليه الوضوء، وكذا قال الحسن وجماعة ".
ذكر ماقيل في عدم الانتقاض بذلك
روى الفقيه الحافظ أبوبكر الإسماعيلي في جمعه لحديث الأعمش عن(3) أبي يعلى(4)، عن زكريا بن يحيى، عن وكيع وعبدالله بن داود [وعَثّام](5) بن علي وعبيدالله بن موسى، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( تصلي المستحاضة
وإن قطر الدم على الحصير )) . قال ابن داود: قطرًا.
__________
(1) في "سننه" (1/116).
(2) في "سننه" (1/116-117).
(3) في الأصل يشبه أن تكون :"وعن ".
(4) وهو في "مسنده" (8/229 رقم4799).
(5) في الأصل :" وغنام "، وهو تصحيف. انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (19/335).(2/286)
ورواه الدارقطني(1) من جهة ابن داود ومحمد بن سعيد العطار عن وكيع، عن الأعمش أتم منه، ولفظه : عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يارسول الله! إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال : (( دعي الصلاة أيام أقرائك، ثم اغتسلي وصلي وإن قطر [الدم](2) على الحصير )) .
[ل125/أ]
ومن جهة عبدالله بن نمير، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش فقالت: إني امرأة أستحاض فلا أطهر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اجتنبي الصلاة أيام حيضتك، ثم اغتسلي وصومي وصلي وإن قطر الدم على الحصير )) ، فقالت : إني أستحاض، ولا ينقطع الدم عني، فقال : ((إنما ذلك عرق وليس بحيض، فإذا أقبل الحيض/ فدعي الصلاة، فإذا أدبر فاغتسلي وصلي )) . أخرجه الدارقطني(3) عن محمد بن عمرو [بن](4) البختري، عن أحمد بن الفرج الجُشمي، عن عبدالله بن نمير.
ومن جهة(5) سعيد بن محمد الوراق، عن الأعمش بسنده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( تصلي المستحاضة، وإن قطر الدم على الحصير )) .
__________
(1) في "سننه" (1/212 رقم36).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(3) في "سننه" (1/213-214 رقم46).
(4) في الأصل :"عن"، والتصويب من المصدر السابق،و"الأنساب" للسمعاني (1/294).
(5) عند الدارقطني أيضًا في "سننه" (1/212 رقم39).(2/287)
وفي هذا أمران : أحدهما : أن حفص بن غياث وقفه على عائشة رضي الله عنها من قولها، رواه الإسماعيلي من جهة حفص عن الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت :" تصلي المستحاضة وإن قطر الدم على بساطها ". الثاني : أنه رواه جماعة عن الأعمش فزادوا فيه : (( الوضوء لكل صلاة ))، منهم : علي بن هاشم(1)، وفيه : (( ثم اغتسلي، وتوضئي عند كل صلاة وإن قطر الدم على الحصير )). وكذلك في حديث فروة(2) بن عيسى(3) عن الأعمش، وفيه : فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعتزل الصلاة أيام حيضها، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي وإن قطر الدم على الحصير.
وكذلك حديث محمد بن إسماعيل الحساني(4) عن وكيع، عن الأعمش فيه : (( ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة، وإن قطر الدم على الحصير )) .
وفي رواية يوسف [بن](5) موسى(6) عن وكيع كذلك.
وحديث محمد بن ربيعة(7) عن الأعمش بسنده : (( ثم اغتسلي وتوضئي عند
كل صلاة، وإن قطر الدم على الحصير قطرًا )) . أخرج هذه الروايات الدارقطني رحمه الله تعالى.
وروى بقية عن عبدالملك بن مهران، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رُجلاً قال : يارسول الله! إني كلما توضأت سال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا توضأت فسال من قرنك إلى قدمك فلا وضوء عليك )) . أخرجه الدارقطني(8) عن الحسين بن محمد بن سعيد البزاز، عن عبدالرحمن بن الحارث جحدر، عن بقية، وقال :" عبدالملك هذا ضعيف ولا يصح ".
__________
(1) عند الدارقطني أيضًا في "سننه" (1/211 رقم33).
(2) كذا في الأصل، وفي "سنن الدارقطني" :" قرة ".
(3) في المرجع السابق برقم (34).
(4) في المرجع السابق (1/212 رقم35).
(5) في الأصل :"عن"، والتصويب من المصدر السابق، و"تهذيب الكمال" (30/470) في ترجمة وكيع بن الجراح.
(6) في المرجع السابق برقم (37).
(7) في المرجع السابق برقم (38).
(8) في "سننه" (1/159 رقم40).(2/288)
ورواه الحافظ أبو أحمد ابن عدي(1)، ولفظه: أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن بي الباسور(2)، وإني أتوضأ فيسيل، فقال صلىالله عليه وسلم : (( إذا توضأت فسال من قرنك إلى قدمك فلا وضوء عليك )) . أخرجه عن أبي يعلى، عن سويد، عن بقية، عن عبدالملك، عن عمرو. قال ابن عدي :"وهذا منكر لا أعلم رواه عن عمرو بن دينار [غير](3) عبدالملك بن مهران "، وقال في آخر الترجمة :" وهو مجهول ليس بالمعروف "- يعني عبدالملك -.
فصل في الملامسة للنساء ذكر من تعلق بالانتقاض بها فيما دون الجماع(4)
تعلق فيه من الأحاديث المسندة(5) بما يدل على إطلاق لفظ اللمس على مادون الجماع.
مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( لعلك قبلت أو لمست )) (6).
__________
(1) في "الكامل" (5/307 ).
(2) كذا في الأصل ، وفي "الكامل" المطبوع :" الناصور"، وفي مخطوط "الكامل" (ل695/ب/ نسخة أحمد الثالث ) : "الناسور".
(3) في الأصل :"عن"، والتصويب من المصدر السابق.
(4) أشار في هامش الأصل إلى أن في نسخة :" بالانتقاض بما دون الجماع بها "، وفيه كلام قبل قوله :" بالانتقاض "، ولكنه لم يظهر في التصوير.
(5) سياق المصنِّف للأحاديث الآتية دون تخريج أخذه عن البيهقي في "السنن" (1/123) الذي سردها هكذا، ثم قال :" وهذه الأحاديث بأسانيدهن مخرجة في مواضعهن ".
(6) أخرجه أحمد في "المسند" (1/238 و255)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله r قال لماعز بن مالك حين أتاه فأقر عنده بالزنى...، فذكره بهذا اللفظ. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (12/135 رقم6824) في كتاب الحدود، باب هل يقول الإمام للمقرّ : " لعلك لمست أو غمزت"، بلفظ : (( لعلك قبّلت أو غمزت أو نظرت )).(2/289)
ومثل قوله في بعض روايات حديث أبي هريرة : (( واليد زناها اللمس ))(1).
وكَنَهْيه - عليه السلام - عن الملامسة (2).
وبحديث عائشة رضي الله عنها: قَلّ يوم -أو ماكان يوم-إلا ورسول الله
- صلى الله عليه وسلم - يطوف علينا جميعًا، فيقبل ويلمس مادون الوقاع(3)(4).
[ل125/ب]
__________
(1) أخرج هذه الرواية الإمام أحمد في "المسند" (2/349-350)، وابن خزيمة في "صحيحه" (1/20 رقم30)، وابن حبان في "صحيحه" (10/269 رقم4422/الإحسان)، ثلاثتهم من حديث أبي هريرة t، وسنده صحيح.
(2) أخرجه البخاري (10/278 رقم5819) في كتاب اللباس، باب اشتمال الصَّمَّاء، ومسلم (3/1151 رقم1511) كتاب البيوع، باب إبطال بيع الملامسة والمنابذة.
(3) في الأصل :"الجماع"، وصوبت بالهامش.
(4) سبق التنبيه على أن المصنِّف أخذ عبارة البيهقي في "السنن" في ذكره لهذه الأحاديث. وهذا الحديث أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/135) بلفظ: ماكان يوم - أو قل يوم - إلا وكان رسول الله r...، والباقي مثله.
وبنحوه أخرجه أحمد في "المسند" (6/107-108)، وأبوداود في "سننه" (2/601-602 رقم2135) كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء.(2/290)
وبحديث أخص من هذا، من جهة عبدالملك بن عُمير، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - : أنه كان قاعدًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاءه رجل فقال : يارسول الله! ماتقول في رجل أصاب من امرأة لا تحل له، فلم يدع شيئًا يصيبه الرجل من امرأته إلا قد أصابه منها، إلا أنه لم يجامعها ؟ فقال : ((توضأ وضوءًا حسنًا، ثم قم فصل )). قال : فأنزل الله/تعالى هذه الآية {أقم(1) الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل } الآية(2). فقال معاذ بن جبل: أهي له خاصة أم للمسلمين عامة ؟ فقال : (( بل هي للمسلمين عامة )) . أخرجه الدارقطني(3)- واللفظ له -، ثم البيهقي في "السنن"(4)، وقال :" وهكذا [رواه](5) زائدة بن قدامة وأبوعوانة عن عبدالملك، وفيه إرسالٌ ؛ عبدالرحمن(6)
ابن أبي ليلى لم يدرك معاذ بن جبل - رضي الله عنه - ".
وأخرجه في "الخلافيات"(7)، فقال في أوّله :« أخبرنا أبوعبدالله الحافظ في كتاب "المستدرك"». قلت:ومن العجب تخريجه في"المستدرك[على](8) الشيخين"(9) مع انقطاعه!
ومن الآثار المتعلَّق بها : أثر ابن عمر - وهو صحيح عنه -؛ رواه مالك(10)، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه قال :" قُبْلَة الرجل امرأته، وجسّها بيده من الملامسة، فمن قبّل امرأته أو جسّها بيده فعليه الوضوء ". هذا لفظ حديث الشافعي(11) عن مالك.
__________
(1) كذا بالأصل.
(2) 114) من سورة هود.
(3) في "سننه" (1/134 رقم 4).
(4) 1/125).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(6) كذا في الأصل، وفي "سنن البيهقي" :"وفيه إرسال عن عبدالرحمن ".
.
(7) 2/163 رقم434).
(8) في الأصل :" عن ".
(9) 1/135).
(10) في "الموطأ" (1/43 رقم64) كتاب الطهارة، باب الوضوء من قبلة الرجل امرأته.
(11) في "الأم" (1/15)، من طريقه البيهقي في "السنن" (1/124).(2/291)
وفي رواية [ابن](1) بُكير عن مالك :" فقد وجب عليه الوضوء ".
وأما عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فقد اختلف عليه في ذلك.
فروى الدراوردي عن محمد بن عبدالله، عن الزهري، [عن سالم](2)، عن ابن عمر : أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال :" إن القبلة من اللمس، فتوضؤوا(3) منها ". أخرجه البيهقي في "السنن"(4)، وقال :" محمد بن عبدالله
يعني ابن عمرو بن عثمان".
وكذلك أخرجه في "الخلافيات"(5) وقال :" هكذا رواه جماعة عن الدراوردي، ومحمد بن عبدالله هذا هو ابن عمرو بن عثمان(6)".
قال أبوعمر(7):" وروى الدراوردي عن ابن أخي ابن شهاب، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه أن عمر..."، فذكر الحديث، وقال : "وهذا عندهم خطأ ؛ لأن حفاظ أصحاب ابن شهاب يجعلونه عن ابن عمر، لا عن عمر(8)".
وسيأتي في الفصل بعده إن شاء الله تعالى، ورواية من روى عن عمر خلاف هذا.
وروى الأعمش عن إبراهيم، عن أبي عبيدة، عن عبدالله قال :" القبلة من اللمس وفيها الوضوء، واللمس مادون الجماع ". أخرجه البيهقي في "السنن"(9) وقال: " هكذا رواه الثوري وشعبة عن الأعمش ". قلت : ورواه أبوبكر ابن عياش عن الأعمش، فقال: عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة.
وقال البيهقي(10) في موضع آخر :" وفيه إرسال ؛ أبو عبيدة لم يسمع من
__________
(1) في الأصل :"أبي"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن البيهقي".
(3) في الأصل :"فتوضأ"، والتصويب من المصدر السابق.
(4) 1/124).
(5) 2/156-157 رقم427).
(6) كذا في الأصل و"سنن البيهقي"، وورد في المطبوع من "الخلافيات" :" هذا هو عمرو ".
(7) أي : ابن عبدالبر في "التمهيد" (21/176).
(8) كذا في الأصل، والذي في "التمهيد" المطبوع :"وهذا عندهم خطأ، وإنما هو عن ابن عمر صحيح لا عن عمر ".
(9) 1/124).
(10) في "الخلافيات" (2/160).(2/292)
أبيه". قال :" وقد رويناه بإسناد آخر صحيح موصول ". ثم أسند(1) من جهة عثمان بن عمر، عن شعبة، عن مخارق، عن طارق بن شهاب : أن عبدالله قال في قوله تعالى :{ أو لامستم النساء }(2) قال قولاً معناه:مادون الجماع.
ذكر ماتَعلق به من قال : إن الوضوء لا يجب من القبلة ومافي معناها
فيه عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما.
أما عائشة فله طُرق : الأول : ماروي عن عروة عنها، وله وجوه : الوجه الأول : مارواه الأعمش - رضي الله عنه - (3) عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبّل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ. قال : قلت : من هي إلا أنت ؟ فضحكت. أخرجه أبوداود(4)، وابن ماجه(5)، والترمذي(6)، واللفظ له.
والذي اعْتُلَّ به في الاحتجاج بهذا الحديث وجهان : أحدهما : الانقطاع، وأن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة. قال
[ل126/أ]
الترمذي(7):" وإنما ترك أصحابنا حديث عائشة - رضي الله عنها -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا ؛ لأنه لايصح عندهم [لحال](8) الإسناد، وسمعت أبابكر العطار البصري /يذكر عن علي بن المديني قال : ضعف يحيى القطان هذا الحديث، وقال: هو شبه لاشيء. قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث، وقال : حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة ". قلت : لا يُحمل قول الترمذي :" لا يصح [لحال](2) الإسناد" على ضعف في رجاله، فإنهم ثقات مشاهير.
__________
(1) في الموضع السابق برقم (430).
(2) الآية (43) من سورة النساء.
(3) كذا في الأصل.
(4) في "سننه" (1/124-125 رقم179) كتاب الطهارة، باب الوضوء من القبلة.
(5) في "سننه" (1/168 رقم502) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من القبلة.
(6) في "سننه" (1/133 رقم86) أبواب الطهارة، باب ماجاء في ترك الوضوء من القبلة.
(7) في الموضع السابق (1/134).
(8) في الأصل :"بحال"، والتصويب من المصدر السابق.(2/293)
وذكر الدارقطني(1) عن أبي بكر النيسابوري، عن عبدالرحمن بن بشر بن الحكم قال : سمعت يحيى بن سعيد - وُذكر له حديث الأعمش، عن حبيب، عن عروة -، قال :" أما إن سفيان الثوري كان أعلم الناس [بهذا](2)؛ زعم أن حبيبًا لم يسمع من عروة شيئًا ".
وروى البيهقي في "الخلافيات"(3) من جهة محمد بن نصر، عن محمد بن يحيى، سمعت علي بن المديني يقول:"حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئًا(4)". الوجه الثاني: أن عروة الذي روى عنه حبيب بن أبي ثابت ليس عروة بن الزبير، وإنما هو شيخ مجهول، يقال له : عروة المزني ؛ فروى أبوداود(5) عن إبراهيم بن مخلد الطالقاني، عن عبدالرحمن بن مَغْراء، عن الأعمش، أخبرنا أصحاب لنا، عن عروة المزني، عن عائشة رضي الله عنها بهذا الحديث. قال أبوداود :" روي عن الثوري أنه قال : ماحدثنا حبيب بن أبي ثابت إلا عن عروة المزني. يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء ".
__________
(1) في "سننه" (1/139 رقم18).
(2) في الأصل :"هذا"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(3) 2/167 رقم437).
(4) كذا في الأصل، وفي"الخلافيات" المطبوع:"لم يسمع من عروة والزبير شيئًا"،وهو تصحيف.
(5) في "سننه" (1/125 رقم180) كتاب الطهارة، باب الوضوء من القبلة.(2/294)
وروى الدارقطني(1) عن ابن مخلد، عن صالح بن أحمد، عن علي بن المديني قال : سمعت يحيى(2)- وذُكر عنده : حديثا الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها : تصلي وإن قطر الدم على الحصير، وفي القبلة -، قال يحيى :" احك عني [أنهما](3) شبه لا شيء ". أما الوجه الأول : فإن أبا عمر ابن عبدالبر بعد ذكره حديث حبيب هذا قال(4) :" وهذا الحديث عندهم معلول، فمنهم من قال : لم يسمع حبيب من عروة، ومنهم من قال : ليس هو عروة بن الزبير، وضعفوا هذا الحديث، ودفعوه، وصححه الكوفيون وثبتوه لرواية الثقات من أئمة الحديث له. وحبيب بن أبي ثابت لا ينكر لقاؤه عروة ؛ لروايته عمن هو أكبر من عروة وأجلّ وأقدم موتًا، وهو إمام ثقة من أئمة العلماء الجلّة ". قلت:هذا الذي ذكره أبوعمر يُزيل الانقطاع من جهة عدم إمكان اللقاء. وأما الوجه الثاني : فإن ابن ماجه(5) روى هذا الحديث عن أبي بكر ابن أبي شيبة(6) وعلي بن محمد قالا : ثنا وكيع، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها.
وكذا روى الدارقطني(7)من حديث أبي هشام الرفاعي وحاجب بن سليمان ويوسف بن موسى، كلهم عن وكيع بن الجراح، عن الأعمش، ثم أدرج رواية وكيع على هذا الوجه، صرح بنسب عروة وقال :" ابن الزبير ".
__________
(1) في "سننه" (1/139 رقم19).
(2) أي : القطان.
(3) في الأصل :" أنها "، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(4) في "الاستذكار" (3/51-52 أرقام 2654-2656).
(5) في "سننه" (1/168 رقم502) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من القبلة.
(6) وهو في "مصنفه" (1/48 رقم485) وليس فيه التصريح بنسب عروة.
(7) في "سننه" (1/137-138 رقم15).(2/295)
ولما ذكر أبوداود(1) عن الثوري :" ماحدثنا حبيب بن أبي ثابت إلا عن عروة المزني، يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء "، قال - أعني أبا داود -:" وقد روى حمزة، عن حبيب، عن عروة بن الزبير،[عن عائشة](2) حديثًا صحيحًا "، فحكم أبوداود بأن حبيبًا روى عن عروة بن الزبير حديثًا صحيحًا. قلت : وهذا الحديث الذي أشار إليه أبوداود هو حديث حمزة(3) عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( اللهم ! عافني في جسدي، وعافني في بصري )) . والله عز وجل أعلم. الوجه الثاني(4): من جهة هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها.
[ل126/ب]
فروى الدارقطني(5) عن أبي بكر النيسابوري، عن حاجب بن سليمان، عن وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله /عنها قالت: قبَّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض نسائه، ثم صلى ولم يتوضأ، ثم ضحكت.
و"أبوبكر النيسابوري" إمام مشهور عندهم، و"حاجب بن سليمان" لا مَطعن فيه يعرف، وقد حدَّث عنه النسائي(6)، فقال :" ثقة "، وقال في موضع آخر :" لا بأس به "، وباقي الإسناد لا يُسأل عنه، إلا أن الدارقطني قال عقيبه: " تفرد به حاجب عن وكيع، ووهم فيه، والصواب عن وكيع بهذا الإسناد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُقبل وهو صائم. وحاجب لم يكن له كتاب، إنما كان يحدث من حفظه ".
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه".
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(3) أخرجه الترمذي (5/484 رقم3480) في كتاب الدعوات،باب منه.
(4) أي : من وجوه الرواية عن عروة عن عائشة.
(5) في "سننه" (1/136 رقم9).
(6) كما في "تهذيب الكمال" (5/200-201).(2/296)
ولعل قائلاً يقول : هو تفرد ثقة، وتحديثه من حفظه إن كان أوجب كثرة خطئه [بحيث](1) يجب ترك حديثه، فلا يكون ثقة، ولكن النسائي وثقه، وإن لم يوجب خروجه عن الثقة فلعله لم يهم، وكان نسبته إلى الوهم بسبب مخالفة الأكثرين له.
وروي عن علي بن عبدالعزيز الوراق،عن عاصم بن علي، عن أبي أويس،
حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها : أنه بلغها قول ابن عمر رضي الله عنهما:" في القُبلة الوضوء "، فقالت :" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل وهو صائم ثم لا يتوضأ ". أخرجه الدارقطني(2) وقال: " لا أعلم حدث به عن عاصم بن علي هكذا غير علي بن عبدالعزيز ". قلت :" وعلي بن عبدالعزيز"(3) [مصنِّف](4) مشهور. و"عاصم بن علي" أخرج له البخاري(5). و"أبو أويس" استشهد به مسلم(6).
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "نصب الراية" (1/75)، حيث ذكره بنصه، ولكن لم ينسبه للمصنف.
(2) في الموضع السابق برقم (10).
(3) هو البغوي.
(4) في الأصل :"منصف "، والتصويب من الموضع السابق من "نصب الراية" حيث يظهر أنه أخذه عن المصنف، إلا أنه لم ينسبه له، لكن نص العبارة هناك :« وعلي هذا مصنف مشهور مُخَرَّجٌ عنه في "المستدرك"»..
(5) كما في "تهذيب الكمال" (13/508).
(6) كما في "تهذيب الكمال" (15/166 و171).(2/297)
ورواه شيبان بن عبدالرحمن، عن الحسن بن دينار، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير : أن رجلاً قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن الرجل يُقبل امرأته بعد الوضوء، فقالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقبل بعض نسائه ولا يتوضأ. فقلت لها : إن كان ذلك فما كان إلا منك، فسكتت. أخرجه الدارقطني(1)، وقال :" هكذا قال فيه : أن رجلاً قال : سألت عائشة رضي الله عنها "[...](2).
ومن جهة محمد بن جابر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال الدارقطني(3):" وذكره ابن أبي داود : حدثنا جعفر بن محمد بن المرزبان، ثنا هشام بن عبيدالله، ثنا محمد بن جابر"، وقال في آخره :" بهذا : ليس في القُبلة وضوء(4)".
و"محمد بن جابر " قال البخاري(5):" وليس بالقوي عندهم ". وقال يحيى(6) في رواية عثمان(7): "وليس بشيء ".
ومن جهة عبدالملك بن محمد، عن هشام. قال الدارقطني في "السنن"(8): وذكره ابن أبي داود، ثنا ابن مصفى، ثنا بقية، عن عبدالملك بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ليس في القبلة وضوء )) .
ورواه البيهقي في "الخلافيات"(9). الوجه الثالث : مايروى من جهة الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها.
__________
(1) في "سننه" (1/136-137 رقم11).
(2) بياض في الأصل بمقدار سطر، وليس هناك سقط، بل الذي في "سنن الدارقطني" في هذا الموضع: قول الدارقطني الآتي :" وذكره ابن أبي داود..."، وقد أتى به المصنف بتمامه،=
= ولكنه قدّم وأخّر.
(3) عقب الحديث السابق.
(4) قوله :" ليس في القبلة وضوء " ليس في المطبوع من "سنن الدارقطني".
(5) في "تاريخه" (1/53 رقم111).
(6) يعني ابن معين.
(7) أي : الدارمي في "تاريخه" (ص202 رقم742).
(8) 1/136 رقم10).
(9) 2/190 رقم466).(2/298)
فروى الدارقطني(1) عن عبدالباقي بن قانع، عن إسماعيل بن الفضل، عن محمد بن عيسى بن يزيد الطرسوسي، عن سليمان بن عمر بن [يسار](2)، عن أبيه، عن ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : لا تُعاد الصلاة من القبلة ؛ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُقبل بعض نسائه ويصلي ولا يتوضأ.
[ل127/أ]
قال البيهقي في "الخلافيات"(3) :"رواة هذا الحديث إلى ابن أخي الزهري أكثرهم مجهولون، ولا يجوز الاحتجاج بأخبار يرويها المجهولون. وقد رواه غيره فخالفه فيه". ثم ذكر رواية [سعيد](4) بن بشير،/ وستأتي إن شاء الله تعالى. الوجه الرابع : روى الدارقطني(5) عن أحمد بن [شعيب](6) بن صالح البخاري، حدثنا حامد بن سهل البخاري، ثنا إسماعيل بن موسى، ثنا عيسى بن يونس، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُقبل وهو صائم، ثم يصلي ولا يتوضأ. قال الدارقطني:" هذا خطأ من وجوه "، لم يزد على هذا.
ورواه البيهقي في "الخلافيات"(7) عن أبي بكر ابن الحارث، عن أبي محمد
__________
(1) في "سننه" (1/135 رقم5).
(2) في الأصل :"سيار"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) 2/178-179 رقم449).
(4) في الأصل :"سعد"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) في "سننه" (1/142 رقم30).
(6) في الأصل :"سعيد"، والتصويب من المرجع السابق.
(7) 2/184 رقم457).(2/299)
ابن حيان، عن علي بن إسحاق، عن إسماعيل بن موسى وقال :" وإنما أراد : أنه أخطأ في إسناده ومتنه جميعًا ؛ [حيث](1) روي عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عروة، عن عائشة، وزاد في متنه : (( ثم يصلي ولا يتوضأ )) والمحفوظ ماسبق ذكره، والحمل فيه على مادون عيسى بن يونس ". الوجه الخامس : قال أبوعمر(2):" ذكر عبدالرزاق(3) عن إبراهيم بن محمد، عن معبد بن نُباتة، عن محمد بن عمرو، عن عروة،عن عائشة رضي الله عنها قالت : قبّلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم [صلى](4)، ولم يحدث وضوءًا.
وذكر الزعفراني عن الشافعي - رضي الله عنه - قال : إن ثبت حديث معبد بن نباتة في القبلة، لم أر [فيها](5) بأسًا ولا في اللمس، ولا أدري كيف معبد بن نباتة هذا، فإن كان ثقة فالحجة فيما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". قال أبوعمر :" هو مجهول، لا حجة فيما رواه عندنا. وإبراهيم بن أبي يحيى عند أهل الحديث ضعيف متروك الحديث ". الطريق الثاني : رواية إبراهيم التيمي، عن عائشة رضي الله عنها. فروى سفيان الثوري عن أبي روق، عن إبراهيم التيمي، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبلها ولم يتوضأ. أخرجه أبوداود(6).
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(2) في "الاستذكار" (3/54 أرقام 2665-2668).
(3) وهو في "مصنفه" (1/135 رقم510)، إلا أن "نباتة" تصحف إلى :" بنانة ".
(4) في الأصل :"يصلي"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) في الأصل :"به"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في "سننه" (1/123 رقم178) كتاب الطهارة، باب الوضوء من القبلة.(2/300)
ورويناه عاليًا من جهة النسائي. قرأت على أبي الحسين الحافظ، عن هبة الله بن علي - قراءة -، أنا أبو صادق المديني، أنا أبوالحسين محمد بن الحسين النيسابوري، ثنا أبوالحسين محمد ابن [عبدالله](1) النيسابوري، أنا أحمد - هو النسائي(2)-، أنا محمد بن المثنى، عن يحيى،عن سفيان، حدثني أبوروق،عن إبراهيم التيمي،عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل بعض [أزواجه](3)، ثم يصلي ولا يتوضأ.
ورواه الدارقطني(4) من حديث وكيع وعبدالرحمن بن مهدي وأبي عاصم ومحمد بن جعفر غندر، عن سفيان بسنده، وفي حديث غندر قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ثم يُقبل بعد ذلك، ثم يصلي ولا يتوضأ. وقال وكيع: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بعض نسائه، ثم صلى ولم يتوضأ. وقال ابن مهدي : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبلها ولم يتوضأ. وقال أبوعاصم : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل ثم يصلي ولا يتوضأ. قال الدارقطني :" لم يروه عن إبراهيم التيمي غير أبي روق عطية بن الحارث، ولم نعلم [حدث به](5) عنه غير الثوري وأبي حنيفة، واختلفا(6) فيه،
__________
(1) في الأصل:"عبد"، وهو محمد بن عبدالله بن زكريا بن حيّويه النيسابوري، تلميذ النسائي، يروي المصنف عن النسائي من طريقه كثيرًا، انظر على سبيل المثال ما تقدم (ص118).
(2) وهو في "سننه" (1/104 رقم170) كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، وفي "الجزء الرابع من حديث شعبة بن الحجاج وسفيان بن سعيد الثوري مما أغرب بعضهم على بعض" (ل 16/ب - 17/أ رقم 213).
(3) ما بين المعكوفين تصحف في الأصل إلى " أصحابه"، والتصويب من "سنن النسائي".
(4) في "سننه" (1/139-141 رقم20).
(5) في الأصل :"حدثه"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) كذا في الأصل وهو أصوب، وفي "سنن الدارقطني" المطبوع :" واختلف".(2/301)
فأسنده الثوري عن عائشة، وأسنده أبوحنيفة عن حفصة، وكلاهما أرسله، وإبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة ولا حفصة رضي الله [عنهما](1) ولا أدرك زمانهما ". قلت : ورواية أبي حنيفة رحمه الله تعالى أخرجها الدارقطني(2) من جهة يحيى بن نصر بن حاجب، عن أبي حنيفة، عن أبي روق بسنده، ولفظه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ للصلاة، ثم يقبل ولا يحدث وضوءًا.
[ل127/ب]
والذي يعتل به في هذا الحديث وجهان : أحدهما : الانقطاع، وقد ذكرنا ماقال الدارقطني في معنى ذلك. وقال أبوعمر(3):" وهو مرسل لا خلاف فيه ؛ لأنه لم يسمع إبراهيم التيمي من عائشة ". الثاني : النظر في حال [أبي](4) روق وادعاء أنه/ لا تقوم به حجة. قال البيهقي في "السنن"(5):"وأبوروق ليس بقوي؛ ضعفه يحيى بن معين وغيره"(6). وقال أبوعمر(7) في كلام له :" ولم يروه أيضًا غير أبي روق، وليس فيما انفرد به حجة ". فأما الوجه الأول : فإن الدارقطني(8) رحمه الله تعالى قال :" وقد روى هذا الحديث معاوية بن هشام، عن الثوري، عن أبي روق، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، فوصل إسناده.
وقد اختلف عنه في لفظه، فقال عثمان بن أبي شيبة عنه بهذا الإسناد : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل وهو صائم. وقال عنه غير عثمان : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل ولا يتوضأ، والله عز وجل أعلم ".
__________
(1) في الأصل :"عنها ".
(2) في "سننه" (1/141 رقم23).
(3) أي : ابن عبدالبر في "الاستذكار" (3/53 رقم2661).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه، وتقدم - وسيأتي - على الصواب.
(5) 1/127).
(6) لم أقف على تضعيف يحيى بن معين لأبي روق في شيء من كتب الرجال، وقد ذكر عنه في "الجرح والتعديل" (6/382 رقم2122) أنه قال :" أبو روق عطية بن الحارث صالح".
(7) في الموضع السابق من "الاستذكار".
(8) في "سننه" (1/141).(2/302)
ثم روى(1) طريق عثمان - كما قال -، عن عبدالله بن [محمد](2) بن عبدالعزيز، عن عثمان.
"ومعاوية بن هشام" الذي وصل الحديث : أخرج له مسلم في الصحيح وبقية الجماعة(3)، وقال أبوحاتم الرازي(4):"[كأنه أقوم](5) حديثًا من موسى ابن يمان، وهو صدوق". وقال فيه يحيى بن معين(6): "صالح، وليس بذلك ". وأما الوجه الثاني : فإن أباعمر قال(7)-[بعد ماحكينا](8) عنه آنفًا في أبي روق -: "وقال الكوفيون : أبو روق ثقة، لم يذكره أحد بجرحة، ومراسيل الثقات عندهم حجة، وإبراهيم التيمي أحد العباد الفضلاء ". انتهى. وقال أحمد(9) في أبي روق:"ليس به بأس". وقال أبوحاتم(10):" صدوق ". وقال أبوعمر في"الاستغناء"(11):"هو عندهم صدوق، وليس به بأس، صالح الحديث". الطريق الثالث : رواية عطاء عن عائشة رضي الله عنها.
فروى عبدالكريم [الجزري](12) عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُقبل، ثم يصلي ولا يتوضأ. رواه الدارقطني(13) من حديث ابن غالب، عن الوليد بن صالح، عن عبيدالله بن عمرو، عن عبدالكريم.
__________
(1) أي : الدارقطني في "سننه" (1/141-142 رقم24).
(2) في الأصل :"أحمد"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) روى له البخاري في الأدب المفرد، لا في الصحيح، وروى له الباقون كما في "تهذيب الكمال" (28/218 و221).
(4) كما في "الجرح والتعديل" (8/385 رقم1759).
(5) في الأصل :"هو أقوى"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) كما في "تاريخه" برواية عثمان بن سعيد (ص61 رقم94).
(7) في "الاستذكار" (3/53 رقم2662).
(8) في الأصل :"بعده احكينا".
(9) كما في "العلل" رواية ابنه عبدالله عنه (2/51 رقم1521).
(10) في "الجرح والتعديل" (6/382 رقم2122) لابنه.
(11) 1/632-633 رقم711).
(12) في الأصل :"عن الحربي"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(13) في "سننه" (1/137 رقم13).(2/303)
ورواه أبوبكر البزار في "مسنده"(1) عن إسماعيل بن يعقوب بن صبيح الحراني، عن محمد بن موسى بن أعين، عن موسى بن أعين، عن عبدالكريم، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها، ولفظه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُقبل بعض نسائه، ثم يخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ. قال البزار :" وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من رواية عائشة، ولا نعلمه يروى عن عائشة إلا من حديث حبيب عن عروة،[ومن](2) حديث عبدالكريم، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها ". قلت :" عبدالكريم " هذا : روى عنه مالك في "الموطأ"(3)، وأخرج له صاحبا الصحيح، وبعض الجماعة(4). وقال يحيى بن معين(5)
__________
(1) وعزاه الزيلعي في "نصب الراية" (1/74) أيضًا للبزار في "مسنده".
(2) في الأصل :"من" وهو تصحيف ظاهر.
(3) 1/417 رقم237) كتاب الحج، باب فدية من حلق قبل أن ينحر.
(4) كما في "تهذيب الكمال" (18/252 و258).
(5) قال في "رواية يزيد بن الهيثم الدقاق" (ص83 رقم251) :" علي بن بَذِيمة، وخصيف، وعبدالكريم جزريون ثقات، ليس بهم بأس. عبدالكريم أعلاهم ثقة ".
وحكى الدارمي في "تاريخه" عن ابن معين (ص 106 رقم310) أنه قال له :" فعبد الكريم أحب إليك أو خصيف ؟ فقال : عبدالكريم أحب إلي، وخصيف ليس به بأس ".(2/304)
:" هو ثقة، هو أحب إلي من خُصيف". وقال أبوحاتم وأبوزرعة(1):" ثقة". وقال أبوعروبة(2): " هو ثبت عند العارفين بالنقل ". وقال أبوزرعة الدمشقي(3):" ثقة، أخذ عنه [الأكابر]"(4). وقال أبوعمر في "التقصي"(5):" وكان فاضلاً ثقة ".
و"عبيدالله بن عمرو": أبو وهب الرَّقِّي، أخرج له أيضًا صاحبا الصحيح وبقية الجماعة(6). وقال يحيى(7):" ثقة ". وقال أبوحاتم(8):"صدوق، لا أعرف له حديثًا منكرًا، وهو أحب إليَّ من زهير بن محمد ". وقال محمد بن سعد(9):" كان ثقة صدوقًا كثير الحديث، وربما أخطأ، وكان أحفظ من روى عن عبدالكريم الجزري، ولم يكن أحدٌ ينازعه في الفتوى في دهره ".
و"موسى بن أعين": وثقه أبوزرعة وأبوحاتم(10)، وأخرج له مسلم(11).
[ل128/أ]
__________
(1) كما في "الجرح والتعديل" (6/58- 59 رقم310).
(2) ونقله أيضًا ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (2/603) عن أبي عروبة.
(3) انظر "تهذيب الكمال" (18/255رقم3504). وفي"تاريخه"(1/551-552 رقم1501، 1502) :"ثقة.. أخذ عنه من الأكابر : مسعر بن كدام وسفيان بن سعيد وأهل طبقتهم، وقد قال سفيان : مارأيت عربيًا أثبت من عبدالكريم".
(4) في الأصل :"الناس"، والتصويب من "تهذيب الكمال".
(5) ص107)، ويعرف أيضًا بـ" تجريد التمهيد ".
(6) كما في "تهذيب الكمال" (19/136 و139).
(7) كما في "تاريخه" برواية الدارمي (ص145 رقم493).
(8) كما في "الجرح والتعديل" (5/328-329 رقم1551).
(9) في "طبقاته" (7/484).
(10) كما في "الجرح والتعديل" (8/136-137 رقم616).
(11) بل روى له الجماعة سوى الترمذي كما في "تهذيب الكمال" (29/27 و30).(2/305)
قال عبدالحق(1) - بعد ذكر هذا الحديث من جهة البزار -:" وموسى بن أعين هذا ثقة مشهور، وابنه مشهور، روى له البخاري(2)، ولا أعلم لهذا الحديث علة توجب تركه، ولا أعلم فيه مع ماتقدم أكثر من قول يحيى بن معين: حديث عبدالكريم عن عطاء حديث رديء ؛ لأنه حديث غير محفوظ، وانفراد الثقة بالحديث لا يضره. وإما أن يكون قبل نزول الآية الكريمة،/ أو فتكون الملامسة الجماع كما قال ابن عباس ".
__________
(1) في "الأحكام الوسطى" (1/142).
(2) اسم ابنه محمد،ونص على رواية البخاري له المزي في"تهذيب الكمال"(26/522و523).(2/306)
والذي يُعتلّ به في هذا الحديث أشياء : أحدها : ماذكره أبو أحمد ابن عدي(1) عن عباس قال : سمعت يحيى بن معين يقول :" أحاديث عبدالكريم عن عطاء رديّة ". قال ابن عدي :" وهذا الحديث الذي ذكره ابن معين عن عبدالكريم، عن عطاء هو : ما روى(2) عُبيدالله بن عمرو الرقي، عن عبدالكريم، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبلها ولا يحدث وضوءًا، إنما أراد ابن معين هذا الحديث ؛ لأنه ليس بمحفوظ ". قال ابن عدي :" ولعبدالكريم أحاديث صالحة مستقيمة يرويها عن قوم ثقات، وإذا روى عنه الثقات فحديثه مستقيم". وثانيها : أن الدارقطني قال(3)- بعد ماروى هذا الحديث من جهة الوليد ابن صالح -:« يقال : إن الوليد بن صالح وهم في قوله :" عن عبدالكريم"، وإنما هو حديث غالب ». وثالثها : أن الثوري رواه عن عبدالكريم، عن عطاء من قوله. رواه الدارقطني(4) من جهة عبدالرحمن - هو(5) ابن مهدي -، عن سفيان، عن عبدالكريم الجزري، عن عطاء قال :" ليس في القبلة وضوء ". قال الدارقطني: " هذا هو الصواب ". ورابعها : أن البيهقي روى في "الخلافيات"(6) عن أبي عبدالله الحافظ، عن أبي العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت عبدالله بن أحمد بن حنبل يقول: "قلت لأبي : لِمَ لا تكتب عن وليد بن صالح ؟ قال : رأيته يصلي في مسجد الجامع يسيء الصلاة ".
__________
(1) في "الكامل" (5/342).
(2) في المطبوع من "الكامل" :" ما رواه ".
(3) في "سننه" (1/137 رقم13).
(4) في الموضع السابق برقم(14).
(5) قوله :" هو " كتب فوق كلمتي "الرحمن" و "ابن".
(6) 2/207 رقم492).(2/307)
ولقائل أن يقول على الطريقة الفقهية : أما عبدالكريم ؛ فقد سبق الثناء الجميل عليه، ويكفي اتفاق أرباب الصحيح على حديثه. وماذكره ابن معين فإذا كان الأمر كما قال ابن عدي :" إن ابن معين إنما أراد هذا الحديث ؛ لأنه ليس بمحفوظ " من باب تفرد الثقة [بحديث](1) عن غيره :[فهو](2) مقبول.
وأما قول الدارقطني :« يقال : إن الوليد بن صالح وهم في قوله :" عن عبدالكريم "، وإنما هو حديث غالب »، فقد [يُنَازَع](3) من قال ذلك، ويطالب بالدليل على ماحكم به من الوهم.
ثم ماذكر من متابعة محمد بن موسى بن أعين، عن أبيه، عن عبدالكريم يضعِّف هذا القول، ويقتضي أن للحديث أصلاً من رواية عبدالكريم.
وأما رواية الثوري له موقوفًا، فالمسألة مشهورة عند الفقهاء وأرباب الأصول ؛ فيما إذا وقف ثقة، ورفع ثقة. وعبيدالله بن عمرو [راويه](4) عن عبدالكريم قد تقدم الثناء عليه، وأيضًا فإن عطاء بن أبي رباح صاحب فتوى معروف بذلك، فيجوز أن يكون أفتى بما روى، فلا تقوى القرينة في غلط من رفع كلَّ القوة.
وأما ماذكره البيهقي من جهة إساءة الوليد الصلاة، فقد مرت رواية البزار من جهة محمد بن موسى بن أعين، عن أبيه، وليس في الطريق الوليد، وقد قال شعبة في أبي الزبير مثل هذا فأجيب عنه [.....](5)
__________
(1) في الأصل :"يحدث".
(2) في الأصل :"وهو".
(3) في الأصل :"تنازع".
(4) في الأصل :" رواية ".
(5) بياض في الأصل بمقدار سطرين، ولعل في موضعه ذكر ما أجيب به عن قول شعبة في أبي الزبير. وأقول : روى العقيلي في "الضعفاء" (4/131) عن حفص بن عمر قال : قيل لشعبة : لم تركت أبا الزبير ؟ قال :" رأيته يسيء الصلاة، فتركت الرواية عنه". وورى =
= ابن عدي في "الكامل" (6/122) عن سويد بن عبدالعزيز قال :" قال لي شعبة : لا تكتب عن أبي الزبير ؛ فإنه لا يحسن يصلي ". ا هـ. ولم يذكر شعبة نوع هذه الإساءة من أبي الزبير لصلاته، لكن روى يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (2/797) عن ابن نمير قال:"وأبو الزبير كان ممن يفقع-يعني أصابعه في الصلاة-في المسجد الحرام".فقد يكون هذا ماقصده شعبة، وقد يكون غيره من المسائل التي اختُلف فيها بين أهل العلم، ولذلك يقول ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (4/322)- بعد أن ذكر وصفه بالتدليس -:" ولا ينبغي أن يلتفت إلى ما أكثر به عليه من غير هذا ؛ كقول شعبة : إنه رآه يصلي فيسيء الصلاة، فإن مذاهب الفقهاء مختلفة، فقد يرى الشافعي بعض صلاة الحنفي إساءة، وهي عنده ليست بإساءة" ا.هـ. وقال ابن عبدالبر في "الاستغناء" (1/648) :" وأما قول شعبة: تأخذ عن أبي الزبير وهو لا يحسن يصلي ؟! فهذا تحامل لا يسلم صاحبه من الغيبة، وقد حدَّث عنه شعبة بعد أن أخذ عنه ". ا هـ. وقول ابن عبدالبر :" وقد حدّث عنه شعبة..." يشير به إلى ما رواه ابن عدي في الموضع السابق من"الكامل" عن سويد بن عبدالعزيز قال: " قال لي شعبة: لا تأخذ عن أبي الزبير؛ فإنه لا يحسن يصلي"، قال:"ثم ذهب فكتب عنه". وسأله رجل فقال : يا أبا محمد ! لم تمسك عن أبي الزبير ؟ قال :" خدعني شعبة، فقال لي : لا تحمل عنه ؛ فإني رأيته يسيء صلاته، وليتني ما كنت رأيت شعبة " ا هـ.(2/308)
.
وروى الدارقطني(1) من جهة غالب القطان، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ربما قبلني النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يصلي ولا يتوضأ. قال الدارقطني : "غالب - هو ابن عبيدالله - متروك ".
وهذا الحديث هو الذي أشار إليه الدارقطني بقوله فيما تقدم :" وإنما هو حديث غالب ".
وروى أيضًا - أعني الدارقطني(2)- من حديث أبي بدر، عن أبي سلمة
[ل128/ب]
الجهني(3)، عن عبدالله بن غالب، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل بعض نسائه، ثم لا يحدث وضوءًا./ قال الدارقطني : "قوله : عبدالله بن غالب [وهم](4)، وإنما أراد غالب بن عبيدالله، وهو متروك. وأبوسلمة [الجهني](5): هو خالد بن سلمة ضعيف، وليس الذي يروي عنه زكريا بن أبي زائدة ". الطريق الرابع : رواية أبي سلمة، عن عائشة.
__________
(1) في "سننه" (1/137 رقم12).
(2) في "سننه" (1/142 رقم28).
(3) في الأصل :" الجهدي"، وصُوّبت في الهامش.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".
(5) في الأصل :"الجهدي"، والتصويب من "سنن الدارقطني".(2/309)
فروى سعيد بن بشير عن منصور- وهو ابن زاذان -، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها قالت :" لقد كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلني إذا خرج إلى الصلاة ومايتوضأ ". أخرجه الدارقطني(1) من جهة أبي حفص التنيسي، عن سعيد، وأتبعه برواية محمد بن بكار(2) عن سعيد، وقال : «تفرد به سعيد بن بشير، عن منصور، عن الزهري، ولم يتابع عليه، وليس بقوي في الحديث، والمحفوظ : عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل وهو صائم؛كذلك رواه الثقات الحفاظ عن الزهري، منهم : معمر، وعقيل، وابن أبي ذئب، وقال مالك عن الزهري :" في القبلة الوضوء ". ولو كان مارواه سعيد بن بشير عن منصور، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها صحيحًا، لما كان
الزهري يفتي بخلافه،والله عز وجل أعلم ».
ثم أسند(3) من جهة مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول :" من قُبلة الرجل امرأته الوضوء ".
ذكر مااسْتُدِلَّ به على أن اللمس من غير شهوة لا ينقُض
__________
(1) في "سننه" (1/135 رقم6).
(2) في الموضع السابق برقم (7).
(3) أي: الدارقطني في "سننه" (1/136 رقم8)، وهو في "موطأ مالك" (1/44 رقم66) في الطهارة، باب الوضوء من قبلة الرجل امرأته.(2/310)
قرأت على الحافظ أبي الحسين يحيى بن علي بن عبدالله القرشي - بجامع مصر -، عن الشيخ أبي القاسم هبة الله بن علي - قراءة عليه -، أنا الشيخ أبوصادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني، أنا أبوالحسن محمد بن الحسين النيسابوري، ثنا أبوالحسن محمد بن عبدالله بن زكريا بن حَيويه النيسابوري، أنا أحمد- هو أبوعبدالرحمن أحمد بن شعيب النسائي-، أنا محمد بن عبدالله بن عبدالحكم، عن شعيب، عن الليث، أنا ابن الهاد، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها قالت :" إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة، حتى إذا أراد أن يوتر مسَّني برجله ". أخرجه النسائي في "سننه"(1) كذلك، وهو إسناد جليل عزيز المثل لما اجتمع فيه عند النسائي من رواية الفقهاء.
__________
(1) 1/101-102 رقم166) كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من مس الرجل امرأته من غير شهوة.
.(2/311)
فأما "محمد بن عبدالله بن [عبد](1) الحكم": فمن كبار فقهاء مصر، قال ابن يونس(2) في "تاريخ مصر":"وكان المفتي بمصر في أيامه".وقال ابن أبي حاتم(3): "هو صدوق ثقة، أحد فقهاء مصر من أصحاب مالك ". وقال النسائي(4) فيه:"ثقة". وقال(5) في موضع آخر: "صدوق، ولا بأس به ". وشيخه "شعيب بن الليث بن سعد": احتجَّ به مسلم في"الصحيح"(6). وقال ابن يونس(7): "كان فقيهًا مفتيًا، وكان من أهل الفضل. حدثني أبي، عن جدي قال : سمعت ابن وهب يقول : مارأيت [ ابنًا لعالمٍ](8) أفضل من شعيب بن الليث ". وشيخه : والده "الليث بن سعد": إمام بلده ومفتيها، رفيع القدر، عالي الذكر، لا ينظر في مثله. وشيخه"ابن الهاد" هو: يزيد بن عبدالله بن أسامة بن الهاد، محتج(9) به في "الصحيحين"(10)، موثق من جهة ابن معين أيضًا(11). وشيخه "عبدالرحمن بن القاسم": علم من الأعلام، متفق
عليه(12). وأبوه "القاسم": أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة، متفق عليه(13) [.....](14).
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وتقدم على الصواب.
(2) كما في "تهذيب الكمال" (25/500).
(3) في "الجرح والتعديل" (7/300-301 رقم1630).
(4) كما في "المعجم المشتمل" (ص249 رقم864).
(5) كما المرجع السابق.
(6) كما في "تهذيب الكمال" (12/532 و533).
(7) كما في الموضع السابق من "تهذيب الكمال".
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(9) لم تتضح الميم في الأصل، فأشبهت الكلمة أن تكون :" يحتج ".
(10) كما في "تهذيب الكمال" (32/169 و172).
(11) كما في "الجرح والتعديل"(9/275 رقم1156).
(12) كما في "تهذيب الكمال" (17/347 و352).
(13) كما في المرجع السابق (23/427 و436).
(14) بياض في الأصل بمقدار سطر.(2/312)
قرأت على أبي الحسين الحافظ،عن أبي القاسم عبدالله بن علي- قراءة-، أنا أبوصادق المديني، أنا أبوالحسن محمد بن الحسين، أنا أبو الحسن محمد بن عبدالله بن زكريا، أنا أحمد(1)، أنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن أبي النضر، عن أبي سلمة ، عن عائشة /رضي الله عنها قالت :" كنت أنام بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما، والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح". أخرجه مالك في "موطئه"(2) كذلك، وهو عالٍ بإسنادنا هذا إليه.
[ل129/أ]
وروى يحيى(3) عن عبيدالله قال:سمعت القاسم بن محمد يحدث عن عائشة رضي الله عنها قالت:لقد رأيتني معترضة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فقبضتها إليَّ، ثم يسجد.
ووقع إلينا عاليًا. قرأت على أبي الحسين الحافظ،عن أبي القاسم البوصيري-قراءة عليه-،أنا أبوصادق المديني، أنا أبوالحسن محمد بن الحسين، ثنا أبوالحسن محمدبن عبدالله، أنا أحمد- هو النسائي(4)-، أنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا يحيى،[عن عبيدالله](5) قال : سمعت القاسم بن محمد يحدث، عن عائشة رضي الله عنها قالت : لقد رأيتموني وأنا معترضة على فراش بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فضممتها إليّ، ثم يسجد.
ذكر حديث يُورد في هذا الباب
__________
(1) هو أحمد بن شعيب النسائي، والحديث في "سننه" (1/102 رقم168) في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من مس الرجل امرأته من غير شهوة.
(2) 1/117 رقم2) كتاب صلاة الليل، باب ماجاء في صلاة الليل.
(3) وروايته عند النسائي كما سيأتي.
.
(4) وهو في الموضع السابق من "سننه" برقم (167).
(5) في الأصل :"بن عبدالله"، والتصويب من المرجع السابق.(2/313)
قرأت على أبي الحسين الحافظ، عن أبي القاسم البوصيري - قراءة عليه-، أنا أبوصادق المديني، أنا أبوالحسن محمد بن الحسين، ثنا أبوالحسن محمد بن عبدالله، أنا أحمد هو النسائي(1)، أنا محمد بن عبدالله بن المبارك ونصير بن الفرج - واللفظ له -، أنا أبوأسامة، عن عُبيدالله بن عمر، عن محمد بن يحيى بن حَبّان، عن عبدالرحمن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن عائشة رضي الله عنها قالت: فقدتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فجعلت أطلبه [بيدي](2)، فوقعت يدي على قدميه وهما منصوبتان، وهو ساجد يقول : (( أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك
أنت كما أثنيت على نفسك )) . أخرجه مسلم(3) من حديث عبيدالله بن عمر.
و"نُصَيْر": بضم النون، وفتح الصاد المهملة. و"حَبَّان" والد يحيى : بفتح الحاء المهملة، وبعدها باء مشددة ثاني الحروف.
قال البيهقي في "السنن"(4):"رواه وهيب ومعتمر وابن نمير عن[عبيدالله](5) دون ذكر أبي هريرة في إسناده ". انتهى. ورواه جعفر بن عون عن يحيى بن سعيد،عن محمد بن إبراهيم التيمي قال: قالت عائشة رضي الله عنها...، وفيه:" فوجدته ساجدًا، فوضعت يدي على قدميه - يعني أصابع(6) قدميه -..."، الحديث، وهو منقطع.
__________
(1) هو في الموضع السابق من "سننه" برقم (169).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(3) في "صحيحه" (1/352 رقم486) كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود.
(4) 1/128).
(5) في الأصل :"عبدالله"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) كذا في الأصل، وفي "الخلافيات" :" صدر".(2/314)
قال البيهقي في "الخلافيات"(1):"وهكذا رواه يزيد بن هارون ووهيب(2) وغيرهما عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن عائشة رضي الله عنها مرسلاً؛ محمد بن إبراهيم لم يدرك عائشة رضي الله عنها. وخالفهم الفرج بن فضالة..."، ثم أسنده عن الفرج، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة في فراشي، فقلت : قام إلى جاريته مارية، فقمت أتحسس الجُدُر- وليس لنا كمصابيحكم هذه-، فإذا هو ساجد، فوضعت يدي على [صدر](3) قدمه وهو يقول في سجوده : ((اللهم ! إني أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ /برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، لا أحصى ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك )) . قال البيهقي(4): "هكذا رواه [الفرج](5)، ورواية الجماعة أولى بالصحة ".
[ل129/ب]
وأما ماذَكَر(6) من حديث صلاته- صلى الله عليه وسلم - وهو حامل أمامة،فهو حديث صحيح(7)
سيأتي إن شاء الله تعالى، إلا أن الاستدلال به في هذا المعنى لا يقوى.
__________
(1) 2/211-212 رقم499).
(2) تصحف في "الخلافيات" إلى :" وهب ".
(3) في الأصل :" قدر"، والتصويب من "الخلافيات ".
(4) في "الخلافيات" (2/214).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(6) أي البيهقي في "السنن" (1/127).
(7) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/590 رقم516) في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة، ومسلم في "صحيحه" (1/385 رقم543) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة.(2/315)
وكذلك ماذَكَر(1) من رواية شريك ووكيع، عن حريث، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستدفئ بها بعد الغسل، ضعيف الدلالة بمرة، وفيه حريث وهو ابن أبي مطر، ويقال(2): إنه تفرد به، وأنه مما أنكر عليه البيهقي، وضعفه يحيى بن معين(3) والبخاري(4)، وكان يحيى بن سعيد وعبدالرحمن بن مهدي لا يحدثان عنه(5).
وأما حديث أم سلمة، فروى الحافظ الفقيه الإسماعيلي من حديث يزيد بن سنان، عن عبدالرحمن الأوزاعي، عن يحيى،[عن](6) أبي سلمة بن عبدالرحمن ابن عوف، عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبلها وهو صائم، ثم لا يفطر ولا يحدث وضوءًا. أخرجه في "مجموع حديث يحيى بن أبي كثير".
و"يزيد بن سنان" فيه كلام ذكرناه.
ذكر إيجابه من الريح
روى الترمذي(7) من حديث سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا وضوء إلا من صوت أو ريح )) . وإسناده على شرط مسلم.
__________
(1) أي البيهقي في "الخلافيات" (2/214).
(2) كلام المصنِّف هنا عن حريث أخذه عن البيهقي في المرجع السابق (2/215-216).
(3) كما في "الكامل" لابن عدي (2/200).
(4) حيث ذكره في "الضعفاء" (ص36 رقم90) وقال :" ليس عندهم بالقوي "، وفي "التاريخ الكبير" (3/71 رقم254) قال :" فيه نظر ".
(5) كما في "الجرح والتعديل" (3/264 رقم1179)، والموضع السابق من "الكامل".
.
(6) في الأصل :"بن"، وهو تصحيف، فليس في رواة هذه الطبقة يحيى بن أبي سلمة، والصواب المثبت، ويحيى هو ابن أبي كثير كما في عزو المصنِّف، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (31/504 -511)، فهو الذي يروي عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، ويروي عنه عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي.
(7) في "سننه" (1/109 رقم74) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الوضوء من الريح.(2/316)
وهو - والله عز وجل أعلم - حديث مختصر بالمعنى من حديث أطول منه، أخرجه مسلم(1) من حديث جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا فأشكل عليه : أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا )) .
قال ابن أبي حاتم(2):" سمعت أبي - وذكر حديث شعبة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا وضوء إلا من صوت أو ريح )) - قال أبي : هذا وهم، اختصر شعبة متن هذا الحديث، فقال : (( لا وضوء إلا من صوت أو ريح )). ورواه أصحاب سهيل، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا كان أحدكم في الصلاة، فوجد ريحًا من نفسه، فلا يخرجن حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا )) ".
وروى معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: (( لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )) . أخرجاه(3) من حديث عبدالرزاق(4)، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولفظ البخاري فيه : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ )) . قال رجل من حضرموت : ماالحدث ياأباهريرة ؟ قال: فُساء أو ضراط، ولم يذكر هذه الزيادة مسلم.
__________
(1) في "صحيحه" (1/276 رقم362) كتاب الحيض، باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك.
(2) في "علله" (1/47 رقم107).
(3) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/234 رقم135) كتاب الوضوء، باب لا تقبل صلاة بغير طهور، ومسلم في "صحيحه" (1/204 رقم225) كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة.
(4) وعبدالرزاق أخرجه في "المصنف" (1/139 رقم530).(2/317)
وروى الدارقطني(1) من حديث أحمد بن سنان القطان ومحمد بن إسماعيل الحسَّاني، قالا: ثنا وكيع، ثنا مسعر، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن صفوان بن عَسَّال قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وقال الحساني : رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - في المسح على الخفين : (( للمسافر ثلاثًا، إلا من جنابة، ولكن من غائط /أو بول أو ريح )). قال الدارقطني :« لم يقل في هذا الحديث : "أو ريح" غير وكيع عن مسعر ».
[ل130/أ]
ذكر الوضوء من مس الذكر ونفيه
__________
(1) في "سننه" (1/133 رقم 1).(2/318)
أما نفيه : ففي حديث قيس بن طلق، عن أبيه، وله طُرق : أجودها : رواية ملازم بن عمرو، عن عبدالله بن بدر، رواها النسائي(1) عن هناد، عن ملازم بن عمرو، ثنا عبدالله بن بدر، عن قيس بن طلق بن علي، عن أبيه قال : خرجنا وفدًا حتى قدمنا على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فبايعناه، وصلينا معه، فلما قضى الصلاة جاءه رجل كأنه بدوي فقال : يارسول الله! ماترى في رجل مس ذكره في الصلاة ؟ قال : (( وهل هو إلا مضغة منك - أو بضعة منك-؟ )) ورواه أبوداود(2) عن مسدد، عن ملازم، ورواه الترمذي(3) مختصرًا، عن هناد، عن ملازم(4)، لم يزد على قوله : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( وهل هو إلا مضغة منه-أو بضعة منه-؟ )) قال الترمذي:"وهذا الحديث أحسن شيء في هذا الباب، وقد روى هذا الحديث أيوب بن عتبة ومحمد بن جابر، عن قيس بن طلق، عن أبيه،وقد تكلم بعض أهل الحديث في محمد بن جابر وأيوب ابن عتبة، وحديث ملازم بن عمرو عن عبدالله بن بدر أصح وأحسن". ومنها : ما أشار الترمذي إليه من رواية محمد بن جابر، عن قيس، أخرجها ابن ماجه(5) من حديث وكيع، عنه قال : سمعت قيس بن طلق(6) الحنفي،عن أبيه قال:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن مس الذكر، فقال: ((ليس فيه وضوء، إنما هو منك )) . ورواها أبوداود(7) عن مسدد، عن محمد بن جابر، محيلاً في السند والمعنى على رواية ملازم ؛ قال :" قال : في الصلاة ".
__________
(1) في "سننه" (1/101 رقم165) كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من ذلك.
(2) في "سننه" (1/127 رقم182) كتاب الطهارة، باب الرخصة في ذلك.
(3) في "سننه" (1/131-132 رقم85) أبواب الطهارة، باب ترك الوضوء من مس الذكر.
(4) قوله :" ورواه الترمذي مختصرًا عن هناد عن ملازم" مكرر في الأصل.
(5) في "سننه" (1/163 رقم483) كتاب الطهارة وسننها، باب الرخصة في ذلك.
(6) في الأصل :"طارق"، وصوبت في الهامش.
(7) في الموضع السابق برقم (183).(2/319)
وقال الحافظ أبوحفص ابن شاهين(1) بعد إخراجها :« وهذا حديث اشتهر به محمد بن جابر، رواه عنه الأكابر ممن هو أسن منه وأقدم موتًا، فرواه أيوب السختياني وعبدالله بن عَون وسفيان الثوري وهشام بن حسان(2) وقيس بن الربيع وهمام بن يحيى وصالح المزني وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة ووكيع وابن فضيل والمفضل بن صدقة وأخوه أيوب بن جابر وجماعة ذكرتهم في كتاب "الأكابر عن الأصاغر في [السِّنّ](3)"». وروى الطبراني(4) عن إسحاق، عن عبدالرزاق(5)، عن هشام بن حسان(6)، عن محمد بن جابر، عن قيس بن طلق، عن أبيه قال : قلت : يارسول الله! أرأيت الرجل يتوضأ، ثم يهوي بيده فيمس ذكره أو أرنبته؟(7) قال : (( هو مثله )) . ومنها : رواية أيوب بن عتبة، عن قيس، رواها الحافظ أبوالقاسم الطبراني(8) عن علي بن عبدالعزيز، عن أحمد بن يونس، عن أيوب بن عُتبة، عن قيس بن طلق، عن أبيه قال: سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:يارسول الله! أرأيت إذا مس أحدنا ذكره، يتوضأ ؟ قال : (( لا، إنما هو بضعة(9)منك )) .
__________
(1) في "الناسخ والمنسوخ" (ص97-98 رقم101).
(2) في الأصل:"حيان"، وصُوبت في الهامش، ووردت على الصواب في "الناسخ والمنسوخ".
(3) في الأصل :"السنن"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) في "المعجم الكبير" (8/330 رقم8233).
(5) وعبدالرزاق أخرجه في "المصنَّف" (1/117 رقم426).
(6) في الأصل :" حيان"، والتصويب من "المعجم الكبير".
(7) كذا في الأصل ! ولعله يقصد رأس الذكر، وفي "معجم الطبراني" المطبوع :" أرشه"، ولم ترد اللفظة في "مصنف عبدالرزاق".
(8) في "المعجم الكبير" (8/334 رقم8249).
(9) كذا في الأصل، وفي المرجع السابق :" مضغة ".(2/320)
ورواها الحافظ أبوأحمد ابن عدي(1) عن محمد بن يحيى بن سليمان، عن عاصم بن علي، عن أيوب [بن عتبة اليمامي](2).
ورواه(3) أيضًا عن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، عن علي بن الجعد، عن أيوب [بن عتبة اليمامي](4).
وهو في "المسند"(4) عن حماد بن خالد، عن أيوب بن عُتبة، واللفظ كما قدمناه. ومنها : رواية عبدالحميد بن جعفر(5)، عن أيوب بن محمد العجلي، عن قيس بن طلق - أو طلق بن قيس الحنفي -، عن أبيه : أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مس فرجه، فقال : (( إنما هو بضعة منك )).
[ل130/ب]
__________
(1) في "الكامل" (1/352).
(2) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل، فأثبته من "الكامل".
(3) أي : ابن عدي في الموضع السابق.
(4) للإمام أحمد (4/22).
(5) وهي عند ابن عدي أيضًا في الموضع السابق.(2/321)
فأما رواية محمد بن جابر وأيوب بن عتبة،[فمحمد](1) بن جابر بن عبدالله [اليمامي](2) السحيمي قال البخاري(3):"ليس بالقوي، يتكلمون فيه". وقال النسائي(4):"ضعيف". وقال الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - (5):"كان محمد بن جابر / ربما ألحق في كتابه - أو يلحق في كتابه، يعني الحديث -". وقال عباس(6) عن يحيى :" محمد بن جابر كان أعمى، واختلط حديثه، وكان كوفيًّا، وانتقل إلى اليمامة، وهو ضعيف ". وقال ابن أبي حاتم(7):" سألت أبي عن محمد بن جابر فقال : ذهبت كتبه في آخر عمره، وساء حفظه، [وكان يلقن](8)، وكان عبدالرحمن بن مهدي يحدث عنه، ثم تركه بعد، وكان يروي أحاديث مناكير، وهو معروف بالسماع، جيد اللقاء، وفي كتبه لحق، وحديثه عن حماد فيه اضطراب، روى عنه عشرة من الثقات ". وقال عمرو بن علي(9):" محمد بن جابر صدوق، كثير الوهم، متروك الحديث ". وقال ابن عدي(10):" ولمحمد بن جابر من الحديث غير ماذكرت، وعند إسحاق بن أبي إسرائيل عن محمد بن جابر [كتاب](11) أحاديث صالحة، وكان إسحاق يُفَضّل محمد بن جابر على جماعة شيوخ هم
__________
(1) في الأصل :" ومحمد ".
(2) في الأصل :"اليماني"، والتصويب من "تهذيب الكمال" (24/564 رقم5110).
(3) عبارة البخاري هذه بتمامها في "الكامل" لابن عدي (6/148)، وقال البخاري في "التاريخ الكبير" (1/53 رقم111):"ليس بالقوي" وكذا في "الضعفاء الصغير" (ص103 رقم313)، وفي "التاريخ الأوسط" (2/173) قال :" يتكلمون فيه".
(4) في "الضعفاء والمتروكين" (ص233 رقم533).
(5) كما في "العلل" رواية ابنه عبدالله عنه (2/370 رقم2644).
(6) أي : الدوري في "تاريخه" (2/507 رقم2647).
(7) في "الجرح والتعديل" (7/219 رقم1215).
(8) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(9) كما في "الكامل" (6/148).
(10) في "الكامل" (6/153-154).
(11) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.(2/322)
أفضل منه وأوثق. وقد روى عن محمد بن جابر كما ذكرت من الكبار : أيوب، وابن عون، وهشام بن حسان، والثوري، وشعبة، وغيرهم ممن ذكرتهم، ولولا أن [محمد](1) بن جابر في ذلك المحل لم يرو عنه هؤلاء الذين هو دونهم، وقد خالف في أحاديث، ومع ماتكلم فيه من تكلم يُكتب حديثه ".
وأما أيوب بن عتبة فإن الحافظ أبا العرب محمد بن أحمد بن تميم القروي قال في كتابه(2) : قال ابن حنبل(3):" أيوب بن عتبة ضعيف الحديث ". وقال فيه ابن معين(4):" ليس بشيء ". وقال ابن أبي مريم عن ابن معين(5):" أيوب ابن عتبة ضعيف الحديث ". وقال النسائي(6):" أيوب بن عتبة مضطرب الحديث". وقال أبوزرعة(7):" أخبرني آدم بن أبي إياس أن أيوب بن عتبة كان قاضيًا باليمامة ". وقال أبوالحسن(8):"أيوب بن عتبة قاضي اليمامة لا بأس به". وقال أبو العرب في موضع آخر :" وقال ابن [البرقي](9): أيوب بن النجار اليمامي وأيوب بن عُتبة إنهما ممن ينسب إلى الضعف،واحتملت روايتهما(10)
__________
(1) في الأصل :"لمحمد"، والتصويب من الكامل.
(2) لعله يعني "التاريخ " - وأظنه مفقودًا -، فهذا النص الذي ذكره المصنف ليس في "طبقات علماء أفريقية" لأبي العرب هذا.
(3) انظر "تاريخ بغداد" (7/3-4 رقم4367).
(4) في "تاريخه" برواية الدوري (2/50 رقم3275).
(5) كما في الكامل لابن عدي (1/351).
(6) في "الضعفاء" (ص149 رقم24).
(7) في "تاريخه" (1/453 رقم1144).
(8) لم أعرف أبا الحسن هذا، ولا أظنه الدارقطني ؛ لأن الدارقطني قال عن أيوب هذا : "يترك"، ومرة قال :" يعتبر به، شيخ " كما في "تاريخ بغداد" (7/6). ولم أجد أحدًا قال عن أيوب :" لا بأس به " إلا ابن معين في رواية الغلاّبي عنه كما في المرجع السابق (7/14).
(9) في الأصل :"الرقي"، وهو تصحيف.
(10) لم أجد هذا النص، لكن أجمعت كلمة الأئمة على الثناء على أيوب بن النجار وتوثيقه، فخالفهم أحمد بن صالح وابن البرقي. قال ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (1/209) : "وقال ابن البرقي :يمامي ضعيف جدًّا..."، ثم ذكر أنه نُقل عن أحمد بن صالح الكوفي مثل ذلك.(2/323)
". انتهى.
وأما ملازم بن عمرو فقال أبوعمر(1) بعد ذكر حديث طلق :" وهو حديث يمامي لا يوجد إلا عند أهل اليمامة، إلا أن محمد بن جابر وأيوب بن عتبة يضعفان، وملازم بن عمرو ثقة، وعلى حديثه(2) عوّل أبوداود والنسائي، وكل من خرّج في الصحيح ذكر حديث بسرة في هذا الباب وحديث طلق بن علي، إلا البخاري، [فإنهما](3) عنده متعارضان معلولان، وعند غيره هما صحيحان، والله المستعان ". قلت :لم يخرج مسلم واحدًا من الحديثين أيضًا، وهو ممن يخرج في الصحيحين(4).
وأما :عبدالله بن [بدر بن عميرة](5) اليمامي": فقال أبوزرعة(6) ويحيى بن معين(7):" ثقة ". وقال أحمد بن عبدالله(8):" هو تابعي ثقة ". وقال البيهقي في "الخلافيات"(9):" عبدالله بن بدر ثقة ".
__________
(1) أي : ابن عبدالبر في "التمهيد" (17/197).
(2) قبل قوله :" حديثه" هناك بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات، وكتب فيه " صح صح صح"، والكلام متصل في "التمهيد".
(3) في الأصل :"فإنما"، والتصويب من "التمهيد".
(4) كذا العبارة في الأصل !
(5) في الأصل :"زيد بن عمارة"، وتقدم - وسيأتي - على الصواب.
(6) كما في "الجرح والتعديل" (5/11-12 رقم56).
(7) في "تاريخه" رواية عثمان الدارمي (ص144 رقم487).
(8) أي : العجلي في "ثقاته" (2/22 رقم568).
(9) 2/288 رقم856).(2/324)
وأما "قيس بن طلق": فقد قال يحيى بن معين(1) وأحمد بن عبدالله(2) فيه: "ثقة ". [وذكره](3) أبوحاتم ابن حبان في كتاب"الثقات"(4) فقال :" قيس ابن طلق بن علي الحنفي من أهل اليمامة، يروي عن أبيه، روى عنه عبدالله ابن بدر ومحمد بن جابر ". وكذا يقتضي شرط أبي أحمد ابن عدي في كتابه(5) أنه ثقة أو صدوق. فمن هذا قال أبوعيسى(6):" وهذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب ". ومن هنا صحح الحديث من صححه. وممن حكم بصحته : أبومحمد علي بن أحمد(7). وذكر ابن منده في كتابه(8) أن عمرو بن [علي](9) قال:"[حديث](10) قيس(11) أثبت من حديث بسرة ". إلا أن الشافعي رحمه الله تعالى قال(12):" قد سألنا عن قيس، فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا(13) قبول خبره، وقد عارضه من وصفنا [ثقته](14)
__________
(1) في "تاريخه" رواية الدارمي (ص144 رقم486).
(2) في "ثقاته" (2/221 رقم1532).
(3) في الأصل :"ذكره".
(4) 5/313).
(5) أي :"الكامل"، فإنه لم يذكر فيه قيس بن طلق، وقد قال في مقدمته :" ولا يبقى من الرواة الذين لم أذكرهم إلا من هو ثقة أو صدوق ".
(6) أي : الترمذي في "سننه" (1/132 رقم85) أبواب الطهارة، باب ماجاء في ترك الوضوء من مس الذكر.
(7) أي : ابن حزم في "المحلى" (1/239).
(8) أي : كتاب "الطهارة" الذي يحيل عليه المصنف كثيرًا، وقد عزاه لابن منده ابن الملقن في "البدر المنير" (2/34/ مخطوط).
(9) في الأصل :"عدي"، وهو تصحيف، والتصويب من "البدر المنير" المخطوط (2/34)، و"نصب الراية" (1/66-67).
(10) في الأصل :" حديثي "، والتصويب من المرجعين السابقين.
(11) في الموضع السابق من "نصب الراية" :" حديث طلق "، وكلاهما صحيح، فقيس يرويه عن أبيه طلق.
(12) كما في "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (1/408 رقم1114).
(13) تشبه أن تكون في الأصل :" أما".
(14) في الأصل :"نعته"، والتصويب من المرجع السابق.
.(2/325)
ورجاحته في الحديث وتثبته ". وقال الدارقطني(1):" قال ابن أبي حاتم(2): سألت أبي، وأبازرعة عن حديث محمد بن جابر هذا ؟ فقالا: قيس بن طلق ليس ممن تقوم به حجة، [ووهّناهُ](3) /ولم يثبتاه ".
[ل131/أ]
وروى ابن ماجه(4) من حديث جعفر بن الزبير، عن قاسم، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مس الذكر، فقال : (( إنما هو جزء(5) منك )) .
و"جعفر بن الزبير": متكلم فيه، فقال البخاري(6)، والنسائي(7)، والدارقطني(8):" متروك ". مرَّ (9). وحديث آخر: من جهة عبدالرحمن بن مرثد بن الصلت، عن أبيه:أنه وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن مس الذكر، فقال : (( إنما هو بضعة منك ))(10)
__________
(1) في "سننه" (1/149 رقم15).
(2) هذا في "علل الحديث" (1/48 رقم111).
(3) في الأصل:" وهناه "، والتصويب من "سنن الدارقطني"، وفي "علل الحديث": " ووهماه ".
(4) في "سننه" (1/163 رقم484) كتاب الطهارة وسننها، باب الرخصة في ذلك.
(5) كذا في الأصل و "مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه" (1/192 رقم199)، وفي المطبوع من "سنن ابن ماجه" :" حِذْيَةٌ "، بدل :" جزء ".
(6) في "الضعفاء" (ص28 رقم46).
(7) في "الضعفاء" (ص164 رقم108).
(8) في "الضعفاء" (ص169 رقم143).
(9) ص 150) من المجلد الأول.
(10) لم يذكر المصنف من أخرج هذا الحديث،والبغوي أخرجه في"معجم الصحابة" كما في "الإصابة"(9/160).وقال البغوي:"هذا حديث منكر،وعبدالرحمن بن عمرو ضعيف الحديث جدًّا".وعبدالرحمن بن عمرو هذا هو: ابن جبلة الراوي للحديث عن عبدالرحمن =
= بن مرثد، وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" (3/70 رقم1024) من طريق حبيب ابن موسى الجعفي، قال : سمعت عبدالرحمن بن مرثد الجعفي، عن أبيه مرثد بن الصلت قال : سألته - يعني النبي r - عن مسّ الذكر، فقال : (( بضعة منك )).
وأعلّه ابن حجر في الموضع السابق من "الإصابة" بحبيب بن موسى.(2/326)
. وحديث آخر : من حديث عصمة بن مالك الخطمي - رضي الله عنه - - وكان من
أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -: أن رجلاً قال : يارسول الله! إني احتككت في الصلاة فأصابت يدي فرجي، فقال - صلى الله عليه وسلم - : (( وأنا أفعل ذلك )) . رواه الدارقطني(1) من حديث أحمد بن محمد بن رشدين، عن سعيد بن [عفير](2)، عن الفضل بن المختار، عن الصلت بن دينار، عن عصمة.
ورواه ابن شاهين(3) عن عبدالله بن محمد بن زياد، عن محمد بن إسحاق، عن سعيد بن كثير [بن عفير](4).
وعُلِّلَ بـ"الصلت"(5)، وأن أحمد، والفلاس، والدارقطني قالوا :"ليس بالقوي". وفي روايةٍ عن أحمد(6) :"ترك الناس حديثه". و"الفضل بن المختار" قال ابن عدي(7):"له أحاديث منكرة ". وقال أبوحاتم الرازي(8):" هو مجهول،
__________
(1) في "سننه" (1/149 رقم16).
(2) في الأصل :"غفر"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص112 رقم118).
(4) في الأصل :"عن غفير"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) أعله به أبو الفرج ابن الجوزي في "التحقيق" (1/185)، وما ذكره المصنف رحمه الله من قول الأئمة في الصلت، والفضل بن المختار أخذه عنه بتصرف يسير.
(6) في "العلل" رواية ابنه عبدالله عنه (2/310 رقم2380)، و"الجرح والتعديل" (4/438).
(7) حكاه عنه ابن الجوزي في "الضعفاء" (3/8)، والحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3/358 رقم6750)، ولم أجده في "الكامل ".
(8) كما في "الجرح والتعديل" (7/69 رقم391) لابنه.(2/327)
وأحاديثه منكرة، يحدث بالأباطيل". انتهى(1). حديث آخر : روى ابن منده محمد بن إسحاق الحافظ في "معرفة الصحابة "(2) - رضي الله عنهم - أجمعين، من رواية سلام الطويل، عن إسماعيل بن رافع، عن حكيم بن سلمة، عن رجل من بني حنيفة يقال له : جُرَيّ : أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يارسول الله! إني ربما أكون في الصلاة فتقع يدي على فرجي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( وأنا ربما كان ذلك، امضِ في صلاتك )) . رواه عن عبدوس بن الحسين النيسابوري، عن محمد بن المغيرة الهمذاني، عن القاسم بن الحكم العُرَني،عن سلام،وقال:"هذا حديث غريب لا يعرف إلا بهذا الإسناد". قلت : " سلاَّم "- مشدد [اللام](3)- تُكُلِّمَ فيه، ووصفه جماعة بالتَّرك. و"حَكِيم": مفتوح الحاء، مكسور الكاف.
__________
(1) أي كلام ابن الجوزي الذي أشار إليه المصنف بقوله :" وعُلِّل ".
(2) وذكره ابن حجر في "الإصابة" (2/78)،ثم قال:"قلت:سلام ضعيف، وإسماعيل كذلك".
(3) في الأصل :"الدال"، وهو تصحيف.(2/328)
قال أبوعمر(1):" وأما الذين لم يَرَوْا(2) في مس الذكر وضوءًا : فعلي بن أبي طالب، وعمار بن ياسر، وعبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عباس، وحذيفة بن اليمان، وعمران بن حُصين، وأبوالدرداء - رضي الله عنهم -. واختلف فيه عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، فروي عنه أنه : لا وضوء على من مس ذكره، هذه رواية أهل الكوفة عنه؛ ذكر عبدالرزاق(3)، عن ابن عُيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم قال : سأل رجل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - عن مس الذكر :[أيتوضأ منه](4)؟ فقال : إن كان منك شيء نجس فاقطعه. وروي عنه أنه كان يتوضأ منه ". قلت : لايثبت عندي ماذكره أبوعمر في رواية عبدالرزاق هذه ؛ قول [سعد](5) في : أنه لا ينقض الوضوء بمسه، فلعله سئل عن إباحة المس أو كراهته أو منعه.
قال أبوعمر(6):" وقد اختلف فيه عن أبي هريرة وسعيد بن المسيب، فروي عنهما القولان جميعًا ". قال أبوعمر(7) بعد كلام ذكره :" والأسانيد عن الصحابة - رضي الله عنهم - في إسقاط الوضوء منه أسانيد صحاح من نقل الثقات ". وأما إيجاب الوضوء من مس الذكر ففيه أحاديث : الحديث الأول - وهو أشهرها -: حديث بسرة بنت صفوان.
ويروى عنها من جهة مروان، وعروة، وعبدالله بن عمر.
[ل131/ب]
__________
(1) أي : ابن عبدالبر في "التمهيد" (17/201).
(2) ألحق في الهامش كلمة"عنهم"، فتكون العبارة:"لم يُرْو عنهم"،والمثبت موافق لما في "التمهيد".
(3) في "مصنفه" (1/119 رقم434).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "التمهيد".
(5) في الأصل :"سعيد"، وتقدم على الصواب.
(6) في المرجع السابق.
(7) في الموضع السابق (17/202).(2/329)
فروى مالك في "الموطأ"(1) عن عبدالله بن أبي بكر : أنه سمع عروة بن الزبير يقول : دخلتُ على مروان بن الحكم، فتذاكرنا /مايكون منه الوضوء، فقال مروان : ومن مس الذكر الوضوء. فقال عروة : ماعلمت ذلك. فقال مروان:أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( إذا مس
أحدكم ذكره فليتوضأ )) . وفي رواية يحيى بن بكير عن مالك : (( فليتوضأ وضوءه للصلاة )).
وأخرج هذا الحديث من جهة مالك : أبوداود(2)، والنسائي(3). وفي رواية أبي داود عن عبدالله بن مسلمة، عن مالك : (( من مس ذكره فليتوضأ )) .
وروي من حديث جماعة عن عبدالله بن أبي بكر، منهم : سفيان، وإسماعيل ابن عُليّة، وعبدالعزيز بن أبي حازم، وعمر بن علي العمري، وعمرو بن الحارث، والضحاك بن عثمان، ومحمد بن إسحاق، وهم مختلفون في إثبات مروان بين عروة وبسرة وتركه.
ويُعْتَلّ على الحديث بوجوه : الوجه الأول : ادعاء عدم اشتهار بسرة بنت صفوان. قيل(4): واختلاف [الرواة في نسبها](5) يدل على جهالتها ؛ لأن بعضهم يقول: هي كنانية، وبعضهم يقول : أسدية [....](6)
__________
(1) 1/42 رقم58) كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج.
(2) في "سننه" (1/125-126 رقم181) كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر.
(3) في "سننه" (1/100 رقم163) كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر.
(4) والقائل هو الحازمي ؛ فإن عبارة المصنِّف في الوجه الأول هي عبارة الحازمي في "الاعتبار" (ص149)، ونقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" (1/66).
(5) في الأصل :"الرواية في نسبتها"، والمثبت من "الاعتبار" و "نصب الراية".
(6) بياض في الأصل بمقدار سطر ونصف، وأظن في موضعه - كما في "الاعتبار" و"نصب الراية"-:" ثم لو قدرنا انتفاء الجهالة عنها، ما كانت أيضًا توازي طلقًا في كثرة روايته، إذ قلّة روايتها تدلّ على قلّة صحبتها " ا. هـ.
وهذا سياق عبارة الحازمي في " الاعتبار"، ونحوه ما في "نصب الراية".(2/330)
........................................ .....الوجه الثاني : الكلام من جهة الرواة، وذلك من وجهين : أحدهما: أنه لما كان المشهور من الرواية مافيه مروان بن الحكم قدّمه قوم على رواية من رواه عن عروة، عن بسرة قال أبوعمر(1)- وبعد ذكر روايات في هذا-:"والحديث الصحيح الإسناد في هذا:عن عروة،عن مروان،عن بسرة".
وقال ابن منده - بعد ذكر روايات -:" فالحديث راجع إلى مروان ".
وبلغني عن الحافظ أبي الحسن الدارقطني أنه قال في كتاب "العلل"(2)- بعد ماذكر الاختلاف على هشام -:" فلما ورد [هذا](3) الاختلاف على هشام(4) أشكل أمر هذا الحديث، وظن كثير من الناس ممن لم يمعن النظر في الاختلاف أن هذا الحديث غير ثابت لاختلافهم فيه؛ لأن(5) الواجب في الحكم: أن يكون القول قول من زاد في الإسناد ؛ لأنهم ثقات، والثقات فزيادتهم(6) مقبولة، فحكم قوم من أهل العلم بضعف الحديث ؛ لطعنهم على مروان ". انتهى. وثانيها : إدخال الشرطي في الرواية. قال الدارقطني في "السنن"(7): حدثنا محمد بن الحسن النقاش، ثنا عبدالله بن يحيى القاضي السرخسي، ثنا رجاء بن مرجاء الحافظ قال : اجتمعنا في مسجد الخيف أنا والإمام أحمد بن
حنبل - رضي الله عنه - [وعلي بن المديني](8) ويحيى بن معين، فتناظروا في مس الذكر، فقال
[ل132/أ]
__________
(1) في "التمهيد" (17/185).
(2) 5/ل198/ب)،وقد ذكره الحاكم في"المستدرك"(1/136) عن شيخه الدارقطني بتصرف.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "العلل".
(4) في "العلل" :" عن هشام ".
(5) في "العلل" :" ولأن ".
(6) في "العلل" :" فزيادته "، وليس فيه قوله :" والثقات ".
(7) 1/150 رقم19).
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.(2/331)
يحيى بن معين : يتوضأ منه، وقال علي بن المديني [بقول الكوفيين](1)، وتقلد قولهم. فاحتجّ يحيى بن معين بحديث بسرة بنت صفوان، واحتجّ علي بن المديني بحديث قيس بن طلق، وقال ليحيى: كيف تتقلد إسناد بُسرة، ومروان أرسل شرطيًّا حتى ردَّ جوابها إليه ؟! فقال يحيى : وقد أكثر الناس في قيس بن طلق، ولا يحتجّ بحديثه. فقال الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - : كلا الأمرين على ماقلتما. فقال يحيى : مالك، عن نافع، عن ابن عمر : يتوضأ من مس الذكر. فقال علي : كان ابن مسعود يقول : لا يتوضأ منه، وإنما هو بضعة من جسدك. فقال يحيى : عَمَّن ؟ قال : سفيان، عن أبي قيس، عن [هزيل](2)، عن عبدالله، وإذا اجتمع ابن مسعود وابن عمر واختلفا، فابن مسعود أولى أن يتبع. فقال له الإمام أحمد : نعم، ولكن أبو قيس لا يحتج بحديثه. فقال : حدثني أبونعيم، ثنا مسعر، عن [عمير](3) بن سعيد، عن /عمار قال : ماأبالي مسسته أو أنفي. فقال أحمد : عمار وابن [عمر](4) استويا، فمن شاء أخذ بهذا، ومن شاء أخذ بهذا.
وهذه الحكاية رواها الحاكم(5) بإسناد أجود من هذا(6).
وروى النسائي(7) من حديث شعيب، عن الزهري، عن عبدالله بن أبي
__________
(1) في الأصل :"يقول الكوفيون"، والتصويب من المرجع السابق.
(2) في الأصل :"هذيل"، والتصويب من "سنن الدراقطني".
(3) في الأصل :"عمر"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) في الأصل :"عمار"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) في "المستدرك" (1/139).
(6) علق في الهامش على هذه العبارة بما نصه :" مدارها في رواية الدارقطني والحاكم على رجل متهم". وهو كذلك، فإن مدار الطريقين على عبدالله بن يحيى السرخسي القاضي، وقد اتهمه ابن عدي بالكذب. انظر "لسان الميزان" (4/373).
(7) في "سننه" (1/100-101 رقم164) كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر.(2/332)
بكر بن حزم : أنه [سمع](1) عروة بن الزبير يقول : ذكر مروان في إمارته على المدينة أنه يتوضأ من مس الذكر إذا أفضى إليه الرجل بيده، فأنكرت ذلك، فقلت : لا وضوء على من مسّه. فقال مروان : أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر مايتوضأ منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ويتوضأ من مس الذكر )) . قال عروة : فلم أزل أماري مروان حتى دعا رجلاً من حرسه، فأرسله إلى بسرة، فسألها عمَّا حدثت مروان، فأرسلت [إليه](2) بُسرة بمثل الذي حدثني عنها مروان. ورواه [ابن](2) الجارود(3) من جهة سفيان، عن عبدالله بن أبي بكر قال: تذاكر أبي وعروة مايتوضأ منه، فذكر عروة وذكر حتى ذكر الوضوء من مس الذكر، قال أبي : لم أسمع به. فقال: أخبرني مروان عن بسرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من مس ذكره فليتوضأ )) . قلنا : أَرْسِلْ إليها، فَأَرْسَلَ حرسيًّا -[أو رجلاً](4)-، فجاء الرسول بذلك. الوجه الثالث : الاختلاف في الإسناد. والحديث مروي من جهة الزهري، ومالك، وهشام بن عروة.
فأما الزهري فقد اختلف عليه على وجوه :
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(2) مابين المعكوفين سقط في الأصل.
(3) في "المنتقى" (1/26 رقم16).
(4) في الأصل :"ورجل"، والتصويب من المرجع السابق.(2/333)
أحدها : عنه، عن عروة، عن مروان، عن بسرة. وهذه رواية الطبراني(1) عن [الدبري](2)، عن عبدالرزاق(3)، عن معمر،، عن الزهري، عن عروة بن الزبير قال : تذاكر هو ومروان الوضوء من مس الفرج، فقال مروان : حدثتني بسرة بنت صفوان : أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالوضوء من مس الفرج. فكأن عروة لم يرفع لحديثه، فأرسل مروان إليها شرطيًّا، فرجع فأخبرهم أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالوضوء من مس الفرج.
وكذلك رواية عبدالرحمن بن نمر اليحصبي، عن الزهري، عن عروة : أنه سمع مروان قال: أخبرتني بسرة بنت صفوان... الحديث. أخرجها الطبراني(4) عن أحمد بن معلّى الدمشقي، عن هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، عن عبدالرحمن بن [نمر](5). وثانيها : عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، ثم اختلفوا. فقيل : عن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة، وهذه رواية يحيى بن عبدالله [البَابَلُتِّيِّ](6)، عن الأوزاعي، عن الزهري، ولفظها : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( يتوضأ الرجل من مس الذكر )) (7) .
وكذلك رواية الوليد بن مسلم(8) عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة من جهة إبراهيم بن دُحيم، عن أبيه، عن الوليد.
__________
(1) في "معجمه الكبير" (24/193 رقم485).
(2) في الأصل :"الزهري"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) وعبدالرزاق أخرجه في "المصنف" (1/113 رقم411).
(4) في الموضع السابق (رقم486).
(5) في الأصل :" نمير" والتصويب من المرجع السابق، وتقدم على الصواب.
(6) في الأصل :" البابلي" والتصويب من "المعجم الكبير" و "تهذيب الكمال" (31/409 رقم6862).
(7) أخرج هذه الرواية : الطبراني في "المعجم الكبير" (24/193 رقم487).
(8) في "المعجم الكبير" أيضًا (24/194 رقم488).(2/334)
وقيل : عن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة. وهذه رواية إسحاق بن راشد(1) عن الزهري، فقال فيها : عن أبي بكر بن محمد(2) بن عمرو بن حزم : أن عروة حدثه : أن مروان ذكر أن بسرة بنت صفوان قالت: إنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( من مس فرجه فليتوضأ )) .
[ل132/ب]
ولهذه الرواية شاهد من حديث سعيد بن سفيان الجحدري،عن شعبة، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : سمعت عروة يقول:أرسل مروان إلى بسرة فسألها عن الحديث، فحدثت: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ )) . أخرجها الطبراني(3) من حديث عقبة بن مكرم، عن سعيد. /وثالثها : عن الزهري، عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، ثم اختلفوا ؛ فقيل هكذا : عن عروة ، عن مروان، عن بسرة. وهذا من جهة الليث بن سعد، عن الزهري من رواية سعيد بن يحيى وعبدالله بن صالح، عن الليث(4).
وكذلك رواية ابن أبي ذئب، عن الزهري رواها الطبراني(5) عن إبراهيم
ابن محمد بن عِرْق الحمصي، عن عمرو بن عثمان، عن عبدالملك بن محمد الصنعاني، عن زهير بن محمد، عن ابن أبي ذئب.
وكذلك رواية شعيب، عن الزهري، وقد ذكرناها(6) من جهة النسائي.
وكذلك رواية عبدالرحمن بن خالد بن(7) مسافر عن ابن شهاب، من رواية عبدالله بن صالح، عن الليث، عنه. أوردها الطبراني(8).
__________
(1) في الموضع السابق برقم ( 489).
(2) كذا في الأصل وهو الصواب، وفي الموضع السابق :" عن أبي بكر محمد".
(3) في الموضع السابق (24/198 رقم503).
(4) في الموضع السابق (24/195 رقم492).
(5) في الموضع السابق (24/196 رقم495).
(6) ص 284).
(7) في الأصل :"عن"، وصوبت في الهامش.
(8) في "معجمه الكبير" (24/195 رقم492).(2/335)
وكذلك رواية الليث(1) عن يونس، عن ابن شهاب، ورواية عبدالله بن صالح عن الليث(2).
وقيل : عن الزهري، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة أو زيد بن خالد.[أوردها الطبراني](3) عن الدبري، عن عبدالرزاق(4)، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة : أنه كان يحدث عن بسرة بنت صفوان - أو عن زيد بن خالد الجهني -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ )) .
وأما مالك فالصحيح عنه ماذكرناه(5): عن عبدالله بن أبي بكر [بن](6)
محمد بن عمرو بن حزم، عن عروة.
ورُوي عنه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة، رواها أبوعلقمة الفَرْوي(7)- وهو بفتح الفاء، وسكون الراء -، وأخرجها الطبراني(8) عن أحمد بن عمرو الخلاَّل المكي، عن إبراهيم بن المنذر الحِزامي - وهو بالحاء المهملة المكسورة، والزاي المعجمة -، عن أبي علقمة.
__________
(1) في الموضع السابق (24/196 رقم494).
(2) أي:أخرجه الطبراني من رواية عبدالله بن صالح، عن الليث، عن يونس، عن ابن شهاب.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل،وهو عند الطبراني في الموضع السابق(24/194 رقم491).
(4) وعبدالرزاق أخرجه في "المصنف" (1/113 رقم412).
(5) ص 280و281)، وسبق تخريجه هناك من "الموطأ ".
(6) في الأصل :" عن " والتصويب من "الموطأ".
(7) أي : عن مالك.
(8) في "المعجم الأوسط" (1/153 رقم480).(2/336)
وروي عنه(1) عن نافع، عن ابن عمر، عن بسرة، رواها [حفص](2)، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر : أنه كان يتوضأ من مس الذكر، ويقول : سمعت بسرة بنت صفوان تقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( الوضوء من مس الذكر )) . أخرجه الحافظان أبو أحمد ابن عدي في "الكامل"(3) وأبوالحسن الدارقطني في " غرائب حديث مالك "- واللفظ لحديثه -، وقال :« وهذا الحديث معروف بحفص بن عمر العَدني، رواه عن مالك هكذا، وحفص ليس بقوي في الحديث، وهذا في "الموطأ"(4) من فعل ابن عمر غير مرفوع إلى أحد، وهو الصواب. وقد روي عن أبي مصعب، عن مالك [ كرواية ](5) حفص بن عمر، ولا يصح عن أبي مصعب ».
__________
(1) أي : عن مالك.
(2) في الأصل :" أبو حفص" والتصويب من "الكامل"، وسيأتي على الصواب.
(3) 2/385).
(4) 1/43 رقم62و63) كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج.
(5) في الأصل :"لرواية"، وهو تصحيف ظاهر.(2/337)
ثم قال(1): حدثني إبراهيم بن محمد بن إبراهيم وعمر بن أحمد بن عثمان، قالا : حدثنا الحسن بن مهدي بن عبدة المروزي، ثنا محمد بن علي بن المنذر أبوعبدالله، ثنا [أبو](2) مصعب المدني، ثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن بسرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من مس فرجه فليتوضأ )) . قلت : وقال ابن عدي(3) بعد إخراجه هذا الحديث :« وهذا ليس يرويه عن مالك إلا حفص بن عمر. وهذا الحديث في "الموطأ" عن نافع، عن ابن عمر موقوف ؛أنه كان يتوضأ من مس الذكر، وفي حديث ابن صاعد بيان ذلك. وأما قوله :" عن بسرة " فهو باطل ». قلت : ورواه عبدالباقي بن قانع عن جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي، عن محمد بن مصفى، عن حفص بن عمر العدني، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن بسرة بنت صفوان قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من مس فرجه فليتوضأ )) . وهذا غير اللفظ الأول، رواه الدارقطني(4) عن عبدالباقي.
__________
(1) أي : الدارقطني في "غرائب مالك".
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وتقدم قبل قليل على الصواب.
(3) في الموضع السابق من "الكامل".
(4) لعله في"غرائب مالك"، وهو أيضًا في "الغرائب والأفراد" له كما في " أطرافه " لابن طاهر (ل 325/أ).(2/338)
وأما هشام بن عروة، فقد اختلف عنه على وجوه : منها : عن أبيه، عن بسرة. ورواية يحيى بن سعيد أخرجها الترمذي(1) عن إسحاق بن منصور، عن يحيى بن سعيد القطان، عن هشام بن عروة، أخبرني أبي،/ عن بسرة بنت صفوان : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من مس ذكره فلا يصلِّ حتى يتوضأ )) . قال أبوعيسى(2):" هذا حديث حسن صحيح ". قال:" هكذا روى عنه غير واحد عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة، وروى أبوأسامة وغير واحد هذا الحديث عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "(3). قلت : وهذا هو الوجه الثاني.
[ل133/أ]
وأخرجه كذلك ابن ماجه(4) من جهة عبدالله بن إدريس عن هشام بالسند، ولفظه : قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ )) .
__________
(1) في "سننه" (1/126 رقم82) أبواب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر.
(2) في "سننه" (1/129).
(3) وتمام عبارة الترمذي :" حدثنا بذلك إسحاق بن منصور، حدثنا أبو أسامة...، بهذا ".
(4) في "سننه" (1/161 رقم479) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من مس الذكر.(2/339)
وأخرجه الدارقطني(1) من حديث يزيد بن أبي حكيم، عن سفيان، عن هشام كذلك، ولفظه : (( من مس ذكره فليتوضأ وضوءه للصلاة )) . ووجه ثالث : رواية همام عن هشام بن عروة، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو، عن عروة، عن بسرة. أخرجها الطبراني(2) عن علي بن عبدالعزيز، عن حجاج بن منهال، عن همام بن يحيى بسنده، ولفظه : (( من مس فرجه فلا يصلين حتى يتوضأ )) . ووجه رابع : عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها. من جهة عبدالرحمن بن يحيى العمري، ويحيى بن أيوب (3). ووجه خامس : عن هشام، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة. رواية داود العطار (4). ووجه سادس:عن هشام، عن أبيه، عن أروى. من جهة هشام بن زياد ابن المقدام (5). أجيب عن الوجه الأول : باشتهار صحبة بسرة، وقيل (6):« لا ينكر اشتهار بسرة بنت صفوان بصحبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومتانة حديثها إلا مَن جَهل مذاهب [أهل](7) الحديث، ولم يُحط علمُه بأحوال الرواة. وقال الشافعي(8): "قد روينا قولنا عن غير بسرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والذي [يعيب](9)
__________
(1) في "سننه" (1/146 رقم2).
(2) في "معجمه الكبير" (24/198 رقم504).
(3) ذكره الدارقطني في "العلل" (5/ل201/ب) عن يحيى بن أيوب، ولعله كان ذكر رواية عبدالرحمن في (5/ل198/ب)، فإن هناك ما يمكن أن يشعر بهذا، إلا أن في الكلام سقطًا لسقم النسخة.
(4) ذكرها الدارقطني في "العلل" أيضًا (5/ل198/أ).
(5) عند الدارقطني في الموضع السابق و (5/ل201/ب).
(6) لم يذكر المصنِّف هنا من أين أخذ هذا النقل، وقد نقله بحروفه من "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" للحازمي (ص150).
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وهو أليق بالسياق، وفي "الاعتبار":"مذاهب الحديث".
(8) ونقله عنه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (1/395-396 رقم1051-1054)، والحازمي في الموضع السابق من "الاعتبار".
(9) في الأصل :"يعزب"، والتصويب من المرجعين السابقين.(2/340)
علينا الرواية عن بسرة يروي عن عائشة بنت عجرد، وأم خداش، وعدة من النساء لسن بمعروفات في العامة، ويحتج بروايتهن، ويضعف بسرة مع سابقتها، وقديم هجرتها وصحبتها للنبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد حدَّثَتْ بهذا في دار المهاجرين والأنصار، وهم متوافرون، ولم [يدفعه منهم](1) أحد، بل علمنا بعضهم صار إليه عن روايتها، منهم: عروة بن الزبير، وقد دفع وأنكر الوضوء من مس الذكر قبل أن يسمع الخبر، فلما علم أن بسرة روته قال به [وترك قوله](2). وسمعها ابن عمر تحدث به، فلم يزل يتوضأ من مس الذكر حتى مات، وهذه طريقة الفقه والعلم ".
__________
(1) في الأصل :"يدفع"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجعين السابقين.(2/341)
وقال أحمد بن شعيب النسوي(1): حدثني محمد بن(2) عبدالله بن المبارك [المخرمي](3)، ثنا منصور بن سلمة الخزاعي، قال : قال لنا مالك بن أنس : "أتدرون من بسرة بنت صفوان ؟ هي جدة عبدالملك بن مروان أم أمه(4)، فاعرفوها "». قلت : قال أبوعمر في "الاستيعاب"(5):" كانت بسرة بنت صفوان عند المغيرة بن أبي العاص، فولدت له معاوية وعائشة، وكانت عائشة تحت مروان بن الحكم، وهي أم عبدالملك بن مروان ". قال :" وقال الزبير، وطائفة من أهل العلم بالنسب : إن بسرة بنت صفوان هي أم معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، وجدة عائشة بنت معاوية، وعائشة بنت معاوية هي أم عبدالملك بن مروان. وقال ابن البرقي : قد قيل : إن بسرة بنت صفوان من كنانة ". قال أبوعمر :" ليس قول من قال : إنها من كنانة بشيء، والصواب : أنها من بني أسد بن عبدالعزى، من قريش، وعمها ورقة بن نوفل ". وأما الوجه الثاني : في الكلام على مروان، فأجيب بوجهين : أحدهما : ماقال البيهقي في "الخلافيات"(6) :« ومروان بن الحكم قد احتج به البخاري في "الصحيح"(7)...»، وذكر(8) رواية هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن عثمان بن عفان حين أصابه الرعاف، [ ثم قال](9): /«أخرجه(10) في فضل الزبير بن العوام. وروى مروان(11)
__________
(1) ومن طريقه أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1/138)، وعن الحاكم : البيهقي في الموضع السابق برقم (1056)، و"السنن" (1/130).
(2) قوله :" محمد بن " مكرر في الأصل.
(3) في الأصل :"المخزومي"، والتصويب من المراجع السابقة.
(4) في الأصل :"أبيه" بدل "أمه"، وصوب في الهامش، وهو كذلك في المصادر السابقة.
(5) 12/226-227 قم3255).
(6) 2/233)
(7) كما في "تهذيب الكمال" (27/387 و389).
(8) أي : البيهقي.
(9) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق.
(10) أي : البخاري في "الصحيح"(7/79 رقم3717) كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب الزبير بن العوام.
(11) في "الخلافيات" :" ورُوي لمروان ".(2/342)
أيضًا غير هذا الحديث» [....](1).
وأما ماذكره الحازمي(2) في أثناء سياقته [لكلام](3) من ذهب إلى الإيجاز حيث قال: "قالوا : وحديث قيس بن طلق كما لم يخرجه صاحبا الصحيح، لم يحتجا بشيء من رواياته ولا بروايات [أكثر رواة](4) حديثه في غير هذا الحديث، وحديث بسرة وإن لم يخرجاه - لاختلاف وقع في سماع عروة [من بسرة](5)، أو هو عن مروان عن بسرة - فقد احتجا بسائر رواة حديثها : مروان فمن دونه ". فهذا يقتضي أن الشيخين احتجا برواية مروان، وليس كذلك، فإنه مذكور فيمن انفرد به البخاري رحمه الله تعالى.
أما أمر الشرطي، نقل البيهقي في "المعرفة"(6) :" ومعروف عن عروة بن الزبير أنه صار إلى هذا الحديث، ولولا ثقة الحرسي عنده لما صار إليه". انتهى. وقد تقدم على إخبار الشرطي إخبار مروان عن بسرة، هذا مافي الروايات المشهورة. وأقرب الروايات لفظًا لأن يعتل به في أمر الشرطي : على ماذكره الطبراني(7)
__________
(1) بياض في الأصل بمقدار سطر، ولعل في موضعه ذكر رواية مروان غير هذا الحديث كروايته عن زيد بن ثابت : أن رسول الله r أملى عليه :( لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله )، فجاء ابن أم مكتوم...، الحديث. أخرجه البخاري في صحيحه (6/45 رقم2832) في الجهاد، باب قول الله عزَّ وجلَّ :{ لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر...} الآية، و(8/259 رقم4592) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير.
(2) في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" (ص153).
(3) في الأصل :"الكلام".
(4) في الأصل :"رواة أكثر"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(6) 1/386 رقم1009).
(7) في "معجمه الكبير" (24/200-201 رقم512).
.(2/343)
من رواية أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، عن عثمان بن عمر، عن هشام بن حسان، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال : كنت عند مروان بن الحكم، فسألني عن مس الذكر، فلم أر عليه إعادة الوضوء، فدعا مروان بعض شرطه فأرسله إلى بسرة بنت صفوان، فسألها عن ذلك، فأخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا مس أحدكم ذكره فليعد الوضوء )) . فليس في هذه الرواية ذكر إخبار مروان عن بسرة، لكن قد صح ذلك من غير هذا الوجه في هذه الرواية، كما ذكرناه(1) من حديث مالك، والحديث إذا جمع بين طرقه تبيّن فيه صوابه. الجواب الثاني : أخرج مروان والشرطي من البين. قال الحاكم(2):" ثم نظرنا فوجدنا جماعة من الحفاظ رووا هذا الحديث عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة، ثم ذكروا في روايتهم(3) أن عروة قال : ثم لقيت بعد ذلك بسرة، فحدثتني بالحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حدثني مروان عنها. فدل ذلك على صحة الحديث، وكونه(4) على شرط "الصحيحين"(5)، وزال عنه الخلاف والشبهة، وثبت سماع عروة [من](6) بسرة ". ذكر هذا الكلام عن الحاكم أبوبكر البيهقي في "الخلافيات"(7)، ثم شرع في روايات من بين سماع عروة من بسرة، فذكر شعيب بن إسحاق، وروى روايته. وقد أخرجها الدارقطني في "سننه"(8) عن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، عن الحكم بن موسى، عن شعيب، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن مروان حدثه عن بسرة بنت صفوان - وكانت قد صحبت النبي- صلى الله عليه وسلم --: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا مس
__________
(1) فيما تقدم (ص 280-281).
(2) في "المستدرك" (1/136).
(3) كذا في الأصل و"الخلافيات"، وفي "المستدرك" :" رواياتهم".
(4) في "الخلافيات" و"المستدرك" :" وثبوته" بدل "وكونه".
(5) في المرجعين السابقين :" على شرط الشيخين".
(6) في الأصل :"عن"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(7) 2/234 رقم510).
(8) 1/146 رقم1).(2/344)
أحدكم ذكره فلا يصلِّ حتى يتوضأ )) . قال : فأنكر ذلك عروة، فسألها، فصدّقته بما قال. قال الدارقطني :"[هذا صحيح](1). تابعه ربيعة بن عثمان، والمنذر بن عبدالله الحزامي، وعنبسة بن عبدالواحد، وحميد بن الأسود، فرووه عن هشام هكذا، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة قال عروة : فسألت بسرة بعد ذلك فصدقته ". قلت:رواية ربيعة أخرجها الطبراني(2)عن محمد بن شعيب الأصبهاني، عن يعقوب بن إسحاق [الدشتكي](3)، عن ابن أبي فُديك، عن ربيعة بن عثمان.
[ل134/أ]
ورواها الحاكم(4) [عن](5) أبي الوليد حسان بن محمد الفقيه، عن محمد ابن إسحاق بن خزيمة، عن محمد بن رافع، عن ابن أبي فُديك، عن ربيعة /ابن عثمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان بن الحكم، عن بسرة بنت صفوان، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من مس فرجه فليتوضأ )). قال عروة: فسألت بسرة فصدقته.
وخرّج الحاكم أيضًا(6) رواية المنذر، وفيها : فأنكر عروة فسأل بسرة فصدقته.
وروى أيضًا عن جعفر الخواص، عن محمد بن عبدالله بن سليمان الحضرمي، عن عبدالله بن عمر بن أبان، عن عنبسة بن عبدالواحد بسنده، فيه : قال : فأتيت بسرة فحدثتني.
قال الحاكم :" ومنهم أبوالأسود حميد بن الأسود البصري الثقة المأمون ".
ولتعلم أن رواية ربيعة بن عثمان وعنبسة ترجح في الدلالة على ماقصد من إثبات سماع عروة من بسرة على رواية شعيب والمنذر بن عبدالله. وقد ذكرنا لفظ رواية شعيب.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من الموضع السابق.
(2) في "معجمه الكبير" (24/202 رقم517).
(3) في الأصل :" الدمشقي" والتصويب من المرجع السابق، وانظر "الجرح والتعديل" (9/204 رقم851).
(4) في "المستدرك" (1/137).
(5) في الأصل :" بن"، والتصويب من "المستدرك".
(6) في الموضع السابق.(2/345)
ورواية المنذر ذكرها الحاكم بسنده عنه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة بنت صفوان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من مس ذكره فليتوضأ )) . فأنكر عروة فسأل بسرة فصدقته. وأما الوجه الثالث من هذا الاختلاف : فما كان دائرًا بين ثقات، فقد عرف مافيه، وأن من الناس من يقول : لا يضر الاختلاف على هذا الوجه ؛ لأنه كيف ماكان يرجع الحديث إلى ثقة، وماكان من رواية ضعيف أو من يقال : إنه واهم تركوه وأخذ بالصحيح عندهم من يقول بذلك.(2/346)
فأما روايات الزهري، فإن البيهقي(1) ذكر رواية معمر، عن الزهري، عن عروة، عن بسرة، وقال بعد ذلك :" هكذا قال ! والصواب رواية عقيل [ابن](2) خالد إسنادًا ومتنًا ". يريد رواية عقيل، عن الزهري، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة. [وقال أبوعمر(3):" وقد اختلف فيه عن الزهري : فروي عنه عن عبدالله بن أبي بكر، وروي عنه عن أبي بكر، وروي عنه عن عروة، ومن رواه عنه عن عروة](4) فليس بشيء[عندهم](5)".وقال أيضًا(6):"والمحفوظ أيضًا في هذا الحديث : أن الزهري رواه عن عبدالله بن أبي بكر، لا عن أبي بكر". قال أبوعمر(7): "وكذلك من روى هذا الحديث عن الزهري، عن عروة، عن زيد بن خالد، فهو خطأ [أيضًا](2) لا شك فيه ". قلت : فهذه ثلاث روايات من الاختلاف على الزهري قيل فيها. والرواية التي فيها : الزهري، عن عروة قد حكيناها من جهة معمر، وتابعه عليها عبدالرحمن بن نمر.
__________
(1) في "الخلافيات" (2/229-230 رقم506).
(2) في الأصل :"عن"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) أي : ابن عبدالبر في "التمهيد" (17/185).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فترتب عليه اختلاط كلام البيهقي بكلام ابن عبدالبر، وكنت أظن أن الكلام لايزال للبيهقي، ولكن لم أجده في شيء من كتبه وبالأخص "الخلافيات" الذي نقل منه المصنف الكلام السابق، حتى وقفت عليه - بفضل الله - في "التمهيد". وقد أضفت من عندي :" قال أبوعمر " - كما يصنع المصنف - للحاجة إليها، وذكرت بداية الكلام الذي غلب على ظني سقطه.
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "التمهيد".
(6) أي : ابن عبدالبر في الموضع السابق.
(7) في الموضع السابق.(2/347)
وأما الروايات عن مالك، فصحيحها عندهم ما في "الموطأ"(1) عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عروة، عن مروان، عن بسرة. وأما رواية يحيى بن يحيى الأندلسي(2): عن عبدالله بن أبي بكر، عن محمد بن عمرو بن حزم، فوهم وخطأ لا شك فيه كما ذكر أبوعمر(3)؛ حيث جعل مكان :" ابن " :" عن ".
ورواه ابن وضاح على الصواب(4)- وكأنه من إصلاحه -. ولا ينبغي أن يُعْتدّ بهذه الرواية في باب الاختلاف والتعليل.
وما رُوي عنه(5) من حديثه عن نافع، عن ابن عمر، عن بسرة، فمن رواية [حفص](6) بن عمر [العدني](7)، وقد تقدم كلام الدارقطني(8) فيه.
وأما روايات هشام بن عروة، فالاختلاف في روايته عن أبيه، عن بسرة، أو : عن أبيه، عن مروان، عن بسرة قد تقدم ماقيل فيه، وأن عروة رواه عن مروان، عن بسرة، ثم لقيها(9) وسمعه منها.
وأما رواية من أدخل بين هشام وبين أبيه رجلاً آخر، فإن الطبراني(10) روى عن عبدالله بن أحمد بن حنبل قال : حدثني أبي، قال : قال شعبة :" لم يسمع هشام حديث أبيه في مس الذكر ". قال يحيى :" فسألت هشامًا، فقال : أخبرني أبي ".
[ل134/ب]
__________
(1) 1/42 رقم58) كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج، وتقدمت (ص 280-281).
(2) أي : عن مالك، عن عبدالله بن أبي بكر.
(3) في "التمهيد" (17/183).
(4) كما في الموضع السابق من "التمهيد". وهو محمد بن وضاح، وروايته هذه عن يحيى بن يحيى الليثي عن مالك.
(5) أي : عن مالك.
(6) في الأصل :"جعفر"، وهو تصحيف، وتقدم (ص 289) على الصواب.
(7) في الأصل :"المعدني"، وتقدم على الصواب أيضًا.
(8) في الموضع السابق.
(9) أي : عروة.
(10) في "معجمه الكبير" (24/202 رقم519).(2/348)
ورواه الحاكم(1) أيضًا من جهة عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد ، عن هشام قال: حدثني أبي. وقال الحاكم(2) في أثناء كلام له :" وهشام بن عروة، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة رواية داود العطار، وهو واهم فيه". وقال /الحاكم(3):" وهشام بن عروة، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عروة، فما رُوي من وجه غير معتمد عن هشام بن عروة ". قلت : هذا إبهام وعدم إيضاح لجهالة الرد. وهذه الرواية أخرجها الطبراني(4) عن علي بن عبدالعزيز، عن حجاج بن منهال، عن همام بن يحيى(5)، عن هشام، وهؤلاء كلهم موثقون في الرواية.
وقال الحاكم(6)- في الرواية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها -:" فليُعلم أن هذا وهم ظاهر من عبدالرحمن بن عبدالله العمري ويحيى بن أيوب ومن تابعهما، وكذلك عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أروى، رواية هشام بن زياد أبي المقدام، وهو متروك الحديث ".
ذكر ماتعلق به في أن حديث طلق متقدم على حديث بسرة
__________
(1) أخرجه من طريقه البيهقي في "الخلافيات" (2/238 رقم517)، ولم أجده في "المستدرك"، والسبب فيما يظهر - والله أعلم -: أن هناك بياضًا أشار إليه المحقق في الصفحات (136 و137 و138) التي أخرج الحاكم فيها حديث بسرة، فالظاهر أن هذه الرواية، وكلام الحاكم الآتي سقط من الأصول التي طبع عليها "المستدرك".
(2) كما في "الخلافيات" (2/239).
(3) في الموضع السابق.
(4) في "معجمه الكبير" (24/198 رقم504).
(5) تصحف في "المعجم الكبير" المطبوع إلى :" همام عن يحيى "، ونبّه على هذا التصحيف محقق "الخلافيات" (2/239).
(6) كما في "الخلافيات" (2/238).(2/349)
تقدم(1) من رواية النسائي(2) عن طلق : خرجنا وفدًا حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبايعناه وصلينا معه، فلما قضى صلاته جاءه رجل...، الحديث، وفيه : أن هذا السؤال في وقت القدوم، ولكن لم يعين وقت القدوم.
وروى الدارقطني(3) من حديث إسحاق بن [أبي](4) إسرائيل، عن محمد ابن جابر، عن قيس بن طلق، عن أبيه قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يؤسسون مسجد المدينة، قال : وهم ينقلون الحجارة، فقلت : يارسول الله! ألا ننقل كما ينقلون ؟ قال : (( لا، ولكن اخلط لهم بطين ياأخا اليمامة ! فأنت أعلم به )). قال : فجعلت أخلط [لهم](5) وينقلونه. في إسناده محمد بن جابر. الحديث الثاني : روى الهيثم بن حُميد، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( من مس فرجه فليتوضأ )) . أخرجه ابن ماجه(6) من حديث المعلى بن منصور ومروان بن محمد، عن الهيثم.
ورواه أبوبكر ابن أبي شيبة(7) عن المعلى بن منصور بسنده. أخرجه أبوعمر(8).
ورواه الطبراني(9) عن بكر بن سهل، عن عبدالله بن يوسف، عن الهيثم بسنده ولفظه كما ذكرناه.
__________
(1) ص 269).
(2) في "سننه" (1/101 رقم165) كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من ذلك.
(3) في "سننه" (1/148-149 رقم14).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(5) في الأصل :"به"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في "سننه" (1/162 رقم481) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من مس الذكر.
(7) في "مصنفه" (1/150 رقم1724)، وعنه ابن ماجه في طريق المعلى بن منصور السابقة، وأبوعمر ابن عبدالبر كما سيأتي.
(8) ابن عبدالبر في "التمهيد" (17/191).
(9) في "المعجم الكبير" (23/234 رقم447)، و"الأوسط" (3/259-260 رقم3084).(2/350)
ورواه(1) عن أبي زرعة، عن أبي مسهر، عن الهيثم بسنده بلفظ : ((من مس ذكره فليتوضأ )).
واعتُلّ على هذا الحديث بالانقطاع فيما بين مكحول وعنبسة. قال الترمذي(2):" قال أبوزرعة: حديث أم حبيبة في هذا الباب صحيح، وهو حديث العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة. وقال محمد(3): لم يسمع مكحول من عنبسة بن أبي سفيان. وروى مكحول عن رجل، عن عنبسة [غير هذا الحديث](4)، وكأنه لم [يَرَ](5) هذا الحديث صحيحًا ". انتهى.
وروى علي بن عبدالله بن الفضل البغدادي، ثنا إبراهيم بن محمد بن خالد
[ل135/أ]
__________
(1) في "الكبير" (23/235 رقم450).
(2) في "سننه" (1/130) في أبواب الطهارة، باب الوضوء من مسّ الذكر.
(3) يعني البخاري.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن الترمذي".
(5) في الأصل :" يرو" والتصويب من المرجع السابق.(2/351)
الحربي، ثنا مضر بن محمد، قال :« سألت يحيى بن معين عن مس الذكر، أي شيء أصح فيه من الحديث ؟ قال يحيى بن معين : لولا حديث مالك، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة، فإنه يقول فيه : " سمعت، قال :سمعت"، لقلت : لا يصح فيه شيء. فقلت له : حديث جابر؟ قال: نعم، رواه ابن أبي ذئب، وليس بصحيح. قلت : وحديث أبي هريرة؟ قال : رواية يزيد بن عبدالملك، عن سعيد المقبري، وقد أدخلوا بينهما رجلاً مجهولاً. قلت : زيد بن خالد(1)؟ قال : خطأ، أخطأ فيه ابن إسحاق. قلت: وحديث ابن عمر ؟ قال : الصحيح منه غير مرفوع. قلت : فإن الإمام أبا عبدالله أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - يقول :" أصح حديث فيه حديث العلاء، عن مكحول، عن عنبسة، عن أم حبيبة ؟"(2) قال : هذا أضعفها. قلت : وكيف ؟ قال : مكحول لم يسمع من عنبسة شيئًا ». نقلته من "الجزء الثاني من منتقى أبي الحسن الدارقطني /على ابن الفَضل "، وعليه سماع إبراهيم بن سعيد الحبال الحافظ.
__________
(1) أي : وحديث زيد بن خالد.
(2) وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/217) :« وقال الخلاّل في "العلل" :" صحح أحمد حديث أم حبيبة "».(2/352)
ورأيت في كتاب "العلل"(1) لابن أبي حاتم: " قلت لأبي : فحديث أم حبيبة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن مس ذكره فليتوضأ ؟ قال : روى ابن لهيعة في هذا الحديث مما يوهن الحديث؛ أي(2) تدل روايته أن مكحولاً قد دخل بينه وبين عنبسة رجل(3)". قلت : والحكاية التي قدمناها عن [مضر](4) بن محمد عن يحيى بن معين رواها أبوعمر في "التمهيد"(5) عن خلف بن القاسم، عن محمد بن زكريا بن يحيى بن أعين المقدسي، عن مضر بن محمد بقريب [ما ذكر](6) أو كما قال :"قلت(7):فإن أباعبدالله أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى يقول:أصح حديث فيه: حديث الهيثم بن حميد، عن العلاء، عن مكحول، عن عنبسة،عن أم حبيبة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من مس فرجه فليتوضأ )) . فسكت". كذا قال : فسكت ! ونقلته من أصل أبي عمر بـ"التمهيد"، وعليه علامة(8).
__________
(1) 1/38-39 رقم81).
(2) قوله :" أي " صُوِّبت في هامش الأصل إلى :" أو "، والمثبت موافق لما في "العلل".
(3) كذا في الأصل، وفي "العلل" :" رجلاً ".
(4) في الأصل :" منصور"، وتقدم على الصواب.
(5) 17/192-193).
(6) في الأصل :"ما ذكرا ".
(7) المقصود بيان أن سياق ابن عبدالبر لها قريب من سياق الدارقطني، سوى المقطع الآتي.
(8) كأنه يشير إلى أن اختلاف هذا المقطع مع ماجاء في سياق الدارقطني مشكوك فيه، بما يدل على رجحان ما جاء في رواية الدارقطني، فإن فيها مخالفة ابن معين للإمام أحمد، وأما رواية ابن عبدالبر ففيها سكوته.(2/353)
قال أبوعمر(1):" كان يحيى بن معين يقول : أصح حديث في مس الذكر حديث مالك،عن عبدالله بن أبي بكر،عن عروة،عن مروان، عن بسرة، وكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى يقول نحو ذلك أيضًا، ويقول : في مس الذكر أيضًا حديث حسن ثابت، وهو حديث أم حبيبة ". ثم قال أبوعمر(2): " قد صح عند أهل العلم سماع مكحول من عنبسة بن أبي سفيان، ذكر ذلك دحيم وغيره ".
وذكر البيهقي(3) عن الحاكم قال :" هذا حديث حدَّث به الإمام أحمد بن حنبل،[وإسحاق بن راهويه](4)، ويحيى بن معين، وأئمة الحديث، عن أبي مسهر. وكان يحيى بن معين يثبت سماع مكحول من عنبسة، فإذا ثبت سماعه منه فهو أصح حديث في الباب ". كذا قال :" يحيى بن معين " ! وقد قدمنا في حكاية مضر من جهة ابن الفضل خلاف ذلك. الحديث الثالث : حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. وهو مشهور من رواية يزيد بن عبدالملك النوفلي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. رواه الشافعي - رضي الله عنه -(5) عن سليمان بن عمرو ومحمد بن عبدالله، عن يزيد، ولفظه بسنده : عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا أفضى أحدكم إلى فرجه ليس بينه وبينه شيء فليتوضأ )) . و"محمد بن [عبدالله]"(6) هو : ابن دينار.
__________
(1) في الموضع السابق (17/191).
(2) في الموضع السابق (17/194).
(3) في "الخلافيات" (2/275 رقم553).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(5) في "الأم" (1/19)، وعنه البيهقي في "المعرفة" (1/387-388 رقم1014).
(6) في الأصل:"إبراهيم"، والتصويب من"المعرفة"(1/388 رقم1017)، وتقدم على الصواب.(2/354)
وهكذا إسناد هذا الحديث عند يحيى بن يزيد بن عبدالملك، عن أبيه من جهة [أبي](1) محمد ابن حيان- بالياء آخر الحروف- الحافظ(2).رواها البيهقي
من جهته في "الخلافيات"(3).
