مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله، أحمده سبحانه وأشكره على ما أولانا من النعم، ودفع عنا من النقم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،أرسله الله بين يدي الساعة بشيرًاونذيرًا،وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فهدى الله به من الضلالة، وبصَّر به من العمى، وأغنى به بعد العَيْلة، فصلوات ربي وسلامه عليه، صلاةً وسلامًا دائمين إلى يوم الدين، أما بعد:-
فإن أحاديث الأحكام التي بها يعرف الحلال والحرام لقيت من أهل الحديث عناية فائقة يعرفها من كان من أهل هذا الشأن. فتجدهم مثلاً يتسمَّحون في رواية بعض الأحاديث الضعيفة في بعض أبواب الدين؛كالفضائل ونحوها، إذا لم يكن ضعفها شديدًا، لكنهم إذا رووا ما يتعلق بالأحكام والحلال والحرام شدَّدوا. قال عبدالرحمن بن مهدي:"إذا روينا في الثواب والعقاب وفضائل الأعمال تساهلنا في الأسانيد وتسامحنا في الرجال، وإذا روينا في الحلال والحرام والأحكام تشددنا في الأسانيد، وانتقدنا الرجال"(1).
وقال يحيى القطان :" تساهلوا في التفسير عن قوم لا يوثقونهم في الحديث"(2).
وروى الميموني عن الإمام أحمد أنه قال :" الأحاديث الرقائق تحتمل أن
يتساهل فيها، حتى يجيء شيء فيه حكم "(3).
__________
(1) "دلائل النبوة" للبيهقي (1/34).
(2) المرجع السابق (1/35)، وعلق البيهقي على هذه العبارة بقوله :" وإنما تساهلوا في أخذ التفسير عنهم ؛ لأن ما فسروا به ألفاظه تشهد لهم به لغات العرب، وإنما عملهم في ذلك الجمع والتقريب فقط ".
(3) "النكت على كتاب ابن الصلاح" (2/888).(1/1)
وقال أبو الفضل العباس بن محمد الدوري :" سمعت أحمد بن حنبل وسئل - وهو على باب أبي النضر هاشم بن القاسم -، فقيل له : يا أبا عبدالله ! ما تقول في موسى بن عبيدة وفي محمد بن إسحاق ؟ قال : أما موسى بن عبيدة فلم يكن به بأس، ولكنه حدث أحاديث مناكير عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما محمد بن إسحاق فهو رجل تكتب عنه هذه الأحاديث - كأنه يعني المغازي ونحوها -، فأما إذا جاءك الحلال والحرام أردنا قومًا هكذا، وقبض أبوالفضل - يعني العباس - أصابع يده الأربع من كل يد، ولم يضم الإبهام "(1).
ونجد بعضهم أحيانًا يتساهل في جهالة بعض الرواة - وبالأخص إذا كانوا من طبقة التابعين - إذا كانت روايتهم لا تتعلق بالأحكام، فإن كان لها تعلق بالأحكام شددوا في أمر الجهالة.
ويظهر هذا الاهتمام في نوعية المصنفات التي قاموا بتصنيفها، فتجدهم رتبوا مصنفاتهم على الأبواب، وغالب تلك الأبواب من الأحكام. بل ربما قصر بعضهم مصنفه على أحاديث الأحكام غالبًا كما صنع أبو داود في "سننه"، أو النسائي في "المجتبى"، أو ابن الجارود في "المنتقى" وغيرهم.
ثم لما تعاقبت العصور، وتوَجَّهت همَّة العلماء إلى خدمة كتب السنة التي ألفها الأئمة، وذلك بالجمع بينها، أو اختصارها، أو الانتقاء منها، ونحو ذلك، كان القصد إلى جمع أحاديث الأحكام من دواوين السنة، وتقريبها للطالبين، وتيسيرها للمتفقهين عملاً نفرت له طائفة من الحفاظ، وتعاقبت فيه الجهود، وكثرت فيه المؤلفات.
فألّف الحافظ أبو محمد عبدالحق الإشبيلي كتبه :" الأحكام الكبرى"، و"الوسطى"، و"الصغرى"، وألّف أبو البركات المجد ابن تيمية كتابه "منتقى الأخبار"،وألَّف الحافظ عبدالغني بن عبدالواحدالمقدسي كتابه"عمدة الأحكام"، وغيرهم. وكان لكل منهم في كتابه نهج قصده، وطريقة سلكها.
__________
(1) "دلائل النبوة" (1/37-38).(1/2)
حتى جاء الإمام الحافظ المحقق المدقق أبوالفتح ابن دقيق العيد، فألّف كتابه "الإمام في معرفة أحاديث الأحكام"، قاصدًا فيه الجمع الْمُستَقصِي للأحاديث، والنقد المستوفي للأسانيد، فجاء كتابه بحرًا زاخرًا لا مثيل له في حشد النصوص، وتتبع العلل، وتحرير الأحكام، بحيث صار كتابه هذا معلمةً شاملة لأحاديث الأحكام صحيحها وسقيمها، مع النقد الدقيق - غالبًا - للأسانيد، والكشف عن أحوال الرواة، وتحرير الأحكام على الأحاديث.
فما ظنك بعد بكتاب يجتمع عليه هذا الإمام على سعة حفظه ودقة نقده، فيشدّ لحمته وسداه بالتدقيق والتوثيق، مع الإحاطة والاستيعاب ؟
وقد بدا لي - والله أعلم - أن هذا الكتاب كان مشروع العمر لهذا الإمام الفحل، بدأه في مرحلة مبكرة من حياته العلمية، ثم استمر يجمع له على أناة، ويحرره بدقة، ويستوفي له الشيء بعد الشيء، مع صبرٍ وبصيرة
هذا(1)شاهد عظمة علمية توالت الكتب بعده على يد أئمة حفاظ دون أن تدرك شأوه، أو تبلغ معشاره.
__________
(1) =( )مجلدًا وطال الحديث في أمره واستعظامه -: ما أظن هذا الرجل إلا عزم على وضع هذا التاريخ من يوم عقل على نفسه، وشرع في الجمع من ذلك الوقت، وإلا فالعمر يقصر عن أن يجمع فيه الإنسان مثل هذا الكتاب بعد الاشتغال والتنبّه. ولقد قال الحق، ومن وقف عليه عرف حقيقة هذا القول، ومتى يتسع للإنسان الوقت حتى يضع مثله ؟ وهذا الذي ظهر هو الذي اختاره، وما صح له هذا إلا بعد مسودات ما يكاد ينضبط حصرها".
وهذا الذي ذكره المنذري - وأيّده تلميذه ابن خلكان - يشبه صنيع ابن حجر في "شرح البخاري" الذي قضى في تأليفه من مقدمته إلى نهايته أكثر من ثلاثين سنة، فضلاً عن المدة التي قضاها بعد ذلك في مراجعته وتهذيبه، بل فضلاً عن بعض مصنفاته التي قدم بها بين يدي الكتاب لتكون عاملاً مساعدًا لشرحه ؛ كـ"تغليق التعليق"، وانظر "ابن حجر العسقلاني ودراسة مصنفاته " لشاكر محمود عبدالمنعم (1/306) فما بعده.(1/3)
نزلوا بمكة في قبائل نوفل
ونزلت في البيداء أبعد منزل
ولقد كنت أرجع إلى هذا الكتاب الفينة بعد الأخرى حسب الحاجة التي تعرض لي، مع انشغالي بأعمال علمية أخرى كـ"سنن سعيد بن منصور"، و"تلخيص صحيح مسلم" للقرطبي، وشرحه "المفهم"، وغيرها.
وفي كل مرة أرجع إليه يتمادى بي البحث، ويتزايد العجب إلى حد الدهش والانبهار بهذا العمل العلمي المتين الرصين، ومازال يستهويني حتى اجتذبتني أمواجه، وغمرتني لججه، ولم أجد بدًّا من إيثاره بالجهد، والبداءة به قبل غيره، عسى أن يكون في ذلك وفاء لهذا الإمام، وتكفير عمّا نال كتابه هذا من عقوق، وأن أكون بهذا العمل قد فتحت لطلبة العلم وأهل السنة والحديث خزانة علمية زاخرة، طالما استحكمت دونها الأغاليق، وانقطعت دون الوصول إليها الآمال.
ولربما ثار سؤال لدى من يطلع على هذا الكتاب - كما ثار لدي عندما طالعته -، وهو : كيف بقي هذا الكتاب - وهو بهذا القدر والمقدار - خافت الذكر، قليل التداول، في حين ذكرت وشهرت كتب لا تساميه ولا تدانيه ؟!! وقد استبان لي بعدُ أن لذلك عدة أسباب، من أهمها :
1 - طول الكتاب، فلا أعلم كتابًا بحجمه في موضوعه، مما جعل الهمم تتقاصر عن نسخه.
2 - كون مؤلفه لم يكمل تحريره، فقد أتمه مسودة وبيّض منه نحو الربع، فلعله لم يُمَكِّن أحدًا من مسوّدة الكتاب.
3 - تعرض قدر كبير من الكتاب للتلف، سواء كان ذلك بكيد من بعض الحسدة كما حكي ذلك - وسيأتي تفصيله -، أو بسبب آخر.
وأما سبب تأخر نشر هذا المقدار الذي وجد من الكتاب، فالظاهر أنه بسبب عدم اكتماله، هذا بالإضافة لرداءة النسخة الموجودة منه - أو أصلها الذي نقلت منه -، فقد مسخها من نسخها، وصحفها حتى حرفها، فكانت بحاجة إلى جهد جهيد لإقامة نصها، وإصلاح ما يمكن إصلاحه من خطئها، ولذا تهيبها كل من نظر فيها.
ولقد بذلت في سبيل تصحيح نص هذا الكتاب وإقامته على الجادّة،(1/4)
والدُّنُوِّ به إلى الأصل الذي صنعه عليه مؤلفه جهد الجهد، وغاية الوسع، وهو جهد لا يعرف عناءه إلا من كابده، ولا يقدّر قدره إلا من فرح بثمرته.
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في مقدمة تحقيقه لـ"سنن الترمذي"
(1/16-17) :« تصحيحُ الكتب وتحقيقُها من أشقِّ الأعمال وأكبرها تبِعَة، ولقد صوَّر أبوعمرو الجاحظ ذلك أقوى تصوير في كتاب "الحيوان" فقال (ج1 ص79 من طبعة أولاد السيد مصطفى الحلبي بمصر):" ولربما أراد مؤلف الكتاب أن يصلح تصحيفًا، أو كلمة ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حُرِّ اللفظ وشريف المعاني : أيسر عليه من إتمام ذلك النقص، حتى يردَّه إلى موضعه من أمثلة الكلام، فكيف يُطيق ذلك المعارِضُ الْمُسْتَأْجَر، والحكيم نفسه قد أعجزه هذا الباب ! وأعجب من ذلك أنه يأخذ بأمرين : قد أصلح الفاسد وزاد الصالح صلاحًا، ثم يصير هذا الكتاب بعد ذلك نسخة لإنسان آخر، فيسير فيه الورَّاق الثاني سيرة الورّاق الأول، ولا يزال الكتاب تتداوله الأيدي الجانية، والأعراض المفسدة، حتى يسير غلطًا صرفًا، وكذبًا مصمتًا، فما ظنكم بكتاب تتعاقبه المترجمون بالإفساد، وتتعاوره الْخُطَّاطُ بشرٍّ من ذلك أو بمثله، كتابٍ متقادم الميلاد دُهْريِّ الصنعة ".
وقال الأخفش :" إذا نسخ الكتاب ولم يُعارض، ثم نسخ ولم يُعارض : خرج أعجميًّا(1)".
__________
(1) عن كتاب "علوم الحديث" لابن الصلاح طبعة المطبعة العلمية بحلب سنة1350 (ص176).(1/5)
وصدق الجاحظ والأخفش، وقد كان الخطر قديمًا في الكتب المخطوطة، وهو خطر محصور، لقلة الأيدي إياها، مهما كثرت وذاعت، فماذا كانا قائلين لو رأيا ما رأينا من المطابع، وما تجترحه من جرائم تسميها كُتُبًا !! ألوف من النسخ من كل كتاب، تُنشر في الأسواق والمكاتب، تتناولها أيدي الناس، ليس فيها صحيح إلا قليلاً، يقرؤها العالم المتمكن، والمتعلم المستفيد، والعاميّ الجاهل، وفيها أغلاط واضحة، وأغلاط مشكلة، ونقص وتحريف : فيضطرب العالم المتثبت، إذا هو وقع على خطأ في موضع نظر وتأمل، ويظن بما علم الظنون، ويخشى أن يكون هو المخطئ، فيراجع ويراجع، حتى يستبين له وجه الصواب، فإذا به قد أضاع وقتًا نفيسًا، وبذل جهدًا هو أحوج إليه، ضحيةَ لعبٍ من مصحح في مطبعة، أو عَمْدٍ من ناشرٍ أُمِّيّ، يأبَى إلاّ أن يوسِّد الأمر إلى غير أهله، ويأبى إلاّ أن يركب رأسه، فلا يكون مع رأيه رأيٌ، ويشتبه الأمر على المتعلم الناشئ، في الواضح والمشكل، وقد يثق بالكتاب بين يديه، فيحفظ الخطأ ويطمئن إليه، ثم يكون إقناعه بغيره عسيرًا، وتصوَّر أنت حال العاميّ بعد ذلك !
وأيُّ كتب تُبتلى هذا البلاء ؟ كتبٌ هي ثروة ضخمة من مجد الإسلام ومفخرةٌ للمسلمين، كتب الدين والعلم : التفسير والحديث، والأدب والتاريخ، وما إلى ذلك من علوم أُخَر ». ا. هـ.
هذا وقد قدمت بين يدي الكتاب بترجمة موجزة جدًّا للمؤلف ؛ لأن شهرته تغني عن الإفاضة في الحديث عنه، بالإضافة إلى وجود دراسات عنه، منها :" ابن دقيق العيد، حياته وديوانه" لعلي صافي حسين، ومقدمة قحطان الدوري لكتاب "الاقتراح"، ومقدمة علي بن إبراهيم اليحيى لكتاب "الاقتراح" أيضًا، وغيرها. ثم عقبت ذلك بدراسة عن الكتاب بينت فيها :
1 - وصفًا للنسخة الخطية للكتاب. 2 - تسمية الكتاب، والخلاف فيها.
3 - صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه.
4 - تجزئة الكتاب، وحجمه، وهل أكمله مصنفه ؟(1/6)
5 - سبب فقدان أكثر الكتاب. 6 - منهج المصنف في هذا الكتاب.
7 - قيمة الكتاب العلمية. 8 - فوائد الكتاب ومزاياه.
9 - المؤاخذات عليه. 10- طريقة العمل في هذا الكتاب.
وختامًا أشكر فضيلة شيخي عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين- حفظه الله ورعاه- على إفادتي بالموضع الذي ذكر فيه ابن دقيق العيد في كتابه "إحكام الأحكام" الأبيات التي تتعلق بكفر تارك الصلاة، وكانت من جملة ما سقط من كتابنا هذا :"الإمام"، مع كلام آخر في الموضوع نفسه، ولم يبق منها سوى بيت واحد كما تراه (ص569) من المجلد الثالث، وليس هذا بمستغرب على الشيخ حفظه الله، فمازلت أنهل من علمه منذ قرابة ستة وعشرين عامًا أو تزيد، أسأل الله أن يجزيه عني أفضل الجزاء. ثم إن هذا الجهد الضخم الذي سطره ابن دقيق العيد - رحمه الله -، ماكان بالإمكان نشره في هذه المدة الوجيزة بجهدي فقط، فلولا أن الله سبحانه أمدّني بإخوة أفاضل في مكتب التحقيق بدار المحقق للنشر والتوزيع بذلوا قصارى جهدهم وتفانوا في خدمة هذا السفر الجليل لما تمّ لي ذلك - والعلم عند الله -، فلهم مني جزيل الشكر على ما قدموه، ولهم من الله المثوبة وحسن الجزاء.
فإلى إخوتي من طلبة العلم ومحبّي السنة : هذا العمل الذي هو جهد المقلّ في خدمة هذا الكتاب العظيم، مع طمعي بإمدادي بما لديهم من ملاحظات، أو تعقبات، أو زيادة فائدة تتم ما سبق بدؤه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، وصلِّ اللهم ! وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.
كتبه
سعد بن عبدالله بن عبدالعزيز آل حميِّد
الرياض في 25 ذي القعدة 1419 هـ.
التعريف بالمصنف(1/7)
هو الشيخ الإمام، العلامة، الفقيه، المجتهد، المحدِّث، الحافظ، تقي الدين، أبو الفتح محمد بن الشيخ مجد الدين أبي الحسن علي بن أبي العطاء وهب بن أبي السمع مطيع بن أبي الطاعة، القشيري، المنفلوطي، المالكي، ثم الشافعي، المعروف بـ: ابن دقيق العيد(1).
ولد - رحمه الله - بناحية " ينبع " قرب البحر الأحمر من أرض الحجاز ؛ حين كان أبواه متجهين من "قوص"(2) للحج، وذلك ضحى يوم السبت الخامس والعشرين من شهر شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة للهجرة.
وكان والده عالمًا عابدًا، فلما ولد له هذا الغلام في رحلة الحج، أخذه على يديه، وطاف به، ودعا الله أن يجعله عالمًا عاملاً.
ولما كبر وترعرع بدأ في طلب العلم، فتلقى عن والده فقه الإمامين : مالك والشافعي، وغيره من العلوم. ثم ارتحل إلى القاهرة، فأخذ عن علمائها، ومن أشهرهم : عز الدين ابن عبدالسلام. ثم ارتحل إلى أقطار أخرى كالشام والحجاز، وسمع بها.
وبرع في فنون كثيرة ؛ كالفقه، والأصول، والحديث وعلومه، والرجال، واللغة، والأدب، والتفسير، وغيرها.
وأثنى عليه أهل العلم في عصره، ثم مَنْ بعدهم، فلا تكاد تجد أحدًا ذكره إلا وأطراه.
__________
(1) سبب تسمية جده :" دقيق العيد": ما ذكره الأدفوي في "الطالع السعيد" (ص435) :" أنه كان عليه يوم عيد طيلسان شديد البياض، فقال بعضهم : كأنه دقيق العيد، فلقب به رحمه الله " ا. هـ.
(2) وهي مدينة كبيرة عظيمة واسعة، قصبة صعيد مصر. انظر "معجم البلدان" (4/413).(1/8)
ولما بلغ أشده واستوى تصدّر للتدريس ببلدته "قوص"، ثم بـ:" إسنا"(1)، ثم " القاهرة "؛ حيث تولى التدريس في عدد من مدارسها المشهورة العامرة، فدرّس في الفاضلية(2)، والصلاحية الناصرية(3)، والصالحية(4)،
__________
(1) مدينة بأقصى الصعيد، وهي على شاطئ النيل من الجانب الغربي. انظر"معجم البلدان" (1/189).
(2) نسبة إلى صاحبها : القاضي الفاضل عبدالرحيم بن علي البيساني، بناها بجوار داره سنة 580 هـ، ووقفها على الشافعية والمالكية، وجعل فيها قاعة للإقراء، وكانت من أعظم مدارس القاهرة وأجلِّها، وبها جملة عظيمة من الكتب قدّرها بعضهم بنحو مائة ألف مجلّد، وقد ضاعت كلها. انظر "الخطط" للمقريزي (2/366)، وحاشية "الطالع السعيد" (ص272).
(3) نسبة إلى صاحبها : الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي الذي رتب بها مدرسًا للفقه الشافعي، وجعل فيها معيدين، ووقف عليها حمامًا وفرنًا وحوانيت، وولي تدريسها جماعة من الأعيان، ثم خلت من مدرس ثلاثين سنة، واكتُفي فيها بالمعيدين وهم عشرة، ثم ولي تدريسها تقي الدين ابن رزين الحموي سنة (678 هـ)، وبعد وفاته تولى التدريس فيها الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد. ا.هـ من مقدمة الشيخ علي اليحيى لكتاب "الاقتراح" (ص58)، وانظر "الخطط" للمقريزي (2/400-401).
(4) نسبة إلى صاحبها : الملك الصالح نجم الدين أيوب الذي بناها سنة (639و640 هـ)، ورتب أربعة دروس للفقهاء على المذاهب الأربعة في سنة (641 هـ)، وأوقف عليها ما حولها من الأرض. وممن درس فيها عبدالواحد بن علي بن سرور المقدسي. وكان الملك المعز أيبك التركماني يواظب على الجلوس فيها مع نواب دار العدل، ثم زاد أوقافها الملك السعيد ناصر الدين بن بيبرس، وجعل لكل مدرس اثنين من المعيدين. ا. هـ. من مقدمة الشيخ علي اليحيى لكتاب "الاقتراح" (ص59)، وانظر "الخطط" للمقريزي (2/374).(1/9)
ودار الحديث الكاملية (1).
ثم تولى القضاء بعد إباءٍ شديد، حتى صار كبير القضاة، وعزل نفسه منه مرات عديدة، ولولا خوفه من الإثم لما قبل به. وكانت سيرته في القضاء محمودة.
وكان يقضي ليله - أو معظمه - في تحصيل العلم والعبادة.
ذكر ابن حجر(2) عن شرف الدين محمد بن أحمد بن الصاحب بهاء الدين قال :" كان ابن دقيق العيد يقيم في منزلنا بمصر في غالب الأوقات، فكنا نراه في الليل إما مصلِّيًا، وإما يمشي في جوانب البيت وهو مفكر إلى طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر صلى الصبح، ثم اضطجع إلى ضحوة " ا. هـ.
وقال تلميذه الحافظ قطب الدين الحلبي(3):" كان الشيخ تقي الدين إمام أهل زمانه، وممن فاق بالعلم والزهد على أقرانه، عارفًا بالمذهبين، إمامًا في الأصلين، حافظًا، متقنًا في الحديث وعلومه، ويضرب به المثل في ذلك، وكان آية في الحفظ والإتقان والتحرِّي، شديد الخوف، دائم الذكر، لا ينام الليل إلا قليلاً، ويقطعه فيما بين مطالعة وتلاوة وذكر وتهجُّد، حتى صار السهر له عادة، وأوقاته كلها معمورة، لم ير في عصره مثله " ا. هـ.
__________
(1) وهي أول مدرسة بنيت للحديث في مصر، بناها السلطان الملك الكامل ناصر الدين محمد ابن الملك العادل أبي بكر ابن أيوب، وذلك سنة (622 هـ)، وأوقفها على المشتغلين بعلم الحديث، ثم من بعدهم فقهاء الشافعية، وأوقف عليها أوقافًا كثيرة. وممن درس بها : الإمام الحافظ عبدالعظيم المنذري، والرشيد العطار، وابن دقيق العيد، وبدر الدين ابن جماعة، والحافظ زين الدين العراقي، وسراج الدين ابن الملقن. وقد بدأت في الزوال والاضمحلال بعد الثمانمائة حين تولى أمرها من لا يحسن القيام بحقها. ا.هـ من مقدمة الشيخ علي اليحيى لكتاب "الاقتراح" (ص59)، وانظر "الخطط" للمقريزي (2/375).
(2) في "الدرر الكامنة" (5/351).
(3) كما في "تذكرة الحفاظ" (4/1482).(1/10)
وقد أعجب معاصروه بقوة حفظه، حتى قال فيه الذهبي(1):" ما رأيت أحفظ من أربعة : ابن دقيق العيد، والدمياطي، وابن تيمية، والمزِّي. فالأول أعرفهم بالعلل وفقه الحديث، والثاني بالأنساب، والثالث بالمتون، والرابع بأسماء الرجال " ا.هـ.
وبرغم أنه - رحمه الله - كان متمذهبًا أولاً بمذهب مالك، ثم تحول فصار شافعيًّا، إلا أنه كان بعيدًا عن التعصُّب، أو الحمية المذهبية، ذامًّا لها، بل توفرت فيه أدوات الاجتهاد، وكان كثير ممن ترجم له يرى أنه وصل إلى درجة المجتهد، حتى إنه قال عن نفسه (2):" وافق اجتهادي اجتهاد الشافعي، إلا في مسألتين " ا. هـ.
وقد قدَّم لكتابه " شرح الإلمام" بمقدمة(3) تدل صراحة على حثه على الالتزام بنصوص الكتاب والسنة، وأن تُردَّ المذاهب إليها، وقال :" وأما أن يجعل الفرع أصلاً يُردّ النص إليه بالتكلُّف والتحيُّل...، فذلك عندنا من أردأ مذهب، وأسوأ طريقة... " الخ.
بل إنه ألّف كتابًا في هذا سمّاه :" التشديد في الردّ على غلاة التقليد"(4).
وبعد حياة زاخرة بالعلم والتعلم والعبادة والدعوة إلى الله، أدركه الأمر
الذي لا مفرّ منه،فاخترمته المنيّة - رحمه الله - يوم الجمعة حادي عشر صفر سنة اثنتين وسبعمائة، عن سبعة وسبعين عامًا، وصُلّي عليه يوم الجمعة المذكور، ودفن بالقرافة الصغرى يوم السبت.
وخلّف آثارًا علمية بقي له ذُخرُها عند الله، من أهمها :
- كتاب :" الإمام في معرفة أحاديث الأحكام"، وهو كتابنا هذا، وسيأتي الحديث عنه.
- "الإلمام بأحاديث الأحكام"، مطبوع بتحقيق محمد سعيد المولوي سنة 1383هـ.
- " شرح الإلمام بأحاديث الأحكام "، وهو شرح كبير للكتاب السابق، ولم يكمل، وطبع منه مجلدان بتحقيق الأخ/ عبدالعزيز السعيد سنة 1418 هـ.
__________
(1) كما في "طبقات الشافعية" لابن السبكي (10/221).
(2) كما في "الوافي للوفيات" (4/194).
(3) انظر :"شرح الإلمام" (1/22).
(4) كما في "ملء العيبة" (3/259).(1/11)
وغير ذلك من الكتب النافعة.
التعريف بكتاب "الإمام"
أولاً : النسخة الخطية :
لم أظفر لهذا الكتاب إلا بنسخة خطية واحدة، وهي من محفوظات المكتبة الأزهرية برقم [287] 2128 (1).
وتقع في (279) ورقة، وفي الورقة وجهان، وفي الوجه خمسة وعشرون سطرًا، وفي السطر عشرون كلمة تقريبًا، وهي بخط رقعة جيد، وناسخها محمد بن أبي القاسم الفارقي(2)، وذلك في رابع عشري(3) جمادى الآخرة، عام إحدى وثلاثين وسبعمائة بالقاهرة المعزِّيَّة.
أولها ما نصه :" بسم الله الرحمن الرحيم. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وهو حسبي ونعم الوكيل. قال الشيخ الفقيه الإمام...".
وفي آخرها ما نصه :" آخر المجلدة الأولى، ولله الحمد والفضل والمنة. يتلوه في أول المجلدة الثانية إن شاء الله تعالى : ذكر التغليس بصلاة الصبح. كتبه العبد محمد بن أبي القاسم الفارقي - رفق الله به -. ووافق الفراغ منه في رابع عشري جمادى الآخرة عام إحدى وثلاثين وسبعمائة بالقاهرة المعزِّيَّة. والحمدلله أولاً وآخرًا،وباطنًا وظاهرًا،وصلواته على خيرخلقه سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا دائمًا إلى يوم الدين.حسبنا الله ونعم الوكيل".
__________
(1) وذكره الزركلي في "الأعلام" (7/174)، وقال :" الجزء الأول منه في الأزهرية من نحو عشرين جزءًا، وقيل : إنه لم يتمه ".
(2) له ترجمة في "الدرر الكامنة" (4/148-149 رقم386)، واسمه محمد بن أبي القاسم بن إسماعيل بن مظفر الفارقي، ولد سنة (676 هـ). قال ابن حجر :« وسمع من ابن خطيب المزّة، والنجم ابن حمدان، وعبدالله بن الشمعة، وسمع بالإسكندرية من تاج الدين الغرافي وغيره، وقرأ بنفسه كثيرًا، وكان لا يترك قراءة "صحيح البخاري" في الجامع الأزهر، سمع منه شيوخنا. قال شيخنا العراقي : ولم يخلف بعده أقدم طلبًا منه، مات في نصف المحرم سنة (761 هـ)».
(3) كذا جاء في الأصل.(1/12)
فالكتاب إذًا لا يوجد منه سوى المجلد الأول من عشرين مجلدًا كما قال ابن حجر(1)، وتبعه السخاوي(2). وقد ذكر السخاوي أنه يوجد عنده منه خمسة مجلدات.
ويبدو أن الناسخ من تلاميذ المصنِّف كما يتضح من تاريخ ولادته ومقر إقامته، وتاريخ نسخه للكتاب ليس ببعيد من عصر المؤلف، فالعجب من البياضات الكثيرة الموجودة في الكتاب، والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من خمسة أسطر متوالية،بالإضافة لكثرة التصحيف والسقط، يتضح ذلك لمن قلب صفحات الكتاب بعد التحقيق، ونظر في الكلمات والجمل المودعة بين معقوفين [ ]، وقرأ التعليق عليها !! هذا بالإضافة إلى أن هذه النسخة لقيت من العناء أن كانت ملقاة مع جملة الأوراق التي توضع في صندوق تلقى فيه الأوراق المبعثرة التي لا تشكل نسخة كاملة،وهو ما يسمى بـ"الدشت"(3)، إلى أن أعان الله من استخرجها من ذلك "الدشت"، وحاول ترتيب أوراقها، وضم بعضها إلى بعض لتشكل هذه المجلدة التي قمت بتحقيقها.
ولكن هذا الترتيب لم يكن في موضعه في بعض الأحيان، حيث استوقفتني
__________
(1) في "الدرر الكامنة" (4/292).
(2) في "الغاية في شرح الهداية" (2/615).
(3) كما أفادني بذلك شيخنا العلامة الشيخ أحمد معبد عبدالكريم - حفظه الله -، وهو خبير بالمكتبة الأزهرية.(1/13)
نهاية بعض الصفحات وبداية صفحات أخرى بما يدل على اختلاف الموضوع بين الصفحتين، ويشعر أن هناك سقطًا أو خللاً في الترتيب، فلا أجزم بوجود السقط إلا بعد تتبع صفحات المخطوط، والتأكد من عدم وجود الصفحة المكملة. فتبين لي وجود عدد غير قليل من الصفحات التي قُدِّمت وأُخِّر مثلها، فأرجعتها إلى مواضعها، إلا أن بعض المواضع لم أجد ما يكملها، مما يتأكد معه سقوط بعض الأوراق التي لا ندري كم عددها، لكنه يتضح من خلال السياق ؛ حيث تجد المصنف مثلاً مستطردًا في الكلام على حديث (( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ))، فيتكلم عن الراوي له، وأنه يقال له : الفراسي و: ابن الفراسي ؛ واستدل على ذلك برواية ابن ماجه للحديث من طريق الليث ابن سعد عن جعفر، ثم انقطع الكلام وكان هذا في نهاية (ل4/أ)، ثم وإذا بالكلام في بداية (ل4/ب) ينقلنا إلى حديث آخر يتكلم فيه على رجاله ولم يُذكر متنه، لكن تبين بعد البحث أنه يتعلق بحديث عبدالله بن عمرو مرفوعًا: (( لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر ))، مما اضطرني إلى محاولة استدراك ما يمكن استدراكه من باقي الكلام المتعلق بالوجه الأول للورقة (4)، وبداية الكلام المتعلق بالوجه الثاني منها، ولم يكن الاستدراك يشفي الغليل لاعتقادي أن كلام المصنف أطول مما استدركت، وربما بكثير، ولو لم يكن كذلك، فإن ما استدركته ليس كلام المصنف نصًا، وانظر تفصيل ذلك في (1/113).(1/14)
وأعظم منه وأصرح ما جاء في نهاية الوجه الأول للوحة رقم (18)، في كلام المصنف على حديث أبي هريرة مرفوعًا : (( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم... )) الحديث، حيث بوّب عليه المصنف بقوله :" فصل في النهي عن الغسل والوضوء من الماء الراكد بعد البول فيه "، ففي نهاية الصفحة المذكورة ما نصه :« وأخرجه الحافظ أبوبكر الخطيب في "المتفق والمفترق" من حديث ابن وهب، عن أنس بن عياض، عن الحارث بن عبدالرحمن، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة »، ثم هناك تعقيبة في نهاية هذا الوجه هذا نصها : "رضي الله عنه ومحمد " إعلامًا بالعبارة الآتية في بداية الوجه الثاني، إلا أن قوله:"ومحمد" ليس بخط الناسخ وإنما بخط مغاير لعله خط المرتب لهذه الأوراق. ثم في بداية الوجه الثاني ما نصه :" ومحمد بن إسحاق والوليد بن كثير...". فمن الواضح أن هناك سقطًا يظهر من فقدان العلاقة بين ما في نهاية الوجه الأول وبداية الوجه الآخر. واستمرار الكلام أظهر أن الكلام في الوجه الثاني وما بعده يتعلق بحديث القلتين. وبمطالعة "نصب الراية" للزيلعي وجدته معجبًا بتخريج ابن دقيق العيد لحديث القلتين وكلامه عليه، مما دفعه إلى نقل كلامه عنه بتمامه، فاستدركت الساقط - وهو كثير - من نقل الزيلعي إلى أن التقى مع ما جاء في بداية الوجه الثاني للوحة (18) كما تجده مفصلاً في تعليقي في (1/199) من هذا الكتاب.
وربما كان هناك سقط لم أجد ما يمكن استدراكه منه، كما في نهاية (ل87/أ) في حديث ابن عمر في وصف وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه :" ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا "، ثم انقطع الكلام، وأسفله تعقيبة بخط مغاير هكذا : "بهذا"، ثم في بداية (ل87/ب) ما نصه :" بهذا الإسناد فبدأ فيه بالمضمضة والاستنشاق قبل الوجه وهو الصواب ". وهو جزء من كلام للدارقطني على إثر حديثٍ ذكره كما تجده مفصلاً في تعليقي على هذا الموضع في (2/10).(1/15)
وناسخ الكتاب له دراية جيدة بأصول النسخ، لولا ما أشرت إليه من التصحيف والسقط الذي قد لا يكون له فيه يد في بعض الأحيان ؛ لاحتمال
أن يكون كذلك في الأصل الذي نقل عنه.
وهناك تصويبات وإلحاقات في الهامش، بعضها بخط الناسخ، وبعضها بخط مغاير. كما أن هناك بعض التعليقات الفقهية على بعض الأحاديث، وهي بخط الناسخ، ولكنها ليست كثيرة، وهي في أول الكتاب فقط، مثل تعليقه على حديث : (( إن دباغها ذكاتها )) - يعني الميتة -، حيث علّق عليه بقوله :" قد يؤخذ منه أن الدباغ يطهر الباطن والظاهر كالذكاة".
هذا بالإضافة لتعليقات أخرى بخط الناسخ أيضًا، بعضها لبيان اسم رجل ذُكر بكنيته، أو تعريفًا بكتاب غير مشهور، وهكذا.
ومشكلة هذه النسخة تسمية كتابنا هذا بـ " الإلمام "؛ حيث جاء على طرتها ما نصه :" الجزء الأول من الإلمام، تأليف الإمام العالم العلامة، العمدة الفهّامة، الأوحد الأمجد، الناقد، شيخ شيوخ الطريقة، كاشف أسرار الحقيقة، جامع الحدائق في الحقائق، ومظهر الدقائق في الرقائق، بقية المجتهدين في الدين(1)، أبو الفتح محمد بن الشيخ مجدالدين أبي الحسن علي بن وهب بن مطيع القشيري المشهور بابن دقيق العيد ". لكن قوله :" المشهور بابن دقيق العيد" مضافة بخط آخر.
وهذه العبارة التي على طرة الكتاب بخط نسخي جيد منمّق، لست أدري أهو خط الناسخ أم لا ؟ وكأن هناك محاولة لطمس اللام في تسمية الكتاب ؛ لتكون تسميته على الصواب هكذا :" الإمام "، ولكن من الواضح أن هذه المحاولة تصرف من أحد المطالعين ؛ لأن على الغلاف تنبيهًا ووقفًا للكتاب على طلبة العلم، وتواريخها متأخرة، وفيها تسميته بـ"الإلمام"، وهذا يدفعنا لمناقشة هذا الاضطراب في تسمية الكتاب، وهو ما تجده في الفقرة الآتية :
ثانيًا : تسمية الكتاب :
__________
(1) كذا في الأصل، والظاهر أن الصواب :" تقي الدين" كما في بداية الكتاب.
.(1/16)
صنف ابن دقيق العيد - رحمه الله - عدة كتب، منها ثلاثة حصل بينها تداخل في التسمية، وهي : 1 - الإمام. 2- الإلمام. 3- شرح الإلمام. وما تقدم ذكره من تسمية "الإمام" بـ" الإلمام " على غلاف النسخة الخطية خطأ حتمًا ؛ فإن "الإلمام" مختصر من كتاب "الإمام"، وكذا جَعْلُ كتابنا هذا "الإمام" هو "شرح الإلمام"، والخطأ في تسميته قديم - كما سأبينه -، وله ثلاثة أسباب هي :
1 - تقارب اسم الكتابين، بل والثالث - وهو "شرح الإلمام "-على فرض صحة تسميته بـ"الإمام" كما سيأتي.
2 - شهرة "الإلمام" وشرحه، وتداول نسخه بين أهل العلم، بعكس "الإمام" الذي فقد أكثره، ولم يبق منه بعد وفاة مصنفه سوى الربع، ولم يصل إلينا سوى ربع هذا الربع تقريبًا كما سيأتي.
3 - خطأ بعض المتقدمين في تسميته، مما جعل الخطأ يتسلل إلى المتأخرين.
وإليك البيان الشافي في تحقيق مسمى هذاالكتاب، فأقول :
لابن دقيق العيد رحمه الله ثلاثة كتب آخذ بعضها بزمام بعض، وهي :
1- "الإمام" الذي جمع فيه أحاديث الأحكام جمعًا لا مثيل له، وذكر طرقها مستوفاة، مع الكلام عليها تصحيحًا وتضعيفًا، وتعديلاً وتجريحًا في رواتها، وهو كتابنا هذا كما سيأتي تفصيله.
2- ثم وجد الحاجة ماسّة لاختصاره، بسبب استخشان بعض أهل عصره لإطالته - وإن كان أعرض عن هذا السبب كما قال -، وبسبب أنه كتاب مطالعة ومراجعة، لا كتاب حفظ ودرس، فاختصره في كتاب "الإلمام ".(1/17)
يدل على ذلك قوله في مقدمة "شرح الإلمام" (1/22-24):« هذا، ولما خرج ما أخرجته من كتاب "الإمام في معرفة أحاديث الأحكام"، وكان وضعه مقتضيًا للاتساع، ومقصوده موجبًا لامتداد الباع، عدل قوم عن استحسان إطابته إلى استخشان إطالته، ونظروا إلى المعنى الحامل عليه فلم يفضوا بمناسبتة ولا إخالته، فأخذت في الإعراض عنهم بالرأي الأحزم، وقلت عند سماع قولهم : شِنْشِنَة أعرفها من أَخْزَم. ولم يكن ذلك مانعًا لي من وصل ماضيه بالمستقبل، ولا موجبًا لأن أقطع ما أمر الله به أن يوصل.
فما الكَرَج الدنيا ولا الناس قاسم
والأرض لا تخلو من قائم لله بالحجة، والأمة الشريفة لابد فيها من سالك إلى الحق على واضح المحجّة، إلى أن يأتي أمر الله في أشراط الساعة الكبرى، ويتتابع بعده ما لا يبقى معه إلا قدوم الأخرى، غير أن ذلك الكتابَ كتابُ مطالعة ومراجعة عند الحاجة إليه، لا كتاب حفظ ودرس يعتكف في التكرار عليه، فصنفت مختصرًا لتحفظ الدارسين، وجمعت رأس مال لإنفاق المدرسين، وسميته بـ" الإلمام بأحاديث الأحكام"».
قال التُّجيبي(1)- وهو يعدد مصنفاته -:« فمنها كتاب " الإمام في معرفة أحاديث الأحكام"، والمختصر المسمى بـ"الإلمام في معرفة أحاديث الأحكام"».
وقال الإسنوي(2):« وكان رحمه الله قد أكمل كتابه الكبير العظيم الشأن المسمى بـ"الإمام" - بهمزة مكسورة، بعدها ميم -، وهو الذي استخرج منه كتابه المختصر المسمى بـ"الإلمام"- بزيادة اللام -».
__________
(1) في "مستفاد الرحلة والاغتراب" (ص20).
.
(2) في "طبقات الشافعية" (2/229).(1/18)
ثم إنه توّج هذا الإختصار بإيراده ما صح عنده من الأخبار، وعدوله عما سواها، فقال في مقدمة "الإلمام" (ص1-2) :« وبعد فهذا مختصر في علم الحديث تأمّلت مقصوده تأمُّلاً، ولم أَدْعُ الأحاديث إليه الجَفَلا، ولا أَلَوْتُ في وضعه مُحررًا، ولا أبرزته كيف اتفق تهوُّرًا. فمن فهم معناه شدّ عليه يد الضنانة، وأنزله من قلبه وتعظيمه الأعزّين : مكانًا ومكانة، وسميته :" كتاب الإلمام بأحاديث الأحكام". وشرطي فيه : أن لا أورد إلا حديث من وثقه إمام من مُزَكِّي رواة الأخبار، وكان صحيحًا على طريقة أهل الحديث الحفاظ، أو أئمة الفقه النُّظَّار ؛ فإن لكل منهم مغزىً قَصَدَهُ وسلكه، وطريقًا أعرض عنه وتركه، وفي كلٍّ خير ».
ولما ذكر الزيلعي في "نصب الراية " (1/105) حديث القُلَّتين، ذكر أن ابن دقيق العيد أجاد في الكلام عليه وأطال إطالة يفهم منها تضعيفه له، ثم قال الزيلعي :" فلذلك أضرب عن ذكره في كتاب "الإلمام" مع شدة احتياجه إليه".
وهذا المختصر هو الذي حاز إعجاب الأئمة الذين يعنون بالأحاديث التي ينبني عليها العمل في الأحكام، فكم من مطرٍ له ومادح، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول :" هو كتاب الإسلام"(1)، وقال أيضًا :" ما عمل أحد مثله، ولا الحافظ الضياء، ولا جدّي أبو البركات "(1). وكان هو نفسه - أي ابن دقيق العيد - يقول :" أنا جازم أنه ما وضع في هذا الفن مثله "(1).
__________
(1) "الطالع السعيد" (ص575-576)
.(1/19)
3- ثم بعد أن فرغ من هذا الاختصار بالشرط المذكور، شرع في شرحه بطريقة لم يسبق لها مثيل. قال الأدفوي :« ولو لم يكن له إلا ما أملاه على "العمدة" لكان عمدة في الشهادة بفضله، والحكم بعلو منزلته في العلم ونبله، فكيف بـ"شرح الإلمام" وما تضمنه من الأحكام، وما اشتمل عليه من الفوائد النقلية، والقواعد العقلية، والأنواع الأدبية، والنكت الخلافية، والمباحث المنطقية، واللطائف البيانية، والمواد اللغوية، والأبحاث النحوية، والعلوم الحديثية،والملح التاريخية ؟!... »(1).
وقال الذهبي - نقلاً عن قطب الدين الحلبي - :« وشرح بعض "الإلمام" شرحًا عظيمًا »(2).
وقال ابن حجر(3):« وصنف "الإلمام في أحاديث الأحكام"، وشرع في شرحه، فخرج منه أحاديث يسيرة في مجلدين أتى فيهما بالعجائب الدالة على سعة دائرته، خصوصًا في الاستنباط ».
ولكن بعض من لم يطلع على هذه الكتب بأجمعها جعل "الإمام" شرحًا لـ"الإلمام"، ولربما سمى بعضهم "الإلمام" : "الإمام" كما في "ملء العيبة" لابن رشيد (3/260) حيث قال :« وقد بلغني أنه اختصر هذا الكتاب - يعني "الإمام" - وسماه بـ"الإمام"، ذكر فيه الأحاديث الشهيرة التي هي أمهات الأحكام في كل باب، وتشاغل بشرحه - أعني شرح هذا المختصر -، وقد تخلّص له منه جملة فيما بلغني والحمد لله ».
فالظاهر أن قوله :« وسماه بـ"الإمام"» إما خطأ مطبعي، أو تصحيف من النساخ، ولا أظنه من ابن رشيد، والله أعلم.
وأما من جعل "الإمام " شرحًا لـ"الإلمام"، فأقدم من وقفت عليه ممن قال ذلك: الصفدي، حيث قال في "الوافي بالوفيات" (4/193):« وله التصانيف البديعة كـ"الإلمام"، و"الإمام" شرحه ولم يكمل، ولو كمل لم يكن للإسلام مثله، وكان يجيء في خمسة وعشرين مجلدًا ».
__________
(1) المصدر السابق.
(2) "تذكرة الحفاظ" (4/1482).
(3) في "الدرر الكامنة" (4/92).(1/20)
ثم ابن قاضي شهبة، حيث قال في "طبقات الشافعية" (2/302):« ومن تصانيفه :" الإلمام" في الحديث، وتوفي ولم يبيضه، فلذلك وقعت فيه أماكن على وجه الوهم. وكتاب "الإمام"- بهمزة مكسورة، بعدها ميم - شرح "الإلمام "، وهو الكتاب الكبير العظيم الشأن...»، ثم ذكر كلام الإسنوي الآتي.
وقال في موضع آخر (2/357) في ترجمة علي بن إسماعيل القونوي : «ولازم ابن دقيق العيد، وقرأ عليه شرحه "الإمام"». لكن ذكر محقق الكتاب أن في بعض النسخ :" الإلمام" بدل "الإمام" بالنسبة لهذا الموضع الأخير، وهو خطأ أظهر من سابقه.
ثم الشيخ جمال الدين بن عبدالله بن أحمد البشبيشي الشاهد. قال الحافظ ابن حجر (1):« قرأت بخط صاحبنا الشيخ جمال الدين بن عبدالله بن أحمد البشبيشي الشاهد : أخبرني قاضي القضاة بدر الدين محمد بن أبي البقاء، عن والده، عن أبي حيّان النحوي : أن ابن دقيق العيد أكمل "شرح الإلمام"، وأنه جاء في نحو ستين سِفْرًا أو أكثر من ذلك، وأن بعض المالكية حَقَدَ عليه انتقاله عن مذهب مالك وحسد الشافعية كيف صار منهم، وأنه ارتَصد غيبة الشيخ فصادف فرصَة، فأخذ الكتاب، فوضعه في فسقية الصالحية، فلما فَقَدَ الشيخُ الكتابَ تألم، وأصبح الناس فرأوا ماء الفسقية أسود، فبحثوا عن ذلك فوجدوا الكتاب داخل الفسقية، وأن القطعة الموجودة بأيدي الناس كان بعض الطلبة انتسخها ».
ثم قال ابن حجر :" وفي سياق هذه القصة مجازفات كثيرة..." إلى أن قال : « وصاحبنا جمال الدين لم يفرق بين "الإمام" وبين "شرح الإلمام"...» الخ تعقبه الآتي بتمامه.
ثم جاء المتأخرون، فلزم كثير منهم جادتهم، واقتفوا آثارهم.
__________
(1) في "رفع الإصر" (ص395).
.(1/21)
فهذا حاجي خليفة يقول في كتابه "كشف الظنون"(1/158):«"الإلمام في أحاديث الأحكام" للشيخ تقي الدين محمد بن علي المعروف بـ: ابن دقيق العيدالشافعي، المتوفى سنة اثنتين وسبعمائة، جمع فيه متون الأحاديث المتعلقة بالأحكام مجردة عن الأسانيد، ثم شرحه وبرع فيه وسماه "الإمام"، قيل : إنه لم يؤلف في هذا النوع أعظم منه، لما فيه من الاستنباطات والفوائد، لكنه لم يكمله. وذكر البقاعي في "حاشية الألفية" أنه أكمله ؛ ثم لم يوجد بعد موته منه إلا القليل، فيقال : إن بعض الحسدة أعدمه ؛ لأنه كتاب جليل القدر، لو بقي لأغنى الناس عن تطلب كثير من الشروح ».
ولست أدري هل قوله :" فيقال : إن بعض الحسدة أعدمه..." الخ من
كلام البقاعي، أو حاجي خليفة ؟
وهذا ابن العماد الحنبلي يقول في "شذرات الذهب" (6/5):« مصنف التصانيف المشهورة، منها :"الإلمام" في الحديث، وشرحه، وسماه "الإمام"».
وقال إسماعيل باشا في "هدية العارفين" (6/140) :« من تصانيفه... "الإلمام في حديث الأحكام"، "الإمام في شرح الإلمام" له في مجلدات ».
وقال الكتاني في "الرسالة المستطرفة" (ص180) :« و "الإمام في أحاديث الأحكام"، ومختصره "الإلمام بأحاديث الأحكام" كلاهما لتقي الدين أبي الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع المعروف بابن دقيق العيد...، جمع فيها الأحاديث المتعلقة بالأحكام، ثم شرح بعضًا من المختصر شرحًا عظيمًا برع فيه سماه :" الإمام في شرح الإلمام"».
وقال الزركلي في "الأعلام"(7/174):« له تصانيف، منها :" إحكام الأحكام - ط" مجلدان، في الحديث، و"الإلمام في أحاديث الأحكام -خ" صغير، و"الإمام في شرح الإلمام -خ" الجزء الأول منه في الأزهرية، من نحو 20 جزءًا، وقيل إنه لم يتمه ».(1/22)
ولو صح هذا الذي ذكره الكتاني من كون ابن دقيق العيد صنف مصنفين باسم "الإمام"، وهما :" الإمام في أحاديث الأحكام" - وهو كتابنا هذا -، و" الإمام في شرح الإلمام "، أقول : لو صح هذا لانتهى الخلاف في تسمية الكتاب، ولم يبق إلا الإشارة إلى خطأ من خلط بينه وبين "الإلمام".
وقد أجهز الحافظ ابن حجر على هذا الخلاف، فقال في كتابه "رفع الإصر عن قضاة مصر" (ص395):« قرأت بخط صاحبنا الشيخ جمال الدين بن عبدالله بن أحمد البشبيشي الشاهد : أخبرني قاضي القضاة بدر الدين محمد بن أبي البقاء، عن والده، عن أبي حيّان النحوي : أن ابن دقيق العيد أكمل "شرح الإلمام"، وأنه جاء في نحو ستين سِفْرًا أو أكثر من ذلك، وأن بعض المالكية حَقَدَ عليه انتقاله عن مذهب مالك وحسد الشافعية كيف صار منهم، وأنه ارتَصد غيبة الشيخ فصادف فرصَة، فأخذ الكتاب، فوضعه في فسقية الصالحية، فلما فَقَدَ الشيخُ الكتابَ تألم، وأصبح الناس فرأوا ماء الفسقية أسود، فبحثوا عن ذلك فوجدوا الكتاب داخل الفسقية، وأن القطعة الموجودة بأيدي الناس كان بعض الطلبة انتسخها ».
وتعقب ابن حجر كلام البشبيشي هذا بقوله :« وفي سياق هذه القصة مُجَازفات كثيرة، وقد كنت أسمع شيخنا حافظ العصر أبا الفضل ابن الحسين يحكي أن الشيخ أكمل "الإمام"، فجاء في عشرين مجلدًا، وأن بعض المحدثين حسده عليه فَتَرَقَّبَ وفاته فأخذ الكتاب فأعدمه. وكان شيخنا في بعض الأحيان يسمي الذي أخذ الكتاب وهو من الحنابلة فلا أُوثر تسميته، لأن شيخنا كان يجزم بذلك.(1/23)
وصاحبنا جمال الدين لم يفرق بين "الإمام" وبين "شرح الإلمام"، كأنه كغيره من الطلبة يظن أن "الإمام" :" شرح الإلمام"، وليس كذلك، فـ"الإمام" كتاب في أحاديث الأحكام على الأبواب، وكان استمداد "الإلمام" منه، والموجود منه قطعة نحو الربع، لكنها مفرّقة، وأكثرها من ربع العبادات، وليس فيها شيء من الاستنباط، وإنما يذكر علل الحديث كثيرًا. وأما "شرح الإلمام" فهو الذي يوجد منه قطعة من أول الطهارة ».
فنخلص مما سبق إذًا إلى أن الصواب في اسم كتابنا هذا هو :" الإمام في معرفة أحاديث الأحكام " كما سماه مؤلفه.
وأنه اختصر منه كتابًا سماه "الإلمام بأحاديث الأحكام".
وأنه شرح هذا المختصر في كتاب "شرح الإلمام"، وهو الذي يقال إن اسمه: " الإمام في شرح الإلمام"، ولكن الغالب على الظن عدم صحة هذه التسمية، وهذا الذي أكّده الحافظ ابن حجر كما سبق، والله أعلم.
ثالثًا : صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه :
لا أظن أحدًا يقف على كلام الأئمة الذي سبق نقله يتردد في الجزم بصحة نسبة هذا المصنَّف لابن دقيق العيد.
فكيف إذا انضاف لذلك نقول أخرى - كما سيأتي - عن أئمة آخرين ؟ وكيف إذا وجدنا الأئمة ينقلون في مصنفاتهم نقولاً كثيرةً عن هذا الكتاب، وينسبونه له ؟ كما في مواضع كثيرة من "البدر المنير" لابن الملقن، و"نصب الراية" للزيلعي، وغيرها كثير مما تجده في تعليقاتي على هذا الكتاب.
بل كيف إذا وجدنا ابن دقيق العيد نفسه يذكره في بعض مصنفاته، كما في مقدمة "شرح الإلمام" (1/22) ؟
فلا أظن أني بحاجة إلى أكثر من هذه الإشارة للتنبيه على صحة نسبة الكتاب لمصنفه رحمه الله.
رابعًا : تجزئة الكتاب، وحجمه، وهل أكمله مصنفه ؟
جاء في (ل28/ب)(1) في نهاية باب المياه من كتاب الطهارة، وقبل البدء في باب الأواني ما نصه :" آخر الجزء الأول من الأصل ولله الحمد ".
__________
(1) وتوافق نهاية (ص272) وبداية (ص273) من المجلد الأول من هذه الطبعة.(1/24)
وفي (ل77/ب)(1) في نهاية "ذكر ما في غسل الرأس أو تقريب غسلها"،
وقبل البدء في "فصل في مسح الأذنين" ما نصه :" آخر الجزء الثاني من تجزئة المؤلف رحمه الله تعالى "، ثم لم أجد هذه التجزئة بعد ذلك على هذه الصفة، ولكن في أعلى (ل46/ب) في الزاوية اليسرى منها كلمة "سادس..."(2)، ثم لم يظهر باقي الكلام في التصوير، وكذا في (ل56/ب):" سابع..."، وفي (ل74/ب):" تاسع..."(3)، وفي (ل84/ب):"عاشر..."، وفي (ل93/ب): "حادي عشر..."، وفي (ل103/ب):" ثاني عشر الإمام"، فكلمة "الإمام" هنا تدل على أنها الذي لم يظهر في تصوير اللوحات السابقة، أو بعضه.
وفي (ل112/ب):" ثالث عشر الإمام"، وهناك تجزئة في (ل122/ب)، - ولا شك أنها للرابع عشر -، لكنها لم تظهر جيدًا، وفي (ل142/ب) : "سادس عشر الإمام"(4)، وفي (ل177/ب):" العشرون من الإمام"، وفي (ل186/ب):" الحادي والعشرون من الإمام"، وفي (ل193/ب):" ثاني..."، وفي (ل203/ب):" ثالث عشرين الإمام"، وفي (223/ب):" خامس عشرين الإمام"، وفي (ل233/ب): "سادس عشرين الإمام"، وفي (ل243/ب): "سابع..."، وفي (ل251/ب): "ثامن عشرين الإمام"، ثم لم يظهر باقي التجزئة في اللوحات الأخيرة.
فدل هذا على أن تجزئة الكتاب جاءت على وجهين :
__________
(1) وتوافق (ص564) من المجلد الأول من هذه الطبعة.
(2) أي الجزء السادس من الإمام، فلعل الأجزاء الخمسة الأولى لم تظهر تجزئتها في التصوير، أو لسبب آخر.
(3) ولم أجد التنبيه على الجزء الثامن، فالظاهر أن التنبيه عليه جاء في بعض الأوراق الساقطة التي نبهت عليها في تعليقي رقم (1و2) في (ص443) من المجلد الأول، وهو في المخطوط بعد نهاية (ل58/أ) وقبل (ل58/ب).
(4) وهناك جزء لم يظهر في التصوير، وهو الخامس عشر.
.(1/25)
1 - تجزئة المصنِّف وهي في (ل28/ب)و(ل77/ب). فإذا قدرنا أن مقدمة المؤلف التي سقطت قد تكون نحو ثلاثين ورقة، فيكون مقدار الجزء الأول نحو ثمان وخمسين ورقة، فهو مقارب أو مساوٍ للجزء الثاني الذي عدد لوحاته ست وخمسون لوحة سوى الساقط -وهو قليل إذا ما قورن بسقط المقدمة -.
2 - وأما التجزئة التي توجد في الزاوية اليسرى لأعلى الوجه الثاني للّوحة، فالجزء فيها يقع في نحو عشر ورقات، فتكون أجزاء هذا المجلد نحو ثلاثين جزءًا.
وأما حجم الكتاب، فقد اختلفت عبارات الأئمة في تقديره.
فابن رشيد السبتي - وهو تلميذ المصنف - ذكر في "ملء العيبة" (3/259-260) عن أبي حيان قوله عن ابن دقيق العيد :" وصنف في الأحكام"، ثم قال ابن رشيد :« ولشيخنا تقي الدين هذا تصانيف عديدة، منها هذه التي سماها صاحبنا أبوحيان، وتصنيفه الذي أشار إليه في الأحكام هذا هو كتاب كبير سماه "الإمام"، في نحو سبع مجلدات ».
وقال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (4/1482):« وعمل كتاب "الإمام" في الأحكام، ولو كمل تصنيفه وتبيضه لجاء في خمسة عشر مجلدًا ».
ونقل عنه ابن الملقن في "البدر المنير" (1/283) أنه قال في "سير النبلاء": " لو تم جاء في خمسة وعشرين مجلدًا "، لكن أظن هذه العبارة صدرت منه لـ"شرح الإلمام"؛ فقد قال الصفدي في "الوافي للوفيات" (4/193):« وله التصانيف البديعة كـ"الإلمام" و"الإمام" شرحه، ولم يكمل، ولو كمل لم يكن للإسلام مثله، وكان يجيء في خمسة وعشرين مجلدًا ».(1/26)
وقال الإسنوي في "طبقات الشافعية" (2/229):« وكان رحمه الله قد أكمل كتابه الكبير العظيم الشأن المسمى بـ"الإمام" - بهمزة مكسورة، بعدها ميم -، وهو الذي استخرج منه كتابه المختصر المسمى بـ"الإلمام" - بزيادة اللام -، فحسده عليه بعض كبار هذا الشأن ممن في نفسه منه عداوة، فدسّ من سرق أكثر هذه الأجزاء وأعدمها، وبقي منه الموجود عند الناس اليوم، وهو نحو أربعة أجزاء، فلا حول ولا قوة إلا بالله، كذا سمعته من الشيخ شمس الدين ابن عدلان رحمه الله، وكان عارفًا بحاله ».
وقال ابن حجر في "الدرر الكامنة" (4/92):« وجمع كتاب "الإمام" في عشرين مجلدة، عدم أكثره بعده ».
والظاهر أنه أخذ هذا عن شيخه الحافظ أبي الفضل عبدالرحيم بن الحسين العراقي، ففي "رفع الإصر" (ص395) قال ابن حجر :« وقد كنت أسمع شيخنا حافظ العصر أبا الفضل ابن الحسين يحكي أن الشيخ أكمل "الإمام"، فجاء في عشرين مجلدًا...».
وقال السخاوي في "الغاية في شرح الهداية" (2/615) - لما ذكر ابن دقيق العيد - :« أحد الأعلام، ومصنف "الإمام في الأحكام" في نحو عشرين مجلدًا، عندي منه خمس مجلدات، وهو القدر الذي وجد منه، ويقال إنه أكمله ».
فانحصر كلام هؤلاء الأئمة في حجم الكتاب في ثلاثة أقوال :
1 - أنه يقع في نحو سبع مجلدات، وهو قول ابن رشيد السبتي.
2 - أنه يقع في خمسة عشر مجلدًا، وهو قول الذهبي.
3 - أنه يقع في عشرين مجلدًا، وهو قول الحافظ العراقي، وتلميذه ابن حجر، وتلميذه السخاوي.(1/27)
والتوفيق بين هذه الأقوال سهل وميسور بحمد الله. فالقولان الأخيران جاءا على التوقع والتقريب، لا على التحديد، فلا الذهبي رأى الكتاب كاملاً، ولا العراقي، ولا ابن حجر، فيمكن أن يكون الذهبي تحدث عن الحد الأدنى، والعراقي وابن حجر تحدثا عن الحد الأعلى، فالكتاب إذًا - على وجه التقريب - يقع في خمسة عشر مجلدًا إلى عشرين، هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار الاختلاف في حجم المجلد، فقد يكون المجلد الذي قصده الذهبي أكبر حجمًا من الذي قصده العراقي وابن حجر، فلا تعارض إذًا بين القولين. لكن الإشكال يكمن في الفرق الكبير بين ما ذكره هؤلاء الأئمة، وبين ما ذكره ابن رشيد السبتي :" نحو سبع مجلدات"! لكن هذا الاشكال يزول إذا اعتبرنا ما تحدث عنه ابن رشيد هو الموجود من هذا الكتاب، وهو المقدار الذي بيضه المصنف، وهو الذي يقول عنه الإسنوي :" وبقي منه الموجود عند الناس اليوم، وهو نحو أربعة أجزاء "، وقال عنه السخاوي :" عندي منه خمسة مجلدات، وهو القدر الذي وجد منه، ويقال أنه أكمله ".
هذا مع ملاحظة الفرق في التجزئة ليأتلف كلام السخاوي مع كلام ابن رشيد، بل قد يكون ما تحدث عنه ابن رشيد أكثر بقليل من الذي تحدث عنه السخاوي، ويدل عليه الفرق أيضًا بين كلام السخاوي وكلام الإسنوي : "نحو أربعة أجزاء".
فنخلص مما سبق إلى أن حجم الكتاب كبير، وأنه يقع فيما بين خمسة عشر مجلدًا إلى عشرين، وأن المؤلف أكمله مسودة، وبيّض منه نحو الربع، وأدركته المنيّة قبل تبيضه كاملاً، وأن المقدار الذي بيضه هو الذي في أيدي
الناس(1)
__________
(1) قال ابن حجر في "الدرر الكامنة" (4/347-348) - في ترجمة مسعود الحارثي - : «ويقال : إنه الذي تعمّد إعدام مسودة كتاب " الإمام " لابن دقيق العيد بعد أن كان أكمله، فلم يبق منه إلا ما كان بُيِّض في حياة مصنفه » ا. هـ.
وقال في "رفع الإصر" (ص395) :« فـ"الإمام" كتاب في أحاديث الأحكام على الأبواب، وكان استمداد "الإلمام" منه، والموجود منه قطعة نحو الربع، لكنها مفرّقة، وأكثرها من ربع العبادات، وليس فيها شيء من الاستنباط، وإنما يذكر علل الحديث كثيرًا ».(1/28)
.
وقد يكون جزء مما بيضه من ضمن ما فقد، وقد يكون جزء من المسودة من ضمن ما بقي بعد وفاته ووجد بأيدي الناس، فقد قال ابن الملقن في "البدر المنير" (1/283-284):" فقد رأيت من أوله إلى أثناء كتاب الصلاة - في الكلام على رفع اليدين - في ثلاث مجلدات ضخمات. ونقل الذهبي في الكتاب المذكور(1) عن شيخنا قطب الدين عبدالكريم الحلبي - رحمة الله عليه- أنه كمّل تسويد هذا الكتاب، وكذلك سمعته من بعض مشايخنا ؛ يَحكِي عن الهمذاني، عن المصنِّف أنه أكمله . والموجود بأيدينا منه متواليًا : ما قدّمته، وقطعة من الحج والزكاة. ولو بُيِّض هذا الكتاب وخرج إلى الناس، لاستُغني به عن كل كتاب صنِّف في نوعه، أو بقيت مسوَّدته " ا. هـ.
وقال ابن الملقن أيضًا في "العقد المذهَّب في طبقات حملة المذهب " (ص175):« وصنَّف التصانيف المشهورة كـ"الإمام" الذي لا نظير له، ولم يوجد إلا قطعًا منه، ورأيته من أوّله إلى رفع اليدين ثلاث مجلدات، وكمل من هنا شيخنا الحافظ قطب الدين عبدالكريم الحلبي عليه نحو مجلدة، ويقال : إن الشيخ تقي الدين كمله، وإن بعضهم أتلف ما وقع له منه حسدًا ».
ونقل الزيلعي في "نصب الراية" (4/167) في كتاب الغصب عن المصنِّف أنه قال في "الإمام":" وليس كما قال، بل هو على شرط الترمذي "، وذلك في تعقبه لتصحيح الحاكم - على شرط البخاري - لحديث الحسن عن سمرة مرفوعًا : (( على اليد ما أخذت حتى تؤدي )). وهذا يدل على أن عند الزيلعي مقدارًا زائدًا على ما عند ابن الملقن ؛ إذ الحديث الذي ذكره الزيلعي يتعلق بالبيوع، وهذا الموضع بعد الربع بلا شك، ولكن أومأ ابن حجر إلى أن الربع مفرّق، وليس كله في العبادات، بل أكثره، فقال في "رفع الإصر" (ص395): " والموجود منه قطعة نحو الربع، لكنها مفرّقة، وأكثرها من ربع العبادات ".
__________
(1) أي :" سير أعلام النبلاء".(1/29)
وقد نتساءل فنقول : ما دام المصنف قد أكمل الكتاب، فأين ذهبت بقيته؟ وكيف ؟ وهذا ما تجد الجواب عليه في الفقرة الآتية.
خامسًا : أسباب فقد باقي الكتاب.
قال الحافظ ابن حجر(1):« وجمع كتاب "الإمام" في عشرين مجلدة عدم أكثره بعده ».
وأوضح بعضهم كيف عدم أكثره ؟ فقال الإسنوي(2):« وكان رحمه الله قد أكمل كتابه الكبير العظيم الشأن المسمى بـ"الإمام" - بهمزة مكسورة، بعدها ميم-، وهو الذي استخرج منه كتابه المختصر المسمى بـ"الإلمام"-بزيادة اللام -، فحسده عليه بعض كبار هذا الشأن ممن في نفسه منه عداوة، فدسّ من سرق أكثر هذه الأجزاء وأعدمها، وبقي منه الموجود عند الناس اليوم، وهو نحو أربعة أجزاء، فلا حول ولا قوة إلا بالله، كذا سمعته من الشيخ
شمس الدين ابن عدلان رحمه الله، وكان عارفًا بحاله ».
وقال ابن الملقن(3):" ولو بُيِّض هذا الكتاب وخرج إلى الناس، لاستُغني به عن كل كتاب صُنِّف في نوعه، أو بقيت مسوَّدته. ويقال : إن بعضهم أفسد قطعة منه حسدًا، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ".
وقال أيضًا(4):" ويقال : إن الشيخ تقي الدين كمّله، وإن بعضهم أتلف ما وقع له منه حسدًا ".
وذكر البقاعي في "حاشية الألفية"(5) أنه أكمله، ثم لم يوجد بعد موته منه إلا القليل، فيقال : إن بعض الحسدة أعدمه ؛ لأنه كتاب جليل القدر، ولو بقي لأغنى الناس عن تطلب كثير من الشروح. ا. هـ.
__________
(1) في "الدرر الكامنة" (4/92).
(2) في "طبقات الشافعية" (2/229).
(3) في "البدر المنير" (1/284).
(4) في "العقد المذهب" (ص175).
(5) كما في "كشف الظنون" (1/158).(1/30)
وقال الحافظ ابن حجر (1):« قرأت بخط صاحبنا الشيخ جمال الدين بن عبدالله بن أحمد البشبيشي الشاهد : أخبرني قاضي القضاة بدر الدين محمد بن أبي البقاء، عن والده، عن أبي حيّان النحوي : أن ابن دقيق العيد أكمل "شرح الإلمام"، وأنه جاء في نحو ستين سِفْرًا أو أكثر من ذلك، وأن بعض المالكية حَقَدَ عليه انتقاله عن مذهب مالك وحسد الشافعية كيف صار منهم، وأنه ارتَصد غيبة الشيخ فصادف فرصَة، فأخذ الكتاب، فوضعه في فسقية الصالحية، فلما فَقَدَ الشيخُ الكتابَ تألم، وأصبح الناس فرأوا ماء الفسقية أسود، فبحثوا عن ذلك فوجدوا الكتاب داخل الفسقية، وأن القطعة الموجودة
بأيدي الناس كان بعض الطلبة انتسخها ».
وتعقب ابن حجر كلام البشبيشي هذا بقوله :« وفي سياق هذه القصة مُجَازفات كثيرة، وقد كنت أسمع شيخنا حافظ العصر أبا الفضل ابن الحسين(2) يحكي أن الشيخ أكمل "الإمام"، فجاء في عشرين مجلدًا، وأن بعض المحدثين حسده عليه فَتَرَقَّبَ وفاته، فأخذ الكتاب فأعدمه. وكان شيخنا في بعض الأحيان يسمي الذي أخذ الكتاب، وهو من الحنابلة، فلا أُوثر تسميته؛ لأن شيخنا كان يجزم(3) بذلك ».
ولكن عدل ابن حجر عن رأيه في عدم تسمية هذا الذي يقال : إنه أعدم الكتاب حسدًا، فأفصح باسمه، فقال في ترجمة سعد الدين مسعود بن أحمد الحارثي العراقي(4):"« وكان ابن دقيق العيد ينفر منه لقوله بالجهة، ويقول : هذا داعية، ويمتنع من الاجتماع به، ويقال : إنه الذي تعمد إعدام مسودة كتاب "الإمام" لابن دقيق العيد بعد أن كان أكمله، فلم يبق منه إلا ماكان بُيِّض في حياة مصنفه ».
__________
(1) في "رفع الإصر" (ص395).
(2) يعني الحافظ العراقي.
(3) كذا في الأصل ! ولعل الصواب :" كان لا يجزم ".
(4) في "الدرر الكامنة" (4/347-348).(1/31)
فجميع من تقدم ممن ذكر هذا السبب ذكره بصيغة التمريض "يُقال"، إلا الإسنوي، فإنه أسنده عن ابن عدلان، وهو من تلاميذ المصنِّف، وكان - كما قال - عارفًا بحاله.
ولكن هل اطلع ابن عدلان على ما يدل حقيقة على أن الحارثي هو الذي أعدم الكتاب، أو بلغه ذلك، فنعود إلى صيغة "يقال "؟
والذي يدعوني إلى عدم الطمأنينة لثبوت هذا الخبر : أن مسعود الحارثي
هذا ممن أُثْنِي عليه في دينه وعلمه، ويبدو أنه ممن يثبت الصفات على مذهب أهل السنة، والظاهر أن ابن دقيق العيد ممن لا يثبت العلو حقيقة - كما هو واقع أكثر علماء ذلك العصر -، فلعله حصل بينهما نفرة لهذا السبب - وربما لغيره أيضًا -، فأصبح من السهل إلصاق التهمة به في هذا الجو المتوتِّر، ونربأ بمثل هذا الإمام "مسعود الحارثي" أن يقدم على هذا الصنيع، والأصل براءة مَنْ هذا حاله من مثل هذا، وألاّ يُتجرأ على اتهامه - فضلاً عن الجزم بذلك - إلا بدليل قوي يثبت، فإن ثبت، فإن الأقران يقع بينهم ما هو أشد من هذا، ولكن الْمُعَوَّلُ عليه ثبوت الخبر، وليس بين أيدينا ما يثبته، والله أعلم.
وقد يقول قائل : إذا كان هذا السبب مشكوكًا فيه، فما هو السبب الحقيقي لفقد هذا الكتاب ؟
والجواب : أن السبب المهم - فيما أرى -: ما ذكرته في المقدمة : من طول الكتاب، وتقاصر الهمم عن نسخه، ومن كون مؤلفه لم يكمل تحريره، وإنما أتمّه مسوَّدة، وبيَّض منه نحو الربع، فلعله لم يمكِّن أحدًا من مسودة الكتاب في حياته، وأما بعد وفاته فلعل ورثته لم يحسنوا حيازة كتبه وصيانتها، وبالأخص إذا كان الكتاب مسوّدة تفتقد الخط الجيّد، والترتيب، فربما استُهين بها أكثر من غيرها، والله أعلم.
سادسًا : منهج المصنف في هذا الكتاب.
أشرت فيما مضى إلى أن ابن دقيق العيد ألف ثلاثة كتب آخذٌ بعضها بزمام بعض، وهي : 1- الإمام 2 - الإلمام 3 - شرح الإلمام.
فـ"الإمام" هو الأصل، ثم اختصره في "الإلمام"، ثم شَرَح "الإلمام ".(1/32)
وظهر من منهجه في هذه الكتب الثلاثة أنه أراد أولاً الجمع المستوعِب
لجميع أحاديث الأحكام التي تروى، فلا يدع منها شاذة ولا فاذة إلا وذكرها.
مع العناية والتمحيص لكل ما جمع، وتحرير متونه ونقد أسانيده، حتى يتميز الصحيح من السقيم، والمقبول من المردود.
وهذا ما تضمنه كتاب "الإمام".
وبما أن العمل في الأحكام لا يبنى إلا على المقبول من الأخبار،فإن المصنف رحمه الله استلّ هذه الأحاديث التي يبنى عليها العمل، وحررها، وجمعها مستقلة في مصنف لطيف خفيف المحمل، يسهل حفظه، وهو "الإلمام".
وحيث إن هذه الأحاديث هي المنطلق للمتفقِّه، فإنه رأى مشروعه لا يتم إلا بشرح هذه الأحاديث شرحًا مستوعبًا لكل ما له متعلق بالحديث المشروح، ويكفيك فيه أن يقول عنه الحافظ ابن حجر(1):« وصنف "الإلمام" في أحاديث الأحكام، وشرع في شرحه، فخرج منه أحاديث يسيرة في مجلدين أتى فيهما بالعجائب الدالة على سعة دائرته خصوصًا في الاستنباط ».
والذي يهمنا هنا هو الكلام على كتابنا هذا "الإمام"، ووصف منهج مصنفه فيه، وهذا ما سنعرض له في الفقرات الآتية :
1 - مقدمة الكتاب :
قدم المصنف لكتابه هذا بمقدمة نفيسة جدًّا في الجرح والتعديل، وتكلم فيها بإسهاب على بعض الرواة المختلف فيهم،والذين يكثرذكرهم في ثنايا الكتاب؛ ليستغني بالإحالة على كلامه عنهم في هذه المقدمة عن إعادته في كل موضع.
__________
(1) في "الدرر الكامنة" (4/92).
.(1/33)
ولم أجد من ذكر وصفًا مفصّلاً لهذا الكتاب، أو ذكر هذه المقدمة، لكني عرفتها باستقراء بعض المواضع من هذا الكتاب، مثل قوله في (1/129): "وإبراهيم بن محمد هو ابن أبي يحيى وقد تقدم في المقدمة".وقال في(1/147): "وأبو معشر اسمه نجيح المدني، مذكور في المقدمة". وقال في (1/240): "ومحمد بن عمر الواقدي أكثروا فيه، وأفظع النسائي فيه القول، وهو مذكور في المقدمة". وقال في (1/576):" والذي يعتل به فيه وجهان : أحدهما : الكلام في شهر بن حوشب، وقد مرّ من وثقه، وذُكر في المقدمة مُستقصًى بالتوثيق والتضعيف ". وقال في (2/78):" قيس هو ابن الربيع. وابن أبي ليلى هو محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، وكلاهما في المقدمة". وقال في (2/214):" وقد تقدم أمر بقيّة في المقدمة". وقال في (2/326):"وعبدالله ابن المؤمل بن وهب الله القرشي مذكور في المقدمة ". وقال في (2/326): "والمثنى مذكور في المقدمة ". وقال في (2/351):" وقد قدمنا الكلام على المذاهب في المقدمة". وقال (3/391) في "ذكر ما يمكن أن يستدل به من قال بطهارته "- أي بول الصبي -:" والحجاج بن أرطأة تقدم الكلام فيه في المقدمة". وقال في (3/503) في "ذكر التأكيد في صلاة العصر": "ولنوفل بن معاوية حديث في هذا مذكور في المقدمة ".
ولم تكن هذه المقدمة شاملة لكل من تكلم عنه المصنف في هذا الكتاب
بجرح أو تعديل، ولكنه تكلم فيها عن الرجال المختلف فيهم، والذين يكثر ذكرهم في الأسانيد، والسبب في إفراده الكلام عليهم في المقدمة - فيما يظهر- : استيعابه لأقوال المجرِّحين والمعدِّلين، ومناقشتها، والحكم على الرجل بما أدّاه إليه اجتهاده ؛ يدل عليه قوله عن شهر بن حوشب :" وذكر في المقدمة مستقصىً بالتوثيق والتضعيف ". ويدل عليه أيضًا قوله :"وقد قدمنا الكلام على المذاهب في المقدمة"، وقوله :" ولنوفل بن معاوية حديث في هذا مذكور في المقدمة ".(1/34)
ومن الدلائل على استقصائه واستيعابه : أنه تكلم عن أسباب الجرح ؛ كرمي الراوي بالانتساب إلى شيء من المذاهب العقدية المخالفة لمذهب أهل السنة، عرفنا ذلك من تعقيبه على مقولة الجوزجاني :" مائل عن الطريق "، فقال ابن دقيق العيد :" وقد قدمنا الكلام على المذاهب في المقدمة ".
2 - ترتيب الكتاب :
وبعد هذه المقدمة ابتدأ المصنف بترتيب كتابه على الأبواب الفقهية كما
قال الحافظ ابن حجر(1)؛ فابتدأه بكتاب الطهارة، وثنَّى بكتاب الصلاة...، وهكذا على الطريقة المعهودة في الترتيب على أبواب الفقه.
ويقسم الكتاب الواحد إلى أبواب، والباب إلى فصول. وربما عنون لذلك بقوله :" فصل "، أو " ذكر..."، ويذكر الموضوع. مثال ذلك : أنه قسم كتاب الطهارة إلى أبواب ؛ كـ"باب المياه"، و"باب الأواني"، و"باب السواك"....، وهكذا.
وفي البداية قال :" كتاب الطهارة. باب المياه. ذكر بيان معنى الطهور، وأنه المطهِّر لغيره "، ثم قال في نهاية هذا الفصل :" ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل"، ثم قال :"فصل في التطهر بالثلج والبرد"...، وهكذا أخذ يورد فصول هذا الباب بهذه الصفة، مصرحًا بقوله :"فصل" أحيانًا، ومعبرًا بقوله: "ذكر" أحيانًا أخرى. ولربما كان تعبيره بقوله "ذكر" على ما هو مبحث من مباحث ذلك الفصل، كقوله في نهاية بعض الفصول :" ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل ".
وإسهابه في تعداد فصول الباب الواحد يدل على ملكة فقهية عجيبة لا تجدها في غيره من كتب التخاريج كـ"البدر المنير"، أو "نصب الراية"، أو غيرهما.
فقد بلغت فصول "باب المياه" اكثر من ستة وثلاثين فصلاً - إذا أخذنا بعين الاعتبار مالم يمكن تحديده من سقط بعض الأوراق -. وبلغت فصول "باب صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أكثر من ثلاثة وتسعين فصلاً.
__________
(1) قال في "رفع الإصر"(ص395):" فالإمام كتاب في أحاديث الأحكام على الأبواب ".
.(1/35)
وفي بداية الفصل يذكر الحديث الأصل عنده في ذلك الفصل، وله طرق في ذكره لذلك الحديث :-
منها : ذكره للحديث مبتدئًا ببعض رجال السند، ثم يسوق الحديث بتمامه، ثم يذكر من أخرجه بعد ذلك.
مثاله : قوله في (1/93) في بداية باب المياه :" ذكر بيان معنى الطهور وأنه المطهِّر لغيره. عن يزيد الفقير قال : أخبرنا جابر بن عبدالله : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي... ))"، ثم ذكر الحديث بتمامه، ثم قال: " متفق عليه من حديث هشيم عن يزيد، واللفظ للبخاري ".
ومنها : ذكره للمخرِّج أوّلاً، ثم ذكره للحديث.
مثاله : قوله في (1/96-97) في باب المياه :« فصل في طهورية ماء البحر. روى مالك رحمه الله في "الموطأ" عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة - من آل بني الأزرق -، عن المغيرة بن أبي بردة - وهو من بني عبدالدار-؛أنه أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول:جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يارسول الله ! إنا نركب البحر...» الحديث.
ومنها : ابتداؤه الفصل بإيراده للحديث بإسناده هو بطوله.
مثاله : قوله في (1/303) في باب الأواني :" ذكر الألفاظ التي تدل على طهارة الجلد المدبوغ. أخبرنا أبي رحمه الله تعالى ؛ أن الحافظ أبا الحسن المقدسي أخبرهم..."، فذكر الحديث من طريق الغافقي في "مسند الموطأ" عن أحمد بن محمد المكي، عن علي، عن القعنبي، عن مالك في "الموطأ".
وهذا هو الغالب على الأحاديث التي يوردها بسنده هو : أن تكون من طريق بعض الكتب المصنفة، وقد نبّهت على ذلك في تعليقي على كل حديث من هذا القبيل.
ومنها : استعماله اللفّ والنشر في إيراده لأحاديث الفصل.
مثاله: قوله في(1/260) في باب المياه :"ذكر من قال بالتتريب في غسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب. فيه حديث عبدالله بن مغفّل، وحديث أبي هريرة، وحديث علي - رضي الله عنهم -. فأما حديث عبدالله بن مغفل..."، ثم أخذ ينشر مالفّه.(1/36)
ومنها : ابتداؤه الفصل أحيانًا بذكر الاختلاف في بعض الألفاظ التي يُبنَى
عليها حكم شرعي في الحديث، ثم تخريجه لكل رواية بعد ذلك.
مثاله : قوله في باب المياه، في ذكر الخلاف في تتريب الإناء الذي يلغ فيه الكلب في(1/266-267):«فصل في تلخيص الاختلاف في محل التتريب من الغسلات. اختُلِف فيه على وجوه: إحداها :"الأولى"، وقد تقدم ذلك من رواية هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين(1): (( أولاهن بالتراب )) عند مسلم.... وثانيها :" السابعة " من رواية أبان، عن قتادة، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة : أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات: السابعة بالتراب )) . أخرجه أبوداود...»، وهكذا.
والغالب على صنيعه في بداية الفصل : سياق الحديث كاملاً، ولربما اختصره أحيانًا كما في باب الأواني (1/325-327)، في "ذكر الوضوء من الماء في أوانيهم"- أي : أواني المشركين -. قال في بداية هذا الفصل :"عن عمران بن حصين قال : كنا في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنا أسرينا، حتى إذا كنا في آخر الليل وقعنا وقعة...فذكر الحديث، وفيه : فارتحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، ثم ذكر موضع الشاهد من الحديث، وفي آخره قال :" وذكر باقي الحديث. متفق عليه ".
فأنت تراه هنا اختصر الحديث في بدايته ونهايته.
ثم إذا أورد الحديث - سواء ذكر من أخرجه أولاً أو لم يذكره - يذكر في الغالب من أخرج ذلك الحديث من أصحاب الكتب الستة إن كان الحديث مخرَّجًا في شيء منها، أو من غيرهم، مراعيًا في ذلك أمرين :
1 - التنبيه على الإسناد. 2 - التنبيه على المتن.
__________
(1) ومحمد بن سيرين يرويه عن أبي هريرة مرفوعًا.
.(1/37)
فأول حديث أورده في باب المياه (1/93-94)، في"ذكر بيان معنى الطهور، وأنه المطهر لغيره " قال :" عن يزيد الفقير، قال : أخبرنا جابر بن عبدالله : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( أعطيت خمسًا... )) "، الحديث، وفي آخره قال : " متفق عليه من حديث هشيم، عن يزيد، واللفظ للبخاري. وفي رواية مسلم : ((وجعلت لي الأرض طيِّبةً... ))".
وفي "فصل في سؤر الكلب"(1/251-252) قال:« روى مالك رحمه الله تعالى في "الموطأ"، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات )) . أخرجه الشيخان، والنسائي، وابن ماجه، من حديث مالك. قال ابن عبدالبر في "التمهيد":" هكذا قال مالك في هذا الحديث : (( إذا شرب الكلب ))، وغيره من رواة حديث أبي هريرة هذا - بهذا الإسناد وبغيره على تواتر طرقه وكثرتها، عن أبي هريرة وغيره - كلهم يقول : (( إذا ولغ الكلب ))، ولا يقولون : (( إذا شرب الكلب )) ، وهو الذي يعرفه أهل اللغة "».
وقد يورد الحديث ولا يذكر من أخرجه ؛ كقوله في باب الأواني (1/286) :" فصل في ضبة الذهب وقليله. عن داود الأودي، عن شهر، عن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يصلح من الذهب شيء ولا حَرْبَصيصة ))". ثم سكت فلم يذكر من أخرجه.
وهذا الصنيع من المصنِّف رحمه الله مما يؤخذ عليه، وسيأتي التنبيه عليه في الحديث عن المؤاخذات على هذا الكتاب.
وقد يورد الحديث، ويذكر من أخرجه، ثم يشير إلى بعض طرقه، وينبِّه على روايته لها بعلوّ، ثم يسوق الحديث بسنده هو.(1/38)
ففي "فصل في جلود الميتة" (1/295) من باب الأواني قال :" روى مالك، عن ابن شهاب، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة ميتة..."، فذكر الحديث، ثم قال : "أخرجه النسائي من حديث مالك، وأخرجه الشيخان من حديث يونس. ووقع لنا حديث يونس عاليًا. قرأت على الفقيه المفتي أبي الحسن هبة الله الشافعي..." فذكره.
وربما أورد الحديث بذكر بعض سنده، وربما أورده بذكر السند كاملاً، وبالأخص إذا كان الحديث من بعض الكتب غير المشهورة.
كقوله في باب السواك (1/373):" فصل في السواك بين كل ركعتين من صلاة الليل. روى أبونعيم(1) من حديث المنهال بن عمرو، قال : حدثنا علي بن عبدالله بن عباس، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستاك بين كل ركعتين من صلاة الليل. رواه(2) عن سليمان بن أحمد، عن علي بن عبدالعزيز، عن أبي نعيم(3)، عن يونس بن أبي إسحاق، عنه(4)، وهو إسناد جيد ".
3 - الصناعة الفقهية :
ومع أن هذا الكتاب حديثي يعنى بالتخريج أصالةً، إلا أن إمامة مؤلفه في الفقه تظهر في صُنعه في كتابه هذا، بدءًا من ترتيبه للكتاب على أبواب الفقه، وحشده في الباب الأحاديث التي تُستمد منها مسائله.
ومما يدل على ملكته الفقهية:تكرار الحديث الواحد في عدة فصول بحسب
ما ظهر له مما يمكن استنباطه من مسائل الفقه من ذلك الحديث، مع عنايته
باختلاف ألفاظه، وتحرير الخلاف في ثبوت ذلك اللفظ من عدمه، ودقته البالغة في ذلك، واهتمامه بأحكام الأئمة الذين تقدموه، ونقل عباراتهم في كثير من الأحيان بتمامها، ومناقشة تلك الأحكام بتجرد.
__________
(1) أي : في كتاب "السواك".
(2) أي : أبو نعيم.
(3) وهو الفضل بن دكين، وليس صاحب كتاب "السواك".
(4) أي : عن المنهال بن عمرو.(1/39)
وتظهر لك تلك الملكة الفقهية كثيرًا وأنت تقلب صفحات هذا الكتاب ؛ كقوله (1/482-483) :" فصل فيما استدل به على أن إيصال الماء تحت اللحية الكثيفة غير واجب"، ثم أورد تحته حديث ابن عباس الذي أخرجه البخاري وغيره : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة، وأشار بعده إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان كثّ اللحية، وأراد بذلك بيان أن الغرفة الواحدة من الماء لا تكفي لغسل الوجه ووصول الماء إلى ما تحت اللحية الكثيفة.
وأما تكراره للحديث الواحد بحسب ما استنبط منه من أحكام فكثير،
كحديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا : (( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ))، فإنه أورده (1/199) وأطال الكلام عليه جدًّا، ثم في (1/228) قال:"فصل في آسار البهائم والسباع. قد تقدم حديث ابن عمر رضي الله عنهما : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال: (( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ))، وهذا لفظ النسائي ".
وهذا كله وأمثاله في الكتاب كثير مما لا يقف له إلا فقيه متمكن ذو ملكة فقهية راسخة.
4 - تحريره للاختلاف في ألفاظ الحديث :
وأما عنايته باختلاف ألفاظ الحديث وتحرير الخلاف في ثبوت ذلك اللفظ من عدمه، فمن أهم ميزات هذا الكتاب.
فانظر إليه في(1/460) وهو يورد الحديث الذي رواه البخاري من طريق
مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإنه لا يدري أين باتت يده )).
قال المصنِّف :« وفي رواية مالك هذه شيئان : أحدهما : صيغة الأمر في قوله : (( فليغسل )). وروي بصيغة النهي من حديث الأعرج. ذكر أبوعمر(1)
__________
(1) أي : ابن عبدالبر.
.(1/40)
أن الليث بن سعد رواه عن جعفر بن ربيعة، عن عبدالرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة رفعه قال : (( إذا استيقظ أحدكم من منامه، فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسل يده، أو يفرغ فيها، فإنه لا يدري أين باتت يده )). والثاني : عدم ذكر العدد، وكذلك روي من حديث جماعة عن أبي هريرة من غير ذكر العدد، منهم : همام بن منبه، وعبدالرحمن بن يعقوب الْحُرقي، وثابت مولى عبدالرحمن بن زيد، وعمار بن أبي عمار.
وروي ذكر العدد عن أبي هريرة من حديث جماعة منهم : جابر بن عبدالله، أخرج حديثه مسلم من حديث أبي الزبير، عن جابر، عن أبي هريرة ؛ أنه أخبره : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا استيقظ أحدكم فليفرغ على يده ثلاث مرات قبل أن يدخل يده في إنائه، فإنه لا يدري فيم باتت يده ))...»، ثم أطال في ذكر هذه الروايات، وسيأتي لهذا مزيد أمثلة.
5 - عنايته بغريب الحديث، وضبط ألفاظه، وما أشكل منه :
ومن عادة المصنف رحمه الله عنايته بضبط ما يحتاج إلى ضبط، والتعريف
بما يحتاج إلى تعريف،وذلك عقب الحديث مباشرة، وربما أفرده بفصل مستقل
يعنون له بقوله :" ذكر ما ينبّه عليه في هذا الفصل ".
كقوله في "فصل في الختان" (1/416) من باب السواك :« عن المغيرة بن عبدالرحمن الحِزَامي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اختتن إبراهيم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثمانين سنة بالقَدُوم )). متفق عليه، واللفظ لمسلم.
و"الحِزَامي": بالحاء المهملة المكسورة، والزاي المعجمة ».
فهو هنا ضبط هذه النسبة "الحزامي" عقب الحديث مباشرة، بينما نجده في بعض الأحيان يفرد لذلك فصلاً؛ كقوله (1/95) في بداية باب المياه:"ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل : يزيد الفقير هو : يزيد بن صهيب. والفقير لقب له، لا من جهة المسكنة، بل من جهة فقار الظهر ؛ قيل : كان يشكوه..."، وهكذا.(1/41)
ولربما تكلم في بداية الباب عن بعض ما يحتاج إلى تعريف، وتوضيح ما يحتاج إلى إيضاح. مثل قوله في بداية باب السواك (1/331):" السواك بكسر السين : يراد به الفعل. وحُكي : العود الذي يُتسّوك به..." الخ.
سابعًا : قيمة الكتاب العلمية :
تواترت عبارات العلماء في إطراء هذا الكتاب ومدحه بما يدل دلالة واضحة على قيمته العلمية. ومن ذلك قول ابن السبكي(1):« ومن مصنفاته : كتاب " الإمام " في الحديث، وهو جليل حافل لم يصنف مثله ».
وقال الإسنوي(2):« وكان رحمه الله قد أكمل كتابه الكبير العظيم الشأن
المسمى بـ"الإمام" - بهمزة مكسورة، بعدها ميم -، وهو الذي استخرج منه كتابه المختصر المسمى بـ"الإلمام" - بزيادة اللام -، فحسده عليه بعض كبار هذا الشأن ممن في نفسه منه عداوة، فدسّ من سرق أكثر هذه الأجزاء وأعدمها، وبقي منه الموجود عند الناس اليوم، وهو نحو أربعة أجزاء، فلا حول ولا قوة إلا بالله ! ».
وقال ابن الملقن(3):« وأما كتابه "الإمام" فهو للمسلمين إمام، ولهذا الفن زمام، لا نظير له...، ولو بُيِّض هذا الكتاب وخرج إلى الناس، لاستُغنيَ به عن كل كتاب صنِّف في نوعه، أو بقيت مسودته ».
وقال أيضًا(4)- بعد أن ذكر حديثًا -:« والشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد هو أول مفيد لذلك ؛ فإنه ذكره كذلك في كتاب "الإمام" الذي ليس له نظير في بابه».
__________
(1) في "طبقات الشافعية"(9/212).
(2) في "طبقات الشافعية"(2/229).
(3) في البدر المنير" (1/283-284).
(4) في المرجع السابق (1/370/مخطوط).(1/42)
وقد أشار ابن دقيق العيد نفسه إلى قيمة هذاالكتاب، فإن تلميذه ابن رشيد السبتي لما ذكر(1) أن كتاب "الإمام" كبير يقع في نحو سبع مجلدات، نقل عنه قوله :« ما وقفت على كتاب من كتب الحديث وعلومه المتعلقة به - سُبقت بتأليفه وانتهى إليّ -، إلا وأودعت منه فائدة في هذا الكتاب، إلا ما كان من كتاب "التاريخ الكبير" للإمام أبي عمر الصدفي، فإني لم أره ».
وفي الفقرة التالية تفصيل لما أجمله هؤلاء الأئمة من قيمة هذا الكتاب العلمية، وما تميّز به عن غيره.
ثامنًا : فوائد الكتاب ومزاياه :
علمنا من منهج المصنف رحمه الله حرصه على جمع أحاديث الأحكام جميعها، صحيحها وسقيمها، فهو يعتبر معلمة ضخمة لأحاديث الأحكام، بحيث لا يكاد يغادره منها حديث، وهذه أبرز فوائد الكتاب.
ولكن كتابًا ضخمًا كهذا الكتاب، شاملاً في موضوعه هذا الشمول، لا تقف فوائده عند هذا الحد فحسب، وقد اجتهدت في جمع أكبر عدد من فوائده بحسب ما أدى إليه اجتهادي، وربما غاب عني منها كثير، وبالأخص إذا أخذنا بعين الاعتبار فقدان معظم الكتاب، وإليك ذكر بعض تلك الفوائد:-
1 - احتفظ لنا هذا الكتاب بنصوص علمية متعددة فقدت أصولها، منها ما هو في الحديث، أو الرجال، أو اللغة، أو غير ذلك.
- مثل كتاب "الطهارة" لابن منده، فقد أكثر المصنف من النقل عنه في هذا الكتاب، وقال في أول موضع (1/98) - عن حديث : (( هو الطهور ماؤه الحل ميتته )) -:« وأخرج هذا الحديث أيضًا الحافظ أبوعبدالله محمد بن إسحاق بن مَنْدَهْ الأصبهاني في كتاب " الطهارة بالاتفاق والتفرد على رسم أهل المعرفة بالآثار وصحيح الأخبار "، ورجح صحته ».
ولا نعرف شيئًا عن هذا الكتاب.
__________
(1) في "ملء العيبة" (3/260).(1/43)
- ومثله كتاب "السواك" لأبي نعيم، فقد أكثر المصنف في باب السواك من النقل عنه، بل وفي كثير من الأحيان يذكر الحديث بكامل سنده، ويظهر من نقله عنه أنه كتاب كبير جمع فيه أبو نعيم ما ورد في السواك وفضله وآدابه وكل ما يتعلق به جمعًا عظيمًا.
- ومثل "السنن" للبزار، وهو كتاب مفيد جدًّا - حسبما يظهر من نقل المصنف -، حتى إنك لتجد كلام البزار فيه عن علل الأحاديث أطول من كلامه عنها في "المسند".
وتجد بعض النقول عنه في(1/222) و(1/403-404) و(2/44و66) وغيرها من هذا الكتاب.
- ومثل كتاب "السنن" و" ما ينبغي للرجل أن يستعمله في يومه وليلته"، كلاهما للحسن بن علي المعمري، وتجد النقل عنهما في (2/52و70).
- ومثل كتاب "السنن" لأبي مسلم الكشي، وتجد النقل عنه في (1/346-347) وغيرهما من المواضع.
- ومثل قوله (1/144) :« ذكر أبو محمد عبدالحق بن سليمان في كتاب "الاقتضاب في شرح غريب الموطأ وإعرابه على الأبواب"...».
ولا نعلم شيئًا عن كتاب "الاقتضاب" هذا.
- ومثل قوله (2/51):« قال الفارسي في "مجمعه"...»؛ يعني :"مجمع الغرائب في غريب الحديث".
ولا نعلم شيئًا عن "مجمع" الفارسي هذا.
وذكر هذه الكتب يطول ؛ لكثرتها، فانظرها إن شئت في فهرس "مصادر المصنِّف".
2 - استدراك ما سقط من الكتب المطبوعة، وتصحيح ما تصحف فيها :
فمن المعلوم أن الكتاب الذي يطبع قد يكون الاعتماد في طباعته على نسخة واحدة أو نسخ متعددة. وكلما كثرت نسخ الكتاب المطبوع كان ذلك أدعى لضبط نصِّه إذا وفق الكتاب بمحقق ومصحح أمين بارع في فنِّه.
والاعتماد على نسخة واحدة مظنة وجود السقط والتصحيف، وبالأخص
إذا لم تكن نسخة مضبوطة مقابلة.
وقد يسري هذا الاحتمال أيضًا إلى النسخ المتعددة إن كانت محصورة العدد كاثنتين أو ثلاث، لاحتمال أن تكون نسخت عن أصل واحد، ولربما سرى هذا الاحتمال أيضًا على ما هو أكثر عددًا.(1/44)
ولربما كانت النسخة - أو النسخ - جيدة، ولكن لم يوفق الكتاب بمتأهِّل لضبط نصه والعناية به، وبالأخص في عصر تجارة التحقيق، واستيلاء حب المادة والربح العاجل على بعض من يلج مضمار التحقيق، غير دائر بخلده أنه قد يسقط من النّص، أو يزيد فيه، أو يصحف ما يترتب عليه زيادة في دين الله أو نقص منه، فيدخل في عداد من توّعدهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله : (( من كذب عليَّ متعمدًا، فليتبوأ مقعده من النار )).
ومن كتابنا هذا -"الإمام"- نستطيع استدراك ما يمكن استدراكه مما سقط من هذه الكتب المطبوعة، وتصحيح ما تصحّف فيها.
ومن أمثلة ذلك كتاب " مكارم الأخلاق " للخرائطي، فإنه طبع عدة طبعات، ومن أهمها وأجودها : طبعة بتحقيق د. سعاد الخندقاوي التي نالت بتحقيقها لهذا الكتاب درجة العالمية في الحديث وعلومه من جامعة الأزهر، فرع البنات.
وقد اعتمدت في تحقيقها على نسخ للكتاب فيها سقط - في الجزء السابع
منه - بلغ مقداره أربعين نصًّا، مما حدا بالأخ الفاضل الشيخ جاسم الفهيد
الدوسري إلى استدراك هذا السقط من نسخة خطية أخرى، ونشر استدراكه هذا في العدد الأول من "مجلة المشكاة " التي تصدر في الكويت.
ومع هذا كله وجدنا ابن دقيق العيد ينقل في كتابه هذا بعض الأحاديث
من "مكارم الأخلاق": للخرائطي لم أجدها في المطبوع منه، ولا في استدراك الشيخ جاسم، كقوله (1/561):« روى أبو بكر الخرائطي محمد بن جعفر في"مكارم الأخلاق": حدثنا عمر - يعني ابن شبَّة -، ثنا حرمي بن عمارة بن أبي حفصة، أنا شعبة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن عبدالله بن عمرو القارئ، عن أبي طلحة قال : مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخمار والخفين ».
ومن ذلك ما نقله المصنف (1/178) عن ابن عبدالبر أنه قال في "الاستغناء" :" أبو فزارة العبسي كوفي روى عن مصقلة بن مالك، روى عنه الثوري...".(1/45)
فقوله :"كوفي روى عنه مصقلة بن مالك "سقط من "الاستغناء" (3/ 1506 رقم2297)، وأشار المحقق الفاضل إلى أن في موضعه بياضًا في الأصل بمقدار ثلاث كلمات.
ومثله : ما نقله المصنف (3/155-156) عن ابن عبدالبر أيضًا أنه ذكر في "الاستغناء" أن الإمام أحمد قيل له عن أبي الحويرث :" إن بشر بن عمر روى عن مالك أنه ليس بثقة، فأنكر ذلك، وقال : قد روى عنه شعبة ".
فقوله :" مالك أنه ليس بثقة، فأنكر ذلك وقال : قد روى عنه " سقط من "الاستغناء"، (1/580 رقم633)، ونبّه المحقق الفاضل على نقص العبارة.
ومن ذلك قوله :" ثم يزيد بن محمد القرشي عن المغيرة بن أبي بردة "، فإن هذه الجملة سقطت من المطبوع من "المعرفة" للبيهقي كما بينته في (1/106).
ومن مهمات الكتب :" بيان الوهم والإيهام" لابن القطان الفاسي، فإنه
طبع مؤخرًا بتحقيق د. الحسين آيت سعيد، والمجلد الثاني من المخطوط لهذا الكتاب في كثير من صفحاته بياض يُذهب سطرين تقريبًا من أسفلها، بما يتعذر معه قراءة النص، ولذلك اجتهد المحقق الفاضل في ملء هذه البياضات كما نبه على ذلك في المقدمة.
فاستفدنا من نقل ابن دقيق العيد أحيانًا لكلام ابن القطان استدراك ما في هذه البياضات التي لعلها تفيد محقق الكتاب في طبعة لاحقة.
فمن ذلك على سبيل المثال : قوله :" وهذا أيضًا ليس فيه نص سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ". انظره (1/386)، وقابله مع "بيان الوهم "(5/123).
وقوله :" غير صحيح، فإن الثوري وإن كان رواه عن منصور، فلم يقل: عن أبيه ". انظره (2/85)، وقابله مع "بيان الوهم" (5/135).
وقوله:" قد يثبت في رفعه إياه، فممن روى عنه مرفوعًا : يحيى القطان"، وقوله :" الآن وناهيك به، ومحمد بن جعفر غندر هو أخص ". انظره (3/263)، وقابله مع "بيان الوهم" (5/278).
والأمثلة على استدراك السقط كثيرة.(1/46)
وأما تصحيح التصحيف، فمن أمثلته : ما أخرجه الترمذي من حديث أبي الدرداء : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاء فأفطر. فذكر المصنِّف أنه عند الترمذي من رواية معدان بن طلحة عن أبي الدرداء، ووقع تصحيف في المطبوع من "سنن الترمذي" هكذا :" معدان بن أبي طلحة "، وانظر تفصيل ذلك في (2/339-340) من هذا الكتاب.
3 - وأما الفوائد التي لا يمكن حصرها، فتظهر في شخصية ابن دقيق العيد العلمية وبروزها في هذا الكتاب، في كشفه لعلل الأحاديث ومناقشتها، وكلامه في الرجال جرحًا وتعديلاً، وأحكامه على الأحاديث بالتصحيح أو التضعيف، ومناقشة الرأي المخالف إليه بتجرد دون تقليد، وهذه الفوائد وغيرها كثير مبثوثة في ثنايا الكتاب، وفيما يلي ذكر لبعض تلك الفوائد :-
أ - سعة دائرته العلمية : بحيث تراه آخذًا من كل فن بنصيب.
فعلمه بالحديث ومناهج المحدثين، وأحوال الرجال...، مما لا يحتاج إلى إقامة دليل، فكتابه هذا ما وضعه إلا على هذا الأساس.
وأما الفقه، فسبق ذكر ذلك مع الأمثلة - في الكلام على منهجه في هذا الكتاب -.
وأما الأصول، فتظهر لك شخصيته أحيانًا في مناقشة بعض المسائل المشتركة بين المحدثين والأصوليين، كالشذوذ، وزيادة الثقة، والتعارض والترجيح بين الأدلة، وغيرها.
فانظر إليه (2/188) وهو يناقش بعض الأسانيد التي زيد فيها وانتُقص منها بعض الرجال ؛ حيث يقول :" وأما إسقاط أبي الأحوص لعمرو بن ميمون في الإسناد، فالحكم لمن زاده؛ لأنه زيادة عدل، لا سيما وقد انضم إليه الأكثر من الرواة، واتفاقهم على هذا دون أبي الأحوص.
وأما زيادة سلمة بن الحارث وإسقاطه الجدلي، فيقال في إسقاطه الجدلي ماقيل في إسقاط أبي الأحوص له.(1/47)
وأما زيادة الحارث بن سُويد، فمقتضى المشهور من أفعال المحدثين والأكثر : أن يُحكم بها، ويجعل منقطعًا فيما بين إبراهيم وعمرو بن ميمون ؛ لأن الظاهر أن الإنسان لا يروي حديثًا عن رجل عن ثالث وقد رواه هو عن ذلك الثالث ؛ لقدرته على إسقاط الواسطة، لكن إذا عارض هذا الظاهر دليل أقوى منه عُمل به، كما فُعل في أحاديث حكم فيها بأن الراوي علا ونزل في الحديث الواحد، فرواه على الوجهين، وفي هذا الحديث قد ذكرنا زيادة زائدة وقصّه في الحكاية، وأن إبراهيم التيمي قال : حدثنا عمرو بن ميمون، فصرح بالتحديث، فمقتضى هذا التصريح لقائل أن يقول : لعل إبراهيم سمعه من عمرو بن ميمون ومن الحارث بن سُويد عنه. ووجه آخر على طريقة الفقه، وهو أن يُقال : إن كان متصلاً فيما بين التيمي وعمرو بن ميمون فذاك، وإن كان منقطعًا فقد تبيّن أن الواسطة بينهما الحارث بن سُويد، وهو من أكابر الثقات ".
ولما نقل (1/155) عن البيهقي قوله - عن حديث : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل المرأة بفضل الرجل، أو يغتسل الرجل بفضل المرأة -:" لولا مخالفة الأحاديث الثابتة الموصولة قبله "، ناقش البيهقيَّ قائلاً :« فالأحاديث التي قدمها في باب فضل المحدِث(1) على باب ماجاء في النهي عن ذلك، هو حديث عمر في وضوء الرجال والنساء جميعًا من وجهين، وحديث أم صُبية. ولعله أراد الأحاديث التي ذكرناها في الغُسل مع النساء من إناء واحد أو بعضها، وخصومه يتأولون تلك الأحاديث.
__________
(1) أي : الماء المتبقي من المحدِث.(1/48)
قال الحافظ أبوبكر أحمد بن محمد بن هانئ الأثرم صاحب أحمد بن حنبل بعد ذكر الأحاديث من الطرفين :" فاختلفت هذه الأحاديث في ظاهرها اختلافًا بعيدًا، والذي يعمل به منها : أنه لابأس أن يتوضئا - أو يغتسلا - جميعًا من إناء واحد يتنازعانه، على حديث عائشة، وميمونة، وأنس، وابن عمر، وأم هانئ، وأم سلمة، وأم صبية وغيرهم - رضي الله عنهم - : أن النبي r كان يفعل ذلك، وعلى أنه لا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة، على حديث الحكم بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه لا بأس أن تتطهر المرأة بفضل الرجل، ولأن الأحاديث التي جاءت بعد في الكراهية عن الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - لم يكن في شيء منها : أن الكراهية في ذلك للرجل أن يتطهر بفضل وضوء المرأة، ولتلك الأحاديث علل "، ثم شرع الأثرم في تعليلها فسنذكر ماذكره، وماعلَّته في ذلك إن شاء الله تعالى. وليس المقصود هاهنا، ولا في هذا الكتاب إقامة الحجج على طريقة النظر، وإنما ذكرنا هذا ؛ لأن الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى أراد ترجيح هذه الروايات على هذه الروايات، فذكرنا هنا تأويل خصمه وجمعه بين الحديثين، فله أن يقول : متى أمكن الجمع لا يُردّ أحد الحديثين بالآخر ».
وكتابه "شرح الإلمام" وغيره من كتب الشروح له تبرز تمكنه من أصول الفقه أكثر مما في كتابنا هذا.
وأما العربية فتظهر لك كثيرًا في تعقيبه على بعض الأحاديث التي يوردها وفيها لفظ يحتاج إلى إيضاح، أو سياق يحتاج إلى تنبيه على بعض قواعد العربية فيه.
ومثاله : قوله (3/583):« وقوله في الحديث الأول :"يهدِّئه"؛ أي : يسكِّنه، من "أهدأت الصبي"؛ إذا ضربت بيدك عليه رُويدًا لينام. والرواية فيه بتشديد الدال. قال بعضهم : ويجوز تخفيفها، وهما لغتان : هدّأت الصبي، وأهدأت، كما يقال : كرّمت الرجل، وأكرمته.
وقوله :" وقد رأى من فزعهم "، يجوز أن تكون "من" زائدة على مذهب(1/49)
الأخفش في زيادتها في الواجب، وأما على مذهب سيبويه في منع ذلك، فقد قُدِّر على أحد وجهين : إما : قد رأى، فأعظم عليه من فزعهم، أو : رأى من فزعهم ماعظم عليه.
وقوله :" ثم فزع إليها "، قال بعضهم : وتقدير "فزع إليها"- إذا كان الفزع بمعنى الذعر -: مما فاته من القيام بحقها، وثاب إليها، وإذا كان بمعنى الاستصراخ : أي : رجع إليها ».
وأما معرفته بالأنساب فيدلك عليها مثل قوله (2/432):" والزهراني - بفتح الزاي المعجمة، وبعد الهاء الساكنة راء مهملة -: نسبة إلى زهران، ويقال فيه : العَتَكي. وزَهْرَان والعَتَك قبيلتان من الأزد، ولا يمكن اجتماعهما في حق رجل واحد، وكان عَتَكيَّ النسب، نزل زهران فنسب إليهم ".
ب - روايته للكتب والأجزاء الحديثية :
جرت عادة كثير من المحدثين في عصر ابن دقيق العيد، وقبله، وبعده : أن يصنف الواحد منهم كتابًا يضم مشيخته، والكتب التي رواها من طريق أولئك الشيوخ. ويفخر الواحد منهم بكثرة شيوخه، وكثرة مروياته، وعلوّ إسناده في تلك المرويات، ولكن يظهر أن ابن دقيق العيد لم يصنِّف "مشيخة" كما صنف غيره ؛ فإنه لم يذكر أحد ممن ذكر مصنفاته أنه صنَّف في هذا، بل قال ابن السبكي في "الطبقات" (9/212):" وكان حافظًا مكثرًا، إلا أن الرواية عَسُرت عليه ؛ لقلَّة تحديثه، فإنه كان شديد التحرّي في ذلك ".
ويروي ابن دقيق العيد في كتابه هذا أحيانًا بعض الأحاديث بسنده، مصرِّحًا أحيانًا بحصول ذلك الحديث له بعلو، أو لغير ذلك من الأغراض.
وإسناده يمرّ ببعض الكتب المصنفة التي يمكن أن تكون مشهورة ومطبوعة
ومتداولة كـ"سنن النسائي". وأحيانًا من كتب وأجزاء حديثية ربما كانت مخطوطة، لكنها موجودة كـ"غرائب شعبة وسفيان" للنسائي، وربما كانت من طريق كتب وأجزاء لم نقف عليها، وربما كانت مفقودة.(1/50)
فاستفدنا من تنوع مرويات المصنف لهذه الكتب : معرفة أسانيده إليها، بحيث يمكن استلال تلك المرويات وجمعها لتشكِّل في مجموعها مشيخة له. لكن لو كان الكتاب موجودًا بكامله لظهرت هذه الفائدة أكثر من ظهورها معه ناقصًا.
جـ - تعقباته للأئمة واستدراكاته عليهم :
امتاز كتاب "الإمام" بطول نفس مصنفه، وسعة صدره في نقل عبارات الأئمة في الموضوع الذي يتحدث عنه، وإن طالت العبارة. فإن وجد العبارة سالمة من الاعتراض أمضاها، وإلا بيّن وجهة نظره فيما يؤخذ على تلك العبارة بأدب جمّ، بعيد عن المهاترات، بحيث إن طالب العلم يستفيد من طريقته في النقد في رسم منهج عملي للطريقة التي ينبغي للعلماء وطلبة العلم سلوكها في النقد، كما ستُبين عنه فائدة لاحقة.
والفائدة التي نتحدث عنها هنا تكمن في طبيعة تلك الاستدراكات والتعقبات، وليس في أسلوب تبليغها.
فمن ذلك مثلاً : استدراكه على ابن عبدالبر في بعض المواضع، كقوله (1/256):"وقد فرّق أبوعمر في قوله الذي حكيناه بين ثابت الأحنف وثابت
ابن عياض، وقد وُهِّم في ذلك ".
ونقل (1/593-594) عن ابن عبدالبر قوله عن أحد الأحاديث :" وهو حديث ضعيف الإسناد، لا تقوم به حجة "، ثم تعقبه بقوله:" قلت: وفيما قال
نظر، فعليك بتتبع رواته من لدن المقرئ إلى تميم،فإنه ليس منهم إلا من وُثِّق".
ومن ذلك استدراكه على ابن الجوزي، كقوله (1/241-242) : «وقد وهم أبوالفرج ابن الجوزي هاهنا وهمًا شديدًا ؛ فأجاب عن هذا الحديث - بعد أن أخرجه من جهة الترمذي -: بأن سوَّارًا قال سفيان الثوري- يعني فيه -:" ليس بشيء "، وليس سوار هذا الذي قال فيه الثوري هو الذي روى عنه الترمذي، فإن ذلك سوار بن عبدالله بن قدامة متقدم في الطبقة، وشيخ الترمذي سوار بن عبدالله بن قدامة مات سنة خمس وأربعين ومائتين، وقال النسائي فيه :" ثقة "».(1/51)
والذي أوقع ابن الجوزي في اللبس اتفاق هذين الراويين في الاسم واسم الأب والنسبة، لكن أحدهما جدّ الآخر، فلا يظهر الفرق إلا بذكر نسب شيخ الترمذي بالكامل، فيقال : سوار بن عبدالله بن سوار بن عبدالله بن قدامة العنبري.
والأمثلة على استدراكاته وتعقباته كثيرة.
د - أدبه في النقد :
وهذا كما قلت في الفقرة السابقة : يفيدنا في رسم منهج للنقد، فهو تطبيق عملي للكلام النظري الذي يذكره من يتكلم عن أدب الخلاف.
فتجد المصنِّف في كتابه هذا كثيرًا ما يستدرك على بعض أهل العلم
ويتعقبهم، لكن بأدبٍ جمٍّ.
فانظر إليه (1/138) وهو ينقل عن ابن حزم بعض أقواله ويتعقبه، فيقول: « وقال أبو محمد علي بن أحمد :" وقد صح عنه: مسح رأسه بفضل ماء مستعمل "، وكان قد أخرج حديث عبدالله بن محمد بن عقيل هذا، وكأنه يريده، وليس حَسَنٌ منه الجزم إن أراد هذا الحديث ؛ لأن بعضهم قد تأوّل بعض ألفاظه على خلاف مراد علي بن أحمد. وأما أن يُتَوهّم أنه صح حديث مصرِّح بالمسح بالماء المستعمل منصوصًا على كونه مستعملاً فلا ».
فانظر إلى قصده للأقوال، وبعده عن تناول ذوات الأشخاص، ورفعة أسلوبه في التعقيب حيث يقول :" وليس حسن منه الجزم..."!! بخلاف صنيع بعض أصحاب الردود، وبخاصة إذا تناولوا مثل شخصية ابن حزم رحمه الله.
ولما ذكر المصنِّف (1/190) حديث أبي أمامة مرفوعًا : (( إن الماء لا ينجسه شيء... ))، وهو من رواية ابن ماجه له عن مروان بن محمد، عن رشدين بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة، ذكر أن الطبراني أخرجه في "المعجم الأوسط" بنفس اللفظ، وأنه قال :" لم يرو هذا الحديث عن معاوية بن صالح إلا رشدين، تفرد به محمد بن يوسف"، ثم تعقبه المصنف بقوله :"وذهب على الطبراني - على تبحُّره وسعة روايته - رواية مروان بن محمد - التي قدمناها - عن رشدين، ولا إحاطة بالعلم لبشر".(1/52)
فهو هنا يثني على الطبراني، ويعترف له بتبحُّره في العلم، ويعتذر عنه بأن لا أحد من البشر يحيط بالعلم.
وشبيه به لما قال ابن منده - عن عبدالله بن محمد بن عقيل -:" وقد أجمعوا على ترك حديثه "، تعقبه المصنِّف بقوله :" قلت : ليس الأمر كما قال ابن منده - وإن كان بحرًا من بحور هذه الصنعة -؛ فقد ذكر الترمذي أن الحميدي وأحمد وإسحاق كانوا يحتجون بحديث عبدالله بن محمد بن عقيل...".
وليس هذا فقط، بل إنه ينقد من يخشِّن عبارته في النقد، ويدعو إلى لطف العبارة.
فقد انتقد ابنُ القطان عبدَالحق الإشبيلي لكونه ذكر حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( يمسح المتيمم هكذا ))؛ ووصف أحد الرواة : من وسط رأسه إلى جبهته، وتصحف قوله :" المتيمم " على عبدالحق، وصوابه :" يمسح اليتيم ".
فلما ذكر ابن القطان إيراد عبدالحق لهذا الحديث عن العقيلي هكذا، انتقده (3/159-160) قائلاً :" هذا نص ماأورد، وهو خطأ وتصحيف من عمله، حققه عليه إدخاله إياه في التيمم. ولقد كان زاجرًا عن ذلك أنه لم يُسْمع قط - لا في رواية، ولا في رأي - بمسح الرأس في التيمم. وليس لقائل أن يقول : لعله تصحيف للعقيلي الذي نقله من عنده ؛ فإن العقيلي إنما يترجم بأسماء الرجال، ويذكر في أبوابهم بعض ماينكر عليهم من الأحاديث، أو كل مارووا - بحسب إقلالهم و إكثارهم -، كما يفعل الساجيُّ وأبو أحمد وغيرهما. فهو إذًا لم يقيد بباب، ولا أدخله في الفقه في كتاب. وإلى هذا فإن الأمر فيه بيِّن لا عند العقيلي ولا عند غيره ممن ذكره، ولو قرأ آخر الحديث تبيّن له سوء نقله...، وقد انتهينا بما كتبتُ من هذا كله إلى المقصُود، وهو بيان تصحيفه اللفظة المذكورة تصحيفًا محققًا بإدخاله إياه في كتاب
الطهارة بين أحاديث التيمم، وإنما هو اليتيم ".(1/53)
فانتقد المصنِّفُ (3/160) ابن القطان على هذه الخشونة قائلاً :" قلت: قد بيَّن كما ذكر، ولكنه في بعض ألفاظه خشن، ولو ترك ذلك في حق هذا الرجل الصالح لكان حَسنًا ".
فهكذا يكون الأدب.
هـ - تجرده ونزاهته :
فبالرغم من أنه كان مالكيًّا، ثم تحوّل فصار شافعيًّا، فإن انتسابه لمذهب الشافعي لم يدفعه للانتصار لأحد من الشافعية إذا قال قولاً، أو رأى رأيًا خالفه فيه غيره، إذا أخطأ في قوله أو رأيه، أو كان لقول خصمه وجه يعذر به. فأبرز من نصر مذهب الشافعي هو البيهقي، وهو العمدة لمن جاء بعده من الشافعية، ويكثر ابن دقيق العيد هنا من النقل عنه من كتبه، فإن رآه أخطأ تعقبه ولم يقرّه على خطئه.
ومن ذلك على سبيل المثال : أنه نقل (1/154-155) عن البيهقي قوله عن أحد الأحاديث :" وهذا الحديث رواته ثقات، إلا أن حميدًا لم يُسمّ الصحابي الذي حدّثه، فهو بمعنى المرسل، إلا أنه مرسل جيد، لولا مخالفة الأحاديث الثابتة الموصولة قبله.وداود بن عبدالله الأودي لم يحتج به الشيخان: البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى ".
ثم تعقبه المصنف بقوله :« وهذا الذي ذكره الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى تعليل ضعيف. أما قوله :" إنه بمعنى المرسل"، فإن أراد به : يشبه المرسل في أنه لم يُسمّ فيه الصحابي، فهذا صحيح، لكنه لايمنع خصمه من الاحتجاج ذاهبًا إلى أنه لاحاجة إلى تسمية الصحابي بعد أن حكم بكونه صحابيًّا ؛ لعدالة الصحابة كلهم. وإن أراد بأنه في معناه : أنه لا يحتج به كما لا يحتج بالمرسل، منعه الخصم لما ذكرناه. وقوله :" إنه مرسل جيد " غير جيد، بل هو مسند أو كالمسند...» الخ تعقبه له الذي يدل دلالة واضحة على نبذه للتقليد، وتجرده لنصرة الحق من كائن من كان، ورد الخطأ وإن كان من المقربين لنفسه.(1/54)
وتجده يقظًا، متنبهًا لحظوظ النفس في مسائل الخلاف ومناقشتها، فانظر إليه رحمه الله وهو يقول في موضع آخر (3/146):" وأما البيهقي، فإنه ذكر في تقوية هذه الرواية أشياء نذكرها، ونذكر ما يمكن أن يقوله مخالفوه - مع البراءة والاستعاذة بالله عزّ وجلّ من تقوية باطل، أو تضعيف حق -..."، ثم ذكر قول البيهقي، وأطال في بيان ما عليه من مؤاخذات.
و - تثبته :
بما أن المصنف في هذا الكتاب سلك مسلك التطويل والجمع المستوعب حتى يتمحّص الرأي عن بيِّنة، فإنه اجتهد في تمحيص النص الذي ينقله، فيأتي به على وجهه الصحيح، فإن شك فيه تركه، وإن ألجأه الأمر إلى مطالعة نسخ أخرى فعل، بحيث لا يثبت معلومة إلا وهو متثبت منها. فانظر إليه في (2/136-137) - وهو يتكلم عن زيادة لفظة "بالمدينة" في حديث حذيفة - رضي الله عنه - : كنت أمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فأتى سباطة قوم فبال قائمًا، ثم توضأ فمسح على خفيه- حيث يقول :« قلت : قد تقدم حديث محمد بن طلحة عن الأعمش، وقد رأيته من جهة أبي الأحوص، عن الأعمش، وفيه : " بالمدينة "، إلا أنه يحتاج إلى كشف من نسخة أخرى، فلذلك تركت ذكره الآن ».
وقال في موضع آخر (2/348) :« وكذلك رواه أبوبكر البزار في "مسنده" بزيادة رجل بين جعفر وأبي هاشم، إلا أن تعيين اسم ذلك الرجل أحتاج فيه إلى مراجعة أصل آخر غير الذي رأيته فيه ».(1/55)
وفي موضع آخر (2/479) قال :« وروى البيهقي في هذا الحديث - من جهة ابن خزيمة - زيادة، وهي :" غفرانك ربنا وإليك المصير"». ثم نقل عن البيهقي قوله :" وهذه الزيادة لم أجدها إلا في رواية ابن خزيمة - وهو إمام -، وقد رأيته في نسخة قديمة لكتاب ابن خزيمة ليس فيه الزيادة، ثم أُلحقت بخط آخر في حاشيته، فالأشبه أن تكون ملحقة بكتابه من غير علمه، والله عز وجل أعلم. وقد أنبأنا الإمام أبوعثمان الصابوني، أنا أبوطاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، ثنا جدي...، فذكره دون هذه الزيادة، فصح بذلك بطلان هذه الزيادة في الحديث".
ثم قال المصنِّف بعد ذلك :" قلت : ونسختنا راجعة إلى رواية أبي عثمان الصابوني، وليس فيها هذه الزيادة ". وفي موضع آخر (2/446) قال :"... وباقي الإسناد لا يسأل عنه، فإن يكن الأعمش سمع من القاسم، فهو حديث صحيح ". وفي موضع آخر (2/549) قال :« قد رأيته :" أستنظف" في غير كتاب البخاري، إلا أني أحتاج إلى الاستظهار على تلك النسخة بنسخة أخرى، فلذلك تركت تعيينه ».
والأمثلة على هذه كثيرة.
ز - دقته في النقل :
وتعتبر هذه الفائدة امتددًا لمنهج المصنف في مسائل الخلاف، ومناقشتها،
وأدبه في نقد ما يحتاج إلى نقد. ولاشك أن على من ولج في هذا الأمر أن يتّسم بالحذر حتى لا يسيء فهم عبارة، أو يحمل النص ما لا يحتمل، فلابد أن يكون دقيقًا في نقله إذا نقل، وهذا ما تراه واضحًا من منهج المصنف في هذا الكتاب.
فمن أمثلة ذلك : أنه أورد حكاية تتعلق بحديث أم حبيبة مرفوعًا : (( من
مس فرجه فليتوضأ )) ..، ويرى الإمام أحمد أن هذا الحديث أصح حديث في الباب، وخالفه يحيى بن معين. ثم أورد في (2/304-305) الحكاية مرة أخرى من "التمهيد" لابن عبدالبر، وفيها أن ابن معين لما ذكر له قول الإمام أحمد عن هذا الحديث سكت، ولم يذكر مخالفة.(1/56)
فاستغرب المصنف هذه اللفظة، فقال بعد ذكره للحكاية :« كذا قال : فسكت ! ونقلته من أصل أبي عمر بـ"التمهيد"، وعليه علامة ».
ولربما ساق الحديث بسنده هو من عدة طرق يقرن بعضها ببعض، ويبين فروق الروايات بكل دقة، بحيث إن الناظر في الإسناد يتبرّم من كثرة الفروق التي يصعب فهمها.
مثاله : أنه أورد في (2/430) حديثًا من طريق شيخيه : أبي محمد المنذري الحافظ، وأبي الحسين يحيى بن علي القرشي العطار الحافظ، وأخذ يذكر في ثنايا الإسناد فروق الروايتين بدقة، ومن جملة ما قال :«... حدثنا عبدالله - قال المنذري : يعني ابن محمد بن عبدالعزيز، وقال القرشي أولاً : أبو القاسم، وأسقط "يعني"-، ثنا أبو الربيع - زاد المنذري : الزهراني، واتفقا : والقواريري...» الخ.
ومثال آخر : أورد حديثًا بإسناده هو في (3/69)، قال فيه : "أخبرنا أبوالقاسم علي بن الحافظ أبي محمد عبدالعزيز بن محمود البغدادي المعدّل بمنىً - فيما حدثنا ببعض إسناده، وأتممنا قراءته عليه -..." الخ.
وفي (2/529) نقل حديثًا من "المنتقى" لابن الجارود، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - في صاحبي القبرين : (( إنهما ليعذبان، ومايعذبان في كبير، أما هذا فكان يمشي بالنميمة، وأما هذا الآخر فكان لا يستبرئ من بوله... ))، الحديث، ثم قال: « كذا رأيته في غير نسخة من كتابه، وفي بعض النسخ كُتب :"يستتر" في الحاشية بعد "يستبرئ " في الأصل، وكتب عليه :" معًا ". وهذه اللفظة قد وقع فيها اختلاف من الرواة، ورواية وكيع هذه عند مسلم، وليس فيها : "يستبرئ" بل :"يستتر"».
وهكذا في أمثلة عديدة.
ح - حكمه على الأحاديث :
وهذه تعتبر من أهم فوائد هذا الكتاب، فالمصنِّف رحمه الله ناقد يقظ، وله اجتهادات في أحكامه على الأحاديث هي محل تقدير، وهي كثيرة في هذا الكتاب.
كقوله في باب السواك، في "فصل في السواك بين كل ركعتين من صلاة الليل" (1/264) في حديث رواه أبونعيم في كتاب "السواك":« وهو إسناد جيد ».(1/57)
وربما صحح الحديث المرسل إلى من أرسله، كقوله في (1/371) عن حديث أرسله الزهري :" وهذا صحيح مرسل".
وأما تضعيفه للأحاديث فكثير، ويظهر ذلك من ذكره لعللها وتفصيله فيها بإسهاب.
وربما ناقش تلك العلل، واجتهد في دفعها.
ويظهر من منهجه في مناقشة علل الأحاديث : سلوكه مسلك الفقهاء والأصوليين في قبول الزيادة في الحديث، كما في المثال الذي سبق إيراده (ص58) حيث يقول :" وأما إسقاط أبي الأحوص لعمرو بن ميمون في الإسناد، فالحكم لمن زاده ؛ لأنه زيادة عدل..." الخ ما قال.
والمصنِّف محدِّث فقيه، ينظر في المتون كما ينظر في الأسانيد، فلربما صحح حديثًا من جهة الإسناد وأعله من جهة المتن ؛ كما في حديث القلّتين الذي التبس على الزيلعي حكم المصنِّف عليه، فظن أنه قد ضعف طرقه، فقال في "نصب الراية" (1/105):« وقد أجاد الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في كتاب "الإمام"؛ جمع طرق هذا الحديث ورواياته واختلاف ألفاظه، وأطال في ذلك إطالة تلخّص منها تضعيفه له، فلذلك أضرب عن ذكره في كتاب "الإلمام" مع شدة احتياجه إليه ».
والصواب ما ذكره ابن السبكي في "طبقات الشافعية" (9/245) حيث قال :" صحَّح الشيخ تقي الدين حديث القلّتين، واختار ترك العمل به، لا لمعارض أرجح، بل لأنه لم يثبت عنده بطريقٍ - يجب الرجوع إليه شرعًا - تعيينٌ لمقدار القلّتين ".
تاسعًا : المآخذ على الكتاب :
الشأن في هذا الكتاب أنه صرح علمي شامخ تتقاصر الأنظار عن إدراك ذراه، ولكن عملاً ضخمًا باذخًا كهذا لابد أن يجد من يسرح فيه طرفه خطأً يحتاج إلى إصلاح، ونقصًا يحتاج إلى إكمال، وكل لبيب يعلم أن تتبع العمل وبيان مؤاخذاته شيءٌ، وبناءَه وتشييده شيء آخر.
وقد وجدت أثناء عملي في الكتاب بعض المآخذ التي لا تذكر إذا قُرنت بمزايا الكتاب وقيمته العلمية، فأحببت التنبيه عليها أداء للأمانة. منها :(1/58)
1 - سرده لبعض الأحاديث أحيانًا وسكوته عن بيان عللها، على خلاف عادته في معظم الكتاب. مثل سكوته عن حديث أورده في (1/361-362) رواه أبو نعيم في كتاب "السواك" من طريق محمد بن حميد، عن سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن سالم بن عبدالله، عن أبي الجراح مولى أم حبيبة، عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :(( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )).
وفي سنده محمد بن حميد الرازي وهو متهم بالكذب، ولم يبين المصنف ذلك.
وأورد في (1/408) حديثًا رواه البيهقي من طريق يعقوب بن سفيان، حدثني سليمان بن سلمة الحمصي، ثنا سليمان بن ناشرة الألهاني، قال : سمعت محمد بن زياد الألهاني يقول :" كان ثوبان جارًا لنا، وكان يدخل الحمّام، فقلت له، فقال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخل الحمّام ويتنوّر ". ولم يتكلم المصنف عن هذا الحديث بشيء، ولكن هناك تعليق بالهامش على هذا الحديث - ويبدو أنه من أحد المطالعين - ونصه :" سليمان بن سلمة الحمصي متروك"، وهو كذلك كما في "لسان الميزان" (4/95 رقم3965).
وفي (3/20-21) أورد حديثًا من "مسند ابن وهب ": أخبرني الحارث ابن نَبْهان، عن محمد بن عبيدالله، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما،عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سُئل: ما يوجب الغسل ؟ فقال : (( إذا التقى الختانان وغابت الحشفة وجب الغسل، أنزل أو لم ينزل )) . ولم يتكلم عنه المصنف بشيء مع أن فيه الحارث بن نبهان
ومحمد بن عبيدالله العَرْزَمِي، وهما متروكان.
وفي الكتاب نماذج من هذا القبيل، فانظرها إن شئت.
2 - إيراده للحديث وإهماله لذكر من أخرجه، ويحصل هذا كثيرًا،
وبالأخص في الأحاديث والطرق الغريبة التي يتعب الباحث في البحث عن مخرّجها فلا يجده أحيانًا.(1/59)
وسبق (ص47) أن ذكرت إيراده لحديث أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يصلح من الذهب شيء ولا حَرْبَصيصة ))، وسكوته عمّن أخرجه، وبينت في (1/286) أن الإمام أحمد قد أخرجه.
ومثل قوله في (1/99): "أما رواية عمرو فمن طريق ابن وهب..."، ولم يذكر من أخرجها، وتابعه على ذلك ابن الملقن في "البدر المنير" (2/10)، وبيّنت أن البخاري علقها في "تاريخه"، ووصلها البيهقي في "المعرفة".
وثمَّة أحاديث أهمل المصنف ذكر من أخرجها، ولم أجد من أخرجها بعد بحث طويل ؛ مثل سرده لروايات عدة من الصحابة في النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط، وقوله في (2/513-515):« ومنهم : عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، من رواية مؤمل، عن حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تُستقبل القبلة....
ومنهم(1): أبوسعيد الخدري - رضي الله عنه -، من رواية ابن لهيعة، ثنا أبوالزبير، أخبرني جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : أنه سمع أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - يشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زجر أن تُستقبل القبلة لبول....
ومنهم : أبو أمامة - رضي الله عنه -. روى جعفر بن الزبير، عن القاسم بن أبي أمامة، عن أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى أن نستقبل القبلة أو نستدبرها».
ذكر هذه الأحاديث الثلاثة ولم يخرجها، وذكر بينها أحاديث خرّجها،
ولم أجد من أخرج هذه الأحاديث الثلاثة.
والأمثلة على هذا كثيرة.
3 - وهمه في عزو الحديث - أحيانًا - لبعض المصادر التي لم تخرجه.
__________
(1) ثم وجدت الإمام أحمد أخرج حديث أبي سعيد هذا في "المسند" (3/15)، لكن بعد كتابة هذه المقدمة.(1/60)
مثل قوله في (2/556) في بداية "فصل فيما نُهي عن الاستنجاء به ":« تقدم حديث سلمان في النهي عن الروث والعظام - وفي رواية : أو أن نستنجي برجيع أو بعظم -. وتقدم أيضًا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : ونهى عن الروث والرمة. أخرجهما مسلم ».
كذا قال !! وعزوه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - لمسلم وهم، وسبق أن ذكره هو في (2/510-511) وعزاه لأصحاب السنن سوى الترمذي، ولم يعزه لمسلم.
4 - عزوه الحديث للفرع، ثم إتباعه بالأصل - أحيانًا - خلافًا لعمل المحدثين.
مثاله : قوله في (3/118):« وروى أبومحمد ابن الجارود من حديث جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه - في قوله :{ وإن كنتم مرضى أو على سفر }-، قال : (( إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله، أو القروح، أو الجُدَري، فيُجنب، فيخاف إن اغتسل أن يموت، فيتيمم )) ». ثم قال عقبه :« وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" عن يوسف بن موسى، عن جرير ».
هذا مع أن ابن الجارود رواه من طريق ابن خزيمة، فقال:"حدثني محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال : ثنا يوسف بن موسى..."، فكان الأولى عزوه لابن خزيمة أولاً، ثم التنبيه على أن ابن الجارود رواه من طريقه ؛ كما يصنع المصنف نفسه ذلك كثيرًا.
5 - إخراجه للحديث من كتب وأجزاء حديثية ليست مشهورة، بحيث يخيل إليك أن الحديث من الغرائب التي لا توجد في دواوين السنة المشهورة، بينما هو موجود في بعضها، ولكن المصنف لم يعزه إليه، فهل يمكن أن يكون ذلك ذهولاً منه على سعة اطلاعه ؟!!(1/61)
مثل قوله في (1/117):« وقد أخرج الحافظ أبومحمد عبدالغني بن سعيد المصري رواية مُطَرِّف بن عبدالله، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه قال : انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتوضأ من بئر بضاعة، فقلت:يارسول الله ! تتوضأ منها وهي يلقى فيها مايلقى من النتن؟! فقال : (( إن الماء لاينجسه شيء )). أخرجه في "إيضاح الإشكال"».
كذا قال ! وقد علقت على هذا الحديث بقولي :« لست أدري لِمَ عمد المصنِّف إلىتخريج هذه الرواية من كتاب "إيضاح الإشكال" لعبدالغني بن سعيد المتأخر، مع وجودها بهذا السياق سندًا ومتنًا في"مسند الإمام أحمد" (3/15-16)؟! وكذا أخرجها النسائي في "سننه" (1/174 رقم327) في الطهارة، باب ذكر بئر بضاعة ».
وعلاقة المصنف بـ"مسند الإمام أحمد" ضعيفة جدًّا، حتى إني بعد أن أنهيت فصولاً من الكتاب كنت أشك في وجود "المسند" عنده بسبب تخريجه للحديث من كتب بعض المتأخرين كالدارقطني وأبي نعيم والخطيب والبيهقي، بينما الحديث موجود في "المسند"، حتى مررت ببعض المواضع التي دلَّت على وجود "المسند" عنده.
6 - عدوله عن الكشف إلى الاحتمال - بل الإيهام - في العزو : فتراه مثلاً يسرد عددًا من الأحاديث دون عزو، ثم ينقل قولاً عن رجل يتعلق بتلك الأحاديث، فيتبين لك فيما بعد أن ذلك الرجل أحد المصنفين، ولكن سماه بغير ما اشتهر به، ولم يذكر كتابه الذي ربما أرشدك إليه، ولم يذكر أنه هو الذي أخرج تلك الأحاديث، فلست أدري ما الذي ألجأ المصنِّف لهذا الصنيع!!(1/62)
مثاله: ذكر حديثًا في (1/561-562) من "مكارم الأخلاق" للخرائطي، ثم قال عقبه :" ومن طريق ابن أبي شيبة ..."، ثم ذكر حديثًا، وضبط ما يحتاج فيه إلى ضبط، ثم قال :" وعن عبدالرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري..."، ثم ذكر حديثًا، ثم حديثين بعده بهذه الصفة، ولم يذكر من أخرج جميع هذه الأحاديث الأربعة، ثم بعد الحديث الرابع قال :" قال علي ابن أحمد : وهذه أسانيد في غاية الصحة ".
فأوهم بطريقة ذكره لتلك الأحاديث أن الخرائطي أخرجها في "مكارم الأخلاق"، ولم يوضح مَن علي بن أحمد الذي نقل عنه تصحيحه لتلك الأسانيد.
وأبان البحث أن علي بن أحمد هذا هو ابن حزم، والأحاديث المذكورة أخرجها في "المحلى"، ولكن المصنِّف رحمه الله وعّر الطريق.
ولهذا أمثلة أخرى مشابهة.
7 - اعتماده في العزو على الوسائط دون الرجوع إلى الأصل، أو بيان
أخذه عن طريق تلك الوسائط.
مثاله : قوله في (1/426):" وعن أبي حية بن قيس : أنه رأى عليًّا - رضي الله عنه - في الرحبة توضأ، فغسل كفيه، ثم تمضمض ثلاثًا، واستنثر ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا،وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا،ومسح برأسه ثلاثًا، وغسل رجليه إلى الكعبين
ثلاثًا ثلاثًا. رواه أبوداود ".(1/63)
كذا عزاه لأبي داود ! وبعد تخريجي للحديث من "سنن أبي داود" علقت على عزو المصنِّف بقولي :« ولكن ليس هذا لفظه، ولا لفظ أحد من أصحاب الكتب الستة، وإنما هو لفظ البزار في "مسنده" (2/310 رقم 736). ومنشأ الوهم - فيما أرى -: أن ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (4/106-107) نقل عن عبدالحق أنه ذكر من طريق أبي داود عن أبي حية قال : رأيت عليًا توضأ، فغسل كفيه حتى أنقاهما، ثم مضمض...، الحديث. انتهى نقل ابن القطان، فلم يُتِمَّ الحديث، ثم عقب عليه بما نقله المصنف عنه هنا، ثم أورد في آخر كلامه الحديث من رواية البزار لأجل زيادة وردت في الحديث، وهي :" مسح رأسه ثلاثًا "، وهي موجودة في رواية البزار، ولا توجد في رواية أبي داود، فنقل المصنف الحديث بتمامه من نقل ابن القطان لرواية البزار، ظنًا منه أنها نفس رواية أبي داود، ولم يرجع للسنن». وانظر (2/549)،و(3/152-153) وغيرها، ففيها أمثلة مشابهة.
8 - إبهامه للوسائط التي ينقل منها العزو أحيانًا :
ويظهر هذا واضحًا في عزوه لـ"مستدرك الحاكم"، فإنه كثيرًا ما يعزو إليه ولم يقف عليه ؛ كما في قوله (1/234):« وبلغني أن الحاكم أخرجه في "المستدرك على الصحيحين" وقال :" صحيح، له شاهد بإسناد صحيح "، ثم
خرّج حديث صفية...».
وقال في :(1/333):« ولهذا أخرجه الحاكم أبوعبدالله الحافظ في "المستدرك"- فيما بلغني -».
وقال في (1/369):« وأخرجه أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم
أبو عبدالله في "مستدركه"- فيما بلغني، وأنه جعله على شرط مسلم -».
وقال في (1/445):« الأمر الثاني : أني رأيت في المنقول عن الكتاب "المستدرك" للحاكم ما يدل على أنه أخرج هذا الحديث...، وأنه قال فيه : "صحيح الإسناد"، وأن مسلمًا احتج بيعقوب...».
وقال في (1/484):« وفيما وقفت عليه مما نُقل من كتاب "المستدرك" للحاكم :"قد اتفق الشيخان على إخراج طرق لحديث عثمان..."».(1/64)
وقال في (2/541):« وبلغني أن الحاكم أخرج حديث طلحة بن نافع في "المستدرك"، وقال :" حديث كبير صحيح"».
وقال في (2/542):« أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك"، وحكم بصحته - فيما بلغني -».
وصنيع المصنف هذا يُظن معه أن كتاب "المستدرك" ليس في متناول يده، لكن هناك ما ينفي هذا الظن ؛ وهو عزو المصنِّف له كثيرًا دون واسطة، بل هناك ما يؤكد وقوفه عليه مباشرة ؛ كما في قوله (4/25):« وقد روى الحاكم هذا الحديث بسندين...، وهكذا رأيته في النسخة العتيقة، وهي مخالفة للأكثر ».
فهذا يؤكد أن "المستدرك" في متناول يده، بل وأكثر من نسخة منه.
وهذا يدفعنا للتساؤل : ما الذي ألجأ المصنف للعزو لـ"المستدرك" بواسطة،
وهو في متناول يده ؟!
ويمكن أن يجاب عن هذا التساؤل بأحد أمرين :
أ - إما أن يكون في نسخته من الكتاب سقط ألجأه للعزو بواسطة.
ب - أو يكون الحاكم أورد الحديث في غير مظنته من الكتاب، فاعتمد
على الواسطة.
والذي يهمنا من هذا كله : لماذا أبهم المصنف هذه الواسطة، فأمانة العلم تقتضي عزوه لصاحبه ؟
ولكن لعل للمصنف عذر، كأن يكون عثر على العزو في كتاب مجهول صاحبه، أو غير ذلك من الأعذار.
9 - تكراره للحديث والكلام على علّته بما يشعر بنسيانه لسبق إيراده له.
مثل قوله في (1/341):" وعن عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( تسوّكوا ؛ فإن السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب، ماجاءني جبريل إلا أوصاني بالسواك...))"، الخ، ثم قال :" أخرجه ابن ماجه. وعثمان بن أبي العاتكة أبوحفص القاص، ينسبه دحيم إلى الصدق ويثني عليه، وقال النسائي: ضعيف ".
ثم في (1/348) قال :" وروى(1)
__________
(1) يعني أبا نعيم في كتاب "السواك".
.(1/65)
أيضًا من حديث عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة..." فذكر الحديث، ثم قال :" وعثمان بن أبي العاتكة تُكُلِّم فيه "، ولم ينبه على أن الحديث تقدم.
ونحوه في (1/153) حيث أورد حديثًا من"الكامل" لابن عدي من طريق عمر
ابن صبح، ثم أعاده في (1/165) من "الكامل" أيضًا، وأعلَّه بنفس العلَّة، ولم يشر إلى أنه تقدم.
طريقة العمل في هذا الكتاب
لما كان كتاب "الإمام" لابن دقيق العيد أوسع كتب التخاريج تخريجًا، وأغزرها مادة، وأعظمها فوائد، فإن الحرص على إخراج نصه سالمًا كان غاية مقصودي، هذا مع الرغبة في أن لا تطول مدة إخراج الكتاب، لما في ذلك من المصالح التي ليس هذا مجال ذكرها. لذا كان عملي في هذا الكتاب مرتكزًا على توثيق نصوصه قدر الإمكان، والبعد عن إطالة الحواشي التي سيكبر معها حجم الكتاب ويتأخر صدوره، إلا ما لابد منه كما سيلاحظ ذلك القارئ.
وتتلخص طريقة العمل في هذا الكتاب في الآتي :
1 - نسخ المخطوط.
2 - مقابلة المنسوخ مع الأصل. وحرصًا على سلامة النص من السقط فقد تمت مقابلته مرتين، وربما استدعى الأمر أحيانًا مقابلة بعض المواضع أكثر من ذلك.
3- توثيق النص بتخريجه من المصادر التي يحيل عليها المصنف - إن وجدت -، ولربما ذكر المصنف النص ولم يذكر مصدره، فيستدعي ذلك جهدًا جهيدًا لمعرفة من أخرج ذلك الحديث، أو الطريق، أو اللفظ.
ولربما أحال المصنف على بعض المصادر التي فقدت، أو لا نعلم عنها شيئًا، فيستدعي ذلك بذل جهد لمعرفة ما إذا كان هناك من ذكر ذلك النص حتى يُرجع إليه ويُقابل بالنص الذي ذكره المصنف حتى يستقيم السياق ويتضح المعنى.(1/66)
4 - تقويم النص. فقد سبق الكلام عن سُقم هذه النسخة ؛ بكثرة السقط فيها والتصحيف، بالإضافة لسقوط بعض الأوراق منها، مما جعلني أقف حائرًا أحيانًا كثيرة أمام بعض المقاطع التي يستغلق فيها المعنى، أو ينقطع قبل تمامه، فلا ينكشف استبهامه أو يتم معناه إلا بعد طول المراجعة وإنعام النظر. وسبب ذلك سقوط بعض الأوراق أحيانًا، أو سقط في النص مع اكتمال الأوراق، أو تصحيف يَذهب بالمعنى ويقطع سياق الكلام، وكل من له مُشَامَّة لكتب هذا الفن يعلم أن إقامة المعنى وإرجاع النص إلى سياقته الأولى - أو قريبًا منها- لا يتم إلا بعد جهد جهيد وعناء طويل ؛ من مراجعة للأصول، وتتبعٍ لطرق الأحاديث، وربطٍ بين ما أجده مع ما هو عندي، ومقابلة...، وهكذا في أمور لا تخفى على من عانى تلك المعاناة التي ذكرها الجاحظ، والأخفش، وأحمد شاكر(1).
ولذا فقد كنت أجتهد في مقابلة النص الذي ساقه المصنف مع أصله في الكتاب المنقول منه، وأستدرك السقط إن وجد، وأصوب ما يحتاج إلى تصويب، وأشير إلى مهمات الفروق إن وجدت.
5 - ولربما كان هناك كلام للمصنف اعتراه بعض التصحيف أو السقط، فأجتهد في مراجعة الكتب التي تنقل عن المصنف كـ"نصب الراية" و"البدر المنير" وغيرها، فأصوب ما يحتاج إلى تصويب، وأستدرك السقط إن وجد من هذه المصادر.
6 - قد يكون أمامي نص من النصوص - أو كلام للمصنف- لم أستطع
استدراك السقط الذي فيه - أو تصحيح الخطأ - من شيء من المصادر التي أخرجته أو ذكرته، أو لم أجده في شيء منها، فأضطر للاجتهاد في تحري معناه لاستدراك ما سقط - أو تصحيح ما تصحف -، وقد أستعين ببعض المراجع المساعدة ككتب اللغة.
__________
(1) وسبق نقلها (ص 10).
.(1/67)
7 - بعض كتب السنة لها نسخ وروايات متعددة، وقد يسوق المصنف النص من نسخة أو رواية غير التي اعتمدت في الطبعة التي نحيل عليها، فإن وجدت ما يدل على أن ما ذكره المصنف موجود في بعض النسخ أو الروايات لم أعتبر ذلك فرقًا يستدعي المقام إثباته - وقد أشير إليه أحيانًا -، فضلاً عن أن أعتبره خطأ يستحق التصويب، أو سقطًا ينبغي استدراكه، ويمكن ملاحظة ذلك بالاطلاع على "النسخة اليونينية " لـ"صحيح البخاري"، وكثرة فروق النسخ والروايات فيها.
8 - وليس نقل المصنف مقصورًا على الأحاديث فقط، بل ينقل كثيرًا من كتب الرجال، والتواريخ، والأنساب، والسؤالات، والعلل، واللغة...، وغير ذلك من الفنون، وكل ذلك اعتبرته نصًّا ينبغي توثيقه ؛ بعزوه إلى مصدره إن وجد، ومقابلة نصه بالطريقة نفسها التي ذكرتها في الفقرتين السابقتين رقم (4و7).
9 - وضعت خطًّا مائلاً هكذا ( / ) في ثنايا السطر، وبينت في الهامش أن هذا بداية الوجه (أ) أو (ب) من اللوحة رقم كذا من المخطوط، ليسهل الرجوع إليه إذا كانت هناك حاجة.
10- وضعت فهارس فنية تعين الباحث على استلال الفوائد، والرجوع إلى الموضوع الذي يريده.
[ل1/أ]
بسم الله الرحمن الرحيم
وماتوفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وهو حسبي ونعم الوكيل
قال الشيخ الفقيه ، الإمام، العالم، الأوحد، العلامة، البارع، الناقد، شيخ شيوخ الطريقة(1)، كاشف أسرار الحقيقة، جامع الحدائق في الحقائق، ومظهر الدقائق في الرقائق، بقية المجتهدين، تقي الدين، أبو الفتح محمد بن الشيخ [....](2) مجدالدين أبي الحسن علي بن وهب بن مطيع القشيري رحمه الله تعالى :
كتاب الطهارة
باب المياه
ذكر بيان معنى الطهور، وأنَّه المطهِّر لغيره
__________
(1) هذا اللفظ وشبهه من تعبيرات المتصوفة، وهو إما من راوي النسخة، أو من الناسخ، والله أعلم.
(2) مابين المعكوفين طمس في الأصل بمقدار كلمة، ويشبه أن تكون "الإمام".(1/68)
عن يزيد الفقير قال : أخبرنا جابر بن عبدالله : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((أعطيت خمسًا لم يعطهن أحدٌ قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيُّما رجلٍ من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأُحِلَّت لي الغنائم ولم تُحَلَّ لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة )) .
متفق عليه(1) من حديث هشيم، عن يزيد، واللفظ للبخاري.
وفي رواية مسلم : (( وجعلت لي الأرض طَيِّبَةً [طهورًا](2) ومسجدًا، فأيُّما رجلٍ أدركته الصلاة صلى حيث كان )).
وأخرج مسلم(3) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( فُضِّلْتُ على الأنبياء بستٍّ...))، فذكر منهن : (( وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا )).
وأخرج مسلم أيضًا حديث حذيفة، وسيأتي في التيمم إن شاء الله تعالى.
__________
(1) أخرجه البخاري (1/435-436 رقم 335) في التيمم، باب منه، و(1/533 رقم 438) في الصلاة، باب قول النبي r : (( جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا ))،و(6/220 رقم 3122) في فرض الخمس، باب قول النبي r : (( أحلت لكم الغنائم ))، ومسلم (1/370-371 رقم 521) في المساجد ومواضع الصلاة.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح مسلم".
(3) في الموضع السابق برقم (523)، وفيه :" طهورًا ومسجدًا ".(1/69)
قرأت على الفقيه المفتي أبي الحسن علي بن هبة الله بن سلامة الشافعي رحمه الله تعالى، عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السِّلَفي - فيما قرئ عليه وهو يسمع-، أنا الرئيس أبوعبدالله القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي، ثنا أبو [الحسين](1) علي بن محمد بن عبدالله بن بِشْران، أنا علي بن محمد المصري(2)، ثنا سليمان بن شعيب، ثنا خالد بن عبدالرحمن، ثنا عمر بن ذر، أخبرني مجاهد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - في حديث ذكره - : ((وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا أينما كنت، وإن لم أجد الماء تيمَّمْت بالصعيد ثم صليت، فكانت لي مسجدًا وطهورًا، ولم يُفعل ذلك بأحد كان قبلي )).
وقد أخرج الحافظ أبوحاتم محمد بن حِبّان البُسْتي في "صحيحه"(3) حديثًا لعوف بن مالك في هذا، وفيه زيادة فائدة ؛ فروى بسنده عن عباس بن عبدالرحمن بن مِينَاء الأشجعي، عن عوف بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((أعطيت أربعًا لم يعطهن أحدٌ كان قبلنا، وسألت ربي الخامسة فأعطانيها : كان النبي يبعث إلى قريته ولايعدوها، وبعثت كافة إلى الناس، وأُرْهِبَ مِنّا عدونا مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض طهورًا ومساجد، وأحل لنا الخمس ولم يحل لمن كان قبلنا، وسألت ربي الخامسة ؛ سألته أن لا يلقاه عبدٌ من أمتي يوحده إلا أدخله الجنة، فأعطانيها )).
[ل1/ب]
ذكر مايُنَبَّه عليه في هذا الفصل
"يزيد الفقير" هو : يزيد بن صهيب، و"الفقير" لقب له، لا من جهة المسكنة، بل من جهة فقار الظهر ؛ قيل : كان يشكوه.
__________
(1) في الأصل :"الحسن"، والتصويب من "سير أعلام النبلاء" (17/311).
(2) في الأصل :"البصري"، وكأنها صوبت هكذا.
(3) 14/309 رقم 6399/ الإحسان).(1/70)
و"حِبّان" - في نسب الحافظ أبي حاتم -: بكسر الحاء المهملة، وبعدها الباء ثاني الحروف(1).
و"البُسْتي" - في نسبه -: بضم الباء الموحّدة، وبعدها السين المهملة الساكنة، ثم تاء ثالث الحروف(2).
و"عباس": بالباء الموحّدة، والسين المهملة. و"ميناء" بكسر الميم، بعدها
الياء آخر الحروف، ثم نون.
واختلف أهل اللغة في " الطَّهور" و"الطُّهور" بالفتح والضَّمّ. والأشهر أن الفُعُول - بضم الفاء - للفعل، وبفتحها للمفعول به ؛ وهو الآلة. فالطَّهور والوَضُوء - بفتح الطاء في الطهور والواو في الوضوء - للماء، وبضمهما للفعل.
فصل في التطهر بالثلج والبَرَد
عن مَجْزَأَة بن زاهر قال : سمعت عبدالله بن أبي أوفى يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول : (( اللهم لك الحمد ملء السماء، وملء الأرض، وملء ماشئت من شيء بعد، اللهم طهرني بالثلج والبرد وماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما يُنَقَّى الثوب الأبيض من الوسخ )). أخرجه مسلم(2).
و"مَجْزَأَةُ": بفتح الميم، وسكون الجيم، وبعدها زاي، ثم همزة مفتوحة. و"زاهر"- والده -: أَوَّلُهُ زاي، يُشَبّه بدَاهِر.
فصل في طهورية ماء البحر
روى مالك رحمه الله في "الموطأ"(3) عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن
__________
(1) قوله في الباء :"ثاني الحروف"، وفي التاء :"ثالث الحروف" يعني حروف المعجم، لا حروف الكلمة نفسها.
(2) في "صحيحه" (1/346-347 رقم476/204) في الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع.
(3) 1/22 رقم 12) كتاب الطهارة، باب الطهور للوضوء.(1/71)
سلمة - من آل بني الأزرق -، عن المغيرة بن أبي بردة - وهو من بني عبدالدار- ؛ أنه أخبره أنه سمع أباهريرة يقول : جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يارسول الله ! إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( هو الطهور ماؤه، الحل ميتته )). أخرجه الأربعة(1) من حديث مالك.
وأخرجه الحافظ أبوبكر محمد بن إسحاق بن خزيمة الملقب بإمام الأئمة في "صحيحه"(2) من طريقين، أحدهما(3): عن يحيى بن حكيم، عن [بشر](4) بن عمر، عن مالك، وقال من هذا الطريق : "نركب البحر أَرْمَاثًا(5) ".
ورواية [بشر](4) بن عمر عن مالك قد رواها الحافظ أبومحمد عبدالله بن علي بن الجارود في "المنتقى"(6) عن محمد بن يحيى، عن [بشر](4) بن عمر، لم يذكر هذه اللفظة.
__________
(1) أخرجه أبوداود (1/64 رقم83) في الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، والترمذي (1/ 100-101 رقم 69) في الطهارة، باب ماجاء في ماء البحر أنه طهور، والنسائي (1/50 رقم 59) في الطهارة، باب ماء البحر، و(1/176 رقم 332) في المياه، باب الوضوء بماء البحر، و(7/207رقم 4350) في الصيد والذبائح، باب ميتة البحر، وابن ماجه (1/136 رقم 386) في الطهارة، باب الوضوء بماء البحر؛ جميعهم من طريق مالك، به.
(2) 1/59 رقم111).
(3) والآخر من طريق يونس بن عبدالأعلى، عن عبدالله بن وهب، عن مالك.
(4) في الأصل: "بُسْر"، والتصويب من"صحيح ابن خزيمة"، وانظر"تهذيب الكمال"(4/138).
