الأحاديث والآثار التي تكلم عليها الحافظ ابن رجب رحمه الله
كتاب الإيمان
باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس "
1)وقال ابن عمر : لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر .
قال ابن رجب : هذا الأثر لم أقف عليه إلى الآن في غير كتاب البخاري .
وقد روي معناه مرفوعاً وموقوفاً على أبي الدرداء .
[فتح الباري : 1/14 ]
2)فخرج الترمذي وابن ماجة من حديث عطية السعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس " .
وفي إسناده بعض مقال .
[فتح الباري :1/15 ]
3)وروى ابن أبي الدنيا بإسناد منقطع عن أبي الدرداء قال : تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً حجاباً بينه وبين الحرام .
[ فتح الباري :1/15 ]
4)وقد صح عن مجاهد أن أبا ذر سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقرأ [ ليس البر أن تولوا وجوهكم ] إلى آخر الآية .
وهذا مرسل .
وقد روي من وجه آخر وفيه أنقطاع أيضاً .
[ فتح الباري :1/15 ]
فصل
5) فروى مؤمل عن حماد بن زيد عن عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ـ ولا أحسبه إلا رفعه ـ قال : ( عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس الإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وصوم رمضان من ترك منها واحدةً فهو بها كافر حلال الدم وتجده كثير المال ولم يحج فلا يزال بذلك كافراً ولا يحل دمه وتجده كثير المال ولا يزكي فلا يزال بذلك كافراً ولا يحل دمه ) .
ورواه قتيبة عن حماد بن زيد فوقفه واختصره ولم يتمه .(1/1)
ورواه سعيد بن زيد- أخو حماد- عن عمرو بن مالك ورفعه وقال : ( من ترك منهن واحدةً فهو بالله كافر ولا يقبل منه صرف ولا عدل وقد حل دمه وماله ) ولم يزد على ذلك .
والأظهر : وقفه على ابن عباس .
[ فتح الباري : 1/22 ]
6) قال حذيفة : الإسلام ثمانية أسهم : الإسلام سهم والصلاة سهم والزكاة سهم والحج سهم ورمضان سهم والجهاد سهم والأمر بالمعروف سهم والنهي عن المنكر سهم وقد خاب من لا سهم له .
وروي مرفوعاً والموقوف أصح .
[ فتح الباري : 1/24 ]
فصل
في أمور الإيمان
7) وخرجه الترمذي من رواية عمارة بن غزية وقال فيه : ( الإيمان أربعة وسبعون باباً ) .
وقد روي عن عمارة بن غزية عن سهيل عن أبيه .
وسهيل لم يسمعه من أبيه إنما رواه عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح فمدار الحديث على عبد الله بن دينار ولا يصح عن غيره .
وقد ذكر العقيلي : أن أصحاب عبد الله بن دينار على ثلاث طبقات :
أثبات كمالك وشعبة وسفيان بن عيينة .
ومشايخ كسهيل ويزيد بن الهاد وابن عجلان .
قال : وفي روايتهم عن عبد الله بن دينار اضطراب .
وقال : إن هذا الحديث لم يتابع هؤلاء المشايخ عليه أحد من الأثبات عن عبد الله بن دينار ولا تابع عبد الله بن دينار عن أبي صالح عليه أحد .
والطبقة الثالثة : الضعفاء فيروون عن عبد الله بن دينار المناكير إلا أن الحمل فيها عليهم .
قلت : قد رواه عن عبد الله بن دينار : سليمان بن بلال وهو ثقة ثبت وقد خُرج حديثه في الصحيحين .
[ فتح الباري :1/28 ]
فصل
8) وقال الشافعي : لم أسمع في هذا الباب أن الحد كفارة أحسن من حديث عبادة .
وإنما قال هذا لأنه قد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة عن علي وجرير وخزيمة بن ثابت وعبد الله بن عمرو وغيرهم .
وفي أسانيدها كلها مقال وحديث عبادة صحيح ثابت .(1/2)
وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما أدري الحدود طهارة لأهلها أم لا ؟ ) وذكر كلاماً آخر .
خرجه الحاكم وخرج أبو داود بعض الحديث .
وقد رواه هشام بن يوسف عن معمر عن ابن أبي ذئب عن الزهري مرسلاً .
قال البخاري في " تاريخه " المرسل أصح قال : ولا يثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت عنه أن الحدود كفارة . انتهى .
وقد خرجه البيهقي من رواية آدم بن أبي إياس عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً أيضاً .
وخرجه البزار من وجه آخر فيه ضعف عن المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً أيضاً .
[فتح الباري : 1/72-73 ]
9) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ : ( إذا أحدثت ذنباً فأحدث عنده توبة ً إن سراً فسراً وإن علانيةً فعلانية ً ) .
وفي إسناده مقال .
[فتح الباري : 1/76] .
باب
من الدين الفرار من الفتن
10) وفي المسند وجامع الترمذي عن طاوس أم مالك البهزية قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خير الناس في الفتنة رجل معتزل في ماله يعبد ربه ويؤدي حقه ورجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله ) .
وروي عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم .
خرجه الحاكم وروي عن طاوس مرسلاً .
[فتح الباري : 1/98 ]
11) وخرج الحاكم أيضاً من حديث أبي هريرة مرفوعاً : ( أظلتكم فتن كقطع الليل المظلم أنجى الناس منها صاحب شاهقة يأكل من رسل غنمها ورجل من وراء الدروب آخذ بعنان فرسه يأكل من فيء سيفه ) .
وقد وقفه بعضهم .
[فتح الباري : 1/98 ]
12) وفي المسند عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( هلاك أمتي في اللبن ) قيل يا رسول الله ما اللبن ؟ قال : ( تحبون اللبن وتدعون الجماعات والجمع وتبدون ) .
وفي إسناده : ابن لهيعة .
[فتح الباري : 1/108 ](1/3)
باب
من قال : إن الإيمان هو العمل
13) وحكى البخاري عن عدة من أهل العلم أنهم قالوا في قوله تعالى { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْن عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ الحجر : 92]: عن قول لا إله إلا الله ؛ ففسروا العمل بقول كلمة التوحيد .
وممن روي عنه هذا التفسير : ابن عمر ، ومجاهد . ورواه ليث بن أبي سليم ، عن بشير بن نهيك ، عن أنس موقوفا . روي عنه مرفوعا – أيضا – خرجه الترمذي وغربه . وقال الدار قطني : ليث غير قوي ، ورفعه غير صحيح.
[فتح الباري : 1/ 112] .
باب
إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل
14) فأما حديث : ( إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فشهدوا له بالإيمان )
فقد خرجه أحمد والترمذي وابن ماجة من حديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعاً .
وقال أحمد : هو حديث منكر .
ودراج له مناكير والله أعلم .
[فتح الباري :1/122]
فصل
15) قال عمار : ثلاث من جمعهن جمع الإيمان : الإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم والإنفاق من الإقتار .
هذا الأثر معروف من رواية أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن عمار رواه عنه الثوري وشعبة وإسرائيل وغيرهم .
وروي عن عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق مرفوعاً .
خرجه البزار وغيره .
ورفعه وهم قاله أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان .
وتردد أبو حاتم : هل الخطأ منسوب فيه إلى عبد الرزاق أو معمر ؟
ومعمر ليس بالحافظ لحديث العراقيين كما ذكر ابن معين وغيره .
وقد روي مرفوعاً من وجهين آخرين ولا يثبت واحد منهما .
[فتح الباري :1/124 ] .
فصل(1/4)
16) قد أنكر أحمد في رواية المروزي ما روي عن عبد الله بن عمرو أن شارب الخمر يسمى كافراً ولم يثبته عنه مع أنه قد روي عنه من وجوه كثيرة وبعضها إسناده حسن وروي عنه مرفوعاً .
[فتح الباري :1/128 ] .
فصل
17) وروى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب كان إذا دخل بيته نشر المصحف فقرأ فدخل ذات يوم فقرأ فأتى على هذه الآية : [ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ] إلى آخر الآية فانتعل وأخذ رداءه ثم أتى أبي بن كعب فقال يا أبا المنذر أتيت قبل على هذه الآية : [ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ] وقد ترى أنا نظلم ونفعل ؟ فقال : يا أمير المؤمنين إن هذا ليس بذلك يقول الله تعالي : [ إن الشرك لظلم عظيم ] إنما ذلك الشرك .
خرجه محمد بن نصر المروزي وخرجه أيضاً من طريق حماد بن زيد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب أن عمر أتى على هذه الآية فذكره .
وحماد بن سلمة مقدم على حماد بن زيد في علي بن زيد خاصة .
[فتح الباري :1/133 ]
فصل
18) خرج الإمام أحمد من طريق ابن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأديان أحب إلى الله ؟ قال : ( الحنيفية السمحة ) .
وخرجه الطبراني ولفظه : أي الإسلام أفضل ؟
وخرجه البزار في مسنده ولفظه : أي الإسلام أو أي الإيمان أفضل ؟
وهذا الإسناد ليس على شرط البخاري لأنه لا يحتج بابن إسحاق ولا بروايات داود بن الحصين عن عكرمة فإنها مناكير عند ابن المديني والبخاري لا يخالف في ذلك وإن كان خرج لهما منفردين .
وخرج البزار هذا الحديث من وجه آخر لكن إسناده لا يصح .
وخرجه الطبراني من وجه ثالث ولا يصح إسناده أيضاً .
[ فتح الباري : 1/135 ](1/5)
19) وخرج أيضاً من رواية معان بن رفاعة عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ولكني بعثت بالحنيفية السمحة ) .
إسناد ضعيف .
[ فتح الباري :1/136 ]
باب
أحب الدين إلى الله أدومه
فصل
20) قد روي من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل ) .
خرجه بقي بن مخلد وفي إسناده : موسى بن عبيدة .
[ فتح الباري :1/152 ]
باب
الصلاة من الإيمان
فصل
21) وروى كثير بن عبد الله المزني ـ وهو ضعيف ـ عن أبيه عن جده عمرو بن عوف قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهراً .
[ فتح الباري :1/166]
22) وقال سعيد بن المسيب : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس تسعة عشر شهراً ثم حولت القبلة بعد ذلك قبل المسجد الحرام قبل بدر بشهرين .
ورواه بعضهم عن سعيد عن سعد بن أبي وقاص والحفاظ يرون أنه لا يصح ذكر : سعد بن أبي وقاص فيه .
[ فتح الباري :1/166 ]
23) وفي صحيح الحاكم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس (( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله )) [ البقرة : 115 ] فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق فقال الله تعالي : (( سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها )) [ البقرة : 142 ] يعنون : بيت المقدس فنسخها الله وصرفه إلى البيت العتيق .
وقال : صحيح على شرطهما .
وليس كما قال فإن عطاء هذا هو الخراساني ولم يلق ابن عباس .(1/6)
وكذا وقع مصرحا بنسبته في كتاب الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ولابن أبي داود وغيرهما .
[ فتح الباري :1/169-170 ]
24) وروى أبو مالك النخعي عبد الملك بن حسين عن زياد بن علاقه عن عمارة بن رويبة قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشي حين صرفت القبلة فدار النبي صلى الله عليه وسلم ودرنا معه في ركعتين .
خرجه ابن أبي داود .
وأبو مالك ضعيف جداً .
والصواب : رواية قيس بن الربيع عن زياد بن علاقة عن عمارة بن أوس وقد سبق لفظه .
[ فتح الباري :1/172 ]
25) وروى عثمان بن سعد قال : ثنا أنس بن مالك قال : انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس وهو يصلي الظهر وانصرف بوجهه إلى القبلة .
خرجه البزار وغيره وعثمان هذا تُكلم فيه .
وخرج الطبراني من رواية عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس قال : صُرف النبي صلى الله عليه وسلم عن القبلة وهم في الصلاة فانحرفوا في ركوعهم .
وعمارة ليس بالقوي.
وخالفه حماد بن سلمة فروى عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي نحو بيت المقدس فنزلت : (( قد نرى تقلب وجهك في السماء )) [ البقرة : 144 ] فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر فنادى : ألا إن القبلة قد حُولت فمالوا كما هم نحو القبلة .
خرجه مسلم وهذا هو الصحيح .
[ فتح الباري :1/172-173 ]
باب
خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر
26) عن إبراهيم التيمي أنه قال : ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذباً .
وهذا معروف عنه وخرجه جعفر الفريابي بإسناد صحيح عنه ولفظه : ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون كذاباً .
[ فتح الباري :1/177 ]
27) والأثر الذي ذكره البخاري عن ابن أبي مليكة هو معروف عنه من رواية الصلت بن دينار عنه .
وفي الصلت ضعف .
[ فتح الباري :1/179 ](1/7)
28) وأما الأثر الذي ذكره عن الحسن فقال : ويذكر عن الحسن قال : ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق .
فهذا مشهور عن الحسن صحيح عنه .
[ فتح الباري :1/180 ]
29) وفي مسند البزار من حديث معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن أول شيء نهاني عنه ربي بعد عبادة الأوثان شرب الخمر وملاحاة الرجال ) .
وفي إسناده عمر بن واقد الشامي وهو ضعيف جداً .
[ فتح الباري :1/188 ]
باب
سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم
30) وحديث حارثة هو من هذا المعنى فإنه قال : كأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً وكأني أنظر إلى أهل الجنة يزاورون فيها وإلى أهل النار يتعاوون منها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عرفت فالزم عبد نور الله الإيمان قلبه ) .
وهو حديث مرسل وقد روي مسنداً بإسناد ضعيف .
[ فتح الباري :1/193-194 ]
فصل
31) فصح عن ابن مسعود أنه سئل عمن له جار يأكل الربا علانية ولا يتحرج من مال خبيث يأخذه يدعو إلى طعامه ؟ قال : أجيبوه فإنما المهنأ لكم والوزر عليه
وفي رواية : أنه قال له : لا أعلم له شيئاً إلا خبيثاً أو حراماً ؟ فقال : أجيبوه .
وقد صحح الإمام أحمد هذا عن ابن مسعود .
[ فتح الباري :1/217 ]
32) وقد روي عن ابن سيرين في الرجل يقضي من الربا قال : لا بأس به وعن الرجل يقضي من القمار قال : لا بأس به .
خرجه الخلال بإسناد صحيح .
[ فتح الباري :1/217 ]
33) وخرج أنس إلى الجمعة فرأى الناس قد صلوا ورجعوا فاستحيا ودخل موضعاً لا يراه الناس فيه وقال : من لا يستحيى من الناس لا يستحيى من الله .
وخرجه الطبراني مرفوعاً ولا يصح .
[ فتح الباري :1/220 ]
34) وكان بعض السلف لا يأكل إلا شيئاً يعلم من أين هو ويسأل عنه حتى يقف على أصله .(1/8)
وقد روي في ذلك حديث مرفوع إلا أن فيه ضعفاً(1) .
[ فتح الباري :1/222 ]
كتاب الغُسل
باب الوضوء قبل الغسل
35) قال البخاري رحمه الله : 248 حديث : مالك ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا أغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه ، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يدخل أصابعه في الماء ، فيخلل بها أصول شعره ، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه ، ثم يفيض الماء على جلده كله .
غسل اليدين [ 00 0 ] قبل الوضوء شبه غسلهما للمتوضيء قبل إدخالهما في الإناء .
وروى هذا الحديث وكيع، عن هشام ، وقال في حديثه : (( يغسل يديه ثلاثاً )).
خرجه مسلم من طريقه كذلك .
واستحسن أحمد هذه الزيادة من وكيع .
وقال أبو الفضل ابن عمار : ليست عندنا بمحفوظة .
قلت : تابعه -أيضا- على ذكر الثلاث في غسل الكفين : مبارك بن فضالة ، عن هشام .
خرج حديثه ابن جرير الطبري .
ومبارك ، ليس بالحافظ .
وكذلك رواها ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، عن عائشة .
وقد رويت -أيضا- من حديث أبي سلمة ، عن عائشة ، وسيأتي حديثه .
وقد روي ، أنه غسلهما قبل الاستنجاء ، ثم استنجى ، ثم دلكهما بالأرض ، ثم غسلهما قبل الوضوء مرتين أو ثلاثاً ، وسيأتي ذَلِكَ فيما بعد -إن شاء الله تعالى .
وقول عائشة : (( ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة )) يدل على أنه توضأ وضوءاً كاملاً ، قبل غسل رأسه وجسده .
وروى أبو معاوية الضرير هذا الحديث ، عن هشام ، وزاد في آخر الحديث :
(( ثم غسل رجليه )) .
خرجه مسلم .
وتابعه عليها محمد بن [ كناسة ] ، عن هشام .
خرج حديثه أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في (( كتاب الشافعي )) [ 00 ] .
وذكر أبو الفظل ابن عمار : أن هذه الزيادة ليست بمحفوظة .
__________
(1) أشار إلى حديث أم عبد الله أخت شداد بن أوس عند الطبراني في الكبير ( 25/174-175 ) وفيه أبو بكر بن أبي مريم .(1/9)
قلت : ويدل على أنها غير محفوظة عن هشام : أن أيوب روى هذا الحديث عن هشام ، وقال فيهِ : (( فقلت لهشام : يغسل رجليه بعد ذَلِكَ ؟ فقالَ : وضوءه للصلاة ، وضوءه للصلاة .
[ فتح الباري :1/233-235] .
36) وسئل ابن عمر عن الوضوء بعد الغسل ؟ فقال : وأي وضوء أعم من الغسل .
وخرجه الطبراني والحاكم عنه مرفوعاً ووقفه أصح .
وروي عن حذيفة من وجه منقطع إنكار الوضوء مع الغسل .
[ فتح الباري :1/243 ]
باب الغُسل بالصاع ونحوه
37) وقد روى هذا الحديث ابن وهب عن أسامة بن زيد أن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : دخلت على عائشة فقلت لها : كيف غُسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة ؟ فقالت : أدخل معك يا بن أخي رجلاً من بني أبي القُعيس ـ من بني أخيها من الرضاعة ـ فأخبر أبا سلمة بما تصنع فأخذت إناءً فأكفأته ثلاث مرات على يدها قبل أن تُدخل يدها فيه فقال : صبت على يدها من الإناء يا أبا سلمة ثلاث مرات قبل أن تُدخل يدها فقالت : صدق ثم مضمضت واستنثرت فقال : هي تمضمض وتستنثر فقالت : صدق ثم غسلت وجهها ثلاث مرات ثم حفنت على رأسها ثلاث حفنات ثم قالت بيدها في الإناء جميعاً ثم نضحت على كتفيها ومنكبيها كل ذلك تقول إذا أخبر ابن أبي القعيس ما تصنع : صدق .
خرجه بقي بن مخلد وابن جرير الطبري .
وهذا سياق غريب جداً وأسامة بن زيد الليثي ليس بالقوي .
وروى الإمام أحمد : ثنا إسماعيل هو ابن علية نا يونس عن الحسن قال : قال رجل : قلت لعائشة : ما كان يقضي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غُسله من الجنابة ؟ قال : فدعت بإناء حزره صاعاً بصاعكم هذا .
وهذا الإسناد فيه انقطاع .
[ فتح الباري :1/249 -250]
38) وقد روى يزيد بن أبي زياد عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال : كان النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود .(1/10)
وفي رواية لأحمد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يجزىء من الوضوء المد ومن الجنابة الصاع ) فقال رجل : ما يكفيني قال : قد كفى من هو خير منك وأكثر شعراً رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وخرجه ابن خزيمة في صحيحه والحاكم من رواية حصين عن سالم عن جابر نحوه .
ففي رواية سالم رفع أول الحديث مع أنه روي أوله موقوفاً أيضاً من حديثه كما في رواية أبي جعفر .
ولعل وقف أوله أشبه وأما آخره فمرفوع .
[ فتح الباري :1/251 ]
39) قال البخاري رحمه الله : 253 - نا أبو نعيم : ثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد .
قالَ أبو عبد الله : كانَ ابن عيينة يقول -أخيراً - : (( عن ابن عباس ، عن
ميمونة )) .
والصحيح : ما روى أبو نعيم .
قال ابن رجب رحمه الله : هذا الذي ذكره البخاري -رحمه الله - : أن الصحيح ما رواه أبو نعيم عن ابن عيينة ، بإسقاط ميمونة من هذا الإسناد فيهِ نظر ، وقد خالفه أكثر الحفاظ في ذَلِكَ .
وخرجه مسلم عن قتيبة وأبي بكر بن أبي شيبة -جميعاً - ، عن ابن عيينة ، عن عمرو ، عن أبي الشعثاء ، عن ابن عباس ، قالَ : أخبرتني ميمونة ، أنها كانت تغتسل هي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إناء واحد .
وخرجه الترمذي عن ابن أبي عمر ، عن سفيان كذلك ، وعنده : (( من إناء واحد )) .
وكذلك رواه الإمامان : الشافعي وأحمد ، عن ابن عيينة .
وذكر الإسماعيلي في (( صحيحه )) ممن رواه عن ابن عيينة كذلك : المقدمي ، وابنا أبي شيبة ، وعباس النرسي ، وإسحاق الطالقاني ، وأبو خيثمة ، وسريج بن يونس ، وابن منيع ، والمخزومي ، عبد الجبار ، وابن البزاز ، وأبوهمام ، وأبو موسى الأنصاري ، وابن وكيع ، والأحمسي .
قالَ : وهكذا يقول ابن مهدي -أيضاً - ، عن ابن عيينة .(1/11)
قالَ : وهذا أولى ؛ لأن ابن عباس لا يطلع على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهله يغتسلان ، فالحديث راجع إلى ميمونة .
وذكر الدارقطني في (( العلل )) : أن ابن عيينة رواه عن عمرو ، وقال فيهِ :
(( عن ميمونة )) ، ولم يذكر أن ابن عيينة اختلف عليهِ في ذَلِكَ .
وهذا كله مما يبين أن رواية أبي نعيم التي صححها البخاري وهم .
وإنما ذكر الدارقطني : أن ابن جريج خالف ابن عيينة ، فرواه عن عمرو ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يغتسل بفضل ميمونة .
قالَ : وقول ابن جريج أشبه .
كذا قالَ ؛ وحديث ابن جريج هذا خرجه مسلم من طريقه ، قالَ : أخبرني عمرو بن دينار ، قالَ : أكثر علمي ، والذي يخطر على بالي أن ابا الشعثاء أخبرني ، أن ابن عباس أخبره : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يغتسل بفضل ميمونة .
وهذا لا يرجح على رواية ابن عيينة ؛ لأن ذكر أبي الشعثاء في إسناده مشكوك
فيهِ ، ولو قدر أنه محفوظ فلفظ الحديث مخالف للفظ حديث ابن عيينة ؛ فإن حديث ابن عيينة فيهِ اغتسالهما من إناء واحد ، وحديث ابن جريج فيهِ اغتساله - صلى الله عليه وسلم - بفضل ميمونة ، وهما حديثان مختلفان .
[ فتح الباري :1/252-255] .
باب
من أفاض على رأسه ثلاثاً
40) وقد روي هذا صريحاً عن عائشة من وجه آخر من رواية صدقة بن سعيد الحنفي نا جُميع بن عمير ـ أحد بني تيم الله بن ثعلبة ـ قال : دخلت مع أمي وخالتي على عائشة فسألتها إحداهما : كيف كنتم تصنعون عند الغُسل ؟ فقالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض على رأسه ثلاث مرات ونحن نفيض على رءوسنا خمساً من أجل الضُفر .(1/12)
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي .
وجُميع قال البخاري : فيه نظر وقال أبو حاتم الرازي : هو من عُتُق الشيعة محله الصدق صالح الحديث وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد .
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات ثم ذكره في كتاب الضعفاء ونسبه إلى الكذب .
وصدقة بن سعيد قال البخاري : عنده عجائب وقال أبو حاتم : شيخ وقال الساجي : ليس بشيء وذكره ابن حبان في الثقات .
وقد تابعه العلاء بن صالح فرواه عن جُميع ولكن قال : جميع بن كثير عن عائشة فوقفه ولم يرفعه .
خرجه عنه أبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب الصلاة .
وقال الدارقطني : المرفوع أشبه .
[ فتح الباري :1/260 ]
41) وروي عن ابن عباس قال : لو اغتسل إنسان من جنابة فبقيت شعرة لم يصبها الماء لم يزل جنباً حتى يصيبها الماء .
خرجه أبو نعيم الفضل : ثنا مندل عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه .
ومندل فيه ضعف .
[ فتح الباري :1/262 ]
باب
الغُسل مرةً واحدةً
42) وروى وكيع في كتابه عن أبي مكين عن أبي صالح مولى أم هانىء عن أم هانىء قالت : إذا اغتسلت من الجنابة فاغسل كل عضو ثلاثاً .
أبو صالح هو باذان وهو ضعيف جداً .
ورواه سمويه الحافظ : نا أحمد بن يحيى بن زيد كيسان نا يزيد بن ذريع عن أبي مكين عن أبي صالح حدثتني أم هانىء قالت : قال رسول الله عليه وسلم : ( إذا اغتسل أحدكم فليغسل كل عضو منه ثلاث مرات ) يعني الجنابة .
ورواية وكيع للموقوف أصح .
[ فتح الباري :1/265 ]
43) وروى الفضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد أن رجلاً سأله عن الغسل من الجنابة فقال : ثلاثاً فقال الرجل إن شعري كثير فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر شعراً منك وأطيب .
خرجه الإمام أحمد وابن ماجه .
وعطية هو العوفي فيه ضعف مشهور .
[ فتح الباري :1/265-266 ](1/13)
44) وهذا الحديث خرجه أبو داود من رواية ابن أبي ذئب عن شعبة وهو مولى ابن عباس أن ابن عباس كان إذا اغتسل من الجنابة يفرغ بيده اليمنى على يد اليسرى سبع مرات ثم يغسل فرجه فنسي مرةً كم أفرغ فسألني كم أفرغت ؟ قلت : لا أدري فقال : لا أم لك وما يمنعك أن تدري ؟ ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض على جلده الماء ويقول هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطهر .
وشعبة مولى ابن عباس قال مالك : ليس بثقة ، وقال مرة : لا يشبه القراء ، وقال أحمد ويحيى : لا بأس به ، وقال يحيى مرة : لا يكتب حديثه ، وقال النسائي والجوزجاني : ليس بالقوي في الحديث ، وقال ابن عدي : لم أر له حديثاً منكراً جداً فأحكم له بالضعف وأرجو أنه لا بأس به .
[ فتح الباري :1/267 ]
باب
المضمضة والاستنشاق في الجنابة
45) وروى وكيع عن أبي حنيفة عن عثمان بن راشد عن عائشة بنت عجرد قالت : سألت ابن عباس عن الجنب يغتسل فينسى المضمضة والاستنشاق حتى يصلي ؟ قال : يتمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة .
وخرجه الدارقطني من طريق سفيان عن عثمان عن عائشة عن ابن عباس قال : يعيد في الجنابة ولا يعيد في الوضوء .
وعائشة بنت عجرد قيل : إنها غير معروفة .
[ فتح الباري :1/272 ]
باب
مسح اليد بالتراب ليكون أنقى
46) وقد روي نحو ذلك في الاستنجاء قبل الوضوء في غير غسل الجنابة أيضاً وأن النبي صلى الله عليه وسلم استنجى بالماء ثم دلك يده بالأرض .
وقد خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث إبراهيم بن جرير البجلي عن أبي زرعة عن أبي هريرة .
وخرجه ابن ماجه أيضاً والنسائي من حديث إبراهيم بن جرير عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال النسائي : هو أشبه بالصواب .
وإبراهيم بن جرير لم يسمع من أبيه شيئاً قاله ابن معين وغيره .(1/14)
[ فتح الباري :1/275 ]
47) وروي أيضاً عن ابن عمر بإسناد فيه ضعف أنه يعيد الغسل .
خرجه ابن أبي شيبة .
[ فتح الباري :1/278 ]
باب
هل يدخل الجنب يده في الإناء قبل أن يغسلها
48) وفي مسند بقي بن مخلد من رواية سويد بن عبد العزيز الدمشقي عن نوح بن ذكوان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ماءً وأدخلت يدي فيه فلم يتوضأ منه .
وهذا منكر لا يصح وسويد ونوح ضعيفان .
[ فتح الباري :1/283 ]
49) وروى سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من جفنة فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ فقالت : يا رسول الله إني كنت جنباً قال : ( إن الماء لا يجنب ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي وقال : حسن صحيح وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وصححه .
وأعله الإمام أحمد بأنه روي عن عكرمة مرسلاً .
وقد صح عن ابن عباس أنه سئل عن الجنب يغتسل من ماء الحمام فقال : الماء لا يجنب .
[ فتح الباري :1/284 ]
50) وكذلك صح عن عائشة من رواية شعبة عن يزيد الرشك عن معاذة قالت : سألت عائشة عن الغسل من الجنابة ؟ فقالت : إن الماء لا ينجسه شيء كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد .
وخرجه ابن خزيمة في صحيحه ولفظه : إن عائشة قالت : الماء طهور لا يجنب الماء شيء لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الإناء الواحد قالت : أبدؤه فأفرع على يديه من قبل أن يغمسهما في الإناء .
وروى المقدام بن شريح عن أبيه أنه سأل عائشة عن غسل الجنابة ؟ فقالت :كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد . قال شريح : كيف يكون ؟ قالت عائشة : إنه ليس على الماء جنابة مرتين أو ثلاثة .
وخرجه [.........] وبقي بن مخلد في مسنده .(1/15)
وخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده وعنده : فقالت : إن الماء لا ينجس .
وقد رفع بعضهم آخر الحديث وهو قوله : ( الماء لا ينجس ) فجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم .
خرجه الطبراني والقاضي إسماعيل وابن عدي وغيرهم مرفوعاً .
والصحيح : أنه موقوف على عائشة .
[ فتح الباري :1/284-285 ]
باب
تفريق الوضوء والغسل
51) وهذا الأثر رواه مالك عن نافع عن ابن عمر أنه توضأ في السوق فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ثم دُعي إلى جنازة فدخل المسجد ثم مسح على خفيه بعد ما جف وضوؤه .
قال البيهقي : هذا صحيح عن ابن عمر مشهور بهذا اللفظ .
[ فتح الباري :1/289 ]
52) من أجودها : حديث رواه بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لُمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة .
خرجه أبو داود وقال أحمد : إسناده جيد .
[ فتح الباري :1/290 ]
53) وفي تفريق الغسل صريحاً حديث لا يصح إسناده .
خرجه الدارقطني في الأفراد والإسماعيلي في جمع حديث مسعر من طريق إسماعيل بن يحيى التميمي عن مسعر عن حميد بن سعد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال : قال رجل : يا رسول الله إن أهلي تغار إذا وطئت جواري قال : ( ولم تُعلمهم ذلك ؟ ) قال : من قبل الغسل : قال : ( إذا كان ذلك منك فاغسل منك رأسك عند أهلك فإذا حضرت الصلاة فاغسل سائر جسدك ) .
إسماعيل بن يحيى ضعيف جداً .
قال الإسماعيلي : حميد بن سعد مجهول وأحاديث إسماعيل بن يحيى موضوعة .
[ فتح الباري :1/293 ]
54) وفيه حديث آخر .(1/16)
رواه جعفر بن محمد الفريابي : نا إسحاق بن موسى نا عاصم بن عبد العزيز نا محمد بن زيد بم قنفذ التيمي عن جابر بن سيلان عن ابن مسعود أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يغتسل من الجنابة فيخطىء الماء بعض جسده ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يغسل ذلك المكان ثم يصلي ) .
رجاله كلهم مشهورون خلا جابر بن سيلان وقد خرج له أبو داود ولم نعلم فيه جرحاً ولا أنه روى عنه سوى محمد بن زيد .
[ فتح الباري :1/293 ]
باب
من أفرغ بيمينه على شماله في الغسل
55) وخرج الطبراني بإسناد فيه جهالة عن أنس أنه أراهم الوضوء فأخذ ركوةً فوضعها عن يساره وصب على يده اليمنى منها ثلاثاً ـ وذكر بقية الوضوء ـ ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ .
[ فتح الباري :1/296 ]
باب
إذا جامع ثم عاود
56) وقد روى هذا الحديث معمر عن قتادة وذكر فيه : أن ذلك كان بغسل واحد .
خرجه الإمام أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه من رواية سفيان عن معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في غسل واحد .
وقال الترمذي : حسن صحيح .
وإنما لم يخرج البخاري هذا لأن رواية معمر عن قتادة ليست بالقوية ، قال ابن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول : قال معمر : جلست إلى قتادة وأنا صغير فلم أحفظ عنه الأسانيد .
قال الدارقطني في العلل : معمر سىء الحفظ لحديث قتادة .
وقد روى هذا الحديث ابن عيينة عن معمر عن ثابت عن أنس وهو وهم .
ورواه مصعب بن المقدام عن الثوري عن معمر عن حميد عن أنس .
خرجه الطبراني وهو وهم .
ورواه ضمرة عن الثوري عن معمر عن حميد عن أنس .
وأخطأ في قوله : عن حميد قاله أبو زرعة .
وقد توبع عليه معمر من وجوه غير قوية .
فروينا من طريق سفيان عن محمد بن جحادة عن قتادة عن أنس .(1/17)
ورواه مسلمة بن علي الخشني ـ وهو ضعيف ـ عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس قال : ربما طاف النبي صلى الله عليه وسلم في الليلة الواحدة على ثنتي عشرة امرأةً لا يمس في ذلك شيئاً من الماء .
ورواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن أنس قال : وضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلاً فاغتسل من جميع نسائه في ليلة .
خرجه ابن ماجه ، ونقل الترمذي في كتاب العلل عن البخاري أنه ضعفه من أجل صالح .
وخرجه أبو داود والنسائي من رواية إسماعيل بن علية : نا حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه في ليلة بغسل واحد .
وخرجه مسلم في صحيحه من رواية مسكين بن بكير عن شعبة عن هشام بن زيد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه بغسل واحد .
وتابعه بقية بن الوليد فرواه عن شعبة أيضاً .
خرجه من طريقه الإمام أحمد ، ولم يرض هذا الحديث من أجل مسكين فإنه ليس بذلك .
قال الأثرم : قلت لأحمد : نظرت في حديث مسكين عن شعبة فإذا فيها خطأ قال أحمد : من أين كان يضبط هو عن شعبة ؟ !
قال البرديجي : لا يلتفت إلى رواية الفرد عن شعبة ممن ليس له حفظ ولا تقدم في الحديث من أهل الإتقان .
[ فتح الباري :1/299-301 ]
57) وقد روي الاغتسال للمعاودة من حديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه جميعاً في يوم واحد واغتسل عند كل واحدة منهن غسلاً فقلت يا رسول الله ألا تجعله غسلاً واحداً ؟ قال : ( إن هذا أزكى وأطهر وأطيب ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه .
وفي إسناده بعض من لا يعرف حاله .
قال أبو داود : حديث أنس أصح من هذا . يعني : حديثه في الغسل الواحد .
وفي الباب أحاديث أخر أسانيدها ضعيفة .
[ فتح الباري :1/302-303 ]
باب
تخليل الشعر حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه(1/18)
58) قال البخاري رحمه الله : 272 ثنا عبدان : ثنا عبد الله -هوَ ابن المبارك - : ثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة ، غسل يديه ، وتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم اغتسل ، ثم يخلل بيده شعره ، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليهِ الماء ثلاث مرات ، ثم يغسل سائر جسده .
273- وقالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد ، نغترف ، منه جميعاً .
قال ابن رجب رحمه الله : ما ذكر في هذه الرواية ، أنه توضأ ، ثم اغتسل ، ثم يخلل بيده شعره ، إلى آخره ، وهو من باب عطف التفصيل على الإجمال ؛ فإن ما ذكره من التخليل وما بعده هوَ تفصيل للاغتسال الذي ذكر مجملاً .
والحديث يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ قبل أن بفيض الماء على رأسه ثلاثاً يخلل شعره بيده بالماء ، حتى يظن أنه قد أروى بشرته ، وهذا مما ذكر في حديث عائشة دون حديث ميمونة .
وقد خرجه البخاري في أول (( كتاب : الغسل )) ، من حديث مالك ، عن هشام ، وفي حديثه : (( توضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يدخل أصابعه في الماء ، فيخلل بها أصول الشعر ، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه )) .
وهذا يصرح بالمعنى الذي ذكرناه .
وخرجه مسلم ، من طريق أبي معاوية ، عن هشام ، وفي حديثه :
(( توضأ وضوءه للصلاة ، ثم يأخذ الماء ، فيدخل أصابعه في أصول الشعر ، حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات )) .
وكذلك روى حماد بن زيد ، عن هشام ، هذا الحديث ، وقال فيهِ - بعد ذكر الوضوء - : (( ثم يدخل يده في الإناء ، فيخلل شعره ، حتى إذا رأى أنه قد أصاب البشرة ، أو أنقى البشرة ، افرغ على رأسه ثلاثاً )) .
خرجه أبو داود .(1/19)
وخرجه الإمام أحمد ، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن هشام ، به بنحوه ، وفي حديثه : (( ثم يخلل اصول شعر رأسه ، حتى إذا ظن أنه قد استبرا البشرة ، اغترف ثلاث غرفات ، فصبهن على رأسه )) .
وخرجه النسائي ، من حديث سفيان ، عن هشام ، ولفظ حديثه : (( إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يشرب رأسه ، ثم يحثي عليهِ ثلاثاً ثلاثاً )) .
وروى أيوب وعبيد الله بن عمر هذا الحديث ، عن هشام ، وذكر أن تخليل شعره كانَ مرتين .
وروي عن أيوب ، قالَ : مرتين أو ثلاثاً .
ورواه حماد بن سلمة ، عن هشام ، ولفظ حديثه : (( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يتوضأ من الجنابة ، ثم يدخل يده اليمنى في الماء ، ثم يخلل به شق رأسه الأيمن ، فيتبع بها أصول الشعر ، ثم يفعل بشة رأسه الأيسر كذلك ، حتى تستبرىء البشرة ، ثم يصب على رأسه
ثلاثاً )) .
ورواه شريك ، عن هشام ، وذكر أن تخليل شعره كانَ بعد الإفراغ عليهِ ثلاثاً .
وشريك ، سيء الحفظ ، لا يقبل تفرده بما يخالف الحفاظ .
وتابعه سفيان بن وكيع ، عن أبيه ، عن هشام .
وسفيان هذا ، ليس ممن يلتفت إلى قوله .
وكذلك رواه ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، عن عائشة .
وابن لهيعة ، لا يقبل تفرده فيما يخالف الحفاظ .
وفي الجملة ؛ فهذا ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه خلل شعره بالماء ، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض الماء على شعر راسه .
[ فتح الباري :1/310- 312] .
باب
إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج كما هو ولا يتيمم
59) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ) .
خرجه أبو داود من حديث عائشة وابن ماجه من حديث أم سلمة وفي إسنادهما ضعف.
[ فتح الباري :1/ 323-324 ]
باب
نفض اليدين من الغسل من الجنابة(1/20)
60) واستدل من كره ذلك بما روى البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا توضأتم فأشربوا أعينكم الماء ولا تنفضوا أيديكم فإنها مرواح الشيطان ) .
خرجه إسحاق بن راهوايه وبقي بن مخلد وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم .
قال ابن أبي حاتم سألت أبي عن هذا الحديث ؟ فقال : حديث منكر والبختري ضعيف الحديث وأبوه مجهول .
[ فتح الباري :1/ 326 ]
باب
من اغتسل عُرياناً وحده في خلوة ومن تستر والتستر أفضل
61) وقد روى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن موسى بن عمران عليه السلام كان إذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتى يواري عورته في الماء ) .
خرجه الإمام أحمد ، وعلي بن زيد هو : ابن جدعان متكلم فيه .
[ فتح الباري :1/ 333 ]
باب
التستر في الغسل عند الناس
62) وخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث أبي السمح قال : كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا أراد أن يغتسل قال : ( ولني ) فأوليه قفاي وأنشر الثوب فأستره به .
وإسناده حسن .
[ فتح الباري :1/ 334 ]
63) ويدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستتر عند اغتساله مع أهله : ما خرجه الإمام أحمد وابن ماجه من حديث عائشة قالت : ما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قط .
لكن في إسناده من لا يعرف .
[ فتح الباري :1/ 336 ]
64) وخرج البزار من حديث مسلم الملائي عن مجاهد عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل من وراء الحجرات وما رُئي عورته قط .
ومسلم الملائي فيه ضعف .
[ فتح الباري :1/ 336 ](1/21)
65) وخرج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث يعلى بن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلاً يغتسل بالبراز فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال : ( إن الله حيي ستير فإذا أراد أحدكم أن يغتسل فليتوار بشيء ) .
وقد قيل : إن في إسناده انقطاعاً ووصله بعض الثقات و أنكر وصله أحمد و أبو زرعة .
[ فتح الباري :1/ 336 ]
66) وخرج أبو داود في مراسيله من حديث الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تغتسلوا في الصحراء إلا أن لا تجدوا متوارى فإن لم تجدوا متوارى فليخط أحدكم خطاً كالدار ثم يسمي الله ويغتسل فيها ) .
وخرجه الطبراني متصلاً عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة .
ولا يصح وصله .
[ فتح الباري :1/ 336 ]
67) وروى بقية بن الوليد حدثني عتبة بن أبي حكيم حدثني سليمان بن موسى وسألته عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته فقال سليمان : سألت عطاء عن ذلك فقال : حدثتني عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في هذا البيت وبيننا وبينها حجاب قالت : كنت أنا وحبي نغتسل من إناء واحد تختلف فيه أكفنا قال : وأشارت إلى إناء في البيت قدر الفرق ستة أقساط .
خرجه حرب الكرماني وابن عدي .
وخرجه بقي بن مخلد من طريق صدقة بن خالد نا عتبة بن أبي حكيم فذكره بنحوه
وسليمان بن موسى مختلف في أمره .
[ فتح الباري :1/337-338 ]
68) وقد روي مرفوعاً من رواية حماد بن شعيب عن أبي الزبير عن جابر : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُدخل الماء إلا بمئزر .
خرجه العقيلي وغيره .
وأنكره الإمام أحمد لأجل حماد بن شعيب .
وقد تابعه عليه الحسن بن بشير فرواه عن زهير عن أبي الزبير أيضاً .
خرجه ابن خزيمة في صحيحه .
والحسن مختلف فيه وقد خرج له البخاري في صحيحه ،وقال أحمد : روى عن زهير مناكير .
[ فتح الباري :1/ 339 ]
باب
إذا احتلمت المرأة(1/22)
69) وقد روى الإمام أحمد وابن ماجه من حديث علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن خولة بنت حكيم أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل ؟ فقال : ( ليس عليها غُسل حتى تنزل كما أن الرجل ليس عليه غُسل حتى ينزل ) .
وقد روي عن ابن المسيب مرسلاً .
[ فتح الباري :1/ 341 ]
70) وقد ورد في هذا حديث صريح خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي من حديث عبد الله بن عمر عن أخيه عبيد الله عن القاسم عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً ؟ قال : ( يغتسل ) وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولم يجد بللاً ؟ قال : ( لا غًسل عليه ) قالت أم سليم : يا رسول الله هل على المرأة ترى ذلك غُسل ؟ قال : ( نعم إنما النساء شقائق الرجال ) .
وليس عند ابن ماجه : ( قالت أم سليم ) إلى آخره .
وقد استنكر أحمد هذا الحديث في رواية مهنا وقال في رواية الفضل بن زياد : أذهب إليه .
قال الترمذي : إنما روى هذا عبد الله بن عمر وقد تكلم فيه يحيى القطان من قبل حفظه .
قلت: وقد روي معناه أيضاً من حديث كعب بن مالك خرجه أبو نًعيم في تاريخ أصبهان وإسناده لا يصح والله أعلم .
[ فتح الباري :1/343 ]
باب
الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره
71) وهذا المرفوع خرجه الإسماعيلي في مسند علي بإسناد ضعيف جداً عن علي مرفوعاً : ( لا يقلمن أحد ظُفراً ولا يقص شعراً إلا وهو طاهر ومن اطلى وهو جنب كان علته عليه ) وذكر كلاماً قيل له : لم يا رسول الله ؟ قال : ( لأنه لا ينبغي أن يلقي الشعر إلا وهو طاهر ) .
وهذا منكر جداً بل الظاهر أنه موضوع والله أعلم .
[ فتح الباري :1/ 347 ]
باب
كينونة الجنب في البيت إذا توضاً(1/23)
72) فخرج مسلم من حديث شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً أن يأكل أو ينام توضأ.
وخرجه وكيع في كتابه وعنه الإمام أحمد وزاد : ( أو يشرب ) وقد تُكلم في لفظة : ( الأكل ) .
قال الإمام أحمد : قال يحيى بن سعيد : رجع شعبة عن قوله : ( يأكل ) قال أحمد : وذلك لأنه ليس أحد يقوله غيره إنما هو في النوم . انتهى .
وقد رواه أيضاً ميمون أبو حمزة عن إبراهيم بهذا الإسناد وزاد : ( وضوءه للصلاة ) .
خرجه الطبراني ، أبو حمزة هذا ضعيف جداً .
وروى ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة وإذا أراد أن يأكل وهو جنب غسل يديه .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وفي رواية له : إذا أراد أن يأكل أو يشرب
وخرج ابن ماجه آخره ورواه الأوزاعي عن يونس عن الزهري كذلك .
ورواه عيسى بن يونس عن يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة .
خرجه ابن خزيمة في صحيحه .
ورواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن أبي سلمة أو غيره بالشك عن عائشة .
خرجه الإمام أحمد .
ورواه ابن وهب عن يونس فجعل ذكر الأكل من قول عائشة ولم يرفعه .
وأعله أبو داود وغيره بذلك ، وضعف أحمد حديث صالح بن أبي الأخصر .
[ فتح الباري :1/350-352 ]
73) وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث عطاء الخرساني عن يحيى بن يعمر عن عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة .
وحسنه الترمذي .
وإسناده منقطع فإن يحيى بن يعمر لم يسمع من عمار بن ياسر قاله ابن معين وأبو دواد والدارقطني وغيرهم .
[ فتح الباري :1/ 352 ]
74) وروى شرحبيل بن سعد عن جابر قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الجنب : هل ينام أو يأكل أو يشرب ؟ قال : ( نعم إذا توضاً وضوءه للصلاة ) .(1/24)
خرجه ابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه .
وشرحبيل ضعفه يحيى وغيره .
وروي عن شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب فليتوضأ وضوءه للصلاة .
خرجه ابن عدي وغيره ، وفي الباب أحاديث أخر ضعيفة .
[ فتح الباري :1/ 352 ]
باب
الجنب يتوضأ ثم ينام
75) قال ابن أبي شيبة : نا عثام بن علي عن هشام عن أبيه عن عائشة في الرجل تصيبه جنابة من الليل فيريد أن ينام ؟ قالت يتوضأ أو يتيمم .
وروي مرفوعاً خرجه الطبراني من طريق عمار بن نصر أبي ياسر : نا بقية بن الوليد عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا واقع بعض أهله فكسل أن يقوم ضرب يده على الحائط فتيمم .
وهذا المرفوع لا يثبت وإسماعيل بن عياش رواياته عن الحجازيين ضعيفة وعمار بن نصر ضعيف ورواية عثام الموقوفة أصح .
[ فتح الباري :1/358 ]
76) وورد : ( إن الملائكة لا تشهد جنازة الجنب إذا مات ) خرجه من حديث يحيى بن يعمر عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر ولا المتضمخ بزعفران ولا الجنب ).
خرجه الإمام أحمد وأبو داود
وخرج أبو داود من حديث الحسن عن عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثة لا تقربهم الملائكة جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوق والجنب إلا أن يتوضأ )
وخرجه بقي بن مخلد في مسنده ولفظه : ( ثلاثة لا تقربهم الملائكة بخير جيفة الكافر والمتضمخ بالخلوق والجنب إلا أن يبدو له أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة ) .
ويحيى بن يعمر والحسن لم يسمع من عمار .
[ فتح الباري :1/359-360 ](1/25)
77) وخرجه بقي بن مخلد من طريق أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال : سألت عائشة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا أراد أن ينام وهو جنب ؟ قالت : يتوضأ وضوءه للصلاة ثم ينام .
وهذا الحديث مما اتفق أئمة الحديث من السلف على إنكاره على أبي إسحاق منهم إسماعيل بن أبي خالد وشعبة ويزيد بن هارون وأحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة ومسلم بن الحجاج وأبو بكر الأثرم والجورجاني والترمذي والدارقطني .
وحكى ابن عبد البر عن سفيان الثوري أنه قال : هو خطأ .
وعزاه إلى كتاب أبي داود والموجود في كتابه هذا الكلام عن يزيد بن هارون لا عن سفيان .
قال أحمد بن صالح المصري الحافظ : لا يحل أن يُروى هذا الحديث .
يعني : أنه خطأ مقطوع به فلا تحل روايته من دون بيان علته .
وأما الفقهاء المتأخرون فكثير منهم نظر إلى ثقة رجاله فظن صحته وهؤلاء يظنون أن كل حديث رواه ثقة فهو صحيح ولا يتفطنون لدقائق علم علل الحديث ووافقهم طائفة من المحدثين المتأخرين كالطحاوي والحاكم والبيهقي .
[ فتح الباري :1/362 ]
باب
إذا التقى الختانان
78) قال البخاري رحمه الله : 291 -حدثنا معاذ بنِ فضالة : ثنا هشام .
وحدثنا أبو نعيم ، عَن هشام ، عَن قتادة ، عَن الحسن ، عَن أبي رافع ، عَن أبي هريرة ، عَن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : (( إذا جلس بين شعبها الأربع ، ثُمَّ جهدها ، فَقد وجب الغسل )) .
تابعه : عمرو ، عَن شعبة -مثله .
وقال موسى : نا أبان : نا قتادة : أنا الحسن -مثله .
قال ابن رجب رحمه الله : (( هشام )) : الراوي عَن قتادة ، هوَ الدستوائي .
وقد خرجه مسلم مِن حديثه -أيضاً .
وخرجه -أيضاً- مِن طريق شعبة ، عَن قتادة بهِ ، وفي حديثه : (( ثُمَّ اجتهد )) .
وخرج النسائي مِن حديث خالد ، عَن شعبة ، عَن قتادة ، قالَ : سمعت الحسن يحدث -فذكره .(1/26)
وهذه الرواية فيها تصريح قتادة بسماع الحديث مِن الحسن ، كالرواية التي ذكرها البخاري -تعليقاً - عَن موسى - وَهوَ : ابن إسماعيل - ، عَن أبان .
ومراده بذلك : أنَّهُ أمن بذلك تدليس وقتادة ، وثبت سماعه لهذا الحديث مِن الحسن .
وخرجه مسلم مِن طريق مطر الوراق ، عَن الحسن ، وزاد فيهِ : (( وإن لَم
ينْزل )) .
وخرجه الإمام أحمد ، عَن عفان ، عَن همام وأبان ، عَن قتادة ، ولفظ حديثه :
(( إذا جلس بين شعبها الأربع ، فأجهد نفسه ، فَقد وجب الغسل ، أنزل أو لم ينزل )) .
وخرجه البيهقي مِن طريق سعيد بنِ أبي عروبة ، عَن قتادة ، ولفظ حديثه : (( إذا التقى الختانان وجب الغسل ، أنزل أو لَم ينزل )) .
وذكر الدارقطني في (( العلل )) الاختلاف على الحسن في إسناده هَذا الحديث ، في ذكر (( أبي رافع )) وإسقاطه منهُ ، ورواية الحسن لَهُ عَن أبي هريرة بغير واسطة ، وفي وقفه على أبي هريرة ورفعه ، ثُمَّ قالَ : الصحيح : حديث الحسن ، عَن أبي رافع ، عَن أبي هريرة عَن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ذكر عَن موسى بنِ هارون ، أنَّهُ قالَ : سمع الحسن مِن أبي هريرة ، إلا أنَّهُ لَم يسمع منهُ عَن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا قعد بين شعبها الأربع )) ، بينهما أبو رافع . انتهى .
وما ذكره مِن سماع الحسن مِن أبي هريرة ، مختلف فيهِ . وقد صح روايته لهذا الحديث عَن أبي رافع ، عَن أبي هريرة .
[ فتح الباري :1/266- 267] .
79) ولم يخرج البخاري حديث عائشة في هَذا الباب ، وقد خرجه مسلم مِن رواية هشام بنِ حسان ، عَن حميد بنِ هلال ، عَن أبي بردة ، عَن أبي موسى ، أنَّهُ سأل عائشة : عما يوجب الغسل ؟ فقالت : على الخبير سقطت ، قالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا جلس بين شعبها الأربع ، ومس الختان الختان ، فَقد وجب الغسل )) .(1/27)
كذا خرجه مِن طريق الأنصاري ، عَن هشام . وخرجه مِن طريق عبد الأعلى ، عَن هشام ، عَن حميد ، قالَ : ولا أعلمه إلا عَن أبي بردة ، عَن أبي موسى ، فتردد في وصل إسناده .
وقد عجب أحمد مِن هَذا الحديث ، وأن يكون حميد بنِ هلال حدث بهِ بهذا الإسناد .
وقال الدارقطني : صحيح غريب ، تفرد بهِ : هشام بنِ حسان ، عَن حميد .
وخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا جاوز الختان الختان وجب الغُسل ) .
وعلي بن زيد فيه مقال مشهور وقد اختلف عليه في رفعه ووقفه .
ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب أن أبا موسى دخل على عائشة فحدثته بذلك ولم ترفعه .
وخرج مسلم من طريق ابن وهب عن عياض بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن أم كلثوم عن عائشة أن رجلاً سأل النبي صلى اله عليه وسلم عن الرجل يجامع ثم يكسل هل عليهما الغسل ؟ وعائشة جالسة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأفعل ذلك وهذه ثم نغتسل ) .
وأم كلثوم هي بنت الصديق أخت عائشة رضي الله عنهم .
قال الدارقطني : لم يختلف عن أبي الزبير في رفع هذا الحديث .
قلت : رواه عنه عياض بن عبد الله وابن لهيعة وأشعث وكلهم رفعوه .
وخرجه الإمام أحمد من حديث أشعث وابن لهيعة كذلك .
قال الدارقطني : وكذلك رواه قتادة عن أم كلثوم عن عائشة .
وحديث قتادة خرجه بقي بن مخلد ولفظ حديثه : عن عائشة أنها ونبي الله صلى الله عليه وسلم فعلا ذلك فلم ينزل الماء فاغتسل وأمرها أن تغتسل .
ولكن في سماع قتادة من أم كلثوم نظر ولأجله ترك مسلم تخريج الحديث من طريقه والله أعلم .
وعند قتادة فيه إسناد آخر : رواه عن عبد الله بن رباح عن عائشة مع الاختلاف عليه في رفعه ووقفه وقيل : عن قتادة قال : ذكر لنا أن عبد الله بن رباح سأل عائشة فدل على أنه لم يسمعه منه .(1/28)
ورواه ثابت البُناني عن عبد الله بن رباح وقيل : عنه عن عبد الرحمن بن رباح عن عبد العزيز بن النعمان عن عائشة مع الاختلاف عليه في رفعه ووقفه .
وأنكر أحمد رفعه وقال : عبد العزيز بن النعمان لا يعرف ، وقال البخاري : لا أعلم له سماعاً من عائشة ، وذكر ابن معين : أن رواية ثابت بإدخال عبد العزيز بن النعمان في إسناده أصح من رواية قتادة بإسقاطه .
وخرج الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه من حديث الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت : إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا .
وقال الترمذي : حسن صحيح .
وصححه غير واحد من الحفاظ ، وقال البخاري : هو خطأ وإنما يرويه الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلاً .
ورُد قوله بكثرة من رواه عن الأوزاعي من أصحابه موصولاً .
وأعله الإمام أحمد : بأنه روي عن الأوزاعي موقوفاً ، وقال أحمد : والمرفوع في آخر الحديث إنما كان الأوزاعي يرويه عن يحيى بن أبي كثير أنه بلغه عن عائشة وكذا رواه أيوب عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة موقوفاً لم يرفعه .
وذكر أبو زرعة الدمشقي هذا عن أحمد ، ثم قال أبو زرعة : رأيت أبا مسهر عرض هذا الحديث على يحيى بن معين قبله يحيى ولم ينكره .
وقد روي عن عائشة من طرق أخرى متعددة مرفوعاً .
وخرجه البزار من طريق ابن أبي فديك نا الضحاك بن عثمان عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا التقى الختانان وجب الغسل ) .
وإسناده كلهم ثقات مشهورون .
وقد صح ذلك عن عائشة من قولها غير مرفوع من طرق كثيرة جداً وفي بعضها اختلاف في رفعه ووقفه .
[ فتح الباري :1/ 367-371 ](1/29)
80) وخرج الإمام أحمد وابن ماجه من رواية حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل ) .
وحجاج مدلس وقيل : إن أكثر رواياته عن عمرو بن شعيب سمعها من العرزمي ودلسها ، والعرزمي ضعيف .
وقد روي أيضاً هذا الحديث عن العرزمي عن عمرو .
وروي من وجه ضعيف عن أبي حنيفة عن عمرو به وزاد في روايته :( أنزل أو لم ينزل ) .
خرجه الطبراني .
[ فتح الباري :1/ 371-372 ]
باب
غسل ما يصيب من فرج المرأة
81) وقد روى عبد الرحمن بنِ سعاد ، عَن أبي أيوب ، عَن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ :
(( الماء مِن الماء )) .
خرجه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه ، وليس فيهِ تصريح أبي أيوب بسماعه مِن
النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقد خرج البخاري فيما تقدم في ذكر نواقض الوضوء : حديث ذكوان أبي
صالح ، عَن أبي سعيد ، عَن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : (( إذا أعجلت -أو أقحطت - فلا غسل عليك )) .
وخرج -أيضاً - : حديث يحيى بنِ أبي كثير الذِي خرجه هنا مِن طريق شيبان ، عَن يحيى ، إلى قولُهُ في آخر الحديث : (( وأبي بنِ كعب ، فأمروه بذلك )) ، ولم يذكر ما بعده ، ولعله تركه لما وقع فيهِ مِن الوهم الذِي ذكرناه .
وعند البخاري في كلتا الروايتين : أن علياً والزبير وطلحة وأبي بنِ كعب أفتوا بذلك ، ولم يرفعوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقد وقع في رواية غيره : أنهم رفعوه -أيضاً- إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقد قالَ علي بنِ المديني في هَذا الحديث : إنه شاذ .
وقال ابن عبد البر : هوَ منكر ؛ لَم يتابع عليهِ يحيى بن أبي كثير .
وقد صح عَن أكثر مِن ذكر عَنهُ مِن الصحابة : أنَّهُ لا غسل بدون الإنزال- خلاف ذَلِكَ .(1/30)
قالَ علي بنِ المديني : قَد روي عَن علي وعثمان وأبي بنِ كعب بأسانيد جياد أنهم أفتوا بخلاف ما في هَذا الحديث .
قالَ الدارقطني : رواه زيد بنِ أسلم ، عَن عطاء بنِ يسار ، عَن زيد بنِ خالد : أنَّهُ سأل خمسة أو أربعة مِن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأمروه بذلك ، ولم يرفعه .
يشير إلى أن زيد بنِ أسلم يخالف أبا سلمة في رفعه ، ولم يرفع منهُ شيئاً .
[ فتح الباري :1/374- 375] .
82) وروى ابن إسحاق ، عَن يزيد بنِ أبي حبيب ، عَن معمر عبد الله بنِ أبي حيية ، عَن عبيد بنِ رفاعة بنِ رافع ، عَن أبيه رفاعة ، قالَ : كنت عند عمر ، فقيل لَهُ : إن زيد
بنِ ثابت يفتي برأيه في الذِي يجامع ولا ينزل ، فدعاه ، فقالَ : أي عدو نفسه ، قَد بلغت أن تفتي الناس في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأيك ! قالَ : ما فعلت ، ولكن حدثني
عمومتي ، عَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قالَ : أي عمومتك ؟ قالَ : أبي بنِ كعب ، وأبو أيوب ، ورفاعة بنِ رافع . قالَ : فالتفت عمر إلي ، فقلت : كنا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : فسألتم عَنهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالَ : كنا نفعله على عهده ، قالَ : فجمع الناس ، وأصفق الناس على أن الماء لا يكون إلا مِن الماء ، إلا رجلين : علي بن أبي طالب ، ومعاذ بن جبل ، قالا : إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل .
فقالَ علي : يا أمير المؤمنين ، إن أعلم الناس بهذا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأرسل إلى حفصة ، فقالت : لا علم لي ، فأرسل إلى عائشة ، فقالت : إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل . قالَ : فتحطم عمر -يعني : تغيظ - ، ثُمَّ قالَ : لا يبلغني أن أحداً فعله ولم يغتسل إلا انهكته عقوبة .
خرجه الإمام أحمد وبقي بن مخلد في (( مسنديهما )) ، ومسلم في (( كِتابِ التفصيل )) وَهوَ (( كِتابِ الناسخ والمنسوخ )) لَهُ .(1/31)
ثُمَّ خرجه مِن طريق عبد الله بنِ صالح ، عَن الليث : حدثني يزيد بنِ أبي حبيب ، عَن معمر بنِ أبي حيية ، عَن عبيد بنِ رفاعة ، أن زيد بنِ ثابت كانَ يقول - فذكره بنحوه ، ولم يقل : (( عَن أبيه )) .
ومعمر بنِ أبي حيية ، ويقال : ابن أبي حبيبة ، وثقه ابن معين وغيره .
وعبيد بنِ رفاعة ، ذكره ابن حبان في (( ثقاته )) .
[ فتح الباري :1/ 378-379] .
83) ويدل على رجوع أبي وغيره مِن الأنصار : ما روى الزهري ، عَن سهل بنِ
سعد ، عَن أبي بنِ كعب ، قالَ : إنما كانَ الماء مِن الماء رخصة في أول الإسلام ، ثُمَّ نهي عنها .
خرجه الترمذي ، وقال : حسن صحيح ، وخرجه ابن ماجه مختصراً .
وخرجه الإمام أحمد ولفظه : إن الفتيا التي كانوا يقولون : الماء مِن الماء ، رخصة كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص بها في أول الإسلام ، ثُمَّ أمرنا بالغسل بعد .
وخرجه ابن خزيمة في (( صحيحه )) مِن طريق معمر ، عَن الزهري ، قالَ :
أخبرني سهل بنِ سعد ، قالَ : إنما كانَ قول الأنصار : الماء مِن الماء رخصة في أول الإسلام ، ثُمَّ أمرنا بالغسل .
ولم يذكر في إسناده : (( أبياً )) ، وصرح فيهِ بسماع الزهري .
وقيل : إنه وهم في ذَلِكَ ؛ فإن الزهري لَم يسمعه مِن سهل ، فَقد خرجه أبو داود وابن خزيمة -أيضاً - مِن طريق عمرو بن الحارث ، عَن الزهري ، قالَ : حدثني بعض مِن أرضى ، عَن سهل ، عَن أبي فذكره .
ورجح هَذهِ الرواية : الإمام أحمد والدارقطني وغيرهما .
ورجح آخرون : سماع الزهري لهُ من سهل ، مِنهُم : ابن حبان .
ووقع في بعض نسخ (( سنن أبي داود )) ما يدل عليهِ ؛ فإنه لم يذكر أحد مِن أصحاب الزهري بين الزهري وسهل رجلاً [ غير ] عمرو بنِ الحارث ، فلا يقضي لَهُ على سائر أصحاب الزهري .
وقد خرجه ابن شاهين مِن طريق ابن المبارك ، عَن يونس ، عَن الزهري ، قالَ : حدثني سهل بنِ سعد ، عَن أبي بنِ كعب - فذكره ، بهِ .(1/32)
وبتقدير أن يكون ذَلِكَ محفوظاً ؛ فَقد اخبر الزهري أن هَذا الذِي حدثه يرضاه ، وتوثيق الزهري كاف في قبول خبره .
وقد قيل : أنَّهُ أبو حازم الزاهد ، وَهوَ ثقة جليل ، فقد خرج أبو داود وابن خزيمة مِن رواية أبي غسان محمد بنِ مطرف ، عَن أبي حازم ، عَن سهل بنِ سعد ، قالَ : حدثني أبي بن كعب - فذكره .
قالَ البيهقي : هَذا إسناد صحيح موصول .
وقد ذكر ابن أبي حاتم ، عَن أبيه ، أن بعضهم ذكر أنه لا يعرف لَهُ أصلاً .
وفي ذَلِكَ نظر .
[ فتح الباري :1/380-382].
كتاب الحيض
وقول الله عز وجل (( ويسألونك عن المحيض ))
84) قال ابن المنذر : روينا بإسناد فيه مقال عن عطاء وطاوس ومجاهد أنهم قالوا : إذا أدرك الزوج الشبق أمرها أن تتوضأ ثم أصاب منها إن شاء .
وأصح من ذلك عن عطاء ومجاهد موافقة القول الأول يعني : المنع منه وكراهته بدون الغُسل قال : ولا يثبت عن طاوس خلاف ذلك . قال : وإذا بطل أن يثبت عن هؤلاء قول ثان كان القول الأول كالإجماع . انتهى .
ولذلك ضعف القاضي إسماعيل المالكي الرواية بذلك عن طاوس وعطاء لأنها من رواية ليث بن أبي سُليم عنهما وهو ضعيف .
[ فتح الباري :1/ 394 ]
باب
من سمى النفاس حيضاً
85) وروى ابن لهيعة نا يزيد بن أبي حبيب عن موسى بن سعد بن زيد بن ثابت عن خُبيب بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت : طرقتني الحيضة من الليل وأنا إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأخرت فقال : ( مالك أنفست ؟ ) قلت : لا ولكن حضت قال : ( فشدي عليك إزارك ثم عودي ) .
خرجه الإمام أحمد .
وهو غريب جداً .
[ فتح الباري :1/ 408-409 ]
باب
مباشرة الحائض
86) وقد روي أن الإزار كان يبلغ إلى أنصاف الفخذين جزماُ من غير شك .(1/33)
خرجه ابن ماجه من حديث أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سئلت : كيف كنت تصنعين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحيض ؟ قالت : كانت إحدانا في فورها أول ما تحيض تشد عليها إزاراً إلى أنصاف فخذيها ثم تضطجع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإسناده حسن وفي إسناده : ابن إسحاق .
[ فتح الباري :1/ 413 ]
87) وقد روى محمد بن بكار بن بلال نا سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أمه عن أم سلمة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقي سورة الدم ثلاثاً ثم يباشر بعد ذلك .
وهذا الإسناد وإن كان فيه لين إلا أن الأحاديث الصحيحة تعضده وتشهد به .
وفي سنن أبي داود من حديث عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً .
وإسناده جيد .
وقد روي عن الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة عن أم سلمة قالت : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في لحافه فنفست فقال : ( مالك أنفست ؟ ) قلت : نعم فأمرني أن أضع على قُبُلي ثوباً .
خرجه أبو بكر ابن جعفر في كتاب الشافي .
وعبدة لم يسمع من أم سلمة قاله أبو حاتم الرازي .
[ فتح الباري :1/ 413-414 ]
88) إنما الصحيح عن عبيدة : ما رواه وكيع في كتابه عن ابن عون عن ابن سيرين قال : سألت عبيدة : ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً ؟ قال : الفراش واحد واللحاف شتى فإن لم يجد بداً رد عليها من طرف ثوبه .
[ فتح الباري :1/ 417 ]
89) وقد روي عن ابن عباس أنه كان يعتزل فراش امرأته في حال الحيض وأنكرت عليه ذلك خالته ميمونة رضي الله عنهما فرجع عن ذلك .(1/34)
ففي مسند الإمام أحمد من حديث ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن نُدبة قالت : أرسلتني ميمونة بنت الحارث إلى امرأة عبد الله بن عباس ـ وكانت بينهما قرابة ـ فرأيت فراشها معتزلاً فراشه فظننت أن ذلك لهجران فسألتها فقالت : لا ولكني حائض فإذا حضت لم يقرب فراشي فأتيت ميمونة فذكرت ذلك لها فردتني إلى ابن عباس فقالت : أرغبةً عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام مع المرأة من نسائه الحائض ما بينهما إلا ثوب ما يجاوز الركبتين .
ثم خرجه من طريق ليث حدثني ابن شهاب عن حبيب مولى عروة عن نُدبة فذكر الحديث .
وهذا هو الصحيح وقول ابن إسحاق : عن عروة خطأ إنما هو : حبيب مولى عروة وهو ثقة خرج له مسلم .
[ فتح الباري :1/ 417-418 ]
90) خرج الإمام أحمد من رواية ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن ابن قريط الصدفي قال : قلت لعائشة : أكان النبي صلى الله عليه وسلم يضاجعك وأنت حائض ؟ قالت: نعم إذا شددت علي إزاري ولم يكن لنا إذ ذاك إلا فراش واحد فلما رزقني الله فراشاً آخر اعتزلت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وابن لهيعة لا يقبل تفرده بما يخالف الثقات ، ولكن تابعه غيره .
فرواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن ابن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن ابن قرظ أو قرط الصدفي أنه سأل عائشة فذكره بمعناه .
خرجه بقي بن مخلد في مسنده .
وابن قرظ أو قرط الصدفي ليس بالمشهور فلا تعارض روايته عن عائشة رواية الأسود بن يزيد النخعي .
وقد تابع الأسود على روايته كذلك عن عائشة : عمرو بن شرحبيل أو عمرو بن ميمون على اختلاف فيه وأبو سلمة وعبد الله بن أبي قيس وشريح بن المقدام وجُميع بن عمير وخلاس وغيرهم وروايات هؤلاء عن عائشة أولى من روايات ابن قريط .(1/35)
وتعارض رواية ابن قريط برواية أخرى تشبهها خرجها أبو داود من حديث عبد الرحمن بن زياد عن عمارة بن غراب أن عمةً له حدثته أنها سألت عائشة قالت : إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها إلا فراش واحد ؟ قالت : أخبرك بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل فمضى إلى مسجده ـ تعني مسجد بيته ـ فلم ينصرف حتى غلبتني عيني وأوجعه البرد فقال : ( ادني ) فقلت : إني حائض قال : ( وإن اكشفي عن فخذيك ) فكشفت فخذي فوضع خده وصدره على فخذي وحنيت عليه حتى دفىء ونام .
وفي سنن أبي داود عن أبي اليمان كثير بن يمان عن أم درة عن عائشة قالت : كنت إذا حضت نزلت عن المثال إلى الحصير فلم نقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ندن منه حتى نطهر .
أبو اليمان وأم ذرة ليسا بمشهورين فلا يقبل تفردهما بما يخالف رواية الثقات الحفاظ الأثبات .
وخرجه بقي بن مخلد عن الحماني ثنا عبد العزيز عن أبي اليمان الرحال عن أم ذرة عن عائشة قالت : كنت إذا حضت لم أدن من فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أطهر .
الحماني متكلم فيه .
[ فتح الباري :1/ 418-419 ]
91) وقد روى جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال : قال عمر : كنا نضاجع النساء في المحيض وفي الفرش واللحف قلة فأما إذ وسع الله الفرش واللحف فاعتزلوهن كما أمر الله عز وجل .
خرجه القاضي إسماعيل .
وهذا لا يثبت وجعفر بن الزبير متروك الحديث .
[ فتح الباري :1/ 420 ]
92) وروى أبو نُعيم الفضل بن دكين : نا أبو هلال حدثني شيبة الراسبي قال : سألت سالماً عن الرجل يضاجع امرأته وهي حائض ؟ قال : أما نحن آل عمر فنهجرهن إذا كن حُيضاً .
إسناد ضعيف .
[ فتح الباري :1/ 420 ](1/36)
93) وقال عكرمة : كان أهل الجاهلية يصنعون في الحيض نحواً من صنيع المجوس فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت : (( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى )) [البقرة : 222] فلم يزد الأمر فيهن إلا شدة فنزلت : (( فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله )) : أن تعتزلوا .
أخرجه القاضي إسماعيل فإسناد صحيح .
[ فتح الباري :1/ 420 ]
باب
تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت
94) وممن رأى الرخصة في قراءة القرآن للجنب قسامة بن زهير والحكم وربيعة وداود .
وروي أيضاً عن معاذ بن جبل وأنه قال : ما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء من ذلك .
خرجه ابن جرير بإسناد ساقط لا يصح والظاهر أنه مما وضعه محمد بن سعيد المصلوب وأُسقط اسمه من الإسناد فقد وجدنا أحاديث متعددة بهذا الإسناد وهي من موضوعات المصلوب .
[ فتح الباري :1/ 427 ]
95) ومنع الأكثرون الحائض والجنب من القراءة بكل حال قليلاً كان أو كثيراً وهذا مروي عن أكثر الصحابة روي عن عمر ، وروي عنه أنه قال : لو أن جنباً قرأ القرآن لضربته .
وعن علي قال : لا يقرأ ولا حرفاً .
وعن ابن مسعود وسلمان وابن عمر وروي عن جابر وقال البيهقي : ليس بقوي .
وروي عن ابن عباس بإسناد لا يصح .
[ فتح الباري :1/ 428 ]
96) وفي نهي الحائض والجنب عن القراءة أحاديث مرفوعة إلا أن أسانيدها غير قوية ، كذا قال الإمام أحمد في قراءة الحائض وكأنه يشير إلى أن الرواية في الجنب أقوى وهو كذلك .
وأقوى ما في الجنب : حديث عبد الله بن سلمة عن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن ويأكل معنا اللحم ولم يكن يحجبه أو يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وخرجه الترمذي بمعناه وقال : حسن صحيح وخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وقال : صحيح الإسناد .(1/37)
وتكلم فيه الشافعي وغيره فإن عبد الله بن سلمة هذا رواه بعدما كبر قال شعبة عنه : كان يحدثنا فكنا نعرف وننكر ، وقال البخاري : لا يتابع في حديثه ، ووثقه العجلي ويعقوب بن شيبة ، وقال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به .
[ فتح الباري :1/ 429-430 ]
باب
الاستحاضة
97) وقد جاء التصريح بذلك في رواية أخري من طريق محمد بن أبي عدي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن ابن شهاب عن عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم .
وقال الدارقطني : رواته كلهم ثقات .
وقد تكلم فيه آخرون : قال النسائي : روى هذا الحديث غير واحد فلم يذكر أحد منهم ما ذكره ابن أبي عدي ، وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي عن هذا الحديث ؟ فقال : لم يتابع محمد بن عمرو على هذه الرواية وهو منكر .
وأيضاً فقد اختلف على ابن أبي عدي في إسناده فقيل : عنه كما ذكرنا ، وقيل عنه في إسناده عن عروة عن عائشة ، وقيل : إن روايته عن عروة عن فاطمة أصح لأنها في كتابه كذلك .
وقد اختلف في سماع عروة من فاطمة .
[ فتح الباري :1/ 437-438 ]
98) وفي سنن أبي داود من رواية سهيل عن الزهري عن عروة عن أسماء بنت عميس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أمر فاطمة بنت أبي حبيش : ( لتجلس في مركن فإذا رأت صفرةً فوق الماء فلتغتسل ) .
وفي إسناده اختلاف وقد قيل : إن الصحيح فيه : عن عروة عن فاطمة .
[ فتح الباري :1/ 438 ](1/38)
99) وقد ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في رد المستحاضة إلى غالب حيض الحُيض : من رواية حمنة بنت جحش قالت : كنت أُستحاض حيضةً كبيرةً شديدةً فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه ـ فذكرت الحديث إلى أن قالت ـ : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما ذلك من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله عز وجل ثم اغتسلي ) وذكر الحديث .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه .
وفي رواية لأبي داود : ( وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن ) .
وقال الترمذي : حسن صحيح . قال وسألت محمداً يعني البخاري عنه فقال : هو حديث حسن ، وكذا قال أحمد بن حنبل : هو حسن صحيح . هذا ما ذكره الترمذي.
ونقل حرب عن أحمد أنه قال : نذهب إليه ما أحسنه من حديث .
واحتج به إسحاق وأبو عبيد وأخذا به .
وضعفه أبو حاتم الرازي والدارقطني وابن منده ، ونقل الاتفاق على تضعيفه من جهة عبد الله بن محمد بن عقيل فإنه تفرد بروايته .
والمعروف عن الإمام أحمد أنه ضعفه ولم يأخذ به وقال : ليس بشيء وقال مرة : ليس عندي بذلك ، وحديث فاطمة أصح منه وأقوي إسناداً وقال مرة : في نفسي منه شيء .
[ فتح الباري :1/443 ]
100) رواية الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش فقالت : يا رسول الله إني امرأة استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة ؟ قال : ( لا احتنبي الصلاة أيام محيضك ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة ثم صلي وإن قطر الدم على الحصير ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه .
وقال أبو داود : هو حديث ضعيف لا يصح وقال : ليس بصحيح وهو خطأ من الأعمش ، وقال الدارقطني : لا يصح .
وقد روي موقوفاً على عائشة وهو أصح عند الأكثرين .
[ فتح الباري :1/ 450-451 ](1/39)
101) وروى هشيم نا أبو بشر عن عكرمة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنظر أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي فإن رأت شيئاً من ذلك توضأت وصلت .
خرجه أبو داود ، والظاهر أنه مرسل ، وقد يكون آخره موقوفاً على عكرمة من قوله والله أعلم .
[ فتح الباري :1/ 451 ]
باب
اعتكاف المُستحاضة
102) وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن الثوري عن جابر عن أبي جعفر قال : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني استحضت في غير قُرئي ؟ قال : ( فاحتشي كرسفاً وصومي وصلي واقضي ما عليك ) .
وهذا مرسل .
[ فتح الباري :1/ 455 ]
باب
هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه ؟
103) وروى محمد بن سعد في طبقاته : أنا الواقدي ثنا ابن أبي ذئب عن صفية بنت زياد قالت : رأتني ميمونة وأنا أغسل ثوبي من الحيضة فقالت : ما كنا نفعل هذا إنما كنا نحته حتاً .
الواقدي ضعيف .
[ فتح الباري :1/459 ]
104) وروى أبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب الصلاة : نا حبيب بن أبي [.....] قال حدثتني أختي عن أم جرير أنها كانت في نسوة عند عائشة فقالت إحداهن : يا أم المؤمنين المرأة تحيض في الثوب ثم تطهر أتصلي فيه ؟ قالت : إن رأت دماً فلتغسله وإن لم تر دماً فاتنضحه سبع مرات بالماء ثم لتصلي فيه .
إسناد مجهول .
[ فتح الباري :1/ 460 ]
105) وخرج أبو داود بإسناد فيه جهالة أيضاً عن عائشة أنها قالت في الحائض يصيب ثوبها الدم : تغسله فإن لم يذهب أثره فلتغيره بشيء من صفرة قالت : ولقد كنت أحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث حيض جميعاً لا أغسل لي ثوباً .
[ فتح الباري :1/ 460 ](1/40)
106) وبإسناد فيه جهالة أيضاً عن أم سلمة قالت : قد كان يصيبناً الحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلبث إحدانا أيام حيضها ثم تطهر فتطهّر الثوب الذي كانت تلبث فيه فإن أصابه دم غسلناه وصلينا فيه وإن لم يكن أصابه شيء تركناه ولم يمنعنا ذلك أن نصلي فيه .
[ فتح الباري :1/ 460 ]
107) وخرج الطبراني من حديث أم سلمة قالت : كانت إحدانا تحيض في الثوب فإذا كان يوم طهرها غسلت ما أصابه ثم صلت فيه وإن إحداكن اليوم تفرغ خادمها ليغسل ثيابها يوم طهرها .
وفي إسناده : المنهال بن خليفة ضعفوه .
[ فتح الباري :1/ 460 ]
108) فأما ما خرجه الإمام أحمد وأبو داود من حديث ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة أن خولة بنت يسار أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه فكيف أصنع ؟ قال : ( إذا طهرت فاغسليه ثم صلي فيه ) فقالت : فإن لم يخرج الدم ؟ قال : ( يكفيك الماء ولا يضرك أثره ) .
فابن لهيعة لا يحتج برواياته في مخالفة روايات الثقات .
وقد اضطرب في إسناده : فرواه تارةً كذلك وتارة رواه عن عبيد الله بن أبي جعفر عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة .
وخرجه الإمام أحمد من هذا الوجه أيضاً ، وهذا يدل على أنه لم يحفظه .
[ فتح الباري :1/ 461 ]
109) وقد روي عن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي في لُحف نسائه .
وخرجه النسائي والترمذي وصححه ، وخرجه أبو داود وعنده : لا يصلي في شعرنا أو لُحفنا بالشك .
وفي رواية للإمام أحمد : لا يصلي في شعرنا من غير شك .
" والشعار " هو الثوب الذي يلبس على الجسد .
وقد أنكره الإمام أحمد إنكاراً شديداً ، وفي إسناده اختلاف على ابن سيرين .
وقد روي عنه أنه قال : سمعته منذ زمان ولا أدري ممن سمعته ولا أدري أسمعته من ثبت أو لا ؟ فاسألوا عنه .
ذكره أبو داود في سننه والبخاري في تاريخه .
[ فتح الباري :1/ 462 ](1/41)
باب
نقض المرأة شعرها عند غُسل المحيض
110) وقد ورد حديث صريح بالنقض في غُسل الحيض دون الجنابة من رواية سلمة بن صبيح عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها وغسلته بخطمي وأُشنان وإذا اغتسلت من جنابة صبت على رأسها الماء وعصرته ) .
خرجه الطبراني وأبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي في صحيحه المسمى بالمختارة ، وخرجه الدارقطني في الأفراد وعنده : مسلم بن صبيح وقال : تفرد به عن حماد .
وكذا ذكره أبو بكر الخطيب وقال مسلم بن صبيح بصري يكنى أبا عثمان ، وكذا ذكره ابن ماكولا وغيره ، ومع هذا فليس بالمشهور .
[ فتح الباري :1/ 479-480 ]
111) وفي صحيح مسلم من حديث أم سلمة قالت : قلت : يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه للحيضة والجنابة ؟ قال : ( لا ) .
وهذه اللفظة أعني : لفظة " الحيضة " تفرد بها عبد الرزاق عن الثوري وكأنها غير محفوظة فقد رواه غير واحد عن الثوري فلم يذكروها .
وقد رُويت أيضاً هذه اللفظة من حديث سالم الخياط عن الحسن عن أم سلمة .
وسالم ضعيف والحسن لم يسمع من أم سلمة .
[ فتح الباري :1/ 481 ]
112) وروى أبو بكر الحنفي عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً : ( لا يضر المرأة الحائض والجنب أن لا تنقض شعرها إذا أصاب الماء شئون رأسها )
تفرد به : الحنفي ورفعه منكر .
وقد روي عن أبي الزبير عن جابر موقوفاً وهو أصح .
[ فتح الباري :1/ 481 ]
113) وخرج الطبراني من رواية عمر بن هارون عن جعفر بن محمد عن أبيه عن سالم خادم النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يجعلن رءوسهن أربع قرون فإذا اغتسلن جمعنهن على أوساط رءوسهن ) .
عمر بن هارون ضعيف .
[ فتح الباري :1/ 482 ]
باب(1/42)
لا تقضي الحائض الصلاة
114) وقد روى يحيى بن صاعد ثنا عبد الجبار بن العلاء ثنا أيوب بن سويد الرملي ثنا عتبة بن أبي حكيم عن أبي سفيان طلحة بن نافع حدثني عبد الله بن عباس أنه بات عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة ميمونة بنت الحارث فقام النبي صلى الله عليه وسلم فأسبغ الوضوء وأقل هراقة الماء وقام فافتتح الصلاة فقمت فتوضأت وقمت عن يساره فأخذ بأُذني فأقامني عن يمينه وكانت ميمونة حائضاً فقامت فتوضأت ثم قعدت خلفه تذكر الله عز وجل .
خرجه الطبراني في مسند الشاميين وغيره .
وهذا غريب جداً ، وأيوب بن سويد الرملي ضعيف .
[ فتح الباري :1/ 500 ]
115) ولكن في سنن أبي داود بإسناد فيه لين أن سمرة بن جندب كان يأمر النساء بقضاء صلاة الحيض .
[ فتح الباري :1/ 502 ]
باب
إذا حاضت في شهر ثلاث حيض
116) وأما ما ذكره عن علي وشريح : فقال حرب الكرماني : ثنا إسحاق هو ابن راهويه ثنا عيسى بن يونس عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن امرأة جاءت إلى علي بن أبي طالب فقالت : إني طُلقت فحضت في شهر ثلاث حيض ؟ فقال علي لشريح : قل فيها فقال : أقول فيها وأنت شاهد ! قال : قل فيها قال : إن جاءت ببطانة من أهلها ممن يُرضى دينهن وأمانتهن فقلن إنها حاضت ثلاث حيض طهرت عند كل حيضة صُدقت فقال علي : قالون قال عيسى : بالرومية : أصبت .
قال حرب : وثنا إسحاق أبنا محمد بن بكر : ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عزرة عن الحسن العُرني أن امرأةً طلقها زوجها فحاضت في خمس وثلاثين ليلةً ثلاث حيض فرُفعت إلى شريح فلم يدر ما يقول فيها ولم يقل شيئاً فرُفعت إلى علي بن أبي طالب فقال : سلوا عنها جاراتها فإن كان هكذا حيضها فقد انقضت عدتها وإلا فأشهر ثلاث .
وهذا الإسناد فيه انقطاع فإن الحسن العُرني لم يدرك علياً قاله أبو حاتم الرازي .(1/43)
وأما الإسناد الذي قبله فإن الشعبي رأى علياً يرجم شُراحة ووصفه قال يعقوب بن شيبة : لكنه لم يصحح سماعه منه .
[ فتح الباري :1/ 511 ]
117) وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري : أقله ثلاثة أيام .
وروي ذلك عن ابن مسعود وأنس من قولهما وروي مرفوعاً من طرق والمرفوع كله باطل لا يصح وكذلك الموقوف طرقه واهية وقد طعن فيها غير واحد من أئمة الحفاظ .
وقالت طائفة : أقله خمسة أيام وروي عن مالك ولم يصح عند أكثر الأئمة في هذا الباب توقيت مرفوع ولا موقوف .
[ فتح الباري :1/ 517 ]
118) وأما الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في نقصان دين النساء : ( تمكث شطر عُمرها لا تصلي ) .
فإنه لا يصح وقد طعن فيه ابن منده والبيهقي وغيرهما من الأئمة .
[ فتح الباري :1/ 517 ]
باب
الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض
119) وروى وكيع عن أبي بكر الهذلي عن معاذة عن عائشة قالت : ما كنا نعد الكدرة والصفرة شيئاً .
وأبو بكر الهذلي ضعيف .
وخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه من رواية أبي سلمة أن أم بكر أخبرته عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر : ( إنما هو عرق أو عروق ) .
وأم بكر ويقال : أم أبي بكر لم يرو عنها غير هذا الحديث وليست بمشهورة .
[ فتح الباري :1/ 522 ]
باب
عرق الاستحاضة
120) قال البخاري رحمه الله : 327 - حديث : ابن أبي ذئب ، عَن ابن شهاب ، عَن عروة - وعن عمرة - ، عَن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أن أم حبيبة استحيضت سبع سنينَ ، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَن ذَلِكَ ، فأمرها أن تغتسل ، فقالَ : (( هَذا عرق )) ، فكانت تغتسل لكل صلاة .(1/44)
قال ابن رجب رحمه الله : هَذا الحديث اختلف في إسناده على الزهري : فروي عَنهُ عن عروة ، عن عائشة . وروي عنه ، عن عمرة ، عن عائشة . وروي عنه ، عن عروة وعمرة ، عَن عائشة كَما في هَذهِ الرواية ، ورواية الزهري لَهُ عنهما صحيح - : قاله الدارقطني .
واختلف -أيضاً- في اسم المستحاضة :
فقالَ الأكثرون في روايتهم : أم حبيبة ، ومنهم مِن قالَ : أم حبيبة بنت جحش .
وقد خرجه مسلم مِن طرق ، عَن الزهري كذلك .
وفي رواية لَهُ : عَن عمرو بنِ الحارث ، عَن الزهري ، عَن عروة وعمرة ، عَن عائشة ، أن أم حبيبة بنت جحش ختنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وتحت عبد الرحمن بن عوف استحيضت سبع سنينَ - وذكر الحديث .
ولمسلم -أيضاً- مِن حديث عراك بنِ مالك ، عَن عروة ، عَن عائشة ، أن أم حبيبة بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بنِ عوف شكت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الدم ، فقالَ لها : (( امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ، ثُمَّ اغتسلي )) ، فكانت تغتسل عند كل صلاة .
ورواه أبو داود الطيالسي عَن ابن أبي ذئب ، عَن الزهري ، وقال في حديثه : إن زينب بنت جحش استحيضت .
ووهم في قولُهُ : (( زينب )) - : ذكر ذَلِكَ الدراقطني في (( علله )) .
وذكر أبو داود في (( سننه )) أن أبا الوليد الطيالسي رواه ، عَن سليمان بنِ كثير ، عَن الزهري ، عَن عروة ، عَن عائشة : استحيضت زينب بنت جحش - فذكره .
وكذلك خرجه مسلم مِن رواية ابن عيينة ، عَن الزهري ، عَن عمرة ، عَن
عائشة ، أن زينب بنت جحش كانت تستحاض سبع سنينَ - فذكره .
وقد رواه مالك في (( الموطإ )) عَن هشام بنِ عروة ، عَن أبيه ، عَن زينب بنت أبي سلمة ، أنها رأت زينب بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بنِ عوف ، وكانت تستحاض ، وكانت تغتسل وتصلي .
ولم يرفع هشام شيئاً مِن الحديث .
وذكر ابن عبد البر: أن مالكاً وهم في قولُهُ : (( زينب )) ، وإنما هي : أم حبيبة .(1/45)
وقد رواه الليث بنِ سعد ، عَن هشام ، فقالَ فيهِ : إن أم حبيبة بنت جحش .
وكذلك رواه يحيى بنِ سعيد ، عَن عروة وعمرة ، عَن زينب بنت أبي سلمة ، أن أم حبيبة وذكر الحديث .
وروى ابن عيينة ، عَن الزهري ، عَن عمرة ، عَن عائشة ، أن حبيبة بنت جحش استحيضت -فذكره .
وقال : كذا حفظت أنا في الحديث : والناس يقولون : أم حبيبة .
خرجه حرب الكرماني في (( مسائله )) عَن الحميدي ، عَنهُ .
[ فتح الباري :1/524-526] .
121) وقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش قالت : كنت أستحاض حيضة كبيرة شديدة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه فوجدته في بيت أختي زينب ـ وذكرت حديثاً طويلاً .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وقال : حسن صحيح .
وحكى عن البخاري أنه حسنه وعن الإمام أحمد أنه قال : هو حسن صحيح .
وقد اختلف قول الإمام أحمد فيه فنقل عنه أكثر أصحابه أنه ضعفه وقيل : إنه رجع إلى تقويته والأخذ به قاله أبو بكر الخلال .
وقد رواه جماعة عن ابن عقيل كما ذكرناه وخالفهم ابن جريج فرواه عنه وقال فيه : عن حبيبة بنت جحش .
ذكره الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله وقال : خالف الناس ـ يشير إلى أنها حمنة ليست حبيبة .
وقد خرجه ابن ماجه من طريق ابن جريج عن ابن عقيل إلا أن في روايته : عن أم حبيبة بنت جحش .
[ فتح الباري :1/ 526 ]
122) وأما الذين رفعوه : فرواه ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة أن أم حبيبة استحيضت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها بالغسل لكل صلاة .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود .
قال ورواه أبو الوليد الطيالسي ولم أسمعه منه عن سليمان بن كثير عن الزهري عن عروة عن عائشة : استحيضت زينب بنت جحش فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : ( اغتسلي لكل صلاة ) .(1/46)
وابن إسحاق وسليمان بن كثير في روايتهما عن الزهري اضطراب كثير فلا يحكم بروايتهما عنه مع مخالفة حفاظ أصحابه .
وروى يزيد بن عبد الله بن الهاد عن أبي بكر هو ابن حزم عن عمرة عن عائشة أن أم حبيبة بنت جحش كانت تحت عبد الرحمن بن عوف وأنها استحيضت فلا تطهر فذكر شأنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( ليست بالحيضة ولكنها ركضة من الرحم فلتنظر قدر قرئها التي كانت تحيض له فلتترك الصلاة ثم لتنظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كل صلاة ولتصل ) .
خرجه الإمام أحمد والنسائي .
وهو مخالف لرواية الزهري عن عمرة كما سبق ورواية الزهري أصح .
وقال الإمام أحمد : كل من روى عن عائشة : الأقراء الحيض فقد أخطأ ، قال : وعائشة تقول : الأقراء الأطهار .
وكذا قال الشافعي في رواية الربيع وأشار إلى أن رواية الزهري أصح من هذه الرواية .
وحكى الحاكم عن بعض مشايخه : أن حديث ابن الهاد غير محفوظ .
[ فتح الباري :1/ 529-530 ]
123) وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة بالغسل لكل صلاة يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب بنت أبي سلمة .
خرجه أبو داود ، وقد اختلف في إسناده على يحيى والصحيح عنه عن أبي سلمة مرسلاً قاله أبو حاتم مع أن رواية زينب بنت أبي سلمة مرسلة أيضاً وقيل : عنه عن أبي سلمة عن أم حبيبة ولا يصح .
ورواه الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة مرسلاً وجعل المستحاضة زينب بنت أبي سلمة وهو وهم فاحش فإن زينب حينئذ كانت صغيرة .
[ فتح الباري :1/ 530-531 ]
باب
المرأة تحيض بعد الإفاضة(1/47)
124) وقد روي على وجه آخر خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من رواية الوليد بن عبد الرحمن عن الحارث بن عبد الله بن أوس قال : أتيت عمر بن الخطاب فسألته عن المرأة تطوف بالبيت يوم النحر ثم تحيض ؟ فقال : ليكن آخر عهدها بالبيت قال الحارث : كذلك أفتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر : أربت عن يديك سألتني عن شيء سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لكيما أخالف .
والوليد هذا ليس بالمشهور .
وخرجه الإمام أحمد والترمذي من طريق آخر عن الحارث بن عبد الله بن أوس قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من حج هذا البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت ) فقال له عمر : خررت من يديك سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تخبرنا به .
وفي إسناده : ححجاج بن أرطاة وقد اختلف عليه في إسناده .
[ فتح الباري :1/ 536 ]
باب
الصلاة على النفساء وسنتها
125) وفي الباب أحاديث مرفوعة فيها ضعف من أجودها : ما خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي من حديث مسة الأزدية عن أم سلمة قالت : كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً .
وخرجه أبو داود بلفظ آخر وهو : كانت المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النفاس .
وصححه الحاكم وفي متنه نكارة فإن نساء النبي صلى الله عليه وسلم لم يلد منهن أحد بعد فرض الصلاة فإن خديجة عليها السلام ماتت قبل أن تفرض الصلاة .
[ فتح الباري :1/ 548 ]
كتاب التيمم
باب
قول الله عز وجل (( فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ))(1/48)
126) وروينا بإسناد فيه ضعف عن السائب بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فُضلت على الناس بخمس ) ـ ذكر منها ـ ( ونصرت بالرعب شهراً من أمامي وشهراً من خلفي ) .
[ فتح الباري : 2/ 17 ]
127) واستدلوا بما خرجه البزار من رواية سالم أبي حماد عن السدي عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أُعطيت خمساً لم يعطها أحد قبلي ) فذكر الحديث وقال فيه : ( وكانت الأنبياء يعزلون الخمس فتجيء النار فتأكله وأمرت أنا أن اقسمه في فقراء أمتي ) .
وسالم هذا : قال فيه أبو حاتم الرازي : مجهول .
[ فتح الباري : 2/ 22-25 ]
128) ولكن روي ذكر الجن في حديث آخر ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره تعليقاً وفي - إسناده رجل لم يسم - عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عليهم فقال : ( إن جبريل قال لي أخرج فأخبر بنعمة الله التي أنعم بها عليك وفضيلته التي فضلت بها فبشرني أنه بعثني إلى الأحمر والأسود وأمرني أن أنذر الجن وآتاني كتابه وأنا أُميُّ وغفر ذنبي ما تقدم وما تأخر وذكر اسمي في الأذان وأمدني بالملائكة وأتاني النصر وجعل الرعب أمامي وآتاني الكوثر وجعل حوضي من أعظم الحياض يوم القيامة ووعدني المقام المحمود والناس مهطعين مقنعي رءوسهم وجعلني في أول زمرة تخرج من الناس وأدخل في شفاعتي سبعين ألفاً من أمتي الجنة بغير حساب وأتاني السلطان والملك وجعلني في أعلى غرفة في الجنة فليس فوقي إلا الملائكة الذين يحملون العرش وأحل لي ولأمتي الغنائم ولم تحل لأحد كان فبلنا ) .
[ فتح الباري : 2/ 26 ]
باب
التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة
129) كان ابن عمر يتيمم قبل أن يدخل المدينة وهو يرى بيوت المدينة .
وهذا الأثر مشهور عن ابن عمر من رواية نافع عنه وقد رفعه بعضهم خرجه الدارقطني و البيهقي مرفوعاً ، قال البيهقي : وهو غير محفوظ .(1/49)
[ فتح الباري : 2/ 34 ]
130) وفي المسند وسنن أبي داود والنسائي من رواية عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال : خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيداً طيباً وصلياً ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال للذي لم يعد : ( أصبت السنة وأجزأتك صلاتك ) وقال للذي توضأ وأعاد : ( لك الأجر مرتين ) .
وقال أبو داود : ذكر أبي سعيد في إسناده وهم ليس بمحفوظ بل هو مرسل .
[ فتح الباري : 2/ 37-38 ]
131) قال البخاري رحمه الله : 337 ثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج قال : سمعت عميراً مولى ابن عباس قال : أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي جُهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري فقال أبو الجُهيم : أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم السلام حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام .
قال ابن رجب رحمه الله : هذا الحديث ذكره مسلم في صحيحه تعليقاً عن الليث بهذا الإسناد وكذا رواه ابن إسحاق عن الأعرج .
ورواه إبراهيم بن أبي يحيى عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية عن الأعرج عن ابن الصمة وزاد : أنه مسح وجهه وذراعيه وأسقط من إسناده عميراً.
وأبو صالح كاتب الليث بن سعد عنه وقال في حديثه أيضاً : ( فمسح بوجهه وذراعيه ) .
قال الخطابي : حديث أبي الجهيم في مسح الذراعين لا يصح .
يعني : لا يصح رواية من روى فيه مسح الذراعين .
[ فتح الباري : 2/ 38-39 ]
132) وقد روي هذا الحديث عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث أبي الجهيم .(1/50)
خرجه أبو داود من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته ثم أقبل في سكة من سكك المدينة فسلم عليه رجل فمسح وجهه وذراعيه ثم رد عليه السلام .
خرجه أبو داود وغيره .
ورفعه منكر عند أئمة الحفاظ وإنما هو موقوف عندهم كذا قاله الإمام أحمد ويحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود والبخاري والعقيلي والأثرم .
وتفرد برفعه محمد بن ثابت العبدي عن نافع والعبدي ضعيف .
وذكر الأثرم عن أبي الوليد أنه سأل محمد بن ثابت هذا : من الذي يقول النبي وابن عمر ؟ فقال : لا أدري .
[ فتح الباري : 2/ 40-41 ]
باب
التيمم للوجه والكفين
133) وروى إبراهيم بن طهمان عن حصين عن أبي مالك عن عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( إنما كان يكفيك أن تضرب بكفيك في التراب ثم تنفخ فيهما ثم تمسح بهما وجهك وكفيك إلى الرصغين ) .
خرجه الدارقطني وقال : لم يروه عن حصين مرفوعاً غير إبراهيم بن طهمان ووقفه شعبة وزائدة وغيرهما .
يعني : أنهم رووه عن حصين عن أبي مالك عن عمار موقوفاً والموقوف أصح قاله أبو حاتم الرازي .
وأبو مالك قال الدارقطني في سماعه من عمار نظر فإن سلمة بن كهيل رواه عن أبي مالك عن ابن أبزى عن عمار .
وقال أبو حاتم : يحتمل أنه سمع منه .
وأبو مالك هو الغفاري سئل أبو زرعة ما اسمه ؟ فقال : لا يسمى ، وقال البيهقي : اسمه حبيب بن صهبان .
وفيما قاله نظر فإن حبيب بن صهبان هو : أبو مالك الكاهلي الأسدي وأما الغفاري فاسمه : غزوان قاله ابن معين وقد فرق بينهما ابن أبي حاتم ووقع في بعض نسخ البخاري غير أن البخاري متوقف غير جازم بأن حبيب بن صهبان يكنى : أبا حاتم ولا أن أبا مالك الغفاري اسمه : غزوان .
وقد روي عن قتادة قال حدثني محدث عن الشعبي عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إلى المرفقين ) .(1/51)
خرجه أبو داود وهذا الإسناد مجهول لا يثبت .
والصحيح : عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه عن عمار أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالتيمم للوجه والكفين .
خرجه الترمذي وصححه .
وخرجه أبو داود ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره في التيمم : ضربة واحدة للوجه والكفين .
وقد روي عن عمار أنهم تيمموا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب والآباط : من رواية الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن عمار قال : نزلت رخصة التطهر بالصعيد الطيب فقام المسلمون مع النبي صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم الأرض ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التراب شيئاً فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب ومن بطون أيديهم إلى الآباط .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي .
وقد اختلف في إسناده على الزهري فقيل : عنه كما ذكرنا .
وقيل : عنه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه عن عمار كذا رواه عنه : مالك وابن عيينة وصحح قولهما أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان .
وقيل : عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عمار مرسلاً .
وهذا حديث منكر جداً لم يزل العلماء ينكرونه وقد أنكره الزهري راويه وقال : هو لا يعتبر به الناس ذكره الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما .
وروي عن الزهري أنه امتنع أن يحدث به وقال : لم أسمعه إلا من عبيد الله وروي عنه أنه قال : لا أدري ما هو ؟ .
وروي عن مكحول أنه كان يغضب إذا حدث الزهري بهذا الحديث ، وعن ابن عيينة أنه امتنع أن يحدث به وقال : ليس العمل عليه .
وسئل الإمام أحمد عنه فقال : ليس بشيء وقال أيضاً : اختلفوا في إسناده وكان الزهري يهابه وقال : ما أرى العمل عليه .
[ فتح الباري : 2/ 53-57 ]
باب
الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء(1/52)
134 ) ما بوب عليه البخاري من أن الصعيد الطيب وضوء المسلم قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن إسناده ليس على شرط البخاري وقد خرجه البخاري الإمام أحمد و أبو داود والنسائي والترمذي من حديث أبي قلابة عن عمرو بجدان عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الصعيد الطيب وضوء المسلم ) وفي رواية : ( طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير ) .
وقال الترمذي : حسن صحيح .
وخرجه ابن حبان في صحيحه والدارقطني وصححه والحاكم .
وتكلم فيه بعضهم لاختلاف وقع في تسمية شيخ أبي قلابة ولأن عمرو بن بجدان غير معروف قاله الإمام أحمد وغيره .
[ فتح الباري : 2/ 63 ]
135) وقد روي هذا أيضاً من حديث ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
خرجه الطبراني والبزار .
ولكن الصحيح عن ابن سيرين مرسلاً قال الدارقطني وغيره .
[ فتح الباري : 2/ 63-64 ]
136) وروى الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس قال : من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاةً واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى .
وهذا في حكم المرفوع إلا أن الحسن بن عمارة ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 2/ 65 ] .
137) وفي المنع من إمامة المتيمم للمتوضئين حديثان مرفوعان من رواية عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله ، وإسنادهما لا يصح .
[ فتح الباري : 2/67] .
138) قال حرب : ثنا عبد الوهاب بن الضحاك : حدثني إسماعيل بن عياش ، قال : سمعت أناسا من أهل العلم يكرهون الصلاة في السباخ ، ورخص جماعة من أهل العلم في الصلاة في السباخ .
عبد الوهاب هذا ، لا يعتمد عليه .
[ فتح الباري : 2/69] .
باب
إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم(1/53)
139) حديث عمرو بن العاص : خرجه أبو داود من رواية يحيى بن أيوب عن يزيد ابن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص قال : احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ) فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إني سمعت الله يقول : (( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً )) [النساء : 29 ] فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً .
وخرجه أيضاً من طريق عمرو بن الحارث وغيره عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران عن عبد الرحمن بن جبير عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص أن عمرو بن العاص كان على سرية ـ فذكر الحديث بنحوه وقال فيه : فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم ـ وذكر باقيه بنحوه ولم يذكر التيمم .
وفي هذه الرواية : أبي قيس في إسناده وظاهرها الإرسال .
وخرجه الإمام أحمد والحاكم وقال : على شرط الشيخين وليس كما قال ، وقال أحمد : ليس إسناده بمتصل .
وروى أبو إسحاق الفزاري في كتاب السير عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثاً وأمَّر عليهم عمرو بن العاص فلما أقبلوا سألهم عنه فأثنوا خيراً إلا أنه صلى بنا جنباً فسأله فقال : أصابتني جنابة فخشيت على نفسي من البرد وقد قال الله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً )) [ النساء :29 ] فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذا مرسل .
[ فتح الباري : 2/ 78-79 ]
140) وقد روى شعبة أن مخارقاً حدثهم عن طارق أن رجلاً أجنب فلم يصل فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال له : ( أصبت ) وأجنب رجل آخر فتيمم وصلى فأتاه صلى الله عليه وسلم فقال له نحواً مما قال للآخر ـ يعني : ( أصبت ) .
خرجه النسائي وهو مرسل .
[ فتح الباري : 2/ 84 ](1/54)
كتاب الصلاة
باب
كيف فرضت الصلاة في الإسراء
141) وقد ورد من حديث عفيف الكندي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة حين زالت الشمس ومعه علي وخديجة وأن العباس قال له : ليس على هذا الدين أحد غيرهم .
وقد خرجه الإمام أحمد والنسائي في خصائص علي .
وقد طعن في إسناده البخاري في تاريخه والعقيلي وغير واحد .
وقد خرج الترمذي من حديث أنس قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين وصلى علي يوم الثلاثاء .
وإسناده ضعيف .
وقد خرجه الحاكم من حديث بريدة وصححه .
[ فتح الباري : 2/ 103 ]
142) وروى الزبير بن بكار بإسناد ضعيف عن يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت : توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة .
[ فتح الباري : 2/ 105 ] .
143) قال البخاري رحمه الله :349 - ثنا يحيى بن بكير : ثنا الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك ، قال : كان أبو ذر يحدث ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((فرج عن سقف بيتي ...................................) وذكر حديث المعراج بطوله .
قال ابن رجب رحمه الله : هذا الحديث رواه جماعة عن يونس ، عن الزهري ، عن أبي ذر وانس . وخالفهم أبو ضمرة أنس بن عياض ، فرواه عن يونس ، عن الزهري ، عن أنس ، عن أبي بن كعب ، وهو وهم منه -: قاله الدارقطني ، وأشار إليه أبو زرعة وأبو حاتم .
وقد اختلف في إسناد هذا الحديث على أنس ، فالزهري رواه عنه ، عن أبي ذر ، وجعل ذكر الصلوات منه عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ورواه قتادة ، عن أنس ، عن مالك بن صعصعة ، وقد خرج حديثه البخاري في موضع أخر .
ورواه شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بسياق مطول جدا .(1/55)
وقد خرج حديثه البخاري في أخر كتابه ، وفيه ألفاظ استنكرت على شريك، وتفرد بها .
وقد رواه ثابت ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - أيضا - بدون سياق شريك .
وقد خرج حديثه مسلم في صحيحه.
وقال الدار قطني : يشبه أن تكون الأقاويل كلها صحاحا ؛ لأن رواتها ثقات .
قال : ويشبه أن يكون أنس سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، واستثبته من أبي ذر ومالك أبن صعصعة .
وقال أبو حاتم الرازي : أرجو أن يكون قول الزهري وقتادة عن أنس صحيحين . وقال -مرة - : قول الزهري أصح ، قال : ولا أعدل به أحداً .
[ فتح الباري : 2/106-109] .
144) وفي حديث أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية أو غيره عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ فذكر حديث الإسراء بطوله وفيه : ( ثم انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى السدرة فقيل له : هذه السدرة ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاماً لا يقطعها والورقة منها مغطية للأمة كلها قال : فغشيها نور الخلاق عز وجل وغشيها الملائكة أمثال الغربان حين تقع على الشجر من حب الله عز وجل ) ـ وذكر بقية الحديث .
خرجه البزار في مسنده وابن جرير في تفسيره والبيهقي في البعث والنشور وغيرهم وفي إسناده بعض اختلاف وروي موقوفاً غير مرفوع .
[ فتح الباري : 2/ 119 ]
145) وكذلك روى أبو داود الطيالسي : ثنا حبيب بن يزيد الأنماطي ثنا عمرو بن هرم عن جابر بن زيد قال : قالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بمكة ركعتين ـ تعني الفرائض ـ فلما قدم المدينة وفرضت عليه الصلاة أربعاً وثلاثاً صلى وترك الركعتين اللتين كان يصليهما بمكة تماماً للمسافر .
وخرج الطبراني هذا المعنى أيضاً بإسناد ضعيف عن سلمان الفارسي رضي الله عنه.(1/56)
[ فتح الباري : 2/ 123-124 ]
146) وخرج الإسماعيلي في مسند عمر من رواية إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم وأرطاة بن المنذر عن حكيم بن عمير أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد : أما بعد فإنما كانت الصلاة أول الإسلام ركعتين فقال الناس : إنا قد أمرنا أن نسبح أدبار السجود ونصلي بعد كل صلاة ركعتين فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم تطوعهم صلاَّها أربعاً وأمره الله بذلك فكان يسلم بين كل ركعتين فخشينا أن ينصرف الصبي والجاهل يرى أنه قد أتم الصلاة فرأيت أن يخفي الإمام التسليمة الأولي ويعلن بالثانية فافعلوا ذلك .
وهذا إسناد ضعيف منقطع ومتن منكر .
[ فتح الباري : 2/ 124 ]
147) فخرج الدارقطني من طريق جرير بن حازم عن قتادة عن أنس أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة حين زالت الشمس فأمره أن يؤذن للناس بالصلاة حين فرضت عليهم فقام جبريل أمام النبي صلى الله عليه وسلم وقام الناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فصلى أربع ركعات لا يجهر فيها بقراءة يأتم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ويأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل عليه السلام ثم أمهل حتى إذا دخل وقت العصر صلى بهم أربع ركعات لا يجهر فيها بالقراءة يأتم المسلمون برسول الله صلى الله عليه وسلم ويأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل عليه السلام ثم أمهل حتى إذا وجبت الشمس صلى بهم ثلاث ركعات يجهر في ركعتين بالقراءة ولا يجهر في الثالثة ثم أمهله حتى إذا ذهب ثلث الليل صلى بهم أربع ركعات يجهر في الأوليين ولا يجهر في الأخريين بالقراءة ثم أمهل حتى إذا طلع الفجر صلى بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة .
ثم خرجه من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً .(1/57)
وهذا المرسل أصح وروايات جرير بن حازم عن قتادة خاصة فيها منكرات كثيرة لا يتابع عليها ذكر ذلك أئمة الحفاظ منهم أحمد وابن معين وغيرهما ومراسيل الحسن فيها ضعف عند الأكثرين وفيه نكارة في متنه في ذكر التأذين للصلاة والأذان لم يكن بمكة إنما شرع بالمدينة .
[ فتح الباري : 2/ 124-125 ]
باب
وجوب الصلاة في الثياب
148) وأما حديث سلمة بن الأكوع الذي علقه البخاري وقال : في إسناده نظر .
فهو من رواية موسى بن إبراهيم عن سلمة بن الأكوع قال : قلت : يا رسول الله إني رجل أصيد أفأصلي في القميص الواحد ؟ قال : ( نعم زره ولو بشوكة ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه .
وقد روى هذا الحديث عن موسى بن إبراهيم : الدراوردي ومن طريقه خرجه أبو داود و عطاف بن خالد ومن طريقه خرجه الإمام أحمد والنسائي .
وموسى هذا زعم ابن القطان أنه موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي وذكر ذلك عن البرقاني وأنه نقله عن أبي داود فلزم من ذلك أمران يضعفان إسناده :
أحدهما : ضعف موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي فإنه متفق عليه .
والثاني : انقطاعه فإن موسى هذا لم يرو عن سلمة إنما يروي عن أبيه عن سلمة .
وذكر أن الطحاوي رواه عن ابن أبي داود عن ابن أبي قُتيلة عن الدراوردي عن موسى بن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة قال : فحديث أبي داود على هذا منقطع .
هذا مضمون ما ذكره ابن القطان وزعم أن هذا هو النظر الذي أشار إليه البخاري بقوله : في إسناده نظر .(1/58)
والصحيح : أن موسى هذا هو موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي نص على ذلك ابن المديني نقله عنه القاضي إسماعيل في كتاب " أحكام القرآن " وكذا نقله المفضل الغلابي في " تاريخه " عن مصعب الزبيري وكذا ذكره أبو بكر الخلال في كتاب " العلل " وصرح به أيضاً من المتأخرين عبد الحق الإشبيلي وغيره ولذلك خرج هذا الحديث ابن حبان في " صحيحه " فإنه لا يخرج فيه لموسى بن محمد بن إبراهيم التيمي شيئاً للاتفاق على ضعفه .
وقد فرق بين الرجلين يحيى بن معين أيضاً ففي " تاريخ الغلابي " عن يحيى بن معين : موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي يُضعف جاء بأحاديث منكرات .
ثم بعد ذلك بقليل قال : موسى بن إبراهيم المديني يروي عن سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة في القميص الواحد: ( زره ولو بشوكة ) ثبت .
وفي " تاريخ مضر بن محمد " عن ابن معين نحو هذا الكلام أيضاً إلا أنه قال في الذي روى حديث الصلاة في القميص : ليس به بأس ولم يقل : ثبت .
وكذلك أبو حاتم الرازي صرح بالفرق بين الرجلين قال ابن أبي حاتم في " كتابه " موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي روى عن سلمة بن الأكوع وعن أبيه عن أنس روى عنه عطاف بن خالد وعبد الرحمن بن أبي الموالي وعبد العزيز بن محمد سمعت أبي يقول ذلك وسمعته يقول : موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي خلاف هذا ذاك شيخ ضعيف الحديث . انتهى .
وتضعيفه التيمي دون هذا يدل على أن هذا ليس بضعيف .
وكذا فرق بينهما على بن المديني فيما نقله عنه أبو جعفر بن أبي شيبة في " سؤالاته له " وقال في التيمي : ضعيف ، ضعيف وقال في الذي يروي عن سلمة : كان صالحاً وسطاً .
وكذلك فرق بينهما ابن حبان وذكر موسى بن إبراهيم هذا في " ثقاته "
وكذلك صرح بنسبه أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في كلامه على " أوهام تاريخ البخاري " .(1/59)
وقد ورد التصريح بنسبة موسى هذا في روايات متعددة :
فروى الشافعي : أنا عطاف بن خالد والدراوردي عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة عن سلمة بن الأكوع قال: قلت : يا رسول الله إنا نكون في الصيد فيصلي أحدنا في القميص الواحد ؟ قال: ( نعم وليزره ولو لم يجد إلا أن يخله بشوكة ) .
وروى الإمام أحمد في " مسنده " ثنا هاشم بن القاسم ثنا عطاف عن موسى بن إبراهيم بن أبي ربيعة قال : سمعت سلمة بن الأكوع ـ فذكر الحديث .
ورواه الأثرم في " سننه " : ثنا هشام بن بهرام ثنا عطاف عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة المخزومي أن سلمة بن الأكوع كان إذا قدم المدينة نزل على ابنه إبراهيم في داره قال : فسمعته يقول : قلت يا رسول الله إني أكون في الصيد وليس عليَّ إلا قميص واحد أفأصلي فيه ؟ قال : ( نعم وزره وإن لم تجد إلا شوكة ) .
وكذلك رواه علي بن المديني عن الدراوردي : أخبرني موسى بن عبد الرحمن أنه سمع سلمة بن الأكوع فذكره .
ففي هذه الروايات التصريح بنسبته وبسماعه من سلمة .
وأما رواية ابن أبي قُتيلة عن الدراوردي فلا يُلتفت إليها فإن الشافعي وعلي بن المديني وقتيبة بن سعيد وغيرهم رووه عن الدراوردي على الصواب ولم يكن ابن أبي قُتيلة من أهل الحديث بل كان يعيبهم ويطعن عليهم وقد ذكر عند الإمام أحمد أنه قال : أهل الحديث قوم سوء فقال أحمد : زنديق ، زنديق : زنديق .
وقد رواه أبو أويس عن موسى بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة أيضاً .
ذكره البخاري في " تاريخه " عن إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه .
قال البيهقي : والأول أصح ، يعني : رواية من لم يذكر في إسناده : " عن أبيه " .
وذكر البخاري في " تاريخه " : موسى بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي ربيعة سمع سلمة بن الأكوع روى عنه عطاف بن خالد .(1/60)
وروى عبد الرحمن بن أبي الموالي عن موسى بن إبراهيم بن أبي ربيعة عن أبيه عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد مُلتحفاً به .
وهذا الحديث خرجه الإمام أحمد عن أبي عامر العقدي عن ابن أبي الموالي .
فهذا هو النظر الذي أشار البخاري إلى إسناده في " صحيحه " وهو الاختلاف في إسناد الحديث على موسى بن إبراهيم .
وفي كونه علةً مؤثرة نظر فإن لفظ الحديثين مختلف جداً فهما حديثان مختلفان إسناداً ومتناً نعم لرواية ابن أبي الموالي عن موسى عن أبيه عن أنس علة مؤثرة وهي أن عبد الله بن عكرمة رواه عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة وهو : والد موسى ـ عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد خرج حديثه الإمام أحمد .
ولعل هذه الرواية أشبه فإن متن هذا الحديث معروف عن جابر بن عبد الله لا عن أنس .
لكن نقل ابن أبي حاتم عن أبيه في كلام جاء على " أوهام تاريخ البخاري " : أن رواية موسى عن أبيه عن أنس ورواية إبراهيم والد موسى عن جابر من غير رواية ابنه موسى .
وهذا يدل على أن الإسنادين محفوظان .
[ فتح الباري : 2/130-135 ]
149) وروى الأوزاعي عن يعيش بن الوليد عن معاوية بن أبي سفيان قال : دخلت على أم حبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد فقلت : ألا أراه يصلي كما أرى ؟ قالت : نعم وهو الثوب الذي كان فيه ما كان .
خرجه أبو يعلي الموصلي .
ويعيش ثقة إلا أني لا أظنه أدرك معاوية .
[ فتح الباري : 2/ 135 ]
150) وخرج الإمام أحمد وابن ماجة من حديث عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال : سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي ؟ قال : ( نعم إلا أن ترى شيئاً فتغسله ) .
وقال أبو حاتم الرازي والدارقطني : الصواب وقفه على جابر بن سمرة وقال عبد الله ابن الإمام أحمد : هذا الحديث لا يرفع عن جابر بن سمرة .
يشير إلى أن من رفعه فقد وهم .
[ فتح الباري : 2/ 136 ](1/61)
151) وخرج ابن ماجة من رواية الحسن بن يحيى الخُشني ثنا زيد بن واقد عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه يقطر ماءً فصلى بنا في ثوب واحد متوشحاً به قد خالف بين طرفيه فلما انصرف قال له عمر بن الخطاب يا رسول الله تصلي بنا في ثوب واحد ؟ قال : ( نعم أصلي فيه وفيه ) ـ أي : قد جامعت فيه .
الخشني هذا قال ابن معين فيه : ليس بشيء .
[ فتح الباري : 2/ 136 ]
152) روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يقبل الله صلاة حائض بغير خمار ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه .
وفي إسناده اختلاف وقد روي موقوفاً على عائشة ومرسلاً ولذلك لم يخرجه البخاري ومسلم وخرجه ابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما " .
وفي رواية لها : ( لا يقبل الله صلاة امرأة قد حاضت إلا بخمار ) .