وكذلك رواه سحنون بن سعيد(4) و[سعيد بن](5) عيسى بن تليد، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن يزيد،[عن](6) سعيد. ورواية [سعيد بن](3) عيسى أخرجها ابن شاهين(7).
وكذلك يحيى بن بكير(8) عن [عبدالرحمن بن القاسم، عن](9) يزيد، [عن](4) سعيد.
وكذلك رواية الدارقطني(10) من جهة عبدالعزيز بن عبدالله الأويسي، عن يزيد، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولفظه : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه حتى لايكون بينه وبينه حجاب ولا ستر فليتوضأ وضوءه للصلاة )) .
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الخلافيات".
(2) أي : عن أبي محمد ابن حيان، عن أحمد بن جعفر بن نصر الجمّال، عن قطن بن حفص، عن ابن أبي أويس، عن يحيى بن يزيد. وأبومحمد ابن حيان هذا هو عبدالله بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ.
(3) 2/249 رقم 526).
(4) كما في "التمهيد" لابن عبدالبر (17/196).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "الناسخ والمنسوخ" لابن شاهين، وانظر "تهذيب الكمال" (11/29 )، و(17/344-345 ).
(6) في الأصل :"بن"، والتصويب من مصادر التخريج.
(7) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" ( ص108 رقم113).
(8) وروايته عند البيهقي في "الخلافيات" (2/246 رقم522).
(9) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(10) في "سننه" (1/147 رقم6).(2/355)
ورواه الحافظ أبوبكر البزار(1) عن سعيد بن بحر القراطيسي، عن معن بن عيسى، عن يزيد، عن المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ولفظه: قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه ليس بينهما ستر ولا حجاب فليتوضأ )) . قال البزار :"وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي هريرة بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه، ويزيد بن عبدالملك لين الحديث ".
[ل135/ب]
__________
(1) في "مسنده" (3/180/أ)، وهو في "كشف الأستار" (1/149 رقم286).(2/356)
والذي يعتل به في هذا الحديث وجهان : أحدهما : أمر يزيد بن عبدالملك. فأما البيهقي في "المعرفة"(1)، والحازمي /في "الناسخ والمنسوخ"(2) فاقتصرا على قول أحمد :" شيخ من أهل المدينة، ليس به بأس ". قلت : ورواية عثمان(3) عن يحيى قال :" ماكان به بأس ". وقال معاوية(4) عن يحيى :" يزيد بن عبدالملك بن المغيرة ليس حديثه [بذاك](5)". وقال البخاري(6)- فيما حكاه أبوبشر(7)-:" قال أحمد: عنده مناكير"(8). وقال الحافظ أبوالعرب محمد بن أحمد بن تميم القروي - بقاف، وراء مهملة مفتوحتين -: قال لي مالك بن عيسى :" يزيد بن عبدالملك النوفلي ضعيف ". وقال النسائي(9): "يزيد بن عبدالملك بن المغيرة بن نوفل متروك الحديث ". وثانيها : الانقطاع. فرواه عبدالله بن نافع، عن يزيد بن عبدالملك النوفلي، عن أبي موسى الحناط، عن سعيد بن أبي سعيد. رواه البيهقي في "الخلافيات"(10) من جهة عبدالعزيز بن مقلاص، عن الشافعي، عن عبدالله بن نافع. و"أبوموسى الحناط"- بالحاء المهملة والنون - هو الذي أشار يحيى بن معين(11) في حكاية مضر عنه، حيث قال :" وقد أدخلوا بينهما رجلاً مجهولاً". فإذا جرينا على الطريقة المشهورة عادت هذه الزيادة بالنقص ؛ لأنها تدلّ على الانقطاع فيما بين يزيد بن عبدالملك وسعيد، والداخل
__________
(1) 1/389 رقم 1020).
(2) ص145).
(3) أي : الدارمي في "تاريخه" (ص229 رقم 883).
(4) كما في "الضعفاء" للعقيلي (4/384-385)، و"الكامل" لابن عدي (7/260).
(5) في الأصل :"بذلك"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(6) في "تاريخه الكبير" (8/348 رقم 3274)، و"تاريخه الأوسط" (2/188).
(7) لعله يعني الدولابي، ولم أجده في"الكنى" له،وهو في"التاريخ الكبير"و"الأوسط" كما تقدم.
(8) وروى أبو حاتم الرازي أيضًا عن أحمد مثله، كما في "الجرح والتعديل" (9/279).
(9) في "الضعفاء" (ص251 رقم645).
(10) 2/246-247 رقم524).
(11) كما تقدم (ص 303-304).(2/357)
بينهما مجهول، وهذا الحكم مشروط بثبوت الزيادة. و"عبدالله بن نافع" الصائغ أحد أكابر الفقهاء من أصحاب مالك، وثقه ابن معين(1)، وقال ابن عدي(2):" روى عن مالك غرائب،....(3)، وهو في رواياته مستقيم الحديث، وإذا روى عنه مثل عبدالوهاب بن بخت يكون دليلاً على جلالته"(4). وقال محمد بن سعد(5): "كان قد لزم مالك بن أنس لزومًا شديدًا، وكان لا يقدم عليه أحدًا ". وقال الأثرم - فيما حكاه الحافظ أبوالعرب [المغربي](6)-:" قلت لأبي عبدالله(7): حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - (8) قد أدخلوا بين يزيد بن عبدالملك وبين المقبري رجلاً. قال: من ؟ قلت : أبو موسى الحناط. قال : من هذا ؟ قلت : عبدالله بن نافع. قال : الصائغ ؟ قلت : نعم. قال: ذلك لم يكن يحفظ الحديث، كان الغالب عليه الرأي. وأما أبوسعيد مولى بني هاشم فقال: عن يزيد بن عبدالملك فقال : سمعت سعيد المقبري، وقال: لا أبعد أن يكون هذا من هذا الشيخ : يزيد بن عبدالملك ؛ فإنه يروي أحاديث مناكير. قلت له : يروي عن يزيد بن خصيفة أحاديث مناكير ؟ قال : نعم ". انتهى. فأما الوجه الأول : فحاصل مايجاب عنه طريقتان : الأولى : ماقاله الحازمي(9):" وقد رُوي عن نافع بن عمر الجمحي، عن سعيد المقبري كما رواه يزيد بن عبدالملك، وإذا اجتمعت هذه الطرق دلّتنا على أن هذا الحديث له أصل من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - ". قلت : ليس يكفي مجرد كونه رُوي عن نافع في
__________
(1) كما في "تاريخ عثمان الدارمي" (ص153رقم 532).
(2) في "الكامل" (4/242 ).
(3) في "الكامل" زيادة :" وروى عن غيره من أهل المدينة ".
(4) كذا في الأصل، وفي "الكامل" المطبوع :" حالته ".
(5) في "الطبقات الكبرى" (5/438).
(6) في الأصل :" العربي"، والتصويب من "سير أعلام النبلاء" (15/394 رقم217).
(7) أي : الإمام أحمد.
(8) لم يذكر الحديث، فالظاهر أن هناك سقطًا في هذا الموضع.
(9) في "الاعتبار" (ص145).(2/358)
التقوية والاعتبار، حتى يعلم مخرج تلك الرواية وراويها ومرتبته، وهل هو ممن يعتبر به أم لا ؟ الطريقة الثانية : وهي أجود من الأولى : أن الحافظ أبا عمر ابن عبدالبر(1) رحمه الله تعالى روى عن خلف بن قاسم،حدثنا سعيد بن عثمان بن السكن ومحمد بن إبراهيم بن إسحاق السراج،قالا: ثنا علي بن أحمد البزار،ثنا أحمد بن سعيد الهمذاني، ثنا أصبغ بن الفرج، ثنا عبدالرحمن بن القاسم، ثنا نافع [بن](2)
[ل136/أ]
__________
(1) في "التمهيد" (17/195)، و"الاستذكار" (3/31-32 رقم2547-2551).
(2) في الأصل "عن"، والتصويب من "الاستذكار"، و"تهذيب الكمال" (17/344-345)،=
= وسيأتي على الصواب.(2/359)
أبي نعيم ويزيد بن عبدالملك بن المغيرة، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من أفضى بيده إلى فرجه ليس [دونها](1) حجاب فقد وجب عليه الوضوء )) . « قال ابن السكن : هذا الحديث من أجود ماروي في هذا الباب؛ لرواية ابن القاسم- صاحب مالك - له [عن نافع بن أبي نعيم. وأما يزيد فضعيف، والله أعلم ». قال أبوعمر : «كان حديث أبي هريرة هذا لا يعرف إلا بيزيد بن عبدالملك هذا، حتى رواه أصبغ بن الفرج، عن ابن القاسم](2)، عن نافع [بن](3) أبي نعيم ويزيد بن عبدالملك النوفلي جميعًا، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. /وأصبغ وابن القاسم ثقتان فقيهان، فصح الحديث بنقل العدل عن العدل على ماذكر ابن السكن. إلا أن الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - كان لا يرضى نافع بن أبي نعيم القارئ، وخالفه ابن معين(4)، فقال :"هو ثقة". وقال الإمام أحمد بن حنبل :" هو ضعيف الحديث، منكر الحديث "». قلت:والرواية التي ذكرها أبوعمر من جهة ابن السكن رواها أيضًا الحافظ أبوبكر البيهقي(5) من جهة عمران بن موسى بن فضالة، عن أحمد بن سعيد، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن يزيد بن عبدالملك النوفلي ونافع بن أبي نعيم.
__________
(1) في الأصل :"دونهما"، والتصويب من "التمهيد"، وفي المطبوع من "الاستذكار" :" دونه ".
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل،فاستدركته من "الاستذكار"، وبعضه في "التمهيد" أيضًا.
(3) في الأصل :" عن "، وتقدم تصويبه.
(4) كما في "تاريخ الدوري" (2/602 رقم761).
(5) في "الخلافيات" (2/246 رقم523).(2/360)
وروى أبو حازم الحافظ(1) عن إسماعيل بن أحمد الجرجاني، عن عمران ابن موسى بن فضالة، عن أحمد بن سعيد الهمذاني، عن أصبغ بن الفرج، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن نافع [بن](2) أبي نعيم لم يذكر يزيد بن عبدالملك.
ورواه الحاكم أبوعبدالله الحافظ(3) عن أبي الحسين(4) محمد بن محمد بن يعقوب الحافظ - هو الحجاجي -، عن علي بن أحمد بن سليمان - وهو المعروف بعلان الحافظ المذكور في إسناد أبي عمر بقوله :" علي بن أحمد البزار"-، عن محمد بن أصبغ بن الفرج، عن أبيه، وليس في هذه الرواية يزيد ابن عبدالملك فيما رأيته. قال الحاكم :" وهذا حديث صحيح، وشاهده : الحديث المشهور عن يزيد بن عبدالملك، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ". وأما الوجه الثاني : وهو الانقطاع، فقد ذكرنا شيئًا يمكن أن يُجاب عنه، وفيه بحث. وقال الشافعي(5) رحمه الله في رواية حرملة :" وروى حديث يزيد بن عبدالملك عدد، منهم : سليمان بن عمرو، ومحمد بن عبدالله بن دينار، عن يزيد بن عبدالملك لايذكرون فيه أباموسى الحناط، وقد سمع يزيد بن عبدالملك من سعيد المقبري ". الحديث [الرابع](6): روى ابن أبي ذئب عن عقبة بن عبدالرحمن، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا مس أحدكم ذكره
__________
(1) كما في المصدر السابق (2/245-246 رقم521).
(2) في الأصل:"عن"، والتصويب من المرجع السابق، وتقدم على الصواب.
(3) أخرجه من طريقه البيهقي في "الخلافيات"(2/244-245 رقم519)، وهو في "المستدرك" (1/138)، لكن سقط أول إسناده.
(4) تصحف في "الخلافيات" المطبوع إلى :" الحسن" بدل :"الحسين".
(5) أخرجه عنه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (1/388 رقم1017).
(6) في الأصل :" الخامس "، والصواب :" الرابع"؛ فإن الذي تقدم هو الثالث، وسيستمر الخطأ أيضًا في الخامس والسادس، ثم يعود الصواب في السابع.(2/361)
فعليه الوضوء )) . أخرجه ابن ماجه(1) من حديث معن بن عيسى وعبدالله بن نافع، عن ابن أبي ذئب.
ورواه ابن شاهين(2) عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، عن عبدالرحمن بن إبراهيم دُحيم، عن ابن أبي فُديك وعبدالله بن نافع، عن ابن أبي ذئب بسنده، ولفظه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من مس فرجه فليتوضأ )) . قال ابن شاهين :" وهذا حديث غريب، لا أعلم جوَّده إلا دُحَيم وأحمد بن صالح، وحدث به محمد بن يحيى النيسابوري، ومحمد بن عوف، والحسن بن محمد الزعفراني، والعباس بن محمد، جميعًا عن عبدالرحمن بن إبراهيم دُحيم ".
ورواه أبوعمر في "التمهيد"(3) عن عبدالله بن محمد، عن عبدالرحمن(4) ابن أحمد، عن الخضر بن داود، عن أبي بكر الأثرم، عن دحيم وأحمد بن صالح، عن عبدالله [بن](5) نافع، عن ابن أبي ذئب بسنده، ولفظه : (( من مس ذكره فليتوضأ )) . قال أبوعمر(6):" وهذا إسناد صالح، كل مذكور فيه ثقة معروف بالعلم، إلا عقبة بن عبدالرحمن، فإنه ليس بالمشهور بالعلم(7)، يقال : هو عقبة بن عبدالرحمن بن معمر، ويقال : عقبة بن عبدالرحمن بن جابر، ويقال: عقبة بن أبي عمرو".
[ل136/ب]
__________
(1) في "سننه" (1/162 رقم480) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من مس الذكر.
(2) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص101-102 رقم105).
(3) 17/ 193).
(4) كذا في الأصل، وفي "التمهيد":" عبدالحميد ".
(5) في الأصل :" عن "، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في الموضع السابق.
(7) كذا في الأصل، وفي "التمهيد" :"فإنه ليس بمشهور بحمل العلم ".(2/362)
وروى الشافعي(1) هذا الحديث عن عبدالله بن نافع وابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن عقبة بن عبدالرحمن، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ )) . وزاد ابن نافع فقال : عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن جابر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال الشافعي رحمه الله :" وسمعت غير واحد من الحفاظ يرويه لم يذكروا(2) فيه جابرًا ". قال البيهقي(3):"ورواه دُحيم الدمشقي، عن عبدالله بن نافع / كذلك موصولاً ". الحديث [الخامس](4) : حديث زيد بن خالد الجهني. روى محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه قال : (( من مس فرجه فليتوضأ )) . رواه يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن إسحاق، وأخرجه ابن شاهين(5) ثم البيهقي(6) من جهته.
وفي رواية ابن شاهين، عن ابن إسحاق قال : حدثني محمد بن مسلم الزهري. أخرجه عن عبدالله بن محمد البغوي، عن ابن هانئ، عن الإمام أحمد بن حنبل(7)، عن يعقوب.
ورواه عمرو بن أبي [سلمة](8) عن صدقة بن عبدالله، عن ابن إسحاق. وأخرجه ابن شاهين(9) من جهته.
__________
(1) في "الأم" (1/19)، ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن" (1/389-390 رقم1022-1024).
(2) كذا في الأصل، وفي "الأم" :"ولا يذكر "، وفي "المعرفة" :" لا يذكرون ".
(3) في الموضع السابق من "المعرفة " برقم ( 1025).
(4) في الأصل :" السادس ".
(5) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص106 رقم110).
(6) في "معرفة السنن والآثار " (1/391 رقم1031)، و"الخلافيات" (2/258 رقم535).
(7) وهو في "المسند" له (5/194).
(8) في الأصل :"مليكة"، والتصويب من "الناسخ والمنسوخ" (ص106 رقم109)، و"تهذيب الكمال" (13/133-134 رقم2863) و(22/51-52 رقم4378).
(9) في الموضع السابق برقم (109).(2/363)
ورواه البيهقي(1) من جهة إبراهيم بن طهمان، عن محمد بن إسحاق.
تقدم(2) قول يحيى بن معين في حكاية مُضَر أنه خطأ.وقال أبوعمر(3)(4): " إنه خطأ لا شك فيه"، وقد مَرّ.
وقال يعقوب بن سفيان(5):"قال علي -يعني ابن المديني -: لم أعلم لابن إسحاق إلا حديثين منكرين : نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا نعس أحدكم يوم الجمعة )) ، والزهري، عن عروة، عن زيد بن خالد الجهني : (( إذا مس أحدكم فرجه ))".
__________
(1) لم أجده في "السنن"، ولا في "المعرفة"، ولا في "الخلافيات".
(2) ص 303 ).
(3) في الأصل :"وقال قال أبوعمر ".
(4) أي : ابن عبدالبر في "التمهيد" (17/185).
(5) في " المعرفة والتاريخ " (2/27-28)، وعنه البيهقي في "الخلافيات" (2/260-261).
.(2/364)
واعتل الحافظ أبوجعفر الطحاوي(1) في هذا بأمر آخر، وذهب إلى أنه غلط ؛ لأن عروة أنكره حين سأله مروان بن الحكم، وكان ذلك بعد موت [زيد](2) بن خالد، فكيف يجوز أن ينكر ماحدثه إياه(3) زيد بن خالد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟! فقال البيهقي(4) مجيبًا :" وأما ماقال من [تقدُّم](5) موت زيد بن خالد الجهني فهذا منه توهم، ولا ينبغي لأهل العلم أن يطعنوا في الأخبار بالتوهم، فقد بقي زيد بن خالد إلى سنة ثمان وسبعين من الهجرة، ومات مروان سنة خمس وستين، [هكذا](6) ذكره أهل العلم بالتواريخ، فيجوز أن يكون عروة لم يسمع من أحد حين سأله مروان، ثم سمعه من بسرة، ثم سمعه بعد ذلك من زيد بن خالد الجهني، فرجع إلى روايتهما وقلد حديثهما، وبالله عز وجل التوفيق ". قلت : هذا الذي ذكره الحافظ أبوبكر البيهقي في وفاة زيد بن خالد لم يتفق عليه، فقد قيل في ذلك أقوال، أقدمها : سنة خمسين، وقيل سنة اثنتين(7). وقيل ماحكاه البيهقي: سنة ثمان وسبعين. ومروان ولي المدينة لمعاوية مرتين، إحداهما : عزله عنها سنة ثمان وأربعين، وولاها سعيد بن العاص، فأقام عليها أميرًا إلى سنة أربع وخمسين، ثم عزله. وولى مروان ثم عزله، وقد تبين في بعض الروايات أن كلام عروة ومروان كان في ولايته، ويحتمل أن تكون الأولى، ويحتمل أن تكون الثانية. فإن ظهر بطريق ما أن تكون المناظرة في الولاية الثانية، وثبت أن وفاة زيد بن خالد كانت في سنة خمسين جاء ماقاله الطحاوي، ولكن ذلك بعيد الثبوت والظهور جدًّا، وإنما قصدت بيان احتمال لما قال، وذكر الخلاف
__________
(1) في "شرح معاني الآثار" (1/73-74 ).
(2) في الأصل :" يزيد" وقد تقدم على الصواب.
(3) في الأصل يشبه أن تكون :" أباه".
(4) في "معرفة السنن والآثار" (1/407-408 أرقام 1108-1111).
(5) في الأصل :"تقديم"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في الأصل :"هذا"، والتصويب من المرجع السابق.
(7) يعني : وخمسين.(2/365)
الذي لم يذكره البيهقي رحمه الله تعالى. وهاهنا طريق أخرى لحديث زيد من غير جهة ابن إسحاق:من حديث ابن جريج، عن ابن شهاب،عن عبدالله بن أبي بكر، ثم اختلف فقيل:عن عبدالله ابن أبي بكر، عن عروة بن الزبير، عن بسرة -أو زيد بن خالد- على الشك. وهذه رواية محمد بن بكر(1)، عن ابن جريج، أخبرني الزهري، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة - ولم أسمع ذلك منه -: أنه كان يحدث عن بسرة - أو زيد بن خالد -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا مس أحدكم فرجه فليتوضأ )) .
[ل137/أ]
وكذلك رواية محمد بن إسحاق بن خزيمة(2)، عن/ محمد بن رافع، عن عبدالرزاق(3)، أخبرني ابن جريج، حدثني ابن شهاب، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة - قال : ولم أسمع ذلك -: أنه كان يحدث عن بسرة - أو عن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا مس [أحدكم ](4)
ذكره(5) فليتوضأ )) .
وكذلك رواية إبراهيم بن الحسن، عن حجاج قال : قال ابن جريج، فذكر بالإسناد والشك بين بسرة وزيد، وفيه :" ولم أسمع ذلك منه" - يعني الزهري -. أخرجها(6) البيهقي في "الخلافيات"(7) بالإجازة عن الحاكم وفيها الشك - أعني هذه الثلاث الروايات -.
__________
(1) أي : البُرْساني، وهي عند البيهقي في "الخلافيات" كما سيأتي، وقد تصحف "محمد" هذا في المطبوع من "الخلافيات" إلى :" محمد بن بكير".
(2) وهي عند البيهقي أيضًا كما سيأتي.
(3) وهي في "مصنفه" (1/113 رقم412). ولكن وقع فيه :" عن بسرة بنت صفوان، عن زيد ابن خالد " بدون :" أو ".
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل،فاستدركته من المرجع السابق والموضع الآتي من "الخلافيات".
(5) كذا في الأصل و"الخلافيات"، وفي حاشية الأصل علق على قوله :" ذكره" بقوله:" فرجه"، فلعله يشير إلى أن ذلك في نسخة.
(6) أي : هذه الروايات الثلاث.
(7) 2/262 -263رقم 538 و539 و540).(2/366)
قال البيهقي في"الخلافيات"(1):«ورأيته(2) في"مسند إسحاق [الحنظلي]"(3) بلا شك، ورواية محمد بن إسحاق بن يسار تدل على صحة رواية إسحاق، والله عز وجل أعلم ». وقال قبل ذلك(4):" قد روى ابن جريج عن ابن شهاب الزهري، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة وزيد بن خالد الجهني، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه إسحاق [الحنظلي](5)، عن محمد بن بكر البُرْساني، عن ابن جريج قال : حدثني الزهري...، فذكره ". وقال(6):" هذا إسناد صحيح ". قلت : أورده رؤية لا رواية(7)، وقد تقدم ثلاث روايات على الشك. و"البُرْساني":بضم الباء ثاني الحروف،وسكون الراء المهملة،بعدها سين مهملة.
ورواه الحافظ ابن عدي(8) من جهة أحمد بن هارون المصيصي،عن حجاج، عن ابن جريج، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها وزيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه -، قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من مس فرجه فليتوضأ )) .
__________
(1) 2/264).
(2) في "الخلافيات" المطبوع :" وروايته "، وانظر التعليق رقم (1) في الصفحة الآتية.
(3) في الأصل :" الحناطي" والتصويب من "الخلافيات"، والحديث في "مسند إسحاق" كما في "المطالب العالية" (1/96-97 رقم138).
(4) في "الخلافيات" (2/261).
(5) في الأصل :"الحناطي"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) أي : البيهقي.
(7) كذا في الأصل، ومقصوده : أن البيهقي رأى الحديث في "مسند إسحاق بن راهويه"، فأورده في "الخلافيات" هكذا :" ورواه..."، ولم يروه بسنده إلى إسحاق، بدليل ما ذكره سابقًا عن البيهقي أنه قال :« ورأيته في "مسند إسحاق الحنظلي"...».
(8) في "الكامل" (1/193).(2/367)
وهذا لون آخر ذكر فيه عائشة ولم يتردد بين زيد وعائشة، إلا أن البيهقي قال(1): " أخطأ فيه هذا المصيصي حيث قال : عن عائشة، وإنما هو : عن بسرة ". قلت : ذكر ابن عدي(2) أن أحمد بن هارون هذا "يروي مناكير عن قوم ثقات، لا يتابع عليه أحد "(3). الحديث [السادس](4) : مايروى عن ابن عمر، وهو من طرق : منها : رواية عمرو بن أبي سلمة، عن صدقة بن عبدالله الدمشقي، عن هاشم بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((من مس ذكره فليتوضأ )) . رواه ابن شاهين(5) عن الحسن بن حبيب بن عبدالملك، عن أحمد بن عبدالرحيم البرقي، عن عمرو. ومنها : رواية أبي بكر بن أبي العوام الرياحي، عن عبدالعزيز بن أبان، عن الثوري، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من مس فرجه فليتوضأ )) رواه الحاكم(6)، قال : "تفرد به أبوبكر ابن أبي العوام، عن عبدالعزيز بن أبان ". ومنها : رواية العلاء بن سليمان [الرقي](7)، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من مس فرجه فليعد الوضوء )) . رواه ابن شاهين(8) من جهة يحيى بن صالح، عن العلاء.
__________
(1) في "الخلافيات" (2/262).
(2) في الموضع السابق.
(3) كذا في الأصل و"الكامل".
(4) في الأصل :" السابع ".
(5) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص103 رقم106).
(6) لم أجده في "المستدرك" المطبوع، ولكن أخرجه من طريقه البيهقي في "الخلافيات" (2/255-256 رقم532)، وذكر عبارة الحاكم. ونبّه محقق "الخلافيات" على أن الحديث سقط من "المستدرك" المطبوع ؛ لوجود بياض في موضعه.
(7) في الأصل :" البرقي"، والتصويب من "الجرح والتعديل" (6/356 رقم1969)، و"الخلافيات" (2/256).
(8) في الموضع السابق برقم (107).(2/368)
ورواه البيهقي(1) من جهة عمرو بن خالد، عن العلاء، وقال :" وهذا ضعيف، والحمل فيه على العلاء بن سليمان [الرقي](3) كما أظن ". ومنها : من جهة ابن لهيعة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه البيهقي(2)، وقال:" وابن لهيعة لا يحتج به ". ومنها: رواية [أبي](3) أحمد ابن عدي(4) عن الحسن بن سفيان، عن عبدالرحمن بن سلام، عن(5) عبدالواحد، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من مس ذكره فليتوضأ )) .
[ل137/ب]
ورواه الشافعي(6) في القديم عن مسلم بن خالد،/ عن ابن جريج، عن عبدالواحد بن قيس، عن ابن عمر، وهو منقطع.
__________
(1) في "الخلافيات" (2/256-257 رقم533).
(2) في الموضع السابق برقم (534).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(4) في "الكامل" (3/319 ).
(5) هناك بياض في الأصل بعد قوله :" عن " بمقدار سطر، والكلام متصل، بناءً على أن المصنف تصرف في النقل من "الكامل"، وإلا فنص العبارة كاملة هو :" ثنا الحسن بن سفيان، ثنا عبدالرحمن بن سلام، ثنا سليم بن مسلم أبو مسلم، عن ابن جريج، عن عبدالواحد بن قيس - أو بشير بالشك -، عن ابن عمر، عن النبي r قال : (( من مس ذكره فليتوضأ ) ) . قال الشيخ : وهذا رواه عن ابن جريج مسلم بن خالد الزنجي وغيره، فقالوا : عن عبدالواحد بن قيس، عن ابن عمر، ويكون مرسلاً ".
(6) ومن طريقه أخرجه البيهقي في "معرفة السنن" (1/392 رقم1035).(2/369)
وذكره الشافعي(1) أيضًا في القديم عن مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب قال : سمع ابن عمر بسرة تحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مس الذكر، فلم يدع الوضوء منه حتى مات. وهو أيضًا منقطع. الحديث السابع : مايروى عن ابن عباس رضي الله عنهما. رواه أبو أحمد ابن عدي الحافظ(2) من جهة الضحاك بن حجوة، عن الهيثم،[ثنا أبو هلال](3) الراسبي، عن ابن بريدة،عن يحيى بن يعمر،عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من مس ذكره فليتوضأ )) . قال(4): "الضحاك بن حجوة [هذا كل رواياته مناكير، إما متنًا أو إسنادًا](5)". الحديث الثامن : روى ابن ماجه(6) من حديث إسحاق بن أبي فروة، عن الزهري، عن عبدالله بن عبدٍ القاريّ، عن أبي أيوب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( من مس فرجه فليتوضأ )) . رواه عن سفيان(7) بن وكيع، عن عبدالسلام بن حرب عنه.
__________
(1) كما في المرجع السابق برقم ( 1036).
(2) في "الكامل" (4/99).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق
.
(4) أي : ابن عدي.
(5) مابين المعكوفين في الأصل بياض، فاستدركته من المرجع السابق.
(6) في "سننه" (1/162 رقم482) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من مس الذكر.
(7) قوله :"سفيان" في الأصل :"شقيق"، ثم صوبت بالهامش.(2/370)
رواه ابن شاهين(1) عن عبدالله بن محمد البغوي، عن عبدالله بن عمر الكوفي، عن أبي غسان، عن عبدالسلام بسنده بلفظ : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((يتوضأ من مس الذكر ))، وربما قال : (( من مس ذكره فليتوضأ )). الحديث التاسع : مايروى عن عائشة رضي الله عنها، وفيه وجهان : أحدهما : من جهة الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها. فروى ابن شاهين(2) من جهة ابن أبي فُديك، عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي. رواه عن عبدالله بن محمد البغوي، عن سريج بن يونس، عن ابن أبي فُديك. وعن عبدالله بن محمد أيضًا، عن سعيد بن يحيى الأموي، عن أبي القاسم بن أبي الزناد قال: أخبرني إبراهيم بن إسماعيل، عن عمر بن سعيد - قال ابن الأموي : عن عمر بن سريج -، عن الزهري، عن عروة، عن [عائشة](3) قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من مس فرجه فليتوضأ )) . وثانيهما : من رواية هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من مس فرجه(4) فليتوضأ )) . رواه ابن شاهين(5) عن سعيد بن نفيس الصواف، عن جامع بن سوادة، عن [زياد بن يونس](6) الحضرمي، عن يحيى بن أيوب، عن هشام.
__________
(1) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص109 رقم114)، واجتهد المحقق فجعل "عبدالله بن عبدالقاريّ" :" عبدالرحمن بن عبد القاريّ"، وأشار في الحاشية إلى هذا التصرف،وهو خلاف الصواب.
(2) في الموضع السابق برقم (115).
(3) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(4) في الأصل :" ذكره "، وكتب فوقها :" فرجه "، وكذا ورد في " ناسخ الحديث ومنسوخه".
(5) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص111 رقم116).
(6) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل، فتم استدراكه من المرجع السابق.(2/371)
وبلفظ(1) آخر(2) من رواية حسين المعلم، عن يحيى بن أبي [كثير](3)، عن المهاجر بن عكرمة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - [أعاد الوضوء في مجلس، فسألوه عن ذلك، فقال : (( إني حككت ذكري ))](4).
فصل في مس المرأة فرجها
روى الدارقطني(5) رحمه الله تعالى : حدثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا أبوعتبة أحمد بن الفرج، ثنا بقية، ثنا الزبيدي، عن [عمرو](6) بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( أيما رجل مس فرجه فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ )) .
[ل138/أ]
__________
(1) في الأصل قبل هذا الموضع جاءت عبارة مكررة، وهي قوله :" وبلفظ آخر من رواية حسن [كذا!] المعلم، عن يحيى بن أيوب، عن هشام "، والتصويب من المرجع السابق.
(2) في الموضع السابق برقم (117).
(3) في الأصل :"بشر"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(5) في "سننه" (1/147 رقم8).
(6) في الأصل :"عمر"، والتصويب من "سنن الدارقطني".(2/372)
وروى ابن شاهين(1) من جهة أبي تقيّ(2)- هو هشام بن عبدالملك - وأحمد بن فرج، عن بقية وقال :" لا أعلم ذكر هذه الزيادة في مس المرأة /فرجها غير حديث عبدالله بن عمرو ".[....](3) قال الحافظ أبوبكر محمد بن موسى الحازمي - بعد أن روى هذا الحديث في كتاب "الناسخ والمنسوخ"(4) من جهة إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، حدثنا بقية بن الوليد، حدثني الزبيدي، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أيما رجل مس فرجه فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها [فلتتوضأ](5) )) - :« هذا إسناد صحيح ؛ لأن إسحاق بن إبراهيم إمام غير مدافع، وقد خرجه في "مسنده". وبقية بن الوليد ثقة في نفسه، وإذا روى عن المعروفين فمحتج به، وقد أخرج مسلم بن الحجاج فمن بعده من أصحاب الصحاح حديثه محتجين به(6). والزبيدي هو محمد بن الوليد قاضي دمشق، من ثقات الشاميين، محتج به في الصحاح كلها(7). وعمرو بن شعيب ثقة باتفاق أئمة الحديث، وإذا روى عن غير أبيه لم يختلف أحدٌ في الاحتجاج به. وأما روايته عن أبيه، عن جده، فالأكثرون على أنها متصلة ليس فيها إرسال ولا انقطاع. وقد روى عنه خلق من التابعين. وذكر الترمذي في كتاب "العلل"(8) عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال : حديث عبدالله بن عمرو في هذا الباب- في"باب مس الذكر"- هو عندي صحيح(9)
__________
(1) في "الناسخ والمنسوخ" (ص104 رقم108).
(2) هو اليزني الحمصي، مترجم له في "التقريب" برقم (7350).
(3) في هذا الموضع بياض في الأصل بمقدار ثلاثة أسطر، ولكن عبارة ابن شاهين لا نقص فيها.
(4) ص145 -149).
(5) في الأصل :"فليتوضأ"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) كذا قال ! وإنما احتج به أصحاب السنن، وأما مسلم فإنما روى له في المتابعات كما في "تهذيب الكمال" (4/200).
(7) روى له الجماعة سوى الترمذي. انظر "تهذيب الكمال" (26/586 و591).
(8) ص49 رقم55).
(9) بعده في الأصل بياض بمقدار ثلاث كلمات، والكلام متصل.(2/373)
. وقد رُوِي هذا الحديث عن عمرو بن شعيب من غير وجه، فلا يظن ظانٌّ أنه من مفاريد بقية، فيحتمل أن يكون قد أخذه عن مجهول. والغرض من تبيين هذا الحديث : زجر من لم [يتقن](1) معرفة مخارج الحديث عن الطعن في الحديث من غير تتبع وبحث عن مطالعة ». قلت (2): وروى الدارقطني(3) من حديث سليمان بن عبدالرحمن، عن إسماعيل بن عياش، عن هشام بن عروة، عن أبيه ، عن مروان، عن بسرة بنت صفوان، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا مس الرجل ذكره فليتوضأ، وإذا مست المرأة قُبُلها [ فلتتوضأ ](4) )) .
رواية إسماعيل بن عياش [عن](5) عروة من روايته عن الحجازيين، وقد استضعفوها، وصُحِّحَت روايته عن الشاميين.
وروى الدارقطني(6) أيضًا من حديث عتيق بن يعقوب،حدثني عبدالرحمن ابن عبدالله بن عمر بن حفص العمري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ويل للذين يمسُّون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضؤون )) . قالت عائشة : بأبي وأمي ! هذا للرجال، أفرأيت النساء ؟ قال : (( إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ للصلاة )) . قال الدارقطني : " عبدالرحمن العمري ضعيف ".
__________
(1) في الأصل :"يتيقن"، والتصويب من "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار".
(2) بعد قوله :"قلت" بياض في الأصل بمقدار سطرين.
(3) في "سننه" (1/147 رقم7).
(4) في الأصل :"فليتوضأ"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) في الأصل "بن".
(6) في الموضع السابق برقم (9).(2/374)
وروى الطبراني في "المعجم الكبير"(1) من حديث عبدالله بن المؤمل، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده : أن بسرة بنت صفوان سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة تضرب بيدها فتصيب فرجها، قال : ((توضأ(2) يابسرة! )) . أخرجه عن جعفر بن سليمان النوفلي، عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن معن بن عيسى القزاز، عن عبدالله بن المؤمل.
[ل138/ب]
و"عبدالله بن المؤمل" بن وهب الله /القرشي مذكور في المقدمة(3)، قال ابن سعد(4):"وكان ثقة قليل الحديث". وقال ابن أبي مريم(5) عن يحيى:"ليس به بأس"، وقال(6) في رواية عثمان(7):"ضعيف". وقال النسائي(8): "ضعيف ".
وروى الطبراني(9) أيضًا من جهة المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن بسرة بنت صفوان الكنانية - وكانت خالة مروان-، قالت : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يارسول الله! هل على [إحدانا](10) الوضوء إذا مست فرجها ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( من مس فرجه من الرجال والنساء فعليه الوضوء )) . أخرجه عن بكر بن سهل، عن عمرو بن هاشم البيروتي، عن الهقل بن زياد، عن المثنى.
و"المثنى" مذكور في المقدمة.
ورأيت في كتاب "العلل"(11) لابن أبي حاتم :"سألت أبي عن حديث رواه الوليد بن مسلم،عن عبدالرحمن بن نمر(12)
__________
(1) 24/192 رقم484).
(2) في "المعجم الكبير للطبراني" :" توضئي ".
(3) وهي مفقودة كما نبّهت عليه مرارًا.
(4) في "الطبقات" (5/494).
(5) كما في "الكامل" لابن عدي (4/136)، وزاد :" ينكر عليه الحديث".
(6) أي : يحيى بن معين.
(7) أي : الدارمي في "تاريخه" (ص142 رقم476).
(8) في "الضعفاء والمتروكين" (ص200 رقم331).
(9) في "المعجم الكبير" (24/203 رقم521).
(10) في الأصل :"أحدنا"، والتصويب من "المعجم الكبير".
(11) 1/38 رقم81).
(12) تصحفت في المطبوع من " العلل " إلى " نمير" وهو خطأ، انظر ترجمته في "تهذيب =
= الكمال" (17/460).(2/375)
اليحصبي، عن الزهري، عن عروة، عن مروان، عن بسرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :أنه كان يأمر بالوضوء من مس الذكر، والمرأة مثل ذلك. فقال أبي : هذا حديث وهم فيه في موضعين : أحدهما: أن الزهري يرويه، عن عبدالله بن أبي بكر، وليس(1) في الحديث ذكر المرأة".
فصل في مس الأنثيين
روى الدارقطني(2) رحمه الله تعالى عن أحمد بن عبدالله بن محمد الوكيل، عن علي بن مسلم، عن محمد بن بكر، عن عبدالحميد بن جعفر، عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن بسرة بنت صفوان قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( من مس ذكره، أو أنثييه، أو رُفْغَه(3)، فليتوضأ )) . ورواه الطبراني(4) عن الحضرمي، عن علي بن مسلم بإسناده، وفيه: "فليتوضأ وضوءه للصلاة ".
__________
(1) أي : والموضع الثاني :" ليس في الحديث ذكر المرأة ".
(2) في "سننه" (1/148 رقم10).
(3) في الموضع السابق من "سنن الدارقطني" :" رفغيه " بالتثنية.
(4) في "المعجم الكبير" (24/200 رقم511)، ووقع عنده :" رفغيه " أيضًا.(2/376)
قال الدارقطني :" هكذا رواه عبدالحميد بن جعفر، عن هشام، ووهم في ذكر الأنثيين والرفغ وإدراجه ذلك في حديث بسرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. والمحفوظ أن ذلك من قول عروة غير مرفوع، كذلك رواه الثقات عن هشام، منهم : أيوب السختياني وحماد بن زيد وغيرهما ". قلت : روى الطبراني(1) عن عبدالله بن أحمد(2)، [عن](3) أبي كامل الجحدري، عن يزيد بن زريع، عن أيوب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة بنت صفوان قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا مس أحدكم ذكره، أو أنثييه، أو رفغه(4)، فليتوضأ )) .
ثم روى الدارقطني(5) من حديث أبي الأشعث وأحمد بن [عبيدالله](6) العنبري، عن يزيد بن زريع، عن أيوب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة بنت صفوان : أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( من مس ذكره فليتوضأ )) . قال : وكان عروة يقول :" إذا مس رُفغه(7)، أو أنثييه، أو ذكره، فليتوضأ ". رواه عن إبراهيم بن حماد، عن أحمد بن [عبيدالله](6) العنبري، وعن علي بن عبدالله بن مبشر، والحسين بن إسماعيل، ومحمد بن محمود السراج، عن أبي الأشعث، كلاهما(8) عن يزيد. قال(9):" واللفظ لأبي الأشعث ".
__________
(1) في الموضع السابق برقم (510).
(2) كذا في الأصل، وفي "معجم الطبراني الكبير" المطبوع :" عبدان بن أحمد"، وكلاهما شيخ للطبراني، ويرويان عن أبي كامل كما في "تهذيب الكمال" (23/269).
(3) في الأصل :"بن"، وفي "المعجم الكبير" :" ثنا أبوكامل".
(4) في "معجم الطبراني" :" رفغيه ".
(5) في الموضع السابق برقم (11).
(6) في الأصل :"عبدالله"، والتصويب من "سنن الدارقطني". وانظر كتاب "الثقات" لابن حبان (8/31).
(7) في "سنن الدارقطني":" رفغيه ".
(8) أي : العنبري، وأبوالأشعث.
(9) أي : الدارقطني.(2/377)
وروى(1) أيضًا عن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، عن خلف بن هشام، عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة قال:كان أبي يقول :" إذا مس رُفغه، أو أنثييه، أو فرجه، فلا يصلِّ حتى يتوضأ ".
[ل139/أ]
وكأن المقصود من ذكر هذا الموقوف على عروة : بيان ماذكر من وهم عبدالحميد بن جعفر في ذكر : الأنثيين والرفغ. وروى الدارقطني(2) أيضًا عن أحمد بن محمد بن أبي الرجال، حدثنا أبوحميد المصيصي، قال : سمعت حجاجًا يقول : قال ابن جريج : أخبرني هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة بنت صفوان - وقد كانت صحبت النبي - صلى الله عليه وسلم - -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا مس أحدكم ذكره، أو أنثييه، /فلا يصلِّ حتى يتوضأ )).
ولم يتكلم الدارقطني، وهي رواية متابعة لحديث عبدالحميد بن جعفر.
ورواية ثالثة متابعة لذلك؛رواها الطبراني(3)عن عبدالرحمن بن معاوية العتبي، عن زكريا بن يحيى كاتب العمري،عن عبدالمجيد بن عبدالعزيز بن أبي رواد،عن ابن جريج، عن هشام بن عروة،عن أبيه، عن مروان بن الحكم،عن بسرة بنت صفوان رضي الله عنها:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((من مس ذكره،أو أنثييه، فليتوضأ )).
فهذه رواية متابعة في ذكر الأنثيين، إلا أنه زاد "مروان" في الإسناد.
__________
(1) أي : الدارقطني في الموضع السابق برقم (12)، ووقع عنده :" رفغيه ".
(2) في الموضع السابق برقم (13).
(3) في "المعجم الكبير" (24/201 رقم513).(2/378)
وليعلم أن هذه الصيغة بعيدة عن الغلط في الإدراج، وإنما يقرب ذلك بلفظ تابع يمكن استقلاله عن اللفظ السابق، فيدرجه الراوي ولا يفصل. وأما أن ينقل قوله:وكان عروة يقول:"إذا مس رفغه،أو أنثييه،أو ذكره فليتوضأ" إلى قوله : " من مس ذكره أو أنثييه " في أثناء لفظ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فبعيد من [متثبت](1). وأبعد منه عن الغلط : ماأخرجه الطبراني(2) عن إسحاق بن داود الصواف التستري، عن أحمد بن عبدة الضبي، عن محمد بن دينار،عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة بنت صفوان قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من مس رفغه،أو أنثييه،أو ذكره، فلا يصلِّ حتى يتوضأ )) . فبدأ بذكر الرفغ والأنثيين(3). و"الرّفغ" - بفتح الراء وضمها -: واحد الأرفاغ ؛ وهي : المغابن والآباط وأصول الفخذين، والله عز وجل أعلم.
?فصل في ماجاء [في](4) مَسِّ الإبط
__________
(1) في الأصل :" مثبت ".
(2) في "المعجم الكبير" (24/202 رقم516)، ووقع فيه :" رفغيه ".
(3) بعد هذا الموضع بياض في الأصل بمقدار ثلاثة أسطر.
(4) في الأصل :" من ".(2/379)
روى يعقوب بن سفيان الحافظ(1):حدثنا أبوبكر الحميدي(2)، قال:سمعت يحيى بن سعيد القطان يسأل سفيان - يعني ابن عيينة - عن هذا الحديث : "تيمَّمْنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المناكب "، فقال سفيان:« حضرت إسماعيل بن أمية أتى الزهري، فقال: يا أبابكر ! إن الناس ينكرون عليك حديثين. قال : وماهما؟ قال :" تيممنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المناكب". قال الزهري: أخبرنيه عبيدالله بن عبدالله، عن أبيه، عن عمار قال: تيممنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المناكب. فقال إسماعيل : وحديث عبيدالله في مس الإبط،[فكأن](3) الزهري كفّ عنه كالمنكر له - أو أنكره -. فأتيت عمرو بن دينار فأخبرته - وقد كنت سمعته يحدث به عن الزهري-، فقال عمرو:بل حدثني الزهري، عن عبيدالله:أن عمر أمر رجلاً أن يتوضأ من مس الإبط ». أخرجه البيهقي(4) من جهة يعقوب بن سفيان، قال:"[وحديث](5) مس الإبط مرسل؛[عبيدالله](6) بن عبدالله [بن](7) عتبة لم يدرك عمر بن الخطاب، وقد أنكره الزهري بعد ما حدّث به، وقد يكون أمر أن تغسل(8) اليد منه تنظيفًا، والله عز وجل أعلم ". وروى الدارقطني(9) من حديث الحسن بن عرفة، حدثنا خلف بن خليفة، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال (10): "إذا توضأ الرجل ومس إبطه أعاد الوضوء ".
[ل139/ب]
__________
(1) في "المعرفة والتاريخ" (2/729).
(2) وهو في "مسنده" (1/78-79 رقم143) بنحوه.
(3) في الأصل :"وكان"، والتصويب من "المعرفة"، و"سنن البيهقي".
(4) في "سننه" (1/138).
(5) في الأصل :"وهذا حديث"، والمثبت من "سنن البيهقي".
(6) في الأصل :"عبيد"، والتصويب من المرجع السابق.
(7) في الأصل :" أن ".
(8) في "سنن البيهقي" :" أمر بغسل ".
(9) في "سننه" (1/151 رقم2).
(10) في الأصل :"قال : قال"، والتصويب من "سنن الدارقطني".(2/380)
قال(1): وحدثنا خلف بن خليفة، عن أبي سنان،/ عن سعيد بن جبير، عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال :" ليس عليه إعادة ".
وروى البيهقي(2) من حديث سعدان بن نصر، عن أبي معاوية، عن أبي جعفر الرازي، عن يحيى البكاء قال :" رأيت ابن عمر أدخل يده في إبطه وهو في الصلاة، ثم مضى في صلاته ". وهذا عن ابن عمر مخالف للرواية الأولى.
وروى(3) أيضًا من حديث ابن وهب قال : سمعت عبدالله بن عمر [يحدّث](4) عن نافع : أن عبدالله بن عمر كان يتوضأ في الحر ويمد(5) يديه على إبطيه، ولا ينقض ذلك وضوءه.
فصل في ماجاء في مس الصنم
عن يعلى بن [عُبيد](6)، عن صالح بن حيان، عن ابن بريدة، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بُريدة - وقد مسّ صنمًا -، فتوضأ. رواه محمد بن الوليد، عن محمد بن عُبيد، يحدث عن صالح بن حيان بسنده بلفظ آخر. وقد أخرجه البزار في "مسنده"(7)
__________
(1) أي الدارقطني في الموضع السابق.
(2) في الموضع السابق (1/138 -139).
(3) أي : البيهقي في الموضع السابق.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من "سنن البيهقي".
(5) في "سنن البيهقي" المطبوع :" ويمرّ" بالراء.
(6) في الأصل :"عبيدة"، والصواب ماهو مثبت كما في "المجروحين" لابن حبان (1/369)، وكما يتضح من كلام البزار الآتي، وهو يعلى بن عبيد أخو محمد بن عبيد.
(7) كما في زوائده "كشف الأستار" (1/146 رقم279)
.(2/381)
، وأبوبكر أحمد بن علي ابن ثابت الخطيب(1) من حديث محمد بن الوليد، وقال البزار :" وروايته(2) عندي في موضعين : في موضع عن يعلى(3)، وفي موضع عن محمد ". قلت : وقع لنا من جهة ابن الحمامي، عن محمد بن عُبيد. ورأيت في كتاب "العلل المتناهية في الأحاديث الواهية"(4) لأبي الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى هذا الحديث،رواه من جهة(5) محمد بن الوليد البسري، عن محمد بن عُبيد...، إلى آخره،[ورأيته](6) بعد ذلك [قال](7):"قال أبوحاتم الرازي: محمد ابن [الوليد](8) ليس بصدوق. قال(9) النسائي : وصالح بن حيان ليس بثقة ". فأما ماذكر عن النسائي في صالح فقد قال فيه ماذكر.
وأما مارأيته حكاه [عن](10) أبي حاتم [في](11) محمد بن الوليد، فقد ذكر
__________
(1) في "تاريخ بغداد" (4/211).
(2) في "كشف الأستار" :" رأيته ".
(3) تصحف في "كشف الأستار" إلى :" معلّى".
(4) 1/365 رقم605) من طريق الخطيب الذي سبقت الإشارة إليه.
(5) في الأصل :" رواه محمد من جهة محمد "، و "محمد" الأولى زائدة، إلا أن يكون مراده : "رواه من جهة محمد بن مخلد العطار، عن محمد بن الوليد البسري "، فإنه كذلك في كتاب ابن الجوزي.
(6) في الأصل :" ورأيت ".
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه.
(8) في الأصل :"عبيد"، وهو خطأ، والتصويب من "العلل المتناهية"، وسيذكره المصنف على الصواب بعد قليل.
(9) في "العلل" :" وقال ".
(10) في الأصل :" في ".
(11) في الأصل :" عن".(2/382)
ابن أبي حاتم(1) في كتابه(2):" سئل أبي عنه فقال : صدوق ". وقد أخرج له البخاري ومسلم(3)، وقال النسائي(4):" هو ثقة لابأس به ". وقال يحيى بن معين في رواية عثمان(5)- وسأله عن صالح بن حيان - فقال :" ضعيف ". وقال في رواية معاوية(6):" ليس بذاك ". ومن طريق عبدالرزاق(7) عن سفيان بن عيينة، عن عمار الدُّهني(8)-بسكون الهاء وفتحها، وسكونها أشهر-، عن أبي [عمرو](9) الشيباني: أن عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - استتاب المستورد العجلي، وأن عليًّا مس صُلُبًا كانت في عنق المستورد، فلما دخل علي في الصلاة قدَّم رجلاً فذهب، ثم أخبرالناس أنه لم يفعل ذلك لحدث أحدثه، ولكن مس هذه الأنجاس، فأحب أن يحدث وضوءًا.
فصل في ماجاء في الوضوء من بعض الكلام
عن محمد بن المصفى، عن بقية، عن عمرو بن أبي عمرو، عن طاوس، عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الحدث حدثان : حدث اللسان، وحدث الفرج، وحدث اللسان أشد من حدث الفرج،وفيهما الوضوء ))(10)
__________
(1) في الأصل :" فقد ذكر أن ابن أبي حاتم ".
(2) "الجرح والتعديل" (8/113 رقم498).
(3) كما في "تهذيب الكمال" (26/591 و592).
(4) كما في "المعجم المشتمل" (ص276-277 رقم982).
(5) "سؤالات عثمان الدارمي لابن معين" (ص 134 رقم434).
(6) كما في "الضعفاء" للعقيلي (2/201).
(7) في "المصنف" (1/125 رقم461)، وقد تصرف المصنف في السياق واختصره، إلا أن يكون أخذه من مصدر آخر أخرجه من طريق عبدالرزاق مختصرًا.
(8) في الأصل يشبه أن تكون :" الزهني".
(9) في الأصل:"عمر"، والتصويب في"المصنف"، وانظر "تهذيب الكمال" (10/258-259)، ترجمة سعد بن إياس أبي عمرو الشيباني.
(10) هذا الحديث ذكره ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/365 رقم604) معلقًا هكذا بدون إسناد إلى محمد بن المصفى، وعنه أخذه المصنف، فلست أدري، أسقط عزوه إليه؟ أو أهمل نسبته إليه ؟
وقد أسنده الديلمي في "مسند الفردوس" (2/108/ زهرة الفردوس) فقال : أخبرنا أبي، أخبرنا أحمد بن عمر البزار، حدثنا جعفر بن محمد الصوفي الأبهري، حدثنا أبوالحسن الصقلي، حدثنا أبومعاذ عبدالله بن الحسن الخطيب، حدثنا أحمد بن محمد بن مهدي، حدثنا علي بن أحمد، حدثنا محمد بن المصفى...، فذكره.
ومن طريق والد الديلمي أخرجه الجورقاني في "الأباطيل" (1/352 -353 رقم339).(2/383)
.
قيل(1) في تعليله:"إن بقية يدلس، فلعله سمعه من بعض الضعفاء". انتهى. وهذا يروى عن ابن عباس موقوفًا :" الحدث حدثان : حدث الفرج، وحدث اللسان، وأشدهما حدث اللسان "(2) . ومن طريق داود بن المحبر، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - : أن النبي
- صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ من الحدث، وأذى المسلم(3).
"داود بن المحبر" قال فيه علي بن المديني(4):" ذهب حديثه ". وقال أبوحاتم(5):" غير ثقة، ذاهب الحديث، منكر الحديث ". و"الْمُحَبَّر": بضم الميم، وفتح الحاء المهملة، وتشديد الباء ثاني الحروف مع فتحها.
[ل140/أ]
__________
(1) والقائل هو ابن الجوزي في الموضع السابق من "العلل".
(2) هذا الأثر والحديث والآثار الآتية إلى آخر الفصل جميعها أخذها المصنِّف من "المحلى" لابن حزم (1/261)، فلست أدري، أسقط عزوه له، أو نسيه ؟ وابن حزم علّقه ولم يسنده، وإنما قال :" فقد روينا ".
وهذا الأثر أخرجه البخاري في ترجمة حاجب في "الضعفاء الصغير"(ص36رقم92)، وقال: "ولم يتابع عليه".وانظر الكامل لابن عدي(2/448)،و"ميزان الاعتدال"(1/429-430).
(3) وهذا الحديث ذكره ابن حزم في الموضع السابق هكذا :" وروينا من طريق داود..."، ولم يسنده، ثم قال :" داود بن المحبر كذاب مشهور بوضع الحديث ". وعلق عليه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله بقوله :" هذا الحديث ظاهر الوضع ؛ لنسبة أذى المسلم للرسول r ".
(4) في الأصل :" محمد بن علي بن المديني" وهو خطأ، ونقل قوله ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/424).
(5) كما في الموضع السابق.(2/384)
وعن عائشة رضي الله عنها :" يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب، ولا يتوضأ من الكلمة العوراء يقولها / لأخيه(1)!! "
وعن إبراهيم النخعي:" إني لأصلي الظهر والعصر والمغرب بوضوء واحد، إلا أن أُحدث أو أقول منكرًا، الوضوء من الحدث ومن أذى المسلم(2)".
وعن عَبِيدة السلماني :" الوضوء يجب من الحدث وأذى المسلم(3)".
و"عَبِيدة" هذا : بفتح العين، وكسر الباء ثاني الحروف.
فصل فيما جاء في تفسير القرآن بالرأي
__________
(1) ذكره ابن حزم معلقًا في الموضع السابق، وأخرجه عبدالرزاق في "المصنف" (1/127 رقم470)، وابن أبي شيبة (1/125 رقم1426)، ومسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (1/92 رقم121)، ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن عاصم بن أبي النَّجود، عن ذكوان أبي صالح، عن عائشة. وسنده حسن.
(2) ذكره ابن حزم معلقًا في الموضع السابق، وأخرجه عبدالرزاق في الموضع السابق برقم (471) من طريق الثوري، عن الزبير بن عدي، عن إبراهيم، إلا أنه لم يذكر قوله : "الوضوء من الحدث ومن أذى المسلم"، وسنده صحيح.
(3) ذكره ابن حزم في الموضع السابق، وأخرجه عبدالرزاق أيضًا برقم(472)، وابن أبي شيبة=
= برقم (1428)، كلاهما من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة. وقد عطف عبدالرزاق لفظه على لفظ إبراهيم السابق، وأما ابن أبي شيبة فلفظه : قلت لعبيدة : مِمَّ يعاد الوضوء ؟ قال من الحدث وأذى المسلم. وسنده صحيح.(2/385)
روى أبومحمد عبدالله بن محمد الأصبهاني في كتاب "الترهيب"(1) من حديث سعد بن عبدالحميد بن جعفر، حدثنا عثمان بن مطر، عن أبي عُبيدة، عن علي بن زيد، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من فسر القرآن برأيه وهو على وضوء فليعد وضوءه )) . رواه عن محمد ابن سعيد الشافعي، عن محمد بن عامر، عن سعد.
وقال النسائي(2):"وعثمان بن [مطر](3)[ضعيف"، و](4) ضعفه أبوحاتم(5) وأبوداود(6). و"علي بن زيد" صدوق ضُعِّف.
فصل في الخارج النجس من غير السبيلين ذكر مااستدل به على الانتقاض
فيه أحاديث : الحديث الأول : روى الترمذي(7) عن هناد، عن وكيع وعَبدة وأبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يارسول الله! إني امرأة استحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة ؟ قال : (( لا، إنما ذلك عرق، وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي )) . قال أبومعاوية في حديثه : (( وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت )) . قال أبوعيسى :" حديث حسن صحيح ".
__________
(1) وهو في "الفردوس" للديلمي (3/520 رقم5622)، لكن بدون إسناد. وذكره صاحب "كنز العمال" (1/621 رقم2871) وعزاه للديلمي فقط، وكذا ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/274 رقم69)، وقال :" وفيه عثمان بن مطر ".
(2) في "الضعفاء والمتروكين" (ص215 رقم420).
(3) تصحفت في الأصل إلى :" مظفر"، والتصويب من المرجع السابق، وقد ذكره المصنف آنفًا على الصواب، وانظر "تهذيب الكمال" (19/494).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من" الضعفاء " للنسائي، مع تنسيق العبارة.
(5) في "الجرح والتعديل" لابنه (6/170).
(6) كما في "سؤالات الآجري" (1/413 رقم831).
(7) في "سننه" (1/217 رقم125) أبواب الطهارة، باب ماجاء في المستحاضة.(2/386)
وأقرب منه فيما يراد من الاستدلال : رواية أبي داود(1) والنسائي(2) من جهة محمد بن عمرو، عن ابن شهاب، عن عروة، عن فاطمة. قرأت على يحيى بن علي الحافظ، عن هبة الله بن علي - قراءة عليه -، أنا مرشد بن يحيى، أنا محمد بن الحسين، ثنا محمد بن عبدالله النيسابوري، ثنا أحمد - هو ابن شعيب النسائي(3)-، أنا محمد بن المثنى، ثنا ابن أبي عدي، عن محمد - وهو ابن عمرو -، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن فاطمة ابنة أبي حبيش : أنها كانت تُستحاض، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا كان الحيض فإنه دم أسود يعرف، فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي فإنما هو عرق )) . وقال محمد بن المثنى:" حدثني ابن أبي عدي هذا من كتابه". وكذلك رواية حماد عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها. الحديث الثاني : روى الترمذي(3) من حديث حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن يعيش بن الوليد المخزومي، عن أبيه، عن معدان بن طلحة(4)
__________
(1) في"سننه"(1/197رقم286)كتاب الطهارة، باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة.
(2) في"سننه"(1/123رقم215) كتاب الطهارة، باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة،وفي (1/185رقم362) كتاب الحيض والاستحاضة، باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة.
(3) في "سننه" (1/142 -146رقم87) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الوضوء من القيء أو الرعاف.
(4) في المطبوع من "سنن الترمذي" :" معدان بن أبي طلحة"، ويبدو أن الصواب ما هنا ؛ فإن المزي رحمه الله ذكر الحديث في"تحفة الأشراف"(8/233-234 رقم10964) أولاً من رواية أبي داود هكذا :"معدان بن طلحة"، ثم عطف عليها رواية الترمذي، ولم ينبّه على فرق بين إسنادي الروايتين، وإنما نبّه المحقق اعتمادًا على الترمذي المطبوع، ويؤكد ذلك: أن هناك خلافًا في اسمه كما سينبّه عليه المصنف، لكن أهل الشام يقولون :" معدان بن طلحة"، وغيرهم يقولون :" معدان بن أبي طلحة"، ورواية الترمذي من طريق أحد الشاميين، وهو الوليد بن هشام.(2/387)
، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قاء فأفطر[فتوضأ](1)، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق،فذكرت ذلك له، فقال: صدق، أنا صببت له وضوءه. أخرجه من حديث عبدالصمد بن عبدالوارث، عن أبيه، عن حسين المعلم [وقال](2) :"[ وقد جود حسين المعلم](3) هذا الحديث، وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب. وروى معمر هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير، فأخطأ فيه، فقال : عن يعيش بن الوليد، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء، ولم يذكر فيه الأوزاعي، وقال : عن خالد بن معدان، وإنما هو معدان بن أبي طلحة ". انتهى.
وروى هذا الحديث الحافظ أبومحمد ابن الجارود في "المنتقى"(3) والحافظ أبوالحسن الدارقطني في"السنن"(4) من جهة عبدالصمد بن عبدالوارث المذكور، وفيه [عند](5) ابن الجارود : أنا صببت له الوضوء.
ورواه الطبراني(6)عن عثمان[بن](7)عمر الضبي،عن أبي معمرالمقعد،عن عبدالوارث.
[ل140/ب]
/وكذلك الدارقطني(8) أيضًا من جهة أبي معمر عبدالله بن [عمرو بن أبي](9) الحجاج، عن عبدالوارث. ومن هذا الوجه أخرجه ابن منده، وفي روايته : عن يحيى بن أبي كثير، عن الأوزاعي : أن يعيش بن الوليد حدثه : أن أباه حدثه قال : حدثني معدان بن طلحة اليعمري، عن أبي الدرداء.
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن الترمذي".
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه.
(3) 1/20-21 رقم 8).
(4) 1/158 رقم36).
(5) في الأصل :" عن ".
(6) في "الأوسط" (4/99 رقم3702).
(7) في الأصل :" عن " والتصويب من المصدر السابق.
(8) في الموضع السابق برقم (37).
(9) في الأصل :"عمر بن "، والتصويب من "سنن الدارقطني".(2/388)
والرواية التي ذكر الترمذي أن معمرًا أخطأ فيها، ينبه فيها على أمرين : أحدهما : أن دلالتها أقوى من دلالة الرواية التي قدمناها، فإن فيها : "وأُتي بماء فتوضأ ". الثاني : أن الطبراني ذكر رواية عن معمر مخالفةً لما ذكر الترمذي، فروى عن إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبدالرزاق(1)، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال :" استقاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفطر، وأُتي بماء فتوضأ ".
والإسناد الذي ذكره الترمذي عن معمر رواه الدارقطني من جهة هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير،عن يعيش بن الوليد:أن معدان بن أبي طلحة أخبره : أن أبا الدرداء أخبره: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاء فأفطر. لم يزد على هذا.
والذي يُعْتَلّ به على هذا الحديث من جهة الإسناد أمران : أحدهما : قال ابن حزم(2) في يعيش بن الوليد وأبيه :" ليسا بمشهورين ".
__________
(1) وهو في "مصنفه" (1/138 رقم525).
(2) في "المحلى" (1/258).(2/389)
الثاني: الاضطراب في السند؛ قال البيهقي في"السنن"(1):"وإسناد هذا الحديث مضطرب، واختلفوا فيه اختلافًا شديدًا". وهذا الاختلاف قد ذكرنا فيه رواية حسين المعلم ورواية معمر - على ماحكاه الترمذي- وروايته -كما ذكر الطبراني-. وقيل(2): عن عبدالصمد،عن هشام، عن يحيى، عن رجل، عن يعيش.وفي رواية[عبدالوارث](3):عن معدان بن طلحة، وكذا قال أبومعمر،عن عبدالوارث. وقال [جرير](4):عن يحيى، عن الأوزاعي، عن يعيش، عن معدان. وقال مرة : عن يعيش، عن أبيه، عن معدان. وقال شيبان : عن يحيى، حدث الوليد بن هشام، عن معدان.[وقال معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش، عن خالد بن معدان ](5)، عن أبي الدرداء. وقيل : عن يزيد بن زُريع، عن هشام، عن يحيى (6)، عن يعيش، عن خالد بن معدان، عن أبي الدرداء. قلت: أما الوجه الأول فإن أحمد بن عبدالله [العجلي](7) الكوفي قال في يعيش :" هو شامي ثقة ". وذكر الخلال في "علله" [....](8). وأخرج ابن منده هذا الحديث في كتابه(9) من الوجه الذي ذكرناه، قال:
__________
(1) 1/144).
(2) من الواضح أن المصنف أخذ هذا الكلام في الاختلاف في هذا الحديث عن البيهقي في "الخلافيات" (2/349-350) مع بعض التصرف.
(3) في الأصل:"لعبدالله"، والتصويب من باقي السياق و"الخلافيات"، إلا أن اسم "عبدالوارث" سقط من "الخلافيات" - ولعله من الطباعة -، فجاء هكذا :" وقال عبدالصمد عن أبيه "، وصوابه :" عبدالوارث بن عبدالصمد عن أبيه ".
(4) في الأصل :"حرب"، والتصويب من "الخلافيات".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الخلافيات".
(6) هناك تكرار في الأصل وخلط حذفته ونصه :" عن يحيى، حدث الوليد بن هشام، عن معدان، عن أبي الدرداء، وقيل عن يزيد بن زريع، عن هشام، عن يحيى ".
(7) في الأصل :"العكلي"، وقوله هذا في "الثقات" له (2/374) دون قوله :"شامي".
(8) بياض في الأصل بما يقرب من عشر كلمات.
(9) أي :" كتاب الطهارة ".(2/390)
"وهذا إسناد متصل صحيح على رسم النسائي وأبي داود، وتركه البخاري ومسلم لاختلاف في إسناده "(1). انتهى. قلت : أما رواية من روى :" عن يحيى، عن رجل، عن يعيش" فغير: ضارة ؛ لأن الرجل المبهم في هذه الرواية قد تبين في غيرها أنه الأوزاعي(2). وكذلك من قال : عن يحيى،[حدث](3) الوليد بن هشام لا يضر أيضًا ؛ لأنها تتفق مع الأخرى ؛ بأن يكون يحيى ذكرها مرسلة بترك من حدّثه وهو الأوزاعي عن يعيش، ثم بيّن مرة أخرى من حدَّثه. وكذلك مازُعم من الاختلاف في "معدان بن طلحة ". و"معدان بن أبي طلحة" غير ضار ؛ لأن كُلاًّ منهما يقول : صحيح. وأما رواية :" خالد بن معدان " فقد حكم الترمذي أنها غلط، وحكينا قوله:"قد جوّد حسين..." إلى آخره، وعن الأثرم: "قلت لأحمد: قد اضطربوا في هذا الحديث، فقال: حسين المعلم يُجوِّده". الحديث الثالث : روى عبدالرزاق(4)، عن ابن جريج،/ عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا قاء أحدكم، أو قلس، أو وجد مذيًا وهو في الصلاة، فلينصرف، وليتوضأ، وليرجع، وليبن على صلاته مالم يتكلم )) . مرسل، أرسله عبدالعزيز بن جريج والد عبدالملك.
[ل141/أ]
__________
(1) نقل هذا القول الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/364) دون قوله :" على رسم النسائي وأبي داود".
(2) كما نص عليه ابن خزيمة في "صحيحه" (3/225 رقم1959).
(3) في الأصل :"حديث" وقد ذكرها المصنف قبل ذلك على الصواب.
(4) وروايته هذه عند الدارقطني في"سننه"(1/155رقم18)، وسينبه على ذلك المصنف لاحقًا.(2/391)
ورواه هكذا مرسلاً عن ابن جريج غير واحد، منهم: عبدالوهاب - وهو ابن عطاء -، حدثنا ابن جريج، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من وجد رُعافًا، أو قيئًا، أو مذيًا، أو قلسًا، فليتوضأ، ثم ليتمّ على مامضى مابقي، وهو مع ذلك يتوقَّى(1) أن يتكلم )) . أخرجه الدارقطني(2).
رواه إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج فوصّله. أخرجه ابن ماجه(3) عن
محمد بن يحيى، عن الهيثم بن خارجة، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن ابن أبي مُليكة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من أصابه قيء، أو رعاف، أوقلس، أو مذي، فلينصرف، فليتوضأ، ثم ليبن على صلاته، وهو في [ذلك](4) لا يتكلم )) .
__________
(1) في "سنن الدارقطني" :" يتقي ".
(2) في الموضع السابق من "سننه" برقم (19).
(3) في"سننه"(1/385 -386رقم1221) في إقامة الصلاة،باب ما جاء في البناء على الصلاة.
(4) في الأصل :"ذاك"، والتصويب من "سنن ابن ماجه".(2/392)
قال الدارقطني(1):" كذا رواه إسماعيل بن عياش عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، وتابعه سليمان بن أرقم - وهو متروك الحديث -، وأصحاب ابن جريج الحفاظ [عنه](2) يروونه عن ابن جريج، عن أبيه مرسلاً، والله عز وجل أعلم ". وحكى الدارقطني(3) أيضًا بعد ماروى الحديث من طريق عبدالرزاق، عن ابن جريج مرسلاً قال :"قال لنا أبوبكر - يعني النيسابوري -:سمعت محمد بن يحيى يقول : هذا [هو](3) الصحيح : عن ابن جريج، وهو مرسل. وأما حديث ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها الذي يرويه إسماعيل ابن عياش فليس بشيء ". ذكر ابن أبي حاتم(4) أنه سأل أباه عن حديث رواه إسماعيل بن عياش...، وساقه - يعني هذا الحديث -، قال :" قال أبي : هذا خطأ، إنما [يروونه](5) عن ابن جريج،عن أبيه،عن ابن أبي مليكة،عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً،والحديث هذا". قلت : هذا لون آخر ينبغي أن [ يُتَتَبَّع](6) بالكشف.
وقد روى الدارقطني(7) من جهة محمد بن المبارك، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثني ابن جريج، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا قاء أحدكم في صلاته، أو قلس، فلينصرف، فليتوضأ، وليبن على صلاته مالم يتكلم )) . وقال ابن جريج : وحدثني ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله.
__________
(1) في "سننه" (1/154 رقم16).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن الدارقطني".
(3) في "سننه" (1/155 رقم18).
(4) في "علل الحديث" (1/31 رقم57).
(5) في الأصل :" يرويه "، والتصويب من "العلل".
.
(6) في الأصل :"يتبع"، والتصويب من "البدر المنير " المخطوط (3/131).
(7) في "سننه" (1/154 رقم12).(2/393)
وروى الدارقطني(1) أيضًا: حدثنا أبوبكر النيسابوري، ثنا محمد بن يحيى، ثنا محمد بن الصباح، ثنا إسماعيل بن عياش بهذين الإسنادين جميعًا نحوه.
وممن رواه بالإسنادين جميعًا عن إسماعيل بن عياش:الربيع بن نافع وداود بن رشيد، وهذه الروايات التي جمع فيها إسماعيل بن عياش بين الإسنادين جميعًا - أعني المرسل والمسند في حالة واحدة - مما يبعد الخطأ على إسماعيل، فإنه لو اقتصر على رفع ماوقفه الناس لتطرق الوهم إلى خطئه تطرقًا قريبًا. فأما وقد وافق الناس في روايتهم المرسل وزاد عليهم بالمسند، فهذا يُشعر بتحفظ وتثبت فيما زاده عليهم. وإسماعيل قد وثقه يحيى بن معين(2)، وقال يزيد بن هارون :
["مارأيت شاميًّا ولا عراقيًّا أحفظ من إسماعيل بن عياش"](3).
وقد تابع إسماعيل على المسند سليمان بن أرقم.فروى الدارقطني(4) من جهة محمد بن حمير، حدثنا سليمان- يعني ابن أرقم-،عن ابن جريج،عن أبيه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا رعف أحدكم في صلاته، أو قلس، فلينصرف، فليتوضأ،وليرجع وليتم صلاته على مامضى منها مالم يتكلم )) . قال:وحدثني ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها،[عن النبي - صلى الله عليه وسلم -](5) مثله.
[ل141/ب]
وقبله(6)/حديث الربيع بن نافع، عن إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله - يعني مثل حديث إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن أبيه المرسل -.
__________
(1) في الموضع السابق برقم (13).
(2) كما في "تاريخه" رواية الدوري (2/36 رقم5032).
(3) بياض في الأصل بمقدار سطر ونصف تقريبًا، والمثبت من "الجرح والتعديل " (2/191).
(4) في "سننه" (1/155 رقم17).
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".
(6) أي : في "سنن الدارقطني" (1/154 رقم15).(2/394)
وذكر أبوأحمد ابن عدي أن إسماعيل رواه [....](1).
الحديث الرابع : روى الطبراني(2)، والدارقطني(3)- واللفظ لحديث الدارقطني - من جهة هُريم - وهو ابن سفيان -، عن عمرو القرشي، عن أبي هاشم، عن زاذان، عن [ سلمان ](4) قال : رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد سال من
أنفي دم، فقال : ((أحدث وضوءًا )). وفي رواية : (( أحدث لما حدث وضوءًا )).
__________
(1) هاهنا بياض في الأصل بمقدار سطرين.
وقد قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/496) :" وقال ابن عدي : هكذا رواه إسماعيل، وقال مرة : عن ابن جريج، عن أبي، عن عائشة، وكلاهما ضعيف، وقال أحمد : الصواب : عن ابن جريج، عن أبيه، عن النبي r مرسلاً ".
وقد تصرف ابن حجر في كلام ابن عدي واختصره، وإلا فإنه في "الكامل" (5/289-290) ذكر أن الإمام أحمد سئل عن حديث إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس مرفوعًا...، وذكر هذا الحديث، ونقل عن الإمام أحمد قوله : " هكذا رواه ابن عياش ! إنما رواه ابن جريج فقال : عن أبي، وإنما هو عن أبيه، ولم يسمعه من أبيه، وليس فيه عائشة ولا النبي r". ثم ذكر رواية أخرى عن إسماعيل بن عياش فيها :"عائشة" بدل :"ابن عباس"، ورواية أخرى عن إسماعيل،عن ابن جريج، عن أبيه مرسلاً، ثم قال:"وعبدالعزيز بن جريج أنكر عليه هذا الحديث، وهذا غير محفوظ عن=
= ابن جريج، إنما يروي عنه إسماعيل بن عياش، وابن عياش إذا روى عن أهل الحجاز وأهل العراق فإن حديثه عنهم ضعيف، وإذا روى عن أهل الشام فهو أصلح ".
(2) في "المعجم الكبير" (6/239 رقم6099).
(3) في "سننه" (1/156 رقم23).
(4) في الأصل :"سليمان"، والتصويب من المرجعين السابقين.(2/395)
ثم رواه(1) عَقِبه من جهة إسماعيل(2): فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( أحدث لذلك(3) وضوءًا )) . قال الدارقطني :" عمرو القرشي هذا هو : عمرو بن خالد أبو خالد الواسطي، متروك الحديث، قال أحمد(4)، ويحيى(5): عمرو بن خالد الواسطي كذاب ". انتهى. و"أبوهاشم" الرُّمَّاني : مضموم الراء المهملة، ومشدد الميم.
وفي هذا الحديث أمور ينبه عليها : أحدها :"زاذان" أبوعمر، ويقال : أبوعبدالله، أوله زاي معجمة، وبعد الألف ذال معجمة أيضًا، كوفي يقال له : الكندي، أخرج له مسلم والأربعة معه(6). وقال يحيى(7):" ثقة ". وسئل عن حميد بن هلال، فقال :" ثقة، لا يُسأل عن مثل هؤلاء ". وله ذكر بأتم من هذا في غير هذا الموضع. الثاني : أن الدارقطني رواه(8) كما قدمنا من جهة إسماعيل بن أبان، عن جعفر الأحمر، عن أبي خالد، عن أبي هاشم.
وكذلك رواه الطبراني(9) من جهة أحمد بن عبدة، عن الحسين [بن الحسن](10)، عن جعفر بن زياد الأحمر، عن يزيد بن أبي خالد، عن أبي هاشم.
وكذلك رواه أبوبكر البزار في "مسنده"(11) بزيادة رجل بين جعفر وأبي هاشم، إلا أن تعيين اسم ذلك الرجل أحتاج فيه إلى مراجعة أصل آخر غير الذي رأيته فيه.
__________
(1) أي : الدارقطني في الموضع السابق برقم(24).
(2) أي : ابن أبان، عن جعفر الأحمر، عن أبي خالد، عن أبي هاشم، كما سيأتي.
(3) كذا في الأصل، وفي "سنن الدارقطني" :" أحدث له ".
(4) نقله عنه العقيلي في "الضعفاء الكبير" (3/268 -269).
(5) كما في "تاريخ الدارمي" (ص160-161 رقم568)، ونقله عنه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6/230).
(6) كما في "تهذيب الكمال" (9/263 و265).
(7) كما في "سؤالات ابن الجنيد" (ص338 رقم269،270).
(8) في الموضع السابق.
(9) في "المعجم الكبير" (6/239 رقم6098).
(10) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(11) 6/488 -489 رقم2522).(2/396)
ورواه أبوأحمد ابن عدي(1) بالطريق التي ذكرناها عن الطبراني ؛ من جهة أحمد بن عبدة، عن حسين بن [حسن](2)، عن جعفر الأحمر، عن أبي هاشم.
وأورده البيهقي(3) من جهة ابن عدي، وقال بعد إيراده :" لم يذكر في إسناده أباخالد ". الثالث : أن البيهقي لما ذكر(4) رواية إسماعيل بن أبان، عن جعفر، عن أبي خالد، عن أبي هاشم من جهة الدارقطني قال - أعني البيهقي -:" كذا قال : عن جعفر بن زياد، عن أبي خالد الواسطي، عن أبي هاشم "، فحكم بأن أباخالد هذا هو عمرو بن خالد، وقد ذكرنا أن الطبراني رواه من جهة الحسين(5)، عن جعفر بن زياد، فقال : يزيد [بن](6) أبي خالد، عن أبي هاشم. وقد ذكر ابن أبي حاتم(7) أنه سأل أباه عن حديث رواه إسماعيل بن أبان الوراق، عن جعفر الأحمر، عن أبي خالد، عن أبي هاشم الرُّمَّاني، عن زاذان، عن سلمان، أنه رعف، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أحدث لذلك وضوءًا ))، " فقال أبي : أبوخالد هذا عمرو بن خالد متروك الحديث، لا يشتغل بهذا الحديث. قلت لأبي : فإن [الرمادي](8) حدثنا عن إسحاق بن منصور، عن هريم، عن عمرو القرشي، عن أبي هاشم الرُّمَّاني هذا الحديث، فقال : هو عمرو بن خالد ". الرابع : أن البيهقي قال في "الخلافيات"(9)
__________
(1) في "الكامل" (2/142).
(2) في الأصل :"حسين"، والتصويب من "الكامل" وغيره، وتقدم في إسناد الطبراني.
(3) في "الخلافيات" (2/336 رقم640).
(4) في الموضع السابق برقم (639).
(5) في الأصل بياض بمقدار كلمة أو نحوها، ويبدو أن في موضعه :" بن حسن" كما تقدم.
(6) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فاستدركته من "المعجم الكبير"، وتقدم ذكره على الصواب.
(7) في "علل الحديث" (1/48 رقم112).
(8) في الأصل :"الرماني"، وهو خطأ، والتصويب من "العلل"، وهو أحمد بن منصور بن سيار ابن معارك الرمادي أبوبكر، من شيوخ ابن أبي حاتم. انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (12/389 -390).
(9) 2/337).(2/397)
:" وجعفر وأبوخالد كلاهما ضعيف، لا يصح الاحتجاج بخبرهما ". وأراد بجعفر : جعفر بن زياد، ثم عقَّبه بأن روى(1) عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال(2):" جعفر الأحمر مائل عن الطريق، وكذلك سلمة الأحمر "، وبأن روى(3) من جهة الدارمي(4): "وسئل يحيى بن معين عن جعفر الأحمر، فقال بيده ؛ لم يثبته(5) ولم يضعفه "، ولم يذكر في حال جعفر غير هذا. وقريب منه ماروي عن محمد ابن عبدالله بن /عمار، أنه قال في جعفر(6):" ليس عندهم بحجة، كان رجلاً صالحًا كوفيًّا ". قلت : لكن قد روى عباس(7)،[عن](8) يحيى أنه قال فيه :"ثقة". وقال الإمام أحمد بن حنبل(9) - رضي الله عنه - :" صالح الحديث ". وقال أبوزرعة(10):"صدوق". وقال أبوداود(11):" صدوق شيعي، روى عنه عبدالرحمن بن مهدي ". وهذا التشيع الذي ذكره أبوداود مذكور عن يحيى بن معين أنه نسبه إليه، وهو عندنا الذي أشار إليه الجوزجاني بقوله :" مائل عن الطريق ". وقد قدمنا الكلام على المذاهب في المقدمة. ومذهب الشافعي قبول روايات المبتدعة إلا الخطَّابية. وأما ماذكره(12) عن الدارمي، عن يحيى بن معين، فليس فيه تضعيف، وقد قال عباس عنه : إنه " ثقة ". الحديث الخامس :روى الحافظ أبوالحسن
__________
(1) في الموضع السابق برقم(641).
(2) في "الشجرة في أحوال الرجال" (ص79 -80 رقم54 و55).
(3) برقم (642).
(4) وهو في "تاريخه" (ص87 رقم219).
(5) كذا في الأصل، وفي "الخلافيات"، و"تاريخ الدارمي" :" يلينه"، وأشار محقق "الخلافيات" إلى أن في نسخ "المختصر" :" يثبته".
(6) كما في "تهذيب الكمال" (5/40)، وفيه زيادة :" وكان يتشيع ".
(7) أي الدوري في "تاريخه" (2/86).
(8) في الأصل :" بن ".
(9) في "العلل ومعرفة الرجال" رواية ابنه عبدالله عنه (2/359 رقم2591)، (3/161 رقم4722).
(10) كما في "الجرح والتعديل" (2/480 رقم1952).
(11) كما في "سؤالات الآجري" (2/287 رقم1873).
(12) أي : البيهقي.(2/398)
الدارقطني(1)من جهة سفيان بن زياد أبي سهل، حدثنا حجاج بن نصير، ثنا محمد بن الفضل بن عطية، ثنا أبي، عن ميمون [بن](2) مهران، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ليس في القطرة والقطرتين من الدم وضوء حتى يكون دمًا سائلاً )) . قال الدارقطني :" محمد بن الفضل بن عطية ضعيف، وسفيان بن زياد وحجاج بن نُصير ضعيفان ". قلت :" نُصَير": بضم النون، وفتح الصاد المهملة.
__________
(1) في "سننه" (1/157 رقم29).
(2) في الأصل :" عن "، والتصويب من "سنن الدارقطني"، وسيذكره المصنف على الصواب.(2/399)
وروى الدارقطني(1) أيضًا من جهة الحسن بن علي [الرزاز](2)، ثنا محمد ابن الفضل، عن أبيه، عن ميمون بن مهران، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ليس في القطرة ولا القطرتين من الدم وضوء، إلا أن يكون دمًا سائلاً )). وهذا اختلاف على محمد بن الفضل. الحديث السادس:روى الدارقطني(3)من حديث بقية، عن يزيد بن خالد، عن يزيد بن محمد، عن [عمر](4) بن عبدالعزيز قال : قال تميم الداري - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الوضوء من كل دم سائل )) . قال الدارقطني:" عمر بن عبدالعزيز لم يسمع من تميم الداري ولا رآه، ويزيد بن خالد ويزيد بن محمد مجهولان ". الحديث السابع : روى الدارقطني(5) من حديث سوار بن مصعب، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( القَلَسُ حَدَثٌ )). قال الدارقطني :" سوار متروك، ولم يروه عن زيد غيره ". الحديث الثامن : روى الدارقطني(6) من حديث محمد بن سلمة، عن ابن أرقم، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم، ثم [ليعد](7) وضوءه وليستقبل صلاته )) . قد تقدم(8) عن الدارقطني أن سليمان بن أرقم متروك.
__________
(1) في الموضع السابق برقم (28).
(2) في الأصل :" البزار"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(3) في الموضع السابق برقم (27).
(4) في الأصل :"عمرو" والتصويب من "سنن الدارقطني"، وسيذكره المصنف على الصواب.
(5) في "سننه" (1/155 رقم20).
(6) في "سننه" أيضًا (1/152 رقم8).
(7) في الأصل:" ليعيد"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(8) ص 140).(2/400)
وروى الدارقطني(1) أيضًا من جهة [ عمر ](2) بن رياح، ثنا عبدالله بن
طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رعف في صلاته توضأ وبنى على [مامضى](3) من صلاته. قال الدارقطني: "[عمر](4) بن رياح متروك ". قلت :"رِياح": والده بكسر الراء المهملة، وبعدها ياء آخر الحروف. الحديث التاسع :روى البيهقي في "الخلافيات"(5) من حديث سهل بن عفان السجزي، حدثنا الجارود بن [يزيد](6)، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يُعاد الوضوء من سبع :[من](7) إقطار البول، والدم السائل، والقيء، ومن دسعة(8) يملأ بها الفم، والنوم المضطجع، وقهقهة الرجل في الصلاة، ومن خروج الدم )) . قال :" سهل بن عفان مجهول، والجارود بن يزيد ضعيف في الحديث، ولا يصح هذا ". الحديث العاشر : حديث : (( إنما الوضوء مما خرج )) وقد تقدم(9). /الحديث الحادي عشر: روى الدارقطني(10) من حديث أبي بكر الداهري، عن حجاج،[عن](11)
__________
(1) في "سننه" (1/156 رقم25).
(2) في الأصل :" عمرو "، والتصويب من " سنن الدارقطني "، وانظر ترجمته في " تهذيب =
= الكمال"(21/346).
(3) في الأصل و "سنن الدارقطني":"ما بقي "، وقد رواه العقيلي في "الضعفاء" (3/160) من نفس الطريق هكذا على الصواب.
(4) في الأصل :" عمرو "، والتصويب من " سنن الدارقطني "، وتقدم تصويبه.
(5) 2/345 رقم658).
(6) في الأصل :" زيد " وهو خطأ، والتصويب من "الخلافيات"، وانظر ترجمته في "الميزان" (1/384)، وسيذكره المصنف على الصواب.
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "الخلافيات".
(8) الدسعة: الدفعة. قال ابن الأثير في " النهاية "(2/117) يريد الدفعة الواحدة من القيء.
(9) ص 233-234).
(10) في "سننه" (1/157 رقم30).
(11) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن الدارقطني".(2/401)
الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من رعف في صلاته، فليرجع فليتوضأ، وليبن على صلاته )).
وفي رواية(1): (( إذا قاء أحدكم، أو رعف وهو في الصلاة، أو أحدث، فلينصرف فليتوضأ، ثم ليجئ، وليبن على مامضى )) .
[ل142/ب]
"أبوبكر الداهري"- بالدال المهملة - قال أحمد(2):" يروي أحاديث مناكير، ليس هو بشيء ". وقال علي(3)- هو ابن المديني -:" ليس بشيء ".
وروى مالك في "الموطأ"(4) عن نافع : أن عبدالله بن عمر كان إذا رعف انصرف فتوضأ، ثم رجع فبنى ولم يتكلم.
ومالك(5) عن يزيد بن عبدالله بن قُسَيْط الليثي : أنه رأى سعيد بن المسيب رَعف وهو يصلي، فأتى حجرة أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فأُتي بوضوء فتوضأ، ثم رجع فبنى على ماقد صلى.
وذكر أبو عمر(6) تأويل من تأوله على غسل الدم، وذكر قول المخالفين
لذلك، وقال في أثناء الكلام الذي حكاه عن أهل العراق :« مع أنه معروف من مذهب ابن عمر، ومذهب أبيه رضي الله عنهما إيجاب الوضوء من الرعاف، وأنه كان عندهما حدثًا من الأحداث الناقضة للوضوء، إذا كان الرعاف ظاهرًا سائلاً، وكذلك كل دم سال من الجسد وظهر.
ذكر ابن أبي شيبة(7): حدثنا هشيم، أنا ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :" من رعف في صلاته فلينصرف فليتوضأ، فإن لم يتكلم بنى على صلاته، وإن تكلم استأنف الصلاة ".
__________
(1) عند ابن حبان في "المجروحين" (2/22).
(2) كما في "الكامل"(4/138).
(3) كما في "ميزان الاعتدال" (2/411).
(4) 1/38 رقم46) كتاب الطهارة، باب ماجاء في الرعاف.
(5) في الموضع السابق برقم (48).
(6) أي : ابن عبدالبر في "الاستذكار" (2/266 -268 أرقام 2328 -2341).
(7) كما في الموضع السابق من "الاستذكار" برقم (2336)، وهو في "المصنف" (2/13 رقم5901).(2/402)
وذكر عبدالرزاق(1) عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :" إذا رعف الرجل في الصلاة، أو ذرعه القيء، أو وجد مذيًا، فإنه ينصرف فيتوضأ ".
ثم [ عن نافع(2)، عن ابن عمر قال :" من رعف في صلاته، فلينصرف، وليتوضأ، ثم](3) يرجع، فيتم مابقي على مامضى، مالم يتكلم ".
وقال الزهري(4):" الرعاف والقيء سواء، يتوضأ منهما، ويبني، ما لم
يتكلم".
وذكر عبدالرزاق(5) عن ابن جريج، عن عبدالحميد بن جبير : أنه سمع سعيد بن المسيب يقول :" إن رعفت في الصلاة فاشدد على منخريك وصل كما أنت، فإن خرج من الدم شيء فتوضأ، وأتم على مامضى مالم تتكلم"».
قال أبوعمر(6):« ذِكْر ابن عمر للمذي المجتمع على أن فيه الوضوء(7)، مع القيء والرعاف يوضح لك مذهبه فيما ذكرنا ».
__________
(1) كما في "الاستذكار" أيضًا برقم (2337)، وهو في "المصنف" (2/339 رقم3609).
(2) أي : وأخرج عبدالرزاق عن نافع، وهو كذلك كما في "المصنف " (2/340 رقم 3612)، لكن مع اختلاف اللفظ، وهو من قول نافع حكاية عن فعل ابن عمر.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الاستذكار".
(4) كما في "الاستذكار" أيضًا برقم (2339)، وهو في "المصنف" (2/340 رقم3611)، إلا أن لفظه "... يتوضأ منهما وإن لم يتكلم...". ومن قوله هنا :" وقال الزهري" إلى قوله : " مالم يتكلم" مكرر في الأصل، وفي المرة الثانية جاءت كلمة "يقضي" بدل كلمة:"يبني ".
(5) كما في "الاستذكار" أيضًا برقم (2340)، وهو في "مصنفه" (2/340 رقم3614).
(6) أي : ابن عبدالبر في الموضع السابق رقم (2341).
(7) قوله :" الوضوء" مكرر في الأصل.(2/403)
قال البيهقي(1):" وروى(2) حجاج بن أرطاة، عن خالد بن سلمة، عن محمد بن الحارث : أن عمر رضي الله عنه كان يصلي بأصحابه، فرعف، فقدم رجلاً يصلي(3) بالقوم، ثم ذهب فتوضأ، ثم رجع فصلى مابقي من صلاته ولم يتكلم". قال(4):" وهذا مرسل ؛ فإن محمد بن الحارث بن أبي ضرار لم يدرك عمر - رضي الله عنه -، وحجاج بن أرطاة ضعيف ".
وروى الدارقطني(5) من حديث وكيع، عن علي بن صالح وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة،عن علي قال :" إذا [وجد](6) أحدكم في بطنه رِزًّا(7)، أو رعافًا، أو قيئًا، فلينصرف فليتوضأ، ثم ليبن على صلاته مالم يتكلم ".
قال البيهقي في"الخلافيات"(8):"ورواه الثوري،عن أبي إسحاق،عن الحارث، عن علي - رضي الله عنه -. وعاصم بن ضمرة: ليس بالقوي، والحارث الأعور: ضعيف".
[ل143/أ]
ثم أورد(9) بسنده إلى إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي - رضي الله عنه - :" أيما رجل دخل في الصلاة، فأصابه/ رِزّ في بطنه، أو [قيء، أو](10) رعاف، فخشي أن يُحْدِث قبل أن يسلم الإمام، فليجعل يده على أنفه - إن كان يريد أن يعتدّ بما قد مضى -، ولا يتكلم حتى يتوضأ، ثم يتم مابقي، فإن تكلم فليستقبل، وإن كان قد تشهد وخاف أن يحدث قبل أن يُسَلم الإمام فليسلم فقد تمت صلاته ".
قال البيهقي(11)
__________
(1) في "الخلافيات" (2/353 رقم664).
(2) في المطبوع من "الخلافيات" :" ورُوي عن ".
(3) في المطبوع من "الخلافيات" :" فصلى ".
(4) أي : البيهقي.
(5) في "سننه" (1/156 رقم21).
(6) في الأصل :"توضأ"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(7) قال ابن الأثير في "النهاية" (2/219) :" الرِّزُّ في الأصل : الصوت الخفي، ويريد به القرقرة". وانظر "اللسان" (5/353) مادة رزز، وسيأتي بيان المصنف لمعناها.
(8) 2/354).
(9) في الموضع السابق برقم (666).
(10) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "الخلافيات".
(11) في "الخلافيات" (2/356).
.(2/404)
:« وروى أبومعشر، عن إبراهيم، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: " إذا رعف ذهب فتوضأ، فأتم بقية صلاته"». قال :« وهذا مرسل ؛ إبراهيم لم يسمع من ابن مسعود، ومرسلات إبراهيم ليست بشيء ».
قال :« وروى عِسْل بن سفيان، عن عطاء، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "يُعاد الوضوء من القيء والرعاف والنائم تَبسطًا ". وعسل بن سفيان ليس
بالقوي ؛ ذكره أبوحاتم(1) في كتاب "المجروحين"(2)».
قال(3):«وروى عمران بن ظبيان، عن أبي تحيَى(4)حُكَيم بن سعد- وليسا بالقويين-، عن سلمان - رضي الله عنه -:" إذا وجد أحدكم في صلاته رِزًّا، أو قيئًا، أو رعافًا فلينصرف فليتوضأ، وليبن على صلاته "».
ثم ذكر(5) [بسنده](6) إلى سفيان، عن عمران بلفظ آخر، وقال في آخره :" كذا ذكره الثوري، وليس فيه ذكر القيء ". قلت :" عمران بن ظبيان" كوفي روى عنه السفيانان وشريك وغيرهم، قال أبوحاتم(7):" يكتب حديثه "، [وقال](8) البخاري(9):" فيه نظر ".
و"أبوتحيى" هذا: أوله تاء ثالث الحروف مكسورة. "حُكَيم": بضم الحاء، وفتح الكاف. وقوله :" رِزًّا "- بكسر الراء المهملة، وبعدها زاي مشددة -قال الأصمعي-فيما أورده الجوهري(10)-:"يقال:وجدت في بطني رِزًّا ورِزِّيزَى
أيضًا - مثل خِصِّيصَى -؛ أي : وجعًا ".
وقد تقدم(11) عن ابن عباس :" إنما الوضوء مما خرج، وليس مما دخل ".
__________
(1) أي ابن حبان.
(2) 2/195).
(3) أي : البيهقي في المرجع السابق (2/356 -357).
(4) تصحف في المطبوع من "الخلافيات" إلى "أبي يحي"، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (7/210)، و"الإكمال" لابن ماكولا (2/486).
(5) أي : البيهقي في الموضع السابق برقم (668).
(6) في الأصل :"سنده".
(7) كما في "الجرح والتعديل" (6/300 رقم1663) لابنه.
(8) في الأصل :"قال".
(9) في "التاريخ الكبير" (6/424).
(10) في "الصحاح" (3/879).
(11) ص 233-234) من هذا المجلد.(2/405)
وروى البيهقي(1) بإسناده إلى إسرائيل، عن عبدالأعلى، عن أبي عبدالرحمن، عن علي - رضي الله عنه - : أنه طَعِم خبزًا ولحمًا، فقيل له : ألا تتوضأ ؟ فقال :" إن الوضوء مما خرج، وليس مما دخل ".
و"عبدالأعلى" هذا هو : ابن عامر الثعلبي - بالثاء المثلثة، والعين المهملة-، قال أبوحاتم(2):" ليس بالقوي". وقال [أحمد](3)، وأبوزرعة(3):" ضعيف الحديث ". انتهى. وقد روى عنه سفيان الثوري وغيره، وأخرج له الأربعة(4).
ذكر الفرق بين القليل والكثير عند من أوجب الوضوء
روى البيهقي في " السنن "(5) من جهة أبي بكر - هو ابن أبي شيبة(6)-، حدثنا عبدالوهاب، عن التيمي، عن [ بكر](7)- يعني ابن عبدالله المزني- قال:
رأيت ابن عمر عصر بثرةً في وجهه، فخرج شيء من دم، فحكّه بين إصبعيه، ثم صلى ولم يتوضأ.
ذكر ما استدل به على عدم الانتقاض
__________
(1) في "الخلافيات"(2/359 رقم670).
(2) كما في "الجرح والتعديل" (6/26).
(3) في الأصل :" أبوأحمد"، والظاهر أنه تصحيف، وعبارة الإمام أحمد هذه في "العلل" رواية ابنه عبدالله عنه (1/394 رقم787)، وانظر "تهذيب الكمال" (16/355).
(4) كما في "تهذيب الكمال" (16/352و355).
(5) 1/141).
(6) وقد أخرجه في "المصنف" (1/128 رقم1469).
(7) في الأصل :" أبي بكر "، والتصويب من "سنن البيهقي".(2/406)
روى أبوداود في "سننه"(1) من حديث محمد بن إسحاق، ثنا صدقة بن يسار، عن عقيل بن جابر،[عن جابر](2) قال:خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -- يعني في غزوة ذات الرقاع -، فأصاب رجل امرأة [رجل](2) من المشركين، فحلف أن لا أنتهي حتى [أهريق](3) دمًا في أصحاب محمد، فخرج يتبع أثر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - [منزلاً](2)، [فقال](4) : (( من رجل يكلؤنا ؟ )) فانتدب رجل من المهاجرين، وقام رجل من الأنصار، فقال : (( كُونا بفم الشعب )) . قال : فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب، واضطجع المهاجري، وقام الأنصاري يصلي، وأتى الرجل، فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة(5) للقوم، فرماه بسهم فوضعه فيه، فنزعه، حتى رماه بثلاثة أسهم، ثم ركع وسجد، ثم أَنْبَهَ صاحبه، فلما عرف أنهم قد نَذِروا به هرب، ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماء قال : سبحان الله ! ألا أنبهتني أول مارمَى؟ قال : كنت في سورة أقرؤها، فلم أحب أن (6) أقطعها. أخرجه من جهة ابن
[ل143/ب]
/المبارك، عن محمد بن إسحاق.
__________
(1) 1/136 رقم198) كتاب الطهارة، باب الوضوء من الدم.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن أبي داود".
(3) في الأصل :"أهرق"، والمثبت من "سنن أبي داود".
(4) في الأصل :"قال"، والمثبت من "سنن أبي داود".
(5) الربيئة : هو العين والطليعة الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو. قاله ابن الأثير في"النهاية" (2/179).
(6) قوله :" أن" سقط من الأصل، وألحق في الهامش.(2/407)
ورواه أبوبكر ابن خزيمة(1) من حديث سلمة- هو ابن الفضل-، عن محمد - هو ابن إسحاق -، وفيه : فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فقالا: نحن يارسول الله! وفيه : قال الأنصاري للمهاجري : أي الليل أحب إليك أن أكفيك : أوله أو آخره ؟ قال: بل اكفني أوله. فاضطجع المهاجري فنَام، وقام الأنصاري يصلي. وفيه:قال : فرماه بسهم فوضعه فيه. قال: فنزعه فوضعه وثبت قائمًا [يصلي، ثم رماه بسهم آخر فوضعه فيه. قال : فنزعه فوضعه وثبت قائمًا يصلي](2)، ثم عاد له [الثالثة](3)، فوضعه فيه فنزعه فوضعه، ثم ركع وسجد،ثم أهبَّ صاحبه، فقال: اجلس، فقد أتيت(4). وفيه: فلما رأى المهاجري مابالأنصاري من الدماء، قال:سبحان الله! أفلا أهببتني أول مارماك ؟ قال:كنت في سورة أقرؤها،فلم أحب أن أقطعها حتى [أنفذها](5)، فلما تابع عليّ الرمي ركعت فآذنتك، وأيم الله ! لولا أن أُضيع ثغرًا أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظه، لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفذها. وترجم عليه ابن خزيمة :"باب ذكر الخبر الدال على أن خروج الدم من غير مخرج الحدث لا يوجب الوضوء ".
__________
(1) في "صحيحه" (1/24 رقم36).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح ابن خزيمة".
(3) في الأصل :" الثانية"، والتصويب من "صحيح ابن خزيمة".
(4) كذا في الأصل، وأصل"صحيح ابن خزيمة"، وصوبها محقق "صحيح ابن خزيمة" إلى : "أثبت" بناء على مافي "سيرة ابن هشام ".
(5) في الأصل :" أنفدها" بالدال المهملة، وسيأتي على الصواب.(2/408)
وروى الدارقطني(1) من حديث حميد الطويل، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه. أخرجه عن أبي سهل ابن زياد(2)، عن صالح بن مقاتل بن صالح، عن أبيه، عن سليمان بن داود أبي أيوب(3) القرشي، عن حميد.
وفي "سؤالات الحاكم للدارقطني "(4):" صالح بن مقاتل بن صالح يحدث عن أبيه، ليس بالقوي ". وفي "الخلافيات"(5) للبيهقي :" أخبرنا أبوعبدالله الحافظ(6) قال : سألت الدارقطني عن صالح بن مقاتل بن صالح فقال: يحدث عن أبيه، ليس بقوي ". وقال البيهقي في "السنن"(7) :" وروينا فيه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - " قال :" إلا أن في إسناده ضعفًا "، ثم أورد هذا الحديث. وقال في
"باب الغسل من غسل الميت"(8):" وصالح بن مقاتل بن صالح يروي المناكير".
__________
(1) في "سننه" (1/157 رقم26).
(2) في الأصل :" أبي بكر النيسابوري" وصوبت في الهامش.
(3) في الأصل " سليمان بن داود بن أبي أيوب"، والتصويب من "سنن الدارقطني" ففيها :" نا سليمان بن داود أبو أيوب ".
(4) ص119 رقم112).
(5) 2/319 رقم607).
(6) هو الحاكم، وهذا نص "السؤالات" الذي أورده المصنف - سوى قوله :" بالقوي"، فإنه جاء هنا "بقوي"-، فلست أدري لم أعاده المصنف ؟!
(7) 1/140 -141).
(8) في "سننه" (1/305).(2/409)
وروى الدارقطني(1) أيضًا من حديث عتبة بن السكن الحمصي، حدثنا الأوزاعي، ثنا عبادة بن نُسَيّ وهبيرة بن عبدالرحمن،[قالا](2): حدثنا أبوأسماء الرحبي، ثنا ثوبان - رضي الله عنه - قال:كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صائمًا في غير رمضان، فأصابه غمٌّ آذاه فتقيّأ(3)، فدعاني بوضوء فتوضأ، ثم أفطر، فقلت : يارسول الله ! أفريضة الوضوء من القيء ؟ قال : (( لوكان فريضة لوجدته في القرآن )) . قال : ثم صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغد، فسمعته يقول : (( هذا مكان إفطاري أمس )) . قال الدارقطني :"لم يروه عن الأوزاعي غير عتبة بن السكن، وهو منكر الحديث".
[ل144/أ]
وروى البيهقي في "السنن"(4) من جهة مطرف بن مازن، حدثني إسحاق ابن عبدالله بن أبي المجالد، عن أبي الحكم الدمشقي : أن عبادة بن نسي حدثه عن عبدالرحمن بن غنم الأشعري، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أنه قال:" ليس الوضوء من الرعاف والقيء ومس الذكر ومامست النار بواجب ". فقيل له : إن ناسًا يقولون : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [قال/: (( توضئوا](5) مما مست النار ))؟ فقال :" إن قومًا سمعوا ولم يعوا، كُنَّا نسمي غسل اليد والفم وضوءًا، وليس بواجب، إنما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين أن يغسلوا أيديهم وأفواههم مما مست النار، وليس بواجب ". قال البيهقي :" مطرف بن مازن تكلموا فيه، والله عز وجل أعلم ".
فصل في الوضوء من أكل لحوم الإبل
__________
(1) في "سننه" (1/159 رقم41).
(2) في الأصل :" قال " والتصويب من "سنن الدارقطني".
(3) في "سنن الدارقطني " المطبوع :" فتقيّأ فقاء "، وهو خطأ، وقد أورده الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" (3/31 -32 رقم2484) عن الدارقطني بلفظ :" فأصابه غم آذاه فقاء ".
(4) 1/141- 142).
(5) في الأصل :" توضأ"، والمثبت من "سنن البيهقي"، ويدل عليه باقي الحديث.
.(2/410)
روى مسلم(1) رحمه الله تعالى من حديث أبي عوانة، عن عثمان بن عبدالله بن موهب، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - : أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أأتوضأ من [لحوم](2) الغنم ؟ قال : (( إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا توضأ(3) )). قال : أأتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : (( نعم، فتوضأ من لحوم الإبل )). قال : أأصلي في مرابض الغنم ؟ قال : (( نعم )) . قال : أأصلي في مبارك الإبل ؟ قال : (( لا )) . رواه عن أبي كامل فضيل بن حسين الجحدري، عن أبي عوانة، وأتبعه(4) برواية زائدة، عن سماك، ورواية شيبان، عن عثمان بن عبدالله بن موهب، وأشعث [بن](5) أبي الشعثاء، كلهم عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل حديث أبي كامل، عن أبي عوانة.
وأخرج الحافظ أبو نعيم في " المستخرج "(6) رواية شيبان، عن أشعث
بلفظها، وفيه : عن جابر بن سمرة قال : أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا عنده، فقال: يارسول الله! أتطهر من لحوم الغنم ؟ قال : (( إن شئت، وإن شئت فدع )) . قال : فأصلي في مرابض الغنم ؟ قال : (( نعم )) . قال : فأتطهر من لحوم الإبل ؟ قال : (( نعم )) (7) . قال : أصلي في مبارك الإبل ؟ قال : (( لا )) .
__________
(1) في "صحيحه" (1/275 رقم360/97) كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "صحيح مسلم".
(3) في الأصل:" تتوضأ "، ثم صوبت في الهامش، وهكذا هي في المطبوع من "صحيح مسلم".
(4) في الموضع السابق.
(5) في الأصل "عن"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(6) 1/397 رقم795).
(7) من قوله :" قال فأتطهر" إلى هنا مكرر في الأصل، إلا أنه وقع فيه :" أفتطهر ".(2/411)
وأخرج ابن منده(1) حديث أبي عوانة عن عثمان بن عبدالله بن موهب وقال :" هذا إسناد صحيح أخرجه الجماعة إلا البخاري ؛ لجعفر بن أبي ثور". وفي قوله :" أخرجه الجماعة" نظر.
وأخرج أبومحمد [ابن](2) الجارود(3) رواية سماك من جهة سفيان عنه، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة، وفيه : أتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال : (( لا )) . قال : أفأصلي في مراح الغنم ؟ قال : (( نعم )) . قال : أفأتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : (( نعم )) . قال: أفأصلي في أعطان الإبل ؟ قال : (( لا )) .
وأخرج البيهقي(4) حديث جعفر بن أبي ثور من طريق أبي عوانة، وقال: " وذهب علي بن المديني إلى أن جعفر بن أبي ثور هذا مجهول ". ثم خرجه من جهة محمد بن أحمد [بن](5) البراء قال :" قال علي: جعفر هذا مجهول "، ثم قال :" كذا قال علي. وقد أخبرنا محمد بن إبراهيم الفارسي..."، ثم أسند إلى البخاري قال(6):" جعفر بن أبي ثور جده جابر بن سمرة. قال سفيان [وزكريا، وزائدة](7): عن سماك، عن جعفر بن أبي ثور بن جابر، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في اللحوم.
[144/ب]
__________
(1) أي في كتاب "الطهارة ".
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(3) في "المنتقى" (1/33 رقم25).
(4) في "سننه" (1/158 -159).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي".
.
(6) في "التاريخ الكبير"(2/187)، و"التاريخ الأوسط" المطبوع باسم:" الصغير" (1/225-226)، وفي سياق البيهقي له تقديم وتأخير، وزيادة واختصار.
(7) في الأصل :" وزكريا بن أبي زائدة"، والتصويب من "سنن البيهقي" و"تاريخي البخاري".(2/412)
قال(1): وقال أهل النسب : ولد جابر بن سمرة :[خالد](2)، وطلحة ومسلمة - وهو أبوثور -. قال : وقال شعبة : عن سماك، عن أبي ثور بن عكرمة(3) بن جابر بن سمرة، عن جابر بن سمرة. قال أبو عيسى الترمذي(4) - فيما بلغني عنه -: حديث الثوري أصح من حديث شعبة، وشعبة أخطأ /فقال : عن أبي ثور، وإنما هو جعفر بن أبي ثور، وجعفر بن أبي ثور هو رجل مشهور، وهو من ولد جابر بن سمرة، روى عنه سماك بن حرب، وعثمان بن عبدالله بن موهب، وأشعث بن أبي الشعثاء. قال محمد بن إسحاق بن خزيمة(5): وهؤلاء الثلاثة من أجلاء رواة الحديث ".
قال البيهقي(6):" ومن روى عنه مثل هؤلاء خرج من أن يكون مجهولاً،
__________
(1) أي : البخاري.
(2) في الأصل :"خالدًا"، والمثبت من "سنن البيهقي" و "تاريخي البخاري".
(3) وكذا في"تاريخي البخاري"،وتصحفت في المطبوع من"سنن البيهقي"إلى "أبي ثور عكرمة".
(4) كلام الترمذي هذا في "العلل الكبير" (ص47)بنحوه، وفيه بعض الاختلاف والزيادة والنقص عن سياق البيهقي له.
(5) في "صحيحه" (1/21).
(6) عقب كلامه السابق.(2/413)
ولهذا أودعه مسلم بن الحجاج كتابَه الصحيح ". قال :" وقد روى سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، قال : أنبأني من سمع جابر بن سمرة يقول : كنا نمضمض من ألبان الإبل، ولا نمضمض من ألبان الغنم، وكنا نتوضأ من لحوم الإبل، ولا نتوضأ من لحوم الغنم ". قلت : وقد روى أبوداود(1) حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوضوء من لحوم الإبل، فقال : (( توضؤوا منها )). وسُئل عن لحوم الغنم، فقال : (( لا تتوضؤوا منها )) . وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل، فقال : (( لا تصلوا في مبارك الإبل، فإنها من الشياطين )) . وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم، فقال : (( صلوا فيها، فإنها بركة )) .
قال شيخنا(2):" وأخرجه الترمذي(3)، وابن ماجه(4) مختصرًا، وكان الإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقولان(5): قد صحَّ في هذا الباب حديث البراء بن عازب، وحديث جابر بن سمرة ".
وأخرجه ابن الجارود(6) من حديث الأعمش، عن عبدالله بن عبدالله، عن
__________
(1) في "سننه" (1/128 رقم184) كتاب الطهارة، باب الوضوء من لحوم الإبل، و(1/331 رقم493)، كتاب الصلاة، باب النهي عن الصلاة في مبارك الإبل.
(2) أي : المنذري في "مختصر السنن" (1/137).
(3) في"سننه"(1/122-123رقم81) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الوضوء من لحوم الإبل.
(4) في "سننه" (1/166 رقم494) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في الوضوء من لحوم الإبل.
(5) ذكره البيهقي في "سننه" (1/159) عن أحمد وإسحاق، وذكره الترمذي في "سننه" (1/125) عن إسحاق.
(6) في "المنتقى" (1/34 رقم26).(2/414)
عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب بلفظ آخر، فرواه [عن](1) محمد ابن يحيى، عن محاضر الهمداني، عن الأعمش.قال علي بن أحمد(2):"عبدالله بن عبدالله الرازي أبوجعفر قاضي الري ثقة".وقال ابن خزيمة(3):"لم نر خلافًا بين علماء أهل الحديث أن هذا [الخبر](4) صحيح من جهة النقل ؛ لعدالة ناقليه ". قلت : وقد روى أبوداود الطيالسي في "مسنده"(5) حديث البراء هذا، عن شعبة، عن الأعمش، فقال : عن عبدالله مولى قريش، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب قال : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوضوء من لحوم الإبل، فأمر به، وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل، فنهى عنها.
وبإسناده(6) قال : سمعت عبدالله مولى لقريش، عن ابن أبي ليلى، عن البراء - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الوضوء من لحوم الغنم(7)، فرخص من الوضوء [منها](8)، وسئل عن الصلاة في مرابضها فرخص فيها.
و"عبدالله" هذا الذي قال فيه مولى لقريش هو : عبدالله بن عبدالله الرازي، المبين في غير هذه الرواية.
وكذا روى جماعة عن الأعمش، عنه.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه.
(2) هو ابن حزم، وكلامه هذا في "المحلى" (1/242).
(3) في "صحيحه" (1/22)، وعنه البيهقي في الموضع السابق من "سننه".
(4) في الأصل :"الخير"، والتصويب من "صحيح ابن خزيمة ".
(5) ص100رقم734)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في"سننه"(1/159)، وعنه أخذ المصنف.
(6) أي : الطيالسي في الموضع السابق برقم (735)، ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق الذي أخذ عنه المصنف.
(7) تصحف في المطبوع من "مسند الطيالسي" إلى "لحوم الإبل".
(8) في الأصل :" فيها "، والتصويب من المرجعين السابقين.(2/415)
ورواه(1) الحجاج بن أرطاة، عن عبدالله، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، فقال : عن أُسَيد بن حُضير(2).
و"أُسَيد": بضم الهمزة، وفتح السين المهملة. و"حُضَير": بضم الحاء المهملة، وفتح الضاد المعجمة، بعدها ياء آخر الحروف، ثم راء مهملة.
قال أبوعيسى(3):" حديث الأعمش أصح...، ورواه عُبيدة الضبي، عن عبدالله، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن ذي الغُرَّة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". انتهى.
[ل145/أ]
و"عُبَيدة"- بضم/ العين المهملة، وفتح الباء ثاني الحروف - هو : ابن مُعَتِّب - بضم الميم، وفتح العين، وكسر التاء ثالث الحروف وتشديدها، وآخره باء ثاني الحروف -.
وروى جابر الجعفي(4)، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن أبي ليلى، عن سُليك الغطفاني - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوضوء من لحوم الإبل. سأل ابن أبي حاتم(5)
__________
(1) هذا كلام البيهقي في الموضع السابق من "سننه".
(2) أي : بدل البراء بن عازب.
(3) في الموضع السابق من "العلل الكبير"، ولكن المصنف أخذه عن البيهقي في الموضع السابق من "سننه".
(4) وروايته أخرجها الطبراني في "الكبير" (7/164 رقم6713).
(5) في "العلل" (1/25 رقم38)
.(2/416)
أباه بعد ذكر هذه الروايات الثلاث - أعني الرواية عن ذي الغُرَّة، وعن أُسيد بن حُضير، وعن البراء بن عازب - عن الصحيح، قال :" مارواه الأعمش، عن عبدالله بن عبدالله الرازي، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن البراء - رضي الله عنه - عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأعمش أحفظ ". قلت : أما الرواية عن ذي الغُرة، وأُسيد بن حُضير، والبراء بن عازب - رضي الله عنهم -، فلا يبعد أن يكون اختلافًا في حديث واحد يقع فيه الترجيح. وأما رواية الجعفي، عن حبيب، [عن](1) ابن أبي ليلى، عن سُليك، ففي كونه معها حديثًا واحدًا نظر، ولم يقع الاشتراك فيه إلا في ابن أبي ليلى، وهو كثير الرواية، فيحتمل أن يكون حديثًا آخر احتمالاً أقرب من الاحتمال في تلك الروايات الثلاث.
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وتقدم على الصواب.(2/417)
وروى البيهقي(1) عن عمران بن سليم، عن أبي جعفر قال : أُتي ابن مسعود بقطعة من الكبد والسنام من لحم الجزور، فأكل ولم يتوضأ. قال(2): "وهو منقطع وموقوف. وروي عن أبي عُبيدة قال : كان عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - يأكل من ألوان الطعام، فلا يتوضأ منه. وبمثل هذا لا يترك ماثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد حمل بعض الفقهاء الوضوء المذكور في الخبر على الوضوء الذي هو النظافة ونَفْي الزهومة ". انتهى. وقال البيهقي(3) بعد ذكره لرواية عبيدة(4):" وليس بشيء، وذو الغُرة لا يُدرى من هو، وحديث الأعمش أصح ". قال :" وعُبيدة ليس بالقوي ". وفي هذا الباب حديث آخر رواه أحمد بن عبدة، عن يحيى بن كثير(5)، عن عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( توضؤوا من لحوم الإبل، ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم )) . قال ابن أبي حاتم(6) :" سمعت أبي يقول : كنت أنكر هذا الحديث لتفرده، فوجدت له أصلاً:حدثنا(7) ابن المصفّى، عن بقية قال: حدثني فلان -سَمَّاه-، عن عطاء بن السائب، عن محارب، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه.
__________
(1) في "سننه" (1/159).
(2) أي : البيهقي.
(3) في الموضع السابق.
(4) أي : الضبِّي.
(5) هذا الحديث نقله المصنف عن "العلل" لابن أبي حاتم (1/28 رقم 48)، وذكر ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال - عن يحيى بن كثير هذا -:" وهو والد كثير بن يحيى بن كثير، وكنيته: أبو النضر، وليس بالعنبري ".
(6) في الموضع السابق.
(7) في "العلل المطبوع" :" حديث " بدل :" حدثنا ".(2/418)
قال : وحدثني عبيدالله بن سعد الزهري، قال : حدثني عمي يعقوب، عن أبيه، عن ابن إسحاق، حدثني عطاء بن السائب الثقفي : أنه سمع محارب ابن دثار يذكر عن ابن عمر رضي الله عنهما يذكر بنحو هذا ولم [يرفعه](1). قال أبي : حديث ابن إسحاق أشبه، موقوف ".
فصل في أن الإيلاج في الفرج موجب للوضوء
روى مسلم(2) من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي أيوب الأنصاري، عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يصيب من المرأة ثم يُكسِل ؟ فقال : (( يغسل ماأصابه من المرأة، ثم يتوضأ ويصلي )) . [....](3).
[ل145/ب]
ورواه شعبة(4) [عن الحكم](5)، عن أبي صالح ذكوان، عن أبي سعيد /الخدري - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وسيأتي إيجاب ذلك الغسل(6). فقد يتمسك به بعض من لا يعتقد تداخل الحديثين على إيجاب الطهارة الصغرى، مع إيجابه للكبرى [...](7).
فصل في حمل الميت
فيه حديث أبي هريرة، وله وجوه : منها : رواية ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -
قال : (( من غَسَّل ميتًا فليغتسل، ومن [حمل جنازة](8) فليتوضأ )) . رواه أبو داود
الطيالسي في"مسنده"(9) عن ابن أبي ذئب،ثم البيهقي في "السنن"(10) من جهته.
__________
(1) في الأصل :" يرفعوه"، والتصويب من "العلل ".
(2) في "صحيحه" (1/270 رقم346) كتاب الطهارة، باب إنما الماء من الماء.
(3) بياض في الأصل بمقدار ما يقرب من ست كلمات.
(4) وروايته عند مسلم في الموضع السابق برقم (345).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح مسلم".
(6) ص 9 فما بعد ) من المجلد الثالث.
(7) بياض في الأصل بمقدار أربعة أسطر.
(8) في الأصل:"حمله"،والتصويب من"مسند الطيالسي"،وقد رواه البيهقي عنه-وسيأتي- هكذا.
(9) ص 305 رقم2314).
(10) 1/303).(2/419)
وهو في "المسند"(1) عن أحمد، عن حجاج، عن ابن أبي ذئب.
و"صالح": هو ابن [نبهان](2) مولى التَوْأَمَة ؛ وهي امرأة، وضبط اسمها بفتح التاء [ثالث](3) الحروف، وإسكان الواو، وبعدها همزة مفتوحة، وقد تلقى حركتها على الواو قبلها. ومنها : رواية سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أخرجها الترمذي(4) عن محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب،عن عبدالعزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( مِن غُسْلِهِ الغُسلُ، ومن حَمْلِهِ الوضوءُ )) - يعني الميت-. قال أبوعيسى: "حديث أبي هريرة حديث حسن. وقد روي عن أبي هريرة موقوفًا ". انتهى. والحديث في "المسند"(5) عن أحمد، عن عبدالرزاق،[أنا](6) ابن جريج قال : حدثني سهيل بن أبي صالح، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( مِن غُسْلِها الغسلُ، ومن حَمْلِها الوضوءُ )) . وأخرجه ابن شاهين(7) من جهة هشام بن سليمان البخاري، عن ابن جريج. ومنها : رواية زهير، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من غسّل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ )) . أخرجه البزار في "مسنده"(8)، وابن شاهين(9)
__________
(1) 2/454).
(2) في الأصل :"شهاب "، وهو تصحيف. انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (13/99).
(3) في الأصل :" ثاني ".
(4) في "سننه" (3/318 رقم993) كتاب الجنائز، باب ما جاء في الغسل من غسل الميت.
(5) 2/272 -273).
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "المسند".
(7) في "الناسخ والمنسوخ" (ص270-272 رقم300).
(8) ل 106/أ/ نسخة كوبرلي - تحتوي على بعض من مسند أنس ومسند أبي هريرة-).
(9) في "الناسخ والمنسوخ" (ص53 و270 رقم31 و298)، ولكن تصحف اسم "عمرو" في الموضع الثاني إلى "عمر".(2/420)
، ثم البيهقي(1)، من جهة عمرو بن أبي سلمة، عن زهير. ومنها : رواية محمد بن عمرو، عن أبي سلمة،عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. رواها محمد بن عمرو، وحماد بن سلمة، وأبو بحر البكراوي.
فأما رواية حماد فرواها ابن شاهين(2) عن يحيى بن محمد بن صاعد، عن أحمد بن منصور، عن أبي سلمة، عن حماد.
ورواها علي بن عبدالعزيز، عن حجاج بن منهال، عن حماد. أخرجها أبو محمد علي بن أحمد(3) من جهة أحمد بن خالد، عن علي، وبها احتج في المسألة. وذكر بعدها رواية سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر اللفظ محيلاً على ماقبله. قال :"وإسحاق مولى زائدة ثقة مدني تابعي، وثقه أحمد بن صالح الكوفي(4) وغيره ". وأما رواية [أبي](5) بحر البكراوي : فإن/ أبا بكر البزار روى(6) عن محمد ابن بشار، عن عبدالوهاب، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : (( من غسل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ، ومن تبع جنازة فلا يجلس حتى توضع )) .
[ل146/أ]
__________
(1) في "سننه" (1/302).
(2) في المرجع السابق (ص 56 و271-272 رقم36 و303)، لكن سقط بعض الإسناد في الموضع الأول، فجاء الحديث من رواية حماد عن أبي هريرة.
(3) هو ابن حزم في "المحلى" (1/250).
(4) هو العجلي في "الثقات" (1/221 رقم77).
(5) في الأصل :" ابن" وهو تصحيف، وتقدم - وسيأتي - على الصواب، وانظر "تقريب التهذيب" (ص590 رقم3968).
(6) في "مسنده" (3/ل 148/أ)، و(ل70/ب/ نسخة كوبرلي - وتحتوي على بعض مسند أنس ومسند أبي هريرة-).(2/421)
قال(1): وحدثنا(2) يحيى بن حكيم، حدثنا أبوبحر البكراوي، ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه. ولحديث أبي سلمة طريق آخر من جهة ابن لهيعة، عن [حنين](3) بن أبي حكيم، عن صفوان بن سليم(4)، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مِن غُسْلِ الميت الغسلُ، ومِن حَمْلِهِ الوضوءُ )). أخرجها البيهقي(5). وفي رواية له : ((من غسل ميتًا فليغتسل )) . لم يزد(6). ومنها : رواية القعقاع بن حكيم(7)
__________
(1) أي : البزار في الموضع السابق.
(2) في كلا الموضعين من "مسند البزار" المخطوط :" وحدثناه".