(5) في الأصل يشبه أن تكون "أزمانًا"، والتصويب من مخطوط "صحيح ابن خزيمة" (ل18/ب)، وسيأتي التعريف بالأرماث.
(6) 1/51-52 رقم43).(1/72)
وأخرج هذا الحديث أيضًا الحافظ أبوعبدالله محمد بن إسحاق بن مَنْدَهْ الأصبهاني في كتاب " الطهارة بالاتفاق والتفرد على رسم أهل المعرفة بالآثار وصحيح الأخبار "(1)، ورجح صحته.
وقال الترمذي(2):"هذا حديث حسن صحيح". وقال(3):«سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال :" هو حديث صحيح "».
وقال الحافظ أبوبكر محمد بن إبراهيم بن المنذر(4):( ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في البحر : (( هو الطهور ماؤه، الحل ميتته )) (.
[ل2/أ]
وقال الحافظ أبوعمر يوسف بن عبدالله بن عبدالبر/النَّمَرِي(5) :" اختلف
أهل العلم في هذا الإسناد".
__________
(1) جرت عادة ابن منده رحمه الله في تسمية بعض كتبه إضافة :" على الاتفاق والتفرد..." ونحوها من العبارات، فله كتاب :" التوحيد ومعرفة أسماء الله وصفاته على الاتفاق والتفرد"، وكتاب :"الإيمان على رسم الاتفاق والتفرد"، كما في مقدمة محقق كتاب "الإيمان"(1/73و80). وبين المحقق مراد المصنف بذلك فقال (1/81):« وبدراسة الكتاب تبين لنا معنى قوله :" على رسم الاتفاق والتفرد"، وأنه يقصد من "الاتفاق": أن يتفق الشيخان على إخراج الحديث الذي يستدل به، وكلمة "رسم": أن يأتي الحديث على شرطهما، أو على شرط أحدهما، أو على شرط أحد الأئمة. ويقصد بـ"التفرد": أن يُخرج الحديث أحدهما، أو أحد الأئمة، ولذلك نجده يقول عند إخراج الحديث غالبًا: "هذا حديث مجمع على صحته"، أو :" أخرجه البخاري ومسلم"، أو أحدهما، أو : "على رسم الجماعة"، أو :"على رسم البخاري "، أو :" على رسم مسلم "، أو " على رسم أبي عيسى "، أو :" على رسم النسائي"، وهكذا ». ا.هـ.
(2) في الموضع السابق من "سننه".
(3) في "علله الكبير" ( ص41 رقم33).
(4) في "الأوسط" (1/247)، لكن وقع فيه :" ثابت" بدل :"ثبت".
(5) في "الاستذكار" (2/94 رقم1554)، وفيه :" العلماء" بدل :" أهل العلم ".(1/73)
وأقول : حاصل [مايُعْتَلّ ](1) به على هذا الحديث أربعة أوجه :
أحدها: الجهالة بسعيد بن سلمة، والمغيرة بن أبي بردة،وادّعاء أنه لم يرو عن سعيد غير صفوان بن سليم، ولا عن المغيرة بن أبي بردة غير سعيد بن سلمة.
وجوابه : أنه قد روى عن سعيد غير صفوان بن سليم، وهو الجُلاح أبوكثير، فروى هذا الحديث عن الجُلاح يزيد بن أبي حبيب وعمرو بن الحارث.
أما رواية عمرو : فمن طريق ابن وهب(2)، وأما رواية يزيد : فمن طريق الليث بن سعد عنه، أخرجها الحافظ أبوبكر أحمد بن الحسين البيهقي في "سننه الكبير"(3) من طريق يحيى بن بكير، عن الليث بسنده، ولفظه : كنا عند رسول - صلى الله عليه وسلم - يومًا، فجاءه صيادٌ فقال : يارسول الله ! إنا ننطلق في البحر نريد الصيد، فيحمل معه أحدنا الإداوة وهو يرجو أن يأخذ الصيد قريبًا، فربما وجده كذلك، وربما لم يجد الصيد حتى يبلغ من البحر مكانًا لم يظن أن يبلغه، فلعله يحتلم أو يتوضأ، فإن اغتسل أو توضأ بهذا الماء فلعل أحدنا يهلكه العطش، فهل ترى في ماء البحر أن نغتسل به أونتوضأ به إذا خفنا ذلك ؟ فزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( اغتسلوا منه وتوضؤوا به ؛ فإنه الطهور ماؤه، الحل ميتته )).
وأما المغيرة بن أبي بردة، فقد روى عنه يحيى بن سعيد ويزيد بن محمد القرشي، إلا أن يحيى بن سعيد اختلف عليه فيه(4).
__________
(1) في الأصل :" مايعتدّ "، وسيأتي في الصفحة الآتية على الصواب.
(2) لم يخرِّج المصنِّف رواية عمرو بن الحارث، وكذا ابن الملقِّن في "البدر المنير" (2/10)، وقد علقها البخاري في "التاريخ الكبير" (3/478)، ووصلها البيهقي في "المعرفة" (1/227 رقم477) من طريق حرملة بن يحيى،عن ابن وهب، عن عمرو، به.
(3) 1/3)، وأخرجها أيضًا في "المعرفة" (1/226 رقم475).
(4) كما سيأتي تفصيله في الوجه الرابع.(1/74)
ورواية يزيد بن محمد : رواها أحمد بن عبيد الصَّفَّار صاحب "المسند"، ومن جهته أخرجها البيهقي(1).
قال الحافظ أبوعبدالله ابن منده : "فاتفاق صفوان والجُلاح مما يوجب شهرة سعيد بن سلمة، واتفاق يحيى بن سعيد وسعيد بن سلمة على المغيرة بن أبي بردة مما يوجب شهرة المغيرة، فصار الإسناد مشهورًا ".
قلت : وقد زدنا فيما ذكرناه على ماقال الحافظ ابن منده : رواية يزيد ابن محمد القرشي، فتلخص أن المغيرة بن أبي بردة روى عنه ثلاثة : يحيى بن سعيد، ويزيد بن محمد، وسعيد بن سلمة، وأن سعيد بن سلمة روى عنه صفوان بن سليم والجُلاح، وبطلت دعوى من ادعى انفراد سعيد عن المغيرة، وانفراد صفوان عن سعيد.
والوجه الثاني : [ مما ](2) يعتل به في هذا الحديث : ماذكره البيهقي(3): أنهم اختلفوا في اسم سعيد بن سلمة، فقيل كما قال مالك(4)، وقيل: عبدالله
ابن سعيد المخزومي، وقيل : سلمة بن سعيد.
__________
(1) في "المعرفة" (1/228 رقم486).
(2) في الأصل :" ما ".
(3) في "السنن" (1/3)، وفي "المعرفة" (1/224).
(4) أي :" سعيد بن سلمة".(1/75)
وأقول : هذان الوجهان المخالفان لرواية مالك هما من رواية محمد بن إسحاق، على الاختلاف عنه،والترجيح لرواية مالك لعدم الاختلاف عليه، مع جلالته في الحفظ، مع وفاق من وافقه وتابعه. وقريب من هذا ماذكر الحافظ أبوعمر ابن عبدالبر : أن رواة الموطأ اختلفوا، فبعضهم يقول :" من آل بني الأزرق" كما قال يحيى(1)، وبعضهم يقول :" من آل الأزرق "، وكذلك قال القعنبي(1)، وبعضهم يقول:" من آل ابن الأزرق "، كذلك قال ابن القاسم(1)، وابن بكير(1)، قال أبوعمر :" وهذا كله متقارب غير [متضاد](2)"(3).
[ل2/ب]
قلت :/وقد وقع لنا من رواية القعنبي :"من آل ابن الأزرق ".
__________
(1) يحيى بن يحيى الليثي، وعبدالله بن مسلمة القعنبي، وعبدالرحمن بن القاسم، ويحيى بن عبدالله بن بكير من رواة "الموطأ" عن مالك.
(2) في الأصل :" ضار"، والمثبت من "الاستذكار"، وليس فيه قوله :"متقارب".
(3) ينظر كلام ابن عبدالبر في "الاستذكار" (2/99)، مع اختلاف يسير.(1/76)
أخبرنا أبوعبدالله الحسين بن علي القرشي، أنا عبدالعزيز بن أحمد، أنا يحيى بن ثابت بن بندار، أنا أبي، أنا عثمان بن محمد بن يوسف، أخبرني أبوبكر هو ابن عبدالله الشافعي، حدثني إسحاق يعني ابن الحسن الحربي، ثنا [القعنبي](1)، عن مالك، عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن أبي سلمة - من آل [ابن](2) الأزرق -؛ أن المغيرة بن أبي بردة - وهو من بني عبدالدار - أخبره؛أنه سمع أبا هريرة يقول:سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يارسول الله! إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( هو الطهور ماؤه، الحل ميتته )).
__________
(1) في الأصل :"القاسم"، والتصويب من كلام المصنف السابق، وهو يروي بهذا الإسناد رواية القعنبي كما سيأتي (ص233)، وكذا هي رواية القعنبي لـ"الموطأ"(ص98 رقم31).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الموطأ" برواية القعنبي، ويدل عليه كلام المصنف السابق الذي من أجله أورد هذه الرواية.(1/77)
الوجه الثالث : التعليل بالإرسال ؛ قال الحافظ أبوعمر النمري(1):" ذكر ابن أبي عمر والحميدي والمخزومي عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن رجل من أهل المغرب يقال له: المغيرة بن عبدالله بن أبي بردة ؛ أن ناسًا من بني مُدلج أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يارسول الله ! إنا نركب [أرْماثًا](2) في البحر..."، وساق الحديث بمعنى حديث مالك. قال أبوعمر:"وهو مرسل لا [يصح](3) فيه الاتصال، ويحيى بن سعيد أحفظ من صفوان بن سليم، وأثبت من سعيد بن سلمة، وليس إسناد هذا الحديث مما يقوم به عند أهل العلم بالنقل حجة ؛ لأن فيه رجلين غير معروفين بحمل العلم في رواية صفوان بن سليم، وفي رواية يحيى بن سعيد نحو ذلك في المغيرة بن أبي بردة". وأراد أبوعمر بالرجلين : سعيدًا، والمغيرة. وقد يُجاب عن بعض هذا - إذا لزم قبول رواية سعيد [عن](4) المغيرة - بأنه مبني على تقديم إرسال الأحفظ على إسناد من دونه، وهذه مسألة مشهورة في علم الأصول. قال الحافظ أبوالقاسم علي بن الحسن الدمشقي(5) - بعد
__________
(1) في "الاستذكار" (2/97 رقم1561-1564).
(2) في الأصل :"أَزمانًا"، وسقط هذا اللفظ من "الاستذكار" المطبوع، وساقه ابن عبدالبر على الصواب وهو في"التمهيد"(16/219)،وجاء على الصواب أيضًا في"البدر المنير" (2/15)، و"النهاية في غريب الحديث" (2/261)، وفسّرها ابن الأثير بقوله : "الأَرْمَاث: جمع رَمَث -بفتح الميم-وهو خشب يُضم بعضه إلى بعض،ثم يُشَدُّ ويُرْكب في الماء،ويُسمى:الطَّوف".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الاستذكار" لابن عبدالبر.
(4) في الأصل :" بن "، وهو تصحيف.
(5) هو الحافظ ابن عساكر كما أوضحه ابن الملقن في "البدر المنير" (2/16)، وكلامه هذا في "أطراف السنن" كما في "تحفة الأشراف" (10/375)، ونص عبارته هناك :" وقد جوّده عبدالله بن يوسف عن مالك، عن صفوان، سمع المغيرة بن أبي بردة، سمع أبا هريرة ".(1/78)
أن ذكر رواية من روى: " عن المغيرة بن أبي بردة عن أبيه "-:" وقد جوَّده عبدالله بن يوسف، عن مالك، عن صفوان، سمع المغيرةُ أبا هريرة ". وأيضًا تُقَدَّم رواية مالك ومن تابعه - لعدم الاضطراب فيها - على رواية يحيى بن سعيد - للاختلاف عليه -.
الوجه الرابع : التعليل بالاضطراب واختلاف الروايات.
فقد تقدم اتفاق رواية مالك ويزيد بن محمد القرشي والجلاح من جهة الليث وعمرو بن الحارث.
[ل3/أ]
وأما محمد بن إسحاق، فروى هذا الحديث عن يزيد بن أبي حبيب، عن جلاح، عن عبدالله بن سعيد المخزومي، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه الحافظ أبومحمد عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي في "مسنده"(1) كذلك بالسند المذكور عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال : أتى رجال من بني مُدلج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يارسول الله ! إنا أصحاب هذا البحر نعالج الصيد على رَمَث، فنَعزُب فيه الليلة والليلتين والثلاث والأربع، ونحمل معنا العذب لشفاهنا، فإن نحن توضأنا به خشينا على أنفسنا،وإن نحن آثرنا بأنفسنا وتوضأنا من البحر وجدنا في أنفسنا من ذلك، فخشينا / أن لايكون طهورًا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (([توضَّؤوا منه](2)، فإنه الطاهر ماؤه،
الحلّ ميتته )).
وفي رواية عن ابن إسحاق :" سلمة بن سعيد، عن المغيرة بن أبي بردة
__________
(1) المعروف بـ"سنن الدارمي" (1/185-186).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.(1/79)
- حليف بني عبدالدار -، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "(1). قال البخاري :"وحديث مالك أصح "(2). وقال البيهقي(3):" الليث بن سعد أحفظ من محمد بن إسحاق، وقد أقام إسناده عن يزيد بن أبي حبيب، وتابعه على ذلك [عمرو](4) بن الحارث عن الجلاح، فهو أولى أن يكون صحيحًا. وقد رواه يزيد بن محمد القرشي عن المغيرة بن أبي بردة نحو رواية من رواه على الصحة". انتهى ماأردت نقله.
وأما رواية يحيى بن سعيد فقد اختلف عليه فيها كثيرًا، فقيل :" عنه، عن المغيرة بن عبدالله بن أبي بردة، عن رجل من بني مدلج، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". هذه رواية أبي عبيد القاسم بن سلام(5) عن هشيم، عن يحيى. ورواه بعضهم عن هشيم، فقال فيه :" عن المغيرة بن أبي برزة "، وهو وهم، وحمل أبوعيسى الترمذي(6) الوهم فيه على هشيم، فذكر أنه قال للبخاري:" إن هشيمًا يقول فيه : المغيرة بن أبي برزة، فقال : وهم فيه، وإنما هو المغيرة بن أبي بردة، وهشيم ربما وهم في الإسناد، وهو في المقطعات أحفظ".
وأقول:هذا الوهم إنما يلزم هشيمًا إذا اتُّفِقَ عليه فيه، وأما وقد رواه أبوعبيد عن هشيم على الصواب، فالوهم ممن رواه على ذلك الوجه عن هشيم.
__________
(1) أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (3/478-479)، ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (1/227-228).
(2) لم أجد عبارة البخاري هذه في الموضع السابق من "تاريخه"، ولكن ذكرها البيهقي في الموضع السابق من "المعرفة".
(3) في "المعرفة" (1/228).
(4) في الأصل :" عمر"، والتصويب من المرجع السابق، وتقدم على الصواب.
(5) في كتاب"الطهور"(ص296رقم234)،ومن طريقه البيهقي في"المعرفة"(1/228رقم 488).
(6) في "علله الكبير" (ص41 رقم33 ). ونقله عنه ابن عبدالبر في " الاستذكار " (2/94-95).(1/80)
ووجه آخر من الاختلاف على يحيى بن سعيد : رواية سفيان من جهة ابن المقرئ، فقال فيه: " عن المغيرة بن عبدالله بن عبدٍ ؛ أن رجلاً من بني مدلج أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - (1)".
ووجه آخر من رواية سليمان بن بلال عن يحيى من جهة القعنبي، وفيه : " عن عبدالله بن المغيرة(2) بن أبي بردة ؛ أن رجلاً من بني مدلج قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "(3).
وآخر قيل فيه :" عبدالله بن المغيرة، عن رجل من بني مدلج "(4). وفي روايةٍ :" عبدالله بن المغيرة الكندي، عن رجل من بني مدلج"(5).
وقيل :" عن عبدالله بن المغيرة، عن أبيه، عن رجل من بني مدلج "، من جهة حماد بن زيد، باختلاف عنه(6).
وقيل :" عنه، عن المغيرة بن عبدالله، عن أبيه"(7).
__________
(1) أخرج هذه الرواية البيهقي في "المعرفة" (1/229 رقم492).
(2) في الأصل :" عن المغيرة عبدالله بن أبي بردة"، وكتب فوق "المغيرة" و"عبدالله بن" علامتا التقديم والتأخير (مـ مـ)، وكذا جاء على الصواب في "المعرفة" للبيهقي.
(3) هذه الرواية في المرجع السابق برقم (493).
(4) رواه عن يحيى بن سعيد هكذا : أبوخالد الأحمر ؛ أخرجه من طريقه البيهقي في "المعرفة" (1/230 رقم494).
(5) رواه هكذا محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد كما في المرجع السابق برقم (495).
(6) في المرجع السابق برقم (497).
(7) رواه هكذا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد، كما في المرجع السابق برقم (498).(1/81)
قال البيهقي في كتاب "المعرفة"(1):" هذا الاختلاف يدل على أنه(2) لم يَحفَظْ كما ينبغي، وقد أقام إسناده مالك بن أنس عن صفوان بن سليم. وتابعه على ذلك الليث بن سعد عن الجلاح أبي كثير، ثم عمرو بن الحارث عن الجلاح، كلاهما عن سعيد بن سلمة، عن المغيرة بن أبي بردة، ثم يزيد بن محمد القرشي، عن المغيرة بن أبي بردة(3)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصار الحديث بذلك صحيحًا كما قال البخاري في رواية أبي عيسى عنه(4)، والله عز وجل أعلم ".
ووقع لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - طريق أخرى من جهة الأوزاعي،عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن وضوء ماء البحر، فقال : (( هو الحل ميتته، الطهور ماؤه ))(5).
ولما ذكر الترمذي(6) حديث أبي هريرة هذا قال :" وفي الباب عن جابر والفراسي ".
فأما حديث جابر: فرواه أحمد بن حنبل(7)، عن أبي القاسم بن أبي الزناد،
[ل3/ب]
عن إسحاق بن حازم، عن عبيدالله بن مقسم، عن جابر - رضي الله عنه -، أن النبي / - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ماء البحر، فقال : (( هو الطهور ماؤه، الحل ميتته )).
وأخرجه ابن ماجه في "سننه"(8) من جهة أحمد بن حنبل.
__________
(1) 1/231).
(2) يعني يحيى بن سعيد الأنصاري.
(3) من قوله :" ثم يزيد" إلى هنا سقط من " المعرفة ".
(4) كما في الموضع السابق من "العلل الكبير" للترمذي.
(5) أخرجه الدارقطني في "سننه" (1/36 رقم 14)، والحاكم في "المستدرك" (1/142).
(6) في "سننه" (1/100- 101رقم 69) كتاب الطهارة، باب ماجاء في البحر أنه طهور.
(7) في "المسند" (3/373).
(8) 1/137 رقم388) في الطهارة، باب الوضوء بماء البحر.(1/82)
وبلغني عن الحافظ أبي علي سعيد بن عثمان بن السكن المصري أنه أخرج هذا الحديث في مصنفه من جهة أحمد بن حنبل، وقال :" حديث جابر أصح ماروي في هذا الباب ".
وخالفه ابن منده في هذا، وقال :" وقد رَوَى هذا الحديث عبيدُالله بن مقسم، عن جابر والأعرج، عن أبي هريرة، ولا يثبت ".
وأقول : كان الواجب أن يقول : وقد رُوي هذا الحديث عن عبيدالله بن مقسم وعن الأعرج. وعندي أن قول أبي علي ابن السكن في تقوية حديث جابر أقوى من قول ابن منده؛ [وذلك أن عبيدالله بن مقسم مذكور في المتفق عليه بين الشيخين(1)، وإسحاق المدني المذكور في الطريق الأولى ](2) قال عثمان بن سعيد(3):" سألت يحيى بن معين عنه فقال : ثقة ". وقال صالح بن أحمد(4) عن أبيه :" هو ثقة ". وقال أبوحاتم(5):" صالح الحديث ".
و"أبوالقاسم بن أبي الزناد": [اسمه ](6) كنيته.
ذكر ابن أبي حاتم(7) عن الأثرم قال :" سمعت أباعبدالله أحمد بن حنبل ذكر أبا القاسم بن أبي الزناد فأثنى عليه، وقال: كتبنا عنه وهو شاب". وذكر(8) عن العباس بن محمد الدوري:"سُئل يحيى بن معين عن أبي القاسم بن أبي الزناد فقال : ليس به بأس، قد سمع أحمد منه ".
__________
(1) أخرج له الجماعة سوى الترمذي كما في "تهذيب الكمال" (19/163و164).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من"البدرالمنير" (2/21)حيث نقله عن المصنف.
(3) في "تاريخه" (ص73 رقم158).
(4) في "مسائله" عن أبيه (2/440 رقم 1122)، وعنه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/216).
(5) كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل".
.
(6) في الأصل "واسمه"، والتصويب من الموضع السابق من "البدر المنير"، ولكن قوله "كنيته" تصحَّف على محقق "البدر المنير" إلى "كبشة".
(7) في "الجرح والتعديل" (9/427).
(8) أي ابن أبي حاتم في الموضع السابق، والنص في "تاريخ ابن معين" برواية الدوري (2/ 720 رقم903)، دون قوله: " قد سمع أحمد منه ".(1/83)
فهذا ترجيح لقول ابن السكن. ويمكن أن يكون ابن منده علل الحديث باختلاف في إسناده ؛ فإن عبدالعزيز بن عمران - وهو ابن أبي ثابت - رواه عن إسحاق بن حازم الزيات مولى آل نوفل، عن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبدالله، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -. أخرجه الدارقطني(1)، وذكر أن عبدالعزيز بن عمران - وهو ابن أبي ثابت - ليس بالقوي.
ورواه(2) عن أبي الطفيل موقوفًا على أبي بكر.
ورُوي حديث جابر هذا عن أبي الزبير، عن جابر ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((إن البحر حلال ميتته، طهور ماؤه )). أخرجه الدارقطني(3) من جهة سهل بن تمام، عن مبارك بن فضالة، عن أبي الزبير، ومن جهة عبدالباقي بن قانع، عن محمد بن علي بن شعيب، عن [الحسن](4) بن بشر، عن المعافى بن عمران، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر.
__________
(1) في "سننه" (1/34 رقم 3 و4).
(2) أي الدارقطني في "سننه" (1/35 رقم 5).
(3) في "سننه" أيضًا (1/34 رقم 1).
(4) في الأصل "الحسين"، والتصويب من "سنن الدارقطني" (1/34 رقم 2).(1/84)
وأما حديث الفراسي : فقد اختلف فيه ؛ فقيل كما قال الترمذي(1): "الفراسي"، ومن حديثه رواه أبو عمر ابن عبدالبر(2). وقيل :" ابن الفراسي"، ومن حديثه أخرجه ابن ماجه(3). وقال أبوعمر في كتاب "الاستذكار"(4): «وقد رُوي هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث الفراسي-رجل من بني فراس في بني مدلج(5) - بإسناد ليس بالقائم أيضًا من حديث الليث بن سعد، وقد ذكرناه في "التمهيد"(6). والفراسي رجل مجهول(7) في الصحابة غير معروف».
وأقول : إن كان مراد أبي عمر : مجهول الحال، مع إثبات كونه من(8)
الصحابة، فقد اشتهر بين أرباب الأصول والحديث أن ذلك لايضر ؛ لعدالة جميع الصحابة - رضي الله عنهم -. وإن أراد : مجهول الصحبة، فقد أثبت البخاري صحبته فيما حكاه أبوعيسى الترمذي ؛ فيما ذُكر عنه مضافًا إلى كتاب "العلل"(9).
__________
(1) في "جامعه"(1/100-101رقم69) في الطهارة، باب ماجاء في ماء البحر أنه طهور.
(2) في "التمهيد" (16/220)، وسيورده المصنف بعد قليل بسياق ابن القطان.
(3) في "سننه" (1/136-137 رقم387) في الطهارة، باب الوضوء بماء البحر.
(4) 2/97-98).
(5) في "الاستذكار": " من بني مدلج ".
(6) في الموضع السابق منه.
(7) كذا في الأصل، وفي "الاستذكار": "مذكور".
(8) في الأصل :"مع"، والتصويب من "البدر المنير" (2/26)؛ حيث نقله عن المصنف.
(9) انظر "العلل الكبير" للترمذي (ص41 رقم34).(1/85)
وقال أبومحمد عبدالحق صاحب "الأحكام"(1):" حديث الفراسي لم يروه [عنه](2) فيما أعلم إلا مسلم بن مخشي، ومسلم بن مخشي لم يرو عنه فيما أعلم إلا بكر بن سوادة "./ قال أبوالحسن علي بن محمد بن عبدالملك المعروف بابن القطان الحافظ في كتاب "الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام"(3): « هذا نص ما ذكر، وأظنه خفي عليه انقطاع حديث الفراسي، وهو حديث لم يسمعه مسلم بن مخشي من الفراسي، وإنما يروي مسلم بن مخشي، عن ابن الفراسي، عن الفراسي. والحديث المذكور هو هذا :[قال](4) أبوعمر ابن عبدالله(5):" ثنا خلف بن القاسم، ثنا أحمد بن الحسن الرازي، ثنا أبو الزنباع روح بن الفرج القطان، ثنا يحيى بن عبدالله بن بكير، حدثني الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن بكر بن سَوادة، عن مسلم بن مخشي ؛ أنه حدّث : أن الفراسي قال: كنت أصيد في البحر الأخضر على أرماث، وكنت أحمل قربة لي فيها ماء، فإذا لم أتوضأ من القربة رفق ذلك بي وبقيت لي، فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقصصت عليه ذلك(6)، فقال : (( هو الطهور ماؤه، الحل ميتته )) ". وماأرى أبا محمد وقف عليه إلا عند ابن عبدالبر، ولذلك مانقل فيه ما قال(7) في حديث : (( إذا كنت سائلاً فسل الصالحين )) ؛ حيث قال :" ابن
__________
(1) انظر "الأحكام الوسطى" لعبدالحق الإشبيلي (1/157).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(3) 2/440-442).
(4) في الأصل يشبه أن تكون :" ثنا "، ثم بياض بمقدار نصف كلمة، والتصويب من "بيان الوهم".
(5) كذا في الأصل، وفي "بيان الوهم والإيهام ": "ابن عبدالبر"، وكلاهما صحيح، فهو أبوعمر يوسف بن عبدالله بن عبدالبر، وسبق تخريج روايته هذه من "التمهيد".
(6) في "التمهيد" زيادة قوله :" وقلت: أنتوضأ من ماء البحر يارسول الله ؟"، وهذه العبارة ليست في "بيان الوهم والإيهام".
(7) في "بيان الوهم والإيهام":" ولذلك لم يقل فيه كما قال...".(1/86)
الفراسي لم يرو عنه إلا مسلم بن [مخشي]"(1)؛ وذلك أنه لم ير في حديثه هنا لابن الفراسي ذكرًا، ورآه في حديث:" سل الصالحين ". ومن هناك تبيّن أن مسلم بن [مخشي](2) لايروي عن الفراسي إلا بواسطة ابنه. والحديث المذكور ذكره في الزكاة(2) من حديث(3) النسائي(4)، من رواية مسلم بن مخشي، عن ابن الفراسي: أن الفراسي قال لرسول الله- صلى الله عليه وسلم -:أسأل يارسول الله!؟ قال : ((لا،وإن كنت لابّد سائلاً فسل الصالحين ))،ثم قال:"ابن الفراسي لا أعلم روى عنه إلا مسلم بن مخشي".وقال الترمذي في"علله"(5):"سألت محمدًا عن حديث ابن الفراسي في ماء البحر؟ فقال:هو حديث مرسل؛لم يدرك ابن الفراسي النبي - صلى الله عليه وسلم -، والفراسي له صحبة ". فهذا كما ترى يعطي أن الحديث يُروى أيضًا عن ابن الفراسي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لايذكر(6) فيه الفراسي. فمسلم بن مخشي لا يروي إلا عن الابن(7)، وروايته عن الأب مرسلة، والله أعلم ». انتهى.
وحديث السؤال رواه أبونعيم الحافظ في"معرفة الصحابة"(8)- رضي الله عنهم - من حديث
__________
(1) في الأصل :"عيسى"، والتصويب من "الأحكام الوسطى"، و"بيان الوهم والإيهام"، وقد تقدم - وسيأتي - على الصواب.
(2) من "الأحكام الوسطى" (2/200).
(3) في "بيان الوهم والإيهام":" من طريق ".
(4) وهو في "سنن النسائي" (5/95 رقم2587) في الزكاة، باب سؤال الصالحين.
(5) "العلل الكبير" (ص41 رقم34).
(6) في الأصل :"قال لا يذكر"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام".
(7) في "بيان الوهم والإيهام":" فمسلم بن مخشي إنما يروي عن الابن".
(8) 2/ل145/ب).(1/87)
عبدالله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، حدثني جعفر بن ربيعة، عن بكر بن سوادة، عن مسلم بن مخشي، أخبرني ابن الفراسي ؛ أن الفراسي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أسأل يانبي الله !؟ قال : (( لا، وإن كنت سائلاً لابدّ فَسَلِ الصالحين )). رواه عن عبدالله بن جعفر، عن إسماعيل بن عبدالله، عن عبدالله بن صالح، ثم أتبعه بروايته عن أبي عمرو - وهو ابن حمدان -، عن الحسن -وهو ابن سفيان -، عن قتيبة، عن الليث، وقال:"مثله سواء". قال:" ورواه محمد بن موسى بن أعين، عن أبيه، عن عمرو بن الحارث، عن بكر، [عن](1) مسلم، عن رجل، عن أبيه، ولم يُسَمِّه ".
قلت : وهذا ظاهره أن ابن الفراسي عن الفراسي، وكذلك فيما تقدم ذكره عن النسائي في حديث السؤال، وقد كان يمكن أن يُعتقد أن الفراسي وابن الفراسي اختلاف في اسم رجل واحد، فبعضهم يقول : الفراسي، وبعضهم يقول : ابن الفراسي .
ويؤيد هذا رواية الليث بن سعد عند ابن ماجه(2) عن جعفر [ بن ربيعة، عن بكر بن سوادة، عن مسلم بن مخشي، عن ابن الفراسي قال : كنت أصيد، وكانت لي قربة أجعل فيها ماءً، وإني توضأت بماء البحر، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( هو الطهور ماؤه، الحلّ ميتته )). فإن ظاهرها أن ابن الفراسي هو الذي سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسمع منه ذلك. فإذا ضُمَّت إلى
ذلك رواية من روى :" الفراسي "، اقتضى أنهما واحد اختلف في اسمه ](3).
[ل4/ب]
__________
(1) في الأصل :"بن"، والتصويب من المرجع السابق.
(2) في "سننه" (1/136-137 رقم387)، كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر.
(3) مابين المعكوفين تم استدراكه من"سنن ابن ماجه"،و"البدر المنير"(2/29) نقلاً عن المصنف.(1/88)
/وقد رواه(1)
__________
(1) في هذا الموضع من المخطوط سقطٌ لمجيئه في نهاية وجه منه وبداية وجه آخر، فسقط باقي الكلام عن حديث :" هو الطهور ماؤه"، واستدركت مااستطعت كما سبقت الإشارة إليه، كما سقط بداية الكلام عن هذا الحديث الذي لم يذكر متنه، ولم يبق منه سوى الكلام عن بعض رجاله، لكن بعد البحث والتتبع تبين أن كلام المصنِّف هنا يتعلق بحديث عبدالله بن عمرو بن العاص مرفوعًا :" لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر، أو غازٍ في سبيل الله ؛ فإن تحت البحر نارًا، وتحت النار بحرًا ". أخرجه أبوداود في "سننه"(3/13 رقم2489) في الجهاد، باب في ركوب البحر في الغزو، والبيهقي في "سننه"(4/334) و(6/18)، وغيرهما. ويؤكد هذا : أن ابن الملقن نقل عن المصنِّف مايدل على كلامه في هذا الحديث، وهذا نص كلامه في "البدر المنير"(4/ 301/ مخطوط) أورده بتمامه : «الحديث الخامس: روي أنه r قال: ((لا يركبن أحد البحر إلا غازيًا،أو معتمرًا،أو حاجًّا )): هذا الحديث رواه أبوداود، ثم البيهقي من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص مرفوعًا بزيادة :" فإن تحت البحر نارًا، وتحت النار بحرًا ". قال البيهقي: قال البخاري :" هذا الحديث ليس بصحيح"، وقال أحمد:" هذا حديث غريب". قال أبوداود:"رواته مجهولون " وقال الخطابي:" ضعفوا إسناده". وقال صاحب "الإمام":"اختلف في إسناده؛ أي : فإنه روي من حديث بشير بن مسلم الكندي، عن عبدالله بن عمرو، كما أخرجه أبوداود والبيهقي موقوفًا على عبدالله بن عمرو :" ماء البحر لا يجزئ من وضوء ولا من جنابة ؛ إن تحت البحر نارًا، ثم ماء، ثم نار"، حتى عدّ سبعة أبحر، وسبعة أنيار". اهـ.
ولما ذكر الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(2/423-424 رقم956) هذا الحديث، قال في نهايته:" تنبيه: هذا الحديث يعارضه حديث أبي هريرة المذكور في أول الكتاب في=
= سؤال الصيادين : إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، ولم ينكر عليهم " ا.هـ.
فالظاهر أن المصنِّف أورد حديث عبدالله بن عمرو للضِّدِّيَّة لحديث:"هو الطهور ماؤه..." كما ذهب إليه ابن حجر،واستدلَّ على ضعف حديث عبدالله بن عمرو في النهي عن ركوب البحر بإقرار النبي r للصيادين الذين يركبون البحر وقوله لهم :" هو الطهور ماؤه الحل ميتته". والله أعلم.(1/89)
من وجهين. وبشير بن مسلم الكندي أبوعبدالله. ورواه محمد بن الصباح، عن صالح بن عمر، عن مطرف بن طريف، عن بشير بن مسلم، عن رجل، عن عبدالله. ورواه أبوحمزة السُّكَّري عن مُطَرِّف، عن
بشير بن مسلم، عن عبدالله بن عمرو. ورواه أحمد بن إبراهيم الموصلي عن صالح بن عمر، عن مطرف، [عن](1) بشير بن مسلم، عن عبدالله بن عمرو، ولم يذكر بينهما أحدًا(2).
فصل في ماء البئر
روى أبوأسامة عن الوليد بن كثير، عن محمد بن كعب، عن عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج، عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه - قال:قيل:يا رسول الله! أنتوضأ من بئر بضاعة ؟ - وهي بئر يلقى فيها الحيض، ولحوم الكلاب، والنتن - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إن الماء طهور لا ينجسه شيء )).
أخرجه أبوداود(3) والنسائي(4) والترمذي(5)، وقال :" هذا حديث حسن، وقد جوَّد أبوأسامة هذا الحديث ؛ لم يرو أحدٌ حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبوأسامة. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي سعيد، وفي الباب عن ابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم ". انتهى.
قال شيخنا الحافظ أبومحمد عبدالعظيم بن عبدالقوي المنذري رحمه الله في "مختصر السنن"(6):«وأخرجه الترمذي والنسائي، وتكلم فيه بعضهم، وحُكي عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال :" حديث بئر بضاعة صحيح "». انتهى.
__________
(1) في الأصل :" بن " وهو تصحيف.
(2) من قوله :" ورواه محمد بن الصباح..." إلى هنا أخذه المصنِّف عن ابن عساكر في "أطراف السنن" كما في "تحفة الأشراف" (6/282).
(3) في "سننه" (1/53-55 رقم 66،67) كتاب الطهارة، باب ماجاء في بئر بضاعة.
(4) في "سننه" (1/174 رقم326) كتاب الطهارة، باب ذكر بئر بضاعة.
(5) في "سننه" (1/95-97 رقم66)، في الطهارة، باب ماجاء أن الماء لا ينجسه شيء.
(6) 1/73-74).(1/90)
وهذا الذي ذكر الشيخ رواه الخلاَّل أحمد بن محمد بن هارون أبوبكر في كتاب "العلل" عن أبي الحارث، عن أحمد. وأما الحافظ أبوالحسن ابن القطان فإنه ضعَّف الحديث ؛ فإنه قال(1):" وأمره إذا بُيِّن يَبين منه ضعف الحديث لا حسنه ؛ وذلك أن مداره على أبي أسامة، عن محمد بن كعب، ثم اختلف على أبي أسامة في الوسط(2) الذي بين محمد بن كعب وأبي سعيد. فقوم يقولون : عبيدالله بن عبدالله بن رافع بن خديج، وقوم يقولون: عبدالله
ابن عبدالله بن رافع بن خديج.
وله طريق آخر من رواية ابن إسحاق، عن سُليط بن أيوب، واختلف على ابن إسحاق في الواسطة التي بين سُليط وأبي سعيد. فقوم يقولون : عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع، وقوم يقولون : عبدالله بن عبدالرحمن بن رافع، وقوم يقولون : عن عبدالرحمن بن رافع. فتحصّل في هذا الرجل - يعني الراوي له عن أبي سعيد - خمسة أقوال : عبدالله بن [عبيدالله](3) بن رافع، وعبيدالله بن عبدالله بن رافع، وعبدالله بن عبدالرحمن بن رافع، وعبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع، وعبدالرحمن بن رافع، وكيف ماكان فهو من [لا تعرف](4) له حال ولا عين، والأسانيد بما ذكرناه في كتب الحديث معروفة، وقد ذكر البخاري في "تاريخه"(5) الخلاف المذكور مفسّرًا.
[ولحديث بئر](6) بضاعة [طريق](7)حسن من غير رواية أبي سعيد ؛ من رواية سهل بن سعد ". انتهى ماأردت نقله هنا من كلامه.
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام"(3/308-309).
(2) في "بيان الوهم " :" الواسطة" بدل "الوسط".
(3) في الأصل :"عبدالله"، والتصويب من المرجع السابق، و"البدر المنير"(2/55).
(4) في الأصل :" لا يعرف"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(5) "التاريخ الكبير" (5/389).
(6) في الأصل :"والحديث ببئر"، والتصويب من "بيان الوهم"، و"البدر المنير".
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجعين السابقين.(1/91)
وهذا الاختلاف الذي أشار إليه ذكره الحافظ أبوالحسن الدارقطني في كتاب "السنن"(1)، وأخرج أبوداود بعضه(2).
[ل5/أ]
ولما أخرج أبوعبدالله /ابن منده هذا الحديث من رواية محمد بن كعب القرظي، عن عبيدالله بن عبدالله بن رافع قال :" وهذا إسناد مشهور، وأخرجه أبوداود والنسائي، وتركه البخاري ومسلم لاختلاف في إسناده ؛ رواه ابن أبي ذئب، عن الثقة عنده، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن أبي سعيد "، ثم ذكر رواية مطرف بن طريف، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط بن أيوب، عن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، وقال بعد ذلك :" فإن كان عبيد الله بن عبدالرحمن بن رافع هذا هو الأنصاري الذي روى عن جابر بن عبدالله، فقد روى عنه هشام بن عروة، وهو رجل مشهور في أهل المدينة. وعبدالله بن رافع بن خديج مشهور، [وعبيدالله](3) ابنه مجهول، فهذا حديث معلول برواية عبيدالله بن عبدالله بن رافع". انتهى ماأردت نقله.
__________
(1) 1/29-32 رقم 10-16)، وأطال في ذكر هذا الاختلاف في كتاب "العلل" (11/285-290 رقم 2287).
(2) سبق تخريجه .
(3) في الأصل :" وعبدالله"، والصواب ماهو مثبت كما يفهم من باقي العبارة، ومما سبق، وقد نقله ابن الملقن في "البدر المنير"(2/57-58) عن المصنِّف على الصواب.(1/92)
وقد أخرج الحافظ أبومحمد عبدالغني بن سعيد المصري رواية مُطَرِّف بن عبدالله، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه قال : انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتوضأ من بئر بضاعة، فقلت : يارسول الله ! تتوضأ منها وهي يلقى فيها مايلقى من النتن ؟! فقال : (( إن الماء لاينجسه شيء )). أخرجه في "إيضاح الإشكال"(1).
وفي رواية [ابن](2) إسحاق، عن سليط شيء [ آخر ](3) ذكره أبومحمد
عبدالرحمن بن أبي حاتم الحافظ في كتاب "المراسيل"(4) عن أبيه ؛ قال : "محمد بن إسحاق بن يسار بينه وبين سليط رجل "، وكلامه محتمل لأن يكون بينهما رجل في حديث بئر بضاعة،وبين أن يكون بينهما رجل مطلقًا،
والأقرب إلى وضع الكتاب المذكور هو الثاني(5). والإسناد في هذا الكتاب
مخالف لما ذكرنا من الإسناد فيما وجدته.
__________
(1) لست أدري لِمَ عمد المصنِّف إلىتخريج هذه الروايةمن كتاب"إيضاح الإشكال"لعبدالغني بن سعيد المتأخر،مع وجودها بهذا السياق سندًا ومتنًا في"مسند الإمام أحمد"(3/15-16)؟! وكذا أخرجها النسائي في "سننه"(1/174 رقم327) في الطهارة، باب ذكر بئر بضاعة.
(2) في الأصل:"أبي"، وهكذا جاء في بعض نسخ "البدر المنير" كما أشار إليه المحقق (2/59)، ويبدو أنه نقلٌ عن المصنِّف ؛ لمجيئه في ثنايا نقله عنه، وهو مما يؤكد أن التصحيف قديم.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من الموضع السابق من "البدر المنير".
(4) ص195-196 رقم719).
(5) بل الأقرب هو الأول ؛ لأن ابن أبي حاتم أورد هذا الحديث، ثم أورد بعده كلام أبيه الذي سبق إيراده، وإلى هذا ذهب العلائي، فقال في "جامع التحصيل"(ص261-262):" وقال أبوحاتم - في حديثه عن سليط، عن أبي سعيد في بئر بضاعة -: ابن إسحاق صاحب تدليس، بينه وبين سليط فيه رجل ".(1/93)
وذكر أبوالحسن ابن القطان في باب آخر(1) أن لهذا الحديث إسنادًا صحيحًا من رواية سهل بن سعد، فقال :" قال قاسم بن أصبغ : حدثنا محمد ابن وضاح(2)، ثنا أبوعلي عبدالصمد بن أبي سُكينة الحلبي بحلب، ثنا عبدالعزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد: قالوا : يارسول الله ! إنك تتوضأ من بئر بضاعة وفيها مايُنْجي الناس والمحائض والجنب ؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الماء لاينجسه شيء )).
قال قاسم :" هذا من أحسن شيء في بئر بضاعة ".
وقال [ محمد بن](3) عبدالملك بن أيمن(4) : حدثنا ابن وضاح...، فذكره أيضًا بإسناده ومتنه.
قال أبومحمد ابن حزم في كتاب "الإيصال" :( عبدالصمد بن أبي سكينة
ثقة مشهور، وذكره [ الْمُنْتَجِيلي ](5) وقال :" إن ابن وضاح لقيه بحلب.
ويروى عن سهل بن سعد في بئر بضاعة من طرق هذا خيرها "(. انتهى.
وقد أخرج هذا الحديث أبوعمر ابن عبدالبر في "الاستذكار"(6) عن عبدالوارث بن سفيان، عن قاسم، ثم قال :" وهذا اللفظ غريب في حديث سهل بن سعد، ومحفوظ من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ".
__________
(1) من "بيان الوهم والإيهام" (5/224-225).
(2) قوله :" حدثنا محمد بن وضاح" سقط من "بيان الوهم"، فيستدرك من هنا.
(3) في الأصل :" أبومحمد "، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام" (5/225)، و"البدر المنير"(2/56)، و"التلخيص الحبير"(1/14).
(4) في "مستخرجه على سنن أبي داود" كما أفاده الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التلخيص الحبير".
(5) في الأصل :"المنتجالي"، وقد يكون له وجه، ولكن أثبته هكذا من "البدر المنير"(2/57)، و"معجم البلدان"(5/207) نسبة إلى :" مُنْتَ جِيل" بلدة بالأندلس.
(6) 2/108-111 رقم1608).(1/94)
قلت : وعبدالصمد هذا الذي ذكر ابن حزم أنه " ثقة مشهور" تتبعت تراجم من اسمه عبدالصمد في "تاريخ الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن الدمشقي"(1)، فلم أجد له في تلك التراجم ذكرًا(2).
[ل5/ب]
وروى الدارقطني(3) وغيره من حديث سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - : شرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بئر بضاعة./ وفي إسناده من يحتاج إلى الكشف عنه(4).
وروى الطبراني من حديث محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن أبيه، قال: دخلنا على سهل بن سعد الساعدي في بيته، فقال:" لو أني سقيتكم من بئر
بضاعة لكرهتم، وقد والله ! سقيت منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي ". رواه في "معجمه الكبير"(5)
__________
(1) يعني :" تاريخ دمشق " للحافظ ابن عساكر.
(2) وقال الحافظ ابن حجر في"التلخيص"(1/14):"قلت:ابن أبي سكينة الذي زعم ابن حزم أنه مشهور،قال ابن عبدالبر وغير واحد:إنه مجهول،ولم نجد عنه راويًا إلا محمد بن وضاح".
(3) في "سننه"(1/32 رقم17) من طريق فضيل بن سليمان، عن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن أمه قالت : سمعت سهل بن سعد يقول...، فذكره.
(4) لعله يقصد أم محمد بن أبي يحيى التي قال عنها ابن حجر في التقريب (8868):" مقبولة".
(5) 6/207 رقم 6026)، وتصحف فيه "حاتم بن إسماعيل" إلى :"جابر بن إسماعيل".
وقد أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (13/511 رقم 7519) من طريق إسحاق بن راهويه، والبيهقي في "سننه"(1/259) من طريق علي بن بحر، كلاهما عن حاتم بن إسماعيل، به.
كذا رواه هشام بن عمار، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن بحر، وخالفهم أصبغ بن الفرج، فرواه عن حاتم، عن محمد بن أبي يحيى، عن أمه، به.
أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار" (1/12 رقم4).
فإما أن يكون أصبغ بن الفرج هو الذي أخطأ في مخالفته ثلاثة من الرواة، أو يكون الخطأ من حاتم بن إسماعيل نفسه، فإنه متكلم في حفظه.
وعلى فرض أن يكون الصواب في رواية حاتم : جعل الحديث :"عن أبيه"، فقد خالفه فضيل بن سليمان ؛ فرواه عن محمد بن أبي يحيى، عن أمه، كما عند الدارقطني فيما تقدم، وكذا أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(5/337-338)، وفضيل بن سليمان ضعيف من قبل حفظه أيضًا، ولذلك قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" متعقبًا البيهقي في قوله: " هذا إسناد حسن موصول"، قال :« ثم أسند البيهقي عن محمد بن أبي يحيى، عن أمه قالت : دخلت على سهل بن سعد...الخ، ثم قال :" إسناد حسن موصول ". قلت : هكذا ذكره أيضًا- عن محمد، عن أمه - أبوالحسن الدارقطني، ولم نعرف حال أمه، ولا اسمها بعد الكشف التام، ولا ذكر لها في شيء من الكتب الستة. وقد ذكر الطبراني في "معجمه الكبير" هذا الحديث في ترجمة أبي يحيى، عن سهل، فذكر بسنده عن محمد بن أبي يحيى، عن أبيه، عن سهل...، الحديث. فظهر أن في سنده اضطرابًا أيضًا، ومع هذا كيف يكون إسناده حسنًا ؟!». ا هـ.
وقول ابن التركماني عن أم محمد بن أبي يحيى :" لا ذكر لها في شيء من الكتب الستة " ليس بصحيح، فقد أخرج لها ابن ماجه كما في "تهذيب الكمال" (35/395).(1/95)
عن موسى بن سهل أبي عمران الجوني، عن هشام بن عمار، عن حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن أبي يحيى.
ذكر مايُنبَّه عليه في هذا الفصل
قوله :" بئر بُضاعة ": المشهور فيها ضم الباء، وذكر الجوهري(1) فيها الضم والكسر، وبعدها ضاد معجمة، وعينها مهملة.
وقوله :" الحِيَض "- بكسر الحاء وفتح الياء -: جمع حِيْضة - بكسر الحاء وسكون الياء -؛ وهي : الخِرْقَة التي تحتشي بها المرأة، وقد [ تطلق ](2) الحِيضة - بكسر الحاء - على الاسم من الحَيْضَة - بفتح الحاء -.
وقوله :"مايُنْجي الناس": بضم الياء، بعدها نون ساكنة، ثم جيم. و"الناسُ" بالرفع في السين على الفاعلية ؛ يقال أَنْجى الرجلُ : إذا أحدث، فيحتمل أن لايكون فيه حذف، ويؤيّده : رواية الدارقطني(3) من جهة ابن إسحاق بسنده إلى أبي سعيد - رضي الله عنه - أنه قيل : يارسول الله ! إنه يُستقى لك من [بئر بضاعة ؛ بئر بني ساعدة، وهي بئر يطرح فيها ](4) محايض النساء ولحوم الكلاب وعذر الناس، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : (( إن الماء طهور لا ينجسه شيء )). ويحتمل أن يكون فيه حذف على تقدير : ويلقى فيها خرق مايُنْجي الناس كما قيل في المحايض.
فصل في ما ذكر في الماء المسخن
__________
(1) في "الصحاح" (3/1187).
(2) في الأصل :" تنطلق "، والتصويب من "البدر المنير"(2/62)، فكأنه نقلها عن المصنف.
(3) في "سننه"(1/31 رقم 13).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".
.(1/96)
عن العلاء بن الفضل بن أبي سَوِيَّة المِنْقَري، ثنا الهيثم بن [ رُزَيق](1) المالكي - من بني مالك [بن](2) كعب [بن](2) [سعد](3)، عاش مائة وسبع عشرة سنة -، عن أبيه، عن الأسلع بن شريك قال : كنت أَرْحَلُ ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأصابتني جنابة في ليلة باردة، وأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرِّحْلة، فكرهت أن أَرْحَلَ ناقته وأنا جنب،وخشيت أن أغتسل بالماء البارد فأموت أو أمرض، فأمرت رجلاً من الأنصار فرَحَلَها، ورَضَفْت(4) أحجارًا فأسخنت بها [ماء](5) فاغتسلت، ثم لحقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [وأصحابه، فقال : (( يا أسلع! مالي أرى رِحْلتك تغيَّرت؟ ))](5) فقلت : يارسول الله! [لم](5) أرحلْها، رَحَلَها رجلٌ من الأنصار، قال : (( ولم ؟ )) فقلت : إني أصابتني جنابة فخشيت القُرَّ(6) على نفسي، فأمرته أن يرحلها ورضفت أحجارًا، فأسخنت ماء فاغتسلت به. فأنزل الله تعالى:{ ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم
سكارى } إلى :{ إن الله كان عفوًّا غفورًا }(7). أخرجه الحافظ أبوالقاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني في "معجمه الكبير"(8).
__________
(1) في الأصل :" زريق" بتقديم الزاي، وسيأتي على الصواب، وجاء على الصواب في "معجم الطبراني".
(2) في الأصل :"من"، والتصويب من "معجم الطبراني" و"الأنساب" للسمعاني (5/179).
(3) في الأصل :"سعيد”، والتصويب من المرجعين السابقين.
(4) في "معجم الطبراني" :" ووضعت".
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "معجم الطبراني". ويظهر أن السقط قديم قد يكون في نسخة المصنف ؛ فإن ابن الملقِّن ساقه في "البدر المنير"(2/129) بهذا النقص، ومن عادته الاعتماد على المصنِّف كثيرًا.
(6) أي : البرد، كما في النهاية (4/38).
(7) سورة النساء، آية (43).
(8) 1/299 رقم877).(1/97)
ورواه الحافظ الحسن بن سفيان عن محمد بن مرزوق، عن الهيثم بن رُزيق بسنده، وفيه : (( مالي أرى رحلتك تضطرب ؟ )).
ومن جهة الحسن بن سفيان أخرجه البيهقي(1)،إلا أنه أورده مختصرَ اللفظ.
[ل6/أ]
ورواه عمرو بن خالد الحراني عن الربيع بن بدر، حدثني أبي، عن أبيه، عن رجل مِنَّا يقال له : الأَسْلَع، قال : كنت أخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأَرْحَلُ له...، فذكر الحديث في التيمم، وليس فيه إسخان الماء،/ وليس من شرط الترجمة.
ورواه كذلك في أمر التيمم الحافظان أبوالقاسم الطبراني(2)، وأبوالحسين عبدالباقي بن قانع القاضي(3)، إلا أنه يفيد متابعة الرواية الأولى في الجملة.
ذكر مايُنبَّه عليه في هذا الفصل
" الربيع بن بدر" بن عمرو بن جراد أبوالعلاء التميمي البصري: ضعيف، وقال النسائي(4) والدارقطني(5) :" متروك ".
و"الهيثم بن رُزَيق": الراء المهملة فيه مقدمة على الزاي المعجمة، ذكره وأباه الحافظ أبومحمد عبدالرحمن بن أبي حاتم(6)، ولم يذكر فيهما تعريفًا بجرح أو تعديل، ولم يذكر راويًا عن الهيثم إلا واحدًا.
ويقال : رَحَل الناقة، يرْحَلها - بفتح الحاء في الماضي والمستقبل -. والرِّحلة - بكسر الراء - هاهنا : الهيئة، والرِّحْلَة - بالكسر أيضًا - : الارتحال، وأما الرُّحلة - بالضم -: فما يرتحل إليه، يقال : أنتم رُحلتي.
وروى الدارقطني(7) عن زيد بن أسلم، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب
__________
(1) في "سننه"(1/5-6).
(2) في الموضع السابق من "معجمه الكبير" برقم (875، 876).
(3) في "معجم الصحابة" (1/50).
(4) في "الضعفاء والمتروكين"(ص177 رقم200)، ولفظه :" متروك الحديث".
(5) في "السنن" له (1/99)، ولفظه :" متروك الحديث".
(6) في "الجرح والتعديل"(3/504 رقم2284) و ( 9/83 رقم339).
(7) في " سننه"(1/37 رقم 1).(1/98)
- رضي الله عنه - [ أن عمر بن الخطاب ](1) كان يُسَخَّنُ له ماء في قُمْقُمَةٍ ويغتسل به. رواه عن الحسين بن إسماعيل، عن إدريس بن الحكم، عن علي بن غراب، عن هشام بن سعد، عن زيد، وقال :" هذا إسناد صحيح ".
وهذا من الدارقطني رحمه الله تعالى اختيار لتعديل علي بن غراب وهشام ابن سعد.
فصل في ما ذكر في الماء الْمُشَمَّس
عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : أسخنت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماءً في الشمس ليغتسل به، فقال : (( يا حُمَيْراء ! لا تفعلي هذا ؛ فإنه يورث البَرَص )).
رواه الحافظ أبو أحمد عبدالله بن عدي الجرجاني في كتاب "الكامل"(2) من حديث العلاء بن سلمة، عن خالد بن إسماعيل، عن هشام.
ورواه سعدان بن نصر عن خالد بن إسماعيل،عن هشام،ومن جهته أخرجه البيهقي(3)،وقال:"هذا لايصح".وقال الدارقطني(4):"خالد بن إسماعيل: متروك". وقال الحافظ أبوأحمد عبدالله بن عدي(5): "خالد بن إسماعيل أبوالوليد المخزومي:يضع الحديث على ثقات المسلمين"، وقال:"وروى هذا الحديث عن هشام بن عروة مع خالد : وهب بن وهب أبوالبَخْتَري، وهو شرٌّ منه "(6).
قلت :" وهب بن وهب بن كَبِير - بفتح الكاف، والباء الموحدة المكسورة-، أبوالبَخْتَري "- بفتح الباء الموحدة، وسكون الخاء المعجمة، وفتح التاء ثالث الحروف -: قاضي بغداد.
ورواية خالد هذه وقعت لنا عالية :
قرأت على الشيخ المفتي أبي الحسن علي بن هبة الله الشافعي، عن الشيخ الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السِّلَفي - فيما قرئ عليه وهو يسمع -، أنا الرئيس أبوعبدالله القاسم بن الفضل الثقفي، ثنا أبوالحسين علي بن محمد بن عبدالله بن بشران البغدادي بها.
__________
(1) مابين المعكوفين من "سنن الدارقطني".
(2) 3/41-42).
(3) في "سننه"(1/6).
(4) في "سننه"(1/38 ).
(5) في الموضع السابق من "الكامل".
(6) وروايته عند ابن حبان في "المجروحين" (3/75).(1/99)
وقرأت عليه أيضًا عن شَهْدَة بنت أبي نصر أحمد بن الفرج الإِبَرِي
-سماعًا منه عليها -، قالت: أنا أبوعبدالله الحسين بن علي بن أحمد، أنا عبدالله بن يحيى، قال : قرئ على إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا سعدان بن نصر بن منصور، ثنا خالد بن إسماعيل، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : أسخنت له ماءً في الشمس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((لا تفعلي ياحميراء ! فإنه يورث البرص )).
[ل6/ب]
ورواه الدارقطني(1)من حديث الهيثم بن عدي،عن هشام بن عروة،عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها.وقال النسائي(2) والرازي(3)/في الهيثم:إنه "متروك".
ورواه الدارقطني(4) أيضًا من حديث عمرو بن محمد الأعسم - وهو بالعين والسين المهملتين(5)-، عن فليح، عن الزهري(6)
__________
(1) في "الأفراد" كما قال السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (2/5). ومن طريق الدارقطني أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (2/357 رقم933)، ونسبه إلى الدارقطني أيضًا الزيلعي في "نصب الراية"(1/102)، وابن الملقن في "البدر المنير" (2/118).
(2) في "الضعفاء والمتروكين"(ص244رقم608)، ونقله عنه ابن عدي في "الكامل"(7/104).
(3) يعني أبا حاتم، وكلامه هذا في "الجرح والتعديل" (9/85 رقم 350).
(4) في "سننه" (1/38 رقم 3).
(5) وكذا جاء في "تاريخ بغداد" (12/204 رقم6663) و "البدر المنير" ( 2/116 - 117)، وهو الصواب فيما يظهر ؛ فإن السمعاني ذكر في "الأنساب" (1/189) هذه النسبة - بالسين المهملة -. ووقع في "سنن الدارقطني"، وعنه البيهقي في "سننه" (1/7)، والزيلعي في "نصب الراية" (1/102): "الأعشم" - بالشين المعجمة -، وكذا جاء في "لسان الميزان" (5/363)، وهذه النسبة لم يذكرها السمعاني في "الأنساب".
(6) قوله :"عن الزهري" سقط من الأصل، واستدرك في الهامش.
.(1/100)
، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُتَوَضَّأ بالماء الْمُشَمَّسِ أو
يُغتسل به، وقال : (( إنه يورث البرص )).
وقال الدارقطني :" عمرو بن محمد الأعسم منكر الحديث، ولم يروه عن
فليح غيره، ولايصح عن الزهري".
قال البيهقي في "السنن"(1) :" وروي بإسناد آخر منكر عن ابن وهب، عن مالك، عن هشام، ولايصح "، ولم يُبِّين البيهقي هذا الإسناد.
وهو حديث رواه الدارقطني رحمه الله تعالى في كتاب"أحاديث مالك الغرائب التي ليست في الموطأ "(2) عن أبي نصر محمد بن أحمد بن عثمان بن العنبر، عن أبي أحمد الوَركاني الإِسفراييني، عن أبي بكر محمد بن إبراهيم بن الجنيد، عن إسماعيل بن عمرو الكوفي، عن ابن وهب بسنده، ولفظه : سخّنت لرسول الله r ماءً في الشمس [يغتسل](3) فيه، فقال : (( لا تفعلي ياحميراء! فإنه يورث البرص )). قال(4):" هذا باطل عن مالك، وعن ابن وهب أيضًا، وإنما رواه خالد بن إسماعيل المخزومي-وهو متروك -، عن هشام، ومَنْ دون ابن وهب ضعفاء".
وروى الحافظ أبوجعفر محمد بن عمرو بن موسى العُقَيلي(5) من حديث إسماعيل بن عبدالله [بن](6) زرارة الرقي، ثنا علي بن هاشم الكوفي، ثنا سوادة، عن أنس - رضي الله عنه - : أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( لاتغتسلوا بالماء الذي يسخَّن في الشمس ؛ فإنه يعدي من البرص )). قال العقيلي في الترجمة : "سوادة عن أنس مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ ".
قلت : ولحديث أنس طريق آخر :
__________
(1) 1/7).
(2) كما في "نصب الراية" (1/102)، و "البدر المنير" (2/120).
(3) في الأصل :"تغتسل"، والتصويب من "البدر المنير" نقلاً عن الدارقطني.
(4) أي الدارقطني.
(5) في "الضعفاء" (2/176).
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
.(1/101)
أخبرنا أبوالفرج الحراني(1)، ثنا أبو أحمد عبدالوهاب بن علي، أنا أبوبكر محمد بن عبدالباقي، أنا أبوطالب محمد بن علي، أنا أبوالحسن علي بن عمر الدارقطني، ثنا عبدالصمد بن علي المُكرَمي، ثنا الفضل بن العباس الصواف، ثنا عبدالوهاب بن إبراهيم، ثنا أيوب بن سليمان أبواليسع، ثنا زكريا بن حكيم، عن الشعبي، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -...، فذكر حديثًا، ثم قال : وعن الشعبي، عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تغسلوا صبيانكم بالماء الذي يسخن بالشمس ؛ فإنه يورث البرص ))، ثم ذكر حديثًا آخر، ثم قال(2) :" تفرد بهذه الأحاديث زكريا بن حكيم، عن الشعبي، ولم يروها عنه غير أبي اليسع أيوب بن سليمان ".
وهذا الحديث في الجزء [النَّيِّف](3) والثمانين من " الأفراد " للحافظ أبي الحسن الدارقطني.
قال العقيلي(4) :"وليس في الماء المشمس شيء يصح مسندًا، وإنما فيه
شيء من قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ".
__________
(1) علق عليه بهامش الأصل بما نصه :" هو النجيب عبداللطيف، وشيخه هو ابن..."، ثم لم يظهر باقي الكلام في التصوير، ولكن من الواضح أنه :" ابن أبي سُكَينة"، وهو أبوأحمد عبدالوهاب بن علي بن علي بن عبيدالله البغدادي، المترجم في "التكملة لوفيات النقلة" (2/201-202 رقم 1146). و"النجيب عبداللطيف" هو : نجيب الدين أبوالفرج عبداللطيف بن عبدالمنعم بن علي الحراني، الحنبلي، المترجم في "الدليل الشافي" لابن تغري بردي (1/428 رقم1476)، و"حسن المحاضرة" (1/382 رقم92)، وغيرهما.
(2) أي الدارقطني، وذلك في كتابه "الأفراد" كما سيبيِّنه المصنِّف بعد قليل، وكما في "البدر المنير" (2/126)، و "التعليق المغني على الدارقطني" (1/38).
.
(3) مابين المعكوفين بياض في الأصل، والمثبت من "البدر المنير" (2/126) نقلاً عن المصنِّف.
(4) في الموضع السابق من "الضعفاء" له.(1/102)
وهذا الذي أشار إليه العقيلي من عمر - رضي الله عنه - رواه الشافعي(1) رحمه الله تعالى عن إبراهيم بن محمد، أخبرني صدقة بن عبدالله، عن أبي الزبير، عن جابر : أن عمر - رضي الله عنه - كان يكره الاغتسال بالماء الُمَشمَّس، وقال :" إنه يورث البرص ".
أخرجه البيهقي(2) من جهة الشافعي.
و"إبراهيم بن محمد" هو : ابن أبي يحيى، وقد تقدم في المقدمة (3).
[ل7/أ]
وروى أيضًا - أعني البيهقي(4) - من حديث إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن حسان بن أزهر قال : قال عمر - رضي الله عنه - :" لا تغتسلوا بالماء المشمس ؛ فإنه يورث / البرص ".
فصل في الماء المستعمل
ذكر مايتعلق به في عدم التطهر به
روى محمد بن عجلان قال : سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يبولَنَّ أحدُكم في الماء الدائم، ولايغتسل فيه من الجنابة )). أخرجه أبوداود(5).
و"محمد بن عجلان" وأبوه " عَجْلان "- بفتح العين-: أخرج لهما مسلم، واستشهد بهما البخاري(6).
وكذا رواه الليث عن ابن عجلان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى أن يُبَال في الماء الدائم، وأن يغتسل فيه من الجنابة. ومن جهة الليث أخرجه البيهقي(7).
__________
(1) في "الأم" (1/3).
(2) في "السنن" (1/6)، وفي "معرفة السنن والآثار" (1/233 رقم 508).
(3) وهي مفقودة كما بينته في مقدمتي لهذا الكتاب (ص 41،42)، ولكن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي هذا متروك، كما في "التقريب" رقم (243).
(4) في الموضع السابق من "السنن".
.
(5) في "سننه" (1/56-57 رقم 69،70) كتاب الطهارة، باب البول في الماء الراكد.
(6) كما في "تهذيب الكمال" (19/516 و517 رقم3878)، و(26/101 و108 رقم 5462).
(7) في "سننه" (1/238).(1/103)
ورواه يحيى بن محمد - هو ابن قيس -، [ عن ابن عجلان](1)، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُبَال في الماء الراكد، ثم يُغْتَسل فيه من جنابة(2).
ورواه البخاري(3) من جهة شعيب، عن أبي الزناد أنه سمع عبدالرحمن بن هرمز(4) يحدث، أنه سمع أباهريرة يحدث، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه )).
[وستأتي](5) بقية هذه الأحاديث في هذا المعنى إن شاء الله تعالى.
وروى مسلم(6) من حديث أبي السائب مولى هشام بن زهرة، أنه سمع أباهريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب ))،فقال:كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال : يتناوله تناولاً.
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن النسائي"، و"سنن البيهقي ".
(2) رواية يحيى بن محمد بن قيس هذه عن ابن عجلان أخرجها النسائي في "سننه" (1/197 رقم398) في الغسل والتيمم، باب ذكر نهي الجنب عن الاغتسال في الماء الدائم، والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".
(3) في "صحيحه" (1/346 رقم239) في كتاب الوضوء، باب البول في الماء الدائم.
(4) هو الأعرج.
(5) في الأصل :" وسيأتي ".
(6) في"صحيحه" (1/236 رقم 283) في كتاب الطهارة، باب النهي عن الاغتسال في الماء الراكد.(1/104)
وأخرجه النسائي(1)، وابن ماجه(2)، وأبو بكر ابن خزيمة في "صحيحه"(3)، وأبوعوانة في "مسنده"(4).
ذكر مااستُدِلَّ به على طهارة الماء المستعمل
روى البخاري(5) عن سفيان، عن ابن المنكدر، سمع جابر بن عبدالله يقول : مرضت مرضًا، فأتاني النبي - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأبوبكر - وهما ماشيان -، فوجداني أُغْمَى عليَّ، فتوضأ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم صَبَّ وضوءه عليَّ، فأفقت فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت : يارسول الله ! كيف أصنع في مالي ؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية الميراث.
وفي رواية أبي داود(6)من جهة سفيان:وقد أغمي عليَّ،فتوضأ وصبَّه عليَّ.
وفي رواية النسائي(7) من هذه الطريق : فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فصبَّ عليَّ وضوءه.
__________
(1) في "سننه" (1/124-125 رقم220) في كتاب الطهارة، باب النهي عن اغتسال الجنب في الماء الدائم، و(1/175-176 رقم 331) في كتاب المياه، باب النهي عن اغتسال الجنب في الماء الدائم، و(1/197 رقم396) في كتاب الغسل والتيمم، باب ذكر نهي الجنب عن الاغتسال في الماء الدائم.
(2) في"سننه" (1/198رقم605) في كتاب الطهارة وسننها، باب الجنب ينغمس في الماء الدائم، أيجزئه ؟
(3) 1/49-50 رقم 93).
(4) 1/276) في كتاب الطهارة، باب حظر اغتسال الجنب في الماء الدائم.
(5) في "صحيحه" (10/114 رقم5651) في كتاب المرضى، باب عيادة المغمى عليه.
(6) في "سننه" (3/308 رقم 2886) في كتاب الفرائض، باب في الكلالة.
(7) في "سننه" (1/87 رقم 138) في كتاب الطهارة، باب الانتفاع بفضل الوضوء.(1/105)
وروى رِشدين بن سعد عن عبدالرحمن بن زياد بن أنعم، عن عتبة بن حميد، عن عبادة بن نُسَيٍّ، عن عبدالرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه. أخرجه البيهقي(1) من طريق محمد بن إسحاق الثقفي، عن قتيبة، عن رِشدين.
قال أبوالعباس- هو السراج(2)-:"سمعت أبا رجاء(3) يقول: سألني أحمد بن
حنبل عن هذا الحديث وكتبه ". قال البيهقي :" وإسناده ليس بالقوي"؛ يعني من جهة رِشدين وعبدالرحمن بن زياد، والله أعلم.
[ل7/ب]
و"رِشْدين": بكسر الراء والدال المهملتين، وبينهما شين معجمة ساكنة. و"أَنْعُم": بفتح الهمزة، وسكون النون، وضم العين المهملة. و"حُمَيد": بضم الحاء، وفتح الميم./ و"عُبادة": بضم العين. و"نُسَيّ": بضم النون، وفتح السين المهملة، وتشديد الياء. و"غَنْم": بفتح الغين المعجمة، وسكون النون.
ومن هذا : ماأخرجه ابن ماجه في "السنن"(4) عن الوَضِين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فقلب جبة صوف كانت عليه، فمسح بها وجهه.
و"الوَضِين بن عطاء"-بفتح الواو، وكسر الضاد المعجمة- أبوكنانة: وثَّقه أحمد(5) وقال:" ثقة ليس به بأس". وكذا قال ابن معين:" لا بأس به"(2). وقال أبوحاتم(2):" تعرف وتنكر ".
__________
(1) في "سننه الكبرى" (1/236).
(2) هو محمد بن إسحاق الثقفي الذي روى البيهقي الحديث من طريقه.
(3) هو قتيبة بن سعيد.
.
(4) 1/158 رقم 468) في كتاب الطهارة وسننها، باب المنديل بعد الوضوء وبعد الغسل ، و(2/1180 رقم 3564) في كتاب اللباس، باب لبس الصوف.
(5) كما في "الجرح والتعديل" (9/50 رقم 213).(1/106)
وأما مااستدل به في هذا من حديث أبي جحيفة : أن الناس جعلوا يتمسَّحون بوضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو صحيح ؛ رواه البخاري(1) أيضًا من حديث شعبة، عن الحكم، عن أبي جحيفة. وأخرجه مسلم(2) من وجه آخر، إلا أنه يحتاج إلى لفظ يدل على أن مايُمْسَحُ به هو الْمُتَوَضَّأُ به ؛ أي :
المتساقط من الأعضاء.
وقد ورد في بعض رواياته الصحيحة :" فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه، فابتدره الناس، فنلت منه شيئًا"(3). ولهذا اخترت في حديث جابر إخراج الرواية التي ذكرتها من رواية سفيان ؛ فإنها أدل على هذا المعنى من رواية من روى في ذلك الحديث :" من فضل وضوئه ".
نعم رواية حجاج(4) عن شعبة - في حديث أبي جحيفة - فيها :" وقام الناس، فجعلوا يأخذون يديه يمسحون بها وجوههم، قال : فأخذت بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبيض من الثلج، وأطيب رائحة من المسك".
فصل في مااستُدِلَّ به على طهوريته
روى سماك بن حرب عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: اغتسل بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في جَفْنة، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ليتوضأ منها - أو يغتسل -، فقالت له : يارسول الله! إني كنت جنبًا، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: ((إن الماء لا يُجْنِب )). واللفظ لأبي داود(5).
وقال الترمذي(6) :" هذا حديث حسن صحيح ". وصححه أبو عيسى
__________
(1) في "صحيحه" (1/294 رقم187) كتاب الوضوء، باب استعمال فضل وضوء الناس.
(2) في "صحيحه" (1/360 رقم 503/250) كتاب الصلاة، باب سترة المصلي.
(3) أخرجها النسائي (1/87 رقم 137) كتاب الطهارة، باب الانتفاع بفضل الوضوء.
(4) أخرجها البخاري (6/565 رقم3553) كتاب المناقب، باب صفة النبي r.
(5) في "سننه" (1/55-56 رقم68) كتاب الطهارة، باب الماء لا يجنب.
(6) في "سننه" (1/94 رقم65) كتاب الطهارة، باب ماجاء في الرخصة في ذلك.
.(1/107)
لتصحيحه لسماك بن حرب، ومسلم يخرج له(1)، إلا أني رأيت في كتاب الأثرم : أن حديث سماك مضطرب عن عكرمة. وقال الحافظ أبوعبدالله ابن منده :" وسماك مقبول عند مسلم - يعني وأبي داود والنسائي -، وعكرمة مقبول عند البخاري- يعني وأبي داود والنسائي -، وسفيان الثوري وإسرائيل وأبو الأحوص - يعني مقبولون عند الجماعة -". انتهى.
ورواه عن سماك غير واحد.
وأخرجه أبوداود والترمذي(2) والنسائي(3) وابن ماجه(4) من رواية أبي الأحوص عنه، وفيه لفظة :" في"، وفيه : (( إن الماء لا يُجْنِبُ )).
وقال الحافظ أبوحاتم ابن حبان(5):( لم يقل:" في جفنةٍ" إلا أبو الأحوص؛ فإنه قال :" في جفنة "(. كذا قال ابن حبان.
وقد روى أبومحمد عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي الحافظ في "مسنده"(6) عن يحيى بن حسان، عن يزيد بن عطاء، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال : قامت امرأة من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - فاغتسلت في جفنةٍ من جنابة، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى فضلها يستحم، فقالت: إني قد / اغتسلت فيه قبلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إنه ليس على الماء جنابة )).
وقال(7) : أخبرنا عبيدالله، عن سفيان، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه.
[ل8/أ]
__________
(1) كما في "تهذيب الكمال" (12/115و121).
(2) تقدمت روايتا أبي دواد والترمذي.
(3) رواية النسائي ليست من طريق أبي الأحوص كما قال المصنف رحمه الله ! بل هي من طريق سفيان كما في "سنن النسائي"(1/173 رقم 325) كتاب المياه، وانظر "تحفة الأشراف" (5/137 رقم 6103).
(4) في "سننه" (1/132 رقم 370) كتاب الطهارة وسننها، باب الرخصة بفضل وضوء المرأة.
(5) في "صحيحه" (4/73 رقم 1261/ الإحسان).
(6) المعروف بـ"سنن الدارمي" (1/187) كتاب الطهارة، باب الوضوء بفضل وضوء المرأة.
(7) أي : الدارمي.(1/108)
ولسفيان وشريك عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس لفظ في الحديث لايدل على مقصود الترجمة، سيأتي في الفصل بعده إن شاء الله تعالى(1).
وقوله :" لا يُجْنِب"، يقال: أَجْنَبَ الرجلُ وجَنُب -بضم النون-. وحكى صاحب"السبب إلى حصر كلام العرب"(2) في فَعَلَ [يَفْعُل](3)- بفتح العين في الماضي،وضمها في المستقبل-:أَجْنَبَ يَجْنُبُ. وزاد القزاز في "جامعه"(4) فقال: "يقال:أَجْنَبَ الرجل:إذا أصابته الجنابة،ويَجْنُبُ واجتنب أيضًا".قال: "وحُكِيَ: جنُب الرجل ؛ من الجنابة، وأجنَب، وتجنَّب، وأفصحها: أَجنَب ". انتهى.
وقولها :" إني كنت جُنُبًا ": قال القزاز :" وهو رجل جُنُب، وامرأة جُنُب، وكذا قوم جُنُب، ولايثنى ولايجمع ". وقال الزبيدي(5) :" وأَجْنَبَ
الرجل فهو جُنُبٌ، والجمع أجناب ". وقال ابن سِيدَهْ(6):" وقد قالوا : أجنبان وأجنبات". وروي في الصحيح(7): و "نحن جُنُبان".
__________
(1) ستأتي رواية سفيان (ص 143)، ورواية شريك (ص 145).
(2) هو الحسين بن المهذب المصري اللغوي كما في "كشف الظنون"(2/975).
(3) في الأصل :"مفعل".
(4) القَزَّاز هو : محمد بن جعفر القيرواني، قال ياقوت في "معجم الأدباء" (18/105): «وهو جامع كتاب "الجامع" في اللغة، وهو كتاب كبير حسن متقن يقارب كتاب "التهذيب" لأبي منصور الأزهري، رتّبه على حروف المعجم ».
(5) هو إمام النحو، أبو بكر محمد بن الحسن بن عبيدالله بن مُذْحِج الزّبيدي، الشامي، ثم الأندلسي. اختصر "كتاب العين" للخليل بن أحمد، وله تصانيف في العربية. توفي سنة =
= تسع وسبعين وثلاثمائة. انظر "سير أعلام النبلاء" (16/417).
(6) في "المحكم" (7/322)، ولكن نص عبارته فيه :" وقد قالوا : جنبان وأجناب "، ويظهر أنه الصواب، والله أعلم.
(7) "صحيح مسلم"(1/256رقم321)كتاب الحيض، باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة،وغسل الرجل والمرأة في إناء واحد في حالة واحدة،وغسل أحدهما بفضل الآخر.(1/109)
وعن عبدالله بن داود، عن سفيان - هو الثوري - ، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوِّذ : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه من فضل ماء كان في يده. أخرجه أبوداود(1)، وقال البيهقي(2) :« هكذا رواه جماعة عن عبدالله بن داود وغيره، عن الثوري، وقال بعضهم :" ببلل يديه"».
قلت : وهذا لفظ أخرجه الدارقطني(3) من حديث [عبدالله بن داود](4) بسنده، ولفظه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ومسح رأسه ببلل يديه.
وفي رواية الدارقطني(5) من جهة عبدالله بن داود بسنده : أن الربيع بنت معوذ قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتينا فيتوضأ، فمسح رأسه بما فضل في يديه من الماء، ومسح هكذا - ووصف ابن داود : وقال بيده من مؤخر رأسه إلى مقدَّمه، ثم رد يديه من مقدم رأسه إلى مؤخره --.
قال البيهقي(6) :" وعبدالله بن محمد بن عقيل لم يكن بالحافظ، وأهل العلم بالحديث مختلفون في جواز الاحتجاج برواياته ".
قلت : قد ذكر الترمذي(7) [أن](8) محمد بن إسماعيل - هو البخاري -قال :" كان أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، والحميدي يحتجون بحديث عبدالله بن محمد بن عقيل، قال محمد : وهو مقارب الحديث ".
وقال أبومحمد علي بن أحمد(9) :" وقد صح عنه : مسح رأسه بفضل ماء
__________
(1) في "سننه" (1/91 رقم 130) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(2) في "سننه الكبرى" (1/237).
(3) في "سننه" (1/87 رقم1).
(4) في الأصل :" داود بن عبدالله "، والتصويب من المرجع السابق، وسيأتي على الصواب.
(5) في الموضع السابق برقم (2).
(6) في الموضع السابق من "سننه".
(7) في "سننه" (1/9) في أبواب الطهارة، باب ماجاء أن مفتاح الصلاة الطهور.
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل ولابد منه.
(9) هو ابن حزم، وكلامه هذا في "المحلى" (1/187)، ووقع هناك :" رأسه المقدس".(1/110)
مستعمل"، وكان قد أخرج(1) حديث عبدالله بن محمد بن عقيل هذا، وكأنه يريده، وليس حَسَنٌ منه الجزم إن أراد هذا الحديث ؛ لأن بعضهم قد تأول بعض ألفاظه على خلاف مراد علي بن أحمد، وأما أن يتوهم أنه صح حديث مصرح بالمسح بالماء المستعمل منصوصًا على كونه مستعملاً فلا. وقد ذكر الأثرم في كتابه قال:"وروى سفيان عن [ابن](2) عقيل،[عن](3) الربيع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح بما بقي من ذراعيه "، وهذا لفظ أبعد عن التأويل من الأول.
وروى ابن ماجه في "سننه"(4) من حديث المستلم بن سعيد، عن أبي
علي الرحبي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل من جنابة، فرأى لمعة لم / يُصبها الماء، فقال بِجُمَّتِه، فَبَلَّهَا عليها. قال إسحاق(5) في حديثه :" فعصر شعره عليها ".
[ل8/ب]
__________
(1) في "المحلى" (1/184).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه كما يتضح مما تقدم.
(3) في الأصل :" بن " والصواب المثبت كما يتضح مما تقدم.
(4) 1/217رقم 663)كتاب الطهارة وسننها،باب من اغتسل من الجنابة فبقي من جسده لمعة لم يصبها الماء،كيف يصنع؟وقد تصحف"المستلم"في"سنن ابن ماجه" المطبوع إلى :"مسلم".
(5) رواه ابن ماجه من طريق أبي بكر ابن أبي شيبة وإسحاق بن منصور،كلاهما عن يزيد بن هارون، عن المستلم، وساق الحديث بلفظ ابن أبي شيبة، ثم بين فرق رواية إسحاق عنه.(1/111)
و"المستلم بن سعيد": واسطي وثقه أحمد(1). و"أبوعليّ الرَّحَبي" اسمه : حسين بن قيس، يلقب بحَنَش - بفتح الحاء والنون، وبالشين المعجمة -، قال أحمد(2) والنسائي(3) والدارقطني(4):"متروك". وقال أبوزرعة(5) :" ضعيف ".
وقال البيهقي في "السنن الكبير"(6) بعد إخراج حديث ابن عقيل :« وقد رُوي فيه عن أبي الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإسناده ضعيف. ورُوي عن علي وابن عباس، وابن مسعود، وعائشة، وأنس بن مالك - رضي الله عنهم -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغسل [شيء](7) في معناه، ولايصح شيء من ذلك لضعف أسانيده، وقد
بينته في "الخلافيات"(8)».
قلت : والذي أشار إليه من رواية أبي الدرداء : من جهة تمام بن نجيح، عن الحسن، عن أبي الدرداء (9).
و"تمام بن نجيح ": قال البيهقي(10):" غير محتج به".
والذي ذكر عن علي : من جهة محمد بن عبيدالله العرزمي، عن الحسن ابن سعد، عن أبيه، عن علي(11).
وقال البيهقي(12) في العرزمي :" إنه متروك ".
__________
(1) كما في "الجرح والتعديل" (8/439)، ولفظه :" شيخ ثقة من أهل واسط، قليل الحديث".
(2) رواه عنه ابن عدي في "الكامل" (2/352).
(3) في كتاب "الضعفاء والمتروكين" (ص169 رقم148).
(4) في "السنن" (1/395).
(5) كما في "الجرح والتعديل" (3/63 -64 رقم286).
(6) 1/237).
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(8) 3/14 -22 رقم873 -882).
(9) أخرجه في "الخلافيات" (3/14 رقم873 و874)، وعلقه في "معرفة السنن" (2/49 رقم1694).
(10) في "الخلافيات" (3/15)، و"معرفة السنن والآثار" (2/50 رقم 1697).
(11) أخرجه في "الخلافيات" أيضًا (3/15-16 رقم876)، وعلقه في "المعرفة" (2/51 رقم1701).
(12) في "الخلافيات" (3/16)، و"معرفة السنن والآثار" (2/52 رقم 1707).(1/112)
والذي أشار إليه من حديث ابن عباس : من جهة سليمان بن أرقم، عن الزهري، عن عبيدالله، عن ابن عباس (1).
قال النسائي(2) والدارقطني(3) في سليمان :" متروك "(4).
وحسين بن قيس عن عكرمة، عن ابن عباس قد تقدم (5).
ورواية ابن مسعود : من جهة يحيى بن عنبسة، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله(6).
و"يحيى بن عنبسة" كذبه الدارقطني(7)، وقال ابن عدي(8):" هو مكشوف الأمر في ضعفه ؛ لروايته عن الثقات الموضوعات"(9).
وحديث عائشة(10): من جهة عطاء بن عجلان، عن [ابن](11) أبي مُليكة، عن عائشة رضي الله عنها.
و"عطاء بن عجلان" قال الرازي(12) والنسائي(13):" متروك ".
وحديث أنس: من جهة المتوكل بن فضيل، عن أبي ظلال، عن أنس(14).
__________
(1) أخرجه في "الخلافيات" أيضًا (3/13 رقم871)، وعلقه في "المعرفة" (2/49 رقم1695).
(2) كما في "الكامل" لابن عدي (3/250).
(3) في مواضع من "سننه"؛ منها :(1/110 رقم 1).
(4) وكذا قال البيهقي في الموضع السابق من "الخلافيات"، و"المعرفة" (2/50 رقم1696).
(5) ص 138و139)، وأخرجه البيهقي في "الخلافيات" أيضًا (3/17 رقم877 و878)، وعلقه في "المعرفة" (2/51 رقم1702).
(6) أخرجه البيهقي في "الخلافيات"(3/18 -19 رقم879)، وعلقه في "المعرفة" (2/51 رقم1705).
(7) في "الضعفاء والمتروكين" (ص397 رقم 587).
(8) في "الكامل" (7/255).
(9) وقال البيهقي :"كان يُتّهم بوضع الحديث"، وانظر أيضًا "المعرفة" (2/52 رقم1712).
(10) أخرجه الدارقطني في "سننه" (1/112 رقم5)، ومن طريقه البيهقي في "الخلافيات" (3/19-20 رقم 881).
(11) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والتصويب من "خلافيات" البيهقي.
(12) هو أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" (6/335).
(13) في "الضعفاء والمتروكين" (ص225 رقم480): ولفظه :" متروك الحديث".
(14) أخرجه البيهقي في "الخلافيات" أيضًا (3/21 رقم882).(1/113)
وذكر الدارقطني(1) أن المتوكل بن [فضيل](2) بصري ضعيف.
ذكر ماينبه عليه في هذا الفصل سوى ماتقدم
" سِماك": بكسر السين المهملة، مخفف الميم. و"عَقيل" جد عبدالله -مفتوح العين، مكسور القاف-:هو عقيل بن أبي طالب،أخو علي رضي الله عنهما. و"الرُّبَيِّع": بضم الراء، وفتح الباء ثاني الحروف، وكسر الياء آخر الحروف(3)، وتشديدها. و"مُعوِّذ ": بالواو المشددة. و"أبوعلي الرَّحَبي": محرك الحاء بالفتح. و"العَرْزَمي": بفتح العين المهملة، وبعدها راء ساكنة مهملة، ثم زاي معجمة مفتوحة. و"أبوظلال": بالظاء المعجمة.
فصل في فضل طهور المرأة
عن عمرو بن دينار قال : أكبر علمي والذي يخطر على بالي أن أبا الشعثاء أخبرني، أن ابن عباس أخبره ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يغتسل بفضل ميمونة. أخرجه مسلم(4)، وهو لفظ فيه طرف من الشك.
ورواه [الطبراني](5) عن عبدالرزاق(6)، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، ولم يذكر :" أكبر علمي ".
[ل9/أ]
ولما أورده أبونعيم في "مستخرجه"(7) هكذا على هذا اللفظ من جهة عبدالرزاق، أدرج عليه رواية أبي عاصم،/عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، ولم يذكر هنا :"[أكبر](8) علمي، والذي يخطر على بالي ".
__________
(1) في "السنن" (1/112).
(2) في الأصل :" فضل"، وقد تقدم على الصواب.
(3) المقصود : حروف المعجم، لا حروف الكلمة نفسها.
(4) في "صحيحه" (1/257 رقم 323) كتاب الحيض، باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.
(5) في الأصل :"الطهراني"، والحديث في "معجمه الكبير" (23/426 رقم 1033).
(6) وهو في "مصنفه" (1/269 رقم1032).
(7) 1/372 رقم 726).
(8) في الأصل :" أكثر"، والتصويب مما تقدم.(1/114)
قال بعضهم : المشهور في البقية من الماء وغيره أن يقال : فضلة، ويحتمل الفضل هنا أن يكون الفضل هنا(1) جمع فضلة كتوبة وتوب، قال الله تعالى: {وقابل التوب }(2).
وروى سفيان الثوري عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن امرأة من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسلت من جنابة، فتوضأ -أو اغتسل- النبي - صلى الله عليه وسلم - من فضل وضوئها (3).
رواه النسائي(4) من حديث سفيان، ولفظه : أن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسلت من الجنابة، فتوضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بفضلها، فذكرت ذلك له، فقال : (( إن الماء لاينجسه شيء )).
ورواه أبو عبدالله محمد بن إسحاق بن منده من جهة جماعة عن سفيان
الثوري بسنده، عن ابن عباس قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يغتسل من
بعض سؤر نسائه من جنابة، فقلت : يارسول الله ! أمن جنابة ؟! فقال : ((الماء لاينجسه شيء -أو لا يجنبه - ))، وقال :" رواه وكيع وغيره عن الثوري، عن سماك بإسناده : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل بفضلها ".
ورواه أبومحمد ابن الجارود(5) من جهة سفيان أيضًا بسنده، عن ابن عباس رضي الله عنهما : انتهى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بعض أزواجه وقد فضل من غسلها -أو وضوئها -، فأراد أن يتوضأ به، فقالت: يارسول الله ! إني اغتسلت منه من جنابة! فقال : ((إن الماء لا ينجس )).
وأخرجه البيهقي أيضًا(6).
__________
(1) كذا في الأصل بتكرار قوله :" الفضل هنا ".
(2) سورة غافر، آية (3).
(3) وهذا لفظ رواية ابن ماجه في "سننه" (1/132 رقم371) كتاب الطهارة وسننها، باب الرخصة بفضل وضوء المرأة، لكن وقع فيه :" فتوضأ واغتسل " بدل قوله هنا :" فتوضأ أو اغتسل ".
(4) في "سننه" (1/173 رقم 325) في أول كتاب المياه.
(5) في "المنتقى" (1/55 رقم 48).
(6) في "سننه الكبرى" (1/188).(1/115)
وقوله :" وقد فضل":[فيه](1) ثلاث لغات : فَضَل يفضُل، على مثال: قَتَلَ يَقْتُلُ، وفضِل يفضَل، على مثال : جَهِلَ يجْهَلُ، وفضِل يفضُل - بكسر الضاد في الماضي، وضمها في المستقبل -، وهي لغة شاذة.
وقوله :" من غُسْلها": ذكر أبومحمد عبدالحق بن سليمان في كتاب "الاقتضاب في شرح غريب الموطأ وإعرابه على الأبواب":أن الغَسْل-بالفتح-: المصدر، والغُسل - بالضم -: اسم الماء، قال :" وقد أولع الفقهاء بإيقاع الغُسْل المضموم على فعل الغاسل، ولاوجه له ". كذا قال !
وقال ابن سِيدَهْ(2):" غَسَلْتُ الشيءَ أغسِلُه(3)، غَسْلاً وغُسْلاً. وقيل :
الغَسْل : المصدر، والغُسْل : الاسم ".
وروى هذا الحديث أبوبكر ابن خزيمة(4) من حديث شعبة عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال : أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوضأ، فقالت امرأة من نسائه : يارسول الله ! إني قد توضأت من هذا، فتوضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال :
(( الماء لاينجسه شيء )).
وروى هذا الحديث شريك عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة. ورواه الدارقطني(5) بسنده، عن ابن عباس، أخبرتني ميمونة بنت الحارث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ بفضل غسلها من الجنابة. وقال الرمادي(6): "توضأ من فضل وضوئها من الجنابة ".
[ل9/ب]
__________
(1) في الأصل :" منه".
(2) في "المحكم" (5/256 ).
(3) في "المحكم" :"غسل الشيء يغسله "، والباقي مثله.
(4) في "صحيحه" (1/48 رقم 91).
(5) في "سننه" (1/53 رقم 7).
(6) هو أحد الرواة للحديث عند الدارقطني عن أبي داود الطيالسي، عن شريك.(1/116)
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم في كتاب"العلل"(1):"سألت أبازرعة عن حديث رواه سفيان عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن بعض أزواج /النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسلت من جنابة، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت له، فتوضأ من فضلها وقال : (( الماء لاينجسه شيء )). ورواه شريك عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة ؟ قال: الصحيح : عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا ميمونة ".
وهذا الكلام مع ماقدمناه من رواية سفيان من غير وجه سهل على النظر فيما قاله أبو عمر ابن عبدالبر في "التمهيد"(2)؛ حيث يقول:" وروى سفيان
وشريك، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن ميمونة قالت : اغتسلت من الجنابة، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ليغتسل فقلت: إني اغتسلت منه، فقال : (( ليس على الماء جنابة، الماء لا ينجسه شيء ))". فحمل على رواية سفيان أن فيها :" عن ميمونة"، وإنما ذلك في رواية شريك، وقد صرح الدارقطني بذلك(3)، فقال :« ولم يقل فيه :" عن ميمونة" غير شريك ».
وذكر الخلاَّل رواية شريك من جهة أحمد بن حنبل، عن هاشم بن القاسم، عن شريك، وفي آخره : (( إن الماء ليس عليه جنابة، أو لا ينجسه شيء ))، فاغتسل [منه](4). " قال الميموني(5): قال أبوعبدالله : لم يجئ بحديث سماك غيره، والمعروف أنهما اغتسلا جميعًا. وقال أبوطالب : قال أحمد : هذا فيه اختلاف شديد، بعضهم يرفعه، وبعضهم لايرفعه، وأكثر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولون : إذا [خَلتْ](6) به فلا يتوضأ منه ". انتهى مانقلته من مختصر كتاب الخلاَّل.
__________
(1) 1/43 رقم95).
(2) 1/332-333).
(3) في "سننه" (1/52 رقم 3).
(4) في الأصل :" معه".
(5) القائل :" قال الميموني..." الخ هو الخلاّل كما يفهم مما يأتي، ونقله أيضًا الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/300) عن الميموني.
(6) في الأصل بياض والمثبت من الموضع السابق من "فتح الباري".(1/117)
وقد استدل في هذا المعنى بحديث مالك(1) عن نافع، عن ابن عمر أنه قال : إن كان الرجال والنساء ليتوضئون جميعًا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الإناء الواحد.
ورواه أبوداود(2) من حديث عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا نتوضأ نحن والنساء من إناء واحد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نُدلي فيه أيدينا. وإسناده صحيح.
وأخرجه الدارقطني(3) من حديث عبيدالله بن عمر، وقال:" تابعه أيوب، ومالك، وابن جريج، وغيرهم".
وروي من حديث أبي معشر(4) عن مصعب بن ثابت، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: كان الرجال والنساء يتوضَّؤون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، يذهب هؤلاء ويجيء هؤلاء.
و"أبومعشر" اسمه : نجيح المدني، مذكور في المقدمة. قال النسائي(5):" له أحاديث مناكير ".
ومن هذا القبيل : الاستدلال بالأحاديث التي فيها اغتسال النبي - صلى الله عليه وسلم - أو وضوؤه مع النسوة من إناء واحد، وذلك مروي من حديث عائشة، وميمونة، وأم سلمة، وأم صبيّة، وأم هانئ، وأنس، وجابر - رضي الله عنهم -.
فأما حديث عائشة رضي الله عنها : فجاء من رواية عروة، والقاسم، وأبي سلمة بن عبدالرحمن، ومعاذة، وحفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر، والأسود، وعطاء، وعكرمة.
__________
(1) الذي أخرجه في "الموطأ " (1/24 رقم 15) كتاب الطهارة، باب الطهور للوضوء.
.
(2) في "سننه" (1/62 رقم79و80) كتاب الطهارة، باب الوضوء بفضل وضوء المرأة.
(3) في "سننه" (1/52 رقم 4).
(4) ومن طريقه أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(8/61).
(5) في "سننه" (4/172) كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب في حديث أبي أمامة في فضل الصائم، ونص عبارته :" عنده أحاديث مناكير ".(1/118)
فاتفق الشيخان(1) على رواية عروة عن عائشة من جهة الزهري، ولفظ البخاري عنها : كنت أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد يقال له : الفَرَقُ.
قال أبوداود(2) :" سمعت أحمد بن حنبل يقول : الفَرَقُ ستة عشر رطلاً ".
ورواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها : كنت أنا
والنبي - صلى الله عليه وسلم - [نغتسل](3) من إناء واحد، فيبدأ قبلي. أخرجه البيهقي(4).
ورواه أبوبكر ابن حفص عن عروة، وأخرجه البخاري(5) من جهته.
[ل10/أ]
[ورواية](6) القاسم أخرجها البخاري(7) من جهة عبدالرحمن ابنه عنه، ومسلم(8) من جهة أفلح / بن حميد عنه.
وقد رُوي من حديث ابن شهاب،عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها:
قرأت على الفقيه المفتي أبي الحسن علي بن هبة الله، عن الفقيه المفتي أبي طاهر أحمد بن محمد السِّلَفي - فيما قرئ عليه -، أنا أبوالحسن حمد بن إسماعيل بن حمد الهمداني بمكة، أنا أبوطالب محمد بن محمد بن إبراهيم، أنا أبوبكر محمد بن عبدالله بن إبراهيم، أنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا سليمان بن داود الهاشمي، ثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أغتسل معه - صلى الله عليه وسلم - من الإناء الواحد.
__________
(1) البخاري (1/363رقم250) في كتاب الغسل، باب غسل الرجل مع امرأته، ومسلم (1/ 255رقم 319/40،41) في كتاب الحيض،باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.
(2) في "سننه" (1/166).
(3) في الأصل :" يغتسل".
(4) في "سننه الكبرى" (1/193).
(5) في "صحيحه"(1/374 رقم 263) كتاب الغسل، باب هل يدخل الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها إذا لم يكن على يده قذر غير الجنابة ؟
(6) في الأصل :" ورواه".
(7) في الموضع السابق من "صحيحه".
(8) الموضع السابق من "صحيحه" برقم (321/45).(1/119)
قال شيخنا المنذري :" أخرجه النسائي(1) عن القاسم بن زكريا بن دينار، عن إسحاق بن منصور، عن إبراهيم بن سعد نحوه أتم منه ".
قلت : وأخرجه الطبراني في "أوسط [معاجمه(2)]"(3) من حديث [أبي عمر حفص بن عمر الحوضي ](4)، عن إبراهيم بن سعد قال : سمعت ابن شهاب يحدث، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد، وهو الفَرَق. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزهري، عن القاسم إلا إبراهيم بن سعد".
ورواية أبي سلمة، ومعاذة، وحفصة خرجها مسلم(5).
[ورواية](6) الأسود رواها أبوداود(7) بإسناد صحيح جليل، وفيه:" ونحن
جنبان ".
ورواية عطاء من جهة عبدالرزاق(8)، عن ابن جريج، عنه، عن عائشة رضي الله عنها، أنها أخبرته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنها، أنهما شَرعا جميعًا - وهما جنب - في إناء واحد.
ورواية عكرمة أخرجها ابن ماجه(9) من حديث حبيب بن أبي حبيب، عن عمرو بن هَرم، عن عكرمة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهما كانا يتوضآن جميعًا للصلاة.
وله طريق غريبة من حديث أبي أمامة، عن عائشة رضي الله عنها، وقعت لنا عالية :
__________
(1) في "سننه"(1/201رقم 410) كتاب الغسل والتيمم، باب الدليل على أن لا توقيت في الماء الذي يغتسل فيه.
(2) في الأصل :" معجمه ".
(3) 3/36 رقم 2391).
(4) في الأصل :" أبي حفص عمر بن حفص الجويني”، والتصويب من "المعجم الأوسط"، و"تهذيب الكمال" (2/89).
(5) في "صحيحه" برقم (320/42و321/43 و44 و46)، من طريق هؤلاء الثلاثة.
(6) في الأصل :" ورواه".
(7) في "سننه" (1/61 رقم77) كتاب الطهارة، باب الوضوء بفضل وضوء المرأة.
(8) في "مصنفه" (1/268 رقم 1028)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "سننه" (1/188).
(9) في "سننه" (1/135رقم383)كتاب الطهارة وسننها، باب الرجل والمرأة يتوضآن من إناء واحد.(1/120)
قرأت على أبي الحسن الفقيه، عن أبي طاهر الحافظ - قراءة عليه -، أنا الرئيس أبوعبدالله الثقفي- قراءة عليه-، ثنا أبوبكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ، أنا أحمد بن محمد بن زياد القطان، ثنا علي بن إبراهيم الواسطي، ثنا يزيد بن هارون، أنا جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : لقد كنت أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - تختلف أيدينا في الإناء الواحد في الغسل من الجنابة. "جعفر بن الزبير" متكلم فيه.
وحديث ميمونة أخرجه مسلم(1)، والترمذي(2)، والنسائي(3)، وابن
ماجه(4) من حديث سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما -واللفظ لمسلم- قال:أخبرتني ميمونة رضي الله عنها أنها كانت تغتسل هي والنبي - صلى الله عليه وسلم - في إناء واحد.
ورواه البخاري(5) عن أبي نعيم، عن ابن عيينة دون ذكر ميمونة رضي الله عنها.
قال البخاري :" كان ابن عيينة أخيرًا يقول : عن ابن عباس، عن ميمونة، والصحيح مارواه أبونعيم ".
وحديث أم سلمة أخرجه مسلم(6) من رواية زينب بنت أم سلمة، أن أم سلمة رضي الله عنها حدثتها قالت : كانت هي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسلان في الإناء الواحد من الجنابة.
وأخرجه ابن ماجه(7).
[ل10/ب]
__________
(1) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (322).
(2) في"سننه"(1/91رقم62)أبواب الطهارة،باب ماجاء في وضوء الرجل والمرأة من إناء واحد.
(3) في "سننه" (1/129 رقم 236) كتاب الطهارة، باب ذكر اغتسال الرجل والمرأة من نسائه من إناء واحد.
(4) في "سننه"(1/133-134 رقم 377) كتاب الطهارة وسننها، باب الرجل والمرأة يغتسلان من إناء واحد.
(5) في "صحيحه" (1/366 رقم 253) كتاب الغسل، باب الغسل بالصاع ونحوه.
(6) في "صحيحه" (1/243 رقم 296) كتاب الحيض، باب الاضطجاع مع الحائض في لحاف واحد.
(7) في الموضع السابق من "سننه" برقم (380).(1/121)
وحديث أم صُبَيَّة أخرجه أبوداود(1) من حديث أسامة بن زيد، عن ابن خَرَّبوذ، عنها قالت : اختلفت يدي ويد رسول الله / - صلى الله عليه وسلم - في الوضوء من إناء واحد.
وأخرجه ابن ماجه(2) من حديث سالم بن النعمان-وهو ابن [سرج](3)-، عن أم صُبيَّة الجهنية قالت : ربما اختلفت يدي ويد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الوضوء من إناء واحد.
قال ابن ماجه(4):" سمعت محمدًا - يعني ابن يحيى - يقول : أم صُبيّة هي خولة بنت قيس، فذكرت ذلك لأبي زرعة، فقال : صدق ". انتهى.
و"سرج" هذا: بالجيم المعجمة. و"أم صبية": بضم الصاد، على التصغير.
وحديث أم هانئ رواه ابن ماجه(5) من حديث مجاهد عنها، وسيأتي في فصل بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وحديث أنس قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - والمرأة [من نسائه](6) يغتسلان من إناء واحد. أخرجه البخاري(7).
وحديث جابر رواه ابن ماجه(8) من حديث شريك، عن عبدالله ابن محمد بن عقيل، عنه قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه رضي الله
__________
(1) في "سننه" (1/61 -62 رقم 78) كتاب الطهارة، باب الوضوء بفضل المرأة.
.
(2) في"سننه"(1/135رقم382)كتاب الطهارةوسننها،باب الرجل والمرأةيتوضآن من إناءواحد.
(3) في الأصل :" سرح"، وكذا في "سنن ابن ماجه"، والمثبت هو الصواب، كما في "تهذيب الكمال" (10/142 رقم 2147)، و"تقريب التهذيب" (ص359 رقم2187)، وكذا ضبطها المصنف بالجيم المعجمة كما سيأتي، وهو ابن خربوذ المتقدم في إسناد أبي داود.
(4) في الموضع السابق من "سننه".
(5) في"سننه" (1/134رقم378) الكتاب السابق، باب الرجل والمرأة يغتسلان من إناء واحد.
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من " صحيح البخاري ".
(7) في "صحيحه" (1/374 رقم264) كتاب الغسل، باب هل يدخل الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها ؟
(8) في الموضع السابق من "سننه" برقم (379).(1/122)
[عنهن](1) يغتسلون من إناء واحد.
ورَوى أبوأحمد ابن عدي(2) من حديث عمر بن صبح،عن مقاتل بن حيان، عن مسلم بن صُبيح، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فضل وضوء المرأة، فقال: (( لابأس به )).
قال ابن طاهر في " ذخيرة الحفاظ "(3) :" وعمر هذا حكى البخاري(4) أنه قال: أنا وضعت خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
قلت :"حيَّان": بفتح الحاء، وفتح الياء آخر الحروف مع التشديد.
فصل في من كره الوضوء بفضل المرأة
عن داود الأودي، عن حميد بن عبدالرحمن الحميري قال : لقيت رجلاً صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع سنين كما صحبه أبوهريرة، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل المرأة بفضل الرجل، أو يغتسل الرجل بفضل المرأة. وفي روايةٍ :
" وليغترفا جميعًا ". لفظ أبي داود(5).
وزاد النسائي(6): " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو
يبول في مغتسله، أو يغتسل الرجل..."، الحديث.
وقد اختُلف في هذا الرجل المبهم في هذه الرواية، فقيل : إنه عبدالله بن سَرْجَس. وقيل: إنه الحكم بن عمرو الغفاري. وقيل: عبدالله بن مغفل المزني.
__________
(1) في الأصل :" عنهم".
(2) في "الكامل" (5/25).
(3) 3/1440-1441 رقم 3158).
(4) في "التاريخ الأوسط" (2/192).
(5) في "سننه" (1/63 رقم 81)كتاب الطهارة، باب النهي عن ذلك.
(6) في "سننه" (1/130 رقم 238) كتاب الطهارة، باب النهي عن الاغتسال بفضل الجنب.(1/123)
قال أبوالحسن ابن القطان(1) :" وداود هذا - يعني الأودي - وثقه ابن معين(2) والنسائي(3)". قال :« وغلط أبومحمد ابن حزم غلطًا قد بيناه عليه في أمثاله، وسبق إلى ذلك أبوبكر ابن مُفَوَّز ؛ وذلك أن ابن حزم قال :" إن [كان](4) هذا هو عم عبدالله بن إدريس، فهو ضعيف، وإن لم يكن إياه فهو مجهول "، وهو ليس بعمّ لابن إدريس ؛ فإن عمّ ابن إدريس هو داود بن يزيد الأودي،وأما هذا فهو داود بن عبدالله الأودي، وقد وثقه من ذكرنا وغيرهم.
وقد كتب الحميدي إلى ابن حزم من العراق يخبره بصحة هذا الحديث، ويبين له أمر هذا الرجل، فلا أدري أرجع عن قوله أم لا ؟»
[ل11/أ]
قلت : وداود هذا يقع غير منسوب في بعض الروايات، فيقع الوهم فيه، ولكن مُبَيَّنٌ في رواية زهير وأبي عوانة عنه، فقالا: داود بن عبدالله./أخرجهما
جميعًا أبوداود(5).
ولما ذكر البيهقي(6) هذا الحديث قال : " وهذا الحديث رواته ثقات، إلا
أن حميدًا لم يُسم الصحابي الذي حدثه، فهو بمعنى المرسل، إلا أنه مرسل
جيد، لولا مخالفة الأحاديث الثابتة الموصولة قبله. وداود بن عبدالله الأودي لم يحتج به الشيخان : البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى ".
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (5/226).
(2) في "تاريخه" برواية الدوري (2/153 رقم2970).
(3) لم أعثر على توثيق النسائي له، وإنما قال ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (1/566) : "قال النسائي : ليس به بأس ".
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "بيان الوهم والإيهام".
(5) في الموضع السابق من "سننه".
(6) في "سننه الكبرى" (1/190).(1/124)
وهذا الذي ذكره الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى تعليل ضعيف.أما قوله: "إنه بمعنى المرسل"، فإن أراد به:يشبه المرسل في أنه لم يُسم فيه الصحابي، فهذا صحيح، لكنه لايمنع خصمه من الاحتجاج ذاهبًا إلى أنه لاحاجة إلى تسمية الصحابي بعد أن حكم بكونه صحابيًّا ؛ لعدالة الصحابة كلهم. وإن أراد بأنه في معناه : أنه لا يحتج به كما لا يحتج بالمرسل، منعه الخصم لما ذكرناه.
وقوله :" إنه مرسل جيد ": غير جيد،بل هو مسند أو كالمسند.
وقوله : " لولا مخالفة الأحاديث الثابتة الموصولة قبله "، فالأحاديث التي قدمها في "باب فضل المحدث" على "باب ماجاء في النهي عن ذلك ": هو حديث [ابن](1) عمر في وضوء الرجال والنساء جميعًا من وجهين، وحديث أم صُبية. ولعله أراد الأحاديث التي ذكرناها في الغُسل مع النساء من إناء واحد أو بعضها، وخصومه يتأولون تلك الأحاديث.
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وسيذكره المصنف على الصواب، وتقدم الحديث (ص146و147).(1/125)
قال الحافظ أبوبكر أحمد بن محمد بن هانئ الأثرم صاحب أحمد بن حنبل بعد ذكر الأحاديث من الطرفين:"فاختلفت هذه الأحاديث في ظاهرها اختلافًا بعيدًا، والذي يعمل به منها: أنه لابأس أن يتوضئا -أو يغتسلا- جميعًا من إناء واحد يتنازعانه، على حديث عائشة، وميمونة، وأنس، وابن عمر، وأم هانئ، وأم سلمة، وأم صبية، وغيرهم - رضي الله عنهم -:أن النبي r كان يفعل ذلك. وعلى أنه لا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة على حديث الحكم بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه لا بأس أن تتطهر المرأة بفضل الرجل، ولأن الأحاديث التي جاءت بعد في الكراهية عن الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - لم يكن في شيء منها : أن الكراهية في ذلك للرجل أن يتطهر بفضل وضوء المرأة، ولتلك الأحاديث علل "، ثم شرع الأثرم في تعليلها، فسنذكر ماذكره، وماعلَّته في ذلك إن شاء الله تعالى. وليس المقصود هاهنا، ولا في هذا الكتاب إقامة الحجج على طريقة النظر، وإنما ذكرنا هذا ؛ لأن الحافظ البيهقي رحمه الله تعالى أراد ترجيح هذه الروايات على هذه الروايات، فذكرنا هنا تأويل خصمه وجمعه بين الحديثين، فله أن يقول : متى أمكن الجمع لا يُرد أحد الحديثين بالآخر.
وقول البيهقي رحمه الله تعالى :" وداود بن عبدالله لم يحتج به الشيخان "
[ل11/ب](1/126)
غير ضارٍّ، ولا مانع من الاحتجاج،/ وقد اعترف بأن الحديث رواته ثقات، وقد نقلنا أيضًا توثيق داود عن ابن معين والنسائي، وكم من موثق في الرواية لم يُخرجا له في "الصحيح"، ولا التزما إخراج كل موثق، وعبر الحافظ البيهقي في " المعرفة "(1) عن هذا المعنى الذي ذكره في إبهام اسم الصحابي - وأنه بمعنى المرسل - عبارة غير جيدة، فقال :" وأما حديث [ داود بن عبدالله](2) الأودي، عن [حميد](3)بن عبدالرحمن الحميري،عن رجل من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -، فإنه منقطع، وداود بن عبدالله منفرد به ". [فربما](4) يتوهم فيه انقطاع من
غير جهة إبهام اسم الصحابي، وليس كذلك فليُعلم.
وأما قول الأثرم :" إنه لابأس أن تتطهر المرأة بفضل الرجل " فضعيف جدًا ؛ لأن الحجة لا تنحصر في رواية معين، فإذا صحت الرواية من أي جهة كان عمن كان بزيادة، لم يكن سقوط الزيادة في رواية أخرى قادحًا.
وأما العلل التي أشار إليها، فسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى.
ولما انتهى إلى تعليل حديث الأودي هذا قال :" فهو أحسنها إسنادًا، إلا أنه مخالف لحديث الحكم بن عمرو، وحديث الحكم أحسن منه ".
فأما مخالفته له، فالمخالفة من الجانبين، وليس رد حديثه لحديث الحكم بأولى من العكس. وقوله :" حديث الحكم أحسن منه " فيه نظر.
حديث آخر في المعنى : روى شعبة، عن عاصم، عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو - وهو الأقرع -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة. لفظ أبي داود(5).
__________
(1) 1/497- 498 رقم 1496).
(2) في الأصل:"عبدالله بن داود”، والتصويب من"المعرفة" للبيهقي، وقد تقدم على الصواب.
(3) في الأصل :" عبدالله "، والتصويب من الموضع السابق من "المعرفة" للبيهقي.
(4) في الأصل :" قديمًا ".
(5) في "سننه" (1/63 رقم82) كتاب الطهارة، باب النهي عن ذلك.(1/127)
وأخرجه الترمذي(1) وابن ماجه(2).وفي رواية الترمذي:"بفضل طهور المرأة - أو قال :[ بسؤرها](3)-". وفي رواية:"بفضل طهور المرأة"، ولم يشك.
ورواه الترمذي(4) من حديث سفيان،عن سليمان التيمي،عن أبي حاجب، فقال: عن رجل من بني غفار قال:نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فضل طهور المرأة.
والذي يُعتلّ به في هذا الحديث أمران: أحدهما : قول البخاري(5): "سوادة بن عاصم أبوحاجب العَنَزي يعد في البصريين، ويقال : الغفاري - ولا أراه يصح -، عن الحكم بن عمرو". وقال البيهقي(6) :" وبلغني عن أبي عيسى الترمذي أنه قال(7): سألت محمدًا - يعني البخاري - عن هذا الحديث، فقال : ليس بصحيح - يعني حديث أبي حاجب عن الحكم بن عمرو -".
والثاني : التعليل بالوقف ؛ قال الدارقطني(8):" أبوحاجب اسمه: سوادة بن
عاصم، واختلف عنه : فرواه عمران بن حدير، وغزوان بن [حجير](9) السدوسي عنه موقوفًا من قول الحكم، غير مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
__________
(1) في "سننه" (1/93 رقم64) أبواب الطهارة، باب ماجاء في كراهية فضل طهور المرأة.
(2) في "سننه" (1/132 رقم373) كتاب الطهارة وسننها، باب النهي عن ذلك.
(3) في الأصل :"سؤرها"، والتصويب من "سنن الترمذي".
(4) في الموضع السابق برقم (63).
(5) في "التاريخ الكبير" (4/184-185 رقم 2419).
(6) في "سننه الكبرى" (1/192)، و"معرفة السنن" (1/497 رقم1494).
(7) في "العلل الكبير" (1/134).
(8) في "سننه" (1/53).
(9) في الأصل :"حجين"، والتصويب من المرجع السابق، وسيذكره المصنف على الصواب.(1/128)
[والقائلون](1) بتقديم المرفوع على الموقوف يجعلون ذلك(2) فتوى لا تعارض في الرواية. وممن صحح الحديث: أبوحاتم ابن حبان، وأخرجه في كتابه(3) من حديث أبي داود، عن شعبة، عن عاصم الأحول قال : سمعت أبا حاجب يحدث، عن الحكم بن عمرو الغفاري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة. رواه عن علي بن أحمد بن بسطام، عن عمرو بن علي بن بحر، عن أبي داود.
وفي "العلل"(4): سُئل الدارقطني عن حديث رُوي عن أبي حاجب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه نهى أن يتوضأ بفضل طهور المرأة، فقال: " يرويه سليمان التيمي، واختلف عنه : فرواه أبوكُدَينة عن سليمان التيمي، عن أبي حاجب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وذلك وهم، وإنما رواه أبوحاجب عن الحكم بن عمرو الغفاري ".
[ل12/أ]
وقال الميموني :« قلت لأبي عبدالله :/ حديث الحكم بن عمرو يسنده أحد غير عاصم ؟ قال : لا، ويضطربون فيه عن شعبة، وليس هو في كتاب غُندر ؛ بعضهم يقول:" عن فضل سؤر المرأة "، وبعضهم يقول: " فضل وضوء المرأة "، ولايتفقون عليه. قال : ورواه التيمي، إلا أنه لم يسمه ؛ قال : عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ». انتهى.
حديث آخر في المعنى : روى عبدالعزيز بن المختار عن عاصم، عن عبدالله بن سرجس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، ولكن يشرعان جميعًا. أخرجه ابن ماجه(5) والدارقطني(6) والقاضي أبوبكر محمد بن بدر في كتاب "النهي".
وحاصل مايُعتَلُّ به على هذا الحديث وجوه :
__________
(1) في الأصل :" والقائلين".
(2) أي : الموقوف على الراوي.
(3) أي :"الصحيح" (4/71 رقم 1260/الإحسان).
(4) 8/279-280 رقم 1567).
(5) في "سننه" (1/133 رقم 374) كتاب الطهارة وسننها، باب النهي عن ذلك.
(6) في "سننه" (1/116 -117 رقم 1).(1/129)
أحدها : الوقف ؛ ذكر الأثرم أنه لم يرفعه الناس إلا ابن المختار وحده، وخالفه الناس فأوقفوه. قال :" وفيه أيضًا علة أخرى : أن الذين أوقفوه لم يذكروا الكراهية للمرأة أن تتوضأ بفضل الرجال ".
قال البيهقي(1):" وبلغني عن أبي عيسى الترمذي(2) عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال : حديث عبدالله بن سرجس في الباب : الصحيح هو موقوف، ومن رفعه فقد أخطأ (3)".
وذكر أبوالحسن ابن القطان(4) أن «حديث ابن سرجس هو عند الدارقطني من رواية عبدالعزيز بن المختار، عن عاصم الأحول، عن عبدالله بن سرجس، وشعبة يخالفه فيرويه عن عاصم فيقفه ». قال :« ولما ذكره الدارقطني أورد رواية شعبة، ثم قال :" وهو أولى بالصواب".
وذكر الترمذي في "علله" عن البخاري أنه قال :" الصحيح فيه موقوف"».
__________
(1) في "سننه الكبرى" (1/193).
(2) في "العلل الكبير"(1/134)، ولفظه هناك :" سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال : ليس بصحيح، وحديث عبدالله بن سرجس في هذا الباب هو موقوف، ومن رفعه فهو خطأ ".
(3) في "سنن البيهقي" :" ومن رفعه فهو خطأ "، وهو موافق لما في "العلل الكبير".
(4) في "بيان الوهم والإيهام" (5/225 -226 رقم 2436).(1/130)
قال(1):«وعندي أن عبدالعزيز بن المختار قد رفعه وهو ثقة لا يضره[وقف](2) من وقفه، ولكن شيخ الدارقطني فيه هو عبدالله بن محمد بن سعيد [لا تعرف](3) حاله، وهو أبومحمد المقرئ المعروف بابن الجمال. وقد ذكره الخطيب(4) [وعرف](5) برواته وتاريخ وفاته، غير حاله فلم يعرض لها، ولعله سيوجد فيه تعريف بحاله، أو يوجد الحديث بإسناد غيره إلى عبدالعزيز بن المختار، فأما الآن فهو عندي غير صحيح، [وأصح](6) منه وأولى أن يكون في هذا الباب : حديث حميد بن عبدالرحمن ». انتهى ماأردت نقله هنا.
وأقول : قد وجدنا الحديث من رواية غير ابن جمال، فأخرجه أبوعبدالله ابن ماجه في "سننه"(7) عن محمد بن يحيى، عن مُعَلّى بن أسد، عن عبدالعزيز.
__________
(1) أي ابن القطان.
(2) في الأصل :"وقوف"، والتصويب من "بيان الوهم".
(3) في الأصل :" لا يعرف"، والمثبت من "بيان الوهم والإيهام".
(4) في "تاريخه" (10/120 رقم 5247).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم والإيهام".
(6) في الأصل :"وأوضح"، والمثبت من المرجع السابق.
(7) في الموضع السابق.(1/131)
الوجه الثاني : أن يجعل حديث عبدالله بن سرجس والحكم بن عمرو حديثًا واحدًا اختلف في إسناده، ويعلل بذلك ؛ فإن الطريقين اتفقا على الرواية عن عاصم، فإذا جُعلا حديثًا واحدًا، قيل : رواه شعبة، عن عاصم، عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو الغفاري، وقال عبدالعزيز بن المختار : عن عبدالله بن سرجس. وهذا هو الذي يُفهم من كلام أبي عبدالله ابن ماجه القزويني ؛ فإنه أخرج أولاً حديث أبي حاجب عن الحكم بن عمرو، ثم أتبعه بحديث عبدالله بن سرجس، وقال :" هو وهم ". قال الحافظ أبوالقاسم ابن عساكر(1)- بعد ماحكى هذا اللفظ عنه -:" يعني أن الصواب حديث عاصم، عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو ". وفي نسخة سماعنا نحن في "السنن" المذكورة : قال أبوعبدالله(2) :" الصحيح هو الأول، والثاني وهم"، وهذا أصرح [بالمراد](3). وكذا يشير كلام البيهقي إلى هذه الطريقة ؛ [فإنه](4) أخرج رواية عبدالعزيز/بن المختار من رواية إبراهيم بن الحجاج عنه، [ثم](5) قال(6):"وهكذا رواية مُعَلّى بن أسد عن عبدالعزيز بن المختار،وخالفه شعبة عن عاصم". فكلامه يدل على أنه حديث واحد اختلف فيه. ولخصومهم أن ينازعوا في ذلك ويجعلوهما حديثين مختلفين من رواية عاصم، أحدهما : عن أبي حاجب، عن الحكم، والثاني : عن عاصم، عن عبدالله بن سرجس.
[ل12/ب]
وقد روى هذا القاضي أبوبكر محمد بن بدر في كتاب "النهي" من جهة إبراهيم بن الحجاج، عن عبدالعزيز بن المختار، عن عاصم قال : حدثني عبدالله بن سرجس،وهذه عبارة ثبتت،وهكذا فعل من صنف؛يجعلها أحاديث.
__________
(1) في "أطراف السنن" كما في "تحفة الأشراف" (4/350 رقم 5325).
(2) يعني ابن ماجه.
(3) في الأصل :"المراد".
(4) في الأصل :" فإن ".
(5) ما بين المعكوفين ليس في الأصل.
(6) أي البيهقي في "سننه" (1/192).(1/132)
قلت: ذكر أبومحمد عبدالحق صاحب "الأحكام"(1) من طريق الدارقطني، عن عبدالله بن سرجس قال:نهى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، أو المرأة بفضل الرجل، ولكن يشرعان جميعًا، ثم قال :" وخرجه النسائي ". قال ابن القطان(2):« انتهى ماذكر، وهكذا قال : إن النسائي أخرجه، وليس كذلك، وإنما أخرج النسائي(3) [حديث](4) حميد بن عبدالرحمن، قال : لقيت رجلاً صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - [أربع سنين](5) كما صحبه أبوهريرة قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمتشط أحدنا كل يوم، أو يبول في مغتسله، أو يغتسل الرجل بفضل المرأة، أو المرأة بفضل الرجل، وليغترفا جميعًا. قال(6): أخبرنا قتيبة بن سعيد، ثنا أبوعوانة، عن داود الأودي، [عن حميد...، فذكره. وداود الأودي](1) وثقه ابن معين(7) وابن حنبل(8) والنسائي(9)، وقد بيّن في كتابه الكبير(10) أنه إنما يعني بقوله :" خرجه النسائي": هذا الحديث، [لا](11) حديث عبدالله بن سرجس ؛ فإنه أورده [مع](12) حديث ابن سرجس [بإسناده](13)، وأَتْبَعَ حديث ابن
__________
(1) في "الأحكام الوسطى" (1/196).
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (2/103-104 رقم71،72).
(3) في"سننه"(1/130رقم238)كتاب الطهارة، باب ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب.
(4) في الأصل :"من حديث"، والتصويب من "بيان الوهم".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم".
(6) أي النسائي.
(7) في "تاريخه" برواية الدوري (2/153 رقم2970).
(8) كما في "العلل" رواية ابنه عبدالله (1/536 رقم1267).
(9) لم أجد توثيق النسائي له، وإنما وجدته قال عنه :" ليس به بأس " كما سبق بيانه (ص154).
(10) يعني عبدالحق الإشبيلي في "الأحكام الكبرى".
(11) في الأصل :" إلا "، والتصويب من "بيان الوهم".
(12) في الأصل "من"، والتصويب من "بيان الوهم".
(13) في الأصل :"بفساده"، والتصويب من "بيان الوهم".(1/133)
سرجس تعليل البخاري له ».
حديث آخر : عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي - عليه السلام - قال : "كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأهله يغتسلون من إناء واحد، ولايغتسل أحدهما بفضل صاحبه ". أخرجه ابن ماجه(1).
و"الحارث" هو : الأعور الْهَمْداني، وذكر الأثرم أنه لم يسمعه أبوإسحاق من الحارث، والحارث لايحتج بحديثه. انتهى.
وقال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر(2)- بعد ما روى حديث الحكم بن
عمرو الغفاري -:" الآثار في هذا الباب [مضطربة](3) لا تقوم بها حجة، والآثار الصحاح [ هي ](4) الواردة بالإباحة ؛ مثل حديث ابن عمر هذا، ومثله(5) حديث جابر، ومثله(3) حديث(6) عائشة وغيرهم، كلهم يقول : إن الرجال كانوا يتطهرون مع النساء من إناء واحد معًا(7)، فإن(8) عائشة رضي الله عنها [ كانت تفعل](9) ذلك، وميمونة، وغيرهما من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - معه من إناء واحد جميعًا(10)". وقد تقدم ماقيل في هذا.
__________
(1) في "سننه" (1/133 رقم375) كتاب الطهارة وسننها، باب النهي عن ذلك.
(2) في "الاستذكار" (2/129 رقم1698).
(3) في الأصل :" مضبوطة "، والتصويب من المرجع السابق.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فتم استدراكه من المرجع السابق.
(5) في "الاستذكار" :" ومثل".
(6) في "الاستذكار":" وحديث"، وليس فيه :" ومثله".
(7) في "الاستذكار":" مع النساء جميعًا من إناء واحد".
(8) في "الاستذكار" :" وإن ".
(9) في الأصل :"قالت"، والتصويب من "الاستذكار".
(10) قوله:" معه من إناء واحد جميعًا" ليس في المطبوع من "الاستذكار".(1/134)
وقال الحافظ أبو عبدالله محمد بن منده :" وأما مانهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بفضل وضوء المرأة،فروي عن أبي هريرة،وأبي ذر،والحكم بن عمرو الغفاري، ورجل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع سنين كما صحبه أبوهريرة، ولا يثبت عن واحد منهم من جهة السند. قال عطاء وعكرمة ومن تابعهما:" إذا شرعا فيه جميعًا
[ل13/أ]
فجائز، وإذا سبق أحدهما [فلا]"(1)./ وقال بعضهم :" لابأس بفضلها مالم
تكن جنبًا أو حائضًا". وكره بعضهم أن يتطهر الواحد بفضل الآخر. وأصح الأقاويل : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعائشة رضي الله عنها كانا يغتسلان من إناء واحد، وإليه ذهب مالك(2) والشافعي(3) رضي الله عنهما ". انتهى.
وقد تقدم التفصيل لهذا المجمل الذي ذكره ابن منده، وماذكر فيه.
قلت: الذي حكاه من استثناء الجنب والحائض رواه أبوعامر موسى بن عامر بن حذيم، ثنا الوليد، ثنا أبوعمرو - هو الأوزاعي -، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :" لا بأس أن يغتسل الرجل بفضل المرأة مالم تكن حائضًا أو جنبًا ". رواه أبوالدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي عن أبي عامر، وفي الثالث من [....](4) الأوزاعي.
__________
(1) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل بمقدار نصف سطر، فاستدركته من =
= "المصنف" لعبدالرزاق(1/268 رقم1029) حيث روى عن ابن جريج قال: قال عطاء : "إذا كان الرجل والمرأة جُنُبَين فاغتسلا -إن أحبّا- في إناء، إذا شرعا أدْليا جميعًا، فأما أن يغتسل هذا بفضل هذا فلا ".
(2) انظر "الموطأ"(1/24 و52) كتاب الطهارة، باب الطهور للوضوء، وباب جامع غسل الجنابة، و"الاستذكار" (1/127).
(3) انظر "الأم" (1/8).
(4) بياض في الأصل بمقدار كلمة، ويظهر أن في موضعه كلمة :" حديث ".(1/135)
حديث آخر(1): روى أبو أحمد ابن عدي(2) من حديث عمر بن صُبح، عن مقاتل بن حيان،عن مسلم بن صُبيح، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها
قالت : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فضل وضوء المرأة [ فقال ](3): (( لا بأس به
مالم تَخْلُ به، فإذا خَلَتْ به فلا يتوضأ بفضلة وضوئها(4) )).
قال ابن عدي(5) في عمر بن صبح :" منكر الحديث عن مقاتل بن حيان وغيره ". وذكر(6) عن البخاري(7)، عن علي بن [جرير](8) قال :" سمعت عمر ابن صبح يقول : أنا وضعت خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
ذكر مايُنَبَّه [عليه](9) في هذا الفصل
"عبدالله بن سَرْجس": بسينين مهملتين، أولاهما مفتوحة، بعدها راء مهملة ساكنة، ثم جيم. و"عبدالله بن مُغَفَّلٍ": بالغين المعجمة، والفاء المشددة المفتوحة. و"ابن حزْم": بالحاء، والزاي الساكنة. و"ابن مُفَوَّز": بفتح الفاء، والواو المشددة. و"ابن الجَمال": بالجيم المعجمة. و"أبوحَاجب العَنَزي": بالعين المهملة، والنون المفتوحتين، والزاي المعجمة. و"عمران بن حُدَير": بالحاء المهملة والدال المهملة المفتوحة. و"غَزوان": بالغين المعجمة، والزاي المعجمة الساكنة. و"حُجَيْر"- والده -: آخره راء مهملة. و"الحكم بن عمرو - وهو الأقرع -": بالقاف، يشتبه بالأفرع [بالفاء](10).
فصل في طهورية الماء الآجن
__________
(1) هذا الحديث والكلام عليه مكرر هنا،وسبق أن أورده (ص153)، وتكلم عنه بنحو ما هنا.
(2) في "الكامل" (5/25).
(3) في الأصل :"قال"، وقد ذكرها المصنف هكذا سابقًا (ص 153).
(4) كذا في الأصل، وفي "الكامل":" فلا تتوضأ بفضل وضوئها".
(5) في "الكامل" (5/24).
(6) أي ابن عدي.
(7) والبخاري أخرجه في "التاريخ الأوسط" (2/192)، وتقدم (ص153).
(8) في الأصل :"محمد"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(9) في الأصل :"عنه".
(10) في الأصل :"والفاء".(1/136)
روى محمد بن إسحاق(1) عمَّن لايتَّهم، عن ابن كعب بن مالك قال : فلما انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فم الشعب، خرج علي بن أبي طالب حتى ملأ دَرَقَته من المِهْرَاس، ثم جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليشرب منه، فوجد له ريحًا، فعافه، فلم يشربه، وغسل عن وجهه الدم، وصب على رأسه وهو يقول : ((اشتد غضب الله على من دَمَّى وجه نبيه - صلى الله عليه وسلم - )).
قال البيهقي(2):" هكذا رواه يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق. ورواه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، عن وهب بن جرير، عن أبيه، عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير، عن أبيه، وهو إسناد موصول ".
[ل13/ب]
وروى البيهقي أيضًا من حديث ابن لهيعة : حدثنا أبوالأسود، عن عروة...، في قصة أحد [وما](3) أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهه، قال : وسعى علي بن أبي طالب إلى المهراس، فأتى بماء في مجنة، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشرب منه، فوجد له رائحة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - / : (( هذا ماءٌ آجن ))، فتمضمض منه، وغسلت فاطمة عن أبيها الدم. وهذا مرسل، وفيه ابن لهيعة.
فصل
__________
(1) كما في "سيرة ابن هشام" (3/85).
(2) في "سننه الكبرى" (1/269).
(3) في الأصل :"فقال"، والتصويب من المرجع السابق.
.(1/137)
روى مالك رحمه الله تعالى في "الموطأ"(1) عن أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن ابن سيرين، عن أم عطية [الأنصارية](2) رضي الله عنها، أنها قالت : دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفيت ابنته، فقال : (( اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورًا، أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتن فآذنَّني )) . قالت : فلما فرغنا آذناه، فأعطانا حقوه، فقال : (( أشعرنها إياه )). أخرجاه(3) من حديث مالك.
وعن عبدالملك بن أبي سليمان، عن عطاء قال : حدثتني أم هانئ : أنها
__________
(1) 1/222 رقم2) كتاب الجنائز، باب غسل الميت.
(2) في الأصل :" الأنصار".
(3) أي : البخاري (3/125رقم1253) في كتاب الجنائز، باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر، ومسلم (2/646 رقم939) في كتاب الجنائز، باب في غسل الميت.(1/138)
دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة وهو يغتسل - قد سترته بثوب دونه- في قصعة فيها أثر العجين، قالت : فصلى الضحى، فما أدري كم صلى[حين](1) قضى غسله. أخرجه النسائي(2) عن محمد بن يحيى بن محمد -وهو أبو عبدالله الحراني، وقد قال في موضع آخر:"ثقة"(3) -، عن محمد بن موسى بن أعين أبي يحيى - وقد أخرج له البخاري(4)-، عن أبيه موسى أبي سعيد(5) الحراني - ووثقه أبوزرعة(6)، وأبوحاتم(2)، وأخرج له مسلم(7)-، عن عبدالملك المذكور - وقد أخرج له مسلم، واستشهد له البخاري(8)-، عن عطاء - وهومتفق عليه(9)-، فليس في رواته إلا من وُثِّق. انتهى.
وعن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أم هانئ رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل وميمونة من إناء واحد من قصعة فيها أثر العجين. أخرجه النسائي(10) وابن ماجه(11)، وفي لفظ النسائي :" في قصعة ".
__________
(1) في الأصل :"حتى"، والمثبت من "سنن النسائي".
(2) في"سننه"(1/202رقم415)كتاب الغسل والتيمم،باب الاغتسال في قصعةفيها أثر العجين.
(3) كما في "المعجم المشتمل" (ص281 رقم 1000)، و"تهذيب الكمال" (27/9).
(4) كما في "تهذيب الكمال" (26/522و523 ).
(5) في الأصل:"عن أبي سعيد"،والتصويب من"سنن النسائي"،و"تهذيب الكمال"(29/27).
(6) كما في "الجرح والتعديل" (8/137).
(7) بل والبخاري كما في "تهذيب الكمال" (29/27 و30).
(8) كما في "تهذيب الكمال" (18/322 و329).
(9) روى له الجماعة كما في "تهذيب الكمال" (20/69 و86).
(10) في"سننه"(1/131رقم240)كتاب الطهارة،باب ذكرالاغتسال في القصعة التي يعجن فيها.
(11) في"سننه"(1/134 رقم378) كتاب الطهارة وسننها، باب الرجل والمرأة يغتسلان من إناء واحد.(1/139)
وقد أخرج الترمذي(1) حديثًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أم هانئ، وقال :" حسن، ولا أعرف لمجاهد سماعًا من أم هانئ "(2).
و"ابن أبي نجيح ": عبدالله بن يسار، [أبو](3) يسار، متفق على الاحتجاج به في "الصحيحين"(4).
وروى البيهقي(5) من حديث سفيان بن عيينة، عن محمد بن عجلان، عن رجل، عن أبي مُرة - أو مُرة(6)- مولى عَقيل، عن أم هانئ بنت أبي طالب...، فذكر قصة في الفتح، قالت : فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى وجهه أثر الغبار، فقال: (( يافاطمة ! اسكبي لي غسلاً ))، فسكبت له في جفنة فيها أثر العجين، فسترت عليه، فاغتسل، وصلى ثماني ركعات.
وهذا في حكم المنقطع ؛ لإبهام الرجل الذي روى عنه محمد بن عجلان. قال البيهقي :" وقد قيل : عن مجاهد، عن أبي فاختة، عن أم هانئ، والذي رويناه - مع إرساله - أصح ". وكأنه أراد بإرساله انقطاعه.
ثم أسند الحديث(7) من رواية مجاهد، عن أبي فاختة مولى أم هانئ قال : قالت أم هانئ...، وفيه : فسكبت له في قصعة كأني أرى أثر العجين فيها...، الحديث.
__________
(1) في "سننه" (4/216 رقم1781) كتاب اللباس، باب دخول النبي r مكة، إلا أن فيه قوله :"حسن غريب".
(2) كذا في الأصل ! ويبدو أن المصنف نقله عن "أطراف السنن" لابن عساكر، فإنه كذلك في "تحفة الأشراف" للمزي (12/456)، وقد نص المزي في المقدمة (1/4) على أنه اعتمد في أطراف السنن على كتاب ابن عساكر.
والصواب أن القائل :" ولا أعرف لمجاهد سماعًا من أم هانئ " هو البخاري، وعنه نقله الترمذي في الموضع السابق، وذكر نحوه أيضًا في "العلل الكبير" (ص294 رقم545).
(3) في الأصل :" أو".
(4) روى له الجماعة كما في "تهذيب الكمال" (16/215 و219).
(5) في "سننه الكبرى" (1/8).
(6) قوله :" أو مرة" ليس في "سنن البيهقي".
(7) في الموضع السابق.(1/140)
و"أبوفاختة" هذا: سعيد بن علاقة، روى عن جماعة، وروى عنه جماعة، قال أحمد بن عبدالله الكوفي(1) وأبوالحسن الدارقطني(2):" ثقة ".
وروى ابن خزيمة في "صحيحه"(3) من حديث معمر، عن ابن طاوس، عن المطلب بن عبدالله بن حنطب، عن أم هانئ قالت : نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح بأعلى مكة فأتيته، فجاءه أبوذر بجفنة فيها ماء، قالت: إني لأرى فيها أثر العجين، قالت: فستره أبوذر فاغتسل، ثم ستر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا ذر فاغتسل، ثم صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - / ثماني ركعات، وذلك في الضحى. وأخرجه أبوحاتم ابن حبان في "صحيحه"(4)، والبيهقي(5) من طريق ابن خزيمة - واللفظ له -. وهؤلاء كلهم أعلام مشاهير. و"حنطب"- جد المطلب-: بالحاء المهملة، والنون الساكنة، والطاء المهملة المفتوحة، وآخره باء. وقد أورد البيهقي هذا الحديث في "باب التطهر بالماء الذي [خالطه](6) طاهر لم يغلب عليه "، وهو ضعيف الدلالة على هذا،مع أن التقييد بكونه "لم يغلب عليه"ليس في الحديث.
[ل14/أ]
فصل في ماذكر في الوضوء بالنبيذ
فيه أحاديث أشهرها رواية أبي فزارة، عن أبي زيد، عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألني النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( مافي إداوتك ؟ )) قلت : نبيذ، قال : (( تمرة طيبة وماء طهور )). قال : فتوضأ منه. لفظ الترمذي(7).
__________
(1) هو العجلي، وقوله هذا انظره في "معرفة الثقات" له (2/420 رقم2224).
(2) في "الضعفاء والمتروكين" (ص167 رقم140) في ترجمة ابنه ثوير بن أبي فاختة.
(3) 1/119 رقم237).
(4) 3/462 رقم1189/ الإحسان ).
(5) في الموضع السابق من "سننه".
(6) في الأصل :" خالصه"، والتصويب من "السنن الكبرى" للبيهقي.
(7) في "سننه" (1/147 رقم88) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الوضوء بالنبيذ.(1/141)
وأخرجه هو وأبوداود(1) من رواية شريك، عن أبي فزارة.
وفي رواية لأبي داود(2) عن أبي زيد - أو زيد -. قال أبوالربيع : كذا قال شريك.
وأخرجه ابن ماجه(3) من حديث سفيان والجراح بن مليح، عن أبي فزارة، ولفظ حديث سفيان : عن أبي فزارة العبسي، عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث، عن عبدالله بن مسعود : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له ليلة الجن : (( عندك طهور ؟ )) قال : لا، إلا شيء من نبيذ في إداوة. قال : (([تمرة](4) طيبة، وماء طهور ))، فتوضأ.
ورواية سفيان هذه في "المسند"(5) من جهة عبدالرزاق(6) عنه، وفيها : حدثنا أبوزيد مولى عمرو بن حريث.
وقرأتها على الفقيه المفتي أبي الحسن علي بن هبة الله: أن أبا محمد ابن بري أخبرهم، أنا مرشد بن يحيى، ثنا محمد بن الحسين، ثنا محمد بن عبدالله ابن زكريا، أنا أحمد بن شعيب النسائي(7)، أنا محمود بن غيلان، ثنا بشر بن السّري، ثنا سفيان، عن أبي فزارة العبسي، عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود قال : كنت(8) مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، فقال : (( أمعك ماء ؟ )) قلت : لا، إلا إداوة فيها نبيذ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( تمرة طيبة، وماء طهور ))، وتوضأ(9)، ثم صلى الفجر.
__________
(1) في "سننه" (1/66 رقم84) كتاب الطهارة، باب الوضوء بالنبيذ.
(2) في الموضع السابق من "سننه" (1/67).
(3) في "سننه" (1/135 رقم384) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء بالنبيذ.
(4) في الأصل :"ثمرة"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) لأحمد بن حنبل (1/449).
(6) وهو في "المصنف" له (1/179 رقم693).
(7) والنسائي أخرجه في" الجزء الرابع من حديث شعبة بن الحجاج وسفيان بن سعيد الثوري مما أغرب بعضهم على بعض" (ص16 رقم206).
(8) كذا في الأصل، وفي المرجع السابق :" صليت ".
(9) كذا في الأصل، وفي المرجع السابق :" فتوضأ ".(1/142)
ورواه إسرائيل(1) عن أبي فزارة.
ورواه أحمد بن منصور الرمادي(2) عن عبدالرزاق(3) أتم منه، فقال فيه : أخبرنا الثوري، عن أبي فزارة العبسي، أنا أبوزيد مولى عمرو بن حريث، عن عبدالله بن مسعود قال : لما كانت ليلة الجن تخلف منهم - يعني من الجن - رجلان. قال الرمادي : أحسب عبدالرزاق قال : فقالا : نشهد الصلاة معك يارسول الله ! قال : فلما حضرت الصلاة قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( هل معك وضوء؟ )) قال: قلت : لا، معي إداوة فيها نبيذ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( تمرة طيبة، وماء طهور ))، فتوضأ.
__________
(1) وروايته عند الإمام أحمد في "المسند" (1/402 و 450)، وفي الموضع السابق من "المصنف" لعبدالرزاق.
(2) وروايته هذه عند البيهقي في "سننه" (1/9).
(3) وهو في الموضع السابق من "المصنف".(1/143)
ورواه أبوغسان(1) عن قيس - هو ابن الربيع -، عن أبي فزارة أتم من هذا الأتم، وقال: أنا أبوفزارة العبسي، عن أبي زيد، ثنا عبدالله بن مسعود قال: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( إني أمرت(2) أن أقرأ على إخوانكم من الجن، ليقم معي رجل منكم، ولا يقم معي رجل في قلبه مثقال [حبة من](3) خردل من كبر )) . قال : فقمت معه ومعي إداوة من ماء -[كذا](1) قال(4)-، حتى إذا برزنا خطّ حولي خطة، ثم قال : (( لاتخرجن منها، فإنك إن خرجت منها لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة )) . / قال : ثم انطلق حتى توارى عني. قال : فبقيت(5) قائمًا حتى إذا طلع الفجر أقبل، فقال : (( مالي أراك قائمًا ؟ )) قال : قلتُ : ما قعدتُ خشيتُ أن أخرج منها. قال : (( أما إنك لوخرجت منها لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة، هل معك من وضوء ؟ )) قلت: لا، قال : (( فماذا في الإداوة؟ )) قلت: نبيذ، قال : (( تمرة حلوة، وماء طيب )) . ثم توضأ، وأقام الصلاة، فلما أن قضى الصلاة قام إليه رجلان من الجن فسألاهُ المتاع،[فقال](6) : (( أولم آمر لكما ولقومكما مايصلحكما ؟ )) قال(7):بلى، ولكن أحببنا أن يحضر بعضُنا معك [الصلاة](1). قال : (([ممَّن](8) أنتما ؟ )) قالا(9): من أهل نصيبين. قال : (( قد أفلح هذان، وأفلح قومهما )) . وأمر لهما [بالعظام والرجيع](10)
__________
(1) وروايته عند البيهقي في "السنن" (1/9 - 10 ).
(2) في المرجع السابق :" إني قد أمرت ".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي".
(4) فيه استنكار لقوله :" من ماء "، وسيأتي في السياق أنه " نبيذ ".
(5) في "سنن البيهقي" :" فثبت " بدل :" فبقيت ".
(6) في الأصل :"قال"، والمثبت من "سنن البيهقي".
(7) كذا في الأصل و"سنن البيهقي"، والأولى :" قالا".
(8) في الأصل :" مِمَّ "، والمثبت من "سنن البيهقي".
(9) في "سنن البيهقي" :" قال ".
(10) في الأصل :"بالظعام بالرجيع"، والمثبت من "سنن البيهقي".(1/144)
طعامًا وعلفًا، ونهانا أن نستنجي بعظم أو روث.
وحاصل(1) ماضُعِّف به هذا الحديث وجوه :
أحدها : جهالة أبي زيد.
الثاني : التردد في أبي فزارة : هل هو راشد بن كيسان أوغيره ؟
الثالث : أن ابن مسعود لم يشهد ليلة الجن مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فأما الوجه الأول : فإن الترمذي لما خرج هذا الحديث(2) قال :" وأبوزيد مجهول عند أهل الحديث، لايعرف(3) له رواية غير هذا الحديث ".
وقال ابن أبي حاتم الحافظ في كتاب "العلل"(4):"سمعت أبا زرعة يقول : حديث أبي فزارة ليس يصح (5)، وأبو زيد مجهول-يعني في الوضوء بالنبيذ-".
وذكر أبو أحمد ابن عدي(6) عن البخاري قال :" أبوزيد الذي روى حديث ابن مسعود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( تمرة طيبة وماء طهور )): رجل مجهول، لايعرف بصحبة عبدالله ". وقال أبو أحمد ابن عدي(7):"وأبو زيد مولى عمرو ابن حريث مجهول، ولايصح هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو خلاف القرآن".
__________
(1) من بداية ذكر المصنِّف لعلل هذا الحديث هنا إلى نهاية الكلام عن حديث ابن مسعود نقله الزيلعي في "نصب الراية" (1/138) فما بعد، مع بعض التصرف.
(2) في "سننه" (1/147 رقم88) في أبواب الطهارة، باب ماجاء في الوضوء بالنبيذ.
(3) لم تنقط الياء في الأصل، فاحتمل أن تكون هكذا، وأن تكون أيضًا :" لا تعرف "، و : " لا نعرف "، وجميعها اختلفت فيها نسخ الترمذي كما ذكره المحقق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله.
(4) 1/17 رقم14).
(5) كذا في الأصل، وفي "العلل" المطبوع :" بصحيح "، وكذا في "نصب الراية" (1/138).
(6) في "الكامل" (7/291).
(7) في "الكامل" (7/292).(1/145)
وأما الوجه الثاني : وهو التردد في أبي فزارة : هل هو راشد بن كيسان أو لا ؟ فإن شيخنا(1) رحمه الله قال :" وأبوفزارة(2) رجلان، وراوي هذا الحديث رجل مجهول، ليس هو راشد بن كيسان، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -، فإنه قال(3): أبو فزارة في حديث ابن مسعود رجل مجهول، وذكر البخاري [ أبا فزارة العبسي راشد بن
كيسان](4)، [وأبا](5) فزارة العبسي غير مسمى، فجعلهما اثنين(6)"، وفي هذا نظر كبير ؛ فإنه روى هذا الحديث عن أبي فزارة جماعة كما ذكرنا، [فرواه عنه شريك، و](7)
__________
(1) يعني الحافظ المنذري، وكلامه هذا في "مختصر سنن أبي داود"(1/83).
(2) في "مختصر السنن" :"وقيل : إن أبا فزارة".
(3) كما رواه عنه الخلاّل في "العلل". انظر "تهذيب التهذيب" (1/584).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ومن "نصب الراية" (1/138)، فتم استدراكه من "مختصر السنن".
(5) في الأصل :" أن أبا"، والتصويب من "مختصر السنن".
(6) لم أجد البخاري رحمه الله ذكر أبا فزارة إلا في موضع واحد من "تاريخه" (3/296 رقم 1011)، فقال:" راشد بن كيسان أبوفزارة العبسي"، ولاشك أن كلامه الآخر في "الكنى" من "تاريخه"، لكن باب الفاء سقط من الأصل كما نبّه عليه المحقق (8/63)؛ يدل عليه:مانقله المنذري هنا عنه، وماسيأتي نقله عن "الاستغناء" لابن عبدالبر، وقول أبي أحمد الحاكم: إن البخاري جعلهما اثنين. وقد يؤكد هذا : استدراك ابن أبي حاتم ذلك على البخاري في كتابه "بيان خطأ البخاري"(ص162 رقم760) حيث قال:"أبو فزارة القيسي الكوفي عن مسقلة بن مالك، وإنما هو أبو فزارة العبسي، سمعت أبي يقول كما قال ".
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه كما يتضح من السياق، فاستدركته من "نصب الراية" (1/138)، مع بعض التصرف، وهناك زيادة، فنص عبارته :« فإنه قد =
= روى هذا الحديث عن أبي فزارة جماعة، فرواه عنه شريك كما أخرجه أبو داود والترمذي، ورواه عنه سفيان والجراح بن مليح كما أخرجه ابن ماجه، ورواه عنه إسرائيل كما أخرجه البيهقي وعبدالرزاق في "مصنفه"، ورواه عنه قيس بن الربيع كما أخرجهما - كذا ! - عبدالرزاق، والجهالة عند المحدثين تزول برواية اثنين فصاعدًا، فأين الجهالة بعد ذلك ؟ إلا أن يراد جهالة الحال ». ا. هـ.(1/146)
سفيان الثوري،[ والجراح بن مليح، وإسرائيل، وقيس بن
الربيع](1)، فأين الجهالة بعد هذا ؟
وقال الحافظ أبوأحمد ابن عدي(2):"هذا الحديث مداره على أبي فزارة،عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث،عن ابن مسعود.وأبوفزارة مشهور،واسمه راشد ابن كيسان، وأبوزيد مولى عمرو بن حريث مجهول..."، إلى آخر كلامه.
وقال الدارقطني(3):" أبوفزارة في حديث النبيذ اسمه راشد بن كيسان "، حكاه عنه بعض الحفاظ.
وقال الحافظ أبوعمر ابن عبدالبر في كتاب "الاستغناء"(4):" أبوفزارة العبسي : راشد بن كيسان "، وذكر من روى هو عنه، ومن روى عن أبي فزارة، وقال :" أما أبوفزارة فثقة عندهم ليس به بأس، ذكر إسحاق بن منصور عن ابن معين قال(5): أبوفزارة ثقة، وأما أبوزيد مولى عمرو بن حريث فمجهول عندهم، لايعرف بغير رواية أبي فزارة [عنه](6)، وحديثه عن ابن مسعود في الوضوء بالنبيذ حديث عندهم منكر(7)، لا أصل له، ولا [رواه](8) من يوثق به ولا يثبت ". وقال أيضًا في موضع آخر(9):" أبوفزارة العبسي: كوفي، روى عن مصقلة بن مالك، روى عنه الثوري، فلا أدري [أهما](10) اثنان، أم واحد ؟ وقد جعلهما البخاري اثنين، وخليقًا أن يكون واحدًا، والله عز وجل أعلم "./ فجعل صاحب حديث النبيذ راشد بن كيسان، وتردد في هذا.
[ل15/أ]
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من"نصب الراية" كما في التعليق السابق.
(2) في "الكامل" (7/292).
(3) انظر "العلل" (5/343 رقم939).
(4) 2/887 رقم1052).
(5) كما في "الجرح والتعديل" (3/485).
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"الاستغناء".
(7) قوله :"منكر" ليس في "الاستغناء".
(8) في الأصل :"رآه"، والتصويب من المصدر السابق.
(9) من "الاستغناء" (3/1506-1507 رقم2297).
(10) في الأصل :"فهما"، والتصويب من المرجع السابق.(1/147)
وأما الوجه الثالث-وهو إنكار كون ابن مسعود شهد ليلة الجن-:فقد اختلف في ذلك، وقد ذكرنا بعض مايدل على أنه كان مع النبي- صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن.
وروى أبوحفص عمر بن أحمد بن شاهين(1) بسنده عن أبي يعلى محمد بن الصلت، عن أبي صفوان، عن يونس، عن الزهري، عن أبي عثمان ابن سَنّة(2)، عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال :" كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن ".
أخبرنا أبوالفرج الحراني، أنا عبدالله بن دهبل، أنا أحمد بن الحسن بن البناء، أنا الجوهري،أنا محمد بن المظفر،ثنا محمد بن محمد بن سليمان،ثنا محمد ابن سعيد الحراني، ثنا مسكين بن بكير، ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبدالله بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - : أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ليلة الجن.أخرجه أبو الحسن ابن المظفر الحافظ في "غرائب حديث شعبة".
__________
(1) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص92 رقم97).
(2) تصحف في المطبوع من "ناسخ الحديث ومنسوخه " إلى "شيبة" بدل "سَنّة"، وهو خطأ، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (34/66).(1/148)
وروى أيضًا عن الحسين بن إسماعيل، عن أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد، [عن](1) سويد بن عمرو، عن أبي كُدينة، عن قابوس، عن أبيه، قال : حدثنا عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيده عشاءً، فانطلق يمشي حتى برز، ثم خط برجله حولي خطًّا، ثم قال : (( لاتَرِمْ(2) حتى آتيك ))، فانطلق حتى كان في وجه الصبح أتاني، فقلت : يا نبي الله ! أين كنت ؟ قال : (( أُرسلت إلى الجن ))، فقلت : يا نبي الله ! ماهذا الصوت الذي سمعت آنفًا ؟ قال : (( هو وداع القوم حين أقبلت من عندهم ))(3).
"قابوس بن أبي ظبيان" - حُصين بن جُندب-: قد مَسُّوه مسًّا ليس بالشديد. سأل عبدالله بن أحمد أباه عنه(4) قال:" ليس هو بذاك، وروى عنه الناس"، و"سألت(5) يحيى بن معين(6) عن قابوس، فقال : ضعيف الحديث ". وقال أبوحاتم(7):" ليِّن، يُكتب حديثه، ولا يحتج به ". وقال يحيى(8) في رواية أحمد بن سعد :" هو ثقة جائز الحديث، إلا أن ابن أبي ليلى [جلده](9) الحد ". وقال [ابن عدي](10):" أرجو أنه لا بأس به ".
__________
(1) في الأصل :"بن"، والتصويب من "الجرح والتعديل" (2/74 رقم147)، في ترجمة أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان.
(2) أي : لا تبرح. "لسان العرب" (12/259).
(3) وأخرجه أبوحفص ابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص91-92 رقم96) من طريق الحسين بن إسماعيل به.
(4) في "العلل" من روايته عن أبيه (1/389 رقم771).
(5) القائل :" وسألت" هو عبدالله بن أحمد.
(6) كما في المرجع السابق (3/30 رقم4018).
(7) كما في "الجرح والتعديل" (7/145 رقم808).
(8) كما في "الكامل لابن عدي" (6/48)، وفي رواية الدوري في "تاريخه" عنه (2/479): =
= " ثقة ".
(9) في الأصل :"جازه"، والتصويب من "الكامل" (6/48)، و"تهذيب الكمال" (23/329).
(10) في الأصل :"ابن أبي عدي"، وقوله هذا في "الكامل" (6/50).(1/149)
روى الحافظ الفقيه أبوبكر الإسماعيلي في جمعه لحديث يحيى بن أبي
كثير عن عمران بن موسى، عن محمد بن عبيد بن حِساب، ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن عمرو بن غيلان الثقفي أنه قال لابن مسعود: حدثت أنك مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة وفد الجن؟ قال : أجل. قال : فكيف كان ؟ قال : فذكر الحديث كله، وذكر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خط خطًّا، وقال : (( لاتبرح منها ))، فذكر مثل العجاجة السوداء غشيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذعر ثلاث مرات، حتى إذا كان قريبًا من الصبح أتاني النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (( نمت؟ )) قلت : لا والله ! وقد هممت مرارًا أن أستغيث بالناس حين سمعتك تقرعهم بعصاك، تقول : ((اجلسوا )) . قال : ((لوخرجت لم آمن أن يتخطفك بعضهم ))، ثم قال : ((هل رأيت شيئًا ؟ )) قلت: نعم ؛ رأيت رجالاً سُودًا مستثفرين(1) بثياب بياض. قال : (( أولئك جن نصيبين، سألوني المتاع - والمتاع الزاد -، فمتعتهم بكل عظم حايل، أو بعرة، أو روثة )) . فقلت : يارسول الله ! ومايغني ذلك عنهم؟! قال : (( إنهم لايجدون عظمًا إلا وجدوا عليه لحمه يوم أكل، ولا روثة إلا وجدوا فيها حبتها يوم أكلت، فلا يستنجينَّ
[ل15/ب]
أحدكم إذا خرج من الخلاء بعظم / ولا روث )). انتهى.
والأسانيد الصحيحة عندهم : ماروى مسلم(2) من حديث أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله بن مسعود قال :" لم أكن ليلة الجن مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وددت أني كنت معه ".
__________
(1) قال في النهاية في "غريب الحديث" (1/214)- في معنى "مستثفرين"-:" هو أن يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما يفعل الكلب بذنبه ".
(2) في "صحيحه" (1/333 رقم450/152) كتاب الصلاة، باب الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن.(1/150)
وروى أبوداود(1) عن عامر، عن علقمة قال : قلت لعبدالله بن مسعود:
من كان منكم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن ؟ فقال : "ماكان معه منا أحد ".
وروى يعقوب بن سفيان الحافظ(2) عن سليمان بن حرب، عن شعبة، عن عمرو بن مرة قال : سألت أباعبيدة بن عبدالله : أكان عبدالله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن ؟ قال: لا،[وسألت](3) إبراهيم، قال : ليت صاحبنا كان ذاك.