[ فتح الباري : 2/ 139 ]
باب
عقد الإزار على القفا في الصلاة
153) وخرج الطبراني بإسناد ضعيف عن أبي هريرة قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوب متوشحاً فلم ينل طرفاه فعقده .
[ فتح الباري : 2/ 143 ]
باب
الصلاة في الثوب الواحد ملتحفاً به
154) وفي " سنن أبي داود " من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ قال : أو قال عمر ـ : ( إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما فإن لم يكن إلا ثوب فليتزر ولا يشتمل اشتمال اليهود ) .
وقد سبق أنه حديث مختلف في رفعه وفي وقفه على عمر بن الخطاب وقد روي موقوفاُ على ابن عمر من قوله .
وفي رواية مرفوعة خرجها الحاكم وصححها : ( إذا لم يجد أحدكم إلا ثوباً واحداً فليشده على حقويه ولا يشتمل اشتمال اليهود ) .(1/62)
قال الأثرم في هذا الحديث : ليس كل أحد يرفعه وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه خلافه .
[ فتح الباري : 2/ 148-149 ]
باب
إذا كان الثوب ضيقاً
155) وقد روى شرحبيل بن سعد عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا ما اتسع الثوب فتعاطف به على منكبيك ثم صل وإذا ضاق عن ذلك فشد به حقويك ثم صل على غير رداء ) .
خرجه الإمام أحمد وشرحبيل هذا مختلف في أمره .
[ فتح الباري : 2/ 155 ]
باب
الصلاة في الجبة الشامية
156) وروى ابن أبي عاصم في " كتاب اللباس " من طريق محمد بن عبيد الله العرزمي ـ وفيه ضعف ـ عن عبد الملك بن عمير عن قبيصة بن جابر قال : خطب عمر الناس فقال : إنه بلغني أن هذه البرود اليمانية التي تلبسونها تصبغ بالبول ، بول العجائز العُتًق فلو نهينا الناس عنها ؟ فقام عبد الرحمن بن عوف فقال : يا أمير المؤمنين أتنطلق إلى شيء لبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فتحرمه ؟ إنها تغسل بالماء فكف عمر عن ذلك .
[ فتح الباري : 2/ 161 ]
157) وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث علي بن زيد بن جدعان عن أنس أن ملك الروم أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم مستقةً من سندس فلبسها .
وعلي بن زيد مختلف في أمره وليس بالحافظ جداً .
[ فتح الباري : 2/ 165 ]ُ
باب
كراهية التعري في الصلاة وغيرها
158) وروى ابن سعد بإسناد ضعيف عن ابن عباس قال : أول شيء رأى النبي صلى الله عليه وسلم من النبوة أن قيل له : استتر وهو غلام فما رئيت عورته من يومئذ .
ويروى بإسناد أجود منه عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نُهيت أن أمشي عرياناً ) قلت : اكتما الناس مخافة أن يقولوا مجنون .(1/63)
وبعض رواته لم يذكر في إسناده : " العباس " .
وخرج البزار من حديث مسلم الملائي ـ وفيه ضعف ـ عن مجاهد عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل من وراء الحجرات وما رئُي عورته فقط .
وقال : لا نعلم روي من وجه متصل بإسناد أحسن من هذا .
[ فتح الباري : 2/ 169-170 ]
باب
الصلاة في القميص والسراويل والتبان والقباء
159) وقد روى الجريري عن أبي نضرة قال : قال أبي بن كعب : الصلاة في الثوب الواحد سنة كنا نفعله مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعاب علينا فقال ابن مسعود : إنما كان ذاك إذ كان في الثياب قلة فأما إذ وسع الله فالصلاة في الثوبين أزكى .
خرجه عبد الله ابن الإمام أحمد في المسند وفيه انقطاع .
وخرجه الدارقطني في " علله " من رواية داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فصار متصلاً وذكر أنه روي عن داود عن أبي نضرة عن جابر .
وروى وكيع في " كتابه " عن مبارك بن فضالة عن الحسن قال : اختلف عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب في الصلاة في الثوب الواحد فقال أبي :في ثوب وقال ابن مسعود : في ثوبين فبلغ ذلك عمر فقال : القول ما قال أبي ولم يأل ابن مسعود عن الخير .
وهذا منقطع أيضاً .
[ فتح الباري : 2/ 173 ]
160) وروى الطبراني بإسناد ضعيف عن ابن عباس قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي محتبياً محلل الأزرار .
[ فتح الباري : 2/ 177 ]
161) وقد ورد النهي عن الصلاة في السراويل في حديث رواه الحسين بن وردان عن أبي الزبير عن جابر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي في السراويل .
خرجه الطبراني والعقيلي وقال : لا يتابع حسين عليه ولا يعرف إلا به .
[ فتح الباري : 2/ 178 ](1/64)
162) يدل على ذلك : ما رواه أبو المنيب عبيد الله بن عبد الله العتكي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي في لحاف لا يتوشح به والآخر أن تصلي في سراويل ليس عليك رداء .
خرجه أبو داود وخرجه الطبراني والعقيلي ولفظه : نهى أن يصلي الرجل في السراويل الواحد ليس عليه شيء غيره .
وخرجه ابن عدي ولفظه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ملبسين : أحدهما : المصلي في ثوب واحد لا يتوشح به وأما الأخر : أن يصلي في سراويل ليس عليه رداء .
وأبو المنيب وثقه ابن معين وغيره ، وقال البخاري : عنده مناكير ، وقال ابن عدي : عندي أنه لا بأس به ، وقال العقيلي في هذا الحديث : لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به .
[ فتح الباري : 2/ 178-179 ]
باب
ما يستر من العورة
163) وقد روى حديث أبي سعيد : جعفر بن برقان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين : الصماء وهو أن يلتحف الرجل في الثوب الواحد ثم يرفع جانبه على منكبه ليس عليه ثوب غيره أو يحتبي الرجل في الثوب الواحد ليس بينه وبين السماء شيء ـ يعني : ستراً .
خرجه النسائي .
وهذا لم يسمعه جعفر من الزهري بل بلغه عنه وقد أنكره عليه جماعة من الأئمة وقالوا : رواياته عن الزهري ضعيفة جداً .
وهذا قول رابع عن الزهري في إسناده إلا أنه لا يصح .
[ فتح الباري : 2/ 181 ]
164) وقد روي حديث علي مرفوعاً صريحاً وروي أيضاً مرفوعاً من حديث ابن عباس بإسناد فيه ضعف .
[ فتح الباري : 2/ 187 ]
باب
ما يذكر في الفخذ(1/65)
165) فحديث ابن عباس : من رواية أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس قال : مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على رجل وفخذه خارجة فقال : ( غط فخذك فإن فخذ الرجل من عورته ) .
خرجه الإمام أحمد ، وخرجه الترمذي ـ مختصراً ـ ولفظه : ( الفخذ عورة ) وقال : حديث حسن . انتهى .
وأبو يحيى القتات اسمه : عبد الرحمن بن دينار ضعفه أحمد ويحيى والأكثرون .
وقد قيل : إن حبيب بن أبي ثابت تابعه على هذا الحديث ولا يصح ذلك .
[ فتح الباري : 2/ 189-190 ]
166) وحديث جرهد : من رواية مالك عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه قال : كان جرهد من أصحاب الصفة قال : جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا وفخذي منكشفة فقال : ( أما علمت أن الفخذ عورة ؟ ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود .
وكذا خرجه مالك في " الموطإ " ورواه بعضهم عن مالك فقال : عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه عن جده .
وخرجه الترمذي من طريق ابن عيينة عن أبي النضر عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن جده جرهد قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بجرهد في المسجد وقد انكشف فخذه فقال : ( إن الفخذ عورة ) .
وقال هذا حديث حسن وما أرى إسناده متصل ـ يشير إلى أن زرعة لم يسمع من جده .
وقول ابن عيينة : زرعة بن مسلم بن جرهد وهم منه قاله البخاري في " تاريخه " وإنما هو : زرعة بن عبد الرحمن وهو ثقة وثقه النسائي وغيره .
وخرجه الترمذي أيضاً من رواية معمر عن أبي الزناد قال : أخبرني ابن جرهد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو كاشف عن فخذه فقال له : ( غط فخذك فإنها من العورة ) .
وقال : حديث حسن .
وفي إسناده اختلاف كثير على أبي الزناد قد ذكره الدارقطني .
واختلف عليه في تسمية شيخه : فقيل : هو زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد وقيل : زرعة بن جرهد وقيل : عبد الرحمن بن جرهد وقيل : جرهد بن جرهد .(1/66)
وخرجه الترمذي أيضاً من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن جرهد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الفخذ عورة ) .
وقال : حسن غريب . انتهى .
وابن عقيل مختلف في أمره والأسانيد قبله لا تخلو من انقطاع .
[ فتح الباري : 2/ 190-191 ]
167) وحديث محمد بن جحش : من رواية العلاء بن عبد الرحمن عن أبي كثير مولى محمد بن جحش عن محمد بن جحش ـ ختن النبي صلى الله عليه وسلم ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر بمعمر وهو بفناء المسجد محتبياً كاشفاً عن طرف فخذه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( خمر فخذك يا معمر فإن الفخذ عورة ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو كثير هذا لا يعرف إلا في هذا الإسناد .
[ فتح الباري : 2/ 191-192 ]
168) وفي الباب أيضاً عن علي من طريق ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حيّ ولا ميت ) .
خرجه أبو داود وابن ماجة ، وقال أبو داود : فيه نكارة .
وله علتان : إحداهما : أن ابن جريج لم يسمعه من حبيب ومن قال فيه : " عن ابن جريج : أخبرني حبيب " فقد وهم قاله علي بن المديني .
وفي رواية أبي داود : عن ابن جريج قال أُخبرت عن حبيب وهو الصحيح .
قال ابن المديني : رأيته في كتب ابن جريج : أخبرني إسماعيل بن مسلم عن حبيب نقله عنه يعقوب بن شيبة .
ونقل ابن أبي حاتم الرازي عن أبيه قال : لم يسمع ابن جريج هذا الحديث من حبيب إنما هو من حديث عمرو بن خالد الواسطي فأرى أن ابن جريج أخذه من الحسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد عن حبيب .
العلة الثانية : أن حبيب بن أبي ثابت لم تثبت له رواية عن عاصم بالسماع منه قاله أبو حاتم الرازي والدارقطني ، وقال ابن المديني : لا تصح عندي روايته عنه .
[ فتح الباري : 2/ 192-193 ](1/67)
169) وقد خرجه الطبراني : من حديث الدراوردي عن شريك بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم دلَّى رجليه في البئر وكشف عن فخذيه وذكر أن أبا بكر وعمر وعثمان جلسوا معه و فعلوا كفعله وكشفوا عن أفخاذهم .
وهذا الإسناد وهم إنما رواه شريك عن ابن المسيب عن أبي موسى باللفظ المذكور قبله كذلك هو مخرج في الصحيحين من رواية شريك .
[ فتح الباري : 2/ 193 ]
باب
في كم تصلي المرأة من الثياب
170) وخرج أبو داود من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه عن أم سلمة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار ؟ قال : ( إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها ) .
وخرجه أيضاً من طريق مالك عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة موقوفاً وذكر جماعة تابعوا مالكاً على وقفه .
وذكر الدارقطني أن وقفه هو الصواب .
[ فتح الباري : 2/ 199 ]
باب
إن صلى في ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته ؟ وما ينهى من ذلك
171) وخرج الترمذي في كتاب العلل بإسناد فيه ضعف عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل خاتمه في يمينه ثم إنه نظر إليه وهو يصلي ويده على فخذه فنزعه ولم يلبسه .
وقد روي هذا الحديث عن طاوس مرسلاً وفيه : أن هذا الخاتم كان من ذهب .
[ فتح الباري : 2/ 209 ]
باب
من صلى في فروج حرير ثم نزعه
172) وفي المسند : من حديث ابن عمر مرفوعاً : ( من اشترى ثوباً بعشرة دراهم وفيه درهم حرام لم تقبل له صلاة ما دام عليه ) .
وقد ضعف الإمام أحمد هذا الحديث في رواية أبي طالب وقال : هذا ليس بشيء ليس له إسناد .(1/68)
يشير إلى ضعف إسناده فإنه من رواية بقية عن يزيد بن عبد الله الجهني عن هاشم الأوقص عن نافع .
وقال أحمد ـ في رواية مهنا ـ : لا أعرف يزيد بن عبد الله ولا هاشماً الأوقص .
[ فتح الباري : 2/ 215-216 ]
173) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علل كراهة لبس الحرير في صلاته بأنه نظر إليه فألهاه عن صلاته .
خرجه ابن وهب في " مسنده " عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية حدير بن كريب أن أكيدر أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم حلة حرير فشهد النبي صلى الله عليه وسلم فيها الصلاة فسها فصلى الظهر سبع ركعات فلما انصرف نزعها وقال : ( إني نظرت إليها فألهتني عن صلاتي ) .
وهذا مرسل .
[ فتح الباري : 2/ 217 ]
باب
الصلاة في الثوب الأحمر
174) ورواه حجاج بن أرطاة عن أبي جعفر محمد بن علي عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة .
كذا رواه حفص بن غياث عن حجاج .
وخالفه هشيم فرواه عن حجاج عن أبي جعفر ـ مرسلاً ـ وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس يوم الجمعة برده الأحمر ويعتم يوم العيدين .
خرجه ابن سعد من هذين الوجهين .
والمرسل أشبه .
[ فتح الباري : 2/ 219-220 ]
175) وخرج أبو داود من حديث رافع بن خديج قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رواحلنا وعلى إبلنا أكسية فيها خيوط عهن حمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أرى الحمرة قد علتكم ؟ ) فقمنا سراعاً فأخذنا الأكسية فنزعناها عنها .
وفي إسناده رجل لا يعرف .
[ فتح الباري : 2/ 223 ](1/69)
176) وخرج الطبراني وغيره من حديث إسحاق بن راهويه قال : قلت لأبي قرة : أذكر ابن جريج عن مسلم بن أبي مريم عن عبد الله بن سرجس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوماً وعليه نمرة فقال لرجل من أصحابه : ( أعطني نمرتك وخذ نمرتي ) فقال : يا رسول الله نمرتك أجود من نمرتي قال : ( أجل ولكن فيها خيط أحمر فخشيت أن أنظر إليه فيفتنني )؟ فأقر به أبو قرة وقال نعم .
وهذا غريب .
[ فتح الباري : 2/ 223-224 ]
باب
الصلاة في المنبر والسطوح والخشب
177) وقال الليث بن سعد : كتب إلي عبد الله بن نافع مولى ابن عمر : أما ما ذكرت من مصلى قبلته إلى مرحاض فإنما جعلت السترة لتستر من المرحاض وغيره وقد حدثني نافع أن دار ابن عمر التي هي وراء جدار قبلة النبي صلى الله عليه وسلم كانت مربداً لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم يذهبن فيه ثم ابتاعته حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم منهن فاتخذته داراً .
ولكن عبد الله بن نافع منكر الحديث قاله البخاري وغيره .
[ فتح الباري : 2/ 230 ]
178) وروى عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن صالح مولى التوأمة قال : سمعت ابن عباس يقول : سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من أمر الصلاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض حتى تجد حجم الأرض ) .
خرجه الإمام أحمد .
وفي إسناده لين .
[ فتح الباري : 2/ 232 ]
179) وروى حرب الكرماني : ثنا إسحاق ـ هو ابن راهويه ـ ثنا سويد بن عبد العزيز عن أبي جبيرة زيد بن جبيرة عن داود بن حصين عن نافع عن ابن عمر قال : أصاب الناس الثلج على عهد عمر بن الخطاب فبسط بساطاً ثم صلى عليه وقال : إن الثلج لا يتيمم به ولا يصلى عليه .
واحتج إسحاق بهذا الحديث .
وإسناده ضعيف فإن زيد بن جبيرة وسويد بن عبد العزيز ضعيفان .(1/70)
وقد روى أبو عبيد في " كتاب الطهور " بإسناد آخر وفيه ضعف أيضاً : أن عمر أصابه الثلج بالجابية لما قدم الشام فقال : إن الثلج لا يتيمم به .
ولم يذكر الصلاة .
[ فتح الباري : 2/ 232-233 ]
180) خرج الطبراني وابن عدي من طريق محمد بن فضاء عن أبيه عن علقمة بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا لم يقدر أحدكم على الأرض إذا كنتم في طين أو قصب أومئوا إيماءً ) .
وفي رواية لابن عدي : ( أو في ماء أو في ثلج ) .
ومحمد بن فضاء ضعيف ضعفه يحيى والنسائي وغيرهما .
[ فتح الباري : 2/ 234 ]
باب
الصلاة على الحصير
181) وقد روي في هذا حديث مرفوع عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر جعفر بن أبي طالب وأصحابه أن يصلوا في السفينة قياماً إلا أن يخافوا الغرق .
وقد رواه عن جعفر بن برقان : عبد الله بن داود الخريبي ولم يسمعه منه بل قال : ثناه رجل من أهل الكوفة من ثقيف عن جعفر بن برقان ، واختلف عليه بعد ذلك في إسناده : فقيل : عنه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقيل : عنه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقيل عنه عن ابن عمر عن جعفر بن أبي طالب .
ورواه حسين بن علوان عن جعفر بن برقان عن ميمون عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وحسين متروك الحديث .
ورواه أيضاً أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
خرجه من طريقه الدارقطني والبيهقي .
وهذا منكر وفي صحته عن أبي نعيم نظر .
وقد خرجه الدارقطني من رواية بشر بن فافا عنه ، وهذا رجل لا يعرف حاله بالكلية وقد وصفه بالجهالة جماعة منهم عبد الحق الأشبيلي وابن الجوزي .
وخرجه الحاكم والبيهقي من طريق ابن أبي الحنين عن أبي نعيم .(1/71)
وزعم الحاكم أنه على شرط الشيخين وما أبعده من ذلك ولو كان مقارباً لشرط البخاري فضلاً عن أن يكون على شرطه لذكره تعليقاً ولم يقتصر على ما روى عن الصحابة خاصة .
وقال البيهقي : هو حسن والله أعلم .
[ فتح الباري : 2/ 246-248 ]
182) وخرج بقي بن مخلد في " مسنده " من رواية يزيد بن المقدام بن شريح عن أبيه عن جده قال : قلت لعائشة : يا أم المؤمنين إن ناساً يصلون على هذه الحُصر ولم أسمع الله يذكرها في القرآن إلا في مكان واحد : (( للكافرين حصيراً )) [الإسراء : 8 ] أفكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير ؟ قالت : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير .
وهذا غريب جداً .
ويزيد بن المقدام قال أبو حاتم : يكتب حديثه .
وخرج الإمام أحمد ثنا عثمان بن عمر ثنا يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على خمرة فقال : ( يا عائشة ارفعي حصيرك فقد خشيت أن يكون يفتن الناس ) .
وهذا غريب جداً ولكنه اختلف فيه على يونس : فرواه مفضل بن فضالة عن يونس عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الخمرة ويسجد عليها .
ورواه شبيب بن سعيد عن يونس عن الزهري مرسلاً .
ورواه ابن وهب في " مسنده " عن يونس عن الزهري قال : لم أزل أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على خمرة ـ وعن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة ويسجد عليها .
فرواه بالوجهين جميعاً .
وأما رواية عثمان بن عمر عن يونس فالظاهر أنها غير محفوظة ولا تعرف تلك الزيادة إلا فيها .
[ فتح الباري : 2/ 255-256 ] .
باب
الصلاة على الفراش(1/72)
183) قال البخاري رحمه الله : 384 ثنا عبد الله بن يوسف : ثنا الليث ، عن يزيد - هو : ابن أبي حبيب - ، عن عراك ، عن عروة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة على الفراش الذي ينامان عليه .
قال ابن رجب رحمه الله : هذا مرسل من هذا الوجه .
ودلالة لفظه كدلالة الذي قبله .
وقد روي حديث هشام ، عن أبيه بلفظ يدل على ما فهمه البخاري ، فرواه أبو العباس السراج الحافظ : ثنا هناد بن السري : ثنا أبو معاوية ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل على الفراش الذي ينام عليه وأن بينه وبين القبلة .
وهذا من تغيير بعض الرواة بالمعنى الذي فهمه من الحديث ؛ لاتفاق الحفاظ من أصحاب عروة على غير هذا اللفظ ، وليس أبو معاوية بالحافظ المتقن لحديث هشام بن عروة ، إنما هو متقن لحديث الأعمش .
[ فتح الباري : 2/262-263] .
باب
السجود على الثوب في شدة الحر
184) وروى وكيع عن الأعمش عن محارب ـ أو وبرة ـ قال كان ابن عمر بلتحف بالملحفة ثم يسجد فيها لا يخرج يديه .
والصحيح عن ابن عمر : ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا سجد يضع كفيه على الذي يضع عليه وجهه قال : ولقد رأيته في يوم شديد البرد ويخرج يديه من تحت برنس له .
[ فتح الباري : 2/ 264 ]
185) وممن روي عنه أنه كان يسجد على كور عمامته : عبد الله بن أبي أوفى لكن من وجه فيه ضعف .
وروى عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر أنه كان يسجد على كور عمامته .
وقد خالفه من هو أحفظ منه كما سيأتي .
[ فتح الباري : 2/ 266 ]
186) وكان عبد الرحمن بن يزيد يسجد على كور عمامة له غليظة تحول بينه وبين الأرض .
وقد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعله من وجوه كلها باطلة لا يصح منها شيء قاله البيهقي وغيره .(1/73)
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنه من وجوه مرسلة وفيها ضعف أيضاً.
[ فتح الباري : 2/ 266-267 ]
187) وقد روي عن أنس حديث يخالف هذا :
خرجه أبو بكر ابن أبي داود في " كتاب الصلاة " له : ثنا محمد بن عامر الأصبهاني حدثني أبي ثنا يعقوب عن عنبسة عن عثمان الطويل عن أنس بن مالك قال : كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في الرمضاء فإذا كان في ثوب أحدنا فضلة فجعلها تحت قدميه ولم يجعل تحت جبينه لأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت خفيفة في إتمام .
وقال : سنة تفرد بها أهل البصرة .
قلت : يشير إلى تفرد عثمان الطويل به عن أنس وهما بصريان وعثمان هذا قد روى عنه شعبة وغيره وقال أبو حاتم فيه : هو شيخ .
وأما من قبل عثمان فهم ثقات مشهورون فعنبسة هو ابن سعيد قاضي الري أصله كوفي ثقة مشهور وثقه أحمد ويحيى ، ويعقوب هو : القمي ثقة مشهور أيضاً ، وعامر هو : ابن إبراهيم الأصبهاني ثقة مشهور من أعيان أهل أصبهان وكذلك ابنه محمد بن عامر .
لكن إسناد حديث بكر أصح ورواته أشهر ولذلك خُرج في الصحيح دون هذا والله أعلم .
[ فتح الباري : 2/ 270-271 ]
188) واستدلوا على ذلك : بما روى محمد بن جحادة عن سليمان بن أبي هند عن خباب قال : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة الحر في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا .
ويجاب عن ذلك : بأن حديث خباب اختلف في إسناده على أبي إسحاق : فروي عنه عن سعيد بن وهب عن خباب وروي عنه عن حارثة بن مضرب عن خباب .
وقد قيل : إنهما من مشايخ أبي إسحاق المجهولين الذين لم يرو عنهم غيره وفي إسناده اختلاف كثير ولذلك لم يخرجه البخاري .
وأما معنى الحديث : فقد فسره جمهور العلماء بأنهم شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة في شدة الحر وطلبوا منه الإبراد بها فلم يجبهم وبهذا فسره رواة الحديث منهم : أبو إسحاق وشريك .(1/74)
وقد خرجه البزار في مسنده وزاد فيه : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهجير .
وخرجه ابن المنذر وزاد في آخره : وقال : ( إذا زالت الشمس فصلوا ) .
وأما رواية من زاد فيه : ( في جباهنا وأكفنا ) فهي منقطعة .
حكى اسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال : هي مرسلة .
يعني : أن سليمان بن أبي هند لم يسمع من خباب .
[ فتح الباري : 2/ 271-272 ]
باب
الصلاة في النعال
189) وروى عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس قال : لم يخلع النبي صلى الله عليه وسلم نعله في الصلاة إلا مرة فخلع القوم نعالهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لم خلعتم نعالكم ؟ ) قالوا : رأيناك خلعت فخعلنا قال : ( إن جبريل أخبرني أن فيهما قذراً ) .
قال البيهقي : تفرد به عبد الله بن المثنى ولا بأس بإسناده .
قلت : عبد الله بن المثنى يخرج له البخاري كما تقدم .
[ فتح الباري : 2/ 275-276 ]
190) وفي هذا الباب أحاديث متعددة .
وأجودها حديث أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه وليصل فيه ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما " والحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم .
يشير إلى أن أبا نعامة وأبا نضرة خرج لهما مسلم وقد رواه جماعة عن أبي نعامة بهذا الإسناد .
ورواه أيوب واختلف عليه فيه فروي عنه كذلك وروي عنه مرسلاً وهو أشهر عن أيوب .
قال الدارقطني : الصحيح عن أيوب سمعه من أبي نعامة ولم يحفظ إسناده فأرسله والقول : قول من قال عن أبي سعيد .
وقال أبو حاتم الرازي : المتصل أشبه والله أعلم .
[ فتح الباري : 2/ 277-278 ]
باب
فضل استقبال القبلة(1/75)
191) وروى المسعودي عن عثمان الثقفي أن عائشة رأت رجلاً مائلاً كفيه عن القبلة فقالت : اعدلهما إلى القبلة .
وروى حارثة بن محمد ـ وفيه ضعف ـ عن عمرة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد وضع يديه وجاه القبلة .
خرجه ابن ماجه .
[ فتح الباري : 2/ 282 ] .
192) قال البخاري رحمه الله : 391 حدثنا عمرو بن عباس : ثنا ابن مهدي : ثنا منصور بن سعد عن ميمون بن سياه ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من صلى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلا تخفروا الله في ذمته)) .
392- وحدثنا نعيم ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم ، إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل)) .
393- وقال علي بن عبد الله : ثنا خالد بن الحارث ، ثنا حميد ، قال : سأل ميمون بن سياه أنس بن مالك فقال : يا أبا حمزة ، ما يحرم دم العبد وماله ؟ فقال : من شهد أن لا إله إلا الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم ، له ما للمسلم وعليه ما على المسلم .
وقال ابن أبي مريم : أبنا يحيى بن أيوب : ثنا حميد : ثنا أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال ابن رجب رحمه الله : هذا الحديث قد خرجه البخاري من طريقين :
أحدهما : من رواية منصور بن سعد ، عن ميمون بن سياه ، عن أنس مرفوعا .
وميمون بن سياه ، بصري اختلف فيه ، فضعفه ابن معين ، ووثقه أبو حاتم الرازي .
والثاني : من رواية حميد ، عن أنس - تعليقا - من ثلاثة أوجه ، عنه . وفي بعض النسخ أسنده .(1/76)
من أحدها : عن نعيم بن حماد ، عن ابن المبارك ، عن حميد ، عن أنس ، ورفعه .
والثاني : علقه عن ابن المديني ، عن خالد بن الحارث ، عن حميد ، أن ميمون بن سياه سأل أنسا - فذكره ، ولم يرفعه ، جعله من قول أنس .
والثالث : علقه ، عن ابن أبي مريم ، عن يحيى بن أيوب : ثنا حميد : ثنا أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وصرح فيه بسماع حميد له من أنس ، ورفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ومقصود البخاري بهذا : تصحيح رواية حميد ، عن أنس المرفوعة.
وقد نازعه في ذلك الإسماعيلي ، وقال : إنما سمعه حميد من ميمون بن سياه ، عن أنس . قال : ولا يحتج بيحيى بن أيوب في قوله : ((ثنا حميد : ثنا أنس)) ؛ فإن عادة الشاميين والمصريين جرت على ذكر الخبر فيما يروونه ؛ لا يطوونه طي أهل العراق .
يشير إلى أن الشاميين والمصريين يصرحون بالتحديث في رواياتهم ، ولا يكون الإسناد متصلا بالسماع .
وقد ذكر أبو حاتم الرازي عن أصحاب بقية بن الوليد أنهم يصنعون ذلك كثيرا .
ثم استدل الإسماعيلي على ما قاله بما خرجه من طريق عبيد الله بن معاذ : ثنا أبي : ثنا حميد ، عن ميمون بن سياه ، قال : سألت أنسا : ما يحرم دم المسلم وماله ؟ قال : من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله - الحديث .
قال : وما ذكره عن علي بن المديني عن خالد بن الحارث فهو يثبت ما جاء به معاذ بن معاذ ؛ لأن ميمون هوَ الذي سأل ، وحميد منه سمع . والله أعلم . انتهى ما
ذكره .
ورواية معاذ بن معاذ ، عن حميد ، عن ميمون ، عن أنس موقوفة .
وقد ذكر الدارقطني في ((العلل)) أنها هي الصواب ، بعد أن ذكر أن ابن المبارك ويحيى بن أيوب ومحمد بن عيسى بن سميع رووه عن حميد ، عن أنس مرفوعا .
قال : وذكر هذا الحديث لعلي بن المديني ، عن ابن المبارك . فقال : أخاف أن يكون هذا وهما ، لعله : حميد ، عن الحسن - مرسلا .(1/77)
قال الدارقطني : وليس كذلك ؛ لأن معاذ بن معاذ من الأثبات . وقد رواه كما ذكرنا - يعني : عن حميد ، عن ميمون ، عن أنس موقوفا .
وقد خرجه أبو داود في ((سننه)) من طريق يحيى بن أيوب كما أشار إليه
البخاري .
وخرجه أبو داود - أيضا - والترمذي والنسائي من طريق ابن المبارك وحسنه الترمذي وصححه وغربه ، وذكر متابعة يحيى بن أيوب له .
وخرجه النسائي -أيضا- من طريق محمد بن عيسى بن سميع : ثنا حميد عن أنس ورفعه .
ومن طريق محمد بن عبد الله الأنصاري : ثنا حميد ، قال : سأل ميمون بن سياه أنسا ، فقال : يا أبا حمزة ، ما يحرم دم المسلم وماله - فذكره موقوفا ، ولم يرفعه .
وهذه مثل رواية خالد بن الحارث التي ذكرها البخاري ، عن ابن المديني ، عنه ، وقد جعلا ميمون بن سياه سائلا لأنس ، ولم يذكرا أن حميدا رواه عن ميمون ، ولعل قولهما أشبه .
وتابعهما معاذ بن معاذ على وقفه ، إلا أنه جعله : ((عن حميد ، عن ميمون ، عن أنس)) ، وهو الصحيح عند الإسماعيلي والدارقطني كما سبق .
وأما رفعه مع وصله ، فقد حكى الدارقطني عن ابن المديني أنه أنكره .
وكذا نقل ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، أنه قال : لا يسنده إلا ثلاثة أنفس : ابن المبارك ويحيى بن أيوب وابن سميع .
يشير إلى أن غيرهم يقفه ولا يرفعه ، كذا قال .
وقد رواه أبو خالد الأحمر ، عن حميد ، عن أنس - مرفوعا .
خرج حديثه الطبراني وابن جرير الطبري .
[ فتح الباري : 2/282-286] .
193) وروى ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى المنذر بن ساوى : ( أما بعد فإن من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله والرسول ) .
خرجه أبو عبيد .
وهو مرسل .
[ فتح الباري : 2/ 286 ]
باب
قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق(1/78)
194) وهذا هو مراد عمر بقوله : ما بين المشرق والمغرب قبلة .
وقد روي مرفوعاً إلا أنه ليس على شرط البخاري .
وقد قال أحمد : ليس له إسناد ، يعني : أن في أسانيده ضعفاً .
وقال مرة : ليس بالقوي قال : وهو عن عمر صحيح .
[ فتح الباري : 2/ 289-290 ]
195) وأقوى ما ورد فيه مسنداً : حديث عبد بن جعفر المخرمي عن عثمان بن محمد الأخنسي عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما بين المشرق والمغرب قبلة ) .
خرجه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
والأخنسي وثقه ابن معين وغيره ، والمخرمي خرج له مسلم ، وقال ابن المديني : روى مناكير .
وخرجه ابن ماجه والترمذي أيضاً من طريق أبي معشر نجيح السندي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأبو معشر ضعيف الحديث .
وتابعه عليه : علي بن ظبيان فرواه عن محمد بن عمرو كما رواه .
خرجه ابن عدي ، وعلي بن ظبيان ضعيف أيضاً .
وفيه حديث مرسل :
رواه الإمام أحمد ـ في رواية ابنه صالح ـ عن أبي سعيد مولى بني هاشم حدثني سليمان بن بلال قال : قال عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا وجهت وجهك نحو البيت الحرام ) .
[ فتح الباري : 2/ 290-291 ]
196) وروى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال : إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قبلة .
وهذا هو الذي قال فيه أحمد : إنه صحيح عن عمر .
وقد رواه يحيى القطان وغير واحد عن عبيد الله .
ورواه حماد بن مسعدة عن عبيد الله وزاد فيه : إلا عند البيت .
وروي عن ابن نمير وحماد بن سلمة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ورفعه غير صحيح عند الدارقطني وغيره من الحفاظ .
وأما الحاكم فصححه وقال : على شرطهما وليس كما قال .
وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً .(1/79)
وابن مجبر مختلف في أمره .
وقال أبو زرعة : هو وهم والحديث حديث ابن عمر موقوف .
[ فتح الباري : 2/ 291 ]
باب
قول الله عز وجل : (( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ))
197) وقد ورد هذا في رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح الكعبة وأخرج مقام إبراهيم وكان في الكعبة فألزقه إلى حائط الكعبة ثم قال : ( أيها الناس هذه القبلة ) .
خرجه ابن مردويه ، والكلبي متروك لا يحتج به .
[ فتح الباري : 2/ 308-309 ]
باب
التوجه نحو القبلة حيث كان
198) وأما ما خرجه بقي بن مخلد في " مسنده " ثنا أبو كريب ثنا يونس ثنا عنبسة بن الأزهر عن أبي خراش عن عائشة قالت : كنا إذا سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤمر إذا جاء وقت الصلاة أن نصلي على رواحلنا .
فهو حديث لا يثبت وعنبسة بن الأزهر : قال أبو حاتم الرازي : يكتب حديثه ولا يحتج به ، وأبو خراش : لا يعرف ، ويونس هو : ابن بكير مختلف في أمره .
[ فتح الباري : 2/ 313 ]
باب
ما جاء في القبلة ومن لم ير الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة
199) ولم يخرج مسلم هذا الحديث إنما خرج من رواية سعيد بن عامر عن جويرية عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال : وافقت ربي في ثلاث : في الحجاب وفي أسارى بدر وفي مقام إبراهيم .
وقد أعله الحافظ أبو الفضل ابن عمار الشهيد رحمه الله بأنه روى عن سعيد بن عامر عن جويرية عن رجل عن نافع أن عمر قال : وافقت ربي في ثلاث .
فدخل في إسناده رجل مجهول وصار منقطعاً .
[ فتح الباري : 2/ 317 ](1/80)
200) وروى ابن أبي حاتم من طريق عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه : سمعت جابراً يحدث عن حجة الوداع قال : لما طاف النبي صلى الله عليه وسلم قال له عمر : هذا مقام إبراهيم ؟ قال : ( نعم ) قال : أفلا نتخذه مصلى ؟ فأنزل الله : (( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى )) [البقرة : 125 ] .
وهذا غريب وهو يدل أن هذا القول كان في حجة الوداع وأن الآية نزلت بعد ذلك وهو بعيد جداً وعبد الوهاب ليس بذاك المتقن .
وقد خالفه الحفاظ فرووا في حديث حجة الوداع الطويل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى إلى المقام وقرأ (( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى )) [البقرة : 125 ] ثم صلى ركعتين والمقام بينه وبين البيت .
وروى الوليد بن مسلم عن مالك عن جعفر عن أبيه عن جابر قال : لما وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح مكة عند مقام إبراهيم قال له عمر : يا رسول الله هذا مقام إبراهيم الذي قال الله : (( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى )) [البقرة : 125 ] قال : ( نعم ) .
قال الوليد : قلت لمالك هكذا حدثك ؟ قال : نعم .
وقد خرجه النسائي بمعناه ، والوليد كثير الخطأ قاله أبو حاتم وأبو داود وغيرهما .
وذكر فتح مكة فيه غريب أو وهم فإن هذا قطعة من حديث جابر في حجة الوداع .
[ فتح الباري : 2/317-318 ]
201) وأما موافقته في قوله : (( من كان عدواً لجبريل )) [ البقرة : 97 ] فرواه : أبو جعفر الرازي عن حصين بن عبد الرحمن عن ابن أبي ليلي عن عمر .
ورواه : داود عن الشعبي عن عمر .
وهما منقطعان .
[ فتح الباري : 2/ 319 ]
باب
حك البزاق باليد من المسجد
202) وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال : سمعت أبا هريرة يقول : إذا صلى أحدكم فلا يلتفت فإنه يناجي ربه إن ربه أمامه وإنه يناجيه .(1/81)
قال عطاء : وبلغنا أن الرب عز وجل يقول : ( يا بن آدم إلى من تلتفت أنا خير لك ممن تلتفت إليه ) .
وقد رواه إبراهيم بن يزيد وعمر بن قيس عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعاً كله .
ورواية ابن جريج أصح قاله العقيلي وغيره .
[ فتح الباري : 2/ 328-329 ]
باب
لا يبصق عن يمينه في الصلاة
203) وخرج الطبراني بإسناد ضعيف عن أبي أمامة قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم فاستفتح الصلاة فرأى نخامة في القبلة فخلع نعله ثم مشى إليها فحتها يفعل ذلك ثلاث مرات فلما قضى صلاته أقبل على الناس فقال : ( إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يقوم بين يدي الله عز وجل مستقبل ربه تبارك وتعالى وملكه عن يمينه وقرينه عن يساره فلا يتفلن أحدكم بين يديه ولا عن يمينه ولكن عن يساره وتحت قدمه اليسرى ثم ليعرك فليشدد عركه فإنما يعرك أذني الشيطان ) .
[ فتح الباري : 2/ 339 ]
204) وقد ورد في حديث خرجه الطبراني من حديث أبي مالك الأشعري مرفوعاً : ( إن القرين هو كاتب السيئات ) .
وإسناده شامي ضعيف .
[ فتح الباري : 2/ 340 ]
باب
ليبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى
205) ورواه ابن المبارك عن الجريري عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتنخم في المسجد ثم دلكه بنعله اليسرى.
وخرجه الطبراني بإسناد ضعيف وفيه : أنه كان يصلي على البلاط .
[ فتح الباري : 2/ 342 ]
باب
دفن النخامة في المسجد
206) وفي المسند بإسناد فيه بعض من لا يعرف أن رجلاً وجد في ثوبه قملة فأخذها ليطرحها في السجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تفعل ردها في ثوبك حتى تخرج من المسجد ) .(1/82)
وبإسناد آخر عن رجل من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا وجد أحدكم القملة فليصرها ولا يلقها في المسجد ) .
وقد قيل : إنه مرسل ، وكذلك خرجه أبو داود في " مراسيله " .
والذي قبله أيضاً مرسل نص عليه الإمام أحمد وذكر أن بعضهم وصله وأخطأ في وصله والله أعلم .
[ فتح الباري : 2/ 349 ]
باب
عظة الإمام الناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة
207) قال البخاري : 419 حدثنا يحيى بن صالح ثنا فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن أنس بن مالك قال : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةً ثم رقي المنبر فقال في الصلاة وفي الركوع ـ ( إني لأراكم من ورائي كما أراكم ) .
قال ابن رجب رحمه الله : وروى قتادة ، عن أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((أقيموا الركوع والسجود ، فوالله إني لأراكم من بعدي)) - وبما قال : ((من بعد ظهري - إذا ركعتم وسجدتم)) .
خرجه البخاري في ((باب : الخشوع في الصلاة)) كما سيأتي من حديث شعبة .
وخرجه مسلم من رواية شعبة وسعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة .
وأظن أن البخاري عدل عنه هاهنا إلى حديث فليح عن هلال ؛ لأن قتادة لم يصرح فيه بالسماع ، وقد أكثر البخاري في ((كتابه)) هذا من تخريج حديث فليح بن سليمان عن هلال بن علي .
وهو هلال بن أبي ميمونة . روى عنه مالك وغيره ، وقد ذكر البخاري في ((تاريخه)) أنه سمع أنسا ، ولم يذكر ابن أبي حاتم في ((كتابه)) أنه يروي عن أنس ، وذكر أنه سأل أباه عنه ، فقال : شيخ يكتب حديثه .(1/83)
وأما فليح بن سليمان ، فقال فيه ابن معين وأبو حاتم والنسائي : ليس بالقوي ، وضعفه ابن معين - أيضا - ، وقال : لا يحتج به . وحكي عن أبي كامل المظفر بن مدرك أنه كان يتقي حديثه ، وضعفه أبو زرعة الرازي ، وقال : هو واهي الحديث - : نقله عنه البرذعي ، وضعفه علي بن المديني - أيضا - نقله عنه أبو جعفر بن أبي شيبة في ((سؤالاته له)) .
وبكل حال فرواية شعبة عن قتادة عن أنس وإن لم يصرح بالسماع أقوى من رواية فليح عن هلال عن أنس والله أعلم .
[ فتح الباري : 2/ 352-353 ]
208) وروى بقية عن ورقاء بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعاً : ( إذا صلى العبد في العلانية فأحسن وصلى في السر فأحسن قال الله : هذا عبدي حقاً ) .
لعل بقيه دلسه عن ضعيف .
[ فتح الباري : 2/ 358-359 ]
باب
القسمة وتعليق القنو في المسجد
209) وقد ذكر القنو في تبويبه وفسره ولم يخرج حديثه .
وحديثه قد خرجه الترمذي من طريق السدي عن أبي مالك عن البراء في قوله تعالي (( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون )) [ البقرة : 267 ] قال : نزلت فينا معشر الأنصار كنا أصحاب نخل فكان الرجل يأتي منه من نخله على قدر كثرته وقلته وكان الرجل يأتي بالقنو والقنوين فيعلقه في المسجد وكان أهل الصفة ليس لهم طعام فكان أحدهم إذا جاع أتى القنو فضربه بعصاه فسقط من البسر والتمر فيأكل وكان ناس ممن لا يرغب في الخير يأتي الرجل بالقنو فيه الشيص والحشف وبالقنو قد انكسر فيعلقه فأنزل الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون )) [البقرة: 267 ] .
وخرجه ابن ماجه إلا أن عنده : عن السدي عن عدي بن ثابت عن البراء .
وحسنه الترمذي وغربه وفي بعض نسخه : صحيح .
وخرجه الحاكم وقال : غريب صحيح على شرط مسلم .(1/84)
يشير إلى أنه خرج للسدي إلا أن السدي كان ينكر عليه جمعه الأسانيد المتعددة في التفسير للحديث الواحد .
[ فتح الباري : 2/ 363-364 ]
باب
من دعي لطعام في المسجد ومن أجاب فيه
210) وقد بوب ابن ماجه في " كتابه " باب : الأكل في المسجد وخرج فيه : من رواية ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث حدثني سليمان بن زياد الحضرمي أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي يقول : كنا نأكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الخبز واللحم .
وهذا إسناد جيد وسليمان وثقه ابن معين ، وقال أبو حاتم : صالح الحديث .
[ فتح الباري : 2/ 369-370 ]
211) وروى أيضاً عن وكيع ثنا عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بفضيخ في مسجد الفضيخ فشربه فلذلك سُمي .
وعبد الله بن نافع ضعفوه .
[ فتح الباري : 2/ 370 ]
باب
المساجد في البيوت
212) وقد روي من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد في الدور وأن تنظف وتطيب .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما " .
وخرجه الترمذي من وجه آخر مرسلاً من غير ذكر : عائشة .
وقال : هو أصح .
وكذلك أنكر الإمام أحمد وصله ، وقال الدارقطني : الصحيح المرسل .
وخرجه الإمام أحمد أيضاً من رواية ابن إسحاق حدثني عمر بن عبد الله بن الزبير عن عروة بن الزبير عمن حدثه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نصنع المساجد في دُورنا وأن نصلح صنعتها ونطهرها .
[ فتح الباري : 2/ 380 ]
213) وذكر البخاري رحمه الله حديث محمود بن الربيع الأنصاري أن عتبان بن مالك ........... الحديث .
ثم تكلم عليه الحافظ ابن رجب ثم قال :(1/85)
وروى سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك ثنا محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك قال : أصابني في بصري بعض الشيء فبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي فأتخذه مصلى ففعل .
وهذا من روايات الأكابر عن الأصاغر أعني : رواية أنس بن مالك عن محمود بن الربيع .
ورواه حماد بن سلمة ثنا ثابت عن أنس حدثني عتبان بن مالك أنه عمي فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله تعال فخط لي مسجداً فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فذكر الحديث .
ولعل هذه الرواية أشبه وحماد بن سلمة مقدم في ثابت خاصة على غيره .
وقد خرجه مسلم في أول " صحيحه " من هذين الوجهين .
وروى هذا الحديث قتادة واختلف عليه فيه :
فرواه شيبان عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ لم يذكر في إسناده : عتبان .
وخالفه حجاج بن حجاج فرواه عن قتادة عن أبي بكر بن أنس عن محمود بن عمير بن سعد أن عتبان أصيب ببصره ـ فذكر الحديث .
خرجه النسائي في " كتاب اليوم والليلة " من الطريقين .
وقوله : محمود بن عمير بن سعد الظاهر أنه وهم فقد رواه علي بن زيد بن جدعان قال حدثني أبو بكر بن أنس قال : قدم أبي الشام وافداً وأنا معه فلقينا محمود بن الربيع فحدث أبي حديثاً عن عتبان بن مالك فلما قفلنا انصرفنا إلى المدينة فسألنا عنه فإذا هو حي فإذا شيخ كبير أعمى فسألناه عن الحديث فقال : ذهب بصري على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ـ وذكر الحديث بطوله .
خرجه الإمام أحمد .
فتبين بهذه الرواية أن أبا بكر بن أنس سمعه من محمود بن الربيع عن عتبان ثم سمعه من عتبان .
[ فتح الباري : 2/ 381-384 ](1/86)
214) قال الإمام أحمد ثنا سفيان عن الزهري فسئل سفيان : عمن هو ؟ قال : هو محمود ـ إن شاء الله ـ أن عتبان بن مالك كان رجلاً محجوب البصر وأنه ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم التخلف عن الصلاة فقال : ( هل تسمع النداء ؟ ) قال : نعم فلم يرخص له .
وكذا رواه محمد بن سعد عن سفيان .
وهو يدل على أن سفيان شك في إسناده ولم يحفظه .
وقال الشافعي أبنا سفيان بن عيينة سمعت الزهري يحدث عن محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك قال : قلت : يا رسول الله إني محجوب البصر وإن السيول تحول بيني وبين المسجد فهل لي من عذر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هل تسمع النداء ؟ ) قال : نعم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا أجد لك من عذر إذا سمعت النداء ) قال سفيان : وفيه قضية لم أحفظها .
قال الشافعي : هكذا حدثنا سفيان وكان يتوقاه ويعرف أنه لم يضبطه .
قال : وقد أوهم فيه فيما نرى والدلالة على ذلك : ما أبنا مالك عن ابن شهاب ثم ذكر حديث عتبان المتقدم على ما رواه الجماعة عن الزهري .
وقال البيهقي : اللفظ الذي رواه ابن عيينة في هذا الإسناد إنما هو في قصة ابن أم مكتوم الأعمى .
قلت : وقد اشتبهت القصتان على غير واحد وقد سبق عن الإمام أحمد أنه ذكر أن ابن أم مكتوم سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته ليتخذه مصلى وإنما هو عتبان بن مالك .
وقد اشتبه على بعض الرواة محمود بن الربيع الراوي له عن عتبان فسماه محمود بن لبيد وهو أيضاً وهم وقد وقع فيه بعض الرواة للحديث عن مالك .
وقال يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري عن محمود بن الربيع ـ أو الربيع بن محمود ـ شك يزيد .(1/87)
وقد روي عن ابن عيينة بإسناد آخر : خرجه ابن عبد البر في " التمهيد " من طريق عبيد الله بن محمد ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عمرة عن عائشة ـ إن شاء الله ـ عن عتبان بن مالك أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التخلف عن الصلاة فقال : ( أتسمع النداء ؟ ) قال : نعم فلم يرخص له .
وهذا الإسناد غير محفوظ ولهذا شك فيه الراوي ـ إما سفيان أو غيره ـ وقال : " إن شاء الله " وإنما أراد حديث محمود بن الربيع .
[ فتح الباري : 2/386-388 ]
215) وخرج الإمام أحمد وابن حبان في " صحيحه " من حديث عيسى بن جارية عن جابر بن عبد الله قال : أتى ابن أم مكتوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله منزلي شاسع وأنا مكفوف البصر وأنا أسمع ؟ قال : ( فإن سمعت الأذان فأجب ولو حبواً ولو زحفاً ) .
وعيسى بن جارية تكلم فيه .
وخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة في " صحيحه " والحاكم من حديث عاصم بن بهدلة عن أبي رزين عن ابن أم مكتوم أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني رجل ضرير البصر شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ قال : ( هل تسمع النداء ؟ ) قال : نعم قال : ( لا أجد لك رخصة ) .
وفي إسناده اختلاف على عاصم :
وروي عنه عن أبي رزين مرسلاً .
ورواه أبو سنان سعيد بن سنان عن عمرو بن مرة عن أبي رزين عن أبي هريرة .
وأبو سنان قال أحمد : ليس بالقوي .
[ فتح الباري : 2/ 388-389 ]
216) وقد روي هذا الحديث من رواية البراء بن عازب وأبي أمامة وكعب بن عجرة وفي أسانيدها ضعف والله أعلم .
[ فتح الباري : 2/ 390 ](1/88)
217) لكن في " سنن البيهقي " من حديث كعب بن عجرة أن رجلاً أعمى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أسمع النداء ولعلي لا أجد قائداً أفأتخذ مسجداً في داري ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تسمع النداء ؟ ) قال : نعم قال : ( فإذا سمعت النداء فاخرج ) .
وفي إسناده اختلاف وقد قال أبو حاتم فيه : إنه منكر .
[ فتح الباري : 2/ 392 ]
باب
التيمن في دخول المسجد وغيره
218) وروى شداد أبو طلحة الراسبي عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك أنه كان يقول : من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى .
خرجه الحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم .
وخرجه البيهقي وقال : تفرد به أبو طلحة وليس بالقوي ، وسئل الدارقطني عنه فقال : يعتبر به .
وخرج له مسلم .
وروي عن أنس وجه أخر أضعف من هذا من فعله ولم يقل فيه : من السنة .
[ فتح الباري : 2/395-396 ]
باب
هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد
219) وروي عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً إلا المقبرة والحمام ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وابن حبان والحاكم وصححه .
وقد اختلف في إرساله ووصله بذكر " أبي سعيد " فيه ورجح كثير من الحفاظ إرساله : عن عمرو بن يحيى عن أبيه ومنهم الترمذي والدارقطني .
[ فتح الباري : 2/ 399 ]
220) وخرج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي صالح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج ) .
وقال الترمذي : حسن وفي بعض النسخ : صحيح .
وخرجه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم وصححه ، واختلف في أبي صالح هذا من هو ؟(1/89)
فقيل : إنه السمان قاله الطبراني وفيه بعد ، وقيل : إنه ميزان البصري وهو ثقة قاله ابن حبان ، وقيل : إنه باذان مولى أم هاني قاله الإمام أحمد والجمهور وقد أختلف في أمره : فوثقه العجلي ، وقال ابن معين : ليس به بأس ، وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وضعفه الإمام أحمد وقال : لم يصح عندي حديثه هذا ، وقال مسلم في " كتاب التفصيل " : هذا الحديث ليس بثابت وأبو صالح باذام قد اتقى الناس حديثه ولا يثبت له سماع من ابن عباس .
[ فتح الباري : 2/ 402-403 ]
221) قال ابن سعد أبنا الواقدي حدثني معمر عن الزهري قال : بركت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موضع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ يصلي فيه رجال من المسلمين وكان مربداً لسهل وسهيل : غلامين يتيمين من الأنصار وكانا في حجر أبي أمامة أسعد بن زرارة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً فقالا : بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ابتاعه منهما .
قال الواقدي : وقال غير معمر عن الزهري : فابتاعه بعشرة دنانير ، وقال معمر عن الزهري : وأمر أبا بكر أن يعطيهما ذلك .
وهذا إن صح يدل على أن الغلامين كانا قد بلغا الحلم .
وحديث أنس أصح من رواية يرويها الواقدي عن معمر وغيره عن الزهري مرسلة ، فإن مراسيل الزهري لو صحت عنه فهي من أضعف المراسيل فكيف إذا تفرد بها الواقدي ؟ .
[ فتح الباري : 2/ 408 ]
باب
الصلاة في مواضع الإبل
222) قال البخاري رحمه الله : 430 حدثنا صدقة بن الفضل ثنا سليمان بن حيان ثنا عبيد الله عن نافع قال : رأيت ابن عمر يصلي إلى بعيره فقال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله .
قال ابن رجب رحمه الله : سليمان بن حيان هو : أبو خالد الأحمر .(1/90)
وقد خرج السيخان هذا الحديث في " صحيحيهما " من طريقه ومن طريق المعتمر بن سليمان أيضاً عن عبيد الله بن عمر ، ورواه أيضاً شريك عن عبيد الله كذلك .
وخالفهم ابن نمير ومحمد بن عبيد فروياه عن عبيد الله عن نافع أن ابن عمر كان يفعل ذلك ولم يرفعاه ، وزعم الدارقطني : أنه الصحيح .
وتصرف الشيخين يشهد بخلاف ذلك وأن الصحيح رفعه لأن من رفعه فقد زاد وهم جماعة ثقات .
[ فتح الباري : 2/ 417 ]
223) وخرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما " من حديث ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل ) .
وصححه الترمذي ، وإسناده كلهم ثقات ، إلا أنه اختلف على ابن سرين في رفعه ووقفه.
قال الدارقطني : كانت عادة ابن سيرين أنه ربما توقف عن رفع الحديث توقياً .
وخرجه الترمذي من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وذكر أنه اختلف في رفعه ووقفه أيضاً وذكر في كتاب " العلل " عن البخاري : أن المعروف وقفه .
[ فتح الباري : 2/ 419 ]
224) وروى الحسن عن عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في أعطان الإبل .
خرجه الإمام أحمد والنسائي .
وخرجه ابن ماجه وابن حبان في " صحيحه " ولفظهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل فإنها خلقت من الشياطين ) .
وفي رواية للإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها من الجن خلقت ألا ترون عيونها وهبتها إذا نفرت وصلوا في مرابد الغنم فإنها هي أقرب من الرحمة ).(1/91)
وخرجه الشافعي بإسناد فيه ضعف ولفظه : ( إذا أدركتم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة وبركة وإذا أدركتكم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا فإنها جن من جن خلقت ألا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها ) .
وله طرق متعددة عن الحسن ، قال ابن عبد البر : رواه عن الحسن خمسة عشر رجلاً .
والحسن سمع من عبد الله بن مغفل قاله الإمام أحمد .
وخرج مسلم حديثه عنه في " صحيحه " .
[ فتح الباري : 2/ 420-421 ]
225) وخرج الإمام أحمد ـ بإسناد جيد ـ عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل ) .
وخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً من رواية يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه عنه مرفوعاً .
ويونس وثقه غير واحد ، لكن رواه مالك عن هشام عن أبيه عن رجل من المهاجرين أنه سأل عبد الله بن عمرو فذكره ولم يرفعه .
ورواه عبدة ووكيع عن هشام حدثني رجل من المهاجرين فذكره ولم يذكر في الإسناد : عروة ، وقال مسلم في " كتاب التمييز " : وهو الصواب .
[ فتح الباري : 2/ 421 ]
226) وأما مواضع البقر فغير منهي عن الصلاة فيه عند أكثر العلماء .
وقد ورد فيه حديثان :
أحدهما : خرجه ابن وهب في " مسنده " عن سعيد بن أبي أيوب عمن حدثه عن عبد الله بن مغفل صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى في معاطن الإبل وأمر أن يصلى في مراح الغنم والبقر .
وفي إسناده جهالة .
والثاني : من حديث ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن الحبلي حدثه عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مرابد الغنم ولا يصلي في مرابد الإبل والبقر .
خرجه الإمام أحمد .
وهذا إسناد ضعيف والله أعلم .
[ فتح الباري : 2/ 424 ]
باب(1/92)
الصلاة في موضع الخسف والعذاب
227) وروى يعقوب بن شيبة عن أبي نعيم ثنا المغيرة بن أبي الحر الكندي حدثني حجر بن عنبس قال خرجنا مع علي إلى الحرورية فلما وقع في أرض بابل قلنا : أمسيت يا أمير المؤمنين الصلاة ! الصلاة ! قال : لم أكن أصلي في أرض قد خسف الله بها .
وخرجه وكيع عن مغيرة بن أبي الحر به بنحوه .
وهذا إسناد جيد ، والمغيرة بن أبي الحر وثقه ابن معين ، وقال أبو حاتم : ليس به بأس ، وحجر بن عنبس قال ابن معين : شيخ كوفي مشهور .
وروي عن علي مرفوعاً .
خرجه أبو داود من طريق ابن وهب ثنا ابن لهيعة ويحيى بن أزهر عن عمارة بن سعد المرادي عن أبي صالح الغفاري أن علياً مر ببابل وهو يسير فجاءه المؤذن يؤذنه بصلاة العصر فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة فلما فرغ قال : إن حبي نهاني أن أصلي في المقبرة ونهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة .
وخرجه أيضاً من وجه آخر عن ابن وهب أخبرني يحيى بن أزهر وابن لهيعة عن الحجاج بن شداد عن أبي صالح الغفاري عن علي بمعناه .
وقال ابن عبد البر : هو إسناد ضعيف مجمع على ضعفه وهو منقطع غير متصل وعمارة بن سعد والحجاج وأبو صالح مجهولون .
قلت : الموقوف أصح وضعف أبو الحسين ابن المنادي الجميع .
[ فتح الباري : 2/ 432-433 ]
228) وروى يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن العباس بن سهل بن سعد ـ أو عن العباس بن سعد ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بالحجر ونزلها استقى الناس من بئرها فلما راحوا منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس : ( لا تشربوا من مائها شيئاً ولا تتوضئوا منه للصلاة وما كان من عجين عجنتم به فاعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئاً ) .
وهذا مرسل .
[ فتح الباري : 2/ 435 ] .
باب
الصلاة في البيعة(1/93)
229) فروى ابن إسحاق قال حدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال : قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ـ يعني وفد نجران ـ فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر عليهم ثياب الحبرات : جنب وأردية قال : يقول بعض من رآهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما رأينا بعدهم وفداً مثلهم وقد حانت صلاتهم فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دعوهم ) فصلوا إلى المشرق .
قيل هذا منقطع ضعيف لا يحتج بمثله .
[ فتح الباري : 2/ 439 ]
باب
230) وروى مالك في " الموطإ " عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) .
ورواه محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني حدثنا عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم .
خرجه من طريقه البزار .
وعمر هذا هو : ابن صهبان جاء منسوباً في بعض نسخ " مسند البزار " وظن ابن عبد البر أنه : عمر بن محمد العمري والظاهر أنه وهم .
وقد روي نحوه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة بإسناد فيه نظر .
[ فتح الباري : 2/ 440-441 ]
باب
نوم المرأة في المسجد
231) وقد روى محمد بن سعد في " طبقاته " أبنا محمد بن عمر ـ هو : الواقدي ـ حدثني عمر بن صالح بن نافع حدثتني سودة بنت أبي ضبيس الجهني ـ وقد أدركت وبايعت وكانت لأبي ضبيس صحبة ـ عن أم صبية خولة بنت قيس قالت : كنا نكون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من خلافة عمر في المسجد نسوة قد تخاللن وربما غزلنا وربما عالج بعضنا فيه الخوص فقال عمر : لأردنكن حرائر فأخرجنا منه إلا أنا كنا نشهد الصلوات في الوقت .
وهذا الإسناد فيه ضعف .(1/94)
[ فتح الباري : 2/ 448 ]
232) وخرج أبو داود وابن خزيمة من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ) .
وفي إسناده مقال .
[ فتح الباري : 2/ 449 ]
باب
نوم الرجال في المسجد
233) ما خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث يحيى بن أبي كثير ثنا أبو سلمة عن يعيش بن طخفة بن قيس الغفاري قال : كان أبي من أصحاب الصفة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( انطلقوا إلى بيت عائشة ) فانطلقنا فقال : ( يا عائشة أطعمينا ) فجاءت بجشيشة فأكلنا ثم قال : ( يا عائشة أطعمينا ) فجاءت بحيسة مثل القطاة فأكلنا ثم قال : ( يا عائشة اسقينا ) فجاءت بعُس من لبن فشربنا ثم قال : ( يا عائشة اسقينا ) فجاءت بقدح صغير فشربنا ثم قال : ( إن شئتم بتم وإن شئتم انطلقتم إلى المسجد ) قال : فبينما أنا مضطجع من السحر على بطني إذا رجل يحركني برجله فقال : ( إن هذه ضجعة يبغضها الله عز وجل ) فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وخرج الترمذي بعضه من رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقيل : إنه وهم والصواب : رواية يحيى بن أبي كثير وقد اختلف عليه في إسناده .
[ فتح الباري : 2/ 455 ]
234) وخرج الإمام أحمد وابن حبان في " صحيحه " من حديث داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود عن عمه عن أبي ذر قال : أتاني نبي الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم في المسجد فضربني برجله وقال : ( ألا أراك نائماً فيه ؟ ) قلت : يا نبي الله غلبتني عيني .
وعم أبي حرب قال الأثرم : ليس بالمعروف .
ورواه شريك عن داود عن أبي حرب عن أبيه عن أبي ذر .
والصحيح عن عمه قاله الدارقطني .
[ فتح الباري : 2/ 456 ](1/95)
235) وروى ابن لهيعة عن عمرو بن الحارث عن ابن زياد عن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على ناس من أصحابه ـ وهم رقود في المسجد ـ فقال : ( انقلبوا فإن هذا ليس بمرقد ) .
ذكره الأثرم وقال : إسناده مجهول منقطع ، قال : وحديث أبي ذر ليس فيه بيان نهي.
قلت : وروي حديث سعد : عن ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن سعد .
خرجه الهيثم بن كليب في " مسنده " وهو منقطع منكر .
[ فتح الباري : 2/ 457 ]
236) واستدل بما خرجه أبو داود من حديث أبي هريرة مرفوعاً : ( من أتى المسجد لشيء فهو حظه ) .
وفي إسناده عثمان بن أبي العاتكة الدمشقي فيه ضعف .
ويعضده : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما بنيت المساجد لما بنيت له ) وقوله : ( إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن ) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ فتح الباري : 2/ 458 ]
باب
إذا دخل المسجد فليركع ركعتين
237) وفي كتاب " العلل " لأبي بكر الخلال عن أبي بكر المروذي قال : قيل لأبي عبد الله ـ يعني أحمد ـ : حديث حميد بن عبد الرحمن عن هشام بن سعد عن نعيم المجمر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المسجد فاحتبى ولم يصل الركعتين ـ أمحفوظ هو ؟ قال : نعم .
قال المروذي : ورأيت أبا عبد الله كثيراً يدخل المسجد يقعد ولا يصلي ثم يخرج ولا يصلي في أوقات الصلوات .
وهذا غريب جداً ورفعه عجيب ولعله موقوف والله أعلم .
[ فتح الباري : 2/ 464 ]
238) خرج ابن حبان في " صحيحه " من حديث أبي ذر قال : دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده فقال : ( يا أبا ذر إن للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما ) فقمت فركعتهما ثم عدت فجلست إليه ـ وذكر الحديث بطوله.
وفي إسناده إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني تكلم فيه أبو زرعة وغيره .(1/96)
وقد روي من وجوه متعددة عن أبي ذر وكلها لا تخلو من مقال .
[ فتح الباري : 2/ 464 ]
239) وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مر في المسجد فصلى فيه ركعة وقال : إنما هو تطوع وقال : كرهت أن أتخذه طريقاً .
ومر طلحة في المسجد فسجد سجدة .
ومر فيه الزبير فركع ركعة أو سجد سجدة .
خرجه وكيع في " كتابه " .
وفي أسانيد المروي عن عمر وطلحة والزبير مقال .
[ فتح الباري : 2/ 466-467 ]
240) وفي النهي عن اتخاذ المسجد طريقاً أحاديث مرفوعة متعددة في أسانيدها ضعف .
وروينا من طريق الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن سالم عن أبيه قال : لقي عبد الله رجل فقال : السلام عليك يا بن مسعود فقال عبد الله : صدق الله ورسوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين ولا يسلم إلا على من يعرفه وأن يبرد الصبي الشيخ ) .
والحكم بن عبد الملك ضعيف .
ورواه أيضاً ميمون أبو حمزة ـ وهو ضعيف جداً ـ عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود مرفوعاً .
وخرجه البزار من رواية بشير بن سليمان أبو إسماعيل عن يسار عن طارق عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه .
[ فتح الباري : 2/ 467-468 ]
241) ما رواه سعيد بن أبي هلال أخبرني مروان بن عثمان أن عبيد بن حنين أخبره عن أبي سعيد بن المعلى قال : كنا نغدو إلى السوق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنمر على المسجد فنصلي فيه .
خرجه النسائي وبوب عليه : صلاة الذي يمر على المسجد .
ومروان بن عثمان قال فيه الإمام أحمد : لا يعرف ، وقال أبو حاتم الرازي : ضعيف .
[ فتح الباري : 2/ 468 ]
باب
بنيان المسجد
242) وروى سفيان عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أمرت بتشيد المساجد ) .(1/97)
قال ابن عباس : بتزخرفنها كما زخرفتها اليهود والنصاري .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود .
كذا رواه ابن عيينة عن الثوري .
ورواه وكيع عن الثوري فجعل أوله مرسلاً عن يزيد بن الأصم لم يذكر فيه ابن عباس وكذا رواه ابن مهدي عن سفيان .
وخرج ابن ماجه كلام ابن عباس من وجه آخر مرفوعاً بإسناد ضعيف .
وخرج أيضاً ـ بإسناد ضعيف عن عمر ـ مرفوعاً : ( ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم ) .
[ فتح الباري : 2/ 472-473 ]
243) روى الإمام أحمد ثنا الخياط ثنا عبد الله عن نافع أن عمر زاد في المسجد من الأسطوانة إلى المقصورة وزاد عثمان فقال عمر : لولا أني سمعت رسول الله يقول : ( ينبغي أن نزيد في مسجدنا ) ما زدت .
وليس في هذه الرواية ذكر ابن عمر وهو منقطع .
[ فتح الباري : 2/ 475-476 ]
244) وقد روى عمر بن شبه في كتاب " أخبار المدينة " بإسناد فيه نظر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لو بني هذا المسجد إلى صنعاء لكان مسجدي ) فكان أبو هريرة يقول : لو مد هذا المسجد إلى باب داري ما عدوت أن أصلي فيه .
وبإسناد فيه ضعف عن أبي عمرة قال : زاد عمر في المسجد في شاميه ثم قال : لو زدنا فيه حتى بلغ الجبانة كان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم .
[ فتح الباري : 2/ 479 ]
باب
التعاون في بناء المسجد
245) وقد خرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان ) ثم تلا : (( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ) [التوبة : 18 ] .
ولكن قال الإمام أحمد : هو منكر .
[ فتح الباري : 2/ 481 ](1/98)
246) وقد ذكر أهل السير كالواقدي ومحمد بن سعد أن رجلاً من أحبار اليهود يقال له : مخيرق خرج يوم أحد يقاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم وقال : إن أصبت في وجهي هذا فمالي لمحمد يضعه حيث شاء فقتل يومئذ فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمواله فقيل : إنه فرقها وتصدق بها وقيل : إنه حبسها ووقفها .
وروى ابن سعد ذلك بأسانيد متعددة وفيها ضعف والله أعلم .
[ فتح الباري : 2/ 485 ]
247) وخرج الإمام أحمد والنسائي من رواية أبي إسحاق السبيعي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : أشرف عثمان ـ فذكر الحديث وفيه : أنه قال : أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من يوسع لنا بهذا البيت في المسجد ببيت له في الجنة ؟ ) فابتعته من مالي فوسعت به المسجد فانتشد له رجال ـ وذكر بقية الحديث .
وفي سماع أبي سلمة من عثمان نظر .
وقد اختلف في إسناده على أبي إسحاق : فرواه عنه : ابنه يونس وحفيده إسرائيل بن يونس كلاهما عن أبي إسحاق عن أبي سلمة .
ورواه زيد بن أبي أنيسة وشعبة وغيرهما عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان .
وقد خرج البخاري في " صحيحه " قطعة من هذا الحديث من رواية شعبة ولم يذكر فيه المسجد إنما ذكر خصالاً أخر .
وكذلك خرجه النسائي والترمذي من حديث زيد بن أبي أنيسة وعند الترمذي : " وأشياء عدها " وقال : صحيح غريب .
وقال الدارقطني : قول شعبة ومن تابعه أشبه بالصواب .
[ فتح الباري : 2/ 487-488 ]
248) وخرجه الدارقطني من رواية محمد بن جابر ـ وفيه ضعف ـ عن قيس بن طلق عن أبيه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يؤسسون مسجد المدينة قال : وهم ينقلون الحجارة قال : فقلت : يا رسول الله ألا ننقل كما ينقلون ؟ قال : ( لا ولكن اخلط لهم الطين يا أخا اليمامة فأنت أعلم به ) .
قال : فجعلت أخلطه وهم ينقلونه .(1/99)
وخرجه الإمام أحمد من رواية أيوب عن قيس عن أبيه قال : جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يبنون المسجد قال : فكأنه لم يعجبه عملهم قال : فأخذت المسحاة فخلطت بها الطين قال فكأنه أعجبه أخذي للمسحاة وعملي فقال : ( دعوا الحنفي والطين فإنه اضبطكم للطين ) .
وأيوب هو : ابن عتبة فيه لين .
[ فتح الباري : 2/ 489-490 ]
249) وقد روى الدراوردي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال : كنا نحمل اللبن لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم فكنا نحمل لبنة لبنة وكان عمار يحمل لبنتين لبنتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أبشر عمار تقتلك الفئة الباغية ) .
خرجه يعقوب بن شبية في " مسنده " عن أبي مصعب عن الدراوردي .
وخرجه الترمذي عن أبي مصعب لكنه اختصره ولم يذكر فيه قصة بناء المسجد وقال : حسن صحيح غريب من حديث العلاء .
وإسناده في الظاهر على شرط مسلم ولكنه قد أعله يحيى بن معين بأنه لم يكن في كتاب الدراوردي قال : وأخبرني من سمع كتاب العلاء ـ يعني من الدراوردي ـ ليس فيه هذا الحديث قال يحيى : والدراوردي حفظه ليس بشيء كتابه أصح .
[ فتح الباري : 2/ 491-492 ]
250) خرجه الأمام أحمد من رواية عمرو بن أبي عمرو عن ابن عبد الله بن حنطب عن أبي هريرة أنهم كانوا يحملون اللبن إلى بناء المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم قال : فاستقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عارض لبنة على بطنه فظننت أنها شقت عليه فقلت : ناولنيها يا رسول الله قال : ( خذ غيرها يا أبا هريرة فإنه لا عيش إلا عيش الآخرة ) .
ولكن ابن حنطب هو المطلب ولا يصح سماعه من أبي هريرة .
[ فتح الباري : 2/ 492 ]
251) وروى محمد بن سعد : أبنا عبد الله بن نمير عن الأجلح عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : لما بني رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده جعل القوم يحملون وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يحمل هو وعمار فجعل عمر يرتجز ويقول :(1/100)
نحن المسلمون نبني المساجدا
وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( المساجدا ) .
وقد كان عمار اشتكى قبل ذلك فقال بعض القوم : ليموتن عمار اليوم فسمعهم النبي صلى الله عليه وسلم فنفض لبنته وقال : ( ويحك ) ـ ولم يقل ويلك ـ ( يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية ) .
وهذا مرسل .
وخرجه البزار من رواية شريك عن الأجلح عن عبد الله بن أبي الهذيل عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له : ( تقتلك الفئة الباغية ) .
ثم قال : رواه أبو التياح عن عبد الله بن أبي الهذيل مرسلاً لم يقل عن عمار .
قلت : وقد خرجه الطبراني بإسناد فيه نظر عن حماد بن سلمة عن أبي التياح عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبني المسجد وكان عمار يحمل صخرتين فقال : ( ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية ) .
والمرسل أشبه والله أعلم .
[ فتح الباري : 2/ 495-496 ]
باب
الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد
252) وخرج الطبراني بإسناد ضعيف عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع فمر رومي فقال : لو دعاني محمد لجعلت له ما هو أرفق من هذا فدُعي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل له المنبر أربع مراق ـ وذكر الحديث .
[ فتح الباري : 2/ 498 ](1/101)
253) وخرج ابن سعد عن الواقدي بإسناد له عن أبي هريرة ـ وبعض الحديث بإسناد آخر ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع في المسجد قائماً فقال : ( إن القيام قد شق علي ) فقال له تميم الداري : ألا أعمل لك منبراً كما رأيت يصنع بالشام ؟ فشاور رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين في ذلك فرأوا أن يتخذه فقال العباس بن عبد المطلب : يا رسول الله إن لي غلاماً ـ يقال له كلاب ـ أعمل الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مره أن يعمله ) فأرسله إلى أثلة بالغابة فقطعها ثم عمل منها درجتين ومقعداً ثم جاء به فوضعه في موضعه اليوم ـ وذكر حديثاً طويلاً .
وإسناده لا يعتمد عليه .
[ فتح الباري : 2/ 499 ]
254) وروى عبد الرزاق عن رجل من أسلم ـ وهو إبراهيم بن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة أن باقوم مولى العاص بن أمية صنع للنبي صلى الله عليه وسلم منبره من طرفاء ثلاث درجات .
ورواه محمد بن سليمان بن مسمول عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن صالح مولى التوأمة : حدثني باقوم مولى سعيد بن العاص قال : صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم منبراً من طرفاء الغابة ثلاث درجات القعدة ودرجتيه .
وكلا الإسنادين واه جداً .
[ فتح الباري : 2/ 500 ]
باب
من بنى مسجداً
255) وخرج البزار والطبراني من حديث أبي هريرة ـ مرفوعاً ـ ( من بنى لله بيتاً يعبد الله فيه من حلال بنى الله له بيتاً في الجنة من در وياقوت ) .
وقيل : إن الصحيح وقفه على أبي هريرة .
[ فتح الباري : 2/ 504 ]
256) وقد روى المثنى بن الصباح عن عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من بنى مسجداً لا يريد به رياءً ولا سمعة بنى الله له بيتاً في الجنة ) .
خرجه الطبراني .
والمثنى فيه ضعف .
[ فتح الباري : 2/ 504 ](1/102)
257) ويدل لهذا : مما روى موسى بن إسماعيل عن عبد العزيز بن زياد أبي حمزة الحبطي عن أبي شداد ـ رجل من أهل دما ـ قال جاءنا كتاب النبي صلى الله عليه وسلم في قطعة أدم : ( من محمد النبي إلى أهل عمان سلام : أما بعد فأقروا بشهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وأدوا الزكاة وخطوا المساجد كذا وكذا وإلا غزوتكم ) .
خرجه البزار والطبراني وخرجه أبو القاسم البغوي في " معجمه " مختصراً وعنده : عبد العزيز بن نزار الحبطي .
وقد سماه ابن أبي حاتم : عبد العزيز بن زياد الحبطي وسماه البخاري في تاريخه عبد العزيز بن شداد .
وكأنه وهم ولا يعرف بغير هذا الحديث .
[ فتح الباري : 2/ 505 ]
باب
يأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد
258) خرجه ابن ماجه من رواية زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمر ـ مرفوعاً ـ : ( خصال لا ينبغين في المسجد : لا يتخذ طريقاً ولا يشهر فيه بسلاح ولا ينبض فيه بقوس ولا ينثر فيه نبل ولا يمر فيه بلحم نيىء ولا يضرب فيه حد ولا يقتص فيه من أحد ولا يتخذ سوقاً ) .
ورفعه منكر وزيد بن جبيرة ضعيف جداً متفق على ضعفه .
وخرج أيضاً النهي عن سل السيوف في المسجد من حديث واثلة مرفوعاً بإسناد ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 2/ 507 ]
باب
الشعر في المسجد
259) وقد خرج البخاري في " بدء الخلق " عن ابن المديني عن ابن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب قال : مر عمر في المسجد وحسان ينشد فقال كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك ثم التفت إلى أبي هريرة فقال أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أجب عني اللهم أيده بروح القدس ) ؟ قال : نعم .(1/103)
وهذا نوع إرسال من ابن المسيب لأنه لم يشهد هذه القصة لعمر مع حسان عند أكثر العلماء الذين قالوا : لم يسمع من عمر ومنهم من أثبت سماعه منه شيئاً يسيراً .
وقد خرج هذا الحديث مسلم عن غير واحد عن ابن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن عمر مر بحسان ـ فجعل الحديث كله عن أبي هريرة متصلاً .
ورواية ابن المديني أصح وكذا رواه جماعة عن الزهري .
[ فتح الباري : 2/ 510-511 ]
260) وروى ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لحسان منبراً في المسجد يقوم عليه قائماً يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أو قالت ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وتقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما يفاخر ـ أو ينافح ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
خرجه الترمذي .
وخرجه أيضاً في طريق ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
وقال : حسن صحيح غريب وهو حديث ابن أبي الزناد .
يعني : أنه تفرد به .
[ فتح الباري : 2/ 511 ]
261) فروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن ينشد في المسجد الأشعار ـ في حديث ذكره .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وقال : حديث حسن .
وخرج أبو داود نحوه من حديث حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد فيه نظر وانقطاع .
[ فتح الباري : 2/ 512 ](1/104)
262) وروى أبو القاسم البغوي في " معجمه " من طريق ابن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن الحارث بن عبد الرحمن بن هشام عن أبيه قال : أتى ابن الحمامة السلمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ؟ فقال : إني أثنيت على ربي تعالى ومدحتك قال : ( أمسك عليك ) ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج به من المسجد فقال : ( ما أثنيت به على ربك فهاته وأما مدحي فدعه عنك ) فأنشد حتى إذا فرغ دعا بلالاً فأمره أن يعطيه شيئاً ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فوضع يده على حائط المسجد فمسح به وجهه وذراعيه ثم دخل .
وهذا مرسل .
[ فتح الباري : 2/ 513 ]
باب
ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد
263) وخرج الترمذي والنسائي وابن خزيمة في " صحيحه " والحاكم من حديث محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك ) .
وقد روي عن ابن ثوبان مرسلاً وهو أصح عند الدارقطني .
[ فتح الباري : 2/ 524-525 ]
باب
كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان
264) فروى محمد بن حميد الرازي ثنا مهران بن أبي عمر عن أبي سنان عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قبر حديث عهد بدفن ومعه أبو بكر وعمر فقال : ( قبر من هذا ؟ ) قال أبو بكر : هذه يا ـ رسول الله ـ أم محجن كانت مولعة بأن تلتقط الأذى من المسجد قال : ( ألا آذنتموني ؟ ) قالوا كنت نائماً فكرهنا أن نجهدك قال : ( فلا تفعلوا فإن صلاتكم على موتاكم تنور لهم في قبورهم ) قال فصف بأصحابه فصلى عليها .
وفي هذا الإسناد ضعف .
[ فتح الباري : 2/ 529 ](1/105)
265) وروى أبو الشيخ الأصبهاني في " كتاب ثواب الأعمال " بإسناد له عن عبيد بن مرزوق قال : كانت بالمدينة امرأة يقال لها : أم محجن تقم المسجد فماتت فلم يعلم بها النبي صلى الله عليه وسلم فمر على قبرها فقال : ( ما هذا القبر ؟ ) قالوا : أم محجن فقال : ( التي كانت تقم المسجد ؟ ) قالوا : نعم فصف الناس وصلى عليها ثم قال : ( أي العمل وجدت أفضل ؟ ) قالوا : يا رسول الله أتسمع ؟ قال : ( ما أنتم بأسمع منها ) فذكر أنها أجابته قم المسجد .
وهذا مرسل غريب .
[ فتح الباري : 2/ 529 ]
266) وروى ابن جريج عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( عُرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد ) .
خرجه أبو داود والترمذي .
والمطلب لم يسمع من أنس : قاله ابن المديني وغير واحد ، وابن جريج قال الدراقطني : لم يسمع من المطلب قال : ويقال : إنه كان يدلسه عن ابن أبي سبرة وغيره من الضعفاء .
[ فتح الباري : 2/ 530 ]
باب
267) خرجه الإمام أحمد من رواية فيلح بن سليمان عن سعيد بن الحارث عن أبي سلمة سمع أبا سعيد الخدري قال : هاجت السماء ليلةً فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة برقت برقة فرأى قتادة بن النعمان فقال : ( ما السُرى يا قتادة ؟ ) قال : علمت أن شاهد الصلاة قليل فأحببت أن أشهدها قال : ( فإذا صليت فاثبت حتى أمر بك ) فلما انصرف أعطاه عرجوناً وقال : ( خذ هذا يستضيء لك أمامك عشراً وخلفك عشراً ) ـ وذكر حدثتاً فيه طول .
وهذا إسناد جيد .
[ فتح الباري : 2/ 544 ]
268) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بإرسال زيت إلى المسجد الأقصى يسرج في قناديله وقال : إن ذلك يقوم مقام الصلاة فيه .
وقد خرجه أبو داود .
وفي إسناده نظر .
وفي سنن ابن ماجه بإسناد ضعيف عن أبي سعيد الخدري قال : أول من أسرج المساجد تميم الداري .(1/106)
[ فتح الباري : 2/ 546)
باب
الخوخة والممر في المسجد
269) وأما أمره صلى الله عليه وسلم بتجهيز جيش أسامة : فقد خرجه ابن سعد بإسناد فيه ضعف عن عروة ـ مرسلاً ـ قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث أسامة وأمره أن يوطىء الخيل نحو البلقاء حيث أبوه وجعفر فجعل أسامة وأصحابه يتجهزون وقد عسكر بالجرف فاشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ذلك ثم وجد من نفسه راحة فخرج عاصباً رأسه فقال : ( أيها الناس أنفذوا بعث أسامة ) ـ ثلاث مرات ـ ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم فاستعز به فتوفي صلى الله عليه وسلم .
[ فتح الباري : 2/ 551-552 ]
باب
الأبواب والغلق للكعبة والمساجد
270) وخرج ابن ماجه بإسناد ضعيف عن واثلة مرفوعاً : ( جنبوا مساجدنا صبيانكم ومجانينكم ) .
[ فتح الباري : 2/ 558 ،567]
باب
دخول المشرك المسجد
271) وقد روي مرفوعاً من رواية شريك ثنا أشعث بن سوار عن الحسن عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يدخل مسجدنا هذا مشرك بعد عامنا هذا غير أهل الكتاب وخدمهم ) .
خرجه الإمام أحمد .
وفي رواية له : ( غير أهل العهد وخدمهم ) .
وأشعث بن سوار ضعيف الحديث .
[ فتح الباري : 2/ 563-564 ]
باب
الاستلقاء في المسجد
272) وهو من رواية محمد بن فليح بن سليمان عن أبيه عن سعيد بن الحارث عن عبيد بن حنين : سمع قتادة بن النعمان يحدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى قول أبي مجلز وفي آخره : وقال عز وجل : ( إنها لا تصلح لبشر ) .
وعبيد بن حنين قيل : إنه لم يسمع من قتادة بن النعمان : قاله البيهقي .(1/107)
وفليح وإن خرج له البخاري فقد سبق كلام أئمة الحفاظ في تضعيفه وكان يحيى بن سعيد يقشعر من أحاديثه ، وقال أبو زرعة ـ فيما رواه عنه سعيد البرذعي ـ فليح واهي الحديث وابنه محمد واهي الحديث .
ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه أنه قال : ( إنها لا تصلح لبشر ) لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان قد انتسخ فعله الأول بهذا النهي لم يستمر على فعله خلفاؤه الراشدون الذين هم أعلم أصحابه به وأتبعهم لهديه وسنته .
وقد روي عن قتادة بن النعمان من وجه آخر منقطع من رواية سالم أبي النضر عن قتادة بن النعمان ـ ولم يدركه ـ أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك .
خرجه الإمام أحمد .
[ فتح الباري : 2/ 575-576 ]
273) وروى مسلم أيضاً في " كتاب التفصيل " بإسناد صحيح عن بكير بن الأشج قال : قال لنا بسر بن سعيد : أيها الناس اتقوا الله وتحفظوا في الحديث فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثنا عن كعب ثم يقوم فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كعب ويجعل حديث كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ فتح الباري : 2/ 577 ]
باب
الصلاة في مسجد السوق
274) خرجه ابن ماجه ثنا هشام بن عمار ثنا أبو الخطاب الدمشقي ثنا رزيق أبو عبد الله الألهاني عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صلاة الرجل في بيته بصلاة وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاةً وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة وصلاته في مسجدي بخمسين ألف صلاة وصلاته في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ) .(1/108)
رزيق الألهاني ـ بتقديم الراء على الزاي ـ قال أبو زرعة الرازي : لا بأس به وذكره ابن حبان في " ثقاته " وذكره أيضاً في " الضعفاء " وقال : لا يحتج به .
وأما أبو الخطاب الدمشقي فقيل : اسمه : حماد وقع كذلك مصرحاً به في " معجم الطبراني الأوسط " وذكر ابن عدي أنه : معروف الخياط الذي رأى واثلة بن الأسقع وأن هشام بن عمار يروي عنه وفيه ضعف .
وقال ابن ماكولا : اسمه : سلمة بن علي كان يسكن اللاذقية روى عنه هشام بن عمار والربيع بن نافع قال : والحديث منكر ورجاله مجهولون .
كذا قال وليس فيهم من يجهل حاله سوى أبي الخطاب هذا .
[ فتح الباري : 2/ 580-581 ]
275) وقد روي من حديث أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما " والحاكم .
وقال علي بن المديني : ما أراه إلا صحيحاً .
[ فتح الباري : 2/ 583 ]
باب
تشبيك الأصابع في المسجد وغيره
276) وقد روي النهي عن التشبيك في المسجد من رواية مولى لأبي سعيد الخدري أنه كان مع أبي سعيد وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فرأى رجلاً جالساً في وسط المسجد مشبكاً أصابعه يحدث نفسه فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يفطن فالتفت إلى أبي سعيد فقال : ( إذا صلى أحدكم فلا يشبكن بين أصابعه فإن التشبيك من الشيطان وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه ) .
خرجه الإمام أحمد .
وفي إسناده عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب ضعفه ابن معين .
[ فتح الباري : 2/ 586 ](1/109)
277) وروي أيضاً النهي عن تشبيك الأصابع لمن هو ماش إلى المسجد للصلاة فيه من حديث كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه .
وفي إسناده اختلاف كثير واضطراب .
[ فتح الباري : 2/ 587 ]
278) خرج الإمام أحمد من رواية زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الضاحك في الصلاة والملتفت والمفقع أصابعه بمنزلة واحدة ) .
وزبان وسهل فيهما ضعف .
[ فتح الباري : 2/ 590 ]
باب
المساجد التي على طرق المدينة
279) وخرج من طريق مسلم بن خالد عن ابن جريج عن موسى بن عقبة أن نافعاً حدثه أن ابن عمر أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل بذي طوى حين يعتمر وفي حجته حين حج تحت سمرة في موضع المسجد .
قال ابن جريج وحدثني نافع أن ابن عمر حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل ذا طوى فيبيت به حتى يصلي الصبح حين يقدم مكة ومصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك على أكمة غليظة الذي بالمسجد الذي بني ثم ولكنه أسفل من الجبل الطويل الذي قِبَلَ الكعبة تجعل المسجد الذي بني يسار المسجد بطرف الأكمة ومصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفل منه على الأكمة السوداء تدع من الأكمة عشرة أذرع ونحوها بيمين ثم تصلي مستقبل الفرضتين من الجبل الطويل الذي بينه وبين الكعبة .
كذا ذكره الأزرقي .
ومسلم بن خالد لم يكن بالحافظ .
وهذا إنما يعرف عن موسى بن عقبة عن نافع فجعله عن ابن جريج عنه .
[ فتح الباري : 2/ 604-605 ]
باب
سترة الإمام سترة لمن خلفه(1/110)
280) وقد ورد في رواية التصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى غير سترة وفي حديث آخر التصريح بأن ابن عباس مر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم .
فأما الأول : فمن طريق الحكم عن يحيى بن الجزار عن أبي الصهباء قال : تذاكرنا ما يقطع الصلاة عند ابن عباس قال : جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فنزل ونزلت وتركنا الحمار أمام الصف فما بالاه وجاءت جاريتان من بني عبد المطلب فدخلتا بين الصف فما بالي ذلك .
خرجه أبو داود وهذا لفظه والنسائي .
وخرجه الأثرم وعنده : ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في أرض خلاء .
وخرجه أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في " كتاب الشافي " من طريق شعبة ولفظه : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في فضاء ليس بين يديه سترة .
وقد ذكره الإمام أحمد بهذا اللفظ من حديث شعبة واحتج به ولم نجده في " المسند " بهذا اللفظ .
وذكر الأثرم أن شعبة ومنصوراً رويا في هذا الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في فضاء من الأرض ليس بين يديه سترة ولعل هذا مما تصرفوا في لفظه لما فهموه من معناه هكذا رواه شعبة ومنصور عن الحكم عن يحيى عن صهيب .
ورواه شعبة أيضاً عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس من غير ذكر " صهيب " في إسناده .
خرجه الإمام أحمد كذلك ، وقد روي عن منصور عن الحكم كذلك أيضاً .
خرجه ابن حبان في " صحيحه " كذلك .
ورواه حجاج عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس ـ من غير ذكر : " أبي الصهباء " أيضاً ـ ولفظ حديثه : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضاء ليس بين يديه شيء ـ ولم يزد على ذلك .
خرجه من طريقه الإمام أحمد .
وأبو الصهباء اسمه : صهيب المدني وهو ثقة ، وثقه أبو زرعة وغيره ، ويقال : إنه البكري وهو مدني لكن سئل عن صهيب هذا فقال : شيخ من أهل البصرة وهذا يدل على أنه غير المدني .(1/111)
وصحح أبو حاتم الرازي ـ فيما نقله عنه ابنه ـ كلا القولين : إدخال صهيب في إسناده وإسقاطه .
وفي " مسند الإمام أحمد " : أن يحيى بن الجزار لم يسمع من ابن عباس .
والظاهر أن ذلك من قول شعبة .
وكلام أحمد يدل على أن الصحيح دخوله في الإسناد .
وذكر الإمام أحمد هذا الحديث واستدل به على أن الصلاة إلى غير سترة صحيحة وقال : ليس هو بذاك .
يعني من جهة إسناده ولعله رأى أن صهيباً هذا غير معروف وليس هو بأبي الصهباء البكري مولى ابن عباس فإن ذاك مدني .
وأما الثاني : فمن طريق ابن جريج حدثني عبد الكريم الجزري أن مجاهداً أخبره عن ابن عباس قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا والفضل على أتان فمررنا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة وهو يصلي المكتوبة ليس شيء يستره يحول بيننا وبينه .
خرجه البزار.
وخرج الإمام أحمد من طريق ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس قال : جئت أنا والفضل على حمار ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس في فضاء من الأرض فمررنا بين يديه ونحن عليه حتى جاوزنا عامة الصف فما نهانا ولا ردنا .
وشعبة هذا تكلم فيه .
[ فتح الباري : 2/ 610-612 ]
281) وقد روي فيه حديث مرفوع :
خرجه الطبراني من رواية سويد بن عبد العزيز عن عاصم الأحول عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( سترة الإمام سترة لمن خلفه ) .
ولكن لا يصح وسويد هذا ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 2/ 613 ]
282) ولكن خرج الإمام أحمد من حديث الحسن العرني عن ابن عباس قال : أقبلت على حمار ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس حتى إذا كنت قريباً منه نزلت عنه وخليت عنه ودخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته فما أعاد صلاته ولا نهاني عما صنعت .
والحسن العرني لم يسمع من ابن عباس قاله الإمام أحمد فحديثه عنه منقطع .
[ فتح الباري : 2/ 618 ](1/112)
283) فروى ابن لهيعة حدثني حبان بن واسع عن أبيه عن عبد الله بن زيد وأبي بشير الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم ذات يوم وامرأة بالبطحاء فأشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم أن تأخري فرجعت حتى صلى ثم مرت .
خرجه الإمام أحمد .
وابن لهيعة حاله مشهور .
[ فتح الباري : 2/ 619 ]
باب
قدر كم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة ؟
284) فروى نافع بن جبير عن سهل بن أبي حثمة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان في " صحيحه " .
وذكر أبو داود في إسناده اختلافاًً وكذلك ذكره البخاري في " تاريخه " .
وقد روى أيضاً عن نافع بن جبير مرسلاً وفيه : ( فإن الشيطان يمر بينه وبينها ) .
وقال العقيلي : حديث سهل هذا ثابت .
وقال الميموني : قلت لأبي عبد الله ـ يعني أحمد : كيف إسناد حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلى أحدكم فليدن من سترته ) ؟ قال : صالح ليس بإسناده بأس .
[ فتح الباري : 2/ 624 ]
285) وروى إسحاق بن سويد عن عمر أنه رأى رجلاً يصلي متباعداً عن القبلة فقال : تقدم لا يفسد الشيطان عليك صلاتك أما إني لم أقل إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
خرجه الإسماعيلي وغيره .
وهو منقطع فإن إسحاق لم يسمع من عمر ، وقد روي عنه مرسلاً .
وروي عنه عمن حدثه عن عمر .
[ فتح الباري : 2/ 625 ]
286) وروى مصعب بن ثابت عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أرهقوا القبلة ) .
خرجه البزار والأثرم .
وقال الدارقطني ـ فيما نقله عنه البرقاني ـ : لم يروه إلا مصعب بن ثابت وليس بالقوي .
[ فتح الباري : 2/ 625 ]
باب(1/113)
الصلاة إلى العنزة
287) وخرج مسلم من حديث سماك عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة بن عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي بمن مر وراء ذلك ) .
قال علي بن المديني : إسناده حسن .
[ فتح الباري : 2/ 632 ]
288) وخرج الحاكم ـ أيضا ـ من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يجزىء من السترة مثل مؤخرة الرحل ولو بدقة شعرة ) .
وزعم أنه صحيح على شرطهما وليس كذلك فإن هذا تفرد برفعه محمد بن القاسم الأسدي عن ثور بن يزيد عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول عن يزيد بن جابر عن أبي هريرة .
والأسدي ضعيف جداً .
قال الدارقطني : غيره لا يرفعه ـ يعني : أنه يقفه على أبي هريرة .
وسئل ابن معين عن حديث أبي هريرة الموقوف فقال : هو مستقيم الإسناد .
وروى مسعر عن الوليد بن أبي مالك عن أبي عبيد الله عن أبي هريرة : يجزىء المصلي مثل مؤخرة الرحل في مثل جلة السوط .
كذا رواه الحفاظ عن مسعر وهو المحفوظ : قاله الدراقطني وغيره .
وأبو عبيد الله هو : مسلم بن مشكم صاحب معاذ : قاله يعقوب بن سفيان وابن ناجية.
والوليد ومسلم شاميان ثقتان .
ورواه أبو هشام الرفاعي عن حفص بن غياث عن مسعر فرفعه .
خرجه الإسماعيلي .
وأبو هشام ليس بالقوي .
[ فتح الباري : 2/633-634 ]
289) واستدل من قال بالخط بما روى إسماعيل بن أمية عن أبي محمد عمرو بن حريث العذري عن جده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً فإن لم يجد فلينصب عصاً فإن لم يجد عصاً فليخط خطاً ثم لا يضره ما مر بين يديه ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان في " صحيحه " .
وحكي عن ابن المديني أنه صححه .
وحكى ابن عبد البر عن أحمد وعلي بن المديني أنهما صححاه .(1/114)
وأحمد لم يعرف عنه التصريح بصحته إنما مذهبه العمل بالخط وقد يكون اعتمد على الآثار الموقوفة لا على الحديث المرفوع ، فإنه قال في رواية ابن القاسم : الحديث في الخط ضعيف .
وكان الشافعي يقول بالخط ثم توقف فيه وقال : إلا أن يكون فيه حديث يثبت .
وهذا يدل على أنه توقف في ثبوته .
وقال ابن عيينة لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث ولم يجىء إلا من هذا الوجه .
وذكر أن هذا الشيخ الذي روى عنه إسماعيل بن أمية سئل عنه فخلط فيه .
ذكر ذلك أبو داود في " سننه " بإسناده عن ابن عيينة .
وقد اختلف على إسماعيل في تسمية شيخه وفيمن رواه عن شيخه : فقيل : عنه كما ذكرنا ، وقيل : عنه عن أبي عمرو بن محمد بن حريث ، وقيل : عنه عن أبي عمرو بن حريث .
وأما الاختلاف فيمن رواه عنه شيخه فقيل : عن إسماعيل عن شيخه هذا ـ على اختلاف في تسميته كما تقدم ـ عن أبيه عن أبي هريرة ، وقيل : عنه عن شيخه هذا عن جده عن أبي هريرة ، وقيل : عنه عن أبيه عن أبي هريرة ، وقيل : عنه عن شيخه هذا عن أبي هريرة بغير واسطة بينهما .
وقال أبو زرعة : الصحيح عن إسماعيل عن أبي عمرو بن حريث عن أبيه عن أبي هريرة .
ونقل الغلابي في " تاريخه " عن يحيى بن معين أنه قال : الصحيح إسماعيل بن أمية عن جده حريث وهو أبو أمية وهو من عذرة قال : ومن قال فيه عمرو بن حريث فقد أخطأ .
وهذا الكلام يفيد شيئين :
أحدهما : أن إسماعيل بن أمية هذا هو ابن حريث وهو يروي هذا الحديث عن جده حريث العذري عن أبي هريرة .
وكذا رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن إسماعيل عن حريث بن عمار عن أبي هريرة .
والثاني : أن إسماعيل هذا ليس هو ابن أمية القرشي المشهور بل هو : ابن أمية بن حريث العذري .(1/115)
وهذا غريب جداً ولا أعلم أحداً ذكر إسماعيل هذا وهذا الحديث قد رواه الأعيان عن إسماعيل منهم : الثوري وابن جريج وابن عيينة وإنما يروي هؤلاء عن إسماعيل بن أمية الأموي المكي الثقة المشهور ويمتنع أن يروي هؤلاء كلهم عن رجل لا يعرف ولا يذكر اسمه في تاريخ ولا غيره ولكن هذا الرجل الذي روى عنه إسماعيل وأبوه وجده قد قيل : إنهم مجهولون .
وقد اختلف أيضاً في رفع هذا الحديث ووقفه على أبي هريرة لكن الأكثرون رفعوه .
وقال الدارقطني : رفعه عن إسماعيل بن أمية صحيح .
وقد روي عن أبي هريرة من وجه آخر:
روى وكيع في " كتابه " عن أبي مالك عن أيوب بن موسى عن المقبري عن أبي هريرة قال : إذا صلى أحدكم فلم يجد ما يستره فليخط خطاً .
وقد روي عن الأوزاعي عن أيوب بن موسى عن أبي سلمة مرفوعاً .
وقيل : عن الأوزاعي عن رجل من أهل المدينة عن أبي هريرة موقوفاً .
قال الدارقطني : والحديث لا يثبت .
قلت : وقد روي في الخط بين يدي المصلي حديث مرفوع من حديث أنس .
خرجه حمزة السهمي في " تاريخ إستراباذ " .
وإسناده مجهول ساقط بمرة .
[ فتح الباري : 2/ 636-639 ]
باب
السترة بمكة وغيرها
290) واستدل الإمام أحمد بحديث المطلب بن أبي وداعة :
وقد خرجه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه من رواية ابن جريج عن كثير بن كثير عن أبيه عن المطلب بن أبي وداعة قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من سبعه جاء حتى يحاذي بالركن فيصلي ركعتين في حاشية المطاف وليس بينه وبين الطواف أحد .
وخرجه الإمام أحمد أيضاً عن ابن عيينة قال : حدثني كثير بن كثير بن أبي وداعة سمع بعض أهله يحدث عن جده أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي باب بني سهم والناس يمرون بين يديه ليس بينهم سترة .(1/116)
قال ابن عيينة : وكان ابن جريج أخبرنا عنه فقال : ثنا كثير عن أبيه فسألته فقال : ليس من أبي سمعته ولكن من بعض أهلي عن جدي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى مما يلي باب بني سهم ليس بينه وبين الطواف سترة .
خرجه أبو داود عن الإمام أحمد .
وقد تبين برواية ابن عيينة هذه أنها أصح من رواية ابن جريج ولكن يصير في إسنادها من لا يعرف .
وقد رواه غير واحد عن كثير بن كثير كما رواه عنه ابن جريج .
[ فتح الباري : 2/ 641-642 ]
باب
الصلاة إلى الأسطوانة
291) وخرج البزار من رواية يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان قال : لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من البيت سألت من كان معه : أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : صلى ركعتين عند السارية الوسطى عن يمينها .
ويزيد بن أبي زياد ليس بالحافظ .
[ فتح الباري : 2/ 645-646 ]
292) وروى عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر سأل بلالاً : أين صلى النبي صلى الله عليه وسلم ـ يعني في الكعبة ؟ قال : فأشار له بلال إلى السارية الثانية عند الباب قال : صلى عن يمينها تقدم عنها شيئاً .
وعبد العزيز أيضاً ليس بالحافظ .
[ فتح الباري : 2/ 646 ]
293) واستدلوا بما روى علي بن عياش عن الوليد بن كامل عن المهلب بن حجر البهراني عن ضباعة بنت المقداد بن الأسود عن أبيها : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى عود ولا إلى عمود ولا إلى شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولا يصمد له صمداً .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود .
وخرجه الإمام أحمد أيضاً من رواية بقية بن الوليد عن الوليد بن كامل عن حجر ـ أو ابن حجر ـ بن المهلب عن ضبيعة بنت المقداد بن معد يكرب عن أبيها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى إلى عمود أو خشبة أو شبه ذلك لا يجعله نصب عينيه ولكن يجعله على حاجبه الأيسر .(1/117)
ولعل هذه الرواية أشبه : وكلام ابن معين وأبي حاتم الرازي يشهد له .
والشاميون كانوا يسمون المقدام بن معد يكرب : المقداد ولا ينسبونه أحياناً فيظن من سمعه غير منسوب أنه ابن الأسود وإنما هو ابن معد يكرب وقد وقع هذا الاختلاف لهم في غير حديث من رواياتهم .
والمهلب بن حجر شيخ ليس بالمشهور .
والوليد قال أبو حاتم : هو شيخ ، وقال البخاري : عنده عجائب .
[ فتح الباري : 2/ 646-647 ]
294) وقد ورد النهي عن أن يوطن الرجل له مكاناً في المسجد يصلي فيه : من رواية تميم بن محمود عن عبد الرحمن بن شبل قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقرة الغراب وافتراش السبع وأن يوطن الرجل المكان الذي في المسجد كما يوطن البعير .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه .
وفي إسناده اختلاف كثير .
وتميم بن محمود قال البخاري : في حديثه نظر .
[ فتح الباري : 2/ 647 ]
باب
الصلاة بين السواري في غير جماعة
295) روي من حديث سفيان عن يحيى بن هانىء بن عروة المرادي عن عبد الحميد بن محمود قال : صلينا خلف أمير من الأمراء فاضطرنا الناس فصلينا بين الساريتين فلما صلينا قال أنس بن مالك : كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما " والحاكم وقال : صحيح .
وقال الترمذي : حديث حسن .
وعبد الحميد هذا ابن محمود المعولي البصري روى عنه جماعة وقال أبوحاتم : هو شيخ ، ويحيى بن هانىء المرادي كوفي ثقة مشهور .
[ فتح الباري : 2/ 652 ]
296) وروى هارون بن مسلم أبو مسلم عن قتادة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونُطرد عنها طرداً .
خرجه ابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما " والحاكم وصححه .(1/118)
وقال ابن المديني : إسناده ليس بالصافي قال : وأبو مسلم هذا مجهول .
وكذا قال أبو حاتم : هو مجهول .
وليس هو بصاحب الحناء فإن ذاك معروف وقد فرق بينهما مسلم في كتاب " الكنى " وأبو حاتم الرازي .
وفيه عن ابن عباس مرفوعاً ولا يثبت .
قال ابن المنذر : لا أعلم في هذا خبراً يثبت .
[ فتح الباري : 2/ 652-653 ]
باب
297) فخرج الإمام أحمد من رواية حماد بن سلمة ثنا أبو سنان عن عبيد بن آدم قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعب : أين ترى أن أصلي ـ يعني في بيت المقدس ـ ؟ فقال : إن أخذت عني صليت خلف الصخرة فكانت القدس كلها بين يديك فقال عمر رضي الله عنه : ضاهيت اليهود ولكن أصلي حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم فتقدم إلى القبلة فصلى ثم جاء فبسط رداءه وكنس الكناسة في ردائه وكنس الناس .
عبيد بن آدم ذكره ابن حبان في " ثقاته " وأبو سنان هو : القسملي عيسى بن سنان ضعفه الأكثرون منهم : أحمد ويحيى وقال أبو حاتم ليس بالقوي وقال العجلي : لا بأس به وقال ابن خراش : صدوق .
[ فتح الباري : 2/ 656-657 ]
298) وقد روي فيه حديث مرفوع يدل على الرخصة فيه في غير صلاة الفجر من رواية عيسى بن المسيب عن الشعبي عن كعب بن عجرة قال : بينما أنا جالس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسندي ظهورنا إلى قبلة مسجده سبعة رهط إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر حتى انتهى إلينا فقال : ( ما يجلسكم هاهنا ؟ ) فقلنا يا رسول الله ننتظر الصلاة قال : فأرم قليلاً ثم رفع رأسه فقال : ( أتدرون ما يقول ربكم ؟ ) ـ ثم ذكر حديثاً طويلاً في فضل المحافظة على الصلوات .
خرجه الإمام أحمد .
وعيسى بن المسيب تكلم فيه .
[ فتح الباري : 2/ 658-659 ]
باب
الصلاة إلى الراحلة والبعير والشجر والنخل(1/119)
299) وفيه حديث ليس على شرط البخاري من رواية أبي إسحاق عن حارثة بن مضرِّب عن علي قال : لقد رأيتنا ليلة بدر وما فينا إنسان إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يصلي إلى شجرة ويدعو حتى أصبح .
خرجه الإمام أحمد والنسائي وابن حبان في " صحيحه " وعنده : ( تحت شجرة ) .
وقد رواه بعضهم عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي .
ورواه غيره عن أبي إسحاق عن البراء .
والصحيح عن حارثة عن علي قاله الدارقطني .
وخرج أبو داود بإسناد فيه نظر أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل بتبوك إلى نخلة فقال : ( هذه قبلتنا ) ثم صلى إليها .
[ فتح الباري : 2/ 662-663 ]
باب
يرد المصلي من مر بين يديه
300) وروى النضر بن كثير أبو سهل السعدي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا كنت تصلي فمر بين يديك أحد فرده فإن أبي فرده فإن أبي فقاتله فإنه شيطان ) .
خرجه الدارقطني في " المختلف والمؤتلف ) .
وقال في النضر هذا : فيه نظر ، وكذا قال أبو حاتم الرازي : شيخ فيه نظر ، وكذا قال البخاري : فيه نظر وقال في موضع آخر : عنده مناكير .
وخرجه الطبراني في " الأوسط " وقال : تفرد به النضر بن كثير .
ولفظه : ( فإن عاد الرابعة فقاتله ) .
وخرجه البزار وقال : لا نعلم أسند قتادة عن نافع عن ابن عمر إلا هذا ولا رواه عن سعيد إلا النضر وهو بصري مشهور لا بأس به .
وزعم ابن حبان : أنه يروي الموضوعات عن الثقات فالله أعلم .
[ فتح الباري : 2/ 667 ](1/120)
301) وروى أبو نعيم في " كتاب الصلاة " ثنا عبد الله بن عامر عن زيد بن أسلم قال : بينما أبو سعيد يصلي في المسجد فأقبل الوليد بن عقبة بن أبي معيط فأراد أن يمر بين يديه فدرأه فأبى إلا أن يمر فدفعه ولطمه وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أبى إلا أن يمر فاردده فإن أبى إلا أن يمر فادفعه فإنما تدفع الشيطان ) .
عبد الله بن عامر الأسلمي فيه ضعف .
وزيد بن أسلم إنما رواه عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه كما تقدم .
وتسمية المار الوليد بن عقبة غريب غير محفوظ .
[ فتح الباري : 2/ 675 ]
باب
إثم المار بين يدي المصلي
302) قال البخاري رحمه الله : حدثنا عبد الله بن يوسف أبنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جُهيم يسأله : ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي ؟ فقال أبو جُهيم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه ).
قال أبو النضر : لا أدري : قال أربعين يوماً أو شهراً أو سنةً ؟
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : وخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك .
وخرجه أيضاً من طريق وكيع عن سفيان ـ وهو الثوري ـ عن سالم أبي النضر بمعنى حديث مالك .
ورواه ابن عيينة عن سالم أبي النضر عن بسر بن سعيد قال : أرسلني أبو الجُهيم أسأل زيد بن خالد الجهني : ما سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم يقول ـ فذكره من رواية زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم .
كذا رويناه في " مسند الحميدي " عن سفيان .
وكذا خرجه ابن ماجه عن هشام بن عمار عن ابن عيينة إلا أنه قال : ( أرسلوني إلى زيد بن خالد أسأله ) ولم يذكر من أرسله .
وذكر أن الشك في تمييز الأربعين من ابن عيينة .
وهذا كله وهم .(1/121)
وممن نص على أن جعل الحديث من مسند زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم من ابن عيينة وخطأ : ابن معين في رواية ابن أبي خيثمة وأشار إليه الإمام أحمد في رواية حنبل .
وقد اضطرب ابن عيينة في لفظه وإسناده ولم يحفظه جيداً .
وقد روي عنه كقول مالك وسفيان على الصواب .
خرجه ابن خزيمة عن علي بن خشرم عنه .
ومن تكلف الجمع بين القولين من المتأخرين فقوله ليس بشيء ولم يأت بأمر يقبل منه.
وأبو الجُهيم هو : ابن الحارث بن الصمة وقد سبق له حديث في " التيمم " .
وقد رواه الضحاك بن عثمان عن سالم أبي النضر عن بسر بن سعيد عن زيد بن خالد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو يعلم المار بين يدي المصلي والمصلي ما عليهما ) ـ وذكر الحديث .
خرجه أبو العباس السراج في " مسنده " ، وهذا يوافق رواية ابن عيينة وهو أيضاً وهم .
وزيادته : " والمصلي " غير محفوظة أيضاً .
وقد وقع في بعض نسخ كتاب البخاري ومسلم أيضاً بعد : " ماذا عليه " : " من الإثم " وهي غير محفوظة .
وذكر ابن عبد البر : أن هذه اللفظة في رواية الثوري عن سالم أبي النضر .
وقد وقعت في كتاب ابن أبي شيبة من رواية الثوري مدرجة بلفظة : " يعني : من الإثم " فدل على أنها مدرجة من قول بعض الرواة وتفسير للمعنى فإن هذا يفهم من قوله : " ماذا عليه " فإن ابن آدم له عمله الصالح وعليه عمله السيء كما قال تعالى : (( من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها )) [ فصلت : 46] وقال : (( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت )) [ البقرة : 286 ] وإذا كان هذا عليه فهو من سيئاته.
[ فتح الباري : 2/ 677-679 ]
303) وفي المعنى أحاديث أخر ليست على شرط البخاري : فروى عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب عن عمه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لو يعلم أحدكم ما له أن يمشي بين يدي أخيه معترضاً وهو يناجي ربه كان لأن يقف في ذلك المكان مائة عام أحب إليه أن يخطو ) .(1/122)
خرجه أحمد وهذا لفظه ، وخرجه ابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما " بمعناه .
وخرجه ابن ماجه ولم يذكر : ( وهو يناجي ربه ) وعنده : ( معترضاً في الصلاة ) .
وعبيد الله بن عبد الله بن موهب ضعفه يحيى ، وقال النسائي : ليس بذاك القوى ، وقال ابن عدي هو حسن الحديث يكتب حديثه .
[ فتح الباري : 2/ 679-680 ]
304) وخرج من رواية ابن أخي ابن وهب عن عمه ثنا عبد الله بن عياش عن أبي رزين الغافقي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الذي يمر بين يدي الرجل وهو يصلي عمداً يتمنى يوم القيامة أنه شجرة يابسة ) .
إسناده ليس بقوي .
وقد روي موقوفاً بلفظ آخر من رواية أبي عبد الرحمن المقري ثنا موسى بن أيوب قال سمعت أبا عمران الغافقي يقول : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : لأن يكون الرجل رماداً يذرى به خير له من أن يمر بين يدي رجل متعمداً وهو يصلي .
خرجه ابن عبد البر وغيره .
[ فتح الباري : 2/ 680 ]
305) وروى ابن أبي شيبة عن أبي أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : سمعت عبد الحميد بن عبد الرحمن ـ عامل عمر بن عبد العزيز ـ يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو يعلم المار بين يدي المصلي لأحب أن تنكسر فخذه ولا يمر بين يديه) .
هذا مرسل .
وأبو أسامة قد قيل : إنه كان يروي عن عبد الرحمن بن يزيد بن تميم الشامي ويسميه ابن جابر وابن تميم ضعيف وابن جابر ثقة .
[ فتح الباري : 2/ 680 ]
306) فروى أبو نعيم : ثنا سليمان بن المغيرة ـ أظنه : عن حميد بن هلال ـ قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لو يعلم المصلي قدر ما ينقص من صلاته ما صلى إلا إلى شيء يستره من الناس .
وهذا منقطع .
[ فتح الباري : 2/ 684 ]
307) وقد روي : أن مرور الرجل بين يدي الرجل في صلاته يقطع صلاته .(1/123)
وخرجه أبو داود في " سننه " بإسناد فيه نظر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بتبوك إلى نخلة فأقبل غلام يسعى حتى مر بينه وبين قبلته فقال : ( قطع صلاتنا قطع الله أثره ) قال : فما قمت عليها إلى يومي هذا .
[ فتح الباري : 2/ 685-686 ]
باب
استقبال الرجل الرجل وهو يصلي
308) رواه عبد الأعلى الثعلبي عن محمد بن الحنفية أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى رجل يصلي إلى رجل فأمره أن يعيد الصلاة فقال : يا رسول الله إني قد أتممت ؟ فقال : ( إنك صليت وأنت تنظر إليه مستقبله ) .
خرجه أبو داود في " المراسيل " .
وخرجه البزار في " مسنده " والإسماعيلي في " مسند علي " وعندهما : عن ابن الحنفية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وعبد الأعلى هذا ضعيف الحديث .
[ فتح الباري : 2/ 687 ]
309) وروى أبو نعيم : ثنا مسعر قال : أُراني أول من سمعته من القاسم قال : ضرب عمر رجلين أحدهما مستقبل الآخر وهو يصلي .
وهذا منقطع .
[ فتح الباري : 2/ 688 ]
باب
الصلاة خلف النائم
310) والنهي الذي أشار إليه هو من رواية محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تصلوا خلف النيام والمتحدثين ) .
خرجه أبو داود وابن ماجه .
وله طرق إلى محمد بن كعب كلها واهية قاله أبو داود والعقيلي والبيهقي وغيرهم .
وخرج البزار من رواية ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نُهيت أن أُصلي إلى النيام والمتحدثين ) .
ابن أبي ليلى ضعيف لسوء حفظه .
وخالفه سفيان فرواه وكيع عن سفيان عن عبد الكريم عن مجاهد مرسلاً وهو أصح .
[ فتح الباري : 2/ 690 ]
باب(1/124)
من قال : لا يقطع الصلاة شيء
311) وروى شعبة عن عبيد الله بن عمر عن سالم ونافع عن ابن عمر قال : كان يقال : لا يقطع صلاة المسلم شيء .
ورواه إبراهيم بن بزبد الخوزي عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر قالوا : ( لا يقطع صلاة المسلم شيء وادرأ ما استطعت ) .
خرجه الدارقطني .
والخوزي ضعيف جداً .
وصحح الدارقطني في كتاب " العلل " وقفه وأنكر رفعه .
[ فتح الباري : 2/ 696 ]
312) وخرج أبو داود من رواية أبي أسامة عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يقطع الصلاة شيء وادرءوا ما استطعتم ) .
وخرجه أيضاً من رواية عبد الواحد بن زياد عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد قال : إن الصلاة لا يقطعها شيء ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ادرءوا ما استطعتم ) .
فجعل أوله موقوفاً ، ومجالد فيه ضعف مشهور .
وقال أحمد : كم من أعجوبة لمجالد .
[ فتح الباري : 2/ 696-697 ]
313) وروى إدريس بن يحيى الخولاني عن بكر بن مضر عن صخر بن عبد الله بن حرملة سمع عمر بن عبد العزيز يقول : عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالناس فمر بين أيديهم حمار فقال عياش بن أبي ربيعة : سبحان الله سبحان الله فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من المسبح آنفاً : سبحان الله وبحمده ؟ ) قال : أنا يا رسول الله إني سمعت أن الحمار يقطع الصلاة قال : ( لا يقطع الصلاة شيء ) .
خرجه الدارقطني ، وقال في كتاب " العلل " خالف إدريس في رواية هذا الحديث الوليد بن مسلم فرواه عن بكر بن مضر عن صخر عن عمر بن عبد العزيز عن عياش بن أبي ربيعة ، وغيرهما يرويه عن بكر بن مضر عن صخر عن عمر بن عبد العزيز مرسلاً والمرسل أصح .
وقد روي هذا المتن من حديث علي وأبي هريرة وعائشة وأبي أمامة ولا يثبت منها شيء .
قال العقيلي : الرواية في هذا الباب فيها لين وضعف .(1/125)
[ فتح الباري : 2/ 697- 698 ]
314) وقد خرج مسلم منها حديثين : حديث أبي ذر وحديث أبي هريرة .
فحديث أبي ذر : خرجه من طريق حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود ) قلت : يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر ؟ فقال : يا ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال : ( الكلب الأسود شيطان ) .
وحديث أبي هريرة : خرجه من طريق عبيد الله بن عبد الله بن الأصم ثنا يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل ) .
فأما حديث أبي ذر فقد قال الإمام أحمد ـ في رواية المروذي ـ : إليه أذهب وهو صحيح الإسناد .
وقال في رواية علي بن سعيد : هو حديث ثبت يرويه شعبة وسليمان بن المغيرة ـ يعني عن حميد بن هلال ـ ثم قال : ما في نفسي من هذا الحديث شيء .
وقال الترمذي : حديث أبي ذر حسن صحيح .
وقال البيهقي في " كتاب المعرفة " هذا الحديث صحيح إسناده ونحن نحتج بأمثاله في الفقهيات وإن كان البخاري لا يحتج به .
وقوله : " إن البخاري لا يحتج به " يشير إلى أنه لا يحتج بحديث عبد الله بن الصامت ابن أخي أبي ذر ولم يخرج له في " كتابه " شيئاً .
وقال الشافعي في كتاب " مختلف الحديث " في الحديث الذي فيه المرأة والحمار والكلب : إنه عندنا غير محفوظ .
ورده لمخالفته لحديث عائشة وغيره ولمخالفته لظاهر قول الله عز وجل : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [ الأنعام : 164 ] .(1/126)
وفي مسائل الحسن بن ثواب عن الإمام أحمد : قيل له : ما ترى في الحمار والكلب والمرأة ؟ قال : الكلب الأسود يقطع إنه شيطان قيل له حديث أبي ذر ؟ قال : هاتوا غير حديث أبي ذر ليس يصح إسناده ثم ذكر حديث الفضل بن عباس أنه مر على بعض الصف وهو على حمار قيل له : إنه كان بين يديه عنزة ؟ قال : هذا الحديث في فضاء .