(3) في الأصل :" جبير"، وهو خطأ، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (7/457).
(4) تصحف في المطبوع من "سنن البيهقي" إلى :"صفوان بن أبي سليم".
(5) في "سننه" (1/302).
(6) ونقل ابن الملقن في "البدر المنير" (2/64/مخطوط) عن المصنِّف أنه نقل عن البيهقي قوله عن هذه الطريق :"في إسناده ابن لهيعة وحنين بن أبي حكيم، ولا يحتج بهما ".
وهذا النقل عن المصنف أظنه في السقط الذي ستأتي الإشارة إليه.
(7) لم يعزُ المصنِّف هذه الرواية لأحد، وكذا صنع ابن الملقِّن في "البدر المنير" (2/62/ مخطوط) نقلاً عن المصنِّف.
وقد أخرجها البيهقي في "السنن" (1/300)، وعلّقها البخاري في "التاريخ الكبير" (1/397)، وذكرها الدارقطني في "العلل" (10/161).(2/422)
، [عن أبي صالح](1)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، من جهة محمد بن عجلان، عن القعقاع، ولفظه : (( من غسل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ )). ومنها: رواية إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. رواها أبوداود(2) من جهة سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال أبوداود :" بمعناه "- يعني بمعنى حديث قبله -. وقبله(3): من رواية أحمد بن صالح، عن ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عمرو بن عمير، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من غسّل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ )) . ولها طرائق أخرى : من حديث وهيب، عن أبي واقد، عن إسحاق، وسيأتي من جهة البزار. ومنها : رواية عَمرو بن عُمير، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وهي هذه التي ذكرناها الآن. ومنها : رواية محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان. أخرجها أبوبكر البزار(4) عن أحمد بن ثابت الجحدري، عن أبي [هشام المغيرة بن](5) سلمة المخزومي، عن وهيب، عن أبي واقد، عن إسحاق مولى زائدة، وعن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من غسّل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ )) .
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولا في الموضع السابق من "البدر المنير " الذي نقل فيه ابن الملقن هذا النص عن المصنف، والمثبت من مصادر التخريج.
(2) في "سننه" (3/512 رقم 3162) كتاب الجنائز، باب في الغسل من غسل الميت.
(3) في الموضع السابق برقم (3161).
(4) في"مسنده"(ل98/ب/نسخةكوبرلي-وتحتوي على بعض مسند أنس، ومسند أبي هريرة-).
(5) في الأصل :"هاشم بن المغيرة"، والتصويب من المرجع السابق، وسيذكره المصنف على الصواب في "فصل في الغسل من غسل الميت " (ص62) من المجلد الثالث.(2/423)
قال أبوعيسى الترمذي(1):" سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، فقال : إن الإمام أحمد بن حنبل وعلي بن عبدالله قالا : لا يصح في هذا الباب شيء ".
وروى البيهقي(2) عن أبي عبدالله الحافظ، عن أبي بكر ابن إسحاق، عن أبي بكر المطرِّز قال :« سمعت محمد بن يحيى يقول : لا أعلم في :" من غسل ميتًا فليغتسل " حديثًا ثابتًا، ولو ثبت لزمنا استعماله ». وقال البيهقي(3):
"الروايات المرفوعة في هذا الباب عن [أبي هريرة](4) غير قوية ؛ لجهالة بعض رُواتِها، وضعف بعضهم، والصحيح : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - [من قوله](5) موقوفًا غير مرفوع ". قلت : لا بد من النظر في هذا على سبيل التفصيل دون الاكتفاء بالتقليد، كما يقتضيه شرط هذا الكتاب، فنقول : الذي يُعْتَلّ به في ذلك وجهان: أحدهما : من جهة رجال الإسناد.
فأما رواية صالح مولى التوأمة، فذكر فيه قول مالك(6):" ليس بثقة ". وقال الأصمعي فيما رواه ابن عدي(7) عن ابن أبي داود، عن أبي حاتم السجستاني، عنه قال :" كان شعبة لايروي عن صالح مولى التوأمة(8)". [وقال البيهقي في "المعرفة"(9):" وصالح مولى التوأمة](10) اختلط في آخر عمره، فسقط عن [حدّ](11)
__________
(1) في "العلل " (ص 142 رقم245).
(2) في "سننه" (1/302).
(3) في الموضع السابق (ص303).
(4) في الأصل :" ابن عمر"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي".
(6) كما في "الكامل" لابن عدي (4/55).
(7) في الموضع السابق.
(8) وتمام العبارة في "الكامل" :" وكان ينهى عنه ".
(9) 2/135 رقم2124).
(10) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركت بعضه من "المعرفة"، وبعضه بالاجتهاد بما يتلاقى مع طريقة المصنف، ولا أستبعد أن يكون الساقط أكثر من هذا.
(11) في الأصل :"عدة"، والمثبت من "المعرفة"، وكذا نقله ابن الملقِّن في "البدر المنير" (2/63/مخطوط) عن المصنِّف.
.(2/424)
الاحتجاج به ". وأما رواية زهير عن العلاء، فقال البيهقي(1):" زهير بن محمد قال البخاري(2): روى عنه أهل الشام أحاديث مناكير. وقال أبوعبدالرحمن النسائي(3): زهير ليس بالقوي ". وأما رواية محمد بن [عمرو](4) فقد اعتل فيها بقول يحيى(5):" مازال الناس يتقون حديثه ".
و"أبو بحر البكراوي"-[ وهو عبدالرحمن بن عثمان - طرح الناس حديثه - كما قاله أحمد(6)-. وقال علي بن المديني(7):" ذهب حديثه ". وقال أبو حاتم(7):"ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به". وقال يحيى(8) والنسائي(9): " ضعيف ". وقال ابن حبان(10):" يروي المقلوبات عن الأثبات...، لا يجوز الاحتجاج به "](11).
.......................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________
(1) في "سننه" (1/302).
(2) في "التاريخ الكبير" (3/427).
(3) في "الضعفاء والمتروكين" (ص180 رقم218).
(4) في الأصل:"عمر"،وقد ذكره المصنف سابقًا على الصواب، ويبدو أن التصحيف قديم، فإن ابن الملقن ذكره في "البدر المنير"(2/64/ مخطوط) هكذا،وقد اعتمد على المصنف في ذلك.
(5) كما في "الجرح والتعديل" (8/31 ).
(6) في "العلل" رواية ابنه عبدالله (3/101 رقم4383)، و"الجرح والتعديل" (5/265).
(7) كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل".
(8) أي ابن معين كما في "تاريخ الدوري" عنه (2/352 رقم3998).
(9) في "الضعفاء" (ص67 رقم357).
(10) في "المجروحين" (2/61).
(11) مابين المعكوفين سقط من الأصل لكونه جاء في نهاية اللوحة( 146/أ)، وسقطت اللوحة (146/ب) الأصل وربما غيرها أيضًا، فإن السقط كثير- فيما يظهر -. وقد =(2/425)
= حاولت استدراك جميع السقط من "البدر المنير"لابن الملقن ؛ لكونه أطال في الكلام على الحديث، واستفاد معظم مادته من المصنِّف - ابن دقيق العيد- كما صرح بذلك. لكن ابن الملقن يتصرف كثيرًا في السياق بالاختصار والتقديم والتأخير وغيره بما يصعب معه استلال كلام المصنف وضم بعضه إلى بعض وترتيبه، وبخاصة أن المصنف تكلم أيضًا عن هذاالحديث في "فصل في الغسل من غسل الميت"، فضم ابن الملقن كلامه في الموضعين بعضه إلى بعض، فآثرت إكمال هذه الفقرة فقط من هناك، ثم إيراد كلام ابن الملقن عن الحديث بتمامه هنا في الحاشية، وتخريج مالم أَخرجه من الروايات والنقول المتقدمة في "الإمام". قال ابن الملقن في "البدر المنير" المخطوط (2/61-66):« الحديث السادس: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من غسّل ميِّتًا فليغتسل )).
هذا الحديث له طرق كثيرة، وتدور فيما حضرنا منها على ستة من الصحابة : أبي هريرة، وعائشة، وعلي، وأبي سعيد الخدري، وحذيفة بن اليمان، والمغيرة - رضي الله عنهم -.
أما حديث أبي هريرة، فيحضرنا من طرقه ثلاثة عشر طريقًا....»، ثم ذكر الروايات التي ذكرها المصنف هنا وفي "الغسل من غسل الميت"، ثم قال :« هذا مجموع ما حضرنا من [طرق](1) حديث أبي هريرة. ولنذكر أولاً مقالات الحفاظ فيه، ثم نبيّن بعد ذلك ما يقتضيه النظر والبحث على وجه الإنصاف.
فنقول : ذكر البيهقي في "سننه"(2) جميع ما عزيناه مما قدمناه عنه، وضعفه، ثم قال(3):« والصحيح فيه أنه موقوف على أبي هريرة. قال البخاري(4):" الأشبه أنه موقوف. وقال أحمد وعلي بن المديني: ولا يصح في هذا الباب شيء "». قال:« وقال =
.......................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________
(1) في الأصل :" طريق ".
(2) 1/300-302).
(3) وقد تصرف المصنف في النص.
(4) كما في الموضع الآتي من "العلل الكبير" للترمذي.(2/426)
= أبو داود :" سمعت أحمد بن حنبل يقول - وقد سُئل عن الغسل مِن غسل الميت -، فقال : يجزئه الوضوء "». قال البيهقي :« وقال الترمذي(1):" سألت البخاري عن هذا الحديث، فقال : إن أحمد وعلي بن المديني قالا : لم يصح في هذا الباب شيء.[ قال محمد(2): وحديث عائشة في هذا الباب](3) ليس بذاك". وقال الشافعي(4):"إنما منعني من إيجاب الغسل من غسل الميت :[أن](5) في إسناده رجلاً لم أقف(6) من معرفة ثبت حديثه إلى يومي هذا على ما [يقنعني](7). فإن وجدت ما يقنعني [من معرفة ثبت حديثه](5) أوجبته، وأوجبت الوضوء من مس الميت مفضيًا إليه، فإنهما في حديث واحد"». قال البيهقي :« وقال محمد بن يحيى - يعني الذهلي شيخ البخاري -: لا أعلم في: (( من غسل ميِّتًا فليغتسل )) حديثًا ثابتًا، ولو ثبت لزمنا استعماله ». قال البيهقي : «والروايات المرفوعة في هذا الباب غير قوية ؛ لجهالة بعض رواتها، وضعف بعضهم، والصحيح من قوله موقوفًا غير مرفوع ». وقال ابن أبي حاتم في "علله"(8):" سألت أبي عن رفعه فقال : خطأ لا يرفعه الثقات، إنما هو موقوف على أبي هريرة ". قال(9): =
.......................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________
(1) في "العلل الكبير" (ص142 -143).
(2) أي البخاري.
(3) مابين المعكوفين سقط من "البدر المنير"، فاستدركته من "سنن البيهقي".
(4) في "الأم" (1/38)، وأسنده البيهقي عنه في "المعرفة" (2/133 رقم2110-2111)، وفي "السنن" (1/302).
(5) مابين المعكوفين سقط من "البدر المنير"، فاستدركته من "الأم".
(6) في "الأم" :" أقع "، وعند البيهقي :" أقنع ".
(7) في "البدر المنير":"يقتضي"، والتصويب من "الأم".
(8) 1/351 رقم1035)، وقد تصرف المصنف في النص.
(9) أي ابن أبي حاتم في "العلل" (1/369 رقم1094)، وقد تصرف المصنف في النص أيضًا.(2/427)
= "وسألته عن الرجل- يعني الذي في الطريق الثامن - من هو؟ وهل يسمى ؟ فقال : لا". ونقل أصحابنا(1) عن الشافعي أنه قال في "البويطي":" إن صح الحديث قلت بوجوبه ".
وقال الدارقطني في "علله"(2):" هذا حديث يرويه ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة، واختلف عنه. فرواه حبان بن علي عن ابن أبي ذئب به. وخالفه يحيى القطان، ويحيى بن أيوب، والدراوردي، وحجاج بن محمد، وعبدالصمد بن النعمان، وابن أبي فُدَيك ؛ رووه عن ابن أبي ذئبٍ، عن صالح مولى التَّوأَمة، عن أبي هريرة". قال :" وأغرب ابن أبي فُدَيك بإسنادين آخرين :
أحدهما: عن ابن أبي ذئب، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.
والآخر : عن ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عمرو بن عمير، عن أبي هريرة". قال :"وحديث المقبري أصح". وقال الحاكم في "مستدركه"(3) في آخر الجنائز: " هذا الحديث مختلف فيه على محمد بن [عمرو](4)، وهو مرفوض ". وقال ابن الجوزي في "علله"(5):« وهذا حديث لا يصح ؛ لأن المحفوظ في الطريق الأول : وقفه على أبي هريرة، وفي الطريق الثاني:صالح مولى التوأمة، قال مالك(6):"ليس بثقة". وكان شعبة =
.......................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________
(1) نقل هذا القول المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (4/307).
(2) 10/378-379) مع بعض التصرف من المصنف هنا.
(3) لم أجده في المطبوع منه.
(4) مابين المعكوفين سقط من "البدر المنير"، وتقدم على الصواب.
(5) 1/377) مع بعض التصرف، والكلام على الطريق الأول هنا هو الكلام على الثالث هناك، والكلام على الثالث هنا هو الكلام على الثاني هناك، والكلام على الثاني هنا هو الكلام على الأول هناك.
(6) كما في "الضعفاء الكبير" للعقيلي (2/205).(2/428)
= ينهى أن يؤخذ، عنه ولا يروي عنه(1). وفي الثالث -وهو مما قدمناه التاسع-:محمد بن عمرو، وقال يحيى(2):" مازال الناس يتقون حديثه ". وفي الرابع - وهو فيما قدمناه الثامن -: رجل مجهول ». قال :«[ وقد](3) رواه ابن لهيعة من حديث صفوان، عن أبي سلمة، وابن لهيعة ليس بشيء ». وقال الرافعي في "شرح مسند الشافعي":" علماء الحديث لم يصححوا في هذا الباب شيئًا مرفوعًا"، وصححه عن أبي هريرة موقوفًا.
وقال في هذا الكتاب - أعني "شرح الوجيز"-:" والحديث - إن ثبت - محمولٌ على الاستحباب ". ونقل النووي(4) عن الجمهور تضعيف هذا الحديث، وأنكر على الترمذي تَحْسينه.
هذا ما حضرنا من كلام الحفاظ قديمًا وحديثًا عليه، وحاصله تضعيف رفعه، وتصحيح وقفه، ولابد من النظر في ذلك على سبيل التفصيل دون الاكتفاء بالتقليد،
وقد قام بذلك صاحب "الإمام". وحاصل ما يعتل به [في](5) ذلك وجهان :
أحدهما : من جهة رجال الإسناد.
فأما رواية صالح مولى التوأمة - وهي الطريق الثالث -، [فقد](6) سلف قول مالك وشعبة فيه، وقال البيهقي في " المعرفة "(7):" اختلط في آخر عمره، فخرج(8) عن حد=
.......................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= الاحتجاج به ".
__________
(1) كما في المرجع السابق (ص204). وقوله :" ولا يروي عنه" ليس في المطبوع من "العلل المتناهية".
(2) كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8/31).
(3) مابين المعكوفين ليس في "البدر المنير"، فاستدركته من "العلل المتناهية".
(4) في "المجموع" (5/144).
(5) مابين المعكوفين لم يتضح في "البدر المنير"؛ لكونه ملحقًا، ولم يظهر في التصوير، والأولى إثباته.
(6) في "البدر المنير":"وقد".
(7) 2/135 رقم2124).
(8) في المطبوع من "المعرفة" :" فسقط" بدل :" فخرج".(2/429)
وأما رواية عمرو بن عمير - وهي الطريق الرابع -، فقال البيهقي(1):" إنما يعرف بهذا الحديث، وليس بالمشهور ". وقال ابن القطان(2): إنه "مجهول الحال، لا يعرف بغير هذا، [وبهذا](3) الحديث من غير مزيد ذكره ابن أبي حاتم(4)". قال ابن القطان : "وهذا علة الخبر ".
وأما زهير - المذكور في الطريق الخامس -، فقال البيهقي:« قال البخاري :" رَوى عنه أهل الشام أحاديث مناكير ". وقال النسائي :" ليس بالقوي "».
وأما حديث العلاء-[وهي الطريق](5)السادس-،فقال ابن القطان(6):"ليس بمعروف".
وأما السابع، ففي إسناده أبو داود - واسمه:صالح بن محمد بن زائدة-، قال يحيى بن معين(7):" ليس حديثه بذاك ". وقال الدارقطني(8) وجماعة : "ضعيف ". وقال البخاري(9):" منكر الحديث ".
وأما الثامن، ففيه أبو إسحاق، وهو مجهول كما سلف عن أبي حاتم الرازي. =
.......................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وأما التاسع، فمحمد بن [عمرو](10): قال يحيى :" مازال الناس يتقون حديثه ".
__________
(1) في "السنن" (1/303).
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (3/284).
(3) مابين المعكوفين سقط من "البدر المنير"، فاستدركته من المرجع السابق.
(4) في "الجرح والتعديل"(6/250).
(5) قوله :" وهي الطريق السادس" جاء ملحقًا في الهامش، ولم يتضح من اللحق سوى قوله: "السادس"، فأثبت ما بين المعكوفين بالاجتهاد اعتمادًا على ما تقدم من صنيع المصنف.
(6) في "بيان الوهم والإيهام" (3/285).
(7) في "تاريخه" برواية الدوري (2/264-265 رقم956).
(8) في "الضعفاء والمتروكين" (ص247 رقم290).
(9) في "التاريخ الكبير" (4/291 رقم2862).
(10) في "البدر المنير" :"عمر"، وتقدم على الصواب.(2/430)
وأما العاشر، فالبكراوي - وهو عبدالرحمن بن عثمان - طرح الناس حديثه كما قاله أحمد. وقال علي بن المديني :" ذهب حديثه ". وقال أبو حاتم :"ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به". وقال يحيى والنسائي : " ضعيف ". وقال ابن حبان : "يروي المقلوبات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به ".
وأما الحادي عشر، فقال البيهقي(1):" في إسناده ابن لهيعة وحنين بن أبي حكيم، ولا يحتج بهما ".
الوجه الثاني : التعليل.
فأما رواية سهيل، فقد قال الترمذي(2):" إنه يُروى موقوفًا(3)". وأيضًا فقد رواه سفيان، عن سهيل، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة -كما سلف-، فأدخل رجلاً بين أبي صالح وأبي هريرة، وهذا اختلاف. قال البيهقي في "المعرفة"(4): "وإنما لم يقو عندي أنه يُروى عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه، عن أبي هريرة، ويدخل بعض الحفاظ بين أبي صالح وأبي هريرة : إسحاق مولى زائدة ". قال : "[فدل](5) على [أن](6) أبا صالح لم(7) يسمعه من أبي هريرة.وليست معرفتي بإسحاق=
.......................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= مولى زائدة مثل معرفتي بأبي صالح، ولعله أن يكون ثقة ".
__________
(1) في "السنن" (1/302).
(2) في "سننه" (3/319).
(3) عبّر المصنف هنا بالمعنى، ونصّ عبارة الترمذي :" وقد روي عن أبي هريرة موقوفًا ".
(4) 2/133 رقم2112)، والعبارة ليست للبيهقي، وإنما للشافعي، وسيأتي عزوها له صراحة.
(5) في "البدر المنير" :"فيدل"، والتصويب من "المعرفة".
(6) مابين المعكوفين سقط من "البدر المنير"، فأثبته من "المعرفة".
(7) في "البدر المنير":" أنه لم"، والتصويب من المرجع السابق.(2/431)
[وأما](1) رواية ابن أبي ذئب، فقد أسلفنا روايته له عن [أبي](2) صالح، عن أبي هريرة، وعن القاسم بن عباس، عن عمرو بن عمير، عن أبي هريرة. وقال البيهقي(3)
- عقب [ رواية ابن أبي ذئب -:" هذا هو المشهور من حديث](4) ابن أبي ذئب. وصالح مولى التوأمة ليس بالقوي ".
وأما رواية محمد بن عمرو، فقد رواها عبدالوهاب عنه موقوفة على أبي هريرة، ورجحه بعضهم على الرفع.
قال البيهقي(5):"وهو الصحيح... كما أشار إليه البخاري". ورواه معتمر أيضًا عن محمد فوقفه. وقد أسلفنا عن أبي حاتم أن الرفع خطأ. ثم شرع الشيخ تقي الدين(6) يجيب عن ذلك، فقال :« لقائل أن يقول: أما الكلام على صالح مولى التوأمة، فهو وإن كان مالك قال فيه : إنه "ليس بثقة"- كما قدمناه -، واستضعفه غيره، فقال يحيى(7) فيه: إنه " ثقة حجة ". قيل له : إن مالكًا [ترك](8) السماع منه، فقال:"[إن](9).......................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________
(1) في "البدر المنير" :" أما ".
(2) مابين المعكوفين سقط من "البدر المنير"، وتقدم على الصواب.
(3) في "سننه" (1/303).
(4) مابين المعكوفين ليس في "البدر المنير"، فأثبته من المرجع السابق، عدا قوله :" رواية ابن أبي ذئب"، فهي من عندي - اجتهادًا -؛ لأن السياق يقتضيها.
(5) في "السنن" (1/302).
(6) يعني ابن دقيق العيد.
(7) كما في "الكامل" لابن عدي (4/56).
(8) في "البدر المنير" :"يترك"، والتصويب من المرجع السابق.
(9) مابين المعكوفين سقط من "البدر المنير"، فاستدركته من المرجع السابق.(2/432)
= مالكًا إنما أدركه بعد أن [كبر و] (1) خرف، [وسفيان الثوري إنما أدركه بعد أن خرف، فسمع منه سفيان أحاديث منكرات وذلك بعد ما خرف](1)، ولكن ابن أبي ذئب سمع منه قبل أن يخرف". وقال السعدي(2):" تغير جدًّا، وحديث ابن أبي ذئب [مقبول](3) منه لقدم سماعه"». قال الشيخ(4):« فهذا يقتضي أن كلام مالك فيه بعد تغيره، وأن رواية ابن أبي ذئب قديمة مقبولة، وهذا الحديث من رواية ابن أبي ذئب عنه». قال:« وبهذا يحصل الجواب عن قول البيهقي فيه: إنه " اختلط في آخر عمره، فخرج عن حدّ الاحتجاج به "؛ لأنه قد [ تبيَّن](5)- بشهادة مَنْ تقدَّم - تقدُّم سماع ابن أبي ذئب، وأنه مقبول ».
قلت : وبه يجاب عن إعلال ابن الجوزي الحديث به كما أسلفناه عنه.
قال الشيخ :« وأما رواية سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، فسندها عند الترمذي من شرط الصحيح، وقال فيها الترمذي : إنه "حديث حسن". و"عبدالعزيز بن المختار" و"أبو صالح" متفق عليهما(6). و"محمد بن عبدالملك" و"سهيل" أخرج لهما مسلم(7).». وقال الشيخ في "الإلمام"(8) أيضًا :«رجاله رجال مسلم». وقد أخرجها ابن حبان في =.......................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من "البدر المنير"، فاستدركته من المرجع السابق.
(2) هو الجوزجاني، وكلامه هذا في "الشجرة في أحوال الرجال" له (ص248 رقم255)، إلا أن فيه:" تغير أخيرًا "، وقد تصرف ابن الملقن هنا في النص.
(3) في "البدر المنير":"منقول"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) يعني : ابن دقيق العيد.
(5) في "البدر المنير":" بين ".
(6) أخرج لهما الجماعة كما في "تهذيب الكمال" (18/195 و197) و(8/513 و517).
(7) كما في "تهذيب الكمال" (26/19)، و (12/223 و228).
(8) 1/85).(2/433)
= "صحيحه"(1) من حديث إبراهيم بن الحجاج السامي، حدثنا حماد بن سلمة، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا : (( من غسل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ )). وفي هذه الرواية فائدة أخرى ؛ وهي متابعة حماد عبدَالعزيز.
وأما رواية سفيان : فإدخال إسحاق بين أبي صالح وأبي هريرة، فكما قال الشافعي:"يدل على أن أبا صالح لم يسمعه من أبي هريرة". ولكن إسحاق مولى زائدة موثق أخرج له مسلم(2)، وقال يحيى(3):" ثقة ". وإذا كان ثقة، فكيفما كان الحديث عنه أو عن أبي صالح، عن أبي هريرة، لم يخرج عن ثقة.
قلت : وقول الشافعي السالف :" إن في إسناده رجلاً لم أقف [من](4) معرفة ثبت حديثه إلى يومي على ما يقنعني ": الظاهر أنه أراد إسحاق هذا، وقد وضح لك ثقته، وقد قال فيه مرة أخرى :" لعله أن يكون ثقة "- كما أسلفناه عنه -.
وأما طريق أبي داود الذي زِيد فيه إسحاق، فلا أرى له علة لصحة إسناده واتصاله.
"حامد بن يحيى" المذكور في أول إسناده مشهور، قال أبو حاتم(5):"صدوق"، وذكر جعفر الفريابي(6) أنه سأل علي بن المديني عنه، فقال:"يا سبحان الله! أبقي حامد إلى أن يحتاج يسأل عنه ؟" وذكره ابن حبان في"ثقاته"(7)، وقال:"كان أعلم زمانه"(8).=.......................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________
(1) 3/435-436 رقم1161/الإحسان).
(2) كما في "تهذيب الكمال" (2/500 و501).
(3) كما في "الجرح والتعديل" (2/239).
(4) في "البدر المنير":"على"، وتقدم على الصواب.
(5) كما في "الجرح والتعديل" (3/301).
(6) كما في "تهذيب الكمال" (5/327).
(7) 8/218).
(8) كذا في"البدر المنير"! ونص عبارة ابن حبان في"ثقاته":"وكان ممن أفنى عمره بمجالسة ابن عيينة،=
= وكان من أعلم أهل زمانه بحديثه ".(2/434)
= ومن بعده مخرج له في "الصحيح"(1). وقد احتج ابن حزم الظاهري، فإنه احتج به في المسألة(2)، وقال :" إسحاق مولى زائدة ثقة مدني، [وتابعي](3)، وثقه أحمد بن صالح الكوفي وغيره ". وأما زهير، فقد أخرج له الشيخان في "صحيحيهما" وباقي الكتب الستة(4). وقال يحيى(5):" ثقة ". وقال أحمد(6):" مقارب الحديث". وقال مرة(7):" ليس به بأس ". وقال ابن المديني(7):" لا بأس به ". وقال العجلي(8):" جائز الحديث ". وقال أبو حاتم(9):" محله الصدق، في حفظه سوء، كان حدث بالشام(10)، أُنكِر من حديثه بالعراق لسوء حفظه(11)، وما حدث به من حفظه فهو أغاليط "(12). =
.......................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________
(1) سهيل وأبوه تقدما، وسفيان - هو ابن عيينة -، أخرج له الجماعة كما في "تهذيب الكمال" (11/177 و196).
(2) في "المحلى" (1/250).
(3) مابين المعكوفين سقط من"البدر المنير"،وسبق أن ذكره ابن دقيق العيدعلى الصواب،وانظر "المحلى".
(4) كما في "تهذيب الكمال" (9/414 و418).
(5) في "تاريخه" برواية عثمان الدارمي (ص114 رقم345).
(6) كما في "تهذيب الكمال" (9/416).
(7) كما في "الميزان" (2/84).
(8) في "معرفة الثقات" (1/371 رقم503).
(9) كما في "الجرح والتعديل" لابنه (3/590).
(10) في المرجع السابق :" وكان حديثه بالشام ".
(11) في المرجع السابق بعد هذا الموضع ما نصه :" وكان من أهل خراسان، سكن المدينة، وقدم الشام، فما حدّث من كتبه فهو صالح "، فلست أدري هل هو سَقْط، أو حذفه المصنف عمدًا طلبًا للاختصار ؟
(12) في المرجع السابق :" وما حدث من حفظه ففيه أغاليط".(2/435)
= قلت : وهذا الحديث من رواية أهل الشام عنه التي قال البخاري فيها ما سلف(1). لكن روى البخاري(2) عن أحمد أنه قال :" كأن زهيرًا الذي روى عنه أهل الشام [زهير](3) آخر ".
وأما رواية محمد بن عمرو، فقد احتج بها ابن حزم(4)، حيث رواها من جهة حماد ابن سلمة. ومحمد بن عمرو روى عنه مالك في "الموطأ"(5)، واستشهد به البخاري وتابع مسلم(6). وقد رفع هذا الحديث حماد، وتابعه أبو نجيح. وفي قول أبي حاتم(7): "يكتب حديثه" ما يقتضي أن يجعل تأكيدًا في رفعه، ورواية الوقف لم يعتبرها ابن حزم تقديمًا للرفع عليها.
وقال علي بن المديني(8):" كان يحيى بن سعيد حسن الرأي في أبي بحر ".
وأما ابن لهيعة، فقد سلف ترجمته فيما مضى.
وأما حنين بن أبي حكيم، فقد وثقه ابن حبان (9).
وأما الاختلاف على ابن أبي ذئب، فقد يقال : إنهما إسنادان مختلفان لابن أبي ذئب لا يُعلَّل أحدهما بالآخر ؛ لاختلاف رجالهما. =
.......................................................................ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وأما قول ابن القطان في حديث العلاء : إنه " ليس بمعروف "، إن أراد أنه لا يعرف مخرجه فليس كذلك، فقد خرَّجه البزار كما أسلفناه. وإن أراد - مع مفرد طريق - أنه غير مشهور فلا يناسب ذلك، وإنما يناسب النظر في رجال إسناده.
__________
(1) يعني قوله - فيما تقدم - :" روى عنه أهل الشام أحاديث مناكير ".
(2) في "التاريخ الكبير" (3/427-428).
(3) في "البدر المنير":" زهيرًا"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) في "المحلى" (1/250).
(5) كما في "الكامل" لابن عدي (6/225).
(6) كما في "تهذيب الكمال" (26/212 و218).
(7) الظاهر أنه يقصد قول أبي حاتم في محمد بن عمرو كما في "الجرح والتعديل" (8/31).
(8) كما في "الميزان" (2/578).
(9) ذكره في "الثقات" (6/243-244).(2/436)
وأما أبو واقد، فقد قال أحمد(1) فيه :" ما أرى به بأسًا "، فلعل ذلك يقتضي أن يتابع بروايته.
وأما جهالة بعض رواته فلا يقدح فيما صح منها. فقد ظهر صحة بعض طرقه، وحسن بعضها، ومتابعة الباقي لها، فلا يخفى إذًا ما في إطلاق الضعف عليها وأن الأصح الوقف. وقد علم أيضًا ما يعمل عند اجتماع الرفع والوقف وشهرة الخلاف. وقد نقل الإمام أبو الحسن الماوردي من أئمة أصحابنا في "حاويه" عن بعض أصحاب الحديث أنه خرَّج لصحة هذا الحديث مائة وعشرين طريقًا، حاصل أحواله إذًا أن يكون حسنًا ». انتهى.
[فصل في الوضوء من الضحك في الصلاة
[ل146/ب]
__________
(1) في "العلل" برواية ابنه عبدالله (2/489 رقم3219).(2/437)
روى الدارقطني(1) من جهة أبي عبيد القاسم بن إسماعيل وأبي بكر النيسابوري وأبي الحسن أحمد بن محمد بن يزيد الزعفراني، قالوا : حدثنا إبراهيم بن هانئ، نا محمد بن يزيد بن سنان، حدثنا أبي يزيد بن سنان، نا سليمان الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من ضحك منكم في صلاته](2)/فليتوضأ، ثم ليعد الصلاة )).قال الدارقطني: «قال لنا أبوبكر النيسابوري : هذا [حديث](3) منكر [فلا يصح](4)، والصحيح عن جابر خلافه ». قال أبوالحسن الدارقطني(4):« يزيد بن سنان ضعيف، ويكنى بأبي فروة الرهاوي، وابنه ضعيف أيضًا، وقد وهم في هذا الحديث في موضعين : أحدهما : في رفعه إياه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، والآخر في لفظه. والصحيح : عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر من قوله :" من ضحك في الصلاة أعاد الصلاة، ولم يعد الوضوء ". كذلك رواه عن الأعمش جماعة من
__________
(1) في "سننه" (1/172 رقم47).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل ؛ لكون ما بعده في بداية (ل146/ب)، وما قبله ساقط - كما سقط باقي الكلام عن حديث الاغتسال من غسل الميت والوضوء من حمله في نهاية (ل146/أ) كما سبق التنبيه عليه-، ولا أستبعد أن يكون الساقط أكثر من هذا؛ فإن الأحاديث المروية في انتقاض الوضوء بالضحك في الصلاة كثيرة،والكلام على عللها طويل كما يتضح من "نصب الراية" (1/47 -54)، وعادة المصنف - رحمه الله - الإسهاب والاستقصاء، فلا يمكن تصور اقتصاره في هذا البحث على هذا الحديث فقط، وقد نقل عنه الزيلعي في "نصب الراية" (1/52) كلامًا لا يوجد هنا، وهو تعليله لمرسل الحسن البصري في هذا الموضوع، فهذا يدل على أن هناك سقطًا أكثر من هذا، والمثبت من "سنن الدارقطني "، والتبويب والتصرف في السياق من عندي - اجتهادًا - بما يتلاقى مع طريقة المصنِّف.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن الدارقطني".
(4) في الموضع السابق.(2/438)
الرفعاء الثقات، منهم : سفيان الثوري، وأبومعاوية الضرير، ووكيع، وعبدالله بن داود الخُرَيبي، وعمر بن علي المقدَّمي، وغيرهم. وكذلك رواه شعبة وابن جريج، عن يزيد بن أبي خالد، عن أبي سفيان، عن جابر ».
و"الخُرَيبي"- بضم الخاء المعجمة، وفتح الراء المهملة، وبعدها ياء آخر الحروف، ثم باء ثاني الحروف - منسوب إلى الخريبة بالبصرة. و"الْمُقدَّمي" - مفتوح الدال مشددها - منسوب إلى جدّه مقدَّم. قلت : ورواه الحافظ الفقيه أبوبكر الإسماعيلي من حديث أبي الفضل العباس بن عبدالله الرهاوي، عن يزيد بن سنان، فرواه عن أبي بكر بن عمير عنه، ولفظه كما ذكر الدارقطني.
وروى الدارقطني(1) من حديث المسيب بن شريك، [عن الأعمش](2)، عن أبي سفيان، عن جابر - رضي الله عنه - قال :" ليس على من ضحك في الصلاة إعادة وضوء، إنما كان ذلك لهم حين ضحكوا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
فصل في الوضوء مما مست النار
روى مسلم(3) رحمه الله تعالى من حديث ابن شهاب قال : أخبرني عبدالملك بن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام : أن خارجة بن زيد الأنصاري أخبره : أن أباه زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( الوضوء ممامست النار )) .
__________
(1) في "سننه" (1/175 رقم68).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن الدارقطني ".
(3) في "صحيحه" (1/272 رقم351) كتاب الطهارة، باب الوضوء مما مست النار.(2/439)
قال ابن شهاب(1): أخبرني عمر بن عبدالعزيز : أن عبدالله بن إبراهيم بن قارظ أخبره : أنه وجد أباهريرة - رضي الله عنه - يتوضأ على المسجد، فقال :[إنما](2) أتوضأ من [أثوار](3) أقط أكلتها ؛ لأني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ((توضّؤوا(4) مما ممست النار )) . قال ابن شهاب(5): أخبرني سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان - وأنا أحدثه بهذا الحديث -: أنه سأل عروة بن الزبير عن الوضوء مما مست النار، فقال عروة : سمعت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( توضؤوا مما مست النار )) . وقد روي : (( الوضوء مما مست النار )) من حديث جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، منهم - سوى من تقدم -: أبوطلحة الأنصاري. أخرجه النسائي(6) من حديث حَرمي بن عُمارة، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن عبدالله بن عمرو القارئ، عن أبي طلحة - رضي الله عنه -، ولفظه : (( توضؤوا مما غيرت النار )) .
[ل147/أ]
__________
(1) في الأصل :" قال ابن شهاب قال"، والمثبت من "صحيح مسلم " رقم (352).
(2) في الأصل :"أنا"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(3) في الأصل :"أتوار"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(4) في الأصل :"توضأ"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(5) في الموضع السابق برقم (353).
(6) في "سننه" (1/106 رقم177) كتاب الطهارة، باب الوضوء مما غيرت النار.(2/440)
ورواه النسائي أيضًا من حديث شعبة، عن أبي بكر بن حفص، عن ابن شهاب، عن ابن أبي طلحة، عن أبي طلحة - رضي الله عنه -. قرأت على الإمام أبي الحسن علي بن أبي الفضائل، عن العلامة أبي محمد بن بري - قراءة عليه -، أنا محمد بن الحسين، ثنا محمد بن عبدالله، أنا أبوعبدالرحمن النسائي(1)، أنا محمود بن غيلان، ثنا عبدالصمد، ثنا شعبة. [وأنا](2) هارون بن عبدالله، ثنا حرمي بن عمارة، ثنا شعبة، عن أبي بكر بن حفص، عن ابن شهاب، عن /ابن أبي طلحة، عن أبي طلحة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( توضؤوا مما أنضجت النار )) . اللفظ [لهارون](3). ومنهم : أم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه النسائي(4) من حديث الزبيدي، عن الزهري : أن أباسلمة بن عبدالرحمن أخبره، عن أبي سفيان بن سعيد بن الأخنس بن شريق(5) أنه أخبره: أنه دخل على أم حبيبة زوج النبي- صلى الله عليه وسلم -
- وهي خالته-، فسقته سويقًا ثم قالت : توضأ ياابن أختي ! فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((توضؤوا مما مست النار )) . وأخرجه أبوداود(6).
__________
(1) أخرجه النسائي بهذا السياق في "حديث شعبة بن الحجاج وسفيان بن سعيد الثوري مما أغرب بعضهم على بعض" ( الجزء الرابع ل14 الحديث رقم181/مخطوط)، وهو في الموضع السابق من "سننه" برقم (178) من طريق هارون فقط.
(2) في الأصل :"ثنا"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في الأصل :"للأول"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) في الموضع السابق برقم (180).
(5) هو أبوسفيان بن سعيد بن المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي المدني. وفي "سنن أبي =
= داود" نسبه :" أبوسفيان بن سعيد بن المغيرة ".
(6) في "سننه" (1/134 رقم195) كتاب الطهارة، باب التشديد في ذلك.(2/441)
ورواه النسائي(1) أيضًا من حديث بكربن سَوادة، عن محمد بن مسلم بن شهاب. ومنهم:أبوأيوب - رضي الله عنه -. رواه النسائي(2) من حديث ابن أبي عدي، عن شعبة،[عن](3) عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن عبدالله بن عمرو - قال محمد: القاريُّ(4)-، عن أبي أيوب - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( توضؤوا مما غيرت النار )) .
وقد مضت رواية حرمي بن عمارة، عن شعبة بإسناد آخر إلى أبي طلحة. ومنهم : ابن عمر رضي الله عنهما. فذكر ابن أبي حاتم في "العلل"(5): "سألت أبي عن حديث رواه عبدالرحمن بن [عبدالحميد](6) بن سالم المهري خال أبي طاهر أحمد بن عمرو بن السَّرح، عن عُقيل، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه قال : (( توضؤوا مما مست النار )) . فقال أبي : هو خطأ، ولم يبين الصواب ماهو وماعلة ذلك، والذي عندي أن الصحيح مارواه معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه موقوف. ورواه شعيب بن أبي حمزة وعبدالرحمن بن إسحاق وابن أبي ذئب عن الزهري، عن عمر بن عبدالعزيز، عن عبدالله بن إبراهيم بن قارظ، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". انتهى.
ذكر ترك الوضوء مما مست النار
__________
(1) في الموضع السابق برقم (181).
(2) في الموضع السابق برقم (176).
(3) في الأصل :"بن"، والتصويب من المصدر السابق.
(4) الحديث رواه النسائي من طريق شيخيه:عمرو بن علي الفلاّس ومحمد بن بشار،كلاهما عن ابن أبي عدي، ونَسَبَ محمدُ بن بشار- في روايته- عبدَالله بن عمرو هذا؛ فقال:"القاريّ".
(5) 1/71 رقم191).
(6) في الأصل :"حميد"، والتصويب من "علل الحديث"، وانظر "تهذيب الكمال".(2/442)
روى مالك(1) رحمه الله عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ. أخرجاه في "الصحيحين"(2) من حديث مالك.
وروي هذا المعنى عن ابن عباس من وجوه : منها : عن علي بن عبدالله بن عباس، عن أبيه، رواه عن علي ابنه محمد والزهري (3).
وروى أبوداود(4) من حديث سماك،عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : أكل رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كتفًا، ثم مسح يده بِمِسْحٍ(5) كان تحته، ثم قام فصلى.
__________
(1) في "الموطأ" (1/25 رقم19) كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما مست النار.
(2) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/310 رقم207) في كتاب الوضوء، باب من لم يتوضأ من لحم الشاة و السويق، ومسلم في "صحيحه" (1/273 رقم354) في كتاب الطهارة، باب نسخ الوضوء مما مست النار.
(3) خرّج هذين الطريقين مسلم في "صحيحه" عقب طريق مالك السابق.
(4) في "سننه" (1/132 رقم189) كتاب الطهارة، باب في ترك الوضوء مما مست النار.
(5) المِسْحُ : الكساء من الشعر. "لسان العرب" (2/596).(2/443)
وروى أبو داود(1)أيضًا من حديث يحيى بن يعمر،عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهس من كتف(2)، ثم صلى ولم يتوضأ. [....](3) ومنهم : عمرو بن أمية الضمري - رضي الله عنه -. فروى البخاري(4) من حديث ابن شهاب، أخبرني جعفر [بن عمرو](5) بن أمية : أن أباه أخبره : أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتز من كتف شاة، فدُعي إلى الصلاة، فألقى السكين فصلى ولم يتوضأ. متفق عليه(6) من حديث الزهري، واللفظ للبخاري. ومنهم : جابر بن عبدالله رضي الله عنهما. روى أبوداود(7) من حديث ابن جريج، قال : أخبرني محمد بن المنكدر، قال : سمعت جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول : قرَّبت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خبزًا ولحمًا فأكل، ثم دعا بوضوء فتوضأ، ثم صلى الظهر، ثم دعا بفضل طعامه فأكل، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ. [....](8) ومنهم : الحارث بن عبدالله بن جَزْء -/ بفتح الجيم وسكون الزاي وبعدها همزة -. روى أبوداود(9) من حديث عُبيد بن ثُمَامة المرادي، قال : قدم علينا مصر عبدالله بن الحارث بن جزء - رضي الله عنه - - من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -، فسمعته يحدث في مسجد مصر قال : لقد رأيتني سابع سبعة - أو سادس ستة - مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دار
__________
(1) في الموضع السابق برقم (190).
(2) في الأصل:"كتف شاة"،وكأنه ضرب على :"شاة"،والمثبت موافق لما في "سنن أبي داود".
(3) بياض في الأصل بمقدار أقل من سطرين.
(4) في "صحيحه" (1/311 رقم208) كتاب الوضوء، باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق.
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المصدر السابق.
(6) سبق تخريجه من "صحيح البخاري"، وهو في "صحيح مسلم" (1/274 رقم355/93) كتاب الحيض، باب نسخ الوضوء مما مست النار.
(7) في الموضع السابق برقم (191).
(8) بياض في الأصل بمقدار سطر.
(9) في الموضع السابق برقم (193).(2/444)
رجل، فمر بلال فناداه بالصلاة، فخرجنا، فمررنا برجل وبُرمته على النار، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أطابت برمتك ؟ )) فقال : نعم بأبي [أنت](1) وأمي ! فتناول منها بَضعة فلم يزل يعلكها حتى أحرم بالصلاة، وأنا أنظر إليه. ومنهم : عائشة رضي الله عنها. فروى البيهقي(2) من حديث يحيى [بن يعلى](3) بن الحارث المحاربي، عن زائدة بن قدامة، عن عبدالعزيز بن رفيع، عن عكرمة وعبدالله بن أبي مليكة، قالا : سمعنا عائشة رضي الله عنها تذكر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمر على القدر فيأخذ منها العرق فيأكل منه، ثم ينطلق إلى الصلاة وما يتوضأ ولا يتمضمض. ومنهم : أم سلمة رضي الله عنها. روى النسائي(4) من حديث علي بن
الحسين، [عن](5) زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أكل كتفًا،[فجاء بلال](6)،[فخرج](7) إلى الصلاة ولم يمس ماء.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن أبي داود".
(2) في "سننه" (1/154).
(3) في الأصل :"يعني"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(4) في"سننه" (1/107-108 رقم182) كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما غيّرت النار.
(5) في الأصل :"على"، والتصويب من "سنن النسائي".
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المصدر السابق.
(7) في الأصل :"ثم خرج"، والمثبت من المصدر السابق.(2/445)
ورواه(1) أيضًا من حديث خالد، عن ابن جريج، عن محمد بن يوسف، عن سليمان بن يسار قال : دخلت على أم سلمة رضي الله عنها، فحدثتني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح جنبًا من غير احتلام، ثم يصوم. وحدث مع هذا الحديث أنها حدثته : أنها قربت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - جَنبًا مشويًّا، فأكل منه، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ. هكذا رواه خالد وعثمان(2) عن ابن جريج، عن محمد بن يوسف، عن سليمان بن [يسار](3). ورواه عبدالرزاق(4) وحجاج بن محمد(5)، وروح بن عبادة (6)، عن ابن جريج، عن محمد بن يوسف، عن عطاء بن يسار. وروي عن عبدالله بن شداد(7) وزينب بنت أم سلمة (8)، عن أم سلمة رضي الله عنها. ومنهم : أبوسعيد الخدري - رضي الله عنه -. فروى أبومحمد ابن حيان الأصبهاني(9) في
__________
(1) أي : النسائي في "سننه" برقم ( 183).
(2) كذا قال ! ورواية النسائي إنما هي من طريق خالد بن الحارث عن ابن جريج، بل لم أجد عثمان هذا روى الحديث فيما وقفت عليه من المصادر، ولكن نقل المزي في "تحفة الأشراف"(13/26) عن النسائي أنه قال في "الكبرى":"وقال خالد بن الحارث وأبوعاصم النبيل : عن ابن جريج، عن محمد بن يوسف، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة ".
(3) في الأصل :"بشار"، والتصويب من "سنن النسائي"، وقد ذكره المصنف آنفًا على الصواب، وانظر "تهذيب الكمال" (12/100).
(4) في "المصنف" (1/164 رقم638)، ومن طريقه أخرجه أحمد في "المسند" (6/307).
(5) وروايته أخرجها الترمذي (4/240 رقم1829) في الأطعمة، باب ما جاء في أكل الشواء، والنسائي في "الكبرى" (3/113 رقم4690) كتاب المزارعة.
(6) وروايته عند الإمام أحمد في الموضع السابق.
(7) وروايته عند النسائي في "الكبرى" (4/154 رقم6656) في الأطعمة، باب الكتف.
(8) وروايتها عند النسائي في "سننه" (1/107 -108 رقم182) في الطهارة، باب ترك الوضوء مما غيرت النار.
(9) المعروف بأبي الشيخ.(2/446)
"فوائد الأصبهانيين" من حديث الحكم - هو ابن يوسف -، عن زفر، عن أبي حنيفة،عن داودبن عبدالرحمن،عن شرحبيل،عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:أنه أكل عندهم لحمًا مشويًّا،ثم غسل يديه وفمه،ثم صلى ولم يتوضأ.
وقوله :" جَنْبًا ": أوله جيم مفتوحة، بعدها نون ساكنة، ثم باء ثاني الحروف. روى أبوبكر البزار(1) من حديث عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة، عن بلال قال : حدثني مولاي [ أبو ](2) بكر : أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ((لا يتوضأَنَّ أحدكم من طعام قد(3) أكله حل له أكله )) . رواه عن هارون بن سفيان المستملي، عن أسيد بن زيد، عن عمرو بن [أبي](4) المقدام، عن عمران، وقال :" وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وعمرو بن أبي المقدام هو : عمرو بن ثابت، قد حدث عنه [أبو داود، وجماعة من](5) أهل العلم، وروَوا عنه(6)، على أنه كان [رجلاً](1) يتشيع، ولم يترك حديثه[لذلك](1). وعمران(7) بن مسلم، وسويد، وسائر من ذكر في هذا الحديث [مشهورون](8)، وأسيد بن زيد لم يكن به بأس. وهذا اللفظ فلا
__________
(1) في "مسنده" (1/153 رقم77).
(2) في الأصل :" أبي"، والتصويب من "مسند البزار ".
(3) قوله :" قد" ليس في المطبوع من "مسند البزار".
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق، وسيأتي على الصواب.
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "مسند البزار".
(6) قوله :" ورووا عنه"، ليس في المطبوع من "مسند البزار".
(7) نص عبارة البزار من هذا الموضع في"مسنده":"وعمران بن مسلم وسويد بن غفلة يستغنى عن ذكرهما لشهرتهما.وأسيد بن زيد قد حدث بأحاديث لم يتابع عليها. وإنما ذكرنا هذا الحديث لأنَّا لم نحفظه إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، فذكرناه وبينّا العلة فيه ". اهـ.
(8) في الأصل :"مشهورين".(2/447)
يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما حفظنا عنه إلا من هذا الوجه، ولا نعلم بلالاً أسند عن أبي بكر رضي الله عنهما غير هذا الحديث ". قلت:"عمرو بن ثابت بن هرمز":قال البخاري(1):"ليس بالقوي عندهم". وقال عبدالله بن أحمد(2):" حدثني الحسن بن عيسى، قال : ترك ابن المبارك حديثه ". وقال عمرو بن علي(3):" سألت عبدالرحمن بن مهدي عنه فقال : لو كنت /محدثًا عنه لحدثت بحديث أبيه، عن سعيد بن جبير في التفسير ". وقال الدوري(4) عن يحيى بن معين :" عمرو بن ثابت ليس بثقة".وقال الرازي(5): "هو ضعيف الحديث، شديد التشيع". وأما "أَسِيد بن زيد"- فبفتح الهمزة،
وكسر السين -: فتكلم فيه يحيى بن معين(6)، وأخرج عنه البخاري(7).
ذكر ما استدل به على نسخ الوضوء مما مست النار
روى أبوداود(8) من حديث علي بن عياش، عن شعيب [بن](9) أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر - رضي الله عنه - قال :" كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما [غيّرت](10) النار". قال أبوداود :" هذا اختصار من حديث الأول "- يريد الحديث الذي قدمناه(11) من طريق أبي داود -.
__________
(1) في "التاريخ الكبير" (6/319).
(2) كما في "الكامل" لابن عدي (5/121).
(3) كما في"الجرح والتعديل" (6/223)، وفيه:"... فأبى أن يحدث عنه وقال : لو كنت...".
(4) في "تاريخه" (2/440)، وفيه :" ليس بثقة ولا مأمون ".
(5) يعني : أبا حاتم كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل".
(6) اتهمه بالكذب كما في "تاريخ الدوري" (2/39 رقم1914 و1915)، و"سؤالات ابن الجنيد" (ص80 رقم79).
(7) كما في "تهذيب الكمال" (3/238).
(8) في "سننه" (1/133 رقم192) كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما مست النار.
(9) في الأصل :"عن"، والتصويب من المرجع السابق.
(10) في الأصل :"مست"، والتصويب من المرجع السابق.
(11) ص 398-399).(2/448)
وأخرج النسائي(1) هذا الحديث أيضًا من حديث علي بن عياش.
و"عياش": بالياء آخر الحروف، والشين المعجمة.
وفي كتاب "العلل"(2) لابن أبي حاتم :« سألت أبي عن حديث رواه [علي](3) بن عياش، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر - رضي الله عنه - قال :" كان آخر الأمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار ". فسمعت أبي يقول: هذا حديث مضطرب المتن، إنما هو : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل كتفًا ولم يتوضَّ، كذا رواه الثقات عن ابن المنكدر، عن جابر - رضي الله عنه -. [ويحتمل](4) أن يكون شعيب حدَّث به من حفظه فوهم فيه ». وقال في موضع آخر(5):" إنما هو : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل كتفًا، ثم صلى ولم يتوضَّ ". قلت:الذي ذكره أبوداود أقرب مما ذكره أبوحاتم فإن المتنين [متباعدا](6) اللفظ-أعني قوله:" كان آخر الأمر"،وقوله:"أكل كتفًا،ثم صلى ولم يتوضأ"-، ولايجوز التعبير بأحدهما عن الآخر.والانتقال من أحدهما إلى الآخر إنما يكون عن غفلة شديدة. وأما ماذكره أبوداود:أنه اختصار من حديث الأول فأقرب ؛ لأنه يمكن أن يعبر بهذه العبارة عن معنى الرواية الأولى، والله عز وجل أعلم.
وروى الطبراني(7)من حديث قريش بن حيان، عن يونس بن أبي خلدة،عن محمد بن مسلمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل آخر [أمريه](8) لحمًا، ثم صلى ولم يتوضأ.
__________
(1) في "سننه" (1/108 رقم185) كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما غيرت النار.
(2) 1/64 رقم168).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(4) في الأصل :"يمكن"، والتصويب من المصدر السابق.
(5) من "العلل" (1/66 رقم174).
(6) في الأصل :" متباعدي".
(7) في "المعجم الكبير" (19/234 رقم521).
(8) في الأصل :"أمره"، والتصويب من المصدر السابق.(2/449)
وروى سعيد - هو ابن منصور -، ومن جهته أخرجه(1) الحازمي : حدثنا عبيدالله بن إياد بن لقيط، عن أبيه، عن سويد بن سرحان، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل طعامًا، وأقيمت الصلاة، فقام
وقد كان توضأ قبل ذلك، فأتيته بماء ليتوضأ فانتهرني، وقال لي : ((وراءك ! )) فساءني ذلك، ثم صلى، فشكوت ذلك إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال : يارسول الله! إن المغيرة بن شعبة قد شق عليه انتهارك إياه، خشي أن يكون في نفسك عليه شيء، فقال : (( ليس في نفسي عليه شيء إلا خيرٌ، ولكنه أتاني بماء لأتوضأ، وإنما أكلت طعامًا،ولو فعلت ذلك فعل الناس ذلك من بعدي )) . قال الحازمي: « هذا حديث يروى عن سويد من غير وَجهٍ، فمنهم من يقول فيه:" كان يتوضأ قبل ذلك "، ومنهم من يقول :" كان توضأ قبل ذلك "، والله عز وجل أعلم ».
ذكر مااستدل به على أن الوضوء مما مست النار بعد الرخصة
[ل148/ب]
روى مالك(2) رحمه الله تعالى عن يحيى بن سعيد، عن بُشَير بن يَسار مولى بني حارثة، عن سويد بن النعمان أنه أخبره : أنه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر حتى إذا كانوا بالصهباء -وهي(3)من أدنى خيبر-نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى العصر، ثم دعا بالأزواد، فلم يؤت إلا بالسويق، فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَثُرِّيَ، فأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - /وأكلنا، ثم قام إلى المغرب فمضمض ومضمضنا، ثم صلى ولم يتوضأ. أخرجه البخاري(4) من حديث مالك.
__________
(1) في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" ( ص164)
.
(2) في "الموطأ" (1/26 رقم20) كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما مسته النار.
(3) قوله :" وهي" سقط من الأصل، وألحق في الهامش.
(4) في "صحيحه" (1/312 رقم209) كتاب الوضوء، باب من مضمض من السويق ولم يتوضأ، و (7/463 رقم4195) كتاب المغازي، باب غزوة خيبر.(2/450)
و"بُشَير":بضم الباء الموحدة، وفتح الشين المعجمة. و"يسار":أوله ياء آخر الحروف، وبعدها سين مهملة. و"حارثة":أوله حاء مهملة، وبعدالراء ثاء مثلثة. قال صاحب "الاقتضاب"(1):«"السويق": طعام يُتخذ من قمح أو شعير يُدق، فيكون شبه الدقيق، إذا احتيج إلى أكله خُلط بماء أو لبن أو رت أو نحوه ". وقال قوم:هو الكعك. وقوله:"فأمر به فثُرِّيَ"؛ أي: بُلّ لما كان لحقه من اليُبس والقدم. يقال: ثَرى التراب يثريه. ويقال : ثرى المكان؛ أي : رشّه ». انتهى. ووجه الاستدلال : قال بعضهم : إن حديث سويد بن النعمان هذا كان قبل فتح خيبر، وإنما قدم أبوهريرة بعد فتح خيبر على ماصرحت به التواريخ.
وروى الطبراني(2) من حديث عبدالله بن صالح، قال:حدثني الليث،حدثني زيد بن جبيرة بن محمود بن [أبي](3) جبيرة الأنصاري- من بني عبدالأشهل-، عن أبيه جبيرة بن محمود،عن سلمة بن سلامة بن وَقَش صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنهما دخلا وليمة -وسلمة على وضوء -، فأكلوا ثم خرجوا، فتوضأ سلمة، فقال له جبيرة : ألم تكن على وضوء ؟ قال : بلى، ولكني رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم --وخرجنا من دعوة دعينا لها ورسول الله- صلى الله عليه وسلم --،وهو(4) على وضوء، فأكل ثم توضأ، فقلت له : ألم تكن على وضوء يارسول الله؟!
__________
(1) في هذا الموضع كتب في الهامش :" حاشية : الاقتضاب شرح الموطأ لرجل..."، ولم يظهر باقي الكلام في التصوير، وتقدم (ص 144) من المجلد الأول أن "الاقتضاب" هذا في شرح غريب "الموطأ" وإعرابه على الأبواب لأبي محمد عبدالحق بن سليمان.
(2) في "المعجم الكبير" (7/41 رقم6326).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "معجم الطبراني"، وانظر ترجمة زيد بن جبيرة في "تهذيب الكمال" (10/34).
(4) قوله :" وهو " ليس في "المعجم الكبير"(2/451)
قال : (( بلى، ولكن الأمر يحدث، وهذا مما [قد](1) حدث )) .
رواه عثمان بن سعيد الدارمي، عن عبدالله بن صالح، ومن جهته أخرجه البيهقي(2)، واللفظ للطبراني.
ورواه ابن شاهين(3) بإسناد أجود من هذا إلى الليث، فأخرجه عن عبدالله بن سليمان بن الأشعث، عن عبدالملك بن شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه، عن جده، عن زيد بن جبيرة [بن محمود بن أبي جبيرة الأنصاري، ثم من بني عبد الأشهل، عن أبيه جبيرة بن محمود، عن سلمة بن سلامة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ](4) - وكان آخر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلا أن يكون أنس بن مالك، فإنه بقي(5) بعده -، وفيه :" من دعوة دعينا لها ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على وضوء ". [زيد بن](6) جبيرة قال البخاري(7):" متروك الحديث ". و"وَقَش": بفتح الواو والقاف معًا، آخره شين معجمة.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "المعجم الكبير".
(2) في "سننه" (1/156).
(3) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص72 رقم62).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المصدر السابق.
(5) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "ناسخ الحديث" :" يفتي ".
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، والمثبت من "الكامل" وغيره من كتب الرجال.
(7) كما في "الكامل" لابن عدي (3/202).(2/452)
وروى الحازمي(1) من جهة سعيد - هو ابن منصور -، ثنا فُليح بن سليمان قال : سألنا الزهري عما مسّت النار، قال: فأخبرنا في ذلك بأحاديث أمر فيها بالوضوء عن أبي هريرة،وعمر بن عبدالعزيز،عن خارجة بن زيد،وعن سعيد بن خالد، وعن عبدالملك بن أبي بكر، فقلت له : إن هاهنا رجلاً من قريش يقال له عبدالله بن محمد يحدث عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى أهل(2) سعد بن الربيع في نفر من أصحابه، [فيهم](3) جابر بن عبدالله، فأكلنا خبزًا ولحمًا، ثم صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلينا معه،ومامس أحدٌ منا وضوءًا، وانصرفت مع أبي بكر - رضي الله عنه - في ولايته من المغرب، فابتغى عشاءً، فقيل له: ليس هاهنا إلا هذه الشاة - وقد ولدت -، [فحلبها وطبخ](4) لنا لِبأً، فأكل وأكلنا معه، ثم خرج إلى المسجد، فصلى بنا ومامس ماءً ولا مسست، وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ربما جَفَّن لنا في ولايته، فأكلنا الخبز واللحم،فيخرج فيصلي ونصلي معه ومايمس أحد منا وضوءًا.فقال الزهري : وأنا أحدثكم أيضًا -إن كنتم تريدونه -:حدثني جعفر بن عمرو بن أُمية، عن أبيه عمرو بن أمية - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل عضوًا، فصلى ولم يتوضأ. فقلنا : فما بعد هذا ؟ فقال : إنه يكون أمر، ويكون بعده الأمر.
[ل149/أ]
__________
(1) في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" ( ص161).
(2) أشار بهامش الأصل إلى أن في نسخة :" آل سعد ".
(3) في الأصل :"فمنهم"، والمثبت من "الاعتبار".
(4) في الأصل :" فحلب لنا "، والتصويب والاستدراك من "الاعتبار".(2/453)
و"الحازمي": بالحاء المهملة، والزاي المعجمة. و"جَبِيرة" بفتح الجيم، وكسر الباء/ثاني الحروف. و"اللِّبأ"- مكسور اللام، بعدها باء ثاني الحروف، بعدها همزة مقصورة -: وهو مايطبخ من لبن أول الوضع. وقوله :" جَفَّن " - أي : اتخذ لهم طعامًا في جفنة -: مفتوح الجيم، مشدد الفاء.
حكم الحدث
قد تقدم(1) قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )). رواه مسلم(2) من حديث سماك بن حرب،عن مصعب بن سعد قال: دخل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما على ابن عامر يعوده [وهو مريض](3)، فقال: ألا تدعو الله لي يا ابن عمر ؟! فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ((لا يقبل الله صلاة(4) بغير طهور، ولا صدقة من غُلُول ))، وكنتَ على البصرة.
وأخرجه الترمذي(5) وابن ماجه(6) من حديث سماك مختصرًا. وفي رواية للترمذي : (( إلا بطهور )) .
وأخرجه أبوداود(7) والنسائي(8) وابن ماجه(9) من حديث شعبة، عن قتادة،عن أبي المليح،عن أبيه، والنسائي(10) من حديث أبي عوانة،عن قتادة(11)
__________
(1) 268) من المجلد الثاني.
(2) في "صحيحه" (1/204 رقم224) كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المصدر السابق.
(4) كذا في الأصل، وفي "صحيح مسلم" :" لا تقبل صلاة ".
(5) في "سننه" (1/5-6 رقم1) أبواب الطهارة، باب ماجاء لا تقبل صلاة بغير طهور.
(6) في"سننه"(1/100رقم272)كتاب الطهارة وسننها، باب "لا يقبل الله صلاة بغير طهور".
(7) في "سننه" (1/48 رقم59) كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء.
(8) في "سننه" (5/56 رقم2524) كتاب الزكاة، باب الصدقة من غلول.
(9) في الموضع السابق من "سننه" برقم (271).
(10) في "سننه" (1/87 رقم139) كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء.
(11) أي : عن قتادة، عن أبي المليح، عن أبيه.(2/454)
ولفظه : (( لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غُلُول )) .
وانفرد ابن ماجه(1) بحديث هشام بن حسان، عن الحسن، عن أبي بكرة، وبحديث(2) محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس.
وروى أبوداود(3) من حديث ابن عَقِيل، عن محمد ابن الحنفية، عن علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم )).
و"ابن عَقِيل"- بفتح العين وكسر القاف -: عبدالله بن عَقِيل نسب إلى جده، وقد تقدم ذكره. وأخرجه الترمذي(4).
فصل في منع المحدث من الطواف
روى الترمذي(5) رحمه الله تعالى من حديث جرير، عن عطاء بن السائب، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((الطواف حول(6) البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه. فمن تكلم فيه
فلا [يتكلمنَّ](7) إلا بخير(8) )) .
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه" برقم (274).
(2) في الموضع السابق من "سننه" برقم (273).
(3) في "سننه" (1/49 رقم61) كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء.
(4) في "سننه" (1/8-9 رقم3) أبواب الطهارة، باب ماجاء أن مفتاح الصلاة الطهور.
(5) في "سننه" (3/293 رقم960) كتاب الحج، باب ماجاء في الكلام في الطواف.
(6) في الأصل :" طول "، والتصويب من المصدر السابق.
(7) في الأصل :" يتكلم"، والتصويب من المصدر السابق.
(8) في الأصل :"إلا أن يتكلم بخير"، والتصويب من المصدر السابق.(2/455)
وهذا الحديث قد روي مرفوعًا وموقوفًا. فرفعه من ثلاثة أوجه : أحدها : رواية عطاء بن السائب المذكورة آنفًا من حديث جرير. ورواه أيضًا عن عطاء مرفوعًا : فُضَيل بن عياض وموسى بن أعين وسفيان. أخرجها كلها البيهقي(1). ولفظه في رواية موسى بن أعين : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((الطواف بالبيت صلاة، ولكن الله أحل لكم المنطق [فيه](2)، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير )). قال البيهقي :" وبمعناه في رواية الفضيل ". انتهى. وقد أخرجه الحاكم أبوعبدالله في "الجامع الصحيح المستدرك"(3) من حديث السفيانين، عن عطاء مرفوعًا. فروى حديث الثوري عن علي بن [حمشاذ](4) العدل، عن محمد بن صالح الهمذاني(5)، عن عبدالصمد بن [حسان](6)، عن سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الطواف بالبيت صلاة،
إلا أن الله قد(7) أحل لكم فيه الكلام، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير )) .
[ل149/ب]
__________
(1) في "سننه" (5/87).
(2) في الأصل :"به"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(3) 1/459).
(4) في الأصل :"حماد"، والتصويب من "المستدرك"، وقد وقع فيه بالدال المهملة، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (15/398).
(5) في "المستدرك" المطبوع :" الهمداني" بالدال.
(6) في الأصل :"شهاب"، والتصويب من "المستدرك"، فهو عبدالصمد بن حسان أبويحيى المروزي قاضي هراة. انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (9/517).
(7) قوله :" قد" ليس في "المستدرك" المطبوع.(2/456)
وروى حديث سفيان بن عُيينة عن أبي بكر ابن إسحاق، عن [بشر](1) بن موسى، عن الحُميدي، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما [يرفعه](2) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الطواف(3) بالبيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون،/ فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير )) . قال الحاكم:" صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد أوقفه جماعة ". الثاني : رواية معن بن عيسى(4) عن موسى بن أعين، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الطواف بالبيت صلاة، ولكن الله تعالى أحلَّ فيه المنطق، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير )). الثالث : رواية الباغندي(5) عن عبدالله بن عمران، عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما. وأما الموقوف : فرواية عمر بن أحمد بن يزيد عن عبدالله بن عمران، عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما. أخرجها البيهقي(6). فأما طريق عطاء بن السائب ؛ فإن عطاء من الثقات، قال الإمام أحمد(7) فيه:" ثقة ثقة، رجل صالح ". وقال في رواية أبي طالب(8):" من سمع منه قديمًا كان صحيحًا، ومن سمع منه حديثًا لم يكن بشيء، سمع منه قديمًا شعبة والثوري، وسمع منه [حديثًا](9) جرير وخالد بن عبدالله وإسماعيل -[يعني ابن علية - وعلي](10)
__________
(1) في الأصل:"بشير"، والتصويب من "المستدرك"،وانظر ترجمته في "تذكرة الحفاظ" (2/611 رقم636).
(2) في الأصل :"رفعه"، والتصويب من "المستدرك".
(3) في المطبوع من "المستدرك" :" إن الطواف ".
(4) أخرجها البيهقي في "سننه" (5/87).
(5) أشار إليها البيهقي في الموضع السابق.
(6) في الموضع السابق.
(7) كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6/334).
(8) كما في المرجع السابق (ص 333).
(9) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الجرح والتعديل".
(10) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.(2/457)
بن عاصم، فكان يرفع عن سعيد بن جبير أشياء لم يكن يرفعها ". وقال يحيى بن معين(1):" ليث بن أبي سليم ضعيف مثل عطاء بن السائب، وجميع من روى عن عطاء روى عنه في الاختلاط، إلا شعبة وسفيان". وقال يحيى بن معين(2):" اختلط عطاء، فمن سمع منه قديمًا فهو صحيح، وماسمع منه جرير [وذووه](3) ليس من صحيح حديث عطاء ". انتهى.
وقد حصلت الفائدة برواية سفيان الثوري التي [أخرجها](4) الحاكم عن عطاء، وسفيان - كما تقدم - سمع منه قبل الاختلاط، فهي على رواية جرير التي خرجها الترمذي(5). وأما "ليث بن أبي سُليم"، فرجل صالح صدوق يُستضعف، وقد أخرج له مسلم في المتابعات(6). وقد يقال: فلعل اجتماعه مع عطاء يقوي رفع الحديث. وأما رواية الباغندي عن عبدالله بن عمران، فإن البيهقي لما ذكرها قال : " ولم يصنع شيئًا "- يريد الباغندي في رفعه لهذه الرواية -. قال(7):" فقد رواه ابن جريج وأبوعوانة عن إبراهيم بن ميسرة موقوفًا ".
و"البَاغَنْدي": بفتح الباء الموحدة، وبعد الألف غين معجمة مفتوحة، بعدها نون ساكنة، بعدها دال.
فصل في مس المحدث المصحف
__________
(1) كما في "الكامل" لابن عدي (6/87).
(2) كما في "الجرح والتعديل" (6/334).
(3) في الأصل تشبه أن تكون " ودونه " أو "وذويه"، والتصويب من " الجرح والتعديل ".
(4) مابين المعكوفين بياض في الأصل، وبها يستقيم السياق.
(5) أي : فرواية سفيان موافقة لرواية جرير، فلا تُعَلّ رواية جرير بكونه روى عن عطاء بعد=
= الاختلاط. ورواية جرير هي المتقدمة في بداية هذا الفصل.
(6) كما في "تهذيب الكمال" (24/279و288).
(7) أي البيهقي.(2/458)
فروى مالك رحمه الله تعالى في " الموطأ "(1) عن عبدالله بن أبي بكر- وهو [ابن](2) محمد بن عمرو بن حزم -: أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم : (( أن لايمس القرآن إلا طاهر )) . هذا مرسل.
ورواه الدارقطني في "الغرائب" من جهة إسحاق الطباع، أخبرني مالك، عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه قال : كان في الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجدي عمرو بن حزم : (( أن لا يمس القرآن إلا طاهر )) . قال الدارقطني:«ليس فيه :"عن جده"، وهو الصواب عن مالك ».
[ل150/أ]
ورواه الدارقطني أيضًا من حديث أبي ثور هاشم بن ناجية، عن مبشر بن إسماعيل، عن مالك، عن عبدالله بن أبي بكر، عن أبيه، عن جده قال : كان فيما أخذ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن لا يمس القرآن إلا طاهر. قال(3): "تفرد به أبوثور، عن مبشر، عن مالك،[فأسنده](4) عن جده ". قلت :/" مُبَشِّر " بعد الميم باء موحدة مفتوحة، ثم شين معجمة مكسورة مشددة.
وقوله :" عن جده " ينطلق على جده الأدنى، وهو محمد بن عمرو بن حزم، وعلى جده الأعلى وهو عمرو بن حزم، وإنما يكون متصلاً إذا أريد الأعلى. وقوله :" فيما أخذ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " يقتضي أنه عمرو بن حزم ؛ لأنه الذي كتب له الكتاب.
__________
(1) 1/199 رقم1) كتاب القرآن، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وسيأتي على الصواب، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال"(14/349).
(3) أي : الدارقطني.
(4) في الأصل :"أسنده"، والتصويب من "نصب الراية" حيث نقله عن المصنف.(2/459)
وروى نعيم بن حماد(1) المروزي، عن ابن المبارك، عن معمر، عن عبدالله بن أبي بكر، عن أبيه قال : في كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم : (( أن لا يمس القرآن إلا على طهور )) . أخرجه [أبو عمر](2) في "التمهيد"(3).
وروى البيهقي في "الخلافيات"(4) عن أبي بكر ابن الحارث، عن أبي محمد ابن حيان، عن محمد بن سهل، عن أبي مسعود، عن عبدالرزاق(5)، عن معمر، عن عبدالله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب في عهده : (( ولا يمس القرآن إلا طاهر )) . قال :« كذا في كتابي :" عن جده " ولم يذكر غيره، عن عبدالرزاق ». قلت :" أبومحمد ابن حيّان": بفتح الحاء، وبعدها ياء آخر الحروف. وروى البيهقي أيضًا فيه(6) من حديث إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أبي، عن عبدالله ومحمد [ابني](7) أبي بكر يخبرانه عن أبيهما، عن جدهما، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه كتب هذا الكتاب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن. قلت : ذكره مختصرًا مقتصرًا منه على : (( أن لا يمس القرآن إلا طاهر )).
و"أبوأويس" صدوق أخرج له مسلم في المتابعات(8).
وروى الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة، حدثنا سليمان بن داود، حدثني الزهري، عن أبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده : أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل اليمن في السُنن والفرائض والديات : (( أن لايمس القرآن إلا طاهر )). مختصر. أخرجه جمع من
الحفاظ، وهذا لفظ رواية أبي عمر في "التمهيد"(9).
__________
(1) في الأصل :" معتمر عن حماد"، وصوبت بالهامش.
(2) في الأصل :" أبو عمرو ".
(3) 17/396-397).
(4) 1/498 -500 رقم295).
(5) وهو في "المصنف" (1/341-342 رقم1328).
(6) أي في "الخلافيات" (1/500 رقم296).
(7) في الأصل :"بن"، والتصويب من المصدر السابق.
(8) كما في "الميزان" (2/450 رقم4402).
(9) 17/397).(2/460)
ورواه البيهقي في كتاب " شعب الإيمان "(1) من هذا الوجه - أعني الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، وبسنده ولفظه -: عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه كتب إلى أهل اليمن [بكتاب](2) فيه الفرائض والسنن والديات...، فذكره، وفيه : (( ولا يمس القرآن إلا طاهر )) .
ورواه الطبراني(3) مطولاً من هذا الوجه - أعني رواية الحكم-، وفيه : ((ولا يمس القرآن إلا طاهر )). قال أحمد بن زهير(4):« سمعت يحيى بن معين يقول :" الحكم بن موسى ثقة ". و"سليمان بن داود" الذي يروي عن الزهري حديث الصدقات والديات مجهول لا يعرف». وقال أبويعلى(5):" سئل يحيى بن معين عن حديث الصدقات [الذي كان يحدث به الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، عن سليمان ](6) بن داود، عن الزهري. قال : سليمان بن داود ليس يعرف، ولا يصح هذا الحديث". وقال عثمان الدارمي(7):"قلت ليحيى بن معين: سليمان بن داود الذي يروي حديث الزهري في الصدقات من هو ؟ قال: ليس بشيء". وقال عبدالله بن الدورقي(8):" قال يحيى : حدث يحيى بن حمزة، عن سليمان بن داود شيخ شامي ضعيف ". وذكر ابن عدي(9) أنه سمع عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز يقول :" سمعت الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - وسئل عن حديث الصدقات [الذي يرويه يحيى بن حمزة](10): أصحيح هو ؟ قال :
__________
(1) 2/380 رقم2111).
(2) في الأصل :"كتاب"، والتصويب من "شعب الإيمان".
(3) في "المعجم الكبير" (25/310 -313 رقم56).
(4) نقل الخطيب في "تاريخ بغداد" (8/228) عنه توثيق الحكم فقط.
(5) كما في "الكامل" لابن عدي (3/274).
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الكامل".
(7) في "تاريخه"" (ص123 رقم386).
(8) أخرجه ابن عدي في "الكامل" (3/274-275)، وفي المطبوع سقط يستدرك من المخطوط (ل393/أ /نسخة أحمد الثالث ).
(9) في الموضع السابق (ص 275).
(10) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الكامل".(2/461)
أرجو أن يكون صحيحًا ". وقال أبوعمر(1)- مريدًا /كتاب عمرو بن حزم : " وهو كتاب مشهور عند أهل السير، معروف مافيه عند أهل العلم معرفة تستغني بشهرتها عن الإسناد ؛ لأنه أشبه التواتر في مجيئه ؛ لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة ". ثم قال بعد ذلك في كتاب عمرو بن حزم : "معروف عند العلماء، ومافيه فمتفق عليه إلا قليلاً، وبالله عز وجل التوفيق". قال : "ومما يدلك على شهرة كتاب عمرو بن حزم وصحته : ماذكره ابن وهب عن مالك والليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال : وُجد كتاب عند آل حزم يذكرون أنه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه : (( وفيما هنالك من الأصابع عشر عشر ))، فصار القضاء في الأصابع إلى عشر عشر ". حديث آخر: روى الدارقطني(2)- ثم البيهقي(3) من جهته - من حديث سعيد بن محمد بن ثواب(4) المصري، عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، قال(5): سمعت سالمًا يحدث عن أبيه قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( لا يمس القرآن إلا [طاهرًا](6) )) . أخرجه الدارقطني عن [حسين](7) بن إسماعيل.
وأخرجه البيهقي(8) من حديث أبي محمد ابن ناجية عنه(9)، وقال : "فذكره بنحوه، إلا أنه قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
__________
(1) في "التمهيد" (17/338-339).
(2) في "سننه" (1/121 رقم3).
(3) في "الخلافيات" (1/508-509 رقم298)، وأيضًا في "سننه" (1/88).
.
(4) في الأصل :"حريث" وصوبت فوقها :"ثواب"، وجاء على الصواب في المراجع السابقة.
(5) في الأصل:"عن سليمان بن موسى، عن الزهري قال "، والتصويب من المراجع السابقة.
(6) في الأصل :" طاهر"، والمثبت من المراجع السابقة.
(7) في الأصل :"حسن"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(8) في "الخلافيات" (1/510 رقم299).
(9) أي عن سعيد بن محمد بن ثواب.(2/462)
وروى البيهقي(1) من حديث أحمد بن إسحاق الطيبي(2)، عن محمد بن عبدالله الحضرمي(3)، عن عبدالله بن عبدالمؤمن(4)، عن عمربن يونس، عن محمد بن جابر، عن طارق، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يمس القرآن إلا طاهر )) .
ورواه(5) من جهة أبي الحسن محمد بن الحسن السراج، عن محمد بن عبدالله الحضرمي، قال :" فذكره بإسناده، إلا أنه قال : عن أبي طارق ".
"محمد بن جابر" السحيمي تكلموا فيه [.....](6). حديث آخر : روى الدارقطني(7)- ثم البيهقي(8) من جهته - من حديث إسماعيل بن إبراهيم المنقري، قال : سمعت أبي، ثنا سويد أبوحاتم، ثنا مطر الوراق، عن حسان بن بلال، عن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((لا تمس القرآن إلا وأنت على [طهر](9) )) . رواه عن محمد بن مخلد، عن جعفر ابن أبي عثمان، عن إسماعيل.
__________
(1) في الموضع السابق برقم (300).
(2) في الأصل :" الطبي" وصُوِّبت في الحاشية، وكذا جاء في "الأنساب" للسمعاني (4/95). ووقع في "الخلافيات" :" الطسي".
(3) قوله :"الحضرمي" تصحف في "الخلافيات" المطبوع إلى :"الخصوصي"، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (14/41 رقم15). وتصحّف أيضًا في الرواية الآتية.
(4) في الأصل :" عبدالله بن عبدالمؤمن الظبي"، والمثبت موافق لما في "الخلافيات"، ولم أجد هذه النسبة :" الظبي "، وانظر "تهذيب الكمال" (15/245).
(5) في المصدر السابق برقم (301).
(6) بياض في الأصل بمقدار سطر.
(7) في "سننه" (1/122 رقم6).
(8) في "الخلافيات" (1/513 رقم303).
(9) في الأصل :"طهور"، والتصويب من المصدرين السابقين.(2/463)
ورواه البيهقي(1) أيضًا عن أبي عبدالله الحافظ(2)-إجازة-، عن أحمد بن [سلمان](3) الفقيه، عن جعفر، وقال فيه :" عن سويد أبي حاتم صاحب الطعام ".
[151/أ]
__________
(1) في "الخلافيات" (1/510-511 رقم302).
(2) هو الحاكم، وقد أخرجه في "المستدرك" (3/485).
(3) في الأصل و"الخلافيات" و"المستدرك" :"سليمان" وهو خطأ، وجاء على الصواب في "السنن" (1/102) و"المستدرك" في مواضع منها :(1/199و219و253)، فهو الإمام أحمد بن سلمان الفقيه أبوبكر النجاد، من الأئمة المشهورين، وقد أكثر عنه الحاكم، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (15/502).(2/464)
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير"(1) عن بكر بن [مقبل](2) البصري، ثنا إسماعيل بن إبراهيم صاحب القوهي، قال : سمعت أبي، ثنا سويد أبوحاتم، ثنا مطر الوراق، عن حسان بن بلال، عن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال : لما بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قال : (( لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر )). حديث آخر: روى علي بن عبدالعزيز(3)، حدثنا [إسحاق بن إسماعيل](4)، ثنا مسعدة البصري، عن خصيب بن جحدر، عن النضر بن شفي، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يمس القرآن إلا طاهر، والعمرة الحج(5) الأصغر، وعمرة خير من الدنيا ومافيها، وحجة أفضل من عمرة )) . ذكر /ذلك أبوالحسن ابن القطان(6) وقال(7):« وذكر بهذا الإسناد أحاديث، وهو إسناد في غاية الضعف، ولم أَرَ(8) للنضر بن شفي [ذكرًا](9) [ في شيء من مظان وجوده ](10)،[ فهو جِدُّ ](11) مجهول. وأما
__________
(1) 3/205 رقم3135).
(2) في الأصل يشبه أن تكون "نفيل"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) في"منتخبه"كما قال ابن القطان في الموضع الآتي من"بيان الوهم"نقلاً عن عبدالحق الإشبيلي.
(4) في الأصل:"إسماعيل بن إسحاق"والتصويب من"بيان الوهم والإيهام"وسيأتي على الصواب.
(5) في الأصل يشبه أن تكون :" والعمرة ذ الحج" وفوق الذال كتب :" صحـ".
(6) في "بيان الوهم والإيهام" (3/465 رقم1227).
(7) في الموضع السابق (ص466).
(8) في "بيان الوهم " المطبوع :" ولم أجد ".
(9) في الأصل :"ذكر"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام".
(10) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(11) في الأصل :"فهذا حديث"، والتصويب من المصدر السابق.(2/465)
الخصيب بن جحدر، فقد رماه ابن معين(1) بالكذب،[واتقى]( (2) الإمام أحمد بن حنبل حديثه، وإنما كان [يروي](3) ثلاثة عشر أو أربعة عشر حديثًا. وقال أبوحاتم(4):" له أحاديث مناكير". وأما مسعدة [البصري](5)، فهو ابن اليَسَعِ، حرّق(6) الإمام أحمد بن حنبل حديثه وتركه. وقال أبوحاتم(7): إنه "يكذب على جعفر بن محمد". وأما إسحاق بن إسماعيل [ الذي يرويه عنه علي بن عبدالعزيز](2)، فهو ابن عبدالأعلى [الأيلي](8) [يكثر(9) عنه](10)، يروي عن ابن عيينة(11) [وجرير](12) وغيرهما، وهو شيخ لأبي داود، وأبوداود لا يروي إلا عن ثقة [عنده](13) فاعلمه ». وروى مالك في "الموطأ"(14) عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن مصعب بن سعد : أنه قال :" كنت أمسك المصحف على سعد بن
__________
(1) في "تاريخه" برواية الدوري (2/148).
(2) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فأثبته من "بيان الوهم والإيهام".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(4) في "الجرح والتعديل" لابنه (3/397)، وتتمة كلامه :" وهو ضعيف الحديث".
(5) في الأصل :"المصري"، والتصويب من "بيان الوهم"، وتقدم على الصواب.
(6) كذا في الأصل وبعض نسخ "بيان الوهم " كما ذكر المحقق، وفي بعض النسخ الأخرى و"العلل ومعرفة الرجال"رواية عبدالله بن أحمد عن أبيه (3/267):"خرّق" بالخاء المعجمة.
(7) في "الجرح والتعديل" لابنه (8/371).
(8) في الأصل :" الكندغندة"، والتصويب من المصدر السابق، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (2/408).
(9) أي علي بن عبدالعزيز.
(10) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "بيان والوهم والإيهام".
(11) في الأصل :"ابن أبي عيينة"، والتصويب من المصدر السابق.
(12) في الأصل :"وجهير"، والتصويب من المصدر السابق.
(13) في الأصل :" بمرة"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام".
(14) 1/42 رقم59) كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج.(2/466)
أبي وقاص، فاحتككت، فقال سعد : لعلك مسست ذكرك ؟ فقلت : نعم. قال : قم فتوضأ، فقمت فتوضأت، ثم رجعت ".
وروى جماعة عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبدالرحمن بن يزيد قال : كنا مع [سلمان](1)، فخرج فقضى حاجته، ثم جاء، فقلت: يا[أبا](2) عبدالله ! لو توضأت لعلنا أن نسألك عن آيات. قال : إني لست أمسه، إنما يمسه المطهرون(3)، فقرأ علينا ماشئنا (4). أخرجه الدارقطني(5) من جهة وكيع(6).
ورواه البيهقي(7) من جهة أبي الأحوص، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قريبًا منه، وقال عقيبه :« قال الحاكم(8):"هذا [حديث](9) صحيح
على شرط الشيخين "- يعني البخاري ومسلمًا -(10)».
وذكر ابن إسحاق(11) في قصة إسلام عمر - رضي الله عنه - : أن أخته قالت له : إنك [نجس](12)، ولا يمسه إلا المطهرون. وهو هكذا مُعضل.
ذكر ماقيل في خلاف ذلك
__________
(1) في الأصل :"سليمان"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(3) في "سنن الدارقطني" المطبوع :" إنما لا يمسه إلا المطهرون"، وكذا في "سنن البيهقي" (1/88) حيث رواه من طريق الدارقطني.
(4) في "سنن الدارقطني" المطبوع :" ما يشاء"، والمثبت موافق لما في "سنن البيهقي".
(5) في "سننه" (1/124 رقم9).
(6) أي : عن الأعمش.
(7) في "الخلافيات" (1/514 رقم305).
(8) في "المستدرك" (2/477).
(9) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من " الخلافيات"، و"المستدرك".
(10) كذا في الأصل وهو الصواب، وفي "الخلافيات" المطبوع :" يعني البخاري ومسلم ".
(11) في "السيرة " (ص162).
(12) في الأصل :"جنب"، والتصويب من "سيرة ابن إسحاق".(2/467)
ثبت في "الصحيحين"(1) من حديث هرقل - واللفظ للبخاري-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إليه : (( بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد عبدالله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد : فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم اليريسيين، و{ ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون }(2) )).
قال الظاهري(3)(4):" فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بعث كتابًا فيه هذه الآية إلى
النصارى، وقد أيقن أنهم يمسون ذلك الكتاب". وقوله :"اليريسيين" يروى على وجوه :
[ل151/ب]
أحدها هكذا بالياء. والثاني :"الأريسيين" بالهمزة. والثالث : "الأريسين" مخفف الياء، محذوف الياء الأخرى. فقيل في هذه الرواية : هم أتباع رجل يقال له : عبدالله بن أريس. وأما "الأريسيون" فقد فُسِّر بعض هذه الروايات بأنهم الأَكَرة الفلاحون. وعلى هذا فلا يكون هذا الإثم من حيث إنهم أَكَرة، بل يكون لوصف فيهم. وقد قيل فيهم : اليهود. ومن أشار في هذه اللفظة إلى أنهم أتباع أروس - أو أريوس -، فعليهم فيه إشكال ؛ فإن هذا الرجل ينقل عنه أنه مخالف لمذهب النصارى، وأنه لا يقول :" عيسى /ابن الله "، وهذا اعتقاد حق، فكيف يذكر بالإثم ؟ والنصارى لما خالفوه يكفرونه. فإن صح فيحتمل أن يكون له اعتقاد آخر مخالف للحق.
__________
(1) أخرجه البخاري(1/31-32رقم7) في كتاب بدء الوحي،بابٌ منه، ومسلم (3/1393-1397رقم1773)كتاب الجهاد والسير،باب كتاب النبيr إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام.
(2) سورة آل عمران، آية (64).
(3) كتب في حاشية الأصل :" يعني ابن حزم ".
(4) في "المحلى" (1/83).(2/468)
وروى ابن حزم(1) من حديث شعبة، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة [بن](2) قيس : أنه كان إذا أراد أن يتخذ مصحفًا، أمر نصرانيًّا فنسخه له.
ومن حديث(3) إبراهيم بن محمد بن [الحسن](4) بن فيرة الطَّيَّان قال:حدثنا
الحسين بن القاسم بن محمد الزاهدالأصبهاني،ثنا إسماعيل بن أبي زياد الشامي، عن ثور، عن خالد، عن معاذ(5) - رضي الله عنه - قال: قلنا: يارسول الله! نمس القرآن على غير وضوء؟ قال : (( نعم، إلا أن تكون على جنابة )) . فقلنا:يارسول الله! فقوله: { كتاب مكنون }(6)؟ [قال](7): (( يعني بالمكنون : مكنون(8) من [الشرك](9) ومن الشيطان.{ لا يمسه إلا المطهرون}(2)؛ يعني: لا يمس ثوابه إلا المؤمنون )).
__________
(1) في الموضع السابق (ص84).
(2) في الأصل :"عن"، والتصويب من "المحلى".
(3) أخرجه الجورقاني في "الأباطيل والمناكير" (1/369 رقم358)، وسيأتي عزو المصنف له للجورقاني. ويبدو أن ابن الجوزي أخرجه في "الموضوعات" (2/82-83) من طريقه، ولكنه لم يفصح باسمه، بل قال :" حُدِّثت عن..."، فذكر الحديث عن شيخ شيخ الجورقاني، وذكر معنى تعقيب الجورقاني على الحديث.
(4) في الأصل :" الحسين "، وكذا جاء في "الموضوعات" لابن الجوزي، والتصويب من =
= "الأباطيل"، و"ميزان الاعتدال" (1/62 رقم193)، و"لسان الميزان" (1/194 رقم302).
(5) تصحف في المطبوع من "الأباطيل إلى :"خالد بن معاذ".
(6) سورة الواقعة، آية (78و79).
(7) مابين المعكوفين من "الموضوعات" لابن الجوزي.
(8) في "الأباطيل ":" يعني بالمكنون بين "، وأثبتها المحقق هكذا :" يعني مكنون " بناء على ما في "الموضوعات". لابن الجوزي.
(9) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل ، فأثبته من "الأباطيل والمناكير".(2/469)
قال أبو عبدالله الحسين بن إبراهيم بن الحسين بن جعفر الهمداني في كتاب "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير":«هذاحديث موضوع باطل لا أصل له، لم يروه عن ثور(1)[غير](2) إسماعيل بن أبي زياد، وهو متروك الحديث،[ولا](3) رواه عنه [غير](7) الحسين الزاهد،وهو ضعيف الحديث،تفرد به عنه إبراهيم بن محمد الطيان وهو منكر الحديث [مجهول](4).[قال](5) الإمام الحافظ أبوالفضل صالح بن أحمد في كتاب"طبقات همذان"(6)(7): "سألت أبا جعفر الحافظ عن إبراهيم بن محمد المعروف بالطيَّان الأصبهاني قال: سألت عنه بأصبهان فلم يعرف، ولا الحسين الزاهد(8) عرف، ولا التفسير الذي رواه". وسمعت علي بن إبراهيم يقول:"قدم الكرخ، فأخرج التفسير، فأنكروا عليه وأخرجوه وخاصته ". بلغني أن أبا عمارة رحمه الله تعالى كان شديد الإنكار عليه حتى أخرجه، وقُبل عندنا، وسُمع منه [لقلة](9) أهل العناية والمعرفة [بالعلم](10) بها ». وقد
__________
(1) في الأصل :"لم يروه عروة عن ثور"، والتصويب من "الأباطيل والمناكير".
(2) في الأصل :"عن"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(5) في الأصل :"فإن"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في الأباطيل :"الطبقات بهمدان".
(7) كتب في هامش الأصل بجوار هذا الموضع ما نصه :" هذا الحديث رو.... في الكامل من وجه... إسماعيل وهو..." وموضع النقط لم يظهر في التصوير. والظاهر أن نص العبارة بتمامها هو :" هذا الحديث رواه ابن عدي في الكامل من وجه آخر عن إسماعيل وهو ابن أبي زياد". ويؤيده : أن ابن عدي رواه في "الكامل" (1/315 ) من طريق عيسى الغنجار، عن إسماعيل بن أبي زياد، به.
(8) في الأصل :"يشبه أن تكون "الراوي".
(9) في الأصل :"لعله"، والتصويب من "الأباطيل".
(10) في الأصل :"بما يعلم"، والتصويب من المرجع السابق.(2/470)
كان الجوزجاني(1) رواه عن محمد بن عبدالغفار، عن أحمد بن محمد بن يحيى بن بندار العدل، عن محمد بن عمر بن [ خزر](2) الصوفي، عن إبراهيم بن محمد.
فصل في مااستدل به على أن المحدث لا يجب عليه الوضوء قبل وقت الصلاة
روى أبوبكر ابن خزيمة(3) الحافظ الفقيه من حديث إسماعيل ابن عُليّة، عن أيوب، عن ابن أبي مُليكة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء، فَقُرِّب إليه طعام، فقالوا : ألا نأتيك بوَضوء ؟ فقال : ((إنما أمرت بالوُضوء إذا قُمت إلى الصلاة )) .
ورواه الحافظ الفقيه أبوبكر الإسماعيلي في جمعه لحديث أيوب من جهة جماعة، عن إسماعيل ابن عُلية بسنده، ففي لفظ(4):أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء، فقُرِّب إليه طعام، فقالوا : ألا نأتيك بالوَضوء ؟ فقال : (( إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة )). وفي لفظ : (( إذا قمت - أو إذا قمت إلى الصلاة - ))(2) .
ورواه الإسماعيلي أيضًا من جهة هارون بن عبدالله بن هارون، عن وهيب هذا(5): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء، فأُتي بطعام، فقيل له: ألا توضأ ؟
فقال : (( أأصلي فأتوضأ )) .
واعلم [أن](6) لفظة :" إنما " هي التي تفيد المطلوب من الترجمة، استدل
ابن خزيمة على ذلك(7).
[ل152/أ]
__________
(1) كذا في الأصل، وهي نسبة مختلف فيها، لكن الصواب :" الجورقاني" بالراء. انظر مقدمة محقق "الأباطيل والمناكير" (1/67-71) في تحقيق نسبته.
(2) في الأصل :"جزل"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في "صحيحه" (1/23 رقم35).
(4) كذا في الأصل !! وفي السياق ما فيه. ويدل قوله فيما بعد :"عن وهيب هذا" على أن هناك سقطًا ؛ فإن وهيبًا لم يرد له ذكر فيما سبق.
(5) انظر التعليق السابق.
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وبه يستقيم السياق.
(7) حيث قال :" باب ذكر الدليل على أن المحدث لا يجب عليه الوضوء قبل وقت الصلاة ".(2/471)
وهذا الحديث في "الصحيح"(1) من حديث عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس بغير لفظة :" إنما ". قرأت على الحافظ أبي محمد المنذري رحمه الله تعالى، أخبرنا [عمر](2) ابن محمد بن معمَّر - قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق-، أنا عبدالوهاب بن المبارك - قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد.ح -.وقرأت على أبي الحسين يحيى بن علي الحافظ،أنا أبوالحسن عبداللطيف بن إسماعيل بن أحمد البغدادي الصوفي- قراءة عليه-، أنا أبومنصور علي بن علي بن عبيدالله [الأمين](3)- قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد-،/ قالا(4): أنا عبدالله بن محمد بن عبدالله- زاد القرشي(5) أولاً : أبو محمد، وزاد : الخطيب آخرًا(6)-، [أنا عبيدالله](7)
__________
(1) أي "صحيح مسلم" (1/282-283 رقم374) كتاب الحيض، باب جواز أكل المحدث الطعام، وسيأتي ذكر المصنف للفظه.
(2) في الأصل :"عمرو"، والتصويب من "سير أعلام النبلاء" (21/507-508)، وهو المعروف بابن طبرزذ.
(3) في الأصل :" الأبير"، والتصويب من "سير أعلام النبلاء" (21/334) و(20/49).
(4) أي : عبدالوهاب بن المبارك وأبو منصور الأمين.
(5) هو أبو الحسين يحيى بن علي الحافظ المعروف بالرشيد العطار.
(6) أي : فيكون اسمه بناء على رواية القرشي :" أبو محمد عبدالله بن محمد بن عبدالله الخطيب"، وهو ابن هَزَارْمَرد، والمعروف بـ"الصريفيني" راوي كتاب "الجعديات" عن أبي القاسم ابن حبابة كما في "سير أعلام النبلاء" (8/330).
(7) هو المعروف بـ"ابن حبابة". ومابين المعكوفين تصحّف في الأصل إلى :" أبو عبدالله"، وانظره على الصواب فيما يأتي(ص535) من هذا المجلد، وفي إسناد "الجعديات" المطبوع=
= باسم "مسند ابن الجعد" (ص18)، وانظر معه "سير أعلام النبلاء" (16/548).(2/472)
بن محمد بن إسحاق، - زاد القرشي : أبومحمد أولاً، وزاد :[البزّاز](1) آخرًا -، حدثنا عبدالله - قال المنذري: يعني ابن محمد بن عبدالعزيز(2)، وقال القرشي أولاً : أبوالقاسم، وأسقط "يعني"-، ثنا أبوالربيع - زاد المنذري: الزهراني، واتفقا -: والقواريري، قالا(3): ثنا حماد بن زيد. وثنا(4) سُريج وأبوبكر ابن أبي شيبة وابن عباد،[قالوا](5): ثنا سفيان. وثنا(4) داود بن عمرو، ثنا محمد بن مسلم، كلهم(6) عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء، فأُتي بطعام، فذكر له الوضوء، فقال : ((أريد أن أصلي فأتوضأ ؟! )). رواه مسلم(7) عن أبي الربيع الزهراني، عن حماد، وعن أبي بكر ابن أبي شيبة(8)، عن سفيان، كليهما(9) عن عمرو بن دينار. وفي لفظه عن حماد : ((أريد أن أصلي فأتوضأ ؟! )) وفي روايته عن سفيان بسنده : كنَّا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء من الغائط، وأُتي بطعام، فقيل له: ألا تتوضأ ؟ فقال : ((لِمَ ؟! أصلي فأتوضأ ؟! )) وفي رواية محمد بن مسلم(10): ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الغائط، فلمَّا جاء، قُدِّم له طعام، فقيل له :
__________
(1) في الأصل :" البزار"، والتصويب من الموضع الآتي (ص535)، ومن "السير"، و"الإكمال" لابن ماكولا (2/372).
(2) أي البغوي صاحب كتاب "الجعديات" المطبوع باسم "مسند ابن الجعد"، وهذا الحديث فيه (ص248 رقم1637) كما هنا.
(3) يعني : أبا الربيع الزهراني والقواريري.
(4) القائل :"وحدثنا" هو أبوالقاسم عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز البغوي.
(5) في الأصل :" قالا"، والتصويب من "الجعديات".
(6) أي : حماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، ومحمد بن مسلم.
(7) في الموضع السابق برقم (374/118).
(8) في الموضع السابق برقم (374/119).
(9) أي : سفيان وحماد بن زيد.
(10) عند مسلم في الموضع السابق برقم (374/120).(2/473)
يارسول الله! ألا تتوضأ ؟ قال : (( لم ؟! أللصلاة ؟! )).
وروى أبوجعفر الطبري حديث ابن عيينة، عن عمرو بن دينار بلفظ آخر، فقال: عن سعيد بن الحويرث:سمع ابن عباس يقول: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء من الغائط، فأُتي بطعام، فقيل له : ألا تتوضأ ؟ فقال : ((إنما استطبت بشمالي،وإنما آكل بيميني )). أخرجه عن أبي كريب(1)، وأحمد بن محمد الدولابي، وغيرهما، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو.
ذكر مايُنَبَّه عليه في هذا الفصل
"عُلَيَّة"- بضم العين، وفتح اللام، وتشديد الياء آخر الحروف-: اسم [أم](2) إسماعيل، وليس اسمًا لأبيه، وكان يكره ذلك. و"[عمر](3) بن محمد بن مُعَمَّر": بضم الميم، وفتح العين، وتشديد الميم. و"سُريج": بالسين المهملة، والجيم. و"الزهراني"- بفتح الزاي المعجمة، وبعد الهاء الساكنة راء مهملة - نسبة إلى زهران، ويقال فيه : العَتَكي. وزهران والعَتَكُ قبيلتان من الأزد، ولا يمكن اجتماعهما في حق رجل واحد، وكان عَتَكيَّ النسب، نزل زهران فنسب إليهم. و"الخلاء"- ممدود -:الموضع الخالي، يكنى به عن موضع الخلاء.
فصل في الطهارة لذكر الله عز وجل
__________
(1) في الأصل :" ابن أبي ذئب"، وصوبت في الهامش.
(2) في الأصل :" اسم"، والصواب المثبت، ويدل عليه : قوله بعد :" وليس اسمًا لأبيه ". وهو : " إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي، مولاهم، أبو بشر البصري المعروف بابن عليّة". قاله الحافظ في "التقريب" (ص136ت رقم420).
(3) في الأصل :" عمرو"، وسبق تصويبها (ص 429).(2/474)
روى أبوداود(1) من حديث الحسن، عن حُضَين بن المنذرأبي ساسان، عن المهاجر بن قُنفذ : أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد [عليه](2) حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، فقال : (( إني كرهت أن أذكر الله تعالى إلا على طهر ))- أو قال : (( على طهارة )) - . أخرجه عن ابن المثنى، عن عبدالأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن.
و"سعيد" هو ابن أبي عروبة.
ورواه يزيد بن زريع(3) عن سعيد بن أبي عروبة، وفيه لفظ مخالف.
و"سعيد بن أبي عروبة" كان قد اختلط، واختلف سماع الناس منه، فيُراعى في تصحيح حديثه معرفة من سمع منه قبل الاختلاط أو بعده. وروى ابن عدي(4) بسنده عن الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - قال :"كل شيء روى يزيد ابن زُريع عن سعيد فلا [تبال](5) أن لا تسمعه من أحد، سماعه من سعيد [قديم](6)، وكان يأخذ الحديث بنية ".
[ل152/ب]
__________
(1) في "سننه" (1/23 رقم17) كتاب الطهارة، باب أيرد السلام وهو يبول ؟ وأخرجه ابن ماجه (1/126 رقم350) في الطهارة وسننها، باب الرجل يسلم عليه وهو يبول، من طريق روح بن عبادة، عن سعيد بن أبي عروبة، به.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(3) رواية يزيد بن زريع أخرجها الحاكم في "المستدرك" (3/479)، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/329-330 رقم781). واللفظ المخالف الذي أشار إليه المصنف هو قوله في الحديث :"... فلما فرغ رد علي واعتذر إلي ".
.
(4) في "الكامل" (3/393-394).
(5) في الأصل :" تبالي"، وجاءت على الصواب في "الكامل".
(6) في الأصل :"قديمًا"، والتصويب من "الكامل".(2/475)
وقد روى [النسائي](1) هذا الحديث من طريق شعبة(2)،/عن قتادة، وليس فيه : "إني كرهت..."، إلى آخره.
وروى هذا الحديث أبو القاسم الطبراني في "معجمه الكبير"(3) عن عبدالله بن أحمد بن حنبل، عن عبيدالله بن [عمر](4) القواريري، عن معاذ بن هشام،عن أبيه، عن قتادة، عن [الحسن](5)، عن حُضين بن المنذر أبي ساسان، عن المهاجر بن قنفذ، أنه سلم [على](6) النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فلم يرد عليه حتى توضأ.
وهؤلاء كلهم من عبدالله إلى المهاجر ثقات(7) مشاهير عندهم. و"حُضَين"- بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة-:أبوساسان.و"المهاجر بن قنفذ": تيمي قرشي. و"أبوقنفذ" يقال له : شارب الذهب.
وقد روى هذا الحديث حماد بن سلمة(8) عن حميد وغيره، عن الحسن، عن المهاجر، وهو منقطع مابين الحسن والمهاجر، يتبين برواية قتادة عن الحسن المذكورة في صدر الفصل.
__________
(1) في الأصل :"الكسائي"، والتصويب من "نصب الراية" (1/5) نقلاً عن المصنِّف. وقد أخرجه النسائي في "سننه" (1/37 رقم38) في الطهارة، باب رد السلام بعد الوضوء.
(2) كذا في الأصل، وكذا في الموضع السابق من "نصب الراية" نقلاً عن المصنف ! وهو تصحيف وقع في بعض أصول رواية ابن السني لـ"سنن النسائي" كما نبه عليه الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" (8/514)، والصواب :"سعيد" - وهو ابن أبي عروبة - بدل "شعبة"، فإنه كذلك في رواية ابن حيوية وابن الأحمر وغيرهما.
(3) 20/329 رقم780).
(4) في الأصل :"عمرو"، والتصويب من "المعجم الكبير"، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (19/130).
(5) في الأصل "الحسين"، والتصويب من "المعجم الكبير".
(6) في الأصل :" عن "، والتصويب من المرجع السابق.
(7) انظر "التقريب" لابن حجر، الأرقام (3222و4354و7349و5553و1237و1406). ومعاذ بن هشام صدوق ربما وهم كما في "التقريب" أيضًا (6789).
(8) وروايته أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (5/80-81).(2/476)
ذكر جواز قراءة القرآن والذكر مع الحدث
روى مالك(1) عن مخرمة بن سليمان، عن كُرَيب مولى ابن عباس : أن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أخبره:أنه بات ليلة عند ميمونة زوج النبي- صلى الله عليه وسلم - -وهي خالته -[قال](2): فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3) في طولها. فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل، أوبعده بقليل، استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل(4) يمسح النوم [عن وجهه بيده](5)، ثم قرأ العشر [الآيات](6) [الخواتم](7) من سورة آل عمران، ثم قام إلى شنٍّ معلقة(8)
__________
(1) في "الموطأ" (1/121 رقم11) كتاب صلاة الليل، باب صلاة النبي r في الوتر، وهذا الحديث كما سيقول المصنف بعد قليل :"أخرجه البخاري من حديث مالك". وبعد تتبعي للأماكن التي أخرج البخاري فيها الحديث من طريق مالك، وقارنت ذلك بـ"الموطأ" و"التمهيد" وجدت أن النص الذي أورده المصنف هو سياق ابن عبدالبر في "التمهيد"، إلا ألفاظًا يسيرة، ولذا تم التصويب والاستدراك منه.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "التمهيد"(13/206)، و"الموطأ"، و"صحيح البخاري".
(3) كذا في الأصل، و"التمهيد"، وفي"الموطأ"، و"صحيح البخاري" :"واضطجع رسول اللهr وأهله".
(4) كذا في الأصل وبعض روايات البخاري عن مالك، وفي "التمهيد"، و"الموطأ"، وبعض روايات البخاري عن مالك :" فجلس ".
(5) في الأصل :"بيده عن وجهه" والمثبت من "التمهيد"، و"الموطأ"، وبعض روايات البخاري عن مالك.
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "التمهيد"، و"الموطأ"، وكذا هو في بعض روايات البخاري عن مالك، وفي بعضها :"آيات".
(7) في الأصل :"الخواتيم"، والمثبت من "التمهيد"، وكذا هو في "الموطأ"، وفي بعض روايات البخاري عن مالك :" خواتيم ".
(8) كذا في الأصل، و"التمهيد"، و"صحيح البخاري". أما "الموطأ" ففيه :" معلق ".(2/477)
فتوضأ منها(1)، فأحسن وضوءه، ثم قام يصلي. قال ابن عباس : فقمت، فصنعت مثل ماصنع. ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع [رسول الله - صلى الله عليه وسلم -](2) يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني اليمنى يفتلها، فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن، فقام فصلى(3) ركعتين خفيفتين، [ثم خرج فصلى](4) الصبح. أخرجه البخاري(5) من حديث مالك. "الوسادة": الفراش الذي ينام عليه، ذكره صاحب "الاقتضاب"(6). وقال الداودي :" الوسادة : مايضعون رؤوسهم عليه للنوم "، ذكره أيضًا عنه صاحب "الاقتضاب". و"العَرض"-بالفتح-: خلاف الطول، وبالضم: الجانب. وذكر بعضهم مايُشعر بأنه هنا بالضم، يريد الجانب الضيق منها، ورُدّ ذلك. و"الشن": القربة الخلق، يقال : شنّة وشنّ، وجمعه : شنان. وقوله: "فأحسن الوضوء"، أي : أتى به على أكمل هيئة. ويقال : فلان أحسن كذا: بهذا المعنى، وبمعنى : أنه
__________
(1) كذا في الأصل، وفي "التمهيد"، وروايات البخاري عن مالك. أما "الموطأ" ففيه :" منه ".
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "التمهيد"، و"الموطأ"، وبعض روايات البخاري عن مالك.
(3) كذا في الأصل، وبعض روايات البخاري، وفي "التمهيد"، و"الموطأ" وبعض روايات البخاري دون قوله :" فقام ".
(4) في الأصل :"ثم صلى"، والتصويب من المراجع السابقة.
(5) في "صحيحه" (1/287 رقم183) كتاب الوضوء، باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره، و(2/477 رقم992) كتاب الوتر، باب ماجاء في الوتر، و(3/71 رقم1198) كتاب العمل في الصلاة، باب استعانة اليد في الصلاة إذا كان من أمر الصلاة، و(8/236 رقم4570 و 4571 و ص237 رقم4572) كتاب التفسير، باب:{ الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا...}، وباب :{ ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته...}، وباب :{ ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان }.
(6) تقدم التعريف به (ص144) من المجلد الأول.(2/478)
علم كيف يأتي به، يقال : فلان يحسن صنعة كذا؛ أي: يعلم كيف تصنع. وقوله :" فتوضأ منها " كذا الرواية، والشن مذكر، لكنه أنّث الضمير على معنى القربة. وروى ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن خالد بن سلمة، عن البهي، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله تعالى على كل أحيانه. أخرجوه(1) إلا البخاري والنسائي، وقال الترمذي :" هذا حديث حسن غريب".
و"البَهِيُّ"- بفتح الباء الموحدة، وكسر الهاء، وتشديد الياء-: لقب لعبدالله بن يسار -[بالياء](2)، والسين المخففة - معدود في الطبقة الأولى من الكوفيين، ذكر اسمه المفضل بن غسَّان عن يحيى بن معين(3).
[ل153/أ]
وروى مالك في "الموطأ"(4) عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين : أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان في قوم وهم يقرؤون القرآن، فذهب لحاجته، ثم رجع وهو يقرأ القرآن، فقال له رجل : ياأمير المؤمنين ! أتقرأ [القرآن](5) ولست / على وضوء ؟! فقال له عمر :" من أفتاك بهذا ؟! أمسيلمة ؟!".
وهذا فيه انقطاع بين محمد بن سيرين وعمر(6)
__________
(1) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1/282 رقم373) كتاب الحيض، باب ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها، وأبو داود في "سننه" (1/24 رقم18) كتاب الطهارة،باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر، وابن ماجه في "سننه" (1/110 رقم302) كتاب الطهارة وسننها، باب ذكر الله عز وجل على الخلاء، والترمذي في "سننه" (5/432 رقم3384) كتاب الدعوات، باب ماجاء أن دعوة المسلم مستجابة.
(2) في الأصل :"والياء".
(3) وهو في "تاريخه" أيضًا برواية الدوري (2/339 رقم2507).
(4) 1/200 رقم2) كتاب القرآن، باب الرخصة في قراءة القرآن على غير وضوء.
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الموطأ".
(6) لأن ولادة ابن سيرين بعد وفاة عمر t بمدة؛ فإنه ولد لسنتين بقيتا من إمارة عثمان t=
= كما قال ابن علية. انظر "تاريخ بغداد" للخطيب (5/333).(2/479)
. ويقال : إن هذا الرجل
المخاطب لعمر هو: أبومريم الحنفي(1)، واسمه : إياس بن ضبيح(2). و"مُسيلمة" المذكور : لقب لثمامة بن حبيب الحنفي الكذاب يدعي(3) النبوة، يُدعى: أباهارون، وقيل : أبا مروان.
فصل فيما استدل به على أن الحدث يرتفع عن
كل عضو بغسله
استدل في ذلك بما دل على خروج الخطايا بغسله(4).
باب آداب قضاء الحاجة ذكر الإبعاد
روى مسلم(5) من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال : انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى توارى عنّي، فقضَى حاجته.
__________
(1) وقد جاء مصرحًا به في "التاريخ الكبير" (1/436-437) حيث رواه البخاري بسنده إلى محمد بن سيرين عن أبي مريم إياس بن ضبيح الحنفي قال : كنت عند عمر، فقضى حاجته، ثم قرأ آيات، فقلت : أليس قد أحدثت ؟ فقال : أمسيلمة أفتاك ذاك ؟ ومن طريق أيوب عن ابن سيرين أخرجه بنحوه عبدالرزاق في "مصنفه" (1/339 رقم1318)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (1/98 رقم1104)، وفيها التصريح بالكنية دون الاسم.
(2) في الأصل يحتمل أن تكون "صبيح" و"ضبيح"، والمثبت موافق لما في "التاريخ الكبير" للبخاري. وقد ذكر المحقق أن في نسخة أخرى :"صبيح"- بالصاد -.
(3) كذا في الأصل.
(4) كما في حديث أبي هريرة المتقدم (1/587)، وفيه : أن رسول الله r قال : (( إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء - أو نحو هذا -، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيًّا من الذنوب ) ) .
(5) في "صحيحه" (1/229 رقم274) كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.(2/480)
رواه ابن منده من حديث زائدة بسنده،ولفظه: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فنزل ليقضي حاجته فأبعَد. وأخرجه أبوداود(1) من حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ذهب المذهب أبعد. وأخرجه الثلاثة(2) معه، وقال الترمذي :" هذا حديث حسن صحيح ".
وأخرجه ابن خزيمة في كتابه "الصحيح"(3) أيضًا، وقال ابن منده في هذه الطريق - أعني طريق أبي داود -: "وهو وهم، والصواب ماتقدم ".
وسئل الدارقطني(4) عن حديث أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن المغيرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه تباعد لحاجته، وفيه ذكر المسح على الخف، فقال :" يرويه محمد بن عمرو بن علقمة، واختلف عنه، فرواه إسماعيل بن جعفر وأسباط بن محمد وأبو بدر شجاع بن الوليد، عن(5) محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن المغيرة، وخالفهم عبدة بن سليمان من رواية أبي عبدالرحمن معمر بن مخلد السروجي عنه، فقال :عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. والصحيح حديث المغيرة ".
__________
(1) في "سننه" (1/14 رقم 1) كتاب الطهارة، باب التخلي عند قضاء الحاجة.
(2) أخرجه الترمذي في "سننه" (1/31 رقم20) أبواب الطهارة، باب ماجاء أن النبي r كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب، وابن ماجه في "سننه" (1/120 رقم331) كتاب الطهارة وسننها، باب التباعد للبراز في الفضاء، والنسائي في "سننه" (1/18 رقم17) كتاب الطهارة، باب الإبعاد عند إرادة الحاجة.
(3) 1/30 رقم50).
(4) في "العلل" (7/111 رقم1239).
(5) في "العلل" المطبوع :" بن "، وهو خطأ.(2/481)
وروى يحيى بن سعيد، عن أبي جعفر الخطمي، عن عمارة بن خزيمة والحارث بن فضيل، عن عبدالرحمن بن أبي قراد قال : خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأيته خرج من الخلاء، وكان إذا أراد حاجة أبعد. رواه أبوبكر ابن خُزيمة(1) عن بندار، عن يحيى بن سعيد، حدثنا أبوجعفر الخطمي، قال بندار: فقلت ليحيى : مااسمه ؟ قال يحيى : عمير بن يزيد. قلت :" وعمير بن يزيد أبوجعفر الخَطْمي"- بفتح الخاء المعجمة، وسكون الطاء المهملة - مدني سكن البصرة، سئل عنه يحيى بن معين فقال(2): " ثقة ". وذكر عند عبدالرحمن بن مهدي فقال(3):" كان أبوجعفر وأبوه وجدّه [قومًا](4) يتوارثون الصدق بعضهم عن بعض".و"عمارة بن خُزيمة": بن ثابت الأنصاري، أوسي، روى له الأربعة(5)، وذكره أبوحاتم ابن حبان في كتاب "الثقات"(6)، وقال:" كنيته أبومحمد ". و"الحارث بن فُضيل" قرينه في الإسناد : بالضاد المعجمة، أبوعبدالله مدني أنصاري خطمي، روى له مسلم(7)، وعن يحيى(8) أنه وثقه.
فقد رواه من هو موثق من يحيى إلى عبدالرحمن، فهو صحيح كما أخرج ابن خزيمة.
وروى أحمد بن عبدالجبار، عن يونس بن [بكير](9)، عن إسماعيل بن عبدالملك، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه - قال : خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد البراز تباعد حتى لا يراه أحد...، وذكر باقي الحديث. أخرجه البيهقي(10).
[ل153/ب]
__________
(1) في "صحيحه" (1/30 -31 رقم51).
(2) كما في "الجرح والتعديل" (6/379).
(3) كما في "تهذيب الكمال" (22/393).
(4) في الأصل :" قوم "، والتصويب من "تهذيب الكمال".
(5) كما في "تهذيب الكمال" (21/241و242).
(6) 5/240).
(7) كما في "تهذيب الكمال" (5/271و272).
(8) أي : ابن معين، وقوله هذا في "تاريخه" برواية الدارمي (ص165 رقم590).
(9) في الأصل :"بكر"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(10) في "سننه" (1/93).(2/482)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - / يذهب إلى حاجته إلى الْمُغَمَّس. قال نافع عن(1) ابن عمر : نحو ميلين من مكة. أضافه عبدالحق(2) إلى أبي جعفر الطبري في "تهذيب الآثار".
و"الْمُغَمَّس": بضم الميم، وفتح الغين المعجمة، وفتح الميم المشددة.
وروى كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف، عن أبيه، عن جده، عن بلال بن الحارث الْمُزني : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد حاجة أبعد (3).
و"كثير": قال ابن معين(4):"حديثه ليس بشيء ". وقال أحمد في رواية أبي طالب(5): "منكر الحديث، ليس بشيء". وقال النسائي(6):"متروك الحديث ".
وروى العقيلي(7) من جهة الحسين بن [عبيدالله التميمي](8)، عن شريك، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن جابر.
__________
(1) في الأصل كتب فوقها :" بن " وهو خطأ.
(2) في "الأحكام الوسطى" (1/123).
(3) لم يذكر المصنف من أخرج هذا الحديث، وقد أخرجه ابن ماجه في"سننه" (1/121رقم 336) كتاب الطهارة وسننها،باب التباعد للبراز في الفضاء، وفيه:"الحاجة" بدل "حاجة".
(4) في "تاريخه" برواية الدوري (2/494 رقم 1087).
(5) كما في "الجرح والتعديل" (7/154).
(6) في "الضعفاء والمتروكين" (ص228 رقم504).
(7) في "الضعفاء"(1/252)، وعنه الذهبي في "الميزان"(1/540)، ولفظ الحديث:" أن النبي r كان إذا أراد الخلاء لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ". وهذا الحديث يدخل في الفصل الآتي (ص445) بعنوان:" فصل في إدامة التستر إلى حال الدنوّ من الأرض "، فهو أليق به، وقد أعله العقيلي في الموضع السابق.
(8) في الأصل :"عبدالله التيمي"، والتصويب من المرجعين السابقين.(2/483)
فصل في إعداد النُّبَل روى محمد بن الحسن، عن عيسى بن أبي عيسى الحناط،عن الشعبي، عمن سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( اتقوا الملاعن، وأعدوا النُّبَل )) . رواه أبوعُبيد(1)عن محمد بن الحسن - بعد ذكره لفظه على عادته -، وقال في آخره :" عمن سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك". قال :"وقال الأصمعي: أراها هكذا - بضم النون، وفتح الباء-، [يقال](2): نَبِّلْني أحجارًا للاستنجاء؛ أي:أعطنيها".ثم[قال](3)أبوعبيد:"وسمعت محمد بن الحسن يقول : النُّبَل : هي حجارة الاستنجاء ". قال أبوعبيد : "والمحدثون يقولون: النَّبَل - بالفتح -، ونراها أنها سميت نَبَلاً لصغرها. وهذا من الأضداد في كلام العرب، أن يقال للعظام : نَبَل، وللصغار : نَبَل ".
__________
(1) في "غريب الحديث" (1/210-211 رقم46) طبعة مجمع اللغة العربية.
(2) في الأصل :" فقال "، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في الأصل :" عاد "، والتصويب من المرجع السابق.(2/484)
فصل في التستر لقضاء الحاجة روى مسلم(1) في حديث عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الطويل، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : سرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلنا واديًا أفيح، فذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته، فاتَّبَعْتُه بإداوة من ماء، فنظر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فلم ير شيئًا يستتر به، فإذا شجرتان [بشاطئ](2) الوادي، فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال : ((انقادي عليّ بإذن الله تعالى ))، فانقادت معه كالبعير المخشوش - الذي يصانع قائده -، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: (( انقادي عليّ بإذن الله ))، فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما فَلأَمَ بينهما - يعني جمعهما -، فقال : (( التئما عليّ بإذن الله ))، [فَالْتَأَمَتَا](3).
__________
(1) في "صحيحه" (4/2306 رقم3012) كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر.
(2) في الأصل :"شاطئ"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(3) في الأصل :"فالتأما"، والتصويب من "صحيح مسلم".(2/485)
و"الإِداوة"- بكسر الهمزة -: آنية الماء، كالمطهرة. و"الأفيح": المتسع. و"المخشوش": الذي يجعل في أنفه الخشاش. [وروى](1) مسلم(2) عن عبدالله بن جعفر قال :" كان أحب ما استتر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقضاء حاجته(3): هدف أو حائش نخل ". قال الفارسي في "مجمعه" :" الهدف : كل شيء مرتفع عظيم، ومنه يقال للرجل العظيم : هدف، والصدف قريب من الهدف. وقال بعضهم/: الهدف: مارفع من الأرض للنضال، وسمي القرطاس المنصوب : هدفًا، على الاستعارة؛ لأنه ينصب على الهدف ". و"الحائش"- بالحاء المهملة، والشين المعجمة -: جماعة النخل، فسره أبوعبيد في "الغريب المصنف"(4). قال :" لا واحد للحائش، ولا للصور ". وقال في "غريب الحديث"(5) :" الحائش والحش : جماعة النخل، وهو البستان. وفيه لغتان : حَش، وحُش ".
[ل154/أ]
وهذا الحديث مختصر من حديث مطول، ذكره الحافظ أبونعيم بتمامه في "المستخرج على كتاب مسلم"(6).
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والسياق يقتضيه.
(2) في "صحيحه" (1/268 رقم342) كتاب الحيض، باب مايستتر به لقضاء الحاجة.
(3) كذا في الأصل وفي "صحيح مسلم":" لحاجته "، ولم يذكر قوله :" لقضاء ".
(4) 1/220).
(5) 1/464-465).
(6) 1/387 رقم770).(2/486)
وروى النسائي(1) من حديث عبدالرحمن بن حسنة قال : انطلقت أنا وعمرو بن العاص إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخرج ومعه درقة، فتستر بها(2)، ثم بال. قال : فقلنا : انظروا إليه يبول كما تبول المرأة، فسمع ذلك فقال : ((ألم تعلموا مالقي صاحب بنى إسرائيل ؟ كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ماأصابه البول منهم،[فنهاهم](3)، فعذب في قبره ))(4). وأخرجه ابن ماجه(5).
فصل في إدامة التستر إلى حال الدُّنُوِّ من الأرض
فيه من حديث الأعمش طريقان :
إحداهما: عن الأعمش، عن رجل، عن ابن عمر رضي الله عنهما:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد حاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض. رواه أبوداود(6).
وقد وقع تسمية هذا الرجل المبهم فيما بين الأعمش وابن عمر.
__________
(1) في "سننه" (1/26 -28 رقم30) كتاب الطهارة، باب البول إلى السترة يستتر بها، وليس هذا لفظه وإنما لفظ أبي داود كما سيأتي التنبيه عليه.