وروى مسلم(4) من حديث الشعبي، أن علقمة قال : أنا سألت ابن مسعود، فقلت : هل شهد أحد منكم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ليلة](5) الجن ؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة ففقدناه، فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: استطير أو اغتيل، فبتنا [بشر](6) ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاءٍ من قبل حراء، فقلنا : يارسول الله ! فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال : (( أتاني داعي الجن، فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن )) . قال : فانطلق بنا، فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد، فقال : (( لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر مايكون لحمًا، وكل بعرة علف لدوابكم )) . فقال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -: (( فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم )) .
وقد رُوي حديث ابن مسعود من غير جهة أبي زيد المذكور، فروى
__________
(1) في "سننه" (1/67 رقم85) كتاب الطهارة، باب الوضوء بالنبيذ.
(2) كما في "سنن البيهقي" (1/11)، وهو في "المعرفة والتاريخ" ليعقوب (2/551-552) ولكن من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة.
(3) في الأصل :" وسأله"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(4) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (150).
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"صحيح مسلم".
(6) في الأصل :"شر"، والمثبت من "صحيح مسلم".(1/151)
أبوسعيد مولى بني هاشم عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له ليلة الجن : (( أمعك ماء ؟ )) قال : لا. قال : (( أمعك نبيذ ؟ )) قال: أحسبه قال : نعم. قال : فتوضأ به. أخرجه أبوحفص ابن شاهين(1) والدارقطني(2)- واللفظ له -، وقال(3):" علي بن زيد ضعيف، وأبو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود، وليس هذا الحديث في مصنفات حماد بن سلمة، وقد رواه أيضًا عبدالعزيز بن أبي رزمة، وليس هو أيضًا بقوي ". ثم أخرجه(4) من حديث عبدالعزيز هذا، عن حماد - يعني ابن سلمة -، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن : (( أمعك ماء ؟ )) قال : لا، معي نبيذ، فدعا به فتوضأ.
وقال عبدالرحمن بن أبي حاتم(5):" سألت أبي وأبازرعة عن حديث ابن مسعود في الوضوء بالنبيذ،[فقالا](6): هذا حديث ليس بالقوي ؛ لأنه لم يروه غير أبي فزارة، عن أبي زيد، وحماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن ابن مسعود، وعلي بن زيد ليس بقوي، وأبوزيد شيخ مجهول لا نعرفه، وعلقمة يقول :" لم يكن عبدالله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، فوددت أنه كان معه ". قلت لهما : فإن معاوية بن سلام يُحدِّث عن أخيه، عن جده، عن ابن غيلان، عن ابن مسعود ؟ قالا : هذا أيضًا ليس بشيء ؛ ابن غيلان مجهول، ولا يصح في هذا الباب شيء ".
[ل16/أ]
__________
(1) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص91 رقم95).
(2) في "سننه" (1/77 رقم13).
(3) أي : الدارقطني في الموضع السابق.
(4) في الموضع السابق برقم (15).
(5) في "علل الحديث" (1/44-45 رقم99).
(6) في الأصل :" قالا"، والتصويب من المصدر السابق.(1/152)
وروى الدارقطني(1) من حديث محمد بن عيسى بن حيان، عن الحسن بن قتيبة، عن يونس بن أبي إسحاق،[عن أبي إسحاق](2)، عن أبي عبيدة(3) وأبي الأحوص، عن ابن مسعود قال : مرَّ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( خذ معك إداوة من ماء ))، ثم انطلق وأنا / معه، فذكر حديثه ليلة الجن، قال: فلما أفرغت عليه من الإداوة إذا هو نبيذ، فقلت : يارسول الله ! أخطأت بالنبيذ، فقال : (( تمرة حلوة، وماء عذب )) . قال الدارقطني :"تفرد به الحسن بن قتيبة عن [يونس](4) بن أبي إسحاق، والحسن بن قتيبة ومحمد بن عيسى ضعيفان ".
وروى الدارقطني(5) أيضًا من حديث الحسين بن عبيدالله العجلي، ثنا أبومعاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل قال : سمعت ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول : كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن، فأتاهم فقرأ عليهم القرآن، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الليل : (( أمعك ماء ياابن مسعود!؟ )) قلت : لا والله يارسول الله! إلا إداوة فيها نبيذ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( تمرة طيبة وماء طهور ))، فتوضأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الدارقطني(6):" الحسين بن عبيدالله هذا يضع الأحاديث على الثقات ".
__________
(1) في "سننه" (1/78 رقم17).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"سنن الدارقطني".
(3) كذا في الأصل، و"نصب الراية" (1/142)، وفي المطبوع من "سنن الدارقطني" :"عن عبيدة"، وهو خطأ.
(4) في الأصل:"موسى"، والتصويب من"سنن الدارقطني"،وقد تقدم آنفًا على الصواب.
(5) في الموضع السابق من "سننه" برقم (16).
(6) في الموضع السابق.(1/153)
ورُوي من حديث عبدالله بن عباس، فأخرجه ابن ماجه في "سننه"(1) من حديث مروان بن محمد، عن ابن لهيعة، عن قيس بن الحجاج، عن حنش الصنعاني، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما:أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لابن مسعود ليلة الجن : ((معك ماء ؟ )) قال: لا،إلا نبيذ في سطيحة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( تمرة طيبة، وماء طهور، صُبّ عليَّ )). قال : فصببت عليه، فتوضأ به.
وأخرجه الدارقطني(2) من جهة يحيى بن بكير وعثمان بن سعيد الحمصي، عن ابن لهيعة، وقال :" ابن لهيعة لايحتج بحديثه". وقال في موضع آخر(3): "تفرد به ابن لهيعة، وهو ضعيف الحديث ".
ومقتضى هذه الرواية أن الحديث من رواية ابن عباس مسندة.
وقد خرجه الحافظ أبو بكر البزار في "مسنده"(4) من هذا الوجه - أعني رواية ابن لهيعة - عن قيس بن الحجاج، عن حنش، عن ابن عباس، عن ابن مسعود أنه وضَّأ النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن بنبيذ فتوضأ، وقال : (( ماء طهور )) . رواه عن محمد بن الهيثم البغدادي، عن يحيى بن عبدالله، عن ابن لهيعة. قال : "وهذا الحديث لايثبت ؛ لأن ابن لهيعة(5) كانت قد احترقت كتبه، فكان يقرأ من كتب غيره، فصار في أحاديثه أحاديث مناكير، وهذا منها ".
ومقتضى هذه الرواية أن يكون الحديث من مسند ابن مسعود - رضي الله عنه -، وروايته
عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورواية ابن عباس عنه.
__________
(1) 1/135 رقم385) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء بالنبيذ.
(2) في "سننه" (1/76 رقم 10).
(3) في الموضع السابق برقم (11).
(4) 4/268 رقم1437).
(5) في "مسند البزار":" لابن لهيعة ؛ لأن ابن لهيعة ".(1/154)
وروى(1) الدارقطني(2) من حديث معاوية بن سلام، عن أخيه زيد، عن جده أبي سلام، عن فلان بن غيلان الثقفي، أنه سمع عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - يقول : دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن بوضوء، فجئته بإداوة، فإذا فيها نبيذ، فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الدارقطني :" الرجل الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول، قيل : اسمه عمرو، وقيل : عبدالله بن عمرو بن غيلان".
وقد روي عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ آخر في هذا ؛ أخرجه الدارقطني(3) من جهة أبي عبيدة مُجاعة، عن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا لم يجد أحدكم ماءً ووجد النبيذ فليتوضأ به )) . قال :" أبان هو ابن أبي عياش متروك [الحديث](4)، ومُجاعة ضعيف. والمحفوظ أنه رَأْيُ عكرمة غير [مرفوع](5)".
[ل16/ب]
وروى(6) أيضًا من جهة المسيب بن واضح، ثنا مبشر بن إسماعيل/ الحلبي،
__________
(1) في الأصل يشبه أن تكون :" ويروي ".
(2) في "سننه" (1/78 رقم18).
(3) في "سننه" (1/76 رقم 9).
(4) مابين المعكوفين من "سنن الدارقطني"، وليس في الأصل.
(5) في الأصل :"محفوظ" وهو خطأ ظاهر، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(6) أي الدارقطني في "سننه" (1/75 رقم1).(1/155)
عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( النبيذ وضوء لمن لم يجد الماء )) . قال أبومحمد(1): يعني الذي لايسكر. أخرجه عن عثمان بن أحمد الدقاق، عن أبي القاسم يحيى بن عبدالباقي، عن المسيب، وقال :" كذا قال ! ووهم فيه المسيب بن واضح في موضعين : في ذكره ابن عباس، وفي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد اختلف فيه على المسيب، [فحدثنا](2) به محمد بن المظفر، ثنا محمد بن [محمد ](3) بن سليمان، حدثنا المسيب بهذا الإسناد موقوفًا غير مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. والمحفوظ [أنه](1) من قول عكرمة غير مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا إلى ابن عباس، [والمسيب ضعيف](1)".
وروى هذا الحديث أيضًا - أعني حديث المسيب - أبوأحمد عبدالله بن عدي الحافظ(4) من رواية يوسف بن بحر، عن المسيب مرفوعًا، ومن رواية محمد بن تمام، عن المسيب موقوفًا.
__________
(1) يعني المسيَّب بن واضح.
(2) في الأصل :" حدثنا"، والمثبت من الموضع السابق من "سنن الدارقطني" رقم (2).
(3) في الأصل :" عبد"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(4) في "الكامل" (7/170).(1/156)
وأقول : أشهر هذه الأحاديث حديث أبي فزارة، وقد ذكرنا مافيه، وأقربها حديث علي بن زيد،فإنه وإن كانوا قد استضعفوه فقد ذُكر بالصدق. وقول الدارقطني(1):"وأبورافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود"،لاينبغي أن يفهم منه أنه لا يمكن إدراكه له وسماعه منه، فإن أبا رافع الصائغ جاهلي إسلامي. قال أبوعمر في " الاستيعاب"(2) :" وهو مشهور من علماء التابعين". وقال في "الاستغناء"(3) :"لم ير النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو من كبار التابعين، اسمه نفيع، كان أصله المدينة، ثم انتقل إلى البصرة، وروى عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعبدالله بن مسعود - رضي الله عنهم -، وروى عنه خلاس بن عمرو الهجري، والحسن البصري، وقتادة، وثابت البناني، وعلي بن زيد، ولم يرو عنه أهل المدينة ". وقال في " الاستيعاب"(4):" عظم روايته عن عمر وأبي هريرة ". ومن كان بهذه المثابة فلا يمتنع سماعه من جميع الصحابة - رضي الله عنهم -، اللهم ! إلا أن يكون الدارقطني يشترط في الاتصال ماذكر عن بعضهم : أنه لابد أن يعرف سماعه من المروي عنه ولو مرة، وقد أطنب مسلم(5) في الكلام على هذا المذهب.
وأما الآثار : فروى الدارقطني(6) عن يحيى بن أبي كثير قال: قال عكرمة: "النبيذ وضوء لمن لم يجد غيره".أخرجه عن أحمد بن محمد بن زياد، عن إبراهيم
الحربي، عن الحكم بن موسى، عن هقل، عن الأوزاعي، عنه.
__________
(1) في "سننه" (1/77 رقم 14).
(2) 11/250 رقم2947).
(3) 1/620 رقم692).
(4) في الموضع السابق منه.
(5) في مقدمة "صحيحه" (1/29 ومابعدها ).
(6) في "سننه" (1/75 رقم3).
.(1/157)
ورواه أيضًا(1) من جهة الوليد عن الأوزاعي، وشيبان(2) عن يحيى، عن عكرمة، وعلي بن المبارك(3) عن يحيى بن أبي كثير،[وأبي](4) تُمَيْلَةَ (5) عن عيسى بن عبيد : سمعت عكرمة وسئل عن الرجل لايقدر على الماء، قال: "يتوضأ بالنبيذ".
وروى(6) أيضًا من جهة عبدالله بن مُحَرَّر- وهو بضم الميم، وفتح الحاء، ورائين مهملتين،أولاهما مشددة مفتوحة-،[عن قتادة](7)،عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"النبيذ وضوء[لمن](8)لم يجد الماء".قال(9):"ابن محررمتروك الحديث".
وعن حجاج(10)، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال :" كان لايرى بأسًا بالوضوء من النبيذ".
وهشيم(11) عن أبي إسحاق الكوفي، عن مزيدة بن جابر، عن علي،
[ل17/أ]
ووكيع(12) عن أبي ليلى الخراساني، عن مزيدة بن جابر، عن علي رضي الله عنه قال:" لابأس بالوضوء / بالنبيذ ".
قال البيهقي(13):" ورواه أبو إسحاق الكوفي، واسمه عبدالله بن ميسرة، يقال له : أبوليلى الخراساني "، ثم قال بعد ذكره :" وعبدالله بن ميسرة متروك، والحارث الأعور ضعيف، والحجاج بن أرطاة لايحتج به "(14).
__________
(1) أي الدارقطني في الموضع السابق برقم (4).
(2) برقم (5).
(3) برقم (6).
(4) في الأصل :" وأبو".
(5) برقم (7).
(6) أي الدارقطني في "سننه" (1/76 رقم8).
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".
(8) في الأصل :"ما"، والمثبت من المرجع السابق.
(9) أي الدارقطني.
(10) أي عند الدارقطني في "سننه" (1/78-79 رقم 20).
(11) عند الدارقطني في الموضع السابق برقم (21).
(12) في الموضع السابق.
(13) في "سننه الكبرى" (1/12).
(14) وقد قال الدارقطني عقب ذكره لرواية حجاج:"تفرد به حجاج بن أرطأة،لا يحتج بحديثه".(1/158)
وروى الدارقطني(1) أيضًا بسنده عن أبي خلدة قال: قلت لأبي العالية : رجل ليس عنده ماء وعنده نبيذ، أيغتسل به من جنابة ؟ قال : لا. فذكرت له ليلة الجن، فقال : أنبذتكم هذه الخبيثة ؟! إنما كان ذلك زبيب وماء.
فصل في من قال :
إن الماء لا ينجس بوقوع النجاسة فيه إلا بالتَّغْيِيرِ
عن مروان بن محمد، عن رشدين بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن الماء لا ينجسه شيء، إلا ماغلب على ريحه،وطعمه، ولونه )). أخرجه ابن ماجه(2) عن محمود بن خالد، والعباس بن الوليد، عن مروان، وتابعه محمد بن يوسف، عن رشدين بن سعد،[عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد](3)، عن أبي أمامة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا ينجس الماء شيء، إلا ماغير ريحه أوطعمه )) . أخرجه الدارقطني(4) والطبراني في "المعجم الأوسط"(5) بلفظ متنه سواء، إلا أنه قال :" لم يرو [هذا](6) الحديث عن معاوية بن صالح إلا رشدين، تفرد به محمد بن يوسف". وذهب على الطبراني - على تبحره، وسعة روايته - رواية
مروان بن محمد التي قدمناها عن رشدين، ولا إحاطة بالعلم لبشر.
ورواه أبوالأزهر عن مروان بسنده، ولفظه : (( الماء لاينجسه شيء، إلا ماغلب على طعمه أو ريحه )). أخرجه البيهقي(7).
__________
(1) في "سننه" (1/78 رقم19).
(2) في "سننه" (1/174 رقم521) كتاب الطهارة وسننها، باب الحياض.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من :"الأوسط" للطبراني، و"سنن الدارقطني"، ويؤكده ما سيأتي.
(4) في "سننه" (1/28-29 رقم3).
(5) 1/226 رقم744).
(6) في الأصل :"عنه"، والتصويب من المرجع السابق.
(7) في "سننه الكبرى" (1/259).(1/159)
ورواه(1) أيضًا عن أبي عبدالله الحافظ، عن أبي الوليد الفقيه، عن جعفر الحافظ، عن أبي الأزهر قال : فذكر بإسناده مثله : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه أو طعمه )) . قال : "كذا وجدته، ولفظ القلتين فيه غريب". انتهى.
ورواه الدارقطني(2) من جهة عيسى بن خالد، عن مروان،عن رشدين، عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : (( الماء طهور، إلا ماغلب على ريحه أو طعمه )) . فأخرجه عن محمد بن موسى البزاز، عن علي بن سراج، عن [أبي](3) شرحبيل- هو عيسى بن خالد-. قال الدارقطني(4):" لم يرفعه غير رشدين، عن معاوية بن صالح، وليس بالقوي ".
قلت : وقد رواه أبوالوليد الفقيه، عن الشاماتي، عن عطية بن بقية بن الوليد، عن أبيه، عن ثور بن يزيد، عن [راشد](5) بن سعد، عن أبي أمامة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إن الماء طاهر، إلا إن [تغير](6) ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة [تحدث](7) فيها )) . أخرجه البيهقي(8) عن أبي عبدالله - هو الحاكم-، عن أبي الوليد.
__________
(1) في الموضع نفسه.
(2) في "سننه" (1/28 رقم 1).
(3) في الأصل:"ابن"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(4) في الموضع السابق.
(5) في الأصل :"رشدين"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(6) في الأصل :"يغير".
(7) في الأصل :"يحدث".
(8) في "سننه الكبرى" (1/259-260).(1/160)
وروى أيضًا البيهقي(1) عن أبي حازم الحافظ، عن أبي أحمد الحافظ، عن أحمد بن [عمير](2) بن يوسف الدمشقي، عن أبي أمية محمد بن إبراهيم، ثنا حفص بن عمر، ثنا ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الماء لا [ينجس](3)، إلا ماغير طعمه أو ريحه(4) )). قال البيهقي :" والحديث غير قوي، إلا أنا لا نعلم في نجاسة الماء إذا تغير بالنجاسة خلافًا، والله عز وجل أعلم ".
[ل17/ب]
/قلت :"حفص بن عمر" هذا هو : حفص بن عمر الأَيْلي، أبو إسماعيل، روى حديثه هذا أبو أحمد ابن عدي في كتابه(5) عن ابن جوصاء - وهو أحمد ابن عُمير(6) المذكور في إسناد البيهقي - بإسناده مرفوعًا، وقال :" وهذا الحديث ليس يرويه(7) عن ثور إلا حفص بن عمر ". كذا قال ابن عدي، وقد ذكرنا إسناده من طريق عطية بن بقية، عن أبيه، عن ثور، وقدمنا قول الدارقطني: "لم يرفعه غير رشدين، عن معاوية بن صالح "، وقد تقدم أنه رُفع من وجهين غير طريق رشدين، ولعله أراد : لم يرفعه عن معاوية بن صالح غير رشدين ؛ فقد وقع من وجهين غير طريق رشدين.
__________
(1) عقب الحديث السابق.
(2) في الأصل :"عمر"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في الأصل :"ينجسه"، والمثبت من المرجع السابق.
(4) في "سنن البيهقي" :" ريحه أو طعمه".
(5) أي "الكامل" (2/389).
(6) في المطبوع من"الكامل" لابن عدي:"ثنا ابن جوصاء أبو أمية"، وفيه سقط،وصوابه:"ثنا ابن جوصاء، ثنا أبوأمية"،وجاءعلى الصواب في مخطوط "الكامل"(ل278/ب/أحمدالثالث).
(7) في "الكامل" :" ليس يوصله ".(1/161)
ثم إن الدارقطني رواه(1) عن أبي بكر الشافعي، عن محمد بن شاذان، عن معلى بن منصور، عن عيسى بن يونس، عن الأحوص بن حكيم، عن راشد بن سعد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الماء لاينجسه شيء، إلا ماغلب على ريحه أوطعمه )) . قال :" مرسل، ووقفه [ أبوأسامة ](2) على راشد ". ثم رواه(3) من جهة أبي أسامة، عن الأحوص بن حكيم، عن ابن
عون(4) وراشد قالا :( الماء لاينجسه شيء،إلا ماغير ريحه أوطعمه (.
__________
(1) في "سننه" (1/29 رقم5).
(2) في الأصل :"أبوأمامة"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(3) في الموضع السابق برقم (6).
(4) في "سنن الدارقطني" :" عن أبي عون".(1/162)
قلت : و"راشد بن سعد الْمُقْرَائي"- بضم الميم، وسكون القاف، وفتح الراء، وبالهمزة -: حمصي وثقه أحمد بن عبدالله(1)، ويعقوب بن [شيبة](2)، ويحيى بن معين(3). وقال المفضل(4) فيه :" من أثبت أهل الشام ". وقال يحيى بن سعيد القطان(5):"هو أحب إلي من مكحول ". وذكره محمد بن سعد(6) في الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشام، وقال :" وكان ثقة، مات سنة ثمان ومائة في خلافة هشام بن عبدالملك ". و"الأحوص بن حكيم [بن](7) عمير" الشامي الحمصي: قال النسائي(8):"ضعيف". وقال الدارقطني(9):"منكر الحديث". وقال علي بن[المديني](10):"صالح". و"عيسى بن يونس" متفق على
الاحتجاج به في "الصحيحين"(11).
وقد تقدم(12)إطلاق أن الماء لاينجسه شيء في"فصل ماء البئر"وغيره.
__________
(1) أي العجلي في "ثقاته" (1/347 رقم437).
(2) في الأصل :"سفيان"، وقد راجعت "المعرفة والتاريخ" ليعقوب بن سفيان فلم أجد توثيقه له، والمثبت من "تهذيب الكمال" (9/10)، حيث نقله عنه.
(3) في "تاريخه" برواية الدارمي (ص110 رقم328).
(4) كما في "تاريخ دمشق" لابن عساكر (6/176/مخطوط).
(5) كما في "الجرح والتعديل" (3/483 رقم2178).
(6) في "طبقاته"(7/456).
(7) في الأصل :" أبو"، والتصويب من "تهذيب الكمال" (2/289)، وغيره.
(8) في "الضعفاء والمتروكين" (ص156 رقم62).
(9) في "الضعفاء والمتروكين" (ص157 رقم122).
(10) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته بالاجتها ؛ فإن هذه عبارة علي بن المديني كما في "الكامل" لابن عدي (1/414)، و"تهذيب الكمال"(2/291)،ولولا هذه الزيادة بين المعكوفين لترتب عليه أن يكون هناك قول لعلي بن صالح لم يذكر،أو يكون هو القائل:=
= "وعيسى بن يونس..."الخ،ولاأعرف في أئمة الجرح والتعديل من يقال له:"علي بن صالح".
(11) كما في "تهذيب الكمال" (23/62 و76).
(12) ص 114).(1/163)
وروى أبوعبدالله ابن ماجه في "سننه"(1) من حديث جابر بن عبدالله قال: انتهينا إلى غدير، فإذا فيه جيفة حمار، قال : فكففنا عنه حتى انتهى إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال : (( إن الماء لاينجسه شيء ))، فاستقينا، وأروينا، وحملنا. أخرجه من جهة شريك (2).
وروى الدارقطني(3) عن محمد بن الحسين الحراني أبي سليمان، عن علي ابن أحمد الجرجاني، عن محمد بن موسى الحرشي(4)- وهو بفتح الحاء المهملة والراء، وكسر الشين المعجمة -، عن فضيل بن سليمان النميري، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الماء لاينجسه شيء )) .
وروى الطبراني في "معجمه الأوسط"(5) من حديث أبي أحمد الزبيري، ثنا شريك، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الماء لاينجسه شيء )) . أخرجه عن أحمد بن زهير، عن أبي
الربيع [عبيدالله](6) بن محمد الحارثي، عن أبي أحمد الزبيري.
ورواه أبوبكر البزار(7) عن عمرو بن علي، عن أبي أحمد. وقال الطبراني: " لم يرو هذا الحديث عن المقدام إلا شريك ".
ومن غريب مايُسْتَدَلُّ به في هذا المعنى : حديث أبي ثعلبة الخشني في الأمر
[ل18/أ]
__________
(1) 1/173 رقم520) كتاب الطهارة وسننها، باب الحياض.
(2) وشريك يرويه عن طريف بن شهاب، عن أبي نَضْرَة، عن جابر.
(3) في "سننه" (1/29 رقم4).
(4) كذا في الأصل مضبوطًا، وهو الصواب، وتصحف في "سنن الدارقطني" إلى :"الحرثي" بالثاء بدل الشين، وانظر "الثقات" لابن حبان (9/108).
(5) 2/318 رقم2093).
(6) في الأصل :"عن عبدالله"، وهو تصحيف، والتصويب من "المعجم الأوسط"، و"ثقات ابن حبان" (8/407).
(7) في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (1/132 رقم249).(1/164)
بغسل أواني المشركين قبل الأكل فيها(1)، مع حديث عمران بن حصين في وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - من مزادة مشركة(2)؛ فإن الأول يدل على نجاسة الإناء، [والثاني](3) يدل / على طهارة الماء وطهوريته.
فصل في النهي عن الغسل والوضوء
من الماء الراكد بعد البول فيه
روى البخاري(4) من حديث أبي الزناد، أن عبدالرحمن بن هرمز الأعرج حدثه،أنه سمع أبا هريرة:أنه سمع النبي- صلى الله عليه وسلم - يقول : (( نحن الآخرون السابقون )).
وبإسناده(5) قال : (( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لايجري ثم يغتسل
منه )) . هذه رواية شعيب عن أبي الزناد.
ورواه سفيان بن عيينة عن أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه قال : (( لايبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه ))(6).
ورواه ابن خزيمة(7) عن عبدالجبار بن العلاء، عن سفيان، وفيه أيضًا : ((الذي لايجري ثم يغتسل منه )) .
ورواه مسلم(8) من حديث هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لايبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه )) .
__________
(1) سيأتي الكلام عليه (ص 322و323).
(2) سيأتي الكلام عليه (ص 325و326).
(3) في الأصل :" الثاني " بحذف الواو.
(4) في "صحيحه" (1/345 رقم238) كتاب الوضوء، باب البول في الماء الدائم.
(5) في الموضع السابق برقم (239).
(6) أخرجه النسائي (1/125 رقم221) في الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الراكد والاغتسال منه.
(7) في "صحيحه" (1/37 رقم66).
(8) في "صحيحه"(1/235رقم282/95)كتاب الطهارة،باب النهي عن البول في الماء الراكد.(1/165)
ومن حديث همام بن منبه(1) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولفظه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تبل في الماء الدائم الذي لايجري ثم [ تغتسل ](2) منه )) .
هكذا عند مسلم(3) من رواية هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، [عن النبي - صلى الله عليه وسلم -](4) قال : (( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه )) .
ورواه الطبراني في "الأوسط"(5) من طريق أبي عبدالرحمن المقرئ قال :
سمعت ابن عون يحدث عن محمد بن سيرين،عن أبي هريرة- رضي الله عنه - قال:"نَهَى - أو نُهِيَ- أن يبول الرجل في الماء الدائم،أو الراكد،ثم يتوضأ منه،أو يغتسل منه". ورواه عن بشر بن موسى،عنه،وقال:"لم يجوده عن ابن عون غير [المقرئ](6)".
وهكذا عند مسلم من رواية همام بن [ مُنَبِّه ](7)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : (( ثم يغتسل منه )) .
وهو عند الترمذي(8) من هذا الوجه : (( ثم يتوضأ منه )) .
وقد رواه يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين :
__________
(1) أي عند مسلم في الموضع السابق رقم (282/96).
(2) في الأصل :"يغتسل"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) وهي الرواية قبل السابقة.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل،فاستدركته من"صحيح مسلم"وسياق المصنِّف له قبل ذلك.
(5) 3/254 رقم3069).
(6) في الأصل :"المري"، والتصويب من "المعجم الأوسط"، وتقدم قبل قليل على الصواب.
(7) في الأصل "شيبة"، والتصويب من "صحيح مسلم ".
(8) في"سننه"(1/100 رقم 68) أبواب الطهارة، باب ماجاء في كراهية البول في الماء الراكد.(1/166)
قرأت على الحافظ أبي محمد المنذري، أخبرتنا سيدة الكَتَبة نِعمة ابنة أبي الحسن علي بن يحيى بن الطراح - قراءة عليها وأنا أسمع بدمشق -، قيل لها : أخبرك جدك أبومحمد يحيى بن الطراح - قراءة عليه وأنت تسمعين ببغداد سنة ثلاثين وخمسمائة -، أنا أبوجعفر محمد بن أحمد بن المسلمة، أنا قاضي القضاة أبومحمد عبيدالله بن أحمد بن معروف، ثنا أبومحمد [يحيى](1) بن صاعد - إملاءً-، ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ثنا إسماعيل بن عُلَيّة، عن يحيى بن عتيق، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((لايبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه )) .
قال الحافظ(2):"أخرجه أبو عبدالرحمن النسائي(3) عن يعقوب بن إبراهيم
الدورقي، وأخرجه مسلم(4) من حديث هشام بن حسان [القردوسي](5)، عن محمد بن سيرين ".
و"يحيى بن عَتيق"- بفتح العين المهملة، وكسر التاء باثنتين من فوقها، وآخره قاف -: بصري انفرد به مسلم(6).
__________
(1) في الأصل :"عثمان"، والصواب ماهو مثبت، فيحيى بن محمد بن صاعد كنيته : أبومحمد وهو الذي يروي عن يعقوب بن إبراهيم وعنه عبدالله بن أحمد بن معروف، وله أخوان، لكن ليس فيهما من اسمه عثمان، وله عم اسمه : عبدالله، وقد رواه المزّي في "تهذيب الكمال"(31/458) من طريق سيدة الكتبة نعمة، وفيه:"حدثنا أبومحمد يحيى بن محمد بن صاعد"، فكل هذه قرائن تدل على أن الصواب هو المثبت، والله أعلم. انظر :"تاريخ بغداد"(14/231-232)، (10/365).
(2) أي المنذري.
(3) في "سننه" (1/49 رقم58) كتاب الطهارة، باب الماء الدائم.
(4) في "صحيحه" (1/235 رقم282) كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الراكد.
(5) في الأصل :"الفراوسي"، وهو خطأ ظاهر، انظر التقريب (7339) وغيره.
(6) كما في "تهذيب الكمال" (31/456و458).(1/167)
وقال أبوبكر أحمد بن عمرو البزار (1):" وهذا الحديث لا نعلمه(2) رواه إلا ابن عُلية عن يحيى ".
وروى عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه أويشرب )) . أخرجه البيهقي(3) من طريق ابن وهب،[ عن أنس بن عياض ](4)، عن الحارث بن عبدالرحمن، عن
عطاء بن ميناء.
وأخرجه الحافظ أبو بكر الخطيب في "المتفق والمفترق"(5) من حديث ابن
__________
(1) قال ذلك عقب إخراجه لهذا الحديث في "مسنده" (3/ل274/ب) من طريق ابن علية، عن يحيى بن عتيق، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة.
(2) في "مسند البزار" :" لا نعلم ".
(3) في "سننه الكبرى" (1/239).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، والمثبت من "سنن البيهقي".
(5) 2/755 رقم455).(1/168)
وهب، عن أنس بن عياض، عن الحارث بن عبدالرحمن، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -(1).
[روى(2) أصحاب"السنن" الأربعة(3)
__________
(1) قوله:"عن أبي هريرة t "جاء في نهاية الوجه الأول للورقة رقم(18)، لكن قوله :" t " تعقيبة تشير إلى بداية الكلام في الصفحة التي بعدها، إلا أني وجدتها - أي : (ل18/ب)- تبدأ بما نصه :"ومحمد بن إسحاق"، وليس بين العبارتين ترابط ؛ فالأولى متعلقة بحديث :" لا يبولن أحدكم"، والأخرى بحديث : القلتين، فاتضح أن هناك سقطًا في هذا الموضع. وقد اجتهد مرتب الأوراق - فيما أظن -، فكتب في التعقيبة المشار إليها: " محمد" بعد قوله : " t "، ولكن الخط مغاير. وبمراجعة كتب التخريج، وجدت الزيلعي في "نصب الراية" (1/104-105) ذكر الحديث، ثم قال :«وقد أجاد الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في كتاب "الإمام" ؛ جمع طرق هذا الحديث ورواياته واختلاف ألفاظه، وأطال في ذلك إطالة تلخّص منها تضعيفه له، فلذلك أضرب عن ذكره في كتاب "الإلمام" مع شدة احتياجه إليه. وأنا أذكر ماقاله ملخصًا محررًا، وأبين ماوقع فيه من الاضطراب لفظًا، ومعنى...»، ثم شرع في ذكر كلام ابن دقيق العيد الآتي بطوله.
(2) الذي في "نصب الراية":"الحديث الخامس والثلاثون:قال النبيr: (( إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا )). قلت:رواه أصحاب السنن..." الخ، فنقلت كلام الزيلعي بعد قوله: "قلت"، مع التصرف في الكلمة الأولى :"رواه" إلى :"روى"، وهذا أقرب إلى طريقة المصنِّف.
(3) أخرجه أبوداود في "سننه" (1/51-53رقم 63-65) في الطهارة،باب ماينجس الماء،=
= والترمذي (1/97 رقم67) في أبواب الطهارة، باب منه، والنسائي (1/46 رقم52) في الطهارة، باب التوقيت في الماء، و(1/175 رقم328) في المياه، باب التوقيت في الماء، وابن ماجه(1/172رقم517و518) في الطهارة وسننها،باب مقدار الماء الذي لا ينجس.(1/169)
من حديث ابن عمر قال:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وهو يُسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض، وماينوبه من السباع والدواب - قال : (( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث )) . انتهى.
ورواه ابن حبان في "صحيحه"(1)- في القسم الثاني منه، وأعاده في القسم الثالث -، ولفظه : (( لم ينجسه شيء )) .
ورواه الحاكم في "مستدركه"(2) وقال :" صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه، وأظنه لاختلاف فيه على أبي أسامة عن الوليد بن كثير "....(3).
أما اضطرابه في اللفظ : فمن جهة الإسناد والمتن :
أما إسناده، فمن ثلاث روايات :
أحدها : رواية الوليد بن كثير، رواها أبوداود(4) عن محمد بن العلاء، عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن الوليد، عن محمد بن جعفر بن زبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه ؛ سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع، فقال - عليه السلام - : (( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث )) .
__________
(1) 4/57 و63 رقم1249 و 1253/الإحسان).
(2) 1/132و133و134).
(3) قال الزيلعي بعد هذا الموضع :" وقد أجاد الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في كتاب "الإمام"..." إلى آخر الكلام الذي سبق نقله، وفيه:" وأبين ماوقع فيه من الاضطراب لفظًاومعنى. أما اضطرابه...".
(4) سبق تخريجها.(1/170)
ورواه هكذا عن أبي أسامة، عن الوليد، عن محمد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله جماعة، منهم : إسحاق بن راهويه، وأحمد بن جعفر الوكيعي، وأبوبكر ابن أبي شيبة، وأبو عبيدة ابن أبي السفر، ومحمد بن عَبادة - بفتح العين -، وحاجب بن سليمان، وهناد بن السري، والحسين بن حريث. وروي عن أبي أسامة، عن الوليد، عن محمد بن عباد بن جعفر. قال أبومسعود الرازي الحافظ(1): وعثمان بن أبي شيبة من رواية أبي داود(2)، وعبدالله بن الزبير الحميدي، ومحمد بن حسان الأزرق، ويعيش بن الجهم، وغيرهم. وتابعهم الشافعي عن الثقة عنده، عن الوليد، عن محمد بن عباد بن جعفر، قاله الدارقطني(3).
وذكر ابن منده أن أبا ثور رواه عن الشافعي، عن عبدالله بن الحارث المخزومي، عن الوليد بن كثير. قال :" ورواه موسى بن أبي الجارود عن البويطي، عن الشافعي، عن أبي أسامة وغيره، عن الوليد بن كثير ". فدل روايته على أن الشافعي سمع هذا الحديث من عبدالله بن الحارث - وهو من الحجازيين -، ومن أبي أسامة - وهو كوفي -، جميعًا عن الوليد بن كثير.
وقد اختلف الحفاظ في هذا الاختلاف بين محمد بن عباد ومحمد بن جعفر، فمنهم من ذهب إلى الترجيح، فيقال عن أبي داود(4) أنه لما ذكر حديث محمد بن عباد، قال :"هو الصواب".
وذكر عبدالرحمن بن أبي حاتم في كتاب "العلل"(5) عن أبيه أنه قال :
"محمد بن عباد بن جعفر ثقة، ومحمد بن جعفر بن الزبير ثقة، والحديث لمحمد
ابن جعفر بن الزبير أشبه ".
__________
(1) كذا في "نصب الراية" ! وأظن صوابه :"وأبومسعود الرازي الحافظ"، وهو أحمد بن الفرات كما في الموضع الآتي من "سنن الدارقطني".
(2) أي من رواية أبي داود في الموضع السابق عن عثمان هذا، ومن طريق أبي داود رواه الدارقطني في الموضع الآتي.
(3) أخرج الدارقطني في "سننه" (1/13-17 رقم 1-9) جميع الروايات السابقة.
(4) قاله في الموضع السابق من "سننه" بعد تخريج الحديث.
(5) 1/44 رقم96).(1/171)
وقال ابن منده :" واختلف على أبي أسامة، فروي عنه، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، وقال مرة : عن محمد بن جعفر بن الزبير - وهو الصواب-؛ لأن عيسى بن يونس رواه عن الوليد بن كثير،عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل...، فذكره ". وأما الدارقطني : فإنه جمع بين الروايتين، فقال(1):" ولما اختلف على أبي أسامة في إسناده، أحببنا أن نعلم من أتى بالصواب، فنظرنا(2) في ذلك، فوجدنا شعيب بن أيوب قد رواه عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير على الوجهين جميعًا : عن محمد بن جعفر بن الزبير، ثم أتبعه عن محمد بن عباد بن جعفر، فصح القولان جميعًا عن أبي أسامة،وصح أن الوليد بن كثير رواه عن محمد بن جعفر بن الزبير، وعن محمد بن عباد بن جعفر جميعًا(3)، فكان أبوأسامة يحدث به عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومرة يحدث به عن الوليد، عن محمد بن عباد بن جعفر".
ثم روى(4) عن أبي بكر أحمد بن محمد بن سعدان الصيدلاني، عن شعيب ابن أيوب، عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، فذكره.
ثم رواه عن ابن سعدان، عن شعيب بن أيوب، عن أبي أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله.
__________
(1) في "سننه" (1/17).
(2) قوله :"فنظرنا" سقط من "نصب الراية"، فأثبته من "سنن الدارقطني".
(3) في "سنن الدارقطني" زيادة :" عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه ".
(4) أي الدارقطني في "سننه" (1/18 رقم10 و11).(1/172)
وكذلك فعل البيهقي(1)؛ فأخرج رواية عن إسماعيل بن قتيبة، عن أبي بكر وعثمان ابنا(2) أبي شيبة بذكر محمد بن جعفر بن الزبير - على خلاف رواية أبي داود عن عثمان بن أبي شيبة بذكر محمد بن عباد بن جعفر-. وذكر(3) رواية أخرى من جهة أبي العباس محمد بن يعقوب، عن أحمد بن عبدالحميد الحارثي، فيها ذكر محمد بن جعفر بن الزبير، على خلاف رواية الدارقطني عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن عبدالحميد الحارثي، وفيها ذكر محمد بن عباد بن جعفر،وقصدا بذلك الدلالة على صحة الراويتين جميعًا. قال البيهقي : وأخبرنا أبوعبدالله الحافظ(4)، حدثني أبوعلي محمد بن علي الإسفرايني من أصل كتابه -وأنا سألته-، حدثنا علي بن عبدالله(5) بن مبشر الواسطي، ثنا شعيب بن أيوب، ثنا أبو أسامة، ثنا(6) الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، ومحمد بن عباد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الماء...، بمثله.
وههنا اختلاف آخر ؛ وهو : أن الصواب في الرواية:" عبيدالله بن عمر" لا "عبدالله"، أو كل واحد منهما صواب، فكان إسحاق بن راهويه - فيما حكاه عنه البيهقي في "المعرفة"(7)- يقول :" غلط أبو أسامة في عبدالله بن عبدالله، إنما هو عبيدالله بن عبدالله، واستدل بما رواه عن عيسى بن يونس، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر قال : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -...، فذكره، إلا أن عيسى بن يونس أرسله.
__________
(1) في "سننه" (1/260-261).
(2) كذا في الأصل.
(3) أي : البيهقي.
(4) هو : الحاكم، وروايته هذه أخرجها في "المستدرك" (1/133).
(5) في "نصب الراية" :" عبدالملك"، والتصويب من "المستدرك" و"السنن" للبيهقي.
(6) قوله :"ثنا" سقط من "نصب الراية"، فاستدركته من المرجعين السابقين.
.
(7) 2/86-87 رقم1865-1869).(1/173)
ورأيت(1) في كتاب إسماعيل بن سعيد الكسائي عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس موصولاً. ورواه عباد بن صهيب عن الوليد، وقال : عن عبيدالله بن عبدالله، عن أبيه موصولاً. والحديث مسند في الأصل. فقد رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر،عن أبيه قال:سئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم -..."،فذكره -أعني البيهقي-.
[ل18/ب]
وذكر ابن منده عن رواية عيسى بن يونس موصولة، وذكر أن رواية عيسى بن يونس أشبه ؛ لأن هذا الحديث رواه عبدالله بن المبارك وغيره عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم -...، مثل رواية عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير. قال :" فهذا إسناد صحيح على شرط مسلم في عبيدالله بن عبدالله، ومحمد بن جعفر](2)،/ ومحمد بن إسحاق، والوليد بن كثير". قال:"وروى هذا
__________
(1) في "المعرفة" للبيهقي :" ورأيته ".
(2) إلى هنا انتهى السقط الذي استدركته من "نصب الراية"، والتقى باقي ماذكره الزيلعي مع ماهو موجود في النسخة من بداية الوجه الثاني للورقة (18)، وسأقوم بتصويب مايحتاج =
= إلى تصويب أو استدراك من "نصب الراية".(1/174)
هذا الحديث حماد بن سلمة، عن عاصم بن المنذر، عن عبيدالله بن عبدالله، عن أبيه - رضي الله عنهم -. ورواه إسماعيل بن عُليّة، عن عاصم بن المنذر، عن رجل، عن ابن عمر. فهذا محمد بن إسحاق وافق عيسى بن يونس، عن الوليد بن كثير في ذكر محمد بن جعفر بن الزبير وعبيدالله بن عبدالله بن عمر، وروايتهما توافق رواية حماد بن سلمة وغيره، عن عاصم بن المنذر في ذكر عبيدالله بن عبدالله، فثبت هذا الحديث باتفاق أهل المدينة، والكوفة، والبصرة على حديث عبيدالله بن عبدالله، وباتفاق محمد بن إسحاق، والوليد بن كثير على روايتهما عن محمد بن جعفر بن الزبير. فعبيدالله وعبدالله ابنا عبدالله بن عمر مقبولان بإجماع من الجماعة في كتبهم، وكذلك محمد بن جعفر بن الزبير، ومحمد بن عباد بن جعفر. والوليد بن كثير في كتاب مسلم بن الحجاج وأبي داود والنسائي(1). وعاصم بن المنذر يعتبر حديثه. ومحمد بن إسحاق أخرج عنه مسلم وأبوداود والنسائي(2). وعاصم بن المنذر استشهد به البخاري في مواضع(3). وقال شعبة بن الحجاج : محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث(4). وقال عبدالله بن المبارك : محمد بن إسحاق : ثقة ثقة ثقة ". انتهى.
__________
(1) بل روى له الجماعة كما في "تهذيب الكمال" (31/73-75)، و"تقريب التهذيب" رقم (7502).
(2) قال المزي في "تهذيب الكمال" (24/429) :"استشهد به البخاري في الصحيح، وروى له في كتاب القراءة خلف الإمام وغيره، وروى له مسلم في المتابعات، واحتج به الباقون" يعني أصحاب "السنن"، وكان رمز له قبل ذلك (24/405) برمز البخاري تعليقًا، ومسلم، والأربعة، وكذا صنع ابن حجر في "التقريب" رقم (5762).
(3) كذا قال ! وأما المزي في "تهذيب الكمال" (13/544-545)، وابن حجر في "التقريب" رقم (3096) فلم يذكرا أحدًا من أصحاب الكتب الستة سوى أبي داود وابن ماجه.
(4) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (1/228).(1/175)
قلت : وكأن أبا عبدالله ابن منده حكم بالصحة على شرط مسلم من جهة الرواة، وأعرض عن جهة الرواية [وكثرة](1) الاختلاف فيها والاضطراب، ولعل مسلمًا تركه لذلك.
وحكى البيهقي في كتاب "المعرفة"(2) عن شيخه أبي عبدالله الحافظ أنه كان يقول:"الحديث محفوظ عنهما جميعًا-أعني عن عبيدالله بن عبدالله،وعبدالله بن
عبدالله- كلاهما رواه عن أبيه". قال :" وإليه ذهب كثير من أهل الرواية".
وهذا خلاف مايقتضيه كلام أبي زرعة فيما حكاه عبدالرحمن بن أبي حاتم(3)، قال:" سألت أبازرعة عن حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، فقلت: إنه يقول: عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن ابن عمر(4)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه الوليد بن كثير، عن محمد بن جعفر، عن عبدالله بن عبدالله بن عمر"- يعني عن ابن عمر -. قلت : يعني عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجع(5) " قال : (( إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء )). قال أبوزرعة : ابن إسحاق ليس يمكن أن يقضى له. قلت : ماحال محمد بن جعفر ؟ فقال : صدوق ".
__________
(1) في الأصل :" فكثرة"، والتصويب من "نصب الراية".
(2) 2/86 رقم1864و1865).
(3) في "العلل" (1/44 رقم96).
(4) في المطبوع من "العلل" :"عن عمر"، وهو خطأ، وقد جاء في النسخة الخطية (ل 11/ب/ نسخة أحمد الثالث) على الصواب، وكذا في الموضع الثاني.
(5) في "العلل" :"عن عبدالله بن عبدالله بن عمر، عن ابن عمر، عن النبي r قال: (( إذا كان الماء... )).(1/176)
الوجه الثاني : رواية محمد بن إسحاق لهذا الحديث، وقد أخرجه الترمذي(1) من حديث هناد، وأبوداود(1) من جهة حماد بن سلمة ويزيد بن زريع، وابن ماجه(1) من حديث يزيد بن هارون وابن المبارك، كلهم عن ابن إسحاق. ورواه أحمد بن خالد الوهبي وإبراهيم بن سعد الزهري وزائدة بن قدامة(2). ورواه عبيدالله بن محمد بن عائشة، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق بسنده، وقال فيه:إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الماء يكون بالفلاة وترده
السباع والكلاب، فقال : (( إذا كان الماء قلتين لايحمل الخبث )) .
ورواه البيهقي(3) قال :« كذا قال :" السباع والكلاب"، وهو غريب ! وكذلك قال موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة، وقال إسماعيل بن عياش، عن محمد بن إسحاق :" الكلاب والدواب "، إلا أن ابن عياش اختلف عليه في إسناده ». انتهى.
[ل19/أ]
وهذا الاختلاف الذي أشار إليه / هو أن :" المحفوظ عن ابن عياش : عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه - رضي الله عنهم -(4)".
ورواه محمد بن وهب السُّلمي، عن ابن عياش، عن ابن إسحاق، عن
الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله،[عن](5) أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه سئل عن القليب يلقى فيه الجيف، وتشرب منه الكلاب والدواب، قال : ((مابلغ الماء قلتين فما فوق ذلك لم ينجسه شيء )) . رواه الدارقطني(6).
__________
(1) تقدم تخريج رواياتهم.
(2) أشار لرواية الثلاثة الدارقطني في "سننه"(1/20)، ثم أخرج رواية زائدة (1/21رقم17).
(3) في "سننه" (1/261).
(4) من قوله:"المحفوظ عن ابن عياش"إلى هنا نص عبارة الدارقطني في"سننه"(1/21بعدرقم18).
(5) مابين المعكوفين في مكانه بياض في الأصل، والمثبت من "نصب الراية" و"سنن الدارقطني".
(6) في الموضع السابق.(1/177)
وروى(1) أيضًا من جهة عبدالوهاب بن عطاء، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه عن محمد بن عبدالله ابن إبراهيم، عن عبدالله بن أحمد بن خزيمة، عن علي بن سلمة اللبقي، عن عبدالوهاب.
ورواه المغيرة بن سقلاب، عن ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر(2).
الوجه الثالث : رواية حماد بن سلمة، عن عاصم بن المنذر، واختلف في
إسنادها ولفظها :
أما إسنادها : فرواها أبوداود(3)، وابن ماجه(4) عن موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن عاصم، عن [عبيدالله](5) بن عبدالله بن عمر قال: حدثني أبي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا كان الماء قلتين فإنه لاينجس )) .
وخالف حماد بن زيد، فرواه عن عاصم بن المنذر، عن أبي بكر ابن
عبيدالله بن عبدالله [بن عمر، عن أبيه](6) موقوفًا غير مرفوع.
قال الدارقطني(7): "وكذلك رواه إسماعيل بن عُلَيَّة، عن عاصم بن المنذر، عن رجل لم يُسَمِّه، عن ابن عمر موقوفًا أيضًا ".
__________
(1) أي الدارقطني برقم (19).
(2) سيأتي تخريج رواية المغيرة هذه وكلام المصنف عليها في الفصل الآتي.
(3) في "سننه" (1/52-53 رقم65) كتاب الطهارة، باب ماينجس الماء.
(4) في"سننه"(1/172رقم518) كتاب الطهارة وسننها، باب مقدار الماء الذي لا ينجس، وسبق تخريج رواية أبي داود وابن ماجه في بداية الكلام على هذا الحديث.
(5) في الأصل :"عبدالله"، والتصويب من "نصب الراية" ومصادر التخريج.
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل ولا "نصب الراية"، والمثبت من "سنن الدارقطني".
(7) في "سننه" (1/22).(1/178)
وأما الاختلاف في لفظه : فإن يزيد بن هارون رواه عن حماد بن سلمة، فاختلف [فيه](1) على يزيد، فقال الحسن بن محمد بن الصباح : عنه، عن حماد، عن عاصم قال : دخلت مع عبيدالله بن عبدالله بن عمر بستانًا فيه مَقْرَى(2) ماء فيه جلد بعير ميت، فتوضأ منه، فقلت له :أَتَوَضّأُ منه وفيه جلد بعير ميت ؟! فحدثني عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا بلغ الماء قلتين - أو ثلاثًا -لم ينجسه شيء )) . أخرجه الدارقطني(3)،[وعبد بن حميد(4)، وإسحاق ابن راهويه في "مسنديهما"](5).
ورواه أبو مسعود الرازي(6) عن يزيد، فلم يقل :" [أو](7) ثلاثًا ". قال
الدارقطني :"وكذلك رواه إبراهيم بن الحجاج، وهدبة بن خالد، وكامل بن طلحة، عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد،قالوا فيه : ((إذا بلغ الماء قلتين أو ثلاثًا )).
[ورواية إبراهيم بن الحجاج وهدبة بن خالد عن حماد، به عند الحاكم في "مستدركه"(7) قال : (( إذا بلغ الماء قلتين -أو ثلاثًا- لم ينجسه شيء )). قال الحاكم :« ورواه عفان بن مسلم وغيره من الحفاظ عن حماد، لم يقولوا فيه : " أو ثلاثًا "». انتهى ](8).
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من "نصب الراية" نقلاً عن المصنِّف.
(2) كذا في الأصل، وكذا جاء في بعض نسخ "نصب الراية " كما ذكر المحقق، وكذا في "لسان العرب" (15/179)، وذكر ابن منظور أنه الحوض الذي يجتمع فيه الماء. وفي "سنن الدارقطني" وبعض نسخ "نصب الراية" :"مقراة".
(3) في "سننه" (1/22 رقم 20).
(4) في "مسنده" (ص260 رقم818)، لكن من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن حماد بن سلمة.
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "نصب الراية" نقلاً عن المصنِّف.
(6) وروايته عند الدارقطني في الموضع السابق.
(7) 1/134)، وسبق تخريجه من طريقه في بداية هذا الحديث.
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من " نصب الراية" نقلاً عن المصنِّف.(1/179)
قلت : وكذلك رواه وكيع من جهة ابن ماجه(1)، عن علي بن محمد عنه، عن حماد بن سلمة بسنده،وفيه : (( إذا كان الماء قلتين - أو ثلاثًا - لم ينجسه شيء )). ثم قال الدارقطني بعد تخريح ماذكر من الروايات :« ورواه عفان بن مسلم، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي، وبشر بن السري، والعلاء بن عبدالجبار المكي، وموسى بن إسماعيل، وعبيدالله [العيشي](2)، عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد، وقالوا فيه : (( إذا كان الماء قلتين لم ينجس )) ، ولم يقولوا : "[أو](3) ثلاثًا "». ثم أخرج هذه الروايات الدارقطني(4).
قال البزار(5):"وعاصم بن المنذر روى عنه حماد بن سلمة وحماد بن زيد، بصري حدث بحديث واحد : حديث ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا كان الماء قلتين لم ينجس )) . ولا نعلم حدث بغير هذا الحديث، ولا روى عنه إلا حماد بن زيد وحماد بن سلمة، ليس به بأس ". أورده البزار في " ذكر العواصم". كذا ذكر البزار : " أنه لم يرو عن عاصم بن المنذر إلا حماد بن زيد وحماد بن سلمة "! وقد قدمنا من جهة الدارقطني رواية ابن / عُلية عنه.
[ل19/ب]
[ومن](6) جهة عبدالرزاق(7)، عن إبراهيم بن محمد،[عن أبي بكر ابن
__________
(1) سبق تخريجه، وهو عند ابن ماجه عن شيخه علي بن محمد، عن وكيع، عن حماد بن سلمة.
(2) في الأصل :"العبسي"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(3) مابين المعكوفين من "نصب الراية"، وليس في الأصل.
(4) في "سننه" (1/23 رقم21،22،23).
(5) ذكره عنه الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (2/260) بتصرف.
(6) في الأصل :"من"، والمثبت بالاجتهاد منعًا للبس.
(7) وهو في "مصنف عبدالرزاق" (1/80 رقم266)، وفيه بعض السقط الذي استدركه المحقق من "سنن الدارقطني".(1/180)
عمر بن عبدالرحمن](1)، عن أبي بكر ابن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء ))(2).
ولحديث ابن عمر طريقان آخران :
أحدهما : من رواية إبراهيم بن محمد، عن أبي بكر ابن عمر بن عبدالرحمن،[عن](3) أبي بكر [ابن](4) عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء )) . أخرجه الدارقطني(5).
"وإبراهيم بن محمد": هو ابن أبي يحيى، وقد تقدم كلامهم فيه(6).
والثانية : رواية عبدالله بن الحسين بن جابر، عن محمد بن كثير المصيصي، عن زائدة، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا كان الماء قلتين فلا ينجسه شيء )). أخرجه الدارقطني(7) عن محمد بن إسماعيل الفارسي، عنه، وقال :" رفعه هذا الشيخ عن محمد بن كثير، عن زائدة. ورواه معاوية [بن](8) عمرو، عن زائدة موقوفًا، وهو الصواب "، ثم خرَّجه.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من "سنن الدارقطني" حيث رواه من طريق عبدالرزاق، وسيورده المصنف بعد قليل من طريقه.
(2) من قوله :"ومن جهة عبدالرزاق" إلى هنا لا داعي له، فهي الطريق الأولى من طريقي حديث ابن عمر التي ذكرها المصنف بعد هذا،ولذلك لم يذكره الزيلعي في "نصب الراية".
(3) في الأصل :"بن "، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(4) في الأصل :"عن"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(5) في الموضع السابق من "سننه" برقم (24)من طريق عبدالرزاق، عن إبراهيم بن محمد، =
= وهي الطريق السابقة.
(6) يعني في المقدمة كما أشار إلى ذلك المصنف مرارًا،وهي مفقودة كما بينته في مقدمتي لهذا الكتاب.
(7) في "سننه" (1/23 رقم25).
(8) في الأصل :"عن"، والتصويب من "نصب الراية" نقلاً عن المصنف، وكذا هو على الصواب في "سنن الدارقطني".(1/181)
[وأما الاضطراب في متنه، فقد تقدم من ذلك شيء.
وروى الدارقطني في "سننه"(1) وابن عدي في "الكامل"(2) والعقيلي في كتابه(3) عن القاسم بن [عبدالله](4) العمري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا بلغ الماء أربعين قلة، فإنه لا يحمل الخبث )) . انتهى. قال الدارقطني :" كذا رواه القاسم العمري عن ابن المنكدر، عن جابر، ووَهَم في إسناده، وكان ضعيفًا كثير الخطأ، وخالفه روح بن القاسم، وسفيان الثوري، ومعمر بن راشد ؛ رووه عن ابن المنكدر، عن عبدالله بن [عمرو](5) موقوفًا. ورواه أيوب السختياني عن محمد بن المنكدر من قوله، لم يجاوز به ".
ثم روى(6) بإسناد صحيح من جهة روح بن القاسم،عن محمد بن المنكدر، عن عبدالله بن عمر قال :" إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس ".
ثم أخرج(7)رواية سفيان من جهة وكيع وأبي نعيم عنه،عن محمدبن المنكدر، عن عبدالله بن [عمرو](8)،وقال:"إذا كان الماء أربعين قلة لم ينجسه شيء".
وأخرج(9) رواية معمر أيضًا من جهة عبدالرزاق عن غير واحدٍ، عنه(10).
وأخرج(11) رواية أيوب عن محمد بن المنكدر قال :" إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس "، أو كلمة نحوها.
وروى الدارقطني أيضًا(12) من جهة بشر بن السري، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سليمان بن سنان، عن عبدالرحمن بن أبي هريرة،
عن أبيه قال : " إذا كان الماء قدر أربعين قلة لم يحمل خبثًا ".
__________
(1) 1/26 رقم34).
(2) 6/34).
(3) أي "الضعفاء الكبير" (3/473).
(4) في "نصب الراية" :"عبيدالله"، والتصويب من مصادر التخريج.
(5) في الأصل :"عمر"، والتصويب من المرجع السابق، و"إتحاف المهرة"(3/537).
(6) برقم (35).
(7) برقم (36).
(8) في الأصل :"عمر"، والتصويب من المرجع السابق، و"إتحاف المهرة"(9/622).
(9) برقم (37و38).
(10) أي : عن عبدالرزاق.
(11) برقم (39).
(12) برقم (40).(1/182)
قال الدارقطني :« كذا قال ! وخالفه غير واحد ؛ رووه عن أبي هريرة، قالوا :" أربعين غربًا "، ومنهم من قال :" أربعين دلوًا "، وسليمان بن سنان سمع ابن عباس وأباهريرة، قاله البخاري في "تاريخه"(1)](2) ا.هـ.
فصل(3) في ماجاوز القُلَّتين في اعتبار الكثرة
قال الشافعي(4) رحمه الله تعالى : أخبرني مسلم بن خالد، عن ابن جريج
بإسناد لا يحضرني ذكره : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثًا(5) ))، وقال في الحديث : (( بقلال هجر )) . قال ابن جريج :" وقد رأيت قلال هجر، فالقلَّة تسع قربتين أو قربتين وشيئًا ".
__________
(1) في "سنن الدارقطني" :" كذا ذكره البخاري" ولم يذكر "تاريخه". وهذاالنقل موجود في "التاريخ الكبير" (4/17 رقم1809) للبخاري.
(2) هذا النقل الطويل بين المعكوفين ؛ من قوله :" وأما الاضطراب..." إلى هنا سقط من الأصل، فاستدركته من "نصب الراية" (1/110) تبعًا لنقل الزيلعي كلام المصنف.
(3) في معرض نقل الزيلعي عن المصنف تخريجه لهذا الحديث، لم يذكر الزيلعي (1/110) هذا الفصل، وإنما جعله تابعًا للكلام السابق، لكنه أورد قبل ذكر النقل عن الشافعي مانصه : « وأما الاضطراب في معناه، فقيل : إن القلة اسم مشترك، يطلق على الجرة وعلى القربة وعلى رأس الجبل، وروى الشافعي في تفسيرها حديثًا، فقال في "مسنده": أخبرني مسلم ابن خالد...» فذكره.
(4) في "الأم" (1/4 و 5).
(5) كذا في الأصل و"سنن البيهقي" (1/263)، وفي "الأم" و"معرفة السنن" (2/90 رقم1888) :" نجسًا".(1/183)
قال الشافعي رحمه الله تعالى :" كان مسلم يذهب إلى أن ذلك أقل من نصف القربة، أو نصف القربة، فيقول : خمس قرب هو أكثر مايسع قلتين، وقد تكون القلتان أقل من خمس قرب ". قال الشافعي رحمه الله تعالى:" فالاحتياط أن تكون القلة قربتين ونصفًا، فإذا كان الماء خمس قرب لم يحمل نجسًا في [جرٍّ](1) كان(2) أو غيره، إلا أن يظهر في الماء ريح أو طعم أو لون ". قال :" وقرب الحجاز كبار، فلا يكون الماء الذي [لا](3) يحمل النجاسة إلا بقرب كبار ". انتهى.
وهذا فيه أمران :
أحدهما : أن الإسناد الذي لايحضره مجهول الرجال، فهو كالمنقطع لا تقوم به حجة عند الخصم.
والثاني : أن قوله :"وقال في الحديث : (( بقلال هجر ))": قد يتوهم أنه من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم -، والذي وجد في رواية ابن جريج هو ماروى الدارقطني(4) عن أبي بكر عبدالله بن محمد بن زياد النيسابوري، عن أبي حميد، عن حجاج، عن ابن جريج، قال : أخبرني محمد بن يحيى، [أن يحيى](5) بن عقيل أخبره، أن يحيى بن يعمر أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا كان الماء قلتين لم يحمل [نجسًا](6)ولا بأسًا )) . قال : فقلت ليحيى بن عقيل : قلال هجر ؟ قال : قلال هجر. قال : فأظن أن كل قلة [تأخذ](7) فرقين.
__________
(1) في الأصل :"حرٍّ" بالحاء، وفي "الأم": جريان"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الأم" و"سنن البيهقي".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الأم" و"سنن البيهقي".
(4) في "سننه" (1/24-25 رقم28).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني"، و"سنن البيهقي".
(6) في الأصل :"خبثًا"، والتصويب من المرجعين السابقين، وسيأتي على الصواب (ص219).
(7) في الأصل :"تحمل"، والتصويب من المرجعين السابقين، وكذا جاء في إحدى نسخ "نصب الراية" نقلاً عن المصنِّف هنا، وسيأتي على الصواب (ص219).(1/184)
ورواه البيهقي(1) من جهة الدارقطني، عن أبي بكر النيسابوري، ومن جهة زاهر بن أحمد: عن أحمد بن علي الرازي، عن زاهر بن أحمد(2)، عن أبي بكر عبدالله بن محمد النيسابوري، وقال :« زاد أحمد بن علي في روايته: "والفرق ستة عشر رطلاً "».
[ل20/أ]
ثم رواه(3) عن أبي حازم الحافظ، عن أبي أحمد الحافظ، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن الأزهر السجستاني، عن محمد بن يوسف - يعني أبا حمة-، عن أبي قرة موسى بن طارق، عن ابن جريج قال: أخبرني محمد...، فذكره. قال محمد: قلت ليحيى بن عقيل : أي قلال ؟ قال : قلال هجر. قال محمد : فرأيت قلال هجر، فأظن /كل قلة تأخذ قربتين. قال(5):« كذا في كتاب شيخي:" قربتين"، وهذا أقرب مما قال مسلم بن خالد، وإسناد الأول أحفظ، والله عز وجل أعلم. قال أبوأحمد الحافظ : محمد هذا الذي حدث عنه ابن جريج هو : محمد بن يحيى، يحدث عن يحيى بن أبي كثير ويحيى بن عقيل ». انتهى.
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه".
(2) كذا جاءت العبارة في الأصل، وليس فيها إشكال ؛ فمعناها : أن البيهقي روى الحديث من جهة الدارقطني وزاهر بن أحمد كليهما عن أبي بكر النيسابوري. وإسناد الدارقطني تقدم، وأما إسناد زاهر بن أحمد فرواه البيهقي عن شيخه أحمد بن علي الرازي، عن زاهر ابن أحمد.
(3) أي البيهقي.(1/185)
قلت :" محمد بن يحيى" هذا يحتاج إلى الكشف عن حاله، فهذان الوجهان ليس فيهما رفع هذه الكلمة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان، كان مرسلاً ؛ فإن يحيى بن عقيل ليس بصحابي، ولا تقوم حجة بقول يحيى إلا أن يثبت رفعه وروايته مسندًا، لاسيما مع مخالفة غيره له على ماسيأتي إن شاء الله تعالى. ثم الطريق الذي ذكره البيهقي رحمه الله تعالى أن إسنادها أحفظ يقول فيها : "فأظن أن كل قلة تحمل فرقين، والفرق ستة عشر رطلاً "، فيكون مجموع القلتين أربعة وستين رطلاً، وهذا لا يقول به. والرواية الأخرى التي وجدها في كتاب شيخه :"قربتين" يقتضي أن القلتين أربع قرب.
وقد روى الحافظ أبوأحمد ابن عدي في كتاب " الكامل"(1) من حديث المغيرة بن سقلاب، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء، والقلة أربعة آصع )) .
قال(2):" والمغيرة ترك طريق هذا الحديث وقال : عن ابن إسحاق، عن
نافع، عن ابن عمر، وكان هذا أسهل عليه. ومحمد بن إسحاق يرويه عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عمر ".
ثم روى ابن عدي(3) من طريق المغيرة أيضًا عن محمد بن إسحاق، عن
نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إذا كان الماء قلتين من قلال هجر لم ينجسه شيء ))، وذكر أنهما فرَقان(4).
قال ابن عدي :"وقوله في متن هذا الحديث:[ (( من قلال هجر )) غير محفوظ، ولم يذكر إلا في هذا الحديث](5) من رواية مغيرة هذا عن محمد بن إسحاق".
__________
(1) 6/359).
(2) أي ابن عدي.
(3) في الموضع السابق.
(4) كذا في الأصل والنسخة الخطية "للكامل" (ل848/ب/أحمد الثالث)، وأما المطبوع ففيه : " وذكر أنهما من قلال هجر".
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الكامل"(6/359)، و"نصب الراية" (1/111) نقلاً عن المصنف.(1/186)
و"المغيرة بن سقلاب": ذكره ابن أبي حاتم في كتابه(1)، ونقل عن أبيه أنه قال : "هو صالح الحديث "، وعن أبي زرعة :" هو جزري لابأس به "، ولم
يذكر غير هذا. وقال ابن عدي :" [مغيرة](2) بن سقلاب الحراني : منكر الحديث، يكنى : أبابشر ". قال :" سمعت أبا عروبة يقول :[سمعت محمد بن يحيى بن كثير يقول](3): سمعت أباجعفر بن نفيل يقول - وذكر المغيرة بن سقلاب -، فقال:لم يكن مؤتمنًا على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وقال ابن عدي
في آخر الترجمة :" وعامة مايرويه لايتابع عليه ".
فهذا الحديث ذكر فيه قلال هجر، إلا أنه ذكر أنهما "فرقان"، وهذا لايقول به من حددهما بخمسمائة رطل أو أكثر.
وروى عبدالعزيز بن أبي رزمة عن حماد بن زيد، عن عاصم بن المنذر
قال :" القلال : الخوابي العظام ". أخرجه الدارقطني(4).
وأخرج أيضًا(5) من جهة ابن جريج قال : أخبرني محمد أن يحيى بن عقيل أخبره : أن يحيى بن يعمر أخبره : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسًا ولا بأسًا )) . فقلت ليحيى بن عقيل : قلال هجر ؟ قال : قلال
هجر، فأظن أن كل [قلة](6) تأخذ فرقين.
قال ابن جريج: وأخبرني لوط، عن [أبي إسحاق](7)، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" إذا كان الماء قلتين فصاعدًا لم ينجسه شيء".
وقال الحسن بن عرفة : سمعت هشيمًا يقول :" تفسير القلتين : يعني الجرتين الكبار ". ذكره الدارقطني(8) في رواية الحسن بن عرفة.
__________
(1) أي " الجرح والتعديل"(8/223-224 رقم1004).
(2) في الأصل :"معين" وهو تصحيف، والتصويب من "الكامل".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من :"الكامل".
(4) في "سننه" (1/24 رقم27).
(5) برقم (28).
(6) في الأصل:"قربة"،والتصويب من"سنن الدارقطني"،وذكرها المصنف(ص216)على الصواب.
(7) في الأصل :"ابن أبي إسحاق"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(8) في "سننه" (1/19-20 رقم14).(1/187)
/ وقال ابن منده : "وقال الأوزاعي وأصحابه : القُلَّة : ماتقلُّه اليد ؛ أي : ترفعه "(1).
[ل20/ب]
وروى البيهقي(2) من جهة [عبدالله](3) بن عمر قال : قال عبدالرحيم
- يعني ابن سليمان-: سألنا ابن إسحاق - يعني محمد بن إسحاق بن يسار - عن القلتين فقال :" هذه الجرار التي يستقى فيها الماء والدواريق ".
ومن جهة(4) محمد بن إسماعيل الحساني قال وكيع :" يعني بالقلَّة: الجرة".
ومثله عن يحيى بن آدم (1).
[وقال البيهقي في كتاب "المعرفة"(5):" وقلال هجر كانت مشهورة عند أهل الحجاز، ولشهرتها عندهم شبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مارأى ليلة المعراج من نبق سدرة المنتهى بقلال هجر، فقال في حديث مالك بن صعصة: (( رفعت إليّ سدرة المنتهى، فإذا ورقها مثل آذان الفيلة،وإذا نبقها مثل قلال هجر(6) ))!!" قال(7):" واعتذار الطحاوي(8) في ترك الحديث أصلاً بأنه لا يعلم مقدار القلتين، لا يكون عذرًا عند من علمه(9)، وكذلك ترك القول ببعض الحديث بالإجماع لا يوجب تركه فيما لم يجمع عليه، وتوقيته بالقلتين لمنع(10) من حمله على الماء الجاري على أصله. انتهى كلامه](11).
فصل في مالا نفس له سائلة إذا وقع في الماء
عن عبيد بن حنين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا
__________
(1) ذكر هذا القول أيضًا عن الأوزاعي : الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/23).
(2) في "سننه الكبرى" (1/264).
(3) في الأصل :"عبيدالله"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(4) عند البيهقي في الموضع السابق.
(5) 2/91).
(6) أخرجه البخاري (6/302-303رقم3207)كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة.
(7) أي البيهقي.
(8) في "شرح معاني الآثار" (1/16).
(9) في "المعرفة" :" عند من أعله ".
(10) في "المعرفة" :" يمنع ".
(11) مابين المعكوفين سقط من الأصل، والمثبت من "نصب الراية" (1/112).(1/188)
وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه، ثم لينتزعه(1)؛ فإن في أحد جناحيه داء، وفي الآخر شفاء )) . أخرجه البخاري(2)، فرواه عن خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، وعن قتيبة(3)، عن إسماعيل بن جعفر، كلاهما عن عتبة بن مسلم، عن عبيد. وليس لعبيد بن حنين في"الصحيح" عن أبي هريرة غير هذا.
وله طرق عن أبي هريرة، منها : رواية أبي صالح، عن أبي هريرة، أخرجها البزار في "مسنده"(4) من حديث القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه، ثم يخرجه ؛ فإن في إحدى جناحيه داء، وفي الآخر دواء، وإنه يبدأ بالداء،فاغمسوه، ثم أخرجوه )) . رواه [عن](5) عمرو بن علي، عن [يحيى](6)بن محمد بن قيس، عن ابن عجلان قال: سمعته يذكره عن القعقاع بن حكيم.
قال البزار :"وهذا الحديث لا نعلم رواه عن ابن عجلان، عن القعقاع إلا يحيى بن(7) محمد بن قيس، وقد خُولِف فيه عن ابن عجلان ".
__________
(1) وفي بعض نسخ البخاري :"ثم لينزعه".
(2) في "صحيحه" (6/359 رقم3320) كتاب بدء الخلق، باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه.
(3) وهذه الرواية عند البخاري في "صحيحه"(10/250 رقم5782) في كتاب الطب، باب إذا وقع الذباب في الإناء.
(4) 3/ل164/أ - ب).
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه.
(6) في الأصل:"علي"، والتصويب من "مسند البزار"، وسوف يذكره المصنِّف على الصواب، وانظر أيضًا "تهذيب الكمال"(31/524).
(7) قوله :" يحيى بن " سقط من "مسند البزار"، مع أنه مذكور في الإسناد.(1/189)
ومنها : رواية محمد عن أبي هريرة ؛ أخرجها البزار في كتاب الطهارة من "السنن"(1) من حديث هشام - هو ابن حسان -، عن محمد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فيه ؛ فإن في إحدى(2) جناحيه داء، وفي الآخر دواء )) . رواه عن علي بن الحسين [الدرهمي](3)، عن محمد بن مروان العقيلي، عن هشام - يعني ابن حسان هذا في هذه الرواية -.
وقد روي على تردد في رفعه من هذا الوجه؛ فأخرجه الطبراني في "الأوسط"(4) من حديث إبراهيم بن الحجاج السامي، ثنا حماد بن سلمة، عن حبيب وهشام وحميد، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: وأحسبه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فيه؛ فإن في إحدى جناحيه داء، والآخر دواء )) . ورواه عن إسحاق بن خالويه،[ثم قال: "لم يروه](5) عن حماد بن سلمة ، عن حميد إلا إبراهيم بن الحجاج السامي".
ومنها : رواية سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ؛ أخرجها ابن حبان في "صحيحه"(6) قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا وقع الذباب في إناء أحدكم
فليغمسه ؛ فإن في أحد جناحيه داء، وفي الآخر شفاء، وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء، فليغمسه كله ثم لينزعه )) . رواه عن محمد بن عمر بن يوسف، عن نصر بن علي [الجهضمي](7)، عن بشر بن المفضل، عن محمد بن عجلان، عن سعيد.
[ل21/أ]
__________
(1) وفي "المسند" أيضًا (3/ل277/ب -278/أ).
(2) في "مسند البزار" :" أحد ".
(3) في الأصل:"الديلمي"، والتصويب من "مسند البزار"،وانظر"تهذيب الكمال" (20/404).
(4) 3/234 رقم3017).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، والمثبت من "المعجم الأوسط"، سوى قوله :"ثم قال" فمن زياداتي ليستقيم الكلام.
(6) 12/55 رقم5250/ الإحسان).
.
(7) في الأصل :"الحمصي"، والتصويب من "صحيح ابن حبان".(1/190)
وروي أيضًا من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ؛ أخرجه أبوحاتم / ابن حبان في "صحيحه"(1) من حديث ابن أبي [ذئب](2)، حدثني سعيد بن خالد، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه ؛ فإن في أحد جناحيه داء، وفي الآخر دواء )) . رواه عن أبي يعلى، عن أبي خيثمة، عن يحيى القطان، عنه.
و"سعيد بن خالد" بن قارظ القارظي المدني : يروي عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، وعنه ابن أبي [ذئب](3)، قال الدارقطني(3):"مدني يحتج به"، روى
له أبوداود، والنسائي، وابن ماجه(4).
وروى الدارقطني(5) من حديث بقية بن الوليد، عن سعيد بن أبي سعيد،عن بشر بن منصور،عن علي بن زيد بن جدعان،عن سعيد بن المسيب،عن سلمان - رضي الله عنه - قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ياسلمان! كلُّ [طعام](6) وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فيه،فهو حلال أكله وشربه ووضوؤه )) . قال الدارقطني: " لم يروه غير بقية عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي، وهو ضعيف ". انتهى.
وقد ذكر الحافظ أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب"سعيد بن أبي
سعيد" هذا(7)، فقال :" واسم أبيه عبدالجبار "، وقال :" وكان ثقة "(8)
__________
(1) 4/55-56 رقم1247/ الإحسان).
(2) في الأصل :"كثير"، والتصويب المرجع السابق.
(3) كما في "سؤالات البرقاني "(ص33 رقم183).
(4) كما في "تهذيب الكمال" (10/405 و406).
(5) في "سننه" (1/37 رقم1).
(6) في الأصل :"الطعام"، والتصويب من المرجع السابق.
(7) في "المتفق والمفترق" (2/1050 رقم574).
(8) وهم المصنِّف -رحمه الله-في نقله هذا عن الخطيب البغدادي، وعبارة الخطيب هي:"وكان غير ثقة"، فلعل في نسخته من كتاب الخطيب سقطًا،أو يكون بصره انتقل عن قوله:"غير". وهذا الوهم منه جعله يحمل كلام الدارقطني على بقية بن الوليد،وينأى به عن سعيد هذا.
وقد تابعه في هذا الوهم ابن الملقن، فقال في "البدر المنير" (2/177) - بعد ذكره أقوال من ضعف سعيدًا هذا أو جهله - :" وخالف الحافظ أبوبكر الخطيب، فوثقه، فقال - على مانقل الشيخ تقي الدين في "الإمام"- : إن اسم أبي سعيد : عبدالجبار، قال : وكان سعيد بن أبي سعيد ثقة ".(1/191)
.
قلت :[وقول](1) الدارقطني :" وهو ضعيف" [لا يريده](2)، ويريد بَقِيَّة، والله عزَّ وجلَّ أعلم.
فصل في نزوح البئر إذا مات فيها حيوان ذو نفس سائلة
عن محمد بن سيرين ؛ أن زنجيًّا وقع في بئر زمزم - يعني فمات -، فأمر به ابن عباس فأخرج، وأمر بها أن [تنزح](3). قال: فغلبتهم عين جاءتهم من الركن، قال: فأمر بها فدسمت بالقباطي والمطارف حتى نزحوها، فلما نزحوها انفجرت عليهم. رواه الدارقطني(4) عن عبدالله بن محمد بن زياد، عن أحمد بن منصور، عن محمد بن عبدالله الأنصاري، عن هشام، عن محمد.
وقوله:"دُسِمَت"- بضم الدال، وكسر السين المهملة، وفتح الميم على مالم يسم فاعله -؛ أي : دُسَّتْ، دَسَمْتُ أدسم دسمًا، والدِّسام - بالكسر -: السِّداد.
وأنشد الأزهري(5) لِرُؤْبَة يصف سَيْحَ ماء :
مُنْفَجِرَ الكوكبِ أَو مَدْسُوما (6)
قال الأزهري :" الْمُنْفَجِر: المنفتح الكثير الماء، وكوكب كل شيء : معظمه، والمدسوم : المسدود ".
وقال البيهقي(7) بعد أن أخرج رواية محمد بن سيرين التي قدمناها :"ورواه ابن أبي عروبة عن قتادة: أن زنجيًّا وقع في زمزم، فأمرهم ابن عباس بنزحه". قال:"وهذا بلاغ بلغهما، فإنهما لم يلقيا ابن عباس ولم يسمعا منه".قال: "ورواه جابر الجعفي [مرة](8)
__________
(1) في الأصل :"وهو”، والتصويب من "البدر المنير" نقلاً عن المصنِّف.
(2) في الأصل :" لأن بريدة"، وهو تصحيف، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في الأصل :" تروح "، والتصويب من "سنن الدارقطني"
(4) في "سننه" (1/33 رقم1).
(5) في "تهذيب اللغة" (12/376).
(6) وتَتمَّةُ البَيت :" فَخِمْنَ، إذ هَمَّ بأَن يَخيما ". كما في الموضع السابق من "تهذيب اللغة"، و"لسان العرب" (12/200).
(7) في "سننه" (1/266).
(8) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"سنن البيهقي".
.(1/192)
عن أبي الطفيل، عن ابن عباس، ومرة عن أبي الطفيل نفسه : أن غلامًا وقع في بئر زمزم [فنزحت]"(5) قال : "وجابر الجعفي
لايحتج به. ورواه ابن لهيعة عن عمرو بن دينار، وابن لهيعة لا يحتج به ".
قلت : ورواية أبي الطفيل هذه عن نفسه ذكرها الدارقطني(1).
[ل21/ب]
وروى البيهقي(2) عن أبي عبدالله الحافظ، عن أبي الوليد الفقيه، عن عبدالله بن شيرويه قال: سمعت أبا قدامة يقول : سمعت سفيان - يعني ابن عيينة - يقول: " أنا بمكة منذ سبعين سنة، لم أر [أحدًا](3) صغيرًا ولا كبيرًا يعرف حديث الزنجي الذي قالوا: إنه وقع في بئر/ زمزم، ماسمعت أحدًا يقول: نُزح زمزم".
وذكر(4) عن خالد الواسطي، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن علي - في الفأرة تقع في البئر فتموت -، قال :" تنزح حتى تغلبهم". فذكر البيهقي أن أبا البختري لم يسمع عليًّا - رضي الله عنه -، فهو منقطع.
قال الشافعي(5): وروى ابن أبي يحيى عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال :" إذا وقعت الفأرة في البئر فماتت فيها، ينزح منها دلو أو دلوان، فإن تفسَّخت نزح منها خمسة أو سبعة ".
قال البيهقي :"وهذا أيضًا منقطع"[يعني](6) مابين محمد بن علي بن الحسين وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، هذا مع مافيه من ابن أبي يحيى.
وقد روي نزح البئر من وجه لا انقطاع فيه.
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه" برقم (2).
(2) في الموضع السابق من "سننه".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"سنن البيهقي".
(4) أي البيهقي في "سننه الكبرى" (1/268)، و"معرفة السنن" (2/96 رقم1927).
(5) كما في الموضع السابق من "السنن الكبرى"، و"معرفة السنن" (2/97 رقم1934).
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منها لفصل كلام البيهقي عن كلام المصنِّف.
.(1/193)
فأخرجه الحافظ أبوجعفر أحمد بن سلامة الطحاوي(1) عن صالح بن عبدالرحمن، عن سعيد بن منصور، ثنا هشيم، ثنا منصور، عن عطاء : أن حبشيًّا وقع في زمزم فمات، فأمر ابن الزبير رضي الله عنهما فنُزح ماؤها، فجعل الماء لاينقطع، فنظر فإذا عين تجري من قبل الحجر الأسود، فقال ابن الزبير :" حسبكم ".
وروى(2) أيضًا عن محمد بن خزيمة، عن حجاج بن المنهال، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن ميسرة : أن عليًّا - رضي الله عنه - قال في بئر وقعت فيها فأرة فماتت، قال :" ينزح ماؤها ".
وروى(3) أيضًا عن محمد بن حميد بن هشام الرُّعَيني، عن علي بن معبد، عن موسى بن أعين، عن عطاء، عن ميسرة، وزاذان، عن علي - رضي الله عنه - قال : "إذا سقطت الفأرة أو الدابة في البئر، فانزحها حتى يغلبك الماء ".
وروى(4) أيضًا بإسناد صحيح عن الشعبي في الطير والسنور ونحوها يقع في البئر قال : ينزح منها أربعون دلوًا. وذكر عن التابعين آثارًا غير هذه (5).
فصل في آسار البهائم والسباع
قد تقدم حديث ابن عمر رضي الله عنهما : سئل رسول الله - رضي الله عنه - عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع ؟ فقال : (( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث )) . وهذا لفظ النسائي(6).
__________
(1) في "شرح معاني الآثار"(1/17 رقم31).
(2) أي الطحاوي في الموضع السابق برقم (33).
(3) برقم (34).
(4) برقم (37).
(5) انظرها في "شرح معاني الآثار" (1/17-18 رقم38-44).
.
(6) في "سننه" (1/46 رقم52) كتاب الطهارة، باب التوقيت في الماء، و(1/175 رقم328) كتاب المياه، باب التوقيت في الماء. وتقدم (ص199).(1/194)
وروى عبدالله بن رجاء عن مصعب بن سوار، عن مطرف، عن أبي الجهم، عن البراء - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ماأكل لحمه فلا بأس بسؤره )) . قال البيهقي(1):" كذا يسميه عبدالله بن رجاء : مصعب بن سوار، بقلب(2) اسمه، وإنما هو : سوار بن مصعب، وسوار بن مصعب متروك ". قال: "ومع ضعف سوار بن مصعب، اختلف [عليه في متنه ](3)، فرواه عبدالله بن رجاء عنه كذلك، ورواه يحيى بن أبي بكير عنه بإسناده: (( لابأس ببول ماأكل لحمه ))(4) ".
وروى الشافعي(5) عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود بن الحصين، عن
أبيه، عن جابربن عبدالله قال : قيل : يارسول الله! أنتوضأ بما أفضلت الحمر؟ قال : ((نعم، وبما أفضلت السباع كلها )). رواه عن إبراهيم جماعة منهم: الشافعي، [وقال](6): وأُخبرنا عن ابن أبي ذئب، عن داود بن الحصين بمثله.
[ل22/أ]
__________
(1) في "سننه الكبرى" (1/252).
(2) في "سنن البيهقي" :" فقلب ".
(3) في الأصل :"على متنه"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(4) وتتمة كلام البيهقي :" ورواه عمرو بن الحصين عن يحيى بن العلاء، عن مطرف، عن محارب بن دثار، عن جابر بن عبدالله مرفوعًا، في البول، وعمرو بن الحصين ويحيى بن العلاء ضعيفان، ولا يصح شيء من ذلك ".
(5) في"الأم"(1/6)،وعنه البيهقي في"السنن"(1/249)،و"المعرفة"(2/65رقم1760 و1761).
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه أو ما يقوم مقامه ؛ فإن المصنِّف نقل هذا عن البيهقي في المرجعين السابقين، وقد قال البيهقي عقب إخراجه للحديث في "السنن" :"وفي غير روايتنا قال الشافعي : وأُخبرنا عن ابن أبي ذئب، عن داود بن الحصين بمثله ". ونحوه في المعرفة.(1/195)
ومنهم : عبدالرزاق(1)، ومن جهته أخرجه الدارقطني(2) بسنده، ولفظه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ بما أفضلت / السباع، وقال :" إبراهيم هو : ابن أبي يحيى ضعيف. وتابعه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، وليس بالقوي في الحديث".
ثم أخرجه(3) من جهة الشافعي، عن سعيد بن سالم، عن ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن أبيه، عن جابر قال : قيل : يارسول الله! أنتوضأ بما أفضلت الحمر ؟ قال : (( وبما أفضلت السباع )) .
وروى عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع والكلاب والحمر، وعن [الطهارة](4) منها، فقال : (( لها ماحملت في بطونها، ولنا [ما غبر](5) طهور )) . رواه ابن ماجه(6) عن أبي مصعب المدني، عن عبدالرحمن.
ورواه الدارقطني(7) أيضًا عن عبدالرحمن(8)، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحياض التي تكون فيما بين مكة والمدينة، فقيل له : إن الكلاب والسباع ترد عليها، فقال : (( لها ماأخذت في بطونها، ولنا ما بقي شراب وطهور )) . أخرجه [عن محمد](9) بن مخلد، عن أبي سيار محمد بن عبدالله بن المستورد، عن أحمد بن عمرو بن السرح، عن ابن وهب، عن عبدالرحمن. انتهى.
__________
(1) وهو في "مصنفه" (1/77 رقم252).
(2) في "سننه" (1/62 رقم1).
(3) أي الدارقطني برقم (2).
(4) في الأصل :" الطهار"، والتصويب من "سنن ابن ماجه".
(5) في الأصل :"ماء غير"، والتصويب من "سنن ابن ماجه".
(6) في "سننه" (1/173 رقم519) كتاب الطهارة وسننها، باب الحياض.
(7) في "سننه" (1/31 رقم12).
(8) قوله :"ورواه الدارقطني أيضًا عن عبدالرحمن" مكرر في الأصل.
(9) في الأصل :" علي "، والتصويب من "سنن الدارقطني".(1/196)
وعن أيوب بن خالد الحراني، ثنا محمد بن علوان، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، فسار ليلاً، فمروا على رجل جالس عند مِقْرَاةٍ له، فقال عمر: ياصاحب المقراة ! أولغت السباع الليلة في مقراتك ؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ياصاحب المقراة ! لاتخبره، هذا [متكلف](1)، لها ماحملت في بطونها، ولنا مابقي شراب وطهور )) . أخرجه الدارقطني(2) عن علي بن الحسن بن هارون البلدي، عن إسماعيل بن
الحسين(3) الحراني، عن أيوب.
و"أيوب بن خالد الحراني": قال ابن عدي(4): "حدَّث عن الأوزاعي بالمناكير ". و"المِقْرَاة"- بكسر الميم، وسكون القاف غير مهموز -: مأخوذ من الجمع ؛ من قولهم : قريت الماء في الحوض قريًا وقرًّا : إذا جمعته. قال الجوهري(5):" المقراة : المسيل ؛ وهو الموضع الذي يجتمع فيه ماء المطر من كل جانب ". وقال ابن سِيدَهْ (6):" الْمِقْرَاةُ : الحوض العظيم يجتمع فيه الماء...، والْمِقْرَاةُ والْمِقْرَى : إناء يجتمع فيه الماء ".
__________
(1) في الأصل :"مكلف"، وفي "سنن الدارقطني" :"مكلب"، وهو خطأ ظاهر، والتصويب من "إتحاف المهرة"(9/334 رقم11336).
(2) في"سننه"(1/26رقم30)عن شيخه الحسن بن أحمدبن صالح،عن علي بن الحسن بن هارون.
(3) في "سنن الدارقطني" :"إسماعيل بن الحسن الحراني".
(4) في "الكامل" (1/358).
(5) في "الصحاح" (6/2461).
(6) في "المحكم" (6/307).(1/197)
وروى مالك في "الموطأ"(1) عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن يحيى بن عبدالرحمن بن حاطب، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خرج في ركب - فيهم عمرو بن العاص - حتى وردوا حوضًا، فقال عمرو بن العاص [لصاحب](2) الحوض : ياصاحب الحوض ! هل ترد حوضك السباع ؟ فقال عمر - رضي الله عنه - : ياصاحب الحوض ! لاتخبرنا، فإنا نرد على السباع، وترد علينا.
فصل في سؤر الهرة
[ل22/ب]
__________
(1) 1/23-24 رقم14) كتاب الطهارة، باب الطهور للوضوء.
(2) في الأصل :" ياصاحب"، والتصويب من "الموطأ".(1/198)
روى يحيى بن يحيى الأندلسي عن مالك رحمه الله تعالى في "الموطأ"(1)، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن حميدة ابنة أبي عبيدة(2) بن فروة، عن خالتها كبشة ابنة كعب بن مالك - وكانت تحت ابن أبي قتادة -، أنها أخبرتها : أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءًا، فجاءت هرة لتشرب منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت. قالت كبشة : فرآني / أنظر إليه، فقال: أتعجبين ياابنة أخي ؟ قالت : قلت : نعم، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (([إنها](3) ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم [ أوالطوافات](4) )) . قال أبوعمر(5):« هكذا قال يحيى بن يحيى : عن حميدة بنت أبي عبيدة، ولم يتابعه أحدٌ على قوله ذلك، وهو غلط منه. وأما سائر رواة "الموطأ" فيقولون: [حميدة بنت عبيدة بن رفاعة، إلا أن زيد بن الحباب قال فيه عن مالك](6): "حميدة ابنة [عبيدة](7) بن رافع"، والصواب : رفاعة، وهو رفاعة بن رافع الأنصاري ». ثم قال(8) :« وانفرد يحيى أيضًا بقوله: عن خالتها، وسائر رواة الموطأ يقولون : عن كبشة، ولايذكرون خالتها. واختلف في رفع الحاء ونصبها من حميدة، فبعضهم يقول : حَميدة، وبعضهم يقول : حُميدة، وهو
__________
(1) 1/22-23 رقم 13) كتاب الطهارة، باب الطهور للوضوء.
(2) كذا في الأصل "عبيدة"، وكذا أيضًا في "الموطأ"، وسوف تأتي كذلك نقلاً عن "التمهيد" و"الاستذكار"، وقد أشار الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في حاشية "سنن الترمذي" (1/153) إلى هذا الخطأ، وذكر أن الصواب "عبيد".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "الموطأ ".
(4) في الأصل :" والطوافات"، والتصويب من "الموطأ"، وانظر "البدر المنير" (2/347).
(5) في "الاستذكار" (2/113-114 رقم 1613 -1616).
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل فاستدركته من "التمهيد".
(7) في الأصل :" عبيد"، والتصويب من "الاستذكار".
(8) أي ابن عبدالبر في "الاستذكار" (2/114 رقم 1618 -1623).(1/199)
الأكثر، وتكنى حميدة : أم يحيى، وهي امرأة إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، وذكر ذلك يحيى القطان في هذا الحديث عن مالك، وقد ذكرناه بإسناده ومتنه في "التمهيد"(1)، وكذلك قال فيه ابن المبارك عن مالك، إلا أنه قال :" كبشة امرأة أبي قتادة "، وهذا وهم، وإنما هي امرأة ابن أبي قتادة ».
قلت : وقد وقع عندنا في رواية المغيرة(2):" وكانت تحت أبي قتادة ":
أخبرنا أبوعبدالله الحسين بن علي بن شجاع -بقراءتي عليه-، أنا عبدالعزيز بن أحمد، أنا يحيى بن ثابت بن بندار، أنا أبي، أنا أبوعمرو عثمان ابن محمد بن يوسف - يعني ابن الحسن الحربي-، أنا أبوبكر - يعني محمد بن عبدالله بن إبراهيم الشافعي-، حدثني إسحاق، أنا القعنبي، عن مالك، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن حُميدة بنت عبيد بن رفاعة، عن كبشة بنت كعب بن مالك - وكانت تحت أبي قتادة(3)-: أن أبا قتادة دخل فسكبت له وضوءًا، فجاءت هرة فشربت، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه [فقال](4) : أتعجبين يابنت أخي ؟ فقلت : نعم، فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات )) .
قلت: رواية زيد بن الحباب عن مالك أخرجها ابن ماجه في "سننه"(5)، وكأنه نسب إلى الجد، فلاحاجة إلى إبهام خطابها.
__________
(1) 1/318).
(2) كذا في الأصل، ولكن سياق المصنف له بعد هذا من طريق القعنبي! لا المغيرة. والمغيرة عبدالرحمن من الرواة عن مالك كما في "تهذيب الكمال" (28/381).
(3) كذا في رواية المصنف هنا للحديث من طريق القعنبي عن مالك، وقد أخرجه أبوداود -كما سيأتي - من نفس الطريق، وفيه :" ابن أبي قتادة".
(4) في الأصل :" فقالت".
(5) 1/131 رقم 367) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء بسؤر الهرة والرخصة في ذلك.(1/200)
وقد أخرج هذا الحديث الأربعة(1)من حديث مالك،وأبوبكر ابن خزيمة وأبو حاتم ابن حبان في"صحيحيهما"(2)،وبلغني أن الحاكم أخرجه في "المستدرك على الصحيحين"(3) وقال:"صحيح، له شاهد بإسناد صحيح"، ثم خرج(4) حديث صفية،عن عائشة رضي الله عنهاالذي نذكره بعد إن شاء الله تعالى.
وأما أبوعبدالله ابن منده، فإنه أخرج هذا الحديث من رواية مالك في "الموطأ"، ثم ذكر اختلاف [رواياته](5) وقال :" وأم يحيى اسمها : حميدة،
وخالتها هي كبشة، ولا يعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث، ومحلها محل الجهالة، ولا يثبت هذا الخبر من وجه من الوجوه، وسبيله [سبيل](6) المعلول".
قلت : إذا لم تعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث، فلعل طريق من صححه أن يكون اعتمد على إخراج مالك لروايتهما مع شهرته بالتشدد.
[ل23/أ]
__________
(1) أخرجه أبوداود (1/60 رقم 75) كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، والترمذي (1/153-154 رقم92) أبواب الطهارة، باب ماجاء في سؤر الهرة، والنسائي (1/55 رقم68) كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، و(1/178 رقم 340) كتاب المياه، باب سؤر الهرة، وابن ماجه في الموضع السابق. وقال الترمذي :" حسن صحيح ".
(2) "صحيح ابن خزيمة"(1/55رقم104)و"صحيح ابن حبان"(4/114رقم1299/الإحسان).
(3) 1/159).
(4) أي الحاكم في "المستدرك" (1/160).
(5) في الأصل :"روايات"، والتصويب من نقل ابن الملقن في "البدر المنير" (2/342) لكلام ابن منده.
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من الموضع السابق من "البدر المنير".(1/201)
نقلت من خط الحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي وروايته من "سؤالات أبي زرعة"، قال:"سمعت أحمد بن حنبل يقول : إذا روى [مالك](1) عن رجل لايعرف فهو حجة"(2). وقال الترمذي(3):" هذا حديث حسن صحيح، وهذا أحسن شيء في الباب، وقد جوَّد مالك هذا الحديث عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، ولم يأت به أحدٌ أتم من مالك ". وقال محمد بن إسماعيل البخاري(4):" جوَّد مالك بن أنس هذا الحديث، وروايته أصح من / رواية غيره ".
وقول أبي عُمر(5):" وانفرد يحيى أيضًا بقوله : عن خالتها كبشة، وسائر رواة الموطأ يقولون : عن كبشة، ولا يذكرون خالتها"، فقد قاله الحسين المعلم، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أم يحيى، عن خالتها بنت كعب قالت : دخل علينا أبوقتادة، فقربنا إليه وضوءًا، فدنا الهر، فأصغى إليه [الإناء](6)، فشرب منه، ثم توضأ بفضله، فنظرت إليه، فالتفت إليّ فقال : كأنك تعجبين ؟ قلت : نعم، قال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ((ليس بنجس - أوكلمة أخرى -، إنما هو من الطوافين والطوافات عليكم )) . أخرجه البيهقي(7)، وقال :" أم يحيى [هي حميدة، وابنة كعب هي](1) كبشة بنت كعب. وكذلك رواه همام بن يحيى(8) عن إسحاق ".
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه كما يدل عليه ماقبله ومابعده.
(2) ونقله عن "سؤالات أبي زرعة " أيضًا : ابن رجب في "شرح علل الترمذي" (1/80).
(3) في "سننه" (1/154-155).
(4) نقله عنه البيهقي في "سننه الكبرى" (1/245).
(5) سبق عزوه إليه.
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن البيهقي".
(7) في الموضع السابق.
(8) وروايته أخرجها البيهقي في الموضع السابق نفسه.(1/202)
وروى ابن ماجه(1)- منفردًا به عن الجماعة - من حديث يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة، عن حارثة، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أتوضأ أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد قد أصابت منه الهرة قبل ذلك.
ورواه أبوقرة موسى بن طارق في "سننه" عن سفيان، عن حارثة.
ورواه الدارقطني(2) من حديث قيس بن الربيع، عن هيثم [الصراف](3)، عن حارثة.
و" حارثة "- بالحاء المهملة، والثاء المثلثة -: ابن أبي الرجال محمد ابن عبدالرحمن مدني، قال أبو الحسن(4):" حارثة بن محمد لابأس به،
[روى](5) عنه عَبْدَة ". وروى عثمان بن سعيد(6): سألت يحيى بن معين عن حارثة بن محمد الذي يروي عن عَمرة، فقال :"ليس بشيء ". وقال ابن البرقي عن يحيى(7):"حارثة بن أبي الرجال ضعيف ". وقال النسائي(8): "متروك ".
__________
(1) في الموضع السابق من سننه برقم (368).
(2) في "سننه" (1/69 رقم18)، إلا أنه بلفظ :" كنت أغتسل " بدل :" كنت أتوضأ ".
(3) في الأصل :" الصواف"،والتصويب من"سنن الدارقطني"، ويظهر أنه الهيثم بن حبيب الصراف، ويقال : الصيرفي، المترجم في "الجرح والتعديل " (9/80-81 رقم 327)، و"تهذيب الكمال" (30/369-370 رقم 6642).
(4) أي الدارقطني، وقوله هذا نقله صاحب "نصب الراية"(1/134)، وابن الملقن في "البدر =
= المنير" (2/361 -362)، ولم أجد كلام الدارقطني هذا في شيء من كتبه المطبوعة لديَّ، وقد قال في "المؤتلف والمختلف" (1/447) عن حارثة هذا :" ليسي بالقوي في الحديث".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل.
(6) في "تاريخه" (ص97 رقم264)، وانظر (ص91 رقم237) من المرجع نفسه.
(7) ونقل تضعيف يحيى بن معين لحارثة أيضًا : عباس الدوري في "تاريخه" (2/95).
(8) في "الضعفاء" (ص164 رقم113)، إلا أن فيه "متروك الحديث".(1/203)
وروى أبوداود(1) من حديث داود بن صالح التمار، عن أمه: أن مولاتها أرسلتها بهريسة إلى عائشة رضي الله عنها، فوجدتها تصلي، فأشارت إليّ : أن ضعيها، فجاءت هرة فأكلت منها، فلما انصرفت أكلت من حيث أكلت الهرة، فقالت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم ))، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بفضلها. أخرجه أبو داود منفردًا به عن الجماعة. وقال أحمد بن حنبل في داود(2):" لا أعلم به بأسًا ".
قال شيخنا(3):«قال الدارقطني:"تفرد به عبدالعزيز بن[محمد الدَّرَاوَرْدِي](4)،
عن داود بن [صالح](5)، عن أمه بهذه الألفاظ "».
وروى الدارقطني(6) من حديث[عبد ربه](7) بن سعيد، عن أبيه، عن عروة ابن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمر بالهرة فيصغي لها الإناء فتشرب، ثم يتوضأ بفضلها. رواه عن أبي بكر النيسابوري، عن أحمد بن منصور، عن أبي صالح، عن الليث، عن يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، عن [عبد ربه](3)، فقال:"قال أبوبكر : يعقوب هذا هو أبو يوسف القاضي،[وعبد ربه](3) هو عبدالله بن سعيد المقبري، وهو ضعيف".
__________
(1) في "سننه" (1/61 رقم76) كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة.
(2) كما في "الجرح والتعديل" (3/415-416 رقم1900).
(3) يعني المنذري، وكلامه هذا في "مختصر سنن أبي داود" (1/79).
(4) في الأصل :" عبدالعزيز بن الدرداوردي"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) في الأصل :" صبح"، وقد ذكره المصنف آنفًا على الصواب.
(6) في "سننه" (1/66 رقم 1).
(7) في الأصل :" عبد رب "، والتصويب من المرجع السابق.(1/204)
وروى أبو حاتم الرازي عن محمد بن عبدالله بن أبي جعفر الرازي، ثنا سليمان بن مسافع بن شيبة [الحجبي](1)، سمعت منصور بن صفية بنت شيبة يحدث عن أمه صفية، عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((إنها ليست بنجس، هي كبعض أهل البيت ))- يعني الهرة-.أخرجه أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(2) عن أبي حاتم، والدارقطني(3) عن الحسين بن إسماعيل،
[ل23/ب]
عن [أبي حاتم](4)،/ وفي لفظه : (( هي كبعض متاع البيت ))(5)- يعني الهر -.
و"محمد بن عبدالله" هذا قال فيه أبوحاتم(6):" صدوق"، وجده أبوجعفر اسمه : عيسى بن مَاهَان. و"[الحَجَبي"](7)- بحاء مهملة، ثم جيم مفتوحتين -: نسبة إلى حجابة البيت العتيق - كرّمه الله تعالى -.
وروى ابن خزيمة(8) عن محمد بن يحيى، عن إبراهيم بن الحكم بن أبان، حدثني أبي، عن عكرمة قال:كان أبوقتادة يتوضأ من الإناء والهرة تشرب منه. وقال عكرمة : قال أبوهريرة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الهرة من متاع البيت )) . هكذا ذكره، وكأنه حسّن الرأي في إبراهيم بن الحكم، وقد تُكُلِّم فيه.
__________
(1) في الأصل:"الجمحي"،والتصويب من "سنن الدارقطني"، وسيأتي ضبط المصنف له.
(2) 1/54 رقم102).
(3) في "سننه" (1/69 رقم19).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل فتم استدراكه من "سنن الدارقطني"، حيث جاء فيه :" نا
الحسين بن إسماعيل، نا محمد بن إدريس أبو حاتم ".
(5) في "سنن الدارقطني":" هي كبعض أهل البيت".
(6) كما في "الجرح والتعديل" (7/302 رقم 1642).
(7) في الأصل :"الجمحي"، وسبق تصويبه.
(8) في "صحيحه" (1/54 -55 رقم103).(1/205)
وروى الحافظ أبو بكر البزار(1)من حديث ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الهر ليس بنجس، إنما هو من متاع البيت )) . رواه عن روح بن حاتم، عن مهدي بن عيسى، عنه، وقال :" وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن أبي هريرة بأحسن من هذا الإسناد مرفوعًا، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها، ولم يثبت من جهة النقل، فأمسكنا عن ذكره ".
وروى الدارقطني(2) من حديث محمد بن عمر، حدثنا [عبدالحميد](3) بن
عمران بن أبي أنس، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال(4): وحدثنا عبدالله بن أبي يحيى، عن سعيد بن أبي هند، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان يصغي إلى الهرة الإناء حتى تشرب منه، ثم يتوضأ بفضلها.
و"محمد بن عمر الواقدي" أكثروا فيه، وأفظع النسائي فيه القول(5)،وهو مذكور في المقدمة(6).
__________
(1) لعله في "السنن"،ووجدته أخرجه في "المسند"(3/ل86/أ)،لكن من طريق فردوس الواسطي وأبي غسان، كليهما عن مهدي بن عيسى، عن ابن أبي الزناد، به، ولفظ فردوس: (( لا تقطع الهرة الصلاة، وإنما هي من متاع البيت ))، ولم يذكرا : (( الهر ليس بنجس )).
(2) في "سننه" (1/70 رقم 21).
(3) في الأصل :" عبدالمجيد "، والتصويب من " سنن الدارقطني "، وانظر " تهذيب الكمال" =
= (22/310).
(4) أي محمد بن عمر الواقدي.
(5) ونسبه إلى الكذب كما في آخر كتابه "الضعفاء والمتروكين" (ص123)، وسيذكره المصنِّف (ص368).
(6) كنت أرجو أن تكون هذه المقدمة بين أيدينا ! ولكن لم يتم العثور عليها كما بينته في مقدمتي لهذا الكتاب (41و42).(1/206)
ولحديث عائشة رضي الله عنها وجه آخر : رواه أحمد- هو ابن منيع -، ثنا أشعث بن عبدالرحمن بن زبيد، ثنا أبوعبادة عبدالله بن سعيد، عن أبيه،عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ربما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكفىء الإناء للسنور حتى تشرب، ثم يتوضأ منه. أخرجته من"الجزء رواية إسحاق بن إبراهيم بن جميل"، ورأيته في "المنتقى من كتاب الصلاة" لسريج بن يونس، رواه عن أشعث بسنده، وفيه قالت : ولم يقل :"وربما"، وفيه : "فشرب، ثم توضأ بفضلها ".
ذكر من قال : يُغسل الإناء من ولوغ الهرة
روى الترمذي(1) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( يغسل
الإناء إذا ولغ الكلب فيه سبع مرات أولاهن - أو [أخراهن](2)- بالتراب، وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة )) . أخرجه عن سوار بن عبدالله العنبري، عن المعتمر بن سليمان، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عنه، وقال :« هذا حديث حسن صحيح »، ثم قال :« وقد رُوي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا، ولم يذكر فيه :" وإذا ولغت فيه الهرة غُسل مرة "». انتهى.
وقد وهم أبوالفرج ابن الجوزي(3) هاهنا وهمًا شديدًا ؛ فأجاب عن هذا
[ل24/أ]
__________
(1) في "سننه" (1/151-152 رقم91) أبواب الطهارة، باب ماجاء في سؤر الكلب.
(2) في الأصل :" إحداهن"، والتصويب من "سنن الترمذي".
(3) في كتابه "التحقيق في أحاديث الخلاف" (1/80-81).(1/207)
الحديث - بعد أن أخرجه من جهة الترمذي -: بأن سوَّارًا قال سفيان الثوري- يعني فيه(1) -:" ليس بشيء ". وليس سوار هذا الذي قال فيه الثوري هو الذي روى عنه الترمذي، فإن ذلك سوار بن عبدالله بن قدامة متقدم في / الطبقة، وشيخ الترمذي سوار بن عبدالله بن قدامة(2) مات سنة
خمس وأربعين ومائتين، وقال النسائي(3) فيه :" ثقة ".
ورواه الحافظ الفقيه أبو بكر الإسماعيلي في "مجموع حديث أيوب السختياني" عن أبي بكر ابن خالد البوراني، وابن ياسين، قالا : ثنا أحمد بن المقدام، ثنا المعتمر سمعت أيوب يحدث، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ((يغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات أولاهن بالتراب، وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة )) . قال ابن ياسين : عن أبي هريرة مثله موقوف، لم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وخالف سوار عن معتمر. وقال: ثنا أبو الأشعث(4)، ثنا يزيد بن زريع، ثنا أيوب، عن محمد،[عن](5) أبي هريرة قال :" طهور... "، فذكره من قول أبي هريرة - رضي الله عنه -.
__________
(1) كما في "الكامل" لابن عدي (3/451).
(2) ولإزالة اللبس الذي قد يطرأ من ذكر الاسمين لهذين الراويين أقول : إن شيخ الترمذي هو سوار بن عبدالله بن سوار بن عبدالله بن قدامة العنبري، القاضي، وأما الذي قال فيه الثوري ما تقدم فهو جدّ شيخ الترمذي هذا، واسمه أيضًا سوار بن عبدالله، فهما متفقان في الاسم واسم الأب والنسب والمهنة، فكلاهما تولى القضاء.
(3) كما في "تاريخ بغداد" (9/212 رقم4788)، و"تهذيب الكمال" (12/240).
(4) الظاهر أن القائل هو ابن ياسين. وأبو الأشعث : هو أحمد بن المقدام المتقدم.
(5) في الأصل :" بن ".(1/208)
وكان الإسماعيلي قد أخرجه من جهة البغوي وغيره، عن سوار، عن معتمر مرفوعًا، ثم قال :" قال المنيعي(1): حدثناه يعقوب بن إبراهيم موقوفًا، ثنا معتمر، عن أيوب فذكره، وذكر الهر ".
قلت : الذي يتلخص أنه مختلف في رفعه عن أيوب وعن المعتمر :
فأما عن أيوب؛ فرواه إسماعيل بن إبراهيم عنه، عن ابن سيرين، عن أبي
هريرة، ورواه أبوعبيد(2) عن إسماعيل، وفي الحديث :" ولم يرفعه أيوب"(3).
وقال الدارقطني(4)-وسئل عن حديث يُروى عن محمد بن سيرين، عن أبي
هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الهر يلغ في الإناء قال : (( يغسل مرة أو مرتين ))- فقال :
"اختلف فيه على ابن سيرين؛ فرواه قرة بن خالد واختلف عنه، فرواه أبوعاصم النبيل، عن قرة، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - "(5).
وأما عن المعتمر ؛ فقد تقدم رواية سوار، وأبي الأشعث، ويعقوب بن إبراهيم، رفعًا ووقفًا. والترمذي اعتمد في التصحيح على عدالة الرجال عنده، ولعله لم يلتفت لوقف من وقفه مع رفع من رفع.
__________
(1) هو أبوالقاسم البغوي، واسمه : عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، وجده لأمه هو الحافظ أحمد بن منيع، فلذلك يقال لأبي القاسم أحيانًا : المنيعي.
(2) في كتاب "الطهور" (ص267-268 رقم204).
(3) وقال أبوعبيد :"والثابت عندنا أنه مرفوع، ولكن أيوب كان ربما أمسك عن الرفع".
(4) في "العلل" (8/116-117 رقم 1443).
(5) وتتمة كلامه في "العلل" :"قال : والهر مرة أو مرتين "، وانظر التعليق الآتي.(1/209)
وقد روى هذا الحديث عباس الدوري(1)،عن محمد بن [عمر](2) القصبي، عن عبدالوهاب(3)، عن أيوب،عن ابن سيرين،عن أبي هريرة- رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ورواه الإسماعيلي عن القاسم،عن إسماعيل بن إسحاق،عن إبراهيم بن الحجاج، عن عبدالوهاب بسنده،عن أبي هريرة- رضي الله عنه - قال:"والهر مرة أو مرتين"(4).
«وخالفه(5) أبو عامر العقدي فرواه عن قرة موقوفًا، وكذلك رواه مسلم بن إبراهيم، عن قرة. واختلف على أيوب السختياني، فرواه معتمر(6) عن أيوب فرفعه، فلم يصرح في الحديث ذكر الهرة. وخالفه حماد بن زيد، وابن عُلية، ومعمر، والثقفي؛ رووه عن أيوب موقوفًا. ورواه النضر بن شميل، عن هشام وشك في رفعه، والصحيح : قول من وقفه على أبي هريرة في الهرة خاصة. وروي [عن](7) عمرو بن دينار وأبي الزبير جميعًا عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قوله :" يغسل من [الهر كما يغسل من](1) الكلب"، ولايصح هذا عن أبي صالح ».
قلت : قد تقدم التصريح في حديث المعتمر بذكر الهر [فيما](8) عمله(9).
[ل24/ب]
__________
(1) ومن طريقه البيهقي في "سننه" (1/248).
(2) في الأصل:"عمرو"،والتصويب من"سنن البيهقي"، وانظر"تاريخ بغداد" (3/21 رقم940).
(3) في"سنن البيهقي":"عبدالوارث"بدل"عبدالوهاب"،فلعل المصنف أخذه من كتاب الاسماعيلي.
(4) من قوله :"وأما عن المعتمر فقد تقدم" إلى هنا ليس في "العلل" للدارقطني، ومن الواضح أنه من كلام المصنف، فقد نقله عنه صاحب "نصب الراية" (1/136).
(5) من هنا رجع المصنف لنقل كلام الدارقطني في "العلل".
(6) في الأصل :" فرواه عن معتمر"، والتصويب من "العلل "الدارقطني.
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(8) في الأصل يشبه أن تكون :" مما ".
(9) كذا في الأصل !(1/210)
وقد روى هذا الحديث أبوعاصم النبيل، عن - قرة هو ابن خالد-، ثنا محمد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( طهور الإناء إذا ولغ الكلب فيه : يغسل سبع مرات الأولى بالتراب، والهرة مرة - أو مرتين - )). قرة شك. أخرجه / الدارقطني(1) عن أبي بكر النيسابوري، عن بكار بن قتيبة، وحماد بن الحسن، عن أبي عاصم.
ووجدته عن رواية الحافظ أبي بكر أحمد بن عمرو بن عبدالخالق البزار - بالراء المهملة -، عن عمرو بن علي، عن أبي عاصم، ولم يذكر فيها شكًّا في المرة أو المرتين.
ورواه الدارقطني(2) مرة أخرى عن أبي بكر النيسابوري، وقال أبو بكر :
"[كذا](3) رواه أبوعاصم مرفوعًا، وروى غيره عن قرة : ولوغ الكلب مرفوعًا، وولوغ الهرة موقوفًا ".
وقال الحافظ أبوعمر ابن عبدالبر النمري(4): "وهذا الحديث لم يرفعه إلا قرة وحده، وقرة ثقة ثبت، إلا أنه قد خالفه فيه غيره، فرووه عن ابن سيرين، عن أبي هريرة [قوله](5)".
__________
(1) في "سننه" (1/64 رقم6)، وفيه :" قرة يشك، هذا صحيح ".
(2) في "سننه" (1/67-68 رقم8).
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".
(4) في "التمهيد" (1/326)، و"الاستذكار" (2/120 رقم 1655).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فتم استدراكه من "التمهيد"، و"الاستذكار".(1/211)
[ورواه البيهقي](1) من جهة الدارقطني، [وذكر](2) أن معناه :« رواه علي ابن مسلم، عن أبي عاصم. ورواه محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن بكار بن قتيبة، عن أبي عاصم :" والهرة مثل ذلك "». قال البيهقي :" وأبوعاصم الضحاك بن مخلد ثقة، إلا أنه أخطأ في إدراج قول أبي هريرة في الهرة في الحديث المرفوع في الكلب. وقد رواه علي بن نصر الجهضمي، عن قرة، فبيَّنه بيانًا شافيًا ".
ثم أخرجه البيهقي(3)من جهة أبي معشر الحسن بن سليمان الدارمي،عن نصر بن علي، عن أبيه، عن قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه(4) أن يغسل سبع مرات : أولاهن بالتراب )) . ثم ذكر أبوهريرة الهر، لا أدري [قاله](5) مرة أو مرتين. قال نصر بن علي :" وجدته في كتاب أبي في موضع آخر، [عن قرة](6)، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في الكلب مسندًا، وفي الهر موقوفًا ".
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، والتصويب بالاجتهاد، وبالنظر في "سنن البيهقي" (1/247)، وكلام المصنف الآتي.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والتصويب كسابقه.
(3) في الموضع السابق.
(4) كذا في الأصل، وفي "سنن البيهقي" :" إذا ولغ فيه الكلب".
(5) في الأصل :" قال"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.(1/212)
ورواه الدارقطني(1) بإسناد صحيح عن قرة، عن محمد، عن أبي هريرة في الهرة تلغ في الإناء قال :"اغسله مرة أو مرتين ". قال :" وكذلك رواية أيوب، عن محمد،[عن](2) أبي هريرة - في الهرة تلغ(3) في الإناء - قال :" اغسله مرة أو مرتين ". قال :" وكذلك رواه أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة موقوفًا". أخرجه الدارقطني(4) من جهة معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال - في الهر يلغ في الإناء - قال :" اغسله مرة،[وأهرقه](5)".
قلت : وقد تقدم الخلاف على أيوب. والذي يتلخص : أن مَن علَّلَه علَّله بالوقف، ومن يصحِّحه اعتمد على عدالة الراوي.
وقد تابع هذه الرواية عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة في رفعها : حفص بن واقد - بالقاف -، فرواه عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات: أولاهن بالتراب، والهر مرة )) . أخرجه الحافظ أبوحفص عمر بن أحمد بن شاهين في " ناسخه ومنسوخه "(6).
ورواه الحافظ أبو بكر الخطيب في " المتفق والمفترق"(7) من جهة محمد بن مخلد العطار، عن أبي بدر عباد بن الوليد، ثنا حفص بن واقد، ثنا ابن عون [عن](8) محمد،[عن](9) أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب : سبع مرات، أولاهن بالتراب، والهر مرة )) .
[ل25/أ]
__________
(1) في "سننه" (1/68 رقم9).
(2) في الأصل :"بن"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) كذا في الأصل، وفي المرجع السابق :" في الهر يلغ ".
(4) في "سننه" (1/67 رقم 4).
(5) في الأصل :"أو هرقه"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(6) ص139 رقم140).
(7) 3/1562 رقم1004).
(8) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "المتفق والمفترق".
(9) في الأصل :" بن "، والتصويب من المرجع السابق.(1/213)
[وذكره](1) / الحافظ أبوأحمد عبدالله بن عدي الجرجاني في كتاب "الكامل"(2) أيضًا من رواية حفص بن واقد، إلا أني لم أر فيه ذكر الهرة.
فالذي وقع فيه رفع هذا الحديث : رواية أيوب من جهة معتمر - كما ذكر الترمذي وغيره(3)-، ورواية أبي عاصم، عن قرة، عن محمد - على ماتقدم -، ورواية حفص بن واقد، عن ابن عون، عن محمد.
وروى الدارقطني(4) من جهة عبدالرزاق - صحيحًا-، عن هشام بن حسان، عن محمد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :" إذا ولغ الهر في الإناء فأهرقه، واغسله مرة ".
وأبوبكر(5) عن [غندر](6)، عن هشام، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب
قال :" يغسله مرتين أو ثلاثًا "(7).
وروى الدارقطني(8) من حديث أبي النضر، عن عيسى بن المسيب قال : حدثني أبوزرعة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي دار قوم من الأنصار ودونهم دار، فشق(9) ذلك عليهم، فقالوا : يارسول الله! تأتي دار فلان ولاتأتي دارنا ؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لأن في داركم كلبًا ))، قالوا : فإن في دارهم سنورًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( السنور سبع )) . رواه عن الحسين بن إسماعيل، عن أحمد بن منصور، عن أبي النضر، وقال : " عيسى بن المسيب هذا صالح الحديث "(10).
__________
(1) في الأصل :" وذكر".
(2) 2/392 ).
(3) كما تقدم (ص241-242).
(4) في "سننه" (1/67 رقم3).
(5) هو ابن أبي شيبة، وقد أخرج هذا الأثر في "مصنفه" (1/66 رقم346/تحقيق الجمعة واللحيدان)، ومن طريقه أخرجه الدارقطني (1/167 رقم7).
(6) في الأصل :" عَبْدَةَ"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(7) في "سنن الدارقطني" :" أو ثلاثة ".
(8) في "سننه" (1/63 رقم5).
(9) كذا في الأصل، وفي "سنن الدارقطني" :" فيشق".
(10) نص عبارة الدارقطني بتمامها :" تفرد به عيسى بن المسيب عن أبي زرعة، وهو صالح الحديث".(1/214)
ثم رواه مختصرًا(1) من جهة وكيع،ومحمد بن ربيعة جميعًا، عن عيسى بن المسيب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((السِّنَوْرُ سبع ))- وقال وكيع : (( الهر سبع ))-.
قلت : إسناده إلى عيسى بن المسيب صحيح.
ذكر من قال : يُغسل الإناء من ولوغ الهر كما
يغسل من ولوغ الكلب
روى الدارقطني(2) عن علي بن محمد المصري، عن روح بن الفرج، عن سعيد بن عفير، عن يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يغسل الإناء من الهر كما يغسل من الكلب )) .
ثم قال(3):حدثنا المحاملي، ثنا الصاغاني،ثنا ابن عفير بإسناده مثله موقوفًا.
ثم رواه(4) من جهة ابن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، أخبرني خير بن نعيم، عن أبي الزبير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال(5) : "يُغسل الإناء من الهر كما يغسل من الكلب ". موقوفًا أيضًا(6).
وروى الطحاوي(7) عن ربيع [ الجيزي](8)، عن سعيد بن كثير [بن](9)
__________
(1) أي الدارقطني في الموضع السابق برقم (6).
(2) في "سننه" (1/68 رقم11).
(3) أي الدارقطني في الموضع السابق برقم (12)، وكان قال عقب الحديث السابق :" لا يثبت هذا مرفوعًا، والمحفوظ من قول أبي هريرة، واختلف عنه ".
(4) قبل ذلك برقم (10).
(5) في الأصل :"قال : قال"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(6) وقال الدارقطني عقبه :" هذا موقوف، ولا يثبت عن أبي هريرة، ويحيى بن أيوب في بعض أحاديثه اضطراب ".
(7) في "شرح معاني الآثار" (1/20 رقم54).
(8) في الأصل :" الخيري"، والتصويب من "شرح معاني الآثار".
(9) في الأصل :" عن "، والتصويب من المرجع السابق.(1/215)
عفير، عن يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، فروى(1) الأثر [موقوفًا](2).
وروى(3) حديث يحيى بن أيوب، عن [خير بن ](4) نعيم، عن [أبي](5) الزبير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فقال(6):"مثله".
و"عفير"- والد سعيد(7)-: بالعين المهملة.
وروى الدارقطني(8) من جهة أبي الأزهر، عن علي بن عاصم، عن ليث، عن عطاء، عن أبي هريرة :" إذا ولغ السنور في الإناء غسل سبع مرات ".
وأبوبكر - هو ابن أبي شيبة(9)- عن ابن علية، عن ليث : بهذا(10) مثله.
ومن جهة أبي الأزهر(11)، عن عبدالرزاق(12)، عن معمر، وابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه : أنه كان يجعل الهرة مثل الكلب يغسل سبعًا.
[ل25/ب]
__________
(1) قوله :" فروى " هكذا قرأته على التوهم، لأن الناسخ ألحقه إقحامًا بين الكلمتين، ولم يكتب الألف المقصورة.
(2) في الأصل :" مرفوعًا "، والتصويب من الموضع السابق من "شرح معاني الآثار"؛ حيث رواه الطحاوي موقوفًا، ونصَّ على ذلك.
(3) أي : الطحاوي في الموضع السابق برقم (55).
(4) في الأصل :" حديث "، والتصويب من "شرح معاني الآثار".
(5) في الأصل :" ابن"، والتصويب من " الشرح " أيضًا.
(6) أي الطحاوي ؛ حيث عطفه على الحديث الذي قبله وهو موقوف.
(7) ليس هو والدًا لسعيد، وإنما جدّه، فهو سعيد بن كثير بن عفير.
(8) في "سننه" (1/68 رقم13).
(9) وهو في"مصنَّفه"(1/37رقم339 )، ومن طريقه أخرجه الدارقطني أيضًا(1/69 رقم14).
(10) أي : عن ليث، عن عطاء، عن أبي هريرة.
(11) أي : وأخرج الدارقطني في الموضع السابق برقم (15).
(12) وهو في"مصنفه"(1/98 رقم343)، لكن من طريق معمر فقط،عن ابن طاوس، عن أبيه.(1/216)
وعبيدالله(1) بن [عمرو](2) عن / عبدالكريم، عن مجاهد أنه قال - في الإناء يلغ فيه السنور -:"[اغسله](3) سبع مرات ".
وأبو بكر(4)- هو ابن أبي شيبة- عن وكيع، عن الحسن بن علي، قال: سمعت عطاء يقول - في الهر يلغ في الإناء - قال :" يغسله سبع مرات ".
فصل في سؤر الكلب
روى مالك رحمه الله تعالى في "الموطأ"(5) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات )) . أخرجه الشيخان(6)، والنسائي(7)، وابن ماجه(8) من حديث مالك.
قال الحافظ أبو عمر ابن عبدالبر في " التمهيد"(9):" هكذا قال مالك في
هذا الحديث : (( إذا شرب الكلب ))، وغيره من رواة حديث أبي هريرة هذا بهذا الإسناد وبغيره - على تواتر طرقه وكثرتها عن أبي هريرة [وغيره](10)-، كلهم يقول : (( إذا ولغ الكلب ))، ولا يقولون : (( إذا شرب الكلب )) ، وهو الذي يعرفه أهل اللغة ".
__________
(1) أخرجه الدارقطني في الموضع السابق برقم (16).
(2) في الأصل :"عمر"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".
(4) وهو في "مصنَّفه" (1/38 رقم342)، ومن طريقه أخرجه الدارقطني (1/67 رقم6).
(5) 1/34 رقم35) كتاب الطهارة، باب جامع الوضوء.
(6) البخاري (1/274 رقم172) كتاب الوضوء، باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان، ومسلم (1/234 رقم279/90) كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب.
(7) في "سننه" (1/52 رقم63) كتاب الطهارة، باب سؤر الكلب.
(8) في"سننه"(1/130 رقم364) كتاب الطهارة وسننها، باب غسل الإناء من ولوغ الكلب.
(9) 18/264).
(10) في الأصل :" وغيرهم"، والتصويب من "التمهيد".(1/217)
وقال الحافظ الفقيه أبوبكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي في "صحيحه": "فأما خبر مالك، عن أبي الزناد- في غسل الإناء من شرب الكلب -: فإن أبا عبدالله - رضي الله عنه - - يعني البخاري - أعرض عن سائر الروايات الصحيحة في الباب إلى مارواه مالك،وهو قد انفرد عن الكل في اللفظ"،يريد لفظة : ((إذا شرب )).
وقال الحافظ أبوعبدالله ابن منده - بعد إخراج رواية مالك -:" رواه أصحاب أبي الزناد: هشام بن عروة، وموسى بن عقبة، [وابن عيينة](1)، وشعيب بن أبي حمزة، وغيرهم، عن أبي الزناد(2) قال : (( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم )) . وكذلك رواه جعفر بن ربيعة وغيره عن عبدالرحمن الأعرج. ورواه عبيد بن حنين، وثابت الأعرج، وعبدالرحمن بن أبي عمرة، وأبو يونس سليم بن جبير، ومحمد بن سيرين، وأبو صالح، وأبورزين، كلهم عن أبي هريرة، واتفقوا على قوله : (( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم ))".
قلت : ومع كلام هؤلاء الثلاثة(3) الحفاظ الأكابر، فقد وقعت لنا هذه
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "نصب الراية"(1/132) حيث نقله عن الإسماعيلي.
(2) يعني : عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي r.
(3) أي : ابن عبدالبر والإسماعيلي وابن منده.(1/218)
اللفظة - يعني :" إذا شرب"- عن أبي الزناد من غير رواية مالك عنه؛ في "الجزء الثالث من عوالي حديث الحافظ أبي محمد عبدالله بن محمد بن جعفر ابن حَيَّان - بالحاء المفتوحة، والياء آخر الحروف - أبي الشيخ"(1)، فروى عن أبي يعلى، عن سعيد بن عبدالجبار، عن المغيرة - هو ابن عبدالرحمن(2)-، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أحاديث، ثم قال :"وبإسناده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات ))".
وقعت أيضًا من رواية أبي همَّام(3)- هو محمد بن الزبرقان(4)-، ثنا هشام ابن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا شرب الكلب في الإناء، فإن طهوره أن يغسل سبع مرات:أولها بالتراب )) .
وكذلك وقعت لفظة "شرب" أيضًا في كتاب الحافظ أبي بكر الجوزقي(5) من رواية ورقاء، عن أبي الزناد.
وهاهنا شيء آخر : أن ظاهر قول أبي عمر :" هكذا قال مالك في هذا الحديث: ((إذا شرب الكلب ))، وغيره من [رواة](6) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -..."
إلى آخره، يقتضي اتفاق الرواة عن مالك على ذلك، فإنهم لو اختلفوا، كان
[ل26/أ]
القول منسوبًا/ إلى رواة هذه اللفظة عن مالك دون غيرهم.
__________
(1) أشار إلى روايته الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/29).
(2) أشار إلى روايته الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/274-275).
(3) في الأصل :" أبي هشام"، ثم صوبت، لكن مع وجود نقط الشين.
(4) وهذه الرواية أخرجها ابن خزيمة في "صحيحه" (1/51 رقم97)، لكن تصحف فيه قوله: "الزبرقان" إلى :" مروان "، وتصحف أيضًا في أصله الخطِّي (ل16/ب).
(5) يعني "مستخرجه" على "صحيح مسلم "، وأشار إلى روايته الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "فتح الباري".
(6) في الأصل :"رواية"، وقد نقله المصنف عن ابن عبدالبر على الصواب في بداية هذا الفصل.(1/219)
وقد رواه أبوبكر الإسماعيلي(1) عن محمد بن يحيى بن سليمان المروزي، عن أبي عبيد القاسم بن سلام(2)، عن إسماعيل [بن](3) عمر، عن مالك بن أنس بإسناده سواء، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إذا ولغ الكلب في الإناء غسل سبع مرات )) .
هكذا رأيته في "صحيح الإسماعيلي" من نسختي، وبلغني أن أبا علي الحنفي(4)رواه عن مالك : (( إذا ولغ الكلب )) كسائر الرواة عن أبي الزناد.
قال الحافظ أبوعمر(5):"وأما قوله في هذا الحديث: (( فليغسله سبع مرات ))
ولم يزد، ولا ذكر التراب في أخراهن ولا أولاهن، [فكذلك](6) رواه الأعرج، وأبو صالح، وأبو رزين، وثابت الأحنف، وهمام بن مُنبه، وعبدالرحمن [أبوالسري، وعبيد بن حنين، وثابت بن عياض مولى عبدالرحمن](7) بن زيد، وأبوسلمة، كلهم رووه عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولم يذكروا التراب. واختلف على(8) ابن سيرين في ذلك "، ثم ذكر روايات ستأتي إن شاء الله تعالى.
__________
(1) أشار إلى روايته الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1/275).
(2) وأبو عبيد أخرجه في "الطهور" (ص263 -264 رقم201).
(3) في الأصل:"عن"،والتصويب من كتاب"الطهور"و"نصب الراية"(1/133)نقلاً عن المصنِّف.
(4) واسمه : عبيدالله بن عبدالمجيد.
(5) في "التمهيد" (18/264).
(6) في الأصل :"وكذلك"، والمثبت من "التمهيد".
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(8) كذا في الأصل، وفي المرجع السابق :"عن".(1/220)
وحديث أبي رزين أخرجه ابن ماجه(1) من حديث أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي رزين قال : رأيت أبا هريرة يضرب جبهته بيده ويقول : ياأهل العراق! أنتم تزعمون أني أكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكون لكم [المهنأ](2) وعَلَيَّ الإثم ؟! أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات )) .
وأخرج(3) أيضًا من حديث [عبيدالله](4) بن عمر، عن نافع، عن ابن
عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات )) . رواه عن محمد بن يحيى، عن ابن أبي مريم، عن عبيدالله.
قلت : وأخرج ابن منده من جهة عبدالله بن المبارك، عن حيوة بن شريح - وهو بالشين المعجمة، والحاء المهملة -، عن أبي يونس - واسمه سُليم بن جُبير -، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله بالماء سبعًا )) . قال : ورواه ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي يونس نحوه.
ورواه أبو الشيخ الحافظ من جهة نعيم بن حماد عن ابن المبارك بسنده،
فأتى بلفظة غريبة، ولفظه : عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليَمَصْه بالماء سبعًا )) . انتهى.
__________
(1) في"سننه"(1/130 رقم363) كتاب الطهارة وسننها، باب غسل الإناء من ولوغ الكلب.
(2) في الأصل :"الهناء"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) أي ابن ماجه في الموضع السابق برقم (366)
(4) في الأصل:"عبدالله"،والتصويب من المرجع السابق،وسيذكره المصنف قريبًا على الصواب.(1/221)
و"أبوصالح" هذا الذي ذكره أبوعمر(1) هو : ذكوان والد سهيل، وليس بأبي صالح الحنفي عبدالرحمن بن قيس، ولا أبي صالح الأشعري الشامي، ولا أبي صالح [الخوزي](2)، ولا أبي صالح مولى ضُباعة، وإن كان كل واحد منهم رُوي له حديث عن أبي هريرة.
وحديثه مع حديث أبي رزين مسعود بن مالك عند مسلم(3)والنسائي(4) وابن ماجه(5).
و"ثابت الأحنف": هو ثابت بن عياض(6) مولى عبدالرحمن بن زيد ابن الخطاب حديثه عند النسائي(7).
وقد فرق أبوعمر في قوله الذي حكيناه بين ثابت الأحنف وثابت بن عياض، وقد وُهِّم في ذلك.
و"همام بن مُنبه": أبوعقبة اليماني، أخرج حديثه مسلم(8).
حديث آخر: رواه البزار(9) من حديث أبي القاسم بن أبي الزناد،حدثني
إبراهيم بن إسماعيل،عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ولغ الكلب في الإناء أن يغسل سبع مرار(10).
ورواه في الطهارة من "السنن"، وقال :"وهذا الحديث لا نعلم يروى عن
[ل26/ب]
__________
(1) في الموضع السابق من "التمهيد".
(2) في الأصل :"الجوزي" وهو تصحيف، انظر "تهذيب الكمال" (33/418).
(3) في صحيحه (1/234 رقم279/89) كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب.
(4) في "سننه"(1/53رقم66)كتاب الطهارة، باب الأمر بإراقة مافي الإناء إذا ولغ فيه الكلب.
(5) في "سننه" (1/130 رقم363) كتاب الطهارة وسننها، باب غسل الإناء من ولوغ الكلب. والحديث عند ابن ماجه عن أبي رزين فقط، وليس فيه ذكرٌ لأبي صالح.
(6) وهو الأعرج القرشي العدوي. انظر "تهذيب الكمال" (4/367).
(7) في "سننه" (1/52 -53 رقم64) كتاب الطهارة، باب سؤر الكلب.
(8) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (279/92).
(9) في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (1/145 رقم278).
(10) كذا في الأصل، وفي "كشف الأستار" :"مرات".(1/222)
ابن عباس إلا بهذا الإسناد، وقد / رواه عبدالله(1) بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "(2).
قلت :" إبراهيم بن إسماعيل" بن أبي حبيبة يُستضعف.
ذكر إراقة الماء الذي يلغ فيه الكلب
روى مسلم(3) من حديث علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي رزين وأبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم ليغسله سبع مرّات(4) )).ورواه(5) من حديث إسماعيل ابن زكريا، عن الأعمش، ولم يذكر :" فليرقه ". ورواه النسائي(6) من حديث علي بن مسهر.
قال الحافظ أبوعبدالله ابن منده - بعد تخريجه رواية علي بن مسهر من جهة علي بن حجر عنه -:" رواه إسماعيل بن الخليل، ومنجاب بن الحارث، وسويد بن سعيد، عن علي بن مسهر بإسناده ومتنه مثله ". قال(7):" وهذه الزيادة تفرد بها علي بن مسهر، ولا تعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجه من الوجوه إلا من هذه الرواية. وأخرجه مسلم بن الحجاج والنسائي في كتبهما الصحاح". انتهى.
__________
(1) كذا في الأصل ! وتقدمت الرواية (ص255)، وفيها " عبيدالله" بدل "عبدالله".
(2) وقال في "المسند"- كما في "كشف الأستار"-:" لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد. وأبوالقاسم بن أبي الزناد مشهور بكنيته، روى عنه الثقات، وإبراهيم مشهور مدني، وداود كذلك، وعكرمة تُكُلِّم فيه، ولا نعلم أحدًا ترك حديثه إلا مالك ".
(3) في "صحيحه" (1/234 رقم279/89) كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، وتقدم في الباب السابق.
(4) كذا في الأصل و"الجمع بين الصحيحين" للحميدي (3/124)، وفي "صحيح مسلم " المطبوع :"مرار" بدل "مرات".
(5) أي مسلم عقب الحديث السابق.
(6) في"سننه"(1/53رقم66) كتاب الطهارة، باب الأمر بإراقة مافي الإناء إذا ولغ فيه الكلب.
(7) ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (1/275) بعض كلام ابن منده هذا.(1/223)
وقال الحافظ أبو الحسن الدارقطني(1)- بعد تخريجه له -:"[صحيح](2)،
إسناده حسن، ورواته كلهم ثقات ".
وأخرجه(3) موقوفًا على أبي هريرة من رواية أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة - في الكلب يلغ في الإناء -، قال : "يهراق، ويغسل سبع مرات ". وإسناده صحيح(4).
ذكر مااستُدِلَّ به على نجاسة سؤره
روى مسلم(5) من حديث هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات : أولاهن بالتراب )).
ورواه أبوداود(6) من حديث هشام، ومن حديث قتادة، عن محمد.
وقد تقدم(7) رواية قرة عن محمد، وحفص بن واقد، عن ابن عون، عنه(8)، وفيهما لفظة :"طهور".
وكذلك أخرج مسلم(9)- منفردًا به- من رواية همام، عن أبي هريرة، عن محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال : فذكر أحاديث، منها: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب(10): أن يغسله سبع مرات )) .
__________
(1) في "سننه" (1/64 رقم2).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(3) أي الدارقطني في الموضع السابق برقم ( 3 ).
(4) وعبارة الدارقطني :" صحيح موقوف ".
.
(5) في "صحيحه" (1/234 رقم279/91) كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب.
(6) في "سننه" (1/57 و59 رقم71و73) كتاب الطهارة، باب الوضوء بسؤر الكلب، في الموضع الأول من طريق هشام، وفي الثاني من طريق قتادة.
(7) في ( ص 244و245و247 )
(8) أي عن محمد بن سيرين.
(9) في الموضع السابق برقم (92).
(10) كذا في الأصل، وفي "صحيح مسلم" :" ولغ الكلب فيه ".(1/224)
ورواه الترمذي(1) من جهة أيوب، عن محمد، والنسائي(2) من جهة سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن محمد بمعناه.
ذكر من قال بالتتريب في غسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب
فيه حديث عبدالله بن مغفل، وحديث أبي هريرة، وحديث علي - رضي الله عنهم -.
فأما حديث عبدالله بن مغفل فسيأتي(3) إن شاء الله تعالى.
وأما حديث أبي هريرة فمشهورُهُ من حديث محمد بن سيرين عنه، واختلف عليه فيه.
فروى هشام بن حسان عنه : (( أولاهن بالتراب ))، وكذلك إبراهيم بن صدقة، عن يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. رواه الطبراني في " الأوسط "(4) عن أحمد بن محمد بن صدقة ، عن محمد بن بشار [بندار، عن](5) إبراهيم بن صدقة، ولفظه : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات : أولاهن بالتراب )) . قال:"لم يرو هذا الحديث عن يونس إلا إبراهيم بن صدقة،تفرد به بندار".
[ل27/أ]
ورواه أبان عن قتادة، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، وفيه : أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا ولغ الكلب/ في الإناء فاغسلوه سبع مرات : السابعة بالتراب )) . أخرجه أبوداود(6) عن موسى بن إسماعيل، عن أبان، ورجاله ثقات عندهم.
وأخرجه الدارقطني(7) أيضًا من جهة أبان عن قتادة، [ومن](8) وجهين
__________
(1) في "سننه" (1/151 رقم91) أبواب الطهارة، باب ماجاء في سؤر الكلب.
(2) في"سننه"(1/177-178رقم339)في المياه،باب تعفيرالإناء بالتراب من ولوغ الكلب فيه.
(3) ص 263).
(4) 2/84 رقم1326).
(5) في الأصل :" بندار يُبْداو عن"، والتصويب من المرجع السابق، وسيأتي سياق المصنِّف له علىالصواب في"فصل تلخيص الاختلاف في محل التتريب من الغسلات" (ص267).
(6) وتقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
.
(7) في "سننه" (1/64 رقم 7).
(8) في الأصل :"من".(1/225)
آخرين عنه : أحدهما(1): من جهة سعيد بن بشير، عن قتادة [بإسناده](2)
نحوه، إلا أنه قال : (( الأولى بالتراب )) .
وروى الدارقطني(3) من حديث خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرار(4): أولاهن بالتراب ))، رواه عن أبي بكر النيسابوري، عن يزيد بن سنان، عن معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن خلاس.
قال البيهقي(5) بعد إخراجه من جهة الدارقطني :" هذا حديث غريب، إن كان حفظه معاذ فهو حسن ؛ لأن التراب في هذا الحديث لم يروه ثقة غير ابن سيرين عن أبي هريرة، وإنما [رواه غير](6) هشام عن قتادة، عن ابن سيرين كما سبق ذكره ".
وقال في "المعرفة"(7):" ومحمد بن سيرين ينفرد بذكر التراب فيه من(8) حديث أبي هريرة ".
__________
(1) وهي الرواية رقم (9) عنده، ولم يُذكر الوجه الآخر، وهو عند الدارقطني برقم (8) من طريق الحكم بن عبدالملك، عن قتادة بإسناده مثله، يعني مثل حديث أبان عن قتادة. وقد يكون المصنف قصد بالوجه الآخر : طريق خلاس الآتية ؛ فإن الراوي عنه هو قتادة، وعن قتادة يرويه هشام الدستوائي.
(2) في الأصل :" قال "، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(3) في "سننه" (1/65 رقم10).
(4) في المرجع السابق :"مرات"، وكذا في الموضع الآتي من "سنن البيهقي".
(5) في "سننه" (1/241).
(6) في الأصل :" رووه عن"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(7) 2/58 رقم1737).
(8) كذا في الأصل، وفي "معرفة السنن" :" في " بدل "من".(1/226)
وأما حديث علي - رضي الله عنه -: فأخرجه الدارقطني في"سننه"(1) من جهة الخضر بن أصرم، عن الجارود، عن إسرائيل، [عن أبي إسحاق، عن هبيرة](2)، عن علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله
سبع مرات : إحداهن بالبطحاء )) (3) .
ذكر ماورد مما يستدل به على أن غسل الإناء من ولوغه لأجل
استعمال الإناء، لا مطلقًا
روى القاضي محمد بن بدر في كتاب"النهي": حدثنا مقدام(4)، ثنا عميِّ،
ثنا المفضل بن فضالة، أخبرني ابن جريج، عن ثابت بن [عياض](5)- مولى عبدالرحمن بن زيد -، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فلا يجعل فيه شيئًا حتى يغسله سبع مرات )) .
"مقدام" هو : ابن داود بن عيسى بن تليد الرُعيني، مصري، وقد وُثِّق، وقيل : إنه ضعيف أيضًا، وهو من مشهوري الرواة بمصر.
ذكر من زاد على السبع في غسل الإناء من ولوغ الكلب
روى مسلم(6) من حديث شعبة، عن أبي التياح، سمع مطرف بن عبدالله، عن ابن المغفل قال : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب، ثم قال : ((مابالهم وبال الكلاب ؟ )) ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم، وقال : (( إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، [وعفروه](7) الثامنة في التراب )).
__________
(1) 1/65رقم12).
(2) في الأصل :" عن إسحاق بن ميسرة"، والتصويب من المرجع السابق، و"إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (11/650).
(3) قال الدارقطني عقب إخراجه له :" الجارود - هو ابن يزيد - متروك ".
(4) هو ابن داود، وعمّه اسمه : سعيد بن عيسى.
(5) في الأصل :"وقاص"، والتصويب من "الجرح والتعديل" (2/454)، وانظر "تحفة الأشراف"(9/309-310).
(6) في "صحيحه" (1/235 رقم 280) كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب.
(7) في الأصل :" وعفروا"، والتصويب من "صحيح مسلم".(1/227)
أخرجه أبوداود(1)، والنسائي(2)، وابن ماجه(3).
وأخرجه الحافظ أبونعيم في "مستخرجه على كتاب مسلم"(4) من حديث ابن أبي عدي وسعيد بن عامر، عن شعبة، وغير ذلك من الطرق، وفيه:أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب،ثم قال : (( ما بالي وبال الكلاب؟ ))...، الحديث،
ثم قال :" لفظ ابن أبي عدي وسعيد بن عامر مثله سواء".
كذلك هو في نسختنا بخط بعض الحفاظ وسماعه، وكذا رأيته في كتاب الحافظ أبي عبدالله ابن منده : (( مابالي والكلاب ؟ )) رواه من جهة شبابة بن سوار ووهب بن جرير، عن شعبة، وقال بعد ذكره :" هذا إسناد مجمع على صحته ".
[ل27/ب]
وأخرج الدارقطني(5) حديث ابن المغفل،وفيه : (( إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، والثامنة عفروه بالتراب ))./ كذا في نسختنا العتيقة.
قال الحافظ أبوعمر(6)- بعد إخراج حديث عبدالله بن مغفل -:" وبهذا الحديث كان يفتي الحسن : أن يغسل الإناء سبع مرات، والثامنة بالتراب،
ولا أعلم أحدًا كان يفتي بذلك غيره ".
" مُغَفَّل ": بضم الميم، وفتح الغين المعجمة، والفاء المشددة المفتوحة.
ذكر من اقتصر على أقل من سبع في غسل الإناء من ولوغ الكلب
__________
(1) في "سننه" (1/59 رقم74) كتاب الطهارة، باب الوضوء بسؤر الكلب.
(2) في "سننه" (1/54 رقم67) كتاب الطهارة، باب تعفير الإناء الذي ولغ فيه الكلب بالتراب، و (1/177 رقم336،337) كتاب المياه، باب تعفير الإناء بالتراب من ولوغ الكلب فيه.
(3) في"سننه"(1/130رقم365) كتاب الطهارة وسننها،باب غسل الإناء من ولوغ الكلب، و (2/1068 رقم3200) كتاب الصيد، باب قتل الكلاب إلا كلب صيد أو زرع.
(4) 1/335 رقم647).
(5) في "سننه" (1/65 رقم11).
(6) في "التمهيد" (18/266).(1/228)
روى الدارقطني(1) بإسناد صحيح من حديث عبدالملك، عن عطاء، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :" إذا ولغ الكلب في الإناء فأهرقه، ثم اغسله ثلاث مرات " قال(2):" هذا موقوف، ولم يروه هكذا غير عبدالملك عن عطاء،
والله عز وجل أعلم ".
ثم روى أيضًا(3) بسنده عن ابن فُضيل، عن عبدالملك، عن عطاء، عن
أبي هريرة،أنه كان إذا ولغ الكلب في الإناء [أهراقه](4)، وغسله ثلاث مرات. أخرجه عن محمد بن نوح الْجُنْدَيْسَابُورِي، عن هارون بن إسحاق، عنه.
وروى الدارقطني(5) من حديث عبدالوهاب بن الضحاك، عن إسماعيل بن عياش، عن هشام بن عروة، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - -في الكلب يلغ في الإناء-:أنه ((يغسل ثلاثًا، أو خمسًا،أو سبعًا )). قال: " تفرد به عبدالوهاب بن الضحاك، عن إسماعيل، وهو متروك الحديث، وغيره يرويه عن إسماعيل بهذا الإسناد : (( فاغسلوه سبعًا ))، وهو الصواب". "قال(6): حدثنا به أبي، ثنا أحمد بن خالد الحمصي، ثنا أبي، ثنا إسماعيل بن عياش بهذا الإسناد عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال : ((فاغسلوه سبع مرات ))،وهذا هو الصحيح"(7).انتهى.
__________
(1) في "سننه" (1/66 رقم16).
(2) أي الدارقطني.
(3) أي الدارقطني في الموضع السابق برقم (17).
(4) في الأصل :" هراقه"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(5) في "سننه" (1/65 رقم13،14).
(6) كما في الموضع السابق من "سنن الدارقطني" برقم (15)، لكن قبله قال الدارقطني:" نا محمد بن إسماعيل الفارسي، نا أحمد بن عبدالوهاب بن نجدة، نا أبي، نا إسماعيل ".
(7) في المطبوع من "السنن" :" وهو الصحيح، هذا صحيح "، وما هنا أصوب.(1/229)
وروى أبو أحمد ابن عدي(1):ثنا أحمد بن الحسن الكرخي-من كتابه-، ثنا الحسين الكرابيسي،ثنا إسحاق الأزرق،ثنا عبدالملك،عن عطاء،عن[الزهري](2) قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه، وليغسله ثلاث مرات )). قال ابن عدي:"قال لنا أحمد بن الحسن:كان الكرابيسي يُسأل عنه". قال ابن عدي:"ثنا [محمد](3) بن منير، ثنا عمر بن [شبة](4)، ثنا إسحاق الأزرق بإسناده نحوه موقوف، ولاأدري ذكر فيه الإراقة وغسل(5) ثلاث مرات أم لا؟ " قال ابن عدي :" وهذا لا يرويه غير الكرابيسي مرفوعًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلى مافي متنه من الإراقة وغسل ثلاث مرات. والحسين الكرابيسي له كتاب مصنف،وذكر فيه(6) اختلاف الناس في المسائل،وكان حافظًا، وذكر في كتبه أخبارًا كثيرة،ولم أجد منكرًا غير ماذكرت من الحديث،والذي حمل أحمد ابن حنبل عليه من أجل اللفظ في القرآن، فأما في الحديث فلم أر به بأسًا ".
فصل في تلخيص الاختلاف في محل التتريب من الغسلات
اختُلِف فيه على وجوه :
__________
(1) في "الكامل" (2/366).
(2) بياض في الأصل، فاستدركته من " الكامل".
(3) في الأصل :" أحمد"، والمثبت من "الكامل".
(4) في الأصل :" شيث"، والتصويب من "الكامل".
(5) كذا في الأصل ومخطوط "الكامل" لابن عدي، نسخة أحمد الثالث (ل/271/أ)، بينما جاء في "الكامل" المطبوع :" الإهراق والغسل".
(6) كذا في الأصل والموضع السابق من مخطوط"الكامل"، إلا أنه وقع فيه"كتب" بدل "كتاب"، بينما في المطبوع (2/367) :" له كتب مصنفة ذكر فيها ".(1/230)
إحداها :"الأولى"، وقد تقدم ذلك من رواية هشام بن حسان، عن محمد ابن سيرين : (( أولاهن بالتراب )) عند مسلم(1)، وكذلك في رواية يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولفظه : (( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات : أولاهن بالتراب )) .
[ل28/أ]
ورواه الطبراني في "معجمه الأوسط" عن أحمد بن محمد بن صدقة، عن محمد بن بشار بندار، عن إبراهيم بن صدقة، عن يونس/بن عبيد، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن يونس إلا إبراهيم بن صدقة، تفرد به بندار ".
وكذلك(2) من رواية خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة : (( أولاهن بالتراب )).
وكذلك من رواية سعيد - هو ابن أبي عروبة -، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( يغسل الإناء سبع مرات : أولهن بالتراب )) . رواه البزار(3) من حديث محمد بن الوليد القرشي، عن محمد بن جعفر، عن سعيد.
وثانيها :" السابعة " من رواية أبان، عن قتادة، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة ؛ أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات: السابعة بالتراب )) . أخرجه أبوداود عن موسى بن إسماعيل، عن أبان، ورجاله ثقات عندهم.
وأخرجه الدارقطني من جهة أبان، عن قتادة من وجهين آخرين.
وكذلك(4) من رواية عبدالأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن محمد بن
__________
(1) أكثر المصنف في هذا الفصل من إعادة ماسبق تخريجه، فسأكتفي بالتخريج المتقدم في الفصول السابقة، إلا مااستجدّ نقله.
(2) أي: وتقدم كذلك، وليس معناه أن الطبراني أخرج كذلك، وقد تقدمت رواية خلاس هذه (ص261).
(3) في "مسنده" (3/266/ أ - ب ).
(4) أي : وجاء كذلك، وليس معناه أخرجه الدارقطني، بدليل قوله :" أخرجه البزار ".(1/231)
سيرين، عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا ولغ الكلب في الإناء يغسل سبع مرات : آخره بالتراب )) . أخرجه البزار(1)، وقال :"[وهذا](2) الحديث رواه عن قتادة جماعة، منهم : سعيد بن أبي عروبة، وأبان بن يزيد، والحكم بن عبدالملك، وخُليد بن دعلج، وسعيد بن بشير "، ثم أخرج حديث أبان والحكم وسعيد.
وثالثها :" إحداهن " من غير تعيين، وهي المشهورة بين الفقهاء، وقد
قدمنا ذكرها(3) في الحديث الذي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
وكذلك ورد من حديث يحيى بن السكن، حدثنا أبوهلال الراسبي ويزيد ابن إبراهيم، عن محمد، عن أبي هريرة قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم ليغسله سبع مرات : إحداهن بالتراب )) . رواه أبو بكر البزار في "مسنده"(4) عن الفضل بن يعقوب الرصافي البغدادي، عن يحيى.
و" أبوهلال ": محمد بن سليم، قال عمرو بن علي- فيما رواه الحاكم أبو أحمد(5)-:" كان يحيى بن سعيد لا يحدث عن أبي هلال، [وكان عبدالرحمن يحدث عنه](6)،وسمعت يزيد بن زريع يقول: عدَلت عن [أبي بكر الهذلي و](6) أبي هلال عمدًا ".
__________
(1) في "مسنده" (3/272/ ب ).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "مسند البزار".
(3) ص 262).
(4) وعزاه له أيضًا ابن الملقن في "البدر المنير" (2/333).
(5) وابن عدي في "الكامل" (6/213).
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
.(1/232)
وقال(1): رُوي ذلك أيضًا من حديث السُّدِّي، عن أبيه،عن أبي هريرة من غير جزم. أخرجه البزار في "مسنده"(2)، ولفظه : قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات )) -أحسبه قال-: (( إحداهن بالتراب )) . رواه عن عباد بن يعقوب، عن الوليد بن أبي ثور،عن السُّدي.
ورابعها : المذكور بين الأولى والأخرى.
رواه البزار(3) من حديث إبراهيم بن صدقة، عن يونس بن عبيد، عن [محمد](4) بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسله سبع مرات، أولهن أو آخرهن بالتراب )) . قال البزار - بعد أن رواه عن محمد بن بشار، عن إبراهيم -:"وهذا الحديث رواه بندار [هكذا، ورواه](5) غيره عن يونس، عن الحسن، عن أبي هريرة، ولانعلم رواه عن يونس إلا إبراهيم بن صدقة ".
قلت : وقد تقدمت هذه الرواية من جهة الطبراني في : من ذكر : "أولاهن" من غير ترديد فيه.
فصل في : ما قيل في غسالة النجاسة
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره
الناس، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -،/ فلما قضى بوله أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذنوب من ماء فأهريق عليه. متفق عليه(6)، اللفظ للبخاري.
[ل28/ب]
__________
(1) كذا في الأصل ! ولست أدري من القائل، ولا أظنه أبا أحمد الحاكم.
(2) وكذا قال ابن الملقن في "البدر المنير" (2/334-335).
(3) في "مسنده" (3/269/ أ).
(4) في الأصل :"يحيى"، والتصويب من "مسند البزار".
(5) في الأصل :"وهكذا رواه"، والتصويب من "مسند البزار".
(6) أخرجه البخاري (1/324 رقم221) في كتاب الوضوء، باب صب الماء على البول في المسجد، ومسلم (1/236رقم284) في كتاب الطهارة،باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد، وأن الأرض تطهر بالماء من غير حاجة إلى حفرها.(1/233)
وروى الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود، أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال : قام أعرابي، فبال(1) فتناوله الناس، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( دعوه وهريقوا على بوله سَجْلاً من ماءٍ - أو ذنوبًا من ماء -، فإنما بعثتم ميسرين،
ولم تبعثوا معسرين )). لفظ البخاري(2).
وفي رواية إسحاق، عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى أعرابيًّا يبول في المسجد،
فقال : (( دعوه ))، حتى إذا فرغ دعا بماء فصبه عليه. أخرجه البخاري(3).
وروى أبوداود(4) - بعدما أخرج حديث [الزهري](5)، عن سعيد، عن أبي هريرة - من حديث عبدالملك بن عمير، عن عبدالله بن مَعْقِل بن مُقَرِّن قال : صلى أعرابي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - - بهذه القصة -، قال فيه: وقال - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - - : (( خذوا مابال عليه من التراب فألقوه، وأهريقوا على مكانه ماء )).
قال أبوداود :" وهو مرسل ؛ ابن مَعْقِل لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ". انتهى.
و"مَعْقِل" هذا : بفتح الميم، وبالعين المهملة الساكنة، وكسر القاف. و"مُقَرِّن": بضم الميم، وفتح القاف، وتشديد الراء وكسرها.
وروى الدارقطني(6) من حديث أبي هشام الرفاعي محمد بن يزيد، عن
أبي بكر بن عياش، عن سمعان بن مالك، عن أبي وائل، عن عبدالله قال: جاء أعرابي فبال في المسجد، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكانه فاحُتفر، وصُبَّ
__________
(1) في بعض نسخ البخاري :" فبال في المسجد" كما في النسخة اليونينية من "صحيح البخاري" (1/65).