وأما حديث أبي هريرة فلم يخرج البخاري ليزيد بن الأصم ولا بني أخيه : عبد الله بن عبد الله أبي العنبس وأخيه عبيد الله شيئاً .
وهذا الحديث من رواية عبيد الله كما وجد في بعض النسخ وقيل : إن الصواب : أنه من رواية عبد الله .
وقد روي حديث أبي هريرة من وجه آخر : من رواية هشام الدستوائي عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار ) .
خرجه الإمام أحمد وابن ماجه .
وفي إسناده اختلاف على هشام في رفعه ووقفه وفي ذكر : " سعد بن هشام " في إسناده وإسقاطه منه والصحيح : ذكره قاله الدارقطني .
ورواه ابن أبي عروبة وغير واحد عن قتادة فوقفوه وذكروا في إسناده : " هشاماً" .
ولعل وقفه أشبه .
وقد روي عن أبي هريرة مرفوعاً من وجه آخر لا يصح .
[ فتح الباري : 2/ 700-702 ]
315) وروى يحيى بن سعيد عن شعبة عن قتادة قال : سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب ) .
خرجه أبو داود وابن ماجه وابن خزيمة في " صحيحه " وعندهما : " الكلب الأسود ".
قال أبو داود : وقفه سعيد وهشام وهمام عن قتادة عن ابن عباس . انتهى .
وكذا وقفه غندر عن شعبة ورفعه سفيان بن حبيب عن شعبة .
وذكر الحافظ أبو نعيم فإسناده عن يحيى بن سعيد قال : لم يرفعه عن قتادة غير شعبة قال يحيى : وأنا أفرقه .
وحكى غيره عن يحيى أنه قال : أخاف أن يكون وهم ـ يعني : شعبة .(1/127)
وقال الإمام أحمد : ثنا يحيى قال : شعبة رفعه قال : وهشام لم يرفعه .
قال أحمد : كان هشام حافظاً .
وهذا ترجيح من أحمد لوقفه وقد تبين أن شعبة اختلف عليه في وقفه ورفعه .
ورجح أبو حاتم الرازي رفعه .
[ فتح الباري : 2/ 702-703 ]
316) وخرج أبو داود عن محمد بن إسماعيل البصري ـ هو ابن أبي سمينة ـ عن معاذ بن هشام عن أبيه عن يحيى ـ هو ابن أبي كثير ـ عن عكرمة عن ابن عباس قال ـ أحسبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فإنه يقطع صلاته الحمار والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة ويجزىء عنه إذا مروا بين يديه على قذفة بحجر ) .
وقال أبو داود : لم أر أحداً يحدث به عن هشام وأحسب الوهم فيه من ابن أبي سمينة لأنه كان يحدثنا من حفظه . انتهى .
وهو مشكوك في رفعه .
وقد خرجه ابن عدي من طريقين عن معاذ وقال : هذا عن يحيى غير محفوظ بهذا المتن .
وقد تبين بذلك أن ابن أبي سمينة لم ينفرد به كما ظنه أبو داود ولكنه منكر كما قاله ابن عدي .
وخرجه ابن أبي شيبة عن أبي داود عن هشام عن يحيى عن عكرمة من قوله .
ورواه عبيس بن ميمون عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال أبو زرعة الرازي : هو حديث منكر وعبيس شيخ ضعيف الحديث .
وقال الأثرم : هذا إسناد واه .
[ فتح الباري : 2/ 703-704 ]
317) وروى سعيد عن قتادة عن الحسن عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ) .
خرجه الإمام أحمد وابن ماجه وابن حبان في " صحيحه " .
وقد اختلف فيه على قتادة وعلى الحسن : فقيل : عن قتادة كما ترى في هذا الإسناد وهو الصحيح عند الدارقطني وغيره .
وقيل : عن سعيد عن قتادة عن أنس ، وقيل : عنه عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس من قوله كما سبق .
وقال هشام عن قتادة عن زرارة عن سعد عن أبي هريرة كما سبق .(1/128)
واختلف فيه عن الحسن : فقيل : عنه كما ترى .
وقال حوشب : عن الحسن عن الحكم بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وذكر هذا الاختلاف الدارقطني وقال : الصحيح من ذلك : قتادة عن الحسن عن ابن مغفل .
[ فتح الباري : 2/704-705 ]
318) وروى يحيى بن أبي كثير عن شعبة عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يقطع الصلاة الكلب والمرأة والحمار ) .
خرجه البزار وكذا رواه أبو زيد الهروي سعد بن الربيع عن شعبة مرفوعاً .
ورواه غندر وأبو الوليد ومحمد بن كثير عن شعبة عن عبيد الله عن أنس موقوفاً .
قال الدارقطني : والموقوف أصح .
[ فتح الباري : 2/ 705 ]
319) وخرج الإمام أحمد ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان ثنا راشد بن سعد عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يقطع صلاة المسلم شيء إلا الحمار والكافر والكلب والمرأة ) قالت عائشة : يا رسول الله لقد قُرنا بدواب سوء .
هذا منقطع راشد لم يسمع من عائشة بغير شك .
ووهم في ذلك وإنما الصحيح ما رواه أصحاب عائشة الحفاظ عنها أنه ذكر عندها ذلك فقالت : لقد قرنتمونا بقرناء سوء ونحو هذا المعنى .
وقد ذكر الميموني أن أحمد ذكر له أن الحوضي روى من طريق الأسود عن عائشة ـ مرفوعاً ـ : ( يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود ) فقال أحمد : غلط الشيخ عندنا ، هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول : عدلتمونا بالكلب والحمار ؟ ! .
يعني : لو كان هذا عندها عن النبي صلى الله عليه وسلم لما قالت ما قالت .
[ فتح الباري : 2/ 705 ]
320) وخرج أبو داود من رواية سعيد بن عبد العزيز عن مولى ليزيد بن نمران عن يزيد بن نمران قال : رأيت رجلاً بتبوك مقعداً فقال : مررت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على حمار وهو يصلي فقال : ( اللهم اقطع أثره ) فما مشيت عليها بعد .
وفي رواية له فقال : ( قطع صلاتنا قطع الله أثره ) .
وفي إسناده جهالة .(1/129)
[ فتح الباري : 2/ 706 ]
321) وخرج النسائي أيضاً من رواية ابن جريج أخبرني محمد بن عمر بن علي عن عباس بن عبيد الله بن عباس عن الفضل بن عباس بن عبد المطلب قال : زار رسول الله صلى الله عليه وسلم عباساً في بادية لنا ولنا كليبة وحمارة ترعى فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العصر وهما بين يديه فلم يزجرا ولم يؤخرا .
وخرجه الإمام أحمد وأبو داود ولفظه : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا ومعه عباس فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة وحمارة لنا وكليبة تعبثان ـ أو تعيثان ـ بين يديه فما بالى ذاك .
ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب وثقه الدارقطني وغيره .
وعباس بن عبيد الله بن عباس روى عنه أيوب السختياني مع جلالته وانتقاده للرجال حتى قال أحمد : لا تسأل عمن روى عنه أيوب ، وذكره ابن حبان في " الثقات " .
وقد اختلف قول أحمد في هذا : فمرة قال : حديث أبي ذر يخالفه ولم يعتد به ـ : نقله عنه علي بن سعيد ، ومرة عارض به حديث أبي ذر وقدمه عليه ـ : نقله عنه الحسن ابن ثواب .
لكن ليس في هذا الحديث أن الكلب كان أسود فلذلك لم يرد به حديث أبي ذر في الكلب الأسود ولم يجعله معارضاً له .
[ فتح الباري : 2/ 711-712 ]
باب
إذا حمل جارية صغيرة على عنقه
322) وخرج الزبير بن بكار في كتابه " الجمهرة " بإسناد له عن عمرو بن سليم الزرقي أن الصلاة التي صلى رسول الله صلى الله عليه وهو يحمل أمامة صلاة الصبح .
وهو مرسل ضعيف الإسناد .
[ فتح الباري : 2/ 720 ]
323) فقال الحسن والنخعي : ترضع المرأة جنينها وهي تصلي .
خرجه الأثرم عنهما بإسناد صحيح .
وروى أيضاً بإسناد صحيح عن ابن مسعود أنه ركع ثم سجد فسوى الحصى ثم خبطه بيده .
[ فتح الباري : 2/ 721 ](1/130)
324)وروى أبو نعيم الفضل بن دكين في " كتاب الصلاة " ثنا مندل ثنا إسماعيل بن مسلم عن الحارث العكلي عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يكرهون أن يصلوا في ثياب الصبيان .
إسناده ضعيف .
[ فتح الباري : 2/ 725 ]
كتاب مواقيت الصلاة
باب
مواقيت الصلاة وفضلها
325) وخرجه أبو داود بسياق فيه تفسير المواقيت من رواية أسامة بن زيد الليثي، ان ابن شهاب أخبره، أن عروة قال لعمر بن عبد العزيز: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { يقول } : ((نزل جبريل عليه السلام فاخبرني بمواقيت الصلاة، فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت { معه } ، ثم صليت معه، ثم صليت معه))، يحسب بأصابعه خمس صلوات، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر حين تزول الشمس، وربما أخرها حين يشتد الحر، ورأيته يصلى العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل ان تدخلها الصفرة، فينصرف الرجل من الصلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس، ويصلى المغرب حين تسقط الشمس، ويصلى العشاء حين يسود الأفق، وربما أخرها حتى يجتمع الناس، وصلى الصبح مرة بغلس ثم صلى مرة اخرى فأسفر بها ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات، لم يعد إلى أن يسفر.
وخرجه ابن خزيمة في ((صحيحه)) والحاكم وصححه.
وقال الخطأبي: هو صحيح الإسناد.
وقال ابن خزيمة: هذه الزيادة لم يقلها أحد غير أسامة بن زيد.
وقال الدارقطني: خالفه يونس وابن أخي الزهري، فروياه عن الزهري، قال: بلغنا ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وذكر مواقيت الصلاة بغير إسناد فوق الزهري، وحديثهما اولى بالصواب.(1/131)
وقال أبو بكر الخطيب: وَهِمَ أسامة بن زيد إذا ساق الحديث كله بهذا الإسناد؛ لأن قصة المواقيت ليست من حديث أبي مسعود، وإنما كان الزهري يقول فيها: وبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الظهر حين تزول الشمس- إلى آخره، بين ذلك يونس في روايته عن ابن شهاب، وفصل حديث أبي مسعود المسند من حديث المواقيت المرسل، وأورد كل واحد منهما منفرداً.
[ فتح الباري : 2/10].
326) وقد روي بيان المواقيت في حديث أبي مسعود من وجه آخر، من رواية أيوب بن عتبة، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم، أن عروة بن الزبير حدث عمر بن عبد العزيز، قال: حدثني أبو مسعود الانصاري- أو بشير بن أبي مسعود، قال: كلاهما قد صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أن جبريل جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين دلكت الشمس، فقال: يا محمد، صلي الظهر فصلى. قال: ثم جاء حين صار ظل كل شيء مثله، فقال: يا محمد صلي العصر. قال: فصلى، ثم أتاه حين غربت الشمس، فقال: يا محمد، صلي المغرب. قال: فصلى، ثم جاءه حين غاب الشفق، فقال: يا محمد، صلي العشاء. قال: فصلى، ثم اتاه حين انشق الفجر، فقال: يا محمد، صلي الصبح. قال: فصلى. قال: ثم أتاه حين كان ظل كل شيء مثله في الغد، فقال: يا محمد، صلي الظهر. قال: فصلى. قال: ثم أتاه حين صار ظل كل شيء مثليه، فقال: يا محمد، صلي العصر. قال: فصلى. قال: ثم أتاه حين غربت الشمس، فقال: يا محمد، صلي المغرب. قال: فصلى، ثم أتاه حين ذهب ساعة من الليل، قال: يا محمد، صلي العشاء. قال: فصلى. قال: ثم أتاه حين أضاء الفجر وأسفر، قال: يامحمد، صلي الصبح. قال: فصلى. ثم قال: ((ما بين هذين وقت)) - يعني: أمس واليوم.(1/132)
أيوب بن عتبة اليمامي، ضعفه أحمد ، وقال مرة: ثقة إلا أنه لا يقيم حديث يحيى بن أبي كثير. وقال البخاري : هو عندهم لين. وقال الدارقطني: يترك، وقال مرة: يعتبر به، هو شيخ. وقال ابن عدي: هو مع ضعفه يكتب حديثه. وضعف أبو حاتم حديثه من حفظه، وقال: كتابه صحيح.
وقد شك في إسناد هذا الحديث: هل هو عن أبي مسعود، أو عن بشير ابنه؟ وعلى تقدير أن يكون عن بشير ابنه فيكون مرسلا، وقوله: ((وكلاهما صحب النبي
- صلى الله عليه وسلم -)) وهم، ونسب الدارقطني الوهم إلى أبي بكر بن حزم-: ذكره في "العلل".
وخرجه في "سننه" مختصرا من طريق ايوب بن عتبة، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عروة، { عن } ابن أبي مسعود، عن أبيه- إن شاء الله.
وهذا يدل على إنه اضطراب في إسناده.
وقد خالفه الثقات في هذا، فرووا هذا الحديث مرسلاً: رواه معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن أبيه مرسلاً. ورواه الثوري وابن عيينة، عن عبد الله بن أبي بكر ويحيى بن سعيد- كلاهما-، عن أبي بكر بن حزم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، وكذا رواه أبو ضمرة، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن حزم مرسلاً.
لكن رواه سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد، عن أبي مسعود الأنصاري، من غير ذكر ((عروة)).
خرجه بقي بن مخلد في "مسنده" عن ابن كاسب، عن إسماعيل بن عبد الله- هو: ابن أبي أويس-، عن سليمان، به- فذكر حديث المواقيت بطوله.
وخرجه البيهقي في "المعرفة" من طريق أحمد بن عبيد الصفار: حدثنا الأسفاطي: نا إسماعيل- فذكره.
{ وخرجه } أبو بكر الباغندي في ((مسند عمر بن عبد العزيز))، عن إسحاق بن ابراهيم بن سويد الرملي، عن أيوب بن سليمان بن بلال، عن أبي بكر عبد الحميد بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن حزم، عن أبي مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - فذكر الحديث بطوله.(1/133)
ورواه البخاري في "تاريخه"، عن أيوب بن سليمان، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، قال: قال صالح بن كيسان: سمعت أبا بكر بن حزم، أنه بلغه أن أبا مسعود { قال : } نزل { جبريل } على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة- فذكر الحديث بطوله، وقال في آخره: قال صالح بن كيسان: وكان عطاء يحدث عن جابر في وقت الصلاة بنحو ما كان أبو مسعود يحدث. قال صالح: وكان عمرو بن دينار وأبو الزبير المكي يحدثان مثل { ذلك، عن? } جابر بن عبد الله.
قال الدارقطني في "العلل" : ورواه زفر بن الهذيل، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن [محمد] بن عمرو بن حزم، عن أُناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر حديث المواقيت بطوله.
ورواه زفر- أيضا-، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم- بمثله، مرسلاً.
وزفر: قال الدارقطني: ثقة.
وقد روي حديث صلاة جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الصلوات الخمس في مواقيتها في يومين مع بيان مواقيتها من رواية: ابن عباس، وجابر، وأبي سعيد، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عمر، وأنس، ولم يخرج شيء منها في "الصحيح".
وحكى الترمذي في كتابه عن البخاري، أنه قال: أصح شيء في المواقيت حديث جابر.(1/134)
وحديث جابر المشار إليه خرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي في "كتابه الكبير"، ولفظه: قال: جاء جبريل إلى النبي- صلى الله عليه وسلم - حين مالت الشمس، فقال: قم يا محمد، فصل [الظهر] حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر، فقال: قم يا محمد، فصل العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه، فقال: قم، فصل المغرب، فقام فصلاها حين غابت الشمس. سواء، ثم مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه فقال: قم، فصل العشاء، فقام فصلاها، ثم جاء جبريل حين سطع الفجر بالصبح، فقال: يا محمد، قم فصل، فقام فصلى الصبح، ثم جاءه من الغد، فقال: قم يا محمد فصل فقام فصلى الظهر ثم جاءه حين كان فيء الرجل مثليه فقال: قم يامحمد، فصل العصر، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحداً لم يزل عنه، فقال: قم، فصل المغرب، ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الأول، فقال: قم، فصل العشاء، ثم جاءه للصبح حين أسفر جداً، فقال: قم فصل الصبح، ثم قال: ((ما بين هذين وقت كله)).
وذكر أبو داود في "كتابه" بعضه-تعليقاً.
وخرجه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم، وقال: صحيح مشهور من حديث ابن المبارك، عن حسين بن علي بن حسين، عن وهب بن كيسان، عن جابر. قال: والشيخان لم يخرجاه لقلة حديث الحسين بن علي الأصغر.
وحسين هذا: وثقة النسائي وغيره.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: سألت أبي عن هذا الحديث: ما ترى فيه، وكيف حال الحسين؟ فقال أبي: أماالحسين فهو أخو أبي جعفر محمد بن علي، وحديثه الذي روي في المواقيت ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعض صفاته غيره.
وإنما قال الإمام أحمد: ((ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعضه غيره))، لأن قاعدته: أن ما انفرد به ثقة، فإنه يتوقف فيه حتى يتابع عليه، فإن توبع عليه زالت نكارته، خصوصاً إن كان الثقة ليس بمشتهر في الحفظ والاتقان، وهذه قاعدة يحيى القطان وابن المديني وغيرهما.(1/135)
وقال الترمذي: حديث جابر قد رواه عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار وأبو الزبير، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، نحو حديث وهب بن كيسان، عن جابر. انتهى.
ورواه- أيضا- بشير بن سلام الأنصاري المدني عن جابر- أيضا.
وقد ذكرت أحاديث هذا الباب كلها بطرقها وعللها في "كتاب شرح الترمذي".
[ فتح الباري : 3/11-15] .
327) وأما (( أدبار السجود )) فقال أكثر الصحابة منهم : عمر وعلي والحسن بن علي وأبو هريرة وأبو أمامة وغيرهم : إنهما ركعتان بعد المغرب وهو رواية عن ابن عباس وروى عنه مرفوعاً خرجه الترمذي بإسناد فيه ضعف .
[ فتح الباري : 3/ 17 ،18]
328) وفي " سنن أبي داود " عن صالح بن عبيد عن قبيصة بن وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يكون عليكم أمراء من بعدي يؤخرون الصلاة فهي لكم وعليهم فصلوا معهم ما صلوا القبلة ) .
وهذا الحديث معلول من وجهين :
أحدهما : أن قبيصة بن وقاص و إن عده بعضهم في الصحابة فقد أنكر ذلك آخرون .
والثاني : أن صالح بن عبيد قال بعضهم : إنه لا يعرف حاله منهم الأثرم وغيره .
وخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث عطاف بن خالد عن عبد الرحمن بن حرملة عن رجل من جهينة عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه .
وفي هذا الإسناد ضعف .
وخرج الإمام أحمد نحوه من حديث عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وعاصم ضعيف .
[ فتح الباري : 3/ 21-22 ]
باب
(( منيبين إليه واتقوا وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين )) [الروم :31 ]
329) وكذلك فسر سعد بن أبي وقاص ومسروق وغيرهما السهو عن الصلاة بالسهو عن مواقيتها .
وروي عن سعد مرفوعاً والموقوف أصح .
[ فتح الباري : 3/ 28 ](1/136)
330) وروى محمد بن نصر المروزي بإسناد صحيح عن ابن سيرين قال :نبئت أنا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يعلمان الناس الإسلام : تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة التي افترض الله لمواقيتها فإن في تفريطها الهلكة .
[ فتح الباري : 3/ 30 ]
باب
فضل الصلاة لوقتها
331) واستدل بذلك على أن الصلاة في أول الوقت أفضل كما استدل لحديث أم فروة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل : أي العمل أفضل ؟ قال : ( الصلاة لأول وقتها ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .
وفي إسناده اضطراب : قاله الترمذي والعقيلي .
وقد روي نحوه من حديث ابن عمر إلا أن إسناده وهم وإنما هو حديث أم فروة : قاله الدارقطني في " العلل " .
وروي نحوه من حديث الشفاء بنت عبد الله .
[ فتح الباري : 3/ 40-41 ]
332) قال عبد الله بن عمرو بن العاص : حجة قبل الغزو أفضل من عشر غزوات وغزوة بعد حجة أفضل من عشر حجات .
وروي مرفوعاً من وجوه في أسانيدها مقال .
[ فتح الباري : 3/ 47 ]
باب
الصلوات الخمس كفارة للخطايا
333) وقال ابن مسعود : الصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر .
وروي عنه مرفوعاً والموقوف أصح .
[ فتح الباري : 3/ 52 ]
334) وروي تشبيه الصلوات بخمسة أنهار .
خرجه ابن جرير الطبري والطبراني والبزار من طريق يحيى بن أيوب : وحدثني عبد الله بن قريط أن عطاء بن يسار حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( الصلوات الخمس كفارة ما بينهما ) .(1/137)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أرأيت لو أن رجلاً كان له معتمل وبين منزله ومعتمله خمسة أنهار فإذا انطلق إلى معتملة عمل ما شاء الله فأصابه الوسخ والعرق فكلما مر بنهر اغتسل ما كان ذلك مبقياً من درنه فكذلك الصلوات كلما عمل خطيئة أو ما شاء الله ثم صلى صلاةً فدعا واستغفر غفر له ما كان قبلها ) .
وخرج البزار نحوه أيضاً من طريق عمر بن صهبان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذه متابعة لابن قريط ولكن ابن صهبان فيه ضعف شديد .
[ فتح الباري : 3/ 54 ]
باب
الإبراد بالظهر في شدة الحر
335) ما خرجه الإمام أحمد والترمذي ـ وصححه ـ من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يخرج عنق من النار يوم القيامة لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول : إني وكلت بثلاثة : بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلهاً آخر وبالمصورين ) .
وقد روي عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم .
خرجه الإمام أحمد أيضاً .
وقيل : إن هذا الإسناد هو المحفوظ .
وخرجه البزار بهذا الإسناد ولفظ حديثه : ( يخرج عنق من النار يتكلم بلسان طلق ذلق لها عينان تبصر بهما ولها لسان تتكلم به ) ـ وذكر الحديث .
[ فتح الباري : 3/ 70 ]
باب
وقت الظهر عند الزوال
336) وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث زيد بن ثابت قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت : (( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) [البقرة :238 ] .(1/138)
وخرج الإمام أحمد والنسائي نحوه من حديث أسامة بن زيد أن رسول الله كان يصلي الظهر بالهجير ولا يكون وراءه إلا الصف والصفان والناس في قائلتهم وتجارتهم فأنزل الله : (( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى )) .
والحديثان إسنادهما واحد مختلف فيه وفيه نظر .
[ فتح الباري : 3/ 76 ]
337) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بلالاً أن يجعل بين أذانه وإقامته قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته .
خرجه الترمذي من حديث جابر وقال : إسناده مجهول .
وخرجه عبد الله ابن الإمام أحمد من حديث أبي بن كعب .
وخرجه الدارقطني وغيره من حديث علي .
وروي أيضاً من حديث أبي هريرة وسلمان .
وأسانيدها كلها ضعيفة .
[ فتح الباري : 3/ 78 ]
باب
تأخير الظهر إلى العصر
338) قال البخاري رحمه الله : 543 حدثنا أبو النعمان: ثنا حماد بن زيد، عن عمرو- وهو : ابن دينار- عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة ؟ قال: عسى.
قال ابن رجب رحمه الله : وخرجه مسلم من طريق حماد- أيضا-، ولم يذكر فيه قول أيوب.
وخرجه من طريق ابن عيينة ، عن عمرو، ولفظ حديثه: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمانيا جميعاً وسبعاً جميعاً. قلت : يا أبا الشعثاء، أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء. قال : وأنا أظن ذلك.
وخرجه البخاري- أيضا- في " أبواب : صلاة التطوع".
وخرجه النسائي عن قتيبة، عن سفيان، وأدرج تفسيره في الحديث.
قال ابن عبد البر: الصحيح: أن هذا ليس من الحديث، إنما هو من ظن أبي الشعثاء وعمرو بن دينار.
ورواه محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، وزاد في حديثه: " من غير مرضٍ ولا علة".
خرجه من طريقه الطبراني.(1/139)
ومحمد بن مسلم، ليس بذاك الحافظ.
وخرج النسائي من طريق حبيب بن أبي حبيب، عن عمرو بن هرم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، أنه صلى بالبصرة الأولى والعصر، ليس بينهما شيء، والمغرب والعشاء، ليس بينهما شيء، [فعل ذلك من شغلٍ، وزعم ابن عباس، أنه صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة الأولى والعصر ثمان سجدات، ليس بينهما شيء].
وقد روي هذا الحديث عن ابن عباس من وجوه أخر، بألفاظ مختلفة، روي عنه من رواية سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال : صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعاً بالمدينة، في غير خوفٍ ولا سفرٍ.
خرجه مسلم.
وخرجه أبو داود، وزاد: قال مالك: أرى ذلك كان في مطرٍ.
وخرجه مسلم – أيضا- من طريق زهير، عن أبي الزبير- بمثله، وزاد: قال ابن عباس: أراد أن لا يحرج أحداً من أمته.
وخرجه – أيضا- من طريق قرة، عن أبي الزبير، وذكر فيه : أن ذلك كان في سفرةٍ سافرها في غزوة تبوك، وذكر فيه قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته.
وخرج- أيضا- من طريق الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال : جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، في غير خوف ولا مطر. قلت لابن عباس: لم فعل ذلك ؟ قال: كيلا يحرج أمته.
وقد اختلف على الأعمش في إسناد هذا الحديث،وفي لفظه- أيضا-:
فقال كثير من أصحاب الأعمش، عنه فيه: من غير خوف ولا مطر.
ومنهم من قال عنه : من غير خوف ولا ضررٍ.
ومنهم من قال: ولا عذرٍ.
وذكر البزار، أن لفظة " المطر" تفرد بها حبيبٌ، وغيرهُ لا يذكرها . قال: على أن عبد الكريم قد قال نحو ذلك .
وكذلك تكلم فيها ابن عبد البر.(1/140)
وروينا من طريق عبد الحميد بن مهدي البالسي: حدثنا المعافي بن سليمان الجزري: ثنا محمد بن سلمة: ثنا أبو عبد الرحيم، عن زيد بن [ أبي أنيسة، عن] أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال : صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة من غير مطر ولا قر الظهر والعصر جمعاً. قلت له : لم فعل ذلك ؟ قال ابن عباس : أراد أن لا يحرج أمته.
وعن زيد، عن عمرو بن دينار، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس – مثله.
ولكن؛ عبد الحميد هذا، قال فيه الحافظ عبد العزيز النخشبي: عنده مناكير.
وأما رواية عبد الله بن شقيق، فمن طريق الزبير بن الخريت، عن عبد الله بن شقيق، قال : خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون : الصلاة الصلاة. قال فجاءه رجل من بني تميم، لايفتر ولا ينثني: الصلاة الصلاة . فقال ابن عباس: أتعلمني السنة لا أم لك ؟ ثم قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة، فسألته فصدق مقالته.
خرجه مسلم.
وخرجه- أيضا- من رواية عمران بن حدير، عن عبد لله بن شقيق، قال: قال رجل لابن عباس : الصلاة، فسكت، ثم قال : الصلاة، فسكت، ثم قال: الصلاة، فسكت، ثم قال: لا أم لك، تعلمنا الصلاة ؟ ! كنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وأما رواية عكرمة، فمن طريق الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقيما غير مسافر سبعاً وثمانياً.
خرجه الإمام أحمد.
وفي رواية أشعث بن سوار- وفيه ضعف-، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، قال: جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، من غير خوف ولا مطر، أراد التخفيف عن أمته.(1/141)
وأما رواية عطاء بن يسار، فمن رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، من غير مرض ولا مطر. فقيل لابن عباس: ما أراد بذلك؟ قال: التوسعة على أمته.
خرجه حرب الكرماني، عن يحيى الحماني، عن عبد الرحمان، به.
وعبد الرحمن، فيه ضعف.
وأما رواية صالح مولى التوأمة، فذكرها أبو داود تعليقاً. وفيها: من غير مطر.
وخرجها الإمام أحمد من طريق داود بن قيس، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس، قال: جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، في غير مطر ولا سفر. قالوا: يا أبن عباس، ما أراد بذلك؟ قال: التوسع على الامة.
وصالح، مختلف في أمره، وفي سماعه من ابن عباس- أيضا.
وفي الباب أحاديث أخر، في أسانيدها مقال.
[ فتح الباري : 3/83-87] .
339) وخرج النسائي من رواية يحيى بن هانىء المرادي حدثنا أبو حذيفة عن عبد الملك بن محمد بن أبي بشير عن عبد الرحمن بن علقمة قال : قدم وفد ثقيف على النبي صلى الله عليه وسلم فأهدوا له هدية وقعد معهم يسألهم ويسألونه حتى صلى الظهر مع العصر .
قال الدراقطني : عبد الملك وأبو حذيفة مجهولان وعبد الرحمن بن علقمة لا تصح صحبته ولا يعرف .
[ فتح الباري : 3/ 87 ]
340)وقد عارض بعضهم حديث ابن عباس هذا بحديث آخر يروى عنه وقد أشار إلى هذه المعارضة الترمذي وابن شاهين وهو من رواية حنش عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من جمع بين صلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر ) .
خرجه الترمذي وقال : حنش هذا هو أبو علي الرحبي وهو حسين بن قيس وهو ضعيف عند أهل الحديث ضعفه أحمد وغيره والعمل على هذا عند أهل العلم .
يعني : على حديث حنش مع ضعفه .
وخرجه الحاكم وصححه ووثق حنشاً وقال : هو قاعدة في الزجر عن الجمع بلا عذر.
ولم يوافق على تصحيحه .(1/142)
وقال العقيلي : ليس لهذا الحديث أصل .
ورواه بعضهم وشك في رفعه ووقفه ، كذلك خرجه الحارث بن أبي أسامة .
ولعله من قول ابن عباس .
[ فتح الباري : 3/ 88-89 ]
341) وقد روي من حديث معاذ بن جبل أن جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين بتبوك كان على هذا الوجه أيضاً .
خرجه الطبراني في " أوسطه " بإسناد فيه ضعف .
[ فتح الباري : 3/ 89 ]
342) روى مالك عن نافع أن ابن عمر كان يجمع في الليلة المطيرة .
وقد رويناه من طريق سفيان بن بشير عن مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً ولا يصح رفعه .
وفيه حديث آخر مرفوع من رواية أولاد سعد القرظ عن آبائهم عن أجدادهم عن سعد القرظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين المغرب والعشاء في المطر .
خرجه الطبراني وإسناده ضعيف .
قال يحيى في أولاد سعد القرظ : كلهم ليسوا بشيء .
[ فتح الباري : 3/ 90-91 ]
343) وكذلك روى عبد الكريم عن مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وطاوس أخبروه عن ابن عباس أنه أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين المغرب والعشاء في السفر من غير أن يعجله شيء ولا يطلبه عدو ولا يخاف شيئاً .
ولكن عبد الكريم هذا هو : أبو أمية وهو ضعيف جداً .
وأكثر رواة حديث ابن عباس ذكروا أن جمعه كان بالمدينة وهم أكثر وأحفظ .
[ فتح الباري : 3/ 92 ]
باب
وقت العصر
344) وروى ربعي بن حراش عن أبي الأبيض عن أنس قال : كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر والشمس بيضاء محلقة ثم آتي عشيرتي وهم جلوس فأقول : ما مجلسكم ؟ صلوا فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
خرجه الإمام أحمد .
وخرج النسائي إلى قوله : ( محلقة ) .
وخرجه الدارقطني بتمامه وزاد فيه : وهم في ناحية المدينة .
وأبو الأبيض هذا ، قال الإمام أحمد : لا أعرفه ولا أعلم روى عنه إلا ربعي بن حراش .
[ فتح الباري : 3/ 102 ](1/143)
345) قال البخاري رحمه الله : 550- حدثنا أبو اليمان: أبنا شعيب، عن الزهري: حدثني أنس بن مالك، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي، فيأتيهم والشمس مرتفعة.
وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه.
551- حدثنا عبد الله بن يوسف: أبنا مالك، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، قال: كنا نصلي العصر، ثم يذهب الذاهب إلى قباء، فيأتيهم والشمس مرتفعة.
قال ابن رجب رحمه الله : إنما خرجه من هذين الوجهين، ليبين مخالفته لأصحاب الزهري في هذا الحديث.
وقد خالفهم فيه من وجهين:
أحدهما: أنه لم يذكر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكره أصحاب الزهري، كما خرجه البخاري هنا من رواية شعيب.
وخرجه في أواخر " كتابه" من رواية صالح بن كيسان، ثم قال: زاد الليث، عن يونس: " وبعد العوالي أربعة أميال أو ثلاثة" .
وخرجه مسلم من رواية الليث وعمرو بن الحارث- كلاهما-، عن الزهري، به .
ورواه أبو صالح، عن الليث، عن يونس، عن الزهري.
وما ذكره البخاري في رواية شعيب من قوله: " وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه"، فهو من قول الزهري، أدرج في الحديث.
قال البيهقي: وقد بين ذلك معمر، عنه.
ثم خرجه من طريق معمر عنه، وقال في آخر حديثه: قال الزهري: والعوالي من المدينة على ميلين وثلاثة- أو حسبه قال: وأربعة.
والوجه الثاني: أن مالكا قال في روايته: " ثم يذهب الذاهب إلى قباء" ، كذا رواه أصحابه عنه، وكذا هو في " الموطا ".
وخالفه سائر أصحاب الزهري، فقالوا: " إلى العوالي" .
وقد رواه خالد بن مخلد، عن مالك، فقال فيه : " العوالي" ، وليس هو بمحفوظ عن مالك.
قال النسائي: لم يتابع مالكاً احد على قوله في هذا الحديث: " إلى قباء " والمعروف: " إلى العوالي".(1/144)
وقال ابن عبد البر : رواه جماعة أصحاب الزهري عنه ، فقالوا: " إلى العوالي" ، وهو الصواب عند أهل الحديث. قال: وقول مالك: " إلى قباء " وهم لا شك فيه عندهم، ولم يتابعه أحد عليه.
وكذا ذكر أبو بكر الخطيب وغيره.
قلت: قد رواه الشافعي في القديم: أنا [أبو] صفوان ابن سعيد بن عبد الملك ابن مروان، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أنس، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي العصر، ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيها والشمس مرتفعة.
ورواه عن ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، وقال: " إلى العوالي".
وكذا رواه الواقدي، عن معمر، عن الزهري. وهذا لا يلتفت إليه.
قال ابن عبد البر : إلا أن المعنى في ذلك متقارب على سعة الوقت؛ لأن العوالي مختلفة المسافة، فأقربها إلى المدينة ما كان على ميلين أو ثلاثة، ومثل هذا هي المسافة بين قباء وبين المدينة، وقباء من بني عمرو بن عوف، وقد نص على بني عمرو بن عوف في [حديث أنس] هذا إسحاق بن أبي طلحة.
يشير إلى حديثه المتقدم، وخرجه من طريق إبراهيم بن أبي عبلة، عن الزهري، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال فيه: " والعوالي من المدينة على عشرة أميال" ، وكان الزهري ذكر في هذه الرواية أبعد ما بين العوالي والمدينة، كما ذكر في الرواية المتقدمة أقرب ما بينها وبين المدينة.
وفي الباب حديث آخر: خرجه البخاري في " القسمة" ، فقال: نا محمد ابن يوسف: نا الأوزاعي: نا أبو النجاشي، قال : سمعت رافع بن خديج [ قال]: كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر ، فننحر جزرواً، فتقسم عشر قسم، فناكل لحماً نضيجاً قبل ان تغرب الشمس.
قال الدارقطني: أبو النجاشي، اسمه: عطاء بن صهيب، ثقة مشهور، صحب رافع بين خديج ست سنين.
[ فتح الباري : 3/103-105 ]
باب
إثم من فاتته العصر(1/145)
346) قال البخاري رحمه الله : 552- حدثنا عبد الله بن يوسف: انا مالك عن، نافع، عن عبد الله بن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)).
قال أبو عبد الله:? { يَتِرَكُمْ } [ محمد :35]: وترت الرجل، إذا قتلت له قتيلاً، وأخذت ماله قال ابن رجب رحمه الله : فوات صلاة العصر: أريد به: فواتها في وقتها كله، كذا فسره ابن عبد البر وغيره.
وقد فسره الاوزاعي: بفوات وقت الاختيار، بعد أن روى هذا الحديث عن نافع، قال الأوزاعي: وذلك أن ترى ما على الأرض من الشمس مصفراً.
خرجه أبو داود في " سننه" ومحمد بن يحيى الهمداني في " صحيحه".
وقد أدرج بعضهم هذا في الحديث:
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه الوليد، عن الأوزاعي، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من فاتته صلاة العصر- وفواتها: أن تدخل الشمس صفرةٌ- فكأنما وتر أهله وماله )) ؟ فقال أبي : التفسير من قول نافع. انتهى.
وقد تبين أنه من قول الأوزاعي كما سبق.
وقد رويت هذه اللفظة من حديث حجاج والأوزاعي، عن الزهري، عن ابن عمر، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -? .
وروى هذا الحديث الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
خرجه من طريقه مسلم.
ورواه حفص بن غيلان، عن سالم، وزاد فيه: " في جماعة".
وهذه- أيضا- مدرجة، وكأنها في تفسير بعض الرواة،فسر فواتها المراد في الحديث بفوات الجماعة لها، وإن صلاها في وقتها، وفي هذا نظر.
وعلى تفسير الأوزاعي يكون المراد: تأخيرها إلى وقت الكراهة، وإن صلاها في وقتها المكروه.
وعلى مثل ذلك يحمل ما رواه مالك في " الموطأ" عن يحيى بن سعيد، أنه قال: إن الرجل ليصلي الصلاة وما قاتته، ولما فاتته من وقتها أعظم- أو أفضل- من أهله وماله.(1/146)
وقد رواه الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن يعلى بن مسلم، عن طلق بن حبيب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - مرسلاً.
ورواه جعفر بن عون، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن المنكدر، عن يعلى، عن طلق، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ورواه حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن المنكدر، عن طلق بن حبيب، قال: كان يقال- فذكره، ولم يذكر: النبي - صلى الله عليه وسلم -.
خرجه محمد بن نصر المروزي من هذه الوجوه كلها.
وقد روي موصولاً من وجوه أخر:
فروى وكيع في " كتابه" عن شعبة عن سعد بن إبراهيم، عن الزهري، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الرجل ليدرك الصلاة، وما فاته من وقتها خير له من أهله وماله".
ورواه نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، عن شعبة، به.
والزهري لم يسمع من ابن عمر عند جماعة، وقيل: سمع منه حديثاً أو حديثين.
ورواه هشيم، عن يعلى بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن القرشي، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - بنحوه.
خرجه محمد بن نصر المروزي.
والوليد هذا، لا أعرفه، إلا أن يكون الجرشي الحمصي، فإنه ثقة معروف.
[ فتح الباري : 3/112-114] .
347) وروى إبراهيم بن الفضل المدني، عن المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ،قال: (( إن أحدكم ليصلي الصلاة لوقتها، وقد ترك من الوقت الأول ما هو خير له من أهله وماله )) .
خرجه الدارقطني.
وإبراهيم هذا، ضعيف جداً.
ورواه- أيضا- يعقوب بن الوليد المدني، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - نحوه.
ويعقوب هذا، منسوب إلى الكذب.
قال ابن عبد البر في " الاستذكار" : وقد روي هذا الحديث من وجوه ضعيفة. وزعم في " التمهيد" أن حديث أبي هريرة هذا حسن، وليس كما قال.
[ فتح الباري : 3/114 ] .(1/147)
348) فروى زهير بن معاوية: نا أسيد بن شبرمة الحارثي، قال: سمعت سالما يحدث عن عبد الله بن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)) قال: فقلت : وإن نسي؟ قال: وإن نسي، فصلاة ينساها أشد عليه من ذهاب أهله وماله.
خرجه الدارقطني في أول كتابه " المختلف والمؤتلف".
وذكر أن أسيد بن شبرمة، يقال: فيه " أسيد "- أيضا- بالضم، قال : ولا أعرف له غير هذا الحديث، وحديث آخر رواه عن الزهري.
[ فتح الباري : 3/ 117 ] .
349) واستدل من قال: إن جميع الصلوات كصلاة العصر في ذلك بما روى ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن نوفل بن معاوية الديلي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" من فاتته الصلاة فكأنما وتر اهله وماله".
وحديث نوفل بن معاوية قد اختلف في إسناده ومتنه، وقد خرجه البخاري ومسلم في " الصحيحين" في ضمن حديث آخر تبعا لغيره مخرجاً من حديث صالح بن كيسان، عن الزهري، عن ابن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم" – الحديث.
وعن الزهري: حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن عبد الرحمن بن مطيع بن الأسود، عن نوفل بن معاوية، مثل حديث أبي هريرة، إلا أن أبا بكر يزيد :" من الصلاة صلاةٌ من فاتته فكأنما وتر أهله وماله". كذا خرجه البخاري في " علامات النبوة" من " صحيحه"، وخرجه مسلم في " كتاب الفتن".
وكذا رواه عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري بهذا الإسناد لحديث نوفل.
ورواه ابن أبي ذئب، عن الزهري، فأسقط من إسناده: عبد الرحمن بن مطيع.
وكذلك روي عن معن، عن مالك، عن الزهري.
قال النسائي: أخاف أن لا يكون محفوظاً، عن مالك، ولعله: معن ، عن ابن أبي ذئب.
وقد روي، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن نوفل، وهو وهم على ابن أبي ذئب.(1/148)
وأماالاختلاف في متن الحديث، فقد روي عن [ابن] أبي ذئب أنه قال في الحديث: " من فاتته الصلاة" كما تقدم، وروي عنه أنه قال في حديثه: " من فاتته صلاة" وروي عنه في حديثه: " من فاتته صلاة العصر".
وفي رواية له : " من فاتته الصلاة " وفي آخر الحديث- قلت لأبي بكر: ما هذه الصلاة؟ قال: هي العصر؛ سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من فاتته صلاة العصر" –الحديث.
وفي رواية : قال ابو بكر: لا أدري.
وقد خرجه الإمام أحمد بالوجهين، وهذه الرواية إن كانت محفوظة فإنها تدل على أن الزهري سمعه من أبي بكر بن عبد الرحمن، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما سمعه من سالم ، عن أبيه.
وقد أشار الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله إلى أن الصحيح حديث الزهري، عن سالم، عن أبيه كما سبق.
ويدل على صحة ما ذكره: أن البيهقي خرج حديث ابن أبي ذئب، ولفظه: " من فاتته الصلاة فكأنما وتر أهله وماله" ، وزاد: قال ابن شهاب: فقلت: يا أبا بكر، أتدري أنت [أية] صلاة هي؟ قال ابن شهاب : بلغني أن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله".
قال: ورواه أبو داود الطيالسي، عن ابن أبي ذئب، وقال في آخره: قال الزهري: فذكرت ذلك لسالم، فقال: حدثني أبي ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من ترك صلاة العصر".
وأما رواية صالح بن كيسان، عن الزهري المخرجة في " الصحيحين" ، فقد سبق لفظها، وهو : " إن في الصلاة صلاةٌ من فاتته فكأنما وتر أهله وماله".(1/149)
ولحديث نوفل طريق آخر: من رواية جعفر بن ربيعة ، عن عراك بن مالك، عن نوفل بن معاوية، أنه حدثه، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من فاتته صلاةٌ فكأنما وتر أهله وماله" . قال عراك: فأخبرني عبد الله بن عمر انه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :" من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله".
خرجه النسائي.
وخرجه – أيضا- من طريق الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عراك، أنه بلغه ان نوفل بن معاوية قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من الصلاة، صلاةٌ من فاتته فكأنما وتر أهله وماله" ؛ قال ابن عمر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " هي صلاة العصر".
وخرجه – أيضا- من طريق ابن إسحاق: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن عراك، قال: سمعت نوفل بن معاوية يقول: صلاةٌ ، من فاتته فكأنما وتر أهله وماله؛ قال ابن عمر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " هي صلاة العصر".
ففي رواية ابن إسحاق وجعفر بن ربيعة ، أن عراكاً سمعه من نوفل ، وفي حديث الليث أن عراكاً بلغه عن نوفل.
قال أبو بكر الخطيب: الحكم يوجب القضاء في هذا الحديث لجعفر بن
ربيعة بثبوت اتصاله للحديث؛ لثقته وحفظه. قال : ورواية الليث ليست تكذيباً ؛ لأنه يجوز أن يكون عراك بلغه الحديث عن نوفل ثم سمعه منه، فرواه على الوجهين
جميعاً. انتهى.
وخرج الطحاوي حديث ابن إسحاق بزيادة حسنة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عراك بن مالك، قال: سمعت نوفل بن معاوية وهو جالس مع عبد الله بن عمر بسوق المدينة يقول: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: " صلاةٌ من فاتته فكأنما وتر أهله وماله" فقال ابن عمر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هي العصر".
وهذه الرواية إن كانت محفوظة دلت على سماع عراك للحديث من نوفل وابن عمر.
وقال البيهقي: الحديث محفوظ عنهما جميعاً؛ رواه عراك عنهما، أمابلاغاً او سماعاً.(1/150)
وهذا يدل على توقفه في سماع عراك له منهما .
[ فتح الباري : 3/ 119- 122 ] .
باب
من ترك العصر
350) فروى عباد بن راشد، عن الحسن وأبي قلابة؛ أنهما كانا جالسين، فقال أبو قلابة: قال أبو الدرداء: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من ترك صلاة العصر متعمداً حتى تفوته فقد حبط عمله".
خرجه الإمام أحمد.
وأبو قلابة لم يسمع من أبي الدرداء.
ورواه أبان بن أبي عياش- وهو متروك-، عن أبي قلابة، عن أم الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وروى راشد أبو محمد، عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: أوصاني خليلي- صلى الله عليه وسلم - : " لا تترك صلاةً مكتوبةً متعمداً، فمن تركها متعمداً فقد برئت منه الذمة".
خرجه ابن ماجة.
وخرجه البزار، ولفظه: " فقد كفر".
[ فتح الباري : 3/ 124 ] .
351) وروى إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن معاذ بن جبل، قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - - فذكره بنحوه، وقال: " فقد برئت منه ذمة الله عز وجل".
خرجه الإمام أحمد.
ورواه- أيضا- عمرو بن واقد- وهو ضعيف-، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس، عن معاذ.
خرجه الطبراني ومحمد بن نصر المروزي .
[ فتح الباري : 3/ 125 ] .
352) وخرجه المروزي- أيضا- من طريق سيار بن عبد الرحمن، عن يزيد بن قوذر، عن سلمة بن شريح، عن عبادة بن الصامت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -- بنحوه، وقال: " فمن تركها متعمداً فقد خرج من الملة".
وقال البخاري في " تاريخه" : لا يعرف إسناده.
[ فتح الباري : 3/ 125 ] .
353) وروى مكحول عن أم أيمن، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تتركي الصلاة متعمداً؛ فإنه من ترك الصلاة متعمداً فقد برئت منه ذمةُ الله ورسوله".
خرجه الإمام أحمد.
وهو منقطع؛ مكحول لم يلق أم أيمن.(1/151)
ورواه غير واحد ؛ عن مكحول، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - مرسلاً.
ورواه عبد الرزاق، عن محمد بن راشد، عن مكحول، عن رجل، عن أبي ذر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال عبد الرزاق: وأبنا شيخ من أهل الشام، عن مكحول، قال: ومن برئت منه ذمة الله فقد كفر.
ورواه أبو فروة الرهاوي- وفيه ضعف-، عن أبي يحيى الكلاعي، عن جبير بن نفير، عن أميمة مولاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - بمعناه.
خرجه محمد بن نصر المروزي.
وذكر عن محمد بن يحيى الذهلي، أنه قال: هذه هي أم أيمن، فقال أبو فروة: أميمة- يعني: أنه أخطأ في تسميتها.
فأسانيد هذا الحديث كلها غير قوية.
[ فتح الباري : 3/ 125- 126 ] .
354) وأماحديث بريدة، فصحيح، وقد رواه عن يحيى بن أبي كثير: هشام الدستوائي والأوزاعي، فأماهشام فرواه كما خرجه البخاري من طريقه، وأماالأوزاعي فخالفه في إسناده ومتنه.
أماإسناده: فقيل فيه : عن الأوزاعي: حدثني يحيى، وثني أبو قلابة: حدثني أبو المهاجر، عن بريدة.
وخرجه من هذا الوجه الإمام أحمد وابن ماجة.
وقال الإمام أحمد في رواية مهنا: هو خطأ من الأوزاعي، والصحيح حديث هشام الدستوائي. وذكر – أيضا- أن أبا المهاجر لا أصل له، إنما هو أبو المهلب عم أبي قلابة، كان الأوزاعي يسميه أبا المهاجر خطأ، وذكره في هذا الإسناد من أصله خطأ، فإنه ليس من روايته، إنما هو من رواية أبي المليح، وكذا قاله الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله.
وقيل: عن الأوزاعي ، عن يحيى ، عن أبي قلابة ، عن أبي الميح ، كما رواه هشام، عن يحيى.
وخرجه من هذا الوجه الاسماعيلي في " صحيحه".
وقيل : عن الأوزاعي، عن يحيى ، عن ابن بريدة.
وقيل: عن الثوري، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي قلابة، عن بريدة، بغير واسطة بينهما.
وهذا كله مما يدل على اضطراب الأوزاعي فيه، وعدم ضبطه.(1/152)
وأما متنه، فقال الأوزاعي فيه: إن بريدة قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة، فقال: " بكروا بالصلاة في اليوم الغيم فإنه من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله".
كذلك خرجه الإمام أحمد وابن ماجة والإسماعيلي وغيرهم.
فخالف هشأمافي ذلك؛ فإن هشأماقال في روايته: إن أبا المليح قال: كنا مع بريدة في غزوة في يوم غيم، فقال : بكروا بصلاة العصر؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله".
فلم يرفع منه غير هذا القدر، وجعل الذين كانوا معه في الغزوة في يوم الغيم، والذي أمر بالتكبير بصلاة العصر هو بريدة ، وهو الصحيح.
واللفظ الذي رواه الأوزاعي لو كان محفوظاً لكان دليلاً على تأخير العصر في غير يوم الغيم، ولكنه وهم.
وقد خرج البخاري حديث بريدة فيما بعد وبوب عليه: " باب : التبكير بالصلاة في يوم غيم "، ثم خرج فيه حديث بريدة ، عن معاذ بن فضالة، عن هشام، فذكره كما خرجه هاهنا، غير أنه لم يذكر: " في غزوة"، وقال فيه : عن بريدة : " بكروا بالصلاة"، ولم يقل: " صلاة العصر".
[ فتح الباري : 3/ 126- 128 ] .
355) فخرج محمد بن نصر المروزي في " كتاب الصلاة" بإسناد _ فيه ضعف _ عن أبي سعيد الخدري- مرفوعاً-، قال: " أربع من كن فيه بلغ حقيقة الإيمان"- فذكر منها- : " ابتدار الصلاة في اليوم الدجن".
[ فتح الباري : 3/ 131 ] .
356) وخرج ابن وهب في " مسنده" بإسناد _ ضعيف_ أيضا-، عن أبي الدرداء- مرفوعاً-، قال: " تعجيل الصلاة في اليوم الدجن من حقيقة الإيمان".
[ فتح الباري : 3/ 132 ] .
باب
فضل صلاة العصر(1/153)
357) ويدل على هذا ما روى ثوير بن أبي فاختة، قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمة وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوةً وعشياً"، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ* إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ* } [القيامة: 22 ،23].
خرجه الإمام أحمد والترمذي، وهذا لفظه. وخرجه- أيضا- موقوفاً على ابن عمر. وثوير فيه ضعف.
وقد روي هذا المعنى من حديث أبي برزة الأسلمي مرفوعاً- أيضا-، وفي إسناده ضعف.
[ فتح الباري : 3/ 137 ] .
358) وروي عن ابن عباس، قال: من دخل الجنة من أهل القرى لم ينظر إلى وجه الله؛ لأنهم لا يشهدون الجمعة.
خرجه أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في " كتاب الشافي" بإسناد ضعيف.
[ فتح الباري : 3/ 138 ] .
باب
من أدرك من العصر ركعةً قبل الغروب
359) وقد روي في ذلك حديث ابن زمل- مرفوعاً- أن الدنيا سبعة آلاف سنة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - في آخرها ألفاً.
وإسناده لا يصح.
[ فتح الباري : 3/ 148 ] .
360) ويشهد لهذا الذي ذكره ابن جرير: ما خرجه أبو داود من حديث أبي ثعلبة الخشني، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: " لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم".
وروي موقوفاً، ووقفه أصح عند البخاري وغيره.
[ فتح الباري : 3/ 148 ] .
361) وخرج أبو داود –أيضاً- بإسناد منقطع - عن سعد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: " إني لأرجو أن لا يعجز أمتي عند ربهم أن يؤخرهم نصف يوم". قيل لسعد : كم نصف يوم؟ قال : خمسمائة سنة.
[ فتح الباري : 3/ 149 ] .(1/154)
362) وقد روى هشام بن الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال : كان بين موسى وعيسى ألف سنة وتسعمائة سنة، ولم يكن بينهما فترة، وأنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل سوى من أرسل من غيرهم، وكان بين ميلاد عيسى والنبي - صلى الله عليه وسلم - ألف سنة وتسع وستون سنة، بعث في أولها ثلاثة أنبياء، وكانت الفترة التي لم يبعث الله فيها رسولاً أربعمائة سنة وأربع وثمانون سنة.
هذا إسناد ضعيف، لا يعتمد عليه.
[ فتح الباري : 3/ 153 ] .
باب
وقت المغرب
363) والأحاديث والآثار في كراهة التأخير حتى يطلع النجم كثيرة جداً:
ومن أجودها : ما روى ابن إسحاق: ثنا يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، قال: قدم علينا أبو أيوب غازياً وعقبة بن عامر يومئذ على مصر، فأخر المغرب، فقام إليه أبو أيوب، فقال له: ما هذه الصلاة يا عقبة؟ قال: شغلنا. قال: أماسمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا تزال أمتي بخير – أو قال: على الفطرة – ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم))؟
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن خزيمة في ((صحيحه)) والحاكم وصححه.
وقد خولف ابن إسحاق في إسناده، فرواه حيوة بن شريح، عن يزيد ابن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران، عن أبي أيوب، قال: كنا نصلي المغرب حين تجب الشمس.
ورواه ابن لهيعة، عن يزيد، ورفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقال أبو زرعة : حديث حيوة أصح .
[ فتح الباري : 3/ 162 ] .
364) وخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن للصلاة أولاً وآخراً)) – فذكر الحديث، وفيه: ((وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق)).
وله علة، وهي أن جماعة رووه عن الأعمش، عن مجاهد، قال: كان يقال ذلك.(1/155)
وهذا هو الصحيح عند ابن معين والبخاري والترمذي وأبي حاتم والبزار والعقيلي والدارقطني وغيرهم.
[ فتح الباري : 3/ 167 ] .
باب
ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعاً
365) وخرج مسلم من حديث عبد الله بن أبي لبيد، عن أبي سلمة، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا إنها العشاء، وهم يعتمون بالإبل)).
وفي رواية له – أيضا -: ((لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء، فإنها في كتاب الله العشاء، وإنها تعتم بحلاب الإبل)).
كذا رواه ابن أبي لبيد، عن أبي سلمة.
وابن أبي لبيد كان يتهم بالقدر. وقال العقيلي: كان يخالف في بعض حديثه.
وتابعه عليه ابن أبي ليلى، عن أبي سلمة، وابن أبي ليلى ليس بالحافظ.
ورواه عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - مرسلاً.
وقيل: عن ابن حرملة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة – مرفوعاً.
خرجه ابن ماجه. وليس بمحفوظ.
وفيه – أيضا-: عن عبد الرحمن بن عوف، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وفي إسناده جهالة.
[ فتح الباري : 3/ 171- 172 ] .
باب
فضل العشاء
367) وخرج الإمام أحمد وأبو داود من رواية عاصم بن حميد السكوني، أنه سمع معاذ بن جبل قال : رقبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة العتمة، فتأخر حتى خرج، فقال: ( أعتموا بهذه الصلاة؛ فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم، ولم تصلها أمة قبلكم ).
وعاصم هذا؛ وثقه ابن حبان والدارقطني، وهو من أصحاب معاذ.
[ فتح الباري : 3/ 180 ] .(1/156)
368) ورويناه مرفوعاً - بإسناد ضعيف - ، عن ابن عمر – مرفوعاً -: (ذاكر الله في الغافلين كالذي يقاتل عن الفارين، وذاكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء في وسط الشجر الذي تحات ورقه من الصريد) – والصريد: البرد الشديد – (والذاكر الله في الغافلين يغفر له بعدد كل رطب ويابس، وذاكر الله في الغافلين يعرف مقعده من الجنة).
[ فتح الباري : 3/ 181 ] .
باب
ما يكره من النوم قبل العشاء
369) وعن مجاهد: لأن أصلي صلاة العشاء قبل أن يغيب الشفق وحدي أحب إلي من أن أنام ثم أدركها مع الإمام.
كذا رواه عبد الكريم البصري، عنه.
وروى عنه – أيضا-، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا نامت عين رجل نام قبل أن يصلي العشاء).
وعبد الكريم هذا، ضعيف.
[ فتح الباري : 3/ 183- 184- 188 ] .
370) وروى عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلي الطائفي، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما نام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل العشاء الآخرة ولا سمر بعدها.
خرجه ابن ماجه.
وعبد الله هذا، قال ابن معين: صويلح. وقال البخاري: مقارب الحديث. وقال الدارقطني: يعتبر به. وقال النسائي: ليس بالقوي.
وروى يحيى بن سليم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نائماَ قبل العشاء ولا متحدثاً بعدها.
ذكره الأثرم، وضعفه من أجل يحيى بن سليم، وقال: لم يروه غيره.
كذا قاله.
وخرجه ابن حبان في ( صحيحه) من طريق جعفر بن سليمان، عن هشام.
وخرجه البزار من طريق محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير – وهو متروك -، عن ابن أبي مليكة، عن عروة، عن عائشة – وزاد فيه، في أوله: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (من نام قبل العشاء فلا أنام الله عينه).
وهذا لا يثبت مرفوعاً، وإنما روي عن عمر من قوله.(1/157)
وروى ابن وهب في (مسنده)، قال: أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالت: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإنسان يرقد عن العشاء قبل أن يصلي؟ قال: (لا نامت عينه) – ثلاث مرات.
وخرجه بقي بن مخلد من طريقه.
وهو منقطع بين بكير بن الأشج وعائشة.
وخرجه بقي من وجه آخر ضعيف، عن عائشة، مرفوعاً – بمعناه.
[ فتح الباري : 3/ 184- 185 ] .
باب
النوم قبل العشاء لمن غُلب
371) قال البخاري رحمه الله :569 - حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال: حدثني أبو بكر، عن سليمان – هو ابن بلال-: ثنا صالح بن كيسان، قال: أخبرني ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، قالت: أعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعشاء حتى ناداه عمر: الصلاة، نام النساء والصبيان. فخرج فقال: (ما ينتظرها من أهل الأرض أحد غيركم).
قال: ولا يصلى يومئذ إلا بالمدينة، قال: وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول.
قال ابن رجب رحمه الله : (أبو بكر) هو عبد الحميد بن أبي أويس، وهذا الحديث من جملة نسخة تروى بهذا الإسناد، قد سبق بعضها.
وقوله: (قال: ولا يصلى يومئذ إلا بالمدينة) قال: (وكانوا يصلون) – إلى آخره. الظاهر أنه مدرج من قول الزهري.
وقد خرج هذا الحديث مسلم بدون هذا الكلام في آخره من رواية يونس وعقيل، عن ابن شهاب، وزاد فيه: وذلك قبل أن يفشو الإسلام في الناس.
وقد خرجه البخاري قبل هذا من حديث عقيل كذلك.
وخرجه فيما يأتي في أواخر الصلاة في (باب: وضوء الصبيان): حدثنا أبو اليمان: أبنا شعيب، عن الزهري.
ثم قال: وقال عياش: ثنا عبد الأعلى: ثنا معمر، عن الزهري – فذكر هذا الحديث بمعناه. وفيه: قال: (إنه ليس أحد من أهل الأرض يصلي هذه الصلاة غيركم). ولم يكن يومئذ يصلي غير أهل المدينة.(1/158)
ثم خرجه في الباب الذي يليه: (باب: خروج النساء إلى المساجد) عن أبي اليمان، عن شعيب، وقال في حديثه: ولا يصلي يومئذ إلا بالمدينة، وكانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل.
وخرجه النسائي من طريق شعيب، عن الزهري.
ومن طريق محمد بن حمير، عن ابن أبي عبلة، عن الزهري، به، وزاد فيه: (ولم يكن يصلي يومئذ إلا بالمدينة). ثم قال: (صلوها فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل).
قال: ولفظه لمحمد بن حمير.
فجعله من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا غير محفوظ؛ والظاهر أنه مدرج من قول الزهري. والله أعلم.
وقد خرجه الطبراني في (مسند إبراهيم بن [أبي] عبلة) من غير وجه، عن محمد بن حمير، وفيه: (وكانوا يصلونها)، وهذا يبين أنه مدرج.
وعند مسلم فيه زيادة أخرى مرسلة. قال ابن شهاب: وذكر لي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما كان لكم أن تنزروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصلاة). وذلك حين صاح عمر بن الخطاب.
وهذا يدل على أن في هذا الحديث ألفاظاً أرسلها الزهري، وكانت تلك عادته أنه يدرج في أحاديثه كلمات يرسلها أو يقولها من عنده.
[ فتح الباري : 3/ 186- 188 ] .
372) فقال طائفة: هو الحمرة، وهو قول ابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس.
وروي عن عمر وعلي وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس وقول كثير من التابعين، ومذهب الثوري والأوزاعي والحسن بن حي ومالك والشافعي وإسحاق وأبي يوسف ومحمد وأبي ثور.
ورواه عتيق بن يعقوب، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر – مرفوعاً.
خرجه الدارقطني وغيره.
ورفعه وهم.
وقال البيهقي في (كتاب المعرفة): لا يصح فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء.
وفي (صحيح ابن خزيمة) في حديث عبد الله بن عمرو المرفوع: (ووقت المغرب إلى أن تذهب حمرة الشفق).
وقد أعلت هذه اللفظة بتفرد محمد بن يزيد الواسطي بها عن سائر أصحاب شعبة.
[ فتح الباري : 3 / 188- 190 ] .(1/159)
373) وروى الإمام أحمد في (المسند): ثنا يحيى بن سعيد الأموي، حدثنا ابن أبي ليلى، عن ابن الأصبهاني، عن جدةٍ له – وكانت سرية لعلي -، قالت: قال علي: كنت رجلاً نئوماً، وكنت إذا صليت المغرب وعلي ثيأبي نمت – ثم قال يحيى بن سعيد: فأنام -، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فرخص لي.
وروي موقوفاً، وهو أشبه.
رواه أبو بكر الحنفي، عن سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله بن عبد الله، عن جده، عن علي، أنه كان يتعشى ثم يلتف في ثيابه، فينام قبل أن يصلي العشاء.
ذكره ابن أبي حاتم، وقال: سألت أبي عنه؟ فقال: هو عبد الله بن عبد الله الرازي، عن جدته أسيلة، عن علي، وغلط من قال: عن جده.
وروى أبو نعيم في (كتاب الصلاة): ثنا إسرائيل، عن حجاج، عن عبد الله ابن عبد الله، عن جدته – وكانت تحت رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم --، أنه كان ينام قبل العشاء، فإذا قام كان أنشط له.
وروي – مرفوعاً – من وجه آخر، رويناه من طريق سوار بن مصعب، عن المنهال، عن أبي عبد الله – أبو عبد الله-، عن علي، قال: قلت: يا رسول الله إني رجل نئوم، وقد نهيت عن النوم قبل العشاء، وعن السمر بعدها؟ فقال: (إن يوقظك فلا بأس).
سوار، متروك الحديث، ورفعه لا يثبت.
[ فتح الباري : 3 / 194- 195 ] .
باب
وقت العشاء إلى نصف الليل
374) وروى داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: صلينا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة العتمة، فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل، فقال: (خذوا مقاعدكم)، فأخذنا مقاعدنا، فقال: (إن الناس قد صلوا وأخذوا مضاجعهم، وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة، ولولا ضعف الضعيف، وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل).
خرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه وابن خزيمة في (صحيحه).(1/160)
وإسناده على شرط مسلم ، إلا أن أبا معاوية رواه عن داود، فقال: عن أبي نضرة، عن جابر.
والصواب : قول سائر أصحاب داود في قولهم: عن أبي سعيد -: قاله أبو زرعة، وابن أبي حاتم، والدارقطني وغيرهم.
[ فتح الباري : 3 / 201-202 ] .
375) ورجح الجوزجاني القول باستحباب تعجيل العشاء، وادعى أن التأخير منسوخ، واستدل بما روى حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن أبي بكرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخر صلاة العشاء الآخرة تسع ليال – وفي رواية: ثمان ليال -، فقال أبو بكر الصديق: لو عجلت يا رسول الله كان أمثل لقيامنا بالليل، فكان بعد ذلك يعجل.
خرجه الإمام أحمد.
وعلي بن زيد جدعان، ليس بالقوي.
وروى سويد بن غفلة، قال: قال عمر: عجلوا العشاء قبل أن يكسل العامل.
وقال مكحول: كان عبادة بن الصامت وشداد بن أوس إذا غابت الحمرة ببيت المقدس صلوا العشاء.
خرجهما أبو نعيم.
وهذا منقطع.
[ فتح الباري : 3 / 204 ] .
376) وخرجه الخرائطي من حديث عثمان بن أبي العاص، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ما بال رجال ينفرون عن هذا الدين، يمسون بعشاء الآخرة).
وإسناده ضعيف.
[ فتح الباري : 3 / 207 ] .
باب
فضل صلاة الفجر
377) قال البخاري رحمه الله 574- حدثنا هدبة بن خالد: ثنا همام: حدثني أبو جمرة، عن أبي بكر، عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من صلى البردين دخل الجنة).
وقال ابن رجاء: حدثنا همام، عن أبي جمرة، أن أبا بكر بن عبد الله بن قيس أخبره بهذا.
حدثنا إسحاق: ثنا حبان: ثنا همام: ثنا أبو جمرة، عن أبي بكر بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - مثله.
قال ابن رجب رحمه الله : (أبو جمرة)، هو: نصر بن عمران الضبعي، وهو بالجيم والراء المهملة.(1/161)
وقد خرج هذا الحديث مسلم عن هداب بن خالد، وهو هدبة الذي خرجه عنه البخاري، ونسب فيه أبا جمرة، فقال: حدثني أبو جمرة الضبعي.
وأما أبو بكر، فقد أشار البخاري إلى انه أبو بكر بن أبي موسى الأشعري عبد الله بن قيس، واستشهد له بشيئين:
أحدهما: رواية ابن رجاء التي ذكرها تعليقاً، عنه، عن همام، عن أبي جمرة، أن أبا بكر بن عبد الله بن قيس أخبره.
والثاني: أنه أسنده من رواية حبان بن موسى، عن همام: ثنا أبو جمرة، عن أبي بكر بن عبد الله – وهو: ابن أبي موسى عبد الله بن قيس.
وخرجه مسلم من طريق بشر بن السري عمرو بن عاصم، قالا: ثنا همام – بهذا الإسناد، ونسبا أبا بكر، فقالا: ابن أبي موسى.
وإنما احتيج إلى هذا؛ لاختلاف وقع بين الحفاظ في نسبة أبي بكر هذا:
فمنهم من قال: هو أبو بكر بن أبي موسى، وتصرف الشيخين في (صحيحهما) يدل على ذلك.
ومنهم من قال: هو أبو بكر بن عمارة بن رؤيبة.
واستدلوا بما خرجه مسلم من رواية وكيع، عن ابن أبي خالد ومسعر والبختري بن المختار، سمعوا من أبي بكر بن عمارة بن رؤيبة، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) – يعني: الفجر والعصر. وعنده رجل من أهل البصرة، فقال له: أنت سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. قال الرجل: وأنا أشهد أني سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سمعته أذناي، ووعاه قلبي.
وخرجه –أيضا – من حديث ابن عمارة بن رؤيبة، عن أبيه والرجل البصري. وزاد البصري: قال: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمكان الذي سمعته منه.
فمن هنا قال بعضهم: أبو بكر الذي روى أبو جمرة هو ابن عمارة بن رؤيبة، عن أبيه عمارة بن رؤيبة، لأن معنى الحديثين متقارب.(1/162)
قال ابن أبي خيثمة في (كتابه): سألت يحيى بن معين عن أبي بكر الذي روى حديث (البردين): من أبوه؟ قال: يرون أنه أبو بكر بن أبي موسى؛ فلذلك استغربوه. قال: فقال له أبي: يشبه أن يكون: أبو بكر بن عمارة بن رؤيبة؛ لأنه يروي عن أبيه عمارة: (من صلى قبل الغداة وقبل غروب الشمس).
وقال صالح بن محمد، عن علي بن المديني: هو عندي أبو بكر بن عمارة؛ لأن معنى الحديثين واحد. قيل له: إن أبا داود الطيالسي وهدبة نسباء، فقالا: عن أبي بكر بن أبي موسى؟ فقال: ليسا ممن يضبط هذا؛ حدثاه بهز وحبان ولم ينسباه.
قال أبو بكر الخطيب: قد نسبه جماعة عن همام، منهم: بشر بن السري، وعبد الله بن رجاء، وعمرو بن عاصم وللناسب فضل تعرف وبيان على من لم ينسبه.
قال: وكان عفان بنسبه كذلك حتى قال له بلبل وعلي بن المديني: إنه أبو بكر بن عمارة، فترك نسبته، وقال: عن أبي بكر، عن أبيه.
ونقل البرقاني عن الدارقطني، أنه كان يقول: هو أبو بكر بن عمارة بن رؤيبة، وعن الإسماعيلي عن مطين مثله.
وقال أبو الحسن [العقيلي]: اختلف فيه، فالأقوى أنه ابو بكر بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه. ويقال: هو أبو بكر بن عمارة بن رؤبية، عن أبيه.
وكذلك قال مطين، وإليه كان يميل شيخنا أبو الحسن – يعني: الدارقطني رحمه الله.
[ فتح الباري : 3 / 214- 216 ] .
باب
وقت الفجر
378) وخرج البزار والإسماعيلي من رواية حرب بن سريج، عن محمد بن علي ابن حسين، عن محمد بن الحنفية، عن علي بن أبي طالب، قال: كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح، وما يعرف بعضنا وجه بعض.
حرب بن سريج، قال أحمد : ليس به بأس، ووثقه ابن معين.
قال أبو حاتم : ليس بقوي؛ منكر عن الثقات.
[ فتح الباري : 3 / 225-226 ] .(1/163)
379) وروى ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: الفجر فجران: فجر يطلع بليل، يحل فيه الطعام والشراب ولا يحل فيه الصلاة. وفجر تحل فيه الصلاة ويحرم فيه الطعام والشراب، وهو الذي ينتشر على رؤوس الجبال.
ورواه أبو أحمد الزبيري، عن سفيان، عن ابن جريج، فرفعه.
خرجه من طريقه ابن خزيمة وغيره.
والموقوف أصح -: قاله البيهقي وغيره.
[ فتح الباري : 3 / 226 ] .
380) وروى ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (الفجر فجران، فإن الفجر الذي يكون كذنب السرحان فلا يحل الصلاة فيه ولا يحرم الطعام).
وروي عن ابن أبي ذئب – بهذا الإسناد- مرسلاً من غير ذكر: جابر.
قال البيهقي: هو أصح.
[ فتح الباري : 3 / 226-227 ] .
381) واستدل من رأى الإسفار: بما روى عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود ابن لبيد، عن رافع بن خديج، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (أسفروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر).
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي.
وقال: حديث حسن صحيح.
وخرجه ابن حبان في (صحيحه).
وقال العقيلي: إسناده جيد.
قال الأثرم: ليس في أحاديث هذا الباب أثبت منه.
يشير إلى أن في الباب أحاديث وهذا أثبتها، وهو كما قال.
وأجاب من يرى التغليس أفضل عن هذا بأجوبةٍ:
منها: تضعيفه، وسلك ذلك بعض أصحابنا الفقهاء، وسلكه ابن عبد البر، وقال: مدار الحديث على عاصم بن عمر بن قتادة، وليس بالقوي.
كذا قال؛ وعاصم هذا مخرج حديثه في (الصحيحين)، وقال ابن معين وأبو زرعة: ثقة.
وقد يعلل هذا بالاختلاف في إسناده على عاصم بن عمر بن قتادة:
فرواه ابن إسحاق وابن عجلان، عن عاصم، عن محمود بن لبيد، عن رافع كما تقدم.
ورواه زيد بن أسلم، عن عاصم بن عمر، واختلف عنه:(1/164)
فرواه أبو غسان، عن زيد بن أسلم، عن عاصم، عن محمود بن لبيد، عن رجال من قوم من الأنصار، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما أسفرتم بالصبح، فإنه أعظم للأجر).
وخرجه من طريقه النسائي كذلك.
ورواه يعقوب بن عبد الرحمن القاري، عن زيد بن أسلم، عن عاصم، عن رجال من قومه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - لم يذكر: محمود بن لبيد.
ورواه هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن محمود بن لبيد، عن رجال من الصحابة – ولم يذكر: عاصماً.
ورواه وكيع، عن هشام، عن زيد – مرسلاً.
ورواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن محمود بن لبيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وخرجه من طريقه الإمام أحمد.
وروي عن شعبة، عن أبي داود، عن زيد بن أسلم، عن محمود بن لبيد، عن رافع.
قال البزار: أبو داود هذا، هو: الجزري، لم يسند عنه شعبة إلا هذا.
وقال أبو حاتم الرزاي: شيخ واسطي مجهول.
ورواه بقية، عن شعبة، عن داود البصري، عن زيد.
وزعم بعضهم: أنه داود بن أبي هند، وهو بعيد.
وزيد بن أسلم لم يسمع من محمود بن لبيد.
ورواه يزيد بن عبد الملك، عن زيد بن أسلم، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهو وهم-: قاله الدارقطني وغيره.
ورواه إسحاق الحنيني، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن ابن بجيد الحارثي، عن جدته حواء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
لم يتابع عليه الحنيني، وهو وهم منه-: قاله الدارقطني، وأشار إليه الأثرم وغيره.
ورواه فليح بن سليمان، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال البزار: لا نعلم أحداً تابع فليحاً على هذا الإسناد.
والصواب من الخلاف على زيد بن أسلم، عن عاصم، عن محمود، عن رافع-: قاله الدارقطني.(1/165)
قلت : أما ابن إسحاق وابن عجلان فروياه عن عاصم بهذا الإسناد، وأمازيد فاختلف عنه كما ترى، ولا نعلم أحداً قال عنه مثل قول ابن إسحاق وابن عجلان، فكيف يكون هو الصواب عن زيد؟ فرجع الأمر إلى ما رواه ابن إسحاق وابن عجلان، عن عاصم وليسا بالمبرزين في الحفظ .
[ فتح الباري : 3 / 229-232 ] .
382) فروى الإمام أحمد: حدثنا أبو أحمد الزبيري: ثنا أبو شعبة الطحان جار الأعمش، عن أبي ربيع، قال: قلت لابن عمر: إني أصلي معك الصبح، ثم التفت فلا أرى وجه جليسي، ثم أحياناً تسفر؟ قال: كذلك رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، وأحببت أن أصليها كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصليها.
وهذا إسناد ضعيف.
نقل البرقاني، عن الدارقطني، قال : أبو شعبة : متروك، وأبو الربيع : مجهول .
[ فتح الباري : 3 / 236 ] .
383) وروينا من طريق أبي خالد الواسطي، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الفجر فيغلس ويسفر، ويقول: (ما بين هذين وقت، لئلا يختلف المؤمنون).
قال ابن أبي حاتم : سألت أبي عن هذا الحديث، فقال : أبو خالد الواسطي هو عمرو بن خالد، ضعيف الحديث جداً .
[ فتح الباري : 3 / 236-237 ] .
384) وروى بيان الرقاشي، قال: قلت لأنس: حدثني عن وقت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة – فذكر حديث المواقيت، وقال: كان يصلي الغداة عند الفجر إلى أن ينفسح البصر، كل ذلك وقت.
بيان هذا، هو: ابن جندب، يكنى أبا سعيد. وقال أبو داود: لا أعلم له إلا حديث المواقيت. وقال ابن معين: هو مجهول.
وله شاهد من وجهٍ آخر أقوى منه.
خرجه الإمام أحمد والنسائي من طريق شعبة، عن أبي صدقة، عن أنس، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الفجر إلى أن ينفسح البصر.
وأبو صدقة مولى أنس، أثنى عليه شعبة خيراً، ووثقه النسائي .
[ فتح الباري : 3 / 237 ] .(1/166)
385) واستدل من كره التأخير إلى شدة الإسفار بما روى الحارث بن وهب، عن أبي عبد الرحمن الصنابحي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تزال أمتي في مسكة ما لم يعملوا بثلاث: ما لم يؤخروا المغرب انتظار الظلام مضاهاة اليهود، وما لم يؤخروا الفجر إمحاق النجوم مضاهاة النصارى، وما لم يكلوا الجنائز إلى أهلها).
خرجه الإمام أحمد، وهو مرسل.
وإن ثبت حمل على اجتماع الأمة على ذلك؛ فإنه يخشى أن يظن أن ما قبل ذلك ليس بوقت.
والحارث بن وهب، قال البخاري: روايته عن الصنابجي مرسلة – يعني: لم يسمع منه .
[ فتح الباري : 3 / 240 ] .
باب
من أدرك من الفجر ركعة
386) وقد روى محمد بن سنان العوقي: حدثنا همام: ثنا قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (من صلى ركعة من الصبح ثم طلعت الشمس فليصل الصبح).
قال البيهقي في (خلافياته): هذا ليس بمحفوظ، إنما المحفوظ: عن قتادة – بغير هذا الإسناد-: (فليتم صلاته) – كما تقدم، وإنما المحفوظ بهذا الإسناد: حديث: (من لم يصل ركعتي الفجر حتى طلعت الشمس فليصلها). انتهى.
وقد خرج الترمذي في (جامعه) حديث همام، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة – مرفوعاً -: (من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس).
ثم قال: لم يروه عن همام بهذا الإسناد نحو هذا إلا عمرو بن عاصم الكلأبي، والمعروف من حديث قتادة: عن النصر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح). انتهى.(1/167)
وإذا كان هذا معروفاً بهذا الإسناد عن قتادة، فلم يهم فيه محمد بن سنان، وإنما غير بعض لفظه حيث قال: (فليصل الصبح)، وهو رواية بالمعنى الذي فهمه من قوله: (فليتم صلاته)، ومراده: فليتم صلاة الصبح، وليستمر فيها.
والحديث الذي أشار إليه الترمذي خرجه الإمام أحمد: حدثنا بهز، قال: ثنا همام: ثنا قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة- قال همام: وجدت في كتأبي: عن بشير بن نهيك، ولا أظنه إلا عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هرية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من صلى – يعني: ركعتي الصبح -، ثم طلعت الشمس، فليتم صلاته).
ورواه – أيضا – عن عبد الصمد، عن همام: ثنا قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (من صلى من الصبح ركعة ثم طلعت الشمس فليصل إليها أخرى).
هكذا روى همام، عن قتادة هذا الحديث، وقد تقدم أن سعيد بن أبي عروبة وهشأماً الدستوائي رويا أصل الحديث عن قتادة، واختلفا في إسناده.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن اختلافهم على قتادة؟ فقال أبي: أحسب الثلاثة كلها صحاحاً، وقتادة كان واسع الحديث، وأحفظهم سعيد قبل أن يختلط، ثم هشام، ثم همام .
[ فتح الباري : 3 / 245-246 ] .
باب
من أدرك من الصلاة ركعةً
387) قال البخاري رحمه الله : 580 - حدثنا عبد الله بن يوسف: أبنا مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة).
قال ابن رجب رحمه الله : روى بعضهم هذا الحديث عن مالك، وقال فيه: (من أدرك ركعة من العصر)، وهو وهم على مالك، وإنما حديث مالك: (من أدرك ركعة من الصلاة).(1/168)
وخرجه مسلم، عن عبد بن حميد: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - بمثل حديث مالك، عن زيد بن أسلم.
يعني: الحديث الذي خرجه البخاري في الباب الماضي.
وذكر الدارقطني في (العلل) أنه ليس بمحفوظ عنه – يعني: عن معمر.
وذكر أنه عبد الرزاق رواه بخلاف ذلك.
قال: وروي – أيضا- عن محمد بن أبي حفصة وسفيان بن حسين، عن الزهري – يعني: بذكر العصر والفجر.
والمحفوظ: عن الزهري في حديث: (من أدرك ركعة من الصلاة).
وقد اختلف في معنى ذلك:
فقالت طائفة: معناه: إدراك وقت الصلاة، كما في حديث عطاء بن يسار وبسر بن سعيد والأعرج، عن أبي هريرة الذي سبق في الباب الماضي.
وقد روى هذا الحديث المذكور في هذا الباب عمار بن مطر، عن مالك، وقال فيه: (فقد أدرك الصلاة ووقتها).
قال ابن عبد البر: لم يقله عن مالك غير عمار، وهو مجهول لا يحتج به.
وقالت طائفة معناه: إدراك الجماعة.
ويشهد له. ما خرجه مسلم من رواية يونس، عن ابن شهاب، ولفظه: (من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة).
وهؤلاء لهم في تفسير إدراك الجماعة قولان:
أحدهما:
أن المراد إدراك فضل الجماعة وتضعيفها.
وروى نوح بن أبي مريم هذا الحديث، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (من أدرك الإمام جالساً قبل أن يسلم فقد أدرك الجماعة وفضلها).
خرجه الدارقطني.
وقال: نوح متروك.
وقد وهم في لفظه، وخالف جميع أصحاب الزهري، ووهم –أيضا- في إسناده، فإنه عن أبي سلمة لا عن سعيد بن المسيب.
مع أنه قد روي عن مالك والأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد، وليس بمحفوظ.(1/169)
وروى أبو الحسن ابن جوصا في (مسند الأوزاعي): حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة: ثنا أبي: عن أبيه يحيى بن حمزة: حدثني الأوزاعي، أنه سأل الزهري عن رجل أدرك من صلاة الجمعة ركعة؟ فقال: حدثني أبو سلمة، أن أبا هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أدرك من صلاة ركعة فقد أدرك فضيلة الجماعة).
وهذا اللفظ –أيضا- غير محفوظ.
وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، ضعفوه؛ ذكره الحاكم أبو أحمد في (كتاب الكنى).
وروى أبو علي الحنفي – وأسمه: عبيد الله بن عبد المجيد- هذا الحديث، عن مالك، وقال في حديثه: (فقد أدرك الفضل).
قال ابن عبد البر: لا أعلم أحداً من الرواة قاله عن مالك غيره.
قال: ورواه نافع بن يزيد، عن يزيد بن الهاد، عن عبد الوهاب بن أبي بكر، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من ادرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة وفضلها).
قال: وهذا اللفظ – أيضا- لم يقله أحد عن ابن شهاب غير عبد الوهاب هذا، وليس ممن يحتج به على أصحاب ابن شهاب.
قال: وقد روى هذا الحديث الليث بن سعد، عن ابن الهادي، عن ابن شهاب، فلم يذكر في الإسناد: (عبد الوهاب)، ولا جاء بهذه اللفظة.
وقد اختلف العلماء في ما يدرك به فضل الجماعة مع الإمام:
فقالت طائفة: لا يدرك بدون إدرك ركعة تامة؛ لظاهر الحديث.
وقد رواه قرة بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وزاد فيه: (قبل أن يقيم الإمام صلبه).
خرج حديثه ابن خزيمة في (صحيحه) والدارقطني.
وليس هذا اللفظ بمحفوظ عن الزهري –أيضا-، وقرة هذا مختلف في أمره، وتفرد بهذا الحديث عنه يحيى بن حميد بهذه الزيادة، وقد أنكرها عليه البخاري والعقيلي وابن عدي والدارقطني وغيرهم.
وحكي هذا القول عن مالك: أنه لا يدرك الجماعة بدون ركعة.
وذكره ابن أبي موسى من أصحابنا مذهباً لأحمد، ولم يحك فيه خلافاً.(1/170)
وهو قول عطاء، حتى قال: إذا سلم إمامه، فإن شاء تكلم، فلم يكن في صلاة، قد فاتته الركعة.
خرجه عبد الرزاق، عن ابن جريج، عنه.
وخرج أبو داود من حديث أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (من أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة).
وخرجه الحاكم وصححه.
وفي إسناده من ضعف.
وخرجه الطبراني وغيره من رواية عبد الحميد بن عبد الرحمن بن الأزهر، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وإسناده جيد.
قال الحافظ محمد بن عبد الواحد المقدسي: لا أعلم له علة.
وقالت طائفة: تدرك فضيلة الجماعة بإدراك تكبيرة الإحرام قبل سلام الإمام، وهو قول أبي وائل.
وقال قتادة: إن ابن مسعود أدرك قوماً جلوساً في آخر صلاتهم، فقال: قد أدركتم إن شاء الله.
وهو مذهب الشافعي، والمشهور عن أحمد عند القاضي أبي يعلي وأتباعه، حتى قال بعض أصحابنا: هو إجماع من العلماء، لا نعلم فيه خلافاً؛ ولكن ليس بإجماع كما تقدم.
وروى ابن عدي من طريق محمد بن جابر، عن أبان بن طارق، عن كثير بن شنظير، عن عطاء، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك فضل الجماعة، ومن أدرك الإمام قبل أن يسلم فقد أدرك فضل الجماعة). قال: وكنا نتحدث أن من أدرك قبل أن يتفرقوا فقد أدرك فضل الجماعة.
وليس هذا بمحفوظ، وأبان بن طارق ومحمد بن جابر ضعيفان.
وقد رواه ابن علية، عن كثير بن شنظير، عن عطاء، عن أبي هريرة، قال: إذا انتهى إلى القوم وهم قعود في آخر صلاتهم فقد دخل في التضعيف، وإذا انتهى اليهم وقد سلم الإمام، ولم يتفرقوا فقد دخل في التضعيف.
قال عطاء: وكان يقال: إذا خرج من بيته وهو ينويهم، فأدركهم أو لم يدركهم فقد دخل في التضعيف.
وهذا الموقوف أصح .
[ فتح الباري : 3 / 247- 252 ] .
باب
الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس(1/171)
388) وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين).
وله طرق متعددة عن ابن عمر.
وخرج الطبراني والدارقطني والبزار نحوه من حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وخرج الطبراني نحوه من حديث ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وله عنه طرق .
وروي عن ابن المسيب مرسلاً، وهو أصح .
ومراسيل ابن المسيب أصح المراسيل .
[ فتح الباري : 3 / 260- 261 ] .
389) قال البخاري رحمه الله : 582- حدثنا مسدد: ثنا يحيى بن سعيد، عن هشام، قال: أخبرني أبي، قال: أخبرني ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها).
583- قال: وحدثني ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصالة حتى ترتفع، وإذا غاب حاجب الشمس فاخروا الصلاة، حتى تغيب).
تابعه: عبدة.
قال ابن رجب رحمه الله :وحديث عبدة الذي أشار إلى متابعته: قد خرجه في (كتاب بدء الخلق): أخبرنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا طلع حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تبرز، وإذا غاب حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تغيب، لا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها؛ فإنها تطلع بين قرني شيطان) – أو (الشيطان)، لا أدري أي ذلك قال هشام؟
وخرجه مسلم من رواية وكيع وابن نمير ومحمد بن بشر، كلهم عن هشام – بنحوه.
وفي رواية له: (فإنها تطلع بقرني الشيطان).
وإنما احتاج البخاري إلى ذكر المتابعة في هذا الإسناد؛ لأن عروة قد اختلف عليه فيه:
وهما حديثان: حديث: (لا تحروا بصلاتكم)، وحديث: (إذا طلع حاجب الشمس).
وقد روى ابن إسحاق، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة: حديث: (إذا طلع حاجب الشمس)- الحديث، ووهم في قوله: (عن عائشة).(1/172)
ورواهما عن مالك وعروة، عن هشام، عن أبيه – مرسلاً.
وروى مسلمة بن قعنب، عن هشام، عن أبيه، عن ابن عمر – أو: ابن عمرو-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: حديث: (لا تحروا).
والصحيح: قول القطان ومن تابعه-: [رواه] الدارقطني.
وذكر ابن عبد البر أن أيوب بن صالح رواه، عن مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة.
قال: وأيوب هذا ليس ممن يحتج به، وليس بالمشهور بحمل العلم.
وروى ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: حديث: النهي عن الصلاة عند الطلوع والغروب.
خرجه الإمام أحمد.
وروى ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، عن عائشة – موقوفاً-: إذا طلع حاجب الشمس.
والصواب : حديث عروة، عن ابن عمر.
ومن قال: (عن عائشة) فقد وهم: ذكره الدارقطني وغيره.
فإن عروة عن عائشة سلسلة معروفة يسبق إليها لسان من لا يضبط ووهمه، بخلاف: عروة، عن ابن عمر، فإنه غريب، لا يقوله إلا حافظ متقن.
ورواه الدراوردي، عن هشام، عن أبيه، عن سالم، عن أبيه.
ووهم في قوله: (عن سالم)، ولم يتابع عليه -: قاله الدارقطني – أيضا.
[ فتح الباري : 3 / 263- 266 ] .
390) وروى أبو بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس: إن الشمس إذا طلعت أتاها ملك عن الله يأمرها بالطلوع، فيأتيها شيطان يريد أن يصدها عن الطلوع، فتطلع بين قرنيه، فيحرقه الله فيها، وما غربت الشمس قط إلا خرت لله ساجدة، فيأتيها شيطان يريد أن يصدها عن الغروب، فتغرب بين قرنيه، فيحرقه الله تحتها، وذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما طلعت إلا بين قرني شيطان، ولا غربت إلا بين قرني شيطان).
خرجه ابن عبد البر.
والهذلي، متروك الحديث.
[ فتح الباري : 3 / 266 ] .
باب
لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس(1/173)
391) قال البخاري رحمه الله : 585 - حدثنا عبد الله بن يوسف: أنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها).
قال ابن رجب رحمه الله : هكذا في رواية البخاري: (لا يتحرى)، على أنه خبر أريد به النهي. وفي رواية لمسلم: (لا يتحر)، على أنه نهي.
وهذا الحديث موافق لرواية عروة، عن ابن عمر، كما تقدم.
وقد روى هذا الحديث – أيضا- عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصلى مع طلوع الشمس، أو مع غروبها.
خرجه النسائي من طريق خالد، عنه.
ورواه يحيى بن سليم وعبد الرحيم بن سليمان، عن عبيد الله، عن نافع، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس.
وهو حديث منكر - : قاله أبو حاتم الرازي وغيره.
وذكر الدارقطني أنهما وهما في إسناده على عبيد الله بن عمر؛ فإن عبيد الله إنما روى هذا المتن عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة كما سبق.
وروى – أيضا – ابن أبي ذئب، عن مسلم الخياط، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا بعد الصبح حتى ترتفع الشمس وتضحى).
مسلم، وثقه ابن معين وغيره.
وهذا غريب عن ابن عمر، بل منكر؛ فإنه لا يصح عنه رواية في النهي عن الصلاة بعد الفجر والعصر؛ فقد صح عنه أنه رخص في ذلك، كما خرجه البخاري، وسيأتي – إن شاء الله تعالى .
[ فتح الباري : 3 / 269- 370 ] .
392) قال البخاري رحمه الله : 587 - حدثنا محمد بن أبان: ثنا غندر: ثنا شعبة، عن أبي التياح، قال: سمعت حمران بن أبان يحدث، عن معاوية، قال: إنكم لتصلون صلاة، لقد صحبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما رأيناه يصليها، ولقد نهى عنها – يعني: الركعتين بعد العصر.(1/174)
قال الإسماعيلي: قد رواه عثمان بن عمر، عن شعبة، عن أبي التياح، عن معبد الجهني، عن معاوية –جعل بدل حمران: معبدا.
قلت: غندر مقدم في أصحاب شعبة على عثمان بن عمر وغيره.
قال أحمد: ما في أصحاب شعبة أقل خطأ من غندر.
وقد توبع عليه؛ فخرجه الإمام أحمد في (مسنده) عن غندر وحجاج، عن شعبة، عن أبي التياح، عن حمران.
وكذا رواه شبابة بن سوار وقراد أبو نوح، عن شعبة.
ورواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، قال: أخبرني أبو التياح، عن معبد الجهني، قال: خطب معاوية، فقال: ألا ما بال أقوام يصلون صلاة، قد صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما رأيناه يصليها، وقد سمعناه نهى عنها – يعني: الركعتين بعد العصر.
وهذه متابعة لعثمان بن عمر.
قال البيهقي: كأن أبا التياح سمعه منهما. والله أعلم.
[ فتح الباري : 3 / 271 ] .
393) وجاء من حديث ابن مسعود – مرفوعاً-: (حتى ترتفع وتبيض).
خرجه الهيثم بن كليب بإسناد فيه انقطاع .
[ فتح الباري : 3 / 272 ] .
394) وجاء في حديث كعب بن مرة – أو مرة بن كعب-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (حتى ترتفع قيد رمح أو رمحين).
خرجه الإمام أحمد.
وفي إسناده اختلاف .
[ فتح الباري : 3 / 273 ] .
395) وخرجه الإسماعيلي من حديث عمر بن الخطاب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بإسناد حديثه الذي خرجه البخاري هاهنا، ولكن متنه بهذا الإسناد منكر غير معروف .
[ فتح الباري : 3 / 273 ] .
396) وفي (مسند الإمام أحمد) عن سعيد بن نافع، قال: رآني أبو بشير الأنصاري صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أصلي صلاة الضحى حين طلعت الشمس، فعاب ذلك علي، ونهاني، وقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تصلوا حتى ترتفع الشمس؛ فإنها تطلع في قرني الشيطان).
وسعيد بن نافع، روى عن جماعة من الصحابة، وذكره ابن حبان في (ثقاته).
[ فتح الباري : 3 / 273 ] .(1/175)
397) وروى محمد بن حيي بن يعلي بن أمية، عن أبيه، قال: رأيت يعلي بن أمية صلى قبل أن تطلع الشمس، فقيل له: أنت رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تصلي قبل أن تطلع الشمس؟ قال يعلي: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إن الشمس تطلع بين قرني شيطان، فلأن تطلع وأنت في أمر الله خير من أن تطلع وأنت لاه).
خرجه الإمام أحمد.
ومحمد بن حيي بن يعلي بن أمية، قال ابن المديني : هو مجهول. قال : وأبوه معروف، قد روي عنه .
[ فتح الباري : 3 / 276 ] .
398) ومما استدل به من ذهب إلى ذلك: ما رواه هلال بن يساف، عن وهب بن الأجدع، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (لا تصلوا بعد العصر، إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة).
خرجه الإمام أحمد وأبو داود.
والنسائي، وعنده: (إلا أن تكون الشمس بيضاء نقية مرتفعة).
وابن خزيمة وابن حبان في (صحيحهما).
وثبته ابن المنذر.
ووهب بن الأجدع، قال محمد بن يحيى الذهلي : ليس بمجهول ؛ قد روى عنه الشعبي – أيضا .
[ فتح الباري : 3 / 278- 279 ] .
399) وروى ابن جريج: سمعت أبا سعد الأعمى يخبر، عن رجل، يقال له: السائب مولى الفارسيين، عن زيد بن خالد، أن عمر رآه يركع بعد العصر ركعتين، فمشى إليه فضربه بالدرة وهو يصلي، فلما انصرف قال: دعها يا أمير المؤمنين، فوالله لا أدعها أبداً بعد إذ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصليهما، فجلس إليه عمر، فقال: يا زيد، لولا أني أخشى أن يتخذها الناس سلماً إلى الصلاة حتى الليل، لم أضرب فيهما.
وخرجه الإمام أحمد .
وفي إسناده رجلان غير معروفين .
[ فتح الباري : 3 / 281 ] .(1/176)
400) وخرجه الإمام أحمد – مختصراً-، عن أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: خرج عمر على الناس يضربهم على السجدتين بعد العصر، حتى مر بتميم الداري، فقال: لا أدعهما؛ صليتهما مع خير منك، رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال عمر: لو أن الناس كانو كهيئتك لم أبال .
ورواية عروة عن عمر مرسلة .
[ فتح الباري : 3 / 282 ].
401) وفي (سنن أبي داود)_ بإسناد فيه نظر_ ، عن ابن عمر، أنه نهى عن سجود التلاوة بعد الصبح، وقال: صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع أبي بكر وعمر وعثمان، فلم يسجدوا حتى تطلع الشمس .
[ فتح الباري : 3 / 283 ] .
باب
من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر
402) رويناه في كتاب (وصايا العلماء) لابن زبر من طريق مروان بن جعفر، عن محمد بن إبراهيم بن خبيب، عن جعفر بن سعد، عن خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة، عن سمرة، قال: هذه وصية سمرة إلى بنيه، فذكر فيها: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرنا أن نصلي أي ساعة شئنا من الليل أو النهار، غير أنه أمرنا أن نجتنب طلوع الشمس وغروبها، وقال: (إن الشيطان يغيب معها حين تغيب، ويطلع معها حين تطلع).
وهذه نسخة، خرج منها أبو داود في (سننه) أحاديث.
وخرجه البزار في (مسنده) عن خالد بن يوسف السمتي، عن أبيه، عن جعفر بن سعد.
ويوسف بن خالد السمتي، ضعيف جداً.
[ فتح الباري : 3 / 286 ] .
403) وخرج – أيضا- من حديث ليث، عن ابن سابط، عن أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (لا تصلوا عند طلوع الشمس؛ فإنها تطلع بين قرني شيطان، ويسجد لها كل كافر، ولا نصف النهار، فإنها عند سجر جهنم).
وليث، هو: ابن أبي سليم. وعبد الرحمن بن سابط، لم يسمع من أبي أمامة -: قاله ابن معين وغيره.(1/177)
والصحيح : أن أبا أمامة إنما سمعه من عمرو بن عبسة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما تقدم .
وقد روي، عن ليث، عن ابن سابط، عن أخي أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
[ فتح الباري : 3 / 288 ] .
404) وروى ابن وهب، أخبرني عياض بن عبد الله، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، أن رجلاً سال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أمن ساعات الليل والنهار ساعة تأمرني أن لا أصلي فيها؟ – فذكر الحديث بطوله، وفيه: (فإذا انتصف النهار فأقصر عن الصلاة حتى تميل الشمس؛ فإنه حينئذ تسعر جهنم، وشدة الحر من فيح جهنم. فإذا مالت الشمس فالصلاة محضورة مشهودة متقبلة حتى تصلي العصر) – وذكر الحديث.
خرجه ابن خزيمة في (صحيحه).
وخرجه ابن ماجه وابن حبان في (صحيحه) من طريق ابن أبي فديك، عن الضحاك بن عثمان، عن المقبري، عن أبي هريرة، أن صفوان بن المعطل سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - - فذكره بنحوه.
وخرجه عبد الله بن الإمام أحمد والحاكم من رواية حميد بن الأسود، عن الضحاك، عن المقبري، عن صفوان بن المعطل – لم يذكر في إسناده: أبا هريرة.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
ورواه الليث بن سعد، عن سعيد المقبري، عن عون بن عبد الله بن عتبة، عن ابن مسعود، أن عمرو بن عبسة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - - فذكره.
خرجه الهيثم بن كليب في (مسنده).
وهو منقطع؛ عون لم يسمع من ابن مسعود.
قال الدارقطني: قول الليث أصح – يعني: من قول الضحاك ويزيد بن عياض.
قال: وروي عن الليث، عن ابن عجلان، عن المقبري، عن ابن المسيب، عن عمرو بن عبسة، وهو وهم على الليث؛ إنما روى الليث في آخر الحديث ألفاظاً عن ابن عجلان عن سعيد المقبري – مرسلاً.
قلت: ورواه ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن المقبري، عن عون ابن عبد الله، عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة نصف النهار.
خرجه الطبراني.
وابن لهيعة، سيء الحفظ.(1/178)
وروى الطبراني – أيضا-: أخبرنا أبو زرعة الدمشقي: ثنا يحيى بن صالح الوحاظي: ثنا عبيد الله بن عمرو، عن يونس بن عبيد، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى عن الصلاة في ثلاث ساعات: عند طلوع الشمس حتى تطلع، ونصف النهار، وعند غروب الشمس.
وهذا غريب جداً، وكأنه غير محفوظ .
[ فتح الباري : 3 / 288- 290 ] .
405) وروى الإسماعيلي من حديث أيوب بن جابر، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، قال: (لا تصلوا قبل طلوع الشمس حتى تطلع، ولا عند غروبها حتى تغرب، ولا نصف النهار حتى تزول).
أيوب بن جابر، ضعيف الحديث .
[ فتح الباري : 3 / 291 ] .
406) وقالت طائفة: تكره الصلاة وسط النهار، إلا يوم الجمعة، وهو قول مكحول والأوزاعي في رواية، وسعيد بن عبد العزيز وأبي يوسف والشافعي وإسحاق.
وروى الشافعي فيه حديثاً _ بإسناد ضعيف _ ، عن أبي هريرة .
[ فتح الباري : 3 / 291 ] .
407) وخرج أبو داود من حديث ليث، عن مجاهد، عن أبي الخليل، عن أبي قتادة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة، وقال: (إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة).
وقال : هو مرسل؛ أبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة.
وقال الأثرم : له علل، ومنها: أنه من حديث ليث، ومنها: أن أبا الخليل لم يلق أبا قتادة. انتهى.
وأبو الخليل، هو : صالح بن أبي مريم، ومن زعم أنه عبد الله بن الخليل صاحب علي فقد وهم .
[ فتح الباري : 3 / 291- 292 ] .
باب
ما يصلى بعد العصر من الفوائت ونحوها(1/179)
408) خرجه الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق: أنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالت: لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بعد العصر قط إلا مرة، جاءه ناس بعد الظهر، فشغلوه في شيء، فلم يصل بعد الظهر شيئاً حتى صلى العصر. قالت: فلما صلى العصر دخل بيتي فصلى ركعتين.
وخرجه النسائي – بمعناه .
وهذا – أيضا- إسناد صحيح .
[ فتح الباري : 3 / 294 ] .
409) وقد روي عن أم سلمة ما يخالف هذا، إلا أن - إسناده لا يصح - : من رواية محمد بن حميد الرازي، عن هارون بن المغيرة، عن ابن سعيد، عن عمار الدهني، عن عبد الملك بن عبيدة بن ربيعة، عن جدته أم سلمة، أنها أمرت بالركعتين بعد العصر، وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ليصليهما إذا صلى مع الناس هو جالس، مخافة شهرتها، وإذا صلاها في بيته صلاها قائماً.
قال محمد بن حميد : كتب عني أحمد بن حنبل هذا الحديث.
محمد بن حميد، كثير المناكير، وقد اتهم بالكذب، فلا يلتفت إلى تفرده بما يخالف الثقات .
[ فتح الباري : 3 / 295 - 296 ]
410) وروى بقي بن مخلد في (مسنده): حدثنا محمد بن مصفى: ثنا بقية: حدثني محمد بن زياد: سمعت عبد الله بن أبي قيس يقول: سألت عائشة عن الركعتين بعد العصر؟ فقالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركعهما قبل الهاجرة، فنهى عنهما، فركعهما بعد العصر، فلم يركعهما قبلها ولا بعدها.
وهذا إسناد جيد .
[ فتح الباري : 3 / 299 ] .(1/180)
411) وخرجه الإمام أحمد عن غندر: حدثنا شعبة، عن يزيد بن خمير، قال: سمعت عبد الله بن [أبي] موسى، قال: دخلت على عائشة، فسألتها عن الوصال في الصوم، وسألتها عن الركعتين بعد العصر؟ فقالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلاً على الصدقة، فجاءته عند الظهر، فصلى الظهر، وشغل في قسمته حتى صلى العصر، ثم صلاها، وقالت: عليكم بقيام الليل؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدعه.
قال أحمد: يزيد بن خمير صالح الحديث. قال: وعبد الله بن أبي موسى هذا خطأ، أخطأ فيه شعبة، هو: عبد الله بن أبي قيس. انتهى.
والأمر كما قاله.
وقد روي عن عبد الله بن أبي قيس، عن عائشة من وجه آخر، وهو شامي حمصي، خرج له مسلم .
[ فتح الباري : 3 / 300 ] .
412) وخرج الإمام أحمد – أيضا – من رواية معاوية بن صالح، عن عبد الله بن أبي قيس، قال: سألت عائشة عن الركعتين بعد العصر؟ فقالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ركعتين بعد الظهر، فشغل عنهما حتى صلى العصر، فلما فرغ ركعهما في بيتي، فما تركهما حتى مات.
قال عبد الله بن أبي قيس: فسألت أبا هريره عنه؟ فقال: قد كنا نفعله، ثم تركناه.
فخالف معاوية بن صالح محمد بن زياد ويزيد بن خيمر، وقولهما أولى.
[ فتح الباري : 3 / 300 ] .
413) وقد روي عن عائشة، أنها ردت الأمر إلى أم سلمة في ذلك، وقد سبق حديث كريب عنها – وهو أصح روايات الباب كما ذكره الدارقطني-، وحديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن عائشة قالت: اخبرتني أم سلمة، وحديث أبي سلمة، عن عائشة وأم سلمة.(1/181)
وخرج الإمام أحمد من رواية يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، قال: دخلت أنا وابن عباس على معاوية، فذكر الركعتين بعد العصر، فجاء ابن الزبير، فقال: حدثتني عائشة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأرسل إلى عائشة، فقالت: ذاك ما أخبرته أم سلمة، فدخلنا على أم سلمة، فاخبرناها ما قالت عائشة، فقالت: يرحمها الله، أو لم أخبرها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عنهما؟
وفي رواية بهذا الإسناد: أن عائشة قالت: لم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكن حدثتني أم سلمة، فسألناها، فذكرت القصة، ثم قالت: ولقد حدثتها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنهما.
ورواه حنظلة السدوسي، عن عبد الله بن الحارث، قال: صلى بنا معاوية العصر، فأرسل إلى ميمونة رجلاً، ثم أتبعه رجلاً آخر، فقالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجهز بعثاً، ولم يكن عنده ظهر، فجاءه ظهر من ظهر الصدقة، فجعل يقسمه بينهم، فحبسوه حتى أرهق العصر، وكان يصلي قبل العصر ركعتين، أو ما شاء الله، فصلى العصر ثم رجع، فصلى ما كان يصلي قبلها، وكان إذا صلى صلاة، أو فعل شيئاً يحب أن يداوم عليه.
خرجه الإمام أحمد.
وفي رواية له بهذا الإسناد: أن معاوية أرسل إلى عائشة، فأجابته بذلك.
وكلاهما وهم. والله أعلم.
ورواية يزيد بن أبي زياد له، عن عبد الله بن الحارث، عن [ام] سلمة أصح.
وحنظلة هذا، قال الإمام أحمد: منكر الحديث. وضعفه ابن معين والنسائي.
[ فتح الباري : 3 / 300- 301 ] .
414) وروى سعد بن أوس: حدثني مصدع أبو يحيى، قال: حدثتني عائشة – وبيني وبينها ستر-، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل صلاة إلا اتبعها ركعتين، غير الغداة وصلاة العصر؛ فإنه كان يجعل الركعتين قبلهما.
خرجه بقي بن مخلد.
فقد تبين بهذا كله أن حديث عائشة كثير الاختلاف والاضطراب، وقد رده بذلك جماعة، منهم: الترمذي والأثرم وغيرهما.(1/182)
ومع اضطرابه واختلافه فتقدم الأحاديث الصحيحة الصريحة التي لا اختلاف فيها ولا اضطراب في النهي عن الصلاة بعد العصر عليه .
[ فتح الباري : 3 / 302 ] .
415) وروى إسحاق بن راهويه في (مسنده) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: رأيت عبد الله بن الزبير يصلي ركعتين بعد العصر، فقلت: ما هذ؟ قال: أخبرتني عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه كان يصلي ركعتين بعد العصر في بيتي، قال: فأتيت عائشة، فسألتها، فقالت: صدق، فقلت لها: فأشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس)، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ما أمر، ونحن نفعل ما أمرنا.
أبو هارون، ضعيف الحديث .
[ فتح الباري : 3 / 304 ] .
416) فروى حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن ذكوان، عن أم سلمة، قالت: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر، ثم دخل بيتي فصلى ركعتين، فقلت: يا رسول الله، صليت صلاة لم تكن تصليها؟ فقال: (قدم علي مال فشغلني عن ركعتين كنت أركعهما بعد الظهر، فصليتهما الآن). فقلت: يا رسول الله، أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال (لا).
خرجه الإمام أحمد وابن حبان في (صحيحه).
وإسناده جيد.
قال الدارقطني: وروي عن ذكوان، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعن ذكوان، عن عائشة، عن أم سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقد ضعفه البيهقي بغير حجة في (كتاب المعرفة).
وخرجه في (كتاب السنن) من رواية ذكوان، عن عائشة، قالت: حدثتني أم سلمة – فذكرت الحديث.
ورجح الأثرم والبيهقي : من رواه عن حماد عن الأزرق عن ذكوان عن عائشة عن أم سلمة .
وهذا مما يستدل به على أن عائشة إنما تلقت هذا الحديث عن أم سلمة .(1/183)
وخرج أبو داود من رواية ابن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها.
وهذا يدل على أن عائشة روت اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصلاة .
وروي عنها من وجه آخر من رواية عبيدة بن معتب عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها بعد العصر فصلى ركعتين فقلت : يا رسول الله أُحدث الناس ؟ قال : ( لا إن بلالاً عجل الإقامة فلم نصل الركعتين قبل العصر فأنا أقضيهما الآن ) قلت : يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا ؟ قال : ( لا ) .
قال الدارقطني في " العلل " : لا أعلم أتى بهذا اللفظ غير عبيدة بن معتب وهو ضعيف .
قلت : رواية ذكوان تعضده وتشهد له .
[ فتح الباري : 3 / 305- 306 ] .
417) فروى أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على إثر كل صلاة مكتوبة ركعتين إلا الفجر والعصر .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن خزيمة في " صحيحه " .
وعاصم وثقه جماعة من الأئمة .
[ فتح الباري : 3 / 307- 308 ] .
418) وروى زهير بن محمد، عن يزيد بن خصيفة، عن سلمة بن الأكوع، قال: كنت أسافر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فما رأيته صلى بعد العصر ولا بعد الصبح قط.
خرجه الإمام أحمد.
وذكره الترمذي في (علله)، وقال: سألت عنه محمداً – يعني: البخاري-، فقال: لا أعرف ليزيد بن خصيفة سماعاً من سلمة بن الأكوع. قال: ولم نعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه.
كذا قال.
وقد خرجه من طريق سعيد بن أبي الربيع: حدثنا سعيد بن سلمة: ثنا يزيد ابن خصيفة، عن ابن سلمة بن الأكوع، عن أبيه سلمة – فذكره- فأدخل بينهما: (ابن سلمة)، لكنه لم يسمه.
[ فتح الباري : 3 / 308 ] .(1/184)
419) وفي رواية ابن أبي لبيد، عن أبي سلمة، أن عائشة لما أرسل اليها معاوية يسألها عن ذلك، قالت: (لا علم لي) – تشير إلى أنها ليس عندها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك شيء سمعته منه أو راته يفعله – (ولكن سلوا أم سلمة) – تشير إلى أنها هي التي أخبرت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنها رأته يفعل ذلك.
وفي رواية محمد بن أبي حرملة، عن عائشة، أنها حدثت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل حديث أم سلمة، فإن كان هذا محفوظاً فقد أرسلت الحديثين عنها، ويحتمل أن تكون أخبرت عما رأته، وأن يكون مرادها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتين قبل وقت العصر – تعني: بعد الظهر-، فشغل عنهما أو نسيهما، ثم صلاهما بعد العصر- تعني: بعد وقت العصر، قبل صلاة العصر-، ثم أثبتهما من حينئذ، فداوم عليهما قبل صلاة العصر وبعد دخول وقت صلاة العصر.
ورواية ابن أبي لبيد أشبه من رواية ابن أبي حرملة، وكل منهما ثقة مخرج له في (الصحيحين).
وقال البيهقي في حديث ابن أبي لبيد: إنه حديث صحيح.
وإنما رجح أبن عبد البر رواية ابن أبي حرملة على رواية ابن أبي لبيد لموافقته في الظاهر لما فهمه من سائر الرواة عن عائشة في الصلاة بعد العصر، وقد بينا الفرق بينهما .
[ فتح الباري : 3 / 312- 313 ] .
420) فإن قيل: فقد سبق عن زيد بن خالد وتميم الداري، أنهما رويا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -،
[أنه ] صلاهما.
قيل : ليس إسناد واحد منهما مما يحتج به؛ لأن حديث تميم منقطع الإسناد، وحديث زيد بن خالد فيه مجهولان، ولعل مرادهما : الصلاة بعد وقت العصر، قبل صلاة العصر – أيضا .
[ فتح الباري : 3 / 314-315 ] .(1/185)
421) وقد رويت الصلاة بعد العصر عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، من رواية أبي دارس النصري: حدثنا أبو بكر بن أبي موسى، عن أبيه، أنه كان يصلي بعد العصر ركعتين، ويحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين بعد العصر في منزل عائشة.
خرجه بقي بن مخلد.
وخرجه الإمام أحمد مختصراً، ولفظه: عن أبي موسى، أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي ركعتين بعد العصر.
وهذا – أيضا- يحتمل أنه رآه يصلي بعد دخول وقت العصر.
وأبو دارس، اسمه: إسماعيل بن دارس، قال ابن المديني: هو مجهول لا أعرفه.
وقال ابن معين: ضعيف الحديث. وقال مرة: ما به بأس إنما روى حديثاً واحداً. وقال أبو حاتم: ليس بالمعروف.
ويقال فيه – أيضا-: أبو دراس، وقد فرق بينهما ابن أبي حاتم، وهو واحد.
وله طريق آخر من رواية يحيى بن عاصم صاحب أبي عاصم: حدثنا محمد ابن حمران بن عبد الله: حدثني شعيب بن سالم، عن جعفر بن أبي موسى، عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بعد العصر ركعتين، وكان أبو موسى يصليهما.
خرجه الطبراني في (الأوسط) .
وهذا الإسناد مجهول لا يعرف .
[ فتح الباري : 3 / 315- 316 ] .
422) وروى محمد بن عبيد الله الكوفي، عن [أبي] إسحاق، عن البراء، قال: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثماني عشرة غزوة، فما رأيته تاركاً ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد العصر.
غريب منكر، والكوفي، لعله: العرزمي، وهو متروك، وإلا فهو مجهول.
[ فتح الباري : 3 / 316 ] .
423) ويمكن أن نسلك في حديث عائشة مسلكاً آخر، وهو: أن صلاة الركعتين للداخل إلى منزله حسن مندوب إليه، وقد ورد في فضله أحاديث في أسانيدها نظر.
فخرج البزار في الأمر به، وأنه يمنع مدخل السوء: حديثاً عن أبي هريرة – مرفوعاً، في إسناده ضعف.(1/186)
وروى الأوزاعي، عن عثمان بن أبي سودة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (صلاة الأوأبين) – أو قال: (صلاة الأبرار – ركعتان إذا دخلت بيتك، وركعتان إذا خرجت منه).
وهذا مرسل.
ويروى عن هشام بن عروة، عن عائشة، قالت: ما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيتي قط إلا صلى ركعتين.
قال أبو بكر الأثرم: هو خطأ.
[ فتح الباري : 3 / 316-317 ] .
424) وقد احتج الشافعي – أيضا – لذلك: بما روى سعد بن سعيد الأنصاري، قال: حدثني محمد بن إبراهيم التيمي، عن قيس بن عمرو، قال: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (صلاة الصبح ركعتان)، فقال: إني لم [أكن] صليت الركعتين اللتين قبلها، فصليتهما الآن، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم.
وقال الترمذي: إسناده ليس بمتصل؛ محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من قيس. ورواه بعضهم عن سعد، عن محمد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج فرأى قيساً.
وذكر أبو داود أن يحيى بن سعيد وأخاه عبد ربه روياه – مرسلاً -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج فرأى قيساً يصلي.
وقيس جدهما – هو أخوهما.
وقد روى الليث، عن يحيى بن سعيد، عن أبيه، عن جده، أنه جاء والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي – فذكره.
خرجه ابن حبان في (صحيحه) والدارقطني والحاكم.
وزعم أنه صحيح، وليس كذلك.
قال ابن أبي خيثمة: ذكر عن أبيه، أنه قال: يقال: إن سعيداً لم يسمع من أبيه قيس شيئاً.
فهو – أيضا – مرسل.
وقد ضعف أحمد هذا الحديث، وقال: ليس بصحيح.
وقد رواه عبد الملك بن أبي سليمان، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - مرسل.
وذكر أبو داود والترمذي: أن ابن عيينة قال: سمع هذا الحديث عطاءً من سعد بن سعيد.
فعاد الحديث إلى حديث سعيد المتقدم.(1/187)
وقد رواه الضعفاء، فأسندوه عن عطاء، وإسناده ووصله وهم:
فرواه أيوب بن سويد، عن ابن جريح، عن عطاءٍ، عن قيس.
وأيوب ضعيف، وهم في إسناده له عن قيس.
ورواه سعيد بن راشد السماك، عن عطاء، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وسعيد هذا، ضعيف.
ورواه محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني، عن أبيه، عن عطاء، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ومحمد بن سليمان، يقال له: البومة، ضعيف.
والصحيح عن عطاء: المرسل -: قاله أبو حاتم والدارقطني وغيرهما.
[ فتح الباري : 3 / 317-319 ] .
باب
الأذان بعد ذهاب الوقت
425) وخرج – أيضا- بإسناده، عن ابن عباس، أنه قال عقب روايته لهذا الحديث: ما يسرني به الدنيا وما فيها – يعني: للرخصة.
وفي إسناده مقال.
وقد روي عن مسروق مرسلاً، وأن هذا الكلام في آخره من قول مسروق، وهو أصح -: قاله أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان.
ويشبه هذا الحديث: [ما] ذكره مالك في (الموطأ)، أنه بلغه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنما أنسى لأسن).
وقد قيل: إن هذا لم يعرف له إسناد بالكلية.
[ فتح الباري : 3 / 327- 328 ]
426) وخرج مسلم – أيضا – من رواية الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة- فذكر هذه القصة، وقال في آخر الحديث: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اقتادوا)، فاقتادوا رواحلهم شيئاً، ثم توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمر بلالاً فأقام الصلاة، فصلى بهم الصبح.
وقد اختلف علي الزهري في وصله بذكر أبي هريرة، وإرساله عن سعيد بن المسيب.
وصحح أبو زرعة ومسلم وصله، وصحح الترمذي والدارقطني إرساله.
وذكر الاختلاف في ذلك أبو داود، وخرجه من طريق معمر موصولاً، وذكر في حديثه، قال: فأمر بلالاً فأذن، وأقام وصلى.
وذكر أبو داود: أن مالكاً وابن عيينة والأوزاعي وغيرهم لم يذكروا في حديثهم: الأذان.(1/188)
وخرجه مسلم من حديث أبي حازم، عن أبي هريرة، وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثم صلى سجدتين، وأقيمت الصلاة فصلى الغداة.
وقد خرجه النسائي من حديث عطاء بن السائب، عن بريد بن أبي مريم، عن أبيه، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر – فذكر الحديث، وقال في آخره: فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤذن فأذن، ثم صلى الركعتين قبل الفجر، ثم أمره فأقام، فصلى بالناس.