(2) كذا في الأصل، وفي "سنن أبي داود" :" ثم استتر بها".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود".
(4) هذا لفظ أبي داود في "سننه" (1/26 رقم22) كتاب الطهارة، باب الاستبراء من البول، ولفظ النسائي :" خرج علينا رسول الله r وفي يده كهيئة الدرقة، فوضعها، ثم جلس خلفها، فبال إليها، فقال بعض القوم : انظروا يبول كما تبول المرأة، فسمعه فقال: (( أوما علمت ماأصاب صاحب بني إسرائيل ؟ كانوا إذا أصابهم شيء من البول قرضوه بالمقاريض، فنهاهم صاحبهم، فعُذِّب في قبره )). وسيذكره المصنف على الصواب (ص388) من المجلد الثالث.
ولعل الكلام به سقط فيكون السياق :" وروى النسائي وأبوداود واللفظ له ".
(5) في "سننه" (1/124 رقم346) كتاب الطهارة وسننها، باب التشديد في البول.
(6) في "سننه" (1/21 رقم14) كتاب الطهارة، باب كيف التكشف عند الحاجة.(2/487)
فروى الحافظ الفقيه أبوبكر الإسماعيلي في جمعه لحديث الأعمش عن عبدالله بن محمد بن مسلم- وقال: من أصل كتابه-، حدثنا أحمد بن محمد بن أبي رجاء المصيصي- شيخ جليل-، حدثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن القاسم بن محمد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد حاجة(1) تنحى، ولا يرفع ثيابه حتى يدنو من الأرض. وأخرجه البيهقي- من جهة الإسماعيلي - في"سننه"(2)
و"عبدالله بن محمد بن مسلم"- شيخ الإسماعيلي- أخرج له الإسماعيلي في "صحيحه"، وجعل اللفظ له في رواية شاركه فيها غيره، وأن أبارجاء قد ذكر فيه ابن مسلم ماحكاه عنه الإسماعيلي، وأخرج عنه الحافظ أبوعوانة الإسفراييني في "صحيحه" [كثيرًا](3)، وباقي الإسناد لا يسأل عنه. فإن يكن الأعمش سمع من القاسم، فهو حديث صحيح. ومن هذا الوجه : الطريق الثاني للأعمش في هذا الحديث ؛ من رواية عبدالسلام بن حرب، عن الأعمش، عن أنس بن مالك. رواها الترمذي(4). قال أبوداود(5):" وعبدالسلام بن حرب رواه عن الأعمش، عن أنس بن مالك، وهو ضعيف ". قال الترمذي(6):" وكلا الحديثين مرسل - يعني حديث ابن عمر وحديث أنس -، ويقال : لم يسمع الأعمش من أنس بن مالك، ولا من أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد نظر إلى أنس بن مالك، قال: رأيته
يصلي، فذكر [عنه](7) حكاية في الصلاة ". انتهى.
[ل154/ب]
__________
(1) في الموضع الآتي من "سنن البيهقي" :" الحاجة".
(2) 1/96).
(3) في الأصل :" كثير ".
(4) في"سننه" (1/21 رقم14) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الاستتار عند الحاجة.
(5) في الموضع السابق (ص22).
(6) عقب الحديث السابق.
.
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن الترمذي".(2/488)
وهذه الحكاية نقلتها من خط الحافظ أبي طاهر السِّلفي - وأجازني الفقيه أبوالحسن علي بن هبة الله عنه، وقرأته أيضًا على من سمعه ممن سمعه منه -، قال : أنا الرئيس أبوعبدالله القاسم بن الفضل الثقفي، أنا علي /- هو الشريف أبوالحسن ابن عبدالله بن إبراهيم الهاشمي -، ثنا محمد بن عمرو - هو ابن البختري -، ثنا أحمد بن عبدالجبار(1)، ثنا محمد بن الفضيل، عن الأعمش قال : رأيت أنس بن مالك بال، فغسل ذكره غسلاً شديدًا، ثم توضأ، ومسح على خفيه، وصلى بنا،[وحدثنا](2) في بيته.
وقد ذكر أبوبكر البزار(3) الحافظ أن الأعمش سمع من أنس، وأورد حديثًا ذكر فيه سماعه عنه، وكذا ذكر الحافظ أبونعيم الأصبهاني(4): أن الأعمش [رأى](5) أنس بن مالك وابن أبي أوفى، وسمع منهما، والمشهور ماقال الترمذي. وفي "العلل" للخلال عن حنبل - بعد ذكر حديث عبدالسلام هذا - قال :" فذكرته لأبي عبدالله، قال : لم يسمع الأعمش من أنس "، وذكر كلامًا بعده. وعن مهنا قال :" قلت لأحمد : لِمَ كرهت مراسيل الأعمش ؟ قال : كان لا يبالي عمَّن حدث. قلت له : رجل ضعيف سوى يزيد الرقاشي وإسماعيل بن مسلم ؟ قال : نعم، كان يحدث عن غياث بن إبراهيم عن أنس - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد الحاجة أبعد. وسألته عن غياث بن إبراهيم، قال : كان كذوبًا ".
فصل في ارتياد المكان للبول
__________
(1) في الأصل :" عبدالله"، وكتب فوقها :" عبدالجبار"، وهو الصواب. وقد أخرج هذا الأثر الخطيب في "تاريخ بغداد" (9/4)، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (6/239)، من طريق ابن فضيل عن الأعمش، وفيه :" أحمد بن عبدالجبار" على الصواب.
(2) في الأصل :"وحده"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(3) كما في "كشف الأستار" (3/92 رقم2319).
(4) في "حلية الأولياء" (5/54).
(5) في الأصل :"سمع من"، والتصويب من المرجع السابق.(2/489)
روى أبوداود(1) عن أبي التياح، حدثني شيخ قال : لما قدم عبدالله بن [عباس](2) البصرة، فكان يحدث عن أبي موسى، فكتب عبدالله إلى أبي موسى يسأله عن أشياء، فكتب إليه أبوموسى : إني كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ذات يوم، فأراد أن يبول، فأتى دَمَثًا في أصل جدار، فبال، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -](3): (( إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله(4) )). "الدَّمَث"(5)- بفتح الدال المهملة والميم -: المكان اللين السهل.
قال أبو عبيد في " غريب الحديث "(6):« قوله :" فليرتد لبوله" يعني : أن
يرتاد مكانًا لينًا منحدرًا ليس بصلب فينتضح عليه، ولا مرتفع فيرجع إليه ».
و"أبوالتَّياح": بفتح التاء ثالث الحروف، وآخره حاء مهملة.
__________
(1) في "سننه" (1/15 رقم3) كتاب الطهارة، باب الرجل يتبوأ لبوله.
(2) في الأصل :"عياش"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(4) كذا في الأصل، و"مختصر سنن أبي داود" (1/14 -15)، و"جامع الأصول" (7/114)، أما في "عون المعبود" (1/20)، والمطبوع من "سنن أبي داود" :" فليرتد لبوله موضعًا"، فالزيادة في بعض النسخ دون بعض.
(5) قوله :"الدمث" مكرر في الأصل.
(6) 1/312).(2/490)
ومن "مراسيل أبي داود"(1):عن طلحة بن أبي [قنان](2): أن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يبول فأتى [عزازًا](3) من الأرض،أخذ عُودًا من الأرض [فنكت](4) حتى يُثَرِّي ثم يبول. وهذا مرسل كما ذكرنا. وقال أبوالحسن ابن القطان(5):" وطلحة هذا لا يعرف بغير هذا ". و"العَزاز"- بفتح العين، وزايين بينهما(6) ألف-: هو ماصلب من الأرض واشتد، ومنه قولهم: تعزز لحم الناقة، أي : اشتد. ومنه ماذُكر: أن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود قال لابن شهاب الزهري - لما ظن أنه استفرغ ماعنده من العلم واستغنى عنه -:" أنت بعد في العزاز ". والعزاز يكون في أطراف الأرض وجوانبها ؛ أي : أنك في أوائل العلم والأطراف ؛ أي : لم تكمل، ولم تستغن عن المعلم(7).
فصل في كراهية البول في الهواء
روى أبوأحمد ابن عدي(8) وأبوجعفر العقيلي(9) من حديث يوسف بن السَّفر، عن الأوزاعي، [عن يحيى](10)، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره البول في الهواء.
[ل155/أ]
__________
(1) أي في كتابه "المراسيل" (ص71 رقم1).
(2) في الأصل :"قبان"، والتصويب من "المراسيل"، و"الثقات" لابن حبان (6/488).
(3) في الأصل :"عززًا"، والتصويب من "المراسيل"، وسيرد ذكره بعد ذلك على الصواب.
(4) في الأصل :" فنكث"، والمثبت من المراسيل.
(5) في "بيان الوهم والإيهام" (3/41).
(6) في الأصل :"بعدهما"، وصوبت في الهامش.
(7) أورده بنحوه ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (4/40).
(8) في "الكامل" (7/163).
(9) ليس في المطبوع من "الضعفاء الكبير" (4/452)، وإنما فيه ترجمة يوسف بن السفر فقط، فلعله في كتاب آخر.
(10) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الكامل".(2/491)
و"يوسف بن السَّفْر"/ ضُبط اسم والده بفتح السين وإسكان الفاء. قال أبوحاتم الرازي(1):" ضعيف شبه المتروك".
وقد روى هذا هقل - هو ابن زياد - عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية قال :" يكره للرجل أن يبول في الهواء، وأن [يتغوط](2) على رأس الجبل كأنه طير واقع ". رواه أبوأحمد ابن عدي(3)، وهو موقوف على حسان.
__________
(1) في "علل الحديث" (1/287 رقم854)، ولكن فيه :" ضعيف الحديث شبه المتروك".
(2) في الأصل :"يبول"، والتصويب من "الكامل".
(3) في "الكامل" (7/163).
.(2/492)
و"هقل" بكسر الهاء وإسكان القاف. وروى محمد بن يزيد، عن أبيه يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني خلاد : أنه سمع أباه يقول : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : (( إذا خرج أحدكم يبول أو يتغوط، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستقبل الريح. وإذا خرج الرجلان جميعًا فليتفرقا، ولا يجلس أحدهما قريبًا من صاحبه يتحدثان،فإن الله يمقت على ذلك )). أخرجه الحافظ أبوبكر الإسماعيلي في جمعه لحديث يحيى ابن أبي كثير(1) عن عبدالله بن محمد بن مسلم،ثنا أبوحاتم، ثنا محمد بن يزيد، ثنا يحيى بن أبي كثير...، فذكره. و"أبوحاتم" هذا هو : محمد بن إدريس الرازي الحافظ. و"يزيد" هو : ابن سنان، أبوفروة الرهاوي، قال البخاري(2):" هو مقارب الحديث، إلا أن ابنه محمدًا يروي عنه مناكير ". وكان مروان بن معاوية يثبته(3). وقال أبو حاتم(4):" محله الصدق، كان الغالب عليه الغفلة، يكتب حديثه ولا يحتج به". وقال ابن عدي(5):"وفي حديثه لين، وله حديث صالح". وعن ابن المديني(6) وأحمد(7) استضعافه. و"خلاد" هذا هو : ابن السائب.
__________
(1) في الأصل :"بكر"، وصوبت في الهامش.
(2) ذكره الترمذي في "سننه" (5/54 رقم2694) كتاب الاستئذان، باب ماجاء في فضل الذي يبدأ بالسلام، وانظر "تهذيب الكمال" (32/157).
(3) كما في "الجرح والتعديل" (9/266).
(4) كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل".
(5) في "الكامل" (7/272).
(6) كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل".
(7) كما في "الكامل" (7/269).(2/493)
وروى بقية عن مبشر بن عبيد،عن الحجاج بن أرطأة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : مر سراقة بن مالك المدلجي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله عن التغوط، فأمره أن يتنكَّب القبلة، ولا يستقبلها، ولا يستدبرها، ولا يستقبل الريح، وأن يستنجي بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع، أو ثلاثة أعواد، أو ثلاث حثيات من تراب. أخرجه الدارقطني(1)، وقال :" لم يروه [غير](2) مبشر بن عبيد وهو متروك الحديث ".
وروى عباد بن عباد، عن واصل مولى أبي عيينة قال :" كان يقال : إذا أراد أحدكم البول [فليتمخر](3) الريح ". رواه أبوعبيد في "غريب الحديث"(4) عن عباد بن عباد وقال :" يعني : أن ينظر من أين مجراها، فلا يستقبلها، ولكن يستدبرها لئلاّ ترد عليه الريح البول ".
قال ابن أبي حاتم(5): "سألت أبا زرعة عن حديث رواه عبيدالله القواريري عن يوسف بن خالد، عن عمرو بن سفيان بن أبي البكرات، عن محفوظ بن علقمة، عن الحضرمي - وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا بال أحدكم فلا يستقبل الريح ببوله فيرد عليه )). فقلت لأبي زرعة : محفوظ ما حاله ؟ قال : لا بأس به، ولكن الشأن في يوسف، كان يحيى بن معين يقول : يكذب ".
فصل في الخاتم عليه ذكر الله تعالى
__________
(1) في "سننه" (1/56 -57 رقم11).
(2) في الأصل :"عن"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(3) في الأصل :" فليتحر"، والتصويب من "غريب الحديث".
(4) 1/312).
(5) في "علل الحديث" (1/51-52).(2/494)
روى همام بن يحيى عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء وضع خاتمه. أخرجه أبوداود(1)، وابن ماجه(2). وقال أبوداود :" هذا حديث منكر، وإنما يعرف : عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتمًا من ورق ثم ألقاه، والوهم فيه من همام، ولم يروه إلا همام ".
[ل155/ب]
وقال النسائي(3): " وهذا الحديث غير محفوظ ". وأما الترمذي/ فقال(4): "هذا حديث حسن صحيح(5)". قال شيخنا(6) رحمه الله تعالى :« وهمام هذا هو أبو عبدالله همام بن يحيى بن دينار الأزدي [العوذي](7)، مولاهم البصري، وإن كان قد تكلم فيه بعضهم، [فقد](8) اتفق البخاري ومسلم على
__________
(1) في "سننه" (1/25)كتاب الطهارة، باب الخاتم يكون فيه ذكرالله تعالى يدخل به الخلاء.
(2) في "سننه" (1/110 رقم303) كتاب الطهارة وسننها، باب ذكر الله عز وجل على الخلاء، والخاتم في الخلاء.
(3) في "سننه الكبرى" (5/456رقم9542) كتاب الزينة، باب نزع الخاتم عند دخول الخلاء.
(4) في "سننه" (4/201 رقم1746) كتاب اللباس، باب ماجاء في لبس الخاتم في اليمين.
(5) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "سنن الترمذي" :" حسن غريب"، والذي يظهر أن الصواب :" حسن صحيح غريب" كما نقل ذلك النووي عن الترمذي في المجموع "شرح المهذب" (2/76)، وكما جاء في "تحفة الأحوذي"(5/426-427 رقم1801).
(6) أي : المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/26).
(7) في الأصل:"العودي"،والتصويب من المرجع السابق، وانظر"تهذيب الكمال" (30/302).
(8) في الأصل :"وقد"، والتصويب من المرجع السابق.(2/495)
الاحتجاج بحديثه(1). وقال يزيد بن هارون(2):" همام قوي في الحديث ". وقال يحيى بن معين(3):" ثقة صالح ". وقال الإمام أحمد بن حنبل(3) - رضي الله عنه - : "همام ثبت في كل المشائخ". وقال ابن عدي الجرجاني(3):"وهمام [أشهر](4) وأصدق من أن يذكر له حديثًا منكرًا - أوله حديث منكر(5)-، وأحاديثه مستقيمة عن قتادة، وهو مقدم أيضًا في يحيى بن أبي كثير، وعامة مايرويه مستقيم ".
__________
(1) كما في "تهذيب الكمال" (30/302و310).
(2) كما في "الجرح والتعديل" (9/108).
(3) في "الكامل" (7/131).
(4) في الأصل :"أوثق"، والتصويب من "مختصر سنن أبي داود"، و"الكامل".
(5) كذا جاء في الأصل، وأما مختصر "سنن أبي داود"، و"البدر المنير" (1/350 /مخطوط)، و"الكامل" ففيها :"من أن يذكر له حديث منكر - أو له حديث منكر-"، وكذا في مخطوط "الكامل" (ل/940/أ).(2/496)
وإذا كان حال همام كذلك فيترجح ماقاله الترمذي، والله عز وجل أعلم ». قلت : ويرجح ماقاله الترمذي أيضًا : ضعف القرينة الدالة أيضًا على وهم همام، فإن انتقال الذهن من قولنا :" اتخذ خاتمًا من ورق، ثم ألقاه " إلى قوله: " كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه " لايكون إلا عن غفلة شديدة لا يحتمل مثل همام مثلها. نعم في روايته هذه عن هُدبة بن خالد(1)، عن همام: "ولا أعلمه إلا عن الزهري،عن أنس"، وهذه عبارة تشعر بعدم تيقن،فإن كان قائل هذا الكلام هو هدبة فلا يضر لذلك ؛ لثبت غيره الرواية عن همام وبثقته(2)، وإن كان هو همام فقد يضم ذلك إلى مخالفة الجمهور له، فيوقع شيئًا في الوهم، وعلى الجُملة فالجاري على قواعد الفقه والأصول قبول رواية الثقة في مثل هذا، والله عز وجل أعلم.
هذا مع أن له شاهدًا من رواية يعقوب بن كعب الأنطاكي، عن يحيى بن المتوكل البصري، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبس خاتمًا نقشه : محمد رسول الله، فكان إذا دخل الخلاء وضعه. أخرجه البيهقي(3)، وقال :" هذا شاهد ضعيف، والله عز وجل أعلم ".
__________
(1) أخرجها أبو يعلى في "المسند" (6/247 رقم3543)، والحاكم (1/187)، ومن طريقه البيهقي في "السنن" (1/94-95).
(2) كذا جاءت العبارة في الأصل. وقد نقل ابن الملقن في الموضع السابق من "البدر المنير" كلام المصنف هذا، وأسقط قوله :" لذلك لثبت...." إلى هنا.
(3) في "سننه" (1/95).(2/497)
وروى(1) ابن عدي(2) في ترجمة محمد بن عبيدالله العرزمي من جهة روّاد بن الجراح عنه، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتختم في خنصره الأيمن، فإذا دخل الخلاء جعل الكتابة مما يلي كفه(3).
وذكر(4) عن يحيى(5) من رواية [الدوري](6):" العرزمي لا يكتب حديثه".
ومن رواية معاوية(7) عن يحيى :" ضعيف الحديث". وعن عمرو بن علي(8) أنه قال فيه :" متروك الحديث ". وكذلك عن النسائي(9).
و"الخِنصِر": بكسر الخاء، والصاد.
وروى المعمري من حديث زمعة،[عن سلمة بن وهرام](10)، عن عكرمة قال :" كان ابن عباس إذا دخل المغتسل ناولني خاتمه حتى يفرغ ". رواه عن الحسن بن سلمة بن أبي كبشة، عن ابن عامر، عنه.
__________
(1) في الأصل بعد قوله :" وروى" بياض بمقدار كلمة، فالظاهر أن في موضعها :" أبوأحمد".
(2) في "الكامل" (6/102).
(3) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "الكامل" :" كفيه ".
(4) أي : ابن عدي في "الكامل" (6/97).
(5) أي : ابن معين.
(6) تصحفت في الأصل إلى :"الدورقي"، والتصويب من "الكامل"، والنص في "تاريخ الدوري عن ابن معين" (2/529 رقم2245).
(7) كما في "الكامل" (6/98).
(8) كما في المرجع السابق (6/97).
(9) كما في المرجع السابق (6/98)، وهو في "الضعفاء" له (ص213 رقم546).
(10) مابين المعكوفين بياض في الأصل، والمثبت من "الكامل" لابن عدي، وانظر التعليق بعد الآتي.(2/498)
وروى [أبو](1) أحمد ابن عدي [....](2)
فصل في المواضع المكروهة لقضاء الحاجة
روى مسلم(3) رحمه الله من حديث العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -:
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (([اتقوا](4) اللاعنين )) . قالوا: وما اللاعنان يارسول الله؟ قال : (( الذي يتخلى في طريق الناس، أو في ظلهم )) . وأخرجه أبوداود(5).
[ل156/أ]
ورواه أبومحمد ابن الجارود في "المنتقى"(6) من حديث [ابن](7) وهب، عن سليمان بن بلال، عن العلاء بسنده، وفيه : (( اجتنبوا اللعانين )). قالوا : ومااللعانان يارسول الله؟ قال : ((الذي يتبرز في طريق الناس،أو في/ مجلس قوم )) . ورواه الحافظ أبوعوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرايني في "مسنده"(8) من جهة يحيى بن صالح، عن سليمان بن بلال، وفيه : (( على طريق الناس أو في مجلس قوم )) .
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه.
(2) بياض بالأصل بمقدار سطر،ولعل المصنف خرج رواية ابن عدي لحديث عكرمة هذا -وهي في "الكامل" له (3/230)- من طريق أبي داود الطيالسي قال : ثنا زمعة، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن يعلى بن أمية قال : أنا صغت لرسول الله r خاتمًا لم يشركني فيه أحد، ونقشته :" محمد رسول الله r ". قال ابن عدي :" وهذا لا يرويه عن سلمة غير زمعة، ولا أعلم يرويه عن زمعة غير أبي داود"، يعني بهذا السياق.
.
(3) في "صحيحه" (1/226 رقم269) كتاب الطهارة، باب النهي عن التخلي في الطرق والظلال، ولكن هذا لفظ أبي داود في الموضع الآتي، وأما لفظ مسلم فهو : (( اتقوا اللعانين ))، قالوا وما اللعانان...، والباقي مثله.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح مسلم" و"سنن أبي داود".
(5) في "سننه"(1/28 رقم25) كتاب الطهارة، باب المواضع التي نهى النبي r عن البول فيها.
(6) 1/41 رقم33).
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "المنتقى".
(8) 1/194).(2/499)
وأخرجه ابن منده(1) من جهة سليمان بن بلال وإسماعيل بن جعفر جميعًا عن العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اتقوا اللاعنين )) . قالوا : ومااللاعنان يارسول الله ؟ قال : ((الذي يتخلى في طريق المسلمين أو في مجالسهم )) . أورد أولاً طريق سليمان، وأدرج بعدها طريق إسماعيل بن جعفر، وقال:"هذا إسناد صحيح ؛[أخرج](2) الجماعة - إلا البخاري - للعلاء بن عبدالرحمن ".
وروى النسائي(3) عن عبدالله بن سرجس - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبال في الجُحر. قال : قالوا لقتادة : مايكره من البول في الجُحر ؟ قال : "كان يقال : إنها مساكن الجن ". وأخرجه أبوداود(4).
__________
(1) وعزاه لابن منده أيضًا ابن الملقن في "البدر المنير" (1/329/مخطوط).
(2) في الأصل :"أخرجه".
(3) في "سننه" (1/33 رقم34) كتاب الطهارة، باب كراهية البول في الجحر، ولكن ليس هذا لفظه، بل لفظ رواية أبي داود، وأما رواية النسائي فلفظها : أن نبي الله r قال : ((لا يبولن أحدكم في جحر )). قالوا لقتادة : وما يكره من البول في الجحر ؟ قال : يقال : إنها مساكن الجن.
(4) في "سننه" (1/30 رقم29) كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الجحر.(2/500)
ورجال الإسناد فيه إلى ابن سرجس ثقات، إلا أن ابن أبي حاتم(1) قال : " أخبرنا حرب بن إسماعيل - فيما كتب إليّ - قال : قال الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - : ماأعلم قتادة روى عن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلا عن أنس - رضي الله عنه -. قيل له : فابن سرجس ؟ [فكأنه لم يره](2) سماعًا ". قال ابن أبي حاتم : " حديث ابن سرجس مايرويه [غير](3) معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن عبدالله بن سرجس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن البول في الأجحرة ". قلت : ليس فيما قال الإمام أحمد - رضي الله عنه - [جزم](4) للانقطاع، فإن أمكن اللقاء لعبدالله بن سرجس، فهو محمول على الاتصال على طريقة مسلم.
و"سَرْجِس": بفتح السين، وسكون الراء المهملة، وبكسر الجيم، وآخره سين مهملة.
وروى أبوداود(5) من حديث أبي سعيد - وهو الحميري -، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اتقوا الملاعن الثلاثة : البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل )) . وأخرجه ابن ماجه(6) أيضًا.
__________
(1) في "المراسيل" (ص168 -169 رقم619-619ب).
(2) في الأصل :"فإنه لم يروه"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في الأصل :"عن"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) في الأصل :" جزمًا ".
(5) في "سننه" (1/28-29 رقم26) كتاب الطهارة، باب المواضع التي نهى النبي r عن البول فيها.
(6) في "سننه" (1/119 رقم328) كتاب الطهارة وسننها، باب النهي عن الخلاء على قارعة الطريق.(3/1)
و"أبوسعيد" قيل : لم يسمع من معاذ. وذكر أبوالحسن ابن القطان(1) أن أباسعيد هذا " لا يعرف في غير هذا الإسناد، ولم يزد أبومحمد ابن [أبي](2) حاتم(3) في ذكره إياه على [ماأخذ](4) من هذا الإسناد، وقد ذكره أيضًا كذلك من غير مزيد : أبوعمر ابن عبدالبر في الكنى المجردة (5)". انتهى.
و"الموارد": الطرق إلى الماء.
وروى أبوجعفر العُقيلي(6) من حديث فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتخلى الرجل تحت شجرة مثمرة، أو ضفة نهر جارٍ.
وفي نسخة من كتاب العقيلي:ونهى أن يتخلى الرجل على ضفة نهر جارٍ.
وذكر العقيلي(7) عن البخاري(8):" فرات بن السائب : كوفي تركوه، منكر الحديث ".
و"ضَفَّة النهر"- بفتح الضاد المعجمة، وتشديد الفاء المفتوحة -: شاطئه.
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (3/41 رقم692).
(2) ما بين المعكوفين سقط من الأصل، وجاء على الصواب في"بيان الوهم".
(3) في "الجرح والتعديل" (9/376 -377).
(4) في الأصل :" ما أجد "، والتصويب من "بيان الوهم".
(5) من كتابه "الاستغناء في معرفة المشتهرين من حملة العلم بالكنى" (3/1533 رقم2353).
(6) في "الضعفاء الكبير" (3/458 ).
(7) في الموضع السابق.
(8) وهو في "التاريخ الكبير" (7/130 رقم583).(3/2)
وروى أبو أحمد ابن عدي(1) من حديث سلام بن مسلم(2) الطويل، عن أبي عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتغوط الرجل في القرع من الأرض. قيل : وما القرع ؟ فقال : (( أن يأتي أحدكم الأرض [قد كان](3) فيها النبات كأنما قُمَّت قِمَامَتُها(4)، فتلك مساكن إخوانكم من الجن )). و"سَلام": مفتوح السين، مشدد اللام. و"مُسْلِم": مضموم الميم، ساكن السين، مكسور اللام. قال يحيى(5) في سلام :" ليس بشيء ". وقال أحمد(6): "منكر الحديث". و"القَرَع"- بالقاف والراء المهملة/ المفتوحتين والعين المهملة في الكلأ -: أن يكون فيه قطع لا نبات بها، كاللمع من القرع في الرأس.
[ل156/ب]
وروى القاضي أبوبكر محمد بن بكر في كتاب "النهي" عن روح - هو ابن الفرج-، عن عمرو بن خالد، عن ابن لهيعة، عن قرة، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصلى في قارعة الطريق، أو يضرب الخلاء عليها(7)، أو يبال فيها.
و"ابن لهيعة" و"قرة" مشهورا الحال، تقدما.
__________
(1) في "الكامل" (3/301).
(2) كذا في الأصل:"مسلم"، وعليها إشارة إلحاق،وكتب في الحاشية "سلم"، وفوقها: "صوابه"، وضبطها المصنف لفظًا - كما سيأتي- حيث قال :" ومسلم : مضموم الميم..."، ولم أجد من ذكره هكذا فيما بين يدي من كتب الرجال، وقد قال المزي في "تهذيب الكمال" (12/277):"سلام بن سلم،ويقال: ابن سليم، ويقال: ابن سليمان، والصواب ابن سلم".
(3) ما بين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الكامل".
(4) في المطبوع من "الكامل" :" قمامته ".
(5) في "تاريخه" برواية الدوري (2/221).
(6) كما في "الكامل" لابن عدي (3/299).
(7) كذا في الأصل.(3/3)
وروى أبوداود في "المراسيل"(1) عن مكحول قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبال [بأبواب](2) المساجد.
وعن أبي مجلز(3): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عمر أن ينهى أن يبال في قبلة المسجد.
و"أبو مِجْلَز"- بكسر الميم، وسكون الجيم، وفتح اللام، وآخره زاي معجمة - اسمه : لاحق بن حُمَيد - بضم الحاء، وفتح الميم -.
فصل في كراهية البول في الماء الراكد
روى الليث بن سعد عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى أن يبال في الماء الراكد. أخرجه مسلم(4) وابن ماجه(5).
وروى ابن عجلان عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((لا يبولن أحدكم في الماء الناقع )) . أخرجه ابن ماجه(6).
فصل في البول في المغتسل
__________
(1) ص73 رقم 3).
(2) في الأصل :"في أبواب"، والتصويب من "المراسيل".
(3) عند أبي داود في الموضع السابق (ص78 رقم14).
(4) في "صحيحه" (1/235 رقم281) كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الراكد.
(5) في "سننه" (1/124 رقم343) كتاب الطهارة وسننها، باب النهي عن البول في الماء الراكد.
(6) في الموضع السابق برقم (344)، لكن بلفظ :"الراكد" بدل "الناقع". وأما هذا اللفظ : "الناقع" فهو في رواية نافع عن ابن عمر، وهي في الموضع السابق عند ابن ماجه برقم (345) عقب حديث ابن عجلان، فلعل بصر المصنف انتقل إليها بسبب التجاور، والله أعلم.(3/4)
قد مر(1) حديث [حميد](2) بن عبدالرحمن، عن رجل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - كما صحبه أبوهريرة، وفيه النهي عن [ البول في ](3) المغتسل. أخرجه أبوداود(4) والنسائي(5). وروى أشعث عن الحسن، عن عبدالله بن مغفل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يبولن أحدكم في مستحمه، فإن عامة الوسواس منه )) . أخرجه الأربعة(6) وقال الترمذي :" هذا حديث غريب ". انتهى.
__________
(1) انظر "فصل في من كره الوضوء بفضل المرأة" (ص 153و154) من المجلد الأول.
(2) في الأصل :"عبيد"، والتصويب من "سنن أبي داود"، و"سنن النسائي"، وتقدم قبل ذلك على الصواب.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من مصادر التخريج.
(4) في "سننه" (1/30 رقم28) كتاب الطهارة، باب في البول في المستحم.
(5) في"سننه"(1/130رقم238) كتاب الطهارة،باب ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب.
(6) أخرجه أبو داود (1/29 رقم27) كتاب الطهارة، باب في البول في المستحم، والترمذي (1/32 رقم21) أبواب الطهارة، باب ماجاء في كراهية البول في المغتسل، والنسائي (1/34 رقم36) كتاب الطهارة، باب كراهية البول في المستحم، وابن ماجه (1/111 رقم304) كتاب الطهارة وسننها، باب كراهية البول في المغتسل.(3/5)
و"أشعث" هذا هو ابن عبدالله، ورد منسوبًا في بعض الروايات، يقال فيه : الحُدَّاني - بضم الحاء، وفتح الدال المشددة، ونون بعد الألف، وبعدها ياء النسبة -. ويقال فيه : أشعث بن جابر، ويقال : أشعث بن عبدالله بن جابر، ويقال : أشعث الأعمى، ويقال: أشعث أبوعبدالله، ويقال : أشعث الأزدي، ويقال: أشعث الحُمْلي - بضم الحاء المهملة وسكون الميم -. بوَّب عليه الحافظ أبومحمد عبدالغني بن سعيد في "إيضاح الإشكال"، ورأيه : أن أشعث الحملي هو ابن عبدالله الحُدّاني. قال الحافظ أبوعلي الجياني في "تقييد المهمل"(1):" وأما مسلم بن الحجاج، وأبو [محمد](2) ابن الجارود فجعلا أشعث الحُملي غير أشعث بن عبدالله بن جابر الحُدّاني، هما رجلان عندهما، والله عز وجل أعلم ". انتهى.
وذُكر عن البخاري(3) أنه :" لا يعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه ". قلت : وقد رواه إسماعيل بن مسلم.
[ل157/أ]
ولما ذكر أبومحمد عبدالحق هذا الحديث في "الأحكام"(4) قال :" لم يسمعه أشعث من الحسن. وقد روي موقوفًا على عبدالله بن مغفل ".
__________
(1) ص131) مخطوط.
(2) في الأصل :" عبدالله "، وهو اسم ابن الجارود لا كنيته، والتصويب من "تقييد المهمل".
(3) ذكره البيهقي في "سننه" (1/98).
(4) "الأحكام الوسطى" (1/127).(3/6)
وذكر أبوالحسن ابن القطان(1) /عن عبدالحق في كتابه "الكبير" أنه بعد أن أورد الحديث المذكور بإسناد أبي داود من رواية عبدالرزاق، عن معمر، [عن](2) أشعث قال :" هذا الحديث أرسله الأشعث عن الحسن، ولم يسمعه منه. ذكر العقيلي(3) عن يحيى القطان : قيل لأشعث: أسمعته من الحسن ؟ قال: لا. ورواه شعبة عن قتادة، عن [عقبة](4) بن صُهبان، عن عبدالله بن مُغفَّل موقوفًا ". قال ابن القطان :« هذا نص ماذكر، ومن خطه نقلته، وعلمنا منه أن الذي رُمي به الحديث المذكور من الانقطاع فيما بين الأشعث والحسن هو ماذكر العقيلي عن يحيى القطان، [فنظرنا](5) في ذلك، فلم نجد عند العقيلي منه حرفًا، وإنما الذي عنده(6): أن الحسن بن ذكوان قيل له : أسمعته من الحسن ؟ - يعني البصري -، قال : لا. والحسن بن ذكوان لا ذكر له في إسناد الحديث الذي أورده من عند أبي داود، ولنورد نص ماعند العقيلي حتى ننظر فيه جميعًا. قال العقيلي : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبدالرزاق، عن معمر، ثنا أشعث، عن الحسن، عن عبدالله بن مُغفل - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه، فإن عامة الوسواس منه )) . فيه(7): حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم، ثنا علي بن عبدالله بن جعفر المديني، ثنا يحيى بن سعيد القطان، عن الحسن بن ذكوان، عن الحسن، عن عبدالله بن مغفل - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البول في المغتسل. قال يحيى:
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (2/572).
(2) في الأصل :"بن"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) انظر التعليق الآتي برقم (8).
(4) في الأصل :"عبدالله"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام" و"الضعفاء الكبير"، وسيأتي ذكره بعد ذلك على الصواب.
(5) في الأصل :"فنظر"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام ".
(6) في "الضعفاء الكبير" (1/29).
(7) أي : في كتاب العقيلي.(3/7)
قيل له : أسمعته من الحسن ؟ قال : لا. هذا نص ماذكره العقيلي. ففسَّر أبومحمد الضمير من " له " بأنه الأشعث، فجاءه من الخطأ ماذكرناه. ثم قال العقيلي : حدثنا محمد بن إسماعيل، ثنا شبابة، ثنا شعبة، عن قتادة، عن عقبة بن صُهبان قال : سمعت عبدالله بن مُغفل يقول :" البول في المغتسل يأخذ منه الوسواس ". قال العقيلي:" حديث شعبة أولى، ولعل الحسن بن ذكوان أخذه عن أشعث الحُدّاني. وأشعث بن عبدالله [الأعمى](1) الحداني البصري في حديثه وهم ". انتهى كلام العقيلي. وهو كما ترى لم يعرض فيه لما بين أشعث والحسن البصري، وكيف يعرض له وهو أخص أصحابه، وقد سمع منه كثيرًا ؟ وإنما [عرض](2) لرواية الحسن بن ذكوان عن الحسن،[فبيّن بما أورد أنها منقطعة، وأنه لعله إنما أخذ هذا الحديث عن أشعث عن الحسن](3)،فإن الحديث حديث أشعث،فاعلم ذلك،والله عز وجل أعلم». قلت : قد تقدم أن هذا الحديث روي موقوفًا على عبدالله بن مُغفل، وممن وقفه :[يزيد بن](4) إبراهيم التستري، فرواه عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن عبدالله بن مُغفل - رضي الله عنه -(5)، أنه كان يكره البول في المغتسل، وقال :" إن منه الوسواس "(6).
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل،فاستدركته من"الضعفاء الكبير"ومن"بيان الوهم والإيهام".
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم والإيهام".
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن البيهقي".
(5) كذا في الأصل، ولعله الصواب. ووقع في المطبوع من "سنن البيهقي":" قتادة، عن سعيد، عن الحسن بن أبي الحسن، عن عبدالله بن مغفل ".
(6) وهذه الرواية أخرجها البيهقي في "سننه" (1/98).(3/8)
ورواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عقبة بن صُهبان، عن ابن مغفل قال :" نهى - أو زجر - أن يبال في المغتسل "(1).
وذكر ابن ماجه(2) عن علي بن محمد الطنافسي عقيب هذا الحديث(3) أنه قال :" إنما هذا في الحفيرة، وأما اليوم [فلمغتسلاتهم](4) الجص والصاروج والقير(5)، فإذا بال فأرسل عليه الماء لا بأس به ". /و"صُهْبان": بضم الصاد المهملة، وبعدها هاء ساكنة، وبعدها باء موحدة. و"مُغَفَّل": بضم الميم، وفتح الغين المعجمة، وتشديد الفاء المفتوحة. و"الجص"- بفتح الجيم وكسرها - معروف. و"الصاروج" بالصاد المهملة، والراء المهملة، والجيم.
[ل157/ب]
فصل في تجنب القبور في قضاء الحاجة
__________
(1) لم يذكر المصنف من أخرج هذه الرواية،وقدأخرجها الحاكم في"المستدرك"(1/185) بسنده إلى سعيد بن أبي عروبة.ومن طريق الحاكم أخرجها البيهقي في الموضع السابق من "سننه".
(2) في "سننه" (1/111 رقم304) كتاب الطهارة وسننها، باب كراهية البول في المغتسل.
(3) أي حديث الباب :" لا يبولن أحدكم...".
(4) في الأصل:"لمغتسلاتهم"، والتصويب من"الإعلام"لمغلطاي(1/266) تحقيق الشيخ عبدالعزيز الماجد رحمه الله، ووقع في "سنن ابن ماجه " المطبوع :" وأما اليوم فلا فمغتسلاتهم ".
(5) جاء في الأصل بين قوله :" والصاروج" و" القير" كلمة تشبه :"الفرقاد" أو "الفرفاد"، والظاهر أنها مقحمة، فليست في "الإعلام"، ولا في المطبوع من "سنن ابن ماجه"، ولم =
= يذكرها المصنف في الألفاظ التي فسّرها فيما يأتي.(3/9)
روى حماد بن خالد الْخُيَّاط، عن محمد بن أبي حميد، عن محمد بن كعب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من جلس على قبر يتغوط، أو يبول، فكأنما جلس على جمرة )) . أخرجه أبوجعفر أحمد بن منيع بن عبدالرحمن البغوي في "مسنده"(1) عن حماد بن خالد - وهو الْخُيَّاط بضم الخاء المعجمة، وتشديد الياء آخر الحروف -.
و"محمد بن [أبي](2) حميد" مدني، وروى عنه غير واحد من المشهورين. قال عبدالله بن أحمد(3) عن أبيه: " ليس بقوي في الحديث". وقال البخاري(4):" منكر الحديث ". وقال ابن عدي(5):" وحديثه مقارب، وهو مع ضعفه يكتب حديثه ". ولهذا الحديث طريق أخرى بلفظ آخر.
روى محمد بن هارون أبوبكر الرُّوياني في "مسنده"(6) عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة...، فذكر حديثًا، وقال بعده : وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط، فكأنما جلس على جمرة نار )) . [رواه عن أحمد بن عبدالرحمن، نا عمّي، نا يحيى بن أيوب، عن عبيدالله بن زحر، عن علي بن يزيد](7).
و"عبيدالله بن زحر" يُتَكلَّم فيه، وكذلك " أحمد بن عبدالرحمن ".
فصل في ماجاء في تغطية الرأس عند دخول الخلاء
__________
(1) كما في "المطالب العالية" (1/333 رقم863).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وتقدم قبل ذلك على الصواب.
(3) في "العلل ومعرفة الرجال" (2/481 رقم3159).
(4) في "تاريخه" (1/70 رقم168).
(5) في "الكامل" (6/196 -197).
(6) 2/287 رقم1218).
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه كما يدل عليه سياق الكلام بعده، والمثبت من المرجع السابق.(3/10)
فيه حديث مرسل وحديث مسند. أما المرسل : فمن رواية إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر ابن عبدالله، عن حبيب بن صالح قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء لبس حذاءه، وغطى رأسه. أخرجه البيهقي(1). وأما المسند : فمن رواية محمد بن يونس القرشي - هو الكُديمي -، عن خالد بن عبدالرحمن(2)، عن سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء غطى رأسه، وإذا أتى أهله غطى رأسه. أخرجه البيهقي(3)، وقال :" هذا الحديث أحد(4) ماأنكر على محمد بن يونس الكُديمي ". قال :" وقد روي في تغطية الرأس عند دخول الخلاء عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وهو [عنه](5) صحيح ".
فصل في ذكر الله تعالى عند دخول الخلاء وعند الخروج منه
__________
(1) في "سننه" (1/96).
(2) في الأصل :" عبدالله"، وصوبت في الهامش.
(3) في الموضع السابق.
(4) في الأصل :" آخر "، وصوبت في الهامش.
(5) في الأصل :"عنده"، والتصويب من المرجع السابق.(3/11)
قرأت على الحافظين أبي محمد المنذري وأبي [الحسين](1) القرشي، قال المنذري: أنا [...](2)، وقال القرشي : أنا عبداللطيف بن إسماعيل بن أحمد البغدادي - قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد -،[....](3) أنا عبدالله بن محمد بن عبدالله الخطيب، أنا أبوالقاسم عبدالله بن محمد بن إسحاق البزار، ثنا عبدالله ابن محمد(4)، ثنا جدي وأبوخيثمة قالا: ثنا إسماعيل بن عُلية، عن عبدالعزيز بن صُهيب، عن أنس - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا دخل أحدكم الخلاء فليقل : اللهم ! إني أعوذ بك من الخبث والخبائث )) . أخرجه كلهم(5) من
__________
(1) في الأصل يشبه أن تكون :" الحسن"، وقد تقدم مرارًا على الصواب.
(2) بياض في الأصل بمقدار خمس كلمات،وأرجِّح أن في موضعه:"عمر بن محمد بن معمَّر-قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق -، أنا عبدالوهاب بن المبارك - قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد -"؛ فإن هذا الإسناد يروي به المصنف"الجعديات" للبغوي كما تقدم (ص429) من هذا المجلد.
(3) في هذا الموضع سقط، وأرجح أنه:"أنا أبو منصور علي بن علي بن عبيدالله الأمين - قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد -، قالا "؛ أي : عبدالوهاب بن المبارك وأبو منصور الأمين كما في (ص429) أيضًا.
(4) هو البغوي، وقد أخرج هذا الحديث في "الجعديات" (ص215 رقم1427).
(5) أخرجه البخاري (1/242 رقم142) في كتاب الوضوء، باب مايقول عند الخلاء، و(11/129 رقم6322) في كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الخلاء، ومسلم (1/283 رقم375) في كتاب الحيض، باب مايقول إذا أراد دخول الخلاء، وأبوداود (1/15 - 16رقم 4 و5) في كتاب الطهارة، باب مايقول الرجل إذا دخل الخلاء، والترمذي (1/10 -12 رقم 5 و6) في أبواب الطهارة، باب مايقول إذا دخل الخلاء، والنسائي (1/20 رقم19) في كتاب الطهارة، باب القول عند دخول الخلاء، وابن ماجه (1/109 رقم298) في كتاب الطهارة وسننها، باب مايقول الرجل إذا دخل الخلاء.(3/12)
حديث عبدالعزيز بن /صُهيب، عن أنس. ومسلم أخرجه(1) عن أبي خيثمة، والحديث معروف بعبدالعزيز، عن أنس.
[ل158/أ]
قال ابن منده - بعد إخراجه من حديث شعبة عن عبدالعزيز بلفظ : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال : (( اللهم! إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ))-: "هذا حديث صحيح مجمع على صحته من حديث عبدالعزيز بن صُهيب، وهو مشهور عن شعبة، رواه حمادبن زيد، وعبدالوارث بن سعيد، وإسماعيل بن عُلية، وغيرهم عن عبدالعزيز نحوه، وكل هذا مقبول على رسم الجماعة ". انتهى.
وفي رواية مهنا عن أحمد:" قلت : تعرفه عن أحد من غير وجه عبدالعزيز؟ قال: لا، وكفاك بعبدالعزيز، فإنه ثقة. قلت : بصري ؟ قال : نعم ". انتهى. وقد وقع لنا من جهة الحسن، وقتادة عن [أنس](2).
__________
(1) في الموضع السابق من "صحيحه" بعد رقم (375/122).
(2) في الأصل :" الحسن"، وهو خطأ ظاهر كما يتضح من سياق البزار.(3/13)
فروى البزار في "مسنده"(1) من حديث إسماعيل بن مسلم، عن الحسن وقتادة، عن أنس - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا دخل أحدكم الخلاء، فليقل أعوذ بالله(2) من الخبث والخبائث )). قال عبدالحق(3):" إسماعيل بن مسلم : هو المكي، وهو ضعيف ". قلت : ووقع لنا من جهة أبي يوسف القاضي، عن أبي إسحاق الشيباني، عن أبي الأحوص، عن عبدالله. قرأت على الحافظ أبي الحسن الشيباني القرشي، أنا العلامة أبواليمن زيد بن الحسن الكندي، أنا أبوالحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم الطحان الصائغ المعروف بابن صِرْمَى - قراءة عليه وأنا أسمع سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ببغداد -، أنا الحافظ أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي(4)-إذنًا -، أنا أبوبكر البرقاني، أنا أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، أخبرني عبدالله بن محمد بن ياسين، ثنا أحمد بن عبدالجبار السكوني البغدادي، ثنا أبويوسف القاضي، عن أبي إسحاق الشيباني، عن أبي الأحوص، عن عبدالله : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل الغائط قال : (( أعوذ بالله من الخبث والخبائث )) . رواه الحافظ أبوبكر الإسماعيلي في "معجمه"(5)، فقال :" حدثنا عبدالله بن محمد بن ياسين أبوالحسن - ثبت صاحب حديث -". و"صِرْمَى(6)": بكسر الصاد المهملة وسكون الراء، مقصور. و"البرقاني": بكسر الباء وفتحها معًا.
[ل158/ب]
__________
(1) وذكره عبدالحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" (1/124) وعزاه للبزار أيضًا، وقد يكون المصنِّف أخذ هذا عنه كما يفهم من نقله تضعيف إسماعيل بن مسلم عن عبدالحق.
(2) في "الأحكام الوسطى" :" اللهم إني أعوذ بك ".
(3) في الموضع السابق من "الأحكام".
(4) والخطيب أخرجه في "تاريخ بغداد" (4/261 -262 ).
(5) 2/681-682 رقم308).
(6) في الأصل :" صرما " بالألف الممدودة، وقد ضبطها المصنف بالمقصورة كما ترى.(3/14)
واعلم أنه قد اختلف في متن حديث عبدالعزيز عن أنس، والذي يجمعه أن يقال : هو على وجهين : أحدهما : أن يكون إخبارًا عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -عند دخول الخلاء. والثاني : أن يكون حكاية لأمره بالقول لمن دخل الخلاء. أما الأول : فرواية آدم، عن شعبة بلفظ : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال : (( اللهم ! إني أعوذ بك من الخبث والخبائث )) . رواه البخاري(1) عن آدم، وقال :« تابعه ابن عرعرة، عن شعبة، وقال غندر عن شعبة :"إذا أتى الخلاء"، وقال موسى، عن حماد :" إذا دخل "، وقال سعيد بن زيد : حدثنا عبدالعزيز "إذا أراد أن يدخل "». قلت : وفي رواية عبدالوارث، عن عبدالعزيز : كان إذا أراد الخلاء قال: (( أعوذ بالله... )). أخرجها البيهقي(2). ورواية عمرو بن علي، عن شعبة قال: كان إذا دخل الخلاء قال : (( أعوذ بالله من الخبث والخبائث )). ومن حديث عاصم بن علي، عن شعبة، عن عبدالعزيز : سمعت أنسًا يقول : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال : (( اللهم ! إني أعوذ بك من الخبيث والخبائث - أو الخبث والخبائث- )) . قال شعبة : ثم سألته بعد ذلك بسنين،/ فقال : (( اللهم ! إني أعوذ بك من الخبث والخبائث )) . وأما الثاني-وهو الأمر بالقول-:فقد قدمنا الإسناد فيه من جهة البغوي(3).
__________
(1) في "صحيحه" (1/242 رقم142) كتاب الوضوء، باب مايقول عند الخلاء.
(2) في "سننه" (1/95) وتمامه "... من الخبث والخبائث ".
(3) هو عبدالله بن محمد المتقدم في سند الحديث الذي أورده المصنف بسنده.(3/15)
وكان عبدالحق(1) بعد إيراد هذا الحديث من جهة مسلم قال : "وخرجه البخاري من حديث شعبة، عن عبدالعزيز [بن صهيب، عن أنس، وزاد البخاري : وقال سعيد بن زيد ](2): ثنا عبدالعزيز إذا أراد أن يدخل ". فاعترضه ابن القطان(3) بأن هذه الزيادة ليست مسندة [عند](4)البخاري- يعني أنه ذكرها تعليقًا-.
__________
(1) في "الأحكام الوسطى" (1/124).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(3) في "بيان الوهم والإيهام" (2/478 رقم478).
(4) في الأصل :" عن ".(3/16)
وفي هذا الباب حديث آخر لزيد بن أرقم ؛ فروى أبوداود(1)، عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل : أعوذ بالله من الخبث والخبائث )) . وأخرجه النسائي(2) وابن ماجه(3)، وقال الترمذي(4):" حديث أنس أصح شيء في هذا الباب وأحسن، وحديث زيد بن أرقم في إسناده اضطراب ". وقال عبدالحق(5): "اختلف في إسناد هذا الحديث، والذي يسنده(6) ثقة"-يعني زيد بن أرقم(7)-. قلت : والاختلاف في إسناده(8): أن شعبة رواه عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم(9)، وكذلك معمرُ عن قتادة(10)، وابنُ عُلية(11) وأبوالجماهر(12) عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة. ورواه يزيدُ بنُ زريع(13)
__________
(1) في "سننه" (1/16 -17 رقم6) كتاب الطهارة، باب مايقول الرجل إذا دخل الخلاء.
(2) في "السنن الكبرى" (6/ 23 -24 رقم9903 -9906) كتاب عمل اليوم والليلة، باب مايقول إذا دخل الخلاء.
(3) في"سننه"(1/108رقم296) كتاب الطهارة وسننها، باب مايقول الرجل إذا دخل الخلاء.
(4) في الأصل :"النسائي" وصوبت في الهامش والعبارة في "سننه" (1/11) أبواب الطهارة، باب مايقول إذا دخل الخلاء.
(5) في "الأحكام الوسطى" (1/124).
(6) في المطبوع من "الأحكام الوسطى":" والذي أسنده".
(7) كذا في الأصل ! ولعل الصواب :" يعني حديث زيد بن أرقم ".
(8) وهذا الاختلاف أخذه المصنف عن البيهقي في "سننه" (1/96).
(9) وهي الرواية التي تقدم تخريجها (ص 473).
(10) لعله يعني رواية معمر الآتية عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أنس.
(11) وهي عند النسائي في الموضع السابق من "عمل اليوم والليلة" من"الكبرى" برقم (9904).
(12) الذي وجدته: رواية أبي الجماهر- وهو محمد بن عثمان-، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن القاسم، عن زيد. وهذه أخرجها الطبراني في "المعجم الكبير" (5/208 رقم 5114).
(13) روايته عند النسائي أيضًا في "الكبرى" برقم (9905).(3/17)
وجماعةٌ(1) عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن القاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم. قال أبوعيسى(2):" قلت لمحمد- يعني البخاري-:
أي الروايات عندك أصح ؟ فقال : لعل قتادة سمع منهما جميعًا، عن زيد بن
__________
(1) منهم: عبدالأعلى بن عبدالأعلى، وعبدة بن سليمان،وروايتهما عند ابن ماجه في الموضع السابق من"سننه" برقم (296)،وأسباط بن محمد وروايته عند أحمد في"المسند" (4/373)، وعبدالوهاب بن عطاء وروايته عند الحاكم في "المستدرك" (1/187)، وفي الموضع السابق من "المسند"، وعلي بن عاصم وروايته في "تاريخ بغداد" للخطيب (13/301).
(2) في "العلل الكبير" (ص22 -23 رقم3).(3/18)
أرقم. ولم يقض في هذا بشيء ". انتهى. وقيل : عن معمر، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أنس. قال البيهقي(1):" وهو وهم ". و"الْخُبثُ"- بضم الخاء، والباء الموحدة -: جمع خبيث. و"الخبائث": جمع خبيثة، فكأنه استعاذ من ذكران الجن وإناثهم.ونُسِبَ إلى المحدثين إسكان الباء من "الخبث"، وغُلِّطوا فيه،ولا يلزمهم فيه الغلط؛ فإن تخفيف "الفُعُل"- بضم [الفاء](2) والعين - إلى "فُعْل"- بإسكان العين - جائز، اللهم إلا أن يريدوا بالتخفيف معنى آخر غير جمع "خبيث"، فيكون خطأ في التأويل، لا في اللفظ - إن لم يصح له وجه -. وقد أُوِّل قوله :"كان إذا دخل الخلاء"؛ بمعنى : كان إذا أراد أن يدخل، لأن الحشّ لا ينبغي لأحد أن يذكر الله تعالى فيه بلسانه،أوَّلَه بمعنى ذلك موسى بن هارون. وقال صاحب "الدلائل"(3) :" وهذا كما ذكره موسى..."، ثم روى(4) عن موسى، عن محمد بن الصباح، عن جرير، عن قابوس،عن أبيه،عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" يكره أن يذكر الله تعالى على حالين : على خلائه، والرجل يواقع امرأته؛لأنه ذو الجلال والإكرام يُجَل عن ذلك"(5)
__________
(1) في "سننه" (1/96). وهذا تصرف حسن من المصنف رحمه الله ؛ لأن العبارة جاءت في "سنن البيهقي" هكذا: " قال الإمام أحمد : وقيل : عن معمر..."، فظن كثير ممن وقف على هذه العبارة أن الإمام أحمد هنا هو ابن حنبل، منهم : مغلطاي وابن سيد الناس وابن التركماني والألباني، وإنما هو البيهقي نفسه، وهذا التعبير من تلميذه راوي السنن كما نبه على ذلك شيخنا أحمد معبد عبدالكريم في تعليقه على "النفح الشذي" (1/411)، وكذا الشيخ عبدالعزيز الماجد رحمه الله في تعليقه على "الإعلام" لمغلطاي (1/211).
(2) في الأصل :"الباء"، وهو تصحيف ظاهر.
(3) أي : الدلائل في شرح ماأغفل أبوعبيد وابن قتيبة من غريب الحديث" للسرقسطي (1/128-129).
(4) في الموضع السابق برقم (60).
(5) وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/108 رقم1220)، وابن المنذر في "الأوسط" (1/340)، كلاهما من طريق جرير، به.(3/19)
. حديث آخر:روى خلاد الصفار،عن الحكم النصري(1)،عن أبي إسحاق، عن أبي جحيفة، عن علي - عليه السلام - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ستر مابين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول: بسم الله )) . أخرجه ابن ماجه(2) عن محمد بن حميد، عن الحكم بن بشير بن سلمان، عن خلاد. وأخرجه أحمد ابن عبدالجبار في "مسنده" عن إسماعيل بن الفضل، عن محمد بن حميد، ولفظه: (( ستر مابينكم وبين الجن إذا دخل أحدكم الخلاء أن يقول: بسم الله )).
[ل159/أ]
و"الحكم بن بَشِير":بفتح الباء، وكسر الشين المعجمة. و"سَلْمان"- بفتح السين، وسكون اللام -: قال فيه أبوحاتم(3):" صدوق". و"الحكم /النصري": بالنون المفتوحة.
__________
(1) كذا في الأصل بالنون، وكذا ضبطه المصنف كما سيأتي، وهو الصواب، وتصحف في "سنن ابن ماجه"، وفي بعض مصادر ترجمته إلى :"البصري" بالباء، وانظر "الإكمال" لابن ماكولا (1/389-390).
(2) في"سننه"(1/109رقم297)كتاب الطهارة وسننها، باب مايقول الرجل إذا دخل الخلاء.
(3) كما في "الجرح والتعديل" (3/114).(3/20)
وقد روي من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -. قرأت على أبي الحسن ابن هبة الله الفقيه الشافعي، أن الحافظ أباطاهر السِّلفي أخبرهم، أنا الرئيس أبوعبدالله الثقفي [...](1)، ثنا أبوبكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ - إملاء -، ثنا أحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي، ثنا موسى بن سهل بن كثير، ثنا يزيد بن هارون، أنا محمد بن الفضل، عن زيد العمي، عن جعفر [العبدي](2)، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ستر مابين الجن وبين عورات بني آدم إذا رفع الرجل ثوبه أن يقول : بسم الله ))(3).
روى ابن ماجه(4) حديث يحيى بن أيوب، عن عبيدالله بن زحر، عن علي بن يزيد(5)، عن القاسم، عن أبي أمامة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول : اللهم ! إني أعوذ بك من [الرجس النجس، الخبيث المخبث ](6)، الشيطان الرجيم )) .
__________
(1) بياض بالأصل بمقدار خمس كلمات، والسند متصل كما يتضح من "السير"(17/311).
(2) مابين المعكوفين في موضعه بياض بالأصل، فاستدركته من "المطالب العالية".
(3) أخرجه أحمد بن منيع البغوي في "مسنده" عن شيخه يزيد بن هارون، به كما في "المطالب العالية" (1/65 رقم36).
(4) في"سننه"(1/109رقم299) كتاب الطهارة وسننها، باب مايقول الرجل إذا دخل الخلاء.
(5) في الأصل :" زيد " بدل "يزيد"، وصوبت في الهامش.
(6) في الأصل :"الخبث والخبائث الرجس النجس "، والتصويب من المرجع السابق.(3/21)
وروى أبوداود في "المراسيل"(1) عن الحسن، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا [دخل](2) الخلاء قال : (( اللهم ! إني أعوذ بك من الخبيث المخبث، الرجس النجس، الشيطان الرجيم )) . "عبيدالله بن زَحْر": بفتح الزاي، وسكون الحاء المهملة، وآخره راء. وقد تكلم في هذا الإسناد. و"الرِّجْس": بكسر الراء، وسكون الجيم. و"النِّجْس": بكسر النون، وسكون الجيم إتباعًا للرجس. حديث آخر : روى إسرائيل بن يونس، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج من الخلاء قال: (( غفرانك )) . أخرجه الأربعة(3) من حديثه، ووقع لنا عاليًا. قرأت على الفقيه المفتي أبي الحسن ابن هبة الله، أن الحافظ أباطاهر السِّلَفي أخبرهم، أنا الرئيس أبوعبدالله الثقفي، أن [...](4)، ثنا أبوطاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي - إملاء بنيسابور -، أنا أبوبكر محمد بن الحسين بن الحسن بن [الخليل](5) القطان، أنا أحمد بن يوسف السلمي، ثنا طلق بن غنام، ثنا إسرائيل بن يونس، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه(6)، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الغائط قال :
__________
(1) ص 72 رقم 2).
(2) في الأصل :"أراد"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) أخرجه أبوداود(1/30رقم30)في كتاب الطهارة،باب مايقول الرجل إذا خرج من الخلاء، والترمذي-وهذا لفظه -(1/12 رقم7) أبواب الطهارة، باب مايقول إذا خرج من الخلاء، والنسائي (6/24رقم9907) كتاب عمل اليوم والليلة، باب مايقول إذا خرج من الخلاء، وابن ماجه(1/110 رقم300) كتاب الطهارة وسننها، باب مايقول إذا خرج من الخلاء.
(4) بياض بالأصل بمقدار سبع كلمات، والسند متصل كما يتضح من "السير"(12/218).
(5) ما بين المعكوفين موضعه بياض في الأصل،والتصويب من "سير أعلام النبلاء" (15/318).
(6) قوله :" أبيه" في الأصل "أسد"، ثم صوبت في الهامش.(3/22)
((غفرانك )) .
ورواه عبيدالله بن موسى، عن إسرائيل بن يونس، فذكر فيه سماع أبي بردة، عن عائشة رضي الله عنها(1).
وروى البيهقي(2) في هذا الحديث من جهة ابن خزيمة(3) زيادة وهي : ((غفرانك ربنا وإليك المصير )) . قال البيهقي:"وهذه الزيادة لم أجدها إلا في رواية ابن خزيمة، وهو إمام، وقد رأيته في نسخة قديمة [لكتاب](4) ابن خزيمة ليس فيه الزيادة، ثم ألحقت بخط آخر في حاشيته، فالأشبه أن تكون ملحقة بكتابه من غير علمه،والله عز وجل أعلم.وقد أنبأنا الإمام أبوعثمان الصابوني، أنا أبوطاهر محمد بن الفضل[بن محمد بن إسحاق](5) بن خزيمة، ثنا جدي...، فذكره دون هذه الزيادة، فصح بذلك بطلان هذه الزيادة في الحديث". قلت : ونسختنا راجعة إلى رواية أبي عثمان الصابوني، وليس فيها هذه الزيادة.
[ل159/ب]
__________
(1) قوله :" فذكر فيه سماع..." هذا نص عبارة البيهقي في "سننه" (1/97) بعد أن أخرج طريق عبيدالله بن موسى هذه وعطفها على ما قبلها. وقد أخرج هذه الطريق أيضًا ابن خزيمة في "صحيحه" (1/48 بعد رقم90). وقد صرح أبو بردة أيضًا بالسماع في رواية =
= هاشم بن القاسم عن إسرائيل عند أبي داود في الموضع السابق، وفي رواية يحيى بن أبي بكير عند ابن ماجه في الموضع السابق، وابن خزيمة برقم (90).
(2) في الموضع السابق من "سننه".
(3) في الموضع السابق من "صحيحه" دون هذه الزيادة.
(4) في الأصل يشبه أن تكون :" بكتاب"، والمثبت من المرجع السابق.
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي".(3/23)
ولما خرَّج الترمذي حديث عائشة المتقدم، قال(1):" هذا حديث غريب حسن...، ولا نعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة رضي الله عنها ". قلت : وورد فيه أيضًا حديث لأنس - رضي الله عنه -، أخرجه ابن ماجه(2) من حديث إسماعيل بن مسلم، عن الحسن وقتادة، عن /أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الخلاء قال : (( الحمدلله الذي أذهب عني الأذى وعافاني )) . قال ابن ماجه(3):« يقال : إن أبازرعة قال(4):" إسماعيل ضعيف الحديث، وهو مكي، وهذا حديث منكر "، وإن أباحاتم قال(5): "أصح مافيه حديث عائشة رضي الله عنها "». حديث آخر : لأبي ذر - رضي الله عنه - (6)
__________
(1) في "سننه" (1/12-13).
(2) في "سننه" (1/110 رقم301) كتاب الطهارة وسننها، باب مايقول إذا خرج من الخلاء.
(3) كذا جاء في الأصل، وقد نُقِلَ عن ابن ماجه مثل هذه العبارة في بعض الأصول، كما قال أبوالحسن السندي في حاشيته على "سنن ابن ماجه" (1/129)، حيث قال :" ومثله نقل عن المصنف في بعض الأصول".
(4) كما في "الجرح والتعديل" (2/199 رقم669) دون قوله :" وهذا حديث منكر".
(5) كما في "علل الحديث" (1/43 رقم93).
(6) لم يذكر المصنف هنا لفظ الحديث، ولا مَنْ أخرجه، وفيه بياض في الأصل بمقدار خمس كلمات بعد قوله :" لأبي ذر r ". والظاهر أن المصنِّف أخذ هذا الحديث عن شيخه المنذري في "مختصر السنن" (1/32)، فإنه ذكر الحديث بلفظ : كان النبي r إذا خرج من الخلاء قال : (( الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ))، ولم يعزه لأحد، ومثله حديث ابن عمر الآتي كما سيأتي التنبيه عليه. وهذا الحديث أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" كما في "تحفة الأشراف" (9/195)، ومن طريق النسائي أخرجه تلميذه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص12-13 رقم22)، وهو من رواية النسائي عن الحسين ابن منصور، عن يحيى بن أبي بكير، عن شعبة، عن منصور، عن أبي الفيض، عن أبي ذر قال : كان رسول الله r إذا خرج من الخلاء قال : (( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن والأذى، وعافاني )).(3/24)
.
سئل الدارقطني(1) عن حديث رجل، عن أبي ذر - رضي الله عنه - فيما يقال عند الخروج من الخلاء، فقال :" يرويه منصور بن المعتمر، واختلف عنه، فرواه الثوري، عن منصور، عن أبي علي، عن أبي ذر - رضي الله عنه -. وقال شعبة : عن منصور، عن فيض(2)، عن رجل، عن أبي ذر، وقفاه جميعًا. ورواه [عبدالله](3) بن أبي جعفر الرازي، عن شعبة، فقال: عن منصور (4)، عن أبي الفيض، عن رجل، عن أبي ذر - رضي الله عنه - ورفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. والصواب موقوف". وحديث آخر : لعبدالله بن عمر رضي الله عنهما(5)
__________
(1) في "العلل" (6/291 رقم1150).
(2) كذا في "العلل" للدارقطني.
(3) في الأصل :"عبيدالله"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) في الأصل :"عن منصور عن شعبة"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) لم يخرج المصنف حديث عبدالله بن عمر هذا ؛ لأنه أخذه والكلام عليه عن شيخه المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/33).
وقد أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص13 رقم25)، والطبراني في "الدعاء" (2/967 رقم370)، كلاهما من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن عبدالحميد بن صالح، عن حبان بن علي العنزي، عن إسماعيل بن رافع، عن دويد بن نافع، عن نافع، عن ابن عمر...، فذكر الحديث، وزاد ابن السني في أوّله : أن النبي r كان إذا دخل الخلاء قال : (( اللهم ! إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث ؛ الشيطان الرجيم... )).(3/25)
: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - - يعني إذا خرج - قال : (( الحمدلله الذي أذاقني لذته، وأبقى [فيّ](1) [قوته](2)، وأذهب عني أذاه )) قيل(3):« وهذه الأحاديث أسانيدها ضعيفة، قال أبوحاتم الرازي(4): "أصح مافيه حديث عائشة رضي الله عنها "».
فصل في ترك الكلام في قضاء الحاجة
روى أبوداود(5) من حديث عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن عياض، حدثني أبوسعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( لا يخرج الرجلان يضربان الغائط، كاشفين عن عورتهما، يتحدثان، فإن الله تعالى يمقت على ذلك )) . قال أبوداود :" لم يسنده إلا عكرمة "- يعني ابن عمار اليمامي العجلي -.
والذي يعتلّ به في هذا الحديث وجوه : أحدها : حال عكرمة بن عمار. قال شيخنا(6):" وقد احتج به مسلم في صحيحه، وضعف بعض الحفاظ حديث عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، [ وقد أخرج مسلم حديثه عن يحيى بن أبي كثير، واستشهد البخاري بحديثه عن يحيى بن أبي كثير ](7)".
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق، وكذا هو في "الدعاء" للطبراني، و"عمل اليوم والليلة" لابن السني.
(2) في الأصل :" قرّته "، والتصويب من المرجعين السابقين.
(3) القائل هو المنذري في الموضع السابق من "مختصر سنن أبي داود".
(4) كما في "علل الحديث" لابنه (1/43 رقم93).
(5) في "سننه" (1/22 رقم15) كتاب الطهارة، باب كراهية الكلام عند الحاجة.
(6) هو المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/24).
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "مختصر سنن أبي داود"، ويدل على أنه سقط : قوله بعد عدة أسطر :" قلت : قد ذكرنا احتجاج مسلم برواية عكرمة عن يحيى ابن أبي كثير، واستشهاد البخاري بها ".(3/26)
وقال أبوالحسن ابن القطان(1) :« إنه - يعني عبدالحق(2)- ذكر عكرمة بن عمار ذكرًا مجملاً، وهو رجل ثقة، وكان أميًّا، قاله ابن معين(3). وقال البخاري(4):" لم يكن عنده كتاب "، ولم يضره ذلك، فإنه كان يحفظ، إلا أنه غلط فيما روى عن يحيى بن أبي كثير، وخلط، وهذا الحديث هو من رواياته عن يحيى بن أبي كثير(5)، وكان أيضًا مدلسًا ». قال ابن القطان : "وبالجملة فلو لم يكن بالحديث إلا هذا لم يكن معلولاً ". قلت : قد ذكرنا احتجاج مسلم برواية عكرمة، عن يحيى بن أبي كثير واستشهاد البخاري بها، وهذا مما يقويها. الوجه الثاني : الاختلاف الذي وقع في اسم الراوي [عن](6) أبي سعيد، فقيل : عن يحيى، [عن هلال بن عياض، وهذه رواية عكرمة بن عمار عن يحيى](7)، وكذلك أبان بن يزيد عن يحيى، وقيل : عياض بن هلال، قاله عن يحيى : هشام الدستوائي، وعلي بن المبارك، وحرب بن شداد. قال ابن القطان(8):" كلهم عكس(9) ماقال عكرمة بن عمار وأبان بن [يزيد](10)، فقالوا: عن عياض بن هلال ". قلت : قال ابن خزيمة(11):" هذا هو الصحيح، هذا الشيخ هو عياض بن هلال، روى عنه يحيى(12)
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (5/258).
(2) في "الأحكام الوسطى" (1/132).
(3) في "تاريخه" برواية الدوري (2/414).
(4) كما في "الضعفاء الكبير" للعقيلي (3/378)، و"الكامل" لابن عدي (5/272).
(5) من قوله :" وخلط..." إلى هنا ليس في "بيان الوهم ".
(6) في الأصل :" على ".
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل،وأخذه المصنف من كلام ابن القطان في الموضع السابق من"بيان الوهم"، ومنه حصل الاستدراك مع التصرف في السياق ليتفق مع سياق المصنف.
(8) في الموضع السابق من "بيان الوهم".
(9) في الأصل :"عكسوا"، والمثبت من "بيان الوهم والإيهام".
(10) في الأصل:"زيد"،وتقدم آنفًا على الصواب،وانظر"تهذيب الكمال"(2/24)،و(31/506).
(11) في "صحيحه" (1/39 -40 رقم71).
(12) في الأصل :"وروى عنه عن يحيى"، والتصويب من "صحيح ابن خزيمة".(3/27)
بن أبي كثير [غير](1) [حديث](2)، وأحسب الوهم فيه [من](3) عكرمة بن عمار حيث قال :[عن](4) هلال بن عياض ".
[ل160/أ]
وقد قدمنا أن أبان بن يزيد رواه عن يحيى كذلك، فلا يتعين أن يكون الوهم فيه عن عكرمة وحده. وقد دل كلام ابن خزيمة هذا على أن رواية عكرمة بن عمار، عن يحيى على هذا الوجه :" هلال بن عياض "، وكذلك كلام أبي الحسن ابن القطان يقتضي أن /رواية عكرمة على هذا الوجه.
__________
(1) في الأصل :"عن"، والتصويب من المرجع السابق.
(2) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل ، فأثبته من المرجع السابق.
(3) في الأصل :"عن"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.(3/28)
وبعد هذا كله فقد أخرجه القاضي أبوبكر محمد بن إبراهيم - هو ابن زياد(1)-، عن عبدالصمد بن موسى القطان، عن علي بن أبي بكر [الإِسْفَذْني](2)، عن الثوري، عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن عياض بن عبدالله بن أبي سرح، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يتحدث المتغوطان على طوفهما، فإن الله تعالى يمقت على ذلك )). هذه رواية ليس فيها عياض بن هلال ولا هلال بن عياض. و"الطوف": الحدث من الطعام، يقال : أطاف، يُطاف، أطيافًا : إذا قضى حاجته.وفي الحديث : (( لا يصلي أحدكم وهو يدافع البول والطوف ))(3)، كما في الحديث الآخر : (( وهو يدافعه الأخبثان ))(4) .
__________
(1) كذا في الأصل، ولعل صوابه :" هو ابن بدر "، وانظر التعليق رقم (2) في الصفحة بعد الآتية.
(2) في الأصل:" الأسدي"، والتصويب من "تهذيب الكمال"(20/333)، و"الأنساب" للسمعاني (1/143).
(3) أخرجه أبوعبيد في "غريب الحديث"(2/291) عن ابن علية، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا عليه.
(4) أخرجه مسلم في "صحيحه" (1/393 رقم560) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، من حديث عائشة رضي الله عنها.(3/29)
و"الدَّسْتَوائي" الذي مر : بفتح الدال المهملة، وسكون السين المهملة، وفتح التاء، وبعد الألف همزة. الوجه الثالث : قال ابن القطان(1):« وإنما علته الكبرى أن راويه عن أبي سعيد لايعرف من هو »، وذكر الاختلاف في اسمه، وقال :« وهذا كله اضطراب، ولكنه على يحيى بن أبي كثير، لا على عكرمة بن عمار، فيحتمل أن يكون ذلك من يحيى بن أبي كثير نفسه(2)، ويحتمل أن يكون من أصحابه المختلفين عليه. فقول أبي محمد(3):"لم يسند هذا الحديث غير عكرمة بن عمار، وقد اضطَرب فيه" ينبغي أن يكون ضبطه :"اضطُرِب"، مبنيًّا](4) على مالم يسم فاعله؛ فإنه إن أسند الفعل إلى عكرمة بن عمار كان خطأ،ويحيى بن أبي كثير أحد الأئمة، ولكن هذا الرجل الذي أخذ عنه [هذا](5) الحديث هو من لا يُعرف ولا يحصل من أمره شيء، وهكذا هو عند مصنفي الرواة ؛ لم يعرفوا من أمره زيادة على ذلك(6)». قلت : رواية القاضي ابن بدر(7) مذكور فيها معروف ؛ وهو عياض بن عبدالله بن أبي سرح. الوجه الرابع : الإرسال، فروى البيهقي(8) عن أبي عبدالله الحافظ(9)
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (5/258 -259).
(2) في الأصل :"من نفسه"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام".
(3) أي : عبدالحق الإشبيلي.
(4) في الأصل :"مضبطه : اضطراب، مبني"، والمثبت من المرجع السابق.
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(6) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "بيان الوهم والإيهام" :"لم يعرفوا منه بزيادة على ذلك ".
(7) كذا في الأصل ! والعزو الذي تقدم للقاضي أبي بكر محمد بن إبراهيم بن زياد، فإما أن يكون "زياد" تصحف عن "بدر"، أو العكس، أو كلاهما ثابت في نسبته. وإن كان الغالب على الظن أن "زياد" تصحفت عن "بدر"؛ فقد خرج المصنف كثيرًا من الأحاديث من كتاب "النهي" للقاضي أبي بكر محمد بن بدر كما تجده في (1/159و162) وغيرهما من المواضع.
(8) في "سننه" (1/100).
(9) هو الحاكم، والخبر في "المستدرك" (1/158).(3/30)
قال: [سمعت](1) علي بن حمشاذ يقول : سمعت موسى بن هارون يقول : [حدثنا](2) محمد بن الصباح، ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً. الوجه الخامس : قال ابن القطان(3):« وللحديث مع ذلك علة أخرى، وهي اضطراب متنه، و[بيان](4) ذلك هو : أن ابن مهدي رواه عن عكرمة بن عمار، فقال [في لفظه](1) ما تقدم(5)؛ جعل المقت على التكشف والتحدث في حال قضاء الحاجة. ورواه بعضهم [أيضًا](1)؛ فجعل المقت فيه على النظر فقط. ورواه بعضهم أيضًا ؛ فجعل المقت على التحدث كذلك فقط. وهذا قد(6) كان يتكلف جمعه(7) لو كان راويه معتمدًا، وبيان هذا الذي أجملنا هو :
__________
(1) في الأصل :"سألت"، والمثبت من " سنن البيهقي "، و"المستدرك".
(2) في الأصل :"حدثناه"، والمثبت من "سنن البيهقي" الذي نقل عنه المصنف. وأما "المستدرك" ففيه يقول الحاكم :" وسمعت علي بن حمشاذ يقول : سمعت موسى بن هارون يقول: رواه الأوزاعي مرتين، فقال مرة : عن يحيى، عن هلال بن عياض،وقد حدثناه محمد بن الصباح..."
(3) في "بيان الوهم والإيهام" (5/259-260).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(5) ص 482)، وعزاه هناك لأبي داود.
(6) من قوله :"فيه على النظر فقط" إلى هنا ليس في المطبوع من "بيان الوهم والإيهام" وفي موضعه طمس في مخطوطه (2/ل 140/ب).
(7) في "بيان الوهم":" جميعه ".(3/31)
أن أبابكر ابن المنذر(1) قال(2) : ثنا محمد بن إسماعيل، ثنا أبوحذيفة، ثنا عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن عياض، عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجلين أن يقعدا جميعًا فيتبرزا(3)، ينظر أحدهما إلى عورة صاحبه، فإن الله تعالى يمقت على ذلك.
فهذه رواية أبي حذيفة، عن عكرمة، جعل التوعد فيها على التكشف والنظر، ولم يذكر التحدث.
وقال أبوبشر الدولابي:حدثنا أحمد بن حرب الطائي، ثنا القاسم بن يزيد،
ثنا سفيان، عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن عياض، عن
أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال :" نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتغوطين أن يتحدثا ؛ إن الله يمقت على ذلك ".
[ل160/ب]
فالتوعد في هذا على التحدث فحسب، واضطرابه [دليل](4) /لسوء حال راويه وقلة تحصيله، فكيف وهو من لا يُعرف ؟». قلت: هذا التعليل باختلاف الألفاظ إذا أمكن جمعه ليس بالشديد القدح؛ لوقوع مثله كثيرًا مما يُحكم بصحته من الأحاديث، والتعليل بالإرسال قد عُرِفَ الحكم فيه.
__________
(1) في "الأوسط" (1/323 ح 257).
(2) من قوله :"وبيان هذا " إلى هنا ليس في "بيان الوهم" كسابقه.
(3) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "بيان الوهم والإيهام" :" يتبرزا"، وفي المطبوع من "الأوسط" :" يتبرزان".
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم والإيهام".(3/32)
وبعد هذا كله، فقد ذكر ابن القطان للحديث طريقًا جيدًا غير هذا؛ قال: «قال أبو علي ابن السكن : حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، ثنا مسكين بن [بُكير](1)، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبدالرحمن، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا تغوّط الرجلان، فليتوار كل واحد منهما عن صاحبه، ولا يتحدثان على طوفهما، فإن الله تعالى يمقت على ذلك )) . قال ابن السكن:"رواه عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن عياض، عن أبي سعيد - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأرجو أن يكونا صحيحين ". انتهى كلامه. وليس فيه تصحيح حديث أبي سعيد الذي فرغنا من تعليله، وإنما يعني أن القولين عن يحيى بن أبي كثير صحيحان، وصدق في ذلك ؛ صح عن يحيى بن أبي كثير أنه قال : عن محمد بن عبدالرحمن، عن جابر، وأنه قال : عن عياض أو هلال، عن أبي سعيد، ولم يقض على حديث أبي سعيد بالصحة(2) أصلاً، ولو فعل ذلك كان مخطئًا، فإن الأمر فيه على مابينا. فأما حديث جابر هذا فصحيح(3)، [ومحمد](4) بن عبدالرحمن بن ثوبان ثقة، وقد صح سماعه من جابر، وقد بينَّا ذلك فيما تقدم. ومسكين بن [بكير](5) أبوعبدالرحمن [الحذاء](6) لا بأس به، قاله ابن معين(7)
__________
(1) في الأصل :"بكر"، والتصويب من المرجع السابق.
(2) من قوله :"هلال عن أبي سعيد" إلى هنا ليس في المطبوع من "بيان الوهم والإيهام"، وفي موضعه بياض في مخطوط (2/ل 141/أ)
(3) من قوله :"مخطئًا، فإن الأمر" إلى هنا ليس في "بيان الوهم" كسابقه.
(4) في الأصل يشبه أن تكون :"ومنهم"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) في الأصل :"بكر"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في الأصل :"بن الحداء"- بالدال المهملة-، والتصويب من المرجع السابق، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (27/483).
(7) في "تاريخه" برواية الدارمي (ص205 رقم761).(3/33)
. وهذا اللفظ هو منه توثيق، بيّن ذلك بنفسه، وأخبر بأنه(1) إذا قال في رجل :" لا بأس به" هو عنده ثقة، وكذا قال فيه أيضًا أبوحاتم(2). والحسن بن أحمد بن أبي شعيب، أبومسلم، صدوق لا بأس به، وسائر من في الإسناد لا يُسأل عنه.وعن يحيى بن أبي كثير في هذا المعنى غير هذا، [ مما ](3) قد ذكره الدارقطني في "علله "، إلا أنه لم يوصل به [إليه](9) الأسانيد، ولا حاجة بنا أيضًا إلى شيء منه، فلذلك لم [نعرض](4) له». انتهى ماأردنا نقله من كلام
أبي الحسن ابن القطان.
وهذا الحديث الذي ذكره ابن القطان في "علله" [عن](5) أبي علي ابن السكن قد خرجه الحافظ الفقيه أبوبكر الإسماعيلي، ورواه في "مجموع حديث يحيى بن أبي كثير" عن أبي محمد الهيثم بن خلف الدوري، ومحمد بن محمد، والقاسم بن زكريا، قالوا : حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، وفيه : (( فليتوار كل منهما عن صاحبه، ولا يجلسان يتحدثان )). قال :" وقال الهيثم : (( إذا جلس الرجلان ))".
فصل فيما جاء في الرخصة للنساء
من "فوائد أبي علي إسماعيل بن قيراط الدمشقي": حدثنا سليمان، ثنا عبدالله بن مروان، عن عوانة مولاة سليمان بن علي، عن سليمان بن علي، عن أبيه، عن جده : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يجتمع [الرجلان](6) على طوفهما يتحدثان، ورخص للنساء، وقال : (( إن الحشوش محتضرة، فإذا دخلت إحداكن فليكن معها مُؤنسًا )).
هذه المرأة مجهولة.
ذكر مااستدل به على جواز الكلام على قضاء الحاجة
[ل161/أ]
__________
(1) في الأصل يشبه أن تكون :" وأخبرنا به"، والمثبت من "بيان الوهم".
(2) في "الجرح والتعديل" لابنه (8/329).
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "بيان الوهم والإيهام".
(4) في الأصل :"يعرض"، والتصويب من المرجع السابق.
.
(5) في الأصل :" على ".
(6) في الأصل :" الرجلين".
.(3/34)
/هذا يتعلق بحديث حذيفة(1) - رضي الله عنه - في السباطة، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاه. وهذا الدعاء ورد فيه مايقتضي أنه إشارة، ومايقتضي أنه لفظ.
فأما الإشارة : ففي رواية جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن حذيفة - رضي الله عنه -: رأيتني أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - نتَماشَى، فأتى سباطة قوم خلف حائط، فقام كما يقوم أحدكم فبال، فانتبذت(2) منه، فأشار إليّ فجئته، فقمت عند عقبه حتى فرغ. لفظ البخاري(3) عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير.
وأما اللفظ : ففي رواية عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي وائل(4)، عن حذيفة - رضي الله عنه - قال : كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فانتهى إلى سباطة قوم، فبال قائمًا، فتَنَحَّيت، فدعاني وقال: (( لم تنحيت ؟ )) [فقمت عند عقبه](5)، فلما فرغ دعا بماء فتوضأ ومسح على خُفَّيه. رواه ابن الجارود(6) عن علي بن خَشرم، عن عيسى.
وروى البخاري(7) عن آدم، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي وائل،
عن حذيفة - رضي الله عنه - قال : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - سُباطة قوم فبال قائمًا، ثم دعا بماء، فجئته بماء فتوضأ.
ذكر كراهية السلام عند البول
__________
(1) تقدم تخريجه (ص 113) من هذا المجلد.
(2) قال الحافظ في "الفتح" (1/329):"فانتبذت - بالنون والذال المعجمة - ؛ أي : تنحيت".
(3) في "صحيحه" (1/329 رقم225) كتاب الوضوء، باب البول عند صاحبه، والتستر بالحائط.
(4) في الأصل :"عن الأعمش عن منصور عن أبي وائل"، والتصويب من "المنتقى".
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(6) في "المنتقى" (1/43 رقم36).
(7) في "صحيحه" (1/328 رقم224) كتاب الوضوء، باب البول قائمًا وقاعدًا.(3/35)
روى الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رجلاً سلّم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فلم يرد عليه. قال ابن منده :" وهذا إسناد صحيح، أخرجه الجماعة(1) إلا البخاري، للضحاك بن عثمان". انتهى. وقد رواه الحافظ أبوعوانة يعقوب بن إسحاق(2) في "مسنده الصحيح"(3) من حديث سفيان، عن الضحاك، وزاد :" فلم يرد عليه حتى فرغ ".
وروى أبوبكر البزار في "مسنده"(4) من حديث سعيد بن سلمة، حدثنا
أبوبكر- رجل من ولد عبدالله بن عمر -، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رجلاً مر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يهريق الماء، فسلم عليه الرجل، فردّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلام، ثم قال : (( إنما رددت عليك السلام أني خشيت أن [تقول](5): سلمت عليه فلم يرد عليّ، فإذا [رأيتني](6) هكذا فلا تسلم عليّ، فإني لا أرد عليك السلام )) . رواه عن عبدالله بن إسحاق، عن عبدالله بن رجاء، عن سعيد.
__________
(1) أخرجه مسلم (1/281 رقم370) في كتاب الحيض، باب التيمم، وأبوداود (1/22 -23 رقم16) في كتاب الطهارة، باب أيرد السلام وهو يبول ؟ والترمذي - ولفظه الذي ساقه المؤلف-(1/150 رقم90) في أبواب الطهارة، باب في كراهة رد السلام غير متوضئ، وفي (5/67 رقم2720) كتاب الاستئذان، باب ما جاء في كراهية التسليم على من يبول، والنسائي (1/35 -36 رقم37) كتاب الطهارة، باب السلام على من يبول، وابن ماجه (1/127 رقم353)كتاب الطهارة وسننها، باب الرجل يسلم عليه وهو يبول.
(2) في الأصل :"يعقوب بن عثمان بن إسحاق"، والصواب ماأثبته. انظر "سير أعلام النبلاء" (14/417).
(3) 1/215 -216).
(4) وذكره عبدالحق الإشبيلي في"الأحكام الوسطى" (1/131)، وعزاه للبزار كما سيأتي.
(5) في الأصل :" يقول"، والتصويب من "الأحكام الوسطى" نقلاً عن البزار.
(6) في الأصل :"أتيتني"، والتصويب من المرجع السابق.(3/36)
قال أبومحمد عبدالحق(1) بعد ذكره رواية البزار هذه :" وأبوبكر - فيما أعلم - هو ابن عمر بن عبدالرحمن بن عبدالله بن عمر، روى عنه مالك وغيره، وهو لابأس به، ولكن حديث مسلم أصح، لأنه من حديث الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر، والضحاك أوثق من أبي بكر، أو لعله كان ذلك(2) في موطنين ".
وعرض له أبوالحسن ابن القطان(3)، وقال:"هذا الذي ذكر في أبي بكر هذا ينبغي أن يتوقف [فيه](4)، فإن الرجل المذكور في الإسناد لم يعلم من هو(5) أكثر من أنه من ولد عبدالله بن عمر، فمن أين أنه أبو بكر ابن [عمر بن](6) عبدالرحمن بن عبدالله بن عمر الذي روى عنه مالك؟ وقد كان مَانعًا له من أن يقول ذلك لو تثبَّت أن الذي في الإسناد يروي عن نافع، والذي توهمه أنه معلوم الرواية عن ابن عمر، [يروي](7) عنه مالك، وإبراهيم بن طهمان، وإسحاق بن [شرفي](8) [وعبيدالله](9) بن عمر العمري. وإلى هذا فإن الحديث المذكور إنما يرويه [عند](10) البزار عن أبي بكر المذكور : سعيد بن سلمة(11)، وهو ابن أبي الحسام أبوعمر، مولى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وهو قد أخرج له مسلم(12)
__________
(1) في "الأحكام الوسطى" (1/131 -132).
(2) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "الأحكام":"ولعل ذلك كان".
(3) في "بيان الوهم والإيهام" (5/119).
(4) في الأصل :"عنه"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) في "بيان الوهم" :" منه" بدل :" من هو ".
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(7) في الأصل :"وروى"، والتصويب من المرجع السابق.
(8) مابين المعكوفين في موضعه بياض، فأثبته من المرجع السابق.
(9) في الأصل :"وعبدالله"، وكذا في بعض أصول "بيان الوهم والإيهام"، والتصويب من "الجرح والتعديل"(9/337).
(10) في الأصل :"عن"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام".
(11) في الأصل :"وسعيد بن سلمة"، والتصويب من المرجع السابق.
(12) كما في "تهذيب الكمال" (10/477).(3/37)
رحمه الله تعالى، [وإن](1) كان ابن معين(2) سُئل عنه فلم يعرفه، /وإنما يُريد حاله، وإلا فقد عرف(3) عينه [وكنيته](4) ونسبه بالولاء، ورواية من روى عنه وعمن روى، والله عز وجل أعلم ". قلت : أبومحمد عبدالحق قد تثبت بقوله :" أبوبكر فيما أعلم"، ولم يجزم بذلك، وقد وقع مادل على صحة ظنه، فإن هذا الحديث قد أخرجه أبو محمد ابن الجارود في "المنتقى"(5)، فقال: حدثنا محمد بن يحيى، ثنا عبدالله بن رجاء، ثنا سعيد - يعني ابن سلمة -، حدثني أبوبكر - هو ابن عمر بن عبدالرحمن بن عبدالله بن عمر بن الخطاب -،[عن نافع، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : أن رجلاً مرّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يهريق الماء، فسلم عليه الرجل، فرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال : (( إذا رأيتني هكذا فلا تسلم عليّ، فإنك إن تفعل لا أردّ عليك السلام )).
وأخرجه البزار من حديث عبدالله بن إسحاق، عن عبدالله بن رجاء](6) بسنده، وفيه ثم قال : (( أما إنه لم يحملني على السلام عليك إلا أني خشيت أن تقول : سلمتُ عليه فلم يرد عليّ السلام )) .
وذكر أبوبكر البزار من حديث عبدالله بن محمد بن عقيل، عن جابر - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلم عليه رجل وهو يبول، فلم يرد عليه.
__________
(1) في الأصل :" فإن"، والتصويب من المرجع السابق.
(2) كما في "الجرح والتعديل" (9/337).
(3) في "بيان الوهم":" عرفت ".
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "بيان الوهم والإيهام".
(5) 1/44 رقم37).
.
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركت بعضه من"المنتقى" لابن الجارود،وبعضه من "نتائج الأفكار"لابن حجر(1/203 -204)،مع الاجتهاد في السياق وفق طريقة المصنف.(3/38)
ورواه السَّرَقسطي في "الدلائل"(1) بلفظ : أن رجلاً مرَّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلم عليه، فقال له : (( إذا رأيتني على هذه الحال فلا تسلم عليّ، فإنك إن فعلت لم أرد عليك )). ورواه من حديث هشام بن يزيد، عن عبدالله ابن محمد بن عقيل.
والاحتجاج بعبدالله بن محمد بن عقيل قد تقدم الخلاف فيه(2)، وسيأتي حديث أبي الجهيم ابن الحارث في التيمم(3) إن شاء الله تعالى.
فصل في الجلوس لقضاء الحاجة، وترك القيام
__________
(1) 1/133 رقم 62).
(2) ص 138) من المجلد الأول.
(3) ص 123) من المجلد الثالث.(3/39)
روى الترمذي(1) من حديث شريك، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : من حدثكم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبول قائمًا فلا تصدقوه، ماكان يبول إلا قاعدًا. قال الترمذي :" وفي الباب عن عمر، وبريدة ". قال :" وحديث عائشة رضي الله عنها أحسن شيء في هذا الباب وأصح ". قال عبدالحق(2):" وإنما أراد أبوعيسى : أن هذا الحديث أحسن شيء في باب المنع من البول قائمًا وأصح، وإلا فحديث حذيفة مجمع على صحته، وحذيفة - رضي الله عنه - حدث بما رأى وشاهد ". قال ابن القطان(3):« وقد فهم عن الترمذي من قوله :"أصح" تصحيح الخبر المذكور، وأخذ يتأوله في أحاديث المنع من البول قائمًا، وهو حديث إنما يرويه شريك بن عبدالله القاضي، [وقد](4) بينا أمره »، وذكر كلامًا آخر يقتضي أن هذا الخبر لا يقال فيه : إنه صحيح. قلت : لقائل أن يقول : بل يقال ذلك، فإن شريكًا لم يتفرد به ؛ فقد رواه سفيان وإسرائيل عن المقدام.وأخرجه الحافظ أبوعوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني في "صحيحه"(5) عن الصاغاني، عن قبيصة، عن سفيان، عن
المقدام بن شريح،عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: مابال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا منذ أنزل عليه القرآن. وقال أبوعوانة :" رواه وكيع، عن الثوري أحسن منه ".
وأخرج رواية سفيان هذه أبوبكر البيهقي(6) أيضًا من [جهة الحسين بن حفص وأبي نعيم، عن سفيان.
__________
(1) في "سننه" (1/17 رقم12) أبواب الطهارة، باب ماجاء في النهي عن البول قائمًا.
(2) في "الأحكام الوسطى" (1/129).
(3) في "بيان الوهم والإيهام" (5/124).
(4) في الأصل :" فقد"، والتصويب من "بيان الوهم ".
(5) 1/198).
(6) في "سننه" (1/101 -102).(3/40)
وأخرجه من](1) جهة إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه قال : سمعت عائشة رضي الله عنها تُقسم بالله تعالى : مارأى أحدٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يبول قائمًا منذ نزل عليه القرآن. وإسناده إلى إسرائيل صحيح.
[ل162/أ]
وحديث عمر الذي أشار إليه الترمذي في الباب لفظه قال: رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبول قائمًا فقال : (( ياعمر! لا تَبُل قائمًا ))، فما بلت قائمًا بعد. رواه الترمذي(2) تعليقًا(3) وقال :" إنما رفعه عبدالكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف عند أهل الحديث ". وحديث بُريدة رواه الحافظ أبوبكر البزار في "مسنده"(4) عن نصر بن علي، عن عبدالله بن داود، عن سعيد بن عبيدالله، ثنا عبدالله بن بُريدة، عن أبيه - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ثلاث من الجفاء :/ أن يبول الرجل قائمًا، أو يمسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته، أو ينفخ في سجوده )) . قال البزار :" لا أعلمه رواه عن عبدالله بن بريدة، إلا سعيد بن عبيدالله ". قال عبدالحق(5):" وسعيد هذا [بصري](6) ثقة مشهور، ذكره أبومحمد ابن أبي حاتم(7)". قلت : وفي الباب زيادة على ماذكر أبوعيسى : حديث عن جابر رواه ابن ماجه(8) من جهة عدي بن الفضل، عن علي بن الحكم، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبول قائمًا. و"شُريح" المذكور في هذا الفصل : بضم الشين
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته بالاجتهاد لأن السياق يقتضيه كما هو ظاهر.
(2) في الموضع السابق.
(3) قوله :" تعليقًا " ملحق بهامش الأصل.
(4) كما في "كشف الأستار" (1/266 رقم547)..
(5) في "الأحكام الوسطى" (1/130).
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(7) في "الجرح والتعديل" (4/38 ).
(8) في "سننه" (1/112 رقم309) كتاب الطهارة وسننها، باب في البول قاعدًا.(3/41)
المعجمة. و"أبونضرة": بالنون، والضاد المعجمة.
فصل في القيام، والرخصة فيه
تقدم حديث حذيفة(1)- وهو متفق على صحته -.
وفي رواية شعبة، عن منصور، عن أبي وائل فيه قال : كان أبو موسى الأشعري يشدد في البول، ويقول :" إن بنى إسرائيل كان إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه". فقال حذيفة:" ليته أمسك! أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سباطة قوم
فبال قائمًا ". لفظ البخاري(2) عن محمد بن [عرعرة](3)، عن شعبة.
وقد روى عاصم وحماد بن أبي سليمان(4) عن أبي وائل، عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى سباطة قوم فبال قائمًا. قال البيهقي(5): "والصحيح ماروى منصور والأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، كذا قاله أبوعيسى الترمذي(6)، وجماعة من الحفاظ ". قلت : أخرج أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(7) رواية حماد كما سيأتي إن شاء الله تعالى، ولم يبال بالاختلاف، ولعله رآهما إسنادين للحديث.
وروى عبيدالله بن أحمد بن منصور الكسائي، ثنا حماد بن غسَّان، ثنا معن بن عيسى القزاز، عن مالك بن أنس، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : إنما بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا بوجع كان بِمَأْبَضِه. أخرجه الدارقطني في "الغرائب" من حديث مالك، وقال :" تفرد به حماد بن غسَّان، عن معن بهذا الإسناد ".
__________
(1) ص 136) من هذا المجلد.
(2) في "صحيحه" (1/329-330 قم226) كتاب الوضوء، باب البول عند سباطة قوم.
(3) في الأصل :"عروة"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) رواية عاصم أخرجها الترمذي في "العلل الكبير" (ص25 رقم7) باب الرخصة في البول قائمًا، وابن ماجه في "سننه" (1/111 رقم306) كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في البول قائمًا. وسيأتي كلام المصنف على رواية حماد بن أبي سليمان.
(5) في "سننه" (1/101).
(6) في الموضع السابق من "علله الكبير".
(7) 1/36 رقم63).(3/42)
وأخرجه البيهقي في "السنن الكبير"(1) من حديث يحيى بن عبدالله بن
ماهان، عن حماد بن [غسَّان](2) بسنده، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولفظه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بال قائمًا من جرح كان بِمَأْبَضِه. وقال البيهقي قبل إخراجه :" وقد روي في العلة في بوله قائمًا حديث لا يثبت مثله ".
و"الْمَأْبِض"- بفتح الميم، وبعدها همزة ساكنة، ثم باء ثاني الحروف مكسورة، ثم ضاد معجمة -: باطن الركبة من كل شيء، والجمع : مآبض.
وروى البيهقي(3) من حديث سفيان، عن مطرف، عن سعيد بن عمرو قال : قال عمر - رضي الله عنه - : "البول قائمًا أحصن للدبر".
فصل في مُباعدة مابين الرجلين والوركين عند البول
روى ابن ماجه(4) عن محمد بن عقيل بن خُويلد، عن [حفص](5) بن عبدالله، عن إبراهيم، عن محمد بن ذكوان، عن يعلى بن حكيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : عَدَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الشعب، فبال حتى أنِّي آوي له من [فك](6) وركيه حين بال. قوله:"آوي": يُقال: أويت - على وزن سَعَيت - لفلان، فإنّ آوي -على وزن آتي -، أَوْيَة - على وزن حَثْيَة -، وأَيَّة - على وزن حَيَّة -، ومَأْوِيَة - على مثال مَحْمِية -، ومَأْوَاة - على مثال مَدْعاة -؛ أي : أرثي له وأرِقّ.
[ل162/ب]
__________
(1) في الموضع السابق منه.
(2) في الأصل :"عيسى"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في "سننه" (1/102).
(4) في "سننه" (1/123 رقم341) كتاب الطهارة وسننها، باب الارتياد للغائط والبول.
(5) في الأصل :"جعفر"، والتصويب من المرجع السابق، وهو حفص بن عبدالله بن راشد السلمي النيسابوري. وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (7/18).
(6) في الأصل :"فل"، والتصويب من "سنن ابن ماجه".(3/43)
وروى الحافظ أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(1) من حديث حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان وعاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن المغيرة /بن شعبة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى سُباطة قوم ففج(2) رجليه، وبال قائمًا. رواه عن محمد بن عبدالله بن المبارك، عن يونس بن محمد، عن حماد، وترجم عليه :" باب استحباب تفريج الرجلين عند البول قائمًا، إذ هو أحرى أن لا ينتشر البول على الفخذين و الساقين ".
وقوله :" ففَجَّ "- مفتوح الفاء، بعدها جيم مشددة -؛ أي : فتح مابين رجليه، ومنه ماجاء في حديث أم معبد(3):"[فتفاجّت]"(4)؛ أي: ففجّت مابين رجليها للحلب. ومنه ماجاء أنه سئل عن بني عامر بن صعصعة(5)، فقال : "جمل أزهر مُتفاجّ ".
و"المتفاجّ"؛ أي : يفتح مابين رجليه ليبول. قال بعضهم(6):" يعني بذلك أنه مُخصِب في ماء وشجر، فهو لا يزال يَتفاج للبول ساعة فساعة ؛ لكثرة مايشرب من الماء ".
فصل في النهي عن مس الذكر باليمين مُطلقًا أو في الاستنجاء
روى مسلم(7) من حديث أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن أبي قتادة،[عن أبي قتادة](8): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتنفس في الإناء،[وأن](9) يمس ذكره بيمينه، وأن يستطيب بيمينه.
__________
(1) 1/36 رقم63).
(2) كذا في الأصل،وفي المطبوع من"صحيح ابن خزيمة":"ففرج"، وكذا في المخطوط(ل12/أ).
(3) أخرجه الحاكم في "المستدرك" (3/9-10)، والبيهقي في"دلائل النبوة" (1/276-281).
(4) في الأصل :" ففاجت"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(5) ذكره أبو عبيد في "الغريبين" (4/296) دون إسناد، ولم يعزه لأحد.
(6) هو أبو عبيد في الموضع السابق من "الغريبين".
(7) في "صحيحه" (1/225 رقم267/65) كتاب الطهارة، باب النهي عن الاستنجاء باليمين.
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من في المرجع السابق.
(9) في الأصل :"أن"، والمثبت من "صحيح مسلم".(3/44)
وفي رواية همام(1) عن يحيى بن أبي كثير بسنده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (([لا يمسكن](2) أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء )) .
ومن رواية هشام الدستوائي(3)، عن يحيى بسنده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا دخل أحدكم الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه )) .
ورواه البخاري(4) من حديث هشام الدستوائي أيضًا عن معاذ بن فضالة عنه(5)، ولفظه : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه، ولا يتمسح بيمينه )) .
ورواه أيضًا(6) من جهة الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير بلفظ : (( إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه، ولا يتنفس في الإناء )).
__________
(1) في الموضع السابق من "صحيح مسلم" برقم (63).
(2) في الأصل :" لا يمس"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في الموضع السابق برقم (64).
(4) في "صحيحه" (1/253 رقم153) كتاب الوضوء، باب النهي عن الاستنجاء باليمين.
(5) أي : رواه البخاري عن معاذ بن فضالة، عن هشام الدستوائي.
(6) في المرجع السابق (1/254 رقم154) كتاب الوضوء، باب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال.(3/45)
قال ابن منده(1)- بعد إخراجه لحديث هشام الدستوائي، عن يحيى -: "هذا إسناد مجمع على صحته من حديث يحيى بن أبي كثير. ورواه جماعة، منهم : أيوب السختياني والأوزاعي ومعمر بن راشد وغيرهم، وكل هؤلاء مقبولة عند الجماعة ". قلت : رواية معمر رواها الحافظ أبوعوانة في "صحيحه"(2)، وقال فيها : " بمثل حديث الأوزاعي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتنفس في الإناء، و[أن](3) يمس ذكره بيمينه، وأن يستطيب بيمينه ". ولفظ حديث الأوزاعي عنده(4) : ((إذا أتى أحدكم الخلاء فلا يمسكن ذكره بيمينه، وإذا أتى الخلاء فلا يستنجي بيمينه، وإذا شرب فلا يتنفس في الإناء )) .
وروى(5) حديث معمر أيضًا من جهة سفيان عنه بلفظ : ((إذا جاء أحدكم الغائط(6) فلا يمس ذكره بيمينه )) .
ووقعت لنا رواية معمر في النهي مطلقًا. قرأت على الشيخ العالم أبي الحسن علي بن هبة الله، أن الحافظ أبا طاهر السِّلَفي أخبرهم، أنا أبوعبدالله الثقفي [...](7)، ثنا أبوعبدالله محمد بن الفضل بن نَظيف المصري - قراءة عليه بمكة -، ثنا أبوالفضل العباس بن محمد ابن نصر الرافعي - إملاءً -، ثنا أبو عمرو حفص بن عمر بن الصباح، ثنا أبونعيم، ثنا سفيان، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه/ - رضي الله عنه - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمس الرجل ذكره بيمينه. ورواية علي بن المبارك أخرجها أبوعوانة(8) أيضًا مُحيلاً على ماقبلها :" ولا يمسكن ذكره بيمينه"؛ قال :" بمثله".
__________
(1) قول ابن منده هذا نقل ابن حجر بعضه في "التلخيص الحبير" (1/198).
(2) 1/221).
(3) في الأصل :"لا"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) ص 220).
(5) في الموضع السابق (ص 221).
(6) من قوله :" فلا يمسكن " إلى هنا جاء مكررًا في الأصل.
(7) بياض في الأصل بمقدار كلمة، والسند متصل، وانظر "سير أعلام النبلاء" (19/8-9).
(8) في "مسنده" (1/221)(3/46)
[ل163/أ]
وروى أبوجعفر الطبري(1) عن القاسم بن دينار القرشي، عن مصعب بن المقدام، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه - قال:نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتمسح الرجل بيمينه.
وروى أبوداود السجستاني(2) من حديث أبي أيوب الإفريقي، عن عاصم، عن المسيب بن رافع ومعبد، عن حارثة بن وهب الخزاعي قال : حدثتني حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه، ويجعل شماله لما سوى ذلك.
ورواه أبوجعفر الطبري أيضًا من جهة أبي أيوب، ونسب معبدًا: معبد بن
خالد [....](3).
__________
(1) الظاهر أنه في المفقود من "تهذيب الآثار".
(2) في"سننه" (1/32 رقم32) كتاب الطهارة، باب كراهية مس الذكر باليمين في الاستبراء.
(3) بياض بالأصل بمقدار كلمتين.(3/47)
وروى أبوداود(1) أيضًا من حديث إبراهيم بن يزيد النخعي، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كانت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه وماكان من أذىً. قال شيخنا(2):"إبراهيم لم يسمع من عائشة رضي الله عنها، فهو منقطع". قلت : لما ذكر عبدالحق(3) حديث عائشة رضي الله عنها هذا من رواية إبراهيم بن يزيد النخعي عنها، أتبعه أن قال :" قال عباس الدوري : لم يسمع إبراهيم بن يزيد النخعي من عائشة رضي الله عنها، ومراسيله صحيحة، إلا حديث تاجر البحرين "، أخذ عليه أبوالحسن ابن القطان(4) نسبة القول : بأن مراسيله صحيحة إلا حديث تاجر البحرين إلى الدوري، وقال :" إنما حكاه الدوري في كتابه(5) عن يحيى بن معين ". انتهى. وقد روى الطبري هذا الحديث من جهة مغيرة، عن إبراهيم، عن عائشة رضي الله عنها، ولفظه : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفرغ يمينه لطعامه وحاجته، ويفرغ شماله للاستنجاء وماهنالك (6).
وروى أيضًا عن سعيد،[عن](7) أبي معشر، عن النخعي، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل مرافغه بشماله.
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه" برقم (33).
(2) هو المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/34 رقم31).
(3) في "الأحكام الوسطى" (1/132).
(4) في "بيان الوهم والإيهام" (2/211 ).
(5) أي : في "تاريخه عن ابن معين" (2/208 رقم958).
(6) وأخرجه أحمد في "المسند" (6/170) من طريق هشيم عن المغيرة به، وفيه :" لمطعمه ولحاجته " بدل :" لطعامه وحاجته ".
(7) في الأصل :" بن"، وهو تصحيف، فأبو معشر الذي يروي عن النخعي هو زياد بن كليب كما في "تهذيب الكمال"(9/504-505)، ويروي عنه اثنان ممن اسمه سعيد، وهما : سعيد بن أبي عروبة - وهو الأشهر-، والثاني : سعيد بن صالح الأسدي.(3/48)
"مرافغه": بالغين المعجمة. وقد تقدم تفسير الرفغ في باب نواقض الوضوء(1).
فصل في ماجاء في الاعتماد على الرجل اليسرى
روى البيهقي(2) من جهة أبي عاصم، عن ربيعة، عن محمد بن عبدالرحمن، عن رجل من بني مدلج، عن أبيه قال : قدم علينا سُراقة بن جُعْشُم فقال : علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا [دخل](3) أحدنا الخلاء أن يعتمد اليسرى(4) وينصب اليمنى.
وهذا في حكم المنقطع لجهالة الرجل من بني مدلج وجهالة أبيه. وهذا الحديث في "معجم الطبراني"(5) أيضًا، إلا أني رأيت فيه عن محمد بن أبي عبدالرحمن، وفيه الرجل المجهول، وفيه : جاء سُراقة بن مالك بن جُعْشُم من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا، فقال رجل [كالمستهزئ](6): أما علمكم كيف تخرون ؟! قال : بلى، والذي بعثه بالحق! لقد أمرنا أن نتوكأ على اليسرى، وأن ننصب اليمنى(7). "جُعْشُم": بضم الجيم، وسكون العين المهملة، وضم الشين المعجمة، وآخره ميم.
فصل في الاستيفاز على الساق عند قضاء الحاجة
[ل163/ب]
__________
(1) انظر (ص330) من هذا المجلد.
(2) في "السنن الكبرى" (1/96).
(3) في الأصل :"أراد"، والمثبت من المرجع السابق.
(4) في الأصل :"يعتمد على اليسرى"، والمثبت من المرجع السابق.
(5) "المعجم الكبير" (7/136 رقم6605).
(6) في الأصل :"من المشركين"، والتصويب من المرجع السابق، وكذا هو في "مجمع الزوائد" (1/488 رقم1020)..
(7) في الأصل :" أن نتوكأ على اليمنى، وأن ننصب اليسرى " وصوبت في الحاشية هكذا : "صوابه : أن نتوكأ على اليسرى "، وقد تصحف قوله :" نتوكأ" عند الطبراني إلى "نتوكل"، وجاء على الصواب في الموضع السابق من "مجمع الزوائد".(3/49)
روى أحمد بن ثابت فَرْخوْيَه عن عبدالرزاق، عن معمر، عن سماك بن الفضل، عن أبي(1) رشدين الجَنَدي، عن سراقة بن مالك - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( إذا أتى أحدكم الغائط فلا [يستقبل](2) القبلة، واتقوا مجالس اللعن:/ الظل، والماء، وقارعة الطريق، واستمخروا الريح، واستشبوا على سوقكم، وأعدوا النبل )) . سأل ابن أبي حاتم(3) أباه عن هذا الحديث فقال :" إنما يروونه موقوف، وأسنده عبدالرزاق بآخرة ". انتهى. قوله :" استَشِبوا ": بسين مهملة، وبعدها تاء مثناة مفتوحة، ثم شين معجمة مكسورة، ثم باء موحدة ؛ أي : استوفزوا. وشباب الفرس : أن يرفع يديه من الأرض نشاطًا. و"فَرْخُويه": بفتح الفاء، وسكون الراء المهملة، وضم الخاء المعجمة، وآخره ياء آخر الحروف قبل الهاء، و"الجَنَدي": بفتح الجيم والنون.
فصل في استقبال القبلة لغائط أو بول
ذكر النهي عن ذلك
جاء فيه عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - :
منهم : أبو أيوب الأنصاري خالد بن [زيد](4).
فروى مالك في "الموطأ"(5) عن [إسحاق بن](6) عبدالله بن أبي طلحة، عن رافع بن إسحاق - مولى لآل الشفاء، وكان يقال له: مولى أبي طلحة-: أنه سمع أبا أيوب الأنصاري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -- وهو بمصر - يقول : والله ! ما أدري كيف أصنع بهذه الكراييس ؟ وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا ذهب أحدكم الغائط أو البول، فلا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها بفرجه )) .
__________
(1) في الأصل :"ابن" وصوبت في الهامش.
(2) في الأصل :" تستقبلوا"، والتصويب من "علل الحديث".
(3) في "العلل" (1/36 -37 رقم75).
(4) في الأصل :" يزيد"، والمثبت هو الصواب كما في "التقريب" (1643)، وغيره.
(5) 1/193) كتاب القبلة، باب النهي عن استقبال القبلة والإنسان على حاجته.
(6) في الأصل :" يحيى عن "، والتصويب من المرجع السابق.(3/50)
وفي رواية :"لغائط أو لبول"، وهو الأصل، وفي الأكثر :"الغائطَ أو البولَ"- بالنصب دون لام -. قال بعضهم :"ومن نصب أراد اللام وحذفها، وهذا نحو ما يُحكى عن بعض العرب : ذهبتُ الشامَ ". انتهى. و"الكراييس": جمع كرياس - بالياء آخر الحروف -، مثل سربال وسرابيل، قيل: هو المرحاض له قناة قائمة، وقيل : إنها المراحيض جملة، ويسمى كرسيًا لتنطق بعضه فوق بعض، مشتق من قولهم : تكرسي الشيء : إذا تلبَّد وتظاهر لما يتكرس ويعلوها من الأقذار، والياء زائدة.(3/51)
وروى الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا بغائط، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا )) . قال أبو أيوب : فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بنيت قِبَل القبلة، فننحرف عنها ونستغفر الله تعالى. أخرجوه(1) كلهم، وهذا لفظ رواية مسلم من جهة سفيان، عن الزهري، وفي رواية البخاري(2) من جهة ابن أبي ذئب، عن الزهري : (( إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة، ولا [يولِّها](3) ظهره، شرِّقوا أو غرِّبوا )) .
__________
(1) أخرجه البخاري (1/245 رقم144) في كتاب الوضوء، باب لا تُستقبل القبلة بغائط أو بول، وفي (1/498 رقم394) كتاب الصلاة، باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق، ومسلم (1/224 رقم264) كتاب الطهارة، باب الاستطابة، وأبو داود (1/19 رقم9) كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، والترمذي (1/13 رقم8) أبواب الطهارة،باب في النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول، والنسائي (1/22 رقم 21) كتاب الطهارة، باب النهي عن استدبار القبلة عند الحاجة، وفي (1/23 رقم22) كتاب الطهارة، الأمر باستقبال المشرق أو المغرب عند الحاجة، وابن ماجه (1/115 رقم318) كتاب الطهارة وسننها، باب النهي عن استقبال القبلة بالغائط والبول.
(2) وهي المتقدمة برقم (144).
(3) في الأصل :"يستدبرها"، والمثبت من "صحيح البخاري".(3/52)
قال ابن منده بعد تخريج حديث أبي أيوب هذا :" وهذا مجمع على صحته من حديث الزهري، رواه جماعة، منهم : معمر، والزهري، وعقيل بن خالد، وإبراهيم بن سعد، وغيرهم، وكل هؤلاء مقبولة على رسم الجماعة ". ومنهم : سلمان الفارسي - رضي الله عنه -. فروى مسلم(1) من حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن عبدالرحمن بن يزيد، عن سلمان - رضي الله عنه - قال : قيل له : "[قد](2) علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، قال : فقال : أجل ؛ لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول،[ أو أن] (3) نستنجى باليمين، أو أن نستنجى بأقل من ثلاثة أحجار، [أو أن](3) نستنجى برجيع أو عظم(4)". وأخرجه الأربعة(5) مع مسلم أيضًا.
[ل164/أ
__________
(1) في "صحيحه" (1/223 رقم262) كتاب الطهارة، باب الاستطابة.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المصدر السابق.
(3) في الأصل :"وأن"، والمثبت من المرجع السابق.
(4) في "صحيح مسلم" :" أو بعظم ".
(5) أخرجه أبو داود (1/17-18 رقم7) في كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، والترمذي (1/24 رقم16) في أبواب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة، والنسائي (1/38-39رقم41) في كتاب الطهارة، باب النهي عن الاكتفاء في الاستطابة بأقل من ثلاثة أحجار، و (1/44رقم49) في كتاب الطهارة، باب النهي عن الاستنجاء باليمين، وابن ماجه (1/115 رقم316) في كتاب الطهارة وسننها، باب الاستنجاء بالحجارة، والنهي عن الروث والرمة.(3/53)
وقال ابن منده:"هذا حديث مجمع على صحته من حديث الأعمش، رواه جماعة منهم : سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وفضيل بن عياض، ووكيع ابن الجراح، وأبومعاوية، وغيرهم، وكل هؤلاء مقبولة على رسم الجماعة ". و"الخِراءة"- بكسر الخاء، والمد للهمزة -:/ هيئة الاستطابة. ومنهم: أبوهريرة - رضي الله عنه -. فروى محمد بن عَجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه )) . وكان يأمر بثلاثة أحجار، وينهى عن الروث والرمَّة. أخرجه أبوداود(1)، والنسائي(2)، وابن ماجه(3).
ورواه الشافعي(4) رحمه الله تعالى عن سفيان، عن محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وفيه :" نهى عن الروث والرمة، وأن يستنجي الرجل بيمينه ". أخرجه الحافظ أبوعوانة الإسفرايني في "صحيحه"(5).
ورواه مسلم(6) مختصرًا من حديث روح بن القاسم، عن سهيل، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبلن(7) القبلة، ولا يستدبرها )) .
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه" برقم (8).
(2) في "سننه" (1/38 رقم40) كتاب الطهارة، باب النهي عن الاستطابة بالروث.
(3) في "سننه" (1/114رقم313) كتاب الطهارة وسننها، باب الاستنجاء بالحجارة....
(4) في "مسنده" (ص337-338).
(5) 1/200) من طريق الشافعي.
(6) في الموضع السابق من "صحيحه" (1/224 رقم265).
(7) كذا هو في بعض نسخ مسلم كما في هامش "صحيح مسلم" (1/155) طبع المطبعة العامرة، وفي طبعة عبدالباقي :" فلا يستقبل ".(3/54)
وهذا الإسناد آخر ماتتبعه الدارقطني(1)، وذكر أنه:"غير محفوظ من حديث سهيل، وإنما هو حديث ابن عَجلان، حدَّث به الناس عنه،منهم: روح بن القاسم، كذا قال أمية - يعنى ابن بسطام-، عن يزيد بن زريع ". وروى شريك، عن الحجاج بن أرطاة، عن كليب بن هاشم، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا تستقبل القبلة بعورتك )) . أخرجه الحافظ أبوجعفر الطبري في " تهذيب الآثار ". ومنهم : عبدالله بن الحارث بن جَزْء الزُّبَيدي - و"جَزْء": بفتح الجيم، وسكون الزاي، بعدها همزة. و"الزُّبَيدي": بضم الزاي، وفتح الباء الموحدة - فروى ابن ماجه في "سننه"(2) من حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب : أنه سمع عبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي يقول : أنا أول من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة )) ، وأنا أول من حدث الناس بذلك. ورواه عمرو بن الحارث(3)، وعبدالحميد بن جعفر(4) عن يزيد. وله طريق أخرى [غريبة](5)، وهي : رواية ابن وهب، أخبرني غوث(6) بن سليمان الحضرمي،عن أبيه،عن عبدالله بن الحارث بن جزءالزبيدي قال:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة )) . رواه أبوالطاهر القاضي [....](7)
__________
(1) في "التتبع " (ص138-139 رقم17).
(2) 1/115رقم317) كتاب الطهارة وسننها،باب النهي عن استقبال القبلة بالغائط والبول.
(3) وروايته أخرجها الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/232 رقم6579).
(4) وروايته أخرجهاالإمام أحمدفي"المسند"(4/190)،والبيهقي في"الخلافيات"(2/58رقم343).
(5) في الأصل :" قريبة"، والتصويب بالاجتهاد.
(6) في الأصل :"عوف"، وصوبت في الهامش.
(7) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات، والإسناد متصل، فلعل في موضعه تكملة اسم القاضي، وهو أبوالطاهر محمد بن أحمد بن عبدالله الذُّهْلي المترجم في "سير أعلام النبلاء"(16/204-205).(3/55)
عن محمد بن عبدوس، عن هارون - هو ابن معمر(1)-، عنه، وهو في التاسع عشر من "انتقاء الدارقطني من حديث القاضي"(2). ومنهم : معقل بن أبي معقل الأسدي - رضي الله عنه - ؛ روى أبوداود(3) من حديث وهيب، عن [عمرو](4) بن يحيى، عن أبي زيد، عن معقل بن أبي معقل الأسدي - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن [نستقبل القبلتين](5) ببول أو غائط. وأخرجه ابن ماجه(6). قال أبوداود : و"أبوزيد: هو مولى بني ثعلبة ".
__________
(1) كذا في الأصل ! ولعل الصواب :"هو ابن معروف"، فإنه الذي يروي عن ابن وهب كما=
= في "تهذيب الكمال" (16/282).
(2) وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (4/268 رقم1419/الإحسان) من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن غوث، به بنحوه.
(3) في"سننه"(1/20 رقم10) كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة.
(4) في الأصل :"عمر"، والتصويب من المصدر السابق.
(5) في الأصل :"تُستقبل القبلة"، والتصويب من المصدر السابق.
(6) في الموضع السابق برقم (319).(3/56)
ومنهم : والد رجل من الأنصار غير مسمى ؛ روى مالك في "الموطأ"(1) عن نافع، عن رجل من الأنصار، عن أبيه - رضي الله عنه - : أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تُستقبل القبلة بغائط أو بول . وفيه رجل مجهول ؛[فهو](2) كالمنقطع. ومنهم : عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ؛ من رواية مؤمل، عن حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - /نهى أن تُستقبل القبلة (3). ومنهم : أسامة بن زيد رضي الله عنهما ؛ رواية أبي بكر الحنفي(4)، عن عبدالله بن نافع، عن أبيه، أنه سمع أسامة بن زيد رضي الله عنهما يقول : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُستقبل القبلة بغائط أو بول. ومنهم : أبوسعيد الخدري - رضي الله عنه - ؛ من رواية ابن لهيعة [ثنا](5) أبوالزبير، أخبرني جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : أنه سمع أباسعيد الخدري - رضي الله عنه - يشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زجر أن تُستقبل القبلة لبول (6). ومنهم : سهل بن حنيف - رضي الله عنه - ؛ روى الحافظ أبومحمد عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي في "مسنده"(7) عن أبي عاصم، عن ابن جريج، عن عبدالكريم، عن الوليد
__________
(1) 1/193 رقم2) في كتاب القبلة، باب النهي عن استقبال القبلة والإنسان على حاجته، ولكن هذا سياق أبي مصعب في روايته لـ"الموطأ" (1/197 رقم508)، وفيها اختلاف هي وسائر الروايات عن رواية يحيى الليثي، وانظر تفصيل ذلك في "التمهيد" (16/125).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "نصب الراية" (2/103)؛ إذ الذي يظهر أنه أخذه عن المصنِّف.
(3) لم أجد من أخرج حديث ابن عمر هذا، ولم يخرجه المصنف.
(4) رواه بنحوه ابن عدي في "الكامل" (4/165 -166).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "المسند".
(6) لم يذكر المصنف من أخرج حديث أبي سعيد هذا، وقد أخرجه أحمد في "المسند" (3/15).
(7) 1/170).(3/57)
بن مالك، عن عبدالقيس، عن محمد بن قيس مولى سهل بن حنيف، عن سهل بن حنيف - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال [له](1) : (( أنت رسولي إلى أهل مكة، فقل (2): إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ عليكم السلام، ويأمركم إذا خرجتم فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها )) .
وأخرجه الحافظ الفقيه أبو جعفر الطبري في " تهذيب الآثار" من جهة
عبدالرزاق(3) عن ابن جريج، وفيه ذكر الإخبار [من](4) عبدالكريم لابن جريج، ومن الوليد بن مالك لعبدالكريم، ومن محمد بن قيس للوليد، ومن سهل لمحمد. رواه الطبري عن أحمد بن ثابت، عن عبدالرزاق.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المصدر السابق.