(2) في الموضع السابق من "صحيحه" (1/323 رقم220).
(3) في "صحيحه" (1/322 رقم 219) كتاب الوضوء، باب ترك النبي r والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله في المسجد.
(4) في "سننه" (1/265 رقم381) كتاب الطهارة، باب الأرض يصيبها البول.
(5) في الأصل :" الزبيري"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في "سننه" (1/131-132 رقم2).(1/234)
عليه دلو من ماء.
ذكر ابن أبي حاتم(1) أنه سمع أبازرعة يقول :" الحديث الذي روى سمعان ابن مالك، عن أبي وائل، عن عبدالله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - في بول الأعرابي في
المسجد، وماأمر أن يحفر موضع التراب -: إنه حديث منكر ليس بالقوي"(2).
وروى أبو محمد ابن صاعد، عن عبدالجبار بن العلاء، عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن أنس - رضي الله عنه - : أن أعرابيًّا بال في المسجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( احفروا مكانه، ثم صبوا عليه ذنوبًا من ماء )).
قال الدارقطني :" وَهِمَ عبدالجبار على ابن عيينة ؛ لأن أصحاب ابن عيينة الحفاظ [رووه](3) عنه، عن يحيى بن سعيد، ولم يذكر أحد منهم الحفر، وإنما روى ابن عيينة هذا عن عمرو بن دينار، عن طاوس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((احفروا مكانه )) مرسلاً، فاختلط على عبدالجبار المتنان "(4).
__________
(1) في "علل الحديث" (1/24 رقم36).
(2) نص العبارة في "العلل" :" سمعت أبا زرعة يقول : حديث سمعان في بول الأعرابي في المسجد، عن أبي وائل، عن عبدالله، عن النبي r أنه قال : (( احفروا موضعه ))، قال :هذا حديث ليس بقوي ".
(3) في الأصل:"رووا"،والمثبت من"العلل المتناهية" نقلاً عن الدارقطني، وسيأتي على الصواب (ص 455) من المجلدالثالث.
(4) من قوله :" وروى أبومحمد ابن صاعد"، إلى هنا أخذه المؤلف عن ابن الجوزي في "التحقيق" (1/78)، و"العلل المتناهية" (1/333-334)، لكن لم ينسبها المصنف إليه، وسيعيد هذا النص (ص455) من المجلد الثالث، وقال هناك :" قال الدارقطني - فيما حكاه بعض الحفاظ عنه -".(1/235)
قلت :" عبدالجبار بن العلاء " بن عبدالجبار أبوبكر العطار البصري أخرج له مسلم(1) وأبوبكر ابن خزيمة(2) في"صحيحيهما"، روى له الترمذي(2) والنسائي(2)، وقال أبوحاتم(3) :" مكي صالح "، وفي رواية(4):" شيخ ". وسئل عنه أحمد بن حنبل فقال(5) :" رأيته عند ابن عيينة حسن الأخذ " (5).
باب الأواني
ذكر تحريم استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب
[ل29/أ]
روى مالك(6) رحمه الله تعالى عن نافع، عن زيد بن عبدالله بن عمر، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الذي /[يشرب](7) في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم )) . أخرجاه في الصحيحين(8) من حديث مالك.
ورواه النسائي(9) من حديث عبيدالله، وأيوب، وإسماعيل بن أمية، عن نافع، إلا أن في رواية إسماعيل لم يذكر زيدًا.
ورواه ابن ماجه(10) من حديث الليث بن سعد، عن نافع.
__________
(1) كما في "تهذيب الكمال" (16/390).
(2) في مواضع كثيرة من "صحيحه"، ومنها :(1/17 رقم25).
(3) كما في "الجرح والتعديل" (6/32 رقم172).
(4) كما في "تهذيب الكمال" (16/393).
(5) بهامش الأصل مانصه :" آخر الجزء الأول من الأصل، ولله الحمد ".
(6) في "الموطأ" (2/924-925 رقم11) كتاب صفة النبي r، باب النهي عن الشرب في آنية الفضة والنفخ في الشراب.
(7) مابين المعكوفين بياض في الأصل،والمثبت من مصادر التخريج.
(8) أخرجه البخاري (10/96 رقم5624) في كتاب الأشربة، باب آنية الفضة، ومسلم (3/1634 رقم 2065) في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الشرب وغيره.
(9) في "السنن الكبرى"(4/195-196 رقم6872، 6873، 6874) كتاب آداب الشرب، باب التشديد في الشرب في آنية الذهب والفضة.
(10) في "سننه" (2/1130 رقم3413) كتاب الأشربة، باب الشرب في آنية الفضة.(1/236)
وقال ابن منده :"وهذا إسناد مجمع على صحته، رواه أيوب، وعبيدالله، وموسى بن عقبة، وابن عون، وجرير بن حازم، وعبدالرحمن السراج، وغيرهم، عن نافع، وكلها مقبولة على رسم الجماعة ".
وقال الحافظ أبو عمر(1) :" هكذا روى مالك هذا الحديث بهذا الإسناد
بلا شك في شيء منه...، ورواه ابن علية عن أيوب، عن نافع، عن زيد بن عبدالله بن عمر،[عن](2) عبدالرحمن - أو عبدالله بن عبدالرحمن -، عن أم سلمة على الشك. والصواب ماقاله مالك.... وهو : عبدالله بن عبدالرحمن ابن أبي بكر الصديق، وهو أبوعتيق، وأم سلمة خالته. وروى هذا الحديث شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع، عن امرأة ابن عمر، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الذي يشرب في إناء الفضة - أو إناء من فضة - إنما يجرجر في بطنه نارًا )) ". ثم أسنده أبو عمر، ثم قال : "ورواه خصيف وهشام بن الغاز، عن نافع، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من شرب في آنية الفضة فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم ))". قال :" وهذا عندي خطأ لاشك فيه، لم يرو ابن عمر هذا الحديث قط - والله عز وجل أعلم -، ولا رواه نافع، ولو رواه عن ابن عمر ما احتاج أن يحدث به عن [ ثلاثة ](3)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما إسناد شعبة في هذا الحديث، فيحتمل أن يكون إسنادًا آخر، ويحتمل أن يكون خطأ - وهو الأغلب -، والله عز وجل أعلم. والإسناد الذي يجب العمل به في هذا الحديث وتقوم به الحجة : إسناد مالك في ذلك، وبالله عز وجل التوفيق". انتهى.
__________
(1) في "التمهيد" (16/101-104)، وقد تصرف المصنف في السياق بالاختصار.
(2) في الأصل "بن"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في الأصل "فلانة"، والتصويب من المرجع السابق.
.(1/237)
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر(1):" ورُوي عن نافع، عن صفية، عن
عائشة، وروي عنه، عن ابن عمر ".
قال النسائي :" والصواب حديث أيوب، عن نافع "(2).
وروى مسلم(3)من وجوه عن نافع،منها:عن أبي بكرابن أبي شيبة(4)،والوليد ابن شجاع، عن علي بن مسهر،عن عبيدالله،وقال بعد الروايات:"كل هؤلاء عن نافع بمثل حديث مالك بن أنس بإسناده عن نافع،وزاد في حديث ابن مسهر عن عبيدالله : ((إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب ))،وليس في حديث أحدٍ منهم ذكر الأكل والذهب إلا في حديث [ابن](5) مسهر".
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي(6):" وذكرالأكل والذهب غيرمحفوظ في غير رواية علي بن مسهر، وقد رواه [ غير ](7) مسلم عن أبي بكر ابن أبي
__________
(1) في "أطراف السنن" كما في "تحفة الأشراف" (13/20)، وعبارته بتمامها :" روي عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، عن أم سلمة. وروي عنه، عن صفية، عن عائشة. وروي عنه، عن ابن عمر، وهو مذكور في مواضعه ".
(2) هذا نص عبارة ابن عساكر عنه كما في الموضع السابق من "تحفة الأشراف"، وأما النسائي في "السنن الكبرى" (4/197 رقم6879)، فإنه بعد أن عرض الخلاف على نافع في هذا الحديث قال: " والصواب من ذلك كله حديث أيوب، والله أعلم ".
(3) في "صحيحه" (3/1634 رقم2065) كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الشرب وغيره على الرجال والنساء.
(4) وهو في "مصنفه" (5/102 رقم24125).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وقد ذكره المصنف سابقًا - ويأتي لاحقًا - على الصواب، وهو كذلك في "صحيح مسلم".
(6) في "السنن الكبرى" (1/27).
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من "سنن البيهقي".(1/238)
شيبة(1) والوليد بن شجاع دون ذكرهما، والله عز وجل أعلم ".
قوله :" آنية الفضة ": قال عبدالحق(2):" هو جمع إناء، والعامة يرون أنها واحدة، وذلك خطأ، كما يقال : إزارٌ وآزِرَةٌ، وحمارٌ وأَحْمِرَة(3). ويوضحه قوله - عليه السلام - في صفة الحوض : (( آنيته مثل نجوم السماء ))(4)". انتهى.
وقوله:"يجرجر":أصله من جرجر البعير:إذا ردد هديره في حلقه،ويراد والله عز وجل أعلم:صوت الماء في حلق الشارب،أو في الإناء عند خروجه إلى فمه.
[ل29/ب]
وقوله :" نار جهنم ": منصوب الراء، ويُروى برفعها. وعن الخطابي(5) أنه / قال عن بعض أهل العلم باللغة : إنما هو بنصب الراء. ومما يرجح النصب فيها: رواية مسلم(6) من جهة عثمان - هو ابن مرة -، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن خالته أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
((من شرب في إناء من ذهب أو فضة، فإنما يجرجر في بطنه نارًا من جهنم )) .
وقال صاحب " الاقتضاب"(7) : يجوز فيه رفع الراء ونصبها. فمن رفعها
__________
(1) أخرجه الطبراني في "الكبير"(23/387-388رقم926) من طريق عبيد بن غنام، عن أبي بكر ابن أبي شيبة، ولم يذكر الأكل والذهب، ولكن أضافه محقق الكتاب اعتمادًا على مافي "صحيح مسلم" وغيره.
(2) هو أبو محمد عبدالحق بن سليمان، وكتابه الذي ينقل منه المؤلف هو :" الاقتضاب في شرح غريب الموطأ وإعرابه على الأبواب " كما تقدم (ص 144).
(3) انظر "لسان العرب" (4/16).
(4) أخرجه البخاري (8/731 رقم4965) في تفسير سورة الكوثر من كتاب التفسير، ومسلم (1/300 رقم400) كتاب الصلاة، باب حجة من قال : البسملة آية من أول كل سورة سوى براءة، من حديث أنس t.
(5) في "غريب الحديث" (3/264).
(6) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (2065/2).
(7) هو عبدالحق بن سليمان المتقدم.(1/239)
فعلى خبر "إن "، ويجعل "ما" بمعنى : الذي، كأنه قال : الذي يجرجر في بطنه: نارُ جهنم. ومن نصب النار جعل "ما" صلة لـ"إن"، وهي التي تكف "إن" عن العمل، ونصب النار بـ"يجرجر"، ونظيره قوله تعالى :{ إنما صنعوا كيد ساحر }(1)؛ قُرِئ برفع الكيد ونصبه على الوجهين. ويجب إذا جعلت "ما" بمعنى الذي : أن تكتب منفصلة من "إن"، هذا قول ابن السيد(2). وقال غيره : من نصب جعل "الجرجرة" بمعنى الصبّ ؛ أي : إنما يَصُبُّ في بطنه نارَ جهنم،[ومن رفعها جعلها بمعنى الصوت ؛ أي : إنما يصوِّت](3) في بطنه نارُ جهنم. و"الجرجرة": الصوت المتردد في الحلق، وقد يصح النصب على هذا أيضًا إذا [عُدِّي](4) الفعل، وإليه ذهب الأزهري (5).
وروى الحافظ أبويعلى الموصلي(6) قال : حدثنا محمد بن يحيى،[حدثنا](7) سليم بن مسلم المكي الحَجبي، ثنا النضر بن عربي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إن الذي يشرب في آنية الذهب
والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم )) .
وأخرجه الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب في كتاب "من
__________
(1) سورة طه، آية (69)
(2) في "الاقتضاب في شرح أدب الكتّاب" (2/119)، وقد نقله المصنِّف بالمعنى.
(3) في الأصل :"ومن رفعها جعلها بمعنى الصب؛ أي : إنما يصب في بطنه نار جهنم، ومن رفعها جعلها بمعنى الصب، أي : إنما يصوِّب"، وللتصويب استعنت بفتح الباري (10/97).
(4) في الأصل :" هُدِّي "، والتصويب من الموضع السابق من "فتح الباري".
(5) انظر "تهذيب اللغة" (10/479-480).
(6) في "مسنده" (5/101-102 رقم2711).
(7) بياض في الأصل، فاستدركته من "مسند أبي يعلى".(1/240)
وافقت كنيته اسم أبيه"(1).
و"سَلِيم": بفتح السين المهملة، وكسر اللام(2). و"مُسَلَّم": بضم الميم، وفتح السين، وتشديد اللام المفتوحة، ويقال : سليم هذا : أبومسلم.
وروى أشعث قال : حدثني معاوية بن سُوَيْدِ بن مُقَرِّن قال : دخلت على البراء بن عازب - رضي الله عنه - فسمعته يقول : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع، ونهانا عن سبع : أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار القَسَم - أو الْمُقْسِم -، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام. ونهانا عن خواتيم - أو عن تختُّم [بالذهب]-(3)، وعن شُرْبٍ بالفضة، وعن المياثر، وعن القسِّيِّ، وعن لُبْس الحرير والإستبرق والديباج. هذا لفظ رواية زهير عن أشعث [عند](4) مسلم(5).
وأخرج(6) رواية أبي عوانة، عن أشعث، وقال:« إلا قوله :"وإبرار القسم
- أو المقسم -"، فإنه لم يذكر هذا الحرف في الحديث، وجعل مكانه : "وإنشاد [الضَّال](7) "».
__________
(1) لم أجد من الكتاب سوى المنتخب منه الذي انتخبه مغلطاي وحققه الدكتور / باسم الجوابرة، وفي (ص97-98 رقم107)منه مانصه :" سليم بن مسلم، وسليم أبومسلم، هما واحد، مكي من حَجَبَة الكعبة، حدث عن يونس بن يزيد الأيلي، وعمر بن قيس سندل، وعنه ابنه محمد والمسيب بن واضح السلمي"، ولم يذكر الحديث. ومن الواضح أن انتخاب مغلطاي شمل حذف الأحاديث التي يخرجها الخطيب.
(2) ويقال : بالتصغير "سُلَيم" بضم السين كما في "لسان الميزان" (4/115-116).
(3) في الأصل :" الذهب"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(4) في الأصل :" عن ".
(5) في "صحيحه" (3/1635-1636 رقم2066) كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة في الشرب وغيره على الرجال والنساء.
(6) أي مسلم في الموضع السابق من "صحيحه".
(7) في الأصل :"الضالة"، والتصويب من "صحيح مسلم".(1/241)
وأخرج البخاري(1) رواية أبي عوانة عن موسى بن إسماعيل عنه، وفيه : "وإبرار المقسم"، وليس فيه :" وإنشاد [الضَّالّ](2)".
[وأخرج](2) مسلم(3) رواية الشيباني، عن أشعث، قال(4):« مثل حديث زهير، وقال:" إبرار [القَسَم](5)" من غير شك، وزاد في الحديث : "وعن الشرب في الفضة،فإنه من شرب فيها في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة"»(6).
ورواية الشيباني أخرجها البخاري(7)، واتفقا(8) أيضًا على رواية شعبة، عن أشعث.
وروى مسلم(9) من حديث أبي فروة - وهو مسلم بن سالم الكوفي -، /سمع عبدالله بن عُكيم قال : كنا مع حذيفة بالمدائن، فاستسقى حذيفة، فجاءه دِهْقَان بشراب في إناء من فضة، فرماه [به](10)، وقال: إني أخبركم أني قد أمرته أن لايسقيني فيه ؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لاتشربوا في إناء
الذهب والفضة، [ولا](11) تلبسوا الديباج والحرير، فإنه لهم في الدنيا، وهو لكم في الآخرة يوم القيامة )) .
[ل30/أ]
__________
(1) في "صحيحه" (10/96 رقم5635) في الأشربة، باب آنية الفضة.
(2) في الأصل :"فأخرج".
(3) في الموضع السابق.
(4) يعني : مسلمًا.
(5) في الأصل :"المقسم"، والمثبت من "صحيح مسلم".
(6) في المطبوع من"صحيح مسلم" بتحقيق عبدالباقي :"لم يشرب في الآخرة"، وأما في "صحيح مسلم" بهامش"إرشاد الساري"(8/344)، وبهامش "شرح الأبي"(5/372)، فكما هنا.
(7) في "صحيحه" (11/18 رقم6235) كتاب الاستئذان، باب إفشاء السلام.
(8) أي البخاري في "صحيحه" (3/112 رقم1239) كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز، ومسلم في الموضع السابق.
.
(9) في الموضع السابق من "صحيحه" (3/1636 رقم2067/4).
(10) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "صحيح مسلم ".
(11) في الأصل:" فلا ".(1/242)
واتفقا(1) على إخراج رواية سيف بن أبي سليمان، عن مجاهد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، ولفظ البخاري فيه : أنهم كانوا عند حذيفة، فاستسقى، فسقاه مجوسي، فلما وضع القدح في يده رمى(2) به، وقال : لولا أني نهيته [غير](3) مرة ولا مرتين - كأنه يقول : لم أفعل هذا -، ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( لاتلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا وهي لكم في الآخرة ))(4) .
ورواه ابن منده من جهة عبدالله بن عون، عن مجاهد، وفيه : فأتاه دهقان بإناء من فضة فرمى به في صدره، وقال بعد إخراجه :" هذا إسناد مجمع على صحته ".
وروى الدارقطني(5) من حديث يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة قال: انطلقت أنا وأبي إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فقال لنا : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن آنية الذهب والفضة أن يشرب فيها، أو أن يؤكل، ونهى عن القسي والميثرة، وعن ثياب الحرير وخاتم الذهب. أخرجه عن يحيى بن صاعد، عن مسلم بن حاتم الأنصاري(6)، عن أبي بكر الحنفي، عن يونس.
__________
(1) أي البخاري في "صحيحه" (9/554 رقم5426) كتاب الأطعمة، باب الأكل في إناء مفضض، ومسلم في الموضع السابق (3/1638 رقم2067/5).
(2) كذا في الأصل، وكذا هو في بعض نسخ البخاري كما في "النسخة اليونينية" (7/99)، وأما في الموضع السابق من"صحيح البخاري" مع شرحه "فتح الباري" فجاء فيه:"رماه به".
(3) في الأصل :" غيره"، والتصويب من "صحيح البخاري".
(4) كذا في بعض نسخ البخاري أيضًا، وفي بعضها :" ولنا في الآخرة".
(5) في "سننه" (1/41 رقم2).
(6) علق عليه بهامش الأصل بما نصه :"مسلم بن حاتم صدوق".(1/243)
وروى البيهقي(1) من جهة الحجاج بن الحجاج، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة. رواه من جهة قَطن بن نُسير(2)، عن حفص بن عبدالله، عن إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج.
ذكر ماينبه عليه في هذا الفصل سوى ماتقدم
[ل30/ب]
__________
(1) في "سننه الكبرى" (1/28).
(2) كذا في الأصل :" قطن بن نسير"! وعلق عليه بالهامش بما نصه :" صوابه: إبراهيم "؛ أي: "قطن بن إبراهيم"، وهذا هو الصواب كما في "سنن البيهقي" الذي نقل عنه المصنِّف هذا النص، ولكنه رحمه الله وهم في هذا، ولا يمكن أن يكون من النساخ ؛ لأنه أكّده بضبطه له في الفصل الآتي.(1/244)
"خُصَيف": بضم الخاء المعجمة، وفتح الصاد المهملة. و"عُكيم": بضم العين المهملة، وفتح الكاف. و"هشام بن الغاز": بالغين والزاي المعجمتين. و"نُسير" والد قَطن(1): أوله نون مضمومة، ثم سين مهملة مفتوحة. و"علي ابن مُسْهِر" أبوه: بضم الميم، وإسكان السين المهملة، وكسر الهاء. و"المِيثرة" - بكسر الميم -: مِيثرة السرج والرحل. قال ابن سيده(2):"[هنَةٌ](3) كهيئة المرفقة تتخذ للسرج، كالصُّفَّة ". وذكر الأزهري(4)- حاكيًا عن غيره -: أن جمعها مِواثر. وقال ابن سيده(2):" وهي المواثر، والمياثر على المعاقبة ". انتهى. وأصل اللفظة: موثرة، وهي من الشيء الوثير ؛ أي اللين، ولكن لما كان قبل الواو الساكنة كسرةٌ قُلبت ياءً. و"القَسِّيّ"- بفتح القاف،وكسر السين المهملة المشددة -: قيل : هي ثياب يؤتى بها من مصر فيها حرير. وذكر أبوعبيد(5) أن أصحاب الحديث يقولون : القِسِّي -بكسر القاف-. وقال الفراء :"والفتح أوجه ؛ لأنه منسوب إلى قس هذا البلد المذكور "، وقد كان قال(6):/" وقَسٌّ
بفتح القاف : موضع نسبت إليه الثياب القَسِّيَّة ".
فصل في الْمُضَبَّبِ
__________
(1) تقدم في التعليق السابق أن الصواب :" قطن بن إبراهيم".
(2) تكلم ابن سيده في "المخصَّص" (2/187) عن "الميثرة"، ولكن لم أجد نص عبارته في هذا الموضع، فلعلها في موضع آخر، وقد ذكر ابن منظور في "لسان العرب" (5/278) كلام ابن سيده هنا ولم ينسبه إليه.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "لسان العرب".
(4) في "تهذيب اللغة" (15/116).
(5) في "غريب الحديث" (1/138).
(6) أي الفراء.(1/245)
روى البخاري(1) رحمه الله تعالى من حديث عاصم الأحول قال : رأيت قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أنس بن مالك، فكان قد انصدع، فَسَلْسَلَهُ بفضة. قال : وهو قدح جيد عريض من نُضَار. قال : قال أنس : لقد سقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا القدح أكثر من كذا وكذا. قال : وقال ابن سيرين : إنه كان فيه حلقة من حديد، فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة، فقال
له أبوطلحة : لاتغيرن شيئًا صنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتركه.
وأخرجه الحافظ الفقيه أبوبكر الإسماعيلي(2) من حديث عاصم بن سليمان الأحول، عن ابن سيرين، عن أنس، أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - انصدع فجعل مكان
الشعب سلسلة من فضة. قال عاصم : ورأيت القدح وشربت فيه.
وأخرجه البيهقي(3)
__________
(1) في "صحيحه" (10/99 رقم5638) كتاب الأشربة، باب الشرب من قدح النبي r وآنيته.
(2) بل هو في "صحيح البخاري" (6/212 رقم3109) في فرض الخمس، باب ماذكر من درع النبي r وعصاه وسيفه وقدحه، من هذا الطريق بهذا اللفظ، إلا أن فيه :" انكسر" بدل :" انصدع".
(3) في "السنن الكبرى" (1/29 -30).
.(1/246)
فقال :" أخرجه البخاري في الصحيح هكذا، وهو يوهم أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة، وقد أخبرنا أبوعبدالله محمد بن عبدالله الحافظ..."، ثم ساق بسنده، عن عاصم بن سليمان، عن ابن سيرين، عن أنس - رضي الله عنه - : أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - انصدع، فجَعَلتُ مكان الشعب سلسلة - يعني : أن أنسًا جعل مكان الشعب سلسلة -. رواه من جهة موسى بن هارون وعثمان بن علي الزعفراني،عن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي، عن أبيه، عن أبي حمزة(1)- وهو السُّكَّري -، عن عاصم، وقال :" لا أدري من قاله : موسى بن هارون أو مَن فوقه(2)؟" يعني: أن أنسًا جعل مكان الشعب سلسلة.
وروى الدارقطني(3) من حديث زكريا بن إبراهيم بن عبدالله بن مُطيع، عن أبيه، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من شرب في(4) إناء ذهب أو فضة، أو إناء فيه شيء من ذلك، فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم )).
__________
(1) في الأصل تشبه أن تكون :" أبي جمرة".
(2) كذا في الأصل، وفي "السنن الكبرى" :" أموسى بن هارون أم من فوقه ".
(3) في "سننه" (1/40 رقم 1).
(4) كذا في الأصل، وفي "سنن الدارقطني":"من شرب من" وفي"سنن البيهقي":"من يشرب في".(1/247)
وأخرجه البيهقي(1)، ثم قال :« أخبرناه أبوعبدالله الحافظ في "فوائده" عن الطوسي والفاكهي معًا، فزاد في الإسناد بعد أبيه : " عن جده، عن ابن عمر "». قال :« وأظنه وهمًا. وقد أخبرناه أبوالحسن ابن إسحاق من أصل كتابه بخط أبي الحسن الدارقطني رحمه الله تعالى كما تقدم، وكذلك أخرجه أبوالحسن الدارقطني في كتابه، وكذلك أخرجه أبوالوليد الفقيه عن محمد بن عبدالوهاب، عن أبي يحيى بن [أبي](2) مَسَرَّة في كتابه دون ذكر جده ». قال :« والمشهور عن ابن عمر في المضبب موقوفًا عليه »، ثم أخرجه بإسناد صحيح عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر : أنه كان لايشرب في قدح فيه حلقة فضة، ولا ضبة فضة.
ثم روى من جهة خصيف، عن نافع، عن ابن عمر : أنه أُتي بقدح [مفضض](3) ليشرب منه، فأبى أن يشرب، فسألته، فقال: إن ابن عمر منذ سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب في القدح المفضض.
[ل31/أ]
وروى أيضًا من جهة [عبدالوهاب بن عطاء](4)، عن سعيد، عن ابن سيرين، عن /عمرة، أنها قالت : كنا مع عائشة رضي الله عنها، فمازلنا بها حتى رخصت لنا في الحلي، ولم ترخص لنا في الإناء المفضض. قال عبدالوهاب : قال سعيد - هو ابن أبي عروبة -: حملناه على الحلقة [ونحوها](5).
وروى أيضًا من جهة يحيى بن معين، عن ابن مهدي، عن عمران، عن قتادة : أن أنسًا كره الشرب في المفضض.
__________
(1) في "السنن الكبرى" (1/28-29).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي"، إلا أنه تصحف فيه "مسرة" إلى "ميسرة"، وانظر "سير أعلام النبلاء" (12/632).
(3) في الأصل :" مضبب"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(4) في الأصل :" عبدالوهاب الثقفي عن عطاء"، وهناك من حاول إصلاح "عن" إلى :" بن " مع بقاء "الثقفي"، ولا يستقيم، والتصويب من "سنن البيهقي"، وانظر "تهذيب الكمال" (18/509).
(5) في الأصل :" ونحوه"، والتصويب من "سنن البيهقي".(1/248)
وأبو الحسن [ابن](1) القطان(2) حكم في حديث ابن عمر المرفوع الذي
قدمناه من رواية زكريا بن إبراهيم بن عبدالله أنه لايصح، وقال :" يحيى بن محمد ثقة مدني، قاله الكوفي(3). فأما زكريا وأبوه فلا يعرف لهما حال ".
فصل في ضَبَّةِ الذهب وقليله
عن داود الأودي، عن شهر، عن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يصلح من الذهب شيء ولا حَرْبَصيصة ))(4).
و"شهر" هو:ابن حَوشب، تقدم ذكره(5)،والخلاف فيه سيأتي إن شاء الله تعالى. و"حربصيصة": بفتح الحاء المهملة - وقد يقال بالخاء المعجمة -، وسكون الراء، وفتح الباء ثاني الحروف، وكسر الصاد المهملة، بعدها ياء، ثم صاد مفتوحة، فُسِّرَت بالشيء الحقير من الحلي. وقال الجوهري(6):" يقال: ماعليها حربصيصة ولا خربصيصة ؛ أي : شيء من الحلي ".
وقد استُدِلَّ في هذا بعموم الحديث في الذهب والحرير : (( إن هذين حرام على ذكور أمتي )) ، ولهذا الحديث طريقان: أحدهما رواية أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( حُرِّم لباسُ الذهب والحرير على ذكور أمتي،
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل.
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (4/607-608).
(3) يعني أحمد بن صالح العجلي، وكلامه هذا في "معرفة الثقات" له (2/357 رقم1995).
(4) لم يذكر المصنف من أخرجه. وقد أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6/453) من هذا الطريق بهذا اللفظ، إلا أنه وقع في المطبوع :" ولا بصيصه "، وووقع في "أطراف المسند" للحافظ ابن حجر (8/389 رقم11297):" ولا خزّ بصيصة " بالخاء والزاي، والصواب ماأثبته، وهو الذي ضبطه المصنف هنا، وانظر "لسان العرب" (7/12).
(5) يعني في المقدمة، ولكنها مفقودة كما بينت ذلك في مقدمتي للكتاب.
(6) في "الصحاح" (3/1032).(1/249)
وأحل لإناثهم )) . أخرجه الترمذي(1)، وقال :" حسن صحيح ".
وأشهرهما(2): المروي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ حريرًا فجعله في يمينه، وأخذ ذهبًا فجعله في شماله، ثم قال : (( إن هذين حرام على ذكور أمتي )) . وهو حديث أخرجه أبوداود(3) والنسائي(4) وابن ماجه(5)، وفي حديث ابن ماجه :" حل لإناثهم".
__________
(1) في "سننه" (4/189 رقم1720) كتاب اللباس، باب ماجاء في الحرير والذهب.
(2) وهو الطريق الثاني.
(3) في "سننه" (4/330 رقم4057) كتاب اللباس، باب في الحرير للنساء.
(4) في "سننه"(8/160 رقم5144-5147) كتاب الزينة، باب تحريم الذهب على الرجال.
(5) في "سننه" (2/1189 رقم3595) كتاب اللباس، باب لبس الحرير والذهب للنساء.(1/250)
وهو مختلف في إسناده ؛ يرجع إلى يزيد بن أبي حبيب. فقيل: عنه، عن أبي أفلح [الْهَمْداني](1)، عن عبدالله بن [زُرَير](2)، عن علي. هذه رواية ليث [عند](3) أبي داود(4). وقيل فيه : عن يزيد، عن عبدالعزيز بن أبي الصعبة، عن أبي أفلح(5). وهذه رواية ابن إسحاق عند ابن ماجه(8). وقيل : عن ابن أبي الصعبة - ولم يُسَمّ -، عن رجل من [هَمْدان](6) يقال له: أفلح. هذه رواية ابن المبارك، عن الليث، عن يزيد(7). وقد عُلِّلَ الحديث بجهالة حال أبي أفلح، وذكر [ابن](8) القطان(9) ذلك، وأن عبدالله بن زرير مجهول الحال. فأما أبو أفلح فلا يبعد ماقال فيه - وإن كان قد ذكر عن علي بن المديني أنه قال في هذا الحديث :" حسن [رجاله معروفون]"(10)-، وأما عبدالله بن زرير، فقد ذكر(11) أن العجلي(12) ومحمد بن سعد(13) وثقاه.
__________
(1) في الأصل:"الهمذاني"بالذال،والتصويب من"سنن أبي داود"،و"تهذيب الكمال"(33/47).
(2) في الأصل:"أبي زرير"، والتصويب من"سنن أبي داود"،و :"تهذيب الكمال" (14/517).
(3) في الأصل :"عن"، وهو تصحيف ظاهر.
(4) في الموضع السابق من "سننه".
(5) ويرويه أبوأفلح عن عبدالله بن زرير، عن علي t كما سبق.
(6) في الأصل :"همذان"، والتصويب من "سنن النسائي"، وتقدم تصويبه.
(7) وهي والروايات السابقة عند النسائي في الموضع السابق من "سننه".
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(9) في "بيان الوهم والإيهام" (5/179).
(10) مابين المعكوفين بياض في الأصل بمقدار كلمتين، فاستدركته من "بيان الوهم".
(11) أي ابن القطان، غير أن الكلام الآتي ليس في المطبوع من "بيان الوهم والإيهام"؛ لأن هناك بياضًا بمقدار ما يقرب من سطرين في المخطوط (2/66/أ)، واستدرك محقق الكتاب جزءًا من هذا البياض باجتهاده.
(12) في "معرفة الثقات" (2/30 رقم887).
(13) في "الطبقات الكبرى" (7/510).
.(1/251)
و"زُرَير": مضموم الزاي، مفتوح الراء المهملة، بعدها ياء آخر الحروف، ثم راء مهملة.
وفي الحديث شيء آخر، وهو: أن رواية من رواه عن يزيد، عن عبدالعزيز ابن أبي الصعبة، عن أبي أفلح، إذا عملنا بها وسلكنا طريقهم ؛ في أن نحكم بأن يزيد لم يسمعه من أبي أفلح، تصدى لنا النظر في حال عبدالعزيز أيضًا.
[ل31/ب]
فصل في الوضوء والغُسل من آنية الصفر وغيرها من الأواني
روى البخاري(1) عن عبدالله بن زيد قال: أَتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخرجنا له ماء في تَورٍ من صُفْرٍ، فتوضأ فغسل وجهه ثلاثًا، ويديه مرتين مرتين، ومسح [برأسه](2) فأقبل به وأدبر، وغسل رجليه.
ورواه أبوداود(3) مقتصرًا على : جاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرجنا له ماء في تور من صفر، فتوضأ. وأخرجه ابن ماجه(4) وقال :" فتوضأ به ".
و"التَّوْرُ"- بفتح التاء المثناة من فوق، وسكون الواو، وبالراء المهملة -: إناء يشرب به ويتوضأ. قال الفارسي في "مجمعه"(5):" وأظنه من خَزَف ".
__________
(1) في "صحيحه" (1/302 رقم197) كتاب الوضوء، باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة.
(2) في الأصل :"رأسه"، والمثبت من "صحيح البخاري".
(3) في "سننه" (1/75 رقم100) كتاب الطهارة، باب الوضوء في آنية الصُّفْر.
(4) في "سننه" (1/159 رقم471) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء بالصفر.
(5) هو عبدالغافربن إسماعيل الفارسي،المتوفى سنة(529هـ)،وكتابه هذا اسمه:"مجمع الغرائب في غريب الحديث". انظر"سير أعلام النبلاء"(20/16-17)،و"كشف الظنون"(2/1602).(1/252)
وأما ما أخرج البخاري(1) من حديث عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، أن عائشة رضي الله عنها قالت: لما ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واشتد [به](2) وجعه...، وذكر الحديث، وفيه : (( هريقوا عليّ من سبع قرب لم تحلل أَوْكِيَتُهُنّ ؛ لعلي أعهد إلى الناس )) . وأجلس في مخضب لحفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -،[ثم طفقنا نصبّ عليه تلك](3)، حتى طفق يشير إلينا : أن قد فعلتن، ثم خرج إلى الناس، فليس فيه ذكر النحاس ولا الصفر، ولكن رواه ابن خزيمة(4) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه : ((صبوا عليّ ))....، وذكر الحديث، وفيه : فأجلسناه في مخضب لحفصة من نحاس، وسكبنا عليه الماء منهن، حتى طفق يشير إلينا : أن قد فعلتن، ثم خرج(5). وترجم عليه :"باب إباحة الوضوء والغسل في أواني النحاس"، وذكر رواية أخرى(6) ليس فيها :" من نحاس "، ولم يقل :" ثم خرج". فهذا لايدل على ماقصدته من جواز التوضؤ والغسل عن [الحدثين](7) أو أحدهما.
وروى البخاري(8) عن أنس - رضي الله عنه - قال : حضرت الصلاة، فقام من كان قريب الدار إلى أهله، وبقي قوم، فَأُتِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِمِخْضَب من حجارة فيه ماء، فَصَغُرَ المِخْضَب أن يبسط فيه كفه، فتوضأ القوم كلهم. قلنا : كم كنتم ؟ قال : ثمانين وزيادة.
__________
(1) في الموضع السابق برقم (198).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "صحيح البخاري".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "صحيح البخاري"
(4) في "صحيحه" (1/64و127 رقم123 و258).
(5) من قوله "إلى الناس" إلى هنا مكرر في الأصل.
(6) عقب الرواية الأولى مباشرة.
(7) في الأصل :"الحديثين ".
(8) في الموضع السابق برقم (195).(1/253)
و"المِخْضَب"- بكسر الميم، وسكون الخاء المعجمة، وآخره باء -: قال الفارسي :" إِجَّانَةٌ يغسل فيها الثياب، ويقال له : الْمِرْكَن ".
وأما ما رواه ابن خزيمة(1) عن أحمد بن عبدة الضبي، عن حماد - يعني ابن
[ل32/أ]
زيد -، عن ثابت، عن أنس - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا بوضوء فجيء بقدح فيه ماء - أحسبه [قال](2): قدح زجاج -، فوضع أصابعه فيه، فجعل القوم يتوضؤون الأول فالأول...، الحديث، وترجم عليه :"باب إباحة الوضوء [من](3) أواني الزجاج ضد قول [بعض](1) المتصوفة الذي توهم أن اتخاذ أواني الزجاج من الإسراف ؛ إذ الخزف أصلب وأبقى من الزجاج ". وأخرجه البيهقي(4) من جهة ابن خزيمة. فإن هذا الحديث رواه جماعة عن حماد فقال : " رَحْرَاح" مكان الزجاج بلا شك./ أخرجه البخاري(5) من حديث مسدد، عن حماد، ومسلم(6) عن أبي الربيع الزهراني، عن حماد.
وقد جاء استعمال الزجاج في الشرب.
__________
(1) في "صحيحه" (1/64-65 رقم124).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "صحيح ابن خزيمة".
(3) في الأصل :"في"، والمثبت من المرجع السابق.
(4) في "السنن الكبرى" (1/30).
(5) في "صحيحه" (1/304 رقم200) كتاب الوضوء، باب الوضوء من التور.
(6) في "صحيحه" (4/1783 رقم2279) كتاب الفضائل، باب في معجزات النبي r.(1/254)
قرأت على الحافظ أبي محمد المنذري، أنا أبوحفص ابن أبي بكر-بقراءتي عليه -،وأبوأحمد ابن أبي منصور إذنًا-واللفظ له-،قالا: أنا هبة الله بن محمد، أنا محمد - يعني ابن عبدالله بن إبراهيم -، ثنا ابن ياسين - يعني عبدالله بن محمد بن ياسين -، ثنا أحمد بن سنان القطان، ثنا زيد بن الحباب، ثنا مندل ابن علي، عن محمد بن إسحاق، عن عبيدالله بن عبدالله،[عن](1) ابن عباس
رضي الله عنهما قال : كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدح من قوارير يشرب فيه.
هكذا قال الحافظ(2)! وقع(3) في أصل سماعنا وفي غيره. وقد سقط من الإسناد ابن شهاب الزهري بين محمد بن إسحاق وعبيدالله بن عبدالله.
قال الحافظ(1):« أخرجه ابن ماجه القزويني في "سننه"(4) عن أبي جعفر أحمد بن سنان بن أسد الواسطي القطان - توفي سنة ست، ويقال : سنة ثمان، ويقال : سنة تسع وخمسين ومائتين -، وقال فيه : عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيدالله.
وأخرجه أبوبكر البزار في "مسنده" من حديث مندل بن علي، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله، وقال : "وهذا الحديث لانعلم أحدًا رواه متصلاً إلا مندل، عن ابن إسحاق "». هذا آخر كلامه.
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فترتب عليه : أن عبيدالله هذا ابن لعبدالله بن عباس، بينما هو:عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود كما في"التقريب"(ص640رقم4338)، وترتب عليه أيضًا إرسال الحديث، ولو كان كذلك لنبّه عليه المنذري والمصنِّف، وروايتا =
= ابن ماجه والبزار الآتيتان جاءتا على الصواب، وقد نص البزار على أن مندل بن علي تفرد بروايته متصلاً.
(2) أي المنذري.
(3) كذا في الأصل ! ولعل صوابه :" قال الحافظ : هكذا وقع....".
(4) 2/1136 رقم3435) كتاب الأشربة، باب الشرب في الزجاج.(1/255)
و"مندل" هو : أبوعبدالله مندل بن علي العنزي الكوفي، لا يحتج بحديثه، ومندل لقب، واسمه عمرو، وله أخ يقال له : حبان بن علي الضرير كوفي أيضًا، كنيته أبوعلي، ويقال : أبوعبدالله، وهوأيضًا ممن لايحتج بحديثه.
وقد اجتمع في هذا الإسناد ثلاثة من التابعين : ابن إسحاق، والزهري، وعبيدالله.
وفي حديث حصين،عن سالم بن أبي الجعد،عن جابر بن عبدالله رضي الله
عنهما قال : عطش الناس يوم الحديبية، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين يديه ركوة يتوضأ منها، إذ جَهِشَ الناس نحوه...، الحديث(1).
و"جَهِشَ"-بفتح الجيم، وكسر الهاء، وآخره شين معجمة- قال الفارسي: قال الأصمعي:"هوأن يفزع الإنسان إلى الإنسان؛كالصبي يفزع إلى أمه وأبيه". قال أبوعبيد(2):"وفيه لغة أخرى: أجهش(3) إجهاشًا". و"منه في حديث المولد: (( فسَأَبَني، فأجهشت بالبكاء ))؛ قال : خنقني، فتهيَّأْتُ للبكاء "(4). انتهى.
قوله :" فَسَأَبَني"- بفتح السين المهملة، وبعدها همزة مفتوحة -؛ أي : خنقني، سأبه و[سأته](5): إذا خنقه.
__________
(1) لم يخرِّجه المصنف،وهو بهذا السياق في"صحيح ابن خزيمة" (1/65-66 رقم125)، وقد أخرجه البخاري بنحوه (6/581رقم3576) في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام.
(2) في "غريب الحديث" (1/149).
(3) كذا في الأصل، وفي "غريب الحديث" :" أجهشت إجهاشًا، فأنا مجهش".
(4) من قوله :" ومنه في حديث المولد..." إلى هنا من "الغريبين" للهروي (1/405)، ولم أجده في "غريب الحديث" لأبي عبيد.
(5) في الأصل:"سأقه"،والتصويب من"تهذيب اللغة"(13/46)،و"لسان العرب"(1/454).(1/256)
وفي حديث شعبة عن سلمة بن كهيل،عن كريب،عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بت في بيت خالتي ميمونة، فبقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي من الليل، فبال، ثم غسل وجهه ويديه، ثم نام، ثم قام، فأطلق شناق القربة،فصب في القصعة -أو الجفنة-،فتوضأ وضوءًا بين الوضوءين(1).
"بقيت"- بفتح الباء ثاني الحروف، وتخفيف القاف، بعدها ياء آخر الحروف مخففًا -: فُسِّر بانتظرت، يقال : بقيته أبقيه بُقيًا.
وروى أبوداود(2) عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تور من شَبَهٍ. قال شيخنا(3):" أخرجه من طريقين : إحداهما منقطعة، وفيها مجهول، والأخرى متصلة، وفيها مجهول ".
قلت : أما المنقطعة وفيها مجهول، فروايته عن موسى بن إسماعيل، عن حماد، قال : أخبرني صاحب لي، عن هشام بن عروة : أن عائشة رضي الله
[ل32/ب]
عنها قالت : كنت أغتسل...،/ الحديث.
وأما المتصلة التي فيها المجهول، فروايته عن محمد بن العلاء، عن إسحاق ابن منصور، عن حماد بن سلمة، عن رجل، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم -...، نحوه.
__________
(1) لم يذكر المصنف من أخرج هذه الرواية، وقد أخرجها بهذا السياق ابن خزيمة في "صحيحه" (1/66 رقم127)، وتتمته :" وقام يصلي، فقمت، فتوضأت، فجئت عن يساره، فأخذني فجعلني عن يمينه ". =
= والحديث من طريق شعبة أخرجه مسلم في "صحيحه" (1/528-529 رقم187) في صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، بنحو سياق ابن خزيمة.
(2) في "سننه" (1/74 رقم98،99) كتاب الطهارة، باب الوضوء في آنية الصفر.
(3) يعني المنذري في "مختصر السنن" (1/87).(1/257)
وقد روى هذا الحديث حوثرة بن أشرس أبوعامر العدوي، عن حماد بن سلمة، فبيّن الرجل وقال : ثنا حماد بن سلمة، عن شعبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت :" كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تور من شَبَهٍ، يبادرني وأبادره(1)". أخرجه البيهقي(2)، وقال :" جوَّده حوثرة بن أشرس، وقصر به بعضهم "، وذكر الروايتين اللتين ذكرناهما عن أبي داود بغير إسناد.
فصل في جلود الميتة
روى مالك(3)، عن ابن شهاب، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة ميتة كان هو أعطاها(4) مولاة لميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال : (( هلا(5) انتفعتم بجلدها ؟ )) فقالوا: يارسول الله! إنها ميتة ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنما حرم أكلها )) . أخرجه النسائي(6) من حديث مالك، وأخرجه الشيخان(7) من حديث يونس.
ووقع لنا حديث يونس عاليًا.
__________
(1) كذا في الأصل، وفي "سنن البيهقي" :" من تور من شبه يبادرني مبادرةً ".
(2) في "السنن الكبرى" (1/31).
(3) في "الموطأ" (2/498 رقم16) كتاب الصيد، باب ماجاء في جلود الميتة.
(4) كذا في الأصل، وفي "الموطأ" و"سنن النسائي" :"كان أعطاها".
(5) كذا في الأصل، و "سنن النسائي"، وفي "الموطأ" :" أفلا ".
(6) في "سننه" (7/172 رقم4235) كتاب الفرع والعتيرة، باب جلود الميتة.
(7) البخاري في "صحيحه" (3/355 رقم1492) كتاب الزكاة، باب الصدقة على موالي أزواج النبي r، ومسلم في "صحيحه" (1/276-277 رقم363/101) كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ.
.(1/258)
قرأت على الفقيه المفتي أبي الحسن هبة الله الشافعي فيما قُرئ على الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السِّلَفي وهو يسمع، ثنا أبوعبدالله القاسم بن الفضل -قراءة عليه-، ثنا أبوزكريا يحيى بن إبراهيم بن يحيى المزكِّي بنيسابور، ثنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم،أنا محمد بن عبدالله بن عبدالحكم، ثنا عبدالله بن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، حدثني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وجدشاة ميتة أُعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة،فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( هلا انتفعتم بجلدها ؟ )) فقالوا : إنها ميتة. قال : (( إنما حرم أكلها )) .
ورواه الشيخان(1) من حديث صالح، عن الزهري.
ورواه سفيان، عن الزهري، فذكر فيه الدباغ، ولفظ مسلم(2) فيه:عن ابن عباس قال : تُصُدِّقَ على مولاة لميمونة بشاة، فماتت، فمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( هلا أخذتم إهابها، فدبغتموه، فانتفعتم به ؟ )) قالوا : إنها ميتة، قال : (( إنما حَرُمَ أكلها )) . وفي رواية لمسلم(3):"عن ميمونة".
ورواه النسائي(4)من جهة سفيان بسنده عن ميمونة، وليس فيه ذكر الدباغ، وفيه : (( إنما حرم الله عز وجل أكلها )) .
__________
(1) البخاري في "صحيحه" (4/413 رقم2221) كتاب البيوع، باب جلود الميتة قبل أن تدبغ، ومسلم بعد الطريق السابق.
(2) في الموضع السابق من "صحيجه" برقم (100).
(3) في الموضع قبل السابق من "صحيجه".
(4) في الموضع السابق من "سننه" برقم (4234).(1/259)
وقال يعقوب بن سفيان(1) عن أبي بكر الحميدي(2)- في هذا الحديث- قال:« كان سفيان ربما قاله عن ابن عباس، ولم يذكر فيه ميمونة، فإذا وقف عليه قال:"هو عن ميمونة"، وقيل له : فإن معمرًا لا يقول فيه :" فدبغوه "، ويقول: "كان الزهري ينكر الدباغ "، فقال سفيان :" لكني أنا أحفظ فيه"، وفي الحديث الآخر : حديث عمرو، [عن](3) عطاء، عن ابن عباس ». قال البيهقي(4):"رواه جماعة، عن الزهري : مالك بن أنس، ويونس بن يزيد، وصالح بن كيسان، وغيرهم، فلم يذكروا فيه :"فدبغوه"، وقد حفظه سفيان، والزيادة من مثله مقبولة إذا كانت لها شواهد. وقد تابعه على ذلك عقيل بن خالد، وسليمان [بن](5) كثير، والزبيدي - فيما روي عنهم -، وهو في /حديثه(6)، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح ". انتهى.
[ل33/أ]
وتابعه أسامة بن زيد الليثي، عن عطاء. رواه الدارقطني(7) من جهة ابن وهب، عن أسامة، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل شاة ماتت : (( ألا نزعتم إهابها، فدبغتموه، فانتفعتم به؟ )) وأخرجه البيهقي(2)، قال :"وهكذا رواه الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء، وكذلك رواه يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن عطاء، ورواه سعيد بن جبير، عن ابن عباس مطلقًا دون ذكر الدباغ فيه ".
قلت : وقد روي من حديث يعقوب بن عطاء عن أبيه، عن ابن عباس
__________
(1) في "المعرفة والتاريخ" (2/727) مع اختلاف يسير في اللفظ، ويظهر أن المصنِّف نقله عن "سنن البيهقي" (1/16)؛ لأن نقله موافق لما هناك.
(2) وهو في"مسندالحميدي"(1/150)بنحوه.
(3) في الأصل :" بن"، والتصويب من "المعرفة والتاريخ"، و"سنن البيهقي".
(4) في الموضع السابق من "سننه".
(5) قوله :" بن" سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن البيهقي".
(6) أي في حديث سفيان بن عيينة.
(7) في "سننه" (1/44 رقم7).(1/260)
من غير ذكر الدباغ. أخرجه البزار من حديث شعبة، عن يعقوب، ولفظه :
ماتت شاة لميمونة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( [ألا](1) استمتعتم بإهابها ؟ فإن دباغ الأديم طهوره )) . قال البزار :" وهذا الحديث لا نعلم رواه عن يعقوب بن عطاء، عن أبيه إلا شعبة ". وقد روي عن عطاء، عن ابن عباس من وجوه.
[ورواه](2) النسائي(3) من جهة الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن حفص بن الوليد، عن محمد بن مسلم - هو الزهري -، عن عبيدالله، عن ابن عباس ليس فيه ميمونة، وفيه : كانت من الصدقة، فقال : (( لو نزعوا جلدها فانتفعوا به )) ، ولم يذكر الدباغ.
ورواه أيضًا(4) من جهة الشعبي قال : قال ابن عباس : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على شاة ميتة فقال : (( ألا انتفعتم بإهابها؟ )).
ورواه الدارقطني(5)من جهة إسحاق بن راشد، عن الزهري، وقال : (( إنما حرم عليكم لحمها، ورخص لكم في مَسْكها ))، وقال عقيب هذا :" هذه أسانيد صحاح ".
و"الْمَسْك "- بفتح الميم، وسكون السين -: الجلد.
ورواه ابن جريج، عن عمرو بن دينار قال : أخبرني عطاء منذ حين، أخبرني ابن عباس:أن ميمونة أخبرته : أن داجنة كانت لبعض نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فماتت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ألا أخذتم إهابها فاستمتعتم به ؟ )) رواه
__________
(1) في الأصل :" فلا "، والمثبت من "البدر المنير" (2/383 و429) نقلاً عن البزار.
(2) في الأصل :"رواه".
(3) في "سننه" (7/172 رقم4236) كتاب الفرع والعتيرة، باب جلود الميتة.
(4) برقم (4239).
(5) في "سننه" (1/44 رقم6).(1/261)
مسلم(1)، والنسائي(2)، وليس فيه ذكر الدباغ(3).
و"الداجن": الشاة، أو الطائر الذي يألف البيوت ويتردد فيها، وجمعها: دواجن، وقد دجن في بيته : إذا لزمه.
وروي أيضًا من حديث إبراهيم بن نافع المكي، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس من غير ذكر الدباغ، ولفظه : ماتت شاة في بعض بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ألا انتفعتم بمسكها؟ )) أخرجه الطبراني في "أوسط معاجمه"(4) عن أحمد بن زهير، عن علي بن شعيب السمسار، عن يحيى بن أبي بكير، عن إبراهيم، وقال:"لم يرو هذا الحديث عن إبراهيم [بن](5) نافع إلا يحيى بن أبي بُكير ".
وروى مسلم(6) من جهة عبدالملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بشاة لمولاة ميمونة فقال : (( ألا استمتعتم(7) بإهابها؟ )).
__________
(1) في "صحيحه" (1/277 رقم364) كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ.
(2) في الموضع السابق من "سننه" برقم (4237).
(3) عُلِّق عليها بهامش الأصل بما نصه:"بلى،رواية النسائي فيها ذكر الدباغ".ولكن الموجود في الموضع السابق من "سنن النسائي" :"ألا دفعتم"، وفي "الكبرى" (3/83 رقم4563): "ألا أخذتم"،وليس فيهما ذكرالدباغ،إلاأن يكون هناك تصحيف في قوله:"دفعتم".وقال السندي في حاشيته على الموضع السابق من"سنن النسائي":"الأقرب:"دبغتم" بالباء والغين المعجمة".
(4) 2/328 رقم2123).
(5) في الأصل :"عن"، والتصويب من "المعجم الأوسط".
(6) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (365).
(7) في "صحيح مسلم" :"انتفعتم" بدل :" استمتعتم".(1/262)
ورواه مسلم(1) من حديث سفيان، عن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بشاة مطروحة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ألا أخذوا إهابها فدبغوه، فانتفعوا به ؟ )) .
وأخرجه النسائي(2) من حديث سفيان بذكر الدباغ أيضًا.
ل33/ب]
وقد روي من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عباس أيضًا من جهة ثابت ابن عجلان، عن سعيد،ولفظه: قال: مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعنزٍ ميتة،/فقال : ((ماعلى أهل هذه لوانتفعوا بإهاب هذه ؟ )) رواه محمد بن محمد بن سليمان الباغندي(3)، عن هشام بن عمار، عن عبدالملك بن محمد [الصنعاني](4)، عن ثابت.
وأراد الأثرم تعليل هذا الحديث - حديث ابن عباس - بالاختلاف، فذكر حديث عبدالرحمن بن وَعْلَة، عن ابن عباس سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( أيما إهاب دبغ فقد طهر )) .
__________
(1) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (363/102).
(2) في الموضع السابق من "سننه" برقم (4238).
(3) كذا في الأصل، والظاهر أن فيه سقطًا يكون تقديره :"رواه الطبراني عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي "؛ يدل عليه : أن الباغندي من شيوخ الطبراني كما في "السير" (14/ 383-384)، وقد عزاه ابن حجر في "الفتح"(9/659) للطبراني من هذا الطريق. والحديث أخرجه البخاري في "صحيحه"(9/658 رقم5532) كتاب الذبائح والصيد، باب جلود الميتة، من طريق محمد بن حمير، عن ثابت بن عجلان، به بنحوه.
(4) في الأصل :"الغساني"، وتصحف في الفتح" إلى :"الصغاني"، التصويب من "الجرح والتعديل" (5/369)، و"الأنساب" للسمعاني (3/557).(1/263)
وروى الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس، عن ميمونة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال : (( هلا انتفعتم بإهابها ؟ )) وروى إسماعيل، عن الشعبي، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن [سودة](1) بنت زمعة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: "فهذا حديث ابن عباس قد اضطربوا فيه : مرة يجعلونه سماعًا لابن عباس من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومرة عن ميمونة، ومرة عن سودة، فاضطرب الحديث لاختلافه".
قلت : أما حديث [ابن](2) وَعْلَة عن ابن عباس، فمختلف اللفظ والسند مع حديث [عبيدالله](3) عنه، فلا يجعل مع حديثه الآخر واحدًا حتى يعلل به. وأيضًا ففي حديث [ابن](2) وَعلة عن ابن عباس :" سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وحديث عبيدالله عنه لم يذكر السماع، والذي يَثْبُتُ فيه : أنه سمعه من ميمونة، فليسا بواحد. وأما الاختلاف في حديث عبيدالله في كونه تارة: "عن ابن عباس"، وتارة:" عنه، عن ميمونة"، فليس في رواية من اقتصر على ابن عباس ذكر سماعه له من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيما ذكرناه عن يعقوب بن سفيان(4) مايقوي كونه عن ميمونة، وإن أرسل من جهة ابن عباس لم يناف ذلك سماعه له من ميمونة، والرواية التي ذكر فيها روايته إياه عن ميمونة زيادة فتقبل. وأما رواية إسماعيل، عن الشعبي، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن سودة، فإما أن يرجح عليها رواية الزهري فلا تُعارض بها، وإما أن تُجعل حديثًا آخر.
__________
(1) في الأصل :" منبوذة "، وسيأتي على الصواب.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وتقدم على الصواب .
(3) في الأصل :"عبدالله"، وتقدم - وسيأتي - على الصواب.
(4) سبق عزوه (ص296) لـ"المعرفة والتاريخ"، و "سنن البيهقي".(1/264)
حديث آخر:روى مالك(1)عن[يزيد](2)بن قُسيط،عن محمدبن عبدالرحمن بن
ثوبان، عن أمه،عن عائشةرضي الله عنها:أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر أن[يُستمتع](3)
بجلود الميتة إذا دبغت. أخرجه أبوداود(4)،والنسائي(5)،وعلله الأثرم فقال:"وأما حديث محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن أمه، فإن أمه غير معروفة،ولم نسمع أنه رَوَى عنها غير هذا الحديث".وقال عبدالله بن أحمد(6):"قلت لأبي: ماتقول في هذا الحديث: مالك،عن يزيد بن عبدالله بن قسيط،عن محمد بن عبدالرحمن ابن ثوبان، عن أمه، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت ؟ قال فيه : أمه ؟! كأنه كرهه من أجل أُمِّه"(7).
حديث آخر : روى فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن
__________
(1) في "الموطأ" (2/498 رقم18) كتاب الصيد، باب ماجاء في جلود الميتة.
(2) في الأصل :"زيد"، والتصويب من "الموطأ"، و "تهذيب الكمال" (32/177)، وسيذكره المصنف قريبًا على الصواب.
(3) في الأصل :" لا تستمتع"، والتصويب من مصادر التخريج.
(4) في "سننه" (4/368 رقم4124) كتاب اللباس، باب في أُهب الميتة.
(5) في"سننه"(7/176رقم4252) كتاب الفرع والعتيرة،باب الرخصة في الاستمتاع بجلود...
(6) في "العلل" (3/192 رقم4827) بنحوه.
(7) نقل الزيلعي في "نصب الراية" (1/117) عبارة المصنِّف هنا باختصار وفيها بعض الاختلاف، فقال :« قال في "الإمام": وأعله الأثرم : بأن أم محمد غير معروفة، ولا يعرف لمحمد عنها غير هذا الحديث، وسئل أحمد عن هذا الحديث فقال :" ومن هي أمه ؟" كأنه أنكره من أجل أمه ».(1/265)
أم سلمة رضي الله عنها: أنها كانت لها شاة [تحتلبها](1)، ففقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ((مافعلت الشاة ؟ )) قالوا:ماتت، قال : (( أفلا انتفعتم بإهابها ؟ )) فقلت: إنها ميتة ! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إن دباغها يحل كما يحل خل الخمر )) . رواه
الدارقطني(2)، وقال :" تفرد به فرج بن فضالة، وهو ضعيف ".
ذكر الألفاظ التي تدل على طهارة الجلد المدبوغ
[ل34/أ]
أخبرنا أبي رحمه الله تعالى، أن الحافظ أبا الحسن المقدسي أخبرهم، قال : حدثنا أبومحمد عبدالله بن عبدالرحمن العثماني، ثنا محمد بن منصور، ثنا /أحمد بن سعيد بن يعيش، ثنا عبدالرحمن بن عبدالله الغافقي(3)، أنا أحمد بن محمد المكي، ثنا علي، ثنا القعنبي، عن مالك(4)، عن زيد بن أسلم، عن ابن وَعلة المصري، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا دبغ الإهاب فقد طهر )) .
وروى مسلم(5) من جهة جعفر بن ربيعة، عن أبي الخير، حدثني ابن وعلة السبأي قال : سألت عبدالله بن عباس قلت : إنا نكون بالمغرب، فتأتينا(6) المجوس بالأسقية فيها الماء والودك، فقال : اشرب، فقلت : أَرَأْيٌ تراه ؟ فقال ابن عباس : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( إن(7) دباغه طهوره )) .
قد يُسْتَدَلُّ به على أن المدبوغ يطهر من غير إفاضة الماء بعد الدباغ، وفي الرواية بعدها دليل على طهارة شعر الميتة بعد الدباغ.
__________
(1) في الأصل :" تحيلها "، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(2) في "سننه" (1/49 رقم28).
(3) والغافقي أخرجه في "مسند الموطأ" (ص324 رقم357).
(4) وهو في"الموطأ"(2/498رقم17) في الصيد،باب ماجاء في جلود الميتة، بمثل هذا السياق.
(5) في "صحيحه"(1/278رقم 366/107) كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ.
(6) في "صحيح مسلم" :" فيأتينا ".
(7) قوله :" إن" ليس في "صحيح مسلم ".(1/266)
قلت :"أبوالخير" اسمه : مرثد - بالراء المهملة، والثاء المثلثة -. و"وَعْلة": بفتح الواو، وسكون العين المهملة، والتاء ثالث الحروف، قبلها لام.
و"السَّبَأي ": بالسين المهملة المفتوحة، والباء ثاني الحروف.
قال ابن منده :" رواه يحيى بن بكير، وعمرو بن خالد، وغيرهما عن بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة ".
قلت : ورواه يحيي بن أيوب، عن [ يزيد](1) بن أبي حبيب، عن أبي الخير أتم منه، وأخرجه مسلم(2) من جهته، ولفظه : عن أبي الخير قال : رأيت على ابن وَعلة فروًا فَمَسِسْتُه، فقال : مالك تمسه ؟ قد سألت عبدالله ابن عباس، قلت : إنا نكون بالمغرب، ومعنا البربر والمجوس، [نؤتى](3) بالكبش قد ذبحوه، ونحن لا نأكل ذبائحهم، [ويأتونا](4) بالسقاء يجعلون فيه الودك، فقال ابن عباس: قد سألنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال : (( دباغه طهوره )) .
و"الفرو": يجمع على فِراء، ككعب وكعاب، ويقال في لغةٍ : فروة. و"مَسِسْتُ": بكسر السين الأولى، و" يمس" في مضارعه : بفتح الميم، هذا هو الأشهر، وفيه لغة بفتح السين في الماضي، وضم الميم في المستقبل.
وقوله :" يجعلون فيه الودك " هذا هو المشهور في الرواية، ورواه بعضهم:" يُجملون " بالميم، بمعنى : يذيبون ؛ جَمَلْتُ الشحم وأجملته : أذبته.
وفي رواية سليمان بن كثير، عن الزهري، عن عبيدالله، عن ابن عباس مرفوعًا : (( ودباغ إهابها طهورها )) . أخرجه الدارقطني(5).
__________
(1) في الأصل :" زيد "، والتصويب من "صحيح مسلم"..
(2) في الموضع السابق برقم (106).
(3) في الأصل :" يؤتى"، والمثبت من المرجع السابق.
(4) في الأصل :" نؤتى"، والمثبت من المرجع السابق.
(5) في "سننه" (1/43 رقم5).(1/267)
[وعن](1) عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أخيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتوضأ من سقاء، فقيل له: إنه ميتة، فقال : (( دباغه يزيل خبثه(2)- أو قال : نجسه أو رجسه - )) . رواه أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(3).
وأخرجه البيهقي(4) من جهة عبدالله بن روح المدائني، عن يزيد بن هارون، عن مسعر [بن](5) كدام، عن عمرو، [وقال](6) بعد إخراجه:" هذا إسناد صحيح، وسألت أحمد بن علي الأصبهاني عن أخي سالم هذا فقال : اسمه عبدالله بن أبي الجعد". انتهى.
وروى الطبراني في "أصغر معاجمه"(7) من حديث الهيثم بن جميل، ثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( دباغ الأديم طهوره )). رواه عن عثمان بن عبدالأعلى بن عثمان بن زفر الكوفي، عن محمد بن عبدالله(8) ابن جعفر الزهري الكوفي، عن الهيثم بن جميل، وقال :"لم يروه عن عبدالرحمن
إلا محمد، تفرد به الهيثم بن جميل ".
[ل34/ب]
__________
(1) في الأصل :" عن ".
(2) كذا في الأصل، وفي "صحيح ابن خزيمة" :"يذهب بخبثه".
(3) 1/60 رقم114).
(4) في "سننه الكبرى" (1/17).
(5) في الأصل :" عن "، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في الأصل :"قال".
(7) 1/316 رقم523)، وكذا في "المعجم الأوسط" (4/103 رقم3715).
(8) في "المعجم الصغير" :" محمد بن عبدالرحمن" وهو خطأ، وقد ورد على الصواب في "المعجم الأوسط".(1/268)
وروى [الدارقطني](1) أيضًا(2) عن أبي قيس الأودي، عن / هُزيل بن شرحبيل، عن أم سلمة، أو زينب، أو غيرهما من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - : [أن ميمونة ماتت شاة لها، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ](3) : ((ألا استمتعتم بإهابها؟ )) فقلت: يارسول الله!كيف نستمتع بها وهي ميتة ؟ فقال : (( طهور الأديم دباغه )). قال:" قال غيره : عن شعبة، عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل، عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - : كانت لها(4) شاة فماتت ".
ورواه الطبراني(5) من حديث عباد بن عباد المهلبي، عن شعبة بسنده، وفيه: (( ألا استمتعتي(6) بإهابها ؟ )) رواه عن إبراهيم بن أحمد -وهو ابن عمر الوكيعي-، عن يحيى بن أيوب المقابري، عنه، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن شعبة إلا عباد بن عباد، تفرد به يحيى بن أيوب ".
قلت : ويحيى بن أيوب، وهزيل بن شرحبيل مخرج لهما في "الصحيح"(7)
__________
(1) في الأصل:"البيهقي"، ولم أجد هذا الحديث في شيء من كتب البيهقي، ولاشك أنه سبق قلم من المصنف أو الناسخ؛ فالسياق سياق الدارقطني،وكذا التعقيب الذي عقب الحديث، ويدل عليه قول المصنف بعد بضعة أسطر :"وروى بسنده أيضًا..."، وهو عند الدارقطني.
(2) في "سننه" (1/48 رقم22).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن الدارقطني".
(4) في "سنن الدارقطني" :" كانت لنا ".
(5) في "المعجم الأوسط" (3/114-115 رقم2652).
(6) في المرجع السابق :" ألا استمتعتم".
(7) هزيل أخرج له البخاري كما في "تهذيب الكمال" (30/172و173)، ويحيى بن أيوب أخرج له مسلم كما في "تهذيب الكمال"(31/238و242).(1/269)
وفي هذه الرواية، أو غيرها(1).
وروى بسنده أيضًا(2) من حديث القاسم بن عبدالله،عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما:أن النبي- صلى الله عليه وسلم - مرَّ على شاة فقال : ((ماهذه ؟ )) قالوا: ميتة. قال النبي- صلى الله عليه وسلم - : (( ادبغوا إهابها، فإن دباغه طهوره )) . قال:"القاسم ضعيف".
ومن(3) حديث الواقدي، عن معاذ بن محمد الأنصاري، عن عطاء الخراساني، عن سعيد بن المسيب، عن زيد بن ثابت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((دباغ جلود الميتة طهورها )) .
ذكر من قال بطهارة الشعر بدباغ الجلد
قد تقدم(4) قول أبي الخير :" رأيت على ابن وَعْلَة فروًا فمسسته ".
__________
(1) أما في هذه الرواية فلا ؛ يدل عليه صنيع المزي ؛ فإنه لم يذكر هزيل بن شرحبيل في "تحفة الأشراف" في الرواة عن أم سلمة، ولم يذكر في "تهذيب الكمال" (30/172) أنه روى عن امرأة، ولم يذكر له رواية في "صحيح البخاري" إلا عن ابن مسعود وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما.
(2) أي : الدارقطني، وهو في الموضع السابق برقم (26).
(3) أي : وروى الدارقطني في الموضع السابق برقم (25).
(4) ص 304).(1/270)
وفيه حديث آخر:أخبرنا أبوالفرج الحراني،قال:أخبرتنا فرحة بنت قراطاش، ثنا إسماعيل بن أحمد،ثنا عبدالرحمن بن أبي بكر الزُّجاجي،ثنا أحمد القَرطي(1)، ثنا أحمد بن علي التميمي، ثنا إبراهيم بن عبدالله العَبْسِى، ثنا عبيدالله، عن ابن أبي ليلى، عن ثابت البناني، قال : كنت جالسًا مع عبدالرحمن بن أبي ليلى في المسجد، فأتى شيخ ذو ضفيرتين فقال : ياأبا عيسى ! حدثني ماسمعت من أبيك في الفراء، فقال : حدثني أبي قال : كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه رجل، فقال : يارسول الله ! أنصلي في الفراء ؟ قال : (( فأين الدبغ ؟ )) قال ثابت : فلما ولى قلت : من هذا ؟ قالوا : سويد بن غفلة(2).
__________
(1) كذا في الأصل ! ولم أجد راويًا بهذا الاسم، ولكن ذكر ابن ماكولا في "الإكمال" (4/207) من شيوخ الزُّجاجي :" أبا أحمد الفرضي"، واسمه : عبيدالله بن محمد بن أبي مسلم المقرئ كما في "توضيح المشتبه"(6/228).
(2) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(5/161 رقم24756)، والإمام أحمد في "المسند"(4/ 348)، والبيهقي في "سننه"(1/24) و(2/421)، ثلاثتهم من طريق عبيدالله، به.(1/271)
وروى عبدالغني(1) بن سعيد قال :" حدثنا حمزة بن محمد بن علي، ثنا أبوالحسن علي بن أحمد بن الحسين الكوفي، ثنا محمد بن العلاء، ثنا أبوأسامة، عن حماد بن السائب، ثنا إسحاق بن عبدالله بن الحارث، قال : قلت لابن عباس : الفراء تُصنع من جلود الميتة ؟ فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( ذكاة كل مسك دباغه )) ". قال عبدالغني :" قال [لنا](2) حمزة بن محمد لما أملى علينا هذا الحديث : لاأعلم أحدًا روى هذا الحديث عن حماد بن السائب غير أبي أسامة، وحماد هذا ثقة كوفي، وله حديث آخر عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبدالله في التشهد، رواه عنه أبوجُنادة حصين بن مخارق "(3). قال أبومحمد عبدالغني :" إلى هاهنا انتهى كلام حمزة. ثم قدم علينا أبوالحسن علي بن عمر- يعني الدارقطني - بعد ذلك بسنين، فسألته عن هذا الحديث، وعن هذا الرجل - حماد بن السائب -، فقال لي: الذي روى عنه أبوأسامة هو محمد بن السائب الكلبي، إلا أن أبا أسامة كان يسميه حمادًا ". قال عبدالغني :" فتبين لي أن حمزة قد وهم /من وجهين : أحدهما:أن جعل الرجلين واحدًا، والآخر: أن وثق من ليس بثقة ؛ لأن الكلبي عند العلماء غير ثقة ". قال عبدالغني:« ثم إني نظرت في كتاب "[الكنى] (4)" لأبي عبدالرحمن النسوي، فوجدته قد وهم فيه وهمًا أقبح من وهم حمزة بن محمد ؛ رأيته قد أخرج هذا الحديث عن أحمد بن علي، عن أبي معمر، عن أبي أسامة حماد بن السائب، وإنما هو عن حماد بن السائب، فأسقط قوله
__________
(1) في الأصل:"عبدالعزيز"،ثم صوِّبت بالهامش،وسيذكره المصنف بعد قليل على الصواب،وكذا جاء على الصواب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" الذي نقل عنه المصنف هذا الخبر.
(2) في الأصل :"حدثنا"، والتصويب من "الموضح".
(3) في "الموضح" :" حصن بن مخارق"، والصواب ماهنا كما في "الكنى" للحاكم (3/143 رقم1185)، وغيره من كتب الرجال.
(4) في الأصل :" المكنى"، والتصويب من "الموضح ".(1/272)
: [عن](1)، وخفي عليه أن الصواب : عن أبي أسامة حماد بن أسامة، وأن حماد ابن السائب هو الكلبي ». قال عبدالغني:« والدليل على صحة قول شيخنا أبي الحسن علي بن عمر : أن عيسى بن يونس رواه عن الكلبي - مصرحًا به، غير مُخفِيه -، عن إسحاق بن عبدالله بن الحارث قال : دخلت مع أبي على ابن عباس،[فسأله](2) عن الفراء فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( دباغ كل أديم ذكاته )). ". نقلته من خط أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب في تصنيفه الذي سماه بـ"الموضح أوهام الجمع والتفريق"(3)،قال:"حدثني العلاء بن
حزم الأندلسي، ثنا علي بن بقاء الوراق - بمصر -، ثنا عبدالغني بن سعيد ".
وروى أحمد بن منيع(4): ثنا هشيم، ثنا منصور، عن الحسن، ثنا [جَوْن](5) ابن قتادة [التميمي](6) قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، فمر بعض أصحابه بسقاء مُعلَّق، فأراد أن يشرب، فقال له صاحب السقاء : إنه جلد ميتة، فأمسك حتى لحقهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكروا ذلك له، فقال : (( اشربوا ؛ فإن دباغ الميتة طهورها )) .
ذكر حجة من قال : كل إهاب يَطْهُر بالدباغ
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(2) في الأصل :" فسألته"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) 2/357-359).
.
(4) ورواه عنه ابن ابنته : أبوالقاسم البغوي في كتابه الذي ألفه في الصحابة كما في "الإصابة" (2/142 رقم1349). قال الحافظ ابن حجر عقب ذكره للحديث :" قال البغوي : هكذا حدث به هشيم لم يجاوز به جون بن قتادة، وليست لجون صحبة. وقال ابن منده: وهم فيه هشيم، وليست لجون صحبة ولا رؤية. قال : وقد رواه قتادة، عن الحسن، عن جون، عن سلمة بن الْمُحَبِّق..." الخ كلامه.
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الإصابة".
(6) في الأصل :"التيمي"، والتصويب من المرجع السابق.(1/273)
روى مالك(1) عن زيد بن أسلم، عن [ابن](2) وَعلة المصري، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( أيما إهاب دبغ فقد طهر )). أخرجوه(3) إلا البخاري من حديث سفيان عن زيدٍ، ومسلمٌ، والترمذيُّ من
حديث عبدالعزيز بن محمد(4)، ومسلم(5) وحده من حديث سليمان بن بلال، والنسائي(6) وحده من حديث جعفر بن ربيعة بلفظ فيه قصة.
وروى الدارقطني(7) من جهة فليح بن سليمان، عن زيد بسنده، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( دباغ كل إهاب طهوره )) .
ورواه الدارقطني(8) من جهة عبدالعزيز الدراوردي، عن زيد بسنده بلفظ: (( إذا دبغ الإهاب فقد طهر )) . وقد خرجناه بهذا اللفظ في الفصل قبله(9).
__________
(1) في "الموطأ" (2/498 رقم17) كتاب الصيد، باب ماجاء في جلود الميتة.
(2) في الأصل :" أبي"، والتصويب من "الموطأ".
(3) أخرجه مسلم في"صحيحه"(1/278 رقم366/بعد رقم105)كتاب الحيض،باب طهارة=
= جلود الميتة بالدباغ، وأبوداود في "سننه" (4/367-368 رقم4123) كتاب اللباس، باب في أُهب الميتة، وابن ماجه في "سننه" (2/1193 رقم3609 ) كتاب اللباس، باب لبس جلود الميتة إذا دبغت، والترمذي في "سننه" (4/193 رقم 1728) كتاب اللباس، باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت، والنسائي في "سننه" (7/173 رقم 4241) كتاب الفرع والعتيرة، باب جلود الميتة.
(4) أي عن زيد، وروايته في الموضعين السابقين من "صحيح مسلم" و"سنن الترمذي".
(5) في الموضع السابق برقم (366/105).
(6) في الموضع السابق برقم (4242).
(7) في "سننه" (1/46 رقم16).
(8) في الموضع السابق برقم (17).
(9) ساقه المصنِّف (ص 303) بسنده من طريق الإمام مالك في "الموطأ".(1/274)
وقد روى الحافظ أبوبكر البزار حديث ابن وعلة من رواية حماد بن زيد، عن سفيان الثوري، عن زيد بن أسلم، عن ابن وعلة، عن ابن عباس قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( أيما إهاب دبغ فقد طهر )) .
قال البزار :« وهذا الحديث معروف من حديث سفيان، وإنما ذكرناه عن حماد بن زيد لأنه قال فيه :" سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ". وهذا الحديث قد رواه عن ابن وعلة زيد بن أسلم، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والقعقاع بن حكيم.
فأما حديث يحيى بن سعيد، فحدثنا الحسين بن علي بن جعفر الأحمر، ثنا أبوغسان، عن جعفر الأحمر، عن يحيى بن سعيد، عن ابن وعلة، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوٍ من حديث زيد بن أسلم.
[ل35/ب]
وأما حديث القعقاع بن حكيم، فحدثنا محمد بن الوليد القرشي، ثنا يعلى بن عبيد، عن محمد [بن](1) إسحاق، عن القعقاع بن حكيم، عن عبدالرحمن بن وعلة، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( أيما إهاب /دبغ فقد طهر ))". قال البزار: "وإنما ذكرنا من ذكرنا أنه روى عن ابن وعلة، لئلا يقول قائل: إن ابن وعلة رجل مجهول، فأردنا أن نعلم أنه قد روى عنه زيد بن أسلم، ويحيى بن سعيد، والقعقاع بن حكيم ».
قلت : وقد جاء السماع لابن عباس هذا الحديث في رواية أبي الخير، عن ابن [وعلة](2)، وقد تقدم.
وروى الدارقطني(3) من حديث إبراهيم بن طهمان، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أيما إهاب دبغ فقد طهر )) . قال :" إسناد حسن ".
وروى(4) أيضًا بسنده عن إبراهيم بن الهيثم، عن علي بن عياش، ثنا
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(2) في الأصل :"علية"، والتصويب مما تقدم (ص 303 ).
(3) في "سننه" (1/48 رقم24).
(4) أي الدارقطني، وهو في "سننه" (1/49 رقم27).(1/275)
محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( طهور كل أديم دباغه ))(1). قال :" إسناد حسن، كلهم ثقات".
ورواه البيهقي(2) أيضًا من جهة إبراهيم بن الهيثم هذا بسنده، وقال : "[رواته](3) كلهم ثقات".
ذكر ماروي أن الدباغ ذكاة
روى الزبيدي، عن الزهري، عن عبيدالله، عن ابن عباس مرفوعًا في حديثه : قالوا : يارسول الله ! إنها ميتة ! قال : (( إن دباغها ذكاتها )) . أخرجه الدارقطني(4). وفي رواية(5) : (( إن دباغه ذكاته ))(6).
ذكر مايدبغ به
روى ابن وهب عن [عمرو](7)بن الحارث والليث بن سعد، عن كثير بن
فرقد، أن عبدالله بن مالك بن حُذَافة حدثه، عن العالية بنت سُبيع، أن ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثتها : أنه مرَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لو أخذتم إهابها ))، فقالوا له: إنها ميتة ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يطهرها الماء والقرظ )) . أخرجه النسائي(8)، وأبوداود(9)، ثم الدارقطني(10).
__________
(1) علق عليه بهامش الأصل بما نصه:" قد يؤخذ منه عدم وجوب استعمال الماء بعد الدباغ".
(2) في "سننه الكبرى" (1/21)، لكنه قال :" طهور كل إهاب ".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من "سنن البيهقي".
(4) في "سننه" (1/42 رقم4).
(5) في الموضع السابق.
(6) علق عليه بهامش الأصل بما نصه :" قد يؤخذ أن الدباغ يطهر الباطن والظاهر كالذكاة".
(7) في الأصل :" عمر "، والتصويب من مصادر التخريج.
.
(8) في"سننه" (7/174-175رقم4248) كتاب الفرع والعتيرة، باب ما يدبغ به جلود الميتة.
(9) في "سننه" (4/369-370 رقم4126) كتاب اللباس، باب في أُهب الميتة.
(10) في "سننه" (1/45 رقم11).(1/276)
وروى الدارقطني(1) من جهة عمرو بن الربيع بن طارق، عن يحيى بن أيوب، عن يونس وعقيل، عن الزهري، عن عبيدالله، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بشاة ميتة، فقال : (( هلا انتفعتم بإهابها ؟ )) قالوا : يارسول الله! إنها ميتة! فقال : (( إنما حرم أكلها )).زاد[عقيل](2): (([أوليس](3) في الدباغ والماء مايطهرها ؟ )) وقال ابن هانئ(4): (( أوليس في الماء والقرظ مايطهرها ؟ )).
ورواه(5) عن أبي محمد ابن صاعد،عن محمد بن إٍسحاق، عن عمرو بن الربيع ابن طارق بهذا الإسناد مثله، وقال :" وزاد عُقيل في حديثه : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أليس في الماءِ والقرظِ مايطهرها والدِّباغ ؟ )) " ينبغي أن يكون
مصدرًا(6).
وروى الدارقطني(7) أيضًا من حديث عمر بن ذر، عن معاذة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( استمتعوا بجلود الميتة إذا هي دبغت، ترابًا كان، [أو](8) رمادًا، أو ملحًا، أو ماكان بعد أن يريد صلاحه )) . أخرجه من حديث معروف بن حسان، عن [عمر](9) بن ذر.
[ل36/أ]
__________
(1) في "سننه" (1/41-42 رقم1).
(2) في الأصل :" ابن عقيل"، وقد مر آنفًا - وسيأتي - على الصواب.
(3) في الأصل :"وليس"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(4) هو أحد الرواة لهذا الحديث عن عمرو بن الربيع.
(5) أي الدارقطني في "سننه" (1/42 رقم2).
(6) كذا جاء في الأصل ! وفي ظني أن في الكلام سقطًا، صوابه :" والدباغ ينبغي أن يكون مصدرًا"، ويدل عليه: أن "دباغًا" مصدر لـ:" دَبَغ " كما في "لسان العرب" (8/424).
(7) في "سننه" (1/49 رقم29).
(8) في الأصل :"أم"، والمثبت من "سنن الدارقطني".
(9) في الأصل :" عمرو"، والتصويب من "سنن الدارقطني"، وقد مر على الصواب.(1/277)
وروى الطبراني في "المعجم الأوسط"(1) من معاجمه من حديث عُفير بن معدان، عن سُليم بن عامر، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج في بعض مغازيه، فمرَّ بأهل أبيات من العرب، فأرسل إليهم : هل من ماء لوضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقالوا: ماعندنا ماء إلا في /إهاب ميتة دبغناه بلبن، فأرسل إليهم : (( إنَّ دباغه طهوره ))، فأتي به، فتوضأ، ثم صلى. رواه عن أحمد بن عبدالرحمن - هو ابن عِقال -، عن أبي جعفر النفيلي، وقال : " لم يرو هذا الحديث عن سُليم بن عامر إلا عفير "(2).
ذكر حديث ابن عُكَيم في المنع من الانتفاع بإهاب الميتة وعَصبِها
قرأت على الفقيه المفتي أبي الحسن علي بن هبة الله الشافعي، أن أبا محمد عبدالله بن بَري بن عبدالجبار أخبرهم، أنا مرشد بن يحيى، أنا محمد بن الحسين، أنا محمد بن عبدالله، ثنا أحمد بن شعيب النسائي، أنا إسماعيل بن مسعود، ثنا بشر - وهو ابن مفضل-، ثنا شعبة، عن الحكم،عن ابن أبي ليلى، عن عبدالله بن عُكيم قال : قرئ علينا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أن لاتنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب )) . لفظ رواية النسائي(3).
__________
(1) 2/8 رقم1052)، وكذا في "المعجم الكبير" (8/169 رقم7711).
(2) قول الطبراني هذا لم أقف عليه في "المعجم الأوسط" ولا "مجمع البحرين" (1/305 رقم367) في الكلام عن هذا الحديث، ولكن في "المعجم الأوسط" (2/21 رقم1099) في كلامه عن حديثٍ يتعلق بالمسح على الخفين من نفس الطريق قال :" لم يرو هذا الحديث عن سُليْم إلا عفير، تفرّد به النفيلي ".
(3) في "سننه" (7/175 رقم4249) كتاب الفرع والعتيرة، باب ما يدبغ به جلود الميتة.(1/278)
وفي رواية منصور(1)،عن الحكم،عن عبدالرحمن بن أبي ليلى،عن عبدالله بن عُكيم:كتب إلينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : ((أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب )).
ورواه شريك(2) عن هلال الوزان، عن عبدالله بن عُكيم قال:كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جهينة... الحديث.
والذي يُعْتَلّ به في هذا الحديث : الاختلاف. فروي عن عبدالرحمن، عن الحكم، عن عبدالله بن عُكيم(3)[قال : قُرئ علينا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ))(4).
[ورواه](5) الطبراني(6) من حديث أبي عمر الضرير، ثنا أبو شيبة إبراهيم
[ابن](7) عثمان، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن عبدالله بن عكيم قال : أتانا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أرض جهينة قبل وفاته بشهرين : ((أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب )). رواه عن أبي مسلم، عن أبي عمر، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن أبي شيبة إلا أبوعمر الضرير ".
و"أبوشيبة" تكلموا فيه، وقيل فيه :" متروك "(8).
__________
(1) عند النسائي في الموضع السابق برقم (4250).
(2) عند النسائي في الموضع السابق برقم (4251).
(3) كذافي الأصل! ونقله ابن الملقِّن في"البدر"(2/400)عن المصنف بإسقاط قوله"عن الحكم".
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "البدر المنير" نقلاً عن المصنِّف.
(5) في الأصل :"فرواه"، والتصويب من "البدر المنير".
(6) في "المعجم الأوسط" (3/40 رقم2407).
(7) في الأصل :"عن "، والتصويب من "المعجم الأوسط"، وانظر"تهذيب الكمال" (2/147).
(8) قاله النسائي في "الضعفاء والمتروكين" (ص42 رقم11).(1/279)
وروى أبوداود(1) من جهة خالد، عن الحكم، عن عبدالرحمن(2): أنه انطلق هو وناس إلى عبدالله بن عكيم، قال: فدخلوا، وقعدت على الباب، فخرجوا إليّ، فأخبروني أن عبدالله بن عكيم أخبرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى جهينة قبل موته بشهر : (( أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب )) . ففي هذه الرواية أنه سمعه من الناس الداخلين عليه، عنه، وهم مجهولون.
[....](3) أبوطاهر السِّلفي، أنا الشيخ أبوالحسن علي بن الحسين السلمي -بدمشق-،ثنا أبوالحسين محمدبن عبدالرحمن بن أبي نصر التميمي،أنا القاضي أبوبكر يوسف بن القاسم بن يوسف الميانجي،أنا أبوالعباس السراج،ثنا محمد بن بكار بن الريان، ثنا عدي بن الفضل، عن محمد بن عبدالعزيز،عن نافع،عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تنتفعوا من الميتة بشيء )) .
ذكر مااستُدِلَّ به على تأخر حديث ابن عُكيم بالنهي عن الإباحة
روى البخاري(4) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن سودة زوج
[ل36/ب]
__________
(1) في "سننه" (4/371 رقم4128) كتاب اللباس، باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة.
(2) قوله:"عن عبدالرحمن" ليس في "سنن أبي داود"، ولا في "تحفة الأشراف"(5/317)،ولكن هكذا وقع في الأصل،وكذا نقله الزيلعي في"نصب الراية"(1/121)عن المصنف!والظاهرأنه أخذه عن"الاعتبار"للحازمي(ص176)؛فإنه أخرجه من طريق أبي داود بهذه الزيادة.
(3) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات، وهي بداية إسناد المصنف.
(4) في "صحيحه" (11/569 رقم6686) كتاب الأيمان والنذور، باب إذا حلف أن يشرب
نبيذًا فشرب طلاءً أو سكرًا أو عصيرًا لم يحنث... .(1/280)
النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : ماتت لنا شاة [فدبغنا](1) مَسْكها، ثم مازلنا [نَنْبِذُ](2) فيه حتى صار شنًّا. انفرد به البخاري(3)، وأخرجه النسائي(4). ورواه عبيدالله بن موسى، عن إسماعيل فقال:" عن ميمونة" بدل "سودة ". وأخرجه البيهقي(5). وتمسكهم بذلك من حيث : إن القربة / لا تصير شنًّا في شهر، أُورد عليه : أنه يجوز أن يكون الإسناد حتى صارت شنًّا بعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام، ويكون ابتداء الدبغ من حياته - صلى الله عليه وسلم -.
وجوابه : في الحديث الذي يأتي بعده:"حتى تخرقت عنده "، فقيل عليه: لايلزم من تخرقها عنده أن يكون لطول الزمان.
وأجيب : بأن الحديث واحد، فتبين بالاحتزار تلك القصة، وبقاؤه حتى تخرق عند الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتبين بالرواية الأولى أن التخرق لطول الزمان، وهو
قوله:"حتى صارت شنًّا ".
و"المسك"- بفتح الميم-: الجلد، و"الشَّنّ": البالي.
__________
(1) في الأصل :" فدبغت"، والمثبت من "صحيح البخاري"، و "سنن النسائي".
(2) في الأصل :" ننتبذ"، والمثبت من المرجعين السابقين.
(3) في الأصل :" مسلم"، وصوب بالهامش.
(4) في "سننه" (7/173 رقم4240) كتاب الفرع والعتيرة، باب جلود الميتة.
وكلاهما - البخاري والنسائي - رواه عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن عكرمة، عن ابن عباس.
(5) في "السنن الكبرى" (1/18).(1/281)
ورواه أبويعلى الموصلي صاحب " المسند"(1) أتم منه من جهة أبي عوانة، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال : ماتت شاة لسودة بنت زمعة، فدخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت : يارسول الله! ماتت فلانة -[تعني](2) الشاة -، قال : (( أفلا أخذتم مسكها ؟ )) قالوا : يارسول الله! نأخذ مَسك شاة قد ماتت !! فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إني { لا أجد فيما أوحي إليّ محرمًا على طاعم يطعمه }- إلى آخر الآية -، وإنكم لا تطعمونه؛ تسلخونه، ثم تدبغونه، ثم تنتفعون به )) فأرسلت إليها، فسلخت مَسكها، فدبغته، واتخذت منه قربة حتى تخرقت عنده.
ورواه أحمد بن عبيد الصفار صاحب "المسند"(3) أيضًا من حديث جماعة عن أبي عوانة، منهم مسدد(4)، وقد تقدم ذكر سماك بن حرب(5).
وروى الطبراني(6) من حديث هشيم، أنا إسماعيل بن أبي خالد، ثنا الشعبي، ثنا عكرمة، عن ابن عباس : أن شاة لميمونة ماتت، فدبغنا جلدها، فكنا ننتبذ فيها حتى صار شنًّا باليًا. ورواه عن أبي مسلم، عن سهل بن
بكار، عن هشيم، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن إسماعيل إلا هشيم ".
قلت : هشيم فمن فوقه من رجال الصحيح(7).
__________
(1) في "مسنده"(4/222 و251 رقم2334 و2364).
(2) في الأصل :"يعني"، والمثبت من "مسند أبي يعلى".
(3) ومن طريقه أخرجه البيهقي في "السنن" (1/18).
(4) أخرجه الصفار من طريق سليمان بن حرب، ومسدد، والعباس النرسي، ثلاثتهم عن أبي عوانة، عن سماك بن حرب، به.
(5) انظر (ص 135).
(6) في "المعجم الأوسط" (3/40 رقم2408).
(7) بهامش الأصل تعليق على هذا الموضع، ونصه :" وسهل أيضًا من رجال الصحيح"، وهو كذلك كما في "التقريب" (2666).(1/282)
وعن قتادة، عن الحسن، عن جَوْن بن قتادة، عن سلمة بن الْمُحَبَّق(1): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك دعا بماء من عند امرأة، قالت : ماعندي إلا ماء في قربة لي ميتة، فقال: (( أليس قد دبغتها ؟ )). قالت: بلى، قال : (( فإن دباغها ذكاتها )) . لفظ النسائي(2). وأخرجه أبوداود(3)، ثم البيهقي(4) من جهته، وقال: " هكذا رواه شعبة بن الحجاج، وهشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة - في أصح الروايتين عنه -، عن قتادة موصولاً ".
وموضع حجتهم منه : أنه قال :" في غزاة تبوك "، وهي قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأكثر من شهر. وعلل الأثرم هذه الرواية فيما وجدته في "ناسخه ومنسوخه "، وحكى أنه سمع أبا عبدالله أحمد بن حنبل يقول :" لا أدري من هو الجون بن قتادة ".
و"الجون": بفتح الجيم، وسكون الواو. و"الْمُحَبَّق": بضم الميم، وفتح الحاء المهملة، وتشديد الباء الموحدة المفتوحة.
[ل37/أ]
وروى [أبو](5) أحمد ابن عدي(6) من حديث يحيى بن أيوب، عن أبي سعيد البصري - وهو شبيب بن سعيد-، عن شعبة، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن ابن عُكيم قال : جاءنا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بأرض جهينة : (( إني كنت أرخصت(7) لكم في إهاب الميتة وعصبها، فلاتنتفعوا بعصب ولا إهاب )).
__________
(1) كذا ضبطت في الأصل - بفتح الباء المشددة -، وكذا ضبطه المصنف لفظًا كما سيأتي، وهكذا يرويه أهل الحديث، واعتبره أهل اللغة تصحيفًا، وقالوا : صوابه : بكسر الباء. انظر "الإصابة" (4/234)، و"تهذيب التهذيب" (2/78).
(2) في "سننه" (7/173 -174 رقم4243) كتاب الفرع والعتيرة، باب جلود الميتة.
(3) في "سننه" (4/368 -369 رقم4125) كتاب اللباس، باب في أُهب الميتة.
(4) في "السنن الكبرى" (1/17).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل .
(6) في "الكامل" (4/31 ).
(7) كذا في الأصل، وفي "الكامل" المطبوع :"رخّصت".(1/283)
وذكر ابن عدي(1) عن علي بن المديني أنه قال في شبيب بن سعيد :" ثقة، كان من أصحاب يونس، كان يختلف في تجارة إلى مصر، وكتابه كتاب صحيح". قال علي:" وقد كتبتها(2)/عن ابنه أحمد بن شبيب". وقال ابن عدي في أول الترجمة:"حدَّث عنه ابن وهب بالمناكير. وحدث شبيب عن يونس، عن الزهري نسخة أحاديث [مستقيمة](3)". وقال في آخر الترجمة:" وكأن شبيبًا(4) إذا روى عنه أحمد بن شبيب نسخة يونس، عن الزهري - إذ هي أحاديث مستقيمة -، ليس هو شبيب بن سعيد الذي يحدث عنه ابن وهب بالمناكير الذي يرويها عنه. ولعل شبيبًا(5) بمصر في تجارته إليها، فكتب(6) عنه
ابن وهب من حفظه فيغلط ويَهم، وأرجو أن لا يتعمد شبيب هذا الكذب".
قلت : لقائل يقول : إذا ثبت توثيقه بقول علي بن المديني، فلْتُعَدّ هذه تفرداتِ ثقةٍ.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا الطبراني في "المعجم الأوسط"(7) من حديث فضالة بن المفضل بن فضالة، عن أبيه، عن يحيى بن أيوب بسنده، وفيه : قال : كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في أرض جهينة : (( إني كنت رخّصت لكم في جلود الميتة، فلاتنتفعوا من الميتة بجلد ولا عصب )) . وقال :" لم يروه عن أبي سعيد إلا يحيى، تفرد به فضالة، عن أبيه ".
فصل في أواني الكُفَّارِ
__________
(1) في "الكامل" (4/30 ).
(2) كذا في الأصل، ومخطوط "الكامل " (ل469/ ب )، وفي "الكامل" المطبوع :"كتبها".
(3) في الأصل :" سقيمة"، والتصويب من "الكامل"، وسيذكرها المصنف على الصواب.
(4) في "الكامل" :"وكان شبيب".
(5) في "الكامل" :" ولعل شبيب ".
(6) في "الكامل" :" كتب ".
(7) 1/39 رقم104).(1/284)
روى البخاري(1) من حديث أبي إدريس الخولاني قال : حدثني أبوثعلبة الخشني، قال:أتيت النبي- صلى الله عليه وسلم -، فقلت:يارسول الله! إنا بأرض أهل الكتاب،فنأكل في آنيتهم، وبأرض صيد، أصيدُ بقوسي، وأصيد بكلبي المعلَّم، وبكلبي الذي ليس بمعلَّم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( أما ماذكرت : أنكم بأرض أهل الكتاب، فلا تأكلوا في آنيتهم، إلا أن لا تجدوا بُدًّا،[فإن لم تجدوا بُدًّا ](2) فاغسلوا(3) وكلوا، وأما ماذكرت، أنكم بأرض صيد، فماصدت بقوسك فاذكر اسم الله وكل، وماصدت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله وكل، وماصدت بكلبك الذي ليس بمعلم، فأدركت ذكاته فكله )) . ورواه عن أبي عاصم، عن حيوة بن شريح، عن ربيعة بن يزيد، عنه. قال ابن منده : "وحديث ربيعة بن يزيد مشهور صحيح عند أهل الشام من رواية أبي إدريس الخولاني ". انتهى.
ورواه خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن أبي ثعلبة (4).
__________
(1) في "صحيحه" (9/622 رقم5496) في الذبائح والصيد، باب آنية المجوس والميتة.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "صحيح البخاري".
(3) في "صحيح البخاري" :" فاغسلوها "، وانظر "النسخة اليونينية" (7/117).
(4) وهذه الرواية أخرجها الحاكم في "المستدرك" (1/144)، ومن طريقه البيهقي في "السنن" (1/33).(1/285)
قال ابن منده :" أخرجه مسلم(1)، وهو صحيح على رسم الجماعة، وهذا إسناد صحيح. ورواه شعبة، عن أيوب، وغير واحد، عن حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة. لم يذكروا أبا أسماء في الإسناد"(2). انتهى.
__________
(1) صنيع المصنف مع قول ابن منده هذا يوهم أن مسلمًا أخرج رواية خالد الحذاء عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن أبي ثعلبة، وليس كذلك، فإن مسلمًا لم يخرج هذه الرواية، ولذلك استدركها الحاكم. وإنما أخرج مسلم - في "صحيحه"(3/1532 رقم1930) في كتاب الصيد والذبائح، باب الصيد بالكلاب المعلمة - رواية أبي إدريس السابقة التي أخرجها البخاري. وانظر "تحفة الأشراف" (9/135 و136 رقم11875 و11880).
(2) وكذا ذكر الحاكم والبيهقي، وأخرج الحاكم رواية أبي قلابة عن أبي ثعلبة، وصححها على شرط الشيخين بحجة أن أبا قلابة سمع من أبي ثعلبة.(1/286)
وسئل الدارقطني(1) عن حديث أبي أسماء الرحبي، عن أبي ثعلبة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصيد بالكلب المعلم، وفيه : استعمال آنية أهل الكتاب، فقال : "يرويه أبوقلابة، واختلف عنه ؛ فرواه أيوب السختياني، وخالد الحذاء، عن أبي قلابة،[واختلف عنهما، فرواه حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة](2)، عن أبي أسماء، عن أبي ثعلبة. وخالفه ابن جريج، ومعمر، وشعبة، وحماد بن زيد، وعبدالوهاب الثقفي، وابن عيينة، فرووه عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة، لم يذكروا [فيه](1) أبا أسماء. [ورواه](3) الحسن بن بلال عن حماد بن سلمة، عن أيوب وقتادة، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن أبي ثعلبة. ورواه خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن أبي ثعلبة، قال /ذلك هشيم عن خالد. وخالفه الثوري، فرواه عن خالد، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة. ورواه أبوقحذم(4) النضر بن معبد، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أبي ثعلبة، ولايصح أبوالأشعث، والقول قول من أرسله عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة. ورواه أبوحنيفة، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة ". انتهى.
[ل37/ب]
وروى البزار من حديث عبدالوهاب، عن بُرد،عن سليمان بن موسى،عن عطاء،عن جابر بن عبدالله قال:كنا نصيب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسقية والآنية، فنغسلها ونأكل فيها -يعني آنية المشركين-.رواه عن محمد بن المثنى، عنه(5).
__________
(1) في "العلل" (6/321 -322 رقم 1167).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "العلل".
(3) في الأصل :"ورواية"، والتصويب من "العلل".
(4) في "العلل" :"قحزم" وهو خطأ.
(5) وقد أخرجه أبوداود في "سننه" (4/177 رقم3838) في الأطعمة، باب الأكل في آنية أهل الكتاب، والبيهقي في "السنن" (1/32)، من طريق عبدالأعلى وإسماعيل، كلاهما عن برد بن سنان، عن عطاء، به، ليس فيه ذكر لسليمان بن موسى، وسيورده المصنف قريبًا (ص327).(1/287)
و"سليمان بن موسى": قد وُثِّق وأُثني عليه. و" بُرد بن سنان" أبو العلاء:
شامي سكن البصرة، ووثقه يحيى بن معين في رواية الكوسج(1).وقال أحمد(1): " صالح الحديث ". وقال أبوحاتم(1):" كان صدوقًا قدريًّا ". وباقي الرجال لا تسأل عنهم.
وروى إبراهيم بن يزيد الخُوزي - بضم الخاء المعجمة، وبالزاي المعجمة-، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها قالت:كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتقي أن يشرب في الإناء للنصارى(2). أخرجه البيهقي(3)، وذكر عن أبي عبدالله - هو شيخه الحافظ الحاكم-: أنه "تفرد به إبراهيم بن يزيد الخوزي، عن ابن أبي مليكة ". قال البيهقي :" وإبراهيم الخوزي لايحتج به"(4).
ذكر الوضوء من الماء في أوانيهم
__________
(1) كما في "الجرح والتعديل"(2/422 رقم1675).
(2) في بعض نسخ"سنن البيهقي":"للنصراني".ولكن البيهقي أخرجه في"المصنف"(9/224)، وعنده:"في الإناء الضاري". قال في النهاية"(3/87):"وهو الذي ضُرِّي بالخمر وعُوِّد بها ".
(3) في "سننه" (1/32).
(4) بل هو متروك الحديث كما في "التقريب" (ص118 رقم274).(1/288)
عن عمران بن حصين قال : كنا في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنا أسرينا حتى إذا كنا في آخر الليل وقعنا وقعة...، فذكر الحديث، وفيه : فارتحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسار غير بعيد، ثم نزل، فدعا بالوضوء فتوضأ، ونودي بالصلاة، فصلى بالناس. فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصلِّ مع القوم، فقال : (( مامنعك يافلان أن تصلي مع القوم ؟ )) قال : أصابتني جنابة ولاماء، قال: (( عليك بالصعيد، فإنه يكفيك )) . ثم سار النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاشتكى إليه الناس العطش، فنزل فدعا فلانًا - كان يسميه أبو رجاء، نَسِيَهُ عوف(1)-، ودعا عليًّا، فقال : (( اذهبا ابغيا(2) الماء ))، فانطلقا فتلقيا امرأة بين مزادتين - أو سطيحتين - من ماء على بعير لها، فقالا لها : [أين الماء؟ قالت : عهدي بالماء أمس هذه الساعة، وَنَفَرُنا خلوفًا(3). قالا لها :](4) انطلقي إذًا، قالت: إلى أين؟ قالا(5): إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت : الذي يقال له : الصابئ ؟ قالا(5): هو الذي تعنين، فانطلقي، فجاءا [بها](6) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحدثاه الحديث، قال : [فاستنزلوها](7) عن
__________
(1) عوف هو الأعرابي، وهو الراوي لهذا الحديث عن أبي رجاء العطاردي - واسمه : عمران ابن مِلْحان -، وأبو رجاء يرويه عن عمران بن حصين t.
(2) كذا في الأصل، ولم يذكر اللفظ هكذا في "النسخة اليونينية" (1/94)، وإنما ذكر أن في بعض النسخ :" فابتغيا "، وفي بعضها :" فابغيا ".
(3) كذا في الأصل، وكذا في بعض نسخ البخاري، وكتب فوقها في النسخة اليونينية" : "صحـ "، وأشار في الهامش إلى أن في بعض النسخ :" خلوف ".
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الصحيح".
(5) في الأصل :"قالوا"، والتصويب من " الصحيح".
(6) مابين المعكوفين ليس في من الأصل، فأثبته من "الصحيح".
(7) في الأصل :"فاستنزلها"، والتصويب من "الصحيح".(1/289)
بعيرها، ودعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بإناء، فأفرغ فيه [من أفواه المزادتين- أو السطيحتين -، وأوكأ أفواههما، وأطلق العزالي](1)، ونودي في الناس : اسقوا واستقوا، فسقى من سقى، واستقى من شاء، وكان آخر ذلك : أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من [ماء](2)، فقال : (( اذهب فأفرغه
عليك ))...، وذكر باقي الحديث. متفق عليه(3).
وروى برد، عن عطاء، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : كنا نغزوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم، فنستمتع بها، فلا يعاب علينا(4).
[ل38/أ]
و"المزادة": قيل : هي التي يسميها الناس : الراوية، وإنما الراوية : الجمل الذي يستقى عليه، وهذه هي المزادة، والسطيحة بعدها. و"العزالي": جمع العزلاء، وهي : فم المزادة.
وقد صح أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - / الشاة التي سمته اليهود فيها(5).
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الصحيح".
(2) في الأصل :" ذلك "، والمثبت من "الصحيح".
.
(3) أخرجه البخاري (1/447-448 رقم344) كتاب التيمم، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء، ومسلم (1/474 رقم682) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها.
(4) أخرجه أبوداود (4/177 رقم3838) في الأطعمة، باب الأكل في آنية أهل الكتاب، وسبق أن خرجه المصنف (ص324) من البزار بزيادة في سنده، فانظر التعليق عليه إن شئت. ووقع في هذه النسخة لأبي داود :" فلا يعيب ذلك عليهم"، وذكر الحافظ في "الفتح" (9/623) أن لفظ رواية أبي داود :" فلا يعيب ذلك علينا "، وكذا ذكره ابن الأثير في "جامع الأصول" (1/387 رقم 180) عن أبي داود.
(5) أخرجه البخاري (5/230 رقم2617) كتاب الهبة، باب قبول الهدية من المشركين، ومسلم (4/1721 رقم2190) كتاب السلام، باب السم.(1/290)
وفي حديث أنس(1): أن يهوديًا دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خبز شعير وإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، فأجابه.
وروى الشافعي(2) عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن أبيه : أن عمر - رضي الله عنه - توضأ من ماء نصرانية في جرة [نصرانية](3).
وفيه انقطاع بين سفيان وزيد بن أسلم ؛ فقد رواه الدارقطني(4) عن الحسين بن إسماعيل، عن أحمد بن إبراهيم البوشنجي، عن سفيان بن عيينة قال : حدثونا عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال : لما كنا بالشام أتيت عمر بن الخطاب بماء، فتوضأ منه، فقال : من أين جئت بهذا الماء ؟ مارأيت ماءً عذبًا، ولاماء سماء أطيب منه!! قلت : جئت به من بيت هذه [العجوز](5) النصرانية، فلما توضأ أتاها، فقال : أيتها العجوز! أسلمي تسلمي؛ بعث الله بالحق محمدًا(6)، فكشفت عن رأسها، فإذا مثل الثغامة، فقالت : عجوز كبيرة، وأنا(7) أموت الآن. فقال عمر : اللهم ! اشهد.
و"الثغامة"- بالثاء المثلثة، ثم الغين المعجمة-: نبت أبيض الشجر والزهر، يُشَبَّهُ بياض الشيب به. [وقيل](8): هي شجرة تبيض مثل الثلج.
__________
(1) هو بهذا السياق في "مسند" الإمام أحمد" (3/210-211 و270) من طريق أبان، عن قتادة، عن أنس. وأصله في "صحيح البخاري" (4/302 رقم 2069) كتاب البيوع، باب شراء النبي r بالنسيئة ؛ من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أنس t : =
= أنه مشى إلى النبي r بخبز شعير، وإهالة سنخة...، الحديث.
(2) في "الأم" (1/8)، وعنه البيهقي في "السنن الكبرى" (1/32)، و "معرفة السنن والآثار" (1/252 رقم564).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من مصادر التخريج السابقة.
(4) في "سننه" (1/32 رقم1).
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن الدارقطني".
(6) في "سنن الدارقطني" :" بعث الله محمدًا r بالحق ".
(7) كذا في الأصل، وفي "سنن الدارقطني" :" وإنما ".
(8) في الأصل :" فقيل ".
.(1/291)
فصل في تخمير الآنية وذكر اسم الله تعالى عند تخميرها
روى البخاري(1) رحمه الله تعالى من حديث ابن جريج قال : أخبرني عطاء : أنه سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إذا كان جنح الليل - أو أمسيتم -، فكفُّوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم(2)، وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله، فإن الشياطين لاتفتح(3) بابًا مغلقًا، وأوكئوا قربكم، واذكروا اسم الله، وخمِّروا أوانيكم(4)، واذكروا اسم الله، ولو أن تعرضوا عليها شيئًا، وأطفئوا مصابيحكم )).
ومن حديث همام(5)، عن عطاء، عن جابر - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( أطفئوا المصابيح إذا رقدتم، وأغلقوا الأبواب، وأوكئوا الأسقية، وخمروا الطعام والشراب )) ، وأحسبه قال : (( ولو بعود يعرض عليه(6) )).
والمشهور :" أطفأت النار " بالهمز، وعاب ابن قتيبة على العامة ترك الهمز في موضع، ثم أجاز :"أطفات"، و" أطفيت"، وحكى أن العرب تترك
الهمز في كل مهموز، إلا أن تكون الهمزة مبدوءًا بها.
__________
(1) في "صحيحه" (10/88 رقم5623) كتاب الأشربة، باب تغطية الإناء.
(2) كذا في الأصل بالخاء المعجمة، وقد وردت في بعض نسخ "الصحيح" بالحاء المهملة، كما في "النسخة اليونينية" (7/145)، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (6/341) :« قوله : "فخلوهم" كذا للأكثر بفتح الخاء المعجمة، وللسرخسي بضم الحاء المهملة ».ا هـ.
(3) وفي بعض النسخ -كما في الموضع السابق من "اليونينية"-:" فإن الشيطان لا يفتح".
(4) كذا في الأصل، وفي الموضع السابق من "صحيح البخاري" :" آنيتكم ".
(5) أخرجه البخاري في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (5624).
(6) كذا في الأصل، وفي المرجع السابق :" تعرضه عليه ".(1/292)
وروى أبوعبدالله ابن منده من حديث سعيد بن منصور، عن خالد بن عبدالله، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : أمرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بتغطية الوضوء، وإيكاء السقاء، وإكفاء الإناء -يعني بالليل-. قال :" وهذا إسناد مشهور عن خالد، وهو صحيح على رسم الجماعة - إلا البخاري ؛ لسهيل بن أبي صالح -".
قلت : وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه"(1) من حديث خالد.
قال ابن منده :« ورواه أبوالزبير عن جابر ، قال :" أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نغطي آنيتنا ". رواه عبدالملك بن جريج وغيره، وإسناده صحيح على رسم الجماعة - إلا البخاري ؛ لأبي الزبير -».
[ل38/ب]
وروى مسلم(2) من حديث أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنهما يقول : أخبرني أبوحميد الساعدي قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح لبن من النقيع ليس مُخَمَّرًا، فقال : (( ألا خَمَّرته، ولو تَعْرُضُ عليه عودًا ؟ )) . قال أبو حميد :" إنما أمر بالأسقية أن توكأ / ليلاً، وبالأبواب أن تغلق ليلاً ". انفرد به عن الجماعة.
و"النقيع" هنا : بالنون.
باب السواك وخصال الفطرة ومايتصل به
السِّواك - بكسر السين -: يراد به الفعل. وحُكي : العود الذي يُتسوَّكُ به. وهو مذكر، وقيل : وتؤنثه العرب أيضًا. ويقال من الفعل : سَاك فمه، يَسوك، سَوْكًا، واستاك، ولا يُذَكَّر هنا الفم. وقيل : إن السواك مأخوذ من ساك : إذا دلك. وقيل: من جاءت الإبل تُساوِك ؛ أي تمايل هزلاً. وجمع السواك - بمعنى العود-: سُوُك؛ ككتاب وكتب،[....](3) سُؤْك - بالهمز -.
__________
(1) 1/67 رقم128).
(2) في "صحيحه" (3/1593 رقم2010) كتاب الأشربة، باب في شرب النبيذ وتخمير الإناء.
.
(3) بياض في الأصل بمقدار كلمتين.(1/293)
عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب )) . أخرجه النسائي(1) من جهة يزيد بن زريع، عن عبدالرحمن بن أبي عتيق قال :[حدثني أبي قال](2): سمعت عائشة.
ومن هذا الوجه أخرجه أبوحاتم ابن حبان في "صحيحه "(3).
ورواه الشافعي(4) عن ابن عيينة، عن ابن إسحاق، عن ابن أبي عتيق، عن عائشة رضي الله عنها.
قال البيهقي(5):" ورواه محمد بن يحيى بن أبي عمر، عن ابن عيينة، عن مسعر، عن محمد بن إسحاق، عن عبدالله بن أبي عتيق، عن عائشة رضي الله عنها "، ثم أخرجه بسنده عن علي بن عبدالحميد الغضائري، عن ابن أبي عمر. هكذا ذكره البيهقي. ورأيته في "مسند ابن أبي عمر" كما رواه الشافعي عن ابن عيينة. ورواية البيهقي تشعر بأن ابن عيينة لم يسمعه من محمد بن إسحاق، وتعارضه رواية الحميدي(6)، فإن فيها : حدثنا سفيان، ثنا محمد بن إسحاق. أخرجها الحافظ أبوعمر في "التمهيد"(7)، وقال بعدها وبعد رواية إبراهيم بن إسماعيل:"وإن لم يكونا قويين، فهي فضيلة لاحكم(8)".انتهى.
و"عبدالرحمن بن أبي عتيق" المذكور في السند منسوب إلى جده، وهو عبدالرحمن بن عبدالله بن أبي عتيق محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، قال فيه أحمد(9):" لا أعلم إلا خيرًا ".
__________
(1) في "سننه" (1/10 رقم5) كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن النسائي"، و"صحيح ابن حبان".
(3) 3/348 رقم1067/ الإحسان).
(4) في "الأم" (1/23).
(5) في "سننه" (1/34).
(6) في "مسنده" (1/87 -88 رقم162).
(7) 18/301).
(8) كذا في الأصل، والذي في "التمهيد" :" وهذان الإسنادان حسنان، وإن لم يكونا بالقويين، فهي فضيلة لا حكم ".
(9) كما "الجرح والتعديل" (5/256 رقم1208).(1/294)
ولهذا الحديث طريق آخر من جهة سفيان بن حبيب، عن ابن جريج، عن عثمان بن أبي سليمان، عن عبيد بن عمير، عن عائشة رضي الله عنها
قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب )) . أخرجه أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(1) عن الحسن بن قزعة بن عبيد، عن سفيان.
و"سفيان" هو: أبومحمد- ويقال: أبومعاوية، ويقال: أبوحبيب- سفيان بن حبيب البزاز- بالزاي-، البصري، وثقه عمرو بن علي(2) وأبو حاتم الرازي(6). و"عثمان بن أبي سليمان" بن جبير بن مطعم، مكي، قال فيه أحمد ويحيى وأبوحاتم(3) :" ثقة "، وأخرج له مسلم(4). و"ابن جريج" و"عبيد بن عمير" متفق عليهما(5)، فالحديث جيد، ولهذا أخرجه الحاكم أبوعبدالله الحافظ في "المستدرك"(6)- فيما بلغني -. وكلام البخاري(7) أيضًا يُشعر بصحته عنده، فإنه قال:"وقالت عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب ))"، فأورده بصيغة الجزم بأن عائشة رضي الله عنها قالته.
[ل39/أ]
ومن حديث بقية، عن إسحاق بن مالك الألهاني، حدثني يحيى بن الحارث الذماري، عن القاسم بن أبي عبدالرحمن، عن أبي أمامة / قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب عز وجل )) . رواه أبوبكر ابن أبي داود، عن بقية(8).
__________
(1) 1/70 رقم135).
(2) كما "الجرح والتعديل" (4/228 -229 رقم979).
(3) وأقوال الثلاثة في "الجرح والتعديل" (6/152 رقم831).
(4) كما في "تقريب التهذيب" (ص633 رقم4508).
(5) كما في "التقريب" (ص624 و651رقم4221 و4416).
(6) لم أجده في المطبوع منه، لكن عزاه له أيضًا صاحب"كنز العمال"(9/310 رقم26156).
(7) في "صحيحه" تعليقًا (4/158) كتاب الصيام، باب سواك الرطب واليابس للصائم.
(8) ورواه الطبراني في "المعجم الكبير"(8/179 رقم7744) من طريق كثير بن عبيد،عن بقية، وفيه :" مطيبة " بدل "مطهرة ".(1/295)
وروى البزار في "مسنده"(1) من حديث عبدالله بن رشيد، ثنا الربيع بن بدر، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ". قال :" وهذا الحديث لا نعلم حدث به عن ابن جريج إلا الربيع بن بدر، ولم يك بالحافظ ".
فصل
قد ذكرنا فيما مضى قريبًا رواية مسعر، عن محمد بن إسحاق،عن عبدالله ابن أبي عتيق، عن عائشة رضي الله عنها. وهكذا رواه قيس بن الربيع، عن محمد بن إسحاق، عن عبدالله بن أبي عتيق، عن عائشة رضي الله عنها.
رواه أبو نعيم(2) عن أبي الهيثم أحمد بن محمد بن غوث، عن علي بن أحمد بن حاتم، عن جبارة بن المغلس، عن قيس.
ورواه الطبراني(3) من حديث روح بن صلاح، عن سعيد بن أبي أيوب، عن محمد بن عبدالله بن أبي عتيق، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها. ورواه أحمد بن رشدين عنه.
ورواه أبونعيم من حديث يزيد بن زريع، ثنا عبدالرحمن بن أبي عتيق، قال: سمعت أبي يحدث: أنه سمع عائشة رضي الله عنها تحدث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب )) . رواه عن عبدالله بن جعفر، عن إسماعيل بن عبدالله، عن علي بن عبدالله، وعن حبيب بن الحسن، عن يوسف القاضي،عن محمد بن أبي بكر،وعن جعفر بن محمد بن أبي حصين،عن
محمد بن الحسين الوادعي، عن يحيى بن عبدالحميد ؛ كلهم عن يزيد بن زريع.
__________
(1) لم أجده في "كشف الأستار" مع أنه على شرطه.
(2) في كتابه الذي جمعه في "فضل الاستياك وآدابه، وماروي عن النبي r في السواك وأحكامه " كما سينبه عليه المصنف في الفصل الآتي في المحافظة على السواك سفرًا وحضرًا. وقد أكثر المصنف جدًا من النقل عن أبي نعيم من هذا الكتاب في هذه الفصول التي عقدها عن السواك، ولا أعرف شيئًا عن هذا الكتاب، وسأكتفي بالتنبيه هنا عن التنبيه في المواضع التي يعزو الحديث فيها لأبي نعيم.
(3) في "المعجم الأوسط" (1/91 رقم276).
.(1/296)
طريق آخر: روى أبونعيم من حديث مسلم بن إبراهيم، ثنا شعبة، عن محمد بن إسحاق، عن عبدالله بن أبي بكر - من آل أبي بكر -، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب )) . رواه عن عبدالله بن جعفر، عن إسماعيل بن عبدالله، وعن محمد بن أحمد [...](1) علي بن مخلد، عن محمد بن يونس [السامي](2) قالا : ثنا مسلم بن إبراهيم، وقال في لفظ آخر:"لفظهما سواء"،وقال:"إسماعيل بن عبدالله مولى أبي بكر".
طريق آخر : من حديث داود بن الحصين، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها؛أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب )) .
رواه أبونعيم من حديث جماعة، عن إبراهيم بن إسماعيل - هو ابن أبي حبيبة -، عن داود. ورواه من حديث أبي عامر، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن القاسم، ولم يذكر داود. ورواه من حديث سليمان بن بلال، عن عبدالرحمن ابن عبدالله بن أبي عتيق، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها.
طريق آخر: من حديث عروة، عن عائشة: رواه من حديث إسماعيل بن عياش، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها. ورواه عن إسماعيل : عبدالوهاب [بن](3) الضحاك، وقد تُكُلِّم فيه.
طريق آخر : من حديث محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن أم عبدالله،
__________
(1) بياض في الأصل بمقدار كلمة،وقد أخرجه أبو نعيم في"الحلية"أيضًا (7/159) من الطريق الثانية، وفيه نفس الإشكال؛حيث جاء السند هكذا:"حدثنا محمد بن أحمد علي بن مخلد ".
(2) في الأصل :"الشامي"، وفي "الحلية":" الساجي"، وكلاهما تصحيف، والتصويب من "الأنساب" للسمعاني (3/203)، و"توضيح المشتبه" لابن ناصر الدين (5/10).
(3) في الأصل :"عن "، وهو تصحيف. انظر "تهذيب الكمال" (3/166).(1/297)
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( عليكم بالسواك، فإنه مطهرة للفم، مرضاة للرب )) . رواه عن أحمد بن إسحاق، عن عبدالله بن أحمد بن أسيد، عن إسحاق بن إبراهيم بن داود الساجي، عن خالد بن يحيى السعيدي، عن محمد بن إسحاق [....](1).
[ل39/ب]
/حديث آخر: روى محمد بن إسحاق- هو الساجي(2)-، ثم أبو نعيم من جهته قال : حدثنا قتيبة بن سعيد. وروى أبونعيم عن سليمان بن أحمد ؛ ثنا بكر بن سهل، ثنا عبدالله بن يوسف قالا(3): ثنا ابن لهيعة، عن عبيدالله ابن أبي جعفر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال : ((عليكم بالسواك، فإنه مطهرة للفم، مرضاة للرب )) .
حديث آخر : روى أبونعيم من حديث هشام بن سليمان، ثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يستاك وهو صائم، ويقول : (( هو مرضاة للرب، مطهرة للفم )) .
ورواه من حديث سعيد بن عبدالجبار، عن داود بن الزبرقان، قال : ثنا داود بن جُحادة(4)، عن محمد بن المنكدر، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب )) . رواه عن أبي أحمد عاصم بن محمد بن عاصم الشيباني الأيلي، عن الحسن بن صالح الربعي، عنه.
__________
(1) بياض في الأصل بمقدار سطر ونصف.
(2) كذا في الأصل ! وفي ظني أنه خطأ، وصوابه :" هو السراج "، فهو الذي يروي عن قتيبة ابن سعيد كما في "تهذيب الكمال" (23/528)، وسيأتي في بعض الأسانيد (ص 354) على الصواب، ولم أجد في الرواة من يقال له : محمد بن إسحاق الساجي.
(3) أي قتيبة بن سعيد وعبدالله بن يوسف.
(4) كذا في الأصل ! وأظن صوابه :" محمد بن جحادة "، فهو الذي يروي عنه داود بن الزبرقان كما في "تهذيب الكمال" (8/393)، ولم أجد في الرواة من يقال له :" داود بن جحادة ".(1/298)
حديث آخر : روى أبونعيم من حديث عيسى بن إبراهيم البركي، ثنا حماد بن سلمة، عن ابن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب )) . رواه عن فاروق الخطابي، عن أحمد بن محمد العطار الأيلي، عنه.ثم رواه من حديث محمد بن يحيى، حدثنا إبراهيم بن عيسى، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن أبي عتيق، عن أبيه، عن أبي بكر - رضي الله عنه -، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال...، نحوه. رواه [عن](1) أبي بكر ابن خلاد، عن أبي مَعشر الحسن بن سليمان الدارمي، عنه.
وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أكثرت عليكم في السواك )). أخرجه البخاري(2)، والنسائي(3) من حديث شعيب بن الحبحاب(4)- بحائين مهملتين، بينهما باء موحدة ساكنة، وآخره باء مثلها -.
وعن المقدام بن شريح - وهو بالشين المعجمة، والحاء المهملة -، عن أبيه قال: سألت عائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان يبدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل(5) بيته ؟ قالت: بالسواك. أخرجه مسلم(6)، والنسائي(7) من حديث مسعر، عن المقدام، وابن ماجه(8) من حديث شريك، عنه.
__________
(1) في الأصل :"بن"، وهو تصحيف، وانظر ترجمة أبي بكر ابن خلاد في "سير أعلام النبلاء" (16/69).
(2) في "صحيحه" (2/374 رقم888) كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة.
(3) في "سننه" (1/11 رقم6) كتاب الطهارة، باب الإكثار في السواك.
(4) وشعيب يرويه عن أنس.
(5) في الأصل :" في الصلاة إذا دخل"، وقوله :" في الصلاة" زيادة مقحمة لم ترد في شيء من روايات هذا الحديث التي أشار إليها المصنف.
(6) في "صحيحه" (1/220 رقم253/43) كتاب الطهارة، باب السواك.
(7) في "سننه" (1/13 رقم8) كتاب الطهارة، باب السواك في كل حين.
(8) في "سننه" (1/106 رقم290) كتاب الطهارة وسننها، باب السواك.(1/299)
وأخرجه مسلم(1) من حديث سفيان، عن المقدام بسنده، ولفظه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك. وقال ابن منده بعد إخراجه :" هذا إسناد مجمع على صحته من حديث جماعة، عن مسعر، والثوري، وغيره ".
[ل40/أ]
وروى أبونعيم من حديث ابن أبي فديك، أخبرني عمر بن محمد الأسلمي، عن مليح بن عبدالله الخطمي، عن أبيه، عن جده قال :/ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( خمس من سنن المرسلين : الحياء، والحلم، والحجامة، والسواك، والتعطر )) . رواه من حديث ابن نمير، عن ابن أبي فُديك، وأتبعه برواية دحيم، عن ابن أبي فديك، وقال :" مثله ".
ورواه أبوبكر ابن أبي خيثمة في "تاريخه" من هذا الوجه - أعني رواية ابن أبي فديك -، عن عمر بن محمد الأسلمي، عن مليح بن عبدالله الأنصاري، عن أبيه، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( خمس من سنن المرسلين : الحياء، والحلم، والحجامة، والسواك، والتعطر )) . رواه عن إسماعيل بن عبدالله بن خالد السكري، عنه.
وروى أيضًا أبونعيم من حديث قدامة بن محمد الأشجعي، عن إسماعيل ابن شيبة الطائفي، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( خمس من سنن المرسلين : الحياء، والحلم، والتعطر، والنكاح، والسواك )) . رواه من حديث زيد بن المبارك، عن قدامة، وقال عقيبه :" حدثنا محمد بن جعفر بن يوسف، ثنا أحمد بن الحسين، ثنا أحمد بن عبدالوهاب، ثنا قدامة مثله ".
__________
(1) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (44).(1/300)
وعن أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أربع من سنن المرسلين : الختان، والسواك، والتعطر، والنكاح )) . أخرجه الترمذي(1)، وقال : "حديث أبي أيوب حديث حسن غريب ". رواه من حديث الحجاج بن أرطاة، عن مكحول، عن [أبي](2) الشِّمَالِ -بكسر الشين المعجمة، وتخفيف الميم - بن ضِباب - بكسر الضاد المعجمة-، قال أبوزرعة(3):" لا أعرفه إلا في هذا الحديث، ولا أعرف اسمه ".
وقد وقع لنا هذا الحديث عاليًا.
قرأت على الحافظ أبي محمد المنذري، أنا الحافظ أبوالحسن علي بن أبي المكارم المالكي - بقراءتي عليه -، وجماعة سواه أيضًا - بقراءتي عليهم -، قالوا : أخبرنا أحمد بن أبي أحمد الشافعي - قراءة عليه -، أنا نصر بن أحمد الغربي، أنا عبدالله بن عبيدالله، أنا أبوعبدالله الحسين بن إسماعيل الفلاج، ثنا محمود بن خِدَاش، ثنا عبَّادُ بن العوَّام، أنا حجاج، ثنا مكحول، عن أبي الشمال بن ضباب، عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( أربع من سنن المرسلين : الختان ، والسواك، والتعطر، والنكاح )) . وهذا أحد الموافقات وقع؛ساوينا عنه شيخنا من حيث الإسناد العلو في الإسناد (4).
و"الغربي"- بفتح الغين المعجمة - والراء المهملة- وبعدها باء موحدة -: نسبة إلى باب الغرب ببغداد.
__________
(1) في"سننه"(3/391رقم1080) كتاب النكاح، باب ماجاء في فضل التزويج والحث عليه.
(2) في الأصل :"ابن"، والتصويب من "سنن الترمذي"، وسيورده المصنف بعد قليل على الصواب.
(3) كما في "الجرح والتعديل" (9/391).
(4) كذا في الأصل ! والظاهر أن صوابه :" ساوينا فيه شيخنا من حيث العلو في الإسناد ".(1/301)
وروى البزار في"مسنده"(1) من حديث محمد بن إسماعيل بن أبي فديك،ثنا عمر بن عبدالله الأسلمي،عن مليح بن عبدالله الخطمي،عن أبيه،عن جده قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : ((خمس من سنن المرسلين:الحياء،والحلم،والحجامة،والسواك، والتعطر )) . رواه عن عباد بن زياد الساجي، عن محمد، قال:"ولا نعلم روى أبو عبدالله الخطمي،عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هذا الحديث، ولا نعلم له إلا هذا الإسناد".
قلت : و"مَليح" هذا : بفتح الميم، وكسر اللام.
وهذا الحديث ذكره البخاري في "تاريخه"(2) : قال لي عبدالرحمن بن شيبة: ثنا ابن أبي فديك، حدثني عمر بن محمد الأسلمي، عن مليح بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكره.
وعن أبي إسحاق، عن التميمي قال: سألت ابن عباس عن السواك، فقال: مازال النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالسواك، حتى خشينا أن ينزل عليه فيه.
أخرجه أبوداود الطيالسي في "مسنده"(3)، ومن جهته أخرجه البيهقي(4).
[ل40/ب]
و"التميمي" هذا اسمه : أَرْبَدَة - بهمزة مفتوحة، وراء مهملة ساكنة، ثم باء موحدة مفتوحة، ثم دال مهملة -، ويقال : أَرْبَد - بغير هاء -، ذكره ابن أبي حاتم(5) ولم يزد في تعريف حاله على ذكر روايته عن / ابن عباس، ورواية أبي إسحاق عنه، وحكى الرواية عن أبيه.
__________
(1) كما في "كشف الأستار" (1/244 رقم500).
(2) 8/10 رقم1955).
(3) ص358 رقم2739).
(4) في "سننه" (1/35).
(5) في "الجرح والتعديل" (2/345 رقم1310).(1/302)
وعن عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( تسوكوا ؛ فإن السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب، ما جاءني جبريل إلا أوصاني بالسواك، حتى خشيت(1) أن يُفرضَ عليّ وعلى أمتي، ولولا [أني](2) أخاف أن أشق على أمتي لفرضته عليهم، وإني لأستاك حتى إني لقد خشيت تَدَرْدَر مقادم فمي(3) )) . أخرجه ابن ماجه(4).
و" عثمان بن أبي العاتكة ": أبوحفص القاص، ينسبه دحيم(5) إلى الصدق، ويثني عليه، وقال النسائي(6):"ضعيف". و"علي بن يزيد": أبوعبدالملك الألهاني الدمشقي، قال البخاري(7):" منكر الحديث". وقال
__________
(1) في "سنن ابن ماجه" :" حتى لقد خشيت ".
(2) في الأصل :" أن"، والتصويب من "سنن ابن ماجه".
(3) في "سنن ابن ماجه" :" حتى لقد خشيت أن أحفي مقادم فمي ".
(4) في "سننه" (1/106 رقم289)، كتاب الطهارة وسننها، باب السواك.
(5) كما في "الكامل" (5/165)، و "تهذيب الكمال" (19/398).
(6) في "الضعفاء" له (ص215 رقم416)، وكذا في الموضع السابق من "الكامل".
(7) في "الضعفاء الصغير" (ص86 رقم255).
.(1/303)
أبوحاتم الرازي(1):"ضعيف". وقال النسائي(2) والدارقطني(3):"متروك". و"القاسم بن عبدالرحمن"، أبوعبدالرحمن مولى خالد بن يزيد بن معاوية،قال أحمد(4):"منكر الحديث، حدث عنه علي بن يزيد أعاجيب، وما أراها إلا من قبل القاسم ".
__________
(1) كما في "الجرح والتعديل" (6/208 -209 رقم1142).
(2) في "الضعفاء" له (ص217 رقم432).
(3) ذكر الذهبي كلام الدارقطني في "ميزان الاعتدال" (3/161 رقم5966)، وكذا الحافظ في "تهذيب التهذيب" (3/200).
(4) كما في "الضعفاء" لابن الجوزي (3/14 رقم2746). ولم أجد عن الإمام أحمد عبارة بهذا النص، والذي في "الجرح والتعديل" (7/113 رقم 649) نقلاً عن الأثرم قال : "سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل ذكر حديثًا عن القاسم الشامي، عن أبي أمامة، عن النبي r في أن الدباغ طهوره، فأنكره وحمل على القاسم، وقال : يروي علي بن يزيد عنه أعاجيب، وتكلم فيهما، وقال : ماأرى هذا إلا من قبل القاسم " ا.هـ. وفي "الضعفاء" للعقيلي (3/476 رقم1533) ذكر عن عبدالله بن أحمد قال :" سمعت أبي - وذكر القاسم أباعبدالرحمن -، قال : فقال بعض الناس : هذه الأحاديث المناكير التي يرويها عنه جعفر بن الزبير، وبشر بن نمير، ومطرح ! فقال أبي : علي بن يزيد من أهل دمشق، حدث عنه مطرح، ولكن يقولون : هذه من قبل القاسم ؛ في حديث القاسم مناكير مايرويها الثقات، يقولون : من قبل القاسم ". ا.هـ.(1/304)
وذكر السَّرَقُسْطي(1) في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( لقد أُمرت بالسواك حتى
خشيت أن [يُدْرِدَنِي](2) )). قال : حدثناه موسى بن هارون، ثنا محمد بن الصبّاح، ثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الحويرث، عن نافع بن جبير قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -....
وذكر(3) في تفسير "الدَّرَد":" أن تسقط الأسنان، ومغارس الأسنان يقال لها : الدُّرْدُر(4)، ويقال للصبي قبل أن [تنبت أسنانه](5): هو يمضغ على دُرْدُرِه، ويقال للشيخ : مابقي إلا دُرْدُرُه (6)".
وهذه الرواية التي ذكرها السَّرَقُسْطي من حديث سفيان مرسلة، رواها أبونعيم الحافظ الأصبهاني أيضًا(7) من حديث الفريابي، عن سفيان بسنده مرسلاً، قال :" ورفعه أبومعشر "، ثم أسنده من حديث محمد بن أبي عمرة، [قال](8)
__________
(1) واسمه القاسم بن ثابت كما في "معجم البلدان" (3/213)، واسم كتابه :"الدلائل في شرح ما أغفل أبوعبيد وابن قتيبة من غريب الحديث " كما في الموضع السابق من "معجم البلدان"، و"البدر المنير" (3/144)، ويوجد منه قطعة في المكتبة الظاهرية كما في "فهرس مخطوطات الظاهرية" للشيخ الألباني (ص297)، وقام بتحقيق بعضه الشيخ محمد القناص، وهو أطروحته لنيل الدكتوراة، وإليها جرى العزو هنا.
(2) في الأصل :"يُدَرْدِرَنِي"، والمثبت من "الدلائل" للسرقسطي (1/122 رقم55)، وكذا جاء
في "البدر المنير"، وهذا الذي ذكرته أكثر معاجم اللغة،ومنها "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (2/112).
(3) أي السَّرَقُسْطي في "الدلائل" (1/125 رقم58).
(4) وقد نقله ابن الملقن في "البدر المنير" (3/144-145) عن السرقسطي هكذا :" يقال لها : الدرد".
(5) في الأصل :" تسقط إسناده"، والتصويب من "الدلائل".
(6) في "البدر المنير" :" ما بقي إلا درده ".
(7) ورواها الخطابي في"غريب الحديث"(1/103) من طريق سعيد بن منصور، عن سفيان، به.
(8) في الأصل :" وقال ".
.(1/305)
: حدثنا بشر بن السري، عن أبي معشر نجيح، عن أبي الحويرث، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لقد أُمرت بالسواك، حتى خفت أن يُدَرْدِرَنِي )). رواه عن سليمان بن أحمد، عن أحمد بن عمرو الخلاَّل، عنه.
و"أبومعشر" يُضعَّف(1)، و"أبوالحويرث" أيضًا(2).
وقد روى أبو نعيم أيضًا من حديث إسماعيل بن جعفر، قال : حدثنا عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب بن عبدالله : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لقد لزمت السواك، حتى لقد خشيت أن يُدْرِدَنِي )). رواه(3) [عن](4) إبراهيم بن عبدالله، عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، [عن](5) علي بن حجر، عنه، وقال عقيبه : " هكذا رواه إسماعيل، عن عمرو، عن المطلب مرسلاً، ورفعه يحيى بن عبدالله ابن سالم، عن عمرو بن أبي عمرو ".
ثم أخرجه من حديث ابن وهب، عن يحيى بن عبدالله بن سالم، عن عمرو مولى المطلب، عن المطلب، عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لزمت السواك،حتى تخوفت أن يُدردني )) . رواه عن محمد بن علي، عن محمد بن زبَّان، عن أبي الطاهر.
و"زَبّان": بالزاي المعجمة، بعدها باء موحدة، وآخره نون.
[ل41/أ]
__________
(1) ضعفه البخاري، والنسائي، وابن معين، وغيرهم. انظر "الكامل" (7/52 رقم1984)، و"تهذيب الكمال" (29/322-330 رقم6386).
(2) واسمه: عبدالرحمن بن معاوية، وقد تكلم فيه مالك، وابن معين، والنسائي، وغيرهم. انظر "الكامل"(4/309-310رقم1136)،و"تهذيب الكمال"(17/414-417 رقم3962).
(3) أي أبونعيم.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه.
(5) في الأصل :" بن ".(1/306)
وروى أبونعيم أيضًا من حديث عباد بن عباد المهلبي، قال : حدثنا عبدالله بن هلال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مازال جبريل يوصيني بالسواك، حتى خشيت أن يُحفي فمي )) . /رواه عن سليمان - هو ابن أحمد -، عن طالب بن قرة الأذني، عن محمد بن عيسى الصباغ، عنه.
وروى أيضًا من حديث عبدالله بن الزبير الحميدي، ثنا سفيان، عن منصور، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال : (( مازال جبريل يوصيني بالسواك ويأمرني به،حتى كاد أن يدردني )) . رواه عن أبي بكر الطلحي، عن سهل بن المرزبان بن محمد التميمي، عنه.
وروى أيضًا من حديث محمد بن طريف، ثنا محمد بن فضيل، عن عطاء ابن السائب، عن سعيد وعامر بن واثلة يرفعانه ؛ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لقد أُمرت بالسواك حتى خشيت على فمي )) . رواه عن القاضي أبي أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم، عن علي بن الحسين العجلي، عنه.
وروى أيضًا من حديث عمران بن خالد، عن ثابت، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لقد أُمرت بالسواك، حتى خشيت على لثّتي وأسناني )) . رواه عن عبدالله بن محمد بن جعفر، عن أبي بكر البزار، عن بشر بن معاذ، عنه.
فصل في المحافظة على السواك سفرًا وحضرًا
روى أبونعيم الحافظ في كتابه الذي جمعه في "فضل الاستياك وآدابه، وماروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في السواك وأحكامه " من حديث إسماعيل بن أبي زياد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر حمل المشط، والسواك، والقارورة، والمرآة، والمكحلة". رواه [عن](1) عبدالله بن جعفر، عن إسماعيل بن عبدالله بن بشر ابن حجر، عنه.
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه.(1/307)
وروى أيضًا من حديث وهب بن جويرية قال : ثنا أبوأمية ابن يعلى، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت :" خمس لم يكن ليفارقهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر ولا حضر: المرآة، والمشط، والمكحلة، والسواك، والمِدْرَى(1)". رواه عن فاروق الخطابي، عن هشام بن علي السيرافي، عن وهب.
وروى أبومسلم إبراهيم بن عبدالله الكشي في"سننه"(2) عن عبدالعزيز بن الخطاب، عن مندل، عن أبي رجاء، عن وضين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
((طيبوا أفواهكم، فإن أفواهكم طرق القرآن )) .
ويروى(3)
__________
(1) كأن هناك نقطة فوق الدال في الأصل ؛ أي :" المذرى"، والصواب بالدال، فالمِدْرَى : شيء يعمل من حديد أو خشب على شكل سنّ من أسنان المشط وأطول منه، يسرّح به الشعر المتلبّد ويستعمله من لم يكن له مشط. اهـ من "لسان العرب" (14/255).
(2) ذكره صاحب "كنز العمال" (1/603 رقم2752) وعزاه للكشي في "سننه" عن وضين مرسلاً، وللسجزي في "الإبانة" عنه عن بعض الصحابة، وقد أخرجه أبونعيم في "السواك" من طريق الكشي كما سينبه عليه المصنف فيما بعد (ص 371).
(3) كذا في الأصل بصيغة التمريض ولم يعزه لأحد، وذكره مرفوعًا في الموضع الآتي (ص371) وعزاه لأبي نعيم، وفي الموضع السابق من "كنز العمال" برقم (2751) عزاه لأبي نعيم في "كتاب السواك"، وللسجزي في "الإبانة"، وكذا ذكره مرفوعًا ابن الملقن في "البدر المنير" (3/200) وعزاه لأبي نعيم، وأبي أحمد الحاكم في "الكنى"، وذكر أن الحاكم أعله بقوله : " هذا حديث منكر جدًا ؛ لم يدرك سعيد بن جبير عليًا ولم يره ".
وبالسياق الذي ذكره المصنَّف - موقوفًا على علي t -، أخرجه ابن ماجه في "سننه" (1/106 رقم291) في الطهارة وسننها، باب السواك.(1/308)
من حديث بحر بن كنيز - بفتح الكاف، وكسر النون، وآخره زاي -، عن عثمان بن ساج، عن سعيد بن [جبير](1)، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : "إن أفواهكم طرق القرآن، فطيبوها بالسواك ".
وروى الطبراني في "معجمه الأوسط"(2) من حديث إسماعيل بن [عمرو](3) البجلي، حدثنا الحسن بن صالح، عن موسى [بن](4) أبي عائشة، عن سليمان بن صُرد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((استاكوا وتنظفوا وأوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر )) . رواه عن محمد بن أبان، عن إسماعيل، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن الحسن بن صالح إلا إسماعيل بن عمرو، ولا يُروى عن سليمان بن صرد إلا بهذا الإسناد ".
[ل41/ب]
وروى أبونعيم من حديث يعلى الأشدق، عن عبدالله بن جراد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( السواك من الفطرة )) . / رواه عن حبيب بن الحسن، عن محمد بن إبراهيم بن بطال، عن محمد بن السندي بن العباس البصري، عن يعلى(5).
__________
(1) في الأصل :" حسن"، وهو تصحيف، وسيورده المصنف (ص 371) على الصواب.
(2) 7/259 رقم7442).
(3) في الأصل :" عمر"، والتصويب من "المعجم الأوسط"، و "الجرح والتعديل" (2/190 رقم643)، وسيذكره المصنف على الصواب بعد قليل.
(4) في الأصل :" عن "، وهو تصحيف، والتصويب من "المعجم الأوسط".
.
(5) بعده بياض في الأصل بمقدار ست كلمات.(1/309)
وروى أيضًا من حديث إسماعيل بن عياش، عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي، عن أبي كعب مولى ابن عباس،عن ابن عباس رضي الله عنهما،عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن جبريل أبطأ عنه، فذكر ذلك له فقال : (( وكيف لايبطئ عنكم وأنتم حولي لاتستَنُّون،ولا تُقَلِّمُون أظفاركم،ولا تُنَقُّون(1) شواربكم،ولا تَحُفُّون من حواجبكم )) . رواه عن سليمان بن أحمد، عن موسى بن عيسى بن المنذر الحمصي، عن أبيه- ح-،وعن علي بن هارون، عن جعفر الفريابي،عن إبراهيم ابن العلاء قالا(2):حدثنا إسماعيل بن عياش،وقال في آخره:"لفظهما واحد"(3).
وروى أيضًا من حديث عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان يقول : (( ماجاءني صاحبي جبريل - عليه السلام - إلا أوصاني بالسواك، حتى لقد خشيت أن أحفي مقادم فمي(4) )) .
و"عثمان بن أبي العاتكة" تُكُلِّمَ فيه.
فصل في ذكر منافع وخصال جاءت في السواك
__________
(1) كذا في الأصل، وفي "البدر المنير"(3/147):"ولا تشقون شواربكم"؛ بمعنى: ولا تنقصون، كما حكاه المحقق عن ابن الجوزي في "غريب الحديث" (1/550-551).
(2) أي عيسى بن المنذر الحمصي وإبراهيم بن العلاء.
(3) وأخرجه الإمام أحمد في"المسند"(1/243) من طريق أبي اليمان،عن إسماعيل بن عياش، به.
(4) سبق أن ذكر المصنف (ص 341) هذا الحديث من هذا الطريق بلفظ أطول منه، وعزاه لابن ماجه، وذكر من تكلم في عثمان بن أبي العاتكة، فلعلّه نسي ذلك.(1/310)
روى أبونعيم من حديث الخليل بن مرة، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( في السواك عشر خصال: يُطَيِّب الفم، ويشد اللثة، ويجلو البصر، ويذهب البلغم،ويذهب الحفر، ويوافق السنة، ويفرح الملائكة، ويرضي الرب، ويزيد في الحسنات )). رواه عن أبي أحمد محمد بن أحمد بن عبدالله بن صالح البخاري،عن الحسن بن علي -ح -، وعن أبي محمد ابن حيان، عن محمد بن جعفر الجمال، عن يحيى بن معلى بن منصور، ثنا حيوة بن شريح، ثنا محمد بن حمير، ثنا الخليل بن مرة، وقال في آخره :" زاد أبومحمد ابن حيان في حديثه : (( ويصحح المعدة ))".
قلت : و"الخليل بن مرة" تُكُلِّم فيه.(1/311)
وروى أيضًا من حديث إسماعيل بن عياش، عن ثور بن يزيد، عن خالد ابن معدان : أن أبا الدرداء قال :" عليكم بالسواك فلا تغفلوه، وأديموا به ؛ فإن في السواك أربعة(1) وعشرين خصلة : أفضلها خصلة، وأعلاها درجة : [أنه](2) يرضي الرحمن، ومن أرضى الرحمن فإنه يحل الجنان. والخصلة الثانية: أنه يصيب السنة. والخصلة الثالثة : أنه يضاعف(3) صلاته سبعًا وسبعين ضعفًا. والخصلة الرابعة : يورثه إدمان السواك السعة والغنى. والخصلة الخامسة : يطيب نكهته. والخصلة السادسة: يشد لثته حتى لا تسترخي مع إدمان السواك. والخصلة السابعة : يذهب عنه الصداع، ويسكن عروق رأسه، فلا يضرب عليه عرق ساكن، ولا يسكن عليه عرق ضارب. والخصلة الثامنة : يذهب عنه وجع الضرس حتى لايجده. والخصلة التاسعة : تصافحه الملائكة لما ترى من النور على وجهه. والخصلة العاشرة : ينقي أسنانه حتى تبرق. والخصلة الحادي عشر(4): تشيعه الملائكة إذا خرج إلى مسجده لصلاته في الجميع. والخصلة الثاني عشر : تستغفر له حملة العرش عند رفع أعماله في الخميس والإثنين. والخصلة الثالث عشر : تفتح له أبواب الجنة. والخصلة الرابع عشر : يقال له : هذا مقتد بالأنبياء، يقفوا آثارهم، ويلتمس هديهم. والخصلة الخامس عشر: يكتب له أجر من / تسوك من يومه ذلك في كل يوم. والخصلة السادس عشر : تغلق عنه أبواب الجحيم. والخصلة السابع عشر : تستغفر له الأنبياء والرسل. والخصلة الثامن عشر : لايخرج من الدنيا إلا طاهرًا مُطَهَّرًا. والخصلة التاسع عشر : أنه لايعاين ملك الموت عند قبض روحه إلا في الصورة التي يقبض فيها الأنبياء. والخصلة العشرون : أن لايخرج من الدنيا حتى يُسقى شربة من
__________
(1) كذا في الأصل !
(2) في الأصل :" أن "، والتصويب من "البدر المنير" (3/168)؛ حيث نقله عن أبي نعيم.
(3) في "البدر المنير" :" تضاعف ".
(4) هكذا جاء في الأصل ! وصوابه :" الحادية عشرة"، وتكرر هذا الخطأ إلى نهاية الحديث.(1/312)
حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - - وهو الرحيق المختوم -. والخصلة الحادي والعشرون : أن قبره يوسع عليه، وتكلمه الأرض من تحته، وتقول : كنت أحب نغمتك على ظهري، فلأتَّسِعَنَّ عليك اليوم وأنت في بطني بما يقصر عنه مناك. والخصلة الثاني والعشرون : فإن قبره يصير عليه أوسع من مد البصر، وتكلمه الأرض من تحته في لحده : قد كنت أحب نغمتك وأنت على ظهري، فلأستَقِرَّنَّ لك اليوم وأنت في بطني بما يقصر عنه مناك. والخصلة الثالث والعشرون : أن الله عز وجل يقطع عنه كل داء، وتعقبه كل صحة عرفها في نفسه في صغره إلى كبره. والخصلة الرابع والعشرون : أنه يُكسى إذا كُسِيَ الأنبياء صلوات الله عليهم، ويكرم إذا أكرموا، ويدخل الجنة معهم بغير حساب " . رواه عن سليمان بن أحمد، عن أحمد بن عبدالوهاب بن نجدة، قال : ثنا عبدالوهاب بن نجدة، ثنا إسماعيل بن عياش. وفي متنه نكارة، وهو موقوف غير مرفوع، والله عز وجل أعلم.
روى أبوجعفر العقيلي(1) من حديث [عمر](2) بن داود، عن سنان بن أبي سنان، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( السواك يزيد الرجل فصاحة )). وذكر أن [عمر](3) وسنانًا كلاهما مجهول، والحديث منكر غير محفوظ، [ومعلّى](4) ضعيف.
فصل فيما يُستدل به لمن حُكي عنه وجوب السواك
قرأت على أبي الحسن علي بن هبة الله : أن أبا محمد ابن بري أخبرهم،
أنا مرشد بن يحيى، أنا علي بن محمد، ثنا محمد بن عبدالله، أنا النسائي(5)
__________
(1) في "الضعفاء" (3/156 رقم1144).
(2) في الأصل :" عمرو"، والتصويب من "الضعفاء" للعقيلي.
(3) في الأصل :" عمرًا"، والتصويب من "الضعفاء" للعقيلي.
(4) في الأصل :" وعلي "، والتصويب من "الضعفاء" للعقيلي، ومُعَلَّى هذا هو : ابن ميمون الراوي لهذا الحديث عن عمر بن داود.
(5) والنسائي أخرجه في "الجزء الرابع من حديث شعبة بن الحجاج وسفيان بن سعيد الثوري=
= مما أغرب بعضهم على بعض" (ل 14/أ رقم173)، وفي آخره زيادة :" استاكوا "، وسيورده المصنف (ص 383و384) مرة أخرى بهذه الزيادة.(1/313)
،
أنا عمرو بن علي، حدثني أبوقتيبة، ثنا سفيان، عن أبي علي الزراد، عن جعفر بن تمام، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مالكم تأتوني قُلْحًا لاتستاكون !! ))(1).
روى أبو نعيم من حديث القاسم بن مالك المزني، ثنا محمد بن مسلمة ابن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن صهيب(2)، قال: سمعت عبدالله بن [عمرو](3) ابن حلحلة، ورافع بن خديج قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( السواك واجب، السواك واجب، وغسل الجمعة واجب على كل مسلم ))(4). رواه عن أبي أحمد محمد بن أحمد الغطريفي، عن القاسم بن زكريا المطرز، عن يعقوب بن ماهان، عنه(5).
[ل42/ب]
__________
(1) وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1/214) من طريق إسماعيل بن عمر، عن سفيان، به. وهو حديث مضطرب كما بينه المصنف فيما يأتي (ص 384)، والحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة"(1/363-364)، وانظر"الضعيفة" للألباني(4/232-234 رقم1748).
(2) كذا جاء في الأصل، ومثله في نسخ "البدر المنير"(3/173) كما ذكر محققه، ورجح أن الصواب :"محمد بن سلمة، عن عبدالعزيز"؛ استدلالاً بما جاء في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (7/276 رقم1497)، ونصه :"محمد بن سلمة، روى عن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن صهيب، روى عنه القاسم بن مالك، سمعت أبي يقول ذلك، وسألته عنه فقال : لا يعرف ".
أقول : وهذا الذي يظهر أنه الصواب، والله أعلم.
(3) في الأصل:"عمر"، والتصويب من "البدر المنير"، والموضع الآتي من "الإصابة" لابن حجر.
(4) في "البدر المنير" و"الإصابة" :" على كل محتلم ".
(5) وأخرجه ابن منده كما في "الإصابة" (6/175-176).(1/314)
وقد ذكرنا(1) في "فضل السواك عند الوضوء" حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن محمد بن يحيى بن [حبان](2)، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أسماء بنت يزيد، عن عبدالله بن حنظلة بن الراهب بن الغسيل : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالوضوء عند كل صلاة، فشق ذلك عليه، فخفف عنه وأمر بالسواك . رواه أبونعيم عن ابن هارون، عن جعفر الفريابي، عن محمد بن حميد، عن سلمة / بن الفضل، وعلي بن مجاهد، عن محمد بن إسحاق.
فصل في مايُستدل به على عدم وجوب السواك
روى أبونعيم(3) من حديث عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لولا أن أشق على أمتي، لفرضت عليهم السواك )) . رواه عن أبي عمرو ابن حمدان، عن الحسن بن سفيان، عن هشام بن عمار، عن صدقة، عنه.
و"عثمان" تُكُلِّم فيه، و"علي بن يزيد" أيضًا.
وروى أيضًا من حديث جرير، عن الأعمش، عن عبدالله بن يسار الجهني، عن ابن أبي ليلى، عن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - قال(4): قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لولا أن أشق على أمتي، لفرضت عليهم السواك كما فرض عليهم الوضوء )) . رواه عن إبراهيم بن عبدالله، عن محمد بن إسحاق، عن قتيبة،[عن](5) جرير.
و"محمد بن إسحاق" هو : الثقفي السراج.
فصل في السواك عند كل وضوء
روى جماعة - منهم: يحيى بن يحيى الأندلسي- عن مالك في "الموطأ"(6)،
__________
(1) سيورده المصنف (ص369-370) في :" فصل في السواك عند كل صلاة ".
(2) في الأصل:"حيان"، وسيورده المصنف (ص 368و370) على الصواب، ويضبطه لفظًا.
(3) سبق أن أورد المصنف هذا الحديث، فانظر التعليق عليه (ص 341).
(4) كذا في الأصل، وكذا جاء في "البدر المنير" (3/174).
(5) في الأصل :" بن ".
(6) 1/66 رقم115) كتاب الطهارة، باب ماجاء في السواك.(1/315)
عن ابن شهاب، عن حميد بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال :"لولا أن يشق على أمته، لأمرهم بالسواك مع كل وضوء ".
قال أبوعمر(1):" هذا الحديث يدخل في المسند ؛ لاتصاله من غير ما وجه، ولما يدل عليه اللفظ. وبهذا اللفظ رواه أكثر الرواة عن مالك، وممن رواه كذلك كما رواه يحيى: أبومصعب(2)، وابن بكير، والقعنبي، وابن القاسم، وابن وهب، وابن نافع".
قلت : هو معروف من جهة بشر بن عمر، وروح بن عبادة، صحيح عنهما، عن مالك بسنده مرفوعًا.
قرأت على الحافظ أبي محمد المنذري، أنا الشيخ الصالح أبو روح المطهر ابن أبي بكر البيهقي-قراءة عليه وأنا أسمع-، أنا الشيخ الزاهد أبوبكر محمد بن علي بن محمد بن علي الطوسي - قراءة عليه وأنا أسمع بشاذياخ بنيسابور-، أنا الشيخ أبوعلي نصرالله بن أحمد الخُشْنَامي، أنا القاضي أبوبكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحَرَشي، أنا أبوعلي محمد بن أحمد بن محمد الميداني، ثنا محمد بن يحيى، ثنا بشر بن عمر، ثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن حميد بن [عبدالرحمن](3)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء )) . أخرجه أبوعبدالرحمن
أحمد بن شعيب النسائي(4) عن محمد بن يحيى.
وروى ابن خزيمة في "صحيحه"(5) من حديث روح بن عبادة، ولفظه بسنده : عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء )) .
__________
(1) في "التمهيد" (7/194).
(2) في الأصل :"أبوالمصعب"، وضُرب على الألف واللام.
(3) في الأصل :" عبيد"، وتقدم على الصواب، وكذا جاء في الموضع الآتي من "السنن الكبرى" للنسائي.
(4) في "سننه الكبرى"(2/198 رقم3043) في الصيام، باب السواك للصائم بالغداة.
(5) 1/73 رقم140).(1/316)
ورواه الحافظ أبوالحسن الدارقطني في "أحاديث مالك التي ليست [في](1) الموطأ" من جهة روح، وبشر بن عمر، وإسماعيل بن أبي أويس، ومطرف، وعبدالرحمن بن مهدي، وابن عَثمة - وهو بفتح العين، وسكون الثاء المثلثة -، وغيرهم بما يقتضي أن لفظهم :" مع كل وضوء " [مرفوع](2) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأخرج النسائي(3) حديث سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة
- رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرت بالسواك عند كل وضوء )) .
وفي رواية عبدالرحمن السراج(4)، عن سعيد : (( لفرضت عليهم السواك مع كل وضوء )) .