وخرج الإمام أحمد وأبو داود ذكر الأذان والإقامة وصلاة ركعتي الفجر بينهما في هذه القصة، من حديث الحسن، عن عمران بن حصين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والحسن، لم يسمع من عمران عند الأكثرين .
[ فتح الباري : 3 / 329 – 330 ] .
427) وخرج النسائي من حديث حبيب بن أبي حبيب، عن عمرو بن هرم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، قال: أدلج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم عرس، فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس – أو بعضها- ، فلم يصل حتى ارتفعت الشمس، فصلى، وهي صلاة الوسطى.
حبيب هذا، خرج له مسلم. وقال أحمد: لا أعلم به بأساً. وقال يحيى القطان: لم يكن في الحديث بذاك .
[ فتح الباري : 3 / 332 ] .
428) وهذا يرد الحديث المروي عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم الصبح ذلك اليوم، فقرأ بـ { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } [الكافرون: 1]، و { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } [الإخلاص:
1]، ثم قال: (صليت بكم بثلث القرآن، وربع القرآن)، وقال: (إذا نسيت صلاة الفجر إلى صلاة العشاء فذكرتها، [فابدأ]، فإنها كفارتها).
خرجه ابن عدي من رواية جعفر بن أبي جعفر الأشجعي، عن أبيه، عن أبن عمر.
وجعفر هذا، قال البخاري فيه: منكر الحديث.
[ فتح الباري : 3 / 334 ] .(1/189)
429) وروى أبو داود في (المراسيل): ثنا يوسف بن موسى: ثنا جرير، عن علي بن عمرو الثقفي، قال: لما نام النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الغداة استيقظ، فقال (لنغيظن الشيطان كما أغاظنا)، فقرأ يومئذ بسورة المائدة في صلاة الفجر.
وهذا غريب جداً .
[ فتح الباري : 3 / 335 ] .
430) قال أبو بكر الأثرم: ثنا عبد الحميد بن أبان الواسطي: ثنا خالد بن عمرو، عن شعبة، عن ثابت البناني، عن أنس – وعن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نام، فلم يستيقظ حتى ارتفعت الشمس، ثم استيقظ فقام، فأوتر، فصلى الركعتين، ثم صلى بأصحابه.
وذكر: (أنس) في إسناده ليس بمحفوظ.
وخالد بن عمرو، هو: القرشي الأموي الكوفي، ضعيف الحديث جداً.
وذكر محمد بن يحيى الهمداني في (صحيحه)، قال:: روى قتيبة، عن عبد الله بن الحارث، عن ثابت، عن بكر، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أيقظهم حر الشمس أمرهم أن يوتروا.
كذا ذكره تعليقاً، ولم يسنده .
[ فتح الباري : 3 / 336 ] .
431) وفي (مسند البزار)، عن أنس، أنه هو الذي كلأهم تلك الليلة، ولكن إسناد ضعيف.
[ فتح الباري : 3 / 342 ] .
باب
من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة
432) وخرج الإمام أحمد من طريق حماد، عن بشر بن حرب، قال: سمعت سمرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من نسي صلاة فليصلها حين يذكرها، ومن الغد للوقت).
خرجه الإمام أحمد.
وخرجه – أيضا- من طريق همام، عن بشر، عن سمرة، قال: أحسبه مرفوعاً –فذكره.
قال أحمد في رواية أبي طالب: هو موقوف.
يعني: أن رفعه وهم.
وبشر بن حرب، ضعفه غير واحد.(1/190)
وخرجه البزار في (مسنده) من طريق أولاد سمرة، به، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمرنا إذا نام أحدنا عن الصلاة أو نسيها حتى يذهب حينها التي تصلى فيه أن نصليها مع التي تليها من الصلاة المكتوبة.
وفي إسناده يوسف السمتي، وهو ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 3 / 346- 347 ] .
433) وقد روي عن سمرة بن جندب، فيمن عليه صلوات فائتة، أنه يصلي مع كل صلاة صلاة.
وقد روي عنه- مرفوعاً.
خرجه البزار بإسناد ضعيف .
[ فتح الباري : 3 / 352 ] .
434) وقد روي عن أبي هريرة – مرفوعاً-: (من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها).
خرجه الطبراني والدارقطني والبيهقي من رواية حفص بن أبي العطاف.
واختلف عليه في إسناده إلى أبي هريرة.
وحفص هذا، قال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث. وقال يحيى بن يحيى: كذاب.
فلا يلتفت إلى ما تفرد به.
[ فتح الباري : 3 / 352 ]
435) واستدل بعضهم للزوم العامد القضاء: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المجامع في رمضان عمداً بالقضاء.
كما خرجه أبو داود.
وهو حديث في إسناده مقال؛ تفرد به من لا يوثق بحفظه وإتقانه .
[ فتح الباري : 3 / 354 ] .
436) وفي حديث مرفوع: (ثلاثة لا يقبل لهم صلاة)، ذكر منهم: (الذي لا يأتي الصلاة إلا دباراً) – يعني: [بعد] فوات الوقت.
خرجه أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن عمرو – مرفوعاً.
وفي إسناده ضعف .
[ فتح الباري : 3 / 358- 359 ] .
437) فروى أبو هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، وإن انتقص من فريضته شيئاً قال الرب تبارك وتعالى: انظروا، هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة؟ ثم يكون سائر عمله على ذلك).
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي – وهذا لفظه، وقال: حسن غريب- وابن ماجه.(1/191)
وله طرق عن أبي هريرة، أشهرها: رواية الحسن، وقد اختلفوا عليه في إسناده إلى أبي هريرة:
فقيل: عن الحسن، عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة.
وقيل: عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة.
وقيل غير ذلك.
ورواه حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن يحيى بن يعمر، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
خرجه النسائي.
وقيل – بهذا الإسناد-: عن يحيى بن يعمر، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
خرجه الإمام أحمد.
وهذا إسناد جيد.
وروي عن أبي هريرة من وجه آخر.
وروى حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن زرارة بن أوفى، عن تميم الداري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - بمعنى حديث أبي هريرة.
خرجه أبو داود وابن ماجه.
وزرارة، قال الإمام أحمد: ما أحسبه لقي تميماً.
وقد روي حديث أبي هريرة وتميم موقوفاً عليهما.
[ فتح الباري : 3 / 360- 361 ] .
438) وخرج – أيضا- من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج: سمعت رجلاً من كندة يقول: حدثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا ينتقص أحدكم من صلاته شيئاً إلا أتمها الله من سبحته).
وخرجه أبو القاسم البغوي بنحو هذا اللفظ من حديث عائذ بن قرط، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقد روي هذا المعنى – أيضا-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عمر وابن عباس، وفي إسنادهما ضعف .
[ فتح الباري : 3 / 362 ] .
439) واستدلوا – أيضا- بما روى موسى بن عبيدة، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (مثل المصلي مثل التاجر، لا يخلص له ربحه حتى يأخذ رأس ماله، فكذلك المصلي لا يقبل له صلاة نافلة حتى يؤدي الفريضة).
خرجه البزار والهيثم بن كليب في (مسنديهما) والإسماعيلي.
وموسى بن عبيدة، ضعيف جداً من قبل حفظه، وقد تفرد بهذا .(1/192)
[ فتح الباري : 3 / 363- 364 ] .
440) وخرج أبو الشيخ الأصبهاني من طريق أبي أمية، عن الحسن، عن أبي هريرة – مرفوعاً-: (من صلى المتكوبة فلم يتم ركوعها ولا سجودها، ثم يكثر من التطوع، فمثله كمثل من لا شف له حتى يؤدي رأس ماله).
وأبو أمية، هو: عبد الكريم، متروك الحديث.
و(الشف): من أسماء الأضداد، يكون بمعنى الزيادة، وبمعنى النقص.
وخرجه إسحاق بن راهويه في (مسنده)، عن كلثوم بن محمد بن أبي سدرة، عن عطاء الخراساني، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (إذا صلى الرجل الصلاة المكتوبة، فلم يتم ركوعها ولا سجودها وتكبيرها والتضرع فيها، كان كمثل التاجر لا شف له، حتى يفي رأس ماله).
وكلثوم، ضعفه ابن عدي وغيره. وعطاء، لم يسمع من أبي هريرة .
[ فتح الباري : 3 / 364 ] .
441) وروى إسحاق بن راهويه في (مسنده): ثنا عبد الل بن واقد: ثنا حيوة بن شريح، عن أبي الأسود، عن ابن رافع، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (من كان عليه من رمضان شيء، فأدركه رمضان ولم يقضه لم يتقبل منه، ومن صلى تطوعاً وعليه مكتوبة، لم يتقبل منه).
عبد الله بن واقد، هو: أبو قتادة الحراني، تكلموا فيه.
وهذا غريب من حديث حيوة، وإنما هو مشهور من حديث أبن لهيعة.
وقد خرجه الإمام أحمد عن حسن الأشيب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عبد الله بن رافع، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (من صام تطوعاً وعليه من رمضان شيء لم يقضه، فإنه لا يتقبل منه).
ولم يذكر في حديثه: (الصلاة).
وقد روي مرفوعاً.
وقال أبو زرعة: الصحيح المرفوع .
[ فتح الباري : 3 / 365 ] .
442) ولا يعلم في لزوم القضاء خلاف، إلا عن ابن عمر من وجه فيه ضعف، والخلاف مشهور في وجوب الإطعام مع القضاء.
وقد نقل إبراهيم الحربي، عن أحمد، انه سئل عن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا صلاة لمن عليه صلاة)؟ قال: لا أعرف هذا اللفظ.(1/193)
قال الحربي: ولا سمعت بهذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وهذا يدل على أن الحديث الذي خرجه إسحاق لا أصل له .
[ فتح الباري : 3 / 366 ] .
باب
قضاء الصلوات الأُولى فالأُولى
443) وقد روي عن جابر من وجه ضعيف، أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى فوائت ورتبها.
فروى حماد بن سلمة، عن عبد الكريم أبي أمية، عن مجاهد، عن جابر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شغل يوم الخندق عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأمر بلالاً فأذن وأقام وصلى الظهر، ثم أمره فأذن وأقام وصلى العصر، ثم أمره فأذن وأقام فصلى المغرب، ثم أمره [فإذن] وأقام وصلى العشاء، وقال: (ما [على] وجه الأرض قوم يذكرون الله في هذه الساعة غيركم).
خرجه البزار في (مسنده).
وقال: لا نعلم رواه بهذا الإسناد، إلا مؤمل – يعني: عن حماد-، وقد رواه بعضهم، عن عبد الكريم، عن مجاهد، عن أبي عبيدة، عن عبد الله . انتهى .
وعبد الكريم أبو أمية، متروك الحديث، مع أن البخاري حسن الرأي فيه.
[ فتح الباري : 3 / 368- 369 ] .
444) وقد روى أبو الزبير، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، قال: قال عبد الله: إن المشركين شغلوا رسول الل - صلى الله عليه وسلم - عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالاً، فأذن وأقام، فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء.
خرجه الإمام أحمد من طريق هشيم، عن أبي الزبير.
وقال الترمذي: ليس بإسناده بأس، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله.
وخرجه النسائي من طريق هشام الدستوائي، عن أبي الزبير – ولم يذكر فيه: الأذان، وإنما ذكر الإقامة لكل صلاة، وزاد في آخره: قال: ثم طاف علينا، فقال: (ما على الأرض عصابة يذكرون الله غيركم).(1/194)
وكذا رواه الأوزاعي عن أبي الزبير، وفي حديث: حتى إذا كان قريباً من نصف الليل فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبدأ بالظهر فصلاها، ثم العصر، ثم المغرب، ثم العشاء بإقامة إقامة.
وخرجه أبو يعلي الموصلي من طريق يحيى بن أبي أنيسة – وهو ضعيف جداً-، عن زبيد الأيامي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن ابن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - وذكر في حديثه: الأذان والإقامة لكل صلاة .
[ فتح الباري : 3 / 369- 370 ] .
445) واستدل بعض من أوجب الترتيب بما روى ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن يزيد، أن عبد الله بن عوف حدثه، عن أبي جمعة حبيب بن سباع – وكان قد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم --، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الأحزاب صلى المغرب، فلما فرغ قال: (هل علم أحد منكم أني صليت العصر؟) فقالوا: يا رسول الله، ما صليتها، فأمر المؤذن فأقام، وصلى العصر، ثم أعاد المغرب.
خرجه الإمام أحمد.
وهذا حديث ضعيف الإسناد، وابن لهيعة لا يحتج بما ينفرد به.
قال ابن عبد البر: هذا حديث لا يعرف إلا عن ابن لهيعة، عن مجهولين، لا تقوم به حجة.
قلت : أماعبد الله بن عوف، فإنه الكناني، عامل عمر بن عبد العزيز على فلسطين، مشهور، روى عنه الزهري وجماعة.
وأما محمد بن يزيد، فالظاهر أنه ابن أبي زياد الفلسطيني، صاحب حديث الصور الطويل، وقد ضعفوه .
[ فتح الباري : 3 / 372 ] .
446) وروى مالك في (الموطأ)، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: من نسي [صلاة] فلم يذكرها إلا وراء الإمام، فإذا سلم الإمام فليصل الصلاة التي نسي، ثم يصلي بعدها الأخرى.
وقد روى عثمان بن سعيد الحمصي، عن مالك مرفوعاً.
ورفعه باطل-: ذكره ابن عدي.
كذا روي عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر – مرفوعاً.
خرجه أبو يعلي الموصلي والطبراني والدارقطني.
وذكر عن موسى بن هارون الحافظ، أن رفعه وهم، وإنما هو موقوف.
وكذا قال أبو زرعة الرازي.(1/195)
وأنكر يحيى بن معين المرفوع إنكاراً شديداً-: ذكره ابن أبي حاتم .
[ فتح الباري : 3 / 372- 373 ] .
باب
ما يكره من السمر بعد العشاء
447) وخرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث عطاء بن السائب، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، قال: جدب لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السمر بعد العشاء.
ومعنى (جدبه): عابه وذمه -: قاله أبو عبيد وغيره.
ووهم من قال: أباحه لهم، كالطحاوي، وهو مخالف لما قاله أهل اللغة.
وهذا الحديث وهم عطاء بن السائب في إسناده؛ فقد رواه الأعمش ومنصور وابو حصين، عن أبي وائل، عن سلمان بن ربيعة، قال: جدب لنا عمر السمر.
وخالفهم عطاء بن السائب وعاصم، فقالا: عن أبي وائل، عن ابن مسعود، ثم اختلفا، فرفعه عطاء، ووقفه عاصم، ووهما في ذلك.
والصحيح: قول منصور والأعمش-: قاله أبو بكر الأثرم.
وذكر مسلم نحوه في (كتاب التمييز)، وزاد: أن المغيرة رواه عن أبي وائل، عن حذيفة – من قوله.
قال: ولم يرفعه إلا عطاء بن السائب.
وأشار إلى أن رواية الأعمش وحبيب بن أبي ثابت وأبي حصين، عن أبي وائل، عن سلمان، عن عمر هي الصحيحة؛ لأنهم أحفظ وأولى بحسن الضبط للحديث.
[ فتح الباري : 3 / 375- 376 ] .
باب
السمر في الفقه والخير بعد العشاء
448) وروى قتادة، عن أبي حسان، عن عبد الله بن عمرو، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدثنا عن بني إسرائيل حتى يصبح، ما يقوم إلا إلى عظم صلاة.
خرجه أبو داود.
وكذا رواه هشام الدستوائي وعمرو بن الحارث وسعيد بن بشير.
وخالفهم: أبو هلال، فرواه عن قتادة، عن أبي حسان، عن عمران بن حصين.
والقول: قول هشام ومن تابعه-: قاله الإمام أحمد وأبو حاتم وأبو بكر الأثرم.(1/196)
وخرج الإمام أحمد والنسائي والترمذي وابن خزيمة في (صحيحه) من حديث علقمة، عن عمر بن الخطاب، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمر مع أبي بكر في الأمر من أمر المسلمين، وأنا معهم.
قال الترمذي: حسن.
وقد قيل: إن علقمة لم يسمعه من عمر، وبينهما رجل -: قاله البخاري والأثرم.
ورجح الدارقطني: أنه ليس بينهما أحد.
[ فتح الباري : 3 / 379- 380 ] .
باب
السمر مع الأهل والضيف
449) وفي (سنن ابن ماجه) - بإسناد ضعيف - ، عن عمر – مرفوعاً-: (كلوا جميعاً ولا تفرقوا؛ فإن البركة مع الجماعة) .
[ فتح الباري : 3 / 383 ] .
450) وقد ثبت من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان أبو بكر إذا حلف على يمين لا يحنث، حتى نزلت آية الكفارة، فقال: لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير، وكفرت يميني.
كذا رواه يحيى القطان والليث والثوري وابن المبارك وغيرهم، عن هشام.
وخرجه البخاري في (صحيحه هذا) من رواية النضر بن شميل، عن هشام.
وخالفهم الطفاوي، فرواه عن هشام، عن أبيه، عن عائشة.
ورفعه وهم منه، والصحيح: كان أبو بكر-: كذا قاله البخاري والدارقطني.
[ فتح الباري : 3 / 386 ] .
451) وقد ذهب قوم إلى أن من حلف على شيء فرأى غيره خيراً منه أنه يأتي الذي هو خير، ويكون ذلك كفارة يمينه، ولا يحتاج إلى كفارة بمال أو صوم.
وهذا معروف عن ابن المسيب والشعبي وسعيد بن جبير وسالم وعكرمة، وزاد عليه، فجعل من حلف بطلاق على معصية، أنه لا يفعل ما حلف عليه، ولا طلاق عليه.
وهذا شذوذ.
وروي أصل هذا عن ابن عباس.
وروي عنه مرفوعاً.
خرجه ابن حبان في (صحيحه).
ولا يصح رفعه.(1/197)
وروى مالك بن يحيى بن عمرو بن مالك النكري، عن أبيه، عن جده، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من حلف على يمين، فرأى غيرها خيراً منها، فليأتها؛ فإنها كفارتها، إلا طلاقاً أو عتاقاً).
خرجه ابن عدي.
وقال: هو غير محفوظ؛ تفرد به يحيى، عن أبيه.
ويحيى هذا، ضعفه ابن معين وغيره.
وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه متعددة، أنها كفارتها أن يأتي الذي هو خير، وفي أسانيدها كلها مقال.
[ فتح الباري : 3 / 387- 388 ] .
452) فخرج أبو داود وابن ماجه من رواية عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلي الطائفي، عن عثمان بن عبد الله بن أوس، عن جده أوس بن حذيفة، قال: كنت في وفد ثقيف، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتينا كل ليلة بعد العشاء، فيحدثنا قائماً على رجليه، حتى يتراوح بين رجليه، وأكثر ما يحدثنا ما لقي من قومه من قريش – وذكر الحديث.
وسئل أبو حاتم عن هذا الحديث، فقال: حديث أبي برزة أصح منه.
يعني: حديثه: كان يكره الحديث بعدها .
[ فتح الباري : 3 / 389 ] .
453) خرجه الإمام أحمد من رواية خيثمة، عن رجل من قومه من قريش، عن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا سمر بعد الصلاة) – يعني: العشاء الآخرة- (إلا لمصل أو مسافر).
قال ابن المديني: في إسناده انقطاع؛ لأن الرجل الذي لم يسمه خيثمة لا أدري هو من أصحاب عبد الله، أو لا؟ وقد روى خيثمة عن غير واحد من أصحاب عبد الله، منهم: سويد بن غفلة، وأرجو أن يكون هذا الرجل منهم.
وقال الأثرم: هو حديث غير قوي؛ لأن في إسناده رجلاً لم يسم.
[ فتح الباري : 3 / 389- 390 ] .
454) وروي من وجه آخر بزيادة، من رواية ابن وهب، عن معاوية، عن أبي عبد الله الأنصاري، عن عائشة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا سمر إلا لثلاثة: مصل، أو مسافر، أو عروس).
خرجه سمويه الأصبهاني الحافظ: نا عبد الله بن الزبير: نا ابن وهب – فذكره.(1/198)
وخرجه بقي بن مخلد في (مسنده): ثنا ابن مقلاص: ثنا ابن وهب: أخبرني معاوية، عن أبي حمزة، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نائماً قبل العشاء، ولا لاغياً بعدها، أماذاكراً فيغنم، أو نائماً فيسلم.
قال معاوية: وحدثني أبو عبد الله الأنصاري، عن زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالت: السمر لثلاثة: لعروس، أو لمسافر، أو لمتهجد بالليل.
وهذا موقوف على عائشة.
وأبو عبد الله وأبو حمزة، مجهولان .
[ فتح الباري : 3 / 390 ] .
كتاب الآذان
باب
بدء الأذان
455)وقد روى عبد العزيز بن عمران، عن إبراهيم بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال : الأذان نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع فرض الصلاة :
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلى ذِكْرِ اللَّهِ } .
هذا إسناد ساقط لا يصح .
[ فتح الباري : 3 / 395 ] .
456) وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري خرج ملك من وراء الحجاب فأذن، فحدثه ربه عز وجل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يسمع ذلك، ثم أخذ الملك بيد محمد فقدمه فأم أهل السماء، منهم آدم ونوح.
قال أبو جعفر محمد بن علي: فيومئذ أكمل الله لمحمد - صلى الله عليه وسلم - الشرف على أهل السماء وأهل الأرض.
وقد خرجه البزار والهيثم بن كليب في " مسنديهما" بسياق مطول من طريق زياد بن المنذر أبي الجارود، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن علي.
وهو حديث لا يصح .
وزياد بن المنذر أبو الجارود الكوفي، قال فيه الإمام أحمد: متروك. وقال ابن معين : كذاب عدو الله، لا يساوي فلساً. وقال ابن حبان: كان رافضياً يضع الحديث .(1/199)
[ فتح الباري : 3 / 396 ] .
457) وروى طلحة بن زيد الرقي، عن يونس، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسري به إلى السماء أوحى الله إليه الأذان، فنزل به، فعلمه جبريل.
خرجه الطبراني.
وهو موضوع بهذا الإسناد بغير شك.
وطلحة هذا، كذاب مشهور .
[ فتح الباري : 3 / 396 ] .
458) وقد روي من حديث خالد، عن أبي قلابة ذكر الناقوس والبوق- أيضا.
خرجها ابن خزيمة في " صحيحه" والطبراني من رواية روح بن عطاء بن أبي ميمونة، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: كانت الصلاة إذا حضرت على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - سعى رجل إلى الطريق، فنادى : الصلاة الصلاة، فاشتد ذلك على الناس، فقالوا: لو اتخذنا ناقوساً يا رسول الله ؟ قال: " ذلك للنصارى". قالوا: فلو اتخذنا بوقاً؟ قال: " ذلك لليهود".فأمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
وقال الطبراني: لم يروه- بهذا التمام- عن خالد إلا روح. انتهى.
وروح، متكلم فيه .
[ فتح الباري : 3 / 398 ] .
459) وقد خرج النسائي هذا الحديث من رواية عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالاً أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
ونقل عباس الدوري، عن ابن معين، قال: لم يرفعه إلا الثقفي.
وقد خرجه الدارقطني من طرق أخرى مصرحاً برفعه- أيضا- كما رواه الثقفي .
[ فتح الباري : 3 / 400 ] .(1/200)
460) أما المروي عن عمر، فمن طريق سفيان بن وكيع: ابنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عمر، قال: ائتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حين قدموا المدينة: كيف يجعلون الأذان بالصلاة يجتمعون لها؟ فائتمروا بالناقوس. قال عمر: فرايت في المنام: لم تجعلون الناقوس بل أذنوا. فذهب عمر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخبره بالذي رأى، وقد جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي بذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سبقك الوحي بذلك يا عمر". قال: فذهبت إلى الصلاة، فإذا بلال يهتف بالأذان.
خرجه الإسماعيلي في " مسند عمر".
وسفيان بن وكيع، فيه ضعف.
وهو مرسل .
[ فتح الباري : 3 / 402 ] .
461) وأماالمروي عن ابن عمر، فمن طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - استشار الناس لما يهمهم للصلاة، فذكروا البوق، فكرهه من أجل اليهود. ثم ذكروا الناقوس، فكرهه من أجل النصارى، فأري النداء تلك الليلة رجل من الأنصار- يقال له : عبد الله ابن زيد- وعمر بن الخطاب، فطرق الانصاري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ليلاً، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ] بلالاً فاذن به.
قال الزهري: وزاد بلال في نداء الغداة :" الصلاة خير من النوم"-مرتين-، فأقرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال عمر: يا رسول الله ؛ قد رأيت مثل الذي رأى، ولكنه سبقني.
خرجه ابن ماجه.
وخرجه ابن سعد من طريق مسلم بن خالد: حدثني عبد الرحيم بن عمر، عن ابن شهاب- بإسناده ، ومعناه.
وفي كون هذا الحديث محفوظاً عن الزهري بهذا الإسناد نظر؛ فإن المعروف: رواية الزهري، عن ابن المسيب- مرسلاً.
وروي عن الزهري، عن ابن المسيب، عن عبد الله بن زيد .
[ فتح الباري : 3 / 403 ] .
462) وحديث عبد الله بن زيد، قد روي من وجوه:(1/201)
أحدها: رواية ابن إسحاق: حدثني محمد بن إبراهيم التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبيه- بسياق مطول-، وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما امر بعمل الناقوس طاف بعبد الله وهو نائم رجل يحمل ناقوساً،فقال له : يا عبد الله، أتبيع الناقوس؟ قال: فما تصنع به؟ قال: ندعوا به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ قال: بلى، قال: تقول:
" الله أكبر" ، فعلمه الأذان مثنى مثنى، والإقامة مرة مرة. فما اصبح اتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال له: " الرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت؛ فإنه أندى صوتاً منك". قال: فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه، وبلال يؤذن به. قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته، فخرج يجر رداءه، ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله، لقد رأيت مثل ما رأى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فلله الحمد".
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي، وصححه، وابن خريمة وابن حبان في " صحيحهما".
وحكى البيهقي أن الترمذي حكى في " علله" عن البخاري، أنه قال: هو عندي صحيح.
وبه استدل الإمام أحمد، وعليه اعتمد.
وقال الخطأبي: قد روي هذا الحديث والقصة باسانيد مختلفة، وهذا الإسناد أصحها.
وحكى ابن خزيمة عن محمد بن يحيى الذهلي، أنه قال: ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان خبر اصح من هذا؛ لأن محمد بن عبد الله سمعه من أبيه.
قال ابن خزيمة: خبر ابن إسحاق ثابت صحيح؛ لأن محمد بن عبد الله بن زيد سمعه من أبيه، وابن إسحاق سمعه من التيمي.
كذا قال؛ وقد توقف البخاري في " تاريخه" في سماع محمد بن عبد الله ابن زيد من أبيه، فقال: عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبيه، عن جده، لم يذكر سماع بعضهم من بعض.
قال الحاكم: إنما ترك الشيخان حديث عبد الله بن زيد بهذا الإسناد؛ لتقدم موت عبد الله بن زيد، فقد قيل: إنه [ استشهد بأحد]. وقيل: بعد ذلك بيسير. انتهى.(1/202)
وعلى هذا؛ فجميع الروايات عنه مرسلة .
[ فتح الباري : 3 / 404- 405 ] .
463) وخرج – أيضا- من حديث شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: ثنا أصحابنا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لقد أعجبني ان تكون صلاة المسلمين واحدة، حتى لقد هممت أن أبث رجالاً في الدور، ينادون الناس بحين الصلاة، وحتى هممت أن آمر رجالاً يقومون على الآكام، ينادون المسلمين بحين الصلاة. قال: فجاء رجل من الانصار، فقال: يا رسول الله، إني لما رجعت لما رأيت من اهتمامك رأيت رجلا كان عليه ثوبان أخضران، فقام على المسجد فأذن، ثم قعد قعدةً، ثم قام فقال مثلها، إلا أنه يقول: " قد قامت الصلاة"، ولولا أن يقولوا لقلت إني كنت يقظاناً غير نائم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لقد أراد الله خيراً، فمر بلالاً فيؤذن". قال: فقال عمر: إني قد رأيت مثل ما رأى، ولكني لما سبقت استحييت.
وخرجه –أيضا- من طريق المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، عن معاذ- فذكره.
ورواه حصين وغيره، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، عن عبد الله ابن زيد.
وابن أبي ليلى، لم يسمع من معاذ، ولا من عبد الله بن زيد، فروايته عنهما منقطعة.
ورواية شعبة أصح.
وتابعه الأعمش، فرواه عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: ثنا أصحاب محمد، أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام- فذكره.
وهذا إسناد جيد متصل، وعدم تسمية الصحابة لا يضر؛ فإنهم كلهم عدول- رضي الله عنهم.
لكن اختلف على الأعمش، وروي عنه، عن عمرو، عن ابن أبي ليلى- مرسلاً.
وقال العقيلي: الرواية في هذا الباب فيها لين، وبعضها أفضل من بعض.
يشير إلى حديث عبد الله بن زيد ورؤية الأذان في منامه.
وعبد الله بن زيد هذا، هو: ابن عبد ربه الأنصاري، من الخزوج.
قال الترمذي: لا يصح له غير حديث الأذان.(1/203)
وزعم ابن عيينة أنه صاحب " حديث الوضوء" عبد الله بن زيد بن عاصم المازني، أنصاري من بني النجار، وهو عم عباد بن تميم .
[ فتح الباري : 3 / 405 – 407 ] .
464) وقد روي أنه زيد في الأذان كلمات، كما سبق عن الزهري، ان بلالاً زاد في أذان الفجر:"الصلاة خير من النوم" – مرتين-، فأقرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقد خرجه الإمام أحمد من طريق ابن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن عبد الله بن زيد- في سياق حديثه الطويل-، وقال في آخره: قال سعيد بن المسيب: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر.
وخرجه ابن أبي شيبة، عن عبدة، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن ابن المسيب، ولم يذكر فيه :" عبد الله بن زيد" ، وجعله كله من رواية ابن المسيب.
والأشبه: أن ذكر زيادة بلال في آخر الحديث مدرجة من قول الزهري؛ كما سبق. ورواها معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن بلال.
خرجه من طريقه ابن ماجه.
وابن المسيب، لم يسمع من بلال- أيضا.
ورواها النعمان بن المنذر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
ورواها صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.
خرجه الطبراني من الطريقين.
ورواها يونس، عن الزهري، عن حفص بن عمر بن سعد المؤذن، قال: حدثني اهلي، أن بلالاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -- فذكره.
ورواها شعيب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب- مرسلاً.
خرجه من الطريقين البيهقي.
والمرسل أشبه .
[ فتح الباري : 3 / 408- 409 ] .
465) وروي: أن عمر أمر بلالاً بزيادة الشهادة بالرسالة في الأذان.
خرجه ابن خزيمة في " صحيحه" والإسماعيلي، من رواية عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر، أن بلالاً كان يقول إذا أذن: " أشهد ان لا إله الله ، حي على الصلاة"، فقال عمر: قل في إثرها:" أشهد أن محمداً رسول الله"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قل ما أمرك عمر".
عبد الله بن نافع، ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 3 / 409 ] .(1/204)
باب
الأذان مثنى مثنى
466) وقد روي أن أبا محذورة كان يقدم التهليل على التكبير في آخر أذانه من وجه منقطع.
قال أبو نعيم في " كتاب الصلاة" : ثنا عيسى بن المسيب، عن إبراهيم ، قال: كان أبو محذورة يقول: " لا إله إلا الله ، والله وأكبر" ، وكان بلال يقول :" الله أكبر، الله اكبر، لا إله إلا الله"، بلال في السفر وأبو محذورة في الحضر.
وهذا غريب، وعيسى فيه ضعف.
وقد ثبت عن أبي محذورة من وجهة عكس هذا، وأنه كان يختم أذانه بقوله:" الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ".
وقد خرجه مسلم في " صحيحه".
وروي- أيضا- تأخير التكبير عن بلال من وجه فيه ضعف.
قال أبو نعيم في " كتاب الصلاة" : ثنا زهير، عن عمران بن مسلم، قال: أرسلني سويد بن غفلة إلى مؤذنا، فقال: قل له يختم أذانه بـ " لا إله إلا الله والله أكبر" ؛ فإنه أذان بلال .
وروى أبو نعيم بإسناد ضعيف مثل ذلك عن ابن عمر، وعن مؤذن علي بن أبي طالب، وعن أبي جعفر محمد بن علي .
[ فتح الباري : 3 / 412- 413 ] .
467) وخرج النسائي من رواية الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن بلال، قال: آخر الأذان:" الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله".
وفي رواية:" كان آخر أذان بلال" –مثل ذلك.
وكذا رواه منصور وغيره، عن إبراهيم.
ورواه حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، أن بلالاً كان يبدأ بالتكبير ويختم بالتكبير.
وهذا وهم .
[ فتح الباري : 3 / 413 ] .
باب
الإقامة واحدة إلا قوله : ( قد قامت الصلاة )(1/205)
468) وفي الباب: عن ابن عمر من رواية شعبة، عن أبي جعفر مؤذن مسجد العريان، قال: سمعت أبا المثنى مؤذن مسجد الأكبر يقول: سمعت ابن عمر قال: إنما كان الأذان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة، غير أنه يقول: "قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة" فإذا سمعنا الإقامة توضأنا ، ثم خرجنا إلى الصلاة.
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في " صحيحهما" والحاكم، وصححه.
وقال: أبو جعفر، هو: عمير بن يزيد الخطمي.
ووهم في ذلك، إنما هو: أبو جعفر محمد بن إبراهيم مسلم بن أبي المثنى، وقد ينسب إلى جده مسلم أبي المثنى، وثقه ابن معين وابن حبان. وقال: ابن معين- مرة-: لا بأس به.
كذا ذكره ابن حبان وأبو أحمد الحاكم وابن عقدة والدارقطني وغيرهم.
وفرق بينهما غير واحد، منهم: مسلم في " كتاب الكنى"، وذكر أبا جعفر هذا ممن لا يعرف اسمه. وأن محمد بن إبراهيم يكنى أبا إبراهيم.
وكذا ذكر ابن أبي حاتم أن أبا جعفر هذا ليس هو محمد بن إبراهيم بن مسلم، بل قال في ذلك: " يكنى أبا إبراهيم"، وقال في أبي جعفر هذا:" سئل أبو زرعة عنه فقال: هو كوفي لا أعرفه إلا في هذا الحديث".
قال:" وقلت لأبي: روى عيس بن يونس عن شعبة، فقال: عن أبي جعفر القاري؟ فقال: أخطأ عيس بن يونس، ليس هذا أبو جعفر القاري، هذا كوفي، والقاري مديني". انتهى.
ورواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة ، عن أبي جعفر- وليس بالفراء.
وكذا قال أبو حاتم الرازي: ليس بالفراء.
وخرجه البيهقي من طريق أبي النضر، عن شعبة، عن أبي جعفر- يعني: الفراء.
كذا قال، وهو من ظن بعض الرواة، وليس هذا بالفراء، الفراء اسمه: كيسان أو سلمان، وهو غير هذا.
قال البيهقي: ورواه غندر وعثمان بن جبلة، عن شعبة، عن أبي جعفر المديني.
قلت: هذا يوافق قول الحاكم: أنه أبو جعفر الخطمي الأنصاري.
وقال الحافظ أبو نعيم: أبو جعفر، اسمه: مسلم.(1/206)
كذا رأيته ذكره في " الحلية"، وليس بشيء، إنما مسلم هو شيخه أبو المثنى.
وخرجه الإمام أحمد، عن حجاج: حدثنا شعبة، قال: سمعت أبا جعفر مؤذن مسجد بني العريان في مسجد بني بلال يحدث، عن مسلم أبي المثني مؤذن مسجد الجامع- فذكر هذا الحديث.
وأما أبو المثنى فاسمه: " مسلم"، ويقال: " مهران"-: ذكره مسلم بن الحجاج في "كتاب الكنى"، وفي تسميته اختلاف وهو مؤذن مسجد الكوفة.
وهو عند ابن معين وابن عقدة: والد أبي جعفر-: نقله عنه عباس الدوري.
وهو عند الدارقطني وابن حبان: ابن ابنه.
وعند أبي زرعة ومسلم وابن أبي حاتم: أنه ليس بينهما نسب.
وثقه أبو رزعة وابن حبان. وقال الدارقطني: لا بأس به.
وقد روى هذا الحديث إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي المثنى، فخالف شعبة في رفعه ووقفه.
ذكره البخاري في " تاريخه" ، وقال : قال وكيع، عن ابن أبي خالد، عن المثنى- أو أبي المثنى-، عن ابن عمر، قال: إذا قمت فاجعلها واحدة.
وقال عارم: ثنا عبد العزيز بن مسلم، عن إسماعيل، عن المثنى، عن أبيه، عن ابن عمر- مثله. انتهى ما ذكره.
وفي رواية عبد العزيز، عن إسماعيل: زيادة رجل، وهو المثنى.
وقال ابن معين: إسماعيل بن أبي خالد يروي عن أبي المثنى الكوفي، وهو هذا – يعني: الذي روى عنه شعبة.
وخرج ابن أبي شيبة في " كتابه" : ثنا أبو معاوية، عن حجاج، عن أبي المثنى، عن ابن عمر، قال: كان بلال يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
وهذا في معنى رفع الحديث، كما رواه شعبة.
قال: وثنا عبدة، عن إسماعيل، عن أبي المثنى، أن ابن عمر كان يأمر المؤذن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، ليعلم المار الأذان من الإقامة.
وقد رواه الإمام أحمد- فيما رواه عنه ابنه عبد الله في " كتاب العلل"-، عن وكيع كما ذكره البخاري.
ورواه أحمد- أيضا-، عن محمد بن يزيد، عن إسماعيل، عن المثنى، عن ابن عمر- مثله.
وعن محمد بن يزيد، عن حجاج، عن أبي المثنى، عن ابن عمر- نحوه.(1/207)
وذكر- أيضا – حديث شعبة، عن أبي جعفر المتقدم.
وروى أحمد- أيضا-، عن وكيع، [عن الثوري]، عن أبي جعفر المؤذن، عن [أبي ] سلمان، عن أبي محذورة.
وعن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان- أيضا.
قال عبد الرحمن: ليس هو الفراء- يعني: أبا جعفر.
وهذا إشارة إلى اختلاف آخر على أبي جعفر، عن أبي محذورة، أنه كان إذا بلغ: " حي على الفلاح" في الفجر، قال:" الصلاة خير من النوم"- مرتين.
وخرجه أبو نعيم في " كتاب الصلاة" عن سفيان، عن أبي جعفر الفراء- فذكره بمعناه.
وقد تقدم ان أبا جعفر ليس بالفراء، بل هو المؤذن.
وخرجه النسائي من طرق عن سفيان، ولفظ حديثه: عن أبي محذورة، قال: كنت أؤذن للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فكنت أقول في أذنان الفجر الأول: " حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله".
وقال: أبو جعفر ليس بالفراء .
[ فتح الباري : 3 / 418 – 422 ] .
باب
فضل التأذين
469) وقيل: إن إعلان التكبير له سر في إذابة الشيطان، وقد جاء في حديث ضعيف: ( إذا رأيتم الحريق فكبروا؛ فإنه يطفئه ) .
[ فتح الباري : 3 / 427 ] .
باب
رفع الصوت بالنداء
470) قال وكيع: ثنا سفيان، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين المكي، أن مؤذنا أذن فطرب في أذانه، فقال له عمر بن عبد العزيز: أذن أذاناً سمحاً، وإلا فاعتزلنا.
وخرج الدارقطني هذا مرفوعاً من حديث ابن عباس، وإسناده لا يصح.
[ فتح الباري : 3 / 429 ] .
471) وخرجه ابن أبي شيبة بإسناده، عن الزبير بن عدي، عن رجل، عن ابن عمر ، انه قال لرجل: ما عملك؟ قال: الأذان. قال: نعم العمل عملك؛ يشهد لك كل شيء سمعك.(1/208)
ورى وكيع، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: المؤذن يشهد له كل رطب ويابس سمعه.
ورواه غيره عن الأعمش، عن مجاهد- مرسلاً0، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال الدارقطني: هو أشبه.
قال: ورواه عمار بن رزيق، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر- مرفوعاً.
قال: ورواه محمد بن عبيد الطنافسي وعمرو بن عبد الغفار، عن الأعمش، عن مجاهد، عن أبي هريرة – مرفوعاً.
وقد خرجه الإمام أحمد من رواية عمار بن رزيق كما تقدم، ومن رواية زائدة عن الأعمش، عن رجل، عن ابن عمر- مرفوعاً.
ورواه عبد الله بن بشر، عن الأعمش كرواية عمار بن رزيق.
وروي عن إسماعيل بن زكريا، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس- مرفوعاً.
قال الدارقطني في موضع من " علله" : الصحيح: الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر- مرفوعاً.
وهذا يخالف قوله في مسند أبي هريرة: إن إرساله أصح.
ورواه إبراهيم بن طهمان، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر- موقوفاً.
ورواه حفص بن غياث، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة-مرفوعاً.
وروي مرفوعاً من وجه آخر: من رواية شعبة ، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبي يحيى، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:" المؤذن يغفر له مد صوته، ويشهد له كل رطب ويابس".
خرجه أبو داود والنسائي.
وخرجه ابن ماجه، وعنده:" ويسغفر له كل رطب ويابس".
وخرجه ابن خزيمة وابن حبان في " صحيحيهما".
وقال ابن حبان: ابو يحيى هو سمعان مولى أسلم، [حدثني] أبي يحيى.
وموسى بن أبي عثمان كوفي، أثنى عليه سفيان، ووصفه بالخير. وقال أبو حاتم: شيخ.
وله طريق آخر: من رواية منصور بن المعتمر؛ واختلف عليه:
فرواه وهيب، عن منصور، عن يحيى بن عباد أبي هبيرة، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وسأل وهيب منصوراً، عن عطاء هذا، فقال: هو رجل. قال: وليس ابن أبي رباح ولا ابن يسار.(1/209)
وكذا رواه زائدة وفضيل بن عياض، عن منصور، عن ابن عباد ،عن عطاء- رجل من أهل المدينة-، عن أبي هريرة- موقوفاً غير موفوعٍ.
وكذا رواه جرير، عن منصور، عن يحيى بن عباد، عن رجل من أهل المدينة، عن أبي هريرة- موقوفاً.
ورواه بعد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن عباد بن أنس، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وخرجه عنه الإمامان: أحمد وإسحاق في " مسنديهما".
قال أبو زرعة الرازي والدارقطني:حديث معمر وهم، والصحيح: حديث منصور.
قلت : ويشهد لقول منصور: أن أبا أسامة رواه عن الحسن بن الحكم، عن أبي هبيرة يحيى بن عباد، عن شيخ من الأنصار، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وخرجه عنه ابن أبي شيبة في " كتابه".
قال الدارقطني: الصحيح : قول زائدة وفضيل بن عياض وجرير، عن منصور.
يعين: الموقوف. والله اعلم.
[ فتح الباري : 3 / 431- 434 ] .
472) وخرج الإمام أحمد والنسائي من حديث قتادة، عن أبي إسحاق الكوفي، عن البراء بن عازب، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " المؤذن يغفر له مد صوته، ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه".
وأبو إسحاق هذا، قال أحمد : ما أظنه السبيعي.
وذكر الترمذي في " العلل" أنه لا يعرف لقتادة سماعاً من أبي إسحاق الكوفي.
[ فتح الباري : 3 / 434- 435 ] .
باب
ما يحقن بالأذان من الدماء
473) وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه كان يأمر بالكف عن دار يسمع فيها الأذان، أو يرى فيها مسجد، من رواية ابن عصام المزني، عن أبيه- وكانت له صحبة-، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث جيشاً أو سرية يقول لهم: " إذا رأيتم مسجداً، أو سمعتم مؤذناً فلا تقتلوا [أحداً]".
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي.
وقال: حسن غريب.(1/210)
وقال ابن المديني: إسناد مجهول، وابن عصام لا يعرف، ولا ينسب أبوه .
[ فتح الباري : 3 / 441 ] .
474) ثم روى الحربي من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أناس من خثعم، فاستعصموا بالسجود، فقتل منهم رجل ، فأعطاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - نصف الدية.
قال الحربي: لا ، لم يقروا بالإسلام، وإنما سجدوا، وقد يسجد ولم يسلم، فلذلك أعطاهم نصف الدية.
قلت : هذا حديث مرسل .
[ فتح الباري : 3 / 442 ] .
باب
ما يقول إذا سمع المنادي
475) قال البخاري رحمه الله : 611- حدثنا عبد الله بن يوسف: أبنا مالك، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن".
قال ابن رجب رحمه الله : هكذا روى هذا الحديث مالك في " الموطإ"، وكذا رواه الثقات من أصحابه عنه.
ورواه المغيرة بن سقلاب، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد.
وزيادة: " سعيد بن المسيب" لا تصح.
والمغيرة متروك.
وروي عن عمرو بن مرزوق، عن مالك، عن الزهري، عن أنس.
وهو وهم. وقيل: إنه ممن رواه عن عمرو، وهو محمد بن عبد الرحيم الشماخي.
ورواه عبد المنعم بن بشير- وهو ضعيف جداً-، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر. ولا يصح.
وتابع مالكا على روايته، عن الزهري، عن عطاء، عن أبي سعيد: معمر ويونس.
وقيل: وسفيان وإبراهيم بن سعد.
وخالفهم عبد الرحمن بن إسحاق، فرواه عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة.
وخرجه ابن ماجة من طريقه.
وقيل: عنه، عن الزهري، عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة.
والصحيح: قول مالك ومن تابعه-: قاله أبو حاتم الرازي والترمذي وابن عدي والدارقطني.(1/211)
ورواه حجاج بن نصير، عن عباد بن كثير، عن عقيل، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن [أبي] أيوب الأنصاري.
وهو وهم من حجاج أو عباد -: قاله الدارقطني.
[ فتح الباري : 3 / 446- 447 ] .
476) وروى عبد الوهاب بن الضحاك: ثنا إسماعيل بن عياش، عن مجمع بن جارية، عن أبي امامة بن سهل، قال: سمعت معاوية يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول- إذا أذن المؤذن- مثل قوله، وإذا قال : (حي على الصلاة) قال : (لا حول ولا قوة إلا بالله) .
عبد الوهاب، متروك الحديث. وإسماعيل ، لا يحفظ حديث الحجازيين.
[ فتح الباري : 3 / 449 ] .
477) وقد روي نحوه من حديث عاصم بن عبيد الله العمري، عن علي بن حسين، عن أبي رافع، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه كان إذا سمع [المؤذن] قال مثل ما يقول حتى إذا بلغ: ((حي على الصلاة، حي على الفلاح)) قال: ((لا حول ولا قوة إلا بالله)).
خرجه الإمام أحمد والنسائي في "اليوم والليلة".
وعاصم هذا، ضعفوه، وقد اختلف عليه في إسناده.
وروي نحوه من حديث أنس بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
خرجه ابن عدي، وقال: هو منكر، وإسناده لا يصح .
[ فتح الباري : 3 / 450- 451 ] .
478) وروي عن ابن مسعود، انه قال: من الجفاء ان لا يقول مثل ما يقول المؤذن.
وقد روي مرفوعاً من وجوه ضعيفة .
[ فتح الباري : 3 / 451 ] .
479) وروي من حديث الحكم بن ظهير، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، ان النبي - صلى الله عليه وسلم - اجاب المؤذن إلى الشهادتين، ثم سكت.
ذكره ابو بكر الاثرم، وقال: هو حديث واه.
يشير إلى ان الحكم بن ظهير ضعيف جداً.
[ فتح الباري : 3 / 453 ] .
480) وروى أبو نعيم في "كتاب الصلاة": ثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن أبي جعفر، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سمع المنادي يقول (اشهد ان لا اله الا الله) قال: (وانا). وإذا قال: (اشهد ان محمد رسول الله) قال: (وانا) ، ثم سكت.
وهذا مرسل .(1/212)
[ فتح الباري : 3 / 453 ] .
481) وخرج ابن السني - بإسناد لا يصح - ، عن معاوية، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سمع المؤذن قال: (حي على الفلاح) قال: (اللهم اجعلنا مفلحين).
[ فتح الباري : 3 / 454 ] .
482) وقد خرج ابن جرير الطبري حديث ميمونة، وفيه ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " وللرجال الضعفان من الاجر" – يعني: في الاجابة.
وذكر ابن جرير، عن بعض اهل الحديث، انه قال: لا يحتاج بهذا الحديث ذو علم بالاثار ومعرفة الرجال.
والامر كما قال؛ فإن إسناده ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 3 / 454 ] .
483) وقد روي في حديث غريب، خرجه ابو نعيم في "تاريخ اصبهان": ان صلاة المرأة وحدها تضاعف على صلاتها في الجماعة ببضع وعشرون درجة.
وفي إسناده مقال .
[ فتح الباري : 3 / 456 ] .
484) وفي "سنن أبي داود" من رواية محمد بن ثابت العبدي: ثنا رجل من اهل الشام، عن شهر بن حوشب، عن أبي امامة- او عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - - ، ان بلالا اخذ في الاقامة، فلما ان قال: "قد قامت الصلاة" قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اقامها الله وادامها"، وقال في سائر الاقامة كنحو حديث عمر في الاذان.
وفي هذا [الإسناد] ضعف .
[ فتح الباري : 3 / 457 ] .
485) فروي الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، ان سويد بن قيس اخبره، عن معاوية بن حديج، انه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى يوماً، فسلم وقد بقيت من الصلاة ركعة، فأدركه رجل، فقال: نسيت من الصلاة ركعة، فرجع فدخل المسجد، وامر بلالا فأقام، فصلى للناس ركعة، فأخبرت بذلك الناس، فقالوا لي: تعرف الرجل؟ فقلت: لا، الا ان اراه. فمر بي، فقلت: هو هذا.
فقالوا: هذا طلحة بن عبيد الله.
خرجه الامام أحمد وابو داود والنسائي .
وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحهما"، وعندهما: انه سلم في ركعتين من صلاة المغرب.
والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.(1/213)
وسويد هذا، وثقة النسائي وابن حبان. ومعاوية بن حديج، اثبت البخاري وغيره له صحبة، وأنكر ه الامام أحمد في رواية الاثرم، فيكون حديثه هذا مرسلاً عنده.
[ فتح الباري : 3 / 461 ] .
باب
الدعاء عند النداء
486) قال البخاري رحمه الله : 614 حدثني ابن عياش: ثنا شعيب بي أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((من قال حين يسمع النداء: اللهم، رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، ات محمد الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقأمامحموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة)).
قال ابن رجب رحمه الله :هذا مما وتفرد [به] البخاري دون مسلم.
وخرجه الترمذي، وقال : حسن غريب من حديث ابن المنكدر، لا نعلم احد رواه غير شعيب بن أبي حمزة.
وذكر ابن أبي حاتم، عن أبيه، قال: قد طعن في هذا الحديث، وكان عرض شعيب بن أبي حمزة على ابن المنكدر كتاباً، فامر بقراءته عليه، فعرف بعضاً وانكر بعضاً، وقال لابنه- او لابن اخيه-: اكتب هذه الاحاديث، فدون شعيب ذلك الكتاب ولم تثبت رواية شعيب تلك الاحاديث على الناس، وعرض علي بعض تلك الكتب [فرأيتها مشابهة] لحديث إسحاق بن أبي فروة، وهذا الحديث من تلك الاحاديث. انتهى.
وقد روى الاثرم، عن أحمد، قال: نظرت في كتب شعيب، اخرجها الي ابنه، فإذا فيها من الصحة والحسن والمشكل نحو هذا.
وقد روي، عن جابر من وجه اخر بلفظ فيه بعض مخالفة، وهو يدل على ان لحديث جابر اصلاً.
خرجه الامام أحمد من رواية ابن لهيعة: ثنا ابو الزبير، عن جابر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال: "من قال حين ينادي المنادي: اللهم، رب هذه الدعوة التامة والصلاة النافعة، صل على محمد وارض عنه رضا لا سخط بعده؛ استجاب الله دعوته".(1/214)
وقد روي في هذا المعنى وسؤال الوسيلة عند سماع الاذان من حديث أبي الدرداء، وابن مسعود – مرفوعا-، وفي إسنادهما ضعف .
[ فتح الباري : 3 / 463- 464 ] .
487) ومما يشهد له – أيضا- : حديث خرجه مسلم من طريق كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، انه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ فانه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً ، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فانها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله، وارجو ان اكون انا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة).
وعبد الرحمن بن جبير هذا: مولى نافع بن عمرو القرشي المصري، وظن بعضهم، ا نه: ابن جبير بن نفير، فوهم، وقد فرق بينهما البخاري والترمذي وابو حاتم الرازي وابنه.
[ فتح الباري : 3 / 464 ] .
488) وروى ابو عيسى الاسواري، قال: كان ابن عمر إذا سمع الاذان قال: اللهم رب هذه الدعوة المستجابة المستجاب لها، دعوة الحق وكلمة التقوى، فتوفني عليها، واحيني عليها، واجعلني من صالح اهلها عملاً يوم القيامة.
وقد روي عن ابن عمر- موقوفا- من وجوه اخر.
وروي عنه مرفوعا من وجه ضعيف.
قال الدارقطني : الصحيح: موقوف .
[ فتح الباري : 3 / 465- 466 ] .
489) وخرج بقي بن مخلد والحاكم من حديث عفير بن معدان، عن [سليم بن عامر، عن] أبي امامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا نادى المنادي فتحت ابواب السماء واستجيب الدعاء، فمن نزل به كرب او شدة فليتحين المنادي إذا نادى، فليقل مثل مقاله، ثم ليقل: اللهم، رب هذه الدعوة التامة الصادقة الحق المستجابة، والمستجاب لها، دعوة الحق وكلمة التقوى، أحينا عليها، وامتنا عليها، وابعثنا عليها، واجعلنا من خيار اهلها محياُ ومماتاً. ثم يسأل حاجته).
وعفير ، ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 3 / 466 ] .(1/215)
باب
الاستهام في الأذان
490) قال عبد الله ابن الامام أحمد: ثنا أبي: ثنا هشيم، قال: ابن شبرمة اخبرنا، قال: تشاح الناس بالقادسية على الاذان، فارتفعوا إلى سعد، فأقرع بينهم.
وهذا إسناد منقطع.
[ فتح الباري : 3 / 471 ] .
491) وروى حديث حسين بن عيسى، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((ليؤذن لكم خياركم)) .
وقد خرجه ابو داود وابن ماجه.
وتكلم فيه من جهة الحسين، والحكم – أيضا.
[ فتح الباري : 3 / 473 ] .
492) وخرج ابو داود من رواية غالب القطان، عن رجل، عن أبيه، عن جده، ان رجلا منهم اتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: ان أبي شيخ كبير، وهو عريف الماء، وانه سألك ان تجعل الي العرافة بعده؟ فقال: ((ان العرافة حق، ولابد للناس من العرفاء، والعرفاء في النار)).
وهذا إسناد مجهول .
[ فتح الباري : 3 / 474 ] .
493) قال الامام أحمد: ثنا خلف بن الوليد: ثنا الهذيل بن بلال، عن ابن أبي محذورة، عن أبيه- او جده-، قال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الاذان لنا ولموالينا، والسقاية لبني هاشم، والحجابة لبني عبد الدار.
الهذيل بن بلال، ضعفه ابن معين. وقواه الامام أحمد، وابو حاتم.
وإسناده مشكوك فيه، ولم يسم ابن أبي محذورة هذا.
[ فتح الباري : 3 / 474 ] .
494) وخرج الامام أحمد والترمذي من رواية أبي مريم، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال: ((الملك في قريش، والقضاء في الانصار، والاذان في الحبشة)).
وخرجه الترمذي موقوفاً على أبي هريرة، وقال: هو أصح.
وأبو مريم هذا، ليس بالمشهور .
[ فتح الباري : 3 / 475 ] .
495) وروى الدار قطني بإسناده عن سعد القرظ، ان عمر دعاه، فقال له: الاذان اليك وإلى عقبك من بعدك.
وفي الإسناد ضعف .
[ فتح الباري : 3 / 475 ] .(1/216)
496) قال ابن أبي شيبة: ثنا يزيد من هارون، عن حجاج، عن شيخ من المدينة، عن بعض بني مؤذني النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: كان ابن ام مكتوم يؤذن ويقيم بلال، وربما اذن بلال واقام ابن ام مكتوم.
إسناد ضعيف .
[ فتح الباري : 3 / 484 ] .
497) وروى وكيع في ((كتابه))، عن اسرائيل، عن جابر، عن عامر: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة مؤذنين: بلال وابو محذورة وابن ام مكتوم، فإذا غاب واحد اذن الاخر. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((لقد هممت ان اجعل المؤذنين ستة)). قال: فإذا اقيمت الصلاة اشتدوا في الطرق، فاذنوا الناس بالصلاة.
هذا مرسل ضعيف؛ فان جابراً هو الجعفي.
وأبو محذورة لم يكن يؤذن للنبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة.
وقد خرجه البيهقي، عن الحاكم، عن أبي بكر ابن إسحاق، عن العباس ابن الفضل الاسفاطي، عن أبي بكر بن أبي شيبة: ثنا يحيى، عن اسرائيل عن أبي إسحاق، عن الاسود، عن عائشة، قالت: كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة مؤذنين: بلال، وابو محذورة، وابن ام مكتوم.
وقال: قال ابو بكر- يعني: ابن إسحاق-: هو صحيح.
وليس كما قال ابن إسحاق.
هذا في كتاب ابن أبي شيبة ((المصنف)).
والصحيح: حديث وكيع، عن اسرائيل، عن جابر الجعفي، عن الشعبي- مرسلاً.
وروى الامام أحمد: ثنا اسماعيل: ثنا يونس بن أبي إسحاق، عن الاسود، عن عائشة، قالت: كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - مؤذنان: بلال وعمرو بن ام مكتوم.
وهذه الرواية أصح .
وخرج الدارقطني من رواية اولاد سعد القرظ، عن ابائهم، عن جدهم سعد، ان النبي- صلى الله عليه وسلم - قال له: ((يا سعد، إذا لم تر بلالا معي فأذن)).
وفي إسناده ضعف .
[ فتح الباري : 3 / 484- 485 ] .(1/217)
498) وروى ابو حمزة السكري، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال: ((الامام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم ارشد الائمة واغفر للمؤذنيين)). قالوا: يا رسول الله، تركتنا نتنافس في الاذان، فقال: ((ان من بعدكم زمانا سفلتهم مؤذنوهم)).
خرجه البراز.
وقال: لم يتابع عليه ابو حمزة.
يعني: على الزيادة التي آخره؛ فإن أول الحديث معروف بهذا الإسناد، خرجه أبو داود والترمذي وغيرهما.
وقال الدارقطني: هذه الالفاظ ليست محظوظة.
قلت: وقد رويت بإسناد ضعيف، عن يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش – أيضا.
ذكره ابن عدي.
وفي إسناد الحديث اختلاف كثير، وقد روي موقوفا على أبي هريرة .
[ فتح الباري : 3 / 487 ] .
باب
الكلام في الأذان
499) وقد روى عن علي، انه كان يوماً على المنبر، فضحك ضحكاً ما رئي ضحك اكثر منه، حتى بدت نواجذه، ثم قال: ذكرت قول أبي طالب لما ظهر علينا، وانا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نصلي معه ببطن نخلة، فقال: مإذا تصنعان يا بن اخي؟ فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الاسلام، فقال: ما بالذي تصنعان بأس، ولكن والله لا تعلوني استي ابداً، فضحك تعجباً لقول أبيه.
خرجه الامام أحمد بإسناد فيه ضعيف .
[ فتح الباري : 3 / 493 ] .
500) خرجه الامام أحمد: ثنا عبد الرزاق: أبنا معمر، عن عبيد الله بن عمر، عن شيخ قد سماه، عن نعيم بن النحام، قال: سمعت مؤذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة باردة، وانا في لحافي، فتمنيت ان يقول: ((صلوا في رحالكم)، فلما بلغ حي على الفلاح، قال: ((صلوا في رحالكم))، ثم سألت عنها، فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - امره بذلك.
في إسناده مجهول.(1/218)
وله طريق اخر: خرجه الامام أحمد – أيضا-: ثنا علي بن عياش: ثنا اسماعيل بن عياش: ثنا يحيى بن سعيد: اخبرني محمد بن يحيى بن حبان، عن نعيم بن النحام، قال: نودي بالصبح في يوم بارد، وانا في مرط امراتي، فقلت : ليت المنادي قال: ((ومن قعد فلا حرج عليه)) ، فإذا منادي النبي - صلى الله عليه وسلم - في اخر اذانه قال: ((ومن قعد فلا حرج عليه)).
وخرجه ابو القاسم البغوي في ((معجم الصحابة)) من رواية سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن نعيم، به- بنحوه، ولم يقل: ((في اخر اذانه)).
وقال: هو مرسل.
يشير إلى ان محمد بن ابراهيم التيمي لم يسمع من نعيم.
ورواية سليمان بن بلال عن يحيى اصح من رواية اسماعيل بن عياش؛ فان اسماعيل لا يضبط حديث الحجازيين، فحديثه عنهم فيه ضعف .
[ فتح الباري : 3 / 495- 496 ] .
باب
أذان الأعمى إذا كان له من يخبره
501) قال البخاري رحمه لله : 617 حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( أن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم))، وكان رجلاً اعمى، لاينادي حتى يقال له: اصبحت، اصبحت.
قال ابن رجب رحمه الله :كذا روى القعنبي هذا الحديث عن مالك، ووافقه ابن أبي اويس وابن مهدي وعبد الرزاق وجماعة.
وهو في ((الموطا)) عن ابن شهاب، عن سالم- مرسلاً، وكذا رواه الشافعي والاكثرون عن مالك.
ورواه سائر أصحاب الزهري، عنه، عن سالم، عن أبيه- مسنداً.
وقد خرجه مسلم من رواية الليث ويونس، عن ابن شهاب كذلك، ولم يخرجه من طريق مالك.
ورواه معمر وابن إسحاق، عن الزهري، عن ابن المسيب مرسلاً- أيضا.(1/219)
وقوله في أخر الحديث: ((وكان رجلا أعمى)) قد ادرجه القعنبي في روايته عن مالك في حديثه الذي خرجه عنه البخاري، وكذا رواه أبو مسلم الكجي عن القعنبي.
وكذا رواه عبد العزيز بن [أبي] سلمة بن الماجشون، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، وأدرجه في الحديث.
وخرج البخاري حديثه في موضع أخر.
والحديث في ((الموطا))، كله، عن ابن شهاب، عن سالم- مرسلاً، فالذي في أخره يكون من قول سالم حينئذ.
وقد بين جماعة من رواة ((الموطا)) أنه من قول ابن شهاب، منهم: يحيى ابن يحيى الاندلسي.
وقد رواه الجماعةمن القعنبي، عن مالك، فأسندوا الحديث، وجعلوا قوله: ((وكان رجلا أعمى))- إلى اخره من قول الزهري، منهم: عثمان بن سعيد الدارمي والقاضي إسماعيل وأبو خليفة الفضل بن الحباب وإسحاق بن الحسن.
[ فتح الباري : 3 / 498- 499 ] .
باب
الأذان بعد الفجر
502) وخرج الأثرم: روى الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين.
قلت: هذا خرجه أبو داود هكذا.
ثم قال الأثرم: رواه الناس عن الزهري، فلم يذكروا فيه ما ذكر الأوزاعي، وسمعت أبا عبد الله – يعني: أحمد- يضعف رواية الأوزاعي عن الزهري.
قلت : لم يتفرد الأوزاعي بهذا عن الزهري، بل قد تابعه عليه يونس، وتابعه عمرو بن الحارث، وزاد في حديثه: ((وتبين له الفجر))، كما خرجه مسلم من حديثهما.
[ فتح الباري : 3 / 505- 506 ] .
503) وقد روي عن مالك بهذه الزيادة من وجه آخر: رواه حرملة، عن ابن وهب والشافعي، كلاهما عن مالك، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم))، وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى، لا ينادي حتى يقال: أصبحت، اصبحت.(1/220)
خرجه الطبراني، وذكر أنه تفرد به حرملة، ولا يرويه عن مالك غير الشافعي وابن وهب، وعنده: أن هذه الزيادة في آخره من رواية الشافعي وحده.
وذكر ابن أبي حاتم أن أباه حدثه عن حرملة، عن ابن وهب وحده بهذه الزيادة، وقال: قال أبي : هذا منكر بهذا الإسناد.
[ فتح الباري : 3 / 507- 508 ] .
504) وروي الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن أبن عباس، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي [ركعتي] الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما .
خرجه النسائي.
وقال: هذا حديث منكر.
قلت : نكارته من قبل إسناده، وروايات الأعمش عن حبيب فيها منكرات؛ فإن حبيب بن أبي ثابت إنما يروي هذا الحديث عن محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس، عن أبيه، عن جده.
[ فتح الباري : 3 / 509 ] .
505) ويدل على ذلك: ما روى ابن وهب، قال: حدثني سالم بن غيلان، أن سليمان بن أبي عثمان التجيبي حدثه، عن حاتم بن عدي الحمصي، عن أبي ذر، أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة- فذكر الحديث- قال: ثم أتاه بلال للصلاة، فقال: ((أفعلت.)) فقال: نعم. قال: ((إنك يا بلال مؤذن إذا كان الصبح ساطعاً في السماء، وليس ذلك الصبح، إنما الصبح هكذا إذا كان معترضاً))، ثم دعا بسحوره فتسحر.
خرجه بقي بن مخلد في ((مسنده)) ويونس بن يعقوب القاضي في ((كتاب الصيام)).
وخرجه الإمام أحمد – بمعناه من رواية رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن سالم بن غيلان. ومن طريق ابن لهيعة، عن سالم بن غيلان- أيضا.
وقد اختلف في هذا الإسناد:
فقال البخاري في ((تاريخه)) : هو إسناد مجهول.
وقال الدارقطني- فيما نقله عنه البرقاني- في هؤلاء الثلاثة: سالم وسليمان وحاتم: مصريون متروكون، وذكر أن رواية حاتم، عن أبي ذر لا تثبت.
وخالفه في ذلك آخرون:
أما حاتم، فقال العجلي: تابعي حمصي شامي، ثقة.
وأما سليمان بن أبي عثمان التجيبي، فقال أبو حاتم الرازي: هو مجهول.(1/221)
وأما سالم بن غيلان، فمشهور ، روى عنه جماعة من أهل مصر. وقال أحمد وأبو داود والنسائي: لا بأس به. وقال ابن خراش: صدوق، وقال ابن حبان: ثقة.
فلم يبق من هؤلاء من لا يعرف حاله سوى سليمان بن أبي عثمان.
[ فتح الباري : 3 / 510- 511 ] .
506) وفي النهي عن الأذان قبل الفجر أحاديث أخر، لا تصح:
فروى جعفر بن برقان، عن شداد مولى عياض بن عامر، عن بلال، ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا))، ومد يديه عرضاً.
خرجه أبو داود.
وقال: شداد لم يلق بلالاً.
قال أبو بكر الأثرم: هو إسناد مجهول منقطع.
يشير إلى جهالة شداد، وأنه لم يلق بلالاً.
وقد خرجه أبو نعيم في ((كتاب الصلاة)) : ثنا جعفر بن برقان، عن شداد مولى عياض، قال: بلغني ان بلالاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - - فذكره .
[ فتح الباري : 3 / 511- 512 ] .
507) وروى [ أبو داود، عن] حماد بن سلمة، عن ايوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن بلالاً أذن بليل، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينادي، ألا إن العبد نام.
وقال: تفرد به حماد.
وذكر أن الدراوردي روى عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان لعمر مؤذن ، يقال له: مسروح- فذكر نحوه.
وقال: هذا أصح من ذلك.
يعني: أنه موقوف على عمر، وأن حماد بن سلمة وهم في رفعه.
وحكى الترمذي عن علي بن المديني، أنه قال: هو غير محفوظ، وأخطأ فيه حماد بن سلمة.
وكذا قال الترمذي: هو غير محفوظ.
وكذلك انكره الإمام أحمد على حماد.
وقال أبو حاتم الرازي: حديث حماد خطأ. والصحيح: عن نافع ، عن ابن عمر، أن عمر أمر مسروحاً.
قال: ورواه ابن أبي محذورة، عن عبد العزيز أبي رواد ، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً- أيضا-، وابن أبي محذورة شيخ.
وقال محمد [بن] يحيى الذهلي: هو حديث شاذ، وهو خلاف ما رواه الناس عن ابن عمر.
يعين: أنهم رووا عنه حديث: ((إن بلالاً يؤذن بليل)).(1/222)
وقال الشافعي: رأينا أهل الحديث من أهل العراق لا يثبتون هذا الحديث، ويزعمون أنها ضعيفة، لا يقوم بمثلها حجة على الانفراد.
وقال الأثرم: هذا الحديث [خطأ] معروف من خطإ حماد بن سلمة.
وقال الدارقطني: أخطأ فيه حماد بن سلمة. وتابعه سعيد بن زربي- وكان ضعيفاً-، روياه عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر. والمحفوظ: عن أيوب، عن ابن سيرين أو حميد بن هلال، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال هذا. قال : ولا يقوم بالمرسل حجة.
قلت: روايات حماد بن سلمة عن أيوب غير قوية.
قال أحمد: أسند عن ايوب[ احاديث لا يسندها الناس عنه .
وقال مسلم: حماد يخطئ في حديث أيوب كثيراً.
وقد خولف في رواية هذا عن أيوب، فرواه معمر، عن أيوب] – مرسلاً.
خرجه عبد الرزاق، عنه.
وأما حديث عبد العزيز بن أبي رواد، فقد روي عنه متصلاً كما تقدم من رواية ابن أبي محذورة عنه.
وتابعه عامر بن مدرك.
قال الدارقطني: هو وهم، والصواب: رواية شعيب بن حرب، عن عبد العزيز، عن نافع، عن مؤذن لعمر، يقال له : مسروح، أن عمر أمره بذلك.
وذكر أبو داود أن حماد بن زيد رواه عن عبيد الله ، عن نافع أو غيره، أن مؤذنا لعمر يقال له : مسروح- فذكره.
وذكر الترمذي، أن ابن أبي رواد رواه، عن نافع، ان عمر أمر بذلك.
قال: هذا لا يصح؛ لأنه منقطع.
وقال البيهقي في حديث ابن أبي رواد المتصل: إنه ضعيف لا يصح، والصواب: رواية شعيب بن حرب.
وقال ابن عبد البر: الصحيح: أن عمر هو الذي أمر مؤذنه بذلك.
وقد روي من حديث قتادة، عن أنس- نحو حديث حماد بن سلمة.
والصحيح: أنه عن قتادة مرسل-: قاله الدارقطني.
وروي من حديث الحسن، عن أنس- أيضا- بإسناد لا يصح.
[ فتح الباري : 3 / 512- 514 ] .
508) قال أبو نعيم: ثنا إسرائيل، عن فضل بن عمير، قال: كان لعلي مؤذن، فجعل علي معه مؤذناً آخر؛ لكيلا يؤذن حتى ينفجر الفجر.
وهذا منقطع .
[ فتح الباري : 3 / 514 ] .(1/223)
509) وروى ابن أبي شيبة من طريق حجاج، عن طلحة، عن سويد-هو: ابن علقمة-، عن بلال، انه كان لا يؤذن حتى ينشق الفجر.
وعن حجاج، عن عطاء، عن أبي محذورة، انه أذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأبي بكر وعمر، فكان لا يؤذن حتى يطلع الفجر.
حجاج، هو: ابن أرطأة:
قال الاثرم: هذا ضعيف الإسناد .
[ فتح الباري : 3 / 515 ] .
باب
الأذان قبل الفجر
510) قال البخاري رحمه الله : 622 - حدثني إسحاق: ابنا أبو أسامة، قال: عبيد الله ثنا، عن القاسم بن محمد، عن عائشة- وعن نافع، عن ابن عمر-، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
623- وحدثني يوسف بن عيسى: ثنا الفضل بن موسى: ثنا عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: ((إن بلالاً يؤذن بليلٍ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)).
قال ابن رجب رحمه الله :وقد خرجه البخاري في ((الصيام)) عن عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة، بالإسنادين- أيضا-، وفي آخر الحديث: ((فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر)). قال القاسم: ولم يكن بين أذانهما إلا ان يرقى ذا وينزل ذا.
وقد روي عن عائشة من وجهٍ آخر: من رواية الدراوردي: ثنا هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن ابن ام مكتوم رجل أعمى، فإذا أذن المؤذن فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال)). قالت عائشة: وكان بلال يبصر الفجر. قال هشام: وكانت عائشة تقول: غلط ابن عمر.
خرجه الحاكم والبيهقي.
قال البيهقي: حديث عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة أصح.
وخرجه الإمام أحمد- أيضا – وابن خزيمة وابن حبان في ((صحيحهما)).
وفي رواية: وكان بلال لا يؤذن حتى يرى الفجر.
وقد روي نحو هذا اللفظ- أيضا- من رواية أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.(1/224)
خرجه ابن خزيمة.
وقال : فيه نظر؛ فإني لا أقف على سماع أبي إسحاق لهذا الخبر من الأسود.
وقد حمل ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما هذا- على تقدير [ أن يكون محفوظاً- على أن الأذان كان نوباً بين بلال وابن ام مكتوم، فكان يتقدم] بلال تارةً، ويتأخر ابن ام مكتوم، وتارةً بالعكس.
والأظهر- والله أعلم-: أن هذا اللفظ ليس بمحفوظ، وأنه مما انقلب على بعض رواته.
ونظير هذا: ما روى شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن عمته أنيسة بنت خبيب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال : ((إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)). ولم يكن بين أذانهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا.
كذا روى أبو داود الطيالسي وعمرو بن مرزوق وغيرهما عن شعبة.
ورواه غيرهما، عن شعبة بالعكس، وقالوا: ((إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال)).
ورواه سليمان بن حرب وغيره عن شعبة بالشك في ذلك.
[ فتح الباري : 3 / 519- 520 ] .
511) وقد روى الواقدي بإسناد له، عن زيد بن ثابت، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال)).
خرجه البيهقي.
والواقدي، لا يعتمد [عليه].
والصحيح من ذلك: ما رواه القاسم، عن عائشة. وما رواه سالم ونافع وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر، وما رواه أبو عثمان، عن ابن مسعود؛ فإن هذه الأحاديث كلها صحيحة، وقد دلت على أن بلالاً كان يؤذن بليل.
[ فتح الباري : 3 / 521 ] .
512) وروى الشافعي في القديم - بإسناد ضعيف - ، عن سعد القرظ، قال: أذنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - بقباء، وفي زمن عمر بالمدينة، فكان أذاننا في الصبح في الشتاء لسبع ونصف بقي من الليل، وفي الصيف [ لسبع] يبقى منه.
[ فتح الباري : 3 / 522 ] .(1/225)
513) واستدل الأولون بما خرجه أبو داود من رواية عبد الرحمن بن زياد، عن زياد بن نعيم الحضرمي، عن زياد بن الحارث الصدائي، قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فلما كان أول أذان الصبح أمرني فأذنت، فجعلت اقول أقيم [يا] رسول الله ؟،فجعل ينظر في ناحية المشرق إلى الفجر، فيقول: ((لا)) ، حتى إذا طلع الفجر نزل فتبرز ثم انصرف إلي وقد تلاحق أصحابه- يعني: فتوضأ-، فأراد بلال ان يقيم، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أخا صداء هو أذن، ومن أذن فهو يقيم)). قال: فأقمت – وذكر حديثاً فيه طول.
فهذا يدل على انه اذن قبل طلوع الفجر واجتزأ بذلك الأذان، ولم يعده بعد طلوعه.
ولمن رجح قول من أوجب الإعادة بعد طلوع الفجر، أنه يقول: هذا الحديث إسناده غير قوي.
وقد خرجه ابن ماجه والترمذي مختصراً.
قال الترمذي: إنما نعرفه من حديث الأفريقي، والأفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث.
وقال سعيد البرذعي: سئل أبو زرعة عن حديث الصدائي في الأذان.
فقال: الأفريقي، وحرك رأسه.
قلت: وقد اختلف عليه في لفظ الحديث:
فخرجه الإمام أحمد عن محمد بن يزيد الواسطي، عن الإفريقي بهذا الإسناد، ولفظه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أذن يا أخا صداء)) قال: فأذنت، وذلك حين أضاء الفجر- وذكر الحديث مختصراً.
فهذه الرواية فيها التصريح بانه إنما أذن بعد إضاءة الفجر وطلوعه.
وقد رواه ابن لهيعة، فخالف الأفريقي في إسناده، فرواه عن بكر بن سوادة، عن زياد بن نعيم، عن حبان بن بح الصدائي صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال: أتبعت النبي - صلى الله عليه وسلم - - يعني: في مسير له – ليلة إلى الصباح، فأذنت بالصلاة لما اصبحت، وأعطاني إناء وتوضأت منه، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابعه في الإناء، فانفجر عيوناً، فقال: ((من أراد منكم أن يتوضأ فليتوضأ)) – فذكر حديثاً، ولم يذكر فيه : الإقامة.
وفي هذه الرواية إنما لما أصبح- أيضا.(1/226)
وقصة الوضوء وتفجر الماء مذكورة- أيضا- في حديث الإفريقي.
[ فتح الباري : 3 / 525- 526 ] .
باب
كم بين الأذان والإقامة
514) وقد روى حيان بن عبيد [ الله العدوي هذا الحديث عن عبد الله ] بن بريدة، عن أبيه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (([ إن ] عند كل أذانين ركعتين قبل الإقامة، ما خلا أذان المغرب)).
خرجه الطبراني والبزار والدارقطني.
وقال: حيان بن عبيد الله هذا ليس بقوي، وخالفه حسين المعلم وسعيد الجريري وكهمس بن الحسن، وكلهم ثقات.
يعني: انهم رووه عن ابن بريدة، عن [ابن] مغفل، بدون هذه الزيادة.
وقال الأثرم: ليس هذا بشيء؛ قد رواه عن [ابن ] بريدة ثلاثة ثقات على خلاف ما رواه هذا الشيخ الذي لا يعرف، في الإسناد والكلام جميعاً.
وكذلك ذكر ابن خزيمة نحوه، واستدل على خطئه في استثنائه صلاة المغرب بان ابن المبارك روى الحديث عن كهمس، عن [ابن] بريدة، عن ابن مغفل ، وزاد في آخره: فكان ابن بريدة يصلي قبل المغرب ركعتين .
[ فتح الباري : 3 / 528 ] .
515) في ((مسند الإمام أحمد)) من حديث معلى بن جابر، عن موسى بن أنس، عن أبيه، قال: كان إذا قام المؤذن فأذن لصلاة المغرب قام من يشاء، فصلى حتى تقام الصلاة، ومن شاء ركع ركعتين، ثم قعد، وذلك بعيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومعلى بن جابر، مشهور، روى عنه جماعة ، وذكره ابن حبان في ((ثقاته)).
[ فتح الباري : 3 / 529 ] .
باب
من انتظر الإقامة
516) وقال علي : المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة .
خرجه البيهقي .
وقال : روي من حديث أبي هريرة – مرفوعاً – وليس بمحفوظ .
[ فتح الباري : 3 / 534 ] .
باب(1/227)
الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعةً والإقامة وكذلك بعرفة وجمع
517) وقالت طائفة: لا يؤذن الا للفجر خاصة، بل يقيم لكل صلاة.
روي هذا عن ابن عمر.
وروي عنه مرفوعاً.
خرجه الحاكم.
وفي إسناده ضعف واضطراب.
قال البيهقي: رفعه وهم فاحش، ولا يصح رفعه.
[ فتح الباري : 3 / 545- 546 ] .
518) روى سليمان التميمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان، قال: لا يكون رجل بأرض [قي]، فتوضأ إن وجد ماء وإلا تيمم، فينادي بالصلاة ثم يقيمها إلا ام من جنود الله ما لا يرى طرفاه- أو قال: طرفه.
ورواه القاسم بن غصن- وفيه ضعف-، عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان، عن سلمان- مرفوعاً.
ولا يصح، والصحيح موقوف-: قاله البيهقي .
[ فتح الباري : 3 / 547 ] .
519) وخرج أيضاً – بإسناد ضعيف جداً – عن ابن عمر أنه كان يقول : من صلى في مسجد قد أقيمت فيه الصلاة أجزأته إقامتهم .
[ فتح الباري : 3 / 550 ] .
520) ثم روى بإسناد صحيح، عن أبي عثمان، قال: جاءنا أنس بن مالك وقد صلينا الفجر، فأذن وأقام، ثم صلى الفجر لأصحابه .
[ فتح الباري : 3 / 550 ] .
521) وروى من طريق الشافعي: حدثنا إبراهيم بن محمد: أخبرني عمارة بن غزية، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، قال: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يؤذن للمغرب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ما قال، فأنتهى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد قال : قد قامت الصلاة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((انزلوا فصلوا المغرب بإقامة هذا العبد الأسود)).
وهذا ضعيف، إبراهيم ، هو : ابن أبي يحيى، تركوا حديثه.
وروى وكيع في ((كتابه)) عن دلهم بن صالح، عن عون بن عبد الله ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر، فسمع إقامة مؤذن، فصلى بأصحابه بإقامته.
وهو مرسل- أيضا.
[ فتح الباري : 3 / 550 ] .
باب(1/228)
هل يتتبع المؤذن فاه ها هنا وها هنا ؟ وهل يلتفت في الأذان ؟
522) قال البخاري رحمه الله : 634- ثنا محمد بن يوسف: ثنا سفيان، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، أنه رأى بلالاً يؤذن، فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا بالأذان.
قال ابن رجب رحمه الله : هكذا خرجه البخاري هاهنا عن الفريأبي، عن سفيان الثوري- مختصراً.
ورواه وكيع عن سفيان بأتم من هذا السياق.
خرجه مسلم من طريقه، ولفظ حديثه: قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، قال: فخرج بلال بوضوئه، فمن نائل وناضح. قال: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حلة حمراء، كأني انظر إلى بياض ساقيه. قال: فتوضأ، وأذن بلال، فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا- يقول: يميناً وشمالاً-، يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح. قال: ثم ركزت له عنزة، فتقدم فصلى الظهر ركعتين، يمر بين يديه الحمار والكلب، لا يمنع، ثم صلى العصر ركعتين، ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة.
ورواه عبد الرزاق، عن سفيان، ولفظ حديثه: عن أبي جحيفة، قال: رأيت بلالاً يؤذن ويدور ويتتبع فاه هاهنا وهاهنا، وإصبعاه في اذنيه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قبة له حمراء- وذكر بقية الحديث.
خرجه الإمام أحمد عن عبد الرزاق.
وخرجه من طريقه الترمذي، وقال : حسن صحيح.
وخرجه البيهقي، وصححه- أيضا.
وهذا هو الذي علقه البخاري هاهنا بقوله: ((ويذكر عن بلال، أنه جعل إصبعيه في أذنيه)).
وقال البيهقي: لفظة الاستدارة في حديث سفيان مدرجة، وسفيان إنما روى هذه اللفظة، في ((الجامع)) – رواية العدني، عنه- عن رجل لم يسمه، عن عون.
قال: وروي عن حماد بن سلمة، عن عون بن أبي جحيفة- مرسلاً، لم يقل: ((عن أبيه)) . والله أعلم.(1/229)
قلت : وكذا روى وكيع في ((كتابه)) ، عن سفيان، عن عون، عن أبيه، قال: أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقام بلال فأذن، فجعل يقول في أذانه، يحرف رأسه يميناً وشمالاً.
وروى وكيع، عن سفيان، عن رجل، عن أبي جحيفة، أن بلالاً كان يجعل إصبعيه في أذنية.
فرواية وكيع، عن سفيان تعلل بها رواية عبد الرزاق عنه.
ولهذا لم يخرجها البخاري مسندة ، ولم يخرجها مسلم- أيضا-، وعلقها البخاري بصيغة التمريض، وهذا من دقة نظره ومبالغته في البحث عن العلل والتنقيب عنها- رضي الله عنه.
وقد خرج الحاكم من حديث إبراهيم بن بشار الرمادي، عن ابن عيينة، عن الثوري ومالك بن مغول، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل بالأبطح- فذكر الحديث بنحو رواية عبد الرزاق، وذكر فيه الاستداره، وإدخال الإصبعين في الأذنين.
وقال: هو صحيح على شرطهما جميعاً.
وليس كما قال؛ وإبراهيم بن بشار لا يقبل ما تفرد به عن ابن عيينة، وقد ذمه الإمام أحمد ذماً شديداً، وضعفه النسائي وغيره.
وخرج أبو داود من رواية قيس بن ربيع، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح فإذن ، فلما بلغ ((حي على الصلاة، حي على الفلاح)) لوى عنقه يميناً وشمالاً، ولم يستدر.
وخرج ابن ماجه من رواية حجاج بن ارطاة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأبطح، وهو في قبة حمراء، فخرج بلال فأذن، فاستدار في أذانه، فجعل إصبعيه في أذنيه.
وحجاج مدلس.
قال ابن خزيمة : لا ندري هل سمعه من عون، أم لا؟
وقال البيهقي: يحتمل ان يكون أراد الحجاج باستدارته التفاته يمينا وشمالاً، فيكون موافقاً لسائر الرواة. قال: وحجاج ليس بحجة.
وخرجه من طريق آخر عن حجاج، ولفظ حديثه: رأيت بلالاً يؤذن، وقد جعل إصبعيه في أذنيه، وهو يلتوي في أذانه يميناً وشمالاً.(1/230)
وقد رويت هذه الاستدارة من وجه آخر: من رواية محمد بن خليد الحنفي- وهو ضعيف جداً-، عن عبد الواحد بن زياد، عنه ، عن مسعر، عن علي بن الأقمر، عن عون، عن أبيه.
ولا يصح- أيضا.
[ فتح الباري : 3 / 552- 555 ] .
523) وخرج ابن ماجه من حديث اولاد سعد القرظ، عن آبائهم ، عن سعد، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالاً ان يجعل إصبعيه في أذنيه، وقال: ((أنه أرفع لصوتك)).
وهو إسناد ضعيف؛ ضعفه ابن معين وغيره.
وروي من وجوه أخر مرسلة.
[ فتح الباري : 3 / 555 ] .
524) وروى الحسن بن عمارة، عن طلحة بن مصرف، عن سويد بن غفلة، عن بلال، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أذنا او أقمنا أن لا نزيل أقدامنا عن مواضعها.
خرجه الدارقطني في ((أفراده)).
والحسن بن عمارة، متروك.
[ فتح الباري : 3 / 556 ] .
525) وقال الزهري: قال أبو هريرة: لا ينادي بالصلاة إلا متوضئ.
ورواه معاوية بن يحيى ، عن الزهري، عن أبي هريرة- مرفوعاً.
خرجه الترمذي من الطريقين، وذكر أن الموقوف أصح.
قال: والزهري لم يسمع من أبي هريرة.
وروى عمير بن عمران الحنفي: ثنا الحارث بن عيينة، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، قال: حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن إلا وهو طاهر.
خرجه الدارقطني في ((الأفراد)) ، وزاد: ولا يؤذن إلا وهو قائم.
وقال: عبد الجبار، عن أبيه مرسل.
قلت: والحارث وعمير ، غير مشهورين.
[ فتح الباري : 3 / 561 ] .
باب
لا يسعى إلى الصلاة وليأتها بالسكينة والوقار(1/231)
526) قال البخاري رحمه الله : 636 حدثنا آدم: حدثنا ابن أبي ذئب: حدثنا الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - وعن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - ، قال: ((إذاسمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا ، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاتموا)).
قال ابن رجب رحمه الله : كان الزهري يروي هذا الحديث، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة ويرويه- أيضا-، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وقد رواه جماعه من أصحابه عنه، عن سعيد وحده. ورواه آخرون منهم، عنه، عن أبي سلمة وحده. وجمع بعضهم بينهما، منهم : عبيد الله بن عمر.
وروي –أيضا- كذلك، عن ابن أبي ذئب وإبراهيم بن سعد ويونس بن يزيد.
قال الدارقطني: هو محفوظ، كان الزهري ربما أفرده عن أحدهما، وربما جمعه.
قلت : وقد خرجه البخاري في ((كتاب الجمعة)) من ((صحيحه)) هذا، عن آدم ، عن ابن أبي ذئب بالجمع بينهما، ومن طريق شعيب، عن الزهري، عن أبي سلمة وحده.
وخرجه مسلم من رواية إبراهيم بن سعيد، عن الزهري، عنهما.
وخرجه أبو داود من طريق يونس كذلك.
وكلام الترمذي في ((جامعه)) يدل على أن الصحيح رواية من رواه عن الزهري عن سعيد وحده.
والصحيح: أنه صحيح عن الزهري، عنهما، وتصرف الشيخين في ((صحيحهما)) يشهد لذلك.
[ فتح الباري : 3 / 565- 566 ] .
527) وفي ((مسند الإمام أحمد)) من حديث أبي بكرة، أنه جاء والنبي - صلى الله عليه وسلم - راكع، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - صوت نعلي أبي بكرة وهو يحفز، يريد أن يدرك الركعة، فلما انصرف قال: ((من الساعي؟)) قال أبو بكرة: أنا ، قال: ((زادك الله حرصا، ولا تعد)).
وفي إسناده من يجهل حاله.(1/232)
وخرجه البخاري في (( كتاب القراءة خلف الامام)) بإسناده آخر فيه ضعف- أيضا- عن أبي بكرة – بمعناه، وفي حديث: قال: إن أبا بكرة قال: يا رسول الله، خشيت ان تفوتني ركعة معك، فأسرعت المشي، فقال له: ((زادك الله حرصاً، و لاتعد، صل ما ادركت، واقض ما سبقت)).
[ فتح الباري : 3 / 568 ] .
528) وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ((فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا))، هذه الرواية المشهورة عن الزهري، التي راوها عنه عامة أصحابه الحفاظ.
ورواه ابن عيينة، عن الزهري، وقال في روايته: ((وما فاتكم فاقضوا)).
خرج حديثه الإمام أحمد والنسائي.
وذكر أبو داود أن ابن عيينة تفرد بهذه اللفظة- يعني: عن الزهري.
وذكر البيهقي بإسناده، عن مسلم، أنه قال: أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة.
قلت: قد توبع عليها.
وخرجه الإمام أحمد، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، وقال في حديثه: ((قاضوا)). قال معمر: ولم يذكر سجوداً.
وكذا رواها بحر السقاء، عن الزهري، وقال في حديثه ((وليقض ما سبقه)) وبحر، فيه ضعف.
ورواها – أيضا- بنحو رواية بحر: سليمان بن كثير، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
خرجه البخاري في ((كتاب القراء خلف الإمام)).
[ فتح الباري : 3 / 569- 570 ] .
529) وروي عن عطاء، عن أبي سعيد وابن عمر وأبي هريرة وابن عباس وابن الزبير، أنهم كانوا يسجدون سجدتي السهو إذا أدرك الإمام في وتر.
قال الإمام أحمد: لم يسمعه عطاء منهم، بينه وبينهم رجل.
يعني: أن في الإسناد مجهول.
[ فتح الباري : 3 / 582 ] .
باب
متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة
530) وروى حجاج بن فروخ، عن العوام بن حوشب، عن ابن أبي أوفى، قال: كان بلال إذا قال: قد قامت الصلاة، نهض النبي - صلى الله عليه وسلم -.(1/233)
حجاج، واسطي، قال أحمد يحيى: لا نعرفه. وقال يحيى-أيضا-: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: مجهول وضعفَهٌ النسائي، وقال الدار قطني: متروك.
وذكر هذا الحديث لأحمد فأنكره، وقال: العوام لم يلق ابن أبي اوفى .
[ فتح الباري : 3 / 590 ] .
باب
هل يخرج من المسجد لعلة ؟
531) روى أبو داود من حديث أبي يحيى القتات، عن مجاهد، قال: كنت مع ابن عمر، فثوب رجل في الظهر او العصر، فقال: اخرج بنا؛ فإن هذه بدعة.
وأبو يحيى هذا، مختلف فيه.
[ فتح الباري : 3 / 594 ] .
باب
إذا قال الإمام : ( مكانكم حتى أرجع ) انتظروه
532) وقد خرج أبو داود من حديث زياد الأعلم، عن الحسن، عن أبي بكرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل في صلاة الفجر، فأومأ بيده أن مكانكم ، ثم جاء ورأسه يقطر، فصلى.
وفي رواية له- أيضا-: ((فكبر)) وقال فيه: فلما قضى الصلاة قال: ((إنما أنا بشر، وإني كنت جنباً)).
وخرجه الإمام أحمد بمعناه- أيضا.
قال أبو داود: ورواه أيوب وهشام وابن عون، عن محمد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -- مرسلاً، قال: فكبر، ثم اومأ إلى القوم أن اجلسوا، فذهب واغتسل، وكذلك رواه مالك، عن إسماعيل بن أبي حكيم،عن عطاء بن يسار: أن وسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبر في صلاة.
قال أبو داود: وكذلك حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا أبان، عن يحيى يعني : ابن أبي كثير-، عن الربيع بن محمد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه كبر. انتهى.
وهذه كلها مرسلات.
وحديث الحسن، عن أبي بكرة في معنى المرسل؛ لأن الحسن لم يسمع من أبي بكرة عند الإمام أحمد والأكثرين من المتقدمين.
وقد روي حديث ابن سيرين مسنداً، رواه الحسن بن عبد الرحمن الحارثي، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة- مسنداً.(1/234)
قال البيهقي: والمرسل أصح.
وقد روي موصولاً من وجه آخر:
خرجه الإمام أحمد، وابن ماجه من رواية اسامة بن زيد، عن عبد الله ابن يزيد مولى الاسود بن سفيان، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة، قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة، وكبر، ثم أشار اليهم فمكثوا، ثم انطلق فاغتسل، وكان رأسه يقطر ماءً، فصلى بهم، فلما انصرف قال: ((إني خرجت إليكم جنباً، وإني أنسيت حتى قمت في الصلاة)).
واسامة بن زيد، هو الليثي، وليس بذلك الحافظ.
[ فتح الباري : 3 / 598- 599 ] .
533) وروي عن علي: أن الإمام والمأمومين يعيدون ، ولا يصح عنه؛ فإنه من رواية عمرو بن خالد الواسطي، وهو كذاب.
وفيه حديث مرسل: رواه أبو جابر البياضي- وهو متروك- عن ابن المسيب- مرسلاً.
[ فتح الباري : 3 / 602 ] .
باب
الكلام إذا أقيمت الصلاة
534) حدثنا عياش بن الوليد: حدثنا عبد الأعلى: حدثنا حميد، قال: سألت ثابتاً البناني عن الرجل يتكلم بعدما تقام الصلاة، فحدثني عن أنس بن مالك، قال: أقيمت الصلاة، فعرض للنبي - صلى الله عليه وسلم - رجل، فحبسه بعدما أقيمت الصلاة.
خرجه مسلم في ((صحيحه)) من حديث حماد بن سلمة، عن ثابت ، عن أنس، قال: أقيمت صلاة العشاء، فقال رجل : لي حاجة، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يناجيه حتى نام القوم- أو بعض القوم-، ثم صلوا.
وخرجه الترمذي من حديث معمر، عن ثابت، عن أنس ، قال: لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما تقام الصلاة يكلمه الرجل، يقوم بينه وبين القبلة، فما يزال يكلمه، ولقد رايت بعضهم ينعس من طول قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - .(1/235)
فهذا الحديث: دليل على جواز ابتداء الكلام للإمام وغيره بعد إقامة الصلاة، بخلاف حديث عبد العزيز بن صهيب المخرج في الباب الماضي؛ فإنه إنما يدل على جواز استدامة الكلام إذا شرع فيه قبل الإقامة.
ورواية معمر، عن ثابت، عن أنس صريحة بأن مدة الكلام طالت، ورواية حماد بن سلمة تشعر بذلك؛ لقوله: ((حتى نام القوم أو بعض القوم)) ، وليس فيه ذكر إعادة إقامة الصلاة.
وظاهر الحال: يدل على أنه لم يعد الإقامة، ولو وقع ذلك لنقل ، ولم يهمل ؛ فإنه مما يهتم به.
وقد روى حديث ثابت جرير بن حازم، فخالف أصحاب ثابت في لفظه، رواه عن ثابت، عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يتكلم بالحاجة إذا نزل عن المنبر.
خرجه من طريقه كذلك الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي.
وقال: لا نعرفه إلا من حديث جرير بن حازم، وسمعت محمداً –يعني: البخاري- يقول: وهم جرير بن حازم في هذا الحديث، والصحيح ما روي عن ثابت، عن أنس، قال: أقيمت الصلاة فأخذ رجل بيد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فما زال يكلمه حتى نعس بعض القوم. قال محمد: والحديث هو هذا ، وجرير بن حازم ربما يهم في بعض الشيء، وهو صدوق.
وقال ابن أبي خيثمة في ((تاريخه)) : سئل يحيى بن معين عن حديث جرير بن حازم هذا، فقال: خطأ.
وروى وكيع، عن جرير بن حازم، عن ثابت، عن أنس، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل من المنبر يوم الجمعة، فيكلمه الرجل في الحاجة فيكلمه، ثم يتقدم إلى المصلى فيصلي.
وروى وكيع عن سفيان، عن معمر، عن الزهري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - نحو حديث جرير، عن ثابت- مرسلاً.
[ فتح الباري : 3 / 608- 609 ] .
باب
وجوب صلاة الجماعة(1/236)
535) وروى أبو حيان التيمي ، عَن أبيه ، عَن عَلِيّ ، قَالَ : لا صلاة لجار المسجد إلا فِي المسجد . قيل : يَا أمير المُؤْمِنيِن ، ومن جار المسجد ؟ قَالَ : من سَمِعَ الأذان .
وروى شعبة عَن عدي بْن ثابت ، عَن سَعِيد بْن جبير ، عَن ابن عَبَّاس ، قَالَ : من سَمِعَ النداء فَلَمْ يجب فلا صلاة لَهُ إلا من عذرٍ .
وقد رفعه طائفة من أصْحَاب شعبة بهذا الإسناد ، وبعضهم قَالَ : عَن شعبة ، عَن حبيب بْن أَبِي ثابت ، عَن سَعِيد ، عَن ابن عَبَّاس مرفوعاً .
وقد خرجه بالإسناد الأول مرفوعاً ابن ماجه وابن حبان فِي (( صحيحه )) والحاكم وصححه .
ولكن وقفه هُوَ الصحيح عِنْدَ الإمام أحمد وغيره .
وخرجه أبو داود مرفوعاً -أيضاً- من رِوَايَة أَبِي جناب الكلبي ، عَن مغراء ، عَن عدي بْن ثابت ، بِهِ .
وأبو جناب ، ليس بالقوي ، وقد اختلف عَلِيهِ -أيضاً- فِي رفعه ووقفه .
[ فتح الباري : 4 / 10 ].
536) وروي أبو بَكْر بْن عياش ، عَن أَبِي حصين ، عَن أَبِي بردة ، عَن أَبِي موسى ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ : (( من سَمِعَ النداء فارغاً صحيحاً فَلَمْ يجب فلا صلاة لَهُ )) .
خرجه الحَاكِم ، وصححه .
وقد اختلف عَلَى أبي بَكْر بْن عياش فِي رفعه ووقفه .
ورواه قيس بْن الربيع ، عَن أَبِي حصين -مرفوعاً .
ورواه مِسْعَر وغيره عَن أَبِي حصين موقوفاً .
والموقوف أصح - : قَالَه البيهقي وغيره .
[ فتح الباري : 4 / 11 ] .
537) وورد التصريح بأن العقوبة عَلَى ترك الجماعة دون الجمعة .(1/237)
خرجه الطبراني فِي (( أوسطه )) : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْم -هُوَ ابن هاشم البغوي - : ثنا حوثرة بْن أشرس : ثنا حماد بْن سَلَمَة ، عَن ثابت ، عَن أنس ، ان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ (( لَوْ ان رجلاً دعا النَّاس الى عرق أو مرماتين لأجابوه ، وهم يدعون الى هذه الصلاة فِي جماعة فلا يأتونها ، لَقَدْ هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس فِي جماعة ، ثُمَّ أنصرف إلى قوم سمعوا النداء ، فَلَمْ يجيبوا فأضرمها عليهم ناراً ؛ فإنه لا يتخلف عَنْهَا إلا منافق )) .
حوثرة ، ضَعِيف - : قَالَ ابن نقطة فِي (( تكملة الإكمال )) .
[ فتح الباري : 4 / 17 ] .
538) وفي حَدِيْث أَبِي زرارة الأنصاري ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( من سَمِعَ النداء ثلاثاً فَلَمْ يجب كتب من المنافقين )) .
وإسناده صحيح ؛ لكن أبو زرارة ، قَالَ أبو الْقَاسِم البغوي : لا أدري أله صحبة أم لا ؟
[ فتح الباري : 4 / 18 ] .
باب
فضل صلاة الجماعة
539) المسألة الثانية :
أن من دَخَلَ مسجداً قَدْ صلي فِيهِ جماعة ، فإنه يصلى فِيهِ جماعة مرة ثانية ، صح ذَلِكَ عَن أنس بْن مَالِك ، كما علقه عَنْهُ البخاري ، واحتج بِهِ الإمام أحمد .
وَهُوَ من رِوَايَة الجعد أَبِي عُثْمَان ، أَنَّهُ رأى أَنَس بْن مَالِك دَخَلَ مسجداً قَدْ صلي فِيهِ ، فأذن وأقام وصلى بأصحابه .
وقد رواه غير واحد من الثقات ، عَن الجعد ، وخرجه عَبْد الرزاق والأثرام وابن أَبِي شيبة والبيهقي وغيرهم فِي (( تصانيفهم )) من طرق متعددة عَن الجعد .
وقد روي عَن أَنَس من وجه آخر ؛ وأنه رَوَى فِي ذَلِكَ حديثاً مرفوعاً .(1/238)
خرجه ابن عدي من طريق عباد بْن منصور ، قَالَ : رأيت أَنَس بْن مَالِك دَخَلَ مسجداً بعد العصر ، وقد صلى القوم ، ومعه نفر من أصحابه ، فأمهم ، فلما انفتل قيل لَهُ : أليس يكره هَذَا ؟ فَقَالَ : دَخَلَ رَجُل المسجد ، وقد صلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر ، فقام قائماً ينظر ، فَقَالَ : (( مَالِك؟)) قَالَ : أريد أن أصلي ، فَقَالَ : (( أما رَجُل يصلي مَعَ هَذَا ؟ )) فدخل رَجُل ، فأمرهم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يصلو جميعاً .
وعباد بْن منصور ، تكلموا فِيهِ .
[ فتح الباري : 4 / 23 ] .
540) وقد استدل بعضهم لهذا بما رَوَى معاوية بْن يَحْيَى ، عَن خَالِد الحذاء ، عَن عَبْد الرحمن بْن أَبِي بكرة ، عَن أَبِيه ، أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل من نواحي المدينة يريد الصلاة ، فوجد النَّاس قَدْ صلوا ، فمال إلى منزله ، فجمع أهله ، فصلى بهم .
خرجه الطبراني .
ومعاوية بْن يَحْيَى ، لا يحتج بِهِ .
[ فتح الباري : 4 / 24 ] .
541) وقد قَالَ ابن عُمَر : افضل الصلوات عِنْدَ الله صلاة الصبح يوم الجمعة .
وروي عَنْهُ مرفوعاً ، والموقوف هُوَ الصحيح - : قاله الدارقطني .
وخرجه البزار بإسناد ضَعِيف ، عَن أَبِي عبيدة بْن الجراح مرفوعاً ، وزاد فِيهِ :
(( ولا أحسب من شهدها منكم إلا مغفوراً لَهُ )) .
[ فتح الباري : 4 / 32 ] .
542) وقد روي عَن ابن عَبَّاس من طريقين فيهما ضعف ، أن مضاعفة الخمس وعشرين درجة لأقل الجماعة - وهي اثنان ، وفي رِوَايَة عَنْهُ : ثَلاَثَة - ، وما زاد عَلَى ذَلِكَ إلى عشرة آلاف كَانَ لكل واحد من الدرجات بعدد من صلى معهم .
[ فتح الباري : 4 / 33 ] .(1/239)
543) وروي بإسناد فِيهِ نظر ، عَن كعب ، أَنَّهُ قَالَ لعمر بْن الخَطَّاب : إنه إذا صلى اثنان كَانَتْ صلاتهما بخمس وعشرين ، وإذا كانوا ثلاثة فصلاتهم بخمسة وسبعين ، وكانت ثلاثمائة ، فإذا كانوا خمسة خمسة الثلاثمئة ، فكانت ألفاً وخمسمائة ، فإذا كانوا ستة سدست ألفاً وخمسمائة ، فكانت تسعة آلاف ، فإذا كانوا مائة فلو اجتمع الكتاب والحساب مَا أحصوا ماله من التضعيف . ثُمَّ قَالَ لعمر : لَوْ لَمْ يكن مِمَّا أنزل الله عَلَى مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [ القدر : 3 ] ثَلاَثَة وثمانين سَنَة لكنت مصدقاً . فَقَالَ عُمَر : صدقت .
خرجه أبو موسى المديني فِي (( كِتَاب الوظائف )) بإسناده .
وخرج فِيهِ أحاديث أخر مرفوعة وموقوفة فِي هَذَا المعنى .
[ فتح الباري : 4 / 33 ] .
544) وروى - أيضاً - بإسناد جيد ، عَن كعب ، قَالَ : أجد فِي التوراة أن صلاة الجماعة تضاعف بعدد الرجال درجة ، إن كانوا مائة فمائة ، وإن كانوا ألفاً فألف درجة.
[ فتح الباري : 4 / 34 ] .
545) وروى بقية ، عَن أَبِي عَبْد السلام ، عَن نَافِع ، عَن ابن عُمَر - مرفوعاً - :
(( صلاة المرأة وحدها تفضل عَلَى صلاتها فِي الجمع خمساً وعشرين درجة )) .
خرجه أبو نعيم فِي (( تاريخ أصبهان )) .
وَهُوَ غريب جداً ، وروايات بقية عَن مشايخه المجهولين لا يعبأ بِهَا .
[ فتح الباري : 4 / 34 ] .
باب
احتساب الآثار(1/240)
546) وخرجه الترمذي من حَدِيْث أَبِي سُفْيَان السعدي ، عَن أَبِي نضرة ، عَن أَبِي سَعِيد، قَالَ : كَانَتْ بنو سَلَمَة فِي ناحية المدينة ، فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد ، فَنَزَلت هذه الآية : { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ } [ يس : 12 ] ، فقام رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن آثاركم تكتب )) ، فَلَمْ ينتقلوا .
وأبو سُفْيَان ، فِيهِ ضعف .
والصحيح : رِوَايَة مسلمٍ ، عَن أَبِي نضرة ، عَن جابر ، وكذا قاله الدارقطني وغيره .
[ فتح الباري : 4 / 43 ] .
547) وفي (( المسند )) بإسناد منقطع ، عَن حذيفة ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( فضل الدار القريبة من المسجد عَلَى الدار الشاسعة كفضل الغازي على القاعد )) .
[ فتح الباري : 4 / 46 ] .
باب
فضل صلاة العشاء في الجماعة
548) وروى أبو داود الطيالسي : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي حميد ، عَن أَبِي عَبْد الله القراظ ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( لا يحافظ المنافق أربعين ليلةً عَلَى صلاة العشاء الآخرة فِي جماعة )).
مُحَمَّد بْن أَبِي حميد ، فِيهِ ضَعِيف .
[ فتح الباري : 4 / 48 ] .
549) وخرج ابن خزيمة والحاكم - بإسناد صحيح - ، عَن ابن عُمَر ، قَالَ : كنا إذا فقدنا الإنسان فِي صلاة العشاء الآخرة والصبح أسأنا بِهِ الظن .
[ فتح الباري : 4 / 48 ] .
550) من أجودها : مَا خرجه أبو داود والترمذي من حَدِيْث بريدة ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( بشر المشائين فِي الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة )) .
[ فتح الباري : 4 / 49 ] .(1/241)
551) ويروى - بإسناده منقطع - ، عَن شداد بْن أوس ، قَالَ : من أحب أن يجعله الله من الذين يدفع الله بهم العذاب عَن أهل الأرض فليحافظ عَلَى هاتين الصلاتين فِي جماعة : العشاء الآخرة والصبح .
[ فتح الباري : 4 / 50 ] .
باب
اثنان فما فوقهما جماعة
552) وخرج أبو داود فِي كِتَاب (( المراسيل )) معناه من حَدِيْث مكحول والقاسم ابن عَبْد الرحمن - مرسلاً - ، وفي حديثهما زيادة : فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( وهذه من صلاة الجماعة )) .
وخرجه الإمام أحمد من رِوَايَة الْقَاسِم ، عَن أَبِي أمامة ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، ولفظه : (( هذان جماعة )) .
وفي إسناده ضعف ، والمرسل أشبه .
وخرج ابن ماجه بإسناد ضَعِيف ، عَن أَبِي موسى ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ :
(( الاثنان فما فوقهما جماعة )) .
وخرج البيهقي معناه من حَدِيْث أنس بإسناد ضَعِيف - أيضاً .
[ فتح الباري : 4 / 52 ] .
باب
من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد
553) ولكن قَدْ روي فِي حَدِيْث مرفوع ، فروى عَطَاء بْن السائب ، عَن أَبِي عَبْد الرحمان السلمي، عَن عَلِيّ ، قَالَ : سَمِعْت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُول : (( من صلى الفجر ثُمَّ جلس فِي مصلاه صلت عَلِيهِ الملائكة ، وصلاتهم عَلِيهِ : اللهم اغفر لَهُ ، اللهم ارحمه ، ومن ينتظر الصلاة صلت عَلِيهِ الملائكة ، وصلاتهم عَلِيهِ : اللهم اغفر لَهُ ، اللهم ارحمه )) .
خرجه الإمام أحمد .
وَقَالَ عَلِيّ بْن المديني : هُوَ حَدِيْث كوفي ، وإسناده حسن .
[ فتح الباري : 4 / 57- 58 ] .(1/242)
554) وخرج الطبراني بإسناد فِيهِ ضعف ، عَن أَبِي أمامة مرفوعاً : (( ثَلاَثَة فِي ظل الله يوم لا ظل إلا ظله : رَجُل حيث توجه علم أن الله مَعَهُ )) .
[ فتح الباري : 4 / 63 ] .
باب
فضل من غدا إلى المسجد أو راح
555) وخرج من طريق الطبراني بإسناده ، عَن سَعِيد بْن زربي ، عَن ثابت ، عَن أَبِي عُثْمَان ، عَن سلمان ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( من توضأ فأحسن الوضوء ثُمَّ أتى المسجد فهو زائر الله ، وحق عَلَى المزور أن يكرم الزائر )) .
قَالَ أبو موسى : ورواه سُلَيْمَان التيمي وداود بْن أَبِي هند وعوف ، عَن أَبِي عُثْمَان ، عَن سلمان - موقوفاً ، لا مرفوعاً .
وسعيد بن زربي ، فِيهِ ضعف .
[ فتح الباري : 4 / 65- 66 ] .
556) مَا خرجه ابن ماجه - بإسناده فِيهِ ضعف - ، من حَدِيْث أَبِي الدرداء ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( إن أحسن مَا زرتم بِهِ الله فِي قبوركم ومساجدكم البياض )) .
[ فتح الباري : 4 / 66 ] .
باب
إذا أُقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة
557) وقد خرجه مُسْلِم من حَدِيْث عَمْرِو بْن دينار ، عَن عَطَاء بْن يسار ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة )) .
وخرجه أبو داود موقوفاً .
وقد اختلف فِي رفعه ووقفه ، واختلف الأئمة فِي الترجيح ، فرجح الترمذي رفعه، وكذلك خرجه مُسْلِم فِي (( صحيحه )) ، وإليه ميل الإمام أحمد ، ورجح أبو زُرْعَة وقفه ، وتوقف فِيهِ يَحْيَى بْن معين ، وإنما لَمْ يخرجه البخاري لتوقفه ، أو لترجيحه وقفه . والله أعلم .(1/243)
وقد خرجه الطبراني من رِوَايَة زياد بْن عَبْد الله ، عَن مُحَمَّد بْن جحادة ، عَن عَمْرِو ، عَن عَطَاء ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( إذا أخذ المؤذن فِي الإقامة فلا صلاة إلا المكتوبة)).
وهذا لفظ غريبٌ .
[ فتح الباري : 4 / 67 ] .
558) قال البخاري رحمه الله تعالى : 663 - حدثنا عَبْد العزيز بْن عَبْد الله : ثنا إِبْرَاهِيْم بْن سعد ، عَن أبيه ، عَن حفص بْن عاصم ، عَن عَبْد الله بْن مَالِك ابن بحينة ، قَالَ : مر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - برجل .
وحدثني عَبْد الرحمان - هو : ابن بشر - : ثنا بهز بْن أسد : ثنا شعبة : أخبرني سعد بْن إِبْرَاهِيْم ، قَالَ : سَمِعْت [ حفص بْن عاصم ، قَالَ : سَمِعْت ] رجلاً من الأزد ، يقال لَهُ : مَالِك ابن بحينة ، أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً وقد أقيمت الصلاة يصلي ركعتين ، فلما انصرف رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لاث بِهِ النَّاس ، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( آلصبح أربعاً ،آلصبح أربعاً ؟ )) .
تابعه : غندر ومعاذ ، عَن شعبة ، عَن مَالِك .
وَقَالَ ابن إِسْحَاق : عَن سعد ، عَن حفصٍ ، عَن عَبْد الله ابن بحينة .
وَقَالَ حماد : أنا سعد ، عَن حفص ، عَن مَالِك .
قال ابن رجب رحمه الله : (( لاث بِهِ النَّاس )) - اي : أحدقوا بِهِ ، وأحاطوا حوله .
وقوله : (( آالصبح أربعاً )) - مرتين - : إنكار لصلاته وقد أقيمت صلاة الفجر، فكأنه صلى الصبح بعد الإقامة أربعاً .
وخرجه مُسْلِم ، ولفظه : مر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - برجل يصلي وقد أقيمت الصلاة ، فكلمه بشيء ، لا ندري مَا هُوَ ، فلما انصرفنا أحطنا بِهِ ، نقول : ماذا قَالَ لَكَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قَالَ : قَالَ لِي : (( يوشك أن يصلي احدكم الصبح أربعاً )) .(1/244)
وفي رِوَايَة لَهُ - أيضاً - : أقيمت صلاة الصبح ، فرأى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا يصلي والمؤذن يقيم ، فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( أتصلي الصبح أربعاً ؟ )) .
فعلى هذه الرواية ورواية البخاري : الحَدِيْث من رِوَايَة ابن بحينة ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، سمعه مِنْهُ ، وعلى الرواية الأول لمسلم : الحَدِيْث من رِوَايَة ابن بحينة ، عَن رَجُل غير مسمى من الصَّحَابَة ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - .
لكن ؛ قَدْ روي أن الرَّجُلُ المصلي هُوَ ابن القشب ، وَهُوَ ابن بحينة راوي الحَدِيْث.
كذلك رواه جَعْفَر بْن مُحَمَّد ، عَن أبيه - مرسلاً .
وروي ، عَن جَعْفَر ، عَن أَبِيه ، عَن عَبْد الله بْن مَالِك بْن بحينة .
والصحيح : المرسل - : قاله أبو حاتم الرَّازِي .
وقد أشار البخاري إلى الاختلاف فِي اسم (( ابن بحينة )) ، فخرجه من طريق إبراهيم بْن سعد ، عَن أبيه ، وسمى الصحابي : (( عَبْد الله بْن مَالِك ابن بحينة )) ، وذكر أن ابن إسحاق قالَ : عن سعد (( عن عبد الله بن بحينة )) ، وخرجه من طريق شعبة ، وسماه : (( مَالِك ابن بحينة )) ، وذكر أن حماداً رواه عَن سعد كذلك ، وحماد هُوَ : ابن سَلَمَة .
وكذا رواه أبو عوانة ، عَن سعد - أيضاً .
وقيل عَنْهُ : (( عَن ابن بحينة )) غير مسمى .
والصحيح من ذَلِكَ : عَبْد الله بْن مَالِك ابن بحينة - : قاله أبو زُرْعَة والنسائي والترمذي والبيهقي وغيرهم .
وَهُوَ عَبْد الله بْن مَالِك ابن القشب من أزد شنوءة ، حليف لبني عَبْد المطلب ، وبحينة أمه ، وهي بحينة بِنْت الحارث بْن عَبْد المطلب - : قاله ابن المديني وابن سعد والترمذي والبيهقي وغيرهم .
وقد رَوَى هَذَا الحَدِيْث القعنبي ، عَن إِبْرَاهِيْم بْن سعد ، فَقَالَ فِيهِ : عَن عَبْد الله بْن مَالِك ابن بحينة ، عَن أَبِيه ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - .(1/245)
وقوله : (( عَن أَبِيه )) وهم - : قاله الإمام أحمد وابن معين وسليمان بْن داود الهاشمي ومسلم - ذكره فِي (( صحيحه )) - وغيرهم .
[ فتح الباري : 4 / 68- 70 ] .
559) وروى عَن ابن عُمَر ، أنَّهُ دَخَلَ المسجد والناس يصلون ، فدخل بيت حَفْصَةَ فصلى ركعتين، ثُمَّ خرج إلى المسجد .
وروي عَنْهُ مرفوعاً ، خرجه ابن عدي .
ورفعه لا يصح .
[ فتح الباري : 4 / 72 ] .
560) وروى أبو إِسْحَاق ، عَن الحارث ، عَن عَلِيّ ، ان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يصلي الركعتين عِنْدَ الإقامة.
خرجه الإمام أحمد وابن ماجه .
والحارث ، فِيهِ ضعف . وأبو إِسْحَاق ، لَمْ يسمعه مِنْهُ .
وخرجه يعقوب بْن شيبة ، ولفظه : (( مَعَ الإقامة )) .
ورواه الْحَسَن بْن عمارة - وهو متروك - ، عَن أَبِي إِسْحَاق ، وزاد فِيهِ : أَنَّهُ صلى فِي ناحية المسجد والمؤذن يقيم .
ولم يتابع عَلَى ذَلِكَ .
[ فتح الباري : 4 / 72 ] .
باب
حد المريض أن يشهد الجماعة
561) وخرجه ابن حبان – أَيْضاً – من طريق عاصم ، عَن أَبِي وائل ، عَن مسروق ، عَن عَائِشَة ، وزاد فِيهِ : فكان رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وَهُوَ جالس ، وأبو بَكْر قائم يصلي بصلاة رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والناس يصلون بصلاة أَبِي بَكْر .
ولكن عاصم ، هُوَ ابن أَبِي النجود ، ليس بذاك الحافظ .
وروى شعبة ، عَن موسى بْن أَبِي عَائِشَة ، عَن عُبَيْدِ الله بْن عَبْد الله بْن عُتْبَة ، عَن عَائِشَة ، أن أَبَا بَكْر صلى بالناس ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي الصف خلفه .
خرجه ابن حبان فِي (( صحيحه )) من طريق بدل بْن المحبر ، عَن شعبة .
وبدل ، وثقة غير واحد ، وخرج لَهُ البخاري فِي (( صحيحه )) ، وإن تكلم فِيهِ الدراقطني.
خالفه فِيهِ أبو داود الطيالسي :(1/246)
خرجه الإمام أحمد : حَدَّثَنَا أبو داود الطيالسي : ثنا شعبة بهذا الإسناد ، عَن عَائِشَة ، أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أَبَا بَكْر أن يصلي بالناس فِي مرضه الَّذِي مات فِيهِ ، فكان رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بَيْن يدي أَبِي بَكْر يصلي بالناس قاعداً ، وأبو بَكْر يصلي بالناس ، والناس خلفه .
وكذا رواه زائدة ، عَن موسى بْن أَبِي عَائِشَة .
وقد خرج حديثه البخاري فيما بعد بسياق مطول ، وفيه : أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - خرج بَيْن رجلين – أحدهما العباس – لصلاة الظهر – وذكر بقية الحَدِيْث بمعنى مَا رواه أبو معاوية ووكيع وغيرهما عَن الأعمش .
وقد ذكر ابن أَبِي حاتم فِي كِتَاب (( الجرح والتعديل )) لَهُ عَن أَبِيه ، قَالَ : يريبني حَدِيْث موسى بْن أَبِي عَائِشَة فِي صلاة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مرضه . قُلتُ : كَيْفَ هُوَ ؟ قَالَ : صالح الحَدِيْث . قُلتُ : يحتج بِهِ ؟ قَالَ : يكتب حديثه .