(2) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "سنن الدارمي" :" فقال ".
(3) وهو في "المصنف" بأتم من هذا السياق (8/466 رقم15920).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه، ويدل عليه ما بعده.(3/58)
وذكر الدارمي(1) بعد هذا الحديث حديث أبي أيوب، قال :"وهذا أصح من حديث عبدالكريم، وعبدالكريم شبه المتروك". قلت : يعني عبدالكريم بن أبي المخارق أبا أمية البصري، تبين ذلك في موضع آخر. ومنهم : عائشة(2) رضي الله عنها؛ من رواية بقية بن الوليد، عن مبشر بن عبيد، عن الحجاج بن أرطاة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قدم سراقة بن مالك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله عن التغوط،فأمره أن يتنكب القبلة،ولا يستقبلها،ولا يستدبرها. وقد مر أتم منه(3). ومنهم : أبو أمامة - رضي الله عنه -. روى جعفر بن الزبير، عن القاسم،[عن](4) أبي أمامة (5)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى أن نستقبل القبلة أو نستدبرها(6).
و"جعفر بن الزبير" قيل فيه :" متروك "(7). ومنهم : سراقة بن مالك، وسيأتي حديثه إن شاء الله تعالى (8).
ذكر مايُسْتَدَلُّ به على أن النهي عن ذلك لأجل القبلة
__________
(1) في المرجع السابق (1/170 -171).
(2) رواه بنحوه ابن عدي في "الكامل" (6/419).
(3) انظر (ص 507 ) من هذا المجلد، وانظر الصفحة الآتية.
(4) في الأصل:"بن"، والتصويب من ظاهر كلام المصنف و "تهذيب الكمال" (5/32)، حيث ذكر من شيوخ جعفر بن الزبير : القاسم أبا عبدالرحمن ؛ وهو الذي يروي عن أبي أمامة.
(5) في الأصل بعد هذا :" عن "، ثم شطب عليها، ثم بياض قليل، والكلام متصل.
(6) لم يذكر المصنف من أخرج حديث أبي أمامة هذا، ولم أجد من أخرجه.
(7) قاله البخاري، والنسائي، وغيرهما كما في "تهذيب الكمال" (5/36).
(8) وهو الحديث الأول في الباب الآتي.(3/59)
من رواية عبدالرزاق، عن معمر، عن سماك بن الفضل،عن [أبي](1) رشدين الجندي: أن سراقة بن مالك كان يُعلم قومه، فقال رجل: إن سراقة يُعلم قومه حتى ليُوشك أن يعلمهم كيف يأتون الغائط! فقام فيهم فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا أتى أحدكم الغائط فليكرم قبلة الله تعالى، فلا تستقبلوا القبلة )).
وعن سهل بن عامر، عن عمرو بن جُميع، عن عبدالله بن الحسن، عن أبيه، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من جلس يبول قبال القبلة فذكر، فتحرف عنها إجلالاً لها،لم يقم من مجلسه حتى يغفر له )) .
[ل165/أ]
وعن /بقية بن الوليد، عن الوضين بن عطاء رفعه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من أكرم القبلة أكرمه الله )) . أخرجها كلها أبوجعفر الطبري في "تهذيب الآثار"، والأول رواه عن أحمد بن ثابت، عن عبدالرزاق، والثاني فيه عن عمرو بن جُميع.
وسيأتي(2) حديث عن طاوس مسندًا ومرسلاً في إكرام القبلة إن
شاء الله تعالى.
ذكر من قال : إن ذلك من أجل المصلين(3)
__________
(1) في الأصل :"ابن"، وقد صوبت من قبل كما مر (ص 507).
(2) ص 553) من هذا المجلد.
(3) في الأصل :"القبلة"، بدل "المصلين"، وصوبت فوقها.(3/60)
روى البيهقي(1) من حديث يعقوب بن كعب، عن حاتم،عن عيسى الخياط(2) قال : قلت للشعبي : وأنا أعجب من اختلاف أبي هريرة وابن عمر؛ قال نافع عن ابن عمر:"دخلت بيت حفصة،فحانت مني التفاتة، فرأيت كنيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة "، وقال أبوهريرة :" إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها"! قال الشعبي:صدقا جميعًا؛أما قول أبي هريرة فهو في الصحراء، إن لله تعالى عبادًا ملائكة وجن يصلون، فلا يستقبلهم أحدٌ ببول ولا بغائط ولا يستدبرهم. وأما كنفهم هذه، فإنما هو بيت يبنى لا قبلة فيه. قال البيهقي(3):" وهكذا رواه موسى بن داود وغيره، عن حاتم بن إسماعيل"، وقال :" عيسى [بن أبي عيسى الخياط هذا : هو عيسى بن ميسرة، ضعيف]"(4).
قلت: يُقال في عيسى هذا:"الحناط"- بالحاء المهملة، والنون-،ويقال فيه:
"الخباط"- بالخاء المعجمة، والباء الموحدة-، ويقال فيه أيضًا:"الخياط"- بالخاء المعجمة، والياء آخر الحروف -، يجتمع فيه الثلاث. وعن وكيع(5) أنه قال لأصحاب الحديث:"احفظوا: عيسى الخياط،وسالم الخياط، ومسلم الخياط"(6).
__________
(1) في "سننه" (1/93).
(2) قوله :" الخياط" كتب الناسخ فوقها :" معًا"؛ أي : إنها تقرأ :" الخياط"، و"الحناط"، وسيأتي ضبط المصنف لهذه النسبة، وأنه أيضًا يقال له :" الخباط".
(3) في الأصل :" الثقفي " بدل :" البيهقي "، وصوب في الهامش.
(4) مابين المعكوفين في الأصل غير واضح، فاستظهرته من "السنن الكبرى" للبيهقي.
(5) لم أجد من ذكر قول وكيع هذا سوى المصنِّف.
(6) قوله :"وسالم الخياط، ومسلم الخياط" لم ينقطا في الأصل، فأمكن أن يكون أيضًا : "الحنّاط"- بالنون-، أو :"الخباط"- بالباء-، ولكن يؤكد ما أثبته : أن سالِمًا لم يُذكر في نسبته سوى:"الخياط" كما في "الإكمال" لابن ماكولا (3/272)، بخلاف عيسى ومسلم، فقد اجتمعت فيهم النسب الثلاث كما في "الإكمال" أيضًا (3/275).(3/61)
وحديث عيسى هذا أخرجه ابن ماجه(1) مختصرًا، ليس فيه مايدل على المعنى(2) الذي ترجمنا عليه، فلذلك تركناه.
ذكر الرخصة في الاستقبال والاستدبار عمومًا وخصوصًا
روى مالك في "الموطأ"(3) عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمه واسع بن حبان، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : أنه كان يقول: إن ناسًا يقولون : إذا قعدت على حاجتك، فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس. قال عبدالله : لقد ارتقيت على ظهر بيت لنا، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على لبنتين مستقبل بيت المقدس لحاجته، ثم قال : لعلك من الذين يصلون على [أوراكهم](4)؟ قال : قلت : لا أدري والله ! قال : يعني الذي يسجد ولا يرتفع عن الأرض، يسجد وهو لاصق بالأرض. "حَبَّان" في هذا الإسناد : بفتح الحاء، وبعدها باء موحدة مشددة، كذلك هو في الموضعين. و"اللَّبِنة": بفتح اللام، وكسر الباء الموحدة، ويقال: بكسر اللام، وسكون الباء.
وهذا الحديث أخرجه البخاري(5) من جهة مالك مطولاً هكذا، وأخرجه النسائي(6) من جهته أيضًا، وليس فيه قصة السجود.
ورواه الدارمي(7) عن يزيد بن هارون، عن يحيى.
__________
(1) في "سننه"(1/117رقم323) كتاب الطهارة وسننها، باب الرخصة في ذلك في الكنيف، وإباحته دون الصحاري.
(2) في الأصل :" على أن المعنى "، فحذفت قوله :" أن " لعدم مناسبته.
(3) برواية يحيى (1/193 -194 رقم3) كتاب القبلة، باب الرخصة في استقبال القبلة لبول أو غائط، ولكن هذا لفظ رواية أبي مصعب (1/200 -201 رقم516) باب النهي عن الصلاة على حقن حاجة الإنسان.
(4) في الأصل :" أواكهم "، والتصويب من "الموطأ ".
(5) في "صحيحه" (1/246 رقم145) كتاب الوضوء، باب من تبرز على لبنتين.
(6) في "سننه" (1/23-24 رقم23) كتاب الطهارة، باب الرخصة في ذلك في البيوت.
(7) في "سننه" (1/171) كتاب الطهارة، باب الرخصة في استقبال القبلة.(3/62)
والجماعة كلهم أخرجوه(1)، فالترمذي أخرجه(2) عن هناد، عن عبدة، عن عبيدالله بن عمر، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رقيِتُ يومًا على بيت حفصة، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - على حاجته مستقبل [الشَّام](3) /مستدبر الكعبة. قال :" هذا حديث حسن صحيح ". انتهى. و"رَقِيت "- بكسر القاف -[....](4) : علوت [...](5). حديث آخر : روى محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح عن مجاهد بن جُبير(6)، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة [ببول](7)، فرأيته قبل أن يُقبض بعام يستقبلها. أخرجه أبوداود(8) وابن ماجه(9) والترمذي(10)، وقال :"حسن غريب".
[ل165/ب]
__________
(1) البخاري تقدم، ومسلم أخرجه (1/224 رقم266) في كتاب الطهارة، باب الاستطابة، وأبوداود (1/21 رقم12) في كتاب الطهارة، باب الرخصة في ذلك، وابن ماجه (1/116 رقم322) في كتاب الطهارة وسننها، باب الرخصة في ذلك في الكنيف وإباحته دون الصحاري، والنسائي تقدم، والترمذي سيأتي.
(2) 1/16 رقم11) في أبواب الطهارة، باب ماجاء من الرخصة في ذلك.
(3) في الأصل "القبلة "، والتصويب من "سنن الترمذي".
(4) في الأصل كلمة غير واضحة يشبه أن تكون :" هنا على"، أو :" فاعل ".
(5) بياض في الأصل بمقدار سطرين.
(6) هو مجاهد بن جبر، ويقال : ابن جبير أيضًا، انظر "تهذيب الكمال" (27/228).
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من مصادر التخريج.
(8) في "سننه" (1/21 رقم13) كتاب الطهارة، باب الرخصة في ذلك.
(9) في "سننه" (1/117 رقم325) كتاب الطهارة وسننها، باب الرخصة في الكنيف وإباحته دون الصحاري.
(10) في "سننه" (1/15 رقم9) أبواب الطهارة، باب ماجاء من الرخصة في ذلك.(3/63)
قال البيهقي في"الخلافيات"(1):"قال أبوعيسى الترمذي:سألت محمدًا- يعني البخاري- عن هذا الحديث- يعني حديث جابر-،فقال:هذا حديث صحيح". وكذا حكى عبدالحق(2) عن الترمذي، ونسبه إلى كتاب "العلل"(3).
وقد روى الدارقطني(4) رحمه الله تعالى هذا الحديث من جهة إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، حدثني أبان بن صالح، فزالت تهمة التدليس عن ابن إسحاق، ولفظه : عن جابر قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [قد نهانا](5) أن نستدبر القبلة، أو نستقبلها بفروجنا إذا أهرقنا الماء، ثم قد رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة. أخرجه من حديث محمد بن شوكر وأبي الأزهر جميعًا، عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه. قال الدارقطني :" قال ابن شوكر : أن يستقبل القبلة، أو يستدبرها ".
وكذلك أخرجه ابن شاهين(6) من جهة إبراهيم، وفيه : قال : حدثنا أبان بن صالح، والبيهقي(7) من جهته أيضًا، وفيه : حدثني أبان بن صالح.
ورواه أبومحمد ابن الجارود في "المنتقى"(8).
__________
(1) 2/68).
(2) في "الأحكام الوسطى" (1/129).
(3) ص23 رقم5) ولكن سقط منه قوله :" هذا حديث صحيح ".
.
(4) في "سننه" (1/58 رقم2).
(5) في الأصل :"ينهى"، والمثبت من المرجع السابق.
(6) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص 83 رقم82).
(7) في "سننه" (1/92).
(8) 1/38 رقم31).(3/64)
و"أبان بن صالح" بن عمير : مكي، وثقه المزكون :[أبو](1) زكريا يحيى ابن معين(2)، وأبو زرعة الرازي(7)، وأبوحاتم الرازي(7).[.....](3) حديث آخر : روى حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن خالد بن أبي الصلت، عن عراك، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ذُكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - قوم يكرهون أن يستقبلوا [بفروجهم القبلة](4)، فقال : (( أراهم قد فعلوها ! استقبلوا بمقعدتي القبلة )) . أخرجه ابن ماجه(5) من جهة وكيع، عن حماد.
ورواه سريج بن يونس عن هشيم، عن خالد الحذاء، عن خالد بن أبي الصلت، عن عراك بن مالك، عن عائشة رضي الله عنها: أنها رأت النبي - صلى الله عليه وسلم - يستقبل القبلة لحاجته بعد النهي. أخرجه ابن شاهين(6).
ورواه الخلاَّل من جهة سريج أيضًا. قال الأثرم :" قال أبوعبدالله(7): أحسن مافي الرخصة : حديث عائشة رضي الله عنها، وإن كان مرسلاً، فإن مخرجه حسن. قلت له : عراك بن مالك قال (8): سمعت عائشة، فأنكره، وقال : عراك من أين سمع عائشة ؟ ماله ولعائشة ؟! هذا خطأ، إنما يروي عن عروة "- يعني عن عائشة رضي الله عنها(9)-.
[ل166/أ]
__________
(1) في الأصل :" وأبو".
(2) كما في "الجرح والتعديل" (2/297).
(3) بياض في الأصل بمقدار سطر.
(4) في الأصل :" القبلة بفروجهم "، والمثبت من "سنن ابن ماجه".
(5) في "سننه" (1/117 رقم324) كتاب الطهارة وسننها، باب الرخصة في ذلك في الكنيف وإباحته دون الصحاري.
(6) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص84 رقم83).
(7) أي : أحمد بن حنبل.
(8) في "نصب الراية" (2/106) نقلاً عن المصنف :" قلت له : فإن عراكًا يرويه مرة ويقول".
(9) وانظر "شرح العلل" لابن رجب (1/370).(3/65)
وذكر ابن أبي حاتم في "المراسيل"(1) من حكايته عن الأثرم، قال :" من روى هذا ؟ قلت : حماد بن سلمة،/ عن خالد الحذاء، فقال : رواه غير واحد عن خالد الحذاء ليس فيه : سمعت، ثم قال غير واحد، عن حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء ليس فيه : سمعت ". قلت : وقد ذكر عن موسى بن هارون مثل ماحكم به الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - من الإرسال بين عراك وعائشة. ولعراك أحاديث عزيزة(2) عن عروة، عن عائشة. وقد مر في كلام الإمام أحمد مايقتضي أنه السبب في إنكاره، ولا شك أن هذه طريقة قد يَستدل بها المحدثون على الانقطاع ؛ أعني : أن يكون الراوي معروفًا بإدخال الواسطة بينه وبين من روى عنه. إلا أن لقائل أن يقول: إذا كان من روى عنه قوله :" سمعت " ثقة، فهو مقدَّم على ذلك المأخذ، ولا تضر مخالفة الأكثر في روايته لهذا، فإن تلك طريق ظَنِّيَّة بناءً على ظن أنه لو لقي ذلك الشيخ وروى عنه لم يكن بينه وبينه واسطة. وقوله :" سمعت "- إذا كان الراوي ثقة - طريق يقتضي الجزم بالسماع، والجزم مقدم على الظن، لاسيما هذه المرتبة من الظن، فإنها ليست بالشديدة القوة، وقد انخرمت في مواضع، وقد ذكروا سماع عراك من أبي هريرة،ورووا فيه ترجمة ولم ينكروه، وأبوهريرة وفاته مع عائشة في سنة واحدة على قول،وبعدها على قول،وقيل: إنه صلى عليها،وإذا سمع منه فلا يبعد أصلاً في أن يسمع منها مع كونهما في بلدة واحدة، وهذا لعله ظن أقوى في سماعه منها من الظن المستند إلى أنه يروي عن عروة عنها، فلا يكون سمع منها، وهذا هو الذي أوجب لمسلم رحمه الله أن أخرج في "الصحيح"(3) حديث عراك، عن عائشة من رواية [زياد](4)
__________
(1) ص 162 -163 رقم606).
(2) في نصب الراية (2/107) نقلاً عن المصنف :" عديدة" بدل :"عزيزة".
(3) 4/2027 رقم2630) كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الإحسان إلى البنات.
(4) في الأصل :"يزيد"، والتصويب من "صحيح مسلم".
.(3/66)
بن أبي زياد مولى ابن عياش، عن عراك، عن عائشة حديث :" جاءتني مسكينة تحمل [ابنتين](1) لها..."، الحديث. قلت :"[زياد](2)" مولى ابن عياش - "عياش": بالياء آخر الحروف، والشين المعجمة هو : عياش بن أبي ربيعة -: روى عنه مالك في "الموطأ"(3).
وبعد هذا كله، فقد وقعت لنا رواية صُرِّح فيها بسماع عراك من عائشة رضي الله عنها من غير وجه حماد بن سلمة التي أنكرها الإمام أحمد - رضي الله عنه -.
فروى الدارقطني(4) من حديث علي بن عاصم، عن خالد الحذاء، فيه : وقال عراك : حدثتني عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها :أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بلغه(5) قول الناس [في ذلك](6) أمر بمقعدته فاستقبل بها القبلة.
وأخرجه البيهقي(7)، وقال عَقِيبه :" تابعه حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء في إقامة إسناده. ورواه عبدالوهاب الثقفي(8)، عن خالد الحذاء، عن رجل، عن عراك، عن عائشة رضي الله عنها. ورواه أبوعوانة(9)[وغيره](10)،
عن خالد الحذاء، عن عراك، [عن عائشة](6)". انتهى.
[ل166/ب]
__________
(1) في الأصل :"ابنين"، والتصويب من المرجع السابق.
(2) في الأصل :"يزيد"، وتقدم تصويبه.
(3) في مواضع عدة،منها:(1/211رقم24)كتاب القرآن،باب ماجاء في ذكر الله تبارك وتعالى.
(4) في "سننه" (1/59 رقم6).
(5) في "سنن الدارقطني":" قالت : لما بلغ رسول الله r " بدل "أن رسول الله r لما بلغه".
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(7) في "سننه" (1/92 -93).
(8) روايته عند الإمام أحمد في "المسند" (6/183)، والدارقطني في "سننه" (1/60 رقم8).
(9) وروايته عند الدارقطني في "سننه" (1/59 رقم3).
(10) في الأصل :"وغير واحد"، والتصويب من "السنن الكبرى" للبيهقي (1/93).(3/67)
واعلم أنه لا تعارض بين قول من قال : عن رجل، وبين من سماه وبيّن أنه خالد بن أبي الصلت. وأما من أسقط بين خالد وعراك الرجل فالحكم لمن زاده وبَيَّنه. [...](1). حديث آخر : روى صفوان بن عيسى، عن الحسن بن ذكوان، عن مروان الأصفر قال : رأيت ابن عمر رضي الله عنهما أناخ راحلته مستقبل القبلة يبول إليها، فقلت : أباعبدالرحمن ! أليس قد نُهي عن هذا ؟ قال : بلى، إنما نهي عن هذا في الفضاء، [ فإذا](2) كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس. أخرجه أبوداود في "السنن"(3)، وابن الجارود في "المنتقى"(4)، وأبوبكر ابن خزيمة / في "الصحيح"(5)، وأبوحفص ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(6)، والحاكم في "المستدرك"(7).
فصل في ماجاء من استقبال القبلة
تقدم حديث(8) معقل بن أبي معقل في ذلك الذي رواه أبوداود وابن ماجه.
وروى ابن أبي شيبة(9) عن ابن عُلية، عن أيوب، عن نافع، عن رجل من الأنصار، عن أبيه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن نستقبل واحدة من القبلتين بغائط أو ببول.
وهذا الحديث هو الذي مرَّ من رواية مالك(10)، وليس فيه القبلتين.
فصل
__________
(1) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر.
(2) في الأصل :"وإذا"، والمثبت من مصادر التخريج الآتية.
(3) 1/20 رقم11) كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة.
(4) 1/39 رقم32).
(5) 1/35 رقم60).
(6) ص84 رقم84)، والسياق له.
(7) 1/154).
(8) ص 513) من هذاالمجلد.
(9) لعله في الجزء المفقود من "مسنده".
(10) تقدم (ص 513) أيضًا.(3/68)
ذكر أبومحمد ابن حزم الظاهري(1) أنه يحرم استقبال القبلة في الاستنجاء، واستدل عليه بحديث سلمان بعدما أخرجه من جهة مسلم بن الحجاج بسنده إلى مسلم، عن محمد بن المثنى، عن عبدالرحمن بن مهدي بسنده إلى سلمان - رضي الله عنه - قال : قال لنا المشركون :[إني أرى](2) صاحبكم يعلمكم [كل شيء](4) حتى الخراءة ؟ فقال سلمان : أجل لقد نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه، أو مستقبل القبلة...، الحديث(3). كذا رأيته في النسخة في كتابه :"مستقبل القبلة" بالميم، وبها يتم الاستدلال، وليست هذه اللفظة بالميم في روايتنا في كتاب مسلم، ولا في شيء مما تتبعته من نسخ كتاب مسلم رحمه الله تعالى.
باب الاستنجاء والاستجمار ذكر الأمر بالاستنجاء
قد تقدم(4) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي فيه : وكان يأمر بثلاثة أحجار.
ورواه الشافعي(5) عن ابن عُيينة،[عن محمد بن عجلان](6)،عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إنما أنا لكم بمنزلة الوالد، فإذا [ذهب](3) أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بغائط ولا بول،[وليستنج](7) بثلاثة أحجار )) ، ونهى عن الروث والرِّمَّة، وأن يستنجي الرجل بيمينه.
__________
(1) في "المحلى" (1/95 -96 و193).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "المحلى".
(3) وتمامه:"ونهانا عن الروث والعظام، وقال : (( لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار ))".
(4) ص 510-511) من هذا المجلد.
(5) في "مسنده" (ص337-338).
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(7) في الأصل :" ويستنجي"، والتصويب من المرجع السابق، و"سنن البيهقي" (1/102) الذي رواه من طريق الشافعي.(3/69)
ورواه روح بن القاسم(1)[عن](2) ابن عجلان، وفيه:"وأمر بثلاثة أحجار".
وسيأتي(3) حديث مسلم بن قرط، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها.
وروى أبومسلم الكشي في"سُننه"عن أبي عمر،عن حماد،[عن حماد](4)،عن إبراهيم، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تستنجوا باليمين، واستنجوا بثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع،ولاتستنجوا بعظم،ولا برجيع دابة )).
__________
(1) وروايته عند البيهقي في الموضع السابق من "سننه".
(2) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل، فاستدركته من "سنن البيهقي ".
(3) لم أجد حديث مسلم بن قرط هذا فيما يأتي - ولا فيما مضى- من كلام المصنف، ولكن الحديث أخرجه أبو داود في "سننه" (1/371 رقم40) كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة، والنسائي في "سننه" (1/41-42 رقم44) كتاب الطهارة، باب الاجتزاء في الاستطابة بالحجارة دون غيرها، كلاهما من حديث أبي حازم،عن مسلم بن=
= قرط، عن عروة، عن عائشة : أن رسول الله r قال : (( إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، فليذهب معه ثلاثة أحجار يستطيب بهن، فإنها تجزئ عنه ))، واللفظ لأبي داود.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وتصويبه من كلام المصنف الآتي.(3/70)
"حماد" الأول هو : ابن سلمة، والثاني : حماد بن أبي سليمان. وأما : إبراهيم، عن أبي هريرة، فقال [محمد بن أحمد بن البراء(1)](2):" قال علي بن المديني(3): إبراهيم النخعي لم يلق أحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن البرّاء : قلت له : فعائشة ؟ قال : هذا [شيء](4) لم يروه [غير](5) سعيد بن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم - وقد ضعف(6)-، وقد رأى أباجحيفة، وزيد بن أرقم، وابن أبي أوفى - يعني عبدالله -، ولم يسمع منهم ".
وقال ابن أبي حاتم(7):" سمعت أبي يقول: لم يلق إبراهيم النخعي أحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عائشة رضي الله عنها، ولم يسمع منها شيئًا، فإنه دخل عليها وهو صغير، وأدرك أنسًا ولم يسمع منه ".
فصل في الاستبراء ونَتْر الذكر ثلاثًا
[ل167/أ]
__________
(1) كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص9 رقم19).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل،فاستدركته من المرجع السابق ومن كلام المصنف الآتي.
(3) في "العلل "(ص 60 -61 رقم77).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، والتصويب من المرجع السابق.
(5) في الأصل :"عن"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في "المراسيل" :" وهو ضعيف ".
(7) في الموضع السابق برقم (21).(3/71)
روى أبومحمد ابن الجارود في "المنتقى"(1) حديث القبرين عن الحسن بن محمد الزعفراني، عن وكيع بن الجراح، عن الأعمش قال : سمعت مجاهدًا يحدث عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قبرين، فقال : (( إنهما ليعذبان، ومايعذبان في كبير ؛ أما هذا فكان يمشي بالنميمة، وأما هذا الآخر فكان لا يستبرئ من بوله... )) ، الحديث. كذا رأيته في /غير نسخة من كتابه. وفي بعض النسخ كُتب :" يستتر " في الحاشية بعد "يستبرئ " في الأصل، وكتب عليه :" معًا ". وهذه اللفظة قد وقع فيها اختلاف من الرواة. ورواية وكيع هذه عند مسلم(2)، وليس فيها : "يستبرئ"، بل :"يستتر". وسيأتي ذكر الاختلاف في هذه اللفظة إن شاء الله تعالى. وذكر هناد بن السري في "الزهد"(3) هذا الحديث، وفيه :" لا يستبرئ من البول "، ذكر ذلك عبدالحق في كتابه الكبير(4) على ماحكى ابن القطان(5) عنه أنه قال :« رأيت في كتاب هناد بن السري في "الزهد" هذا الحديث بهذا الإسناد الذي لأبي داود، عن هناد، وفيه :" لا يستبرئ من البول " بهذا اللفظ ؛ من الاستبراء، ولم أره في نسخة أخرى، ولا صححته ». قال ابن القطان :« وأعرف هذه الرواية في "فوائد ابن صخر " من غير رواية هناد ؛ قال ابن صخر : حدثنا أبو القاسم عمر بن محمد بن سيف البغدادي الكاتب - إملاء بالبصرة -، ثنا [أبوحُفَيْص](6) عمر بن الحسن الحلبي، ثنا محمد بن قدامة، ثنا [جرير](7)، عن الأعمش، عن مجاهد،
__________
(1) 1/133 -134 رقم130).
(2) في "صحيحه" (1/240 -241 رقم292) كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه.
(3) 1/218 رقم360).
(4) أي الأحكام الكبرى.
(5) في "بيان الوهم والإيهام" (2/135-136).
(6) في الأصل:"أبو جعفر"، والتصويب من "بيان الوهم"، وانظر "تهذيب الكمال"(26/309) في ذكر الرواة عن محمد بن قدامة.
(7) في الأصل :"جدي"، والتصويب من "بيان الوهم".(3/72)
عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبرين، فقال : (( إنهما ليعذبان، ومايعذبان في كبير ))، ثم قال : (( بلى، أما أحدهما فكان [يسعى](1) بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستبرئ من البول ))».
وروى [أبوالحسين](2) عبدالباقي بن قانع الحافظ في "معجم الصحابة"(3) من حديث روح بن عُبادة، عن زكريا بن إسحاق وزمعة،[عن](4) عيسى بن يزداد(5)، عن أبيه قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاثًا )) .
ورواه(6) من حديث قرة بن خالد ويحيى بن العلاء، عن زمعة بن صالح بسنده، وقال :" بمثله ".
ورواه(7) من حديث أبي عاصم، عن زمعة، عن عيسى بن يزداد، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بال نتر ذكره ثلاثًا.
كذا في هذه الرواية حكاية فعل، إلا أنه أخرجها عمن وُصف عندهم بالوضع(8)، إلا أنه أتبعه(2) بروايته عن بشر بن موسى، عن الحميدي، عن سفيان وعيسى بن يونس، عن زمعة، عن عيسى بن يزداد، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال :" بمثله ".
__________
(1) في الأصل :"يمشي"، والمثبت من "بيان الوهم".
(2) في الأصل :" أبو الحسن"، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (15/526).
(3) 3/238 -239).
(4) في الأصل :"بن"، والتصويب من "معجم الصحابة".
(5) الدال الأخيرة يجوز فيها الإعجام والإهمال، انظر تعليق المعلمي على "الإكمال" لابن ماكولا (1/239 و240)، وتعليقه أيضًا على "الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم (9/310).
(6) في الموضع السابق (ص 239).
(7) في الموضع السابق (ص238).
(8) يعني شيخ ابن قانع الراوي عن أبي عاصم، وهو : أحمد بن الحسن المضري الأُبُلِّي، فقد رواه بالكذب ووضع الحديث عدد من الأئمة كابن حبان، والدارقطني وغيرهما. انظر "لسان الميزان" (1/247-248).(3/73)
ورواه [المعمري](1) عن عمرو بن سواد وأحمد بن عبدالرحمن، عن ابن
وهب، عن زمعة بن صالح، عن عيسى بن [يزداد](2)، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا بال أحدكم [فلينتر](3) ذكره ثلاث مرات )) . وإذا [....](4) في حديثه :" وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ". ورواه من حديث بشر بن السري، ثنا زمعة بن صالح، عن عيسى بن يزداد، عن أبيه مولى تحي بن السقاف، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
و"تحي" بفتح التاء [ثالث](5) الحروف، وكسر الحاء المهملة.
ورواه أيضًا من حديث روح بن عبادة، عن زمعة بن صالح وزكريا بن إسحاق، عن عيسى. ورواه [عن](6) يعقوب بن إبراهيم، عن روح، ثنا زكريا بن إسحاق، عن [عيسى](7) بن يزداد، عن أبيه يزداد بن [فساءة](8)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (9).
__________
(1) في الأصل :"العمري"، والتصويب من "تهذيب الكمال" (22/58)، واسمه الحسن بن علي ابن شبيب المعمري، وتقدم مرارًا. وروايته لهذا الحديث لعلها في كتاب "السنن" له الذي سبق أن عزا له المصنف قبل هذا (ص 52) من هذا المجلد.
(2) في الأصل :" يزاد"، وتقدم آنفًا على الصواب.
(3) في الأصل :" فلينثر"، وتقدم على الصواب.
(4) بياض في الأصل بمقدار كلمتين.
(5) في الأصل:" ثاني"، والمثبت هو الصواب، لأن التاء هو الحرف الثالث من الحروف العربية.
(6) في الأصل :" عنه ".
(7) في الأصل :"عيينة"، وقد ذكره المصنف آنفًا على الصواب.
(8) في الأصل تشبه أن تكون :" سيناه"، والتصويب من "تهذيب الكمال" (23/57).
(9) ومن طريق روح عن زكريا أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4/347).(3/74)
وذكر ابن أبي حاتم(1) في هذا الحديث - أعني حديث عيسى بن يزداد، عن أبيه -، فذكر عن أبيه أبي حاتم أنه قال :"[لا يصح حديثه](2)، وليس لأبيه صحبة"- يعني يزداد أباعيسى-. قال :" ومن الناس من يُدخله في المسند على المجاز، وهو وأبوه [مجهولان]"(3).
فصل في ترك الاستنجاء من الريح
[ل167/ب]
روى الحافظ أبوبكر الخطيب من حديث محمد بن زياد الكلبي، ثنا شرقي بن قطامي، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من استنجى من الريح فليس منا )) . أخرجه في كتاب "المتفق والمفترق"(4) في ترجمة محمد [بن زياد](5) بن زبَّار الكلبي، وقال :" حدث عن أبي مودود المديني، وشرقي بن قطامي، روى عنه زهير بن محمد بن قُمَيْر، وأحمد بن منصور الرمادي،/[وأبو](6) أمية الطرسوسي، وأحمد بن عُبيد بن ناصح، ومحمد بن غالب التمتام، وأحمد بن علي [الخزاز](7)، وغيرهم ". قلت :"وزِياد": بكسر الزاي. و"زبَّار": بفتح الزاي، وتشديد الباء الثانية(8)، وآخره راء مهملة.
فصل في الاستنجاء بالماء
قرأت على الحافظ أبي محمد المنذري، أنا الشيخان الصالحان : أبو بكر
__________
(1) في "الجرح والتعديل" (6/291).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(3) في الأصل :" مجهولين "، والتصويب من "الجرح والتعديل".
(4) 3/1882 رقم1298).
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق، وتقدم كذلك، وانظر ضبط المصنف له فيما يأتي.
(6) في الأصل :"وابن"، والتصويب من "المتفق والمفترق"، وانظر "تاريخ بغداد" (5/281).
(7) في الأصل :" الجرار"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(8) أي : الثانية في ترتيب الحروف الهجائية.(3/75)
عبدالجليل بن أبي غالب بن أبي المعالي الأصبهاني - بقراءتي عليه بجامع دمشق -، وأبوالقاسم عبدالرحمن بن عبدالله المقرئ - بقراءتي عليه، وقراءة عليه وأنا أسمع أيضًا -، قالا: أنا أبوالوقت عبدالأول بن عيسى الصوفي- قراءة عليه ونحن نسمع، قال الأصبهاني : بهمذان، وقال المقرئ : ببغداد -، أخبرتنا الحرة أم الفضل بيبي بنت أبي الفضل عبدالصمد بن غالب(1)، قالت : ثنا عبدالرحمن بن أحمد بن محمد الأنصاري، أنا عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، ثنا أبو خيثمة زهير بن حرب، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرني روح بن القاسم،عن عطاء بن أبي ميمونة،عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبرز لحاجته، فنأتيه(2) بماء فيغتسل به.
__________
(1) وبيبي بنت عبدالصمد أخرجت هذا الحديث في "جزئها" (ص62-63 رقم77)، ومن طريقها أيضًا أخرجه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (11/491).
(2) في المرجعين السابقين :" فآتيه ".(3/76)
قال شيخنا المنذري : وأخبرناه أبوحفص عمر(1) بن محمد بن أبي بكر الدارقزي- قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق-، أنا الأشياخ : أبوالقاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي، وأبوالبركات عبدالوهاب بن المبارك بن الحسن الأنماطي، وأبومنصور محمد بن عبدالملك بن خيرون المقرئ. قال شيخنا : وأخبرنا أبوحامد عبدالله بن مسلم بن ثابت بن [النخاس](2) البغدادي - في كتابه إليّ منها -، أنا الشيخ أبوالحسن علي بن هبة الله بن عبدالسلام - قراءة عليه وأنا أسمع -، قالوا : أنا أبو محمد عبدالله بن محمد بن عبدالله الخطيب، أنا أبو القاسم عُبيدالله بن محمد الحبابي، ثنا عبدالله - يعني ابن محمد -. وقرأت على أبي الحسين يحيى بن علي بن عبدالله الحافظ القرشي، أنا أبوالحسن ابن أبي البركات ابن أبي سعد الصوفي - قراءة عليه وأنا أسمع سنة ست وتسعين وخمسمائة -، أنا أبو منصور علي بن سُكينة البغدادي - قراءة عليه -، أنا أبومحمد عبدالله بن محمد الصريفيني، أنا عبيدالله بن محمد بن إسحاق بن حبابة البزاز، ثنا عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، ثنا أبوخيثمة، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، ثنا روح بن القاسم، عن عطاء بن أبي ميمونة، عن أنس - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبرز لحاجته، فآتيه بماء فيغتسل به. أخرجه مسلم(3) عن أبي خيثمة زهير بن حرب، وأخرجه البخاري(4) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، كلاهما عن إسماعيل بن عُلية. وأخرجاه(5)
__________
(1) في الأصل :"أبوحفص عن عمر" وهو خطأ، فأبوحفص هو عمر بن محمد، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (21/507-508).
(2) في الأصل :"النحاس"، وسيذكره المؤلف بعد ذلك على الصواب، وانظر ترجمته في "التكملة لوفيات النقلة" (2/38 رقم820).
(3) في "صحيحه" (1/227 رقم271/71) كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالماء من التبرز.
(4) في "صحيحه" (1/321 رقم217) كتاب الوضوء، باب ماجاء في غسل البول.
(5) أخرجه البخاري (1/250-251 رقم150و151) كتاب الوضوء، باب الاستنجاء بالماء، وباب من حمل معه الماء لطهوره، و(1/575-576 رقم500) كتاب الصلاة، باب الصلاة إلى العنزة، ومسلم في الموضع السابق برقم (271/70).(3/77)
من حديث شعبة.
و"عطاء" هو مولى أنس بن مالك، ويقال : مولى عمران بن حصين، وكنيته: أبومعاذ، وليس له في الصحيح سوى هذا الحديث. و"بيبي": بباءين موحدتين مكسورتين، بينهما ياء آخر الحروف ساكنة. و"النخاس"- في نسب عبدالله بن مسلم -: بالخاء المعجمة. و"مسلم": بسكون [ السين](1). و"الحبابي"- بالحاء المهملة المفتوحة، وبعدها باء موحدة خفيفة، وبعد الألف باء أخرى -: نسبة إلى حَبابة. و"البزاز"- في صفته -: بالزاي المعجمة. و"سُكَينة": بالسين(2) وفتح الكاف المخففة.
وقد روى هذا الحديث مسلم(3)والنسائي(4) من حديث شعبة عن عطاء بن أبي ميمونة، ولفظه عند مسلم: أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إدَاوةً من ماءٍ وعَنَزة فيستنجي بالماء.
[ل168/أ]
ورواه مسلم(5) وأبوداود(6) من حديث خالد الحذاء، عن عطاء، ولفظه عند مسلم رحمه الله : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل حائطًا،/ وتبعه غلام معه ميضأة - وهو أصغرنا-، فوضعها عند سدرة، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجته، فخرج علينا وقد استنجى بالماء.
و"الإداوة": شبه الركوة. و"العَنَزة": حربة صغيرة. و"المِيضأة"- بكسر الميم، بعدها ياء آخر الحروف، ثم ضاد، ثم همزة مفتوحتان -: مفعلة من الوضوء، وهي كالمطهرة.
وقال القزاز في "تفسير غريب صحيح البخاري" :" قوله : يستنجي بالماء؛
__________
(1) في الأصل :" الجيم".
(2) لعله أراد : بضم السين.
(3) في الموضع السابق.
(4) في "سننه" (1/42 رقم45) كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالماء.
(5) في الموضع السابق برقم (270).
(6) في "سننه" (1/38 رقم43) كتاب الطهارة، باب في الاستنجاء بالماء.
.(3/78)
أي : يغسل الحدث بالماء. وسمي نجوًا باسم المكان الذي كانوا يخرجون إليه ؛ نجوة(1) من الأرض يستترون بها عند قضاء الحاجة، فيقولون : استنجى كما يقولون : تغوط. وقيل : الحدث : هو النجو نفسه ". حديث آخر : روى النسائي(2) عن قتيبة، عن أبي عوانة، عن قتادة(3)، عن معاذة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : مُرْنَ أزواجكن أن يستطيبوا بالماء، فإني أستحييهم منه ؛ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله.
وأخرجه الترمذي(4) من حديث أبي عوانة، وقال :" هذا حديث حسن صحيح ". وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(5)، وأبوحاتم ابن حبان في "صحيحه"(6).
__________
(1) كذا في الأصل ! وأخشى أن يكون في الكلام سقط، وكأنه أخذ العبارة من "تهذيب اللغة" للأزهري وتصرّف فيها، ونص عبارة الأزهري (11/201):" وقيل : أصل هذا كله من النَّجْوَة ؛ وهو : ما ارتفع من الأرض، وقيل : إن الاستنجاء من الحدث مأخوذ من هذا ؛ لأنه إذا أراد قضاء الحاجة استتر بنجوة من الأرض ".
(2) في "سننه" (1/42 -43 رقم46) كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالماء.
(3) قوله :" عن قتادة" سقط من الأصل، واستدرك في الهامش.
(4) في "سننه" (1/30 -31 رقم19) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الاستنجاء بالماء.
(5) لم أجده في "المستدرك".
(6) 4/290 -291 رقم1443/الإحسان).(3/79)
وذكره الخلاَّل عن حرب قال:" قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى : لم يصح في الاستنجاء بالماء حديث. قيل : فحديث عائشة ؟ قال : لايصح ؛ لأن غير قتادة لا يرفعه ". قلت : يزيد الرِّشْك رواه عن معاذة، عن عائشة ولم يرفعه، والإسناد الذي ذكرنا من جهة النسائي من حديث خالد رجاله كلهم ثقات على شرط الصحيحين. وقتادة من أحفظ الحفاظ، وقد عرف ترجيح الفقهاء والأصوليين بزيادة العدل. وذكر ابن أبي حاتم(1) أنه قال لأبي زرعة :" إن شعبة يروي عن يزيد الرِّشْك، عن معاذة، عن عائشة رضي الله عنها موقوف، [وأسنده](2) قتادة، فأيهما أصح ؟ قال : حديث قتادة مرفوع أصح، وقتادة أحفظ، ويزيد الرِّشْك ليس به بأس ". انتهى.
و"الرِّشْك"- بكسر الراء المهملة، وسكون الشين المعجمة، وآخره كاف- قيل معناه : القسام.
وقد قدمنا(3) حديث أنس في الاستنجاء بالماء، وأن [الشيخين](4) أخرجاه في "الصحيحين".
ومرَّ أيضًا حديث الفطرة(5)، وفيه :" [انتقاص](6) الماء "، وتفسيره بالاستنجاء.
وعند ابن ماجه(7) حديث رجاله رجال الصحيح، رواه هناد بن السري، عن أبي الأحوص، عن منصور(8)، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت : مارأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من غائط قط إلا مس ماء. أدخله ابن ماجه في "باب الاستنجاء بالماء".
__________
(1) في "علل الحديث" (1/42 رقم91).
(2) في الأصل :"فأسنده" والتصويب من "العلل" لابن أبي حاتم.
(3) تقدم (ص 535و536).
(4) في الأصل :" الشيخان "، وهو خطأ ظاهر.
(5) ص 401 و402) من المجلد الأول.
(6) في الأصل :" استنضاح"، والمثبت من الموضع الذي أحال عليه المصنِّف.
(7) في "سننه" (1/127 رقم354) كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالماء.
(8) قوله :" عن منصور" سقط من الأصل، واستدرك في الهامش.(3/80)
وروى أبومسلم الكشي عن أبي [عمر](1)، عن حماد،[عن](2) علي بن زيد، عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر، عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((من الفطرة الانتضاح )). قال أبو [عمر](1):" الانتضاح : غسل القبل والدبر ". حديث آخر : وروى أبوداود(3) من حديث معاوية بن هشام، عن يونس بن الحارث، عن إبراهيم بن أبي ميمونة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( نزلت هذه الآية [في أهل قباء](4):{ فيه رجال يحبون أن يتطهروا }))(5)، قال : (( كانوا يستنجون بالماء، فنزلت [فيهم](4) هذه الآية )).
وأخرجه ابن ماجه(6) من حديث معاوية بن هشام أيضًا بسنده. وزعم أبوالحسن ابن القطان(7) أن « إبراهيم هذا: مجهول الحال، لا يعرف، روى عنه
[ل168/ب]
__________
(1) في الأصل :" عمرو"، وهو تصحيف، وتقدم (ص528) من هذا المجلد على الصواب، وهو أبو عمر حفص بن عمر الضرير. انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (7/45).
(2) في الأصل:"بن"، وهو تصحيف،فحماد هو ابن سلمة،أو ابن زيد، فكلاهما يروي عن علي ابن زيد بن جدعان الذي يروي عن سلمة بن محمد كما في"تهذيب الكمال"(11/319).
(3) في "سننه" (1/38 رقم44) كتاب الطهارة، باب في الاستنجاء بالماء.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن أبي داود".
(5) سورة التوبة، آية رقم (108).
(6) في الموضع السابق برقم (357).
(7) في "بيان الوهم والإيهام" (4/105).(3/81)
غير يونس بن الحارث، ويونس بن الحارث هو الطائفي : ضعيف، قال فيه ابن معين(1):" لاشيء ". وبيَّن الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - حاله، وقال(2): "مضطرب الحديث ". وحكى أبوأحمد(3) عن ابن معين أنه قال فيه :"ضعيف"، وعنه قول آخر(4):"إنه ليس به بأس، يكتب/حديثه ". وقال النسائي(5):"ليس بالقوي ". قال ابن القطان(6):" وعندي أنه لم تثبت عدالته، وليس [له](7) من الحديث إلا اليسير، قاله ابن عدي(8)". قال ابن القطان(9):"والجهل بحال إبراهيم بن أبي ميمونة [كافٍ](10) في تعليل الخبر المذكور، فليعلم(11) ذلك". قلت : إبراهيم هذا ذكره أبوحاتم ابن حبان في " ثقات أتباع التابعين"(12)(13)، وقال :" يروي عن أبي صالح، عن ابن عمر، وروى عنه يونس بن الحارث الطائفي، وهو الذي يروي عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : نزلت هذه الآية الكريمة :{ فيه رجال يحبون أن يتطهروا }(14) [في أهل قباء](15)،
__________
(1) كما في "الجرح والتعديل" (9/237)، إلا أن فيه :"ضعيف لاشيء".
(2) في "العلل ومعرفة الرجال" لابنه (1/340-341 رقم625) ولفظه :" أحاديثه مضطربة".
(3) هو ابن عدي في "الكامل" (7/175).
(4) في الموضع السابق من "الكامل".
(5) كما في "تهذيب الكمال" (32/502)، وقال في "الضعفاء والمتروكين" (ص247 رقم651) :" ضعيف ".
(6) في "بيان الوهم والإيهام" (4/106).
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "بيان الوهم والإيهام"، ومن "الكامل".
(8) في الموضع السابق من "الكامل".
(9) في الموضع السابق من "بيان الوهم والإيهام".
(10) في الأصل :"كان"، والتصويب من "بيان والوهم والإيهام".
(11) في "بيان الوهم والإيهام" :" فاعلم ".
(12) من "الثقات " (6/19).
(13) كتب في هامش الأصل :" وذكره في الضعفاء أيضًا"، ولم أره في "الضعفاء".
(14) سورة التوبة، آية (108).
(15) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الثقات".(3/82)
كانوا يستنجون بالماء، فنزلت هذه الآية الكريمة ".
وروى ابن ماجه(1) عن هشام بن عمار، عن صدقة بن خالد، عن عتبة [ابن](2) أبي حكيم قال : حدثني طلحة بن نافع، أخبرني أبوأيوب الأنصاري وجابر بن عبدالله وأنس بن مالك - رضي الله عنهم -:[أن هذه الآية](3) نزلت :{ فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطَّهِّرين}، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يامعشر الأنصار! إن الله تعالى قد أثنى عليكم في الطهور، فما طهوركم ؟ )) قالوا : نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، ونستنجي بالماء. قال : (( فهو ذلك فعليكموه )) .
ورواه محمد بن شعيب بن شابور(4)، عن عُتبة بن أبي حكيم.
و"شابور": بالشين المعجمة.
وبلغني أن الحاكم أخرج حديث طلحة بن نافع في "المستدرك"(5)-، وقال: "حديث كبير صحيح"-، بسنده، وفيه : (( إن الله تعالى قد أثنى عليكم خيرًا في الطهور، فما طهوركم هذا ؟ ))، وفيه :[نتوضأ للصلاة والغسل من الجنابة](6)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( فهل مع ذلك غيره ؟ )) قالوا : لا، غير أن أحدنا إذا خرج من الغائط أحب أن يستنجي بالماء. قال : (( هو ذاك فعليكموه )) . أخرجه البيهقي(7).
__________
(1) في "سننه" (1/127 رقم355) كتاب الطهارة وسننها، باب الاستنجاء بالماء.
(2) في الأصل :"عن"، والتصويب من "سنن ابن ماجه".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، والتصويب من المرجع السابق.
(4) وروايته عند الدارقطني في "سننه" (1/62 رقم2)، وفي الموضعين الآتيين من "مستدرك الحاكم" و"سنن البيهقي".
(5) 1/155).
(6) في الأصل :" نغتسل من الجنابة "، والتصويب من "المستدرك".
(7) في "سننه" (1/105).(3/83)
وروى إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه، عن شرحبيل بن سعد، عن عُويم بن ساعدة الأنصاري، ثم العجلاني، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأهل قباء : ((إن الله تعالى قد أحسن الثناء عليكم في الطهور؛ قال : { فيه رجالٌ يحبون أن يتطهروا } ))، حتى انقضت الآية، فقال لهم : (( ماهذا الطهور ؟ )) فقالوا: مانعلم شيئًا، إلا أنه كان لنا جيران من اليهود، وكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط، فغسلنا كما غسلوا. أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(1)، والحاكم في "المستدرك"(2)، وحكم بصحته فيما بلغني.
وروى يحيى بن آدم، حدثنا مالك بن مغول، سمعت سيارًا أبا الحكم غير مرة يحدث عن شهر بن حَوشب، عن محمد بن عبدالله بن سلام، قال : لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا قباء، قال : (( إن الله تعالى قد أثنى عليكم في الطهور خيرًا، أولا تخبرونني ؟ )) [قال : يعني] (3) ) قوله :{ فيه رجال يحبون أن يتطهروا }. قال : فقالوا : يارسول الله! إنا نجد مكتوبًا علينا في التوراة الاستنجاء بالماء.
أخرجه أبو بكر ابن أبي شيبة في "مسنده"(4) عن يحيى بن آدم.
ورواه أبوالقاسم البغوي في "المعجم"(5) عن محمد بن يزيد أبي هشام الرفاعي، عن يحيى بن آدم بسنده إلى محمد بن سلام، فقال :" قال يحيى : ولا أعلمه إلا عن أبيه"، ثم قال بعد انقضاء الحديث:« قال أبوهشام: ثم كتبته عن يحيى من أصل كتابه، ليس فيه "عن أبيه"». قال البغوي :« وحدَّث به الفريابي عن مالك بن مغول، عن سيَّار، عن شهر، عن محمد بن عبدالله بن سلام، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر أباه »(6).
__________
(1) 1/45 -46رقم83).
(2) 1/155).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "مسند ابن أبي شيبة".
(4) 2/205 رقم690).
(5) وعزاه له أيضًا ابن حجر في "الإصابة" (9/121-122).
(6) النص بنحوه في الموضع السابق من"الإصابة".(3/84)
قلت :" مِغْول": بكسر الميم، وإسكان الغين. و"سيَّار": أوله سين مهملة، وبعدها ياء - آخر الحروف - مشددة. و"سَلام": بتخفيف اللام.
[ل169/أ]
والحديث مختلف في إسناده، فقيل : عن محمد بن عبدالله بن سلام قال : قال أبي : قدم علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( إن الله تعالى قد أثنى عليكم [في الطهور خيرًا](1) ياأهل قباء ! أفلا /تخبروني؟ )) فقلنا : يارسول الله ! في(2) التوراة الاستنجاء بالماء(3).
وتابعه يحيى بن أبي أُنيسة عن سيار بقوله:"عن أبيه". أخرجه الطبراني(4).
وذكر ابن أبي حاتم(5) أنه "رواه أبوخالد الأحمر، عن داود بن أبي هند، عن شهر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [مرسلاً]"(6). قال ابن أبي حاتم:" فسمعت أبازرعة يقول : الصحيح عندنا - والله عز وجل أعلم -: محمد بن عبدالله بن سلام قط، ليس فيه : عن أبيه ".
روى الطبراني(7) من حديث زهير بن عباد، ثنا سلاَّم الطويل، عن زيد العمِّي، عن أبي عثمان الأنصاري، عن ابن عمر، عن عبدالله بن سلام : أنه قال: يارسول الله! إنا كنا قبلك أهل كتاب، وإنا نؤمر بغسل الغائط والبول؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إن الله قد رضي عنكم، وأثنى عليكم، وأحبكم، فلا تَدَعُوُه )) . رواه عن هارون بن سليمان، عنه، وقال:" لا يُروى هذا الحديث عن ابن عمر، عن عبدالله بن سلام إلا بهذا الإسناد، تفرد به زهير بن عباد ".
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "معجم الطبراني".
(2) في "المعجم الكبير" :"علينا في".
(3) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (ص157 رقم381/قطعة من ج13).
(4) في الموضع السابق برقم (382).
.
(5) في "العلل" (1/42 -43 رقم92).
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(7) في "المعجم الأوسط" (9/143 رقم9363).(3/85)
قال المصنف :" سلاَّم الطويل ": مشدد [اللام](1). و"سَلام"- والد عبدالله -: مخفف اللام. وقد اجتمع المشتبهان في إسناد واحد، وهو غريب، و"سلاَّم الطويل" استُضعف، وكذلك " زيد ".
حديث آخر : روى(2) عيسى بن عبيد المروزي، ثنا إبراهيم بن حَنان، سمع شهر بن حوشب يحدث قال : أتيت المدينة وأنا أقتبس العلم، فاتخذت بها أهلاً. قال : وكانت المرأة تضع لي الماء إذا خَرَجْتُ إلى المخرج، فلا أعبأ به شيئًا، فسألتُ عبدالله بن عمر، فقال : افعل، فإنه طهور، و[هو](3) مصحة، وكان يفعله من قبلنا. أخرجه الحافظ أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب في كتاب "تلخيص المتشابه في الرسم"(4).
و"حَنَان" والد إبراهيم : بفتح الحاء والنون المخففة. و"إبراهيم" معدود في التابعين، قيل(5): وأصله من مَرْوَ، وسكن طوس.
وسيأتي حديث عن إبراهيم بن جرير في هذا المعنى بعد هذا.
فصل(6) فيما جاء في تكرار غسل المحل في الاستنجاء بالماء
روى ابن ماجه في "سننه"(7) من حديث شريك، عن جابر، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجيّ، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل مقعدته ثلاثًا. قال ابن عمر : فعلناه فوجدناه دواء وطهورًا.
__________
(1) في الأصل "الدال".
(2) من قوله :" روى" إلى نهاية الفصل جاء في بداية الفصل الآتي، لكن كتب الناسخ فوق قوله :" روى" :" مقدم "، وفوق قوله :" فصل" كتب :"مؤخر".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "تلخيص المتشابه في الرسم".
(4) 1/226).
(5) كما في "الإكمال" لابن ماكولا (2/318).
(6) نبهت في الصفحة السابقة على أن الناسخ كتب فوق قوله :"فصل" ما نصه :"مؤخر".
(7) 1/127 رقم356) كتاب الطهارة وسننها، باب الاستنجاء بالماء.(3/86)
"جابر الجعفي" و"زيد العمي" استُضعفا. و"أبوالصِّدِّيق": بكسر الصاد المهملة المشددة، وكذلك الدال المهملة المشددة. و"النَّاجيّ": بالنون، والجيم، والياء المشددة، والله عز وجل أعلم.
فصل في دلك الأرض بعد الاستنجاء بالماء
روى أبوداود(1) والنسائي(2) من حديث شريك، عن إبراهيم بن جرير، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور أو ركوة فاستنجى، ثم مسح يده على الأرض، ثم أتيته بماء(3) آخر فتوضأ. لفظ أبي داود. وأخرجه ابن ماجه(4) أيضًا من حديث شريك.
وروى النسائي(5) عَقيبه عن أحمد بن الصباح، عن شعيب -يعني ابن حرب-، ثنا أبان بن عبدالله البجلي، ثنا إبراهيم بن جرير، عن أبيه قال : كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتى الخلاء،[فقضى](6) الحاجة ثم قال : (( ياجرير! هات طهورًا ))، فأتيته بالماء، فاستنجى بالماء، وقال بيده، فدلك بها الأرض.
قال أبوعبدالرحمن النسائي :" هذا أشبه بالصواب من حديث شريك، والله عز وجل أعلم ".
__________
(1) في "سننه" (1/39 رقم45) كتاب الطهارة، باب الرجل يدلك يده في الأرض إذا استنجى. إلا أنه وقع في المطبوع غلط في السند :"عن إبراهيم بن جرير عن المغيرة، عن أبي زرعة"، وقد أطال النفس صاحب "عون المعبود"، وأثبت أن هذا غلط في أكثر النسخ، انظر "عون المعبود" (1/67 رقم45).
(2) في "سننه" (1/45 رقم50) كتاب الطهارة، باب دلك اليد بالأرض بعد الاستنجاء.
(3) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "سنن أبي داود" :" بإناء".
(4) في "سننه" (1/128 رقم358) كتاب الطهارة وسننها، باب من دلك يده بالأرض بعد الاستنجاء.
(5) في الموضع السابق برقم (51).
(6) في الأصل :"يقضي"، والتصويب من "سنن النسائي".(3/87)
قلت : يعني :" إبراهيم بن جرير، عن أبيه" أشبه من :" إبراهيم بن جرير، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ". وذكر ابن أبي حاتم(1) عن أبيه أنه "لم يسمع إبراهيم بن جرير بن عبدالله البجلي من أبيه "، وكذا ذكر أبوأحمد ابن عَدي(2).
[ل169/ب]
/حدثنا(3)
__________
(1) في "المراسيل" (ص11 رقم26).
(2) في "الكامل" (1/259).
(3) الكلام المتقدم إلى قوله :" أبو أحمد ابن عدي " جاء في نهاية الوجه الأول للوحة رقم (169)، ومن قوله :" حدثنا عتيق" جاء في بداية الوجه الثاني، وهو كلام منفصل بعضه عن بعض، بل من الواضح جدًّا أن في الكلام سقطًا، وبالأخص بداية ماجاء في الوجه الثاني. وبعد بحث طويل وجدت أن السياق المذكور في بداية الوجه الثاني هو رواية الروياني في "مسنده" (2/230 -231 رقم1108) لحديث سهل بن سعد في الاستنجاء، وبناء على ذكر المصنِّف للبيهقي والدارقطني بما يشعر بتقدم ذكرهما قبل ذلك ؛ فإني أتوخّى أن يكون سياق المصنف للحديث قريبًا من السياق الآتي - مع حذف العزو بالأرقام -: [روى الدارقطني في "سننه" (1/56 رقم10) عن سهل بن سعد : أن النبي r سئل عن الاستطابة، فقال : (( أولا يجد أحدكم ثلاثة أحجار: حجرين للصفحتين، وحجر للمَسْربة؟ )). رواه عن علي بن أحمد بن الهيثم العسكري، نا علي بن حرب، نا عتيق بن يعقوب الزبيري، نا أُبَيّ بن العباس بن سهل بن سعد، عن أبيه، عن جده سهل بن سعد.
ورواه البيهقي في "سننه" (1/114) من جهة محمد بن عبدالحكم القطري، عن عتيق بن يعقوب، ثم رواه من طريق أحمد بن يحيى الحلواني، ثنا عتيق، فذكره بإسناده ومعناه، إلا أنه قال :" حجران للصفحتين، وحجر للمسربة".
ورواه الروياني في "مسنده" من جهة حسين بن حيان، حدثنا عتيق بن يعقوب بن صُدَيق بن موسى بن عبدالله بن الزبير...]، ثم يستمر السياق كما عند المصنِّف. ولم =
= يذكر أحد - فيما وقفت عليه - نسب عتيق كاملاً، ولا هذه الزيادة :" قال : يعني المخرج" سوى الروياني، والله أعلم.(3/88)
عتيق بن يعقوب بن صديق بن موسى بن عبدالله بن الزبير بن العوام، وفيه بعد قوله :" للمَسْربة ":" قال : يعني المخرج ".
ذكر البيهقي(1) عن الدارقطني أنه قال :" إسناد حسن "، وكذا هو في نسختنا العتيقة ملحقًا.
و"عَتِيق بن يعقوب": بفتح العين، وكسر التاء المثناة.
فصل في كيفية الاستنجاء بغير الحجر، وأن ذكر الحجر ليس
لتخصيص الحكم به
روى البخاري(2) رحمه الله تعالى عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه كان يحمل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الإداوة لوضوئه وحاجته. فبينا هو يتبعه بها، فقال : (( من هذا ؟ )) فقال : أنا أبو هريرة، فقال : (([أبغني](3) أحجارًا أستنفض بها،ولا تأتني بعظم ولا روثة ))، فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتى وضعته إلى جنبه، ثم انصرفت، حتى إذا فرغ مشيت، فقلت : مابال العظم والروثة ؟ فقال : ((هما من طعام الجن، وإنه أتاني وفد جنُّ نصيبين - ونعم الجن -، فسألوني الزاد، فدعوت الله تعالى [لهم](4) أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعامًا )) .
قال أبو عبدالله محمد بن جعفر التميمي النحوي المعروف بالقزاز في "تفسير غريب البخاري":«هكذا رُوي هذا الحرف:"أستنفض"، كأنه أستفعل؛ من النفض، وهو : أن يهز الشيء ليظهر غباره أو يزول ماعليه، وهذا موضع: "أستنظف بها "؛ أي : أنظف نفسي بها من الحدث، ولكن هكذا روي ».
قلت : قد رأيته :"أستنظف" في غير كتاب البخاري، إلا أني أحتاج إلى الاستظهار على تلك النسخة بنسخة أخرى، فلذلك تركت تعيينه.
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه"، ولفظه :" إسناده حسن - يعني إسناد هذا الحديث -"، والذي في الموضع السابق من "سنن الدارقطني" موافق لما ذكر المصنِّف.
(2) في "صحيحه" (7/171 رقم3860) كتاب مناقب الأنصار، باب ذكر الجن.
(3) في الأصل :"أتبعني"، والتصويب من المصدر السابق.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من "صحيح البخاري".(3/89)
وروى أبوداود(1) عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنها زاد إخوانكم من الجن )) .
وروى أبوداود(2) أيضًا من حديث[أبي](3) معاوية،عن هشام بن عروة، عن عمرو بن خزيمة،عن عمارة بن[خزيمة،عن](3) خزيمة بن ثابت قال:سُئل النبي- صلى الله عليه وسلم - عن الاستطابة، فقال : (( بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع )) .وأخرجه ابن ماجه(4).
قال أبوداود(5): "هكذا رواه أبوأسامة وابن نمير عن هشام ".
__________
(1) في "سننه" (1/37 رقم41) كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة.
(2) هذا الحديث بهذا اللفظ لم يخرجه أبوداود، وإنما أخرجه الترمذي في "سننه" (1/29 رقم18) أبواب الطهارة، باب ماجاء في كراهية مايستنجى به، والنسائي في الكبرى (1/72 رقم39) كتاب الطهارة، باب ذكر نهي النبي r عن الاستطابة بالعظم والروث. وهو عند أبي داود بمعناه في(1/167رقم40/ طبعة عوامة) كتاب الطهارة،باب ماينهى عنه أن يستنجى به، ولفظه :" قدم وفد الجن على رسول الله r فقالوا : يامحمد ! انْهَ أمتك أن يستنجوا بعظم، أو روثة، أو حممة، فإن الله تعالى جعل لنا فيها رزقًا، قال : فنهى رسول الله r. وسيذكره المصنف قريبًا (ص 557).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود".
(4) في "سننه" (1/114 رقم315) كتاب الطهارة وسننها، باب الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث والرمة، إلا أنه من طريق وكيع وابن عيينة، كلاهما عن هشام بن عروة، به.
(5) في الموضع السابق.(3/90)
قلت : هذا إسناد فيه اختلاف : فرواه جماعة بهذا الإسناد، منهم : محمد ابن بشر العبدي(1) ووكيع(2) وعبدة بن سليمان(3)، عن هشام. ورواه ابن عيينة(4)، عن هشام فقال:"عن أبي وجزة، عن عمارة". وذكر عثمان بن سعيد الدارمي(5) عن علي بن المديني :"الصواب عندي: عمرو بن خزيمة". وفي رواية أخرى عن علي :" ولا أرى سفيان حفظ هذا؛ لأنه قد خالفه غير واحد،وإنما أراد عندي: هشام بن عروة، عن أبي وجزة، عن رجل من مزينة، عن عمرو ابن أبي سلمة قال : كنت آكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم -...، وليس هذا من حديث عروة، وإنما رواه أصحاب هشام، عن هشام، عن أبي وجزة". انتهى.
وقد ذكر هذا الحديث أبومسلم الكشي في "سننه"(6) عن [الرمادي](7)، حدثنا سفيان،عن هشام بن عروة،عن أبيه قال:ذكرت الاستطابة عند النبي- صلى الله عليه وسلم -، فقال : (( ألا يكفي أحدكم ثلاثة أحجار ؟ )) قال هشام : وأخبرني أبووجزة، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع )). فقيل لسفيان : إنهم يقولون: هو أبوخزيمة، قال: إنما هو أبو وجزة الشاعر. انتهى.
__________
(1) وروايته عند الإمام أحمد في "المسند" (5/213).
(2) وروايته عند ابن ماجه في الموضع السابق من "سننه"، وأحمد في الموضع السابق من "المسند"، والطبراني في "المعجم الكبير" (4/86-87 رقم3727).
(3) وروايته عند ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/143 رقم1652)، والطبراني في الموضع السابق برقم (3725).
(4) وروايته عند الطبراني في الموضع السابق برقم (3724).
(5) أسنده عنه البيهقي في "الخلافيات" (2/79-80 رقم361)، و"المعرفة" (1/346-347 رقم861).
(6) ومن طريقه أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (4/186 رقم3724).
(7) في الأصل:" الزيادي"، وهو تصحيف، والتصويب من المرجع السابق، وانظر ترجمته في=
= "تهذيب الكمال" (2/56).(3/91)
و"أبو وَجْزَة": بفتح الواو، وسكون الجيم، وفتح الزاي المعجمة.
[ل170/أ]
قال البيهقي(1):" ورواه أبومعاوية مَرة عن هشام،/ عن عبدالرحمن بن سعد، عن عمرو بن خزيمة "، ثم أورده بإسناده إلى أبي معاوية. قال(2): "وقال أبوعيسى(3): قال البخاري :[ أخطأ أبومعاوية في هذا الحديث إذ زاد فيه : عن عبدالرحمن بن سعد. قال البخاري](4): والصحيح مارواه عبدة ووكيع، عن هشام بن عروة، عن أبي خزيمة، عن عمارة بن خزيمة ". قال البيهقي :" وأبوخزيمة : هو عمرو بن خزيمة ". انتهى. وذكر أبومحمد ابن أبي حاتم(5) عن أبي زرعة قال :" الحديث حديث وكيع وعبدة ".
وروى الحافظ أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب في كتاب "تلخيص المتشابه في الرسم"(6) من حديث إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عاصم، عن محمد بن إسحاق، عن سعيد بن زياد، عن أبي الشعثاء، عن أبي ذر وأبي الدرداء(7) رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بال إلى راحلته، ثم أخذ نواة فوضعها على ذكره ثلاث مرات. رواه عن أحمد بن عبدالواحد الدمشقي، عن جده أبي بكر ابن محمد بن أحمد بن عثمان السُلمي، عن عبدالعزيز بن قيس بن حفص، عن إبراهيم.
و"زِيَاد"- والد سعيد -: بكسر الزاي، وتخفيف الياء آخر الحروف.
وروى أحمد بن عبيد في "مسنده" من حديث الوليد بن مسلم، ثنا أبوسعيد روح بن جناح، ثنا عطاء بن السائب، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : رأيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بال، فلما فرغ مسح ذكره بالتراب، ثم توضأ، ثم التفت، ثم قال : هكذا عُلِّمناه.
__________
(1) في "سننه" (1/103).
(2) أي : البيهقي.
(3) أي : الترمذي في "العلل الكبير" (ص 26 رقم9).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي".
(5) في "العلل" (1/54 -55 رقم139).
(6) 1/72 -73 رقم 92).
(7) في "تلخيص المتشابه " :" أو أبي الدرداء".(3/92)
وذكر الخلاَّل عن مهنا قال: "ذكرت لأحمد [أن](1) عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: رأيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بال، فمسح ذكره بالتراب، ثم توضأ، ثم التفت، فقال : هكذا عُلمنا. قال الإمام أحمد رحمه الله : ليس بصحيح؛ قال شعبة(2): قال الحكم : إنما كان لعبدالرحمن بن أبي ليلى حين قتل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ست سنين -أو سبع سنين-".
__________
(1) في الأصل :"بن".
(2) الكلام بنحوه في "المراسيل " لابن أبي حاتم (ص126 رقم454).(3/93)
وروى الدارقطني(1) عن عبدالباقي بن قانع، عن أحمد بن الحسن المضري، عن أبي عاصم، عن زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا قضى أحدكم حاجته، فليستنج بثلاثة أعواد، أو ثلاثة أحجار، أو ثلاث حثيات من التراب )). قال الدارقطني :« لم يسنده غير المضري، وهو [كذاب](2) متروك، وغيره يرويه عن أبي عاصم، عن زمعة، عن سلمة [بن وهرام](3)، عن طاوس مرسلاً، ليس فيه :"[عن](4) ابن عباس "، وكذلك رواه [عبدالرزاق وابن وهب](5) ووكيع وغيرهم عن زمعة. ورواه ابن عيينة، عن سلمة بن وهرام، عن طاوس قوله، وقال(6): سألت سلمة عن قول زمعة : إنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم [يعرفه](7). ثم رواه الدارقطني(8) من جهة طاوس مرسلاً، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أتى أحدكم البراز فليكرم(9) قبلة الله تعالى، ولا يستقبلها، ولا يستدبرها، ثم [ليستطب](10)
__________
(1) في "سننه" (1/57 رقم12).
(2) في الأصل :" كذا"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(5) في الأصل :" عبدالله بن وهب"، والتصويب من المصدر السابق.
(6) في المطبوع من "سنن الدارقطني":" وقد" بدل :"وقال"، وهو تصحيف، انظر "اتحاف المهرة" (7/250-251).
(7) في الأصل :"يرفعه"، والتصويب من المرجع السابق.
(8) في "سننه" (1/57 رقم12م).
(9) في المطبوع من "سنن الدارقطني":"فليكرمن" وهو تصحيف ؛ فقد رواه البيهقي في "سننه" (1/111) من طريق الدارقطني كما هنا، وكذا عزاه الزيلعي في "نصب الراية" (2/103) للدارقطني.
(10) في الأصل :"يستطب"، والتصويب من المصدر السابق.
.(3/94)
بثلاثة أحجار، أو ثلاثة أعواد، أو ثلاث حثيات من تراب، ثم ليقل : الحمدلله الذي أخرج عني مايؤذيني، وأمسك عليّ ماينفعني )) . أخرجه من جهة عبدالرزاق، عن زمعة، ثم أتبعه رواية(1) ابن وهب ووكيع على الإرسال.
و"وَهْرام": بفتح الواو، وسكون الهاء، وبعدها راء مهملة. و"الْمُضَري": بضم الميم، وفتح الضاد المعجمة.
[ل170/ب]
واعترض أبوالحسن ابن القطان(2) على عبدالحق في باب "ذكر أحاديث ذكرها على أنها مرسلة، لا عيب لها سوى الإرسال،وهي معتلة بغيره،ولم يبين ذلك فيها "، فقال بعد أن حكى كلام عبدالحق(3) وقوله:" قد أسند عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذكر الاستنجاء، ولا يصح، أسنده أحمد(4) بن الحسن المضري وهو متروك "، قال ابن القطان :« هكذا ضعف المسند، وسكت عن /المرسل، كأنه لا عيب له،وهو دائر على زمعة بن صالح، يرويه عن سلمة بن وهرام، عن طاوس،وزمعة ضعفه الإمام المبجل ابن حنبل(5) - رضي الله عنه -، وابن معين(6)، وأبوحاتم(7).وأما سلمة بن وهرام،فأكثرهم يوثقه،وقال الإمام أحمد بن حنبل(8)
- رضي الله عنه -: "روى عنه زمعة بن صالح أحاديث مناكير، وأخشى أن يكون حديثه ضعيفًا ". وقد رد أبومحمد(9) حديث عبدالله بن رواحة في قراءة الجنب، وهو بهذا الإسناد، فاعلم ذلك ».
__________
(1) في الموضع السابق برقم (13).
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (3/10).
(3) كلام عبدالحق في "الأحكام الوسطى" (1/135).
(4) وكذا أيضًا في"بيان الوهم والإيهام"،أما "الأحكام الوسطى"ففيها:"ولا يصح إسناد أحمد ".
(5) قوله :" الإمام المبجل" ليس في "بيان الوهم"، وتضعيف أحمد لزمعة انظره في "العلل ومعرفة الرجال" لابنه (2/531 رقم3505).
(6) في "تاريخه" برواية الدوري (2/174).
(7) في "الجرح والتعديل" لابنه (3/624).
(8) في "العلل ومعرفة الرجال" لابنه (2/527 رقم3479).
(9) في "الأحكام الوسطى" (1/205).(3/95)
وروى أبوأحمد ابن عدي(1) من حديث عبيدالله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم(2)، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يطهر المؤمن ثلاثة أحجار، والماء [أطهر](3) )). قال عبدالحق(4): "أضعف من في هذا الإسناد علي بن يزيد، و[عبيدالله والقاسم](5) قد تُكُلِّم فيهما ".
فصل في الاستنجاء بحجر قد استُجمر به
روى أبوأحمد ابن عدي(6)- وأخرجه البيهقي(7) من جهته- بسنده إلى أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الاستنجاء بثلاثة أحجار، وبالتراب إذا لم يجد حجارة، ولا يستنجي بشيء قد استنجى به مرة )) . أخرجه من جهة إبراهيم بن أبي حميد، وقال :" عامة مايرويه إبراهيم بن أبي حميد هذا [من النسخ وغيره](8) لا يتابعه عليه أحد ".
ورواه ابن عدي(9)- ثم البيهقي(10) من جهته أيضًا - من رواية عثمان بن عبدالرحمن - يعني الطرائفي -، عن عبدالرحمن بن عبدالواحد قال : سمعت أنس بن مالك - رضي الله عنه - يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( الاستنجاء بثلاثة أحجار، وبالتراب إذا لم تجد حجرًا، ولا يستنجي بشيء قد استنجى به مرة )) . قال البيهقي :" عثمان الطرائفي تكلموا فيه، وروى(11) عن قوم مجهولين ".
فصل فيما نُهي عن الاستنجاء به
__________
(1) في "الكامل" (4/324).
(2) في "الكامل" :" عن القاسم أبي عبدالرحمن".
(3) في الأصل :"والطين"، والتصويب من "الكامل".
(4) في "الأحكام الوسطى" (1/136).
(5) في الأصل :"عبيدالله بن القاسم"، والتصويب من "الأحكام"، إلا أنه تصحف فيه "عبيدالله" إلى :" عبدالله ".
(6) في "الكامل" (1/271).
(7) في "السنن الكبرى" (1/112).
(8) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الكامل".
(9) في "الكامل" (5/174 ).
(10) في الموضع السابق.
(11) في "سنن البيهقي" :" ويروي".(3/96)
تقدم(1) حديث سلمان في النهي عن الروث والعظام.
وفي رواية : (( أو أن نستنجي برجيع أو بعظم )) .
وتقدم(2) أيضًا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : ونهى عن الروث والرمة.
أخرجهما مسلم(3).
وحديث علقمة عن ابن مسعود(4) في "فصل الوضوء بالنبيذ".
وروى مسلم(5)، وأبوداود(6)- واللفظ لمسلم - من حديث زكريا بن إسحاق، ثنا أبو الزبير : أنه سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول : "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُتمسح بعظم أو [ببعر]"(7).
وروى أبوداود(8) من حديث إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو السَّيْباني،[عن عبدالله بن الديلمي](9)، عن عبدالله بن مسعود قال : قدم وفد الجن على النبي- صلى الله عليه وسلم - فقالوا:يامحمد! انْهَ أمتك أن يستنجوا بعظم،أو روثة،[أو](6) حُممة، فإن الله تعالى قد جعل لنا فيها رزقًا. قال : فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) تقدم (ص 510) من هذاالمجلد.
(2) تقدم (ص511) من هذا المجلد.
(3) حديث أبي هريرة لم يروه مسلم، وهو عند أصحاب السنن - سوى الترمذي - كما تقدم (ص 511)، وانظر "تحفة الأشراف" (9/442 رقم 12859).
(4) تقدم ( ص181و182) من المجلد الأول.
(5) في "صحيحه" (1/224 رقم263) كتاب الطهارة، باب الاستطابة.
(6) في "سننه" (1/36 رقم38) كتاب الطهارة، باب ماينهى عنه أن يستنجى به.
(7) في الأصل :"شعر"، والتصويب من "صحيح مسلم ".
(8) في"سننه" (1/167 رقم40/ طبعة عوامة ) كتاب الطهارة، باب ما ينهى عنه أن يستنجى به.
(9) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن أبي داود".(3/97)
ورواه الدارقطني(1) من حديث إسماعيل بن عياش بسنده، ولفظه : نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستنجي(2) بعظم، أو روث، أو حممة. قال الدارقطني : "إسناد شامي ليس بثابت ". انتهى.
و"السَّيْباني": بفتح السين المهملة، وبعدها ياء آخر الحروف ساكنة، ثم
باء موحدة، وقبل ياء النسبة نون. و"الْحُمَم": الفحم، واحدها: حُمَمَة -بضم الحاء، وفتح الميم، والتخفيف -.
[ل171/أ]
وروى الدارقطني(3) من حديث ابن وهب، حدثني موسى بن عُلَي، عن أبيه، عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن نستنجي بعظم [حائل](4)، أو روثة، أو حُممة. قال الدارقطني :" عُلَي بن رباح لا يثبت سماعه من ابن مسعود(5)"./ انتهى.
والمعروف في "عُلَي" هذا : ضم العين وفتح اللام.
وروى أبو بكر ابن أبي شيبة(6) من حديث عبدالله بن مسعود قال : خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [لحاجته](7) فقال : (( إيتني بشيء [أستنجي](8) به ولا تقربني حائلاً ولا رجيعًا )) . رواه من طريق ليث بن أبي سُليم.
و"الحائل": المتغير من البِلى، وكل متغير اللون حائل.
__________
(1) في "سننه" (1/55 -56 رقم6).
(2) في المطبوع من "سنن الدارقطني":"يستجمر"، وأورده ابن حجر في "إتحاف المهرة" (10/294 رقم12791) كما هنا.
(3) في "سننه" (1/56 رقم7).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(5) في "سنن الدارقطني" تتمة للكلام :" ولا يصح"، ولم يذكرها ابن حجر في "إتحاف المهرة" (10/396 رقم13019).
(6) في "المسند" (1/279-280 رقم421)، و"المصنف" (1/143 رقم1650).
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "المسند"، وفي "المصنف":"لحاجة".
(8) في الأصل :"أتمسح"، والتصويب من المرجعين السابقين.(3/98)
وروى أبو داود(1) عن يزيد بن [ خالد بن عبدالله ](2) بن [ موهب ](3)
الهمداني، عن المفضل بن فضالة المصري(4)، عن عياش بن عباس القِتْبَاني : أن شِيَيْم بن بَيْتَان أخبره عن شيبان القتباني : أن مسلمة بن مُخَلَّد استعمل رُويفع بن ثابت على أسفل الأرض، قال شيبان : فسرنا معه من كوم شريك إلى عَلقماء، أو من علقماء إلى كوم شريك - يريد علقام -، فقال رُويفع : إن كان أحدنا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليأخذ [ نِضْوَ أَخيه](5) على أن له النصف مما يغنم ولنا النصف، وإن كان أحدنا ليطير له النَّصل والريش [وللآخر](6) القدح، ثم قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يارُويفع! لعل الحياة ستطول بك بعدي، فأخبر الناس أنه من عقد لحيته، أو تقلد [وترًا](7)
__________
(1) في "سننه" (1/34 رقم36) كتاب الطهارة، باب ماينهى عنه أن يستنجى به.
(2) في الأصل :"عبدالله بن خالد"، والتصويب من "سنن أبي داود".
(3) في الأصل :"وهب"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) في الأصل "المقبري" وصوبت في الهامش.
(5) في الأصل :" بقداحه" وصوبت في الهامش على أن هناك جملة ساقطة معها، ونص ما في الهامش :" نضو أخيه على أن له النصف مما يغنم ولنا النصف"، بينما ليس هناك سقط، وإنما تصحف قوله :" نضو أخيه" إلى :" بقداحه ".
(6) في الأصل :"والآخر"، والتصويب من المرجع السابق.
(7) كذا في "سنن أبي داود" بالمثناة الفوقية، وهي في الأصل غير منقوطة، فيحتمل أن تكون: "وبرًا"، وسيأتي قول المصنف « ورأيت في كتاب الزيدوني في هذا الحديث كلمة أخرى صحّفها، وهي قوله :" وترًا"» ولم يزد !!
وقال الخطابي في "معالم السنن" (1/37) في شرحه للحديث :
" وأما نهيه عن تقليد الوتر فقد قيل : إن ذلك من العوذ التي كانوا يعلقونها عليه، والتمائم التي يشدونها بتلك الأوتار، وكانوا يرون أنها تعصم من الآفات وتدفع عنهم المكاره...."، وذكر أقوالاً أخرى في معنى الوتر.
وذكر ابن كثير في "تفسيره" (3/8): أن ابن أبي حاتم روى عن مقاتل بن حيان - في تفسير قوله تعالى :{ ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي =
= ولا القلائد..} الآية - أنه قال :" ولا القلائد فلا تستحلوا، وكان أهل الجاهلية إذا خرجوا من أوطانهم في غير الأشهر الحرم قلدوا أنفسهم بالشعر والوبر، وتقلد مشركو الحرم من لحاء شجر الحرم فيأمنون به ".(3/99)
، أو استنجى برجيع دابة أو عظم، فإن محمدًا منه بريء )) .
ورواه أبوداود(1) أيضًا من هذا الوجه بعينه، وفيه : أن شييم بن بيتان أخبره بهذا الحديث أيضًا عن أبي [سالم](2) الجيشاني، عن عبدالله بن عمرو، يذكر ذلك وهو معه مرابط بحصن باب أليُون. قال أبوداود :" وحصن باب أليون بالفُسطاط على جبل ". قال أبوداود :" وهو شيبان بن أمية يكنى أباحذيفة ".
__________
(1) في الموضع السابق برقم (37).
(2) في الأصل :" هاشم"، والتصويب من "سنن أبي داود".(3/100)
قلت :" الهمْداني " في نسب يزيد بن خالد : بسكون الميم، وبالدال المهملة. و"عياش": بالياء آخر الحروف، والشين المعجمة. و"والده عباس": بالباء الموحدة، والسين المهملة. و"القِتْباني": بكسر القاف، وسكون التاء المثناة من فوق، وبعدها باء موحدة، وقبل ياء النسبة نون. و"شِيَيم": بكسر الشين المعجمة - وقد تضم -، وبعدها [ياء](1) آخر الحروف مفتوحة، بعدها مثلها ساكنة. و"بَيْتان": بفتح الباء الموحدة، وبعدها ياء آخر الحروف ساكنة، وبعدها تاء مثناة من فوق، وآخره نون. و"شيبان": بالشين المعجمة. و"مُخَلَّد"- والد مسلمة-: بضم الميم، وفتح(2) الخاء، وتشديد اللام المفتوحة. "النِّضو": الناقة المهزولة، ويقال : نِضوة، وجمعها أنضاء. وقوله :" ليطير إليه"، والطائر : الحظ من الشيء الذي يصير إليك. و"القِدْح"- بكسر القاف وسكون الدال المهملة -: أحد قداح الميسر، وهو(3) السهم. وقوله :" من عقد لحيته " قال صاحب "الدلائل في غريب الحديث"(4) بعد ماروى الحديث عن موسى بن هارون :« هكذا في الحديث "من عقد لحيته"، وصوابه - والله أعلم -: من عقد لحاء ؛ من قولك : لحيت الشجر، ولَحَوتَه : إذا قشرته. وكانوا في الجاهلية يعقدون لحاء [شجر](5) الحرم، فيقلدونه من(6) أعناقهم، فيأمنون بذلك، وهو قول الله عز وجل :{ لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد }(7)
__________
(1) في الأصل :" تاء ".
(2) قوله :" الميم وفتح" سقط من الأصل، واستُدرك في الهامش.
(3) قوله :" الميسر وهو " سقط من الأصل، واستُدرك في الهامش.
(4) هو القاسم بن ثابت السرقسطي، كما تقدم (ص 342) من المجلد الأول.
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه كما يتضح مما سبق وما سيأتي.
(6) كذا في الأصل، وكذا جاء في " البدر المنير" (1/356/مخطوط)، ولعل الأصوب :" في " بدل "من".
(7) سورة المائدة، آية (2).
.(3/101)
، فلما أظهر الله الإسلام، نهى عن ذلك من فعلهم. وروى أسباط، عن السُّدي - في قول الله تبارك وتعالى:{ ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام }-: أما شعائر الله تعالى: فحرم الله، وأما الهدي والقلائد: فإن العرب كانوا يقلدون من لحاء الشجر - شجر مكة-، فيقيم الرجل بمكة، حتى إذا انقضت الأشهر الحرم وأراد أن يرجع إلى أهله قلّد نفسه وناقته من لحاء الشجر، فيأمن حتى يأتي أهله». وذكر صاحب"الدلائل" باقي الخبر. وما أشبه ما قاله بالصواب ! لكن لم نره في رواية مما وقفنا عليه - والله عز وجل أعلم -، غير أنه مما يقرب /صحته، وأن اللحية مما كان بعضهم يعقدها: مافي
كتاب "العلل" عن عبدالله بن أحمد بن حنبل [.....](1).
ورأيت في كتاب الزيدوني في هذا الحديث كلمة أخرى صحَّفها، وهي قوله :" وترا"(2)، والله عز وجل أعلم.
وروى ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن موسى بن أبي إسحاق الأنصاري، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار أخبره، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى أن يستطيب أحدٌ بعظم أو روث أو جلد. أخرجه الدارقطني(3) والطحاوي(4) من حديث ابن وهب، وقال الدارقطني :" هذا إسناد غير ثابت أيضًا"(5). انتهى.
و"موسى بن أبي إسحاق"ذكره ابن أبي حاتم(6) في كتابه ولم يعرِّف بحاله.
فصل في أن الاستنجاء بالروث والعظم لا يجزئ
روى الدارقطني(7) من حديث يعقوب بن حميد، عن سلمة بن رجاء،
__________
(1) بياض في الأصل بما يقرب من سطر.
(2) كذا قال، ولم يذكر التصحيف !
(3) في "سننه" (1/56 رقم8).
(4) في "شرح معاني الآثار" (1/123 رقم748).
(5) في "سنن الدارقطني" زيادة :"عبدالله بن عبدالرحمن مجهول ".
(6) في "الجرح والتعديل" (8/135 رقم611).
(7) في "سننه" (1/56 رقم10).(3/102)
عن الحسن بن فرات القزاز، عن أبيه، عن أبي [حازم](1) الأشجعي، عن
أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يستنجى بروث أو عظم، وقال : ((إنهما لا يُطهران ))(2). قال الدارقطني :" إسناده صحيح "(3).
فصل في الأمر بالإيتار في الاستجمار
[روى ابن شهاب الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((من توضأ فليستنثر، ومن استجمر فليوتر ))](4). رواه مسلم(5) من حديث مالك،ورواه البخاري(6) من حديث يونس، عن الزهري.
وتقدم(7) حديث مالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال](7): (( إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه،[ ثم لينتثر، ومن استجمر فليوتر ))](8).
وروى منصور، عن هلال بن يساف، عن سلمة بن قيس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
__________
(1) في الأصل :"حاتم" والتصويب من "سنن الدارقطني".
(2) كذا في الأصل، وفي "سنن الدارقطني" :" لا تطهران ".
(3) ولكن أنَّى له الصحة وهو من رواية يعقوب بن حميد بن كاسب وهو ضعيف، بل تركه أبو داود، وأغلظ فيه النسائي العبارة ؟! انظر "الضعفاء" للعقيلي (4/446-447)، و"تهذيب الكمال" (32/318-323).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه كما يتضح من سياق المصنف الآتي.
(5) في"صحيحه"(1/212رقم237/22)كتاب الطهارة،باب الإيتار في الاستنثار والاستجمار.
(6) في "صحيحه" (1/262 رقم161) كتاب الوضوء، باب الاستنثار في الوضوء.
(7) ص 467و468) من المجلد الأول.
(8) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من الموضع الذي أحال عليه المصنف، وفيه موضع الشاهد.(3/103)
(( من استجمر فليوتر )) . أخرجه النسائي(1) من حديث جرير، عن منصور، ورجال إسناده إلى سلمة كلهم ثقات (2).
ذكر ماقيل في هذا الأمر للاستحباب
__________
(1) في"سننه"(1/41رقم43)كتاب الطهارة،باب الرخصة في الاستطابة بحجر واحد،لكن بلفظ: ((إذا استجمرت فأوتر ))،أما لفظ : ((من استجمر فليوتر ))فهو من حديث أبي هريرةt مرفوعًا، وهو عند النسائي أيضًا في"السنن"(1/66رقم88)كتاب الطهارة،باب الأمر بالاستنثار.
(2) انظر "التقريب" رقم (924و6956و7402).(3/104)
روى عيسى بن يونس، عن ثور [بن](1) يزيد، عن حصين [الحبراني](2)، عن [ أبي ](3) سعدٍ(4) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((من اكتحل فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن أكل فَمَا تخلَّلَ فليلفظ، وما لاك بلسانه فليبتلع، [من](5) فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن أتى الغائط فليستتر، فإن لم يجد إلا [أن يجمع](6) كثيبًا من رمل [فليستدبره](7)، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج )) . أخرجه أبوداود في "سننه"(8)، وأبومحمد الدارمي في "مسنده"(9)، وأبوحاتم ابن حبان في "صحيحه"(10). وقال أبوداود :" رواه أبوعاصم، عن ثور ؛ قال : حصين الحميري، ورواه عبدالملك بن الصباح، عن ثور فقال :[ أبوسعد الخير](11)". قال أبوعمر [....](12)
__________
(1) في الأصل :" عن " والتصويب من "سنن أبي داود".
(2) في الأصل :" الحرَّاني"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في الأصل :" ابن " والتصويب من المرجع السابق.
(4) ويقال له أيضًا :" أبو سعيد" كما في "التقريب". (8181،8187).
(5) في الأصل :" ومن"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(7) في الأصل :" فليستتر"، والتصويب من المرجع السابق.
(8) 1/33 رقم35) كتاب الطهارة، باب الاستتار في الخلاء.
(9) المعروف بـ"سنن الدارمي" (1/169-170) كتاب الطهارة، باب التستر عند الحاجة.
(10) 4/257 رقم1410/ الإحسان).
(11) في الأصل :" أبو سعيد الحسين"، والتصويب من "سنن أبي داود"، وتمام كلام أبي داود: " أبوسعد الخير من أصحاب النبي r "، وانظر تعليق رقم (6) في الصفحة السابقة.
(12) هاهنا بياض في الأصل، ولست أدري هل النقل عن أبي عمر ابن عبدالبر في مايفيد في إثبات صحبة أبي سعد الخير هذا ؟ أو في إعلاله للحديث ؟ فقد ذكر ابن عبدالبر أبا سعد الخير هذا في "الاستيعاب" (11/284-285)، و"الاستغناء"(1/317 رقم300) وقال : "له صحبة ". وأما في "التمهيد" (11/21) فذكر هذا الحديث، ثم قال :" وهو حديث ليس بالقوي ؛ لأن إسناده ليس بالقائم ؛ فيه مجهولون ".(3/105)
فصل في من قال : لا يقتصر على أقل من ثلاثة أحجار
تقدم(1) في حديث سلمان في النهي عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار،
وهو من حديث الأعمش.
وفي رواية حفص، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبدالرحمن بن يزيد،
عن سلمان - رضي الله عنه - قال : نُهينا أن نكتفي بأقل من ثلاثة أحجار.أخرجه أبوجعفر
[ل172/أ]
الطحاوي(2) /من حديث [جندل](3) بن والق، عن حفص.
وتقدم(4) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : وكان يأمر بثلاثة أحجار.
وفي رواية أبي غَسَّان عن محمد بن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا - إذا أتى أحدنا الغائط - بثلاثة أحجار. أخرجه بهذا اللفظ الطحاوي(5).
ورواه وهيب أيضًا(6)، عن ابن عجلان، ولفظه : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بثلاثة أحجار.
وروى الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثًا )) . رواه جرير، وعيسى بن يونس، وسفيان، عن الأعمش، ومن طريقهم أخرجه ابن خزيمة في كتابه(7).
فصل فيما استُدل به على الاستنجاء بالحجرين
روى البخاري(8) عن أبي نعيم، حدثنا زهير، عن أبي إسحاق قال:ليس
__________
(1) ص510) من هذا المجلد.
(2) في "شرح معاني الآثار" (1/121 رقم741).
(3) في الأصل :" جنبل "، والتصويب من المرجع السابق.
(4) ص 511) من هذا المجلد.
(5) في الموضع السابق برقم (733).
(6) وروايته عند الطحاوي أيضًا في الموضع السابق برقم (733).
(7) "صحيح ابن خزيمة" (1/42 رقم 76).
(8) في "صحيحه" (1/256 رقم156) كتاب الوضوء، باب لا يستنجى بروث.(3/106)
أبو عُبيدة ذكره، ولكن عبدالرحمن بن الأسود، عن أبيه : أنه سمع عبدالله يقول: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين، والتمست الثالث فلم أجد، فأخذت رَوثة، فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال : (( هذا ركس )) . وأخرجه النسائي(1).
ورواه الترمذي(2) من حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عُبيدة، عن عبدالله.
والذي اعْتُلَّ به في هذا الحديث وجوه :
أحدها : ادعاء الانقطاع بين أبي إسحاق وعبدالرحمن بن الأسود، وأن فيه تدليسًا من أبي إسحاق.
فذكر البيهقي في "الخلافيات"(3) عن ابن الشاذكوني:" ماسمعت بتدليس قط أعجب من هذا ولا أخفى ؛ قال : أبوعبيدة لم يحدثني، ولكن عبدالرحمن، عن فلان، عن فلان، ولم يقل حدثني، فجاز الحديث وسار "!
الثاني : الاختلاف في إسناده.
__________
(1) في "سننه" (1/39 رقم42) كتاب الطهارة، باب الرخصة في الاستطابة بحجرين.
(2) في "سننه" (1/25 رقم17) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الاستنجاء بالحجرين.
(3) 2/92 رقم375).(3/107)
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم(1):"سمعت أبازرعة يقول في حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبدالله : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استنجى بحجرين وألقى الروثة، فقال أبوزرعة : اختلفوا في هذا الإسناد، فمنهم من يقول : عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبدالله. ومنهم من يقول : عن أبي إسحاق، عن عبدالرحمن بن يزيد، عن عبدالله(2). ومنهم من يقول : عن أبي إسحاق، عن علقمة، عن عبدالله. والصحيح عندي : حديث أبي عبيدة، والله عز وجل أعلم. وكذا روى إسرائيل - يعني عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة -، وإسرائيل أحفظهم ". وقال الترمذي(3):« سألت عبدالله بن عبدالرحمن(4): أيُّ الروايات في هذا عن أبي إسحاق أصح ؟ فلم يقض فيه بشيء. وسألت محمدًا(5) عن هذا، فلم يقض فيه بشيء، وكأنه رأى حديث زهير، عن أبي إسحاق، عن عبدالرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عبدالله أشبه، ووضعه في كتاب "الجامع". وأصح شيء في هذا عندي:حديث إسرائيل وقيس، عن أبي إسحاق، عن أبي [عُبيدة](6)، [عن عبدالله](7)؛ لأن إسرائيل أثبت وأحفظ لحديث أبي إسحاق من هؤلاء، وتابعه على ذلك قيس بن الربيع، وسمعت أبا موسى(8) يقول : سمعت عبدالرحمن بن مهدي يقول : مافاتني الذي فاتني من حديث سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، إلا لما اتَّكلتُ به على إسرائيل ؛ لأنه كان يأتي به أتمّ. قال أبوعيسى :[ وزهير](6) في أبي إسحاق
__________
(1) في "علل الحديث"(1/42 رقم90).
(2) قوله :" عن عبدالله. ومنهم من يقول : عن أبي إسحاق، عن عبدالرحمن بن يزيد، عن عبدالله" سقط من الأصل، واستدركه الناسخ في الهامش.
(3) في "سننه" (1/26-27 رقم17) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الاستنجاء بالحجرين.
(4) هو الدارمي صاحب "السنن".
(5) يعني البخاري.
(6) في الأصل :"عبيد" والتصويب من "سنن الترمذي"، وسيذكره المصنف على الصواب.
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن الترمذي".
(8) هو محمد بن المثنى.(3/108)
ليس بذاك ؛ لأن سماعه منه بأَخَرةٍ. سمعت أحمد بن الحسن يقول : سمعت الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - يقول: إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير، فلا تبالي أن لا تسمع من غيرهما، إلا حديث أبي إسحاق ».
[ل172/ب]
الثالث : روى الدارقطني(1) من حديث عبدالرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - : أن رسول الله/ - صلى الله عليه وسلم - ذهب لحاجته، فأمر ابن مسعود أن يأتيه بثلاثة أحجار، فأتاه بحجرين(2) وروثة، فألقى الروثة وقال : (( إنها ركس، إيتني بحجر )) . قال الدارقطني : "تابعه أبوشيبة إبراهيم [بن](3) عثمان، عن أبي إسحاق..."،[ثم ساقه من طريقه، ثم قال :" اختلف على أبي إسحاق](4) في إسناد هذا الحديث، وقد [بينت](5) الاختلاف في موضع آخر(6)".
__________
(1) في "سننه" (1/55 رقم5).
(2) كذا في الأصل، وفي "سنن الدارقطني" :" فجاءه بحجرين".
(3) في الأصل :" عن"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والتصويب بالاجتهاد، مع إتمام السقط من "سنن الدارقطني".
(5) في الأصل :" يثبت"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(6) في "العلل" (5/23-33).(3/109)
فأما الوجه الأول: وهو التدليس الذي ذكره ابن الشاذكوني، فهو محتمل، لكنه ليس بظاهر من اللفظ. وقال البخاري(1) منبهًا على عدم التدليس بعدما أخرج هذا الحديث :" وقال إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق : حدثني عبدالرحمن ". هذا واعترضه البيهقي في "الخلافيات"(2) بأن قال :" وذِكْرُ إبراهيم بن يوسف [سماعه](3) لا يجعله متصلاً ". ثم روى من جهة عباس الدوري(4)، عن يحيى بن معين :" إبراهيم بن يوسف [بن أبي إسحاق ليس بشيء](5)". [وذِكْرُ البخاري لرواية إبراهيم بن يوسف](6) لقصد رفع التدليس، مما يقتضي بأنه عنده في حيز من يرجح به. ويؤيد ذلك : أن ابن أبي حاتم قال(7):"سمعت أبي يقول: يكتب حديثه، وهو حسن الحديث"، والله عز وجل أعلم. بل قد أخرج البخاري لإبراهيم بن يوسف هذا في غير هذا الموضع من "صحيحه" أصلاً، لااستشهادًا (8).
ووجه آخر في رفع التدليس : ماذكره الإسماعيلي في "صحيحه المستخرج على البخاري"(9)- بعد رواية الحديث من جهة يحيى بن سعيد،[عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن عبدالله -: أن يحيى بن سعيد](10) لا يرضى أن يأخذ عن زهير عن أبي إسحاق ماليس بسماع لأبي إسحاق ".
__________
(1) في "صحيحه" (1/256 رقم156) كتاب الوضوء، باب لا يستنجى بروث.
(2) 2/92 رقم375).
(3) في الأصل :" جماعة "، والتصويب من :" الخلافيات".
(4) في "تاريخه" (2/18 رقم1489).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل فاستدركته من "الخلافيات".
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل،فاستدركته من"نصب الراية"(1/216) نقلاً عن المصنِّف.
(7) في "الجرح والتعديل" (2/148 رقم487).
(8) كما في (6/564 رقم3549) كتاب المناقب، باب صفة النبي r.
(9) ونقله عنه ابن حجر في "فتح الباري"(1/258).
(10) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "نصب الراية" (1/217) نقلاً عن المصنِّف.(3/110)
وأما الوجه الثاني : وهو الاختلاف، وماقيل فيه من الترجيح لرواية أبي عُبيدة، عن أبيه ؛ من قول أبي زرعة وأبي عيسى، فلعل البخاري رحمه الله لم ير ذلك متعارضًا، وجعلهما إسنادين أو أسانيد. ومما يعارض كون الصحيح " أبوعُبيدة، عن أبيه ": رواية البخاري عن أبي إسحاق، وقوله : "ليس أبوعبيدة ذكره "، وهذا نفي لروايته عن أبي عبيدة صريحًا.
وأما الوجه الثالث: وهو زيادة :" إيتني بحجر"، فإن الدارقطني رحمه الله تعالى لَمَّا رواها، لم يعرض لها، ولا البيهقي في "سُننه"(1)، وهي منقطعة فيما بين أبي إسحاق وعلقمة ؛ فإنه لم يسمع منه شيئًا بإقراره على نفسه بذلك. قال أبومحمد ابن أبي حاتم في "المراسيل"(2):"[قال أبي وأبو زرعة : أبو إسحاق لم يسمع من علقمة شيئًا. حدثنا أبي، نا محمد بن بشار، نا أمية بن خالد الأزدي، نا شعبة قال : كنت عند أبي إسحاق الهمداني، فقال له رجل : شعبة يقول : إنك لم تسمع من علقمة، قال : صدق شعبة ]"(3). [وقد صرح البيهقي بذلك في موضع آخر من "سننه"، وسكت عنه هنا ؛ قال البيهقي في "باب الدية أخماس"(4):"إن أبا إسحاق عن علقمة منقطع ؛ لأنه رآه ولم يسمع منه". انتهى. والحديث في البخاري، وليس فيه هذه الزيادة كما قدمناه(5)، والله أعلم ](6).
فهرس موضوعات الجزء الثاني
الموضوع الصفحة
فصل في ما جاء في غسل الكف بعد الفراغ من الوضوء....................... 5
فصل في الترتيب بين الأعضاء
__________
(1) 1/108).
(2) ص145-146 رقم525).
(3) في الأصل بياض بمقدار ثلاثة أسطر، والمثبت من "المراسيل"، وقد نقله ابن الملقن في "البدر المنير"(1/361/مخطوط) مع ماقبله بتصرف ولم يعزه للمصنِّف،ومن الواضح أنه أخذه عنه.
(4) من "سننه" (8/76).
(5) ص 566-567).
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "نصب الراية" (1/217) حيث نقله عن المصنف، وهو بنحوه في الموضع السابق من "البدر المنير"، ولم ينسبه للمصنِّف.(3/111)
ذكر ما استدل به على وجوبه.............................................. 5
ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل............................................. 10
فصل في الموالاة وجواز بعض التفريق........................................ 10
ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل............................................. 15
فصل في إسباغ الوضوء ومقدار ما يتوضأ به.................................. 15
فصل في الإقتصاد في ماء الوضوء وترك الإسراف والاعتداء في الطهارة........... 30
فصل في أعداد مرات الغسلات من واحدة واثنتين وثلاث، واختلاف العدد في
وضوء واحد، ومن كره الزيادة على ثلاث................................... 33
فصل في التنشف بعد الوضوء والغسل وتركه ونفض ماء الطهارة باليد........... 70
فصل في شرب فضل الوضوء................................................ 74
فصل في الانتضاح بعد الوضوء.............................................. 75
فصل في جواز الصلوات بوضوء واحد....................................... 87
باب الوضوء المسنون والطهارة المسنونة
ذكر الوضوء لكل صلاة وتجديد الوضوء...................................... 89
فصل في الوضوء عقيب الحدث.............................................. 91
فصل في عدم وجوبه عقيب الحدث.......................................... 92
فصل في الوضوء عند النوم والطهارة......................................... 94
فصل في الطهارة لذكر الله تعالى............................................ 95
فصل في استدامة الطهارة................................................... 96
فهرس موضوعات الجزء الثاني
الموضوع الصفحة
باب المسح على الخفين
ذكر ما يدل على جوازه................................................... 98(3/112)
فصل في جواز المسح في الحضر............................................ 135
فصل في أن المسح على الخفين رخصة، خلافًا لمن قال : المسح أفضل من الغسل 139
فصل في اختصاص المسح بالطهارة الصغرى................................. 140
ذكر ما يمكن أن يتعلق به من زعم أن المراد بطهارة الرجلين الطهارة من الخبث.. 142
ذكر ما يستدل به على أن المراد طهارة الحدث.............................. 143
فصل في أعلى الخف وأسفله............................................... 145
فصل في مسح ظاهر الخف................................................ 149
باب في صفة المسح....................................................... 152
فصل في ما جاء في كراهية غسل الخف..................................... 154
فصل في الخرق في الخف.................................................. 154
فصل في من قال ببطلان المسح على الخف.................................. 156
فصل في التوقيت في المسح على الخفين...................................... 157
فصل في ما قد يستدل به على أن المدة إذا انقضت ابتدأ الوضوء............... 170
فصل في ابتداء مدة المسح وما اختلف فيه من ذلك........................... 171
فصل في المسح بغير توقيت بما تقدم........................................ 172
فصل فيما يفعله من خلع نعليه بعد المسح................................... 197
فصل في المسح على الموق................................................. 199
فصل في المسح على الجوربين والنعلين...................................... 200
فهرس موضوعات الجزء الثاني
الموضوع الصفحة
باب موجبات الوضوء ونواقضه بعد صحته
ذكر وجوبه من الغائط والبول وتأثير النوم فيه في الجملة...................... 212
ذكر ما قد يتمسك به في أن النوم غير ناقض................................ 212(3/113)
ذكر من زعم أن قليل النوم وكثيره ينقض الطهارة........................... 213
ذكر ما يدل على أن بعض أنواع النوم لا ينقض وما يشير إلى اعتبار حال النوم 215
فصل في نوم الجالس والمضطجع والقائم والساجد............................ 220
فصل في إيجاب الوضوء من المذي......................................... 229
باب في الخارج النجس من السبيلين نادرًا في جنسه أو وقته
ذكر من قال بالانتقاض به................................................ 231
ذكر ما قيل في عدم الانتقاض بذلك........................................ 234
فصل في الملامسة للنساء. ذكر من تعلق بالانتقاض بها فيما دون الجماع..... 238
ذكر ما تعلق به من قال إن الوضوء لا يجب من القبلة وما في معناها........... 242
ذكر ما استدل به على أن اللمس من غير شهوة لا ينقض.................... 261
ذكر حديث يُورد في هذا الباب........................................... 264
ذكر إيجابه من الريح..................................................... 267
ذكر الوضوء من مس الذكر ونفيه......................................... 269
الأحاديث الواردة في إيجاب الوضوء من مسّ الذكر.......................... 280
ذكر ما تعلق به في أن حديث طلق متقدم على حديث بسرة.................. 301
فصل في مس المرأة فرجها................................................. 323
فصل في مس الأنثيين..................................................... 327
فصل في ما جاء في من مسّ الإبط......................................... 330
فهرس موضوعات الجزء الثاني
الموضوع الصفحة
فصل في ما جاء في مس الصنم............................................ 332
فصل في ما جاء في الوضوء من بعض الكلام................................ 335(3/114)
فصل فيما جاء في تفسير القرآن بالرأي..................................... 337
فصل في الخارج النجس من غير السبيلين. ذكر ما استدل به على الإنتقاض..... 338
ذكر الفرق بين القليل والكثير عند من أوجب الوضوء....................... 359
ذكر ما استدل به على عدم الانتقاض...................................... 360
فصل في الوضوء من أكل لحوم الإبل....................................... 364
فصل في أن الإيلاج في الفرج موجب للوضوء............................... 372
فصل في حمل الميت....................................................... 372
فصل في الوضوء من الضحك في الصلاة.................................... 392
فصل في الوضوء مما مست النار............................................ 394
ذكر ترك الوضوء مما مست النار........................................... 397
ذكر ما استدل به على نسخ الوضوء مما مست النار.......................... 403
ذكر ما استدل به على أن الوضوء مما مست النار بعد الرخصة................ 405
باب حكم الحدث..................................................... 409
فصل في منع المحدث من الطواف........................................... 410
فصل في مس المحدث المصحف............................................. 414
ذكر ما قيل في خلاف ذلك............................................... 424
فصل في ما استدل به على أن المحدث لا يجب عليه الوضوء قبل وقت الصلاة.... 428
ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل........................................... 431
فصل في الطهارة لذكر الله عزّ وجلّ....................................... 432
فهرس موضوعات الجزء الثاني
الموضوع الصفحة
ذكر جواز قراءة القرآن والذكر مع الحدث.................................. 434(3/115)
فصل فيما استدل به على أن الحدث يرتفع عن كل عضو بغسله............... 438
باب آداب قضاء الحاجة
ذكر الإبعاد............................................................. 439
فصل في إعداد النبل...................................................... 442
فصل في التستر لقضاء الحاجة.............................................. 443
فصل في إدامة التستر إلى حال الدنو من الأرض.............................. 445
فصل في ارتياد المكان للبول.............................................. 448
فصل في كراهية البول في الهواء............................................ 450
فصل في الخاتم عليه ذكر الله تعالى......................................... 453
فصل في المواضع المكروهة لقضاء الحاجة.................................... 457
فصل في كراهية البول في الماء الراكد....................................... 462
فصل في البول في المغتسل................................................ 462
فصل في تجنب القبور في قضاء الحاجة...................................... 467
فصل في ما جاء في تغطية الرأس عند دخول الخلاء........................... 468
فصل في ذكر الله تعالى عند دخول الخلاء وعند الخروج منه.................. 469
فصل في ترك الكلام في قضاء الحاجة....................................... 482
فصل فيما جاء في الرخصة للنساء.......................................... 490
ذكر ما استدل به على جواز الكلام على قضاء الحاجة....................... 491
ذكر كراهية السلام عند البول............................................ 492
فصل في الجلوس لقضاء الحاجة وترك القيام................................. 496
فهرس موضوعات الجزء الثاني
الموضوع الصفحة
فصل في القيام والرخصة فيه............................................... 498(3/116)
فصل في مباعدة ما بين الرجلين والوركين عند البول......................... 500
فصل في النهي عن مس الذكر باليمين مطلقًا أو في الاستنجاء................. 502
فصل في ما جاء في الاعتماد على الرجل اليسرى............................. 506
فصل في الاستيفاز على الساق عند قضاء الحاجة............................. 507
فصل في استقبال القبلة لغائط أو بول ذكر النهي عن ذلك.................... 508
ذكر ما يستدل به على أن النهي عن ذلك لأجل القبلة....................... 516
ذكر من قال : إن ذلك من أجل المصلين.................................... 517
ذكر الرخصة في الاستقبال والاستدبار عمومًا وخصوصًا..................... 518
فصل في ما جاء من استقبال القبلة......................................... 525
فصل................................................................ 526
باب الاستنجاء والاستجمار
ذكر الأمر بالاستنجاء.................................................... 527
فصل في الاستبراء ونتر الذكر ثلاثًا......................................... 529
فصل في ترك الاستنجاء من الريح.......................................... 533
فصل في الاستنجاء بالماء................................................. 533
فصل فيما جاء في تكرار غسل المحل في الاستنجاء بالماء....................... 545
فصل في دلك الأرض بعد الاستنجاء بالماء.................................. 546
فصل في كيفية الاستنجاء بغير الحجر، وأن ذكر الحجر ليس لتخصيص الحكم به 548
فصل في الاستنجاء بحجر قد استُجمر به.................................... 555
فصل فيما نُهي عن الاستنجاء به........................................... 556
فهرس موضوعات الجزء الثاني
الموضوع الصفحة
فصل في أن الاستنجاء بالروث والعظم لا يجزئ............................. 562(3/117)
فصل في الأمر بالإيتار في الاستجمار....................................... 563
ذكر ما قيل في هذا الأمر للاستحباب...................................... 564
فصل في من قال لا يقتصر على أقل من ثلاثة أحجار......................... 565
فصل فيما استدل به على الاستنجاء بالحجرين............................... 566
*********
باب أسباب الغسل
ذكر وجوبه من إنزال الماء
روى ابن وهب عن عمرو بن الحارث : أن ابن شهاب حدثه : أن أباسلمة بن عبدالرحمن حدثه، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( إنما الماء من الماء )) . أخرجه مسلم(1) وأبوداود(2) من حديث ابن وهب. وعند أبي داود : (( الماء من الماء )) ، وكان أبوسلمة يفعل ذلك ؛ من رواية أحمد بن صالح، عن ابن وهب.
وكذلك رواه ابن منده من حديث حرملة وأحمد، عن ابن وهب، وفيه : (( الماء من الماء )) . قال :" وزاد حرملة في حديثه: قال أبوسلمة بن عبدالرحمن: حدثني عبدالرحمن بن عبدالله: أن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - كان يفعل ذلك. وهذا الحديث غريب عندهم ؛ قيل : تفرد به ابن وهب من حديث الزهري، ومن حديث عمرو بن الحارث ".
[ل173/أ]
__________
(1) في "صحيحه" (1/269 رقم343) كتاب الحيض، باب إنما الماء من الماء.
(2) في "سننه" (1/148 رقم217) كتاب الطهارة، باب في الإكسال.(3/118)
وروى عَبِيدة بن حُميد، عن الرُّكَين بن الربيع، عن حصين بن قَبيصَة، عن علي - عليه السلام - قال : كنت رجلاً مذاءً، فقال [لي](1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا رأيت المذي فاغسل /ذكرك، وتوضأ وضوءك للصلاة، وإذا فضخت الماء فاغتسل )). وفي رواية زائدة عن الرُّكَين بن الربيع بسنده : (( إذا رأيت المذي فتوضأ، واغسل ذكرك، وإذا رأيت فضخ الماء فاغتسل )) . أخرج الروايتين النسائي(2).
و"عَبيدة بن حميد":- بفتح العين، وكسر الباء الموحدة - أبوعبدالرحمن الحذاء الكوفي.
وروى النسائي(3) من حديث سُفيان، عن عَمرو، عن عبدالرحمن بن السائب، عن عبدالرحمن بن سُعَاد، عن أبي أيوب - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((الماء من الماء )). وأخرجه ابن ماجه(4). و"سُعَاد": بضم السين والتخفيف.
وروى البيهقي(5) من حديث حميد الرؤاسي، عن حسن- هو ابن صالح-، عن بيان، عن حُصين [بن](6) صفوان، عن علي - رضي الله عنه - قال : كنت رجلاً مذاء، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الماء قد آذاني قال : (( إنما يُغتسل(7) من الماء الدافق )) .
وقد تقدم(8) رواية الترمذي : (( من المذي الوضوء، ومن المني الغسل )).
فصل في استواء المرأة مع الرجل في وجوب الغسل بالإنزال
فيه عن أم سلمة وعائشة وأنس - رضي الله عنهم -.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن النسائي".
(2) في "سننه" (1/111-112 رقم193، 194) كتاب الطهارة، باب الغسل من المني.
(3) في "سننه" (1/115 رقم199) كتاب الطهارة، باب الذي يحتلم ولا يرى الماء.
(4) في "سننه" (1/199 رقم607) كتاب الطهارة وسننها، باب الماء من الماء.
(5) في "سننه" (1/167).
(6) في الأصل :" أبي"، والتصويب من "سنن البيهقي ".
(7) كذا في الأصل، وفي "سنن البيهقي" :"إنما الغسل".
(8) ص 231) من المجلد الثاني.(3/119)
فأما حديث أم سلمة رضي الله عنها، فأخرجه البخاري(1)، ومسلم(2)،
والترمذي(3)، والنسائي(4)، وابن ماجه(5).
روى هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:جاءت أم سليم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت:يارسول الله!إن الله لايستحيي من الحق،فهل على المرأة من غُسل إذا احتلمت؟فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: (( نعم إذا رأت الماء )) . فقالت أم سلمة:يارسول الله!وتحتلم المرأة؟ فقال : ((تربت يداك ! فَبِمَ يشبهها ولدها ؟ )). لفظ مسلم من رواية أبي معاوية، عن هشام.
ورواه النسائي(4) من حديث يحيى، عن هشام، وفيه: فضحكت أم سلمة،
فقالت : أتحتلم المرأة ؟ وفيه : (( فبم(6) يُشبه الولد )).
__________
(1) في "صحيحه" (1/228-229 رقم130) كتاب العلم، باب الحياء في العلم.
(2) في "صحيحه" (1/251 رقم313) كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها.
(3) في "سننه" (1/209 رقم122) أبواب الطهارة، باب ماجاء في المرأة ترى في المنام....
(4) في"سننه"(1/114رقم197)كتاب الطهارة،باب غسل المرأة ترى في منامها مايرى الرجل.
(5) في "سننه" (1/197 رقم600) كتاب الطهارة وسننها، باب في المرأة ترى في منامها....
(6) كذا في الأصل، وفي "سنن النسائي" :" ففيم ".(3/120)
وأما حديث عائشة رضي الله عنها، فأخرجه أبوداود(1)، ومسلم(2)، والنسائي(3)، ولفظه من طريق أبي داود:عن عائشة رضي الله عنها:أن أم سليم الأنصارية - وهي أم أنس بن مالك- قالت: يارسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، أرأيت المرأة إذا رأت في النوم مايرى الرجل، أتغتسل أم لا ؟ قالت عائشة : فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (([نعم] فلتغتسل إذا وجدت الماء )) . قالت عائشة رضي الله عنها : فأقبلتُ عليها فقلت: أفٍّ لك! وهل ترى ذلك المرأة ؟ فأقبل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( تربت يمينك ياعائشة ! ومن أين يكون الشَّبه ؟ )).
ورواه النسائي من حديث الزُّبَيدي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، وفيه اختلاف لفظ.
وأما حديث أنس - رضي الله عنه -، فروى مسلم(4) من حديث عكرمة بن عمار قال: قال إسحاق بن أبي طلحة: حدثني أنس بن مالك قال: جاءت أم سليم -وهي جدة إسحاق- إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت له - وعائشة عنده-: يارسول الله! المرأة ترى مايرى الرجل في المنام، فترى من نفسها مايرى الرجل من نفسه ؟ فقالت عائشة : ياأم سُلَيم ! فضحت النساء تربت يمينك ! فقال لعائشة : (( بل أنت فتربت يمينك ! نعم، فلتغتسل ياأم سُليم إذا رأت ذلك )) .
__________
(1) في "سننه" (1/162 رقم237) كتاب الطهارة، باب في المرأة ترى مايرى الرجل.
(2) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (314).
(3) في الموضع السابق من "سننه" برقم (196).
(4) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (310).(3/121)
وعند أبي حاتم في هذا علة ؛ ذكر ابنه(1) قال :" سمعت أبي، وذكر حديثًا رواه عمر بن يونس، عن عكرمة بن عمار، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أنس - رضي الله عنه - قال : جاءت أم سُليم رضي الله عنها... "، قلت : وفيه :" المرأة ترى مايرى الرجل في المنام كأن زوجها يُجَامعُها، أتغتسل ؟ [فقال](2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا وجدت الماء فلتغتسل ))". قال : "وروى
الأوزاعي عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن جدته قالت: دخلت أم سُليم على أم سلمة رضي الله عنهما، فدخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -(3)،[فقالت
له أم سليم : أرأيت إذا رأت المرأة...، قال أبي : إسحاق بن عبدالله ابن أبي طلحة، عن أم سليم : مرسل، وعكرمة بن عمار رواه عن إسحاق، عن أنس: أن أم سليم...، وحديث الأوزاعي أشبه مرسل من الموصول"](4).
[ل173/ب]
__________
(1) في "علل الحديث" (1/62 رقم163).
(2) في الأصل :" وقال "، والتصويب من "علل الحديث".
(3) قوله :" r "لم يكتمل في الأصل، ولكن في نهاية (ل173/أ) قوله :" صلى الله"، وفي =
= بداية(ل173/ب)مانصه:"رسول اللهr،قال:فسألت..."، فلم يكتمل كلام ابن أبي حاتم عن الحديث، وليس بين النصين ارتباط، مما يدل على وجود سقط في هذا الموضع، ولعل الساقط ورقة واحدة فقط، فإن الكلام في(ل173/ب) لا يزال في الغسل، وسيأتي (ص427) إحالة المصنف على"فصل الإكسال"، وهو من الساقط في هذا الموضع، والأحاديث الآتية تتعلق بالإكسال.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل فاستدركته من "علل الحديث".(3/122)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1)
__________
(1) كذا في بداية (ل 173/ب)، وسقط ما قبله من الكلام كما نبهت عليه سابقًا. ولكن من الواضح أن هذا حديث عثمان t الذي أشار إليه المصنف فيما بعد (ص427)- وكما سيأتي قريبًا-، وهو ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/396 رقم292) كتاب الغسل، باب غسل ما يصيب من فرج المرأة، من طريق أبي معمر الْمُقْعَد عبدالله بن عمرو، عن عبدالوارث بن سعيد، عن حسين المعلِّم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد : أنه سأل عثمان بن عفان فقال : أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يُمْنِ ؟ قال عثمان : يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكره. قال عثمان:سمعته من رسول الله r. فسألت عن ذلك علي بن أبي طالب والزبير ابن العوام وطلحة بن عبيدالله وأُبَيَّ بن كعب رضي الله عنهم، فأمروه بذلك. قال يحيى: وأخبرني أبو سلمة؛ أن عروة بن الزبير أخبره : أن أبا أيوب أخبره : أنه سمع ذلك من رسول الله r. وأخرجه مسلم في "صحيحه" (1/270-271 رقم347) في كتاب الحيض، باب إنما الماء من الماء. ثم أورد المصنِّف - ابن دقيق العيد - هذه الرواية من "مستخرج الإسماعيلي"؛ لأن في سياقها قوله :" فقالوا مثل ذلك " بدل :" فأمروه بذلك"=
= كما يظهر من صنيعه. وقد قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/397) :« قوله : "فأمروه بذلك" فيه التفات ؛ لأن الأصل أن يقول :" فأمروني "، أو هو مقول عطاء بن يسار فيكون مرسلاً. وقال الكرماني : الضمير يعود على المجامع الذي في ضمن :" إذا جامع "، وجزم أيضًا بأنه عن عثمان إفتاء ورواية مرفوعة، وعن الباقين إفتاء فقط. قلت: وظاهره أنهم أمروه بما أمره به عثمان، فليس صريحًا في عدم الرفع. لكن في رواية الإسماعيلي :" فقالوا مثل ذلك"، وهذا ظاهره الرفع ؛ لأن عثمان أفتاه بذلك وحدثه به .(3/123)
،/ قال : فسألت علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيدالله، وأُبي بن كعب - رضي الله عنهم - فقالوا مثل ذلك.
وهذا يحتمل الجمع بين الرواية والفتوى معًا، وهو ظاهر هذا اللفظ ؛ لأن عثمان - رضي الله عنه - أفتى وروى، وإذا كانوا قالوا مثله، فقد جمعوا بين الأمرين.
وروى [الإسماعيلي](1) عن عبدالله بن محمد البغوي، حدثنا يحيى بن عبدالحميد الحماني، ثنا عبدالوارث بن سعيد، عن حسين المعلِّم قال...، بهذا الإسناد(2)، وقال : يُكسِل ولا يُنزِل، وقال : ليس عليه غسل ؛ سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ((ليس عليه غسل ))، [وأتيت](3) طلحة والزبير وأُبي بن كعب،
فسألتهم، فقالوا مثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال الإسماعيلي(4):" لم يذكر عليًّا،
وجعل الخبر مسندًا عن هؤلاء ". وذكر الإسماعيلي بعد ذلك روايات، [وقال](5):" ولم يقل أحد منهم : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير الحماني، إنما قالوا : مثل ذلك، وليس الحماني من شرط هذا الكتاب ". انتهى.
قلت:"الحِمَّاني"- بكسر الحاء المهملة، وتشديد الميم - نسبة إلى قبيلة(6).
وروى مسلم(7) أيضًا عن [عبدالوارث](8) بن عبدالصمد، قال : أخبرني
__________
(1) في الأصل :" الإسماعيل ".
(2) أي:حسين المعلِّم، عن يحيى بن أبي كثير،عن أبي سلمة بن عبدالرحمن،عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني،عن عثمانt كما توضحه رواية البخاري التي سبق التنبيه عليها.
(3) في الأصل :" وأثبت"، وهو خطأ ظاهر.