ورواه الكشي(5) من حديث سعيد، ولفظه :" مع كل طهور".
[ل43/أ]
ورواه / بعضهم(6) عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
وفي رواية أبي معشر(7)، عن سعيد هكذا : (( لولا أن أشق على الناس، لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع الوضوء بسواك )) .
فصل في ماجاء في الاستياك بفضل الوضوء
__________
(1) في الأصل :"من"، وسيأتي على الصواب (ص578) من المجلد الثالث.
(2) في الأصل :" مرفوعًا ".
(3) في الموضع السابق برقم (3037).
(4) وهي عند النسائي أيضًا برقم (3032).
(5) يعني في "سننه".
(6) وهي رواية بقيّة بن الوليد عن عبيدالله بن عمر،عن سعيد،وهي عند النسائي برقم(3038).
(7) عند النسائي أيضًا برقم (3039).(1/317)
روى أبونعيم من حديث يوسف بن خالد، حدثنا الأعمش، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستاك بفضل وضوئه. رواه عن أبي أحمد الغطريفي، عن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، عن أحمد بن إبراهيم، عنه(1).
و"يوسف بن خالد السَّمتي" تُكلم فيه، وتُكلم في سماع الأعمش عن أنس.
فصل في السواك عند كل صلاة(2)
روى مالك(3) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )).
وأخرجه [ابن](4) منده من جهة جماعة عن مالك، وقال :" هذا حديث مجمع على صحته من هذا الوجه ".
__________
(1) وأخرجه الدارقطني في "سننه" (1/40 رقم4) بمثله. وأعله ابن الملقن في "البدر المنير" (3/207) بقوله:"وفيه علتان : إحداهما : أن في إسناده يوسف بن خالد السمتي؛ قال ابن معين : كذاب زنديق. والثانية : أنه من رواية الأعمش عن أنس، وقد رآه ولم يسمع منه...."، ثم ذكر أن الدارقطني صوّب في "العلل" رواية من رواه عن الأعمش، عن مسلم =
= الأعور، عن أنس، ومسلم ضعيف.
(2) بالهامش بجانب هذا العنوان تعليق فقهي لا علاقة له بالتخريج والصناعة الحديثية التي هي موضوع الكتاب، ونصه :"حاشية : دخل تحته صلاة المتطهر بالماء والتراب، وهل يدخل تحته صلاة المتطهر إن لم يجد ماء ولا ترابًا ؟ أدخله بعضهم تحته، وفيه نظر ".
(3) في "الموطأ" (1/66 رقم114) كتاب الطهارة، باب ماجاء في السواك.
(4) في الأصل :" من ".(1/318)
ورواه سفيان عن أبي الزناد - وأخرجه ابن منده من جهته-، وقال:" هذا حديث مجمع على صحته. ورواه جماعة عن أبي الزناد، منهم : ورقاء بن عمر [...](1)، ابن عبدالرحمن، وشعيب بن أبي حمزة، وغيرهم، ورواه عن
الأعرج : جعفر بن ربيعة ".
ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - طريق أخرى من حديث إسماعيل بن عمرو البجلي، عن إسرائيل، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك [عند](2) كل صلاة )) . رواه الطبراني في "معجمه الأوسط"(3) عن محمد بن أبان، عن إسماعيل، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن إسرائيل إلا إسماعيل بن عمرو ".
وله طرق عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، في بعضها مخالفة في اللفظ. ففي رواية يزيد بن هارون،عن محمد بن عمرو بسنده: (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء )) . رواه أبونعيم.
__________
(1) هاهنا سقط ولابد، فليس في نسب ورقاء بن عمر :" عبدالرحمن" كما في "التقريب" (7453) وغيره، وليس بمستبعد أن تكون العبارة :" ورقاء بن عمر، والمغيرة بن عبدالرحمن "، فسقط قوله :" والمغيرة "، وهو من الرواة عن أبي الزناد كما في "تهذيب الكمال" (14/478).
(2) في الأصل :" عن "، والتصويب من "المعجم الأوسط".
(3) 7/253 رقم7424).(1/319)
وروى أيضًا من حديث زائدة بن قدامة، وإسماعيل بن جعفر، ويزيد بن زريع، وجنادة بن سالم(1)، ومحمد بن زياد العنبري(2)، وعبدة بن سليمان، وعبيدة بن حميد، ويحيى بن سعيد(3)، وعمر بن طلحة الليثي، وخالد بن عبدالله، ويحيى بن أبي زائدة، ومحمد بن بشر، وخالد بن يزيد، وعبدالوهاب، كلهم عن محمد بن [عمرو](4)، [وعن](5) عبدالعزيز بن محمد الدراوردي، وإسرائيل، ومحمد بن طلحة، وقال :" قالوا : عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة )) ". قال :" لفظ يحيى بن سعيد، والباقون مثله، ونحوه لفظ إسرائيل، عن محمد مثله،وقال : (( عند كل صلاة ))". ثم رواه من طريق عمرو بن جرير، عن محمد بن عمرو بسنده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك وقت كل صلاة )) ". رواه عن محمد بن المظفر، عن أبي محمد سفيان بن هارون القاضي، عن محمد بن يحيى بن غيلان، عنه.
[ل43/ب]
__________
(1) كذا في الأصل ! ولم أجد راويًا بهذا الاسم، فلعله :" جنادة بن سَلْم " المترجم في "تهذيب الكمال" (5/135-137).
(2) كذا ! ولم أجد راويًا بهذا الاسم والنسبة.
(3) وأخرجه من طريقه في "الحلية" (8/386) أيضًا.
(4) في الأصل :"عمر".
(5) في الأصل:"عن"، وهو تصحيف ظاهر يترتب عليه أن يكون الشيخ - محمد بن عمرو- =
= راويًا عن التلميذ - عبدالعزيز بن محمد -، بالإضافة لاضطراب باقي الكلام.
وقد كتب في هامش الأصل، بجانب "عبدالعزيز" مانصه :" وعقَّب "، ولم يشر إلى موضعها في السطر، فلعل المقصود : أن أبا نعيم بعد إيراده للكلام السابق عقّب بذكره لرواية عبدالعزيز بن محمد الدراوردي، وإسرائيل، ومحمد بن طلحة، والله أعلم.(1/320)
طريق آخر : روى أبونعيم من حديث داود بن المحبر، وحماد بن سلمة، وروح بن القاسم، وهشام / بن حسان، وإسماعيل بن جعفر، وعبيدالله بن عمر، وأبي معشر، ورواية أبي معشر من حديث أبي الربيع قال : حدثنا أبومعشر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لولا أن أشق على أمتي وعلى(1) الناس، لأمرتهم عند كل صلاة وضوءًا، ومع كل صلاة سواكًا، ولأخرت صلاة العشاء إلى نصف الليل )) . قال : "هذا لفظ أبي معشر، وقال الباقون : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )) . ورواه يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق، عن سعيد المقبري، عن عطاء مولى أم صُبية، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. حدثناه محمد بن إبراهيم، ثنا أحمد بن محمد الطحاوي، ثنا علي بن معبد، ثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا أبي، عن ابن إسحاق به. وهذه الرواية مع رواية حماد بن سلمة، وهشام بن حسان، وإسماعيل بن جعفر، وعبيدالله بن عمر أسانيد جيدة ".
وقد روى ابن ماجه(2) من حديث عبيدالله بن عمر، عن سعيد بن أبي
سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )). رواه عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن أبي أسامة وعبدالله بن نمير، عن عبيدالله بن عمر، عن سعيد، وهؤلاء رجال الصحيح.
__________
(1) كتب الناسخ فوق الواو :" صحـ "، كأنه أراد أن ينفي مايمكن أن يتوقع أنه :" أو على الناس " على الشك.
(2) في "سننه" (1/105 رقم287) كتاب الطهارة وسننها، باب السواك.(1/321)
ورواه أيضًا أبونعيم من حديث عبدالرزاق(1)، عن عبدالله بن عمر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك مع الوضوء )). هكذا فيه:" مع الوضوء ".
وجه آخر: روى أبونعيم من حديث خالد بن يزيد القسري، ثنا عيسى ابن المسيب، سمعت أبا زرعة بن عمرو بن جرير يحدث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( والذي نفسي بيده! لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك مع الوضوء عند كل صلاة )) . رواه عن أحمد بن عبيدالله بن محمود، عن عبدالله بن وهب،عن إبراهيم بن عبدالله بن خالد الأصم، عنه.
حديث آخر : روى أبونعيم أيضًا من حديث عمرو بن خلف، ثنا يعقوب بن داود بن مطرف، حدثني أبوغسان محمد بن مطرف، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )). رواه [عن](2) أحمد بن عبيدالله بن محمود، عن عبدالله بن وهب عنه.
حديث آخر : وروى أيضًا من حديث إبراهيم بن سليمان بن هشام
الإفريقي، ثنا أبي، ثنا معاوية بن صالح، حدثني عبدالرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )) . رواه عن أحمد بن عبيدالله بن محمود، عن عبدالله بن وهب، عنه.
حديث آخر : روى أيضًا من حديث محمد بن حميد، ثنا سلمة بن الفضل، ثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن سالم بن عبدالله، عن أبي الجراح مولى أم حبيبة،[عن أم حبيبة](3)
__________
(1) وعبدالرزاق أخرجه في "المصنف" (1/555 رقم2106).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه كما في الحديث الآتي.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه كما يتضح من السياق.
هذا مع أن الحديث مختلف فيه على ابن إسحاق، فمنهم من يرويه عنه على أنه من رواية أبي الجراح عن أم حبيبة كما يظهر من سياق المصنف هنا، وكما في "المسند" للإمام أحمد (6/325)، و"الكنى" من "التاريخ الكبير" للبخاري (9/19)، ومنهم من يرويه عنه على أنه من رواية أم حبيبة عن زينب بنت جحش كما في "المسند" أيضًا (6/429)، ومنهم من يرويه عنه على أنه من رواية سالم بن عبدالله عن أم حبيبة ليس فيه ذكر لأبي الجراح كما في الموضع السابق من "الكنى" للبخاري.(1/322)
رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )). رواه عن حبيب بن الحسن، عن أحمد بن أبي عوف /- ح -، وعن محمد بن المظفر، عن القاسم بن يحيى، قالا : ثنا محمد ابن حميد، وقال :" لفظهما سواء ".
[ل44/أ]
حديث آخر : وروى أيضًا من حديث إسحاق بن محمد الفروي، ثنا عبدالرحمن بن أبي الموال، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )) . رواه عن سليمان بن أحمد، عن عبدالرحمن بن معدان [بن](1) جمعة اللاذقي(2)، عنه.
وإسحاق قد أخرج له البخاري(3).
حديث آخر : وروى(4) أيضًا من حديث إسماعيل بن [عبدالله](5)، حدثني العلاء بن أبي العلاء، حدثني مرداس، عن أنس - رضي الله عنه - قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مالكم تدخلون عليّ قُلحًا ؟! لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )) . رواه عن عبدالله بن جعفر، عنه.
حديث آخر : وروى أيضًا من حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن
__________
(1) في الأصل :"عن"، والتصويب من "الأنساب" للسمعاني (5/663).
(2) في الأصل يشبه أن تكون :" اللاذمي" بالميم.
(3) كما في "تهذيب الكمال" (2/471).
(4) يعني أبا نعيم في كتاب "السواك"، وقد أخرجه أيضًا من نفس الطريق في "تاريخ أصبهان" (2/148 و317).
(5) في الأصل :"عبيدالله"، والتصويب من "تاريخ أصبهان"، وهو الحافظ إسماعيل بن عبدالله المعروف بـ" سَمُّويَه " المترجم في "سير أعلام النبلاء" (13/10).(1/323)
إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة، عن زيد بن خالد الجهني، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )) . رواه من حديث أحمد بن خالد، والمحاربي، عن ابن إسحاق، فرواه عن سليمان بن أحمد، عن أحمد بن عبدالوهاب بن نجدة الحوطي، عن أحمد بن خالد، وعن أبي ذر محمد بن الحسين الوراق الكوفي، عن عبدالله بن زيدان، عن هارون بن إسحاق، عن المحاربي.
حديث آخر : روى أيضًا من حديث سنان أبي حبيب، عن رجل، حدثه عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )) . ورواه عن حبيب بن الحسن، عن يوسف القاضي، عن مسدد، عن محمد بن جابر - ح -، وعن أحمد بن علي بن عبدالله بن مهران، عن علي بن العباس، عن خالد بن يوسف، عن أبي عوانة، عن سنان أبي حبيب، وقال بعد تخريجه :" ورواه معاوية بن هشام، عن سليمان بن قرم، عن أبي حبيب "، ثم أخرجه من هذا الوجه من حديث محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن عمه، عن معاوية بن هشام. وعمه هو: أبوبكر ابن أبي شيبة(1). ورواه من طريق عبيد بن غنام، عن أبي بكر، وقال:"مثله "، أعني في رواية محمد بن عثمان وعبيد لم يسق اللفظ.
وروى عن سليمان بن أحمد، عن زكريا الساجي، عن خالد بن يوسف السَّمتي، عن أبي عوانة، عن سنان أبي حبيب، عن رجل حدثه عن عبدالله ابن الزبير رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.... مثله.
__________
(1) وابن أبي شيبة أخرجه في "المصنف" (1/156 رقم1795).
.(1/324)
وروى البزار(1) من حديث جرير، عن مسلم [المُلائي](2)، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لولا أن تضعفوا، لأمرتكم بالسواك عند كل صلاة )) .
[ورواه](3)(4) من حديث محمد بن فضيل، عن مسلم. قال البزار : "وهذا الحديث قد روي بنحو كلامه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير وجه بغير هذا اللفظ، ولا يُحفظ عن ابن عباس بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ومسلم المُلائي ليس به بأس، روى عنه شعبة، والثوري، والأعمش، وإسرائيل، وجماعة كثيرة، واحتملوا / حديثه ".
[ل44/ب]
وعن محمد بن إسحاق قال : فذكر محمد بن مسلم بن عبيدالله بن شهاب الزهري، عن [عروة، عن](5) عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( فضل الصلاة التي يستاك لها على الصلاة التي لايستاك لها سبعين ضعفًا )) . أخرجه ابن خزيمة(6)، وعلق القول في الترجمة، وقال :" إن صح الخبر "(7).
__________
(1) في "مسنده" (1/241 رقم494/كشف الأستار).
(2) رسمت في الأصل هكذا :" الميلائي"، والتصويب من المرجع السابق، وسيأتي ذكره على الصواب.
(3) في الأصل :"رواه".
(4) أي : البزار في الموضع السابق برقم (495).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "صحيح ابن خزيمة".
(6) في "صحيحه" (1/71 رقم137).
(7) وقال أيضًا :" أنا استثنيت صحة هذا الخبر؛ لأني خائف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمع من محمد بن مسلم، وإنما دلّسه عنه ".(1/325)
وقال الحافظ أبوبكر البيهقي(1) بعد إخراجه هذا الحديث من جهة محمد ابن إسحاق :" وهذا الحديث أحد مايُخاف أن يكون من تدليسات محمد بن إسحاق بن يسار، وأنه لم يسمعه من الزهري". قال :" وقد رواه معاوية بن يحيى الصدَفي، عن الزهري، وليس بالقوي ". وذكر عبدالله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه أنه قال:« إذا قال ابن إسحاق:" وذكر "، فلم يسمعه»، ذكره الخلاَّل(2). "وروي من وجه آخر عن عروة، عن عائشة، ووجه آخر عن عمرة، عن عائشة، وكلاهما ضعيف "(3).
قلت : أما الرواية عن عروة، عن عائشة فمن حديث معاوية بن يحيى، عن [الزهري](4)، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( تَفْضُل [الصلاة](5) الذي يُستاك لها على الصلاة التي لا يُستاك لها سبعين ضعفًا )) .
أخرج أبوأحمد(6) حديثًا بهذا الإسناد، ثم قال:"وبإسناده..."، فذكر هذا الحديث،[وقال](7):" وهذان الحديثان بهذا الإسناد يرويهما معاوية بن يحيى".
وروى عثمان بن سعيد الدارمي(8) عن يحيى أنه قال في معاوية هذا : "ليس بشيء ". وقال النسائي(9):" معاوية بن يحيى الصدفي ضعيف ".
__________
(1) في "سننه" (1/38).
(2) من قوله :" وذكر عبدالله بن أحمد..." إلى هنا ليس في "سنن البيهقي"، فالظاهر أنه من نقل المصنِّف عن"العلل" للخلال،وقد نقله ابن القيم في "المنار المنيف"(ص21) بنحو ماهنا.
(3) من قوله :" وروي من وجه آخر..." إلى هذا الموضع من كلام البيهقي في الموضع السابق.
(4) في الأصل :"الزبيري"، والتصويب من "الكامل"، و"البدر المنير" (3/150).
(5) في الأصل :"صلاة"، والتصويب من "الكامل".
(6) أي ابن عدي في "الكامل" (6/399-400 ).
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه.
(8) في "تاريخه" (ص204 رقم752).
(9) في "الضعفاء" له (ص237 رقم561).(1/326)
ورُوي هذا الحديث عن معاوية من طرق ؛ من رواية إسحاق بن سليمان الرازي، ومحمد بن الحسن، ونصر بن ثابت، ذكر طرقهم أبونعيم.
وروى أيضًا عن أبي بكر الطلحي قال : ثنا سهل بن المرزبان،[عن](1) محمد التميمي الفارسي، ثنا عبدالله بن الزبير الحميدي، ثنا سفيان،[عن](3) منصور، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال : (( ركعتين(2) بالسواك، أفضل من سبعين ركعة بلا سواك )) (3).
وروى أبونعيم أيضًا من حديث محمد بن وهب بن مسلم الدمشقي، قال: ثنا عمر بن [الدَّرَفْس](4)، عن سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( صلاة بسواك أفضل من خمس وسبعين صلاة بغير سواك )) . رواه عن سليمان بن أحمد، عن يحيى بن عثمان بن صالح.
وروى أيضًا من حديث يزيد بن عبدالله البَيسري، ثنا عبدالله بن أبي
__________
(1) في الأصل"بن"،والتصويب من"البدرالمنير"(3/153-154)،و"التلخيص الحبير"(1/112).
(2) كذا في الأصل والموضع السابق من "البدر المنير"
(3) قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التلخيص" :" لكن رواه أبونعيم من طريق ابن عيينة، عن منصور، عن الزهري، ولكن إسناده إلى ابن عيينة فيه نظر..."، ثم ذكر سنده، ثم قال :" فينظر في إسناده".
(4) في الأصل :" الدرفش"، والتصويب من "التقريب" (4926)، وغيره من كتب الرجال.(1/327)
الجوزاء(1): أنه سمع سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لأن أصلي ركعتين بسواك، أحب إليّ من أن أصلي سبعين ركعة بغير سواك )) . رواه عن محمد بن حبان، عن أبي بكر ابن أبي عاصم، عن محمد بن أبي بكر المقدمي، عنه. وفي موضع آخر - بعد قوله : "بغير سواك "-: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن العبد -يعني - إذا تسوك، ثم قام إلى الصلاة، أتاه الملك حتى يضع فاه على [فيه](2) )).
قال ابن أبي حاتم(3) :" يزيد بن عبدالله القرشي البيسري، روى
[ل45/أ]
[عن](4) عمر بن محمد العُمري، روى عنه [علي](5) / بن أبي هاشم الطبراخ وغيره، سمعت أبي يقول ذلك ".
وروى أيضًا(6) من حديث طارق بن عبدالرحمن، عن محمد بن عجلان، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك )) . رواه عن أحمد بن بندار، عن عبدالله بن محمد بن زكريا، عن جعفر بن أحمد، عن أحمد بن صالح، عنه. " ورُوي في ذلك عن جُبير بن نُفير مرفوعًا مرسلاً، والله عز وجل أعلم(7)". انتهى.
و"نُفَير": بضم النون، بعدها فاء مفتوحة.
__________
(1) كذا في الأصل، وفي "البدر المنير" (3/159) :" عبدالله بن أبي الحوراء " بالحاء.
(2) في الأصل :" فاه ".
(3) في "الجرح والتعديل" (9/276 رقم1161).
(4) في الأصل :"عنه"، والتصويب من "الجرح والتعديل".
(5) في الأصل :"محمد"، والتصويب من "الجرح والتعديل"، و "التاريخ الكبير" (8/346 رقم3266)، و "تهذيب الكمال" (21/171 رقم4149).
(6) يعني أبا نعيم.
(7) من قوله:"وروي في ذلك"إلى هنا من كلام أبي نعيم كما يتضح من"البدر المنير"(3/160).(1/328)
والوجه الذي أشار البيهقي(1) إلى أنه رُوي عن عائشة رضي الله عنها : هو من رواية ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( صلاة على إثر سواك، أفضل من سبعين صلاة بغير سواك )) . أخرجه الحافظ أبوبكر الخطيب في "المتفق والمفترق"(2) من جهة سعيد بن عفير، عن ابن لهيعة.
وتضعيف البيهقي له من جهة ابن لهيعة(3)، والله عز وجل أعلم.
ووجه(4) آخر : من رواية محمد بن عمر- هو الواقدي-، عن عبدالله بن أبي يحيى، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ركعتان بعد السواك، أحب إلي من سبعين [ركعة](5) قبل السواك )) . رواه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(6) عن محمد بن عمر الواقدي، وهو مشهور الحال، وقد كُذِّب.
وروى أبونعيم من حديث هاشم بن القاسم الحراني، ثنا عيسى بن يونس،
عن الفرج بن فضالة، عن عروة بن رُويم، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :" صلاة على سواك، أفضل من صلاة على غير سواك بسبعين درجة ". رواه عن محمد بن علي بن عبدالله بن محمد بن مروان بن شجاع، عنه.
وروى محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبدالله بن
__________
(1) كما تقدم (ص 365).
(2) 2/949 رقم576).
(3) بهامش الأصل - تعليقًا على هذا الموضع - ما نصه :"... البيهقي من طريق الواقدي "، وهو كذلك، فإن البيهقي بعد أن أشار إليه في "سننه" (1/38) أخرجه من طريق الواقدي، عن عبدالله بن أبي يحيى الأسلمي، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة، ثم قال : "الواقدي لا يحتج به "، وليس الحديث عنده من طريق ابن لهيعة.
(4) في الأصل :"وله وجه"، ثم ضُرب على قوله :" له ".
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من"بغية الباحث"،و"البدر المنير" (3/155).
(6) ص60 رقم155 / بغية الباحث).(1/329)
عبدالله بن عمر قال : قلت : أرأيت توضُّؤَ ابن عمر لكل صلاة، طاهرًا وغير طاهر، عَمَّ ذاك ؟ قال : حدثته(1) أسماء بنت زيد بن الخطاب : أن عبدالله بن حنظلة بن أبي عامر حدثها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالوضوء لكل صلاة، طاهرًا وغير طاهر، فلما شق ذلك عليه، أمر بالسواك لكل صلاة، فكان ابن عمر يرى أن به قوة، وكان لايدع الوضوء لكل صلاة. أخرجه أبوداود(2)، وقال :" إبراهيم بن سعد رواه عن ابن إسحاق قال : عبيدالله".
وهذا الذي ذكره أبوداود عن إبراهيم بن سعد، وافقه عليه سعيد بن يحيى اللخمي، عن محمد بن إسحاق(3).
وأخرجه أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(4)، والحاكم أبوعبدالله في "مستدركه"(5)- فيما بلغني، وأنه جعله على شرط مسلم -.
واعلم أن هذا الحديث قد قيل : إن [علي بن مجاهد وسلمة بن الفضل](6)
روياه عن [ابن](7) إسحاق، فأدخلا فيه بينه وبين محمد(8): محمد(9) بن طلحة،
فعلى ظاهر هذا لايكون روايته عن محمد بن يحيى سماعًا منه.
و"حَبّان"- جدُّ محمد بن يحيى -: بفتح الحاء، وبعدها باء موحدة.
[ل45/ب]
__________
(1) في بعض نسخ أبي داود :"حدثتنيه" كما في طبعة عوامة (1/171).
(2) في "سننه" (1/41رقم48) كتاب الطهارة، باب السواك.
(3) وروايته عند البيهقي في "سننه" (1/37).
(4) 1/11 و71-72 رقم15 و138).
(5) 1/156).
(6) مابين المعكوفين موضعه بياض في الأصل، وسبق أن أورده المصنف(ص353)من رواية أبي نعيم هكذا، وانظر"تحفة الأشراف"(4/315رقم5247)، و"تهذيب الكمال"(14/438).
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(8) يعني : محمد بن يحيى بن حبان.
(9) كتب فوقها الناسخ :" صحـ ".(1/330)
وروى أبونعيم من حديث سفيان بن عيينة وفضيل بن سليمان، قالا : ثنا الحسن بن عبيدالله النخعي، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه -: أنه أمر بالسواك، وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن العبد إذا تسوك، ثم قام يصلي،/قام الملك خلفه يستمع القرآن، فلا تزال عَجَّتُه بالقرآن تدنيه(1) حتى يضع فاه على فيه، فما يخرج من فيه شيء من القرآن إلا صار في جوف ذلك الملك، فطهِّرُوا أفواهكم للقرآن )) . روى حديث فضيل من جهة أبي بكر البزار، وإبراهيم بن علي، وعبدالله بن وهب، قالوا : حدثنا محمد بن زياد الزيادي، ثنا فضيل بن سليمان، وروى حديث سفيان، عن علي بن هارون، ثنا جعفر الفريابي، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا سفيان بن عيينة، وقال عقيب الحديث :" ورواه أبومعاوية، عن الأعمش، عن سعد بن عُبيدة موقوفًا، ولم يرفعه ابن عيينة ".
ورواه أبونعيم أيضًا من حديث عبدالعزيز بن الخطاب، ثنا مندل، عن أبي رجاء، عن وُضَيْن قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((طيبوا أفواهكم، فإن أفواهكم طرق القرآن )).رواه عن فاروق الخطابي،عن أبي مسلم الكشي، عنه.
و"مندل" ضعيف.
__________
(1) كذا في الأصل، وقد أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص435-436 رقم 1224و 1225) من طريق سفيان بن عيينة والفضيل بن سليمان، كليهما عن الحسن بن عبيدالله به. وفي لفظ فضيل :« فلا يزال عجبه بالقرآن يدنيه »، ولم يرد هذا اللفظ في رواية سفيان. وذكره ابن الملقن في "البدر المنير" (3/163) بمثل رواية ابن المبارك لطريق فضيل، وعزاه لأبي نعيم.(1/331)
وروى أيضًا(1) من حديث بحر بن كنيز، ثنا ابن [ساج](2)، عن سعيد بن جبير، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إن أفواهكم طرق للقرآن، فطهروها بالسواك )) . رواه عن أحمد بن إبراهيم بن يوسف، عن محمد بن زكريا، عن مسلم بن إبراهيم، عن [بحر](3) بن كَنِيز.
و"بحر" ضعيف. و"كَنِيز": مفتوح الكاف، بعدها نون مكسورة، وبعد آخر الحروف زاي معجمة.
وروى أبونعيم أيضًا من حديث الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا تسوك أحدكم، ثم قام يقرأ، طاف به ملك يستمع القرآن، حتى يجعل فاه على فيه )). رواه عن علي بن هارون، عن جعفر الفريابي، عن قتيبة، عنه، وهذا صحيح مرسل.
وروى أيضًا من حديث الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن علي - رضي الله عنه - قال :" إذا قام أحدكم من الليل فليتسوك ؛ فإنه إذا قرأ القرآن دنا منه الملك، ثم لم يزل يدنو حتى يضع فاه على فيه ". رواه عن علي بن إبراهيم، عن الفريابي، عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير
ووكيع، عن الأعمش، وهو موقوف.
__________
(1) يعني في كتاب "السواك"، ورواه أيضًا في "حلية الأولياء" (4/296).
(2) في الأصل:"سالم"،والتصويب من"الحلية"،وسبق أن أورده المصنف(ص347)على الصواب.
(3) في الأصل :"محمد"، وهو تصحيف كما يتضح مما سبق ويأتي.(1/332)
ورواه عقيبه عن سليمان بن أحمد، قال: ثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا شريك، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا قام أحدكم من الليل يصلي فليستاك(1)، فإنه إذا قام يصلي(2)، أتاه ملك فوضع فاه على فيه، فلا يخرج شيء من فيه إلا وقع في فِيّ الملك )) . ترجمة الأعمش عن أبي سفيان، عن جابر
أخرجها مسلم(3)، والحضرمي، وعثمان، وشريك مُوثقون.
وروى أيضًا [أبو](4) نُعيم(5). روى الطبراني(6) من حديث أرطاة أبي حاتم، عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لولا أن يكون سنة، لأمرت بالسواك عند كل صلاة )) . رواه عن [هيثم](7) بن خلف، عن محمد بن صالح بن النطاح، عن أرطاة، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا أرطاة أبوحاتم، تفرد به محمد ابن صالح ".
[ل46/أ]
فصل في السواك بين كل ركعتين من صلاة الليل
روى أبونعيم من حديث المنهال بن عمرو، قال : حدثنا علي بن عبدالله ابن عباس، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستاك بين كل ركعتين من صلاة الليل. رواه عن سليمان بن أحمد، عن علي بن عبدالعزيز، عن أبي نعيم، عن يونس بن أبي إسحاق، عنه، وهو إسناد جيد.
__________
(1) كذا في الأصل، و"البدر المنير" (3/163).
(2) في الأصل :" فإنه إذا قام يصلي فيستاك فإنه إذا قام يصلي أتاه ملك..."، والمثبت موافق لما في "البدر المنير".
(3) بل والبخاري كما في "تحفة الأشراف" (2/192 ومابعدها).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(5) كذا جاء في الأصل، وقد يكون الصواب :" وروى الطبراني "، أو يكون هناك نقل عن أبي نعيم، لكنه سقط، والله أعلم.
(6) في "المعجم الأوسط" (9/165 رقم9435).
(7) في الأصل :" هشيم"، والتصويب من المرجع السابق.(1/333)
ورواه من حديث داود بن عيسى النخعي الكوفي، عن منصور بن المعتمر، حدثني علي بن عبدالله بن عباس، حدثني أبي : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يستاك بين كل ركعتين من صلاة الليل. ورواه عن الطبراني، عن أحمد بن محمد، عن يحيى بن حمزة الدمشقي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، قال: حدثني داود بن عيسى.
وروى أيضًا من حديث حصين، عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس، عن أبيه، عن جده ابن عباس قال : بت ذات ليلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يستاك بين كل ركعتين من صلاته. رواه عن أبي عمرو ابن حمدان، عن الحسن بن سفيان، عن زكريا بن يحيى، عن هشيم، عنه، وقال عقيبه :" رواه ابن فضيل وغيره عن حصين مثله، ورواه الحجاج، عن حبيب، فقال : عن علي بن أبي طالب "، ثم أسنده إلى الحجاج عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام من الليل يستاك. قال :"ورواه كريب عن ابن عباس نحوه ".
وقد روى ابن ماجه(1) حديث ابن عباس من غير هذا الوجه؛ وأخرجه من حديث الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل ركعتين ركعتين، ثم ينصرف فيستاك. رواه عن سفيان بن وكيع، عن عَثَّام بن علي، عن الأعمش.
و"عَثَّام ": بالعين المهملة، وبعدها ثاء رابع الحروف مشدَّدًا.
فصل
__________
(1) في "سننه" (1/106 رقم288) كتاب الطهارة وسننها، باب السواك.(1/334)
عن أبي سلمة، عن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( لولا أن أشق على أمتي، لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )) . قال أبوسلمة :" فرأيت زيدًا يجلس في المسجد، وإن السواك من أذنه موضع القلم من أذن الكاتب، وكلما قام إلى الصلاة استاك ". أخرجه أبوداود(1)، والترمذي(2)، وقال :" هذا حديث حسن صحيح ".
قلت : وقد روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه -(3).
قال البيهقي(4):« وبلغني عن البخاري أنه كان يقول(5):" حديث أبي سلمة عن زيد بن خالد أصح". قال أبوعيسى الترمذي(6):"كلاهما عندي صحيح "». قال البيهقي :" وقد [وقع](6) آخر هذا الحديث عن محمد بن إسحاق [بن يسار بإسناد له آخر".
ثم أخرجه من طريق أبي القاسم الطبراني، عن الحضرمي، عن عثمان بن أبي شيبة، عن يحيى بن يمان، عن سفيان، عن محمد بن إسحاق](7)، عن أبي جعفر، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : كان السواك من أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - موضع القلم من أذن الكاتب. قال(8): "قال أبوالقاسم الطبراني : [رواه عن ابن إسحاق سفيان، و](9) لم يروه عن سفيان إلا يحيى ". قال البيهقي :" ويحيى بن يمان ليس بالقوي عندهم، ويُشبه أن يكون غلط من حديث محمد بن إسحاق الأول إلى هذا ". ويعني بالأول : حديث زيد بن خالد - رضي الله عنه -.
__________
(1) في "سننه" (1/40 رقم47) كتاب الطهارة، باب السواك.
(2) في "سننه" (1/35 رقم23) أبواب الطهارة، باب ماجاء في السواك.
(3) سبق أن أخرجه المصنف (ص 354) فما بعد.
(4) في "سننه" (1/37).
(5) كما في "العلل الكبير" للترمذي (ص31 رقم14).
(6) في الأصل :"رفع"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي"، مع الاجتهاد في سياق العبارة بما يتوافق مع أسلوب المصنف.
(8) أي البيهقي.
(9) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من "سنن البيهقي ".(1/335)
[ل46/ب]
/عن(1) إبراهيم بن الحصين، عن الحارث بن عبدالله بن الحارث، عنه.
وعن أبي المتوكل، عن ابن عباس حدثه : أنه بات عند نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فقام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر الليل، فخرج فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية في آل عمران :{ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار} حتى بلغ :{ فقنا عذاب النار}(2)، ثم رجع إلى البيت،[فتسوّك](3) وتوضأ، ثم قام فصلى، ثم اضطجع، ثم قام فخرج فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك وتوضأ، ثم قام فصلى. رواه مسلم(4) من حديث إسماعيل بن مسلم، عن أبي المتوكل.
قال ابن منده :" ورواه جماعة عن ابن عباس، ولا نعرف قصة السواك في هذا الحديث إلا في حديث إسماعيل بن مسلم، ورواه عبدالملك وغيره، عن إسماعيل ".
__________
(1) بعد قوله :" حديث زيد بن خالد t " بياض في الأصل بما يقرب من نصف سطر، ثم ينتهي الوجه الأول من الورقة (46)، ويبتدئ الوجه الثاني بقوله :" عن إبراهيم بن الحصين "، فمن الواضح أن فيه سقطًا في هذا الموضع.
(2) الآيتان :( 190 و191) من سورة آل عمران.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "صحيح مسلم".
(4) في "صحيحه" (1/221 رقم256) كتاب الطهارة، باب السواك.(1/336)
قلت : أخرج أبوداود(1) من حديث محمد بن علي بن عبدالله بن عباس، عن أبيه، عن جده عبدالله بن عباس قال : بت [ليلة](2) عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما استيقظ من منامه أتى طهوره فأخذ سواكه فاستاك، ثم تلا هذه الآيات:{ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب }، حتى قارب أن يختم السورة - أو ختمها -، ثم توضأ، فأتى مصلاه فصلى ركعتين، ثم رجع إلى فراشه فنام ماشاء الله تعالى، ثم استيقظ ففعل مثل ذلك، كل [ذلك](3) يستاك ويصلي ركعتين، ثم أوتر.
وروى ابن ماجه(4) من حديث الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل ركعتين ركعتين، ثم ينصرف فيستاك.
وعن علي بن زيد، عن أم محمد، عن عائشة رضي الله عنها : أن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرقد من ليل ولا نهار فيستيقظ، إلا بسواك قبل أن يتوضأ. أخرجه أبوداود(5).
و"أم محمد" هذه هي امرأة أبي علي : زيد بن عبدالله بن جدعان.
ورواه الطبراني في "أوسط معاجمه"(6) عن محمد بن معاذ الحلبي، عن محمد بن كثير، حدثنا همام،[عن](7) علي بن زيد، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن علي بن زيد إلا همام ".
__________
(1) في "سننه" (1/48 رقم58) كتاب الطهارة، باب السواك لمن قام من الليل.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود "، وكأن الناسخ تنبه لوجود خلل في السياق، فوضع على قوله:" ذلك كل" علامتي التقديم والتأخير :" م. م"، ولكن لا يزال الخلل موجودًا.
(4) في "سننه" (1/106 رقم288) كتاب الطهارة وسننها، باب السواك.
(5) في "سننه" (1/47 رقم57) كتاب الطهارة، باب السواك لمن قام من الليل.
(6) 7/58-59 رقم6843).
(7) في الأصل :" بن"، والتصويب من "المعجم الأوسط".(1/337)
وعن فُرات بن السائب الجزري - بجيم، بعدها زاي، ثم راء -، عن ميمون، عن ابن عمر رضي الله عنهما : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يستيقظ من الليل إلا استاك. قال(1):" فرات ضعيف ".
وروى أبونعيم من حديث عثمان بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن عبيد، عن واصل بن السائب الرقاشي، عن أبي سورة، عن أبي أيوب - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يستاك في الليلة مرارًا. رواه عن عبدالله بن يحيى الطلحي، عن عبيد بن غَنّام، عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن أبي خالد الأحمر، عن واصل الرقاشي قال : حدثني سورة ابن أخي أبي أيوب، وعن علي بن هارون، عن جعفر الفريابي، عن عثمان بن أبي شيبة(2).
[ل47/أ]
__________
(1) لم يذكر المصنف من الذي أخرج هذا الحديث، أو لعله ذكره وسقط من الناسخ.
(2) قد يوقع أسلوب المصنف في سياق سند الحديث في شيء من اللبس، لكن معناه : أن أبانعيم روى الحديث من طريق عبدالله بن يحيى الطلحي عن عبيد بن غنام، عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن أبي خالد الأحمر، عن واصل الرقاشي، عن سورة ابن أخي أبي أيوب، عن أبي أيوب. ثم رواه أبونعيم مرة أخرى من طريق علي بن هارون، عن جعفر الفريابي، عن عثمان بن أبي شيبة، عن محمد بن عبيد، عن واصل الرقاشي، عن أبي سورة، عن أبي أيوب.
فيكون أبوخالد الأحمر رواه عن واصل، وسمى شيخه :" سورة "، بينما رواه محمد بن عبيد عن واصل، فسمى شيخه :"أبا سورة"، وكأن المصنف اختار رواية محمد بن عبيد فقدمها مع أن حقها التأخير، وانظر "تهذيب الكمال" (33/394).(1/338)
وروى أيضًا من حديث قرة بن حبيب القنوي،/ حدثنا عبدالحكم، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام من الليل استاك. وقال أنس : هو من السنة. و"قرة بن حبيب القنوي" تكلموا فيه. و"عبدالحكم" تكلموا فيه.رواه عن عبدالله بن محمد، عن أحمد بن علي الخزاعي(1)، عن قرة.
ورواه أيضًا من حديث حسام بن مصك، عن عطاء، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتعار من الليل إلا أجرى السواك على فيه. رواه عن الفضل بن أحمد بن الفضل الجرجاني، عن أبي نعيم، عن عدي، عن عباس الدوري، عن عبيدالله بن عبدالمجيد، عن حسام ابن مصك. و"حسام" تُكُلِّم فيه.
وروى أيضًا من حديث عفان، ثنا وهيب - فيما أرى-، قال: ثنا هشام ابن عروة، ثنا أبي: أن عائشة حدثته : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرقد، فإذا استيقظ تسوك، ثم توضأ وصلى ثمان ركعات. رواه عن محمد بن جعفر بن الهيثم، عن جعفر الصائغ، عنه.
وروى أيضًا من حديث أبي بشر صاحب البصري(2)، عن ثابت، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان له إناء يعرض عليه سواكه، فإذا قام من الليل خلى(3)، واستنجى، واستاك، وتوضأ، ثم بعث يطلب الطيب في رباع نسائه. رواه عن القاضي أبي أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم، عن محمد بن أيوب، عن موسى بن إسماعيل، عن أبي بشر.
__________
(1) نسب هنا إلى جده، وإلا فهو : أحمد بن محمد بن علي الخزاعي.
(2) واسمه : بكر بن الحكم.
(3) كذا في الأصل، ويظهر أن الصواب :" تخلى " كما في حديث عائشة في أول الفصل الآتي.(1/339)
وروى أيضًا من حديث ابن وهب، أخبرني عياض، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: بت عند رسول الله، فقام من الليل، ثم عَمِدَ إلى ماء معلق فتسوك. رواه عن عبدالله بن جعفر، عن إسماعيل ابن عبدالله، عن يحيى بن سليمان الجعفي، عنه، ثم أتبعه بروايته عن محمد بن المظفر، عن علي بن أحمد بن سليمان، عن هارون بن سعيد الأيلي، عن عبدالله بن وهب، عن عياض بن عبدالله ؛ قال :" مثله ".
وروى أيضًا من حديث موسى بن مُطير،عن أبيه،عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ربما استاك النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليلة أربع مرات. رواه عن حبيب بن الحسن، عن الحسين بن الكميت، عن غسان بن الربيع، عنه.
فصل في إعداد السواك لقيام الليل
عن سعد بن هشام، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوضع
له وضوؤه وسواكه، فإذا قام من الليل تخلى ثم استاك. أخرجه أبوداود(1) من حديث بهز بن حكيم، عن زرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام.
ومن هذا الوجه أخرجه أبومسلم الكشي في "سننه" مقتصرًا على قوله: "كان يوضع له سواكه ووضوؤه ".
[ل47/ب]
وروى ابن منده في كتابه(2)، ولفظه : عن عائشة رضي الله عنها : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرقد، فنضع له سواكه ووضوءه، فيبعثه الله إذا شاء أن يبعثه، فيقوم فيتسوك، ثم يتوضأ. قال :" هذا إسناد مجتمع على صحته، وهو مختصر من حديث طويل. رواه ابن أبي عروبة، وهشام الدستوائي، وهمام/ بن يحيى، ومعمر بن راشد، عن قتادة...، الحديث بطوله. ورواه شعبة، وأبوعوانة، وجماعة مختصرًا ". انتهى.
__________
(1) في "سننه" (1/47 رقم56) كتاب الطهارة، باب السواك لمن قام من الليل.
(2) أي : كتاب "الطهارة" كما نص عليه المصنف فيما مضى.(1/340)
وروى الطبراني في "الأوسط"(1) من حديث حَرَميِّ بن عُمارة، حدثنا الْحَرِيش بن الْخِرِّيت أخو الزبير بن الخرِّيت، حدثني ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كنا نضع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة آنية مخمرة : واحد لوضوئه، وواحد لسواكه، وواحد لشرابه ". رواه عن أحمد بن يحيى الحلواني، عن إبراهيم بن محمد بن عرعرة، عن حرمي، وقال :" لم يرو هذا
الحديث عن ابن أبي مليكة إلا الحريش، تفرد به حرمي". انتهى.
و"الْحَرِيش": بفتح الحاء المهملة، وكسر الراء، وآخره شين معجمة. و"الخِرِّيت": بكسر الخاء المعجمة، وتشديد الراء المهملة المكسورة، وآخره تاء
ثالث الحروف.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لاينام إلا والسواك عنده...، الحديث. أخرجه أبوأحمد(2) من حديث محمد بن مسلم بن مهران، عن جده، عن ابن عمر.
فصل في غسل السواك
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتسوك فيعطيني السواك [لأغسله](3)، فأبدأ به، فأستاك، [ثم أغسله وأدفعه إليه](4). أخرجه أبوداود(5) من حديث عنبسة بن سعيد الكوفي الحاسب، عن [كثير](6)، عن عائشة رضي الله عنها.
فصل في السواك عند الأَزْمِ
__________
(1) 1/252 -253 رقم828).
(2) أي : ابن عدي في "الكامل" (6/243 ).
(3) في الأصل :"فأغسله"، والمثبت من "سنن أبي داود".
(4) في الأصل :"فأغسله ثم أدفعه إليه"، والمثبت من "سنن أبي داود".
(5) في "سننه" (1/44 رقم 52) كتاب الطهارة، باب غسل السواك.
(6) في الأصل "كبير"، والتصويب من المرجع السابق.(1/341)
روى زهير، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أتى رجلان رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حاجتهما واحدة، فتكلم أحدهما، فوجد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من فيه(1) أخلافًا، فقال له : (( أما تستاك ؟ )) فقال : بلى، ولكني لم أطعمْ من ثلاث، فأمر رجلاً من أصحابه فآواه، وقضى حاجته. رواه البيهقي(2) من جهة النفيلي، عن زهير، ومن جهة عمرو بن خالد، عنه، وقال :" لفظ حديث ابن عبدان(3)".
قلت: وهي رواية عمرو هذه. وقال(4):" هكذا رواه جماعة عن زهير". ويقال : أَخْلَفَ فوه يُخْلِفُ إخلافًا، كما يقال : خَلَفَ يَخْلُفُ خُلُوفًا.
فصل في الاستياك لإزالة القَلَح
عن جعفر بن تمام، عن أبيه، عن العباس بن عبدالمطلب قال : كانوا يدخلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولايستاكون، فقال : (( تدخلون عليّ قُلحًا ! استاكوا، لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك عند كل صلاة، كما فُرض عليهم الوضوء )) . أخرجه أبوالقاسم عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز(5) البغوي في "معجمه للصحابة - رضي الله عنهم -" من جهة أبي حفص الأبار، عن منصور بن المعتمر، عن أبي علي، عن جعفر.
[ل48/أ]
__________
(1) في الأصل :"في فيه"، ثم صوبت في الهامش، وكذا جاءت في "سنن البيهقي"، وفي "البدر المنير" (3/187) :" في فيه " أيضًا.
(2) في "سننه" (1/39).
(3) وهو علي بن أحمد بن عبدان الراوي لهذا الحديث عن أحمد بن عبيد الصفار، عن ابن ملحان، عن عمرو بن خالد.
(4) أي البيهقي.
(5) قوله :" عبدالعزيز " مكرر في الأصل.(1/342)
وأخرجه الحافظ أبوبكر أحمد بن عمرو البزار(1)، عن عمرو بن علي، عن سليمان بن كَرَّاز(2) - بفتح الكاف،/ والراء المشددة، وبعد الألف زاي -، عن أبي حفص.
ورواه أبوعبدالرحمن النسائي في "إغراب شعبة على سفيان، وسفيان على شعبة"(3).
قرأت على المفتي أبي الحسن ابن أبي الفضائل، عن العلامة أبي محمد ابن بري - قراءة عليه -، ثنا مرشد بن يحيى، ثنا محمد بن الحسين، ثنا محمد بن عبدالله،ثنا أبوعبدالرحمن النسائي،ثنا عمرو بن علي،حدثني أبوقتيبة،ثنا سفيان، عن أبي علي الزراد، عن جعفر بن تمام، عن أبيه، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( مالكم تأتوني قلحًا لا تستاكون ؟ استاكوا )) .
والذي يُعْتَلُّ به في هذا الحديث وجهان :
أحدهما : الاضطراب، فإن شيبان يرويه عن منصور، عن أبي علي، عن جعفر بن تمام، عن أبيه من غير ذكر العباس. أخرجه الحافظ أبوالقاسم الطبراني في "معجمه الكبير"(4)، ولفظه : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مالكم تدخلون عليّ قُلحًا ؟ استاكوا، فلولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل طهور )) . ورواه جرير، عن منصور هكذا.
__________
(1) في "مسنده" (4/129-130 رقم1302).
(2) كذا هو هنا، والذي في "مسند البزار" :" كران" بالنون، وكذلك في "الجرح والتعديل" (4/138 رقم604)، و"الكامل" (3/290 رقم759)، و "لسان الميزان" (4/103 رقم 3986)، بينما في "الضعفاء" للعقيلي (2/138 رقم628) بالزاي كما هو هنا عند المصنف، وسيأتي تنبيه المصنف على أن الصواب:" كراز" بالزاي، وإشارته لتخطئة ابن القطان لعبد الحق في نصه على أنه :" كران " بالنون.
(3) ل14/ أ رقم الحديث 173)، وسيخرجه المصنِّف من طريقه.، وسبق أن أخرجه (ص351و352) من طريقه أيضًا.
(4) 2/64 رقم1302).(1/343)
ورواه [أبو عبدالرحمن](1) النسائي في كتاب "إغراب سفيان على شعبة، وشعبة على سفيان"(2) هكذا ليس فيه ذكر العباس.
وذكر البغوي أن الأشيب رواه عن شيبان، عن منصور، عن أبي علي، عن جعفر بن تمام، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال :" والصواب ماحدث به الأشيب زعموا ".
وأغرب الحافظ أبوالقاسم الطبراني في "معجمه الكبير"(3)، فرواه من حديث قبيصة، عن سفيان، عن منصور(4)، عن أبي علي الصَّيْقَل، عن جعفر بياع الأنماط، عن جعفر بن تميم(5) بن العباس - أو ابن تمام(6)-، عن
أبيه.[رواه](7) عن [حفص](8) بن عمر الرقي، عن قبيصة، عن سفيان.
وذكر الحافظ أبو الحسن ابن القطان(9) عن الحافظ ابن السكن أنه قال : "حديث مضطرب فيه نظر ".
الوجه الثاني : أن أبا علي بن الصَّيْقَل مجهول ؛ قال ابن القطان(10): "وأبوعلي هذا لايعرف له حال ولا اسم ".
__________
(1) في الأصل :" أبو منصور ".
(2) سبقت الإحالة إليه.
(3) 2/64 رقم1301).
(4) قوله :" عن منصور" ليس في "المعجم الكبير".
(5) في الأصل :"قُثم"، وصوبت في الهامش، وهي كذلك في "المعجم الكبير".
(6) جاء في حاشية الأصل مانصه:" قثم أخو تمام، فيبقى مترددًا بين أن يكون جعفر بن قثم =
= أو جعفر بن تمام ".
(7) قوله :" رواه " كتبه الناسخ إلحاقًا بعد قوله :" ابن تمام " وقبل :"عن أبيه"، والصواب أن موضعه هنا.
(8) في الأصل :"جعفر"، والتصويب من "المعجم الكبير".
(9) في "بيان الوهم والإيهام" (5/121).
(10) في الموضع السابق.(1/344)
قلت : ذكر الحافظ أبوبكر البرقاني في "سؤالاته للدارقطني"(1) قال : "وذكر له - يعني الدارقطني - [وأنا](2) أسمع حديث السواك الذي رواه أبوعلي الصيقل، فقال : أبوعلي لابأس به، ثم قال : في الحديث اضطراب، وقد اختلفوا عليه فيه، يشبه أن يكون الاضطراب فيه [منه](3)". نقلته من خط الحافظ أبي طاهر السلفي، وأصل سماعه الذي حدث به. وقد ذكره ابن أبي حاتم في "الكنى المجردة"(4) برواية منصور والثوري عنه من غير مزيد(5). وقال أيضًا - أعني ابن القطان(6)-:" أما حديث تمام بن العباس، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - - وهو الذي استصوب البغوي وذكر ذلك عن غيره -، فإني أخاف - مع كونه من رواية أبي علي الصيقل المذكور- أن يكون مرسلاً ؛ فإن تمامًا لا تعرف صحبته من غيره، وهذا أيضًا ليس فيه نص سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - "(7). وحكى ابن القطان(8) أيضًا عن ابن السكن :" ويقال : إن تمامًا كان أشد قريش بطشًا، وكان أصغر ولد العباس، وليس يحفظ له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سماع من وجه ثابت ". انتهى.
[ل48/ب]
__________
(1) ص74 رقم580).
(2) في الأصل :" ولا "، والتصويب من "سؤالات البرقاني".
(3) في الأصل :"من "، والتصويب من "سؤالات البرقاني"، وفيها نقص عن النقل هنا، ونصه هناك :" في الحديث اضطراب فيه منه ".
(4) من كتابه "الجرح والتعديل" (9/409 رقم1975).
(5) من قوله :" وقد ذكره ابن أبي حاتم" إلى هنا هو من كلام ابن القطان في الموضع السابق.
(6) في "بيان الوهم والإيهام" (5/123).
(7) قوله :" وهذا أيضًا ليس فيه نص سماعه من النبي r " ليس في "بيان الوهم "، وذكر المحقق أن في موضعه في الأصل مسحًا، فيستدرك من هنا.
(8) في المصدر السابق (5/121 -122).(1/345)
وسليمان بن كرَّاز الذي ضبطنا [أباه](1) فيما تقدم، كان أبومحمد عبدالحق صاحب "الأحكام"/ ضبطه على غير هذا الوجه(2)، فرده عليه أبوالحسن ابن القطان.
فصل في السواك على اللسان
روى مسلم(3)من حديث حماد،[عن](4) غيلان-وهو ابن جرير المِعْوَلي-،
عن أبي بردة، عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وطرف السواك على لسانه.
وروى أبوداود(5) من حديث حماد بن زيد، عن غيلان بن جرير، عن أبي بردة، عن أبيه - قال مسدد -:" أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نستحمله، فرأيته يستاك على لسانه ". وقال سليمان - يعني ابن داود العتكي-:" دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يستاك، وقد وضع السواك على طرف لسانه، وهو يقول: (( أه، أه )) - يعني يتهوع -". قال أبوداود : قال مسدد :" كان حديثًا طويلاً اختصره ".
وهذا الحديث متفق عليه(6) من حديث حماد بن زيد بسنده، إلا أنهم اختلفوا في لفظه المحكي، فقال البخاري في روايته عن أبي النعمان، عن حماد بسنده، عن أبي بردة، عن أبيه قال : أتيت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فوجدته يستن بسواك في يده يقول : (( أع، أع ))، والسواك في فيه كأنه يتهوع.
ورواه ابن خزيمة(7) عن [أحمد بن](8)
__________
(1) في الأصل :"أبيه"، وهو خطأ ظاهر.
(2) يعني :" كران " بالنون.
(3) في "صحيحه" (1/220 رقم254) كتاب الطهارة، باب السواك.
(4) في الأصل :"بن"، والتصويب من "صحيح مسلم ".
(5) في "سننه" (1/42 رقم49) كتاب الطهارة، باب كيف يستاك، من طريق مسدد، وسليمان بن داود العتكي، كلاهما عن حماد بن زيد.
(6) أخرجه مسلم كما سبق، وأخرجه البخاري (1/355 رقم244) في كتاب الوضوء، باب السواك.
(7) في "صحيحه" (1/73 رقم141).
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح ابن خزيمة".
.(1/346)
عبدة الضبي، عن حماد، وقال فيه : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - [وهو يَسْتَنّ](4)، وطرف السواك على لسانه، وهو يقول: (( عا، عا )).
ورواه أبوبكر الجوزقي الحافظ في "صحيحه" من جهة مسلم بن إبراهيم، عن حماد، ولفظه : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يستاك على لسانه، وهو يقول : (( إخ، إخ، إخ )).
فصل في السواك في الصيام
عن عاصم بن عبيدالله، عن عبدالله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - مالا أحصي يتسوك وهو صائم.
أخرجه الترمذي(1)، وقال :" حديث عامر بن ربيعة حديث حسن ".
وأخرجه أبوداود(2) من هذا الوجه، ولفظه : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستاك وهو صائم مالا أعد ولاأحصي.
و"عاصم بن عبيدالله" بن عاصم بن عمر بن الخطاب: قال البخاري(3): "منكر الحديث ". وقال النسائي(4):" لانعلم مالكًا روى عن إنسان ضعيف مشهور بالضعف، إلا عاصم بن عبيدالله، فإنه [روى](5) عنه حديثًا، وعن عمرو بن أبي عمرو، وهو أصلح من عاصم، وعن شَرِيك بن أبي نَمِر وهو أصلح من عمرو. ولا نعلم مالكًا حدث عن أحد يُترك حديثه، إلا عبدالكريم
ابن أبي المخارق أبوأمية البصري ". انتهى.
[ل49/أ]
__________
(1) في "سننه" (1/104 رقم725) في الصوم، باب ماجاء في السواك للصائم.
(2) في "سننه" (2/768 رقم2364) في الصوم، باب السواك للصائم.
(3) في "تاريخه الكبير" (6/493 رقم3088).
(4) ونقله أيضًا المزي في "تهذيب الكمال" (3/505 رقم3014).
(5) في الأصل :"يروي"، والمثبت من "تهذيب الكمال".(1/347)
وروى أبونعيم من حديث يزيد بن هارون، ثنا السري بن إسماعيل، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((من خير خصال الصائم: السواك )) . رواه عن سليمان بن أحمد، عن إدريس بن جعفر، عنه، وقال عقيبه:" ورواه يوسف بن عطية، عن السري بن إسماعيل"، ثم خرجه من هذا الوجه عن عامر(1)، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها [قالت](2): قلت: يارسول الله! إنك/ تديم السواك ؟! قال : (( يا عائشة ! لو أستطيع أن أستاك مع كل شفع لفعلت، وإن خير خصال الصائم السواك )). رواه عن محمد بن أحمد بن الحسن، وحبيب بن الحسن، عن الحسين بن عمر، عن العلاء بن عمرو، عن يوسف.
و"يوسف بن عطية" تُكُلِّم فيه.
وروى أيضًا عن عثمان بن محمد، ثنا إبراهيم بن سليمان المؤدب - منذ أربعين عامًا -، عن مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( خير خصال الصائم السواك )) . رواه عن عبدالله بن جعفر، عن إسماعيل بن عبدالله، عن عثمان بن محمد.
و"مجالد" مشهور الحال.
وروى مالك(3) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :... فذكر حديثًا فيه : (( والذي نفسي بيده ! لخلوف فم
الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك )) .وأخرجه البخاري(4)من حديثه.
__________
(1) هو الشعبي.
(2) في الأصل :" قال "، وهو تصحيف.
(3) في "الموطأ" (1/310 رقم58) كتاب الصيام، باب جامع الصيام.
(4) في "صحيحه" (4/103 رقم1894) كتاب الصوم، باب فضل الصوم.(1/348)
وروى مسلم(1) والبخاري(2) من حديث عطاء، عن أبي صالح الزيات، أنه سمع أباهريرة - رضي الله عنه - يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -...، فذكر حديثًا فيه : ((والذي نفس محمد بيده ! لخلوف فم الصائم أطيب عند الله [يوم القيامة](3) من ريح المسك )) . اللفظ لمسلم.
ورواه مسلم(4) من حديث سعيد بن المسيب: أنه سمع أباهريرة [- رضي الله عنه - قال: سمعت رسول - صلى الله عليه وسلم -](4) يقول : (( قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، هو لي وأنا أجزي به، فوالذي نفسي بيده! لَخُلْفَةُ فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك )) .
و"الخُلُوفُ"- مضموم الخاء لاغير -: التغيُّر في الفم، يقال : خَلَف، يخلُف - بالفتح في الماضي، والضم في المستقبل -، خُلوفًا : كقَعَدَ، يَقْعُد، قُعُودًا، وعن بعض المحدثين : أنه فتح الخاء، فخُطِّئ فيه.
وروى النسائي في كتاب "الأسماء والكنى" قال : أخبرني إبراهيم بن يوسف البلخي، ثنا أبوإسحاق الخوارزمي، قال : يقال : اسمه إبراهيم بن عبدالرحمن، وحديثه : سألت عاصمًا عن السواك للصائم، فقال :" لا بأس به". قلت : بالرطب واليابس ؟ قال :" نعم ". قلت : من أول النهار ومن آخره ؟ قال :" نعم ". قلت : عمَّن ؟ قال :" عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -". كذا وجدته فيه. وقال النسائي في أول الترجمة :" أبوإسحاق إبراهيم بن عبدالرحمن الخوارزمي : منكر الحديث ".
فصل في الاستياك عرضًا
__________
(1) في "صحيحه" (2/807 رقم1151/163) كتاب الصيام، باب فضل الصيام.
(2) في"صحيحه" أيضًا(4/118رقم1904)كتاب الصوم، باب هل يقول:إني صائم، إذا شُتم؟
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح مسلم ".
(4) في الموضع السابق برقم (1151/161).(1/349)
روى أبوداود في " المراسيل"(1) عن محمد بن الصباح، عن هُشَيم، عن محمد بن خالد القرشي، عن عطاء بن أبي رباح قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إذا شربتم فاشربوا مصًّا، وإذا استكتم فاستاكوا عرضًا )) .
و"محمد بن خالد القرشي": ذكره ابن أبي حاتم(2) ولم يذكر شيئًا من جرح ولا تعديل.
[ل49/ب]
وروى الحفاظ: أبوأحمد ابن عدي(3)، وأبوالقاسم الطبراني(4)، وأبوالقاسم البغوي من حديث اليمان بن عدي، عن ثبيت بن كثير - وهو بضم الثاء المثلثة، وفتح الباء الموحدة، وآخره تاء -، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن/ بهز قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستاك عرضًا، ويشرب مصًّا، ويتنفس ثلاثًا، ويقول: (( هو أهنأ وأمرأ )) . قال البغوي - واللفظ لحديثه -:
"ولا أعلم روى بهز غير هذا، وهو منكر ".
ورواه البيهقي(5) من جهة عمر بن علي بن أبي بكر الكندي، عن علي بن ربيعة القرشي المدني، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن ربيعة بن أكثم قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستاك عرضًا، ويشرب مصًا، ويقول : (( هو أهنأ وأبرأ )) . وقال :" إنما يعرف بهز بهذا الحديث...، وأما ربيعة بن أكثم فإنه استشهد بخيبر". قال :"وروي في الاستياك عرضًا حديث لا أحتج بمثله ".
وقال أبوعمر(6):" بهز، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يشرب مصًا، ويتنفس ثلاثًا. روى عنه سعيد بن المسيب، ولم يثبت(7)، لم يرو عنه غيره، وإسناد حديثه ليس بالقائم ".
__________
(1) ص 74 رقم5).
(2) في "الجرح والتعديل" (7/242 رقم1330).
(3) في "الكامل" (7/181-182 رقم2091).
(4) في "المعجم الكبير" (2/47-48 رقم1242).
(5) في "سننه" (1/40).
(6) يعني ابن عبدالبر، وكلامه هذا في "الاستيعاب" (2/51 رقم225).
(7) قوله :"لم يثبت" ليس في "الاستيعاب" المطبوع.(1/350)
قلت : وقد بقي في إسناده اليمان بن عدي. ذكر الحافظ أبوعبدالله محمد بن إسحاق بن منده في كتاب " الصحابة - رضي الله عنهم - " بهزًا، فقال :" بهز، وقيل: البهزي، عداده في أهل المدينة، وروى عنه سعيد بن المسيب"، ثم أخرج الحديث من حديث ثُبيت، وقال:"ابن كثير الضبي البصري"، ولفظ متنه كما ذكرناه عن البغوي، إلا أنه قال :" ويتنفس ثلاثًا، ويقول : (( هو أهنأ وأمرأ وأبرأ ))". قال ابن منده:" رواه إبراهيم بن العلاء الزبيدي، عن عباد بن يوسف، عن ثُبيت، عن يحيى بن سعيد، عن [ابن](1) المسيب، عن القشيري، وكذلك رواه اليمان بن عدي.ورواه سليمان بن[سلمة الخبائري](2)، عن اليمان بن عدي، فقال هو : عن معاوية بن قُشير. ورواه هشام بن عمار، عن مِخْيَس بن تميم، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده كذلك نحوه ".
و"مِخْيَس": بكسر الميم، وسكون الخاء المعجمة، وفتح آخر الحروف(3)، وسين مهملة.
وأما حديث ربيعة بن أكثم، فإن أبا عمر قال - لما ذكره في
"الاستيعاب"(4)-: "ومن حديثه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستاك عرضًا، ويشرب مصًّا، ويقول : (( هو أهنأ وأمرأ )) . روى عنه سعيد بن المسيب، ولا يحتج بحديثه هذا ؛ لأن من دون سعيد لا يوثق بهم لضعفهم، ولم يره سعيد ولا أدرك زمانه [بمولده](5)؛ لأنه(6) ولد زمن عمر - رضي الله عنه - ".
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وتقدم على الصواب.
(2) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل، والمثبت من "تهذيب الكمال"(32/406)،=
= و"الإصابة" (1/276)، إلا أن قوله :" الخبائري" تصحف في "الإصابة" إلى :" الجنائزي".
(3) يعني الياء.
(4) 3/257-258 رقم755).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الاستيعاب"، وسيورد المصنف النص مرة أخرى بعد قليل، وفيه هذه الزيادة.
(6) أي : سعيد بن المسيب.(1/351)
وهذا الحديث أخرجه أبوعبدالله ابن منده في كتاب "الصحابة" من حديث عمر بن علي بن أبي بكر بالسند الذي تقدم، وفيه :"ويشرب مصًّا، ويقول : (( هو أهنأ وأمرأ )) ".
وقول أبي عمر :" ولا أدرك زمانه بمولده ؛ لأنه ولد زمن عمر"؛ تمامه(1):
أن ربيعة استشهد بخيبر، كما ذكر ابن شهاب.
روى أبو نعيم من حديث جعفر بن مسافر،ثنا يحيى بن مسافر، قال: ثنا يحيى بن حسان، قال: ثنا عبدالله بن حكيم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت :" كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستاك عرضًا، ولا يستاك طولاً". رواه عن محمد بن المظفر،[عن](2) عبدالجبار بن أحمد،[عن](3)جعفر.
[ل50/أ]
فصل في الاستياك بالآلة من قضبان الأشجار أو غيرها
قد تقدم غير ماحديث يدل على ذلك.
__________
(1) هذه التتمة التي ذكرها المصنف ليست في كلام ابن عبدالبر في الموضع السابق، ولكنه ذكر في بداية الترجمة أن ربيعة استشهد بخيبر، ولم يرد لابن شهاب ذكر، فلعل هذا من إدراج المصنف بقصد الإيضاح.
(2) في الأصل :" بن "، وهو تصحيف ؛ فمحمد بن المظفر اسم جده : موسى بن عيسى كما في "لسان الميزان" (6/437)، وهو يروي عن عبدالجبار بن أحمد كما في "لسان الميزان" أيضًا (4/382-383).
(3) في الأصل :"بن"، ولم يذكر في ترجمة عبدالجبار بن أحمد في الموضع السابق من "اللسان" أن اسم جده :" جعفر"، ومن عادة المصنف ذكر الإسناد إلى الشخص الذي علقه عنه، وهو هنا جعفر بن مسافر.(1/352)
وروى الطبراني من حديث إبراهيم بن أبي عبلة، عن [عبدالله](1) بن الديلمي، عن عبدالرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل- رضي الله عنه - قال:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( نعم السواك الزيتون ؛ من شجرة مباركة، يطيب الفم، ويذهب
بالحفر، وهو سواكي وسواك الأنبياء قبلي )) .
أخرجه في "الأوسط"(2)سائقًا له على الإسناد قبله. روى فيه عن أحمد بن
علي الأبار، عن معلل بن نُفَيل، عن محمد بن محصن، عن إبراهيم بن أبي عبلة، وذكر أنه لم يرو هذا الحديث عن إبراهيم بن أبي عبلة إلا ابن محصن.
ورواه أبونعيم أتم منه، عن أحمد بن جعفر بن سالم، ثنا أحمد بن علي الأبار، ثنا أبوأحمد معلل بن نفيل، عن محمد بن محصن العُكَّاشي، عن إبراهيم ابن أبي عبلة، عن عبدالله بن الزبير، عن عبدالرحمن بن غنم، قال : ربما سافرت مع معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، فيمر بشجرة الزيتون، فيأخذ منها القضيب، فيستاك به، ويقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( نعم السواك الزيتون ؛ من شجرة مباركة، يطيب الفم، ويذهب بالحفر )) . سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( هي سواكي وسواك الأنبياء قبلي )) . كذا فيه :" إبراهيم بن أبي عبلة، عن عبدالله بن الزبير"! خلاف ماذكرنا عن الطبراني، وكأن هذا غلط.
__________
(1) في الأصل :" عبدالرحمن"، وهو تصحيف، فلم أجد في الرواة "عبدالرحمن بن الديلمي"، كما أن إبراهيم بن أبي عبلة إنما يروي عن عبدالله بن الديلمي كما في "تهذيب الكمال" (2/141) و(15/435-436).
(2) 1/210 رقم678)، وليس فيه ذكر لقوله :" عن عبدالله بن الديلمي"، وإنما يروي الحديث إبراهيم بن أبي عبلة عن عبدالرحمن بن غنم. ويظهر أن إثبات الواسطة بينهما أصوب كما يظهر من "تهذيب الكمال" (2/141 )، وكما سيأتي من رواية أبي نعيم للحديث وتعقيب المصنِّف.(1/353)
وروى الحارث بن أبي أسامة في"مسنده"(1) عن الحكم- هو ابن موسى-، عن عيسى - هو ابن يونس-، عن أبي بكر بن عبدالله بن أبي مريم الغساني، عن ضمرة بن حبيب قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السواك بعود الريحان، [وبالرمان](2)، وقال : (( إنه يحرك عرق الجذام )) .
فصل في ذكر الاستياك بالإِصَْبع
روى [أبو](3) أحمد ابن عدي(4) من حديث عيسى بن شعيب، عن عبدالحكم القَسْمَلي، عن أنس - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( يُجزئ من السواك الأصابع )) .
قال أبوأحمد :" سمعت ابن حماد يقول : قال البخاري : عبدالحكم القسملي البصري، عن أنس، وعن أبي [الصديق](5)، منكر الحديث ". انتهى. وهو : عبدالحكم بن عبدالله القَسْمَلي- بفتح القاف والميم، وسكون السين المهملة-، والقَسامل في الأزد.
ورواه محمد بن موسى، عن عيسى بن شعيب، عن ابن المثنى، عن النضر بن أنس، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يُجزئ من السواك الأصابع )) . أخرجه البيهقي(6)، وقال :" تفرد به عيسى بالإسنادين جميعًا ".
وروى(7) من حديث عبدالله بن المثنى، عن النضر بن أنس، عن أنس بن
[ل50/ب]
__________
(1) ص60 رقم157/بغية الباحث).
(2) مابين المعكوفين من المرجع السابق.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(4) في "الكامل" (5/334).
(5) في الأصل :"وعن أبي بكر الصديق"، وكذا وقع في "سنن البيهقي" (1/40) ومخطوط "الكامل" (ل 704/ ب ). والتصويب من "التاريخ الكبير" للبخاري (6/129 رقم1928)، و"تهذيب الكمال" (16/402-403 رقم3702)، وكذا وقع على الصواب في المطبوع من "الكامل"، وكذا نقله الزيلعي عنه على الصواب في "نصب الراية" (1/10).
(6) في "سننه" (1/40).
(7) أي البيهقي في "سننه" (1/41).(1/354)
مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( تجري(1) الأصابع مجرى(1) السواك )) ، وقال :" إن المحفوظ من حديث ابن المثنى ماأخبرنا أبو الحسين ابن بشران، أنا أبوجعفر [الرزاز](2)، ثنا أحمد بن إسحاق بن صالح، ثنا خالد بن خداش، ثنا عبدالله بن المثنى الأنصاري،/ قال : حدثني بعض أهل بيتي، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أن رجلاً من الأنصار من بني عمرو بن عوف قال : يارسول الله! إنك رغبتنا في السواك، فهل دون ذلك من شيء ؟ قال : (( إصبعك(3) سواك عند وضوئك، تمر بها(4) على أسنانك، إنه لا عمل لمن لانية له، ولا أجر لمن لا [حسبة](5) له )) ".
ثم روى من جهة أبي أمية الطرسوسي، حدثنا عبدالله بن عمر الحمال، ثنا عبدالله بن المثنى، عن ثمامة، عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((الإصبع يُجزئ من السواك )) . رواه عن الأستاذ إسماعيل بن أبي نصر الصابوني، عن أبي محمد الحسن بن أحمد(6) المخلدي، عن محمد بن حمدون بن خالد، عن أبي أمية.
__________
(1) كذا في الأصل، و"نصب الراية" (1/10)، و"في سنن البيهقي" :" تجزي الأصابع مجزى السواك " بالزاي.
(2) في الأصل :"الوزان"، والتصويب من "سنن البيهقي"، و"تاريخ بغداد" (3/132 رقم1152)، واسمه : محمد بن عمرو.
(3) كذا في الأصل والموضع السابق من "نصب الراية"، وفي "سنن البيهقي :" إصبعاك".
(4) كذا في الأصل والموضع السابق من "نصب الراية"، وفي "سنن البيهقي :" تمرهما".
(5) في الأصل :" حسنة"، والتصويب من "سنن البيهقي"، و"نصب الراية".
(6) في "سنن البيهقي" :"الحسن بن محمد"، والصواب كما هنا، وانظر "الأنساب" للسمعاني(5/227)؛ ففيه:"أبومحمد الحسن بن أحمدبن محمد بن الحسن بن علي بن مخلد".(1/355)
وروى أبونعيم حديث عبدالله بن المثنى المتقدم،عن النضر بن أنس،عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( يُجزئ من السواك الإصبع )) . من جهة عيسى بن شعيب، عن عبدالله بن المثنى، ورواية عقبة بن مكرم، ومحمد بن موسى [الحرشي](1)، وعباس بن محمد الدوري،[وعبدالرحمن](2)، قالوا : حدثنا عيسى بن شعيب.
وروى أبونعيم أيضًا من حديث صفوان بن صالح، ثنا الوليد بن مسلم، عن المثنى بن الصباح، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها : أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل ينفضّ [فوه](3) فلا يستطيع أن يمر السواك على
أسنانه ؟ قال : (( تجزئه الأصابع )) . رواه عن سليمان بن أحمد، عن أحمد بن المعلى، عن صفوان.
و"المثنى بن الصباح" يُضعف.
وروى أبونعيم أيضًا من حديث هارون بن موسى الفرْويّ، ثنا أبو غَزية محمد بن موسى، حدثني كثير بن عبدالله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الأصابع تجري مجرى السواك إذا لم يكن سواك )) . رواه عن سليمان بن أحمد(4)، عن محمد بن عبدالله بن عِرْس المصري، عن هارون، وقال :" تفرد به هارون عن أبي غَزيَّة ".
و"كثير بن عبدالله" تُكلم فيه.
وله طريق آخر عن أنس من جهة الحكم بن يعلى(5)، عن أبي هُرمز
__________
(1) في الأصل :"الجرشي" بالجيم، والتصويب من "تهذيب الكمال"(26/532).
(2) في الأصل :"عن عبدالرحمن".
(3) في الأصل :" فاه ".
(4) هو الطبراني، وقد أخرجه في "المعجم الأوسط" (6/288 رقم6437) كما هنا.
.
(5) في الأصل :"الحكم بن عيسى"، وصوب في الهامش.(1/356)
الجمال(1) قال : سمعت أنس بن مالك - رضي الله عنه - يقول : سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مايجزئ من السواك ؟ قال : (( الأصابع )) . وذكر هاهنا عن أحمد أنه قال : "ليس بصحيح ؛ أبوهرمز ليس بشيء، وليس هو بالثقة ". انتهى.
وروى الطبراني في "معجمه الأوسط"(2) من طريق الوليد بن مسلم، قال: حدثنا عيسى بن عبدالله الأنصاري، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يارسول الله ! الرجل يذهب فوه، يستاك ؟ قال: (( نعم ))، قلت : كيف يصنع ؟ قال : (( يدخل إصبعه في فيه )) . قال :"لم يرو هذا الحديث عن عطاء إلا عيسى بن عبدالله، تفرد به الوليد، ولا يروى عن عائشة رضي الله عنها إلا بهذا الإسناد ".
[ل51/أ]
ورواه أبو أحمد ابن عدي(3) من جهة الوليد أيضًا عن عيسى، وفيه : قلت: فأي شيء يصنع؟ قال : (( يدخل إصبعه في فيه، فيدلكه هكذا ))- وأشار بإصبعه إلى فيه-.وقال ابن عدي في آخر الترجمة:"وعامة مايرويه لايتابع عليه". /أعني ترجمة عيسى هذا، ونسبه في أولها :" عيسى بن عبدالله بن الحكم بن النعمان بن بشير"، وقال :" أبوموسى الأنصاري ".
فصل في خصال الفطرة
عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( الفطرة خمس : الختان(4)، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط )) . لفظ رواية مسلم، وهو متفق عليه(5).
__________
(1) في الأصل يشبه أن تكون :" الحَمّال " بالحاء، والصواب بالجيم كما في "الأنساب" للسمعاني (2/83)، واسمه : نافع.
(2) 6/381 رقم6678).
(3) في "الكامل" (5/253 -254 ).
.
(4) كذا في الأصل و" الجمع بين الصحيحين " للحميدي (3/34 رقم2214)، وفي "صحيح مسلم" المطبوع :" الاختتان".
(5) أخرجه البخاري (10/349 رقم5891) في كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار، ومسلم (1/222 رقم257/50) في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة.(1/357)
ورواه ابن عيينة، عن الزهري بسنده، فقال فيه : (( الفطرة خمس - أو خمس من الفطرة -: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب )) . أخرجه مسلم(1).
وقد وقع لنا عاليًا من حديث الزهري.
قرأت على الفقيه أبي الحسن علي بن هبة الله،عن الحافظ أبي طاهر السِّلَفي - قراءة عليه -، أنا الرئيس أبوعبدالله القاسم بن الفضل الثقفي، ثنا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى الْمُزَكِّي- بنيسابور-،ثنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأموي، ثنا محمد بن عبدالله بن عبدالحكم وبحر بن نصر بن سابق، قالا : ثنا عبدالله بن وهب بن مسلم، ثنا يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( الفطرة خمس : الاختتان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط )) .
ووقع أعلى من هذا من حديث الزهري.
قرأت على أبي القاسم عبدالرحمن بن مكي - فيما قُرِئ [عليه](2)-، عن جده الحافظ أبي طاهر السلفي، ثنا القاسم بن الفضل، ثنا أبوزكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي، ثنا أبوالعباس محمد بن يعقوب، ثنا أبويحيى زكريا بن يحيى بن أسد، ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة يَبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الفطرة خمس )) أو قال : (( خمس من الفطرة : الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وقص الشارب،وتقليم الأظفار )) . رواه البخاري(3) عن علي بن المديني،عن سفيان، ورواه مسلم(4)،عن ابن أبي شيبة،عن سفيان.
__________
(1) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (257/49).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه.
(3) في "صحيحه" (10/334 رقم5889) كتاب اللباس، باب قص الشارب.
(4) في الموضع السابق.(1/358)
وروى مسلم(1) من حديث زكريا بن أبي زائدة، عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن عبدالله بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( عشر من الفطرة : قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، [ونتف الإبط، وحلق العانة ](2)، وانتقاص الماء )) . قال زكريا : قال مصعب: ونُسِّيت العاشرة، إلا أن تكون المضمضة. وزاد فيه وكيع(3):" انتقاص الماء :
يعني الاستنجاء ". وأخرجه ابن ماجه(4).
ولما ذكر ابن منده أن مسلم بن الحجاج أخرجه قال :" وتركه البخاري ولم يخرجه، وهو حديث معلُول ؛ رواه سليمان التيمي، عن طلق بن حبيب مرسلاً "، ثم رواه كذلك. انتهى. ولم يلتفت مسلم لهذا التعليل ؛ لأنه قدَّمَ وصل الثقة عنده على الإرسال.
و"البراجم":جمع برجمة؛وهي مفاصل الأصابع التي بين الأشاجع والرواجب، وهما رؤوس السلاميات من ظهر الكف، إذا قبض كفه نشزت وارتفعت.
[ل51/ب]
و"انتقاص الماء"- بالصاد المهملة -: فسره في الحديث بالاستنجاء. قال /أبوعبيد(5):" معناه انتقاص البول بالماء إذا غسل ذكره ".
وروى حماد عن علي بن زيد، عن سلمة بن محمد، عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من الفطرة : المضمضة، والاستنشاق، والسواك، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، والاستحداد، وغسل البراجم، والانتضاح، والاختتان )) . أخرجه ابن ماجه(6).
__________
(1) في الموضع السابق من "صحيحه" (1/223 رقم261).
(2) في الأصل :" وحلق الإبط ونتف العانة"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) وكيع هو راوي الحديث عن زكريا، وأدرج هذه الزيادة في الحديث بقصد التفسير.
(4) في "سننه"(1/107 رقم293) كتاب الطهارة وسننها، باب الفطرة.
(5) في "الغريبين" (6/63)، وفيه :" إذا غسل المذاكير به ".
(6) في الموضع السابق برقم (294).(1/359)
و" علي بن زيد(1)": هو ابن عبدالله بن جدعان، تقدم(2) أنه ضعيف، مع نسبته إلى الصدق.
وروى مالك في "الموطأ"(3) عن أبي بكر ابن نافع، عن أبيه نافع، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بإحفاء الشوارب
وإعفاء اللحى. وأخرجه مسلم(4) من حديث مالك.
وروى عمر بن محمد، حدثنا نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( خالفوا المشركين ؛ أحفوا الشوارب، وأوفوا اللحى )) . متفق عليه(5)، واللفظ لمسلم.
وفي رواية عبيدالله، عن نافع(6) : (( أحفوا الشوارب، وأعفوا اللحى )) .
وانفرد مسلم(7) بحديث العلاء بن عبدالرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى ؛ خالفوا المجوس )) .
ورواه بعضهم(8) : (( وأرجوا اللحى )) بالجيم ؛ معناه : أرجئوها ؛ أي : أخروها، وسُهِّلَت الهمزة بالحذف. و"اللِّحى" - بكسر اللام -: جمع لحية. وأما " اللُّحى" بضم اللام [.....](9)
__________
(1) في الأصل :"وعن علي بن زيد ".
(2) ص 182).
(3) 2/947 رقم1) كتاب الشعر، باب السنة في الشعر.
(4) في "صحيحه" (1/222 رقم259/53) كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة.
(5) أخرجه البخاري (10/349 رقم5892) كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار، ومسلم في الموضع السابق برقم (259/54).
(6) وهي عند مسلم برقم (259/52).
(7) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (260).
(8) قال النووي -رحمه الله - في شرحه على "صحيح مسلم" (3/151) :« وقع عند ابن ماهان :"أرجوا" بالجيم ». وابن ماهان أحد رواة "صحيح مسلم".
(9) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر. وذكر في "لسان العرب" (15/243) أن اللِّحية تجمع على لِحىً، ولُحىً -بالضم -، والله أعلم.(1/360)
وذكر أبوبكر البزار في كتاب الطهارة من "السنن" من حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الطهارات أربع : قص الشارب، وحلق العانة، وتقليم الأظفار، والسواك )). رواه عن عبيدالله بن سعد بن إبراهيم بن سعد، عن عمه يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عنه.
و"محمد بن إسحاق" [...](1)، وباقي الإسناد ظاهر.
وروى البزار أيضًا من حديث معاوية بن يحيى، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس، عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الطهارات أربع : قص الشارب، وحلق العانة، وتقليم الأظفار، والسواك )) . رواه عن عبدالله بن سعيد، عن إسحاق بن سليمان الرازي، عن معاوية، ذكره في كتاب الطهارة من "السنن".
وروى مسلم(2) من حديث جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - ؛ قال أنس :" وُقِّتَ لنا في قص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة ؛ ألا نترك أكثر من أربعين ليلة ".
وأخرجه ابن ماجه(3).
__________
(1) هاهنا سقط كما هو ظاهر من السياق، وفي تقديري أن الساقط سيكون :" تقدم الكلام عنه "، أو نحوه، والله أعلم.
(2) في "صحيحه" (1/222 رقم258) كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة.
(3) في "سننه" (1/108 رقم295) كتاب الطهارة وسننها، باب الفطرة.(1/361)
قال ابن منده بعد تخريجه من حديث جعفر بن سليمان :" وهذا إسناد صحيح، أخرجه مسلم، وتركه البخاري من هذا الوجه ". قال :" ورواه هشيم وغيره، عن صدقة أبي المغيرة الدقيقي، عن أبي عمران الجوني، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : وَقَّتَ لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قص الشارب، وفي حلق العانة أربعين يومًا "، ثم أخرجه بإسناده، وقال :/" هذا إسناد صحيح على رسم البخاري "، كذا وجدته في النسخة التي عندنا ؛ قال :" على رسم البخاري ". وهو عجيب ! فإن "صدقة أبا المغيرة الدقيقي" هو : صدقة بن موسى، بصري، يروي عن أبي عمران الجوني، وثابت، ومحمد بن واسع، ومالك بن دينار الزاهد، وغيرهم.
[ل52/أ]
وروى هذا الحديث الحافظ أبوالقاسم علي بن الحسن في "تاريخ الشام"(1) من جهة علي بن الجعد، عنه.
قال يحيى بن معين في رواية ابن أبي خيثمة(2):" صدقة بن موسى روى عنه يزيد بن هارون، ليس حديثه بشيء". وقال ابن أبي حاتم(3):"سألت أبي عن صدقة أبي المغيرة، قال: لين الحديث،يكتب حديثه ولا يحتج به،ليس بالقوي". ولم أجده فيما ذكره ممن أخرج عنه البخاري، فكيف يكون على رسمه؟!
تنبيه : ذكر عبدالحق(4) في كتاب مسلم حديث أنس:" وُقِّتَ لنا في قص الشارب، [ونتف الإبط](5)، وحلق العانة : أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة".
قال ابن القطان(6):" كذا أورده، وكذا ألفيته في النسخ ! و[نقصه](7) منه:
تقليم الأظفار؛ بين قص الشارب ونتف الإبط، وكذلك هو في كتاب مسلم".
__________
(1) هو "تاريخ دمشق" لابن عساكر.
(2) كما في "الجرح والتعديل" (4/432).
(3) في الموضع السابق.
(4) في "الأحكام الوسطى" (1/243).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الأحكام الوسطى"، ولابد منه كما يتضح من تعقب ابن القطان.
(6) في "بيان الوهم والإيهام" (2/193).
(7) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم ".(1/362)
وروى أبوعامرموسى بن عامر بن[خُرَيم](1) الْمُرِّي،ثنا الوليد،ثنا الأوزاعي قال : قال عمر بن عبدالعزيز :" السنة في قص الشارب حتى تبدُوَ الآطاء ".
ورواه أبوالدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي(2)، وهي في "الثالث من شيوخ الأوزاعي ".
فصل فيما جاء في دفن قلامة الأظفار
روى أبونعيم الحافظ في "معرفة الصحابة"(3) رضوان الله عليهم أجمعين، من حديث محمد بن سليمان بن مسمول، حدثني عبيدالله بن سلمة [بن وَهْرام](4)، عن أبيه، عن مَيْل بنت مُسَرِّح قالت : رأيت أبي قَلَّم أظفاره، ثم دفنها، وقال : أي بنية ! هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل. أورده عن سليمان بن أحمد، عن محمد بن أحمد التمار، ثنا يونس بن موسى الشامي، وسليمان بن داود الشاذكوني قالا : ثنا محمد بن سليمان بن مسمول.
و"محمد بن سليمان" بن مَسْمُول تكلم فيه الحميدي(5)، وأخرج له أبوحاتم ابن حبان في "صحيحه"(6).
فصل في ماجاء في التَّنَوُّر
__________
(1) في الأصل :" خزيم" بالزاي، والتصويب من "التقريب" (7028) وغيره.
(2) المترجم في "سير أعلام النبلاء" (15/268-269)، يروي عن موسى بن عامر وغيره، قال الذهبي :" وكان ذا عناية وإتقان، وعُمِّر دهرًا"، وقال الخطيب البغدادي :" كان مليئًا بحديث الوليد بن مسلم، روى عن عدَّة من أصحابه ".
قلت : وهذا الحديث من روايته عن موسى بن عامر، عن الوليد بن مسلم.
(3) مخطوط (2/ل212/أ).
(4) في الأصل :" وهران "، والتصويب من المرجع السابق، و "الجرح والتعديل"(7/267 رقم1458).
(5) انظر الموضع السابق من "الجرح والتعديل" .
(6) 13/196-197 رقم5882/الإحسان).(1/363)
روى أبوداود الطيالسي(1):حدثنا كامل أبوالعلاء،عن حبيب بن أبي ثابت، عن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتَنَوَّر،[ويلي](2) عانته بيده.
وأخرجه البيهقي(3) من جهة أبي داود، وقال :" أسنده كامل أبوالعلاء، وأرسله من هو أوثق منه ".
ثم رواه من طريق سفيان، عن منصور، عن حبيب بن أبي ثابت، وقال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلي عانته بيده ".
ورواه من طريق ابن وهب قال : أخبرني سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا تنوَّر ولِيَ عانته بيده.
وروى البيهقي أيضًا من حديث عبدالكريم السُّكَّري، حدثنا وهب بن زمعة، ثنا سفيان بن عبدالملك(4)، قال : قال عبدالله - يعني ابن المبارك -: ما أدري من أخبرني عن قتادة :/ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - [ لم يتَنَوَّر](5). قال عبدالله :"وهو أشبه الأمرين أن لا يكون ".
وذكر الحديث الآخر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولِيَ عانته، وقال :" هذا ضعيف ".
[ل52/ب]
وروى يعقوب بن سفيان(6)- ومن جهته أخرجه البيهقي(7)-: حدثني سليمان بن سلمة الحمصي(8)، ثنا سليمان بن ناشرة الألهاني، قال : سمعت محمد بن زياد الألهاني يقول : كان ثوبان جارًا لنا، وكان يدخل الحمام، فقلت له، فقال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخل الحمام ويتنوَّر. قال البيهقي مريدًا لهذا الحديث :" وروي بإسناد آخر ليس بالمعروف بعض رجاله ".
__________
(1) في "مسنده" (ص224 رقم1610).
(2) في الأصل :"على"، والتصويب من "مسند الطيالسي"، و"سنن البيهقي".
(3) في "سننه" (1/152).
(4) كذا جاء في الأصل، وهو الصواب، ووقع في "سنن البيهقي": " سفيان، عن عبدالملك ".
(5) في الأصل :" تنور"، والتصويب من الموضع السابق.
(6) في "المعرفة والتاريخ" (3/534).
(7) في الموضع السابق من "سننه".
(8) بهامش الأصل ما نصه :" سليمان بن سلمة الحمصي متروك".(1/364)
وروى أبوداود في "المراسيل"(1) عن أبي كامل الجحدري، عن عبدالواحد، عن صالح بن صالح، عن أبي [معشر](2): أن رجلاً نوَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما بلغ العانة كف الرجل، [ونوَّر](3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه.
وعن عبدالله(4) بن محمد بن إسحاق، عن [عبدالوهاب](5) بن عطاء،
عن [ سعيد ](6)، عن قتادة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتنوَّر، ولا أبو بكر، [ولا عمر](7)، ولا عثمان.
وروى البيهقي(8) من حديث أبي حمزة السُّكَّري، عن مسلم الْمُلائي، عن أنس - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يتنوَّر، فإذا كثر شعره حلقه. قال البيهقي :" مسلم المُلائي ضعيف في الحديث، فإن كان حفظه فيحتمل أن يكون قتادة أخذه أيضًا عن أنس، والله عز وجل أعلم ".
وروى البيهقي(9) من حديث ابن وهب، أخبرني أسامة بن زيد الليثي، عن نافع : أن عبدالله بن عمر كان يطّلي، فيأمرني أن أطليه، فإذا بلغ سفلته(10) وليها هو. قال البيهقي :" وبهذا الإسناد،[قال](11)
__________
(1) في (ص327-328 رقم469)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في الموضع السابق من"سننه".
(2) في الأصل :" جعفر"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(3) في الأصل :"وولي"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(4) أخرجه أبوداود في "المراسيل " أيضًا (ص328 رقم470)، ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق.
(5) في الأصل :"عبدالله"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(6) في الأصل :"سعد"، والتصويب كسابقه.
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجعين السابقين.
(8) في الموضع السابق.
(9) أيضًا.
(10) في "سنن البيهقي" :" فيأمرني أطليه، حتى إذا بلغ سفلته ".
(11) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي" منعًا لِلَّبس، فإن القائل : "حدثني " هو بحر بن نصر، وليس البيهقي.
.(1/365)
: حدثني ابن وهب، حدثني عبدالله بن عمر، عن نافع : أن ابن عمر كان لايدخل الحمام، وكان يتنوَّر في البيت، ويلبس إزارًا، ويأمرني أن أطلي ماظهر منه، ثم يأمرني أن أؤخر عنه، فيلي فرجه ".
فصل في ماورد في نتف شعر الآناف
روى أبو أحمد ابن عدي(1) من جهة حفص بن واقد اليربوعي، عن
إسماعيل بن مسلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( ( أحفوا الشوارب، وأعفوا اللحى، وانتفوا الشعر الذي في الآناف )). و"حفص بن واقد" ذكر له أبوأحمد أحاديث تفرد بها، لم يحكم عليه بشيء.
فصل في التنظف بالمضمضة من اللبن ومافي معناه وغسل الغَمَر
[ل53/أ]
قرأت على الفقيه المفتي أبي الحسن علي بن هبة الله، عن الحافظ أبي طاهر السِّلفي - فيما قرئ عليه وهو يسمع -، أنا الرئيس أبوعبدالله القاسم ابن الفضل الثقفي، ثنا أبوطاهر محمد بن محمد بن مَحْمِش الزيادي - إملاءً بنيسابور-، أنا أبوعلي محمد بن أحمد بن مَعْقِل المعقلي، ثنا أبوعبدالله محمد بن يحيى الذهلي، ثنا أبوعاصم، عن الأوزاعي، أخبرني الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله/ - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنًا، فدعا بماءٍ فمضمض، وقال : (( إن له دسمًا )) . رواه البخاري في "الصحيح"(2) عن أبي عاصم، ورواه مسلم(3) من وجه آخر، عن الأوزاعي، ورواه مسلم
أيضًا(4) من حديث عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب.
__________
(1) في "الكامل" (2/392)
(2) 10/70 رقم5609) كتاب الأشربة، باب شرب اللبن، وقول الله عز وجل :{ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ }.
(3) في "صحيحه" (1/274 رقم358) كتاب الحيض، باب نسخ الوضوء مما مست النار، =
= من طريق يحيى بن سعيد، عن الأوزاعي.
(4) في الموضع نفسه.(1/366)
وسيأتي(1) حديث سويد بن النعمان - إن شاء الله تعالى- في " المضمضة من السويق "(2).
روى الطبراني في "معجمه الكبير"(3) من حديث عبدالمهيمن(4)، عن أبيه، عن جده : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( تمضمضوا من اللبن، فإن له دسمًا )) . رواه عن الحسين بن إسحاق [التستري](5)، عن علي بن بحر-ح-، وعن عبدان بن أحمد، ثنا أبومصعب، ثنا عبدالمهيمن.
و"عبدالمهيمن": قال البخاري(6): "هو منكر الحديث ". وقال ابن عدي(7):" له عشرة أحاديث أو نحوها "، وروى له الترمذي، قال ذلك صاحب "الكمال"(8).
ذكر الرخصة في ترك ذلك
روى أبوداود(9) من حديث مطيع بن راشد، عن توبة العنبري، أنه سمع أنس بن مالك - رضي الله عنه - [يقول](10): إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنًا [فلم يمضمض](11) ولم يتوضأ، وصلى.
ذكر غسل الغمر
__________
(1) ص837) في ذكر ما استدل به على أن الوضوء مما مست النار بعد الرخصة.
(2) أي : موضوع الحديث في المضمضة من السويق.
(3) 6/125 رقم5721).
(4) وهو عبدالمهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي الأنصاري. انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (18/440).
(5) في الأصل :" السندي"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في "تاريخه الكبير" (6/137 رقم1947)، و"الضعفاء الصغير" (ص83 رقم243).
(7) في "الكامل" (5/343 رقم1499).
(8) يعني المقدسي، وهو كذلك في "تهذيب الكمال" (18/442).
.
(9) في "سننه" (1/135 رقم197) كتاب الطهارة، باب الرخصة في ذلك.
(10) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(11) في الأصل:"ثم تمضمض"، والتصويب من المرجع السابق، وانظر "فتح الباري" (1/313).(1/367)
روى الطبراني في "أوسط معاجمه"(1) من حديث المغيرة بن سقلاب، عن الوازع بن نافع، عن سالم، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من أكل من هذا اللحم شيئًا، فليغسل يديه )) . قال :" لم يرو هذا الحديث عن سالم إلا الوازع، تفرد به المغيرة بن سقلاب ".
قلت :" والوازع " و"المغيرة" تُكُلِّم فيهما(2).
حديث آخر يمكن أن يدخل في هذا المعنى: روى ابن قانع في "المعجم"(3) من حديث محمد بن عمر قال : ثنا عبدالله بن المنيب بن عبدالله بن أبي أمامة - وكان اسمه إياس بن ثعلبة حليف الأنصار-، عن جده عبدالله بن أبي أمامة،
عن أبيه قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن [نتوضأ](4) من الغَمَر. رواه عن أبي خُبَيب البِرْتي، عن محمد بن يحيى الأزدي، عن محمد بن عمر.
و"أبوخُبَيب": بضم الخاء، وفتح الباء الموحدة(5).
__________
(1) 7/146 رقم7115).
(2) انظر "الكامل" (6/358 رقم1841)، و(7/94 رقم2017).
(3) 1/26).
(4) في الأصل :"يتوضأ"، والتصويب من "المعجم" لابن قانع.
(5) واسمه: العباس بن أحمد بن محمد بن عيسي البِرْتي. انظر "الأنساب" للسمعاني (1/308).(1/368)
[ورواه الطبراني في "معجمه الكبير"(1) عن أحمد بن](2) زهير التستري، وأحمد بن عبدالله البزاز التستري [قالا](3): ثنا محمد بن يحيى الأزدي، ثنا محمد بن عمر الأسلمي، ثنا عبدالله بن المنيب [بن](4) عبدالله بن أبي أمامة البكري(5)- وكان اسمه(6) إياس بن ثعلبة، قد صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم --، عن جده عبدالله بن أبي أمامة، عن أبيه قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتوضأ من الغَمَر، ولا يؤذي بعضنا بعضًا.
"محمد بن عمر الأسلمي" الواقدي : تكلموا فيه، وأفظع النسائي القول فيه، ونسبه إلى الكذب(7).
[ل53/ب]
وروى البيهقي(8) من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة قال : سمعت سعيد بن جبير يقول : سمعت ابن عباس يقول :" لو أني أكلت خبزًا ولحمًا، وشربت [لبن اللقاح](9)، ماباليت أن أصلي ولا أتوضأ،/ إلا أن أمضمض فمي، وأغسل أصابعي من غمر اللحم ".
ذكر الرخصة
__________
(1) 1/273 رقم793).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "المعجم الكبير"، مع التصرف في السياق وفق طريقة المصنِّف.
(3) في الأصل :"قال"، والتصويب من "المعجم الكبير".
(4) في الأصل :"عن"، والتصويب من "المعجم الكبير".
(5) كذا في الأصل، وفي "المعجم الكبير" :" البلوي ".
(6) الضمير يرجع إلى أبي أمامة، فهو الذي اسمه : إياس.
(7) فقال في آخر"الضعفاء والمتروكين" (ص123):« والكذابون المعروفون بوضع الحديث على رسول الله r أربعة : ابن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد، ومقاتل بن سليمان =
= بخراسان، ومحمد بن سعيد بالشام، يُعرف بالمصلوب ».
(8) في "سننه" (1/160).
(9) في الأصل :" اللبن النقاح"، والتصويب من المرجع السابق.(1/369)
روى البيهقي(1) من حديث هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان، عن محمد بن عمرو بن عطاء ؛ يخبر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل عرقًا من شاة، ثم صلى ولم [يتمضمض](1)، ولم يمس ماءً. قال البيهقي:"مخرج في كتاب مسلم(2) من حديث هشام بن عروة".
قال البيهقي في موضع آخر(3):« وقد روى سفيان الثوري، عن حبيب ابن أبي ثابت قال : أنبأني من سمع جابر بن سمرة يقول :" كنا نمضمض من ألبان الإبل، ولا نمضمض من ألبان الغنم، وكنا نتوضأ من لحوم الإبل، ولا نتوضأ من لحوم الغنم "».
فصل في كراهية القزع
عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القزع. متفق عليه(4).
[وفي](5) رواية عبيدالله بن عمر، عن عمر بن نافع : قلت(6): وما القزع؟ -وأشار(7) لنا عبيدالله-،قال:إذا حلق الصبي ترك(8)هاهنا وهاهنا(9)- وأشار(4) عبيدالله إلى ناصيته وجانبي رأسه-. قيل لعبيدالله : والجارية(10)؟ قال: لاأدري.
__________
(1) في الأصل :" يمضمض"، والمثبت من المرجع السابق.
(2) 1/273 رقم 354) كتاب الطهارة، باب نسخ الوضوء مما مست النار.
(3) من "سننه" (1/159).
(4) أخرجه البخاري (10/363-364 رقم5920) كتاب اللباس، باب القزع، ومسلم (3/1675 رقم2120) كتاب اللباس والزينة، باب كراهة القزع، وهذا اللفظ لمسلم، والآتي للبخاري.
(5) في الأصل:"من"والمثبت من الموضع الآتي من"الجمع بين الصحيحين"الذي نقل عنه المصنِّف.
(6) القائل : هو عبيد الله بن عمر.
(7) في "صحيح البخاري" :" فأشار ".
(8) كذا في الأصل و"الجمع بين الصحيحين" للحميدي، وفي "صحيح البخاري":" وترك".
(9) كذا في الأصل و"الجمع بين الصحيحين"، وفي "صحيح البخاري":" وترك هاهنا شعرة، وهاهنا وهاهنا".
(10) كذا في الأصل و"الجمع بين الصحيحين"، وفي "صحيح البخاري":" فالجارية والغلام ".(1/370)
وفي رواية يحيى بن سعيد، عن عبيدالله(1): قلت لنافع : ما القزع(2)؟ قال : يحلق بعض رأس الصبي، ويترك بعض.
وفي رواية أيوب، عن نافع(3): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى غلامًا قد حُلِقَ بعضُ
رأسه، وتُرِكَ بعض، فنهاهم عن ذلك، وقال : (( احلقوا كله، أو ذروا كله )). ذكر ذلك أبومسعود الدمشقي فيما حكاه الحافظ أبوعبدالله الحميدي(4).
قلت : هذه رواية أيوب من جهة معمر، رواها عنه الحافظ أبوبكر الإسماعيلي في "مجموع حديث أيوب السختياني"، وفيه : (( أو اتركوا كله )) ، وفي رواية: (( أو ذروه كله ))، وفي رواية : (( إما أن يحلقوا كله،أو يتركوا كله )) .
قال الرمادي : قال عبدالرزاق :" كان معمر يرفع حديث أيوب هذا، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومرة يوقفه ". وأما رواية غير معمر، عن أيوب، فليس فيها هذه الزيادة- يعني : (( احلقوا كله، أو اتركوا كله )) - . ومايقاربها.
فصل في الختان
عن المغيرة بن عبدالرحمن الحِزَامي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اختتن إبراهيم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثمانين سنة بالقَدُوم )). متفق عليه(5)، واللفظ لمسلم.
و"الحِزَامي": بالحاء المهملة المكسورة، والزاي المعجمة.
__________
(1) وهي عند مسلم فقط.
(2) في "صحيح مسلم" :" وما القزع ؟".
(3) أخرجها عبدالرزاق في"جامع معمر" الملحق بـ"المصنف" (10/421 رقم19564) عن =
= معمر، عن أيوب، ومن طريق عبدالرزاق أخرجه أبوداود في "سننه" (4/411 رقم4195) في الترجل، باب في الذؤابة.
(4) يعني في "الجمع بين الصحيحين "(2/251).
(5) أخرجه البخاري (6/388 رقم3356) كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى :{ وَاتّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً }، ومسلم (4/1839 رقم2370) كتاب الفضائل، باب من فضائل إبراهيم الخليل r.(1/371)
ورواه البخاري(1) من حديث شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة مسندًا، وقال :" بالقدوم، مخففة ".
[ل54/أ]
وروى أبوداود(2) من حديث عبدالرزاق(3)، عن ابن جريج،/ قال : أخبرت عن عُثيم بن كليب، عن أبيه، عن جده : أنه جاء النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال : قد أسلمت، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : (( ألق عنك شعر الكفر ))؛ يقول : احلق. قال : وأخبرني آخر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لآخر معه : (( ألق عنك شعر الكفر واختتن )). ورواه عن مخلد بن خالد، عنه.
و"عُثيم"- بضم العين، وبالثاء المثلثة رابع الحروف -: تصغير عثمان.
وقد ورد مكبَّرًا في رواية الطبراني(4) من جهة عبدالرزاق أيضًا، عن ابن جريج،[قال : أُخبرت عن عثمان بن كليب](5)، عن أبيه، عن جده : أنه جاء النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأسلم(6)، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : (( ألق عنك شعر الكفر واختتن )) . وفي إسناده من الوجهين مجهول، وهو الذي أخبر ابنَ جريج.
وروى عبيدالله بن عمرو(7) قال : حدثني رجل من أهل الكوفة، عن
__________
(1) في "صحيحه"(11/88رقم6298) كتاب الاستئذان، باب الختان بعد الكبر ونتف الإبط.
(2) في "سننه" (1/253 رقم356) كتاب الطهارة، باب في الرجل يسلم فيؤمر بالغسل.
(3) هو في "المصنف" في موضعين (6/10 رقم9835) و(10/317-318 رقم19224)، وتصحف قوله :" كليب " في الموضع الأول إلى :" كلب".
(4) في"معجمه الكبير" (22/395-396رقم982)، لكن وقع في المطبوع:"عثيم" بالتصغير.
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وهو هكذا في "المعجم الكبير" سوى قوله :"عثمان" كما سبق التنبيه عليه.
(6) قوله :"فأسلم" ليس في "المعجم الكبير".
(7) وروايته هذه عند البيهقي في "المعرفة" (13/63 رقم17480)، و"السنن" (8/324).(1/372)
عبدالملك بن عمير، عن الضحاك بن قيس قال :كان بالمدينة امرأة تخفض الجواري يقال لها : أم عطية، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ياأم عطية ! اخفضي ولا تنهكي، فإنه أسرى للوجه، وأحظى عند الزوج )) .
وهذا الرجل الذي من أهل الكوفة مجهول. قال البيهقي في "المعرفة"(1): "ورواه مروان(2)، عن محمد بن حسان الكوفي - وهو مجهول-، عن عبدالملك
ابن عمير، عن أم عطية : أن امرأة كانت تختن...، فذكره ".
وروى إبراهيم بن مُجَشِّر - وهو بضم الميم، وفتح الجيم، وتشديد الشين المكسورة -، عن وكيع، عن سعيد بن [بشير](3)، عن قتادة، عن جابر
ابن زيد، عن ابن عباس [قال](4):"الختان سنة [للرجال](5)، ومكرمة للنساء". رواه أبوأحمد ابن عدي(6).
قال البيهقي في "المعرفة"(1):" ولا يثبت رفعه ". قال :" ورواه الحجاج بن أرطاة من وجهين آخرين مرفوعًا، ولايثبت، والله عز وجل أعلم ".
باب صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فيه جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -.
حديث أبي عمرو عثمان بن عفان - رضي الله عنه - في ذلك :
__________
(1) في الموضع السابق.
(2) في "المعرفة" :" مروان بن محمد ".
(3) في الأصل :"جبير"، وعليها إشارة يشبه أن تكون صوبت في الهامش، لكن لم يظهر التصويب في التصوير، والتصويب من "الكامل".
(4) بياض في الأصل، والمثبت من "الكامل"، و"المعرفة".
(5) في الأصل :"للرجل"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(6) في "الكامل" (1/274)، ورواه البيهقي في "السنن" أيضًا (8/325).
.(1/373)
رواه مسلم(1) من حديث يونس، عن ابن شهاب : أن عطاء بن يزيد الليثي أخبره : أن حمران مولى عثمان أخبره : أن عثمان بن عفان دعا بوضوء فتوضأ، فغسل كفيه ثلاث مرات، ثم مضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك، ثم مسح [رأسه](2)، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى(3) مثل ذلك، [ثم قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا](4)، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين لايحدث فيهما نفسه، غُفِرَ له ماتقدم من ذنبه )). قال ابن شهاب :"وكان علماؤنا يقولون : هذا الوضوء أسبغ مايتوضأ به أحد للصلاة ". وأخرجاه(5) من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب. وأخرجه البخاري(6) من طريق عُقيل، عن ابن شهاب، وفيه :" ثم تمضمض، واستنشق، واستنثر ". انتهى.
[ل54/ب]
__________
(1) في"صحيحه" (1/204- 205 رقم226/3) كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء وكماله.
(2) في الأصل :" برأسه"، والمثبت من المرجع السابق.
(3) في الأصل :" رجله اليسرى "، والمثبت من المرجع السابق.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(5) أخرجه البخاري (1/259 رقم159) في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، ومسلم في الموضع السابق برقم (226/4).
(6) هو في "صحيح البخاري" (1/266 رقم164) كتاب الوضوء، باب المضمضة في الوضوء، لكن من طريق شعيب، عن ابن شهاب الزهري، لا من طريق عقيل، ولم يذكر المزي في "تحفة الأشراف" (7/250-251 رقم9794) لعقيل رواية عن الزهري لهذا الحديث، وانظر "فتح الباري" (1/259).(1/374)
و"عُقيل": بضم العين المهملة، وفتح القاف. و"الاستنثار": طرح الماء / من الأنف عند الوضوء، ونثره منه بعد استنشاقه. وذهب بعضهم إلى أن الاستنشاق والاستنثار بمعنى واحد، مأخوذ من النثرة، وهي طرف الأنف. وهذه الرواية التي ذكرناها تفرق بين الاستنثار والاستنشاق، وتقتضي تغايرهما، وكذلك قوله في الحديث الآخر: (( فليجعل في أنفه، ثم لينتثر )).
ورواه أبو داود(1) عن محمد بن داود الإسكندري، عن زياد بن يونس، قال : حدثني سعيد بن زياد المؤذن، عن عثمان بن عبدالرحمن [التيمي](2)، قال : سئل ابن أبي مليكة عن الوضوء، فقال : رأيت عثمان بن عفان سئل عن الوضوء، فدعا بماء، فأُتِيَ بميضأة، فأصغاها على يده اليمنى، ثم أدخلها في الماء، فمضمض ثلاثًا، واستنثر ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يده اليمنى ثلاثًا، وغسل يده اليسرى ثلاثًا، ثم أدخل يده فأخذ ماء فمسح برأسه وأذنيه، فغسل بطونهما وظهورهما مرة واحدة، ثم غسل رجليه، ثم قال: أين السائلون عن الوضوء ؟ هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ.
و"سعيد بن زياد"المؤذن المكتَّب مولى بني زهرة:روى عن جماعة،وروى عنه جماعة، وأخرج له أبوداود والنسائي(3)، وكذلك "زياد بن يونس"؛روى عن جماعة، وروى عنه حماد بن داود، ويونس بن عبدالأعلى، انفرد به أبوداود (4).
__________
(1) في "سننه" (1/80 رقم108) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(2) في الأصل :" التميمي"، والتصويب من "سنن أبي داود"، و "تهذيب الكمال" (10/441).
(3) كما في "تهذيب الكمال" (10/441)، لكن النسائي في "عمل اليوم والليلة".
(4) بل والنسائي أيضًا في "عمل اليوم والليلة" كما في "تهذيب الكمال" (9/525و526).(1/375)
وعن أبي علقمة - وهو الهاشمي -: أن عثمان - رضي الله عنه - دعا بماء فتوضأ، فأفرغ بيده اليمنى على اليسرى، ثم غسلهما إلى الكوعين. قال : ثم تمضمض واستنثر ثلاثًا، وذكر الوضوء ثلاثًا، قال : ومسح برأسه، ثم غسل رجليه، وقال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مثل مارأيتموني توضأت. أخرجه أبوداود(1) من حديث عبيدالله(2) بن أبي زياد،عن عبدالله بن عُبيد بن عُمير، عن أبي علقمة.
و"أبو علقمة": ذكره الحافظ أبوعمر(3) فيمن لا يعرف اسمه من المكيين، فقال :" أبوعلقمة الهاشمي مولى بني هاشم، وقيل : مولى بني(4) عباس، وقيل: حليف بني هاشم، وقيل : الأنصاري. روى عن أبي هريرة، روى عنه يعلى بن عطاء، ومحمد بن الحارث بن سفيان، [ويونس](5) بن خباب، ويعقوب بن
عطاء بن أبي رباح ". انتهى ماأردت نقله هاهنا.
__________
(1) في "سننه" (1/81 رقم109) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(2) في الأصل :"عبدالرحمن" وصوب في الهامش، وسيذكره المصنف على الصواب، وهو كذلك في "سنن أبي داود".
(3) في "الاستغناء" (3/1465 رقم2217).
(4) كذا في الأصل، وفي المرجع السابق "ابن".
(5) في الأصل:"يوسف"،والتصويب من المرجع السابق،و"تهذيب الكمال"(34/101-102).(1/376)
وقال ابن أبي حاتم(1):" أبوعلقمة: مولى بني هاشم، روى عن أبي هريرة، روى عنه محمد بن الحارث، سمعت أبي يقول ذلك، ويقول : أحاديثه صحاح". و"عبدالله بن عبيد بن عمير" روى له الجماعة(2). و"عبيدالله بن أبي زياد" أبوالحصين القَدَّاح المكي : قال يحيى القطان(3):" كان وسطًا ليس بذاك"(4)، وقال يحيى بن معين(5): "ليس بشيء، ليس بينه وبين سعيد القداح نسب ". وقال أحمد بن حنبل(1): "صالح ". وقال أبوحاتم(1):« ليس بالقوي ولا بالمتين، هو صالح(6) يُكتب حديثه، ومحمد بن عمرو بن علقمة أحب إليّ منه، يحول [اسمه](7) من "كتاب الضعفاء" للبخاري »(8).
حديث أبي الحسن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في ذلك :
[ل55/أ]
__________
(1) في "الجرح والتعديل" (9/419 رقم2048).
(2) روى له مسلم والأربعة كما في "تهذيب الكمال" (15/259و261).
(3) كما في "الجرح والتعديل" (5/315 رقم1500).
(4) في المرجع السابق :"لم يكن بذاك".
(5) كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل"، لكن وقع فيه :" ضعيف " بدل قوله:"ليس بشيء ".
(6) في "الجرح والتعديل" :" وهو صالح الحديث".
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "الجرح والتعديل".
(8) في "الجرح والتعديل" :" الذي صنفه البخاري ".(1/377)
قرأت على أبي العباس أحمد بن عبدالدائم، عن أبي الفرج يحيى بن /محمود - سماعًا -، عن أبي [علي](1) الحداد - قراءة عليه سنة خمس عشرة وخمسمائة-، أنا الحافظ أبونعيم أحمد بن عبدالله، ثنا أبوبكر محمد بن الحسين الآجري، ثنا أبوبكر جعفر بن محمد الفريابي، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا أبوعوانة، عن خالد بن علقمة، عن عبدخيرٍ، قال : أتيت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقد صلى، فدعا بالطهور، فقلنا : مايصنع وقد صلى ؟! مايريد إلا ليعلمنا، فأُتي بإناء فيه ماء، وطست، فأفرغ الإناء على يديه، فغسلهما ثلاثًا، ثم مضمض واستنشق ثلاثًا من الكف الذي يأخذ به الماء، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويده اليسرى ثلاثًا - يعني إلى المرفقين -، ثم مسح برأسه مرة واحدة، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثًا، ورجله الشمال ثلاثًا، ثم قال :" من سره أن يعلم وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو هذا ". أخرجه أبوداود(2)، والنسائي(3).
"وأبوعمارة" عبدخير بن يزيد الْخَيْواني-بفتح الخاء المعجمة،وسكون الياء آخر الحروف، وقبل ياء النسبة نون -: ذكر [ابن أبي حاتم](4) عن عثمان بن سعيد [الدارمي](5) قال:"قلت ليحيى بن معين: عبدخير ؟ قال: ثقة ". وكذا وثقه أحمد بن عبدالله الكوفي(6). و"خالد بن علقمة" قال يحيى في رواية إسحاق بن منصور(7):"خالد بن علقمة الهمداني ثقة ". وقال أبوحاتم(6): "شيخ".
__________
(1) مابين المعكوفين بياض في الأصل، وسيورده المصنف على التمام (ص 557).
(2) في "سننه" (1/81-82 رقم111) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(3) في "سننه" (1/68 رقم92) كتاب الطهارة، باب غسل الوجه.
(4) في الأصل " أبوحاتم"، والصواب ماهو مثبت كمافي "الجرح والتعديل" (6/37-38رقم201).
(5) في الأصل :" الرازي"، وهو تصحيف.
(6) المعروف بالعجلي، وتوثيقه هذا في "تاريخه" المعروف بـ" معرفة الثقات" (2/70 رقم1012).
(7) كما في "الجرح والتعديل" (3/343 رقم1548).(1/378)
وعن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن رُكانة، عن عبيدالله الخولاني،عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:دخل [عليَّ](1) عليُّ بن أبي طالب وقد أهراق الماء، فدعا بوضوء، فأتيناه بتور فيه ماء حتى وضعناه بين يديه، فقال : يا ابن عباس ! ألا أريك كيف كان يتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قلت:بلى، قال: فأصغى الإناء على يده فغسلها،ثم أدخل يده اليمنى فأفرغ بها على الأخرى، ثم غسل كفيه، ثم مضمض(2) واستنثر، ثم أدخل يديه [في الإناء](3) جميعًا، وأخذ بهما حفنة من ماء، فضرب بها على وجهه، ثم ألقم إبهاميه ماأقبل من أذنيه، ثم الثانية، ثم الثالثة مثل ذلك، ثم أخذ بكفه اليمنى قبضة من ماء فصبها على ناصيته، فتركها تستن على وجهه، ثم غسل ذراعيه إلى المرفقين ثلاثًا ثلاثًا، ثم مسح رأسه وظهور أذنيه، ثم أدخل يديه جميعًا، فأخذ حفنة من ماء، فضرب بها على رجله وفيها النعل ففتلها بها،ثم الأخرى مثل ذلك، قال : قلت : وفي النعلين ؟ قال : وفي النعلين، قال : قلت : وفي النعلين ؟ قال : وفي النعلين، [قال](4) قلت : وفي النعلين ؟ قال: وفي النعلين.
" عبيدالله الخولاني": متفق عليه(5). و"محمد بن طلحة بن يزيد بن رُكانة": وثقه يحيى بن معين(6). و"محمد بن إسحاق": تقدم.
والحديث أخرجه أبوداود(7)،وسيأتي(8) فيه كلام آخر إن شاء الله تعالى.
[ل55/ب]
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود"
(2) في "سنن أبي داود" :" تمضمض ".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من "سنن أبي داود".
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من "سنن أبي داود".
(5) أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي كما في " تهذيب الكمال " (19/6 و7).
(6) كما في "الجرح والتعديل" (7/291 رقم1578).
(7) في "سننه" (1/84-85 رقم117) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(8) ص 507و508) من هذا المجلد.(1/379)
وأخرج البزار(1) هذا الحديث من حديث محمد بن إسحاق بسنده، وفيه: عن ابن عباس قال : دخل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقد أهراق الماء، فدعا بوضوء، فأتيناه بإناء يأخذ(2) قدر الْمُدّ، فلما وضع بين يديه قال : يا ابن عباس ! ألا أتوضأ كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ؟ قال : قلت : بلى، قال : فأصغى الإناء على يديه(3)، فغسلها ثلاثًا، ثم/ تمضمض واستنشق واستنثر، وأخذ حفنة من ماء بيديه جميعًا، فضرب بها وجهه، ثم الثانية مثل ذلك، ثم الثالثة مثل ذلك، ثم ألقم إبهاميهما ما أقبل(4) من أذنيه، ثم أخذ كفًّا من ماء [بيده اليمنى](5)، فصبها على ناصيته، ثم أرسلها تسيل على وجهه، ثم غسل [يده](7) اليمنى إلى المرفقين ثلاثًا(6)، واليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه وظهور أذنيه، ثم أخذ بيده(7) حفنة من ماء، فصب بها على قدميه، ثم الثانية مثل ذلك، ثم الثالثة مثل ذلك.
قال البزار(8):"وهذا الكلام لا نعلم أحدًا رواه على صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من حديث عبيدالله الخولاني، ولا نعلم أن أحدًا روى عن عبيدالله الخولاني إلا محمد بن طلحة بن يزيد ".
__________
(1) في "مسنده" (2/111 رقم464).
(2) في "مسند البزار" :" فأخذ ".
(3) في "مسند البزار" :" يده ".
(4) في الأصل :" بما أقبل"، وكأن الناسخ صوبها، فكتب فوق الباء والميم ميمًا. وفي "مسند البزار" :" إبهاميه ماأقبل".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من "مسند البزار".
(6) قوله :" ثلاثًا " ليس في "مسند البزار".
(7) في "مسند البزار" :"بيديه".
(8) لعله أخرج الحديث أيضًا في "السنن" وكلامه هذا هناك ؛ فإن الذي في "مسنده" :" وهذا الحديث بهذه الألفاظ لا نعلمه يروى عن النبي r إلا بهذا الإسناد. وعبيدالله الخولاني لا نعلم أن أحدًا يروي عنه غير محمد بن طلحة ".(1/380)
كذا رأيته :" روى عن عبيدالله " ! وكأنه يعني : رواه(1).
وعن أبي فروة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال : رأيت عليًّا توضأ، فغسل وجهه ثلاثًا، وغسل ذراعيه ثلاثًا، ومسح برأسه واحدة، ثم قال : هكذا توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه أبوداود(2).
و"أبوفروة" الكوفي : عروة بن الحارث، ذكر عثمان بن سعيد(3) عن يحيى(4) أنه قال :" ثقة ".
وعن أبي حية بن قيس:أنه رأى عليًّا - رضي الله عنه - في الرحبة توضأ، فغسل كفيه، ثم تمضمض ثلاثًا، واستنثر ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه ثلاثًا، وغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثًا ثلاثًا. رواه أبوداود(5).
و"أبوحية": بالحاء المهملة، والياء آخر الحروف. و"الرحبة": بسكون الحاء المهملة.
__________
(1) وهو كذلك كما يتضح من كلام البزار الذي تقدم نقله في "مسنده".
(2) في "سننه" (1/83 رقم115) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(3) في "تاريخه" (ص243 رقم951).
(4) أي ابن معين.
(5) في الموضع السابق برقم (116)، ولكن ليس هذا لفظه، ولا لفظ أحد من أصحاب الكتب الستة، وإنما هو لفظ البزار في "مسنده" (2/310 رقم 736). ومنشأ الوهم - فيما أرى -: أن ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (4/106-107) نقل عن =
= عبدالحق أنه ذكر من طريق أبي داود عن أبي حية قال : رأيت عليًا توضأ، فغسل كفيه حتى أنقاهما، ثم مضمض...، الحديث. انتهى نقل ابن القطان، فلم يُتِمَّ الحديث، ثم عقب عليه بما نقله المصنف عنه هنا، ثم أورد في آخر كلامه الحديث من رواية البزار لأجل زيادة وردت في الحديث، وهي :" مسح رأسه ثلاثًا "، وهي موجودة في رواية البزار، ولا توجد في رواية أبي داود، فنقل المصنف الحديث بتمامه من نقل ابن القطان لرواية البزار، ظنًا منه أنها نفس رواية أبي داود، ولم يرجع للسنن.(1/381)
قال أبوالحسن ابن القطان في كتاب " الوهم والإيهام "(1):« وأبوحية بن قيس الوادعي قال فيه ابن حنبل :" شيخ "، ومعنى ذلك عندهم أنه ليس من أهل [العلم](2)، وإنما وقعت له رواية [لحديث](3)- أو أحاديث -، فأخذت عنه ». قال :« ورأيت من قال في هذا الرجل :" إنه مجهول "، وممن قال ذلك فيه : أبوالوليد ابن [الفرضي](4)، ولا يعرف من روى عنه(5)- فيما أعلم - غير أبي إسحاق. وقال أبو زرعة :" لايسمى "،[ووثقه](6) بعضهم، وصحح آخرون حديث علي هذا، وممن صححه ابن السكن. وقد أتبع الترمذي(7) هذا الحديث أنه :" أحسن شيء في هذا الباب "، وهو باعتبار أبي حية وباعتبار حال أبي إسحاق واختلاطه حسن ؛ فإن أبا الأحوص [ وزهير ](8) ابن معاوية سمعا منه بعد الاختلاط، قاله ابن معين، ذكر ذلك المنتجالي، عن ابن البرقي، [عنه](9). وقد رويت في هذا الباب زيادة ؛ وهي :"مسح رأسه ثلاثًا ".
__________
(1) 4/108).
(2) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فأثبته من "بيان الوهم والإيهام".
(3) في الأصل :" الحديث"، والمثبت من المرجع السابق.
(4) في الأصل :"القُرضي"، وهو تصحيف، والتصويب من المرجع السابق.
(5) في "بيان الوهم والإيهام" :" ولا يروي عنه ".
(6) في الأصل :"ووقفه"، والتصويب من المرجع السابق.
(7) في "سننه" (1/64) في الطهارة، باب ماجاء في الوضوء ثلاثًا ثلاثًا.
.
(8) في الأصل :"وزيد"، والتصويب من"بيان الوهم"، و"تهذيب الكمال"(9/420-422).
(9) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم".(1/382)
قال البزار(1):أخبرنا به محمد بن معمر(2)، ثنا أبوداود الطيالسي، ثنا [أبوالأحوص سلام](3) بن سليم(4)...»(5).
و"أبو الأحوص" هذا والده : سلاَّم(6)- بالتشديد - بن سُليم - بضم السين المهملة -.
حديث عبدالله بن زيد في ذلك :
[ل56/أ]
__________
(1) تقدم عزوه إليه.
(2) كذا في الأصل، وفي "مسند البزار"، بينما تصحف الاسم في "بيان الوهم والإيهام" إلى "محمد بن نعم".
(3) في الأصل :"أبوالأحوص بن سلام"، والتصويب من "مسند البزار" و"بيان الوهم"، وسيأتي بعد قليل تعريف المصنف به بما يدل على أن الوهم منه.
(4) في الأصل :" بن سليم الزرقي"، ولم ترد هذه النسبة في "مسند البزار" ولا في "بيان الوهم" الذي نقل عنه المصنف، ومع ذلك فأبو الأحوص حنفي، وليس بزُرَقي.
(5) وتمامه :" عن أبي إسحاق، عن أبي حية بن قيس : أنه رأى عليًا t..." الحديث بتمامه كما أورده المصنف في بداية كلامه عن هذه الرواية، والظاهر أنه لم يكمله هنا اكتفاءً بنقله له سابقًا، والله أعلم.
(6) كذا قال ! والصواب أن أبا الأحوص كنية لسلاَّم، واسم والده" سُليم". انظر التقريب (2718).(1/383)
روى مالك(1) عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، أنه قال [لعبدالله](2) ابن زيد بن عاصم- وهو جد عمرو بن يحيى، وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -: هل تستطيع أن تُرِيَني كيف كان رسول الله/ - صلى الله عليه وسلم - [يتوضأ](3)؟ فقال [عبدالله](4) بن زيد : نعم، فدعا بوضوء، فأفرغ على يديه(5)، فغسل يديه مرتين مرتين، ثم مضمض واستنثر ثلاثًا، [ ثم غسل وجهه ثلاثًا ](3)، ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى [المرفقين](6)، ثم مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر ؛ بدأ بمقدَّم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه. أخرجوه كلهم(7) من حديث مالك.
__________
(1) في "الموطأ" (1/18 رقم1) كتاب الطهارة، باب العمل في الوضوء.
(2) في الأصل :" لعبيدالله"، والتصويب من "الموطأ"، ومصادر التخريج.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الموطأ".
(4) في الأصل :"عبيدالله"، والتصويب من "الموطأ"، ومصادر التخريج.
(5) في "الموطأ" وبعض مصادر التخريج :" يده"، وفي بعض مصادر التخريج من طريق مالك كما هنا :" يديه ".
(6) في الأصل :"المرفق"، والتصويب من "الموطأ"، ومصادر التخريج.
(7) أخرجه البخاري (1/289 رقم185) في كتاب الوضوء، باب مسح الرأس كله لقول الله تعالى :{وامسحوا برؤوسكم}، ومسلم (1/211 رقم 235) كتاب الطهارة، باب وضوء النبي r، وأبوداود (1/86-87 رقم118) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r، والترمذي (1/47 رقم32) أبواب الطهارة، باب ماجاء في مسح الرأس أنه يبدأ بمقدم الرأس إلى مؤخره، والنسائي (1/71-72 رقم97،98) كتاب الطهارة، باب حد الغسل، وباب صفة مسح الرأس، وابن ماجه (1/149-150 رقم434) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في مسح الرأس.(1/384)
قال أبوعمر في "التمهيد"(1):« لم يختلف على مالك في إسناد هذا الحديث ولا في لفظه ». ورواه عن عمرو بن يحيى جماعة، كما رواه مالك سواء(2)... « ورواه ابن عيينة عن عمرو بن يحيى، فأخطأ فيه في موضعين : أحدهما : أنه قال:" عن عبدالله بن زيد بن عبدربه "، وهذا خطأ، وإنما هو:" عبدالله بن زيد بن عاصم"، وقد نسبناهما في كتاب "الصحابة"(3) - رضي الله عنهم - وأوضحنا أمرهما. وأما عبدالله بن زيد [بن عبدربه، فهو الذي أُرِيَ الأذان في النوم، وليس هو الذي يروي عنه يحيى بن عمارة هذا الحديث في الوضوء وغيره. وعبدالله بن زيد](4) بن عاصم هو عمّ عباد بن تميم، وهو أكثر رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من عبدالله بن زيد بن عبدربه. وقد كان أحمد بن زهير يزعم أن إسماعيل بن إسحاق وَهِمَ فيهما، فجعلهما واحدًا - فيما حكى قاسم بن أصبغ عنه -، والغلط لا يسلم منه أحد. وإذا كان ابن عيينة مع جلالته يغلط في ذلك، فإسماعيل بن إسحاق أين يقع من ابن عيينة ؟ إلا أن في المتأخرين أوسع علمًا، وأقل عذرًا. وأما الموضع الثاني الذي وَهِم ابن عيينة فيه في هذا الحديث : فإنه ذكر فيه :" مسح الرأس مرتين "، ولم يذكر فيه أحدٌ "مرتين" غير ابن عيينة، وأظنه - والله عز وجل أعلم - تأول الحديث قوله فيه :" فمسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر ". وماذكرناه عن ابن عيينة، فمن رواية مسدد، ومحمد بن منصور، وأبي بكر بن أبي شيبة(5)
__________
(1) 20/114-116).
(2) قوله :" ورواه عن عمرو بن يحيى جماعة كما رواه مالك سواء" ليس في "التمهيد"، وفيه كلام آخر من ضمنه : أن ابن عبدالبر قال :" وممن رواه عن عمرو بن يحيى : سليمان بن بلال ووهيب وابن عيينة وخالد الواسطي وعبدالعزيز بن أبي سلمة..."، فالظاهر أن المصنِّف اختصر هذا كله، وعبَّر بهذه العبارة.
(3) انظر "الاستيعاب" (6/209-210 رقم1540).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(5) وابن أبي شيبة أخرجه في "المصنف" (1/16 رقم57).(1/385)
، كلهم ذكر فيه عن ابن عيينة ماحكينا عنه. وأما الحميدي(1) فإنه ميَّز ذلك فلم يذكره، أو حفظ عن ابن عيينة أنه رجع عنه، فذكر فيه عن ابن عيينة : "ومسح رأسه، وغسل رجليه "، فلم يصف المسح، ولا قال :" مرتين "، وقال في الإسناد :" عن عبدالله بن زيد " لم يزد، ولم يقل :" ابن عاصم "، ولا :" ابن عبدربه "، فتخلص ».
قلت: وممن رواه عن عمرو بن يحيى : خالد بن عبدالله الواسطي، وفي روايته : فدعا بإناء، فأكفأ منه(2) على يديه، فغسلهما ثلاثًا، ثم أدخل يده فاستخرجها، فمضمض واستنشق من كفٍّ [واحدة](3)، يفعل(4) ذلك ثلاثًا. وفيهما:"فغسل يديه إلى المرفقين مرتين مرتين ". وفيهما :" ثم غسل رجليه إلى الكعبين،ثم قال:هكذا وضوء(5) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". أخرجاه(6) هما وأبوداود(7).
ووقع في بعض الروايات :"من كف واحد"، والمشهور في الكف التأنيث.
وحكى أبو حاتم أنها تذكر وتؤنث، وتَأَوَّلَ على ذلك بيت الأعشى(8):
يَضُمُّ على كَشْحَيْهِ كَفًّا مُخَضَّبًا
وقال النابغة الذّبياني (9):
وَلَوْ كَفِّي اليَمِينُ بَغَتْكَ خَوْنًا لأَفْرَدْتُ اليَمِينَ عن](10) الشِّمَالِ
__________
(1) في "مسنده"(1/202 رقم417).
(2) في "صحيح مسلم" :" فأكفأ منها ".
(3) في الأصل :" واحد "، والتصويب من "صحيح مسلم" وكلام المصنِّف الآتي.
(4) في "صحيح مسلم" :" ففعل ".
(5) في "صحيح مسلم" :" هكذا كان وضوء ".
(6) البخاري (1/297 رقم191) كتاب الوضوء، باب من مضمض واستنشق من غرفة واحدة، ومسلم (1/210-211 رقم235) كتاب الطهارة، باب في وضوء النبي r، واللفظ لمسلم.
(7) في "سننه"(1/87 رقم119) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(8) ذكره ابن منظور في "اللسان" (9/302) بتمامه هكذا :
أرى رجلاً منهم أَسِيفًا كأنّما يَضُمُّ إلى كَشْحيه كَفًّا مُخَضَّبًا
(9) كما في "ديوانه" (136).
(10) في الأصل :" على " وكُتب فوقها " عن " وكأنه تصويب لها.(1/386)
فذكَّر وأنَّث.
[ل56/ب]
وفي رواية البخاري :" ومسح برأسه ماأقبل وما أدبر "، وفيه :" فغسل يديه إلى / المرفقين مرتين مرتين ".
وممن رواه عن عمرو بن يحيى : وهيب بن خالد، وأخرجه الشيخان(1) من حديثه ؛ البخاري مكمّلاً، ومسلم ذاكرًا لألفاظ منه، فقال :« وقال فيه : "فمضمض، واستنشق، واستنثر من ثلاث غرفات". وقال أيضًا :" فمسح برأسه فأقبل به وأدبر مرة واحدة"». قال:« وقال بهز:"أملى عليّ هذا الحديث وهيب"،[وقال](2) وهيب :" أملى علي عمرو بن يحيى هذا الحديث مرتين "».
وفي رواية للبخاري(3):" مسح برأسه مرة ".
وممن رواه عن عمرو بن يحيى : سليمان بن بلال، واتفقا(4) على روايته
بزيادة للبخاري مطولاً، ومسلم محيل على ماقبلها من رواية خالد، وقال فيه: " نحوه، ولم يذكر الكعبين".
وللبخاري(5) في رواية خالد بن مخلد، عن سليمان قال:حدثني عمرو بن يحيى، عن أبيه قال : كان [عمِّي](6) يكثر من الوضوء، فقال لعبدالله بن زيد: أخبرني كيف رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ؟ فدعا بتور من ماء...، الحديث، وفيه :" فمضمض، واستنثر ثلاث مرات من غرفة واحدة "، وفيها: " فمسح برأسه(7)، فأدبر بيديه وأقبل ".
__________
(1) أخرجه البخاري(1/297)كتاب الوضوء،باب مسح الرأس مرة،ومسلم في الموضع السابق.
(2) في الأصل :"فقال"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(3) في الموضع السابق بعد رقم (192).
(4) أي البخاري (1/303 رقم199) في كتاب الوضوء، باب الوضوء من التور، ومسلم في=
= الموضع السابق.
(5) في الموضع السابق.
(6) في الأصل :"عمر"، والتصويب من "صحيح البخاري".
(7) في "صحيح البخاري" :" رأسه"، ولم يذكر في "النسخة اليونينية" (1/61) أن في شيء من نسخ البخاري :" برأسه ".(1/387)
وممن رواه عن عمرو بن يحيى : عبدالعزيز بن أبي سلمة، فقال فيه - عن عبدالله بن زيد -:" أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرجنا [له](1) ماء في تور من صفر، فتوضأ، فغسل وجهه ثلاثًا، ويديه مرتين مرتين، ومسح برأسه فأقبل به وأدبر، وغسل رجليه ". أخرجه البخاري(2). ورواه مسلم(3)، وأبوداود(4) من حديث واسع والد حَبَّان - وهو بفتح الحاء المهملة، والباء الموحدة -، ولفظ مسلم :" أنه سمع عبدالله بن زيد بن عاصم المازني يذكر أنه رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - توضأ...، وفيه : ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويده اليمنى ثلاثًا، والأخرى ثلاثًا، ومسح برأسه بماء غير فضل يديه، وغسل رجليه حتى أنقاهما ".
حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في ذلك :
روى البخاري(5) من حديث سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن
عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه توضأ فغسل وجهه ؛ أخذ(6) غرفة من ماء فتمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء، فجعل بها هكذا : أضافها إلى يده الأخرى، فغسل بها وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة [أخرى، فغسل بها رجله - يعني](7) اليسرى -، ثم قال : هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من "صحيح البخاري".
(2) في "صحيحه" (1/302 رقم197) كتاب الوضوء، باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة.
(3) في الموضع السابق برقم (236 ).
(4) في "سننه" (1/87-88 رقم120) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(5) في "صحيحه" (1/240-241 رقم140) كتاب الوضوء، باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة.
(6) في الأصل :"ثم أخذ "، والتصويب من "صحيح البخاري".
(7) في الأصل :"من ماء، فرش على "، والتصويب من "صحيح البخاري".(1/388)
حديث المقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه - في ذلك :
عن حَرِيز قال : حدثني عبدالرحمن بن ميسرة الحضرمي، قال : سمعت المقدام بن معدي كرب الكنديّ قال : أُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء، فتوضأ، فغسل كفيه ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ثم
[ل57/أ]
تمضمض واستنشق [ثلاثًا](1)، ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما. /أخرجه أبوداود(2).
و"حَرِيز"- بفتح الحاء المهملة، وكسر الراء المهملة، وآخره زاي معجمة-: هو ابن عثمان بن جبير(3)، أبوعثمان الرحَبي - بتحريك الحاء بالفتح، و"رحَبَة" بفتح الحاء والباء في حِمْيَر -، أخرج له الجماعة إلا مسلمًا(4)، ووثقه أحمد، ويحيى، وأبوحاتم(5).
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل،فاستدركته من"سنن أبي داود". وجملة قوله:"ثم تمضمض واستنشق ثلاثًا " قدمها محقق"سنن أبي داود"، فجعلها بعد قوله:"فغسل كفيه ثلاثًا"، وجعلها بين معكوفين إشارة لتصرفه في النص، وهو عمل غير جيد، فرواية أبي داود هكذا جاءت كما في نقل المصنف هنا، وكذا جاء في"سنن أبي داود"مع شرجه"عون المعبود" (1/212)،وكذانقله ابن الأثيرفي"جامع الأصول"(7/159رقم5145)عن"سنن أبي داود".
(2) في "سننه" (1/88 رقم121) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(3) كذا في الأصل، وفي "تهذيب الكمال" (5/568) :" جبر ".
(4) في الأصل :"النسائي" وصوبت في الهامش، وانظر "تهذيب الكمال"(5/568 و580).
(5) كما في "الجرح والتعديل" (3/289 رقم 1288).(1/389)
و"عبدالرحمن بن ميسرة": قال أحمد بن عبدالله [العجلي](1):" هو شامي تابعي ثقة ". وقال علي بن المديني(2):" عبدالرحمن بن ميسرة مجهول ؛ لم يرو عنه غير حريز"(3).
حديث معاوية بن أبي سفيان في ذلك :
روى الوليد بن مسلم:حدثنا عبدالله بن العلاء،ثنا أبوالأزهر المغيرة بن فروة، ويزيد بن أبي مالك : أن معاوية توضأ للناس كما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء، [فتلقاها](4) بشماله حتى وضعها على وسط رأسه حتى قطر الماء أو كاد يقطر،ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه.
وفي رواية قال : فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، وغسل رجليه بغير عدد. أخرجه أبوداود(5).
__________
(1) في الأصل :" البجلي"، وهو تصحيف ظاهر، وانظر كلام العجلي هذا في "تاريخه" المعروف بـ"معرفة الثقات" (2/89 رقم1081).
(2) انظر "تهذيب الكمال"(17/450 رقم3973).
(3) علق عليها بهامش الأصل بما نصه :" قد روى عنه غير حريز ". وهو كذلك كما في الموضع السابق من "تهذيب الكمال".
(4) تصحف في الأصل إلى "فلتقاها "، والتصويب من "سنن أبي داود".
(5) في "سننه" (1/89 رقم124،125) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.(1/390)
و"يزيد بن أبي مالك": هو يزيد بن عبدالرحمن بن أبي مالك هانئ الهمداني، الدمشقي، قاضيها(1). قال أبوحاتم(2):" يزيد بن أبي مالك من فقهاء الشام، وهو ثقة ". وقال الدارقطني(3) :" هو من الثقات ". وسُئل عنه أبوزرعة(4) فأثنى عليه خيرًا. وأخرج له مسلم(5)، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، ومات فيما قاله خليفة وغيره سنة ثلاثين ومائة(6). و"أبو الأزهر المغيرة بن فروة "- ويقال : فروة بن المغيرة -: روى[عن](7) معاوية بن أبي سفيان، ومالك بن هبيرة، ورأى واثلة بن الأسقع، روى له أبوداود وحده(8).
حديث الرُّبَيِّع بنت مُعوِّذ بن عفراء في ذلك :
__________
(1) أي قاضي دمشق.
(2) كما في "الجرح والتعديل" (9/277 رقم1165).
(3) في "الضعفاء" له (ص198رقم199) في ترجمة ابنه خالد بن يزيد.
(4) كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل".
(5) علق عليها بهامش الأصل بما نصه :"لم يخرج له مسلم"، وهو الصواب كما في "تهذيب الكمال" (32/193).
(6) كما في "تهذيب الكمال" (32/192).
(7) في الأصل :"عنه"، وهو تصحيف كما يظهر من سند الحديث، وكما في "تهذيب الكمال" (28/392).
(8) كما في الموضع السابق من "تهذيب الكمال".(1/391)
عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتينا، فحدثتنا أنه قال : ((اسكبي لي وضوءًا ))، فذكر وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ قال فيه : فغسل كفيه ثلاثًا، ووضَّأ وجهه ثلاثًا، ومضمض واستنشق مرة، ووضأ يديه ثلاثًا [ثلاثًا، ومسح برأسه مرتين ؛ يبدأ بمؤخّر رأسه، ثم بمقدمه، وبأذنيه](1) [كلتيهما](2) ظهورهما وبطونهما، ووضأ رجليه ثلاثًا ثلاثًا. رواه أبوداود(3)، وقال :" هذا معنى حديث مسدد". وفي رواية له(4):" وتمضمض واستنثر ثلاثًا ".
وروى الطبراني في "أوسط معاجمه"(5) من حديث روح بن القاسم، عن
عبدالله بن محمد بن عقيل، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتينا،فنأتيه بميضأة لنا فيها ماء، يأخذ بمدّ المدينة مدًا ونصفًا أو ثلثًا، فأصب عليه فيغسل يده ثلاثًا، ويمضمض ويستنشق، ويغسل وجهه ثلاثًا،وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ويمسح برأسه واحدة، ويمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما، [ويطهر](6) قدميه. رواه عن أبي مسلم، عن محمد بن المنهال، عن يزيد بن زريع،عن روح، وقال:"لم يرو هذا الحديث عن روح بن القاسم إلا يزيد بن زريع".
[ل57/ب]
قلت : وليس فيه من أبي مسلم إلى آخره / من يُنظر فيه، إلا عبدالله بن محمد بن عقيل، وقد احْتُجَّ به وضُعِّف.
حديث وائل بن حجر في ذلك :
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن أبي داود".
(2) في الأصل :"كليهما"، والتصويب من "سنن أبي داود".
(3) في "سننه" (1/206 رقم127/طبعة عوامة ) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي u.
(4) برقم (128)
(5) 3/35 رقم2388).
.
(6) في الأصل :" ويظهر " بالظاء المعجمة، والتصويب من "المعجم الأوسط"، وكذا في "الكبير" (24/267 رقم676).(1/392)
روى البزار(1) بسنده عن وائل بن حجر قال : شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأُتي بإناء [فيه ماء](2)، فأكفأه(3) على يمينه ثلاثًا، ثم غمس يمينه في الماء، فغسل بها يساره ثلاثًا، ثم أدخل يمينه في الماء [فحفن بها حفنة من](4) الماء، فمضمض واستنشق ثلاثًا، واستنثر ثلاثًا، ثم أدخل كفيه في الإناء، فرفعهما إلى وجهه، فغسل وجهه ثلاثًا، وغسل باطن أذنيه، وأدخل إصبعيه في داخل أذنيه(5)، ومسح ظاهر رقبته، وباطن لحيته ثلاثًا، ثم أدخل يمينه في الماء(6)، فغسل(7) ذراعه اليمنى حتى جاوز المرفق ثلاثًا، ثم غسل يساره [بيمينه حتى جاوز المرفق](8) ثلاثًا، ثم مسح على رأسه ثلاثًا، وظاهر أذنيه ثلاثًا، وظاهر رقبته - وأظنه قال : وظاهر [لحيته ثلاثًا -، ثم غسل بيمينه](4) قدمه اليمنى [ثلاثًا](4)، وفصل بين أصابعه - أو قال : خلل بين أصابعه -، ورفع الماء حتى جاوز الكعب، ثم رفعه في الساق، ثم فعل باليسرى مثل ذلك، ثم أخذ حفنة من ماء فملأ بها يده، ثم وضعها على رأسه حتى انحدر الماء من جوانبه، [وقال](4): (( هذا تمام الوضوء ))، ولم أره تنشف بثوب. يرويه محمد ابن حجر بن عبدالجبار [بن وائل](9) بن حجر، يُكنى : أبا الخنافس(10)
__________
(1) في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (1/140-141 رقم268).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(3) في المرجع السابق :" فألقاه ".
(4) في الأصل :" فخفق بها خفقة في "، والتصويب من المرجع السابق، وكذا في "المعجم الكبير" للطبراني (22/49-50 رقم118).
(5) قوله :"أذنيه" سقط من "كشف الأستار".
(6) في "كشف الأستار" :" في الإناء".
(7) في "كشف الأستار" أيضًا :" فغسل بها ".
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(9) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "لسان الميزان" (6/190 رقم7272).
(10) علق عليها بالهامش :" الصحيح أن كنيته : أبوجعفر"، وهذا أحد الأقوال التي قيلت في كنيته، وماذكره المصنف من أن كنيته: أبو الخنافس نقله ابن عدي عن إبراهيم بن سعيد الجوهري بسند صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "لسان الميزان ".(1/393)
، قال البخاري(1): "فيه نظر ".
حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما في ذلك :
روى أبو داود [في "سننه"(2) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده :
أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يارسول الله ! كيف الطهور ؟ فدعا بماء في إناء، فغسل كفيه ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل ذراعيه ثلاثًا، ثم مسح برأسه، فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه، وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: (( هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم - أو ظلم وأساء- )) . رواه عن مسدد، عن أبي عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عمرو](3).
__________
(1) في "تاريخه" (1/69 رقم164).
(2) 1/94 رقم135) في الطهارة، باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا.
(3) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل بما يقرب من خمسة أسطر، فنقلت النص من "سنن أبي داود" حسب عزو المصنِّف، وتصرفت في السياق بما يتلاقى مع طريقته. وسيأتي ذكر المصنف لهذا الحديث(ص46) من المجلد الثاني من طريق النسائي وابن ماجه، وقوله عقب سياقه له :" وهذا الحديث مختصر من الحديث الذي تقدم في صفة وضوء رسول الله r من جهة أبي داود ".(1/394)
ورواه أبومسلم الكشي في "سننه" أتم منه، عن ابن عمر، عن أبي عوانة، عن موسى بن أبي عائشة،عن عمرو بن شعيب،عن [أبيه، عن](1) عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما:أن رجلاً سأل النبي- صلى الله عليه وسلم - عن الوضوء؛ قال:يارسول الله! كيف الوضوء ؟ فغسل كفيه ثلاثًا - أو قال : (( تغسل كفيك ثلاثًا ))، أو قال : (( تطهر وجهك ثلاثًا -[...](2) إلى المرفق، ثم تمسح رأسك، وتجعل إصبعيك الإبهامين في أذنيك، والمسبحتين من خلفهما، وتمسح بهما أذنيك، وتغسل قدمك - أو قال : رجلك اليمنى ثلاثًا إلى الكعبين، واليسرى ثلاثًا ))، أو قال: فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك -[.....](3) (( هذا الوضوء، فمن زاد أو نقص فقد
أساء وظلم - أو قال : ظلم وأساء - )).
وقد رويناه بإسناد عزيز الوجود بإجماع جماعة من الحفاظ يحسن إيراده في هذا الكتاب.
قرأت على الفقيه أبي محمد عبدالعظيم بن عبدالقوي بن عبدالله المنذري رحمه الله تعالى [....](4).
[ل58/أ]
/حديث عبدالله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - في ذلك :
__________
(1) قوله :" أبيه عن" كتب في الأصل فوق السطر بخط مغاير.
(2) هاهنا كلام ساقط من الواضح أنه :" وتغسل يديك "، أو كلام نحوه.
(3) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر، ولعل الساقط قوله :" ثم قال ".
(4) بياض في الأصل بمقدار خمسة أسطر.(1/395)
من رواية مروان بن معاوية الفزاري،ثنا فائدُ،قال:أتى عبدالله بن أبي أوفى رجلٌ فقال:ياأبا معاوية!كيف رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يتوضأ؟قال:يؤتى بقعب من ماء قريب من مُد،فيأخذ بكفه اليمنى فيغسل اليسرى،ثم يغسل كفيه ثلاثًا، ويمضمض ثلاثًا ويستنشق ثلاثًا، ويغسل وجهه ثلاثًا، ويغسل ذراعيه ثلاثًا، ثم يمسح رأسه واحدة، ويخلل لحيته بأصابعه ثلاثًا، ويغسل رجليه ثلاثًا. نقلته من خط الحافظ أبي طاهر السِّلفي من نسخة أبي أيوب سليمان بن عبدالرحمن [التميمي](1)،عن مروان بن معاوية الفزاري.رواه عبدالرحيم بن عمر بن عاصم [المازني](2)،عن أبي أيوب، وعن عبدالرحيم: أبوأحمد عبدالله بن [الناصح](3).
حديث لأبي كاهل في ذلك :
عن أبي كاهل قال : مررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( ادن مني أريك كيف تتوضأ للصلاة ))، فقلت : يارسول الله! لقد أعطانا الله بك خيرًا كثيرًا، فغسل يديه ثلاثًا، وتمضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وغسل ذراعيه ثلاثًا، ومسح رأسه ولم يوقِّت، وغسل رجليه ولم يوقِّت، ثم قال : (( ياأبا كاهل ! ضع الطهور منك مواضعه، وأبق فضل طهورك لأهلك، ولا تَشُقَّنّ على خادمك )) . أخرجه الحافظ أبوأحمد ابن عدي في كتاب "الكامل"(4) من حديث الهيثم بن جمَّاز - وهو بفتح الجيم، وتشديد الميم، وآخره زاي معجمة -، وذكر(5) عن يحيى بن معين تضعيفه، وعن أحمد : "كان منكر الحديث، تُرك حديثه ".
__________
(1) في الأصل :"التيمي"، والتصويب من "تهذيب الكمال" (12/26).
(2) في الأصل :"المدني"، والتصويب من "تاريخ دمشق" لابن عساكر (10/282/مخطوط).
(3) في الأصل :"الناضح" بالضاد، والتصويب من المرجع السابق.
(4) 7/103)، وتصحفت في المطبوع منه بعض الكلمات، ولكنها جاءت في المخطوط (ل931/ب) على الصواب كما هنا.
(5) أي ابن عدي في "الكامل" (7/101).(1/396)
وسيأتي حديث لأبي جُبير:نُفير(1) إن شاء الله تعالى،ويأتي أيضًا في كتاب الصلاة حديث لوائل بن حجر(2) في صفة الوضوء والصلاة إن شاء الله تعالى.
حديث لأنس بن مالك - رضي الله عنه - في ذلك :
روى الطبراني في"الأوسط" من معاجمه(3) من حديث بكار بن [سُقَيْر](4)،
حدثني راشد أبومحمد [الحِمَّاني](5)، قال:رأيت أنس بن مالك بالزاوية، فقلت: أخبرني عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف كان ؟ فإنه بلغني أنك كنت توضئه. قال : نعم. فدعا بوضوء، فأُتِي بطست وقدح نحت كما نحت في أرضه، فوضع بين يديه،[فأكفأ على يديه من الماء، فأنعم غسل كفيه، ثم مضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، ثم أخرج يديه اليمنى فغسلها ثلاثًا، ثم غسل اليسرى ثلاثًا، ثم مسح برأسه مرة واحدة، غير أنه أمرّها على أذنيه، فمسح عليهما، ثم أدخل كفيه جميعًا في الماء...، فذكر الحديث ](6).
[ل58/ب]
/ وأخرجه ابن ماجه(7)
__________
(1) ص458) في " فصل في غسل الكفين في ابتداء الوضوء ".
(2) وهو في الجزء المفقود من الكتاب.
(3) 3/194 رقم2905).
(4) في الأصل "سفيان"، والتصويب من المرجع السابق، و"تهذيب الكمال"(9/16-17).
(5) في الأصل :"الحمامي"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل ؛ لمجيئه في نهاية الصفحة، وقد يكون سقط معه باقي كلام المصنف عن الحديث، وربما أحاديث أخرى في الباب، وانظر التعليق الآتي.
(7) في "سننه" (1/140 رقم399) في الطهارة وسننها، باب ماجاء في التسمية في الوضوء.
وقوله :" وأخرجه ابن ماجه" جاء في بداية (ل58/ب)، إلا أن قبله كلمة يشبه أن تكون "يديه"، وأنا أرجح أن تكون :"عليه" كما سيأتي، ولعله لأجل كونها تشبه "يديه" جعلت الصفحة في الترتيب في هذا الموضع ظنًا ممن وضعها أنها متعلقة بحديث أنس السابق؛ لكون آخر كلمة منه في الصفحة هي قوله :" يديه "، بينما هذا الكلام هنا يتعلق بأحاديث التسمية على الوضوء، وذاك الحديث يتعلق بصفة الوضوء، وعدد مرات الوضوء، ومسح الرأس. ومن الواضح أن هناك كلامًا سقط قبل هذا الموضع، ومن جملته حديث أبي هريرة الذي يتعلق به الكلام الآتي، ومن أخرجه. والذي أظنه أن المصنف خرجه من"سنن أبي داود"، ثم أتبعه بقوله هنا:"وأخرجه ابن ماجه"؛ فإن الزيلعي أورده في "نصب الراية" (1/3) من رواية أبي داود، وابن ماجه، ثم ذكر رواية الحاكم له، ونقل تعقب المصنِّف - ابن دقيق العيد- هنا للحاكم، فكأنه لخص كلام المصنف عن الحديث.
والحديث أخرجه أبوداود في "سننه" (1/75 رقم101) في الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، من طريق شيخه قتيبة بن سعيد، عن محمد بن موسى، عن يعقوب بن سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله r : (( لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه )).(1/397)
، وزاد في نسب محمد بن موسى:ابن [أبي](1) عبدالله.
و"محمد" هذا هو : الفِطْري - بالفاء المكسورة -، مولاهم، قال فيه أبوحاتم(2):" صدوق صالح الحديث"، وذكره ابنه عبدالرحمن(1) فقال : "كان يتشيع "، وذكر جماعة رووا عنه، وجماعة روى هو عنهم.
وأما "يعقوب بن سلمة"، فإن ابن أبي حاتم ذكر(3) أنه روى عن أبيه، عن أبي هريرة، وروى عنه محمد بن موسى الفطري، وأبوعقيل يحيى بن المتوكل، قال :" سمعت أبي يقول ذلك ".
وفي هذا الحديث أمران يُحتاج إلى التنبيه عليهما: أحدهما : أن صاحب "الكمال"(4) ذكر سلمة والد يعقوب، فقال:"روى عنه ابنه يعقوب، ومحمد بن موسى الفطري،وأبوعقيل يحيى بن المتوكل"،وهذا عندي وَهْم، ولعله وقع له من لفظ ابن أبي حاتم؛ فإنه قال(5):"سلمة الليثي، روى عن أبي هريرة، روى عنه ابنه يعقوب،روى عنه محمد بن موسى الفطري، وأبوعقيل يحيى بن المتوكل"، فاعتقد- والله عز وجل أعلم - أن الضمير في :"روى عنه محمد بن موسى" [عائدٌ](6) على سلمة، وإنما هو راجع إلى يعقوب؛ أي : روى عن يعقوب: محمد بن موسى الفطري، وأبوعقيل يحيى بن المتوكل، وكذلك يُفهم من لفظه،فإنه لو كان الجميع روى عن سلمة،لكانت العبارة كما قال صاحب "الكمال": روى عنه فلان، وفلان،ولم يحتج إلى إدخال لفظة "روى"مرة ثانية،
وهذا أمر يحتاج إلى التثبت فيه ؛ لأنه إخراج لرجل لم يرو عنه إلا واحد إلى أن يكون روى عنه جماعة، فيخرج عن حد الجهالة على المشهور عن المحدثين.
الأمر الثاني:أني رأيت في المنقول عن الكتاب"المستدرك"(7)
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن ابن ماجه".
(2) في "الجرح والتعديل" (8/82).
(3) في "الجرح والتعديل" (9/208).
(4) يعني : عبدالغني المقدسي، وعنه المزي في "تهذيب الكمال" (11/332) و(32/335).
(5) في "الجرح والتعديل" (4/177 رقم772).
(6) في الأصل :" عائدًا" وهو خطأ ظاهر.
(7) 1/146).