قُلتُ : وقد اختلف عَلِيهِ فِي لفظه ، فرواه شعبة ، عَنْهُ ، كما تقدم ، أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى فِي الصف خلف أَبِي بَكْر .
ورواه زائدة ، واختلف عَنْهُ : فَقَالَ الأكثرون ، عَنْهُ : إن أَبَا بَكْر كَانَ يصلي وَهُوَ قائم بصلاة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ قاعد ، والناس يأتمون بصلاة أَبِي بَكْر .
[ فتح الباري : 4 / 84- 86 ] .
562) وجمع البيهقي فِي (( كِتَاب المعرفة )) بَيْن هَذَا وبين حَدِيْث الزُّهْرِيّ عَن أنس :
أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كشف الستر فِي أول الصلاة ، ثُمَّ وجد خفة فِي الركعة الثانية فخرج فصلاها خلف أَبِي بَكْر ، وقضى الركعة الَّتِيْ فاتته .
وخرج ابن سعد فِي (( طبقاته )) هَذَا المعنى من تمام حَدِيْث عَائِشَة وأم سَلَمَة وأبي سَعِيد بأسانيد فيها مقال . والله أعلم .
وبإسناد صحيح ، عَن عُبَيْدِ بْن عمير – مرسلاً .(1/247)
[ فتح الباري : 4 / 88 ] .
563) وقد خرج الترمذي من حَدِيْث حميد ، عَن ثابت ، عَن أنس ، قَالَ : صلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي مرضه خلف أَبِي بَكْر قاعداً ، فِي ثوب متوشحاً بِهِ .
وَقَالَ : حسن صحيح .
وخرجه –أَيْضاً– ابن حبان فِي (( صحيحه )) ، وصححه العقيلي وغير واحد .
وقد رواه جماعة عَن حميد ، عَن أنس – من غير واسطة .
واختلف الحفاظ فِي الترجيح ؛ فرجحت طائفة قَوْلِ من أدخل بَيْنَهُمَا (( ثابتاً ))، منهم : الترمذي وأبو حاتم الرَّازِي . ومنهم من رجح إسقاطه ، ومنهم : أبو زُرْعَة الرَّازِي. والله تعالى أعلم .
[ فتح الباري : 4 / 89 ] .
باب
الرخصة في المطر والعلة أن يصلي في رحله
564) وقد روي فِي حَدِيْث مرسل ، خرجه وكيع عَن المغيرة بْن زياد ، عَن عَطَاء ، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي سفر ، فأصابهم مطر ، فصلى بالناس فِي رحالهم ، وبلال يسمع النَّاس التكبير .
وَهُوَ مرسل .
[ فتح الباري : 4 / 95 ] .
باب
إذا حضر الطعام وأُقيمت الصلاة
565) وقد روي ذكر الصيام مرفوعاً .
خرجه ابن حبان – أَيْضاً – من طريق موسى بْن أعين ، عَن عَمْرِو بْن الحارث ، عَن ابن شِهَاب ، عَن أنس ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا أقيمت الصلاة وأحدكم صائم فليبدأ بالعشاء قَبْلَ صلاة المغرب ، ولا تعجلوا عَن عشائكم )) .
وخرجه الدارقطني فِي كِتَاب (( الإلزامات )) وصححه .
وخرجه الطبراني ، وَقَالَ : لَمْ يقل فِي هَذَا الحَدِيْث : (( وأحدكم صائم فليبدأ بالعشاء قَبْلَ صلاة المغرب )) إلا عَمْرِو بْن الحارث ، تفرد بِهِ موسى بْن أعين .(1/248)
قُلتُ : وإنما تفرد موسى بذكر : (( وأحدكم صائم )) ، وأما قوله : (( فليبدأ بالعشاء قَبْلَ صلاة المغرب )) فَقَدْ خرجه مُسْلِم من طريق ابن وهب ، عَن عَمْرِو ابن الحارث بهذا الإسناد ، ولفظ حديثه : (( إذا قرب العشاء وحضرت الصلاة فابدءوا بِهِ قَبْلَ أن تصلوا صلاة المغرب ، ولا تعجلوا عَن عشائكم )) .
[ فتح الباري : 4 / 104- 105 ] .
566) وقد يستدل لَهُ بما رَوَى مُحَمَّد بْن ميمون الزعفراني ، عَن جَعْفَر بْن مُحَمَّد ، عَن أبيه ، عَن جابر ، قَالَ : كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يؤخر الصلاة لطعام ولا غيره .
وخرجه الطبراني ، ولفظه : لَمْ يكن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤخر صلاة المغرب لعشاء ولا غيره .
وهذا حَدِيْث ضَعِيف لا يثبت .
ومحمد بْن ميمون هَذَا ، وثقة ابن معين وغيره . وَقَالَ البخاري والنسائي : منكر الحَدِيْث .
[ فتح الباري : 4 / 107- 108 ] .
567) وروى سلام بْن سُلَيْمَان المدائنى : ثنا ورقاء بْن عُمَر ، عَن ليث بْن أَبِي سليم ، عَن نَافِع ، عَن ابن عُمَر ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا حضر العشاء والصلاة فابدءوا بالصلاة )) .
خرجه تمام الرَّازِي فِي (( فوائده )) ، وَقَالَ : هكذا وقع فِي كتابي ، وَهُوَ خط .
وليث بْن أَبِي سليم ليس بالحافظ ، فلا تقبل مخالفته لثقات أصْحَاب نَافِع ؛ فإنهم رووا : (( فابدءوا بالعشاء )) كما تقدم . وسلام المدائني ضَعِيف جداً .
[ فتح الباري : 4 / 108 ] .
باب
أهل العلم و الفضل أحق بالإمامة
568) وروي عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - من وجوه ، أَنَّهُ قَالَ : (( أقرأ أمتي لكتاب الله أَبِي بْن كعب)).
خرجه الإمام أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه – وصححه الترمذي – من حَدِيْث أَبِي قلابة ، عَن أنس .(1/249)
وقد روي عَن أَبِي قلابة مرسلاً من غير ذكر (( أَنَس )) ، وَهُوَ أصح عِنْدَ كثير من الحفاظ .
[ فتح الباري : 4 / 118 ] .
569) قال البخاري رحمه الله : 682 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سُلَيْمَان ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابن وهب : حَدَّثَنِي يونس ، عَن ابن شِهَاب ، عَن حَمْزَة بْن عَبْد الله ، أَنَّهُ أخبره عَن أَبِيه ، قَالَ : لما اشتد برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعه قيل لَهُ فِي الصلاة . قَالَ : (( مروا أَبَا بَكْر فليصل بالناس )) . قَالَتْ عَائِشَة : أن أَبَا بَكْر رَجُل رقيق ، إذا قرأ غلبه البكاء . قَالَ : (( مروه فليصل )) ، فعاودته ، فَقَالَ : (( مروه فليصل ، فإنكن صواحب يوسف )) .
تابعه : الزبيدي وابن أخي الزُّهْرِيّ وإسحاق بْن يَحْيَى الكلبي ، عَن الزُّهْرِيّ .
وقال عقيل ومعمر ، عَن الزُّهْرِيّ ، عَن حَمْزَة ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - - مرسلاً .
قال ابن رجب رحمه الله : قَدْ ذكر البخاري الاختلاف عَلَى الزُّهْرِيّ فِي إسناده ، وأنه روي عَنْهُ متصلاً ومرسلاً .
فخرجه من طريق ابن وهب ، عَن يونس ، عَن الزُّهْرِيّ ، عَن حَمْزَة بْن عَبْد الله بْن عُمَر ، عَنْهُ أَبِيه – متصلاً - ، وذكر أَنَّهُ تابعه عَلَى وصله الزبيدي وابن أخي الزُّهْرِيّ وإسحاق الكلبي ، وأرسله عَن الزُّهْرِيّ ، عَن حَمْزَة – من غير ذكر ابن عُمَر - : عقيل ومعمر .
وقد اختلف عَن معمر :
وخرجه مُسْلِم من حَدِيْث معمر ، عَن الزُّهْرِيّ ، عَن حَمْزَة ، عَن عَائِشَة .
واختلف فِيهِ عَلَى عقيل – أَيْضاً - :
فروي عَنْهُ ، عَن الزُّهْرِيّ ، عَن حَمْزَة – مرسلاً .
وروي عَنْهُ ، عَن الزُّهْرِيّ ، عَن حَمْزَة ، عَن عَائِشَة .
وكذا قَالَ يونس بْن أَبِي إِسْحَاق ، عَن الزُّهْرِيّ .
وكلاهما محفوظ عَنْهُ - : ذكر ذَلِكَ الدارقطني فِي موضع من (( علله )) .(1/250)
وذكر فِي موضع آخر مِنْهَا : أَنَّهُ رواه عقيل ، عَن الزُّهْرِيّ ، عَن حَمْزَة ، عَن أَبِيه.
قَالَ : وَهُوَ الصواب .
قُلتُ : ورواه ابن المبارك ، عَن يونس ومعمر ، عَن الزُّهْرِيّ ، عَن حَمْزَة – مرسلاً .
[ فتح الباري : 4 / 123- 124 ] .
باب
من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الآخر أو لم يتأخر جازت صلاته
570) وقد روي معنى حَدِيْث سَهْل من حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ بسياق غريب .
خرجه الترمذي فِي كِتَاب (( العلل )) : حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن الصباح : ثنا شبابة ، عَن المغيرة بْن مُسْلِم ، عَن مُحَمَّد بْن عَمْرِو ، عَن أَبِي سَلَمَة ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : ذهب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي حاجة ، فأقام بلال الصلاة ، فتقدم أبو بَكْر ، فجاء النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بَكْر فِي الصلاة،فأرادوا أن يردوا وصفقوا، فمنعهم رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - خلفه ، فلما انفتل قَالَ : (( التسبيح للرجال ، والتصفيق للنساء )) .
وَقَالَ : سألت عَنْهُ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل - يعني : البخاري – فَلَمْ يعرفه ، وجعل يستحسنه ، وَقَالَ : المشهور : عَن أَبِي حَازِم ، عَن سَهْل . انتهى .
وهذا يخالف مَا فِي حَدِيْث سَهْل ، من أن أَبَا بَكْر تأخر وتقدم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، فصلى بالناس ، والصحيح : حَدِيْث سَهْل . والله - سبحانه وتعالى - أعلم .
[ فتح الباري : 4 / 132 ] .
باب
إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم(1/251)
571) وفي (( صحيح مُسْلِم )) من حَدِيْث أوس بْن ضمعج ، عَن أَبِي مَسْعُود ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ: (( يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله ، وأقدمهم قراءةً ، فإن كَانَتْ قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة ، فإن كانوا فِي الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سناً )) .
وفي ألفاظ هَذَا الحَدِيْث اخْتِلاَف ، وقد توقف فِيهِ أبو حاتم الرَّازِي ، وحكى عَن شعبة ، أَنَّهُ كَانَ يهابه ؛ لتفرد إِسْمَاعِيل بْن رجاء بِهِ عَن أوس ، فَقَالَ : إنما رواه الْحَسَن بْن يزيد الأصم ، عَن السدي ، وَهُوَ شيخ ، وأخاف أن لا يكون محفوظاً – يعني : حَدِيْث السدي .
[ فتح الباري : 4 / 133- 134 ] .
باب
إذا زار الإمام قوماً فأمهم
572) واستدل بما رَوَى بديل بْن ميسرة ، عَن أَبِي عطية مَوْلَى لهم، عَن مَالِك بْن الحويرث ، قَالَ : سَمِعْت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم : (( من زار قوماً فلا يؤمهم ، وليؤمهم رَجُل منهم )) .
خرجه أبو داود والترمذي . وخرجه النسائي بمعناه ، وحسنه الترمذي .
وقد عمل بهذا الحَدِيْث مَالِك بْن الحويرث ، ولم يتقدم فِي منزل غيره مَعَ أمرهم لَهُ بالتقدم ، واستدل بما رواه .
وأبو عطية هَذَا ، قَالَ ابن المديني : لا نعرفه .
[ فتح الباري : 4 / 135 ] .
573) رَوَى إِسْحَاق بْن يَحْيَى بْن طلحة ، عَن المُسَيِّب بْن رافع ومعبد بْن خَالِد ، عَن عَبْد الله بْن يزيد الخطمي – وكان أميراً عَلَى الكوفة - ، فَقَالَ : أتينا قيس بْن سعد بْن عُبَادَة فِي ببيته ، فأذن بالصلاة ، فقلنا لقيس : قم فصل لنا ، فَقَالَ : لَمْ أكن لأصلي بقوم لست عليهم بأمير ، فَقَالَ رَجُل ليس بدونه – يقال لَهُ : عَبْد الله ابن حنظلة الغسيل - : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الرَّجُلُ أحق أن يؤم فِي رحله )) .(1/252)
خرجه الجوزجاني .
وخرجه الطبراني والبزار ، وعنده : (( فِي بيته )) ، وزاد : (( فأمر مَوْلَى لَهُ فتقدم فصلى )) .
وخرجه البيهقي – أَيْضاً – بمعناه .
وإسحاق هَذَا ، ضَعِيف جداً .
وقد روي هَذَا المعنى من وجوه متعددة فيها ضعف .
[ فتح الباري : 4 / 135- 136 ] .
باب
إنما جعل الإمام ليؤتم به
574) وهكذا قَالَ عُمَر بْن الخَطَّاب ، قَالَ : إذا رفع أحدكم رأسه من ركعته أو سجدته قَبْلَ الإمام، فليعد حَتَّى يرى قَدْ أدرك مَا فاته .
خرجه حرب الكرماني والإسماعيلي فِي (( مسند عُمَر )) من طريق أَيْنَ إِسْحَاق ، عَن يعقوب بْن عَبْد الله بْن الأشج ، عَن بسر بْن سَعِيد ، عَن الحارث بْن مخلد ، عَن أَبِيه مخلد ، قَالَ : سَمِعْت عُمَر – فذكره .
وخرجه الحافظ أبو موسى المديني من طريق حماد بْن مسعدة ، عَن ابن أَبِي ذئب ، عَن يعقوب بْن الأشج ، بِهِ ، إلا أَنَّهُ رفعه إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - .
ورفعه فِيهِ نكارة .
[ فتح الباري : 4 / 140-141 ] .
575) وتعلق بعضهم بحديث مرسل ، رواه جابر الجعفي ، عَن الشَّعْبِيّ ، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : (( لا يؤمن أحد بعدي جالساً )) .
وجابر ، لا يحتج بما يسنده ، فكيف بما يرسله ؟! وقد طعن فِي حدثيه هَذَا الشَّافِعِيّ وابن أَبِي شيبة والجوزجاني وابن حبان وغيرهم .
[ فتح الباري : 4 / 151 ] .
576) وروى سيف بن عُمَر الضبي : ثنا سَعِيد بن عَبْد الله الجمحي ، عَن أَبِيه ، عَن مُحَمَّد بن مسَلَمَة ، قَالَ : دخلت عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي شكوى اشتكاه ، وحضرت الصلاة، فصلى بنا جالساً ونحن قيام ، فلما انصرف قَالَ : (( إذا صلى إمامكم جالساً فصلوا جلوساً )) ، وكنا نفعل ذَلِكَ حَتَّى حج حجته ، فنهى فيها أن يؤم أحد قوماً وَهُوَ جالس .(1/253)
خرجه القاضي مُحَمَّد بن بدر فِي (( كِتَاب المناهي )) .
وَهُوَ حَدِيْث باطل ، وسيف هَذَا مشهور بالكذب .
[ فتح الباري : 4 / 151 ] .
577) رَوَى سُلَيْمَان بن بلال ، عَن يَحْيَى بن سَعِيد ، عَن بشير بن يسار ، أن أسيد ابن الحضير كَانَ يؤم قومه بني عَبْد الأشهل فِي مسجدهم ، ثُمَّ اشتكى ، فخرج إليهم بعد شكوه ، فأمروه أن يتقدم فيصلي بهم ، فَقَالَ : إني لا استطيع أن أقوم . قالوا : لا يصلي لنا أحد غيرك مَا كُنْتُ فينا . فَقَالَ : إني لا أستطيع أن أصلي قائماً فاقعدوا ، فصلى قاعداً وصلوا وراءه قعوداً .
خرجه الأثرم وغيره .
وهذا إسناد صحيح .
[ فتح الباري : 4 / 153 ] .
باب
إمامة العبد والمولى
578) والقول الثاني : أَنَّهُ لا يؤم الصبي حَتَّى يحتلم ، روي ذَلِكَ عَن ابن عَبَّاس ، خرجه عَنْهُ بإسناد فِيهِ مقال .
وخرجه الأثرم – أَيْضاً – بإسناد منقطع عَن ابن مَسْعُود ، قَالَ : لا يصلي خلف الغلام حَتَّى تجب عَلِيهِ الحدود .
[ فتح الباري : 4 / 171 ] .
باب
إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه
579) حَدَّثَنَا الفضل بن سَهْل : ثنا الْحَسَن بن موسى الأشيب : ثنا عَبْد الرحمن بن عَبْد الله بن دينار ، عَن زيد بن أسلم ، عَن عَطَاء بن يسار ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : (( يصلون لكم ، فإن أصابوا فلكم ، وإن أخطئوا فلكم وعليهم )).
تفرد البخاري بتخريج هَذَا الحَدِيْث عَن مُسْلِم ، وبتخريج حَدِيْث عَبْد الرحمن ابن عَبْد الله بن دينار ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ضعفه ابن معين وغيره . وَقَالَ عَلِيّ بن المديني : فِي بعض مَا يرويه منكرات لا يتابع عَلَيْهَا ، ويكتب حديثه فِي جملة الضعفاء .(1/254)
وقد خرجه ابن حبان فِي (( صحيحه )) من وجه آخر عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، من رِوَايَة أَبِي أيوب الأفريقي ، عَن صفوان بن سليم ، عَن ابن المُسَيِّب ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( سيأتي - أو يكون - أقوام يصلون الصلاة ، فإن أتموا فلكم ولهم ، وإن نقصوا فعليهم ولكم )) .
وقد روي –أَيْضاً- من رِوَايَة أَبِي صالح السمان والحسن ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، ولكن إسنادهما لا يصح .
[ فتح الباري : 4 / 178 ] .
580) وخرج ابن ماجه والحاكم فِي (( المستدرك )) من حَدِيْث عَبْد الحميد بن سُلَيْمَان : ثنا أبو حازم ، قَالَ : كَانَ سَهْل بن سعد الساعدي يقدم قتيان قومه يصلون بهم ، فَقِيلَ لَهُ : تفعل هَذَا ولك من القدم مَالِك ؟ فَقَالَ : إني سَمِعْت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُول : (( الإمام ضامن ، فإن أحسن فله ولهم ، وإن أساء يعني : فعليه ولا عليهم )) .
وقد ذكر هَذَا الحديث الإمام أحمد ، فَقَالَ : مَا سَمِعْت بهذا قط .
وهذا يشعر باستنكاره لَهُ .
[ فتح الباري : 4 / 179 ] .
581) وخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حَدِيْث عقبة بن عامر ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( من أم النَّاس فأصاب الوقت وأتم الصلاة فله ولهم ، ومن انتقض من ذَلِكَ شيئاً فعليه ولا عليهم )) .
وفي إسناده اخْتِلاَف ، وقد روي مرسلاً .
وفي المعنى أحاديث أخر متعددة فِي أسانيدها مقال .
[ فتح الباري : 4 / 179 ] .
باب
إمامة المفتون والمبتدع(1/255)
582) وخرج أبو داود من حَدِيْث مكحول ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( الجهاد واجب عليكم مَعَ كل أمير ، براً كَانَ أو فاجراً . والصلاة واجبة عليكم خلف كل مُسْلِم ، براً كَانَ أو فاجراً )) .
وهذا منقطع ؛ مكحول لَمْ يسمع من أَبِي هُرَيْرَةَ .
وقد أنكر أحمد هَذَا ، ولم يره صحيحاً .
[ فتح الباري : 4 / 183-184 ] .
583) رَوَى بقية بن الوليد : ثنا حبيب بن عُمَر الأنصاري ، عَن أَبِيه ، قَالَ : سَمِعْت واثلة بن الأسقع يَقُول : لَوْ صليت خلف قدري لأعدت صلاتي .
خرجه حرب الكرماني .
وخرج - أَيْضاً - من طريق نوح بن جعونة : ثنا عَبْد الكريم ، قَالَ : قَالَ ابن عَبَّاس : لأن أصلي خلف جيفة حمار أحب إلي من أن أصلي خلف قدري .
وفي كلا الإسنادين ضعف .
[ فتح الباري : 4 / 185 ] .
584) وقد روي حَدِيْث مرفوع فِي كراهة الصلاة خلف الفاجر فِي غير الجمعة .
خرجه ابن ماجه من رِوَايَة عَبْد الله بن مُحَمَّد العدوي ، عَن عَلِيّ بن زيد ، عَن سَعِيد بن المُسَيِّب ، عَن جابر ، قَالَ : خطبنا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : (( إن الله قَدْ افترض عليكم الجمعة فِي مقامي هَذَا إلى يوم القيامة ، فمن تركها فِي حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر استخفافاً بِهَا ، وجحوداً لها ؛ فلا جمع الله لَهُ شمله ، ولا بارك لَهُ فِي أمره ، ألا ولا صلاة لَهُ ، ولا زكاة لَهُ ، ولا حج لَهُ ، ولا بركة حَتَّى يتوب ، ألا لا تؤمن امرأة رجلاً ، ولا يؤم أعرابي مهاجراً ، ألا ولا يؤم فاجر مؤمناً إلا أن يقهره بسلطان يخاف سيفه وشرطه )) .
والعدوي هَذَا ، قَالَ البخاري وأبو حاتم : منكر الحَدِيْث . وَقَالَ أبو حاتم : مجهول . وَقَالَ الدارقطني : متروك .
قَالَ العقيلي : وقد روي هَذَا من وجه آخر يشبه هَذَا فِي الضعف .(1/256)
وذكر الدارقطني فِي (( العلل )) أَنَّهُ رواه أبو فَاطِمَة مسكين بن عَبْد الله الطفاوي وحمزة بن حسان ، عَن عَلِيّ بن زيد - أَيْضاً - ، ورواه الثوري عَن عَلِيّ بن زيد أَيْضاً .
ثُمَّ خرجه من طريق مهنأ بن يَحْيَى الشامي - صاحب الإمام أحمد - : حَدَّثَنَا زيد بن أَبِي الزرقاء ، عَن سُفْيَان ، عَن عَلِيّ بن زيد - فذكره مختصراً .
وهذا إسناد قوي ؛ إلا أن الحَدِيْث منكر - : قاله أبو حاتم الرَّازِي .
وَقَالَ الدارقطني : هُوَ غير ثابت .
وَقَالَ ابن عَبْد البر : أسانيده واهية .
قُلتُ : وقد روي أوله من طرق متعددة ، كلها واهية .
[ فتح الباري : 4 / 189-190 ] .
باب
يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين
585) وقد روي فِي حَدِيْث ابن عَبَّاس ، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أقامه عَن يساره ، وروي أَنَّهُ قام خلفه ، وكلاهما لا يصح .
أما الأول : فمن رِوَايَة كثير بن زيد ، عَن يزيد بن أَبِي زياد ، عَن كريب ، عَن ابن عَبَّاس – فذكر الحَدِيْث ، وفيه : قَالَ : فقمت عَن يمينه ، فأخذني فجعلني عَن يساره.
قَالَ مُسْلِم فِي كِتَاب (( التمييز )) : هَذَا غلط غير محفوظ ؛ لتتابع الأخبار الصحاح برواية الثقات عَلَى خلاف ذَلِكَ ، أن ابن عَبَّاس إنما قام عَلَى يسار النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فحوله حَتَّى أقامه عَن يمينه .
ثُمَّ خرجه من طرق متعددة ، عَن كريب ، عَن ابن عَبَّاس كذلك . ومن طريق سَعِيد بن جبير وعطاء وأبي نضرة والشعبي وطاوس وعكرمة ، كلهم عَن ابن عَبَّاس كذلك .(1/257)
وأما الثاني : فخرجه أبو نعيم فِي (( الحلية )) من رِوَايَة أَبِي يزيد الخراز : ثنا النضر بن شميل : ثنا يونس ، عَن أَبِي إِسْحَاق : حَدَّثَنِي عَبْد المؤمن الأنصاري ، قَالَ : قَالَ ابن عَبَّاس ، كُنْتُ عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقام إلى سقاء فتوضأ وشرب قائماً ، فقمت فتوضأت وشربت قائماً ، ثُمَّ صففت خلفه ، فأشار إلي لأوازي بِهِ أقوم عَن يمينه ، فأبيت، فلما قضى صلاته قَالَ : (( مَا منعك [ أن لا تكون ] وازيت بي ؟ )) قُلتُ : يَا رَسُول الله، أنت أجل فِي عيني وأعز من أن أوازي بك .فَقَالَ : (( اللهم ، آته الحكمة )) .
إسناد مجهول ؛ فلا تعارض بِهِ الروايات الصحيحة الثابتة .
وقد روي من وجه أصح ممن هَذَا ، أَنَّهُ وقف خلفه فقدمه إلى يمينه .
خرجه أبو نعيم فِي (( كِتَاب الصلاة )) : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن شريك : ثنا عَكْرِمَة بن خَالِد ، قَالَ : قَالَ ابن عَبَّاس : بت عِنْدَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فِي بيت ميمونة – وهي خالته - ، فلما قام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - من الليل يصلي قمت خلفه ، فأهوى بيده فأخذ برأسي ، فأقامني عَن يمينه إلى جنبه .
مُحَمَّد بن شريك هَذَا ، مكي ، وثقه الإمام أحمد .
[ فتح الباري : 4 / 192- 193 ] .
باب
إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء
586) وروى وكيع فِي (( كتابه )) عَن موسى بن عبيدة ، عَن نَافِع ، قَالَ : كَانَ ابن عُمَر إذا صلى لنفسه طول فِي أربعتين – يعني : فِي الركعات الأربع فِي الفريضة .
وموسى بن عبيدة ، ضَعِيف جداً من قَبْلَ حفظه ، وكان شيخاً صالحاً – رحمه الله.
[ فتح الباري : 4 / 215 ] .
باب
من شكا إمامه إذا طول(1/258)
587) وروى وكيع : ثنا هِشَام الدستوائي ، عَن قتادة ، عَن عَبَّاس الجشمي ، قَالَ : قَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( إن من الأئمة طرادين )) .
وهذا مرسل .
[ فتح الباري : 4 / 217 ] .
باب
من أخف الصلاة عند بكاء الصبي
588) فالأول ، دل عَلِيهِ مَا خرجه أبو بَكْر بن أَبِي داود فِي (( كِتَاب الصلاة )) : حَدَّثَنَا أحمد بن يَحْيَى بن مَالِك : ثنا عَبْد الوهاب ، عَن شعبة ، عَن عدي بن ثابت ، عَن البراء بن عازب ، قَالَ : صلى بنا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح ، فقرأ بأقصر سورتين فِي القرآن ، فلما فرغ أقبل علينا بوجهه ، وَقَالَ : (( إنما عجلت لتفرغ أم الصبي إلى صبيها)).
وهذا إسناد غريب جداً .
وقد روي معناه من حَدِيْث أنس وأبي سَعِيد بأسانيد ضعيفة .
وأما الثاني ، فروى أبو نعيم فِي (( كِتَاب الصلاة )) ، عَن سُفْيَان ، عَن أَبِي السوداء النهدي ، عَن ابن سابط ، قَالَ : قرأ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الفجر فِي أول ركعة بستين
آية ، فلما قام فِي الثانية سَمِعَ صوت صبي ، فقرأ ثلاث آيات .
وهذا مرسل .
[ فتح الباري : 4 / 225 ] .
باب
إذا صلى ثم أم قوماً
589) وقد عارض بعضهم حديث معاذ بما روى معاذ بن رفاعة الأنصاري ، عن سليم الأنصاري –من بني سلمة - ، أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقال : يا رسول الله ، إن معاذ بن جبل يأتينا بعدما ننام ، ونكون في أعمالنا في النهار ، فينادى بالصلاة ، فنخرج إليه فيطول علينا . فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يا معاذ ، لا تكن فتانا ، إما أن تصلي معي ، وإما أن تخفف على قومك )) .
خرجه الإمام أحمد .(1/259)
وهو مرسل ؛ فإن سليما هذا قتل في يوم أحد ، وقد ذكر ذَلِكَ في تمام هذا الحديث .
وقال ابن عبد البر : هوَ منكر لا يصح .
[ فتح الباري : 4 / 231 ] .
باب
هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس ؟
590) خرجه الدارقطني من حديث جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : (( الإمام ضامن ، فما صنع فاصنعوا )) .
وفي إسناده مقال .
[ فتح الباري : 4 / 242 ] .
باب
إذا بكى الإمام في الصلاة
591) وروى حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن مطرف بن عبد الله ، عن أبيه ، قالَ : انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل .
خرجه الإمام أحمد ، والنسائي ، وزاد : يعني : يبكي .
وفي رواية للإمام أحمد : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء .
وخرجه أبو داود كذلك .
وهذا الإسناد على شرط مسلم .
[ فتح الباري : 4 / 245 ] .
باب
تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها
592) وفي(( مسند الإمام أحمد )) - بإسناد فيهِ ضعف ، عن أبي أمامة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :
(( لتسون الصفوف ، أو لتطمسن وجوهكم ، ولتغضن أبصاركم ، أو لتخطفن
أبصاركم )) .
[ فتح الباري : 4 / 249 ] .
باب
الصف الأول
593) فخرج الأمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث البراء بن عازب ، عن النبي
- صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : (( إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول )) .
وخرجه ابن ماجه ، وعنده : (( على الصف الأول )) .(1/260)
وخرجه -أيضاً- بهذا اللفظ من حديث عبد الرحمن بن عوف ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
والصواب : إرسال إسناده - : قاله أبو حاتم والدار قطني .
[ فتح الباري : 4 / 255 ] .
594) فروى قتادة ، عن أبي قلابة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ لأصحابه : (( أي شجرة أبعد من الخارف والخاذف ؟ )) قالوا : فرعها . قالَ : (( فكذلك الصف المقدم ، هوَ أحصنها من الشيطان )) .
ورواه جماعة ، فقالوا : عن قتادة ، عن أنس .
والصواب : عن أبي قلابة - : قاله الدارقطني وغيره . وأنكر أبو زرعة وصله .
وروي نحوه من حديث أبي هريرة مرفوعاً بإسناد ضعيف .
[ فتح الباري : 4 / 256 ] .
باب
إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف
595) وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث أبي الزاهرية ، عن كثير بن مرة ، عن إبن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : (( أقيموا الصفوف ، وحاذوا بين المناكب ، وسدوا الخلل ، ولينوا بأيدي إخوانكم )) .
وخرجه أبو داود -أيضا- من وجه آخر ، عن أبي الزاهرية ، عن كثير بن مرة - مرسلاً .
وقيل : عن كثير بن مرة ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . ولا يصح .
[ فتح الباري : 4 / 263 ] .
باب
المرأة تكون وحدها صفاً
596) وكان ابن مسعود يرى ان الاثنين يقومان معَ الإمام عَن يمينه وشماله .
خرجه مسلم بإسناده عَنهُ .
وخرجه أبو داود والنسائي ، عنه - مرفوعاً .
وقال ابن عبد البر : لا يصح رفعهُ .
[ فتح الباري : 4 / 268 ] .
باب
ميمنة المسجد والإمام(1/261)
597) فخرج ابن ماجه مِن رواية أسامةَ بنِ زيدٍ ، عَن عثمان بنِ عروةَ ، عَن عروةَ ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : (( إنَّ الله وملائكتَه يصلُّون على ميامنِ الصفُوفِ )) .
خرجه مِن رواية معاوية بنِ هشام ، عَن سفيان ، عَن اسامة ، بهِ .
وذكر البيهقي : أنه تفرد به معاوية ، عن سفيان . قالَ : ولا أراه محفوظاً ، وإنما المحفوظ بهذا الإسناد : (( إن الله وملائكته يصلُّون على الذين يصلون الصفوف )) .
[ فتح الباري : 4 / 272 ] .
598) وخرج البيهقي بإسناد فيهِ جهالةٌ ، عَن أبي برزة ، قالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن استطعت أن تكون خلف الإمام ، وإلا فعن يمينه )) . وقال : هكذا كانَ أبو بكر وعمرُ خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وخرجه الطبراني -أيضاً- وخرج الطبراني والعقيلي وابن عدي مِن حديث ابن عباس مرفوعاً في فضل الوقوف بإزاء الإمام .
وخرجه أبو بكر بن أبي داود -أيضاً- من حديث أنس مرفوعاً .
وكلا الإسسنادين لا يصح .
وروي مرسلاً ؛ رواه هشيمٌ ، عَن داود بنِ أبي هندٍ أرسله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
[ فتح الباري : 4 / 273 ] .
باب
إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة
599) واستدلَّ بقول عائشة - مِن غير إسناد - ، وتوقف في صحته عنها .
وذكره بإسناده في رواية الزعفراني ، فقالَ : حدثنا إبراهيم بنِ محمد ، عَن ليثٍ ، عَن عطاء ، عَن عائشة ، أن نسوةً صلْين في حجرتها ، فقالت : لا تصلِّين بصلاة الإمام ؛ فإنكنَّ في حجابٍ .
وهذا إسناد ضعيفٌ ، ولذلك توقف الشَافِعي في صحته .
[ فتح الباري : 4 / 278 ] .
باب
إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة
600) وعن الشعبي ، قالَ : بأي أسماء الله تعالى افتتحت الصلاة أجزأكَ .(1/262)
وفي الإسناد إليه مجهولٌ .
[ فتح الباري : 4 / 286 ] .
601) وقد روى عبد الرزاق في (( كتابه )) عَن ابن جريج، قالَ: أخبرت عَن ابن مسعود ، أنه كانَ يقول : إذا وجدت الإمام والناس جلوساً في آخر الصلاة فكبر قائماً ، ثم اجلس وكبر حين تجلس ، فتلك تكبيرتان : الأولى وأنت قائم لاستفتاح الصلاة ، الأخرى حين تجلس ؛ كأنها للسجدة .
وهذا منقطع .
وهذا التفسير كأنه مِن قول ابن جريج .
وروى وكيع ، عَن إبراهيم بن إسماعيل بنِ مجمع ، عَن الزهري ، عن عروة وزيد بنِ ثابت ، أنهما كانا يجيئان والامام راكع ، فيكبران تكبيرة الافتتاح ، لافتتاح الصلاة وللركعة .
إبراهيم هَذا ، فيهِ مقال .
وقد رواه معمر وإبراهيم بنِ سعد وابن أبي ذئب ، عَن الزهري ، عَن ابن عمر وزيد بنِ ثابت ، قالا : تجزئه تكبيرة واحدةٌ .
وروي عَن معمر ، عَز الزهري ، سالم ، عَن ابن عمر وزيد .
فيصير إسناده متصلاً .
وليس في رواية أحدٍ مِنهُم يكبر للافتتاح ، ، وهذا أصح - إن شاء الله تعالى .
[ فتح الباري : 4 / 294- 295 ] .
باب
رفع اليدين في التكبيرة الأولي مع الافتتاح سواء
602) وقد روى الوليد بنِ مسلم ، عَن الأوزاعي : حدثني إسحاق بنِ عبد الله بنِ أبي طلحة ، قالَ : بصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجلٍ يسيء في صلاته ، فقالَ لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( أحسن صلاتك )) ، وأمره برفع يديه عند تكبيرة الاستفتاح للصلاة ، وبالقراءة ، وبرفع يديه إذا كبر للركوع ، وبرفع يديه عند تكبيرة السجدة التي بعد الركوع .
خرجه ابن جوصا في (( مسند الأوزاعي )) .
وَهوَ مرسل .
ورواه جماعةٌ عَن الوليد ، عَن الأوزاعي ، عَن إسحاق ، عَن أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يفعل ذلك في صلاته .
وَهوَ أصح .
وفي رواية : أن الوليد لَم يسمعه مِن الأوزاعي .(1/263)
والوليد مدلس عَن غير الثقات ، وقد استنكر الإمام أحمد حديثه هَذا .
[ فتح الباري : 4 / 297- 298 ] .
603) وقد روي عن ابن عمر وغيره استحباب رفع رأسه ووجهه إلى السماء _ أيضا _ مع التكبير .
خرجه حرب بإسناده صحيح ، عن ابن جريج ، قالَ : سألت نافعا ، فقلت : أكان ابن عمر إذا كبر بالصلاة يرفع رأسه ووجهه إلى السماء ؟ فقالَ : نعم قليلا .
[ فتح الباري : 4 / 301 ] .
باب
رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع
604) وقد روى ابن أبي شيبة في (( كتابه )) عن طائفة كثيرة من الصحابة والتابعين ، أنهم لم يرفعوا أيديهم إلا عندَ الافتتاح ، منهم عمر وابن عمر .
وهي رواية مجاهد عنه ، وقد ضعفها الإمام أحمد والبخاري والدار قطني وغيرهم .
ومنهم : علي وابن مسعود وأصحابهما .
وقد روى ذَلِكَ عن علي وابن مسعود مرفوعا ، وضعف المرفوع عامة أئمة الحديث قديما وحديثا .
[ فتح الباري : 4 / 306 ] .
باب
إلى أين يرفع يديه ؟
605) وخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه من وجه آخر ، عن محمد ابن عمرو بن عطاء ، عن أبي حميد ، قالَ : سمعته في عشرة من الصحابة ، منهم : أبو قتادة ، ويقول : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قالوا : فاعرض قالَ : كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ، ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، ثم قالَ : (( الله أكبر )) ، وركع ، ثم قالَ : (( سمع الله لمن حمده )) ، ورفع يديه .
وعند أبي داود : ثم يرفع رأسه ، فيقول : (( سمع الله لمن حمده )) ، ثم يرفع يديه حتى تحاذي منكبيه معتدلا .
وفي حديثه - أيضا- : رفع اليدين إذا قام من الركعتين .(1/264)
وفي رواية للترمذي : قالوا : صدقت ؛ هكذا كانَ يصلي النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ورواه _ أيضا _ : عباس بن سهل بن سعد ، قالَ : اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة ، فذكروا صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالَ أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فكبر .
ورفع يديه ، ثم رفع حين كبر للركوع ، ثم قام فرفع يديه فاستوى حتى رجع كل عظم إلى موضعه .
خرجه أبن ماجه .
وخرجه أبو داود مختصرا .
وخرجه من وجه آخر ، عن عباس مختصرا -أيضا- ، وذكر أنه كانَ في المجلس : سهل بن سعد وأبو هريرة وأبو حميد وأبو أسيد .
وقد صحح الترمذي هذا الحديث .
وذكر الخلال ، عن إسماعيل بن إسحاق الثقفي ، قالَ : سئل أحمد بن حنبل عن حديث أبي حميد الساعدي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في رفع الأيدي ؟ فقالَ : صحيح .
[ فتح الباري : 4 / 310- 311 ] .
باب
رفع اليدين إذا قام من الركعتين
606) قال البخاري رحمه الله : 739 حدثنا عياش : ثنا عبد الأعلى ، قالَ : ثنا عبيد الله ، عن نافع ، أن ابن عمر كانَ إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه ، وإذا ركع رفع يديه ، وإذا قالَ : (( سمع الله لمن حمده )) رفع يديه ، وإذا قام من الركعتين رفع يديه ، ورفع ذَلِكَ ابن عمر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ورواه حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ورواه إبراهيم بن طهمان ، عن أيوب وموسى بن عقبة -مختصرا .
قال ابن رجب رحمه الله : عياش ، هوَ : ابن الوليد الرقام البصري .
وعبد الأعلى ، هوَ : ابن عبد الأعلى الشامي البصري .
وقد روى هذا الحديث ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر -مرفوعا .(1/265)
وأنما رواه الناس عن عبيد الله -موقوفا - منهم : عبد الوهاب الثقفي ومحمد بن بشر ، إلا أن محمدا لم يذكر فيهِ : الرفع إذا قام من الركعتين .
وكذلك رواه أصحاب نافع عنه موقوفا .
فلهذا المعنى احتاج البخاري إلى ذكر من تابعه عبد الأعلى على رفعه ؛ ليدفع ما قيل من تفرده به .
فقد قالَ الإمام أحمد في رواية المروذي وغيره : رواه عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، وبلغني أن عبد الأعلى رفعه .
وقد روي عن أحمد، أنه صحح رفعه ، وسنذكره _ إن شاء الله سبحانه وتعالى .
وقال الدار قطني في (( العلل)) : أشبهها بالصواب عن عبيد الله : ما قاله عبد الأعلى . ثم قالَ : والموقوف عن نافع أصح .
وخرجه أبو داود في (( السنن )) ، عن نصر بن علي ، عن عبد الأعلى ، كما خرجه البخاري مرفوعا .
ثم قالَ : الصحيح : قول ابن عمر ، وليس بمرفوع . قالَ : روى بقية أوله عن عبيد الله وأسنده . قالَ : ورواه الثقفي ، عن عبيد الله ، أوقفه على ابن عمر ، وقال فيهِ : إذا قام من الركعتين يرفعهما إلى ثدييه وهذا هوَ الصحيح .
ورواه الليث بن سعد ومالك وأيوب وابن جريج _ موقوفا . وأسنده حماد بن سلمة وحده ، عن أيوب ، ولم يذكر أيوب ومالك : الرفع إذا قام من السجدتين ، وذكره الليث في حديثه -انتهى .
وقد رفعه بعضهم عن مالك ، ولا يصح ، قد رواه رزق الله بن موسى ، عن يحيى القطان ، عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه كانَ إذا دخل في الصلاة رفع يديه نحو صدره ، وإذا ركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، ولا يرفع بعد ذَلِكَ .
قالَ العقيلي والدارقطني : لا يتابع رزق الله على رفعه .
وذكر الدارقطني : أن عبد الله بن نافع الصائغ وخالد بن مخلد وإسحاق الجندي رووه ، عن مالك -مرفوعا .
قالَ : ولا يصح ذَلِكَ في حديث مالك ، عن ابن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يرفع في كل رفع ووضع . وقال : وهذا وهم على مالك في رفعه ولفظه .(1/266)
قالَ : ورواه إسماعيل بن عياش ، عن صالح بن كيسان ، عن نافع ، عن ابن عمر -مرفوعا -أيضا .
وإسماعيل ، سيء الحفظ لحديث الحجازيين .
ورواه إساعيل -أيضا - عن موسى بن عقبة وعبيد الله كلاهما ، عن نافع ، عن ابن عمر - مرفوعا - في التكبير في هذه المواضع الأربعة ، دون الرفع .
وأما رواية إبراهيم بن طهمان التي استشهد بها البخاري ، فخرجها البيهقي من رواية إبراهيم بن طهمان ، عن أيوب بن أبي تميمة وموسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كانَ يرفع يديه حين يفتتح الصلاة ، وإذا ركع ، وإذا استوى قائما من ركوعه حذو منكبيه ، ويقول : كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذَلِكَ .
ولم يذكر في حديثه : الرفع إذا قام من الركعتين .
وهذا هوَ الرفع الذي أشار إليه البخاري .
قالَ الدارقطني : وتابع إبراهيم بن طهمان : حماد بن سلمة ، عن أيوب _ وقيل : عن هدبة ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، وإنما أراد : حماد بن سلمة : والله أعلم .
والصحيح : عن حماد بن زيد ، عن أيوب _ موقوفا .
وكذا قالَ أبو ضمرة ، عن موسى بن عقبة .
قالَ : وروي عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر -مرفوعا- : قاله محمد بن شعيب بن شابور .
وروي عن العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا .
ورواه إسماعيل بن أمية والليث ، عن نافع ، عن ابن عمر موقوفا .
قالَ : والموقوف عن نافع أصح . انتهى .
قالَ : وروي عن يحيى بن أبي كثير ، عن نافع وسالم ، عن ابن عمر _ مرفوعا .
قلت : هوَ غير محفوظ عن يحيى . وهذا هوَ المعروف عن الإمام أحمد وقول أبي داود والدارقطني .
فرواية نافع ، عن ابن عمر ، الأكثرون على أن وقفها أصح من رفعها ، وكل هؤلاء لم يذكروا في رواياتهم القيام من الثنتين ، وصحح رفعها البخاري والبيهقي .(1/267)
قالَ ابن عبد البر : هذا أحد الأحاديث الأربعة التي اختلف فيها سالم ونافع ، فرفعها سالم ووقفها نافع ، والقول فيها قول سالم ، ولم يلتفت الناس إلى نافع ، هذا أحدهما . والثاني : حديث : (( فيما سقت السماء العشر )) .
والثالث : حديث (( من باع عبدا وله مال )) . والرابع : حديث : (( تخرج نار من قبل اليمن )) . انتهى .
وقال النسائي والدارقطني : أحاديث نافع الثلاثة الموقوفة أولى بالصواب .
ورجح أحمد وقف : (( فيما سقت السماء )) وتوقف في حديث : (( من باع عبدا لهُ مال )) . وقال إذا اختلف سالم ونافع فلا يقضى لأحدهما .
يشير إلى أنه لا بد من الترجيح بدليل .
وقد روي الرفع إذا قام من الركعتين من رواية سالم ، عن ابن عمر .
خرجه النسائي من طريق معتمر ، عن عبيد الله بن عمر ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يرفع يديه إذا دخل في الصلاة , وإذا أراد أن يركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا قام من الركعتين .
يرفع يديه كذلك حذاء المنكبين .
وروي -أيضا- عن الثقفي ، عن عبيد الله ، عن الزهري ، عن سالم ،عن أبيه، أنه كانَ إذا نهض رفع يديه .
فتبسم ، وقال : كم روي هذا عن الزهري ، ليس فيهِ هذا ، وضعفه .
ورواه -أيضا- أبو سعيد ابن الأعربي ، عن الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن عاصم ، عن عبيد الله بن عمر كذلك .
وذكر الدارقطني في (( العلل)) : أن معتمر بن سليمان والثقفي روياه عن
عبيد الله بن عمر -مرفوعا ، وذكرا فيهِ : الرفع إذا قام من الثنتين .
ورواه ابن المبارك ، عن عبيد الله ، فلم يذكر : الرفع إذا قام من الثنتين من
الثنتين .
ورواه -أيضا- إبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية ، عن أيوب ، عن سالم ، عن ابن عمر .
خرجه الطبراني .
وهذا غير محفوظ عن أيوب .
وقد روي عن ابن عمر _ مرفوعا _ من وجه آخر .(1/268)
خرجه الإمام أحمد وأبو داود من طريق محمد بن فضيل ، عن عاصم بن كليب ، عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر ، قالَ : كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام في الركعتين كبر ورفع يديه .
وخالفه عبد الواحد بن زياد ، فرواه عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر
-موقوفا- في الرفع عندَ الإحرام والركوع والرفع منه خاصة .
قالَ الدارقطني : وكذلك رواه أبو إسحاق الشيباني والنضر بن محارب بن دثار ، عن محارب ، عن ابن عمر -موقوفا .
[ فتح الباري : 4 / 315- 320 ] .
607) وقد روي الرفع إذا قام من الركعتين في حديث أبي حميد وأصحابه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد سبق ذكره .
وفي حديث علي بن أبي طالب وأبي هريرة ، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -? .
خرجهما أبو داود وغيره .
وقد تكلم في حديث أبي هريرة أبو حاتم الرازي والدارقطني .
وأما حديث علي ، فصححه الإمام أحمد والترمذي .
[ فتح الباري : 4 / 320 ] .
608) وقد روي في الرفع عندَ السجود وغيره أحاديث معلولة :
فروى الثقفي : حدثنا حميد ، عن أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يرفع يديه إذا دخل في الصلاة ، وإذا ركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا سجد .
خرجه الدارقطني .
وخرجه ابن ماجه إلى قوله : (( وإذا ركع )) .
وخرجه ابن خزيمة في (( صحيحه )) إلى قوله : (( وإذا رفع رأسه )) .
وقد أعل هذا بأنه قد رواه غير واحد من أصحاب حميد ، عن حميد ، عن أنس - من فعله غير مرفوع .
كذا قاله البخاري - : نقله عنه الترمذي في (( علله )) .
وقال الدارقطني : الصواب من فعل أنس .
[ فتح الباري : 4 / 326 ] .
609) وروى إسماعيل بن عياش ، عن صالح بن كيسان ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قالَ : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه في الصلاة حذو منكبيه ، حين يفتتح
الصلاة ، وحين يركع ، وحين يسجد .
خرجه الإمام أحمد وابن ماجه .(1/269)
زاد الإمام أحمد : وعن صالح : عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - مثل ذَلِكَ .
وإسماعيل بن عياش ، سيء الحفظ لحديث الحجازيين .
وقد خالفه ابن إسحاق ، فرواه عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة - موقوفا - : قاله الإمام أحمد وغيره .
وقال الدارقطني في (( علله )) : اختلف على إسماعيل بن عياش في لفظه ، فذكرت عنه طائفة الرفع عندَ الافتتاح والركوع والسجود . وذكرت طائفة عنه الرفع عندَ الافتتاح والركوع والرفع منه .
قالَ : وهو أشبه بالصواب .
وروى عمرو بن علي ، عن ابن أبي عدي ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي
سلمة ، عن أبي هريرة ، أنه كانَ يرفع يديه في كل خفض ورفع ، ويقول : أنا أشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
خرجه الدارقطني في كتاب (( العلل )) ، وقال : لا يتابع عليهِ عمرو بن علي وغيره يرويه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يكبر في كل خفض ورفع ، وهو الصحيح .
[ فتح الباري : 4 / 327 ] .
610) وروى الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن إسحاق بن عبد الله ، عن أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يرفع يديه في الصلاة في كل خفض ورفع .
وفي رواية : كانَ يرفع يديه حين يهوي للسجود .
قالَ الوليد : وبهذا كانَ يأخذ الأوزاعي .
خرجه ابن جوصا في (( مسند الأوزاعي )) .
وقد اختلف على الوليد في إرساله ووصله ، ولم يسمعه من الأوزاعي ، بل دليه عنه ، وهو يدلس عن [ غيره ] الثقات .
[ فتح الباري : 4 / 328 ] .
611) وروى الإمام أحمد : ثنا نصر بن باب ، عن حجاج ، عن الذيال بن حرملة ، عن جابر ، قالَ : كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه في كل تكبيرة في الصلاة .
نصر بن باب ، وحجاج بن أرطأة ، لا يحتج بهما .
[ فتح الباري : 4 / 328 ] .(1/270)
612) وروى رفدة بن قضاعة ، عن الأوزاعي ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن أبيه ، عن جده عمير بن حبيب ، قالَ: كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه مع كل تكبيرة في الصلاة المكتوبة .
خرجه ابن ماجه .
وقال منها : سألت أحمد ويحيى عن هذا الحديث ، فقالا جميعا : ليس بصحيح : قالَ أحمد : لا يعرف رفدة بن قضاعة ، وقال يحيى : هوَ شيخ ضعيف .
[ فتح الباري : 4 / 328 ] .
613) وخرج ابن ماجه -أيضا- من رواية عمر بن رياح ، عن عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يرفع يديه عندَ كل تكبيرة .
وعمر بن رياح ، ساقط الرواية .
لكن ؛ تابعه النضر بن كثير أبو سهل الأزدي ، قالَ : صلى جنبي عبد الله بن طاوس بمنى في مسجد الخيف ، فكان إذا سجد سجدة الأولى فرفع رأسه منها رفع يديه تلقاء وجهه ، فأنكرت أنا ذَلِكَ ، فقالَ عبد الله بن طاوس :
رأيت أبي يصنعه ، وقال أبي : رأيت ابن عباس يصنعه ، وقال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنعه .
خرجه النسائي .
وخرجه أبو داود ، وعنده : ولا أعلم إلا أنه قالَ : كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنعه .
والنضر بن كثير ، قالَ البخاري : فيهِ نظر . وقال -مرة - : عنده مناكير .
قالَ أبو أحمد الحاكم : هذا حديث منكر من حديث طاوس .
وقال العقيلي : لا يتابع النضر عليهِ .
وقال ابن عدي : هوَ ممن يكتب حديثه .
وخرج لهُ هذا الحديث ، وعنده : أنه كانَ يرفع يديه كلما ركع وسجد [ويرفع] بين السجدتين .
وضعف الإمام أحمد النضر هذا .
وقال أبو حاتم والدارقطني : فيهِ نظر .
وقال النسائي : صالح .
[ فتح الباري : 4 / 328- 329 ] .
614) وخرج أبو داود من حديث ابن لهيعة ، عن ابن هبيرة ، عن ميمون المكي ، أنه رأى عبد الله بن الزبير يصلي بهم يشير بكفيه حين يقوم ، وحين يركع ، وحين يسجد ، وحين ينهض للقيام ، فيقوم فيشير بيديه . قالَ :(1/271)
فانطلقت إلى ابن عباس ، فقلت : إني رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم أر أحدا صلاها ، ووصفت لهُ هذه الإشارة ، فقالَ : إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير .
إسناده ضعيف .
[ فتح الباري : 4 / 330 ] .
باب
وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة
615) وقد خرج ابن حبان في (( صحيحه )) من طريق حرملة بن يحيى ، عن أبن وهب : أخبرني عمرو بن الحارث ، أنه سمع عطاء بن رباح يحدث ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ : (( إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نؤخر سحورنا ، ونعجل إفطارنا ، وأن نمسك بأيماننا على شمائلنا في الصلاة )) .
وهذا إسناد في الظاهر على شرط مسلم ، وزعم ابن حبان أن ابن وهب سمع هذا الحديث من عمرو بن الحارث وطلحة بن عمرو ، كلاهما عن عطاء ، وفي هذا إشارة إلى أن غير حرملة رواه عن ابن وهب ، عن طلحة بن عمرو ، عن عطاء ، وهذا هوَ الأشبه ، ولا يعرف هذا الحديث من رواية عمرو بن الحارث .
قالَ البيهقي : إنما يعرف هذا بطلحة بن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس
-ومرة : عن أبي هريرة - وطلحة ليس بالقوي .
قلت : وقد روي ، عن طلحة ، عن عطاء -مرسلا .
خرجه وكيع عنه كذلك .
[ فتح الباري : 4 / 332 ] .
باب
الخشوع في الصلاة
616) وقال ابن سيرين : كانَ رسول - صلى الله عليه وسلم - يلتفت في الصلاة عن يمينه وعن يساره ، فأنزل الله تعالى : { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ } [المؤمنون:2 ] .
فخشع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يكن يلتفت يمنة ولا يسرة .
وخرجه الطبراني من رواية ابن سيرين ، عن أبي هريرة .
والمرسل أصح .
[ فتح الباري : 4 / 338 ] .(1/272)
617) وخرج الإمام أحمد والنسائي والترمذي من حديث الفضل بن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : (( الصلاة مثنى مثنى ، تشهد في كل ركعتين ، وتخشع وتضرع ، وتمسكن ، وتقنع يديك - يَقُول : ترفعهما إلى ربك - مستقبلاً ببطونهما وجهك ، وتقول : يَا رب يَا رب ، وإن لَمْ تفعل ذَلِكَ فهو كذا وكذا )) .
وهذا لفظ الترمذي .
وللإمام أحمد : (( وتقول : يارب ثلاثاً ، فمن لَمْ يفعل ذَلِكَ فَهِيَّ خداج )) .
وفي إسناده اخْتِلاَف .
وخرجه أبو داود وابن ماجه ، وعندهما : عَن المطلب ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - .
وقد قَالَ أبو حاتم الرَّازِي : هُوَ إسناد حسن .
وضعفه البخاري ، وَقَالَ : لا يصح .
وَقَالَ العقيلي : فِيهِ نظر .
[ فتح الباري : 4 / 340- 341 ] .
باب
ما يقول بعد التكبير
618) وخرج الطبراني من حَدِيْث ابن مَسْعُود - مرفوعاً - : (( تحترقون [ تحترقون ] حَتَّى إذا صليتم الفجر غسلتها ، ثُمَّ تحترقون تحترقون حَتَّى إذا صليتم الظهر غسلتها ، ثُمَّ تحترقون تحترقون حَتَّى إذا صليتم العصر غسلتها ، ثُمَّ تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها ، ثُمَّ تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها )) .
وقد روي موقوفاً ، وَهُوَ أشبه .
[ فتح الباري : 4 / 344 ] .
619) وخرجه البزار فِي (( مسنده )) - بإسناد فِيهِ ضعف - ، عَن سمرة بْن جندب ، أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُول لنا : (( إذا صلى أحدكم فليقل : اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بيني وبين المشرق والمغرب ، اللهم إني أعوذ بك أن تصد عني وجهك يوم القيامة ، اللهم نقني من خطاياي كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم أحيني مسلماً وتوفني مسلماً )) .
وهذا حَدِيْث غريب .
[ فتح الباري : 4 / 345 ] .(1/273)
620) وقد خرجه مُسْلِم من حَدِيْث عَلِيّ بْن أَبِي طالب ، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يستفتح بذلك ، خرجه فِي (( أبواب : صلاة الليل )) .
وخرجه الترمذي ، وعنده : أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يستفتح بِهِ فِي الصلاة المكتوبة .
وفي إسناده مقال .
وخرجه الطبراني من وجه آخر كذلك .
[ فتح الباري : 4 / 347 ] .
621) واستدلوا لذلك بما خرجه مُسْلِم فِي (( صحيحه )) من طريق غندر ، عَن شعبة ، قَالَ : سَمِعْت قتادة يحدث ، عَن أَنَس ، قَالَ : صليت مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بَكْر وعمر وعثمان فَلَمْ أسمع أحداً منهم يقرأ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
وخرجه -أَيْضاً- من طريق أَبِي داود ، عَن شعبة ، وزاد : قَالَ شعبة : فَقُلْت لقتادة : أسمعته من أنس ؟ قَالَ : نَعَمْ ، نحن سألناه عَنْهُ .
ففي هذه الرواية : تصريح قتادة بسماعه لَهُ من أَنَس ، فبطل بذلك [ تخيل ] من أعل الحَدِيْث بتدليس قتادة .
وخرجه مُسْلِم - أَيْضاً - من طريق الأوزاعي ، عَن عبدة ، أن عُمَر بْن الخَطَّاب كَانَ يجهر بهؤلاء الكلمات ، يَقُول : سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك .
وعن قتادة ، أَنَّهُ كتب إليه يخبره عَن أَنَس بْن مَالِك ، أَنَّهُ حدثه ، قَالَ : صليت خلف النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بَكْر وعمر وعثمان ، فكانوا يستفتحون بـ { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } لا يذكرون (( بسم الله الرحمن الرحيم )) ، لا فِي أول قراءة ولا آخرها .
وعن الأوزاعي ، قَالَ : أخبرني إِسْحَاق بْن عَبْد الله بْن أَبِي طلحة ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَس بْن مَالِك يذكر ذَلِكَ .
فهذه الرواية صحيحة ، متصلة الإسناد بالسماع المُتَّصِل عَن قتادة ، وإسحاق عَن أَنَس .
وقد روي حَدِيْث شعبة ، عَن قتادة بالفاظ آخر .(1/274)
فرواه وكيع ، عَن شعبة ، عَن قتادة ، عَن أَنَس ، قَالَ : صليت خلف النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، وخلف أَبِي بَكْر وعمر وعثمان ، فكانوا لا يجهرون بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
خرجه الإمام أحمد ، عَن وكيع .
وخرجه الدارقطني من طرق ، عَن شعبة - بنحوه .
ومن طريق شيبان وهمام عَن قتادة - أَيْضاً - بنحوه .
ومن طريق زيد بْن الحباب ، عَن شعبة ، وَقَالَ فِي حديثه : فَلَمْ أسمع ـحد منهم يجهر بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
وكذا رواه سَعِيد بْن أَبِي عروبة وحجاج ، عَن قتادة ، عَن أَنَس .
وخرجه النسائي من رِوَايَة سَعِيد بْن أَبِي عروبة وشعبة ، كلاهما عَن قتادة ، ولفظه : فَلَمْ أسمع أحداً منهم يجهر بِهَا .
وخرجه أبو يعلى الموصلي من طريق غندر ، عَن شعبة ، ولفظه : لَمْ يكونوا يستفتحون الصلاة بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) . قُلتُ لقتادة : أسمعته من أَنَس ؟ قَالَ : نَعَمْ ، ونحن سألناه عَنْهُ .
ورواه الأعمش ، عَن شعبة ، فَقَالَ : عَن ثابت ، عَن أَنَس - بنحو هَذَا اللفظ .
وأخطأ فر قوله : (( ثابت )) ، إنما هُوَ : (( عَن قتادة )) - : قاله أبو حاتم الرَّازِي والترمذي فِي (( كِتَاب العلل )) .
وقيل : إن الخطأ من عمار بْن رزيق ، رِوَايَة عَن الأعمش .
وقد روي عَن شعبة ، عَن قتادة وحميد وثابت ، عَن أنس من وجه آخر فِيهِ نظر .
ورواه يزيد بْن هارون ، عَن حماد ، عَن قتادة وثابت ، عَن أَنَس .
وخرجه الإمام أحمد عَن أَبِي كامل ، عَن حماد بْن سَلَمَة ، عَن ثابت وقتادة وحميد، عَن أَنَس، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبا بَكْر وعمر كانوا يفتتحون القراءة بـ { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
ورواه حماد بْن سَلَمَة فِي (( كتابه )) كذلك ، [ إلا ] أَنَّهُ قَالَ : لَمْ يذكر حميد فِي روايته : النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - .
يعني : أن حميداً وحده وقفه ، ولم يرفعه .(1/275)
وقد رواه مَالِك فِي (( الموطإ )) عَن حميد ، عَن أَنَس ، قَالَ : قمت وراء أَبِي بَكْر وعمر وعثمان ، فكلهم لا يقرأ : (( بسم الله الرحمن الرحيم )) إذا افتتح الصلاة .
وقد رفعه عَن مَالِك الوليد بْن مُسْلِم وأبو قرة الزبيدي وإسماعيل بْن موسى السدي وابن وهب - من رِوَايَة ابن أخيه عَنْهُ .
والصحيح عَن مَالِك : ليس فِيهِ ذكر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، وكذا الصحيح عَن حميد .
قَالَ أحمد : حميد لَمْ يرفعه .
وذكر الدارقطني جماعة رووه عَن حميد ورفعوه ، منهم : معمر وابن عُيَيْنَة والثقفي وأبو بَكْر بْن عياش ومروان بْن معاوية وغيرهم .
ثُمَّ قَالَ : والمحفوظ : أن حميداً رواه عَن أَنَس ، وشك فِي رفعه ، وأخذه عَن قتادة، عَن أنس مرفوعاً .
وخرج النسائي من رِوَايَة أَبِي حَمْزَة ، عَن منصور بْن زاذان ، عَن أَنَس ، قَالَ : صلى بنا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يسمعنا قراءة (( بسم الله الرحمن الرحيم )) ، وصلى بنا أبو بَكْر وعمر فَلَمْ نسمعها منهما .
وروى مُحَمَّد بْن أَبِي السري ، عَن معتمر بْن سُلَيْمَان ، عَن أَبِيه ، عَن الْحَسَن ، عَن أَنَس ، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يسر (( بسم الله الرحمن الرحيم )) وأبو بَكْر وعمر .
خرجه الطبراني .
وروي من وجه آخر ، عَن الْحَسَن ، عَن أَنَس .
وروي عَن أَنَس من وجوه أخر ، مِنْهَا : عَن أَبِي قلابة وثمامة وعائذ بْن شريح وغيرهم .
وقد اعترض طائفة من العلماء عَلَى هَذَا ، بأن حَدِيْث أَنَس اختلفت ألفاظه ، والمحفوظ من ذَلِكَ رِوَايَة من قَالَ : كَانَ يفتتح الصلاة - أو القراءة - بـ { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، كما هِيَ الرواية الَّتِيْ خرجها البخاري ، وهذه الرواية تحتمل أن المراد : افتتاح القراءة بقراءة سورة الفاتحة دون غيرها من السور .(1/276)
وزعم الدارقطني : أن عامة أصْحَاب قتادة رووه عَنْهُ كذلك ، منهم : أيوب وحميد ، وأنه المحفوظ عَن قتادة وغيره ، عَن أَنَس .
وكذلك رواه جماعة عَن شعبة كما خرجه البخاري ، عَن أَبِي عُمَر الحوضي ، عَنْهُ ، كذا رواه يَحْيَى القطان ويزيد بْن هارون ، عَن شعبة .
[ فتح الباري : 4 / 350- 354 ] .
622) يدل على صحة هَذَا : مَا خرجه الإمام أحمد من طريق نَافِع ، عَن ابن أَبِي مليكة، عَن بعض أزواج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - - قَالَ نَافِع : أراها حَفْصَةَ - ، أنها سئلت عَن قراءة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَتْ : إنكم لا تستطيعونها ، فَقِيلَ : أخبرينا بِهَا ، فقرأت قراءة ترسلت فيها . قَالَ نَافِع : فحكى لنا ابن أَبِي مليكة : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، ثُمَّ قطع { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } ، ثُمَّ قطع { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } .
ففي هذه الرواية : تصريح ابن جُرَيْج بأن هذه القراءة إنما هِيَ حكاية مَا قرأ لهم ابن أَبِي مليكة .
وفي لفظ الحَدِيْث اختلاف فِي ذكر البسملة وإسقاطها .
وفي إسناده - أَيْضاً - اخْتِلاَف ؛ فَقَدْ أدخل الليث بْن سعد فِي روايته عَن ابن أَبِي مليكة بينه وبين أم سليمة : يعلى بْن مملك ، وصحح روايته الترمذي وغيره .
وَقَالَ النسائي فِي يعلى هَذَا : ليس بمشهور .
وَقَالَ بعضهم : عَن يعلى ، عَن عَائِشَة .
وقد ذكر الاختلاف فِيهِ الدارقطني فِي (( علله )) ، وذكر أن عُمَر بْن هارون زاد فِيهِ : عَن ابن جُرَيْج ، وعد : (( بسم الله الرحمن الرحيم )) آية .
وعمر بْن هارون ، لا يلتفت إلى تفرد بِهِ .
وقد يكون ابن جُرَيْج عدها آية -أو ابن أَبِي مليكة .
ومن زعم : أَنَّهُ صحيح ؛ لتخريج ابن خزيمة لَهُ ، فَقَدْ وهم .
[ فتح الباري : 4 / 359-360 ] .
623) فإن قيل : فَقَدْ روي عَن أَنَس أحاديث صريحة فِي الجهر بالبسملة :(1/277)
فروى حاتم بْن إِسْمَاعِيل ، عَن شريك بن عَبْد الله بن أَبِي نمر ، عَن أَنَس ، قَالَ : سَمِعْت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يجهر بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
خرجه الحَاكِم فِي (( المستدرك )) من طريق أصبع بْن الفرج ، عَن حاتم ، بِهِ .
وَقَالَ : رواته ثقات .
قُلتُ : هَذَا لا يثبت ؛ فَقَدْ خرجه الدارقطني من طريق آخر عَن حاتم بْن
إِسْمَاعِيل ، عَن شريك بْن عَبْد الله ، عَن إِسْمَاعِيل المكي ، عَن قتادة ، عَن أَنَس فذكره .
فتبين بهذه الرواية أَنَّهُ سقط من رِوَايَة الحَاكِم من إسناده رجلان : أحدهما إِسْمَاعِيل المكي ، وَهُوَ : ابن مُسْلِم ، متروك الحَدِيْث ، لا يجوز الاحتجاج بِهِ .
وخرج الدارقطني - أَيْضاً - من طريق معتمر بْن سُلَيْمَان ، عَن أَبِيه ، عَن أَنَس ، قَالَ : كَانَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يجهر بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
وفي إسناده مجاهيل لا يعرفون .
وخرج - أَيْضاً - بإسناد منقطع وجادة وجدها فِي كِتَاب عَن مُحَمَّد بْن المتوكل بْن أَبِي السري العسقلاني ، أَنَّهُ صلى خلف المعتمر بْن سُلَيْمَان ، فكان يجهر بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) ، وَقَالَ : إني مَا آلو أن اقتدي بصلاة المعتمر ، وَقَالَ أَنَس : مَا آلو أن اقتدي بصلاة رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وهذا لا يثبت ؛ لوجوه :
مِنْهَا : انقطاع أول إسناده .
ومنها : أَنَّهُ ليس فِيهِ تصريح برواية معتمر للجهر بالبسملة بهذا الإسناد ، وإنما فِيهِ اقتداء كلي فِي الصلاة ، ومثل هَذَا لا يثبت به نقل تفاصيل أحكام الصلاة الخاصة .
ومنها : أن المعتمر بْن سُلَيْمَان إنما كَانَ يروي حَدِيْث البسملة بإسناد آخر عَن إِسْمَاعِيل بْن حماد ، عَن أَبِي خَالِد ، عَن ابن عَبَّاس ، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يفتتح صلاته بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم)) .(1/278)
خرجه من طريقه كذلك أبو داود ، وَقَالَ : هَذَا حَدِيْث ضَعِيف .
والترمذي ، وَقَالَ : إسناده ليس بذاك . وقال : إِسْمَاعِيل بْن حماد ، هُوَ : ابن أَبِي سُلَيْمَان ، وأبو خالد ، هُوَ : الوالبي ، كذا قَالَ .
وَقَالَ الإمام أحمد - فِي رِوَايَة حَنْبل - : إِسْمَاعِيل بْن حماد : ليس بِهِ بأس ، ولا أعرف أبا خَالِد - يعني : أَنَّهُ غير الوالبي .
كذا قَالَ العقيلي ، قَالَ : إِسْمَاعِيل بْن حماد بْن أَبِي سليمان حديثه غير محفوظ
- يعني : هَذَا الحَدِيْث - ، ويحكيه عَن مجهول كوفي .
وخرجه ابن عدي فِي (( كتابه )) من طريق معتمر ، كما خرجه أبو داود وغيره.
وخرج - أَيْضاً - من طريق آخر عَن معتمر ، قَالَ : سَمِعْت ابن حماد ، عَن عمران بْن خَالِد ، عَن ابن عَبَّاس .
ثُمَّ قَالَ : هَذَا الحَدِيْث لا يرويه غير معتمر ، وَهُوَ غير محفوظ ، سواء قَالَ : عَن أَبِي خَالِد ، أو عمران بْن خَالِد ؛ جميعاً مجهولان .
وَقَالَ ابن عَبْد البر : هَذَا الحَدِيْث - والله أعلم - إنه روي عَن ابن عَبَّاس من فعله لا مرفوعاً إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - .
ومنها : أن مُحَمَّد بْن المتوكل لَمْ يخرج لَهُ فِي (( الصحيح )) ، وقد تكلم فِيهِ أبو حاتم الرَّازِي وغيره ولينوه ، وَهُوَ كثير الوهم .
وقد روي عَنْهُ هَذَا الحَدِيْث عَلَى وجه آخر :
خرجه الطبراني عَن عَبْد الله بْن وهيب الغزي ، عَن مُحَمَّد بْن أَبِي السري ، عَن معتمر بْن سُلَيْمَان ، عَن أَبِيه ، عَن الْحَسَن ، عَن أَنَس ، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يسر بـ(( بسم الله الرحمن الرحيم )) وأبو بَكْر وعمر .
فهذه الرواية المتصلة الإسناد أولى من تلك المنقطعة .(1/279)
وأعجب من هَذَا : مَا خرجه الحَاكِم من طريق سيف بْن عَمْرِو أَبِي جابر ، عَن مُحَمَّد بْن أَبِي السري ، عَن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي أويس ، عَن مَالِك ، عَن حميد ، عَن أَنَس، قَالَ : صليت خلف النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وخلف أَبِي بَكْر وخلف عُمَر وخلف عُثْمَان وخلف عَلِيّ ، فكلهم كانوا يجهرون بقراءة (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
وتخريج هَذَا فِي (( المستدرك )) من المصائب ، ومن يخفى عَلِيهِ أن هَذَا كذب عَلَى مَالِك ، وأنه لَمْ يحدث بِهِ عَلَى هَذَا الوجه قط ؛ إنما رَوَى عَن حميد ، عَن أَنَس ، أن أَبَا بَكْر وعمر وعثمان كانوا لا يقرأون : (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
هكذا خرجه فِي (( الموطإ )) ، ورواه عَنْهُ جماعة ، وذكروا فِيهِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - - أَيْضاً - وقد سبق ذكر ذَلِكَ .
فمن اتقى وأنصف علم أن حَدِيْث أنس الصحيح الثابت لا يدفع بمثل هذه المناكير والغرائب والشواذ الَّتِيْ لَمْ يرض بتخريجها أصْحَاب الصحاح ، ولا أهل السنن مَعَ تساهل بعضهم فيما يخرجه ، ولا أهل المسانيد المشهورة مَعَ تساهلهم فيما يخرجونه .
[ فتح الباري : 4 / 363-366 ] .
624) ومن أقوى مَا احتجوا بِهِ : حَدِيْث خَالِد بْن يزيد ، عَن سَعِيد بْن أَبِي هلال ، عَن نعيم المجمر ، أَنَّهُ صلى وراء أَبِي هُرَيْرَةَ ، فقرأ : (( بسم الله الرحمن الرحيم )) ، ثُمَّ قرأ بأم القرآن ، ثُمَّ قَالَ لما سلم : إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
خرجه النسائي وابن خزيمة والحاكم وغيرهم .
وسعيد وخالد ، وإن كانا ثقتين ، لكن قَالَ أبو عُثْمَان البرذعي فِي (( علله عَن أَبِي زُرْعَة الرَّازِي )) ، أَنَّهُ قَالَ فيهما : ربما وقع فِي قلبي من حسن حديثهما .
قَالَ : وَقَالَ أبو حاتم : أخاف أن يكون بعضها مراسيل ، عَن ابن أبي فروة وابن سمعان .
يعني : مدلسة عنهما .
[ فتح الباري : 4 / 367 ] .(1/280)
625) وخرج الدارقطني من حَدِيْث أَبِي أويس ، عَن العلاء ، عَن أَبِيه ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، كَانَ إذا أم النَّاس قرأ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
وهذا مِمَّا تفرد بِهِ أبو أويس ، وقد تكلم فِيهِ ، وإن خرج لَهُ مُسْلِم ، ووثقه غير واحد .
وليس - أَيْضاً - بصريح فِي الجهر ، بل يحتمل أَنَّهُ كَانَ يقرأها سراً .
وقد روي بهذا الإسناد بعينة ، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لا يجهر بِهَا ، وسنذكره .
وخرج ابن عَبْد البر بهذا الإسناد : التصريح بالجهر بِهَا ، بإسناد فِيهِ النضر ابن سَلَمَة شاذان ، وَهُوَ متهم بالكذب .
وخرج الدارقطني - أَيْضاً - من رِوَايَة أَبِي بَكْر الحنفي ، عَن عَبْد الحميد بْن جَعْفَر ، عَن نوح بْن أَبِي بلال ، عَن سَعِيد المقبري ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( إذا قرأتم { الْحَمْدُ } فاقرءوا : بسم الله الرحمن الرحيم ؛ إنها أحد آياتها )) ، وذكر فِيهِ فضل الفاتحة . قَالَ الحنفي : لقيت نوحاً ، فحدثني عَن سَعِيد ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ - بمثله، ولم يرفعه .
وذكر الدارقطني فِي (( علله )) : أن وقفه أشبه بالصواب .
قُلتُ : ويدل عَلَى صحة قوله : أن ابن أَبِي ذئب رَوَى الحَدِيْث فِي فضل الفاتحة ، عَن المقبري، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً ، ولم يذكر فِيهِ : البسملة .
وروى إِبْرَاهِيْم بْن إِسْحَاق السراج ، عَن عقبة بْن مكرم ، عَن يونس بْن بكير : ثنا مِسْعَر ، عَن مُحَمَّد بْن قيس ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يجهر
بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم)) .
خرجه الدارقطني والحاكم .(1/281)
وظن بعضهم أَنَّهُ إسناد صحيح ، وليس كذلك ؛ فإن السراج وهم فِي قوله فِي إسناده : (( حَدَّثَنَا مِسْعَر )) ، إنما هُوَ (( أبو معشر )) ، كذا قَالَ الدارقطني والخطيب ، وقبلهما أبو بَكْر الإسماعيلي فِي (( مسند مِسْعَر )) ، وحكاه عَن أَبِي بَكْر ابن عمير الحافظ .
وَقَالَ البيهقي : الصواب أبو معشر .
وأبو معشر ، وَهُوَ نجيح السندي ، ضَعِيف جداً .
[ فتح الباري : 4 / 368- 369 ] .
626) وخرج الدارقطني وغيره من حَدِيْث حميد ، عَن الْحَسَن ، عَن سمرة ، قَالَ : كَانَتْ لرَسُول الله- صلى الله عليه وسلم - سكتتان : سكتة إذا قرأ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) ، وسكتة إذا فرغ من القراءة ، فأنكر ذَلِكَ عمران بْن حصين ، فكتبوا إلى أَبِي بْن كعب ، فكتب : أن صدق سمرة .
ورواة هَذَا الحَدِيْث كلهم ثقات ، كما ذكره غير واحد ، لكن سماع الْحَسَن من سمرة مختلف فِيهِ .
[ فتح الباري : 4 / 369 ] .
627) وخرج الحَاكِم من طريق عَبْد الله بْن عَمْرِو بْن حسان ، عَن شريك ، عَن سَالِم الأفطس ، عَن سَعِيد بْن جبير ، عَن ابن عَبَّاس ، قَالَ : كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يجهر
بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم)).
وَقَالَ : صحيح ، ليس لَهُ علة .
وهذه زلة عظيمة ؛ فإن عَبْد الله بْن عَمْرِو بْن حسان هَذَا هُوَ الواقعي ، نسبه ابن المديني إلى الوضع . وَقَالَ الدارقطني : كَانَ يكذب . وَقَالَ أبو حاتم الرَّازِي : كَانَ لا يصدق .
وخرج الدارقطني هَذَا الحَدِيْث من طريق أَبِي الصلت الهروي ، عَن عباد ابن العَوَّامِ، عَن شريك ، وَقَالَ فِيهِ : يجهر فِي الصلاة .
وأبو الصلت هَذَا ، متروك .(1/282)
وخرجه الطبراني فِي (( أوسطه )) من طريق يَحْيَى بْن طلحة اليربوعي ، عَن عباد بْن العَوَّامِ بهذا الإسناد ، ولفظ حديثه : كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) هزأ مِنْهُ المشركون ، وقالوا : مُحَمَّد يذكر إله اليمامة ، وكان مسيلمة يتسمى الرحمن ، فلما نزلت هذه الآية أمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أن لا يجهر بِهَا .
وهذا لَوْ صح لدل عَلَى نسخ الجهر بِهَا ، ولكن الصحيح أَنَّهُ مرسل ، وكذلك رواه يَحْيَى بْن معين ، عَن عباد بْن العَوَّامِ : ثنا شريك بْن عَبْد الله بْن سنان ، عَن سَالِم الأفطس ، عَن سَعِيد بْن جبير ، فِي قوله تعالى : { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ
بِهَا } [الاسراء:110]قَالَ : نَزَلَتْ فِي (( بسم الله الرحمن الرحيم )) - وذكر الحَدِيْث بمعناه مرسلاً .
كذا خرجه عَنْهُ المفضل الغلابي فِي (( تاريخه )) .
وكذا خرجه أبو داود فِي (( المراسيل )) عَن عباد بْن موسى ، عَن عباد بْن العَوَّامِ، وعنده : فأمر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بإخفائها ، فما جهر بِهَا حَتَّى مات .
وكذا رواه يَحْيَى بْن آدم ، عَن شريك ، عَن سَالِم ، عَن سَعِيد - مرسلاً .
وَهُوَ أصح .
وقد روي عَن إِسْحَاق بْن راهويه ، [ عَن إِسْحَاق ] - موصولاً ، ولا يصح .
ذكره البيهقي فِي (( المعرفة )) .
[ فتح الباري : 4 / 370 – 371 ] .
628) وروى عُبَيْدِ الله بْن عَمْرِو الرقي ، عَن عَبْد الكريم الجزري ، عَن أَبِي الزُّبَيْر ، عَن ابن عُمَر ، عَن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، أَنَّهُ كَانَ إذا قام إلى الصلاة ، فأراد أن يقرأ قَالَ : (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
قَالَ ابن عَبْد البر : قَدْ رفعه غيره - أَيْضاً - ، عَن ابن عُمَر ، ولا يصح ؛ لأنه موقوف عَلَى ابن عُمَر من فعله ، كذلك رواه سَالِم ونافع ويزيد الفقير ، عَن ابن عُمَر .(1/283)
وَقَالَ البيهقي : الصواب موقوف .
وقد قَالَ العقيلي فِي (( كتابه )) : لا يصح فِي الجهر بالبسملة حَدِيْث مسند .
يعني : مرفوعاً إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - .
وحكي مثله عَن الدارقطني .
[ فتح الباري : 4 / 371 – 372 ] .
629) وفي ترك الجهر بِهَا : حَدِيْث عَبْد الله بْن مغفل ، وَهُوَ شاهد لحديث أَنَس الَّذِي خرجه مُسْلِم ، وَهُوَ من رِوَايَة أَبِي نعامة الحنفي ، عَن ابن عَبْد الله بْن مغفل ، قَالَ : سمعني أَبِي وأنا فِي الصلاة أقول : (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
فَقَالَ : أي بني ، محدث ، إياك والحدث . قَالَ : ولم أرأحداً من أصْحَاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أبغض إليهى الحدث فِي الإسلام - يعني : مِنْهُ - قَالَ : وقد صليت مَعَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، ومع أَبِي بَكْر ومع عُمَر ومع عُثْمَان ، فَلَمْ أسمع أحداً منهم يقولها ، إذا أنت صليت فقل : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
خرجه الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي ،وَقَالَ : حَدِيْث حسن .
وخرجه النسائي مختصراً .
وأبو نعامة هَذَا ، بصري ، قَالَ ابن معين : ثقة .
قَالَ ابن عَبْد البر : هُوَ ثقة عِنْدَ جميعهم .
وله رِوَايَة عَن عَبْد الله بْن مغفل فِي الاعتداء فِي الدعاء والطهور .
وأما هَذَا الحديث ، فَقَدْ رواه عَن ابن عَبْد الله بْن مغفل ، عَن أَبِيه .
وابن عَبْد الله بْن مغفل ، يقال : اسمه : يزيد .
وقد رَوَى هَذَا الحَدِيْث أبو حنيفة ، عَن أَبِي سُفْيَان ، عَن يزيد بْن عبد الله ابن مغفل ، عَن أَبِيه .(1/284)
وكذلك خرجه أبو بَكْر عَبْد العزيز بن جَعْفَر فِي (( كِتَاب الشافي )) لَهُ من طريق حَمْزَة الزيات ، عَن أَبِي سُفْيَان ، عَن يزيد بْن عَبْد الله بْن مغفل ، قَالَ : صلى بنا إمام فجهر بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) ، فَقَالَ لَهُ أَبِي : تأخر عَن مصلانا ، تجنب عنا هَذَا الحرف الَّذِي أراك تجهر بِهِ ؛ فإني صليت خلف النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بَكْر وعمر فَلَمْ يجهروا بِهَا . قَالَ لَهُ رَجُل : وعثمان ؟ فسكت .
ويزيد هَذَا ، لَمْ نعلم فِيهِ جرحاً ، وقد حسن حديثه الترمذي .
وما قاله طائفة من المتأخرين : إنه مجهول ، كابن خزيمة وابن عَبْد البر ، فَقَدْ علله ابن عَبْد البر ، بأنه لَمْ يرو عَنْهُ إلاّ واحد فيكون مجهولاً ؛ يجاب عَنْهُ : بأنه قَدْ رَوَى عَنْهُ اثنان ، فخرج بذلك عَن الجهالة عِنْدَ كثير من أهل الحَدِيْث .
[ فتح الباري : 4 / 372- 373 ] .
630) وقد رَوَى سُفْيَان الثوري ، عَن خَالِد الحذاء ، عَن أَبِي نعامة ، عَن أَنَس ، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يكن ولا أبو بَكْر ولا عُمَر يجهرون بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
كذا رواه غير واحد عَن سُفْيَان .
وخالفهم يَحْيَى بْن آدم ، فرواه عَن سُفْيَان ، عَن خَالِد ، عَن أَبِي قلابة ، عَن أنس.
ووهم فِيهِ ، إنما هُوَ أبو نعامة - : قاله الإمام أحمد .
ثُمَّ اختلف الحفاظ :
فمنهم من قَالَ : الأشبه بالصواب رِوَايَة من رواه عَن أَبِي نعامة ، عَن ابنَ مغفل ، عَن أَبِيه ، ومنهم : الدارقطني ، وكلام أحمد يدل عَلِيهِ - أَيْضاً - ، قالوا : لأنه رواه ثَلاَثَة عَن أَبِي نعامة بهذا الإسناد ، وهم : الجريري وعثمان بْن غياث وراشد الحراني ، فقولهم أولى من قَوْلِ خَالِد الحذاء وحده.
ومنهم من قَالَ : يجوز أن يكون القولان عَن أَبِي نعامة صحيحين .
[ فتح الباري : 4 / 373 – 374 ] .(1/285)
631) وروى عُبَيْدِ الله بْن عَمْرِو الرقي ، عَن زيد بْن أَبِي أنيسة ، عَن عَمْرِو بْن مرة ، عَن نَافِع بْن جبير بْن مطعم ، عَن أَبِيه ، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يجهر فِي صلاته بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
ذكره الدارقطني ، فِي (( علله )) .
وهذا الإسناد ، رجاله كلهم ثقات مشهورون ، ولكن لَهُ علة ، وهي : أن هَذَا الحَدِيْث قطعة من حَدِيْث جبير بْن مطعم فِي صفة تكبير النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وتعوذه فِي الصلاة ، وقد رواه الثقات عَن عَمْرِو بْن مرة ، عَن عاصم العنزي ، عَنْ نَافِع بْن جبير ، عَن أَبِيه بدون هذه الزيادة ؛ فإنه تفرد بِهَا الرقي عَن زيد .
[ فتح الباري : 4 / 374 ] .
632) وروى الحافظ أبو أحمد العسال : ثنا عَبْد الله بن العباس الطيالسي : ثنا
عَبْد الرحيم بْن زياد السكري : ثنا عَبْد الله بْن إدريس ، عَن عُبَيْدِ الله بْن عُمَر ، عَن نَافِع ، عَن ابن عُمَر ، قَالَ : صليت خلف رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بَكْر وعمر وعثمان ، فَلَمْ يقنتوا ولم يجهروا .
وهذا الإسناد - أَيْضاً - كلهم ثقات مشهورون .
وهذا والذي قلبه خير من كثير من أحاديث الجهر الَّتِيْ يصححها الحَاكِم وأمثاله ، ويحتجون بِهَا ، ولكن لا نستحل كتمان مَا ذكر فِي تعليله .
فذكر الدارقطني فِي (( العلل )) أَنَّهُ تفرد بِهِ السكري ، عَن ابن إدريس مرفوعاً .
قَالَ : ورواه زائدة والقطان ومحمد بْن بشر وابن نمير ، عَن عُبَيْدِ الله ، عَن نَافِع ، عَن ابن عُمَر - موقوفاً .
قَالَ : وكذلك رواه مَالِك فِي (( الموطإ )) عَن نَافِع ، عَن ابن عُمَر - موقوفاً .
قَالَ : وَهُوَ الصواب .
[ فتح الباري : 4 / 374 -375 ] .(1/286)
633) وروى منصور بْن مزاحم - وَهُوَ صدوق - : ثنا أبو أويس ، عَن العلاء بن
عَبْد الرحمن ، عَن أَبِيه ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لا يجهر بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
ذكره ابن عَبْد البر وغيره .
وهذا إسناد جيد .
[ فتح الباري : 4 / 375 ] .
634) وروى عمار بْن زربي ، عَن المعتمر بْن سُلَيْمَان ، عَن أَبِيه ، عَن أَبِي عُثْمَان النهدي ، عَن عُمَر بْن الخَطَّاب ، قَالَ : كَانَ قراءة رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مداً { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } حَتَّى يختم السورة .
عمار هَذَا ، تكلم فِيهِ .
[ فتح الباري : 4 / 376 ] .
635) وخرج ابن أَبِي شيبة بإسناد جيد ، عَن الأسود ، قَالَ : صليت خلف عُمَر سبعين صلاة ، فَلَمْ يجهر فيها بـ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) .
[ فتح الباري : 4 / 378 ] .
636) وَقَالَ الزُّهْرِيّ : من سَنَة الصلاة أن يقرأ : (( بسم الله الرحمن الرحيم )) ثُمَّ فاتحة الكتاب ، ثُمَّ يقرأ (( بسم الله الرحمن الرحيم )) ثُمَّ يقرأ بسورة . وكان يَقُول : أول من قرأ (( بسم الله الرحمن الرحيم ) سراً بالمدينة عَمْرِو بْن سَعِيد بْن العاص .
خرجه البيهقي .
ومراسيل الزُّهْرِيّ من أردإ المراسيل .
[ فتح الباري : 4 / 379 ] .
637) فروى عَمْرِو بْن مرة ، عَن عاصم العنزي ، عَن [ ابن ] جبير بْن مطعم ، عَن أَبِيه، أَنَّهُ رأى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة ، قَالَ : (( الله أكبر كبيراً ، والله أكبر كبيراً ، والله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، سبحان الله بكرة وأصيلاً )) - ثلاثاً - (( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، من نفخه ونفثه وهمزه )) . قَالَ : نفثه الشعر ، ونفخه الكبر ، وهمزه الموتة .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان فِي (( صحيحه )) والحاكم ، وصححه .(1/287)
وابن جبير ، هُوَ : نَافِع ، وقع مسمى فِي رِوَايَة كذلك . وعاصم العنزي ، قَالَ أحمد : لا يعرف . وَقَالَ غيره : رَوَى عَنْهُ غير واحد . ذكره ابن حبان فِي (( ثقاته )) .
[ فتح الباري : 4 / 385 ] .
638) وروى عَلِيّ بْن عَلِيّ الرفاعي ، عَن أَبِي المتوكل ، عَن أَبِي سَعِيد الْخُدرِيَّ ، قَالَ : كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر ، ثُمَّ يَقُول : (( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه )) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي .
وَقَالَ : كَانَ يَحْيَى بْن سَعِيد يتكلم فِي عَلِيّ بْن عَلِيّ . وَقَالَ أحمد : لا يصح هَذَا الحَدِيْث .
كذا قَالَ ، وإنما تكلم فِيهِ يَحْيَى بْن سَعِيد من جهة أَنَّهُ رماه بالقدر ، وقد وثقه وكيع ويحيى بْن معين وأبو زُرْعَة .
وَقَالَ أحمد : لا بأس بِهِ ، إلا أَنَّهُ رفع أحاديث .
وَقَالَ أبو حاتم : ليس بِهِ بأس ، ولا يحتج بحديثه .
وإنما تكلم أحمد فِي هَذَا الحَدِيْث ؛ لأنه روي عَن عَلِيّ بْن عَلِيّ ، عَن الْحَسَن - مرسلاً - ، وبذلك أعله أبو داود ، وخرج فِي (( مراسيله )) من طريق عمران بْن مُسْلِم، عَن الْحَسَن ، أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذا قام من الليل يريد أن يتهجد ، يَقُول - قَبْلَ أن يكبر : (( لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله ، والله أكبر كبيراً الله أكبر كبيراً ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه)) ، ثُمَّ يَقُول : (( الله أكبر )) .
وفي الباب أحاديث أخر مرفوعة ، فيها ضعف .
[ فتح الباري : 4 / 385- 386 ] .
باب
الالتفات في الصلاة(1/288)
639) قال البخاري رحمه الله : 751 حَدَّثَنَا مسدد : ثنا أبو الأحوص : ثنا أشعث بْن سليم - هُوَ : أبو الشعثاء - ، عَن أَبِيه ، عَن مسروق ، عَن عَائِشَة ، قَالَتْ : سألت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَن الالتفات فِي الصلاة : فَقَالَ : (( هُوَ اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد )) .
قال ابن رجب رحمه الله : وأما حَدِيْث عَائِشَة الَّذِي خرجه هاهنا فِي الالتفات ، فتفرد بِهِ دون مُسْلِم ، وفي إسناده اخْتِلاَف عَلَى أشعث بْن أَبِي الشعثاء .
فالأكثرون رووه عَنْهُ ، كما رواه عَنْهُ أبو الأحوص ، كما أسنده البخاري من طريقه .
قَالَ الدارقطني : وَهُوَ الصحيح عَنْهُ ، عَن أَبِيه ، عَن عَائِشَة ، لَمْ يذكر :
(( مسروقاً )) فِي إسناده .
ورواه إسرائيل ، عَن أشعث ، عَن أَبِي عطية الهمداني ، عَن مسروق ، عَن عَائِشَة.
ورواه مِسْعَر ، عَن أشعث ، عَن أَبِي وائل ، عَن مسروق ، عَن عَائِشَة وكلهم رفعوه .
ورواه الأعمش موقوفاً ، واختلف عَلِيهِ :
فرواه الأكثرون ، عَنْهُ ، عَن عمارة ، عَن أَبِي عطية ، عَن عَائِشَة موقوفاً .
وَقَالَ شعبة ، عَن الأعمش ، عَن خيثمة ، عَن أَبِي عطية ، عَن عَائِشَة موقوفاً .
ولهذا الاختلاف - والله أعلم - تركه مُسْلِم فَلَمْ يخرجه .
[ فتح الباري : 4 / 398-399 ] .
640) وفي الالتفات أحاديث أخر متعددة ، لا تخلو أسانيدها من مقال .
ومن أجودها : مَا رَوَى الزُّهْرِيّ ، عَن أَبِي الأحوص ، عَن أي ذر ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يزال الله مقبلاً عَلَى العبد وَهُوَ فِي صلاته مَا لَمْ يلتفت ، فإذا التفت انصرف عَنْهُ )) .
رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة فِي (( صحيحه )) .
وأبو الأحوص ، قَدْ قيل : إنه غير معروف .
[ فتح الباري : 4 / 399 ] .(1/289)
641) وروى عَبْد الرزاق ، عَن ابن جُرَيْج ، عَن عَطَاء : سَمِعْت أبا هُرَيْرَةَ يَقُول : إذا صلى أحدكم فلا يلتفت ؛ فإنه يناجي [ ربه ] إن ربه أمامه ، وإنه يناجيه ، فلا يلتفت .
قَالَ عَطَاء : وبلغنا أن الرب - عز وجل - يَقُول : (( يابن آدم ، إلى أين تلتفت ، أنا خير ممن تلتفت إليه)) .
ورواه إِبْرَاهِيْم بْن يزيد الخوزي وعمر بْن قيس المكي سندل - وهما ضعيفان - ، عَن عَطَاء ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ - مرفوعاً كله .
والموقوف أصح - : قاله العقيلي وغيره .
وكذا رواه طلحة بْن عَمْرِو ، عَن عَطَاء ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : مَا التفت عَبْد فِي صلاته قط إلا قَالَ الله : (( أنا خير لَكَ مِمَّا تلتفت إليه )) .
والأشبه : أن هَذَا قَوْلِ عَطَاء ، كما سبق .
[ فتح الباري : 4 / 400 ] .
642) وروي عن ابن مسعود ، قال : لا يقطع الصلاة إلا الالتفات.
خرجه وكيع بإسناد فيه ضعف .
[ فتح الباري : 4 / 401 ] .
643) وروى - بإسناد جيد - ، عن ابن عمر ، قال : يدعى الناس يوم القيامة المنقوصين . قيل : وما المنقوصون ؟ قالَ : الذي أحدهم صلاته في وضوئه والتفاته .
[ فتح الباري : 4 / 401 ] .
644) فروى الفضل بن موسى ، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن ثور بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلحظ يميناً وشمالاً ، ولا يلوي عنقه خلف ظهرة .
خرجه الإمام أحمد والنسائي والترمذي .
وقال : غريب ثم خرجه من طريق وكيع ، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ، عن بعض أصحاب عكرمة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلحظ في الصلاة – فذكر نحوه .
وخرجه أبو داود في بعض نسخ (( سننه )) .
ثم خرجه من طريق رجلٍ ، عن عكرمة .
وقال : هو أصح .
وأنكر الدارقطني وصل الحديث إنكاراً شديداً ، وقال : هو مرسل .(1/290)
وقد رواه – أيضاً – مندل ، عن الشيباني عن ابن عباس ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى يلاحظ يميناً وشمالاً .
خرجه ابن عدي .
ومندل ، ضعيف .
[ فتح الباري : 4 / 403 ] .
645) وروى الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلمح في الصلاة ، ولا يلتفت .
خرجه ابن أبي شيبة بإسناد فيه جهالة ، وهو مرسل .
وقد وصله بعضهم ، وأنكر ذلك الإمام أحمد ، وضعف إسناده ، وقال : إنما هو : عن رجل ، عن سعيد .
[ فتح الباري : 4 / 404 ] .
646) فخرج الترمذي في حديث علي بن زيد ، عن ابن المسيب ، عن أنس ، قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يابني ، إياك والالتفات في الصلاة ؛ فإن الالتفات في الصَّلاة
هلكة ، فإن كان لا بد ففي التطوع ، لا في الفريضة )) .
وقال : حديث حسن .
وذكر في (( كتاب العلل )) : أنه ذاكر به البخاري ، فلم يعرفه ، ولم يعرف لابن المسيب عن أنس شيئا .
وقد روي عن أنس من وجوه أخر ، وقد ضعفت كلها .
وخرج الطبراني نحوه بإسناد ضعيف ، عن أبي الدرداء مرفوعاً .
ولايصح إسناده – أيضاً .
قال الدار قطني : إسناده مضطرب ، لا يثبت .
[ فتح الباري : 4 / 405 ] .
باب
القراءة في الظهر
647) وخرج الإمام أحمد من رواية الحسن العرني عن ابن عباس قال : ما أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا ولكنا تقرأ .
الحسن العرني لم يسمع من ابن عباس .
وروى موسى بن عبد العزيز القنباري عن الحكم _ هو ابن أبان _ عن عكرمة عن ابن عباس قال : لم أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الظهر والعصر ولم يأمرنا به وقد بلغ صلى الله عليه وسلم .
وقد روي عن ابن عباس من وجه آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ولكن في إسناده ضعف .(1/291)
خرجه ابن أبي داود في " كتاب الصلاة " من طريق سفيان عن زيد العمي عن أبي العالية عن ابن عباس قال رمق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحزروا قراءته في الظهر والعصر بقدر (( تنزيل )) السجدة .
وقال : لم يسنده عن سفيان إلا يزيد بن هارون ولم نسمعه من أحد إلا من الحسن بن منصور وذكرته لأبي : فأعجب به وقال : حديث غريب .
وزيد العمي متكلم فيه .
[ فتح الباري : 4 / 413 ] .
648) وخرجه الإمام أحمد وابن ماجه عن أبي سعيد ، قالَ : اجتمع ثلاثون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : تعالوا حتى نقيس قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما لم يجهر به من الصلاة ، فما اختلف منهم رجلان ، فقاسوا قراءته في الركعة الأولى من الظهر بقدر ثلاثين آية ، وفي الركعة الأخرى بقدر النصف من ذَلِكَ ، وقاسوا ذَلِكَ في صلاة العصر على قدر النصف من الركعتين الأخريين من الظهر .
وفي إسناده : زيد العمي ، وفيه مقال .
[ فتح الباري : 4 / 415-416 ] .
649) وقد خرج البزار والبيهقي من حديث عبد الله بن أبي أوفي ، قالَ : كانَ
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطيل الركعة الأولى من الظهر ، فلا يزال يقرأ قائماً ما دام يسمع خفق نعال القوم ، ويجعل الركعة الثانية أقصر من الأولى ، والثالثة أقصر من الثانية ، والرابعة أقصر من الثالثة وذكر مثل ذَلِكَ في صلاة العصر والمغرب .
وفي إسناده : أبو إسحاق الحميسي ، ضعفوه .
وقد خرجه بقي بن مخلد في (( مسنده )) بإسناد أجود من هذا ، لكن ذكر أبو حاتم الرازي أن فيهِ انقطاعاً ، ولفظه في الظهر : ويجعل الثانية أقصر من الأولى ، والثالثة أقصر من الثانية ، والرابعة كذلك ، وقال في العصر : يطيل في الأولى ، ويقصر الثانية والثالثة والرابعة كذلك . وقال في المغرب : يطيل في الأولى ، ويقصر في الثانية والثالثة .
[ فتح الباري : 4 / 420 ] .(1/292)
باب
القراءة في العصر
650) وقالت طائفة : يسوى بين قراءة الظهر والعصر ، روي ذَلِكَ عن أنس بن مالك ، وروي عن ابن عمر من وجه ضيعف .
[ فتح الباري : 4 / 424 ] .
باب
القراءة في المغرب
651) وخرجه الطبراني من رواية أسامة بن زيد ، عن الزهري ، عن أبي رشدين - وهو : كريب - ، عن أم الفضل ، أنها كانت إذا سمعت أحداً يقرأ بالمرسلات قالت : صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قرأ في المغرب بالمرسلات ، ثم يصل لنا عشاء حتى قبضه الله .
وهذا يبين أن المعنى أنه لم يصل لهم بعدها صلاة المغرب إماماً ولكن قوله : (( عن كريب )) في هذا الإسناد وهم ، إنما هوَ : عبد الله ابن عباس .
وخرج النسائي من حديث موسى بن داود ، عن عبد العزيز الماجشون ، عن حميد ، عن أنس ، عن أم الفضل ، قالت : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته المغرب ، فقرأ بالمرسلات ، ما صلى بعدها صلاة حتى قبض الله روحه - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا الإسناد كلهم ثقات ، إلا أنه معلول ، فإن الماجشون روى ، عن حميد ، عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في ثوب واحد ، ثم قالَ الماجشون عقب ذَلِكَ : وذكر لي عن أم الفضل - فذكر هذا الحديث ، فوهم فيهِ موسى بن دواد ، فساقه كله عن حميد ، عن أنس - : ذكر ذَلِكَ أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان .
[ فتح الباري : 4 / 425- 426 ] .
652) قال البخاري رحمه الله : 764 - حدثنا أبو عصام ، عن ابن جريح ، عن ابن أبي مليكة ، عن عروة بن الزبير ، عن مروان بن الحكم ، قالَ : قالَ لي زيد بن ثابت : مَا لكَ تقرأ في المغرب بقصار المفصل ، وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بطولي الطوليين ؟!(1/293)
قال ابن رجب رحمه الله : طولى : وزنه فعلى ، والطوليين : تثنية الطولى .
ويقال : إنه هاهنا أراد الأعراف : فإنها أطول من صاحبتها الأنعام _ : ذكره الخطابي .
وخرج أبو داود هدا الحديث من طريق ابن جريح - أيضاً- ، وعنده (( بقصار المفصل )) ، وزاد فيهِ : قالَ : قلت : وما طولى الطوليين ؟ قالَ : الأعراف قالَ : فسألت ابن أبي ملكية ، فقالَ لي من قبل نفسه المائدة والأعراف .
وخرجه النسائي - أيضاً - ، وعنده : بقصار السور ، وعنده : بأطول الطوليين ، قلت : يا أبا عبد الله ، ما أطول الطوليين ؟ قالَ : الأعراف .
وهذا يدل على أن المسئول والمخبر هوَ عروة .
ثم خرجه من طريق شعيب بن أبي حمزة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في صلاة المغرب الأعراف ، فرقها في ركعتين .
وخرجه -أيضاً- من طريق أبي الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يحدث ، عن زيد بن ثابت ، قالَ لمروان : أتقرأ في المغرب بـ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } و { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ
الْكَوْثَرَ } ؟ قالَ : نعم . قالَ : فمحلوفة ، لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ فيها بأطول الطوليين { الَمَصَ } .
فهذا ثلاثة أنواع من الاختلاف في إسناده :
أحدها : عروة ، عن مروان ، وهي رواية ابن أبي مليكة عنه .
وهذا أصح الروايات عندَ البخاري ، وكذلك خرجه في (( صحيحه )) ونقل عنه ذَلِكَ الترمذي في (( علله )) صريحاً ، ووافقه الدار قطني في (( العلل )) .
وهو الصحيح عن هشام - : قاله البخاري ، حكاه الترمذي عنه في (( علله )) ، وقاله - أيضاً - الدارقطني في (( علله )) وقالا : كانَ هشام يشك في إسناده .
وقال ابن أبي الزناد : عن هشام ، عن أبيه ، عن مروان ، عن زيد.
خرجه الإمام أحمد من طريقه .
وهذا موافق لقول ابن أبي مليكة ، عن عروة .
وروي عن هشام ، عن أبيه - مرسلاً .
وفي رواية : عن هشام : سورة الأنفال ، بدل : الأعراف .(1/294)
ولعل مسلماً أعرض عن تخريج هذا الحديث لاضطراب إسناده ؛ ولأن الصحيح عنده إدخال (( مروان )) في إسناده ، وهو لا يخرج لهُ استقلالاً ، ولا يحتج بروايته . والله - سبحانه وتعالى - أعلم .
[ فتح الباري : 4 / 426 – 429 ] .
653) وروي عن ابن عمر ، أنه كانَ يقرأ فيها بـ { يسَ } .
وروى عنه مرفوعاً .
والموقوف أصح - : ذكره الدارقطني في (( علله )) .
وخرج العقيلي المرفوع ، وقال : هوَ غير محفوظ .
[ فتح الباري : 4 / 429 ] .
654) وخرج الدارقطني في (( علله )) - أيضاً - من رواية عامر بن مدرك : ثنا
سفيان ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن عائشة ، قالت : كانت صلاة
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ركعتين ، إلا المغرب ؛ فإنها كانت وتراً ، فلما رجع إلى المدينة صلى مع كل ركعتين ركعتين ، إلا المغرب والفجر ؛ لأنه كانَ يطيل فيهما القراءة .
وهذا لفظ غريب .
[ فتح الباري : 4 / 430 ] .
655) وخرج ابن ماجه : حدثنا أحمد بن بديل : ثنا حفص بن غياث ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قالَ : كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } و { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } .
ابن بديل ، قالَ النسائي ليس به بأس ، وقال ابن أبي حاتم : محله الصدق ، وقال ابن عدي : حدث بأحاديث أنكرت عليهِ ، ويكتب حديثه مع ضعفه .
وقد أنكر عليهِ هذا الحديث بخصوصه أبو زرعة الرازي وغيره . قالَ الدارقطني : لم يتابع عليهِ .
قلت : وقد تابعه عبد الله بن كرز على إسناده ، فرواه عن نافع ، عن ابن عمر ، وخالفه في متنه ، فقالَ : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ يقرأ في المغرب بالمعوذتين .
ولم يتابع عليهِ ، قالَ الدار القطني : ليس بمحفوظ ، وابن كرز ضعيف .
[ فتح الباري : 4 / 434 ] .(1/295)
656) وروى سعيد بن سماك بن حرب : ثنا أبي ، ولا أعلمه إلا عن جابر ابن سمرة ، قالَ : كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ }
و { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ، وكان يقرأ في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة : سورة الجمعة والمنافقين .
خرجه الحاكم والبيهقي .
وروي عن أبي عثمان الصابوني أنه صححه ، وكان يعمل به حضراً وسفراً ، وعن ابن حبان أنه ذكر في (( ثقاته )) : أن المحفوظ عن سماك مرسلا .
وسعيد بن سماك بن حرب ، قالَ أبو حاتم الرازي : متروك الحديث .
[ فتح الباري : 4 / 434 ] .
باب
القراءة في العشاء بالسجدة
657) واستدلوا بما روى سليمان التيمي ، عن أبي مجلز ، عن ابن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في الركعة الأولى من صلاة الظهر ، فرأى أصحابه أنه قرأ { تَنْزِيلُ } [ السجدة ] .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود .
ولم يسمعه التيمي عن أبي مجلز .
قالَ الدارقطني : وقيل : عنه ، عن أبي أمية ، عن أبي مجلز . قالَ : ويشبه أن يكون : عبد الكريم أبو أمية . وكذا قاله إبراهيم بن عرعرة .
وقال في موضع آخر : أمية مجهول .
وذكر البيهقي أنه قيل فيهِ : (( مية )) -أيضاً- بغير ألف .
وروى بهذا الإسناد عن أبي مجلز مرسلا .
قالَ الإمام أحمد في هذا الحديث : ليس لهُ إسناد . وقال -أيضاً - : لم يسمعه سليمان من أبي مجلز ، وبعضهم لا يقول فيهِ : عن ابن عمر -يعني : جعله مرسلا .
[ فتح الباري : 4 / 444 ] .
658) وخرج أبو يعلى الموصلي في (( مسنده )) من طريق يحيى بن عقبة بن أبي العيزار ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قالَ : سجدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظهر ، فظننا أنه قرأ { تَنْزِيلُ } [السجدة] .
ويحيى هذا ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 4 / 444 ] .(1/296)
باب
القراءة في العشاء
659) وروي عن عقبة بن عامر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى به الفجر في سفر ، فقرأ بالمعوذتين .
خرجه وكيع في (( كتابه )) بإسناد منقطع .
وخرجه الإمام أحمد بإسناد متصل ، ولم يذكر السفر ، لكن ذكر أنه كانَ يقود بالنبي - صلى الله عليه وسلم - راحلته ، ثم ذكر صلاته عقب ذَلِكَ ، وهو دليل على السفر .
وخرجه أبو داود والنسائي مختصراً .
[ فتح الباري : 4 / 447 ] .
660) وروى ابن لهعية ، عن ابن أبي جعفر ، عن خلاد بن السائب ، عن أبي قتادة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : (( لا يقرأ في الصبح دون عشرين آية ، ولا في العشاء دون عشر آيات)).
خرجه أبو الشيخ الأصبهاني .
وهو غريب .
[ فتح الباري : 4 / 448 ] .
باب
القراءة في الفجر
661) خرجه مسلم من رواية حبيب بن الشهيد : سمعت عطاء يحدث ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ : (( لا صلاة إلا بقراءة )) . قالَ أبو هريرة : فما أعلن لنا
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلنا لكم ، وما أخفاه أخفيناه لكم .
وذكر الدارقطني وأبو مسعود الدمشقي وغيرهما : أن رفعه وهم ، وإنما هوَ موقوف .
وقد رفعه - أيضاً - ابن أبي ليلى ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، قالَ : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( لا صلاة إلا بقراءة )) قالَ أبو هريرة : كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بنا فيجهر ويخافت ، فجهرنا فيما جهر ، وخافتنا فيما خافت .
خرجه الحارث بن أبي أسامة .
وابن أبي ليلى ، سيء الحفظ جداً ، ورفعه وهم . والله أعلم .
[ فتح الباري : 4 / 458-459 ] .
باب(1/297)
الجمع بين السورتين في الركعة والقراءة بالخواتيم وسورة قبل سورة وبأول سورة
662) وروى عن أنس ، أنه قرأ في صلاة المغرب في أول الركعة { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } .
وقد روي مثل هذا من حديث ابن عمر مرفوعاً .
خرجه حرب الكرماني .
ولا يصح إسناده .
[ فتح الباري : 4 / 467 ] .
663) وخرج الطبراني من رواية محمد بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن أبي وائل ، قالَ : قالَ عبد الله : لقد علمت النظائر التي كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بهن :
{ الذاريات } ، { والطور } ، { والنجم } ، و { اقتربت } ، و { الرحمن }
و { الواقعة } ، و { نَ } و { الحاقة } ، و { سأل سائل } و { المزمل } و { لا أقسم بيوم القيامة } و { هل أتي على الانسان } ، { والمرسلات } ، و { عم يتساءلون } ، { والنازعات } ، و { عبس } و { ويل للمطففين } ، و { إذا الشمس كورت } .
وهذه الرواية تخالف ما تقدم ، وتلك الرواية أصح ، ومحمد بن سلمة بن كهيل تكلم فيه ، وتابعة عليه أخوه يحيى ، وهو أضعف منه .
[ فتح الباري : 4 / 473-474 ] .
664) وروى وكيع ، عن عيسى الخياط ، عن الشعبي ، عن زيد بن خالد الجهني ، قال: ما أحب أني قرنت سورتين في ركعة ، وأن لي حمر النعم .
عيسى هذا ، فيه ضعف .
[ فتح الباري : 4 / 475 ] .
باب
من خافت القراءة في الظهر والعصر
665) وخرج الطبراني وابن عدي من طريق أبي الرحال البصري ، عن النضر ابن أنس ، عن أبيه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم الظهر بالهاجرة ، فرفع صوته ، فقرأ { وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا } ، { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى } فقال أبي بن كعب : يارسول الله ، أمرت في هذه الصلاة بشيء ؟ قال : (( لا ، ولكني أردت أن أوقت لكم صلاتكم )) .(1/298)
أبو الرحال ، اسمه : خالد بن محمد ، قال البخاري : منكر الحديث وأخرجه العقيلي من طريقه .
وقال : لا يتابع عليه . قال : والصحيح من الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه لم يكن يجهر في صلاة النهار بالقراءة إلا في الجمعة .
[ فتح الباري : 4 / 479 ] .
666) وخرج الطبراني من حديث قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن أبي مالك الأشعري ، أنه صلى بهم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فصلى الظهر فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة ، يسمع من يليه – وذكر الحديث .
وشهر بن حوشب ، مختلف فيه .
وقد رواه عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، وذكر في حديثه : أنه أسر القراءة .
خرجه الإمام أحمد من طريقه .
وهو أصح ، وعبد الحميد أحفظ لحديث شهر بن حوشب بخصوصه من غيره .
[ فتح الباري : 4 / 480-481 ] .
667) قالَ أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود : قراءة النهار عجماء .
وقال الحسن : صلاة النهار عجماء .
أي : لا تسمع فيها قراءة .
وكثير من العلماء جعله حديثاً مرفوعاً ، منهم : ابن عبد البر وابن الجوزي ، ولا أصل لذلك .
[ فتح الباري : 4 / 481 ] .
668) وروى أبو عبيد في كتابه (( غريب الحديث )) حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن
أبيه ، عن أبي سلمة ، قال : سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن حذافة يقرأ في المسجد ، يجهر يالقراءة في صلاة النهار ، فقال : (( يابن حذافة سمع الله ولا تسمعنا )) .
وقد رواه بعضهم ، فجعله : عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة – موصولا وإرساله أصح - : قاله الدارقطني وغيره .
وروى وكيع ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير، قال: قالوا : يارسول الله ، إن هاهنا قوم يجهرون بالقرآن بالنهار ؟ فقال : (( ارموهم بالبعر )) .
مراسل يحيى بن أبي كثير ضعيفة .
وقد رواه يوسف بن يزيد الدمشقي ، عن الأوزاعي ، عن يحيى ، عن أبي سلمة ، عن بريدة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فوصله .(1/299)
وهو خطأ لا أصل له - : قاله صالح بن محمد الحافظ وغيره .
ويوسف هذا ، ضعيف .
وروي موصولا من وجوه أخر ، لا تصح .
[ فتح الباري : 4 / 482 ] .
669) وقال بشر بن حرب : رأيت ابن عمر يصلي بالنهار ، فكان يسمعنا قراءته وبشر بن حرب ، تكلموا فيه .
[ فتح الباري : 4 / 3-483 ] .
باب
إذا أسمع الإمام الآية
670) وروى حماد بن سلمة ، عن حميد وثابت وقتادة والتيمي ، أن أنساً صلى بهم الظهر والعصر ، وكان يسمعهم النغمة أحياناً .
وروى عنه مرفوعاً .
ووقفه أصح - : قاله أبو حاتم والدار قطني وغيرهما .
[ فتح الباري : 4 / 485 ] .
باب
جهر الإمام بالتأمين
671) وروى عاصم الأحول ، عن أبي عثمان النهدي ، قالَ : قالَ بلال : يارسول الله ، لا تسبقني بآمين .
وهذا مرسل .
وخرجه أبو داود ، وعنده عن أبي عثمان ، عن بلال .
وهو خطأ - : قاله أبو حاتم الرازي . قال : وهو مرسل .
وقيل : إن أبا عثمان لم يسمع من بلال بالكلية ؛ لأنه قدم المدينة في خلافة
عمر ، وقد كان بلال انتقل إلى الشام قبل ذلك .
وقد رواه هشام بن لاحق ، عن عاصم ، عن أبي عثمان ، عن سلمان ، عن
بلال ، فوصله .
وهشام ، تركه الإمام أحمد وغيره .
[ فتح الباري : 4 / 489-490 ] .
672) وخرج ابن عدي بإسناد ضعيف ، عن أبي هريرة – مرفوعاً - : (( آمين قوة الدعاء )) .
[ فتح الباري : 4 / 490 ] .
673) . قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( آمين )) هوَ مما أرسله الزهري في آخر الحديث . وقد روي عن الزبيدي ، عن الزهري بهذا الإسناد ، أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته ، فقالَ :
(( آمين )) .
خرجه الدارقطني .
وقال : إسناده حسن .(1/300)
كذا قال ، ووصله وهم ، إنما هو مدرج من قول الزهري ، كما رواه مالك .
وروي ابن وهب هذا الحديث ، عن مالك ويونس ، عن الزهري ، وزاد فيه بعد قوله : (( إذا أمن الإمام فأمنوا )) : (( فإن الملائكة تؤمن )) – وذكر باقي الحديث .
خرجه البيهقي .
وخرجه ابن ماجه بهذه الزيادة – أيضاً – من رواية سفيان ، عن الزهري .
[ فتح الباري : 4 / 491-492 ] .
674) وورد أثر يدل على تأخير تأمين المأموم عن تأمين الإمام ، من رواية ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن عبد الله بن عتاب العدوي ، قال : صليت مع أبي بكر وعمر والأئمة بعدهما ، فكان إذا فرغ الإمام من قراءة فاتحة الكتاب فقال : { وَلا الضَّالِّينَ } قال : آمين ، ورفع بها صوته ، ثم أنصت ، وقال من خلفه : آمين ، حتى يرجع الناس
بها ، ثم يستفتح القراءة .
إسناده ضعيف .
[ فتح الباري : 4 / 495 ] .
675) وروى أبو نعيم في ((كتاب الصلاة )) حدثنا أبو مالك النخعي ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : إذا قال الإمام : { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ } فسل موجبة ، ثم قل : آمين .
أبو مالك هذا ، ضعيف .
[ فتح الباري : 4 / 496 ] .
676) وروى أبو بكر النهشلي ، عن أبي إسحاق عن أبي عبد الله اليحصبي ، عن وائل بن حجر ، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال : { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ } قال :
(( رب اغفر لي ، آمين )) .
خرجه البيهقي وغيره .
وهذا الإسناد لا يحتج به .
وروى أبو حمزة ، عن إبراهيم النخعي ، قال : كانوا يستحبون ذلك .
وأبو حمزة ، هو ميمون الأعور ، ضعيف .
[ فتح الباري : 4 / 496 ] .(1/301)
677) وروى ابن المبارك : ثنا عاصم الأحوال ، عن حفصة بنت سيرين ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : إذا قرأ { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ } ووصل بآمين ، فوافق تأمينه تأمين الملائكة استجيبت الدعوة .
حفصة ، لم تسمع من ابن مسعود .
[ فتح الباري : 4 / 496 ] .
باب
فضل التأمين
678) وروى إسحاق بن راهوية : حدثنا جرير : ثنا ليث ، عن كعب ، عن أبي
هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا قال الإمام { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ } فقال : آمين ، فوافق آمين أهل الأرض آمين أهل السماء ، غفر الله للعبد ما تقدم من ذنبه . ومثل من لا يقول : آمين كمثل رجل غزا مع قوم فاقترعوا ، فخرجت سهامهم ولم يخرج سهمه ، فقال : لم لم يخرج سهمي ؟ فقيل : إنك لم تقل آمين )) .
قال أبو هريرة : وكان الإمام إذا قال : { وَلا الضَّالِّينَ } جهر بآمين . ...
كعب هذا ، قال أحمد : لا أدري من هو . وقال أبو حاتم : مجهول لا يعرف .
[ فتح الباري : 4 / 498 ] .
باب
إذا ركع دون الصف
679) حدثنا موسى بن إسماعيل : ثنا همام ، عن الأعلم – وهو : زياد - ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ، أنه انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راكع ، فركع قبل أن يصل إلى الصف ، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : ((زادك الله حرصاً ولا تعد )) .