(4) ذكر آخر عبارة الإسماعيلي هذه الحافظ في "الفتح" (1/397).
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه، وانظر الموضع السابق من "الفتح".
(6) وهو متهم بسرقة الحديث كما في " التقريب" (7641).
(7) في "صحيحه" (1/271 رقم347) كتاب الحيض، باب إنما الماء من الماء.
(8) في الأصل :"عبدالرزاق"، والتصويب من "صحيح مسلم".(3/124)
أبي، عن جدي، عن الحسين قال: قال يحيى: وأخبرني أبوسلمة: أن عروة بن الزبير أخبره : أن أبا أيوب أخبره : أنه سمع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فجعله من مسند أبي أيوب في هذه الرواية.
وروى البخاري(1) أيضًا عن مسدد، عن يحيى، عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي، قال : أخبرني أبوأيوب، قال : أخبرني أُبي بن كعب - رضي الله عنه - : أنه قال : يارسول الله ! إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل ؟ قال : (( يغسل مامس المرأة منه، ثم يتوضأ ويصلي )) .
ورواه مسلم(2) من حديث أبي معاوية، عن هشام، ومن حديث شعبة، عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي، عن الْمَلِيّ،عن الملِيّ(3)- يعني بقوله:"الملي عن الملي ": أبا أيوب(4) -، عن أبي بن كعب - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه قال - في الرجل يأتي أهله ثم لا ينزل قال - : (( يغسل ذكره ويتوضأ )) .
الحديث الثاني : روى شعبة، عن الحكم، عن ذكوان، عن أبي سعيد
__________
(1) في "صحيحه" (1/398 رقم293) كتاب الغسل، باب غسل مايصيب من فرج المرأة.
(2) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (346/85).
(3) السياق لطريق شعبة، وفي طريق أبي معاوية "... حدثنا هشام عن أبيه، عن أبي أيوب "،
(4) في "صحيح مسلم" :" أبو أيوب"، وذكر النووي في شرحه (4/38-39) أنه صحيح.(3/125)
الخدري - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على رجل من الأنصار، فأرسل إليه، فخرج إليه ورأسه يقطر، فقال : (( لعلنا أعجلناك ؟ )) قال : نعم يارسول الله! قال : (( إذا [أُعْجِلْتَ](1) أو أَقْحَطْتَ، فلا غسل عليك، وعليك الوضوء )) . وفي
رواية : (( إذا أُعْجِلْتَ أو أُقْحِطْتَ )) . رواه مسلم(2).
وأخرجه ابن ماجه(3) من حديث غندر، عن شعبة.
وروى مسلم أيضًا(4) من حديث إسماعيل - هو ابن جعفر -، عن شريك - يعني ابن أبي نمر -، عن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه - رضي الله عنه - قال: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الإثنين إلى قباء،حتى إذا كنا في بني سالم، وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على باب عتبان، فصرخ به، فخرج يجر إزاره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أعجلنا الرجل )) . فقال عتبان: يارسول الله! أرأيت الرجل
يُعجَل عن امرأته ولم يُمْن ماذا عليه؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنما الماء من الماء )) .
[ل174/أ]
__________
(1) في الأصل :"عجلت"، والتصويب من "صحيح مسلم"، وسيأتي ضبط الرواية الثانية. وقال النووي في "شرحه" (4/37):« أما " أُعْجِلْتَ " فهو في الموضعين بضم الهمزة، وإسكان العين، وكسر الجيم. وأما "أقحطت" فهو في الأولى بفتح الهمزة والحاء، وفي رواية ابن بشار بضم الهمزة، وكسر الحاء مثل " أُعْجِلْتَ"، والروايتان صحيحتان ». ا.هـ.
(2) في الموضع السابق من"صحيحه" برقم (345)، وهو عند البخاري أيضًا في "صحيحه" (1/ 284رقم180)كتاب الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر.
(3) في "سننه" (1/199 رقم606) كتاب الطهارة وسننها، باب الماء من الماء.
(4) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (343).(3/126)
وروى الحافظ أبوالعباس السراج محمد بن إسحاق في"مسنده" من حديث رَوح بن عُبادة،ثنا زكريا بن إسحاق،ثنا عمرو بن دينار،أن/ابن عياض أخبره: أن أبا سعيد كان ينزل في دارهم، وأن أباسعيد أخبره:أنه كان يقول لأصحاب له: أرأيتم إن اغتسلت؟وأنا أعرف أنه كما يقولون، فيقولون:لا والله! حتى لا يكون في صدرك حاجة مما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرجل يأتي امرأته ولا ينزل.
و" ابن عياض " هذا هو : عروة بن عياض، تبين في رواية سُفيان، عن عمرو، وأخرجها أبوالعباس السراج وأبوجعفر الطحاوي(1)، وأبوالعباس من جهة عبدالجبار، عن سفيان، والطحاوي من جهة إبراهيم بن بشار، عن سفيان، وإسناد رواية السراج أقوى، ومتن رواية الطحاوي أقوى.
الحديث الثالث: عن العلاء بن محمد بن [سيار](2)،عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل من الأنصار، فأبطأ واحتبس(3)، فقال : (( ماحبسك ؟ )) قال: كنت أصيب من أهلي، فلما جاءني رسولك اغتسلت، ثم لم أحدث شيئًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الماء من الماء، والغسل على من أنزل )) . أخرجه الطحاوي(4)، عن يزيد، عن العلاء بن محمد بن [سيار](2).
فصل في الغسل بالتقاء الختانين
فيه أحاديث :
الأول : روى قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن
__________
(1) في "شرح معاني الآثار" (1/54 رقم310).
(2) في الأصل :" سنان"، والتصويب من "شرح معاني الآثار"، وانظر "الكامل" لابن عدي (5/222)، و"الميزان" (3/105).
(3) قوله :" واحتبس" ليس في المطبوع من "شرح معاني الآثار".
(4) في الموضع السابق برقم (314).(3/127)
النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا جلس بين شعبها الأربع، ثم جهدها، فقد وجب الغسل )) . أخرجاه(1)من حديث هشام،عن قتادة،واللفظ للبخاري،وقال:"تابعه عمرو [بن مرزوق](2)،عن شعبة بمثله.وقال موسى:حدثنا أبان،ثنا قتادة،أنا الحسن، مثله".
وأخرج مسلم رواية هشام من حديث معاذ ابنه قال:حدثني أبي عن قتادة، ومطر عن الحسن،عن أبي رافع،عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. قال مسلم رحمه الله:"وفي حديث مطر : (( وإن لم ينزل )) ، وفي رواية [زهير](3) : (( بين أشعبها الأربع )) ".
وأخرج مسلم(4) رواية شعبة من غير سياق كمال لفظها، وقال:" غير أن في حديث شعبة : (( ثم اجتهد ))، ولم يقل : ((وإن لم ينزل ))". رواه من حديث ابن أبي عدي ووهب بن جرير، ورواه النسائي(5) من حديث خالد،عن شعبة.
وعند الإسماعيلي من رواية مسلم، عن شعبة: (( وألْزَقَ الختان بالختان، فقد وجب الغسل )). وهذه الزيادة التي ذكرها مسلم عن مطر - أعني قوله : ((وإن لم ينزل )) -، رواها أبان بن يزيد، وهمام بن يحيى، وابن أبي عروبة، عن قتادة.
فروى البيهقي(6) من حديث عفان، عن أبان بن يزيد العطار وهمام بن يحيى، عن قتادة، عن الحسن بسنده، ولفظه : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا قعد
بين شعبها الأربع، ثم أجهد نفسه، فقد وجب الغسل، أنزل أو لم ينزل )).
__________
(1) أخرجه البخاري(1/395 رقم291)كتاب الغسل،باب إذا التقى الختانان،ومسلم(1/ 271 رقم348/87) كتاب الحيض، باب نسخ"الماء من الماء"، ووجوب الغسل بالتقاء الختانين.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "صحيح البخاري".
(3) في الأصل :" شعبة"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(4) في الموضع السابق بعد رقم (87).
(5) في "سننه" (1/110 رقم191) كتاب الطهارة، باب وجوب الغسل إذا التقى الختانان.
(6) في "سننه" (1/163).(3/128)
وروى البيهقي(1) من حديث عثمان بن سعيد، عن محمد بن المنهال، عن يزيد بن زُريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن بسنده، ولفظه : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا التقى الختان [الختان](2) وجب الغسل، أنزل أو لم ينزل )) . رواه عن جامع بن أحمد الوكيل، عن أبي طاهر المحمد أباذي(3)، عن عثمان.
[ل174/ب]
ورواه النسائي(4) من حديث أشعث، عن ابن سيرين، عن / أبي هريرة - رضي الله عنه -، [وقال](5):" وقد رَوَى هذا الحديث عن شعبة : النضربن شميل، وغيره كما رواه خالد ".
وقال ابن أبي حاتم(6):" سألت أبي وأبازرعة عن حديث رواه ابن شرحبيل، عن عيسى بن يونس، عن أشعث، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا قعد بين شعبها الأربع، واجتهد فقد وجب الغسل )) . قال أبي : هذا خطأ، إنما هو : أشعث، عن الحسن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قلت لأبي : ممن الخطأ ؟ قال : من أحدهما: إما من ابن شرحبيل، وإما من عيسى. وقال أبوزرعة : لا أحفظ من حديث أشعث إلا
__________
(1) في الموضع السابق.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي".
(3) كذا في الأصل، وفي"سنن البيهقي" :" المجد آبادي"، وأشار محقق "سنن البيهقي" لوجود نسخة أخرى بها :" المحمد أبادي" بالدال المهملة، والصواب المثبت كما في الأنساب للسمعاني (5/216 -217).
(4) في الموضع السابق من "سننه" (1/111 رقم192).
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه، فهذا كلام النسائي.
(6) في "علل الحديث" (1/38 رقم80).(3/129)
هكذا. قلت : فيمكنك أن تقول خطأ ؟ قال : لا، روى قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورواه يونس(1)، عن الحسن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
قلت : لم يتبين لأبي حاتم ممن الخطأ عنده، والنسائي أخرج الحديث، عن إبراهيم بن يعقوب [بن إسحاق](2) الجوزجاني، عن عبدالله بن يوسف، عن عيسى بن يونس، وهذا يبرئ ابن شرحبيل من نسب الخطأ إليه.
الحديث الثاني : روى مالك في "الموطأ"(3) عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب : أن أباموسى الأشعري أتى عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها : لقد شق عليَّ اختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمر إني لأعظم أن أستقبلك به. فقالت : ماهو ؟ ماكنت سائلاً عنه أمك فسلني عنه. فقال: الرجل يصيب أهله ثم يُكسل ولا ينزل ؟ فقالت : إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل. فقال أبوموسى الأشعري : لا أسأل عن هذا أحدًا بعدك أبدًا.
هكذا هو في"الموطأ" موقوف، وقد رواه أبوقرة موسى بن طارق الزبيدي، عن مالك بن أنس،عن يحيى بن سعيد،عن سعيد بن المسيب،عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل )) .
قال الدارقطني في"الغرائب":"لم يسنده عن مالك غير أبي قُرة ". انتهى(4).
__________
(1) في الأصل :" يوسف" وصوبت في الهامش، وفي المطبوع من "علل الحديث" :" يوسف"، وهو خطأ، وانظر "الكامل" لابن عدي (1/179).
(2) في الأصل :" ابن أبي إسحاق"، والتصويب من "سنن النسائي".
(3) 1/46 رقم73) كتاب الطهارة، باب واجب الغسل إذا التقى الختانان.
(4) علق عليها بهامش الأصل بما نصه :" قال الدارقطني في العلل : لا يصح رفعه ".(3/130)
و"أبوقرة" ثقة متحرز، وهو زَبِيدي -[بفتح](1) الزاي وكسر الباء - نسبة إلى زَبِيد البلدة المشهورة باليمن.
وهذه الرواية تقتضي أن ابن المسيب روى الحديث، عن أبي موسى، عن عائشة، وقد وقع مايُشعر برواية ابن المسيب له عن عائشة رضي الله عنها .
فروى حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال : ذكر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا التقى الختانان أيوجب الغسل ؟ فقال أبوموسى - رضي الله عنه -: أنا آتيكم بعلم ذلك، فنهض وتبعته حتى أتى عائشة رضي الله عنها، فقال : ياأم المؤمنين ! إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحي أن أسَلَكِ، فقالت : سَلْ، فإنما أنا أمك. قال : إذا التقى الختانان، أيجب الغسل؟ فقالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا التقى الختانان اغتسل. أخرجه الطحاوي(2) من حديث أسد، عن حماد.
[ل175/أ]
__________
(1) في الأصل :" بضم"، وهو خطأ، والتصويب من "الأنساب" للسمعاني (3/135).
(2) في "شرح معاني الآثار" (1/55 رقم318).(3/131)
وروى مسلم في "الصحيح"(1) من حديث حميد بن هلال، عن أبي بُردة، عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - /قال : اختلف في ذلك رهط من المهاجرين والأنصار، فقال الأنصاريون : لا يجب الغسل إلا من الدفق أو الماء، وقال المهاجرون : بل إذا خالط فقد وجب الغسل. قال : قال أبو موسى : فأنا أشفيكم [من](2) ذلك، فقمت، فاستأذنت على عائشة رضي الله عنها، فأُذن لي، فقلت لها : ياأماه - أو ياأم المؤمنين -! إني أريد أن أسَلَكِ عن شيء، وأنا أستحييكِ، فقالت : لا تستحيي أن تسألني عما كنت سائلاً عنه أمك التي ولدتك، فأنا أمك. قلت : فما يوجب الغسل ؟ قالت: على الخبير سقطت، قال رسول الله : ((إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختانُ الختانَ، فقد وجب الغسل )) . أخرجه(3) عن محمد بن المثنى، عن محمد بن عبدالله الأنصاري، عن هشام بن حسان، وعن محمد بن المثنى، عن عبدالأعلى - قال: " وهذا حديثه"-، قال : حدثنا هشام، عن حميد بن هلال، قال : ولا أعلمه إلا عن أبي بردة، عن أبي موسى - رضي الله عنه -. وهذا لفظه فيه رائحة الشك، وهو الذي جعل مسلم الحديث له، فاحتجنا إلى أن ننظر رواية الأنصاري التي لا شك فيها، هل تختلف مع هذه فيما يضر أم لا ؟
فوجدنا الحافظ أباعوانة يعقوب بن إسحاق قد أخرجها في "صحيحه"(4)، وأخرجها الحافظ أبونعيم(5) من حديث محمد بن عبد[الله](6) الأنصاري بغير شك، ولفظه : عن أبي موسى قال : كنت في بيت، فذكروا مايوجب الغسل، فأتيت عائشة فقالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا جلس بين شعبها الأربع، ثم اجتهد، فقد وجب الغسل )) .
__________
(1) 1/271رقم349)كتاب الحيض، باب نسخ"الماء من الماء"ووجوب الغسل بالتقاء الختانين.
(2) في الأصل :" في"، والمثبت من "صحيح مسلم".
(3) أي مسلم.
(4) 1/288).
(5) في "المستخرج على صحيح مسلم" (1/391 رقم780).
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "المستخرج".(3/132)
وروى مسلم(1) من حديث ابن وهب قال : أخبرني عياض بن عبدالله،
عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، عن أم كلثوم، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : إن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، هل عليهما الغسل ؟- وعائشة رضي الله عنها جالسة -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إني لأفعل ذلك أنا وهذه فنغتسل )) .
"أم كلثوم" هذه : ابنة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وأخت عائشة، وهي التي قال فيها أبوبكر الصديق - رضي الله عنه -:" ذو بَطْنِ [بِنْتِ](2) خارجة"(3). وفي هذا الإسناد ملحة(4) من ملح الأسانيد، وهي رواية الصحابي عن التابعي ؛ فإن جابرًا هو الصحابي المشهور، وأم كلثوم تابعية.
__________
(1) في "صحيحه" (1/272 رقم350) كتاب الحيض، باب نسخ الماء من الماء، ووجوب الغسل بالتقاء الختانين.
.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من مصادر التخريج.
(3) أخرجه مالك في " الموطأ " (2/752 رقم40) كتاب الأقضية، باب ما يجوز من النحل -ومن طريقه البيهقي في"السنن" (6/170)- من حديث ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن أبا بكر الصديق كان نحلها جادَّ عشرين وسْقًا من ماله بالغابة. فلما حضرته الوفاة قال : والله يا بنية ! ما من الناس أحد أحب إليَّ غنى بعدي منك، ولا أعز عليّ فقرًا بعدي منك، وإني كنت نحلتك جادَّ عشرين وسقًا، فلو كنت حددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله. قالت عائشة : فقلت يا أبت ! والله لو كان كذا وكذا لتركته، إنما هي أسماء، فمن الأخرى ؟ فقال أبوبكر : ذو بطنِ بنت خارجة، أراها جارية.
(4) قوله :" ملحة" سقط من الأصل، وأُلحق في الهامش.(3/133)
وروى الترمذي(1) رحمه الله من حديث الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاغتسلنا.
ورواه الترمذي(2) أيضًا من حديث وكيع عن سفيان، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة رضي الله [عنها](3) قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل )) . قال أبوعيسى :" حديث عائشة حديث حسن صحيح. وقد روي هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه : (( إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل )). ".
واعلم أنه قد اشتهر بين الفقهاء الاستدلال بهذا الحديث بصيغة : (( إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل )) .
[ل175/ب]
/وفي رواية ابن ماجه(4) عن عبدالرحمن بن إبراهيم، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي في هذا الحديث يُسنده إلى عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت:" إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاغتسلنا "، إلا أن هذا موقوف على عائشة رضي الله عنها في هذه اللفظة، وقد تقدم(5) ذكره مرفوعًا من رواية سعيد بن أبي عَروبة من جهة البيهقي.
وفي "مسند عبدالله بن وهب"(6)
__________
(1) في "سننه"(1/180رقم108) أبواب الطهارة، باب ماجاء إذا التقى الختانان وجب الغسل.
(2) في الموضع السابق من "سننه" (1/182رقم109).
(3) في الأصل :" عنهما".
(4) في "سننه" (1/199 رقم608) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان.
(5) ص 15).
(6) وعزاه لابن وهب أيضًا : عبدالحق في "الأحكام الوسطى" (1/191).
.(3/134)
رواية أبي موسى يونس بن عبدالأعلى الصدفي من رواية أبي عُبيدالله محمد بن الربيع بن سُليمان الجيزي، أنا يونس ومحمد - هو ابن عبدالحكم - قالا: أنا ابن وهب، أخبرني الحارث بن نَبْهان(1)، عن محمد بن عبيدالله(2)، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سُئل : ما يوجب الغسل ؟ فقال : (( إذا التقى [الختانان](3) وغابت الحشفة وجب الغسل، أنزل أو لم ينزل )) .
ففي هذا تعليق الحكم بغَيبوبة الحشفة، وهو غريب في الرواية.
وروى مالك(4) عن أبي النضر مولى عمر بن عبيدالله، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف قال : سألت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : مايوجب الغسل ؟ فقالت : هل تدري مامثلك يا أباسلمة ! مثل الفرُّوج يسمع الديكة تصرخ فيصرخ معها، إذا جاوز الختانُ الختان فقد وجب الغسل.
ومالك(5) عن نافع : أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول : "إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل".
وذكر البيهقي(6) عن يحيى بن بكير قال : وحدثني الدراوردي، عن جعفر، عن أبيه : أن عليًّا - رضي الله عنه - كان يقول :" ماأوجب الحد أوجب الغسل ".
قلت : وهذا منقطع.
__________
(1) والحارث هذا متروك كما في "التقريب" (1058)، ولم ينبِّه عليه المصنِّف.
(2) ومحمد هذا هو العَرْزَمي، وهو متروك كما في "التقريب" (6148).
(3) في الأصل :" الختان"، والمثبت من الموضع السابق من "الأحكام الوسطى"، ومن "نصب الراية" (1/84)، فكلاهما ذكره هكذا عن ابن وهب من هذا الطريق.
(4) في "الموطأ" (1/46 رقم72) كتاب الطهارة، باب واجب الغسل إذا التقى الختانان.
(5) في الموضع السابق من "الموطأ" (1/47 رقم75).
(6) في "سننه" (1/166).
.(3/135)
وروى الحافظ أبوجعفر الطحاوي(1)من حديث عبدالأعلى بن عبدالأعلى، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي حُيَيَّة(2)، عن عبيد بن رفاعة، عن أبيه قال : إني لجالس عند عمر بن الخطاب، إذ جاءه رجل فقال : ياأمير المؤمنين ! هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في الغسل من الجنابة برأيه، فقال عمر : اعجل عليّ به، فجاءه زيد، فقال عمر : قد بلغ من أمرك أن تفتي الناس في الغسل من الجنابة برأيك في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال له زيد : أمَ والله ياأمير المؤمنين ! ماأفتَيتُ برأيي، ولكني سمعت من أعمامي شيئًا فقلت به. فقال : من أي أعمامك ؟ فقال : من أُبي بن كعب وأبي أيوب ورفاعة بن رافع، فالتفتَ إليَّ عمر فقال : ما يقول هذا(3) الفتى؟ قال : قلت : إنا كنا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم لا نغتسل. قال : أفسألتم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ؟ فقلتُ لا. فقال : عليّ بالناس. فاتفق الناسُ أن الماء لا يكون إلا من الماء، إلا ماكان من عليّ ومعاذ بن جبل، فقالا : إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، فقال : ياأمير المؤمنين(4)! لا أجدُ أحدًا أعلم بهذا من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه، فأرسل إلى حفصة، فقالت : لا علم لي، فأرسل إلى عائشة رضي الله عنها، فقالت : إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، فتحطم عمر، وقال : لئن أُخبرتُ بأحد يفعله ثم لا يغتسل لأنهكنَّه عقوبة. رواه عن ابن أبي داود، عن عياش بن الوليد الرقام، عن عبدالأعلى.
[ل176/أ]
__________
(1) في "شرح معاني الآثار" (1/58-59 رقم337).
(2) كذا في الأصل، وفي "شرح معاني الآثار":" ابن حبيبة" وكلاهما صحيح، انظر "تهذيب الكمال" (28/302).
(3) في الأصل :" في هذا "، والتصويب من "شرح معاني الآثار".
(4) في الأصل :" فقال عمر : ياأمير المؤمنين "، والتصويب من المرجع السابق.(3/136)
وروى هذه القصة من حديث عبدالأعلى أيضًا أبوبكر محمد بن هارون الرُوياني في "مسنده"(1) باختلاف في بعض الإسناد والمتن، وفيه : فجاء زيد، فلما رآه عمر قال : أي عُدَيّ نفسه ! قد بلغت أن يُفتي الناسُ برأيك ؟ وفيه : قد كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يأتنا من الله تحريم، ولم يكن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - /نهي. قال : ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم ذلك؟ قال : لا أدري. فأمر عمر - رضي الله عنه - بجمع المهاجرين والأنصار، فشاورهم، وفيه : فقال عمر - رضي الله عنه - : هذا وأنتم أصحاب بدر قد اختلفتم ؟ فَمَنْ بعدكم أشد اختلافًا. قال علي: ياأمير المؤمنين ! إنه ليس أحدٌ أعلم بهذا من شأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أزواجه، وفيه : فقال عمر - رضي الله عنه - : لا أسمع برجل فعل ذلك إلا أوجعته ضربًا.
__________
(1) لم أجده في المطبوع منه.(3/137)
وهذه القصة رواها ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي حُيية قال : سمعت عبيد بن رفاعة الأنصاري يقول : كنا في مجلس فيه زيد بن ثابت، فتذاكروا الغسل من الإنزال، فقال زيد : ماعلى أحدكم إذا جامع فلم ينزل إلا أن يغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة. فقام رجل من أهل المجلس، فأتى عمر، فأخبره بذلك، فقال عمر للرجل : اذهب أنت بنفسك فأتني به، حتى [تكون](1) أنت الشاهد عليه، فذهب فجاء به - وعند عمر ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما -، فقال له عمر : أنت عُدَي نفسه ! تُفتي الناس بهذا ؟ فقال زيد : أمَ والله ! ما ابتدعته، ولكن سمعته من أعمامي : رفاعة بن رافع، ومن أبي أيوب الأنصاري. فقال عمر - رضي الله عنه - لمن عنده من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : ماتقولون؟ فاختلفوا عليه. فقال عمر : ياعباد الله! فمن أسأل بعدكم وأنتم أصحاب بدر الأخيار ؟ فقال له عليُّ بن أبي طالب : فأرسل إلى أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه إن كان شيء من ذلك ظهرن عليه، فأرسل إلى حفصة، فسألها فقالت : لا علم لي بذلك، ثم أرسل إلى عائشة، فقالت : إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل. فقال : عمر - رضي الله عنه - عند ذلك: لا أعلم أحدًا فعله ثم لم يغتسل إلا جعلته نكالاً. أخرجه الطحاوي(2).
ففي هذه الرواية أسقط ذكر أبي عبيد ابن رفاعة.
__________
(1) في الأصل :" يكون"، والتصويب من "شرح معاني الآثار ".
(2) في "شرح معاني الآثار" (1/58 رقم335).(3/138)
ورواه أيضًا(1) عن رَوح بن الفرج، عن يحيى بن عبدالله بن بُكير، عن الليث قال:حدثني معمر بن أبي حُيَيَّة(2)، عن عبيدالله بن عدي بن الخيار-كذا رأيت فيه -، قال : تذاكر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الغسل من الجنابة..."، وفي آخره : فقال عمر - رضي الله عنه - عند ذلك : لا أسمع أحدًا يقول : الماء من الماء إلا جعلته نكالاً.
قلت :" معمر بن أبي حُيَيَّة": بضم الحاء، وبعدها ياءان آخر الحروف مفتوحتان إحداهما مشددة. قال الأمير(3):« ومن قال فيه :"ابن(4) أبي حبيبة" فقد غلط ». و"تحطَّم الرجل ": تلظى غيظًا. وجاء في أثر : أن هَرم بن حيان غضب على رجل، فتحطَّم عليه غيظًا(5)؛ أي : تلظَّى وتوقّد ؛ من الحُطمة؛ وهي النار التي تحطم كل شيء. قال الأزهري(6):"ولو قيل: يتحطم؛ أي : يتكسر من الغيظ، لكان له وجه ". و"حَيَّان":- والد هرم -: مفتوح الحاء المهملة، بعدها ياء آخر الحروف مشددة. و"عَياش بن الوليد"- المذكور في إسناد هذه القصة -: بالياء آخر الحروف، والشين المعجمة.
فصل في مااستدل به على أن حَديث التقاء الختانين
ناسخ لعدم الغسل من الإكسال
استدل على النسخ بطريقين :
إحداهما : النقل عن الصحابة - رضي الله عنهم -، وفيه حديثان :
الأول : روى الترمذي(7) من حديث يونس، عن الزهري، عن سهل بن سعد، عن أُبي بن كعب - رضي الله عنه - قال : إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم نُهي عنها.
__________
(1) في المرجع السابق (1/59 رقم338).
(2) سبق التعليق عليه. انظر (ص 22).
(3) أي : ابن ماكولا في "الإكمال" (3/120).
(4) قوله :" ابن" سقط من الأصل وألحق في الهامش.
(5) ذكره الهروي في "الغريبين" (2/93) ولم يعزه لأحد.
(6) لم أجده في المطبوع من "تهذيب اللغة ".
(7) في "سننه" (1/183 رقم110) أبواب الطهارة، باب ماجاء أن الماء من الماء.(3/139)
وأخرجه(1) أيضًا من حديث معمر، عن الزهري وقال :" بهذا الإسناد مثله ". قال :" هذا حديث حسن صحيح ".
[ل176/ب]
وأخرجه أبوداود(2) أيضًا وابن / ماجه(3).
وهذا حديث اختُلف فيه على الزهري ؛ فقال يونس ماقدَّمناه.
وفي رواية لابن المبارك عنه(4) بسنده إلى أُبي بن كعب قال : إنما كان الماء من الماء في أول الإسلام، فلما أحكم الله عز وجل الأمر نُهي عنه. أخرجها الطحاوي(5).
وفي رواية ابن خزيمة(6) من جهة ابن المبارك قريبًا من الأولى، قال : كان الفُتيا في الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم نُهي عنها.
وأخرجه ابن ماجه(7) من حديث عثمان بن عمر، عن [يونس](8)، عن الزهري قال : قال سهل بن سعد الساعدي : أخبرنا أُبي بن كعب قال : "إنما كانت رخصة في أول الإسلام، ثم أُمرنا بالغسل بعد ".
وقال ابن وهب : أخبرني عمرو - يعني ابن الحارث -، عن ابن شهاب، حدثني بعض من أرضَى : أن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - أخبره،[أن أبي بن
كعب أخبره ](9): أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما جعل ذلك رخصة للناس في أول
الإسلام لقلّة الثياب، ثم أمر بالغسل، ونهى عن ذلك. أخرجه أبوداود(10).
وهذا يقتضي أن يكون الزهري لم يسمعه من سهل بن سعد،وتقربه رواية الليث، عن عقيل، عن الزهري قال : قال سهل بن سعد، فلم يذكر الإخبار.
__________
(1) في الموضع السابق (1/184 رقم 111).
(2) في "سننه" (1/146 رقم214) كتاب الطهارة، باب في الإكسال.
(3) في "سننه" (1/200 رقم609) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان.
(4) أي عن يونس.
(5) في "شرح معاني الآثار" (1/57 رقم327)
(6) في "صحيحه" (1/113 رقم225).
(7) تقدم تخريجه في رقم (2).
(8) في الأصل :" تونس"، وهو خطأ ظاهر.
(9) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود".
(10) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة برقم (1).(3/140)
وكذلك رواية عثمان بن عمر(1)، عن يونس، عن الزهري، فيها القول دون الإخبار.
قال الحافظ الفقيه أبو بكر ابن خزيمة(2):" وهذا الرجل الذي لم يُسمِّه عمرو بن الحارث يُشبه أن يكون أباحازم سلمة بن دينار ؛ لأن مبشر بن إسماعيل روى هذا الخبر عن أبي غسان محمد بن مطرف، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، عن أُبي بن كعب ". وجزم بذلك البيهقي(3)، فقال :"وهذا الحديث لم يسمعه الزهري من سهل، إنما سمعه عن بعض أصحابه، عن سهل".
قلت : روى هذا الحديث عن أبي جعفر الجمَّال(4) مسلم بن الحجَّاج في غير "صحيحه"(5)، وأبوحاتم الرازي(6)، وأبوداود السجستاني في "سننه"(7)، عن مبشر بن إسماعيل، ولفظه : عن أُبي بن كعب : أن الفُتْيا التي كانوا يفتون : أن الماء من الماء، كانت رخصة رخَّصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بدء الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بعد. أخرجها البيهقي(8) من جهة أبي داود، وقال قبل إخراجه:" وقد رويناه بإسناد آخر موصول صحيح عن سهل بن سعد "، ثم ذكر هذا الحديث الذي رواه الجمَّال، عن مبشِّر، وكأنه في ذلك اعتمد على عدالة الرجال، وجرى على الطريقة الفقهية.
__________
(1) أي : رواية ابن ماجه السابقة.
(2) في "صحيحه" (1/114).
(3) في "سننه" (1/165).
(4) هو محمد بن مهران الرازي.
(5) ويعني به أن ابن خزيمة قال في "صحيحه" (1/114) بعد كلامه الذي سبق نقله :" حدثني بذلك مسلم بن الحجاج، ثنا أبو جعفر الجمّال، ثنا مبشِّر ". وقد تصحفت العبارة في المطبوع من "صحيح ابن خزيمة"، فصوبتها من "إتحاف المهرة" (1/206-207).
(6) كما في "علل الحديث" لابنه (1/41 رقم86).
(7) 1/147 رقم215) كتاب الطهارة، باب في الإكسال.
(8) في "سننه" (1/166).(3/141)
وقد ذكر ابن أبي حاتم(1) قال :« سمعت أبي قال : ذكرت لأبي عبدالرحمن الحُبلي - ابن أخي الإمام، وكان يفهم الحديث -، فقلت له : تعرف هذا الحديث : حدثنا محمد بن مهران، ثنا مبشر الحلبي، عن محمد بن مطرف، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، عن أُبي بن كعب - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال(2):كان الفُتيا في بدوّ الإسلام:" الماء من الماء "، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((إذا التقى الختانان وجب الغسل )) ؟ فقال لي : قد دخل لصَاحبك حديث في حديث، مانعرف لهذا الحديث أصلاً ». انتهى.
وكأنه أراد هذه الرواية، لا أصل الحديث، فقد قال ابن أبي حاتم(3): "سمعت أبي، وذكر الأحاديث المروية في الماء من الماء : حديث هشام بن عروة-أي: عن أبيه(4)-، عن أبي أيوب، عن أبي بن كعب - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -،
وحديث شعبة، عن الحكم، عن أبي صالح، عن أبي سعيد - رضي الله عنه -، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - في الماء من الماء، فقال : هذا منسوخ، نسخه حديث سهل بن سعد، عن أُبيّ بن كعب ".
[ل177/أ]
__________
(1) في الموضع السابق من "علل الحديث".
(2) القائل هو أبَيّ بن كعب، وقول النبي r سيأتي.
(3) في "علل الحديث" (1/49 رقم114).
(4) قوله :" أي عن أبيه"، تصحف في "علل الحديث" المطبوع إلى :"يعني : عن أبيه زياد ".(3/142)
واعلم أنه قد وقع لنا رواية عن محمد بن جعفر من جهة أبي موسى عنه، عن معمر، عن الزهري فيها : قال : أخبرني سهل بن سعد، قال : إنما كان قول الأنصاري(1):" الماء من الماء " رخصة في أول الإسلام، ثم أُمر بالغسل". فعليك /بالبحث عن أمرها(2)، فهي مخالفة لما ذكره عمرو بن الحارث من قول الزهري: أخبرني من أرضَى، عن سهل بن سعد(3).
قال الحازمي(4):" ورواه معمر عن الزهري موقوفًا على سهل بن سعد ".
قلت : كذا قال، وكأنه لم يجر على المشهور في الاصطلاح، فإن رواية معمر هذه خرجها الحافظ أبوالعباس محمد بن إسحاق السراج في "مسنده" عن يعقوب بن إبراهيم، عن غندر، عن معمر، عن الزهري.ح، وعن إسحاق بن إبراهيم، عن عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - قال : كان القول في :" الماء من الماء " رخصة في أول الإسلام،
ثم أُمرنا بالغسل.
__________
(1) كذا في الأصل، وكتب الناسخ فوق الياء :" حـ" إشارة إلى أن هذا في نسخة، وأن في نسخة أخرى :" الأنصار" كما في "صحيح ابن خزيمة".
(2) سيأتي تخريج المصنِّف لها من "مسند السراج" و"صحيح ابن خزيمة".
(3) وقال ابن خزيمة في "صحيحه" (1/113)- عقب روايته لهذا الحديث -:" في القلب من هذه اللفظة التي ذكرها محمد بن جعفر - أعني قوله : أخبرني سهل بن سعد-، وأهاب أن يكون هذا وهمًا من محمد بن جعفر أو ممن دونه ؛ لأن ابن وهب روى عنه عمرو بن الحارث، عن الزهري قال : أخبرني من أرضى عن سهل بن سعد، عن أبي بن كعب ".
(4) في "الاعتبار" (ص 125).(3/143)
وهذا على المشهور من الاصطلاح داخل في المرفوع، على أن ابن خُزيمة(1) روى عن أحمد بن منيع، عن عبدالله بن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سهل بن سعد، عن أُبي بن كعب...، الحديث، ثم قال عقيبه :" وحدثنا أحمد بن منيع، ثنا ابن المبارك، أخبرني معمر، عن الزهري، بهذا الإسناد نحوه ". قال أبو بكر ابن خزيمة :"[هكذا](2) حدثنا [به أحمد](2) بن منيع ". فهذا يقتضي أن رواية معمر عن الزهري نحو رواية يونس، ورواية يونس غير موقوفة، ولعل الحازمي وقف على روايةٍ لمعمر كان ذكر غير ماوقفنا عليه.
الحديث الثاني : روى الحافظ أبوحاتم ابن حِبَّان في "صحيحه"(3) من حديث الحسين بن عمران، عن الزهري قال : سألت عروة في الذي يجامع ولا ينزل، قال : على الناس أن يأخذوا بالآخر فالآخر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حدثتني عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك ولا يغتسل، وذلك قبل فتح مكة، ثم اغتسل بعد ذلك، وأمر الناس بالغسل. قال الحازمي(4)- بعد إخراجه في كتابه من جهة ابن حِبَّان -:« هذا حديث قد حكم أبوحاتم ابن حِبَّان بصحته، وأخرجه في "صحيحه"، غير أن الحسين بن عمران قد يأتي عن الزهري بالمناكير، وقد ضعَّفه غير واحد من أصحاب الحديث، وعلى الجملة الحديث بهذا السياق فيه مافيه، ولكنه حسن جيد في الاستشهاد ».
__________
(1) في "صحيحه" (1/113 رقم225).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "صحيح ابن خزيمة".
(3) 3/454 رقم1180/الإحسان).
(4) في "الاعتبار" (ص 129).(3/144)
قلت : وهذا الحديث أخرجه الحافظ أبوجعفر العُقَيْلِي(1)، [وذكر](2) عن آدم بن موسى، قال :" سمعت البخاري(3) قال : حسين بن عمران الجُهَني لا يتابع على حديثه ". وذكر أبوالعرب القروي الحافظ في كتابه قال :" قال أبوبشر حسين بن عمران الجُهَني، عن عمران بن مسلم، عن خيثمة قال : كنت عند ابن عباس في النذر، لا يُتابع عليه". ولم أقف إلى الآن في حسين بن عمران على أكثر من هذا، وهو أخف مما حكاه الحازمي من قوله:" وقد ضعفه غير واحد من أصحاب الحديث "، بل لوقيل : ليس فيه جزم بالتضعيف لم يبعُد ذلك.
الحديث الثالث: عن قتيبة بن سعيد، عن رِشدِين بن سعد، عن موسى بن أيوب الغافقي، عن بعض ولد رافع بن خديج، عن رافع بن خديج - رضي الله عنه - قال: ناداني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا على بطن امرأتي، فقمت ولم أنزل، فاغتسلت وخرجتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته أنك دعوتني وأنا على بطن امرأتي، فقمت ولم أنزل، فاغتسلت وخرجت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا عليك، الماء من الماء )) . قال رافع : ثم أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك بالغسل. قال الحازمي(4) بعد إخراجه :" هذا حديث حسن ". كذا قال ! وفيه رشدين، فإن استمر على استحسان رواية رشدين، فبعض ولد رافع بن خديج في هذه الرواية مجهول العَين والحال، ومن كان كذلك فكيف / يمكنه أن يحكم بحُسن روايته وهو عنده مجهول ؟
[ل177/ب]
__________
(1) في "الضعفاء الكبير" (1/254 رقم308) في ترجمة حسين بن عمران الجهني.
(2) مابين المعكوفين زيادة لابد منها لرفع اللبس الحاصل في السياق ؛ لأن العقيلي ذكر كلام البخاري في حسين بن عمران من طريق آدم بن موسى، ثم أخرج الحديث من طريق آخر ليس فيه ذكر لا للبخاري ولا لآدم بن موسى.
(3) وكلام البخاري في "التاريخ الكبير" (2/387 رقم2870)، ولفظه :"ولا يتابع في حديثه".
(4) في "الاعتبار" (ص126).(3/145)
وقد وقع لنا تسمية ولد رافع بن خديج هذا.
رأيت في أصل سماع الحافظ أبي طاهر السِّلفي رحمه الله - وأجازنيه أبوالحسن علي بن هبة الله عنه-، عن أبي عبدالله محمد بن أحمد الرازي-قراءة منه عليه -، عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن أحمد الحكيمي الوراق - قراءة عليه-، عن أبي بكر أحمد بن محمد المهندس(1)- سماعًا -، قال: ثنا محمد -هو ابن زَبَّان بن حبيب -، ثنا أبوالطاهر - هو أحمد بن عمرو بن السَّرح -، ثنا رشدين، عن موسى بن أيوب، عن سهل(2) بن رافع بن خديج، عن أبيه - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ به، فناداه، فخرج إليه، فمشى معه حتى أتى المسجد، ثم انصرف فاغتسل، ثم رجع فرآه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه أثر الغسل، فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غسله، فقال : سمعت نداءك وأنا أجامع امرأتي، فقمت قبل أن أفرغ فاغتسلت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((إنما الماء من الماء )) . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك : (( إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل )).
"زَبَّان": بالزاي المعجمة، وبعدها باء موحدة،والله عز وجل أعلم.
الطريق الثاني في الاستدلال على النسخ : أن بعض من روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الحكم الأول أفتى بوجوب الغسل أو رجع عن الأول.
وروى مالك(3) عن يحيى بن سعيد، عن عبدالله بن كعب مولى عثمان بن عفان، أن محمود بن لَبِيد الأنصاري سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يُكسل ولا يُنزل، فقال زيد: يغتسل.فقال له محمود: إن أُبي بن كعب كان لا يرى الغسل، فقال له زيد : إن أُبيَّ بن كعب نزع عن ذلك قبل أن يموت.
__________
(1) ويقال له أيضًا :" ابن المهندس". انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (21/462)، وانظر "تذكرة الحفاظ" (3/989).
(2) في الأصل :"سهيل" وصوبت في الحاشية.
(3) في "الموطأ" (1/47 رقم74)، كتاب الطهارة، باب واجب الغسل إذا التقى الختانان.(3/146)
قال الشافعي(1) رحمه الله تعالى :« وإنما بدأت بحديث أُبي بن كعب في قوله :" الماء من الماء " ونزوعه ؛ أن فيه دلالة على أنه سمع "الماء من الماء" من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمع خلافه، فقال به، ثم لا أحسبه تركه إلا أنه(2) ثبت له أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بعده ما نسخه». قال البيهقي(3):« قول أُبي بن كعب:" الماء من الماء"، ثم [نزوعه عنه](4) يدل على أنه أُثبت له أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بعدُ مانسخه، وكذلك عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وغيرهما ».
وروى مالك(5) أيضًا عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يقولون:" إذا مس الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل ".
فصل في الغسل من الحيض
عن عائشة رضي الله عنها : أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال : (( ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي )) . رواه البخاري(6).
وسيأتي هذا الحديث بوجوه في باب الحيض.
فصل في الغسل بسبب الموت
__________
(1) في "اختلاف الحديث" (ص91).
(2) في "اختلاف الحديث":" إلا لأنه ".
(3) في "السنن الكبرى" (1/166).
(4) في الأصل :" نزعه بعد ذلك" والمثبت من "سنن البيهقي".
(5) في في الموضع السابق من "الموطأ" (1/45 رقم71).
(6) في "صحيحه" (1/420 رقم320) كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره.(3/147)
عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت : دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفيت ابنته فقال : (( اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك - إن رأيتن - بماء وسدر... ))، الحديث - وسيأتي في الجنائز إن شاء الله تعالى - متفق عليه(1).
فصل في الغسل لأجل الإسلام
[ل178/أ]
روى سفيان، عن الأغر، عن خليفة بن حُصين، عن جده قيس بن عاصم قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أريد الإسلام،/ فأمرني أن أغتسل بماء وسدر.
أخرجه أبوداود(2)، والنسائي(3)، والترمذي(4)، وقال :" حديث حسن".
وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(5) من هذا الوجه بهذا الإسناد، ولفظه : عن خليفة بن الحصين، عن قيس بن عاصم:أنه أسلم، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر. أخرجه عن محمد بن بشار بندار، عن عبدالرحمن،[عن](6) سفيان.
وأخرجه(7) من جهة يحيى،عن سفيان بسنده، ولفظه:عن قيس بن عاصم: أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاستخلاه،[فأسلم](8)، فأمره أن يغتسل بماء وسدر.
__________
(1) أخرجه البخاري (3/125 رقم 1253) كتاب الجنائز، باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر، ومسلم (2/646 رقم939) كتاب الجنائز، باب في غسل الميت.
(2) في "سننه" (1/251 رقم355) كتاب الطهارة، باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل.
(3) في "سننه" (1/109 رقم188) كتاب الطهارة، باب غسل الكافر إذا أسلم.
(4) في "سننه" (2/502 رقم605) أبواب الصلاة، باب في الاغتسال عندما يسلم الرجل.
(5) 1/126 رقم254).
(6) في الأصل :"بن"، والتصويب من "صحيح ابن خزيمة".
(7) في الموضع السابق برقم (255).
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح ابن خزيمة".(3/148)
وروى هذا الحديث وكيع، عن سفيان، عن الأغرَّ، عن خليفة بن حصين، عن أبيه، عن جده قيس بن عاصم : أنه قال : أسلمت، فأمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أغتسل بماء وسدر. رواه أبوعلي ابن السكن - فيما حكى أبو الحسن بن القطان(1)- عن محمد بن يوسف - هو الفربري -، عن البخاري، عن علي بن خشرم، عن وكيع. قال(2):"هكذا رواه وكيع مجوَّدًا: عن أبيه، عن جده، ويحيى بن سعيد وجماعة رووه عن سفيان، لم يذكروا أباه ". انتهى
كلام أبي علي (9).
قال ابن القطان :« فقد تبين بهذا أن رواية يحيى ومحمد بن كثير عن سفيان منقطعة، فإنها كانت معنعنة، فجاء وكيع - وهو في الحفظ مَن هو- فزاد : [عن أبيه ](3)، فارتفع الإشكال، وتبين الانقطاع. ثم نقول : فإذ لابد في هذا الإسناد من زيادة حُصين بن قيس بين خليفة وقيس، فالحديث ضعيف؛ فإنها زيادة عادت بنقص، فإنها ارتفع بها الانقطاع، وتحقق ضعف الخبر، فإن حاله مجهول، بل هو في نفسه غير مذكور، فلم يجر ذكره في كتابي البخاري وابن أبي حاتم، إلا غير مقصود برسم يخصه. أما البخاري؛ فإنه لما ذكر خليفة بن حُصين قال(4):" روى عن أبيه "، وأما ابن أبي حاتم ؛ فإنه لما ذكر قيس بن عاصم، قال(5):" روى عنه ابن ابنه خليفة بن حُصين "، فأما في باب من اسمه حصين فلم يُذكر(6)، وابنه خليفة ثقة، وكذلك الأغر بن الصباح، فاعلم ذلك ». انتهى كلام ابن القطان.
وفي "العلل" للخلال :" قال عيسى بن جعفر : قال وكيع : عن خليفة،
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (2/429).
(2) أي : ابن السكن، والقائل :" انتهى كلام أبي علي" هو ابن القطان.
(3) في الأصل :" على أبيه"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام".
(4) في "التاريخ الكبير" (3/192 رقم649).
(5) في " الجرح والتعديل" (7/101 رقم576).
(6) وهم ابن القطان رحمه الله في ذلك، فقد ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (3/3 رقم8)، وقال :" أراه أخا حكيم ؛ روى عنه ابنه خليفة ".(3/149)
عن أبيه، عن جده، والناس كلهم : عن خليفة بن حصين، عن جده، وهكذا قال يحيى بن القطان وغيره ". كذا قال ! وقد وقع لنا من حديث قبيصة بن عُقبة، عن سفيان، عن الأغر - وهو ابن الصباح، وهو مولى بني منقر -، عن خليفة بن حصين، عن أبيه : أن جده قيس بن عاصم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -،[فأسلم](1) فأمره أن يغتسل بماء وسدر. رواه يعقوب بن سفيان الحافظ(2) عن قبيصة، ورواه أبوعبدالله الحافظ(3) من وجه آخر عن قبيصة.
قلت : وروي هذا الحديث من طريق قيس بن الربيع عن الأغر، عن خليفة بزيادة غريبة.
فأخرجه أبوبكر أحمد بن عبدالله بن عبدالرحيم البرقي في "تاريخه" عن يوسف بن عدي، عن عبدالرحيم بن سُليمان، عن قيس بن الربيع، عن الأغر، عن خليفة بن حصين، عن قيس : أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - [فأسلم](4)، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر، وأن يقوم بين أبي بكر وعمر فيُعلمانه.
[ل178/ب]
وروى الحافظ أبوبكر البزار في "مسنده"(5): حدثنا سلمة بن شبيب وزهير بن محمد - واللفظ لزهير -، أنا عبدالرزاق، أنا عبيدالله بن عمر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن ثمامة بن أُثَالٍ - رضي الله عنه - أسلم، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر. قال البزار :" وهذا الإسناد لا نعرفه رواه عن عبيدالله إلا عبدالرزاق ". ذكره البزار في ترجمة/ عُبيدالله -بالتصغير-، وقبله أحاديث، عن عبيدالله، وبعده حديث عنه.
وهذا الحديث في "المسند"(6) من حديث عبدالرحمن، عن عبدالله بن عمر
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "المعرفة والتاريخ".
(2) في "المعرفة والتاريخ" (1/296).
(3) هو الحاكم النيسابوري، وروايته هذه عند البيهقي في "سننه" (1/172).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وسياق الكلام يقتضيه.
(5) 1/167 رقم333 / كشف الأستار).
(6) "مسند أحمد" (2/304)
.(3/150)
- بالتكبير -، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وفيه : ((اذهبوا به إلى حائط بني فلان، فمروه أن يغتسل )).
وفي "علل الخلاَّل": عن عبدالله بن أحمد، عن أبيه، عن سريج، عن عبدالله بن عمر - يعني العمري-، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن ثمامة بن أُثَال أسلم، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُنطلق به إلى حائط أبي طلحة، فيغتسل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( حَسُن إسلام صاحبكم )) .
ورواه الحافظ الفقيه أبوبكر ابن خزيمة رحمه الله في "صحيحه"(1)، فقال : حدثنا محمد بن يحيى، ثنا عبدالرزاق(2)، أنا عبيدالله وعبدالله ابنا عمر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن ثمامة الحنفي أُسر، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغدو إليه، فيقول : ((ماعندك ياثمامة ؟ )) فيقول : إن تقتل تقتل ذا دم(3)، وإن تَمُنَّ تَمُنَّ على شاكر، وإن تُرد المال نُعطك منه ماشئت - وكان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يحبون الفداء، ويقولون : ماتصنع(4) بقتل هذا ؟- فمَرَّ(5) عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا، فأسلم، فحلّه، وبعثه إلى حائط أبي طلحة، فأمره أن يغتسل، فاغتسل وصلى ركعتين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( حسن إسلام أخيكم )) . ورواه البيهقي(6)
__________
(1) 1/125 رقم253).
(2) وعبدالرزاق أخرجه في "المصنف" (6/9-10 رقم9834).
(3) في "صحيح ابن خزيمة" المخطوط (ل36/ب):" ذا دمة " بالدال، ولعلها :"ذا ذمة" بالذال.
(4) كذا في الأصل، وفي "صحيح ابن خزيمة" :" ما يصنع "، وفي "المصنف" :" ما نصنع ".
(5) كذا في الأصل و"المصنف"، وفي "صحيح ابن خزيمة" :" فمنّ ".
(6) في "سننه" (1/171).
.(3/151)
من حديث أبي حامد أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، عن محمد بن يحيى الذهلي(1) وأبي الأزهر أحمد بن الأزهر،عن عبدالرزاق،عن عبيدالله وعبدالله ابني عمر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وفيه :"أمره أن يغتسل ".
وهذه الرواية صحيحة من حديث الليث عن سعيد(2)، وفيها :" فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله"، ليس فيها الأمر بالغسل،وفيها تقديم الغسل على الشهادة.قيل(3):"ويُحتمل أن يكون قد أسلم عند النبي- صلى الله عليه وسلم -ثم اغتسل ودخل المسجد،فأظهر الشهادةجمعًا بين الروايتين".
قلت : وليس ترك الأمر بالغسل في هذه الرواية معارضًا للأمر به في الرواية الأخرى على ماعُرف من قبول الزيادة.
وروي من حديث عبدالرحمن بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلاً أسلم أن يغتسل.
ومن حديث سلم بن سالم، عن أبي المغيرة، عن البراء - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلاً أسلم أن يغتسل بماء وسدر.
وذكر الأثرم أن أثبت مافي هذا الباب : حديث قيس بن عاصم.
قلت : تبيَّن مما تقدم أن رواية عبدالرزاق عن عبيدالله بن عمر أثبت ما في الباب.
فصل في غُسل الجمعة
ذكر سببه وعلّته
[ل179/أ]
__________
(1) في الأصل :" ورواه البيهقي من حديث أبي حامد أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، عن محمد بن الحسن الحافظ، عن محمد بن يحيى الذهلي"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(2) رواية الليث عن سعيد أخرجها البخاري (1/555 رقم462) كتاب الصلاة، باب الاغتسال إذا أسلم، ومسلم (3/1386 رقم1764) كتاب الجهاد والسير، باب ربط الأسير وحبسه وجواز المنّ عليه.
(3) قاله البيهقي في "السنن" (1/171).(3/152)
روى البخاري(1) من حديث يحيى بن سعيد : أنه سأل عمرةَ عن الغسل يوم الجمعة، فقالت: قالت عائشة رضي الله عنها : كان الناس مَهَنة أنفسهم، وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم، فقيل لهم :/ لو اغتسلتم ! رواه عن عبدان، عن عبدالله - هو ابن المبارك -، عن يحيى.
ورواه مسلم(2) من جهة الليث، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان الناس أهل عمل، ولم يكن لهم كفاة، فكانوا يكون لهم تفلٌ، فقيل لهم : لو اغتسلتم يوم الجمعة !
ورواه مسلم(3) من حديث عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان الناس ينتابون يوم الجمعة(4) من منازلهم من العوالي، فيأتون في [العَبَاءِ](5) يصيبهم الغبار، فتخرج منهم الريحُ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنسانٌ منهم وهو عندي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا ! )) .
__________
(1) في "صحيحه" (2/386 رقم903) كتاب الجمعة، باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس.
(2) في "صحيحه" (2/581 رقم 847/بعد رقم6) كتاب الجمعة، باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال وبيان ماأمروا به.
(3) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (847/6).
(4) كذا في الأصل، وفي "صحيح مسلم" :" ينتابون الجمعة".
(5) في الأصل :"الغبار"، والتصويب من "صحيح مسلم".(3/153)
وروى أبوداود(1) عن عكرمة : أن أناسًا من أهل العراق جاءوا فقالوا : يا ابن عباس! أترى الغسل يوم الجمعة واجبًا ؟ قال: لا، ولكنه أطهر، وخير لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب، وسأخبركم كيف بَدْءُ الغسل: كان الناس مجهودين يلبسون الصوف، ويعملون على ظهورهم، وكان مسجدهم ضَيِّقًا مقارب السَّقف : إنما هو عريش، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم حارٍّ، وعرق الناس في ذلك الصوف حتى ثارت منهم رياح، آذى بذلك بعضهم بعضًا، فلما وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الريح قال : ((أيها الناس! إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا، وليمسّ أحدكم أفضل مايجد من دُهنه وطيبه )) . قال ابن عباس: ثم جاء الله تعالى ذكره بالخير ولبسوا غير الصوف، وكفُوا العمل، ووُسِّع مسجدهم، وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضًا من العرق.
ذكر الأمر بالغسل
روى البخاري(2) ومسلم(3) رحمهما الله من حديث يحيى - هو ابن أبي كثير-، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن عمر - رضي الله عنه - بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ دخل رجل، فقال عمر: لم تحتبسون عن الصلاة ؟ فقال [الرجل](4): ماهو إلا أن سمعت النداء توضأت، فقال : ألم تسمعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل )) ؟ لفظ البخاري من رواية شيبان، عن يحيى.
__________
(1) في "سننه" (1/250-251 رقم353) كتاب الطهارة، باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة.
(2) في "صحيحه" (2/370 رقم882) كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة.
(3) في "صحيحه" (2/580 رقم845/4) كتاب الجمعة.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "صحيح البخاري".(3/154)
ورواه مسلم(1) من جهة الأوزاعي، عن يحيى، وفيه : بينما عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يخطب الناس يوم الجمعة إذ دخل عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فعرَّض به عمر، فقال : مابال رجال يتأخرون بعد النداء ؟ فقال عثمان : ياأمير المؤمنين! مازدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت. فقال عمر : والوضوء أيضًا؟! ألم تسمعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل )) ؟
ورواه البخاري(2) من جهة جويرية، عن مالك، عن الزهري، عن سالم ابن عبدالله بن عمر، عن ابن عمر : أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بينا هو قائم في الخطبة يوم الجمعة، إذ جاء رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فناداه عمر : أيَّة ساعةٍ هذه ؟ قال : إني شُغلت، فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزد أن توضأت، فقال : الوضوء أيضًا وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل ؟!
رواه مسلم(3) من حديث يونس، عن ابن شهاب، ورواه الإسماعيلي من حديث رَوح بن عُبادة، عن مالك، وفيه في رواية :" يأمرنا بالغسل ". أخرجه عن البغوي وغيره، وقال: قال أبوالقاسم - يعني البغوي -: روى هذا الحديث أصحاب مالك، عن الزهري، عن سالم : أن عمر، ولم يقل في هذا الحديث - عن مالك - أحد نعلمه :"عن ابن عمر" غير روح [بن عبادة](4) وجويرية، واشتهر في الأمر بالغسل رواية عبدالله بن عمر، وهي مروية عنه من جهة ابنيه سالم وعبدالله ومولاه نافع ويحيى بن وثاب.
[ل179/ب]
__________
(1) في الموضع السابق.
(2) في "صحيحه" (2/356 رقم878) كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة وهل على الصبي شهود يوم الجمعة أو على النساء ؟
(3) في "صحيحه" (2/580 رقم845) كتاب الجمعة.
(4) في الأصل :" وعبادة ".(3/155)
ورواية سالم متفق عليها، أخرجها/ البخاري(1) من حديث شعيب، عن الزهري، حدثني سالم بن عبدالله : أنه سمع عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( من جاء منكم الجمعة فليغتسل )) .
وأخرجها مسلم(2) رحمه الله من حديث يونس، عن ابن شهاب، عنه، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال - وهو قائم على المنبر - : (( من جاء منكم الجمعة فليغتسل )) .
وروى مسلم(3) من جهة ابن جريج، عن ابن شهاب، فجمع بين سالم وعبدالله، وأحال في اللفظ على رواية الليث، وقال :" بمثله".
وأما رواية نافع، فالمحدثون يجمعون طرقها عنه، ويختلفون بذلك، حتى ذكرها بعضهم عن زيَادة على خمسين نفسًا عن نافع(4)، ومن أشهرها : رواية مالك، عن نافع، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال : (( إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل )). رواه البخاري(5) من حديث مالك.
ورواها مسلم(6) من حديث الليث عن نافع بلفظ : (( إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل )).
__________
(1) في "صحيحه" (2/382 رقم894) كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم ؟
(2) في "صحيحه" (2/579 رقم844 بعد رقم2) كتاب الجمعة.
(3) في الموضع السابق.
(4) قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/133) :" وقد جمعت طرقه عن نافع فبلغوا مائة وعشرين نفسًا ".
(5) في "صحيحه" (2/356 رقم877) كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة وهل على الصبي شهود يوم الجمعة أو على النساء ؟
(6) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (1).(3/156)
وأما رواية يحيى بن وثاب(1) فرواها شعبة، عن أبي إسحاق، عنه، قال: سمعت رجلاً يسأل ابن عمر عن الغسل يوم الجمعة، فقال : أمرنا [به](2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ورواه إسرائيل(3) عن أبي إسحاق، فقرنَ بين يحيى بن وثاب ونافع.
وقد روي الأمر بالغسل أيضًا من حديث عائشة رضي الله عنها، من جهة زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن عبدالله بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالغسل يوم الجمعة. رواه الحافظان الفقيهان أبوبكر ابن خزيمة(4)، وأبوجعفر الطحاوي(5) رحمة الله عليهما.
فصل في وصف الغسل بالوجوب ومايقارب ذلك
__________
(1) وهي عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/115 رقم688).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(3) وروايته عند الطحاوي في الموضع السابق برقم (689).
(4) في "صحيحه" (1/126 رقم256)، إلا أن لفظه عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي r قال : (( يغتسل من أربع : من الجنابة، ويوم الجمعة، وغسل الميت، والحجامة ) ) .
(5) في "شرح معاني الآثار" (1/116 رقم699).(3/157)
روى مالك(1) عن صفوان بن سُليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم )) . أخرجوه(2) إلا الترمذي.
وروى شعبة عن أبي بكرابن المنكدر،قال:حدثني عمروبن سُليم الأنصاري: أشهد على أبي سعيد قال: أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((الغسل يوم الجمعة واجب [على كل محتلم، وأن يستنّ، وأن يمس طيبًا إن وجد )).قال عمرو: أما الغسل فأشهد أنه واجب](3)، وأما الاستنان والطيب فالله عز وجل [أعلم](3) [أواجب](4) هو أم لا ؟ ولكن هكذا في الحديث. رواه البخاري(5) [من](6) حديث شعبة.
__________
(1) في "الموطأ" (1/102 رقم 4) كتاب الجمعة، باب العمل في غسل يوم الجمعة.
(2) أخرجه البخاري (2/357و382 رقم879و895) في كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة، وباب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم؟ ومسلم (2/580 رقم846) في كتاب الجمعة،باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال، وأبو داود (1/243رقم341) في كتاب الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة، والنسائي (3/93 رقم1377) في كتاب الجمعة، باب إيجاب الغسل يوم الجمعة، وابن ماجة (1/346 رقم1089) في كتاب إقامة الصلاة، باب ماجاء في الغسل يوم الجمعة.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح البخاري".
(4) في الأصل :" واجب"، والتصويب من "صحيح البخاري".
(5) في "صحيحه" (2/364 رقم880) كتاب الجمعة باب الطيب للجمعة.
(6) في الأصل :" في".(3/158)
ورواه مسلم(1) من حديث ابن وهب، عن سعيد بن أبي هلال وبُكير بن الأشج،حدثاه عن أبي بكر ابن المنكدر،عن [عمرو](2) بن سليم،عن عبدالرحمن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( غسل يوم الجمعة على كل [محتلم](3)، وسواك، ويمسّ [من](4) الطيب ماقدر عليه )) . إلا أن بكيرًا لم يذكر عبدالرحمن، وقال في الطيب :" ولو من طيب المرأة".
وروى الشيخان(5)- والحديث لمسلم - من حديث عبدالله بن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( حق لله عز وجل على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام، يغسل رأسه وجسده )) .
ورواه البزار عن محمد بن المثنى، عن أبي عامر، عن زمعة، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( على كل مسلم في كل سبعة أيام [غسل](6)، وذلك يوم الجمعة )) .
ورواه عن محمد بن مسكين، عن محمد بن صالح(7)،عن الليث،عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، عن طاوس،
[ل180/أ]
__________
(1) في "صحيحه" (2/581 رقم846) كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة.
(2) في الأصل :" عمر"، وقد مرَّ آنفًا على الصواب.
(3) في الأصل :"مسلم"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(4) في الأصل :" ما "، والتصويب من "صحيح مسلم ".
(5) أخرجه البخاري (2/382 رقم897) كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم ؟ و (6/515 رقم3487) كتاب أحاديث الأنبياء، بابٌ منه، ومسلم (2/582 رقم849) كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة.
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه كما يتضح من باقي الروايات.
(7) كذا في الأصل!ولعل صوابه:"عثمان بن صالح"،وانظر"تهذيب الكمال"(19/391-392).(3/159)
عن أبي هريرة / - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه، أو قريبًا منه.
ورواه عن يحيى بن [حَبيب](1) بن عربي، عن روح بن عبادة، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، [عن](2) أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه قال : ((على كل مسلم في كل سبعة أيام غسل، وهو يوم الجمعة )) . قال البزار : "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن شعبة، عن عمرو، عن طاوس، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا إلا روح ".
ومن حديث خالد بن عبدالله، عن داود بن أبي هند، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الغسل واجب على كل مسلم في كل أسبوع يومًا، وهو يوم الجمعة )) . رواه أبوجعفر الطحاوي(3) من حديث مسدد وأبي بكر ابن أبي شيبة(4)، عن خالد.
وروى سفيان(5) عن سعد بن إبراهيم، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( حق على كل مسلم أن يغتسل يوم الجمعة، وأن يتطيب بطيب إن كان عنده )) .
ومن حديث هشيم(6) عن يزيد بن أبي زياد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن من الحق على المسلم أن يغتسل يوم الجمعة، وأن يمس من طيب إن كان عند أهله، وإن لم يكن عندهم طيب فإن الماء طيب )) .
__________
(1) في الأصل :" أبي حبيب"، والتصويب من "تهذيب الكمال" (31/262).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(3) في "شرح معاني الآثار" (1/116 رقم701،702).
(4) وهو في "المصنف" له (1/434 رقم4993) بنحوه.
(5) رواية سفيان عند الطحاوي في الموضع السابق رقم (700).
(6) عند الطحاوي أيضًا في الموضع السابق برقم ( 705).
.(3/160)
وعن ابن جريج، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه ذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغسل يوم الجمعة. قال طاوس : فقلت لابن عباس : ويمس طيبًا أو دهنًا إن كان عند أهله ؟ قال : لا أعلمه. وهو حديث صحيح أخرجه مسلم(1).
وروى عنبسة بن عبدالواحد، عن عكرمة، عن يحيى بن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( ثلاث هن حق على كل مسلم يوم الجمعة : الغسل، والسواك، وأن يمس طيبًا إن وجد، ولو من قارورة امرأته )) . أخرجه الحافظ الفقيه أبوبكر الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان،عن عبدالله بن عمر الجعفي، عن عنبسة، ذكره في جَمعه لحديث يحيى بن أبي كثير.
و"عكرمة" هذا هو ابن عمار.
وأخرج أيضًا في هذا الكتاب من حديث أبان بن يزيد، ثنا يحيى بن أبي كثير، ثنا محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن رجل، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ثلاث حق على المسلم : السواك، والغسل، وأن يمس طيبًا إن قدر عليه )) . رواه عن الحسن بن سفيان، عن هدبة بن خالد القيسي، عن أبان.
وذكر ابن أبي حاتم(2) أنه سأل أبازرعة عن حديث رواه عكرمة بن عمار - يعني الحديث الذي قدمنا ذكره -، قال أبوزرعة :" يقولون : عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن رجل، عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الصحيح ".
فصل في بعض مااستُدل به على أن الغسل للجمعة غير واجب
[ل180/ب]
__________
(1) في "صحيحه" (2/582 رقم 848) كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة.
(2) في "علل الحديث" (1/197 رقم564).(3/161)
قرأت على [أبي](1) الحسين يحيى بن علي الحافظ، عن أبي القاسم هبة الله ابن علي- سماعًا -: أنا مرشد بن يحيى : أنا محمد بن الحسن : أنا محمد بن عبدالله: أنا أحمد- يعني ابن شعيب النسائي(2)-: أنا أبوالأشعث، عن يزيد بن زريع، ثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة /- رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل )) .
وأخرجه الترمذي(3) من حديث شعبة أيضًا، وقال :" حديث سمرة حديث حسن ". فإنه قد يصحح رواية الحسن عن سمرة.
وأبان، عن قتادة أرسل الحديث. وذكر ابن أبي حاتم(4) عن أبيه أنه قال: " جميعًا صحيحين(5): همام ثقة وصله، وأبان لم يوصله ".
قلت : كأنه يريد صحة الوصل والإرسال، ولا يلزم من ذلك حكمه
بصحة الحديث ؛ فإن الحكم بصحة الوصل معناه : أن واصله لم يَهِمْ في ذِكْرِه سمرة في الحديث، ويبقى بعد ذلك النظر في صحة تلك الرواية- أعني الحسن، عن سمرة - من جهة الانقطاع أو الاتصال، ولأصحاب الحديث فيه ثلاثة مذاهب :
أحدها : أنه لم يسمع منه.
الثاني : إجراء حديثه على الاتصال.
الثالث : قال أبوعبدالرحمن النسائي(6):" الحسن عن سمرة [كتاب](7)، ولم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة ".
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وأبو الحسين هذا هو الرشيد العطار، وروى عنه المؤلف كثيرًا. انظر على سبيل المثال (ص 429) من المجلد الثاني.
(2) وهو في"سننه"(3/94رقم1380) كتاب الجمعة، باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة.
(3) في "سننه" (2/369 رقم497) أبواب الصلاة، باب ماجاء في الوضوء يوم الجمعة.
(4) في "علل الحديث (1/200 رقم575).
(5) كذا في الأصل و"العلل"!
(6) في الموضع السابق من "سننه"، ونقله عنه المنذري في "مختصر السنن" (1/217).
(7) في الأصل :" كذاب" والتصويب من "سنن النسائي" و"مختصر السنن"، لكن في المطبوع من "سنن النسائي" :" كتابًا ".(3/162)
وروي هذا الحديث من طريق أبي بكر الهذلي سُلْمَى- بضم السين المهملة، وسكون اللام -، عن الحسن ومحمد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه : (( من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل )) . رواه البزار(1) عن عُبيد بن أسباط، عن أبيه، عن أبي بكر الهذلي، وقال :" هذا الحديث لا نعلم يروى عن محمد، عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد ".
وروى أبوأحمد ابن عدي(2) في ترجمة أبان بن أبي عياش، من رواية الفضل بن المختار، [عن أبان](3)، عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من جاء منكم الجمعة فليغتسل )). فلما كان الشتاء قلنا : يارسول الله ! أمرتنا بالغسل للجمعة، وقد جاء الشتاء، ونحن نجد البرد، فقال : (( من اغتسل فبها ونعمت، ومن لم يغتسل فلا حرج )) .
وله طريق آخر من رواية قتادة، والمبارك بن فضالة، والربيع بن صَبيح(4)، عن الحسن، عن أنس [....](5).
فقال(6): تفرد به علي بن الحسن الشامي(7)، واختُلف عليه، وله ألفاظ.
وقد تقدم(8) حديث عائشة رضي الله عنها الذي فيه : (( لو اغتسلتم )).
__________
(1) وعزاه له الزيلعي في"نصب الراية"(1/92)والحافظ ابن حجرفي"التلخيص الحبير"(2/134).
(2) في "الكامل" (1/385).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الكامل".
(4) رواية الربيع هذه أخرجها الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/119 رقم717)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/306-307).
(5) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر سقط معه متن الحديث ومن أخرجه.
(6) سقط اسم القائل في البياض المشار إليه في التعليق السابق.
(7) كذا في الأصل وبعض نسخ "ميزان الاعتدال" كما ذكره المحقق (3/119)، وفي بعض النسخ الأخرى وباقي المصادر:"السامي" بالسين. وانظر "الأنساب للسمعاني" (3/203).
(8) ص 40).(3/163)
ورواه النسائي(1) بلفظ آخر :
قرأت على أبي الحسين الحافظ، عن أبي القاسم ابن علي - سماعًا -: أنا مرشد بن يحيى : أنا محمد بن الحسين : أنا محمد بن عبدالله : أنا أحمد بن شعيب النسائي(5): أنا محمود بن خالد، عن الوليد، حدثني عبدالله بن العلاء: أنه سمع القاسم بن محمد بن أبي بكر : أنهم ذكروا غسل يوم الجمعة عند عائشة رضي الله عنها، فقالت : إنما كان الناس يسكنون العالية، فيحضرون الجمعة وبهم وسخ، فإذا أصابهم الرَّوْحُ سطعت أرواحهم فيتأذى [بها](2) الناس، فذُكِر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( أَوَلا يغتسلون ؟ )) .
فصل في الغسل للإحرام
عن عائشة رضي الله عنها قالت : نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبابكر أن يأمرها أن تغتسل وتُهل. رواه مسلم(3)، وأبوداود(4)، وابن ماجه(5).
وعنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يحرم غسل رأسه بخطمي وأشنان، ودهنه بشيء من زيت غير كثير. ذكره في المسند(6).
وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - : أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - تجرد لإهلاله واغتسل. رواه الترمذي(7).
فصل في الغسل لدخول مكة والوقوف بعرفة
[ل181/أ]
__________
(1) أخرجه في "سننه"(3/93-94 رقم1379) كتاب الجمعة، باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة.
(2) في الأصل :" به"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في "صحيحه" (2/869 رقم 1209) كتاب الحج، باب إحرام النفساء واستحباب اغتسالها للإحرام.
(4) في "سننه" (2/357 رقم 1743) كتاب المناسك، باب الحائض تهل بالحج.
(5) في "سننه" (2/971 رقم2911) كتاب المناسك، باب النفساء والحائض تهل بالحج.
(6) "مسند أحمد" (6/78).
(7) في "سننه" (3/192-193 رقم 830) كتاب الحج، باب ماجاء في الاغتسال عند الإحرام.
وقال الترمذي :" هذا حديث حسن غريب".(3/164)
/عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهارًا، ويَذْكُرُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فعله. أخرجه مسلم(1).
وروى مالك في "الموطأ"(2) عن نافع : أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل لإحرامه قبل أن يُحرم، ولدخوله مكة، ولوقوفه عشيَّة عرفة.
فصل في الغسل للعيدين
قرأت على أبي القاسم عبدالرحمن بن مكي - فيما قرئ على جده أبي الطاهر السِّلفي وهو حاضر في المجلس-،أخبرني الشيخ الجليل أبوالمظفر سعد ابن أبي الفضل الحسين بن الحسن الجصَّاص : أنا أبوشجاع عبدالرزاق بن سَلهب- بقراءتي عليه-، ثنا أبوعبدالله محمد بن إسحاق بن يحيى بن منده، ثنا محمد بن محمد بن يونس، ثنا إبراهيم بن فهد، ثنا نصر بن علي، ثنا يوسف بن خالد [السَّمْتي](3)، عن أبي جعفر الخَطْمِي، عن عبدالرحمن بن عُقبة [بن](4) الفاكه ، عن جده الفاكه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم النحر، ويوم الفطر. ذكره ابن ماجه(5)، ولم يذكر الجمعة.
وأخرجه البغوي في "معجم الصحابة"(6)، وذكر فيه يوم الجمعة،ويوم عرفة، ويوم الفطر،ويوم النحر، وزاد:"وكان الفاكه يأمر(7) أهله بالغسل هذه الأيام".
__________
(1) في "صحيحه" (2/919 رقم 1259/227) كتاب الحج، باب استحباب المبيت بذي طوىً عند إرادة دخول مكة، والاغتسال لدخولها، ودخولها نهارًا.
(2) 1/322 رقم3) كتاب الحج، باب الغسل للإهلال.
(3) في الأصل :"السهمي" وسيذكره المصنف على الصواب.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن ابن ماجه" وغيره.
(5) في "سننه" (1/417 رقم1316) كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ماجاء في الاغتسال في العيدين.
(6) كما في "الإصابة" لابن حجر (8/80).
(7) في الأصل :" وكان الفاكه وكان يأمر ".(3/165)
وأخرجه ابن قانع(1) من حديث يوسف أيضًا، وفيه :" وكان الفاكه يأمر أهله بذلك ".
وأخرجه الطبراني(2) من هذا الوجه بلفظ : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [كان](3) يغتسل يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم النحر.
و"يوسف بن خالد السَّمتِي" - بفتح السين وسكون الميم - تكلموا فيه فأفظعوا ؛ قال عثمان(4) عن ابن معين :" ليس بثقة ". وقال السُّدِّي(5):"متروك الحديث ".
وعن جعفر بن محمد، عن أبيه : أن عليًّا - رضي الله عنه - كان يغتسل يوم العيدين، ويوم الجمعة، ويوم عرفة، وإذا أراد أن يُحرم(6).
فصل في الغسل من الحجامة
روى زكريا بن أبي زائدة، عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن عبدالله بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها أنها حدثته : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل من أربع : من الجنابة، ويوم الجمعة، وغسل الميت، والحجامة. أخرجه أبوداود(7).
__________
(1) في "معجم الصحابة" (2/336 رقم874).
(2) في "المعجم الكبير" (18/320-321 رقم828)، وفي "الأوسط"(7/186 رقم7230) إلا أن في "الأوسط" زيادة :"يوم الفطر".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "المعجم الكبير" وغيره.
(4) في "تاريخه" (ص232 رقم 897).
(5) كذا في الأصل ! والسدي متقدم على السمتي، ومع ذلك فلا يعرف عنه كلام في الرجال، فالظاهر أنها تصحفت عن "النسائي"، فهو الذي قال هذا عن يوسف السمتي كما في =
= "الضعفاء" له (ص246 رقم648).
(6) أخرجه الشافعي في "الأم" (2/231)، وعبدالرزاق في "مصنفه" (3/309 رقم5751)، إلا أن رواية عبدالرزاق ذكر فيها الفطر والأضحى فقط.
(7) في "سننه" (1/248 رقم348) كتاب الطهارة، باب في غسل الجمعة، و(3/511 رقم3160) كتاب الجنائز، باب في الغسل من غسل الميت.(3/166)
ورواه أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(1) عن عبدة بن عبدالله الخزاعي، عن محمد بن بشر، عن زكريا. وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2). وقال البيهقي في "الخلافيات"(3) بعد ماروى هذا الحديث:« رُواةُ هذا الحديث كلهم ثقات، فإن طلق بن حبيب ومصعب بن شيبة قد أخرج مسلم رحمه الله حديثهما في "الصحيح"(4)، وروى(5) عن أبي كريب، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة بعينه (6) حديث :"[عشر](7) من الفطرة "، وسائر رواته متفق عليهم ».
واعْتَلَّ الأثرم في هذا الحديث(8) بعلل :
منها : قوله :" إن حديث عائشة هذا إنما هو من حديث مصعب بن شيبة، وقد سمعت أباعبدالله(9) يتكلم فيه، فيذكر أن أحاديثه مناكير، وسمعته يتكلم في هذا الحديث بعينه "(10).
ومنها : أنه قد صح عن عائشة رضي الله عنها خلاف هذا القول : أنها أنكرت الغسل من غسل الميت(11)
__________
(1) 1/126 رقم256).
(2) 1/163) وقال :" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ".
(3) 3/271-272).
.
(4) كما في "تهذيب الكمال" (13/451و454) و(28/31و33).
(5) أي مسلم في"صحيحه"(1/223 رقم261 بعد56) كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة.
(6) في "الخلافيات":"... عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن أبيه، عن مصعب بهذا الإسناد حديث : عشر من الفطرة ".
(7) في الأصل :" عشرة"، والمثبت من "الخلافيات"، وكذا جاء في "صحيح مسلم".
(8) أي حديث الباب.
(9) يعني : أحمد بن حنبل.
(10) روى العقيلي في "الضعفاء الكبير"(4/196-197) عن الأثرم قال:« ذكرت لأبي عبدالله الوضوء من الحجامة، فقال : ذاك حديث منكر؛ رواه مصعب بن شيبة، أحاديثه مناكير، منها هذا الحديث،و"عشرة من الفطرة"،و"خرج علينا رسول الله r وعليه مرط مرجل"».
(11) روى ابن أبي شيبة في"المصنف"(2/469 رقم11141)بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها : أنها سئلت : هل على الذي يغسل المتوفين غسل ؟ قالت :" لا ".
وروى عبدالرزاق في"المصنف"(3/406رقم6105) من طريق أيوب السختياني، عن ابن=
= مسعود وعائشة رضي الله عنهما: أنهما كانا لا يريان على من غسل ميتًا غسلاً، وقالا: "إن كان صاحبكم نجسًا فاغتسلوا ". وسنده ضعيف، فأيوب لم يدرك ابن مسعود وعائشة رضي الله عنهما.
وروى البيهقي في "سننه" (1/307) من طريق محمد بن إبراهيم التيمي : أن عائشة قالت: " سبحان الله ! أموات المؤمنين أنجاس ! وهل هو إلا رجل أخذ عودًا فحمله ؟! ".
وسنده ضعيف أيضًا، فإن محمد بن إبراهيم لم يسمع من عائشة رضي الله عنها كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص188 رقم691).(3/167)
، فكيف ترويه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتنكره على من فعله ؟!
[ل181/ب]
ومنها أيضًا : عن عائشة رضي الله عنها قد كانت ترخص في غسل الجمعة(1)، وهذا(2) يذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به.
ومنها أيضًا : الغسل من الحجامة، وهذا يُنْكَر عن النبي/ - صلى الله عليه وسلم - ! لإجماع الأمة على أنه لا يجب في الدم غسل.
قلت : الوجه الأول يتعلق بصناعة الحديث. و"مصعب بن شيبة" قد ذكرنا احتجاج مسلم به. وأما ماذكره بعد ذلك ففيه ماليس من صناعة الإسناد، ونقله الإجماع على عدم الوجوب لا يقتضي تضعيف الحديث ؛ لجواز أن يحمل على الاستحباب. وقال ابن الجوزي(3):" وكذلك الغسل من [الحجامة](4) منكر ؛ لأنه لا يجب ولا يستحب إجماعًا "، فزاد :" ولا يستحب إجماعًا "، وليس كما قال، فإن بعض أصحاب الشافعي رحمه الله تعالى استحبه.
فصل في الغسل من غسل الميت
فيه عن أبي هريرة، وحذيفة [وعائشة](5) رضي الله عنهم.
فأما حديث أبي هريرة فله طرق قد ذكرناها(6) فيما تقدم من نواقض الوضوء.
ومنها : رواية صالح مولى التَّوْأَمَة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، من جهة يحيى، عن ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من غَسَّل ميِّتًا فليغتسل )) . وهو في "المسند"(7) عن أحمد، عن يحيى.
__________
(1) انظر (ص 40) وما بعدها من هذا المجلد.
(2) أي : حديث الباب.
(3) في "الناسخ والمنسوخ" كما في "البدر المنير" لابن الملقن (2/67 /مخطوط) بنحوه.
(4) في الأصل :" الجنابة "، وتقدم على الصواب.
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، مع أن المصنف استخدم صيغة الترضّي عن الجمع، وذكر حديث عائشة (ص64) عقب ذكره لحديث حذيفة.
(6) انظر (ص372) من المجلد الثاني، فما بعد.
(7) 2/433 و472).(3/168)
و"صالح مولى التوأمة" تكلم فيه بِشْر. قال البزار(1):" سمعت أبا موسى محمد بن المثنى يقول : سمعت [بشر](2) بن عمر يقول : سألت مالك بن أنس عن صالح مولى التوأمة فقال : ليس بشيء ".
ومنها : رواية ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عمرو بن عمير، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (3).
وزعم ابن القطان(4) أن عمرو بن عمير هذا مجهول الحال، لا يعرف بغير هذا، وبهذا الحديث من غير مزيد ذكره ابن أبي حاتم(5). قال(6):" فهذه علة هذا الخبر "(7).
__________
(1) في"مسنده"(ل98/ب/نسخةكوبرلي-تحتوي على بعض من مسند أنس ومسندأبي هريرة-).
(2) في الأصل:"مالك"،والتصويب من الموضع السابق من "مسند البزار"، وتقدم على الصواب.
(3) تقدمت (ص376) من المجلد الثاني، وأخرجها أبو داود في "سننه" (3/511-512 رقم3161) كتاب الجنائز، باب في الغسل من غسل الميت.
(4) في "بيان الوهم والإيهام" (3/284).
(5) في "الجرح والتعديل" (6/250 رقم1386).
(6) أي : ابن القطان.
(7) زاد ابن الملقن في "البدر المنير"(2/63/مخطوط) نقلاً عن المصنف : قول البيهقي في "سننه" (1/303):" إنما يعرف بهذا الحديث، وليس بالمشهور ".(3/169)
ومنها : رواية أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - من جهة ابنه سُهيل، واختُلف على سُهيل في إسناده، فقيل هكذا : عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -(1)، وقيل : عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة (2). ثم روي موقوفًا(3). قال الدارقطني(4):" يشبه أن يكون سُهيل كان [يضطرب](5) فيه ".
ومنها : طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وله وجهان :
أحدهما : رواية هُدْبَة، عن حَمَّاد بن سَلَمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من غَسَّل ميِّتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ ))(6). وذكر ابن أبي حاتم(7) عن أبيه بعد أن ذكر هذه الطريق - أعني رواية هُدبة، عن حماد - أنه قال في هذا الحديث :" هذا خطأ؛ إنما هو موقوف على أبي هريرة، لا يرفعه الثقات ".
قلت : أخرجه البزار(8) عن محمد بن بشار، عن عبدالوهاب، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة (9).
__________
(1) تقدمت (ص373) من المجلد الثاني، وأخرجها الترمذي في "سننه" (1/318 رقم993) كتاب الجنائز، باب ما جاء في الغسل من غسل الميت.
(2) تقدمت (ص376) من المجلد الثاني، وأخرجها أبو داود في الموضع السابق من "سننه" برقم(3162).
(3) الرواية الموقوفة ذكرها الترمذي في الموضع السابق من "سننه"، والدارقطني في "علله" (10/162).
(4) في "العلل" (10/162 مسألة رقم1954).
(5) في الأصل يشبه أن تكون :" مضطرب".
(6) أخرجه ابن حزم في "المحلى" (2/23) من طريق حجاج بن المنهال، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/374-275 رقم624) من طريق محمد بن شجاع، كلاهما عن حماد بن سلمة، به.
وأما طريق هدبة هذه التي ذكرها المصنف فهي عند ابن أبي حاتم في الموضع الآتي من "علله".
(7) في "علل الحديث" (1/351 رقم1035).
(8) في "مسنده" (3/ل 148/أ).
(9) وأبو سلمة يرويه عن أبي هريرة موقوفًا عليه.(3/170)
والوجه الثاني : عن أبي هريرة قال :" من غَسَّل ميِّتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ، ومن تبع جنازة فلا يجلس حتى توضع ". قال البزار(1): "وحدثناه يحيى بن حكيم، ثنا أبوبحر البكراوي(2)، ثنا ابن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه ".
ومنها : طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (3).
[ل182/أ]
ومنها : رواية العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من غَسَّل جنازة - يعني ميتًا - فليغتسل، ومن حملها فليتوضأ )) . رواه البزار في "مسنده"(4) محيلاً على إسنادٍ قبله في حديث رواه عن محمد بن مسكين، عن عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير. ولما ذكر ابن القطان(5) رواية الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :" وليس ذلك [بمعروف](6)". قال : "وروي أيضًا عن العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وهو أيضًا كذلك غير / معروف ".
__________
(1) في الموضع السابق من "مسنده".
(2) علق عليه في هامش الأصل بما نصه :" نسبة إلى جده بَكْرة".
(3) أخرجه البيهقي في "سننه"(1/303) من طريق عبدالله بن صالح، عن يحيى بن أيوب، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة موقوفًا عليه.
ثم أخرجه البيهقي عقبه من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن سعيد ين المسيب من قوله، لم يذكر فيه أبا هريرة.
(4) ل106/أ/ نسخة كوبرلي - تحتوي على بعض من مسند أنس ومسند أبي هريرة-)، وتقدم تخريجه (ص374) من المجلد الثاني.
(5) في "بيان الوهم والإيهام" (3/285).
(6) في الأصل :" معروف"، والتصويب من "بيان الوهم".(3/171)
وهذا إن أراد أنه لا يعرف مخرجه وطريقه، فقد ذكرنا رواية البزار له بالطريق المذكور، وإن أراد مع معرفة طريقه أنه غير مشهور، فهذا لا يناسبه طريقة التعلق بمثله، وإنما يناسبه النظر في رجال إسناده. ولما ذكر عبدالحق(1) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - من طريق أبي داود قال :" اختُلف في إسناد هذا الحديث "، اعترض عليه ابن القطان(2) بما حاصله :" أن الطريق الذي ساقه بها أبوداود - وهي رواية عمرو بن عُمير - ليس فيها اختلاف، ولا هو علة لها، وإنما العلة : الجهل بحال [عمرو](3) بن عُمير، ولو عُرفت حاله، لم يكن كثرة الرواة له عن أبي هريرة مرفوعًا وموقوفًا ضارًّا"(4)، يريد أن الاختلاف في رواية سُهيل على الوجه الذي قدمناه راد للاختلاف في رواية أبي سلمة أو غيرها.
ومنها : رواية إسحاق مولى زائدة ومحمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. وقد ذكرنا(5) أنه روي من جهة سهيل، وقد روي من جهة غيره أيضًا.
فرواه البزار(6) عن أحمد بن ثابت الجحدري، عن أبي هشام المغيرة بن سلمة المخزومي، عن وهيب، عن أبي واقد، عن إسحاق مولى زائدة ومحمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من غَسَّل مَيِّتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ )) .
__________
(1) في "الأحكام الوسطى" (2/151).
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (3/283 ومابعدها).
.
(3) في الأصل :"عمر" وقد ذكره المصنف آنفًا على الصواب.
(4) في "بيان الوهم والإيهام" :"ضادًّا لها".
(5) ص 59).
(6) في "مسنده" (ل98/ب/ نسخة كوبرلي - تحتوي على بعض من مسند أنس ومسند أبي هريرة-).(3/172)
"أبو واقد" المديني الليثي : صالح بن محمد بن زائدة، روى عن سالم ونافع وسعيد بن المسيب وأبي سلمة وعمر بن عبدالعزيز ومحمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، روى عنه وهيب والدراوردي وحاتم بن إسماعيل، قال أبوعمر(1): «ليس بالقوي عندهم. قال عباس(2) عن ابن معين :" ليس حديثه بذاك ". وحدث عنه وهيب ثم تركه(3)، وتركه سليمان بن حرب(4)، وقال أحمد بن حنبل(5):" ماأرى بحديثه بأسًا "». انتهى (6).
ومنها : رواية أبي إسحاق، عن أبي هريرة، وهي في "المسند"(7) عن أحمد، عن عبدالرزاق، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن رجل يقال له: أبوإسحاق، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من غسل ميتًا فليغتسل )) .
ورواه الإسماعيلي في جمعه لحديث يحيى من جهة عبدالرزاق، ولم يجزم بأن أبا إسحاق هو السبيعي، بل علق القول فيه.
قال ابن أبي حاتم(8):" قلت لأبي : من أبو إسحاق هذا ؟ وهل يسمى ؟ قال : لا يسمى ".
__________
(1) أي : ابن عبدالبر في "الاستغناء" (2/988 رقم1212).
(2) أي : الدوري في "تاريخه" عن ابن معين (2/265 رقم805).
(3) كما في "الجرح والتعديل" (4/412).
(4) كما في "التاريخ الكبير" للبخاري (4/291 رقم2861).
(5) في "العلل ومعرفة الرجال" لابنه عبدالله (2/489 رقم3219).
(6) زاد ابن الملقن في "البدر المنير" نقلاً عن المصنف :«... وقال الدارقطني وجماعة :"ضعيف"، وقال البخاري :" منكر الحديث "».
وقول الدارقطني تجده في "الضعفاء والمتروكين" له (ص247 رقم2862)، وقول البخاري في "التاريخ الكبير" (4/291 رقم2862).
(7) "مسند أحمد" (2/280).
(8) في "علل الحديث" (1/369 رقم1094).(3/173)
وأما حديث حذيفة، فمن رواية محمد بن المنهال الضرير، عن يزيد بن زريع، عن مَعْمَر، عن أبي إسحاق، عن أبيه، عن حذيفة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - رضي الله عنه - : (( من غسل ميتًا فليغتسل )) . رواه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ"(1) عن عبدالله بن سليمان، عن أحمد بن إبراهيم القُوهُستاني، عن محمد بن المنهال. وذكر ابن أبي حاتم(2) عن أبيه : أنه قال :" هذا حديث غلط، ولم يبين غلطه ".
وأما حديث عائشة رضي الله عنها،فمن حديث ابن الزبير عنها،وقد تقدَّم(3).
وقال محمد بن يحيى(4):" لا أعلم فيمن غَسَّل ميتًا فليغتسل حديثًا ثابتًا، ولو ثبت لزمنا استعماله ".
[ل182/ب]
وروى الدارقطني(5) عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن أبي شيبة إبراهيم ابن عبدالله بن أبي شيبة، عن خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ليس عليكم في ميتكم غسل إذا غسلتموه، إن ميتكم ليس / بنجس، بحسبكم أن تغسلوا أيديكم )) .
وأخرجه ابن شاهين(6) أيضًا من حديث إبراهيم بن أبي شيبة، عن شيخ الدارقطني أحمد بن سعيد، وانتهى الحديث إلى قوله: (( إن ميتكم ليس بنجس )).
وأعله عبدالحق في "أحكامه"(7) بعمرو بن أبي عمرو، وأنه لا يحتج به.
ورأى ابن القطان(8) أن الحمل على أبي شيبة في هذا الحديث أولى من ابن أبي عمرو، قال(9):" فإنه ضعيف، وعمرو بن أبي عمرو مختلف فيه ".
__________
(1) ص58 رقم36).
(2) في "علل الحديث" (1/354 رقم1046).
(3) ص 55).
(4) أسنده عنه البيهقي في "سننه" (1/302).
(5) في "سننه"(2/76 رقم4).
(6) في "الناسخ والمنسوخ" (ص58 رقم38)، وفيه : (( وإن ميتكم ليس بنجس، فبحسبك أن تغسلوا أيديكم ))، فلعل الحديث سقط باقيه من نسخة المصنف.
(7) أي :"الأحكام الوسطى" (2/151).
(8) في "بيان الوهم والإيهام" (3/212).
(9) أي : ابن القطان.(3/174)
قلت : رواه ابن شاهين(1) عن أبيه، عن محمد بن إسحاق الصاغاني، عن أبي سلمة، عن سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :"[ ليس عليكم في ميتكم غُسل إذا غسلتموه](2)، إن ميتكم طاهر(3) ليس بنجس، بحسبكم أن تغسلوا أيديكم". هكذا رواه موقوفًا.
فصل فيما قيل في الغسل من الإغماء
__________
(1) في الموضع السابق برقم (39).
(2) مابين المعكوفين سقط الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(3) في "الناسخ والمنسوخ" :" إن ميتكم فمؤمن طاهر"، ورواه البيهقي في "سننه" (1/306) من طريق محمد بن إسحاق الصاغاني، به، وفيه أيضًا :" إن ميتكم لمؤمن طاهر ".(3/175)
روى موسى بن أبي عائشة عن [عبيدالله](1) بن عبدالله قال : دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت لها : ألا تحدثيني عن مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقالت : [بلى](2)؛ ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال : (( أصلى الناس ؟ )) قلنا : لا، هم ينتظرونك يارسول الله! فقال : (( ضعوا لي ماءً في المِخْضَب )) . قالت : ففعلنا، فاغتسل، ثم ذهب لينوء، فأُغمي عليه، ثم أفاق، فقال : (( أصلى الناس )) ؟ فقلنا : لا، هم ينتظرونك يارسول الله! فقال : (( ضعوا لي ماءً في المِخْضَب ))، ففعلنا. قالت : فاغتسل، ثم ذهب لينوء، فأُغمي عليه، ثم أفاق، فقال : ((أصلى الناس )) ؟ فقلنا : لا، هم ينتظرونك يارسول الله! قالت : والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصلاة عشاء الآخرة...، ثم ذكر الحديث بطوله. أخرجه ابن خزيمة(3)، وترجم عليه :"باب مايدل على استحباب [اغتسال](4) المغمى عليه بعد الإفاقة من الإغماء"، ودلالته ضعيفة، والحديث في "كتاب مسلم"(5)، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
باب أحكام الحدث الأكبر
قد تقدم أمر الصلاة، والطواف، ومس المصحف في أحكام الحدث الأصغر، ودلائله عائدة هاهنا.
فصل في قراءة الجنب القرآن
__________
(1) في الأصل :" عبدالله"، والتصويب من "صحيح ابن خزيمة".
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح ابن خزيمة".
(3) في "صحيحه" (1/126-127 رقم 257).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "صحيح ابن خزيمة".
(5) أي :"صحيح مسلم" (1/311 رقم418) كتاب الصلاة، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر.(3/176)
روى شعبة، عن عمرو بن مُرَّة، عن عبدالله بن سَلِمة قال : دخلت على عليّ أنا ورجلان ؛ رجل منا، ورجل من بني أسد أَحْسَبُ، فبعثهما عليّ - رضي الله عنه - وجهًا، وقال : إنكما عِلْجَان فعالِجا عن دينكما، فدخل المخرج، ثم خرج، فدعا بماء، فأخذ منه حفنة فتمسَّح بها، ثم جعل يقرأ القرآن، [فأنكروا ذلك، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج من الخلاء، فيُقرئُنا القرآن](1)، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجبه - أو قال : يحجزه - عن القرآن شيء، ليس الجنابة. أخرجه أبوداود(2). وأخرجه الترمذي(3)، والنسائي(4)، وابن ماجه(5) مختصرًا. وقال الترمذي :" حديث حسن صحيح".
وأخرجه الحافظ أبوبكر ابن خُزيمة في"صحيحه"(6)، وقال:"سمعت أحمد بن المقدام العجلي يقول : حدثنا سعيد بن الربيع، عن شعبة...، بهذا الحديث. قال شعبة : هذا ثُلث رأْس مالي ".
وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(7)، وقال:"[هذا حديث صحيح الإسناد، والشيخان](8) لم يحتجا بعبدالله بن سلمة، ومدار(9) الحديث عليه ".
[ل183/أ]
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود".
(2) في "سننه" (1/155 رقم229) كتاب الطهارة، باب في الجنب يقرأ القرآن.
(3) في "سننه" (1/273-274 رقم146) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال مالم يكن جنبًا.
(4) في "سننه" (1/144 رقم265) كتاب الطهارة، باب حجب الجنب من قراءة القرآن.
(5) في"سننه"(1/195 رقم594) كتاب الطهارة،باب ماجاء في قراءة القرآن على غير طهارة.
(6) 1/104 رقم208).
(7) 1/152).
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "المستدرك".
(9) كذا في الأصل، وفي "المستدرك":"فمدار".(3/177)
وذكر أبو بكر البزار(1) أنه :" لا يروى عن علي - رضي الله عنه - إلا من/حديث عمرو بن مُرَّة، عن عبدالله بن سَلمة ". وحكى البخاري(2) عن عمرو بن مرة:" كان عبدالله - يعني ابن سلمة - يحدثنا، فتعرف وتُنكر(3)، وكان قد كبر، لايتابع في حديثه ".
وروى هذا الحديث أبومحمد ابن الجارود(4) من طريق [يحيى](5)- يعني ابن سعيد -، عن شعبة، وفي آخره قال يحيى:" وكان شعبة يقول في هذا الحديث: تعرف وتنكر(6)- يعني :[أن](9) عبدالله بن سلمة كان كبر حيث أدركه عمرو -". قال شيخنا(7):« وذكر الإمام الشافعي هذا الحديث وقال :" لم يكن أهل الحديث يُثبتونه ". قال البيهقي(8):" وإنما توقف الشافعي في ثبوت الحديث؛ لأن مداره على عبدالله بن سلمة الكوفي، وكان قد كبر، وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة، وإنما روى هذا الحديث بعد ماكبر، قاله شعبة ».
قلت : أخرج هذا الحديث النسائي(9) من رواية الأعمش أيضًا عن عمرو بن مرة، عن عبدالله بن سَلِمة، عن علي - رضي الله عنه - قال :" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ القرآن على كل حال، ليس الجنابة ".
و"سَلِمة" بكسر اللام. و"العلج" : الجافي الغليظ، يقال : رجل عِلْج وعُلَج، ومعناه : الشديد الصلب ؛ أي: إنكما قويان على العمل، فجاهدا عن دينكما، ودافعا عنه. يقال : اعتلج القوم : إذا تدافعوا فيما بينهم، واعتلج الرجلان : إذا تصارعا.
__________
(1) في "مسنده" (2/287).
(2) في "التاريخ الكبير" (5/99).
(3) في "التاريخ الكبير" :" فنعرف وننكر".
(4) في "المنتقى" (1/94 رقم94 -98).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من :"المنتقى".
(6) في "المنتقى":" نعرف وننكر".
(7) أي : المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/156).
(8) في "معرفة السنن والآثار" (1/323 رقم777).
(9) في "سننه" (1/144 رقم266) كتاب الطهارة، باب حجب الجنب من قراءة القرآن.(3/178)
حديث آخر : أخبرنا أبوالقاسم عليّ بن الحافظ أبي محمد عبدالعزيز بن محمود البغدادي المعدل- بمنىً فيما حدثنا ببعض إسناده، وأتممنا قراءته عليه -: أنا أبوالفرج عبدالمنعم بن عبدالوهاب : أنا أبوالقاسم ابن بيان : أنا أبوالحسن ابن مخلد : أنا إسماعيل بن محمد، ثنا الحسن - هو ابن عرفة (1)-، ثنا إسماعيل ابن عياش الحمصي، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئًا من القرآن )). أخرجه الترمذي(2) عن الحسن بن عرفة وعلي بن حُجْر، وأخرجه ابن ماجه(3) عن هشام بن عمار، ثلاثتهم عن أبي عتبة إسماعيل بن عياش بن سليم العَنْسِي - بالعين المهملة، والنون الساكنة - الحمصي، وقال الترمذي(4): «حديث ابن عمر لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة...، وسمعت محمد بن إسماعيل(5) يقول :" إن إسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير"، كأنه ضعف روايته عنهم فيما [يتفرد](6) به، وقال :" إنما حديث إسماعيل بن عياش عن أهل الشام "».
__________
(1) والحسن ابن عرفة أخرجه في "جزئه" (ص76 رقم60).
(2) في "سننه" (1/236 رقم131) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الجنب والحائض وأنهما لا يقرءان القرآن.
(3) في "سننه" (1/196 رقم596) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في قراءة القرآن على غير طهارة.
(4) في الموضع السابق من "سننه".
(5) أي : البخاري.
(6) في الأصل :" يتقرر"، والتصويب من بعض نسخ الترمذي كما ذكر الشيخ أحمد شاكر رحمه الله، وفي بعضها الآخر :"ينفرد" بالنون.(3/179)
ورواه أبو بكر البزار عن الحسن بن عرفة، وقال :" وهذا الحديث لا نعلم رواه عن موسى بن عقبة إلا إسماعيل بن عياش، ولا نعلم يُروى عن ابن عمر من وجه إلا من هذا الوجه، ولا يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحائض إلا من هذا الوجه ". وذكر ابن أبي حاتم(1):" سمعت أبي - وذكر حديث إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئًا من القرآن ))-، فقال
أبي: هذا خطأ ؛ إنما هو عن ابن عمر قوله ".
وفي كتاب الخلال عن عبدالله(2)- وذكر هذا الحديث -:" قال أبي : هذا باطل، أُنكر على إسماعيل - يعني أنه وهم من إسماعيل بن عياش -".
ورواه أبوأحمد ابن عدي(3) من حديث أبي إسحاق إبراهيم بن العلاء الزبيدي الحمصي المعروف بابن زبريق، عن إسماعيل بن عياش، عن عبيدالله -يعني العُمري- وموسى بن عقبة، وقال :" وهذا الحديث بهذا الإسناد لا يرويه غير ابن عياش، وعامة من رواه عن ابن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر. وزاد في هذا الإسناد عن ابن عياش إبراهيم بن العلاء وسعيد بن يعقوب الطالقاني، فقالا : عبيدالله وموسى بن عُقبة، وليس لهذا الحديث أصل من حديث عبيدالله ". انتهى.
[ورواية](4) إسماعيل بن يعقوب الطالقاني عن إسماعيل بن عياش، عن عبيدالله بن عمر وموسى بن عُقبة، عن نافع، عن ابن عمر أخرجها البيهقي في "الخلافيات"(5).
[ل183/ب]
وقد رُوي هذا الحديث من وجهين عن موسى بن عقبة،/ عن غير إسماعيل ابن عياش، أخرجهما معًا الدارقطني(6):
أحدهما : من جهة المغيرة بن عبدالرحمن، عن موسى بن عقبة، عن نافع،
__________
(1) في "علل الحديث" (1/49 رقم116).
(2) هو ابن أحمد، وهذا النص في "علله" (3/381 رقم5675).
(3) في "الكامل" (1/298).
(4) في الأصل :" وروية".
(5) 2/23 رقم318).
(6) في "سننه" (1/117و118 رقم 5و6).(3/180)
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يقرأ الجنب شيئًا من القرآن )) . رواه عن محمد بن حَمْدُويه المروزي،عن عبدالله بن حماد الآملي، عن عبدالملك بن مسلمة، عن المغيرة.
والثاني : رواه عن محمد بن مخلد، عن محمد بن إسماعيل الحسَّاني، عن رجل، عن أبي معشر، عن موسى بن عُقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الحائض والجنب لا يقرآن شيئًا من القرآن )) .
فيه انقطاع من جهة إبهام الرجل الراوي عن أبي معشر. و"أبومعشر" استضعف، إلا أنه يتابع به. قال البيهقي(1)- قبل إخراج هذين الطريقين، وبعد ذكر رواية إسماعيل بن عياش -:" وقد رُوي عن غيره، عن موسى بن عقبة وهو ضعيف ".
قلت :" ابن بَيَان" في إسناد هذا الحديث(2): بفتح الباء الموحدة، وبعدها ياء مخففه آخر الحروف، وآخره نون. و"مَخْلد": بفتح الميم، وسكون الخاء. و"عُتْبة"- في كنية إسماعيل-: بضم العين وسكون التاء ثالث الحروف، وبعدها باء موحدة. و"زبريق": بكسر الزاي المعجمة، وسكون الباء الموحدة، وكسر الراء المهملة، وبعد الراء ياء، بعدها قاف. و"حَمْدُويه": بالياء آخر الحروف.
حديث آخر: روى يعقوب بن سفيان(3) الحافظ من جهة زَمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، قال : قال عبدالله بن رواحة : نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ أحدٌ منا القرآن وهو جنب. أخرجه البيهقي في
"الخلافيات"(4) من جهته، ولم يعرض له.
و"عكرمة، عن عبدالله بن رواحة " منقطع.
__________
(1) في "الخلافيات" (2/26).
(2) أي المتقدم (ص 69) الذي رواه المصنف بسنده.
(3) هو الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (1/259).
(4) 2/30 رقم321).(3/181)
ورواه الدارقطني(1) أتم منه بقصة ؛ قال(2): كان ابن رواحة [مضطجعًا](3) إلى جنب امرأته، فقام إلى جارية له في ناحية الحجرة فوقع عليها، ففزعت امرأته، فلم تجده في مضجعه، فقامت، فخرجت، فرأته على جاريته، فرجعت إلى البيت، فأخذت الشفرة، ثم خرجت، ففرغ، ثم قام فلقيها تحمل الشفرة،[ فقال : مَهْيَمْ ؟ فقالت : مَهْيَمْ ! لو أدركتك حيث رأيتك لَوَجَأْتُ بين كتفيك بهذه الشفرة](4)، قال : وأين رأيتيني ؟ قالت : رأيتك على الجارية، فقال : مارأيتيني، وقال : قد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب، قالت : فاقرأ، فقال :
أتانا رسول الله يتلو كتابه كما لاح مشهور من الفجر ساطعُ
أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات أنَّ ماقال واقعُ
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
[ فقالت ](5): آمنت بالله وكذبت البصر، ثم غدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فضحك حتى بدت(6) نواجذه - صلى الله عليه وسلم -. وهو أيضًا منقطع.
__________
(1) في "سننه" (1/120 رقم13).
(2) أي : عكرمة راوي الحديث عن عبدالله بن رواحة.
(3) في الأصل :" مضطجع" والتصويب من "سنن الدارقطني".
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل فاستدركته من "سنن الدارقطني".
(5) في الأصل :" فقال "، والتصويب من المرجع السابق.
(6) كذا في الأصل، وفي "سنن الدارقطني" :" حتى رأيت".(3/182)
ورواه الدارقطني(1) أيضًا من حديث الهيثم بن خلف،[عن](2) ابن عمار الموصلي، عن [عمر](3) بن زريق، عن زمعة، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : دخل عبدالله بن رواحة...، فذكر نحوه، وقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب. وهذا متصل.
قال البيهقي(4):" وروي عن إسماعيل بن عياش، عن زمعة كذلك موصولاً، وليس بالقوي ".
[ل184/أ]
حديث آخر : روى الواقدي عن عبدالله بن سليمان بن أبي سلمة، عن ثعلبة بن أبي الكنود، عن عبدالله بن مالك الغافقي(5) قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - /يقول : (( إذا توضأتُ وأنا جنب أكلت وشربتُ، ولا أصلي، ولا أقرأ حتى أغتسل )) . قال(6): سمعته يقول ذلك لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. قال البيهقي(7): "تابعه عبدالله بن لهيعة، عن عبدالله بن سُليمان ".
__________
(1) في "سننه" (1/121 رقم14).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وفي " سنن الدارقطني":" نا "- اختصار حدثنا -، فأثبته "عن" تمشيًا مع سياق المصنف.
(3) في الأصل :"عمار"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(4) في "الخلافيات" (2/38 رقم324).
(5) ويقال :" مالك بن عبدالله الغافقي" كما قال ابن الأثير في "أسد الغابة" (3/376). وهناك من جعل هذا غير ذاك ؛ كالطبراني في "المعجم الكبير" (19/259) وابن قانع في "معجم الصحابة" (2/87 رقم527).
(6) أي : عبدالله بن مالك الغافقي.
(7) في "الخلافيات" (2/20 رقم316).(3/183)
قلت : رواية عبدالله بن لهيعة أخرجها الطبراني في "معجمه الكبير"(1) عن المقدام بن داود، عن أسد بن موسى، عن ابن لهيعة، ثنا عبدالله بن سليمان، عن ثعلبة بن أبي الكنود، عن عبدالله بن مالك الغافقي، قال : أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا طعامًا، ثم قال لي : (( استُر علَيّ )) ، واغتسل، فقلت له: أكنت جنبًا يارسول الله ؟! قال : (( نعم )) . فأخبرت بذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:إن هذا زعم أنك أكلت وأنت جنب؟ قال : (( نعم، إذا توضأتُ أكلتُ وشَرِبتُ )) . هكذا فيه، لم يذكر القراءة.
ورواه الحافظ أبوالحسين عبدالباقي بن قانع في "معجمه"(2) للصحابة من حديث ابن وهب، حدثنا عبدالله بن لهيعة، عن عبدالله بن سليمان، عن ثعلبة بن أبي الكنود، عن عبدالله بن مالك الغافقي : أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (( إذا توضأتَ وأنت جُنُب أَكلتَ وشرِبتَ ولا تصلي )) . ولم يذكر القراءة أيضًا.
وروى البيهقي(3) من حديث الأعمش، عن شقيق، عن عَبيدة قال : "كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يكره أن يقرأ القرآن وهو جنب ". قال(4):" وهو إسناد صحيح ".
و"عَبِيدة": بفتح العين، وكسر الباء الموحدة.
__________
(1) هذه الرواية في الجزء المفقود من "المعجم الكبير"، وأعادها الطبراني في مسند مالك بن عبدالله الغافقي (19/259 رقم656) بسند مختلف ومتن مقارب لهذا، وذكر الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/611 رقم1493) هذه الرواية التي أوردها المصنف وقال :" رواه الطبراني في الكبير ".
(2) 2/87 رقم527).
(3) في "الخلافيات" (2/38 رقم325).
(4) أي البيهقي.(3/184)
رَوَى أيضًا - أعني البيهقي- من حديث شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم: أن عمر - رضي الله عنه - كان يكره أن يقرأ الجنب. قال شعبة :« وجدتُ في صحيفتي : "والحائض"». أخرجها في "الخلافيات"(1)، ولم يعرض لها.
و"إبراهيم، عن عمر" منقطع.
وروى(2) أيضًا من حديث عاصم بن عامر البجلي، عن أبي داود الطُّهَوِيّ، عن عبدالأعلى بن عامر الثَّعلبي، عن أبي عبدالرحمن قال : سُئل علي - رضي الله عنه - عن الجنب يقرأ ؟ قال : لا، ولا حرف، [لا](3) ولا حرف.
وروى الدارقطني(4) من حديث عامر بن السِّمط، ثنا أبو الغَريف الهمداني، قال : كنا مع علي - رضي الله عنه - في الرَّحبة، فخرج إلى أقصى الرَّحبة، فوالله ! ماأدري، أَبَوْلاً أحدث أم غائطًا ؟ ثم جاء فدعا بكوز من ماء، فغسل كفيه، [ثم قبضهما إليه](5)، ثم [قرأ](6) صدرًا من القرآن، ثم قال : اقرأوا [القرآن](7) مالم يصب أحدكم جنابة، فإن أصابته جنابة فلا ؛ ولا حرفًا واحدًا (8).
و"أبوالغَريف": بالغين المعجمة.
__________
(1) في (2/39 رقم326).
(2) أي البيهقي في "الخلافيات" (2/39 -40رقم327).
(3) في الأصل :"أي"، والتصويب من " الخلافيات".
(4) في "سننه" (1/118 رقم6).
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"سنن الدارقطني".
(6) في الأصل :"قال"، والتصويب من المرجع السابق.
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(8) قال الدارقطني بعده :" وهو صحيح عن علي ".(3/185)
وروى الدارقطني(1) أيضًا من حديث أبي الشعثاء [علي بن الحسن الواسطي، ثنا سليمان أبوخالد، عن يحيى، عن أبي الزبير](2)، عن جابر - رضي الله عنه - قال :" لا يقرأ الحائض ولا الجنب ولا النفساء القرآن ".
وروى بقية، عن شعيب بن أبي حمزة [....](3)، عن الزهري، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن مُكْمَل : أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول : "لا بأس أن يقرأ الجنب الآية ونحوها ". أخرجه البيهقي في "الخلافيات"(4).
ورواه(5) أيضًا من جهة يعقوب بن سفيان(6)، عن أبي صالح، عن الليث(7)، عن عبدالرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن مُكْمَل : أنه سأل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : أيقرأ الرجل من القرآن شيئًا [وهو غير طاهر](8)؟ فقال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما :" الآية والآيتين ".
فصل في من لم يُجز عبور الجنب في المسجد
وفَسَّر قوله تعالى :{ لا تقربوا الصلاة وأنتم سُكَارى }(9) بنفس الصلاة، لا مواضع الصلاة
__________
(1) في "سننه" (1/121 رقم15)، ومن طريقه البيهقي في "الخلافيات" (2/42 رقم329).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني"، ولكن وقع فيه :"ابن الزبير" بدل "أبي الزبير"، وهو تصحيف، والتصويب من "إتحاف المهرة" (3/532 رقم3676).
(3) بياض في الأصل بمقدار خمس كلمات، والسند متصل.
(4) 2/43 رقم330).
(5) في الموضع السابق برقم (331).
(6) ويعقوب رواه في "المعرفة والتاريخ" (1/370).
(7) قوله :"عن الليث" تصحف في "الخلافيات" إلى:"حدثني المسيب".
(8) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجعين السابقين.
(9) سورة النساء، الآية (43).(3/186)
قرأت على الحافظ أبي محمد عبدالعظيم بن عبدالقوي بن عبدالله المنذري رحمه الله تعالى، قال: أنا الشيخان أبوعبدالله محمد بن سعيد الهاشمي- بقراءتي عليه - وأبوالقاسم أحمد بن عبدالله السُّلمي- قراءة عليه وأن أسمع-، قالا: أنا عبدالأول بن عيسى:أنا عبدالرحمن بن محمد:أنا عبدالله بن أحمد:أنا إبراهيم(1).
[فصل في نوم الجنب
ذكر جواز ذلك](2)
[ل184/ب]
/روى مسلم(3) رحمه الله تعالى من حديث معاوية بن صالح، عن عبدالله بن أبي قيس قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر الحديث. قلت : كيف كان يصنع في الجنابة، أكان يغتسل قبل أن ينام، أم ينام قبل أن يغتسل ؟ قالت : كل ذلك قد كان يفعل، رُبَّما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام. قلت : الحمدلله الذي جعل في الأمر سَعة.
ورواه ابن خزيمة في "صحيحه"(4) من حديث معاوية أيضًا، وفي رواية ابن
وهب(5) عنده : وربما توضأ ثم نام قبل أن يغتسل.
__________
(1) إلى هنا انتهت (ل184/أ)، وسقط ما بعدها، وفيه تكملة الحديث الذي ابتدأ المصنف بإيراده بإسناده، وتكملة الباب.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته بالاجتهاد مع النظر في موضوع الأحاديث المدرجة تحته، والفصل الذي يليه، وقد سقطت الورقة التي فيها عنوان هذا الفصل وتكملة الفصل السابق، وربما كان الساقط أكثر من ذلك، وانظر التعليق السابق.
(3) في "صحيحه"(1/249 رقم307) كتاب الحيض، باب جواز نوم الجنب واستحباب الوضوء له.
(4) 1/128 رقم259).
(5) عقب الرواية السابقة.(3/187)
وعن غُضَيف بن الحارث قال : قلتُ لعائشة رضي الله عنها : أرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان يغتسل من الجنابة في أول الليل أو في آخره؟ قالت : ربما اغتسل في أول الليل، وربما اغتسل في آخره. قلت : الله أكبر ! الحمدلله الذي جعل في الأمر سعة. قلت : أرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان يوتر أول الليل أم في آخره ؟ قالت : ربما أوتر في أول الليل، وربما أوتر في آخره. قال : الله أكبر! الحمدلله الذي جعل في الأمر سَعة. قلت : أرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان يجهر بالقرآن أم يخفت به ؟ قالت : ربما جهر به، وربما خفت. قلت : الله أكبر ! الحمدلله الذي جعل في الأمر سَعة. [أخرجه أبوداود](1). وأخرجه النسائي(2) مقتصرًا على الفصل الأخير.
و"غُضَيف":[بضم](3) الغين المعجمة، وفتح الضاد المعجمة أيضًا.
ذكر ماقد يُستدل به على كراهة نومه جنبًا
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته بالاجتهاد ؛ فإن اللفظ المذكور هو لفظ أبي داود (1/152-153 رقم226) في كتاب الطهارة، باب في الجنب يؤخر الغسل.
(2) في "سننه" (1/125 -126 رقم222 و223) كتاب الطهارة، باب ذكر الاغتسال أول الليل، وباب الاغتسال أول الليل وآخره، و(1/199 رقم405) كتاب الغسل والتيمم، باب الاغتسال أول الليل.
هذا وقد وهم المؤلف رحمه الله في قوله :" مقتصرًا على الفصل الأخير"، بل الصواب اقتصاره على الفصل الأول، أما الذي اقتصر على الفصل الأخير فهو ابن ماجه(1/430 =
= رقم1354) في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ماجاء في القراءة في صلاة الليل.
(3) في الأصل :"بفتح"، وهو تصحيف. انظر "تهذيب الكمال" (23/112).(3/188)
روى شعبة عن علي بن مدرك، عن أبي زرعة، عن [ابن](1) نُجَيّ، [عن أبيه](2)، عن علي - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة، ولا كلب، ولا جنب )) . أخرجه أبوداود(3) والنسائي(4).
و"ابن نُجَيّ": بضم النون، وفتح الجيم، وتشديد الياء آخر الحروف.
فصل في استدفاء الرجل بامرأته بعد الغسل قبل أن تغتسل هي
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجنب، فيغتسل، ثم يستدفئ بي قبل أن أغتسل (5).
وفي لفظ(6) قالت : ربما اغتسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجنابة، ثم جاء فاستدفأ بي، فضممته إليَّ ولم أغتسل. وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(7) على شرط مسلم رحمه الله تعالى.
__________
(1) في الأصل:"أبي"، والتصويب من"سنن أبي داود" و"سنن النسائي"،وسيأتي على الصواب.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من :"سنن أبي داود" و"سنن النسائي".
(3) في "سننه" (1/153-154 رقم227) كتاب الطهارة، باب في الجنب يؤخر الغسل، و(4/383 رقم4152) كتاب اللباس، باب في الصور.
(4) في "سننه"(1/141 رقم261) كتاب الطهارة، باب في الجنب إذا لم يتوضأ، و(7/185 رقم4281) كتاب الصيد والذبائح، باب امتناع الملائكة من دخول بيت فيه كلب.
(5) لم يذكر المصنف من أخرجه، وقد أخرجه أبوالقاسم البغوي في "الجعديات"(ص333 =
= رقم2286)من طريق شريك،عن حصين،عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها، وهذا لفظه.ومن طريق "الجعديات"أخرجه البغوي في "شرح السنة" (2/30-31).
(6) أخرجه الترمذي (1/210-211 رقم123) في أبواب الطهارة، باب ما جاء في الرجل يستدفئ بالمرأة بعد الغسل، من طريق وكيع، عن حريث، عن الشعبي، به. ومن هذا الطريق أخرجه ابن ماجه في "سننه" (1/192 رقم580) في الطهارة وسننها، باب في الجنب يستدفئ بامرأته قبل أن تغتسل.
(7) 1/154).(3/189)
فصل في أمر الْجُنُب بالوضوء قبل النوم
قرأت(1) على أبي محمد عبدالمحسن بن إبراهيم بن فتوح القوصي بها، عن أبي عبدالله محمد بن عبدالحميد الهسكوري الحكمي-قراءة عليه وهو يسمع-، عن أبي الحسن علي بن أحمد بن أبي بكر الكناني(2)، عن أبي عبدالله محمد بن فرج، عن أبي الوليد يونس بن مغيث، عن أبي عيسى يحيى بن عبدالله، عن أبي مروان عبيدالله، عن أبيه يحيى بن يحيى، عن مالك(3)، عن عبدالله بن
دينار، عن عبدالله بن عمر أنه قال : ذكر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تصيبه جنابة من الليل، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( توضأ، واغسل ذكرك، ثم نم )) . ليست لفظة "عن" في هذا الإسناد للإجازة.
[ل185/أ]
__________
(1) قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (21/57):« قال صاحب كتاب "الإمام": قرأت...»، فذكر هذا الإسناد.
(2) وهو المعروف بـ"ابن حنين" المترجم في "السير" (21/56).
(3) وهو في"الموطأ" (1/47 رقم76) كتاب الطهارة، باب وضوء الجنب إذا أراد أن ينام أو =
= يطعم قبل أن يغتسل.(3/190)
وقرأت عاليًا على أبي [الحسين](1) يحيى بن علي الحافظ : أنا أبوالقاسم هبةالله بن علي بن سعود بن ثابت [الخزرجي](2) الأديب - قراءة عليه -، أنا أبوصادق مرشد بن يحيى بن/ القاسم المديني العدل - قراءة عليه وأنا أسمع سنة سبع عشرة وخمسمائة -، أنا أبوالحسن محمد بن الحسين النيسابوري، ثنا أبوالحسن محمد بن عبدالله بن زكريا بن حيويه النيسابوري - لفظًا -، ثنا أبوعبدالرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي(3)، أنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ذكر عمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تُصيبه جنابة من الليل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((توضأ، واغسل ذكرك ثم نم )) . أخرجوه(4) إلا الترمذي، وابن ماجه. ورواه
النسائي(5) من حديث مالك.
ورواه سفيان، عن عبدالله بن دينار.وأخرجه ابن خُزيمة(6) عن أحمد بن عَبدة، عن سفيان،عن عبدالله بن دينار،عن ابن عمر،عن عمر- رضي الله عنه -:أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال : ((ينام ويتوضأ إن شاء )) . وهذا لفظ آخر.
__________
(1) في الأصل :" الحسن"، وأبو الحسين هذا هو الرشيد العطار، وروى عنه المؤلف كثيرًا. انظر على سبيل المثال (ص 429) من المجلد الثاني.
(2) في الأصل :"الحرري"، والتصويب من "سير أعلام النبلاء" (21/390 رقم197)، وقد تقدم مرارًا. انظر على سبيل المثال (ص 261و338) من المجلد الثاني.
(3) والنسائي أخرجه في "سننه" (1/140 رقم260) في الطهارة، باب وضوء الجنب وغسل ذكره إذا أراد أن ينام، وسيشير المصنف إلى ذلك.
(4) أخرجه البخاري (1/393 رقم290) في كتاب الغسل، باب الجنب يتوضأ ثم ينام، ومسلم (1/249 رقم306/25) كتاب الحيض، باب جواز نوم الجنب...، وأبو داود (1/150 رقم221) كتاب الطهارة، باب في الجنب ينام، وتقدم عزوه للنسائي.
(5) كما تقدم.
(6) في "صحيحه" (1/106 رقم211).(3/191)
وروى ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة قبل أن ينام. أخرجه مسلم(1).
وأخرجه النسائي(2) من حديث الليث، عن ابن شهاب.
وأخرجه البخاري(3) من حديث يحيى - هو ابن أبي كثير -، عن أبي سلمة قال : سألت عائشة رضي الله عنها : أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرقد وهو جنب ؟ [قالت](4) : نعم ويتوضأ.