فائدة : ذكر الزيلعي في "نصب الراية" (1/3) تعقُّب المصنِّف هنا للحاكم، ثم قال :« وهذا الكلام مشعر بأن الشيخ تقي الدين لم ير المستدرك، وقد صرح في "الإمام"- في باب مواقيت الصلاة - أنه رآه، فقال بعد أن نقل منه كلامًا طويلاً : هكذا رأيته في نسخة عتيقة من المستدرك، وقال في كتاب الزكاة - بعد أن نقل فيه حديثًا في زكاة التجارة -: فيه : وفي البُر صدقة، هكذا وجدته في أصل من "المستدرك" بضم الباء ». ا هـ.
أقول : ولا منافاة بين كون المصنِّف ينقل عن "المستدرك" بواسطة، وبين كونه يصرح أحيانًا بوقوفه عليه ؛ فربما كانت نسخته من "المستدرك" ناقصة، وربما بحث عن الحديث في مظانه فلم يجده ؛ لكون الحاكم أخرجه في غير مظانه، والله أعلم.(1/398)
للحاكم مايدل على أنه أخرج هذا الحديث فيه من جهة ابن أبي فُديك، عن يعقوب بن أبي سلمة، عن أبيه،عن أبي هريرة - رضي الله عنه -،وأنه قال فيه:"صحيح الإسناد"، وأن مسلمًا احتج بيعقوب. ولتعلم أن مسلمًا [لم يحتج](1) بيعقوب بن سلمة الليثي عن أبيه،[وهو راوي هذا الحديث، كذلك](2) رواه ابن ماجه(3) من الجهة التي أخرجها الحاكم منها ؛ وهي رواية ابن أبي فُديك، فقال فيه : حدثنا محمد بن موسى بن أبي عبدالله، عن يعقوب بن سلمة الليثي، عن أبيه، عن أبي هريرة، وكذلك رواه الدارقطني(4)من جهة ابن أبي فُديك،وفي رواية نسب يعقوب بن سلمة إلى الليثي. ويعقوب بن سلمة لم يحتج به مسلم، فالذي نراه: أن الحديث ليعقوب بن سلمة، وأنه وقع انتقال ذهني من يعقوب بن سلمة إلى يعقوب بن أبي سلمة، فيحتاج إلى معرفة حال أبيه أبي سلمة واسمه دينار، وذكر البخاري(5):" أنه لايعرف لسلمة سماع من أبي هريرة، ولا ليعقوب من أبيه ".
وروى الترمذي(6) عن نصر بن علي، وبشر بن معاذ، عن بشر بن المفضل، عن عبدالرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال المري، عن رباح بن عبدالرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، عن جدته، عن أبيها قال(7): سمعت
[ل59/أ]
__________
(1) في الأصل :"احتج"، والتصويب من "البدر المنير" (3/228) نقلاً عن المصنف.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(3) سبق تخريجه.
(4) في "سننه" (1/79 رقم 1).
(5) في "تاريخه" (4/76 رقم2006).
(6) في " سننه " (1/37-38 رقم25) أبواب الطهارة، باب ماجاء في التسمية عند الوضوء.
(7) في "سنن الترمذي" :"قالت".(1/399)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه )) . قال أبوعيسى: " قال أحمد : لا أعلم في هذا الباب حديثًا له إسناد جيد"، ثم قال :" قال محمد بن إسماعيل: أحسن شيء في هذا الباب حديث/ رَباح بن عبدالرحمن(1). ورباح بن عبدالرحمن، عن جدته،عن أبيها. وأبوها سعيد بن زيد بن عَمرو بن نفيل. وأبوثفال الْمُرِّي اسمه: ثمامة بن حصين. ورباح بن عبدالرحمن هو أبو بكر ابن حويطب، منهم من روى هذا الحديث فقال:أبو بكر ابن حويطب(2)،
فنسبه إلى جده ". انتهى.
وعلَّل ابن القطان(3) هذا الحديث بأن فيه ثلاثة مجاهيل الأحوال :
[أولهم](4): جدة رباح، وقال :" إنها لا تعرف بغير هذا، ولا يعرف لها اسم ولا حال، وغاية ماتعرفنا بهذا أنها ابنة لسعيد بن زيد - رضي الله عنه -.
الثاني : رباح المذكور، فإنه مجهول [الحال](1) كذلك، ولم يعرِّف ابن أبي حاتم(5) من حاله بأكثر مما أخذ من هذا الإسناد ؛ من روايته عن جدته، ورواية أبي ثفال عنه.
الثالث : أبو ثفال المذكور، فإنه أيضًا مجهول الحال كذلك، وهو أشهرهم ؛ لرواية جماعة عنه، منهم: عبدالرحمن بن حرملة، وسليمان بن بلال، وصدقة مولى الزبير، والدراوردي، والحسن(6) بن أبي جعفر، وعبدالله بن عبدالعزيز، قاله أبوحاتم(7)، فاعلم ذلك ". انتهى.
__________
(1) إلى هنا انتهى كلام البخاري، ومابعده من كلام الترمذي.
(2) الذي في "جامع الترمذي":" فقال : عن أبي بكر ابن حويطب ".
(3) في "بيان الوهم والإيهام" (3/314-315).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "بيان الوهم".
(5) في "الجرح والتعديل" (3/489 رقم2213).
(6) كذا في الأصل، و"الجرح والتعديل" (2/467 رقم1898)، و"البدر المنير" (3/243)، ووقع في "بيان الوهم" :" والحسين".
(7) في الموضع السابق.(1/400)
و"أبوثِفال"-بكسر الثاء المثلثة،وبعدها فاء موحدة- اسمه:ثمامة بن الحصين كما ذكر الترمذي(1)، وقيل : ثمامة بن وائل. وماذكره ابن القطان من جهالة حاله مع رواية جماعة عنه هي طريقته. ورأيت في كتاب "العلل"(2) لابن أبي حاتم مايؤيده؛ فإنه ذكر أنه: سمع أباه وأبازرعة - وذكر لهما حديثًا رواه عبدالرحمن بن حرملة،عن أبي ثفال- يريد هذا الحديث، قال:[فقالا](3):" ليس عندنا بذاك الصحيح، أبوثفال مجهول،ورباح مجهول".انتهى. وقال البيهقي(4): "أبوثفال ليس بمعروف جدًا ".
وأما ماذكره ابن القطان في أمر رباح، ومايقتضيه كلامه من أنه لم يرو إلا عن جدته، ولاروى عنه إلا أبوثفال، فإن صاحب كتاب "الكمال"(5) ذكر رباح بن عبدالرحمن، فرفع في نسبه وأجداده، وقال :" العامري، القرشي، الحجازي، قاضي المدينة، روى عن جدته، عن أبيها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وعن أبي هريرة، روى عنه أبو ثفال ثمامة بن وائل، وصدقة غير منسوب، والحكم بن القاسم الأويسي"، فليتأمل ذلك ولينظر فيه.
و"رَبَاح" هذا : بفتح الراء المهملة، والباء الموحدة.
وروى هذا الحديث أبوبكر البزار(6) من حديث عبدالله بن عتيق بن نجيح،
__________
(1) في "سننه" (1/39).
(2) 1/52 رقم129).
(3) في الأصل :"وقالا"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) في "سننه " (1/44).
(5) كما في"تهذيب الكمال"(9/45-46رقم1845)،لكن وقع فيه:"المدني" بدل "الحجازي".
(6) لعله في "السنن"، فإني لم أجده في مسند سعيد بن زيد t من "مسنده"، وقد ذكره أيضًا ابن الملقن في "البدر المنير" (3/247)، لكن وقع عنده :"عبدالرحمن بن عتيق" بدل "عبدالله بن عتيق"، ولم أجد له ترجمة بهذا الاسم أو ذاك.(1/401)
حدثنا عبدالرحمن بن حرملة، عن أبي ثفال المري، عن رباح بن عبدالرحمن بن حويطب، عن جدته، عن أبيها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه )) . قال:"وحديث حرملة(1)هذا رواه جماعة ثقات عن ابن حرملة، وأبوثفال مشهور، ورباح بن عبدالرحمن وجدته لا نعلمهما رويا إلا هذا الحديث، ولا حدَّث عن رباح إلا أبو ثفال. فالخبر من جهة النقل لا يثبت
للعلة التي وصفنا. وقد روى كثير بن زيد عن الوليد [عن](2) رباح، عن أبي هريرة ذلك أيضًا. وقد تقدم ذكرنا لكثير.
[ل59/ب]
وقد روي(3) عن عائشة ماحدثنا به إبراهيم بن زياد الصائغ، ثنا أبوداود الحفري،/ثنا سفيان، عن حارثة بن [محمد](4)، عن عمرة،عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بدأ بالوضوء سمَّى". قال البزار :" وحارثة بن محمد قد حدث عنه جماعة، وعنده أحاديث لم يتابع عليها، وكل ما روي في ذلك فليس بقوي الإسناد وإن تأيدت هذه الأسانيد ".
__________
(1) كذا في الأصل والموضع السابق من "البدر المنير".
.
(2) في الأصل :"بن"، والتصويب من "البدر المنير" (3/247)؛ فإنه نقل العبارة نفسها.
(3) الكلام للبزار،وقد أخرج هذا الحديث في "مسنده" كما في"كشف الأستار"(1/137 ).
(4) في الأصل :" حجير"، وكتب فوقها :"محمد"، وهو كذلك في المرجع السابق.(1/402)
وروى ابن ماجه في "سننه"(1) من حديث عبدالمهيمن بن عباس بن سهل ابن سعد الساعدي، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا صلاة لمن لا يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا صلاة لمن لا يحب الأنصار )) . و"عبدالمهيمن بن عباس": استضعفه يحيى فيما ذكر ابن أبي حاتم(2)، وقال البخاري(3):"منكر الحديث".
وروى الدارقطني(4) من حديث أيوب بن النجار، عن يحيى بن أبي كثير،
عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ماتوضأ من لم يذكر اسم الله عليه، وماصلى من لم يتوضأ )) .
و"أيوب بن النجار" موثق من جهة جماعة. وعلَّل البيهقي(5) هذا الحديث بأن قال :« وهذا الحديث لايعرف من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة إلا من هذا الوجه. وكان أيوب بن النجار يقول :" لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثًا واحدًا؛ حديث : (( التقى آدم وموسى عليهما الصلاة والسلام ))"(6)، ذكره يحيى بن معين عنه فيما رواه عنه ابن أبي مريم، فكان حديثه هذا منقطعًا، والله عز وجل أعلم ».
__________
(1) 1/140 رقم400) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في التسمية في الوضوء.
(2) في "الجرح والتعديل" (6/67-68 رقم354)، ونصّ عبارته :" عبدالمهيمن من ولد سهل ابن سعد، وأُبَيّ بن العباس هما أخوان، وأُبَيّ أقدمهما". وقد صرّح بتضعيفه عند العقيلي في "الضعفاء" (3/114-115).
(3) في "تاريخه الكبير" (6/137 رقم1947).
(4) في "سننه" (1/71 رقم 2).
(5) في "سننه" (1/44).
(6) أخرجه البخاري (8/434 رقم4736و4738) كتاب التفسير، باب : {واصطنعتك لنفسي}، وباب :{ فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى}،ومسلم (4/2042-2044 رقم2652) كتاب القدر، باب حِجَاج آدم وموسى عليهما السلام.(1/403)
وروى أبوأحمد ابن عدي(1) من حديث يحيى بن هاشم، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبدالله قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( إذا تطهر(2) أحدكم، فليذكر اسم الله )) .
ورواه أبوالحسن الدارقطني(3) أتم منه، ولفظه : عن عبدالله قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( إذا تطهر أحدكم، فليذكر اسم الله ؛ فإنه يطهر جسده كله، وإن لم يذكر اسم الله على طهوره لم يطهر منه إلا مامر عليه الماء، فإذا فرغ من طهوره فليشهد أن لا إله إلا الله،وأن محمدًا عبده ورسوله،
فإذا قال ذلك فتحت له أبواب السماء )) .
ورواه البيهقي(4) من جهة يحيى أيضًا، وفيه بعد قوله : (( وأن محمدًا عبده ورسوله )) : (( ثم ليصل عليّ، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة )). قال البيهقي :" وهذا ضعيف، لاأعلم رواه عن الأعمش غير يحيى بن هاشم، ويحيى بن هاشم متروك الحديث". انتهى.
و"يحيى بن هاشم": السمسار الغساني، أبوزكريا، قال ابن عدي(5): "كان ببغداد يضع الحديث ويسرق ".
ومن حديث إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثنا عبدالله بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا استيقظ أحدكم فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها، فإنه لا يدري أين باتت، ويسمي قبل(6) يدخلها )) .
[ل60/أ]
ورواه أبوعبدالله(7) عن أبي بكر أحمد بن محمد بن/ أبي الموت المكي،
__________
(1) في "الكامل" (7/252).
(2) تصحف في المرجع السابق إلى :" تصفر".
(3) في "سننه" (1/73-74 رقم11).
(4) في "سننه" (1/44).
(5) في "الكامل" (7/251).
(6) كذا في الأصل، وكتب فوقها :" صح " لئلا يتوهم أن صوابه :" قبل أن يدخلها ".
(7) يبدو أن هناك سقطًا في هذا الموضع يبين من أبوعبدالله هذا، أو في بداية سياق الحديث. وهو أبوعبدالله محمد بن الفضل بن نظيف،المترجم في"سير أعلام النبلاء" (17/476).(1/404)
عن أحمد [بن زيد](1) بن هارون، عنه، وهو فيما خرجه أبونصر الوائلي، وقال:" هذا حديث غريب من حديث هشام بن عروة، عن أبي الزناد، وهو من المدبج ورواية القرين عن القرين، وبالله عز وجل التوفيق ".
وهذا من " الجزء الرابع من فوائد ابن نظيف " تخريج عبيدالله بن سعيد السجستاني المذكور(2)، وقد قرأه أبونصر المذكور، وبلغ بخطه، وذكر المعارضة به أيضًا، وقرأه أحمد بن الحسن الشيرازي أيضًا.
وروى الدارقطني(3) عن عائشة رضي الله عنها، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مس طهورًا سمَّى الله(4) عز وجل. قال أبو بدر :" كان يقوم إلى الوضوء فيسمي الله عز وجل، ثم يفرغ الماء على يديه ". أخرجه من حديث
أبي بدر وجعفر الأحمر، عن حارثة [بن](5) أبي الرجال، عن عمرة، عنها.
وأخرجه البزار(6) عن إبراهيم بن زياد الصائغ، عن أبي داود الحفري، عن سفيان، عن حارثة، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بدأ بالوضوء سمَّى.
__________
(1) في الأصل بياض، ثم :"يزيد"، والمثبت من "تهذيب الكمال" (2/208)، وهو شيخ الطبراني كما في"المعجم الأوسط"(1/157رقم493)،و"المعجم الصغير" (1/54 رقم53).
(2) هو أبونصر الوائلي السِّجزي، مصنِّف كتاب "الإبانة الكبرى"، له ترجمة في "سير أعلام النبلاء" (17/654).
(3) في "سننه" (1/72 رقم4).
(4) في "سنن الدارقطني" :" طهوره يسمي الله ".
(5) في الأصل :"عن"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) كما في "كشف الأستار" (1/137 رقم261).(1/405)
وروى أبو أحمد ابن عدي(1) من حديث عيسى بن عبدالله-هو ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب -، عن أبيه، عن أبيه(2)، عن جده، عن علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لاصلاة لمن لاوضوء له، ولا وضوء لِمن لم يذكر اسم الله عليه )). رواه عن محمد بن علي بن مهدي
[العطار](3)، عن الحسين بن محمد بن أبي عاصم، عن عيسى، قال(4):"وبهذا الإسناد أحاديث حدثنا بها ابن مهدي ليست بمستقيمة ".
وروى الطبراني في "أوسط معاجمه"(5) من حديث أبي جعفر النفيلي، حدثنا عيسى(6) بن يزيد بن عبدالله بن أنيس، ثنا عيسى بن سَبرة، عن أبيه، عن جده قال : صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا المنبر(7)، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال : (( أيها الناس ! لا صلاة إلا بوضوء، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولم يؤمن بالله من لم يؤمن بي، ولم يؤمن بي من لم يعرف حق الأنصار )) . أخرجه عن أحمد بن عبدالرحمن [بن عقال الحراني](8)، عن النفيلي، وقال:" لم يُرْوَ(9) هذا الحديث عن أبي سبرة(10) إلا بهذا الإسناد".
__________
(1) في "الكامل (5/243 رقم1389).
(2) قوله :" عن أبيه " الثانية ملحق بهامش الأصل، وهو كذلك في "الكامل".
(3) في الأصل :"القطان"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) أي ابن عدي.
(5) 2/26 رقم1115).
(6) كذا في الأصل و"المعجم الأوسط"، وعلق عليها بهامش الأصل بما نصه :" صوابه يحيى "، فلعله اعتمد على رواية ابن أبي عاصم الآتية.
(7) في "المعجم الأوسط" :" ذات يوم المنبر".
(8) مابين المعكوفين في موضعه بياض في الأصل ، فأثبته من "المعجم الأوسط" (2/5 و26 رقم1038 و 1115).
(9) في "المعجم الأوسط" :" لا يروى ".
(10) كذا في الأصل، وفي "المعجم الأوسط" :" عن ابن سبرة ".(1/406)
كذا في هذا الإسناد، وقد وجدته في كتاب "الآحاد والمثاني"(1) للقاضي ابن أبي عاصم بتغيير في الإسناد، وزيادة في اللفظ ؛ فوجدت فيه: حدثنا الصلت بن مسعود، ثنا يحيى بن عبدالله بن يزيد بن عبدالله بن أنيس، ثنا عيسى بن [أبي](2) سبرة - مولى لقريش(3)-، عن أبيه، عن جده : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في ساعة لاصلاة فيها إلى المسجد، فجلس على المنبر ساكتًا، فتداعى الناس لخروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كثر الناس قام، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال : (( إنه لاصلاة إلا بوضوء، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، [ألا](4) ولم يؤمن بالله من لم يؤمن بي، ولم يؤمن بي من لم يعرف حق الأنصار ))، ثم نزل.
هكذا وجدته، وفي نفسي منه شيء، فليُحقق من موضع آخر، فإنه ذكر في الترجمة : ذكر جدّ أبي سبرة القرشي.
[ل60/ب]
/وروي(5) حديث مقطوع مُعضل عن خُصيف ؛ قال : توضأ رجل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يُسم ؛ قال : (( أعد وضوءك ))- ثلاث مرات -، ثم توضأ وسمَّى، فقال : (( الآن حين أصبت وضوءك )) .
وعن مجاهد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من توضأ وذكر اسم الله تطهر جسده كله، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله لم يتطهر إلا موضع الوضوء )) . رواه الدارقطني(6) من حديث مرداس بن محمد بن عبدالله بن أبي بُردة، عن محمد بن أبان، عن أيوب بن عائذ الطائي، عن مجاهد.
__________
(1) 2/152 رقم873).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "الآحاد والمثاني".
(3) في الأصل :"عن مولى لقريش"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الآحاد والمثاني".
(5) لم أجد من أخرجه.
(6) في "سننه"(1/74 رقم12).(1/407)
أورد عبدالحق في "أحكامه"(1) هذا الحديث، وقال:" محمد بن أبان لا أعرفه الآن، وأما أيوب بن عائذ فمعروف ثقة ". وقال ابن القطان(2):" ولقد جهل من قال [إن](3) محمد بن أبان [مجهول](4)..."، وذكر كلامًا آخر، ثم ذكر في أيوب بن عائذ أنه :" كوفي مُرجئ، ذكره بذلك البخاري(5)، ووراء هذا أن في إسناده من لايُعرف البتة ؛ وهو مرداس(6) بن محمد بن عبدالله"(7)، والله عز وجل أعلم.
وعن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من توضأ فذكر اسم الله على وضوئه كان طهورًا [لجسده، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله على وضوئه كان طهورًا](8) لأعضائه )) . رواه الدارقطني(9) من حديث عبدالله بن حكيم، عن عاصم بن محمد، عن نافع.
و"عبدالله بن حكيم"- بفتح الحاء، وكسر الكاف - أبو بكر الداهري :
قال البيهقي(10): "أبوبكر الداهري غير ثقة عند أهل العلم بالحديث ".
ذكر مااحْتُجَّ به على عدم وجوب التسمية في ابتداء الوضوء
__________
(1) أي :" الأحكام الوسطى" (1/163).
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (3/226-227).
(3) مابين المعكوفين بياض في الأصل،والمثبت من"البدر المنير"(3/261)، وانظر التعليق الآتي.
(4) في الأصل :"مجهولاً"، وكذا في "بيان الوهم"، ولكن المحقق أثبت العبارة هكذا :" ولقد جعل من محمد بن أبان مجهولاً "، وأشار إلى أن في بعض النسخ :" جهل " بدل :"جعل"، والذي أثبتُّه من "البدر المنير".
(5) في "تاريخه" (1/420).
(6) في "بيان الوهم ":" وهو روايه عن محمد بن أبان، وهو مرداس...".
(7) علق عليه بالهامش بقوله :" مرداس بن محمد مشهور".
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".
(9) في "سننه" (1/74-75 رقم13).
(10) في "سننه" (1/44).(1/408)
روى أبوداود(1) عن رفاعة بن [رافع](2)- في المسيء صلاته -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : (( فتوضأ كما أمرك الله )) . اختصرت منه هذا القدر، وأورده هو أيضًا مختصرًا،وهو من حديث يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي،
عن أبيه، عن جده،[عن](3) رفاعة بن رافع.
وذكر ابن القطان(4) أن يحيى بن علي بن خلاد " لايعرف له حال، وليس فيه مزيد على مافي الإسناد، فأما أبوه علي فثقة، وجده يحيى بن خلاد أخرج له البخاري ". انتهى.
وفي رواية لأبي داود(5) عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة بن رافع : (( إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين،ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين...))،
وذكر باقيه.
وأخرج هذه الرواية الترمذي(6)، والنسائي(7)، وابن ماجه(8) بنحوه، وحديث ابن ماجه مختصر، وقال الترمذي :" حديث حسن ".
فصل في غسل الكفين في ابتداء الوضوء
قد تقدم ذلك في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) في سننه(1/538رقم861)كتاب الصلاة،باب صلاةمن لايقيم صلبه في الركوع والسجود.
(2) في الأصل:"رفاعة"، والتصويب من المرجع السابق، وسيذكره المصنف قريبًا على الصواب.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(4) في "بيان الوهم والإيهام" (5/30).
(5) في الموضع السابق من "سننه" (1/536-537 رقم858).
(6) في "سننه" (2/100-101 رقم302) في أبواب الصلاة، باب ماجاء في وصف الصلاة.
(7) في"سننه"(2/225-226رقم1136)كتاب التطبيق،باب الرخصةفي ترك الذكرفي السجود.
(8) في"سننه" (1/156 رقم460) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في الوضوء....(1/409)
وروى النسائي(1) من حديث شعبة، عن النعمان بن سالم، عن ابن أوس(2)، عن جده قال :"رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استوكف ثلاثًا".
قال شيخنا(3):" هو عثمان بن عبدالله بن أوس بن أبي أوس، روى عن جده أوس بن أبي أوس، واسم أبي أوس حذيفة، وقيل : أوس بن أوس، وأوس بن أبي أوس واحد ".
[ل61/أ]
وروى هذا الحديث أبوالقاسم /الطبراني في "معجمه الكبير"(4) من حديث عاصم بن علي، عن شعبة، عن النعمان بن سالم قال : سمعت عمرو(5) بن أوس، عن جده : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فاستوكف ثلاثًا. قال شعبة: وكان رجلاً عربيًا، [فقلت له](6): مااستوكف ؟ قال : غسل يديه.
ورواه البيهقي(7) من حديث آدم بن أبي إياس، عن شعبة، عن النعمان بن سالم قال : سمعت ابن عمرو بن أوس يحدث عن جده أوس بن أوس(8)...، وذكر باقيه،وقال:"قد أقام آدم بن أبي إياس إسناده، واختلف فيه على شعبة".
__________
(1) في "سننه "(1/64 رقم83) كتاب الطهارة، باب كم تغسلان.
(2) كذا في الأصل، وهناك إشارة لحق قبل قوله :" أوس "، وكتب في الهامش بخط مغاير : "عمرو بن "، وعليه فيكون الاسم :" ابن عمرو بن أوس"، وهذا ماجاء في رواية الطبراني الآتية، والذي في "سنن النسائي" :" عن ابن أوس بن أبي أوس"، وانظر كلام المصنف الآتي في ذكر الخلاف في اسمه.
(3) أي : المنذري فيما يظهر.
(4) 1/221 رقم602).
(5) في المرجع السابق :" عمر ".
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(7) في "سننه" (1/46).
(8) في الموضع السابق :" أوس بن أويس".(1/410)
وروى حرملة عن ابن وهب قال: حدثني معاوية بن صالح، عن عبدالرحمن بن جبير بن نُفير، عن أبيه : أن أباجبير الكندي قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء، فقال : (( توضأ ياأبا جبير! )) فبدأ بفيه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تبدأ بفيك، فإن الكافر يبدأ بفيه )) ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء، فغسل يديه حتى أنقاهما، [ثم مضمض واستنثر](1)، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثًا، ثم مسح رأسه وغسل رجليه. رواه الحافظ أبوبكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ في "كتاب حرملة"(2).
والحديث عند البيهقي(3) من رواية الليث بن سعد، عن معاوية، واللفظ له(4)، والسياق لرواية ابن وهب.
وقد ورد حديث يقتضي الاستحباب في غسل اليدين في ابتداء الوضوء مطلقًا.
__________
(1) مابين المعكوفين جاء في الأصل بعد قوله :" ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثًا"، والتصويب من "صحيح ابن حبان"؛ حيث رواه من طريق حرملة.
(2) وأخرجه أيضًا ابن حبان في"صحيحه"(3/369-370 رقم1089/الإحسان) من طريق حرملة.
(3) في "سننه" (1/46-47).
(4) كذا قال ! واللفظ الذي ساقه ليس هو لفظ رواية البيهقي، بل هو لفظ رواية حرملة عن ابن وهب كما يتضح من رواية ابن حبان.
.(1/411)
نقلت من خط الحافظ أبي طاهر السِّلفي - وأجازني غير واحد عنه -، عن أبي عبدالله إسماعيل بن الحسن العلوي فيما قرأه عليه - أعني قرأه السلفي-، ثنا أحمد بن عبدالله بن أحمد، قال:قرأت على أبي عبدالله محمد بن أحمد بن علي بن مخلد الجوهري المعروف بابن مُحرم فأقر به، ثنا أحمد بن الهيثم بن خالد البزار المعدل، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا فرقد بن الحجاج، ثنا عقبة بن أبي الحسناء، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا أراد أحدكم أن يتوضأ، فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يده )) . وهذا من " أحاديث منتقاة من الجزء الأول من انتقاء أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني، عن أبي عبدالله محمد بن أحمد بن علي بن مخلد الجوهري "، وسمعه السلفي أيضًا على أبي عبدالله محمد بن عبدالجبار بن محمد بن يعقوب، وأبي الفضل محمد بن الفضل بن عمر بن الكندوح، وغيرهما.
فصل في أمر المستيقظ من النوم بِغَسْل يديه قبل
إدخالهما الإناء،ونهيه عن إدخالهما فيه قبل الغسل
روى مالك(1) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل [يده](2) قبل أن يدخلها في وضوئه، فإنه لايدري أين باتت يده )) . أخرجه البخاري(3) من حديث مالك.
وفي رواية مالك هذه شيئان : أحدهما : صيغة الأمر في قوله: (( فليغسل )) ،
[ل61/ب]
__________
(1) في "الموطأ" (1/21 رقم9) كتاب الطهارة، باب وضوء النائم إذا قام إلى الصلاة.
(2) في الأصل :"يديه"، والمثبت من "الموطأ".
(3) في "صحيحه" (1/263 رقم162) كتاب الوضوء، باب الاستجمار وترًا.(1/412)
وروي بصيغة النهي من حديث الأعرج ؛ ذكر أبوعمر(1): أن الليث بن سعد رواه عن جعفر / بن ربيعة، عن عبدالرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة رفعه قال : (( إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسل يده، أو يفرغ فيها، فإنه لايدري أين باتت يده )) .
والثاني : عدم ذكر العدد، وكذلك روي من حديث جماعة عن أبي هريرة من غير ذكر العدد، منهم : همام بن منبه، وعبدالرحمن بن يعقوب [الْحُرَقي](2)، وثابت مولى عبدالرحمن بن زيد(3)، وعمار بن أبي عمَّار.
وروي ذكر العدد عن أبي هريرة من حديث جماعة، منهم : جابر بن عبدالله، أخرج حديثه مسلم(4) من حديث أبي الزبير، عن جابر، عن أبي هريرة أنه أخبره : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا استيقظ أحدكم فليفرغ على يده ثلاث مرات قبل أن يدخل يده في إنائه، فإنه لايدري فيم باتت يده )). وكذلك سعيد بن المسيب، وأبوسلمة، وعبدالله بن شقيق، وأبوصالح، وأبورزين ؛ في حديثهم ذكر الثلاث، قاله مسلم(5).
وروى النسائي(6) حديث الزهري من جهة الأوزاعي، عنه قال: حدثني سعيد بن المسيب، حدثني أبو هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا قام أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثًا، فإن أحدكم لايدري أين باتت يده )) .
__________
(1) في "التمهيد" (18/227).
(2) في الأصل :"الخرقي"، وهو تصحيف.
(3) كذا في الأصل و"التمهيد" (18/228)، وهو الصواب كما في " الجرح والتعديل " =
= (2/454 رقم1833)، وصوبت في هامش الأصل بخط مغاير إلى :"ثابت" بدل "زيد"، وهو خطأ.
(4) في "صحيحه" (1/233 رقم278/88) كتاب الطهارة، باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثًا.
(5) في الموضع السابق (1/234).
(6) في "سننه" (1/215 رقم441) كتاب الغسل والتيمم، باب الأمر بالوضوء من النوم.(1/413)
وكذلك رواية أبي صالح وأبي رزين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : (( إذا قام أحدكم من الليل )). وهو عند أبي داود(1)، ومسلم(2) أخرجه ولم يسق لفظه.
وحديث عبدالله بن شقيق عند مسلم(3) من جهة خالد الحذَّاء، عنه، ولفظه : (( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإنه لايدري أين باتت يده )) .
ورواه محمد بن إسحاق بن خزيمة(4) عن محمد بن الوليد، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن خالد، وفيه : (( أين باتت(5) يده منه )). وأخرجه البيهقي(6) من جهة ابن خزيمة، وقال :« قوله : " منه " تفرد به محمد بن الوليد البسري وهو ثقة، والله عز وجل أعلم ».
كذا قال [....](7)! وقال ابن منده في كتابه :" ورواه عبدالله بن شقيق
من رواية خالد الحذاء عنه، فقال : (( فإنه لايدري أين باتت يده منه )). وكذلك رواه محمد بن الوليد البسري، عن غندر، ومحمدُ بن يحيى(8)، عن عبدالصمد بن عبدالوارث، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن ابن شقيق، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وقال فيه : (( فإنه لايدري أين باتت يده منه ))". قال : «وماأراهما محفوظين(9) بهذه الزيادة - قوله :" منه "-، إلا أن رواة هذه الزيادة ثقات مقبولون على رسم الجماعة ». انتهى.
__________
(1) في"سننه" (1/76 رقم103) كتاب الطهارة، باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها.
(2) في الموضع السابق بعد رقم (87).
(3) في الموضع السابق برقم (87).
(4) في "صحيحه" (1/52 رقم100).
(5) كذا في الأصل، وفي الموضع السابق من "صحيح ابن خزيمة" :" أتت"، وهو تصحيف، وقد جاءت في مخطوط "صحيح ابن خزيمة" (ل16/ب) على الصواب.
(6) في "سننه" (1/46).
(7) بياض في الأصل بمقدار كلمة، وأظن صوابها :" البيهقي ".
(8) أي : ورواه محمد بن يحيى.
(9) في الأصل :"محفوظان"، وصوبت في الهامش.(1/414)
وروى هذا الحديث [ابن خزيمة](1) من جهة ابن لهيعة وجابر بن إسماعيل الحضرمي، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله، عن أبيه - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا استيقظ أحدكم من منامه، فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات ؛ فإنه لايدري أين باتت يده - أو أين طافت يده - )). فقال له رجل : أرأيت إن كان حوضًا ؟ فحصبه ابن عمر ويقول : أخبرك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول : أرأيت إن كان حوضًا ؟!
[ل62/أ]
/وقال الدارقطني(2):"إسناده حسن". قال البيهقي(3):" لأن جابر بن إسماعيل مع ابن لهيعة في إسناده ".
قلت : هذا تعليل منه بحسنه من حيث لم ينفرد ابن لهيعة. قال ابن خزيمة بعد تخريجه هذا الحديث من جهة ابن لهيعة وجابر :"ابن لهيعة ليس ممن أخرج حديثه في هذا [الكتاب](4) إذا انفرد، ولكن جابر بن إسماعيل معه في الإسناد"(5).
__________
(1) في الأصل :"أبوداود"، وعلق عليها في الهامش بما نصه :" لم يروه أبو داود "، وهو كذلك، وإنما رواه ابن ماجه (1/139 رقم394) في الطهارة وسننها، باب الرجل يستيقظ من منامه، هل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها، ولفظه مختصر،والسياق الذي أورده المصنِّف هو لابن خزيمة في "صحيحه" (1/75 رقم146)، وسيشير إلى ذلك المصنف بعد قليل.
(2) في "سننه" (1/49-50 رقم 3).
(3) في "سننه" (1/46).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(5) الذي في"صحيح ابن خزيمة":" إذا تفرد برواية، وإنما أخرجت هذا الخبر لأن جابر بن إسماعيل معه في الإسناد ".(1/415)
ولم يسق مسلم(1) لفظ ثابت مولى عبدالرحمن بن زيد : أنه أخبره(2) أنه سمع أباهريرة(3) - رضي الله عنه - يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا كان أحدكم نائمًا ثم استيقظ فأراد الوضوء، فلا يضع يده في الإناء حتى يصبَّ على يده، فإنه لا يدري أين باتت يده )).
[ورواه محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال : (( إذا قام أحدكم من النوم فليفرغ على يده من إنائه ثلاث مرات، فإنه لا يدري أين باتت يده ))](4). قال قين الأشجعي : فإذا جئت مهراسكم هذا كيف أصنع ؟ فقال أبوهريرة : أعاذنا الله من شرك يا قين !
و"قين" هذا : بالقاف، وبعدها الياء آخر الحروف، وآخره نون.
وهذا الحديث ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام في "الغريب"(5)، ورواه
__________
(1) في الموضع السابق من "صحيحه" بعد رقم (88).
(2) أي أخبر زياد بن سعد الراوي عنه.
(3) لم يسق مسلم - كما ذكر المصنِّف - لفظ حديث ثابت مولى عبدالرحمن بن زيد، وساقه المصنف هنا مثل سياق ابن عبدالبر له في "التمهيد"(18/228-229)، فالظاهر أنه أخذه منه، والظاهر أن في العبارة سقطًا تقديره بتمامه :" ولم يسق مسلم لفظ ثابت مولى عبدالرحمن بن زيد، وساقه عبدالرزاق، عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن ثابت مولى عبدالرحمن بن زيد : أنه أخبره... " الخ.
وإنما قلت :" وساقه عبدالرزاق "؛ لأن ابن عبدالبر قال في الموضع السابق من "التمهيد" : "ذكره عبدالرزاق، عن ابن جريج..." الخ.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "التمهيد" (18/230)، فإن سياق الحديث السابق وهذا الحديث موافق لما هناك، ومن الواضح أن السقط كان بسبب انتقال نظر الناسخ بعد قوله :" أين باتت يده" التي جاءت في الحديثين، والله أعلم.
(5) يعني "غريب الحديث" (2/274).(1/416)
[عن](1) إسماعيل بن جعفر، عن محمد، وقال :" قال الأصمعي(2): المهراس : حجر منقور مستطيل [عظيم](3) كالحوض، يتوضأ منه الناس، لايقدر أحدٌ على تحريكه".
ذكر من قال بإراقة الماء إن غمس يده فيه قبل غسلها
روى أبوأحمد ابن عدي(4) من حديث معلى بن الفضل، ثنا الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها، ثم ليتوضأ، فإن غمس يده في الإناء من قبل أن يغسلها فليهريق ذلك الماء )). قال ابن عدي : « وقوله في هذا المتن :" فليهريق ذلك الماء " منكر لا يُحفظ ». ثم قال في آخر الترجمة :« ولمعلى غير ماذكرتُ، وفي بعض مايرويه نكرة ».
قلت : وفيه أيضًا أنه من رواية الحسن عن أبي هريرة، وقد قال غير واحد : إنه لم يسمع منه.
و"الربيع بن صَبيح": بفتح الصاد.
ذكر كيفية غسلهما جمعًا(5) أو فرادى
في حديث عثمان عند البخاري(6) من رواية إبراهيم بن سعد(7):" فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما ".
وتقدم(8) حديث أبي علقمة، عن عثمان :" فأفرغ بيده اليمنى على اليسرى، ثم غسلهما إلى الكوعين ".
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه.
(2) في "غريب الحديث" :" قال الأصمعي وغيره".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "غريب الحديث".
(4) في "الكامل" (6/374).
(5) كذا في الأصل.
(6) في "صحيحه" (1/259 رقم159) كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا.
(7) وإبراهيم يرويه عن ابن شهاب الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن حمران، عن عثمان.
(8) ص421)،وهو عند أبي داود (1/81 رقم109) في الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.(1/417)
وفي حديث عبدالله بن زيد من رواية وهيب عند البخاري(1):" فأكفأ على يده من التور فغسل يده(2) ثلاثًا".
وعن أبي بكر ابن خزيمة(3)، ثم الدارقطني(4)، ثم البيهقي(5)- والسياق للدارقطني - في حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - - من رواية زائدة بن قدامة، عن خالد بن علقمة(6)-: فأخذ بيمينه الإناء، فأكفأ على يده اليسرى، ثم غسل كفيه، ثم أخذ بيده اليمنى الإناء، فأفرغ على يده اليسرى، ثم غسل كفيه، [فعله](7) ثلاث مرات. قال عبد خير : كل ذلك لا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات.
وعند الدارقطني(8)من حديث إسحاق بن يحيى، عن معاوية بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، عن أبيه عبدالله بن جعفر، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -: أنه توضأ فغسل [يديه](9) ثلاثًا: كل واحدة منهما...، الحديث.
[ل62/ب]
و"إسحاق بن يحيى" بن طلحة بن عبيدالله : قال البخاري(10) : "يتكلمون في حفظه "./ وقال الترمذي(11):" ليس بذاك القوي عندهم، وقد تكلموا فيه من قِبل حفظه ". وقال البزار(12):"قد روى عنه عبدالله بن المبارك وجماعة، واحتمل حديثه، وإن كان فيه ".
فصل في المضمضة والاستنشاق والاستنثار
__________
(1) في "صحيحه" (1/294 رقم186) كتاب الوضوء، باب غسل الرجلين إلى الكعبين.
(2) كذا في الأصل، وكذا في بعض نسخ البخاري كما في "النسخة اليونينية" ( 1/58 )، ووقع في بعض نسخ البخاري :" فغسل يديه ".
(3) في "صحيحه" (1/76 رقم147).
(4) في "سننه" (1/90 رقم 2).
(5) في "سننه" (1/48-49).
(6) وخالد يرويه عن عبد خير، عن علي t.
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن الدارقطني".
(8) في "سننه" (1/91 رقم 1).
(9) في الأصل :"يده"، والتصويب من "سنن الدارقطني"، وعليه تدل بقية الحديث.
(10) في "تاريخه الكبير" (1/406 رقم1299).
(11) كما في "تهذيب الكمال" (2/491).
(12) في "مسنده" (1/133).(1/418)
قد تقدم ذلك فعلاً في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وروى مالك(1) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه، ثم لينتثر(2)، ومن استجمر فليوتر )) .
وقال أبوعمر(3):« هكذا رواه يحيى : (( فليجعل في أنفه، ثم لينتثر(4) )) ولم يقل :" ماء "، وهو مفهوم من الخطاب، وهكذا وجدناه عند جماعة شيوخنا، إلا فيما حدثنا به أحمد بن محمد، عن أحمد بن مطرف، عن عبيدالله بن يحيى، عن أبيه، [فإنه](5) قال فيه : (( فليجعل في أنفه ماء )) . وأما القعنبي فلم يقل:"ماء" في رواية علي بن عبدالعزيز، عن القعنبي. ورواه أبوداود(6) عن القعنبي، فقال فيه: (( فليجعل في أنفه ماء ))، [وكذلك رواية ابن بكير، ومعن، وجماعة عن مالك : (( فليجعل في أنفه ماء )). وعند أكثر الرواة هو هكذا : (( فليجعل في أنفه الماء ))](7). وقال أبوخليفة الفضل بن الحباب القاضي البصري، عن القعنبي في هذا الحديث : (( فليجعل في أنفه الماء )) ، وهذا كله معنى واحد، والمراد مفهوم. ورواية ورقاء لهذا الحديث عن أبي الزناد كما روى يحيى عن مالك، لم يقل :" ماء "»، ثم أسندها أبوعمر.
وهذا الحديث أخرجه البخاري(8)،والنسائي(9) من حديث مالك، ورواه
__________
(1) في "الموطأ" (1/19 رقم2) كتاب الطهارة، باب العمل في الوضوء.
.
(2) كذا في الأصل، وفي "الموطأ" :" لينثر"، وفي "التمهيد" :"ليستنثر".
(3) في "التمهيد" (18/220-221).
(4) في "التمهيد" :" ليستنثر".
(5) في الأصل :"فإن"، والتصويب من "التمهيد".
(6) في "سننه" (1/96 رقم140) كتاب الطهارة، باب في الاستنثار.
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "التمهيد".
(8) في "صحيحه" (1/263 رقم162) كتاب الوضوء، باب الاستجمار وترًا.
(9) في "سننه" (1/65-66 رقم86) كتاب الطهارة، باب اتخاذ الاستنشاق.(1/419)
مسلم(1) من حديث جماعة عن سفيان، عن أبي الزناد، وفيه : (( فإذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر )).
ورواه الحافظ أبونعيم في"المستخرج"(2) من حديث الحميدي، عن سفيان، ولفظه : (( إذا استجمر أحدكم فليستجمر وترًا، وإذا استنثر فليستنثر وترًا )) .
وروى مسلم(3) من حديث همام بن منبه قال : هذا ماحدثنا أبوهريرة، عن محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -...، فذكر أحاديث، منها : وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء، ثم لينتثر )) .
قال أبوعمر(4):"أما لفظ الاستنشاق، فلا يكاد يوجد [الأمر به](5) إلا في
رواية همام، عن أبي هريرة، وفي حديث أبي رزين العقيلي - واسمه لقيط بن صبرة -، ويوجد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تمضمض واستنشق من حديث عثمان، وعلي، وعائشة، وغيرهم من وجوه.
وأما لفظ الاستنثار، فمحفوظ الأمر به من حديث ابن عباس، ومن طريق أبي هريرة ؛ من رواية أبي إدريس الخولاني، والأعرج، وعيسى بن
طلحة، وغيرهم، عن أبي هريرة ".
وروى مالك(6) عن ابن شهاب، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي هريرة
__________
(1) في"صحيحه" (1/212رقم237/20) كتاب الطهارة، باب الإيتار في الاستنثار والاستجمار.
(2) 1/301 رقم560).
(3) في الموضع السابق برقم (21).
(4) في "التمهيد" (18/222).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(6) في "الموطأ" (1/19 رقم3) كتاب الطهارة، باب العمل في الوضوء.(1/420)
- رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من توضأ فليستنثر، ومن استجمر فليوتر )) . رواه مسلم(1)، والنسائي(2) من حديث مالك، وأخرجه الشيخان(3) من حديث يونس، عن الزهري، وفي حديث مسلم من رواية يونس عن ابن شهاب : أخبرني أبوإدريس الخولاني: أنه سمع أباهريرة وأباسعيد الخدري يقولان : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
[ل63/أ]
وروى مسلم(4) من حديث عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن /النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه )) . أخرجه من حديث عبدالعزيز - هو الدراوردي-، عن ابن الهادِ،[عن محمد بن إبراهيم، عن عيسى.
ورواه ابن أبي حازم، عن يزيد بن عبدالله بن الهاد](5)، وقال: (( إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ )) . أخرجه النسائي(6).
ورواه ابن خزيمة(7) من حديث يحيى بن أيوب، عن ابن الهادِ، كذلك فيه: " فتوضأ ".
وعن سلمة بن قيس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا توضأت فاستنثر، وإذا
__________
(1) في الموضع السابق برقم (22).
(2) في "سننه" (1/66-67 رقم88) كتاب الطهارة، باب الأمر بالاستنثار.
(3) أخرجه البخاري (1/262 رقم161) في كتاب الوضوء، باب الاستنثار في الوضوء، ومسلم في الموضع السابق بعد رقم (22).
(4) في الموضع السابق برقم (238/23).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه، فاستدركته من روايتي مسلم والنسائي، مع التصرف في السياق وفق طريقة المصنف.
(6) في"سننه"(1/67 رقم90) كتاب الطهارة، باب الأمر بالاستنثار عند الاستيقاظ من النوم.
(7) في "صحيحه" (1/77 رقم149).(1/421)
استجمرت فأوتر )) . أخرجه النسائي(1)، والترمذي(2)، وقال :" حديث سلمة ابن قيس حديث صحيح ".
قلت : وقد وقع لنا هذا الحديث عاليًا جدًّا :
قرأت على المفتي أبي الحسن علي بن هبة الله - فيما قُرئ على شهدة بنت أبي نصر وهو يسمع -، أنا الحسن بن علي، أنا عبدالله بن يحيى، قال: قرئ على إسماعيل بن أحمد - وأنا أسمع-، ثنا سعدان - هو ابن نصر بن منصور-، ثنا سفيان بن عيينة،عن منصور، عن هلال بن يساف، عن سلمة بن قيس، يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا استجمرت فأوتر، وإذا توضأت فانثر )) .
وروى هُدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمر بالمضمضة والاستنشاق. رواه عن هدبة عبدالله بن أحمد بن موسى، ومن جهته رواه[....](3)،وإبراهيم بن أحمد الواسطي، وعنه رواه أحمد بن عبيد الصفار، وفيه:" قال مرة أخرى : مرسلاً، لم يقل : عن أبي هريرة ". قال البيهقي:" كذا في الحديث ! أظن هدبة أرسله مرة، ووصله أخرى، وتابعه داود بن مُحَبَّر، عن حماد في وصله، وغيرهما يرويه مرسلاً، كذلك ذكره لي أبو بكر الفقيه، عن أبي الحسن الدارقطني ".
قال :" وخالفهما إبراهيم بن سليمان الخلاَّل - شيخ يعقوب بن سفيان -، فقال : عن حماد، عن عمار، عن ابن عباس، وكلاهما غير محفوظ". انتهى.
__________
(1) في "سننه" (1/67 رقم89) كتاب الطهارة، باب الأمر بالاستنثار.
(2) في "سننه" (1/40 رقم27) أبواب الطهارة، باب ماجاء في المضمضة والاستنشاق.
(3) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات، والظاهر أن العبارة بتمامها هكذا :" ومن جهته رواه البيهقي عن علي بن أحمد بن عبدان، عن إبراهيم بن أحمد الواسطي "، فالحديث هكذا عند البيهقي في "سننه"(1/52)، ويدل عليه نقله عنه كما سيأتي.(1/422)
وأخرج أبوداود(1)حديث ابن جريج، عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن
لقيط بن صبرة، عن أبيه مطولاً، ثم أخرجه(2) من حديث أبي عاصم، عن ابن جريج، وقال :"بهذا الحديث، قال فيه : (( إذا توضأت فمضمض ))" .
وسيأتي حديث إسماعيل بن كثير - إن شاء الله - عنها (3).
وروى الدارقطني(4) من حديث عصام بن يوسف، عن عبدالله بن المبارك، عن ابن جريج، عن سليمان - يعني ابن موسى -، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال : (( المضمضة والاستنشاق من
الوضوء الذي لابد منه )) .
ورواه الدارقطني(5) من وجه آخر فيه : ((من الوضوء الذي لايتم الوضوء إلا [بهما](6) )). قال الدارقطني :" تفرد به عصام، عن ابن المبارك،[ووهم](7) فيه، والصواب : عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى - مرسلاً -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( من توضأ فليمضمض وليستنشق )) ".
[ل63/ب]
__________
(1) في "سننه" (1/100 رقم143) كتاب الطهارة، باب في الاستنثار.
(2) في الموضع السابق برقم (144).
(3) أي : عن عائشة رضي الله عنها، ولم أجده، فلعله في السقط الذي في الكتاب، وهو حديث أخرجه أبو داود في الموضع السابق من "سننه" (1/97 رقم142).
(4) في "سننه" (1/84 رقم1).
(5) في الموضع السابق برقم (2).
(6) في الأصل :"به"، والتصويب من المرجع السابق.
(7) في الأصل :"وهم"، والتصويب من المرجع السابق.(1/423)
قال :"وأحسب عصامًا حدث به من حفظه، فاختلط عليه، واشتبه بإسناد حديث ابن جريج، عن سليمان، عن الزهري،[عن عروة](1)، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ))(2)،والله عز وجل أعلم". ثم أخرجه(3) من حديث وكيع، وإسماعيل/بن عياش وسفيان [عن ابن](4) جريج، عن سليمان مرسلاً : (( من توضأ فليمضمض وليستنشق )) .
ثم أخرجه(5) من حديث محمد بن الأزهر،عن الفضل بن موسى السيناني، [عن ابن جريج](1)،عن سليمان بن موسى،عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من توضأ فليمضمض وليستنشق )) . قال الدارقطني:"محمد بن الأزهر هذا ضعيف، وهذا خطأ، والذي قبله المرسل أصح". وقال في موضع آخر(6) فيه هذا الحديث:"كذا قال، والمرسل أصح".
قلت :" السِّيناني" في سند هذا الحديث : بكسر السين المهملة، وبعدها ياء آخر الحروف، ونون، ثم ألف، ثم نون، ثم ياء النسبة.
وروى الدارقطني(7) من حديث الربيع بن بدر، عن ابن جريج، عن عطاء،
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : (( تمضمضوا واستنشقوا والأذنان من الرأس )). قال الدارقطني :" الربيع بن بدر متروك الحديث ".
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(2) أخرجه أبو داود (2/566-568 رقم2083) كتاب النكاح، باب في الولي، والترمذي (3/408رقم1102)كتاب النكاح،باب ماجاء "لا نكاح إلا بولي"، وابن ماجه (1/605 رقم1879) كتاب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، ثلاثتهم من طريق ابن جريج، به.
(3) في الموضع السابق برقم (3و4و5).
(4) في الأصل :" وابن"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(5) أي الدارقطني في الموضع السابق برقم (7).
(6) من "سننه" (1/100 رقم20).
(7) في "سننه" (1/99 رقم14).(1/424)
وأخرج أيضًا(1) من حديث محمد بن مصعب القرقساني، عن إسرائيل، عن جابر،[عن](2) عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا توضأ أحدكم فليمضمض وليستنشق، والأذنان من الرأس )) .
ومن حديث(3) مصعب بن المقدام،عن حسن بن صالح،عن جابر،عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما،عن النبي- صلى الله عليه وسلم - مثله سواء،إلا أنه قال: ((وليستنثر )) .
ومن حديث(4) علي بن يونس، عن إبراهيم بن طهمان، عن جابر، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لايتم الوضوء إلا بهما، والأذنان من الرأس )) . قال الدارقطني :" جابر ضعيف، وقد اختلف عنه، فأرسله الحكم بن عبدالله
أبومطيع، عن إبراهيم بن طهمان، عن جابر، عن عطاء، وهو أشبه بالصواب".
ثم أخرجه(5) من هذا الطريق من حديث عباد بن يعقوب، عن [أبي](2) مطيع الخراساني، عن إبراهيم بن طهمان، عن جابر، عن عطاء قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن المضمضة والاستنشاق من وظيفة الوضوء، لايتم الوضوء
إلا بهما، والأذنان من الرأس )) .
وأخرج(6) أيضًا من حديث القاسم بن غصن، عن إسماعيل بن مسلم، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((المضمضة والاستنشاق سنة، والأذنان من الرأس )) . قال :" إسماعيل بن مسلم ضعيف، والقاسم بن غصن مثله. خالفه علي بن هاشم(7)، فرواه عن إسماعيل ابن مسلم المكي، عن عطاء، عن أبي هريرة، ولا يصح أيضًا ".
__________
(1) 1/100 رقم21).
(2) في الأصل :"بن"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) برقم (22).
(4) برقم (23).
(5) برقم (24).
(6) برقم (26).
(7) في "سنن الدارقطني" :" علي بن هشام"، وهو تصحيف، انظر "تهذيب الكمال" (3/199).(1/425)
ثم أخرجه(1) من هذا الطريق قال:قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : (( إذا توضأ أحدكم
فليمضمض وليستنشق، والأذنان من الرأس )) .
[ل64/أ]
وأخرج(2) أيضًا من حديث عمرو بن الحصين، عن ابن علاثة، عن عبدالكريم الجزري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( تمضمضوا واستنشقوا،/ والأذنان من الرأس )) (3) .
ذكر المبالغة في الاستنشاق
روى إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه قال : قلت : يارسول الله ! أخبرني عن الوضوء، قال : (( أسبغ الوضوء، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائمًا )) . أخرجه النسائي(4)، وابن ماجه(5)، والترمذي(6)، وقال :" هذا حديث حسن صحيح ".
وأخرجه أبوداود(7) مطولاً، وفيه : (( أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائمًا )) .
وأخرجه [...](8) وابن الجارود(9)، وفيه عند ابن الجارود: (( وخلل الأصابع(10) )).
__________
(1) برقم (27).
(2) في "سننه" (1/102 رقم32).
(3) ثم قال الدارقطني عقب إخراجه له :" عمرو بن الحصين وابن علاثة ضعيفان ".
(4) في "سننه" (1/66 رقم87) كتاب الطهارة، باب المبالغة في الاستنشاق.
(5) في"سننه"(1/142رقم407) كتاب الطهارة وسننها، باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار.
(6) في"سننه"(3/155رقم788)كتاب الصوم،باب ماجاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم.
(7) في "سننه" (1/97-100 رقم142) كتاب الطهارة، باب في الاستنثار.
(8) بياض في الأصل بمقدار كلمة.
(9) في "المنتقى" (1/75-76 رقم80).
(10) في الأصل :"وخلل بين الأصابع"، والمثبت من "المنتقى".(1/426)
و"إسماعيل بن كثير": أبوهاشم المكي، قال أحمد(1):" هو ثقة ". وقال ابن سعد(2):" ثقة كثير الحديث". وقال أبوحاتم(8):"صالح". وذكر الخلاَّل(3) عن سليمان بن الأشعث قال : سمعت أباعبدالله سُئل عن حديث ابن لقيط فقال : " عاصم لم يسمع عنه بكثير رواية "؛ أي : ليس هو بمشهور في الرواية عنه.
وروى أبوداود(4) من حديث قارظ بن شيبة، عن أبي غطفان، عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثًا )) . وأخرجه ابن ماجه(5)، وابن الجارود(6)، وقال :" ثنتين ".
و"قارظ بن شيبة": قال ابن القطان(7):«هو أخو عمرو(8) بن شيبة مولى(9) بني ليث، من بني كنانة حُلفاء لقريش. قال النسائي(10):" لابأس به"، يروي عن سعيد بن المسيب وأبي غطفان، روى عنه أخوه [عمرو](11) وابن أبي ذئب"(12). انتهى.
__________
(1) كما في "الجرح والتعديل" (2/194 رقم656).
(2) في "الطبقات" (5/485).
(3) نقل قوله هذا الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/139).
(4) في الموضع السابق برقم (141).
(5) في الموضع السابق برقم (408).
(6) في "المنتقى" (1/74-75 رقم77).
(7) في "بيان الوهم والإيهام" (5/316).
(8) في الأصل :"عمر"، وصوبت في الهامش.
(9) في "بيان الوهم" :" من " بدل :"مولى".
(10) كما في "تهذيب الكمال" (23/333)، وفيه :" ليس به بأس ".
(11) في الأصل:"عمر"،والتصويب من"بيان الوهم والإيهام"، وقد تقدم قبل ذلك على الصواب.
(12) وتتمة كلام ابن القطان :" ومات في خلافة سليمان بن عبدالملك بالمدينة، قاله أبوحاتم ". وانظر "الجرح والتعديل" (7/148).(1/427)
و" أبو غطفان ": هو [ابن](1) طريف الْمُرِّي، أخرج له مسلم(2)، ووثقه ابن معين في رواية الدوري(3)،وكان عبدالحق في "أحكامه"(4) ذكر هذا الحديث، فقال :" قارظ هو: ابن شيبة، وهو لا بأس به، والصحيح ماتقدم من الأمر بالوتر في الاستنثار "، فقال ابن القطان(5):" لم يعتل على هذا الحديث بأكثر من هذا، وحكمه على قارظ بن شيبة بأنه لا بأس به، وعلى الحديث بالضعف ؛ يُعيِّن [لتضعيفه](6) أبا غطفان ؛ لإبرازه إياه ". ثم بيَّن ابن القطان حال أبي غطفان، وماذكره من إخراج مسلم له، وتوثيق ابن معين من رواية الدوري، وذكر أيضًا أمر قارظ، وقول النسائي فيه، ثم قال :" ولا تسأل عن بقية الإسناد فإنهم أئمة، ووظيفة المحدث النظر في الأسانيد من حيث الرواة والاتصال والانقطاع، فأما معارضة هذا المتن ذاك الآخر، وأشباه هذا، فليس من نظره"(7).
ذكر النثر باليد اليسرى
عن زائدة، عن خالد بن علقمة، عن عبدخير، عن علي - رضي الله عنه - : أنه دعا بوضوء، فتمضمض واستنشق، ونثر [بيده](8) اليسرى - ففعل هذا ثلاثًا -،
وقال :" هذا طهور نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ". أخرجه النسائي(9).
ذكر الجمع بين المضمضة والاستنشاق في غرفة واحدة
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم"، و"تهذيب الكمال" (34/177-178).
(2) كما في الموضع السابق من "تهذيب الكمال".
(3) 2/720 رقم861).
(4) أي :"الأحكام الوسطى" (1/165).
(5) في الموضع السابق.
(6) في الأصل :"لضعفه"، والمثبت من المرجع السابق.
(7) رحم الله ابن القطان! كيف يقول هذا، وهو يعلم أن من مباحث علم الحديث:" ناسخ الحديث ومنسوخه "، و"مشكل الحديث"، و"مضطرب الحديث"، وغير ذلك من المباحث التي تتعلق بالمتن، وأولاها المحدثون عناية فائقة، ولهم فيها مؤلفات ؟!
(8) في الأصل :"يده"، والتصويب من "سنن النسائي".
(9) في "سننه" (1/67 رقم91) كتاب الطهارة، باب بأي اليدين يستنثر ؟(1/428)
[ل64/ب]
تقدم(1) ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما من جهة البخاري(2)، وفيه :" أخذ غرفة من ماء فمضمض بها / واستنشق ".
وأخرجه ابن ماجه(3) مختصرًا من حديث عبدالعزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضمض واستنشق من غرفة واحدة.
وبلغني(4) أن الحاكم ذكر هذا الحديث من هذا الوجه في "المستدرك"(5)، ولفظه:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة، وجمع بين المضمضة والاستنشاق"، [وقال: "صحيح](6)على شرطهما،ولم يخرجا الجمع بين المضمضة والاستنشاق".
وأما حديث عبدالله بن زيد من جهة عمرو بن يحيى، عن أبيه، عنه، ففي رواية خالد عن عمرو(7)
__________
(1) ص 434)
(2) في "صحيحه" (1/240-241 رقم140) كتاب الوضوء، باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة.
(3) في "سننه" (1/141 رقم403) كتاب الطهارة وسننها، باب المضمضة والاستنشاق من كف واحد.
(4) انظر كلامي في المقدمة (ص 78و79) عن نقل المصنف عن الحاكم بواسطة.
(5) 1/150).
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه، فأثبته اجتهادًا، وإلا فكلام الحاكم عن الحديث سقط من المطبوع من "المستدرك".
(7) أخرج هذه الرواية البخاري في "صحيحه" (1/297 رقم191) في الوضوء، باب من =
= مضمض واستنشق من غرفة واحدة، ومسلم (1/210 رقم235/18) في الطهارة، باب في وضوء النبي r، كلاهما من طريق خالد بن عبدالله، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبدالله بن زيد.(1/429)
:" مضمض واستنشق من كف واحد ". وفي رواية سليمان بن [بلال التيمي](1) عن عمرو عند البخاري(2):" فمضمض واستنثر ثلاث مرات من غرفة واحدة "، فقال بعضهم : يعني - والله أعلم -: تمضمض واستنشق كل مرة من غرفة واحدة، ثم بعد ذلك ثلاثًا بثلاث غُرَف. واستدل برواية وهيب(3) عن عمرو :" فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثًا من ثلاث غرفات من ماء "، وهو الصحيح.
وتقدم في حديث علي - رضي الله عنه - عند أبي داود(4): " ثم تمضمض واستنثر ثلاثًا،
تمضمض(5) ونثر من الكف الذي أخذ فيه(6)". وعند أبي داود(7) في هذا الحديث :" ثم تمضمض ثلاثًا(8) مع الاستنشاق بماء واحد ".
وعند ابن ماجه(9) من جهة شريك، عن خالد بن علقمة، عن عبدخير،
عن علي - عليه السلام - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا من كف واحد.
ذكر الفصل بين المضمضة والاستنشاق
__________
(1) مابين المعكوفين مكانه بياض في الأصل، وهو في "صحيح البخاري" هكذا :" سليمان، قال : حدثني عمرو بن يحيى "، ولم ينسب سليمان، ولكن نسبه ابن حجر في "فتح الباري" (1/303).
(2) في "صحيحه" (1/303 رقم199) في الوضوء، باب الوضوء من التور.
(3) وهي عند البخاري (1/297 رقم192) في الوضوء، باب مسح الرأس مرة.
(4) في "سننه" (1/81-82 رقم111) كتاب الوضوء، باب صفة وضوء النبي r.
(5) في المطبوع من "سنن أبي داود" :" فمضمض ".
(6) في المطبوع من "سنن أبي داود" :" يأخذ فيه ".
(7) في الموضع السابق (1/83 رقم113).
(8) قوله :" ثلاثًا" ليس في المطبوع من "سنن أبي داود ".
(9) في "سننه" (1/142 رقم404) كتاب الطهارة وسننها، باب المضمضة والاستنشاق من=
= كف واحدٍ.(1/430)
روى ليث بن أبي سليم، عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده قال : دخلت - يعني - على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتوضأ، والماء يسيل من لحيته على صدره، فرأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق. أخرجه أبوداود(1).
قال البيهقي(2):« قال أبوداود (3)- في حديث آخر لليث بن أبي سُليم، عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده في الوضوء -:" قال مسدد : فحدثت به يحيى - يعني القطان -، فأنكره ". وقال أبوداود(3):" سمعت أحمد يقول: [إن](4) ابن عيينة - زعموا- كان ينكره، ويقول: أيْشٍ هذا : طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده !"». وقال عباس الدوري - فيما رواه الحاكم، عن الأصم عنه(5)-:" قلت ليحيى بن معين : طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده، رأى جده النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال يحيى : المحدثون يقولون [قد رآه](6)، وأهل بيت طلحة يقولون: ليست له صحبة ". وهذا يخالفه ماذكره الخلاَّل(7)، عن أبي داود :" سمعت رجلاً من ولد طلحة بن مصرف يذكر أن جده له صحبة ووفادة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ". وروى الحاكم أيضًا عن [أبي الحسن](8) أحمد ابن محمد الطرائفي، قال : سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول : سمعت علي ابن عبدالله المديني يقول : قلت لسفيان : إن ليثًا روى عن
__________
(1) في "سننه" (1/96 رقم139) كتاب الطهارة، باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق.
(2) في "سننه" (1/51).
(3) في "سننه" (1/92 رقم132) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود" و"سنن البيهقي".
(5) وعن الحاكم رواه البيهقي في الموضع السابق من "سننه"، والرواية في "تاريخ ابن معين" برواية الدوري (2/278-279 رقم128).
(6) في الأصل :"هذا"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(7) ذكره ابن حجر بنحوه في "التلخيص الحبير" (1/133-134).
(8) في الأصل:"الحسن بن"، والتصويب من "سنن البيهقي"، و"الأنساب" للسمعاني (4/57).(1/431)
طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده : أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ؟ فأنكر ذلك سفيان - يعني ابن عيينة -، [وعجب أن يكون جد طلحة لقي النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال علي](1): وسألت عبدالرحمن - يعني ابن مهدي - عن نسب جد طلحة، فقال : عمرو بن كعب -[أو كعب](4) بن /عمرو - وكانت له صحبة. وقال غيره : عمرو ابن كعب لم يشك فيه ". ذكر ذلك البيهقي(2).
[ل65/أ]
فصل فيما استدل به على أن إيصال الماء إلى ماتحت اللحية الكثيفة غير واجب
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة.
أخرجه البخاري(3)، وأبوداود(4)، والترمذي(5).
وهذا جميع ماذكر في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان كث اللحية، فاستدل بالمجموع على ماذكرنا.
فصل في تخليل اللحية
فيه عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، منهم : عثمان بن عفان - رضي الله عنه -.
فروى الترمذي(6) من حديث عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته. قال :" هذا حديث حسن صحيح". وقال الترمذي(7) أيضًا:" قال محمد بن إسماعيل : أصح شيء في هذا الباب : حديث
عامر بن شقيق، عن أبي وائل، عن عثمان ".
قلت:"وعامر بن شقيق"هو:ابن جَمْرَةَ-بفتح الجيم،وبالراء المهملة-الأسدي.
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي".
(2) في "سننه" (1/51).
(3) في "صحيحه" (1/258 رقم157) كتاب الوضوء، باب الوضوء مرة مرة.
(4) في "سننه" (1/95-96 رقم138) كتاب الطهارة، باب الوضوء مرة مرة.
(5) في "سننه" (1/60-61 رقم42) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الوضوء مرة مرة.
(6) في "سننه"(1/46 رقم31) أبواب الطهارة، باب ماجاء في تخليل اللحية.
(7) في الموضع السابق من "سننه" (1/45).(1/432)
وقد أخرج ابن ماجه(1) أيضًا هذا الحديث، وأبوبكر ابن خزيمة(2).
ورواه الدارقطني(3) من حديث يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن عامر بن
شقيق، عن شقيق بن سلمة [قال](4): رأيت عثمان توضأ، وفيه :" وخلَّلَ لحيته ثلاثًا "، وفي آخره :" ثم قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل هذا ".
__________
(1) في "سننه" (1/148 رقم430) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في تخليل اللحية.
(2) في "صحيحه" (1/78 رقم151و152).
(3) في "سننه" (1/91 رقم2).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".(1/433)
وفيما وقفت عليه مما نُقل من كتاب "المستدرك"(1) للحاكم :"[قد اتفق الشيخان](2) على إخراج طرق لحديث(3) عثمان(4)، ولم يذكرا [في رواياتهما](5) تخليل اللحية ثلاثًا، وهذا إسناد صحيح، وقد(6) احتجا بجميع [رواته](7) غير عامر بن شقيق، ولا أعلم فيه(8) طعنًا بوجه من الوجوه. وله شاهد صحيح عن [عمار بن ياسر](9)، وأنس، وعائشة - رضي الله عنهم - ". فأسند حديث حسان بن بلال، عن عمار، ثم ذكر الناقلُ(10) حديث الزهري، عن أنس، وذكر إسناده في حديث عائشة رضي الله عنها، فذكر فيه : محمد بن أيوب، عن هلال بن فياض، عن [عمر بن أبي](11) وهب، عن موسى بن ثروان، عن طلحة بن [عبيدالله](12) بن كريز، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ خلل لحيته.
__________
(1) 1/149).
(2) في الأصل :"اتفقا"، والمثبت من "المستدرك".
(3) قوله :" لحديث" هكذا كان في الأصل، ثم ضرب على اللام، والمثبت موافق لما في "المستدرك".
(4) في "المستدرك": "لحديث عثمان في دبر وضوئه"، وفي"البدر المنير" (3/396) :" في ذكر وضوئه ".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "المستدرك".
(6) في "المستدرك" :" قد ".
(7) في الأصل :"رواية"، والتصويب من "المستدرك".
(8) في "المستدرك" :" ولا أعلم في عامر بن شقيق ".
(9) في الأصل :"عثمان"، والتصويب من "المستدرك"، وسيذكره بعد قليل على الصواب.
(10) أي الذي نقل كلام الحاكم، وعنه أخذ ابن دقيق العيد، ولست أدري لِمَ لَمْ يفصح باسمه ؟!
(11) في الأصل " محمدبن "، والمثبت من"المستدرك"، وانظر"تهذيب الكمال" (29/40).
(12) في الأصل :"عبدالله"، والتصويب من "المستدرك".(1/434)
قلت :" عامر بن شقيق": قال يحيى بن معين(1):" ضعيف الحديث"، وقال أبوحاتم(3):" ليس بقوي، وليس من أبي وائل بسبيل". وأما "موسى بن ثروان"، فوثقه يحيى بن معين(2)، وأخرج له مسلم متابعة(3). وأما "هلال بن فياض"، فلقبه :" شاذ "(4).
ومنهم : عائشة رضي الله عنها. وقد ذكرنا في "[مستدرك](5) الحاكم" آنفًا من رواية [عمر بن أبي](1) وهب، عن موسى بن ثروان...، إلى آخره.
والذي اعُتلَّ به في هذا الحديث : الاضطراب(6)؛ قيل :"موسى بن ثروان" من رواية شعبة، وقيل :"ابن ثروان"(7)
__________
(1) كما في "الجرح والتعديل" (6/322 ).
(2) كما في "الجرح والتعديل " أيضًا (8/138 ).
(3) انظر "تهذيب الكمال" (29/41).
(4) أي يقال له :" شاذ بن فياض ".
(5) في الأصل :"مسند"، وسبق أن ذكره المصنِّف على الصواب.
(6) يعني في اسم الراوي ؛ فقيل : موسى بن ثروان، وقيل : ابن سروان، وقيل : ابن فروان كما في "تهذيب الكمال" (29/40).
(7) كذا في الأصل ! فإما أن يكون مقصود المصنف : أن وكيعًا وأبا عبيدة الحداد لم يذكرا "موسى"، وإنما قالا :" ابن ثروان "، فنسباه إلى أبيه، أو يكون "ثروان" في أحد الموضعين=
= تصحّف عن "سروان" أو "فروان".(1/435)
من رواية وكيع، وأبي عبيدة الحداد. وقال صالح : إن أباه قال :" موسى النجدي هو موسى بن سروان ". وقال يحيى بن معين(1):" موسى بن سروان : معلم بصري ". واختُلف(2)في اسم الراوي عن موسى؛فقيل:عمر بن أبي وهب الخزاعي برواية (3).
[ل65/ب]
[ومنهم : أنس بن مالك. وهو من طرق عنه : منها : رواية يزيد الرقاشي](4) / برواية ابن ماجه(5) من جهة يحيى بن كثير أبي النضر صاحب البصري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال :" كان رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ خلَّل لحيته، وفرَّج أصابعه(6) مرتين ".
ومنها:رواية أبي خالد، عن أنس - رضي الله عنه - قال: وضّأت رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فخلّل لحيته وعنفقته بالأصابع وقال : (( هكذا أمرني ربي عز وجل )) . [رواه البيهقي(7)
من حديث معاذ بن أسد، عن الفضل بن موسى، عن أبي حمزة السُّكَّري، عن إبراهيم الصائغ، عن أبي خالد.
__________
(1) في "تاريخه" برواية الدوري (2/592 رقم4292).
(2) لم أجد خلافًا في اسم هذا الراوي، فانظر ترجمته في "الجرح والتعديل" (6/140 رقم763). وأما تسميته :" محمد بن وهب " فيما سبق، فإنما هو تصحيف يخالف ماجاء في الأصل المنقول منه كما سبق التنبيه عليه.
(3) قوله :"عمر بن أبي وهب الخزاعي برواية" جاء في نهاية ( ل72/أ )، وبعده في بداية (ل72/ب) مانصه :" برواية ابن ماجه..." الخ، فسقط باقي الكلام على حديث عائشة، وابتدأت الصفحة الأخرى ببعض الكلام على حديث أنس، ولم أتمكن من استدراك ماسقط.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه كما يفهم من ذكري لسبب السقط في التعليق السابق، والتصويب بالاجتهاد.
(5) في "سننه" (1/149 رقم431) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في تخليل اللحية.
(6) في الأصل :"وفرج بين أصابعه"، والمثبت من "سنن ابن ماجه".
(7) في "سننه" (1/54).(1/436)
ومنها:رواية محمد بن زياد،عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ خلّل لحيته بأصابع كفيه، ويقول : ((بهذا أمرني ربي عز وجل ))](1). رواه أبوأحمد ابن عدي(2) من حديث هاشم بن سعيد،عن محمد، وقال:"هاشم بن سعيد له من الحديث غيرماذكرت،ومقدارمايرويه من الحديث لايتابع عليه"(3).
ومنها : رواية الحسن عن أنس، فروى الدارقطني(4) من جهة أيوب بن عبدالله أبي خالد القرشي قال :" رأيت الحسن بن أبي الحسن دعا بوضوء، فجيء بكوز من ماء، فصُب في تور، فغسل يديه ثلاث مرات "، وفيه : "ومسح رأسه، ومسح أذنيه، وخلّل لحيته، وغسل رجليه إلى الكعبين، ثم قال : حدثني أنس بن مالك : أن هذا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
لم يزد ابن أبي حاتم(5) في تعريف أيوب هذا على مافي هذا الحديث، وقال في كتاب "العلل"(6):" سمعت أبي يقول : لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تخليل اللحية حديث ". انتهى.
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه ؛ فالرواية المذكورة هي رواية البيهقي، لا ابن عدي، ولذا أثبتّ هذه الزيادة من "سنن البيهقي" و"الكامل" لابن عدي، مع التصرف في السياق وفق طريقة المصنف.
(2) في "الكامل" (7/115).
(3) في "الكامل" :" ومقدار مايرويه لا يتابع عليه ".
(4) في "سننه" (1/106 رقم49).
(5) في "الجرح والتعديل" (2/251).
(6) 1/45 رقم101).(1/437)
وذكر الخلاَّل عن عبدالله بن أحمد قال : قال أبي :" ليس يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تخليل اللحية شيء "(1). وذكر عن أبي داود(2) قال : قال أحمد:" تخليل اللحية قد روي فيه أحاديث، ليس يثبت فيه حديث، وأحسن شيء فيه حديث شقيق عن عثمان: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - توضأ فخلل لحيته أو مسح لحيته".
ومنها:رواية مطر الوراق عن أنس،رواها الطبراني في"الأوسط"(3)من حديث عَتَّاب بن محمد [بن](4) شوذب،عن عيسى الأزرق،عن مطر الوراق، عن أنس ابن مالك - رضي الله عنه - قال : وضأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأدخل يده تحت حنكه فخلَّل لحيته، فقلت : ماهذا ؟ قال : (( بهذا أمرني ربي )). رواه عن إسماعيل بن عبدالله الضبي، عن داود بن حماد عنه، وقال:" لا يُروى عن مطر إلا بهذا الإسناد ".
ومنها : رواية الفضل البصري عن أنس، من رواية عبثر بن القاسم، عن سفيان الثوري، عن الفضل البصري، عن أنس - رضي الله عنه - قال : توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخلل لحيته، فقال : (( هكذا أمرني ربي )) . ذكر مُهَنَّا قال :" قلت لأحمد : حدثوني عن عبثر بن القاسم...، فذكره [....](5)، وسألته عن الفضل البصري [.....]"(6).
__________
(1) ذكره بنحوه الحافظ ابن حجرفي"التلخيص"(1/153)، وعزاه لعبدالله بن أحمد عن أبيه.
(2) النص في "مسائل الإمام أحمد" رواية أبي داود (ص7) هكذا :" قلت لأحمد بن حنبل : تخليل اللحية ؟ فقال : يخلل، قد روي فيه أحاديث، ليس يثبت فيه حديث ".
(3) 3/221 رقم2976).
(4) في الأصل :"عن"، والتصويب من المصدر السابق.
(5) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر تقريبًا.
(6) في الأصل بياض بمقدار نصف سطر تقريبًا، ولم أجد للإمام أحمد كلامًا في الفضل البصري هذا، وإنما قال عنه أبوحاتم :" مجهول" كما في "الجرح والتعديل" (7/70 =
= رقم402)، وانظر "لسان الميزان" (6/32 رقم6675).(1/438)
ومنها : رواية يزيد(1) عن أنس، رواه الطبراني(2) من جهة شجاع بن الوليد أبي بدر، أخبرنا الرُّحيْل بن معاوية، عن يزيد الرَّقاشي، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ خلَّل لحيته. قال :" لم يرو هذا الحديث عن الرحيل إلا شجاع بن الوليد ".
[ل66/أ]
ورواه الحافظ أبوبكر الخطيب في كتاب "المتفق والمفترق"(3) من حديث وكيع، عن الهيثم بن أبي الهيثم، عن يزيد بن أبان، عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أتاني جبريل / فقال : يامحمد ! خلِّل لحيتك عند الطهور )) . وهذا غير [....](4) الهيثم بن أبي القاسم(5). [ثم روى الخطيب](6) من طريق العباس [بن محمد(7)، قال : سمعت يحيى بن](8) معين يقول :" الهيثم بن [جمّاز](9) ضعيف ".
__________
(1) وهو الرقاشي، وسبق أن أوردها المصنف (ص486) من رواية ابن ماجه.
(2) في "المعجم الأوسط" (1/166 رقم520).
(3) 3/2019 رقم1671).
(4) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر تقريبًا.
(5) لم أجد راويًا بهذا الاسم:" الهيثم بن أبي القاسم"، والظاهر أنه أراد أن يميز بين هذا الراوي وبين الذي قبله في "المتفق"؛ وهو : الهيثم بن أبي الهيثم ؛ ويقال :الهيثم بن حبيب الصيرفي.
(6) في الأصل بياض بمقدار نصف سطر تقريبًا، والتصويب بالاجتهاد من خلال النظر في الموضع السابق من " المتفق والمفترق " للخطيب برقم (1672).
(7) أي : الدوري، وكلامه هذا في "تاريخه" (2/626 رقم3401).
(8) في الأصل بياض بمقدار نحو خمس كلمات، والمثبت من "المتفق والمفترق".
(9) في الأصل بياض بمقدار كلمة تقريبًا، والمثبت من "المتفق والمفترق".(1/439)
ومنهم : عمار بن ياسر، فروى الترمذي(1) عن ابن [أبي](2) عمر، عن سفيان، عن عبدالكريم بن أبي الْمُخَارِق أبي أُمية، عن حسان بن بلال قال: رأيت عمار بن ياسر توضأ فخلَّل لحيته، فقيل له - أو قال : فقلت له -: أتخلل لحيتك ؟ فقال : ومايمنعني ولقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخلِّل لحيته ؟
وعن ابن أبي عمر(3)، عن سفيان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حسَّان بن بلال، عن عمار - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله.
وروى هذه الطريق الثانية ابن ماجه(4) أيضًا، عن ابن أبي عمر، ولفظه : عن عمار قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخلل لحيته.
قال الترمذي :" سمعت إسحاق بن منصور يقول : سمعت أحمد بن حنبل يقول:قال ابن عيينة:لم يسمع عبدالكريم من حسان بن بلال حديث التخليل".
وذكر ابن أبي حاتم في كتاب "العلل"(5) عن أبيه أنه قال :" لم يحدث [بهذا](6) أحد سوى ابن عيينة عن ابن أبي عروبة. قلت : هو صحيح ؟ قال: لو كان صحيحًا لكان في مصنفات ابن أبي عروبة ".
وفهمتُ من المكتوب هاهنا مامعناه: أن ابن عُيينة لم يذكر في هذا الحديث السماع، أو الخبر، أومايقارب هذا. قال :" وهذا أيضًا مما يوهِّنه "(7).
__________
(1) في "سننه" (1/44 رقم29) أبواب الطهارة، باب ماجاء في تخليل اللحية.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(3) أي وروى الترمذي عن ابن أبي عمر، وهو كذلك في الموضع السابق برقم (30).
(4) في "سننه" (1/148 رقم429) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في تخليل اللحية.
(5) 1/32 رقم60).
(6) في الأصل :"بها"، والتصويب من "علل الحديث ".
(7) جاءت العبارة في "العلل" بعد قوله :" مصنفات ابن أبي عروبة" هكذا :" ولم يذكر ابن =
= عيينة في هذا الحديث، وهذا أيضًا مما يوهنه "، فلأجل الغموض الذي فيها قال المصنف : "وفهمت..." الخ.(1/440)
قلت: أما كونه ليس في كتب ابن أبي عروبة فليس بالعلة القوية بانفراده، ولكن لعله يضمه إلى مايقع لسفيان من تدليس أحيانًا، مع كونه لم يذكر السماع.
وفيما رأيت من كتاب"اختصار الخلاَّل":"عن مُهنا: قلت لأحمد:حدثوني عن الحميدي، عن سفيان بن عيينة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حسان بن بلال، عن عمار - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ خلل لحيته. قال أبوعبدالله : إما أن يكون الحميدي اختلط، وإما أن يكون الذي حدَّث عنه خلط. قلت: كيف ؟ فحدثني أحمد قال: حدثنا سفيان، عن عبدالكريم، عن حسان بن بلال، عن عمار...، بهذا الحديث، وذكر كلامًا آخر ".
قلت : وقد تقدم رواية ابن أبي عمر، عن سفيان، كما ذكر لأحمد، عن الحميدي، فخرَج الحميدي والراوي عن العهدة، ولهذا لم ينكر أبوحاتم رواية سفيان له، بل حكم رواه عن [ابن](1) أبي عروبة [....](2).
قال مهنا :" قال عباس العنبري لأحمد : قال أبوالحسن - يعني علي بن المديني -: لم يسمع قتادة هذا إلا من عبدالكريم، قال أحمد : كأن علي بن المديني قد عرف الحديث ".
وأورد الطبراني(3) حديث سفيان بن عيينة عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن حسان بن بلال، عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فخلل لحيته(4)، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا سعيد، تفرد به سفيان بن عيينة ".
ومنهم : عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، وسيأتي حديثه إن شاء الله تعالى.
[ل66/ب]
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه كما يتضح مما سبق.
(2) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات، وهكذا جاءت العبارة في الأصل، والظاهر أن مقصود المصنف : لم ينكر أبوحاتم رواية سفيان له، بل حكم على روايته له عن ابن أبي عروبة بالوهم.
(3) في "المعجم الأوسط" (3/37 رقم2395).
(4) في الأصل :" فخلل لحيته لم يزد "، والتصويب من "المعجم الأوسط".(1/441)
ورأيت فيما نقل من "كتاب الخلاَّل":أخبرنا محمد بن الحسن بن هارون، /حدثني أبوالفضل جعفر بن محمد المخرمي، ثنا عفان، ثنا بشر بن منصور، عن عبدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه كان إذا توضأ خلل لحيته. قال جعفر بن محمد : قال أحمد :" ليس في التخليل أصح من هذا ".
قلت : هو موقوف هاهنا، وقد روي مرفوعًا.
أخرجه الطبراني في "الأوسط"(1) من حديث مؤمل بن إسماعيل، ثنا عبدالله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه كان إذا توضأ خلل لحيته وأصابع رجليه، ويزعم أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك. رواه [عن](2) أحمد بن محمد بن صدقة، عن أحمد بن محمد بن أبي بزة، عن مؤمل، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن عبدالله بن عمر إلا مؤمل ".
ومنهم : أبوأيوب الأنصاري، رواه ابن ماجه(3) من حديث محمد بن ربيعة الكلابي، عن واصل بن السائب الرقاشي، عن أبي سَوْرَة، عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فخلل لحيته.
و"واصل بن السائب " أبويحيى الرقاشي البصري : قال أبوحاتم(4) والبخاري(5):" منكر الحديث"، وقال النسائي(6):" متروك الحديث ".
و"أبوسورة"- ابن أخي أبي أيوب الأنصاري -: ذكروه بالرواية عن أبي أيوب، وبرواية واصل [عنه](7).
ومنهم : جابر بن عبدالله ؛ من رواية شيخ من أهل نيسابور، عن مقاتل ابن حيان، عن الحسن، عن جابر - رضي الله عنه - قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فخلل لحيته كأنها أنياب مشط.
__________
(1) 2/94 رقم1363).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه كما جرت به عادت المصنف.
(3) في "سننه" (1/149 رقم433) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في تخليل اللحية.
(4) كما في "الجرح والتعديل" (9/31).
(5) في "التاريخ الكبير" (8/173 ).
(6) في "الضعفاء والمتروكين" (ص243 رقم600).
(7) في الأصل :"عنده".(1/442)
وذكر الخلاَّل عن عبدالله بن أحمد(1):" قال أبي : ماأرى هذا الشيخ بشيء، ضعفه جدًّا ". قال عبدالله : هذا الشيخ [....](2). وقال مهنا : "سألت أحمد عن أصرم بن غياث، فقال : من أهل نيسابور، إلا أنه حدثنا عن مقاتل بن حيان، عن الحسن، عن جابر...، يعني هذا الحديث، فسألته عن مقاتل بن حيان إلا أنه حدث بهذا الحديث(3). فقلت له : الحديث منكر ؟ [....](4). قلت : سمع مقاتل بن حيان من الحسن ؟ قال : لا أدري ".
وروى الخلاَّل من جهة مهنا:أنه سأل أباعبدالله عن أصرم بن غياث،فقال: "من أهل خراسان،كتب عنه رقعة ثم خرقها؛كانت فيها أحاديث منكرة". قال :" وكان أصرم رجلاً له أدب وهيئة حسنة، لكن أحاديثه منكرة ".
ومنهم: أبوأمامة، روى الطبراني في"معجمه الكبير"(5) من حديث عمر بن سُلَيم الباهلي، عن أبي غالب، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ خلل لحيته. رواه عن عبيد بن غنام، عن أبي بكر بن أبي شيبة (6)-ح-، وعن محمد بن يحيى المروزي، [ثنا إبراهيم بن عبدالله الهروي](7)، قالا : ثنا زيد بن حباب، ثنا عمر بن سُلَيم.
__________
(1) وهو في "العلل ومعرفة الرجال" برواية الصواف عن عبدالله بن أحمد (2/79-80 رقم1612) بنحوه.
(2) في الأصل بياض بمقدار سطر تقريبًا، وأرجح أن في موضعه تسمية هذا الشيخ الذي من أهل نيسابور، ففي الموضع السابق من "العلل" قال عبدالله :" حدثناه بعض المشايخ قال : حدثنا أصرم النيسابوري...، ذكر هذا الحديث ".
(3) كذا في الأصل !!
(4) بياض في الأصل بمقدار أربع كلمات .
(5) 8/278 رقم8070).
(6) وهو في "مصنفه" (1/21 رقم112) بأتم من هذا.
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "المعجم الكبير".(1/443)
و"عمر بن سُلَيم" الباهلي البصري: قال صاحب "الكمال"(1):« روى عن [أبي غالب](2)، وعن أبي الوليد [صاحب](3) ابن عمر، روى عنه سهل بن تمام، وعبدالوارث، وابنه عبدالصمد بن عبدالوارث، وعبيد بن عقيل، وزيد ابن الحباب، ومسلم بن إبراهيم. قال ابن أبي حاتم(4):" سُئِلَ أبوزرعة عنه فقال : صدوق ". وقال :" سألت أبي عنه / فقال : شيخ ". روى له أبوداود وابن ماجه(5)». انتهى.
[ل67/أ]
و"أبوغالب": حَزَوَّر - بفتح الحاء المهملة، والزاي المعجمة معًا، وتشديد الواو المفتوحة، وآخره راء مهملة -.
فصل في عَرْك العارضين
عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ عَرَكَ عارضيه بعض الْعَرْك، ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها. أخرجه ابن ماجه(6)، ثم الدارقطني(7) في "سننهما"(8).
وفي هذا الحديث أمران :
أحدهما : عبدالواحد بن قيس، واختلفوا في عدالته، فوثقه يحيى بن
__________
(1) وعنه المزي في "تهذيب الكمال" (21/376).
(2) في الأصل:"علي بن أبي طالب"، وهو تصحيف،والتصويب من"التهذيب" (21/379).
(3) في الأصل :"عن "، والتصويب من المصدر السابق.
(4) في "الجرح والتعديل" (6/113).
(5) قوله :" روى له أبو داود وابن ماجه " من كلام صاحب "الكمال " لا من كلام أبي حاتم.
(6) في "سننه" (1/149 رقم432) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في تخليل اللحية.
(7) في "سننه" (1/106-107 و 152 رقم53 و3).
(8) جرت عادة المصنف ذكر الإسناد بتمامه، أو المقدار الذي يحتاج إلى الكشف عنه، ولم يذكره هنا، مع أنه تكلم على بعض رجاله. فإما أن يكون أغفله، أو سقط من النسخة، والحديث من طريق الأوزاعي، يرويه عن عبدالواحد بن قيس، عن نافع.(1/444)
معين(1) وأباه(2) يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن إسماعيل البخاري(3).
الثاني: التعليل بالإرسال والوقف، قال الدارقطني(4):« قال ابن أبي حاتم(5):" قال أبي: روى هذا الحديث الوليد،عن الأوزاعي،عن عبدالواحد [عن](6) يزيد الرقاشي وقتادة، قالا : كان النبي - صلى الله عليه وسلم -...، مرسلاً، وهو [أشبه بالصواب]"»(7).
قال الدارقطني :" ورواه أبوالمغيرة، عن الأوزاعي موقوفًا "، ثم [أخرج](8) بسنده(9) عن ابن عمر رضي الله عنهما : كان إذا توضأ...، نحو قول [ابن](10) أبي العشرين، إلا أنه لم يرفعه. قال(11):" وهو الصواب ". انتهى.
ومشى عبدالحق في "أحكامه"(12) على هذا، فقال بعد ذكر الحديث :
"والصحيح أنه [من](13) فِعل ابن عمر غير مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
__________
(1) كما في "تاريخه" برواية الدارمي (ص141 رقم471).
(2) أي:أبى توثيقه وقبوله،فقال - كما في "الجرح والتعديل"(6/230)-:"كان شبه لاشيء".
(3) فأدرجه في كتاب "الضعفاء الصغير" (ص79 رقم229)، ونقل عن يحيى القطان قوله : "كان الحسن بن ذكوان يحدِّث عنه بعجائب ".
(4) في "سننه" (1/107).
(5) في "علل الحديث" (1/31 رقم58).
(6) في الأصل :" بن "، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(7) في الأصل :" وهو الصواب "، والمثبت من "سنن الدارقطني".
(8) في الأصل "أخر ".
(9) في الموضع السابق برقم (54).
(10) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني"، وابن أبي العشرين هذا هو الراوي للحديث السابق عن الأوزاعي.
(11) أي الدارقطني.
(12) أي :"الأحكام الوسطى" (1/173).
(13) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.(1/445)
فقال ابن القطان(1):« وقد يظن أن تعليله إياه إنما هو ماذكر من وقفه ورفعه، وليس ذلك بصحيح، فإنه إنما كان يصح أن يكون هذا علة، لوكان رافعه ضعيفًا، وواقفه ثقة، ففي مثل هذا الحال كان يصدق قوله :" الصحيح موقوف من [فعل](2) ابن عمر "، أما إذا كان رافعه ثقة [وواقفه ثقة](3)، فهذا لايضره ولا هو علة فيه. وهذا حال هذا الحديث، فإن رافعه عن الأوزاعي هو عبدالحميد بن حبيب بن أبي العشرين كاتبه، وواقفه عنه هو أبوالمغيرة، وكلاهما ثقة، والقضاء للوقف على الرفع(4) يكون خطأً ». قال : « وبعد هذا، فعلَّة الخبر هي [غير](5) ذلك، وهي ضعف عبدالواحد بن قيس [راويه](6) عن نافع، عن ابن عمر، وعنه [رواه](7) الأوزاعي في الوجهين. قال ابن معين :"عبدالواحد بن قيس الذي روى عنه الأوزاعي شبه لاشيء"(8). [وإذ الموقوف](9) الذي صُحِّح لابد فيه من عبدالواحد المذكور، فليس إذًا بصحيح. والدارقطني لم يقل في الموقوف :" صحيح "، ولا :" أصح"، إنما قال في رواية(10) أبي المغيرة بوقفه :" هي الصواب "، فاعلم ذلك ».
[ل67/ب]
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (3/364 ).
(2) في الأصل :"قول"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(4) في "بيان الوهم" :" فالقضاء للواقف على الرافع ".
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(6) في الأصل :"رواية"، والتصويب من المصدر السابق.
(7) في الأصل :"روى"، والمثبت من المصدر السابق.
(8) لم أجد هذه العبارة عن ابن معين، وإنما هي عن يحيى القطان كما تقدم قريبًا، وأما ابن معين فتقدم أنه وثقه، وجاء في رواية عنه أنه قال :" لم يكن بذاك ولا قريب ". انظر "تهذيب الكمال" (18/470).
(9) في الأصل :"والموقوف"، والمثبت من "بيان الوهم ".
(10) في "بيان الوهم" :" وإنما قال : إن رواية".(1/446)
قلت : عبدالحق تبع للدارقطني فيما قال، وقول ابن القطان :" إنما كان يصح أن يكون هذا علة لوكان رافعه ضعيفًا، وواقفه ثقة "، في هذا الحصر نظر، فقد يأخذون ذلك من كثرة الواقفين، أو تقديم مرتبة الواقف على الرافع، ولعل هذا منه عند من قال ذلك، فإن أبا المغيرة عبدالقدوس بن الحجاج احتج به الشيخان(1)، وعبدالحميد روى له الترمذي وابن ماجه،ووثقه الرازي(2). وقال ابن معين(3):"ليس به بأس". وقال العجلي(4) قريبًا منه. وقال النسائي(5): "ليس بالقوي". وقال / البخاري(6):" شامي ربما يخالف في حديثه". وقدَّمه هشام بن عمار(7) على أصحاب الأوزاعي، فقال في حكاية : " أوثق أصحابه كاتبه عبدالحميد ". ولعل أبا الحسن ابن القطان أراد : إنما يصح ذلك في النظر الصحيح عنده.
فصل في ماورد في نضح بطن اللحية
__________
(1) كما في "تهذيب الكمال" (18/237).
(2) يعني أبازرعة كما في " الجرح والتعديل" (6/11 رقم49).
(3) في "سؤالات ابن الجنيد" له (ص306 رقم135).
(4) ومثله في الموضع السابق من "تهذيب الكمال"، وفي"الثقات"(2/100رقم1221)له:"ثقة".
(5) في "الضعفاء والمتروكين" (ص212 رقم398).
(6) في "التاريخ الكبير" (6/45 ).
(7) كما في "تهذيب الكمال" (16/422).(1/447)
روى عبدالله بن ناجية، حدثني زيد بن علي بن حسين بن زيد(1)، حدثني علي بن جعفر بن محمد،[عن جعفر بن محمد](2)، عن أبيه، عن جده، عن علي ابن أبي طالب- رضي الله عنه - قال: كنت أوضئ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فلم يكن يدع نَضْحَ غابته [ثلاثًا](3) تحت ذقنه. قال حسين(4):" قلت لجعفر : ماالغابة؟ فأشار بيده إلى بطن لحيته ". أخرجه الحافظ أبوبكر ابن علي الخطيب في "المتفق والمفترق"(5).
و"الغابة": بالغين المعجمة، والباء ثاني الحروف.
فصل في مسح الماقين
عن سنان بن ربيعة، عن شَهْر بن حَوْشب، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الأذنان من الرأس ))، [وكان يمسح رأسه مرة](6)، وكان يمسح الماقَيْن. لفظ أبي عبدالله ابن ماجه(7). رواه عن محمد بن زياد الزيادي،
عن حماد بن زيد(8).
وقد وقع لنا موافقةً له.
__________
(1) زاد في "المتفق والمفترق" :" بن علي ".
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "المتفق والمفترق".
(3) في الأصل :"قلنا"، والتصويب من "المتفق والمفترق".
(4) كذا في الأصل و"المتفق والمفترق" !!
(5) 2/969 رقم588).
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن ابن ماجه".
(7) في "سننه" (1/152 رقم444) كتاب الطهارة وسننها، باب الأذنان من الرأس.
وكلام المصنف هذا مشعر بأن هناك من شارك ابن ماجه في إخراج الحديث، وهو كذلك، فسيأتي عزوه لأبي داود والترمذي.
(8) وحماد يرويه عن سنان.(1/448)
أخبرنا أبوحفص عمر بن محمد البغدادي - قراءة عليه وأنا أسمع-، أنا القاضي أبوبكر محمد بن عبدالباقي البغدادي - قراءة عليه وأنا أسمع-، أنا أبومحمد الحسن بن علي الجوهري، ثنا قاضي القضاة أبومحمد عبيدالله بن أحمد ابن معروف - إملاء-، ثنا أبوالقاسم جعفر بن محمد بن المغلس، ثنا محمد بن زياد الزيادي،ثنا حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( الأذنان من الرأس )) ، وكان يمسح الماقين.
قال الحافظ المنذري : وأخبرناه الشيخ أبوعبدالله محمد بن عبدالله الصوفي - بقراءتي عليه -، أنا أبوبكر محمد بن عبيدالله بن نصر - قراءة عليه وأنا أسمع -، أنا أبوالقاسم علي بن أحمد بن محمد،أنا أبوظافر محمد بن عبدالرحمن، ثنا محمد بن زياد بن الربيع الزيادي بالبصرة...، فذكر مثله.
قال الحافظ(1): أخرجه ابن ماجه في"سننه" عن محمد بن زياد الزيادي.
وأخرجه أبوداود(2) عن سليمان بن حرب ومسدد بن مسرهد وقتيبة بن سعيد.
وأخرجه الترمذي(3) عن قتيبة بن سعيد، عن أبي إسماعيل حماد بن زيد ابن درهم البصري، عن أبي ربيعة سِنَان بن ربيعة البصري - وهو تابعي سمع من أنس، وليس بالقوي عندهم -، عن أبي سعيد - ويقال : أبوعبدالرحمن- شهر بن حوشب الأشعري الشامي، وقد ضعفه غير واحد، والحديث لا يثبت مرفوعًا.
قال أبوعيسى الترمذي :" قال قتيبة : قال حماد بن زيد : لا أدري هذا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو من قول أبي أمامة ".
وقال الترمذي أيضًا :" هذا حديث ليس إسناده بذاك القائم ".
[ل68/أ]
وقال الدارقطني(4):"شهر بن حوشب ليس بالقوي،/ وقد وقفه سليمان ابن حرب، عن حماد، وهو ثقة ثبت ".
__________
(1) أي المنذري.
(2) في "سننه" (1/93 رقم134) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(3) في "سننه" (1/53 رقم37) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الأذنين من الرأس.
(4) في "سننه" (1/103 رقم37).(1/449)
وقال الدارقطني أيضًا(1) :« قال سليمان بن حرب :" الأذنان من الرأس"، إنما هو من قول أبي أمامة، فمن قال غير هذا فقد بدل - أو كلمة قالها سليمان -؛ أي : أخطأ ».
وقال أبوبكر البيهقي(2):"وأما الذي رُوي عن النبي- صلى الله عليه وسلم - : ((الأذنان من الرأس ))، [فروي ذلك بأسانيد ضعاف ذكرناها في الخلاف(3)](4)، فأشهر إسناد فيه : حديث حماد بن زيد(5)، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي
أُمامة"، ثم حكى عن قتيبة بن سعيد وسليمان بن حرب نحوًا مما قدمناه عنهما.
وقول البيهقي - رضي الله عنه - :" وأشهر إسناد فيه حديث حماد بن زيد ": يشير بذلك إلى أنه قد روي من غير هذا الوجه.
وهذا اسمه هشام(6).
__________
(1) في "سننه" أيضًا (1/104 بعد رقم 41).
(2) في "سننه" (1/66).
(3) يعني كتاب "الخلافيات"، وقد أطال البيهقي فيه (1/347-448) في سرد طرق هذا الحديث، وبيان عللها.
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(5) اختصر المصنف هنا كلام البيهقي، ففي الموضع السابق من "سننه" قال :" وأشهر إسناد فيه ما أخبرنا أبوالحسن..."، ثم ساق الحديث بسنده.
(6) كذا جاء في الأصل !! ويظهر منه أن هناك سقطًا في الأصل في هذا الموضع.(1/450)
وقد وقع لنا هذا الحديث من رواية عبدالله بن عباس(1)، وعبدالله بن عمر بن الخطاب(2)،وعبدالله بن قيس أبي موسى الأشعري(3)، وأبي هريرة(4)، وأنس بن مالك(5)، وعائشة(6) - رضي الله عنهم -، وليس منها شيء يثبت مرفوعًا. ووقع لنا أيضًا عن عثمان - رضي الله عنه - من قوله، ولا يثبت أيضًا(7). وأشهرها حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - كما قال البيهقي.
غير أن هذا الحديث قد أخرجه ابن ماجه في "سننه"(8)، فرواه عن سويد
ابن سعيد، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن شعبة، عن حبيب بن زيد،
عن عباد بن تميم، عن عبدالله بن زيد - وهو ابن عاصم الأنصاري-.
__________
(1) أخرج طرقه الدارقطني في"سننه"(1/98-102 رقم11-31)، ورجح في بعضها الإرسال، وفي بعضها الوقف، وسبق أن ذكر المصنف ذلك (ص 474).
(2) أخرج طرقه الدارقطني أيضًا (1/97-98 رقم 1-10)، وصوب وقفه.
(3) أخرجه الدارقطني (1/102 -103 رقم35 و36) مرفوعًا وموقوفًا، وصوب وقفه مع إعلاله له بعدم سماع الحسن البصري من أبي موسى t.
(4) أخرجه الدارقطني أيضًا(1/100-102رقم19و27و32-34) من طرق واهية بين عللها.
(5) أخرجه الدارقطني أيضًا (1/104 رقم45) وأعله بالحَكَمِ ؛ الراوي له عن أنس.
(6) أخرجه الدارقطني أيضًا (1/100 و105 رقم20 و47)، وأعل أحد الطريقين بالإرسال، والآخر بضعف أحد الرواة.
(7) أخرجه الدارقطني أيضًا (1/104-105 رقم46)، وأعله بقوله :" وفي إسناده رجل مجهول".
(8) 1/152 رقم443) كتاب الطهارة وسننها، باب الأذنان من الرأس.(1/451)
وهذا إسناد متصل، ورواته محتج بهم ؛ فإن البخاري ومسلمًا قد اتفقا على الاحتجاج بابن أبي زائدة(1)،وشعبة(2)، وعباد(3). و"حبيب بن زيد" هو الأنصاري، وهو ثقة(4). و"سويد بن سعيد"- وإن نسب إلى ضعف وتدليس - فقد احتج به مسلم في "صحيحه"(5)، وقد قال في هذا الحديث : "حدثنا يحيى بن زكريا"،فهذا أمثل إسناد في هذا الباب،والله عز وجل أعلم.
وأخرجه الدارقطني(6) أيضًا من حديث حماد،[عن](7) سنان بن ربيعة، وفيه : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الأذنان من الرأس )) ، وكان يمسح على الماقين، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه مرة [واحدة](8).
قال الدارقطني :" شهر ليس بالقوي، وقد [وقفه](9) سليمان بن حرب، عن حماد، وهوثقة ثبت ".
__________
(1) كما في "تهذيب الكمال" (31/305 و312).
(2) كما في "تهذيب الكمال" (12/479 و495).
(3) كما في "تهذيب الكمال" (14/107 و109)
(4) وثقه ابن معين في "رواية الدارمي"(ص95 رقم255)، والنسائي كما في "تهذيب الكمال" (5/374).
(5) كما في "تهذيب الكمال" (12/247 و249).
(6) في "سننه" (1/103 رقم37).
(7) في الأصل :"بن"، والتصويب من المصدر السابق.
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(9) في الأصل :"وثقه"، والتصويب من المصدر السابق.(1/452)
قلت :"شهر" وثقه أحمد(1)، ويحيى(2)، [و](3) العجلي(4)، ويعقوب بن شيبة(5). و"سنان بن ربيعة": أبوربيعة الباهلي، أخرج له البخاري(6)، وقال ابن عدي(7): " له أحاديث قليلة، وأرجو أنه لا بأس به ".فالحديث حسن، وإن كان ابن معين(8) قال في سنان :" ليس بالقوي "، وأبوحاتم قال فيه(9): "شيخ مضطرب الحديث ".
ورواه الكشي في "سننه" عن ابن عمر، عن حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فغسل كفيه ثلاثًا، وطهَّر وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه، وقال : (( الأذنان من الرأس )) ، وغسل ماقيه. ورواه عن محمد بن أبي بكر المقدمي، عن حماد بسنده، وفيه : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح الماقين.
وفي "المسند"(10) من حديث أبي أمامة: أنه وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
فذكر ثلاثًا ثلاثًا، قال : وكان [يمسح](11) الماقين.
[ل68/ب]
__________
(1) كما في "الجرح والتعديل"(4/383 ).
(2) أي ابن معين، وانظر توثيقه لشهر بن حوشب في "تاريخ ابن معين برواية الدوري " (2/260 رقم4031).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(4) في "معرفة الثقات" (1/461 رقم741).
(5) كما في "تهذيب الكمال" (12/585).
(6) لكن مقرونًا بغيره كما في "تهذيب الكمال" (12/148).
(7) في "الكامل" (3/440 ).
(8) في "تاريخه" برواية الدوري (2/240 رقم3736).
(9) كما في "الجرح والتعديل" (4/252).
(10) للإمام أحمد (5/258).
(11) في الأصل :"يتعهد"، والتصويب من المرجع السابق.(1/453)
و"الماق"، و"الموق": طرف العين الذي يلي الأنف، وهو مخرج الدمع. وقال الليث(1):"موق العين مؤخرها، وماقها مقدمها "./ قال :" وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يكتحل من قبل موقه مرة، ومن قبل ماقه مرة ". قال أبومنصور الأزهري(2):" وأهل اللغة مجمعون على أن الموق والماق حرف العين الذي يلي الأنف، وأن الذي يلي الصدغ يقال له اللحاظ. والحديث الذي استشهد به الليث غير معروف ".
فصل في غسل الوجه باليدين معًا أو بأحدهما
قد تقدم(3) من رواية البخاري(4) من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما :" ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا، أضافها إلىيده الأخرى، فغسل [بهما](5) وجهه".وفي كتاب البيهقي(6):"يعني أضافها إلى يده الأخرى،
فغسل [بهما](7) وجهه ".
وقد تقدم(8) حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن رُكانة، عن عبيدالله الخولاني ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" دخل [عليَّ](9) عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقد أهراق الماء، فدعا بوضوء "(10).
__________
(1) نقله الأزهري في "تهذيب اللغة" (9/365). وقد تصحف "الأزهري" في المطبوع من "لسان العرب" (10/336) إلى "الزهري ".
(2) في الموضع السابق.
(3) ص 434 ).
(4) في"صحيحه" (1/240 رقم140) كتاب الوضوء، باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة.
(5) في الأصل :"بها"، والتصويب من "صحيح البخاري".
(6) أي :"السنن الكبرى" (1/53).
(7) في الأصل :"بها"، والتصويب من المرجع السابق.
(8) انظر (ص 424-425)
(9) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود".
(10) كذا في الأصل! لم يورد موضع الشاهد في الحديث، فلست أدري هل سقط أو ماذا ؟ وموضع الشاهد منه هو قوله :" ثم أدخل يديه جميعًا، وأخذ بهما حفنة من ماء فضرب بها على وجهه " كما تقدم (ص 424).(1/454)
أخرجه أبوداود(1) من حديث محمد(2)، عن ابن إسحاق.
ورواه أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(3) مختصرًا عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن ابن علية، عن ابن إسحاق.
ورواه أبوحاتم ابن حبان في "صحيحه"(4) عن ابن خزيمة مختصرًا أيضًا، وليس فيه :" ثم أدخل يديه في الإناء جميعًا "، وفيه :" ثم أخذ بيمينه ". وفي
كتاب ابن حبان :" ثم أخذ بيمينه الماء فصك به وجهه"(5).
وقوله : "فصك" مذكور في الكتابين - أعني كتاب ابن خزيمة، وكتاب ابن حبان -. وقال شيخنا في "مختصر السنن"(6) في الحديث الذي سقناه لأبي داود :" قال الترمذي(7): سألت محمد بن إسماعيل عنه فضعفه، وقال : ماأدري ما هذا ".
قلت : محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال فيه يحيى بن معين(8): "ثقة". وابن إسحاق قد صرح [بأنه](9) حدثه في رواية يعقوب الدورقي عن ابن عُلَيَّةَ عنه، فَسَلِم الحديث من احتمال التدليس. و"عُبيدالله الخولاني" محتج به في "الصحيح"(10).
__________
(1) في "سننه" (1/84 رقم117) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(2) أي ابن سلمة.
(3) 1/79 رقم153).
(4) 3/362 رقم1080/الإحسان).
(5) كذا في الأصل! والعبارة لا تخلو من إشكال ؛ فهذه الزيادة موجودة عند ابن خزيمة، وابن حبان أخرج الحديث من طريقه بنفس اللفظ، وصنيع المصنف يوهم بأن في لفظ ابن حبان زيادة ليست عند ابن خزيمة. كما أن قوله:"وفيه : ثم أخذ بيمينه " تكرار لا معنى له.
(6) أي : المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/95).
(7) لم أجد كلامه هذا في "السنن" ولا في "العلل الكبير"، ولكن حكاه عنه الخطابي في "معالم السنن" (1/94)، والبيهقي في "سننه" (1/74).
(8) كما في "الجرح والتعديل" (7/291 ).
(9) في الأصل :"به". وقال ابن الملقن في "البدر المنير" (3/301) :« وقد صرّح ابن إسحاق بالتحديث كما قال صاحب "الإمام"».
(10) روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي كما في "تهذيب الكمال" (19/6 و7)، وتقدم (ص 424 ).(1/455)
وروى أبوداود الطيالسي(1) عن شعبة، عن مالك بن عُرفطة، عن عبدخير
الخيواني(2): أن عليًّا - رضي الله عنه - أُتي بكرسي...، الحديث، وفيه : "غسل وجهه ثلاثًا بيدٍ واحدة،[وغسل ذراعيه ثلاثًا](3)، وفي آخره : من سره أن ينظر إلى
طهور النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذا طهور النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأخرجه البيهقي(4) من جهة الطيالسي.
و" الخَيْواني" : بفتح الخاء المعجمة، وسكون الياء آخر الحروف (5).
وفي رواية زيد بن الحباب عن عمر بن عبدالرحمن بن سعيد المخزومي قال: حدثني جدي : أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - خرج في نفرٍ من أصحابه حتى جلس على المقاعد، فدعا بوضوء، فغسل يديه ثلاثًا، وتمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا، ومسح برأسه مرة واحدة، وغسل رجليه ثلاثًا(6)، ثم قال : هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ؛ كنت على وضوءٍ، ولكن أحببت أن أريكم كيف توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه الدارقطني(7).
فصل
[ل69/أ]
__________
(1) في "مسنده" (ص22 رقم149).
(2) تصحفت في المرجع السابق إلى :"الحراني"، وانظر "تهذيب الكمال" (16/469).
(3) في الأصل :" ثم غسل رجليه إلى الكعبين "، والتصويب من " مسند الطيالسي " =
= و"سنن البيهقي".
(4) في "سننه" (1/50-51).
(5) من قوله :" وفي آخره : من سره" إلى هنا جاء متأخرًا عن قوله الآتي :" وفي رواية زيد بن الحباب... " وذكر حديث عثمان، فقدمته في هذا الموضع لارتباطه به.
(6) في الأصل :"ثلاثًا ثلاثًا "، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(7) في "سننه" (1/93 رقم8). وانظر التعليق قبل السابق.
.(1/456)
روى هشام بن عمار، عن البختري بن عبيد - هو الطابخي(1)-، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا /توضأتم فأشربوا أعينكم من الماء، ولا تنفضوا أيديكم من الماء، فإنها مراوح الشيطان )). قال أبوحاتم الرازي : "هذا حديث منكر، والبختري ضعيف [الحديث](2)، وأبوه مجهول". ذكره عنه ابنه في كتاب "العلل"(3).
وهذا الحديث أخرجه أبوحاتم ابن حبان في كتاب "الضعفاء"(4)، وتكلم في البختري، وذكر أنه روى عن أبيه، عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب.
ذكر ماجاء في الرخصة فيه
روى [أبوداود في "سننه "(5)](6) عن عثمان بن أبي شيبة، عن محمد بن
__________
(1) في الأصل :"الطابحي"لم تنقط الحاء، والمثبت من "الجرح والتعديل" (2/427 رقم 1700)، و"التقريب" (ص164 رقم648)، وأثبتها محقق "تهذيب الكمال" (4/24) هكذا :" الطانجي" بالنون والجيم، وأثبتها محقق "المجروحين" لابن حبان هكذا :" الطائي"، وأشار إلى أن في النسخة الهندية :" الطابخي".
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "العلل" لابن أبي حاتم.
(3) 1/36 رقم73).
(4) المعروف بـ"المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين" (1/203).
(5) 1/95 رقم137) كتاب الطهارة، باب الوضوء مرتين.
(6) مابين المعكوفين بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات، والحديث بهذا السياق عند أبي داود في الموضع السابق، عدا الفروق المشار إليها، ولم أجده عند غيره.(1/457)
بشر، عن [هشام](1) بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال : قال ابن عباس : أتحبون أن أريكم كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ؟ قال : فدعا بإناء فيه ماء...، [ثم قبض](2) قبضة من الماء، ثم نفض يديه(3) ثم مسح(4) رأسه وأذنيه(5).
فصل فيما استُدل به على غسل [المسترسل](6) من اللحية
روى مسلم(7) في الحديث الطويل عن عمرو بن عبسة قال : فقلت : يانبي الله ! فالوضوء حدثني عنه، قال : (( مامنكم رجل يقرب وضوءه فيمضمض، ويستنشق فينتثر، إلا خَرَّت(8) خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمر(9) الله عز وجل، إلا خرَّت(10) خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء )) .
و"عَبَسَة": بفتح العين غير المعجمة، وفتح الباء ثاني الحروف تلي العين.
وقوله :"خرَّت": المعروف فيه بالخاء المعجمة، وتشديد الراء، ويروى بالجيم والتخفيف.
__________
(1) مابين المعكوفين بياض في الأصل، والمثبت من المرجع السابق.
(2) في الأصل :" فقبضه".
(3) في "سنن أبي داود" :" يده ".
(4) في "سنن أبي داود":" مسح بها ".
(5) الظاهر أن المصنف اختصر متن الحديث، واقتصر على موضع الشاهد منه.
(6) في الأصل :"المترسل".
(7) في "صحيحه" (1/569-571 رقم832) كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة.
(8) نقطت الخاء في الأصل من فوق ومن تحت ؛ أي "خرّت " و "جرت"، وكتب فوقها : "معًا"؛ أي ضبطت بالوجهين، وسينبه المصنف على هذا قريبًا. وقال النووي في "شرح مسلم" (6/117) :« هكذا ضبطناه :" خرّت" بالخاء المعجمة، وكذا نقله القاضي عن جميع الرواة، إلا ابن أبي جعفر، فرواه :" جرت " بالجيم ».
.
(9) في المطبوع من "صحيح مسلم" :" أمره ".
(10) انظر التعليق رقم (7) في الصفحة السابقة.(1/458)
قال بعضهم :" فهذا يدل على أن غسل الوجه المأمور به يشتمل على وصول الماء إلى أطراف اللحية "، وفي هذا الاستدلال عندي ضعف، وإن صح فأقوى دلالة منه مافي حديث قيس بن الربيع عن الأسود بن قيس، عن ثعلبة ابن عباد العبدي، عن أبيه قال : ماأدري كم حدثنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزواجًا وأفرادًا : (( مامن عبدٍ يتوضأ فيحسن الوضوء، فيغسل وجهه حتى يسيل الماء على ذقنه ))...، ثم ذكر الحديث، إلى أن قال : (( ثم [يقوم](1) فيصلى ركعتين إلا غفر الله(2) له ماسلف من ذنبه )) . أخرجه الطحاوي(3).
و"عَبَّاد"- والد ثعلبة -: بفتح العين، وتشديد الباء الموحدة.
فصل في الدلك
روى أبوحاتم ابن حبان في "صحيحه"(4) من حديث شعبة، أخبرني حبيب ابن زيد، عن عباد بن تميم، عن عمِّه قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، فجعل يدلك ذراعيه.
وأخرجه من وجه آخر(5) عن شعبة بسنده، عن عبدالله بن زيد : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بثلثي مُدّ [ماء](6)، فتوضأ، فجعل يدلك ذراعيه.
و"حبيب بن زيد" أخرج له الأربعة(7)، وقال أبوحاتم(8):" هو صالح "، وذكره أبوحاتم ابن حبان في كتاب "الثقات"(9) في أتباع التابعين، فقال : "حبيب بن زيد الأنصاري، يروي عن عباد بن تميم، روى عنه شعبة بن الحجاج ".
[ل69/ب]
وعن عبدالله بن زيد بن عاصم : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فجعل/ يقول هكذا؛ يدلك "(10).
__________
(1) في الأصل :"قام"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(2) في "شرح معاني الآثار" :" غفر له ".
(3) في "شرح معاني الآثار" (1/37 رقم182).
.
(4) 3/363-364 رقم1082/الإحسان).
(5) في الموضع السابق برقم (1083).
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(7) كما في "تهذيب الكمال" (5/373).
(8) كما في "الجرح والتعديل" (3/101 ).
(9) 6/181).
(10) أخرجه أحمد في "المسند" (4/39) من هذا الطريق بهذا اللفظ.
.(1/459)
قرأت على أبي الحسن المفتي، عن أبي محمد بن بَرِي- قراءةً عليه-، أنا
مرشد بن يحيى، أنا علي بن محمد الفارسي، ثنا محمد بن عبدالله النيسابوري، أنا أبوعبدالرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي(1)، أنا العباس بن عبدالعظيم العنبري، حدثني سليمان أبوداود، عن شعبة، عن حبيب بن زيد، عن عباد بن تميم، عن عمه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، وكان يقول هكذا [على ذراعه](2).
قرأت على أبي الحسن علي بن هبة الله الخطيب الفقيه، أن أبامحمد أخبرهم، أنا مرشد بن يحيى المديني، أنا علي بن محمد الفارسي، ثنا محمد بن عبدالله، أنا أبوعبدالرحمن أحمد بن شعيب النسائي(3)، أنا محمد بن بشار، ثنا محمد(4)- قال ابن بشار كلمة معناها -: ثنا شعبة، عن حبيب، قال : سمعت عباد بن تميم يُحدِّث عن جدتي - وهي أُم عمارة بنت كعب -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فأُتي بماء في إناء قدر ثلثي المد. قال شعبة :"[فأحفظ](5) أنه غسل ذراعيه وجعل يدلكهما، [ويمسح](6) أذنيه، باطنهما، لا أحفظ أنه مسح ظاهرهما ".
فصل فيما جاء في إدخال المرفقين في الوضوء
__________
(1) وهو في "الجزء الرابع من حديث شعبة بن الحجاج وسفيان بن سعيد الثوري مما أغرب بعضهم على بعض " للنسائي (ل 4/ب) الحديث رقم (50).
(2) في الأصل :"يدلك"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) في الجزء السابق برقم (51)، وفي "سننه" (1/58 رقم74) كتاب الطهارة، باب القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء للوضوء.
(4) هو ابن جعفر المعروف بـ" غندر ".
(5) في الأصل :"وأحفظ"، والمثبت من المرجعين السابقين.
(6) في الأصل :"ومسح"، والمثبت من المرجعين السابقين.
.(1/460)
روى القاسم بن محمد [بن عبدالله](1) بن عقيل، عن جده، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه. أخرجه الدارقطني(2) من حديث عباد بن يعقوب، عن القاسم بن محمد [بن عبدالله](1) بن عقيل، عن جده.
وأخرجه البيهقي(3) من جهته، ومن جهة البغوي، عن سويد بن سعيد، عن القاسم بن محمد العَقِيلي، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن جابر - رضي الله عنه - قال :" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدير الماء على المرفق ".
و"العَقِيلي"- بفتح العين، وكسر القاف -: نسبة إلى عقيل بن أبي طالب.
وسكت البيهقي عن الحديث، ولم يعرض له بشيء.
و"القاسم بن محمد" هذا : روى أبوأحمد ابن عدي(4) عن أحمد - هو ابن حنبل - أنه قال فيه :" ليس بشيء ". وروى العُقيلي(5) عن عبدالله بن أحمد قال :" سألت يحيى بن معين عن القاسم بن محمد(6) بن عبدالله بن محمد بن
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".
(2) في "سننه" (1/83 رقم15).
(3) في "سننه" (1/56).
(4) في "الكامل"(6/35).
(5) في "الضعفاء الكبير" (3/474 ).
(6) في المطبوع من "الضعفاء الكبير" :" القاسم بن عبدالله بن محمد.."، والمثبت هنا هو الصواب. انظر ترجمة القاسم هذا في"التاريخ الكبير" (7/164)، و"لسان الميزان" (6/47).(1/461)
عقيل فقال : ليس هو بشيء ". وذكر ابن أبي حاتم(1) عن أبيه قال :" كان متروك الحديث". وذكر أيضًا عن أبي زرعة أنه قال :" أحاديثه منكرة، وهو ضعيف الحديث". وخالف ابن حبان،[فقال](2) في كتاب "الثقات"(3) في أتباع التابعين:" القاسم بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، يروي عن جده(4) عبدالله بن محمد بن عقيل، عن جابر، روى عنه إسحاق بن محمد العَرْزَمي(5)".
فصل في استحباب الشروع في العضد والساق
روى مسلم(6) من حديث عُمَارة بن غَزِيَّة الأنصاري، عن نُعَيْم بن عبدالله الْمُجْمِر قال : رأيت أباهريرة يتوضأ، فغسل وجهه، فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى(7) حتى أشرع في
[ل70/أ]
العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل /رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، وقال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أنتم الغر المحجلون يوم القيامة [من إسباغ الوضوء](8)، فمن استطاع منكم فليطل غرَّته وتحجيله )) .
__________
(1) في "الجرح والتعديل" (7/119 ).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، ولابد منه لاستقامة الكلام.
(3) 7/338).
(4) في الأصل :" عمه "، ولكن كتب فوقها :" صوابه : جده "، وفي المطبوع من "الثقات" : " يروى عن عبدالله...".
(5) كذا في الأصل، وكذا جاء في إحدى نسخ "الثقات" لابن حبان كما أشار المحقق، ولكن اجتهد المحقق، فحكم على هذه النسخة بأنها خطأ، وأن الصواب :"الفروي" كما في بعض النسخ. والصواب "العرزمي" كما هنا، وكما في "الأنساب" للسمعاني (4/178).
(6) في "صحيحه" (1/216 رقم246/34) كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء.
(7) في الأصل :"ثم غسل يده اليسرى"، والمثبت من "صحيح مسلم" المطبوع.
(8) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من المصدر السابق.(1/462)
قرأت عاليًا على الفقيه أبي الحسن علي بن هبة الله، عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد - قراءة عليه -، ثنا الرئيس أبوعبدالله الثقفي، ثنا أبوعمرو محمد بن محمد بن بالويه الصائغ - قراءة عليه - بنيسابور، ثنا أبوالعباس محمد بن يعقوب بن يوسف الأموي، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا خالد بن مخلد، ثنا سليمان بن بلال، ثنا عمارة بن غَزِيَّة، عن نعيم بن عبدالله، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله )) . متفق عليه(1) من حديث نعيم، رواه مسلم عن جماعة، عن خالد بن مخلد.
و"مَخْلَد": بفتح الميم، وسكون الخاء المعجمة. و"غَزِيَّة": بفتح الغين المعجمة، وكسر الزاي، وتشديد الياء. وقوله :" أشرع" قال بعضهم : المعروف : شرع، وقد حُكي فيه : شرع وأشرع. وقد رأيته في كتاب "المستخرج على كتاب مسلم"(2) للحافظ أبي نعيم بخط بعض الحفاظ :" ثم غسل يده اليمنى حتى أسبغ -[كذا](3)- في العضد، ويده اليسرى حتى أسبغ...."، وفيه :" ثم غسل رجله اليمنى حتى أسبغ في الساق ". وهكذا في المواضع [الثلاثة](4).
__________
(1) أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/235 رقم136) في كتاب الوضوء، باب فضل الوضوء، والغرّ المحجلون من آثار الوضوء، ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه".
(2) 1/307-308 رقم577).
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(4) في الأصل :" الثلاث ".(1/463)
روى مسلم(1) من حديث سعيد بن أبي هلال، عن نعيم بن عبدالله : أنه رأى أباهريرة يتوضأ، فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين، ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين، ثم قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( إن أمتي يأتون يوم القيامة غرًّا محجلين من أثر الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل )) . وأخرجه البخاري(2) دون فعل أبي هريرة.
ورواه البيهقي(3) من جهة أحمد بن عبيد بسنده إلى نعيم بن عبدالله المجمر أنه قال : رقيت يومًا مع أبي هريرة على ظهر المسجد وعليه سراويل من تحت قميصه، فنزع سراويله ثم توضأ، [فغسل وجهه ويديه، ورفع في عضديه الوضوء، وغسل رجليه](4)، ورفع في ساقيه الوضوء...، الحديث.
وروى مسلم(5) أيضًا من حديث أبي مالك الأشجعي، عن أبي حازم قال : كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة، فكان يمد يده حتى تبلغ إبطه، فقلت له : ياأباهريرة ! ماهذا الوضوء ؟ فقال : يابني فَرُّوخ ! أنتم هاهنا؟ لوعلمت أنكم هاهنا ماتوضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء )) .
قوله :"فَرُّوخ": مفتوح الفاء، مضموم الراء المهملة، مشددها، وآخره خاء معجمة.
فصل في تحريك الخاتم
__________
(1) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (35).
(2) في الموضع السابق من "صحيحه".
(3) في "سننه" (1/57).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(5) في "صحيحه" (1/219 رقم250) كتاب الطهارة، باب تبلغ الحلية حيث يبلغ الوضوء.(1/464)
روى مُعَمَّر بن محمد بن عبيدالله بن أبي رافع قال : حدثني أبي، عن عبيدالله،[عن] (1) أبي رافع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ حرك خاتمه. أخرجه الحافظان أبوالحسن الدارقطني(2)، وأبوأحمد ابن عدي(3).
ورواه الدارقطني(4) مرة أخرى، وقال فيها : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ [وضوءه](5) للصلاة حرك خاتمه في إصبعه.
[ل70/ب]
و"مُعَمَّر" - بضم الميم، وفتح العين المهملة، وتشديد الميم المفتوحة -: ذكر ابن عدي(6) عن / البخاري أنه قال :" منكر الحديث ".
قال البيهقي(7):"[فالاعتماد](8) في هذا الباب على الأثر عن عليٍّ وغيره".
ثم روى من جهة الفضل بن دكين، عن عبدالصمد بن جابر بن ربيعة الضبي قال : سمعت مُجَمِّع بن عتاب [بن](9) شمير، عن أبيه قال :"وضأت عليًّا، فكان إذا توضأ حرك خاتمه".
و"مُجَمِّع": بضم الميم، وفتح الجيم، وتشديد الميم المكسورة. و"عَتَّاب": بفتح العين المهملة، وتشديد التاء ثالث الحروف. و"شُمَير": بضم الشين المعجمة، وفتح الميم، وآخره راء مهملة.
وروى أيضًا(10) من جهة المعلّى(11) بن جابر، عن الأزرق بن قيس قال: "رأيت ابن عمر إذا توضأ حرك خاتمه ".
__________
(1) في الأصل :" بن"، والمثبت من "سنن الدارقطني"، و"الكامل" لابن عدي.
(2) في "سننه" (1/83 رقم16).
(3) في "الكامل " (6/451 ).
(4) في "سننه" (1/94 رقم11).
(5) في الأصل :"وضوءًا"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(6) في الموضع السابق.
(7) في "سننه" (1/57).
(8) في الأصل :"والاعتماد"، والمثبت من "سنن البيهقي".
(9) في الأصل :"عن"، والتصويب من المصدر السابق.
(10) أي البيهقي في الموضع السابق.
(11) في المطبوع من "سنن البيهقي" :"العلاء" بدل "المعلى"، وماهنا موافق لما في الموضع الآتي من "الجرح والتعديل"، و"تهذيب الكمال" (2/318).(1/465)
و"معلى بن جابر" بن مسلم هذا روى عنه جماعة أكابر، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم(1) شيئًا من جرح أو تعديل، وليس هو معلى بن جابر الذي قيل فيه : "إنه أدرك عليًّا - رضي الله عنه - ".
وروى ابن أبي خيثمة، حدثنا يحيى بن عبدالحميد، ثنا عبيد بن هاشم، عن عُبيدة ابنة نابل [قالت](2):" رأيت عائشةَ ابنة سعد وفي يدها خاتمان، فكانت إذا توضأت حركتهما ".
"عُبيدة": بضم العين. و"نابل": بعدالألف باء موحدة.
وفي"غريب الحديث"(3) لأبي[محمد عبدالله](4)بن قتيبة في حديث أبي بكر- رضي الله عنه -: أنه رأى رجلاً يتوضأ فقال:"عليك بالمغفلة والمنشلة".يرويه ابن لهيعة،عن عمرو ابن الحارث،عن عقبة بن مسلم،عن أبي عبدالرحمن الحبلي،عن الصنابحي(5).
قالوا :" المغفلة ": العنفقة ؛ سميت بذلك لأن كثيرًا من الناس يغفل عنها، وعن ماتحتها. و"المنشلة" : موضع الخاتم من الخنصر، ولا أحسبه سمى موضع الخاتم منشلة إلا لأنه إذا أراد غسله نشلَ الخاتم من ذلك الموضع ؛ أي :[اقتلعه منه](6)، ثم غسله ورد الخاتم. انتهى(7).
و"المغفلة"و"المنشلة":بفتح الميم فيهما،وكذلك الغين،والشين[المعجمتين](8).
فصل في تخليل الأصابع
في حديث عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أسبغ [الوضوء](9)،وخلل بين الأصابع )) .أخرجه ابن ماجه(10) هكذا مختصرًا،
__________
(1) في "الجرح والتعديل" (8/332 رقم1531).
(2) في الأصل :" قال ".
.
(3) 1/581).
(4) في الأصل :" لأبي بكرمحمد بن قتيبة "، والتصويب من مصادر ترجمته، انظر "سير أعلام النبلاء" (3/296).
(5) والصنابحي هو الراوي له عن أبي بكر t.
(6) في الأصل :"اختلعه منها"، والتصويب من المصدر السابق.
(7) يعني كلام ابن قتيبة.
(8) في الأصل :"المعجمتان ".
(9) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن ابن ماجه".
(10) في "سننه" (1/153 رقم448) كتاب الطهارة وسننها، باب تخليل الأصابع.(1/466)
وقد تقدم(1).
ورواه الترمذي(2) من جهة وكيع،عن سفيان، عن أبي هاشم،عن عاصم بن لقيط بن صبرة،عن أبيه قال:قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : ((إذا توضأت فخلل الأصابع )) ، وقال:"هذا حديث حسن صحيح".
قال:"وأبوهاشم اسمه : إسماعيل بن كثير".
ومن هذه الجهة - أعني رواية وكيع - أخرجه الحاكم في "المستدرك"(3)، وقال : " احتجا بأكثر رواته، ولم يخرجاه لتفرد عاصم بالرواية عن أبيه، وقد قدمنا القول فيه ". انتهى.
وروى الدارقطني(4) من حديث يحيى بن ميمون بن عطاء، عن ليث، عن مجاهد،عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( خللوا أصابعكم، لا يخللها الله يوم القيامة في النار )) .
و"يحيى بن ميمون" بن عطاء أبوأيوب التمار بغدادي : روى ابن أبي حاتم(5)(6) عن محمد بن إبراهيم بن شعيب، عن عمرو بن علي أنه قال : "كتبت عنه، وكان كذَّابًا ؛ حدَّث عن علي بن زيد بأحاديث موضوعة، [روى عن عاصم الأحول أحاديث منكرة](7)".
وروى الدارقطني(8) أيضًا من حديث الحارث بن منصور قال : حدثنا
[ل71/أ]
عمر بن قيس،/ عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ويخلل [بين](9) أصابعه، ويدلك عقبيه، ويقول: ((خللوا [بين](2) أصابعكم لايخلل الله بينها بالنار، ويلٌ للأعقاب من النار )) .
__________
(1) ص 475و476)
(2) في "سننه" (1/56 رقم38) أبواب الطهارة، باب ماجاء في تخليل الأصابع.
(3) 1/182).
(4) في "سننه" (1/95 رقم3).
(5) في الأصل :"روى عن ابن أبي حاتم".
(6) في "الجرح والتعديل" (9/188 ).
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(8) في الموضع السابق برقم (2).
(9) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من المصدر السابق.(1/467)
و"عمر بن قيس": أخو حميد بن قيس المكي، يعرف بـ"سَنْدَل"، روى عن الزهري، قال أحمد،وأبوحاتم،وعمرو بن علي(1):" متروك "، وقال أبوزرعة:(2) " لين الحديث ".
و"سَنْدَل" - بفتح السين المهملة، وسكون النون بعدها، وفتح الدال المهملة، وآخره لام - لقب عمر بن قيس.
وعن [ابن](3) أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن صالح مولى [التوأمة](4)، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، واجعل الماء بين أصابع يديك ورجليك )) . أخرجه ابن ماجه(5) عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن سعد بن عبدالحميد [ابن](6) جعفر، عنه.
ورواه الترمذي(7) عن إبراهيم بن[سعيد](8)،وسمَّى في روايته ابنَ أبي الزناد:
"عبدالرحمن "، وقال :" هذا حديث حسن غريب ".
ورواه البزار(9) عن إبراهيم بن سعيد، ولم يسم ابن أبي الزناد.
وروى(10) زيد بن أبي الزرقاء، عن سفيان الثوري، عن أبي مسكين، عن هزيل بن شرحبيل، عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لينهكن أحدكم أصابعه قبل أن تُنهكه النار )) .
__________
(1) انظر أقوال الأئمة الثلاثة في "الجرح والتعديل" (6/129-130 ).
(2) في الموضع السابق من "الجرح والتعديل".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن ابن ماجه".
(4) في الأصل :"النوأمة"، والتصويب من "سنن ابن ماجه".
(5) في "سننه" (1/153 رقم447) كتاب الطهارة وسننها، باب تخليل الأصابع.
(6) في الأصل :"عن"، والتصويب من المصدر السابق.
(7) في "سننه" (1/57 رقم39) أبواب الطهارة، باب ماجاء في تخليل الأصابع.
(8) في الأصل :" سعد "، والتصويب من "سنن الترمذي"، وتقدم على الصواب، وسيأتي كذلك.
(9) ومسند ابن عباس من "مسند البزار" لم يطبع بعد.
(10) سيخرجه المصنف بسنده من طريق النسائي.(1/468)
قرأته على المفتي أبي الحسن علي بن هبة الله : أن أبا محمد بن بري أخبرهم، أنا مرشد بن يحيى، أنا محمد بن الحسين، ثنا محمد بن عبدالله بن زكريا، أنا أحمد بن شعيب(1)، أنا هارون بن زَيد بن يزيد - وهو ابن أبي الزرقاء -، ثنا أبي، ثنا سفيان، عن أبي مسكين، عن هزيل، عن عبدالله - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لينهكن أحدكم أصابعه قبل أن تُنهكه النار )) .
قال ابن أبي حاتم(2):" سمعت أبي يقول : رَفْعُه منكر ".
و"هُزَيل": بضم الهاء، وفتح الزاي المعجمة.
وروى [رياح](3) بن عمرو، [ثنا](4) أبويحيى الرقاشي، قال :[ حدثنا
__________
(1) هو أبو عبدالرحمن النسائي، وهذا الحديث أخرجه في "الجزء الرابع من حديث شعبة بن الحجاج وسفيان بن سعيد الثوري مما أغرب بعضهم على بعض " (ل15/ب) الحديث رقم (199).
(2) في "علل الحديث" (1/70 رقم186).
(3) في الأصل :"رباح"، وكان هكذا في أصل "الأمالي" للمحاملي، ثم صوبه المحقق. وهو رياح بن عمرو القيسي البصري، أبوالمهاصر- أو أبوالمهاجر على خلاف في ضبط الكنية-. انظر ترجمته في "المؤتلف والمختلف" للدارقطني (2/1038)، و"الإكمال" لابن ماكولا (4/14)، و"توضيح المشتبه" (4/116)، و"المؤتلف والمختلف" للدارقطني (2/1038).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ومن" أمالي المحاملي"- كما ذكر محقق الكتاب -، ولابدمنه، وإلا لاختلط رياح بأبي يحيى. و"أبو يحيى الرقاشي" هذا هو : واصل بن السائب. انظر "تهذيب الكمال" (30/401).(1/469)
أبو سورة](1) ابن أخي أبي أيوب، عن أبي أيوب - رضي الله عنه - قال : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( حبذا [المتخللون](2) بالوضوء والطعام )) . أخرجه أبوعبدالله المحَاملي الحسين بن إسماعيل في "إملائه"(3) في ربيع الأول سنة ثلاثين وثلاثمائة، في رواية ابن [البيِّع](4)، عنه.
فصل في الوسخ تحت الأظفار : هل يمنع الطهارة ؟
روى أبوداود الطيالسي(5): حدثنا قريش بن [حيان](6)، عن واصل بن سليم
قال : أتيت أبا أيوب الأزدي، فصافحته، فرأى [أظفاري](7) طوالاً، قال : أتى رجلٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فسأله(8) فقال : (( يسألني أحدكم عن خبر السماء، ويدع أظفاره كأظفار الطير [يجتمع](9) فيها الجنابة والتفث ! )) .
[ل71/ب]
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "أمالي" المحاملي.
(2) في الأصل :"المتخللين"، والتصويب من "أمالي المحاملي".
(3) المعروف بـ"أمالي المحاملي" (ص386 رقم445).
(4) في الأصل :" الربيع"، وهو خطأ، وإنما هي رواية ابن يحيى البيِّع. وهو أبومحمد عبدالله ابن عبيدالله بن يحيى البيِّع المؤدب، ويقال : ابن البيِّع أيضًا.
(5) في "مسنده" (ص81 رقم596).
(6) في الأصل:"حبان"،والتصويب من المصدر السابق، وانظر "تهذيب الكمال" (23/589).
(7) في الأصل :"أظفارًا"، والمثبت من المصدر السابق.
(8) في "مسند الطيالسي" :" يسأله".
(9) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المصدر السابق.(1/470)
ذكر عبدالرحمن بن محمد بن إدريس الحنظلي- هو ابن أبي حاتم- قال(1): "سألت أبي عن حديث أبي داود الطيالسي(2)، عن قريش بن[حيان](3)، عن واصل بن سليم قال : أتيت أبا أيوب الأزدي، فرأى أظفاري طوالاً فقال: أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله،فقال : (( يسألني(4) أحدهم عن خبر السماء، ويدع أظفاره كأظفار الطير يجمع فيها الجنابة والتفث! )) (5) . فسمعت أبي يقول: هذا خطأ؛ ليس هو واصل بن سليم، إنما هو أبو واصل سليمان بن فروخ، عن أبي أيوب، وليس هو من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، هو / أبو أيوب يحيى بن مالك العتكي من التابعين(6)". قال أبو محمد عبدالرحمن(7):" ولم يفهم يونس بن حبيب أن أبا
أيوب الأزدي هو العتكي، فأدخله في مسند أبي أيوب الأنصاري ".
قال أبو بكر الخطيب(8)- ونقلته من خطه -:« قد رواه أبو[الوليد](9) الطيالسي، عن قريش، عن سليمان بن فروخ، عن أبي أيوب، وذكرنا حديثه في كتاب "الجامع"(10)، وكذلك ذكره البخاري في "تاريخه"(11)».
فصل في البداءة باليمنى
__________
(1) في "علل الحديث" (2/288 رقم2369).
(2) في "العلل" :" رواه أبوداود الطيالسي ".
(3) في الأصل:"حبان"،والتصويب من المرجع السابق، وانظر التعليق رقم(8) الصفحة السابقة.
(4) في "العلل" المطبوع :" ليسألني".
(5) في المطبوع من "علل الحديث" :"كالمقار الطير يجمع فيها الجماعة"، ثم علق عليها المحقق بالهامش بقوله :" كذا في الأصل، وهو غير ظاهر"، والمثبت هنا هو الصواب.
(6) في الأصل :"وليس من التابعين"، والتصويب من "علل الحديث".
(7) أي ابن أبي حاتم.
(8) في "موضح أوهام الجمع والتفريق" (2/462).
(9) في الأصل :"أيوب"، والتصويب من المصدر السابق.
(10) أي :"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1/589-590 رقم869).
(11) "التاريخ الكبير"(4/128 )،إلا أن عنده :"ويدع أظافره كأظافير الطير تجتمع فيه الخباثة!".(1/471)
روى شعبة(1) عن الأشعث، عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن في شأنه كله : في نعله(2)، وترجله، وطهوره.
ورواه أبوالأحوص عن الأشعث بهذا الإسناد، ولفظه : قالت : إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليحب التيمن في طهوره إذا تطهَّر، وفي ترجُّله إذا ترجَّل، وفي
انتعاله إذا انتعل.
رواه البخاري(3)من حديث شعبة،ورواه مسلم(4)من حديث أبي الأحوص.
و" أشعث" المذكور هو : ابن أبي الشعثاء سُليم - بضم السين، وفتح اللام -.
ورواه إسرائيل عن أشعث بسنده، ولفظه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحب التيمن في الوضوء والانتعال. أخرجه ابن منده(5) في "صحيحه".
__________
(1) وروايته هذه عند مسلم في "صحيحه" (1/226 رقم268/67) في الطهارة، باب التيمن في الطهور وغيره، ورواه البخاري من هذا الطريق - كما سيشير إليه المصنف-، لكن هذا لفظ مسلم وإن لم ينص عليه المصنف.
(2) في الموضع السابق من "صحيح مسلم":" نعليه"، وهو اختلاف في النسخ، فإن في "صحيح مسلم" الذي بهامش "شرح الأبي" (2/45):" نعله " كما هنا.
(3) في "صحيحه" (1/269 رقم168) كتاب الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل، و(1/523 رقم426) كتاب الصلاة، باب التيمن في دخول المسجد وغيره،(9/526 رقم5380) كتاب الأطعمة، باب التيمن في الأكل وغيره، و(10/309 رقم5854) كتاب اللباس، باب يبدأ بالنعل اليمنى، و(10/368 رقم5926) في اللباس أيضًا، باب الترجيل والتيمن فيه.
(4) في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (268/66).
(5) وعزاه إليه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/153).(1/472)
ورواه أبوحاتم ابن حبان في "صحيحه"(1) من هذا الوجه - أعني رواية إسرائيل عن أشعث -، ولفظه : قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب التيامن في كل شيء، حتى في الترجُّل والانتعال. رواه عن الفضل بن الحباب، عن عبدالله بن رجاء، عن إسرائيل.
وروى زهير بن معاوية، عن الأعمش،[عن أبي صالح](2)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا توضأتم فابدؤا بميامنكم )) . أخرجه ابن ماجه في "سننه"(3)، وهذا لفظه.
وأخرجه أبوبكر ابن خزيمة،وأبوحاتم ابن حبان في "صحيحيهما"(4)، وفيه : (( إذا لبستم [وإذا](5) توضأتم فابدؤا بميامنكم ))، واللفظ لابن حبان، وهو حقيق بأن يصحح.
وقد أخرجه أبوداود في "سننه"(6).
[ورواه](7) الطبراني في"معجمه الأوسط"(8)، وقال : "لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا زهير ".
وروى الحافظ أبوبكر الخطيب في " المتفق والمفترق "(9) من حديث عبدالرحمن بن علقمة المروزي، حدثنا عبدالله بن المبارك، أنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زياد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ بدأ بميامينه. ذكره في ترجمة عبدالرحمن بن علقمة أبي يزيد المروزي، وذكر أن أبازرعة وأبا حاتم رويا عنه، وذكر غيرهما أيضًا.
__________
(1) 12/271 رقم5456/الإحسان).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن ابن ماجه".
(3) 1/141 رقم402) كتاب الطهارة وسننها، باب في الوضوء.
(4) "صحيح ابن خزيمة" (1/91 رقم178)، و"صحيح ابن حبان"(3/370 رقم1090/ الإحسان).
(5) في الأصل :" أو"، والمثبت من "صحيح ابن حبان ".
(6) 4/379 رقم4141) كتاب اللباس، باب في الانتعال.
(7) في الأصل :"وروى".
(8) 2/20-21 رقم1097).
(9) 3/1516 رقم939).(1/473)
وقال ابن أبي حاتم(1):"زياد مولى بني مخزوم روى عن عثمان،وأبي هريرة، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد ". وذكر عن أبيه، عن إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين، أنه قال: " زياد مولى بني مخزوم لاشيء ". وقال أبوحاتم ابن حبان في كتاب "الثقات"(2):" زياد مولى بني مخزوم : كوفي، روى(3) عن أبي هريرة، وروى عنه إسماعيل بن أبي خالد ".
فصل في من أجاز تقديم اليسرى على اليمنى
[ل72/أ]
/عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زياد قال: قال علي - رضي الله عنه -:"ما أبالي لو بدأت بالشمال قبل اليمين إذا توضأت". أخرجه الدارقطني(4) من جهة حفص ابن غياث، عن إسماعيل.
وفي رواية هشيم(5)، عن إسماعيل، عن زياد مولى بني مخزوم قال : قيل لعلي: إن أباهريرة [بدأ](6) بميامنه في الوضوء، فدعا بماء فتوضأ، فبدأ بمياسره.
و"زياد مولى بني مخزوم": ذكر إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين(7) أنه قال :"زياد مولى بني مخزوم لا شيء". وخالف أبوحاتم ابن حبان، فقال في كتاب "الثقات"(8)- على طريقته -:" زياد مولى بني مخزوم : كوفي، يروي(9) عن أبي هريرة، وروى عنه إسماعيل بن أبي خالد ". انتهى.
__________
(1) في "الجرح والتعديل" (3/549 ).
(2) 4/259).
(3) وكذا في بعض نسخ" الثقات"،وفي بعضها:"يروي" كما سيورده المصنف في الفصل الآتي.
(4) في "سننه" (1/89 رقم6).
(5) في المصدر السابق (1/88 رقم3).
(6) في الأصل :"يبدأ"، والمثبت من المصدر السابق.
(7) تقدم آنفًا قبل بداية الفصل.
(8) تقدم أيضًا.
(9) تقدم التنبيه على أن في بعض نسخ "الثقات" :" روى".(1/474)
وروى هشيم(1) عن عبدالرحمن المسعودي، عن سلمة بن كهيل، عن أبي [العُبَيدين، عن](2) عبدالله بن مسعود : أنه سئل عن رجل توضأ فبدأ بمياسره، فقال :" لابأس ".
و"أبوالعُبَيدين"- على صيغة تصغير عَبْدين-:قال ابن أبي خيثمة(3):"سألت يحيى بن معين عن أبي العبيدين، فقال : اسمه معاوية بن سبرة، وهو ثقة".
فصل في المسح على الرأس
قد تقدم(4) في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مايقتضي مسح الرأس جميعه، ومنه حديث مالك عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبدالله بن زيد.
وقال الحافظ أبوعبدالله ابن منده بعد ماأخرجه من حديث مالك:"وهذا إسناد مجمع على صحته، رواه جماعة عن عمرو بن يحيى، وقد تقدم ذكرهم، ولم يذكر واحد منهم في صفة مسح الرأس أنه مسح جميع الرأس، إلا مالك ابن أنس ". كذا قال ابن منده.
وممن قدم ذكره في رواة هذا الحديث عن عمرو بن يحيى :[يحيى](5) بن
عبدالله بن سالم، ولم يسق لفظه.
__________
(1) كما في "سنن الدارقطني" (1/89 رقم8).
(2) في الأصل :" العبيد ابن" وهو تصحيف، فهو ليس ابنًا لعبدالله بن مسعود، بل هو معاوية ابن سبرة بن حصين السُّوائي العامري أبو العُبَيْدين الكوفي الأعمى، وهو ممن روى عن عبدالله بن مسعود،وسيورده المصنف على الصواب. انظر "تهذيب الكمال" (28/173).
(3) كما في "الجرح والتعديل" (8/378 ).
(4) ص 429 ).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل،فترتب عليه أن أصبح عمرو بن يحيى والراوي عنه يحيى=
= ابن سالم رجلاً واحدًا.(1/475)
وقد روى الحافظان أبومحمد [ابن](1) الجارود النيسابوري(2)،وأبوجعفر الطحاوي(3) من حديث ابن وهب، عن يحيى بن عبدالله بن سالم ومالك بن أنس، عن عمرو بن يحيى المازني،[عن أبيه، عن عبدالله بن زيد بن عاصم المازني](4)،عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه:"أنه أخذ[ بيديه ماء، فبدأ بمقدَّم رأسه، ثم ذهب بيديه إلى مؤخّر](4) الرأس،ثم ردهما إلى مقدّمه".اللفظ لحديث ابن الجارود.
وهذا يقتضي متابعة يحيى بن عبدالله بن سالم بن عبدالله بن عمر لمالك في هذه الصفة، وهوممن أخرج له مسلم وغيره (5).
وسيأتي(6) حديث المقدام بن معدي كرب أيضًا في مسح جميع الرأس، وحديث طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده (7)، وحديث الرُّبَيِّع في كيفية المسح يأتي (8)، وفيه مسح الرأس كله، وحديث معاوية قد تقدم (9).
ذكر السُّنَّة في البداءة بمُقَدَّم الرأس في مسحها،
وماورد في البداءة بمؤخره
قد تقدم(10) حديث البداءة بالمقدم في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن زيد، وغيره. وأما البداءة بالمؤخر، ففي حديث الرُّبيِّع بنت معوذ ابن عفراء. ذكره أبوداود(11)، وقد مر أيضًا(12).
[ل72/ب]
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(2) في "المنتقى" (1/72-73 رقم73).
(3) في "شرح معاني الآثار" (1/30 رقم128).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجعين السابقين.
(5) كما في "تهذيب الكمال" (31/408و409).
(6) ص 573).
(7) ص 548).
(8) ص 532و533و583).
(9) ص 436).
(10) ص 429 ).
(11) في "سننه" (1/89-90 رقم126) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(12) ص 437).(1/476)
وروى الطبراني في"أوسط معاجمه"(1)من حديث عبدالله بن داود الْخُرَيْبي، ثنا سفيان بن سعيد الثوري، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن الرُّبيِّع بنت معوذ بن عفراء:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما توضأ مسح رأسه بفضل ماء كان في يده، فبدأ بمؤخر رأسه، ثم جره إلى قفاه، ثم جره إلى مؤخره. رواه عن أبي [مسلم](2)، عن مسدد، عنه، وقال:"لم يرو هذا الحديث /عن سفيان إلا عبدالله بن داود".
ذكر كيفية أخرى في مسح الرأس
روى عبدالباقي بن قانع الحافظ، قال : حدثنا أحمد بن علي، ثنا عبدالرحمن بن أبي صالح، أنا عبدالرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن مسلم، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مسح رأسه وضع يديه على النصف من رأسه، ثم جرهما إلى مقدم رأسه، ثم أعادهما إلى ذلك المكان وجرهما إلى صدغيه، ثم مسح أذنيه ماأقبل منهما وماأدبر. نقلته من "الجزء الأول من حديث أبي الحسين عبدالباقي بن قانع بن مرزوق "(3) أصل سماع الخطيب أبي
بكر على [أبي](4) القاسم ابن بشران، عنه. وقوله :" ابن سليمان " ملحق(5).
ذكر المسح من غير تحريك شعر الرأس عن هيئته
روى أبوداود(6) من حديث الليث،[عن](7)
__________
(1) 3/35-36 رقم2389).
(2) في الأصل :"سالم"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) ذكر ابن الملقن في "البدر المنير" (3/424-425) هذا الحديث، ثم قال:"رواه عبدالباقي ابن قانع الحافظ في "الجزء الأول من حديث إسماعيل بن مسلم" عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، به ".
(4) في الأصل :"بن"، والتصويب من "سير أعلام النبلاء" (17/450-451).
(5) كذا في الأصل ! ولا أعرف مناسبته.
(6) في "سننه" (1/91 رقم128) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
.(1/477)
ابن عجلان، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن الرُّبيِّع بنت معوذ بن عفراء : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ عندها، فمسح الرأس كله من قرن الشعر كل ناحية لِمُنْصَبِّ الشعر، لا يحرك الشعر عن هيئته.
و"ابن عقيل وابن عجلان" تقدم التعريف بهما، و"الليث" إمام. و"مُنْصَبّ
الشعر": مضموم الميم، ساكن النون، مفتوح الصاد المهملة، مشدد الباء.
وروى أبوجعفر الطحاوي(1) من حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ عندها، فمسح رأسه على مجاري الشعر، ومسح صُدغيه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما. رواه من جهة ابن لهيعة، عن ابن عجلان، عن ابن عقيل.
ثم أعقبه(2) برواية عن إبراهيم بن منقذ، عن أبي عبدالرحمن المقرئ ، عن سعيد بن أبي أيوب قال : حدثني ابن عجلان، قال...،" ثم ذكر بإسناده مثله ".
ثم أعقبه(3) عن أبي العوام محمد بن عبدالله بن عبدالجبار المرادي، عن [عمه](4) أبي الأسود، قال : حدثني بكر بن مُضر، عن ابن عجلان،" فذكر بإسناده مثله ".
ثم(5) برواية عن أحمد بن داود، عن أبي الوليد، عن همام، قال : ثنا ابن عجلان، فذكر بإسناده مثله.
وهذه الروايات التي ذكرها بعد رواية ابن لهيعة، المحدثون بها عن ابن عجلان مباشرة ثقات، وقد قال فيها :" مثله ".
ذكر السنة في مسح الرأس باليدين معًا
فيه حديث عبدالله بن زيد من رواية مالك(6).
__________
(1) في "شرح معاني الآثار" (1/33 رقم 144).
(2) في الموضع السابق برقم (145).
(3) في الموضع السابق برقم (146).
(4) في الأصل :"عمرو"، والتصويب من "شرح معاني الآثار".
و"أبوالأسود" هو النضر بن عبدالجبار بن نضير المرادي، أبو الأسود المصري. انظر "تهذيب الكمال" (29/391).
(5) في الموضع السابق من "شرح معاني الآثار" برقم (147).
(6) تقدم (ص 429و430).(1/478)
وحديث عبدخير عن علي من رواية زائدة، عن خالد بن علقمة، عنه(1) قال : جلس علي بعد ماصلى الفجر في الرحبة، ثم قال لغلامه : ائتني بطهور...، فذكر الحديث، وفيه: ثم مسح رأسه بيديه كلتيهما مرة، وقال في آخره: هذا طهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن أحب أن ينظر إلى طهور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهذا طهوره (2).
ذكر المسح على الناصية والعمامة
[ل73/أ]
روى مسلم(3) عن التيمي - وهو سليمان -، عن بكر بن عبدالله، عن الحسن، عن ابن المغيرة بن شعبة، عن أبيه - قال بكر : وقد سمعت من ابن المغيرة -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح [بناصيته](4)، وعلى العمامة، وعلى الخُفَّين. هذه / رواية يحيى بن سعيد، عن التيمي.
وفي رواية(5) عن [المعتمر بن](6) سُليمان، عن أبيه، عن بكر، عن ابن المغيرة، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين، ومقدَّم رأسه، وعلى عمامته.
وخرج مسلم(7) عن محمد بن عبدالله بن بَزِيع، ثنا يزيد بن زُرَيْع، عن
__________
(1) أي : عن عبد خير.
(2) أخرجه أحمد في "مسنده" (1/135) بهذا اللفظ.
(3) في "صحيحه" (1/231 رقم 274/83) كتاب الطهارة، باب المسح على الناصية والعمامة.
(4) في الأصل :"ناصيته"، والمثبت من المصدر السابق.
(5) في الموضع السابق برقم (274/82).
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "صحيح مسلم".
(7) في الموضع السابق برقم (274/81).(1/479)
حميد الطويل قال : حدثنا بكر بن عبدالله المزني، عن عروة بن المغيرة بن شعبة، عن أبيه قال : تخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتخلفت معه، فلما قضى حاجته قال : (( أمعك ماء ؟ )) فأتيته بِمَطْهَرَةٍ فغسل كفيه [ووجهه، ثم ذهب يحسر عن ذراعيه، فضاق كُمُّ الجُبّة](1)، فأخرج يده من تحت الجبة، فألقى الجبة على منكبيه، وغسل ذراعيه، ومسح بناصيته، وعلى العمامة، وعلى خفيه، ثم ركب وركبت، فانتهينا إلى القوم وقد قاموا في الصلاة، [يصلي](2) بهم عبدالرحمن بن عوف، وقد ركع بهم ركعة، فلما أحس بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب يتأخر، فأومأ إليه فصلى بهم، فلما سلم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقمت، فركعنا الركعة التي سبقتنا (3).
وعن أنس - رضي الله عنه - قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ وعليه عمامة قطرية، فأدخل يده من تحت العمامة، فمسح مقدَّم رأسه، ولم ينقض العمامة. أخرجه أبوداود(4).
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(2) في الأصل :"فصلى"، والمثبت من المصدر السابق.
(3) في الأصل :" التي سبقنا بها "، وصوبت في الهامش.