في إسناد هذا الحديث شيئأن :
أحدهما : أنه اختلف فيه على الحسن :
فرواه زياد الأعلم وهشام ، عن الحسن ، عن أبي بكرة.
وفي رواية : عن زياد ، عن الحسن ، أن أبا بكرة حدثه – فذكره .
خرَّجه أبو داود .
ورواه يونس وقتادة ، واختلف عنهما :(1/302)
فقيل : عنهما كذلك .
وقيل : عنهما ، عن الحسن –مرسلاً - ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكرة .
وكذا روي ، عن حماد بن سلمة ، عن زياد الأعلم- أيضاً .
خرَّجه من طريقه أبو داود .
الثاني : أنه اختلف في سماع الحسن من أبي بكرة ، فأثبته ابن المديني والبخاري وغيرهما ، وكذلك خرج حديثه هذا ، ونفاه يحيى بن معين - : نقله عنه ابن أبي خيثمة .
ويؤيده : أنه روي عن الحسن مرسلاً ، وأن الحسن روى عن الأحنف ، عن أبي بكرة حديث : ((إذا التقى المسلمأن بسيفيهما )) .
وهذا مما يستدل به على عدم سماعه منه ، حيث أَدخل بينه وبينه في حديث آخر واسطةً.
وقد روى هشام بن حسأن ، عن الحسن ، أنه دخل مع أنس بن مالك ٍعلى أبي بكرة وهو مريض .
وروى مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : أخبرني أبو بكرة – فذكر حديث صلاة الكسوف .
إلا أن مبارك بن فضاله ليس بالحافظ المتقن .
وقال الشافعي في حديث أبي بكرة هذا : إسناده حسن .
[ فتح الباري : 5 / 7- 8 ] .
680) وخرَّج البخاري في ((كتاب القراءة )) من طريق ابن إسحاق : أخبرني الأعرج ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام : قائماً قبل أن تركع .
ثم ذكر أنه رأى ابن المديني يحتج بحديث ابن إسحاق ، ثم أخذ يضَّعف عبد الرحمن بن إسحاق المديني الذي روى عن المقبري ، عن أبي هريرة خلاف رواية ابن إسحاق ، ووهَّن أمره جداً .
والمروي عن أبي هريرة قد اختلف عنه فيه ، وليس عبد الرحمن بن إسحاق المديني عند العلماء بدون ابن إسحاق ، بل الأمر بالعكس ؛ ولهذا ضَّعف ابن عبد البر وغيره رواية ابن إسحاق ، ولم يثبتوها ، وجعلوا رواية عبد الرحمن مقدمة على روايته .
قال ابن عبد البر في المروي عن أبي هريرة : في إسناده نظر . قال :
ولا نعلم أحداً من فقهاء الأمصار قال به . وقد روي معناه عن أشهب .
وعبد الرحمن بن إسحاق هذا يقال له : عباد . وثَّقه ابن معين . وقال أحمد : صالح الحديث .(1/303)
وقال ابن المديني : هو عندنا صالح وسط -: نقله عنه أبو جعفر بن أبي شيبة ، وأنه قال في محمد بن إسحاق كذلك : إنه صالح وسط .
وهذا تصريح منه بالتسوية بينهما .
ونقل الميموني ، عن يحيى بن معين ، أنه قال في محمد بن إسحاق :
ضعيف . وفي عبد الرحمن بن إسحاق الذي يري عن الزهري : ليس به بأس . فصرح بتقديمه على ابن إسحاق .
وقال النسائي : ليس به بأس . وقال أبو داود : محمد بن إسحاق قدري معتزلي ، وعبد الرحمن بن إسحاق قدري ، إلا أنه ثقة .
وهذا تصريح من أبي داود بتقديمه على ابن إسحاق ، فأنة وثقه دون ابن إسحاق ، ونسبه إلى القدر فقط ، ونسب ابن إسحاق إلى القدر مع الاعتزال .
وعامة ما أنكر عليه هو القدر ، وابن إسحاق يشاركه في ذلك ويزيد عليه ببدع أخر كالتشيع والاعتزال ؛ ولهذا خرَّج مسلم في (( صحيحه )) لعبد الرحمن بن إسحاق ولم يخّرج لمحمد بن إسحاق إلا متابعة .
[ فتح الباري : 5 / 9- 11 ] .
681) وممن روي عنه الركوع دون الصف والمشي راكعاً : ابن مسعودٍ وزيد بن ثابتٍ وابن الزبير ، وكان يعلّم الناس ذلك على المنبر .
وروي عنه أنه قال : هو السنة .
وورد – أيضاً – أنه فعله ، ولم يصححه الإمام أحمد عنه ،وذكر أن الصحيح عنه النهي عنه .
وروي –أيضاً – فعله عن أبي بكر الصديق .
خرَّجه البيهقي بإسنادٍ منقطعٍ .
[ فتح الباري : 5 / 14 ] .
682) وقالت طائفة : لا يركع حتى يقوم في الصف .
رواه محمد بن عجلان ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، قال : إذا دخلت والإمام راكع فلا تركع حتى تأخذ مصافك من الصف .
وروي مرفوعاً ، ووقفه أصح .
[ فتح الباري : 5 / 15 ] .
683) ومن العجائب : أن البخاري ذكر في (( كتاب القراءة خلف الإمام )) أن المروي عن زيد بن ثابت لا يقول به من خالفه في هذه المسألة ، فإنه قال :روى الأعرج ، عن أبي أمامة بن سهلٍ ، قال : رأيت زيد بن ثابت ركع وهو بالبلاط لغير القبلة ، حتى دخل في الصف .(1/304)
ثم قال : وقال هؤلاء : إذا ركع لغير القبلة لم يجزئه . أنتهى .
وهذه رواية منكرة لا تصح ، وإنما ركع زيد للقبلة ؛ كذلك رواه الزهري ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، قال : رأيت زيد بن ثابت دخل المسجد والإمام راكع ، فاستقبل فكبر ، ثم ركع ، ثم دب راكعاً حتى وصل الصف .
خرَّجه عبد الرزاق ، عن معمرٍ ، عنه .
ورواه ابن وهب ، عن يونس وابن أبي ذئب ، عن ابن شهابٍ : أخبرني أبو أمامة بن سهل ، أنه رأى زيد بن ثابت دخل المسجد والإمام راكعٌ . فمشى حتى إذا أمكنه أن يصل الصف وهو راكعٌ كبر ، فركع ، ثم دب وهو راكع حتى وصل الصف .
[ فتح الباري : 5 / 16 ] .
684) وقد روى الإمام أحمد من طريق عبد العزيز بن أبي بكرة ، عن أبي بكرة ، أنه جاء والنبي - صلى الله عليه وسلم - راكع ، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - صوت نعلي أبي بكرة وهو يحضر ؛ يريد أن يدرك الركعة ، فلما أنصرف قال : (( من الساعي ؟ )) قال أبو بكرة : أنا . قال : ((زادك الله حرصا ، ولا تعد )) .
وفي رواية عبد العزيز : بشار الخياط ، وهو غير معروف .
وخَّرجه ابن عبد البر من بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة ، عن أبيه ، عن جده ، أنه دخل المسجد –ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس ، وهم ركوع - ، فسعى إلى الصف ، فلما أنصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((من الساعي ؟ )) قال أبو بكرة : أنا يا رسول الله . قال : (( زادك الله حرصاً ، ولا تعد )).
وبكار ، فيه ضَّعف .
وخَّرجه البخاري في "كتاب القراءة خلف الإمام " بإسناد ضعيف ،عن الحسن ، عن أبي بكرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الصبح ، فسمع نفساً شديداً – أو بهراً – من خلفه ، فلما قضى الصلاة قال لأبي بكرة : ((أنت صاحب هذا النفس ؟ )) قال : نعم يا رسول الله ، خشيت أن تفوتني ركعة معك ، فاسرعت المشي . فقال له : (( زادك الله حرصاً ، ولا تعد ، صل ما أدركت ، وأقض ما سُبقت )) .(1/305)
وفي إسناده : عبد الله بن عيسى الخزاز ، ضعفوه .
ومن أغرب ما روي في حديث أبي بكرة : ما خرَّجه عبد الرزاق عن ابن جريج ، عن رجل ، عن الحسن ، قال : التفت إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : (( زادك الله حرصاً ، ولا تعد )) قال : فثبت مكانه .
[ فتح الباري : 5 / 19-21 ] .
685) وإنما أبطل أحمد ومن وافقه صلاة الفذ خلف الصف ؛ لحديث وابصة ، وله طرق، من أجودها : رواية شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن هلال بن يسافٍ ، عن عمرو بن راشدٍ ، عن وابصة بن معبدٍ ، أن رجلاً صلى خلف الصف وحده ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد الصلاة .
خرَّجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه .
وخَّرجه ابن حبان –أيضاً- من طريق زيد بن أبي أنيسة ، عن عمرو بن مرة بهذا الإسناد.
وخَّرجه الترمذي وابن ماجه من حديث حصين ، عن هلال بن يسافٍ ، عن
زياد بن أبي الجعد ، عن وابصة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وحسَّنه الترمذي .
ورواه –أيضاً – منصور ، عن هلال بن يساف .
كذلك خرَّجه أبو القاسم البغوي في " معجمه " .
وأشار إلى ترجيح رواية حصين بمتابعة منصور له .
ورجح أحمد وأبو حاتم الرازي رواية عمرو بن مرة .
ورجح عبد الله الدارمي والترمذي رواية حصين ؛ لأن الحديث معروف عن
زياد بن أبي الجعد ، عن وابصة من غير طريق هلال بن يساف ، فإنه رواه يزيد بن زياد بن أبي الجعد ، عن عبيد بن أبي الجعد ، عن وابصة .
وقد خرَّجه من هذه الطريق ابن حبان في (( صحيحه )) –أيضاً- ، وذكر أن هلال بن يساف سمعه من زياد بن أبي الجعد ، ومن عمرو بن راشد ، كلاهما عن وابصة من غير واسطة بينهما .
ورجح الترمذي صحة ذلك ، وأن هلالاً سمعه من وابصة مع زياد بن أبي الجعد .
وقد روي من وجوه متعدده ما يدل لذلك .(1/306)
وقد جعل بعضهم هذا الاختلاف اضطراباً في الحديث يوجب التوقف ، وإلى ذلك يميل الشافعي في الجديد ، وحكاه عن بعض أهل الحديث ، بعد أن قال في القديم : لو صح قلت به . فتوقف في صحته .
وممن رجح ذلك : البزار وابن عبد البر .
وأنكر الإمام أحمد على من قال ذلك ، وقال : إنما اختلف عمرو بن مرة
وحصين . وقال : عمرو بن راشد معروف.
وكذلك يحيى بن معين أخذ بهذا الحديث ، وعمل به ، حكاه عنه عباس الدوري ، وهو دليل على ثبوته عنده .
وقد روي هذا الحديث عن وابصة من وجوه أخر .
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه أخر ، من أجودها : رواية ملازم بن عمرو ، عن عبد الله بن بدر ، عن عبد الرحمن بن علي بن شيبأن ، عن أبيه علي بن شيبأن ، قال : خرجنا حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فبايعناه وصلينا خلفه . قال : ثم صلينا وراءه صلاة أخرى ، فقضى الصلاة ، فرأى رجلاً فرداً يصلي خلف الصف وحده ، فوقف عليه نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أنصرف ، قال : (( استقبل صلاتك ، لا صلاة للذي خلف الصف )) .
خرَّجه الإمام أحمد وابن ماجه ، وهذا لفظه .
وفي رواية للامام أحمد : (( فلا صلاة لفرد خلف الصف )) .
وكذلك خرَّجه ابن خزيمة وابن حبان في (( صحيحهما )) .
وقال الإمام أحمد : حديث ملازم في هذا –أيضاً- حسن .
ورواته كلهم ثقات من أهل اليمامة ، فأن عبد الله بن بدر ثقة مشهور ،وثقه يحيى بن معينٍ وأبو زرعة والعجلي وغيرهم .
وملازم ، قال الإمام أحمد : كان يحيى القطان يختاره على عكرمة بن عمار ، ويقول : هو أثبت حديثاً . وقال ابن معين : هو ثبت ، وهو من أثبت أهل اليمامة .
وعبد الرحمن بن علي بن شيبأن ،مشهور ، وروى عنه جماعة من أهل اليمامة ،وذكره ابن حبان في (( الثقات )).
وقد قال الإمام أحمد : لا اعرف لحديث وابصة مخالفاً .(1/307)
يعني : لا يعرف له حديثاً يخالفه ، فإن حديث أبي بكرة يمكن الجمع بينه وبينه بما تقدم ، والجمع بين الأحاديث والعمل بها أولى من معارضة بعضها ببعض ، واطرادها واطراحها بعضها ، إذا كان العمل بها كلها لا يؤدي إلى مخالفة ما عليه السلف الأول .
[ فتح الباري : 5 / 22- 25 ] .
باب
إتمام التكبير في الركوع
686) وقد روي عن أبي موسى الأشعري ، قال : لما صلى خلف علي بالبصرة مثل قول عمران بن حصينٍ ، لقد ذكرنا علي بن أبي طالب صلاة كنا نصليها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إما نسيناها ، وإما تركناها عمداً ، يكَّبر كلما خفض ، وكلما رفع ، وكلما سجد .
خرَّجه الإمام أحمد .
وفي إسناده اختلاف ؛ رواه أبو إسحاق السبيعي ، واختلف عنه :
فقيل : عنه ، عن الاسود بن يزيد ، عن أبي موسى .
وقيل : عنه ، عن بريد بن أبي مريم ، عن أبي موسى .
وقيل : عنه ، عن بريد بن أبي مريم ، عن رجل من بني تمميم ، عن أبي موسى .
ورجَّحه الدارقطني .
ولذلك لم يخّرج حديثه هذا في ((الصحيح )) .
[ فتح الباري : 5 / 31 ] .
باب
وضع الأكف على الركب في الركوع
687) قال البخاري رحمه الله : 790 حدثنا أبو الوليد :نا شعبة،عن أبي يعفور ،قال :سمعت مصعب بن سعد يقول :صليت إلى جنب أبي، فطبقت بين كفي ،ثم وضعتهما بين فخذي،فنهاني أبي،وقال:كنا نفعله فنهينا عنه،وامرنا أن نضع أيدينا على الركب .
قال ابن رجب رحمه الله : أبو يعفور ، هو : العبدي الكوفي ، اسمه : وقدان . وقيل : واقد ، وهوأبو يعفور الأكبر.(1/308)
وهذا الحديث قد ذكر ابن المديني وغيره أنه غير مرفوع،ومرادهم:أنه ليس فيه تصريح بذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -،لكنه في حكم المرفوع ،فإن الصحابي إذا قال ((أمرنا- أو نهينا – بشيء )) ، وذكره في معرض الاحتجاج به قوي الظن برفعه ؛ لأنه غالباً إنما يحتج بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -ونهيه.
وقد ورد التصريح برفعه من وجه - فيه ضَّعف - ، من رواية عكرمة بن ابراهيم
الأزدي ، عن عبد الملك بن عمير ، عن مصعب بن سعد ، قالَ : قلت لأبي : رأيت أصحاب ابن مسعود يطبقون أيديهم ، ويضعونها بين ركبهم إذا ركعوا ، فقال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يفعل الشيء زماناً ، ثم يدعه ، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يركع –أو قال-: أشهد أني رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم -? إذا ركع يضع راحتيه على ركبتيه ، ويفرج بين أصابعه .
خرَّجه يعقوب بن شيبة في (( مسنده )) .
وقال : عكرمة بن إبراهيم ، منكر الحديث .
وذكر يحيى بن معين ، أنه قالَ : ليس فيه شيء .
[ فتح الباري : 5 / 45 ] .
688) وروى عاصم بن كليب ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن علقمة ، قال : قال عبد الله : علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -الصلاة ، فكبر ورفع يديه ، فلما ركع طبق يديه بين
ركبتيه . قال : فبلغ ذلك سعداً ، فقال : صدق أخي ، كنا نفعل هذا ، ثم أمرنا بهذا.
يعني : الامساك على الركبتين.
خرَّجه أبو داود والنسائي والدارقطني.
وقال : إسناد صحيح ثابت.
[ فتح الباري : 5 / 46 ] .
689) وروى أبو عبد الرحمن السلمي قال : قال لنا عمر:إن الركب سنت لكم فخذوا بالركب.
خرَّجه الترمذي .
وقال حديث حسن صحيح.
وخَّرجه النسائي، ولفظه : قال : قال عمر : إنما السنة الأخذ بالركب . وفي رواية عن أبي عبد الرحمن ، عن عمر ، قالَ : سنت لكم الركب ، فأمسكوا بالركب.
وسماع أبي عبد الرحمن من عمر، قد أنكره شعبة ويحيى بن معين.
[ فتح الباري : 5 / 46-47 ] .(1/309)
باب
إذا لم يتم الركوع
690) قال البخاري رحمه الله : 791 حدثنا حفص بن عمر : نا شعبة ، عن سليمان ، قالَ : سمعت زيد بن وهب ، قالَ : رأى حذيفة رجلاً لا يتم الركوع والسجود .قالَ : ما صليت ، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - عليها.
قال ابن رجب رحمه الله : سليمان ، هو : الاعمش .
وقد روي هذا الحديث من رواية عثمان بن الأسود ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وإسناده لا يصح.
والصحيح : أنه من قول حذيفة ، لكنه في حكم المرفوع ؛ بذكره فطرة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
[ فتح الباري : 5 / 50 ] .
691) خرَّجه الإمام أحمد من رواية ابن لهيعة : ثنا الحارث بن يزيد الحضرمي ، عن البراء بن عثمان الأنصاري ، أن هانيء بن معاوية الصدفي حدثه ، قال : حججت في زمأن عثمان بن عفأن، فجلست في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا رجل يحدثهم ، قال :كنا مع
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً ، فاقبل رجل إلى هذا العمود، فعجل قبل أن يتم صلاته ،ثم خرج، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : ((إن هذا لو مات لمات وليس هو من الدين على شيء ، أن الرجل ليخفف ويتمها)) . فسألت عن الرجل:من هو ؟ فقيل :لعله عثمان بن حنيف الأنصاري.
وهذا الإسناد فيه ضَّعف .
[ فتح الباري : 5 / 51 ] .
باب
استواء الظهر في الركوع
692) ... وقد روي هذا المعنى صريحاً من حديث البراء ، من رواية سنان بن هارون ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء ، قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع فلو أن إنسانا وضع على ظهره قدحا من الماء ما اهراق .
وسنان ، ضعيف .(1/310)
وذكر عبد الله بن الإمام أحمد ، أنه وجده في كتاب أبيه ، قال : اخبرت عن سنان بن هارون : ثنا بيان ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن علي بن أبي طالب – فذكره .
وخَّرجه أبو داود في ((مراسيله )) من طريق شعبة ، عن أبي فروة ، عن ابن أبي ليلى – مرسلاً -.
وهو أصح .
وقد خّرج ابن ماجه معناه من حديث وابصة بن معبد .
وإسناده ضعيف جداً .
وخرَّج الطبراني معناه-أيضاً – من حديث أنسٍ .
وخَّرجه البزار من رواية وائل بن حجرٍ .
وإسناده ضعيفٌ – أيضاً .
[ فتح الباري : 5 / 54-55 ] .
باب
الدعاء في الركوع
693) وخرَّج الإمام أحمد من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه ، قال : لمَّا نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ } [النصر:1] كان يكثر إذا قرأها وركع أن يقول : ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ،اللهم أغفر لي ، إنك أنت التواب الرحيم )) –ثلاثا- .
وأبو عبيدة ، لم يسمع من أبيه ، لكن رواياته عنه صحيحة .
وخرَّج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي من حديث عون بن عبد الله ، عن ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات : سبحان ربي العظيم ، وذلك ادناه ، وإذا سجد فليقل : سبحان ربي الأعلى ثلاثاً ، وذلك
أدناه )) .
وهو مرسل ، يعني : أن عون بن عبد الله لم يسمع من ابن مسعود -: قاله الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم .
وقد روي بهذا الإسناد موقوفاً .
وقد روي من وجوه أخر عن ابن مسعودٍ مرفوعاً –أيضاً- ، ولا تخلو من مقالٍ .
[ فتح الباري : 5 / 60-61 ] .(1/311)
694) وخرَّج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان في (( صحيحه )) والحاكم من حديث موسى بن أيوب الغافقي: حدثني عمي إياس بن عامر ، قال : سمعت عقبة بن عامر الجهني ، قال : لما نزلت { فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( اجعلوها في ركوعكم )) ، فلما نزلت { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى } [الأعلى:1] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اجعلوها في سجودكم )) .
موسى ، وثقة ابن معين وأبو داود وغيرهما ، لكن ضَّعف ابن معين رواياته عن عمه المرفوعة خاصة .
[ فتح الباري : 5 / 61 ] .
695) وفيه – أيضاً - : عن علي ، أنه وصف صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقال : وإذا ركع قال : (( اللهم لك ركعت ، وبك أمنت ، ولك أسلمت ، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي )) –وذكر بقية الحديث -.
وخَّرجه الترمذي بمعناه ، وعنده : أن ذلك كان يقوله في المكتوبة .
وفي إسناد الترمذي لين .
ولكن خَّرج البيهقي هذه اللفظة بإسنادٍ جيدٍ .
[ فتح الباري : 5 / 61- 62 ] .
باب
القراءة في الركوع والسجود
696) وخرَّج مسلم –أيضاً – من رواية إبراهيم بن عبد الله بن معبد ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : كشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر ، فقال :
(( أيها الناس ، أنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة ، يراها المسلم أو ترى له، ألا وأني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً ، فأما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فقمن أن يستجاب لكم )) .
وقد قال الإمام أحمد فيه : ليس إسناده بذاك .
وإبراهيم هذا وأبوه ، لم يخّرج لهما البخاري شيئاً .
[ فتح الباري : 5 / 69 ] .(1/312)
697) روى سليمان بن موسى ، عن نافع ، عن علي ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القراءة في الركوع والسجود في الصلاة المكتوبة ، فأما الصلاة في التطوع ، فلا جناح .
خرَّجه الإسماعيلي .
وإسناده منقطع ، فإن نافعاً إنما يرويه عن ابن حنين ، عن أبيه ، عن علي ، كما سبق .
وآخر الحديث ، لعله مدرج من قول بعض الرواة .
وسليمان بن موسى ، مختلف فيه .
[ فتح الباري : 5 / 70 ] .
باب
يهوي بالتكبير حين يسجد
698) فخَّرج ابن خزيمة في (( صحيحه )) والدارقطني من رواية أصبغ بن الفرج ، عن الدراوردي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، إنه كان يضع يديه قبل ركبتيه ، وقال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك .
وخَّرجه الحاكم والبيهقي من رواية محرز بن سلمة ، عن الدراوردي ، به .
وقال البيهقي : ما أراه إلا وهماً – يعني : رفعه.
وقد رواه ابن أخي ابن وهب ، عن عمه، عن الدراوردي كذلك .
وقيل : أن أشهب رواه عن الدراوردي كذلك .
ورواه أبو نعيم الحلبي ، عن الدراوردي ، فوقفه على ابن عمر .
قال الدارقطني : وهو الصواب .
[ فتح الباري : 5 / 89 ] .
699) وروى شريك ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن وائل بن حجر ، قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه ، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه .
خرَّجه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي ، وقال : حديث حسن .
وخَّرجه الحاكم ، وصححه .
وهو مما تفرد به شريك ، وليس بالقوي .
وخَّرجه أبو داود من طريق همام ، عن محمد بن جحادة ، عن عبد الجبار بن
وائل ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال همام : ونا عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - -بمثله .
فهذا الثاني مرسل ، والأول منقطع ، لأن عبد الجبار بن وائل لم يدرك أباه .(1/313)
وفي الباب أحاديث أخر مرفوعة ، لا تخلو من ضَّعف .
[ فتح الباري : 5 / 89-90 ] .
700) وروي في عكس هذا من حديث أبي هريرة ، ولا يثبت –أيضاً- ، وأجود طرقه : من رواية محمد بن عبد الله بن حسن ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير ، وليضع يديه قبل
ركبتيه )) .
خرَّجه أبو داود والنسائي والترمذي مختصراً ، وقال : غريب .
وقال حمزة الكناني : هو منكر .
ومحمد راويه ، ذكره البخاري في ((الضعفاء )) ، وقال : يقال : ابن حسن ، ولا يتابع عليه ، ولا أدري سمع من أبي الزناد ، أم لا ؟
فكأنه توقف في كونه محمد بن عبد الله بن حسين بن حسن الذي خرج بالمدينة على المنصور ، ثم قتله المنصور بها .
وزعم حمزة الكناني ، أنه محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان الذي يقال له : الديباج ، وهو بعيد .
[ فتح الباري : 5 / 90 ] .
باب
يبدي ضبعيه ويجافي في السجود
701) وقد روى ابن عجلان ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : أشتكى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشقة السجود عليهم إذا تفرجوا ، فقال : ((استعينوا
بالركب )) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي –وهذا لفظه- وابن حبان في ((صحيحه)) والحاكم .
وزاد هو والإمام أحمد : قال ابن عجلان : وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا طال السجود وأعيا .
ورواه الثوري وابن عيينة وغيرهما ، عن سمي ، عن النعمان بن أبي عياش ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - -مرسلاً .
والمرسل أصح عند البخاري وأبي حاتم الرازي والترمذي والدارقطني وغيرهم .
وقد روي – أيضاً - عن زيد بن أسلم –مرسلاً .
[ فتح الباري : 5 / 109- 110 ] .
باب(1/314)
يستقبل بأطراف رجليه القبلة
702) وخرّج البيهقي من حديث البراء بن عازب ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد فوضع يديه بإلارض استقبل بكفيه وأصابعه القبلة .
وفي رواية له –أيضاً - : وإذا سجد وجه أصابعه قبل القبلة فتفلج .
وفي إلاسنادين مقال .
[ فتح الباري : 5 / 111 ] .
باب
السجود على الأنف
703) وروى عاصم ، عن عكرمة ، قال : رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يصلي لا يمس أنفه الأرض ، قال : ((لا تقبل صلاة لا يمس فيها الأنف ما يمس الجبين )) .
وخرّجه الدارقطني والحاكم –موصولاً- ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وصحح الحاكم وصله ، وصحح إلاكثرون إرساله ، منهم : أبو داود في ((مراسيله)) والترمذي في ((علله)) والدارقطني وغيرهم .
وإلى ذلك يميل الإمام أحمد ، وهو مرسل حسن .
[ فتح الباري : 5 / 118 ] .
باب
لا يكف شعراً
704) وروى عبد الله بن محرر ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يسجد وهو يقول بشعره هكذا بكفه بكفه عن التراب ، فقال : ((اللهم ، قبح شعره )) قال : فسقط .
خرّجه ابن عدي .
وابن محرر ، ضعيف جداً من قبل حفظه ، وكان شيخاً صالحاً .
[ فتح الباري : 5 / 126 ] .
باب
المكث بين السجدتين
705) ولم يخرج البخاري في الدعاء والذكر بين السجدتين شيئاً ؛ فإنه ليس في ذلك شيء على شرطه .
وفيه : عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بين السجدتين : (( اللهم ، أغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني )).(1/315)
خرّجه أبو داود .
والترمذي ؛ وعنده : (( وأجبرني )) بدل : (( عافني )) .
وابن ماجه ، وعنده : ((وارفعني )) بدل : ((اهدني )) ، وعنده : أنه كان يقوله في صلاة الليل .
وفي إسناده كامل بن العلاء ؛ وثقه ابن معين وغيره ، وقال النسائي : ليس بالقوي ، وتكلم فيه غير واحد .
وقد اختلف عليه في وصله وإرساله .
وقد روي هذا من حديث بريدة- مرفوعاً- ، وإسناده ضعيف جداً .
وروي عن علي بن أبي طالب –موقوفاً عليه - ، وعن المقدام بن معدي كرب .
[ فتح الباري : 5 / 132- 133 ] .
باب
من استوى قاعداً في وتر من صلاته ثم نهض
706) وروى هذا الحديث أنيس بن سوار الحنفي ، قال : حدثني أبي ، قال : كنت مع أبي قلابة ، فجاءه رجل من بني ليث، يقال له: مالك بن الحويرث ، من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : إلا أريكم كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ؟ قلنا: بلى ، فصلى لنا ركعتين ، فأوجز فيهما .
قال أبي : فاختلفت أنا وأبو قلابة ، قال أحدنا : لزق بالارض ، وقال الأخر : تجافى .
خرّجه الخلال في ((كتاب العلل )) .
وقال الإمام أحمد في حديث مالك بن الحويرث في الاستواء إذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الأولى ، قال : هو صحيح ، إسناده صحيح .
وقال –أيضاً - : ليس لهذا الحديث ثان .
يعني : أنه لم ترو هذه الجلسة في غير الحديث .
وهذا يدل على أن ما روي فيه هذه الجلسة من الحديث غير حديث مالك بن الحويرث ، فانه غير محفوظ ، فإنها قد رويت في حديث أبي حميد وأصحابه في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
خرّجه الإمام أحمد وابن ماجه .
وذكر بعضهم أنه خرّجه أبو داود والترمذي ، وإنما خرّجا أصل الحديث ، ولم نجد في ((كتابيهما )) هذه اللفظة .
والظاهر –والله أعلم - : إنها وهم من بعض الرواة ، كرر فيه ذكر الجلوس بين السجدتين غلطاً .(1/316)
[ فتح الباري : 5 /138- 139 ] .
708) وفي حديث يحيى بن خلاد الزرقي ، عن أبيه ، عن عمه رفاعة بن رافع ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه علم المسيء في صلاته ، وقال له بعد أن أمره بالسجود ، ثم بالقعود ، ثم بالسجود ، فقال له: (( ثم قم )) .
وخرّجه الإمام أحمد بهذا اللفظ .
واستدل به على أنه لا يجلس قبل قيامه.
وخرّجه الترمذي –أيضاً - ، وحسنه .
مع أن حديث رفاعة هذا فيه تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذا المسيء أشياء من مسنونات الصلاة .
وقد روي في حديث رفاعة هذا : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : ((ثم انهض قبل أن تستوي قاعداً )).
خرّجه الحافظ أبو محمد الحسن بن علي الخلال .
ولكن إسناده ضعيف .
[ فتح الباري : 5 / 141- 142 ] .
709) وفي جلسة الاستراحة :حديث عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - ، قال : إذا رفع أحدكم رأسه من السجد الثانية فليلزق اليتيه بالارض ، ولا يفعل كما تفعل الإبل ؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( ذَلِكَ توقير الصَّلاة )).
خرّجه العقيلي من رواية أبي خالد القرشي ، عن علي بن الحزور ، عن ألاصبغ بن نباته ، عن علي .
وهذا إسناد ساقط ، والظاهر : أن الحديث موضوع ، وأبو خالد ، الظاهر: أنه عمرو بن خالد الواسطي ، كذاب مشهور بالكذب ، وعلي بن الحزور ، قال ابن معين : لا يحل لأحد أن يروي عنه ، وإلاصبغ بن نباته ، ضعيف جداً.
[ فتح الباري : 5 / 142 ] .
باب
كيف يعتمد على الأرض إذا قام من الركعة
710) وقد روى الهيثم ، عن عطية بن قيس بن ثعلبة ، عن الازرق بن قيس ،قال : رأيت ابن عمر وهو يعجن في الصلاة يعتمد على يديه إذا قام ، فقلت : ما هذا ؟ قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجن في الصلاة –يعني : يعتمد .
خرّجه الطبراني في (( أوسطه )).(1/317)
والهيثم هذا ، غير معروف .
[ فتح الباري : 5 / 147 – 148 ] .
711) وفي النهوض على صدور القدمين أحاديث مرفوعة ، أسانيدها ليست قوية ، أجودها :حديث مرسل ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه .
وقد خرّجه أبو داود بالشك في وصله وإرساله .
والصحيح : إرساله جزماً . والله سبحانه وتعالى أعلم .
[ فتح الباري : 5 / 148 ] .
باب
سنة الجلوس في التشهد
712) قال البخاري رحمه الله : 828 ثنا يحيى بن بكير:ثنا الليث عن خالد عن سعيد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء- .
وثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ويزيد بن محمد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء أنه كان جالساً في نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فذكرنا صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال أبو حميد الساعدي : أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيته إذا كّبر جعل يديه حذاء منكبيه وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف رجليه القبلة فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته .
وسمع الليث بن يزيد بن أبي حبيب ويزيد من محمد بن حلحلة وابن حلحلة من ابن عطاء وقال أبو صالح ، عن الليث: كل فقار وقال ابن المبارك عن يحيى بن أيوب حدثني يزيد بن أبي حبيب أن محمد بن عمرو بن حلحلة حدثه : كل فقار .
قال ابن رجب رحمه الله : مقصود البخاري بما ذكره : اتصال إسناد هذا الحديث وأن الليث سمع من يزيد بن أبي حبيب وأن يزيد سمع من محمد بن عمرو بن حلحلة وأن ابن حلحلة سمع من محمد بن عمرو بن عطاء .(1/318)
وفي رواية يحيى بن أيوب التي علقها : التصريح بسماع يزيد من محمد بن عمرو بن حلحلة وأما سماع محمد بن عطاء من أبي حميد والنفر من الصحابة الذين معه ففي هذا رواية أنه كان جالساً معهم وهذا تصريح بالسماع من أبي حميد وقد صّرح البخاري في تأريخه بسماع محمد بن عمرو بن عطاء من أبي حميد كذلك . وقد روى هذا الحديث
عبد الحميد أبن جعفر : حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال : سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم : أبو قتادة بن ربعي - فذكر الحديث وفي آخره : قالوا : صدقت هكذا صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خرّجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه .
وقال الترمذي : حسن صحيح .
وسماع محمد بن عمرو بن عطاء من أبي قتادة قد أثبته البخاري والبيهقي ورد على الطحاوي في إنكاره له وبين ذلك بياناً شافياً . وأنكر آخرون محمد بن عمرو بن عطاء لهذا الحديث من أبي حميد - أيضاً- وقالوا : بينهما رجل وممن قال ذلك : أبو حاتم الرازي والطحاوي وغيرهما . ولعل مسلماً لم يخّرج في صحيحه الحديث لذلك واستدلوا لذلك بأن عطاف بن خالد روى هذا الحديث عن محمد بن عمرو بن عطاء : حدثنا رجل أنه وجد عشرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - جلوساً - فذكر الحديث .
وروى الحسن بن الحر الحديث بطوله ، عن عبد الله بن عيسى بن مالك عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عباس - أو عياش - بن سهل الساعدي أنه كان في مجلس فيهم أبوه وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -وفي المجلس أبو هريرة وأبو أسيد وأبو حميد الساعدي - فذكر الحديث(1/319)
خرّجه أبو داود مختصراً وخرّجه -أيضاً- مختصراً من رواية بقية بن الوليد : حدثني عتبة بن أبي حكيم : حدثني عبد الله بن عيسى ، عن العباس بن سهل عن أبي حميد الساعدي - فذكره .. وكذلك رواه إسماعيل بن عياش عن عتبة أيضاً خرّجه من طريقه بقي بن مخلد في مسنده . وقال إسماعيل : عن عتبة عن عيسى بن عبد الله وهو أصح ورواه ابن المبارك عن عتبة عن عباس بغير واسطة وخرّجه أبو داود - أيضاً - من رواية فليح بن سليمان : حدثني عباس بن سهل ، قال أجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة فذكروا صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو وحميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر الحديث .
وخّرج بعضه ابن ماجه والترمذي وصّححه . قال أبو داود : ورواه ابن المبارك : أخبرنا فليح ، قال : سمعت عباس بن سهل يحدث فلم أحفظه فحدثنيه أراه عيسى بن
عبد الله أنه سمعه من عباس بن سهل قال : حضرت أبا حميد الساعدي - فذكره .
وخرّجه الإمام أحمد من طريق ابن إسحاق : حدثني عباس بن سهل بن سعد قال : جلست بسوق المدينة الضحى مع أبي أسيد وأبي حميد وأبي قتادة فذكر الحديث . قال أبو حاتم الرازي : هذا الحديث إنما يعرف من رواية عباس بن سهل وهو صحيح من حديثه ؛ كذا رواه فليح وغيره .فيتوجه أن يكون محمد بن عمرو إنما أخذه عن عباس فتصير رواية عبد الحميد بن جعفر مرسله ، وكذا رواية ابن حلحلة التي خرّجها البخاري ها هنا . ويجاب عن ذلك :
بأن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي قد روى هذا الحديث عن محمد بن عمر بن عطاء أنه سمع أبا حميد يحدثه فكيف يعارض ذلك برواية عطاف بن خالد عن محمد بن عمرو بن عطاء وعطاف لا يقاوم ابن حلحلة ولا يقاربه .(1/320)
وقد تابع ابن حلحلة على ذكر سماع ابن عمرو له من أبي حميد : عبد الحميد بن جعفر وهو ثقة جليل مقدم على عطاف وأمثاله . وأما رواية عيسى بن عبد الله عن محمد بن عمرو فعيسى ليس بذلك المشهور فلا يقضي بروايته على رواية الثقات الإثبات ؛ فان رواية عيسى كثيرة الاضطراب وإلاكثرون رووه عن عيسى عن عباس بغير واسطة منهم : عتبة بن أبي حكيم وفليح بن سليمان .
واختلف فيه عن الحسن بن الحر : فروي عنه عن عيسى بن عبد الله عن محمد بن عمرو بن عطاء : أخبرني مالك عن عباس - أو عياش - بن سهل أنه كان في مجلس فيه أبوه ففي هذه الرواية بين محمد بن عمرو وبين أبي حميد رجلان .
وقد خرّجه البيهقي كذلك ثم قال روي -أيضاً- عن الحسن بن الحر عن عيسى عن محمد بن عمرو بن عطاء : حدثني مالك عن عباس وقوله : عباس أو عياش يدل على عدم ضبطه لهذا الاسم وإنما هو عباس بغير شك .
وفي حديث الحسن بن الحر وهم في هذا الحديث وهو أنه ذكر أنه تورك في جلوسه بين السجدتين دون التشهد وهذا مما لا شك أنه خطأ فتبين أنه لم يحفظ متن هذا الحديث ولا إسناده .
والصحيح في اسم هذا الرجل أنه عيسى بن عبد الله بن مالك الدار وجده مولى عمر بن الخطاب ومن قال فيه : عبد الله بن عيسى -كما وقع في روايتين لأبي داود- فقد وهم .
وزعم الطبراني أنه : عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو وهم - أيضاً – وأما هو : عيسى بن عبد الله ابن مالك الدار -: قال البخاري في تأريخه وأبو حاتم الرازي وغيرهما من الحفاظ المتقدمين والمتأخرين . وقال ابن المديني فيه : هو مجهول
وحينئذ ؛ فلا يعتمد على روايته مع كثرة اضطرابها وتعلل بها رويات الحفاظ الإثبات .(1/321)
فظهر بهذا : أن أصح روايات هذا الحديث رواية لبن حلحلة عن محمد بن عمرو التي أعتمد عليها البخاري ورواية عبد الحميد المتابعة لها ورواية فليح وغيره عن عباس بن سهل مع أن فليحاً ذكر أنه سمعه من عباس ولم يحفظه عنه إنما حفظه عن عيسى عنه .
[ فتح الباري : 5 / 154- 159 ] .
713) وقد روي النهي عن التورك في الصلاة ، ولا يثبت ، وفيه حديثان : أحدهما : من رواية يحيى بن إسحاق ، عن حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التورك وإلاقعاء في الصلاة خرّجه أبو داود في كتاب التفرد )) . وقال : هذا الحديث ليس بالمعروف .
وخرّجه البزار في (( مسنده )) .
وقال : لا يروى عن أنس إلا من هذا الوجه ، وأظن يحيى أخطأ فيه . وقال أبو بكر البرديجي في كتاب (( أصول الحديث )) له : هذا حديث لا يثبت ؛ لأن أصحاب حماد لم يجاوزوا به قتادة .
كأنه يشير إلى أن يحيى أخطأ في وصله بذكر انس ، وأنما هو مرسل .
وثانيهما : من رواية سعيد بن بشير ، عن الحسن ، عن سمرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التورك وإلاقعاء ، وأن لا نستوفز في صلاتنا . خرّجه البزار .
وقال : سعيد بن بشير ، لا يحتج به . وخرّجه الإمام أحمد ، ولفظه : أمرنا
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نعتدل في الجلوس ، وأن لا نستوفز .
[ فتح الباري : 5 / 165 ] .
باب
من لم ير التشهد الأول واجباً
714) واستدل من قال : أنه فرض ، بما روي عن ابن مسعود ، أنه قال : كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد : (( السلام على الله )) - الحديث ، وذكر فيه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم بالتشهد وتعليمه لهم .
خرّجه الدارقطني ، وقال : إسناده صحيح .(1/322)
وخرّج البزار والطبراني من حديث ابن مسعود،أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمهم التشهد ، وقال لهم : (( تعلموا ؛ فإنه لا صلاة إلا بتشهد )) . وفي إسناده أبو حمزة ، ضعيف جداً .
وخرّج الطبراني نحوه من حديث علي مرفوعاً ، بإسناد لا يصح .
وقد روى موقوفاً على ابن مسعود ، وهو أشبه .
وروى شعبة، عن مسلم أبي النضر ، قال : سمعت حملة بن عبد الرحمن ، عن
عمر ، أنه قالَ : لا تجزي صلاة إلا بتشهد . خرّجه الجوزجاني وغيره .
وفي رواية : قالَ : من لم يشهد فلا صلاة لهُ .
وخرّجه البهقي ، وعنده التصريح بسماع حملة لهُ من عمر .
[ فتح الباري : 5 / 169 ] .
باب
التشهد في الآخرة
715) والأفضل عن مالك تشهد عمر بن الخطاب ، وقد ذكره في (( الموطأ )) موقوفاً على عمر ، أنه كان يعلمه الناس على المنبر يقول : قولوا : (( التحيات لله ، الزاكيات
لله ، الصلوات لله )) وباقيه كتشهد ابن مسعود وإليه ذهب الزهري ومعمر .
وقد روى عن عمر مرفوعاً من وجوه لا تثبت ، والله أعلم .
[ فتح الباري : 5 / 181 ] .
716) . وقد روي من حديث سلمان الفارسي ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه التشهد حرفاً حرفاً - فذكر مثل حديث تشهد ابن مسعود سواء ، قال : ثم قال : (( قلها يا سلمان في صلاتك ، ولا تزد فيها حرفاً ، ولا تنتقص منها حرفاً )) .
خرّجه البزار في (( مسنده )) وفي إسناده ضعف . والله أعلم .
[ فتح الباري : 5 / 181 ] .
باب
ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب
717) وخرّج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي عبيدة ، عن أبيه عبد الله بن مسعود ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في الركعتين كأنه على الرضف حتى يقوم .
وحسّنه .(1/323)
وأبو عبيدة ، وإن لم يسمع من أبيه ، إلا أن أحاديثه عنه صحيحة ، تلقاها عن أهل بيته الثقات العارفين بحديث أبيه - : قاله ابن المديني وغيره .
[ فتح الباري : 5 / 187 ] .
718) وروى جعفر الفريابي في ((كتاب الذكر )) بإسنادٍ صحيحٍ ، عن ابن عمر ، أنه رأى رجلاً دخل في الصلاة ، فكبر ، ثم قال : اللهم اغفر لي وأرحمني ، فضرب ابن عمر منكبيه وقال : أبدأ بحمد الله عز وجل والثناء عليه .
[ فتح الباري : 5 / 193 ] .
719) وقد روى ابن إسحاق : حدثنا محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن محمد بن
عبد الله بن زيدٍ ، عن عقبة بن عمرو ، قال : قالوا : يا رسول الله ، أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا ؟ قالَ : (( قولوا : اللهم ، صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم ، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميدٌ مجيد)).
خرّجه ابن خزيمة وابن حبان في ((صحيحهما)) والدارقطني –وقال : إسناد حسن متصل –والحاكم – وقال : صحيح الإسناد .
[ فتح الباري : 5 / 196 ] .
720) وقد خرّج ابن عدي من حديث طلحة ، قال قلت : يا رسول الله ، هذا التشهد قد عرفنا ، فكيف الصلاة عليك –فذكره .
وفي إسناده : سليمان بن أيوب الطلحي ، وقد وثقه يعقوب بن شيبة وغيره وقال ابن عديً : عامة أحاديثه أفراد لا يتابعه عليها أحد .
[ فتح الباري : 5 / 196 ] .
721) وخرج الحاكم والبيهقي من حديث ابن مسعودٍ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( إذا تشهد أحدكم في الصلاة ،فليقل : اللهم صل على محمد وآل محمدٍ ، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ ، وارحم محمداً وآل محمد ، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميدٌ مجيدٌ )) .
وفي إسناده : رجل غير مسمىً .(1/324)
وخرّج الدارقطني من حديث عبد الوهاب بن مجاهدٍ ، عن مجاهدٍ ، قال : أخذ بيدي ابن أبي ليلى –أو أبو معمرٍ-، قال : علمني ابن مسعودٍ التشهد ، وقال : علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( التحيات لله )) –فذكره إلى آخره ، وزاد بعده : الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال : ابن مجاهد هذا ، ضعيف الحديث .
وخرّج البيهقي من رواية إسرائيل ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص ، عن
عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال : (( إذا جلستم بين الركعتين فقولوا : التحيات لله )) – إلى آخر التشهد . قال عبد الله : وإذا قال : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أصابت كل عبدٍ صالحٍ أو نبيً مرسلٍ ، ثم يبدأ بالثناء على الله والمدحة له بما هو أهله ، وبالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يسأل بعد ذلك .
والظاهر : أن آخره من قول ابن مسعود .
[ فتح الباري : 5 / 196- 197 ] .
722) وخرّج ابن ماجه من رواية عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعدٍ ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( لا صلاة لمن لم يصل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - )) .
وعبد المهيمن ، تكلموا فيه .
[ فتح الباري : 5 / 197 - 198 ] .
باب
من لم يمسح جبهته وأنفه حتى صلى
723) : خرّجه ابن ماجه من روايةٍ هارون بن هارون بن عبد الله بن الهدير ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((إن من الجفاء أن يكثر الرجل مسح جبهته قبل الفراغ من صلاته )) .
وهارون هذا ، قال البخاري : لا يتابع على حديثه .وضَّعفه النسائي والدارقطني .
[ فتح الباري : 5 / 201 ] .(1/325)
724) : من رواية سعيد بن عبيد الله بن زياد بن جبير بن حية ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((ثلاث من الجفاء : أن يبول الرجل قائماً، أو يمسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته ، أو ينفخ في سجوده )) .
خَّرجه البزار في ((مسنده)) والطبراني والدارقطني وغيرهم .
وسعيد هذا ، احتج به البخاري ووثقه أحمد وابن معينٍ وأبو زرعة وغيرهم .
لكنه خولف في إسناد هذا الحديث :
فرواه قتادة والجريري ، عن ابن بريدة ، عن ابن مسعودٍ من قوله .
ورواه كهمس ، عن ابن بريدة ، قال : كان يقال ذلك .
وهذا الموقوف أصح .
وحكى البيهقي ، عن البخاري ، أنه قال في المرفوع : هو حديث منكر يضطربون فيه .
وأشار الترمذي إليه في ((باب : البول قائما )) ، ولم يخرجه ، ثم قال :حديث بريدة في هذا غير محفوظٍ .
قال البيهقي : وقد روي فيه من أوجه أخرى ، كلها ضعيفة .
[ فتح الباري : 5 / 201 – 202 ] .
725) وقد روي من حديث أنسٍ ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اذا قضى صلاته مسح جبهته بكفه اليمنى .
وله طرق عن أنس ،كلها واهية .
[ فتح الباري : 5 / 202 ] .
726) وقال عبيد بن عميرٍ : لا تزال الملائكة تصلي على إلانسان ما دام أثر السجود في وجهه .
خَّرجه البيهقي بإسنادٍ صحيحٍ .
[ فتح الباري : 5 / 203 ] .
باب
التسليم
727) وروى أبو إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه وعن يساره : ((السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله )) .
خرّجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه .
وفي روايةٍ لهم : حتى يرى بياض خده .
وخرّجه الترمذي بدون ذلك ، وصححه .
وخرّجه ابن خزيمة وابن حبان في ((صحيحهما )) والحاكم وصححه .(1/326)
وصححه العقيلي ، وقال : الأحاديث صحاح ثابتةٌ من حديث ابن مسعودٍ في تسليمتين .
وفي رواية للنسائي : ورأيت أبا بكرٍ وعمر يفعلان ذلك .
قد اختلف في إسناده على أبي إسحاق على أقوالٍ كثيرةٍ ، وفي رفعه ووقفه ، وكان شعبةُ ينكر أن يكون مرفوعاً .
[ فتح الباري : 5 / 206 ] .
728) وروى عمرو بن يحيى المازني ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان ، أنه سأل ابن عمر عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - : كيف كانت ؟ قال : ((الله أكبر )) ، كلما وضع ورفع ، ثم يقول : ((السلام عليكم ورحمه الله )) عن يمينه ، ((السلام عليكم ورحمه الله )) عن يساره .
خَّرجه الإمام أحمد والنسائي .
وهذا إسناد جيد .
قال ابن عبد البر : هو إسناد مدني صحيح ، إلا أنه يعلل بأن ابن عمر كان يسلم تسليمةً واحدةً ، فكيف يروي هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يخالفه ؟
وقد ذكر البيهقي أنه اختلف في إسناده ، لكنه رجح صحته .
ورواه –أيضاً- بقية ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن سالمٍ ، عن ابن عمر –مرفوعاً- أيضاً .
قال أبو حاتم : هو منكر .
وقال الدارقطني : اختلف على بقية في لفظه : روي أنه كان يسلم تسليمتين ، وروي تسليمةً واحدةً ، وكلها غير محفوظةٍ .
وقال الأثرم : هو حديث واهٍ ، وابن عمر كان يسلم واحدةً ، قد عرف ذلك عنه من وجوهٍ ، والزهري كان ينكر حديث التسليمتين ، ويقول : ما سمعنا بهذا .
[ فتح الباري : 5 / 206- 207 ] .
729) وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه كان يسلم تسليمةً واحدةً من وجوهٍ لا يصح منها شيء -:قاله ابن المديني والأثرم والعقيلي وغيرهم .
وقال الإمام أحمد : لا نعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في التسليمة الواحدة إلا حديثاً مرسلاً لابن شهابٍ الزهري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .انتهى.
ومرسيل ابن شهابٍ من أوهى المراسيل وأضعفها .
[ فتح الباري : 5 / 208 ] .(1/327)
730) ومن أشهرها : حديث زهير بن محمدٍ ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه عن
عائشة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم في الصلاة تسليمةً واحدةً تلقاء وجهه ،ثم يميل إلى الشق الأيمن شيئاً .
خرّجه الترمذي من رواية عمرو بن أبي سلمة التنيسي ، عن زهير ، به .
وقال : لا نعرفه مرفوعاً إلا من من هذا الوجه . قال محمد بن إسماعيل : زهير بن محمد أهل الشام يروون عنه مناكير، ورواية أهل العراق عنه أشبه .
وخرّجه ابن ماجه من طريق عبد الملك بن محمد الصنعاني ، عن زهير ، به ، مختصراً .
وخرّجه الحاكم ، وقال : صحيح على شرطهما .
وأخطأ فيما قال ؛ فإن روايات الشاميين عن زهيرٍ مناكير عند أحمد ويحيى بن معينٍ والبخاري وغيرهم .
قال أحمد –في رواية الأثرم- : أحاديث التنيسي عن زهيرٍ بواطيل . قال :وأظنٌّه قال : موضوعةٌ . قال : فذكرت له هذا الحديث في التسليمة الواحدة .فقال :مثلُ هذا .
وذكر ابن عبد البر: أن يحيى بن معين سئل عن هذا الحديث ، فضعفه .
وقال أبو حاتم الرازي : هو منكر ، إنما هو عن عائشة –موقوفٌ .
وكذا رواه وهيب بن خالد ، عن هشام .
وكذا رواه الوليد بن مسلمٍ عن زهير بن محمدٍ ، عن هشامٍ ، عن أبيه –موقوفاً .
قال الوليد : فقلت لزهيرٍ : فهل بلغك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه شيء ؟ قال :نعم ، أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلم تسليمةً واحدةً .
قال العقيلي : حديث الوليد أولى .
يعني : من حديث عمرو بن أبي سلمة .
قال : وعمرو في حديثه وهم .
قال الدارقطني : الصحيح وقفه ، ومن رفعه فقد وهم .
[ فتح الباري : 5 / 208- 210 ] .
731) وروي عبد الوهاب الثقفي ، عن حميدٍ ، عن أنسٍ ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم تسليمة واحدة .
خَّرجه الطبراني والبيهقي .
ورفعه خطأ ، إنما هو موقوف ، كذا رواه أصحاب حميدٍ ، عنه ، عن أنسٍ ، من فعله .(1/328)
وروى جرير بن حازمٍ ، عن أيوب ، عن أنسٍ ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكرٍ وعمر كانوا يسلمون تسليمةً واحدةً.
خَّرجه البزار في ((مسنده)).
وأيوب ، رأى أنساً ، ولم يسمع منه-: قاله أبو حاتمٍ.
وقال الأثرم : هذا حديث مرسل ، وهو منكر ، وسمعت أبا عبد الله يقول :جرير بن حازم يروي عن أيوب عجائب .
[ فتح الباري : 5 / 210 ] .
732) وروى روح بن عطاء بن أبي ميمونة : ثنا أبي ، عن الحسن ، عن سمرة : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يسلم في الصلاة تسليمةً واحدةً قبالة وجهه ، فإذا سلم عن يمينه سلم عن يساره .
خَّرجه الدارقطني والعقيلي والبيهقي وغيرهم ، وخَّرجه بقي بن مخلدٍ مختصراً .
وروح هذا ، ضعفه ابن معين وغيره ، وقال الأثرم : لا يحتج به .
وفي الباب أحاديث أخر لا تقوم بها حجة ، لضعف أسانيدها .
[ فتح الباري : 5 / 210- 211 ] .
733) وقد حكي عن طائفة من السلف : أن من أحدث بعد تشهده تمت صلاته، منهم : الحسن وابن سيرين وعطاء – على خلاف عنه – والنخعي .
وروي ذلك عنن علي بن أبي طالب ، وقد أنكر صحته أحمد وأبو حاتمٍ الرازي وغيرهما .
وروي –أيضاً- عن ابن مسعود من طريقٍ منقطعٍ .
[ فتح الباري : 5 / 216- 217 ] .
734) واستدلوا –أيضاً- بما روى عبد الرحمن بن زيادٍ الأفريقي ، أن عبد الرحمن بن رافعٍ وبكر بن سوادة أخبراه ، عن عبد الله ابن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((إذا أحدث وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلم جازت صلاته)) .
خَّرجه الترمذي .
وقال : إسناده ليس بالقوي ، وقد اضطربوا في إسناده ، والأفريقي ضعفه القطان وأحمد بن حنبلٍ .
وخَّرجه أبو داود بمعناه.
وخَّرجه الدارقطني ، ولفظه : ((إذا أحدث بعدما يرفع رأسه من آخر سجدة واستوى جالساً تمت صلاته )) .
وقد روي بهذا المعنى عن الأفريقي ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عبد الله بن عمرو –مرفوعاً .(1/329)
وهذا اضطراب منه في إسناده ، كما أشار اليه الترمذي ، ورفعه منكر جداً ، ولعله موقوف ، والأفريقي لا يعتمد على ما ينفرد به .
قال حربٌ: ذكرت هذا الحديث لأحمد ، فرده ، ولم يصححه.
وقال الجوزجاني : هذا الحديث لا يبلغ القوة أن يدفع أحاديث : ((تحليلها
التسليم )) .
[ فتح الباري : 5 / 217- 218 ] .
735) وقد ذكرنا –فيما تقدم في أول ((كتاب الصَّلاة )) –حديثاً ، عن عمر ، أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يصلي في أول الاسلام ركعتين ، ثُمَّ أمر أن يصلي أربعا ، فكان يسلم بين كل ركعتين ، فخشينا أن ينصرف الصبي والجاهل ، يرى أنه قد أتم الصَّلاة ، فرأيت أن يخفي الإمام التسليمة الأولى ، ويعلن بالثانية ، فافعلوا ذَلِكَ .
خَّرجه الإسماعيلي .
وإسناده ضعيف .
[ فتح الباري : 5 / 219 ] .
باب
من لم يرد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة
736) وخرّج أبو داود من حديث سمرة بن جندب ، قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نرد على الإمام ، وأن نتحاب ، وأن يسلم بعضنا على بعض .
وخرّج أبو داود –أيضاً- ، من طريقٍ اخرٌ ، عن سمرة ، قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : (( ابدأوا قبل التسليم، فقولوا : التحيات الطيبات الصلوات ، والملك لله ، ثم سلموا على اليمين ، ثم سلموا على قارئكم وعلى أنفسكم)) .
وخرّجه ابن ماجه بمعناه .
وفي رواية له باسناد فيه ضعفٌ : (( إذا سلم الإمام فردوا عليه )) .
[ فتح الباري : 5 / 231 ] .
باب
الذكر بعد الصلاة(1/330)
737) ويشهد لذلك : ما روي عن مسعرٍ ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن طيسلة ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((من قال في دبر الصلوات ،وإذا أخذ مضجعه : الله أكبر كبيراً ، عدد الشفع والوتر ، وكلمات الله الطيبات المباركات – ثلاثاً- ، ولا إله إلا الله – مثل ذلك – كن له في القبر نوراً ، وعلى الحشر نوراً ، وعلى الصراط نوراً ، حتى يدخل الجنة )) .
وخَّرجه –أيضاً- بلفظ آخر ، وهو : (( سبحان الله عدد الشفع والوتر ، وكلمات ربي الطيبات التامات المباركات – ثلاثاً – والحمد لله ، والله أكبر ، ولا إله إلا الله )) .
وذكر الإسماعيلي : أن محمد بن عبد الرحمن ، هو : مولى آل طلحة ، وهو ثقةٌ مشهورٌ ، وخرّج له مسلمٌ .
وطيسلة ، وثقه ابن معينٍ ، هو : ابن علي اليمامي ، ويقال : ابن مياسٍ ، وجعلهما ابن حبان اثنين ، وذكرهما في (( ثقاته )) ، وذكر أنهما يرويان عن ابن عمر.
وخرّجه ابن أبي شيبة في ((كتابه )) عن يزيد بن هارون ، عن مسعر بهذا الإسناد – موقوفاً على ابن عمر .
[ فتح الباري : 5 / 234- 235 ] .
738) وخرّج الإمام أحمد من رواية عقبة بن عامر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجلٍ ، يقال له : ذو البجادين : ((إنه أواهٌ)) ، وذلك أنه رجلٌ كثير الذكر لله في القرآن ، ويرفع صوته في الدعاء .
وفي إسناده : ابن لهيعة .
[ فتح الباري : 5 / 238 ] .
739) وورد فيه رخصةٌ من وجهٍ لا يصح :
خرّجه الطبراني من رواية أبي موسى : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبح يرفع صوته حتى يسمع أصحابه ، يقول : ((اللهم ، أصلح لي ديني الذي جعلته عصمة أمري )) –ثلاث مرات – ((اللهم ، أصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي )) –ثلاث مرات ، ((اللهم ، أصلح لي آخرتي التي جعلت إليها مرجعي ))-ثلاث مراتٍ – وذكر دعاء آخر.
وفي إسناده : يزيد بن عياضٍ ، متروك الحديث . وإسحاق بن طلحة ،ضعيفٌ .
[ فتح الباري : 5 / 239 ] .(1/331)
740) قال البخاري رحمه الله : 843 حدثنا محمد بن أبي بكر : ثنا المعتمر ، عن عبيد الله ، عن سمىً ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ،قال : جاء الفقراء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم ، يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ولهم فضلٌ من أموال يحجون بها ويعتمرون ، ويجاهدون ويتصدقون ، قال : (( ألا أحدثكم بما إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ، ولم يدركم أحدٌ بعدكم ، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم ، إلا من عمل مثله ، تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين )) .
فاختلفنا بيننا ، فقال بعضنا : نسبح ثلاثاً وثلاثين ، ونحمد ثلاثاً وثلاثين ، ونكبر أربعاً وثلاثين .فرجعت إليه ، فقال : تقول : سبحان الله ، والحمد لله ، والله اكبر ، حتى يكون منهنكلهن ثلاثٌ وثلاثون .
قال ابن رجب رحمه الله : وخرّجه مسلمٌ من طريق بن عجلان ، عن سميٍ ، وذكر فيه : أن المختلفين هم سميٌ وبعض أهله ، وان القائل له هو أبوه أبو صالحٍ السمان ، وأن ابن عجلان قال : حدثت بهذا الحديث رجاء بن حيوة ، فحدثني بمثله عن أبي صالحٍ .
وخرّجه البخاري في أواخر كتابه ((الصحيح )) –أيضاً- من طريق ورقاء ، عن سمي بهذا الإسناد ، بنحوه ، ولكن قال فيه : ((تسحبون في دبر كل صلاةٍ عشراً ، وتحمدون عشراً ، وتكبرون عشراً )) .
وقال : تابعه عبيد الله بن عمر ، عن سمي . قال : ورواه ابن عجلان عن سميَ ورجاء بنحيوة .ورواه جريرٌ ، عن عبد العزيز بن رفيعٍ ، عن أبي صالحٍ ، عن أبي الدرداء . ورواه سهيلٌ ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .انتهى .
ومراده : المتابعة على إسناده .
ورواية عبيد الله بن عمر ، هي التي خرجها في هذا الباب .
ورواية ابن عجلان ، هي التي خرجها مسلمٌ ، كما ذكرناه .(1/332)
ورواية سهيلٍ ، خرجها مسلمٌ –أيضاً- بمثل حديث ابن عجلانٍ ، عن سمي ، وزاد في الحديث: يقول سهيلٌ : إحدى عشرة إحدى عشرة ، فجميع ذلك كله ثلاثةٌ وثلاثون.
وأما رواية جريرٍ التي أشار إليها البخاري ، قوله : عن أبي صالحٍ ، عن أبي
الدرداء ، فقد تابعه عليها – أيضاً – أبو الأحوص سلام بن سليمٍ ، عن عبد العزيز .
والظاهر : أنه وهمٌ ، فإن أبا صالحٍ إنما يرويه عن أبي هريرة ، لا عن أبي الدرداء ، كما رواه عنه سمي وسهيلٌ ورجاء ابن حيوة .
وإنما رواه عبد العزيز بن رفيعٍ ، عن أبي عمر الصيني ، عن أبي الدرداء ، كذلك رواه الثوري ، عن عبد العزيز ، وهو أصح - :قاله أبو زرعة ، والدارقطني .
وأما ألفاظ الحديث ، فهي مختلفةٌ :
ففي رواية عبيد الله بن عمر التي خرجها البخاري هاهنا : ((تسبحون وتحمدون وتكبرون ثلاثاً وثلاثين)) ، وفسره بأنه يقول : ((سبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر )) حتى يكون منهن كلهن ثلاثاً وثلاثين .
وقد تبين أن المفسر لذلك هو أبو صالح ، وهذا يحتمل أمرين :
أحدهما : أنه يجمع بين هذه الكلمات الثلاث ، فيقولها ثلاثاً وثلاثين مرةً ،فيكون مجموع ذلك تسعاً وتسعين .
والثاني : أنه يقولها إحدى عشرة مرةً ، فيكون مجموع ذلك ثلاثاً وثلاثين .
وهذا هو الذي فهمه سهيلٌ ، وفسر الحديث به ، وهو ظاهر رواية سمي ، عن أبي صالحٍ – أيضاً .
ولكن ؛ قد روي حديث أبي هريرة من غير هذا الوجه صريحاً بالمعنى الأول :
فخرج مسلمٌ من حديث سهيل ، عن أبي عبيد المذحجي –وهو : مولى سليمان بن عبد الملك وحاجبه - ، وعن عطاء بن يزيد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((من سبح في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين ، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين ، فتلك تسعة وتسعون ، وقال تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، غفرت خطاياه ، وإن كانت مثل زبد البحر )) .(1/333)
وقد روي عن سهيل بهذا الإسناد –موقوفاً على أبي هريرة .
وكذا رواه مالك في ((الموطإ )) عن أبي عبيدٍ –موقوفاً .
وخرّجه ابن حبان في ((صحيحه)) من طريق مالكٍ –مرفوعاً .
والموقوف عن مالكٍ أصح .
وخرّجه النسائي في ((اليوم والليلية)) بنحو هذا اللفظ ، من رواية ابن عجلان ، عن سهيلٍ ، عن أبيه ، عن أبي هريرة –مرفوعاً .
وخرّج الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان في ((صحيحه)) من طريق الأوزاعي : حدثني حسان بن عطية : حدثني محمد بن أبي عائشة : حدثني أبو هريرة ، قال : قال أبو ذر : يا رسول الله ، ذهب أصحاب الدثور بالأجور –فذكر الحديث ، بمعناه ، وقال فيه : ((تكبر الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين ، وتحمده ثلاثاً وثلاثين ، وتسبحه ثلاثاً وثلاثين ، تختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، غفرت له ذنوبه ، ولوكانت مثل زبد البحر )) .
فهذا ما في حديث أبي هريرة من الاختلاف .
وقدروي عنه نوعٌ آخر ، وهو : التسبيح مائة مرةٍ ، والتكبير مائة مرةٍ والتهليل مائة مرةٍ ، والتحميد مائة مرةٍ .
وخرّجه النسائي في ((كتاب اليوم والليلة )) بإسنادٍ فيه ضعفٌ .
وروي موقوفاً على أبي هريرة .
وخرّجه النسائي في ((السنن)) بإسنادٍ آخر عن أبي هريرة- مرفوعاً- : ((من سبح في دبر صلاة الغداة مائة تسبيحةٍ ، وهلل مائة تهليلةٍ ، غفر له ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر )) .
وروي عن أبي هريرة –موقوفاً عليه - : التسبيح عشرٌ ، والتحميد عشرٌ ، والتكبير عشرٌ .
وقد تقدم أن البخاري خَّرجه في آر ((كتابه)) عنه – مرفوعاً .
[ فتح الباري : 5 / 240- 247 ] .
741) ومنها : التكبير إحدى عشرٌ مرةً ، والتحميد مثله ، والتهليل مثله والتسبيح مثله ، فذلك أربعٌ وأربعون.
خرّجه البزار من حديث ابن عمر .
وإسناده ضعيفٌ ، فيه موسى بن عبيدة .
[ فتح الباري : 5 / 248 ] .(1/334)
742) قال البخاري رحمه الله : 844 حدثنا محمد بن يوسف : ثنا سفيان ، عن عبد الملك بن عميرٍ ، عن ورادٍ-كاتب المغيرة بن شعبة - ، قالَ : أملى علي المغيرة في كتاب إلى معاوية ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبةٍ : ((لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قديرٌ ، اللهم ، لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما
منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد )) .
وقال شعبة ،عن عبدالملك بن عمير بهذا ، وعن الحكم ،عن القاسم بن مخيمرة ، عن ورادٍ بهذا .
قال ابن رجب رحمه الله : هذا الحديث ، أسنده البخاري من طريق سفيان الثوري ، عن عبد الملك بن
عميرٍ ، عن ورادٍ .
وعَّلقه عن شعبة بإالافضل سنادين :
أحدهما : عن عبد الملك –أيضاً- بهذا الإسناد .
والثاني : عن الحكم ، عن القاسم بن مخيمرة ، عن ورادٍ .
رواية شعبة لهذا الحديث غريبةٌ لم تخرج في شيءٍ من الكتب الستة ، ولا في ((مسند الإمام أحمد )) .
وخرّجه مسلمٌ من طريق عبدة بن أبي لبابة والمسيب بن رافعٍ وغيرهما ، عن ورادٍ .
وخرّجه البخاري في موضعٍ آخر من رواية المسيب ، وفي روايته : ((بعد
السلام )) .
وخرّجه الإمام أحمد والنسائي من طريق مغيرة ، عن الشعبي ، عن ورادٍ ، أن المغيرة كتب إلى معاوية : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عند انصرافه من الصلاة : ((لا إله إلا الله ، وحده لا سريك له ، له المللك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير )) ثلاث مراتٍ .
وهذه زيادةٌ غريبةٌ .
وقد روي في الحديث زيادة : ((بيده الخير )) .
خرجها الإسماعيلي من طريق مسعرٍ ، عن زياد بن علاقة ، عن ورادٍ .
وروي فيه –أيضاً- زيادة : (( يحيى ويميت )) .
ذكرها الترمذي في ((كتابه )) –تعليقاً ، ولم يذكر رواتها .(1/335)
وقد خَّرجه البزار بهذه الزيادة من رواية ابن علاقة ، عن عبد الله بن محمد بن
عقيلٍ ، عن جابرٍ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - -بمثل حديث المغيرة ، بهذه الزيادة .
وفي اسنادها ضعفٌ .
وخرّجه –أيضاً – من حديث ابن عباسٍ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفيه زيادة : (( بيده الخير )) .
وفي إسنادها ضعفٌ .
وخرّجه ابن عدي ، وزاد فيه : (( يحيى ويميت )) .
وقال : هو غير محفوظٍ .
وخَّرجه أبو مسلم الكجي في ((سننه)) من حديث أبان بن أبي عياشٍ ، عن أبي الجوزاء ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفيه : (( يحيي ويميت ، بيده الخير )) .
وأبانٌ ، متروكٌ .
[ فتح الباري : 5 / 251- 253 ] .
743) وخرج النسائي وابن حبان في ((صحيحه)) والحاكم من حديث كعب الأحبار ، عن صهيب ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند انصرافه من الصلاة : (( اللهم ، أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة أمري ، وأصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي ، اللهم ، اني أعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ […] بعفوك من نقمتك ، وأعوذ بك منك ، لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد )) .
وفي إسناده اختلافٌ .
[ فتح الباري : 5 / 253 ] .
باب
يستقبل الإمام الناس إذا سلم
744) وروى عبد الله بن فروخٍ : أنا ابن جريج ، عن عطاءٍ ، عن أنس بن مالكٍ ، قال : صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ، فكان ساعة يسلم يقوم ، ثم صليت مع أبي بكر ، فكأن إذا سلم وثب مكانه ، كانه يقوم على رضفٍ .
خرّجه البيهقي .
وقال :تفرد به عبد الله بن فروخ المصري ، وله أفرادٌ ، والله أعلم .
قلت :وثقه قومٌ ،وخرج له مسلمٌ في ((صحيحه)) ، وتكلم فيه آخرون .
وقد رواه عبد الرزاق في (( كتابه )) عن ابن جريجٍ ، قال :نبئت عن أنس بن مالكٍ-فذكر الحديث بتمامه .(1/336)
وهذا أصح .
[ فتح الباري : 5 / 258-259 ] .
745) وروى عبد الرزاق بإسنادٍ صحيحٍ ، عن ابن عمر ، قال : كان الإمام إذا سلم انكفت وانكفتنا معه .
[ فتح الباري : 5 / 259 ] .
746) ، لما روى شهر بن حوشبٍ ، عن عبد الرحمن بن غنمٍ ،عن أبي ذر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثانٍ رجله قبل أن يتكلم : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو على كل شيءٍ قديرٌ –عشرٌ مرات – كتب له عشرٌ حسناتٍ ومحي عنه عشرٌ سيئاتٍ ، ورفع له عشرٌ درجاتٍ ،وكان يومه ذلك في حرزٍ من كل مكروهٍ ، وحرس من الشيطان ، ولم ينبغ لذنبٍ أن يدركه في ذلك اليوم ،إلا الشرك بالله)).
خَّرجه الترمذي بهذا اللفظ ، وقال : حسنٌ غريبٌ صحيحٌ .
وخَّرجه النسائي في ((اليوم والليلة)) بنحوه .
وخَّرجه –أيضاً –من وجهٍ آخر من حديث شهرٍ ، عن عبد الرحمن ، عن معاذٍ بن جبلٍ ، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - -بنحوه ، ولم يذكر : (( وهو ثانٍ رجله )) ، إنما قال : (( قبل أن يتكلم )) ، وذكر في صلاة العصر مثل ذلك .
وخرّجه الإمام أحمد من حديث شهرٍ ، وعن ابن غنمٍ-مرسلاً ، وعنده (( من قال من قبل أن ينصرف ويثني رجله من صلاة المغرب والصبح )) –وذكر الحديث .
وشهر بن حوشبٍ ، مختلفٌ فيه ، وهو كثير الاضطراب ،وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث كما ترى .
وقيل : عنه ، عن ابن غنم عن أبي هريرة .
وقيل : عن شهر ، عن أبي أمامة .
قال الدارقطني : الاضطراب فيه من قبل شهرٍ .
وقد روي نحوه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوهٍ أخر ، كلها ضعيفةٌ .
[ فتح الباري : 5 / 260-261 ] .
باب
مكث الإمام في مصلاه بعد السلام
747) قال البخاري رحمه الله : ويذكر عن أبي هريرة –رفعه- : (( لا يتطوع الإمام في مكانه )) . ولم يصح .(1/337)
قال ابن رجب رحمه الله : هذا الذي ذكر أنه لا يصح ، خَّرجه الإمام وأبو داود وابن ماجه من رواية ليث ، عن حجاج بن عبيدٍ ، عن إبراهيم ابن إسماعيل ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر ، أو عن يمينه أو شماله في الصلاة )) –يعني : في السبحة .
وليس في هذا ذكر الإمام ، كما أورده البخاري .
وضعف إسناده من جهة ليث بن أبي سليمٍ ، وفيه ضعفٌ مشهورٌ .ومن جهة إبراهيم بن إسماعيل ، ويقال فيه : إسماعيل بن إبراهيم ، وهو حجازي ، روى عنه عمرو بن دينارٍ وغيره . قال أبو حاتمٍ الرازي : مجهولٌ .
وكذا قال في حجاج بن عبيد ، وقد اختلف في اسم أبيه .
واختلف في إسناد الحديث على ليثٍ –أيضاً.
[ فتح الباري : 5 / 262 ] .
748) وخرج أبو داود وابن ماجه –أيضاً- من حديث عطاءٍ الخراساني ، عن المغيرة بن شعبة ، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا يصلي الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه )) .
وقال أبو داود : وعطاء الخراساني لم يدرك المغيرة .
[ فتح الباري : 5 / 262- 263 ] .
749) وروى الشافعي ، عن ابن عيينة ، عن عمروٍ ، عن عطاءٍ ، عن ابن عباسٍ ، أنه كان يأمر إذا صلى المكتوبة ، فأراد أن يتنفل بعدها أن لا يتنفل حتى يتكلم أو يتقدم .
قال ابن عبد البر : هذا حديثٌ صحيحٌ .
[ فتح الباري : 5 / 265-266 ] .
باب
الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال
750) وحمل بعضهم على ذلك حديث السدي ، قال : سألت أنساً : كيف أنصرف إذا صليت عن يميني أو عن يساري ؟ فقال : أما أنا فأكثر ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن يمينه .
خرّجه مسلمٌ .
والسدي ، هو : إسماعيل بن عبد الرحمن ، وقد تكلم فيه غير واحدٍ ،ووثقه أحمد وغيره . وعن يحيى فيه روايتان .(1/338)
ولم يخرج له البخاري ، وأظنه ذكر هاهنا الأثر الذي علقه عن أنسٍ ليعلل به هذا الذي رواه عنه السدي . والله أعلم.
[ فتح الباري : 5 / 277- 278 ] .
751) وخرّج الإمام أحمد والنسائي من حديث عائشة . أن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان ينصرف عن يمينه وشماله .
وهو من رواية بقية ، عن الزبيدي ، أن مكحولاً حدثه ، إن مسروق بن الاجدع حدثه ، عن عائشة .
وهذا إسنادٌ جيدٌ .
لكن رواه عبد الله بن سالمٍ الحمصي –وهو ثقةٌ ثبتٌ- ، عن الزبيدي ، عن سليمان بن موسى ، عن مكحولٍ بهذا الإسناد .
قالَ الدارقطني : وقوله أشبه بالصواب .
وسليمان بن موسى ، مختلفٌ في أمره .
[ فتح الباري : 5 / 278 ] .
باب
ما جاء في الثوم النيء والبصل والكراث
752) وخرج ابن جرير الطبري بإسناد فيه ضعفٌ من حديث أبي أيوب الأنصاري ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال –لما امتنعَ من أكل الطعام الذي أرسله إليه - : (( إن فيها هذه البقلةَ : الثومَ ، وأنا رجلٌ أقربُ الناسَ وأناجيهم ، فأكره أن يجدُوا مني ريحهُ ، ولكن مُر أهلكَ أن يأكلوها )) .
[ فتح الباري : 5 / 285 ] .
753) ولكن ؛ روى مالكٌ ، عن ابن شهاب ، عن سليمان بن يسار ، قالَ : كانَ
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل الثوم ولا البصل ولا الكراث من أجل أن الملائكة تأتيه ، مِن أجل أنه يكلم جبريل عليه السلام .
وهذا مرسلٌ .
[ فتح الباري : 5 / 285 ] .
754) ومن أغرب ما روي في هذا الباب : ما خَّرجه أبو داود وابن حبان في
(( صحيحه )) من حديث حذيفةَ –بالشكَّ في رفعه - : ((من أكل منهذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا ثلاثاً )) .
وهذا مشكوك في رفعه .
وقدرواه جماعةٌ من الثقات ، فوقفوه على حذيفة بغير شك ، وهو الأظهر والله أعلم .
[ فتح الباري : 5 / 287 ] .(1/339)
باب
وضوء الصبيان ومتى يجب عليهم الغسل
755) وقد رُويت من وجوهٍ متعددةٍ ، أجودها : من حديث سبرة بن معبدٍ الجهني ، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( مروا الصبيَّ بالصلاة إذا بلغَ سبعَ سنينَ ، واذا بلغ عشر سنينَ فاضربوه عليها )) .
خرّجه الإمام أحمد وأبو داود – وهذا لفظه – والترمذي –وقال : حسنٌ صحيحٌ –وابن خزيمة في (( صحيحه )) والحاكمُ –وقال : على شرط مسلم .
[ فتح الباري : 5 / 292 ] .
756) ومن العلماء من قال : يؤمر الصبي بالصلاة إذا عرف يمينه من شماله ، روي عن ابن سيرين والزهري ، وروي عن الحسن وابن عمر ، وفيه حديث مرفوع ، خَّرجه أبو داود ، وفي إسناده جهالةٌ ، وهو اختيار الجوزجاني .
[ فتح الباري : 5 / 293 ] .
757) : أحاديث : (( رُفع القلم عن ثلاث )) ، منهم : (( الصبي حتى
يحتلم )) .
وفي ذلك أحاديث متعددة :
منها : عن عمر وعلي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
خَّرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذيُ والنسائي .
وقد اختلف في رفعه ووقفه ، ورجح الترمذي والنسائي والدارقطني وغيرهم وقفه على عمر ، وعلى عليّ من قولهما .
وله طرق عن علي .
[ فتح الباري : 5 / 293-294 ] .
758) ومنها : عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقال : (( وعن الصبي حتى يكبر )) .
خَّرجه أبو داود وابن حبان في ((صحيحه)) من رواية حماد بن سلمة ، عن حماد بن أبي سليمان ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة .
وقال النسائي : ليس في هذا الباب صحيحٌ إلاحديث عائشة ؛ فإنه حسن .
ونقل الترمذي في (( علله )) عن البخاري ، أنه قالَ : ارجو أن يكون محفوظاً . قيل له : رواه غير حماد ؟ قال : لا أعلمه .
وقال ابن معين : ليس يرويه أحد ، إلا حماد بن سلمة ، عن حمادٍ .
وقال ابن المنذر : هو ثابت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - .
[ فتح الباري : 5 / 294 ] .(1/340)
759) قال البخاري رحمه الله : 857 حدثنا محمد بن المثنى : ثنا غندر : ثنا شعبة : سمعت سليمان الشيباني : سمعت الشعبي ، قال : أخبرني من مر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على قبرٍ منبوذ ، فأمهم وصفوا عليه ، فقلت : يا أبا عمرو : من حدثك ؟ قالَ : ابن عباس .
قال ابن رجب رحمه الله : مراد البخاري من هذا الحديث في هذا الباب : أن ابن عباس صلى خلف النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه على القبر ، وابن عباس كانَ صغيراً لم يبلغ الحلم ، وقد سبق ذكر الاختلاف في سنه عندَ وفاة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ((كتاب العلم)) ، فدّل على أن الصبي يشهد صلاة الجنائز مع الرجال ، ويصلي معهم عليها ، ويصف معهم .
وقدر خَّرجه البخاري في موضع آخر من (( كتابه )) هذا بلفظ آخر ، وفيه:
(( فقام فصففنا خلفه ، قال ابن عباس : وأنا فيهم ، فصلى عليه )) .
وقد خَّرجه الدارقطني من طريق شريك ، عن الشيباني بهذا الإسناد ، وقال في حديثه : (( فقام فصلى عليه ، فقمت عن يساره ، فجعلني عن يمينه )) .
وهذه زيادة غريبة ، لا أعلم ذكرها غير شريك ، وليس بالحافظ ، فإن كانت محفوظة استدل بها على صفوف الجنائز كصفوف سائر الصلوات .
[ فتح الباري : 5 / 295 ] .
760) وخرج أبو حفص العكبري – من أصحابنا – بإسناده . عن خير بن نعيم الحضرمي ، أن أبا الزبير – أو عطاء بن أبي رباح – أخبره . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى على جنازةٍ ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابعهم ، فجعلهم ثلاثة صفوفٍ ، الصف الأول ثلاثة ، والصف الثاني رجلين ، والصف الثالث رجلاً ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين أيديهم .
وهذا مرسلٌ .
[ فتح الباري : 5 / 296 ] .
باب
استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد(1/341)
761) وخرج ابن أبي شيبة من حديث ابن عمر – مرفوعاً - : (( حق الزوج على زوجته لا تخرج من بيتها إلا بأذنه ، فإن فعلت لعنتها ملائكة الله ، وملائكة الرحمة ، وملائكة الغضب ، حتى تتوب أو تراجع )) .
وفي إسناده : ليث بن أبي سليم ، وقد اختلف عليه في إسناده .
وخرج البزار نحوه من حديث ابن عباسٍ .
وفي إسناده : حسين بن علي الرحبي ، ويقال له : حنش ، وهو ضعيف الحديث .
[ فتح الباري : 5 / 317- 318 ] .
762) وخرج الترمذي وابن حبان في ((صحيحه)) من حديث قتادة ، عن مورق ، عن أبي الأحوص ، عن ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( المرأة عورة ، فاذا خرجت استشرفها الشيطان )) .
زاد ابن حبان : (( وأقرب ما تكون من ربها إذا هي في قعر بيتها )) .
وصَححه الترمذي .
وإسناده كلهم ثقات .
قال الدارقطني : رفعه صحيح من حديث قتادة ، والصحيح عن أبي إسحاق وحميد بن هلال ، أنهما روياه عن أبي الأحوص ، عن عبد الله موقوفاً .
[ فتح الباري : 5 / 318 ] .
763) وروي عن ابن عمر ، قال : كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في جماعة ، فقيل لها : لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار ؟ فقالت : ما يمنعه أن ينهاني ؟ قالوا : يمنعه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله )) .
خرَّجه البخاري من حديث عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر .
وخرَّجه الإمام أحمد من رواية سالم ، عن عمر – منقطعاً .
[ فتح الباري : 5 / 319 ] .(1/342)
764) وروى سعيد بن أبي هلال ، عن محمد بن عبد الله بن قيس ، أن رجالاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أتو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : إن نساءنا استاذنونا في المسجد ، فقال : (( احبسوهن )) ، ثم إنهن عدن إلى أزواجهن ، فعاد أزواجهن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال :
(( احبسوهن )) ، ثم إنهن عدن إلى أزواجهن ، فقالوا : يا رسول الله ، قد استأذننا حتى إنا لنخرج. قال : (( فإذا أرسلتموهن ، فأرسلوهن تفلات )) .
وهذا مرسلٌ غريب .
[ فتح الباري : 5 / 320 ] .
كتاب الجمعة
باب
فرض الجمعة
765) وخرج أبو داود بإسنادٍ صحيحٍ ، عن طارق بن شهابٍ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
(( الجمعة حقٌ واجبٌ في جماعةٍ ، إلا أربعة : عبدٌ مملوكٌ ، أو امرأةٌ ، أو صبيٌ ، أو
مريضٌ )) .
قال أبو داود : طارق بن شهابٍ رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يسمع منه شيئاً .
قال البيهقي : وقد وصله بعضهم عن طارق ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس وصله بمحفوظٍ .
[ فتح الباري : 5 / 327 ] .
766) وخرج ابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطبهم ، فقال في خطبيه : (( إن الله فرض عليكم الجمعة في مقامي هذا ، في يومي هذا ، في شهري هذا ، من عامي هذا الى يوم القيامة ، فمن تركها في حياتي أو بعدي ، وله إمام عادل أو جائرٌ ، استخفافاً بها أو جحودا لها فلا جمع الله شمله ، ولا بارك له في أمره ، ألا ولا صلاة له ، ولا زكاة له ، ولا حج له ، ولا صوم له ، ولا بركة حتى يتوب ، فمن تاب تاب الله
عليه )) .
وفي إسناده ضعفٌ واضطرابٌ واختلافٌ .
[ فتح الباري : 5 / 327 ] .(1/343)
767) واستدل لذلك : بما خرَّجه النسائي في ((كتاب الجمعة )) من حديث المعافى بن عمران ، عن إبراهيم بن طهان ، عن محمد ابن زياد ، عن أبي هريرة قال : إن أول جمعةٍ جمعت –بعد جمعة جمعت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة –بجواثاء بالبحرين –قرية لعبد القيس .
وقد خرَّجه البخاري –كما سيأتي في موضعه – من طريق أبي عامر العقدي ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن أبي جمرة ، عن ابن عباسٍ ، أن أول جمعة جمعت –بعدجمعة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - -في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين.
وكذا رواه وكيع ، عن إبراهيم بن طهمان ، ولفظه : إن أول جمعة جمعت في الإسلام –بعد جمعة جمعت في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة –لجمعة جمعت بجواثاء – قرية من قرى البحرين .
خرَّجه أبو داود .
وكذا رواه ابن المبارك وغيره ، عن إبراهيم بن طهمان .
فتبين بذلك : أن المعافى وهم في إسناد الحديث ومتنه ، والصواب : رواية
الجماعة ، عن إبراهيم بن طهمان .
[ فتح الباري : 5 / 328 ] .
768) وقد خرّج الدارقطني –أظنه في ((أفراده)) –من رواية أحمد بن محمد بن غالب الباهلي : نا محمد بن عبد الله أبو زيد المدني : ثنا المغيرة بن عبد الرحمن : ثنا مالكٌ ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباسٍ ، قال : أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجمعة قبل أن يهاجر ، ولم يستطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجمع بمكة ولا يبين لهم ، وكتب إلى مصعب بن عمير : (( أما بعد ، فانظر اليوم الذي تجمر فيه اليهود لسبتهم ، فاجمعوا نساءكم وأبناءكم ، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله بركعتين )) .
قال : فهو أول من جمع مصعب بن عمير ، حتى قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، فجمع عند الزوال من الظهر ، وأظهر ذلك .(1/344)
وهذا إسنادٌ موضوعٌ ، والباهلي هو : غلام خليلٍ ، كذاب مشهور بالكذب ، وإنما هذا أصله من مراسيل الزهري ، وفي هذا السياق ألفاظٌ منكرةٌ .
[ فتح الباري : 5 / 330 ] .
باب
فضل الغُسل يوم الجمعة
769) وعن واصلٍ ، عن مجاهدٍ ، قال : كان الضعفاء من الرجال والنساء يشهدون الجمعة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم لا يأوون إلى رحالهم إلا من الغد ، من الضعف .
وواصلٌ ، فيه ضعفٌ .
[ فتح الباري : 5 / 338 ] .
770) وقد خرج النسائي من رواية عياش بن عباسٍ ، عن بكير بن الأشج ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر ، عن حفصة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( رواح الجمعة واجبٌ على كل
محتلم )) .
وهذا صريحٌ بأن الرواح إنما يجب على المحتلم ، فيفهم منه أنه لا يجب على من لم يحتلم .
وخرَّجه أبو داود وابن حبان في ((صحيحه)) ، ولفظ أبي داود: ((على كل محتلمٍ رواح الجمعة ، وعلى كل من راح إلى الجمعة الغسل )) .
وقد أعل ، بأن مخرمة بن بكيرٍ رواه عن أبيه ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - -من غير ذكر حفصة .
وهو أصح عند الإمام أحمد والدارقطني وغيرهما ؛ فإن ابن عمر صرح بأنه سمع حديث الغسل من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولكن هل حديث مخرمة موافق لحديث عياش في لفظه ، أم لا ؟
[ فتح الباري : 5 / 340 ] .
771) واستدل من قال : ليس بواجبٍ : بما روي عن الحسن ، عن سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ، ومن أغتسل فالغسل أفضل )) .
خرَّجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي ، وحسنه .
وقد أختلف في سماع الحسن من سمرة .
وخرَّجه ابن ماجه من حديث يزيد الرقاشي ، عن انس –مرفوعاً- أيضاً .
ويزيد ، ضعيف الحديث.
[ فتح الباري : 5 / 342 ] .(1/345)
باب
الطيب للجمعة
772) قال البخاري رحمه الله : 880 حدثنا علي : ثنا حرمي بن عمارة : ثنا شعبة ، عن أبي بكر بن المنكدر ، قال : حدثني عمرو بن سليم إلانصاري ، قال : اشهد على أبي سعيد ، قال : أشهد على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( الغسل يوم الجمعة واجبٌ على كل محتلم ، وان يستن ، وأن يمس طيباً إن وجد )) .
قال عمروٌ : أما الغسل ، فأشهد أنه واجبٌ ، وأما الاستنان والطيب ، فالله أعلم واجبٌ هو ، أم لا ؟ ولكن هكذا في الحديث .
قال أبو عبد الله : هو أخو محمد بن المنكدر ، ولم يسم أبو بكرٍ هذا ، روى عنه بكير بن الأشج وسعيد بن أبي هلال وعدةٌ .
وكان محمد بن المنكدر يكنى بأبي بكرٍ ، وأبي عبد الله .
قال ابن رجب رحمه الله : (( علي )) شيخ البخاري ، هو : ابن المديني ، وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث –فيما ذكره الدارقطني في (( علله )) -:
فرواه عنه تمتامٌ ، كما رواه عنه البخاري .
ورواه الباغندي عنه ، فزاد في إسناده : (( عبد الرحمن بن أبي سعيدٍ )) ، جعله : عن عمرو بن سليمٍ ، عن عبد الرحمن، عن أبيه .
وكذا رواه سعيد بن أبي هلالٍ ، عن أبي بكر بن المنكدر ، عن عمروٍ، عن
عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه .
خرَّجه مسلمٌ من طريقه كذلك .
وخرَّجه –أيضاً- من رواية بكير بن الأشج ، عن أبي بكرٍ بن المنكدر ، ولم يذكر في إسناده : (( عبد الرحمن )) .
وعن الدارقطني : أنه ذكر (( عبد الرحمن )) في إسناده أصح من إسقاطه .
وتصرف البخاري يدل على خلاف ذلك ؛ فإنه لم يخرج الحديث إلا بإسقاطه ، وفي روايته : أن عمروٍ بن سليم شهد على أبي سعيدٍ ، كما شهد أبو سعيدٍ على النَّبيّ
- صلى الله عليه وسلم - ، وهذا صريح في أنه سمعه من أبي سعيد بغير واسطةٍ .
وكذا رواه إبراهيم بن عرعرة ، عن حرمي بن عمارة –أيضاً .(1/346)
وخرَّجه عنه المروزي في ((كتاب الجمعة )) .
وكذا رواه القاضي إسماعيل ، عن علي بن المديني ، كما رواه عنه البخاري .
خرَّجه من طريقه ابن منده في ((غرائب شعبة )) .
وكذا خرَّجه البيهقي من طريق الباغندي ، عن ابن المديني .
وهذا يخالف ما ذكره الدارقطني عن الباغندي .
وذكر الدارقطني : أن بكير بن الأشج زاد في إسناده : (( عبد الرحمن بن أبي
سعيدٍ )) ، وهو –أيضاً- وهم منه .
فالظاهر : أن إسقاط عبد الرحمن من إسناده هو الصواب ،كما هي طريقة البخاري .
وأما أبو بكر بن المنكدر ، فهو : اخو محمد بن المنكدر ، وهو ثقة جليل ، ولم يسم ، كذا قاله البخاري هاهنا ، وأبو حاتمٍ الرازي .
وإنما نبه البخاري على ذلك لئلا يتوهم أنه محمد بن المنكدر ، وأنه ذكر بكنيته ؛ فإن ابن المنكدر كان يكنى بابي بكرٍ وبأبي عبد الله .
ويعضد هذا الوهم : أن سعيد بن سلمة بن أبي الحسام روي عنه هذا الحديث ، عن محمد بن المنكدر ، عن عمرو بن سليمٍ ، عن أبي سعيدٍ ، وروي عنه ، عن محمد بن المنكدر ، عن اخيه أبي بكرٍ ، عن عمرو ، عن أبي سعيدٍ ، وهو الصواب .
[ فتح الباري : 5 / 345- 347 ] .
773) ولم تزل المساجد تجمر في أيام الجمع من عهد عمر .
وفي الأمر بتجميرها في الجمع حديثٌ مرفوعٌ ، خرَّجه ابن ماجه من حديث واثلة بن الأسقع ، وإسناده ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 5 / 347 ] .
774) وخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث البراء بن عازب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( حقاً على المسلمين أن يغتسلوا يوم الجمعة ، وليمس أحدهم من طيب أهله ،فإن لم يجد فالماء طيب )) .
وقال الترمذي : حسنٌ .
وذكر في ((علله)) أنه سأل البخاري عنه ، فقال : الصحيح : عن البراء موقوف .
[ فتح الباري : 5 / 348 ] .
باب
فضل الجمعة(1/347)
775) ويدل على هذا : حديث جابر ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : ((يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة ، لا يوجد مسلم يسأل الله شيئاً إلا آتاه إياه ، فالتمسوها آخر ساعةٍ بعد
العصر )) .
خرَّجه أبو داود والنسائي بإسناد كلهم ثقاتٌ .
[ فتح الباري : 5 / 356 ] .
776) ويدل –أيضاً- على أن الجمعة فيها شبهٌ من الحج ، وقد روي في حديث ضعيف : (( الجمعةُ حجُ المساكين )) .
قال ابن المسيب : شهود الجمعة أحب الي من حجةٍ نافلةٍ .
وخرج البيهقي من حديث سهل بن سعد –مرفوعاً - : (( إن لكم في كل جمعة حجةً وعمرةً ، فالحجة التهجير للجمعة ، والعمرة انتظار العصر بعد الجمعة )) .
وقال : هو ضعيف ٌ .
[ فتح الباري : 5 / 357- 358 ] .
777) وقدروي من حديث علي –مرفوعاً- : أن ذلك يكون يوم الخميس ،وإسناده لا يصح .
واستحب بعض أصحابنا فعله يوم الخميس ؛ لذلك .
والحديث الذي ذكر فيه إلاحرام ، هو بإسنادٍ مجهولٍ ، عن أبي معشرٍ ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر –مرفوعاً -: ((يصبح الرجل محرماً يوم الجمعة ، فلا يحل حتى يصلي ، فاذا جلس في مكانه حتى يصلي العصر رجع بحجةٍ وعمرةٍ )) .
وهو منكرٌ ، لا يصح .
قال البيهقي : قد روي عن ابن عباسٍ – مرفوعاً – في ((المؤمن يوم الجمعة كهيئة المحرم ، لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى تنقضى الصلاة )) ، وعن ابن عمر – مرفوعاً - : ((المسلم يوم الجمعة محرمٌ ، فاذا صلى فقد أحل))، فانما رويا عنهما باسنادين ضعيفين ، لا يحتج بمثلهما .
قال : وفي الرواية الصحيحة عن ابن عمر من فعله دليلٌ على ضعف ما خالفه .
وروي من طريق ابن وهبٍ ، بإسنادٍ صحيح ، عن نافعٍ ، أن ابن عمر كان يقلم أظفاره ويقص شاربه في كل جمعةٍ .
[ فتح الباري : 5 / 358 ] .(1/348)
778) وخرّج البزار في (( مسنده )) والطبراني من رواية إبراهيم بن قدامه ، عن الأغر ، عن أبي هريرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقلم أظفاره ويقص شاربه يوم الجمعة ، قبل أن يخرج إلى الصلاة .
قال البزار : لم يتابع إبراهيم بن قدامة عليه ، وهو إذا انفرد بحديثٍ لم يكن حجةً ؛ لأنه ليس بمشهورٍ .
قلت : وقد روي عنه ، عن عبد الله بن عمروٍ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال ابن أبي عاصمٍ : أحسب هذا – يعني : عبد الله بن عمروٍ –رجلاً من بني
جمحٍ ، أدخله يعقوب بن حميد بن كاسبٍ في (( مسند قريش )) في الجمحيين .
يشير إلى أنه ليس ابن العاص .
وكذا ذكر ابن عبد البر ، وزاد أن في صحبته نظرا .
وفي الباب – أيضاً- من حديث ابن عباسٍ وعائشة وأنسٍ ، أحاديث مرفوعة ، ولا تصح أسانيدها .
[ فتح الباري : 5 / 359 ] .
باب
779) وخرج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن يسر ، قال : جاء رجلٌ يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة ، والنبي- صلى الله عليه وسلم - يخطب ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((أجلس ، فقد آذيت
وآنيت )) .
وخرَّجه أبو داود والنسائي ، وليس عندهما : ((وآنيت )) .
ومعنى : ((آنيت )) : ابطأت في المجيء ، وأخرته عن آوانه .
وخرَّجه ابن ماجه من حديث جابر ، بإسنادٍ ضعيفٍ .
[ فتح الباري : 5 / 362 ] .
780) وخرّج الطبراني وغيره من رواية عمر بن الوليد الشني ، عن عكرمة ، عن ابن عباسٍ ، قال : جاء رجلٌ والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يلهو أحدكم ، حتى إذا كادت الجمعة تفوته جاء يتخطى رقاب الناس يؤذيهم )) . فقال :
يا رسول الله ، ما فعلت ، ولكني كنت راقداً ، فاستيقظت ، ثم تؤضأت وجئت . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أو يوم وضوءٍ هذا ؟!)) .
وعمر بن الوليد : ضعيف الحديث .(1/349)
وقد روى عبد الرزاق ، عن ابن جريجٍ : اخبرني عمروٍ بن دينارٍ ، عن عكرمة ، أن عثمان جاء وعمر يخطب –فذكر الحديث بمعنى رواية أبي سلمة ، عن أبي هريرة التي خرجها البخاري هاهنا .
وهذا أصح . والله أعلم .
[ فتح الباري : 5 / 362 ] .
باب
الدهن للجمعة
786) قال البخاري رحمه الله : 883 - ثنا آدم : ثنا ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، قال : أخبرني أبي ، عن ابن وديعة ، عن سلمان الفارسي ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((لا يغتسل رجلٌ يوم الجمعة ، ويتطهر ما استطاع من طهر ، ويدهن من دهنه – أو يمس من طيب بيته - ، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ، ثم يصلي ماكتب له ، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى )) .
قال ابن رجب رحمه الله : هذا الحديث تفرد بتخريجه البخاري دون مسلمٍ ؛ لاختلاف وقع في إسناده .
وقد خرَّجه البخاري هاهنا عن آدم بن أبي إياسٍ ،عن ابن أبي ذئبٍ . ثم خرَّجه بعد ذلك من طريق
ابن المبارك ، عن ابن أبي ذئب بهذا إلاسناد –أيضاً وكذا رواه جماعةً عن ابن أبي ذئب .
ورواه بعضهم ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيدٍ المقبري ، عن ابن وديعة ، عن سلمان – لم يذكر في إسناده : (( أبا سعيدٍ المقبري )) .
ورواه الضحاك بن عثمان ، عن المقبري بهذا إلاسناد –أيضاً- مع إلاختلاف عليه في ذكر (( أبي سعيدٍ )) وإسقاطه .
وزاد الضحاك في حديثه : قال سعيدٌ المقبري : فحدثت بذلك عمارة بن عمرو بن حزمٍ ، فقال : أوهم ابن وديعة ؛ سمعته من سلمان يقول : (( وزيادة ثلاثة أيامٍ )) .
ورواه ابن عجلان ، عن سعيدٍ بن أبي سعيدٍ المقبري ، عن أبيه ، عن عبد الله بن وديعة ، عن أبي ذر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - بمعناه .
قال ابن عجلان : فذكرته لعبادة بن عامر بن عمرو بن حزمٍ ، فقال : صدق ،
(( وزيادة ثلاثة أيامٍ )).(1/350)
خرَّجه الإمام أحمد وابن ماجه ، ولم يذكر آخره .
وقد روى ابن أبي حاتم -مرةً - ، عن أبي زرعة ، أنه قال : حديث ابن عجلان أشبه .
يعني : قوله : (( عن أبي ذر )) .
ونقل –مرةً أخرى - ، عن أبيه وأبي زرعة ، أنهما قالا : حديث سلمان الأصح .
وكذا قال علي بن المديني والدارقطني ، وهو الذي يقتضيه تصرف البخاري .
وكذا قال ابن معينٍ : ابن أبي ذئبٍ أثبتُ في المقبري من ابن عجلان .
وعبيد الله بن وديعه – ويقال : عبد الله - ، قال أبو حاتمٍ الرازي : الصحيح
عبيد الله .
وقال أبو زرعة : الصحيح عبد الله .
وقد رواه أبو داود الطيالسي ، عن ابن أبي ذئبٍ ، فسماه : عبيد الله بن عدي بن الخيار ، وهو وهم منه -: قاله أبو حاتمٍ .
وقد رواه جماعةً ، عن سعيدٍ المقبري ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، منهم : ابن جريجٍ وعبيد الله بن عمر وأخوه عبد الله وغيرهم . وزاد ابن جريجٍ : وعن عمارة بن عامرٍ الأنصاري .
قال الدارقطني : ووهم في ذلك ؛ إنما أراد عمارة بن عمرو بن حزمٍ ، كما ذكر الضحاك .
ورواه صالحٌ بن كيسان ، عن سعيدٍ المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال أبو زرعة وأبو حاتم : هو خطأ ؛ إنما هوَ ما قاله ابن أبي ذئبٍ وابن عجلان .
ولا ريب أن الذي قالوا فيهِ : (( عن أبي هريرة )) جماعةٌ حفاظٌ ، لكن الوهم يسبق كثيراً إلى هذا إلاسناد ؛ فإن رواية (( سعيدٍ المقبري ، عن أبي هريرة-أو عن أبيه ، عن أبي هريرة )) سلسلةٌ معروفةُ ، تسبق إليها الالسن ،بخلاف رواية (( سعيدٍ )) عن
أبيه ، عن ابن وديعة ، عن سلمان )) ؛ فانها سلسلةٌ غريبةٌ ، لا يقولها إلا حافظ لها متقنٌ .
ورجح ابن المديني قول من رواه عن سلمان ، [ بأن حديثه …] ، فإنه قدر رواه النخعي ، عن علقمة ، عن القرثع ، عن سلمان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
[ فتح الباري : 5 / 363- 365 ] .(1/351)
782) : ما خرَّجه البزار من حديث أبي الدرداء ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ :
(( الطهارات أربعٌ : قص الشارب ، وحلق العانة ، وتقليم الأظفار ، والسواك )) .
وفي إسناده : معاوية بن يحيى ، قال البزار : ليس بالقوي ، وقد حدث عنه أهل العلم ، واحتملوا حديثه .
[ فتح الباري : 5 / 366 ] .
باب
يلبس أحسن ما يجد
783) وخرج – أيضاً- من حديث يوسف بن سلام أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر
(( ما على أحدكم إن وجد ثوبين للجمعة سوى ثوبي مهنته )).
وفي روايةٍ له : عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن النبي- صلى الله عليه وسلم - .
وخرَّجه ابن ماجه وعنده :يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن النبي- صلى الله عليه وسلم - .
وخرَّجه – أيضاً- من حديث عائشه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسنادٍ ضعيفٍ .
[ فتح الباري : 5 / 371 ] .
784) وخرَّجه البيهقي من روايه حجاج بن أرطاة ، عن أبي جعفرٍ ، عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة .
كذا رواه حفص بن غياثٍ عن حجاجٍ .
ورواه هشيم عن حجاج عن أبي جعفرٍ – مرسلاً- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس يوم الجمعة برده الأحمر ويعتم يوم العيدين.
خرَّجه ابن سعدٍ في (( طبقاته )).
وكذا خرَّجه عبد الرزاق ، عن ابن جريحٍ ، عن جعفرٍ، عن أبيه – مرسلاً.
وهذا المرسل أشبه .
[ فتح الباري : 5 / 371 ] .
785) وخرّج الطبراني من رواية سعد بن الصلت ، عن جعفر بن محمدٍ ، عن أبيه عن علي بن حسينٍ عن ابن عباسٍ قالَ : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبس يوم العيد بردة حمراء .
وهذا إلاسناد غير محفوظٍ .
[ فتح الباري : 5 / 372 ] .
باب(1/352)
السواك يوم الجمعة
786) وخرّج الإمام أحمد وأبو داود من حديث ابن إسحاق : حدثني محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة وأبي أمامة بن سهلٍ عن أبي هريرة وأبي سعيدٍ ، قالا: سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( من اغتسل يوم الجمعة ، واستن ، ومس من طيب – إن كانَ عنده – ولبس أحسن ثيابه ثُمَّ جاء إلى المسجد ولم يتخط رقاب الناس ثُمَّ ركع ما شاء الله أن يركع ثُمَّ انصت إذا خرج إمامه حتَّى يصلي ، كانت كفارةً لما بينها وبين الجمعة التي كانت
قبلها )) . يقول أبو هريرة : وثلاثة أيامٍ زيادةً ؛ لأن الله قد جعل الحسنة بعشر أمثالها .
وفي إسناده اختلافٌ .
[ فتح الباري : 5 / 373 ] .
787) وروى مالكٍ في ((الموطإ)) عن ابن شهاب ، عن عبيد بن السباق ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال – في جمعة من الجمع -: ((يا معشر المسلمين ، أغتسلوا ، ومن كان عنده طيبٌ فلا يضره أن يمس منه ، وعليكم بالسواك )) .
وقد روي عن الزهري ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
والمرسل : هو الصحيح .
ورواه صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن عبيد بن السباق ، عن ابن
عباسٍ ، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - .
خرَّجه ابن ماجه .
ولا يصح –أيضاً- ، والصحيح : رواية مالكٍ .
[ فتح الباري : 5 / 374 ] .
788) وخرّج الإمام أحمد من رواية محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن رجلٍ من الأنصار من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((حقٌ على كل مسلمٍ أن يغتسل يوم الجمعة ، ويتسوك ، ويمس من طيب أن كان لاهله )) .
وخرَّجه بهذا إلاسناد موقوفاً –أيضاً .
وروي –أيضاً – عن ثوبان ، عن أبي سعيدٍ الخدري – مرفوعاً .
وروي عن ابن ثوبان ، عن رجلٌ ، عن أبي سعيدٍ الخدري –مرفوعاً وموقوفاً .
وعن أبي زرعة وأبي حاتمٍ : أن الموقوف أصح .
[ فتح الباري : 5 / 374-375 ] .(1/353)
789) وروى أبو يحيى الحماني ، عن أبي سعدٍ ، عن مكحولٍ ، عن واثلة بن الأسقع ، قال : كان أناسٌ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يربطون مساويكهم بذوائب سيوفهم ، فاذا حضرت الصلاة استاكوا ، ثم صلوا .
خرَّجه البيهقي في ((صلاة الخوف )) من ((سننه)) .
وقال : أبو سعدٍ البقال ، غير قوي .
[ فتح الباري : 5 / 377 ] .
790) وخرج الحاكم في ((أماليه)) من رواية أبي ايوب الأفريقي ، عن صالح بن أبي
صالح ، أظنه عن أبيه ، عن زيد بن خالد الجهني ، قال : ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج من بيته لشيءٍ من الصلوات حتى يستاك .
وهذا غريبٌ .
[ فتح الباري : 5 / 377 ] .
791) ومن حديث واثلة بن الأسقع ،قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أمرت بالسواك ، حتى خشيت أن يكتب علي )) .
وفي إسناده : ليث بن أبي سليمٍ .
[ فتح الباري : 5 / 378 ] .
792) وخرّج الإمام أحمد من حديث عبد الله بن حنظلة بن الغسيل ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أمر بالوضوء لكل صلاة ، طاهراً كان أو غير طاهرٍ ، فلما شق ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالسواك عند كل صلاة ، ووضع عنه الوضوء ، إلا من حدثٍ .
وخرَّجه ابن خزيمة وابن حبان في ((صحيحهما )) والحاكم .
وقال : على شرط مسلم .
وليس كما قال .
وخرَّجه البزار في (( مسنده )) ، ولفظه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر بالوضوء عند كل صلاةٍ ، فلما شق عليهم أمر بالسواك عند كل صلاة .
وقد روي من حديث عنبسة -مرفوعاً- أن السواك كان عليه فريضةً ، وهو لأمته تطوعٌ .
خرَّجه الطبراني .
ولا يصح إسناده . والله أعلم .
[ فتح الباري : 5 / 378 - 379 ] .
باب
ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة(1/354)
793) خرَّجه الطبراني من طريق عمروٍ بن قيس الملائي ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرا في صلاة الصبح يوم الجمعة { آلم تنزيل } السجدة و { هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ } [الإنسان:1] .
يديم ذلك .
ورواته كلهم ثقاتٌ ، إلا أنه روي عن أبي إلاحوص مرسلاً.
وإرساله أصح عند البخاري وأبي حاتم والدارقطني .
وقد خرَّجه ابن ماجه من وجه أخر عن أبي الأحوص ،عن عبد الله ، موصولاً –أيضاً- ، بدون ذكر المداومة .
[ فتح الباري : 5 / 383 ] .
باب
الجمعة في القرى والمدن
794) وعن شعبة ، عن عطاء بن أبي ميمونة ، عن أبي رافعٍ ، عن أبي هريرة ، قال : كتبت إلى عمر بن الخطاب أسأله عن الجمعة بالبحرين ، فكتب الي : أن اجمعوا حيثما كنتم .
قال الإمام أحمد :هذا إسنادٌ جيدٌ .
[ فتح الباري : 5 / 389 ] .
795) وروى حجاج بن أرطاة ، عن الزهري ، قال : كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ناس من أهل المياه ، بين مكة والمدينة ، أن يصلوا الفطر والأضحى ، وأن يجمعوا .
خرَّجه حربٌ الكرماني وغيره .
وهو مرسلٌ ضعيفٌ ، وحجاجٌ مدلسٌ ، ولم يسمع من الزهري .
[ فتح الباري : 5 / 392 ] .
باب
هل على من لم يشهد الجمعة غُسل من النساء والصبيان وغيرهم ؟
796) وروى الحسن ، عن أبي هريرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصاه بثلاثٍ ، لا يدعهن في حضرٍ ولا سفرٍ ، فذكر منها : ((والغسلٌ يوم الجمعة )) .
خرَّجه الإمام أحمد .
والحسن ، لم يسمع من أبي هريرة ، على الصحيح عند الجمهور .
[ فتح الباري : 5 / 395 ] .(1/355)
797) قال البخاري رحمه الله : 896 نا مسلم بن إبراهيم : نا وهيبٌ ، عن ابن طاوسٍ ، عن أبيه ، عن أبي
هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( نحن الآخرون السابقة يوم القيامة ، أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأتيناه من بعدهم ، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه ، وهدانا الله اليه ، فغداً
لليهود ، وبعد غد للنصارى )) .
-فسكت ، ثم قال : ((حقٌ على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام
يوماً ، يغسلٌ فيه رأسه وجسده )) .
-رواه أبان بن صالح ، عن مجاهدٍ ، عن طاوسٍ ، عن أبي هريرة ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( الله تعالى على كل مسلم حق : أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً )) .
قال ابن رجب رحمه الله : إنما ذكر رواية أبان بن صالح المعلقة ؛ ليبين أن آخر الحديث –وهو :ذكر الغسلٌ –مرفوع إلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، لئلا يتوهم أن القائل : ((حقٌ على كل مسلمٍ )) في آخر حديث وهيبٍ ، عن ابن طاوسٍ ، عن أبيه - : هو أبو هريرة ، وأنه مدرج في آخر الحديث .
وقد خرج مسلمٌ في ((صحيحه)) ذكر الغسلٌ من طريق وهيبٍ ، وصرح برفعه إلى النبي- صلى الله عليه وسلم - .
وتوهم آخرون : أن ذكر الغسل في آخر الحديث مدرج من قول أبي هريرة .
قال الدارقطني : رفعه أبان بن صالحٍ ، عن مجاهدٍ : عن طاوسٍ ، عن أبي هريرة ، واختلف عن عمروٍ بن دينار : فرفعه عمر بن قيس ، عنه .وقيل :عن شعبة ، عنه –مرفوعاً . وقيل :عنه –موقوفٌ . ورواه ابن جريجٍ وابن عيينة ، عن عمروٍ-موقوفاً. وكذلك رواه إبراهيم بن ميسرة ، عن طاوس –موقوفاً، وروي عن ابن جريجٍ ، عن الحسن بن مسلم، عن طاوس –مرسلاً- ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحيح الموقوف على أبي هريرة .انتهى .
ولم يذكر رواية وهيبٍ المخرجة في ((الصحيحين )) .
وكذا رواه أبو الزبير ، عن طاوسٍ ، عن أبي هريرة –موقوفاً .(1/356)
ورواه داود بن أبي هند ، عن أبي الزبير ، عن جابر –مرفوعاً- : ((على كل رجلٍ مسلمٍ في كل سبعة أيامٍ غسل ))، وهو يوم الجمعة .
خرَّجه الإمام أحمد والنسائي وابن حبان في ((صحيحه)) .
وقال أبو حاتم الرازي : هو خطأ ، إنما هو –على ما رواه الثقات - :عن أبي الزبير ، عن طاوسٍ ، عن أبي هريرة –موقوفاً .
[ فتح الباري : 5 / 396-397 ] .
798) خرَّجه ابن حبان في (( صحيحه )) من طريق عثمان بن واقد العمري ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل )) .
وخرَّجه بلفظٍ أخر ، وهو : ((الغسل يوم الجمعة على كل حالم من الرجال ، وعلى كل بالغٍ من النساء )) .
وخرَّجه البزار في ((مسنده )) باللفظ الأول .
وقال : أحسب عثمان بن واقدٍ وهم في هذا اللفظ .
وعثمان بن واقدٍ هذا ، وثقه ابن معين ، وقال أحمد والدارقطني : لا بأس به .
قال أبو داود : هو ضعيفٌ ، حدث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل )) لا نعلم أن أحداً قال هذا غيره .
يعني : أنه لم يتابع عليه ، وأنه منكرٌ لا يحتمل منه تفردا به .
[ فتح الباري : 5 / 399- 400 ] .
باب
من أين تؤتى الجمعة وعلى من تجب ؟
799) وخَّرج أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :
(( الجمعة على من سمع النداء )) .
وروي موقوفاً ، وهو أشبه .
[ فتح الباري : 5 / 405 ] .
800) وروى إسماعيل ، عن عبد العزيز بن عبد الله ، عن محمد بن عمرو بن عطاءٍ ، عن عبيد الله بن كعب بن مالكٍ ، عن أبيه –يرفعه- ، قال : ((لينتهين أقوامٌ يسمعون النداء يوم الجمعة ، ثم لا يشهدونها ، أو ليطبعن الله على قلوبهم ، وليكونن من الغافلين ، أو ليكونن من أهل النار )) .(1/357)
عبد العزيز هذا ، شامي تكلموا فيه .
[ فتح الباري : 5 / 405 ] .
801) وخرّج الخلال من رواية مندل ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((عسى أحدكم أن يتخذ الصبة على رأس ميلين أو ثلاثة ، تأتي عليه الجمعة لا يشهدها ، ثم تأتي الجمعة لا يشهدها –ثلاثاً- ، فيطبع على قلبه )) .
مندل ، فيه ضعف .
وخرّج الطبراني نحوه من حديث ابن عمر – مرفوعاً .
وفي إسناده : إبراهيم بن يزيد الخوزي ، وهو ضعيف .
[ فتح الباري : 5 / 405- 406 ] .
802) وروى معدي بن سليمان ، عن ابن عجلان ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ألا هل عسى أحدكم أن يتخذ الصبة من الغنم على رأس ميل أو ميلين ، فيتعذر عليه الكلا ، فيرتفع ، ثم تجئ الجمعة ، فلا يجيء ولا يشهدها ، وتجيء الجمعة ، فلا يشهدها ، وتجيء الجمعة ، فلا يشهدها حتى يطبع على قلبه )) .
خرّجه ابن ماجه .
وخرّجه أبو بكر النحاد وابن عبد البر ، وفي روايتيهما : ((ميلين أو ثلاثة )) .
ومعدي هذا ، تكلم فيه أبو زرعة غيره ، وقال أبو حاتم : شيخ .
[ فتح الباري : 5 / 406 ] .
803) وروي عن أبي هريرة ، قال : تؤتى الجمعة من فرسخين .
خرّجه ابن أبي شيبة بإسناد ضعيف .
وروى عبد الرزاق بإسناد منقطع ، عن معاذ ، أنه كان يقوم على منبره ، فيقول لقوم بينهم وبين دمشق أربع فراسخ وخمس فراسخ : إن الجمعة لزمتكم ، وأن لا جمعةٍ الا معنا .
وبإسناد منقطع ، عن معاوية ، أنه كان يامر بشهود الجمعة من بينه وبين دمشق أربعة عشر ميلاً .
[ فتح الباري : 5 / 406- 407 ] .
804) وفيه حديث مرفوع ، من حديث أبي هريرة .
وقد ذكره الترمذي ، وبين ضعف إسناده ، وأن أحمد أنكره أشد الإنكار .
وفيه-أيضاً- ، عن عائشة ، وإسناده ضعيف .
وفيه –أيضاً- من مراسيل أبي قلابة ، وفي إسناده ضعف .
[ فتح الباري : 5 / 407- 408 ] .(1/358)
805) خرّجه الترمذي من رواية إسرائيل ، عن ثوبر –هوَ : ابن أبي فاختة-،عن رجل من أهل قباء ، عن أبيه – وكان من أصحاب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - - ، قالَ : أمرنا النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن نشهد الجمعة من قباء .
وقال : لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
قالَ : ولا يصح في هذا الباب شيء . انتهى ؟
وثوير ، ضعيف الحديث : وشيخه مجهول .
وقد خرّجه وكيع في ((كتابه)) عن إسرائيل ، به ، ولفظه : كنا نجمع من قباء- ولم يذكر : أمرهم بذلك .
وقال الزهري : كانوا يشهدون الجمعة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذي الحليفة .
خرّجه ابن أبي شيبة وغيره .
ومراسيل الزهري ضعيفة .
[ فتح الباري : 5 / 410 ] .
باب
وقت الجمعة إذا زالت الشمس
806) ومن طريق الوليد بن العيزار ، قال : ما رأيت إماماً كان أحسن صلاةً للجمعة من عمرو بن حريث ، وكان يصليها إذا زالت الشمس .
وقد روي هذا -أيضاً- عن معاذ بن جبل ، لكن من وجهٍ منقطعٍ .
[ فتح الباري : 5 / 412 ] .
807) فروى جعفر بن برقان ، عن ثابت بن الحجاج ، عن عبد الله بن سيدان ، قال : شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق، فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار ، ثم شهدتها مع عمر ، فكانت صلاته وخطبته إلى أن نقول : انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان ، فكانت صلاته وخطبته إلى أن نقول : مال النهار ، فما رأيت أحداً عاب ذلك ولا أنكره .
خرّجه وكيع في ((كتابه)) عن جعفر ، به .
وخرّجه عنه ابن أبي شيبة في ((كتابه)) .
وخرّجه عبد الرزاق في ((كتابه)) عن معمر ، عن جعفر ، به .
وخرّجه الأثرم والدارقطني .
ورواه الإمام أحمد –في رواية ابنه عبد الله - ، عن وكيع ، عن جعفر ، واستدل
به .