ورواه النسائي(5) من حديث يحيى.
وروى عبيدالله- هو ابن عمر-،عن نافع، عن ابن عمر:أن عمر - رضي الله عنه - قال: يارسول الله! أيرقد أحدنا وهو جنب ؟ قال : (( نعم إذا توضأ )) . رواه يحيى بن
سعيد وابن نمير وأبوأسامة، عن عُبيدالله، وأخرجه مسلم(6) من حديثهم عنه.
وروى ابن جريج(7)، أخبرني نافع، عن ابن عمر : أن عمر - رضي الله عنه - استفتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال : هل ينام أحدنا وهو جُنُب ؟ فقال : (( نعم، ليتوضأ، ثم لينم حتى يغتسل إذا شاء )) .
وأخرجه البخاري(8) من حديث الليث، عن نافع، عن ابن عمر، ولفظه: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيرقد أحدنا وهو جنب ؟ قال: (( نعم إذا توضأ أحدكم فليرقد وهو جنب )) .
وأخرجه أيضًا(9) من حديث جويرية عن نافع.
__________
(1) في الموضع السابق من "صحيحه" (1/248 رقم305).
(2) في الموضع السابق من "سننه" (1/139 رقم258).
(3) في "صحيحه" (1/392 رقم286) كتاب الغسل، باب كينونة الجنب في البيت إذا توضأ قبل أن يغتسل.
(4) في الأصل :" قال" والتصويب من المرجع السابق.
(5) في الموضع السابق رقم (259).
(6) في الموضع السابق رقم (306).
(7) رواية ابن جريج في الموضع السابق من "صحيح مسلم" (1/249 رقم 306/24).
(8) في "صحيحه" (1/392 رقم 287) كتاب الغسل، باب نوم الجنب.
(9) في "صحيحه" (1/393 رقم289) كتاب الغسل، باب الجنب يتوضأ ثم ينام.(3/192)
وروى حماد بن سلمة، عن عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر، عن عمار قال : قدمتُ على أهلي ليلاً من سفر وقد تشقَّقَت يداي، فَخَلَّقوني بزعفران، فغدوت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلمت عليه، فلم يرد عليَّ، ولم يرحب بي، وقال : (( اغسل هذا عنك )) . فذهبت فغسلته، ثم جئت فسلمت عليه، فردَّ عليّ ورَحَّبَ بي، ثم قال : (( إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر، ولا الْمُضَمَّخ بالزعفران، ولا الجُنب، ورخص للجنب إذا أكل أوشرب أو نام أن يتوضأ وضوءه للصلاة ))(1).
ورواه الطحاوي(2) مختصرًا من حديث حماد بإسناده إلى عمار بن ياسر قال : رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للجنب إذا أراد أن ينام، أو يشرب، أو يأكل أن يتوضأ وضوءه للصلاة.
__________
(1) لم يذكر هنا من أخرج هذه الرواية،وقديكون الطبراني أخرجها كما في عزو المصنِّف الآتي إليه. وقد أخرجها الإمام أحمد في "المسند" (4/320)، وأبوداود في "سننه" (4/402-403رقم 4176) في الترجل، باب في الخلوق للرجال، ولفظ أبي داود أقرب إلى سياق =
= المصنِّف، إلا أنه قال :"فذهبت فغسلته، ثم جئت وقد بقي علي منه رَدْعٌ". ويبدو أن المصنِّف ذكر هذه الزيادة، وأنها سقطت كما يفهم من تفسيره الآتي لكلمة "ردع".
(2) في "شرح معاني الآثار" (1/127 رقم783).(3/193)
وروى الحافظ أبوالقاسم الطبراني في"معجمه الكبير"(1)عن علي بن عبدالعزيز وأبي مسلم [الكشي](2)، عن حجاج بن منهال، عن حمَّاد بن سلمة(3).
__________
(1) مسند عمار بن ياسر في الجزء المفقود من "المعجم الكبير".
(2) في الأصل :" الليثي"، والصواب ماأثبته، وقد تقدم مرارًا.
(3) كذا في الأصل لم يذكر باقي الحديث ! فقد يكون قصد الرواية الأولى حينما قال:" وروى حماد بن سلمة عن عطاء الخراساني..." الخ ؛ فإنه لم يذكر هناك من أخرج تلك الرواية، بل أعقبها برواية الطحاوي، ثم ذكر الطبراني هنا على أنه الذي أخرج تلك الرواية - فيما يظهر-، فإن المصنف يصنع هذا أحيانًا كما نبهت عليه في المقدمة (ص 72 و73)، وانظر التعليق رقم (5) في الصفحة السابقة.(3/194)
ورواه(1) عن إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبدالرزاق(2)، عن معمر، عن عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر قال : قدم عمار بن ياسر من سفر، فَضَمَّخَهُ أهله بصفرة. قال: ثم جئت فسلمت على النبي(3) - صلى الله عليه وسلم -،فقال: (( وعليك السلام، اذهب فاغتسل )) . قال : فذهبت فاغتسلت، ثم رجعت وبي صُفْرَة، فقلت : السلام عليكم، فقال : (( وعليك السلام، اذهب فاغتسل )) . قال : فذهبت فاتخذت نشَفة(4) فدلكت بها جلدي، حتى ظننت أني قد أنقيت، ثم أتيته، فقلت : السلام /عليكم، فقال : (( وعليك السلام، اجلس )) . ثم قال: (( إن الملائكة لا تحضر جنازة كافر بخير، ولا جنبًا حتى يغتسل [أو يتوضأ](5) وضوءه للصلاة، ولا مُتَضَمِّخًا بصفرة )) .
[ل185/ب]
__________
(1) أي الطبراني، وروايته هذه أيضًا في الجزء المفقود.
(2) أخرج عبدالرزاق هذه الرواية في موضعين من"مصنفه"، في(1/281رقم1087)، و(4/320 رقم7936)، إلا أنه في الرواية الأولى قال :" فأخذت شقفة "، وقال المحقق : « في الأصل : "تسفة"، والصواب:"شقفة"» ا.هـ. مع أنه أثبتها في الموضع الثاني هكذا : "نشفًا"، فلا يبعد أن تكون لفظة "تسفة" تصحفت من "نشفة"، أو أنه لم يحسن قراءة النص في المخطوط.
(3) في الأصل :" رسول الله"، ثم صوبت هكذا في الهامش.
(4) ضبطت في الأصل بإسكان الشين وفتحها، وكتب فوقها :" معًا "؛ أي : أنها ضبطت بالوجهين، وهو كذلك كما في "لسان العرب" (9/330).
(5) في الأصل :" ويتوضأ"، والتصويب من "المصنف".(3/195)
قوله :" رَدْع": بفتح الراء، وسكون الدال المهملتين، وبعدها عين مهملة أيضًا، وهو أثر الزعفران. يقال : ثوب رديع ؛ أي : مصبوغ، وقد ردعه بالزعفران. وفي حديث حُذيفة(1):"فَرُدِعَ لها ردعَة "؛ أي: وَجِم لها حتى تغير لونه ؛ أي : إلى الصفرة كالزعفران. وقوله :"أخذت نشفة(2)"- بالنون والشين المعجمة، بعدها فاء -: هي واحدة النشفة، وهي حجارة سود كأنها محترقة. وقال أبوعمرو(3):" هي الحجارة السود التي تُدلك بها الرِجل ". وفي الأثر عن حذيفة(4):" أتتكم الداهية ترمي بالنشف ".
وروى الطحاوي(5) عن ربيع الجيزي، عن ابن أبي مريم : أنا ابن لهيعة ويحيى بن أيوب ونافع بن يزيد نحو ذلك، عن ابن الهاد، عن عبدالله بن خَبَّاب، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قلت : يارسول الله! أصيب(6) أهلي وأُريد النوم ؟ قال : (( توضأ وارقد )) .
و"خَبَّاب": بالخاء المعجمة، وتشديد الباء الموحدة بعدها.
وروى مالك(7) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنها كانت تقول :" إذا أصاب أحدكم المرأة ثم أراد أن ينام قبل أن يغتسل، فلا ينم حتى يتوضأ وضوءه للصلاة ".
وروى مالك(8) أيضًا عن نافع:أن عبدالله بن عمر كان إذا أراد أن ينام أو يطعم وهو جنب، غسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ومسح برأسه، ثم طعم أو نام.
__________
(1) ذكره أبوعبيد في "الغريبين" (2/418) ولم يعزه لأحد.
(2) كذا في الأصل، وقد تقدم أنها "فاتخذت نشفة".
(3) نقله بنحوه أبوعبيدفي"غريب الحديث"(2/232)،وابن منظورفي"لسان العرب" (9/330).
(4) أخرجه أبوعبيد في "غريب الحديث" (2/232) بلفظ :" أتتكم الدهيماء...".
(5) في "شرح معاني الآثار" (1/127 رقم784).
(6) كذا في الأصل، وفي "شرح معاني الآثار" :"أصبت".
(7) في"الموطأ"(1/47-48 رقم77)كتاب الطهارة، باب وضوء الجنب إذا أراد أن ينام....
(8) في الموضع السابق برقم (78).(3/196)
ذكر من قال بأن هذا الأمر للاستحباب
روى أبوإسحاق، عن الأسود - وهو ابن يزيد -، عن عائشة رضي الله عنها قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء. أخرجه الأربعة(1).
ورواه الطحاوي(2) من حديث أبي الأحوص، قال : حدثنا أبوإسحاق، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رجع من المسجد صلى ماشاء الله، ثم مال إلى فراشه وإلى أهله، فإن كان له حاجة قضاها، ثم ينام كهيئته، ولا يمس ماء.
ورواه أيضًا(3) من حديث أبي بكر ابن عياش، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، ولفظه : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجنب ثم ينام، ولا يمس ماء حتى يقوم بعد ذلك فيغتسل.
ورواه هُشيم(4)، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق.
ورواه [عبيدالله](5) بن عمرو(6)، عن الأعمش.
ورواه الطحاوي(7)
__________
(1) أخرجه أبو داود (1/154 رقم228) في كتاب الطهارة، باب في الجنب يؤخر الغسل،=
= والترمذي (1/202 رقم 118 و119) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الجنب ينام قبل أن يغتسل، وابن ماجه (1/192 رقم581-583) كتاب الطهارة وسننها، باب في الجنب ينام كهيئته لا يمس ماء، والنسائي في "الكبرى" (5/332 رقم9052-9054) كتاب عشرة النساء، باب ماعليه إذا أراد أن ينام.
(2) في "شرح معاني الآثار"(1/125رقم758).
(3) في الموضع السابق برقم (759 و760).
(4) وروايته عند الطحاوي في الموضع السابق برقم (761).
(5) في الأصل :" عبدالله" والتصويب من "شرح معاني الآثار".
(6) عند الطحاوي في الموضع السابق برقم (762).
(7) في الموضع السابق رقم(763)،وقد أخرجه مسلم في"صحيحه"(1/510رقم739/129)=
= في صلاة المسافرين، باب صلاة الليل، وعدد ركعات النبي r...، من طريق زهير، به دون قوله :" قبل أن يمس ماءً". وأخرجه البيهقي في "سننه" (1/201-202) بنحو سياق الطحاوي، ثم قال :« أخرجه مسلم في "الصحيح" عن يحيى بن يحيى وأحمد بن يونس، دون قوله :" قبل أن يمس ماءً"؛ وذلك لأن الحفاظ طعنوا في هذه اللفظة، وتوهموها مأخوذة عن غير الأسود، وأن أبا إسحاق ربما دلس، فرأوها من تدليساته، واحتجوا على ذلك برواية إبراهيم النخعي وعبدالرحمن بن الأسود، عن الأسود، بخلاف رواية أبي إسحاق ».(3/197)
من جهة زهير،حدثنا أبوإسحاق قال: أتيت الأسود بن يزيد - وكان لي أخًا وصديقًا -، فقلت : ياأباعمرو ! حدثني ماحدثتك عائشة أم المؤمنين عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: قالت: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم -
ينام أول الليل، ويُحيي آخره، ثم إن كان له حاجة قضى حاجته، ثم ينام قبل أن يمس ماء، فإذا كان عند النداء الأول وثب - وماقالت : قام -، فأفاض عليه الماء - وماقالت : اغتسل، وأنا أعلم ماتريد -، وإن كان جنبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة (1).
وذكر شيخنا(2) عن يزيد بن هارون قال :«" هذا الحديث وهم - يعني حديث أبي إسحاق -". وقال الترمذي(3):" يرون أن هذا غلط من أبي إسحاق ". وقال سفيان الثوري(4):" فذكرت الحديث يومًا - يعني حديث أبي إسحاق -، فقال لي إسماعيل :[يا فتى ! تشدّ](5) هذا الحديث بشيء"؟». انتهى مانقله.
[ل186/أ]
__________
(1) كذا في الأصل، وهو كذلك في "شرح معاني الآثار"، وقد حاول الطحاوي في إزالة الإشكال الذي في متنه، ويوضحه رواية البيهقي المذكورة في التعليق السابق، وفيها : "وإن لم يكن له حاجة توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى ركعتين "، وهذا أجود من سياق الطحاوي.
(2) أي المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/154).
(3) في "سننه" (1/203).
(4) قول سفيان الثوري هذا أخرجه ابن ماجه في "سننه" (1/192) عقب الحديث رقم (583) في الطهارة وسننها، باب في الجنب ينام كهيئته لا يمس ماء.
.
(5) في الأصل :" يا بني ليس "، والتصويب من "مختصر سنن أبي داود"، وفي "سنن ابن ماجه": "يافتى يُشَدّ ".(3/198)
وذكر الخلال عن مُهَنَّا :« سألت أحمد عن حديث أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - /ينام جنبًا لا يمس ماء، قال :" ليس صحيحًا "(1). قلت : لم ؟! قال :" لأن شعبة روى عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة"(2). قلت : مِن قِبَل مَن جاء هذا الاختلاف ؟ قال : مِن قِبَل أبي إسحاق....، الحديث »، ثم قال(3):« وسألت أحمد بن صالح عن هذا الحديث، فقال :" لا يحل أن يروى هذا الحديث". قال أبوعبدالله :" الحكم يرويه مثل قصة أبي إسحاق، ليس عن الأسود :" الجنب يأكل "». قال الأثرم(4):« وقد روى أبوإسحاق عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجنب ثم ينام قبل أن يمس ماء. فلو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا إبراهيمُ وحده عن الأسود، كان أثبت وأعلم بالأسود، ثم وافق إبراهيمَ عبدُالرحمن بن الأسود(5)، ثم وافقهما فيما رويا : أبو سلمة وعروة عن عائشة، ثم وافق ماصح عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل مارواه أبوإسحاق عن الأسود(6)». قال : « ورواية عطاء عن عائشة مالا يحتج به، إلا أن يقول :" سمعت "، ولو قال في هذا :" سمعت " كانت تلك الأحاديث أقوى ».
__________
(1) عبارة أحمد هذه نقلها الحافظ في "التلخيص الحبير" (1/245) هكذا :" ليس بصحيح".
(2) سيأتي تخريج هذا الحديث (ص 91 -92).
(3) أي : مُهَنَّا. وقول أحمد بن صالح ذكره الحافظ في الموضع السابق.
(4) قول الأثرم هذا نقله الحافظ في المرجع السابق مقتصرًا على أوله.
(5) ورواية عبدالرحمن بن الأسود أخرجها البيهقي في "سننه" (1/202).
(6) كذا في الأصل !!(3/199)
قلت : ليس يتبين على طريقة الفقهاء وهم أبي إسحاق بما قيل ؛ فإن الثقة إذا روى اعتُمِدَت روايتُه إلا بِعِلَّةٍ بَيِّنَة، والأحاديث التي ذكرها على قسمين : أحدهما : الأمرُ بالوضوء قبل النوم. والثاني : فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -. فأما الأمر، فيمكن أن يُحمل على الاستحباب، ويحمل الفعل على بيان الجواز، ولا تعارض، ولا دليل على الوهم. وأما الفعل، فليس يدل على الوجوب بمجرده، ويمكن أن يكون الأمران جميعًا وقعا، فالفعل لبيان الاستحباب، والترك لبيان الجواز، وقد تعاضدت رواية أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها برواية عبدالملك، عن عطاء، عنها.
فصل في أكل الجنب
روى مسلم(1) من حديث شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان جنبًا وأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه [للصلاة](2).
وأخرجه أبوداود(3)، والنسائي(4)، وابن ماجه(5)، ولفظه عند أبي داود : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يأكل أو ينام توضأ - تعني وهو جنب -.
وفي لفظ النسائي(6): توضأ وضوءه للصلاة.
__________
(1) في "صحيحه" (1/248 رقم305/22) كتاب الحيض، باب جواز نوم الجنب واستحباب الوضوء له...
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "صحيح مسلم".
(3) في "سننه" (1/151-152 رقم224) كتاب الطهارة، باب من قال يتوضأ الجنب.
(4) في "سننه" (1/138 رقم255) كتاب الطهارة، باب وضوء الجنب إذا أراد أن يأكل.
(5) في "سننه" (1/194 رقم591) كتاب الطهارة وسننها، باب في الجنب يأكل ويشرب.
(6) هو أحد لفظي النسائي، واللفظ الآخر :" توضأ" فقط، ولم يذكر :" وضوءه للصلاة ".(3/200)
وذكر الخلال في كتابه عن أحمد :« قال يحيى بن سعيد : رجع شعبة عن هذا الحديث ؛ عن قوله :" أو يأكل "». رواه عن محمد بن الحسين ؛ أن الفضل حدثهم، قال : ثنا أحمد، ثنا عَبْدَة ووكيع وغندر، عن شعبة...، فذكره، وفيه :" إذا أراد أن ينام أو يأكل وهو جنب توضأ ".
وفي كتابه أيضًا عن أحمد بن القاسم قال : سمعت أباعبدالله يقول :" إذا أراد أن ينام فليتوضأ وضوءه للصلاة على الحديث، ثم ينام. فأما إذا أراد أن يطعم، فليغسل يديه ويمضمض ويطعم ؛ لأن الأحاديث في الوضوء لمن أراد النوم ". قال :" وبلغني أن شعبة ترك حديث الحكم بآخرة، فلم يحدث به في: من أراد أن يطعم ؛ وذلك لأنه ليس يقوله غيره، إنما هو في النوم ".
وروى أبوبكر ابن خزيمة(1) من حديث محمد بن يحيى والعباس بن أبي طالب قالا: ثنا إسماعيل بن أبان الوراق، ثنا أبو أويس، عن شرحبيل - وهو ابن سعد أبوسعد -، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجنب : هل يأكل أو ينام ؟ قال : (( إذا توضأ وضوءه للصلاة )) .
[ل186/ب]
ورواه النسائي(2) من حديث يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ، وإذا أراد أن يأكل غسل يديه./ رواه عن محمد بن عبيد بن محمد، عن عبدالله بن المبارك، عن يونس.
__________
(1) في "صحيحه" (1/108 رقم217).
(2) في "سننه" (1/139 رقم256) كتاب الطهارة، باب اقتصار الجنب على غسل يديه إذا أراد أن يأكل.(3/201)
ورواه أيضًا(1) عن [سويد](2) بن نصر، عن عبدالله - هو ابن المبارك -، ولفظه : عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ، وإذا أراد أن يأكل أو يشرب قالت : غسل يديه، ثم يأكل ويشرب(3).
وروى أبوداود(4) من حديث يحيى بن يَعْمرَ، عن عمَّار بن ياسر - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للجنب إذا أكل أو شرب أو نام أن يتوضأ. قال أبوداود : «بين يحيى بن يعمر وعمار بن ياسر في هذا الحديث رجل. وقال علي بن أبي طالب وابن عمر وعبدالله بن عمرو :" الجنب إذا أراد أن يأكل توضأ "».
وأخرجه الترمذي(5) من حديث يحيى بن يعمر، عن عمار، وفيه : وضوءه للصلاة. وقال :" هذا حديث حسن صحيح ".
وروى ابن خزيمة(6) من حديث يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يطعم وهو جنب غسل يديه، ثم يطعم.
"الأيلي"- بفتح الهمزة، ثم ياء آخر الحروف ساكنة -: نسبة إلى أَيْلَةَ.
فصل في حكم دخول الجنب المسجد
__________
(1) في الموضع السابق رقم (257).
(2) في الأصل :"سعيد" والتصويب من " سنن النسائي".
(3) كذا في الأصل، وفي "سنن النسائي":"أو يشرب".
(4) في "سننه" (1/152 رقم 225) كتاب الطهارة، باب من قال : يتوضأ الجنب، و(4/402 رقم4176،4177) كتاب الترجل، باب في الخلوق للرجال، و(5/8 رقم4601) كتاب السنة، باب ترك السلام على أهل الأهواء. إلا أن الرواية رقم (4177) فيها :"... سمع يحيى بن يعمر يخبر عن رجل أخبره عن عمار بن ياسر ".
.
(5) في "سننه" (2/511-512رقم613) أبواب الصلاة، باب ماذكر في الرخصة للجنب في الأكل والنوم.
(6) في "صحيحه" (1/109 رقم218).(3/202)
روى أبوداود(1) من حديث أَفْلَت، عن جَسْرَة بنت دجاجة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال : (( وجِّهوا هذه البيوت عن المسجد )) . ثم دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يصنع القوم شيئًا، رجاء أن تنزل فيهم رخصة، فخرج إليهم، فقال: (( وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب )). أخرجه أبوداود في "سننه".
وأخرجه البخاري في"التاريخ الكبير"(2)، وفيه زيادة، وذكر بعده حديث
عائشة رضي الله عنها : (( سدوا هذه الأبواب إلا باب أبي بكر ))، ثم قال: "وهذا أصح".
وروى هذا الحديث عن جَسْرة : أَفْلَتُ بن خليفة(3). وروى عنها قدامة ابن عبدالله بن عبدة العامري الهذلي الكوفي في ترديدالنبي - صلى الله عليه وسلم - :{ إن تعذبهم فإنهم عبادك }(4)، وهو في كتاب النسائي(5).
قال البزار(6):" ولا نعلم حدَّث عنها غير قدامة "، وقد تبين أن أَفلَت حدث عنها. ورأيت في كتاب "الوهم والإيهام"(7) للحافظ أبي الحسن ابن القطان المقروء عليه :" دِجاجة"- بكسر الدال -، وعليه :"صح"، [وكتب](8) الناسخ في الحاشية : "بكسر الدال بخلاف واحدة الدجاج".
__________
(1) في "سننه" (1/157-158 رقم232) كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد.
(2) 2/67) بزيادة :"...إلا لمحمد وآل محمد ".
(3) وهي الرواية السابقة.
(4) سورة المائدة، آية (118).
(5) "سنن النسائي" (2/177 رقم 1010) كتاب الافتتاح، باب ترديد الآية.
(6) في "مسنده" (9/449-451 رقم4062).
(7) لم يذكر محقق "بيان الوهم والإيهام" أن هناك شيئًا بالحاشية (5/327 و331-332 رقم2500 و2508 و2509).
(8) في الأصل :" وكسر ".(3/203)
قال شيخنا(1):« وقال الخطابي(2): "وضعفوا هذا الحديث، وقالوا : أفلت -[راويه](3) - مجهول لايصح الاحتجاج به (4). وفيما حكاه الخطابي - رضي الله عنه - أنه مجهول نظر، فإنه أفلَت بن خليفة، ويقال : فُلَيت بن خليفة العامري- ويقال : الذهلي -، كنيته : أبوحسان، حديثه [في](5) الكوفيين. روى عنه سفيان بن سعيد الثوري، وعبدالواحد بن زياد، وقال الإمام أحمد بن حنبل(6) رحمه الله تعالى :" ماأرى به بأسًا "، وسُئل عنه أبوحاتم الرازي فقال(7):" شيخ ". وحكى البخاري(8) أنه "سمع من جَسْرة بنت دِجاجة". وقال البخاري(9):" وعند جسرة عجائب "». انتهى.
و"جسرة بنت دِجاجة" قال فيها الكوفي(10):" تابعية ثقة ". قال ابن القطان(11): " وقول البخاري : إن عندها عجائب لا يكفي [ لمن ](12) يسقط مَا رَوَتْ ". وحكم ابن القطان(13) بأن هذا الحديث حسن.
قيل : و "وجوه البيوت ": أبوابها. ومعناها : اصرفوا أبوابها عن المسجد.
[ل187/أ]
فصل في طهارة بدن الْجُنُب وعَرَقه
__________
(1) أي : المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/158).
(2) في "معالم السنن" المطبوع مع المرجع السابق.
(3) في الأصل :" رواية "، والتصويب من المرجعين السابقين.
(4) في المرجعين السابقين :" بحديثه " بدل :" به ".
(5) في الأصل :"عن" والتصويب من "مختصر سنن أبي داود".
(6) كما في "العلل ومعرفة الرجال" (3/136 رقم4592) لابنه عبدالله.
(7) كما في "الجرح والتعديل" (2/346 رقم1316).
(8) في "التاريخ الكبير" (2/67 رقم1710).
(9) في الموضع السابق.
(10) أي : العجلي في "معرفة الثقات"(2/450 رقم2326).
(11) في "بيان الوهم والإيهام" (5/331).
(12) في الأصل :"من" والمثبت من "بيان الوهم والإيهام".
(13) في الموضع السابق.
.(3/204)
روى حميد، عن بكر، عن أبي رافع، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيه في بعض طريق المدينة -[ وهو جنب](1) -، فانْبَجَسْتُ(2) منه، فذهب فاغتسل، ثم جاء فقال : (( أين كنت ياأباهريرة؟! )) قال : كنت جنبًا، فكرهتُ أن أُجَالِسك وأنا على غير طهارة، فقال : (( سبحان الله ! إن المؤمن(3) لا ينجس )). وهذا لفظ البخاري(4) من رواية يحيى، عن حميد.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"صحيح البخاري".
(2) كذا في الأصل :" فانبجست"، وقال الحافظ في الفتح (1/390) :" وهذه أيضًا رواية الأصيلي وأبي الوقت وابن عساكر.ا.هـ. وفي المطبوع من "صحيح البخاري": "فانخنست".
(3) في "صحيح البخاري" المطبوع :" إن المسلم"، والذي ذكره المصنف هنا جاء في بعض نسخ البخاري ؛ فإن الرشيد العطار ساق هذا الحديث بسنده في "غرر الفوائد" رقم (14) من طريق البخاري هكذا :" إن المؤمن ".
(4) في "صحيحه" (1/390 رقم 283) كتاب الغسل، باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس.(3/205)
وهذا الحديث في كتاب مسلم(1) من رواية حميد، عن أبي رافع، وقيل: إنه منقطع فيما بين حميد وأبي رافع(2)؛ لأن مسددًا رواه عن يحيى بن سعيد وبشر، عن حميد، عن بكر، عن أبي رافع. ذكره أبوداود(3)، و[قَال](4): "في حديث بشر : حدثني حميد، قال : حدثني بكر". وذكره البخاري(5) أيضًا عن محمد بن المثنى، عن يحيى بن سعيد، عن حميد، قال : حدثنا بكر بن عبدالله المزني، عن أبي رافع.
وذكره ابن السكن أيضًا من رواية عبدالرحمن بن بشر بن الحكم، عن يحيى بن سعيد، عن حميد، عن بكر، عن أبي رافع، فقيل : إنما قصر به عن يحيى بن سعيد : زهير بن حرب ؛ أسقط منه بكرًا من بينهما.
__________
(1) "صحيح مسلم" (1/282 رقم371) كتاب الحيض، باب الدليل على أن المسلم لا ينجس.
(2) ولكنه جاء موصولاً في بعض نسخ "صحيح مسلم" كما نبّه عليه الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" (10/385)، وانظر ذلك أيضًا في الحديث (14) من "غرر الفوائد المجموعة" للرشيد العطار وتعليقي عليه.
(3) في "سننه" (1/156-157 رقم231) كتاب الطهارة، باب في الجنب يصافح.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والسياق يقتضيه ؛ لأن الكلام بعده لأبي داود في الموضع السابق.
(5) كذا قال :" وذكره البخاري أيضًا عن محمد بن المثنى عن يحيى بن سعيد "! ولم أجد رواية محمد بن المثنى هذه عن يحيى بن سعيد، ولم يذكرها المزي في "تحفة الأشراف" (10/385 رقم14648). فأخشى أن يكون "محمد بن المثنى" تصحّف على المصنف عن "علي بن عبدالله"- وهو ابن المديني -، فإنه الذي روى البخاري في الموضع السابق الحديث من طريقه عن يحيى بن سعيد، وفي روايته قال حميد :" حدثنا بكر ".(3/206)
وفي رواية البخاري(1) من طريق عبدالأعلى، عن حميد بسنده، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا جنب، فأخذ بيدي، فمشيت معه حتى قَعدنا(2)، فانسللتُ، فأتيتُ الرحل فاغتسلت، ثم جئت وهو قاعد، فقال : ((أين كنت ياأباهريرة؟! )) (3) فقلت له، فقال : (( سبحان الله ! إن المؤمن
لا ينجس )). اللفظ للبخاري.
قرأت على أبي محمد عبدالمحسن بن إبراهيم - بقُوص -، عن أبي عبدالله محمد بن عبدالحميد بن صالح - فيما قرئ عليه وهو يسمع بقوص، قدم عليهم -، عن أبي الحسن علي بن أحمد بن أبي بكر الكناني، عن أبي عبدالله محمد بن فرج بن الطَّلاع، عن أبي الوليد يونس بن مغيث، عن أبي عيسى يحيى بن عبدالله، عن أبي مروان عبيدالله، عن أبيه يحيى بن يحيى، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : " كنت أُرَجِّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا حائض ".
ليست "عن" في هذا الحديث يراد بها الإجازة.
وروى النسائي(4) من حديث جرير، عن الشيباني، عن أبي بردة، عن حذيفة - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لقِيَ الرجل من أصحابه ماسحه ودعا له. قال : فرأيته يومًا بكرة، فَحِدْتُ عنه، ثم أتيته حين ارتفع النهار، فقال: (( إني رأيتك فحدت عني ! )) فقلت : إني كنت جنبًا، فخشيت أن تمسني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن المسلم لا ينجس )). رواه عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير.
__________
(1) في"صحيحه"(1/391رقم285) كتاب الغسل،باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره.
(2) كذا في الأصل، وفي "صحيح البخاري" :" قعد".
(3) كذا في الأصل، وفي "صحيح البخاري" :" أين كنت يا أبا هر ".
(4) في "سننه" (1/145 رقم267) كتاب الطهارة، باب مماسة الجنب ومجالسته.(3/207)
وروى النسائي(1) أيضًا من حديث واصل، عن أبي وائل، عن [حذيفة](2): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيه وهو جنب، فأهوى إليَّ، فقلت : إني جنب، فقال : (( إن المسلم لا ينجس )) .
وروى أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(3) عن سعيد بن عبدالرحمن المخزومي، عن سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن الرجل يأتي - يعني- أهله، ثم يلبس الثوب فيعرق فيه، نجسًا ذلك ؟ فقالت : قد كانت المرأة تُعِد(4) خرقة - أو خرقًا -فإذا كان ذلك مسح بها الرجل الأذى عنه، ولم ير أن ذلك ينجسه.
وروى أيضًا في "صحيحه"(5) من حديث عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه القاسم بن محمد، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : تتخذ المرأة خرقة، فإذا فرغ زوجها ناولته،[فيمسح](6) عنه الأذى، ومسحت عنها، ثم صليا في ثوبيهما.
وروى مالك(7) عن نافع : أن عبدالله بن عمر كان يعرق في الثوب وهو جنب، ثم يصلي فيه.
[ل187/ب]
باب صفة الغسل
__________
(1) في الموضع السابق برقم (268).
(2) في الأصل :"عبدالله"، والتصويب من "سنن النسائي".
(3) 1/142 رقم279).
(4) في الأصل :" قد تعد "، والتصويب من المرجع السابق.
(5) الموضع السابق برقم (280).
(6) في الأصل :"فتمسح" والتصويب من "صحيح ابن خزيمة".
(7) في "الموطأ" (1/52 رقم87) كتاب الطهارة، باب جامع غسل الجنابة.(3/208)
روى مالك(1) رحمه الله تعالى عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء، فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غَرَفات بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كله. رواه البخاري(2) والنسائي(3) من حديث مالك.
ورواه مسلم(4) من حديث أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، فيفرغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أنه قد استبرأ، حفن على رأسه ثلاث حَفنات، ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه.
ورواه جرير وعلي بن مُسْهِر وابن نمير(5) عن هشام، وليس في حديثهم غسل الرجلين.
وفي رواية وكيع عن هشام : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل من الجنابة فبدأ بغسل كفيه ثلاثًا، ولم يذكر غسل الرجلين.
وفي رواية زائدة عن هشام، أخبرني عروة، عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اغتسل من الجنابة، بدأ فغسل يديه قبل أن يدخل يده في الإناء، ثم توضأ مثل وضوئه للصلاة. أخرجهما مسلم(6).
__________
(1) في "الموطأ" (1/44 رقم67) كتاب الطهارة، باب العمل في غسل الجنابة.
(2) في "صحيحه"(1/360 رقم248) كتاب الغسل، باب الوضوء قبل الغسل.
(3) في "سننه" (1/134 رقم247) كتاب الطهارة، باب ذكر وضوء الجنب قبل الغسل.
(4) في "صحيحه"(1/253 رقم316) كتاب الحيض، باب صفة غسل الجنابة.
(5) وروايتهم عند مسلم في الموضع السابق بعد رقم (316/35).
(6) في الموضع السابق برقم (316/36) والذي بعده.(3/209)
ورواه البخاري(1) من حديث عبدالله، عن هشام، وفيه :" ثم يخلل [بيده](2) شعره، حتى إذا ظن أن قد أروى بشرته، أفاض عليه الماء ثلاث مرات..."، الحديث.
ورواه ابن خزيمة(3) من حديث حماد بن زيد، عن هشام، وفيه : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة يصب من الإناء على يده اليمنى يفرغ عليها ويغسلها، ثم يصب على شماله فيغسل فرجه، ويتوضأ وضوءه للصلاة(4)، ثم يدخل يده في الإناء، فيقول بيده في شعره هكذا يخلله بيده، حتى إذا رأى أنه قد مس بشرته الماء حثى على رأسه ثلاث حثيات، وأفضل في الإناء فضلاً فصبه عليه بعد مايفرغ.
وأخرجه البخاري(5) مختصرًا من حديث حماد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة غسل يده.
وروى ابن وهب قال: أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن قال : قالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل بدأ بيمينه، فصب عليها من الماء، فغسلها، ثم صب الماء على الأذى الذي به بيمينه، وغسل عنه بشماله، حتى إذا فرغ من ذلك صب على رأسه. [قالت](6) عائشة : كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد [ونحن جنبان](7). لفظ مسلم(8).
__________
(1) في "صحيحه"(1/382 رقم272) كتاب الغسل، باب تخليل الشعر حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من الموضع السابق.
(3) في "صحيحه" (1/121 رقم242).
(4) في "صحيح ابن خزيمة" :" كوضوئه للصلاة ".
(5) في "صحيحه"(1/374 رقم262) كتاب الغسل، باب هل يدخل الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها...
(6) في الأصل :" قال"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "صحيح مسلم".
(8) في "صحيحه" (1/256 رقم321) كتاب الحيض، باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.(3/210)
وروى ابن خزيمة(1) من حديث يزيد - وهو الرِّشْك بكسر الراء، وسكون الشين المعجمة، وبعدها كاف -، عن معاذة - وهي العدوية - قالت : سألت عائشة : أتغتسل المرأة مع زوجها من الجنابة من الإناء الواحد جميعًا ؟ فقالت : نعم، الماء طهور، ولا يجنب الماء شيء، ولقد كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإناء الواحد. قالت : أبدأُه فأفرغ على يديه من قبل أن يغمسهما في الماء.
حديث آخر : روى الأعمش(2)، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حدثتني [خالتي](3) ميمونة قالت : أدنيت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غِسله من الجنابة، فغسل كفيه مرتين أو ثلاثًا، ثم أدخل يده في الإناء، ثم أفرغ به على فرجه، وغسله /بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض، فدلكها دلكًا شديدًا، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه، ثم غسل سائر جسده، ثم تنحَّى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، ثم أتيته بالمنديل فردَّه.
[ل188/أ]
وروى هذا الحديث عن الأعمش جماعة : منهم [عيسى بن يونس](4)، وهذه [روايته](5) عند مسلم(6) بلفظها كاملة.
و"غِسله": ضُبط بكسر الغين، وهو مايغسل به.
ومنهم : وكيع (7).
__________
(1) في "صحيحه" (1/124-125 رقم251).
(2) وروايته عند مسلم كما سيأتي.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "صحيح مسلم".
(4) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل بمقدار كلمتين تقريبًا، والمثبت بالاجتهاد والنظر في الرواية السابقة عند مسلم.
(5) في الأصل :" رواية"، وانظر التعليق السابق.
(6) في "صحيحه" (1/254 رقم317/37) كتاب الحيض، باب صفة غسل الجنابة.
(7) روايته عند مسلم في الموضع السابق بعد رقم (317/37)، ولم يذكر المصنف متنها ؛ لأن مسلمًا أحال على رواية عيسى السابقة سوى بعض الفروق التي نبّه عليها.(3/211)
ومنهم : سفيان بن عُيينة (1)، وفيه : سترت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يغتسل من الجنابة، وفيه : فغسل فرجه وماأصابه، ثم مسح بيده الحائط والأرض، ثم توضأ وضوءه للصلاة غير رجليه، ثم أفاض على جسده الماء، ثم تنحى فغسل قدميه.
ورواه الإسماعيلي من حديث محمد بن منصور الجَوَّاز - وهو بفتح الجيم، وتشديد الواو، وآخره زاي -، عن سفيان بن عيينة، عن الأعمش بالسند بلفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين غَسَل فرجه مسح يده في الجدار، وحين قضى غسْله غَسَل رجليه لم يزد.
ورواه أيضًا من حديث سعيد بن عبدالرحمن، عن سفيان بسنده إلى ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : اغتسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجنابة، فغسل فرجه بيده، فلما فرغ من غَسْل فرجه، دلك يده بالحائط، ثم غسلها، فلما فرغ من غُسله غَسل قدميه. وقال (2):" قال فيه الحميدي : ثنا الأعمش ".
__________
(1) وروايته عند البخاري في "صحيحه" (1/387 رقم281) كتاب الغسل، باب التستر في الغسل عند الناس.
(2) كذا في الأصل ! ولعل الإسماعيلي رواه من طريق الحميدي عن سفيان بن عيينة، عن الأعمش، ونبّه على أن الحميدي قال في روايته له عن سفيان:"حدثنا الأعمش". وقد رواه الحميدي في "مسنده" (1/151 رقم316) كذلك، ومن طريقه رواه البخاري في "صحيحه" (1/372 رقم260) في الغسل، باب مسح اليد بالتراب لتكون أنقى.(3/212)
ومنهم: أبوحمزة - هو السُّكَّري -، رواه البخاري(1)، وفيه: وضعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غُسلاً، فسترته بثوب، وصب على يديه فغسلهما، ثم صب بيمينه على شماله فغسل فرجه، فضرب بيده الأرض، فمسحها، ثم غسلها، فتمضمض(2) واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه، ثم صب على رأسه، وأفاض على جسده، ثم تنحَّى فغسل قدميه، فناولته ثوبًا فلم يأخذه، فانطلق وهو ينفض يديه.
ومنهم : الفضل بن موسى، عن الأعمش، رواه البخاري(3)، وفيه : وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضوء الجنابة، فأكفأ بيمينه على شماله مرتين أو ثلاثًا، ثم غسل فرجه، ثم ضرب بيده الأرض أو الحائط مرتين أوثلاثًا، ثم تمضمض(4) واستنشق، وغسل وجهه وذراعيه،[ثم أفاض على رأسه الماء](5)، ثم غسل جسده، ثم تنحى فغسل رجليه....، الحديث.
ومنهم : عبدالواحد، وفيه : فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثًا، ثم أفرغ بيمينه على شماله، فغسل مذاكيره، وفيه - بعد غسل وجهه ويديه-: ثم غسل رأسه ثلاثًا. رواه البخاري(6).
__________
(1) في "صحيحه" (1/384 رقم276) كتاب الغسل، باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة.
(2) كذا في الأصل، وفي "صحيح البخاري" :" فمضمض".
(3) في الموضع السابق برقم (274) باب من توضأ من الجنابة ثم غسل سائر جسده....
(4) كذا في الأصل، وفي "صحيح البخاري" :" ثم مضمض".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "صحيح البخاري".
(6) في "صحيحه"(1/375 رقم265) كتاب الغسل، باب تفريق الغسل والوضوء.(3/213)
ومنهم : حفص بن غياث - بكسر الغين المعجمة، وبعدها المثناة من تحت، وآخره ثاء مثلثة -، وفي حديثه : عن ميمونة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل من الجنابة فغسل فرجه بيده، ثم دلك بها الحائط، ثم غسلها، ثم توضأ وضوءه للصلاة، فلما فرغ من غسله غسل رجليه لم يزد (1).
ومنهم : زائدة، عن الأعمش. قال الإسماعيلي :" قد بين زائدة أن قوله: "من الجنابة " ليس من قول ميمونة ولا ابن عباس، وإنما هو عن سالم (2). وفي
حديث زائدة زيادة ذكر تستره حتى اغتسل (3).
ومنهم : محاضر بن المورع.
[ل188/ب]
__________
(1) لم يذكر المصنف من أخرج رواية حفص هذه، والذي يظهر أنها عند الإسماعيلي في "المستخرج". وقد أخرجها البخاري في "صحيحه" (1/371-372 رقم259) في الغسل، باب المضمضة والاستنشاق في الجنابة، ولكن ليس هذا لفظه.
(2) ونقل الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/362) هذا عن الإسماعيلي، فقال :" وأشار الإسماعيلي إلى أن هذه الجملة الأخيرة مدرجة من قول سالم بن أبي الجعد، وأن زائدة بن قدامة بيّن ذلك في روايته عن الأعمش". ا.هـ. ويدل على ذلك صراحة : أن الدارمي أخرج رواية زائدة هذه في"مسنده"(1/191) كتاب الطهارة، باب في الغسل من الجنابة،=
= عن سليمان الأعمش، وفيها قال زائدة :" قال سليمان : فذكر سالم أن غسل النبي r هكذا كان من الجنابة ".
(3) ونص الزيادة في رواية الدارمي التي أشرت إليها :" قالت : فسترته حتى اغتسل ".(3/214)
قرأت على أبي القاسم [عبدالرحمن بن مكي - فيما قرئ على جده أبي الطاهر ](1) السِّلفي وهو شاهد -: أنا أبوغالب محمد بن الحسن بن أحمد الكرجي غير مرة : أنا أبوبكر محمد بن عمر بن بكير النجار المقرئ : أنا أبوإسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري، ثنا أبوعبدالله محمد بن وكيع الطوسي، ثنا محمد بن أسلم، ثنا مُحَاضر بن الْمُورع، ثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس، عن ميمونة رضي الله عنها قالت : وضعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - /غسلاً من الجنابة، فضرب بشماله على يمينه، فغسل يديه، ثم صب بيمينه على شماله فغسل فرجه، ثم ضرب بيده الأرض، ثم تمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ويديه، ثم غسل رأسه، ثم أفاض على جسده، ثم تنحى فغسل رجليه، فأتيته بمنديل فلم يَبْغِهِ، وجعل ينفض عنه الماء.
"مُحاضر": مضموم الميم، بعدها حاء مهملة، وبعد الألف ضاد مكسورة معجمة. و"الْمُوَرِّع": بضم الميم، وفتح الواو، وكسر الراء المهملة مشددة، وآخره عين مهملة.
فصل في الاكتفاء بثلاث حفنات على الرأس
عن أبي إسحاق، عن سليمان بن صُرَد، عن جبير بن مُطعم - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ذُكِرَ عنده الغسل من الجنابة فقال : (( أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثًا )). لفظ مسلم(2).
ورواه البخاري(3) من حديث زهير، عن أبي إسحاق، ولفظه : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثًا )) ،وأشار بيديه كلتيهما.
__________
(1) ما بين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل، فاستدركته من رواية المصنِّف المتقدمة (ص53) من طريق هذا الشيخ عن جده.
(2) في "صحيحه" (1/259 رقم327/55) كتاب الحيض، باب استحباب إفاضة الماء على الرأس وغيره ثلاثًا.
(3) في "صحيحه" (1/367 رقم254) كتاب الغسل، باب من أفاض على رأسه ثلاثًا.(3/215)
وعن هشيم(1) عن أبي [بشر](2)، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : أن وفد ثقيف سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إن أرضنا أرض باردة، فكيف بالغسل ؟ فقال : (( أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثًا )) .
وروى البخاري(3) رحمه الله من حديث شعبة، عن مُخَوَّل بن راشد، عن محمد بن علي، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفرغ على رأسه ثلاثًا.
"مُخَوَّل": بضم الميم، وفتح الخاء، بعدها واو مشددة مفتوحة.
وعن جعفر (4)، عن أبيه، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال :
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة صب على رأسه ثلاث حفنات من ماء. فقال له الحسن بن محمد : إن شعري كثير. قال جابر : فقلت له : يا ابن أخي ! كان شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من شعرك وأطيب.
ورواه البخاري(5) عن أبي نعيم، ثنا معمر بن يحيى بن سام، قال : حدثني أبوجعفر، قال : قال لي جابر : أتاني ابن عمك - يُعرض بالحسن بن محمد بن الحنفية - قال : كيف الغسل من الجنابة ؟ فقلت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ ثلاثة أَكُفّ، فيفيضها على رأسه، ثم يفيض على سائر جسده. فقال لي الحسن : إني رجل كثير الشعر، فقلت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر منك شعرًا.
فصل في المرأة لا تَنقُضُ شعر رأسها
__________
(1) رواية هشيم في الموضع السابق من "صحيح مسلم" برقم (328/56).
(2) في الأصل :"بشير"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(3) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (255).
(4) وروايته في الموضع السابق من "صحيح مسلم" برقم (329).
(5) في الموضع السابق برقم (256).(3/216)
عن عبدالله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قلت : يارسول الله ! إني امرأة أشد ضَفْر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة ؟ فقال : (( لا، أنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضي عليك الماء فتطهري )).
و"ضفر الرأس"- بفتح الضاد المعجمة وسكون الفاء -: نسج الشعر بعضه في بعض، ومنه ضفيرة المرأة ؛ تعني : الذُؤابة.
روى مسلم(1) هذا الحديث من حديث أبي بكر ابن أبي شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر،عن ابن عيينة، عن أيوب بن موسى،
عن سعيد بن أبي سعيد الْمَقْبُري، عن عبدالله بن رافع.
[ل189/أ]
وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(2) من حديث عبدالجبار بن العلاء وسعيد بن عبدالرحمن المخزومي، عن سفيان. وقال عبدالجبار :" فإذا أنتِ قد /طهرت"، ولم يقل :" فتطهرين " .
وفي روايةٍ عن عبدالرزاق، عن الثوري، عن أيوب بن موسى : فأنقضه للحيضة والجنابة؟ فقال : (( لا )). أخرجه مسلم(3) محيلاً على ماقبله.
ورواه(4)- محيلاً أيضًا - من حديث روح بن القاسم، عن أيوب بن موسى، وقال: فأَحُلَّه فأغسله من الجنابة ؟ ولم يذكر الحيضة.
__________
(1) في "صحيحه" (1/259 رقم330/58) كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة.
(2) 1/122 رقم246).
(3) في"صحيحه"(1/260 رقم330 بعد رقم58) كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة.
(4) في الموضع السابق بعد رقم (58).(3/217)
وذكر ابن أبي حاتم(1): سألت أبي عن حديث رواه الحسين بن حفص الأصفهاني، عن سفيان، عن أيوب بن موسى، عن سعيد المقبري، عن أبي رافع، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قلت : يارسول الله ! إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه من الجنابة ؟ قال : (( لا، أنما يكفيك ثلاث حثيات، ثم صبي عليك الماء فتطهري )) . فسمعت أبي يقول :" هذا خطأ، إنما هو : سعيد المقبري، عن عبدالله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "(2).
قلت:الذي ذكره أبوحاتم مصححًا له هو الذي في الصحيح كما قدمناه.
وروى الفقيه أبوبكر محمد بن أحمد بن الجهم الوراق المالكي في كتابه بسنده من حديث أسامة بن زيد،[عن](3) المقبري، عن أم سلمة رضي الله عنها: أن امرأة سألتها عن الغسل، فسألت لها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت : امرأة تشد ضفر رأسها، أفتنقضه لغسل الجنابة ؟ فقال : (( إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء، واغمزي قرونك عند كل حفنة، ثم تفيضي عليك من الماء فتطهري - أو فإذا أنتِ قد طهرتِ - )) .
__________
(1) في "علل الحديث" (1/71 رقم189).
(2) ظهر في الحاشية ما نصه :" أبو حاتم فيه نظر.. خ هو عبدالله بن رافع ".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من مصادر تخريج الحديث، فقد أخرجه أبوداود في "سننه" (1/174 رقم252) كتاب الطهارة، باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل؟ والدارمي في"سننه" (1/263)، والبيهقي في "سننه" (1/181)، جميعهم من طريق أسامة بن زيد الليثي عن سعيد بن أبي سعيد المقبري بنحو ما هنا.(3/218)
وروى الوليد بن مسلم، عن سالم الخياط قال: سمعت الحسن يقول: قالت أم سلمة : يارسول الله ! إني أمتشط، فأجمر رأسي إجمارًا شديدًا، فكيف أغتسل للجنابة والحيضة ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( تفيضين على رأسك ثلاث غرفات )) . أخرجه السَرَقُسْطي صاحب "الدلائل" عن محمد بن علي-هو الصائغ-، عن سعيد بن منصور،عن الوليد، وقال: الإجمار : إمرار العقص هَاهنا، وقد يقال في هذا: شَعْر مُجمر: إذا كان مُلبَّدًا، ويقال للذؤابة : الجمار، وللمرأة جماران، وهي كالضفيرة التي تُقبل على الوجه. قال الراجز(1):
غرَّك أن تقاربت أباعِري وقد خَشيتُ أن يُكبَّ قابري
ولم [تُخَنْظِيك](2) من الضرائر شَنظيرة شائلة الجمائر
"تقاربت"؛ أي : كَبَرت فصرت لا أقدر أن أرعى إبلي في البعد، ثم قال بعد ذلك : "تُخَنْطيك": تُسمِعُ بك وتُقطعك في الناس. "شائلة الجمائر": أي منتفشة ضفائر الشعر.
__________
(1) هو : جندل بن المثنى الحارثي، وقال هذه الأبيات وغيرها يخاطب فيها امرأته كما في "لسان العرب"(7/443).
(2) في الأصل :" يُخَنْطيك "، والتصويب من المرجع السابق، و"تهذيب اللغة" للأزهري =
= (3/356)،وتأتي أيضًا بالعين والحاء بدل الخاء، وجميعها تطلق على المرأة الفاحشة البذيئة.(3/219)
وروى(1) إسماعيل بن عُلَيّة عن أيوب، عن أبي الزبير، عن عبيد بن عمير قال : بلغ عائشة رضي الله عنها أن عبدالله بن [عمرو](2)رضي الله عنهما يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، فقالت : ياعجبًا لابن [عمرو!](2)(3) يأمر النساء إذا اغتسلن [أن](4) ينقضن رؤوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن ؟! لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، وما أزيد(5) على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات.
وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(6) من حديث عبدالوارث بن سعيد، عن أيوب، وابن عُلَيَّة عنه أيضًا، وفيه : يأمر نساءه أن ينقضن رؤوسهن إذا اغتسلن من الجنابة. فقالت : ياعجباه لابن عمرو هذا !! قد كلفهن تعبًا...، وفيه : فما أزيد على ثلاث حثيات(7)- أو قال : ثلاث غرفات-. رواه عن عمران بن موسى القزاز، عن عبدالوارث بن سعيد، عن أيوب، وقال(8): "هذا حديث عبدالوارث". قال :" وليس في حديث ابن عُلية : نَشْرَع فيه جميعًا، وقال فيه : فما أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات ".
__________
(1) لم يذكر المصنف من أخرجه، وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" (1/260 رقم331) كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة، وهذا لفظه عدا الفروق المذكورة.
(2) في الأصل :"عمر" والتصويب من "صحيح مسلم" والموضع الآتي من "صحيح ابن خزيمة".
(3) في "صحيح مسلم" :" لابن عمرو هذا ".
(4) في الأصل :" إذا " والتصويب من "صحيح مسلم".
(5) في "صحيح مسلم" المطبوع :" ولا أزيد"، وقد عزاه الزيلعي في "نصب الراية" (1/80) لمسلم فقط، وفيه :" وما أزيد " كما هنا.
(6) 1/123 رقم247).
.
(7) كذا في في الأصل، وفي "صحيح ابن خزيمة" :"حفنات".
(8) أي : ابن خزيمة.(3/220)
وروى مالك(1): أنه بلغه أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها سُئلت عن غسل المرأة من الجنابة، فقالت : لتحفن على رأسها ثلاث حفنات [من الماء](2)، ولتضغث رأسها بيدها(3).
" تَضْغَث"- بفتح التاء، والغين المعجمة، وسكون الضاد المعجمة، وآخره ثاء مثلثة -: تَضُمّه وتجمعه وتخرجه وتغمزه عند غسلها (4).
[باب التيمم](5)
__________
(1) في "الموطأ" (1/45 رقم70) كتاب الطهارة، باب العمل في غسل الجنابة.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"الموطأ".
(3) كذا في الأصل، وفي "الموطأ" :" بيديها".
(4) إلى هنا انتهت اللوحة (189/أ)، وسقط باقي الكلام على باب الغسل، وابتدأت اللوحة (189/ب) ببعض الكلام على باب التيمم، وسقط أوله.
(5) مابين المعكوفين من زيادتي، فقد بيّنت في التعليق السابق أن اللوحة (189/أ) انتهت ولم يكتمل باب الغسل، وابتدأت اللوحة (189/ب) ببعض الكلام على باب التيمم، مما يتأكد معه سقوط بعض الأوراق في هذا الموضع وتتضمن الكلام على باقي باب الغسل، وأول التيمم.
وقد أبان المصنف فيما يأتي (ص 124) أنه ابتدأ باب التيمم برواية مالك عن عبدالرحمن ابن قاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها. وهو يعني ما أخرجه مالك في "الموطأ" (1/53-54 رقم89) في الطهارة، باب التيمم، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت : خرجنا مع رسول الله r في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيش، انقطع عقد لي، فأقام رسول الله r على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة ؛ أقامت برسول الله r وبالناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء ؟ قالت عائشة : فجاء أبوبكر ورسول الله r واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله r والناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء. قالت عائشة : فعاتبني أبوبكر، فقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رأس رسول الله r على فخذي، فنام رسول الله r حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله تبارك وتعالى آية التيمم، فتيممَّوا، فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر ! قالت : فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري في مواضع من "صحيحه"، منها (7/20-21 رقم3672) كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي r : (( لو كنت متخذًا خليلاً...))، ومسلم (1/279 رقم367/108) في الحيض، باب التيمم.(3/221)
[روى البخاري(1) من حديث عوف، عن أبي رجاء قال : حدثنا عمران
ابن حصين الخزاعي : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً معتزلاً لم يصل في القوم، فقال : (( يا فلان ! ما منعك أن تصلي في القوم ؟ )) فقال : يا رسول الله! أصابتني جنابة](2) /ولا ماء، فقال : (( عليك بالصعيد، فإنه يكفيك )). رواه عن عبدان، عن عبدالله، عن عوف.
[ل189/ب]
ورواه أبومحمد ابن الجارود(3) من حديث يحيى بن سعيد، عن عوف، ولفظه: عن عمران بن حصين: كنا في سفر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلى بالناس، فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يُصل مع القوم، فقال : (( ما منعك يافلان ! أن تصلي مع القوم ؟ )) فقال : يارسول الله! أصابتني جنابة ولا ماء، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : ((عليك بالصعيد الطيب، فإنه يكفيك )). رواه عن عبدالله بن هاشم، عن يحيى بن سعيد، وقد اتفق الشيخان(4) على إخراجه مُطَوَّلاً (5)، والله أعلم.
فصل في التيمم لخوف الهلاك
روى أبوداود(6) من حديث يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس،
__________
(1) في "صحيحه" (1/457 رقم348) كتاب التيمم، باب منه.
(2) ما بين المعكوفين من ضمن السقط الذي سبقت الإشارة إليه، فاستدركته من "صحيح البخاري" كما يدل عليه باقي الحديث.
(3) في " المنتقى " (1/126 رقم122).
(4) أخرجه البخاري (1/447 رقم344) في كتاب التيمم، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم...، و (6/580 رقم3571) في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، ومسلم (1/474 رقم682) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها.
(5) وسبق أن أورده المصنف (ص325) من المجلد الأول.
(6) في "سننه"(1/238 رقم334) كتاب الطهارة، باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم؟(3/222)
عن عبدالرحمن بن جُبير، عن عمرو بن العاص قال : احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت أن أغتسل أن أهلك، فتيممت وصليت بأصحابي [الصبح](1)، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال : (( ياعمرو ! صليت بأصحابك وأنت جُنب ؟! )) فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت : إني سمعت الله تعالى يقول :{ ولاتقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا }(2)، فضحك نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يقل شيئًا.
ورواه أيضًا(3) عن محمد بن سلمة، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة، وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن [أبي](4) أنس، عن عبدالرحمن بن جُبير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص : أن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - كان على سرية. قال(5):" فذكر الحديث نحوه. قال : فغسل مغابنه، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم صلى بهم...، فذكر نحوه، ولم يذكر التيمم ". قال أبوداود :" رُويَ هذه القصة عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية
قال فيه : فتيمم ".
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود".
(2) الآية (29) من سورة النساء.
(3) في الموضع السابق برقم (335).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود "، وتقدم على الصواب.
(5) أي : أبو داود.(3/223)
وأخرج الحاكم في "المستدرك"(1) رواية يزيد هذه بهذا الإسناد، وقال : "على شرطهما ". قال :" والذي عندي أنهما علَّلاه بحديث جرير بن حازم، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد لم يذكر أبا قيس"(2)(3)، وقال :" حديث جرير لا يعلل حديث عمرو الذي وصله بذكر أبي [قيس](4)، فإن أهل مصر أعرف بحديثهم من أهل البصرة ".
وروى أبوداود(5) أيضًا من جهة الأوزاعي:أنه بلغه عن عطاء بن أبي رباح: أنه سمع عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : أصاب رجلاً جرح في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم احتلم، فأُمر بالاغتسال، فاغتسل، فمات، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( قتلوه قتلهم الله! ألم يكن شفاء العِي السُّؤال؟ )) وهذا منقطع فيما بين الأوزاعي وعطاء. وقد رواه موصولاً أبوعبدالله ابن ماجه(6).
__________
(1) 1/177-178).
(2) في الأصل :" قبيس" ثم صوبت في الهامش.
(3) كذا نقل المصنف عن الحاكم، والذي في "المستدرك" :" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والذي عندي : أنهما علّلاه بحديث جرير بن حازم، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب الذي أخبرناه..."، ثم ساق الحديث، وليس فيه ذكر لأبي قيس، ثم قال :" حديث جرير لا يعلل..." الخ الكلام الذي ذكره المصنف عنه. فالظاهر أن قوله :" لم يذكر أبا قيس " تعبير من المصنف عن الرواية التي ساقها الحاكم، لا على أنها من كلام الحاكم.
(4) في الأصل :"قبيس"، ولكن الناسخ غفل عنها هنا فلم يصوبها في الهامش كما سبق.
(5) في "سننه" (1/240 رقم337) كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم.
(6) في "سننه" (1/189 رقم572) كتاب الطهارة وسننها، باب في المجروح تصيبه الجنابة =
= فيخاف على نفسه إن اغتسل.(3/224)
وقد ورد تسمية هذا الرجل الذي بين الأوزاعي وعطاء. ذكر ابن أبي حاتم(1) قال :" سألت أبي وأبازرعة عن حديث رواه هِقل والوليد بن مسلم وغيرهما عن الأوزاعي، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلاً أصابته جراحة، فأجنب، فأُمر بالاغتسال، فاغتسل، فَكُزَّ فمات"، ثم قال بعد كلام:"فقالا: روى هذا الحديث ابن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن إسماعيل ابن مسلم، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وأفسد الحديث ".
قلت : يريد أنه أدخل إسماعيل بن مسلم بين الأوزاعي وعطاء، فبيَّن أن الأوزاعي أخذ الحديث عن إسماعيل بن مسلم.
[ل190/أ]
وروى أبومحمد ابن الجارود(2) من حديث /جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه- في قوله:{ وإن كنتم مرضى أو على سفر}(3)- قال: ((إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله أو القروح، أو الجُدَري، فيُجنب، فيخاف إن اغتسل أن يموت، فيتيمم(4) )).
وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(5) عن يوسف بن موسى، عن جرير،
__________
(1) في "علل الحديث" (1/37 رقم77).
(2) في "المنتقى" (1/133 رقم129). والعجب من المصنف أنه قال بعد أسطر :« وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" عن يوسف بن موسى..»! مع أن ابن الجارود قال :" حدثني محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال : ثنا يوسف بن موسى..."، فكان الأولى عزوه لابن خزيمة الذي هو الأصل.
(3) سورة النساء، آية :(43)، وسورة المائدة، آية :(6).
(4) كذا في الأصل، وفي "المنتقى" :"فليتيمم".
(5) 1/138 رقم272).(3/225)
وكذلك رواه جعفر الشاماتي عن يوسف(1)، وإسحاق الحنظلي، عن جرير(2)(3).
واختلف في رفعه على عطاء بن السائب، فرواه جرير عنه هكذا موقوفًا. أخرجه البيهقي(4) من حديث علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب بسنده موقوفًا على ابن عباس - في الرجل تصيبه الجنابة وبه الجراحة يخاف إن اغتسل أن يموت -، قال :" فليتيمم وليصل ". رواه من جهة أحمد بن سلمان الفقيه، عن يحيى بن جعفر، عن علي. قال البيهقي :" ورواه إبراهيم بن طهمان وغيره أيضًا عن عطاء موقوفًا ". قال :" وكذلك رواه عزرة(5)، عن سعيد بن جُبير موقوفًا ".
قلت : وعطاء بن السائب من الثقات الذين اختلطوا، وقيل فيه(6): "وإنما يقبل من حديث عطاء ماكان قبل أن يختلط ".
__________
(1) وروايته أخرجها البيهقي في "المعرفة" (2/38 رقم1648). وقد تصحف فيه "الشاماتي" إلى :"الساماني". وانظر "الأنساب" للسمعاني (3/385)، و"توضيح المشتبه" (5/257-258)، و"سير أعلام النبلاء" (14/15).
(2) ورواية إسحاق الحنظلي عن جرير أخرجها البيهقي في "الخلافيات" (2/483-484 رقم828).
(3) قوله :" وكذلك رواه جعفر..." هذه عبارة البيهقي في "سننه" (1/224).
(4) في "سننه" (1/224).
(5) في الأصل :"عروة" وصوبت في الهامش.
(6) قال ذلك عدد من الأئمة، منهم يحيى بن معين حيث قال - كما في الموضع الآتي من "الكامل" لابن عدي -:" كان قد اختلط، فمن سمع منه قبل الاختلاط فجيد، ومن سمع منه بعد الاختلاط ليس بشيء ".(3/226)
وذكر ابن عدي(1) عن يحيى بن معين :" إنما روى جرير عن عطاء بعد الاختلاط". وجرير هو الذي رفع الحديث عنه. قال ابن أبي حاتم(2):" سألت أبي وأبازرعة عن حديث رواه علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - في المجدور والمريض-: ((إذا خاف على نفسه تيمم )).قال أبوزرعة:ورواه جرير أيضًا،فقال: عن عطاء، عن سعيد، عن ابن عباس رفعه-[في](3) المجدور-. قال [أبي](4): هذا خطأ،أخطأ فيه علي بن عاصم، ورواه أبوعوانة وورقاء وغيرهما عن عطاء ابن السائب،[عن سعيد](5)، عن ابن عباس موقوف،[وهو الصحيح]"(5).
قلت : قد ذكر ابن أبي حاتم أن علي بن عاصم رفعه، وقد ذكرنا(6) أن البيهقي رواه من جهته موقوفًا.
وروى البيهقي(7) بسنده إلى شعبة، قال : سألت قتادة عن المجدور، فقال : سئل عنها الشعبي، فقال :[ذهب](8)
__________
(1) في "الكامل" (5/362)، ولكن ليس هذا النقل عن ابن عدي بنصّه، وإنما ذكر ابن عدي عن ابن معين بعض من رووا عن عطاء قبل اختلاطه وحديثهم عنه مستقيم، ثم قال ابن معين :" وجرير وأشباهه بعد تغيُّر عطاء في آخر عمره ".
(2) في "العلل" (1/25 رقم40).
(3) في الأصل :"إلى" والتصويب من :"علل الحديث".
(4) في الأصل :"إن" والتصويب من " علل الحديث ".
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "علل الحديث".
(6) في الصفحة السابقة.
(7) لم أجد هذه الرواية.
(8) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من رواية ابن جرير الطبري لهذا الأثر في =
= "تفسيره"(8/387 رقم9578) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، عن عاصم الأحول، عن الشعبي : أنه سئل عن المجدور تصيبه الجنابة، قال : ذهب فرسان هذه الآية.
كذا جاء هذا الأثر عند ابن جرير !! ولا يخلوا من إشكال، وقد علق عليه الشيخ محمود شاكر بقوله :« وأما قوله :" ذهب فرسان هذه الآية "، فإنه مما أشكل علي معناه، وربما رجّحت أنه أراد أن الآية نزلت في أصحاب رسول الله r من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد، تصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم، فيريدون الماء ولا يجدون ممرًا إلا في المسجد...، فيكون قوله: " ذهب فرسان هذه الآية " عن ذلك الشطر من الآية :{ ولا جنبًا إلا عابري سبيل}، وأنهم هم الأنصار من أصحاب رسول الله r، الذين كانت أبوابهم في المسجد، وقد مضوا، لم يبق اليوم منهم أحد، هذا غاية اجتهادي، وفوق كل ذي علم عليم ».(3/227)
فرسانها. قال : وقال سعيد بن جبير شيئًا فلم يحفظه. قال شعبة : وأخبرني عاصم - يعني الأحول -، عن قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جبير : أنه قال في المجدور : يتيمم.
ثم رواه البيهقي(1) من جهة محمد بن يعقوب - هو الأصم-، عن أبي القاسم عبدالرحمن بن عبدالرحمن الهاشمي بحلب، عن آدم بن أبي إياس(2)، عن شعبة، عن عاصم الأحول، عن قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جُبير: عن ابن عباس رضي الله عنهما -في المجدور وأشباهِه إذا أجنَب -، قال :" يتيمم بالصعيد ". قال البيهقي :" فرواه الثوري وعبدة بن سليمان عن عاصم الأحول بإسناده، عن ابن عباس قال : رخص للمريض التيمم بالصعيد ".
فصل في التيمم لخوف العطش مع وجود الماء
روى الحافظ الحسن بن سفيان، عن أبي بكر - هو ابن أبي شيبة -، حدثنا أبوالأحوص، عن عطاء، عن زاذان، عن علي قال :" إذا أجنب الرجل في أرض فلاةٍ ومعه ماء يسير، فليؤثر نفسه بالماء، وليتيمم بالصعيد ". أخرجه البيهقي(3) من جهته.
ورواه أيضًا من جهة عبيدالله(4) بن مُعاذ، عن أبيه، عن شعبة، عن عطاء، عن زاذان، عن علي - رضي الله عنه - قال :" إذا أصابتك جنابة فأردت أن تتوضأ -أو قال: تغتسل - وليس معك من الماء إلا ماتشرب وأنت تخاف، فتيمم ". أخرجه عن أبي عبدالله الحافظ، عن أبي عمرو ابن مطر، عن يحيى بن محمد، عن عبيدالله(2).
[ل190/ب]
__________
(1) في "سننه" (1/224-225).
(2) في المطبوع من "سنن البيهقي" :" محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا يحيى بن أبي بكير" بدل "أبي القاسم عبدالرحمن بن عبدالرحمن الهاشمي بحلب عن آدم بن أبي إياس "، وأشار المحقق في الحاشية إلى أنه في نسخة أخرى.
(3) في "سننه" (1/234).
(4) تصحفت في"سنن البيهقي" إلى:"عبدالله"، وانظر ترجمته في"تهذيب الكمال" (19/158).(3/228)
وروى أيضًا(1) من جهة حميد بن عبدالرحمن، عن حسن بن صالح، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "إذا كنت مسافرًا وأنت جنب- أو أنت على غير وضوء- فخفت إن توضأت أن تموت /من العطش،[فلا](2) توضَّهُ، واحبس لنفسك ". قال البيهقي : "[ورويناه](3) عن الحسن البصري وعطاء ومجاهد وطاوس وغيرهم".
فصل فيما يُستدل به على التيمم للجنازة إذا خيف فَوْتُها
روى البخاري(4) رحمه الله تعالى عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج قال :سمعت عميرًا مولى ابن عباس قال : أقبلت أنا وعبدالله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى دخلنا على أبي جُهيم بن الحارث بن الصمَّة الأنصاري، فقال أبوالجُهَيم : أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل على الجدار، فمسح وجهه ويديه، ثم رد عليه السلام.
وأخرجه النسائي(5) وأبو داود(6)(7)، وأورده مسلم(8) تعليقًا ؛ قال : "وروى الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة "، وهو أول الأحاديث المقطوعة في كتابه، وكلها متصلة موجودة الاتصال في غير كتاب مسلم.
و"بئر جمل": موضع بالمدينة فيه مال من أموالها.
__________
(1) أي : البيهقي في الموضع السابق.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن البيهقي".
(3) في الأصل :"وروينا"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(4) في"صحيحه"(1/441رقم337) كتاب التيمم، باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء....
(5) في "سننه" (1/165 رقم311) كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر.
(6) في "سننه" (1/233 رقم329) كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر.
(7) كلاهما من طريق شعيب بن الليث، عن الليث به.
(8) في "صحيحه" (1/281 رقم369) كتاب الحيض، باب التيمم.(3/229)
وروى أبو أحمد ابن عدي(1) من حديث المعافى بن عمران، عن مغيرة بن زياد، عن عطاء،عن ابن عباس رضي الله عنهما،عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((إذا فجأتك [ الجنازة ](2) وأنت على غير وضوء، فتيمم )) . قال ابن عدي :" هذا غير
محفوظ، وإنما هو موقوف على ابن عباس"(3). وقال أحمد(4):" مغيرة بن زياد ضعيف الحديث جدًّا،حدّث بأحاديث مناكير،وكل حديث رفعه فهو منكر".
فصل في ماوَرَد في الطلب وفي حَدِّه
تقدم(5) في أول الباب رواية مالك رحمه الله تعالى، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها.
وفي رواية ابن وهب، عن عمرو بن الحارث : أن عبدالرحمن بن القاسم حدثه، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -...، الحديث. قالت : ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استيقظ وحضرت الصلاة، فالتُمس الماء فلم يُوجد، فنزلت آية التيمم.
__________
(1) في "الكامل" (7/182).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(3) النص في"الكامل" المطبوع:"وهذا مرفوع غير محفوظ، والحديث موقوف على ابن عباس".
(4) كما في "الكامل" (6/353 -354) بنحوه.
(5) سقطت بداية باب التيمم، وسقط بسقوطها حديث مالك هذا كما بينته (ص114).(3/230)
وروى البيهقي(1) من حديث الوليد - هو ابن مسلم - قال : قيل لأبي عمرو - يعني الأوزاعي -: حضرت الصلاة والماء [حائز](2) عن الطريق، أيجب عليّ أن أعدل إليه ؟ قال : حدثني موسى بن يسار، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه كان يكون في السفر، فتحضره الصلاة والماء منه على غلوة، أو غلوتين ونحو ذلك، ثم لا يعدل إليه. أخرجه عن أبي بكر ابن الحارث الفقيه، عن أبي محمد ابن حيان الأصبهاني(3)، عن إبراهيم بن محمد بن الحسن، عن أبي عامر، عن الوليد.
وروى أيضًا(4) بهذا الإسناد عن الوليد قال : سمعت عبدالله بن المبارك يحدث عن حكيم بن رزيق، عن أبيه قال : سألت سعيد بن المسيب عن [راعٍ](5) في غنمه - أو [راعٍ](3) تصيبه جنابة -، وبينه وبين الماء ميلان أو ثلاثة، قال :" يتيمم صعيدًا طيبًا ".
وروى بهذا الإسناد عن الوليد، ثنا شريك وإبراهيم بن عمر، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي - رضي الله عنه - قال :" اطلب الماء حتى يكون آخر الوقت، فإن لم تجد الماء تيمم وصلّ ". قال البيهقي:"وهذا لم يصح عن علي، وبالثابت عن ابن عمر نقول، ومعه ظَاهرُ القرآن ".
فصل في مايُستدل به على جواز التيمم بكل أجزاء الأرض
[ل191/أ]
__________
(1) في "سننه" (1/233).
(2) في الأصل :" حائر"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(3) هو أبو الشيخ، ووقع في المطبوع من "سنن البيهقي" :" حبان".
(4) أي : البيهقي في الموضع السابق.
(5) رسمت في الأصل هكذا "راعي"، والتصويب من "سنن البيهقي".(3/231)
/روى(1) محمد بن عبدالملك - هو الدقيقي -، عن يزيد- هو ابن هارون-، عن سُليمان- هو التيمي-، عن سيار، عن أبي أُمامة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( فُضلت بأربع : جُعلت الأرض لأمتي مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أتى الصلاة فلم يجد ماءً وجد الأرض مسجدًا وطهورًا، وأرسلت إلى الناس كافة، ونصرت بالرعب مسيرة شهرٍ بين يدي، وأُحلت لأمتي الغنائم )).
وفي رواية عبدالرزاق(2) عن معمر، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن عمار، قال: أجنبت في الرمل، فتمعكت تمعك الدابة، ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال : (( كان يكفيك من ذلك التيمم )) . وأخرجه البيهقي(3).
وروى عيسى بن يونس، ثنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن [ابن](4) المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن ناسًا من أهل البادية أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا : إنا نكون بالرمال الأشهر الثلاثة والأربعة، ويكون فينا الجنب والنفساء والحائض، ولسنا نجد الماء، فقال : (( عليكم بالأرض ))، ثم ضرب بيده على الأرض لوجهه ضربة واحدة، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح بها على يديه إلى المرفقين. رواه سعيد بن منصور(5) عن عيسى.
__________
(1) هذه الرواية أخرجها البيهقي في "سننه" (1/212)، ولم يعزها إليه المصنف، فلعله اكتفى بعزو الرواية الآتية، وهي عند البيهقي أيضًا.
(2) في "المصنف" (1/238 رقم914)، ولكن اللفظ الذي ساقه المصنف هو لفظ البيهقي، كما سيأتي.
(3) في "سننه" (1/216).
(4) في الأصل :" أبي" والصواب ماأثبته.
(5) يعني في "سننه"، لكن أبواب الطهارة في الجزء المفقود من هذه "السنن".(3/232)
وهو في "المسند"(1) عن أحمد -بلفظ آخر-، عن عبدالرزاق(2)، حدثنا المثنى ابن الصباح، أخبرني عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يارسول الله ! إني أكون في الرمل أربعة أشهر - أو خمسة أشهر-، فيكون فينا النفساء والحائض والجنب، فماترى ؟ قال : (( عليك بالتراب )).
قال أحمد(3) والرازي(4):" المثنى بن الصباح لا يساوي شيئًا ". وقال النسائي(5): "متروك الحديث ".
فصل فيما استُدل به على جواز التيمم بالسباخ
استدل أبوبكر ابن خزيمة(6) على ذلك بروايته عن يونس بن عبدالأعلى، عن ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير : أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت :" لم أعقل أبويّ إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار : بكرة وعشيا..."، فذكر الحديث بطوله، وقالت(7): فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين: (( قد أُريتُ دار هجرتكم، أُريت سبخة ذات [نخل](8) بين لابتين )) . - وهما الحرتان -(9)
__________
(1) يعني "مسند أحمد" (2/278).
(2) وهو في "المصنف" له (1/236 رقم911).
(3) في "العلل ومعرفة الرجال" لابنه (2/298 رقم2324)، وعبارته :" لايسوى حديثه شيئًا".
(4) الذي في "الجرح والتعديل" (8/324) :" لين الحديث ".
(5) في "الضعفاء والمتروكين" (ص230 رقم604).
(6) في "صحيحه" (1/133 رقم265).
(7) في "صحيح ابن خزيمة " :"وقال" بدل :"وقالت".
(8) في الأصل :" النخل"، وعليها إشار للهامش، فالظاهر أنها صوبت، ولم يظهر ذلك في التصوير، والمثبت من "صحيح ابن خزيمة ".
(9) إلى هنا انتهى الحديث، وما بعده تعقيب من المصنِّف أخذه من تعقيب ابن خزيمة على =
= الحديث، وتصرّف فيه.(3/233)
. فأخذ من تسميتها دار هجرتهم- مع أن جميع المدينة كانت دار هجرتهم -، ثم(1) إن جميع المدينة سبخة، وقد أمر الله تعالىبالتيمم بالصعيد الطيب، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أعلم أن المدينة طيبة - أو طابة -، مع إعلامه إياهم أنها سبخة. وقال في آخر كلامه :" وفي هذا ما أبان(2) أن التيمم بالسباخ جائز "، والله عز وجل أعلم.
فصل في مااستُدل به على الاقتصار على التراب
روى أبومالك الأشجعي، عن رِبْعِيّ، عن حذيفة - رضي الله عنه - قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (([ فُضِّلنا](3) على الناس بثلاث : جُعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجُعلت لنا الأرض [كلها](4) مسجدًا، وجُعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء )) . وذكر خصلة أخرى. [ رواه مسلم ](5)(6).
__________
(1) في "صحيح ابن خزيمة":" دلالة على " بدل "ثم"؛ على أنه مفعول "أخذ"، وهو عندي أصوب.
(2) في "صحيح ابن خزيمة" :" ما بان وثبت ".
(3) في الأصل :" فُضِّلت"، وعليها إشارة، فالظاهر أنها صوبت في الهامش ولكن لم يظهر في التصوير، والتصويب من "صحيح مسلم".
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "صحيح مسلم".
(5) مابين المعكوفين ليس من الأصل، ويدل عليه كلام المصنف الآتي حيث قال :" وهو الذي ذكره مسلم كما قدمناه "، وانظر ما بعده.
(6) في "صحيحه" (1/371 رقم522) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة، عن محمد بن فضيل، عن أبي مالك.(3/234)
وفي لفظ للدارقطني(1) من رواية سعيد بن مسلمة، عن أبي مالك : ((جعلت لنا الأرض كلها مسجدًا وترابها(2) طهورًا ))(3).
و"رِبعيّ"- بكسر الراء المهملة، وسكون الباء، وكسر العين المهملة، ثم ياء مشددة - هو ابن حِرَاش - بالحاء المهملة، وبعدها راء مهملة، وآخره شين معجمة -.
وهذه اللفظة معروفة برواية أبي مالك الأشجعي، وقد اختُلف فيها، فقيل :" تربتها "، وهو الذي ذكره مسلم كما قدمناه. وقيل:" ترابها "، قاله
[ل191/ب]
أبوعوانة(4) عن أبي مالك، ولفظه : "وجعل ترابها طهورًا ". وزاد : "وأعطيت هذه [الآيات](5) من آخر سورة البقرة من بيت كنز تحت العرش، لم يعط /أحدٌ منه قبلي، ولا يُعطى منه أحدٌ بعدي ". أخرجه البيهقي(6).
وكذلك رواية إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد(7)، عن محمد بن فُضيل :" ترابها "، وهو خلاف مارواه مسلم(8) من حديث ابن فُضيل، عن
أبي بكر ابن أبي شيبة عنه(9)؛ فإن فيه : "تربتها".
__________
(1) في "سننه" (1/176 رقم2).
(2) في المطبوع من "سنن الدارقطني" :"تربتها"، وبنفس المتن الذي ساقه المؤلف عزاه الزيلعي في "نصب الراية" (1/158) للدارقطني، وكذا ابن الملقن في "البدر المنير" (2/103/ مخطوط)، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/262-263).
(3) للحديث تَتِمَّة في "سنن الدارقطني"، وهي :" إن لم نجد الماء ".
(4) واسمه وضاح بن عبدالله.
(5) في الأصل :" الآية"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(6) في "سننه" (1/213).
(7) عند ابن خزيمة في"صحيحه"(1/133رقم264)، ومن طريقه البيهقي في"سننه" (1/223).
(8) وهي الرواية التي صدّر بها المصنف هذا الفصل في الصفحة السابقة.
(9) أي : عن ابن فضيل.(3/235)
وفي "المسند"(1) عن أحمد، عن عبدالرحمن بن مهدي، عن زهير، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن علي : أنه سمع علي بن أبي طالب - عليه السلام - يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( جعل التراب لي طهورًا )) .
وأخرجه البيهقي(2) من جهة زهير، ولفظه : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أعطيت مالم يعط أحدٌ من الأنبياء )) . فقلنا: ماهو يارسول الله ؟ قال : ((نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت أحمد، وجعل لي التراب طهورًا، وجعلت أمتي خير [الأمم](3) )).
وعبدالله بن محمد بن عقيل تقدم(4) الاختلاف في الاحتجاج بحديثه.
وروى البيهقي(5) من جهة ابن إدريس، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" الصعيد الحرث حرث الأرض ". ورواه من جهة جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" أطيب الصعيد حرث الأرض "(6).
فصل في كيفية التيمم
ذكر التيمم في الوجه والكفين والضربة الواحدة
__________
(1) 1/98).
(2) في "سننه" (213-214).
(3) في الأصل :"الأمة" والتصويب من " سنن البيهقي ".
(4) انظر (ص138) من المجلد الأول، وقد يكون المصنف قصد تفصيله في حاله في المقدمة، وهي مفقودة كما بينته في المقدمة (ص 41 و42).
(5) في "سننه" (1/214).
(6) كذا في الأصل، وفي "سنن البيهقي" :" أرض الحرث ".(3/236)
روى [أبومعاوية](1)، عن الأعمش، عن شقيق قال : كنت جالسًا مع عبدالله وأبي موسى، فقال أبوموسى : ياأباعبدالرحمن ! أرأيت لو أن رجلاً أجنب فلم يجد الماء شهرًا، كيف يصنع بالصلاة ؟ فقال عبدالله : لا يتيمم وإن لم يجد الماء شهرًا، فقال أبوموسى : فكيف بهذه الآية في سورة المائدة : { فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيدًا طيبًا }(2)؟ فقال عبدالله : لو رخص لهم في هذه الآية لأوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا بالصعيد. فقال أبوموسى لعبدالله : ألم تسمع قول عمار : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة فأجنبت، فلم أجد الماء، فتمرّغت في الصعيد كما تمرّغ الدابة، ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقال : (( إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا ))، ثم ضرب بيديه إلى الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين، وظاهر كفيه ووجهه ؟ فقال عبدالله : أولم تر عمر لم يقنع بقول عمَّار ؟ أخرجاه(3) هما وأبوداود(4) من حديث أبي معاوية. ورواه البخاري عن محمد بن سلام
عنه، وأبو داود عن محمد بن [سليمان](5) عنه.
__________
(1) في الأصل :"أبوعوانة"، والتصويب من كلام المصنِّف الآتي عقب الحديث، والمراجع التي عزا الحديث إليها، وقد ساق المصنِّف الحديث بلفظ أبي معاوية عند مسلم حرفًا بحرف.
(2) الآية (6) من سورة المائدة.
(3) أي : البخاري في "صحيحه" (1/455-456 رقم347) كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، ومسلم في "صحيحه" (1/280 رقم368/110) كتاب الحيض، باب التيمم.
(4) في "سننه" (1/227-228 رقم321) كتاب الطهارة، باب التيمم.
(5) في الأصل :"سلام"، والتصويب من"سنن أبي داود"،وسيذكره المؤلف على الصواب.(3/237)
وفي حديث البخاري : فقال عبدالله بن [مسعود](1): لو رخص لهم في هذا لأوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا الصعيد. قلت : وإنما كرهتم هذا لهذا ؟ قال : نعم. وفيه : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا )) ، وضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم [نفضها](2)، ثم مسح بها ظهر كفه بشماله - أو ظهر شماله بكفه -، ثم مسح بها وجهه.
وفي رواية أبي داود عن محمد بن سُليمان الأنباري، عن أبي معاوية : كنت جالسًا بين عبدالله وأبي موسى...، وفيها : (( [إنما كان يكفيك](3) أن تصنع هكذا )) ، فضرب بيده على الأرض، ونفضها، ثم ضرب بشماله على يمينه،وبيمينه على شماله على الكفين،ثم مسح وجهه.وأخرجه النسائي(4) أيضًا.
ورواه مسلم(5) من حديث عبدالواحد، عن الأعمش محيلاً على ماقبله، وإنما قال : (([إنما كان](6) يكفيك أن تقول هكذا ))، وضرب بيديه إلى الأرض، فنفض يديه، فمسح وجهه وكفيه.
[ل192/أ]
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح البخاري".
(2) في الأصل :" نقضها"، والتصويب من "صحيح البخاري".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من :"سنن أبي داود".
(4) في "سننه" (1/170-171 رقم320) كتاب الطهارة، باب تيمم الجنب.
(5) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (111).
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من :"صحيح مسلم".(3/238)
حديث آخر :/ روى شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى، عن أبيه : أن رجلاً أتى عمر - رضي الله عنه -، فقال : إني أجنبت فلم أجد الماء، فقال : لا تُصلِّ. فقال عمار : أما تذكر ياأمير المؤمنين ! إذ أنا وأنت في سرية، فأجنبنا، فلم نجد ماء، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعَّكت في التراب فصليت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك )) ؟ فقال عمر:اتق الله ياعمار ! قال: إن شئت لم أحدث به. قال الحكم:"وحدثنيه ابن عبدالرحمن بن أبزى، عن أبيه مثل حديث ذر "، قال :" وحدثني سلمة، عن ذر - في هذا الإسناد الذي ذكر الحكم - قال : فقال عمر: نوليك ماتوليت". أخرجوه(1) كلهم مختصرًا ومطولاً، وهذا لفظ مسلم من رواية يحيى بن سعيد، عن شعبة.
ورواه أبو داود(2) أيضًا عن مسدد، عن يحيى، عن شعبة مختصرًا. قال أبوداود عقيبه :" ورواه شعبة، عن حصين، عن أبي مالك قال : سمعت عمارًا يخطب...، بمثله، إلا أنه لم ينفخ. وذكر حسين بن محمد، عن شعبة، عن الحكم في هذا الحديث، قال : ضرب بكفيه إلى الأرض ونفخ ".
__________
(1) أخرجه البخاري (1/443-446 رقم338-343) في التيمم، باب المتيمم هل ينفخ فيهما ؟ وباب التيمم للوجه والكفين، ومسلم (1/280-281 رقم368/112) كتاب الحيض، باب التيمم، وأبو داود (1/231 رقم326) كتاب الطهارة، باب التيمم، والنسائي (1/165 رقم312) كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر، وابن ماجه (1/188 رقم569) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في التيمم.
وأما الترمذي فأخرجه (1/268 رقم144) في أبواب الطهارة، باب ماجاء في التيمم، لكن من طريق قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن عبدالرحمن، به، ولم يخرجه من طريق شعبة.
(2) هي الرواية التي سبقت الإشارة إليها، وليس في "سنن أبي داود" غيرها بهذا السند.(3/239)
وفي رواية النضر عند مسلم(1)، عن شعبة :" قال عمار : ياأمير المؤمنين !
إن شئت لما جعل الله عليّ من حقك أن لا أحدث به أحدًا، ولم يذكر : [حدثني](2) سلمة عن ذر ". أحال في رواية النضر على ماقبله.
ورواه جماعة عن شعبة من غير إسناد سلمة عن ذر.
منهم : آدم(3)، وفيه : فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إنما كان يكفيك هكذا ))، فضرب بيديه الأرض، ونفخ فيهما، ومسح بها وجهه وكفيه.
ومنهم : حجاج(4)، مختصرًا، وفيه : وضرب شعبة بيديه الأرض، ثم أدناهما من فيه، ومسح بهما وجهه وكفيه.
ومنهم : سُليمان بن حرب(5)، وفي روايته : تفل فيهما.
ومنهم : محمد بن كثير(6)، وفي روايته عن ابن عبدالرحمن بن أبزى، عن أبيه عبدالرحمن قال : قال عمار لعمر : تمعَّكتُ فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ((يكفيك الوجه والكفان )).
ومنهم : مسلم(7)، وفيه : عن عبدالرحمن قال : شهدت عمر - رضي الله عنه - قال له عمار...، وهو مختصر.
ومنهم : غندر(8)، وفيه : قال عمار : فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بيديه الأرض،
فمسح وجهه وكفيه. وهذه كلها عند البخاري.
__________
(1) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (368/113).
(2) في الأصل :" حديث"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(3) وروايته في "صحيح البخاري" (1/443 رقم338)، وتقدم تخريجها، ولكن فيه اختلاف في بعض لفظه، فلعل المصنف أخذها من مصدر آخر كـ"المستخرج" للإسماعيلي، أو غيره.
(4) وروايته في "صحيح البخاري" (1/444 رقم339)، وتقدم تخريجها أيضًا.
(5) وروايته في الموضع السابق من "صحيح البخاري" برقم (340)، وتقدم تخريجها أيضًا.
(6) روايته في الموضع السابق من "صحيح البخاري" برقم (341)، وتقدم تخريجها أيضًا.
(7) روايته في الموضع السابق من "صحيح البخاري" برقم (342)، وتقدم تخريجها أيضًا.
(8) روايته في الموضع السابق من "صحيح البخاري" برقم (343)، وتقدم تخريجها أيضًا.(3/240)
وروى الإسماعيلي في "صحيحه" من جهة بهز ووهب بن جرير ويحيى بن السكن، عن شعبة...، بالسند : أن رجلاً سأل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن التيمم، فلم يدر مايقول، فذكر عن عمار قال : فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (( يكفيك هكذا ))، وضرب شعبة يده على ركبته، ونفخ في يده، ثم مسح وجهه وكفيه مرة واحدة.
ولما ذكر البخاري رحمه الله تعالى(1) رواية أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق التي قدمناها قال :" زاد يعلى عن الأعمش، عن شقيق..."، فذكر كلامًا في آخره :" فأتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرناه، فقال : (( إنما كان يكفيك هكذا )) ، ومسح وجهه وكفيه واحدة ".
وروى أبوداود(2) من حديث حفص، عن الأعمش، عن سلمة بن كُهَيل، عن ابن أبزى، عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه -، قال(3) في هذا الحديث : فقال : ((ياعمار! إنما كان يكفيك هكذا )) ، ثم ضرب [بيديه](4) إلى الأرض، ثم ضرب إحداهما على الأخرى، ثم مسح وجهه والذراعين إلى نصف الساعد - ولم يبلغ المرفقين - ضربة واحدة. ورواه عن محمد بن العلاء، عن حفص.
[ل192/ب]
__________
(1) في "صحيحه" (1/456).
(2) في "سننه" (1/229 رقم323) كتاب الطهارة، باب التيمم.
(3) أي : أبو داود.
(4) في الأصل :"بيده"، والتصويب من "سنن أبي داود".(3/241)
وهذه الرواية هكذا قيل : إنها منقطعة فيما بين سلمة بن كُهَيل وابن أبزى، فإن سلمة/ لم يسمعه من عبدالرحمن بن أبزى ؛ إنما سمعه من سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى، عن أبيه - في قول الثوري، عن سلمة -، أو : عن ذر عن سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى - في قول شعبة، عن سلمة -. قال أبوالحسن ابن القطان(1):" والأمر في ذلك عند المحدثين بيِّن،[أعني](2) أن سلمة لم يسمع هذا من عبدالرحمن بن أبزى.[ وفي رواية الثوري عن سلمة، عن أبي مالك، عن عبدالرحمن بن أبزى](2) في هذا الحديث : ثم مسح بهما وجهه ويديه إلى نصف الذراع، فقال عمر : ياعمار !...، الحديث. ذكره أبوداود، وهو صحيح متصل "، وذكر كلامًا آخر بعد هذا.
ورواه أبو داود(3) عن محمد بن كثير العبدي، عن سفيان، عن سلمة بن
كهيل، عن أبي مالك، عن عبدالرحمن بن أبزى قال : كنت عند عمر، فجاءه رجل فقال : إنا نكون بالمكان الشهر أو الشهرين، فقال عمر - رضي الله عنه - : أمَّا أنا فلم أكن أصلي حتى [أجد](4) الماء. فقال عمار : يا أمير المؤمنين ! أما تذكر إذ كنت أنا وأنت في الإبل، فأصابتنا جنابة : فأما أنا فتمعّكت، فأتينا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكرتُ ذلك له، فقال : (( إنما كان يكفيك أن تقول هكذا ))، وضرب بيديه إلى الأرض، ثم نفخهما، ثم مسح بهما وجهه ويديه إلى نصف الذراع؟ فقال عمر: ياعمار! اتق الله ! فقال : ياأمير المؤمنين! إن شئت والله! لم أذكره أبدًا، فقال عمر : كلا والله ! لَنولِّينك من ذلك ماتولَّيت.
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (2/431).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(3) في "سننه" (1/228 رقم322). كتاب الطهارة، باب التيمم.
(4) في الأصل :" أخذ" بخاء وذال.
.(3/242)
قال ابن أبي حاتم(1):" سمعت أبي - وحدثنا عن هارون بن سعيد، عن خالد بن نزار، عن إبراهيم بن طهمان، عن حصين بن عبدالرحمن، عن أبي مالك، عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - : أنه أجنب في سفر، فتمعّك في التراب، فلما أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر ذلك له، فقال : (( إنما كان يكفيك أن تضرب بكفيك التراب، ثم تمسح بوجهك، ثم تمسح كفيك إلى الرصغين )) -. قال أبي: هذا هو أبومالك الغفاري، والصحيح عن عمار موقوف من حديث حصين، عن أبي مالك ".
قلت : يعني موقوفًا من هذا الوجه الذي هو رواية حصين، عن أبي مالك. وأما رفعه من وجه آخر فصحيح ثابت كما قدمنا.
قال ابن أبي حاتم(2):" وسألتُ أبازرعةَ عن حديث رواه شعبة والأعمش،
عن سلمة بن كُهَيل، عن ذر، عن [ابن](3) عبدالرحمن بن أبزى، عن أبيه : أن رجلاً أتى عمر - رضي الله عنه - فقال : إني أجنبتُ ولم أجد الماء، فذكر عمار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التيمم. ورواه الثوري، عن سلمة بن كُهَيل، عن أبي مالك، عن عبدالرحمن بن أبزى، قال: كنت عند عمر - رضي الله عنه - إذ جاءه رجل، فقال أبوزرعة: حديث شعبة أشبه قليلاً (4). قلت لأبي زرعة : مااسم أبي مالك ؟ قال : لايسمى، وهو الغفاري ".
__________
(1) في "علل الحديث" (1/40 رقم85).
(2) في "علل الحديث" أيضًا (1/11 رقم2).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(4) قوله :" قليلاً" ليس في المطبوع من "علل الحديث".
.(3/243)
وروى أبوداود(1) من حديث قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن عبدالرحمن ابن أبزى(2)، عن أبيه، عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال : سألتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التيمم، فأمرني ضربة واحدة بالوجه والكفين. أخرجه عن محمد بن المنهال، عن يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة.
ورواه أبومحمد ابن الجارود(3)- بإسناد أجود - عن محمد بن يحيى، عن عفان بن مسلم، عن أبان العطار، عن قتادة، ولفظه : عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه -: أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في التيمم : (( ضربة للوجه والكفين )) . وهو من هذا الوجه في "المسند"(4) عن أحمد [عن عفان](5).
[ل193/أ]
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه" (1/232 رقم327).
(2) في الأصل - بعد قوله :"أبزى"- زيادة :" قال : كنت عند عمر، إذ جاءه رجل، فقال أبو زرعة : حديث شعبة أشبه "، وأشار الناسخ إلى حذفها.
(3) في "المنتقى" (1/130 رقم126).
(4) 4/263).
(5) في الأصل :" بن عثمان " والتصويب من "مسند أحمد".(3/244)
قال ابن أبي حاتم(1):" سألت أبي عن اختلاف حديث عمَّار بن ياسر في التيمم، وماالصحيح منها ؟ فقال : رواه الثوري، عن سلمة، عن أبي مالك الغفاري، عن عبدالرحمن بن أبزى، عن عمار، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التيمم. ورواه شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى، عن/ أبيه، عن عمار، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه شعبة، عن سلمة، عن ذر، عن ابن عبدالرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن عمار - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه حُصين، عن أبي مالك قال : سمعت عمارًا يذكر التيمم؛ موقوف. قال أبي : الثوري أحفظ من شعبة. قلت لأبي : فحديث حصين، عن أبي مالك ؟ قال : الثوري أحفظ. ويحتمل أن يكون سمع أبومالك [من](2) عمار كلامًا غير مرفوع، ويسمع مرفوعًا من عبدالرحمن بن أبزى، عن عمار، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -...، القصة. قلت : فأبو مالك سمع من عمار شيئًا ؟ قال : ماأدري ماأقول لك، قد روى شعبة، عن حصين، عن أبي مالك، سمعت عمارًا، ولو لم يعلم شعبة أنه سمع من عمار ماكان شعبة يرويه، وسلمة أحفظ من حصين. قلت : ماتنكِر أن يكون سمع من عمار، وقد سمع من ابن عباس ؟ قال : بين موت ابن عباس وبين موت عمارٍ قريب(3) من عشرين سنة "(4).
ذكر التيمم إلى المناكب
__________
(1) في "علل الحديث" (1/23 رقم34).
(2) في الأصل :"عن" والتصويب من "علل الحديث".
(3) أشار الناسخ إلى أن في نسخة :"قريبًا"، والمثبت موافق لما في "العلل".
(4) جاء في هامش الأصل ما نصه :" بينهما أكثر من ثلاثين سنة ".(3/245)
روى أبوداود(1) عن أحمد بن صالح، عن عبدالله بن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب : أن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة حدثه، عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - : أنه كان يحدث: أنهم تمسحوا وهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصعيد لصلاة الفجر، فضربوا بأكفهم الصعيد، ثم مسحوا وجوههم مسحة واحدة، ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى، فمسحوا بأيديهم كلها إلى المناكب والآباط من بطون أيديهم.
ورواه(2) عن سليمان بن داود المهري وعبدالملك بن شعيب، عن ابن وهب، وقال آخر هذا الحديث :" قام المسلمون فضربوا بأكفهم التراب، [ولم يقبضوا من التراب شيئًا](3)، فذكر نحوه، لم يذكر المناكب والآباط. قال [ابن](4) الليث : إلى مافوق المرفقين ".
قال شيخنا(5):" وأخرجه ابن ماجه(6) وهو منقطع ؛ عبيدالله بن عبدالله ابن عُتبة لم يدرك عمار بن ياسر. وقد أخرجه النسائي(7) وابن ماجه(8) من
حديث عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن أبيه، عن عمار موصولاً مختصرًا ".
__________
(1) في "سننه" (1/224 رقم318) كتاب الطهارة، باب التيمم.
(2) أي : أبو داود في الموضع السابق برقم (319).
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن أبي داود".
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود".
(5) أي : المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/200).
(6) في"سننه"(1/189رقم571)كتاب الطهارةوسننها، أبواب التيمم،باب في التيمم ضربتين.
(7) في "سننه" (1/168 رقم315) كتاب الطهارة، باب الاختلاف في كيفية التيمم.
(8) في "سننه" (1/187 رقم566) كتاب الطهارة، أبواب التيمم، باب ماجاء في السبب.(3/246)
ورواه أبوداود(1) أيضًا عن محمد بن أحمد بن أبي خلف ومحمد بن يحيى في آخرين، قالوا : حدثنا يعقوب، ثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب قال : حدثني عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس، عن عمار بن ياسر - رضي الله عنهم - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرَّس بأُولات الجيش ومعه عائشة رضي الله عنها، فانقطع عقد لها من جزع ظفار، فحبس الناس ابتغاء عقدها، وذلك حين أضاء الفجر، وليس مع الناس ماء، فتغيَّظ عليها أبوبكر - رضي الله عنه -، وقال : حبست الناس وليس معهم ماء، فأنزل الله عز وجل على رسوله - صلى الله عليه وسلم - رخصة التطهر بالصعيد الطيب، فقام المسلمون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فضربوا بأيديهم الأرض، ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التراب شيئًا، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الآباط. زاد ابن يحيى في حديثه : قال ابن شهاب في حديثه: ولا يعتبر بهذا الناس. قال أبوداود : وكذلك رواه ابن إسحاق قال فيه : عن ابن عباس، وذكر ضربتين كما ذكره يونس، ورواه معمر، عن الزهري: ضربتين، وقال مالك : عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن أبيه، عن عمار، وكذلك قال أبوأويس، وشك فيه ابن عُيينة؛ قال مرة : عن عبيدالله، عن أبيه، [أو عن عبيدالله، عن ابن عباس، ومرة قال: عن أبيه](2)، ومرة قال : عن ابن عباس، اضطرب فيه، وفي سماعه من الزهري، ولم يذكر أحد منهمُ الضربتين(3) إلا من سمَّيت.
وقد أخرج النسائي(4) حديث ابن عباس هذا عن عمار، ولم يذكر ذكر ضربتين.
[ل193/ب]
__________
(1) في "سننه" (1/225-226 رقم320).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من :"سنن أبي داود".
(3) في الأصل :" الضربة"، وصوبت في الهامش.
(4) في "سننه" (1/167 رقم314) كتاب الطهارة، باب التيمم في السفر.(3/247)
وقال ابن أبي حاتم(1):" سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه صالح بن كيسان(2) /وعبدالرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس، عن عمار، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [في](3) التيمم، فقالا: هذا خطأ، رواه مالك وابن عيينة، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن أبيه، عن عمار، وهو الصحيح، وهما أحفظ. قلت: قد رواه يونس وعُقيل وابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن عمار، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهم أصحاب الكتب، فقالا : مالك صاحبُ كتاب وصاحب حفظ ". انتهى.
وقال الأثرم في هذا الحديث :" فأما حديث عمار في المناكب والآباط، فإنما حكى في هذا فعلهم دون النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما حكى في حديثه الآخر أنه أجنب فتمعّك، ثم حكى تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه، فحكى خلاف الفِعْلَيْن جميعًا: أنه علمه ضربة واحدة للوجه والكفين ".
ذكر مُتَمسَّك من قال : إلى المرفقين
روى أبوداود(4) عن موسى بن إسماعيل، حدثنا أبان قال : سُئل قتادة عن التيمم في السفر، فقال : حدثني مُحدِّث عن الشعبي، عن عبدالرحمن بن أبزى، عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إلى المرفقين )).
وهذا كالمنقطع لجهالة المحدِّث عن الشعبي، وقد تقدم(5) في الصحيح رواية عبدالرحمن بن أبزى، عن عمار :" إلى الكفين ".
وقد تقدم(6) أيضًا رواية سلمة عن [ذر](7) من جهة مسلم.
__________
(1) في "علل الحديث" (1/32 رقم61).
(2) في الأصل :"حسان" وصوبت بجوارها.
(3) في الأصل :"عن" والتصويب من " علل الحديث".
.
(4) في "سننه" (1/233 رقم328) كتاب الطهارة، باب التيمم.
(5) انظر (ص 131).
(6) انظر (ص 132 ).
(7) في الأصل :"دينار" والتصويب من"صحيح مسلم"، وتقدم على الصواب، وسيأتي كذلك.(3/248)
وقد رواها أبوداود(1) عن محمد بن بشار، عن محمد - هو ابن جعفر -، عن شعبة، عن سلمة، عن ذر، عن ابن عبدالرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن عمار، قال(2):« بهذه القصة قال : (( إنما كان يكفيك ))، وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - يده إلى الأرض، ثم نفخ فيها، ومسح بها وجهه وكفيه، شك سلمة قال : لا أدري فيه :"[إلى](3) المرفقين" يعني أو :" إلى الكفين "». وهذه الرواية ذكر فيها الشك من سلمة، وقد تقدمت(4) من غير شك من جهة الحكم، عن ذر أنه :" الكفين ".
وروى أبوداود(5) عن علي بن سهل الرملي، عن حجاج، حدثني شعبة قال : بإسناده بهذا الحديث، قال : ثم نفخ فيها، ومسح بها وجهه وكفيه إلى المرفقين أو الذراعين، قال شعبة : كان سلمة يقول :" الكفين والوجه والذراعين "، فقال له منصور ذات يوم : انظر ما تقول، فإنه لا يذكر "الذراعين" أحدٌ غيرك !
حديث آخر : روى أبوداود(6) عن أحمد بن إبراهيم الموصلي، عن محمد ابن ثابت العبدي، قال : حدثنا نافع قال : انطلقت مع ابن عمر في حاجة إلى ابن عباس، فقضى ابن عمر حاجته، وكان من حديثه يومئذ أن قال : مرَّ رجل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سكة من السكك - وقد خرج من غائط أو بول-، فسلم عليه، فلم يرد عليه، حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة، ضرب بيديه على الحائط، ومسح بها وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى، فمسح ذراعيه، ثم رد على الرجل السلام، وقال : (( إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام، إلا أني لم أكن على طهر )) .
[ل194/أ]
__________
(1) في "سننه" (1/231 رقم324) كتاب الطهارة، باب التيمم.
(2) أي : أبو داود.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود".
(4) ص 136).
(5) في الموضع السابق من"سننه" برقم (325).
(6) في "سننه" (1/234 رقم330) كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر.
.(3/249)
ورواه أحمد بن عبيد الصفار(1) عن إسماعيل بن إسحاق، عن مسلم بن إبراهيم الأزدي، عن محمد بن ثابت العبدي، وفيه : ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب بيمينه، فمسح بوجهه مسحة، ثم ضرب / بكفه الثانية، فمسح ذراعيه إلى المرفقين.
ورواه الدارقطني(2) من جهة محمد بن ثابت المذكور، عن نافع، عن ابن
عمر رضي الله عنهما : أن رجلاً مرَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلم، فلم يرد عليه حتى ضرب بيده على الحائط، فمسح وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى، فمسح ذراعيه، ثم رد على الرجل السلام.
ورواه أبوداود(3) من حديث حيوة، عن ابن الهاد: أن نافعًا حدثه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغائط،فلقيه رجل عند بئر جمل، فسلم عليه، فلم يرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل على الحائط، فوضع يده على الحائط، ثم مسح وجهه ويديه، ثم رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرجل السلام. رواه عن جعفر بن مسافر، عن عبدالله بن يحيى البرلسي، عن حيوة.
__________
(1) أي في "مسنده"، ومن طريقه البيهقي في "سننه" (1/206) باختلاف يسير في اللفظ.
(2) في "سننه" (1/177 رقم 7)، ولكن يظهر أن المصنف اختصره، فسياقه عند الدارقطني هكذا :... عن نافع قال : انطلقت مع ابن عمر إلى ابن عباس في حاجة لابن عمر، فقضى ابن عمر حاجته، وكان من حديثه يومئذ أن قال : مرَّ رجل على رسول الله r في سكة من السكك وقد خرج من غائط أو بول، فسلم عليه، فلم يرد عليه السلام، حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة، ضرب بيديه على الحائط، فمسح وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه، ثم رد على الرجل السلام. وقال : (( إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أني لم أكن على طهر )) .
.
(3) في الموضع السابق من "سننه" برقم (331).(3/250)
هكذا في هذه الرواية الثانية : " ثم مسح وجهه ويديه "، ولم يقل : "ذراعيه "، وقد تقدم(1) حديث أبي الجهيم في الصحيح في هذه القصة : "ويديه"، وليس فيه ذكر ذراعيه.
ورواه الدارقطني(2) - أعني حديث أبي الجهيم -، عن [أبي](3) عمر محمد ابن يوسف، عن محمد بن إسحاق، عن أبي صالح، حدثني الليث، وفيه : "فمسح بوجهه وذراعيه، ورد عليه السلام".
قلت : اختلفوا في رواية محمد بن ثابت هذه، فمنهم من ردها بالكلام في محمد بن ثابت، ففي رواية عباس عن يحيى(4):" ليس بشيء ". وقال أبوحاتم(5):" ليس هو بالمتين، اكتب حديثه(6)
__________
(1) ص 121).
(2) في "سننه" (1/176 رقم3).
(3) في الأصل :" ابن"، وهناك إشارة لحق بين "عمر" و"محمد"، ولم يظهر شيء في الهامش.
(4) في " تاريخه " برواية عباس الدوري (2/507).
(5) في "الجرح والتعديل" (7/216).
(6) كذا في الأصل، وفي "الجرح والتعديل" :" يكتب حديثه".
.(3/251)
، وهو أحب إليّ من أبي أمية ابن يعلى وصالح الْمُرِّي، روى حديثًا منكرًا ". وقال البخاري(1):" خالف في بعض حديثه "، وقال(2):"[وروى](3) محمد، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوع في التيمم، وخالفه أيوب وعبيدالله والناس، فقالوا : عن نافع، عن ابن عمر، فِعْلَهُ ". وقال النسائي(4):" محمد بن ثابت بدري(5)، يروي عن نافع، ليس بالقوي ". وقال أبو أحمد ابن عدي(6):" ولمحمد بن ثابت غير ماذكرت، وليس بالكثير، وعامة أحاديثه مما لا يتابع عليه ". وأما البيهقي فإنه ذكر في تقوية هذه الرواية أشياء نذكرها، ونذكر مايمكن أن يقوله [مخالفوه](7)، مع البراءة والاستعاذة بالله عز وجل من تقوية باطل أو تضعيف حق، فنقول: قال(8) رحمه الله تعالى :" وقد أنكر بعض الحفاظ رفع هذا الحديث على محمد بن ثابت العبدي، فقد رواه جماعة عن نافع من فعل ابن عمر، والذي رواه غيرهُ عن نافع من فعل ابن عمر إنما [هو](9) التيمم فقط. فأما هذه القصة، فهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مشهورة برواية أبي الجهيم ابن الحارث بن الصمة وغيره ".
[ل194/ب]
__________
(1) في "التاريخ الكبير" (1/50 رقم105).
(2) أي : البخاري.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "التاريخ الكبير".
(4) في "الضعفاء والمتروكين"(ص213 رقم544) دون قوله :"بدري".
(5) كذا في الأصل :" بدري"!! وليست هذه اللفظة في المطبوع من "الضعفاء" للنسائي، ولم أجد من نقلها عنه، ولا من نسب محمد بن ثابت هذه النسبة.
(6) في "الكامل" (6/136).
(7) في الأصل :" مخالفيه"، وهو خطأ ظاهر، وقد جاءت على الصواب في "نصب الراية" (1/152) نقلاً عن المصنف.
(8) أي البيهقي في "سننه" (1/206).
(9) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من"سنن البيهقي"، وسيأتي على الصواب،=
= وقد نقله الزيلعي في "نصب الراية" (1/152) وابن الملقن في "البدر المنير" (2/112/ مخطوط) كلاهما عن المصنف هكذا.(3/252)
قلت : قد تقدم(1) إنكار البخاري لرفعه هذا الحديث، وقول الرازي(1): "روى حديثًا منكرًا "، ولتنبيه(2) به لما أنكره بعض الحفاظ المذكور(3)، هل هو أصل القصة ؟ أو روايتها من حديث ابن عمر ؟ أو رفع محمد بن ثابت للمسح إلى المرفقين ؟ وقد أشار البيهقي إلى أن جهة الإنكار كونه رواه جماعة، عن نافع من فعل ابن عمر، وقال بعد ذلك :" والذي رواه غيره عن نافع من فعل ابن عمر إنما هو التيمم فقط ". وهذا يدلك على أن المنكِر إنما أنكَر رفع اليدين إلى المرفقين، لا أصل القصة، ولا رواية القصة من حديث ابن عمر، وكيف يمكن أن يتأتى رواية هذه القصة على هذا الوجه وهذا السياق موقوفةً على ابن عمر رضي الله عنهما، فتعين أن يكون المنكر عنه من /أنكر هو رفع المسح إلى المرفقين، وأن التعليل برواية غيره موقوفًا، فليضبط هذا، فهو ينبني عليه كثير مما بعده، فإنه إذا كان المشهور أصل القصة من رواية أبي الجهيم وليس فيها ذكر المرفقين، فليس ينفع ذلك في تقوية رواية محمد بن ثابت، بل قد عده خصومه سببًا للتضعيف، وأن الذي في الصحيح في قصة أبي جُهيم : "ويديه "، وليس فيه :"وذراعيه". قال البيهقي(4):" وثابت عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رجلاً مرَّ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه، إلا أنه قصر في روايته ".
__________
(1) في الصفحة السابقة.
(2) كذا في الأصل ! ولعل صوابه :" وللتنبيه"، أو :" ولننبه".
(3) كذا في الأصل.
.
(4) في "سننه" 1/206).(3/253)
قلت: الضحاك بن عثمان لم يذكر القصة بتمامها، وإنما يثبت بها تقوية لرواية محمد بن ثابت إذا كان المنكَر أصل رواية نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما للقصة في الجملة. فقد يقال حينئذ: إن رواية الضحاك - وإن قصرت-، فهي تدل على أن القصة في الجملة صحيحة من رواية ابن عمر، فأما إذا كان المنكَر على محمد بن ثابت رفع المسح إلى المرفقين لم تفد رواية الضحاك تقوية لذلك. قال البيهقي(1):"[ ورواية](1) يزيد بن الهاد، عن نافع أتم من ذلك ".
ثم أخرجه من جهة أبي داود(2)،عن جعفر بن مسافر،عن عبدالله-هو ابن يحيى [البرلسي](3)-، عن حيوة بن شريح، عن ابن الهاد:أن نافعًا حدثه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغائط، فلقيه رجل عند بئر جمل،[فسلم عليه،فلم يرد عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم - حتىأقبل على الحائط](4)، فوضع يده على الحائط، ثم مسح وجهه ويديه، ثم ردَّ(5) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرجل السلام. قال:" فهذه الرواية شاهدة لرواية محمد بن ثابت العبدي إلا أنه حفظ فيها الذراعين، ولم يثبتها غيره،كما [ساق](6)هو وابن الهاد [الحديث بذكر](7) تيممه، ثم رده جواب السلام، وإن كان الضحاك بن عثمان قصَّر به".
__________
(1) في الأصل :" ورواه"، والتصويب من "سنن البيهقي"، وقد نقلها كذلك ابن الملقن في "البدر المنير" (2/113/مخطوط).
(2) في "سننه" (1/234 رقم331) كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر.
(3) في الأصل :"البزار"، والتصويب من "سنن البيهقي" و"سنن أبي داود"، وتقدم على الصواب (ص145).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجعين السابقين.
(5) في الأصل :" مد"، وصوبت في الهامش.
(6) في الأصل :" ساقها"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(7) في الأصل :" ذكر"، وسقط قوله :"الحديث"، والمثبت من المرجع السابق.(3/254)
قلت : فقال في هذا ماتقدم ؛ وهو : أنه إنما تكون رواية ابن الهاد شاهدة لرواية محمد بن ثابت إذا كان المنكَر أصل الرواية عن ابن عمر، وإن كان المنكَر ذِكر الذراعين مرفوعًا، فلا شهادة لرواية ابن الهاد، ولا لرواية الضحاك ابن عثمان. وقوله :" إلا أنه حفظ فيها الذراعين"، هو الذي خالفه فيه غيره - والله عز وجل أعلم -، ورأى أنه لم يحفظ محمد بن ثابت ؛ لأن غيره لم يذكر الذراعين مرفوعًا، ولو قال :" إلا أنه ذكر الذراعين " لكان أسلم وأقرب إلى الخلاص ؛ فإن هذه الصيغة أعني قوله :" إلا أنه حفظ "- ومافي معنى ذلك - يذكر كثيرًا عند تصحيح مارواه [الراوي](1) إذا خولف. قال البيهقي :" وفعل ابن عمر التيمم على الوجه والذراعين إلى المرفقين شاهد [لصحة](2) رواية محمد بن ثابت، غيرُ منافٍ لها ".
__________
(1) في الأصل :" الرازي"، والتصويب من "البدر المنير" لابن الملقن (2/113/مخطوط).
(2) في الأصل :" لصحته"، والتصويب من "سنن البيهقي". وقد نقلها كذلك ابن الملقن في الموضع السابق من "البدر المنير" عن المصنف على الصواب.(3/255)
قلت : أمَّا إنه غير منافٍ فصحيح، وأمَّا إنه شاهد بصحة رواية محمد بن ثابت ففيه نظر؛[لأنه](1) لم يوافق محمد بن ثابت في رفع الذراعين إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل هذا هو العلة التي علل بها من علل رواية محمد بن ثابت، وهي الوقف على فعل ابن عمر، فكيف يكون المقتضي للتعليل مقتضيًا للتصحيح ؟! ثم إن البيهقي(2) روى بسنده عن عثمان بن [سعيد](3) الدارمي(4) قال : «سألت يحيى بن معين قلت : محمد بن ثابت العبدي ؟ قال :"ليس به بأس"». قال البيهقي :/" كذا قال في رواية الدارمي عنه، وهو في هذا الحديث غير مستحق للنكير بالدلائل التي ذكرتها ".
[ل195/أ]
قلت : قد تقدم(5) ماقيل في محمد بن ثابت من غير رواية الدارمي.
وقوله :" وهو في هذا الحديث غير مستحق للنكير بالدلائل التي ذكرتها"، قد أشرنا إلى [ما ذكره](6) ومانبه عليه فيه، نعم لا يستحق النكير إذا كان عدلاً على الطريقة الأصولية والفقهية. قال(7):" وقد رواه جماعة من الأئمة عن محمد بن ثابت،[مثل](8) يحيى بن يحيى(9)، ويعلى بن منصور، وسعيد بن منصور، وغيرهم، وأثنى عليه مسلم بن إبراهيم ورواه عنه(10)، وهو عن ابن عمر مشهور ".
__________
(1) في الأصل:" لا "، والتصويب من الموضع السابق من "البدر المنير" حيث نقله عن المصنف.
(2) في "سننه" (1/206-207).
(3) في الأصل :"شعبة"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(4) في "تاريخه" (ص216 رقم809).
(5) ص 145).
(6) في الأصل :" ما ذكرته".
(7) أي : البيهقي في "سننه" (1/207).
(8) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"سنن البيهقي".
(9) وروايته أخرجها البيهقي في "سننه" (1/215).
(10) تقدمت روايته (ص 144).(3/256)
قلت : قصد بذكر من رواه عن محمد بن ثابت من الأئمة تقوية أمره. وقوله :"وأثنى عليه مسلم بن إبراهيم " أشار به إلى أن مسلم بن إبراهيم لَمَّا روى عنه قال(1):" حدثنا محمد بن ثابت العبدي، وكان صدوقًا "، وصِدقه لا يمنع أن ينكِر عليه مُنكِر رفعَ هذا الحديث على حكم الغلط عنده بمخالفة غيره له على ماهو عادة كثير من أهل الحديث - أو أكثرهم -.
وقوله :" وهو عن ابن عمر مشهور " قد يوهم من لم يفهم الصناعة أن الحديث على مارواه محمد بن ثابت، عن نافع، عن ابن عمر مشهور مرفوعًا، وليس المشهور إلا روايته عن ابن عمر من فعله فليُعلم ذلك. نعم هاهنا شيء ننبه عليه، وهو أنه إنما يقوى تعليل رواية محمد بن ثابت المرفوعة برواية من روى موقوفًا على ابن عمر إذا لم يفترقا إلا في الرفع والوقف. فأما إذا ذكر موقوفًا، ثم ذكر بالقصة مرفوعًا، فلا تقوى تلك القوة في التعليل عندي، وإنما قد يمكن أن يعلل برواية من روى القصة من غير ذكر المرفقين على مذهب بعض أهل الحديث - أو أكثرهم - إذا كان المخالف الراوي للقصة أحفظ أو أكثر.
حديث آخر : روى الدارقطني(2) من حديث علي بن ظبيان، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمررضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( التيمم ضربتان : ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين )) .
__________
(1) قال البيهقي في"المعرفة" (2/9 رقم1541):" وقال مسلم بن إبراهيم - في رواية موسى بن الحسن ابن عباد عنه -: حدثنا محمد بن ثابت العبدي، وكان صدوقًا ".
(2) في "سننه" (1/180 رقم16).
.(3/257)
[.....](1) وقد علله بعضهم(2) بعلي بن ظبيان، وقال :« قال ابن نمير(3):" يخطئ في حديثه كله ". وقال يحيى بن سعيد [وابن معين](4)(5) وأبوداود(6): "ليس بشيء ". وقال النسائي(7) وأبوحاتم الرازي(8):" متروك ". وقال أبوزرعة :" واهي الحديث جدًّا ". وقال ابن حبان(9):"[سقط](10) الاحتجاج بأخباره "». وأما الحاكم فإنه أخرجه في "المستدرك"(11) وقال:" لا أعلم أحدًا أسنده عن عبيدالله غيرُ علي بن ظبيان وهو صدوق، وقد أوقفه يحيى بن سعيد، وهشيم، وغيرهما، ومالك، عن نافع غير أن شرطي في مسند(12) الصدوق الحديث إذا أوقفه غيره ".
__________
(1) بياض في الأصل بمقدار سطر، ولعل في موضعه عزو الحديث لـ"المستدرك" للحاكم كما يتضح من كلام المصنف الآتي.
(2) وهو ابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف " (1/237)، وسيذكره المصنف صراحة فيما بعد.
(3) قول ابن نمير هذا أسنده ابن حبان في "المجروحين" (2/105).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "التحقيق"، وكذا نقله ابن الملقن في "البدر المنير" (2/115/مخطوط) والظاهر أنه أخذه عن المصنف.
(5) في "تاريخه" برواية عباس الدوري (2/420).
(6) كما في "سؤالات الآجري" (2/306 رقم1938).
(7) في "الضعفاء والمتروكين"(ص180 رقم456).
(8) في "الجرح والتعديل" (6/191).
(9) في الموضع السابق من "المجروحين".
(10) في الأصل :" يسقط"، والتصويب من "التحقيق" و"المجروحين".
(11) 1/179).
(12) كذا في الأصل، وفي "المستدرك": " سند ".(3/258)
« قال(1) الدارقطني(2):" وقد وقفه يحيى القطان، وهُشيم وغيرهما، وهو الصواب ". قال(3):" ورواه سُليمان بن أبي داود الحراني، عن سالم ونافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "، وسُليمان ضعيف. وقال أبوحاتم الرازي(4):" ضعيف جدًّا "...، وقد رواه سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن سالم. وسُليمان عندهم متروك »(5).
[195/ب]
/وروى الدارقطني(6) أيضًا، حدثنا محمد بن مخلد، ثنا إبراهيم الحربي،
ثنا عثمان بن محمد الأنماطي، ثنا حرمي بن عُمارة(7)، عن عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( التيمم ضربة للوجه، وضربة للذراعين إلى المرفقين )) .
قال ابن الجوزي(8): " وأما حديث جابر - رضي الله عنه - فقد تُكلم في عثمان بن محمد ".
__________
(1) من هنا رجع المصنف لنقل كلام ابن الجوزي في "التحقيق".
(2) في "سننه" (1/180 رقم16).
(3) أوهم ذلك أن القائل هو الدارقطني تبعًا لما سبق، ولكن هذه مقولة البيهقي في "السنن" (1/207)، والمصنف نقله هكذا من الموضع السابق من "التحقيق في أحاديث الخلاف" لابن الجوزي.
(4) في "الجرح والتعديل" (4/116)، وعبارته :"ضعيف الحديث جدًا".
(5) في "التحقيق" :" وسليمان ليس بشيء بإجماعهم ".
(6) في "سننه" (1/181 رقم22).
(7) ضبط عُمارة في الأصل بضم العين، وبمحاذاته في الهامش ما نصه :" أُبَيّ بن عِمارة بكسر العين، وما عداه بضمها ".