(4) في "سننه" (1/102-103 رقم147) كتاب الطهارة، باب المسح على العمامة.(1/480)
قال ابن القطان(1):« وهو حديث لا يصح. قال ابن السكن :" لم يثبت إسناده "، وهو كما قال. وبيان ذلك هو : أن الحديث من رواية ابن وهب [عن معاوية](2) بن صالح، عن عبدالعزيز بن مسلم، عن أبي معقل، عن أنس ». وقال :« أبومعقل مجهول الاسم والحال، وقد ذكره ابن أبي حاتم(3) [بحديثه هذا](4)، ولم يزد على ذلك. وعبدالعزيز بن مسلم مولى آل رافع،ذكره البخاري(5) بهذا الحديث، ولم يزد على ذلك(6).[وقال ابن أبي حاتم(7)](8): "روى عنه ابن إسحاق ومعاوية بن صالح "، ولم يزد على [ذلك](8)». انتهى ماأردت نقله هنا.
و"الثياب القِطْرية"- بكسر القاف، وسكون الطاء المهملة، وبعدها راء مهملة -: ضرب من البرود، فيه حمرة ولها أعلام، فيها بعض الخشونة. وقيل : هي حلل جياد تُحمل من قِبَل البحرين. وقال الأزهري(9):" في أعراض البحرين قرية يقال لها قَطَر، وأحسب الثياب القطرية تنسب إليها، فكسروا القاف للنسبة وخففوه ".
ذكر عدم التكرار في مسح الرأس
الأحاديث في هذا قسمان :
أحدهما : مالم يُصرح فيه بعدم التكرار، بل أطلق ذكر المسح إطلاقًا، مع
ذكر العدد في غيره من الأعضاء، وذلك قد مضى في حديث عثمان، وعبدالله ابن زيد، والمقدام، وغيرهم.
والثاني : ماصُرِّح فيه بعدم التكرار، وهو على قسمين :
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (4/111 ).
(2) في الأصل :" ومعاوية"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) في "الجرح والتعديل" (9/448).
(4) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم والإيهام ".
(5) في "التاريخ الكبير" (6/28).
(6) بل قال عقب الحديث :" ولم يصح ".
(7) في "الجرح والتعديل" (5/395)، إلا أنه قال في نسبته :" مولى آل رفاعة ".
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "بيان والوهم والإيهام".
(9) في "تهذيب اللغة" (16/216)، وقد تصرف المصنف هنا في النص.(1/481)
أحدهما: ماذُكر مع التكرار في غير الرأس من الأعضاء،ففي حديث عبدالله ابن زيد من رواية وهيب، عن عمرو بن يحيى:"ومسح برأسه، فأقبل به وأدبر مرة واحدة". أخرجه مسلم(1) مسبوقًا(2) على ماقبله، محيلاً عليه، إلا مابُيِّن.
وساقها البخاري(3) بلفظها، وذكر فيها التكرار ثلاثًا في غسل اليدين، والمضمضة،والاستنشاق،وغسل الوجه،واليدين مرة إلى المرفقين،قال:"ثم أدخل يده، فمسح رأسه، فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة،ثم غسل رجليه إلى الكعبين".
[ل73/ب]
وفي رواية زيد بن الحباب عن عمر بن عبدالرحمن بن سعيد / المخزومي، حدثني جدي : أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - خرج في نفر من أصحابه حتى جلس على المقاعد، فدعا بوضوء، فغسل يديه ثلاثًا، وتمضمض [ ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا ](4)، ومسح برأسه مرة واحدة،
وغسل رجليه ثلاثًا، ثم قال : هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، كنت على وضوء، ولكن أحببت أن أريكم كيف توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه الدارقطني(5).
وفي حديث عبدخير عن علي :" فمسح برأسه مرة واحدة "، وقد [مرَّ](6).
ومَرَّ أيضًا(7) الحديث عن أنس بن مالك، وفيه التكرار في غير الرأس، ومسح الرأس مرة.
__________
(1) في "صحيحه" (1/211رقم235 بعد رقم 18) كتاب الطهارة، باب في وضوء النبي r.
(2) كذا في الأصل، ويحتمل أن تكون :" مسوقًا ".
(3) في "صحيحه" (1/294 رقم186) كتاب الوضوء، باب غسل الرجلين إلى الكعبين.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".
(5) في "سننه" (1/93 رقم8).
(6) في الأصل :"مرت ". وحديث عبد خير هذا تقدم (ص 423).
(7) ص 442و443 ).(1/482)
وروى ابن ماجه(1) عن سفيان [بن](2) وكيع، عن عيسى بن يونس، عن فائد أبي الورقاء، عن عبدالله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا [ثلاثًا](3)، ومسح رأسه مرة.
و"فائد"- بالفاء - مستضعف.
وروى الطبراني(4) هذا الحديث عن هارون بن سليمان، عن زهير بن عباد الرؤاسي، عن عيسى بن يونس، وذكر أنه :" لا يُروى هذا الحديث عن عبدالله بن أبي [أوفى](5) إلا بهذا الإسناد ".
وروى ابن السكن(6) من حديث رزيق بن حكيم، عن رجل من الأنصار،
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان يتوضأ ثلاث مرات، ويستنشق ويستنثر، ويمسح برأسه مرة واحدة.
وسيأتي حديث خرجه [الطبراني](7) في "أوسط معاجمه"(8) من رواية الرُّبيِّع بنت معوذ بن عفراء، فيها ذِكْر الغسل ثلاثًا ثلاثًا، وفيها :" ويمسح رأسه مرة ".
وثانيهما :[ماذكر](9) في مسح الرأس مرة من غير ذكر التكرار في غيره من الأعضاء.
فروى ابن ماجه(10) من حديث أبي إسحاق، عن أبي حيّة، عن علي - عليه السلام - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه مرة.
فلذا ذكره مختصرًا، وقد يطول فيدخل فيما قبله.
وقد تقدم(11) خلافه من جهة أبي داود في رواية [أبي](12) حية.
__________
(1) في "سننه" (1/144 رقم416) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا.
(2) في الأصل :"عن"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(4) في "المعجم الأوسط" (9/143 رقم9362).
(5) في الأصل :"ورقاء"، والتصويب من المصدر السابق.
(6) وعزاه له أيضًا ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/143).
(7) تصحفت في الأصل إلى :" البخاري".
(8) 3/35 رقم2388).
(9) في الأصل :"ماذكره".
(10) في" سننه" (1/150 رقم436) كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في مسح الرأس.
(11) ص 426-428).
(12) في الأصل :"ابن"، وتقدم آنفًا على الصواب.(1/483)
وروى ابن ماجه(1) أيضًا من جهة يحيى بن راشد، عن يزيد مولى سلمة، عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ،فمسح رأسه مرة.
ذكر ما استُدِلَّ به على التكرار في مسح الرأس
الأحاديث في هذا الباب على قسمين :
أحدهما: ماذكر فيه العدد عمومًا من غير ذكره في الرأس خصوصًا.
والثاني : ماصرح فيه بالعدد في مسح الرأس.
فأما الأول: فمنه ماأخرجه البخاري(2) عن عبدالله بن زيد:أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرتين مرتين. وأخرجه النسائي(3) من حديث سفيان هكذا.
وروى مسلم(4)من حديث وكيع،عن سفيان، عن أبي النضر،عن أبي أنس: أن عثمان رحمة الله عليه توضأ بالمقاعد،فقال:ألا أريكم وضوء رسول الله- صلى الله عليه وسلم -؟ ثم توضأ ثلاثًا ثلاثًا. وفي رواية : وعنده رجال من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
روى الشافعي(5) رحمه الله تعالى: أخبرنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن حُمران مولى عثمان بن عفان، عن عثمان - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا.
[ل74/أ]
__________
(1) في الموضع السابق برقم (437).
.
(2) في "صحيحه" (1/258 رقم158) كتاب الوضوء، باب الوضوء مرتين مرتين.
(3) في "سننه" (1/72 رقم99) كتاب الطهارة، باب عدد مسح الرأس.
(4) في "صحيحه" (1/207 رقم230) كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء والصلاة عقبه.
(5) في "اختلاف الحديث" (ص488).(1/484)
وأخرجه البيهقي(1) من جهة الشافعي، ثم أخرجه من رواية ابن أبي عمر، عن سفيان بسنده، وفيه : عن حمران : توضأ عثمان على المقاعد ثلاثًا، وقال:هكذا رأيت رسول الله/- صلى الله عليه وسلم - يتوضأ...،وذكر باقي الحديث، وقال- أعني البيهقي-:"وعلى هذا اعتمد الشافعي في تكرار المسح،وهذه رواية مطلقة، والروايات الثابتة المفسرة عن [حمران](2) تدل على أن التكرار وقع فيما عدا الرأس من الأعضاء، وأنه مسح برأسه مرة واحدة ". ثم روىبسنده عن أبي داود(3) السجستاني قال:"أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة، [فإنهم](4) ذكروا الوضوء ثلاثًا، قالوا فيها : ومسح برأسه، ولم يذكروا عددًا كما ذكروا في غيره ". قال البيهقي :"وقد رُوي من أوجه غريبة عن عثمان - رضي الله عنه - ذكر التكرار في مسح الرأس، إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة، وإن كان بعض أصحابنا يحتج بها ".
قلت : وكل ماجاء فيه الوضوء ثلاثًا فهو من هذا القبيل، وسيأتي ذكر الروايات فيه إن شاء الله تعالى.
القسم الثاني : ماصُرِّح فيه بالعدد في مسح الرأس. فمن ذلك الرواية عن عثمان - رضي الله عنه - من جهة عامر بن شقيق بن [جمرة](5)، عن شقيق بن سلمة قال : رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح رأسه ثلاثًا، ثم قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل هذا. أخرجه أبوداود(6) من جهة يحيى بن آدم، عن إسرائيل،وقال عقيبه:"رواه وكيع، عن إسرائيل قال: توضأ ثلاثًا قط ".
__________
(1) في "سننه" (1/62).
(2) في الأصل :"عثمان t"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) وكلام أبي داود هذا في "سننه" (1/80) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدرين السابقين.
(5) في الأصل :"حمزة"، والتصويب من "سنن أبي داود".
(6) في "سننه" (1/81 رقم110) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.(1/485)
وقد تقدم(1) ذكر "عامر بن شقيق " في فصل تخليل اللحية.
وروى أبوداود(2)- منفردًا به عن الجماعة - من حديث عبدالرحمن بن وَرْدَان، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن حمران قال : رأيت عثمان بن عفان توضأ، ومسح رأسه ثلاثًا، ثم غسل رجليه ثلاثًا، ثم قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ هكذا، وقال : (( من توضأ دون هذا كفاه )) . أورده مختصرًا محيلاً على ماقبله، وقال في آخره :" ولم يذكر أمر الصلاة "؛ يعني ماورد في غير هذه الرواية من صلاة ركعتين بعد الوضوء لايحدث فيهما نفسه.
و"عبدالرحمن بن وردان" أبوبكر الغفاري : قال فيه يحيى بن معين(3):" هو صالح ". وقال عبدالرحمن بن [أبي](4) حاتم(4):" سألت أبي عنه، فقال : ما به بأس(5)".
وعن إسحاق بن يحيى،عن معاوية،عن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب،عن أبيه عبدالله بن جعفر،عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -؛ أنه توضأ فغسل يديه ثلاثًا كل واحدة منهما...، فذكر الحديث، وفيه : ومسح برأسه ثلاثًا، وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، كل واحدة [منهما](6)، ثم قال : رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - توضأ(7)
هكذا. أخرجه الدارقطني(8).
و"إسحاق بن يحيى" بن طلحة بن عبيدالله : قال أحمد(9):" شيخ مدني متروك الحديث ". وقال يحيى بن معين(10) إنه :" ضعيف".
__________
(1) ص 483)
(2) في الموضع السابق برقم (107).
(3) كما في "الجرح والتعديل" (5/296 ).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(5) في "الجرح والتعديل":" هو شيخ ما بحديثه بأس ".
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والمثبت من "سنن الدارقطني".
(7) في المرجع السابق :"يتوضأ".
.
(8) في "سننه" (1/91 رقم1).
(9) في "العلل ومعرفة الرجال" (2/483 رقم3173)، وفيه :" هذا شيخ متروك الحديث ".
(10) كما في "الكامل" لابن عدي (1/332).(1/486)
وروى الليث بن سعد، عن خالد، عن سعيد بن أبي هلال، عن عطاء بن أبي رباح : أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أُتي بوضوء...، فذكر الحديث، قال : ثم مسح برأسه ثلاثًا حتى قفاه، وأذنيه ظاهرهما وباطنهما.
قلت : وفي آخر الحديث النسبة إلى وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1)، أشار إليه البيهقي في "السنن"(2)، وخرَّجه في "الخلافيات"(3)، وهو منقطع فيما بين عطاء بن أبي رباح وعثمان - رضي الله عنه -.
[ل74/ب]
ومن ذلك الرواية عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ؛ فعن أبي حنيفة رحمه الله من جهة /أبي يوسف القاضي وأبي يحيى الحماني- وهو بكسر الحاء المهملة، وتشديد الميم، وقبل ياء النسبة نون - عن خالد بن علقمة، عن عبدخير، عن علي - رضي الله عنه - : أنه توضأ فغسل يديه ثلاثًا...، وفيه : ومسح رأسه(4) ثلاثًا، وغسل رجليه ثلاثًا، ثم قال :من أحب أن ينظر إلى وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كاملاً فلينظر إلى هذا.
وفي رواية : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ.
أخرجه الدارقطني(5)، وقال :« كذا رواه أبوحنيفة عن خالد بن علقمة ؛ قال فيه :" ومسح رأسه ثلاثًا ".
__________
(1) حيث قال : رأيت رسول الله r يتوضأ هكذا.
(2) 1/63).
(3) 1/335-336 رقم131).
(4) في "سنن الدارقطني" :" برأسه ".
(5) في "سننه" (1/89 رقم1).(1/487)
وخالفه جماعة من الحفاظ الثقات، منهم : زائدة بن قدامة، وسفيان الثوري، وشعبة، وأبوعوانة، وشريك، وأبوالأشهب جعفر بن الحارث، وهارون بن سعد، وجعفر بن محمد، وحجاج بن أرطاة، [وأبان](1) بن تغلب، وعلي بن صالح بن حي، وحازم بن إبراهيم، وحسن بن صالح، وجعفر [الأحمر](2)، فرووه عن خالد بن علقمة، فقالوا فيه :" ومسح رأسه مرة"، إلا أن حجاجًا من بينهم جعل مكان عبدخير : عَمْرًا ذا مُرٍّ، ووهم فيه، ولانعلم أحدًا منهم قال في حديثه :" إنه مسح رأسه ثلاثًا" غير أبي حنيفة ». انتهى ماأردت نقله.
وقد أخرج هذا الحديث أبومحمد ابن حَيّان في "فوائد الأصبهانيين" من حديث الحكم - هو ابن أيوب -، عن زفر، عن أبي حنيفة بسنده، وفيه : "فمسح برأسه ثلاثًا، وغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا "، ولم يقل فيه :" كاملاً ".
و"تَغلب" والد أبان: بالتاء المثناة، والغين المعجمة. و"حازم بن إبراهيم"
بالحاء المهملة.
قال أبو داود(3):« حديث ابن جريج عن شيبة [يشبه](4) حديث علي ؛
__________
(1) في الأصل يشبه أن تكون :" المنذر "، ثم صوبت، ولكن لم تتضح الكلمة جيدًا بسبب التصويب، وسيورده المصنف على الصواب.
(2) في الأصل :"وجعفر، فرووه عن خالد بن علقمة الأحمر "، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(3) في "سننه" (1/86) في الطهارة، باب صفة وضوء النبي r، ذكره عقب حديث ابن عباس عن علي y رقم (117)، ولكن لم يخرج أبوداود حديث ابن جريج عن شيبة الذي أشار إليه، ولست أدري ما مناسبة إيراد المصنف له هاهنا ! إلا أن يكون هناك سقط قبل هذا الموضع.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.(1/488)
قال فيه حجاج بن محمد(1)، عن ابن جريج :" ومسح برأسه [مرة واحدة ". وقال ابن وهب(2) فيه عن ابن جريج :" ومسح برأسه](2) ثلاثًا "».
وروى البزار في "مسنده"(3) من حديث أبي الأحوص سلام بن سليم، عن أبي إسحاق، عن أبي حية ابن قيس : أنه رأى عليًّا - رضي الله عنه - في الرحبة توضأ، فغسل كفيه، ثم مضمض ثلاثًا، [واستنشق](4) ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح رأسه ثلاثًا(5)، وغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثًا ثلاثًا(6). رواه عن محمد بن معمر(7)، عن أبي داود - هو الطيالسي -.
__________
(1) رواية حجاج بن محمد هذه أخرجها النسائي في "سننه" (1/69 -70 رقم95) في الطهارة، باب صفة الوضوء، ولفظه : قال ابن جريج : حدثني شيبة : أن محمد بن علي أخبره، قال : أخبرني أبي علي : أن الحسين بن علي قال : دعاني أبي عليٌّ بوضوء، فقرّبته له، فبدأ فغسل كفيه ثلاث مرّات قبل أن يدخلهما في وَضوئه، ثم مضمض ثلاثًا، واستنثر ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثم اليسرى كذلك، ثم مسح برأسه مسحة واحدة، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاثًا، ثم اليسرى كذلك، ثم قام قائمًا فقال : ناولني، فناولته الإناء الذي فيه فضل وَضوئه، فشرب من فضل وضوئه قائمًا، فعجبت، فلما رآني قال : لا تعجب، فإني رأيت أباك النبي r يصنع مثل ما رأيتني صنعت، يقُول لوضوئه هذا، وشرب فضل وضوئه قائمًا.
(2) رواية ابن وهب هذه أخرجها البيهقي في "سننه" (1/63)، ثم قال البيهقي :« هكذا قال ابن وهب :"ومسح برأسه ثلاثًا"، وقال فيه حجاج عن ابن جريج :" ومسح برأسه مرة"».
(3) 2/310 رقم736).
(4) في الأصل :"واستنثر"، والمثبت من المصدر السابق.
(5) في "مسند البزار" :" ورأسه ثلاثًا"، ولم يذكر :" مسح".
(6) للحديث بقية في "مسند البزار"، وإنما ساقه المصنف إلى موضع الشاهد منه.
(7) في الأصل :"نعيم"، ثم صوبت بالهامش.(1/489)
و"أبوحيّة"- بعد الحاء المهملة ياء آخر الحروف -: قال فيه الإمام أحمد ابن حنبل(1):" شيخ ".
قال ابن القطان(2)- بعد ذكر حديث أبي حية في صفة الوضوء -: «ومعنى ذلك عندهم : أنه ليس من أهل العلم، وإنما وقعت له رواية لحديث أو أحاديث، فأُخذت [عنه](3)، وهم يقولون : لا تقبل روايات الشيوخ في الأحكام، وقد رأيت من قال في هذا الرجل: إنه مجهول، وممن قال [ذلك](4) فيه: أبوالوليد ابن الفرضي، ولايعرف روى(5) عنه فيما أعلم غير أبي إسحاق. وقال أبوزرعة(6):" لايسمى "، ووثقه بعضهم ».
ومن ذلك رواية سفيان عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبدالله بن زيد الذي أُرِيَ النداء، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فغسل وجهه ثلاثًا، ويديه مرتين، وغسل رجليه مرتين، ومسح برأسه مرتين.
أخرجه النسائي(7) كذلك.
وقد تقدم نِسْبة الوهم إلى سفيان، وتأويله : أنه عدَّ الإقبال والإدبار.
[ل75/أ]
وأخرجه البيهقي في "سننه"(8)، وقال بعد ذلك :« خالفه مالك، ووهيب، وسليمان بن بلال، وخالد الواسطي، وغيرهم،فرووه /عن عمرو بن يحيى في مسح الرأس مرة، [إلا أنه قال](9):" أقبل وأدبر "». انتهى.
ومن ذلك رواية الرُّبيِّع من جهة عبدالله بن محمد بن عقيل، وفيه : "مسح برأسه مرتين". رواه عن عبدالله كذلك سفيان، ومن جهته أخرجه ابن ماجه(10) مختصرًا.
__________
(1) في "العلل ومعرفة الرجال" (2/483 ).
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (4/108).
(3) في الأصل :"عنهم"، والتصويب من المصدر السابق.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(5) في "بيان الوهم والإيهام :" ولا يروي ".
(6) كما في "الجرح والتعديل" (9/360).
(7) في "سننه" (1/72 رقم99) كتاب الطهارة، باب عدد مسح الرأس.
(8) 1/63).
(9) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وفي موضعه :" ثم ".
(10) في" سننه " (1/150 رقم438) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في مسح الرأس.(1/490)
ذكر مسح الرأس إلى القَذَال
روى أبوداود(1) عن ليث - هو ابن أبي سُليم -، عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح رأسه مرة واحدة حتى بلغ القذال - وهو أول القفا -.
قال مسدد(2):" مسح رأسه من مقدمه إلى مؤخره، حتى أخرج يديه من تحت أذنيه ".
قال [مسدد](3):" فحدثت به يحيى فأنكره ". قال أبو داود :" سمعت [أحمد](4) يقول : ابن عيينة زعموا كان ينكره، ويقول : أَيْشٍ هذا : طلحة ابن مصرف عن أبيه، عن جده ؟!".
روى هذا الحديث حفص بن غياث، عن ليث بسنده بلفظ : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ،فمسح بيديه هكذا وهكذا حتى أتى على سالفته. أخرجه الحافظ أبوعلي ابن السكن في كتاب"الحروف" من حديث عباد بن يعقوب الرواجني، عن حفص، ورأيته في "المنتقى من كتاب الصلاة" لسريج ابن يونس، رواه عن حفص بن غياث بسنده بلفظ : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه مرة إلى سالفته.
وفي "المنتقى"(5) لابن الجارود من حديث ليث بهذا الإسناد : أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح رأسه حتى بلغ القذال [ومايليه](6) من مقدم العنق.
وروى ابن السكن، عن محمد بن عمرو الرملي، عن محمد بن سليمان، عن أحمد بن مصرف، عن أبي بكر، عن أبيه، عن جده، يبلغ به عمرو بن كعب قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فمسح باطن لحيته وقفاه.
__________
(1) في "سننه" (1/92 رقم132) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(2) ومسدد هو شيخ أبي داود في هذه الرواية، وهو يروي الحديث عن عبدالوارث، عن =
= ليث. وشارك مسددًا في الرواية عن عبدالوارث: شيخ أبي داود الآخر: محمد بن عيسى، واللفظ السابق لفظه.
(3) في الأصل :"مسلم"، والتصويب من المصدر السابق.
(4) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(5) لم أجده فيه.
(6) في الأصل :"ومايليق".(1/491)
والأسانيد الأُول ترجع إلى ليث بن أبي سليم، وقد تقدم.
و"السالفة": صفحة العنق، وهما سالفتان من جانبيه. انتهى(1). و"سُليم": بضم السين المهملة، وفتح اللام. و"مُصَرِّف": بضم الميم، وفتح الصاد المهملة، وكسر الراء المهملة المشددة.
وروى أبوبكر ابن أبي خيثمة(2): حدثنا يحيى بن عبدالحميد،ثنا حفص بن غياث، عن ليث، عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح رأسه وأذنيه، وأمَرَّ يده على قفاه.
قال ثابت الأصبهاني : أخبرنا حفص، عن ليث، عن طلحة، عن أبيه، عن جده : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح مقدم رأسه إلى مؤخره حتى أتى على سالفته - يصف ذلك بيده -.
ذكر مباشرة الشعر بالمسح
مرَّ(3) فيه حديث أنس - رضي الله عنه - الذي فيه:فأدخل بيده من تحت العمامة،فمسح مقدم رأسه.
ذكر ما استُدل به في المسح على العمامة
روى البخاري(4) من جهة الأوزاعي، عن يحيى -هو ابن أبي كثير-، عن
أبي سلمة، عن جعفر بن عمرو بن أُمية، عن أبيه - رضي الله عنه - قال : رأيت رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - يمسح على [عمامته وخفيه](5).
[ل75/ب]
__________
(1) كذا في الأصل ! وليس هناك نقل عن أحد.
(2) في "تاريخه" كما في "البدر المنير" (3/285).
(3) ص 536).
(4) في "صحيحه" (1/308 رقم205) كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين.
(5) في الأصل :" الخفين "، وهو في البخاري أيضًا برقم (204)، إلا أنه ليس من طريق الأوزاعي، وليس فيه محل الشاهد - وهو المسح على العمامة -، والمثبت هو لفظ رواية الأوزاعي عند البخاري.(1/492)
وقال ابن منده :" هكذا رواه علي بن المبارك،وحرب بن شداد، وأبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، ولم يذكروا العمامة في حديثهم، وكذلك رواه معمر، عن يحيى بن / أبي كثير "، ثم أخرج بعد ذلك [حديث](1) الأوزاعي من طريق أبي المغيرة، وقال عقيبه :" وهذا حديث مشهور متصل عن الأوزاعي،رواه أبوإسحاق الفزاري،والمعقل بن زياد،ويحيى بن حمزة،والوليد بن مسلم،وجماعة على هذا.وقد اختلف على الأوزاعي من وجوه لا تثبت. ورواه معمر بن راشد،عن يحيى بن أبي كثير،فتابع الأوزاعي في ذكر العمامة،وأرسل الإسناد "، ثم رواه من جهة معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عمرو بن أمية، وقال :" أبوسلمة لم يسمع من عمرو بن أمية، إنما سمعه من جعفر، وقد استشهد البخاري بحديث معمر في هذا الحديث"(2). انتهى.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وبه يستقيم الكلام.
(2) وهو قول البخاري في الموضع السابق من "صحيحه" :" وتابعه معمر عن يحيى، عن أبي سلمة، عن عمرو قال: رأيت النبي r ".(1/493)
قلت : خالف أبومحمد علي بن أحمد(1)، فرأى أن:أباسلمة سمع من عمرو ابن أمية، ومن [ابنه](2) جعفر عنه ؛ كما فعل بكر بن عبدالله المزني الذي سمع حديث المغيرة من حمزة بن المغيرة، وسمعه أيضًا من الحسن عن حمزة ". ذكر ذلك بعد أن روى حديث مبشر(3)، عن الأوزاعي، وفيه :" عن أبي سلمة، حدثني عمرو بن أمية الضمري"، وهذا الذي ذكره غير جائز، مع أنه قد قامت عليه قرينة زائدة على مجرد الجواز،فروى بكير بن الأشج عن الزبرقان بن عمرو بن أمية [....](4) إلى أبيه عمرو يسأله عن المسح على الخفين ؟ فأتاه جعفر فقال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين. هذه رواية عمرو بن الحارث، عن جعفر بن ربيعة، عن بكير(5). فهذا يدل على أن أباسلمة كان في زمن عمرو بن أمية، فيقرب اجتماعه بعد إرسال ابنه إليه.
__________
(1) هو ابن حزم، وكلامه في "المحلى" (2/59).
(2) في الأصل :"أبيه"، وكذا في مخطوطتي "المحلى"، وصوّبه المحقق.
(3) هو مبشر بن إسماعيل الحلبي، وقد وقع في المطبوع من "المحلى" :" بشر بن إسماعيل"، وهو خطأ. انظر "تهذيب الكمال" (17/311) في ذكر الرواة عن الأوزاعي.
(4) بياض في الأصل بمقدار خمس كلمات تقريبًا.
(5) وقد أشار إليها الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (12/280) عقب إخراجه للحديث من طريق ابن وهب عن مخرمة - كما سيأتي-، فقال :" قال أبوبكر النيسابوري : رواه عمرو بن الحارث وابن لهيعة عن بكير، عن الزبرقان، عن أبي سلمة، عن جعفر ".(1/494)
وروى مسلم(1) من حديث ابن وهب، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن جعفر بن أمية، عن أبيه، ولم يذكر الزبرقان ولا أباسلمة كما في هذه الرواية التي ذكرناها.
قال بعض الحفاظ(2):"ورواية عمرو بن الحارث، عن بكير، عن الزبرقان،
عن أبي سلمة، عن جعفر بن عمرو أولى وأصح ".
حديث آخر : روى مسلم(3) من حديث الأعمش، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين والخمار.
وفي رواية علي بن مسهر(4) عن الأعمش: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) لم أجده في "صحيح مسلم"، فأخشى أن يكون متصحِّفًا عن :" وروى أبومسلم"، وهو الكشي الذي يعزو المصنِّف أحيانًا إليه في "السنن". والحديث أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه"(12/279-280) من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، به كما هنا.
(2) لم يسمِّه المصنف، ولم أهتد إليه. وفي "العلل" لابن أبي حاتم (1/68رقم179):"سألت =
= أبي عن حديث رواه محمد بن كثير المصيصي عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عمرو بن أمية الضمري قال : رأيت النبي r يمسح على الخفين والعمامة، فقال أبي: إنما هو أبوسلمة عن جعفر بن عمرو بن أمية، عن أبيه، عن النبي r ".
(3) في "صحيحه"(1/231 رقم275/84) كتاب الطهارة، باب المسح على الناصية والعمامة.
(4) وهي عند مسلم في الموضع السابق.(1/495)
وأخرجه أبوداود(1)، والنسائي(2).
وهو حديث في إسناده اختلاف(3).
فمنهم من روى عن ابن أبي ليلى، عن بلال دون واسطة، وهذا من جهة الثوري، عن منصور، عن الحكم(4)
__________
(1) لعل المصنِّف يعني أبا داود الطيالسي ؛ فإنه أخرج هذا الحديث في "مسنده" (ص152 رقم1116)، وأما أبوداود السجستاني فإنه لم يخرج هذه الرواية في "سننه"، ولم يوردها المزي في "تحفة الأشراف" (2/112)، أو لعل المؤلف رحمه الله يقصد أنها في "سنن الترمذي" (1/172 رقم110) أبواب الطهارة، باب ماجاء في المسح على العمامة، لكن سبق القلم إلى أبي داود، والله أعلم.
(2) في "سننه" (1/75 رقم104) كتاب الطهارة، باب المسح على العمامة.
(3) وقد أطال الدارقطني في ذكر هذا الاختلاف في كتاب "العلل" (7/171-176 رقم1282)، وفي "الأفراد" كما في "أطرافه" لابن طاهر (ل97/أ - ل98/أ).
(4) ورواية الثوري هذه أشار لها الدارقطني في الموضع السابق من"العلل"،ووصلها في "الأفراد"=
= - كما في الموضع السابق من "أطرافه"-، من طريق محمد بن مُيَسَّر، عن الثوري، عن منصور والأعمش، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلال.(1/496)
. ومن جهة أبان بن تغلب(1)-وهو بالتاء المثناة، والغين المعجمة -، والليث(2)،وأبي إسرائيل(3)، عن الحكم،[عن](4) ابن أبي ليلى، عن بلال، وكذا جاء من جهة عمر بن عامر،عن الحكم(5)،وعطاء بن السائب،وأبي سعد البقال، عن ابن أبي ليلى،عن بلال(6).
ومنهم من رواه بإثبات واسطة بين ابن أبي ليلى وبلال، واختلفوا في ذلك. فمنهم من أدخل بينهما كعب بن عجرة-كما ذكرناه من جهة مسلم-، وهذا من جهة ابن نجيد(7)،وأبي معاوية(8)،وعيسى بن يونس(8)،وابن مسهر(8)،
وابن فضيل(9)، عن الأعمش.
[ل76/أ]
/ووقع لنا حديث أبي معاوية عاليًا.
__________
(1) أخرجه الحميدي في "مسنده" (1/82 رقم150) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبان بن تغلب ومحمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن بلال.
(2) وهو ابن أبي سليم، ولم أجد روايته للحديث عن الحكم على هذا الوجه، وإنما ذكر الدارقطني في "العلل" و"الأفراد" أنه رواه بإثبات واسطة بين ابن أبي ليلى وبلال، لكن اختلف عليه في تلك الواسطة.
(3) هو إسماعيل بن خليفة. ولم أجد روايته هذه.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وتقدم على الصواب، وسيأتي كذلك.
(5) لم أجدها.
(6) أما رواية عطاء عن ابن أبي ليلى فلم أجدها، وأما رواية أبي سعد البقال فذكرها الدارقطني في "العلل".
(7) في الأصل :"ابن عدي نجيد"، ثم ضرب على قوله :" عدي "، ولم أعرف ابن نجيد هذا، إلا أن يكون تصحّف عن :" ابن نمير"، فإنه ممن رواه عن الأعمش كذلك كما في "مسند أحمد" (6/14)، و"سنن النسائي"(1/75رقم104) في الطهارة، باب المسح على العمامة.
(8) وروايتهم عند مسلم في الموضع السابق.
(9) وروايته أخرجها الروياني في "مسنده" (2/18 رقم754)، والطبراني في "الكبير" (1/350 رقم1061).(1/497)
قرأت على الفقيه المفتي أبي الحسن علي بن هبة الله، عن الفقيه الحافظ أبي طاهر السِّلَفي - قراءة عليه -، أنا الرئيس أبوعبدالله القاسم بن الفضل الثقفي، ثنا محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي، ثنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم، ثنا أحمد بن عبدالجبار العطاردي، ثنا أبومعاوية، عن الأعمش، عن الحكم،[عن](1) عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن بلال - رضي الله عنه - قال :" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين والخمار ".
ومنهم من أدخل بين ابن أبي ليلى وبلال : البراء بن عازب، وهذا يأتي من جهة زائدة بن قدامة، وحفص بن غياث(2)، وعمار بن زريق(3)، عن الأعمش. وحديث البراء عن بلال أخرجه النسائي(4).
قال ابن منده :« وقد اتفق الثوري وزائدة ومن تابعهما، عن منصور، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلال، وكذلك رواية شعبة وأبان بن تغلب،وعمر بن عامر،ومن تابعهم عن الحكم، ولم يقل أحد منهم عن ابن أبي ليلى: "أخبرني بلال" إلا زيد بن أنيسة، وعبدالرحمن بن أبي ليلى لا يثبت سماعه من بلال، وقد أثبت الأعمش في الإسناد كعب بن عجرة والبراء من رواية الثقات عنه، فثبت الحديث بروايتهم، وأخرجوه، وتركه البخاري لاضطراب إسناده ». وقال ابن منده :« وهذا حديث رواه أهل الحجاز والشام، والكوفة، والبصرة »، ثم ذكر روايات بغير إسناد، وقال بعد ذلك : «وعامتهم ذكروا في الحديث : المسح على الخفين والخمار ».
__________
(1) في الأصل :"بن"، وتقدم على الصواب، وسيأتي كذلك.
(2) رواية زائدة وحفص عند النسائي كما سيأتي.
(3) رواية عمار هذه أخرجها البزار في "مسنده" (4/198 رقم1360).
(4) في الموضع السابق من "سننه" برقم (105) من طريق زائدة وحفص بن غياث، كليهما عن الأعمش.(1/498)
وفي "المسند"(1) من رواية أبي سعيد مولى بني هاشم، عن محمد بن راشد، عن مكحول، عن نعيم بن [خَمَّار](2)، عن بلال : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( امسحوا على الخفين والخمار )) .
و"محمد بن راشد" المكحولي وُثق، وقال النسائي(3):" ليس بالقوي ".
حديث آخر : قرأت على المفتي أبي الحسن ابن هبة الله، عن أبي محمد ابن بري- قراءة عليه -، أنا مرشد بن يحيى، ثنا محمد بن الحسين، ثنا محمد بن عبدالله بن زكريا، ثنا أحمد بن شعيب النسائي(4)،أنا عمرو بن علي ومحمد بن الوليد، قالا : ثنا محمد، ثنا شعبة، عن أبي بكر بن حفص، عن أبي عبدالله، عن أبي عبدالرحمن قال : كنت قاعدًا مع عبدالرحمن بن عوف، فمر بلال فسأله عن المسح [على](5) الخفين، فقال : كان رسول الله - رضي الله عنه - يقضي حاجته فآتيه بالماء، فيتوضأ، فيمسح على العمامة والخفين. وفي حديث عمرو بن علي : [والموقين](6).
وفيه طريق من حديث أبي إدريس، عن بلال.
__________
(1) للإمام أحمد (6/12-13).
(2) في الأصل :"حماد"، والمثبت من"المسند". ونعيم هذا صحابي اختُلف في اسم أبيه، فمنهم من قال :" هَبّار"، ومنهم من قال :"هدَّار"، ومنهم من قال :" خمَّار"، ورجّح الأكثر أن اسم أبيه :" هَمَّار"، بتشديد الميم.
(3) في "الضعفاء والمتروكين" (ص234 رقم548).
(4) والنسائي أخرجه في "الجزء الرابع من حديث شعبة بن الحجاج وسفيان بن سعيد الثوري مما أغرب بعضهم على بعض" (ل14/ب) الحديث رقم(138).
(5) في الأصل :" عن "، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في الأصل :"والمرفقين"، وهو تصحيف، والتصويب من المرجع السابق.(1/499)
أخبرنا أبوالعباس أحمد بن عبدالدائم بالشام، قلت له : أخبركم أبوالفرج يحيى بن محمود الثقفي - قراءة عليه -، عن الشيخ أبي علي الحسن بن أحمد الحداد - حضورًا -، أنا أبونعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد، ثنا أبوبكر ابن أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي العطار - ببغداد -، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا هدبة، ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي إدريس، عن بلال - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمسح على الخفين والخمار(1).
و"إسماعيل" فمن فوقه موثقون، كلهم أعلام مشهورون موثقون.
[ل76/ب]
/حديث آخر : روى ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن ثوبان قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين. أخرجه أبوداود(2)، عن أحمد بن حنبل، عن يحيى بن سعيد، عن ثور.
وذكر الخلاَّل في "علله" أن أحمد قال :" لاينبغي أن يكون راشد بن سعد سمع من ثوبان ؛ لأنه مات قديمًا(3)".
و"العصائب": العمائم. و"التساخين": الخفاف، وقيل : لا واحد لها، وقيل : تسخان(4).
__________
(1) أخرجه ابن خزيمة (1/95رقم189)، وفيه:"الموقين" بدل "الخفين"، وقال ابن حزم في "المحلى" (2/59) :" وروينا أيضًا من طريق أبي إدريس الخولاني عن بلال..." فذكره.
(2) في "سننه" (1/101-102 رقم146) كتاب الطهارة، باب المسح على العمامة.
(3) وفي"العلل" برواية عبدالله(3/129رقم4552):"راشد بن سعد لم يسمع من ثوبان شيئًا".
(4) انظر "لسان العرب" (13/207) مادة سخن.(1/500)
وروى معاوية بن صالح، عن عتبة أبي أمية الدمشقي(1)، عن أبي سلام الأسود، عن ثوبان - رضي الله عنه - قال :" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح على الخفين والخمار- يعني العمامة -". أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(2) عن بكر بن سهل، عن عبدالله بن صالح، عن معاوية.
وهو في "المسند"(3) من جهة الليث عن معاوية، وليس فيه العمامة(4).
و"عتبة أبوأمية الدمشقي" لم يُعرِّف ابن أبي حاتم(5) بحاله، ولا ذكر عنه راويًا غير معاوية. و"أبو سلاَّم الأسود" - مشدد - اسمه :"ممطور".
حديث آخر : روى الحافظ الفقيه أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي
في جمعه لحديث أيوب، عن أبي قلابة، عن سلمان - رضي الله عنه - قال:"رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين والخمار ".
وفي "المسند"(6) عن محمد بن يزيد، عن [أبي](7)شريح، عن أبي مسلم مولى زيد بن صوحان قال : كنت مع سلمان الفارسي، فرأى رجلاً قد أحدث وهو يريد أن ينزع خفيه، فأمره سلمان أن يمسح على خفيه،[وعلى عمامته، ويمسح بناصيته](8)، وقال :"رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على خفيه وعلى خماره".
و"أبو مسلم"(9) و"أبو شريح"(10) لا يُعرف اسمهما، ولم يُعرّف ابن أبي حاتم بحالهما، ولا ذكر عن كل واحد منهما إلا راويًا واحدًا.
__________
(1) في الأصل :"عتبة بن أبي أمية الدمشقي"، وسيذكره المصنف على الصواب.
(2) 2/91-92 رقم1409).
(3) لأحمد (5/281).
(4) بل فيه، ولفظ الحديث : رأيت رسول الله r توضأ ومسح على الخفين، وعلى الخمار، ثم العمامة.
(5) في "الجرح والتعديل" (6/374).
(6) لأحمد (5/439).
(7) في الأصل "ابن"، وسيذكره المصنف على الصواب.
(8) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(9) انظر ترجمته في "الجرح والتعديل" (9/435).
(10) انظر ترجمته في المصدر السابق (9/391 ).(2/1)
حديث آخر : من جهة مخلد بن الحسين، عن هشام بن حسان، عن حميد بن هلال، عن عبدالله بن الصامت، عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال :" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على الموقين والخمار"(1).
حديث آخر : روى الطبراني في "الأوسط"(2) من معاجمه من حديث
عُفير بن معدان،عن [سُليم](3) بن عامر،[عن](4) أبي أمامة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين والعمامة في غزوة تبوك. رواه عن أحمد بن عبدالرحمن، عن أبي جعفر النفيلي، عن عفير، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن سليم بن عامر إلا عفير، تفرد به النفيلي ".
[ل77/أ]
حديث آخر: روى الطبراني أيضًا في هذا "المعجم"(5) من حديث عيسى ابن سنان، عن الضحاك بن عبدالرحمن بن عَرْزَب الأشعري، عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال :"أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء، فمسح على الجوربين [و](6) النعلين والعمامة ". أخرجه عن أحمد بن عبدالعزيز، عن أبي جعفر النفيلي، عن /عيسى بن سنان، وقال :" لا يُروى هذا الحديث عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد، تفرد به عيسى بن سنان ".
__________
(1) أخرجه الطبراني في "الأوسط" (6/214 رقم6220) من الجهة التي ذكر المصنِّف، لكن وقع فيه :" يمسح" بدل قوله :" توضأ ومسح".
والذي يظهر أن المصنف أخذه عن "المحلى" لابن حزم (2/59)، ولكن لم يعزه إليه ؛ فإن ابن حزم قال :" ومن طريق مخلد بن الحسين، عن هشام بن حسان، عن حميد بن هلال، عن عبدالله بن الصامت....."، ثم ذكره كما هنا سواء.
(2) 2/21 رقم1099).
(3) في الأصل :"مسلم"، والتصويب من المصدر السابق، وسيذكره المصنف على الصواب.
(4) في الأصل :"بن "، والتصويب من المرجع السابق.
(5) أي :"الأوسط" (2/24 رقم1108).
(6) في الأصل :"في"، والتصويب من المصدر السابق.(2/2)
حديث آخر: روى الطبراني أيضًا في "الأوسط"(1) من حديث عمار بن رُزَيْق، عن سعيد بن مسروق، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون الأودي، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمسح على الخفين والخمار، وقال :" لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن مسروق -بهذا اللفظ- إلا عمار بن رُزَيق. ورواه سفيان الثوري، [وأخوه](2) عمر بن سعيد، وأبو عوانة، وأبوالأحوص، وغيرهم، عن سعيد بن مسروق، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - [وَقَّت](3) في المسح على الخفين للمقيم يومًا وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ". وكان روى(4) هذا الحديث عن أحمد بن محمد بن صدقة، عن محمد بن غالب الرافقي، عن الأحوص بن جَوَّاب، عن [عمار](5) بن رزيق.
حديث آخر:روى أبوبكر الخرائطي محمد بن جعفر في"مكارم الأخلاق"(6): حدثنا عمر - يعني ابن شبَّة -، ثنا حرمي بن عمارة بن أبي حفصة، أنا شعبة، عن عمرو بن دينار، عن يحيى بن جعدة، عن عبدالله بن عمرو القارئ، عن أبي طلحة قال : مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخمار والخفين.
ومن طريق ابن أبي شيبة(7)
__________
(1) من "معاجمه" (2/116 رقم1432).
(2) في الأصل :"وأخرجه"، والتصويب من المصدر السابق.
(3) في الأصل :"يعني"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) أي : الطبراني.
(5) في الأصل:"عمرو"، والتصويب من المرجع السابق، وسبق أن ذكره المصنف على الصواب.
(6) لم أجده في المطبوع منه، وسبق التنبيه على هذا في المقدمة (ص 56 ).
(7) هذا الأثر أخذه المصنف عن "المحلى" لابن حزم (2/60)
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/28 رقم220)، لكن تصحف فيه "عبدالرحمن ابن عسيلة" إلى :"حميد بن غسيلة"، ولم يذكر قوله :" يعني في الوضوء".(2/3)
من جهة ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير مرثد بن عبدالله اليَزَنِي، عن عبدالرحمن بن عُسَيلة الصنابحي قال: رأيت أبابكر الصديق - رضي الله عنه - يمسح على الخمار - يعني في الوضوء -.
و" مُرثَد ": بضم الميم، وبالثاء المثلثة المفتوحة. و" اليَزني": بالياء.
و"عُسَيلة": بضم العين المهملة، وفتح السين المهملة أيضًا، وبعدها ياء ساكنة.
وعن عبدالرحمن بن مهدي(1)، عن سفيان الثوري، عن عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة، قال : سأل نُباتة الجعفي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن المسح [على](2) العمامة، فقال له عمر بن الخطاب:" إن شئت فامسح على العمامة، وإن شئت فدع ".
و"غفلة": بفتح الغين المعجمة والفاء. و"نُباتة": بضم النون، بعدها باء ثاني الحروف، وبعد الألف ثالث الحروف(3).
وعن عبدالرحمن بن مهدي(4)، عن عبدالله بن عبدالله الرازي، عن زيد بن أسلم قال : قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - :" من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله ".
وعن حماد بن سلمة(4)، عن ثابت البناني وعبيدالله بن أبي بكر بن أنس، كلاهما عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أنه كان يمسح على [الجوربين و](5) الخفين والعمامة.
قال علي بن أحمد(6):" وهذه أسانيد في غاية الصحة ".
قال :" وعن الحسن البصري، عن أمه : أن أم سلمة رضي الله عنها كانت تمسح على الخمار ". وذكر غير ذلك.
ذكر من قال بالتوقيت في المسح على العمامة
__________
(1) وهذا الأثر أيضًا أخذه المصنف عن الموضع السابق من " المحلى"، وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" (1/29 رقم226) باختلاف يسير في اللفظ.
(2) في الأصل :"عن"، والتصويب من "المحلى".
(3) يعني التاء.
(4) وهذا الأثر أيضًا من الموضع السابق من " المحلى ".
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(6) هو أبومحمد ابن حزم، وكلامه هذا في الموضع السابق من "المحلى".(2/4)
روى الطبراني عن أبي مسلم الكشي وعبدالله بن أحمد بن حنبل،ثنا محمد ابن أبي بكر المقدمي، ثنا عبدالصمد بن عبدالوارث، ثنا مروان أبو سلمة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمسح على الخفين والعمامة ثلاثًا في السفر، ويومًا وليلة في الحضر. أخرجه في "المعجم الكبير"(1).
[ل77/ب]
وقال مُهَنَّا :" سألت أحمد عن حديث يحيى بن أبي سَمِينة، حدثنا عبدالصمد/ بن عبدالوارث، ثنا مروان أبوسلمة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يمسح المسافر على الخفين والخمار ثلاثة أيام ولياليهن، والمقيم يومًا وليلة )) . قال أحمد : ليس بصحيح ".
ذكر ما في غسل الرأس أو تقريب غسلها(2)
قد تقدم(3) حديث أبي الأزهر ويزيد بن أبي مالك عن معاوية، من جهة عبدالله بن العلاء - وهو ابن [زَبْر](4)-، عن المغيرة بن فروة(5) ويزيد بن أبي مالك، عنه، وفيه:" فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء، فتلقاها بشماله حتى
وضعها على وسط رأسه حتى قطر الماء، أو كاد يقطر ".
وذكرنا(6) حال "يزيد بن أبي مالك" وتوثيقه، وذكره ابن حبان في "الثقات"(7)، إلا أنه ذكر أن مولده كان سنة ستين، وإذا كان كذلك، فحديثه عن معاوية منقطع ؛ لأن معاوية رحمه الله تعالى مات في رجب من هذه السنة، فلا يمكن سماعه عنه.
وذكرنا(1) فيما تقدم أمر "المغيرة بن فروة "، وأن ابن حبان ذكره في "الثقات"(8) على طريقته(9).
فصل في مسح الأذنين
كل مايأتي في مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما فهو دليل على مطلق المسح.
__________
(1) 8/122 رقم7558).
(2) كذا في الأصل.
(3) ص 436).
(4) في الأصل :"زيد"، والتصويب من "تهذيب الكمال" (15/405).
(5) هو أبو الأزهر.
(6) ص 436،437).
(7) 5/542).
(8) 5/410).
(9) جاء في هامش الأصل مانصه :" آخر الجزء الثاني من تحرير المؤلف رحمه الله تعالى".
.(2/5)
قرأت على الفقيه المفتي أبي الحسن علي بن هبة الله بن سلامة الشافعي، عن العلامة أبي محمد عبدالله بن بري النحوي - قراءة عليه -، أنا مرشد بن يحيى، أنا علي بن محمد الفارسي، ثنا محمد بن عبدالله النيسابوري، أنا أبوعبدالرحمن النسائي، أخبرني محمد بن عبيد بن محمد، عن يحيى بن زكريا، عن شعبة، عن حبيب بن زيد، عن عباد بن تميم، عن عبدالله بن زيد : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح بأذنيه. أخرجه النسائي كذلك في " ما أغرب به شعبة
على سفيان، وسفيان على شعبة "(1).
وروى الدراوردي عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح برأسه وأذنيه. رواه أبوجعفر الطحاوي(2).
وسيأتي إن شاء الله تعالى(3) من حديث ابن منده عن هشام بن سعد، والدراوردي، وحفص بن ميسرة في فصل آخر.
وقال ابن منده(4):" ولايعرف مسح الأذنين من وجه يثبت، إلا مارواه زيد بن أسلم، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه مسح برأسه وأذنيه ".
ورواه ابن منده من جهة ابن إدريس، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فأخذ ماء فمسح رأسه وأذنيه، فقال بالوسطى من أصابعه فأبطن بأذنيه، وقال بالإبهامين من وراء [أذنيه](5).
ذكر مسح ظهورهما وبطونهما ?
[ل78/أ]
__________
(1) ل4/ب) رقم الحديث (49).
(2) في "شرح معاني الآثار" (1/32 رقم137).
(3) ص 574) في فصل :" ذكر من قال بمسحهما مع الرأس".
(4) كلام ابن منده هذا وروايته الآتية للحديث نقلها ابن الملقن في "البدر المنير" (1/297-298) عن المصنف، وانظر "التلخيص الحبير" (1/159).
(5) في الأصل :"أذنه"، والتصويب من "البدر المنير".
.(2/6)
/في حديث إسرائيل عن عامر بن شقيق، عن شقيق بن سلمة قال : رأيت عثمان - رضي الله عنه - توضأ، فمسح رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وقال : "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع كما صنعت - أو كالذي صنعت -". أخرجه بهذا اللفظ الدارمي في "مسنده"(1).
وقد تقدم(2) حديث الربيع في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه : "وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما "، وليس فيه ماينظر فيه، إلا الاحتجاج بابن عقيل. وأخرجه الطحاوي(3) مختصرًا.
وتقدم(4) أيضًا حديث عن المقدام بن معدي كرب، وفيه :" مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما ".
ورواه الحاكم أبوعبدالله محمد بن عبدالله في "المستدرك"(5) عن أبي بكر ابن إسحاق وأبي بكر ابن بالويه، عن محمد بن أحمد بن النضر الأزدي، عن معاوية بن عمرو(6)، عن زائدة، عن سفيان بن سعيد، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح باطن أذنيه وظاهرهما. قال :" وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - يأمر بذلك ".
قال الحاكم :"زائدة بن قدامة ثقة مأمون، قد أسنده عن الثوري،[وأوقفه غيره](7)". وكأن الحاكم لم يُعلله بوقف من وقفه.
__________
(1) المعروف بـ"سنن الدارمي" (1/179).
(2) ص 437).
(3) في "شرح معاني الآثار" (1/32 رقم136).
(4) ص 434و435).
(5) 1/150).
(6) كذا في الأصل، وفي "المستدرك" المطبوع :" محمد بن عمرو"، والمثبت هو الصواب ؛ فالذي يروي عن زائدة، ويروي عنه محمد بن أحمد بن النضر الأزدي هو معاوية بن عمرو. انظر "تهذيب الكمال" (9/276)، و(28/207-208).
(7) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المصدر السابق.(2/7)
ومما يؤيده : أن الدارقطني(1) روى عن ابن صاعد، عن بندار، عن عبدالوهاب الثقفي، حدثنا حميد، عن أنس - رضي الله عنه - : أنه كان يتوضأ [فيمسح ظاهر أذنيه](2) وباطنهما، ثم قال :" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك ".
قال ابن صاعد :" هكذا(3) يقول الثقفي، وغيره يرويه عن أنس، عن ابن مسعود من فعله ".
ثم خرجه(4) [من](5) طريق هشيم، عن حميد الطويل قال : رأيت أنس ابن مالك - رضي الله عنه - توضأ، فمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما، ثم قال :" إن ابن مسعود كان [يأمرنا](6) بالأذنين ".
قلت : رجال الإسناد الذي رواه الدارقطني عن ابن صاعد كلهم ثقات عندهم، وبندار فمن فوقه من رجال "الصحيحين "(7).
والبيهقي أعرض عن ذكر المرفوع من حديث أنس، ورواه موقوفًا(8) من جهة مروان بن معاوية، عن حميد قال : توضأ أنس ونحن عنده، فجعل يمسح باطن أذنيه وظاهرهما، فرأى شدة نظرنا إليه، فقال :" إن ابن مسعود كان يأمرنا بهذا ". وهذا موقوف.
ومن جهة سفيان الثوري(9)، عن حميد قال : رأيت أنس بن مالك توضأ ومسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما، فنظرنا إليه، [فقال](10):" كان ابن أم عبد يأمرنا بذلك ".
__________
(1) في "سننه" (1/106 رقم51).
(2) في الأصل :"فمسح أذنيه ظاهرهما"، والمثبت من المصدر السابق.
(3) في المطبوع :" هذا ".
(4) أي الدارقطني في المصدر السابق برقم (52).
(5) في الأصل :"ثم".
(6) في الأصل :"يأمر"، والتصويب من المصدر السابق.
(7) بندار هو محمد بن بشار، وقد روى له الجماعة كما في"تهذيب الكمال" (24/511). =
= وشيخه عبدالوهاب بن عبدالمجيد الثقفي روى له الجماعة أيضًا كما في المرجع السابق (18/503 و508). وشيخ عبدالوهاب هو حميد بن أبي حميد الطويل، وقد روى له الجماعة أيضًا كما في المرجع السابق (7/355 و365).
(8) في "سننه" (1/64).
(9) عند البيهقي في الموضع السابق.
(10) في الأصل :"قال"، والمثبت من "سنن البيهقي".(2/8)
ومن حديث البغوي(1) عن طالوت - هو ابن عباد -، حدثنا اليمان أبوحذيفة، عن عمرة قالت : سألت عائشة رضي الله عنها عن الأذنين، قالت :" هي(2) من الرأس ". قالت :" وكان(3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على(4) أذنيه ظاهرهما وباطنهما إذا توضأ ". وهذا في خبر طالوت.
ذكر كيفية مسحها(5) بالأصابع
روى ابن عجلان عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح أذنيه [داخلهما بالسبابتين](6)، وخالف إبهاميه إلى ظاهر أذنيه، فمسح ظاهرهما وباطنهما. أخرجه ابن ماجه(7) عن أبي بكر ابن أبي شيبة(8)، عن [عبدالله](9) بن إدريس، عن ابن عجلان.
[ل78/ب]
و"ابن عجلان": أخرج له مسلم (10)، وباقي الإسناد لا يُسأل / عنه.
وقد تقدم(11) هذا بهذا الإسناد بلفظ آخر من جهة ابن منده.
__________
(1) أخرجه الدارقطني في "سننه" (1/105 رقم47)، ومن طريقه البيهقي في "الخلافيات" (1/437 رقم245).
(2) قولها :" هي " ليس في المرجعين السابقين.
(3) في المرجعين السابقين :" وقالت : كان ".
(4) قوله :" على " ليس في المرجعين السابقين.
(5) كذا في الأصل.
(6) في الأصل :"وأدخلهما السبابتين"، والتصويب من "سنن ابن ماجه".
(7) في "سننه" (1/151 رقم 439) كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في مسح الأذنين.
(8) وهو في "مصنفه" (1/25 رقم172)، إلا أن فيه :" باطنهما وظاهرهما ".
(9) في الأصل :"عبد"، والتصويب من "سنن ابن ماجه".
(10) كما في "تهذيب الكمال" (26/101 و108).
(11) ص 565).(2/9)
وروى أبوعوانة عن موسى بن أبي عائشة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده:أن رجلاً أتى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:كيف الطهور؟ فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بماء فتوضأ، فأدخل إصبعيه السبابتين أذنيه، فمسح بإبهاميه [ظاهر](1) أذنيه، وبالسبابتين [باطن](2) أذنيه. أخرجه أبوجعفر الطحاوي(3).
ذكر ماجاء في دلك الأذنين عند المسح
روى الطحاوي(4) قال : حدثنا ابن أبي داود، ثنا عبيدالله بن معاذ، ثنا أبي، ثنا شعبة، ثنا حبيب الأنصاري - قال ابن أبي داود : وهو حبيب بن زيد -، عن عباد بن تميم، عن عبدالله بن زيد جد حبيب هذا ؛ قال : "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي بِوَضوء فدلك أذنيه حين مسحهما ".
ذكر إدخال الإصبع الصماخ
روى أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(5) عن عبدالله بن سعيد الأشج، عن ابن إدريس، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ..."، فذكر الحديث، وفيه :" فغرف غرفة، فمسح رأسه وباطن أُذنيه وظاهرهما، وأدخل إصبعيه فيهما ". وهو حديث تقدم (6).
وروى الحسن بن صالح عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن الربيع بنت معوذ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ وأدخل إصبعيه في جحري(7) أذنيه.أخرجه أبوداود(8)
وابن ماجه(9) من جهة الحسن بن صالح.
__________
(1) في الأصل :"باطن"، والتصويب من "شرح معاني الآثار".
(2) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فاستدركته من "شرح معاني الآثار".
(3) في "شرح معاني الآثار" (1/33 رقم142).
(4) في المرجع السابق (1/32 رقم141).
(5) 1/77 رقم148).
(6) ص 565).
(7) تصحفت في المطبوع من "سنن أبي داود" إلى :"حجري".
(8) في "سننه" (1/91-92 رقم131) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(9) في "سننه" (1/151 رقم441) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في مسح الأذنين.(2/10)
ورواه البيهقي(1) من جهة وكيع، عن سفيان، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن الرُّبيِّع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فأدخل إصبعيه في أذنيه.
ولأبي داود(2) في رواية عن الوليد في حديث حريز بن عثمان، [عن](3) عبدالرحمن بن ميسرة عن المقدام، أحال فيها أبوداود على ماقبلها، وقال : "مسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما ". زاد هشام - يعني ابن خالد -: "وأدخل أصابعه في صماخ أذنيه ".
__________
(1) في "سننه" (1/65).
(2) في الموضع السابق من "سننه" (1/89 رقم123).
(3) في الأصل :"بن"، والتصويب من المرجع السابق.(2/11)
واعترض أبوالحسن القطان(1) على أبي محمد عبدالحق(2) في سكوته عن هذا الحديث،فقال حاكيًا عن عبدالحق:"وذكر من طريق أبي داود [حديث](3) المقدام بن معدي كرب، فيه : وأدخل أصابعه في صماخ [أذنيه](4)، وسكت عنه، وهو حديث يرويه الوليد بن مسلم، عن حريز بن عثمان، عن عبدالرحمن بن ميسرة، عن المقدام. و"عبدالرحمن بن ميسرة" هذا مجهول الحال، لا يُعرف روى عنه إلا حريز بن عثمان. وإلى ذلك فإن حريز بن عثمان كان له - فيما زعموا- رأي سوء(5) في بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. و"الوليد بن مسلم" كان يدلس ويسوِّي، ولم يقل في هذا الحديث : حدثنا، ولا : أخبرنا، ولا : سمعت، ولا ذكر عن حريز أنه قال ذلك. فمن حيث هو مدلس يمكن أن يكون قد أسقط بينه وبين حريز واسطة، ومن حيث هو مُسوٍّ يمكن أن يكون قد أسقط من بين حريز وبين عبدالرحمن [ابن](6) ميسرة واسطة،/ ولقد زعم الدارقطني(7) أنه كان يفعل هذا في أحاديث الأوزاعي ؛ يعمد إلى أحاديث رواها الأوزاعي عن أشياخ له ضعفاء، عن أشياخ له ثقات، فيسقط الضعفاء من الوسط، ويتركها عن الأوزاعي عن أشياخه الثقات كأنه سمعها منهم ". انتهى ماأردت نقله هنا.
[ل79/أ]
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (4/109 -110).
(2) في "الأحكام الوسطى" (1/170).
(3) في الأصل :"وحديث"، والتصويب من المرجع السابق.
(4) في الأصل :"أذنه"، والتصويب من المرجع السابق، وتقدم على الصواب.
(5) في "بيان الوهم والإيهام" :" رأي سيء ".
(6) في الأصل :"وبين"، والتصويب من المرجع السابق.
(7) في "الضعفاء والمتروكين" (ص415 رقم631).(2/12)
وأقول : يمكن أن يقال بسقوط وصمة التدليس والتسوية جميعًا، فإن هذا حديث رواه أبوداود(1) عن محمود بن خالد ويعقوب بن كعب [الأنطاكي](2)، عن الوليد، عن حريز بن [عثمان، عن](3) عبدالرحمن بن ميسرة، عن المقدام، ثم قال :" قال محمود : أخبرني حريز "، ثم رواه بعده عن محمود بن خالد وهشام بن خالد، قالا : ثنا الوليد بهذا الإسناد، قال : "ومسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما. زاد هشام : وأدخل أصابعه في صماخ أذنيه ". فأحال أبوداود على الإسناد الأول، وقد صرح محمود فيه بقول الوليد:" أخبرني حريز ".
وروى أبوالمغيرة عن حريز، قال :حدثني عبدالرحمن بن ميسرة الحضرمي، قال: سمعت المقدام بن معدي كرب الكندي - رضي الله عنه - قال : أُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوَضوء فتوضأ...، كما ذكرنا الحديث في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه:" ثم مسح رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما ". فالحديث إسناده واحد، اختلف في بعض ألفاظه، وفي اختصاره وإكماله، فإذا كان واحدًا، فبرواية محمود عن الوليد يزول التدليس، وبرواية أبي المغيرة عن حريز تزول التسوية، وكذلك روى الحافظ أبوجعفر الطحاوي(4) عن محمد بن عبدالله بن ميمون البغدادي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا حريز بن عثمان.
ذكر من قال بمسحهما مع الرأس
__________
(1) في "سننه" (1/88 رقم122) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(2) في الأصل :"الأنماطي"، والتصويب من "سنن أبي داود"، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (32/358).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود".
(4) في "شرح معاني الآثار" (1/32 رقم 139).(2/13)
روى النسائي(1) من حديث عبدالله بن إدريس، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فغرف غرفة فتمضمض واستنشق "، وفيه :" ثم مسح برأسه وأذنيه : باطنهما بالسباحتين، وظاهرهما بإبهاميه، ثم غرف غرفة فغسل رجله اليمنى، ثم غرف غرفة فغسل رجله اليسرى".
ورواه أبوعبدالله محمد بن إسحاق بن منده الحافظ في كتابه(2) من جهة هشام بن سعد وعبدالعزيز الدراوردي وحفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه قال : ألا أخبركم بوضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ [....](3) غرفة، فمسح بها رأسه وأذنيه، قال :" ثم ذكر الحديث، وآخِرُ أسانيده : إسناد حفص بن ميسرة، من رواية سويد بن [سعيد](4)، عنه ".
وأخرجه أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(5) من حديث ابن عجلان عن زيد بن أسلم، وقد تقدم (6).
[ل79/ب]
وروى عباد بن منصور عن عكرمة بن خالد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ...،فذكر الحديث كله ثلاثًا ثلاثًا، وقال :"ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة ". أخرجه أبوداود(7).
__________
(1) في "سننه" (1/74 رقم102) كتاب الطهارة، باب مسح الأذنين مع الرأس وما يستدل به على أنهما من الرأس.
(2) يعني كتاب "الطهارة" الذي عزا له المصنف مرارًا.
(3) بياض في الأصل بمقدار كلمة، ولعلها :" فأخذ"، أو :"فغرف"، أو نحوهما.
(4) في الأصل :"سعد"، والمثبت هو الصواب كما في "تهذيب الكمال" (7/74).
(5) 1/77 رقم148).
(6) ص 570).
(7) في "سننه" (1/92 رقم133) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.(2/14)
و"عباد بن منصور" تكلم فيه غير واحد، منهم النسائي(1)، وقال : "ضعيف، وقد كان تغير". وفي رواية عن يحيى بن /سعيد(2) أنه قال:" ثقة، لا ينبغي أن يترك حديثة لرأي أخطأ فيه ".
وروى ابن عجلان عن عبدالله بن محمد بن عقيل : أن رُبيِّع بنت معوذ ابن عفراء أخبرته، قالت: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، قالت : فمسح رأسه، ومسح ماأقبل منه وماأدبر، وصُدغيه، وأذنيه مرة واحدة. أخرجه أبوداود(3).
وروى أبوجعفر الطحاوي(4) حديث حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة الباهلي - تقدم ذكره(5)- فقال في لفظه: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح أذنيه مع الرأس، وقال : (( الأذنان من الرأس )). أخرجه عن نصر بن مرزوق، عن يحيى بن حسان، عن حماد.
ذكر ما استدل به على أن الأذنين من الرأس
__________
(1) في "الضعفاء والمتروكين" (ص214 رقم414).
(2) في الأصل :"يحيى بن معين"، ثم صوبت ؛ فكتب فوق "معين" :" سعيد"، وهو الصواب كما في "الجرح والتعديل" (6/86 )، و"تهذيب الكمال" (14/158 ).
(3) في الموضع السابق من "سننه" (1/91 رقم129).
(4) في "شرح معاني الآثار" (1/33 رقم143).
(5) ص 501 ).(2/15)
روى مالك(1) عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبدالله الصُّنَابحي : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه، حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة له )) . قال قتيبة(2): عن الصنابحي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - [قال](3).... أخرجه النسائي(4) من حديث مالك - واللفظ له -، وأخرجه ابن ماجه(5) من حديث حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم نحوه.
وقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه : (( الأذنان من الرأس ))(6). وأصحاب الحديث يجمعون طرقه، ولا نطوِّل بذكرها، ونذكر أقربها [....](7).
وقد مرَّ(5) من حديث حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر في مسح الماقين، وفيه : (( الأذنان من الرأس )).
والذي يُعْتَلُّ به فيه وجهان :
__________
(1) في "الموطأ" (1/31 رقم30) كتاب الطهارة، باب جامع الوضوء.
(2) الحديث أورده المصنف-كما سيأتي - من "سنن النسائي"، والنسائي رواه من طريقين عن مالك:أحدهما: طريق قتيبة بن سعيد، والأخرى: طريق عتبة بن عبدالله، وهي التي ساق لفظها، ثم بين فرق رواية قتيبة عنها : أن عتبة سمّى الصنابحي :"عبدالله"، ولم يسمّه قتيبة.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن النسائي".
(4) في "سننه" (1/74 -75 رقم103) كتاب الطهارة، باب مسح الأذنين مع الرأس، وما يستدل به على أنهما من الرأس.
(5) في "سننه" (1/103 -104 رقم282) كتاب الطهارة وسننها، باب ثواب الطهور.
(6) انظر ماتقدم (ص 501 و575).
(7) بياض في الأصل بمقدار ستة أسطر تقريبًا.(2/16)
أحدهما : الكلام في "شهر بن حوشب"، وقد مر من وثقه، وذُكِرَ في المقدمة(1) مستقصىً بالتوثيق والتضعيف.
[ل80/أ]
والثاني : الشك في رفعه ؛ فإن في رواية سليمان بن حرب : عن أبي أمامة - رضي الله عنه - : وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الماقين. قال : قال :" والأذنان من الرأس "./ قال سليمان بن حرب: يقولها أبو أمامة. قال قتيبة : قال حماد: " لا أدري هو من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أبي أمامة ؟"
ولما رواه أبو عيسى(2) عن قتيبة، عن حماد قال :" هذا حديث إسناده ليس بذاك القائم ". [....](3).
وروى الدارقطني(4) قال : حدثنا محمد بن عبدالله بن زكريا النيسابوري - بمصر -، ثنا أحمد بن عمرو بن عبدالخالق [البزار](5)، ثنا أبوكامل الجحدري، ثنا غندر محمد بن جعفر، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الأذنان من الرأس )) .
قال الدارقطني : حدثني به أبي، ثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، ثنا أبو كامل الجحدري...، بهذا مثله.
__________
(1) وسبق أن بينت أن هذه المقدمة ضمن المفقود من الكتاب.
(2) في "سننه" (1/53 رقم37) أبواب الطهارة، باب ما جاء أن الأذنين من الرأس.
(3) بياض في الأصل بمقدار ثلاثة أسطر.
(4) في "سننه" (1/98-99 رقم11).
(5) في الأصل :" البزاز"، والتصويب من "سنن الدارقطني".(2/17)
قال أبو الحسن القطان(1)- بعد ذكر هذا الحديث من هذه الجهة -:« هذا الإسناد صحيح بثقة رواته(2) واتصاله، وإنما أعله الدارقطني بالاضطراب في إسناده، فتبعه أبو محمد - يعني عبدالحق(3)- على ذلك، وليس يعتب فيه(4). والذي قاله فيه الدارقطني هو :" أن أبا كامل تفرد به عن غندر، ووهم فيه عليه "، هذا ما قال(5)، ولم يؤيده بشيء ولا عضده بحجة، غير [أنه ذكر](6) أن ابن جريج الذي دار الحديث عليه يُروَى عنه عن سليمان بن موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً(7)، وما أدري ما الذي يمنع أن يكون عنده في ذلك حديثان: مسند ومرسل ؟! والله عزّ وجلّ أعلم ».
وروى ابن ماجه(8) عن سويد بن سعيد، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن شعبة، عن حبيب بن زيد، عن عباد بن تميم، عن عبدالله بن زيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الأذنان من الرأس )) .
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (5/262-263).
(2) في "بيان الوهم" :" راويه ".
(3) في "الأحكام الوسطى" (1/171).
(4) في "بيان الوهم" :"وهو ليس بعيب فيه ".
(5) أي الدارقطني.
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "بيان الوهم".
(7) والرواية المرسلة أخرجها الدارقطني في الموضع السابق برقم (15-18).
(8) في "سننه" (1/152 رقم443) كتاب الطهارة وسننها، باب الأذنان من الرأس.(2/18)
و"سويد بن سعيد": أخرج له مسلم في "صحيحه"(1)، وتكلم فيه ابن معين(2)، والنسائي(3). وقال البيهقي في "الخلافيات"(4):« سويد بن سعيد الحدثاني الأنباري اختلط بعد أن كتب عنه مسلم بن الحجاج، ولعله لو عرف تغيّره ما روى عنه في "الصحيح". قال أبو عيسى الترمذي(5):" قلت للبخاري : فإنهم يذكرون عن سويد بن سعيد، عن ابن أبي زائدة، عن شعبة، عن حبيب بن زيد..."»، فذكر كلامًا، وكان بعده :"وضعفه جدًّا وقال : كلما لُقِّن شيئًا تلقّنه، وضعف أمره ". انتهى. و"حبيب بن زيد" قد تقدم في باب الدلك(6) أن أبا حاتم قال فيه(7):"هو صالح"، وأخرج له الأربعة(8)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(9).
ذكر من قال بتجديد الماء لهما
[ل80/ب]
__________
(1) كما في "تهذيب الكمال" (12/247و249).
(2) حيث قال فيه كما في "تاريخ بغداد" (9/230):" هو حلال الدم". وروى الخطيب في الموضع السابق بسنده إلى محمد بن يحيى الخزاز السوسي قال :" سألت يحيى بن معين عن سويد بن سعيد فقال : ما حدثك فاكتب عنه، وما حدث به تلقينًا فلا ".
(3) حيث قال في "الضعفاء والمتروكين" (ص124 رقم275):" ليس بثقة".
(4) 1/431).
(5) في "العلل الكبير" (ص394 رقم139) بنحوه.
(6) انظر (ص 503).
(7) كما في "الجرح والتعديل" (3/101 رقم468).
(8) كما في "تهذيب الكمال" (5/373و374).
(9) 6/181).(2/19)
روى البيهقي عن أبي عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ، عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس، عن عثمان بن سعيد الدارمي، عن الهيثم بن خارجة، عن عبدالله بن وهب، قال : أخبرني عمرو بن الحارث، عن حَبَّان ابن واسع الأنصاري : أن أباه حدثه : أنه سمع عبدالله بن زيد يذكر : أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - /يتوضأ، فأخذ لأذنيه ماءً خلاف الماء الذي أخذ لرأسه. قال البيهقي بعد إخراجه في "السنن الكبير"(1):" وهذا إسناد صحيح ". قال :" وكذلك يُروى عن عبدالعزيز بن عمران بن مقلاص وحرملة بن يحيى(2)، عن ابن وهب".
__________
(1) 1/65).
(2) سيأتي تخريجه.(2/20)
قلت : رأيته في رواية ابن المقرئ عن حرملة، عن ابن وهب بهذا الإسناد فيه :" ومسح رأسه بماء غير فضل يديه "، لم يذكر الأذنين. ورواية عبدالعزيز وحرملة التي أشار إليها البيهقي في "السنن" أخرجها في "الخلافيات"(1) عن الحاكم(2) وأبي عبدالرحمن السُّلمي، عن أبي علي الحسين بن علي الحافظ، عن محمد بن أحمد بن أبي عبيدالله، عن عبدالعزيز وحرملة، ثم روى(3) حديث الهيثم بن خارجه الذي ذكره، ثم روى(4) عن محمد بن عبدالله الحافظ(5)، عن أبي الوليد الفقيه، عن الحسن بن سفيان، عن حرملة، ولفظه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح أذنيه بماء غير الماء الذي مسح به رأسه. وقال :« ذكر الحاكم أبو عبدالله رحمه الله تعالى هذا الحديث في كتاب "المستدرك"(6)، وأشار إلى تفرّد ابن أبي [عُبيدالله](7) بذلك، ثم استشهد بحديث الحسن بن سفيان هذا، ورواه في السادس عشر من "الأمالي القديمة" من حديث الهيثم بن خارجة كما ذكرناه، فثبت بذلك صحة طريقه إلى عبدالله بن وهب المصري». انتهى.
__________
(1) 1/339-340 رقم132).
(2) والحاكم أخرجه في "المستدرك" (1/151).
(3) في الموضع السابق من "الخلافيات" برقم (133).
(4) في الموضع السابق برقم (134).
(5) هو الحاكم، وقد خرَّجه في "المستدرك" (1/151-152).
(6) يعني حديث الهيثم بن خارجة.
(7) في الأصل :"عبيد"، والتصويب من "الخلافيات".(2/21)
وقال أبو محمد عبدالحق صاحب "الأحكام"(1):" وقد ورد الأمر بتجديد الماء للأذنين من حديث نمران بن جارية، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو إسنادٌ ضعيف ". قال أبو الحسن ابن القطان(2):" هذا نص ما ذكر، وهو شيء لا يوجد أصلاً، وهو لم يعزه إلى موضع فنتحاكم إليه. وأحاديث نمران بن جارية عن أبيه جارية بن ظفر محصورة [معروفة](3)، يرويها عنه [دَهْثَم ](4) بن قُرَّان - وهو ضعيف -، وهي أربعة أو نحوها، وقد ذكر هو منها : حديث القضاء للذي يليه مَعَاقِدُ القُمُط(5)(6)، وحديث العبد الذي قطع يد رجل ثم شج آخر(7)، وأراه اختلط عليه هذا الذي أنكرناه عليه بما رُوي عن دَهْثَم بن قُرَّان، عن أبيه جارية بن ظفر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( خذ للرأس ماء جديدًا ))(8)، وهو حديث معروف من جملة ما رُوي عنه. ذكره البزار. وأما
الأمر بتجديد الماء للأذنين فلا وجود له في علمي، فابحث عنه ". انتهى.
__________
(1) في "الأحكام الوسطى" (1/171).
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (2/235-236).
(3) في الأصل :" مرفوعة"، والتصويب من "بيان الوهم".
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل،فاستدركته من"بيان الوهم"، وسيذكره المصنف بعد قليل.
(5) القُمُط : جمع قِمْط، وهو : ما يُشَدُّ به الْخُصُّ - وهو البيت الذي يعمل من القصب -. والمعنى : أن رجلين اختصما في خُصٍّ، فقضى به للذي تليه الْمَعَاقِدُ دون من لا تليه معاقد القُمُط، ومعاقد القُمُط تلي صاحب الخُصِّ. انظر "لسان العرب" (7/385- 386).
(6) أخرجه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" (1/434-435)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1/ل135/ب).
(7) أخرجه الدارقطني في الموضع السابق (1/435).
(8) أخرجه أبو نعيم في الموضع السابق(1/ل136/أ)،والطبراني في "المعجم الكبير" (2/260- 261 رقم2091)، ولفظ الطبراني :" خذوا...".(2/22)
[ذكر ما ينبّه عليه](1) في هذا الفصل
"البزار": بالراء المهملة. و"حَبَّان بن واسع": بفتح الحاء المهملة، وبعدها باء ثاني الحروف مشددة، وآخره نون. و"جارية": بالجيم والياء آخر الحروف. و"دَهْثَم": مفتوح الدال والثاء المثلثة، ساكن الهاء. و"قُرَّان": مضموم القاف، مشدد الراء المهملة، وآخره نون.
وروى ابن بُكير عن مالك، عن نافع : أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا توضأ يأخذ الماء بأصبعيه لأذنيه(2).
وروى البيهقي(3) من جهة ابن وهب، عن عبدالله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ومالك بن أنس، عن نافع : أن عبدالله بن عمر كان يعيد أصبعيه في الماء ثم يمسح بهما أذنيه.
[ل81/أ]
ذكر مايقتضي غسل الأذنين
فيه رواية ابن أبي مليكة، وقد تقدمت(4) في حديث عثمان في صفة وضوء
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جهة أبي داود(5)، وفيه :" فمسح برأسه وأذنيه، فغسل بطونهما وظهورهما مرة [واحدة]"(6).
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وجرت عادة المصنف بذكر هذه العبارة.
(2) أخرجه البيهقي في "سننه" (1/66).
(3) في المرجع السابق (1/65).
(4) ص 420).
(5) في "سننه" (1/80 رقم108) كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r.
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.(2/23)
وروى الطبراني في "أوسط معاجمه"(1) من حديث عبدالله بن الحجاج بن المنهال الأنماطي، ثنا أبي، ثنا يزيد بن إبراهيم التستري، ثنا ليث بن أبي سُليم، عن النعمان بن سالم، عن الرُّبيِّع بنت معوذ قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتينا ويغشانا، فإذا حضرت الصلاة وضعنا له إناءً حَزَرْنَاه يأخذ مدًّا،[أو مدًّا](2) ونصفًا، فيغسل كفيه ثلاثًا، ويمضمض ثلاثًا، ويستنشق ثلاثًا، ويغسل وجهه ثلاثًا، [ثم يغسل يديه ثلاثًا ثلاثًا](4)، ويمسح رأسه مرة، ويغسل أذنيه ظاهرهما وباطنهما وغضونهما، ويغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، يخلِّل(3) بين أصابعه. قال :"لم يرو هذا الحديث عن النعمان بن سالم إلا ليث، ولا عن ليث إلا يزيد، ولا عن يزيد إلا الحجاج، تفرد به ابنه ".
ذكر مااستُدِلَّ به على أن ماأقبل من الأذنين حكمه
حكم الوجه يغسل مع الوجه، وماأدبر حكمه حكم الرأس يمسح معه
فيه حديث عبيدالله الخولاني، عن ابن عباس، عن علي - رضي الله عنهم - من جهة محمد
ابن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن عبيدالله، وقد تقدم(4) التعريف برجاله في "صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
فصل في مسح الصُّدْغَين
فيه حديث الرُبيع من جهة ابن عجلان،[عن عبدالله بن محمد بن عقيل](5)، [عنها](6)، وقد مر.
__________
(1) 7/214- 215 رقم7309).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(3) في "المعجم الأوسط" :" ويخلل ".
(4) ص 424).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته مما سبق (ص 575)، ومما يفهم من السياق الآتي.
(6) في الأصل :"عنهما ".(2/24)
ورواه الدارقطني(1) من طريق مسلم بن خالد، عن ابن عقيل، ولفظه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (2) توضأ، فمسح مقدم رأسه ومؤخره وصُدغيه، ثم أدخل إصبعيه السبابتين، فمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما.
فصل
روى الحافظ أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن في كتاب "الحروف" عن أحمد بن عمرو الرملي، عن محمد بن سليمان، عن أحمد بن مصرف أبي بكر، عن أبيه مصرف، عن عمرو بن السري بن مصرف بن عمرو بن كعب، عن أبيه، عن جده يبلغ به عمرو بن كعب قال :"رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح باطن لحيته وقفاه ".
وقد تقدم(3) رواية ليث عن طلحة بن مصرف، عن أبيه، عن جده.
وهو يقتضي أن مسح السالفة والقذال من تمام مسح الرأس ومنتهاه، فإن كان المراد بهذا الحديث ذلك المعنى،لم يدل على استحباب مسح العنق بمفرده.
[ل81/ب]
وقد وقع من حديث المنسجر بن الصلت أبي الضحاك، حدثنا مسلم بن زياد الحنفي، ثنا فليح - يعني ابن سليمان المديني-، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من توضأ ومسح /يديه على عنقه أمن من الغلِّ يوم القيامة ))(4)
__________
(1) في "سننه" (1/106 رقم50).
(2) كذا في الأصل، وفي "سنن الدارقطني" :" رأيت رسول الله r ".
(3) ص 548).
(4) الحديث ذكره ابن الملقن في "البدر المنير" (1/306/مخطوط)، وحكم عليه بالغرابة، وقال: " عزاه الروياني من أصحابنا إلى تصنيف أحمد بن فارس، فقال: رأيت في تصنيف أحمد بن فارس بإسناده عن فليح بن سليمان، عن نافع، عن ابن عمر : أن النبي r قال : (( من توضأ ومسح بيديه على عنقه وُقي الغل يوم القيامة )). قال الروياني : وهذا صحيح إن شاء الله تعالى. قلت : وفليح هذا خرّج له الشيخان، وتكلم فيه النسائي وغيره. وليت الروياني رحمه الله ذكر لنا باقي إسناده لننظر في حاله " ا. هـ.
ولما ذكر ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/163) كلام الروياني قال :" قلت : بين ابن فارس وفليح مفازة، فينظر فيها ". والعجيب في الأمر أن كتاب "الإمام" في متناول يد ابن الملقن وابن حجر، ويعزوان إليه كثيرًا، والحديث فيه بكامل إسناده كما ترى !!(2/25)
. وهذا من جهة أبي الحسن محمد بن عبدالله بن إبراهيم بن عبدة السليطي، عن أبي العباس عيسى بن محمد بن عيسى المروزي، عن المنسجر.
و"المنسجر": قزويني ذكره أبويعلى الخليلي الحافظ(1) فقال:" صدوق ثقة"، وقال:"وتقع في أحاديثه غرائب ينفرد بها". و"مسلم بن زياد الحنفي"(2) لم أره في كتاب ابن أبي حاتم.
فصل في غسل الرجلين
الذين ذكرناهم أنهم وصفوا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلهم ذكروا غسل رجليه - صلى الله عليه وسلم -، وهو مبطل لقول من عَيَّن الفرض في المسح، وهو دلالة فعلية.
وأما الدلالة القولية، فهي حديث عمرو بن عَبسة(3) الطويل، وفيه : فقلت : يانبي الله ! فالوضوء حدثني عنه، قال : (( مامنكم أحد يقرب وضوءه فيمضمض ويستنشق، إلا خرَّت خطاياه من وجهه )) . وفيه : (( وخياشيمه ))، إلى أن قال : (( ثم يغسل قدميه إلى الكعبين، إلا خرت خطايا رجليه من أنامله
مع الماء )) . لفظ مسلم(4).
ورواه الدارقطني(5) من الجهة التي رواها مسلم من حديث أبي الوليد، عن عكرمة بن عمار، عن شداد أبي عمار(6)، وفيه : (( ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله )).
وأخرج هذه اللفظة أيضًا أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(7): (( ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله )).
__________
(1) في "الإرشاد في معرفة علماء الحديث" (2/712).
(2) قال عنه الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/103) :" أتى بخبر كذب في مسح الرقبة".
(3) في الأصل :"عتبة"، وصوبت في الهامش، والحديث تقدم (ص 510و511).
(4) في"صحيحه"(1/569-571)كتاب صلاة المسافرين وقصرها،باب إسلام عمرو بن عبسة.
(5) في "سننه" (1/107-108 رقم2).
(6) وشداد هو الراوي له عن عمرو بن عبسة.
(7) 1/85 رقم165).(2/26)
وأما ما استدل به بعض الفقهاء من رواية جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال :" أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأنا للصلاة أن نغسل أرجلنا"،فهو حديث أخرجه الدارقطني(1)من رواية عثمان بن سعيد الزيات، عن رجل يقال له حفص، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبدالله.
و"عثمان": قال أبوحاتم(2):" لا بأس به ". والرجل الذي يقال له : "حفص" يحتاج عن الكشف عن حاله. وابن أبي ليلى تقدم(3).
وروى مالك في "الموطأ"(4) عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا توضأ العبد المسلم - أو المؤمن -، فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء -أو مع آخر قطر الماء، أو نحو هذا -، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت(5) كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء - أو مع آخر قطر الماء-، حتى يخرج نقيًّا من الذنوب )) .
قال أبوعمر(6):« سقط ليحيى :" فإذا غسل رجليه " إلى :"آخر قطر الماء" ولجماعة معه، وذكره ابن وهب وغيره ».
ذكر ماقيل في مسح القدمين
روى أبوداود(7) عن أوس بن أبي أوس الثقفي - رضي الله عنه - : أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - (8) أتى كِظامة قوم فتوضأ، ومسح على نعليه وقدميه.
__________
(1) في "سننه" (1/107 رقم 1).
(2) كما في "الجرح والتعديل" (6/152).
(3) يعني في مقدمة الكتاب المفقودة التي نبهت عليها في مقدمتي (ص 42).
(4) 1/32 رقم31) في الطهارة، باب جامع الوضوء.
(5) في الأصل :"خرجت من رجليه"، والتصويب من "الموطأ".
(6) في "التمهيد" (21/260)، و"الاستذكار" (2/201). وقد ذكر المصنف هنا كلامه بالمعنى.
(7) في "سننه" (1/113-114 رقم160) كتاب الطهارة، باب منه.
(8) كذا في الأصل، وفي "سنن أبي داود" :" أن رسول الله r...".(2/27)
و"الكِظامة"- بكسر الكاف، وبالظاء المعجمة-: قال القزاز في "جامعه": "قناة في باطن الأرض يجري فيها الماء، والجمع كظائم، وهي الكظيمة أيضًا".
[ل82/أ]
رواه(1) من طريق هشيم عن يعلى/ بن عطاء، عن أبيه قال:حدثني أوس بن أبي أوس.
واعتل أبوالحسن ابن القطان(2) على هذا الحديث - بعد أن قال فيه : "ومامثله صُحِّحَ "- بأمرين :
أحدهما:أن قال:"وعطاء [العامري](3) والد يعلى بن عطاء مجهول [الحال](6)
لا نعرف(4) له رواية إلا هذه، وأخرى عن عبدالله(5) بن عمرو بن العاص، ولا نعرف(6) روى عنه غير ابنه يعلى، وإن كان ثقة، فإن روايته عنه غير كافية في المبتغى من ثقته ".
__________
(1) أي : أبوداود. وهذا التصرف من المصنِّف غير جيِّد، فكان ينبغي له تقديم الإسناد على تفسير كلمة "الكظامة ".
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (4/120 ).
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "بيان الوهم".
(4) في "بيان الوهم" :" لا تُعرف ".
(5) في الأصل :"عبدالرحمن "، وصوبت بالهامش.
(6) في "بيان الوهم" :" ولا يُعرف ".(2/28)
والوجه الثاني : قال :« وللحديث علة أخرى ؛ وذلك أن منهم من يقول فيه: عن أوس [بن أوس أو : ابن](1) أبي أوس، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فزيادة "عن أبيه" عادت بنقص »؛ مريد أنه يصير بها أوس من التابعين، لا من الصحابة. ثم قال بعد كلام :« وأما إذا كان إنما يرويه [عن أبيه](2)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد صار هو ممن يجب النظر فيه، كسائر من يُعَدُّ في زمان التابعين. [وإذا](3) كان ذلك كذلك، فإنه حينئذ يكون مجهول الحال، غير ثابت العدالة ». ثم حكى(4) عن أبي عمر ابن عبدالبر(5)- في أثناء كلام ذكر فيه أوس ابن أبي أوس- أنه قال :« وله أحاديث منها في المسح على القدمين، وفي إسناده ضعف - يعني حديثنا المصدَّر بذكره-». قال:« والذي ذكرناه من أنه يقال فيه: "عن أبيه" هو ماذكره أبوجعفر الطحاوي(6)، قال : حدثنا [أبوبكرة](7) وإبراهيم بن مرزوق قالا: ثنا أبوداود، [قال : حدثنا](8) حماد بن سلمة. وثنا ابن خزيمة، ثنا حجاج، ثنا حماد، عن يعلى بن عطاء، عن أوس بن أبي أوس قال: رأيت أبي [توضأ](9) ومسح على نعليه(10)
__________
(1) في الأصل :"عن أوس بن أوس عن أبي أوس "، وهناك محاولة تصويب وإلحاق يصعب معها تمييز وجه الصواب، ولم يكتب في الهامش شيء، إلا أن يكون لم يظهر في التصوير، والتصويب من "بيان الوهم ".
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم".
(3) في الأصل :"وإن"، والتصويب من "بيان الوهم".
(4) أي ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (4/124-125).
(5) كلام ابن عبدالبر هذا في "الاستيعاب" بهامش "الإصابة" (1/223 -224).
(6) في "شرح معاني الآثار" (1/96 رقم612 و613).
(7) في الأصل :"أبو بكر"، والتصويب من "شرح معاني الآثار"، و"بيان الوهم والإيهام".
(8) في الأصل :"وحدثنا"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(9) في الأصل :"يتوضأ"، والتصويب من المرجعين السابقين.
(10) كذا في الأصل، وفي "بيان الوهم":"نعله"، وفي "شرح معاني الآثار" :"نعلين له".(2/29)
فقلت له: أتمسح على النعلين ؟! قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على النعلين. فهذا -كما ترى- أوس بن أبي أوس إنما يرويه عن أبيه، فإذًا يحتاج إلى أن نعرف(1) حاله. وفي هذا الحديث(2) إسقاط عطاء والد يعلى، وجعل الحديث من رواية يعلى [عن](3) أوس ».
قلت: ومثل هذه الرواية رواية شعبة عن يعلى التي رواها أبوبكر محمد بن جعفر الخرائطي في "مكارم الأخلاق"(4)، عن عمر - هو ابن شبَّة -، ثنا يحيى
- هو ابن سعيد -، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن أوس بن أبي أوس، عن أبيه قال:" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ومسح على نعليه، وقام إلى الصلاة". لم يذكر القدمين في هذه الرواية.
__________
(1) في "بيان الوهم" :" تُعرف ".
(2) في "بيان الوهم" :" وفي هذا الإسناد".
(3) في الأصل :"بن"، والتصويب من "بيان الوهم".
(4) لم أجده في المطبوع من"مكارم الأخلاق"،ولكن من الواضح أن الناسخ أسقط عطاء والد يعلى من الإسناد، أو يكون عمر بن شبّة -أومَنْ دونه- أخطأ في إسقاطه ؛ فإن الإمام أحمد في"المسند" (4/8) روى هذا الحديث عن يحيىبن سعيد،فلم يسقطه،وتابعه على إثباته:مسدد،وزيد بن الحريش،وإسحاق ابن البهلول، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد، عن شعبة، به بإثبات عطاء والد يعلى في سنده. أما رواية مسدد وزيد فأخرجها الطبراني في =
= "الكبير" (1/222 رقم607 و608). وأما رواية إسحاق فسيوردها المصنف بعد قليل.
تنبيه : وقع في المطبوع من "المسند" :" يعلى بن أمية" بدل :" يعلى بن عطاء"، وهو خطأ، وقد جاء على الصواب في "أطراف المسند" لابن حجر (1/567 رقم1108).(2/30)
وكذلك رأيت هذا الوجه - أعني رواية شعبة، عن يعلى بن عطاء - من حديث أبي أحمد القرظي، عن يوسف - هو ابن يعقوب بن إسحاق بن البهلول-، عن جده، عن يحيى بن سعيد، عن شعبة، إلا أنه قال : عن عطاء، عن أبيه(1)، عن أوس بن أوس قال :" رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على نعليه "، لم يذكر القدمين أيضًا.
وأيضًا فرواية شعبة عن يعلى قد تقدمت.وشعبة مُشدِّد في المنع من التدليس.
وقال الطحاوي(2):وثنا فهد، ثنا محمد بن سعيد، ثنا شريك، عن يعلى بن عطاء، عن أوس بن أوس قال: كنت مع أبي في سفر...، فذكر نحوه.
قال ابن القطان(3):" وهذا أيضًا كذلك "(4).
قلت:قال أبوحاتم ابن حبان في كتاب"الثقات"(5)-على طريقته -:" عطاء
ابن عبدالله العامري يروي عن عبدالله بن عمرو، روى عنه ابنه يعلى بن عطاء". وفي اللفظ اختلاف في الروايات : فعند أبي داود ماتقدم(6).
[ل82/ب]
ورواه هشيم عن يعلى، قال / فيه :" أتى كِظَامة، قوم فتوضأ ومسح على رجليه ". قال هشيم(7):" كان هذا في مبدأ الإسلام ".
__________
(1) كذا في الأصل، ولم أجد من أخرج هذه الرواية، والذي يظهر لي أن صوابه :" عن يعلى ابن عطاء، عن أبيه ".
(2) في "شرح معاني الآثار" (1/97 رقم614).
(3) في "بيان الوهم والإيهام" (4/125).
(4) يعني في كون الحديث من رواية أوس عن أبيه.
(5) 5/202).
(6) في (ص 588) من كونه توضأ ومسح على نعليه وقدميه.
(7) في رواية سعيد بن منصور عنه عند ابن شاهين والحازمي كما سيأتي.(2/31)
وأجاب أبوالفرج ابن الجوزي(1) عن هذه الرواية بوجهين : أحدهما : أن أحمد قال :" لم يسمع هشيم هذا من يعلى"(2). وقال أبوالفرج :" وقد كان هشيم(3) يدلس، فلعله سمعه من بعض الضعفاء ثم أسقطه "(4).
وأقول : قد خرجه أبوحفص ابن شاهين(5) من رواية بشر بن موسى، عن سعيد بن منصور، عن هشيم، قال : أنا يعلى [بن](6) عطاء، عن أبيه. وكذلك رواه دعلج(7) [عن محمد بن علي](8)، عن سعيد. فقد وقع التصريح
من هشيم بقوله :" ثنا "(9).
وروى(10) سعيد بن أبي أيوب، عن أبي الأسود، عن عباد بن تميم، عن أبيه : أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ومسح بالماء على لحيته [ورجليه](11).
وأخرجه(12) في "الأوسط"(13) عن هارون بن ملول بسنده، ولفظه :"رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ويمسح بالماء على رجليه "، وقال :" لا يُروى هذا الحديث عن تميم المازني إلا بهذا الإسناد، تفرد به سعيد بن أبي أيوب ".
__________
(1) في "التحقيق في أحاديث الخلاف" (1/161 رقم151).
(2) وقع في "التحقيق" المطبوع :" سمع هشام هذا من يعلى"، وهذا خطأ، والصواب ماجاء هنا، ومافي "تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق" لابن عبدالهادي (1/398).
(3) في "التحقيق" المطبوع :" هشام"، وهو خطأ كسابقه.
(4) لم يذكر المصنِّف هنا الوجه الثاني الذي أجاب به ابن الجوزي ؛ لكونه يتعلق بالمتن، وهذا سيأتي الكلام عنه في (ص 598 )، وقد ذكر هناك قول ابن الجوزي ولم ينسبه إليه.
(5) في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص121 رقم124).
(6) في الأصل :"عن "، والتصويب من "ناسخ الحديث ومنسوخه".
(7) وروايته عند الحازمي في "الاعتبار" (ص185).
(8) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الاعتبار".
(9) فانتفت شبهة التدليس.
(10) سيأتي عزو المصنف هذا الحديث لـ" المعجم الكبير" للطبراني.
(11) في الأصل :"ورجله"، والتصويب من "المعجم الكبير".
(12) أي الطبراني.
(13) 9/132 رقم9332).(2/32)
أخرجه(1) أبوالقاسم الطبراني في "معجمه الكبير"(2) عن هارون بن ملول المصري، عن أبي عبدالرحمن المقرئ، عن سعيد.
ورواه أبوالحسين ابن قانع(3) من جهة أبي بكر ابن أبي شيبة، عن المقرئ.
وذكر أبو عمر ابن عبدالبر(4) تميمًا هذا، وقال :" رَوى عنه ابنه عباد بن تميم في الوضوء، قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، ويمسح بالماء على رجليه ". وقال أبوعمر :" وهو حديث ضعيف الإسناد، لا تقوم به حجة ".
قلت : وفيما قال نظر، فعليك بتتبع رواتة من لدن المقرئ إلى تميم، فإنه ليس منهم إلا من وُثِّق.
وروى الدارقطني(5) من حديث إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة بن رافع حديثًا طويلاً ذكره، وفيه : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين )) .
وروى أبومسلم الكجي(6)- ويقال : الكشي أيضًا - عن الرمادي، عن سفيان(7)، عن أبي السوداء النهدي، عن ابن عبد خير(8)، عن أبيه قال : رأيت عليًّا - رضي الله عنه - يمسح على ظهور قدميه، وقال :" قد علمت أن باطنهما أحق، لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظهور قدميه ".
و"أبوالسوداء النهدي": عمرو بن عامر كوفي.
__________
(1) أي الرواية قبل السابقة، أخّر المصنِّف عزوها للطبراني في "الكبير" إلى هذا الموضع، وهو تصرف ليس بجيد.
(2) 2/60 رقم1286).
(3) في "معجم الصحابة" (1/115).
(4) في "الاستيعاب" بهامش "الإصابة " (2/62 ).
(5) في "سننه" (1/95-96 رقم4).
(6) في "سننه" كما يعزو له المصنف دائمًا.
(7) هو ابن عيينة، وقد رواه عنه أيضًا عبدالرزاق في "المصنف" (1/19 رقم57)، والحميدي في "مسنده" (1/26 رقم47)، وأحمد في "المسند" (1/114).
(8) واسمه : المسيّب.(2/33)
ورواه الطحاوي(1) من طريق شريك، عن السُّدِّي، عن عبدخير، عن علي - رضي الله عنه -: أنه توضأ فمسح على ظهر القدم، وقال:"لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله، لكان باطن القدم أحق من ظاهره ".
ومن طريق ابن أبي فديك(2)، [عن ابن أبي ذئب](3)، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه كان إذا توضأ ونعلاه في قدميه [مسح ظهور قدميه بيديه ](4)، ويقول :" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع هكذا ".
[ل83/أ]
وروى أبوحفص ابن شاهين(5) وغيره- واللفظ له - من جهة عبدالغفار ابن داود، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عباد بن تميم، عن عمه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على القدمين، وكان عروة يفعل ذلك حتى اسودَّ /ظاهر قدميه.
وروى الدارقطني(6) من حديث العباس بن يزيد، عن سفيان بن عيينة، قال: حدثني عبدالله بن محمد بن عقيل : أن علي بن الحسين أرسله إلى الرُّبيِّع بنت مُعَوِّذ يسألها عن وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،[فقالت](7): إنه كان يأتيها(8) وتخرج(9) له الوَضوء، قال : فأتيتها...، فذكر الحديث، وفيه : "ثم غسل رجليه ". قالت : وقد أتاني ابن عم لك - تعني ابن عباس-، فأخبرته، فقال: ماأجد في الكتاب إلا غسلتين ومسحتين...، وذكر باقي الحديث.
وروى الطبراني في "معجمه الأوسط"(10): حدثنا أحمد بن علي الأبَّار، ثنا
__________
(1) في "شرح معاني الآثار" (1/35 رقم159).
(2) عند الطحاوي في الموضع السابق برقم (160).
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(4) في الأصل :" يمسح عليه"، والتصويب من المرجع السابق.
(5) في "الناسخ والمنسوخ" (ص120 رقم 123).
(6) في "سننه" (1/96 رقم5).
(7) في الأصل :"وقال"، والتصويب من المصدر السابق.
(8) كذا في الأصل، وفي "سنن الدارقطني" :"يأتيهن".
(9) في "سنن الدارقطني" :" وكانت تخرج ".
(10) 1/218 -219 رقم714).(2/34)
أمية بن بسطام، ثنا يزيد بن زُرَيْع، عن روح بن القاسم، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال:" ألا أريكم كيف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فأخذ ماءً بيده فتمضمض واستنشق، ثم أخذ الماء بيده فضم إليها يده الأخرى، فغسل وجهه، ثم أخذ بيده فغسل يده وذراعه(1)، ثم فعل مثل ذلك بالأخرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ بيده فانتضحه(2) على قدميه، ومسح بهما قدميه وعليه النعلان.
وقد روي خلاف هذا عن ابن عباس.
فروى البيهقي(3) من جهة سعيد بن منصور(4)، عن هشيم، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه كان يقرأ :{ وامسحوا برءوسكم وأرجلَكم }(5)، قال :" عاد إلى الغسل "(6).
وبإسناده(7) قال(8): ثنا هشيم، أخبرني أبومحمد مولى قريش، ثنا عباد بن الربيع، عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يقرؤها كذلك.
والأحاديث التي تقدمت في المسح منهم(9) من أوّلها على أن ذلك تجديد
__________
(1) في "المعجم الأوسط" :" وذراعيه "، وهو خطأ ظاهر.
(2) في "المعجم الأوسط" :" فنضحه".
(3) في "سننه" (1/70).
(4) وهو في "سنن سعيد بن منصور" (4/1440 رقم715).
(5) سورة المائدة آية (6).
(6) كذا في الأصل و"سنن سعيد بن منصور"، وفي"سنن البيهقي":"عاد الأمر إلى الغسل".
(7) هذا كلام البيهقي ؛ يعني بإسناد سعيد بن منصور.
(8) أي : سعيد بن منصور في "سننه" (4/1442 رقم716).
(9) كابن خزيمة في "صحيحه" (1/100 -101).(2/35)
للطهارة، لا عن حدث، واستدلوا على ذلك برواية النزال بن سبرة(1)، عن علي - رضي الله عنه - في هذه القصة قال:" أُتي بكوز [من](2) ماء فأخذ منه حفنة واحدة، فمسح بها وجهه [ويديه](3)، ورأسه ورجليه،ورفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: (( هذا وضوء من لم يحدث )) . قال البيهقي(3) - بعد أن حكم بأن حديث النزال ثابت-:" وفي ذلك دلالة على أن مسحه في كل حديث رُوي عنه مطلقًا كان على هذا الوجه، ومما يدل على ذلك رواية خالد بن علقمة، عن عبدخير، عن علي - رضي الله عنه - في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، وكذلك هو في رواية زِرّ بن حُبيش وغيره، عن علي - رضي الله عنه - ". انتهى.
ومنهم من زعم أن ذلك منسوخ، وقد تقدم(4) قول هشيم :" كان هذا في مبدأ الإسلام ".
وقد روي عن أبي جعفر - وهو محمد بن علي بن الحسين - أنه قال : "المسح على القدمين هو الوضوء الأول ".
وروى الحافظ أبوبكر الحازمي(5)، عن عاصم الأحول، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال :" نزل القرآن بالمسح على القدمين، وجرت السنة بالغسل ".
ومنهم(6) من حمل بعض ماذكرناه على المسح على القدمين وهما في الخفين.
ومن طريق معاوية بن هشام(7)، عن محمد بن جابر، عن عبدالله بن بدر، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"نزل جبريل- عليه السلام - بالمسح،وسنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غسل القدمين ".
__________
(1) عند البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (1/290 رقم676).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المصدر السابق.
(3) في الموضع السابق (ص 291).
(4) ص 592)
(5) في "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار" (ص186).
(6) كابن الجوزي في "التحقيق" (1/161).
(7) عند الحازمي في "الاعتبار" (ص186).(2/36)
"محمد بن [جابر]"(1) [تُكُلِّم](2) فيه.
[ل83/ب]
فصل في غسل العقب ووجوب تعميم الرجل بالماء
روى شعبة، عن محمد بن زياد، قال : سمعت أباهريرة - وكان يمر بنا والناس يتوضؤون من المطهرة -[قال](3): أسبغوا الوضوء، فإن أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ويلٌ للأعقاب من النار )) . متفق عليه، واللفظ للبخاري (4).
وفي رواية مسلم(5) : (( ويلٌ للعراقيب من النار )) .
و" المِطهرة "- بكسر الميم، ويقال بفتحها -: مايتطهر به. قال ابن السِّكِّيت:"من كسرها جعلها آلة،ومن فتحها جعلها موضعًا يفعل فيه".انتهى.
و"العراقيب"- بفتح العين -: جمع عرقوب - وبضمها -؛ وهي [العَصَبَةُ](6) التي فوق العقب.
وروى مسلم(7) من جهة الربيع - هو ابن مسلم -، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً لم يغسل عقبه فقال : (( ويلٌ للأعقاب من النار )) .
__________
(1) في الأصل :"حاتم".
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته بالاجتهاد، وانظر "تهذيب الكمال" (24/564-568) لتقف على كلام العلماء فيه إن شئت.
(3) في الأصل :"فيقول"، والمثبت من "صحيح البخاري".
(4) في "صحيحه" (1/267 رقم165) كتاب الوضوء، باب غسل الأعقاب.
(5) في "صحيحه" (1/214-215 رقم242 /29) كتاب الطهارة، باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما.
(6) في الأصل :"القصبة" بالقاف، والتصويب من "لسان العرب" (1/594).
(7) في الموضع السابق برقم (28).(2/37)
وعن يوسف بن ماهك، عن عبدالله بن عمرو قال : تخلف النبي - صلى الله عليه وسلم - عنا في سفرة(1)، فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته : (( ويلٌ للأعقاب من النار ))- مرتين أوثلاثًا -. متفق عليه(2)، واللفظ للبخاري.
و"أرهقنا العصر":أخّرناها عن وقتها حتى كدنا نغشيها ونلحقها بالصلاة التي بعدها. وأصله من:رهِقه-بكسر الهاء-، يرهقه رهقًا؛ أي: غشيه، وأرهقه؛ أي: أغشاه إياه، وأرهقني فلان إثمًا حتى رهقته ؛ أي : حمّلني إثمًا حتى حملته.
وقد وقع لنا حديث يوسف بن ماهك عاليًا :
قرأت على أبي محمد الحافظ، أنا الشيخان المسندان : أبوحفص عمر بن
محمد بن مُعَمَّر بن طبرزذ(3) البغدادي، عن أبي علي رزيق(4)، وأبو عبدالله
__________
(1) في بعض نسخ "صحيح البخاري:"في سفرة سافرناها"كما في "النسخة البونينية" (1/52).
(2) أخرجه البخاري (1/265 رقم163) كتاب الوضوء، باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين، ومسلم في الموضع السابق (1/214 رقم241/27).
(3) لم تنقط الذال في الأصل، والصواب نقطها ؛ قال الذهبي في ترجمته في "السير" (21/508):" والطَّبَرْزذ - بذال معجمة -: هو السُّكَّر ".
(4) كذا في الأصل ! وفي ظني أن قوله:" عن أبي علي رزيق" مقحم بلا مناسبة، وأن الصواب حذفه، أو يكون تصحف عن قوله:"ابن أبي علية بدمشق"كما سيأتي(ص602)؛ فإن ابن طبرزذ من الرواة عن القاضي أبي بكر الأنصاري كما في"سير أعلام النبلاء" (20/25).(2/38)
[الحسين](1) بن سعيد بن الحسين بن شُنَيْف البغدادي - في كتابه إليَّ منها واللفظ له -، قالا : أنا القاضي أبوبكر محمد بن عبدالباقي بن محمد الأنصاري - قراءة عليه ونحن نسمع ببغداد في سلخ شهر ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين وخمسمائة-،أنا أبوالقاسم عمر بن الحسين بن إبراهيم بن محمد الخفاف- قراءة عليه وأنا أسمع في شعبان من سنة سبع وأربعين وأربعمائة -، أنا عمر - يعني ابن محمد بن علي الزيات قراءة عليه في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة -، أنا الحسن بن الطيب بن حمزة الشجاعي، ثنا سفيان بن [...](2) الأيلي الحنظلي مولى الخسنسطار، ثنا أبوعوانة، عن أبي [بشر](3)، عن يوسف بن ماهك، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فتخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرهقتنا الصلاة، قال : فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نتوضأ، قال: فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا : (( ويلٌ للأعقاب من النار )).
ورواه مسلم(4) من جهة أبي يحيى-وهو المعرقب -، عن عبدالله بن عمرو
قال: رجعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة، حتى إذا كنا بماء بالطريق، فعجَّل(5) قوم عند العصر فتوضؤوا وهم عِجال، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ويلٌ للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء )) .
__________
(1) في الأصل:"الحسن"،والتصويب من "السير"(22/19)،وسيأتي (ص 602) على الصواب.
(2) بياض في الأصل بمقدار كلمة.
(3) في الأصل :"كثير"، والتصويب من الموضعين السابقين من"الصحيحين".
(4) في الموضع السابق برقم (26).
(5) في "صحيح مسلم" :" تعجّل ".(2/39)
وفي رواية أبي نعيم في "المستخرج"(1):" أعقابهم [ تبص](2) تلوح ".
و"عِجَال"- بكسر العين -: جمع عجلان، كغضبان وغِضَاب.
[ل84/أ]
وروى /مسلم(3) من حديث سالم مولى شداد قال : دخلت على عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم توفي سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، فدخل عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما فتوضأ عندها، فقالت : ياعبدالرحمن ! أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( ويلٌ للأعقاب من النار )) .
__________
(1) 1/304 رقم568).
(2) في الأصل :"بيض"، والمثبت من "المستخرج"، ويؤيده : أن أبا نعيم قال بعد إيراد الحديث: " تبص : تبرق ".
(3) في الموضع السابق برقم (240/25).(2/40)
وروى الطبراني(1) من حديث أبي عبيد القاسم بن سلام(2)، ثنا عمر بن يونس اليمامي، عن عكرمة بن عَمَّار، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبوسلمة بن عبدالرحمن قال : حدثني أبوسالم - أو قال : سالم مولى المهري-؛ [أنه](3) سمع عائشة رضي الله عنها تحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( ويل للأعقاب من النار )).ورواه عن محمد بن يحيى المروزي، عنه(4)، وقال :" لم يدخل في إسناد هذا الحديث بين [يحيى بن](5) أبي كثير وبين سالم مولى المهري - وهو مولى دوس-: أباسلمة بن عبدالرحمن [إلا](6) عكرمة بن عمار، ولا [عن](7) عكرمة إلا عمر بن يونس، تفرد به [أبو](8) عبيد (9)".
ورواه أبوداود الطيالسي(10) من جهة عمران بن بشير، عن سالم قال : سمعت عائشة رضي الله عنها تقول لأخيها عبدالرحمن(11): أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( ويلٌ للأعقاب من النار يوم القيامة )) .
وقد وقع لنا حديث سالم هذا عاليًا :
__________
(1) في "المعجم الأوسط" (5/277-278 رقم5308).
(2) وهو في كتابه "الطهور" (ص 382 رقم377).
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الطهور"، و"المعجم الأوسط".
(4) أي : عن أبي عبيد.
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "المعجم الأوسط".
(6) في الأصل :"لا"، والتصويب من "المعجم الأوسط".
(7) في الأصل :"غير"، والتصويب من المصدر السابق.
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "المعجم الأوسط".
(9) لم يتفرد به أبوعبيد، بل رواه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه " من طريق محمد بن حاتم وأبي معن الرقاشي، كلاهما عن عمر بن يونس، به.
(10) في "مسنده" (ص217 رقم1552).
(11) في "مسند الطيالسي " :" يا عبدالرحمن !".(2/41)
قرأت على الحافظ أبي محمد، أنا عمر بن محمد بن مُعَمَّر بن أبي عُلية - بدمشق - وأبو عبدالله الحسين بن سعيد بن الحسين - في كتابه إليَّ من بغداد غير مرة، واللفظ له-، قالا: أنا محمد بن عبدالباقي البصري - قراءة عليه ونحن نسمع ببغداد في سلخ ربيع الآخر من سنة أربع وثلاثين وخمسمائة -، أنا الحسن بن علي - قراءة عليه وأنا حاضر أسمع في ذي الحجة من سنة خمس وأربعين وأربعمائة -، أنا عمر - يعني ابن محمد بن علي الصيرفي قراءة عليه وأنا حاضر أسمع في ذي الحجة من سنة أربع وسبعين وثلاثمائة -، أنا أحمد - يعني ابن الممتنع -، ثنا أبوالطاهر - يعني ابن السرح -، ثنا عبدالله بن وهب، عن [مخرمة](1) بن [بكير](2)، عن أبيه، عن سالم مولى شداد قال : دخلت على عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم توفي سعد بن أبي وقاص، فدخل عبدالرحمن بن أبي بكر فتوضأ عندها، فقالت : ياعبدالرحمن ! أسبغ الوضوء، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( ويلٌ للأعقاب من النار )). انفرد به مسلم(3)، فرواه عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وأبي جعفر هارون بن سعيد الأيلي، وأبي عبدالله أحمد بن عيسى التستري، ثلاثتهم عن أبي محمد عبدالله بن [وهب](4)، وأخرجه(5) من طرق أُخر إلى سالم.
__________
(1) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فاستدركته من "صحيح مسلم".
(2) في الأصل :"بكر"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(3) سبق تخريجه.
(4) مابين المعكوفين بياض في الأصل، فاستدركته من "صحيح مسلم".
(5) يعني مسلم بن الحجاج،وهو كذلك، فإنه أخرجه عقب الرواية السابقة من طريق محمد بن عبدالرحمن، وأبي سلمة بن عبدالرحمن، ونعيم بن عبدالله، ثلاثتهم عن سالم، به.(2/42)
وروى مسلم(1) من حديث مَعْقِل، عن أبي الزبير، عن جابر قال : أخبرني عمر بن الخطاب أن رجلاً توضأ فترك موضع ظُفُر على قدمه، فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال : (( ارجع فأحسن وضوءك )) ، فرجع ثم صلى.
و"مَعْقِل": بفتح الميم، وسكون العين المهملة، وكسر القاف. و"الظُّفُر":
بضم الظاء والفاء، ويجوز إسكان الفاء على هذا قياسًا، ويقال:"ظِفْر": بكسر الظاء، وإسكان الفاء، و"ظِفِر": بكسرهما - وقد قرئ بهما في القراءات الشاذة-، ويقال :" أظفور" أيضًا، والجمع :" أظفار"، وجمع الجمع:" أظافير".
وروى الليث بن سعد عن حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم، عن عبدالله بن الحارث بن جَزْءٍ الزبيدي قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( ويلٌ للأعقاب [وبطون الأقدام](2) من النار )) . أخرجه الدارقطني(3)، ثم البيهقي(4).
و"جَزْءٌ ": بفتح الجيم، وسكون الزاي، ثم همزة بعدها.
[ل84/ب]
وروى(5) سفيان بن عيينة عن عبدالكريم أبي أمية، عن مجاهد، عن أبي ذر / - رضي الله عنه - قال : أشرف علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نتوضأ، فقال : (( ويلٌ للأعقاب من النار ))، فجعلنا نغسلها غسلاً، وندلكها دلكًا.
و"أبوأمية" مستضعف(6).
__________
(1) في "صحيحه"(1/215 رقم243) كتاب الطهارة، باب وجوب استيعاب جميع أجزاء محل الطهارة.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".
(3) في "سننه" (1/95 رقم1).
(4) في "سننه" (1/70).
(5) لم يذكر المصنف من أخرجه، ولم أجده هكذا، وإنما وجدته بإثبات واسطة بين مجاهد وأبي ذر كما في التعليق الآتي.
(6) ومجاهد لم يدرك أبا ذر t.
وقد أخرجه عبدالرزاق في "المصنف" (1/22 رقم64) عن ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن رجل، عن أبي ذر، به.
وهذا أولى بالقبول من الإسناد السابق، ويدل على وجود الواسطة بين مجاهد وأبي ذر.(2/43)
وقد روي هذا الحديث من جهة ليث - هو ابن أبي سليم -، عن
عبدالرحمن بن سابط، واختلف عليه فيه : عن عبدالرحمن بن سابط، عن أبي أمامة. رواه هكذا أبو[القاسم](1) الطبراني(2) الحافظ من حديث الحسن بن أبي جعفر، عن ليث، عن عبدالرحمن بن سابط، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : [قال رسول الله r : (( ويل للأعقاب من النار )) .
ومن حديث(3) وهب، ثنا ليث، ثنا عبدالرحمن بن سابط، عن أبي أمامة قال](4): رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا توضئوا، على أعقاب أحدهم مثل موضع الدرهم لم يصبه الماء، فقال : ((ويلٌ للأعقاب من النار )) .
ومن حديث(5) ميمون بن زيد، عن ليث، عن عبدالرحمن بن سابط، عن أبي أمامة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه رأى رجلاً توضأ [للصلاة](6) وقد ترك موضع ظفر من الوضوء، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسبغ الوضوء، ثم قال : (( ويلٌ للعراقيب من النار )) . رواه عن [عبدان](7) بن أحمد، عن زيد بن الحريش، عن ميمون(8).
__________
(1) في الأصل :" الطاهر"، وهو خطأ ظاهر.
(2) في "المعجم الكبير" (8/ 289 رقم8111).
(3) عند الطبراني في الموضع السابق برقم (8112).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من :"المعجم الكبير"، مع التصرف في السياق وفق طريقة المصنف.
(5) في المرجع السابق برقم (8115).
(6) في الأصل :"الصلاة"، والتصويب من المرجع السابق. ويوجد بياض في الأصل بمقدار كلمة قبل قوله "للصلاة"، والكلام متصل.
(7) في الأصل :"عبدالله"، والتصويب من "المعجم الكبير".
(8) ههنا بياض في الأصل بعد قوله :" ميمون " بمقدار كلمة، والكلام مستقيم.(2/44)
وقيل : عن أخي أبي أمامة، رواه الطبراني في " معجمه الكبير"(1) من حديث جرير، عن ليث، عن عبدالرحمن بن سابط، عن أخي أبي أمامة قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا يتوضؤون، فبقي على أقدامهم قدر الدرهم لم يصبه الماء، فقال : ((ويلٌ للأعقاب من النار )) . رواه عن عبدان بن أحمد، عن إسحاق بن راهويه، عن جرير.
ورواه ابن أبي خيثمة في "تاريخه":حدثنا أبي، ثنا [جرير](2)، عن ليث، عن عبدالرحمن بن سابط، عن أخي أبي أمامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((ويلٌ للأعقاب من النار )) .
وقيل: عن أبي أمامة - أو عن أخي أبي أمامة -. رواه(3) عن خالد، عن ليث، عن عبدالرحمن بن سابط، عن أبي أمامة - أو عن أخي أبي أمامة -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((ويلٌ للأعقاب من النار )) . رواه عن علي بن عبدالعزيز، عن عمرو بن عون الواسطي، عن خالد.
__________
(1) برقم (8114)، لكن فيه :"عن أبي أمامة"، فلعل قوله :" أخي" سقط من الطباعة.
(2) قوله :"جرير" تصحف في الأصل إلى "حريث".
(3) أي الطبراني في "المعجم الكبير" (8/289 رقم8110)، لكن سقط منه قوله :" أو عن أخي أبي أمامة"، وفيه قلب في الإسناد ؛ فأصبح عمرو بن عون يرويه عن ليث، عن خالد، وصوابه :" عمرو بن عون، عن خالد، ثنا ليث "، كما هنا.(2/45)
ورواه(1) من حديث عبدالواحد بن زياد، عن ليث، عن عبدالرحمن بن سابط، عن أبي أمامة - أو عن أخي أبي أمامة - قال : رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [قومًا](2) على أعقاب أحدهم مثل الدرهم - أو الظفر - لم يصبه الماء، [فجعل](3) يقول : (( ويلٌ للأعقاب من النار )) - مرتين -. رواه عن سليمان بن الحسن [العطار](4)، عن أبي كامل الجحدري، عنه.
وقيل : عن أبي أمامة وأخيه. رواه(5) من حديث سويد بن سعيد، ثنا علي بن مسهر، عن ليث بن أبي سليم، عن عبدالرحمن بن سابط، عن أبي أمامة وأخيه قالا : أبصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا يتوضؤون فقال : (( ويلٌ للأعقاب من النار )) . رواه عن عبدالله بن أحمد بن حنبل، عن سويد.
وقد روي أيضًا من حديث معيقيب. أخرجه أبوبكر البزار(6) من حديث
أبي داود، [حدثنا](7) أيوب بن عُتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن معيقيب : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ويلٌ للأعقاب من النار )) . رواه عن عمرو بن علي، عن أبي داود، قال :" وهذا الحديث لا نعلم يروى عن معيقيب إلا بهذا الإسناد ".
__________
(1) أي الطبراني في الموضع السابق برقم (8116).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "المعجم الكبير".
(3) مابين المعكوفين بياض في الأصل بمقدار كلمة، فاستدركته من "المعجم الكبير".
(4) في الأصل :"العطاردي"، والتصويب من "المعجم الكبير".
(5) أي الطبراني في الموضع السابق برقم (8109).
(6) لم أجده في "كشف الأستار" للهيثمي مع أنه على شرطه، ولم يعزه في "مجمع الزوائد" (1/548 رقم1235) للبزار، وإنما عزاه لأحمد والطبراني فقط، فالظاهر أنه في كتاب "السنن" له الذي سبق أن عزا المصنِّف إليه مرارًا، بدليل إخراجه لحديث معيقيب هذا، ثم أخرج عقبه حديث عبدالله بن عمرو، وهذا ليس ترتيب "المسند" كما هو ظاهر.
(7) في الأصل :"وحدثنا".(2/46)
وذكر [البزار](1) أيضًا(2) عقيبه رواية أبي يحيى، عن عبدالله بن عمرو
[ل85/أ]
رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( أسبغوا الوضوء، ويلٌ للأعقاب /من النار )) . قال :"وهذا الحديث قد رواه عن عبدالله بن عمرو [غير](3) أبي يحيى".
وروى أيضًا(4) حديث جابر من غير طريق سعيد بن(5) أبي كَرِب(6)(7).
وأخرجه من حديث الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال : (( ويلٌ للأعقاب من النار )) . رواه عن عمرو بن علي، عن أبي معاوية عنه(8).
قال البزار :" وقد روي في هذا الباب عن يزيد(9) بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، وخالد بن الوليد، ويروى عن عائشة رضي الله عنها ".
قلت : أما حديث عائشة رضي الله عنها ففي الصحيح، وقد ذكرناه(10).
ذكر التكرار في غسل الرجلين، ومن لم يحد في غسلهما عددًا
__________
(1) تصحف في الأصل إلى "البزاز".
(2) في الموضع السابق،وهو في"المسند" له أيضًا(6/353-354 رقم2362)،ولكن ليس فيه =
= تعقيب للبزار على الحديث.
(3) في الأصل :"عن"، والتصويب بالاجتهاد، ويؤيده : أن البزار أخرج عقبه في الموضع السابق برقم (2363) الحديث من طريق يوسف بن ماهك، عن عبدالله بن عمرو.
(4) أي البزار.
(5) في الأصل :"سعيد عن "، ثم صوب قوله :" عن " بالهامش، وكتب فوقه :" صحـ ".
(6) في الأصل :" كريب"، وكتب فوقها :" كرب"، وانظر "تهذيب الكمال" (11/42-43).
(7) حديث جابر من طريق سعيد بن أبي كرب أخرجه ابن ماجه في "سننه"( 1/155 رقم454) في الطهارة، باب غسل العراقيب.
(8) وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3/316) عن أبي معاوية.
(9) في الأصل :"زيد"، وصوبت بالهامش.
(10) ص 522).(2/47)
قد تقدم في "صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من ذكر التكرار فيهما، وذلك في حديث عثمان(1)، وفي حديث علي من رواية عبدخير(2) وأبي حية(3)، وفي حديث الرُّبيِّع(4)، وعبدالله بن عمرو (5). وتقدم التوقيت بالعدد.
وفي حديث عبدالله بن زيد من رواية مالك وخالد ووهيب(6):" ثم غسل رجليه "، من غير ذكر عدد فيهما ولا في الرأس.
وفي رواية ابن وهب عن عمرو بن الحارث عند مسلم(7) من حديث عبدالله بن زيد :" وغسل رجليه حتى أنقاهما ".
وفي حديث ابن لهيعة بإسناده إلى معاذ بن جبل(8) - رضي الله عنه - فيه :" إلا رجليه، فإنه كان يغسلهما حتى ينقيهما ".
ذكر ما استُدِلَّ به على أن الكعبين هما الناتئان في جانبي القدم
في رواية ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد أن حمران أخبره : أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - دعا بوضوء(9)، فتوضأ فغسل كفيه ثلاث مرات، وفيه : ثم غسل [رجله](10) اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى مثل ذلك. رواه مسلم(11).
__________
(1) انظر (ص 419).
(2) انظر (ص 423).
(3) انظر (ص 426).
(4) انظر (ص 437).
(5) انظر (ص 438و439).
(6) تقدم (ص583).
(7) في "صحيحه" (1/211 رقم236/19) في الطهارة، باب في وضوء النبي r.
(8) سيأتي (ص 617).
.
(9) هناك إشارة لحق في الأصل بين كلمتي " دعا" و "بوضوء"، ولم يتضح اللحق في التصوير.
(10) في الأصل :"رجليه"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(11) في "صحيحه" (1/204-205 رقم226) كتاب الطهارة، باب صفة الوضوء وكماله.(2/48)
وكذلك في رواية الحسين بن علي عن أبيه عند النسائي(1): ثم غسل [رجله](2) اليمنى إلى الكعبين ثلاثًا، ثم اليسرى كذلك، وفي آخره : فإني رأيت أباك النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع مثل مارأيتني صنعت. رواه من جهة ابن جريج، عن شيبة، عن محمد بن علي.
وعن أبي القاسم الجدلي قال:سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما يقول: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس بوجهه،فقال : ((أقيموا صفوفكم -ثلاثًا-، والله لتُقيمُن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم )) . قال:فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه،وكعبه بكعبه.[أخرجه أبوداود](3).
وأخرجه أبوبكر ابن خزيمة(4) في كتابه.
قال شيخنا(5):" أبوالقاسم الجدَلي هذا اسمه الحسين(6) بن الحارث، وقد سمع من النعمان بن بشير، يعد في الكوفيين ".
وذكر ابن خزيمة(7) أنه "من جَديلة قيس، روى عنه زكريا [بن أبي زائدة](8)، وأبومالك - يعني الأشجعي -، وحجاج بن أرطاة، وعطاء بن السائب".
[ل85/ب]
__________
(1) في"سننه" (1/69 -70 رقم95) كتاب الطهارة،باب صفة الوضوء.
(2) في الأصل :"رجليه"، والتصويب من "سنن النسائي".
(3) مابين المعكوفين زيادة لابد منها، فالحديث بهذا اللفظ لم يُعْزَ في الأصل لمصدر، وقد أخرجه أبوداود في "سننه" (1/431 رقم662) في تفريع أبواب الصفوف من كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، وهذا لفظه.
(4) في "صحيحه" (1/82-83 رقم160).
(5) أي المنذري في "مختصر سنن أبي داود " (1/332).
(6) تصحف في المطبوع من "مختصر سنن أبي داود" إلى :" الحسن". وانظر "تهذيب الكمال" (29/413)، و"تقريب التهذيب" (1322 و8374/1).
(7) في الموضع السابق من "صحيحه".
(8) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "صحيح ابن خزيمة".(2/49)
وخَرَّج ابن خزيمة(1) في هذا أيضًا حديث جامع بن شداد، عن طارق المحاربي قال :" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ في سوق ذي المجاز وعليه حلة حمراء، وهو يقول : (( أيها الناس ! قولوا لا إله إلا الله تفلحوا )) ، ورجل يتبعه ويرميه بالحجارة وقد أدمى كعبه وعرقوبه(2)، وهو يقول : أيها الناس ! لا تطيعوه، [فإنه](3) كذاب. فقلت : من هذا ؟ قالوا : هذا غلام بني المطلب(4)، فقلت : من /هذا الذي يتبعه ويرميه بالحجارة ؟ فقالوا : عبدالعزى : أبو لهب ".
وجعل ابن خزيمة في هذا دلالة على أن الكعب هو العظم الناتئ في جانبي القدمين، من حيث إن الرمية إذا جاءت من وراء الْمَرْمِيّ لا تصيب ظهر القدم، إذ الساق مانع أن تصيب الرمية ظهر القدم.
فصل في تخليل أصابع الرجلين سوى ماتقدم،
وذكر كيفية التخليل
روى أبوداود(5) من جهة ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافري، عن أبي عبدالرحمن الحُبُليِّ، عن المستورد بن شداد - رضي الله عنه - قال :" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره". وأخرجه الترمذي(6)، وابن ماجه(7). وفي رواية :" دَلَك ".
وقال الترمذي :" هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة ".
__________
(1) في "صحيحه" (1/82 رقم159).
(2) في "صحيح ابن خزيمة" المطبوع :" كعبيه وعرقوبيه ".
(3) في الأصل :"وإنه "، والتصويب من "صحيح ابن خزيمة".
(4) في "صحيح ابن خزيمة" المطبوع :" بني عبد المطلب ".
(5) في "سننه" (1/103 رقم148) كتاب الطهارة، باب غسل الرجلين.
(6) في "سننه" (1/57 رقم40) أبواب الطهارة، باب ماجاء في تخليل الأصابع.
(7) في "سننه" (1/152 رقم446) كتاب الطهارة وسننها، باب تخليل الأصابع، إلا أن فيه: "فخلل" بدل "دلك".(2/50)
وأخرجه أبوعبيد الله محمد بن الربيع بن سليمان الجيزي في كتاب "من دخل مصر من الصحابة" من جهة جماعة عن ابن لهيعة، منهم : عبدالله بن عبدالحكم وابن وهب، وفي روايتهما عنده ذكر سماع يزيد من أبي عبدالرحمن، وسماع أبي عبدالرحمن من المستورد، وفي رواية ابن عبدالحكم :" يدلك بخنصره مابين أصابع رجليه ".
ومنهم(1): أحمد بن عبدالرحمن في غير كتاب ابن الربيع، فزاد في إسناده، وذكر قصة.
ورواه كذلك عن أحمد بن عبدالرحمن بالقصة فيه : أبوبشر محمد بن أحمد ابن حماد الدولابي، وأبومحمد عبدالرحمن بن أبي حاتم(2) الرازي.
فأما رواية أبي بشر فأخرجه(3) الحافظ أبوالحسن الدارقطني في "غرائب حديث مالك"راويًا لها عن أبي جعفر الأسواني، عن أبي بشر،قال:ثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب، قال: سمعت عمي يقول:"سُئل مالك بن أنس عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء ؟ فقال : ليس ذلك على الناس، فأمهلته حتى خف الناس، ثم قلت له : يا أبا عبدالله ! سمعتك تفتي في مسألة عندنا فيها سنة، قال : وماهي ؟ قلت : حدثنا ابن لهيعة وليث بن سعد، عن يزيد بن عمرو المعافري، عن أبي عبدالرحمن الحُبُلِيِّ، عن المستورد بن شداد القرشي - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ فيخلل بخنصره مابين أصابع رجليه. قال : فقال مالك : إن هذا الحديث حسن، وماسمعت به قط إلا الساعة. قال عمّي : ثم سمعته بعد سُئل عن تخليل الأصابع في الوضوء فأمر به ".
__________
(1) هذا الصنيع يوهم أن أحمد بن عبدالرحمن رواه عن ابن لهيعة، وليس كذلك، وإنما يرويه عن عمه عبدالله بن وهب، عن ابن لهيعة.
(2) في "الجرح والتعديل" (1/31-32).
(3) كذا في الأصل !(2/51)
ولما ذكر ابن القطان(1) رواية ابن لهيعة قال :" هو ضعيف، ولكنه قد رواه غيره فصح "، ثم قال :" وأما الإسناد الصحيح، فقال أبومحمد ابن أبي حاتم(2):أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن ابن أخي ابن وهب، قال:سمعت عمِّي..."، فذكر الحكاية والحديث، وفيه زيادة عمرو بن الحارث مع ابن لهيعة وليث بن سعد.
[ل86/أ]
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (5/264 ).
(2) كذا في الأصل، والذي في"بيان الوهم":"والطريق الذي صح منه هو ماذكره ابن أبي حاتم".(2/52)
وكذلك رواه البيهقي في كتابه(1) بإسناد جليل عن ابن لهيعة، فأخرجه عن أبي حازم عمر بن أحمد الحافظ، عن ابن أبي حاتم، وفيه: ابن لهيعة، والليث، وعمرو بن الحارث. وإنما صححه ابن القطان ؛ لتوثيقه أحمد بن عبدالرحمن بن وهب،[فإنه قال(2)](3):« وقد وثقه أهل زمانه؛ قال أبومحمد ابن أبي حاتم(4):"سألت محمد بن عبدالله بن عبدالحكم /عنه، فقال: ثقة،مارأينا إلا خيرًا. قلت : سمع من عمّه ؟ قال : إي والله!" وقال أبوحاتم :" سمعت عبدالملك بن شعيب بن الليث يقول: أبوعبيدالله ابن أخي ابن وهب ثقة"»(5). قال ابن القطان :« وقد أخرج له مسلم رحمه الله تعالى، وإنما أنكر عليه بعض من تأخر أحاديث رواها بآخرة عن عمه، وهذا لايضره - إذ هو ثقة - أن ينفرد بأحاديث مالم يكن ذلك الغالب عليه. وإنما الذي يجب أن يُتَفقَّد في هذا الحديث(6): قول أبي محمد ابن أبي حاتم :" أخبرنا أحمد بن عبدالرحمن "، فإني أظنه يعني في الإجازة ؛ فإنه لما ذكره في بابه قال : إن أبا زرعة أدركه ولم يكتب عنه، وإن أباه قال :" أدركته وكتبت عنه ". فظاهر هذا أنه لم يسمع منه، فإنه لم [يقل](7): كتبت عنه مع أبي، وسمعت منه، كما هي عادته أن يقول فيمن يشترك فيه مع أبيه ». انتهى.
وقد استغنينا عن هذا التفقد الذي أشار إليه ابن القطان بما قدمناه من رواية أبي بشر عن أحمد بن عبدالرحمن.
__________
(1) "السنن الكبرى" (1/76).
(2) أي ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (5/265).
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وهي زيادة لابد منها - أو مافي معناها -؛ لأن الكلام الآتي لابن القطان.
(4) في "الجرح والتعديل" (2/60).
(5) تكررت هنا عبارة :" ما رأينا إلا خيرًا، قلت : سمع من عمه ؟ قال : إي والله !".
(6) في "بيان الوهم والإيهام" :" يتفقد من أمر هذا الحديث ".
(7) في الأصل :"يسمع"، والتصويب من "بيان الوهم والإيهام".(2/53)
و"أحمد بن عبدالرحمن" هذا تُكُلِّم فيه، وأفظع في أمره النسائي(1)، فقال [....](2):" أحمد بن عبدالرحمن ابن أخي ابن وهب : كذاب ". وقال الحافظ أبوسعيد ابن يونس في "تاريخه"(3):" لاتقوم بحديثه حجة ". وقال ابن عدي(4):" رأيت شيوخ مصر مجتمعين على ضعفه(5)". وقيل(6):" إنه كان مستقيم الأمر، ثم حدَّث بما لا أصل له ".
فيحمل مارواه عنه مسلم على حالة الاستقامة، فإن تبين أمر هذا الحديث وحالة روايته له عمل بها، والله عز وجل أعلم.
وقد تقدم(7) حديث من رواية الرُّبَيِّع بنت معوِّذ. خرجه الطبراني(8)، وفيه: "ويغسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، يخلل بين أصابعه ". ذكرته في مايتعلق بالأذنين.
ذكر ألفاظ ينبه عليها في هذا الفصل
"الخِنصِر": بكسر الخاء، والصاد. و"المعافري": مفتوح الميم. و"الحُبُلي": مضموم الحاء، والباء ثاني الحروف. و"الجِيزي": بكسر الجيم، بعدها ياء آخر الحروف، ثم زاي معجمة. و"الدُّولابي": مضموم الدال، وقبل ياء النسبة باء ثاني الحروف. و"الأُسواني"- مضموم الهمزة -: نسبة إلى أسوان آخر أعمال صعيد مصر.
فصل في العدد في غسل الرجلين، ومن لم يُوَقته
__________
(1) في "الضعفاء والمتروكين" (ص158 رقم71).
(2) بياض في الأصل بمقدار كلمتين.
(3) نقله المزي في "تهذيب الكمال" (1/391 ).
(4) في "الكامل" (1/184).
(5) كذا في الأصل، وفي "الكامل" لابن عدي :" رأيت شيوخ أهل مصر الذين لحقتهم مجمعين على ضعفه ".
(6) والقائل هو ابن الجوزي في "الضعفاء والمتروكين" (1/76 رقم199).
(7) ص 583).
(8) في "المعجم الأوسط" (7/214-215 رقم7309).(2/54)
قد تقدم في حديث عثمان(1) - رضي الله عنه - : غسل الرجل اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، واليسرى مثل ذلك. ومن أطلق غسل الرجلين فيه، وكذلك في حديث علي(2) t :" الغسل ثلاثًا في الرجلين"، من [رواية](3) عبدخير، ورواية أبي حية. ومن الإطلاق في حديث عبدالله بن زيد، وفيه أيضًا : "حتى أنقاهما" من غير عدد، وفي الحديث :"من توضأ فغسل رجليه" من غير عدد، وفي حديث الربيع العدد ثلاثًا، وكذلك في حديث عبدالله بن عمرو، وفي حديث أبي كاهل : " وغسل رجليه، ولم يوقت ".
[ل86/ب]
وروى إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي، حدثنا أحمد بن سعيد الهمذاني، ثنا زياد بن [....](4)، ثنا ابن لهيعة، عن ابن أنعم، عن عتبة /بن حميد، عن عبادة بن نُسي، عن عبدالرحمن بن غنم، وعن عتبة بن حميد، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال :" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة، واستنشق ثلاثًا، كل ذلك يفعل إلا رجليه، فإنه كان يغسلهما حتى ينقيهما ". هذا في "الخامس من حديث إسحاق من أماليه عن شيوخه ".
فصل في ماورد في النهي عن غسل أسفل القدمين باليد اليُمنى
روى أبوأحمد ابن عدي(5) من حديث محمد بن القاسم أبي إبراهيم الأسدي، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا توضأ أحدكم فلا يغسل أسفلَ(6) رجليه بيده اليمنى )) .
والذي عُلِّل به هذا الحديث ثلاثة أوجه :
__________
(1) تقدم (ص 419).
(2) تقدم (ص 423و426).
(3) في الأصل :" رواة".
(4) بياض في الأصل بمقدار أربع كلمات تقريبًا.
(5) في "الكامل" (3/254).
(6) كذا في الأصل، وفي "الكامل" :" يغسلن أسفل".(2/55)
أحدها: الانقطاع فيما بين الحسن وأبي هريرة. قال[محمد بن أحمد](1) بن البراء(2): قال علي :" لم يسمع الحسن من أبي هريرة الدوسي شيئًا "، وكذلك رُوي عن أيوب(3).
الثاني : سليمان بن أرقم، فقال غير واحد :" إنه متروك "(4).
الثالث : محمد بن القاسم، فقال البخاري(5):" كذبه أحمد بن حنبل ". وقال عبدالله بن أحمد(6) عن أبيه :" أحاديثه موضوعة ليس بشيء (7)"، وكذا حكى العقيلي(8) عنه. فأما ابن معين فعنه(9) أنه كان لا يرضاه لغفلته، وحكى عنه ابن أبي خيثمة(10) أنه وثقه، وقال ابن القطان(11):" وليس ذلك بشيء ".
فهرس موضوعات الجزء الأول
الموضوع الصفحة
مقدمة الكتاب........................................................... 5 التعريف بالمصنف........................................................ 13
التعريف بكتاب الإمام. أولاً : النسخة الخطية.............................. 18
__________
(1) في الأصل:"أحمد بن محمد"،والتصويب من "المراسيل" وغيره، وهو محمد بن أحمد بن البراء العبدي أبوالحسن. انظر "تهذيب الكمال" (21/8-9) في ذكر الرواة عن علي بن المديني.
(2) كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص35 رقم 104).
(3) أي السِّختياني : أنه قال مثل قول علي بن المديني، كما في الموضع السابق من "المراسيل" برقم (106).
(4) منهم ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/100-101 رقم450)، والنسائي في "الضعفاء والمتروكين" (ص119 رقم258).
(5) في "التاريخ الأوسط" المطبوع باسم :" التاريخ الصغير" (2/284).
(6) في "العلل ومعرفة الرجال" (2/171رقم 1899).
(7) كذا في الأصل، وفي "العلل" :" يكذب، أحاديثه أحاديث موضوعة ليس بشيء ".
(8) في "الضعفاء الكبير" (4/126).
(9) كما في "تاريخه" برواية الدوري (2/534 رقم3082).
(10) كما في "الجرح والتعديل" (8/65).
(11) في "بيان الوهم والإيهام" (3/187).(2/56)
ثانيًا : تسمية الكتاب ..................................................... 23
ثالثًا : صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه........................................ 31
رابعًا : تجزئة الكتاب، وحجمه، وهل أكمله مصنفه ؟....................... 31
خامسًا : أسباب فقد باقي الكتاب.......................................... 37
سادسًا : منهج المصنف في هذا الكتاب...................................... 40
1- مقدمة الكتاب..................................................... 41
2- ترتيب الكتاب.................................................... 43
3- الصناعة الفقهية................................................... 48
4- تحريره للاختلاف في ألفاظ الحديث................................. 49
5- عنايته بغريب الحديث، وضبط ألفاظه، وما أشكل منه................ 50
سابعًا : قيمة الكتاب العلمية................................................ 51
ثامنًا : فوائد الكتاب ومزاياه............................................... 53
1 - احتفاظه بنصوص فُقدت أصولها.................................... 53
2 - استدراك سقط الكتب المطبوعة، وتصحيح ما تصحف منها.......... 54
3 - شخصية ابن دقيق العيد العلمية، وظهرت في :....................... 57
أ - سعة دائرته العلمية................................................. 58
ب- روايته للكتب والأجزاء الحديثية..................................... 61
فهرس موضوعات الجزء الأول
الموضوع الصفحة
جـ- تعقباته للأئمة واستدراكاته عليهم................................... 62
د - أدبه في النقد...................................................... 63
هـ - تجرده ونزاهته................................................... 66
و - تثبته............................................................ 67(2/57)
ز - دقته في النقل .................................................... 68
ح - حكمه على الأحاديث ............................................ 70
تاسعًا : المآخذ على الكتاب ............................................... 71
طريقة العمل في الكتاب .................................................. 81
كتاب الطهارة
باب المياه
ذكر بيان معنى الطهور، وأنه المطهر لغيره................................... 93
ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل............................................. 95
فصل في التطهر بالثلج والبرد................................................ 96
فصل في طهورية ماء البحر................................................. 96
فصل في ماء البئر........................................................ 114
ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل........................................... 121
فصل في ما ذكر في الماء المسخن........................................... 122
ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل............................................ 123
فصل في ما ذكر في الماء المشمس........................................... 124
فهرس موضوعات الجزء الأول
الموضوع الصفحة
فصل في الماء المستعمل، ذكر ما يتعلق به في عدم التطهر به................... 130
ذكر ما استدل به على طهارة الماء المستعمل................................. 132
فصل في ما استدل به على طهوريته........................................ 134
ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل سوى ما تقدم.............................. 142
فصل في فضل طهور المرأة................................................. 142
فصل في من كره الوضوء بفضل المرأة...................................... 153
ذكر ما ينبه عنه في هذا الفصل............................................ 166(2/58)
فصل في طهورية الماء الآجن............................................... 167
فصل................................................................. 168
فصل في ما ذكر في الوضوء بالنبيذ......................................... 171
فصل في من قال : إن الماء لا ينجس بوقوع النجاسة فيه إلا بالتغيير............ 189
فصل في النهي عن الغسل والوضوء من الماء الراكد بعد البول فيه.............. 195
فصل في ما جاوز القلتين في اعتبار الكثرة................................... 214
فصل في ما لا نفس له سائلة إذا وقع في الماء................................ 220
فصل في نزوح البئر إذا مات فيها حيوان ذو نفس سائلة...................... 224
فصل في آسار البهائم والسباع............................................. 228
فصل في سؤر الهرة...................................................... 232
ذكر من قال يغسل الإناء من ولوغ الهرة.................................... 241
ذكر من قال يغسل الإناء من ولوغ الهر كما يغسل من ولوغ الكلب.......... 249
فصل في سؤر الكلب.................................................... 251
فهرس موضوعات الجزء الأول
الموضوع الصفحة
ذكر إراقة الماء الذي يلغ فيه الكلب........................................ 257
ذكر ما استدل به على نجاسة سؤره........................................ 259
ذكر من قال بالتتريب في غسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب...................... 260
ذكر ما ورد مما يستدل به على أن غسل الإناء من ولوغه لأجل استعمال الإناء،
لا مطلقًا................................................................ 262
ذكر من زاد على السبع في غسل الإناء من ولوغ الكلب..................... 263
ذكر من اقتصر على أقل من سبع في غسل الإناء من ولوغ الكلب............. 264(2/59)
فصل في تلخيص الاختلاف في محل التتريب من الغسلات..................... 266
فصل في : ما قيل في غسالة النجاسة....................................... 269
باب الأواني
ذكر تحريم استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب.................. 273
ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل سوى ما تقدم.............................. 282
فصل في المضبَّب......................................................... 283
فصل في ضبّة الذهب وقليله............................................... 286
فصل في الوضوء والغسل من آنية الصفر وغيرها من الأواني................... 289
فصل في جلود الميتة...................................................... 295
ذكر الألفاظ التي تدل على طهارة الجلد المدبوغ............................. 303
ذكر من قال بطهارة الشعر بدباغ الجلد.................................... 307
ذكر حجة من قال : كل إهاب يطهر بالدباغ............................... 310
ذكر ما روي أن الدباغ ذكاة............................................. 313
فهرس موضوعات الجزء الأول
الموضوع الصفحة
ذكر ما يدبغ به.......................................................... 313
ذكر حديث ابن عكيم في المنع من الانتفاع بإهاب الميتة وعصبها.............. 316
ذكر ما استدل به على تأخر حديث ابن عكيم بالنهي عن الإباحة............. 318
فصل في أواني الكفار.................................................... 322
ذكر الوضوء من الماء في أوانيهم........................................... 325
فصل في تخمير الآنية وذكر اسم الله تعالى عند تخميرها....................... 329
باب السواك وخصال الفطرة وما يتصل به................................ 331
فصل.................................................................. 334(2/60)
فصل في المحافظة على السواك سفرًا وحضرًا................................. 346
فصل في ذكر منافع وخصال جاءت في السواك.............................. 349
فصل فيما يستدل به لمن حكي عنه وجوب السواك.......................... 351
فصل في ما يستدل به على عدم وجوب السواك............................. 353
فصل في السواك عند كل وضوء........................................... 354
فصل في ما جاء في الاستياك بفضل الوضوء................................. 356
فصل في السواك عند كل صلاة............................................ 357
فصل في السواك بين كل ركعتين من صلاة الليل............................ 373
فصل................................................................. 374
فصل في إعداد السواك لقيام الليل.......................................... 380
فصل في غسل السواك.................................................... 381
فصل في السواك عند الأزم................................................ 382
فهرس موضوعات الجزء الأول
الموضوع الصفحة
فصل في الاستياك لإزالة القلح............................................. 382
فصل في السواك على اللسان.............................................. 386
فصل في السواك في الصيام................................................ 388
فصل في الاستياك عرضًا.................................................. 391
فصل في الاستياك بالآلة من قضبان الأشجار أو غيرها........................ 394
فصل في ذكر الاستياك بالأصبع............................................ 396
فصل في خصال الفطرة.................................................. 400
فصل فيما جاء في دفن قلامة الأظفار....................................... 406(2/61)
فصل في ما جاء في التّنوّر................................................. 407
فصل في ما ورد في نتف شعر الآناف....................................... 410
فصل في التنظف بالمضمضة من اللبن وما في معناه وغسل الغمر............... 410
ذكر الرخصة في ترك ذلك................................................ 412
ذكر غسل الغمر........................................................ 412
ذكر الرخصة........................................................... 414
فصل في كراهية القزع................................................... 415
فصل في الختان......................................................... 416
باب صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حديث أبي عمرو عثمان بن عفان - رضي الله عنه - في ذلك.............................. 419
حديث أبي الحسن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في ذلك.......................... 422
حديث عبدالله بن زيد في ذلك............................................ 429
فهرس موضوعات الجزء الأول
الموضوع الصفحة
حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في ذلك.......................... 434
حديث المقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه - في ذلك................................ 434
حديث معاوية بن أبي سفيان في ذلك...................................... 436
حديث الرُّبيِّع بنت معوِّذ بن عفراء في ذلك................................. 437
حديث وائل بن حجر في ذلك............................................. 438
حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما في ذلك.......................... 439
حديث عبدالله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - في ذلك.................................. 441
حديث لأبي كاهل في ذلك............................................... 441(2/62)
حديث لأنس بن مالك - رضي الله عنه - في ذلك........................................ 442
ذكر ما احتج به على عدم وجوب التسمية في ابتداء الوضوء.................. 456
فصل في غسل الكفين في ابتداء الوضوء.................................... 457
فصل في أمر المستيقظ من النوم بغسل يديه قبل إدخالهما الإناء ونهيه عن إدخالهما
فيه قبل الغسل........................................................... 460
ذكر من قال بإراقة الماء إن غمس يده فيه قبل غسلها......................... 465
ذكر كيفية غسلهما جمعًا أو فرادى........................................ 466
فصل في المضمضة والإستنشاق والاستنثار................................... 467
ذكر المبالغة في الاستنشاق................................................. 475
ذكر النثر باليد اليسرى.................................................. 478
ذكر الجمع بين المضمضة والاستنشاق في غرفة واحدة........................ 479
ذكر الفصل بين المضمضة والاستنشاق..................................... 481
فهرس موضوعات الجزء الأول
الموضوع الصفحة
فصل فيما استدل به على أن إيصال الماء إلى ما تحت اللحية الكثيفة غير واجب.. 482
فصل في تخليل اللحية.................................................... 483
فصل في عرك العارضين................................................... 495
فصل في ما ورد في نضح بطن اللحية....................................... 499
فصل في مسح الماقين..................................................... 499
فصل في غسل الوجه باليدين معًا أو بأحدهما............................... 505
فصل................................................................. 509
ذكر ما جاء في الرخصة فيه............................................... 509(2/63)
فصل فيما استدل به على غسل المسترسل من اللحية......................... 510
فصل في الدلك.......................................................... 512
فصل فيما جاء في إدخال المرفقين في الوضوء................................ 514
فصل في استحباب الشروع في العضد والساق............................... 515
فصل في تحريك الخاتم.................................................... 518
فصل في تخليل الأصابع.................................................... 520
فصل في الوسخ تحت الأظفار هل يمنع الطهارة............................... 524
فصل في البداءة باليمنى................................................... 526
فصل في من أجاز تقديم اليسرى على اليمنى................................ 529
فصل في المسح على الرأس................................................ 530
ذكر السنة في البداءة بمقدم الرأس في مسحها وما ورد في البداءة بمؤخره........ 532
ذكر كيفية أخرى في مسح الرأس.......................................... 532
فهرس موضوعات الجزء الأول
الموضوع الصفحة
ذكر المسح من غير تحريك شعر الرأس عن هيئته............................. 533
ذكر السنة في مسح الرأس باليدين معًا...................................... 535
ذكر المسح على الناصية والعمامة.......................................... 535
ذكر عدم التكرار في مسح الرأس.......................................... 538
ذكر ما استدل به على التكرار في مسح الرأس............................... 541
ذكر مسح الرأس إلى القذال............................................... 548
ذكر مباشرة الشعر بالمسح................................................ 550
ذكر ما استدل به في المسح على العمامة.................................... 550(2/64)
ذكر من قال بالتوقيت في المسح على العمامة................................ 563
ذكر ما في غسل الرأس أو تقريب غسلها................................... 563
فصل في مسح الأذنين.................................................... 564
ذكر مسح ظهورهما وبطونهما............................................ 566
ذكر كيفية مسحها بالأصابع.............................................. 569
ذكر ما جاء في دلك الأذنين عند المسح..................................... 570
ذكر إدخال الإصبع الصماخ.............................................. 570
ذكر من قال بمسحهما مع الرأس.......................................... 573
ذكر ما استدل به على أن الأذنين من الرأس................................. 575
ذكر من قال بتجديد الماء لهما............................................. 579
ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل............................................ 582
ذكر ما يقتضي غسل الأذنين.............................................. 582
فهرس موضوعات الجزء الأول
الموضوع الصفحة
ذكر ما استدل به على أن ما أقبل من الأذنين حكمه حكم الوجه يغسل مع الوجه، وما أدبر حكمه حكم الرأس يمسح معه..................................... 583
فصل في مسح الصدغين.................................................. 584
فصل.................................................................. 584
فصل في غسل الرجلين................................................... 586
ذكر ما قيل في مسح القدمين............................................. 588
فصل في غسل العقب ووجوب تعميم الرجل بالماء........................... 598
ذكر التكرار في غسل الرجلين ومن لم يحد في غسلهما عددًا.................. 609(2/65)
ذكر ما استدل به على أن الكعبين هما الناتئان في جانبي القدم................ 610
فصل في تخليل أصابع الرجلين سوى ما تقدم وذكر كيفية التخليل............. 612
ذكر ألفاظ ينبه عليها في هذا الفصل........................................ 616
فصل في العدد في غسل الرجلين ومن لم يوقته............................... 616
فصل في ما ورد في النهي عن غسل أسفل القدمين باليد اليمنى................ 617
**********
فصل في ماجاء في غسل الكف بعد الفراغ من الوضوء
روى [المعمري](1) عن [سويد بن سعيد](2)، حدثنا [معتمر](3) بن سليمان، عن [سَلْم](4) بن أبي الذيال قال : قال قتادة :" كان يستحب أن يغسل كفه التي غسل بها قدميه إذا فرغ من غسل قدميه ".
فصل في الترتيب بين الأعضاء
ذكر مااستدل به على وجوبه
__________
(1) في الأصل :"العُمري"، وهو : الحسن بن علي بن شبيب المعمري. انظر "تهذيب الكمال" (12/249)، وروايته هذه إما أن تكون- في ظني - في كتاب "السنن" أو "عمل اليوم والليلة"، فهما اللذان يحيل عليهما المصنف دائمًا كما بينته في المقدمة (ص 54).
(2) في الأصل :"سعيد بن سويد"، والمثبت هو الصواب. انظر "تهذيب الكمال" (12/247-249)، و(28/252).
(3) في الأصل :"معمر"، وهو تصحيف. انظر "تهذيب الكمال" (28/250).
(4) في الأصل :"سالم"، والمثبت من "تهذيب الكمال" (11/220) وغيره من كتب الرجال.(2/66)
استدل بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( ابدأوا بما بدأ الله به )). وهذا من جملة حديث جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر في الحديث الطويل في حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد رواه مسلم(1) وأبو داود(2)وابن ماجه(3)من حديث حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد.
ففي "كتاب مسلم" :" أبدأ " على صيغة الإخبار، وكذلك في "المستخرج"(4) عليه لأبي نعيم.
وفي حديث أبي داود وابن ماجه :" نبدأ ".
وكذلك في رواية يحيى بن سعيد، عن جعفر. أخرجه ابن الجارود(5) من جهة يحيى.
وكذلك هو في "المسند"(6).
وكذا رواه مالك(7) وسفيان - هو ابن عيينة(8)- مختصرًا. ومن جهة سفيان أخرجه الترمذي(9)، وصيغته :" نبدأ ".
__________
(1) في "صحيحه" (2/886-892 رقم1218) كتاب الحج، باب حجة النبي r.
(2) في "سننه" (2/455 -464رقم1905) كتاب المناسك، باب صفة حجة النبي r.
(3) في "سننه" (2/1022 -1027رقم3074) كتاب المناسك، باب حجة رسول الله r.
(4) 3/316-318 رقم2827).
(5) في "المنتقى" (2/89-91 رقم465).
(6) للإمام أحمد (3/320-321).
(7) في "الموطأ" (1/372 رقم126) كتاب الحج، باب البدء بالصفا في السعي.
(8) قوله :" هو ابن عيينة " ملحق في الهامش.
(9) في "سننه" (3/216 رقم862) كتاب الحج، باب ماجاء أنه يبدأ بالصفا قبل المروة.(2/67)
فالحديث واحد والمخرج واحد(1)، وقد اجتمع مالك وسفيان ويحيى بن
سعيد عن جعفر على صيغة :" نبدأ "، ومن ذكرناه عن حاتم بن إسماعيل على صيغة الإخبار، إما بلفظ :" أبدأُ "، أو بلفظ :" نبدأ ". وقد احتج علي بن أحمد(2) على الوجوب بروايته من طريق النسائي(3) عن إبراهيم بن هارون - وهو البلخي -، عن حاتم بصيغة :"ابدأوا(4)" على الأمر، وقد تقدم أن الحديث واحد، وذكرنا /الجماعة الذين رووه عن حاتم بصيغة الإخبار، ومن رواه عن جعفر كذلك.