وهذا إسنادٌ جيدٌ :
وجعفر : حديثه من غير الزهري حجةٌ يحتج به - : قاله الإمام أحمد والدارقطني وغيرهما .(1/359)
وثابت بن الحجاج : جزري تابعيٌ معروفٌ ، لا نعلم أحداً تكلم فيه ، وقد خَّرج له أبو داود .
وعبد الله بن سيدان السلمي المطرودي ، قيل : إنه من الربذة ، وقيل : إنه
جزريٌ ، يروي عن أبي بكر وحذيفة وأبي ذر ، وثقه العجلي ، وذكره ابن سعدٍ في
((طبقة الصحابة)) ممن نزل الشام ، وقال : ذكروا أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال القشيري في ((تاريخ الرقة)) : ذكروا أنه أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وأما البخاري ، فقال : لا يتابع على حديثه – كأنه يشير إلى حديثه هذا .
وقول ابن المنذر : إن هذا الحديث لا يثبت . هو متابعة لقول البخاري ، وأحمد أعرف الرجال من كل من تكلم في هذا الحديث ، وقد استدل به وأعتمد عليه .
[ فتح الباري : 5 / 415- 416 ] .
808) وروى أبو سعدٍ البقال ، عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعودٍ ، قال : ما كان عيدٌ قط إلا في صدر النهار ، ولقد رأيتنا وأنا لجمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ظل الخطبة .
أبو سعدٍ ، فيه ضعفٌ .
[ فتح الباري : 5 / 417 ] .
باب
المشي إلى الجمعة
809) وروى ابن أبي شيبة بإسنادٍ فيه انقطاعٌ ، أن عبد الله بن رواحة كان يأتي الجمعة ماشياً ، فإذا رجع كيف شاء ماشياً ، وإن شاء راكباً .
وفي رواية : وكان بين منزلة وبين الجمعة ميلان .
[ فتح الباري : 5 / 431 ] .
810) فروى البيهقي من حديث عبد الله بن الصامت ، قال : خرجت إلى المسجد يوم الجمعة ، فلقيت أبا ذر ، فبينا أنا امشي اذ سمعت النداء ، فرفعت في المشي ؛ لقول الله عز وجل : { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ } ، فجذبني جذبة
كدت أن ألاقيه ، ثم قال : أو لسنا في سعي ؟ .(1/360)
فقد أنكر أبو ذر على من فسر السعي بشدة الجري والعدو ، وبين أن المشي إليها سعي ؛ لأنه عمل ، والعمل يسمى سعياً ، كم قال تعالى : { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى } [الليل :4] ، وقال : { ?وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا } [الإسراء :19] ومثل هذا كثير في القرآن .
وبهذا فسر السعي في هذه الآية التابعون فمن بعدهم ، ومنهم : عطاءٍ ، ومجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، ومحمد بن كعب ، وزيد بن أسلم ، ومالك ، والثوري ، والشافعي وغيرهم .
وروي عن ابن عباسٍ –أيضاً- من وجه منقطع .
[ فتح الباري : 5 / 731-432 ] .
811) وكان عثمان وابن مسعودٍ وجماعة من الصحابة يقرءونها : ((فامضوا إلى ذكر
الله )) .
وقال النخعي : لو قرأتها ((فسعوا)) لسعيت حتى يسقط ردائي.
وروي هذا الكلام عن ابن مسعودٍ من وجهٍ منقطعٍ .
[ فتح الباري : 5 / 432 ] .
812) وقد روي عن عبد الله بن رواحة –رضي الله عنه -، أنه كان يبكر إلى الجمعة ، ويخلع نعليه ، ويمشي حافياً ، ويقصر في مشيه .
خرّجه الأثرم بإسناد منقطع .
[ فتح الباري : 5 / 437 ] .
باب
لا يفرق بين اثنين يوم الجمعة
813) وخرّج الإمام أحمد والترمذي من حديث زبان بن فائد ، من حديث سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((من تخطي رقاب الناس يوم الجمعة اتخذ جسراً إلى جهنم )) .
وزبان ، مختلف في أمره .
ورواه عنه ابن لهيعة ورشدين بن سعدٍ .
[ فتح الباري : 5 / 440 ] .
814) وخرّج الإمام أحمد من حديث أرقم بن الأرقم المخزومي، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
(( الذي يتخطى الناس يوم الجمعة ويفرق بين الاثنين بعد خروج الإمام كالجار قصبة إلى النارِ )).
وفي إسناده : هشام بن زياد أبو المقدام ، ضعفوه ، وقد اختلف عليه في إسناده .
[ فتح الباري : 5 / 440 ] .(1/361)
815) وخرّجه الطبراني من حديث سهل بن سعدٍ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( لا يجلس الرجل بين الرجل وابيه في المجلس )) .
وفي إسناده نظر .
[ فتح الباري : 5 / 443 ] .
باب
لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد مكانه
816) وروى الخرائطي –بإسناد فيه جهالة - ، عن أبي هريرة –مرفوعاً- : ((لا توسع المجالس إلا لثلاثة : لذي علم لعلمه ، وذي سن لسنه ، وذي سلطان لسلطانه )) .
[ فتح الباري : 5 / 447 ] .
باب
الأذان يوم الجمعة
817) وروى الزهري ، عن ابن المسيب : معنى حديثه عن السائب بن يزيد ، غير أنه قال : ((فلما كان عثمان كثر الناس ، فزاد الأذان الأول ، واراد أن يتهيأ الناس للجمعة )) .
خرّجه عبد الرزاق في ((كتابه)) عن معمر ، عنه .
وقد رواه إسماعيل بن يحيى التميمي – وهو ضعيف جداً - ، عن مسعر ، عن القاسم ، عن ابن المسيب ، عن أبي أيوب الأنصاري ، قال ما كان الأذان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة إلا قدام النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو على المنبر ، فاذا نزل أقاموا الصلاة ، فلما ولي عثمان أمر أن يؤذن على المنارة ليسمع الناس .
خرّجه الإسماعيلي في ((مسند مسعر )) ، وقال في القاسم : هو مجهولٌ .
قلت : والصحيح : المرسل .
[ فتح الباري : 5 / 451 ] .
باب
المؤذن الواحد يوم الجمعة
818) وخرّج ابن ماجه من روايةٍ عبد الرحمن بن سعدٍ بن عمار : حدثني أبي ، عن
أبيه ، عنجده –وهو : سعدٍ القرظ -، أنه كان يؤذن يوم الجمعة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الفيء مثل الشراك .(1/362)
وهذا إسنادٌ ضعيف ، ضعفه ابن معين وغيره .
[ فتح الباري : 5 / 454 ] .
819) وخرّج الإمام أحمد من روايةٍ ابن إسحاق ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي سعيدٍ الخدري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد ، يكتبون من جاء ، فاذا أذن وجلس الإمام على المنبر طووا الصحف ، ودخلوا المسجد يستمون الذكر )) .
وهذا لفظ غريب .
[ فتح الباري : 5 / 457 ] .
باب
الخطبة على المنبر
820) وقد روي هذا الحديث عن سهل من وجه أخر ، وفيه : حنين الخشبة .
خرّجه ابن سعدٍ في ((طبقاته)) : ثنا أبو بكر بن أبي أويس : حدثني سليمان بن بلال ، عن سعدٍ بن سعيدٍ بن قيس ، عن عباسٍ بن سهل بن سعدٍ ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم يوم الجمعة إذا خطب إلى خشبة ذات فرضتين –قال : أراه كانت من دومة كانت في مصلاه - ، فكأن يتكئ عليها ، فقال له أصحابه : يا رسول الله ، إن الناس قد كثروا، فلو أتخذت شيئاً تقوم عليه إذا خطبت نراك ؟ فقال : ((ما شئتم)) .
قال سهل : ولم يكن بالمدينة إلا نجار واحد ، فذهبت أنا وذلك النجار إلى الخانقين ، فقطعنا هذا المنبر من أثله .قال : فقام عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فحنت الخشبة ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((ألا تعجبون لحنين هذه الخشبة ؟ )) فأقبل الناس وفرقوا من حنينها حتى كثر بكاؤهم ، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أتاها ، فوضع يده عليها ، فسكنت ، فامر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدفنت تحت منبره – أو جعلت في السقف .
ورواه أبو إسماعيل الترمذي ، عن أيوب بن سليمان بن بلال ، عن أبي بكر ابن أبي أويس ، به .(1/363)
وهذا إسنادٌ جيد ، ورجاله كلهم يخرج لهم البخاري ، الا سعدٍ بن سعيدٍ بن قيس –وهو : اخو يحيى بن سعيدٍ -؛ فإن البخاري استشهد به ، وخَّرج له مسلم ، وتكلم بعضهم في حفظه .
[ فتح الباري : 5 / 464- 465 ] .
821) قال البخاري رحمه الله : 918 نا سعيدٍ بن أبي مريم : أنا محمد بن جعفر بن أبي كثير : أخبرني يحيى بن سعيدٍ : أخبرني ابن أنس : سمع جابر بن عبد الله قال : كان جذع يقوم اليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما وضع له المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشار ، حتى نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده
عليه .
قال سليمان ، عن يحيى : أخبرني حفص بن عبيد الله بن أنس : سمع جابر بن
عبد الله .
قال ابن رجب رحمه الله : روايةٍ سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيدٍ : قد أسندها البخاري في ((أعلام النبوة)) .
والمقصود من ذكرها هاهنا : أن فيها تسمية ابن أنس الذي ابهم في روايةٍ محمد بن جعفر ، وأنه حفص بن عبيد الله بن أنس .
والظاهر : أن البخاري أبهمه في روايةٍ محمد بن جعفر ، لأن محمد بن جعفر سماه : ((عبيد الله بن حفص بن أنس )) ، ووهم في ذلك -: قاله الدارقطني .
وقد خرّجه الإسماعيلي من طريق سعيدٍ بن أبي مريم ، عن محمد بن جعفر ، عن حفص بن عبيد الله بن أنس على الصواب .
وخرّجه من طريق يعقوب بن محمد : نا عبد الله بن يعقوب بن إسحاق : ثنا
يحيى بن سعيدٍ : حدثني عبيد الله بن حفص بن أنس .
قال يعقوب : وإنما هو : حفص بن عبيد الله ، ولكن هكذا ثنا .
وفي روايةٍ البخاري : التصريح بسماع حفص لهذا الحديث من جابر ، وهذا يرد ما قاله أبو حاتم الرازي : إنه لا يدري : هل سمع من جابر ، أم لا ؟ قال : ولا يثبت له السماع إلا من جده أنس .
ورواه سليمان بن كثير ، عن يحيى بن سعيدٍ ، عن سعيدٍ بن المسيب ، عن جابر ، ووهم في قوله : ((سعيدٍ بن المسيب)) -:قاله أبو حاتم وأبو زرعة والدار قطني .
[ فتح الباري : 5 / 465- 466 ] .(1/364)
822) وقد خَّرج منها البخاري في ((دلائل النبوة)) من حديث ابن عمر ، قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب إلى الجذع ، فلما أتخذ المنبر تحول إليه ، فحن الجذع ، فأتاه فمسح يده عليه .
خرّجه عن محمد بن المثنى : نا يحيى بن كثير أبو غسان : نا أبو حفص –واسمه : عمر بن العلاء ، أخو أبي عمرو بن العلاء -، قال : سمعت نافعاً ، عن ابن عمر –
فذكره .
ثم قال :
وقال عبد الحميد : أنا عثمان بن عمر : أنا معاذ بن العلاء ، عن نافع ، عن ابن عمر – بهذا .
ورواه أبو عاصم ، عن ابن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -? . انتهى .
وعبد الحميد هذا ، قيل : أنه عبد بن حميد .
وقد خرّجه الترمذي عن أبي حفص الفلاس ، عن عثمان بن عمر ويحيى ابن كثير –كلاهما - ، عن معاذ بن العلاء ، عن نافع .
وخرّجه البيهقي من روايةٍ عباسٍ الدوري ، عن عثمان بن عمر ، عن معاذ .
وكذا رواه غير واحدٍ عن عثمان بن عمر .
وخرّجه ابن حبان في ((صحيحه)) من روايةٍ أبي عبيدة الحداد ، عن معاذ بن العلاء –أيضاً .
وكذا رواه وكيع ويحيى بن سعيدٍ ومعتمر بن سليمان ، عن معاذ بن العلاء .
وليس لأبي حفص عمر بن العلاء ذكر في غير روايةٍ البخاري المسندة ، وقد قيل أنها وهم من محمد بن المثنى .
ولكن خرّجه أبو أحمد الحاكم من روايةٍ عبد الله بن رجاء الغذاني ، عن أبي حفص بن العلاء –أيضاً .
وقد رواه يحيى بن سعيدٍ ومعتمر بن سليمان عن معاذ بن العلاء ، وكنياه : ((أبا غسان)) .
قال أبو أحمد الحاكم : والله أعلم ، أهما أخوان : أحدهما يسمى : عمر ، والآخر : معاذ ، وحدثا بحديث واحد ؟ أو أحدهما محفوظ ، والآخر غير محفوظ ؟
وذكر : أن معاذ بن العلاء أخا أبي عمرو مشهورٌ ، وأن أبا حفص لا يعرفه إلا في هاتين الروايتين . قال : والله أعلم بصحة ذلك . انتهى .
والصحيح في هذا الحديث : معاذ بن العلاء -: قاله أحمد والدارقطني وغيرهما .(1/365)
وأما روايةٍ أبي عاصم ، عن ابن أبي رواد التي علقها البخاري ، فخرجها أبو
داود ، ولفظ حديثه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بدن ، قال له تميم الداري : ألا أتخذ لك منبراً يارسول الله ، يجمع عظامك ، أو يحمل عظامك ؟ قالَ : ((بلى)) ، فاتخذ لهُ منبراً
مرقاتين .
ولم يزد على هذا .
وخرّجه البيهقي ، وزاد : ((فاتخذ له مرقاتين-أو ثلاثة- ، فجلس عليها .
قال : فصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فحن جذع في المسجد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب يستند
إليه ، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحتضنه ، فقال شيئاً لا أدري ما هو ؟ ثم صعد المنبر ، وكانت اساطين المسجد جذوعاً ، وسقائفه جرائد )) .
وعنده- في أوله- : ((لما أسن وثقل )) .
ورواه عامر بن مدرك ، عن ابن أبي رواد ، عن نافع ، عن تميم الداري –بنحوه ، وفي حديثه : ((فصنع له منبراً مرقاتين ، والثالثة مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائماً ، فإذا عي قعد فاستراح ، ثم قام فخطب –ووذكر الحديث .
ورواية أبي عاصم أصح .
ومن أغرب سياقات أحاديث اتخاذ المنبر : ما رواه عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطفيل بن أبي بن كعب ، عن أبيه ، قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جذع ، إذ كان المسجد عريشاً ، وكان يخطب إلى ذلك الجذع، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ، هل لك أن نجعل لك شيئاً تقوم عليه يوم الجمعة حتى يراك الناس وتسمعهم ؟ قالَ :
(( نعم )) ، فصنع له ثلاث درجات التي على المنبر –ثم ذكر حنينه إليه وسكونه بمسحه بيده- ، ثم قال : وكان إذا صلى صلى إليه ، فلما هدم المسجد وغير اخذ ذلك الجذع أبي بن كعب ، فكأن عنده حتى بلي وأكلته الأرضة ، وعاد رفاتاً .
خرّجه الإمام أحمد .
وفي روايةٍ له : أن القائل : ((فلما هدم المسجد )) –إلى اخره ، هو الطفيل بن أبي بن كعب .
وخرّجه ابن ماجه –بمعناه.(1/366)
وخرّجه عبد الله بن الإمام أحمد في ((زيادات المسند )) ، وعنده : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : ((أن تشأ غرستك في الجنة فياكل منك الصالحون ، وإن تشأ أعيدك كما كنت حطباً )) فاختار الآخرة على الدنيا ، فلما قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - دفع إلى أبي ، فلم يزل عنده حتى أكلته الأرضة .
وقد خرّجه الطبراني بنحو هذه الزيادة ، بإسناد ضعيف ، عن عائشة ، وفيه : أن المنبر كان أربع مراقٍ . وفي آخره : أن الجذع غار فذهبَ .
وفي ((مسند البزار)) ، بإسناد لا يصح ، عن […]معاذ ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : ((إن أتخذ المنبر فقد اتخذه أبي إبراهيم ، وان اتخذ العصا فقد اتخذها أبي إبراهيم )) .
وقد أنكره أبو حاتم الرازي وغيره .
وقد قالَ بعض السلف : إن إبراهيم –عليهِ السلام – هوَ أول من خطب على المنابر .
والصحيح : أن المنبر كانَ ثلاث مراق ، ولم يزل على ذَلِكَ في عهد خلفائه الراشدين ، ثُمَّ زاد فيهِ معاوية .
وقد عد طائفةٌ من العلماء : تطويل المنابر من البدع المحدثة ، منهم : ابن بطة من أصحابنا وغيره .
وقد روي في حديث مرفوع : أن ذَلِكَ من أشراط الساعة ، ولا يثبت إسناده .
[ فتح الباري : 5 / 467- 471 ] .
باب
الخطبة قائماً
823) وخرّج ابن ماجه من حديث إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعودٍ ، أنه سئل: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب قائماً أو قاعداً ؟ قالَ : إما تقرأ { تَرَكُوكَ قَائِماً } [الجمعة :11] ؟
وهذا إسنادٌ جيد .
لكن روي ، عن إبراهيم ، عن علقمة من قوله . وعن إبراهيم ، عن عبد الله منقطعاً .
[ فتح الباري : 5 / 473 ] .
824) فإن الأثرم حكى : أن الهيثم بن خارجة قال لأحمد : كان عمر بن عبد العزيز يجلس في خطبته ؟ قال : فظهر منه أنكار لذلك .(1/367)
ورواية ابن سعدٍ له عن الواقدي ، وهو لا يعتمد .
[ فتح الباري : 5 / 474 ] .
باب
يسقبل الإمام القوم واستقبال الناس الإمام إذا خطب
825) وخرّج الإمام أحمد وأبو داود من حديث علي : سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول – وذكر يوم الجمعة -: (( إذا جلس الرجل مجلساً يستمكن فيه من الإستماع والنظر ، فأنصت ولم يلغ كان له كفلان من الأجر )) .
وفي إسناده من ليس بمشهورٍ .
وخرّج ابن سعدٍ بأسانيد له متعددةً حديثاً طويلاً ، فيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خطب استقبله الناس بوجوههم ، وأصغوا بأسماعهم ، ورمقوه بأبصارهم .
وهذا لا يصح . والله أعلم .
[ فتح الباري : 5 / 477 ] .
باب
من قال في الخطبة بعد الثناء : ( أما بعد )
826) –قال البخاري رحمه الله : 923 نا محمد بن معمر : نا أبو عاصم ، عن جريرٍ بن حازم ، قال : سمعت الحسن : نا عمرو بن تغلب ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتي بمال –أو سبي- ، فقسمه ، فاعطى رجالاً وترك رجلاً ، فبلغه أن الذين ترك عتبوا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : ((أما بعد ، فوالله ، إني لأعطي الرجل والذي أدع أحب الي من الذين أعطي )) .وذكر الحديث .
قال ابن رجب رحمه الله : سماع الحسن من عمرو بن تغلب مختلف فيه ، فأثبته أبو حاتم والبخاري ، ونفاه علي بن المديني شيخ البخاري .
وكذلك يحيى بن معين –فيما نقله عنه جعفر بن محمد بن أبان الحراني -، قال : لم يسمع منه ، ولم يرو حديثه إلاّ جريرٍ بن حازم ، وليس بشيء .
واختلف عن أحمد :
فنقل عنه ابنه صالح ، قال : سمع الحسن من عمر بن تغلب أحاديث .(1/368)
ونقل عنه ابنه عبد الله ، قال : كانت سجية في جريرٍ بن حازم : نا الحسن ، نا عمرو بن تغلب ، وأبو الأشهب يقول : عن الحسن ، قال : بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمرو بن تغلب .
يريد : أن قول جريرٍ بن حازم : نا الحسن : نا عمرو بن تغلب كانت عادة له ، لا يرجع فيها إلى تحقيق .
وقد ذكر أبو حاتم نحو هذا في أصحاب بقيةٌ بن الوليد ، أنهم يروون عنه ، عن شيوخه ، ويصرحون بتحديثه عنهم ، من غير سماع له منهم .
وكذلك قال يحيى بن سعيد القطان في فطر بن خليفة : أنه كان يقول : ((ثنا فلان بحديث )) ، ثم يدخل بينه وبينه رجلاً أخر ، كان ذلك سجية منه .
ذكره العقيلي في ((كتابه)) .
وكذا ذكر الإسماعيلي : أن أهل الشام ومصر يتسامحون في قولهم : ((ثنا)) من غير صحة السماع ، منهم : يحيى بن أيوب المصري .
[ فتح الباري : 5 / 479-480 ] .
827) وقد خرّج أبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال : ((كل خطبة ليس فيها تشهدٌ فهي كاليد الجذماء )) .
ورجاله ثقاتٌ .
[ فتح الباري : 5 / 489 ] .
باب
الساعة التى في يوم الجمعة
828) وقال عبد الله بن سلامٍ : النهار اثنا عشرة ساعةً ، والساعة التي تذكر من يوم الجمعة آخر ساعات النهار .
خرّجه عبد الرزاق ، عن ابن جريجٍ : حدثني موسى بن عقبة ، أنه سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن ، أنه سمع عبد الله بن سلام يقوله .
وهذا إسنادٌ صحيحٌ .
وقد رواه الجلاح أبو كثيرٍ ، عن أبي سلمة ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - -بمعناه .
خرّجه أبو داود والنسائي .
وعندي : أن روايةٍ موسى بن عقبة الموقوفة أصح .
[ فتح الباري : 5 / 506 ] .(1/369)
829) فروى الضحاك بن عثمان ، عن سالمٍ أبي النضر ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن سلامٍ ، قال : قلت –ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ - : إنا لنجد في كتاب الله : في يوم الجمعة ساعة ، لا يوافقها عبد مؤمن يصلي ، يسأل الله شيئاً ، إلا قضى له حاجته .قال عبد الله : فاشار الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أو بعض ساعة )) .قلت : صدقت ((أو بعض ساعة)). قلت : أي ساعة هي ؟ قال : ((آخر ساعة من ساعات النهار )) . قلت : إنها ليست ساعة صلاةٍ ؟ قال : ((بلى ،أن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس ، لا يجلسه إلا الصلاة ، فهو في صلاة )) .
خرّجه الإمام أحمد وابن ماجه ، وهذا لفظه .
ورواته كلهم ثقات ؛ لكن له علةٌ مؤثرةٌ ، وهي أن الحفاظ المتقنين رووا هذا الحديث ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، في ذكر ساعة الإجابة ، وعن عبد الله بن سلامٍ في تعيينها بعد العصر .
كذلك رواه محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة .
خرّجه من طريقه مالكٍ في ((الموطإ)) ، وأحمد وأبو داود والترمذي ، وصححه .
وذكر فيه : ((خيرٌ يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أهبط منها ، وفيه ساعة الإجابة )) ورفع ذلك كله .
ثم ذكر أبو هريرة ، عن عبد الله بن سلامٍ ، أنه قال له : هي بعد ، وأنه ناظره في الصلاة فيها .
وكذا رواه محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة مختصراً .
ورواه سعيدٍ بن الحارث ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة –مرفوعاً .
وفي روايةٍ عنه بالشك في رفعه في ساعة الإجابة ، وجعل ذكر تعيينها من روايةٍ أبي سلمة ، عن عبد الله بن سلامٍ .
وكذا رواه معمرٌ ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة .
ورواه الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، فجعل الحديث كله عن كعب في : ((خيرٌ يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة )) .(1/370)
لم يرفع منه شيئاً ، وقال : لم اسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، حدثني به كعبٌ .
ورواه حسين المعلم ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن كعب ، قال : خير يوم طلعت فيه الشمس يوم جمعةٍ ، فيه خلق الله آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها ، وفيه تقوم الساعة .
ورواه معاوية بن سلامٍ ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة –موقوفاً .
ورواه محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، فرفعه .
ورفعه خطأٌ .
ورجح هذه الرواية أبو زرعة الدمشقي .
ويعضده –أيضاً- : روايةٍ حماد بن سلمة ، عن قيس بن سعدٍ ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، فرفع منه ذكر ساعة الإجابة ، وجعل باقي الحديث في فضل يوم الجمعة ،وما فيه من الخصال ، وتعيين ساعة الإجابة كله من قولُ كعب .
ولعل هذا هو الأشبه .
[ فتح الباري : 5 / 507- 509 ] .
830) وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعيينها أحاديث متعددةٌ :
ومن أغربها : أن ساعة الإجابة هي نهار الجمعة كله .
وهو من روايةٍ هانئ بن خالدٍ ، عن أبي جعفر الرازي ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال: ((الساعة التي في يوم الجمعة ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس )) .
خرّجه العقيلي .
وقال : هانئ بن خالد حديثه غير محفوظ ، وليس بمعروف بالنقل ، ولا يتابع
عليه ، ولا يعرف إلا به .
ومنها : أنها آخر نهار الجمعة :
روى عبد السلام بن حفص ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((إن الساعة التي يتحرى فيها الدعاء يوم الجمعة هي آخر ساعة من
الجمعة )) .
خرّجه ابن عبد البر .
وقال : عبد السلام هذا مدني ثقةٌ .
قلت : رفعه منكرٌ ، وعبد السلام هذا وان وثقه ابن معين ، فقد قال فيه أبو حاتم الرزاي : ليس بالمعروف .
ولا يقبل تفرده برفع هذا .(1/371)
وليته يصح موقوفاً ، فقد روى شعبة والثوري ، عن يونس بن خباب ، عن
عطاء ، عن أبي هريرة ، قال : الساعة التي في الجمعة بعد العصر .
وخرّجه عبد الرزاق ، عن الثوري ، به، ولفظه : الساعة التي تقوم في يوم الجمعة ما بين العصر إلى أن تغرب الشمس .
وخرّجه وكيعٌ عن يونس ، به .
ويونس بن خباب ، شيعيٌ ضعيفٌ .
قال الدارقطني في ((العلل)): ومن رفعه عن الثوري فقد وهم .
وقال : وفيه نائلٌ : ((عن يونس بن عبيدٍ )) ، ووهم فيه-أيضاً .
وروى إسماعيل بن عياش ، عن سهيل بن أبي صالحٍ ، عن مسلم بن مسافر ، عن أبي رزين ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((إن في الجمعة ساعةً)) –يقللها بيده- ((لا يوافقها عبدٌ مؤمنٌ وهو يصلي ،فيسأل الله فيها إلا استجاب له )) . قيل : أي الساعات هي يا رسول الله ؟ قال : ((ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس )) .
خرّجه أبو أحمد الحاكم وأبو بكر عبد العزيز بن جعفر .
وإسناده لا يصح ، وروايات إسماعيل بن عياش عن الحجازيين رديئةٌ .
وروى عبد الرزاق في ((كتابه)) ، عن ابن جريجٍ : حدثني العباس ، عن محمد بن مسلمة الأنصاري ، عن أبي سعيدٍ الخدري وأبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((إن في الجمعة ساعةً ، لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ ، يسأل الله عز وجل فيها خيراً ، إلا أعطاه إياه ، وهي بعد العصر)) .
وخرّجه الإمام أحمد في ((مسنده)) ، عن عبد الرزاق .
وخرّجه العقيلي في ((كتابه)) .
وقال : العباس رجلٌ مجهولٌ ، لا نعرفه، ومحمد بنمسلمة –أيضاً- مجهولٌ . وذكر عن البخاري ، أنه قال : محمد بن مسلمة الأنصاري ، عن أبي سعيدٍ وأبي هريرة- في ساعة الجمعة -: لا يتابع عليه .
قال العقيلي : الرواية في فضل الساعة التي في يوم الجمعة ثابتهٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه ، فأما التوقيت ، فالرواية فيه لينةٌ .
يعني بالتوقيت : تعيين ساعة الإجابة .(1/372)
وروى فرج بن فضالة ، عن علي بن أبي طلحة ، عنابي هريرة ، قال : قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : لأي شيءٍ سمي يوم الجمعة ؟ قال : ((لأن فيها طبعت طينة أبيك آدم ، وفيها الصعقة والبعثة ، وفيها البطشة ، وفي أخر ثلاث ساعاتٍ منها ساعةٌ ، من دعا الله فيها استجيب له )) .
خرّجه الإمام أحمد .
وفرج بن فضالة ، مختلفٌ فيه ، وقد ضعفه ابن معينٍ وغيره .
وعلي بن أبي طلحة ، لم يسمع من أبي هريرة .
[ فتح الباري : 5 / 511- 513 ] .
831) وروى محمد بن أبي حميد ، عن موسى بن وردان ، عن أنسٍ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال :(( إلتمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد العصر ، إلى غيبوبة الشمس )) .
خرّجه الترمذي .
وقال : غريبٌ .
ومحمد بن أبي حميد ، منكر الحديث .
وخرّجه الطبراني من طريق ابن لهيعة ، عن موسى بن وردان –بنحوه ، وزاد في آخر الحديث : ((وهي قدر هذا )) –يعني : قبضةً.
ويروى من حديث فاطمة –عليها السلام- ، عن أبيها - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال في هذه الساعة : ((إذا تدلى نصف الشمس للغروب )) .
وفي إسناده اضطرابٌ وانقطاعٌ وجهالةٌ ، ولا يثبت إسناده .
[ فتح الباري : 5 / 513- 514 ] .
832) وروى عبد الرزاق ، عن عمر بن ذر ، عن يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان في صلاة العصر يوم الجمعة ، والناس خلفه إذ سنح كلبٌ ليمر بين أيديهم ، فخر الكلب فمات قبل أن يمر ، فلما أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه على القوم قال : (( أيكم دعا على هذا الكلب ؟ )) فقال رجل من القوم : أنا دعوت عليه . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((دعوت عليه في ساعة يستجاب فيها الدعاء )) .
وهذا مرسلٌ .
ويروى بإسنادٍ منقطعٍ ، عن أبي الدرداء –نحوه ، إلا أن فيه : أنه دعا الله باسمه الأعظم ، ولم يذكر الساعة .
[ فتح الباري : 5 / 514 ] .(1/373)
833) فخرج مسلم في ((صحيحه)) من حديث ابن وهبٍ ، عن مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، قال : قال عبد الله بن عمر : أسمعت أباك يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأن الجمعة ؟ قلت : نعم ، سمعته يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ((هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة )) .
وروى البيهقي بإسناده ، عن مسلمٍ ، أنه قال : هذا أجود حديث وأصحه في ساعة الجمعة .
وقال الدارقطني : تفرد به ابن وهبٍ ، وهو صحيح عنه . ورواه أبو إسحاق ، عن أبي بردة ، واختلف عليه ، فرواه إسماعيل بن عمرو ، عن الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي بردة ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ثم خرّجه بإسناده من هذه الطريق ، ولفظه : ((الساعة التي يرجى فيها يوم الجمعة عند نزول الإمام )) .
وخالفه النعمان بن عبد السلام ، فرواه عن الثوري بهذا الإسناد –موقوفاً .
يعني : على أبي موسى .
ثم أسنده من طريقه كذلك ، ولفظه : ((الساعة التي تذكر في الجمعة ما بين نزول الإمام عن منبره إلى دخوله في الصلاة )) .
قال : وخالفهما يحيى القطان ، فرواه عن الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي بردة – قوله .
وكذلك رواه عمار بن رزيق ، عن أبي إسحاق ، عن أبي بردة – قوله .
وكذلك رواه معاوية بن قرة ومجالد ، عن أبي بردة – من قوله .
وحديث مخرمة بن بكرٍ أخرجه مسلم في ((الصحيح)) .
والمحفوظ : من روايةٍ الآخرين ، عن أبي بردة –قوله ، غير مرفوع . انتهى .
وكذلك رواه واصل بن حيانٍ ، عن أبي بردة ، قال : ذكر عند ابن عمر الساعة التي في الجمعة ، فقلت : إني أعلم أي الساعة هي . قال : وما يدريك ؟ قلت : هي الساعة التي يخرج فيها الإمام ، وهي أفضل الساعات . قال : بارك الله عليك .
[ فتح الباري : 5 / 514-516 ] .(1/374)
834) وروى كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((إن في الجمعة ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئاً ألا آتاه إياه )) . قالوا :
يا رسول الله ، أية ساعة هي ؟ قال : ((حين تقام الصلاة إلى الانصراف منها )) .
خرّجه ابن ماجه والترمذي .
وقال : حسنٌ غريبٌ .
وكثيرٌ هذا ، يحسن البخاري والترمذي وغيرهما أمره . وقال بعضهم : أحاديثه عن أبيه عن جده أحبُ إلينا من مراسيل ابن المسيب .وضعف الأكثرون حديثه . وضرب الإمام أحمد عليه ، ولم يخرجه في ((المسند)) .
[ فتح الباري : 5 / 516 ] .
835) وأما التماسها في جميع مظانها ، فقد روي نحوه عن أبي هريرة .
فحكى ابن المنذر ، عنه ، أنه قال : هي بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس .
وهذا رواه ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد وطاوس ، عن أبي هريرة ، وفي ليث مقال ، لا سيما إذا جمع في الاسناد بين الرجال .
[ فتح الباري : 5 / 517 ] .
836) وروي ، أن عمر سأل ابن عباسٍ عنها ؟ فقال : أرجو أنها الساعة التي يخرج لها الإمام .
خرّجه الإسماعيلي في ((مسند عمر )) بإسنادٍ ضعيفٍ .
وذكر عن أبي القاسم البغوي ، أنه قال : هذا واهٍ ، وقد روي عن ابن عباسٍ خلافه .
يشير إلى أن المعروف عنه أنها بعد العصر ، كما رواه عنه سعيد بن جبير ، وقد تقدم .
[ فتح الباري : 5 / 520 ] .
837) وقد روى عبد الرزاق في ((كتابه)) نا يحيى بن زمعة : سمعت عطاءً يقول : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((في يوم الجمعة ساعةٌ ، لا يوافقها عبدٌ وهو يصلي ، أو ينتظر الصلاة ، يدعو الله فيها بشيء إلا استجاب له )) .
وهذا غريبٌ .
ويحيى بن زمعة هذا ، غير مشهورٌ ، ولم يعرفه ابن أبي حاتم باكثر من روايته عن عطاءٍ ، ورواية عبد الرزاق عنه .
[ فتح الباري : 5 / 521] .(1/375)
838) وخَّرج ابن أبي شيبة بإسناده ، عن هلال بن يساف ، قالَ : قالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إن في الجمعة لساعةً ، لا يوافقها رجلٌ مسلمٌ ، يسأل الله فيها خيراً ، إلا أعطاه )) فقالَ رجل : يا رسول الله ، فماذا اسال ؟ فقال : ((سل الله العافية في الدنيا والآخرة )) .
وهذا مرسلٌ .
[ فتح الباري : 5 / 522 ] .
باب
إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة
839) قال الخاري رحمه الله : 936 حدثنا معاوية بن عمرو : ثنا زائدة ، عن حصين ، عن سالم بن أبي الجعد : ثنا جابر بن عبد الله ، قال : بينما نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - اذ أقبلت عيرٌ تحمل طعاماً فالتفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلاّ إثنا عشر رجلاً ، فنزلت هذه الآية : { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهُواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً } [الجمعة :11] .
قال ابن رجب رحمه الله : وخرّجه في "التفسير " عن حفص بن عمر قالَ : ثنا خالد بن عبد الله : أنبا حصين ، عن سالم بن أبي الجعد –وعن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله –فذكره بمعناه .
وفي هذه الرواية : متابعة أبي سفيان لسالم بن أبي الجعد على روايته عن جابر ، وإنما خرّج لأبي سفيان متابعةً .
وقد خرّجه مسلم بالوجهين – أيضاً .
وفي أكثر رواياته : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب يوم الجمعة .
وفي روايةٍ له : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب قائماً يوم الجمعة – فذكره بمعناه .
وفي روايةٍ له : فلم يبق إلا اثنا عشر رجلاً ، أنا فيهم .
وفي روايةٍ له –أيضاً-: فيهم أبو بكر وعمر – رضي الله عنهما.(1/376)
وقوله في الرواية التي خرجها البخاري :(( بينا نحن نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - )) لم يرد به أنهم انفضوا عنه في نفس الصلاة ، إنما أراد –والله أعلم – إنهم كانوا مجتمعين للصلاة ، فانفضوا وتركوه .
ويدل عليه : حديث كعب بن عجرة ، لما قال : انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعداً ، وقد قال الله تعالى : { انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً } [الجمعة: 11] .
وكذلك استدلال ابن مسعودٍ وخلق من التابعين بالآية على القيام في الخطبة.
وروى علي بن عاصمٍ هذا الحديث عن حصين ، فقال فيه : فلم يبق معه الا أربعون رجلاً ، أنا فيهم .
خرّجه الدارقطني والبيهقي .
وعلي بن عاصمٍ ، ليس بالحافظ ، فلا يقبل تفرده بما يخالف الثقات .
[ فتح الباري : 5 / 523- 524 ] .
840) وفي مراسيل يحيى بن أبي كثيرٍ : من أدرك الخطبة فقد أدرك الصلاة .
خرّجه عبد الرزاق .
ومراسيل يحيى ضعيفةٌ جداً .
[ فتح الباري : 5 / 528 ] .
باب
الصلاة بعد الجمعة وقبلها
841) قال عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي : علمنا عبد الله بن مسعود أن نصلي بعد الجمعة أربعاً ثم جاء علي بن أبي طالب فعلمنا أن نصلي ستاً .
وكان عمران بن حصين يصلي بعد الجمعة أربعاً .
وروي عن علي من وجه آخر منقطع .
[ فتح الباري : 5 / 535 ] .(1/377)
842) وفي صلاة الإمام في الجامع بعد الجمعة حديث من رواية عاصم بن سويد عن محمد بن موسى بن الحارث عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عمرو بن عوف يوم الأربعاء فقال : ( لو أنكم إذا جئتم عيدكم هذا صليتم حتى تسمعوا من قولي ) قالوا : نعم بأبينا أنت يا رسول الله وأمهاتنا قال : فلما حضروا الجمعة صلى لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم صلى ركعتين بعد الجمعة في المسجد ولم يُر يصلي بعد الجمعة في المسجد وكان ينصرف إلى بيته قبل ذلك اليوم .
خرجه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم وقال : صحيح الإسناد .
وقال بعض المتأخرين : محمد بن موسى بن الحارث لا يعرف .
وخرجه البزار في " مسنده " وعنده : موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن ابيه عن جابر .
فإن كان ذلك محفوظاً فهو موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي وهو منكر الحديث جداً .
[ فتح الباري : 5 / 537 ] .
843) وقال النخعي : كانوا يحبون أن يصلوا قبل الجمعة أربعاً .
خرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب العيدين " بإسناد صحيح .
[ فتح الباري : 5 / 539- 540 ] .
باب
قول الله عزو جل (( فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ))
844) وروى أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في " كتاب الشافي ) بإسناد لا يصح عن أنس مرفوعاً في قوله تعالي : (( فانتشروا في الأرض )) قال : ( ليس بطلب دنيا ولكن عيادة مريض وتشيع جنازة وزيارة أخ في الله ) .
[ فتح الباري : 5 / 546 ] .
كتاب صلاة الخوف
12
صلاة الخوف
845) وخرج الإمام أحمد - بإسناد منقطع - ، عن ابن عباس ، قال : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ركعتين ، وحين أقام أربعا أربعا .(1/378)
وقال ابن عباس : فمن صلى في السفر أربعا كمن صلى في الحضر ركعتين .
وقال ابن عباس : لم تقصر الصلاة إلاّ مرة واحدة حيث صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ركعتين ، وصلى الناس ركعة واحدة . يعني : في الخوف .
[ فتح الباري : 6 / 8 ] .
846) وقيل : إن قوله: { وَإذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأرض فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ } نزلت بسبب القصر في السفر من غير خوف ، وإن بقية الآية مع الآيتين بعدها نزلت بسبب صلاة الخوف 0
روي ذلك عن عَلِيّ - رضي الله عنه - .
خرجه ابن جرير، عنه بإسناد ضعيف جداً ، لايصح . والله - سبحانه وتعالى - أعلم .
[ فتح الباري : 6 / 9 ] .
847) فروى منصور ، عن مجاهد ، عن أبي عياش الزرقي ، قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعُسفان –وعلى المشركين خالد بن الوليد – فصلينا الظهر ، فقال المشركونَ : لقد أصبنا غرةً ، لقدأصبنا غفلةً ، لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة ، فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر ، فلما حضرت العصر قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة والمشركون
أمامه ، فصف خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صف ، وصف بعد ذلك الصف صف آخر ، فركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وركعوا جميعاً ، ثم سجدوا وسجد الصف الذين يلونه ، وقام الآخرون يحرسونهم ، فلما صلى هؤلاء سجدتين وقاموا ، سجد الآخرون الذين كانوا خلفه ، ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين ، وتقدم الصف الآخر إلى مقام الصف الأول ، ثم ركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وركعوا جميعاً ، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه ، وقام الاخرون يحرسونهم ، فلما جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصف الذي يليه سجد الآخرون ، ثم جلسوا جميعاً فسلم عليهم جميعاً ، فصلاها بعسفان ، وصلاها يوم بني سليم .(1/379)
خرجه الإمام أحمد وأبو داود- وهذا لفظه –والنسائي وابن حبان في ((صحيحه)) والحاكم .
وقال : على شرطهما .
وفي رواية للنسائي وابن حبان ، عن مجاهد : نا أبو عياش الزرقي ، قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -– فذكره .
ورد ابن حبان بذلك على من زعم : أن مجاهداً لم يسمعه من أبي عياش ، وأن أبا عياش لا صحبة له .
كأنه يشير إلى ما نقله الترمذي في ((علله)) عن البخاري ، أنه قال: كل الروايات عندي صحيحٌ في صلاة الخوف ، إلاحديث مجاهد ، عن أبي عياش الزرقي، فأني أراه مرسلاً .
وابن حبان لم يفهم ما أراده البخاري ، فإن البخاري لم ينكر أن يكون أبو عياش له صحبةٌ ، وقد عدَة في ((تاريخه)) من الصحابة ، ولا أنكر سماع مجاهد من أبي عياش ، وإنما مراده : أن هذا الحديث الصواب : عن مجاهد إرساله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير ذكر أبي عياش ؛ كذلك رواه أصحاب مجاهد ، عنه بخلاف رواية منصور ، عنه ، فرواه عكرمة بن خالد وعمر بن ذر وأيوب بن موسى ثلاثتهم ، عن مجاهد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً من غير ذكر أبي عياش .
وهذا أصح عند البخاري ، وكذلك صحح إرساله عبد العزيز النخشبي وغيره من الحفاظ .
وأما أبو حاتم الرازي ، فإنه قال –في حديث منصور ، عن مجاهد ، عن أبي عياش - : إنه صحيح . قيل له : فهذه الزيادة (( فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر )) محفوظةٌ هي ؟ قال : نعم .
وقال الإمام أحمد : كل حديث روي في صلاة الخوف فهو صحيح .
[ فتح الباري : 6 / 9- 11 ] .
848) وقد روي عن حذيفة نحو رواية ابن عمر –أيضا .
وخرجه الطبراني من رواية حكام بن سلم ، عن أبي جعفر الرازي ، عن قتادة ، عن أبي العالية ، قال :صلى بنا أبو موسى الأشعري بأصبهان صلاة الخوف .(1/380)
وما كان كبير خوفٍ ؛ ليرينا صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقام فكبر ، وكبر معه طائفة من القوم ، وطائفة بإزاءالعدو ، فصلى بهم ركعة فانصرفوا ، وقاموا مقام اخوانهم ، فجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة أخرى ، ثُمَّ سلم ، فصلى كل واحد منهم الركعة الثانية وحدانا .
ورواه سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أبي العالية ، أن أبا موسى كان بالدار من أرض اصبهان ، وما بها كبير خوف ، ولكن أحب أن يعلمهم دينهم وسنة نبيهم ، فجعلهم صفين : طائفة معها السلاح مقبلة على عدوها ، وطائفة من ورائها ، فصلى بالذين بإزائه ركعة ، ثم نكصوا على أدبارهم حتى قاموا مقام الأخرى ، وجاءوا يتخللونهم حتى قاموا وراءه فصلى بهم ركعة أخرى ، ثم سلم ، فقام الذين يلونه والآخرون فصلوا ركعة ركعة ، ثم سلم بعضهم على بعض ، فتمت للإمام ركعتان في جماعة ، وللناس ركعة ركعة .يعني في جماعة .
خرجه ابن أبي شيبة ، وعنه بقي بن مخلد في مسنده .
وهو إسناد جيد . وهو في حكم المرفوع ؛ لما ذكر فيه من تعليمهم بسنة نبيهم .
[ فتح الباري : 6 / 12-13 ] .
849) وروي-أيضا- عن ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو ذلك ، من رواية خصيف ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف ، فقاموا صفين ، فقام صف خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصف مستقبل العدو ، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصف الذين يلونه ركعة ، ثم قاموا فذهبوا ، فقاموا مقام أولئك مستقبلي العدو ، وجاءوا أولئك فقاموا مقامهم ، فصلى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعة ، ثم سلم ، ثم قاموا فصلوا لأنفسهم ركعة ، ثم سلموا ثم ذهبوا ، فقاموا مقام أولئك مستقبلي العدو ، ورجع أولئك إلى مقامهم ، فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا .
خرجه الإمام أحمد –وهذا لفظه- وأبو داود – بمعناه .(1/381)
وخصيف ، مختلف في أمره . وأبو عبيدة ، لم يسمع من أبيه ، لكن رواياته عنه أخذها عن أهل بيته ، فهي صحيحة عندهم .
[ فتح الباري : 6 / 13-14 ] .
باب
صلاة الخوف رجالاً وركباناً
850) قال البخاري رحمه الله : 943 – حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد القرشي : أنا أبي : نا ابن جريج ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر- نحوا من قول مجاهد : إذا اختلطوا قياما .
وزاد ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((وإن كانوا أكثر من ذلك فليصلوا قياما
وركبانا )) .
قال ابن رجب رحمه الله : وخرج مسلم من حديث سفيان عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف في بعض أيامه ، فقامت طائفة معه ، وطائفة بإزاء العدو ، فصلى بالذين معه ركعة ، ثم ذهبوا ، وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة ، ثم قضت الطائفتان ركعة ، ركعة . قالَ : وقال ابن عمر : فإذا كان خوف أكثر من ذلك فصل راكبا أو قائما تومىء إيماء .
فجعل هذا الوجه من قول ابن عمر ، ولم يرفعه .
وروى أبو إسحاق الفزاري ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر الحديث مرفوعا ، ولم يذكر في آخره : ((فإذا كان خوف أكثر من ذلك )) – إلى
آخره .
وخرج ابن ماجه وابن حبان في ((صحيحه)) من حديث جرير ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف فذكر صفتها بمعنى حديث موسى بن عقبة ، وقال في آخر الحديث : فإن كان خوفا أشد من ذلك فرجالا أو ركبانا .
وقد خالف جريرا يحيى القطان وعبد الله بن نمير ومحمد بن بشر وغيرهم ، رووه عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر – موقوفا كله .(1/382)
ورواه مالك في ((الموطإ)) ، عن نافع عن ابن عمر – في صفة صلاة الخوف بطوله – وفي آخره : فإن كان خوفا هو أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم ، أو ركبانا ، مستقبلي القبلة ، أو غير مستقبليها .
قال مالك : قال نافع : لا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلاّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وخرجه البخاري في ((التفسير)) من طريق مالك كذلك .
قال ابن عبد البر : رواه مالك ، عن نافع على الشك في رفعه ، ورواه عن نافع جماعة لم يشكوا في رفعه ، منهم : ابن أبي ذئب وموسى بن عقبة وأيوب بن موسى .
وذكرالدارقطني : أن إسحاق الطباع رواه عن مالك ورفعه من غير شك .
وهذا الحديث ينبغي أن يضاف إلى الأحاديث التي اختلف في رفعها نافع وسالم ، وهي أربعة سبق ذكرها بهذا الاختلاف في رفع أصل الحديث في صلاة الخوف عن نافع .
وبقي اختلاف آخر، وهو : في قوله في آخر الحديث : (( فإن كان [خوفا] أكثر من ذَلِكَ)) إلى آخره ؛ فإن هذا قد وقفه بعض من رفع أصل الحديث ، كما وقفه
سفيان ، عن موسىبن عقبة ، وجعله مدرجاً في الحديث .
وقد ذكر البخاري: أن ابن جريج رفعه عن موسى ، وخرجه من طريقه كذلك.
[ فتح الباري : 6 / 19-21 ] .
851) وروى أبو إسحاق الفزاري ، عن ابن أبي أنيسة ، عن أبي الزبير ، قال : سمعت جابرا سُئل عن الصلاة عند المسايفة ؟ قالَ : ركعتين ركعتين ، حيث توجهت على دابتك تومئ إيماء .
ابن أبي أنيسة ، أظنه : يحيى ، وهو ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 21 ] .
باب
يحرس بعضهم بعضاً في صلاة الخوف(1/383)
852) قال البخاري رحمه الله : 944 حدثنا حيوة بن شريح: نا محمد بن حرب ، عن الزبيدي ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، قالَ : قام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام الناس معه ، فكبر وكبروا معه ، وركع وركع ناس منهم ، ثم سجد وسجدوامعه ، ثم قام للثانية ، فقام الذين سجدوا وحرسوا اخوانهم ، وأتت الطائفة الأخرى فركعوا وسجدوا معه ، والناس كلهم في صلاة ، ولكن يحرس بعضهم بعضا .
قال ابن رجب رحمه الله : وخرجه النسائي عن عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير ، عن محمد بن حرب بهذا الإسناد ، وزاد فيه الفاظا بعد قوله : (( ثم قام إلى الركعة فتاخر الذين سجدوا معه وحرسوا أخوانهم)) .
ورواه النعمان بن راشد، عن الزهري بهذا الإسناد ، وزاد فيه زيادات كثيرة ، ولفظه : (( قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقمنا خلفه صفين ، فكبر وركع وركعنا جميعا ، الصفان كلاهما ، ثم رفع رأسه ، ثم خر ساجدا ، وسجد الصف الذي يليه وثبت الآخرون قياما يحرسون أخوانهم ، فلما فرغ من سجوده وقام خر الصف المؤخر سجودا ، فسجد سجدتين ، ثم قاموا فتأخر الصف المقدم الذي بين يديه ، وتقدم الصف المؤخر ، فركع وركعوا جميعا ، وسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصف الذي يليه ، وثبت الآخرون قياما يحرسون أخوانهم ، فلما قعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خر الصف المؤخر سجودا ، ثم سلم النبي
- صلى الله عليه وسلم - .
خرجه الدارقطني ، ومن طريقه البيهقي .
وفي هذه الرواية : أن الصفين ركعوا معه ، ورواية الزبيدي تدل على أن بعضهم ركع معه ، وبعضهم لم يركع .
ورواه أبو بكر بن أبي الجهم ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بذي قرد ، فصف الناس خلفه صفين ، صف خلفه ، موازي العدو ، فصلى بالذين خلفه ركعة ، ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء ، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ، ولم يقضوا .(1/384)
خرجه النسائي من طريق سفيان ، عنه .
وخرجه الإمام أحمد ، ولفظه : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف بذي قرد- أرض من أرض بني سليم -، فصف الناس خلفه صفين ، صفا موازي العدو ، وصفا
خلفه ، فصلى بالذي يليه ركعة ، ثم نكص هؤلاء إلى مصاف هؤلاء ، وهؤلاء إلى مصاف هؤلاء ، فصلى بهم ركعة أخرى .
وفي رواية أخرى لهُ : ثم سلم ، فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ، ولكل طائفة ركعة وهذه الزيادة مدرجة من قول سفيان ؛ كذلك هوَ في رواية البيهقي .
وخرجه ابن خزيمة وابن حبان في ((صحيحيهما)) .
وقال البخاري في ((المغازي)) : (( وقال ابن عباس : صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخوف بذي قرد)) – ولم يزد على ذَلِكَ .
وقال الشافعي : هو حديث لا يثبت أهل العلم بالحديث مثله . قالَ : وإنما تركناه لاجتماع الأحاديث على خلافه ، ولأنه لا يثبت عندنا مثله لشيء في بعض إسناده . انتهى .
وإذا اختلف أبو بكر بن أبي الجهم والزهري ، فالقول قول الزهري ، ولعل مسلما ترك تخريج هذا الحديث للاختلاف في متنه ، وقد صحح الإمام أحمد إسناده .
[ فتح الباري : 6 / 25-27 ] .
853) وخرج الإمام أحمد من رواية النضر أبي عمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قالَ : خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم -? في غزاة فلقي المشركين بعسفان فأنزل الله { وَإذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ } الآية ، فلما صلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم - العصر وكانوا في القبلة صلى المسلمون خلفه صفين فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبروا معه -فذكر صلاة الخوف- وفيه : تأخر الصف الذين يلونه في الركعة الثانية وتقدم الآخرين- وقال في آخر الحديث : فلما نظر إليهم المشركون يسجد بعضهم ويقوم بعضهم ينظر إليهم ، قالوا : لقد أخبروا بما أردناهم .
وقال : صحيح على شرط البخاري .
وليس كما قال ؛ والنضر أبو عمر، ضعيف جدا.
وخرجه البزار- أيضا.(1/385)
[ فتح الباري : 6 / 28-29 ] .
854) خرجه الإمام أحمد من رواية أبي إسحاق ، عن سليم بن عبد السلولي ، قال : كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان ، فقال : أيكم صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف؟ فقالَ حذيفة: أنا ، فأخر أصحابك يقومون طائفتين ، طائفة خلفك وطائفة بازاء العدو ، فتكبر فيكبرون جميعا ، ثُمَّ تركع فيركعون جميعا ، ثُمَّ ترفع فيرفعون جميعا ، ثُمَّ تسجد ويسجد معك الطائفة التي تليك ، والطائف التي بازاء العدو قيام بازاء العدو ، فإذا رفعت رأسك من السجود [ يسجدون] ، ثُمَّ يتأخر هؤلاء ويتقدم الآخرون ، فقاموا مقامهم ، فتركع ويركعون جميعا ، ثُمَّ ترفع ويرفعون جميعا ، ثُمَّ تسجد فتسجد الطائفة التي تليك ، والطائفة الأخرى قائمة بازاء العدو ، فإذا رفعت رأسك من السجود سجدوا ، ثُمَّ سلمت ويسلم بعضهم على بعض ، وتأمر أصحابك أن هاجهم هيج من العدو ، فقد حل لهم القتال والكلام .
وسليم بن عبد ، ذكره ابن حبان في (( ثقاته)) .
[ فتح الباري : 6 / 30 ] .
855) وخرج الدارقطني من حديث الحسن ، عن جابر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحاصر بني محارب بنخل ، ثم نودي في الناس : أن الصلاة جامعة – وذكر معنى حديث أبي سلمة ، وصرح فيه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سلم بين كل ركعتين .
وقد خرجه النسائي -مختصراً- من رواية حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن
الحسن ، عن جابر- بذكر السلام - أيضا ، وليس فيه : ذكر الصلاة جامعة .
ورواه قتادة –أيضا- عن سليمان اليشكري ، عن جابر –بذكر السلام بين كل ركعتين ، وفيه: أن يومئذٍ أنزل الله في إقصار الصلاة ، وأمر المؤمنين بأخذ السلاح ، وفي الحديث أن ذلك كان بنخلٍ .
والحسن ، لم يسمع من جابر ، وقتادة ، لم يسمع من سليمان اليشكري .
[ فتح الباري : 6 / 33 ] .(1/386)
856) وذكر البخاري – أيضاً - تعليقاً ، عن جابر من طريقين آخرين ، فقال : ((وقال بكر بن سوادة : حدثني زياد بن نافع ، عن أبي موسى ، أن جابراً حدثهم : صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بهم يوم محارب وثعلبة .
وقال ابن إسحاق : سمعت وهب بن كيسان : سمعت جابراً : خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذات الرقاع من نخل ، فلقي جمعاً من غطفان ، فلم يكن قتال ، وأخاف الناس بعضهم بعضاً ، فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتي الخوف )) . انتهى .
وأبو موسى ، ليس هو الأشعري ، بل تابعي ، ذكره أبو داود ، وذكر في حديثه : أنه كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتان ، ولكل طائفة ركعة .
وقد رواه ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن بكر بن سوادة بهذا الإسناد ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الخوف يوم محارب وثعلبة ، بكل طائفة ركعة وسجدتين .
وذكر أبو مسعود الدمشقي وغيره : أن أبا موسى هذا هو علي بن رباح
اللخمي ، وقيل : إنه أبو موسى الغافقي ، واسمه : مالك بن عبادة ، وله صحبةٌ .
قال صاحب ((التهذيب)) : والقول الأول أولى . والله سبحانه وتعالى أعلم .
[ فتح الباري : 6 / 36-37 ] .
857) وأما حديث سهل بن أبي حثمة : فقال البخاري : (( ثنا قتيبة ، عن مالك ، عن يزيد بن رومان ، عن صالح بن خوات ، عمن شهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع صلاة الخوف : أن طائفة صفت معه ، وطائفة وجاه العدو ، فصلى بالتي معه ركعة ، ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم ، ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو ، وجاءت الطائفة الأخرى ، فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ، ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم .
قال مالك : وذلك أحسن ما سمعت في صلاة الخوف .(1/387)
حدثنا مسدد : ثنا يحيى ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن القاسم بن محمد ، عن صالح بن خوات ، عن سهل بن أبي حثمة ، قال : يقوم الإمام مستقبل القبلة ، وطائفة منهم معه ، وطائفة من قبل العدو ، ووجوههم إلى العدو ، فيصلي بالذين معه ركعة ، ثم يقومون فيركعون لأنفسهم ركعة ويسجدون سجدتين في مكانهم ، ثم يذهب هؤلاء إلى مقام أولئك ، فيجيء أولئك فيركع بهم ركعة ، فله ثنتان ، ثم يركعون ويسجدون سجدتين .
حدثنا مسدد: ثنا يحيى ، عن شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن صالح بن خوات ، عن سهل بن أبي حثمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
حدثنا محمد بن عبيد الله : ثنا ابن أبي حازم ، عن يحيى : سمع القاسم : أخبرني صالح بن خوات ، عن سهل ، حدثه- قوله )) .
حاصل الاختلاف في إسناد هذا الحديث الذي خرجه البخاري هاهنا : أن يزيد بن رومان رواه عن صالح بن خوات ، عمن شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرقاع ، ولم
يسمه .
ورواه القاسم بن محمد ، عن صالح بن خوات ، عن سهل بن أبي حثمة ، واختلف عليه في رفعه ووقفه :
فرواه يحيى بن سعيد الانصاري ، عن القاسم ، فوقفه على سهل .
وقد خرجه البخاري هاهنا من طريق يحيى القطان وابن أبي حازم ، عن يحيى الأنصاري .
كذلك رواه شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، فرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال الإمام أحمد : رفعه عبد الرحمن ، ويحيى لم يرفعه . ثم قالَ : حسبك
بعبد الرحمن ، هو ثقة ثقة ثقة . قيل له : فرواه عن عبد الرحمن غير شعبة ؟ قالَ : ما علمت .
ثم قال : قد رواه يزيد بن رومان ، عن صالح بن خوات ، عمن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فهذا يشد ذاك .
يريد : أنه يقوي رفعه .
ونقل الترمذي في ((العلل)) عن البخاري ، أنه قال : حديث سهل بن أبي حثمة هوحديث حسن ، وهومرفوع ، رفعه شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم . انتهى .(1/388)
ولكن رواه حرب الكرماني ، عن إسحاق بن راهويه ، عن الثقفي ، عن يحيى الأنصاري ، وقال في حديثه : ((من السنة)) .
وهذا –أيضا- رفعٌ له .
وهو غريب عن الأنصاري .
ورواه عبد الله العمري ، عن أخيه عبيد الله ، عن القاسم بن محمد ، عن صالح بن خوات ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وأخطأَ في قوله : ((عن أبيه)) ، إنما هو: ((عن سهل)) : قاله أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان .
وقالا –أيضا- رواه أبو أويس ، عن يزيد بن رومان ، عن صالح بن خوات ، عن أبيه -أيضا- ، وأخطأ –أيضاً- في قوله : ((عن أبيه)) .
وقد ذكر أبو حاتم الرازي وغيره : أن الذي قال صالح بن خوات في رواية يزيد بن رومان ، عنه : ((حدثني من شهد النبي - صلى الله عليه وسلم - )) ، هو سهل بن أبي حثمة ، كما قاله القاسم ، عن صالح .
قال أبو حاتم : وسهل بن أبي حثمة بايع تحت الشجرة ، وكان دليل النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة أحد ، وشهد المشاهد كلها إلا بدراً .
قالَ عبد الرحمن بن أبي حاتم : سمعت رجلاً من ولده ، سأله أبي عن ذلك ، فأخبره به .
ولكن ذكر أكثر أهل السير كالواقدي والطبري وغيرهما : أن سهل بن أبي حثمة توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثمان سنين .
قال الواقدي والطبري : وقد حفظ عنه ، وقيل : إن الذي كان دليل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أحد وشهد معه المشاهد هو أبو حثمة والد سهل . والله سبحانه أعلم .
وقد ذكر الإمام أحمد وأبو داود أن رواية يحيى بن سعيد ، عن القاسم تخالف رواية يزيد بن رومان في السلام ؛ فإن في رواية يزيد بن رومان : أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -? سلم بالطائفة الثانية ، وفي رواية يحيى بن سعيد : أنهم قضوا الركعة بعد سلامه .
وقد خرجه أبو داود من رواية مالك ، عن يحيى بن سعيد كذلك ، وفي حديثه : فركع بهم وسجد بهم ويسلم ، فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية ، ثم يسلمون .(1/389)
وقد روى يحيى القطان الحديث ،عن يحيى الأنصاري ، ورواه عن شعبة عن
عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، وقال : لا أحفظ حديثه ، ولكنه مثل حديث يحيى .
كذا خرجه الترمذي وابن ماجه .
وكذلك في رواية البخاري : أن يحيى القطان رواه عن شعبة مثل حديث يحيى بن سعيد .
ولكن بينهما فرق في السلام :
فقد رواه معاذ بن معاذ ، عن شعبة ، عن عبد الرحمن بهذا الإسناد ، وقال فيه : وتأخر الذين كانوا قدامهم ، فصلى بهم ركعة ، ثم قعد حتى صلى الذين تخلفوا ركعة ، ثم سلم .
كذلك خرجه مسلم من طريقه .
ورجح ابن عبد البر رواية يحيى القطان ، عن شعبة ، على رواية معاذ بن معاذ ، عنه ، وقال في القطان : هو أثبت الناس في شعبة . وخالفه البيهقي ، ورجح رواية معاذ بن معاذ ؛ لان يحيى القطان لم يحفظ حديث شعبة .
وقال : رواه –أيضا- روح بن عبادة ، عن شعبة ، كما رواه عنه معاذ . قالَ : وكذلك رواه الثوري ، عن يحيى الأنصاري بخلاف رواية مالك ، عنه . قالَ : وهذا أولى أن يكون محفوظاً ؛ لموافقته رواية عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، ورواية مالك . عن يزيد بن رومان .
قلت : فقد رواه أحمد ، عن غندر ، عن شعبة ، عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن القاسم ، وقال : أما عبد الرحمن فرفعه ، وساق الحديث ، وفي آخره : ثم يقعد حتى يقضوا ركعة أخرى ، ثم يسلم عليهم .
وهذا يوافق رواية معاذ ، وغندر مقدم في أصحاب شعبة .
[ فتح الباري : 6 /37-41 ] .
858) قال البخاري رحمه الله : (( وقال أبو هريرة : صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة نجد صلاة الخوف)) .(1/390)
قال ابن رجب رحمه الله : وهذا الحديث خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من رواية حيوة وابن لهيعة- إلا أن النسائي كنى عنه برجل آخر – كلاهما ، عن أبي الاسود ، أنه سمع عروة بن الزبير يحدث ، عن مروان بن الحكم ، أنه سأل أبا هريرة : هل صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف ؟ قالَ أبو هريرة : نعم . قالَ مروان : متى ؟ قالَ أبو هريرة : عام غزوة
نجد ، قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى صلاة العصر ، فقامت طائفة معه ، وطائفة أخرى مقابل العدو ، وظهورهم إلى الكعبة ، فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبروا جميعا : الذين معه والذين مقابلو العدو ، ثُمَّ ركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعة واحدة ، وركعت الطائفة الذين معه ، ثُمَّ سجد فسجدت الطائفة التي تليه ، والآخرون قيام مقابل العدو، ثُمَّ قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقامت الطائفة التي معه ، فذهبوا إلى العدو فقابلوه ، واقبلت الطائفة التي كانت مقابل العدو فركعوا وسجدوا ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم كما هوَ ، ثُمَّ قاموا فركع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعة أخرى وركعوا معه ، وسجد وسجدوا معه ، ثُمَّ أقبلت الطائفة التي كانت مقابل العدو ، فركعوا وسجدوا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد ، ومن كان معه ، ثم كان السلام ، فسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلموا جميعا ، فكان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتان ، ولكل رجل من الطائفتين ركعة ركعة .
واللفظ لأبي داود .
ولفظ النسائي : فكان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتان، ولكل رجل من الطائفتين ركعتان ركعتان . فتحمل -حينئذ- رواية أبي داود على أنه كان لكل واحد من الطائفتين ركعة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - والركعة الأخرى هو صلاها لنفسه ، وعلى مثل ذلك تحمل كثير من أحاديث صلاة الركعة في الخوف .(1/391)
ورواية ابن إسحاق ، عن أبي الاسود ، عن عروة أنه سمع أبا هريرة ومروان بن الحكم يسأله- فذكر الحديث بمعناه .
خرجه ابن خزيمة وابن حبان في ((صحيحيهما )) .
ورواية من روى عن عروة ، عن مروان ، عن أبي هريرة أشبه بالصواب-: قاله الدارقطني .
ونقل الترمذي في ((علله)) عن البخاري ، أنه قال : حديث عروة ، عن أبي
هريرة ، حسن .
وقد روي هذا الحديث عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة ، عن أبي هريرة .
خرجه الأثرم .
وليس في حديثه : أن الطائفتين كبَرت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول صلاته .
[ فتح الباري : 6 / 43- 44 ] .
859) وروي عن ابن إسحاق ، عن محمد بن جعفر ، عن عروة ، عن عائشة .
خرجه أبو داود .
ولفظ حديثه : قالت : كبَر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكبرت الطائفة الذين صفوا معه ، ثم ركع فركعوا ، ثم سجد فسجدوا ، ثم رفع فرفعوا ، ثم مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا ، ثم سجدوا هم لأنفسهم الثانية ، ثم قاموا فنكصوا على أعقابهم يمشون القهقري حتى قاموا من ورائهم ، وجاءت الطائف [الأخرى فقاموا] فكبروا ، ثُمَّ ركعوا لأنفسهم ، ثم سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسجدوا معه ، ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم سجدوا لأنفسهم الثانية ، ثم قامت الطائفتان جميعا فصلوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فركع فركعوا ، ثم سجد فسجدوا جميعا ، ثم عاد فسجد الثانية فسجدوا معه سريعا كأسرع الإسراع جاهدا ، لا يألون إسراعا ، ثم سلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلموا ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد شاركه الناس في الصلاة كلها .
فقد اضطرب ابن إسحاق في لفظ الحديث وإسناده .
وقد رواه هشام بن عروة ، عن أبيه - مرسلا- ، بنحو حديث أبي عياش الزرقي .
ذكره أبو داود- تعليقا .
[ فتح الباري : 6 / 44-45 ] .
باب(1/392)
صلاة الطالب والمطلوب راكباً وإيماءً أو قائماً
860) وخرج البيهقي ، بإسناد فيه نظر ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، أن عمه عبد الله أخبره ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عزم على الناس لما رجع من الأحزاب أن لا يصلوا صلاة العصر إلاّ في بني قريظة . قالَ : فلبس الناس السلاح ، فلم يأتوا بني قريظة حتى غربت الشمس ، فاختصم الناس عند غروب الشمس ، فقال بعضهم : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عزم علينا إلاّ نصلي حتى نأتي بني قريظة ، فإنما نحن في عزيمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليس علينا إثم ، وصلى طائفة من الناس احتسابا ، وتركت طائفة منهم الصلاة حتى غربت الشمس ، فصلوها حين جازوا بني قريظة احتسابا ، فلم يعنف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدا من الفريقين .
وهذا مرسل .
وقد ذكره موسى بن عقبة في (( مغازيه )) عن الزهري – مرسلا-، بغير إسناد للزهري بالكلية ، وهو أشبه .
[ فتح الباري : 6 / 61 ] .
كتاب العيدين
أبواب العيدين
باب
في العيدين والتجمل فيهما
861) وخرج البيهقي بإسناد صحيح ، عن نافع ، أن ابن عمر كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه .
[ فتح الباري : 6 / 68 ] .
862) وروى مالك ، عن الزهري ، عن عبيد بن السباق ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في جمعة من الجمع : (( يا معشر المسلمين ، إن هذا اليوم جعله الله عيدا ، فاغتسلوا ، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه ، وعليكم بالسواك )) .
وهذا تنبيه على أن ذلك مأمور به في كل عيد للمسلمين .
رواه صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن عبيد ، عن ابن عباس .
خرجه ابن ماجه .(1/393)
ورواية مالك أصح .
ورواه بعضهم ، عن مالك ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
خرجه كذلك الطبراني وغيره .
وهو وهم على مالك : قاله أبو حاتم الرازي والبيهقي وغيرهما .
[ فتح الباري : 6 / 69- 70 ] .
863) وروى صبيح أبو الوسيم : ثنا عقبة بن صهبان ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((الغسل واجب في هذه الأيام : يوم الجمعة ، ويوم الفطر ، ويوم النحر ، ويوم عرفة )) .
غريب جداً . وصبيح هذا ، لايعرف .
[ فتح الباري : 6 / 70 ] .
864) وخرج ابن ماجه من رواية الفاكه بن سعد –وله صحبة- ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل يوم الجمعة ، ويوم عرفة ، ويوم الفطر ، ويوم النحر ، وكان الفاكه يأمر أهله بالغسل في هذه الأيام .
وفي إسناده : يوسف بن خالد السمتي ، وهو ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 6 / 70 ] .
865) وخرج ابن ماجه عن جبارة بن مغلس ، عن حجاج بن تميم ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى .
وحجاج بن تميم وجبارة بن مغلس ، ضعيفان .
[ فتح الباري : 6 / 70 ] .
866) وروى مندل ، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل للعيدين .
خرجه البزار .
ومحمد هذا ، ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 6 / 70 – 71 ] .
867) وخرج أبوبكر عبد العزيز بن جعفر في كتاب ((الشافي)) - بإسناد ضعيف - ، عن الحارث ، عن علي ، قال: كان بعضنا يغتسل وبعضنا يتوضأ ، فلا يصلي أحد منا قبلها ولا بعدها حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -.(1/394)
وروى أبو صالح ، عن الليث بن سعد ، حدثني إسحاق بن بزرجٍ ، عن الحسن بن علي ، قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نلبس أجود ما نجد ، ونتطيب بأجود ما نجد ، وأن نضحي بأسمن ما نجد ، وأن نظهر التكبير ، وعلمنا السكينة والوقار .
خرجه الطبراني والحاكم .
وقال : لولا جهالة إسحاق بن بزرج لحكمنا للحديث بالصحة .
[ فتح الباري : 6 / 71 ] .
868) قلت : ورويناه من وجه آخر ، من طريق ابن لهيعة : حدثني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن عتبة بن حميد ، عن عبادة بن نسي ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن معاذ ، قالَ : كان رسول الله ?- صلى الله عليه وسلم -إذا غدا إلي المصلى أمرنا أن نلبس أجود ما نقدر عليه من الثياب ، وأن نخرج وعلينا السكينة ، وأن نجهر بالتكبير .
وهذا منكر جداً .
ولعله مما وضعه المصلوب ، وأسقط أسمه من الإسناد ؛ فإنه يروى بهذا الإسناد أحاديث عديدة منكرة ترجع إلى المصلوب ، ويسقط اسمه من إسنادها كحديث التنشف بعد الوضوء .والله سبحانه وتعالى أعلم .
[ فتح الباري : 6 / 71- 72 ] .
باب
سنة العيدين لأهل الإسلام
869) ولا ريب أن العرب كانَ لهم غناء يتغنون به ، وكان لهم دفوف يضربون بها ، وكان غناؤهم بأشعار أهل الجاهلية من ذكر الحروب وندب من قتل فيها ، وكانت دفوفهم مثل الغرابيل ، ليس فيها جلاجل ، كما في حديث عائشة ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( أعلنوا النكاح واضربوا عليهِ بالغربال )) .
وخرجه الترمذي وابن ماجه ، بإسناد فيه ضعفٌ .
[ فتح الباري : 6 / 77 ] .
870) وقد خرج البخاري في (( الأشربة)) حديث عبد الرحمن بن غنم ، عن أبي مالك –أو أبي عامر- الأشعري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، كما سياتي في موضعه- إن شاء الله سبحانه وتعالى .
فقال فيه : (( قال هشام بن عمار )) – فذكره .(1/395)
والظاهر: أنه سمعه من هشام .
وقد رواه عن هشام الحسن بن سفيان النسوي .
وخرجه من طريقه البيهقي وغيره .
وخرجه الطبراني : نا محمد بن يزيد بن عبد الصمد : نا هشام بن عمار.
فصح واتصل عن هشام .
وخرجه أبو داود من وجه آخر مختصرا .
[ فتح الباري : 6 / 79 ] .
871) وفي تحريم ضرب المخنث بالدف حديث مرفوع ، خرجه ابن ماجه بإسناد ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 82 ] .
باب
الأكل يوم الفطر قبل الخروج
872) قال البخاري رحمه الله : 953 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم : نا سعيد بن سليمان ، أنا هشيم : أنا عبيد الله بن أبي بكر ، عن أنس بن مالك ، قال : كان رسول الله ?- صلى الله عليه وسلم -لا يغدو يوم الفطر حتى ياكل تمرات .
وقال مرجأ بن رجاء : حدثني عبيد الله بن أبي بكر : حدثني أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وياكلهن وتراً .
قال ابن رجب رحمه الله : هذا الحديث مما تفرد به البخاري ، ولم يخرجه مسلم .
وإنما ذكر متابعة مرجى بن رجاء لثلاثة فوائد :
أحدها :
أنه حديث أنكره الإمام أحمد من حديث هشيم ، وقال : إنما كان هشيم يحدث به عن محمد بن إسحاق ، عن حفص بن عبيد الله ، عن أنس . قَالَ : وإنما ثناه علي بن عاصم ، عن عبيد الله بن أبي بكر .
كذا نقله عن أحمد ابنه عبد الله .
وقد رواه[ قتيبة] ، عن هشيم ، عن ابن إسحاق ، عن حفص ، كما قاله الإمام أحمد ومن هذه الطريق خرجه الترمذي ، وصححه .
وقد رواه كذلك عن هشيم بهذا الإسناد الإمام أحمد ، ويحيى ، وابن أبي شيبة
وغيرهم .
قال البيهقي : ورواه سعيد بن سليمان ، عن هشيم بالإسنادين معا .
وهذا يدل على أنهما محفوظان عن هشيم ، فبين البخاري أنه قد توبع عليه هشيم .
وقد خرجه الإمام أحمد من حديث مرجى (( ويأكلهن أفرادا)) .
وخرجه ابن خزيمة في (( صحيحه)) والدارقطني من حديثه ، وعندهما : ((ويأكلهن وترا)) .(1/396)
ومرجى بن رجاء ، مختلف في أمره . وثقه أبو زرعة ، وضعفه غيره وتابعه- أيضا- : علي بن عاصم ، فرواه عن عبيد الله بن أبي بكر : سمعت أنسا يقول : (( ما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فطر قط حتى يأكل تمرات)) .
خرجه الإمام أحمد ، عنه .
وخرجه ابن شاهين في (( كتاب العيدين)) ، وزاد: (( ثلاثا ، وكان أنس [يأكل] ثلاث تمرات أو خمسا ، وإن شاء زاد ، إلاّ أنه يجعلهن وترا)) .
ورواه- أيضا- عتبة بن حميد : نا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس : سمعت أنسا قالَ : ما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فطر حتى يأكل ثمرات ، ثلاثا أو خمسا أو سبعا ، أو أقل من ذلك أو أكثر ، وتراً .
خرجه الطبراني .
وخرجه ابن حبان في (( صحيحه)) إلى قوله : (( سبعا)) .
ورواه- أيضا – أبو جزي نصر بن طريف ، عن عبيد الله بن أبي بكر ، عن أنس .
فقد رواه جماعة ، عن عبيد الله ، عن أنس – كما ترى- ، وإنما استنكره أحمد من حديث هشيم .
الفائدة الثانية :
إن في رواية مرجى زيادة الوتر .
والثالثة :
إن فيها التصريح بسماع عبيد الله له من أنس .
وقد ذكرنا أنه توبع على هاتين الزيادتين .
وفي الباب أحاديث أخر ، ليست على شرط البخاري .
[ فتح الباري : 6 / 86- 88 ] .
873) ويشهد له : ما خرجه ابن ماجه ، عن ابن عمر ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يغدي أصحابه من صدقة الفطر .
وإسناده ضعيف جدا .
وقد قيل : إن صوابه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الإمام .
قاله العقيلي .
[ فتح الباري : 6 / 90 ] .
باب
المشي والركوب إلى العيد بغير أذان ولا إقامة
874) وفي الباب: عن ابن عُمَر .
خرجه الإمام أحمد والنسائي .
وفي إسناده مقال .(1/397)
خرجه الإمام أحمد من رواية الزهري ، عن سالم ، عن أبيه- وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر .
وهو من رواية عبد الرزاق بن عمر والنعمان بن راشد ، عن الزهري .
وقال أبو حاتم : هو حديث منكر .
وخرجه النسائي ، من رواية الفضل بن عطية ، عن سالم ، عن أبيه – ولم يذكر أبا بكر وعمر .
والفضل بن عطية ، مختلف فيهِ .
وروي عنه عن عطاء عن جابر .
[ فتح الباري : 6 / 93- 94 ] .
875) وقال الشافعي : قال الزهري : وكان النبي ?- صلى الله عليه وسلم -يأمر في العيدين المؤذن فيقول : الصلاة جامعة .
واستحب ذلك الشافعي وأصحابنا .
واستدلوا بمرسل الزهري ، وهو ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 95 ] .
باب
الخطبة يوم العيد
876) وأما ذكر الخطبتين في العيد ، فخرجه ابن ماجه من رواية إسماعيل بن مسلم : نا أبو الزبير ، عن جابر ، قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفطر- أو أضحى- فخطب قائما، ثم قعد قعدة ، ثم قام .
وإسماعيل ، هو المكي . ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 6 / 99 ] .
باب
ما يكره من حمل السلاح في العيد والحرم
877) وخرج ابن ماجه بإسناد ضعيف جداً ، عن ابن عباس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يلبس السلاح في بلاد الاسلام في العيدين ، إلا أن يكونوا بحضرة العدو .
وفي إسناده : إسماعيل بن زياد ، متروك .
[ فتح الباري : 6 / 100 ] .
878) وأما حمل السلاح يوم العيد ، فقد حكى البخاري عن الحسن ، أنه قال : نهوا
عنه ، إلا أن يخافوا عدواً .
وقد روي عنه مرفوعاً .(1/398)
خرجه أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في ((كتاب الشافي)) ، من طريق علي بن عياش : ثنا إسماعيل ، عن ابن أبي نعم ٍ ، عن الحسن ، عن جابر ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج السلاح في العيدين .
إسماعيل : كأنه : ابن عياش .
والصحيح : الموقوف .
[ فتح الباري : 6 / 102 ] .
باب
التبكير إلى العيد
879) وفي حديث مرسل ، خرجه الشافعي ، أن النبي كتب إلى عمرو بن حزم - وهو بنجران - أن عجل الأضحى ، وأخر الفطر .
وفي إسناده : إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى ، وهو ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 6 / 105 ] .
880) واستدلوا بما روى أبو عمير بن أنس ، قال : حدثني عمومة لي من الأنصار من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا : غم علينا هلال شوال ، فأصبحنا صياماً ، فجاء ركب من آخر النهار ، فشهدوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم رأوا الهلال بالأمس ، فأمر الناس أن يفطروا من يومهم ، وأن يخرجوا لعيدهم من الغد .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه .
وصححه إسحاق بن راهويه والخطابي والبيهقي .
واحتج به أحمد .
وتوقف فيه الشافعي، وقال : لو ثبت قلنا به .
[ فتح الباري : 6 / 106- 107 ] .
باب
فضل العمل في أيام التشريق
881) وقد روي عن ابن عباس وعطاء ، أنها أربعة أيام : يوم النحر ، وثلاثة بعده .
وفي إسناد المروي عن ابن عباس ضعف .
[ فتح الباري : 6 / 112 ] .(1/399)
882) قال البخاري رحمه الله : 969 - نا محمد بن عرعرة : نا شعبة، عن سليمان ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ما العمل في أيام أفضل منها في هذه الأيام -يعني : أيام العشر -)) قالوا : ولا الجهاد ؟ قالَ : (( ولا الجهاد ، إلاّ رجل يخرج يخاطر بنفسه وماله ، فلم يرجع بشيء )) .
قال ابن رجب رحمه الله : هكذا في أكثر النسخ المعتمدة ، وفي أكثر النسخ : (( ما العمل في العشر أفضل منه في هذه الأيام )) –وكأنه يشير إلى أيام التشريق- ، والحديث بهذا اللفظ غير معروف .
وهذا الحديث حديث عظيم جليل .
وسليمان الذي رواه عنه شعبة هو الأعمش ، وقد رواه جماعة عن الأعمش بهذا الإسناد ، وهو المحفوظ -: قاله الدارقطني وغيره .
واختلف على الأعمش فيه :
ورواه عن مسلم البطين مع الأعمش : حبيب بن أبي عمرة ومخول بن راشد .
ورواه عن سعيد بن جبير مع البطين : أبو صالح ومجاهد وسلمة بن كهيل وأبو إسحاق والحكم وعدي بن ثابت وغيرهم ، مع اختلاف على بعضهم فيه .
ورواه عن ابن عباس مع سعيد بن جبير ، عطاء وطاوس ومجاهد وعكرمة
ومقسم ، مع اختلاف على بعضهم يطول ذكره .
ولعل مسلماً لم يخرجه للاختلاف في إسناده . والله سبحانه وتعالى أعلم .
[ فتح الباري : 6 /113- 115 ] .
883) منها : أن يكون الحج مفروضا ، فيكون حينئذ أفضل من التطوع بالجهاد ، هذا قول جمهور العلماء .
وقد روي صريحاً ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص .
وروي -مرفوعاً- من وجوه متعددة ، في أسانيدها لين .
ونص عليه الإمام أحمد وغيره .
[ فتح الباري : 6 / 116 ] .
884) فخرج الترمذي وابن ماجه من رواية النهاس بن قهم ، عن قتادة ، عن ابن
المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي قالَ : (( ما من أيام احب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة ، يعدل صيام كل يوم منها بسنة ، وكل ليلة منها بليلة القدر )) .
و النهاس ، ضعفوه .(1/400)
وذكر الترمذي عن البخاري ، أن الحديث يروى عن قتادة ، عن ابن المسيب - مرسلا .
[ فتح الباري : 6 / 119 ] .
885) وروى ثوير بن أبي فاختة - وفيه ضعف - ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قالَ : ليس يوم أعظم عند الله من يوم الجمعة ، ليس العشر ؛ فإن العمل فيهِ يعدل عمل سنة .
[ فتح الباري : 6 / 119 ] .
886) وفي ((مسند البزار)) من وجه آخر ، عن جابر ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قالَ : (( أفضل أيام الدنيا العشر )) .
وروي مرسلاً .
وقيل : إنه أصح .
[ فتح الباري : 6 / 120 ] .
887) وروى سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن كعب : أحب الزمان إلى الله الشهر الحرام ، وأحب الأشهر الحرم إلى الله ذو الحجة ، وأحب ذي الحجة إلى الله العشر الأول.
وروي عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة – مرفوعا ، ولا يصح .
[ فتح الباري : 6 / 121 ] .
888) وفي (( مسند البزار )) من حديث أبي سعيد- مرفوعا- : (( سيد الشهور
رمضان ، و أعظمها حرمة ذو الحجة )) .
وفي إسناده مقال .
[ فتح الباري : 6 / 122 ] .
باب
التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة
889) وممن فرق بين الخارج وأهل الأمصار : أبو ثور . وروى الخضر الكندي ، عن
عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، قال : إذا كان عليه تكبير وتلبية بدأ بالتكبير ، ثم التلبية .
قال أبو بكر بن جعفر : لم يروها غيره .
قلت : الخضر هذا ، غير مشهور ، وهو يروي عن عبد الله بن أحمد المناكير التي تخالف روايات الثقات ، عنه ، والذي نقل الثقات ، عن أحمد ، أن الحاج لا يكبر حتى يقطع التلبية ، فكيف يجتمعان عليهِ ؟
[ فتح الباري : 6 / 125 ] .
890) وأختار جماعة من أصحابه القول بأن ابتداءه في الأمصار من صبح يوم عرفة وانتهاءه عصر آخر يوم من أيام التشريق .(1/401)
منهم المزني وأبن سريج وابن المنذر والبيهقي وغيرهم من الفقهاء المحدثين منهم .
قالوا : وعليه عمل الناس في الأمصار .
وفي المسألة للسلف أقوال أخر .
وفي الباب حديث مرفوع ، لايصح إسناده .
وخرجه الحاكم من حديث علي وعمار .
وضعفه البيهقي ، وهو كما قال
[ فتح الباري : 6 / 128 ] .
891) وروي عن شعبة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، انه سمع تكبير الناس يوم
العيد ، فقال : أيكبر الإمام ؟ قالوا : لا . قالَ : ما شأن الناس أمجانين ؟
وشعبة هذا ، متكلم فيه .
[ فتح الباري : 6 / 133 ] .
892) وروي التكبير في الخروج يوم الفطر عن أبي أمامة وغيره من الصحابة .
خرجه الجوزجاني بإسناد ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 133 ] .
باب
الصلاة إلى الحربة يوم العيد
893) فقد رواه الشافعي ، عن إبراهيم بن محمد –هو: ابن أبي يحيى- ، عن ليث ، عن عطاء ،أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذاخطب يعتمد على عنزة إعتماداً .
وفي رواية : على عنزة أو عصاً . وهذا مرسل ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 137 ] .
باب
حمل العنزة أو الحربة بين يدي الإمام يوم العيد
894) قال البخاري رحمه الله : 973 حدثنا إبراهيم بن المنذر : ثنا الوليد : ثنا أبو عمرو –هو: الأوزاعي -: حدثني نافع ، عن ابن عمر ، قالَ : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغدوإلى المصلى والعنزة بين يديه تحمل ، وتنصب بالمصلى بين يديه ، فيصلي إليها .
قال ابن رجب رحمه الله : قد ذكرنا في الباب الماضي معنى حمل العنزة بين يديه ، فلا حاجة إلى إعادته .
وسبق الفرق بين العنزة والحربة في ((أبواب السترة)) .
وفي هذه الرواية : التصريح بسماع الأوزاعي لهذا الحديث من نافع .(1/402)
وقد رواه الوليد بن مزيد ، عن الأوزاعي : حدثني الزهري ، عن نافع -فذكره .
وقد ذكر غير واحد : أن الأوزاعي لم يصح له سماع من نافع ، منهم ابن معين ويحيى بن بكير .
وقيل : سمع منه حديثا واحداً .
وقد قيل : إن الشاميين كانوا يتسمحون في لفظة ((أ نا)) ، و(( ثنا )) ، ويستعملونها في غير السماع .
ذكره الإسماعيلي وغيره .
[ فتح الباري : 6 / 138 ] .
باب
خروج الحيض إلى المصلى
895) وروي عن ابن عباس بإسناد فيه ضعف ، أنه أفتى بذلك سعيد بن العاص ، فأمر مناديه أن لا تخرج يوم العيد شابة ، وكل العجائز يخرجن .
[ فتح الباري : 6 / 140 ] .
باب
خروج الصبيان إلى المصلى
896) وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج إلى العيد ومعه من أهله كبارهم وصغارهم .
خرجه ابن خزيمة في ((صحيحه)) عن ابن أخي ابن وهب ، عن عمه ، عن
عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس وعبد الله بن عباس وعلي وجعفر والحسن والحسين وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة وأيمن بن أم أيمن ، رافعاً صوته بالتهليل والتكبير ، فيأخذ طريق الحدادين حتى يأتي المصلى ، فإذا فرغ رجع على الحذائين حتى يأتي منزله .
وقال : في القلب من هذا الخبر ، وأحسب الحمل فيه على العمري ، إن لم يكن الغلط من ابن اخي ابن وهب . انتهى .
والحمل فيه على ابن أخي ابن وهب ؛ فقد رواه جماعة عن ابن وهب ، وعن العمري ليس فيهِ شيء من هذه الألفاظ المستنكرة .
[ فتح الباري : 6 / 143 ] .
باب
موعظة الإمام النساء يوم العيد(1/403)
897) وقد روي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خير الناس بين استماع الخطبة والذهاب .
فروى عطاء ، عن عبد الله بن السائب ، قال: شهدت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العيد ، فلما قضى الصلاة قالَ: (( أنا نخطب ، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ، ومن أحب أن يذهب فليذهب )) .
خرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة في (( صحيحه)) ، من رواية الفضل بن موسى السيناني ، عن ابن جريج ، عن عطاء .
وقال أبو داود : ويروى – مرسلا- عن عطاء ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وروى عباس الدوري، عن ابن معين، قال: وصله خطأ من الفضل ، وإنما هو عن عطاء مرسلا .
وكذا قال أبو زرعة : المرسل هو الصحيح .
وكذا ذكر الإمام أحمد أنه مرسل .
[ فتح الباري : 6 / 147-148 ] .
باب
إذا لم يكن لها جلباب في العيد
898) فخرج الإمام أحمد من رواية طلحة بن مصرف ، عن امرأة من بني عبد القيس ، عن أخت عبد الله بن رواحة الانصاري ،عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( وجب الخروج على كل ذات نطاق)) .
وفيه : امرأة لا تُعرف .
[ فتح الباري : 6 / 152 ] .
899) وخرج ابن شاهين في (( كتاب العيدين )) من حديث ابن عباس ، عن النبي
- صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( العيدان واجبان على كل حالم ، من ذكر وأنثى)) .
وفي إسناده : عمرو بن شمر ، ضعيف جدا .
[ فتح الباري : 6 / 153 ] .
باب
النحر والذبح بالمصلى
900) وخرج أبو داود من رواية أسامة بن زيد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يذبح أضحيته بالمصلى ، وكان ابن عمر يفعله .
وخرجه ابن ماجه- مختصرا.
وقال الإمام أحمد – في رواية حنبل- هو منكر .
[ فتح الباري : 6 / 155 ] .(1/404)
901) وخرج ابن ماجه - بإسناد فيه ضعف - ، عن سعد القرظ ،أن النبي ?- صلى الله عليه وسلم -ذبح أضحيته عند طرف الزقاق طريق بني زريق بيده بشفرة .
[ فتح الباري : 6 / 155 ] .
902) وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث المطلب ، عن جابر قال : شهدت مع النبي?- صلى الله عليه وسلم -?الأضحى بالمصلى ، فلما قضى خطبته نزل من منبره ، فأتي بكبش فذبحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده ، وقال : (( بسم الله ، وبالله ، والله أكبر ، هذا عني وعمن لم يضحِ من أمتي)) .
وهذا لفظ الترمذي .
وقال : غريب ، والمطلب يقال : إنه لم يسمع من جابر .
[ فتح الباري : 6 / 156 ] .
باب
كلام الإمام والناس في خطبة العيد
903) وروى الشافعي - بإسناد ضعيف - ، عن عمر بن عبد العزيز ، أنه كان يترك المساكين يطوفون يسألون الناس في المصلى في خطبته الأولى يوم الأضحى والفطر ، فإذا خطب خطبته الأخيرة أمر بهم فأجلسوا .
[ فتح الباري : 6 / 158] .
904) وقد روي عن ابن عباس ، أنه خطب بالبصرة يوم الفطر ، فعلم الناس صدقة الفطر .
خرجه ابن شاهين في (( كتاب العيدين)) .
وفي إسناده : ضعف .
والصحيح : ما روى الحسن ، قالَ : خطب ابن عباس في آخر رمضان على منبر البصرة ، فقالَ : أخرجوا صدقة صومكم . فكأن الناس لم يعلموا ، فقال : من هاهنا من أهل المدينة ؟ قوموا إلى إخوانكم فعلموهم -وذكر بقية الحديث .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي .
والحسن ،لم يسمع من ابن عباس ، ولم يكن بالبصرة يوم خطب ابن عباس .
[ فتح الباري : 6 / 160- 161 ] .
905) وخرج الإمام أحمد وأبو داود ، من رواية الزهري ، قال : قال عبد الله بن ثعلبة بن صعير : خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس قبل الفطر بيومين ، فقال : ((ادوا صاعاً من بر)) –الحديث .
وفي إسناده : اختلاف كثير على الزهري .(1/405)
واختلف في عبد الله بن ثعلبة : هل له صحبة ، أم لا ؟
[ فتح الباري : 6 / 161 ] .
باب
من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد
906) قال البخاري رحمه الله : 986 حدثنا محمد : ثنا أبو تميلة يحيى بن واضح ، عن فليح بن سلمان ، عن سعيد بن الحارث ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق .
تابعه : يونس بن محمد ، عن فليح ، عن سعيد ، عن أبي هريرة .
وحديث جابر أصح .
قال ابن رجب رحمه الله : كذا في بعض النسخ : (( تابعه : يونس ، عن فليح ، عن سعيد ، عن أبي
هريرة )) وهي رواية ابن السكن .
ويقال : إن ذلك من إصلاحه .
وفي أكثر النسخ : (( تابعه : يونس بن محمد ، عن فليح ، وحديث جابر
أصح)) .
وذكر أبو مسعود الدمشقي : أن البخاري قالَ : (( تابعه يونس بن محمد ، عن فليح . قال : وقال : محمد بن الصلت : عن فليح ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، وحديث جابر أصح)) .
ثم ذكر أن ذلك وهم منه- يعني : متابعة يونس لأبي تميلة-، وإنما رواه يونس ومحمد بن الصلت ، كلاهما عن فليح ، عن سعيد، عن أبي هريرة .
وكذا رواه الهيثم بن جميل، عن فليح، وأن البخاري أراد أن يونس قال فيهِ : ((عن جابر )) .
وفيه : إشارة إلى أن غيرهما خالف في ذكر جابر ، وإن ذكره أصح ، وما ذكره أبو مسعود تصريح بذلك .
وقوله : ((وحديث جابر)) يدل عليه ، والله أعلم .
وحاصل الأمر : أنه اختلف في إسناده على فليح :
فرواه ، عنه الأ كثرون ، منهم : محمد بن الصلت والهيثم بن جميل وسريج ، فقالوا : عن سعيد بن الحارث ، عن أبي هريرة .
وخالفهم أبو تميلة يحيى بن واضح ، فرواه عن سعيد بن الحارث ، عن جابر .
وعند البخاري ، أن هذا أصح .
وأما يونس بن محمد ، فرواه عن فليح ، واختلف عنه :(1/406)
فذكر البخاري والترمذي في ((جامعه)) : أنه رواه عن فليح عن سعيد ، عن
جابر ، متابعة لأبي تميلة .
وكذا رواه ابن خزيمة وابن حبان في (( صحيحيهما)) .
وكذلك خرجه البيهقي من رواية محمد بن عبيد الله المنادي ، عن يونس .
وقد قال مهنا : قلت لأحمد : هل سمع سعيد بن الحارث من أبي هريرة ؟ فلم يقل شيئاً .
وقد ذكر البيهقي : أن أبا تميلة روي عنه ، عن فليح ، عن سعيد ، عن أبي هريرة – أيضاً .
ثم خرجه من طريق أحمد بن عمرو الحرشي ، عن أبي تميلة كذلك .
فتبين بهذا : أن ابا تميلة ويونس اختلف عليهما في ذكر : (( أبي هريرة وجابر))، وأن اكثر الرواة قال فيه : (( عن أبي هريرة )) ، ومنهم من اختلف عليه في ذكر ((أبي هريرة وجابر)) .
وقد ذكر الإمام أحمد ، أنه حديث أبي هريرة ، وهذا يدل على أن المحفوظ قول من قالَ : ((عن أبي هريرة)) ، كما قاله أبو مسعود ، خلاف ما قاله البخاري .
[ فتح الباري : 6 /163- 165 ] .
907) وفي الباب : أحاديث أخر ، ليست على شرط البخاري .
ومن أجودها : حديث عبد الله بن عمر العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ يوم العيد في طريق ، ثم رجع من طريق آخر .
خرجه أبو داود .
وخرجه ابن ماجه ، وعنده: أن ابن عمر كان يخرج إلى العيد في طريق ، ويرجع في أخرى ، ويزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله .
وقد استغربه الإمام أحمد ، وقال : لم أسمع هذا قط .
وقال –أيضاً- : العمري يرفعه ، ومالك وابن عيينة لا يرفعانه .
يعني : يقفانه على ابن عمر من فعله .
قيل له : قد رواه عبيد الله –يعني : أخا العمري ، عن نافع ،عن ابن عمر ؟
فأنكره ، وقال : من رواه ؟ قيل لهُ : عبد العزيز بن محمد – يعني : الدراوردي .
-قالَ : عبد العزيز يروي مناكير .
وقال البرقاني : سألت الدارقطني : هل رواه عن نافع غير العمري ؟ قَالَ : من وجه يثبت ، لا . ثُمَّ قالَ : روي عن مالك ، عن نافع ، ولكن لايثبت . انتهى .(1/407)
والصحيح عن مالك وغيره : وقفه دون رفعه .
وكذا رواه وكيع عن العمري-موقوفا .
[ فتح الباري : 6 / 165- 166 ] .
908) وقد روي في حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغدو من طريق ويرجع من اخر ؛ ليتسع الناس في الطريق .
وعبد الرحمن هذا ، ضعيف جداً .
[ فتح الباري : 6 / 166 ] .
909) فرواه سليمان بن أرقم ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعثمان إذا خرجوا إلى العيد من طريق رجعوا في طريق آخر أبعد منه .
وسليمان بن أرقم ، متروك .
ولا أصل لحديثه هذا بهذا الإسناد .
[ فتح الباري : 6 / 167 ] .
باب
إذا فاته العيد يصلي ركعتين
910) وقالت طائفة : من فاتته صلاة العيد مع الإمام صلى أربع ركعات .
روي ذلك عن ابن مسعود من غير وجه .
وسوى ابن مسعود بين من فاتته الجمعة ، ومن فاته العيد ، فقال- في كل منهما -: يصلي أربعاً .
واحتج به الإمام أحمد .
ولا عبرة بتضعيف ابن المنذر له ؛ فإنه روي بأسانيد صحيحة .
[ فتح الباري : 6 / 171 ] .
911) قال حرب: وسألت ابن المديني : هل صح فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ : حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ : ويروى عن أبي هريرة –من قوله- صحيح . انتهى .
وحكى الترمذي في ((علله)) ، عن البخاري ، أنه صحح هذا الحديث .
وقال أحمد –في رواية -: أنا اذهب إليه .
وقد خرجه في ((المسند)) وأبو داود وابن ماجة بألفاظ مختلفة ، ومعناها واحد : أن التكبير في الأولى سبع ، وفي الثانية خمس .
وفي رواية أحمد وأبي داود : أن القراءة بعدهما .
وقد استوفينا الأحاديث في ذَلِكَ ، والكلام عليها في ((شرح الترمذي)) بحمد
الله ومنه .(1/408)
[ فتح الباري : 6 / 178-179 ] .
باب
الصلاة قبل العيد وبعدها
912) وأما حديث ابن عمر ، فمن رواية أبان بن عبد الله البجلي ، عن أبي بكر بن حفص ، عن ابن عمر ، أنه خرج يوم عيد فطر ، ولم يصل قبلها ولابعدها ، وذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله .
خرجه الإمام أحمد والترمذي .
وقال : حسن صحيح .
وحكى في ((علله)) عن البخاري ، أنه قال : هو حديث صحيح ، وأبان البجلي صدوق .
وأبان هذا ، وثقه ابن معين ، وقال أحمد : صدوق صالح الحديث .
[ فتح الباري : 6 / 183 ] .
913) ورخصت طائفة أخرى في الصلاة بعدها دون ما قبلها ، وحكاه الإمام أحمد عن أهل الكوفة .
وقد روي عن علي من وجه ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 185 ] .
914) وروى عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي قبل العيد شيئاً ، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين .
خرجه الإمام أحمد وابن ماجه وابن خزيمة في ((صحيحه)) والحاكم .
وقال : سنة عزيزة ، بإسناد صحيح .
كذا قال ؛ وابن عقيل مختلف فيهِ .
وقالت طائفة : لا صلاة يوم العيد حتَّى تزول الشمس .
وصح عن ابن عمر ، أنه كان يفعله .
[ فتح الباري : 6 / 186 ] .
كتاب الوتر
أبواب الوتر
باب
ما جاء في الوتر(1/409)
915) قال البخاري رحمه الله : 990 حدثنا عبد الله بن يوسف : انا مالك ، عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر ، أن رجلاً سأل النبي ?- صلى الله عليه وسلم -عن صلاة الليل ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح ، صلى ركعه واحدة ، توتر له ما قد صلى )) .
991- وعن نافع ، أن عبد الله بن عمر كان يسلم بين الركعة والركعتين في الوتر ، حتى يأمر ببعض حاجته .
قال ابن رجب رحمه الله : وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( صلاة الليل مثنى مثنى )) –يعني :ركعتين ركعتين.
والمراد : انه يسلم في كل ركعتين ، وبذلك فسره ابن عمر .
أخرجه مسلم في((صحيحه)).
ويدل بمفهومه على أن صلاة النهار ليست كذلك ، وأنه يجوز أن تصلى أربعا .
وقد كان ابن عمر –وهو راوي الحديث – يصلي بالنهار أربعا ، فدل على أنه عمل بمفهوم ما روى .
فروى يحيى الأنصاري وعبيد الله بن عمر ، عن نافع ، أن ابن عمر كان يتطوع بالنهار (( بأربعٍ )) ، لا يفصل بينهن .
وبهذا رد يحيى بن معين وغيره الحديث المروي ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، من رواية شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن علي الازدي ،عن ابن عمر .
وقد أعله الترمذي ، بأن شعبة اختلف عليه في رفعه ووقفه .
وذكر الإمام أحمد : أن شعبة كان يتهيبه .
وأعله ابن معين وغيره ، بأن أصحاب ابن عمر الحفاظ رووا كلهم ، عنه ، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - : (( صلاة الليل مثنى مثنى )) ، من غير ذكر النهار ، أكثر من خمسة عشر نفسا ، فلا يقبل تفرد علي الازدي بما يخالفهم .
وأعله الإمام أحمد وغيره بأنه روي عن ابن عمر، أنه كان يصلي بالنهار أربعاً ، فلو كان عنده نص عن النبي - صلى الله عليه وسلم -لم يخالفه .
وتوقف أحمد –في رواية ،عنه – في حديث الأزدي .(1/410)
وقال – مرة - : إسناده جيد ، ونحن لا نتقيه .
وقد روي ،عن ابن عمر موقوفاً عليه -أيضاً- ((صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)) .
وروي عنه- مرفوعاً- من وجه آخر .
وقيل : إنه ليس بمحفوظ .
قاله الدارقطني وغيره .
[ فتح الباري : 6 / 191- 193 ] .
916) وقد عارض هذا حديث عائشة الذي خرجه مسلم ،خرجه من طريق هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة ، يوتر في ذلك بخمس ،لا يجلس في شيء منهن ، إلا في آخرهن .
وقد تكلم في حديث هشام هذا غير واحد .
قال ابن عبر البر : قد أنكر مالك . وقال: مذ صار هشام إلى العراق أتانا عنه ما لم يعرف منه .
وقد أعله الأثرم ، بأن يقال في حديثه : ((كان يوتر بواحدة )) ، كذا رواه مالك وغيره عن الزهري .
ورواه عمرو بن الحارث ويونس ، عن الزهري ، وفي حديثهما : ((يسلم من كل ركعتين، ويوتر بواحدة )) .
وقد خرجه مسلم من طريقهما – أيضا .
وكذا رواه ابن أبي ذئب والأوزاعي ، عن الزهري .
خرج حديثهما أبو داود 0
قال الأثرم: وقد روى هذا الحديث عن عائشة غير واحد ،لم يذكروا في حديثهم ما ذكره هشام عن أبيه ، من سرد الخمس .
ورواه القاسم ، عن عائشة ، في حديثه : (( يوتر بواحدة)) .
ولم يوافق هشاماً على قوله إلا ابن إسحاق ، فرواه عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة – بنحو رواية هشام .
وخرجه أبو داود من طريقه كذلك .
ورواه- أيضا- سعد بن هشام ، عن عائشة ، واختلف عليه فيه :(1/411)
فخرجه مسلم من رواية قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن سعد بن هشام ، أنه سال عائشة عن وتر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: كان يصلي تسع ركعات ، لا يجلس إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه ، ثُمَّ ينهض ولا يسلم ، ثم يقوم فيصلي ركعة ، ثم يقعد ، فيذكر الله ويحمده ويدعوه ، ثم يسلم تسليماً يسمعنا ، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد ، فتلك إحدى عشرة ركعة ، فلما أسن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذه اللحم أوتر بسبع ، وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول ، فتلك تسع يا بني .
وفي رواية له : أن قتادة اخبره سعد بن هشام بهذا ، وكان جاراً له .
وقد خرّجه أبو داود بلفظ آخر ، وهو : أنه - صلى الله عليه وسلم -كان يصلي ثمان ركعات ، لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة ، فيجلس فيذكر الله ، ثم يدعو ، ثم يسلم تسليماً ، ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعدما يسلم ، ثم يصلي ركعة ، فتلك إحدى عشرة ركعة .
وفي هذه الرواية :أنه كان يصلي الركعتين جالساً قبل الوتر ، ثم يوتر بعدها بواحدة .
وهذا يخالف ما في رواية مسلم .
ورواه سعد بن هشام ، عن عائشة ، واختلف عليه في لفظه :
فروي عنه : الوتر بتسعٍ ، وروى عنه : بواحدة .
ورواه أبان عن قتادة بهذا الإسناد ، ولفظه : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوتر بثلاث ، ولا يقعد إلا في آخرهن .
قال الإمام أحمد : فهذه الرواية خطأ .
يشير إلى إنها مختصرة من رواية قتادة المبسوطة .
وقد روي في هذا المعنى من حديث ابن عباس وأم سلمة .
وقد تكلم الأثرم في إسنادهما .
وطعن البخاري في حديث أم سلمة بانقطاعه ، وذكر أن حديث ابن عمر في الوتر بركعة أصح من ذلك .
وكذلك الروايات الصحيحة عن ابن عباس في وصفه صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -ليلة بات عند خالته ميمونة ، يدل عليه : أنه - صلى الله عليه وسلم - من كل ركعتين وأوتر بواحدة .(1/412)
فلهذا رجحت طائفة حديث ابن عمر وابن عباس ، وقالوا : لا يصلي بالليل إلا مثنى مثنى ، ويوتر بواحدة .
وهذه طريقة البخاري والأثرم .
[ فتح الباري : 6 / 193- 196 ] .
917) وروى ابن عبد البر ، بإسناد فيه نظر ، عن عثمان بن محمد بن ربيعة ، عن الدراوردي ، عن عمرو بن يحيى ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى عن البتيراء ، أن يصلي الرجل ركعة واحدة ، يوتر بها .
وعثمان هذا ، قال العقيلي : الغالب على حديثه الوهم .
وقبله في الإسناد من لا يعرف .
وقد روي هذا –مرسلاً .
خرجه سعيد بن منصور ، من حديث محمد بن كعب القرظي –مرسلاً .
[ فتح الباري : 6 / 199 ] .
918) وقال الأوزاعي : حدثني المطلب بن عبد الله المخزومي ، قال : أتى ابن عمر رجل ، فقال : كيف أوتر ؟ قالَ : أوتر بواحدة . قالَ : إني أخشى أن يقول الناس : إنها البتيراء . قالَ : سنة الله ورسوله – يريد : هذه سنة الله ورسوله .
المطلب ، لم يسمع من ابن عمر .
[ فتح الباري : 6 / 200 ] .
919) وروي الوتر بثلاث عن جماعة من الصحابة والتابعين .
وحكاه الحسن ، عن عمر وأبي بن كعب .
وهو منقطع عنهما .
[ فتح الباري : 6 / 203 ] .
920) وروى الأعمش ، عن مالك بن الحارث ، عن عبد الرحمان بن يزيد ، قال : قال عبد الله بن مسعود : الوتر بثلاث كوتر النهار المغرب .
قال البيهقي : هو صحيح عن ابن مسعود ، ورفعه رجل ضعيف عن الأعمش 0 وكذا قال الدارقطني : إن رفعه لا يصح .
[ فتح الباري : 6 / 204 ] .
921) وروي عن عراك ، عن أبي هريرة ، قال: لا توتروا بثلاث ؛ تشبهوا بالمغرب ولكن أوتروا بخمس ، أو سبع ، أو تسع ، أو إحدى عشرة أو أكثر من ذَلِكَ .
وروي ، عنه- مرفوعاً .
خرجه الحاكم ، وصححه .
وفي رفعه نكارة .
[ فتح الباري : 6 / 205 ] .
922) وقال أبو أيوب الأنصاري : أوتر بخمس ، أو بثلاث ، أو بواحدة .
خرجه النسائي وغيره - موقوفا .(1/413)
وخرجه أبو داود والنسائي –أيضا- وابن ماجه مرفوعاً .
والموقوف أصح عند أبي حاتم والنسائي والأثرم وغيرهم .
[ فتح الباري : 6 / 205 ] .
923) وروى الشافعي بإسناده ، عن ابن مسعود ، أنه كان يوتر بخمس أو سبع .
[و] بإسناد منقطع عنه ، أنه كان يكره أن يكون ثلاثا تترى ، ولكن خمساً أو سبعا .
[ فتح الباري : 6 / 206 ] .
924) وأكثر العلماء على أنه للاستحباب ، وهو قول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم .
وروي عن علي بن أبي طالب وعبادة بن الصامت .
وروي عن أبي أيوب الأنصاري ، أنه واجب .
وعن معاذ ، من وجه منقطع .
[ فتح الباري : 6 / 210-211 ] .
925) وعن الحسن وابن سيرين : لابد من قيام الليل ، ولو قدر حلب شاة .
وعن عبيدة السلماني .
وفيه حديث مرفوع ، ولا يصح .
[ فتح الباري : 6 / 211 ] .
926) وقد روي في هذا الحديث ، عن ابن عباس ، أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -صلى تلك الليلة ثمان ركعات ، ثم أوتر بثلاث –من وجوه غير قوية .
خرّجه أبو داود من بعضها .
[ فتح الباري : 6 / 215 ] .
927) قال البخاري رحمه الله : 994 ثنا أبو اليمان : انا شعيب ، عن الزهري : حدثني عروة ، أن عائشة أخبرته ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كان يصلي إحدى عشرة ركعة ، كانت تلك صلاته- تعني :بالليل -، فيسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية ، قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن ، حتى يأتيه المؤذن للصلاة .
قال ابن رجب رحمه الله : كذا روى شعيب ، عن الزهري هذا الحديث .
ورواه عمرو بن الحارث ويونس ،عن الزهري –بمعناه-،وفي حديثهما:أنه كان فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة ، يسلم من كل ركعتين ، ويوتر بواحدة ، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين ، ثم اضطجع شقه الأيمن ، حتى يأتيه المؤذن للإقامة .
خرّجه مسلم من طريقهما .(1/414)
وخرّجه أبو داود من طريق الأوزاعي وابن أبي ذئب ، عن الزهري -بنحوه أيضاً .
وخرّج ابن ماجه من طريق الأوزاعي وحده .
وخرّجه النسائي من طريق عقيل ، عن الزهري –بمعناه .
ورواه مالك ، عن الزهري ، ولفظه : أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة ، يوتر منها بواحدة ، فإذا فرغ منها أضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين .
خرجه مسلم .
وخرجه البخاري فيما بعد ، في (( ما يقرأ في ركعتي الفجر )) - - مختصرا- ، ولفظه : كانَ يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة ، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين .
كذا خرّجه عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك .
ولفظ : (( ثلاث عشرة)) غريب ، وإنما هو في (( الموطأ)) كما خرجه مسلم : ((إحدى عشرة)) .
وكذا خرّجه الترمذي وغيره من طريق مالك .
وأسقط البخاري منه : ذكر : ((الاضطجاع)) ؛ لأن مالكاً خالف أصحاب ابن شهاب فيهِ ، فإنه جعل الاضطجاع بعد الوتر ، وأصحاب ابن شهاب كلهم جعلوه بعد ركعتي الفجر .
وهذا مما عده الحفاظ من أوهام مالك ، منهم : مسلم في ((كتاب التمييز)) .
وحكى أبو بكر الخطيب مثل ذلك عن العلماء .
وحكاه ابن عبد البر عن أهل الحديث ، ثم قال : يمكن أن يكون ذلك صحيحاً ، وأن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم -كان مرة يضطجع قبل ركعتي الفجر ، ومرة بعدها .
وعضده برواية مالك ، عن مخرمة ،عن كريب ، عن ابن عباس ، كما سبق .
[ فتح الباري : 6 / 217-219 ] .
928) وخرج الترمذي والنسائي وابن ماجه من رواية الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يصلي من الليل تسع ركعات .
وحسنه الترمذي .
وفي إسناده : اختلاف عن الأعمش .
وقد روي عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن يحيى بن الجزار ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل تسع ركعات ، فلما كثر لحمه وسن صلى سبع ركعات .(1/415)
خرّجه النسائي .
ورواه أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن يحيى بن الجزار ، عن أم سلمة : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوتر بثلاث عشرة ، فلما كبر وضعف أوتر بسبع .
خرّجه الإمام أحمد والنسائي والترمذي ، وحسنه .
أبو معاوية ، مقدم على أصحاب الأعمش ، إلا أن الدارقطني قال : من قال فيه : (( عن عمارة بن عمير )) فهو أشبه بالصواب من قول من قال : (( عمرو بن مرة )) .
وقال الأثرم : اضطرب الأعمش في إسناده وفي متنه .قال : ويحيى الجزار ، لم يلق عائشة ، ولا أم سلمة .
[ فتح الباري : 6 / 224- 225 ] .
باب
ساعات الوتر
929) وخرّج ابن ماجه من حديث عمر بن الخطاب ، أن النبي ، قال : ((لا تنم إلا على وتر)) .
وخرّجه الحاكم ، وقال : صحيح الإسناد .
وهو قطعة من حديث ، خرج بعضه أبو داود –أيضا .
وقال على بن المديني : إسناده مجهول .
[ فتح الباري : 6 / 228 ] .
930) وخرج الإمام أحمد بإسناد فيه انقطاع ، عن سعد بن أبي وقاص ، أنه كان يوتر بعد العشاء بركعة ، يقول : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( الذي لا ينام حتى يوتر حازم )) .
[ فتح الباري : 6 / 228 ] .
931) وخرّج البزار - بإسناد ضعيف جداً - ، عن علي بن أبي طالب : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أنام إلا على وتر .
[ فتح الباري : 6 / 228 ] .
932) وخرّج ابن عدي بإسناد ضعيف ، عن عمار بن ياسر ، قال : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أوتر قبل أن تنام)) .
[ فتح الباري : 6 / 229 ] .
933) وروى الإمام أحمد : ثنا أبو سلمة الخزاعي : ثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي: أخبرني نافع بن ثابت ، عن ابن الزبير ،قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى العشاء ركع أربع ركعات ، وأوتر بسجدة ، ثم نام حتى يصلي بعد صلاته بالليل .(1/416)
نافع ، هو ابن ثابت بن عبد الله بن الزبير ، ورواياته عن جده ابن الزبير منقطعة –في ظاهر كلام البخاري وأبي حاتم .
[ فتح الباري : 6 / 229 ] .
934) وروي عن علي من رواية أبي إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي ، قال : من كل الليل قد أوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أوله ، وأوسطه ، وانتهى وتره إلى السحر .
خرّجه الإمام أحمد وابن ماجه .
وخرّجه أحمد –أيضا – من رواية أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي – بنحوه .
وقال علي بن المديني : هو إسناد كوفي حسن .
[ فتح الباري : 6 / 231 ] .
935) وخرّج الإمام أحمد –أيضا – بإسناد جيد ، عن أبي مسعود الأنصاري ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوتر من أول الليل وأوسطه وآخره .
[ فتح الباري : 6 / 231 ] .
936) وخرّج الإسماعيلي في (( مسند عمر )) من رواية أبي بكر بن أبي مريم ، عن ضمرة بن حبيب ، عن الحارث بن معاوية ، قال : سألت عمر عن الوتر في أول الليل ، أو في وسطه ، أو في آخره ؟ فقالَ عمر : كل ذَلِكَ قد عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولكن ائت أمهات المؤمنين فسلهن عن ذَلِكَ ؛ فإنهن أبصر بما كان يصنع من ذلك ، فأتاهن فسألهن ، فقلن له : كل ذلك قد عمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقبض وهو يوتر من آخر الليل .
أبو بكر بن أبي مريم ، ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 232 ] .
937) كما خرّجه الإمام أحمد وابن ماجه من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -لأبي بكر : (( أي حين توتر ؟ )) قالَ : أول الليل بعد العتمة 0 قالَ : ((فأنت يا عمر؟)) قال : آخر الليل . قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( أما أنت يا أبا بكر فقد أخذت بالوثقى ، وأما أنت يا عمر فقد أخذت بالقوة )) .
وخرّجه أبو داود من حديث عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة الأنصاري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -– نحوه .(1/417)
وإسناده ثقات ، إلا أن الصواب عند حذاق الحفاظ : عن ابن رباح – مرسلا .
وقد روي هذا الحديث من رواية ابن عمر وعقبة بن عامر وغيرهما ، بأسانيد لينة .
ورواه الزهري ، عن سعيد بن المسيب -مرسلا - ، وهو من أجود المراسل .
كذا رواه الزبيدي وغيره عن الزهري .
ورواه بعضهم ، عن ابن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة .
والصواب إرساله -: قاله الدارقطني .
ورواه مسعر ، عن سعد بن إبراهيم ، واختلف عنه : فقيل : عن مسعر ، عن سعد ، عن أبي سلمة ، عن أبي سعيد الخدري .
وقيل : عنه ، عن سعد ، عن أبي سلمة – مرسلا .
وقيل : عنه ، عن سعد ، عن ابن المسيب ، عن أم سلمة .
والظاهر : أنه غير ثابت .
وخرّجه ابن مردويه من هذا الوجه ، وفي حديثه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( أما أنت يا أبا بكر، كما قال القائل : أحرزت نهبي وأبتغي النوافل 0 وأما أنت يا عمر، فتأخذ – أو تعمل - عمل الأقوياء )) .
ورواه وكيع في ((كتابه)) عن معسر ، عن ابن المسيب –مرسلا - ، وزاد فيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر : (( أنت مثل الذي قال : أحرزت نهبي وأبتغي النوافل )) .
وهذه الرواية أصح 0 والله سبحانه وتعالى أعلم .
وقد رواه الشافعي ، عن إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن ابن المسيب – مرسلا – بهذه الزيادة – أيضا .
[ فتح الباري : 6 / 232- 233 ] .
938) واستدل لقول الجمهور بحديث خارجة بن حذافة ، قال : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،فقال : (( إن الله قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم : الوتر ، جعله الله لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر )) .
خرّجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي – وغربه – والحاكم -وصححه .
وقال الأثرم : ليس بقوي .(1/418)
وخرّجه الإمام أحمد بإسناد جيد ، عن أبي بصرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إن الله زادكم صلاة ، وهي الوتر ، فصلوها ما بين العشاء إلى أن يطلع الفجر )) .