(8) في "التحقيق في أحاديث الخلاف" (1/237).(3/259)
حديث آخر : روى الدارقطني(1) أيضًا من حديث الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده، عن الأسلع، قال : أراني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف أمسح، فضرب(2) بكفيه الأرض، ثم رفعهما [لوجهه](3)، ثم ضرب ضربة أخرى، فمسح ذراعيه باطنهما وظاهرهما حتى مس بيده(4) المرفقين.
"الربيع بن بدر" قال أبوحاتم(5):" لا يشتغل به ". وقال النسائي(6) والدارقطني(7):" متروك ".
وروى البيهقي(8) من حديث الربيع بن بدر،عن أبيه، عن جده، عن رجل يقال له:الأسلع، قال:كنت أخدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه جبريل - عليه السلام - بآية [التيمم](9)، فأراني رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كيف المسح للتيمم،فضربت بيديَّ الأرض ضربة واحدة، فمسحت بهما وجهي، ثم ضربت بهما الأرض، فمسحت [بهما](10) يديَّ إلى المرفقين. قال البيهقي:" الربيع بن بدر ضعيف، إلا أنه غير منفرد ".
قلت : لايكفي في الاحتجاج كونه غير منفرد، حتى ينظر مرتبته، ومرتبة مشاركه، فليس كل من توافق(11) مع غيره في الرواية يكون موجبًا للقوة والاحتجاج.
__________
(1) في "سننه" (1/179 رقم14).
(2) في"سنن الدارقطني":"فمسحت فضرب..."، والمصنف نقله من "التحقيق"، وهو هكذا فيه.
(3) في الأصل :"بوجهه"، والتصويب من "سنن الدارقطني"، وكذا في "التحقيق".
(4) في "سنن الدارقطني" :"بيديه"، وهي في "التحقيق" كما ساقها المؤلف، وكذا الكلام على الرجال، وإن لم يصرح المصنف بالنقل عن ابن الجوزي.
(5) في "الجرح والتعديل" (3/455 رقم2057).
(6) في "الضعفاء والمتروكين" (ص106 رقم209).
(7) في "سننه" (1/99 رقم12).
(8) في "سننه" (1/208).
(9) في الأصل :"الصعيد"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(10) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي".
(11) لم تنقط التاء في الأصل، فيمكن أن تكون :" يوافق" أيضًا.(3/260)
حديث آخر : روى الشافعي(1): أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن أبي الحويرث عبدالرحمن بن معاوية، عن الأعرج، عن ابن الصمة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تيمم، فمسح وجهه وذراعيه. فذكر البيهقي(2): أن "هذا منقطع ؛ عبدالرحمن بن هرمز الأعرج لم يسمعه من ابن الصمة، إنما سمعه من عمير مولى ابن عباس، عن ابن الصمة ". قال الأثرم :" وأما حديث أبي جُهيم(3)، فإنما هو من حديث إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك ".
قلت : وفيه أيضًا أبوالحويرث عبدالرحمن بن معاوية المدني الأنصاري الزرقي، قال بشر بن عمر(4):" سألت مالكًا رحمه الله عن أبي الحويرث، فقال: ليس بثقة ". وقال عباس(5) عن ابن معين:" أبوالحويرث لا يحتج بحديثه". وقال أبوعمر(6):" ليس بالقوي عندهم ". قال :" وقال أحمد بن حنبل : أبو الحويرث ليس به بأس. فقلت له(7): إن بشر بن عمر روى عن
مالك أنه ليس بثقة، فأنكر ذلك، وقال : قد روى عنه شعبة "(8).
__________
(1) في "الأم (1/48).
(2) في "سننه" (1/205).
(3) أي : ابن الصِّمَّة.
(4) كما في الموضع الآتي من "العلل" لعبدالله بن أحمد.
(5) أي : الدوري في "تاريخه" عن ابن معين (2/358 رقم1050).
(6) هو ابن عبدالبر في "الاستغناء" (1/580 رقم633).
(7) كذا في " الاستغناء "، والقائل هو عبدالله بن أحمد كما في " العلل " له (2/311 =
= رقم2382)، وعنه العقيلي في "الضعفاء" (2/344 رقم945).
(8) وقع في المطبوع من "الاستغناء" :"إن بشر بن عمر روى عن شعبة "، وسقط قوله :" مالك أنه ليس بثقة، فأنكر ذلك وقال : قد روى عنه ".(3/261)
وروى الدارقطني(1) من حديث أحمد بن حَمدويه، حدثنا [أبو معاذ، نا](2) أبوعصمة، عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي جهيم - رضي الله عنه - قال: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بئر جمل - إما من غائط، وإما من بول -، فسلمت عليه، فلم يرد عليّ السلام، وضرب الحائط بيده ضربة، فمسح بها وجهه، ثم ضرب أخرى، فمسح بها ذراعيه إلى المرفقين، ثم رد عليّ السلام. قال أبو معاذ : وحدثنا خارجة، عن عبدالله بن عطاء، عن موسى بن عقبة، مثله(3). ورواه الدارقطني، عن أبي سعيد محمد بن عبدالله المروزي، عن محمد بن خلف، عن أحمد بن حَمدويه.
فصل في عدم التكرار في مسح التيمم، أو الاكتفاء بضربة واحدة
روى الطبراني من حديث عبدالرحيم(4) بن سليمان، عن محمد بن سعيد،
[ل196/أ]
عن عبادة بن نُسَيّ، عن عبدالرحمن بن غَنْم، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال : كنت أرى النبي(5) - صلى الله عليه وسلم - يتيمم بالصعيد، فلم أره يمسح يديه ووجهه إلا مرة [واحدة](6)./ أخرجه في "المعجم الكبير"(7).
و"نُسي": بضم النون، وفتح السين المهملة وتشديد الياء. و"غَنْم": بفتح الغين المعجمة، وسكون النون. و"محمد بن سعيد" المذكور في الإسناد إن كان المصلوب فهو عندهم هالك.
فصل في ذكر وهم والتنبيه عليه
__________
(1) في "سننه" (1/177 رقم6).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من :"سنن الدارقطني".
(3) في "سنن الدارقطني" :" عن موسى بن عقبة، عن الأعرج، عن أبي جهيم، عن النبي r مثله "، فالظاهر أن المصنف اختصره.
(4) تصحف في "المعجم الكبير" إلى :" عبدالرحمن"، وجاء على الصواب في "مسند الشاميين" (3/276 رقم2249).
(5) كذا في الأصل، وفي "المعجم الكبير ":" كان النبي r ".
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"المعجم الكبير".
(7) 20/68 رقم 126).(3/262)
ذكر أبومحمد عبدالحق(1) رحمه الله تعالى(2) في "باب التيمم" من "كتاب
الطهارة" من طريق العقيلي، عن صالح بن بيان(3)، عن محمد بن سُليمان، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (([يمسح](4) المتيمم هكذا )) - ووصف صالح من وسط رأسه إلى جبهته -، ثم قال(5):" محمد هو ابن سليمان بن علي بن عبدالله بن عباس، ولا يعرف بالنقل، وحديثه غير محفوظ ". قال ابن القطان(6):« هذا نص ماأورد، وهو خطأ وتصحيف من عمله، حققه عليه إدخاله إياه في التيمم. ولقد كان زاجرًا عن ذلك أنه لم يُسْمع قط - لا في رواية ولا في [رأي](7) -[بمسح](8) الرأس في التيمم. وليس لقائل أن يقول : لعله تصحيف للعقيلي الذي نقله من عنده ؛ فإن العقيلي إنما يترجم بأسماء الرجال، ويذكر في أبوابهم بعض ماينكر عليهم من الأحاديث، أو كل مارووا بحسب إقلالهم و إكثارهم، كما يفعل الساجيُّ وأبو أحمد وغيرهما. فهو إذًا لم يقيد بباب، ولا أدخله في الفقه [في](9) كتاب، وإلى هذا فإن الأمر فيه بيِّن لا عند العقيلي ولا عند غيره
__________
(1) في "الأحكام الوسطى" (1/222).
(2) هناك تعليق بهامش الأصل على هذا الموضع، ومفاده : أن وفاة عبدالحق رحمه الله تعالى كانت سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
(3) كذا في الأصل و" بيان الوهم" و "نصب الراية" (1/161)، وفي "الأحكام الوسطى" لم يفصح باسم أبيه، وإنما نسبه، فقال :" صالح الناجي"، وكذا في "الضعفاء " للعقيلي. والمعروف بهذه النسبة - أعني "الناجي"- هو صالح بن زياد، لا ابن بيان كما في "الجرح والتعديل" (4/404 رقم1767).
(4) في الأصل :"مسح"، والتصويب من "الأحكام الوسطى".
(5) أي : عبدالحق.
(6) في "بيان الوهم والإيهام" (2/197-198).
(7) في الأصل :"رأس"، والتصويب من المرجع السابق.
(8) في الأصل :"يمسح"، والمثبت من المرجع السابق.
(9) في الأصل :" من"، والمثبت من المرجع السابق.(3/263)
ممن ذكره، ولو قرأ آخر الحديث تبين له سوء نقله. قال العقيلي(1) في باب "محمد بن سليمان": حدثنا محمد بن علي المروزي، ثنا محمد بن مرزوق، ثنا صالح الناجي، ثنا محمد بن سليمان بن علي أمير البصرة، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مسح(2)
__________
(1) في "الضعفاء الكبير" (4/73 رقم1627).
(2) كذا في الأصل و"نصب الراية"(1/161)،وفي"الضعفاء" للعقيلي و "بيان الوهم ": "يمسح".(3/264)
[اليتيم(1)] هكذا )) - ووصف صالح من وسط رأسه إلى جبهته -، ومن كان له أب فهكذا - ووصف صالح من جبهته إلى وسط رأسه-. قال العقيلي في محمد بن سليمان :" ليس يعرف بالنقل، وحديثه [هذا](2) غير محفوظ لا يعرف إلا به - يعني هذا الحديث -. والحديث كما ترى إنما جاء في مسح رأس اليتيم ومن له أب، على معنى التحنن والشفقة، وقد ذكره غير العقيلي كذلك. قال البزار(3): حدثنا محمد بن مرزوق بن بكير، ثنا صالح الناجي، ثنا محمد بن سليمان بن علي بن عبدالله بن عباس، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (([اليتيم](4) يمسح رأسه هكذا )) - ووصف صالح أنه وضع كفه[وسط رأسه، ثم أحدرها إلى مقدمه أو إلى جبهته-، (( ومن كان له أب هكذا ))- ووصف أنه وضع كفه](5) على مقدم رأسه مما يلي جبهته، ثم أصعدها إلى وسط رأسه -. قال(6):" وهذا لانعلمه يُروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه، ولا نعلم له إسنادًا غير هذا الإسناد، ولم يشارك محمد بن سليمان في هذه الرواية أحدًا، وكان أميرًا بالبصرة. والحديث إنما كتبناه على مافيه ؛ لأنا لم نحفظه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه، فلذلك ذكرناه ".
__________
(1) في الأصل :"التيمم"، والتصويب من "الضعفاء الكبير"، و"بيان الوهم"، وكذا في "نصب الراية" نقلاً عن المصنف فيما يظهر.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "الضعفاء الكبير".
(3) في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (2/387 رقم1913).
(4) في الأصل :"التيمم"، والتصويب من "كشف الأستار".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "كشف الأستار".
(6) أي البزار، وعبارته كما يلي من "كشف الأستار" :" لا نعلمه يروى عن رسول الله r إلا بهذا الإسناد، ولم يشارك أحد محمد بن سليمان فيه، وكان أمير البصرة، وهذا إنما كتبناه لأنا لم نحفظه إلا من هذا الوجه ".(3/265)
انتهى كلام البزار ». قال [ابن](1) القطان :" وقد رواه عن صالح الناجي غير محمد بن مرزوق "، ثم أورد ابن القطان من "تاريخ الخطيب"(2) بسنده،عن سلمة بن حيَّان [العتكي](3)،عن صالح الناجي بلفظ في الإسناد آخر،وحكى فصلاً في أمر محمد بن سليمان،ثم قال(4):"وقد انتهينا بما كتبتُ من هذا كله إلى المقصُود، وهو بيان تصحيفه اللفظة المذكورة تصحيفًا محققًا بإدخاله إياه/ في "كتاب الطهارة" بين أحاديث التيمم، وإنما هو اليتيم ".
[ل196/ب]
قلت : قد بَيَّن كما ذكر، ولكنه في بعض ألفاظه خشن، ولو ترك ذلك في حق هذا الرجل الصالح لكان [حَسنًا](5).
فصل فيما قيل في التيمم لكل صلاة
روى الدارقطني(6) من حديث الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" من السنة أن لا يُصلَّى بالتيمم الواحد
أكثر من صلاة واحدة ".
"الحسن بن عمارة" تكلموا فيه، وقال بعضهم(7) فيه :" متروك ". وذكره مسلم في مقدمة كتابه(8) في جملة من تكلم فيه.
فصل فيما تُعُلِّق به في أن التيمم يرفع الحدث إلى حَيْثُ يوجد الماء
قد تقدم(9) تسمية التراب طهورًا في الصحيح من الحديث.
__________
(1) ما بين المعكوفين ليس في الأصل.
(2) "تاريخ بغداد" (5/291).
(3) في الأصل :"العكي"، والتصويب من "تاريخ بغداد".
(4) أي : ابن القطان.
(5) في الأصل :" حسن".
(6) في"سننه"(1/185رقم6)، والظاهر أن المصنف أخذه من "الخلافيات" للبيهقي (2/465=
= رقم812)، فإنه رواه من طريق الدارقطني بهذا السياق.
(7) كالإمام أحمد بن حنبل كما في "العلل" رواية المرُّوذي (ص106و147 رقم170و261)، والنسائي كما في "الضعفاء والمتروكين" له (ص87 رقم151).
(8) أي :"الصحيح" (1/23-24)، ومسلم أيضًا من الذين قالوا فيه "متروك الحديث" كما في "الكنى" له (2/732 رقم2954) و"تاريخ بغداد" (7/350).
(9) ص128و129) من هذا لمجلد.(3/266)
وروى أبوقلابة عن عمرو بن بُجدان، عن أبي ذر - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إن الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فَلْيُمِسَّه بشرته فإن ذلك خير )) . أخرجه بهذا اللفظ الترمذي(1) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". هكذا في بعض الروايات، وفي بعضها: "حسن".
ورواه أبوداود(2) أتمَّ منه من حديث أبي قلابة، عن عمرو بن بُجْدان، عن أبي ذر قال: اجتمعت غُنَيْمَة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( يا أباذر ! [ابْدُ
فيها](3) ))، فبدوت إلى الرَّبَذَة، فكانت تصيبني الجنابة فأمكث الخمس والست،
فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( أبو ذرٍ ؟! )) فسكَتُّ، فقال : (( ثكلتك أمك أبا ذر ! لأمك الويل ! )) فدعا لي بجارية سوداء، فجاءت بعُسٍّ فيه ماء [فسترتني](4) بثوب،[واستترت](5) بالراحلة، واغتسلت، فكأني ألقيت عني جبلاً، فقال : ((الصعيدُ الطيب وضوء المسلم، ولو إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسَّه
جلدك فإن ذلك خير )) . وفي رواية(6):" غُنيمةٌ من الصدقة".
__________
(1) في"سننه" (1/211-212 رقم124) أبواب الطهارة، باب ماجاء في التيمم للجنب إذا لم يجد الماء.
(2) في "سننه" (1/235-236 رقم332) كتاب الطهارة، باب الجنب يتيمم.
(3) في الأصل يشبه أن تكون :" أبدنيها"،والتصويب من "سنن أبي داود".
(4) في الأصل :" فسترني"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) في الأصل :" واستبرت"،والتصويب من المرجع السابق.
(6) وهي رواية مسدد كما قال أبو داود في الموضع السابق من "سننه".(3/267)
وأخرجه النسائي(1)، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(2) وقال : "صحيح، ولم يخرجاه إذ لم يجدا لعمرو بن بجدان راويًا غير أبي قلابة الجرمي ". وزعم ابن القطان(3) أنه « لا يعرف لعمرو بن بُجدان حال، وإنما [روى](4) عنه أبوقلابة، واختلف عنه،[فيقول](5) خالد الحذاء :[عنه](6)، عن عمرو بن بُجدان، ولا يختلف في ذلك على [خالد](7). فأما أيوب فإنه رواه عن أبي
__________
(1) في "سننه" (1/171 رقم322) كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد.
(2) 1/176).
(3) في "بيان الوهم والإيهام" (3/327 رقم1073).
(4) في الأصل :"هو"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام".
(5) في الأصل :"فقيل عنه"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام".
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل،فأثبته من"بيان الوهم".وقوله:"عنه"؛ أي:عن أبي قلابة.
(7) بياض في الأصل بمقدار خمس كلمات، والساقط إنما هو قوله :"خالد" الذي استدركته =
= من "بيان الوهم والإيهام".(3/268)
قلابة، فاختلف عليه : فمنهم من يقول: عنه(1)، عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر، ومنهم من يقول : عن رجل فقط، ومنهم من يقول:[عن رجاء بن عامر](2)، ومنهم من يقول : عن عمرو بن بجدان كقول خالد، ومنهم من يقول : عن أبي المهلب، ومنهم من لا يجعل بينهما أحدًا، فيجعله عن أبي قلابة، عن أبي ذر، ومنهم من يقول : عن أبي قلابة : أن رجلاً من بني قُشير قال : يانبي الله ! هذا كله اختلاف على أيوب في روايته إياه عن أبي قلابة، وجميعه في "علل الدارقطني"(3) و"سننه"(4)». قال ابن القطان :" وهو حديث ضعيف لاشك فيه". قال:" وبهذا(5) المعنى إسناد صحيح سنذكره إن شاء الله تعالى في باب الأحاديث التي لم يصححها(6) ولها أسانيد صحاح".
[ل197/أ]
قلت: وقد ذكر(7) في ذلك الباب حديثًا عن البزار فقال :« قال /البزار : "حدثنا مُقَدَّم [ بن محمد بن يحيى بن عطاء ](8) بن علي(9) بن مُقَدَّم الْمُقَدَّمي،
__________
(1) أي : عن أيوب.
(2) في الأصل :"عنه عن أبي قلابة عن رجل فقط"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام".
(3) 6/252-255 مسألة 1113).
(4) 1/186-187 أرقام 1-6).
(5) في "بيان الوهم" :" ولهذا ".
(6) أي : عبدالحق الإشبيلي.
(7) أي ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (5/266 رقم2464).
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم ". ووقع في المطبوع من "كشف الأستار" :"حدثني مقدم بن محمد بن علي بن مقدم المقدمي".
(9) قوله :" بن علي" ليس في "بيان الوهم ".(3/269)
حدثني عمي القاسم بن يحيى بن عطاء بن مُقَدَّم، ثنا هشام(1)، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين،فإذا وجد الماء فليتَّق الله وليمسَّه بشرته، فإن ذلك خير )) ". قال البزار :" وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه، ولم نسمعه إلا من مُقَدَّم، عن عمه(2)، وكان مقدم ثقة معروف النسب ". انتهى كلام البزار ». قال(3):« فأقول بعده : إن القاسم بن يحيى بن عطاء بن مقدم أبا محمد الهلالي الواسطي يروي عن عبيدالله بن عمر وعبدالله ابن عثمان بن [خثيم](4)، روى عنه ابن أخيه مقدَّم بن محمد الواسطي وأحمد ابن حنبل، وأخرج له البخاري(5) في التفسير والتوحيد وغيرهما من "جامعه" معتمدًا مايرويه، فاعلم ذلك ».
و" بُجدان ": بضم الباء الموحدة، وسكون الجيم، وبعدها دال مهملة، وآخره نون. و"غُنيمة": بضم الغين، وفتح النون. و"الرَّبَذَة": بفتح الراء المهملة، والباء الموحَّدة، والذال المعجمة. و"الْجَرْمي": بفتح الجيم، وسكون الراء المهملة.
وقد روى أبوداود(6) بعض الوجوه التي ذكر ابن القطان من الاختلاف في
__________
(1) هو ابن حسان كما في "بيان الوهم ".
(2) قوله :" ولم نسمعه إلا من مقدم عن عمه" ليس في المطبوع من "كشف الأستار".
(3) أي : ابن القطان.
(4) في الأصل :"جبلة"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام"، وانظر " تهذيب الكمال" (23/459).
(5) كما في "تهذيب الكمال" (23/459).
(6) في"سننه" (1/313-314 رقم 337 /طبعة عوامة) كتاب الطهارة، باب الجنب يتيمم.(3/270)
حديث أبي قلابة، عن رجل من بني عامر قال : دخلت في الإسلام فأهمَّني ديني، فأتيت أبا ذر، فقال أبو ذر : إني اجتويتُ المدينة، فأمر لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [بذودٍ وبغنم](1) فقال لي : (( اشرب من ألبانها )) - وأَشُكُّ في أبوالها -. فقال أبو ذر : فكنتُ أعزب عن الماء ومعي أهلي، فتصيبني الجنابة، فأصلي بغير طهور، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنصف النهار - وهو في رهط من أصحابه، وهو في ظل المسجد-، فقال : (( أبو ذر؟! )) فقلت: نعم، هلكت يارسول الله! فقال: (( ماأهلكك؟ )) فقلت: إني كنت أعزب عن الماء ومعي أهلي، فتصيبني الجنابة، وأصلي بغير طهور. فأمر لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بماء، فجاءت به جارية سوداء بعسٍّ يتخضخض ماهو بملآن، فتسترت إلى بعيرٍ فاغتسلت، ثم جئتُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ياأبا ذر ! إن الصعيد الطيب طهور وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسَّه جلدك )) . قال أبوداود : «رواه حماد بن زيد، عن أيوب لم يذكر "أبوالها"». قال أبوداود : «"أبوالها" ليس يصح في هذا الحديث(2)، وليس في أبوالها إلا حديث أنس تفرد به أهل البصرة ». قال شيخنا(3):" هذا الرجل من بني عامر هو : عمرو بن بجدان المتقدم في الحديث قبله، سماه خالد الحذاء، عن أبي قلابة، وسماه سفيان، عن أيوب - رضي الله عنهم - ".
قلت: إن كان ابن القطان قد روى من كلام الترمذي قوله:"هذا حديث
[ل197/ب]
__________
(1) في الأصل :"بذود من الغنم"، والتصويب من "سنن أبي داود".
(2) في المطبوع من "سنن أبي داود" :" قال أبو داود : هذا ليس بصحيح، وليس في أبوالها..."، والذي في الأصل هنا موافق لما في "جامع الأصول" (7/260-261).
(3) أي : المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/207).(3/271)
حسن صحيح "(1)، فمن العجب كونه لم يكتَف بتصحيح الترمذي في معرفة حال عمرو بن بجدان مع تفرده بالحديث ! فأي فرق بين أن يقول : هو ثقة، أو يصحح حديثًا انفرد به ؟ وإن كان توقف عن ذلك لكونه لم يرو عنه [إلا](2) أبوقلابة، فليس هذا بمقتضى مذهبه، فإنه لا يَلْتَفِتُ إلى كثرة الرواة في نفي جهالة الحال، فكذلك لا يوجب جهالة الحال بانفراد راوٍ واحدٍ عنه بعد وجود ما يقتضي تعديله - وهو تصحيح الترمذي رحمه الله -. وإن كان لم يرو قول الترمذي :" صحيح"(3)، فله عذر، لكن هذه/ اللفظة ثابتة فيما أورده شيخنا(4) رحمه الله ! وأما الاختلاف الذي ذكره من كتاب الدارقطني(5)، فينبغي علىطريقته وطريقة الفقه أن ينظر في ذلك، [إذ لا تعارض](6) بين قولنا :" عن رجل "، وبين قولنا :" عن رجل من بني عامر "، وبين قولنا : "عن عمرو بن بجدان". وأما من أسقط ذكر هذا الرجل، فيؤخذ بالزيادة، ويحكم بها. وأما من قال :" عن أبي المهلب "، فإن كان كنية لعمرو، فلا اختلاف فيه، وإلا فهي رواية واحدة مخالفة احتمالاً لا يقينًا. وأما من قال : "إن رجلاً من بني قشير قال : يانبي الله !" فهي مخالفة، فكان يجب أن ينظر في إسنادها على طريقته، فإن لم يكن ثابتًا لم يعلل بها
__________
(1) الذي نقله ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (3/327) و (5/266) عن عبدالحق في "الأحكام الوسطى" (1/220) أن الترمذي قال :" هذا حديث حسن"، وأما قوله : "صحيح" فهو في بعض النسخ دون بعض كما في "سنن الترمذي" (1/213)، وكما أشار إليه المصنِّف في بداية هذا الفصل.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه، وقد نقله الزيلعي في "نصب الراية" (1/149) عن المصنف هكذا.
(3) انظر التعليق رقم ( 3) في الصفحة السابقة.
(4) أي : المنذري في"مختصر سنن أبي داود" (1/206).
(5) أي :"العلل" (6/252-255 مسألة 1113).
(6) في الأصل :" ولا يعارض"، والتصويب من "نصب الراية" (1/149) نقلاً عن المصنف.(3/272)
(1).
فصل في التيمم في أول الوقت مع قرب الماء ومن قال بالتأخير
قد استُدِل على التقديم بحديث عبدالله بن عمر، عن القاسم بن غنام، عن بعض أمهاته، عن أم فروة قالت : سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أي الأعمال أفضل ؟ فقال : (( الصلاة في أول وقتها )). رواه أبوداود(2)، عن محمد بن عبدالله الخزاعي وعبدالله بن مسلمة، عن عبدالله بن عمر. قال(3):" قال الخزاعي في حديثه : عن عمة له يقال لها : أم فروة - وقد بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل ".
وقال ابن أبي حاتم(4) :" سمعت أبي يقول في حديث رواه ابن لهيعة، عن
عبدالله بن هُبيرة، عن حنش(5) الصنعاني، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج، فيبول، فيتمسح بالتراب، فقال : يارسول الله! الماء منك قريب ! فقال : (( ماأدري لعلي لا أبلغ )) . قال أبي : لايصح هذا الحديث، ولا يصح في هذا الباب حديث ".
__________
(1) لم يعرض المصنف للطريق التي فيها :"عن رجاء بن عامر"، وهذه أخرجها الدارقطني في "السنن" (1/187 رقم6) من طريق بقيّة، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن رجاء بن عامر : أنه سمع أبا ذر...، فذكره. قال الدارقطني :" كذا قال : رجاء بن عامر! والصواب: رجل من بني عامر كما قال ابن علية عن أيوب ".
وقال في "العلل" (6/254) :" ورواه سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي قلابة، فقال : عن رجاء بن عامر، عن أبي ذر، وإنما أراد أن يقول : عن رجل من بني عامر ".
(2) في "سننه" (1/296 رقم426) كتاب الصلاة، باب المحافظة على وقت الصلوات.
(3) أي : أبو داود.
(4) في "علل الحديث" (1/43 رقم94).
(5) تصحف في المطبوع من "علل الحديث" إلى :"حفش".(3/273)
وروى محمد بن سنان القزاز، حدثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين، ثنا هشام بن حسان، عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تيمم وهو ينظر إلى بيوت المدينة بمكان يقال : له مِرْبَد [النعم](1). رواه البيهقي(2) بعد أن أسند إلى الشافعي : أخبرنا ابن عُيينة، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه أقبل من الجرف، حتى إذا كان بالمربد تيمم، فمسح وجهه ويديه وصلى العصر، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يُعد الصلاة. قال الشافعي - رضي الله عنه - :" والجرف قريب من المدينة". قال البيهقي :" وقد روي مسندًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس بمحفوظ ".
ثم أخرجه عن جماعة، منهم: أبوعبدالله الحافظ، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن محمد بن سنان القزاز.
و"الْجُرُف"- بضم الجيم [والراء](3) معًا -: موضع معروف. و"الْمِرْبَد":
بكسر الميم، وسكون الراء، وفتح الباء الموحدة، وآخره دال مهملة.
وروى شريك عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي - رضي الله عنه - قال :" إذا
أجنب الرجل في السفر تَلَوَّمَ [مابينه](4) وبين آخر الوقت، فإن لم يجد الماء تيمم وصلى ". أخرجه الدارقطني(5).
و"الحارث(6)" قيل :" لا يحتج به "(7).
__________
(1) في الأصل :" الغنم"، والتصويب من "سنن البيهقي"، وانظر "معجم البلدان" (5/98).
(2) في "سننه" (1/224).
(3) في الأصل :" والواو".
(4) في الأصل :" مابين آخره "، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(5) في "سننه" (1/186 رقم5).
(6) هو ابن عبدالله الأعور.
(7) قال هذا البيهقي كما في "الخلافيات" (2/525) مع الحاشية، وقبله أبو زرعة حيث قال كما في الجرح والتعديل" (3/79) :" لا يحتج بحديثه ".(3/274)
ورواه الوليد - هو ابن مسلم -، حدثنا شريك وإبراهيم بن عمر، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي - رضي الله عنه - قال :" اطلب الماء حتى يكون آخر الوقت، فإن لم تجد الماء تيمم ثم صلِّ ". قال البيهقي(1):" وهذا لا يصح عن علي - رضي الله عنه - ".
[ل198/أ]
فصل في من تيمم ثم وجد الماء في الوقت
روى أبوداود(2) من حديث الليث بن سعد، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيدًا طيبًا، وصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة، ولم يُعد الآخر، فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرا ذلك، فقال للذي لم يُعد : (( أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك ))، وقال للذي توضأ وأعاد : (( لك الأجر مرتين )) . رواه عن محمد بن إسحاق المسيَّبي،عن عبدالله بن نافع، عن الليث، وقال :" غير ابن نافع يرويه عن الليث، عن عَمِيرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
قلت : رواه هكذا عن الليث : يحيى بن بُكير، وأخرجه البيهقي(3) من
جهته، وقال في روايته :" عن عمير بن أبي ناجية فذكره "، قال :« كذا في كتابي :"عُمير"، والصواب :"عَمِيرة بن أبي ناجية "». انتهى.
قال أبوداود :" وذِكْرُ أبي سعيد في هذا الحديث ليس بمحفوظ، وهو مرسل "، ثم رواه(4) عن عبدالله بن مسلمة القعنبي، عن ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن أبي عبدالله مولى إسماعيل بن عُبيد، عن عطاء بن يسار : أن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -...، بمعناه.
__________
(1) بعد أن أخرج الأثر في "سننه" (1/233).
(2) في "سننه" (1/241 رقم338) كتاب الطهارة، باب في المتيمم يجد الماء بعدما يصلي في الوقت.
(3) في "سننه" (1/231).
(4) في الموضع السابق من "سننه" برقم (339).(3/275)
وأخرجه النسائي(1) مسندًا ومرسلاً، وأورده الحاكم في "المستدرك"(2)، وقال :" على شرطهما، فإن عبدالله بن نافع ثقة، وقد وصل [هذا الإسناد عن الليث](3) وقد أرسله غيره".
قلت : لعل الباحث الفطن يقول : إن الحاكم صحح الحديث لاعتماده على وصل عبدالله بن نافع لحكمه بكونه ثقة، ولم يلتفت لإرسال غيره، ولكن بقيت علة أخرى ؛ وهو : أن أبا داود قد ذكر أن غير ابن نافع يرويه عن الليث، عن عميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، فبمقتضى عادة المحدثين تبين بإدخال عَميرة بن أبي ناجية بين الليث وبكر أنه منقطع فيما بين الليث وبكر، ويحتاج إلى معرفة حال عميرة هذا، وقد قال ابن القطان(4) إنه "مجهول الحال"، وأيضًا فإن رواية ابن لهيعة تقتضي انقطاعًا فيما بين بكر وعطاء بن يسار، فإنه أدخل بينهما أباعبدالله مولى إسماعيل بن عُبيد فهذا انقطاع ثان.
فنقول وبالله العصمة والتوفيق والعون : أما مايتعلق بعميرة بن أبي ناجية، فالجواب عن التعليل بروايته من وجهين :
__________
(1) في"سننه"(1/213 رقم433و434) كتاب الطهارة، باب التيمم لمن يجد الماء بعد الصلاة.
(2) 1 /178-179).
(3) في الأصل :"بهذا الإسناد"، والتصويب من "المستدرك".
(4) في "بيان الوهم والإيهام" (2/433).(3/276)
أحدهما : أنه نبيه غير مجهول موفق مذكور بالفضل، والحافظ أبوالحسن ابن القطان لم يمعن النظر في أمره، ولعله وقف على ذكره في "تاريخ البخاري"(1) و"ابن أبي خيثمة"(2) من غير بيان حاله، فقال فيه ماقال، وقد قال النسائي(3) في"التمييز": "عميرة بن أبي ناجية ثقة"، وقد قيل : إن أحمد بن سعيد بن حَزم قال(4): حدثنا عبدالله (5)، قال : قال ابن بُكير :" عَميرة بن أبي ناجية ثقة ". وقال عن أحمد بن محمد بن رشدين : سمعت أحمد بن صالح وسُئل عن عميرة بن أبي ناجية وأبي شريح، فقال:"هما متقاربان في الفضل". وقال أبوسعيد ابن يونس في "تاريخ المصريين" :" روى عنه عبدالرحمن بن شريح والليث وابن وهب ورشدين، توفي سنة ثلاث وخمسين ومائة، وكانت له عبادة وفضل ".
[ل198/ب]
__________
(1) "التاريخ الكبير" (7/70 رقم319)، و"الأوسط" (2/105).
(2) أي :" وتاريخ ابن أبي خيثمة".
(3) ذكره المزي في "تهذيب الكمال" (22/399 رقم4527).
(4) أي : في "التاريخ الكبير" له - فيما يظهر -، فقد ترجمه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (16/104) وقال :« مؤلف "التاريخ الكبير" في أسماء الرجال في عدة مجلدات ».
(5) كذا في الأصل ! وأخشى أن يكون صوابه :" عبيدالله"، فقد ذكر الذهبي في "السير" (16/105) من شيوخ أحمد بن سعيد بن حزم :" عبيدالله بن يحيى بن يحيى "، ولم أجد=
= الآن ما يسعفني في الجزم بذلك من عدمه.(3/277)
الوجه الثاني : أنه روي من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن الليث بن سعد، عن عمرو بن الحارث وعميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : أن رجلين(1) من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -...، الحديث. ذكره أبوعلي ابن السكن - فيما حكى ابن القطان (2)-: حدثنا/ أبوبكر محمد بن أحمد الواسطي، ثنا عباس بن محمد، ثنا أبوالوليد الطيالسي، فهذا اتصال فيما بين الليث وبكر ؛ لعمرو بن الحارث وعميرة معًا، وفيه ذكر أبي سعيد و"عمرو بن الحارث" من رجال الصحيحين(3)، إمام في بلده. وأما الانقطاع بسبب رواية ابن لهيعة فيما بين بكر وعطاء، فقال ابن القطان(4):" لا يلتفت إليه لضعف راويه(5) ابن لهيعة ".
فصل في من لم يجد مُطَهِّرًا
ذكر من قال يُصَلي
__________
(1) قوله :" رجلين" في الأصل :" رجلاً"، وصوبت بالهامش.
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (2/433-434).
(3) كما في "تهذيب الكمال" (21/570و578).
(4) في "بيان الوهم" (2/434).
(5) في الأصل :" رواية " وصوبت في الهامش.
.(3/278)
روى الشيخان(1)- واللفظ لمسلم - من حديث ابن نمير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها : أنها استعارت من أسماء قلادة، فهلكت، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أناسًا من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة، فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حُضَير : جزاكِ الله خيرًا، فوالله ! مانزل بكِ أمر قط إلا جعل الله لكِ منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة. وفي رواية البخاري: فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً فوجدها.
ورواه أبوداود(2) من حديث عَبدة وأبي معاوية، عن هشام بسنده قالت: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُسيد بن حُضير وأُناسًا معه في طلب قلادة أضلّتها عائشة، فحضرت الصلاة، فصلوا بغير وضوء، فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكروا ذلك له، فأنزلت آية التيمم. زاد ابن نُفيل : فقال لها أُسيد بن حُضير: يرحمكِ الله! ما نزل بكِ أمر تكرهينه إلا جعل الله للمسلمين ولك فيه فرجًا.
وربما استُدِلَّ في ذلك بحديث ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي
__________
(1) البخاري (1/440 رقم366) في كتاب التيمم، باب إذا لم يجد ماءًا ولا ترابًا، ومسلم (1/279 رقم367/109) في كتاب الحيض، باب التيمم، لكن سند مسلم :" عن ابن بشر، عن هشام"، وليس :"عن ابن نمير، عن هشام". وانظر "تحفة الأشراف" (12/166و201 رقم16990و17188).
(2) في "سننه" (1/223 -224 رقم317) كتاب الطهارة، باب التيمم.(3/279)
سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( مانهيتكم عنه فاجتنبوه، وماأمرتكم به فافعلوا [منه](1) ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ))(2).
ذكر من قال : لا يُصَلِّي عند عدم الْمُطَهِّر
قد استدل فيه بحديث : (( لا تقبل صلاة بغير طهور )) . ( (3) ) وبحديث : (( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )) (4). ومقتضى مذهب عمر وابن مسعود(5) رضي الله عنهما في من لم يجد ماءًا -[إلا ترابًا](6)-: أن لا يصلي، فإنهما لم يريا للجنب طهورًا إلا الماء، فإذا لم يجده قالا :" لا يصلي ".
فصل في ما استُدِلَّ به على أن من وجد ما لايكفيه من الماء لا يستعمله
روى البخاري(7) من حديث مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن
أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه مااستطعتم )). وأخرجه مسلم(8).
فصل في إلقاء الجبيرة
__________
(1) مابين المعكوفين من "صحيح مسلم"، وليس في الأصل.
(2) رواه مسلم في"صحيحه" (4/1830رقم1337)كتاب الفضائل، باب توقيره r وترك إكثار...، وسيذكره المصنف في الصفحة الآتية بلفظ مقارب، مع عزوه للبخاري ومسلم.
(3) تقدم (ص 409) من المجلد الثاني.
(4) تقدم (ص268) من المجلد الثاني.
(5) تقدم ذكر الأحاديث التي فيها ذكر مذهبيهما (ص131-139) من هذا المجلد.
(6) في الأصل :"ولا ترابًا ".
(7) في "صحيحه" (13/251 رقم7288) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله r.
(8) وتقدم تخريجه في الصفحة السابقة.(3/280)
روى عمرو بن خالد،عن زيد بن علي،عن أبيه،عن جده،عن علي - رضي الله عنه - قال: انكسر إحدى زندي، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرني أن أمسح على الجبائر. رواه الدارقطني(1)،وقال:"عمرو بن خالد هو أبوخالد الواسطي متروك".
[ل199/أ]
وقال ابن أبي حاتم(2):" سألت أبي عن حديث رواه عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه : أن عليًّا - رضي الله عنه - انكسرت /إحدى [زنديه](3)، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمسح على الجبائر. فقال أبي : هذا الحديث باطل لا أصل له، وعمرو بن خالد متروك الحديث ".
قلت : قال إسحاق بن راهويه(4):" كان يضع الحديث "، وقال البيهقي(5)
__________
(1) في "سننه" (1/226 رقم3) دون قوله :" هو أبوخالد ". وقد نقله عن الدارقطني كما هنا البيهقي في "الخلافيات" (2/449)، والزيلعي في "نصب الراية" (1/186).
(2) في "علل الحديث" (1/46 رقم 102).
(3) في الأصل :" يديه"، والتصويب من "علل الحديث".
(4) كما في "ألجرح والتعديل" (6/230 رقم1277).
(5) في "سننه" (1/228).
.(3/281)
:« عمرو بن خالد الواسطي معروف بوضع الحديث، كذّبه أحمد بن حنبل(1)، ويحيى بن معين(2)، وغيرهما من أئمة الحديث، ونسبه وكيع بن الجراح(3) إلى وضع الحديث، وقال :" كان في جوارنا، فلما فُطِنَ له تحوَّل إلى واسط"». قال البيهقي :" وتابعه على ذلك عمر بن موسى بن وجيه، فرواه عن زيد بن علي مثله، وعمر بن موسى متروك الحديث، منسوب إلى الوضع، ونعوذ بالله [من الخذلان](4). ورواه أبوالوليد خالد بن يزيد المكي بإسناد آخر، عن زيد بن علي، عن علي مرسلاً، وأبوالوليد ضعيف ". قال : " ولا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب شيء، وأصح ماروي فيه حديث عطاء بن أبي رباح الذي تقدم(5)، وليس بالقوي، وإنما فيه(6) قول الفقهاء [من التابعين](7) فمن بعدهم، مع ماروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما في المسح على العصابة، والله عز وجل أعلم ". وذكر الخلال في "علله" عن المرُّوذي(8) قال :« سألت أباعبدالله(9) عن حديث عبدالرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمرة، عن علي - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه مسح على الجبائر، فقال :" باطل، ليس من هذا شيء، مَن حدَّث بهذا ؟" قلت : ذكروه عن صاحب الزهري، فتكلم فيه بكلام غليظ ». قال الخلال:« وقُرئ على عبدالله بن
__________
(1) كما في "الضعفاء " للعقيلي (3/268-269)، وتهذيب الكمال" (21/605).
(2) كما في "تاريخه" برواية الدوري (2/442 رقم 1825).
(3) أسنده عنه ابن عدي في "الكامل" (5/123).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"سنن البيهقي".
(5) وقد ذكره البيهقي في أول الباب، وهو حديث عطاء عن جابر قال : خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه...، الحديث، وسيأتي (ص 182).
(6) أي في هذا الباب.
(7) في الأصل :"والتابعين"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(8) هو في "العلل" برواية المرُّوذي هذا (ص 153-154 رقم270).
(9) أي : الإمام أحمد.(3/282)
أحمد(1) قال : سمعت رجلاً يقول ليحيى : تحفظ عن عبدالرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على الجبائر ؟ فقال :" باطل، ماحدَّث به معمر قط "، فسمعت يحيى يقول :" عليّ بَدنة مُجللة مقلَّدة إن كان معمر حدَّث بهذا، هذا باطل، ولو حدَّث بهذا عبدالرزاق كان حلال الدم، مَن حدَّث بهذا عن عبدالرزاق؟" قالوا : محمد بن يحيى(2). قال : لا والله ! ما حدَّث به معمر، وعليه حجّة من هُنا - يعني المسجد(3) إلى مكة - إن كان معمر حدث بهذا قط. قال عبدالله: وهذا الحديث يرويه إسرائيل، عن عمرو بن(4) خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على
الجبائر، وعمرو بن خالد لا يسوى حديثه شيئًا ».
__________
(1) وهو في "العلل" بروايته (3/15-16 رقم3944و3945) بنحوه.
(2) في "العلل" :" قالوا فلان " بدل :" محمد بن يحيى ".
(3) قوله :" المسجد" في الأصل :" المشي"، وصوبت في الهامش.
(4) قوله :" عمرو بن " في الأصل :" معمر عن"، وصوبت في الهامش.(3/283)
والرواية التي تقدم عن البيهقي الإشارة إليها من رواية أبي الوليد، أخرجها الدارقطني في "سننه"(1) عن دعلج بن أحمد، عن محمد بن علي بن زيد الصائغ، عن أبي الوليد - وهو خالد بن يزيد-، قال: حدثنا إسحاق بن عبدالله بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم -، ثنا الحسن بن زيد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجبائر تكون على الكسير، كيف يتوضأ صاحبها ؟ وكيف يغتسل إذا أجنب ؟ فقال: (( يمسحان بالماء عليها في الجنابة والوضوء )). قلت : فإن كان في برد يخاف على نفسه إذا اغتسل ؟ قال : (( يمر على جسده ))، فقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :{ ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا }(2)، (( يتيمم إذا خاف )).
ورواه أيضًا(3) عن دعلج بن أحمد، عن محمد بن علي بن زيد، عن أبي الوليد، عن إسحاق بن عبدالله، عن عبدالرحمن بن أبي الموال(4)،عن الحسن ابن زيد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب(5) - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، وقال : "أبو الوليد خالد بن يزيد المكي ضعيف".
هكذا في هذه/الرواية :" زيد بن علي، عن أبيه"، وهو منقطع، وليس فيه: زيد بن علي، عن آبائه (6).
[ل199/ب]
وروى البيهقي(7) بسنده إلى الوليد - هو ابن مسلم -، أخبرني سعيد، عن سليمان بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن إبهام رجله جُرحت، فألبسها مرارةً، وكان يتوضأ عليها.
ذكر من قال يمسح على الجبيرة ويَغسِل الصَّحيح
__________
(1) 1/226 رقم1).
(2) الآية (29) من سورة النساء.
(3) في الموضع السابق برقم (2).
(4) في الأصل :"الموالي"، والتصويب من "سنن الدارقطني" وغيره.
(5) قوله :" بن أبي طالب" سقط من الأصل، واستُدرك من الهامش.
(6) أي : كالرواية السابقة :" زيد بن علي، عن آبائه، عن علي ".
(7) في "سننه" (1/228).
.(3/284)
روى البيهقي(1) بسنده إلى الوليد بن مسلم، ثنا يحيى بن حمزة، عن موسى بن يسار، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه توضأ وكفه معصوبة، فمسح [علىالعصائب](2)، وغسل سوى ذلك. قال (3):" هو عن ابن عمر صحيح ".
وروى سليمان بن حرب، عن شعبة، عن عمرو- قال : أظنه ابن مُرَّة -،
عن يوسف المكي قال : احتلم صاحب لنا وبه جراحة وقد عصب صدره، فسألنا عُبيد بن عمير فقال:"يغتسل ويمسح الخرقة "، أو قال :" يمسح صدره". أخرجه البيهقي(4).
وروى أيضًا(4) من جهة محمد بن عبدالملك، عن يزيد بن هارون، عن سليمان التيمي قال : سألت طاوسًا عن الخَدش يكون بالرجل فيريد الوضوء أو الاغتسال من الجنابة وقد عصب عليه خرقة، قال :" إن كان يخاف فليمسح على الخرقة، وإن كان لا يخاف فليغسلها ".
وروى أيضًا(4) بسنده إلى الأوزاعي قال : حدثني أبوبكر، قال : سمعت عطاء بن أبي رباح ومجاهد بن جَبر [وطاوسًا](5) يقولون في رَجل أصاب أصبعه جرح فقالوا :" يغسل ماأصابه من دمه، ثم يعصبها، ثم يمسح على العصاب إذا توضأ، فإن نفذ منها الدم حتى [يظهر](6)، فليبدلها بأخرى، ثم يمسح عليها إذا توضأ ". رواه عن أبي عبدالله الحافظ، عن أبي العباس محمد ابن يعقوب، عن سعيد بن عثمان التنوخي، عن بشر بن بكر، عن الأوزاعي.
وعن سعدان بن نصر(7)، عن مُعمَّر بن سليمان، عن عبدالأعلى بن عبدالأعلى البصري : أن هشام بن حسان حدثه : أن رجلاً أتى الحسن فسأله - وأنا أسمع - فقال : انكسرت فخذه - أو ساقه -، فتصيبه الجنابة، فأمره أن يمسح على الجبائر.
__________
(1) في "سننه" (1/228).
(2) في الأصل :" عليها وعلى العصاب"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(3) أي : البيهقي.
(4) في "سننه" (1/229).
(5) في الأصل :" طاوس"، والمثبت من "سنن البيهقي".
(6) في الأصل :"تظهر"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(7) وروايته عند البيهقي في الموضع السابق.(3/285)
"مُعَمَّر" هذا : بضم الميم، وفتح العين، وتشديد الميم الثانية وفتحها. و"سعدان"[بفتح السين المهملة، وسكون العين.
وروى البيهقي(1) بسنده عن سعدان بن نصر](2)، حدثنا معاذ بن معاذ، ثنا عمران بن حُدير قال : كان بي جرح شديد من الطاعون، وأصابتني جنابة، فسألت أبا مجلز فقال :" امسح فإنه يكفيك ".
"حُدَير": بضم الحاء المهملة، وفتح الدال المهملة أيضًا. و"مِجْلَز": بكسر الميم، وسكون الجيم، وفتح اللام، وآخره زاي.
وروى أبو محمد ابن حَيَّان(3)- بفتح الحاء المهملة، وتشديد الياء آخر الحروف، وآخره نون -، ومن جهته أخرجه البيهقي(4)، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا أبوعامر موسى بن عامر، ثنا الوليد بن مسلم، أخبرني هشام بن الغاز، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :" إذا لم يكن على الجرح عصاب، غسل ماحوله ولم يغسله".
وبإسناده(5) قال :حدثنا الوليد، أخبرني ابن الغاز : أنه سمع نافعًا يحدث عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : أنه كان يقول :" من كان له جرح معصوب عليه توضأ، ومسح على العصاب، ويغسل ماحول العصاب ".
ذكر من اكتفى بالتيمم في وضع الجبيرة
[ل200/أ]
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه".
(2) بياض في الأصل أقل من السطر، والمثبت بالاجتهاد مع النظر في ترجمة سعدان من "سير أعلام النبلاء" (12/357)، و"سنن البيهقي".
(3) تصحف في "سنن البيهقي" إلى :" حبان ".
(4) في "سننه" (1/228).
(5) القائل :" وبإسناده..." هو البيهقي.(3/286)
روى أبو أحمد ابن عدي(1) من حديث عمرو بن شمر، عن عمرو بن أنس، عن عطية، عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : أجنب رَجل مريض/ في يوم بارد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فغسَّله أصحابه، فمات، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - [فقال](2) : (( مالهم قتلوه قتلهم الله ! إنما كان يجزئ من ذلك التيمم )) .
"عمرو بن شمر " عندهم متروك.
ذكر من قال يجمع بين التيمم، والمسح على الجبيرة، وغَسْل الصحيح
روى أبوداود(3) عن موسى بن عبدالرحمن الأنطاكي، عن محمد بن سلمة،
عن الزبير بن خُريق، عن عطاء، عن جابر - رضي الله عنه - قال :خرجنا في سفر، فأصاب رجلاً منا حجر فشَجَّه في رأسه، فاحتلم،فقال لأصحابه:هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا:مانجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات. فلما قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أُخبر بذلك قال: (( قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ فإنما شفاء العيِّ السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب - شك موسى- على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده )) .
ورواه أبو بكر ابن أبي داود عن موسى شيخ والده، وفيه : (( إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة )) . أخرجه من جهته البيهقي(4).
__________
(1) في "الكامل" (5/129).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الكامل".
(3) في "سننه" (1/239-240 رقم336) كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم.
(4) في "سننه" (1/228).(3/287)
ولما ذكر عبدالحق(1) هذا الحديث من جهة أبي داود قال :" لم يروه عن عطاء غير الزبير بن خُريْق، وليس بقوي، ورواه الأوزاعي عن عطاء، عن ابن عباس، واختلف عن الأوزاعي، فقيل : عنه، عن عطاء، وقيل : عنه، بلغني عن عطاء، ولا يروى الحديث من وجه قوي "، اعترض عليه ابن القطان(2) بما حاصله : أن قول عبدالحق :" ورواه الأوزاعي عن عطاء، عن ابن عباس " يقتضي " أن التيمم في حق المريض من رواية ابن عباس أيضًا كما هو من رواية جابر"،قال:"وذلك باطل، وإنما اعتراه هذا من كتاب الدارقطني الذي نقله منه، فإنه أجمل القول كما ذكر،ثم فسره بإيراد الأحاديث فَتَخَلَّص، فكتب أبومحمد الإجمال، ولم يكتب التفسير، فوقع في الخطأ، وحديث ابن عباس لا ذكر فيه للتيمم، وإنما نصه : عن عطاء، عن ابن عباس : أن رجلاً أصابته جراحة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأصابته جنابة، فاستفتى فأُفتي بالغسل، فاغتسل فمات، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( قتلوه قتلهم الله، ألم يكن شفاء العي السؤال ؟ )) قال عطاء : فبلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن ذلك بعد، فقال : ((لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابه الجراح أجزأه )) . ثم أورد الدارقطني(3) [الأسانيد يبيِّن](4) بها الخلاف على الأوزاعي، ومافي شيء منها إلا هذا الذي ذكرناه، لم يقع فيها للتيمم ذكر، وإنما اشتغل بالقصة لا [بقطعة](5) التيمم، ولا يُعرف ذكر التيمم فيها إلا من رواية الزبير بن خُريق، عن عطاء، عن جابر كما تقدم، أو من رواية أبي سعيد الخدري بإسناد بالغ إلى الغاية في الضعف "، ثم أورد حديث أبي أحمد(6)
__________
(1) في "الأحكام الوسطى" (1/222).
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (2/237-238).
(3) في "سننه" (1/190و191 رقم4 و7).
(4) في الأصل :"الإسنادين فبيَّن"، والمثبت من "بيان الوهم والإيهام".
(5) في الأصل :"بقصة"، والمثبت من "بيان الوهم والإيهام".
(6) أي : ابن عدي، والحديث تقدم (ص181).(3/288)
الذي قدمناه، وذكر إسناد أبي أحمد فيه، وقال :" هذا غاية في الضعف من جهات يُجتزى(1) منها - إذ لم [نقصده](2) بالتنبيه - على عمرو بن شمر، فإنه أحد الهالكين "، والله أعلم.
كتاب الحيض
[ل200/ب]
روى جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن يزيد بن بابنوس قال : قلت لعائشة رضي الله عنها : ماتقولين في العراك ؟/ قالت : الحيض تعنون ؟ قلنا: نعم، قالت: سَمُّوه كما سماه الله عز وجل. أخرجه البيهقي(3) من حديث هارون بن سليمان، عن عبدالرحمن بن مهدي، عن جعفر.
و"الجَوْني": بفتح الجيم، وسكون الواو، وقبل ياء النسبة نون. و"بابنُوس":بباءين موحّدتين، بينهما ألف ونون مضمومة، وآخره سين مهملة.
وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها استعمال لفظ العراك، وأنا عارك، وسيأتي إن شاء الله تعالى (4).
فصل في ماقيل في أقل سن تحيض فيه المرأة، والسن الذي ينتهي إليه الحيض
لم أقف في الأقل على خبر ولا أثر،وإنما ذُكر فيه أشياء ترجع إلى الوجود.
قال البيهقي(5) :« فيما أجاز لي أبوعبدالله الحافظ روايته، عن أبي العباس الأصم، عن الربيع، عن الشافعي قال :" أعجل من سمعت به من النساء يحضْنَ نساء تهامة لتسع سنين ".
وورى البيهقي(2) أيضًا من جهة أحمد بن طاهر بن حرملة، ثنا جدي، ثنا
الشافعي قال :" رأيت بصنعاء جدة بنت إحدى وعشرين سنة حاضت ابنة تسع وولدت بنت عشر، وحاضت البنت بنت تسع، وولدت بنت عشر ". وفي إسناده من تكلم فيه.
__________
(1) في "بيان الوهم ":" نجتزي".
(2) في الأصل :"يقصده"، والمثبت من "بيان الوهم والإيهام".
(3) في "سننه" (1/307).
(4) ص 248).
(5) في "سننه" (1/319).(3/289)
قال البيهقي :" ويُذكر عن الحسن بن صالح(1) أنه قال : أدركت جارة لنا صارت جدة بنت إحدى وعشرين سنة "، ولم يذكر إسناده فيعرف أمره.
قال:"وروينا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة. قال :[تعني](2)- والله أعلم-: فحاضت فهي امرأة". انتهى.
وقد روي عن عائشة(3) رضي الله عنها أنها قالت :" لن ترى المرأة ولدًا في بطنها بعد خمسين سنة ". ولم أقف على سنده.
فصل فيما اعتُمِدَ في الحيض على صفته دون التأقيت بأيام معلومة
روى محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة - حدثني ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن فاطمة بنت أبي حبيش : أنها كانت تُستحاض، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يُعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي )) . أخرجه
__________
(1) في الأصل :" ويذكر عن الحسن ابن صالح عن عمر..." ثم وضح الناسخ فوق كلمة "عمر" حرف الطاء (ط) ولم يظهر لي معناه، والمثبت موافق لما في "سنن البيهقي".
(2) في الأصل :"يعني"، والمثبت من "سنن البيهقي".
(3) قال ابن الجوزي في "التحقيق" (1/267) :" واستدل أصحابنا بقول عائشة : لن ترى المرأة ولدًا في بطنها بعد خمسين سنة"، ولم يسنده، فالظاهر أن المصنِّف أخذه عنه.(3/290)
أبو داود(1) والنسائي(2) عن محمد بن المثنى، وقال أبوداود، عن محمد :" حدثنا به ابن أبي عدي من كتابه [هكذا](3)، ثم حدثنا به [بعد](4) حفظًا فقال: حدثنا محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها : أن فاطمة كانت تُستحاض، فذكر معناه ".
وهذا الذي حذف أبوداود لفظه أخرجه النسائي(5) بتمامه، وفيه : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن دم الحيض أسود يُعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة،فإذا كان الآخر فتوضئي )) . قال أبوعبدالرحمن(6):"وقدروى هذا الحديث غير واحد، فلم يذكر أحد منهم ماذكر ابن أبي عدي، والله عز وجل أعلم ".
وفي كتاب "العلل"(7) لابن أبي حاتم :" سألت أبي عن حديث رواه ابن أبي عدي، عن محمد بن عمرو، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن فاطمة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها : (( إذا رأيت الدم الأسود فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الأحمر فتوضئي )). فقال أبي:"لم يتابع محمد بن عمرو على هذه الرواية، وهو منكر ".
[ل201/أ]
__________
(1) في "سننه" (1/213 رقم304) كتاب الطهارة، باب من قال : توضأ لكل صلاة.
(2) في "سننه" (1/123 رقم215) كتاب الطهارة، باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، و(1/185رقم362)كتاب الحيض والاستحاضة، باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، وفي كلا الراويتين زيادة :" فإنما هو عرق ".
(3) في الأصل :" هذا"، والتصويب من "سنن أبي داود".
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن أبي داود".
(5) في الموضعين السابقين برقم (216) و ( 363).
(6) أي : النسائي.
(7) 1/49-50 رقم117).(3/291)
قلت : محمد بن إبراهيم بن أبي عدي ثقة، متفق على الاحتجاج به في الصحيحين (1)، ومحمد بن عمرو أخرج له مسلم(2)، فالحديث على شرطه من جهة حال الرجال. وذكر أبوالحسن ابن القطان في كتاب "الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام "(3) هذا الحديث فقال:" وهو في / رأيي(4) منقطع، وذلك أنه حديث انفرد بلفظه محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة، فرواه عن محمد بن عمرو [....](5): محمد بن أبي عدي مرتين ؛ إحداهما : من كتابه، فجعله عن محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة، عن فاطمة رضي الله عنها : أنها كانت تُستحاض، فهو على هذا منقطع ؛ لأنه قد حَدَّث به مرة أخرى من حفظه، فزادهم فيه :" عن عائشة " فيما بين عروة وفاطمة فاتصل ".
قلت : ليس في اللفظ مايقتضي ماذكر الحافظ أبو الحسن ابن القطان من قوله:"زادهم فيه : عن عائشة رضي الله عنها فيما بين عروة وفاطمة فاتصل"، وإنما رواه على وجهين :
أحدهما : عن عروة عن فاطمة.
والثاني : عروة عن عائشة.
وفاطمة في هذه الرواية ليست مرويًّا عنها، وإنما هي محكية قولها وقول
__________
(1) كما في "تهذيب الكمال" (24/321و324).
(2) كما في "تهذيب الكمال" (26/212و218)
(3) 2/457).
(4) في "بيان الوهم" :" فيما أرى ".
(5) بياض في الأصل بمقدار كلمتين، والكلام متصل.(3/292)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها، وليس مايحكيه الصحابي من قول صحابي آخر، وسؤاله للرسول - صلى الله عليه وسلم - من هذا الباب الذي يجعل واسطة بين الراوي وبينه، وهذا واضح. نعم يحتمل أن يكون عروة أخذ الحديث عن عائشة رضي الله عنها إرسالاً، ولكن ليس في اللفظ مايقتضي ذلك، لا نصًّا ولا ظاهرًا، وأريد بذلك اللفظ الذي وقفنا عليه في كتاب أبي داود والنسائي وغيرهما. قال أبوالحسن ابن القطان - بعد قوله :" فاتصل"- :" فلو كان بعكس هذا كان أبعد من الريبة-[أعني](1):أن يُحدث به من حفظه مرسلاً،ومن كتابه متصلاً-، فأما هكذا فهو موضع نظر، وأبو محمد إنما ساق الرواية المنقطعة ؛ فإنه [ساقه](1) عن فاطمة، والمتصلة إنما هي عن عائشة رضي الله عنها، عن(2) فاطمة، وإذا نظر هذا في كتاب أبي داود تبين منه أن عروة إنما أخذ ذلك عن عائشة، [لا](1) عن فاطمة ".
قلت : قد يعارض هذا بتقديم روايته عن فاطمة من وجهين :
أحدهما : أنه حدَّث به من كتاب، وحدَّث بذلك من حفظه، والرجوع إلى الكتاب أولى من الرجوع إلى الحفظ. ولذلك إذا أرادوا الاحتياط في تثبيت الرواية عند إغراب الراوي، قالوا : حدثنا فلان من أصله أو من كتابه، وقد قيل : الحفظ خوَّان.
الثاني : أن الطريقة المعروفة : عروة عن عائشة، وعروة عن فاطمة نادر، والأقرب عند التحديث من الحفظ سبق الوهم إلى الغالب المشهور،فعُدُوله عنه إلى النادر أقرب إلى أن يكون عن تثبت، وقد رجح بعض الروايات بمثل هذا.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"بيان الوهم والإيهام".
(2) في "بيان الوهم" :" أن " بدل :" عن ".(3/293)
وقوله :" وإذا نظر [هذا في](1) كتاب أبي داود تبين منه..."، ليس يتبين ذلك على سبيل الظهور، بل على سبيل الاحتمال، ولا سيما على طريقته في كثير من تصرفاته ؛ إذ يمكن أن يكون سمعه من عائشة رضي الله عنها فرواه، ثم شافهته فاطمة، فرواه عنها. قال ابن القطان(2):« وقد يظن به السماع منها(3) بحديث(4) الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير(5) بن عبدالله، عن المنذر بن المغيرة، عن عروة : أن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته : أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشكت إليه الدم، فقال لها : (( إنما ذلك عرق، فانظري...))، الحديث، وهذا لايصح منه سماعه منها للجهل بحال المنذر بن المغيرة. وقد سأل ابن أبي حاتم(6) أباه عنه فقال :" مجهول "(7). ذكره هكذا أبوداود(8)، وهو عند غيره معنعن لم يقل فيه إن فاطمة حدثته، وكذلك هو عند النسائي(9) بالنص على أنها حدثته »"(10).
[ل201/ب]
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وتقدم ذكره آنفًا نقلاً عن ابن القطان.
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (2/458 ).
(3) أي من فاطمة.
(4) في "بيان الوهم " :" لحديث".
(5) في "بيان الوهم والإيهام" :"بكر "، وهو خطأ.
(6) في "الجرح والتعديل" (8/242 رقم1095).
(7) نص عبارته :" مجهول، ليس هو بمشهور ".
(8) أي:الحديث في"سننه"(1/191-192رقم280)كتاب الطهارة،باب في المرأة تستحاض...
(9) في "سننه" (1/121-122 رقم211) كتاب الطهارة، باب ذكر الأقراء، و(1/183 - 184 رقم358) كتاب الحيض والاستحاضة، باب ذكر الأقراء.
(10) قوله :" وكذلك هو...." إلى هنا ليس في "بيان الوهم والإيهام".(3/294)
قلت : إذا ثبت إمكان لقاء عروة لفاطمة كفى ذلك في حمل الحديث على الاتصال على ماقرره مسلم في مقدمة كتابه(1)، إلا أن يقوم دليل على خلافه، وتكون رواية المنذر مُرجحة. وقال ابن القطان(2):" وكذلك حديث سهيل بن /أبي صالح، عن الزهري، عن عروة قال : حدثتني فاطمة بنت أبي حبيش ". وقال ابن القطان في مكان آخر(3):" وزعم أبومحمد ابن حزم أن عروة أدرك فاطمة بنت أبي حبيش، ولم يستبعد أن يسمعه من خالته عائشة، ومن ابنة عمه فاطمة". قال ابن القطان:" وهذا عندي غير صحيح، ويجب أن يزاد في البحث عنه،وفاطمة هي فاطمة بنت أبي حبيش بن المطلب بن أسد بن عبدالعزى، وعروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى. فخويلد والمطلب أخوان، فهي في قَعْدَُدِ(4) الزبير - رضي الله عنه -، ولا يعرف لها [حديث](5) غير هذا، ولم يتبين منه أن عروة أخذه عنها ". وعلل ابن القطان رواية سهيل بن أبي صالح، عن الزهري، عن عروة بالشك في أنه سمع من فاطمة بنت أبي حبيش أو من أسماء. قال :« وفي متن الحديث ماأُنكر على سهيل وعُدّ مما ساء فيه حفظه، وظهر أثر تغيره عليه - وكان قد تغير -؛ وذلك أنه أحال فيه على الأيام ؛ وذلك أنه قال :" فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد "، والمعروف في قصة فاطمة الإحالة على الدم والقَرءِ، وعن عروة فيه رواية أخرى لاشك فيها : أن التي حدثته هي أسماء، رواها عن سهيل : علي بن عاصم، ذكرها الدارقطني(6)، والمتقدم ذكره أبوداود (7)».
__________
(1) "صحيح مسلم" (1/29-30).
(2) في "بيان الوهم" (2/458-459).
(3) من المرجع السابق (2/460).
(4) القُعْدُد -بضم الدال الأولىوفتحها-:القرابة من الجد الأكبر.انظر"لسان العرب"(3/361).
(5) في الأصل :" حال"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام".
(6) في "سننه" (1/216 رقم54).
(7) في "سننه"(1/207-208 رقم296) كتاب الطهارة، باب من قال تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلاً.(3/295)
قلت : هذا الشك الذي علَّل به الحافظ أبوالحسن ابن القطان لا ينبغي أن يُؤخذ من غير تأمل، بل ينظر، فإن كان جاء بلفظ يمكن حمله على الراوي عن عروة، فالذي قاله أبوالحسن ابن القطان جيد؛ إذ يحتمل أن يكون سمعه من أسماء لا من فاطمة، فلا يثبت به لقاؤه لفاطمة. وإن كان جاء بلفظ يتعين حمله على عروة تعين أن يكون قد أمكن لقاؤه لفاطمة، لأنه لا يَشُك في سماعه لحديث واحد من إنسان لم يره، ولم يدركه أو من إنسان رآه وأدركه، وإنما يكون تردده بين شخصين أمكن سماعه منهما، فنظرنا فإذا الحديث من القبيل الثاني، ذكر الحافظ أبوعمر ابن عبدالبر في كتاب "التمهيد"(1) هذا الحديث فقال:"وقال فيه سهيل بن أبي صالح:عن الزهري، عن عروة، حدثتني فاطمة ابنة أبي حبيش : أنها أمرت أسماء أن تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أو أسماء حدثتني أنها أمرت فاطمة بنت أبي حبيش أن تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - عن الحيض، فأمرها أن تقعد أيامها التي كانت تقعد ثم تغتسل ". فهذا كما ترى قد حكى فيه لفظ عروة، وتردده في سماعه للحديث من فاطمة أو من أسماء، وهو مقتضٍ لما ذكرناه من وجوب إمكان لقائهما معًا، وأن التردد في تعيين المحدِّث منهما له، وأما ما قال : إن " في متن الحديث ما أنكر على سهيل..."، إلى آخره، وقوله :" وذلك أنه أحال فيه على الأيام ؛ وذلك أنه قال : فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد، والمعروف في قصة فاطمة الإحالة على الدم [والقَرء](2)"، فلقائل أن يقول : ليس في المعروف مناقضة لما رواه سهيل ؛ فإن المعروف : (( فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة )) ، وإذا ذهب قدرها أو إذا أدبرت، وهذا الإقبال يحتمل أن يكون لأمر يرجع إلى صفة الدم، ويحتمل أن يكون لمجيء الأيام التي كانت تعتادها، وإذا احتمل فيتبين برواية سهيل أحد الأمرين، فلا يعارض ولا يناقِض، كيف وقد روى أيوب -وأيوب
__________
(1) 16/65).
(2) في الأصل :"والقدر"، وتقدم على الصواب.(3/296)
أيوب(1)-، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تُستحاض على عهد/رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألت لها أم سلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن وقدرهن من الشهر، فلتترك الصلاة لذلك، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ولتتوضأ ولتستذفر، ثم تصلي ))؟ هذا لفظ رواية سفيان عن أيوب عند الدارقطني(2)، وهذا رد لفاطمة إلى الأيام. وفي رواية عبدالوارث(3): فقال: (( تدع الصلاة قدر أقرائها، ثم تغتسل وتصلي )). وفي رواية وهيب(3) عن أيوب : (( تنتظر أيام حيضها فتدع الصلاة )) . انتهى. وقال البخاري في "التاريخ"(4):" أخبرنا علي بن إبراهيم،
[ل202/أ]
ثنا محمد بن أبي الشمال العطاردي البصري، حدثتني أم طلحة قالت : سألت
عائشة أم المؤمنين فقالت : دم الحيض بحراني أسود ".
فصل في من حدّ أقل الحيض بثلاث، وأكثره بعشر
روى أبو أحمد ابن عدي(5) عن أحمد بن الحسن الكرخي، عن الحسن بن شبيب، عن أبي يوسف، عن الحسن بن دينار، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الحيض ثلاثة أيام، وأربعة، وخمسة، وستة، وسبعة، وثمانية، وتسعة، [وعشرة](6)، فإذا جاوزت العشر فهي مستحاضة(7) )). وهذا مشهور برواية جَلْد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس موقوفًا، رواه جماعة من الأكابر عن جَلْد.
__________
(1) قوله :" وأيوب أيوب " ثناء من المصنِّف على أيوب السختياني.
(2) في "سننه" (1/207 رقم7).
(3) في الموضع السابق برقم (8).
(4) "التاريخ الكبير" (1/115 رقم330).
(5) في "الكامل" (2/301-302).
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "الكامل".
(7) كذا في الأصل، وفي "الكامل" :"فإذا جازت العشرة مستحاضة".(3/297)
منهم : سفيان - هو الثوري -، أخرجه الدارقطني(1) من رواية وكيع وأبي أحمد الزبيري، عن سفيان. ففي رواية أبي أحمد :" أدنى الحيض ثلاثة، وأقصاه عشرة ". وقال وكيع :" الحيض ثلاث إلى عشر، فمازاد فهي مستحاضة".
ومنهم : حماد بن زيد(2)، ولفظه عن أنس :" المستحاضة تنتظر ثلاثًا، وخمسًا، وسبعًا، وتسعًا، وعشرًا، ولا تجاوز ذلك ".
ومنهم : يزيد بن زريع(3)، ولفظه :" الحيض عشرة..."، وذكر الحديث.
ومنهم : عبدالسلام بن حرب. أخرجه الدارقطني(4)، ولفظه : عن أنس قال :" الحيض ثلاث، وأربع، وخمس، وست، وسبع، وثمان، وتسع، وعشر ".
ومنهم : إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن عُلَيَّة-، ولفظه: قال : قال أنس: "قرء الحائض خمس، ست، سبع، ثمان، عشر، ثم تغتسل وتصوم، وتصلي". رواه يعقوب بن سفيان(5)، عن سعيد بن منصور، عن إسماعيل.
ومنهم : هشام بن حسان وسعيد. أخرجه الدارقطني(6)، ولفظه :"الحائض تنتظر ثلاثة أيام، أو أربعة أيام، أو خمسة إلى عشرة أيام، فإذا جاوزت عشرة أيام فهي مستحاضة تغتسل وتصلي ".
"جَلْد": بفتح الجيم، وسكون اللام.
والذي اعْتُلَّ به في هذه الرواية : حال جلد. فروى ابن عدي(7) من جهة عبدالله بن أحمد(8)
__________
(1) في "سننه" (1/209 رقم22).
(2) وحديثه باللفظ الذي ساقه المصنف عند ابن عدي في "الكامل" (2/176)؛ إلاَّ أن فيه : =
= "... أو تسعًا وعشرًا..."، وعن ابن عدي رواه البيهقي في "الخلافيات" (3/354-355 رقم1025و1026)، وهو بنحوه في الموضع السابق من "سنن الدارقطني" برقم (27).
(3) وروايته في "الكامل" لابن عدي أيضًا (2/177).
(4) في الموضع السابق برقم (21).
(5) هو الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/46-47).
(6) في الموضع السابق برقم (28).
(7) في "الكامل" (2/176).
(8) وهو في "ألعلل" له بنحوه (1/391 رقم775).
.(3/298)
قال :" سمعت أبي يذكر الجلد بن أيوب فقال : ليس يسوى حديثه شيئًا، ضعيف الحديث ". وروى يعقوب بن سفيان(1)، عن عبدالله بن عثمان - وهو عَبْدان - قال : قال عبدالله - يعني ابن المبارك -: "أهل البصرة يُنكرون حديث الجلد بن أيوب، ويقولون : شيخ ليس بصاحب حديث ". قال ابن المبارك :" وأهل مصره أعلم به من غيرهم ". قال يعقوب : " وسمعت سليمان بن حرب وصدقة بن الفضل وإسحاق بن إبراهيم - وبلغني عن أحمد بن حنبل - يضعفون الجلد بن أيوب، ولا يرونه موضع الحجة ". وقال أبوبكر ابن إسحاق الفقيه:"سمعت أحمد بن سعيد الدارمي يقول : سألت [أبا عاصم](2) عن الجلد بن أيوب، فضعف أمره جدًّا، وقال : كان شيخًا من مشايخ العرب، تساهل أصحابنا في الرواية عنه ". ذكره البيهقي(3).
[ل202/ب]
وروى أبو بكر هذا(4) عن إسماعيل بن إسحاق، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد قال :" أتيت أنا /وجرير بن حازم إلى الجلد بن أيوب، فحدثنا بحديث معاوية بن قرة عن أنس في الحائض، فذهبنا نوقفه، فإذا هو لا يفصل بين الحائض والمستحاضة ".
__________
(1) في "المعرفة والتاريخ" (3/47).
(2) في الأصل :" أبا زرعة"، والتصويب من "سنن البيهقي" وهو بنحوه في "الجرح والتعديل" (2/548).
(3) في "سننه" (1/323).
(4) وأسنده عنه البيهقي في "سننه" (1/322-323).(3/299)
وروى الدارقطني(1) من جهة أبي زرعة الدمشقي(2) قال:" رأيت أحمد بن حنبل ينكر حديث الجلد بن أيوب هذا، وسمعت أحمد بن حنبل يقول : لوكان صحيحًا لم يقل ابن سيرين : استُحيضت أم ولد لأنس بن مالك - رضي الله عنه -، فأرسلوني أسأل ابن عباس". وهذا الاستدلال من أحمد بن حنبل قد ذكره الشافعي رحمه الله تعالى قبله في مناظرةٍ(3) له في أقل الحيض حكى عن مناظِرِه أنه قال :« إنما قلتُه لشيء رويتُه عن [أنس](4) بن مالك. قال الشافعي : فقلتُ له : أليس حديث الجلد بن أيوب ؟ قال : بلى. فقلت : قد أخبرنيه ابن علية، عن الجلد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قَرء حيض المرأة : ثلاث، أربع، حتى انتهى إلى عشرة. قال لي ابن علية :" الجلد أعرابي لا يعرف الحديث ". وقال لي :" قد استُحيضت امرأة من آل أنس، فسُئل ابن عباس عنها، فأفتى فيها وأنس حي "، فكيف يكون عند أنس بن مالك ماقلتَ من علم الحيض ويحتاجون إلى مسألة غيره ؟! ونحن وأنت لا نثبتُ مثل حديث الجلد، ونستدل على غلط من هو أحفظ منه بأقل من هذا».
__________
(1) في "سننه" (1/210 رقم26).
(2) وقد ذكر أبو زرعة هذا النص بمعناه في "تاريخه" (2/684 رقم2093-2095).
(3) اللفظ الذي ساقه المصنف أخذه عن "الخلافيات" (3/358-359 رقم1029)، وهي أيضًا في "الأم" (1/64) بنحو ماهنا، وأوردها البيهقي مختصرة في "سننه" (1/322).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الخلافيات".(3/300)
قلت : في هذا الاستدلال على ضعف رواية الجلد نظر ؛ فإنه إنما يقوى بعض القوة إذا رواه الجلد من حديث أنس بن مالك مرفوعًا، فيقال حينئذ : قد سبق علمه بالحكم من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف يسأل غيره بعده ؟! والذي رواه الجلد موقوف على أنس وفتوى من فتاويه، فإنما يتوجه هذا إذا ثبت أنه سأل ابن عباس بعد أن أفتى أنس بن مالك، فيمكن أن يُقال حينئذ : كيف سأل من عنده العلم ؟! وإن لم يكن هذا الكلام بالشديد القوة، ولكن يتعذر إثبات هذا التاريخ، وأمكن أن يكون سؤال ابن عباس ليعرف الحكم، فلما سُئل ذكر ما أوجب عند أنس أن يفتي به بعد ذلك، هذا كله لو كان الذي أرسل يسأل ابن عباس هو أنس، وليس في هذا اللفظ الذي ذكرناه مايقتضيه.
وأما الرواية المتقدمة في صدر الفصل من جهة أبي يوسف عن الحسن بن دينار مرفوعة ؛ فإن البيهقي في "الخلافيات"(1) رواها من جهة ابن عدي، عن الذي قدمنا ذكرها من جهته، وقال :" هذا إنما يعرف من حديث الجلد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس موقوفًا عليه، وقد بينا ضعفه، وأما هذه الرواية فإنها باطلة ؛ الحسن بن دينار ضعيف، والحسن بن شبيب يحدث عن الثقات بالبواطيل، قاله ابن عدي وغيره ".
قلت : وروي من وجه آخر عن أبي إياس معاوية بن قرة، أخرجه البيهقي في"الخلافيات"(2) من طريق أبي بكر ابن إسحاق بسندٍ له - فيه أبو الجماهر-، عن سعيد، ثنا نصر - صاحب لنا-، ولفظه :" حيضة المرأة : ثلاثٌ، سبعٌ، عشرٌ، فما زاد على ذلك فهي استحاضة ". قال أبوبكر ابن إسحاق :" نصر صاحب سعيد وسعيد بن بشير ومن فوقهما فيهم نظر، وغيرهم أوثق منهم ".
وله طريق آخر : ذكر الخلال في "علله"(3) حديث الجلد بن أيوب، ثم
[ل203/أ]
__________
(1) 3/372-374 رقم1039).
(2) 3/366 رقم1033).
(3) وذكره أيضًا عنه : ابن التركماني في "الجوهر النقي" (1/322)، فلعله أخذه عن المصنف.(3/301)
قال :" أخبرنا المرُّوذي قال : سمعت أباعبدالله سُئل عن هذا الحديث فضعفه،/ وقال : هذا من قبل الجلد بن أيوب. قيل له : فإن محمد بن إسحاق رواه عن أيوب، عن أبي قلابة(1). قال : لعله دلس، هذا حديث الجلد بن أيوب، ماأراه سمعه إلا من الحسن بن دينار ". انتهى.
قلت : لم أر هذا الحديث في جمع الفقيه الحافظ أبي بكر الإسماعيلي لحديث أيوب، ولم أقف على سنده.
وله طريق آخر : عن أنس، من حديث أبي سعيد الأشج، عن عبدالسلام، عن الربيع بن صبيح، عمن سمع أنسًا يقول :" لا يكون الحيض أكثر من عشرة ". أخرجه الدارقطني(2).
قال البيهقي بعد إخراجه في "الخلافيات"(3) من جهة الدارقطني:"الربيع بن صبيح ليس بالقوي، ولم يذكر اسم من سمع منه". ثم روى(4) بسنده عن عمرو بن علي قال:"كان يحيى بن سعيد لا يحدث عن الربيع بن صبيح. سمعت عفان يقول : أحاديث الربيع مقلوبة كلها".
قلت :" الربيع بن صَبيح"- والده بفتح الصاد وكسر الباء الموحدة -: عن ابن معين(5):" هو ثقة ". وقال أحمد بن حنبل(6):" لا بأس به، رجل صالح ". وقال أبوزرعة(7)
__________
(1) وهذه الرواية عند البيهقي في "الخلافيات"، وستأتي ( ص 200 ).
(2) في "سننه" (1/209 رقم23).
(3) 3/368 رقم1034).
(4) أي : البيهقي في الموضع السابق.
(5) في "تاريخه" برواية الدوري (2/162 رقم3252).
(6) كما في "العلل" برواية ابنه عبدالله (1/412 رقم867).
(7) كما في الجرح والتعديل" (3/465).
.(3/302)
:" شيخ صالح صدوق ". وقال أبوحاتم(7):"رجل صالح، والمبارك بن فضالة أحب إليّ منه". وقال شعبة(1): " هو من سادات المسلمين". وقال ابن عدي(2):" وللربيع أحاديث صالحة مستقيمة، ولم أر له حديثًا منكرًا [جدًا](3)، وأرجو أنه لابأس به ولا برواياته ". وقال عمرو بن علي(4):" كان يحيى لا يحدث عنه ". وقال ابن سعد(5):" وقد حدث عنه الثوري، وتركه عفان، فلم يحدث عنه ". وقول البيهقي :" ولم يذكر اسم من سمع منه " هو كذلك، ولكن تأمل قوله :" عمّن سمع أنسًا ". وأما ماعرَّض به بعضهم من أن الربيع أخذه من الجلد بن أيوب فتوّهُم فيه بُعد ؛ لأن الجلد لم يسمعه من أنس، ولا رواه عنه مباشرةً، وإنما رواه عن معاوية بن قرة عنه، فكيف يكون هو الذي سمع من أنس ؟!
وله طريق آخر عن أنس - رضي الله عنه - رواه الدارقطني(6)من جهة إبراهيم بن المنذر، عن إسماعيل بن داود، عن عبدالعزيز بن محمد الدراوردي، عن عبيدالله بن عمر، عن ثابت، عن أنس - رضي الله عنه - قال :" هي حائض [فيما بينها وبين عشرة](7)، فإن زادت فهي مستحاضة ". أخرجه عن ابن مجاهد،عن عبدالله ابن شبيب، عن إبراهيم بن المنذر.
__________
(1) أسنده إلى شعبة ابن عدي في "الكامل" (3/132).
(2) في "الكامل" (3/134).
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"الكامل".
(4) كما في الجرح والتعديل" (3/464).
(5) في "الطبقات" (7/277).
(6) في "سننه" (1/210 رقم25).
(7) في الأصل :"مابينها وبين عشر"، والتصويب من "سنن الدارقطني" و"الخلافيات".
.(3/303)
قال البيهقي بعد إخراجه في "الخلافيات"(1) من جهة الدارقطني:« إسماعيل ابن داود بن مخراق من أهل المدينة، وهو الذي يقال له : سُليمان بن داود بن مخراق، يروي عن [مالك بن أنس](2) وأهل المدينة، فيسرق(3) الحديث ويُسوِّيه، قاله أبوحاتم(4) في كتاب"المجروحين"(5). وعبدالله بن شبيب بن خالد القيسي(6) أبو سعيد من أهل البصرة يقلب الأخبار ويسرقها، فلا يجوز الاحتجاج به لكثرة ماخالف أقرانه في الروايات عن الأثبات،قاله أبوحاتم(7)».
وله طريق آخر: رواه البيهقي في "الخلافيات"(8) من طريق محمد بن مسلمة، عن محمد بن إسحاق، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال :" لا تضر الحيضة بعد عشر، لتغتسل ولتصلِّ ". أخرجه [بإسناده](9) إلى محمد، وقال:" هذا إسناد مجهول، لا يُحتج بمثله".
ورُوي أيضًا عن ابن مسعود. وأخرجه الدارقطني(10) من حديث خالد
[ل203/ب]
ابن حيان الرَّقِّي، عن هارون بن زياد القشيري(11)، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله قال :" الحيض ثلاث، وأربع، وخمس، وست، وسبع، وثمان، وتسع، وعشر، فإن زاد فهي مستحاضة ". قال الدارقطني : " لم يروه عن الأعمش بهذا الإسناد إلا هارون بن زياد، وهو /ضعيف [الحديث](12)، وليس لهذا الحديث عند الكوفيين أصل عن الأعمش، والله عز وجل أعلم ".
__________
(1) 3/369-370 رقم1036).
(2) في الأصل :"أنس بن مالك t"، والتصويب من "الخلافيات" و" المجروحين".
(3) في "الخلافيات" :" يسرق".
(4) أي : ابن حبان.
(5) 1/129).
(6) تصحف في "الخلافيات" إلى :" القبيسي ".
(7) في "المجروحين" أيضًا (2/47).
(8) 3/370 رقم1037).
(9) في الأصل :"بإسناد".
(10) في "سننه" (1/209 رقم19)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "الخلافيات" (3/386-387 رقم1047).
(11) في الأصل :" القيسي" بدل "القشيري"، ثم صوبت في الهامش.
(12) مابين المعكوفين من "السنن" و"الخلافيات"، وليس في الأصل.(3/304)
ورُوي عن عثمان بن أبي العاص من الصحابة. أخرجه الدارقطني(1) من حديث عبدالوهاب -هو ابن عطاء -، عن هشام بن حسان، عن الحسن: أن عثمان بن أبي العاص الثقفي قال : "الحائض إذا جاوزت عشرة أيام، فهي بمنزلة المستحاضة، تغتسل وتصلي ".
ورواه(2) أيضًا من حديث محمد بن فُضيل، عن الأشعث، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص قال :" لا تكون المرأة مستحاضة في يوم ولا يومين ولا ثلاثة أيام، حتى تبلغ عشرة أيام، فإذا بلغت عشرة أيام كانت مستحاضة".
وأخرجها البيهقي(3) من رواية يحيى بن يعلى، عن أبيه، عن الأشعث بن سوار، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص بلفظ : أنه قال في المستحاضة: "تمكث بعد أقرائها اليوم واليومين حتى تبلغ عشرة أيام ". رواه عن علي بن محمد بن عبدالله، عن أبي جعفر الرزاز، عن أحمد بن مُلاعب، عن يحيى، ثم أتبعه برواية الدارقطني من جهة محمد بن فُضيل - ورواه من جهة الدارقطني-، ثم قال :" وهذا الأثر لا بأس بإسناده، إلا أنه قد اختُلف في متنه كما ترى، والرواية الأخيرة حجة عليهم في أقل الحيض إن كانت محفوظة ".
حديث آخر : روى العقيلي(4) من حديث محمد بن الحسن الصدفي، عن عبادة بن نُسي، عن عبدالرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا حيض أقل من ثلاث، ولا فوق عشرة )) . قال العقيلي : "محمد بن الحسن مجهول في النقل(5)، وحديثه غير محفوظ ".
__________
(1) في "سننه" (1/210 رقم30).
(2) أي : الدارقطني في الموضع السابق برقم (29).
(3) في "الخلافيات" (3/388 رقم1048).
(4) في "الضعفاء الكبير" (4/51).
(5) في "الضعفاء" :" ليس بمشهور بالنقل ".(3/305)
حديث آخر: روى الطبراني(1) من حديث حسان بن إبراهيم، عن عبدالملك، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن أبي أمامة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( أقل الحيض ثلاث، وأكثره [عشر](2) )) . ورواه عن أحمد بن بشير الطيالسي، عن الفضل بن غانم، عن حسان.
رواه الدارقطني(3) أتم منه عن محمد بن عبدالله بن إبراهيم، عن محمد بن
سليمان بن الحارث الواسطي، عن عمرو بن [عون](4)، عن حسَّان بن إبراهيم الكرماني، ثنا عبدالملك، عن العلاء قال : سمعت مكحولاً يقول : عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يكون الحيض للجارية والثيب التي قد أيست من المحيض(5) أقل من ثلاثة أيام، ولا أكثر من عشرة أيام، فإذا رأت الدم فوق عشرة أيام فهي مستحاضة، فما زاد على أيام أقرائها قضت، ودم الحيض أسود خاثر تعلوه حمرة، ودم الاستحاضة(6) أصفر رقيق، فإن غلبها فلتحتش كرسفًا، فإن غلبها فلتُعلها بأخرى، فإن غلبها في الصلاة فلا تقطع الصلاة وإن قطر )) .
__________
(1) في "المعجم الكبير" (8/129 رقم7586)، و"مسند الشاميين" (4/317-318 رقم 3420)، و"الأوسط" (1/189-190 رقم559). إلا أنه وقع في "المعجم الأوسط" : "علاء بن كثير" بدل :" العلاء بن الحارث". وانظر كلام الشيخ الألباني على هذا الخطأ في "السلسلة الضعيفة" (3/600 رقم1414).
(2) في الأصل :"عشرة"، والمثبت من المراجع السابقة.
.
(3) في "سننه" (1/218 رقم59).
(4) في الأصل :"عوف"، والتصويب من "سنن الدارقطني" و"الخلافيات" للبيهقي (3/374 رقم1041) حيث رواه من طريقه، و"إتحاف المهرة"(6/260 رقم6484) حيث ذكره عن الدارقطني.
(5) كذا في الأصل و "إتحاف المهرة"، وفي "سنن الدارقطني" و"الخلافيات" :" الحيض ".
(6) كذا في الأصل، وفي :"سنن الدارقطني" و"الخلافيات" :" ودم المستحاضة".(3/306)
ورواه(1) أيضًا عن أبي عمرو عثمان بن أحمد بن السماك، عن إبراهيم بن الهيثم البلدي، عن إبراهيم المصيصي،عن حسان بن إبراهيم الكرماني(2)
__________
(1) في الموضع السابق برقم (60).
(2) إلى هنا انتهى في الأصل هذا الفصل الذي بوّب له المصنف بقوله :" فصل في من حدّ أقل الحيض بثلاث، وأكثره بعشر"، ثم بعده في الربع الآخر من (ل203/ب) جاء الفصل الآتي (ص 210) بعنوان:"فصل في من زاد في أكثر الحيض على عشرة أيام، ونقص في أقلّه على ثلاث"،ثم بعده في (ل204/أ)- وهو الآتي (ص213)-:"فصل في ما ذكر في أقلّ طهر =
= فاصل بين الحيضتين"،ثم بعده في(ل204/ب)-وهو الآتي(ص214)-:"فصل في الصفرة والكدرة في أيام العادة وغيرها "حيث أورد المصنف فيه عدة أحاديث،ومنها في (ل205/ب) :حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت:"إن كانت إحدانا لتغتسل فتبقى الصفرة"،وهو الآتي(ص210)،ثم انتقل الكلام وسط هذه الصفحة إلى حديث أبي أمامة في حدّ أقل الحيض بثلاث وأكثره بعشر،وبدايته هكذا:"حدثنا عبدالملك، قال:سمعت العلاء..."، فذكر هذا الحديث والكلام عليه، وأحاديث أخرى في الموضوع نفسه، وهكذا حتى نهاية الفصل في (ل206/ب)، مع اختلاف موضوع هذه الأحاديث عن موضوع الفصل والأحاديث التي قبلها.ثم بمراجعة ما سبق تبيّن أن الناسخ نسخ بعض سند هذا الحديث الذي رواه الدارقطني، ثم أورده بعد هذه الفصول الثلاثة،ثم أكمل باقي الإسناد والمتن، وجاء ببقية الفصل في غير موضعه،فَضَمَمْتُ الكلام بعضه إلى بعض،والحمدلله على توفيقه.(3/307)
، حدثنا عبدالملك، قال : سمعت العلاء قال : سمعت مكحولاً يحدث عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أقل مايكون من المحيض للجارية البكر والثيب ثلاث، وأكثر مايكون من المحيض عشرة أيام، فإذا رأت الدم أكثر من عشرة أيام فهي مستحاضة، تقضي مازاد على أيام أقرائها، ودم الحيض لا يكون إلا دمًا أسود عبيطًا تعلوه حمرة، ودم الاستحاضة رقيق تعلوه صفرة، فإن كثر عليها في الصلاة فلتحتش كرسفًا، فإن ظهر الدم علتها بأخرى، فإن هو غلبها في الصلاة فلا تقطع الصلاة وإن قطر، ويأتيها زوجها، وتصوم )). قال الدارقطني(1):" عبدالملك هذا رجل مجهول، والعلاء هو ابن كثير، وهو ضعيف، ومكحول لم يسمع من [أبي](2) أُمامة شيئًا، والله عز وجل أعلم".
قلت: ليُتَأمَّل قوله:" والعلاء هو ابن كثير"، فإن الروايتين اللتين ذكرناهما
من طريق الدارقطني لم ينسب فيهما العلاء، فقال الدارقطني : إنه ابن كثير، وقد ذكرنا(3) الحديث من طريق الطبراني، وذكر فيه العلاء منسوبًا فقال : "العلاء بن الحارث"، وقد قال ابن أبي حاتم(4):" سألت أبي عن العلاء بن الحارث فقال : ثقة، لا أعلم أحدًا من أصحاب مكحول أوثق منه". وقال : "حدثني أبي قال : سمعت دحيمًا يقول - وذكر العلاء بن الحارث فقدَّمه، وعظَّم شأنه، وقال -: روى الأوزاعي عنه ثلاثة أحاديث ".
والذي ذكره الدارقطني -أن مكحولاً لم يسمع من أبي أمامة شيئًا- ذكره ابن أبي حاتم في "المراسيل"(5)، فقال:"سمعت أبي يقول:لا يصح لمكحول سماع من أبي أُمامة". وقال أيضًا(6):" سمعت أبي يقول : مكحول لم يلق أبا أُمامة".
[ل206/أ]
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه".
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(3) ص 202).
(4) في "الجرح والتعديل" (6/354).
(5) ص212 رقم 791 ).
(6) في الموضع السابق برقم (796).(3/308)
ولهذا الحديث طريق أخرى ؛ أخرجها الحافظ أبوأحمد ابن عدي(1) من حديث إبراهيم بن زكريا الواسطي، قال : حدثنا /سليمان بن عمرو، عن [يزيد](2) بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الحيض عشر، فما زاد فهي مستحاضة، والنفاس أربعون، فما زاد فهي مستحاضة )) . قال ابن عدي بعد ذكر هذا الحديث وحديث آخر قبله :" وهذان الحديثان عن [يزيد](6) بن يزيد بن جابر وضعهما سُليمان بن
عمرو، وإن كان إبراهيم بن زكريا راوي الحديث الثاني فيه ضعف، فإنه خير من سُليمان بن عمرو بكثير ". وقال أحمد(3)- وسُئل مَرَّةً : أيضع أحد الحديث ؟ - قال :" نعم ؛ أبوداود النخعي كان يضع الحديث ". وقال البخاري(4):" معروف بالكذب ".
حديث آخر : روى الدارقطني(5) من حديث محمد بن أحمد بن أنس، ثنا حماد بن المنهال، عن محمد بن راشد، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام )) . قال الدارقطني :" حماد بن المنهال مجهول، ومحمد بن أحمد بن أنس ضعيف ". انتهى. وقال ابن أبي حاتم في "المراسيل"(6):" مكحول لم يسمع من معاوية، ودخل على واثلة بن الأسقع ". وفي موضع آخر(7):" سألت أبي عن مكحول عن واثلة، فقال : مكحول لم يسمع من واثلة، دخل عليه ".
__________
(1) في "الكامل" (3/248).
(2) في الأصل :"مزيد"، والتصويب من المصدر السابق، وانظر الجرح والتعديل" (9/296).
.
(3) كما في "الكامل" لابن عدي (3/245).
(4) في "التاريخ الكبير" (4/28 رقم1853).
(5) في "سننه" (1/219 رقم61).
(6) ص212 رقم 792 ).
(7) ص 213 رقم800).(3/309)
قلت : إذا ثبت دخوله عليه فإنما يَتَحَقَّقُ عدم سماعه منه بإقراره بذلك. وقد روى علي بن ثابت الجزري(1) عن الحارث بن يزيد الشامي، عن العلاء
ابن كثير، عن مكحول قال: دخلنا على واثلة بن الأسقع، فقلنا : حدثنا بحديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : "سمعت معاذًا وحذيفة يستشيران رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنزل، فأومأ إليهما بالشام ".
و"العلاء بن كثير" قد تقدم (2) ذكر الدارقطني له بالضعف.
ورواية أخرى رواها الطبراني(3) عن مطلب بن شعيب، عن أبي صالح، عن معاوية بن صالح(4)، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول قال : دخلت أنا وأبو الأزهر على واثلة بن الأسقع، فقلنا له : ياأبا الأسقع ! حدثنا بحديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس فيه وهم ولا تزيُّد [ولا نسيان](5)، فقال :" هل قرأ أحدٌ منكم من القرآن الليلة شيئًا ؟"...، الحديث (6).
__________
(1) كما في "المعجم الكبير" للطبراني (22/58 رقم138)، و"مسند الشاميين" له (4/308 رقم3388). وأخرجه أبوالفرج ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/311 رقم498) من طريق أخرى، وقال :" هذا حديث لا يصحّ". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/38):" رواه الطبراني بأسانيد كلها ضعيفة ".
(2) ص204).
(3) في "المعجم الكبير" (22/65 رقم158)، و"مسند الشاميين" (2/368 رقم 1510) و (4/314 رقم3407).
(4) قوله :" عن معاوية بن صالح " سقط من "المعجم الكبير" وهو مثبت في "مسند الشاميين".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل فأثبته من المرجعين السابقين.
(6) وهذا الحديث والذي قبله لا علاقة لهما بالباب، وإنما أوردهما المصنِّف ليدلِّل على سماع مكحول من واثلة.(3/310)
حديث آخر : ذكر أبوحاتم ابن حبان البستي الحافظ(1) أن الحسين بن علوان روى عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( أكثر الحيض عشرة، وأقله ثلاث )) . قال أبوحاتم المذكور(2):
"حسين يضع الحديث، لا يحل كَتب حديثه، كَذَّبه أحمد(3) ويحيى(4) ".
حديث آخر : روى البيهقي من جهة نصر بن مُقاتل، عن عبدالله بن مالك السعدي، عن أبيه مالك، عن مكحول، عن زيد بن ثابت قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يكون الحيض أقل من ثلاث، ولا أكثر من عشرة )) . رواه في "الخلافيات"(5) عن أبي بكر ابن الحارث الفقيه، عن أبي محمد ابن حيّان، عن أحمد بن جعفر بن نصر الجمال، عن نصر بن مقاتل القيسي، ولم يزد فيه على أن قال قبل تخريجه :" وقد قيل : عن مكحول، عن زيد بن ثابت، ولا يصح ".
__________
(1) في "المجروحين" (1/245).
(2) عبارة ابن حبان هذه أخذها المصنف عن ابن الجوزي حيث ذكرها في "التحقيق" (1/262)، و"الضعفاء والمتروكين" (1/215)، وبنحوها في "العلل المتناهية"(1/385). =
= وقد سقط تكذيب يحيى بن معين له من طبعة "المجروحين" لابن حبان، ومما يدل على سقوطه : أن الزيلعي في "نصب الراية" (1/192-193) ذكر نقل ابن الجوزي له عن ابن حبان، وقال :« وكذلك ذكره ابن حبان - أي الحديث - في كتاب "الضعفاء"، لم يصل سنده به، وقال ما نقله ابن الجوزي ».
(3) انظر "العلل" برواية ابنه عبدالله (2/44 رقم1499).
(4) كما في "التاريخ" برواية عباس الدوري (2/118 رقم4893)، و"الكامل" لابن عدي (2/359).
(5) 3/384 رقم1045).(3/311)
حديث آخر : قال [سعيد](1) بن عمرو البرذعي في "سؤالاته لأبي زرعة"(2):« قلت : هارون بن زياد [القشيري](3)؟ قال : لا أعرفه. قلت : روى عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله (4):" الحيض ثلاث وأربع". قال : هذا باطل وزور(5)».
[ل206/ب]
__________
(1) في الأصل :"شعبة"، وهو تصحيف، وانظر "سير أعلام النبلاء" (14/77-78).
(2) 2/545).
(3) في الأصل يشبه أن تكون :"القسوي"، والمثبت من المرجع السابق، وانظر "الجرح والتعديل" (9/90).
(4) أخرجه ابن حبان في "المجروحين" (3/94-95)، والدارقطني في "السنن" (1/209 رقم19)، ومن طريقه البيهقي في "الخلافيات" (3/386-387 رقم1047).
(5) وكذا نقله عنه ابن أبي حاتم في الموضع السابق من "الجرح والتعديل".(3/312)
حديث آخر: روى أبوالعباس الدغولي عن عبدالله بن جعفر بن خاقان(1)،/ قال : سمعت علي بن النضر يقول : سمعت علي بن الحسن بن شقيق يقول :" كنت مع سفيان بن عيينة في المسجد الحرام قاعدًا، فقلت له : يا أبا محمد! حديث حميد عن أنس - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحيض ؟ قال : وماهو ؟ قلت : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( أقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام، ومابين الحيضتين خمسة عشر )) . فقال : من يروي لكم هذا عن حميد ؟ فقلت : أبوعصمة نوح بن أبي مريم، عن حميد، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال ابن عيينة بيده هكذا: يامعشر من حضر! هلمُّوا ! قال : فجاءوا فأحاطوا بنا. قال عليّ : فقلت في نفسي : ما أرى(2) إلا قد جلبت على نفسي شرًّا كثيرًا. قال لي : ياعليّ ! حدثهم بهذا الحديث. قلت : أبا محمد ! إن رأيت أن تعفيني من هذا. قال : لا. قلت : أخبرنا أبوعصمة، قال : حدثني حميد، عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام، ومابين الحيضتين خمسة عشر )) . فقال [ابن عيينة](3)
__________
(1) في "الخلافيات" :" خلفان " بدل :" خاقان ".
(2) في "الخلافيات" :" أراني " بدل :" ما أرى ".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "الخلافيات".
.(3/313)
: يامعشر من حضر ! من يعذرني من هذا الخراساني ؟ يروي عن حميد شيئًا لم يخلقه الله، حميد تُعَدُّ حروف حديثه في المثل، وسُفيان الثوري كان من أطلب الناس لهذه الأصول، وحماد بن سلمة حميدٌ خاله، ونحن أيضًا قد لقينا حُميدًا، ياعليّ ! من هاهنا أُتيتم ". أخرجه البيهقي في "الخلافيات"(1) من جهة الدَّغولي ؛ فرواه عن أبي سعيد زيد بن محمد بن الظفر العَلوي،عن أبي بكر محمد بن عبدالله بن محمد بن زكريا، عن الدغُولي، والله سبحانه وتعالى أعلم (2).
فصل في من زاد في أكثر الحيض على عشرة أيام، ونقص في أقلِّه عن ثلاث
وأمور وجودية استُدِلّ بها على ذلك
وروى البيهقي(3) من حديث العباس بن محمد، عن محمد بن مصعب قال: سمعت الأوزاعي يقول:" عندنا هاهنا امرأة تحيض غدوة وتطهر عشية ".
وروى البيهقي(4) من جهة النفيلي قال : قرأت على مَعقل، عن عطاء
قال : "أدنى وقت الحيض يوم ".
"مَعْقِل": بفتح الميم، وسكون العين، وكسر القاف.
وهذا موقوف على عطاء.
[ل204/أ]
قال البيهقي(5):« وأخبرنا أبوعبدالله الحافظ، أنا أبوبكر ابن إسحاق، قال: قال إسحاق : قال/عبدالرحمن بن مهدي:" كانت امرأة يقال لها : أم العلاء قالت : حيضتي [منذ أيام الدهر يومان". قال إسحاق :" وصح لنا في زماننا عن غير واحدة أنها قالت : حيضتي](6) يومان "». قال :« وقال يزيد ابن هارون :" عندي امرأة تحيض يومين "».
قلت : أبو بكر ابن إسحاق الفقيه أرسل ماقال عن إسحاق ويزيد بن هارون.
__________
(1) 3/370-371 رقم1038).
(2) إلى هنا انتهى الكلام الذي نقله الناسخ في غير موضعه، والذي كنت أشرت إليه (ص 203)، فراجعه إن شئت.
(3) في "سننه" (1/320)، و"الخلافيات" (3/345 رقم1017).
(4) في الموضع السابق من "السنن"، وفي "الخلافيات" (3/344 رقم1016).
(5) في الموضع السابق من "سننه".
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن البيهقي".(3/314)
قال البيهقي(1):« وفيما أجاز لي أبوعبدالله الحافظ، عن أبي العباس، عن الربيع، عن الشافعي أنه قال :" رأيت امرأة أُثبت لي أنها ترى الحيض يومًا وتطهر يومًا "».
وروى الدارقطني(2) من حديث وكيع، عن حماد بن سلمة، عن علي بن ثابت، عن محمد بن زيد، عن سعيد بن جبير قال :" الحيض ثلاث عشرة".
وروى(3) من جهة يحيى بن آدم، ثنا مفضل بن مهلهل، عن سفيان، عن
ابن جريج، عن عطاء، قال :" الحيض خمس عشرة ".
قال البيهقي(4):« وكذلك رواه الربيع بن صبيح، عن عطاء، وقال :" فإن
زادت فهي مستحاضة(5)"».
ثم أسنده عن أبي عبدالله الحافظ، عن أبي بكر ابن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن سهل، عن محمد بن يحيى، عن أبي الوليد، عن الربيع، عن عطاء : "وقت الحيض خمسة عشر، فإن زاد فهي مستحاضة ".
قلت : لم يعرض له البيهقي هاهنا بشيء، وقد تقدم قوله في رواية الربيع بن صبيح في الفصل قبله :" إنه ليس بالقوي ".
قال البيهقي :" وروينا(6) عن الربيع عن الحسن كذلك "، ثم أسنده من
جهة عبدالرحمن بن مهدي، عن الربيع، عن الحسن قال :" أكثر الحيض خمس عشرة ". وإسناده إلى الربيع صحيح عندهم.
وروى الدارقطني(7) من جهة يحيى بن آدم، عن حفص، عن أشعث، عن عطاء، قال :" أكثر الحيض خمس عشرة ".
__________
(1) في الموضع السابق، إلا أن فيه " رأيت امرأة أُثبت لي أنها لم تزل تحيض يومًا ولا تزيد عليه"، وليس فيه :" وتطهر يومًا "، وكذا في "الأم" للشافعي (1/64).
(2) في "سننه" (1/210 رقم 31).
(3) أي : الدارقطني في "سننه" (1/208 رقم11).
(4) في "الخلافيات" (3/351-352 رقم1018) بعد أن رواه من طريق الدارقطني.
(5) في "الخلافيات" :" فهي استحاضة ".
(6) في "الخلافيات" :" ورويناه ".
(7) في "سننه" (1/208 رقم 14).(3/315)
وروى الدارقطني(1) أيضًا من جهة أبي هشام الرفاعي، عن يحيى بن آدم، ثنا شريك قال:"عندنا امرأة تحيض خمس عشرة من الشهر حيضًا مستقيمًا صحيحًا ".
وأيضًا(2) من جهة يحيى هذا، عن شريك وحسن بن صالح قالا :" أكثر الحيض خمس عشرة ".
قال الحافظ أبو عبدالله محمد بن إسحاق بن منده :" وذكر بعضهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( تمكث نصف دهرها لاتصلي )) ، ولا يثبت هذا من وجه من الوجوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
وقال البيهقي في كتاب"المعرفة"(3)-بعد إخراجه حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - الذي فيه : (( أوليس إذا حاضت المرأة لم تُصل ولم تصم ؟ )) قُلن: بلى...، إلى آخره -:" وأما الذي يذكره بعض فقهائنا في هذه الرواية من قعودها شطر عمرها - أو شطر دهرها - لا تصلي، فقد طلبته كثيرًا فلم أجده في شيء من كتب أصحاب الحديث، ولم أجد له إسنادًا بحال، والله عز وجل أعلم ".
وله طريق آخر : وعن عبدالرحمن بن مهدي(4) :" أن الثقة أخبره : أن امرأة كانت تحيض سبع عشرة(5) يومًا ".
وذكر أبوعمر(6) عن أحمد بن حنبل قال :" أكثر ما سمعنا : سبعة عشر يومًا، وعن نساء آل الماجشون : أنهن كن يحضن سبعة عشر يومًا ".
فصل في ما ذُكر في أقل طهر فاصل بين الْحَيْضَتَين
روى الحافظ أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب(7) بسنده إلى يعقوب
__________
(1) في المرجع السابق (1/209 رقم16).
(2) في الموضع السابق برقم (18).
(3) 2/145 رقم2157).
(4) وحكاه عنه ابن حزم في "المحلى" (2/199)، وابن المنذر في "الأوسط" (2/228).
(5) كذا في الأصل ! وفي "المحلى":"سبعة عشر".
(6) هو ابن عبدالبر في "الاستذكار" (3/241 رقم3649و3650) بنحوه.
(7) في "تاريخ بغداد" (9/20).(3/316)
ابن سفيان(1) قال :« أبوداود النخعي [اسمه : سليمان بن عمرو، قَدَرِي](2) رجل سوء كذاب، كان [يكذب](3) مجاوبةً. قال إسحاق : أتيناه فقلنا : أي شيء تعرف في أقل الحيض، وأكثره، ومابين الحيضتين من الطهر ؟ فقال : الله أكبر ! حدثني يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحدثنا أبوطوالة عن أبي سعيد الخدري، وجعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( أقل الحيض ثلاث، وأكثره عشر، وأقل مابين الحيضتين خمسة عشر يومًا )) . وكان هو وأبوالبختري يضعفان(4) في الحديث ».
قلت : [....](5).
[ل204/ب]
فصل في الصفرة والكدرة في أيام العادة وغيرها
روى مالك في "الموطأ"(6) عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه مولاة عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف [ فيه](7) الصفرة من دم الحيض، يسألنها عن الصلاة، فتقول :" لا
تعجلن حتى ترين القَصَّةَ البيضاء ". تريد بذلك الطهر من الحيضة.
__________
(1) هو الفسوي، وقد رواه في "المعرفة والتاريخ" (3/57).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من :"تاريخ بغداد" و"المعرفة والتاريخ".
(3) في الأصل :"يكتب"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(4) كذا في الأصل ! وفي "تاريخ بغداد" :" يضعون"، وفي أصل "المعرفة والتاريخ" : "يضعفون"، وصوبها المحقق كما في "تاريخ بغداد".
(5) بياض في الأصل بمقدار سطر ونصف.
(6) 1/59 رقم97) كتاب الطهارة، باب طهر الحائض، ومن طريقه رواه البيهقي في "السنن" (1/335-336)، والمعرفة (2/155 رقم2184).
(7) في الأصل :"فيها"، والتصويب من المراجع السابقة.(3/317)
في "الدّرجة" روايتان: إحداهُما : بضم الدال وإسكان الراء، وهو تأنيث "الدُّرج". والثانية - وهي الكثرى -: بكسر الدال، وفتح الراء، على جمع "دُرْج"، مثل : خُرْج، وخِرَجة، وتُرْس وتِرَسة (1).
و"الكُرْسُف"- بضم الكاف، وسكون الراء، وضم السين المهملة، وآخره فاء-: هو القطن. واختير لهذا الفعل لنقائه وبياضه وتنشيفه للرطوبات، فيظهر فيه من آثار الدم مالا يظهر في غيره.
و"القَصَّة" في الأصل : بفتح القاف، وبالصاد المهملة. والقَصُّ : الجصّ -ومنه ماجاء في الحديث :" نُهيَ عن تقصيص القبور"(2)- قيل : معناه : أن تخرج القطنة أو الخرقة التي تحتشي بها [المرأة](3)،كأنها قَصة لا تخالطها صُفرة.
وقيل : إن القَصة كالخيط الأبيض يخرج بعد انقطاع الدم كله(4)، شُبِّه لبياضه بالقص ؛ وهو : الجصُّ. وقيل : هو ماء أبيض يخرج في آخر الحيض.
وروى البيهقي(5) من جهة محمد بن سليمان بن خلف، عن علي بن حجر، عن إسماعيل، عن عباد بن إسحاق، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها : أنها كانت تنهى النساء أن ينظرن إلى أنفسهن ليلاً في الحيض، وتقول :" إنها قد تكون الصفرة والكدرة ".
__________
(1) انظر "الاستذكار" لابن عبدالبر (3/192-193).
(2) أخرجه بهذا اللفظ مسلم (2/667 رقم970/95) كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه ؛ من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فزدته من الموضع الآتي من "غريب الحديث" لأبي عبيد القاسم بن سلام.
(4) من قوله :" معناه : أن تخرج..." إلى هنا أخذه المصنِّف من "غريب الحديث" لأبي عبيد (1/168)، ولكن وقع هناك :" لا تخالطها صفرة ولا تريّة "، وفيه :" شيء كالخيط ".
(5) في "سننه" (1/336).(3/318)
وروى أيضًا من حديث ابن عُبيد، حدثنا محمد - يعني ابن إسحاق -، عن عبدالله بن أبي بكر، عن صاحبته فاطمة بنت محمد - وكانت في حجر عَمرة -[قالت](1):أرسلت امرأة من قريش إلى عَمرة كرسفة قطن فيها - أظنه أراد - الصفرة، تسألها : هل ترى إذا لم تر المرأة من الحيضة إلا هذا طهرت؟ قالت :" لا، حتى ترى البياض خالصًا ".
قال(2):" وقيل : عن محمد بن إسحاق، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر ". ثم أورد ماسنذكره في الطهر إن شاء الله تعالى.
وروى(2) من جهة إبراهيم بن إسحاق، عن موسى بن إسماعيل،[عن](3)
حماد، عن أشعث، عن الحسن قال :" إذا رأت المرأة التَّرِيَّة(4) فإنها تمسك عن الصلاة، فإنها حيض ".
ومن جهته أيضًا : حدثنا محمد بن عبدالملك،[حدثنا محمد بن المبارك](5)، عن معاوية بن سلام، عن يحيى، عن أبي سلمة قال :" إذا رأت [المرأةُ](5) التريبةَ(6) فلتنظر [الأيام](7) التي كانت تحيض فيهن، فلا تصلي فيهن". وقال(8):" الصوابُ : التَّريَّة، وهي الشيء الخفيُّ اليسير ".
وروى أيوب عن محمد، عن أم عطية رضي الله عنها قالت:" كنا لا نعد
__________
(1) في الأصل :"قال"، والمثبت من المصدر السابق.
(2) أي البيهقي في الموضع السابق.
(3) تصحف في الأصل إلى :"بن"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) في"سنن البيهقي":"التريئة"،والمثبت موافق لما في"غريب الحديث" لأبي عبيد(1/168)، وقد فسّره أبو عبيد بقوله:"وأما التريّة: فالشيء الخفي اليسير،وهو أقل من الصفرة والكدرة، ولا تكون التريّة إلا بعد الاغتسال، فأما ما كان بعد في أيام الحيض فهو حيض وليس بتريّة ".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن البيهقي".
.
(6) كذا في الأصل، وفي "سنن البيهقي" :" التريئة ".
(7) في الأصل :"أيام"، والمثبت من "سنن البيهقي ".
(8) أي البيهقي.(3/319)
الصُّفرة والكدرة شيئًا". أخرجه البخاري(1)، والنسائي(2) من حديث إسماعيل، عن أيوب.
ورواه أبو داود(3) عن موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن قتادة، عن أم الهُذيل، عن أم عطية - وكانت بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -[قالت](4):" كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئًا". قال أبو داود(5):" وأم الهُذيل هي حفصة ".
قال البيهقي(6):« وكذلك رواه حجاج بن منهال وغيره عن حماد بن [سلمة](7)، ورواه أيضًا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة. وروي عن عائشة
رضي الله عنها بإسناد ضعيف لا يسوى(8) ذكره.
ثم روى(9) أبوطاهر الفقيه، أخبرني أبو الطيب محمد بن محمد بن المبارك
[ل205/أ]
[الحنَّاط ](10)، حدثنا محمد بن أشرس السلمي، ثنا إبراهيم بن سُليمان الزيات العبدي، عن بحر السَّقَّاء، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها:أنها/قالت:"ماكنا نعد الكدرة والصُّفرة شيئًا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"».
__________
(1) في"صحيحه"(1/426رقم326) كتاب الحيض، باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض.
(2) في"سننه"(1/186- 187رقم368) كتاب الحيض والاستحاضة، باب الصفرة والكدرة.
(3) في"سننه"(1/215رقم307) كتاب الطهارة،باب في المرأة ترى الكدرة والصفرة بعدالطهر.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل فاستدركته من "سنن أبي داود".
(5) الظاهر أن المصنف أخذ قول أبي داود هذا من "سنن البيهقي" (1/337)؛ فإنه أورده هكذا مختصرًا.
(6) في الموضع السابق من "سننه".
(7) في الأصل :"إسماعيل"، والتصويب من المصدر السابق.
(8) في "سنن البيهقي" :" لا يسؤني ".
(9) كذا في الأصل، وفي المصدر السابق :" أخبرنا أبو طاهر..." بعد قوله :" ذكره ".
(10) في الأصل :"الخياط"، وهو تصحيف، والتصويب من المصدر السابق، ومن "توضيح المشتبه " لابن ناصر الدين (3/346).(3/320)
قال:" وروي معناه عن عائشة رضي الله عنها بإسناد أمثل من ذلك ". ثم أخرج ماسنذكره في الفصل بعده من رواية سُليمان بن موسى، عن عطاء، عن عائشة رضي الله عنها.
وروى الدارقطني(1) من حديث عبدالوهاب - هو ابن عطاء -، أخبرنا
هشام بن حسان، عن حفصة، عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت:" كنا لا نرى التَّرِيَّة بعد الطهر شيئًا، وهي الصفرة والكدرة ".
و"التَّرِيَّةُ": المشهور فيها فتح التاء المثناة من فوق، وكسر الراء، وتشديد الياء. وقد فُسِّرت في الحديث بالصفرة والكدرة تُرى بعد الطهر، ومن ذكر من أهل اللغة أنها الخرقة التي تعرف بها المرأة حيضتها من طهرها فلا ينبغي أن يحمل عليه لفظ الحديث، ويكون معناه أنها قد تطلق على ذلك.
وقال الفارسي في "مجمعه":« وليست التاء أصلية من نفس الكلمة، وهي
من أحد شيئين : إما من لفظ " وراء "؛ لأنها تُرى وراء الحيض، أو من قولهم: ورت الزند ؛ لأنها تسقط ممن يراها سقوط النار من الزند، وإبدال التاء من الواو معهود في كثير من كلامهم ». وحكى القزاز في وزنها : فعيلة، قال :« وقد قيل : هي تفعلة من "رأيت"؛ لأن منهم من يقول :" ترئية "، فتكون تفعلة على لغة من قال :" رَاء " في : رأى ». قال :« ويضعف هذا : أن منهم من يقول:" تَرِّيَّة " ويشدد الراء، فلو كانت التاء مشددة ماشددوا الراء، وعلى هذا منهم من يهمز(2) فيكون التقدير فعيلة، ومنهم من يلين فيبدل من الهمزة ياء، ويدغم (3)، ومنهم من يقول :" تَريَة"- على ماقدمنا - خفيفة الراء والياء ». فيتلخص مما ذكره القزاز في اللفظة خمسة أوجه.
__________
(1) في "سننه" (1/219 رقم64).
(2) أي : فيقول :" تريئة".
(3) أي : فيقول :" تريَّة ".(3/321)
وروى أبومحمد ابن الجارود(1) من حديث عبيدالله بن موسى، عن شيبان، عن يحيى -هو ابن أبي كثير -، عن أبي سلمة، عن أم أبي بكر : أنها أخبرته أن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المرأة ترى مايريبُها بعد الطهر ؛ قال : (( إنما هي عرق - أو عروق - )) .
وليس في إسناده من يحتاج إلى الكشف عن حاله إلا أم أبي بكر، وقد اختلف في اسمها، فقيل : أم أبي بكر، وقيل : أم بكر. فمن قال :" أم أبي بكر ": عُبيدُالله بن موسى عن شيبان كما قدمناه عن ابن الجارود، وكذلك عند البيهقي(2) من جهة محمد بن سابق، عن شيبان، إلا أن فيه : [أن](3) عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (( المرأة التي ترى الشيء من الدم يريبها(4) بعد الطهر )) قال : (( إنما هي عرق - أو عروق - )) .
وخالف المنيعي(5)؛ فرواه من جهة حسين بن محمد، عن شيبان فقال : "أم بكر". كذا رأيته في جمع الإسماعيلي لحديث يحيى.
[وممن](6) قال :" أم بكر ": معاوية - هو ابن سلام - عن يحيى عند الإسماعيلي، وعند البيهقي(7) من رواية معاوية هذا :" أم أبي بكر".
__________
(1) في "المنتقى" (1/121-122 رقم116).
(2) في "سننه" (1/337).
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي".
(4) كذا في الأصل، وفي المصدر السابق :" تراها ".
(5) هو أبو القاسم عبدالله بن محمد البغوي كما كنت بينته (ص242) من المجلد الأول.
(6) في الأصل :"ومن".
(7) في "السنن الكبرى" (1/337).(3/322)
وللأوزاعي فيه رواية بلفظ آخر اختلف عليه في [اسم](1) هذه المرأة ؛ فقيل :" أم بكر "(2) من جهة عبدالله بن كثير القارئ ويحيى بن عبدالله الحراني، عن الأوزاعي، عن يحيى قال : حدثني أبوسلمة، حدثتني أم بكر، قالت : حدثتني عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المستحاضة : (( إنما هو عرق-أو عروق- )) . وقال فيه محمد بن عبدالحكم(3): عن
بكر(4)، عن الأوزاعي،عن يحيى،[عن](5) أبي سلمة، حدثتني أم بكر(6) هذه.
[ل205/ب]
__________
(1) في الأصل :"أم".
(2) وحكاه عنه أبو حاتم كما في "العلل" لابنه (1/50)، وصحّحه.
(3) لم أعرفه، إلا أن يكون محمد بن عبدالحكم بن يزيد القطري، ذكره ابن ماكولا في "الإكمال" (7/115)، وذكر أنه يروي عن آدم بن أبي إياس وسعيد بن أبي مريم، روى عنه عثمان بن محمد السمرقندي. أو يكون محمد بن عبدالله بن عبدالحكم، وهما اثنان مترجمان في "تهذيب الكمال" (25/497-501)، ولم يذكر في ترجمة أحد منهما أنه =
= يروي عن أحد اسمه :" بكر ".
(4) كذا في الأصل ! ولم أهتد إليه، ولم أجد في الرواة عن الأوزاعي من اسمه :" بكر".
(5) في الأصل :"بن"، وهو تصحيف ظاهر.
(6) كذا في الأصل، والصواب - فيما يظهر - :" أم أبي بكر ".(3/323)
وللإسماعيلي رواية في هذا استُفيد منها تعريف بأم أبي بكر هذه ؛ فذكر في رواية / له : أم أبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حَزم [قالت](1): حدثتني عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المستحاضة: (( إنما هو عرق -أو عروق- )) . رواه عن ابن أبي حسان، عن دحيم، وعن غيره(2) فقال في آخره : حدثتني أم أبي بكر بنت محمد. قال الإسماعيلي:" كذا قال ابن أبي حسان(3)، ثم رجع فقال : أم أبي بكر بنت محمد بن عمرو بن حزم، فذكر ماذكرناه ". انتهى.
وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (4):" إذا رأت بعد الطهر مثل غسالة اللحم، أو مثل قطرة الدم من الرعاف، فإنما تلك ركضة من ركضات الشيطان،
فلتنضح بالماء ولتتوضأ، ولتصلِّ، فإن كان عبيطًا لاخفاء به فلتدع الصلاة ".
وعن ثوبان(5) في المرأة ترى التَّريَّة(6) قال :" تتوضأ وتصلي". قيل : أرأيٌ تراه(7) أم سمعته ؟ ففاضت عيناه، وقال :" بل سمعته ".
__________
(1) في الأصل :"قال"، وهو تصحيف ظاهر.
(2) معناه - فيما يظهر- : ورواه عن غيره.
(3) أي :" أم أبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم ".
(4) قول علي t هذا أخذه المصنف عن ابن حزم في "المحلى" (2/167)، ولكنه لم يسنده، وقد أخرجه مسندًا : عبدالرزاق في "المصنف" (1/302 رقم1161)، وابن أبي شيبة (1/89 رقم994)، والدارمي في "السنن" (1/215-216)، وابن المنذر في "الأوسط" (2/236)، جميعهم من طريق أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب. وإسناده ضعيف لضَعف الحارث.
(5) علقه ابن حزم في الموضع السابق من "المحلى".
(6) تصحف قوله :" التَّريَّة " في "المحلى" إلى :" البرية ".
(7) في "المحلى" :" أشيء تقوله " بدل :" أرأي تراه ".(3/324)