[ل87/أ]
__________
(1) نقل الزيلعي في "نصب الراية" كلامًا لابن دقيق العيد في "الإمام" عن هذا الحديث، فقال (3/55) :« وقال في "الإمام": الحديث واحد، ومخرجه واحد، ولكن اختلف اللفظ. وقد يؤخذ الوجوب بلفظ الخبر أيضًا مع ضميمة قوله u: (( خذوا عني مناسككم )). أخرجه مسلم عن أبي الزبير، عن جابر ؛ قال : رأيت رسول الله r يرمي على راحلته يوم النحر ويقول لنا : (( خذوا عني مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه ))". انتهى ». فهذا النقل عن المصنِّف لم أجده في الأصل هنا، فلعله من كلام المصنف في كتاب الحج من "الإمام"، وهو مفقود.
.
(2) هو أبومحمد ابن حزم في "المحلى" (2/66).
(3) في "سننه الكبرى " (2/413 رقم3968) كتاب الحج، باب الدعاء على الصفا.
(4) في الأصل :" أبدأ"، والتصويب من "المحلى"، و"السنن الكبرى".(2/68)
وروى مسلم(1) عن تميم بن طرفة، عن عدي بن حاتم : أن رجلاً خطب عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال :" من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى "، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( بئس الخطيب أنت ! قل : ومن يعص الله ورسوله )) . فتعلق به بعض من زعم أن الواو للترتيب، وعورض بحديث شعبة، عن منصور، عن عبدالله بن [يسار](2)، عن حذيفة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا تقولوا: ماشاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ماشاء الله ثم ماشاء فلان )) . أخرجه أبوداود(3)، والنسائي(4).
ورواه(5) ابن ماجه(6) من حديث عبدالرحيم بن زيد العَمّي عن أبيه، عن
__________
(1) في "صحيحه" (2/594 رقم870) كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة.
(2) في الأصل :"سيار"، والتصويب من "سنن أبي داود" وغيره.
(3) في "سننه" (5/259 رقم4980) كتاب الأدب، باب لا يقال : خبثت نفسي.
(4) في "سننه الكبرى"(6/245 رقم10821) كتاب عمل اليوم والليلة، باب النهي أن يقال: ماشاء الله وشاء فلان.
.
(5) من الواضح أن هناك سقطًا قبل قوله:"ورواه"، ويدل عليه اختلاف الحديثين:حديث حذيفة مرفوعًا: ((لاتقولوا:ماشاء الله وشاء فلان... ))الخ،وحديث ابن عمر:توضأ رسول الله...الخ.
(6) في "سننه" (1/145 رقم419) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثًا.(2/69)
معاوية بن قرة، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة واحدة، فقال : (( هذا وضوء من لايقبل الله منه صلاة إلا به )) ، ثم توضأ مرتين مرتين(1)، فقال: (( هذا وضوء القدر من الوضوء ))، وتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، وقال : (( هذا أسبغ الوضوء، وهو وضوئي ووضوء خليل الله إبراهيم، من توضأ هكذا ثم قال عند فراغه : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فتح له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء )) .
ورواه الطبراني في"المعجم الأوسط"(2) من حديث مرحوم بن عبدالعزيز،عن عبدالرحيم(3)بن زيد العمي،عن أبيه، عن معاوية بن قرة،عن أبيه،عن جدِّه قال: توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة واحدة وقال : (( هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاة(4) إلا به )) ، ثم توضأ ثنتين ثنتين، فقال : (( من توضأ هكذا ضاعف الله له أجره مرتين )) ، ثم توضأ ثلاثًا ثلاثًا، فقال : (( هذا إسباغ الوضوء، وهذا وضوئي ووضوء خليل الله إبراهيم(5) - عليه السلام - ))...، وذكر باقي الحديث، وقال:" هكذا روى هذا الحديث مرحوم بن عبدالعزيز، عن عبدالرحيم بن زيد، عن أبيه، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، عن جده. ورواه الحجبي(6) وغيره، عن عبدالرحيم بن زيد، عن أبيه، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر ". انتهى.
__________
(1) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "سنن ابن ماجه" :"ثنتين ثنتين "
(2) 6/239 رقم6288).
(3) في الأصل :"عبدالرحمن" وصوبت في الهامش.
(4) كذا في الأصل، وفي "المعجم الأوسط" المطبوع :" صلاته ".
(5) قوله :" إبراهيم " ملحق بالهامش.
(6) وكذا في"نصب الراية"(1/28)، وسيضبطه المصنف لفظًا،وفي"المعجم الأوسط":"الحجين".(2/70)
وفي كتاب "العلل"(1) لابن أبي حاتم :" سألت أبي عن حديث رواه عبدالرحيم بن زيد العمّي، عن أبيه، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه توضأ مرة مرة...، وذكر الحديث إلى قوله : ((ووضوء الأنبياء قبلي ))، فقال أبي : عبدالرحيم بن زيد متروك [الحديث](2)، وزيد العمّي ضعيف الحديث، ولا يصح هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". قال : "وسئل أبوزرعة عن هذا الحديث، فقال : هو عندي حديث واهٍ، ومعاوية ابن قرة لم يلحق ابن عمر. قلت لأبي : فإن الربيع بن سليمان حدثنا هذا الحديث عن أسد بن موسى، عن سلاّم بن سليم، عن زيد بن أسلم، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال : هو سلام الطويل، وهو متروك الحديث ".
ورواه الدارقطني(3) من جهة محمد بن الفضل، عن زيد العمّي، عن معاوية ابن قرة، عن ابن عمر، ولفظه : دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بماء، فتوضأ مرة مرة، ثم قال : (( هذا وظيفة الوضوء الذي لا يقبل الله صلاة إلا به )) ، ثم دعا بماء فتوضأ مرتين مرتين، ثم مكث ساعة، ثم قال : (( هذا وضوء من توضأ به كان
له أجره مرتين )) ، ثم دعا بماء، فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا.
[ل87/ب]
__________
(1) 1/45 رقم100).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "العلل".
(3) في "سننه" (1/79 رقم1)، وليس فيه قوله :" ثم مكث ساعة ".(2/71)
/بهذا الإسناد(1)، فبدأ فيه بالمضمضة والاستنشاق قبل الوجه، وهو الصواب. انتهى. والراوي له عن إسرائيل على هذا الوجه ثقة.
ذكر مايُنَبَّه عليه في هذا الفصل
" الحَجَبِي"- مفتوح الحاء المهملة والجيم، وقبل ياء النسب باء ثاني
الحروف -: نسبة إلى حجابة الكعبة. و"سلاَّم بن سُليم": مشدد اللام. و"دَعْلَج": بفتح الدال المهملة، وسكون العين المهملة، وفتح اللام، وبعدها جيم. و"محمد بن سَلام": بتخفيف اللام. و"ابن زيدان": بالزاي المعجمة.
فصل في الموالاة وجواز بعض التفريق
روى بقية، عن بحير - يعني ابن سعد-، عن خالد- هو ابن معدان -،
__________
(1) قوله :" بهذا الإسناد" جاء في بداية ( ل87/ب)، ولا علاقة له بما قبله، فاتضح أن هناك سقطًا بين ما في نهاية ( ل87/أ) وبداية ( ل87/ب)، وقد يكون الساقط صفحة أو أكثر. ولكن من الواضح أن المذكور هنا كلام الدارقطني - وفيه سقط أيضًا -؛ فإنه أخرج في "سننه" (1/86 رقم12) من طريق موسى بن هارون، عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن عبدالله بن نمير، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل قال : رأيت عثمان بن عفان يتوضأ...، فذكر حديث الوضوء، وفي آخره قال الدارقطني :« قال موسى بن هارون : وفي هذا الحديث موضع فيه عندنا وهم ؛ لأن فيه الابتداء بغسل الوجه قبل المضمضة والاستنشاق، وقد رواه عبدالرحمن بن مهدي عن إسرائيل بهذا الإسناد، فبدأ فيه بالمضمضة والاستنشاق قبل غسل الوجه، وتابعه أبو غسان مالك بن إسماعيل، عن إسرائيل، فبدأ فيه بالمضمضة والاستنشاق قبل الوجه، وهو الصواب ».(2/72)
عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - :أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا [يصلي](1) وفي [ظهر](2) قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد الوضوء والصلاة. أخرجه أبوداود(3)، ثم البيهقي(4) من جهته، وقال :" هو مرسل "؛ يريد لعدم ذكر اسم الصحابي الراوي له، وليس هذا مما يجعل الحديث في حكم المرسل المردود عند أهل الحديث، فإن سماه مرسلاً مع أن حكمه حكم الموصول فلا يضر المستدل به. وقال الأثرم(5):" قلت له - يعني أحمد -: هذا إسناد جيد ؟ قال : نعم. قلت لأبي عبدالله : إذا قال رجل من التابعين : حدثني رجل من
أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمِّه فالحديث صحيح ؟ قال : نعم ".
وفي هذه الرواية التي ذكرها الأثرم عن أبي عبدالله تعليقًا : أن رجلاً توضأ وترك موضعًا من جسده، فقال له : (( أعد الوضوء )). انتهى.
وقال شيخنا(6) :" في إسناده بَقِيَّة، وفيه [مقال](7)".
قلت : في "المستدرك"(8) من طريق بقية :"حدثنا بحير"، فعلى هذا يسلم من تهمة التدليس من بقية في روايته عن بحير.
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن أبي داود ".
(2) في الأصل :"ظهور"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) في "سننه" (1/233 رقم177/طبعة عوامة ) كتاب الطهارة، باب تفريق الوضوء.
(4) في "سننه" (1/83)، إلا أن :" بحير بن سعد" تصحف فيها إلى :" يحيى بن سعيد ".
(5) ونقله عنه ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/167).
(6) أي المنذري في "مختصر سنن أبي داود" (1/128).
(7) في الأصل :"بقية"، والتصويب من "مختصر سنن أبي داود".
(8) لم أجده في "المستدرك"، لكن عزاه ابن التركماني للحاكم كما في "الجوهر النقي على سنن البيهقي"(1/84)، وأشار إلى وجوده في "المستدرك" الحافظ ابن حجر في"التلخيص =
= الحبير"(1/167).وقد رواه أحمد في "المسند"(3/424)، وفيه تصريح بقية بالسماع من بحير.(2/73)
وروى عبدالواحد بن زياد(1)، عن ليث، عن عبدالرحمن بن سابط، عن أبي أمامة - أو عن أخي أبي أمامة - قال : رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا على أعقاب أحدهم مثل موضع الدرهم - أو مثل موضع الظفر - لم يصبه الماء ، قال : فجعل يقول : (( ويلٌ للأعقاب من النار )) . قال فكان أحدهم ينظر، فإن رأى موضعًا لم يصبه الماء أعاد الوضوء.
وروى غير واحد عن مغيرة بن سقلاب، عن الوازع بن نافع، عن سالم، عن ابن عمر، عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال(2): "توضأ رجل، وبقي على ظهر قدمه مثل ظفر لم يصبه الماء، فأمر به رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - أن يتم". أخرجه أحمد بن عبيد الصفار في "مسنده" من جهة الحارث بن بهرام النسائي، عن المغيرة.
[ل88/أ]
ورواه الدارقطني في"سننه"(3) من جهة الحارث، وهذا لفظه: قال:جاء رجل وقد توضأ، وبقي على ظهر قدمه مثل ظفر إبهامه [لم يمسه الماء](4)، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ارجع فأتم وضوءك ))، ففعل. وكان قد رواه من جهة أبي فروة يزيد بن محمد، ثم من جهة مصعب بن سعيد، عن المغيرة، وفيه: عن عمر، عن أبي بكر رضي الله عنهما قال : كنت جالسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء رجل، ثم قال في الأخير :" والمعنى متقارب"، وقال/:"الوازع بن نافع ضعيف الحديث".
__________
(1) وروايته عند الدارقطني في "سننه" (1/108 رقم4).
(2) كذا في الأصل، وكذا في الرواية الآتية عند الدارقطني.
(3) 1/109 رقم6).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني ".(2/74)
ورواه الطبراني في "الأوسط"(1) من حديث مصعب بن سعيد عن مغيرة بن سقلاب، عن الوازع بن نافع، عن سالم، عن ابن عمر، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال : كنت جالسًا عند نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رجل قد توضأ وفي قدمه موضع لم يصبه الماء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( اذهب فأتم وضوءك )) ، ففعل. قال : "لا يروى عن أبي بكر إلا بهذا الإسناد ".
وفي كتاب "العلل"(2) لابن أبي حاتم:"سمعت أبي - وذكر حديثًا رواه قراد [أبو](3) نوح، عن شعبة، عن إسماعيل بن [مسلم، عن](4) أبي المتوكل قال: توضأ عمر وبقي على ظهر(5) رجله لمعة(6)لم يصبها الماء، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد الوضوء -، فقال أبي: أبو المتوكل لم يسمع من عمر، وإسماعيل هذا ليس به بأس ".
وروى البيهقي(7) من جهة سفيان -[يعني](8) الثوري -، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال :" رأى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجلاً
توضأ(9)، فبقي في رجله لمعة، فقال : أعد الوضوء ".
وعن(10) سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مثله.
__________
(1) 2/356 رقم2219).
(2) 1/54 رقم134).
(3) في الأصل :"بن"، والتصويب من "علل الحديث"، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (34/356)، وسيذكره المصنف بعد ذلك على الصواب.
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "علل الحديث"، وانظر "تهذيب الكمال"(3/196 رقم 482)، وسوف يتبين من كلام أبي حاتم أنهما شخصان متغايران.
(5) في "العلل" المطبوع :"بعض".
(6) في "العلل" المطبوع :"قطعة".
(7) في "سننه" (1/84).
(8) في الأصل :"عن"، والتصويب من "سنن البيهقي".
(9) في "سنن البيهقي" المطبوع :" يتوضأ ".
(10) هذا تابع لكلام البيهقي في الموضع السابق من "سننه".(2/75)
ورواه الدارقطني(1) من جهة الحجاج وعبدالملك، عن عطاء، عن عبيد [ابن](2) عمير الليثي : أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رأى رجلاً وبظهر قدمه(3) لمعة لم [يصبها](4) الماء، قال: فقال له عمر:"أبهذا الوضوء تحضر الصلاة ؟" فقال: ياأمير المؤمنين ! البرد شديد، ومامعي مايدفئني، فرقَّ له بعد ما همَّ به. قال: فقال له:"اغسل ما قد تركت(5) من قدمك، وأعد الصلاة"، وأمر له بخميصة.
وعن إسماعيل بن يحيى، حدثنا مسعر،عن جميل بن سعد(6)، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبيه قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يارسول الله! إن أهلي تغار عليّ إذا أنا وطئت جواريّ، قال : (( ولم تعلمن(7) ذلك ؟ )) قلت : من قبل الغسل. قال : (( فإذا كان ذلك منك فاغسل رأسك عند أهلك، فإذا حضرت الصلاة فاغسل سائر بدنك )) . أخرجه الحافظ الفقيه أبوبكر الإسماعيلي في جمعه لحديث مسعر. و"إسماعيل بن يحيى" متروك عندهم.
ذكر ما ينبه عليه في هذا الفصل
__________
(1) في "سننه" (1/109 -110رقم8).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الدارقطني".
(3) في المطبوع من "سنن الدارقطني" :" وبظهر رجله ".
(4) في الأصل :"تصبها"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(5) في المطبوع من "سنن الدارقطني" :" ماتركت ".
(6) كذا في الأصل،وقد نقله الزيلعي في"نصب الراية"(1/36-37)عن المصنف،وفيه:"حميد بن سعد"، ولم أجد راويًا بهذا الاسم أو ذاك، ولا في الرواة عن أبي سلمة، أو شيوخ مسعر.
(7) كذا في الأصل، وفي الموضع السابق من "نصب الراية": "وبم يعلمن".(2/76)
"بَحِير بن سعد": بفتح الباء ثاني الحروف، وكسر الحاء المهملة، وآخره راء مهملة. و"مَعْدان": بفتح الميم، وسكون العين المهملة، بعدها دال مهملة، وآخره نون. و"اللُّمعة": مضمومة اللام. و"سابِط": مكسور الباء ثاني الحروف، وأوّله سين مهملة. و"سِقْلاب": مكسور السين المهملة، ساكن القاف. و"الحارث بن بهرام النشائي": بالشين المعجمة. و"قُراد"- بالقاف المضمومة، وبعدها راء مهملة -: لقب لأبي نوح، واسمه :" عبدالرحمن بن غزوان ".
فصل في إسباغ الوضوء ومقدار مايتوضأ به
قد تقدم حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما(1) [....](2).
وروى النسائي(3) من حديث حماد بن زيد قال:حدثنا أبو جهضم، حدثني عبيدالله بن عبدالله(4) بن عباس قال :[كنا جلوسًا إلى عبدالله بن عباس فقال](5):" والله ! ماخصنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء دون الناس إلا [بثلاثة](6) أشياء : فإنه أمرنا أن نسبغ الوضوء، ولا نأكل الصدقة، ولا ننزي الحُمُر على /الخيل " .
[ل88/ب]
وأخرج الترمذي(7) حديث أبي جهضم، وقال :"حديث حسن صحيح " .
ورواه ابن ماجه(8) مختصرًا مقتصرًا على قوله :" أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) انظر (ص 439و440/1).
(2) بياض في الأصل بمقدار أربع كلمات.
(3) في "سننه" (1/89 رقم141) كتاب الطهارة، باب الأمر بإسباغ الوضوء.
(4) في"سنن النسائي"المطبوع"عبدالله بن عبيدالله"،وهو اختلاف في النسخ سينبه عليه المصنف.
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن النسائي".
(6) في الأصل :" ثلاثة"، والتصويب من "سنن النسائي ".
(7) في "سننه" (4/178 رقم1701) كتاب الجهاد، باب ماجاء في كراهية أن ننزي الحمر على الخيل.
(8) في "سننه" (1/147 رقم426) كتاب الطهارة، باب ماجاء في إسباغ الوضوء.(2/77)
بإسباغ الوضوء "، إلا أنه قال :" موسى بن جهضم(1)". قال الحافظ أبوالقاسم الدمشقي(2):" هو وهم "؛ يريد أن الصواب :" موسى بن سالم ".
وكذا في روايتنا في"سنن النسائي"(3)، وابن ماجه:"عبيدالله بن عبدالله بن عباس ".
وقال الترمذي - بعدما أخرجه من حديث إسماعيل بن إبراهيم، عن موسى بن سالم أبي جهضم، عن عبدالله بن عبيدالله بن عباس-:" وقد روى [سفيان الثوري](4) عن أبي جهضم هذا(5) فقال : عن عبيدالله بن عبدالله. وسمعت محمدًا(6) يقول : حديث الثوري غير محفوظ، وهم فيه الثوري "(7).
قلت : وكذلك ذكره الحافظ أبوالقاسم الدمشقي في ترجمة عبدالله بن عبيدالله.
وكذا أخرجه ابن خزيمة(8) من حديث حماد بن زيد، عن موسى بن سالم
__________
(1) الذي في "سنن ابن ماجه" :"موسى بن سالم أبوجهضم"، وانظر التعليق الآتي.
(2) هو الحافظ ابن عساكر، وكلامه هذا في " أطراف السنن"، ونقله عنه المزي في "تحفة الأشراف" (5/42)، ونصه :"إلا أن في حديث أحمد بن عبدة : موسى بن جهضم أبو جهضم، وهو وهم ". وأحمد بن عبدة هذا هو شيخ ابن ماجه الراوي للحديث عن حماد ابن زيد، عن أبي جهضم.
(3) كان في الأصل :"سنن النسائي وغيره "، وكأنه ضرب على قوله :" وغيره ".
(4) في الأصل :"الترمذي"، وهو تصحيف، والتصويب من "سنن الترمذي".
(5) في "سنن الترمذي" :" هذا عن أبي جهضم ".
(6) يعني البخاري.
(7) وتمام عبارته :" والصحيح ماروى إسماعيل بن عليّة وعبدالوارث بن سعيد، عن أبي جهضم، عن عبدالله بن عبيدالله بن عباس، عن ابن عباس ".
(8) في "صحيحه" (1/89 رقم175).(2/78)
أبي [جهضم](1) قال : حدثني عبدالله بن عبيدالله بن عباس...، الحديث. ثم أخرجه من حديث ابن علية، عن موسى بن سالم، عن عبدالله بن عبيدالله بن عباس قال : قال ابن عباس، بمثله، وزاد :" قال موسى : فلقيت عبدالله بن حسن، فقلت : إن عبدالله بن عبيدالله حدثني بكذا وكذا، فقال: إن الخيل كانت في بني هاشم قليلة فأحب أن تكثر(2) فيهم ".
وروى ابن خزيمة(3) أيضًا عن محمد بن عبدالله بن أبي صفوان، عن أبيه، عن سفيان، عن سماك، عن عبدالرحمن بن عبدالله - وهو ابن مسعود -، عن
أبيه قال: الصفقة [بالصفقتين](4) ربًا، وأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسباغ الوضوء.
ورواه الطبراني في "الأوسط"(5) من حديث محمد بن عثمان بن أبي صفوان، ثنا أبي، ثنا سفيان الثوري، عن سماك بن حرب، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود، عن أبيه قال :" أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسباغ الوضوء ". أخرجه عن أحمد بن محمد بن صدقة، عن محمد بن عثمان وقال :"لم يرو هذا الحديث عن سفيان إلا عثمان بن أبي صفوان، تفرد به ابنه ".
__________
(1) في الأصل :"الجهضم"، والمثبت من "صحيح ابن خزيمة".
(2) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "صحيح ابن خزيمة" :" يكثر ".
(3) في "صحيحه" (1/90 رقم176).
(4) في الأصل :"بالصفقة"، والتصويب من "صحيح ابن خزيمة".
(5) 2/125 رقم1461).(2/79)
وروى مالك في "الموطأ"(1) عن العلاء بن عبدالرحمن [بن يعقوب، عن أبيه](2)،عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على(3) المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط(4) )) . أخرجه مسلم(5) من حديث مالك.
وقال ابن منده :" هذا صحيح على رسم الجماعة إلا البخاري، فإنه لم
يخرج في كتابه العلاء بن عبدالرحمن إلا استشهادًا(6). [وقد](7) روى هذا الحديث عن العلاء جماعة، منهم : شعبة، ومحمد، وإسماعيل بن جعفر، وعبدالعزيز الدراوردي، وزهير بن محمد، وحفص بن ميسرة، وسعيد بن سلمة بن أبي الحسام، وكل هؤلاء مقبول عندهم ".
[ل89/أ]
__________
(1) 1/161 رقم55) كتاب الصلاة في السفر، باب انتظار الصلاة والمشي إليها.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وفي موضعه إشارة لحق، ولم يكتب في الهامش شيء، أو لعله لم يظهر في التصوير، والمثبت من "الموطأ".
(3) كذا في الأصل، وفي "الموطأ" :" عند المكاره"، ولكن المصنف ذكره بسياق مسلم له من طريق مالك، وهو هكذا فيه.
(4) في "الموطأ" :" فذلكم الرباط" ثلاث مرات، ولكن هذا سياق مسلم لحديث مالك، فإن مسلمًا قال :" وفي حديث مالك ثنتين : فذلكم الرباط، فذلكم الرباط ".
(5) في"صحيحه"(1/219 بعد رقم251/41)كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء....
(6) أخرج له البخاري في "جزء القراءة خلف الإمام"، و"جزء رفع اليدين في الصلاة"، ولم يخرج له في "الصحيح" كما في "تهذيب الكمال"(22/523-524).
(7) في الأصل :"وهو"، والتصويب بالاجتهاد.(2/80)
ورواه الحافظ أبويوسف يعقوب بن شيبة في "مسند علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - " من حديث عبدالله بن سعيدالمقبري، عن جده، عن شرحبيل، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ألا أدلكم على مايكفر الخطايا والذنوب ؟ إسباغ الوضوء على المكاره، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلك الرباط )) . رواه أبويوسف(1) [عن عثمان](2) بن مبارك-وقال:"ثقة"-،حدثنا محمد بن فضيل،عن عبدالله بن سعيد المقبري،وقال في أول الترجمة(3):ثنا شرحبيل بن سعد، عن علي،عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثه : (( ألا أدلكم على مايكفر الخطايا والذنوب ؟ /إسباغ الوضوء )) حديث مدني صالح الإسناد، رواه عبدالله بن سعيد المقبري، عن جده، عن شرحبيل بن سعد، عن علي - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشرحبيل بن سعد روى عنه
ابن أبي ذئب وغيره، وحدث عن زيد بن ثابت،ولا ندري سمع من علي أو لا؟
حدثني أحمد بن العباس(4)، حدثني يحيى بن معين، ثنا حجاج، عن
__________
(1) هو يعقوب بن شيبة.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وأثبته بالاجتهاد،فعثمان هذا هو الذي يروي عن محمد ابن فضيل، ويروي عنه يعقوب بن شيبة كما في "تاريخ بغداد" (11/288 رقم6055).
(3) كذا في الأصل، والظاهر أن يعقوب بن شيبة يسوق الحديث تعليقًا عن الراوي الذي عليه مدار الحديث - كعبدالله بن سعيد المقبري هنا -، وهو مايعبّر عنه بالترجمة، ثم يعطف عليه الأسانيد ليبيّن علته، والله أعلم.
(4) كذا في الأصل ! والعبارة - فيما يظهر - تابعة لكلام يعقوب بن شيبة، وهو يروي عن يحيى بن معين مباشرة، وأحيانًا بواسطة أصحابه - كما في "السير" (12/477)-، ولكن هذا النص من "تاريخ ابن معين" برواية عباس الدوري (2/249 رقم1026)، فالظاهر أن "أحمد بن العباس" متصحف عن " العباس "، أو في العبارة سقط، والله أعلم.(2/81)
[ابن](1) أبي ذئب، حدثنا شرحبيل بن سعد - وكان متهمًا -.
وروى أبوعمر من طريق أحمد بن زهير - هو ابن أبي خيثمة -، ثنا أبي، ثنا صفوان بن عيسى، عن الحارث بن [عبدالرحمن](2) بن أبي ذباب، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((إسباغ الوضوء في المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة : تغسل الخطايا غسلاً )) . كذا نقلته من أصل الحافظ أبي عمر بـ"التمهيد"(3). و"صفوان بن عيسى" مذكور بالرواية عن الحارث، والحارث مذكور بالرواية عن سعيد، إلا أن الحافظ أبا الحسن أحمد بن عبيد الصفار [ذكر](4) في "مسنده" روايات مخالفة لذلك :
منها : رواية محمد بن أبي بكر، عن صفوان، حدثنا ابن أبي ذئب(5)، عن سعيد بن المسيب، عن علي - رضي الله عنه -.
ومنها:رواية إبراهيم بن المنذر،عن محمد بن فُليح وأبي ضمرة،عن الحارث
ابن عبدالرحمن [....](6)، عن سعيد بن المسيب قال : قال علي.
و"فُلَيح": بضم الفاء، وفتح اللام، وبعد الياء حاء مهملة.
__________
(1) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "تاريخ ابن معين".
(2) في الأصل :"عبدالله"، والتصويب من "التمهيد".
(3) 20/224).
(4) في الأصل :"ذكره".
(5) كذا في الأصل، وقد يكون متصحفًا عن :" ابن أبي ذباب ".
(6) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات تقريبًا، وقد يكون الساقط :" ابن أبي ذباب ".(2/82)
ومنها : رواية ابن أبي مريم، عن ابن أبي الزناد، عن عبدالرحمن بن الحارث، عن أبي العياس(1)، عن ابن المسيب، عن علي - رضي الله عنه -. وهذا الحديث مذكور برواية الحارث، عن أبي العياس.
و"أبوالعياس" هذا- بفتح العين المهملة، بعدها الياء آخر الحروف، وآخره
سين مهملة - سئل أبوزرعة عنه(2)، فقال : " لا أعرفه إلا في هذا الحديث، ولا أعرف اسمه ".
وروى البزار في "مسنده"(3) من حديث موسى بن عقبة، عن إسحاق بن يحيى ابن أخي عبادة، عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((ألا أدلكم على مايكفر الله به الخطيئة،ويمحو به الذنوب ؟ )) قالوا : نعم. قال: ((إسباغ الوضوء عند المكاره،وكثرة الخطا إلى المساجد،وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلك(4) الرباط، فذلك الرباط )) . ورواه عن خالد بن يوسف، عن
أبيه، عنه، وقال النسائي(5):"يوسف بن خالد السمتي متروك الحديث بصري".
__________
(1) وقع تصحيف في بعض الكتب ككتاب "الجرح والتعديل"(9/419) :"أبوالعباس"، وفي "الاستغناء" (3/1476 رقم2239)، و"ميزان الاعتدال" (4/560) :"أبوالعياش"، وانظر "بيان خطأ البخاري" (ص160 رقم755) والتعليق عليه، و"الإكمال" لابن ماكولا (6/64)، و"توضيح المشتبه" (6/90-91).
(2) كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل".
(3) 7/160 رقم2725).
(4) كانت في الأصل :" فذلكم "، ثم صوبت.
(5) في "الضعفاء والمتروكين" تحقيق : بوران الضناوي وكمال الحوت (ص246 رقم648).(2/83)
وروى أبونعيم الحافظ(1) من حديث ابن أبي فديك، أخبرنا الضحاك بن عثمان، عن عمه، عن عمرو بن عبدالله بن [كعب بن مالك](2)، عن امرأة من المبايعات قالت : جاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بني سلمة، فقربنا له طعامًا، فأكل ومعه أصحابه، ثم قُرِّب إليه وضوء فتوضأ، ثم أقبل على أصحابه فقال: (( ألا أخبركم بمكفرات الخطايا ؟ )) . قالوا : بلى، قال : (( إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة )). رواه عن أبي بكر عبدالله بن محمد، ثنا ابن أبي عاصم(3)، ثنا عبدالرحمن [بن](4) إبراهيم دحيم(5)، ثنا ابن أبي فديك.
[ل89/ب]
روى أبويعلى الموصلي(6)- ثم أبونعيم من جهته(7)-: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا سعيد بن خُثَيم الهلالي، حدثتني رِبْعِيَّة بنت عياض، عن جدها عبيد بن عمرو الكلابي قال : رأيت النبي/ - صلى الله عليه وسلم - توضأ فأسبغ الوضوء، وكانت رِبْعِيَّة إذا توضأت أسبغت الوضوء.
قال أبونعيم:"رواه بعض المتأخرين فقال: رُبَيِّعَة ووهم، إنما هي : رِبْعيَّة".
أخرجه أبونعيم تحت ترجمة عبيد بن عمرو الكلابي، قال :" وقيل : عبيدة وهو الصحيح ".
__________
(1) في "معرفة الصحابة" (2/ل 391/ب).
(2) ما بين المعكوفين بياض في الأصل بمقدار اثنتي عشرة كلمة تقريبًا، والمثبت من "معرفة الصحابة"، فالظاهر أن الناسخ يحتاط للسقط فيبيض له بأكثر منه.
(3) وابن أبي عاصم هذا أخرجه في "الآحاد والمثاني" (6/179 رقم3407).
(4) مابين المعكوفين بياض في الأصل بمقدار كلمة، وتم استدراكه من "المعرفة".
(5) في الأصل :"ابن دحيم"، والتصويب من "المعرفة".
(6) لم أجده في "مسنده"، ولا في "المطالب العالية".
(7) في "معرفة الصحابة " أيضًا (2/ ل 67/أ).(2/84)
وأخرجه(1) تحت ترجمة [عُبيدة](2) بن عمرو الكلابي، قال :" وقيل : عُبيد، والصحيح عُبيدة"، فرواه من حديث يحيى بن عبدالحميد الحماني، ثنا سعيد بن خُثَيم، حدثتني رِبْعِيَّة بنت عياض، حدثني جدي عبيد بن عمرو الكلابي - رضي الله عنه - قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فأبلغ الوضوء (3).
__________
(1) في "المعرفة" (2/ل 67/ب).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(3) وأخرجه البزار (1/138 رقم 264/كشف الأستار) من طريق خلاد بن أسلم، عن سعيد بن خثيم.(2/85)
وروى الترمذي(1) من حديث عبدالرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أتاني الليلة ربي في أحسن صورة - قال : قال : أحسبه في المنام، قال : كذا في الحديث - فقال : يامحمد ! هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قال : قلت : لا، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي - أو قال : في نحري -، فعلمت مافي السموات ومافي الأرض، قال : يامحمد ! هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : نعم في الكفارات، والكفارات : المكث في المساجد بعد الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في المكاره، ومن فعل ذلك عاش بخير ومات بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه. وقال : يامحمد ! إذا صليت فقل : اللهم ! إني أسألك [فعل](2) الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني [إليك](1) غير مفتون. قال: والدرجات : إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام )) . رواه عن [سلمة](3) بن شبيب وعبد بن حميد(4) عنه.
__________
(1) في "سننه" (5/342 رقم3233) كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة { ص }.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الترمذي".
(3) في الأصل:"مسلم"، والتصويب من" سنن الترمذي"، وانظر"تهذيب الكمال" (11/284).
(4) وهو في "المنتخب من مسند عبد بن حميد" (ص228 رقم682).(2/86)
قال أبوعيسى :" وقد ذكروا بين أبي قلابة وبين ابن عباس في هذا الحديث رجلاً. حدثنا(1) محمد بن [بشار](2)، ثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن خالد بن اللجلاج، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( أتاني ربي في أحسن صورة، فقال : يامحمد ! قلت : لبيك ربي وسعديك ! قال: فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : ربي لا أدري، فوضع يده بين كتفي، فوجدت بردها بين ثديي، فعلمت مابين المشرق والمغرب، قال : يامحمد ! فقلت : لبيك ربِّ وسعديك ! قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : في الدرجات، والكفارات، وفي نقل الأقدام إلى [الجماعات](3)، وإسباغ الوضوء في المكروهات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ومن يحافظ عليهن عاش بخير ومات بخير، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه ))". قال(4):" هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ". قال :" وفي الباب عن معاذ بن جبل وعبدالرحمن [بن عائش](5)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد رُوي هذا الحديث عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بطوله، وقال : (([إني](6) نعستُ فاستثقلت نومًا فرأيت ربي في أحسن صورة فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ ))". حدثنا(7) محمد بن بشار، ثنا معاذ بن هانئ أبوهانئ(8) اليشكري، [ثنا](9) جهضم
__________
(1) هذا الحديث في الموضع السابق من "سنن الترمذي" برقم (3234).
(2) في الأصل :"سفيان"، والتصويب من "سنن الترمذي".
(3) في الأصل :"الجمعات"، والمثبت من المصدر السابق.
(4) أي الترمذي.
(5) في الأصل بياض بمقدار كلمتين، ثم :"قيس"، والتصويب من المرجع السابق.
(6) في الأصل :"إذ"، والتصويب من "سنن الترمذي".
(7) هذا الحديث في الموضع السابق من "سنن الترمذي" برقم (3235).
(8) في الأصل :"معاذ بن هانئ ثنا أبو هانئ "، والتصويب من "سنن الترمذي".
(9) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن الترمذي".(2/87)
بن عبدالله، عن(1) يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام،عن عبدالرحمن بن [عائش](2) الحضرمي: أنه حدثه عن مالك بن [يخامر](3) السكسكي،/ عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال : احتبس عنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس، فخرج سريعًا فثوّب بالصلاة، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتجوّز في صلاته، فلما سلم دعا بصوته فقال لنا : (( على مصافكم كما أنتم ))، ثم انفتل إلينا ثم قال : ((أما إني سأحدثكم ماحبسني عنكم الغداة : إني قمت من الليل فتوضأت وصليت ماقُدِّر لي، فنعست في صلاتي حتى استثقلت، فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة، فقال : يامحمد! قلت : لبيك رب ! قال : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : لا أدري - قالها ثلاثًا -، قال: فرأيته وضع كفه بين كتفي، قد وجدت(4) برد أنامله بين ثديي، فتجلى لي كل شيء وعرفت، فقال: يامحمد! قلت : لبيك رب ! قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : في الكفارات، قال : ماهُن ؟ قلت : مشي الأقدام إلى الحسنات، والجلوس في المساجد بعد الصلوات، وإسباغ الوضوء حين الكريهات. قال : فيم ؟ قلت: إطعام الطعام، ولين الكلام، والصلاة [بالليل](5) والناس نيام. قال: سل، قلت(6): اللهم ! إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة قوم(7) فتوفني غير مفتون، أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقرب إلى حبك )). قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إنها حق فادرسوها، ثم
__________
(1) في الأصل :" بن " بدل " عن "، ثم صوبت.
(2) في الأصل :"خالد"، والتصويب من المرجع السابق.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(4) في "سنن الترمذي" :" حتى وجدت ".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن الترمذي".
(6) في "سنن الترمذي" :" قل ".
(7) في الأصل :"فتنة في قوم".(2/88)
تعلموها )). قال أبوعيسى :" هذا حديث حسن صحيح. سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال : هذا حديث حسن صحيح، وقال : هذا أصح من حديث الوليد بن مسلم عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، حدثنا خالد بن اللجلاج، حدثني عبدالرحمن [بن عائش](1) الحضرمي قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -...، فذكر الحديث، وهذا غير محفوظ. كذا ذكر الوليد في حديثه عن عبدالرحمن بن [عائش](2) قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وروى بشر بن بكر عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر هذا الحديث بهذا الإسناد عن عبدالرحمن بن [عائش](3)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا أصح، وعبدالرحمن بن [عائش](1) لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
وروى أبوأحمد ابن عدي(4) من حديث أشعث - وهو ابن [براز](5) -قال : ثنا ثابت، عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ياأنس ! أسبغ الوضوء يُزد في عمرك )) . أشعث هذا [....](6).
__________
(1) في الأصل :"عن عابس"، والتصويب من "سنن الترمذي".
(2) في الأصل :"عابس"، والتصويب من "سنن الترمذي".
(3) في الأصل :" عابس "، والتصويب من "سنن الترمذي".
(4) في "الكامل" (1/375).
(5) في الأصل :"نزاز"، والتصويب من "الكامل" و"الجرح والتعديل" (2/269).
(6) بياض في الأصل بمقدار سطر إلا كلمتين.(2/89)
وروى(1) حديث الأزور، عن سليمان التيمي، عن أنس الأزور(2)[...](3).
وذكر ابن أبي حاتم في "العلل"(4) :" سألت أبي وأبازرعة عن أحاديث تروى عن أنس بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إسباغ الوضوء يزيد في العمر، وذكرت لهما الأسانيد [المرويَّة](5) في ذلك، فضعفاها كلها، وقالا : ليس في إسباغ الوضوء يزيد في العمر حديث صحيح ".
قلت : من طرقه : رواية عوبد بن أبي عمران الجوني، عن أبيه، عن أنس : (( أسبغ الوضوء يزد في عمرك ))، وقال ابن طاهر في "التذكرة"(6): "[وعوبد](7) كان يروي عن أبيه ماليس من حديثه ".
[ل90/ب]
__________
(1) أي ابن عدي في "الكامل" (1/418).
(2) كذا في الأصل!ومن الواضح أن في العبارة سقطًا، وسأورد الحديث بطريقيه من "الكامل": قال ابن عدي: حدثنا ابن ذريح،حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا يحيى بن سليم، عن الأزور ابن غالب، عن سليمان التيمي، عن أنس قال : قال لي رسول الله r: (( يا أنس! أسبغ الوضوء يُزد في عمرك،وسلِّم على أهلك يكثر خير بيتك،وسلم علىمن لقيتَ من أمتي تكثر حسناتك، وصلّ صلاة الضحى فإنها صلاة الأوّاببين قبلك، وصلّ بالليل والنهار يحفظك الحفظة، ولا تنم إلا وأنت طاهر، فإن متّ متّ شهيدًا، ووقّر الكبير، وارحم الصغير )).
حدثنا أحمد بن حفص السعدي، حدثنا العباس النّرسي، حدثنا يحيى بن سليم، حدثنا الأزور بن غالب، عن ثابت البناني وسليمان التيمي، عن أنس، عن النبي r نحوه. ا.هـ.
(3) بياض في الأصل بمقدار نصف سطر.
(4) 1/52 رقم 128).
(5) تصحفت في الأصل إلى :" المرورية ".
(6) "تذكرة الحفاظ" (ص54 رقم108).
(7) في الأصل:"وعويد"،والتصويب من "تذكرة الحفاظ"، وانظر "توضيح المشتبه" لابن ناصر الدين (2/540)، وقد تصحفت في "التاريخ الكبير" للبخاري (7/92) إلى "عويذ".(2/90)
وعن مسعر، عن ابن جبر، عن أنس - رضي الله عنه - قال :" كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمُد،/ ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ". متفق عليه(1)، واللفظ لمسلم.
و"ابن جبر" هو : عبدالله بن عبدالله بن جَبْر - بفتح الجيم، وإسكان الباء ثاني الحروف، وآخره راء مهملة -.
وفي رواية شعبة(2) عن ابن جبر قال : سمعت أنسًا قال : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل بخمس مَكاكيك، ويتوضأ بمكُّوك ". وفي رواية: "مَكاكي ".
ومن حديث إسماعيل - هو ابن عياش -، عن أبي بكر الهذلي، عن زينب ابنة أبي سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان يتوضأ بالكوب - وهو المكوك -، ويغتسل بالفرق - وهو الصاع -. ورواه أبو أحمد الفَرَضي(3).
وعن أبي ريحانة، عن سفينة - رضي الله عنه - قال :" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسِّله الصاع من الماء من الجنابة، ويوضئه الْمُدّ ". أخرجه مسلم(4) وابن ماجه(5) والترمذي(6) وصححه.
و"أبو ريحانة" اسمه : عبدالله بن مطر، بصري.
وفي رواية :"يتطهر بالمد ".
__________
(1) أخرجه البخاري(1/304رقم201)في كتاب الوضوء،باب الوضوء بالمد،ومسلم (1/258 رقم325/51) في كتاب الحيض، باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة....
(2) عند مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (325/50).
(3) هو عبيدالله بن محمد الفَرَضي، المقرئ، له ترجمة في "سير أعلام النبلاء" (17/212).
(4) في الموضع السابق برقم (1/258 رقم326).
(5) في "سننه" (1/99 رقم267) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في مقدار الماء للوضوء والغسل من الجنابة.
(6) في "سننه" (1/83 رقم56) أبواب الطهارة،باب في الوضوء بالمد.(2/91)
وفي "المسند" عن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يجزئ من الغسل الصاع، ومن الوضوء الْمُدّ ))(1) .
وعن موسى الجهني قال :" أُتي مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال ". قال : "حدثتني عائشة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بمثل هذا ". رواه النسائي(2).
وروى الطبراني في"معجمه الكبير"(3) من حديث زيد بن الحباب،[عن](4)
[الصلت بن دينار](5)، عن أبي غالب، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ بنصف مُد. رواه عن [الحسين](6) بن إسحاق التستري، عن سهل [بن عثمان](7)، عن زيد.
فصل في الاقتصاد في ماء الوضوء وترك الإسراف
والاعتداء في الطهارة
__________
(1) كذا في الأصل، ولم أجده في "مسند أحمد" بهذا اللفظ، وإنما وجدته فيه (3/370) بلفظ: (( يجزئ من الوضوء المدّ من الماء، ومن الجنابة الصاع ))، وفي موضع آخر (3/303) بلفظ: كان رسول الله r يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد.
وأما اللفظ الذي ذكره المصنف، فقد ذكره صاحب "كنز العمال" (9/546 رقم 27350)، وعزاه لسعيد بن منصور في "سننه".
(2) في "سننه" (1/127 رقم226) كتاب الطهارة، باب ذكر القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء للغسل.
(3) 8/278 رقم8071).
(4) في الأصل :"بن"، والتصويب من "المعجم الكبير".
(5) مابين المعكوفين بياض في الأصل، والمثبت من "المعجم الكبير".
(6) في الأصل :"الحسن"،والتصويب من "المعجم الكبير"، وانظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (14/57).
(7) في الأصل :" عن غنجار"، والتصويب من "المعجم الكبير".(2/92)
ثبت في "الصحيح"(1) من حديث سفيان عن عمرو، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نام حتى نفخ...،الحديث،وفيه:"فلما كان في بعض الليل قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ من شَنٍّ معلق وضوءًا خفيفًا - يخففه عمرو ويقلله -، وقام يصلي، فتوضأتُ نحوًا مما توضأ". اللفظ للبخاري.
وروى الترمذي(2) [من](3) حديث خارجة بن مصعب، عن يونس بن
عبيد، عن الحسن، عن عُتَيّ بن ضَمْرَة السعدي، عن أبي بن كعب - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إن للوضوء شيطانًا يقال له: الولهان، فاتقوا وسواس الماء )). قال :"وفي الباب عن عبدالله بن عمرو، وعبدالله بن مغفل ". قال أبوعيسى : "حديث أبيّ بن كعب حديث غريب، وليس إسناده بالقوي عند أهل الحديث، [لأنَّا](4) لا نعلم أحدًا أسنده غير خارجة. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن الحسن قولَه، ولا يصح في هذا الباب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء، وخارجة ليس بالقوي عند أصحابنا، وضعفه ابن المبارك ". انتهى.
[ل91/أ]
__________
(1) "صحيح البخاري" (1/238 رقم138) كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، و"صحيح مسلم" (1/528 رقم763/186) كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه.
(2) في "سننه" (1/84-85 رقم57) أبواب الطهارة، باب ماجاء في كراهية الإسراف في الوضوء بالماء.
(3) في الأصل :"عن".
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن الترمذي".(2/93)
وذكر ابن أبي حاتم في "العلل"(1): أنه سمع أباه - وذكر حديثًا رواه خارجة بن مصعب، وذكر هذا الحديث - فقال :" كذا رواه خارجة وأخطأ فيه، ورواه الثوري، عن يونس، عن الحسن قوله. ورواه غير الثوري عن يونس، عن الحسن : أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، مرسل ". قال ابن أبي حاتم :" وسئل أبوزرعة عن هذا الحديث، فقال : رَفْعُهُ عن(2) النبي / - صلى الله عليه وسلم - منكر ". انتهى.
وأخرجه ابن ماجه(3) من جهة خارجه بن مصعب، وفيه : (( يقال له : ولهان )).
وأخرجه أبوبكر ابن خزيمة في "صحيحه"(4) من جهة خارجة أيضًا.
و"عُتيّ": بضم العين المهملة، وفتح التاء المثناة من فوق، بعدها الياء المشددة.
وحديث عبدالله بن مغفل أخرجه أبوداود(5) من حديث حماد، عن سعيد الجريري، عن أبي نعامة : أن عبدالله بن مغفل سمع ابنه يقول :" اللهم ! إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها ". فقال : أي بني ! سل الله الجنة، وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء )) .
و"سعيد الجُرَيْري": بضم الجيم، وفتح الراء المهملة، وبعد الياء راء أخرى. و"أبونعامة" هذا : قيس بن عَبَاية الحنفي، البصري، قال ابن أبي خيثمة(6):" سألت يحيى بن معين عن أبي نعامة الحنفي، فقال : اسمه قيس بن عباية، بصري ثقة ".
__________
(1) 1/53 رقم130).
(2) في "العلل" :" رفعه إلى ".
(3) في "سننه"(1/146 رقم421) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه.
(4) 1/63 -64 رقم122).
(5) في "سننه" (1/73 رقم96) كتاب الطهارة، باب الإسراف في الماء.
(6) كما في "الجرح والتعديل" (7/102 ).(2/94)
وحديث عبدالله بن عمرو الذي أشار إليه الترمذي أخرجه ابن ماجه(1) من حديث ابن لهيعة عن حُيي بن عبدالله المعافري، عن أبي عبدالرحمن الحُبُلي، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بسعد وهو يتوضأ، فقال : (( ماهذا السرف؟ )) قال : أفي الوضوء إسراف؟ قال : ((نعم، وإن كنت على نهرٍ جارٍ )) . رواه عن محمد بن يحيى، عن قتيبة، عن ابن لهيعة، وقد تقدم ذكر ابن لهيعة.
و"حُيي":بضم الحاء المهملة،وبعدها ياء آخر الحروف مفتوحة،ثم ياء النسبة.
وروى ابن ماجه(2) أيضًا من حديث بقية عن محمد بن الفضل، عن أبيه، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يتوضأ، فقال : (( لاتسرف [لا تسرف](3) )) .
ورواه الحافظ أبوأحمد ابن عدي(4) من حديث بقية، عن محمد بن الفضل، عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال(5): "كان يتعوذ بالله من وسوسة الوضوء ". فخالف هذه الرواية في الإسناد.
و"محمد بن الفضل" هو : ابن عطية، خراساني، مروزي سكن بخارى، يكنى أباعبدالله، تكلم فيه غير واحد، وقال النسائي(6):" متروك الحديث "، وكذا قال عمرو بن علي(7)، وزاد :" كذاب ".
فصل في أعداد مرات الغسلات من واحدة واثنتين وثلاث، واختلاف العدد في وضوء واحد، ومن كره الزيادة على ثلاث
أما الوضوء مرة مرة، فقد أخرجه البخاري(8) من حديث زيد بن أسلم،
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه" (1/147 رقم425).
(2) في الموضع السابق من "سننه" برقم (424).
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(4) في "الكامل" (6/165).
(5) أي ابن عباس.
(6) في "الضعفاء والمتروكين" (ص94 رقم 542).
(7) كما في "الجرح والتعديل" (8/57).
(8) في "صحيحه" (1/258 رقم157) كتاب الوضوء، باب الوضوء مرة مرة
.(2/95)
عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة مرة.
وأخرجه الترمذي(1) وقال :" حديث ابن عباس أحسن شيء في هذا الباب وأصح".
وروى هذا الحديث ابن ماجه(2) من حديث يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ غرفة غرفة ". أخرجه [...](3) عن أبي بكر ابن خلاد.
[ل91/ب]
قال الترمذي(4):" وروى رِشدِين بن سعد وغيره هذا الحديث عن الضحاك بن شرحبيل، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر رضي الله [عنه](5): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة ". قال(6):/" وليس هذا بشيء، والصحيح ماروى ابن عجلان وهشام بن سعد وسفيان الثوري وعبدالعزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
قلت : الرواية التي أشار إليها الترمذي ولم يسندها أخرجها ابن ماجه في "سننه"(7)، فرواها عن أبي كريب، ثنا رِشدِين بن سعد، ثنا الضحاك بن شرحبيل، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر - رضي الله عنه - قال :" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة [تبوك](8) توضأ واحدة واحدة ".
__________
(1) في "سننه" (1/60 رقم42) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الوضوء مرة مرة.
(2) في "سننه" (1/143 رقم411) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في الوضوء مرة مرة.
(3) بياض في الأصل بمقدار كلمة، والكلام متصل.
(4) في الموضع السابق من "سننه".
(5) في الأصل :"عن ابن عمر رضي الله عنهما" ثم ضرب على قوله :" ابن ".
(6) أي الترمذي.
(7) في الموضع السابق برقم (412).
(8) مابين المعكوفين بياض في الأصل، والتصويب من "سنن ابن ماجه ".(2/96)
قلت: ورُوِي أيضًا من حديث جابر - رضي الله عنه -. أخرجه ابن ماجه(1) من حديث شريك، عن ثابت [بن](2) أبي صفية الثُّمالي قال : سألت أباجعفر، قلت له: حدَّثت عن جابر بن عبدالله : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة ؟ قال : نعم(3).
وقال النسائي(4):" ثابت بن أبي صفية ليس بثقة ".
[ورواه(5) عن](6) عبدالله بن عامر بن زرارة.
وروي أيضًا من حديث أبي رافع. وأخرجه البزار في "مسنده"(7) من حديث عبدالعزيز، حدثنا عمرو بن أبي عمرو، عن ابن أبي رافع، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة. رواه عن أحمد بن أبان، عن عبدالعزيز - وهو عندي الدراوردي(8)-.
وروي من حديث بريدة أيضًا. أخرجه البزار(9) من حديث سفيان، عن
علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة. ورواه عن أبي كريب ، عن علي بن قادم، عن سفيان، وهو إسناد جيد.
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه" برقم (410).
(2) في الأصل:"عن"، وفوقها"صح"،والتصويب من المرجع السابق، وسيذكره المصنف صوابًا.
(3) وتمام الحديث :" قلت : ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا ؟ قال : نعم ".
(4) كما في "تهذيب الكمال" (4/359)، وقال في"الضعفاء والمتروكين" (ص162رقم93) : "ليس بالقوي".
(5) أي ابن ماجه.
(6) في الأصل :"وروى عنه"، وعبدالله بن عامر بن زرارة هو شيخ ابن ماجه في هذه الرواية، ويروي الحديث عن شريك.
(7) كما في "كشف الأستار" (1/143 رقم272).
(8) وهو كذلك كما يدل عليه سياق المصنِّف له مرة أخرى (ص652).
(9) في كتاب الطهارة من "السنن" فيما يظهر ؛ فإني لم أجده في "كشف الأستار" وهو على شرطه.(2/97)
وقال البزار - بعد أن أخرج حديث ابن عباس من حديث عبدالعزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، ومن حديث سفيان، عن زيد -:" وهذا الحديث رواه عن زيد بن أسلم سفيان الثوري ومحمد بن عجلان وهشام بن سعد وداود بن قيس وحفص بن ميسرة والدراوردي وورقاء بن عمر وغيرهم، كلهم رواه عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، وخالفهم الضحاك بن شرحبيل، فرواه عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر، وأغفل في إسناده قصد الصواب "(1).
ثم أخرج عن أبي كريب، ثنا رشدين بن سعد، عن الضحاك بن شرحبيل، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة. قال البزار:"وقد تابع رشدين عبدالله بن لهيعة على مثل هذه الرواية، عن الضحاك، عن زيد، وخالفا من سَمَّيْنَا من الثقات، وماأتى هذا إلا من الضحاك ابن شرحبيل، وقد روي عن بريدة، وعن جابر بن عبدالله، وعن أبي رافع.
فأما حديث بُريدة، فحدثناه أبوكريب والفضل بن سهل، قالا: ثنا علي بن قادم، ثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه - وهو سليمان ابن بريدة -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة ". قال البزار:" وهذا الحديث لا نعلم
رواه عن الثوري، عن علقمة، عن ابن بريدة، عن أبيه إلا علي بن قادم ".
قلت :"علي بن قادم" خزاعي كوفي، روى عنه جماعة، قال أبوحاتم(2): "محله الصدق". روى له أبوداود والترمذي(3).
[ل92/أ]
__________
(1) كذا في الأصل ! وأظن قوله :" وأغفل..." الخ من كلام البزار.
(2) كما في "الجرح والتعديل" لابنه (6/201).
(3) كما في "تهذيب الكمال" (21/106 و109).(2/98)
قال البزار:"حدثنا علي بن سعيد المشرقي،ثنا حفص بن غياث،ثنا ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي، عن محمد بن علي، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة "./ قال :" وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد، ولا رواه عن محمد بن علي إلا أبوحمزة الثمالي ".
قلت :" ثابت بن أبي صفية" دينار تُكلِّم فيه(1).قال أحمد(2):" ضعيف الحديث ليس بشيء"، وقال أبوحاتم(3):" يكتب حديثه ولا يحتج به ". روى له أبوداود والترمذي وابن ماجه(4).
قال البزار(5): حدثنا أحمد بن أبان القرشي، ثنا عبدالعزيز بن محمد، ثنا عمرو بن أبي عمرو، عن ابن أبي رافع، عن أبيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين. قال :" ولا نعلم يروى هذا الحديث عن أبي رافع إلا بهذا الإسناد ".
__________
(1) سبق أن أورده المصنف من طريق ابن ماجه، ونقل كلام النسائي في ثابت، فكان الأولى أن يضم ماهنا مع ذاك.
(2) كما في "العلل" لابنه (3/96 رقم4356).
(3) كما في "الجرح والتعديل" لابنه (2/451)، وفيه زيادة :" لين الحديث ".
(4) لم يذكر المزي في "تهذيب الكمال"(4/357 و359) أنه روى له سوى الترمذي والنسائي في "مسند علي"، وزاد ابن حجر في "التقريب" (826): ابن ماجه، ولم يذكر أبا داود.
(5) في "مسنده" (1/143 رقم272/كشف الأستار ) من نفس الطريق، لكن ليس فيه قوله: "ومرتين مرتين"، ولا تعقيب البزار؛ فالظاهر أن المصنِّف نقل هذا من "السنن"؛ بدليل أنه=
= سبق أن أورده (ص 35) بما يدل على عدم وقوفه على هذه الرواية.(2/99)
وروى [البزار](1) في "مسنده"(2) من حديث مندل بن علي، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة [مرة](3). رواه عن الجراح بن مخلد، عن بكر بن يحيى بن زبّان العنزي، قال :" وهذا الحديث لا نعلم رواه(4) عن عبدالله بن عمرو إلا مجاهد، ولا عن مجاهد إلا ابن أبي نجيح ".
وقرأت على المنذري الحافظ، أنا أبوالعباس الخضر بن كامل بن سالم الدمشقي- بقرائتي عليه بها -، أنا أبوعبدالله الحسين بن علي المقرئ البغدادي - قراءة عليه وأنا أسمع بها. ح -.[و](5) أخبرنا أبوعبدالله إسماعيل بن أبي تراب البغدادي وغيره - في كتبهم،واللفظ لهم-، قالوا:أنا أبوالبركات يحيى بن عبدالرحمن بن حُبيش - قراءة عليه ونحن نسمع -، قالا : أنا أبوالحسين ابن محمد(6)، ثنا الحسين بن محمد بن عبدالله بن الحسين، ثنا عبدالله - يعني ابن محمد البغوي-، ثنا أبوبكر ابن خلاد الباهلي، ثنا الدراوردي عبدالعزيز بن محمد(7)، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ واستنشق مرة واحدة.
__________
(1) في الأصل :" البزاز ".
(2) كما في "كشف الأستار" (1/142 رقم269).
(3) قوله:"مرة"ليس في الأصل،وكتب فوقه:"صح" تدليلاً من الناسخ على أنها هكذا في الأصل.
(4) كذا في الأصل، وفي "كشف الأستار" :" لم يروه".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل.
(6) هو أحمد بن محمد المعروف بابن النَّقُّور.
(7) في الأصل :"ثنا الداوردي عن عبدالعزيز بن محمد"، وهو تصحيف، فالدراوردي هو عبدالعزيز بن محمد.(2/100)
قال الحافظ(1):" أخرجه ابن ماجه في "سننه"(2) بنحوه، عن أبي بكر محمد بن خلاد بن كثير الباهلي البصري - توفي سنة تسع وثلاثين، ويقال : سنة تسع وأربعين، ويقال سنة سبع وخمسين ومائتين -، وأخرجه(3) عن عبدالله بن الجراح [القهستاني](4)، وأخرجه النسائي(5) عن الهيثم بن أيوب الطالقاني، ثلاثتهم عن عبدالعزيز بن محمد الدراوردي، وأخرجه البخاري(6) وأبوداود(7)والترمذي(8) والنسائي(9)وابن ماجه(10)من طرق مختصرًا ومطولاً".
وأما الوضوء مرتين مرتين فرواه البخاري(11) من حديث فليح بن سليمان، عن عبدالله بن أبي بكر بن عمرو بن حَزم، عن عباد بن تميم، عن عبدالله بن زيد : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرتين مرتين.
__________
(1) أي : المنذري، وانظر "مختصر سنن أبي داود" (1/103 ) له.
(2) 1/141 رقم403) كتاب الطهارة، باب الوضوء مرتين. وتقدم تخريجه قريبًا.
(3) أي ابن ماجه مقرونًا برواية أبي بكر محمد بن خلاد السابقة.
(4) في الأصل رسمت الكلمة هكذا:"القيساني "، والتصويب من "الجرح والتعديل " (5/27).
(5) في "سننه" (1/73 رقم101 ) كتاب الطهارة، باب مسح الأذنين.
(6) في "صحيحه" (1/240و258 رقم140و157) كتاب الوضوء، باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة، وباب الوضوء مرة مرة.
(7) في "سننه" (1/95 رقم137و138) كتاب الطهارة، باب الوضوء مرتين مرتين، وباب الوضوء مرة مرة.
(8) في "سننه" (1/52 و60رقم36و42) في أبواب الطهارة، باب ماجاء في مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما، وباب ماجاء في الوضوء مرة مرة.
(9) في "سننه" (1/73 رقم101) كتاب الطهارة، باب مسح الأذنين.
(10) في الموضع السابق من "سننه".
(11) في "صحيحه" (1/258 رقم158) كتاب الوضوء، باب الوضوء مرتين مرتين.(2/101)
وروى الترمذي(1) من حديث زيد بن الحباب، عن عبدالرحمن بن ثابت ابن ثوبان قال : حدثني عبدالله بن الفضل، عن عبدالرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرتين مرتين. قال :" وهذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن ثوبان، عن عبدالله بن الفضل، وهو إسناد [حسن](2) صحيح، وفي الباب عن جابر - رضي الله عنه - ".
وأما الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، فمن حديث عثمان بن عفان(3) - رضي الله عنه - في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تكرار الغسُول(4) ثلاثًا ثلاثًا.
وروى البزار(5) من حديث فُليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا(6). رواه عن محمد بن المثنى وعمرو بن علي، عن
عثمان بن عمر، عن فليح، وهؤلاء كلهم موثقون مخرج لهم في "الصحيح"(7).
[ل92/ب]
__________
(1) في "سننه" (1/62 رقم43) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الوضوء مرتين مرتين.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن الترمذي".
(3) تقدم (ص 419/1).
(4) كذا في الأصل ! وقد يكون متصحِّفًا عن :" الغَسْل ". وفي "المعجم الوسيط" (ص 652): " الغَسُّول : ما يغسل به كالصابون. والماءُ يُغتسل به...، والغَسُّول : جمع أغسال ".
(5) في "مسنده" (2/7 رقم343).
(6) لفظ الحديث في "مسند البزار" :" عن عثمان بن عفان t أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا، وقال : هكذا رأيت رسول الله r توضأ "، فإما أن يكون اللفظ الذي ذكره المصنِّف هو لفظ =
= البزار في "السنن"، أو يكون المصنِّف تصرف في النقل ؛ فذكر الرواية بالمعنى.
(7) أخرج لهم الجماعة كما في "تهذيب الكمال" (26/359)، و (22/162)، و(19/461 و464)، و (23/317 و322).(2/102)
وروى البزار(1) أيضًا من حديث يحيى بن عباد، ثنا فليح [بن](2) سليمان، عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة بن /الزبير، عن [حمران](3)، عن عثمان - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا. رواه عن الحسن بن محمد الزعفراني، عن يحيى. قال(4): "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن عبدالله بن أبي بكر، عن عروة، عن حمران، عن عثمان إلا فليح بن سليمان. وقد رواه عن عروة، عن حمران، عن عثمان : الزهري(5)، وأبوالزناد(6)، وأبو الأسود(7) محمد بن عبدالرحمن، فتابعوا هشام بن عروة (8) وعبدالله بن أبي
بكر(9) على مثل مارويا عن عروة، عن حمران، عن عثمان ".
__________
(1) في "مسنده" (2/78 رقم426).
(2) في الأصل :"عن"، والتصويب من المرجع السابق، وتقدم على الصواب.
(3) تصحف في الأصل إلى :" عمران"، وسيذكره المصنف بعد قليل على الصواب.
(4) ويظهر أن هذا الكلام الذي نقله المصنف من كتاب الطهارة من "السنن" للبزار كما صرح به في غير موضع، وأما عبارته في "المسند"، فهي :" وهذا الحديث رواه عن عروة هشام، ورواه عن هشام جماعة، أحدهم شعبة، فاجتزأنا بمن ذكرناه عن هشام. ورواه أبوالأسود عن عروة، عن حمران، عن عثمان، ورواه ابن لهيعة عنه. ورواه عبدالله بن أبي بكر عن عروة، عن حمران، عن عثمان ".
(5) رواية الزهري أخرجها البزار في "مسنده" (2/80 رقم431).
(6) رواية أبي الزناد أخرجها البزار أيضًا (2/77 رقم425).
(7) رواية أبي الأسود هذه أشار إليها البزار في "مسنده" (2/78).
(8) رواية هشام بن عروة أخرجها البزار أيضًا (2/76 رقم423).
(9) رواية عبدالله بن أبي بكر تقدم تخريجها.(2/103)
وروى الترمذي(1) حديث أبي إسحاق، عن أبي حيَّة، عن علي - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا، وقال :" حديث علي أحسن شيء في هذا الباب وأصح ".
وروى البزار(2) من حديث أبي عوانة، عن خالد بن علقمة، عن عبدخير، عن علي - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا. رواه عن محمد بن عبدالملك القرشي، عنه.
وهو في "المسند"(3) عن عبدالله بن أحمد، حدثني إسحاق بن إسماعيل، ثنا وكيع، ثنا الحسن بن عقبة أبو [كِبْران](4)، عن عبدخير، عن علي - رضي الله عنه - قال: " هذا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، ثم توضأ ثلاثًا ثلاثًا.
وبه عن عبدالله(5)،حدثنا محمد بن[عبدالله بن](6)عمار،ثنا القاسم الجرمي،
عن سفيان، عن خالد [....](7) بن علقمة، عن عبدخير، عن علي - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا.
__________
(1) في "سننه" (1/63 رقم44) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الوضوء ثلاثًا ثلاثًا.
(2) في "مسنده" (3/41 رقم792).
(3) أي :"مسند أحمد" (1/114، 124)، ولكنه من زوائد عبدالله على "المسند".
(4) في الأصل:"كراز"، والتصويب من"مسند أحمد". وهو الحسن بن عقبة أبوكبران -بالباء- المرادي، وقد ذكره كذلك ابن معين في"تاريخه"برواية الدوري (2/115)، وابن سعد في "الطبقات" (6/360)، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/83)، والمزي في "تهذيب الكمال" (16/470) في ذكر الرواة عن عبد خير، وقد تصحف إلى "أبو كيران" في "التاريخ الكبير" (2/301)، و"الجرح والتعديل" (3/28).، و"تعجيل المنفعة" (1/445).
(5) كسابقه من زوائد عبدالله على"مسند أحمد" (1/115،116).
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "مسند أحمد".
(7) بياض في الأصل بمقدار كلمة، والكلام متصل.(2/104)
قال محمد بن عبدالواحد الحافظ(1):" الحسن بن عقبة وثقه يحيى ابن معين(2)، والقاسم ثقة ".
وروى أبوزرعة عبدالرحمن بن عمرو الدمشقي الحافظ : ثنا أبونعيم، ثنا عبدالرحمن بن ثوبان الشامي، عن عبدة بن أبي لُبَابة، عن شقيق بن سلمة : أنه رأى عليًّا وعثمان رضي الله عنهما يتوضئان ثلاثًا ثلاثًا، وقالا :" هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ". هذا من "الأول من فوائد أبي زرعة".
وحديث شقيق بن سلمة هذا - رأيت عثمان وعليًّا يتوضئان ثلاثًا ثلاثًا، ويقولان :" هكذا كان وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "- أخرجه ابن ماجه(3) عن محمود بن خالد الدمشقي، عن الوليد بن مسلم الدمشقي، عن ابن ثوبان، عن عبدة بن أبي لُبابة، عن شقيق، ثم عن أبي حاتم(4)، عن أبي نعيم، عن عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقال : فذكر نحوه.
وروى ابن ماجه(5) أيضًا من حديث الأوزاعي، عن المطلب بن عبدالله بن حنطب، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا، ورفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه عن عبدالرحمن بن إبراهيم الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي.
__________
(1) هو الضياء المقدسي، وكلامه هذا في "المختارة" له (2/286).
(2) كما في "تاريخه" برواية الدوري (2/115).
(3) في "سننه" (1/144 رقم413) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا.
(4) في الموضع السابق، ولكن الذي رواه عن أبي حاتم ليس ابن ماجه، وإنما تلميذه الراوي لـ"السنن" عنه : أبوالحسن ابن سلمة، وهذا من زوائده على "سنن ابن ماجه".
(5) في الموضع السابق برقم (414).(2/105)
وروى أيضًا(1) من حديث سالم أبي المهاجر، عن ميمون بن مهران، عن عائشة وأبي هريرة رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا. رواه عن أبي كريب عن خالد بن [حيان](2)، عن سالم.
ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - إسناد جيد، أخرجه البزار في الطهارة من "السنن" من حديث عامر الأحول، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا. رواه عن محمد بن المثنى، عن الحجاج بن المنهال، عن همام(3). قال(4):" وهذا الحديث لا نعلمه روي عن أبي هريرة بأحسن من هذا الإسناد ".
[ل93/أ]
وروى ابن ماجه(5) أيضًا من حديث سفيان، عن ليث، عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال :" كان رسول الله/ - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ ثلاثًا ثلاثًا ". رواه عن محمد بن يحيى، عن محمد بن يوسف عنه.
و"ليث بن أبي سُليم" صدوق يضعف في حفظه،و"شهر" وُثِّق وتُكلِّم فيه.
وروى أيضًا(6) من حديث سفيان، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن
الرُّبَيِّع بنت معوِّذ بن عفراء : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا. رواه عن
أبي بكر ابن أبي شيبة وعلي بن محمد، عن وكيع، عن سفيان.
و"عبدالله" مختلف في الاحتجاج به.
__________
(1) في "سننه" (1/144 رقم415) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا.
(2) في الأصل :"حسان"، والتصويب من "سنن ابن ماجه"، وانظر "تهذيب الكمال" (8/42).
(3) وهمام يرويه عن عامر الأحول.
(4) أي البزار.
(5) في الموضع السابق برقم (417).
(6) أي ابن ماجه في الموضع السابق من "سننه" برقم (418).(2/106)
وروى الترمذي(1) من حديث شريك، عن ثابت بن أبي صفية قال : قلت لأبي جعفر : حدثك جابر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا ؟ قال : نعم.
قال :" وروى وكيع هذا الحديث عن ثابت بن أبى صفية قال : قلت لأبي جعفر: حدثك جابر - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة ؟ قال: نعم..."(2). قال (3):" وهذا أصح من حديث شريك ؛ لأنه قد روي من غير وجهٍ، وهذا(4) عن ثابت نحو رواية وكيع.
وشريك كثير الغلط. وثابت بن أبي صفية هو أبوحمزة الثمالي " - بضم الثاء المثلثة -.
وروى عبدالوهاب بن أبي عصمة (5)، ثنا النضر بن طاهر، حدثنا عبيدالله بن عكراش، حدثني أبي قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة، وقال : (( هذا وضوء لايقبل الله الصلاة إلا به )).
وبإسناده قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرتين مرتين، وقال : (( هذا وسط من
الوضوء )) . أخرجه الحافظ أبو بكر الخطيب في " تاريخ بغداد "(6) في ترجمة
عبدالوهاب هذا، ولم أره ذكر حاله.
__________
(1) في "سننه" (1/65 رقم45) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثًا.
(2) وبعده قال :"حدثنا بذلك هناد وقتيبة، قالا : حدثنا وكيع، عن ثابت بن أبي صفية ".
(3) أي : الترمذي.
(4) في "سنن الترمذي" المطبوع :" هذا " بلا واو.
(5) وروايته عند الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" كما سيأتي.
(6) 11/28 الترجمة رقم5694).(2/107)
وروى النسائي(1) وابن ماجه(2) من حديث سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال : جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله -وفي حديث النسائي : يسأله - عن الوضوء، فأراه ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال : (( هذا الوضوء )) - وفي حديث النسائي : (( هكذا الوضوء )) - (( فمن زاد على هذا فقد أساء أو تعدى أو ظلم )) -. وفي حديث النسائي : ((فقد أساء وتعدى وظلم )) - .
وهذا الحديث صحيح عند من يصحح حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده ؛ لصحة الإسناد إلى عمرو. وهذا الحديث مختصر من الحديث الذي تقدم(3) في "صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من جهة أبي داود(4).
وروى البزار من حديث محمد بن حجر، ثنا سعيد بن عبدالجبار بن وائل، عن أبيه، عن أمه، عن وائل بن حجر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا. رواه عن إبراهيم بن سعيد الجوهري عنه. قال البزار :" وقد روي في هذا الباب عن أبي أمامة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاقتصرنا على من ذكرناه ".
وأما اختلاف المرات في الوضوء الواحد، فمرَّ(5) في حديث عبدالله بن زيد من طريق مالك وسفيان.
__________
(1) في "سننه" (1/88 رقم140) كتاب الطهارة، باب الاعتداء في الوضوء.
(2) في "سننه" (1/146 رقم422) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه.
(3) ص 439و440/1).
(4) في "سننه"(1/94 رقم135) كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا.
(5) ص 429و430/1).(2/108)
وسئل الدارقطني(1) عن حديث ابن أبي رافع عبيدالله، عن أبيه :" رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا، ورأيته توضأ مرة مرة "، [فقال](2):" يرويه الدراوردي، واختلف عنه.
[ل93/ب]
فرواه سعيد بن سليمان وسليمان الشاذكوني ونعيم بن حماد عن الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبدالله بن عبيدالله [بن أبي رافع](3)، عن أبيه، عن جده. [ورواه](3) أبوهمام عن الدراوردي بهذا الإسناد، إلا أنه لم يذكر عمرو بن أبي عمرو. ورواه سعيد بن منصور وضرار بن صُرَد وخلف [بن](4) هشام عن الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، عن يعقوب بن خالد، عن أبي رافع./ ورواه الحسن بن الصباح الزعفراني عن سَعْدُويه، عن الدراوردي، عن محمد بن عمارة ويعقوب بن المسيب، عن أبي رافع. وأشبههما بالصواب حديث عمرو بن أبي عمرو، عن عبدالله بن عبيدالله - وهو عبادل -، عن أبيه، عن جده. وحديث محمد بن عمارة هو حديث آخر ؛ لأن سعيد بن سليمان قد أتى بهما جميعًا، فأشبه أن يكونا محفوظين عن الدراوردي، والله عز وجل أعلم ".
روى البخاري(5) عن [كريب مولى](6) ابن عباس، عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهم - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أفاض من عرفة عدل إلى الشعب فقضى حاجته. قال أسامة : فجعلت أصب عليه ويتوضأ، فقلت : يارسول الله! أتصلي ؟ قال : (( المصلَّى أمامك )) .
__________
(1) في "العلل" (7/10 رقم1173).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "العلل".
(3) في الأصل :"وروى"، والتصويب من "العلل".
(4) في الأصل :"و"، والتصويب من "العلل".
(5) في "صحيحه" (1/285 رقم181) كتاب الوضوء، باب الرجل يوضئ صاحبه.
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "صحيح البخاري".(2/109)
وروى البخاري(1) أيضًا من حديث سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير ابن مطعم أنه أخبره : أنه سمع عروة بن المغيرة بن شعبة [يحدِّث عن المغيرة بن شعبة](2) : أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، وأنه ذهب لحاجة [له](4)، وأن مغيرة [جعل](4) يصب الماء عليه وهو يتوضأ، فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه(3)، ومسح على الخفين. وأخرجه مسلم(4).
وعن صفوان بن عسال - رضي الله عنه - قال :" صببت على النبي - صلى الله عليه وسلم - الماء في السفر والحضر، في الوضوء ". أخرجه ابن ماجه(5). رواه من حديث الوليد بن عقبة، عن حذيفة بن أبي حذيفة الأزدي، عن صفوان، خرَّجه(6) عن بشر بن آدم، عن زيد بن الحباب، عن الوليد.
وأخرجه البزار أيضًا من رواية زيد بن الحباب، ثنا الوليد بن عقبة القيسي، حدثني حذيفة بن أبي حذيفة الأزدي، عن صفوان بن عسَّال المرادي - رضي الله عنه - قال :" صببت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الماء لوضوئه في السفر والحضر، فتوضأ ".
وحديثه هذا يحتاج إلى الكشف عن حاله.
"عسَّال": بفتح العين، وتشديد السين المهملتين.
__________
(1) في الموضع السابق برقم (182).
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "صحيح البخاري".
(3) قوله :" ومسح برأسه" ليس في الموضع السابق من "صحيح البخاري"، ولكنه مثبت في "النسخة اليونينية" (1/56).
(4) في "صحيحه" (1/228 رقم744) كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين.
(5) في "سننه" (1/138 رقم391) كتاب الطهارة وسننها، باب الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه.
(6) في الأصل :"حدثنا خرجه"، ويبدو أن قوله :" حدثنا " زائد، فحذفته.(2/110)
وروى أبومسلم الكشي عن أبي عمر(1)، عن بشر بن المفضّل، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن الرُّبيِّع بنت معوِّذ بن عفراء قالت : صببت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتوضأ، وقال لي : (( اسكبي علي ))(2) .
قد تقدم(3) من يحتج بحديث عبدالله بن محمد بن عقيل ومن لم يره.
وروى يحيى بن أبي طالب عن عبدالكريم بن روح [البزَّار](4)، حدثني أبي، عن أبيه، عن أم عياش قالت :" كنت أوضِّئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا قائمة
وهو قاعد ". من "الرابع من حديث محمد بن عمرو بن البختري عن يحيى"(5).
" أم عياش": بالياء آخر الحروف والشين المعجمة.
وروى أيضًا(6) في "سننه" عن أبي عمر الضرير، عن حماد، عن أبي جعفر الخطمي، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن رجل من قيس قال :" صببت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ ".
و"أبوجعفر الخطمي": عمير بن يزيد أنصاري مديني نزل البصرة. قال أبوعمر(7) : " هو عند جميعهم ثقة " .
وروى(8) عن أبي عمر الحوضي، عن عبدالله بن يزيد، عن موسى بن عُلَي
[ل94/أ]
__________
(1) هو حفص بن عمر المعروف بـ:" الضرير ".
(2) وهو عند أبي داود في "سننه" (1/89-90 رقم126) في كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي r، من طريق بشر بن المفضل، به بلفظ : (( اسكبي لي وضوءًا ))، وعند الطبراني في "معجمه الكبير" (24/270-271 رقم686) من طريق بشر أيضًا، به بلفظ: (( اسكبي وضوءًا )).
(3) ص 138/1).
(4) في الأصل :"البزاز"، وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" (18/249).
(5) وهو في الموضع السابق من "سنن ابن ماجه" برقم (392) من طريق كردوس بن أبي عبدالله الواسطي، عن عبدالكريم بن روح.
(6) يعني أبا مسلم الكشي.
(7) أي ابن عبدالبر في "الاستغناء" (1/505 رقم517).
(8) أي أبومسلم الكشي في "سننه".(2/111)
ابن رباح اللخمي، عن أبيه، عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال : صببت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ وضوءًا مكيثًا، ثم قال : ((ياعمرو ! لعلي أبعثك على جيش فيسلمك الله، وأزْعب لك زعبة من المال )) . قال : قلت : يارسول الله! إني لم أسلم /رغبة في المال، فقال: (( نعمَّا بالمال الصالح للرجل الصالح ))(1) .
و"عُلَي بن رباح": بضم العين، وفتح اللام هو المشهور فيه. و"رَبَاح" والده:بفتح الراء، وبعدها باء ثاني الحروف.وقوله:[وأَزْعَبُ](2):بالزاي المعجمة الساكنة، وبعدها عين مهملة مفتوحة، ثم باء. "زَعْبة"- بفتح الزاي- قال الفارسي في "[مجمعه]"(3):" قال الأصمعي : معناه أعطيك دفعة من المال. [قال:والزعب هو الدفع](4)، يقول(5):جاءنا سيل يزعب زعبًا؛ أي:يتدافع"(6).
__________
(1) لم أجد رواية أبي عمر الحوضي هذه عن عبدالله بن يزيد، والحديث أخرجه أحمد في "المسند" (4/197)، والبخاري في "الأدب المفرد" (1/398-399 رقم299)، والحاكم في "المستدرك" (2/2)، ثلاثتهم من طرق أخرى عن عبدالله بن يزيد، به، وليس عند أحد منهم قوله:" صببت على النبي r فتوضأ وضوءًا مكيثًا ". وفي "المسند" و"المستدرك": " أرغب" بالراء المهملة، وفي "الأدب المفرد" :" أزعب" بالزاي كما هنا.
(2) في الأصل :"وزاغب" بالزاي، والغين المعجمة، وقد نقله ابن الملقن في "البدر المنير" (1/317) عن المصنف هكذا على الصواب.
(3) في الأصل :"معجمه"، وتقدم على الصواب في مواضع تجدها في "فهرس مصادر المصنِّف". وقول الأصمعي هذا نقله عنه أبوعبيد في "غريب الحديث" (1/64).
(4) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "غريب الحديث".
(5) كذا في الأصل، ولعل الأولى :" يقال ".
(6) وللشيخ الألباني تعليق طويل في "صحيح الأدب المفرد" (ص299 رقم126) رجح فيه أن الصواب :" أرغب" بالراء والعين المهملتين.(2/112)
وروى أبوبكر ابن أبي خيثمة : ثنا أحمد بن [جناب](1)، ثنا عيسى بن يونس، عن برد بن سفيان، حدثني أبويحيى الكلاعي، عن جبير بن نفير، عن أميمة مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت :" كنت أوضِّئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرغ على يده الماء، إذ دخل عليه رجل ".
وروى النضر بن منصور الفزاري(2): حدثنا عقبة بن علقمة - وهو
أبوالجنوب - قال : رأيت عليًّا - رضي الله عنه - يستقي ماءً لوضوئه، فبادرت أستقي له،
فقال : مه ! إني رأيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يستقي ماءً لوضوئه، فبادرت
أستقي له، فقال : مه ياأبا الحسن ! إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستقي ماءً لوضوئه من زمزم في ركوة، فبادرت أستقي له، فقال : (( مه ياعمر ! إني لا أريد أن يعينني على صلاتي أحد )).
__________
(1) في الأصل :"حباب"، والتصويب من "تهذيب الكمال" (1/283).
(2) وهذه الرواية أخرجها الحسن بن علي بن شبيب المعمري في "السنن" كما سيأتي.(2/113)
ورواه أبوجعفر مُطَيّن في "مسند علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ": حدثنا عبدالله ابن عمر بن أبان ومحمد بن سويد قالا : ثنا النضر بن منصور أبو عبدالرحمن [العنزي](1)، ثنا أبوالجنوب(2) [عقبة](3) بن علقمة اليشكري، قال : رأيت عليًّا يستقي لوضوئه فبادرته أستقي له، فقال: مه يا أبا [الجنوب](4)! فإني رأيت عمر يستقي ماءً لوضوئه، فبادرته أستقي له، فقال : مه ياأبا الحسن ! فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستقي ماءً لوضوئه، فبادرته أستقي له، فقال : (( مه ياعمر ! فإني أكره أن يشركني في وضوئي أحد )) . رواه(5) أبو علي الحسن بن علي بن شبيب [المعمري](6)، واللفظ لروايته في كتاب الطهارة من "السنن".
ورواه الحافظ أبو بكر البزار(7) من حديث النضر بن منصور أيضًا، عن
__________
(1) رسمت في الأصل هكذا :" العزي"، والتصويب من "تهذيب الكمال" (29/405)، وسيذكره المصنف قريبًا على الصواب.
(2) في الأصل :"أبوالخير"، وصوبت بالهامش.
(3) في الأصل :"ابن عقبة"، وتقدم على الصواب.
(4) في الأصل :"الحقوق"، وتقدم - وسيأتي - على الصواب.
(5) أي الرواية الأولى التي قبل رواية مطيّن.
(6) في الأصل :"العُمري"، والصواب المثبت ؛ فإنه نسب هذه النسبة ؛ لأنه عُني بجمع حديث معمر بن راشد. وانظر "الأنساب" للسمعاني (5/346).وسيذكره المصنِّف على الصواب (ص 69).
(7) يبدو أنه في الطهارة من"السنن"،وهو بلفظ مقارب في"المسند"(1/136 رقم260/كشف=
= الأستار)، ولم أجده في مسند عمر، ولامسند علي رضي الله عنهما من المطبوع من "مسند البزار".(2/114)
أبي الجنوب قال: رأيت عليًّا - رضي الله عنه - يستقي ماءً لوضوئه، فأردت أن أعينه عليه، فقال : إن عمر بن الخطاب استقى ماءً لوضوئه، فقلت : ألا أعينك عليه ؟ قال : إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستقي ماءً لوضوئه، فأردت أن أعينه، فقال : ((إني لا أحب أن يعينني على وضوئي أحد )) . رواه عن عبدالله بن سعيد الكندي، حدثنا النضر بن منصور أبوعبدالرحمن، عن أبي الجنوب، وقال عقيبه :" وهذا الفعل لا نعلمه يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد،وأبوالجنوب لا نعلم حدث عنه إلا النضر بن منصور،والنضر قد حدث عنه غير واحد، وهذا الحديث إنما ذكرناه لأنه [لايروى](1) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه ".
[ل94/ب]
وروى أبوأحمد ابن عدي(2) عن محمد بن علي، عن عثمان بن سعيد(3)، قلت ليحيى بن معين: فالنضر بن /منصور العَنَزي تعرفه ؟ روى(4) عنه ابن أبي معشر،عن أبي الجنوب، عن علي، من هؤلاء ؟ قال: "هؤلاء حمالة الحطب".
وروى أبوالحسن الدارقطني الحافظ : ثنا محمد بن مخلد، ثنا عباد بن الوليد أبوبدر قال : حدثني مطهر بن الهيثم، عن أبيه، عن أبي جمرة الضبعي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكل طهوره إلى أحد، ولا صدقته التي يتصدق بها، حتى يكون هو الذي يتولاها بنفسه". أخرجه في " بعض أحاديث المقلين من أبناء المكثرين، وبعض أحاديث المكثرين عن آبائهم المقلين، وعن إخوانهم المقلين " في ترجمة علقمة بن أبي جمرة الضبعي، عن أبيه نصر بن عمران أبي جمرة، وفي الجزء غير ذلك.
__________
(1) في الأصل :"يروى"، وهناك إشارة لحق، لكن لم يظهر شيء في التصوير.
(2) في "الكامل" (7/23 ).
(3) هو الدارمي، وهذا النص في "تاريخه عن ابن معين" (ص220 رقم828).
(4) في "الكامل" المطبوع :"يروي"، وكذا في "تاريخ عثمان بن سعيد".(2/115)
و"أبوجمرة": بالجيم والراء المهملة. و"مُطَّهَر": بضم الميم، وفتح الطاء المهملة المشددة، وفتح الهاء أيضًا.
وروى[المعمري](1)من حديث المعتمر بن سليمان قال: قرأت على الفُضيل، عن [أبي حريز](2) قال: وحدثني أن[...](3) قال :كان ابن عمر يقول: ما أبالي أعانني على طهوري أحد، أو أعانني على ركوعي وسجودي. [...](4)
روى الدارقطني(5) من حديث صالح بن عبدالجبار، أنا ابن البيلماني، عن
أبيه، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - : أنه توضأ بالمقاعد - والمقاعد بالمدينة حيث يُصلى على الجنائز عند المسجد -، فغسل كفيه ثلاثًا ثلاثًا، واستنثر ثلاثًا(6)، ومضمض ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاثًا، ومسح برأسه ثلاثًا، وغسل قدميه ثلاثًا، وسلم عليه رجل وهو يتوضأ، فلم يرد عليه حتى فرغ، فلما فرغ كلَّمه معتذرًا إليه، وقال:لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( من توضأ هكذا ولم يتكلم، ثم قال:أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، غفر له مابين الوضوءين )) .
__________
(1) في الأصل:"العمري"، وتصحفت مرارًا كما في(ص666)،وجاءت على الصواب(ص69).
(2) تصحفت في الأصل إلى :" أبي جرير"، والتصويب من ترجمته في "تهذيب الكمال" (14/420)، واسمه عبدالله بن الحسين الأزدي.
(3) بياض في الأصل بمقدار كلمتين.
(4) بياض في الأصل بمقدار سطر، ولعل في موضعه فصل - أو باب - في الذكر عقب الوضوء ؛ فإن الكلام الآتي متعلق بهذا الموضوع.
(5) في "سننه" (1/92 رقم5).
(6) في الأصل :"ثلاثًا ثلاثًا"، والتصويب من "سنن الدارقطني".(2/116)
و"صالح بن عبدالجبار" ذكر ابن القطان(1) أنه مجهول الحال، قال :" ولا أعرفه إلا في هذا الحديث، وفي حديث: (( أنكحوا الأيامى منكم ))(2) المنبّه عليه الآن "- وقد كان ذكره في كلامه -. و"محمد بن عبدالرحمن بن البَيْلماني" قال الترمذي(3) عن البخاري :" إنه منكر الحديث ". انتهى. وذكراسمه أنه مفتوح الباء ثاني الحروف، وبعدها ياء ساكنة، وبعدها لام مفتوحة، وقبل ياء النسبة نون. [......](4)
عن أبي الفضل محمد بن نعيم بن علي البخاري، قال : حدثنا أبوالقاسم أحمد بن حُمٍّ الصَّفّار اللخمي،ثنا أبومقاتل سليمان بن الفضل، ثنا أحمد بن [مصعب](5) المروزي، ثنا حبيب بن أبي حبيب الشيباني، ثنا [أبو](6) إسحاق
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (3/93 رقم788).
(2) أخرجه الطبراني في"الكبير"(12/185 رقم12990)، وابن عدي في "الكامل"(6/181).
(3) في "علله الكبير" (ص396 رقم151).
(4) بياض في الأصل بمقدار سطر.
(5) في الأصل :"شعيب"، والتصويب من "البدر المنير" (1/320-321 /مخطوط) فقد نقله عن المصنف، وكذا جاء في الموضع الآتي من "كنز العمال"، وقد ترجم له صاحب "الميزان" (1/156 رقم621).
(6) مابين المعكوفين سقط من الأصل، وسيذكره المصنف على الصواب.(2/117)
السبيعي رفعه إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهن عند الوضوء فلم أنسهن : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أُتي بماءٍ فغسل كفيه ثم قال: ((بسم الله العظيم،والحمد لله على الإسلام،اللهم! اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين،واجعلني من الذين إذا أعطيتهم شكروا، وإذا ابتليتهم /صبروا ))، فإذا غسل فرجه قال: (( اللهم ! حصّن فرجي ))- ثلاثًا-، وإذا تمضمض قال: (( اللهم ! أعني على تلاوة كتابك ))، وإذا استنشق قال : ((اللهم! أرحني رائحة الجنة ))، فإذا غسل وجهه قال : (( اللهم ! بيّض وجهي يوم تبيضُّ وجوه وتسودُّ وجوه ))، وإذا غسل يمينه قال : (( اللهم ! أعطني كتابي بيميني وحاسبني حسابًا يسيرًا ))،وإذا غسل شماله قال: (( اللهم! لا تعطني كتابي بشمالي ولامن وراء ظهري ))،وإذا مسح رأسه قال: (( اللهم! غشني برحمتك ))، وإذا مسح أذنيه قال : (( اللهم! اجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ))، وإذا غسل رجليه قال : (( اللهم ! اجعل لي سعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا، وتجارة لن تبور ))، ثم رفع رأسه إلى السماء فقال : (( الحمدلله الذي رفعها بغير عمد )). قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( والملك قائم على رأسه يكتب مايقول في ورقة، ثم يختمه فيرفعه تحت العرش(1)، فلا يفك خاتمه إلى يوم القيامة ))(2).
[ل95/أ]
__________
(1) في "البدر المنير" :" فيرفعه فيضعه تحت العرش ".
(2) نقل هذا الحديث عن المصنِّف : ابن الملقن في الموضع السابق من "البدر المنير"، وأورده صاحب "كنز العمال" (9/466-467 رقم26991) وعزاه للمستغفري في "الدعوات"، وذكر أن ابن دقيق العيد أورده في "الاقتراح"، وهو وهم؛ فإنه ليس في "الاقتراح"، ولعله أراد "الإمام"؛ بدليل نقله لتعقيب المصنف على الحديث كما هنا.(2/118)
أبوإسحاق السبيعي عن علي - رضي الله عنه - منقطع، وفي إسناده غير واحد يحتاج إلى معرفته والكشف عن حاله(1).
__________
(1) قال صاحب "كنز العمال" بعد أن أورد كلام المصنِّف هذا :« قال ابن الملقن في "تخريج أحاديث الوسيط":وهو كما قال، فقد بحثت عن أسمائهم في كتب الأسماء فلم أر إلا أحمد=
= ابن مصعب المروزي، قال في "اللسان" : هو متهم بوضع الحديث، والراوي عنه أبومقاتل سليمان بن محمد بن الفضل ضعيف ». ا.هـ. وذكره ابن حجر في " نتائج الأفكار" (1/263-264)، ثم قال :« وسليمان ضعيف،وشيخه تبين لي من كلام الخطيب في " المتفق والمفترق" أنه نسب إلى جد أبيه، وهو : أحمد بن محمد بن عمرو ابن مصعب، يكنى : أبا بشار، وكان من الحفاظ، ولكنه متهم بوضع الحديث ». ا.هـ.(2/119)
ولهذا الحديث طريق آخر عن علي - رضي الله عنه -، من حديث المغيث بن بُديل، عن خارجة، عن يونس، عن الحسن البصري، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثواب الوضوء، فقال : (( ياعلي ! إذا قربت وضوءك فقل : بسم الله العظيم، والحمد لله على الإسلام(1)، اجعلني من المتطهرين، واجعلني من الذين إذا أعطيتهم شكروا، وإذا ابتليتهم صبروا، وإذا تمضمضت فقل : اللهم ! أعني على تلاوة القرآن وذكرك، وإذا استنشقت فقل : اللهم ! ريحني رائحة الجنة، وإذا غسلت وجهك فقل : اللهم ! بيّض وجهي يوم تبيضُّ وجوه وتسودُّ وجوه، وإذا غسلت ذراعك اليمنى فقل : رب ! أعطني كتابي بيميني يوم القيامة، وحاسبني حسابًا يسيرًا، وإذا غسلت ذراعك اليسرى فقل: اللهم ! لا تعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري، وإذا مسحت برأسك فقل : اللهم ! غشني برحمتك، وإذا مسحت أذنيك فقل : اللهم ! اجعلني ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، وإذا غسلت رجليك فقل : اللهم ! اجعله سعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا، وعملاً متقبلاً، سبحانك اللهم ! وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، اللهم ! اجعلني من التوابين [واجعلني من](2) المتطهرين. والملك قائم على رأسه يكتب مايقول، ثم يختمه بخاتمه، ثم يعرج به إلى السماء، فيضعه تحت عرش الرحمن، فلا يفك ذلك الخاتم إلى يوم القيامة ))(3)
__________
(1) من الواضح أن هناك سقطًا في هذا الموضع بعد قوله :" على الإسلام"، ففي الموضع الآتي من "كنز العمال" زيادة :" فإذا غسلت فرجك فقل : اللهم ! حصِّن فرجي، واجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ".
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "كنز العمال".
(3) الحديث أخرجه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (1/261-263) من طريق محمود ابن العباس، عن المغيث بن بُدَيل، به، ثم قال :« هذا حديث غريب أخرجه أبو القاسم ابن منده في "كتاب الوضوء".
وأخرجه المستغفري في "الدعوات"من وجه آخر عن محمود بن العباس بهذا الإسناد، ومن طريق الحسين بن الحسن المروزي، عن مغيث بن بُدَيل، به. وأخرجه أبو منصورالديلمي في"مسند الفردوس"من طريق أحمد بن عبدالله عن مغيث، ورواته معروفون، لكن الحسن عن علي منقطع، وخارجة بن مصعب تركه الجمهور، وكذّبه ابن معين، وقال ابن حبان: كان يدلِّس عن الكذابين أحاديث رووها عن الثقات على الثقات الذين لقيهم، فوقعت الموضوعات في روايته». اهـ.
وأورده صاحب"كنز العمال" (9/465 رقم 26990) مع فروق يسيرة في اللفظ، ثم قال: « وأورده أبوالقاسم ابن منده في "كتاب الوضوء"، والديلمي، والمستغفري في"الدعوات"...».(2/120)
. ذكره الحاكم أبوالعباس جعفر بن محمد بن المعتز المستغفري في كتاب "الدعوات" من حديث القاضي أبي سعيد الخليل بن أحمد، أنا أبوعمر(1) التمار محمد بن عبدالرحمن، ثنا [الحسين بن حميد، ثنا](2) الحسين بن الحسن المروزي(3)، ثنا المغيث بن بديل.
ورأيته في النسخة التي نقلت منها معلَّقًا عن الخليل بن أحمد، ويمكن أن يكون سقط منه الإخبار.
ثم رواه المستغفري عن الحسن بن عبدالله بن عمر، عن أحمد بن أحيد(4)، عن صالح بن محمد البغدادي، عن عثمان بن غياث أبي سعيد الخدري (5)، عن [محمود](6) بن العباس، عن المغيث بن بديل، عن خارجة، وقال : "بإسناده نحوه ".
وله وجه آخر عن علي - رضي الله عنه -، وفيه ألفاظ غير هذه.
[ل95/ب]
__________
(1) في "البدر المنير" (1/320-321/مخطوط) :" أبوعمرو".
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "البدر المنير".
(3) في "البدر المنير" :" الدولابي" بدل "المروزي".
(4) لعله أحمد بن أحيد بن فَرِينام المترجم في وفيات سنة (330هـ) من "تاريخ الإسلام" (ص276)، و"توضيح المشتبه" (8/110).
(5) كذا في الأصل، وكتب فوق قوله :" الخدري": "صح"، ولم أجد ترجمته لعثمان بن غياث هذا، ولكن في "التمهيد" (23/100) قال ابن عبدالبر :"حدثنا خلف بن القاسم، حدثنا أبوالحسن علي بن محمد بن أحمد المقدسي بمنى في مسجد الخيف إملاءً من حفظه، قال : حدثنا أبوسعيد الخدري، حدثنا علي بن زياد اللخمي..."، فذكر حديثًا.
(6) في الأصل :"محمد"، والتصويب من "نتائج الأفكار" لابن حجر (1/263)، فإنه رواه من طريق محمود هذا، ثم ذكر أن المستغفري رواه من طريقه.(2/121)
رواه الحافظ أبوالقاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي /المعروف بابن عساكر في "أماليه" من حديث أبي جعفر محمدبن منصور بن يزيد المقرئ، ثنا داود بن سليمان، عن شيخ من أهل البصرة يكنى : أبا الحسن، عن أصرم بن حوشب الهمداني، عن أبي عمرو ابن قرة، عن أبي جعفر المرادي، عن محمد بن الحنفية قال : دخلت على والدي علي بن أبي طالب، وإذا عن يمينه إناء من ماء، فسمّى، ثم سكب على يمينه، ثم استنجى، وقال: " اللهم ! حصِّن فرجي، واستر عورتي، ولا تشمت بي الأعداء "، ثم تمضمض، واستنشق، وقال :" اللهم ! لقِّنِّي حجتي، ولا تحرمني رائحة الجنة"، ثم غسل وجهه وقال :" اللهم ! بيِّض وجهي يوم تسودُّ وجوه، ولا تسوِّد وجهي يوم تبيضُّ وجوه "، ثم سكب على يمينه وقال :" اللهم ! أعطني كتابي بيميني، والخلد بشمالي "، [ثم سكب على شماله وقال :" اللهم لا تعطني كتابي بشمالي](1)، ولا [تجعلها](2) مغلولة إلى عنقي "، ثم مسح برأسه وقال: " اللهم ! غشنا [برحمتك](3) فإنا نخشى من عذابك، اللهم ! لا تجمع بين نواصينا وأقدامنا"، ثم مسح [عنقه](4)، فقال :" اللهم ! نجنا من مفظعات النيران وأغلالها "، ثم غسل قدميه فقال:"اللهم ! ثبت قدمي على الصراط يوم [تزل](5) فيه الأقدام"، ثم استوى قائمًا فقال:"[اللهم! كما طهرتنا بالماء فطهرنا من الذنوب "، ثم قال بيده هكذا - يقطر الماء من أنامله -، ثم قال : " يابني ! افعل كفعلي هذا، فإنه ما من قطرة تقطر من أناملك إلا خلق الله منها
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "البدر المنير" (1/321/مخطوط)، لكن فيه : "لا تعطيني" بدل "لا تعطني".
(2) في الأصل :"تجعلهما"، والمثبت من "البدر المنير".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من الموضع السابق من "البدر المنير".
(4) في الأصل :"عقبه"، والتصويب من "البدر المنير".
(5) في الأصل و"نتائج الأفكار" (1/264):"تزول"، والتصويب من المرجع السابق.(2/122)
ملكًا يستغفر لك إلى يوم القيامة، يابني ! من فعل كفعلي هذا تساقطت عنه الذنوب كما يتساقط الورق عن الشجر يوم الريح العاصف "](1)(2)
وروى المستغفري أيضًا من حديث عيسى بن موسى غنجار، عن أبي حمزة عبدالله بن مسلم، عن سالم بن أبي الجعد، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه قال : (( مامن عبدٍ يقول حين يتوضأ بسم الله، ثم يقول لكل عضوٍ : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم يقول حين يفرغ : اللهم ! اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، إلا فتحت له ثمانية أبواب من الجنة يدخل من أيها شاء، فإن قام من فوره ذلك فصلى ركعتين يقرأ فيهما ويعلم مايقول، انفتل من صلاته كيوم ولدته أمه، ثم يقال له : استأنف العمل )) . أخرجه المستغفري، عن أبي العباس جعفر بن محمد المكي، عن أبي بكر محمد بن خليل(3) بن حفص البيكندي، عن أبي محمد إسحاق بن حمزة بن يوسف بن فروخ، عن عيسى بن موسى.
__________
(1) مابين المعكوفين بياض في الأصل بمقدار سطرين ونصف، فاستدركته من "البدر المنير"، و"كنز العمال".
(2) الحديث ذكره ابن الملقن في "البدر المنير" (1/321/مخطوط) وعزاه لابن عساكر في =
= "أماليه"، وكذا في "كنز العمال" (9/468 رقم26992).
وذكره ابن حجر في "نتائج الأفكار" (1/264)، وعزاه لابن عساكر في "أماليه"، ثم قال : "وفي سنده أصرم بن حوشب، وقد وصف بأنه كان يضع الحديث ". ا. هـ.
(3) في "البدر المنير" :" حامد " بدل "خليل".(2/123)
وروى النسائي في "اليوم والليلة"(1) عن عباد بن عباد بن علقمة، سمعت أبامجلز يقول : قال أبوموسى : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتوضأ(2) فسمعته يدعو يقول: (( اللهم! اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري، وبارك لي في رزقي )). قال : فقلت : يانبي الله ! لقد سمعتك تدعو بكذا وكذا، قال : (( وهل تَرَكْنَ
من شيء )). أخرجه عن محمد بن عبدالأعلى، عن المعتمر، عنه(3).[......](4)
[ل96/أ]
/روى الطبراني(5) - وأخرجه أبوموسى(6) محمد بن عمر من جهته - عن إبراهيم بن دحيم، ثنا أبي، ثنا ابن أبي فديك، ثنا عبدالمهيمن بن عباس بن سهل بن سعد، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا وضوء لمن لم يصلِّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - )) .
قال أبوموسى :" رواه ابن أبي عاصم عن دحيم مثله - وترجم عليه أبوموسى :"باب الصلاة عليه في الوضوء" -، وأخشى أن يكون هذا غلطًا، فإن الحديث من رواية عبدالمهيمن معروف ".
قلت : ورواه الطبراني أيضًا في " المعجم الكبير "(7) قال : حدثنا عبدالرحمن بن معاوية العتبي المصري، ثنا عبيدالله بن محمد المنكدري، ثنا ابن أبي فديك، عن أُبَيّ بن عباس بن سهل بن سعد، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا صلاة لمن لم يصل على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا صلاة لمن لا [يحب الأنصار ))](8).
__________
(1) من "السنن الكبرى" (6/24رقم9908) باب مايقول إذا توضأ.
(2) في المطبوع من "سنن النسائي":" وتوضأ".
(3) أي عن عباد بن عباد.
(4) بياض في الأصل بمقدار تسعة أسطر.
(5) في "المعجم الكبير" (6/121 رقم5698).
(6) أي المديني.
(7) في الموضع السابق منه برقم (5699).
(8) في الأصل :"يصلي"، ثم بياض، والتصويب من المرجع السابق.(2/124)
روى مسلم(1) من حديث معاوية بن صالح، عن ربيعة - يعني ابن يزيد-،
عن أبي إدريس الخولاني، عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : كانت علينا [رعاية](2) الإبل، فجاءت نوبتي، فروَّحتها بعَشِيّ، فأدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا يحدِّث الناس، فأدركت من قوله : (( مامن مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين [مقبلٌ](3) عليهما بقلبه ووجهه، إلا وجبت له الجنة )) . قال : فقلت : ماأجود هذه !! فإذا قائل بين يدي يقول : التي قبلها أجود(4)، فنظرت فإذا عمر - رضي الله عنه -، قال : إني قد [رأيتك](5) جئت آنفًا، قال : (( ما منكم من أحدٍ يتوضأ فيبلغ -أو فيسبغ- الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء )) .
ورواه(6) أيضًا من جهة زيد بن الحباب، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان، عن جبير بن نفير بن مالك الحضرمي، عن عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال مسلم : فذكر مثله، غير أنه قال : (( من توضأ فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله )). انتهى.
وفي هذا الحديث اختلاف : رواه النسائي(7) من حديث محمد بن علي بن
__________
(1) في"صحيحه"(1/209رقم234/17)كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء.
(2) في الأصل :"رعية"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(3) في الأصل :"مقبلاً"، والمثبت من المصدر السابق.
(4) في الأصل :"أجود منها "، والتصويب من "صحيح مسلم".
(5) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(6) أي مسلم في الموضع السابق بعد رقم (234/17).
(7) في "سننه" (1/92 رقم148) كتاب الطهارة، باب القول بعد الفراغ من الوضوء.(2/125)
حرب، عن زيد بن الحباب، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان، عن عقبة، ومن رواية أسد بن موسى(1)، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس،/ عن عقبة بن عامر وأبي عثمان، عن [جبير](2) بن نفير، عن عقبة.
[ل96/ب]
ورواه الترمذي(3) عن جعفر بن محمد الثعلبي، عن زيد بن الحباب...، بسنده، وقال : عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان، عن عمر به.
ولهذا الاضطراب قال أبوعيسى الترمذي :"[وهذا](4) الحديث في إسناده اضطراب، ولايصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب كبير شيء. قال [محمد](5): أبو إدريس لم يسمع من عمر شيئًا ".
__________
(1) عزاه المزي في "تحفة الأشراف" (8/89 رقم10609) للنسائي في الطهارة وعمل اليوم والليلة من "الكبرى"، ولم أجده في المطبوع منها.
(2) تصحف في الأصل إلى :" جرير "، وتقدم قبل ذلك على الصواب.
(3) في "سننه" (1/77 رقم55) أبواب الطهارة، باب فيما يقال بعد الوضوء.
(4) في الأصل :"وقال"، والتصويب من "سنن الترمذي".
(5) في الأصل :"أبومحمد"، والتصويب من "سنن الترمذي"، وهو محمد بن إسماعيل البخاري.(2/126)
وذكر عبدالحق(1)[من طريق](2) الترمذي، عن [عمر](3) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من توضأ فأحسن الوضوء... )) الحديث بزيادة : (( اللهم ! اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ))، فقال ابن القطان(4):« وسكت عنه(5) مصححًا له، وهو منقطع ؛ فإنه من رواية أبي إدريس، وأبي عثمان، عن عمر - رضي الله عنه -. قال الترمذي في كتاب "العلل"(6):" سألت محمدًا عنه فقال : هذا خطأ، إنما هو معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، عن عقبة، عن عمر. ومعاوية عن ربيعة بن [يزيد](7)، عن أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عمر - رضي الله عنه -. قال(8): وليس لأبي إدريس سماع من عمر. قلت : من أبوعثمان هذا ؟ قال : شيخ لم أعرف اسمه ". وقد نص الترمذي في "جامعه"(9) على أن أباإدريس لم يسمع من عمر - رضي الله عنه -.
والقول بأن أبا عثمان لم يسمعه من عمر هو لأجل إدخال جبير بن نفير بينهما ».
قلت : لمن صححه أن يجعل رواية أبي إدريس وأبي عثمان عن عمر مرسلة، ويأخذ بالزيادة في إثبات عقبة بن عامر بين [أبي](10) إدريس وعمر، وإثبات جبير بن نفير بين أبي عثمان وعمر، فإن الأخذ بالزائد أولى.
__________
(1) في "الأحكام الوسطى" (1/187).
(2) في الأصل :"بن ظهير"، وهو تصحيف.
(3) في الأصل :"عمرو"، والتصويب من "بيان الوهم".
(4) في "بيان الوهم والإيهام" (2/382).
(5) يعني عبدالحق.
(6) لم أجده في "العلل" المطبوع.
(7) في الأصل :"بريدة"، والتصويب من المرجع السابق، وتقدم قريبًا على الصواب.
(8) يعني البخاري.
(9) كما تقدم.
(10) مابين المعكوفين سقط من الأصل، ولابد منه كما يفهم مما تقدم، ويبدو أن السقط قديم؛ فإن ابن الملقن في "البدر المنير" (1/327/مخطوط) نقل كلام المصنف هنا وفيه هذا السقط.(2/127)
ولما أخرجه ابن منده قال :" هذا حديث مشهور من طرق عن عقبة بن عامر، وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، أخرجه مسلم(1) بن الحجاج، وهو صحيح على رسم أبي داود، وأبي عبدالرحمن النسائي، ولم يخرج البخاري هذا الحديث من حديث عقبة، وفيه زيادات ". انتهى.
وفي لفظ لأبي داود(2): (( فأحسن وضوءه، ثم رفع طرفه إلى السماء، فقال :... ))، وفي إسناد هذا رجل مجهول.
وروى أبوبكر البزار من حديث شجاع بن الوليد، حدثنا أبوسعد(3)، عن أبي سلمة، عن ثوبان - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع بصره إلى السماء قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء )) . أخرجه في الثاني من الطهارة من [...](4) "السنن" [...](3)، ورواه عن محمد بن المثنى، عن شجاع بن الوليد، عن أبي سعد، [وقال](5) : " وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن ثوبان إلا من هذا الوجه ".
[ل97/أ]
وعن زيد العَمِّي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال - ثلاث مرات -: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فتحت(6) له ثمانية أبواب الجنة
من أيها شاء دخل )) . أخرجه ابن ماجه(7). و" زيد العمي"/ تقدم.
__________
(1) كما تقدم.
(2) في "سننه" (1/119 رقم170) كتاب الطهارة، باب ما يقول الرجل إذا توضأ، ولكن جاء في المطبوع :" فأحسن الوضوء، ثم رفع بصره...".
(3) هو البقّال، واسمه : سعيد بن المرزبان.
(4) بياض في الأصل بمقدار كلمتين، والكلام متصل .
(5) مابين المعكوفين زيادة يقتضيها السياق.
(6) في"سنن ابن ماجه" :"فتح"،وجاءت على الصواب في"زوائد ابن ماجه" (1/187).
(7) في "سننه" (1/159 رقم469) كتاب الطهارة وسننها، باب مايقال بعد الوضوء.(2/128)
وأخرجه المستغفري(1) في "الدعوات"، وقال :" هذا حديث حسن، وزيد العَمِّي هو : زيد بن الحواري، أبوالحواري العمّي البصري ".
وروى المستغفري(1) الحافظ من حديث الحماني، ثنا قيس، عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عُبَاد، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من قال إذا توضأ : بسم الله، وإذا فرغ : سبحانك اللهم ! وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا الله، أستغفرك وأتوب إليك، طُبع عليه بطابع، ووضعت تحت العرش، فلا تكسر إلى يوم القيامة )) . قال :" هذا الحديث رفعه قيس، ووقفه سُفيان الثوري ". ثم رواه موقوفًا من جهة سفيان.
قلت : قد روي مرفوعًا وموقوفًا أيضًا من جهة شعبة. فرواه النسائي في "اليوم والليلة"(2) من حديث يحيى بن كثير(3) أبي غسان،عن شعبة،عن أبي هاشم،عن أبي مجلز،عن قيس بن عباد،عن أبي سعيد- رضي الله عنه -،عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من توضأ فقال : سبحانك اللهم! وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا الله أنت أستغفرك وأتوب إليك، كتب في رَقٍّ، ثم طُبع بطابع، فلم يكسر إلى يوم القيامة )) .
ثم رواه(4) عن محمد بن بشار، عن محمد(5)، [عن](6) شعبة، عن أبي
هاشم قال : سمعت أبا مجلز يحدث، عن قيس بن عباد، عن أبي سعيد - رضي الله عنه -
__________
(1) وعزاه له أيضًا ابن الملقن في "البدر المنير" (1/328/مخطوط).
(2) من "سننه الكبرى " (6/25 رقم9909)، باب مايقول إذا فرغ من وضوئه.
(3) في الأصل :"يحيى بن أبي كثير"، وهو خطأ، وانظر ترجمته في"تهذيب الكمال" (31/499).
(4) أي النسائي في الموضع السابق برقم (9910).
(5) هو ابن جعفر المعروف بـ: غندر.
(6) في الأصل :"بن"، والتصويب من "السنن الكبرى ".(2/129)
قال(1):"مامن مسلم يتوضأ ويقول : سبحانك [اللهم!](2) وبحمدك..." الحديث، ذكره موقوفًا.
ورواه الطبراني في "الأوسط"(3) من حديث يحيى بن كثير(4)، عن شعبة [مرفوعًا](5)، وفي لفظه :" ثم جعلت في طابع " مع ألفاظٍ أخر في أول الحديث، وقال :" لم يرو هذا الحديث مرفوعًا عن شعبة إلا يحيى بن كثير ".
وقد رُوي من حديث روح بن القاسم، عن أبي هاشم مرفوعًا بلفظ : ((من توضأ ففرغ من وضوئه فقال : سبحانك اللهم ! وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، أثبتت في رق، وطبع عليه طابع، ووضع تحت العرش حتى يُدفع إليه يوم القيامة )) . وهو في "الأول من فوائد أبي إسحاق المزكي " عن أبي الأزهر، عن إسماعيل بن بشر بن منصور، عن عيسى بن شعيب، عن روح، وقال المخرِّج :" غريب عن روح بن القاسم، تفرد به عيسى بن شعيب "، والمخرِّج هو الدارقطني.
وروى الحافظ الثقة أبوبكر الإسماعيلي في جمعه حديث الأعمش من حديث سعيد بن عثمان قال: حدثني عمرو -وهو ابن شمر -، عن سُليمان، عن شقيق، عن عبدالله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا فرغ أحدكم من طهوره، فليشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويُصلي عليّ؛ فإنه
إذا فعل ذلك فتحت له أبواب الرحمة )) . "عمرو بن شمر" متروك عندهم.
[ل97/ب]
__________
(1) في المطبوع من "السنن الكبرى" :"عن أبي سعيد قوله "، ولم يذكر متن الحديث.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل.
(3) 2/123 رقم1455).
(4) في الأصل :"يحيى بن أبي كثير"، وهو خطأ، وتقدم تصويبه.
(5) في الأصل :"موقوفًا"، وهو مرفوع في المرجع السابق، ويدل عليه كلام الطبراني الآتي.(2/130)
ورواه أيضًا في الكتاب من حديث يحيى بن هاشم الغساني، ثنا سُليمان الأعمش، عن شقيق، عن عبدالله قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( إذا تطهر أحدكم فليذكر الله، فإنه يطهر جسده كله، فإن لم يذكر أحدكم اسم الله على طهوره، لم يطهِّر إلا مامرَّ عليه الماء، وإذا فرغ /أحدكم من طهوره فليشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، ثم ليصلّ عليّ، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة )) .
و"يحيى بن هاشم السمسار" أبوزكريا قال النسائي(1): "متروك الحديث".
ورواه أبوالشيخ [عبدالله](2) بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن عبدالرحيم
ابن شبيب، ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، ثنا محمد بن جابر، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبدالله - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا فرغ أحدكم من طهوره، فليقل : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، ثم ليصلّ عليّ، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة )) . أخرجه أبوموسى الأصبهاني رحمه الله تعالى من جهة أبي الشيخ وقال :" هذا حديث مشهور له طرق عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وعُقبة بن عامر وثوبان وأنس - رضي الله عنهم -، ليس في شيء منها ذكر الصلاة إلا في هذه الرواية ".
قلت:"محمد بن جابر اليمامي"روى[عنه](3) جمع من الأكابر،وقد تُكلِّم فيه.
فصل في التنشُّف بعد الوضوء والغُسل وتركه
ونفض ماء الطهارة باليد
__________
(1) في "الضعفاء والمتروكين" (ص250 رقم638).
(2) في الأصل:"عبدالرحمن"،وهو تصحيف ظاهر، فأبو الشيخ اسمه :" عبدالله" لا "عبدالرحمن".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، والسياق يقتضيه، وانظر "تهذيب الكمال" (24/568).(2/131)
ثبت في "الصحيح"(1) من حديث ميمونة في صفة غسل الجنابة :" ثم أتيته بالمنديل، فردّه ".
وثبت من رواية ابن إدريس(2) عن الأعمش بسنده عن [ميمونة](3): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بالمنديل فلم يمسّه، وجعل يقول بالماء هكذا - يعني ينفضه -.
وروى أبوعلي الحسن بن علي بن شبيب المعمري الحافظ في كتاب "ماينبغي للرجل أن يستعمله في يومه وليلته"(4) عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن محمد بن حجر بن عبدالجبار بن وائل، عن سعيد بن عبدالجبار ابن وائل، عن أبيه عبدالجبار بن وائل، عن أبيه، عن وائل بن حجر(5) - رضي الله عنه - قال :" حضرتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أتي بإناء فيه ماء، فأكفأ على يمينه ثلاثًا..."، ثم ذكر الوضوء، [وفيه](6):"ولم أره ينشف(7)".
وعن(8) عثمان بن أبي شيبة، عن جرير بن حازم، عن محمد بن عبدالله بن أبي يعقوب، عن الحسن بن سعد، عن عبدالله بن جعفر قال : "ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحائط، فقضى حاجته، ثم توضأ، فأقبل والماء يقطر من لحيته على صدره - صلى الله عليه وسلم - ".
__________
(1) "صحيح مسلم" (1/254 رقم317/37) كتاب الحيض، باب صفة غسل الجنابة، ورواه البخاري (1/371-372 رقم259) في كتاب الغسل، باب الاستنشاق والمضمضة في الجنابة، بلفظ :" ثم أتي بمنديل فلم ينفض بها ".
(2) في الموضع السابق من "صحيح مسلم" برقم (317/38).
(3) في الأصل :" أبي ميمونة"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(4) وأخرجه البزار في "مسنده" (1/140-141 رقم268/كشف الأستار) من طريق إبراهيم ابن سعيد الجوهري أيضًا.
(5) في رواية البزار :" عن أبيه، عن أمه، عن وائل بن حجر ".
(6) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق.
(7) في رواية البزار :" ولم أره تنشّف بثوب ".
(8) أي : وروى المعمري في كتابه السابق عن عثمان بن أبي شيبة.(2/132)
وعن عبدالله بن وهب، عن زيد بن حُباب، عن أبي معاذ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت :" كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرقة يتنشف بها بعد الوضوء ". [أخرجه الترمذي](1) وقال :" حديث عائشة ليس بالقائم، ولا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب شيء، وأبو معاذ
يقولون : هو سليمان بن أرقم، وهو ضعيف عند أهل الحديث ".
قلت : ذكر الخلاَّل [عن](2) مهنا قال:"سألت أباعبدالله عن حديث أبي معاذ هذا في التَّمندُل بعد الوضوء، فقال : منكر، منكر، وأبومعاذ ياسين بن معاذ وهو ضعيف، وهو أقوى من سليمان بن أرقم ".
[ل98/أ]
قلت :/ ولم أر في هذه الرواية رفعها عن عائشة رضي الله عنها، بل انتهت إلى عروة بن الزبير.
وذكر ابن أبي حاتم في "العلل"(3):" سمعت أبي ذكر حديثًا رواه عبدالوارث، عن عبدالعزيز بن صُهَيب، عن أنس - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت له خرقة يتمسح بها، فقال أبي(4): رأيت في بعض الروايات عن عبدالعزيز : أنه كان لأنس بن مالك خرقة، وموقوف أشبه، ولا يحتمل أن يكون مسندًا ".
قلت : عبدالوارث وعبدالعزيز من الثقات عندهم، فإذا صح الطريق إلى عبدالوارث فلقائل أن يحكم بصحته ولا يعلله بترك الرواية الموقوفة.
__________
(1) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وظاهر من السياق أنه كلام الترمذي، والحديث في "سننه" (1/74 رقم53) أبواب الطهارة، باب ماجاء في التمندل بعد الوضوء.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(3) 1/29 رقم51).
(4) في المطبوع من "العلل" :" إني ".(2/133)
وروى الترمذي(1) من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله(2) - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه ". أخرجه بإسنادٍ فيه رِشْدِين بن سعد، عن عبدالرحمن بن زياد بن أنعم، وقال :" هذا حديث غريب، وإسناده ضعيف، ورشدين بن سعد وعبدالرحمن بن زياد بن أنعم يضعفان في الحديث".
وعن قيس بن سعد - رضي الله عنه - [قَال](3): أتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعنا له ماءً فاغتسل، ثم أتيناه بملحفة وَرْسِيَّةٍ فاشتمل بها،فكأني أنظر إلى أثر الورس على عُكَنِهِ(4). أخرجه ابن ماجه(5).
وأخرج أيضًا(6) من حديث الوَضِين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فقلب جُبَّة صوف كانت عليه فمسح بها وجهه، وقد تقدم (7).
وعن مهنا :" وسألت أحمد ويحيى عن إياس بن جعفر فقالا : روى عنه أبوعمرو بن العلاء، وحديثه : كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خرقة يتنشف بها ".
وروى ابن حبان(8) من حديث البختري [بن](9) عبيد قال : أخبرني أبي، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم، فإنها مراوح الشيطان، وأشربوا أعينكم الماء )) .
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه" برقم(54).
(2) في المطبوع من "سنن الترمذي" :" رأيت النبي ".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن ابن ماجه".
(4) العُكَنُ : الأطواء في البطن من السِّمَن. انظر "لسان العرب" (13/288).
(5) في "سننه"(1/158 رقم466) كتاب الطهارة وسننها، باب المنديل بعد الوضوء والغسل.
(6) برقم (468).
(7) ص 133) من المجلد الأول.
(8) في "المجروحين" (1/202-203) في ترجمة البختري بن عبيد الطائي.
(9) في الأصل :"عن"، والتصويب من "المجروحين".(2/134)
قال ابن حبان(1):" لا يحل الاحتجاج بالبختري فليس بعدل، قد روى عن أبيه، عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب ".
وروى مسعر عن سويد مولى عمرو بن حُريث : أن أبيًّا اغتسل فأُتِيَ بثوب فدخل فيه - يعني يُنشف به -. وهذه رواية وكيع عن مسعر.
ورواه أبونعيم، عن سويد مولى عمرو بن حُريث، عن عمرو بن حريث: أنه أتى عليًّا وقد اغتسل، فأخذ ثوبًا فلبسه - أو قال : دخل فيه -. أخرجهما الحافظ أبوبكر الإسماعيلي في "مجموع حديث مسعر ".
فصل في شرب فضل الوضوء
روى النسائي(2) من حديث أبي إسحاق، عن أبي حية قال :" رأيت عليًّا - رضي الله عنه - توضأ ثلاثًا [ثلاثًا](3)، ثم قام فشرب فضل وضوئه وقال : صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما صنعت ".
وترجم النسائي [عليه](4):" باب الانتفاع بفضل الوضوء".
ثم تلاه(5) بحديث أبي جحيفة الذي فيه :" وأخرج بلال فضل وضوئه، فابتدره الناس، فنلت منه شيئًا ".
ثم أتبعه(6) بحديث جابر الذي فيه : "فصب عليّ وضوءه ".
[ل98/ب]
وفي حديث أبي حية [عند](7) أحمد بن عُبيد(8) في / أثناء كلام ذكره قال: " كان إذا فرغ من طهوره أخذ بكفه من فضل طهوره فشربه ".
__________
(1) نص كلام ابن حبان في"المجروحين":" البختري بن عبيد الطائي : من أهل الشام، يروي عن أبيه، عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب، لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد ؛ لمخالفته الأثبات في الروايات، مع عدم تقدم عدالته ". اهـ.
.
(2) في "سننه" (1/87 رقم136) كتاب الطهارة، باب الانتفاع بفضل الوضوء.
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "سنن النسائي".
(4) في الأصل :"على"، وهو تصحيف ظاهر.
(5) برقم (137).
(6) برقم (138).
(7) في الأصل :"عن"، وهو تصحيف ظاهر.
(8) يعني في "مسنده"، وقد رواه البيهقي في "السنن" (1/75) من طريق أحمد بن عبيد الصفار هذا، لكن في لفظه بعض الاختلاف، فلعل المصنِّف قصد رواية غير التي أخرجها البيهقي.(2/135)
وأما ماروي عن محمد بن إسحاق العكاشي، عن الأوزاعي، عن مكحول والقاسم بن مُخَيْمرة وعبدة بن أبي لُبابة وحسان بن عطية، جميعًا أنهم سمعوا أبا أمامة وعبدالله بن بُسر وجماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولون : سمعنا النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( الشرب من فضل وضوء المؤمن فيه شفاء من سبعين داء، أدناه الهم )) ، فهذا حديث لا يصح.
و"العُكاشي" كذبه يحيى بن معين(1). وقال ابن عدي(2):" يروي عن الأوزاعي(3) أحاديث مناكير موضوعة ".
قلت : وهو بضم العين المهملة، وقبل ياء النسبة شين معجمة. و"عبدالله بن بُسْر": بضم الباء الموحدة، وسكون السين المهملة.
فصل في الانتضاح بعد الوضوء
فيه أحاديث : منها : عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
وروى الترمذي(4) وابن ماجه(5) من حديث الحسن بن علي الهاشمي، عن عبدالرحمن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((جاءني جبريل- عليه السلام -
فقال : يامحمد ! إذا توضأت فانتضح )) . [وليس في](6) حديث ابن ماجه : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( جاءني جبريل ))(7).
__________
(1) كما في "الضعفاء للعقيلي" (4/29).
(2) في "الكامل" (6/167و169)، ولكن ليس هذا سياقه، بل سياق ابن الجوزي في "الضعفاء والمتروكين" (3/40 رقم2880)، وعنه أخذ المصنف، ولكن لم ينسبه إليه.
(3) تصحفت العبارة في المطبوع من "الكامل" إلى :" روى عنه الأوزاعي "، وهي على الصواب في المخطوط منه (ل787/أ).
(4) في "سننه" (1/71 رقم50) أبواب الطهارة، باب ماجاء في النضح بعد الوضوء.
(5) في "سننه" (1/157 رقم463) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في النضح بعد الوضوء.
.
(6) في الأصل :"وفي"، وهو خطأ ظاهر يوضحه السياق ولفظ رواية ابن ماجه.
(7) الذي ليس في رواية ابن ماجه هو قوله r : (( جاءني جبريل ))، وأما جملة :" قال : قال رسول الله r " فهي موجودة.(2/136)
قال الترمذي :" هذا حديث غريب". قال :" سمعت محمدًا(1) يقول : الحسن بن علي الهاشمي منكر الحديث ".
ومنها : حديث رواه ابن ماجه(2) عن إبراهيم بن محمد الفريابي، عن حسان بن عبدالله، عن ابن لهيعة، عن عقيل، عن الزهري، عن عروة، حدثنا أسامة بن زيد، عن أبيه زيد بن حارثة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((علمني جبريل - عليه السلام - الوضوء، وأمرني أن أنضح تحت ثوبي، لما يخرج من البول بعد الوضوء )) .
ورواه الحافظ أبوالقاسم الطبراني في "معجمه الكبير"(3) من حديث ابن لهيعة بسنده إلى أسامة بن زيد، عن أبيه : أن جبريل - عليه السلام - نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول ماأوحي إليه، فعلمه الوضوء والصلاة، فلما فرغ أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - ماء فنضح به فرجه.
ورأيت في كتاب " العلل "(4) لابن أبي حاتم :« سألت أبي عن حديث
رواه ابن لهيعة...»، فذكر الحديث، ولفظه :« عن أسامة بن زيد، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن جبريل - عليه السلام - أتاه فأراه الوضوء، فلما فرغ نضح فرجه. قال أبي : هذا حديث كذب باطل. قال : قلت : وقد كان أبوزرعة أخرج هذا الحديث في كتاب "المختصر " عن ابن أبي شيبة عن الأشيب، عن ابن لهيعة، فظننت أنه أخرجه قديمًا للمعرفة ». انتهى.
وأخرجه الدارقطني في "سننه"(5) من حديث رشدين عن عقيل وقرة، عن ابن شهاب، عن عروة، عن أسامة بن زيد : أن جبريل - عليه السلام - لما نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - أراه الوضوء، فلما فرغ من وضوئه أخذ حفنة من ماء فرش بها في الفرج. ورشدين وابن لهيعة يُستضعفان.
[ل99/أ]
__________
(1) هو ابن إسماعيل البخاري، وذكر الترمذي هذا القول عنه في "العلل الكبير" (ص389 رقم53).
(2) في الموضع السابق من "سننه" برقم (462).
(3) 5/85 رقم4657).
(4) 1/46 رقم104).
(5) 1/111 رقم2).(2/137)
تنبيه : ذكر أبومحمد عبدالحق صاحب "الأحكام"(1)/-من طريق البزار - حديث زيد بن حارثة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول ماأوحي إليه أتاه جبريل - عليه السلام - فعلمه الوضوء، فلما فرغ أخذ حفنة من ماء فنضح بها فرجه، ثم قال:" هذا يرويه عبدالله بن لهيعة، وهو ضعيف عندهم، وقد رُوي أيضًا من طريق رشدين بن سعد بسنده إلى زيد بن حارثة، وهو ضعيف عندهم كذلك ".
قال أبوالحسن ابن القطان(2):" هكذا ذكر رواية رشدين أنها عن زيد بن حارثة كرواية ابن لهيعة، وذلك شيء لا يعرف، ومارواية رشدين إلا عن أسامة بن زيد بن حارثة، أن جبريل - عليه السلام - [نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ](3) أراه الوضوء، فلما فرغ من وضوئه أخذ حفنة من ماء فرش بها في الفرج. يرويها عقيل وقرة عن ابن شهاب، عن عروة، عن أسامة بن زيد كذلك مرسلة، هكذا ذكرها الدارقطني(4) وغيره، ولا ذكر فيها لزيد بن حارثة فاعلم ذلك".
ومنها : حديث رواه ابن ماجه(5) عن محمد بن يحيى، عن عاصم بن علي، ثنا قيس، عن ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه - قال :"توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنضح فرجه ".
"قيس": هو ابن الربيع. و"ابن أبي ليلى": هو محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، وكلاهما في المقدمة (6).
__________
(1) في "الأحكام الوسطى" (1/185).
(2) في "بيان الوهم والإيهام" (2/82).
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(4) انظر (ص 76).
(5) في "سننه" (1/157 رقم464) كتاب الطهارة وسننها، باب ماجاء في النضح بعد الوضوء.
(6) وهي مفقودة كما بينته في المقدمة (ص 42).(2/138)
ومنها : حديث رُوي من طريق مالك، عن الزهري، عن أنس - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ نضح عانته. رواه الدارقطني في "غرائب حديث مالك " من حديث القاسم بن عبدالله بن مهدي الإخميمي، عن [سخبرة](1) بن عبدالله قاضي القيروان، عن مالك وقال :" هذا باطل عن مالك لا يصح ".
قلت : ورواه من جهة الحسن بن أحمد بن المبارك، عن القاسم وكأنه يحيل عليه، فإنه قال فيه :" ضعيف جدًّا يُتهم بوضع الحديث ".
ومنها : حديث أخرجه أحمد بن عُبيد(2) في "مسنده" عن إسماعيل بن الفضل، عن أبي حسين الرازي، عن الحسين بن زيد بن علي [بن](3) حسين، عن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه - قال :" وضّأت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغ نضح فرجه ".
ومنها : حديث رواه أبوبكر الخطيب في "المتفق والمفترق"(4) من جهة محبوب - هو ابن محرز-، عن إبراهيم بن عبدالله بن فروخ القرشي، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ونضح فرجه مرة. رواه عن عبدالملك بن محمد الواعظ، عن أبي علي أحمد بن الفضل بن خزيمة، عن يعقوب بن يوسف القزويني عن محمد بن بُكير الحضرمي، عن محبوب. ورواه الحافظ أبوالشيخ الأصبهاني في "فوائد الأصبهانيين" عن عبدالله بن محمد بن زكريا، عن محمد بن بُكير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ونضح فرجه ". قال أبوالشيخ الحافظ :" هذا حديث لم يروه إلا محبوب بن محرز تفرد به ".
__________
(1) في الأصل :"شجرة"، والتصويب من "لسان الميزان" (6/42 رقم6717).
(2) أي الصَّفّار.
(3) في الأصل :"عن"، وهو تصحيف. انظر "تهذيب الكمال" (6/375).
(4) 3/1436 رقم738).(2/139)
ومنها : حديث الحكم بن سفيان - أو سفيان بن الحكم - رواه منصور، عن مجاهد، ثم بعد ذلك ذُكر على وجوه، وتلخيص ذلك : أنه رُوي بعد ذكر مجاهد على وجهين : أحدهما : أن يكون شيخ مجاهد راويًا له عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم اختلفوا على هذا التقدير، فمنهم من رواه بالجزم أنه الحكم بن سفيان، وهذه رواية زكريا بن أبي زائدة(1) وعمار بن [رزيق](2) وقيس بن الربيع(3)- من جهة جُبارة -، كلهم عن منصور. وفي لفظ قيس : رأيت النبي /- صلى الله عليه وسلم - توضأ ونضح الماء على فرجه. وكذلك رواية [عفيف](4) بن سالم الموصلي(5) وقاسم بن يزيد الجرمي(6)، عن سفيان، عن منصور.
ومنهم : من رواه بالشك في الحكم بن سفيان أو سفيان بن الحكم، وهذا
[ل99/ب]
من جهة عبدالرزاق، عن معمر(7) والثوري(8)، عن منصور.
__________
(1) وهي عند ابن ماجه في "سننه" (1/157 رقم461) في الطهارة وسننها، باب ماجاء في النضح بعد الوضوء، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/216-217 رقم3180 و3182).
(2) في الأصل:"زريق"، والتصويب من"تهذيب الكمال"(21/189)، وكذا جاء في"سنن النسائي"(1/86رقم135) في الطهارة، باب النضح،فإنه أخرج رواية عمار بن رزيق هذه.
(3) قال المزي في "تحفة الأشراف" (3/71) :" ورواه سلاّم بن أبي مطيع وقيس بن الربيع وشريك، عن منصور كما قال زكريا بن أبي زائدة " ا.هـ. ولم يذكر من أخرج هذه الروايات.
وقد أخرج رواية قيس : الطبراني في "المعجم الكبير" (3/217 رقم3183).
(4) في الأصل :"عُقَيب"، والتصويب من "التقريب" (4661)، وانظر التعليق الآتي.
(5) قال المزي في الموضع السابق من "التحفة" بعد ذكره رواية زكريا بن أبي زائدة :" وهكذا رواه عفيف بن سالم الموصلي عن سفيان الثوري" ا.هـ. ولم يذكر من أخرج هذه الرواية.
(6) وروايته عند النسائي في الموضع السابق.
(7) وعبدالرزاق أخرجها في "المصنف" (1/152 رقم586).
(8) وروايته في الموضع السابق برقم (587).(2/140)
ورواية مفضل بن مهلهل، عن منصور (1).
ومنهم : من رواه بالشك على وجه آخر، وهذه رواية سليمان بن
حرب(2)، عن شعبة،عن منصور،عن مجاهد،عن رجل من ثقيف يقال له الحكم أو أبوالحكم : أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ثم أخذ كفًّا من ماء فنضح به ثيابه.
ومنهم : من رواه بالشك على وجه آخر، وكذلك رواية أبي عوانة(3)، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم أو أبي الحكم : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال فتوضأ ونضح فرجه.
وكذلك رواية جرير(4)، عن منصور فيها : عن الحكم أو أبي الحكم.
الوجه الثاني : أن يكون شيخ مجاهد لم يروه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما رواه عن أبيه، وهذا على طرق : أحدها : عدم تسميته، وهذه رواية ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف، عن أبيه قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال ثم نضح فرجه. أخرجه أبوداود(5) عن إسحاق بن إسماعيل، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح.
وثانيها : تسميته، وهو على وجهين : روايته من غير شك، وروايته بالشك.
فأما من غير شك : فرواية خالد بن الحارث عند النسائي(6)، عن شعبة، عن منصور [عن مجاهد](7)، عن الحكم بن سفيان، عن أبيه : أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -
كان إذا توضأ أخذ حفنة من ماء فقال بها هكذا(8)- ونضح فرجه -.
__________
(1) رواية مفضل بن مهلهل هذه أخرجها الطبراني في الموضع السابق برقم (3181).
(2) ورواية سليمان بن حرب عن شعبة أخرجها الطبراني أيضًا برقم (3177).
(3) وهي عند الطبراني أيضًا برقم (3179).
(4) وهي عند الطبراني أيضًا برقم (3184).
(5) في "سننه" (1/118 رقم167) كتاب الطهارة، باب في الانتضاح.
(6) في الموضع السابق من "سننه" برقم (134).
(7) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن النسائي".
(8) إلى هنا انتهت الرواية عند النسائي، وبعدها :" ووصف شعبة : نضح به فرجه. فذكرته لإبراهيم فأعجبه ".(2/141)
وكذلك قال وهيب بن خالد(1): عن الحكم، عن أبيه، قيل : ولم ينسبه.
وكذلك رواية سلام بن أبي مطيع عند الطبراني(2) فيها : عن الحكم [ابن](3) سفيان، عن أبيه قال :" رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بال ثم أخذ(4) حفنة من ماء فنضح بها فرجه ".
وأما مع الشك، فعلى ألوان : قيل : عن الحكم - أو ابن الحكم -، عن أبيه. وهذه عند أبي داود(5) من جهة معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن منصور، ولفظه :" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ ينضح حيال فرجه بالماء". وهذه رواية حجاج بن منهال عن شعبة [عند](6) الطبراني(7).
والذي اعتُلَّ به في هذا الحديث وجهان :
أحدهما : الاضطراب على ماتقدم وعلى غيره مما لم نذكره هاهنا.
الثاني : أن يحكم برواية من زاد فيه :" عن أبيه "، إما لأنها زيادة عدل فتقبل، أو لأن البخاري ذكره في إسنادٍ فيه هذه الرواية أنه أصح أسانيد هذا الحديث. وإن قلنا بزيادة :"عن أبيه " رجع الحكم من درجة الصحابة إلى درجة التابعين، فيتعين النظر في حاله وتُلتمس عدالته.
ورأيت في كتاب "العلل"(8) لابن أبي حاتم :" سمعت أبازرعة يقول في
__________
(1) قال عبدالله بن أحمد في زوائده على "المسند" (4/179) :" ورواه شعبة ووهيب عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان، عن أبيه...".
وقال المزي في الموضع السابق من "التحفة" :" وقال وهيب بن خالد : عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم، عن أبيه ولم ينسبه ". وقد أخرج رواية وهيب هذه : الطبراني في الموضع السابق برقم (3178).
(2) في الموضع السابق برقم (3175)، ولكن ليس فيه :" عن أبيه ".
(3) في الأصل :"عن"، والتصويب من "المعجم الكبير".
(4) كذا في الأصل، وفي المطبوع من "المعجم الكبير" :" فأخذ".
(5) في الموضع السابق برقم (168).
(6) في الأصل :"عن ".
(7) في الموضع السابق برقم (3176).
(8) 1/46 رقم103).(2/142)
حديث رواه جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان - أو أبي الحكم بن سفيان -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه نضح فرجه. ورواه الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان - أو سفيان بن الحكم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ورواه وهيب، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان، عن أبيه. ورواه ابن عيينة، عن منصور وابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف، عن أبيه. قال أبوزرعة : الصحيح مجاهد عن الحكم بن سفيان وله صحبة، وسمعت أبي يقول : الصحيح مجاهد /عن الحكم بن سفيان، عن أبيه، ولأبيه صحبة ".
[ل100/أ]
وهاهنا تنبيهات : أحدها: أن التردد الذي وقع في الحكم بن سفيان أو سفيان بن الحكم: هل هو تردد بين اسمين أو مسميين ؟ فالحق عندنا أنه تردد بين اسمين، وقد صرح بعض الحفاظ بما يقتضي ذلك،وكذلك الناس ذكروا الأمرين في ترجمة واحدة، قال الحافظ أبوعمر(1):"الحكم بن سفيان [الثقفي](2)،ويقال سفيان بن الحكم. وروى حديثه منصور، عن(3) مجاهد. واختلف أصحاب منصور في اسمه، وهو معدود في أهل الحجاز. له حديث واحد في الوضوء، مضطرب الإسناد(4)".
__________
(1) ابن عبدالبر في "الاستيعاب" بهامش "الإصابة" (3/51 ).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "الاستيعاب".
(3) تصحف في المطبوع من "الاستيعاب" إلى "بن".
(4) وسيأتي ذكر المصنف لبقية كلامه.(2/143)
وجاء ابن القطان(1) فأبدى معنى آخر، وذلك أنه ذكر تصحيح أبي عمر لسماع الحكم من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكر رواية محمد بن كثير عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن سفيان بن الحكم - أو الحكم بن سفيان الثقفي -، قال :" كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بال توضأ وينتضح ". قال :« فإن احتج أبوعمر بهذه الرواية من حيث لم يقل فيها :"عن أبيه "، قلنا : هي محتملة أن يكون شكًّا في اسم الرجل الذي قال : إنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، [أو أن] (2) يكون شكًّا في كونه الأب أو الابن، فهي بهذا الاحتمال الثاني متردد فيها بين الإرسال والانقطاع، كأنه يقول : [لا أدري : أعن سفيان بن الحكم، فيكون مرسلاً ؟ أو عن أبيه الحكم بن سفيان](3)، فيكون منقطعًا؟ ولم يذكر فيه الرواية أو السماع فينقطع النزاع ويرتفع الاحتمال ».
وأقول : ماأظن أحدًا طرق هذا الوجه قبله، وهو إنما يحتمل إذا ثبت أن للحكم بن سفيان ولدًا يقال له سفيان.فأما أن يُثبت له ولدًا بالوهم والاحتمال
ويركب عليه التردد، فلا يستقيم عندي، والله عز وجل أعلم.
الثاني : أن الحافظ أباعمر لما ذكر ماقدمناه عنه في الترجمة قال :" فيقال : إنه لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسماعه منه عندي صحيح، لأنه نقله الثقات، منهم : الثوري، ولم يخالفه من هو في الحفظ والإتقان مثله ".
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (5/134-135).
(2) في الأصل :"وأن".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم والإيهام".(2/144)
قال ابن القطان(1):« كذا قال أبوعمر ! وهو كلام غير صحيح، فإن الثوري إن كان رواه عن منصور فلم يقل :"عن أبيه"، فإن [شعبة](2)- وهو [من](3) هو - قد قال ذلك، ووهيب أيضًا قد قاله ». قال :« فإن قيل : قد اختُلف فيه على شعبة فلم يذكر النضر [عنه](4) قوله :" عن أبيه "، قلنا : وسفيان الثوري أيضًا عنه في هذا أقوال ».
الثالث : قال ابن القطان(5):« قال البخاري في "تاريخه"(6) في باب الحكم ابن سفيان المذكور : قال بعض [ولد](7) الحكم : لم يدرك [الحكم](8) النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل في "علله"(9): أخبرني أبي، عن شاذان، عن شريك، سألت أهل الحكم بن سفيان، فذكروا أنه لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -. وذكر أبوالقاسم البغوي عن سفيان بن عيينة : أنه قال : سألت آل الحكم بن سفيان، فقالوا :لم تكن له صحبة ". انتهى.
__________
(1) في "بيان الوهم والإيهام" (5/135 ).
(2) في الأصل :" الشعبة "، والتصويب من "بيان الوهم".
(3) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "بيان الوهم".
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من المرجع السابق.
(5) في "بيان الوهم والإيهام" أيضًا (5/134).
(6) 2/330).
(7) في الأصل بياض بمقدار كلمة، وبعدها تصحفت كلمة "ولد" إلى "وكذا"، والتصويب من "تاريخ البخاري الكبير"، و"بيان الوهم والإيهام".
(8) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجعين السابقين.
(9) 3/248 ).(2/145)
وروى الحافظ أبومحمد عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي في "مسنده"(1) في هذا حديثًا أولى من كل ماتقدم، فقال بعد أن ترجم "باب في نضح الفرج بعد الوضوء"(2): أخبرنا قبيصة، ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة ونضح [فرجه](3).
[ل100/ب]
وهؤلاء الذين ذكرهم كلهم / رجال الصحيح.
وقوله:" توضأ مرة مرة " من هذا الطريق عن ابن عباس صحيح مخرَّج(4).
و"نضح " زيادة مستفادة من هذا الكتاب غريبة.
__________
(1) وهو المطبوع باسم "سنن الدارمي" (1/180).
(2) في المطبوع من "سنن الدارمي": "قبل الوضوء".
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن الدارمي".
(4) أخرجه البخاري (1/258 رقم157) كتاب الوضوء، باب الوضوء مرة مرة.(2/146)
وقد وقع من وجه آخر عن ابن عباس. قال ابن أبي حاتم في كتاب "العلل"(1):" سألت أبي عن حديث رواه الحسين بن علي بن يزيد الصُّدائي، عن أبيه، عن إبراهيم بن فروخ مولى عمر بن الخطاب، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بِتُّ عند ميمونة خالتي - وكانت ليلتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -، فأغفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونمت عند رؤوسهما، فسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( اللهم ! لك وضعت جنبي، وإليك فوضت أمري، آمنت بما أنزلت وبما جاءت به الرسل، صدق الله، وبلّغ المرسلون )) - ثلاث مرات -، ثم أغفى هُنية، ثم قام فتوضأ ثلاثًا [ثلاثًا](2)، ومسح رأسه، ونضح فرجه بالماء، ثم قام فصلى، فقرأ سورة المائدة والنحل و{ إنا فتحنا}، ثم رقد هُنية، ثم قام فتوضأ دون ذلك الوضوء، كل ذلك لا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها....، فذكر الحديث بطوله. قال أبي : هذا حديث منكر، وإبراهيم هذا(3) مجهول".
فصل في جواز الصلوات بوضوء واحد
__________
(1) 1/162 رقم459).
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فاستدركته من "العلل".
(3) كذا في الأصل، وفي "العلل" المطبوع :" هذا هو ".(2/147)
عن بريدة - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال له عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : لقد صنعت اليوم شيئًا لم تكن تصنعه، فقال : (( عمدًا [صنعته](1) ياعمر! )) . أخرجوه(2) إلا البخاري.
ورأيت في كتاب "[العلل](3)" لابن أبي حاتم(4):" سئل أبوزرعة عن حديث رواه أبونعيم عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه صلى خمس صلوات بوضوء واحد. ورواه وكيع عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال أبوزرعة : حديث أبي نعيم أصح ".
قلت : كل هذا يختص برواية سفيان عن محارب.
وروى ابن ماجه(5) عن إسماعيل بن توبة، عن زياد بن عبدالله، عن الفضل بن مبشر قال : رأيت جابر بن عبدالله يصلي الصلوات بوضوء واحد، فقلت : ماهذا ؟ فقال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع هذا، فأنا أصنع كما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
باب الوضوء المسنون والطهارة المسنونة
ذكر الوضوء لكل صلاة وتجديد الوضوء
[ل101/أ]
__________
(1) في الأصل :"فعلته"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(2) أخرجه مسلم في "صحيحه"- وهذا لفظه - (1/232 رقم277) كتاب الطهارة، باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد، وأبوداود في "سننه" (1/120 رقم172) كتاب الطهارة، باب الرجل يصلي الصلوات بوضوء واحد، والترمذي (1/89 رقم61) أبواب الطهارة، باب ماجاء أنه يصلي الصلوات بوضوء واحد، والنسائي (1/86 رقم133) كتاب الطهارة، باب الوضوء لكل صلاة، وابن ماجه (1/170 رقم510) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء لكل صلاة، والصلوات كلها بوضوء واحد.
(3) مابين المعكوفين سقط من الأصل.
(4) 1/58 -59 رقم152).
(5) في الموضع السابق برقم (511).(2/148)
روى الترمذي(1) من حديث محمد بن إسحاق، عن حميد، عن أنس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ لكل صلاة طاهرًا [أو](2) غير طاهر. قال : قلت لأنس : وكيف كنتم تصنعون أنتم ؟ قال : كنا نتوضأ وضوءًا واحدًا. قال أبوعيسى :" حديث أنس حديث حسن [غريب](3) من حديث حميد، والمشهور عند أهل العلم(4):/ حديث عمرو بن عامر [عن أنس".
وحديث عمرو بن عامر](5) الذي ذكره الترمذي خرجه(6) من حديث سفيان، عن عمرو بن عامر الأنصاري قال: سمعت أنس بن مالك - رضي الله عنه - يقول : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ عند كل صلاة". قلت: فأنتم ماكنتم تصنعون ؟ قال : " كنا نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد مالم نُحْدِث ". قال :" هذا حديث حسن صحيح ".
وأخرجه النسائي(7) من حديث شعبة، عن عمرو بن عامر، عن أنس - رضي الله عنه -:
أنه ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بإناء صغير، فتوضأ. قلت : أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ لكل صلاة؟ قال: نعم. قال : وأنتم ؟ قال : كنا نصلي الصلوات مالم نحدث. قال : وقد كنا نصلي الصلوات بوضوء.
__________
(1) في "سننه" (1/86 رقم58) أبواب الطهارة، باب ماجاء في الوضوء لكل صلاة.
(2) في الأصل :"و"، والتصويب من "سنن الترمذي"
(3) في الأصل :"صحيح"، والتصويب من "سنن الترمذي".
(4) في المطبوع من "سنن الترمذي":" عند أهل الحديث ".
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، بسبب تكرار اسم عمرو بن عامر، وبعضه أثبته من "سنن الترمذي"، وباقيه به يستقيم السياق.
(6) أي الترمذي في الموضع السابق من "سننه" (1/88 رقم60).
(7) في "سننه" (1/85 رقم131) كتاب الطهارة، باب الوضوء لكل صلاة.(2/149)
وروى النسائي(1) من حديث أيوب، عن ابن أبي مُليكة، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء، فقُرّب إليه طعام، فقالوا : ألا نأتيك بوضوء ؟ فقال : (( إنما أمرت بالوضوء إذا قُمت إلى الصلاة )).
وروى محمد بن يزيد الواسطي، عن الإفريقي، عن أبي غُطيف، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه قال : (( من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات )) . رواه الترمذي(2) وقال :" وهو إسناد ضعيف. قال علي: قال يحيى بن سعيد القطان : ذُكر لهشام بن عروة هذا الحديث، فقال: هذا إسناد مشرقي(3)". انتهى.
و"أبوغُطَيف"- بضم الغين المعجمة، وفتح الطاء المهملة، بعدها ياء آخر الحروف، ثم [فاء](4)-، قال أبوزرعة(5):" لا أعرف اسمه ".
__________
(1) في الموضع السابق من "سننه" برقم (132).
(2) في الموضع السابق برقم (59).
(3) علق الشيخ أحمد شاكر هنا بقوله :« وقال الشارح :" أي : رواة هذا الحديث أهل المشرق، وهم أهل الكوفة والبصرة. كذا في بعض الحواشي ". وهو كلام غير مفهوم إلا إن كان يريد أن الحديث معروف عندهم من رواية أبي غطيف، ويبعد أن يريد رواية الإفريقي ؛ لأنه أولاً : مغربي، وثانيًا : متأخر الوفاة بعد هشام بنحو (15) سنة ». اهـ. وانظر "الكامل" لابن عدي (4/280)، و"الضعفاء" للعقيلي (2/332).
(4) مابين المعكوفين ليس في الأصل، وبه يستقيم الكلام.
(5) كما في "الجرح والتعديل" (9/422 ).(2/150)
وروى ابن ماجه(1) هذا الحديث أتم منه، من حديث عبدالرحمن بن زياد - وهو الإفريقي -، عن أبي غُطيف الهذلي قال : سمعت عبدالله بن عمر بن الخطاب في مجلسه في المسجد، [فلما حضرت الصلاة قام فتوضأ وصلى، ثم عاد إلى مجلسه، فلما حضرت العصر قام فتوضأ وصلى، ثم عاد إلى مجلسه](2)، فلما حضرت المغرب قام فتوضأ ثم صلى المغرب، ثم عاد إلى مجلسه، فقلت : أصلحك الله ! أفريضة أم سنة الوضوء عند كل صلاة ؟ قال: أَوَفطنت إليَّ وإلى هذا مني ؟ فقلت: نعم، فقال : لا، لو توضأت لصلاة الصبح لصليتُ به الصلوات كلها مالم أحدث، ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ((من توضأ على [كل](2) طهر فله عشر حسنات )) ، وإنما رغبت في الحسنات.
فصل في الوضوء عقيب الحدث
__________
(1) في "سننه" (1/170 رقم512) كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء على الطهارة.
(2) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فأثبته من المرجع السابق.(2/151)
روى علي بن الحسين بن واقد : حدثني أبي، حدثني عبدالله بن بريدة، حدثني أبي بريدة قال : أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا بلالاً فقال : (( يا بلال ! بِمَ سبقتني إلى الجنة ؟ فما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامي، دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي، فأتيت على قصر مربَّع مشرف من ذهب، فقلت : لمن هذا القصر ؟ فقالوا : لرجل من العرب، فقلت : أنا عربي، لمن هذا القصر ؟ قالوا : لرجل من قريش، قلت : أنا من قريش(1)، لمن هذا القصر ؟ قالوا: لرجل من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، قلت : أنا محمد، لمن هذا القصر؟ قالوا : لعمر بن الخطاب )) . فقال بلال : يارسول الله ! ما أَذَّنتُ قط إلا صليت ركعتين، وما أصابني حدث /قط إلا توضأت عندها، ورأيت أن لله عليّ ركعتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( بهما )). لفظ أبي عيسى الترمذي(2)، وقال: " وفي الباب عن جابر ومعاذ وأنس وأبي هريرة - رضي الله عنهم - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((رأيت في الجنة قصرًا من ذهب، فقلت : لمن هذا القصر(3)؟ فقيل لعمر بن الخطاب )) . قال أبوعيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب".
[ل101/ب]
وفي "المسند"(4) : حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن جابر، عن عبدالرحمن [بن](5) الأسود، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج من الخلاء توضأ.
"جابر الجعفي" تقدم(6). ويحتمل أن يريد بالوضوء : الاستنجاء بالماء، لكن ظاهره خلافه.
فصل في عدم وجوبه عقيب الحدث
__________
(1) في المطبوع من "سنن الترمذي":" أنا قرشي".
(2) في "سننه" (5/579 رقم3679) كتاب المناقب، باب في مناقب عمر بن الخطاب t.
(3) قوله :" القصر" ليس في المطبوع من "سنن الترمذي".
(4) "مسند أحمد" (6/189).
(5) مابين المعكوفين سقط من الأصل، فاستدركته من المرجع السابق.
(6) ص225) من المجلد الأول.(2/152)
قرأت على الحافظ أبي محمد المنذري، أخبرنا عمر بن محمد بن معمر - قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق -، أنا عبدالوهاب بن المبارك - قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد -، أنا عبيدالله بن محمد بن عبدالله، أنا عبيدالله بن محمد بن إسحاق، ثنا عبدالله - يعني ابن محمد بن عبدالعزيز(1)-، ثنا أبوالربيع الزهراني والقواريري، قالا : حدثنا حماد بن زيد. وحدثنا(2) سُرَيج(3) وأبوبكر ابن أبي شيبة وابن عباد(4) قالوا : ثنا سفيان(5). وحدثنا(6) داود بن عمرو(7)، ثنا محمد بن مسلم(8)، كلهم(9) عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء، فأُتي بطعام فذكر له الوضوء، فقال : (( أريد أن أصلي فأتوضأ ؟! )). أخرجه مسلم(10) عن أبي الربيع الزهراني، عن حماد بن زيد، وأخرجه أيضًا(11) عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن سفيان بن عيينة، كلاهما عن عمرو ابن دينار.
فصل في الوضوء عند النوم والطهارة
__________
(1) أي : البغوي.
(2) القائل :" وحدثنا " هو البغوي.
(3) هو ابن يونس.
(4) هو محمد بن عباد المكّي.
(5) أي ابن عيينة.
(6) القائل هو البغوي أيضًا.
(7) هو الضَّبِّي.
(8) هو الطائفي.
(9) أي حماد بن زيد وسفيان بن عيينة ومحمد بن مسلم.
(10) في"صحيحه"(1/282-283 رقم374/118)كتاب الحيض،باب جواز أكل المحدث الطعام... الخ.
(11) في الموضع السابق برقم (374/119).(2/153)
روى مسلم(1) من حديث منصور، عن سعد بن عبيدة قال : حدثني البراء بن عازب : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل : اللهم ! إني أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لاملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، واجعلهن من آخر كلامك، فإن مُتَّ من ليلتك مُت وأنت على الفطرة )) . قال فرددتهن لأستذكرهن، فقلت : آمنت برسولك الذي أرسلت، فقال : قل : (([آمنت](2) بنبيك الذي أرسلت )) . هذه رواية جرير، عن منصور، عن [سعد بن عبيدة](3).
__________
(1) في "صحيحه" (4/2081 -2082 رقم2710) كتاب الذكر والدعاء...، باب مايقول عند النوم.
(2) مابين المعكوفين ليس في الأصل، فأثبته من "صحيح مسلم".
(3) في الأصل :"عبدة"، وقد ذُكر آنفًا على الصواب.(2/154)