وبإسناد فيه انقطاع ، عن معاذ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((زادني ربي صلاة ، هي الوتر ، ووقتها بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر )) .
[ فتح الباري : 6 / 235 ] .
939) وخرّج مسلم من طرق ، عن عبد الله بن شقيق ، عن ابن عمر ، أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: كيف صلاة الليل ؟ قالَ: (( مثنى مثنى ، فإذا خشيت الصبح فصل ركعة ، واجعل آخر صلاتك وترا )) .
وخرّجه من طريق ابن أبي زائدة ، عن عاصم الأحوال ، عن عبد الله بن شقيق ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( بادروا الصبح بالوتر )) .
وهذا لعله رواه بالمعنى من الحديث الذي قبله .
وخرّجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حديث ابن أبي زائدة ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( بادروا الصبح بالوتر )) .
وصححه الترمذي .
وقد ذكر الدارقطني وغيره : أن ابن أبي زائدة تفرد بهذا الحديث بالإسنادين .
وذكر الأثرم : أنه ذكر لأبي عبد الله – يعني : أحمد بن حنبل – حديث ابن أبي زائدة هذا من الوجهين ، فقال : في الإسناد الأول : عاصم ، لم يرو عن عبد الله بن شقيق شيئا ، ولم يروه إلا ابن أبي زائدة ، وما أدري . فذكر له الإسناد الثاني ، فقال أحمد : هذا أراه اختصره من حديث : (( صلاة الليل مثنى مثنى،فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة )) ، وهو بمعناه . قالَ : فقلت له : روى هذين أحد غيره ؟ قالَ: لا .
قلت : والظاهر أنه اختصر حديث عبد الله بن شقيق ، عن ابن عمر أيضا -، كما اختصر حديث عبيد الله ، عن نافع ، عنه . والله أعلم .(1/419)
وخرج مسلم – أيضا – من حديث ابن جريج : أخبرني نافع ، أن ابن عمر كان يقول : من صلى بالليل فليجعل صلاته وترا قبل الصبح ، كذلك كان رسول الله يأمرهم .
خرجه ، عن هارون بن عبد الله :نا حجاج بن محمد ، قال : قال ابن جريج – فذكره .
وخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان ، عن عبد الرزاق : أنا ابن جريج ، عن سليمان بن موسى ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( إذا طلع الفجر فقد ذهب [كل] صلاة الليل والوتر ، فأوتروا قبل طلوع الفجر )) .
وقال : تفرد به سليمان بن موسى على هذا اللفظ .
وذكر المروذي عن أحمد ، أنه قال: لم يسمعه ابن جريج من سليمان بن موسى ، إنما قال : (( قال سليمان )) . قيل له : إن عبد الرزاق قد قال : عن ابن جريج : أنا سليمان ؟ فأنكره ، وقال : نحن كتبنا من كتب عبد الرزاق ، ولم يكن بها ، وهؤلاء كتبوا عنه بأخرة .
وخرجه الحاكم من طريق محمد بن الفرج الأزرق : نا حجاج بن محمد ، قال : قال ابن جريج : حدثني سليمان بن موسى : نا نافع ، أن ابن عمر كان يقول : من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترا ؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك ، فإذا كانَ الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل ؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال : (( أوتروا قبل الفجر )) .
وقال : إسناد صحيح .
وهذه الرواية أشبه من رواية الترمذي ؛ فإن فيها أن ذهاب كل صلاة الليل بطلوع الفجر ، إنما هوَ من قول ابن عمر ، واستدل لهُ بأمر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالوتر قبل الفجر .
ورواية ابن جريج التي صرح فيها بسماعه من نافع – كما خرجه مسلم- ليس فيها شيء مما تفرد به سليمان بن موسى ، وسليمان مختلف في توثيقه .
[ فتح الباري : 6 / 236- 238 ] .(1/420)
940) وخرج الطبراني - بإسناد ضعيف - ، عن عقبة بن عامر وعمرو بن العاص كلاهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه قال – في صلاة الوتر - : (( هي لكم ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الشمس )) .
[ فتح الباري : 6 / 240 ] .
941) وفي (( المسند )) ، عن علي ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر عند الآذان .
وقد سبق ذكره في الصلاة إذا أقيمت الصلاة .
وفيه –أيضا – بإسناد فيه جهالة ، عن علي ، قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نوتر هذه الساعة ، ثم أمر المؤذن أن يؤذن أو يقيم .
[ فتح الباري : 6 / 240 ] .
942) وخرّج الطبراني من حديث أبي ذر ، قال : أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالوتر بعد
الفجر .
وفي إسناده اختلاف .
وروي مرسلا .
والمرسل أصح عند أبي حاتم وأبي زرعة الرزايين .
[ فتح الباري : 6 / 240 ] .
943) وروى ابن جريج : أخبرني زياد بن سعد ، أن أبا نهيك أخبره ، أن أبا الدرداء خطب ، فقال : من أدركه الصبح فلا وتر له 0 فقالت عائشة : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدركه الصبح فيوتر .
خرّجه الطبراني .
وخرّجه الإمام أحمد ، ولفظه : كان يدركه بصبح فيوتر .
وأبو نهيك ، ليس بالمشهور . ولا يدرى : هل سمع من عائشة ، أم لا ؟
وقد روي عن أبي الدرداء خلاف هذا .
[ فتح الباري : 6 / 240- 241 ] .
944) وخرّج – أيضا – من رواية محمد بن فليح ، عن أبيه ، عن هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر )) .
وقال : صحيح على شرطهما .
والبخاري يخرج بهذا الإسناد كثيراً .
[ فتح الباري : 6 / 241] .(1/421)
945) وروى زهير بن معاوية ، عن خالد بن أبي كريمة ، عن معاوية بن قرة ،عن الأغر المزني ، أن رجلا قال : يا رسول الله ، أصبحت ولم أوتر ؟ فقالَ : (( إنما الوتر بليل )) – ثلاث مرات أو أربعة - ، ثُمَّ قالَ : (( قم فأوتر )) .
وخرجه البزار – مختصرا ، ولفظه : (( من أدركه الصبح ولم يوتر فلا وتر له )) .
ورواه وكيع في ((كتابه)) عن خالد بن أبي كريمة ، عن معاوية بن قرة – مرسلا .
وهو أشبه .
[ فتح الباري : 6 / 241-242 ] .
946) وفي المعنى –أيضا – عن أبي سعيد الخدري – مرفوعا – من وجهين ، لا يصح واحد منهما.
[ فتح الباري : 6 / 242 ] .
947) وروى أيوب بن سويد ، عن عتبة بن أبي حكيم ، عن طلحة بن نافع ، عن ابن عباس ، أنه بات عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة ، فصلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، فجعل يسلم من كل ركعتين ، فلما انفجر الفجر قام فأوتر بركعة، ثم ركع ركعتي الفجر ، ثم اضطجع .
خرّجها الطبراني وابن خزيمة في (( صحيحه )) .
وحمله : إنما أوتر بعد طلوع الفجر الأول .
ثم خرج من رواية عباد بن منصور ، عن عكرمة بن خالد ، عن ابن عباس ، أنه بات ليلة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - – فذكر الحديث ، وفيه [ فذكر ] فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان عليه من الليل ، مثنى مثنى ،ركعتين ركعتين ، فلما طلع الفجر الأول ، قام فصلى تسع ركعات ، يسلم في كل ركعتين ، وأوتر بواحدة ، وهي التاسعة ، ثم أمسك حتى إذا أضاء الفجر جدا قام فركع ركعتي الفجر ، ثم نام .
قلت : وكلا الحديثين إسناده ضعيف . والله سبحانه وتعالى أعلم .
[ فتح الباري : 6 / 242 ] .
948) وجاء في حديث التصريح به ، من رواية عبد الرحمن بن زيد بن اسلم ، عن أبيه ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ،عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، قال : ((من نام عن الوتر أو نسيه فليصله إذا ذكره)) .
خرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .(1/422)
وخرجه الترمذي –أيضا- من رواية عبد الله بن زيد بن اسلم ،عن أبيه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال : ((من نام عن وتره فيصله إذا أصبح)) .
وقال : هذا أصح .
وذكر : أن عبد الله بن زيد ثقة ، وأخاه عبد الرحمن ضعيف . ولكن خرجه أبو داود والحاكم من حديث أبي غسان محمد بن مطرف ،عن زيد بن أسلم ، عن عطاء ، عن أبي سعيد –مرفوعاً .
وقال الحاكم : صحيح على شرطهما .
وخرجه الدارقطني من وجه آخر ، عن زيد –كذلك .
لكنه إسناد ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 245-246 ] .
949) وروى الإسماعيلي في ((مسند علي)) - بإسناد مجهول - ، عن السدي ، عن الربيع بن خثيم ، قال : خرج علينا على حين يبلج الصبح ، فقال : إن جبريل أتى نبيكم النبي - صلى الله عليه وسلم -،فأمره أن يوتر أول الليل ، فأوتر كما أمره الله ، ثم أتاه فأمره أن يوتر وسطاً من الليل ، فأوتر كما أمره الله ، ثم أتاه فأمره أن يوتر هذه الساعة ، فقبض نبيكم - صلى الله عليه وسلم -وهو يوتر من هذه الساعة ،أين السائلون عن الوتر ، نعم ساعة الوتر .
[ فتح الباري : 6 / 249 ] .
باب
ليجعل آخر صلاته وتراً
950) فروى الإمام أحمد : ثنا يزيد بن هارون : أنا هشام ، عن محمد –هو: ابن
سيرين- ، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالَ : ((صلاة المغرب وتر النهار ، فاوتروا صلاة الليل )) .
قال الدارقطني : رواه أيوب ، عن نافع وابن سيرين ، عن ابن عمر-موقوفاً . ورواه مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر – موقوفاً .
ورفعه بعضهم عن مالك .
[ فتح الباري : 6 / 253-254 ] .
951) وعن أحمد : أنه مخير بين الأمرين ؛ لأنهما جميعاً مرويان عن الصحابة .
وقد روي عن علي ، أنه خير بين الأمرين .
خرجه الشافعي بأسناد عنه ، فيه ضعيف .(1/423)
وخرج الطبراني : نا مقدام بن داود : نا عبد الله بن يوسف : نا ابن لهيعة ،عن عياش بن عباس القتباني ،عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يصلي العتمة ، ثم يصلي في المسجد قبل أن يرجع إلى بيته سبع ركعات ، يسلم في الأربع في كل ثنتين ،ويوتر بثلاث ، يتشهد في الأوليين من الوتر تشهده في التسليم ، ويوتر بالمعوذات ، فإذا رجع إلى بيته صلى ركعتين ويرقد ، فإذا انتبه من نومه صلى ركعتين –وذكرت الحديث ، ولم تذكر أنه أوتر في آخر الليل .
وهو غريب جداً ، ومنكر؛ مخالف جميع الروايات الصحيحة عن عائشة .
ومقدام بن داود ، من فقهاء مصر ، ولم يكن في الحديث محموداً .
قالَ ابن يونس : تكلموا فيهِ . وقال النسائي : ليس بثقة .
[ فتح الباري : 6 / 257 ] .
952) وخرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث ميمون المرئي ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة ، أن النبي- صلى الله عليه وسلم -كان يصلي بعد الوتر ركعتين خفيفتين وهو جالس .
وخرجه الترمذي إلى قوله : ((ركعتين)) .
وذكر العقيلي أن ميموناً تفرد برفعه ، وغيره يرويه موقوفا على أم سلمة .
[ فتح الباري : 6 / 262] .
953) ففي ((المسند)) من حديث شرحبيل بن سعد ، عن جابر ، أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فصلى العتمة –وجابر إلى جنبه- ، ثم صلى بعدها ثلاث عشرة سجدة .
وشرحبيل ، مختلف فيه .
[ فتح الباري : 6 / 264] .
باب
الوتر على الدابة
954) وروى محمد بن مصعب : ثنا الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن جابر ، قالَ : كان النبي- صلى الله عليه وسلم - يصلي على راحلته حيث توجهت به تطوعا ، فإذا أراد أن يصلي الفريضة أو يوتر أناخ فصلى بالأرض .(1/424)
قال ابن جوصا في ((مسند الأوزاعي من جمعه)) : لم يقل أحد من أصحاب الأوزاعي : ((أو يوتر )) غير محمد بن مصعب وحده .
وخرجه من طرق كثيرة عن الأوزاعي ، ليس في شيء منها : ذكر الوتر .
ومحمد بن مصعب ، قال يحيى : ليس حديثه بشيء . وقال ابن حبان : ساء حفظه فكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، لا يجوز الاحتجاج به .
[ فتح الباري : 6 / 266-267 ] .
باب
الوتر في السفر
955) وروى وكيع- أيضا- عن خالد بن دينار ، عن شيخ ، قال : صحبت ابن عباس في سفر ، فلا أحفظ أنه أوتر .
وهذا إسناد مجهول .
[ فتح الباري : 6 / 268 ] .
باب
القنوت قبل الركوع وبعده
956) ولكن روى الطبراني ، عن الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن أبي جعفر الرازي ، عن عاصم ، عن أنس ، قال : قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصبح يدعو على احياء من احياء العرب ، وكان قنوته –قبل الركوع .
ولكن هذه الرواية شاذه منكرة ، لا يعرج عليها .
وأبو جعفر الرازي ، اسمه : عيسى بن ماهان ، قد وثقه يحيى وغيره ؛ فإنه من أهل الصدق ولا يتعمد الكذب ، ولكنه سيئ الحفظ ؛ فلذلك نسبه ابن معين إلى الخطإ والغلط مع توثيقه له .
وقال ابن المديني : هو يخلط مثل موسى بن عبيدة . وقال أحمد والنسائي : ليس بالقوي في الحديث . وقال أبو زرعة : يهم كثيراً . وقال الفلاس : فيه ضعف ، وهو من أهل الصدق سيئ الحفظ . وقال ابن خراش : سيئ الحفظ صدوق . وقال ابن حبان : ينفرد بالمناكير عن المشاهير .
وقد روى أبو جعفر هذا ، عن الربيع بن أنس ، عن أنس ، قال : ما زال النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت حتى فارق الدنيا .
خرجه الإمام أحمد وغيره .
وهذا - أيضا - منكر .
قال أبو بكر الأثرم : هو حديث ضعيف ، مخالف للأحاديث .(1/425)
يشير إلى أن ما ينفرد به أبو جعفر الرازي لا يحتج به ، ولا سيما إذا خالف
الثقات .
وقد تابعه عليه : عمرو بن عبيد الكذاب المبتدع ، فرواه عن الحسن ، عن أنس - بنحوه .
وتابعه -أيضا- : إسماعيل بن مسلم المكي ، وهو مجمع على ضعفه ، فرواه عن الحسن ، عن أنس .
وقد خرج حديثه البزار ، وبين ضعفه .
وروي أيضا- ذلك عن أنس من وجوه كثيرة ، لا يثبت منها شيء ، وبعضها موضوعة .
وروى خليد بن دعلج ، عن قتادة ، عن أنس ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت في صلاة الفجر بعد الركوع ، وأبو بكر وعمر وعثمان صدرا من خلافته ، ثم طلب إليه المهاجرون والأنصار تقديم القنوت قبل الركوع .
خليد بن دعلج ، ضعيف ، ولا يعتمد .
وقد روى مصعب بن المقدام ، عن عاصم الأحول ، عن أنس ، قال : قنت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهراً قبل الركوع .
وروى الحسن بن الربيع ، عن أبي الأحوص ، عن عاصم ، عن أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت شهرا في صلاة الفجر ، يدعو على خيبر .
قال عاصم : سألت أنساً عن القنوت ؟ قالَ : هوَ قبل الركوع .
وهاتان الروايتان : تدل على أن القنوت قبل الركوع كانَ شهرا ، بخلاف رواية عبد الواحد ، عن عاصم .
وروى قيس بن الربيع ، عن عاصم ، قال : قلنا لأنس : إن قوماً يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يقنت بالفجر ؟ قالَ : كذبوا ؛ إنما قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرا واحداً ، يدعو على حي من أحياء المشركين .
فهذه تعارض رواية أبي جعفر الرازي ،عن عاصم ، وتصرح بأن مدة القنوت كلها تزد على شهر .
وليس قيس بن الربيع بدون أبي جعفر الرازي ، وإن كان قد تكلم فيه ؛ لسوء حفظه –أيضا- فقد أثنى عليهِ أكابر ، مثل : سفيان الثوري وابن عيينة وشريك وشعبة وأبي حصين .
وأنكر شعبة على القطان كلامه فيه ، وأنكر ابن المبارك على وكيع كلامه فيه .(1/426)
وقال محمد الطنافسي : لم يكن قيس عندنا بدون سفيان ، إلا أنه استعمل ، فأقام على رجل حداً ، فمات ، فطفئ أمره .
وقال يعقوب بن شيبة : هو عند جميع أصحابنا صدوق وكتابه صالح ، إنما حفظه فيه شيء .
وقال ابن عدي : رواياته مستقيمة ، وقد حدث عنه شعبة وغيره من الكبار ، والقول فيه ما قال شعبة : أنه لا بأس به .
وقد توبع قيس على روايته هذه :
فروى أبو حفص ابن شاهين : ثنا أحمد بن محمد بن سعيد –هو : ابن عقده الحافظ- : ثنا الحسن بن علي بن عفان : ثنا عبد الحميد الحماني ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -لم يقنت إلا شهراً واحداً حتى مات .
وابن عقده ، حافظ كبير ، إنما أنكر عليه التدليس ، وقد صرح في هذا
بالتحديث .
وعبد الحميد الحماني ، وثقه ابن معين وغيره ، وخرج له البخاري .
وخرج البيهقي من حديث قبيصة ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أنس ، قال : إنما قنت النبي - صلى الله عليه وسلم -شهراً . فقلت : كيف القنوت ؟ قالَ : بعد الركوع .
وهذه تخالف رواية من روى عنه القنوت قبل الركوع .
و أما القنوت شهرا ،فقد سبق أن البخاري خرجه من رواية عباد بن عباد .
وخرجه مسلم من رواية ابن عيينة ، وغير واحد ، كلهم عن عاصم .
وهو المحفوظ عن سائر أصحاب أنس .
فتبين بهذا : أن رواية عاصم الأحول عن أنس –في محل القنوت ، و الإشعار بدوامه- مضطربة متناقضة .
وعاصم نفسه ، قد تكلم فيه القطان ، وكان يستضعفه ، ولا يحدث عنه .
وقال : لم يكن بالحافظ .
وقد حدث عاصم ، عن حميد بحديث ، فسئل حميد عنه ، فأنكره ولم يعرفه .
وحينئذ ؛ فلا يقضى برواية عاصم ، عن أنس ، مع اضطرابها على روايات بقية أصحاب أنس ، بل الأمر بالعكس .
وقد أنكر الأئمة على عاصم روايته عن أنس القنوت قبل الركوع :(1/427)
قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله –يعني : أحمد بن حنبل - : يقول أحمد في حديث أنس : إن النبي- صلى الله عليه وسلم -قنت قبل الركوع غير عاصم الأحول ؟ قالَ : ما علمت أحدا يقوله غيره : قالَ أبو عبد الله : خالفهم عاصم كلهم .
يعني : خالف أصحاب أنس .
ثم قال : هشام ، عن قتادة ، عن أنس ، أن النبي- صلى الله عليه وسلم -قنت [ بعد ] الركوع . والتيمي ، عن أبي مجلز ، عن أنس . وأيوب ، عن محمد : سألت أنساً . -وحنظلة السدوسي ، عن أنس - : أربعة أوجه .
وقال أبو بكر الخطيب في (( كتاب القنوت )) : أما حديث عاصم الأحول ، عن أنس ، فإنه تفرد بروايته ، وخالف الكافة من أصحاب أنس ، فرووا عنه القنوت بعد الركوع ، والحكم للجماعة على الواحد .
كذا قاله الخطيب في القنوت قبل الركوع ، فأما في دوام القنوت ، فإنه جعله أصلا اعتمد عليه ، ويقال له فيه كما قال هو في محل القنوت ، فيقال : إن أصحاب أنس إنما رووا عنه إطلاق القنوت أو تقييده بشهر ، ولم يرو عن أنس دوام القنوت من يوثق بحفظه .
[ فتح الباري : 6 / 272-276 ] .
كتاب الاستسقاء
باب
الجهر بالقراءة في الاستسقاء
957) وروى حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عباس ، قال : جاء أعرأبي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ : يا رسول الله ، لقد جئتك من عند قوم لا يتزود لهم راع ، ولا يخطر لهم فحل ، فصعد المنبر ، فحمد الله ، ثم قال : ((اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً طبقاً مريعاً غدقاً عاجلاً ، غير راث)) ثم نزل ، فما يأتيه أحد من وجه إلا قال : قد أحييتنا .
خرجه ابن ماجه .
وروي عن حبيب –مرسلا ، وهو أشبه .
[ فتح الباري : 6 / 284] .(1/428)
958) وخرج الطبراني من حديث أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -صلى ثم استقبل القوم بوجهه ، وقلب رداءه ، ثم جثا على ركبتيه ، ورفع يديه ، وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي ، ثم
دعا .
وإسناده ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 284] .
959) وخرج الطبراني من حديث أنس – مرفوعا - ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ فيهما ((سبح)) و { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ } .
وإسناده لا يصح ؛ فيهِ مجاشع بن عمرو ، متروك الحديث .
[ فتح الباري : 6 / 287 ] .
باب
صلاة الاستسقاء ركعتين
960) واستدل من قال : يصلي بتكبير بظاهر حديث ابن عباس : ((وصلى ركعتين كما يصلي في العيد)) ، وقد سبق ذكره .
وقد روي عنه صريحاً بذكر التكبير ، لكن إسناده ضعيف .
خرجه الدارقطني والحاكم في ((المستدرك)) –وصححه- والبزار في ((مسنده)) وغيرهم ، من رواية محمد بن عبد العزيز الزهري ، عن أبيه ، عن طلحة بن عبد الله بن عوف ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -صلى في الاستسقاء ، كبر في الأولى سبع تكبيرات ، وقرأ { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى } [الأعلى:1] ، وقرأ في الثانية { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ } [الغاشية:1] ، وكبر فيها خمس تكبيرات .
ومحمد بن عبد العزيز الزهري هذا ، متروك الحديث ، لا يحتج بما يرويه .
[ فتح الباري : 6 / 291] .
961) وروى يزيد بن عياض ، حدثني أبو بكر بن عمرو بن حزم وابناه –عبد الله ومحمد- ويزيد بن عبد الله بن أسامة وابن شهاب ، كلهم يحدثه عن عبد الله بن يزيد ، قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى –فذكر الحديث- قال : ثم صلى ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ، فكبر في الركعة الأولى سبعاً ، وفي الآخرة خمساً ، يبدأ بالتكبير قبل القراءة في الركعتين كليهما .(1/429)
ويزيد بن عياض جعدبة المدني ، متروك الحديث ، لا يحتج به .
[ فتح الباري : 6 / 291] .
962) وقد روي خلاف هذا ، من رواية عبد الله بن حسين بن عطاء ، عن شريك ابن أبي نمر ، عن أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في الاستسقاء ، في كل ركعة تكبيرة ، وخطب قبل الصلاة ، وقلب رداءه لما دعا .
خرّجه أبو القاسم البغوي .
وخرّجه الترمذي في ((كتاب العلل)) –مختصراً- ، وقال : سألت البخاري عنه ، فقال : هذا خطأ ، وعبد الله بن حسين منكر الحديث ؛ روى مالك وغيره ، عن شريك ، عن أنس ، أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - استسقى ، ليس فيهِ هذا .
[ فتح الباري : 6 / 291- 292] .
باب
رفع الإمام يده في الاستسقاء
963) وروى معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن بركة ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى حتى رأيت – أو رئي – بياض إبطيه 0 قال معتمر : أراه في الاستسقاء .
خرجه ابن ماجه .
وقد رواه بعضهم ، فلم يذكر : ((بركة)) في إسناده .
والصواب ذكره - : قاله الدارقطنى .
وبركة ، هو : المجاشعي .
قال أبو زرعة : ثقة .
[ فتح الباري : 6 / 299 ] .
964) وخرّج أبو يعلى الموصلي - بإسناد ضعيف - ، عن أبي برزة الأسلمي ، أن النبي- صلى الله عليه وسلم - رفع يديه في الدعاء حتى رئي بياض إبطيه .
[ فتح الباري : 6 / 301] .
965) وقد خرج أبو داود وابن ماجه ، عن ابن عباس - مرفوعا - : (( إذا سألتم الله فسلوه ببطون أكفكم ، ولا تسألوه بظهورها )) .
وإسناده ضعيف ، وروى مرفوعا .
[ فتح الباري : 6 / 304] .
966) وخرج الإمام أحمد ، من حديث خلاد بن السائب ، أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا دعا جعل باطن كفيه إلى وجهه .(1/430)
وفي رواية لهُ - أيضا - : كانَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا جعل باطن كفيه إليه وإذا استعاذ جعل ظاهر هما إليه .
وفي إسناده اختلاف على ابن لهعية .
وخرجه جعفر الفرابي ، وعنده - في رواية لهُ - : عن خلاد بن السائب ، عن أبيه ، أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا دعا جعل راحته إلى وجهه .
[ فتح الباري : 6 / 305] .
967) وخرج أبو داود من رواية عمر بن نبهان عن قتادة عن أنس قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يدعوا هكذا _ بباطن كفيه وظاهرهما .
وعمر بن نبهان ، تكلم فيهِ .
[ فتح الباري : 6 / 307] .
968) وخرج الإمام أحمد من رواية بشر بن حرب ، عن أبي سعيد الخدري ، قالَ : كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفا بعرفة يدعو، هكذا ، ورفع يده حيال ثندوتيه ، وجعل بطون كفيه مما يلي الأرض .
وفي رواية لهُ - أيضا - : وجعل ظهر كفيه مما يل وجهه ، ورفعهما فوق
ثندوتيه ، وأسفل من منكبيه .
وبشر بن حرب ، مختلف فيهِ .
[ فتح الباري : 6 / 307] .
باب
ما يقول إذا أمطرت
969) قال البخاري رحمه الله : 1032 حدثنا محمد بن مقتل أبو الحسن المروزني : أنا عبد الله -هوَ : ابن المبارك -: أنا عبيد الله ، عن نافع ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا رأى المطر قالَ : (( صيبا نافعا )) .
تابعه : القاسم بن يحيى ، عن عبيد الله .
ورواه الأوزاعي وعقيل ، عن نافع .
قال ابن رجب رحمه الله : أما ذكر المتابعات على هذا الإسناد ؛ لا ختلاف وقع فيهِ :
فإنه روي عن عبيد الله ، عن القاسم ، عن عائشة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - من غير ذكر : (( نافع )) .
والصحيح : ذكر : (( نافع )) فيهِ .(1/431)
وقد رواه - أيضا - يحيى القطان وعبدة بن سليمان ، عن عبيد الله كذلك - : ذكره الدارقطني في (( علله )) .
فإن كانَ ذَلِكَ محفوظا عنهما ، فكيف لم يذكر البخاري متابعتهما لابن المبارك ، وعدل عنه إلى متابعة القاسم بن يحيى ؟
وأما عقيل ، فرواه عن نافع ، عن القاسم ، عن عائشة .
وروه - أيضا - أيوب ، عن القاسم ، عن عائشة .
خرجه الإمام أحمد ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عنه ، ولفظ حديثه : (( اللَّهُمَّ صيبا هنيئا )) .
وأما الأوزاعي ، فقد رواه عن نافع ، عن القاسم ، عن عائشة ، كما ذكره البخاري ، ولفظ حديثه : (( اللَّهُمَّ اجعله صيبا هنيئا )) .
وقد خرج حديثه كذلك الإمام أحمد وابن ماجه .
وفي رواية ابن ماجه : أن الأوزاعي قالَ : (( أخبرني نافع )) ، كذا خرجه من طريق عبد الحميد بن أبي العشرين ، عنه .
وقد روي التصريح بالتحديث فيهِ عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي -أيضا .
ورواه إسماعيل بن سماعة ، عن الأوزاعي ، عن رجل ، عن نافع ، عن القاسم ، عن عائشة .
وقال البابلتي : عن الأوزاعي ، عن محمد بن الوليد الزبيدي ، عن نافع ، عن القاسم ، عن عائشة .
وقال عقبة بن علقمة : عن الأوزاعي ، عن الزهري ، عن نافع عن القاسم ، عائشة .
قالَ الدار قطني : وهو غير محفوظ .
وقال عيسى بن يونس وعباد بن جويرية : عن الأوزاعي ، عن الزهري عن القاسم ، عن عائشة - من غير ذكر : (( نافع )) .
وكذا روي عن ابن المبارك ، عن الأوزاعي .
قالَ الدارقطني : فإن كانَ ذَلِكَ محفوظا عن الأوزاعي ، فهوَ غريب عن الزهري .
وخرجه البيهقي من رواية الوليد بن مسلم : نا الأوزاعي : حدثني نافع ثُمَّ قالَ : كانَ ابن معين يزعم أن الأوزاعي لم يسمع من نافع شيئا .
ثُمَّ خرجه من طريق الوليد مزيد : نا الأوزاعي : حدثني رجل ، عن نافع - فذكره .
قالَ : وهذا يشهد لقول ابن معين.(1/432)
قلت : وقد سبق الكلام على رواية الأوزاعي عن نافع في (( باب : حمل العنزة بين يدي الإمام يوم العيد )) ؛ فإن البخاري خرج حديثا للأوزاعي عن نافع مصرحا فيهِ بالسماع .
[ فتح الباري : 6 / 310- 312] .
باب
من تمطَّر في المطر حتى يتحادر على لحيته
970) وخرج ابن أبي االدنيا ، من رواية الربيع بن صبيح ، عن زيد الرقاشي ، عن أنس ، قالَ : كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلقي ثيابه أول مطره ، ويتمطر .
والرقاشي ، ضعف جداً .
[ فتح الباري : 6 / 315] .
باب
ما قيل في الزلازل والآيات
971) وروي أيضاً من رواية ليث عن شهر قال : زلزلت المدينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه : ( إن الله يستعتبكم فاعتبوه ) .
وهذا مرسل ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 324 ] .
972) وروي عن عائشة قالت : صلاة الآيات ست ركعات وأربع سجدات .
وروي عنها مرفوعاً .
خرجه الجوزجاني من طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في صلاة الآيات فيركع ثلاث ركعات ويسجد سجدتين ثم يقوم فيركع ثلاث ركعات ثم يسجد سجدتين .
واستدل به على الصلاة للزلزلة .
ولكن رواه وكيع عن هشام الدستوائي عن قتادة فوقفه على عائشة وهو الصواب .
[ فتح الباري : 6 / 326-327 ] .
973) وخرج ابن أبي الدنيا في " كتاب المطر " من رواية مكحول عن أبي صخر زياد بن صخر عن أبي الدرداء قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كانت ليلة ريح كان مفزعه إلى المسجد حتى تسكن الريح وإذا حدث في السماء حدث من كسوف شمس أو قمر كان مفزعه إلى الصلاة حتى ينجلي .
وهو منقطع وفي إسناده : نعيم بن حماد وله مناكير .
[ فتح الباري : 6 / 327] .(1/433)
974) وذكر الشافعي أنه بلغه عن عباد عن عصام الأحول عن قزعة عن علي أنه صلى في زلزلة ست ركعات في أربع سجدات : خمس ركعات وسجدتين في ركعة وركعة وسجدتين في ركعة .
قال الشافعي : ولو ثبت هذا الحديث عندنا لقلنا به .
قال البيهقي : هو ثابت عن ابن عباس .
ثم ذكر بنحو ما تقدم .
وله طرق صحيحة عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس .
[ فتح الباري : 6 / 327-328 ] .
975) وروى حرب : نا إسحاق نا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال : إذا فزعتم من أفق من آفاق السماء فافزعوا إلى الصلاة .
وخرجه البيهقي من رواية حبيب بن حسان عن الشعبي عن علقمة قال : قال عبد الله : إذا سمعتم هادا من السماء فافزعوا إلى الصلاة .
وخرجه ابن عدي من رواية حبيب بن حسان عن إبراهيم والشعبي عن علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا فزعتم من أفق من آفاق السماء فافزعوا إلى الصلاة ) .
وقال : حبيب بن حسان قد اتهم في دينه ولا بأس برواياته .
قلت : الصحيح : رواية الأعمش عن إبراهيم عن علقمة من قوله والله سبحانه وتعالى أعلم .
[ فتح الباري : 6 / 328] .
976) واستدل بحديث مرور النبي صلى الله عليه وسلم بحائط مائل فأسرع وقال : ( أكره موت الفوات ) .
وهذا حديث مرسل خرجه أبو داود في " مراسيله " .
وقد روي مسنداً ولا يصح .
[ فتح الباري : 6 / 331] .
977) قال البخاري رحمه الله : 1037 نا محمد بن المثنى نا حسين بن الحسن نا ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال : اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا قالوا : وفي نجدنا قال : اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا وقالوا : وفي نجدنا قال : هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان .
قال ابن رجب رحمه الله : هكذا خرجه البخاري هاهنا موقوفاً .
وحسين بن الحسن بصري من آل مالك بن يسار أثنى عليه الإمام أحمد وقال : كان يحفظ عن ابن عون .
وخرجه البخاري في " الفتن " من رواية أزهر السمان – مرفوعاً .(1/434)
وكذا رواه عبد الرحمن بن عطاء عن نافع عن ابن عمر – مرفوعاً – أيضاً .
خرج حديثه الإمام أحمد .
وكذا رواه أبو فروة الرهاوي يزيد بن سنان – على ضعفه – نا أبو رزين عن أبي عبيد – صاحب سليمان – عن نافع عن ابن عمر – مرفوعاً .
وقد روي – أيضاً – عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ذكره الترمذي في آخر " كتابه " تعليقاً .
ورواه – أيضاً – بشر بن حرب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
خرجه الإمام أحمد أيضاً .
[ فتح الباري : 6 / 331-332] .
باب
قول الله عز وجل : (( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ))
978) وروى عبد الأعلى الثعلبي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون )) قال : ( شكركم تقولون مطرنا بنوء كذا وكذا ونجم كذا وكذا ) .
خرجه الإمام أحمد والترمذي وقال : حسن غريب لا نعرفه – مرفوعاً – إلا من حديث إسرائيل عن عبد الأعلى .
ورواه سفيان عن عبد الأعلى – نحوه – ولم يرفعه .
ثم خرجه من طريق سفيان – موقوفاً على علي .
وكان سفيان ينكر على من رفعه .
وعبد الأعلى هذا ضعفه الأكثرون ووثقه ابن معين .
[ فتح الباري : 6 / 334-335] .
979) وخرج البخاري في " صحيحه " من رواية ابن عيينة عن عبيد الله : سمع ابن عباس يقول : ( خلال من خلال الجاهلية : الطعن في الأنساب والنياحة ) ونسي الثالثة قال سفيان : ويقولون : إنها ( الاستسقاء بالأنواء ) .
وروي عن ابن عباس - مرفوعاً – من وجه آخر ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 338] .
980) وقد ذكره الشافعي عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن إسحاق بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم – مرسلاً – قال : ( إذا نشأت بحرية ثم استحالت شامية فهو أمطر لها ) .
قال ابن عبد البر : ابن أبي يحيى مطعون عليه متروك .(1/435)
وإسحاق هو : ابن أبي فروة ضعيف – أيضاً – متروك .
وهذا لا يحتج به أحد من أهل العلم .
قلت : وقد خرجه ابن أبي الدنيا من طريق الواقدي : نا عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فروة : سمعت عوف بن الحارث : سمعت عائشة تقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا أنشأت السحابة بحرية ثم تشاءمت فتلك عين ) أو قال : ( عام غديقة ).
يعني : مطراً كثيراً .
والواقدي : متروك أيضاً .
[ فتح الباري : 6 / 340- 341 ] .
كتاب
العمل في الصلاة
باب
ما ينهى عنه من الكلام في الصلاة
980) قال البخاري رحمه الله : 1199 - ثنا ابن نمير : ثنا ابن فضيل : ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قالَ : كنا نسلم على النبي- صلى الله عليه وسلم -وهو في الصلاة ، فيرد علينا ، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه ، فلم يرد علينا ، وقال : ((إن في الصلاة لشغلاً )) .
حدثنا ابن نمير : ثنا إسحاق بن منصور السلولي : ثنا هريم بن سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -–نحوه .
قال ابن رجب رحمه الله : وخرجه –أيضا- في مواضع أخر ، من رواية أبي عوانة عن الأعمش – نحوه .
ورواه أيضا- أبو بدر شجاع بن الوليد ، عن الأعمش – بهذا الإسناد .
وإنما احتيج إلى ذكر هذه المتابعات عن الأعمش ؛ لأن الثوري وشعبة وزائدة وجريراً وأبا معاوية وحفص بن غياث رووه ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، لم يذكروا فيهِ : ((علقمة)) ، فيصير منقطعاً .
وقد رجح انقطاعه كثير من الحفاظ ، [منهم] : أبو حاتم الرازي .
وقال في رواية ابن فضيل الموصولة : أنها خطأ .(1/436)
وقال الحافظ أبو الفضل بن عمار الشهيد : الذين أرسلوه أثبت ممن وصله .
قال : ورواه الحكم بن عتبة -أيضا- ، عن إبراهيم ، عن عبد الله مرسلا -أيضا- إلاّ ما رواه أبو خالد الأحمر ، عن شعبة ، عن الحكم موصولاً ؛ فإنه وهم فيهِ أبو خالد . انتهى .
وتصرف البخاري يدل على خلاف ذلك ، وأن وصله صحيح .
وكذلك مسلم في ((صحيحه)) ؛ فإنه خرجه من طريق ابن فضيل وهريم بن سفيان – موصولا – كما خرجه البخاري 0
وله عن ابن مسعود طريق اخرى متعددة ، ذكرتها مستوفاة في ((شرح
الترمذي)) .
وقال البخاري في أواخر ((صحيحه)) :
وقال ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( إن الله يحدث من أمره ما يشاء ، وإن مما أحدث أن لا تكلموا في الصَّلاة)) .
وهذا الحديث المشار إليه ، خرجه الإمام أحمد والنسائي من رواية ابن عيينة ، عن عاصم ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، قال : كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيرد علينا السلام ، حتى قدمنا من أرض الحبشة ، فسلمت عليه ، فلم يرد علي ، فأخذني ما قرب وما بعد ، فجلست حتى إذا قضى الصلاة قال : ((إن الله يحدث)) – فذكره .
ورواه الحميدي وغيره من أصحاب سفيان ، عنه ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود .
وزعم الطبراني : أنه المحفوظ .
قلت : عاصم ، هو : ابن أبي النجود ، كان يضطرب في حديث زر وأبي وائل ، فروى الحديث تارة عن زر ، وتارة عن أبي وائل .
قال الطبراني : ورواه عبد الغفار بن داود الحراني ، عن ابن عيينه ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عبد الله .
قال : فإن كان حفظه ، فهو غريب .
قلت : ليس هو بمحفوظ ، إنما المحفوظ رواية : سفيان ، عن عاصم –كما تقدم .(1/437)
وخرج النسائي – أيضا- من طريق سفيان ، عن الزبير بن عدي ، عن كلثوم ، عن ابن مسعود ، قال : كنت آتي النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو يصلي ، فأسلم عليه ، فيرد عليَّ ، فأتيته ، فسلمت عليه وهو يصلي ، فلم يرد عليَّ ، فلما سلم أشار إلى القوم ، فقال : ((إن الله
عز وجل -يعني- أحدث في الصلاة أن لا تكلموا إلاّ بذكر الله ، وما ينبغي لكم ، وأن تقوموا لله قانتين )) .
وكلثوم ، هو : ابن المصطلق الخزاعي ، يقال : له صحبة ، وذكره ابن حبان في ((كتابه)) من التابعين .
وقوله : ((إن الله أحدث أن لا تكلموا في الصَّلاة)) إشارة إلى أنه شرع ذلك بعد أن لم يكن شرعه ، ومنعه بعد أن لم يكن قد منعه 0
[ فتح الباري : 6 / 360-363] .
982) فروى أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن المسيب بن رافع ، قال : قال ابن مسعود : كنا نسلم بعضنا على بعض في الصلاة ، فجاء القرآن { وَإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا } .
وأخرجه ابن جرير وغيره .
وهذا الإسناد منقطع ؛ فإن المسيب لم يلق ابن مسعود .
[ فتح الباري : 6 / 364].
983) وروى الهجري ، عن أبي عياض ، عن أبي هريرة ، قالَ : كانوا يتكلمون في الصَّلاة ، فلما نزلت هذه الآية { وَإذا قُرِئَ الْقُرْآنُ } والآية الأخرى ، قالَ : فأمرنا بالإنصات .
وخرجه بقي بن مخلد في ((مسنده)) .
وخرجه غيره ، وعنده : (( أو الآية الأخرى )) – بالشك .
والهجري ، ليس بالقوي .
[ فتح الباري : 6 / 364].
984) وروى آدم ابن أبي إياس في ((تفسيره)) : حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب ، قال : قدم النبي - صلى الله عليه وسلم -المدينة ، والناس يتكلمون بحوائجهم في الصلاة ، كما يتكلم أهل الكتاب ، فأنزل الله { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } [البقرة:238] ، فسكت القوم عن الكلام .
وهذا مرسل . وأبو معشر ، هو : نجيح السندي ، يتكلمون فيه .
[ فتح الباري : 6 / 366] .(1/438)
باب
التصفيق للنساء
985) وخرجه الإمام أحمد من حديث جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال : ((إذا أنساني الشيطان شيئاً في صلاتي فليسبح الرجال ، وليصفق النساء)) .
وهو من رواية ابن لهيعة .
[ فتح الباري : 6 / 379] .
986) وخرج الأثرم ، من رواية أبي نعامة ، [عن] جبر بن حبيب ، عن القاسم بن
محمد ، عن عائشة ، قالت : جاء أبو بكر يستأذن ، وعائشة تصلي ، فجعلت تصفق ، ولا يفقه عنها فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم -وهما على تلك الحال ، فقال : (( ما منعكِ أن تأخذي بجوامع الكلم وفواتحه ؟ )) –وذكر دعاء جامعاً - ، ((ثُمَّ نادي لأبيك )) .
وهذا إسناد جيد 0
[ فتح الباري : 6 / 379] .
باب
من رجع القهقري في الصلاة أو تقدم لأمر ينزل به
987) وروى برد بن سنان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : جئت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -يصلي في البيت ، والباب عليه مغلق ، فمشى حتى فتح لي ، ثم رجع إلى مكانه ، ووصفت الباب في القبلة .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي – وهذا لفظه .
وقال : حسن غريب .
واستنكره أبو حاتم الرازي والجوزجاني ؛ لتفرد برد به .
وبرد ، شامي قدري ، وثقه ابن معين . وقال أحمد : صالح الحديث .
وقال أبو زرعة : لابأس به . وقال أبو حاتم : كان صدوقاً .
[ فتح الباري : 6 / 382] .
باب
إذا دعت الأم ولدها في الصلاة
988) قال حميد بن زنجويه في ((كتاب الأدب)) : نا الحسن بن الوليد : نا ابن أبي
ذئب ، عن محمد بن المنكدر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا دعاك أبواك وأنت تصلي فأجب أمك ولا تجب أباك )) .(1/439)
وبإسناد ، عن شبيب بن يزيد ، قال : مكتوب في التوراة : إذا دعتك أمك وأنت تصلي ، فقل : لبيك ، فإذا دعاك أبوك ، فقل : سبحان الله .
ومرسل ابن المنكدر ، قد رواه يزيد بن هارون ، عن ابن أبي ذئب ، عن ابن المنكدر – فذكره .
فتبين أنه لم يسمعه ابن أبي ذئب من ابن المنكدر .
وقال حرب : قيل لأحمد : الحديث الذي جاء : ((إذا دعاك أبوك وأنت في الصلاة فأجبه))؟ فرأيته يضعف الحديث .
[ فتح الباري : 6 / 386] .
باب
مسح الحصى في الصلاة
989) فروى الزهري ، عن أبي الأحوص ، عن أبي ذر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال : ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يمسح الحصى ؛ فإن الرحمة تواجهه )) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي .
وقال : حديث حسن .
وأبو الأحوص هذا ، ضعفه ابن معين وغيره .
[ فتح الباري : 6 / 390] .
990) ويشهد لهذا : ما خرجه الإمام أحمد من رواية شرحبيل بن سعد ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( لإن يمسك أحدكم يده عن الحصى خير له من مائة ناقة ، كلها سود الحدقة ، فإن غلب أحدكم الشيطان فليمسح مسحة واحدة )) .
وشرحبيل ، مختلف في أمره .
[ فتح الباري : 6 / 391] .
991) وروى الزبرقان بن عبد الله بن عمرو بن أمية ، عن أبي سلمة ، عن جعفر بن عمرو بن أمية ، عن أبيه ، قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسوى الحصى .
وهذا غريب جداً .
[ فتح الباري : 6 /392] .
باب
ما يجوز من العمل في الصلاة(1/440)
992) وخرج الإمام أحمد - بإسناد جيد - ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فصلى صلاة الصبح ، فالتبست عليه القراءة ، فلنا فرغ من الصلاة قال : (( [لو] رأيتموني وإبليس ، فأهويت بيدي ، فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصبعي هاتين – الإبهام والتي تليها - ، ولولا دعوة أخي سليمان ، لأصبح مربوطاً بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيان المدينة )) .
[ فتح الباري : 6 /397] .
993) وروى يحيى بن أبي كثير ، عن ضمضم بن جوس ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الأسودين في الصلاة : الحية والعقرب .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي .
وقال : حسن صحيح .
وضمضم هذا ، يمامي ، قال أحمد : ليس به بأس ، ووثقه ابن معين والعجلي .
[ فتح الباري : 6 /397] .
باب
إذا انفلتت الدابة في الصلاة
994) ولكن في (( مصنف عبد الرزاق )) عن ابن جريج ، عن إسماعيل بن أمية ، أن إنساناً قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بهدية ، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة .
وهذا مرسل .
[ فتح الباري : 6 / 403] .
باب
ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة
995) حديث عبد الله بن عمرو هذا ، هو من رواية عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو هذا ، قال : انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة – فذكر الحديث إلى أن قال - : فجعل ينفخ في آخر سجوده من الركعة الثانية ، ويبكي ويقول : (( لم تعدني هذا وأنا فيهم ، لم تعدني هذا ونحن نستغفرك )) – وذكر باقي الحديث .(1/441)
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في
((صحيحهما)) .
وعطاء بن السائب ، ثقة ، تغير بآخرة .
[ فتح الباري : 6 / 404] .
996) وخرج الإمام أحمد من حديث مجالد ، عن الشعبي ، عن المغيرة بن شعبة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في الصلاة ، فجعل ينفخ بين يديه ، ثم مد يده كأنه يتناول شيئاً ، فلما انصرف قال : (( إن النار أدنيت مني ، حتى نفخت حرها عن وجهي )) .
ومجالد ، فيه ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 404] .
997) وروي عن ابن عباس وأبي هريرة ، أنه بمنزلة الكلام ، ولا يثبت عنهما .
كذا قال ، وليس كما قال ، فقد روى الأعمش والحسن بن عبيد الله أبو عروة النخعي – وهو ثقة خرج له مسلم – كلاهما ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، قال : النفخ في الصلاة كلام .
وقد خرجه وكيع في (( كتابه )) والإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله ، عنه في
((مسائله)) .
[ فتح الباري : 6 / 405-406 ] .
998) وفي الباب : حديث مرفوع ، عن أم سلمة ، اختلف في إسناده ولفظه : فروي عنبسه بن الأزهر ، عن سلمة بن كهيل ، عن كريب ، عن أم سلمة ، قالت : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بغلام لهم وهو يصلي فنفخ في سجوده ، فقالَ : (( لاتنفخ ؛ إن من نفخ فقد تكلم )) خرجه النسائي . وهو مما تفرد به عنبسة هذا .
وقد قال فيه ابن معين وأبو داود وأبو حاتم : لابأس به .
لكن قال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به .
وذكره ابن حبان في ((ثقاته)) ، وقال : كان يخطىء .
وخرج الترمذي من حديث ميمون أبي حمزة ، عن أبي صالح ، عن أم سلمة ، قالت : رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - غلاما لنا ، يقال له : أفلح ، إذا سجد نفخ ، فقال له : ((أفلح ، ترّب وجهك)) .
وقال : إسناده ليس بذاك ، وميمون أبو حمزة ، ضعفه أهل العلم .
وخرجه الإمام أحمد – أيضا .
وميمون الأعور أبو حمزة ، قال أحمد : متروك .
ولكنه توبع عليهِ :(1/442)
فخرجه الإمام أحمد من طريق سعيد أبي عثمان الوراق ، عن أبي صالح ، قال : دخلت على أم سلمة – فذكرالحديث مرفوعا ، وفيه : (( ترب وجهك لله)) .
وخرجه ابن حبان في (( صحيحه )) من طريق عدي بن عبد الرحمن ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي صالح مولى آل طلحة بن عبيد الله ، قال : كنت عند أم سلمة –فذكر الحديث .
كذا في الرواية : (( أبو صالح مولى آل طلحة )) ، وجاء في رواية ، أنه : ((مولى أم سلمة )) .
قال أبو زرعة الدمشقي في ((تاريخه)) : أبو صالح مولى أم سلمة ، يحدث عنها في كراهة نفخ التراب في السجود ، اسمه : زاذان . انتهى .
وهو مع هذا غير مشهور .
[ فتح الباري : 6 / 408-409 ] .
باب
لا يرد السلام في الصلاة
999) فقالت طائفة : يرد في الصلاة بالإشارة ، روي عن ابن عمر .
وروي عن ابن مسعود من وجه منقطع .
[ فتح الباري : 6 / 416 ] .
1000) واستدل من قالَ : يؤخر الرد ، بما روى عاصم ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - رد عليهِ السلام بعد السلام .
خرجه أحمد وأبو داود .
وعاصم ، هو : ابن أبي النجود ، وليسي بذاك الحافظ .
وخرجه أبو يعلى الموصلي ، من وجه آخر منقطع .
وخرجه عبد الرزاق في (( كتابه )) من وجه آخر منقطع – أيضا .
واستدل من قال : يرد في صلاته بالإشارة ، بما روى محمد بن الصلت التوزي : ثنا عبد الله بن رجاء ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن ابن مسعود ، قال : لما قدمت من الحبشة ، أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - هو يصلي ، فسلمت عليه ، فأشار إلي .
خرجه الطبراني وغيره .
وقد أنكر ابن المديني وصله بذكر أبي هريرة ، وقال : إنما هو عن ابن سيرين ، أن ابن مسعود .
يعني : أنه مرسل .(1/443)
وكذا رواه وكيع في ((كتابه)) ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين ، قال : لما قدم عبد الله من الحبشة ، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ، فسلم عليه ، فأومأ النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأشار برأسه – بنحوه ، وقال فيه : فأومأ برأسه ، أو قال : فأشار برأسه .
وخرجه أبو داود في ((مراسيله)) من طريق حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن ابن سيرين .
وخرجه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين مرسلا – أيضا - ، ولكن قال في حديثه : فلم يرد عليه حتى انفتل . وقال : ((إن في الصلاة لشغلاً )) .
[ فتح الباري : 6 / 417- 418 ] .
1001) واستدل من قال : يرد إشارة ، بما روى نابل – صاحب العباء -، عن ابن عمر ، عن صهيب قال : مررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ، فسلمت عليه ، فرد علي إشارة .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي ، وحسنه .
وقال : يعقوب بن شيبة : هو صالح الإسناد .
ونابل ، قال ابن المديني ويعقوب بن شيبة : هو مديني ليس بالمشهور .
وسئل الدارقطني : أثقة هو ؟ فأشار برأسه ، أن لا .
وخرج الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه من رواية زيد بن أسلم ، عن ابن عمر ، عن صهيب ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - – معناه .
وقد قيل : إن زيدا لم يسمعه من ابن عمر ، وقد سئل عن ذلك فقال : أما أنا فقد كلمته وكلمني ، ولم أقل : سمعته .
وممن قال : لم يسمعه من ابن عمر : ابن المديني ويعقوب بن شيبة .
وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي – نحوه من حديث هشام بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن بلال ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - .
وقد تكلم فيه ابن المديني ويعقوب بن شيبة ؛ لتفرد هشام بن سعد به ، وليس بالحافظ جداً .
[ فتح الباري : 6 /419- 420] .(1/444)
1002) وروى الليث : حدثني ابن عجلان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رجلا سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة ، فرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -
إشارة ، فلما سلم قال : ((قد كنا نرد السلام في الصلاة ، فنهينا عن ذلك )) .
خرجه الجوزجاني والطبراني والبزار في ((مسنده)) .
وعندي ؛ أن هذا يعلل برواية ابن عيينة وغيره ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن
عمر ، عن صهيب ، كما تقدم .
وابن عجلان ليس بذاك الحافظ .
[ فتح الباري : 6 / 420] .
1003) وروى قيس بن سعد ، عن عطاء ، عن محمد بن علي ، عن عمار ، أنه سلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي ، فرد عليهِ .
خرجه النسائي في (( باب : رد السلام بالإشارة )) .
وخرجه الإمام أحمد ، من طريق حماد بن سلمة ، عن أبي الزبير ، عن محمد بن علي- هو : ابن الحنفية - ، عن عمار – فذكره .
وخرجه البزار في (( مسنده )) ، وعنده : ((فرد عليه إشارة)) .
وحمله ابن عيينة ، على أنه رد عليه بالقول قبل تحريم الكلام ، وأن رده انتسخ .
ونقل ابن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين ، أنه قال : هذا الحديث خطأ .
ورواه ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن محمد بن علي ، أن عماراً سلم على النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - .
وهذه الرواية مرسلة ، وهي أصح .
وكذا رواه عبد الرزاق في ((كتابه)) ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن محمد بن علي بن حسين – مرسلاً .
قال ابن جريج : ثم لقيت محمد بن علي بن حسين ، فحدثني به .
فتبين بهذا : أن محمد بن علي الذي روى هذا الحديث عن عمار هو أبو جعفر الباقر ، وليس هو ابن الحنفية ، كما ظنه بعضهم .
وقول ابن معين : إنه خطأ ، يشير إلى من قال : ((عن ابن الحنفية)) هو خطأ .
وأما رواية أبي الزبير ، عن محمد بن علي : ((هو : ابن الحنفية )) ، فهو ظن من بعض الرواة ، فلا نحكم به .
وروايات حماد بن سلمة ، عن أبي الزبير غير قوية .(1/445)
ولعل أبا الزبير رواه عن أبي جعفر – أيضا - ، أو عن عطاء ، عنه ودلسه .
أو لعل حماد بن سلمة أراد حديث أبي الزبير ، عن جابر ، أنه سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صلي ، فأشار إليه .
[ فتح الباري : 6 / 420- 422] .
باب
الخصر في الصلاة
1004) قال البخاري رحمه الله : 1219 حدثنا أبو النعمان : ثنا حماد ، عن أيوب ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، قال : نهي عن الخصر في الصلاة .
1220- حدثنا عمرو بن علي : حدثنا يحيى : نا هشام : ثنا محمد ، عن أبي هريرة ، قال : نهي أن يصلي الرجل مختصراً .
وقال هشام وأبو هلال ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال ابن رجب رحمه الله : حاصل ما ذكره في هذا الباب : أن هذا الحديث اختلف في لفظه على ابن سيرين :
فرواه أيوب ، عنه ، عن أبي هريرة ، قال : ((نهي)) .
ثم خرجه من طريق يحيى القطان ، عن هشام ، عنه كذلك .
ثم قال : وقال هشام وأبو هلال ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - – فصرحا برفعه .
وقد أشكل هذا على بعضهم ، فقال : كيف يخرجه من طريق هشام [... ] .
ثم يذكر أن هشاما صرح فيه بذكرالنبي - صلى الله عليه وسلم - ؟
وقال بعضهم : إن الحديث في رواية أبي ذر الهروي ، من طريق يحيى ، عن هشام – مرفوعا ، وأنه الصواب .
وهذا هو عين الخطأ ؛ فإن يحيى إنما رواه عن هشام بلفظ ((نهي)) .
وإنما مراد البخاري : أن هشاما اختلف عليهِ في ذكر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، فخرجه من طريق القطان ، عنه بلفظة : ((نهي)) ، ثُمَّ ذكر أنه روي مصرحا برفعه .(1/446)
وكذا ذكره الدارقطني في ((علله)) : أن هشاما اختلف عليه فيه ، فرواه جماعة
عنه ، وقالوا : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، منهم : زائدة وعبد الوهاب الثقفي وجرير بن عبد الحميد وغيرهم .
وقال الثوري والقطان وحفص بن غياث وأسباط بن محمد ويزيد بن هارون وحماد بن زيد ، عن هشام : ((نهي)) ، ولم يصرحوا برفعه .
إلا أن في رواية أسباط : ((نهينا)) ، وهذا كالتصريح .
ورواه أيوب وأشعث بن عبد الملك ، عن محمد ، عن أبي هريرة .
قال : وراوه عمران بن خالد ، عن ابن سيرين . عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وكذا روي عن أبي جعفر الرازي ، عن قتادة ، عن ابن سيرين .
قال الدارقطني : وقد تقدم قولنا في أن ابن سيرين من تورعه وتوقيه ، تارة يصرح بالرفع ، وتارة يوميء ، وتارة يتوقف ، على حسب نشاطه في الحال انتهى .
ولم يذكر رواية أبي هلال ، عن ابن سيرين ، المصرحة بالرفع ، التي علقها البخاري .
وخرج هذا الحديث مسلم في ((صحيحه)) من رواية أبي خالد وأبي أسامة وابن المبارك – جميعا – ، عن هشام ، مصرحا برفعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - [أنه نهى] أن يصلي الرجل مختصراً .
وخرج ابن حبان في (( صحيحه )) من طريق عيسى بن يونس ، عن هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الاختصار في الصلاة راحة أهل النار )) .
وقال : يعني : أنه فعل اليهود والنصارى ، وهم أهل النار .
كذا خرجه ؛ وإنما رواه عيسى بن يونس ، عن عبيد الله بن الأزور ، عن هشام بهذا اللفظ .
وكذا خرجه الطبراني والعقيلي من رواية عيسى بن يونس ، عنه وقال العقيلي : لايتابع عبيد الله بن الأزور على لفظه .
[ فتح الباري : 6 / 426- 428 ] .(1/447)
1005) وروى سعيد بن زياد الشيباني ، عن زياد بن صبيح ، قال : صليت جنب ابن
عمر ، فوضعت يدي على خصري ، فقال لي هكذا – ضربه بيده - ، فلما صليت قلت : يا أبا عبد الرحمن ، مارابك مني ؟ قالَ : إن هذا الصلب ، وأن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - نهانا عنه .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي .
وزياد بن صبيح –ويقال : ابن صباح – الحنفي ، وثقه ابن معين والنسائي
وغيرهما ، وقال الدارقطني : يعتبر به .
قال : وسعيد بن زياد الشيباني ، الراوي عنه ، لايحتج به ، ولكن يعتبر به ، قال : لا أعرف له إلا هذا الحديث - : نقله عنه البرقاني .
وسعيد بن زياد ، قال ابن معين : صالح . ووثقه ابن حبان .
[ فتح الباري : 6 /430] .
كتاب السهو
باب
ما جاء في السهو إذا قام من ركعتي الفرض
1006) واستدل من لم يجوز الرجوع بما روى جابر الجعفي عن المغيرة بن شبيل عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قام أحدكم فلم يستتم قائماً فليجلس وإذا استتم قائماً فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو ) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه .
وجابر الجعفي ضعفه الأكثرون .
[ فتح الباري : 6 / 445] .
باب
إذا صلى خمساً
1007) وروى جابر الجعفي عن الشعبي وسالم والقاسم وعطاء في رجل صلى المغرب أربعاً قالوا : يعيد .
قال أحمد : إنما يرويه جابر .
يعني : أنه تفرد وهو ضعيف مشهور .
[ فتح الباري : 6 / 450] .
1008) وروى ابن وهب في " مسنده " عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر سبع ركعات وعليه حلة حرير أهداها له أكيدر دومة فلما انصرف نزعها وقال : ( إني نظرت إليها فألهتني عن صلاتي ) .(1/448)
وهذا مرسل .
[ فتح الباري : 6 / 450] .
باب
إذا سلم في الركعتين أو في ثلاث
1009) وروى محمد بن أبي السري عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن أيوب عن ابن سرين والحسن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام والكلام قبل النسخ فنسخ وثبت السجدتان .
والمراد : أنه نسخ السجود بعد الكلام وصار الكلام مبطلاً تعاد منه الصلاة .
ومحمد بن أبي السري ليس بالحافظ .
ولعل هذا من تصرف بعض الرواة بالمعنى عنده .
[ فتح الباري : 6 / 464 ] .
1010) وهؤلاء ذهبوا إلى أن كلام الناسي لا يبطل الصلاة وروي عن ابن عباس وابن الزبير .
وروي عن الزبير بن العوام بإسناد منقطع .
[ فتح الباري : 6 / 466 ] .
1011) وروى – أيضا – معاوية بن حديج ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى يوما ، فسلم ، وقد بقيت من الصلاة ركعة ، فادركه رجل ، فقال : نسيت من الصلاة ركعة ، فرجع فدخل المسجد ، وأمر بلالاً فأقام ، فصلى للناس ركعة . قال : فأخبرت بذلك الناس ، فقالوا : تعرف الرجل ؟ قلت : لا ، الا أن أراه ، فمر بي ، فقلت : هوَ هذا ، فقالوا : هذا طلحة بن عبيد الله .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم .
وقال : صحيح حسن الإسناد .
وفي رواية . أنه المغرب .
وقد أنكر الإمام أحمد أن يكون لمعاوية بن حديج صحبة ، وأثبته البخاري والأكثرون .
[ فتح الباري : 6 / 472] .
باب
من لم يتشهد في سجدتي السهو
1012) وأما السجود قبله ، فلا يتشهد فيه عند أحد من العلماء ، إلا رواية عن مالك ، رواها عنه ابن وهب .
وروي عن ابن مسعود من وجه فيه انقطاع ، ومختلف في لفظه ، وفي رفعه
ووقفه .
[ فتح الباري : 6 / 477 ] .(1/449)
1013) قال البخاري رحمه الله : 1228 ثنا عبد الله بن يوسف : أنا مالك ، عن أيوب السختياني ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين : اقصرت الصلاة أم نسيت يارسول الله ؟فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أصدق ذو اليدين ؟)) ، فقال الناس : نعم ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فصلى اثنتين أخرتين ، ثم [سلم ، ثم ] كبر ، فسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع .
حدثنا سليمان بن حرب : ثنا حماد ، عن سلمة بن علقمة : قلت لمحمد : في سجدتي السهو تشهد ؟ قالَ : ليس في حديث أبي هريرة .
قال ابن رجب رحمه الله : رواية ابن سيرين عن أبي هريرة ، إنما فيها ذكر السجدتين ، كل سجدة ورفع منها بتكبير .
وقد خرجه البخاري كذلك بتمامه في الباب الآتي ، من حديث يزيد بن إبراهيم التستري ، عن ابن سيرين .
وكذلك خرجه مسلم ، من حديث ابن عيينة وحماد بن زيد ، عن أيوب ، عن ابن سيرين .
وكذلك هو في ((الموطأ)) عن أيوب بتمامه .
وكذلك خرجه الترمذي من طريق مالك .
وفي رواية مسلم ، قال –يعني : ابن سيرين - : واخبرت عن عمران بن حصين ، أنه قالَ : (( ثم سلم )) .
وهكذا خرجه البخاري في (( باب: تشبيك الأصابع [ في ] المسجد )) من طريق ابن عون ، عن ابن سيرين ، بسياق تام ، وفي آخره : ((فربما سألوه : ثم سلم ؟ فيقول : نبئت عن عمران بن حصين ، قالَ : ((ثُمَّ سلم)) .
وهذا يدل على أن ذكر السلام ليس - أيضا – في حديث أبي هريرة ، إنما هو في حديث عمران بن حصين .
وإنما رواه ابن سيرين ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران -: قاله الإمام أحمد .
ورواه كذلك عن يحيى القطان ، عن أشعث ، عن ابن سيرين .(1/450)
وخرج الطبراني ، من رواية معاوية بن عبد الكريم الضال ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة حديث السهو بطوله ، وفيه : فقام فصلى الركعتين ، ثم سجد سجدتين ، وهو جالس ، ثم سلم .
هذه الزيادة غير محفوظة في حديث أبي هريرة ، إنما ذكرها ابن سيرين بعد حديث أبي هريرة بلاغاً عن عمران بن حصين .
[ فتح الباري : 6 /478- 480] .
1014) وروى محمد بن عبد الله الأنصاري : حدثنا أشعث ، عن ابن سيرين ، عن خالد ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين ، أن النبي- صلى الله عليه وسلم -صلى بهم فسها ، فسجد سجدتين ، ثم تشهد ، ثم سلم .
خرجه أبو داود والترمذي .
وقال : حديث حسن غريب .
وابن حبان في (( صحيحه )) والحاكم .
وقال : صحيح على شرطهما .
وضعفه آخرون ، وقالوا : ذكر التشهد فيه غير محفوظ ، منهم : محمد بن يحيى الذهلي والبيهقي ، ونسبا الوهم إلى أشعث .
وأشعث ، هو : ابن عبد الملك الحمراني ، ثقة .
وعندى ؛ أن نسبة الوهم إلى الأنصاري فيهِ أقرب ، وليس هوَ بذاك المتقن جداً في حفظه ، وقد غمزه ابن معين وغيره .
ويدل على : أن يحيى القطان رواه عن أشعث ، عن ابن سيرين ، عن خالد ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران في السلام خاصة ، كما رواه عنه الإمام أحمد - : ذكره ابنه عبد الله ، عنه في ((مسائله)) .
فهذه رواية يحيى القطان – مع جلالته وحفظه واتقانه - ، عن أشعث ، إنما فيها ذكر السلام فقط .
وخرجه النسائي ، عن محمد بن يحيى بن عبد الله ، عن الأنصاري ، عن اشعث ، ولم يذكر التشهد .
فإما أن يكون الأنصاري اختلف عليه في ذكره ، وهو دليل على أنه لم يضبطه ، وإما أن يكون النسائي ترك ذكر التشهد من عمد ؛ لأنه استنكره .
وقد روى معتمر بن سليمان ، وهشيم ، عن خالد الحذاء حديث عمران ابن حصين ، وذكرا فيهِ : أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -صلى ركعة ، ثُمَّ تشهد وسلم ، ثُمَّ سجد سجدتي السهو ، ثُمَّ سلم .(1/451)
فهذا هو الصحيح في حديث عمران ، ذكر التشهد في الركعة المقضية ، لا في سجدتي السهو .
وأشار إلى ذلك البيهقي .
[ فتح الباري : 6 / 480- 482 ] .
1015) وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التشهد في سجود السهو ، من حديث ابن مسعود ، وله طرق :
أجودها : رواية خصيف عن أبي عبيدة ، عنه ، مع الاختلاف في رفع الحديث ، ووقفه أشبه ، أو مع الاختلاف في ذكر السجود فبل السلام وبعده .
وروي من وجوه أخر ، لا يثبت منها شيء .
وروي –أيضاً- من حديث عائشة – مرفوعاً .
خرجه الطبراني .
وإسناده ساقط .
[ فتح الباري : 6 / 482] .
باب
يكبر في سجدتي السهو
1016) وروي عن مطرف بن مازن ، عن معمر ، عن الزهري ، قال : سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجدتي السهو قبل السلام وبعده ، وآخر الأمرين قبل السلام .
ومطرف هذا ، ضعيف .
وغاية هذا ، أنه من مراسيل الزهري ، وهي من أوهى المراسيل .
[ فتح الباري : 6 / 493] .
1017) وروي هذا المعنى عن ابن مسعود :
رواه إسحاق بن راهويه ، عن عتاب بن بشير ، عن خصيف ، عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعود ، قال: كل شيء في الصلاة من نقصان من ركوع أو سجود أو غير
ذلك ، فسجدتا السهو قبل التسليم ، وما كان من زيادة ، سجدها بعد التسليم .
وعتاب هذا ، مختلف فيه .
وقد رواه غيره ، عن خصيف ، بغير هذا اللفظ .
روى الطبراني في هذا المعنى حديثين مرفوعين ، من حديث عائشة ، في إسناده علي بن ميمون ، وهو متروك الحديث .
[ فتح الباري : 6 /494].
باب
إذا لم يدر كم صلى(1/452)
1018) وروي في حديث أبي هريرة ذكر السجود قبل السلام في هذا ، من رواية ابن إسحاق : حدثني الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته ، فيدخل بينه وبين نفسه ، حتى لا يدري زاد أو نقص ، فإذا كان ذلك ، فليسجد سجدتين قبل أن يسلم ، ثم يسلم )) .
خرجه أبو داود وابن ماجه .
وخرجه ابن ماجه – أيضا – من رواية ابن إسحاق – أيضا - : اخبرني سلمة بن صفوان بن سلمة ، [عن أبي سلمة ] ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - – بنحوه - ، وقال : (( فليسجد سجدتين قبل أن يسلم )) .
وخرجه أبو داود من طريق ابن أخي الزهري ، عن الزهري ، بهذا الإسناد ، ولفظه : (( فليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم )) .
وخرجه الدارقطني من رواية عكرمة بن عمار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي ، - فذكره ، وقال : - بعد قوله : ((فليسجد سجدتين وهو جالس )) - : (( ثم يسلم )) .
وذكر في (( العلل )) أن سليمان وعلي بن المبارك وهشاما والأوزاعي وغيرهم رووه ، عن يحيى ، ولم يذكروا فيه : التسليم قبل ولا بعد .
قال : وكذلك قال الزهري ، عن أبي سلمة .
ولم يذكر رواية ابن إسحاق وابن أخي الزهري ، عن الزهري ، وذكر رواية ابن إسحاق ، عن سلمة بن صفوان بن سلمة ، كما رواه عكرمة بن عمار ، عن يحيى .
قال : وهما ثقتان ، وزيادة الثقة مقبولة .
قال : ورواه فليح بن سليمان ، عن سلمة بن صفوان ، وقال فيه : (( وليسلم ، ثم ليسجد سجدتين)) ، بخلاف رواية ابن إسحاق .
قلت : أما ابن إسحاق ، فمضطرب في حديث الزهري خصوصاً ، وينفرد عنه بما لا يتابع عليه ، وروايته عن سلمة بن صفوان ، قد خالفه فيها فليح ، كما ترى .
ورواية عكرمة بن عمار ، عن يحيى بن أبي كثير ، كثيرة الاضطراب عند يحيى القطان وأحمد وغيرهما من الأئمة .
ففي ثبوت هذه الزيادة نظر . والله تعالى أعلم .(1/453)
[ فتح الباري : 6 / 502- 503] .
1019) فخرجه مسلم ، من طريق سليمان بن بلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا شك أحدكم في
صلاته ، فلا يدري كم صلى ثلاثا أو أربعا ، فليطرح الشك ، وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم ، فان كان صلى خمساً ، شفعن له صلاته ، وان كان صلى إتمأما لأربع ، كانتا ترغيما للشيطان )) .
وخرجه – أيضا – من رواية داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم ، به – بمعناه .
وخرجه الدارقطني من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، وهشام بن سعد بن سليمان وغيرهم ، عن زيد بن أسلم – كذلك .
وكذلك رويناه من حديث عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن ابن عجلان ، عن زيد بن أسلم – بهذا الإسناد .
والمعروف من رواية ابن عجلان : أنه لم يذكر في حديثه : (( قبل السلام )) .
وكذا رواه أبو غسان وغيره ، عن زيد بن أسلم .
ورواه مالك في (( الموطأ )) والثوري و يعقوب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء – مرسلاً .
ووصله الوليد بن مسلم وغيره ، عن مالك .
وليس بمعروف عنه وصله .
ووصله بعضهم عن الثوري – أيضا .
ولعل البخاري ترك تخريجه ؛ لإرسال مالك والثوري لهُ .
وحكم جماعة بصحة وصله ، منهم : الإمام أحمد والدارقطني .
وقال أحمد : اذهب إليه . قيل له : إنهم يختلفون في إسناده . قال : إنما قصر به مالك ، وقد أسنده عدة ، فذكر منهم : ابن عجلان وعبد العزيز بن أبي سلمة .
ورواه الدراوردي وعبد الله بن جعفر وغيرهما ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ذكره الدارقطني .
وقال : القول قول من قال : عطاء ، عن أبي سعيد .(1/454)
وله شاهد عن أبي سعيد من وجه أخر ، من رواية عكرمة بن عمار ، عن يحيى بن أبي كثير : حدثني هلال بن عياض : حدثني أبو سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا صلى أحدكم ، فلا يدري زاد أو نقص ، فليسجد سجدتين وهو جالس )) .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي .
وقال : حديث حسن .
وخرجه النسائي ، وزاد في رواية له : (( ثم يسلم )) .
وشيخ يحيى بن أبي كثير ، مختلف في اسمه ، وحاله .
[ فتح الباري : 6 / 503- 505] .
1020) وروى ابن إسحاق ، عن مكحول ، عن كريب ، عن ابن عباس ، عن
عبد الرحمن بن عوف ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( إذا سها أحدكم في صلاته ، فلم يدر واحدة صلى أم ثنتين ، فليبن على واحدة فان لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثاً ، فليبن على ثنتين ، فإن لم يدر صلى ثلاثا أو أربعا ، فليبن على ثلاث ، وليسجد سجدتين قبل أن يسلم )) .
خرج الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي .
وقال : حسن صحيح .
والحاكم ، وقال : صحيح على شرط مسلم .
وله علة ذكرها ابن المديني .
قال : وكان عندي حسناً ، حتى وقفت على علته ، وذلك أن ابن إسحاق سمعه من مكحول مرسلا ، وسمع إسناده من حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، عن مكحول . قال : يضعف الحديث من هاهنا .
يعني : من جهة حسين الذي يرجع إسناده إليه .
وخرجه الإمام أحمد ، عن ابن علية ، عن ابن إسحاق – كما ذكره ابن المديني .
وكذا رواه عبد الله بن نمير وعبد الرحمن المحاربي ، عن ابن إسحاق ، عن مكحول – مرسلاً – وعن حسين عن مكحول – متصلاً .
ورواه حماد بن سلمة وغيره ، عن ابن إسحاق ، عن مكحول – مرسلاً .
ذكره الدارقطني .
وخرجه الإمام أحمد – أيضا- من رواية إسماعيل بن مسلم ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، عن عبد الرحمن بن عوف ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وإسماعيل ، هو : المكي ، ضعيف جداً .(1/455)
وقد قيل : إنه توبع عليه ، ولا يصح ، وإنما مرجعه إلى إسماعيل - : ذكره الدارقطني .
[ فتح الباري : 6 / 505- 507].
1021) روى أيوب بن سليمان بن بلال ، عن أبي بكر بن أبي أويس ، عن سليمان بن بلال ، عن عمر بن محمد بن زيد ، عن سالم ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((إذا لم يدر أحدكم كم صلى – ثلاثا أو أربعا – فليركع ركعتين ، يحسن ركوعهما
وسجودهما ، ثم ليسجد سجدتين )) .
خرجه الحاكم .
وقال : صحيح على شرطهما .
والبخاري يخرج من هذه النسخة كثيراً ، ولكن هذا رواه مالك في ((الموطإ )) ، عن عمر بن محمد ، عن سالم ، عن أبيه ، - موقوفاً .
قال الدارقطني : رفعه غير ثابت .
وقال ابن عبد البر : لا يصح رفعه .
[ فتح الباري : 6 / 507] .
1022) فقد خرجه البخاري في (( أبواب استقبال القبلة )) ، من رواية جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - – فذكر الحديث ، وقال في آخره - : (( وإذا شك أحدكم في صلاته ، فليتحرى الصواب ، فليتم عليه ، ثم ليسلم ، ثم يسجد سجدتين )) .
وخرجه مسلم – أيضا .
وخرجه من طرق أخرى ، عن منصور ، وفي بعضها : (( فلينظر أحرى ذلك للصواب )) .
وفي رواية : ((فليتحرى أقرب ذلك إلى الصواب )) .
وفي رواية : (( فليتحرى الذي يرى أنه صواب )) .
وخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي ، وزادوا فيه : (( ثم يسلم ، ثم يسجد سجدتي السهو )) .
وقد رواه جماعة من ثقات أصحاب منصور ، عنه ، بهذا الزيادة .
وخرجه ابن ماجه ، وعنده : ((ويسلم ويسجد سجدتين )) – بالواو .
قال الإمام أحمد – في رواية الأثرم - : وحديث التحري ليس يرويه غير منصور ، إلا أن شعبة روى عن الحكم ، عن أبي وائل ، عن عبد الله – موقوفاً – نحوه ، قال : وإذا شك أحدكم فليتحر .
وخرجه النسائي كذلك .
وقد روي عن الحكم – مرفوعاً .
قال الدارقطني : الموقوف عن الحكم أصح .(1/456)
وقد روي عن ابن مسعود التحري من وجه آخر ، مختلف فيه :
فروى خصيف ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ((إذا كنت في صلاة ، فشككت في ثلاث أو أربع ، وأكثر ظنك على أربع ، تشهدت ، ثم سجدت سجدتين ، وأنت جالس قبل أن تسلم ، ثم تشهدت – أيضا - ، ثم تسلم )) .
وخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي .
وذكر أبو داود ، أنه اختلف في رفعه ووقفه ، وفي لفظه – أيضا .
وقال أحمد : حديث اليقين أصح في الرواية من التحري .
وقال في حديث التحري : هو صحيح ، وري من غير وجه .
[ فتح الباري : 6 / 508- 509] .
باب
السهو في الفرض والتطوع
1023) وللشافعي قول قديم ، أنه لايسجد في التطوع .
وروي عن ابن سيرين .
وعن ابن المسيب – في رواية – عنه منقطعة .
وروي عنه من وجه متصل خلافه .
[ فتح الباري : 6 /520] .
باب
الإشارة في الصلاة
1024) وروى ابن لهيعة ، عن حيي بن عبد الله ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن
عائشة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ، فأشارت إليه بثوبه، فأشار إليها - صلى الله عليه وسلم - أن اغسليه .
خرجه الجوزجاني .
وهو إسناد ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 529- 530] .
1025) وروى ابن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة بن الأخنس ، عن أبي غطفان ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ، من أشار في الصلاة إشارة تفهم عنه فليعد لها )) .
يعني : الصلاة .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود .
وخرجه البزار ، ولفظه : (( فليعد صلاة أفسدت )) .
وقال أبو داود : هذا الحديث وهم .
وقال أحمد – في رواية ابن هانئ - : لا يثبت هذا الحديث ، إسناده ليس بشيء .(1/457)
وقال – في رواية غيره - : لا أعلم رواه غير ابن إسحاق .
وقال أبو زرعة الرازي : هو عندي ليس بذاك الصحيح ، ولم يروه غير ابن إسحاق .
وقال الأثرم : ليس بقوي الإسناد .
وقال الدارقطني : قال لنا ابن أبي داود : أبو غطفان هذا رجل مجهول ، وآخر الحديث زيادة في الحديث ، لعله من قول ابن إسحاق .
يعني : أن آخره مدرج ، ليس هو من تمام الحديث المرفوع .
وهذا هو الظاهر .
وهذا يدل على أن أبا غطفان هذه ليس هو المري الذي خرج له مسلم ، بل هو غيره .
وابن إسحاق ، مدلس ، ولم يصرح بسماعه من يعقوب بن عتبة ، فلعله دلسه عن ضعيف .
[ فتح الباري : 6 / 530- 531 ]
استدراك
1026) قال الحافظ أبو موسى المديني : كان من اعتقاد الإمام إسماعيل أن نزول الله تعالى بالذات ، وهو مشهور من مذهبه ؛ لكنه تكلم في حديث نعيم بن حماد الذي رواه بإسناده في النزول بالذات . قالَ : وهو إسناد مدخول ، وفيه مقال ، وفي بعض رواته مطعن ، ولا تقع بمثله الحجة ، فلا يجوز نسبة قوله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقد روي فيه حديث موضوع : (( إن نزول الله تعالى إقبال على الشيء من غير نزول )) .
وذكره ابن الجوزي في (( الموضوعات )) .
وهذا الحديث مقابل لحديث نعيم بن حماد الذي رواه في النزول بالذات .
وكلاهما باطل ، ولا يصح .
[ فتح الباري : 6 /534- 535] .
كتاب جامع العلوم والحكم
الحديث الأول
1) وروى ابن أبي الدنيا بإسناد منقطع عن عمر قال لا عمل لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسبة له .
[ جامع العلوم والحكم : 1/34 ] .
2) وبإسناد ضعيف عن ابن مسعود قال لا ينفع قول إلا بعمل ولا ينفع قول ولا عمل إلا بنية ولا ينفع قول ولا عمل ولا نية إلا بما وافق السنة .
[ جامع العلوم والحكم : 1/34 ] .(1/458)
3) وروى فيه بإسناد منقطع عن عمر قال أفضل الأعمال أداء ما افترض الله عز وجل والورع عما حرم الله عز وجل وصدق النية فيما عند الله عز وجل .
[ جامع العلوم والحكم : 1/35] .
4) ولكن روي من طريق سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن ابن مسعود قال كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها وكنا نسميه مهاجر أم قيس قال ابن مسعود من هاجر لشيء فهو له وقد اشتهر أن قصة مهاجر أم قيس هي كانت سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها وذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم ولم نر لذلك أصلا يصح والله أعلم .
[ جامع العلوم والحكم : 1/39].
5) وخرج النسائي بإسناد جيد عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاشيء له فأعادها عليه ثلاث مرات يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم لاشيء له ثم قال إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغى به وجهه .
[ جامع العلوم والحكم : 1/48] .
6) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلا يلبي بالحج عن رجل فقال له أحججت عن نفسك قال لا قال هذه عن نفسك ثم حج عن الرجل وقد تكلم في صحة هذا الحديث ولكنه صحيح عن ابن عباس وغيره .
[ جامع العلوم والحكم : 1/55] .
الحديث الثاني
7) وخرج ابن مردويه من حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( للإسلام ضياء وعلامات كمنار الطريق فرأسها وجماعها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتمام الوضوء والحكم بكتاب الله وسنة نبيه وطاعة ولاة الأمر وتسليمكم على أنفسكم وتسليمكم على أهليكم إذا دخلتم بيوتكم وتسليمكم على بنى آدم إذا لقيتموهم ) .(1/459)
وفي إسناده ضعف ولعله موقوف .
[ جامع العلوم والحكم : 1/72] .
8) وصح من حديث أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة قال : الإسلام ثمانية أسهم : الإسلام سهم والصلاة سهم والزكاة سهم وحج البيت سهم والجهاد سهم وصوم رمضان سهم والأمر بالمعروف سهم والنهى عن المنكر سهم وخاب من لا سهم له .
وخرجه البزار مرفوعاً والموقوف أصح .
ورواه بعضهم عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم .
خرجه أبو يعلى الموصلي وغيره والموقوف على حذيفة أصح قاله الدارقطني وغيره .
[ جامع العلوم والحكم : 1/73] .
9) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان أفضل الإسلام وأدخل فيه الأعمال .
وبهذا التفصيل يظهر تحقيق القول في مسألة الإيمان والإسلام : هل هما واحد أو هما مختلفان ؟ .
فإن أهل السنة والحديث مختلفون في ذلك وصنفوا في ذلك تصانيف متعددة فمنهم من يدعي أن جمهور أهل السنة على أنهما شيء واحد : منهم محمد بن نصر المروزي وابن عبد البر وقد روي هذا القول عن سفيان الثوري من رواية أيوب بن سويد الرملي عنه.
و أيوب فيه ضعف .
[ جامع العلوم والحكم : 1/80] .
10) وفي حديث حارثة المشهور وقد - روي من وجوه مرسلة وروي متصلاً والمرسل أصح - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( كيف أصبحت يا حارثة ؟ قال : أصبحت مؤمناً حقاً قال ( انظر ما تقول فإن لكل قول حقيقة ) قال : يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً وكأني أنظر إلى أهل الجنة في الجنة كيف يتزاورون فيها وكأني أنظر إلى أهل النار كيف يتعاوون فيها قال : ( أبصرت فالزم عبد نور الله الإيمان في قلبه ) .
[ جامع العلوم والحكم : 1/105-106] .
الحديث الثالث(1/460)
11) وخرج اللالكائي من طريق مؤمل قال حدثنا حماد بن زيد بن عمرو بن مالك البكرى عن أبي الجوزي عن ابن عباس ولا أحسبه إلا رفعه قال : ( عري الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس الإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله والصلاة وصوم رمضان من ترك منهم واحدة فهو بها كافر حلال الدم وتجده كثير المال لم يحج فلا يزال بذلك كافرا ولا يحل بذلك دمه وتجده كثير المال ولا يزكي فلا يزال بذلك كافرا ولا يحل دمه ) .
ورواه قتيبة بن سعيد بن حماد بن زيد مرفوعاً مختصرا ورواه سعيد بن زيد - أخو حماد - عن عمرو بن مالك بهذا الإسناد مرفوعا وقال : ( ومن ترك منهن واحدة فهو بالله كافر ولا يقبل منه صرف ولا عدل وقد حل دمه وماله ) ولم يذكر ما بعده .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 128-129].
12) في مسند الإمام أحمد عن زياد بن نعيم الحضرمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أربع فرضهن الله في الإسلام فمن أتي بثلاث لم يغنين عنه شيئا حتى يأتي بهن جميعا الصلاة والزكاة وصوم رمضان وحج البيت ) .
وهذا مرسل وقد روي عن زياد عن عمار بن حزم عن النبي صلى الله عليه وسلم .
[ جامع العلوم والحكم : 1/130] .
13) وسلم وروي عن عثمان بن عطاء الخرساني عن أبيه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الدين خمس لا يقبل الله منهن شيئا دون شيء شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالجنة والنار والحياة بعد الموت هذه واحدة والصلوات الخمس عمود الدين لا يقبل الله الإيمان إلا بالصلاة والزكاة طهور من الذنوب ولا يقبل الله الإيمان ولا الصلاة إلا بالزكاة فمن فعل هؤلاء الأربع ثم جاء رمضان فترك صيامه متعمدا لم يقبل الله منه الإيمان ولا الصلاة ولا الزكاة فمن فعل هؤلاء الأربع ثم تيسر له الحج فلم يحج ولم يوصي بحجته ولم يحج عنه بعض أهله لم يقبل الله منه الأربع التي قبلها ) .(1/461)
ذكره ابن أبي حاتم وقال : سألت أبي عنه فقال : هذا حديث منكر يحتمل أن هذا من كلام عطاء الخرساني .
قلت : الظاهر أنه من تفسيره لحديث ابن عمر وعطاء من أجلاء علماء الشام .
[ جامع العلوم والحكم : 1/130-131] .
الحديث الرابع
14) وروي تفسير الجمع مرفوعا بمعنى آخر فخرج الطبراني وابن منده في كتاب التوحيد من حديث مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى إذا أراد خلق عبد فجامع الرجل المرأة طار ماؤه في كل عرق وعضو منها فإذا كان يوم السابع جمعه الله تعالى ثم أحضره في كل عرق له دون آدم : (( في أي صورة ما شاء ركبك )) [ الانفطار : 8 ] .
قال ابن منده إسناده متصل مشهور على رسم أبي عيسى والنسائي وغيرهما .
[ جامع العلوم والحكم : 1/136] .
15) وخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني من رواية مظهر بن الهيثم عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجده : ( يا فلان ما ولد لك ؟ ) قال : يا رسول الله وما عسى أن يولد لي ؟ إما غلام وإما جارية قال : ( فمن يشبه ؟ ) قال : من عسى أن يشبه ؟ يشبه أمه أو أباه قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يقولن أحدكم كذا إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم أما قرأت هذه الآية : (( في أي صورة ما شاء ركبك )) قال : ( سلكت ) .
وهذا إسناد ضعيف .
ومطهر بن الهيثم ضعيف جداً .
وقال البخاري : هو حديث لم يصح وذكر بإسناده عن موسى بن على عن أبيه أن أباه لم يسلم إلا في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه يعني : أنه لا صحبة له .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 137] .(1/462)
16) وقد روى من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه أن لا تصوير قبل ثمانين يوما فروى السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل : (( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء )) [ آل عمران : 6] قال : إذا وقعت النطفة في الأرحام طارت في الجسد أربعين يوماً ثم تكون علقة أربعين يوماً ثم تكون مضغة أربعين يوما فإذا بلغ أن تخلق بعث الله ملكا يصورها فيأتي الملك بتراب بين أصبعيه فيخلطه في المضغة ثم يعجنه بها ثم يصورها كما يؤمر فيقول : أذكر أم أنثى ؟ أشقي أم سعيد ؟ وما رزقه وما عمره وما أثره وما مصائبه ؟ فيقول الله تبارك وتعالى فيكتب الملك فإذا مات ذلك الجسد دفن حيث أخذ ذلك التراب .
خرجه ابن جرير الطبري في " تفسيره " ولكن السدي مختلف في أمره وكان الإمام أحمد ينكر عليه جمعه الأسانيد المتعددة للتفسير الواحد كما كان هو وغيره ينكرون على الواقدي جمعه الأسانيد المتعددة للحديث الواحد .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 144] .
17) فروى زيد بن على عن أبيه عن على قال : إذا تمت النطفة أربعة أشهر بعث الله إليها ملكا فينفخ فيها الروح في الظلمات فذلك قوله تعالى : (( ثم أنشأناه خلقا آخر )) [المؤمنون : 14] .
خرجه ابن أبي حاتم وهو إسناده منقطع .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 147] .
الحديث الخامس
18) وقد روي عن أبي الزبير عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ردها عليه ولم يرها شيئا وهذا مما تفرد به أبو الزبير عن أصحاب ابن عمر كلهم مثل ابنه سالم ومولاه نافع وأنس وابن سيرين وطاوس ويونس بن جبير وعبد الله بن دينار وسعيد بن جبير وميمون بن مهران وغيرهم .(1/463)
وقد أنكر أئمة العلماء هذه اللفظة على أبي الزبير من المحدثين والفقهاء وقالوا إنه تفرد بما خالف الثقات فلا يقبل تفرده فإن في رواية الجماعة عن ابن عمر ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم حسب عليه الطلقة من وجوه كثيرة وكان ابن عمر يقول لمن سأله عن طلاق المرأة في الحيض : إن كنت طلقت واحدة أو اثنتين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بذلك - يعني : بارتجاع المرأة - وإن كنت طلقتها ثلاثا فقد عصيت ربك وبانت منك امرأتك .
وفي رواية أبي الزبير زيادة أخرى لم يتابع عليها وهو قوله : ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة )) [ الطلاق : 1] ولم يذكر ذلك أحد من الرواة عن ابن عمر وإنما روى عبدالله بن دينار عن ابن عمر أنه كان يتلو هذه الآية عند روايته للحديث وهذا هو الصحيح .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 173-174] .
19) وروى ابن لهيعة هذا الحديث عن أبي الزبير فقال : عن جابر أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليراجعها فإنها امرأته ) وأخطأ في ذكر جابر في هذا الإسناد وتفرد بقوله : ( فإنها امرأته ) وهي لا تدل على عدم وقوع الطلاق إلا على تقدير أن يكون ثلاثا فقد اختلف في هذا الحديث على أبي الزبير وأصحاب ابن عمر الثقات الحفاظ العارفون به الملازمون له لم يختلف عليهم فيه فروى أيوب عن ابن سيرين قال : مكثت عشرين سنة يحدثني من لا أتهمهم أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثا وهي حائض فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها فجعلت لا أتهمهم ولا أعرف الحديث حتى لقيت أبا غلاب يونس بن جبير وكان ذا ثبت فحدثني أنه سأل ابن عمر فحدثه أنه طلقها واحدة . خرجه مسلم .
وفي رواية : قال ابن سيرين : فجعلت لا أعرف للحديث وجها ولا أفهمه .(1/464)
وهذا يدل على أنه كان قد شاع بين الثقات من غير أهل الفقه والعلم أن طلاق ابن عمر كان ثلاثا ولعل أبا الزبير من هذا القبيل ولذلك كان نافع يسئل كثيرا عن طلاق ابن عمر هل كان ثلاثا أو واحدة ؟ ولما قدم نافع مكة أرسلوا إليه من مجلس عطاء يسألونه عن ذلك لهذه الشبهة واستنكار ابن سيرين لرواية الثلاث يدل على أنه لم يعرف قائلا معتبرا يقول إن الطلاق المحرم غير واقع وأن هذا القول لا وجه له .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 174-175] .
20) وأما ما حكاه ابن حزم عن ابن عمر أنه لا يقع الطلاق في الحيض مستندا إلى مار واه من طريق محمد بن عبد السلام الخشني الأندلسي حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر في الرجل يطلق امرأته وهي حائض قال : لا تعتد بها وبإسناده عن خلاس نحوه .
فإن هذا الأثر قد سقط عن آخر لفظه وهي قال لا يعتد بتلك الحيضة كذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة في كتابه عن عبد الوهاب الثقفي وكذا رواه يحيى بن معين عن عبد الوهاب أيضا قال : هو غريب لا يحدث به إلا عبد الوهاب ومراد ابن عمر أن الحيضة التي تطلق فيها المرأة لا تعتد بها المرأة قرأ وهذا هو مراد خلاس وغيره .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 176] .
الحديث السادس
21) وروى في ذلك آثار عن السلف فصح عن ابن مسعود أنه سئل عمن له جار يأكل الربا علانية ولا يتحرج من مال خبيث يأخذه يدعوه إلى طعام قال : أجيبوه فإنما المهنأ لكم والوزر عليه .
وفي رواية أنه قال : لا أعلم له شيئا إلا خبيثا أو حراما فقال : أجيبوه .
وقد صحح الإمام أحمد هذا عن ابن مسعود ولكنه عارضه عارض بما روي عنه أنه قال : الإثم حزاز القلوب .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 188-189] .
22) وخرج أنس إلى الجمعة فرأى الناس قد صلوا ورجعوا فاستحيا ودخل موضعا لا يراه الناس فيه وقال : ( من لا يستحيي من الناس لا يستحيي من الله ) .(1/465)
وخرجه الطبراني مرفوعا ولا يصح .
[ جامع العلوم والحكم : 1/192] .
23) وقال الثوري في الرجل يجد في بيته الأفلس أو الدراهم : أحب إلى أن ينتنزه عنها يعني : إذا لم يدر من أين هي .
وكان بعض السلف لا يأكل إلا شيئا يعلم من أين هو ويسأل عنه حتى يقف على أصله وقد روي في ذلك حديث مرفوع إلا أن فيه ضعفا .
[ جامع العلوم والحكم : 1/194] .
الحديث السابع
24) عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدين النصيحة ) ثلاثاً قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .
رواه مسلم .
هذا الحديث : خرجه مسلم من رواية سهيل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد الليثي عن تميم الداري وقد روي عن سهيل وغيره عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وخرجه الترمذي من هذا الوجه فمن العلماء من صححه من الطريقين جميعا ومنهم من قال : إن الصحيح حديث تميم والإسناد الآخر وهم .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 202] .
25) وقد روي حديث أبي سعيد بلفظ آخر خرجه الدارقطني في الأفراد - بإسناد جيد - ولفظه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم : النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولعامة المسلمين ) .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 205] .
الحديث الثامن
26) وقد روي عن سفيان بن عيينة أنه قال : كان هذا في أول الإسلام قبل فرض الصلاة والصيام والزكاة والهجرة .
وهذا ضعيف جداً وفي صحته عن سفيان نظر .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 217] .(1/466)
27) وخرج محمد بن نصر المروزي - بإسناد ضعيف جداً - عن أنس رضي الله عنه قال : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقبل من أجابه إلى الإسلام إلا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانتا فريضتين على من أقر بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالإسلام وذلك قول الله عز وجل : (( فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )) [المجادلة : 13] .
وهذا لا يثبت .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 218] .
28) وقد خرج النسائي قصة تناظر أبي بكر وعمر بزيادة : وهي أن أبا بكر قال لعمر: إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ) .
وخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " .
ولكن هذه الرواية خطأ أخطأ فيها عمران القطان إسناداً ومتناً قاله أئمة الحفاظ منهم علي بن المديني وأبو زرعة وأبو حاتم والترمذي والنسائي ولم يكن هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ عند أبي بكر ولا عمر وإنما قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال وهذا أخذه - والله أعلم - من قوله في الحديث : ( إلا بحقها ) وفي رواية : ( إلا بحق الإسلام ) فجعل من حق الإسلام إقام الصلاة وإيتاء الزكاة كما أن من حقه أن لا ترتكب الحدود وجعل كل ذلك مما استثني بقوله : ( إلا بحقها ) .
[ جامع العلوم والحكم : 1/222-223] .
29) خرجه الطبراني وابن جرير الطبري من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل قيل : وما حقها ؟ قال : (زنىً بعد إحصان وكفر بعد إيمان وقتل نفس فيقتل بها ) .
ولعل آخره من قول أنس وقد قيل : إن الصواب وقف الحديث كله عليه .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 226] .
الحديث التاسع(1/467)
30) وقد خرجه أبو داود في كتاب " المراسيل " مرفوعا من طريق ابن عجلان عن طاوس عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تعجلوا بالبلية قبل نزولها فإنكم إن لم تفعلوا لم ينفك المسلمون أن يكون منهم من إذا قال سدد ووفق وأنكم إن عجلتم تشتت بكم السبل هاهنا وهاهنا ) .
ومعنى إرساله أن طاوسا لم يسمع من معاذ .
وخرجه أيضا من رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن النبي مرسلا .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 239] .
الحديث العاشر
31) وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله طيب ) هذا قد جاء أيضاً من حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة وجواد يحب الجود ) .
خرجه الترمذي وفي إسناده مقال .
[ جامع العلوم والحكم : 1/252] .
32) وقد خرج الطبراني - بإسناد فيه نظر - عن ابن عباس قال : تليت هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يأيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا )) [ البقرة : 168] فقام سعد بن أبي وقاص فقال : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل الله منه عملا أربعين يوما وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به ).
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 255] .
33) وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله - بإسناد فيه نظر - أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( من اشترى ثوبا بعشرة دراهم في ثمنه درهم حرام لم يقبل الله له صلاة ما كان عليه ) ثم أدخل أصبعيه في أذنيه فقال : صمتا إن لم أكن سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ويروى من حديث على رضي الله عنه مرفوعا معناه أيضا خرجه البزار وغيره بإسناده ضعيف جداً .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 256] .(1/468)
34) وخرج الطبراني - بإسناد فيه ضعف - من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادي : لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء : لبيك وسعديك زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء : لا لبيك ولا سعديك زادك حرام ونفقتك حرام وحجك غير مبرور ) .
ويروى من حديث عمر رضي الله عنه بنحوه بإسناد ضعيف أيضاً .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 256] .
35) وقال ليث : رأى موسى عليه الصلاة والسلام رجلا رافعا يديه وهو يسأل الله مجتهدا فقال موسى عليه السلام أي رب عبدك دعاك حتى رحمته وأنت أرحم الراحمين فما صنعت في حاجته ؟ فقال : يا موسى لو رفع يديه حتى ينقطع ما نظرت في حاجته حتى ينظر في حقي .
وخرج الطبراني بإسناد ضعيف عن ابن عباس مرفوعا معناه .
[ جامع العلوم والحكم : 1/275] .
الحديث الحادي عشر
36) عن الحسن بن على سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته رضي الله عنه قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) .رواه النسائي والترمذي وقال حسن صحيح .
هذا الحديث : خرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم من حديث بزيد بن أبي مريم عن أبي الجوزاء عن الحسن بن علي وصححه الترمذي وأبو الجوزاء السعدي قال الأكثرون : اسمه ربيعة بن شيبان ووثقه النسائي وابن حبان وتوقف أحمد في أن أبا الجوزاء اسمه ربيعة بن شيبان ومال إلى التفرقة بينهما وقال الجوزجاني : أبو الجوزاء مجهول لا يعرف .
وهذا الحديث قطعة من حديث طويل فيه ذكر قنوت الوتر وعند الترمذي وغيره زيادة في هذا الحديث وهي : ( فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة ) ولفظ ابن حبان : ( فإن الخير طمأنينة وإن الشر ريبة ) .(1/469)
وقد خرجه الإمام أحمد - بإسناد فيه جهالة- عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) وخرجه من وجه آخر أجود منه موقوفا على أنس . وخرجه الطبراني من رواية مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعا قال الدارقطني : وإنما يروي هذا من قول ابن عمر وعن عمر ويروي عن مالك من قوله انتهي .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 276-277 ] .
37) ويروي - بإسناد ضعيف - عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) قال : وكيف لي بالعلم بذلك ؟ قال : ( إذا أردت أمرا فضع يدك على صدرك فإن القلب يضطرب للحرام ويسكن للحلال وإن المسلم الورع يدع الصغيرة مخافة الكبيرة ) وقد روي عن عطاء الخراساني مرسلا .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 277] .
38) وخرج الطبراني نحوه - بإسناد ضعيف - عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم وزاد فيه : فقيل له : فمن الورع ؟ قال : ( الذي يقف عند الشبهة ) .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 277] .
الحديث الثاني عشر
39) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) .
حديث حسن رواه الترمذي وغيره .
هذا الحديث : خرجه الترمذي وابن ماجه من رواية الأوزاعي عن قرة بن عبدالرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنهم وقال الترمذي : غريب .
وقد حسنه الشيخ المصنف رحمه الله لأن رجال إسناده ثقات وقرة بن عبدالرحمن بن حيويل وثقة قوم وضعفه آخرون .
وقال ابن عبدالبر : هذا الحديث محفوظ عن الزهري بهذا الإسناد من رواية الثقات وهذا موافق لتحسين الشيخ له .(1/470)
وأما أكثر الأئمة فقالوا ليس هو محفوظا بهذا الإسناد إنما هو محفوظ عن الزهري عن على بن حسين عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا كذلك رواه الثقات عن الزهري منهم مالك في الموطأ ويونس ومعمر وإبراهيم بن سعد إلا أنه قال : ( من إيمان المرء تركه ما لا يعنيه ) .
وممن قال : إنه لا يصح إلا عن على بن حسين مرسلا : الإمام أحمد ويحيي بن معين والبخاري والدارقطني وقد خلط الضعف في إسناده عن الزهري تخليطا فاحشا والصحيح فيه المرسل .
ورواه عبدالله بن عمر العمري عن الزهري عن على بن حسين عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فوصله وجعله من مسند الحسين بن علي وخرجه الإمام أحمد في" مسنده " من هذا الوجه والعمري ليس بالحافظ وخرجه أيضا من وجه آخر عن الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم وضعفه البخاري في " تاريخه " من هذا الوجه أيضا وقال : لا يصح إلا عن على بن حسين مرسلا وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أخر وكلها ضعيفة .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 285-286] .
40) وخرج الحاكم من طريق الفضل بن موسى عن أبي العنبس عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليتمنين أقوام أنهم أكثروا من السيئات قالوا : بم يا رسول الله ؟ قال : ( الذين بدل الله سيئاتهم حسنات ) .
وخرجه ابن أبي حاتم من طريق سلمان بن داود الزهري عن أبي العنبس عن أبيه عن أبي هريرة موقوفا وهو أشبه من المرفوع .
[ جامع العلوم والحكم : 1/299-300] .(1/471)
41) وقد وردت أحاديث صريحة في أن الكافر إذا أسلم وحسن إسلامه تبدلت سيئاته في الشرك حسنات فخرج الطبراني من حديث عبدالرحمن بن جبير بن نفير عن أبي فروة شطب أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها ولم يترك حاجة ولا داجة فهل له من توبة ؟ فقال : ( أسلمت ؟ ) فقال : نعم قال : ( فافعل الخيرات واترك السيئات فيجعلها الله لك خيرات كلها ) قال : وغدراتى وفجراتى ؟ قال : ( نعم ) قال : فما زال يكبر حتى تواري .
وخرجه من وجه آخر بإسناد ضعيف عن أبي نفيل عن النبي صلى الله عليه وسلم . وخرج ابن أبي حاتم نحوه من حديث مكحول مرسلا وخرج البزار الحديث الأول وعنده : عن أبي طويل شطب الممدود أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بمعناه .
وكذا خرجه أبو القاسم البغوي في " معجمه " وذكر أن الصواب عن عبدالرحمن بن جبير بن نفير مرسلا أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم طويل شطب والشطب في اللغة الممدود فصحفه بعض الرواة وظنه اسم رجل .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 300-301] .
الحديث الثالث عشر
42) وروى ابن جرير - بإسناد فيه نظر - عن على رضي الله عنه قال : إن الرجل ليعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل في قوله : (( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين )) .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 307] .
الحديث الرابع عشر
43) وقالت طائفة منهم : إن كان الثيبان شيخين رجما وجلدا وإن كانا شابين رجما بغير جلد لأن ذنب الشيخ أقبح لا سيما بالزنى وهذا قول أبي بن كعب وروي عنه مرفوعا ولا يصح رفعه .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 317] .
44) منها : أن يقتل الوالد ولده فالجمهور على أنه لا يقتل به وصح ذلك عن عمر رضي الله عنه .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة وقد تكلم في أسانيدها .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 317] .(1/472)
45) ومنها : أن يقتل الحر عبدا فالأكثرون على أنه لا يقتل به وقد وردت في ذلك أحاديث في أسانيدها مقال .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 318] .
46) لحديث سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قتل عبده قتلناه ومن جدعه جدعناه ) وقد طعن فيه الإمام أحمد وغيره .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 318] .
47) وقد روى ربيعة عن أبي البيلماني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قتل رجلا من أهل القبلة برجل من أهل الذمة وقال : ( أنا أحق من وفي بذمته ) .
وهذا مرسل ضعيف قد ضعفه الإمام أحمد وأبو عبيد وإبراهيم الحربي والجوزجاني وابن المنذر والدارقطني وقال : ابن البيلماني ضعيف لا تقوم به حجة إذا وصل الحديث فكيف بما يرسل ؟ وقال الجوزجاني : إنما أخذه ربيعة عن إبراهيم بن أبي يحيى عن ابن المنكدر عن ابن البيلماني وابن أبي يحيى متروك الحديث .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 319] .
48) فخرج النسائي من حديث ابن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من شهر السلاح ثم وضعه فدمه هدر ) .
وقد روي عن ابن الزبير مرفوعا وموقوفا وقال البخاري إنما هو موقوف .
[ جامع العلوم والحكم : 1/326] .
49) وخرج الإمام أحمد من حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الدار حرمك فمن دخل عليك حرمك فاقتله ) ولكن في إسناده ضعف .
[ جامع العلوم والحكم : 1/328] .
50) ما خرجه أبو داود في " المراسيل " من رواية ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من ضرب أباه فاقتلوه ) وروي مسندا من وجه آخر لا يصح .
وأعلم أن من هذه الأحاديث المذكورة ما لا يصح ولا يعرف به قائل معتبر كحديث : (من ضرب أباه فاقتلوه ) وحديث : ( قتل السارق في المرة الخامسة ) .
[ جامع العلوم والحكم : 1/329] .(1/473)
51) وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل رجل كذب عليه في حياته وقال لحي من العرب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني وأمرني أن أحكم في دمائكم وأموالكم وهذا روي من وجوه متعددة كلها ضعيفة .
وفي بعضها أن هذا الرجل كان قد خطب امرأة منهم في الجاهلية فأبوا أن يزوجوه وأنه لما قال لهم هذه المقالة صدقوه ونزل على تلك المرأة وحينئذ فهذا الرجل قد زني ونسب إباحة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كفر وردة عن الدين .
[ جامع العلوم والحكم : 1/334] .
الحديث الخامس عشر
52) وقد أجمع السلف الصالح على أن الذي عن يمينه يكتب الحسنات والذي عن شماله يكتب السيئات وقد روي ذلك مرفوعا من حديث أبي أمامة بإسناد ضعيف .
[ جامع العلوم والحكم : 1/341] .
53) وقال عمر : من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به .
وخرجه العقيلي من حديث ابن عمر مرفوعا بإسناد ضعيف .
[ جامع العلوم والحكم : 1/344] .
54) وفي " مسند البزار " من حديث جابر مرفوعا : الجيران ثلاثة : جار له حق واحد وهو أدنى الجيران حقا وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق وهو أفضل الجيران حقا فأما الذي له حق واحد فجار مشرك لا رحم له له حق الجوار وأما الذي له حقان فجار مسلم له حق الإسلام وحق الجوار وأما الذي له ثلاثة حقوق فجار مسلم ذو رحم فله حق الإسلام وحق الجوار وحق الرحم .
وقد روي هذا الحديث من وجوه أخر متصلة ومرسلة ولا تخلو كلها من مقال .
[ جامع العلوم والحكم : 1/353] .(1/474)
55) وخرج الخرائطي وغيره - بإسناد ضعيف - من حديث عطاء الخراساني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أغلق بابه دون جاره مخافة على أهله وماله فليس ذلك بمؤمن وليس مؤمنا من لا يأمن جاره بوائقه أتدري ما حق الجار ؟ إذا استعانك أعنته وإذا استقرضك أقرضته وإذا افتقر عدت عليه وإذا مرض عدته وإذا أصابه خير هنأته وإذا أصابته مصيبة عزيته وإذا مات اتبعت جنازته ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه ولا تؤذيه بقتار قدرك إلا أن تغرف له وإن اشتريت فاكهة فاهد له فإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده ) .
ورفع هذا الكلام منكر ولعله من تفسير عطاء الخراساني .
[ جامع العلوم والحكم : 1/357] .
الحديث السادس عشر
56) عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني قال : ( لا تغضب ) فردد مرارا قال : ( لا تغضب ) .
رواه البخاري.
هذا الحديث : خرجه البخاري من طريق أبي الحصين الأسدي عن أبي صالح عن أبي هريرة ولم يخرجه مسلم لأن الأعمش رواه عن أبي صالح واختلف عليه في إسناده فقيل : عنه عن أبي صالح عن أبي هريرة كقول أبي حصين وقيل : عنه عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري وعند يحيى بن معين أن هذا هو الصحيح وقيل : عنه أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد وقيل : عنه عن أبي صالح عن أبي هريرة أو جابر وقيل : عنه عن أبي صالح عن رجل من الصحابة غير مسمي .
[ جامع العلوم والحكم : 1/370] .
57) وقد روى الأحنف بن قيس عن عمه جارية بن قدامة أن رجلا قال : يا رسول الله قل لي قولا وأقلل علي لعلي أعقله قال : ( لا تغضب ) فأعاد عليه مرارا كل ذلك يقول : ( لا تغضب ) .
خرجه الإمام أحمد وفي رواية له أن جارية بن قدامة قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم فذكره .(1/475)
فهذا يغلب على الظن أن السائل هو جارية بن قدامة ولكن ذكر الإمام أحمد عن يحيى القطان أنه قال : هكذا قال هشام يعني : أن هشاما ذكر في الحديث أن جارية سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال يحيي : وهم يقولون إنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم وكذا قال العجلي وغيره : إنه تابعي وليس بصحابي.
[ جامع العلوم والحكم : 1/372] .
58) وقد روى ذلك مرفوعا خرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب " الصلاة " من حديث أبي العلاء بن الشخير : أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم من قبل وجهه فقال : يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ فقال : ( حسن الخلق ) ثم أتاه عن يمينه فقال : أي العمل أفضل ؟ قال : ( حسن الخلق ) ثم أتاه عن شماله فقال : يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ قال : ( حسن الخلق ) ثم أتاه من بعده يعني من خلفه فقال : يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ فالتفت إليه رسول الله رسول صلى الله عليه وسلم فقال : ( مالك لا تفقه حسن الخلق هو أن لا تغضب إن استطعت ) .
وهذا مرسل .
[ جامع العلوم والحكم : 1/373] .
59) وروى مجاهد عن ابن عباس أن رجلا قال له : إني طلقت امرأتي ثلاثا وأنا غضبان فقال : ابن عباس لا يستطيع أن يحل لك ما حرم الله عليك عصيت ربك وحرمت عليك امرأتك .
خرجه الجوزجاني والدارقطني بإسناد على شرط مسلم .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 387] .
60) وخرج القاضي إسماعيل بن إسحاق في كتاب : أحكام القرآن : بإسناد صحيح عن عائشة قالت : اللغو في الأيمان ما كان في المراء والهزل والمزاحة والحديث الذي لا يعقد عليه القلب وأيمان الكفارة على كل يمين حلفت عليها على جد من الأمر في غضب أو غيره : لتفعلن أو لتتركن فذلك عقد الأيمان فيها الكفارة .
وكذا رواه وهب عن يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة وهذا من أصح الأسانيد .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 387] .
الحديث السابع عشر(1/476)
61) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا قود إلا بالسيف ) خرجه ابن ماجه - وإسناد ضعيف - قال أحمد : يروي ( لا قود إلا بالسيف ) وليس إسناده بجيد وحديث أنس يعني : في قتل اليهودي بالحجارة أسند منه وأجود .
[ جامع العلوم والحكم : 1/395] .
62) وروي أن أم فرقد الفرارية ارتدت في عهد أبي بكر الصديق فأمر بها فشدت ذؤابتها في أذناب قلوصين أو فرسين ثم صاح بهما فتقطعت المرأة وأسانيد هذه القصة متقطعة وقد ذكر ابن سعد في " طبقاته " بغير إسناد أن زيد بن حارثة قتلها هذه القتلة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .
[ جامع العلوم والحكم : 1/396] .
63) وصح عن على أنه حرق المرتدين وأنكر ذلك ابن عباس عليه وقيل : إنه لم يحرقهم وإنما دخن عليهم حتى ماتوا وقيل : إنه قتلهم ثم حرقهم ولا يصح ذلك .
[ جامع العلوم والحكم : 1/397] .
الحديث الثامن عشر
64) عن أبي ذر ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ) .
رواه الترمذي وقال حديث حسن وفي بعض النسخ : حسن صحيح .
هذا الحديث : خرجه الترمذي من رواية سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن أبي ذر وخرجه أيضا بهذا الإسناد عن ميمون عن معاذ وذكر عن شيخه محمود بن غيلان أنه قال حديث أبي ذر أصح .
فهذا الحديث قد اختلف في إسناده فقيل فيه : عن حبيب عن ميمون : أن النبي صلى الله عليه وسلم وصى بذلك مرسلا ورجح الدارقطني هذا المرسل .
وقد حسن الترمذي هذا الحديث وما وقع في بعض النسخ من تصحيحه فبعيد ولكن الحاكم خرجه وقال : صحيح على شرط الشيخين وهو وهم من وجهين :
أحدهما : أن ميمون بن أبي شبيب ويقال : ابن شبيب لم يخرج له البخاري في " صحيحه " شيئا ولا مسلم إلا في مقدمة كتابه عن المغيرة بن شعبة .(1/477)
والثاني : أن ميمون بن شبيب لم يصح سماعه من أحد من الصحابة . قال الفلاس : ليس في من رواياته عن الصحابة " سمعت " ولم أخبر أن أحدا يزعم أنه سمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . وقال أبو حاتم الرازي : روايته عن أبي ذر وعائشة غير متصلة . وقال أبو داود : لم يدرك عائشة ولم ير عليا وحينئذ فلم يدرك معاذا بطريق الأولي .
وروى البخاري وشيخه على بن المديني وأبي زرعة وأبي حاتم وغيرهم أن الحديث لا يتصل إلا بصحة اللقي وكلام الإمام أحمد يدل على ذلك ونص عليه الشافعي في الرسالة وهذا كله خلاف رأي مسلم رحمه الله .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 407-408] .
65) وخرج ابن عبدالبر في " التمهيد " بإسناد فيه نظر عن أنس قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن فقال : ( يا معاذ اتق الله وخالق الناس بخلق حسن وإذا عملت سيئة فأتبعها حسنة ) فقال : قلت : يا رسول الله لا إله إلا الله من الحسنات ؟ قال : ( هي من أكبر الحسنات ) .
وقد رويت وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ من حديث ابن عمر وغيره بسياق مطول من وجوه فيها ضعف .
[ جامع العلوم والحكم : 1/410] .
66) وقال ابن مسعود في قوله تعالى : (( اتقوا الله حق تقاته )) [ آل عمران : 102] قال : أن يطاع فلا يعصي ويذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر .
وخرجه الحاكم مرفوعا والموقوف أصح .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 415] .
67) وخرج الطبراني بإسناد ضعيف عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاء حبيب بن الحارث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني رجل مقراف للذنوب قال : ( فتب إلى الله عز وجل ) قال : أتوب ثم أعود قال : ( فكلما أذنبت فتب ) قال : يا رسول الله إذا تكثر ذنوبي قال : ( فعفو الله أكثر من ذنوبك يا حبيب بن الحارث ) .
وخرجه بمعناه من حديث أنس مرفوعا بإسناد ضعيف .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 428] .(1/478)
68) وروي من حديث جابر - بإسناد ضعيف - مرفوعا : ( المؤمن واه راقع فسعيد من هلك على رقعة ) .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 429] .
69) قد يراد بالحسنة التوبة من تلك السيئة وقد ورد ذلك صريحا في حديث مرسل خرجه ابن أبي الدنيا من مراسيل محمد بن جبير أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ إلى اليمن قال : ( يا معاذ اتق الله ما استطعت واعمل بقوتك لله عز وجل ما أطقت واذكر الله عز وجل عند كل شجرة وحجر وإن أحدثت ذنبا فأحدث عنده توبة إن سرا فسر وإن علانية فعلانية ) .
وخرجه أبو نعيم بمعناه من وجه آخر ضعيف عن معاذ .
[ جامع العلوم والحكم : 1/430] .
70) وخرجه الإمام أحمد - بإسناد صحيح - عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها ) .
[ جامع العلوم والحكم : 1/439] .
71) وخرج الطبراني - بإسناد فيه نظر - عن أبي مالك الأشعري عن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا نام ابن آدم قال الملك للشيطان : أعطني صحيفتك فيعطيه إياها فما وجد في صحيفته من حسنة محى بها عشر سيئات من صحيفة الشيطان وكتبهن حسنات فإذا أراد أن ينام أحدكم فليكبر ثلاثا وثلاثين تكبيرة ويحمد أربعا وثلاثين تحميدة ويسبح ثلاثا وثلاثين تسبيحة فتلك مائة ) .
وهذا غريب منكر .
[ جامع العلوم والحكم : 1/440] .
72) وأما حديث أبي هريرة المرفوع : ( لا أدري : الحدود طهارة لأهلها أم لا ؟ ) .
فقد خرجه الحاكم وغيره وأعله البخاري وقال : لا يثبت وإنما هو مراسيل الزهري وهي ضعيفة وغلط عبدالرازق فوصله .
[ جامع العلوم والحكم : 1/ 448] .(1/479)
73) وقد روي ما يستدل به على أن الكبائر تكفر ببعض الأعمال الصالحة فخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث ابن عمر أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أصبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة ؟ قال : ( فهل لك من أم ؟ ) قال : لا قال : ( فهل لك من خالة ؟ ) قال : نعم قال : ( فبرها ) .
وخرجه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم وقال : على شرط الشيخين لكن خرجه الترمذي من وجه آخر مرسلا وذكر أن المرسل أصح من الموصول وكذا قال على بن المديني والدارقطني .
[ جامع العلوم والحكم : 1/452] .
74) وقال مكحول والإمام أحمد : بر الوالدين كفارة الكبائر . وروي عن بعض السلف في حمل الجنائز أنه يحبط الكبائر وروي مرفوعا من وجوه لا تصح .
[ جامع العلوم والحكم : 1/453] .
75) وقد صح من رواية أبي بردة أن أبا موسى لما حضرته الوفاة قال : يا بني اذكروا صاحب الرغيف : كان رجل يتعبد في صومعة أراه سبعين سنة فشبه الشيطان في عينه امرأة فكان معها سبعة أيام وسبع ليال ثم كشف عن الرجل غطاءه فخرج تائبا ثم ذكر أنه بات بين مساكين فتصدق عليهم برغيف رغيف فأعطوه رغيفا ففقده صاحبه الذي كان يعطاه فلما علم بذلك أعطاه الرغيف وأصبح ميتا فوزنت السبعون سنة بالسبع ليال فرجحت الليالي ووزن الرغيف بالسبع ليال فرجح الرغيف .
[ جامع العلوم والحكم : 1/453-454] .
76)(1/480)